ذيل تاريخ مدينة السلام
للحافظ أبي عبد الله محمد بن سعيد ابن الدبيثي
558 - 637 هـ
حققه وضبط نصه وعلق عليه
الدكتور بشار عواد معروف
دار الغرب الإسلامي
الطبعة الأولى
1427 هـ - 2006 م(/)
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله
الحمد لله الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، الدائم بلا انقضاء، المحيط علمه بجميع الأشياء. أحمده على ما أولانا من النعماء، وأشكره على ما خصنا به من جزيل العطاء، حمداً كثيراً يستوجب ثواب أهل الثناء، ويستمد المزيد من فضله بلا انقطاع ولا وناء. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ إلهٌ جل في الصفات والأسماء، وتقدس عن سمات الحدوث وحلول الفناء. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المبعوث بأصدق الأنباء، المنعوت بأشرف الأخلاق وأكرم الآراء، صلى الله عليه وعلى آله البررة الأتقياء وعلى صحبه والتابعين لهم صلاةً دائمةً دوام الأرض والسماء وسلم وشرف وعظم.
وبعد، فهذا كتابٌ نذكر فيه من كان بمدينة السلام من الأئمة المهديين الخلفاء، وولاة عهودهم، والوزراء، وأرباب الولايات، والنقباء، والقضاة، والعدول، والخطباء، والفقهاء، ورواة الحديث، والقراء، وأهل الفضل والأدب والشعراء، ومن قدمها من أهل العلم والرواية وحدث بها، أو سمع بها وروى بغيرها من الغرباء؛ جعلناه تالياً لكتاب ((التاريخ)) الذي ألفه تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني المروزي ومذيلاً عليه، وقفونا أثره فيما رسمه ورتبه. وبدأنا من حيث انتهى إليه ووقف عنده إلى زماننا الذي نحن فيه وعصرنا الذي شاهدنا أهله. وأوردنا عن كل واحدٍ ممن ذكرناه حديثاً أو حكايةً أو إنشاداً مما وقع إلينا عنه، سالكين في ذلك سبيل الاختصار، دون الإطالة والإكثار. واستدركنا عليه ذكر جماعة فاته ذكرهم ولم يضمنهم كتابه وكانوا من شرطه؛ إما(1/151)
لسهوٍ منه أو لشبهةٍ وقف معها. ولم نذكر ممن ذكر إلا من تأخرت وفاته بعده، فإنه توفي في ليلة غرة شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمس مئة، اتباعاً له فيما أورد من ذكر جماعةٍ اشتمل عليهم كتاب ((التاريخ)) للشيخ الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الذي ذيل هو عليه، فذكرنا نحن وفياتهم لتتم بذلك تراجمهم ويكمل ذكرهم، وآخرين وقع الوهم منه في ذكرهم بوجهٍ من الوجوه؛ بينا ذلك عند إعادتنا لهم ونبهنا على الصواب فيما ذكرنا من حالهم.
وبالله سبحانه نستعين فيما قصدناه، وإياه نسأل التوفيق لما نويناه، وإليه نرغب في النفع به لمن رامه وطلبه، إنه جوادٌ كريمٌ.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه أحمد
1- محمد بن أحمد بن سليمان بن إبراهيم الخطيب، أبو الغنائم يعرف بابن القارئ.
من أهل البصرة، قدم بغداد، وسكن كنر، قرية من قرى دجيل، وتولى الخطابة بها إلى حين وفاته.
سمع بالبصرة القاضي أبا عمر القاسم بن جعفر الهاشمي وغيره.(1/152)
أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر القرشي، ومن خطه نقلت، قال: أخبرنا أبو العلاء وجيه بن هبة الله بن المبارك، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن سليمان أبو الغنائم البصري بكنر من نواحي دجيل، قال: أخبرنا القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي بالبصرة، قال: حدثنا علي بن إسحاق المادرائي، قال: حدثنا علي بن حرب الطائي، قال: حدثنا القاسم بن يزيد، عن مكرم بن أنس، عن محمد بن المنكدر، عن عامر بن سعد، عن أسامة بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الطاعون رجزٌ من عذاب الله كان قبلكم، فإذا كان بأرضٍ ولستم بها فلا تدخلوها، وإذا كان بأرضٍ، وأنتم بها لا تخرجوا فراراً منه)).
محمد بن أحمد بن سليمان هذا من شرط تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني أخل بذكره فاستدركناه نحن، والله الموفق.
2- محمد بن أحمد بن الحسن بن جردة، أبو عبد الله البيع.(1/153)
من ساكني باب المراتب، أصله من عكبرا.
كان أحد الموسرين ذوي الأحوال والأموال الكثيرة. صاهر الشيخ الأجل أبا منصور بن يوسف على ابنته. وله آثار حسنة، وبنى مساجد ووقف عليها وقوفاً جيدة. وكان ذا برٍ وصدقةٍ.
أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي ابن الكتاني فيما أجازه لنا، قال: أنبأنا أبو علي أحمد بن محمد البرداني الحافظ، قال: توفي أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن جردة ليلة الأربعاء عاشر ذي القعدة من سنة ست وسبعين وأربع مئة، وصلى عليه ابنه أبو نصر بجامع المنصور، ودفن بالحربية بتربةٍ كان قد اتخذها لنفسه. بلغنا أن مولده في سنة خمس وتسعين وثلاث مئة. وأصله من عكبرا. وكان خيراً ذا برٍ، رحمه الله.
3- محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن جعفر بن علي الهاشمي، أبو الحسن الضرير، من ولد الإمام أبي عبد الله المهدي.
ذكره الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني في شيوخه(1/154)
البغداديين، وقال: كان ينزل بباب الطاق، وأنه سمع من أبي طالب محمد بن علي العشاري. قال ابن سلفة: وسمعت منه في ذي الحجة سنة ست وتسعين وأربع مئة، وذكر لنا أن مولده في سنة خمس عشرة وأربع مئة. وأخرج عنه حديثاً.
قلت: وهذا أيضاً مستدرك عليه لأنه من شرطه.
4- محمد بن أحمد بن محمد الرازي، أبو الفتح بن أبي الليث العميد.
قدم بغداد، وحدث بها عن أبي القاسم علي بن عبد الرحمن بن الحسن، والقاضي أبي الحسن مهدي بن سراهنك الطبري. سمع منه هزارسب بن عوض الهروي، والحسين بن محمد البلخي، وأبو الفضل يوسف. وبها توفي.
أخبرنا أبو القاسم ذاكر بن كامل بن محمد المقرئ فيما أجازه لنا، قال: أنبأنا أبو الخير هزارسب بن عوض بن الحسن الهروي وكتب لنا بخطه، قال: أخبرنا العميد أبو الفتح محمد بن أحمد بن محمد، قراءة عليه ببغداد في يوم الأربعاء ثامن عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وخمس مئة، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن مهدي بن سراهنك بن محمد بن العباس الطبري في شهر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وأربع مئة، قال: حدثنا أبو الحسين علي بن أحمد بن أسد القزويني، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي، قال: حدثنا محمد ابن(1/155)
مسلمة الواسطي، عن يزيد بن هارون، عن حماد، عن ثابت البناني، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد جاراً له يهودياً.
أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، قال: قرأت بخط أبي عبد الله البلخي، قال: العميد أبو الفتح محمد بن أبي الليث الرازي مات في شهر رمضان سنة أربع وخمس مئة ببغداد.
وهذا أيضاً من المستدرك عليه وهو من شرطه.
5- محمد بن أحمد بن عبد الله بن فاذوية البزاز، أبو الفضل المعروف بابن العجمي.
من أهل واسط، قدم بغداد وأقام بها مدةً وسمع جماعةً منهم: أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدل، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن النقور، وأبو القاسم علي بن أحمد ابن البسري، وأبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي، وأبو القاسم يوسف بن الحسن التفكري، وأبو البركات محمد بن(1/156)
علي ابن المحاملي، وأبو الحسن علي بن محمد الخطيب الأنباري، وجماعة غيرهم. وسمع بواسط من أبي الحسن بن مخلد الأزدي، وأبي محمد الحسن بن أحمد الغندجاني، وأبي البركات محمد بن علي التمار، وأمثالهم.
وحدث بالكثير؛ فسمع منه أبو الكرم خميس بن علي الحافظ، وأبو منصور عثمان بن إبراهيم البناء، وأبو الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني. حدثنا عنه أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن الجلخت، وأبو طالب محمد بن علي ابن الكتاني، وأبو العباس أحمد بن سالم البرجوني، وأبو نصر يحيى بن هبة الله ابن محمد ابن البزاز، وغيرهم.
وكان ثقةً صدوقاً. أملى بجامع واسط في سنة سبع وثمانين وأربع مئة، فسمع الناس منه فيها وما بعدها إلى حين وفاته.
أخبرنا أحمد بن طارق بن سنان القرشي فيما قرأت عليه، قلت له: أخبركم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قراءةً عليه بالإسكندرية، فأقر به، قال: سألت الحافظ خميس بن علي بواسط في سنة خمس مئة عن أبي الفضل ابن العجمي، فقال: سمع أبا الحسن بن مخلد والغندجاني وغيرهما، وببغداد ابن المسلمة وطبقته، ولازم أبا إسحاق وعلق عنه كتبه، وهو مكثرٌ، ثقةٌ،(1/157)
يفهم ما يقرأ عليه.
حدثنا أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن محمد بن مخلد الشاهد من لفظه وكتابه في شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله ابن العجمي البزاز من لفظه في سنة تسع وتسعين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدل، قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد، قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، قال: حدثنا جعفر بن محمد الفريابي، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أأتمن خان)).
أخبرنا أبو نصر يحيى بن هبة الله بن محمد البزاز بقراءتي عليه قلت له: أخبركم أبو الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور، قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الصيرفي، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث، قال: حدثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو حماد، عن زياد بن علاقة، قال: سمعت جرير بن عبد الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من لا يرحم لا يرحم، ومن لا(1/158)
يغفر لا يغفر له، ومن لا يتب لا يتب عليه)).
أنشدنا أبو العباس هبة الله بن نصر الله الشاهد لفظاً، قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي، قال: أنشدنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزآبادي ببغداد في المدرسة النظامية لأبي محمد عبد الوهاب بن علي ابن نصر رحمه الله لما فارق بغداد ونزل مصر:
سلامٌ على بغداد في كل موطنٍ ... وحق لها مني سلامٌ مضاعف
فوالله ما فارقتها عن قلىً لها ... وإني بشطي جانبيها لعارف
ولكنها ضاقت علي بأسرها ... ولم تكن الأرزاق فيها تساعف
وكانت كخل كنت أهوى دنوه ... وأخلاقه تنأى به وتخالف
وأنشدنا أبو العباس أحمد بن سالم بن محمد المقرئ الشيخ الصالح، قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي، قال: أنشدنا الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي ببغداد لنفسه:
سألت الناس عن خل وفيٍ ... فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمسك إن ظفرت بود حرٍ ... فإن الحر في الدنيا قليل
قرأت بخط أبي الفضل محمد بن أحمد ابن العجمي رحمه الله: ومولدي في سنة إحدى وثلاثين وأربع مئة بالصليق.(1/159)
وذكر أبو جعفر هبة الله بن يحيى ابن البوقي الفقيه، فيما قرأت بخطه ومنه نقلت، أن أبا الفضل ابن العجمي توفي بواسط يوم الاثنين ثاني عشري صفر سنة إحدى عشرة وخمس مئة، ودفن بتربة المصلى بواسط، رحمه الله.
6- محمد بن أحمد بن جوامرد الشيرازي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو بكر القطان النحوي.
قرأ على أبي الحسن علي بن فضال المجاشعي القيرواني النحو، وعلى غيره. وسمع الحديث من أبي الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، وغيره. وغلب عليه علم النحو فلم يشتهر بالحديث. وعليه قرأ أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب وعنه أخذ، وعليه كان يعتمد حتى يقال: إنه لم يقرأ علم النحو على غيره.
سمعت أبا العباس أحمد بن هبة الله بن العلاء الأديب يقول: سمعت أبا المظفر الحسن بن هبة الله بن المطلب الملقب فخر الدولة يقول: أبو بكر بن جوامرد القطان شيخنا كان يتردد إلينا ونقرأ عليه النحو أنا وإخوتي، وكان فاضلاً(1/160)
له معرفةٌ جيدةٌ بالنحو والعربية. وأثنى عليه رحمه الله تعالى.
7- محمد بن أحمد بن محمد ابن الشبلي، أبو الغنائم القصار، أخو أبي المظفر هبة الله، وكان الأكبر.
سمع أبا الحسن أحمد بن محمد بن النقور البزاز، وأبا نصر محمد بن محمد الزينبي، وأبا الغنائم محمد بن علي بن أبي عثمان الدقاق، وغيرهم. وروى القليل.
أخبرنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي في كتابه، قال: قرأت على أبي محمد عبد الله بن أحمد النحوي: أخبركم أبو الغنائم محمد بن أحمد القصار، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور قراءةً عليه في سنة ثمان وستين وأربع مئة، قال: حدثنا القاضي الحسين بن هارون الضبي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل الضبي أن محمد بن عمرو بن أبي مذعور حدثهم، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق فرجع، كان كما ولدته أمه)).
قال القاضي أبو المحاسن: سمع ابن الخشاب من هذا الشيخ في سنة عشرين وخمس مئة، وسألته عنه فقال: كان قصاراً، توفي بعد أن سمعنا منه بقريب.(1/161)
8- محمد بن أحمد بن القاسم الخشاب، أبو بكر، والد أبي الفرج مصعب بن محمد الخشاب.
سمع أبو بكر أبا عبد الله الحسين بن علي ابن البسري وغيره. وسمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه، وأبو محمد ابن الخشاب وغيرهما.
قرأت في كتاب أبي محمد عبد الله بن أحمد الذي سمعه من أبي بكر الخشاب: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن القاسم بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد ابن البسري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان. وأخبرناه سماعاً أبو يعقوب يوسف بن إسماعيل الحنفي قراءةً عليه من أصل سماعه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو المعالي المبارك بن أبي المكارم البزاز قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد محمد ابن عبد الكريم بن خشيش، قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان، قال: أخبرنا أبو(1/162)
عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الجمال، قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا سفيان الثوري [عن الأعمش]، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يبعث كل عبدٍ على ما مات عليه)).
سمع ابن الخشاب من هذا الشيخ بعد سنة عشرين وخمس مئة، رحمه الله.
9- محمد بن أحمد بن علي ابن الدباس، أبو عبد الله المعروف بابن الطيبي، والد أبي العباس أحمد بن محمد ابن الطيبي الشاهد.
وأبو عبد الله هذا جد والدي لأمه. سمع أبا علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب وغيره. وكانت له إجازة من شيوخ أصبهان بعد سنة خمس مئة إلا أن(1/163)
الرواية عنه لم تنتشر.
وكان أحد الموسرين الأعيان ينزل بدار الخلافة المعظمة مما يلي باب النوبي.
توفي بعد العشرين وخمس مئة.
10- محمد بن أحمد بن محمد بن بغراج، أبو البركات.
سمع أبا علي الحسن بن أحمد ابن البناء، وروى عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه الذي جمعه، وقرأت ذلك بخطه.
11- محمد بن أحمد المرثدي، أبو بكر.
روى عنه المبارك بن كامل بيتين من الشعر ذكر أنه أنشده إياهما لإبراهيم النظام أوردهما في معجمه أيضاً.
12- محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الملك الدامغاني، أبو منصور بن أبي الحسين بن أبي الحسن بن أبي عبد الله، أخو قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد.(1/164)
كان أبو منصور فقيهاً حسناً له معرفةٌ بمذهب أبي حنيفة. استنابه أخوه قاضي القضاة أبو الحسن لما تولى قضاء القضاة في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة في الحكم والقضاء بمدينة السلام، فلم يزل على ذلك إلى أن توفي.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، وأبا البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وغيرهم. وما أعلم أنه حدث بشيءٍ لأنه لم يبلغ سن الرواية. وكان جميلاً سرياً.
ذكر صدقة بن الحسين الفرضي في تاريخه أن أبا منصور أخا قاضي القضاة توفي يوم الأربعاء سابع عشر ربيع الأول سنة ست وأربعين وخمس مئة. وصلي عليه بجامع القصر الشريف، ودفن عند أبيه بنهر القلائين.
13- محمد بن أحمد بن محمد بن سعدان، أبو المظفر الحنبلي.
من أهل باب الأزج
تفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري، وأبي الحسين ابن الفراء. وسمع من أبي الحسين هذا، ومن أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما.
وروى اليسير؛ أخرج عنه المبارك بن كامل حكايةً في معجم شيوخه سمعها منه غير مسندة.(1/165)
قال صدقة بن الحسين في تاريخه: وفي ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة توفي أبو المظفر بن سعدان الفقيه الحنبلي الأزجي، وكان فقيهاً كيساً من أصحاب الدينوري، ودفن بمقبرة باب حرب، رحمه الله.
14- محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن حمدية، أبو عبد الله العكبري البيع، والد شيخينا أبي منصور عبد الله وأبي طاهر إبراهيم.
سكن بغداد، وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي السعود ابن المجلي، وأبي غالب ابن البناء، وأمثالهم.
وبلغني أنه حدث بشيء من مسموعاته؛ سمع منه ابنه أبو طاهر إبراهيم، ويلتكين بن أخبار التركي وابنه أبو بكر محمد، وغيرهم.
15- محمد بن أحمد بن علي ابن الأبرادي، أبو الحسن ابن أبي البركات.(1/166)
كان يسكن بالبدرية، وتفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل. وصحب أبا الوفاء علي بن عقيل الحنبلي، وقرأ عليه، وسمع منه، ومن أبي الحسن علي بن المبارك بن الفاعوس المقرئ، وغيرهما.
وحدث بقليل؛ سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع.
توفي يوم الجمعة خامس شعبان سنة أربع وخمسين وخمس مئة، وصلي عليه وقت العصر من اليوم المذكور، ودفن عند رأس المختارة؛ ذكر ذلك صدقة بن الحسين في تاريخه.
16- محمد بن أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الغنائم ابن النقيب الطاهر أبي عبد الله ابن النقيب الطاهر أبي الحسن ابن النقيب الطاهر أبي الغنائم.
كان أبوه أبو عبد الله مرض في سنة سبع وأربعين وخمس مئة مرضاً أشرف منه على الموت فسأل الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين أن يولي ابنه أبا(1/167)
الغنائم هذا ما كان إليه من نقابة العلويين وعرفه مرضه وعجزه، فأجابه إلى ذلك وولاه نقابة العلويين، وخلع عليه يوم الخميس الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة سبع وأربعين وخمس مئةً وكان خلعته: جبة سوداء وعمامة سوداء وطيلسان وحنك وسيف محلى بذهب، وركب إلى داره. فكان على ذلك مديدةً، ثم إن أباه أبل من مرضه، وركب وعاد إلى ولايته وعزل ابنه أبا الغنائم.
ومولده يوم الثلاثاء سادس ربيع الآخر سنة ثمان وخمس مئة. وتوفي في ثاني عشر جمادى الآخرة من سنة ست وخمسين وخمس مئة، رحمه الله تعالى.
17- محمد بن أحمد بن صدقة، أبو الرضا الملقب جلال الدين، وزير الراشد، وهو ابن عم الوزير أبي علي الحسن بن علي بن صدقة وزير المسترشد.
لما أفضت الخلافة إلى أبي جعفر منصور ابن المسترشد بالله بعد قتل أبيه بمراغة وبويع بمدينة السلام في ذي القعدة سنة سبع وعشرين وخمس مئة استوزر أبا الرضا بن صدقة، فكان هو المدبر لأموره. وكان الراشد مهيباً ذا سطوة فخاف الوزير أبو الرضا منه واستشعر، وببغداد زنكي بن آق سنقر أمير الموصل، واحتاج الراشد إلى إنفاذ الوزير أبي الرضا إليه في تدبير بعض الأمور، فحضر عنده بالجانب الغربي من مدينة السلام وخاطبه فيما جاء به ثم أطلعه على خوفه من الراشد واستشعاره منه، وسأله أن يكون عنده ويفارق خدمة الراشد، فأجابه فلبث عنده وطلبه الراشد فأعلم بحاله فتركه. ثم صار مع زنكي إلى الموصل فأقام عنده إلى أن أصلح حاله مع الراشد وعاد إلى منصبه. فلما خرج الراشد عن بغداد في سنة ثلاثين وخمس مئة تأخر الوزير أبو الرضا عنه وخلع الراشد وبويع(1/168)
للإمام المقتفي لأمر الله، واستخدم أبو الرضا في غير الوزارة. وكان خيراً.
سمع أبا الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف وغيره. سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبو الخير صبيح بن عبد الله العطاري، وأبو الفرج المبارك بن عبد الله بن النقور وغيرهم.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر، قال: قرأت على الوزير أبي الرضا محمد بن أحمد بن صدقة، قلت له: أخبركم أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن يوسف البخاري، قال: حدثنا خلف ابن محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا عمران بن موسى بن الضحاك قال: حدثنا نصر بن الحسين أبو الليث، قال: حدثنا عيسى بن موسى، قال: حدثنا أبو حمزة، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أعتق نصيباً من عبدٍ كلف عتق ما بقي)).(1/169)
توفي الوزير أبو الرضا بن صدقة ببغداد يوم الثلاثاء رابع عشر شعبان سنة ست وخمسين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الأربعاء النصف من الشهر المذكور، ودفن.
وقال أحمد بن صالح بن شافع: سألته عن مولده فقال: في ثالث عشر شعبان سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، رحمه الله وإيانا.
18- محمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمود بن عبد الله بن إبراهيم بن خالد الثقفي، أبو المظفر، من أهل أصبهان.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن أبي الفرج المارستاني فيما رسمه من التاريخ وسماه ((ديوان الإسلام الأعظم بمدينة السلام)) ولم يتممه، أن أبا المظفر هذا -وساق نسبه كما ذكرنا ومن كتابه نقلت- قدم بغداد في سنة ست وخمسين وخمس مئة، وحدث بها عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد، وأنه سمع منه إملاء وسأله عن مولده، فقال: في سنة ثمان وخمس مئة. وأبو بكر هذا ممن لا يعتمد عليه ولكن حكينا ما ذكره. وقد سمع من الثقفي هذا غير عبيد الله كالقرشي، رحمه الله.(1/170)
19- محمد بن أحمد بن عبد الكريم بن محمد بن عبد الله التميمي، أبو محمد المعروف بابن المادح وبابن النائح.
من أهل باب البصرة.
شيخٌ مسنٌ، روى في آخر عمره وسماعه قليل. ويقال: جميع ما وجد من سماعه ستة أجزاء. روى عن أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، وأبي الغنائم محمد بن علي بن أبي عثمان، وأبي الحسن علي بن محمد الخطيب الأنباري، وأبي الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر.
سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وأبو الرضا أحمد بن طارق بن سنان الكركي. وحدثنا عنه جماعة منهم: أبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله، والشريف أبو البركات عمر بن أحمد الزيدي، وأبو نصر عمر بن محمد الدينوري، وغيرهم.
قرأت على أبي نصر عمر بن محمد بن أحمد بن الحسن الصوفي، قلت له: أخبركم أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قراءةً عليه وأنا أسمع في سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن(1/171)
زنبور الوراق، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل وجدي أحمد بن منيع وزهير بن حرب وسريج بن يونس وابن المقرئ، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجلٍ يعظ أخاه في الحياء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
قرأت على أبي البركات عمر بن أحمد بن محمد العلوي وعلي أبي المعالي أحمد بن يحيى بن أحمد الخازن، قلت لك واحدٍ منهما: أخبركم أبو محمد محمد بن أحمد ابن المادح قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد ابن الزينبي، قال: أخبرنا أبو سهل محمود بن عمر العكبري، قال: حدثني أبو بكر محمد بن أحمد السقطي، قال: حدثني عمر بن محمد النسائي، قال:(1/172)
حدثني العباس بن محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، قال: حدثني أبي، قال: سمعت عبد الله بن إدريس يقول: مر بي ابن أبي مالك وأنا أتنفل في صحن المسجد فسنحت به، ليعطف إلي فقال: أقبل على من أنت بين يديه فإنك بين يدي رب العالمين. قال ابن إدريس: فأقرعني والله وأقبلت على القبلة بعد الكلمة سنة.
سئل أبو محمد ابن المادح عن مولده فلم يحققه وقال: كان لي في غرق بغداد في خلافة القائم عشر سنين. وكان هذا الغرق في سنة ست وستين وأربع مئة، فعلى هذا يكون مولده في سنة ست وخمسين وأربع مئة، والله أعلم.
وأخبرنا القاضي عمر بن علي القرشي في كتابه، ومن خطه نقلت، قال: سألته -يعني ابن المادح- عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة ثمان وخمسين وأربع مئة.
وأنبأنا أبو بكر محمد بن المبارك ابن مشق، قال: مولد ابن المادح في سنة سبعين وأربع مئة. قالا جميعاً: وتوفي يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة سنة ست وخمسين وخمس مئة. زاد ابن مشق: ودفن بمقبرة جامع المنصور.
20- محمد بن أحمد بن الحسين بن محمود الكاتب، أبو نصر.(1/173)
من أهل أوانا، والد شيخنا أبي الفتح محمود بن محمد.
كان كاتباً سديداً، وشاعراً مجيداً، له رسائل حسنة، وأشعار مبتكرة؛ فمن رسائله رسالة ربيعية ضمنها مفاخرة الرياحين ووصف السحاب والغمام وتفضيل زمانه على سائر الأزمنة، أجاد فيها وأحسن في رصفها ومعانيها. أنبأنا بها عنه ولده أبو الفتح محمود. فمنها ما قرأت على السديد أبي الفتح محمود بن محمد ابن أحمد بن محمود، قلت له: أخبرك والدك أبو نصر محمد بن أحمد، قال: ((أما بعد، فإن الزمان جسدٌ وفصل الربيع روحه وسر حكم الاهية، وبه كشفه ووضوحه، وعمرٌ مقدورٌ وهو الشبيبة فيه، ومنهلٌ جمٌ، وهو نميره وصافيه، ودوحة خضرةٌ، وهو ينعها وجناها، وألفاظٌ مجموعةٌ وهو نتيجتها ومعناها. ومن لم يستهو طباعه نسيم هوائه ولم يدرك شفاء دائه في صفاء دوائه لم يذق لطعم حياته نفعاً، ولم يجد لخفض حظه من أيامه رفعاً)).
وأنشدنا عنه أيضاً ولده قصيدة ضمنها الفرق بين الضاد والظاء حسنة في فنها.
بلغني أن أبا نصر بن محمود توفي بأوانا في سنة سبع وخمسين وخمس مئة، ودفن بها بمقبرة تعرف بمقبرة برنداس رحمه الله.
21- محمد بن أحمد بن محمد المؤدب، أبو السعادات يعرف بابن حنفصة.
من أهل باب البصرة.(1/174)
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق في ((معجم شيوخه))، وقال: سمعت منه، وكان فقيهاً واعظاً، توفي في سنة تسع وخمسين وخمس مئة؛ أنبأنا بذلك فيما أجازه لنا.
22- محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن الحسن بن حمدي، أبو الفرج بن أبي جعفر الزاهد، أخو أبي المظفر أحمد بن أحمد الشاهد.
رجلٌ صالحٌ، حسن الطريقة، حميد السيرة، كثير العبادة. قرأ القرآن الكريم بالقراءات الكثيرة على أبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط وعلى غيرهما. وسمع الكثير بإفادة أخيه في صغره، وبنفسه، وكتب بخطه، من أبي القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبي بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي منصور بن خيرون، وأبي محمد المقرئ، وخلق كثير.
وانقطع في مسجد بسوق الثلاثاء وأقام به في زاوية له يسرد الصوم ويكثر التلاوة ويؤم به في أوقات الصلوات.
سمع منه جماعةٌ من أقرانه والطلبة تبركاً به مثل أبي الفضل أحمد بن صالح ابن شافع، والشريف أبي الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبي حفص عمر بن أحمد بن بكرون، وغيرهم.
أخبرنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر الدمشقي، قال: أخبرنا أبو الفرج بن حمدي الزاهد، قال: أخبرنا علي بن هبة الله الكاتب، قال: أخبرنا أبو(1/175)
محمد عبد الله بن محمد الصريفيني. وقرأته على أبي العباس أحمد بن يحيى ابن بركة البزاز، قلت له: أخبركم أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد الأنماطي قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني. قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن محمد بن حبابة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا عدوى ولا طيرة ولا غول)).(1/176)
قال القرشي -فيما قرأت بخطه-: أبو الفرج بن حمدي الحنبلي كان فاضلاً ثقةً كتبت عنه شيئاً يسيراً.
قرأت بخط أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع في تاريخه: كان مولد خالي أبي الفرج بن حمدي في رجب سنة ست عشرة وخمس مئة. وقال هو وغيره: وتوفي في ليلة السبت سابع عشر صفر سنة ثلاث وستين وخمس مئة، وصلى عليه الخلق الكثير يوم السبت بجامع القصر الشريف، وحمل إلى مقبرة باب حرب، ودفن بها على أبيه، رحمهما الله تعالى.
23- محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق، أبو المعالي، ابن أخت الشيخ أبي الفضل بن ناصر.
وهو أحد الإخوة الأربعة وهم: أبو القاسم عبد الله، وأبو الفتح يوسف، وأبو المعالي محمد، وأبو منصور محمد، وكلهم قد سمعوا.
وأبو المعالي هذا سمع مع إخوته بإفادة خاله من جماعةٍ منهم: أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، وأبو(1/177)
محمد سعيد بن أحمد بن محمد الشيرازي، وأبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبو البركات محمد بن محمد ابن الخرزي، وغيرهم. وحدثنا عنه جماعة.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك البزاز، قلت له: أخبركم أبو المعالي محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عرفة، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت)) فأقول: محمد. فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحدٍ قبلك)).
سمعت أبا العباس أحمد بن أحمد الشاهد يقول: توفي أبو المعالي محمد ابن أحمد بن الفرج يوم السبت قبل الظهر سادس ذي القعدة من سنة أربع وستين وخمس مئة. وكان ثقةً.
24- محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن طارق بن عبد الرحمن ابن محمد بن أخيف الكناني، أبو عبد الله القرطبي.
من أهل المغرب. قدم بغداد في سنة أربع وستين وخمس مئة وسمع بها من شيوخ ذلك الوقت، وروى بها عن أبي بكر محمد بن علي بن عربي، وأبي(1/178)
نصر الفتح بن موسى القيسي المغربيين.
زعم أبو بكر عبيد الله بن نصر المارستاني أنه أنشده، قال: أنشدني أبو نصر الفتح بن موسى الوزير للأستاذ أبي محمد بن سارة:
يا من يصيخ إلى داعي السفاه وقد ... نادى به الناعيان: الشيب والكبر
إن كنت لا تسمع الداعي ففيم ثوى ... في رأسك الواعيان: السمع والبصر
ليس الضرير ولا الأعمى سوى رجلٍ ... لم يهده الهاديان: العين والأثر
لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ... الأعلى ولا النيران: الشمس والقمر
ليرحلن عن الدنيا وإن كرها ... فراقها الثاويان: البدو والحضر
25- محمد بن أحمد بن الحسن بن جابر الدينوري الأصل البغدادي، أبو بكر الصوفي، والد شيخنا أبي نصر عمر بن محمد.
شيخٌ صالحٌ من أصحاب الشيخ أبي النجيب السهروردي والملازمين له، سمع معه من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي المعروف بابن صهر هبة، ومن أبي سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيرهم. وحدث باليسير؛ روى لنا عنه ابنه أبو نصر عمر بن محمد.
قرأت على عمر بن أبي بكر الصوفي، قلت له: أخبركم والدك أبو بكر(1/179)
محمد بن أحمد بن الحسن لفظاً، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد المعدل قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى البزاز، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، قال: حدثنا أبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد ابن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
سمعت أبا نصر عمر بن محمد يقول: سألت والدي عن مولده، فقال: ولدت في صفر سنة ثلاث وخمس مئة. قال عمر: وتوفي بدمشق في سنة ست وستين وخمس مئة تقريباً، والله أعلم.
26- محمد بن أحمد بن محمد ابن الطاهري، أبو المكارم.
من أهل الحريم الطاهري؛ من بيت مشهور بالرواية، حدث منهم جماعة. وأبو المكارم هذا سمع أبا عبد الله الحسين بن علي ابن البسري، وأبا العز محمد ابن المختار الهاشمي وغيرهما، واشتغل بالتجارة.(1/180)
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه، وقال: قدم علينا مرو وسمعنا منه عن أبي العز ابن المختار. وإنما ذكرناه لأنه تأخرت وفاته عن وفاته على ما شرطنا في خطبة الكتاب.
سمع من أبي المكارم ببغداد: أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، وأبو الحسن علي بن أحمد العلوي الزيدي، وأبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبو الخير صبيح بن عبد الله العطاري. وحدثنا عنه جماعة.
قرأت على أبي الحسن علي بن المبارك بن أحمد بن أحمد بن محمد الطاهري، قلت له: أخبرك عم والدك أبو المكارم محمد بن أحمد بن محمد ابن الظاهري قراءة عليه وأنت تسمع في جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وخمس مئة، فأقر به وعرفه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد ابن البسري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار، قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، قال: حدثنا يحيى بن آدم بن سليمان القرشي، قال: حدثنا سفيان بن سعيد، عن عمرو بن يحيى الأنصاري، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقةٌ)).
أخبرنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق فيما أجازه لنا أن مولد أبي المكارم ابن الطاهري في سنة تسعين وأربع مئة.(1/181)
قال القاضي أبو المحاسن القرشي في معجمه: وتوفي أبو المكارم ابن الطاهري في سنة ثمان أو تسع وستين وخمس مئة.
قلت: وهذا القول غير محقق، والصواب ما أخبرنا محمد بن مشق في كتابه، قال: توفي أبو المكارم ابن الطاهري في أول يوم من صفر سنة سبع وستين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
27- محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن الحسن ابن الطيان، أبو منصور، سبط أبي بكر ابن النقور البزاز.
من ساكني دار الخلافة المعظمة، شيد الله قواعدها بالعز. سمع الكثير من خاله أبي الفرج ابن النقور، وبنفسه من أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وخلقٍ كثير. ولم يحدث إلا باليسير لأنه توفي شاباً.
ذكر عبيد الله بن علي بن حمرة أنه سمع منه عن أبي الحسن بن عبد السلام وأنه توفي يوم السبت ثاني عشر شوال سنة تسع وستين وخمس مئة، وصلى عليه خاله أبو الفرج ابن النقور، ودفن بمقبرة عبد الدائم من مقابر باب الأزج.
28- محمد بن أحمد بن عبد الجبار، أبو المظفر الفقيه الحنفي المعروف بالمشطب.
من أهل سمنان، ولد بها، ونشأ، ورحل إلى مرو، وتفقه على أبي(1/182)
الفضل الكرماني. وجال في بلاد المشرق، ثم قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته، ودرس بها الفقه على مذهب أبي حنيفة بمدرسةٍ بسوق العميد تعرف بمدرسة زيرك. وكان أحد شيوخ وقته في مذهبه يفتي ويدرس إلى أن مات.
حدث عن أبي المعالي جعفر بن حيدر العلوي، وعن أبي عبد الله الحسين ابن محمد بن الفرخان السمناني، وعن غيرهما. سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي ببغداد.
أخبرنا عمر بن علي بن الخضر القرشي فيما أذن لنا أن نرويه عنه، ومن خطه نقلت، قال: قرأت على أبي المظفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار المشطب، قلت له: أخبركم أبو المعالي جعفر بن حيدر العلوي، قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني، قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد الرازي، قال: أخبرنا محمد بن أيوب الرازي، قال: أخبرني أبو الوليد الطيالسي، قال: أخبرنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سئل المسلم في القبر فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله فذلك قول الله عز وجل: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}.(1/183)
قال القرشي: وسألته -يعني المشطب- عن مولده، فقال: في سنة أربعٍ وتسعين وأربع مئة بسمنان.
وتوفي في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة الوردية، رحمه الله تعالى.
29- محمد بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن عبد الجبار بن الحسن، أبو عبد الله بن أبي منصور يعرف بابن الديناري.
من أهل درب القيار.
قرأت بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي الدمشقي، قال: ذكر لي أبو عبد الله ابن الديناري هذا أنه من ولد ذي الرياستين الفضل بن سهل وزير المأمون.
سمع ابن الديناري أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا الغنائم محمد بن علي النرسي، وأبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي، وغيرهم.(1/184)
وحدث، وروى؛ سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي وغيرهم. حدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر، وغيره.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر من أصل سماعه قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله ابن الديناري بقراءة العليمي عليه وأنت تسمع -ومن خط العليمي نقلت وقرأت- فأقر به، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي وأبو الحسن محمد بن الحسن بن زيد اليشكري، قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن جعفر التيمي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن زيد البجلي، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا سليم بن عيسى المقرئ، عن حمزة الزيات، عن ابن أبي ليلى، عن عيسى، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطس أحدكم فليحمد الله وليقل من عنده: يرحمك الله، وليقل هو: يهديكم الله ويصلح بالكم)).(1/185)
ولد أبو عبد الله ابن الديناري يوم الاثنين سابع عشر صفر سنة سبع وتسعين وأربع مئة. واختلف في وقت موته؛ فقال لي عبد الله بن أحمد الخباز: توفي في شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة بالمارستان العضدي، ودفن بمقبرته. وقال القاضي عمر القرشي: توفي ابن الديناري أواخر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة أو أوائل سنة أربع وسبعين - هكذا نقلت من معجمه. وقال أبو بكر عبيد الله بن أبي الفرج المارستاني: توفي ابن الديناري سلخ شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة، والله أعلم بالصواب.
30- محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق، أبو منصور الوكيل بباب القضاة.
من أهل باب الأزج، وقد تقدم ذكر أخيه أبي المعالي.
سمع بإفادة خاله محمد بن ناصر من جماعة منهم: أبو الحسن أحمد بن محمد ابن المحاملي، وأبو سعد أحمد بن محمد بن شاكر البزاز، وأبو المعالي أحمد بن محمد ابن البخاري، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، وأبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبو العز محمد بن الحسين القلانسي المقرئ الواسطي وغيرهم، وحدث عنهم.(1/186)
وكان ثقةً صحيح السماع. سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، وأبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، وأبو الحسن الزيدي، والقاضي عمر القرشي. وروى لنا عنه الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي، والشيخ عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، وغيرهما. وأجاز لنا أبو منصور هذا أيضاً.
قرئ على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى بن عثمان الهمذاني وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو منصور محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، قال: أخبرنا أحمد بن علي يعني ابن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن منصور الفقيه، قال: حدثنا ابن أبي السري، قال: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، قال: حدثنا أيوب، عن ابن سيرين والحسن، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بعد السلام والكلام.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي قال: سألت أبا منصور بن الفرج الدقاق عن مولده فقال: في سابع عشر رمضان سنة أربع وخمس مئة، وقال غيره: وتوفي يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة سنة خمس وسبعين(1/187)
وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
31- محمد بن أحمد بن عبيد الله بن الحسين بن أحمد بن جعفر الآمدي الأصل الواسطي المولد والدار، أبو المفضل بن أبي محمد يعرف بسبط ابن الأغلاقي.
شيخٌ من أهل القرآن والتصوف والحديث. سمع بواسط من أبي الحسين أحمد بن محمد بن حمدون المقرئ، ومن أبي السعادات المبارك بن إبراهيم الخطيب الشرقي، ومن القاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وغيرهم.
وقدم بغداد مع أبيه في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة، ونزل برباط شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أحمد النيسابوري، وسمع بها من أبيه ما قرئ عليه.
سمعنا منه بواسط كثيراً وكتبنا عنه، وكان صحيح السماع له سمت الشيوخ.
أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبيد الله ابن الآمدي فيما أذن لنا أن نرويه عنه، وقد سمعنا منه، قال: قرئ على والدي أبي محمد أحمد بن عبيد الله بن الحسين في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة برباط شيخ الشيوخ وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو الحسن علي بن محمد بن علي كاتب الوقف بواسط قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن(1/188)
علي الرواسي إملاءً بجامع واسط قال: حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن تميم الفامي، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الإمام، قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا علي بن مسعدة الباهلي، قال: حدثنا قتادة أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الإسلام علانية، والإيمان في القلب، والتقوى هاهنا، يقولها ثلاثاً، ويشير بيده إلى صدره)).
سألت أبا المفضل هذا عن مولده، فقال: ولدت في جمادى الآخرة سنة ثلاث وخمس مئة. وتوفي بواسط يوم الجمعة قبل الصلاة الثالث عشر من ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة، وحضرت الصلاة عليه عصر اليوم المذكور بجامع واسط، ودفن عند أبيه برباطٍ لهم بواسط، رحمه الله تعالى.
32- محمد بن أحمد بن علي بن أبي الضوء الهاشمي، أبو الحارث الضرير.
من أهل واسط.
شريفٌ صالحٌ صحب الصوفية، يرجع إلى نسكٍ وعبادةٍ.
قدم بغداد وأقام بها مدةً، وسمع بها بإفادة يوسف بن مقلد الدمشقي من أبي محمد المبارك بن المبارك بن نصر السراج، وأبي القاسم نصر بن نصر ابن(1/189)
العكبري الواعظ، وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وأبي المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسري، وغيرهم.
سمعت منه بواسط، وكتبت عنه، ونعم الشيخ كان.
قرأت على أبي الحارث محمد بن أحمد بن أبي الضوء الهاشمي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو محمد المبارك بن المبارك السراج وأبو بكر أحمد ابن المقرب بن الحسين الكرخي قراءةً عليهما وأنت تسمع ببغداد، وأقرأ بذلك، قالا: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قراءةً عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن أبي بكر ابن أبي مريم، قال: حدثني ضمرة بن حبيب، عن أبي يعلى شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله)).
توفي الشريف أبو الحارث بن أبي الضوء بواسط في جمادى الآخرة سنة(1/190)
ست وثمانين وخمس مئة، بات صحيحاً فأصبح ميتاً، رحمه الله.
33- محمد بن أحمد بن محمد ابن المهدي، أبو جعفر الهاشمي الضرير.
من ساكني الحريم الطاهري.
سمع أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني ببغداد لما قدمها، وأملى بها، وحدث عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي، وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
أخبرنا عمر بن علي بن الخضر إذناً، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المهدي، قال: حدثنا أبو عثمان إسماعيل بن محمد، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الضبي، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا إدريس بن جعفر العطار، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثنا عبد الله بن عمرو، قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فقال: يا عبد الله بن عمرو ألم أخبر أنك تكلف قيام الليل وصيام النهار؟ قلت: إني أفعل. فقال: إن من حسبك أن تصوم من كل شهرٍ ثلاثة أيام، الحسنة بعشر أمثالها فكأنك قد صمت الدهر كله)).(1/191)
قال القرشي: سألت أبا جعفر ابن المهدي عن مولده فقال ما دل أنه في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة، رحمه الله.
34- محمد بن أحمد بن أبي علي الأصبهاني المولد البغدادي الدار، أبو بكر يعرف بالسيدي.
منسوب إلى خدمة الأمير السيد أبي الحسن العلوي الحنفي. وأبو بكر هذا شيخٌ صالحٌ، سمع الكثير بنفسه على كبر سنه. وهو والد أبي علي عبد الكريم بن محمد السيدي وبإفادته سمع ابنه عبد الكريم ووالده محمد بن عبد الكريم.
سمع أبو بكر من أبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبي بكر عبد الله بن النقور، وأبي زرعة طاهر ابن محمد المقدسي، وأبي أحمد معمر بن الفاخر القرشي الأصبهاني، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وخلقٍ كثير.
سمع منه رفقاؤه، وسمع معنا الكثير. وكان ثقةً، حدث بقليل. روى عنه رفيقنا أبو الفضل إلياس بن جامع الإربلي في مصنفاته.
ولد في سنة عشر وخمس مئة. وتوفي أبو بكر السيدي في النصف من شعبان سنة ثمانين وخمس مئة، ودفن بتربةٍ له قريبة من قبر معروف الكرخي، رحمهما الله تعالى.
35- محمد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان، أبو الفرج بن أبي المظفر بن أبي علي.(1/192)
من أهل الكرخ؛ من بيت الرواية والحديث، حدث هو، وأبوه، وجده. وأبو الفرج كان شاعراً يقول الشعر ويمدح به.
سمع جده أبا علي، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان وغيرهما، وحدث عنهم. سمع منه الشريف أبو الحسن الزيدي، والقاضي أبو المحاسن القرشي، وأبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي. وأدركته ولم يتفق لي منه سماعٌ، وأظنه أجاز لي.
قرأت على الحسين بن محمد بن عبد القاهر: أخبركم أبو الفرج محمد بن أحمد بن نبهان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وأخبرناه أبو الفضل وفاء بن أسعد بن النفيس قراءةً عليه وأنا أسمع قيل له: أخبركم أبو القاسم بن بيان قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم طلحة بن الصقر ابن عبد المجيب الكتاني قال: قرئ على أبي الحسن أحمد بن عثمان الأدمي وأنا أسمع، قال: حدثنا محمد بن ماهان السمسار، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا شعبة، عن النعمان بن سالم، قال: سمعت عمرو بن أوس يحدث عن عنبسة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من صلى اثنتي عشرة ركعة تطوعاً كل يومٍ غير الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة)).(1/193)
أنشدني أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمد المقرئ، قال: أنشدنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن نبهان لنفسه وقد ترك قول الشعر:
تركت القريض لمن قاله ... وجود فلانٍ وأفضاله
وتبت من الشعر لما رأيت ... كساد القريض وإهماله
وعدت إلى منزلي واثقاً ... برب يرى الخلق سواله
فنجل ابن نبهان يرجو الأله ... يمحص عنه الذي قاله
من الكذب في نظمه للقريض ... فربي كريمٌ لمن ساله
أخبرنا القاضي عمر بن علي في كتابه قال: سألت أبا الفرج بن نبهان عن مولده فقال: في سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وثمانين وأربع مئة، وقد كنت سألته قبل ذلك فقال: سنة أربع وثمانين وأربع مئة. قلت: وتوفي في شعبان سنة ثمانين وخمس مئة وقيل: توفي يوم الاثنين رابع شهر رمضان من السنة المذكورة، وهو الأصح.
آخر الجزء الأول(1/194)
36- محمد بن أحمد بن داود المؤدب أبو الرضا المعروف بالمفيد الحاسب.
كان يسكن بالقرية من دار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- وله هناك مكتبٌ يعلم فيه الصبيان الخط والحساب، وكانت له معرفةٌ جيدةٌ بالحساب وأنواعه، وله فيه تصنيفٌ وتعاليق. تخرج به جماعةٌ وتعلموا منه.
سمع شيئاً من الحديث من أبي عبد الله محمد بن يحيى بن مسلم الزبيدي الواعظ، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي، وغيرهما. وروى شيئاً يسيراً، وكان بتعليم الحساب والخط أشهر.
توفي في العشر الأول من محرم سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، ودفن بمقبرة عبد الدائم بباب الأزج ثم نقل بعد مدةٍ إلى مقبرة باب حرب.
37- محمد بن أحمد بن أبي المظفر منصور بن عبد الجبار ابن السمعاني، أبو المعالي الواعظ.
من أهل مرو، ابن عم تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني المحدث.
قدم أبو المعالي إلى بغداد وأقام مدة، وتكلم بها واعظاً, وجلس بالمدرسة النظامية، وبها كانت وفاته -أعني بغداد- في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، ودفن بتربة بنيت له قريبة من قبر معروف الكرخي بالجانب الغربي، رحمه الله.
38- محمد بن أحمد بن عبد الله المقرئ، أبو عبد الله الجمدي.(1/195)
منسوب إلى قريةٍ تعرف بالجمد من قرى دجيل قريبة من أوانا.
شيخٌ صالحٌ حافظٌ لكتاب الله تعالى، قد قرأ على الشيوخ، وسمع الحديث من أبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، ومن أبي حفص عمر بن عبيد الحربي، ومن أبي علي أحمد بن أحمد بن الخراز، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ومن أبي الحسن علي بن محمد بن أبي عمر البزاز، ومن أبي المعالي محمد بن محمد ابن اللحاس العطار.
وروى القليل؛ سمع منه أبو العباس أحمد بن سلمان بن أبي شريك الحربي وغيره، وانقطع بجامع المهدي قبل موته بمدةٍ مجاوراً به متعبداً.
توفي يوم الأربعاء مستهل شهر رمضان سنة خمس وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله تعالى.
39- محمد بن أحمد بن محمد بن قنبر، أبو الفتح البزاز.(1/196)
من أهل محلة العتابيين، أحد المحال بالجانب الغربي من بغداد، سكن باب البصرة قبل موته، وحدث عن أبي العباس أحمد بن علي بن قريش.
سمع منه محمد بن المبارك بن مشق البيع، وأخرج عنه حديثاً في معجمه، وقال: توفي يوم الاثنين حادي عشر شوال سنة ست وثمانين وخمس مئة، ودفن بكرة الثلاثاء ثاني عشره بباب حرب، رحمه الله تعالى.
40- محمد بن أحمد بن أحمد ابن اليعسوب، أبو الغنائم.
من أهل شارع دار الرقيق.(1/197)
سمع أبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري المقرئ، وروى عنه، سمع منه أبو بكر بن مشق، وذكره في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر البيع إذناً، قال: قرأت على أبي الغنائم محمد ابن أحمد ابن اليعسوب: أخبركم أبو القاسم الحريري، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي. وقرأته على القاضي أبي محمد عبيد الله بن محمد بن عبد الجليل الساوي: أخبركم أبو القاسم الحريري قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيوية، قال: حدثنا علي بن موسى الأنباري، قال: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا مخشي بن معاوية الباهلي، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء)).
41- محمد بن أحمد بن محمد بن أبي القاسم العطار، أبو طاهر سبط أبي عبد الله المقدسي.
من محلة باب الطاق ومشهد أبي حنيفة رضي الله عنه. وأبو طاهر هذا أخو شيخينا أبي المعالي مسعود وأبي الحسن علي ويعرفون ببني الديناري.(1/198)
سمع أبو طاهر أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي المعروف بقاضي المارستان. وكان له معرفة بالفقه على مذهب أبي حنيفة.
سمع القاضي منه، عمر القرشي، وأخرج عنه حديثاً، أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي الحافظ، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد العطار بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً)).
توفي سنة ست وسبعين وخمس مئة تقريباً مسافراً.
42- محمد بن أحمد بن محمد ابن العمري، أبو الكرم الوقاياتي.(1/199)
من أهل باب البصرة، منسوب إلى العمرية، وهي محلة بباب البصرة.
وأبو الكرم هذا أخو شيخنا أبي الحسن عبد الرحمن بن أحمد ابن العمري الشاهد القاضي من أهل باب البصرة، ووالد أبي الحارث علي بن محمد ابن العمري.
سع أبو الكرم أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وغيره، وروى عنهم.
ذكر أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق أنه سمع منه، وأخرج عنه حديثاً.
43- محمد بن أحمد بن حمزة بن جيا، مقصور -وقيل: جياء، ممدود، والأول أشهر- أبو الفرج.(1/200)
من أهل الحلة السيفية من سقي الفرات.
أديبٌ فاضلٌ له ترسل حسنٌ، وشعرٌ جيدٌ. قدم بغداد، وجالس النقيب أبا السعادات هبة الله ابن الشجري النحوي، وأخذ عنه، ثم بعده أبا محمد عبد الله ابن أحمد ابن الخشاب، وغيرهما. وسمع بها من قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد ابن الثقفي وغيره. لم يشتهر بالحديث لإقباله على الأدب واشتغاله به.
روى لنا عنه شيئاً من رسائله وشعره أبو الحسن علي بن نصر بن هارون وأبو الثناء محمود بن عبد الله الحليان.
أنشدني أبو الثناء محمود بن عبد الله بن المفرج ببغداد، قال: أنشدني شرف الكتاب أبو الفرج ابن جيا ببغداد بمنزلنا لنفسه.
حتام أجري في ميادين الهوى ... لا سابقٌ أبداً ولا مسبوق
ما هزني طربٌ إلى رمل الحمى ... إلا تعرض أجرعٌ وعقيق
شوقٌ بأطراف البلاد مفرقٌ ... بجوى شتيت الشمل منه فريق
ومدامعٌ كلفت بعارض مزنةٍ ... لمعت لها بين الضلوع بروق
فكأن جفني بالدموع موكلٌ ... وكأن قلبي للجوى مخلوق
قدم الزمان وصار شوقي عادةً ... فليتركن دلاله المعشوق(1/201)
قد كان في الهجران ما يزع الهوى ... لو يستفيق من الغرام مشوق
لكنني آبى لعهدي أن يرى ... بعد الصفاء، وورده مطروق
إن عادت الأيام لي بطويلعٍ ... أو ضمني والظاعنين طريق
لأنبهن على الغرام بزفرتي ... ولتطربن بما أبث النوق
وأنشدني أبو الحسن علي بن نصر بن هارون، قال: أنشدني الأجل أبو الفرج بن جيا لنفسه من قصيدة:
أما والعيون النجل تُصمي نبالها ... ولمع الثنايا كالبروق تخالها
ومنعطف الوادي تأرج نشره ... وقد زار في جنح الظلام خيالها
لقد كان في الهجران ما يزع الهوى ... ولكن بعيدٌ في الطباع انتقالها
44- محمد بن أحمد بن علي بن محمد، أبو عبد الله الأديب الحمامي.
من أهل أصبهان، يعرف بالمصلح.
قدم بغداد حاجاً، وحدث بها في صفر سنة تسع وستين وخمس مئة عن أبي(1/202)
علي الحسن بن أحمد الحداد المقرئ، سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي، وأبو إسحاق مكي بن أبي القاسم الغراد، وأبو عبد الله محمد بن عثمان العكبري، ويوسف بن سعيد البناء، وعاد إلى بلده وعاش بعد ذاك سنين وكتب إلينا بالإجازة في سنة تسع وسبعين وخمس مئة.
أخبرنا أبو إسحاق مكي بن عبد الله بن معالي إجازةً، قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد ابن المصلح ببغداد، قلت: وأجاز لنا أبو عبد الله محمد بن (أحمد) بن علي هذا، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قراءةً عليه وأنا أسمع بأصبهان، وقرئ على أبي طاهر الحسين ابن الوزير أبي القاسم علي بن صدقة بن علي وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو حفص عمر بن ظفر بن أحمد المغازلي قراءةً عليه فأقر به، قال: أخبرنا أبو المطهر سعد بن عبد الله الأصبهاني، قدم علينا، قالا جميعاً: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن فارس، قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، قال: حدثنا أبو داوود الحفري وأبو نعيم، قالا: حدثنا شريك، عن الركين بن الربيع، عن نعيم بن حنظلة، عن عمار بن ياسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ذو الوجهين في الدنيا ذو لسانين في النار)).
كتب إلي أبو غانم بن أبي ثابت الواعظ من أصبهان يذكر أنه سأل أبا عبد الله المصلح عن مولده فذكر أنه ولد في رجب سنة خمس مئة. قال أبو غانم: وتوفي ليلة الثلاثاء حادي عشر شهر ربيع الآخر سنة تسعين وخمس(1/203)
مئة، رحمه الله تعالى وإيانا.
45- محمد بن أحمد بن علي بن حماد، أبو عبد الله الشاهد.
من أهل الأنبار، يعرف بابن القرشي، تولى الحسبة بها.
أحد الشهود المعدلين بمدينة السلام، شهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي في يوم الأحد ثالث عشر جمادي الآخرة سنة ست وستين وخمس مئة، وزكاة أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي وأحمد ابن علي ابن المأمون، وكان على ذلك إلى حين وفاته.
توفي بعد شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة فإنه زكى في هذا الشهر شاهداً عند قاضي القضاة محمد بن جعفر العباسي.
46- محمد بن أحمد بن محمد السمسار، أبو عبد الله الحظيري يعرف بالجناني.(1/204)
كان يسكن بالشمعية، أحد دروب المأمونية.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وأبا البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي، وغيرهم. وحدث عنهم.
قصدته للسماع منه ومعنا شيءٌ من سماعه من أبي العز بن كادش فلما صرنا إلى باب منزله دققنا عليه فخرج إلينا فأعلمناه إنا جئنا للسماع، فتأبى واعتذر، وذكر أن به مرضاً يمنعه من القعود لنا، وأصر على ذلك، فتركناه ولم نعد إليه فمات بعد قليل، وكان فيه عسر في الرواية مع ثقته وصحة سماعه، أجاز لنا، ولم يقض لنا منه السماع، وقد لقيناه.
توفي أبو عبد الله الجناني يوم الاثنين خامس عشري شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وخمس مئة.
47- محمد بن أحمد بن يحيى بن زيد بن ناقة، أبو منصور بن أبي العباس.(1/205)
من أهل الكوفة، أحد عدولها، قدم علينا بغداد في سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، وروى لنا عن أبيه.
وكان ثقة صدوقاً من بيت الرواية والحديث هو، وأبوه.
قرأت على أبي منصور محمد بن أحمد بن ناقة ببغداد من أصل سماعة قلت له: أخبركم والدك أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد قراءةً عليه وأنت تسمع بالكوفة، فأقر به، قال: أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن جعفر بن مجالد البجلي، قال: أخبرنا محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي إجازةً، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي. وأخبرناه عالياً أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى التاجر قراءةً عليه وأنا أسمع قيل له: أخبركم أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو القاسم الطيب بن يمن ابن عبيد مولى المعتضد، قال: حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا سريج بن يونس، قال: حدثنا فرج بن فضالة، عن يحيى بن سعيد، وهو الأنصاري، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أراد الله بامرئٍ خيراً جعل له وزيراً صالحاً، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد به شراً جعل له وزير سوءٍ إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه)). ولفظ الحديث(1/206)
لابن ناقة؛ لأنه أتم.
أنشدني أبو منصور محمد بن أحمد بن علي بن ناقة ببغداد من حفظه، قال: أنشدني أبي أبو العباس قبل موته بساعة، رحمهما الله.
وكم شامتٍ بي إن هلكت بزعمه ... وجاذب سيفٍ عند ذكر وفاتي
ولو علم المسكين ماذا يصيبه ... من الذل بعدي مات قبل مماتي
توفي أبو منصور بن ناقة ببغداد يوم الأربعاء لثلاث خلون من جمادي الآخرة سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه بها وحمل إلى الكوفة فدفن بها. وكنت سألته عن مولده فقال: ولدت بالكوفة في سنة ثلاث وخمس مئة.
48- محمد بن أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن علي بن إبراهيم ابن النرسي، أبو منصور بن أبي المظفر بن أبي البركات.
أحد الشهود المعدلين هو، وأبوه، وجده. وكلهم تولى الحسبة ببغداد، رحمهم الله تعالى.
أنبأنا أبو الحسن علي بن يحيى ابن الطراح، ومن خطه نقلت، قال: وفي يوم الخميس رابع صفر سنة ثمان وأربعين وخمس مئة شهد محمد بن أحمد بن(1/207)
عبد الباقي ابن النرسي، يعني عند قاضي القضاة أبي الحسن ابن الدامغاني، وزكاه أبو طاهر محمد بن أحمد الكرخي وأبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن الحراني. قال: وفي يوم الأحد سادس عشر جمادي الأولى من السنة المذكورة رتب أبو منصور ابن القاضي أبي المظفر ابن النرسي في الحسبة وحضر بباب بدر واحتسب. قلت: وعزل قبل موته بمدة من الحسبة والعدالة.
سمع أبو منصور هذا شيئاً من الحديث من أبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وجده أبي البركات عبد الباقي، وحدث عنهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي، ومن بعده. وكتبنا عنه، وقد كان يغمز بأشياء إلا أن سماعه صحيحٌ.
قرأت على أبي منصور محمد بن أحمد ابن النرسي بمنزله بباب الأزج، قلت له: أخبركم أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: كتب إلي أبو الحسن عبد الباقي بن فارس المقرئ من مصر يخبرني أن عبيد الله بن محمد البزاز أخبرهم، قال: حدثنا محمد بن محمد ابن الأشعث، قال: حدثنا هارون بن سعيد الأيلي، قال: حدثنا خالد بن نزار، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، قال: حدثنا مالك ومنصور والعرزمي، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل)).(1/208)
سألت أبا منصور ابن النرسي عن مولده، فقال: في جمادي الأولى سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي ليلة الجمعة تاسع عشر ذي القعدة من سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، رحمه الله تعالى.
49- محمد بن أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس، أبو بكر بن أبي العباس.
شابٌ من أولاد المحدثين والشيوخ المذكورين. سمع من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، وطبقته. وسمع معنا من جماعة. وتوفي قبل أوان الرواية، وما أظنه حدث بشيءٍ.
مات في سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
50- محمد بن أحمد بن سعيد بن أحمد بن زيد التكريتي الأصل، أبو البركات يعرف بالمؤيد.
كان له معرفة بالأدب، وله شعرٌ حسنٌ. كتب عنه جماعةٌ من أصحابنا، وما لقيته.
ومن شعره ما أنشدني أبو يعلى حمزة بن سلامة التاجر في الوجيه أبي بكر النحوي لما انتقل من مذهب أبي حنيفة إلى مذهب الشافعي وقد كان(1/209)
قبل ذلك حنبلياً:
ومن مبلغٌ عني الوجيه رسالةً ... وإن كان لا تجدي لديه الرسائل
تمذهبت للنعمان بعد ابن حنبلٍ ... وذلك لما اعوزتك المآكل
وما اخترت رأي الشافعي تديناً ... ولكنما تهوى الذي هو حاصل
وعما قليلٍ أنت لا شك صائرٌ ... إلى مالكٍ فافطن لما أنا قائل
خرج المؤيد بن زيد إلى الشام في تجارةٍ فتوفي في إصعاده إليها بالموصل في أحد الربيعين سنة تسع وتسعين وخمس مئة، فدفن بها.
51- محمد بن أحمد بن يحيى بن عبد الباقي بن عبد الواحد بن عبد الباقي بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو تمام بن أبي المظفر.
هكذا ذكر هذا النسب القاضي عمر القرشي، وقد خولف في بعضه، فقيل: عبد الباقي بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن محمد بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد. وباقي النسب متفق.
وأبو تمام هذا من بيت أهل فقه، ووعظٍ، وحديثٍ، وسيأتي ذكر أبيه أبي المظفر وأعمامه: أبي الفضائل أحمد، وأبي محمد عبد الرحمن، وأبي تمام محمد في مواضعهم من هذا الكتاب إن شاء الله، فإن كلهم روى وحدث.(1/210)
سمع أبو تمام هذا من أبيه، ومن أبي الوقت السجزي، وغيرهم. وروى شيئاً يسيراً؛ وسمع منه جماعة من أصحابنا، ولم ألقه وقد أجاز لي.
أخبرنا أبو تمام محمد بن أحمد الزهري المعروف بابن شقران البزاز إجازةً، قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم الصوفي قراءةً عليه وأنا أسمع. وقرأته على أبي الحسين محمد بن بقاء بن الحسن المقرئ: أخبركم أبو الوقت قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيم الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا وهب بن جرير وأبو الوليد، قالا: حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، عن عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((ما من شيءٍ أثقل في الميزان من خلقٍ حسن)).(1/211)
خرج أبو تمام بن شقران عن بغداد في سنة إحدى وست مئة في تجارةٍ قاصداً الشام فبلغ حلب فتوفي بها في شهر ربيع الأول من هذه السنة، ودفن بها.
52- محمد بن أحمد بن هبة الله بن تغلب الفزراني، منسوب إلى قرية تعرف بفزرينيا من قرى نهر ملك.
مقرئٌ، عارفٌ بالنحو. قرأ على أبي محمد عبد الله ابن الخشاب وغيره. وسمع من أبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري، وأبي منصور مسعود ابن عبد الواحد بن الحصين، وقرأ عليهما بشيءٍ من القراءات، ومن أبي عبد الله محمد بن عبيد الله بن مخلد المعروف بابن الرطبي، ومن القاضي أبي العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي وغيرهم.(1/212)
سمعنا منه، وكتبنا عنه، ونعم الشيخ كان.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله الملقب بالبهجة قلت له: أخبركم أبو الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد العطار قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الديباجي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار إملاءً، قال: أخبرنا حميد ابن الربيع، قال: حدثنا أبو علقمة الفروي، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن بسرة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من مس فرجه فليتوضأ)).(1/213)
أخبرنا أبو عبد الله الفزراني هذا بجميع كتاب ((الحكام وولاة الأحكام بمدينة السلام)) تصنيف القاضي أبي العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي بسماعه له منه، وفيه إلى آخر ولاية قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي.
وسألت البهجة الفزراني عن مولده، فقال: ولدت سنة ثلاثين وخمس مئة. وتوفي يوم الثلاثاء سابع عشري صفر سنة ثلاث وست مئة، ودفن بباب حرب بمقابر الشهداء، رحمهم الله تعالى.
53- محمد بن أحمد بن بختيار بن علي بن محمد بن إبراهيم بن جعفر، أبو الفتح بن أبي العباس المعروف بابن المندائي.
من أهل واسط، العدل القاضي ابن العدل القاضي، الثقة الفاضل الثبت الصدوق.
ولد بواسط، وحمل إلى الكوفة لما تولى والده القضاء بها وهو طفل وسمع بها من الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي النحوي شيئاً من شرحه لكتاب ((اللمع)) لأبي الفتح بن جني.
ثم دخل بغداد، ونشأ بها، وتلقن القرآن الكريم، وعلق الفقه. وسمع الحديث الكثير من البارع أبي عبد الله الحسين بن محمد ابن الدباس، وروى عنه(1/214)
شيئاً من شعره، ومن الرئيس أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، ومن أبي السعود أحمد بن علي ابن المجلي، ومن أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد بن الطبر الحريري، ومن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي منصور موهوب ابن الجواليقي. ومن الغرباء مثل: أبي عامر العبدري، ومكي بن أبي طالب البروجردي، وأبي الحسن البيهقي.
وعاد إلى واسط بعد سنة ثلاثين وخمس مئة، وقرأ بها القرآن الكريم على أبي محمد أحمد بن عبيد الله الآمدي سبط ابن الأغلاقي، وعلى الرئيس أبي يعلى محمد بن سعد بن تركان. وسمع من أبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي، ومن أبي الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني، وأبي السعادات المبارك بن الحسن بن نغوبا، وأبي عبد الله محمد بن علي بن الجلابي، وغيرهم.
وكان فهماً، حسن المعرفة، جيد الأصول، صحيح النقل، جيد الخط والضبط، متيقظاً، مراجعاً للأصول فيما يشكل ويختلف فيه.
حدث بالكثير، وبارك الله له في العمر والرواية حتى صار أسند أهل زمانه، وقصده الطلبة من الآفاق، وانفرد برواية أشياء لم يشركه فيها غيره.
قدم بغداد ونحن بها في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، وسمعنا منه شيئاً. ثم قدمها في سنة أربع وتسعين فأقام بها إلى رجب سنة خمس وتسعين وسمع عليه بها الخلق الكثير، وكتبنا عنه أيضاً في هذه المدة ونعم الشيخ كان عقلاً وخلقاً، ومودةً.(1/215)
قرأت على أبي الفتح محمد بن أحمد بن بختيار ابن المندائي ببغداد، قلت له: أخبركم الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد، فأقر بذلك، قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي ابن المحسن بن علي التنوخي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم ابن الحسن بن شاذان، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كل شرابٍ أسكر فهو حرامٌ)).
سمعت القاضي أبا الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي يقول: كتب الشيخ أبو منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي إلى والدي كتاباً وهو بواسط فكان في أوله:
أراك إذا نأيت بعين قلبي ... كأنك نصب عيني عن قريب
لئن بعدت معاينة التلاقي ... لما بعدت معاينة القلوب
أنشدني القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي ببغداد من لفظه لأبي القاسم هبة الله بن الحسين الأصطرلابي:
كن في زمانك مودوداً لو اعترضت ... له الشكاة بكاه من يعاديه
ولا تكن أمقتاً لو جب غاربه ... لكان أكبر مسرورٍ مصافيه
وأنشدنا أيضاً من حفظه ببغداد:(1/216)
ولو أن ليلى مطلع الشمس دونها ... وكنت وراء الشمس حين تغيب
لحدثت نفسي بانتظاري نوالها ... وقال المنى: إني لها لقريب
سألت القاضي أبا الفتح ابن المندائي عن مولده، فقال: ولدت يوم الثلاثاء ثامن شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وخمس مئة بواسط.
وتوفي بها يوم الأحد عند ارتفاع النهار لثمان خلون من شعبان سنة خمس وست مئة، وصلى عليه ضحى يوم الاثنين تاسعه بجامعها الخلق الكثير، ودفن بداره بدرب الديوان عن ثمان وثمانين سنة وأربعة شهور تامة، رحمه الله! وكان من الأعيان الأثبات.
54- محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز الصوفي، أبو الحسن ابن أبي نصر المعروف بابن الدوتائي.
من أولاد المشايخ، صحب الصوفية من صباه وعاشرهم وتخلق بآدابهم، وكان يحب سماع الغناء ويكثر حضوره ويسكن الأربطة، وفيه دماثة.
سمع شيئاً من الحديث من أبي علي مسعود بن عبد الله بن أبي يعلى الشيرازي الخياط، والنقيب أبي عبد الله أحمد بن علي بن المعمر العلوي، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري، وأبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني، وأبي الحسن بن نصر ابن الفقيه، وغيرهم، وحدث عنهم ببغداد، وفي أسفاره إلى الشام والحجاز.
كتبت عنه شيئاً يسيراً.
قرأت على أبي الحسن محمد بن أحمد ابن الدوتائي من أصل سماعه(1/217)
ببغداد، قلت له: أخبركم أبو علي مسعود بن عبد الله بن أحمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش الكاتب. وأخبرنيه عالياً أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد القزاز بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله ابن السماك، قال: حدثنا أحمد بن الوليد الفحام، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله علمني عملاً يقربني من الجنة ويباعدني من النار، قال: ((إذا عملت سيئةً فأتبعها حسنةً))، قال: من الحسنات لا إله إلا الله؟ قال: ((هي أحسن الحسنات)).
سألت أبا الحسن ابن الدوتائي عن مولده، فقال: في جمادي الأولى سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي يوم الثلاثاء سابع شهر ربيع الآخر سنة سبع وست مئة بالمارستان التتشي، ودفن بمقبرة الريان، رحمه الله.
55- محمد بن أحمد بن الحسن الدوري، أبو عبد الله المقرئ.(1/218)
من أهل الدور بدجيل، دجيل بغداد، ونزل درب القيار، وحفظ القرآن العزيز، وقرأ بالقراءات الكثيرة على جماعة منهم: بدل بن أبي طاهر الجيلي، ويعقوب بن يوسف الحربي، وشيخنا أبو الفتح نصر الله بن علي ابن الكيال الواسطي. وسمع شيئاً من الحديث، وخالط أهل العلم.
سمعت منه حكايتين إحداهما عن أبي الفتح ابن المني، والأخرى عن محمد بن قائد الأواني يأتي ذكرهما في ترجمة هذين الرجلين إن شاء الله.
توفي محمد بن أحمد الدوري، في منحدره من الموصل قبل وصوله بغداد بقريب، في جمادي الأولى سنة إحدى عشرة وست مئة، وحمل إلى مقبرة باب حرب فدفن بها، رحمة الله عليه.
56- محمد بن أحمد بن علي، أبو البدر بن أبي العباس المعروف بابن أمسينا.
أصله من الجامدة إحدى قرى البطائح، وأبو البدر هذا ولد بها، ودخل واسطاً صبياً ونشأ بها، وخدم في الأشغال الديوانية، وتولى أشغال الأمراء، وترقت به الحال إلى أن ولي ديوان الزمام المعمور يوم الخميس سادس ذي القعدة من سنة أربع وتسعين وخمس مئة، ولاه ذلك شرف الدين أبو القاسم الحسن بن نصر بن الناقد صاحب المخزن المعمور المتولي لأمور الديوان العزيز، مجده الله، في ذلك الوقت، وخلع عليه بداره فكان على ذلك إلى أن عزل ناصر بن مهدي عن الوزارة في ليلة الأحد ثاني عشر من جمادي الآخرة من(1/219)
سنة أربع وست مئة فرتب نائباً في الوزارة يوم الأحد المذكور وحضر عنده الحجاب وأرباب الولايات، وركب إلى الديوان العزيز ضحوة اليوم المذكور وأقام هناك إلى عشيه ورجع إلى داره بعد صلاة المغرب. ثم حول ابن مهدي من دار الوزارة المقابلة لباب النوبي المحروس في رجب من هذه السنة ونقل ابن أمسينا إليها فلم يزل بها متصرفاً في خدمة الديوان العزيز إلى أن عزل في ليلة الأحد عاشر شهر ربيع الأول سنة ست وست مئة.
57- محمد ابن سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام القائم لله في خلقه أحسن القيام أبي العباس أحمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين ابن الإمام الطاهر الزكي أبي محمد الحسن المستضيء بأمر الله ابن الإمام النقي الطاهر الزكي أبي المظفر يوسف المستنجد بالله ابن الإمام السعيد الطاهر الشهيد أبي عبد الله محمد المقتفي لأمر الله ابن الإمام المستظهر بالله أبي العباس أحمد ابن الإمام المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله، صلوات الله عليهم أجمعين، أبو نصر.
خطب له والده بولاية العهد في يوم الجمعة الحادي عشر من صفر سنة خمس وثمانين وخمس مئة بجوامع مدينة السلام جميعها، ونثر عند ذكر اسمه دنانير عليها اسمه بولاية العهد، وكتب بذلك إلى الآفاق فكان الخطباء والدعاة يقولون بعد استيفاء الدعاء للخدمة الشريفة: ((اللهم وبلغه سؤله ومناه وأقصى أمله ومنتهاه في سلالته الطاهرة وعترته الزاهرة عدة الدنيا والدين، عمدة الإسلام والمسلمين، المخصوص بولاية العهد في العالمين أبي نصر محمد ابن أمير المؤمنين. اللهم أشدد به عضده وكثر به عدده برحمتك يا أرحم الراحمين)).(1/220)
فكان على ذلك [إلى] أن قطع ذكره في يوم الجمعة لأربع عشرة خلون من جمادي الأولى سنة إحدى وست مئة. وأعيدت الخطبة له بولاية العهد في يوم الجمعة سلخ شوال سنة ثمان عشرة وست مئة.
وروى عن سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله -خلد الله ملكه- بالإجازة له منه.
58- محمد بن أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف القطيعي، أبو الحسن.
منسوب إلى قطيعة باب الأزج وتعرف بقطيعة العجم.
بكر به والده وأسمعه في صغره من أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، ومن أبي القاسم نصر بن نصر ابن العكبري الواعظ، ومن الشريف أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، وأبي الحسن محمد بن المبارك بن الخل الفقيه، ومن نفسه. ثم سمع هو بنفسه الكثير من أصحاب أبي الحسن ابن العلاف، وأبي القاسم بن بيان، وأبي علي بن نبهان، وأبي طالب بن يوسف، ومن بعدهم.
وكتب بخطه، ورحل إلى الشام، وكتب عن جماعة، وجمع تاريخاً لبغداد ذكر فيه محدثيها وغيرهم لم أقف عليه.
سمعت منه أكثر ((صحيح)) البخاري وشيئاً عن أبي بكر ابن الزاغوني. حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد ابن القطيعي من لفظه وكتابه، قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبيد الله بن نصر ابن الزاغوني بقراءة والدي عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو طاهر(1/221)
محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد ابن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا خلف بن هشام البزار، قال: حدثنا العطاف بن خالد، قال: حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غدوةٌ في سبيل الله، أو روحةٌ، خيرٌ من الدنيا وما فيها، وموضع سوطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها)).
سألت أبا الحسن ابن القطيعي عن مولده، فقال: ولدت في رجب سنة ست وأربعين وخمس مئة، رحمة الله تعالى عليه.
59- محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفوارس، أبو عبد الله يعرف بابن العريسة، وهو لقبٌ لجده محمد بن أبي الفوارس.
من ساكني دار الخلافة المعظمة بباب العامة.
سمع من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ومن بعده. سمعنا منه.(1/222)
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي الفوارس، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد حين قدمها، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى ابن الفضيل، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن نيروز، قال: حدثنا أبو فروة الرهاوي، قال: حدثنا المغيرة بن سقلاب، قال: حدثنا معقل بن عبيد الله، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أفضل المسلمين من سلم المسلمون من يده ولسانه)).
سألت محمد ابن العريسة عن مولده، فقال: في يوم الأربعاء العشرين من شوال سنة أربعين وخمس مئة.
60- محمد بن أحمد بن حسان، أبو عبد الله القصار.
سمع أبا محمد المبارك بن المبارك ابن السراج المعروف بابن التعاويذي، وحدث عنه. سمعناه منه.
قرأت على محمد بن أحمد القصار، قلت له: أخبركم أبو محمد المبارك ابن المبارك ابن السراج قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله القارئ، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية،(1/223)
قال: حدثنا جعفر بن محمد الخلدي، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسروق، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا مروان بن معاوية، قال: حدثنا محمد بن أبي قيس، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن عبد الرحمن بن سلمة المخزومي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أفلح من أسلم وكان رزقه كفافاً ثم صبر عليه)).(1/224)
61- محمد بن أحمد بن عيسى المقرئ، أبو بكر يعرف بابن الفقيه.
من أهل الحريم الطاهري، وسكن الرصافة. وكان أحد القراء بالترب الشريفة، على ساكنيها السلام.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، وغيره. كتبنا عنه شيئاً يسيراً.
قرئ على أبي بكر محمد بن أحمد بن عيسى المقرئ بجامع الرصافة وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن أحمد بن الحسن الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا بنان البرتي، قال: حدثنا جعفر بن مجاشع، قال: حدثنا حمدون بن عباد، قال: حدثنا يحيى بن هشام، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عند كل ختمةٍ دعوةٌ مستجابة)).(1/225)
ذكر لنا أبو بكر بن عيسى أن مولده في سنة خمسين، أو إحدى وخمسين، وخمس مئة، الشك منه. وتوفي يوم الأحد سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وست مئة، ودفن بباب حرب.
62- محمد بن أحمد بن الحسن السجزي، أبو عبد الله يعرف بجونكار.
ورد بغداد حاجاً، وحدث بها. سمع منه علي بن الحسين الهمذاني الصوفي، فحج وأقام بمكة والمدينة مجاوراً إلى حين وفاته.
وكان رجلاً صالحاً يكتب ويأكل من كسب يده. حدث بمكة عن أبي الفتح محمد بن الحسن الخوارزمي، سمع منه بها الفقيه محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف، وبالمدينة عن أبي موسى محمد بن عمر الحافظ الأصبهاني، روى عنه بها أبو المفاخر البيهقي إمام الروضة الشريفة.
وأظنه أجاز لنا.
63- محمد بن أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني، أبو المناقب بن أبي الخير.(1/226)
ولد بقزوين، ونشأ بها، وقدم مع والده إلى بغداد وأقام بها معه لما كان بها يتولى تدريس المدرسة النظامية بها، وسمع منه، ومن الكاتبة شهدة بنت أحمد ابن الإبري، وغيرهما. وقدمها بعد ذلك مراراً كثيرة، وحدث بها عن أبي علي الحسن بن أحمد الموسياباذي، وأبي الوقت السجزي وغيرهما.
وفي حديثه نكرة.
سألته عن مولده، فقال: ولدت بقزوين يوم الثلاثاء عاشر محرم سنة ثمان وأربعين وخمس مئة.
64- محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبو بكر، أخو أبي المناقب المقدم ذكره.
دخل بغداد أيضاً مع أبيه، وأقام بها، وتفقه عليه. وسمع من الكاتبة شهدة، وأبي الأزهر بن حمود وغيرهما. وتكلم في المسائل والوعظ. وسافر(1/227)
عنها مدة، ثم قدمها رسولاً من مظفر الدين أمير إربل في سنة اثنتي عشرة وست مئة وعاد إليه. وروى بإربل وبغداد شيئاً.
سئل عن مولده، فقال: في سنة أربع وخمسين وخمس مئة. وتوفي ببلاد الروم في سنة أربع عشرة وست مئة، رحمه الله وإيانا.
65- محمد بن أحمد بن علي بن محمد العنبري، أبو شجاع الشاعر.
من أهل واسط، يعرف بابن دواس القنا. كان اسمه مقاتل فغيره وسمى نفسه محمداً.
له معرفةٌ حسنةٌ بالنحو واللغة العربية، وهو من بيت أهل فضل وأدبٍ وشعر مشهورين بذلك.
قدم أبو شجاع بغداد مراراً كثيرة ولقي أدباءها كالكمال عبد الرحمن بن محمد الأنباري، وأبي الحسن علي بن عبد الرحيم العصار، وأبي الفرج محمد ابن الحسين ابن الدباغ وغيرهم، وقرأ عليهم وأخذ عنهم. ولازم شيخنا مصدق ابن شبيب وقرأ عليه جملةً من كتب الأدب ودواوين العرب.
وكان حسن الشعر، أثبت مدةً في جملة شعراء الديوان العزيز-مجده الله- وكان يورد المدائح من شعره في المواسم مع الشعراء.
سمعنا منه كثيراً من شعره ولغيره بواسط وبغداد، فمن ذلك ما أنشدنا من(1/228)
حفظه ببغداد، قال: أنشدني والدي أبو العباس أحمد بن علي لنفسه في النرجس:
ونرجسٍ حار فكري في محاسنه ... فضعت بالفكر بين العجب والعجب
أبدان فيروزجٍ لما زهت بحلًى ... من فضةٍ حملت ورداً من الذهب
ذكر لي أبو الحسن علي بن أحمد ابن دواس القنا أن مولد أخيه أبي شجاع في سنة أربع وخمسين وخمس مئة، أظن في ذي القعدة. وتوفي بواسط في ليلة الأحد سلخ شعبان سنة ست عشرة وست مئة.
66- محمد بن أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن حاتم الجيلي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو المعالي بن أبي الفضل بن أبي المعالي.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه وجده، ومن بيت الحديث والرواية والفقه والعدالة.
وأبو المعالي هذا شهد عند القاضي محمود بن أحمد الزنجاني النائب في الحكم والقضاء بمدينة السلام يوم الثلاثاء ثامن عشر جمادي الأولى سنة اثنتي عشرة وست مئة، وزكاه العدلان: أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز وأبو(1/229)
نصر أحمد بن صدقة بن زهير. وتولى أيضاً خزن الديوان العزيز -مجده الله- في هذا اليوم مضافاً إلى ما كان فيه من الكتابة مع وكيل باب طراد الشريف، أجله الله.
وقد سمع الكثير أولاً بإفادة خاله أبي بكر محمد بن المبارك بن مشق لأن ووالده توفي وعمره سنة واحدة وشهور فأسمعه خاله هذا كثيراً، وسمع هو بنفسه من خلق كثير فممن سمع منه: أبو شاكر يحيى بن يوسف السقلاطوني صاحب ابن بالان، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن عمر الإبري، وأبو الحسن عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وأبو الفتح ظفر بن محمد ابن السدنك، وأبو العباس أحمد بن محمد بن بكروس، وجماعة من أصحاب ابن نبهان، وابن بيان، وأبي طالب بن يوسف، وأبي القاسم بن الحصين ومن بعدهم.
وهو ثقة صالح حسن الطريقة.
حدث بالإجازة الشريفة من سيدنا ومولانا الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- وعن شيوخه.
وسألته عن مولده فقال: في شهر جمادي الآخرة سنة أربع وستين وخمس مئة.
67- محمد بن أحمد بن سليمان الزهري، أبو عبد الله المغربي.
من أهل إشبيلية أحد بلاد الأندلس.
قدم بغداد صادراً عن مكة في سنة تسعين وخمس مئة، وأقام بها مدةً. وسمع من شيوخ ذلك الوقت كأبي القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبي الرضا أحمد بن(1/230)
طارق، وأبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، وأبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، وجماعةٍ من أصحاب أبي علي ابن المهدي، وأبي الغنائم ابن المهتدي، وأبي طالب بن يوسف، وأبي القاسم بن الحصين، ومن بعدهم. وسمع معنا الكثير، ومنا.
وكان فيه فضلٌ، وله معرفة بالأدب ويقول الشعر.
سافر عن بغداد وأقام بأصبهان مدة، وسمع من أصحاب أبي علي الحداد الحسن بن أحمد ومن بعده، ثم انتقل إلى كرج واستوطنها فهي اليوم منزله. وقد حدث هناك، وسمع منه أهل ذلك البلد ومن ورد إليه.
68- محمد بن أحمد بن علي بن خالد، أبو عبد الله الأوشي، وأوش بلدة من بلاد فرغانة.
سكن أبو عبد الله بخارى. وكان فقيهاً حنفياً مدرساً بها. قدم بغداد حاجاً في سنة إحدى عشرة وست مئة فحج وعاد إلى بغداد في سنة اثنتي عشرة وست مئة فسمعنا منه عن أبي حفص عمر بن محمد الزرنجري.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي الأوشي من كتابه الذي فيه(1/231)
سماعه، قلت له: حدثكم أبو حفص عمر بن محمد بن علي بن الفضل الزرنجري لفظاً قال: نعم، قال: أخبرنا أبي أبو بكر محمد بن علي بن الفضل، قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن الخضر النسفي، قال: حدثنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو القاسم أحمد بن حام بن غنيمة الصفار، قال: حدثنا حام بن نوح، قال: حدثنا عمر بن هارون، عن صالح المري، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يقول الله تعالى: إني لأهم بأهل الأرض عذاباً فأنظر إلى عمار بيوتي وإلى المتحابين في والمستغفرين بالأسحار فاصرفه عنهم)).
توفي محمد بن أحمد ابن الأوشي في أواخر، أو أوائل، صفر سنة ثلاث عشرة وست مئة ببخارى، ودفن بمقبرة كلاباذ.
69- محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، أبو عبد الله.
من أهل بخارى، قدم بغداد حاجاً في سنة إحدى عشرة وست مئة مع المقدم ذكره، فحج وعاد، وكتبنا عنه أناشيد. وكان معه شيءٌ من الحديث ولكن سماعه لم يكن واضحاً فتركناه.
أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أحمد العلوي البخاري من لفظه وكتابه، قال: أنشدني طاهر بن محمود بن عبد الرشيد الفقيه ببخارى في إملائه علينا لبعضهم:
تقرب إلى الرحمن بالفقه في الدين ... وعاشر عباد الله بالرفق واللين
وكن طالباً للعلم بالجهد دائباً ... وإن كنت ترجو نيل ذلك بالصين(1/232)
وأنشدنا أبو عبد الله العلوي أيضاً لفظاً، قال: أنشدنا طاهر لآخر:
توكل على الله الكريم ولا تكن ... جزوعاً لما تلقى من الفقر والضر
فإن العطايا منحةٌ مستردةٌ ... وإن البلايا حلية الرجل الحر
70- محمد بن أحمد بن صدقة بن نصر بن زهير الحراني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفتح بن أبي نصر.
وسيأتي ذكر أبيه.
شهد عند القاضي محمود بن أحمد الزنجاني يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة خمس عشرة وست مئة، وزكاه العدلان سعيد الرزاز وعلي بن زهموية، رحمهم الله وإيانا.(1/233)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه إبراهيم
71- محمد بن إبراهيم بن عبيد الله الواعظ، أبو الفتح.
من أهل بروجرد. قدم بغداد فيما ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، وحدث بها عن أبي بكر محمد بن أحمد بن عمر السماك.
حدثني عنه أبو القاسم إقبال بن علي بن أحمد المقرئ وذكر أنه سمع منه بواسط، وقال: سمعت منه سنة خمس عشرة وخمس مئة. وكان واعظاً نزل رباط النوى بواسط وهناك سمعنا منه، رحمه الله وإيانا.
72- محمد بن إبراهيم بن الحسين بن محمد دادا، أبو جعفر الجرباذقاني، وجرباذقان بلدة قريبة من أصبهان.
فقيهٌ فاضلٌ شافعي المذهب، له معرفةٌ حسنةٌ بالفرائض والأدب والحديث، زاهدٌ متدينٌ كثير العبادة، مقبلٌ على الاشتغال بالعلم، حسن الطريقة، حميد السيرة، مشكورٌ من أهل زمانه.
سمعت شيخنا أبا محمد عبد العزيز بن الأخضر ذكره مراراً فأثنى عليه ثناءاً حسناً ووصفه بالفضل والعلم والمعرفة والزهد والصلاح وحسن الطريقة والانعكاف على العلم، وقال: ما رأيت مثله في زهده وتقلله وصبره على الفقر واشتغاله بالعلم.
قلت: أقام أبو جعفر بأصبهان قبل دخوله بغداد، وحصل بها معرفة الفقه(1/234)
والأدب. وسمع بها من أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ وغيره.
ودخل بغداد في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة وسمع من جماعةٍ من شيوخ ذلك الوقت منهم: أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري. ولازم أبا الفضل محمد بن ناصر، وقرأ عليه، ونسخ كتبه. وأقام بها إلى حين وفاته على طريقةٍ حسنةٍ.
سمع منه أبو العباس أحمد بن عمر بن لبيدة المقرئ، وأبو الفضل أحمد ابن صالح بن شافع. وروى لنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر أبياتاً من الشعر، سمعناها منه لنفسه.
أنشدني عبد العزيز بن الأخضر، قال: أنشدنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الجرباذقاني لنفسه ببغداد، رحمه الله:
ألا ليت زورات المنايا أراحت ... فإني أرى في الموت أروح راحتي
وموت الفتى خيرٌ له من حياته ... إذا ظهرت أعلام سوءٍ ولاحت
ألا صان هذا الدهر عرض لئامه ... وعرض الكرام أهدرت وأباحت
تضن برياها إذا شم ذو حجاً ... وإن شم منها ذو الدناءة فاحت
أبوح بقولي كلما ذر شارقٌ ... كنوح حماماتٍ على الدوح ناحت
إذا كان في بحر المعالي سباحتي ... فأهون شيءٍ شئتم حل ساحتي
بلغنا أن أبا جعفر الجرباذقاني ولد يوم الجمعة خامس عشري شوال سنة سبع وخمس مئة.
وذكر أبو الفضل بن شافع وغيره أنه توفي ببغداد يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة من سنة تسع وأربعين وخمس مئة وصلي عليه برباط درب زاخي(1/235)
وتقدم في الصلاة عليه أبو الفضل بن ناصر. وصلي عليه مرة أخرى برباط أبي النجيب السهروردي، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشونيزي قريبٌ من التوثة في تربة أصحاب الشيخ أبي النجيب هناك.
73- محمد بن إبراهيم بن أحمد بن ناصر، أبو سعيد الأمير المعروف بالفهاد.
أحد أصحاب السلطان مسعود بن محمد وخواصه. قدم معه بغداد غير مرةٍ، وسمع معه أيضاً بها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري المعروف بقاضي المارستان في سنة أربع وثلاثين وخمس مئة، وحدث عنه في عدة بلادٍ منها همذان وأصبهان وساوة، وسمع منه أهلها. وكان خيراً زاهداً.
وسمع ببغداد أيضاً من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيره فيما وقع إلي من كتبه.
74- محمد بن إبراهيم بن أحمد البستي، أبو عبد الله الصوفي.
صاحب رياضة ومجاهدة وأسفار وتجريد.
قدم بغداد غير مرةٍ ونزل رباط درب زاخي وأقام وحج حججاً كثيرة منها ماشياً وراكباً. وجاور بمكة ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم سنين، ولقيته بمكة، وعاد معنا إلى العراق في سنة ثمانين وخمس مئة، وقال لي: لي أتردد إلى هنا -يعني(1/236)
الحج- خمسين سنة.
وله تصنيفٌ في الطريقة ورياضة النفس والسلوك، ولنا منه إجازة.
قرئ عليه شيء من تصانيفه فيما أظن، واستوطن في آخر عمره همذان وسكن بروذراور منها، وتوفي بها في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وكان ذكر لي ما يدل أن مولده في سنة خمس مئة، والله أعلم.
75- محمد بن إبراهيم بن خطاب، أبو عبد الله المغربي.
من أهل الأندلس، قدم بغداد في سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وسمع بها من جماعة، وخرج إلى أصبهان واستوطنها وسمع بها من شيوخ ذلك الوقت.
ثم قدم بغداد بعد ذلك حاجاً وسمع معنا من أبي الفرج بن كليب، وغيره مثل أبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبي القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب، وأبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش. وانحدر إلى واسط وقرأ بشيءٍ من القراءات على أبي بكر ابن الباقلاني المقرئ في أول مقدمه ومنها صار إلى أصبهان.
وكان خيراً ساكناً.
خرج إلى الحج في سنة خمس وتسعين وخمس مئة فحج وتوجه إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فتوفي في طريقه قبل دخوله المدينة في ذي الحجة من هذه السنة، ودفن حيث توفي.
76- محمد بن إبراهيم بن عثمان التركستاني الأصل الواسطي المولد، أبو عبد الله، أخو عمر وعثمان ابني إبراهيم المعروفين ببني التركي الوعظ.
قدم محمد هذا بغداد مراراً، وسمع بها الحديث من جماعةٍ مع أخيه(1/237)
عمر، وأقام برباط الزوزني مدة ينوب عن أخيه عمر، وكان مسافراً لما كان في نظره وهو متقدم على الصوفية فيه.
وتكلم في الوعظ بواسط. سمع بأخرة ببغداد من يحيى بن بوش وغيره.
وتوفي شاباً بواسط في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، ودفن عند أبيه بمقبرة مسجد زنبور.
((آخر الجزء الثاني من الأصل وأول الثالث)).
77- محمد بن إبراهيم بن معالي يعرف بابن المغازلي، أبو عبد الله.
من أهل الحريم الطاهري، سكن محلة دار القز.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وروى عنه. سمعنا منه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم القزاز بقراءتي عليه بدار القز، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بقراءة عبد الله بن جرير عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي الفراء قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي إملاءً، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجلٍ وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).(1/238)
78- محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان، أبو عبد الله.
من أهل إربل، قدم بغداد مع أبيه، وسمع بها من جماعةٍ منهم: أبو محمد هبة الله بن يحيى بن محمد الوكيل، وأبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأبو عبد الله خمرتاش بن عبد الله مولى أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء وغيرهم. سمعت منه بإربل.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو محمد هبة الله بن محمد الوكيل وأبو عبد الله خمرتاش بن عبد الله مولى أبي الفرج ابن المسلمة قراءةً عليهما وأنت تسمع ببغداد، فأقر به وعرفه، قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف قراءةً عليه ونحن نسمع. وقرأته على القاضي أبي طالب محمد بن علي بن أحمد ابن الكتاني بواسط من أصل سماعه غير مرةٍ، قلت له: أخبركم أبو الحسن علي بن محمد ابن العلاف قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد في شوال سنة أربع وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن أحمد الجمحي بمكة، قال: حدثنا أبو الحسن ابن عبد العزيز قال: حدثنا عارم، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: حدثنا حرملة ابن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال:(1/239)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الرجل في ظل صدقته حتى قضى بين الناس، أو قال: يحكم بين الناس)). وكان أبو الخير لا يأتي عليه يوم إلا تصدق فيه بكعكة أو ببصلة.
سألت أبا عبد الله هذا عن مولده فلم يحققه وذكر ما يدل أنه في سنة تسع وخمسين مئة تقريباً.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه إسماعيل
79- محمد بن إسماعيل بن الحسن بن عبد العزيز الضبي، أبو عبد الله.
قدم بغداد، وسمع بها من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، وحدث عنه. سمع منه الحافظ أبو محمد يوسف بن أحمد البغدادي في الغربة، وأخرج عنه حديثاً في كتاب ((الأربعين)) له التي جمعها على البلدان، رحمهما الله.
80- محمد بن إسماعيل بن عبيد الله بن ودعة، أبو عبد الله المعروف بابن البقال.(1/240)
من أهل الظفرية.
فقيهٌ متميزٌ من أصحاب الشافعي. تفقه في مدةٍ قريبةٍ، وحصل طرفاً حسناً من المذهب والخلاف. وكان حسن الكلام في المسائل، له يدٌ جيدةٌ في الجدل.
أعاد بالمدرسة النظامية والمدرس بها الشيخ أبو الحسن علي بن علي الفارقي.
وخرج عن بغداد في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة متوجهاً إلى الشام، وناظر الفقهاء في طريقه، وظهر كلامه واستحسن إيراده، ودخل دمشق مريضاً فبقي بها أياماً وتوفي في النصف من شعبان منها ودفن بدمشق وكان شاباً.
81- محمد بن إسماعيل بن محمد بن الحسن بن إسحاق بن موسى ابن إسحاق بن الحسين بن الحسن بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الفتح بن أبي عبد الله العلوي الموسوي.
من أهل مرو، يعرف بالسيد الأجل، من بيتٍ مشهور ببلده بالصلاح والخير والرياسة والتقدم.
قدم بغداد رسولاً في ذي القعدة سنة سبع وتسعين وخمس مئة من شهاب الدين أبي المظفر محمد بن سام ملك غزنة وأكرم من الديوان العزيز -مجده الله- وولي عند انصرافه نقابة الطالبين ببلده وما يليه، وخلع عليه الخلع الجميلة.
وحدث ببغداد عن والده بمنامٍ رواه عن يوسف بن أيوب الهمذاني(1/241)
الزاهد، وبالإجازة له من أبي سعد عبد الكريم بن محمد ابن السمعاني. سمع منه بعض الطلبة، وقد لقيته ببغداد ولم يتفق لي منه سماع.
وتوجه إلى بلده في صفر سنة ثمان وتسعين وخمس مئة. ومولده في يوم الثلاثاء ثالث عشري شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وخمس مئة بمرو.
82- محمد بن إسماعيل بن مسلم بن سلمان، أبو الحسن الصوفي.
من أهل إربل. وهو ابن عم محمد بن إبراهيم الذي قدمنا ذكره.
ولد ببغداد، وسمع بها حضوراً من أبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي، ومن أبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار. ثم سمع بها في حال تمييزه من جماعةٍ، وحدث عنهم بإربل.
سمعنا منه ببلده، وسألته عن مولده فقال: ولدت ببغداد في أوائل سنة تسع وخمسين وخمس مئة. وتوفي بإربل في يوم السبت خامس ربيع الآخر سنة ثماني عشرة وست مئة.(1/242)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه إسحاق
83- محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم ابن هلال بن زهرون، أبو الحسن بن أبي نصر بن أبي الحسن بن أبي الحسين ابن أبي علي بن أبي إسحاق الصابئ الكاتب.
وأبو الحسن جده يعرف بغرس النعمة كان يتولى ديوان الزمام في أيام الإمام المقتدي بأمر الله، وله ترسلٌ حسنٌ، وتاريخٌ مشهور. وأبو الحسن هذا كان يسكن بباب المراتب، وهو من بيت مذكور بالتقدم والكتابة والفضل.
سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، وأبا عبد الله الحسين بن علي ابن البسري، وغيرهما مثل أبي بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني، وأبي غالب شجاع بن فارس الذهلي.
وكان ثقةً صحيح السماع.
سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وأبو منصور عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلي. وحدثنا عنه أبو العباس أحمد بن أحمد الشاهد وغيره.
قرأت على أبي العباس أحمد بن أحمد المعدل: أخبركم أبو الحسن محمد ابن إسحاق بن محمد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن(1/243)
رزقويه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زياد القطان، قال: حدثنا الحسن بن علي بن شهريار الرقي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن ابن عون، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأرواح جنودٌ مجندةٌ فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف)).
أنبأنا محمد بن المبارك بن مشق، قال: مولد أبي الحسن ابن الصابئ، في سابع عشري ذي القعدة من سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
وحدثنا أبو العباس أحمد بن أحمد من لفظه وكتابه قال: توفي أبو الحسن ابن الصابئ في سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
قال ابن مشق: يوم الأربعاء تاسع ربيع الأول من السنة المذكورة، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
84- محمد بن إسحاق بن محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن، أبو الحسين بن أبي نصر بن أبي الحسن المذكور وحفيده.
سمع أبو الحسين هذا من أبي محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي، وغيره. كتبنا عنه.(1/244)
وكان خيراً حافظاً لكتاب الله تعالى، يؤم في مسجد الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بباب المراتب.
قرأت على أبي الحسين محمد بن إسحاق بن محمد من أصل سماعه قلت له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن منصور بن هبة الله ابن الموصلي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي إملاءً قال: حدثنا أحمد بن إسماعيل المدني، قال: حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، قال: أخبرني عبادة ابن الوليد بن عبادة بن الصامت أن أباه أخبره عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول الحق، أو نقوم بالحق، حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائمٍ)).
سألت أبا الحسين هذا عن مولده، فقال: في ذي القعدة سنة خمس، ومرة أخرى سنة ست، وخمسين وخمس مئة.(1/245)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه أسعد
85- محمد بن أسعد بن محمد بن نصر البغدادي، أبو المظفر المعروف بابن حليم الفقيه الحنفي الواعظ.
سكن دمشق إلى أن توفي بها، وكان يعظ بها.
ذكره أبو سعد ابن السمعاني في كتابه، وقال: لقيته بدمشق. وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.
سمع منه أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي، وذكره في معجم شيوخه.
أنبأنا الحسن بن أبي الغنائم التغلبي، قال: محمد بن أسعد بن محمد بن نصر العراقي البغدادي الفقيه الحنفي أبو المظفر يعرف بابن الحليم الواعظ، توفي في سنة سبع وستين وخمس مئة، ودفن بباب الصغير، وقد جاز الثمانين، رحمه الله وإيانا.
86- محمد بن أسعد بن محمد بن الحسن بن القاسم، أبو منصور المعروف بحفدة العطار.(1/246)
من أهل طوس.
فقيهٌ فاضلٌ شافعي المذهب، تفقه على حجة الإسلام أبي حامد الغزالي. وله معرفة حسنة بالتفسير، والوعظ.
قدم بغداد، وحدث بها في سنة إحدى وخمسين وخمس مئة عن أبي محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي، وعن أبي الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني الحافظ، وغيرهما.
سمع منه جماعة؛ وحدثنا عنه الشيخان: أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر.
قرأت على أبي أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي قلت له: أخبركم أبو منصور محمد بن أسعد الطوسي، قدم عليكم، بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد القاضي، قال: حدثنا أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن حبيب النيسابوري، قال: حدثنا أبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، قال: حدثنا القاسم ابن زكريا المطرز أبو بكر، قال: حدثنا سعيد بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قلنا: يا رسول الله، أي الإسلام أفضل؟ قال: ((من سلم المسلمون من لسانه ويده)).(1/247)
ذكر شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي أن حفدة توفي في رجب سنة ثلاث وسبعين خمس مئة.
قال غيره: بتبريز، ودفن بها.
الأسماء المفردة في حرف الألف من آباء من اسمه محمد
87- محمد بن أعز بن عمر بن محمد بن عبد الله بن سعد بن الحسين بن القاسم بن النضر بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الصديق -هكذا نقلته من خط ابن عم أبيه الشيخ أبي النجيب عبد القاهر بن عبد الله ابن محمد- أبو عبد الله بن أبي الحارث السهروردي الأصل البغدادي المولد والدار الصوفي.
من أولاد المشايخ المشهورين وأبناء الرواة المذكورين. حدث أبو عبد الله هذا، وأبوه، وجده ببغداد.
سمع جده أبا حفص عمر بن محمد، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبا سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي الأصبهاني، وأبا الوقت(1/248)
عبد الأول بن عيسى السجزي وغيرهم. كتبنا عنه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أعز بن عمر الصوفي برباط سعادة، قلت له: أخبركم أبو سعد أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني، قدم عليكم بغداد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد ابن إسحاق بن مندة، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن حيوة، قال: حدثنا أحمد ابن محمد اللنباني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قال: حدثنا إسحاق بن حاتم، قال: حدثنا يحيى بن سليم، عن محمد بن مسلم، قال: بلغني أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أوصني ولا تكثر علي، قال: ((لا تتهم الله في شيءٍ قضاه لك)).
سألت محمد بن أعز هذا عن مولده، فقال: في سنة سبع وعشرين وخمس مئة.
وتوفي ليلة الثلاثاء ثالث شوال سنة ست وست مئة، وصلي عليه يوم الثلاثاء، ودفن بمقبرة جامع المدينة المعروفة بالسهلية.(1/249)
88- محمد بن أكمل بن علي بن عبد الرحيم بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أبي موسى، واسمه عيسى، ابن أحمد بن محمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو عبد الله الخطيب بجامع الحربية.
من أهل باب البصرة. من بيت أهل خطابة وشرف. وأبوه أبو محمد أكمل كتبنا عنه، وسيأتي ذكره في حرف الألف من هذا الكتاب إن شاء الله.
ومحمد هذا تولى الخطابة مدةً إلى أن مرض وانقطع في منزله.
89- محمد بن أنجب بن الحسن بن علي بن نقيش، أبو الفتوح.
شاب من أهل درب القيار، كان يسمع معنا، ويحضر عند الشيوخ كأبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن ابن زريق، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وأبي الحسن علي بن محمد بن بكروس، وغيرهم، ويلازم مجالس القراء ويخالط الصالحين.
توفي في أواخر سنة ست وسبعين وخمس مئة، أو أوائل سنة سبع، ولم يبلغ أوان الرواية، رحمه الله وإيانا.(1/250)
حرف الباء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه بركة
90- محمد بن بركة بن خلف بن الحسن بن كرما الصلحي الأصل، أبو بكر.
من أهل بغداد.
مقرئ، قرأ بالقراءات على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وعلى غيره، وسمع منه، ومن أبي القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين، وأبي الحسن علي بن أحمد ابن الدهان المرتب، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وغيرهم.
وسافر عن بغداد، وأقام بمكة مدةً ثم صار إلى الشام. وحدث في أسفاره؛ روى عنه أبو الفدا إسماعيل بن عبيد الموصلي. وذكر أبو بكر محمد بن المبارك ابن مشق أنه أجاز له.
أنبأنا إسماعيل بن علي بن عبيد الله الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن بركة بن كرما الصلحي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدهان المرتب، قال: أخبرنا الشريف أبو الحسن محمد بن أحمد ابن المهتدي. وقرأته على أبي نصر محمد بن سعد بن نصر الواعظ، قلت: أخبركم أبو الحارث محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الصمد ابن المهتدي قراءةً عليه، فأقر(1/251)
به، قال: أخبرنا أبي أبو الغنائم محمد بن محمد، قال: أخبرنا أبي أبو الحسن محمد بن أحمد، قال: أخبرنا الحسين بن أحمد بن بكير، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان، قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا النضر بن حميد، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((ما من أهل بيت فيهم اسم نبي إلا بعث الله إليهم ملكاً يقدسهم بالغداة والعشي)).
91- محمد بن بركة بن عمر العطار، أبو عبد الله الحلاج، والد شيخنا أبي بكر ترك بن محمد.
ومحمد هذا يعرف بسوادا، كان يسكن درب يعقوب بشارع دار الرقيق.
وكانت له إجازة من جماعة من الشيوخ منهم: أبو القاسم علي بن الحسين الربعي المعروف بابن عربية، وأبو غالب شجاع بن فارس الذهلي، وأبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي. روى بها عنهم؛ وسمع منه أبو طاهر عبد الجبار بن هبة الله ابن البندار، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وغيرهما.
أنبأنا ابن مشق، قال: توفي سوادا يوم الأربعاء خامس عشري ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.(1/252)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه بختيار
92- محمد بن بختيار بن عبد الله، أبو عبد الله الشاعر المعروف بالأبلة.
كان يسكن درب الشاكرية، ويقول الشعر بغير علم. وله ((ديوانٌ)) مجموع، وذكرٌ مشهور. أكثر القول في المدح والهجاء والغزل والنسيب، وغير ذلك.
لقيناه وكنا نطلب السماع منه لشيءٍ من شعره فيعدنا وإذا جئنا إليه يعتذر إلينا، وطال علينا التردد ولم نسمع منه شيئاً.
توفي فيما قال شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي في جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وخمس مئة.
وقال غيره: في سنة ثمانين وخمس مئة، ودفن بباب أبرز محاذي التاجية.
93- محمد بن بختيار بن عبد الله، أبو عبد الله، أخو أبي الحسن علي بن بختيار الذي تولى أستاذية الدار العزيزة، شيد الله قواعدها بالعز.(1/253)
كان في زي الجند، وكان فيه تميز، ويقول الشعر:
حدثني أحمد، ابن علي أخيه، قال: أنشدت عمي محمداً بيتاً قلته، وهو:
قسماً بمن سكن الفؤاد وإنه ... قسمٌ به لو تعلمون عظيم
فأجازه ارتجالاً وأنشد في ذلك:
إني به صبٌ كثيبٌ مدنفٌ ... قلق الفؤاد موله مهموم
لا أستطيع مع التنائي سلوةً ... حتى الممات وإنني لسليم
فتعطفوا بالوصل بعد تهاجرٍ ... فالصبر ينفد والرجاء مقيم
ولقد شكوت صبابتي وتيتمي ... حتى تجود به وأنت رحيم
يا مالكين بحبهم زمر الحشا ... ظامٍ على تياركن يحوم
توفي محمد بن بختيار هذا في سنة خمس وست مئة بالبصرة، ودفن بها، رحمه الله وإيانا.(1/254)
الأسماء المفردة في حرف الباء في آباء من اسمه محمد
94- محمد بن بدر بن عبد الله الشيحي، أبو الرضا.
كان أبوه بدرٌ مولىً لأبي منصور عبد المحسن بن محمد الشيحي فنسب إليه. وقد روى بدرٌ وحدث.
وابنه محمد سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا القاسم علي ابن أحمد بن بيان، وأباه بدراً، وغيرهم. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وغيره. وحدثنا عنه أبو محمد بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز: أخبركم أبو الرضا محمد بن بدر بن عبد الله الوكيل، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد ابن العلاف، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمود بن إسحاق الفاكهي، قال: حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا، قال: حدثنا إبراهيم بن عمرو بن أبي صالح، قال: حدثنا ابن أبي حبيبة، عن عبد الله بن أبي سفيان، عن أبيه، عن(1/255)
الأحمري، قال: كنت أعد امرأتي حجة ثم بدا لي فغدوت فوجدت من ذلك وجداً شديداً فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((مرها تعتمر في شهر رمضان فإنها تعدل حجة)).
أنبأنا القرشي، قال: توفي أبو الرضا بن بدر الشيحي يوم الأحد سلخ شهر ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.
95- محمد بن بنيمان بن محمد بن علي بن الحسين الأصبهاني، أبو المجد الصوفي.
روى عن أبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش الكاتب، سمع منه شيخنا عبد العزيز بن الأخضر، وحدثنا عنه.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك فيما قرأته عليه من كتابه وقلت له: أخبركم أبو المجد محمد بن بنيمان بن محمد الصوفي، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش قراءةً، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستوية النحوي، قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا عيسى بن هليل السلمي، قال: حدثنا عبد الله بن نافع الصائغ، عن أيوب بن سليمان بن مينا عمن حدثه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أوسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سنته كلها)).(1/256)
96- محمد بن بقاء بن الحسن بن صالح بن يوسف، أبو الحسين البرسفي، وبرسف المنسوب إليها قرية بطريق خراسان.
مقرئٌ ضريرٌ، كان يذكر أنه قرأ القرآن على الشيخ أبي محمد سبط أبي منصور الخياط بشيءٍ من القراءات ولكن لم يكن معه خط. وسمع القاضي أبا القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي الحسين محمد بن بقاء البرسفي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم القاضي أبو القاسم علي بن عبد السيد بن محمد ابن الصباغ، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني، قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني يحيى بن أبي إسحاق، قال: سمعت سليمان بن يسار يحدث عن الفضل بن عباس أن رجلاً قال: يا رسول الله إن(1/257)
أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحج كلما حملته على راحلته لم يستمسك، قال: ((حج عن أبيك)).
سألت أبا الحسين هذا عن مولده، فقال، في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة ببرسف. وتوفي ببغداد في ليلة الاثنين تاسع عشر جمادى الأولى سنة خمس وست مئة، ودفن يوم الاثنين بمقبرة الوردية من مقابر الجانب الشرقي.(1/258)
حرف التاء في آباء من اسمه محمد
97- محمد بن تركانشاه، أبو الوفاء الحاجب.
من أهل بروجرد.
كان صاحباً للوزير أبي شجاع وزير الإمام المقتدي بأمر الله رضي الله عنه. قدم بغداد، واستوطنها، وحدث بها عن أبي عيسى عبد الرحمن بن محمد ابن زياد الأصبهاني. وهو والد تركانشاه ومنوجهر ابني محمد المحدثين.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في حرف الواو وسماه: وفاءاً، وقال: اسمه محمد. ولم يذكره فيمن اسمه محمد، ووهم في تسميته ((وفاء)) بل اسمه محمد وكنيته أبو الوفاء.
سمع منه أبو بكر بن كامل، وابنه منوجهر بن محمد.
أنبأنا أبو الفضل منوجهر بن محمد بن تركانشاه، قال: أخبرنا أبي قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد في شعبان سنة ثمان وخمس مئة، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن زياد، قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الحروري، قال: حدثنا محمد(1/259)
ابن سليمان لوين، قال: حدثنا فرج بن فضالة، عن عبد الله بن عامر الأسلمي، عن نافع، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من الشعر حكمةً)).
توفي محمد هذا بعد سنة ثمان وخمس مئة، والله أعلم.
98- محمد بن تميم بن أحمد بن أحمد بن كرم بن غالب البندنيجي، أبو بكر بن أبي القاسم.
من أهل باب الأزج.(1/260)
أسمعه والده في صغره من جماعة. وسمع هو بنفسه أيضاً من جماعة من أصحاب أبي القاسم بن بيان، وأبي علي بن نبهان، وأبي طالب بن يوسف، ومن بعدهم.
وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدامغاني يوم الثلاثاء سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة تسع وست مئة. وزكاه العدلان أبو الفضل محمد بن الحسن ابن الشنكاتي العباسي، وأبو المعالي أحمد بن عمر بن بكرون.
حرف الثاء في آباء من اسمه محمد
99- محمد بن ثابت بن يوسف بن عيسى، أبو بكر النحوي.
من أهل واسط، قدم بغداد، وأقام بها مدةً يقرأ النحو على شيخنا مصدق ابن شبيب النحوي، ويطلب الأدب. وسمع بها معنا من القاضي أبي العباس أحمد بن علي ابن المأمون. وسمع بواسط من القاضي أبي طالب محمد بن علي ابن الكتاني، وأبي علي الحسن بن المبارك ابن الآمدي، وأبي بكر عبد الله بن منصور ابن الباقلاني، وقرأ عليه القرآن بالقراءات، وأبي الفرج أحمد بن المبارك ابن نغوبا، وغيرهم.(1/261)
وعاد إلى واسط فأقام بها مدةً، ثم قدمها في سنة اثنتي عشرة وست مئة، فقرئ عليه شيء بها عن ابن الكتاني.
وهو ثقةٌ فاضلٌ، له معرفةٌ حسنةٌ بالنحو، تخرج به جماعة بواسط، وأخذوا عنه.
حرف الجيم في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه جعفر
100- محمد بن جعفر بن عقيل البصري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العلاء.
شيخٌ مسنٌ، قارئٌ لكتاب الله، حافظٌ له. قد قرأ بالقراءات على أبي الخير المبارك بن الحسين الغسال، وغيره. وسمع من أبي غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، وأبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبي الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، وأبي المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، وغيرهم.
وكان ظريفاٌ، حسن المحاضرة، كثير المحفوظ للحكايات والأشعار.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في تاريخه، وقال: سمعت منه.(1/262)
وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.
وسمعت منه، وكانت له إجازات من جماعةٍ تفرد بالرواية عنهم منهم: أبو الحسن ابن العلاف، وأبو زكريا التبريزي، وأبو الفتح الحداد الأصبهاني، وغيرهم.
قرئ على الرئيس أبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل وأنا أسمع بمنزله بدرب الجب قيل له: أخبركم أبو غالب شجاع بن فارس بن الحسين الذهلي فيما أجازه لكم، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن عثمان بن محمد العلاف قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد الأهوازي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل القاضي، قال: حدثنا سلم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الإمام ضامنٌ والمؤذن مؤتمنٌ، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين)).
توفي أبو العلاء بن عقيل سحرة الاثنين سادس جمادى الآخرة من سنة تسع وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الاثنين، ودفن بالشونيزي، عن ثلاث وتسعين سنة، لأن تاج الإسلام قال: سألته عن مولده، فقال: في ذي الحجة سنة ست وثمانين وأربع مئة، رحمه الله وإيانا.
101- محمد بن جعفر بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن علي ابن إسماعيل بن علي بن سليمان بن يعقوب بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو الحسن العباسي المكي الأصل البغدادي الدار.(1/263)
كان جده أحمد نقيب العباسيين بمكة.
وأبو الحسن تفقه ببغداد على أبي الحسن ابن الخل الشافعي، وسمع الحديث منه، ومن جده أبي جعفر أحمد، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ومن بعدهم. وكانت له إجازة من أبي القاسم بن الحصين، وأبي القاسم الشروطي، وجماعة.
وشهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي في يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة من سنة ست وستين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو جعفر ابن المهتدي وأحمد بن محمد ابن الطيبي.
وتولى القضاة بمكة والخطابة بها في سنة تسع وسبعين وخمس مئة, وخرج إليها في هذه السنة، وخطب في أيام الموسم، وصلى بنا الجمعة، وكنت في هذه السنة حاجاً.
ولما عزل قاضي القضاة أبو طالب علي بن علي ابن البخاري عن قضاء القضاة يوم الجمعة رابع شهر رمضان من سنة أربع وثمانين وخمس مئة، ولي أبو الحسن محمد بن جعفر العباسي هذا قضاء القضاة في هذا اليوم، وشافهه بالولاية(1/264)
الوزير أبو المعالي سعيد بن علي بن حديدة، فحضر الجمعة ومعه العدول وأتباع مجلس الحكم ممن كتب عهده وقرئ، وخلع عليه في الشهر المذكور، فلم يزل على حكمه وقضائه: يسمع الشهادات، ويثبت الحقوق، ويقبل الشهود، إلى أن عزل يوم الاثنين ثاني عشري جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمس مئة بمحضر من القضاة والعدول والفقهاء عند أستاذ الدار العزيزة -شيد الله قواعدها بالعز- أبي المظفر عبيد الله بن يونس بسبب كتاب أثبته باسم الحسن بن زركمل الإستراباذي التاجر على فاطمة بنت محمد بن حديدة، زوجة أبي المعالي بن حديدة الذي كان وزيراً، بشهادة أحمد بن علي بن كردي ومحمد بن محمد ابن المهتدي، وكان الكاتب مزوراً على المرأة المذكورة. وتولى إثباته أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحراني، وكان أحد العدول، وأقر أنه مزور وأن قاضي القضاة ارتشى على إثباته من الحسن الإستراباذي خمسين ديناراً وثياباً. فسئل العباسي عن ذلك، فأنكر وقال: هذا سجلي، وثبت عندي بشهادة الشاهدين المذكورين، فحضر محمد بن محمد ابن المهتدي وأنكر أنه شهد على المرأة المذكورة وأنه شهد عند العباسي به. فاستفتي الفقهاء الحاضرون: إذا أنكر الشاهد أنه شهد عند الحاكم بشيءٍ، هل القول قوله أو قول الحاكم؟ فأفتوا أن القول قول الشاهد. وأكد ذلك شهادة ابن الحراني عليه: أنه مزور، وأنه ارتشى على إثباته للزور. فعزله أستاذ الدار، يومئذٍ، بمحضر من الجمع، وأمر برفع طيلسانه، وانفصل الجمع ووكل به أياماً، ثم أفرج عنه. وحضر الشاهد الآخر، وهو أحمد بن علي بن كردي، فأنكر شهادته كما أنكرها ابن المهتدي. وعزل ابن الحراني المذكور أيضاً، وشاهدان كان خطهما على ظهر السجل(1/265)
بمعارضته بأصله. ولزم العباسي بيته إلى أن مات.
وكان قد روى شيئاً بإجازته من المذكورين، وغيرهم؛ سمع منه ابنه جعفر ابن محمد، وإخوته.
ولقيته وسألته عن مولده، فقال: في رجب سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي ببغداد ليلة السبت تاسع عشر جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم السبت بالتاجية بباب أبرز، ودفن عند جده بالعطافية من مقابر الجانب الشرقي رحمه الله وإيانا.
102- محمد بن جعفر بن دلف، أبو بكر المقرئ.
من أهل درب صالح وسوق الثلاثاء.
أحد التجار. سافر عن بغداد وجال في الأقطار، وتردد في البلاد ما بين الحجاز، والعراق، وخراسان، والجبال، وسكن بأخرةٍ هراة.
وكان سمع بأصبهان من أبي جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني، وغيره، فحدث عنهم بهراة.
وكان موصوفاً بالخير والصلاح ومساعدة الغرباء ومواساة ذوي الحاجات منهم، سمعت جماعة يشكرونه.
103- محمد بن جعفر، أبو الخطاب الربعي الشاعر.(1/266)
من أهل قرية تعرف بالمنقوشية من قرى النيل.
شابٌ من أهل الأدب، قدم بغداد، وأقام بها مدةً. وكان يقول الشعر، ويمدح الأكابر. سمعت منه قصائد من شعره حال إيراده بالتربة الشريفة بالجانب الغربي -قدس الله روح ساكنيها- وغيرها. ثم خرج عن بغداد ولحق بأمراء الشام، وبلغنا أنه هناك عندهم معدود من شعرائهم، والله أعلم.
الأسماء المفردة في حرف الجيم من آباء من اسمه محمد
104- محمد بن جرير بن أبي الحسن بن أبي علي بن جرير بن عبد الله بن عبد الرحمن بن جبير بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر ابن مالك بن النضر، وهو قريش، ابن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس ابن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو عبد الله القرشي الأموي.
من أهل الكوفة. قدم بغداد بعد الثمانين وأربع مئة واستوطنها، وسمع بها من أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، وأبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي، وغيرهما. وحدث بعد سنة عشرين وخمس مئة؛ سمع منه ابنه أبو محمد عبد الله في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة.
وكان حسن الخط، جيد الضبط، من أهل الرواية والنقل.
105- محمد بن جابر بن ياسين بن الحسن بن محموية الجنائي، أبو العز بن أبي الحسن.(1/267)
من أولاد المحدثين والرواة المذكورين. سمع الشيخ أبا إسحاق إبراهيم ابن علي الفيروزآبادي، وغيره. سمع منه المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
وذكر إلياس بن جامع الإربلي أن ثعلب بن مذكور الأكاف روى له عنه.
حرف الحاء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه الحسن
106- محمد بن الحسن بن علي الواعظ.
من أهل أصبهان. قدم بغداد، وحدث بها عن محمد بن عبد الله بن صالح العطار. وسمع منه بها أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السقطي فيما أخبرنا القاضي أبو المحاسن القرشي في كتابه، قال: أخبرني أبو العلاء وجيه بن هبة الله عن أبيه بذلك.
107- محمد بن الحسن بن الحسين الشيرازي، أبو العلاء الوزير.
أصله شيرازيٌ، وتنقل في البلاد وتولى وزارة هزارسب بن عياض أمير خوزستان مدةً. وقدم بغداد بعد سنة أربعين وأربع مئة، وكان له قبولٌ عند ولاة ذلك الوقت.(1/268)
ذكر أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمذاني في تاريخه أن الوزير أبا العلاء محمد بن الحسن حضر في بيت النوبة بدار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- في محرم سنة ست وأربعين وأربع مئة، وأملك بابنة عميد الرؤساء أبي طالب بن أيوب على صداق مبلغه ألف دينار خلاصاً، وحضر ذلك الوزير ابن رئيس الرؤساء أبو القاسم ابن المسلمة والأعيان.
وسمع الوزير أبو العلاء ببغداد من الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي.
قال عبيد الله بن علي المارستاني فيما رسمه من ((التاريخ)): وحدث الوزير أبو العلاء ببغداد عن أبي طالب المحسن بن علي بن إسماعيل العلوي، فسمع منه أبو البركات ابن السقطي. ولم أقف على شيءٍ يشيد ذلك، والله أعلم!
ثم سكن الوزير أبو العلاء واسطاً واتخذها منزلاً إلى حين وفاته. وسمع بها على كبر سنه من أبي عبد الله محمد بن محمد ابن السوادي، وأبي الحسن علي ابن محمد بن علي كاتب الوقف، وأبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الحماري.
وكان خيراً كثير العبادة منقطعاً في منزله يغشاه الناس ويزورونه.
سألت عنه شيخنا أبا طالب محمد بن علي ابن الكتاني، وكان قد حضر عنده وسمع في مجلسه، فقال: كنا ندخل عليه مع والدي ونسمع عنده، وكان رجلاً خيراً كثير الصوم والصلاة.
ذكر القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي الواسطي في تاريخه الذي جمعه وذكر فيه أخبار البطيحة، قال: وفي يوم الثلاثاء ثالث عشري ذي(1/269)
القعدة سنة خمس مئة توفي الوزير أبو العلاء بواسط.
قلت: ودفن بداره، وبقي مدةً، ثم نقل إلى مشهد العلويين أعلى مدينة واسط فدفن هناك. وله عقبٌ بواسط باقون.
108- محمد بن الحسن بن علي البروجردي، أبو بكر.
ذكره أبو بكر بن كامل في معجم شيوخه، وقال: قدم بغداد، وحدث بها عن غانم بن محمد البرجي. وسمع منه، وأخرج عنه حديثاً.
قلت: وبرج المنسوب إليه هذا الشيخ قرية من قرى أصبهان.
109- محمد بن الحسن بن علي بن صدقة، أبو العز ابن الوزير أبي علي وزير الإمام المسترشد بالله، قدس الله روحه.
سمع أبو العز هذا من أبي محمد القاسم بن علي الحريري مقاماته، ومن أبي سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، ومن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، وغيرهم.
وحدث بالقليل؛ سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار،(1/270)
وغيره. وانقطع في آخر عمره إلى العبادة، وصحب الصوفية.
ويقال: إن مولده في سنة اثنتين وخمس مئة.
110- محمد بن الحسن بن محمد، أبو نصر.
ذكر القرشي فيما قرأت بخطه، ومنه نقلت، أنه حدث بالموصل عن أبي الخطاب نصر بن أحمد ابن البطر القارئ البغدادي بكتاب ((القناعة)) لأحمد بن مسروق. لم أر له ذكراً في غير ذلك.
111- محمد بن الحسن بن محمد بن محمد الخطيب، أبو الفتح المعدل.
من أهل الأنبار، سمع بها من أبي الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، وحدث عنه ببغداد في سنة سبع وخمسين وخمس مئة، فسمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب النحوي، والقاضي عمر بن علي الدمشقي وزوجته كفاية بنت أبي الفتوح ابن الحصري، وأبو العباس أحمد بن الحسن العاقولي، وجماعة.
قرأت على أم عبد الله كفاية بنت أبي الفتوح بن أبي البركات البزاز قلت لها: أخبرك أبو الفتح محمد بن الحسن بن محمد بن محمد الأنباري، قراءةً عليه وأنت تسمعين، ببغداد في شهر رمضان سنة سبع وخمسين وخمس مئة، فأقرت به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، قراءةً عليه وأنا أسمع بالأنبار في جامعها، قال: أخبرنا أبو بكر عبد القاهر بن محمد بن محمد الموصلي عترة، قال: أخبرنا أبو هارون موسى بن محمد بن هارون(1/271)
الأنصاري، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن ذكوان، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم)).(1/272)
112- محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن حمدون، أبو المعالي ابن أبي سعد الكاتب.
شيخٌ فاضلٌ له معرفةٌ حسنةٌ بالأدب والكتابة، من بيتٍ مشهورٍ بالرياسة والفضل هو، وأبوه، وأخواه: أبو نصر وأبو المظفر.
وأبو المعالي هذا جمع كتاباً حسناً سماه ((التذكرة)) يحتوي على فنون من العلم أجاد فيه وأحسن في جمعه.
وكان له تقدم في أيام الإمام المستنجد بالله رضي الله عنه واختصاص بخدمته.وولي ديوان العرض مدةً، ثم ديوان الزمام في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة وروى عنه إنشاداً سنذكره في ترجمته إن شاء الله.
سمع أبا القاسم إسماعيل بن الفضل الجرجاني وغيره، وحدث عنه؛ سمع منه ولده أبو سعد الحسن، وأحمد بن طارق القرشي، وأبو المعالي أحمد ابن يحيى بن هبة الله، وأبو العباس أحمد بن الحسن العاقولي، وغيرهم.
قرأت على الأجل أبي سعد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي بن حمدون، قلت له: أخبرك والدك أبو المعالي محمد بن الحسن، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن الفضل بن إسماعيل(1/273)
التميمي الجرجاني قدم علينا بغداد، قراءةً عليه وأنا أسمع، في صفر سنة عشر وخمس مئة بالمسجد المعلق المقابل لباب النوبي المحروس، قيل له: أخبركم أبو محمد عبد الرحمن بن سعيد بن محمد السعيدي، قال: حدثنا أبو أحمد محمد ابن أحمد بن الغطريف العبدي، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن أبي جهم مولى ابن سالم، عن عبيد الله بن العباس من ولد العباس، عن ابن عباس قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسباغ الوضوء ونهانا، ولا أقول نهاكم، أن نأكل الصدقة ولا ننزي حماراً على فرسٍ)).
مولده في رجب سنة خمس وتسعين وأربع مئة.
ذكر صدقة بن الحسين الناسخ في ((تاريخه)) أن أبا المعالي بن حمدون توفي(1/274)
يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمس مئة -وقال أبو الفضل بن شافع مثل ذلك- ودفن يوم الأربعاء بمقابر قريش.
113- محمد بن الحسن بن علي بن هلال بن همصا بن نافع العجلي، أبو محمد.
هو أخو أبي المعالي محمد وأبي القاسم هبة الله ابني الحسن بن هليل الدقاق.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني وقال: هو قرابةٌ للذي سبق ذكره، يعني أبا المعالي محمداً وليس بأخيه. ووهم في ذلك بل هو أخو أبي المعالي الذي قدم ذكره. وقد ذكر وهمه هذا القاضي أبو المحاسن القرشي بما هذا لفظه، ومن خطه نقلت: محمد بن الحسن بن هليل أبو محمد الدقاق أخو أبي المعالي محمد بن الحسن الدقاق، وهو أيضاً أخو أبي القاسم هبة الله. سمع أبا منصور علي بن محمد ابن الأنباري الواعظ، وأبا الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وأبا طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف، وأبا محمد سعد الله ابن علي بن أيوب وغيرهم. وتردد إلى أسعد الميهني وغيره للتفقه.(1/275)
وصحب أبا منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي لقراءة الأدب عليه. وتعاطى الوعظ. قرأت عليه شيئاً عن أبي منصور ابن الأنباري. ووهم أبو سعد -يعني ابن السمعاني- في ترجمته مع كثرة صحبته فقال بعد ذكر أخيه أبي المعالي محمد بن الحسن: قرابة الذي سبق ذكره وليس بأخيه. سمعته يقول: مولدي سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة. هذا آخر كلام القرشي.
توفي أبو محمد ابن الدقاق فجاءةً ليلة الأربعاء سابع عشر شعبان سنة إحدى وسبعين وخمس مئة فيما ذكر تميم ابن البندنيجي.
114- محمد بن الحسن بن الحسين بن محمد بن إسحاق بن موهوب بن عبد الملك بن منصور، أبو الحسن، وقيل: أبو الفضل، المنصوري الخطيب.
من أهل سمرقند، وأظنه خطيبها.
شيخٌ فاضلٌ فصيحٌ، مشهورٌ ببلده بالفضل والعلم. تفقه على أبي علي الحسن بن عطاء السغدي، وعلى أبي حفص عمر بن محمد السقسيني. وقرأ(1/276)
القرآن الكريم على أبي الحسن علي بن محمد السمرقندي. وسمع الحديث من القاضي أبي المحامد محمود بن مسعود السغدي، ومن أبي الحسن علي بن عمر الخراط، ومن أبي إبراهيم إسحاق بن محمد بن إسحاق النوحي، ومن أبي علي الحسين بن خليل النسفي، ومن أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل الصفار.
وقدم بغداد حاجاً في سنة ست وسبعين وخمس مئة، وحدث عن أبي محمد عبد الله بن محمد القلانسي، وغيره. سمع منه بها أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحراني، وجماعةٌ من الطلبة، وكتب لنا الإجازة بها في غرة ذي القعدة من هذه السنة. وحج وعاد إلى بلده. وكان شيخاً مسناً.
مولده بسمرقند في صبيحة الجمعة ثالث عشر صفر سنة ثمان وسبعين وأربع مئة.
ذكر محمد بن صاعد الكاتبي المروزي أن محمد بن الحسن المنصوري هذا توفي بسمرقند في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة عن مئة سنة وأربع سنين.
115- محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن الدهقان، أبو عبد الله السمرقندي.
ذكر أبو الفتح محمد بن محمود الحراني أنه قدم بغداد حاجاً أيضاً في سنة ست وسبعين وخمس مئة، وروى له بها عن عبد العزيز بن عبد الجبار بن علي الكوفي، وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته)). وقد سمع من ابن الدهقان غير ابن الحراني أيضاً.
116- محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن ابن الراذاني، أبو عبد الله بن أبي علي.(1/277)
من أولاد الشيوخ الصالحين؛ كان والده أبو علي واعظاً خيراً، وجده أبو عبد الله زاهداً صالحاً.
وأبو عبد الله هذا سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز، ومن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، وغيرهما، وروى عنهما. سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي، ومحمد بن محمود بن المعز الحراني، وجماعة غيرهما.
توفي فيما بلغنا في جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وخمس مئة، والله أعلم.
117- محمد بن الحسن بن الحسين الأصبهبذ، أبو المحاسن التاجر.(1/278)
من أهل أصبهان. سمع بها أبا بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني، وأبا الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وإسماعيل بن الفضل الإخشيذ السراج وغيرهم. وأجاز له أبو علي الحسن بن أحمد الحداد.
وهو ابن أخت أبي العلاء أحمد بن محمد بن الفضل الحافظ الأصبهاني.
قدم بغداد حاجاً في سنة تسع وستين وخمس مئة فحج، وعاد في سنة سبعين وخمس مئة وحدث بها؛ سمع منه أبو الخليل أحمد بن أسعد المقرئ. وعاد إلى بلده وعاش بعد ذلك مدة.
وكتب إلينا بالإجازة في سنة تسع وسبعين وخمس مئة على يد الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي، وقد سمع منه الحازمي بأصبهان في هذه السنة.
118- محمد بن الحسن بن محمد بن زرقان، أبو عبد الله الفقيه الشافعي.
تفقه على أبي الحسن محمد بن المبارك بن الخل، وسمع منه، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وغيرهما.(1/279)
وأعاد للشيخ أبي طالب المبارك الكرخي درسه بالمدرسة الكمالية مدةً. واستنابه أقضى القضاة أبو طالب علي بن علي ابن البخاري في الحكم عنه بحريم دار الخلافة المعظمة وما يليها، وقبل شهادته في يوم الثلاثاء ثامن عشري شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، وزكاه محمد بن محمود ابن الحراني ومحمد بن جعفر العباسي، وأذن للشهود بالشهادة عنده وعليه فيما يسجله. وتولى أقضى القضاة هذا قضاء القضاة في سلخ ذي الحجة من هذه السنة وأقره على نيابته. وكان على ذلك إلى أن عزل قاضي القضاة المذكور في رابع شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة فانعزل ابن زرقان وأقام بالمدرسة النظامية مشتغلاً بالفقه.
ثم خرج من بغداد فبلغنا أنه توفي بخلاط، أو ما يقاربها، نحو سنة تسعين وخمس مئة. وما أعلم به حدث بشيء.
119- محمد بن الحسن بن هبة الله بن أحمد بن علي بن سوار، أبو بكر الوكيل بأبواب القضاة هو وأبوه وجده.
فأما جد أبيه أحمد بن علي فهو: أبو طاهر بن سوار المقرئ له كتابٌ في القراءات سماه ((المستنير)) مشهور.
وأبو بكر هذا كانت له معرفة جيدة بصنعة الوكالة وإثبات الحجج الشرعية وكتب الحكم الحكمية، كان يشهد له بها أهل المعرفة. وكان وكيلاً لوكيل الخدمة الشريفة.
وسمع من جماعة منهم: أبو القاسم صدقة ابن المحلبان، وأبو السعادات المبارك بن علي الوكيل، وأبو المظفر أحمد بن محمد بن صالح الوراق، وأبو علي أحمد بن محمد ابن الرحبي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان،(1/280)
وأبو بكر عبد الله ابن النقور، وغيرهم.
ولم يحدث بشيءٍ لاشتغاله بصناعته وإقباله على ما كان بصدده.
توفي ليلة الثلاثاء رابع شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
120- محمد بن الحسن بن أحمد بن علي بن محمد بن علي الدامغاني، أبو الفضل ابن القاضي أبي محمد ابن القاضي أبي الحسين ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله.
كان أبو الفضل أحد الشهود المعدلين، شهد عند عمِّه قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني يوم الاثنين ثاني رجب سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وزكاه القاضيان: أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ، وأبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الساوي.
وتولى النظر في الوقوف على الترب الشريفة بالرصافة -على ساكنيها أفضل السلام- إلا أنه بعد ذلك لم يشهد.
وقد سمع معنا بواسط من القاضي أبي طالب محمد بن علي ابن الكتاني.
وتوفي شاباً في شوال سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن عند أبيه بالجانب الغربي.
121- محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد ابن العطار، أبو بكر ابن الحافظ أبي العلاء.(1/281)
من أهل همذان، من أولاد الشيوخ المذكورين والرواة المكثرين.
وأبو بكر هذا رجلٌ صالحٌ ثقةٌ متدينٌ. سمع بهمذان من أبي الوقت السجزي، وأبي الخير محمد بن أحمد الباغبان، ووالده.
قدم بغداد حاجاً، وروى بها؛ وسمع منه جماعة من الطلبة، وكتبوا عنه؛ لدينه، وبيته، ومعرفته، وكتب إلينا إجازةً بها في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وخمس مئة. وعاد إلى بلده.
وكان المنظور إليه من بين إخوته الموصوف بالخير والمعرفة. حدث هناك كثيراً، وتوفي بها يوم الثلاثاء ثالث عشر محرم سنة خمس وست مئة، ودفن بمقبرة تعرف ببابا طاهر، رحمه الله وإيانا.
122- محمد بن الحسن بن محمد بن الحسين الخيزراني، أبو جعفر بن أبي علي المقرئ.
من ساكني الظفرية، من أولاد الشيوخ والرواة.
وأبو جعفر هذا كان حافظاً للقرآن المجيد؛ قد قرأ على جماعةٍ من الشيوخ. ورحل إلى أبي العلاء الحافظ إلى همذان؛ وقرأ عليه، وسمع منه، ومن غيره ببغداد، ولم يظفر بشيءٍ من مسموعاته. كتبنا عنه أناشيد، وكان يحفظ الكثير.
أنشدنا أبو جعفر محمد بن الحسن ابن الخيزراني بجامع القصر من حفظه لأبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري:
فلا تشرف بدنيا عنك معرضةٍ ... فما التشرف بالدنيا هو الشرف(1/282)
واصرف فؤادك عنها مثل ما انصرفت ... فكلنا عن مغانيها سينصرف
يا أم دفرٍ حباك الله والدةً ... فيك الخناء وفيك البؤس والشرف
لو أنك العرس أوقعت الطلاق بها ... لكنك الأم ما لي عنك منصرف
وأنشدنا أيضاً له:
قالوا: فلانٌ للصداقة جيدٌ ... لا تكذبوا ما في البرية جيد
فغنيهم نال الغنى بخساسةٍ ... وفقيرهم بصلاته يتصيد
توفي أبو جعفر ابن الخيزراني في سنة عشر وست مئة تقريباً، رحمه الله وإيانا.
123- محمد بن الحسن بن عبد الجليل بن أبي تمام الهاشمي، أبو الفضل بن أبي البركات المعروف بابن الشنكاتي.
من أهل الحريم الطاهري، سكن باب البصرة. كان اسمه ((الأفضل)) فغيره وسمى نفسه ((محمداً)).
أحد الشهود المعدلين؛ شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد(1/283)
ابن الدامغاني في ولايته الثانية وذلك في يوم الخميس ثامن محرم سنة ست وسبعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ، وأبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب. وعزل في سنة خمس وثمانين وخمس مئة. وأعيد في أواخر شهر رمضان سنة ثلاث وست مئة. وتولى الخطابة بجامع المنصور مدةً.
ولما توفي أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي في سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وكان خطيب جامع القصر الشريف، تولى محمد بن الحسن هذا الخطابة، إلى أن عزل عن العدالة، كما ذكرنا، ولما أعيد لم يعد خطيباً.
وقد سمع من جماعةٍ منهم: أبو المعالي عمر بن بنيمان المستعمل وأخوه أبو العباس أحمد، وأبو المكارم محمد بن أحمد ابن الطاهري، وأبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، والنقيب الطاهر أبو عبد الله أحمد بن علي ابن المعمر العلوي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على الشريف أبي الفضل محمد، ويدعى الأفضل، ابن الحسن ابن الشنكاتي، قلت له: أخبركم أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن مندة الأصبهاني، قدم علينا، إملاءً بجامع المنصور، قال: حدثنا أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد بن محمد البقال وأبو الفتح منصور بن الحسين بن علي الكاتب، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن عاصم، قال: حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي، قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي، قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار، قال: حدثني يحيى بن عتيق، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا عدوى ولا طيرة(1/284)
ويعجبني الفأل)).
124- محمد بن الحسن بن محمد الغزنوي الأصل الزنجاني المولد والدار، أبو حامد.
قدم بغداد للتفقه، وأقام بها مدةً عند شيخنا أبي القاسم بن فضلان، وحصل طرفاً من الفقه. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن زريق، وأبو القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش وأمثالهم. وبالموصل من أبي الربيع سليمان بن محمد بن خميس، وأبي طاهر أحمد بن عبد الله ابن الطوسي الخطيب وغيرهما. وبواسط من أبي جعفر المبارك بن علي الحمامي، وأبي جعفر المبارك بن المبارك ابن الحداد، والقاضي أبي الفتح ابن المندائي. وبالبصرة من أبي جعفر المبارك بن عبد الله البردعي وغيره.
ثم رحل إلى أصبهان، وأقام بها مدة، وسمع من أصحاب أبي علي الحداد ومن بعدهم، وحصل الكثير.
وكان قد لازم شيخنا الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي وكتب أكثر مصنفاته، وسمعها منه. ثم عاد إلى بلده وحدث به.
وكنت علقت عنه شيئاً بواسط وسألته عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة.
((آخر الجزء الثالث من الأصل)).(1/285)
125- محمد بن الحسن بن علي ابن النجار المقرئ، أبو الحسن الضرير.
حافظٌ للقرآن العزيز؛ قد قرأ بالقراءات الكثيرة، المشهور منها والشاذ، على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وغيره. وسمع الحديث منه، ومن الكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد الإبري. وله مسجد يؤم فيه بدرب الخبازين، ويقرئ. سمعنا منه.
قرأت على أبي الحسن محمد بن الحسن بن علي المقرئ: أخبرتكم الكاتبة شهدة بنت أبي نصر قراءةً عليها وأنت تسمع، فأقر به، قالت: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد السلام بن أحمد الأنصاري قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، قال: قرأت على أبي بكر الإسماعيلي: أخبركم أبو خليفة، قال: حدثنا أبو الوليد والحوضي، قالا: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عبد الله بن دينار، قال: سمعت ابن عمر يقول: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته.(1/286)
سألت ابن النجار هذا عن مولده، فقال: في رجب سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
126- محمد بن الحسن بن المبارك بن أبي سعد ابن البواب، أبو بكر بن أبي علي.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبا علي أحمد بن محمد ابن الرحبي، وأبا الحسن دهبل بن علي بن كاره وأخاه لاحقاً، ومحمد بن علي ابن السقاء وغيرهم.
سألته عن مولده فذكر أنه في سنة أربع وخمسين وخمس مئة تقريباً.
سمع منه أصحابنا، رحمهم الله وإيانا.
127- محمد بن الحسن بن محمد بن علي، أبو عبد الله بن أبي علي يعرف بابن الشطرنجي.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبا الوقت السجزي، وغيره. سمعنا منه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أبي علي الخباز من أصل سماعه قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت(1/287)
تسمع، فأقر به، قال: أخبرتنا أم الفضل بيبى بنت عبد الصمد الهرثمية، قالت: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله، قال: حدثني مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، عن عائشة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الولاء لمن أعتق)).(1/288)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه الحسين
128- محمد بن الحسين بن أحمد بن حمدون بن يحيى المقرئ، أبو غالب العدل.
من أهل واسط، يعرف بابن أبي صالح، واسم أبي صالح أحمد بن حمدون.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه مرتين: قال في الأولى: محمد بن الحسين بن أحمد بن حمدون المقرئ، أبو غالب، من أهل واسط. وقال مرة أخرى: محمد بن الحسين بن أبي صالح المقرئ العدل، أبو غالب، من أهل واسط. وهما رجل واحد ولعله ما وقف على اسم أبي صالح فظنه غير الأول. والصواب الأول لأن كنية أحمد بن حمدون ((أبو صالح)) وذلك مشهور عند الواسطيين ولكن عرف بابن أبي صالح وهي كنية جده دون اسمه.
قرأت على أحمد بن طارق القرشي: أخبركم أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ، قراءةً عليه، قال: سألت أبا الكرم خميس بن علي الحوزي بواسط في سنة خمس مئة عن أبي غالب بن أبي صالح، فقال: كان شيخاً صالحاً جيد الحفظ للقرآن وله بواسط مسجدٌ يعرف به، وعقبٌ من جهة ابنته. حدث عن أبي الحسين ابن دينار، وابن خزفة، وسمع ببغداد ابن مهدي. وشهد بأخرة فبلغه عن ابن فضلان اليهودي الناظر، كان بواسط من جهة السلطان أنه قال: ترى هذا الشيخ يشهد عند منكر ونكير؟ فترك الشهادة ولم يعد فيها حتى مات. وكانت شهادته(1/289)
عند إسماعيل قاضي واسط. وكان متقشفاً.
129- محمد بن الحسين البصروي، أبو بكر الزاهد.
كان ينزل بدرب هارون بأوانا، منسوب إلى بصري، مدينة كانت تحت عكبرا.
وكان شيخاً صالحاً، سمع من أبي الحسن علي بن محمد بن فهد العلاف، وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه، وقال: سمعت منه بأوانا.
قال أبو الحسن علي بن عبيد الله ابن الزاغوني في تاريخه فيما قرأت بخطه: وفي يوم الأربعاء سابع عشري شهر رمضان سنة أربع عشرة وخمس مئة توفي أبو بكر البصروي الزاهد بأوانا. وكان قد سمع الكثير ولم يحدث إلا باليسير يقال إنه جاوز المئة، رحمه الله وإيانا.
130- محمد بن الحسين بن محمد، أبو الفضائل الرويدشتي.
ورويدشت المنسوب إليها من أعمال أصبهان.(1/290)
قدم بغداد، وحدث بها عن القاضي أبي عمر محمد بن أحمد ابن النهاوندي البصري، سمع منه أيضاً المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في معجمه عن أبي عمر هذا.
131- محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين، أبو الفرج بن أبي عبد الله البزاز يعرف بابن خصية.
واسطي الأصل، انتقل أبوه إلى بغداد وشهد بها عند قاضي القضاة الزينبي وسيأتي ذكره فيمن اسمه الحسين إن شاء الله.
وأبو الفرج هذا سمع الكثير من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وغيرهم. وما أظنه حدث بشيءٍ لأنه لم يبلغ أوان الرواية، وتوفي شاباً، رحمه الله وإيانا.
132- محمد بن الحسين بن إسماعيل، أبو البركات.
أحد الشهود المعدلين، شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي، قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي، قراءةً عليه وأنت تسمع، في ((تاريخ الحكام)) له، في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، قال: وأبو البركات محمد بن الحسين بن إسماعيل يوم الاثنين سادس عشر شوال سنة أربع وعشرين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو المعالي بن شافع وأبو منصور ابن الرزاز.(1/291)
قلت: وسمع أبو البركات هذا من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي عبد الله الحسين بن علي الخياط سبط الشيخ أبي منصور المقرئ، وغيرهما.
133- محمد بن الحسين ابن الآمدي، أبو المكارم البغدادي.
أحد الشعراء.
ذكره أبو المعالي سعد بن علي الحظيري الكتبي في كتابه الذي سماه ((زينة الدهر في ذكر شعراء العصر)) وأنشد له شيئاً من شعره.
وقال أبو شجاع محمد بن علي ابن الدهان في ((تاريخٍ)) له: ومن شعر محمد بن الحسين الآمدي:
ورث قميص الليل حتى كأنه ... سليبٌ بأنفاس الصبا متوشح
ورفع منه الذيل صبحٌ كأنه ... وقد لاح شخصٌ أشقر اللون أجلح
ولاحت بطيئات النجوم كأنها ... على كبد الخضراء نورٌ مفتح
قال ابن الدهان: وكان قد جاوز الثمانين وهو يقول الشعر، وكان من المكثرين. توفي في سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
134- محمد بن الحسين بن علي، أبو المعالي الشاعر، لقبه المفيد.
ذكره أبو المعالي الكتبي أيضاً في ((زينة الدهر))، قال: ومن شعره في قصيدة قالها في الوزير أبي نصر نوشروان بن خالد:
حبذا يوم رامةٍ لو يعود ... وليالٍ بيض الصنائع سود
قد غُنينا عن المصابيح فيهن ... بنارٍ زنادها العنقود(1/292)
135- محمد بن الحسين بن تركان، أبو الفضائل بن أبي عبد الله الملقب شمس المعالي.
من أهل واسط، من بيت أهل كتابةٍ ورياسةٍ، سكن أبو عبد الله وابنه أبو الفضائل بغداد إلى أن توفيا بها.
وأبو الفضائل كان خصيصاً بالوزير أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة قريباً منه، لم يزل في خدمته وصحبته حتى توفي، أعني الوزير، وقد سمع كثيراً مما قرئ في مجلس الوزير من أبي الوقت السجزي، وغيره.
توفي شاباً؛ قال أحمد بن شافع فيما قرأت بخطه: توفي أبو الفضائل بن تركان يوم الاثنين ثاني عشر شعبان سنة إحدى وستين وخمس مئة، ودفن عند أبيه بالمشهد بمقابر قريش.
136- محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن محمد، أبو شجاع الوزير ابن الوزير الربيب أبي منصور ابن الوزير أبي شجاع الروذراوري.
من بيت الوزارة والتقدم، وخدمة الأئمة الراشدين الخلفاء رضي الله(1/293)
عنهم. كان والده الربيب أبو منصور وزير الإمام المستظهر بالله أبي العباس أحمد، فلحق بالسلطان محمد بن ملكشاه وخرج معه إلى أصبهان وأقام عنده. وتشفع بالسلطان محمد إلى الإمام المستظهر بالله أن يستخدم ولده أبا شجاع هذا وأن يستوزره، فقبل الإمام المستظهر شفاعته، واستوزر أبا شجاع وكان سنه يومئذٍ تسع عشرة سنة في أواخر سنة إحدى عشرة وخمس مئة، واستنيب عنه بالديوان العزيز نقيب النقباء أبو القاسم علي بن طراد الزينبي، فكان اسم الوزارة على أبي شجاع، ونقيب النقباء المذكور المدبر للأمور.
ومدحه أبو محمد القاسم بن علي الحريري لما ولي -أعني أبا شجاع- فقال:
هنيئاً لك الفخر فافخر هنيا ... كما قد رزقت مكاناً عليا
رئيت كآبائك الأكرمين ... لدست الوزارة كفواً رضيا
فقلدت أعباءها يافعاً ... كما أوتي الحكم يحيى صبيا
توفي الإمام المستظهر بالله في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمس مئة، وبويع لولده الإمام المسترشد، فأقره على وزارته، وخلع عليه في يوم الجمعة ثامن جمادى الآخرة من السنة ولقبه ظهير الدين، فكان على ذلك إلى أن توفي والده الربيب أبو منصور بأصبهان في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمس مئة فلما وصله نعيه لزم بيته معزولاً، ولم يستخدم بعد ذلك إلى أن مات.
سمع القاضي أبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء وغيره. وأظنه حدث(1/294)
بشيءٍ قليل.
ومولده في سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة.
قال أبو الفضل بن شافع: توفي أبو شجاع ابن الربيب يوم الأربعاء سلخ ذي القعدة سنة إحدى وستين وخمس مئة، وصلي عليه بجامع القصر، ودفن بتربةٍ لهم بالحربية.
137- محمد بن الحسين بن القاسم التكريتي، أبو عبد الله الصوفي، ابن أخت أبي تمام كامل بن الحسين التكريتي شيخ رباط الزوزني.
ولد بتكريت، وقدم بغداد في سنة ست عشرة وخمس مئة وهو فتىً، فأقام عند خاله برباط الزوزني، وصحب الصوفية. وسمع الحديث الكثير بإفادة خاله، وبنفسه، من خلق منهم: أبو سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبو القاسم هبة الله بن أحمد الحريري وأكثر من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن الزوزني، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام.
وانحدر إلى واسط وسمع بها من أبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي، والقاضي أبي عبد الله محمد بن علي ابن الجلابي وغيرهما.
وكان حسن الخط، جيد النقل، صحيح الأصول، يفهم ما يقرأ عليه.(1/295)
حدث بالكثير ببغداد، والموصل، والجزيرة؛ سمع منه ببغداد الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع في جماعةٍ وحدثنا عنه. وسمع منه بالموصل أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز وغيره.
قرأت على الشريف أبي طالب عبد الرحمن بن محمد، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن الحسين التكريتي بقراءتك عليه ببغداد، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز. وقرأته على أبي العباس أحمد بن علي بن سعيد الصوفي من أصل سماعه قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءةً عليه وأنا حاضر أسمع، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ماسي البزاز، قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا حميد، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً. قال: أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه)).(1/296)
انتقل أبو عبد الله التكريتي من رباط الزوزني إلى رباط بهروز بالجانب الشرقي، وأقام به مدةً يخدم الصوفية فيه. ثم خرج عن بغداد وأقام بالموصل مدةً. ثم صار إلى الجزيرة وأقام بقرية يقال لها باعيناثا إلى أن توفي هناك.
ومولده في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان سنة ثمان وخمس مئة بتكريت. وتوفي في سنة سبعين وخمس مئة تقريباً، والله أعلم.
138- محمد بن الحسين بن منصور، أبو بكر الفقيه الشافعي.
من أهل البصرة.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه قدم بغداد، وحدث عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد، وأبي علي أحمد بن سعد العجلي الأصبهانيين، وأنه عاد إلى البصرة فتوفي بها في ذي الحجة سنة ثمان وستين وخمس مئة.
139- محمد بن الحسين بن أحمد بن عمر ابن الماذرائي، أبو شجاع.
كان أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- ومن ذوي الهيئات. سمع نقيب النقباء أبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وأبا عبد الله الحسين بن أحمد(1/297)
ابن طلحة النعالي، وغيرهما. سمع منه المبارك بن كامل، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي. وحدثنا عنه العدل أحمد بن أحمد الأزجي.
قرأت على أبي العباس أحمد بن أحمد العدل، قلت له: أخبركم الحاجب أبو شجاع محمد بن الحسين ابن الماذرائي بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور الرمادي، قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن رجلٍ سماه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: دعوت فلم يستجب لي)).
كان مولد أبي شجاع ابن الماذرائي في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربع مئة وتوفي في صفر سنة تسع وستين وخمس مئة.
140- محمد بن الحسين بن محمد بن محمد ابن المعلم، أبو منصور القاضي الحنفي.(1/298)
تفقه ببغداد، وسمع بها الحديث من جماعةٍ منهم: أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبو الحسن علي بن أحمد الموحد، وغيرهما.
وناب في مجلس الحكم ببغداد عن قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي فيما ذكر القاضي أبو العباس ابن المندائي في ((تاريخ الحكام)).
ودرس ببغداد بالمدرسة الغياثية الشاطئية.
وكان له تعلقٌ بأمراء العجم فخرج إلى همذان واستناب في التدريس عنه أبا الفتح المبارك بن نصر الله ابن الربي. وأقام بهمذان مدةً وتولى القضاء بها، وحدث هناك. سمع منه أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بهمذان. وقدم بغداد رسولاً مرات، وحدث بها.
قال صدقة بن الحسين الفرضي في ((تاريخه)): وفي يوم الثلاثاء عاشر شهر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وخمس مئة وردت الأخبار بموت القاضي أبي منصور ابن المعلم الحنفي بهمذان، وقيل في غيرها.
وقال عبيد الله ابن المارستاني: كانت وفاته بنقجوان في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة. ومولده في سنة إحدى وتسعين وأربع مئة.
وقال أبو الحسن ابن الطراح: توفي في ثامن ربيع الأول.(1/299)
141- محمد بن الحسين بن عبد الملك الجرجرائي، أبو سعد المعروف بالقاضي.
سمع أبا يعلى محمد بن محمد ابن الهبارية الهاشمي، وحبشي بن حبشي.
ذكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه سمع منه. وعده أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق فيمن أجاز له.
142- محمد بن الحسين بن علي الجفني، أبو الفرج يعرف بابن الدباغ.
من أهل الكرخ.
أديبٌ فاضلٌ، له معرفةٌ باللغة العربية، وله ترسل حسنٌ، وشعرٌ جيدٌ. قرأ على الشريف أبي السعادات هبة الله بن علي ابن الشجري، وغيره. وأقرأ الناس مدةً. أدركناه ولم يتفق لنا به اجتماع.
ومن شعره ما قرأت بخطه:
خيالٌ سرى فازدار مني لدى الدجى ... خيالاً بعيداً عهده بالمراقد
عجبت له أنى رآني وإنني ... من السقم خافٍ عن عيون العوائد؟(1/300)
ولولا أنيني ما اهتدى لمضاجعي ... ولم يدر ملقى رحلنا بالفدافد
توفي أبو الفرج الجفني في رجب سنة أربع وثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
143- محمد بن الحسين بن محمد بن أحمد ابن الحكيم، أبو الفتح ابن أبي عبد الله الخياط، أخو شيخنا أبي عمرو عثمان.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وحدث عنه بشيءٍ من ((مسند)) أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل.
سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي، وقال: مولده في سنة عشر وخمس مئة تقريباً.
144- محمد بن الحسين بن الحسن بن خليل بن الحسين، أبو الفرج الأديب.
ولد بهيت، وقدم بغداد في صباه، وسكن باب البصرة. وسمع بها الحديث من أبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، وعبد الوهاب الأنماطي، وإسماعيل ابن السمرقندي وغيرهم. وقرأ العربية على الشريف هبة الله ابن الشجري، وروى عنهم؛ سمع منه القاضي عمر القرشي، وأبو بكر بن مشق، وجماعة.
وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في ((تاريخه))، وذكرناه نحن لأن(1/301)
وفاته تأخرت عن وفاته.
أنبأنا أبو المحاسن الدمشقي، قال: أنشدني أبو الفرج محمد بن الحسين الهيتي لنفسه:
أمغرىً بالملال، دع الملالا ... فمن يدم السرى يجد الكلالا
ولا تنس إلاخا واذكر عهوداً ... عهدنا للسرور بها اتصالا
فلو حملت ما حملت صباً ... من الهجران لم تطق احتمالا
ولست وإن حملت رسيس وجدٍ ... بهجرك مزمعاً عنك انتقالا
فهب لمتيمٍ يهواك قلباً ... يحاذر من تقلبك اغتيالا
أنبأنا القرشي، قال: سألت أبا الفرج بن خليل عن مولده، فقال: فيما أظن سنة سبع وتسعين، يعني وأربع مئة، بهيت.
وقرأت بخط محمد بن مشق، قال: توفي ابن خليل الأديب ليلة الخميس رابع عشر ربيع الأول سنة خمس وسبعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
145- محمد بن الحسين بن يحيى ابن المعوج، أبو بكر القزاز، أخو شيخنا عمر.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز، وأبا البدر إبراهيم ابن محمد الكرخي الفقيه، وأبا بكر أحمد بن علي ابن الأشقر الدلال، وغيرهم. سمع منه أبو بكر بن مشق البيع، وغيره. ولم يتفق لنا لقاؤه. وقد أجاز لنا.(1/302)
أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين ابن المعوج، وقرأته على أخيه عمر، قالا: أخبرنا أبو البدر إبراهيم بن محمد بن منصور قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث الأزدي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور)) .
قال محمد بن مشق: توفي أبو بكر ابن المعوج في رابع عشري محرم سنة إحدى وتسعين وخمس مئة.
146- محمد بن الحسين بن عباس الفقير، أبو عبد الله، ابن أخت جميل بن نجيح الخزرجي الزاهد.
من أهل دار القز.
سمع من خاله من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي المعروف بابن صهر هبة، وروى عنه شيئاً يسيراً. سمع منه بعض الطلبة، وكان صالحاً.(1/303)
أنبأنا محمد بن الحسين الفقير، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد قراءةً عليه وأنا أسمع. وقرأته على أبي عبد الله الحسين بن سعيد الأمين، قلت له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرني أبي أبو طاهر عبد الباقي بن محمد بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مصعب، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجلٍ وهو يعظ أخاه في الحياء فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ((الحياء من الإيمان)).
توفي محمد بن الحسين الفقير في محرم سنة سبع وتسعين وخمس مئة.
147- محمد بن الحسين بن طاهر بن مكي النهرواني، أبو بكر بن أبي عبد الله بن أبي الفتح الحذاء.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا عبد الله محمد بن محمد ابن السلال الشروطي, وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي, وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبا بكر محمد ابن عبيد الله ابن الزاغوني، وغيرهم، وحدث عنهم. ورأيته وما سمعت منه شيئاً.
بلغني أن مولده في سنة ثماني عشرة وخمس مئة .وتوفي يوم الخميس(1/304)
خامس صفر سنة تسع وتسعين وخمس مئة.
148- محمد بن الحسين بن محمد بن علي بن أحمد، أبو إبراهيم الحنفي.
من أهل طبرستان، قدم بغدد بعد الستين وخمس مئة، وسكن محلة أبي حنيفة، وتفقه بالمدرسة التي هناك، وبمشهد أبي حنيفة، وأقام بها إلى حين وفاته.
سألته: هل سمعت شيئاً من الحديث؟ فذكر أنه سمع شيئاً على سبيل الاتفاق، ولم يكن معه شيء من مسموعاته فأنشدني لبعض المتقدمين:
كلٌ سيذكر فعله من بعده ... فاختر لنفسك حسن فعل يذكر
توفي في ليلة الجمعة سابع عشر رجب سنة إحدى عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة.
149- محمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد بن علي الدامغاني، أبو عبد الله ابن القاضي أبي المظفر ابن القاضي أبي الحسين ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله.
من بيت القضاء والتقدم. وأبو عبد الله هذا أخو قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله، وهو الأسن.
استنابه أخوه قاضي القضاة يوم ولايته، وهو الثلاثاء خامس عشري شهر رمضان سنة ثلاث وست مئة، في الحكم بدار الخلافة المعظمة وما يليها، وأذن للشهود بالشهادة عنده وعليه فيما يسجله، ثم قبل شهادته يوم السبت العشرين من(1/305)
شوال من السنة المذكورة، وزكاه العدلان: أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز وسعد بن أحمد ابن الخلال الأنباري ولم يزل على ولايته وحكمه وأسجاله إلى أن عزل أخوه قاضي القضاة يوم الأربعاء لثمان بقين من رجب سنة إحدى عشرة وست مئة فانعزل.
وقد سمع من عمه قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني، وغيره.
ومولده سنة ستين وخمس مئة. توفي يوم الأربعاء سادس عشر شعبان سنة خمس عشرة وست مئة، ودفن بالشونيزي.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه حمزة
150- محمد بن حمزة بن محمد بن عبد العزيز بن علي، أبو عبد الله.
من أهل همذان، قدم بغداد فيما ذكر أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي، وحدث بها عن عبد الجبار بن برزة الرازي.
ذكر ابن السقطي أنه سمع منه، ووصفه بكثرة الورع والدين؛ أنبأنا بذلك القاضي عمر بن علي القرشي عن وجيه بن هبة الله، عن أبيه.(1/306)
151- محمد بن حمزة بن يوسف، أبو محمد الشروطي.
والد أبي بكر عبد الرحمن بن محمد ابن الشروطي الصوفي صاحب الشيخ حماد الدباس، وسيأتي ذكره فيمن اسمه عبد الرحمن من هذا الكتاب. ومحمد هذا روى عن أبي البركات محمد بن عبد المنعم الخطيب.
أخبرنا القاضي عمر بن علي الدمشقي إذناً، قال: محمد بن حمزة ابن الشروطي، سمع منه ابنه عبد الرحمن، وسألته عن وفاته، فقال: في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة عن قريب سبعين سنة، يعني أنه عاش قريباً من سبعين سنة.
152- محمد بن حمزة بن علي بن الحسن بن الحسين السلمي، أبو المعالي بن أبي طاهر يعرف بابن الموازيني.
من أهل دمشق، أحد عدولها.
سمع بدمشق جده أبا الحسن علي بن الحسن، ورحل إلى العراق، وسمع ببغداد من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان وغيره. وعاد إلى بلده، وحدث عنه، وعن غيره؛ سمع منه أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي، والحافظ يوسف بن أحمد البغدادي، وغيرهما.
كتب إلينا الحسن بن أبي الغنائم التغلبي من دمشق يخبرنا أن أبا المعالي ابن الموازيني توفي في أواخر جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب الصغير، وقد قارب الثمانين.
153- محمد بن حمزة بن أبي العلاء الصباغ، أبو زيد الفقيه.(1/307)
من أهل همذان، قدم بغداد وسمع بها أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وعاد إلى بلده، وحدث به عنه.
ذكر الحافظ يوسف بن أحمد أنه كتب عنه بهمذان وأخرج عنه حديثاً في ((الأربعين)) التي خرجها على البلدان.
154- محمد بن حمزة بن علي بن طلحة بن علي الرازي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو عبد الله ابن كمال الدين أبي الفتوح.
كان والده أحد الصدور الأعيان، ومن أرباب الولايات والتقدم وعلو الشأن، وسيأتي ذكره فيما بعد فيمن اسمه حمزة.
وابنه أبو عبد الله هذا سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وغيره، وحدث عنهم؛ سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي، وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
واشتغل في آخر عمره بطريقة التصوف، وأقام برباط بهروز على دجلة متقدماً فيه ومتولياً لوقفه مدةً إلى أن توفي.
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الأموي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن حمزة بن علي الرازي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وقرأته على أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن يعيش الكاتب، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، قال: حدثنا(1/308)
أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا محمد بن غالب، قال: حدثنا عبد الصمد بن النعمان، قال: حدثنا ورقاء، عن سليمان، عن الشعبي، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الولاء لمن أعتق)).
قال عبيد الله بن علي المارستاني: مولده في رجب سنة ست عشرة وخمس مئة.
وذكر صدقة بن الحسين في ((تاريخه))، قال: وفي يوم الخميس سادس عشر شهر رمضان سنة سبعين وخمس مئة توفي أبو عبد الله ابن كمال الدين ابن طلحة.
وقال غيره: سابع عشر الشهر المذكور، وزاد: ودفن بالحربية في تربة أبيه، رحمهما الله وإيانا.
155- محمد بن حمزة بن محمد بن أحمد بن سلامة بن أبي جميل القرشي، أبو عبد الله بن أبي يعلى الشروطي، يعرف بابن أبي الصقر.
من أهل دمشق، أحد شيوخها الرواة ومحدثيها الثقات. سمع بدمشق من(1/309)
أبي محمد ابن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة، وأبي الحسن بن قبيس، وعلي بن المسلم السلمي، وغيرهم.
أنبأنا أبو المواهب الحسن بن هبة الله الشاهد فيما كتب إلي من دمشق، قال: محمد بن حمزة بن أبي جميل ولد في رجب سنة تسع وتسعين وأربع مئة، وسمع بنفسه من ابن الأكفاني وغيره، ورحل إلى بغداد سنة تسع وعشرين وخمس مئة، وسمع من قاضي المارستان، وإسماعيل ابن السمرقندي، وأبي القاسم الحريري وجماعة. ولم يزل مشتغلاً بالسماع وإفادة الطلبة، وبذل أصوله إلى أن توفي يوم السبت سابع عشري صفر سنة ثمانين وخمس مئة، ودفن بباب الصغير، رحمه الله وإيانا.
156- محمد بن حمزة بن محمد بن أيوكا، أبو عبد الله.
من أهل أصبهان، قدم بغداد، وحدث بها في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة عن أبي بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني الأصبهاني، فسمع منه بها يوسف عن الحسن العاقولي، وأبو السعادات محمد بن المبارك الجبي، وأبو السعود محمد بن محمد البصري، وأبو القاسم بن أسعد الصوفي.(1/310)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه حامد
157- محمد بن حامد بن فارس بن الحسين الذهلي، أبو الحسين، ابن أخي أبي غالب شجاع بن فارس الذهلي المحدث المشهور.
وأبو الحسين هذا سمع أبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي ببغداد، وأبا علي الحسن بن أحمد الحداد بأصبهان، وحدث عنه ببغداد.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل، وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه الذين كتب عنهم.
158- محمد بن حامد بن حمد بن عبد الواحد بن علي بن أبي مسلم، أبو سعيد الواعظ.
من أهل أصبهان، يعرف بابن سرمس.
قدم بغداد حاجاً، وحدث بها عن أبي محمد لاحق بن محمد بن أحمد التميمي الأصبهاني فيما ذكر عبيد الله بن علي المارستاني، قال: وتوفي بأصبهان في شهر رمضان سنة أربع وستين وخمس مئة. وهذا القول منه فيه نظر وسيأتي ما يخالفه، رحمه الله وإيانا.
159- محمد بن حامد بن حمد بن سرمس، أبو سعيد الحافظ.
من أهل أصبهان.
أحد من جد في الحديث، وطلبه، وجمعه، وبرع فيه. قدم بغداد في سنة(1/311)
ثمان وخمسين وخمس مئة، وحدث بها عن أبي العلاء صاعد بن سيار الإسحاقي. هكذا ساق عبيد الله بن علي المارستاني ذكر هذا الرجل بعد الأول وجعلهما اثنين، وفرق بينهما في ذكر من حدثا عنه مع اتحاد اسميهما ونسبهما في الأب والجد. والأشبه أنهما رجلٌ واحدٌ لا كما ذكر، وهو المشهور بين أهل أصبهان، اللهم إلا أن يكون الآخر منهما أخاً للأول ويكون اسم كل واحد منهما ((محمداً)) ومثل ذلك كثير. بقي اتفاقهما في الكنية وذلك يدل على اتحادهما، والله أعلم.
قال عبيد الله بن علي: وتوفي محمد بن حامد هذا في شعبان سنة ست وسبعين وخمس مئة بأصبهان.
هما واحد حققت ذلك.
160- محمد بن حامد بن عبد المنعم بن أبي القاسم، أبو الماجد ابن أبي الفخر.
من أهل أصبهان أيضاً، قدم بغداد في سنة ست وخمسين وخمس مئة، وحدث بها عن فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية؛ سمع منه جماعة منهم: القاضي عمر بن علي القرشي، وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن، ومن خطه نقلت، قال: أخبرنا أبو الماجد محمد بن حامد بن عبد المنعم المضري الأصبهاني، قدم علينا، بقراءتي(1/312)
عليه في شوال سنة ست وخمسين وخمس مئة، قلت له: أخبرتكم فاطمة بنت عبد الله بن أحمد، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم، قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يرى بياض إبطيه.
قال القرشي: سألته عن مولده، فقال: في سنة عشرين وخمس مئة.
وتوفي بأصبهان في رجب سنة إحدى وست مئة.(1/313)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه حمد
161- محمد بن حمد بن إسماعيل الهمذاني.
سمع النقيب أبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وسماه: الأمير، وقال: سمعت منه ببغداد. وأخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه، رحمهم الله وإيانا.
162- محمد بن حمد بن محمد بن منأن -بتحريك النون والهمزة-، أبو جعفر.
من أهل نهاوند، سمع الكثير، وطاف البلاد، ولقي الشيوخ، وقدم بغداد، وسمع بها مع تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني وكان رفيقه في رحلته إلى الأنبار وواسط والبصرة، وكتب عن شيوخها. وخرج إلى خراسان وسمع بقطعة من بلادها واستوطن مرو.
وذكره فخر الدين أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم ابن السمعاني في ((معجم شيوخه))، ووصفه بالفضل والعلم والدين، وأثنى عليه، وذكر أنه علمه القرآن والفقه وأفاده السماعات الكثيرة، وقال: جمع له والدي معجماً عن شيوخه، وسمعته منه. قال: ومولده ما بين سنة عشر وخمس مئة إلى سنة عشرين وخمس مئة.
أنشدنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد المروزي في كتابه إلينا منها، قال: أنشدني أبو جعفر محمد بن حمد بن منأن قال: أنشدني أبو سالم هبة الله بن أحمد الأنصاري، قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن(1/314)
سليمان المعلي لنفسه:
وإني مذ لاح القتير بعارضي ... أفتش عن هذ الورى وأكشف
فما إن صحبت الناس إلا ذممتهم ... جزى الله خيراً كل من ليس أعرف!
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه حيدرة
163- محمد بن حيدرة بن عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو المعمر بن أبي المناقب العلوي الحسيني الزيدي.
من أهل الكوفة؛ من بيت الحديث والرواية هو، وأبوه، وجده، وجد أبيه.
وأبو المعمر هذا سمع بالكوفة أبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي الملقب أبياً، وأبا غالب سعيد بن محمد ابن الثقفي، وجده أبا البركات عمر بن(1/315)
إبراهيم، وغيرهم، وحدث بالكوفة عنهم.
قدم بغداد مراراً وحدث بها في سنة تسع وثمانين وخمس مئة ولم أكن يومئذٍ بها، فسمع منه بها أبو الرضا أحمد بن طارق القرشي، وأبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، وأبو بكر محمد بن علي بن صالح المدائني، وغيرهم. وأجاز لنا.
أخبرنا أبو المعمر محمد بن حيدرة بن عمر العلوي فيما أذن لنا أن نرويه عنه، مع البراءة من معتقده، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، قراءةً عليه وأنا أسمع بالكوفة في سنة عشر وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو المثنى دارم بن محمد بن زيد النهشلي، قال: حدثنا أبو حكيم محمد بن إبراهيم ابن السري التميمي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عقدة، قال: أخبرنا أحمد بن يحيى بن زكريا، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي الحكم، قال: حدثنا شاذان، عن عمران بن مسلم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ((من كنت مولاه فعليٌ مولاه)).
سمعت أبا القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي يذكر أبا المعمر هذا فأساء القول فيه، ووصفه بالرفض وتناول الصحابة، وإن كان سماعه صحيحاً.
بلغني أن مولده في سنة أربع وخمس مئة. وتوفي في سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة بالكوفة تقريباً، رحمه الله وإيانا.(1/316)
164- محمد بن حيدرة بن حمدان، أبو فراس الشاعر.
من أهل الكرخ، كان يذكر أنه من ولد أبي فراس بن حمدان التغلبي الشاعر. وكان فيه فضل وأدب، وله شعر حسن. كتب الناس عنه شيئاً من شعره. وما وقع لي به اجتماع.
قرأت بخطه من شعره ما كتبه في صدر مكاتبة إلى صديق له:
أأحبابنا إن كنتم قد سمحتم ... ببعدي فإني بالبعاد شحيح
تغيرتم عما عهدت من الوفا ... وودي على مر الزمان صحيح
خرج ابن حمدان هذا عن بغداد في آخر عمره فبلغنا أنه توفي بنصيبين في سنة اثنتين وست مئة.
165- محمد بن حيدرة بن عمر، أبو علي العلوي ابن أبي المناقب الكوفي، أخو أبي المعمر محمد الذي قدمنا ذكره، وكان الأصغر.(1/317)
واعظٌ يرتفق بالوعظ، ويتنقل في البلدان، ويتكلم على الناس، رأيته بواسط، وببغداد، وبالكوفة، وسمعت منه، وعلقت عنه شيئاً يسيراً.
أنشدنا أبو علي محمد بن حيدرة بن عمر العلوي الزيدي ببغداد بمسجد فخر الدولة ابن المطلب قريباً من الرحبة في سنة أربع وتسعين وخمس مئة، وزعم أنها لنفسه:
أمرٌ سؤال الربع عندك أم عذب ... أمامك فاسأله متى نزل الركب؟
على أن وجدي والأسى غير نازح ... قصرن الليالي أو تطاولت الحقب
نشدت الحيا لا تحدث الدمع إنه ... يغادر قلبي مثل ما تفعل السحب
ففي الدمع إطفاءٌ لنار صبابةٍ ... وزفرة شوقٍ في الضلوع لها لهب
فدع ذا ولكن رب ركبٍ تحملوا ... وسيرهم ما أن يفارقه الحب
وهذه الأبيات كما تراها ليست بالجيدة اللفظ ولا المعنى، أوردناها عن هذا الشيخ كما سمعناها منه لأجل الرواية لا إنا نستحسنها، والله الموفق للصواب.(1/318)
الأسماء المفردة في حرف الحاء في آباء من اسمه محمد
166- محمد بن حاتم بن ثابت بن يعقوب، أبو عبد الله الخياط.
من أهل نصيبين.
سمع أبا الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري نزيل بغداد، وحدث عنه ببلده. سمع منه هناك القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، وأخرج عنه في ((معجمه)).
167- محمد بن حماد بن جوخان، أبو بكر الضرير.
من أهل قطفتا.
تفقه على أبي الفتح نصر بن فتيان ابن المني. وتكلم في مسائل الخلاف على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وسمع شيئاً من الحديث. وما أعلم أنه حدث بشيءٍ.
توفي يوم الأربعاء سلخ شهر رمضان سنة عشر وست مئة، ودفن عشية يومه بمقبرة باب حرب، رحمه الله.(1/319)
حرف الخاء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه خلف
168- محمد بن خلف ابن الخشاب، أبو الحسن البزاز.
روى عن الوزير أبي نصر منصور بن محمد الكندري وزير طغرل بك السلجوقي بيتين كتبهما عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين-فيما قرأت بخطه من تعاليقه- وسمعهما منه في سنة خمس وتسعين وأربع مئة.
169- محمد بن خلف بن راجح، أبو عبد الله المقدسي الأصل الدمشقي المولد والدار.(1/320)
رجلٌ صالحٌ متدينٌ. سمع بدمشق أبا المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم الأزدي. وقدم بغداد وأقام بها للتفقه، وسمع من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب النحوي، والكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد الإبري، ومن أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف وغيرهم. وعاد إلى دمشق وحدث بها. وكتب لنا إجازة من هناك.
بلغني أن مولده في سنة خمسين وخمس مئة.(1/321)
الأسماء المفردة في حرف الخاء في آباء من اسمه محمد
170- محمد بن خليفة بن محمد السنبسي، أبو عبد الله الشاعر الأنباري.
شاعرٌ مشهورٌ، بين أهل الفضل والقريض مذكور. كان له اختصاص بالأمير أبي الحسن صدقة بن دبيس بن مزيد الأسدي أمير العرب، وله فيه مدائح.
قدم محمد بن خليفة بغداد مراراً كثيرة وكتب الناس عنه شيئاً من أخباره وشعره.
وذكره أبو المعالي سعد بن علي الكتبي في ((زينة الدهر في لطائف شعراء أهل العصر))، وقال: القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السنبسي أنشدني ابن أخته أبو القاسم ببغداد له:
قامت تنبهني والنجم لم يغر ... بيضاء تخطر في مرطٍ على خفر
فقلت لما بدت والكأس في يدها ... هل يجمع الليل بن الشمس والقمر؟
ومن شعره في الغزل:
يا قاتلي عمداً بسحر كلامه ... ومعذبي أبداً بطول غرامه!
ألا وصلت على الصبابة مدنفاً ... وصل الغرام سقامه بسقامه(1/322)
يهوى الرقاد لعل طيفك يلتقي ... بخياله فيراك عند منامه
سمع من السنبسي ببغداد أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، وأبو نصر محمود بن الفضل الأصبهاني، وأبو الخير هزارسب بن عوض بن الحسن الهروي، وغيرهم في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة. ووفاته بعد ذلك، والله الموفق.
171- محمد بن الخصيب بن المؤمل بن محمد بن سلم، أبو عبد الله بن أبي العلاء.
أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله-. سمع ببغداد أبا القاسم علي ابن أحمد بن بيان، وأبا الفرج هبة الله بن المظفر ابن رئيس الرؤساء. وبواسط من أبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجماري فيما ذكره أبو بكر بن أبي الفرج المارستاني، وحدث عنهم. سمع منه جماعة من شيوخنا. وحدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد بن أبي نصر البزاز من كتابه: أخبركم أبو عبد الله محمد بن أبي العلاء بن سلم، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وقرأته على أبي طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها، وعلى أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله الدباس ببغداد قلت لكل واحدٍ منهما: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا سلم بن سالم البلخي، عن نوح بن أبي(1/323)
مريم، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادةٌ} [فقال] العمل في الدنيا: الحسنى، وهي الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله الكريم.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي، قال: مولد أبي عبد الله محمد بن الخصيب في ثالث عشر ربيع الأول سنة ست وتسعين وأربع مئة. وتوفي ليلة الأحد ثالث صفر سنة خمس وستين وخمس مئة.
172- محمد بن خمارتكين بن عبد الله التبريزي، أبو عبد الله.
كان والده خمارتكين مولى لأبي زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي فأعتقه.
وأبو عبد الله هذا تفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي. وقرأ الأدب على مولى أبيه أبي زكريا التبريزي. وسمع الحديث من أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وأبي الخير المبارك بن الحسين الغسال المقرئ وغيرهما، وروى عنهم.
سمع منه القاضي عمر الدمشقي، وأبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله، وأبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي، وغيرهم.
أنبأنا الحافظ أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن القرشي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خمارتكين بن عبد الله الففيه الشافعي، قال: أخبرنا أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن قراءةً عليه وأنا أسمع في سنة تسع وتسعين(1/324)
وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الجازري، قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البزاز، قال: حدثنا محمد بن عبد النور الخزاز، قال: حدثنا أحمد بن مفضل، قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا تقرب الناس إلى خالقهم بأنواع البر فتقرب إليه بأنواع العقل تسبقهم بالدرجات والزلفى عند الناس في الدنيا وعند الله في الآخرة)).
توفي محمد بن خمارتكين في سنة ست أو سبع وستين وخمس مئة وقد نيف على الثمانين، ودفن بالمقبرة المعروفة بالجديدة بباب أبرز.
173- محمد بن خالد بن بختيار الرزاز، أبو بكر المقرئ الضرير.
من أهل باب الأزج.(1/325)
شيخٌ فاضلٌ له معرفةٌ بالأدب، قد قرأ بالقراءات الكثيرة على جماعةٍ منهم: أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس المعروف بالبارع، وأبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبو محمد دعوان بن علي الجبائي وغيرهم. وسمع الحديث منهم ومن أبي الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي وأمثالهم.
وأقرأ الناس مدةً، وحدث بشيءٍ من مسموعاته، وتخرج به جماعةً في النحو وأخذوا عنه. وكان ثقةً صدوقاً ذا معرفةٍ بوجوه القراءات والعربية.
حدثني أبو الفرج محمد بن عبيد الله الوكيل، قال: توفي أبو بكر بن خالد الرزاز في سنة ثمانين وخمس مئة.
174- محمد بن الخضر بن محمد بن الخضر بن علي بن عبد الله ابن تيمية، أبو عبد الله الخطيب.
من أهل حران. قدم بغداد، وأقام بها للتفقه وسماع الحديث مديدةً. وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبي الحسن سعد الله(1/326)
ابن نصر ابن الدجاجي، وأبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن النقور، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وغيرهم. وعاد إلى بلده وتولى الخطابة به. وكان يعظ أيضاً ويحدث.
قدم علينا حاجاً في سنة أربع وست مئة فحج وعاد، وجلس واعظاً بباب بدر الشريف. وحدث بشيءٍ من مسموعاته، وعاد إلى بلده.
وسئل عن مولده، فقال: في أواخر شعبان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
حرف الدال في آباء من اسمه محمد
175- محمد بن دلف بن كرم بن فارس العكبري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الكرم بن أبي الفرج.
من أولاد المحدثين والرواة المذكورين، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.
سمع أبو الكرم هذا بإفادة أبيه من جماعةٍ منهم: أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن النرسي، وأبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال، سمعنا منه أحاديث يسيرة.(1/327)
قرئ على أبي الكرم محمد بن أبي الفرج وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن هبة الله، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الصوفي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الخرقي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر، قال: حدثنا سعيد بن سلمة المدني، قال: حدثنا مسلم بن أبي مريم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن العبد ليتصدق بالتمرة من كسبٍ طيبٍ فيجعلها في حقٍ، فيقبضها الله تبارك وتعالى بيمينه فيربيها أحسن ما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل وأعظم من الجبل)).(1/328)
حرف الذال في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه ذاكر
176- محمد بن ذاكر بن محمد بن أحمد بن عمر الخرقي، أبو بكر.
من أهل أصبهان، قدم بغداد حاجاً في سنة ثمان وستين وخمس مئة، فحج وعاد، وحدث بها في صفر سنة تسع وستين وخمس مئة عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد، وأبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي. سمع منه أبو المحاسن القاضي، وأبو إسحاق مكي بن أبي القاسم البغدادي وغيرهما. وعاد إلى بلده، وبقي بعد ذلك مدة. سمع منه شيخنا الحافظ أبو بكر الحازمي بأصبهان، وأخذ لنا منه إجازة
أخبرنا أبو إسحاق مكي بن عبد الله بن معالي بن عبد الباقي، فيما أذن لنا أن نرويه عنه -وقد سمعنا منه- قال: قرأت على أبي بكر محمد بن أبي نصر ذاكر ابن محمد القاساني ببغداد بعد عوده من الحج، قلت له: أخبركم أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن المقرئ بأصبهان، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن فارس، قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، قال: حدثنا أبو داود الحفري، قال: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن معبد الجهني، عن معاوية، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إياكم والمدح فإنه الذبح)).(1/329)
وقد أخبرنا بهذا الحديث أبو بكر محمد بن ذاكر القاساني إجازة.
177- محمد بن ذاكر بن كامل بن محمد بن الحسين، أبو عبد الله، ابن شيخنا أبي القاسم الحذاء.
وأبو عبد الله كان مؤدباً، من أولاد الشيوخ الرواة والصالحين الثقات. سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان نسيب ابن البطي، وأبا الحسن علي بن أبي منصور المعروف بابن نخلة النجاد، وأبا القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأباه، وغيرهم.
وكان خيراً صالحاً توفي في حال الشبيبة قبل أوان الرواية وذلك في سنة خمس وتسعين وخمس مئة، ودفن إلى جنب أبيه بمقبرة باب حرب.(1/330)
حرف الراء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه ريحان
178- محمد بن ريحان بن عبد الله الثقتي، أبو عبد الله.
كان أبوه ريحان مولى لثقة الدولة أبي الحسن الدريني زوج الكاتبة شهدة بنت أبي نصر الإبري.
ومحمد هذا سمع من أبي الفضل المبارك بن المبارك بن صدقة البزاز، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج، وغيرهم. سمعنا منه.
قرئ على أبي عبد الله محمد بن ريحان الثقتي وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو الفضل المبارك بن المبارك بن صدقة والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قراءةً عليهما وأنت تسمع، فأقر به، قالا: أخبرنا الحسين بن أحمد بن طلحة، قال: حدثنا عبد الواحد بن مهدي، قال: حدثنا محمد بن أحمد بن شيبة، قال: حدثنا جدي يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا ابن حي، عن أبي ربيعة، عن الحسن، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان))، رضي الله عنهم.(1/331)
ذكر لنا محمد بن ريحان أنه ولد يوم الجمعة خامس شعبان سنة أربع وخمسين وخمس مئة. وتوفي ليلة الاثنين ثامن صفر سنة سبع عشرة وست مئة.
179- محمد بن ريحان بن تيكان بن موسك بن علي، أبو عبد الله، ابن شيخنا أبي الخير.
من أهل الحربية، من أبناء الشيوخ الصالحين والقراء المحدثين.
سمع محمد هذا من أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن يوسف، وغيره. سمعنا منه شيئاَ يسيراً.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن ريحان بن تيكان بحضرة أبيه، قلت له: أخبركم أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن يوسف قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جحشوية، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد القزويني إملاءً، قال: حدثنا عمر بن محمد الزيات، قال: حدثنا أبو بكر الباغندي، قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا سفيان، (عن بيان) وجابر، عن الشعبي، عن وهب بن خنبش عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((عمرةً في(1/332)
رمضان تعدل حجة)).
توفي محمد بن ريحان هذا في ليلة السبت تاسع شهر رمضان سنة سبع عشرة وست مئة، ودفن بباب حرب.
الأسماء المفردة في حرف الراء في آباء من اسمه محمد
180- محمد بن رمضان بن عبد الله الجندي، أبو عبد الله.
كان ينزل ناحية قراح ابن أبي الشحم، ويعلم الصبيان الخط. ويقال: إنه ولد بقريةٍ من قرى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقدم بغداد ونشأ بها. وسمع من أبي عبد الله محمد بن عبد الباقي الدوري السمسار، وأبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي نصر الحسن بن محمد اليونارتي، وغيرهم.(1/333)
سمع منه جماعةٌ من شيوخنا. وروى لنا عنه شيخنا أبو محمد عبد العزيز ابن محمود بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز من كتابه، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن رمضان بن عبد الله الجندي، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الباقي الدوري، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن ابن علي الجوهري، قال: حدثنا الحسن بن عمر بن حبيش، قال: حدثنا حامد ابن محمد، قال: حدثنا الحكم بن موسى، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن للصائم عند إفطاره لدعوةً ما ترد)). قال ابن أبي مليكة: فسمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: ((اللهم إني أسألك رحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي)).
181- محمد بن روزبه، أبو بكر العطار.
شيخٌ كتب عنه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي شيئاً من شعره. وروى عنه أيضاً صبيح بن عبد الله مولى نصر العطاري.(1/334)
قرأت بخط الشريف أبي الحسن الزيدي رحمه الله: أنشدني أبو بكر محمد ابن روزبه العطار في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة لنفسه:
زعمت إذا جن الظلام تزورني ... كذبت فهل للشمس بالليل مطلع؟
فحتام صبري والتعلل بالمنى ... صددت فما لي في وصالك مطمع
ولكنني أرجو من اللطف نفحةً ... أفوز بها، قلبي لها يتوقع
182- محمد بن روح بن أحمد بن محمد بن أحمد بن صالح الحديثي، أبو علي، ابن قاضي القضاة أبي طالب، وسيأتي ذكره في حرف الراء.
وأبو علي هذا أحد الشهود المعدلين والقضاة بمدينة السلام؛ شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد الدامغاني يوم السبت ثاني شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وخمس مئة، وزكاه الشريف أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب والقاضي أبو البقاء أحمد بن علي بن كردي، وولاه القضاء بربع باب الأزج.
وتوفي بعد ذلك يسير يوم الأربعاء ثامن شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.(1/335)
حرف الزاي في آباء من اسمه محمد
183- محمد بن زيد بن أبي نصر، واسمه أحمد، بن علي بن بارس، أبو محمد.
من بيتٍ مشهورٍ. سمع منه القاضي أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، وروى عنه في ((معجم شيوخه)).
حدثني محمد بن أبي محمد بن بارس أن أباه توفي في شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين وخمس مئة.
((آخر الجزء الرابع من الأصل والحمد لله)).
حرف السين في آباء من اسمه محمد
(ذكر من اسمه محمد واسم أبيه سعد)
184- محمد بن سعد بن سعيد ابن التاريخ، أبو البركات الغسال يعرف بالحنبلي.
سمع الكثير من مثل أبي الحسين عاصم بن الحسن بن محمد المقرئ،(1/336)
وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، وأبي سعد أحمد بن علي بن تجريش، ومن بعدهم. وما أظنه روى شيئاً، والله أعلم.
سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن عبد الغني بن محمد بن سعد الحنبلي يقول: كان مولد جدي أبي البركات محمد بن سعد في ربيع الأول سنة ستين وأربع مئة. وتوفي سنة تسع وخمس مئة.
وقرأت بخط أبي بكر المبارك بن كامل: أبو البركات ابن الغسال توفي ليلة الثلاثاء سابع شهر رمضان سنة تسع وخمس مئة وصلى عليه بجامع القصر الشريف جمعٌ متوفرٌ، رحمه الله وإيانا.
185- محمد بن سعد بن الحسن ابن القطان، أبو البركات.
أحد الشهود المعدلين، من أهل باب الطاق. شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد ابن الدامغاني.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي فيما قرئ عليه ونحن نسمع قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه وأنت تسمع في كتاب ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) تأليفه، فأقر به، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني شهادته: وأبو البركات محمد بن سعد بن الحسن ابن القطان في ذي الحجة سنة خمس وخمس مئة، وزكاه أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي، وأبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد المعروف بابن صهر هبة.(1/337)
186- محمد بن سعد بن خلف بن سعد، أبو شاكر الفقيه.
من أهل تكريت.
كان شيخاً صالحاً، صحب شيخ الإسلام أبا الحسن الهكاري، وسمع منه مصنفاته. وقدم بغداد وتفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بها، وسمع منه، ومن أبي الحسين أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، وغيرهما. وعاد إلى بلده، وعاش عمراً طويلاً، وحدث بالكثير، وبنى به رباطاً للصوفية، ووقف عليه وقفاً. روى عنه أبو القاسم عبد الله وأبو العباس أحمد ابنا المفرج بن درع التكريتيان، وأبو محمد عبد الله بن علي بن سويدة، وغيرهم.
قرأت على أبي المظفر محمد بن علوان الفقيه بالموصل، قلت له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن علي بن عمر التكريتي، فأقر به. قلت: وأخبرناه عبد الله ابن علي هذا إجازة، قال: حدثنا أبو شاكر محمد بن سعد بن خلف في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن النقور، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا كامل بن طلحة، قال: حدثنا عباد بن عبد الصمد، قال: حدثنا أبو سلمى راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لقي الله يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وآمن بالبعث والحساب دخل الجنة)).(1/338)
قال ابن سويدة: وحدثني أبو شاكر بن خلف في السنة التي توفي فيها أن له من العمر خمساً وتسعين سنة. قال: وتوفي يوم السبت سادس صفر سنة سبع وعشرين وخمس مئة، ودفن من الغد بموضع يعرف بجيش الكندي بتكريت.
187- محمد بن سعد بن محمد بن محمود بن محمد بن سعيد بن الحسن بن عمر بن محمد بن سعد المشاط، أبو جعفر بن أبي الفضائل بن أبي جعفر الواعظ المتكلم.
من أهل الري، قدم بغداد مع أبيه أبي الفضائل في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، وجلس واعظاً برباط درب زاخي. وعاد إلى بلده. ثم قدمها في صفر سنة إحدى وستين وخمس مئة وجلس وحدث بها عن والده أبي الفضائل. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي وغيره.
وكان فيه فضل وله لسنٌ ومعرفة بالكلام. وعاد إلى بلده.
قال القرشي: سألته عن مولده، فقال: في صفر سنة ست وخمس مئة.
188- محمد بن سعد بن عبيد الله، أبو المظفر المؤدب.
كان له مكتب بدرب القيار يعلم فيه الصبيان الخط؛ تعلم عنده خلقٌ كثيرٌ. وكان شيخنا عبد العزيز بن الأخضر يقول: هو علمني الخط.(1/339)
سمع الكثير من الشيوخ وكتب النسخ بخطه، وكان حسن الخط. وحدث عن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي الأصبهاني، وأبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وغيرهم.
سمعت منه في سنة ست وسبعين وخمس مئة بمكتبه، ولم أكتب عنه في ذلك الوقت، ولم أظفر بسماعي منه إلى الآن، والله الموفق.
توفي في ربيع الأول سنة ثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
189- محمد بن سعد البغدادي.
شاعرٌ ذكره أبو شجاع محمد بن علي ابن الدهان في ((تاريخه))، وقال: كان يترسل، ويشعر، وينتمي إلى علم الأدب. وكان منقطعاً إلى جمال الدين محمد بن علي الأصبهاني وزير صاحب الموصل.
ومن شعره:
أفدي الذي وكلني حبه ... بطول إعلالٍ وإمراض
وله أيضاً:
رأيت ظبياً حسناً وجهه ... أبدعه الرحمن إنشاءا
وقيل لي: أتشتهي وصله ... فقلت: إي والله إن شاءا
قال ابن الدهان: وتوفي بالموصل في سنة ستين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.(1/340)
190- محمد بن سعد بن محمد بن محمد بن محمد الديباجي، أبو الفتح.
من أهل مرو.
وكانت له معرفة جيدة بالنحو وله فيه تصنيفٌ. وشرح ((المفصل)) في النحو تصنيف محمود بن عمر الزمخشري وسماه ((المحصل في شرح المفصل))، وغير ذلك، وهو مشهور عند أهل بلده بالفضل والمعرفة.
سمع شيئاً من الحديث على علو سنه من تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني وغيره. وأقرأ الأدب مدةً ببلده، وحدث به.
قدم بغداد حاجاً في سنة ست وست مئة فحج وعاد، ولم يقم بها، فاستجزناه فأجاز لنا في شهر ربيع الأول سنة سبع وست مئة، وكتب لنا بخطه: مولده في محرم سنة سبع عشرة وخمس مئة. وسأله غيرنا فقال: في ثالثه.
وتوفي بعد عوده إلى مرو بها في يوم الأحد ثامن عشر صفر سنة تسع وست مئة عن اثنتين وتسعين سنة وشهر ونصف.(1/341)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه سعيد
191- محمد بن سعيد بن محمد بن عمر ابن الرزاز، أبو سعد بن أبي منصور.
أحد العدول الأعيان؛ شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا محمد بن أحمد النحوي عن القاضي أبي العباس أحمد بن بختيار الواسطي، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته: وأبو سعد محمد بن سعيد ابن الرزاز يوم السبت سابع عشري ربيع الأول سنة ثلاثين وخمس مئة، وزكاه الشريف أبو الفضل محمد بن عبيد الله ابن المهتدي بالله الخطيب والقاضي أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ.
وتولى النظر في التركات الحشرية وعقود الأنكحة مدةً.
وسمع من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبي علي محمد بن سعيد ابن نبهان، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وأبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي، وغيرهم. سمع منه القاضي عمر القرشي،، وغيره. وحدثنا عنه أبو نصر عمر بن محمد الصوفي.
قرأت على أبي نصر عمر بن محمد بن أحمد الدينوري، قلت له: أخبركم أبو سعد محمد بن سعيد بن محمد الرزاز، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب، قال: أخبرنا أبو علي(1/342)
الحسين بن أحمد بن شاذان البزاز، قال: أخبرنا أبو محمد دعلج بن أحمد بن دعلج، قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام الجمحي، قال: حدثنا أبو اليقظان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشرٍ، بله ما اطلعتم عليه)).
ولد أبو سعد ابن الرزاز يوم الجمعة ثاني محرم سنة إحدى وخمس مئة.
قال صدقة بن الحسين الوراق: وتوفي أبو سعد ابن الرزاز صبيحة الخميس ثالث ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه بالمدرسة النظامية، ودفن عند أبيه بتربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بباب أبرز.
192- محمد بن سعيد بن الحسين بن محمد، أبو عبد الله الهاشمي المأموني.
أحد الصوفية، قدم مع أبيه في حداثته بغداد، وسمع بها من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، وغيره. وسافر عنها منتقلاً على عادة الصوفية حتى استقر به المقام بمصر، ونزل بالقاهرة في دار سعيد السعداء التي(1/343)
جعلت رباطاً للصوفية. وحدث هناك عن أبي الوقت ووقع إلى هناك شيء من أصول سماعاته فرواه. وسمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محاسن بن شاذي البغدادي وغيره هناك.
وبلغنا أنه كان في سنة ست مئة حياً، رحمه الله وإيانا.
193- محمد بن سعيد بن المظفر بن الحسين ابن الظهيري، أبو شجاع.
أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- وتولى الحجابة بباب النوبي المحروس في يوم الاثنين سابع شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة فكان على ذلك إلى أن عزل في ثاني ذي الحجة سنة خمس وثمانين وخمس مئة. ثم تولى حجابة باب المراتب بعد ذلك.
وسمع أبا المعالي عبد الملك بن علي ابن الهراسي. سمعنا منه.
قرأت على أبي شجاع محمد بن سعيد بن المظفر، قلت له: قرئ على أبي المعالي عبد الملك بن علي بن محمد ابن الطبري بدار الوزير أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وأخبرناه عالياً أبو طالب محمد بن علي بن أحمد وأبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن أبي غالب وأبو الفرج عبد المنعم بن أبي الفتح التاجر، بقراءتي على كل واحدٍ بانفراده، قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، قال: حدثنا أبو علي(1/344)
إسماعيل ابن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله العمري، عن أبيه، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أتيت في المنام بعس مملوءٍ لبناً فشربت حتى امتلأت فرأيته يجري في عروقي ففضلت فضلةً فأخذها عمر بن الخطاب فشربها، أولوا. قالوا: هذا علمٌ آتاكه الله حتى إذا امتلأت فضلت فضلةً فأخذها عمر بن الخطاب. قال: أصبتم)).
سألت أبا شجاع هذا عن مولده فقال: في ليلة الجمعة تاسع رجب سنة خمس وثلاثين وخمس مئة. وتوفي ليلة الاثنين سادس عشري جمادى الأولى سنة خمس عشرة وست مئة، ودفن يوم الاثنين.
194- محمد بن سعيد بن الموفق بن علي الصوفي النيسابوري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو بكر يعرف بابن الخازن.
صوفي من أولاد المشايخ؛ صحب شيخ الشيوخ أبا القاسم عبد الرحيم بن(1/345)
إسماعيل هو وأبوه وجده، وأقام برباطه مدةً، وتولى خدمة الصوفية برباط العميد بالجانب الغربي مدةً. وسمع أبا زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وأبا العلاء محمد بن جعفر بن عقيل البصري، وشيخ الشيوخ عبد الرحيم بن إسماعيل، وأباه أبا محمد سعيد بن الموفق، وغيرهم. سمعنا منه.
قرئ على أبي بكر محمد بن أبي محمد الصوفي وأنا أسمع قيل له: أخبركم أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر، قدم عليكم، قراءةً عليه وأنت تسمع فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن مكي بن منصور بن علان، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحرشي، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: أخبرنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن محمد بن إسحاق، عن ابن أبي عتيق، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((السواك مطهرةٌ للفم، مرضاةٌ للرب)).
سألنا أبا بكر ابن الخازن هذا عن مولده، فقال: ولدت يوم الخميس خامس صفر سنة ست وخمسين وخمس مئة ببغداد.(1/346)
195- محمد بن سعيد بن علي بن أحمد بن الحسين بن حديدة، أبو عبد الله ابن الوزير أبي المعالي.
سمع مع والده من الشيخ أبي الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني، إلا أنه من غير أهل هذا الفن، قرئ عليه مع أبيه لما حدث، فلذلك ذكرناه، والله الموفق.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه سعد الله
196- محمد بن سعد الله بن محمد بن عمر بن سالم، أبو عبد الله.
من أهل الحريم الطاهري، والد أبي محمد عبد الله الفقيه الحنفي الواعظ.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا المواهب أحمد بن محمد بن منلوك الوراق، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، وغيرهم.
وابنه عبد الله سيأتي ذكره.
197- محمد بن سعد الله بن نصر بن سعيد ابن الدجاجي، أبو نصر ابن أبي الحسن الواعظ.(1/347)
شيخٌ حسنٌ فيه فضل وتميز. سمعه والده في صغره. وسمع هو بنفسه وكتب بخطه. وروى عن أبي جعفر محمد بن علي ابن السمناني المعروف بابن الرحبي، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، والشريف أبي الحارث محمد بن محمد ابن المهتدي، ووالده أبي الحسن سعد الله. ورحل إلى الكوفة فسمع بها من أبي الحسن محمد ابن محمد بن غبرة الحارثي. وحدث بالكثير ببغداد، والموصل، وواسط. سمعنا منه، وكتبنا عنه، ونعم الشيخ كان.
قرأت على أبي نصر محمد بن سعد الله بن نصر الواعظ ببغداد، قلت له: أخبركم أبو جعفر محمد بن علي بن محمد الشروطي، قراءةً عليه وأنت تسمع، في جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي بن ثابت الخطيب، قراءةً عليه، قال: قرأت على القاضي أبي عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي بالبصرة، قال: أخبرنا أبو علي محمد ابن أحمد اللؤلؤي، قال: حدثنا أبو داود سيلمان بن الأشعث بن عامر الأزدي، قال: حدثنا حفص بن عمر النمري، قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن يحيى ابن يعمر، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهس من كتفٍ ثم صلى ولم يتوضأ.
أنشدنا أبو نصر محمد بن سعد الله ابن الدجاجي لنفسه:
نفس الفتى إن أصلحت أحوالها ... كان إلى نيل التقى أحوى لها(1/348)
وإن تراها سددت أقوالها ... كان على حمل العلى أقوى لها
فلو تبدت حال من لها لها ... في قبره عند البلى لهالها
وأنشدنا أيضاً لنفسه:
تقول عيسي حين أدميتها ... بالسير رفقاً بي يا هاشمي
إن شئت أن تلقى الغنى والمنى ... عج بإمام من بني هاشم
فقلت إذ لاح سنا قصره ... يا نوق هذا نوره هاشمي
سألت أبا نصر ابن الدجاجي عن مولده، فقال: ولدت في رجب سنة أربع وعشرين وخمس مئة.
وتوفي في ليلة الأربعاء خامس عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وست مئة، وصلي عليه يوم السادس عشر بجامع المدينة المعروف بجامع السلطان، وحضر خلقٌ كثير، ودفن بباب حرب.(1/349)
الأسماء المفردة في حرف السين في آباء من اسمه محمد
198- محمد بن سالم بن عبد السلام بن علوان البوازيجي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو عبد الله بن أبي المرجي الصوفي.
شابٌ صالحٌ من أولاد المشايخ. حفظ القرآن الكريم، وتفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله الشافعي رضي الله عنه، وسمع من جماعة من شيوخنا. وكان خيراً.
توفي قبل أوان الرواية؛ توفي في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
199- محمد بن سليمان بن قتلمش بن تركانشاه السمرقندي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو منصور.
من أولاد الأمراء، له معرفةٌ حسنةٌ بالأدب، وشيء من العلوم الرياضية، وشعرٌ جيد. كتبنا عنه قطعاً من شعره.
أنشدني أبو منصور محمد بن سليمان الأمير لنفسه وكتبه لي بخطه:(1/350)
لي في هواك وإن عذبتني أربٌ ... ينفي السلو ولو قطعت آرابا
لا أطلب الروح من كرب الغرام ولو ... صابت علي سماء الحب أوصابا
ولست أبغي ثواب الصبر عنك ولو ... ألبستني من سقام الجسم أثوابا
وشقوتي بك لا أرضى النعيم بها ... وساعةٌ منك تسوى النار أحقابا
وأنشدني أيضاً لنفسه:
ومهفهفٍ غض الشباب أنيقه ... كالبدر غصني القوام وريقه
نازعته مشمولةً فأدارها ... من مقلتيه ووجنتيه وريقه
سألت أبا منصور بن سليمان هذا عن مولده، فقال: في شهر ربيع الأول من سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.(1/351)
حرف الصاد في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه صدقة
200- محمد بن صدقة بن محمد ابن البوشنجي، أبو المحاسن الكاتب.
كان يتولى أشغال الأمراء ويكتب لهم. وله شعرٌ جيدٌ بالفارسية والعربية. أدركته وما قدر لي السماع منه. وكان قد سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد المعروف بقاضي المارستان، وما أعلم أنه حدث عنه، بل كتب الناس عنه شيئاً من شعره.
أنشدني أبو العباس أحمد بن علي بن حيان الأسدي، قال: أنشدني خواجا أبو المحاسن محمد بن صدقة ابن البوشنجي لنفسه يرثي يزدن بن قماج:
سقى الله قبراً ضم أزدن عارضاً ... شآبيبه منهلةٌ كنواله
فوالله لا جاد الزمان بمثله ... ولا برحت عين العلى عن خياله
توفي أبو المحاسن ابن البوشنجي ليلة الأحد ثالث عشري شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الأحد بالمشهد بباب أبرز، رحمه الله وإيانا.
201- محمد بن صدقة بن سبتي، أبو علي يعرف بالخفاجي.(1/352)
أحد شعراء الديوان العزيز -مجده الله- وممن ينشد المدائح في سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام، الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- في الهناءات.
سمعت منه كثيراً من شعره وقت إنشاده. ومما أنشدني من قصيدة مدحه بها -أدام الله أيامه-:
جذذت أصول الملحدين فأصبحوا ... كأنهم زرعٌ وسيفك حاصد
فما خسروا إلا وجأشك رابحٌ ... ولا نقصوا إلا وجيشك زائد
الأسماء المفردة في حرف الصاد في آباء من اسمه محمد
202- محمد بن صالح بن شافع بن صالح بن أبي حاتم بن أبي عبد الله الجيلي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفرج بن أبي المعالي، أخو أبي محمد شافع وأبي الفضل أحمد، وسيأتي ذكرهما.
من أولاد الشيوخ وأهل العلم والعدالة. كان أبو الفرج شاباً صالحاً مشتغلاً بالخير.
ذكره أخوه أبو الفضل في ((تاريخه))، فقال: كلان مشتغلاً بالعلم، مقبلاً على الخير. وأثنى عليه ثناءاً حسناً.
قلت: سمع أبو الفرج من القاضي أبي الخير محمد بن محمد ابن الفراء، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبي القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، وأبي النجم بدر بن عبد الله الشيحي، وغيرهم. ولم يبلغ سن الرواية لأنه توفي شاباً.(1/353)
قال أبو الفضل: كان مولد أخي أبي الفرج في محرم سنة تسع عشرة وخمس مئة. وتوفي ليلة السبت سادس جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة وصلي عليه بجامع القصر، ودفن بباب حرب بعد أن صلى عليه الخلق الكثير، وأمهم أخي الأكبر أبو محمد شافع لكون والدي كان مريضاً.
203- محمد بن صاعد، أبو جعفر البسطامي.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وروى عنه. سمع منه أبو المفاخر علي بن محمد الواعظ المعروف بختن العبادي. كتب إلينا عنه حديثاً بخطه.
204- محمد بن صافي بن عبد الله، أبو المعالي النقاش.
من ساكني درب القيار.
سمع أبا بكر محمد بن الحسين المزرفي المقرئ، وأبا عبد الله يحيى بن(1/354)
الحسن ابن البناء، وغيرهما. سمعنا منه.
قرأت على أبي المعالي محمد بن صافي بن عبد الله، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن الحسين بن علي الحاجب الفرضي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن حبابة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته لم يكن له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فدعاهم فجزأهم ثلاثة أجزاء فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة.
سألت أبا المعالي النقاش عن مولده فقال: في يوم الخميس ثالث رمضان(1/355)
سنة ثماني عشرة وخمس مئة.
وتوفي يوم الاثنين ثاني عشري شهر ربيع الآخر من سنة ست مئة بالمارستان العضدي.
حرف الطاء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه طاهر
205- محمد بن طاهر الأندلسي، أبو عبد الله.
شيخٌ من أهل المغرب، قدم بغداد، وكان زاهداً وله كلامٌ على لسان أهل الحقيقة. كتب عنه بها محمد بن داود الأصبهاني شيئاً من كلامه وحكايات وأشعاراً.
206- محمد بن طاهر بن محمد ابن الخوارزمي، أبو علي الشاهد القاضي.
من أهل محلة أبي حنيفة، أحد العدول بمدينة السلام.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله الضرير، قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي الواسطي في ((تاريخ القضاة والحكام)) له، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته: أبو علي محمد بن طاهر ابن الخوارزمي يوم الاثنين سادس عشر ذي الحجة من سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة، وزكاه القاضيان: أبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي وأبو منصور إبراهيم بن سالم الهيتي.
وتولى قضاء واسط، وصار إليها في ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمس(1/356)
مئة؛ ولاه ذلك قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني. ولم يزل حاكماً إلى أن استدعي وعزل في سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة.
وكان قد سمع من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، ومن أبي وهب منبه ابن محمد بن أحمد الفرواني الغزنوي، وأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم.
وكان له معرفة بالفقه على مذهب أبي حنيفة. حدث بواسط لما كان قاضيها؛ سمع منه بها القاضيان: أبو البقاء هبة الكريم بن الحسن بن حبانش، وأبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي الواسطيان وغيرهما.
أنبأنا أبو البقاء هبة الكريم بن الحسن بن الفرج وأبو الفتح محمد بن أحمد ابن بختيار، قالا: أخبرنا القاضي أبو علي محمد بن طاهر ابن الخوارزمي قاضي واسط، قراءةً عليه بها ونحن نسمع في محرم سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو وهب منبه بن محمد بن أحمد الواعظ، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد ابن محمد بن حمدان الحدادي، قال: حدثنا أبو سليمان داود بن علي، قال: حدثنا أبو القاسم زيد بن عبد الله بن مسعود الهاشمي، قال: حدثنا أبي أبو سعد عبد الله بن مسعود، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا أبو سلمة موسى ابن إسماعيل، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي هارون، قال: كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري قال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: ((سيأتيكم قومٌ من أقطار الأرض يطلبون العلم فاستوصوا بهم خيراً)).(1/357)
قرأت في كتاب أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع الذي بخطه، قال:
توفي أبو علي ابن الخوارزمي في ليلة الأربعاء ثاني شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، ودفن بباب الطاق.
207- محمد بن طاهر بن محمد، أبو عبد الله يعرف أبوه بصاحب ابن الكرخي.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى عنه. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وذكره في معجم شيوخه، وغيره أيضاً.(1/358)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه طلحة
208- محمد بن طلحة بن علي بن أحمد بن الحسين بن عمر العامري، أبو أحمد المالكي.
من أهل البصرة.
شيخٌ فاضلٌ صالحٌ. له معرفةٌ بمذهب مالك بن أنس، وبالأدب، وإليه كان المرجع بالبصرة في الفتوى وإملاء الحديث، وإقراء القرآن الكريم والنظر في المصالح الدينية.
قدم بغداد بعد سنة أربعين وخمس مئة فيما ذكر شيخنا أبو الحسن ابن المعلمة البصري، قال: وكنت معه، وسمع من أبي الفضل محمد بن ناصر وعاد إلى بلده وحدث عنه، وعن غيره بالكثير.
لقيته بواسط سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وجلست إليه، وطلبت منه شيئاً من مسموعاته فلم يحضره ثم كتب إلي بخطه أحاديث من مسموعاته وأناشيد له ولغيره. وكان نعم الشيخ ديناً وعلماً.
مولده بالبصرة في سنة عشرين وخمس مئة. وتوفي بها يوم الجمعة ثامن عشري شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، ودفن بموضع يعرف بالعقيق هناك، رحمه الله وإيانا.
209- محمد بن طلحة بن علي بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم الهاشمي، أبو المظفر ابن نقيب النقباء أبي أحمد طلحة الزينبي.(1/359)
منسوب إلى زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، المقدم ذكره، وهي أم عبد الله بن محمد بن إبراهيم، وبنوها بها يعرفون.
وأبو المظفر هذا من بيت النقابة والشرف والتقدم. وهو أخو النقيبين أبي الحسن علي وأبي القاسم قثم ابني طلحة بن علي الزينبي، وسيأتي ذكرهما.
ناب أبو المظفر في ديوان النقابة للعباسيين بعد أخيه أبي الحسن إلى أن تولى أخوه أبو القاسم قثم. ثم صار حاجباً بالديوان العزيز -مجده الله- وكان يحضر في الجمع مع الخطيب في المقصورة بسيف ومنطقة. إلا أنه عزل قبل موته.
وكان يدعي معرفة أنساب الهاشميين إلا أنه لم يكن ثقةً فيما يقوله وينقله، سامحه الله.
توفي في المحرم سنة إحدى وست مئة، وصلى عليه أخوه أبو القاسم قثم وهو يومئذٍ حاجب الباب المحروس في جماعة، ودفن بمقابر الشهداء بباب حرب.(1/360)
حرف الظاء في آباء من اسمه محمد
210- محمد بن ظفر بن أحمد بن ثابت بن محمد الطرقي، أبو عبد الله بن أبي الغنائم بن أبي العباس.
من أهل يزد. وطرق المنسوب إليها من نواحي يزد.
من بيت الحديث والرواية هو، وأبوه، وجده.
سمع محمد بيزد أبا الوقت السجزي لما وردها، وغيره من شيوخ بلده.
قدم بغداد حاجاً مع أبيه في سنة تسع وسبعين وخمس مئة فحج وعاد، وأجاز لنا بها في سنة ثمانين وخمس مئة. وما أظنه حدث بها في هذه المرة، بل أبوه روى بها عن أبيه، وسيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله.
ومحمد حدث بيزد، وروى بها.(1/361)
حرف العين في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الله
211- محمد بن عبد الله بن غنيمة الآمدي، أبو محمد.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
212- محمد بن عبد الله بن محمد القيار، أبو بكر بن أبي نصر.
سمع أبا الحسن علي بن الحسين بن أيوب البزاز، وروى عنه. سمع منه أبو بكر بن كامل، وأخرج عنه أيضاً في ((معجمه)) حديثاً، رحمه الله وإيانا.
213- محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد المجيد بن إسماعيل، أبو عبد الله المصري المتطبب.
قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته. وصاهر أبا القاسم عبد الرحمن بن الحسن الفارسي الصوفي على ابنته، وسكن عنده برباط الزوزني، وابنه أبو القاسم عبد الله الذي صار شيخ رباط الزوزني ورباط المأمونية منها. وأبو(1/362)
عبد الله كان أحد [رجال] الطب بالمارستان العضدي. وقد سمع كثيراً من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وغيره. وكتب بخطه. وما أظنه روى شيئاً لأن الرواية لم تظهر عنه.
ذكر لي أبو العلاء محمد بن علي ابن الرأس أن أبا عبد الله المصري هذا توفي ببغداد في سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة الرباط محاذي جامع المنصور.
214- محمد بن عبد الله بن الحسن بن أحمد بن قشامي، أبو الحسين بن أبي القاسم.
من أهل الحريم الطاهري، من أبناء الشيوخ والمحدثين.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري، وأبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر. وروى القليل لاشتغاله بالتجارة.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه سمع منه وأنه توفي بساحل(1/363)
الشام في شوال سنة.
215- محمد بن عبد الله ابن القزاز، أبو بكر الواعظ يعرف بابن الشاة البغدادي.
روى عنه أبو العباس أحمد بن المفرج التكريتي الزاهد أبياتاً سمعها منه بتكريت، وقال: كان شيخاً صالحاً.
ذكر القاضي أبو زكريا يحيى بن القاسم بن المفرج، قال: أنشدني عمي أحمد بن المفرج، قال: أنشدنا الشيخ الصالح أبو بكر محمد بن عبد الله ابن القزاز الواعظ البغدادي المعروف بابن الشاة، قدم علينا تكريت:
ولقد أقول إذا تعرض لي ... طاوٍ أزل ومهمهٌ قفر
صبراً بنا يا ناق وارتقبي ... فلكل آخر ليلةٍ فجر
والدهر يسهل بعد شدته ... والأمر يحدث بعده الأمر
لعسى يجيرك من نوائبه ... من لا يحل بجاهه الفقر
216- محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن يوسف، أبو بكر بن أبي القاسم بن أبي الحسين.
من أهل الحربية، من بيتٍ مشهور بالرواية والنقل والثقة. حدث هو، وأبوه، وجده، وجماعةٌ من أهله، يأتي ذكرهم إن شاء الله.
وأبو بكر هذا سمع أبا محمد عبد الله بن محمد بن جحشوية المقرئ، وغيره. وحدث باليسير؛ سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي وغيره.
توفي في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.(1/364)
217- محمد بن عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو منصور بن أبي محمد بن أبي بكر المعروف بابن السمرقندي.
أصله من دمشق، وأبوه أبو محمد قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته. وأبو منصور هذا ولد ببغداد، وكان من أولاد المحدثين المشهورين. وكذلك عمه أبو القاسم إسماعيل حافظٌ معروفٌ مشتهرٌ بين أهل الرواية.
سمع أبو منصور هذا من أبيه، ومن أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، ومن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد ابن الدامغاني وغيرهم، وحدث عنهم؛ سمع منه جماعةٌ من شيوخنا. وروى لنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر: أخبركم أبو منصور محمد ابن عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: أخبرنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الحجاج بن أرطأة، عن محمد بن عبد العزيز الراسبي، عن مولى لأبي بكرة، عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ذنبان يعجلان لا يغفران: البغي وقطيعة الرحم)).(1/365)
توفي أبو منصور ابن السمرقندي يوم الخميس الثاني والعشرين من شوال سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة الشونيزي، رحمه الله وإيانا.
218- محمد بن عبد الله بن محمد بن المعمر بن جعفر، أبو المظفر ابن أبي القاسم، أخو أبي الفضائل يحيى الملقب زعيم الدين الذي كان يتولى المخزن المعمور، وسيأتي ذكره.
وأبو المظفر هذا تولى ديوان الزمام المعمور في أيام الإمام المقتفي لأمر الله -قدس الله روحه- في سنة أربع وأربعين وخمس مئة. فلما توفي وبويع لولده الإمام المستنجد -رضي الله عنه- أقره على ولايته إلى أن عزله في شهر ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وخمس مئة.
وتوفي أبو المظفر في ليلة الأربعاء غرة ذي الحجة من سنة إحدى وستين وخمس مئة، ودفن في سحرتها بتربةٍ لهم بالحربية.
219- محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر، أبو عبد الرحمن المعروف بجبوية.(1/366)
من أهل أصبهان سمع ببلده من أبي زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة وغيره. قدم بغداد حاجاً في سنة أربع وستين وخمس مئة فحج وعاد، فحدث بها في سنة خمس وستين وخمس مئة. سمع منه الشرف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأبو حفص عمر بن أحمد بن بكرون، وأبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة، وأبو عبد الله الحسين بن يوحن اليمني.
أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن علي المعدل وأبو المعالي أحمد بن يحيى بن أحمد البيع وأبو عبد الله الحسين بن يوحن بن أبوية الباوري فيما أجازه كل واحدٍ منهم لي، قالوا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن أبي بكر الأصبهاني قراءةً عليه ببغداد في سنة خمس وستين وخمس مئة ونحن نسمع، قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن مندة، قال: أخبرنا أبي أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد، قال: أخبرنا أبي محمد بن إسحاق قال: أخبرنا أبي إسحاق، قال: أخبرنا أبي، قال: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا(1/367)
وكيع، عن سعيد بن بشير الشيباني، قال: سمعت طاوساً، قال: قال ابن عباس أو ابن عمر: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أوحي إلي أن أسجد على سبعة أعظمٍ ولا أكف شعراً ولا ثوباً)).
قال القاضي عمر القرشي: كتبنا عن هذا الشيخ في سنة خمس وستين وخمس مئة، وله أكثر من سبعين سنة.
220- محمد بن عبد الله بن محمد بن كفيل الأندلسي، أبو عبد الله.
من أهل المغرب.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه قدم بغداد مجتازاً بها إلى خراسان، وأنه حدث بها عن أبي عبد الله محمد بن عبد الحكم بن عتيق الميورقي صاحب أبي محمد بن حزم، قال: وكان فيه فضل وله معرفةٌ بالأدب، أعني ابن كفيل، وذكر أنه سمع منه وأنه سأله عن مولده، فقال: في شهر ربيع الأول سنة تسع وثمانين وأربع مئة.
221- محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر بن علي ابن الشهروزري، أبو الفضل بن أبي محمد بن أبي أحمد الملقب كمال الدين.(1/368)
من أهل الموصل؛ من بيتٍ مشهورٍ بالفضل والعلم والرياسة والتقدم.
وأبو الفضل هذا كان من أعيان أهل زمانه والمقدم على أهله وأقرانه. قدم بغداد في حداثته وتفقه بها على أبي المظفر أسعد بن محمد الميهني المدرس، كان في ذلك الوقت بالمدرسة النظامية. وسمع بها الحديث من الشريف نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، وغيره. وعاد إلى بلده وتولى القضاء به مدةً. ثم خرج إلى الشام وولاه نور الدين محمود بن زنكي أمير الشام قاضي القضاة بالشام فكان خصيصاً به متولياً لأموره.
قدم بغداد رسولاً منه إلى الديوان العزيز -مجده الله- في سنة ثمان وستين وخمس مئة فقضى أشغاله، وخلع عليه، وعاد إلى دمشق فأقام بها إلى حين وفاته.
وكان قد سمع بالموصل من جده لأمه أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الباقي بن طوق، ومن أبي البركات محمد بن محمد بن خميس. وروى بالشام، وببغداد لما قدمها رسولاً؛ سمع منه بها أبو منصور محمد بن أحمد ابن الطيان، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأبو الثناء حماد بن هبة الله الحراني، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، وأبو العباس أحمد بن(1/369)
أحمد البندنيجي وغيرهم.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن أبي القاسم البزاز إذناً، قال: قرئ على أبي الفضل محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري وأنا أسمع ببغداد لما قدمها رسولاً في حادي عشر شهر رمضان سنة ثمان وستين وخمس مئة، قيل له: أخبركم جدك لأمك أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الباقي بن طوق وأبو البركات محمد بن محمد بن خميس، قراءةً عليهما وأنت تسمع، فأقر به، قالا: أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق، قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن الخليل المرجي، قال: حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا هارون بن معروف وأحمد بن إبراهيم الدورقي، قالا: حدثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب، قال: حدثني عبد الرحيم بن ميمون، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من ترك اللباس وهو يقدر عليه تواضعاً لله دعاه الله تبارك وتعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق يخيره من حلل الإيمان يلبس أيها شاء)).
وتوفي بدمشق يوم الخميس سادس المحرم سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ودفن من الغد. وكان سنه حين توفي ثمانين سنة وأشهر فيما ذكر الحسن بن(1/370)
هبة الله بن صصرى الدمشقي، قال: ودفن بجبل قاسيون، وحسن حاله في آخر عمره بالصدقة وافتقاد المستحقين وإيقاف شيءٍ من أملاكه على أصحاب الحديث.
222- محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن علي بن الحسن ابن أحمد بن محمد بن عمر بن الحسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن الرفيل، واسمه مهاذر جسنس، وقيل: مهاذر بن جشنس، بن أبروز بن جسنس بن خسروان.
هكذا ساق هذا النسب القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، ومن خطه نقلت، قال: والرفيل أول من أسلم وكان إسلامه في زمن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أبو الفرج بن أبي الفتوح بن أبي الفرج بن أبي الفتح بن أبي القاسم، وهو الملقب رئيس الرؤساء وزير الإمام القائم بأمر الله -رضي الله عنه- ابن أبي محمد بن أبي الفرج بن أبي جعفر ابن أبي الفرج بن أبي القاسم. يعرف بيتهم قديماً بابن المسلمة.
والمسلمة جدتهم من قبيل الأم، واسمها حميدة بنت عمرو، أسلمت في سنة ثلاث وستين ومئتين وتزوجت يزيد بن منصور الكاتب فأولدها ابنه أبا جعفر محمد بن يزيد، وأولد أبو جعفر هذا أم كلثوم واسمها قرة العين وهي ابنة المسلمة، فتزوجها أبو القاسم الحسن بن عبيد بن عمرو بن خالد بن الرفيل وبنوه منها يعرفون ببني المسلمة. وهم أهل بيتٍ ذوو تقدمٍ ومكانةٍ على قدم الزمان وحديثه، لم يزالوا أهل عدالةٍ وولاية وحالٍ جميلةٍ.(1/371)
وأبو الفرج هذا تولى أستاذية الدار العزيز -شيد الله قواعدها بالعز- بعد وفاة أبيه إذ كان يتولى ذلك في أيام المقتفي لأمر الله -قدس الله روحه- وذلك في سنة تسع وأربعين وخمس مئة. فلما توفي الإمام المقتفي -رضي الله عنه- وبويع ولده المستنجد بالله -رضي الله عنه- أقره على ذلك، ورفع منه، وأدناه حتى كان يقضي أكثر اشغال الديوان العزيز ويراجع في الأمور من غير اسم الوزارة عليه. فلما توفي الإمام المستنجد بالله يوم السبت تاسع ربيع الآخر من سنة ست وستين وخمس مئة بويع ولده الإمام المستضيء بأمر الله أبو محمد الحسن يوم الأحد عاشر الشهر المذكور. كان أبو الفرج هذا المتولي لأمر البيعة له والقائم بخدمته، ففوض إليه وزارته في ذلك اليوم، فخوطب بالوزارة وروجع في الأمور وولى وعزل من غير أن يخلع عليه لأجل أيام العزاء بالإمام المستنجد، ثم خلع عليه بعد ذلك الخلع الجميلة اللائقة بهذا المنصب ولقب عضد الدين، وركب إلى الديوان العزيز -مجده الله- وأمر ونهى ونفذ المراسم الشريفة، وأجرى الأمور على العادة في ذلك، مع بشاشةِ كانت فيه(1/372)
وحسن تدبيرٍ وسماحةٍ وملاحظةٍ لأهل الخير والصلاح حتى سمعت أبا العلاء محمد بن علي الصوفي، وكان يحضر عند هذا الوزير قبل ولايته وبعدها مع أبي بكر أحمد ابن عبد الرحمن الفارسي شيخ رباط الزوزني، وكان قريباً من الوزير ومخالطاً له، يحكي أن الوزير أبا الفرج لما خلع عليه خلع الوزارة وجلس بالديوان العزيز -مجده الله- أول توقيع علم فيه وكتب بأمره توقيعٌ بصلةٍ تضمن إطلاق أكرارٍ من الغلة تحمل إلى قومٍ من الفقراء: إما برباط الزوزني أو غيره، الشك مني، وقال الوزير: إني نذرت إن صرت إلى هذا المنصب: أن أول توقيع أوقع به يكون بصدقةٍ وبرٍ.
فلم يزل على أمره، وله أعداءٌ يسعون في فساد حاله والإمام المستضيئ بأمر الله -رضي الله عنه- يدفع عنه حتى تم لهم ما راموه فعزل في اليوم العاشر من شوال سنة سبع وستين وخمس مئة ولزم بيته. ثم لم يزالوا متتبعين له عاملين في أذاه حتى أدت الحال إلى خروجه من داره ومنزله بأهله إلى الحريم الطاهري بالجانب الغربي، فخرج من دار الخلافة المعظمة في ليلة الاثنين ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبعين وخمس مئة، وأقام برباط شيخ الشيوخ أبي(1/373)
القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل أياماً، ثم عبر إلى الحريم إلى دار النقيب أبي عبد الله بن المعمر العلوي بأولاده وأهله، فأقام هناك محروساً إلى يوم الخميس ثالث عشر ذي القعدة من السنة المذكورة، فإنه استدعي بالأجل صندل المقتفوي، وهو يومئذٍ أستاذ الدار العزيزة، بتقدم الإمام المستضيئ بأمر الله وأمطي مركوباً من مراكبه الشريفة، فركب من الحريم وعاد إلى دار الخلافة المعظمة وحضر بباب الحجرة الشريفة وأنهيت خدمته وحضوره فخوطب بما طاب به قلبه، وقوي جأشه. وتقدم إليه بحضوره الديوان العزيز وخلع عليه خلعاً جميلةً غير خلعة الوزارة، فدعا وامتثل ما رسم له من حضور الديوان العزيز ومعه سائر أرباب المناصب والولايات، وجلس بالديوان العزيز في دست الوزارة وكتب إنهاءً بحضوره وعرضه، وولى وأمر ونهى وأقام بالديوان إلى عصر اليوم المذكور ثم ركب إلى داره بالقصر من دار الخلافة المعظمة والناس معه.
وفي يوم الجمعة رابع عشر الشهر المذكور برز إليه توقيع من الإمام المستضيئ بأمر الله يتضمن عهده وتقريضه فقرئ بالديوان العزيز.
وفي يوم السبت سابع عشري ذي الحجة خلع عليه بباب الحجرة الشريفة الخلع الجميلة اللائقة بالوزارة على العادة في ذلك بمحضرٍ من أرباب الدولة القاهرة، فلم يزل على وزارته في علوٍ من شأنه وقبولٍ عند سلطانه بعد أن أراه الله تعالى إيثاره في أعدائه وبوارهم وهم: قايماز الملقب بقطب الدين ومن كان(1/374)
يتابعه كتتماش بن قماج وغيره، وإبعادهم عن الحضرة الشريفة المستضيئية ونهب دورهم، حتى عزم على الحج في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة وقضى أشغاله بعد إذن الإمام المستضيئ بأمر الله له في ذلك، فلما توجه قتله قومٌ من الباطنية على ما سيأتي شرحه.
قال القاضي عمر القرشي: أول سماع الوزير في ذي الحجة سنة سبع عشرة وخمس مئة من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، ثم بعده من أبي الحسن عبيد الله بن محمد البيهقي، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون وغيرهم. وقد سمع أيضاً من أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي النيسابوري، ومن أبي الحسن محمد بن أحمد بن توبة، وأبي الوقت السجزي، وروى عنهم؛ سمع منه الحافظ أبو بكر محمد بن أبي غالب الباقداري، والقاضي عمر القرشي، وابناه: أبو الفضل عبيد الله وأبو نصر علي ابنا الوزير، وأبو أحمد داود بن علي منهما، وغيرهم.
أخبرنا أبو أحمد بن أبي نصر بن المظفر بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم الوزير أبو الفرج محمد بن عبد الله بن هبة الله، بقراءة والدك عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد الأسدي، قراءةً عليه.(1/375)
وأخبرناه أبو العباس أحمد بن علي بن سعيد الصوفي بواسط وأبو حامد عبد الله ابن مسلم بن ثابت الوكيل ببغداد بقراءتي على كل واحدٍ منهما، قلت له: أخبركم أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن توبة، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا طالوت بن عباد، قال: حدثنا فضال بن جبير، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أول الآيات طلوع الشمس من مغربها)).
أنبأنا القرشي، قال: سمعت الوزير أبا الفرج ابن المسلمة يقول: مولدي في يوم الأربعاء رابع جمادى الآخرة من سنة أربع عشرة وخمس مئة.
وتوجه من داره عازماً على الحج يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة من سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة وعبر دجلة ومع سائر أرباب المناصب والولايات وخلقٌ كثيرٌ فسار حتى بلغ باب قطفتا مما يلي الجنثة فعرض له ثلاثة نفر في زي المتصوفة فتقدم أحدهم ومع رقعة وسأله أخذها منه فتقدم حاجب وقال له: هات الرقعة حتى أعرضها عليه، فأبى أن يسلمها إلا إلى الوزير، فأذن الوزير في إيصاله إليه فقرب منه وتبعه الآخران فلما وصل إليه جرحه بسكين كانت معه معدة، وتبعه الآخران أيضاً، فسقط عن فرسه فرمى حاجب الباب أبو سعد ابن(1/376)
المعوج نفسه عليه ليقيه فجرح أبو سعد أيضاً، وجعل النفر يجولون في الناس وبأيديهم السكاكين فمن تقرب إليهم جرحوه فلم يقدم عليهم أحد، فجرد أبو الفضل الملقب كمال الدين ابن الوزير سيفه وطلب النفر فقتل منهم اثنين وهرب واحدٌ وتعلق بجدار بستان هناك فقتل، وأحرقوا جميعاً في الوقت. وحمل الوزير وفيه رمق إلى دار صاحبٍ له قريبة من الموضع فمات بها عشية هذا اليوم، وغسل يوم الأربعاء سادسه، وحمل إلى جامع المنصور فصلى عليه هناك جمعٌ كبيرٌ ودفن بتربةٍ لهم محاذية الجامع المذكور قريباً من أبيه.
سمعت أبا القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي يقول: بلغني أن الوزير ألهم يوم خروجه من داره متوجهاً إلى الحج قراءة هذه الآية: {ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}.
ومن عجيب ما يذكر هاهنا من أمر هؤلاء الباطنية الذين قتلوا الوزير ما حدثني به الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي الواعظ قال: حدثني رجل من أهل قطفتا -لم يسمعه الشيخ- قال: دخلت في اليوم الذي قتل فيه الوزير قبل قتله بساعة مسجداً بقطفتا فرأيت فيه ثلاثة نفر فنام أحدهم معترضاً إلى القبلة وقام الآخران فصفا عليه وصليا عليه صلاة الميت، فلما سلما قام ونام أحد الآخرين الذين صليا عليه فصف الذي قام مع الآخر وصليا عليه صلاة الميت، ثم قام ونام الآخر الذي بقي فصف الآخران عليه وصليا عليه، فتعجبت منهم، وخرجوا وخرجت من غير أن أكلمهم، ولا كلموني، فلما قتل الوزير وقتل قتلته تأملتهم فإذا هم النفر الذين رأيتهم في المسجد فعلوا ما فعلوا.(1/377)
223- محمد بن عبد الله بن الحسين بن السكن، أبو سعد بن أبي نصر المعروف بابن المعوج.
من ساكني باب المراتب؛ من بيتٍ معروفٍ بالحجابة والرواية والتحديث. كان أبو سعد هذا حاجباً من حجاب الديوان العزيز -مجده الله- ثم صار حاجب الحجاب، وتولى حجابة باب النوبي يوم الأحد تاسع عشري شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.
وكان قد سمع من أبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء وغيره، وما أظنه روى شيئاً. ولم يزل على ولايته المذكورة إلى أن خرج مع الوزير أبي الفرج ابن رئيس الرؤساء مودعاً له يوم الثلاثاء خامس ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، فعرض للوزير النفر الباطنية الذين قدمنا ذكرهم وجرحوا الوزير فرمى أبو سعد هذا نفسه على الوزير ظناً منه أنه يقيه منهم فجرحوه أيضاً، وحمل إلى بيته فتوفي في النصف من ليلة الأربعاء سادس الشهر المذكور وصلي عليه في داره بين الدربين، ودفن بها ثم نقل بعد ذلك.
224- محمد بن عبد الله بن عمر بن سنان، أبو المجد الكاتب.
من أهل دار القز، وسكن الحريم الطاهري، ثم انتقل إلى الجانب الشرقي وسكن المأمونية، وكان يكتب في بعض الأشغال بالمخزن المعمور، وكان فيه فضلٌ وله معرفةٌ بالأدب. قرأ على القاضي أبي العباس ابن المندائي الواسطي ((مقامات)) أبي محمد الحريري بروايته لها عنه، وعلى غيره.
توفي في يوم السبت رابع شهر رمضان سنة ستٍ وثمانين وخمس مئة.(1/378)
225- محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم المراغي، أبو بكر الملقب صدر الدين، قاضي بلده.
كان من أعيان أهل زمانه فضلاً وبيتاً وتقدماً. قدم بغداد في صباه في سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة وسمع بها شيئاً من الحديث من شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري وغيره. وعاد إلى بلده، وتولى القضاء، وعلت حالته وكثر جاهه وماله. وقدم بغداد حاجاً في شهر رمضان من سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وتلقاه الموكب، فيما ذكر الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي، وعلماء بغداد، قال: وكان شيخاً كثير المال، حسن الشيبة، يلبس الحرير، ويجعل الذهب على دابته، فاعرضت عنه، آخر كلامه.
قلت: وحج وعاد إلى بلده وواصل جماعة من أهل بغداد بعطائه لما قدمها، وله آثارٌ حسنة ببلده.
توفي هناك في سنة تسعين وخمس مئة أو نحوها، ونقل إلى مدينة الرسول صلوات الله عليه فدفن برباط أنشأه بها مجاور لحرم النبي صلى الله عليه وسلم وقد زرته هناك.
226- محمد بن أبي بكر، واسمه عبد الله بن محمد، وأبو عبد الله يعرف بالجلالي.(1/379)
منسوب إلى خدمة جلال الدين أبي علي بن صدقة الوزير.
شيخ مسن، ذكر أنه سمع الحديث وقد قارب الأربعين. روى عن أبي الحسن علي بن المبارك ابن الفاعوس، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي. سمعنا منه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الجلالي، قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا الليث، يعني ابن أبي سليم، قال: حدثني طاووس، عن أم مالك البهزية، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((خير الناس رجلٌ معتزلٌ في ماله يعبد ربه تعالى ويؤدي حقه، ورجلٌ آخذٌ برأس فرسه في سبيل الله يخيفهم ويخيفونه)).(1/380)
سألت محمدً الجلالي عن مولده، فقال: ولدت في النصف من رجب سنة اثنتين وتسعين وأربع مئة. وتوفي في أوائل شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة فيكون له مئة وشهران، والله أعلم.
227- محمد بن عبد الله بن علي بن غنيمة بن يحيى بن بركة، أبو منصور بن أبي القاسم الخياط يعرف بابن حواوا.
من أهل الحربية، سكن الجانب الشرقي.
سمع أبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وغيرهما، وحدث عنهما. كتبنا عنه.
قرأت على أبي منصور محمد بن أبي القاسم بن حواوا، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سريج، قال: حدثنا عبد العزيز، يعني الدراوردي، قال: حدثنا ابن أسلم، عن زيد بن خالد الجهني، قال:(1/381)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صلى سجدتين لا سهو فيهما غفر الله له ما تقدم من ذنبه)).
توفي أبو منصور بن حواوا بدسكرة نهر الملك يوم الجمعة خامس عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه بها، وحمل إلى بغداد فدفن بمقبرة باب حرب وقد نيف على الثمانين رحمه الله وإيانا.
228- محمد بن عبد الله بن عمر بن محمد بن الحسين بن علي ابن الظريف، أبو الحياة بن أبي القاسم البلخي الواعظ.
ولد ببلخ، ونشأ بها. وسمع هناك من أبي شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي ثم البلخي، وغيره. وسافر الكثير، وجال في الآفاق ما بين خراسان والعراق والشام وديار مصر والإسكندرية، وسمع في تطوافه، وتكلم في الوعظ. وقدم بغداد غير مرةٍ واستوطنها في آخر عمره إلى أن توفي بها. وحدث باليسير.
وكان حسن الكلام، مليح العبارة، لطيف الإشارة، له صنعةٌ جيدةٌ في الكلام على الناس. حضرت مجلسه كثيراً، وسمعت منه أحاديث كان يوردها من حفظه في مجلس وعظه ولم أعلق عنه شيئاً. وقد أجاز لنا.(1/382)
بلغني أن مولده في شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وخمس مئة. وتوفي ببغداد بموضع كان يسكنه أعلى الحريم الطاهري يوم الجمعة تاسع عشر صفر سنة ست وتسعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
229- محمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال، أبو الحسن بن أبي القاسم الوكيل بباب القضاة.
من أولاد المحدثين، والرواة المذكورين. وأبو الحسن هذا كان وكيلاً مدةً ثم صار حاجباً من حجاب الديوان العزيز، وتولى النيابة بباب النوبي المحروس قبل موته. وكان قد سمع من أبيه أبي القاسم ومن القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي وغيرهما، وروى شيئاً يسيراً. سمع منه آحاد الطلبة. وقد رأيته وما سمعت منه.
قرأت مولده بخط أبيه: ولد ابني أبو الحسن محمد في ليلة الخميس ثامن جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الثلاثاء رابع ذي الحجة سنة سبع وتسعين وخمس مئة.
((آخر الجزء الخامس من الأصل)).(1/383)
230- محمد بن عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طلحة الهروي الأشكيذباني، أبو عبد الله.
من أهل هراة قدم بغداد، وسكن الحريم الطاهري مدةً يطلب الحديث ويسمع من الشيوخ ويكتب. وكان قد سمع في طريقه بهمذان أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبا المحاسن هبة الله بن أحمد ابن السماك وسمع ببغداد أبا المعالي محمد بن محمد ابن الجبان المعروف بابن اللحاس العطار، وأبا المعمر عبد الله بن سعد المعروف بخزيفة الوزان، وأبا الفتح محمد ابن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبا الحسن دهبل وأبا محمد لاحق ابني علي بن كاره، وخلقاً من طبقتهم. وخرج إلى مصر، وحدث بها، ثم صار إلى مكة -شرفها الله- واستوطنها إلى حين وفاته. وأم بالحرم الشريف في مقام الحنابلة سنين. ورأيته بمكة ولم يتفق لي السماع منه وقد أجاز لي. وحدث بمكة بالكثير، وسمع منه أهلها والقادمون إليها. وكان صالحاً.
توفي نحو سنة تسعين وخمس مئة، أو قبلها بيسير بمكة، ودفن بالمعلى.
231- محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد الصالحاني، أبو شجاع الجمال.(1/384)
من أهل أصبهان، وصالحان من نواحيها. قدم بغداد مراراً كثيرة للحج وغيره. وحدث بها عن محمد بن أبي القاسم بن أبروية. سمع منه أصحابنا، وابني أبو المعالي سعيد، وأخذوا لنا منه إجازة. وما لقيته.
232- محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد ابن الخلال الأنباري، أبو المظفر بن أبي الفرج.
من بيت أهل عدالةٍ وقضاءٍ ورواية بالأنبار. وأبو الفرج والد أبي المظفر هذا استوطن بغداد، وتولى ديوان الزمام المعمور وغيره على ما سيأتي ذكره عند اسمه إن شاء الله.
نشأ أبو المظفر نشوءاً صالحاً، وطلب العلم، وقرأ على الشيوخ الفقه والأدب. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن زريق، والقاضي أبو العباس أحمد بن علي ابن المأمون الهاشمي، وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش وغيرهم. وصحب الصوفية والصالحين.
وتوفي شاباً قبل أوان الرواية في ليلة السبت سابع عشري صفر سنة تسع وست مئة ببغداد، وصلي عليه يوم السبت، ودفن بمقبرة الشونيزي.
233- محمد بن عبد الله بن علي بن أحمد بن الفرج بن إبراهيم يعرف بابن أخي نصر، العكبري الأصل، أبو نصر البغدادي الدباس.
من أبناء الشيوخ المذكورين. سمع أبو نصر هذا من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبي طالب المبارك بن علي بن خضير، وأبي بكر أحمد(1/385)
ابن المقرب الكرخي، وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن النقور البزاز، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار البقال، وغيرهم. وحدث قبل موته بقريبٍ. سمعنا منه.
قرأت على أبي نصر محمد بن عبد الله بن علي الدباس، من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا طاهر بن خالد بن نزار، قال: حدثني أبي، قال: أخبرني إبراهيم بن طهمان، قال: حدثني الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خاف قوماً قال: ((اللهم إنا نعوذ بك من شرورهم وندرأ بك في نحورهم)).
سألت أبا نصر هذا عن مولده، فقال: في جمادى الأولى سنة خمسين وخمس مئة. وصلى أبو نصر هذا على جنازةٍ بالمدرسة النظامية يوم الأربعاء النصف من شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وست مئة وتبعها إلى مقبرة باب حرب وعاد بعد دفنها في يوم حارٍ فبلغ قريباً من باب مشهد الإمام موسى بن جعفر(1/386)
عليهما السلام فلحقه حرٌ وعطشٌ فسقط على الأرض فحمل إلى شاطئ دجلة عند باب شارع دار الرقيق فمات من وقته، فغسل هناك وصلي عليه، ودفن عصر اليوم المذكور بالموضع، أعني باب شارع دار الرقيق على دجلة.
234- محمد بن عبد الله بن موهوب بن جامع بن عبدون الصوفي، أبو عبد الله بن أبي المعالي يعرف بابن البناء.
من أصحاب الشيخ أبي النجيب السهروردي ومريده. شيخٌ حسنٌ، فيه كياسةٌ وحسن عشرة. صحب الصوفية، وسكن الأربطة، وخالط القوم، وتأدب بآدابهم. وسمع الحديث الكثير، وروى عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي بإفادة أبيه في صغره وبنفسه في كبره، وعن أبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري المقرئ، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبي النجيب عبد القاهر بن عبد الله السهروردي وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن البناء، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد ابن السيبي، قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز بن الحارث التميمي، قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق المعدل، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو الأحوص، قال: حدثنا شبيب بن غرقدة، عن عروة البارقي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الخير معقودٌ، أو معقوصٌ، بنواصي الخيل(1/387)
إلى يوم القيامة)).
سألت محمد ابن البناء هذا عن مولده، فقال: ولدت في سنة ست وثلاثين وخمس مئة. وخرج قبل موته بسنين على مكة شرفها الله فأقام بها مجاوراً مدة ثم توجه منها إلى مصر وصار على الشام فأقام بدمشق مديدة وتوفي بها يوم الأحد خامس عشر ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن بجبل قاسيون.
235- محمد بن عبد الله بن أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الفضل، النقيب الطاهر ابن النقيب الطاهر أبي طالب ابن النقيب الطاهر أبي عبد الله ابن النقيب الطاهر أبي الحسن ابن النقيب الطاهر أبي الغنائم.
من بيتٍ شريفٍ، أهل نقابةٍ وإمارةٍ وتقدمٍ. تولى أبو الفضل نقابة نقباء الطالبيين بعد وفاة أبيه في اليوم التاسع والعشرين من رجب سنة إحدى وثمانين وخمس مئة، ولم يخلع عليه في هذا الوقت ولا كتب عهده، ثم خلع عليه، الجبة(1/388)
السوداء والعمامة الكحلية والطيلسان وقلد سيفاً محلى يوم عيد الفطر من السنة المذكورة بالديوان العزيز، فركب ومعه العلويون وأتباع ديوان النقابة إلى منزله بالكرخ. ولم يزل على أمره وولايته إلى أن عزل في العشر الثاني من ذي القعدة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
236- محمد بن عبد الله بن الحسين السامري، أبو عبد الله.
قدم بغداد وتفقه في صباه على أبي حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني الحنبلي، وحصل، طرفاً من معرفة المذهب، وسمع شيئاً من الحديث منه، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي. وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الثانية وذلك في يوم الثلاثاء تاسع شهر رمضان سنة سبعين وخمس مئة، وزكاه العدلان: أبو المظفر أحمد بن أحمد بن حمدي والشريف أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب. وتولى الحسبة بمدينة السلام في يوم الأحد سابع عشر شعبان من سنة خمس وثمانين وخمس مئة، وعزل عنها في رجب سنة إحدى وتسعين وخمس مئة. ورتب مشرفاً بالديوان العزيز -مجده الله- في سنة أربع وتسعين وخمس مئة، وعزل في سنة خمس وتسعين، والله أعلم، وألزم بيته. ثم تقدم إليه بالخروج إلى بلده سامراء فخرج إلى هناك وأقام به، وعاد إلى بغداد وتوفي بها ليلة الثلاثاء سابع عشري رجب سنة ست عشرة وست مئة.(1/389)
237- محمد بن عبد الله بن المبارك بن كرم بن غالب البندنيجي، أبو منصور بن أبي محمد البيع يعرف والده بعفيجة.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد البغدادي. وكانت له إجازة من جماعةٍ من الشيوخ كأبي محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، ومن أبي الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري، ومن أبي الحسن علي ابن هبة الله بن زهموية، وأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري وغيرهم. سمعنا عليه بها.
قرأت على أبي منصور محمد بن عبد الله بن المبارك البيع، قلت له: أخبركم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، في ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمس مئة، فعرفه وقال: نعم، قال: أخبرنا أبو الفضل حمد بن أحمد بن الحسن الحداد قدم علينا، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، قال:حدثنا محمد بن الحسين اليقطيني، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، قال:حدثنا عمر بن محمد، قال: أخبرني(1/390)
زاذان بن سليمان، قال: وجدت في كتاب أبي، عن أبيه، عن حصين، عن مسعر، عن قتادة، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يهلك ابن آدم ويهرم فتبقى منه اثنتان: الحرص والأمل)).
سألت أبا منصور هذا عن مولده فلم يحققه، وذكر ما يدل أنه في سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، والله أعلم.
238- محمد بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن القاسم الملقب بالمؤتمن ابن الرشيد أبي جعفر هارون ابن المهدي أبي عبد الله محمد ابن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو العباس الهاشمي الرشيدي الضرير.
هكذا أملى علي نسبه من حفظه. وهذا النسب عند أهل المعرفة بالأنساب لا يصح؛ لأن القاسم ابن الرشيد الملقب بالمؤتمن لم يعقب ذكراً بل توفي عن(1/391)
بنتٍ واحدة. كذا سمعته ممن له معرفة بهذا العلم، والله أعلم.
وأبو العباس هذا حفظ القرآن الكريم وقرأ بالروايات على الشيخ أبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري وغيره. وسمع الحديث منه، ومن أبي القاسم عبد الله بن أحمد ابن الخلال الوكيل، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيرهم، وروى عنهم. وسمعنا منه.
قرأت على أبي العباس محمد بن عبد الله بن أحمد، قلت له [أخبركم]: أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قدم عليكم قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي سنة خمس وستين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، قال: حدثنا أبو عاصم ومكي بن إبراهيم، قالا: حدثنا يزيد وهو ابن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم أن أذن في الناس: ((من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء)).
239- محمد بن عبد الله بن محمد بن جرير القرشي، أبو عبد الله ابن أبي محمد.(1/392)
وقد تقدم ذكر نسبه عند ذكر جده محمد بن جرير.
من أهل شارع دار الرقيق، من أولاد الشيوخ الرواة المعروفين بالحديث وحسن الخط.
سمع محمد هذا من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، ومن أبي القاسم يحيى بن بندار ابن البقال، ومن أبيه، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد الكاتب، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي المالكي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي إملاءً، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي بمكة، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك والفضل بن موسى، قالا: حدثنا عبد الله ابن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نعمتان المغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ)).(1/393)
سألت أبا عبد الله هذا عن مولده، فقال: في سنة ست وخمسين وخمس مئة. وتوفي يوم السبت خامس عشري جمادى الآخرة سنة ست عشرة وست مئة ودفن بباب حرب.
240- محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد ابن المهتدي بالله أبي عبد الله محمد ابن الواثق بالله أبي جعفر هارون ابن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد ابن الرشيد أبي جعفر هارون ابن المهدي أبي عبد الله محمد ابن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو الحسن بن أبي جعفر بن أبي الغنائم بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الهاشمي.
من بيت الخطابة والعدالة. وأبو الحسن هذا أحد الشهود المعدلين، ووالده أبو جعفر كان له معرفةٌ حسنة بالأنساب الهاشمية.
شهد أبو الحسن هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدامغاني في يوم الأحد سادس المحرم سنة ثمان وست مئة، وزكاه العدلان: أبو نصر أحمد بن صدقة بن زهير وأبو محمد عبد المنعم بن محمد الباجسرائي. وسمع الحديث من أبي الحسن علي بن محمد بن بركة الزجاج، وأبي عبد الله محمد بن نسيم عتيق ابن عيشون، وأبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني. سمعنا منه.
قرأت على أبي الحسن محمد بن عبد الله الهاشمي: أخبركم علي بن(1/394)
محمد بن بركة، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون قال: أخبرنا طاهر بن عبد الله بن طاهر، قال: أخبرنا محمد بن أحمد الجرجاني، قال: أخبرنا علي بن داهر الوراق، قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن أخت سليمان بن حرب، قال:حدثنا بشر بن عبد الوهاب، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا سفيان الثوري، قال: حدثنا ابن جريج، قال: حدثنا عطاء ابن أبي رباح، قال: حدثنا ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من قرأ القرآن فكأنما شافهته به ثم قرأ: {وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ.. ..}.
سألت أبا الحسن ابن المهتدي عن مولده، فقال: في شهر رمضان سنة سبع وخمسين وخمس مئة.
241- محمد بن أبي بكر -واسمه عبد الله- بن يوسف بن غنيمة بن جندل، أبو عبد الله السقلاطوني.
من أهل الحربية.
سمع أبا جعفر أحمد بن عبد الله بن يوسف، وروى عنه. كتبنا عنه شيئاً يسيراً.
قرئ على محمد بن أبي بكر بن جندل وأنا أسمع قيل له: أخبركم أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن أحمد الحربي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعلى الآجري، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد القزويني الزاهد، قال: قرأت على أبي الفتح(1/395)
يوسف بن عمر القواس، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد إملاءً، قال: حدثنا بندار، قال: حدثنا محمد بن جعفر -يعني غندر- قال: حدثنا شعبة، عن واصل، عن مجاهد، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي، جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لنبي غيري، ونصرت بالرعب مسيرة شهرٍ على عدوي، وبعثت إلى كل أحمر وأسود، وأعطيت الشفاعة وهي نائلةٌ لمن مات لا يشرك بالله شيئاً)).
توفي في ليلة سابع عشري شهر رمضان سنة خمس عشرة وست مئة.
242- محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد المجيد، أبو عبد الله بن أبي القاسم بن أبي عبد الله المصري.
وقد تقدم ذكر جده أبي عبد الله. وأبو القاسم والد هذا أبي عبد الله كان شيخ الصوفية برباط الزوزني وأضيف إليه رباط المأمونية الذي أنشأته الجهة(1/396)
الشريفة والدة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام أبي العباس أحمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه وقدس روحها- فكان فيه إلى أن توفي في شوال سنة إحدى وتسعين وخمس مئة. وابنه محمد هذا سنه يومئذٍ اثنتا عشرة سنة فأنعمت عليه وجعلته مقدماً في الرباط المذكور بالمأمونية وشيخاً فيه على قاعدة أبيه، وأجرت له ما كان يصل إلى أبيه من جرايةٍ ومشاهرةٍ، فكان على ذلك مدة حياتها وبعد وفاتها إلى أن عزل في ثاني عشري شهر ربيع الآخر سنة إحدى عشرة وست مئة.
وقد سمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة، وأبو سعد فارس بن أبي القاسم الحفار، وأبو القاسم ذاكر بن كامل الحذاء، وأبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش وغيرهم.
ومولده يوم الأحد رابع عشرين من جمادى الأولى سنة ثمانين وخمس مئة.(1/397)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبيد الله
243- محمد بن عبيد الله العلوي الحسيني، أبو الحسن الملقب بشرف السادة.
من أهل بلخ. شاعرٌ فاضلٌ حسن الشعر. ذكر شجاع الذهلي أنه قدم بغداد رسولاً وأنه سمع منه شيئاً من شعره.
وذكره أبو المعالي سعد بن علي الحظيري في كتاب ((زينة الدهر)).
ومن شعره ما أنشد النقيب أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر، قال: أنشدني لنفسه:
أفدي بروحي من قلبي كوجنته ... في الوصف لا الحكم فالأحكام تفترق
أعجب بحرقة قلبٍ ما له لهبٌ ... ومن تلهب خدٍ ليس يحترق
244- محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد، أبو الوفاء.
من أهل الأنبار، والد شيخنا الكمال أبو البركات عبد الرحمن بن محمد(1/398)
الأنباري النحوي. سمع أبا المعالي محمد بن محمد ابن النجار، وحدث عنه. سمع منه ابنه عبد الرحمن، وروى عنه.
245- محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله الخطيبي، أبو حنيفة ابن أبي القاسم.
من أهل أصبهان. من بيتٍ مشهور بالعلم والفضل والرواية هو، وأبوه، وأهله.
قدم أبو حنيفة بغداد حاجاً في سنة اثنتين وستين وخمس مئة، وحدث بها عن أبيه، وعن جده لأمه حمد بن محمد بن أحمد بن صدقة، وعن أبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبي مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وأبي بكر أحمد بن محمد بن مردوية، وعبد الرحمن بن حمد الدوني وغيرهم.(1/399)
وأملى مجالس كتبها الناس عنه؛ سمع منه الشريف أبو الحسن الزيدي، والقاضي عمر القرشي، وأحمد بن شافع، وأبو القاسم المبارك بن أنشتكين السيدي، وإبراهيم ابن الشعار، وأحمد ابن البندنيجي. وروى لنا عنه أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي بواسط، وأبو الفضل محمد بن أبي الحسن المقرئ ببغداد، وغيرهما.
حدثنا أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن أبي المظفر الهاشمي، لفظاً وقرأته عليه ثانياً، قال: أخبرنا أبو حنيفة محمد بن عبيد الله بن علي الأصبهاني ببغداد حين قدمها علينا في شوال سنة اثنتين وستين وخمس مئة، قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد الحسن بن محمد بن حسنوية، قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن جعفر بن معبد، قال: حدثنا يحيى بن مطرف، قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم : ((أن شجرة كانت على الطريق تؤذي الناس فقطعها رجلٌ فغفر له)). أخرجه مسلم عن محمد بن حاتم، عن بهز، عن حماد.
أنبأنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر، ومن خطه نقلت، قال: مولد أبي حنيفة الخطيبي في شهر رمضان سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
وقال غيره: توفي بأصبهان في صفر سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.(1/400)
246- محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن نجا بن شاتيل، أبو عبد الله ابن شيخنا أبي الفتح البيع.
من بيت الرواية والتحديث. سمع أبو عبد الله من أبي عبد الله الحسين بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط، ومن أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي وغيرهما. وما أظنه حدث بشيءٍ لاشتغاله بالبيع وأمر المعيشة.
وتوفي في حياة أبيه في سنة ثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
247- محمد بن عبيد الله بن عبد الله، أبو الفتح الكاتب المعروف بابن التعاويذي الشاعر.
وهو سبط أبي محمد ابن التعاويذي الزاهد، عرف بابن التعاويذي وهو سبطه، فقال: إن اسم أبيه نشتكين. وكان مولى لبني المظفر، وأبو الفتح هذا سماه عبيد الله.
شاعرٌ مجيدٌ، حسن النظم، كثير القول. له ((ديوان)) جمعه ورتبه وقسمه(1/401)
فصولاً. كتب الناس شعره واستجادوا قوله. لم يتفق لي لقاؤه. أضر في آخر عمره. وتوفي في شوال سنة أربع وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب أبرز.
248- محمد بن عبيد الله بن الحسين بن عبيد الله بن شباب، أبو عبد الله.
من أهل بروجرد، أظنه قاضيها.
قدم بغداد للتفقه فأقام بها، وتفقه على مذهب الشافعي -رحمه الله- وسمع بها في سنة أربعين وخمس مئة من أبي عبد الله محمد بن محمد ابن السلال الشروطي، وأبي صابر عبد الصبور بن عبد السلام الهروي. وقد سمع بأصبهان من أبي العباس أحمد بن عبد الله بن مرزوق.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أن أبا عبد الله بن شباب قدم بغداد حاجاًَ في سنة سبع وسبعين وخمس مئة وأنه حدث بها عن أبي عبد الله ابن السلال، وأبي العباس بن مرزوق وأنه سمع منه، والله أعلم.
حدثني عبد الرحيم بن[ ] الكرجي ببغداد أن محمد بن عبيد الله بن شباب توفي في اليوم العشرين من شهر ربيع الأول سنة ست وست مئة ببروجرد، رحمه الله وإيانا.(1/402)
249- محمد بن عبيد الله بن محمد بن علي بن الحسين، أبو الفرج ابن أبي الأزهر الوكيل بباب القضاة.
ولد بواسط، ونشأ بها، وقرأ القرآن على شيوخها. ثم استوطن بغداد وقرأ بها أيضاً على أبي بكر محمد بن خالد الرزاز، وغيره، وسمع منه، ومن منوجهر ابن محمد بن تركانشاه، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وغيرهما.
وتولى الوكالة لوكيل الخدمة الشريفة المقدسة الإمامية الناصرية -خلد الله ملكها- وهو شيخٌ حسنٌ فيه تميزٌ، وله معرفةٌ بالأمور الشرعية.
سألته عن مولده، فقال: ولدت في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة الاثنين سابع عشري رجب سنة تسع عشرة وست مئة، ودفن بباب أبرز.(1/403)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرحمن
250- محمد بن عبد الرحمن بن عبد السلام بن الحسن اللمغاني، أبو عبد الله الفقيه الحنفي.
من أهل محلة أبي حنيفة رحمه الله، له معرفةٌ بمذهب أبي حنيفة. تفقه على أبيه، وعمه عبد السلام، وسكن الكوفة مدةً، وتفقه عليه بها جماعةٌ، وعاد إلى بغداد، ودرس بالمدرسة التتشية بمشرعة درب دينار، وتخرج به جماعةٌ.
ذكر صدقة بن الحسين الحداد أنه توفي في ليلة الجمعة تاسع عشر شعبان من سنة أربع وخمسين وخمس مئة ودفن بمحلة أبي حنيفة.
251- محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الله ابن الأشقر، أبو طاهر الواعظ يعرف بابن البرني.(1/404)
من أهل الحربية من أولاد المحدثين؛ وأبوه عبد الرحمن يكنى أبا محمد، روى وحدثنا عنه، وسيأتي ذكره فيمن اسمه عبد الرحمن إن شاء الله.
وأبو طاهر هذا سمع من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم، وروى عنهم.
توفي يوم الأحد ثالث المحرم سنة ست وستين وخمس مئة فيما ذكر صدقة ابن الحسين رحمهم الله وإيانا.
252- محمد بن عبد الرحمن بن أبي المعالي الواريني، أبو عبد الله الفقيه الشافعي.
من أهل قزوين. فقيه فاضل مفتٍ، له معرفةٌ باللغة العربية وبالشروط. سمع ببلده من الفقيه أبي بكر ملكداذ بن علي العمركي وغيره. وقدم بغداد حاجاً في سنة إحدى وثمانين وخمس مئة، وحج وعاد، وحدث بها في صفر سنة اثنتين وثمانين عن ملكداذ المذكور. سمع منه بها أبو الفضائل محمد بن أبي الفضل القزويني.(1/405)
253- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن مسعود بن أحمد بن الحسين بن محمد البنجديهي، أبو عبد الله، وقيل أبو سعيد.
من أهل بنج دية من أعمال مرو الروذ، ويعرف بالبندهي.
فقيهٌ صوفيٌ محدثٌ جوالٌ، سمع بخراسان من أبي شجاع عمر بن محمد البسطامي ثم البلخي، ومن أبي الحسن مسعود بن محمد الغانمي. ومن أبي علي الحسن بن أحمد الموسياباذي، وغيرهم.
وقدم بغداد مراراً؛ سمع بها من أبي المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي الخطيب. ثم خرج إلى الشام، وصار إلى ديار مصر، وحدث هناك، وأملى مجالس في سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وسمع منه بها أبو الفتوح نصر بن محمد بن أبي فنون البغدادي، وأبو محمد عبد القوي بن عبد الخالق بن(1/406)
وحشي المسكي.
وتوفي بدمشق، ووقف كتبه في رباط الصوفية المعروف بالسميساطي.
كتب إلينا أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي يذكر لنا أن أبا سعيد البندهي ولد في سنة إحدى وعشرين وخمس مئة، وأنه توفي بدمشق في ليلة السبت تاسع عشري شهر ربيع الأول من سنة أربع وثمانين وخمس مئة، ودفن بسفح جبل قاسيون.
254- محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز، أبو الفرج التاجر.
واسطي المولد. صحب صدقة بن الحسين بن وزير الواسطي الواعظ، وقدم معه بغداد في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، وسمع بها من أبي الوقت السجزي، والنقيب أبي جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي، وأبي المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي الهاشمي الخطيب، وأبي المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيرهم. واشتغل بالتجارة مدةً وعاد إلى واسط وأقام بها.(1/407)
ثم قدم بغداد، وحدث بها في سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وخرج إلى الشام وحدث في طريقه، وأقام بدمشق مدة يقرأ عليه. ورجع إلى الموصل، واستوطنها، وكتبنا عنه.
وكان قد طلب بنفسه ويعرف شيوخه ومسموعاته.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد الرحمن بن أبي العز البزاز، قراءةً عليه وأنا أسمع بالموصل بسكة أبي نجيح من أصل سماعه، قيل له: أخبركم الشريف أبو المظفر محمد بن أحمد بن علي الهاشمي، قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله ابن محمد البغوي، قال: حدثنا أحمد بن حنبل وجدي وزهير بن حرب وابن المقرئ، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يعظ أخاه في الحياء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
سألنا أبا الفرج هذا بعد سماعنا منه عن مولده، فقال: ما أعلم في أي سنةٍ، بل سمعت من أبي الوقت في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة وعمري يومئذٍ ست وثلاثون سنة، ولي اليوم خمس وتسعون سنة. وكان سؤالنا له في أول سنة اثنتي عشرة وست مئة فيكون مولده على ما ذكر في سنة سبع عشرة وخمس مئة.
وتوفي بالموصل في خامس عشري جمادى الآخرة سنة ثماني عشرة وست مئة، ودفن بها.(1/408)
255- محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي ابن الحلوائي، أبو عبد الله بن أبي محمد.
كان والده من شيوخ الحنابلة، وله معرفةٌ بالفقه والتفسير وأسمعه لابنه هذا من أبي المعالي أحمد بن علي ابن السمين وغيره. وسمع هو أيضاً بعده من أبي محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي.
وكان شيخاً فيه غفلة وعدم معرفة. كتبنا عنه أحاديث يسيرة.
توفي أواسط سنة أربع عشرة وست مئة.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرحيم
256- محمد بن عبد الرحيم بن سليمان بن الربيع بن محمد بن علي بن عبد الصمد القيسي، أبو حامد وأبو عبد الله المغربي الأندلسي.(1/409)
من أهل غرناطة قدم بغداد قديماً، وخرج إلى خراسان، فأقام هناك مدةً. ثم قدم بغداد حاجاً في سنة خمس وخمسين وخمس مئة فحج، وعاد إليها، وحدث بها في سنة ست وخمسين وخمس مئة عن أبي صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المصري، وعن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي المعروف بابن الحطاب الإسكندراني، وأملى شيئاً من شعره.
سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، والشريف أبو الحسن علي ابن أحمد الزيدي، وأحمد بن عمر بن لبيدة، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبو الحسن علي بن يحيى بن إدريس، وأبو علي الحسن وأبو عبد الله الحسين ابنا المبارك بن محمد الزبيدي.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن المبارك بن محمد بقراءتي عليه، قال: حدثنا أبو حامد محمد بن أبي الربيع القيسي، قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحراني، قال: حدثنا حمزة بن محمد الكتاني، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن داود الصدفي، قال: حدثنا يحيى بن يزيد يكنى أبا شريك، قال: حدثنا ضمام بن إسماعيل، عن موسى بن وردان، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أكثروا من شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له قبل أن يحال بينكم وبينها، ولقنوها موتاكم)).
257- محمد بن عبد الرحيم بن يعقوب اللارجاني الأصل الهمذاني المولد، أبو عبد الله بن أبي خلف، ولا رجان من نواحي الري.(1/410)
ومحمد هذا ابن أخت أحمد بن أبي الفخر الصوفي الهمذاني.
قدم بغداد، وأقام بها مدةً. وكان فيه فضل وتميز، وله معرفةٌ باللغة العربية وأشعار العرب. سافر الكثير نحو خراسان، وما وراء النهر، والعراق، والحجاز، والجزيرة، والشام، ولقي جماعةً من علماء هذه البلاد وأخذ عنهم، وسمع شيئاً من الحديث. علقت عنه أناشيد ببغداد.
أنشدني أبو عبد الله محمد بن أبي خلف الصوفي، قال: أنشدني بعض أهل العلم بسمرقند لأبي علي الحسن بن علي الباخرزي:
إنسان عيني قط ما يرتوي ... من ماء وجهٍ ملحت عينه
كذلك الإنسان ما يرتوي ... من شرب ماءٍ ملحت عينه
خرج أبو عبد الله اللارجاني من الموصل متوجهاً إلى بغداد مريضاً فبلغ تكريت فتوفي في يوم الأربعاء التاسع والعشرين من جمادى الأولى سنة خمس وست مئة، فدفن بها بمقبرة المشهد، ولم يبلغ الأربعين، رحمه الله وإيانا.(1/411)
ذكر منه اسمه محمد واسم أبيه عبد الملك
258- محمد بن عبد الملك بن عبد السلام بن الحسن ابن اللمغاني، أبو تمام ابن أبي محمد.
من أهل محلة أبي حنيفة.
أحد الشهود المعدلين هو، وأبوه. ومن بيت الفقه والمعرفة. شهد أبو تمام هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي، قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار بن علي الواسطي، قراءةً عليه، في ((تاريخ الحكام)) تأليفه، قال فيمن قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته: وأبو تمام محمد ابن عبد الملك ابن اللمغاني يوم الأحد خامس عشر شوال سنة أربع وعشرين وخمس مئة وزكاه أبو المعالي صالح بن شافع وأبو بكر ابن الدينوري.
قال أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في ((تاريخه)) ومن خطه نقلت: توفي أبو تمام ابن اللمغاني ليلة الاثنين حادي عشري شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الاثنين، ودفن بباب الطاق.
259- محمد بن عبد الملك بن عبد الحميد، أبو عبد الله الزاهد.(1/412)
من أهل ميافارقين، قدم بغدد في صباه، وأقام بها إلى حين وفاته. وكان صاحب رياضةٍ، ومعاملة، وكلامٍ صائبٍ.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، قال: محمد بن عبد الملك الفارقي، أبو عبد الله الشافعي، قدم بغداد في عنفوان شبابه وسمع بها جعفر بن أحمد السراج، وانقطع إلى الخلوة والمجاهدة والعبادة التامة إلى أن لاحت له أمارات القبول، واستعمل الإخلاص في أعماله إلى أن تحقق جريان الحكمة على لسانه، فكان العلماء والفضلاء يقصدونه ويكتبون كلامه الذي فوق الدر ويتهادونه بينهم. وجرى على طريقٍ واحدٍ من اختيار الفقر والتقلل والتخشن، كتبت عنه من كلامه.
قلت: وكان للفارقي مجلسٌ في كل جمعة بجامع القصر بعد الصلاة يتكلم فيه على الناس من غير تكلف ولا تصنع ولا روية والناس يكتبون. فممن روى لنا عنه شيخنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي، وأبو الحسين هبة الله ابن محمد قاضي المدائن، وأبو شجاع عبد الرزاق ابن النفيس الواسطي وغيرهم، رحمهم الله.
أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور الصوفي، قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي يقول: ((المحبة نارٌ زنادها جمال المحبوب وحراقها حرق القلوب وكبريتها الكمد ووقودها الفؤاد والكبد)).
سمعت أبا الفضل نعمة الله بن أحمد بن يوسف الأنصاري يقول: من كلام(1/413)
الفارقي: ((الألقاب سراب بقيعة الإعجاب، تفرح بها نفسٌ قاصرةٌ قانعةٌ بالقشر دون اللباب)).
أنشدني القاضي أبو الحسين هبة الله بن محمد بن محمد المدائني، قال: أنشدني الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد الملك الفارقي في إملائه علينا بجامع القصر الشريف:
يا من يرى خدمة السلطان عدته ... ما أرش كدك إلا الهم والندم
دع الملوك فخيرٌ من طلابك ما ... ترجوه عندهم الحرمان والعدم
إني أرى صاحب السلطان في ظلمٍ ... ما مثلهن إذا قاسى الفتى ظلم
فقلبه تعبٌ والنفس خائفةٌ ... وعرضه عرضةٌ والدين منثلم
هذا إذا انتظمت أسباب دولته ... والصيلم الأد إن زلت به القدم
أنشدني أبو شجاع عبد الرزاق ابن النفيس الصوفي، قال: سمعت أبا عبد الله الفارقي ينشد بجامع القصر الشريف:
إذا أفادك إنسانٌ بفائدةٍ ... من العلوم فأكثر شكره أبدا
وقل فلانٌ جزاه الله صالحةً ... أفادنيها وألق الكبر والحسدا
فالحر يشكر صنعاً للمفيد له ... علماً ويذكره إن قام أو قعدا
أنبأنا القرشي: قال: سألت الفارقي في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة عن مولده، فقال: لي إحدى وسبعون سنة وشهور فيكون مولده في سنة سبع وثمانين وأربع مئة، والله أعلم.
وتوفي يوم الجمعة حادي عشر رجب سنة أربع وستين وخمس مئة، وصلي(1/414)
عليه وقت الصلاة بجامع القصر، ذكر ذلك صدقة بن الحسين الفرضي، ودفن قريباً من المختارة.
260- محمد بن عبد الملك بن مسعود بن علي الدينوري، أبو بكر ابن أبي الفرج.
أحد العدول هو، وأبوه. شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي.
أخبرنا محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار الواسطي في تاريخه، قال: وممن شهد عند قاضي القضاة الزينبي: أبو بكر محمد بن عبد الملك الدينوري يوم الاثنين خامس عشري شهر رمضان سنة أربع وعشرين وخمس مئة، وزكاه الشريف أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي الخطيب وأبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ.
قلت: وقد سمع أبو بكر هذا شيئاً من الحديث من أبي سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، وروى عنه. سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني، وروى عنه في ترجمة أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، ولم يترجم له وتأخرت وفاته عن وفاته بسبع سنين. وسمع منه أيضاً عمر بن علي القرشي.
وأبو بكر هذا مغموزٌ بأشياء متساهلٌ في الشهادة، غيره أوثق منه، سامحنا الله وإياه.
توفي يوم الأحد حادي عشر شعبان سنة تسع وستين وخمس مئة فيما ذكر صدقة بن الحسين. وقال غيره: ودفن بمقبرة معروف.
261- محمد بن عبد الملك بن علي بن محمد ابن الهمذاني، أبو المحاسن بن أبي المظفر الفراء.(1/415)
كان والده أبو المظفر من أهل همذان قدم بغداد واستوطنها إلى أن توفي بها، وكان محدثاً مكثراً. وأبو المحاسن هذا ولد ببغداد، وسمع بها من أبي الحسن علي بن المبارك ابن الفاعوس، وأبي نصر أحمد بن عبد الله بن رضوان، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، وزاهر بن طاهر الشحامي، وغيرهم، وروى عنهم.
وكان ثقةً، صحيح السماع، سهل الأخلاق. وسمع منه أصحابنا وما لقيته. وقد أجاز لنا.
أنبأنا أبو المحاسن محمد بن عبد الملك بن علي الهمذاني، وكتبه لنا بخطه في ذي الحجة سنة ست وسبعين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين إملاء. وأخبرنا أبو طاهر لاحق بن أبي الفضل بن علي الصوفي، قراءةً عليه في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن عبد الواحد، قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنه حدثه، قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار -وقال مرةً: ونحن في(1/416)
الغار-: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال: فقال: ((يا أبا بكرٍ ما ظنك باثنين الله ثالثهما)). أخرجه البخاري عن محمد بن سنان [عن حبان] عن همام. وأخرجه مسلم عن عبد بن حميد وغيره، عن حبان، عن همام.
توفي أبو المحاسن ابن الهمذاني في يوم الأحد غرة ذي الحجة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
262- محمد بن عبد الملك بن علي بن أبي يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الملك بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي المخرمي، أبو الكرم بن أبي علي بن أبي القاسم.
هكذا ساق نسبه القاضي أبو المحاسن الدمشقي في ((معجم شيوخه)).
سمع أبو الكرم هذا من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وغيره. وحدث عنهم. سمع منه عمر بن أبي الحسن القرشي وعبد الله بن أبي طالب المقرئ وغيرهما. وأدركته وما قدر لي لقاؤه.(1/417)
قال لنا عبد الله بن أحمد المقرئ: وتوفي أبو الكرم بن عبد الملك الهاشمي المخرمي يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب أبرز، رحمه الله وإيانا.
263- محمد بن عبد الملك بن إسماعيل بن علي، أبو عبد الله الواعظ.
من أهل أصبهان، قدم بغداد مراراً وسمع بها في صباه من النقيب أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي، وغيره. وعاد إلى بلده وقدمها آخر مرة حاجاً في سنة أربع وتسعين وخمس مئة فحج وعاد، وأملى بها في المسجد الجامع مجالس كتبها عنه قومٌ من الطلبة حدث فيها عن أبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي، وأبي القاسم محمود بن عبد الكريم المعروف بفورجة التاجر، وأبي سعد عبد الجليل بن محمد الملقب كوتاه، وإسماعيل بن علي الحمامي، وحمد ابن أحمد الأصبهانيين، وعن أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي وغيره. ولم(1/418)
أسمع منه، وقد رأيته.
وعاد إلى بلده فتوفي به في رابع عشري ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمس مئة.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد العزيز
264- محمد بن عبد العزيز بن محمد بن عمر بن عبد العزيز بن عمر، وعمر هذا لقبه مازة، وأولاده يعرفون ببني مازة.
ومحمد هذا يعرف بصدرجهان. وجهان: فارسي معناه بالعربية الدنيا.
من أهل بخارى، من بيتٍ كبيرٍ مشهور بالعلم والتقدم ومذهب أبي حنيفة رحمه الله. وجده محمد بن عمر أحد أئمتهم، وله تعليق في الخلاف مشهور.
وقدم محمد بن عبد العزيز صدرجهان بغداد حاجاً في سنة ثلاث وست مئة في جماعةٍ من الفقهاء من أهل بلده وأتباعٍ وتجملٍ كثير، وتلقاه موكبٌ جميلٌ من الديوان العزيز فيه فخر الدين أبو البدر محمد بن أحمد بن أمسينا صاحب ديوان الزمام يومئذٍ وجماعة من الحجاب والأمراء والأجناد والأعيان، وخرجوا إليه إلى(1/419)
ظاهر السور بباب الحلبة، ودخلوا معه يوم الخميس ثاني ذي القعدة من السنة وأنزل بالجانب الغربي بدار زبيدة على دجلة، وحج وعاد وخلع عليه وعلى ولده، وتوجه إلى بلده في ربيع الأول سنة أربع وست مئة.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الواحد
265- محمد بن عبد الواحد بن الحسن المستعمل.
سمع أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، وروى عنه. سمع منه أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السقطي، وأخرج عنه في ((معجمه)).
قال القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي: وليس هو بأبي غالب بن زريق؛ لأن أبا غالب ولد في السنة التي توفي فيها أبو القاسم بن بشران.
266- محمد بن عبد الواحد بن أبي الخطاب الحلبي، أبو عبد الله العطار.
شيخٌ روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل حكاية في ((معجمه)) سمعها منه عن بعض إخوانه، رحمهم الله وإيانا.(1/420)
267- محمد بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن عبد الرحمن بن عبد الله، أبو عبد الله بن أبي القاسم المديني.
من أهل أصبهان يعرف بدولجة.
ورد بغداد حاجاً في سنة خمس وستين وخمس مئة وحدث بها عن أبي نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري. سمع منه بها أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي.
وذكر أبو بكر عبيد الله بين علي المارستاني أنه سأله عن مولده فقال: في شوال سنة ثلاث عشرة وخمس مئة بشهرستانة، يعني المدينة القديمة بأصبهان، رحمه الله وإيانا.
268- محمد بن عبد الواحد بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر بن أحمد ابن الصباغ، أبو جعفر بن أبي المظفر بن أبي غالب.
أحد الشهود المعدلين هو، وأبوه، وجده.
وأبو جعفر هذا تفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه على أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز. وتكلم في المسائل وناب في التدريس بالمدرسة(1/421)
النظامية بعد وفاة يوسف بن بندار الدمشقي إلى أن درس بها أبو نصر ابن الشاشي. وتولى القضاء بباب النوبي المحروس إلا أنه عزل عن ذلك كله قبل وفاته.
سمع أبا السعادات أحمد بن أحمد ابن المتوكل الهاشمي، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وغيرهم.
وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسن الزينبي فيما أخبرنا محمد بن أحمد النحوي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن بختيار القاضي في كتابه ((تاريخ الحكام))، قال: وممن قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته وسمع تزكيته أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ يوم الاثنين سابع عشر شوال سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وزكاه الشيخ أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز وأبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ.
وحدث أبو جعفر بشيءٍ من مسموعاته؛ سمع منه القاضي عمر القرشي، وجماعةٌ بعده. ورأيته وما اتفق أني سمعت منه شيئاً.
قرأت على أبي البركات سعيد بن هبة الله بن علي، قلت له: أخبركم أبو جعفر محمد بن عبد الواحد بن محمد، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو السعادات أحمد بن أحمد بن عبد الواحد الهاشمي، قراءةً عليه قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد السمناني، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد البيهقي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن خالد الذهلي، قال: حدثنا إبراهيم ابن محمد، قال: حدثنا بشر بن الوليد القاضي، قال: حدثنا أبو يوسف، قال:(1/422)
حدثنا أبو حنيفة، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((طلب العلم فريضةٌ على كل مسلم)).(1/423)
أنبأنا القرشي، قال: مولد أبي جعفر ابن الصباغ يوم السبت ثاني عشر ذي القعدة سنة ثمان وخمس مئة.
قلت: وتوفي ليلة الثلاثاء ثاني عشر من ذي الحجة سنة خمس وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
وكان فيه تساهل، رحمه الله وإيانا.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الوهاب
269- محمد بن عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الله ابن السيبي، أبو عبد الله بن أبي الفرج.
من أهل البيوت المعروفة بالعدالة والقضاء والفضل. كان والده أبو الفرج مؤدب الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنه وله عنه رواية.
وأبو عبد الله هذا كان من الأعيان الأماثل، وله عقبٌ وأهلٌ سيأتي ذكرهم في هذا الكتاب إن شاء الله. سمع أبو عبد الله من أبي الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وغيره، وروى عنهم سمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
270- محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم بن بركات البصري، أبو عبد الله، أخو أبي أحمد العباس بن عبد الوهاب المحدث البصري.
سمع محمد مع أخيه من جماعةٍ منهم: أبو الوقت عبد الأول بن عيسى(1/424)
السجزي، ومن بعده مثل أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبي المعالي جعفر بن أحمد ابن المجلي. واشتغل بالتجارة وتوفي بعد أخيه أبي أحمد ولم يحدث بشيء والله أعلم.
271- محمد بن عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله، أبو منصور ابن أبي أحمد بن أبي منصور المعروف بابن سكينة.
من أولاد الشيوخ الرواة وأهل التصوف والأعيان الثقات. نشأ بين الصالحين، وطلب العلم من صباه، وحصل حفظ القرآن المجيد، ومعرفة الفقه، والأدب. وسمع الكثير بإفادة والده من أبي الوقت السجزي، وأبي القاسم نصر بن نصر ابن العكبري، والشريف أبي المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي، وغيرهم.
وكان حسن الطريقة سرياً جميلاً.
حدث باليسير؛ سمع منه أبو الحسن علي بن ملكداذ الجنزي، وأبو علي الحسن بن يحيى بن جبر المصري، وأبو جعفر أحمد بن محمد بن خولة الغرناطي، وغيرهم. وكان يحضر معنا مجالس السماع على والده، ولم أسمع منه.
أنشدني أبو جعفر أحمد بن محمد بن محمد ابن السلمي بواسط، قال: أنشدني أبو منصور محمد بن عبد الوهاب بن علي ببغداد لابن حيوس:
وخز الأسنة والخضوع لجاهلٍ ... أمران في ذوق النهى مران(1/425)
والحزم أن يختار فيما دونه الأمران ... وخز أسنة المران
كان مولد أبي منصور ابن سكينة هذا في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة وتوفي ليلة الأحد ثاني جمادى الآخرة من سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، وصلى عليه والده يوم الأحد بالمدرسة النظامية في خلقٍ كثيرٍ، ودفن عند شيخ الشيوخ أبي سعد النيسابوري بباب أبرز.
272- محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن عبد الوهاب بن هبة الله ابن عبد الله ابن السيبي، أبو عبد الله، حفيد الذي قدمنا ذكره.
كان يسكن بدار الخلافة المعظمة قريباً من باب عليان.
سمع من أبي المظفر محمد بن أحمد الخطيب المعروف بابن التريكي، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي، وغيرهما. كتبنا عنه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الوهاب ابن السيبي، قراءةً عليه، وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو المظفر محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز الهاشمي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن زنبور، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، عن أبيه، عن واصل بن حيان، عن أبي وائل، عن عمار، قال: قال(1/426)
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن من البيان لسحرا)).
سألت أبا عبد الله ابن السيبي عن مولده، فقال: ولدت في ليلة الخميس ثامن عشر ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة الاثنين ثامن عشر شوال سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن يوم الاثنين بباب أبرز بتربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الكريم
273- محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن عبد القاهر بن يزيد بن رفاعة الشيباني، أبو عبد الله الملقب سديد الدولة ابن الأنباري، كاتب الإنشاء بالديوان العزيز -مجده الله-.
كاتبٌ فاضلٌ له معرفة حسنةٌ بالأدب وله ترسلٌ وشعرٌ جيدٌ. أقام بديوان الإنشاء المعمور مستخدماً فيه أكثر من خمسين سنة، وناب في ديوان المجلس(1/427)
عن الوزارة في بعض الأزمنة، ونفذ في الرسائل إلى الشام وخراسان مراراً.
وكان مقدماً مأموناً محمود المصادر والموارد، له الرأي الصائب والتدبير الحسن والسفارة الحميدة. وكانت بينه وبين أبي محمد القاسم بن علي الحريري البصري مكاتبات ورسائل هي موجودة مدونة حسنة الألفاظ والمعاني.
سمع شيئاً من الحديث في شبابه لا صبوته من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وروى عن أبي عبد الله أحمد بن محمد الخياط الدمشقي، وأبي عبد الله محمد بن نصر القيسراني شيئاً من شعرهما.
سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، والشريف علي بن أحمد الزيدي، وأبو الفرج المبارك بن عبد الله ابن النقور، وعبد المحسن بن خطلخ الأميري المعروف بطغدي، وغيرهم.
أخبرنا أبو الفرج المبارك بن عبد الله بن محمد المعدل إذناً، قال: قرئ على سديد الدولة أبي عبد الله محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم الأنباري وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر الحافظ، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله الدقاق، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا إسحاق بن شاهين، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله عز وجل يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ويكره لكم: قيل وقال: وكثرة السؤال، وإضاعة المال)).(1/428)
سمعت أبا الفتح أحمد بن علي بن الحسين الواعظ يقول: كتب سديد الدولة أبو عبد الله ابن الأنباري إلى بعضهم وسمعته منه عقيب مرضٍ لحقه: ((وهب الله له عافيةً غير عافية، وسلامةً من الأدواء سالمة، ما رقت الشمائل وراقت الشمائل)).
ذكر صدقة بن الحسين الناسخ في تاريخه أن سديد الدولة ابن الأنباري توفي ما بين الظهر والعصر من يوم الاثنين تاسع عشر رجب سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الثلاثاء بجامع القصر الشريف وحضر الصلاة عليه الوزير يحيى بن هبيرة وأرباب المناصب، ودفن بالجانب الغربي بالمشهد، يعني مشهد الإمام موسى بن جعفر رحمه الله. وكان من مشايخ الدولة والقدماء، وكان سنه دون التسعين بسنةٍ أو سنتين، وكان فيه فضل وأدب.
وقال غيره: مولده يوم الاثنين سادس ذي القعدة سنة سبعين وأربع مئة، رحمه الله وإيانا.
274- محمد بن عبد الكريم بن الفضل الرافعي، أبو الفضل الفقيه الشافعي.
من أهل قزوين.(1/429)
تفقه ببلده على ملكداذ بن علي العمركي، وعلى أبي علي ابن الشافعي المقرئ، وعلى أبي سليمان الزبيري. وسمع الحديث منهم. ثم قدم بغداد وأقام بها للتفقه على الشيخ أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز مدرس النظامية، وسمع الحديث بها منه، ومن أبي الحسن سعد الخير من محمد الأنصاري، ومن نقيب النقباء أبي الحسن محمد بن طراد الزينبي، وأبي الفتح عبد الوهاب بن محمد الخفاف المقرئ، وغيرهم.
وعاد إلى بلده ثم خرج إلى نيسابور فأقام عند الشيخ أبي سعد محمد بن يحيى وتفقه عليه، وسمع بها من أبي البركات عبد الله بن محمد الفراوي، وأبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري، وأبي منصور عبد الخالق بن زاهر الشحامي. وسمع بطوس من أبي عبد الله محمد بن الفضيل، وأبي طاهر العطاري. ثم عاد إلى قزوين، ودرس بها الفقه، وروى الحديث. سمع منه ابنه أبو الفضائل محمد وغيره.
قال محمد: وتوفي أبي ليلة الخميس سابع شهر رمضان سنة ثمانين وخمس مئة وعمره دون السبعين بيسير.
275- محمد بن عبد الكريم بن إسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست، أبو بكر بن أبي منصور ابن شيخ الشيوخ أبي البركات ابن شيخ الشيوخ أبي سعيد النيسابوري.
ولد أبو بكر ببغداد، وكان من أولاد الشيوخ والصوفية الأعيان. وصحب جده إسماعيل، وسمع منه الحديث، ومن أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وجماعة بعدهم. وما أعلم أنه روى شيئاً وإن كان روى يسيراً لاشتغاله بالتصوف والأشعار وغير ذلك(1/430)
من الأسباب القاطعة عن التصدي للرواية والتحديث.
صدر أبو بكر محمد بن عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ من الموصل متوجهاً إلى بغداد في دجلة مريضاً، فتوفي قبل وصوله إليها في اليوم الرابع والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وقدموا به ميتاً، فدفن عند جده بباب رباط الزوزني مقابل جامع المنصور.
((آخر الجزء السادس وأول السابع))
276- محمد بن عبد الكريم بن علي المقرئ، أبو بكر الضرير.
من أهل رأس عين. قدم بغداد وأقام بها، وحفظ القرآن المجيد، وقرأ بها على جماعةٍ من الشيوخ، وسمع الحديث من جماعةٍ مع الشيخ أبي الفضل محمد بن ناصر ومنه. وكان حسن الحفظ للقرآن جيد التلاوة له. لقيته بقريةٍ من قرى دجيل وذاكرته وطلبت منه شيئاً من مسموعاته فلم يحضره شيءٌ فكتبت عنه أنشاداً.
أنشدني أبو بكر محمد بن عبد الكريم المقرئ بالزهيرية من قرى دجيل، من حفظه، قال: أنشدنا الشيخ أبو الفضل بن ناصر ببغداد لبعضهم، رحمهم الله وإيانا:
ذر المقادير تجري في أعنتها ... واصبر فليس لها صبرٌ على حال(1/431)
بينا تريك وضيع القوم مرتفعاً ... إلى السماك ويوماً تخفض العالي
ما بين غمضة عينٍ وانتباهتها ... تقلب الدهر من حال إلى حال
كتبت عن هذا الشيخ في سنة ست مئة ثم طلبته بالموضع الذي لقيته فيه فغاب عني خبره.
277- محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد الكريم بن أحمد بن طاهر، أبو عبد الله بن أبي سعد بن أبي العباس بن أبي سعد المعروف بابن الوزان الفقيه الشافعي.
من أهل الري.
فقيهٌ فاضلٌ زاهدٌ، من بيت العلم والتقدم ببلده، هو، وأبوه وأهله.
قدم أبو عبد الله بغداد حاجاً فحج وجاور بمكة حرسها الله، وحدث بها عن أبي حفص عمر بن أحد الصفار. وسمع منه بها الفقيه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف الشافعي وغيره. وعاد إلى بلده. وكتب لنا إجازة من هناك غير مرةٍ.
وبلغنا أنه توفي في سنة سبع وتسعين وخمس مئة، والله أعلم.
278- محمد بن عبد الكريم بن محمد بن منصور بن عبد الجبار ابن السمعاني، أبو زيد بن أبي سعد بن أبي بكر بن أبي المظفر.(1/432)
من أهل مرو؛ من بيت الفضل والعلم والرواية. ووالده أبو سعد من أئمة أهل الحديث وله الرحلة الكبيرة والتصانيف الحسنة وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.
سمع أبو زيد أبا الفتح محمد بن عبد الرحمن الحمدويي، ووالده، وغيرهما.
قدم بغداد رسولاً من أمراء العجم، وجلس للوعظ بباب بدر الشريف، وروى عن أبيه، وغيره، في مجلس وعظه أحاديث. ورأيته ببغداد في سنة اثنتين وست مئة، ولم أكتب عنه. وعاد إلى خراسان. وكان قد أجاز لنا من بلده قبل هذا التاريخ.
بلغني أن مولده في سنة أربع وخمسين وخمس مئة.
279- محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن أبي علي الأصبهاني الأصل البغدادي المولد، أبو جعفر بن أبي علي بن أبي بكر يعرف جده بالسيدي، منسوب إلى الأمير السيد أبي الحسن العلوي الحنفي.(1/433)
وأبو جعفر هذا سمع بإفادة جده أبي بكر من جماعة منهم: أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وشيوخنا: أبو العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وأبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن زريق، وطبقتهم، وروى عنهم. سمع منه قومٌ من الطلبة في هذا الوقت، والله الموفق.(1/434)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد القادر
280- محمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو الحسن بن أبي طالب، والد أبي الفرج عبد الرحمن بن محمد ابن يوسف العدل الذي سيأتي ذكره.
كان أبو الحسن من أولاد الشيوخ المحدثين الثقات المعروفين، ومن أهل بيتٍ مشهورين بالرواية. سمع أبو الحسن أباه أبا طالب وغيره. وخرج عن بغداد في تجارةٍ في أوان شبابه وانقطع خبره فلم نقف على حال وفاته وذلك في حياة أبيه، وكان ابنه أبو الفرج طفلاً.
281- محمد بن عبد القادر بن أبي صالح بن جنكي دوست الجيلي الأصل البغدادي المولد، أبو الفضل.
أحد أولاد الشيخ عبد القادر الزاهد الفقيه الحنبلي الواعظ.
سمع محمد هذا أبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأباه، وغيرهم. وحدث بشيءٍ يسير. ولقيته وما كتبت عنه شيئاً.
توفي في يوم الأحد خامس عشري ذي القعدة من سنة ست مئة، ودفن يوم الأحد بمقبرة الحلبة، رحمه الله وإيانا.(1/435)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الباقي
282- محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن بشر العطار، أبو منصور.
ذكره أبو بكر بن كامل في ((معجم شيوخه))، وقال: أنشدني أبياتاً من الشعر، ذكرها عنه.
وقد روى أبو منصور هذا شيئاً من الحديث. أظن أبا العلاء محمد بن جعفر ابن عقيل سمع منه.
283- محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، أبو الفتح يعرف بابن البطي، وهو نسيبه إلا أنه عرف به.(1/436)
من ساكني دار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- بمحلة الصاغة.
شيخٌ ثقةٌ مسندٌ. سمع الكثير بإفادة أبيه، وبنفسه، وعمر حتى حدث بمسموعاته مراراً، وسمع منه قومٌ وأبناؤهم. وسمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني وذكره في كتابه، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.
روى عن أبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي، وأبي الحسن علي بن محمد ابن الخطيب الأنباري، وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وأبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، وأبي الفضل عبد الله بن علي بن زكري الدقاق، وأبي الحسن علي بن الحسن بن أيوب البزاز، وغيرهم. ومن الغرباء: عن أبي الفضل أحمد بن أحمد الحداد. وكانت له إجازة من الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي.
سمع الناس منه بعد سنة عشرين وخمس مئة إلى حين وفاته. وكان من أسند أقرانه في زمانه. حدثنا عنه خلق كثير بواسط وبغداد والموصل وغيرها من البلاد.
قرأت على الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي ببغداد، وحدثنا أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي بواسط، وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن المظفر بن إبراهيم بن محمد الواعظ(1/437)
بالموصل، قالوا: حدثنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي المالكي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى القرشي، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجلٍ وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
قال شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي: أخرجه البخاري عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، وأخرجه مسلم عن عبد بن حميد، عن عبد الرزاق عن معمر؛ كلاهما عن الزهري.
أنشدنا الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن أبي المظفر الهاشمي من لفظه، قال: أنشدنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، قال: أنشدني أبو محمد علي بن أحمد -يعني ابن حزم- لعبد الملك بن جهور:
إن كانت الأبدان نابيةً ... فنفوس أهل الظرف تأتلف
يا رب مفترقين قد جمعت ... قلبيهما الأقلام والصحف
وأنشدنا الشريف أبو طالب وغيره، قالوا: أنشدنا أبو الفتح بن عبد الباقي قال: أنشدنا الحميدي، قال: أنشدني والدي فيما لقنني أيام الصبا(1/438)
رحمه الله وإيانا:
من قابل النعمة من ربه ... بواجب الشكر له دامت
وكافر النعمة مسلوبها ... وقل ما ترجع إن زالت
أخبرنا الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، قال: ولد شيخنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي في سنة سبع وسبعين وأربع مئة. وتوفي يوم الخميس سابع عشري جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب أبرز، رحمه الله وإيانا.
284- محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن علي ابن النرسي، أبو الفتح بن أبي البركات.
من أهل باب الأزج، من بيت العدالة والرواية هو، وأبوه، وأخوه أبو المظفر، وجماعةٌ من أهله.
وأبو الفتح كان ضريراً. سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأباه أبا البركات، وغيرهما، وروى القليل؛ سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي، وأبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، وأبو القاسم عبيد الله بن علي ابن الفراء، وأبو القاسم المبارك بن أنوشتكين الوكيل. وحدثنا عنه أبو محمد(1/439)
عبد العزيز بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر التاجر من كتابه، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن النرسي، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد العمري، قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن أحمد بن شاذان، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن الحكم الواسطي، قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا صالح المري، قال: حدثنا جعفر بن زيد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله عز وجل يقول: إني لأهم بأهل الأرض عذاباً فإذا نظرت إلى عمار بيوتي والمتحابين في والمستغفرين بالأسحار صرفت عذابي عنهم)).
أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي قال: سألت أبا الفتح ابن النرسي عن مولده، فقال: ولدت في سنة أربع وتسعين وأربع مئة.
قلت: وتوفي ليلة الاثنين رابع عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، ودفن بالشونيزي.
وقال محمد بن مشق: توفي في ذي الحجة من السنة المذكورة، والأول أصح، والله أعلم.
285- محمد بن عبد الباقي بن علي ابن التبان، أبو بكر.
واسطي الأصل بغدادي الدار.(1/440)
تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وسمع أبا منصور محمد بن أحمد بن علي الخياط المقرئ، وروى عنه سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح ابن شافع في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة فيما ذكر القاضي عمر القرشي.
وقد ذكر تاج الإسلام ابن السمعاني في كتابه أحمد بن عبد الباقي ابن التبان أبا بكر، وذكرنا نحن على ما وقع إلينا.
286- محمد بن عبد الباقي بن عبد العزيز، وقيل: محمد بن محمد ابن عبد العزيز الشهرياري، أبو الفتح يعرف بابن الداريج.
والداريج: هو الحافظ للغلات إذا حملت من بلد إلى بلد في اصطلاح أهل العراق.
كان أبو الفتح أولاً أحد حجاب الديوان العزيز ثم صار حاجب الحجاب، وتولى ديوان العرض المعمور، فكان على ذلك أن عزل أبو الفتح صدقة بن محمد بن صدقة عن نيابة الوزارة في يوم الثلاثاء ثالث عشري شهر ربيع الآخر من سنة ثمانين وخمس مئة فولي ابن الداريج المذكور نيابة الوزارة، فركب إلى الديوان -مجده الله- وجلس حيث يجلس النواب وأنفذ المراسيم الشريفة. وكان على ذلك إلى أن عزل يوم الخميس ثاني عشري شوال سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، فلزم بيته من غير استخدام إلى أن توفي في جمادى الآخرة من سنة ست وثمانين وخمس مئة. وكان خيراً.(1/441)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الرزاق
287- محمد بن عبد الرزاق بن محمد، أبو عبد الله البزاز العدل يعرف بابن السيبي.
حدث عن أبي عبد الله أحمد بن أحمد السيبي.
قال أبو المحاسن عمر بن علي القرشي: سمع أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السقطي من محمد بن عبد الرزاق هذا وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه))، رحمهم الله وإيانا.
288- محمد بن عبد الرزاق بن محمد البازكلي، أبو عبد الله.
من أهل البصرة، وبازكل المنسوب إليها أحد نواحيها.
قدم بغدد وأقام بها يتفقه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي بالمدرسة النظامية مدةً وعلق عنه كتبه ودروسه، وسمع الحديث بها منه، ومن أبي علي الحسن بن أحمد ابن البناء، وأبي القاسم علي بن أحمد ابن البسري، ومن أبوي القاسم: علي بن فهد العلاف وعلي بن محمد الكوفي النيسابوري، وأبي محمد التميمي، وغيرهم. وعاد إلى بلده بعد وفاة الشيخ أبي إسحاق. وكان قد سمع في إصعاده بواسط من أبي الحسن علي بن محمد ابن الجلابي المغازلي.
وهو من بيتٍ مشهورٍ بالرواية والحديث، وله أخٌ اسمه علي يكنى أبا(1/442)
الحسن يأتي ذكره إن شاء الله فيمن اسمه علي، والله الموفق.
289- محمد بن عبد الرزاق، أبو الحسن الطرابلسي.
أحد الشعراء.
قال القاضي عمر بن أبي الحسن الدمشقي: قدم أبو الحسن محمد بن عبد الرزاق بغداد في حدود سنة خمس مئة وكتب عنه بها شيءٌ من شعره.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد الجليل
290- محمد بن عبد الجليل بن محمد بن الحسن ابن الساوي، أبو الفتح بن أبي سعد.
أحد الشهود المعدلين هو، وأبوه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي، قراءةً عليه، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار الواسطي في ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) تصنيفه، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد ابن الدامغاني شهادته، قال: وأبو الفتح محمد بن عبد الجليل بن الحسن ابن الساوي في جمادى الآخرة من سنة أربع وتسعين وأربع مئة وزكاه أبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الدامغاني وأبو البركات يحيى بن عبد الرحمن الفارقي.
قلت: وسمع أبو الفتح الحديث من أبيه أبي سعد، ومن أبي الحسن عاصم ابن الحسن المقرئ، وغيرهما. وكان فيه فضل وتميز. وله خطٌ حسنٌ.
توفي شاباً في سنة ثلاث عشرة وخمس مئة، ودفن بمقبرة الشونيزي.(1/443)
291- محمد بن عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد، أبو حامد ابن أبي مسعود يلقب والده كوتاه.
من أهل أصبهان، من أولاد المحدثين والرواة المعروفين، سمع أبو حامد بأصبهان أبا الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي، وأبا الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وغيرهما.
قدم بغداد حاجاً مرتين: إحداهما في سنة تسع وستين وخمس مئة، والأخرى في سنة ثمانين وخمس مئة. وحج، وعاد، وحدث بها عن الثقفي، وغيره. سمع منه أصحابنا مثل تميم ابن البندنيجي، وعبد الله بن أحمد الخباز، وأبي الفرج عبد الله بن محمد بن مخلد الواسطي، وغيرهم. وكتب لنا بها إجازة وعاد إلى بلده.
أنبأنا الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي، قال: مولد أبي حامد بن كوتاه في سنة عشرين وخمس مئة.
سألت أبا بكر محمد بن أبي حامد بن كوتاه ببغداد عن وفاة أبيه، فقال: توفي في النصف من المحرم سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة بأصبهان.(1/444)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد السميع
292- محمد بن عبد السميع بن عبد الله بن عبد السميع بن علي ابن القاسم بن الفضل بن الحسين بن أحمد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو الفتح بن أبي المظفر المقرئ.
من أهل واسط، شريفٌ صالحٌ، حافظٌ للقرآن الكريم، كثير التلاوة له والدرس في آناء الليل والنهار، متدينٌ، متواضعٌ. قرأ بالقراءات على الشيوخ بواسط مثل أبي بكر المناخلي، وأبي البركات بن كرورى، وأبي يعلى بن تركان، وأبيه. وبالكوفة على الشريف عمر بن حمزة العلوي الزيدي. وسمع الحديث بواسط من أبي الكرم خميس بن علي الحوزي، والقاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي، وغيرهم. قدم بغداد مراراً كثيرةً أولها في سنة إحدى وأربعين وخمس مئة. وسمع بها بعد هذه المرة من أبي المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة، وغيره. وحدث بواسط بالكثير، وأقرأ القرآن الكريم. سمعنا منه، وقرأنا عليه ونعم الشيخ كان.
سألته عن مولده، فقال: في سنة خمس وخمس مئة تقريباً. ثم قرأت بخطه بعد وفاته: مولدي في ذي القعدة سنة أربع وخمس مئة.
وتوفي يوم الأربعاء حادي عشر جمادى الآخرة من سنة ثمانين وخمس مئة(1/445)
وصلينا عليه يوم الخميس بجامع واسط في جمعٍ كثير وشيعنا جنازته إلى داوردان، فدفن عند أبيه رضي الله عنه.
293- محمد بن عبد السميع بن محمد بن محمد ابن الواثق بالله، أبو نصر بن أبي تمام الهاشمي.
أحد الخطباء. كان يتولى الخطابة بجامع شارع دار الرقيق في الجمع. وهو من أهل الجانب الشرقي، وسكن نحو قراح أبي الشحم.
سمعنا منه مناماً رآه، وهو رجلٌ خيرٌ لا بأس به.
ذكر منه اسمه محمد واسم أبيه عبد الرشيد
294- محمد بن عبد الرشيد بن ناصر الرجائي، أبو الفضل.(1/446)
من أهل أصبهان، والد شيخنا أبي محمد عبد الرشيد بن محمد.
قدم بغداد حاجاً في سنة ثلاث وستين وخمس مئة، وحدث بها عن أبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي قبل خروجه إلى مكة فسمع منه القاضي عمر ابن علي القرشي، وجماعةٌ.
قال القرشي: وسألته عن مولده، فقال: في صفر سنة سبع عشرة وخمس مئة.
وقال غيره: توجه محمد بن عبد الرشيد مع الحاج وخرج عن بغداد في أوائل ذي القعدة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة فبلغ الحلة فتوفي بها في الشهر المذكور وقبر هناك.
295- محمد بن عبد الرشيد بن علي بن بنيمان الحداد، أبو أحمد التاجر.(1/447)
من أهل همذان، وهو سبط الحافظ أبي العلاء ابن العطار الهمذاني، وابن شيختنا أم العلاء عاتكة ابنة أبي العلاء المذكور، وأخو القاضي أبي الحسن علي ابن عبد الرشيد.
سمع أبو أحمد بهمذان من أبي الخير محمد بن أحمد الباغبان الأصبهاني لما قدمها، ومن جده أبي العلاء وغيرهما. قدم بغداد مراراً كثيرة وحدث سمعنا منه بها.
قرأت على أبي أحمد محمد بن عبد الرشيد بن علي التاجر بالجانب الغربي على نهر عيسى قلت له: أخبركم أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد الأصبهاني، قراءةً عليه، وأنت تسمع بهمذان، فقال: نعم، قال: أخبرنا أبو عيسى عبد الرحمن بن محمد بن زياد وأبو الفضل المطهر بن عبد الواحد البزاني وأبو بكر محمد بن أحمد بن ماجة، قالوا: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد ابن المرزبان، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الحزوري قال: حدثنا محمد ابن سليمان لوين، قال: حدثنا يحيى بن المتوكل، عن أمه، قالت: سمعت سالماً يحدث عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء)).(1/448)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عبد المنعم
296- محمد بن عبد المنعم بن الحسين بن أسد السلمي، أبو البركات الخطيب.
أظنه من أهل ديار بكر.
قدم بغداد، وسمع بها من الشريف أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي. وحدث بها عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن سعيد، وذكر أنه سمع منه بآمد.
سمع منه ببغداد أبو محمد محمد بن حمزة ابن الشروطي، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي البزاز. وقال البلخي: كتبت عن هذا الشيخ في سنة ست عشرة وخمس مئة، فيما حكاه القرشي.
297- محمد بن عبد المنعم بن محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله بن أبي الخير الميهني، أبو البركات بن أبي الفضائل بن أبي البركات بن أبي الفتح بن أبي طاهر بن أبي سعيد الصوفي.
شيخ رباط البسطامي الذي على دجلة بالجانب الغربي هو، وأبوه؛ من بيت التصوف والتقدم وخدمة الفقراء في كل مكان.(1/449)
وأبو البركات هذا كان فيه سماحةٌ، وحسن عشرةٍ. سمع من أبي طالب المبارك بن علي بن خضير، ومن أبيه، ومن الكاتبة شهدة بنت أحمد الإبري. وروى شيئاً يسيراً؛ سمع منه أبو محمد إبراهيم بن علي بن بكروس فيما بلغني.
ومولده في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة السبت حادي عشر ذي الحجة سنة ست وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم السبت، ودفن بالشونيزي في صفة الجنيد عند أبيه، رحمه الله.
الأسماء المفردة من العبد في آباء من اسمه محمد
298- محمد بن عبد المتكبر بن الحسن بن عبد الودود بن عبد المتكبر بن هارون بن محمد بن عبيد الله ابن المهتدي بالله أبي عبد الله محمد ابن الواثق بالله أبي جعفر هارون ابن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد ابن الرشيد أبي جعفر هارون ابن المهدي أبي عبد الله محمد ابن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم، أبو يعلى بن أبي الحسين.
من أهل باب البصرة؛ من بيتٍ منهم الخطباء والقضاة والعدول. كان أبو يعلى خطيباً بجامع المنصور على عادة سلفه. وسمع في حال شبابه من أبي السعود أحمد بن علي ابن المجلي، وغيره.(1/450)
ذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر في ((معجم شيوخه)) الذين سمعهم منهم.
وقال أبو بكر عبيد الله بن علي بن نصر المارستاني: مولد أبي يعلى ابن المهتدي في سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة. وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة جامع المنصور.
وقال أحمد بن شافع: صلي عليه يوم الأربعاء ثامن عشري رمضان سنة ثلاث وستين وخمس مئة. وهذا أشبه بالصواب.
299- محمد بن عبد الودود بن أبي تمام ابن المهتدي بالله، أبو العباس الهاشمي.
من أهل باب البصرة أيضاً.
ذكر أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق أنه أجاز له، وأنه توفي عشية الثلاثاء مستهل جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وخمس مئة، وأنه دفن يوم الأربعاء بمقبرة جامع المنصور، وقد ناهز التسعين.
300- محمد بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو عبد الله بن أبي الفرج بن أبي الحسين.
من بيتٍ مشهورٍ بالرواية والحديث والنقل والسماع. وهو أخو أبي الحسين عبد الحق وأبي نصر عبد الرحيم ابني عبد الخالق، وسيأتي ذكرهما في كتابنا هذا إن شاء الله.(1/451)
وأبو عبد الله هذا بلغني أنه ولد بيزد، ونشأ بها. ثم قدم بغداد مع أبيه، وسمع بها القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز، وأباه، وجماعة. وقد كان سمع بيزد أبا عبد الله إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وغيره. ورحل إلى الجزيرة، والشام، وسمع من جماعةٍ من شيوخ تلك البلاد. وعاد إلى الموصل وسكنها إلى حين وفاته.
وكان غير ثقةٍ فيما يقوله وينقله، وله أحوالٌ في تزوير السماعات وإدخال ما لم يسمعه الشيوخ في حديثهم ظاهرةٌ مشهورةٌ أفسد بها أحوال جماعةٍ وترك الناس حديثهم بسببه واختلط صحيح حديثهم بسقيمه بنقله وتسميعه.
سمعت أبا القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي ببغداد يقول: الشيخ أبو الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطوسي خطيب الموصل شيخ ثقةٌ صحيح السماع من جماعةٍ أدخل محمد بن عبد الخالق بن يوسف في حديثه شيئاً لم يسمعه، وكان رحل إليه ولاطفه بأجزاء ذكر أنه نقل سماعه فيها من جماعةٍ من شيوخه مثل النقيب أبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وأبي عبد الله الحسن بن أحمد بن طلحة النعالي، وأبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، وأبي الحسن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبي بكر أحمد بن علي الطريثيثي. وهؤلاء قد سمع منهم أبو الفضل فقبلها منه وحدث بها اعتماداً على نقل محمد بن عبد الخالق وإحسان ظن به، فلما علم كذب محمد بن يوسف وتكلم الناس فيه وفيما رواه الخطيب أبو الفضل طلبت أصول الأجزاء التي حملها إليه ببغداد وذكر أنه نقل منها فلم يوجد ذلك. وأشهر أمره وترك الناس حديثه وروايته ولم يعبأوا بنقله وترك الخطيب رواية كل ما شك فيه وحذر من روايته. وصنع مثل ذلك مع(1/452)
جماعة غير الخطيب.
بلغني أن مولد أبي عبد الله بن يوسف كان في يوم الاثنين ثاني عشري ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة بيزد، وأنه توفي بالموصل في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين وخمس مئة.
301- محمد بن عبد القاهر بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن الوكيل، أبو البركات بن أبي الفتوح بن أبي البركات يعرف بابن الشطوي.
من أهل الكرخ، كان والده أحد العدول، وتولى الحسبة بالجانب الغربي، وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب.
وأبو البركات هذا سمع أبا البدر إبراهيم بن محمد الفقيه الكرخي، وأباه، وغيرهما. وتولى النظر في العقار الخاص، وما أعلم أنه حدث بشيء لأنه توفي شاباً في سنة تسع وستين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
302- محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد اللطيف بن محمد ابن ثابت بن الحسن بن علي بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي، أبو بكر بن أبي إبراهيم بن أبي بكر المعروف بابن الخجندي.(1/453)
رئيسٌ مقدمٌ هو، وأبوه، وجده، وجد أبيه. من أهل أصبهان، وكل واحدٍ منهم يلقب صدر الدين.
قدم أبو بكر هذا مع أبيه بغداد وهو صبي دون البلوغ لما حج في سنة تسع وسبعين وخمس مئة، وخرج معه إلى مكة، وعاد إلى أصبهان بعد وفاة أبيه، فإنه توفي في توجهه إليه، وصار رئيس الشافعية بها على عادة سلفه.
ثم قدم بغداد بعد ذلك في سنة ثمان وثمانين وصادف من الديوان العزيز-مجده الله- قبولاً، ونائب الوزارة يومئذٍ مؤيد الدين أبو الفضل محمد بن علي ابن القصاب، وأكرم وأجري له الجرايات الوافرة وأنعم في حقه ما لم ينعم في حق أحدٍ من أمثاله، وفوض إليه النظر في المدرسة النظامية ووقفها. ولم يزل مغموراً بسوابغ الإنعام مكرماً غاية الإكرام إلى أن خرج الوزير مؤيد الدين المذكور متوجهاً إلى خوزستان في شوال سنة تسعين وخمس مئة فخرج معه، فلما فتح الوزير أصبهان وخرج من مكان بها من المخالفين جعل بها من أمراء الخدمة الناصرية-خلد الله ملكها- الأمير سنقر الطويل وأذن لابن الخجندي المذكور بالمقام بها أيضاً، فكان على ذلك إلى أن بدا منه ما وحش بينه بين الأمير سنقر وأدت الحال إلى أن قتل ابن الخجندي في خفيةٍ لم يتحقق من قتله، وذلك في جمادى الأولى أو الآخرة سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، فوصل نعيه(1/454)
إلى بغداد ونوابه بها بالمدرسة النظامية وقومٌ من أصحابه فتفرقوا.
وكان بالأمور الدنياوية أشغل منه بالعلم. وسمع شيئاً من الحديث ولكن لم يبلغ سن الرواية، والله الموفق.
303- محمد بن عبد الحق بن الحسن بن عبد الله المقدادي، أبو شجاع بن أبي علي المعلم.
من ساكني دار الخلافة المعظمة.
سمع أبا المعالي أحمد بن علي ابن السمين المقرئ، وغيره. اتفق مصعداً من واسط في بعض السنين فكتبت عنه بنهر سابس حكايةً بها، ثم اجتمعت به ببغداد بعد ذلك، ولم أسمع منه غيرها. وقد أجاز لي قبل هذا الاجتماع.
سمعت أبا شجاع محمد بن عبد الحق يقول بنهر سابس، من أعمال واسط، وقد جرى كلامٌ في معنى الكسب والاكتساب والفرق بينهما وذكر قول العلماء في ذلك وأن الكسب يكون في الخير والاكتساب يكون في الشر، وهو معنى قوله تعالى: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}. فقال أبو شجاع هذا: سمعت رجلاً يعرف بأبي القاسم ابن الثلاجي كان دواتي الوزير أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة يقول بعد موت الوزير: رأيته في المنام، فقلت: يا سيدي ما فعل الله تعالى بك؟ فأنشدني:
قد سئلنا عن مثلها فأجبنا ... بعد ما حال حالنا وحجبنا
فوجدنا مضاعفاً ما كسبنا ... ووجدنا ممخصاً ما اكتسبنا
وتوفي أبو شجاع المقدادي في سنة ست مئة، والله أعلم.
304- محمد بن عبد السيد بن علي بن محمد بن الطيب بن مهدي، أبو نصر المقرئ يعرف بابن الزيتوني.(1/455)
من أهل القرية بالجانب الغربي؛ من أبناء الشيوخ الفضلاء وسيأتي ذكر أبيه فيما بعد إن شاء الله.
وأبو نصر هذا رجلٌ خيرٌ حافظٌ للقرآن الكريم، يؤم بالناس في مسجدٍ على دجلة. سمع الحديث في شبيبته من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وأبي المظفر محمد بن سعد المؤدب، وأبي الحسن علي بن يحيى بن علي الوكيل، ومن بعدهم، وحدث عنهم.
سألته عن مولده فلم يحققه، وذكر ما يدل أنه بعد سنة أربعين وخمس مئة بقليل. وتوفي ليلة الاثنين سادس عشري ربيع الآخر سنة سبع عشرة وست مئة.
305- محمد بن عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي الأصل الدمشقي المولد، أبو الفتح بن أبي محمد.
من أولاد المحدثين المعروفين بالطلب والرحلة والحفظ، وسيأتي ذكر(1/456)
أبيه إن شاء الله في موضعه.
قدم أبو الفتح بغداد مراراً؛ أولها في سنة ثمانين وخمس مئة، وسمع بها أبا الفتح بن شاتيل، وأبا السعادات بن زريق، ويوسف بن الحسن العاقولي، وغيرهم من أصحاب أبي القاسم بن بيان، وأبي طالب بن يوسف، وأبي الغنائم ابن المهتدي وأمثالهم. ورحل إلى أصبهان وسمع بها من أصحاب أبي علي الحسن بن أحمد الحداد وغيرهم. وعاد إلى دمشق وحدث بها عنهم، وسمع منه جماعةٍ من الطلبة.
ومولده في سنة ست وستين وخمس مئة. وتوفي في شوال سنة ثلاث عشرة وست مئة بدمشق.
306- محمد بن عبد المعيد بن عبد المغيث بن زهير بن زهير، أبو عبد الله.(1/457)
من أهل الحربية. كان جده عبد المغيث شيخنا من المحدثين المكثرين سماعاً وروايةً مع ثقةٍ وأمانةٍ، وسيأتي ذكر أبيه عبد المعيد وجده عبد المغيث في كتابنا هذا إن شاء الله.
ومحمد هذا سمع جده عبد المغيث، ويعقوب بن يوسف المقرئ، وفارس بن أبي القاسم الحفار، وغيرهم. وأجاز له سيدنا ومولانا الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- وحدث عنه بجامع الحربية.
وهو رجلٌ خيرٌ سليم الجانب.(1/458)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عمر
307- محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف، أبو بكر.
حدث عن أبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي. سمع منه أبو علي أحمد بن محمد البرداني الحافظ فيما ذكر القاضي عمر بن علي القرشي.
308- محمد بن عمر بن عبد الواحد الباجسرائي، أبو عبد الله.(1/459)
من أهل باجسرا، ناحية بطريق خراسان.
سكن بغداد، وتفقه بها على القاضي أبي يعلى محمد بن الحسن ابن الفراء. وصحب أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وكان له حلقة بجامع المنصور فيما ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، قال: وروى عن التميمي شيئاً، والله أعلم.
309- محمد بن عمر النعماني، أبو عبد الله المؤدب.
سمع أبا منصور محمد بن محمد العكبري، وروى عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
310- محمد بن عمر بن مكي الأهوازي، أبو الفرج.
قدم بغداد وسمع بها. وفي المحرم سنة سبع عشرة وخمس مئة خرج الإمام المسترشد بالله أبو منصور الفضل متوجهاً لحرب دبيس بن صدقة الأسدي فاستؤذن لأبي الفرج هذا في قراءة أحاديث الحسن بن عرفة عليه بسماعه من أبي القاسم بن بيان، فأذن، فقرأ عليه وهو سائر بقرب المدائن، وسمع بقراءته أبو(1/460)
الفتوح حمزة بن علي صاحب المخزن، وأبو علي ابن الملقب وغيرهم من الخدم والحواشي.
311- محمد بن عمر بن يوسف، أبو المجد الوقاياتي يعرف بابن المزارع.
من أهل باب البصرة.
كان من حفاظ القرآن المجيد. وقد سمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو بكر محمد بن الحسين المقرئ المعروف بالمزرفي، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهما. وحدث؛ سمع منه أبو بكر محمد بن المبارك ابن مشق البيع وأخرج عنه في ((معجم شيوخه)). وخرج إلى الشام فأدركته منيته بحلب في أوائل جمادى الأولى سنة أربع وستين وخمس مئة فدفن بها.
312- محمد بن عمر بن أبي بكر، واسمه محمد، بن أميرك الأنصاري الخازمي، أبو بكر.(1/461)
من أهل هراة.
فقيهٌ فاضلٌ، شافعي المذهب، له معرفةٌ بالأدب. سمع ببلده أبا الفتح نصر ابن أحمد الحنفي، وأبا الفضل محمد بن إسماعيل الفضلي، وأبا الفتح المختار ابن عبد الحميد البوشنجي، وغيرهم.
قدم بغداد حاجاً في سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وحدث بها؛ وسمع منه بها أبو العباس أحمد بن منصور الكازروني، وحدثنا عنه.
قرأت على القاضي أبي العباس أحمد بن منصور بن أحمد، قدم علينا واسطاً، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن عمر بن أبي بكر الخازمي الأنصار الهروي، قدم عليكم بغداد قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد البيهقي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد النيسابوري، قال: أخبرنا عبد القاهر بن طاهر، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: أخبرنا إبراهيم بن علي الذهلي، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن عثمان بن واقد، عن أبي نصيرة، قال: لقيت مولىً لأبي بكر، فقلت: هل سمعت من أبي بكر شيئاً؟ قال: نعم، سمعته يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لم يصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة)).
قال شيخنا أبو العباس أحمد بن منصور: كان أبو بكر الخازمي حسن السيرة، كثير العبادة آثارها ظاهرةٌ عليه.(1/462)
ذكر تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني أبا بكر الخازمي هذا في كتابه، وقال: سمعت منه بهراة. وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته كما شرطنا.
قال أبو الفتح عمر بن محمد بن أبي بكر الخازمي: توفي جدي في سنة أربع وستين وخمس مئة بهراة، ودفن بكازباركاه.
313- محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد بن أبي عيسى المديني، أبو موسى بن أبي بكر بن أبي عيسى الحافظ.
من أهل أصبهان، منسوب إلى المدينة العتيقة المعروفة بشهرستانة المتصلة بأصبهان.
فاضلٌ، عالمٌ، حافظٌ للقرآن المجيد، له معرفةٌ بالأدب. قد سمع الكثير، وكتب بخطه، ورحل، وطلب، ولقي الشيوخ والحفاظ. سمع ببلده أبا منصور محمد بن عبد الله بن مندوية ومن أبي سعد محمد بن محمد المطرز، ومن أبي سعد محمد بن علي سرفرتج، وأبي غالب أحمد بن العباس الكوشيذي، وأبي(1/463)
بكر محمد بن الفضل القصار، وأبي عدنان محمد بن أحمد بن المطهر، وأبي القاسم غانم بن محمد البرجي، وأكثر من أبي علي الحسن بن أحمد الحداد.
وقدم بغداد في سنة أربع وعشرين وخمس مئة، وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وغيرهم. وعاد إلى بلده، وعاش حتى صار أوحد وقته وشيخ الناس في زمانه؛ إسناداً وحفظاً.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه وأثنى عليه وقال: سمعت منه وكتب عني، يعني بأصبهان. وذكرناه نحن لتأخر وفاته عن وفاته.
سمعت الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي ببغدادٌ وبواسط مراراً يذكر الحافظ أبا موسى ويثني عليه الثناء الحسن ويصفه بالحفظ والمعرفة وحسن السمت والطريقة.
كتب إلي أبو غانم المهذب بن الحسن الواعظ بخطه من أصبهان يقول: الحافظ أبو موسى محمد بن عمر المديني كان من الحفاظ المتقنين وتصانيفه كثيرة ومسموعاته.
وقال تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني: هو صدوقٌ ثقةٌ. أنبأنا أبو موسى محمد بن عمر بن أحمد الحافظ، قال: قرأت على أبي بكر محمد بن الحسين بن علي الفرضي ببغداد في سنة أربع وعشرين وخمس مئة، قلت له: أخبركم أبو الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن عمر بن أحمد الدارقطني، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العجماء جرحها جبارٌ والبئر جبارٌ(1/464)
والمعدن جبارٌ وفي الركاز الخمس)).
قال ابن شهاب: والجبار: الهدر. والعجماء: البهيمة.
سمعت الحافظ أبا بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي يقول: سمعت الحافظ أبا موسى بأصبهان يقول: سمعت أبا عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء ببغداد يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي يقول: قرأت بخط القاضي أبي الفرج المعافى بن زكريا النهرواني قال: حججت سنةً وكنت بمنى أيام التشريق فسمعت منادياً ينادي: يا أبا الفرج. فقلت في نفسي لعله يريدني، ثم قلت: في الناس خلقٌ كثيرٌ ممن يكنى أبا الفرج فلعله ينادي غيري، ولم أجبه. فلما رأى أنه لا يجيبه أحدٌ نادى يا أبا الفرج المعافى. فهممت أن أجيبه، ثم قلت: وقد يتفق من يكون اسمه المعافى وكنيته أبو الفرج، فلم أجبه. فرجع فنادى: يا أبا الفرج المعافى بن زكريا النهرواني. فقلت: لم يبق شكٌ في مناداته إياي إذ ذكر اسمي وكنيتي واسم أبي وما أنسب إليه، فقلت له: ها أنا. فقال: ومن أنت؟ فقلت: أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني [فقال]: فعلك من نهروان الشرق. فقلت: نعم، فقال: نحن نريد نهروان الغرب! فعجبت من اتفاق(1/465)
الاسم والكنية واسم الأب وما انتسب إليه، وعلمت أن بالغرب موضعاً يعرف بالنهروان غير نهروان العراق.
وفيما كتب إلينا أبو غانم بن أبي ثابت العدل بخطه من أصبهان يقول: مولد أبي موسى الحافظ في ذي القعدة سنة إحدى وخمس مئة. وتوفي في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
314- محمد بن عمر بن محمد بن علي الليثي، أبو الفتح.
من أهل هراة.
سمع بها أبا الوقت عبد الأول بن عيسى الصوفي. قدم بغداد في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة حاجاً فحج، وحدث بمكة -شرفها الله- عن أبي الوقت، فسمع منه هناك أبو الخليل أحمد بن أسعد البغدادي، وأبو الخير بدل بن أبي المعمر التبريزي ومن كتابه نقلت وسألته عنه، فقال: شيخٌ من أصحاب الحديث لقيناه بمكة وسمعنا منه.
315- محمد بن عمر بن إبراهيم بن محمد، أبو عبد الله التاجر المورق يعرف والده بالذهبي.
من ساكني الظفرية، ويؤم بها في مسجدٍ.
سمع أبا القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال الدقاق والكاتبة شهدة بنت أحمد الإبري وغيرهما. وهو رجلٌ خير مقبل على ما يعنيه، قليل المخالطة للناس. سمعنا منه كتاب ((الغرباء)) لأبي بكر الآجري.
قرئ على أبي عبد الله محمد بن عمر بن إبراهيم الوراق من أصل سماعه(1/466)
وأنا أسمع ظاهر سور مدينة السلام، قيل له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن هلال قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الملك بن أحمد ابن السيوري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، قال: حدثنا أبو عبد الله بن مخلد، قال: حدثنا حفص بن عمرو الربالي، قال: حدثنا الهذيل بن الحكم الأزدي، قال: حدثني عبد العزيز بن أبي رواد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((موت الغريب شهادةٌ)).
سئل أبو عبد الله ابن الذهبي عن مولده وأنا أسمع فقال: في ذي القعدة سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
316- محمد بن عمر بن علي، أبو الفضل العطار.
من أهل الحربية.
سمع أبا المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي المكبر وغيره. كتبنا عنه شيئاً يسيراً.(1/467)
قرأت على أبي الفضل محمد بن عمر بن علي العطار بدكانه بالحربية، قلت له: أخبركم أبو المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد القصار قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب الطائي، قال: حدثني جد أبي علي بن حرب بن محمد، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه)).
سألنا أبا الفضل محمد بن عمر هذا عن مولده، فقال: ولدت في جمادى الآخرة من سنة سبع وأربعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
317- محمد بن عمر بن يوسف بن محمد بن بيروز بن عبد الجبار، أبو بكر سبط محمود ابن الشعار.
ولد ببغداد، ونشأ بها، وحفظ القرآن الكريم. وتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وأقام بالمدرسة النظامية سنين، وحصل طرفاً صالحاً من الفقه. وسمع الحديث من الكاتبة شهدة بنت أبي نصر، ومن أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، ومن جده أبي المجد محمود بن نصر ابن الشعار،(1/468)
وغيرهم. وسافر عن بغداد نحو الشام وسكن معرة النعمان وأقام بها يدرس الفقه ويشتغل بالتعليم، والله الموفق.
318- محمد بن عمر بن أبي بكر المقدسي الأصل الدمشقي المولد، أبو عبد الله يعرف بالقاضي.
قدم بغداد، وأقام بها مدةً مشتغلاً بطلب الحديث وسماعه من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وأبي الفتح محمد بن يحيى البرداني، وأبي محمد يوسف بن الحسن العاقولي وطبقته. وانحدر إلى واسط وكتب بها عن جماعةٍ من أصحاب خميس الحوزي، والقاضي أبي علي بن برهون الفارقي، وأبي الكرم بن مخلد الأزدي. وعاد إلى بغداد. ورحل إلى أصبهان، وسمع هناك من أصحاب أبي علي الحداد ومن بعده، ثم عاد إلى بغداد ولقيته بها. وقد كان سمع معنا من جماعةٍ وتوجه مصعداً.
بلغني أنه استوطن سروج وأقام بها يحدث ويروي، وهو على ذلك، والله أعلم.
وتوفي بسروج في سنة ست عشرة وست مئة، رحمه الله وإيانا.
319- محمد بن عمر بن عبد الغالب الأموي، أبو عبد الله.
من أهل دمشق، قدم بغداد بعد التسعين وخمس مئة وسمع بها وعاد إلى الشام ولم يقدمها مرة أخرى، وكتب بها عن من تخلف من أصحاب أبي القاسم(1/469)
ابن الحصين وأبي غالب ابن البناء وأبي القاسم الحريري ومن بعدهم. وخرج إلى نيسابور فسمع هناك من أصحاب أبي عبد الله الفراوي وزاهر بن طاهر الشحامي وأخيه وجيه ونحوهم، ثم قفل إلى الشام.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عثمان
320- محمد بن عثمان بن أبي الفضل البندنيجي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو عبد الله المقرئ الأديب، صهر أحمد بن ناجية الحربي.
كان يسكن بدرب ثمل بباب الأزج.
شيخٌ خيرٌ لقن القرآن الكريم خلقاً من الناس، وأقرأ النحو مدةً، وأخذ عنه جماعةٌ. سمع الحديث من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهما.
ذكره شيخنا أبو العباس أحمد بن هبة الله ابن الزاهد فأثنى عليه وقال: قرأت عليه القرآن وأفادني وأسمعني الحديث، وترحم عليه.
حدثنا عنه العدل أبو العباس أحمد بن أحمد البندنيجي الأزجي.
قرأت على الشيخ أبي العباس أحمد بن أبي بكر البزاز، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن عثمان البندنيجي، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وقرأته على أبي طاهر إبراهيم بن محمد بن أحمد الكاتب في آخرين، قلت لهم: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءة عليه، فأقروا به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ،(1/470)
قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان. قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله ابن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، قال: سمعت عمر ابن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنية ولكل امرءٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
بلغني أن مولد محمد بن عثمان هذا في شعبان سنة إحدى وخمس مئة.
وسمعت أبا العباس أحمد بن أحمد يقول: توفي محمد بن عثمان البندنيجي في يوم الأربعاء سلخ رجب سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن مستهل شعبان بمقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا
321- محمد بن عثمان بن عبد الله العكبري الأصل البغدادي، أبو عبد الله الواعظ.
كان يسكن بالظفرية.
سمع بنفسه وكتب بخطه من جماعة. وجمع لنفسه ((معجماً)) عن شيوخه. وكان سماعه من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب وأخيه أبي الحسن علي بن أحمد، وأبي محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي، والكاتبة شهدة(1/471)
بنت أحمد، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وطبقتهم. وما أظنه روى شيئاً، وإن كان فيسيراً، والله أعلم.
توفي في ليلة الاثنين ثامن عشر جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الاثنين بباب أبرز.
322- محمد بن عثمان بن محمد بن يحيى بن مسلم، أبو عبد الله.
يعرف جده محمد بالزبيدي، لأنه كان من أهل زبيد، بلدة مشهورة من بلاد اليمن، قدم بغداد ووطنها إلى حين وفاته وله بها عقب يأتي ذكر كل واحدٍ منهم في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.
ومحمد هذا تفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه على شيخنا جمال الدين أبي القاسم بن فضلان. وسمع الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، ومن الكاتبة شهدة بنت أحمد، وغيرهما. وصحب الصوفية برباط شيخ الشيوخ. وكان فيه تميز. وما أعلم أنه روى شيئاً.
خرج من جماعة من الصوفية إلى جزيرة قيس التي تسمى كيش فتوفي بها في شعبان سنة ثمان وست مئة ودفن هناك رحمه الله وإيانا.
323- محمد بن عثمان بن إبراهيم، أبو بكر القارئ.
من أهل كاسان من بلاد ما وراء النهر، ولد بها ونشأ، وقرأ القرآن بالألحان وخرج منها في حال صباه، وقدم بغداد بعد الستين وخمس مئة واستوطنها. وكان أحد القراء بالديوان العزيز -مجده الله- والمؤذنين بباب الحجرة الشريفة، وشيخاً حسناً. كتبنا عنه أناشيد لتعذر سماعاته.
أنشدني أبو بكر محمد بن عثمان بن إبراهيم الكاساني ببغداد من حفظه لبعضهم:(1/472)
إذا ذكرتك كاد الشوق يقتلني ... وأرقتني أحزانٌ وأوجاع
فإن نطقت فكلي فيك ألسنةٌ ... وإن سكت فكلي منك أسماع
هذا وكلي قلوبٌ فيك داميةٌ ... للسقم فيها وللآلام إسراع
وأنشدني أيضاً وذكر أنها للحسين بن منصور الحلاج:
أيها السائل عن قصتنا ... لو ترانا لم تفرق بيننا
نحن روحان حللنا بدناً ... أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن مذ كنا على عهد الوفا ... تضرب الأمثال للناس بنا
سألت أبا بكر الكاساني عن مولده، فقال: ولدت في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة بكاسان.
324- محمد بن عثمان بن الحسن بن إبراهيم بن حسنوية السلماسي الأصل، أبو بكر البزاز.
ولد ببغداد ونشأ بها، وسمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيره. سمعنا منه.
قرأت على أبي بكر محمد بن أبي عمرو البزاز، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت حاضر تسمع، فأقر بذلك وقال: نعم وأعرف أبا الوقت وأحق سماعي منه، قيل له: أخبركم أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، قال: حدثنا إسماعيل، يعني ابن أبي أويس،(1/473)
قال: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لما قضى الله الخلق كتب عنده فوق عرشه: إن رحمتي سبقت غضبي)).
سألت أبا بكر ابن السلماسي عن مولده، فقال: ولدت في رجب سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم السبت ثالث شهر ربيع الآخر سنة سبع عشرة وست مئة ودفن في هذا اليوم بمقبرة الشونيزي، رحمه الله وإيانا.
((آخر الجزء السابع من الأصل وأول الثامن))(1/474)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه علي
325- محمد بن علي بن محمد بن الحسين ابن الحراني، أبو المواهب.
سمع أبا الحسن أحمد بن محمد السمناني وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)). وقرأت بخطه في تعاليقه: توفي أبو المواهب ابن الحراني في أوائل سنة تسع وخمس مئة.
وذكر أبو محمد يحيى بن علي ابن الطراح الوكيل فيما قرأت بخطه ومنه نقلت، قال: توفي القاضي أبو المواهب ابن الحراني يوم الأربعاء خامس عشري رجب سنة تسع وخمس مئة، ودفن بمقبرة أحمد، يعني بباب حرب.
326- محمد بن علي بن الطيب، أبو منصور الأديب الشاعر يعرف بالقنائي.
منسوب إلى دير قنا من نواحي النهروان.
شاعرٌ مكثرٌ، حسن القول في كل فنٍ. كتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد ابن الحسين كثيراً من شعره وقفت عليه في تعاليق أبي الوفاء. وقد سمع منه غير أبي الوفاء أيضاً.
327- محمد بن علي بن الحسن بن أبي عمر، أبو المعالي البزاز، أخو أبي منصور الحسن.
سمع أبا الحسن أحمد بن علي ابن التوزي وروى عنه. سمع منه أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني، وحدث عنه في ((مشيخته)) من أهل بغداد، قال: وسألته عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وعشرين وأربع مئة.(1/475)
328- محمد بن علي بن الحسن الميانجي.
من شيوخ أبي بكر بن كامل، غير مكنى، ذكره في ((معجمه))، وقال: كتب إلي في سنة سبع عشرة وخمس مئة يقول: أخبرني أبو نصر محمد بن محمد بن علي، وذكر حديثاً.
329- محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الملك الدامغاني، أبو عبد الله القاضي ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله يلقب تاج القضاة.
من بيت القضاة والولاية والتقدم. وأبو عبد الله هذا قبل والده شهادته بتوقيع برز في حقه من الإمام المستظهر بالله رضي الله عنه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في ((تاريخ الحكام)) الذي جمعه في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني شهادته، قال: وأبو عبد الله محمد ابن قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد الدامغاني في شوال سنة إحدى وخمس مئة وبرز في حقه توقيع شريف من الإمام المستظهر بالله يتضمن ذكر ثبوت عدالته ووضوح تزكيته بحضرته، وقال: وفي يوم السبت رابع عشري شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وخمس مئة ولاه والده قضاء الجانب الغربي من مدينة السلام وواسط وغير ذلك، وحضر بجامع المنصور وشافهه بالولاية.
وفي سنة خمس عشرة وخمس مئة قدم أبو علي الحسن بن علي(1/476)
الأمشي الفقيه رسولاً من محمد خان بن سليمان ملك ما وراء النهر إلى الديوان العزيز -مجده الله تعالى- فقضى أشغاله ونفذ معه تاج القضاة أبو عبد الله هذا رسولاً من الديوان العزيز -مجده الله- فخرج من بغداد متوجهاً إليه في العشر الأول من محرم سنة ست عشرة وخمس مئة فوصل إليه وأقام عنده مقتضياً ما خرج فيه فأدركته منيته هناك ودفن بسمرقند، ووصل نعيه إلى بغداد في رجب سنة تسع عشرة وخمس مئة. وقد كان سمع شيئاً من الحديث من أبي الحسن ابن الطيوري وغيره، رحمه الله وإيانا.
330- محمد بن علي بن صدقة بن حلب، أبو البركات الصائغ.
كان يسكن محلة الميدان بباب الأزج.
يقال: إنه تفقه على القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين ابن الفراء، وسمع منه، ومن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي.
توفي في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، والله أعلم.
331- محمد بن علي بن أبي الغارات، أبو بكر الدقوقي، من أهل دقوقا.
سكن بغداد، وسمع بها أبا الغنائم محمد بن علي بن أبي عثمان الدقاق، وأبا الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، وغيرهما. وحدث عنهما.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
332- محمد بن علي بن ميمون الدباس، أبو بكر.(1/477)
سمع أبا نصر محمد بن محمد الزينبي، ومن بعده جماعةً، وروى عنه.
سمع منه أيضاً أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)) وكان أضر في آخر عمره.
توفي يوم السبت ثالث جمادى الآخرة سنة عشرين وخمس مئة.
333- محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن إبراهيم بن يعيش الأنباري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو عبد الله.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله فيمن اسمه علي. وأبو عبد الله هذا والد شيخينا أبي الحسن علي وأبي الفرج عبد الرحمن ابن محمد بن يعيش. وهو ختن قاضي القضاة أبي الحسن ابن الدامغاني على ابنته، وابناه المذكوران منها.
شهد أبو عبد الله عند حميه فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار الواسطي في ((تاريخ الحكام)) له فيمن قبل قاضي القضاة أبو الحسن علي بن محمد الدامغاني شهادته وأثبتت تزكيته، قال: أبو الحسن علي بن محمد بن يعيش وولده أبو عبد الله محمد جميعاً في شعبان من سنة أربع وخمس مئة، وزكاهما أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي والقاضي أبو سعد المبارك بن علي المخرمي، وتولى قضاء باب الأزج والحسبة بعد وفاة القاضي أبي العباس ابن الرطبي وذلك في سنة سبع وعشرين وخمس مئة.
وكان قد سمع من أبي محمد جعفر بن أحمد السراج، وأبي الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وغيرهما. وما أعلم أنه حدث بشيء.
سمعت أبا الفرج عبد الرحمن بن محمد بن يعيش يقول: كان مولد والدي في سنة ثمانين وأربع مئة.(1/478)
وأخبرنا محمد بن أحمد النحوي، قال: أخبرنا أحمد بن بختيار القاضي، قال: توفي أبو عبد الله بن يعيش القاضي يوم الاثنين سابع عشر صفر سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة. وقال غيره: ودفن بباب أبرز.
334- محمد بن علي بن أبي العشائر الفارقي.
هكذا جاء ذكره غير مكنى في ((معجم)) أبي بكر بن كامل، وقال: أنشدني شيئاً من شعره، وذكر عنه أبياتاً.
335- محمد بن علي الفارقي.
آخر ذكره ابن كامل بعد الأول وروى عنه حكايةً رواها له عن أبيه، ولم أر له ذكراً في غير ((معجم)) ابن كامل، والله أعلم.
336- محمد بن علي بن محمد ابن الصائغ، أبو البركات المعلم، والد رضوان بن محمد ابن الصائغ الوكيل الذي يأتي ذكره.
كان أبو البركات من أصحاب الشيخ أبي النجيب السهروردي، وسمع معه من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني وغيرهما. وكان له شعر.
بلغني أن مولده في مستهل صفر سنة اثنتين وسبعين وأربع مئة. وتوفي في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
337- محمد بن علي بن أحمد بن علي ابن الخراز، أبو محمد، أخو شيخنا أبي منصور يحيى بن علي ابن الخراز.
من أهل الحريم الطاهري؛ من أهل بيتٍ معروفين بالصلاح والرواية.(1/479)
سمع أبو محمد هذا من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وأهل طبقته.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي بن حمزة المارستاني أنه سمع منه وأنه خرج إلى الشام فتوفي بمنبج في صفر سنة أربع وخمسين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
338- محمد بن علي بن إبراهيم بن زبرج، أبو منصور النحوي العتابي.
من أهل محلة العتابيين إحدى محال الجانب الغربي، سكن الجانب الشرقي.
كانت له معرفةٌ بالنحو واللغة العربية. قرأ على الشريف أبي السعادات هبة الله بن علي ابن الشجري، وعلى أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي. وسمع الحديث من أبي العباس أحمد بن علي بن قريش، وأبي الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وروى عنهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي الدمشقي وغيره.
أنبأنا عمر بن أبي الحسن القرشي، قال: قرأت على أبي منصور محمد بن علي بن إبراهيم النحوي: أخبركم أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد الدينوري، فأقر به. وقرأته على أبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد الصابوني من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد(1/480)
القزويني الزاهد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، عن يحيى بن الحصين، عن أم الحصين، قالت: حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فرأيت أسامة بن زيدٍ وبلالاً أحدهما آخذٌ بخطام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يستره بثوبه من الحر حتى رمى جمرة العقبة.
أنبأنا القرشي، قال: توفي العتابي ليلة الثلاثاء خامس عشري جمادى الأولى سنة ست وخمسين وخمس مئة. وقال غيره: وكان مولده في شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وأربع مئة، رحمه الله وإيانا.
339- محمد بن علي بن البختري، أبو علي الصائغ.
من أهل مرو؛ قدم بغداد، وسمع بها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي بكر أحمد بن علي بن الأشقر الدلال، وعاد إلى بلده، وحدث عنهما. سمع منه هناك فخر الدين أبو المظفر عبد الرحيم بن(1/481)
عبد الكريم ابن السمعاني وحدث عنه في ((معجم شيوخه)).
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن علي بن البختري قراءةً عليه وأنا أسمع بمرو، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد قراءة عليه وأنا أسمع ببغداد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: حدثنا يحيى بن علي الخطيب الدسكري، قال: حدثنا أبو بكر ابن المقرئ، قال: حدثنا خزرج بن علي البغدادي، قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله النرسي، قال: حدثنا شبابة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
قال ابن السمعاني: مولد أبي علي بن البختري بمرو في سنة خمس وثمانين وأربع مئة. وتوفي في سنة خمس أو ست وخمسين وخمس(1/482)
مئة بكش.
340- محمد بن علي بن خطاب بن أبي الفتح بن علي الدينوري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو شجاع الخيمي، أخو أبي المظفر يحيى الذي يأتي ذكره إن شاء الله.
سمع أبو شجاع أبا الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وأبا غالب محمد ابن الحسن الباقلاني، وغيرهما، وروى عنهما.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، والقاضي عمر القرشي، وغيرهم. وحدثنا عنه ابن أخيه أبو منصور عبد اللطيف بن يحيى وغيره.
قرأت على أبي منصور بن أبي المظفر: أخبركم عمك أبو شجاع محمد بن علي قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون المعدل، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا محمد بن الوليد بن برد، قال: حدثنا الهيثم بن جميل، قال: أخبرنا عيسى بن يونس، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا نكاح إلا بولي)).(1/483)
توفي أبو شجاع الخيمي يوم الثلاثاء ثالث عشرين شوال من سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، ودفن بباب أبرز مقابل التاجية.
341- محمد بن علي بن الحسن الكاتب، أبو الحسن يعرف بابن شعبوثا.
من أهل واسط.
قدم بغداد في سنة أربع وخمس مئة، وسمع بها من أبي الحسن علي بن محمد ابن العلاف الحاجب، وعاد إلى بلده وروى عنه. سمع منه بواسط أبو الخير المبارك بن سرور الواعظ. وروى لنا عنه أبو المعالي بن أبي الحسن الواسطي ببغداد إجازةً.
قرأت على أبي المعالي عبيد الله بن علي بن المبارك الواسطي، قلت له: أخبركم أبو الحسن محمد بن علي بن الحسن الكاتب فيما أجازه لكم، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي، قال: حدثنا القاضي أبو الحسين عبد الباقي بن قانع بن مرزوق، قال: حدثنا أحمد بن سهل(1/484)
ابن أيوب، قال: حدثنا علي بن بحر، قال: حدثنا الحجاج أبو أيوب البصري، قال: حدثنا محمد بن أبي حميد، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من عين بكت من خشية الله عز وجل فتخرج منها من الدموع وإن كان مثل رأس الذباب حتى تمر على حر وجهه إلا حرمه الله عز وجل على النار)).
قال ابن قانع: هذا هو عتبة بن مسعود رضي الله عنه.
342- محمد بن علي بن محمد بن محمد بن أبان بن عامر، أبو الفضل بن أبي الحسن يعرف بابن الوكيل، أخو أبي الفتح أحمد، وسيأتي ذكره.
كان أبو الفضل أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا محمد الحسن بن محمد ابن رئيس الرؤساء، وروى عنهما.
سمع منه الحافظ أبو المحاسن القرشي وابن أخيه أبو علي الحسن بن أحمد وغيرهما.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن علي المعروف بابن الوكيل بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن(1/485)
بيان. وأخبرناه عالياً أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز ببغداد بقراءتي عليهما، قلت لكل واحدٍ منهما: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا بشر بن المفضل البصري، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه، فإن في أحد جناحيه داءٌ وفي الآخر دواء، وأنه يبقى بالجناح الذي فيه الداء فليغمسه كله ثم ليدعه)).
قال القرشي: سألته عن مولده، يعني أبا الفضل ابن الوكيل، فقال: في سنة تسع وتسعين وأربع مئة.
وقال غيره: مولده في يوم الثلاثاء العشرين من جمادى الآخرة سنة تسع وتسعين وأربع مئة. وتوفي يوم الخميس حادي عشري جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وخمس مئة وصلي عليه يوم الجمعة ثاني عشري منه بجامع القصر، ودفن بباب أبرز.
343- محمد بن علي بن أحمد ابن نظام الملك أبي علي الحسن ابن علي بن إسحاق بن العباس الطوسي الأصل، أبو نصر بن أبي الحسن بن أبي نصر الوزير.(1/486)
من بيت الوزارة والولاية والتقدم، وجده أبو نصر كان وزير المسترشد بالله.
وأبو نصر محمد بن علي صاحب هذه الترجمة تفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه وحصل معرفة المذهب وتميز، فولاه جده أبو نصر أحمد تدريس مدرسة جده نظام الملك ببغداد بعد عزل الشيخ أبي منصور ابن الرزاز وذلك في يوم السبت غرة ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، وعزل عن التدريس بها في أول المحرم سنة خمس وأربعين وخمس مئة، وأعيد مرةً ثانيةً في رجب سنة سبع وأربعين وخمس مئة ورد إليه النظر في أوقافها.
وكان له تقدم في أيام الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنه ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في جمادى الآخرة من سنة سبع وخمسين وخمس مئة، واعتقل بالديوان العزيز -مجده الله تعالى- مديدةً ثم أفرج عنه، فخرج إلى الشام فمات بدمشق، ووصل نعيه إلى بغداد في صفر سنة إحدى وستين وخمس مئة، فدفن بها.
وقد كان سمع الحديث ببغداد من أبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ثم من أبي الوقت السجزي وأبي زرعة ابن المقدسي. ولم يحدث بشيءٍ لأنه توفي شاباً وكان سماعه متأخراً، رحمه الله وإيانا.
344- محمد بن علي بن الحسين القيسي، أبو الحسين الآملي ثم النيسابوري.(1/487)
سمع بنيسابور أبا محمد هبة الله بن أبي سهل السيدي، وأبا طاهر محمد ابن محمد المؤدب، وغيرهما.
قدم بغداد حاجاً في سنة تسع وخمسين مئة فحج وعاد، وحدث بها في صفر سنة ستين وخمس مئة؛ سمع منه جماعة منهم: القاضي عمر القرشي، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري، وسليمان بن محمد بن علي الموصلي، وأبو نصر عمر بن محمد الصوفي.
أخبرنا أبو الفضل سليمان بن محمد بن علي الفقيه قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن الحسين القيسي قراءةً عليه بعد عوده من الحج، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله المؤذن، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المؤذن، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى ابن إبراهيم بن محمد المزكي، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، وأخبرناه عالياً أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى التاجر بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قراءة ًعليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد البزاز، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد الشافعي، قال: حدثنا محمد بن ربح البزاز وعبد الله بن روح المدائني، قالا: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن الخطاب،(1/488)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله وإلى رسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
345- محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم الطبري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو جعفر بن أبي الحسن، يعرف والده بالكيا الهراسي، وكان مدرساً بالمدرسة النظامية ببغداد، أعني أباه.
وأبو جعفر هذا أخو أبي المعالي عبد الملك، وسيأتي ذكره إن شاء الله.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف وغيره. وتولى الإشراف على أوقاف المدرسة النظامية. وما أعلم أنه روى شيئاً.
توفي في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة، ودفن بالمقبرة المعروفة بالوردية.
346- محمد بن علي بن عمر بن زيد، أبو بكر السقلاطوني يعرف بابن اللتي.
من أهل شارع دار الرقيق.
حافظٌ للقرآن الكريم. قرأ بالقراءات على أبي منصور محمد بن عبد الملك ابن خيرون، وعلى أبي بكر محمد بن منصور القصري، وسمع منهما، ومن أبي عبد الله محمد بن محمد ابن السلال، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد(1/489)
القزاز، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وغيرهم. وحدث باليسير.
توفي يوم السبت النصف من شهر رمضان من سنة ثمان وستين وخمس مئة وصلي عليه بباب الحريم الطاهري، ودفن بباب حرب.
347- محمد بن علي بن طراد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن محمد بن سليمان بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم، أبو العباس ابن الوزير شرف الدين أبي القاسم ابن نقيب النقباء أبي الفوارس ابن نقيب النقباء أبي الحسن الزينبي.
منسوب إلى زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس، وهي أم عبد الله بن محمد بن إبراهيم، وولده منها يعرفون بالزينبيين.
وأبو العباس هذا يعرف بالأمير التركي؛ لأن أمه كانت تركية، وكان يشبهها في الصورة. وهو من بيت الوزارة والنقابة؛ تقلد أبوه الوزارة للإمام المسترشد بالله وللإمام المقتفي لأمر الله وكان قبل ذلك يتولى نقابة العباسيين مدةً.
سمع أبو العباس بنفسه، وقرأ على الشيوخ مثل أبي المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبي بكر أحمد بن المقرب بن الحسين الكرخي، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد يعرف بابن البطي. وقرأ الحساب، والفرائض،(1/490)
والأدب. وكان سرياً جميلاً مقبلاً على العلم.
توفي في أوان شبابه يوم السبت سابع شهر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وخمس مئة، ودفن يوم الأحد ثامنه بداره على دجلة قريب من باب المراتب، ونقل بعد ذلك إلى تربة أبيه بالحربية، رحمه الله وإيانا.
348- محمد بن علي بن محمد المقرئ، أبو عبد الله السقاء.
من أهل الحريم الطاهري، والد شيخنا أبي الحسن علي بن محمد.
كان محمد رجلاً صالحاً حافظاً للقرآن المجيد، لقن خلقاً كثيراً. وكان الناس يقرءون عليه ويتبركون به. وكان يستقي الماء من دجلة ويحمله إلى بيوت الناس ولا يأكل إلا من كسبه، حسن الطريقة، حميد السيرة. روى عن أبي القاسم بن بيان، وأبي القاسم بن الحصين، وغيرهما. سمع منه جماعةٌ من الطلبة.
ذكره صدقة بن الحسين الحداد في تاريخه، فقال: في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة وفي يوم الاثنين ثامن صفر منها توفي الشيخ محمد السقاء المقرئ من أهل الحريم، وكان صالحاً، وصلى عليه خلقٌ كثيرٌ ودفن بمقبرة جامع المنصور.
349- محمد بن علي بن أحمد بن الحسن بن واصل المصري الأصل، أبو المظفر الموازيني، سبط ابن الأخوة.
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وغيره. سمع منه القاضي عمر القرشي، والشريف علي بن أحمد الزيدي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار. وروى لنا عنه شيخنا عبد العزيز بن الأخضر.(1/491)
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز من كتابه، قلت له: أخبركم أبو المظفر محمد بن علي بن أحمد الوكيل قراءة عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الرزاز قراءةً عليه وأنا أسمع. وأخبرناه أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدباس بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي وأبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قراءةً عليهما وأنا أسمع، قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن صالح الوراق، قال: أخبرنا الحسن ابن عرفة، قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن صالح الوراق، قال: أخبرنا الحسن ابن عرفة، قال: حدثني إسماعيل بن علية وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي عثمان، عن القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كل مسكرٍ حرامٌ، وما أسكر الفرق منه فالحسوة منه حرام)).
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: توفي أبو المظفر ابن واصل يوم السبت سادس عشري محرم سنة أربع وسبعين وخمس مئة. وقال(1/492)
غيره: ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
350- محمد بن علي بن هبة الله، أبو بكر المقرئ الناسخ.
من أهل واسط، سكن بغداد واستوطنها إلى حين وفاته. وكان يؤم بمسجدٍ بالخاتونية الخارجة بدربٍ يعرف بدرب الشيرجي ويقرئ فيه.
قرأ القرآن بواسط على جماعةٍ من الشيوخ، وقرأ ببغداد على أبي محمد عبد الله بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وعلى غيره، وسمع منه، ومن جماعةٍ إلا أنه ادعى أنه قرأ بواسط على أبي القاسم علي بن علي بن شيران صاحب أبي علي غلام الهراس وما كان سنه يحتمل القراءة عليه فرد الناس ذلك عليه وتكلموا فيه.
وقد كان صالحاً منقطعاً مشتغلاً بالتوريق، حسن الخط، والمعرفة بوجوه القراءات. وقد جمع في القراءات كتاباً وقفت منه على الإسناد حسب، حسنٌ إن كان تم، والله أعلم.
توفي أبو بكر الواسطي ببغداد يوم الثلاثاء ثاني عشري ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
351- محمد بن علي بن محمد بن الحسن، أبو عبد الله الفقيه الشافعي يعرف بابن المتقنة.
من أهل الرحبة.
فقيهٌ فاضلٌ له معرفةٌ حسنةٌ بالأدب، وله شعرٌ جيد. قدم بغداد وأقام بها متفقهاً وقارئاً للأدب على الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي(1/493)
وغيره. وحصل معرفة الفقه والأدب، وعاد إلى بلده ودرس وأقرأ الناس.
وذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني الكاتب في كتابه المسمى ((بالخريدة)) فوصفه بالفضل، وقال: لقيته بالرحبة وكان أديباً ولكن اشتهر بالفقه وله أشعار حسانٌ في فنون.
قلت: ومن شعره ما أنشدني أبو الحسن علي بن جابر بن زهير القاضي بواسط، قال: أنشدني شيخنا أبو عبد الله محمد بن علي ابن المتقنة بالرحبة لنفسه معارضاً للحريري في بيتيه قال في وصفهما: أسكتا كل نافثٍ وأمنا أن يعززا بثالث وهما:
سم سمةً تحسن آثارها ... واشكر لمن أعطى ولو سمسمه
والمكر مهما اسطعت لا تأته ... لتقتني السؤدد والمكرمه
فقال ابن المتقنة:
ما الأمة الوكعاء بين الورى ... أحسن من حرٍ أتى ملأمه
فمه إذا استجديت عن قول لا ... فالحر لا يملأ منها فمه
352- محمد بن علي بن محمد بن علي، أبو المظفر يعرف بابن الهروي.
كانت له معرفة بالأدب. وقد سمع الحديث من أبي غالب عبد الله بن منصور ابن النوء، ومن أبيه، وغيرهما. سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو المظفر محمد بن علي ابن الهروي، قال: أخبرنا أبو غالب عبد الله بن منصور بن النوء، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن السلمي، قال: أخبرنا أبو الحسن ابن أبي الفتح الضرير العثماني، قال: أخبرنا عمر بن محمد المقرئ، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن الحجاج، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أبي الرجاء، قال: حدثنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا الأعمش، عن المعرور(1/494)
ابن سويد، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، وتخفى عنه كبارها، فيقال له: عملت كذا وكذا وعملت يوم كذا وكذا وكذا قال: وهو مقرٌ ليس ينكر، قال: وهو مشفق من الكبار أن يجاء بها، فإذا أراد الله به خيراً قال: اعطوه مكان كل سيئةٍ حسنةً، فيقول حين طمع: إن لي ذنوباً ما رأيتها هاهنا، قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه ثم تلا: {فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ}.
قال القرشي: توفي أبو المظفر ابن الهروي في أواخر شعبان من سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.
353- محمد بن علي بن عبد الباقي بن محمد بن علي بن قرطاس، أبو عبد الله البقال.
من ساكني الظفرية. هو ابن عم أبي السعادات محمد بن أبي سعد محمد ابن قرطاس الطحان الذي يأتي ذكره.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، والقاضي أبا بكر محمد ابن عبد الباقي البزاز، وغيرهما. وروى اليسير.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه سمع منه، قال: وتوفي في(1/495)
تاسع عشري رمضان سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه بالتاجية، ودفن بباب أبرز.
354- محمد بن علي بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد ابن عبد الملك الدامغاني، أبو الفتح ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن القاضي أبي الحسين ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني.
من بيت القضاء والولاية والتقدم. وأبو الفتح هذا كان ينوب في الحكم بدار الخلافة المعظمة-شيد الله قواعدها بالعز- في ولاية أبيه الثانية لقضاء القضاة ثم قبل والده شهادته وأثبت تزكيته في يوم الاثنين ثاني رجب سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وزكاه القاضيان أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ وأبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الساوي. وكان له معرفة بمذهب أبي حنيفة رحمه الله وصنعة القضاء والحكم.
ذكر أبو الحسن علي بن يحيى الوكيل أن مولده في ليلة الجمعة حادي عشر ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وخمس مئة. وتوفي يوم الجمعة ثاني عشري شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم السبت ثالث عشرين منه بجامع القصر الشريف وحمل إلى نهر القلائين بالجانب الغربي، فدفن هناك.
وكان شاباً سرياً، جميلاً، فصيح اللسان، فيه فضلٌ وأدبٌ، رحمه الله وإيانا.
355- محمد بن علي بن حمزة بن محمد بن الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد بن علي بن محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو يعلى المعروف بابن الأقساسي العلوي.(1/496)
من أهل الكوفة. وهو أخو نقيب النقباء الطاهر أبي محمد الحسن بن علي ابن الأقساسي الذي يأتي ذكره إن شاء الله، وأبو يعلى هذا كان الأسن. وكان يتولى نقابة العلويين بمشهد الحسين بن علي عليهما السلام، وكان فيه فضلٌ وأدبٌ، وله شعرٌ حسنٌ.
وقد سمع الحديث بالكوفة من أبي الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، ومن الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم بن حمزة العلوي الزيدي. وقدم بغداد وأقام بها مدةً، وكتب عنه بها حديث وشعرٌ وروي عنه.
قال الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي رحمه الله: أنشدني:
رب قومٍ في خلائقهم ... غررٌ قد صيروا غررا
ستر المال القبيح لهم ... سترى إن زال ما سترا
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أن أبا يعلى ابن الأقساسي ولد بالكوفة في شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وأربع مئة، وأنه توفي ببغداد في يوم الأربعاء ثاني ذي الحجة سنة خمس وسبعين وخمس مئة وصلي عليه بالمدرسة النظامية، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشونيزي، ولم يعقب.
356- محمد بن علي بن الحسين بن محبوب القزاز، أبو بكر يعرف بالمسدي.(1/497)
من أهل الحريم الطاهري.
سمع مع ابن عمه أبي علي الحسن بن أحمد بن محبوب من الشريف أبي العز محمد بن المختار الهاشمي، وأبي العباس أحمد بن علي بن قريش، وأبي الفضل العباس بن عبيد الله البرداني، وغيرهم، وحدث عنهم؛ سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محبوب المسدي بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار بن محمد، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب، قال: حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين وأبو بكر الوراق، قالا: حدثنا عبد الله البغوي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ، قال: حدثنا زائدة بن أبي الرقاد، عن زياد النميري، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال: ((اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان)).
ولد أبو بكر المسدي في ذي الحجة سنة تسع وثمانين وأربع مئة. وتوفي يوم الأربعاء سابع شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمس مئة.
357- محمد بن علي بن عبد الله بن علي البتماري الأصل، أبو بكر.(1/498)
وبتمارى المنسوب إليها من نواحي النهروان، وهو من أهل الحريم الطاهري يعرف بابن العجيل.
سمع أبا بكر أحمد بن المظفر بن سوسن التمار وغيره. وحدث عنهم، سمع منه القاضي عمر القرشي وغيره. وكان أمياً لا يكتب وأصابه في آخر عمره صممٌ.
توفي بعد السبعين وخمس مئة.
358- محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن يوسف بن يعقوب ابن الكتاني، أبو طالب بن أبي الأزهر بن أبي بكر بن أبي يعلى بن أبي القاسم العدل الثقة ابن العدل.
من أهل واسط. كان يتولى الحسبة بها هو وأبوه.
سمع أبو طالب بواسط من جماعة منهم: أبو الحسن محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر، وأبو الحسن علي بن محمد المعروف بكاتب الوقف، وأبو نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجماري، وأبو نعيم محمد بن علي بن زبزب، وأبو الحسن أحمد بن محمد ابن العكبري المقرئ، وأبو الحسن علي بن عبد الغفار النواء. ومن الغرباء من أبي غالب محمد بن أحمد بن حمد، وأبي الكرم المبارك(1/499)
ابن فاخر النحوي، وأبي البركات هبة الله بن المبارك ابن السقطي، وغيرهم.
وقدم بغداد مراراً كثيرةً. وسمع بها كثيراً من أبي الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، والشريف أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، وغيرهم.
وعمر حتى حدث بالكثير. وكانت له إجازات من جماعةٍ انفرد بها مثل أبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، وأبي منصور عبد المحسن بن محمد الشيخي، وأبي سعد عبد الجليل بن محمد الساوي، وأبي الحسن علي بن الحسين بن أيوب البزاز وغيرهم.
وكان ثقةً، صحيح السماع، متخشعاً، سريع الدمعة، يرجع إلى دينٍ وصلاحٍ. رحل إليه الناس، وسمعوا منه، وكتب عنه غير واحدٍ من أصحاب الرحلة منهم: أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي وأبو يعقوب يوسف بن أحمد الحافظ البغدادي، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، وأبو بكر محمد بن موسى الحازمي في جماعةٍ. وسمع منه من أهل واسط جماعةً من شيوخنا منهم: أبو البقاء هبة الكريم بن الحسن بن حبانش، وأبو علي الحسن ابن هبة الله ابن البوقي الفقيه، وأبو الحسن محمد بن الحسن بن أبي العلاء الوزير، وأبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي، وأبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي، وأبو القاسم الحسن وأبو الفضل الحسين ابنا محمد بن أحمد ابن الآمدي، وغيرهم. وسمعنا منه الكثير وكتبنا عنه، ونعم الشيخ كان رحمه الله.
قرأت على القاضي أبي طالب محمد بن علي بن أحمد ابن الكتاني بواسط بداره بمحلة الطحانين بدرب الخطيب في سنة أربع وسبعين وخمس مئة(1/500)
أخبركم الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن يوسف بن يعقوب العلاف قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد في شوال سنة أربع وخمس مئة، فأقر به وعرفه، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الرحمن الجمحي، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا عارم، قال: حدثنا ابن المبارك، قال: حدثنا حرملة بن عمران، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الرجل في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس، أو قال: يحكم بين الناس)).
وأخبرنا أبو طالب محمد بن علي المحتسب بقراءتي عليه، وقراءةً عليه غير مرةٍ، قيل له: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز قراءةً عليه ببغداد بمنزله بالمقتدية في شوال سنة أربع وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز في سنة ثمان عشرة وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي، قال: أخبرنا أبو النضر هاشم بن القاسم ابن سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد. فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحدٍ قبلك)).
أنشدنا أبو طالب محمد بن علي ابن الكتاني من لفظه، قال: أنشدنا أبو نعيم محمد بن علي بن محمد بن زبزب الواسطي في سنة أربع وخمس مئة، قال: أنشدنا القاضي أبو تمام علي بن أبي خازم محمد بن الحسن قاضي واسط رحمه الله لبعضهم:(1/501)
لما تكهل من هويت ... وقلت ربعٌ قد دثر
عاينت من طلابه ... بالباب أفواجاً زمر
وكذاك أصحاب الحديث ... نفاقهم عند الكبر
سألت القاضي أبا طالب ابن الكتاني عن مولده فقال: في رابع عشري شعبان من سنة خمس وثمانين وأربع مئة.
وتوفي يوم الأربعاء بين الظهر والعصر الثاني من محرم سنة تسع وسبعين وخمس مئة عن ثلاث وتسعين سنة وأربعة شهور وثمانية أيام، وحضرنا الصلاة عليه بجامع واسط يوم الخميس ثالثه في جمع كثيرٍ، وشيعنا جنازته إلى مقبرة داوردان على نحوٍ من فرسخ من البلد، وصليت عليه هناك ثانياً إماماً ودفن ثم عند أبيه، رحمه الله وإيانا.
359- محمد بن علي بن فارس الفراش، أبو بكر، وقيل: أبو عبد الله، يعرف بابن الشرابي.
من أهل محلة أبي حنيفة رحمه الله، سكن بدرب خطاب بمسجدٍ يعرف بمسجد كامل. وكان فقيراً صالحاً منقطعاً في المسجد المذكور.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، وغيرهما. سمع منه القاضي عمر القرشي وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)).
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا الزاهد أبو عبد الله محمد بن علي بن فارس، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: أخبرنا عبد الله بن(1/502)
أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، سمع أبا عبيد، قال: شهدت العيد مع عمر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الفطر فطركم من صومكم، وأما يوم الأضحى فكلوا من لحم نسككم.
قال القرشي: سألت ابن الشرابي هذا عن مولده ، فقال: في سنة ست وتسعين وأربع مئة.
وتوفي يوم الجمعة غرة ربيع الآخر من سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
360- محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن صدقة الحراني، أبو عبد الله التاجر.
سكن دمشق وأقام بها إلى حين وفاته. يعرف بابن الوحش.
سمع بنيسابور أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وحدث عنه ببغداد ودمشق ((بصحيح)) مسلم بن الحجاج وغيره. روى عنه شيخنا أبو محمد بن الأخضر.(1/503)
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من كتابه، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد التاجر، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الجنزروذي. وأخبرنيه عالياً الشريف أبو الفتوح محمد بن المطهر ابن يعلى العلوي بقراءتي عليه قلت له: أخبركم القاضي أبو سعيد محمد بن أحمد بن صاعد قراءةً عليه وأنت تسمع بنيسابور، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن أبي بكر الغازي، يعني الجنزروذي، قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن حمدان العدل، قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، قال: حدثنا محرز بن عون، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب.
كتب إلينا أبو المواهب الحسن بن أبي الغنائم السلمي بخطه من دمشق يخبرنا أن مولد أبي عبد الله محمد بن علي بن صدقة الحراني في سنة سبع وثمانين وأربع مئة، وأنه توفي ليلة الثلاثاء سادس عشر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وكان شيخاً صالحاً مستوراً، رحمه الله وإيانا.
361- محمد بن علي بن فارس الرازي، أبو عبد الله.
من أهل بغداد.
ذكره أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، غير الأول، وقال: سمع من أبي القاسم ابن الحصين أيضاً. ووهم فيه، والأظهر أنه الأول؛ لأن القرشي(1/504)
أثبت من المارستاني، والله أعلم.
362- محمد بن علي بن محمد بن أحمد العجلي، أبو الفوارس.
من أهل بعقوبا، سكن بغداد، وكان كاتباً بديوان الزمام المعمور فيما ذكر أبو بكر ابن المارستاني، قال: وقد سمع النقيب أبا الحسن محمد بن طراد بن محمد الزينبي، وأبا القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر الدلال، وروى شيئاً يسيراً.
مولده في سنة إحدى عشرة وخمس مئة. وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وخمس مئة
363- محمد بن علي بن الحسن، أبو عبد الله.
من أهل الحربية.
كان رجلاً صالحاً مقيماً بتربة الشيخ أبي الحسن القزويني الزاهد بالحربية. سمع أبا القاسم هبة الله بن الحصين، وروى عنه.
سمع منه القاضي عمر القرشي، وغيره، وقال: سألته عن مولده فقال ما يدل أنه في سنة تسع وتسعين وأربع مئة، والله أعلم.
364- محمد بن علي بن عبد الله الدوري، أبو بكر.
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق البيع في ((معجم شيوخه)) الذين كتب عنهم. وقد أجاز للقاضي أبي المحاسن عمر بن علي القرشي أيضاً. لم أقف على ذكره في غير ذلك.
365- محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن حمدان بن الحسين بن حمدان بن مهدي بن ماهي ابن السنقباذ، أبو الغنائم التاني.(1/505)
من أهل هيت.
قدم بغداد مراراً، وسمع بها أبا القاسم بن الحصين، وأبا بكر محمد بن عبد الله بن حبيب العامري. وقرأ القرآن الكريم على أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وحدث بها، وروى شيئاً من شعر محمد بن خليفة السنبسي عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي الهيتي، قدم علينا، بقراءتي عليه سنة تسع وخمسين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله العامري قال: أخبرنا عبد الجبار بن محمد الخواري، قال: حدثنا علي بن أحمد المفسر، قال: أخبرنا أبو إسحاق الأسفراييني، قال: حدثنا محمد بن علي الجوزقاني، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا علي بن حجر، قال: حدثنا سلمة بن صالح، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)).(1/506)
قال القرشي: سألته عن مولده فقال: في ذي القعدة سنة أربع وثمانين وأربع مئة.
366- محمد بن علي بن محمد بن أحمد ابن الرومي، أبو البركات.
من أهل الكرخ.
سمع أبا القاسم هبة الله بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهما.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي بن نصر البغدادي أنه سمع منه وأنه سأله عن مولده، فقال: ولدت يوم الخميس سادس عشري جمادى الأولى من سنة خمس وتسعين وأربع مئة بالكرخ بدرب الفراغنة.
367- محمد بن علي بن محمد السرخسي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو بكر الخياط، يعرف بالخاتوني.
سمع أبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبا الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وحدث عنهم. وما اتفق لي لقاؤه، وقد أجاز لي غير مرةٍ.
توفي في اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة تسع وثمانين وخمس مئة رحمه الله وإيانا.(1/507)
368- محمد بن علي بن شعيب ابن الدهان، أبو شجاع الفرضي الحاسب، أخو شيخنا محمود بن علي الذي يأتي ذكره.
وأبو شجاع كان فيه فضلٌ وله معرفةٌ بالأدب والفرائض والحساب وشيءٌ من علوم الرياضة، وصنف في الفرائض كتاباً على شكل المنبر. وأرخ مدةً بعد سنة عشر وخمس مئة إلى حين وفاته. وله شعرٌ حسنٌ.
أنشدنا أبو الفتوح محمد بن علي بن المبارك ابن الجلاجلي لأبي شجاع ابن الدهان يخاطب التاج أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي رحمه الله ويمتدحه:
يا زيد زادك ربي من مواهبه ... نعماء يعجز عن إدراكها الأمل
لا غير الله حالاً قد حباك به ... ما دار بين النحاة الحال والبدل
النحو أنت أحق العالمين به ... أليس باسمك فيه يضرب المثل؟
خرج أبو شجاع من بغداد قبل موته بمدة متنقلاً في البلاد نحو الموصل والجزيرة والشام، وانتهى إلى دمشق فأقام بها مدةً، وصار له بها قبولٌ، وانتشر فضله هناك فكان بها إلى أن مات صلاح الدين يوسف بن أيوب ملك الشام، فخرج إلى مكة فأقام بها سنةً وعاد إلى العراق فبلغ الحلة السيفية فتوفي بها في سنة تسعين وخمس مئة تقريباً.(1/508)
369- محمد بن علي بن أحمد، أبو بكر بن أبي الحسن يعرف بابن غريبة.
من أهل دار القز، كان أبوه له معرفةٌ بمذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد ابن حنبل.
وأبو بكر هذا تولى قضاء المحول بنهر عيسى، ثم قبل شهادته قاضي القضاة أبو طالب علي بن علي ابن البخاري في يوم الخميس ثالث عشري رجب سنة تسعين وخمس مئة وكان مريضاً فتوفي، أعني ابن غريبة، بعد قبول شهادته بخمسة عشر يوماً. وكانت وفاته يوم الخميس سابع شعبان من السنة المذكورة.
370- محمد بن علي بن فارس بن علي بن عبد الله بن الحسن بن القاسم، أبو الغنائم المعروف بابن المعلم الشاعر.
من أهل واسط، من قريةٍ تعرف بالهرث من أعمال نهر جعفر بينها وبين واسط نحو عشرة فراسخ.
شيخ متقدمٌ بناحيته، فيه فضلٌ وتميز، وهو أحد من سار شعره، وانتشر(1/509)
ذكره، ونبه بالشعر قدره، وحسن به حاله وأمره، وطال في نظم القريض عمره، وساعده على قوله زمانه ودهره. أكثر القول في الغزل والمدح وفنون المقاصد. وكان سهل الألفاظ، صحيح المعاني، يغلب على شعره وصف الحب والشوق وذكر الصبابة والغرام، فعلق بالقلوب، ولطف مكانه عند أكثر الناس، ومالوا إليه، وتحفظوه وتداولوه بينهم، واستشهد به الوعاظ واستحلاه السامعون حتى بلغني أنه حكى، أعني أبا الغنائم ابن المعلم، ولم أسمعها منه، قال: اجتزت يوماً ببغداد على باب بدرٍ المحروس، والناس مزدحمون هناك غاية الزحام، فسألت عما ازدحموا عليه فقيل لي هذا الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي الواعظ جالسٌ هاهنا، ولم أكن علمت بجلوسه، فتقدمت وزاحمت حتى شاهدته، وسمعت كلامه وهو يعظ ويذكر حتى قال مستشهداً على بعض إشاراته: ولقد أحسن ابن المعلم حيث يقول:
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم ... طيباً ويحسن في عيني مكرره
فعجبت من اتفاق حضوري واستشهاده بهذا البيت، وهو لي، وما يعلم أني حاضرٌ ولا أحدٌ من الحاضرين، فانكفيت.
ولقد سمعت أبا عبد الله محمد بن يوسف الأرجاني ببغداد يقول: قال لي إنسانٌ بسمرقند، وقد جرى ذكر أهل العراق ولطافة طباعهم، ورقة ألفاظهم: كفى أهل العراق أن منهم من يقول:
تنبهي يا عذبات الرند ... كم ذا الكرى هب نسيم نجد
وكرر البيت تعجباً منه، من لطافته وعذوبة لفظه وهو لابن المعلم مبدأ قصيدةٍ مدح بها إنساناً يعرف بهندي بني القصيدة على هذه القافية لأجل اسمه.
كان شيخنا أبو الغنائم ابن المعلم حسن المجالسة، كثير المحفوظ، عذب(1/510)
الإيراد، عارفاً بمعاني الشعر، لا تمل مجالسته، ولا يشبع من مفاكهته. سمعنا منه أكثر شعره بمنزله وقريته وبواسط لفظاً وقراءةً فمما قرأنا عليه من جملة قصيدةٍ مدح بها الأجل أبا غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين لما تولى النظر بديوان واسط المعمور في سنة سبعين وخمس مئة:
يا مبيح القتل في دين الهوى ... أنت من قتلي في أوسع حل
أغضض الطرف فنيران الهوى ... لم تدع لي كبداً ترمى بنبل
هبك أغليت وصالي ضنةً ... منك بالحسن فلم أرخصت قتلي؟
وفؤادي ابتعت مني قتله ... وهو بعضي لم تصرفت بكلي؟
فلحبي لك أحببت الضنى ... لست بالطالب برئي من معلي
وأنشدنا أيضاً لنفسه من قصيدة:
يا نازلين الحمى رفقاً بقلب فتىً ... إن صاح بالبين داعٍ باح مضمره
مقسماً، حذر الواشي يغيب به ... عنه، وأمن الهوى العذري يحضره
كم تستريحون عن صبحي وأتعبه ... وكم تنامون عن ليلي وأسهره
لاتحسبوا الصد عن عهدٍ يغيرني ... غيري ملازمة البلوى تغيره
فما ذكرتكم إلا وهمت جوىً ... وآفة المبتلى فيكم تذكره
يزداد في مسمعي تكرار ذكركم ... طيباً ويحسن في عيني مكرره
وتستلذ الصبا نفسي وقد علمت ... أن لا تمر بصافٍ لا تكدره
سلا بوجدي عن قيسٍ ملوحه ... وعن جميل بما ألقى معمره
سألت أبا الغنائم ابن المعلم عن مولده، فقال: ولدت في سابع عشر جمادى الآخرة من سنة إحدى وخمس مئة.
وتوفي في رابع رجب سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة بالهرث قريته التي كان يسكنها.(1/511)
371- محمد بن علي بن أحمد، أبو عبد الله المعروف بابن حميدة.
من أهل الحلة المزيدية.
أديبٌ فاضلٌ، له معرفةٌ حسنةٌ بالنحو والعربية. قرأ ببلده على شيخٍ كان هناك يعرف بخزيمة. وقدم بغداد، وقرأ على أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب ولازمه مدةً وأخذ عنه علم النحو، وكان له شعرٌ حسنٌ. أخذ الناس عنه ببلده إذناً وتخرج به جماعةٌ في علم النحو ورووا شيئاً من شعره. وسمعت جماعةً يصفونه بالفضل والمعرفة والأدب، وما لقيته، رحمه الله وإيانا.
372- محمد بن علي بن أحمد، أبو عبد الله المعروف بابن القصاب الوزير الملقب مؤيد الدين.(1/512)
صدرٌ ذو فضلٍ وافرٍ، ومعرفةٍ حسنةٍ بالكتابة، ورأي حصيفٍ، وتجربةٍ تامةٍ. لم تزل به همته العالية وتقلبه في الأحوال حضراً وسفراً حتى أسفر صبح أمله عن بلوغ أقصى غرضه، وشمله من إنعام المواقف المقدسة الطاهرة الزكية الإمامية الناصرية -ضاعف الله جلالها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها- ما ظهر به اختصاصه، فاستقدم من شيراز في سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وولي ديوان الإنشاء المعمور في رمضان منها.
ولم تزل أمارات القبول تلوح عليه، وحسن الآراء المقدسة تنمو فيه، ودرجات الحضوة تتراقى به، وردت إليه الدواوين كلها، وصدرت الأمور عن تدبيره مخاطباً بنيابة ديوان المجلس مضافاً إلى الإنشاء.
وفي رجب سنة تسعين وخمس مئة مثل بباب الحجرة الشريفة وشرف بخلعٍ جميلة، ولبس خلعة الوزارة وتقدم بمخاطبته بالوزير. وفي يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان من السنة حضر بباب الحجرة الشريفة وأفيضت عليه خلعة الوزارة بمحضرٍ من أرباب المناصب والولايات، وأنطي المركوب اللائق بهذه الولاية، وسلم إليه العهد، ومشى الخلق بين يديه إلى الديوان العزيز -مجده الله- وجلس بالإيوان في دست الوزارة، وكتب إنهاءً إلى العرض الأشرف، وتولى عرضه حاجب الباب أبو القاسم الحسن بن نصر ابن الناقد، وبرز جوابه وقرئ بما قوى منته، وزاد في جأشه، ونهض إلى داره ومعه الجماعة.
وفي يوم الاثنين رابع عشري رمضان المذكور برز إلى مخيمه ظاهر مدينة السلام متوجهاً إلى بلاد خوزستان، وأقام إلى سلخ شهر رمضان وعيد بالخيم.
وتوجه في أوائل شوال قاصداً تستر وأعمالها، وبها يومئذ بنو شملة التركمان، واستناب بديوان المجلس ولده شمس الدين أبا الفضل أحمد، فحيث وافاها خرجوا إليه وسلموا البلاد طائعين راضين بأن يكونوا من جملة من يستخدم بالحضرة الشريفة، فتسلمها وأقام بها من أمراء الخدمة الشريفة من رآه.
ثم توجه منها نحو همذان والري وأصبهان، فما مر بناحية ولا ولاية إلا(1/513)
وتسلمها، وعاد متوجهاً إلى همذان، فتوفي على بابها في الرابع من شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن بها، ووصل نعيه إلى بغداد في رابع عشر فانكفأ ولده شمس الدين إلى دارٍ له بدرب الدواب معزولاً. وبلغني أنه توفي عن اثنتين وسبعين سنة، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.
373- محمد بن علي بن أحمد بن الحسين بن سراج، أبو الفتح سبط أبي المظفر عبد الواحد بن محمد ابن الصباغ.
وأبو الفتح هذا أحد الشهود المعدلين، شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الثانية وذلك في يوم الأحد تاسع عشر شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمس مئة وزكاه العدلان. أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ خاله وأبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي.
وقد سمع شيئاً من الحديث من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبي حفص عمر بن ظفر المغازلي. وحدث بالقليل؛ سمع منه آحاد الطلبة، وقد رأيته وما اتفق لي منه سماعٌ، وقد أجاز لي.
توفي في يوم الاثنين خامس محرم سنة سبع وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
((آخر الجزء الثامن من الأصل)).(1/514)
374- محمد بن علي بن الحسين بن محمد بن علي الزينبي، وقد تقدم ذكر باقي النسب، أبو الحسن ابن قاضي القضاة أبي القاسم ابن نور الهدى أبي طالب ابن نقيب النقباء أبي تمام.
من بيت الشرف والتقدم والولاية. وأبو الحسن هذا لم يرزق حظ أهله، ولم يزل متأخراً على خيرٍ فيه.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز وغيره، وحدث عنه سمع منه أصحابنا، ولقيته وطالبت منه السماع فأجاب وما قدر ذلك، فتوفي قبل أن نجتمع به في يوم الخميس خامس عشري محرم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.
375- محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله، أبو الحسن ابن أبي القاسم الكاتب يعرف بابن البقراني.
من ساكني درب القيار.
تولى الكتابة بأوانا ومعاملتها سنين كثيرة. وكان فيه تميزٌ وظرفٌ.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن أبي طاهر الأنصاري، وأبا عبد الله يحيى ابن الحسن ابن البناء، وأبا محمد يحيى بن علي ابن الطراح الوكيل، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وغيرهم سمعنا منه.
قرأت على أبي الحسن محمد بن علي بن إبراهيم الكاتب، قلت له: أخبركم أبو محمد يحيى بن علي بن محمد الوكيل قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر(1/515)
به قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة، قال: حدثنا قاضي القضاة أبو محمد عبد الله بن أحمد بن معروف، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا ابن المقدام، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، قال: حدثنا أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أعطيت فواتح الكلم ونصرت بالرعب وبينا أنا نائم إذ أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي)).
سألت أبا الحسن الكاتب هذا عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة، أظنه في صفر.
وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشري جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الجمعة، ودفن بمقبرة الشونيزي.
قال محمد بن الحسن: توفي جدي محمد بن علي ضحى نهار الجمعة المؤرخ به، ودفن باقي يومه كما قال.
376- محمد بن علي بن الحسين بن صالح المدائني ثم البغدادي، أبو بكر الخياط يعرف بابن بصيلة.
من ساكني باب الأزج.(1/516)
كان حافظاً للقرآن المجيد. قد قرأ بشيءٍ من القراءات على الشيوخ. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، ورشاح بن جواد الدرزيجاني، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وأبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل. وانحدر إلى واسط وسمع بها من أبي العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد الأزدي، وأبي طالب محمد بن علي ابن الكتاني، وغيرهما. وكتب أكثر مسموعاته بخطه، وما بلغ أوان الرواية، ولا أعلم أنه حدث بشيء، والله أعلم.
توفي في ذي القعدة من سنة ست مئة، رحمه الله وإيانا.
377- محمد بن علي بن محمد ابن الخازن البزاز، أبو المعالي يعرف بابن قشيلة.
من ساكني دار الخلافة المعظمة-شيد الله قواعدها بالعز-.
ذكر لي أنه سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن صهر هبة، وغيره، ولم أظفر بشيءٍ من مسموعاته في حياته، ووقفت له بعد وفاته على سماعٍ من أبي الوقت السجزي. وما سمع أحدٌ منه شيئاً.
سألته عن مولده، فقال: في سنة خمس عشرة وخمس مئة. وتوفي ليلة الخميس رابع شهر ربيع الآخر من سنة ست مئة وصلي عليه يوم الخميس بالمدرسة النظامية، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشونيزي، رحمه الله وإيانا.(1/517)
378- محمد بن علي بن محمد بن بنيق، أبو منصور.
من أهل النعمانية، كان أهله يتولون القضاء بها.
وأبو منصور هذا قدم بغداد واستطونها مدةً، وكان يتولى أشغال أمير الحاج طاشتكين المستنجدي. وقبل أقضى القضاة أبو طالب علي بن علي ابن البخاري شهادته بمدينة السلام في ولايته لأقضى القضاة يوم الخميس حادي عشري شوال سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، وزكاه أحمد بن علي بن كردي ومحمد بن محمود ابن الحراني. وولي قضاء الحلة المزيدية، ثم عزل عن الجميع بعد ذلك بقليل ثم ولي قضاء واسط في رجب سنة سبع وتسعين وخمس مئة، فأقام بها شهرين حاكماً على أقبح سيرة وعزل في العشر الأخر من رمضان من هذه السنة، وحمل منها مستظهراً عليه إلى بغداد فسجن بالديوان العزيز-مجده الله- مدةً، ثم أحدر إلى النعمانية، وألزم بالمقام بها، فأقام عاطلاً إلى أن توفي في سنة أربع أو خمس وست مئة، والله أعلم.
379- محمد بن علي بن يحيى بن علي بن محمد بن علي ابن الطراح، أبو جعفر بن أبي الحسن بن أبي محمد بن أبي الحسن المدير الوكيل بباب القضاة هو وأبوه وجده وجد أبيه، وهو آخرهم.(1/518)
روى الحديث هو وأبوه وجده. سمعنا منه ومن أبيه على تخليطٍ كان فيه مع صحة سماعه.
فأما أبوه فثقةٌ صحيح السماع يأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله.
أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن يحيى الوكيل بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، قراءةًَ عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي بن محمد ابن المهتدي بالله، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر المالكي، قال: أخبرنا علي بن الفضل السامري، قال: حدثنا أحمد بن محمد القرشي، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فقال لي: ((يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمةً من كنوز الجنة؟ قلت: بلى. قال: لا حول ولا قوة إلا بالله)).
قرأت مولده بخط أبيه: ولد ولدي أبو جعفر محمد بعد صلاة الظهر من يوم الأحد سادس شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
قلت: وتوفي يوم الخميس رابع عشري ذي القعدة من سنة ست وست مئة.(1/519)
380- محمد بن علي بن نصر بن محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ، أبو جعفر بن أبي الحسن.
من بيتٍ منهم جماعةٌ من العدول والفقهاء.
وأبو جعفر هذا كان يسكن باب المراتب، وسافر عن بغداد، وسكن ميافارقين واستوطنها إلى حين وفاته؛ ذكر لي ذلك ابن أخيه أبو البركات بن أبي نصر ابن الصباغ، وروى لي عنه بيتين من الشعر كتبهما إليه.
سمعت أبا البركات سعيد بن هبة الله بن علي ابن الصباغ يقول: كتب إلي عمي أبو جعفر محمد بن علي من ميافارقين كتاباً فكان في أوله:
إني لأذكركم إذا ما أشرقت ... شمس الضحى من نحوكم وأسلم
ويهزني برق الشآم إذا بدا ... طرباً، وما أشتاق إلا أنتم
سألت أبا البركات هذا عن وفاة عمه فقال: ما أعلم متى توفي، بلى انقطع عني خبره بعد سنة ست مئة، رحمه الله وإيانا.
381- محمد بن علي بن حمزة بن فارس الحراني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفرج بن أبي الحسن المعروف بابن القبيطي، أخو أبي يعلى حمزة الذي يأتي ذكره، وكلاهما ثقةٌ خير.
سمع أبو الفرج مع أخيه من أبي عبد الله الحسين وأبي محمد عبد الله ابني علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخياط المقرءين، وأبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن محمد ابن السلال(1/520)
الوراق، وأبي الحسن أحمد بن عبد الله ابن الآبنوسي، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي الأصبهاني، وأبي بكر أحمد بن علي بن الأشقر، والقاضي أبي القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي وغيرهم.
وحدث بالكثير، ونعم الشيخ كان ثقةً وخيراً. سمعنا منه، وكتبنا عنه.
قرأت على أبي الفرج محمد بن علي بن حمزة الكاتب غير مرةٍ، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الشروطي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن وشاح بن عبد الله مولى الزينبيين، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا كامل بن طلحة، قال: حدثنا مالك، عن ابن شهاب الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة)).
سألت أبا الفرج ابن القبيطي عن مولده، فقال: في صفر سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.
وتوفي يوم الجمعة ثامن عشري جمادى الأولى سنة تسع وست مئة، وحضرت الصلاة عليه يوم السبت تاسع عشري منه بالمدرسة النظامية، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة باب حرب.(1/521)
382- محمد بن علي بن محمد بن الحسن ابن الراس الصوفي، أبو العلاء اليمني المولد البغدادي الدار.
كان أبوه أحد التجار من أهل باب المراتب، وسافر في البحر، وولد ولده محمد هذا باليمن، أظنه بزييد، ونشأ معه، وعاد إلى العراق بعد وفاة أبيه، وصحب الصوفية، وأقام برباط الزوزني سنين كثيرة، ثم سكن رباط المأمونية الذي أنشأته الجهة الشريفة والدة سيدنا ومولانا الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه ورضي عنها- مدةً إلى حين مات.
سمع ببغداد من جماعةٍ منهم: أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن الفارسي الصوفي، وأبو الوقت السجزي، وأبو المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، وأبو زرعة طاهر بن محمد المقدسي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي العلاء محمد بن علي بن محمد الصوفي من أصل سماعه، قلت له: قرئ على أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قدم عليكم بغداد وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي بهراة، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا العلاء بن موسى الباهلي، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يدخل أحدٌ ممن بايع تحت الشجرة النار)).(1/522)
سألنا أبا العلاء هذا عن مولده فلم يحققه، وذكر ما يدل أنه في سنة خمس وعشرين وخمس مئة، والله أعلم. وتوفي يوم الجمعة آخر النهار ثامن عشر ذي القعدة سنة تسع وست مئة، وحضرت الصلاة عليه إماماً مرتين: أولهما بالمدرسة، والثانية بجامع المنصور، ودفن بتربة الصوفية المقابلة لجامع المنصور عند رباط الزوزني، رحمه الله وإيانا.
383- محمد بن علي بن نصر ابن البل الدوري، أبو المظفر الواعظ.
ولد بالدور بدجيل، ونشأ بها، ودخل بغداد وهو شابٌ، وأقام بها إلى حين وفاته. وكان يتكلم في الوعظ. وسمع بها من الوزير أبي نصر المظفر بن عبد الله ابن جهير، ومن أبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ، ومن أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، ومن أبي الوقت السجزي، وجماعة آخرين.
وعمر حتى كبر وعجز عن الحركة، ولزم بيته قبل موته. سمعنا منه.
قرأت على أبي المظفر محمد بن علي الواعظ بجامع القصر الشريف، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن الزاغوني، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني، قال: حدثنا عيسى بن حماد التجيبي زغبة، قال:حدثنا الليث بن سعد، عن(1/523)
هشام بن عروة، عن أبيه، عن سفيان بن عبد الله أنه قال: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسل عنه أحداً بعدك، قال: ((قل آمنت بالله ثم استقم)).
سئل محمد بن علي الدوري عن مولده، فقال: إما في سنة ست عشرة وخمس مئة أو سنة سبع عشرة، شك فيه. وتوفي يوم الثلاثاء ثاني عشر شعبان سنة إحدى عشرة وست مئة عن أربع وتسعين سنة، أو خمس وتسعين، ودفن برباطٍ له بالجانب الغربي على نهر عيسى بمحلة الشحاذين، رحمه الله وإيانا.
384- محمد بن علي بن المبارك بن محمد ابن الجلاجلي، أبو الفتوح بن أبي الحسن التاجر.(1/524)
من ساكني دار الخلافة المعظمة نحو باب عليان.
سافر الكثير، وطاف البلاد ما بين العراق والحجاز والشام واليمن وديار مصر والإسكندرية وبلاد الجبال وخراسان وما وراء النهر وبلاد الغور وغزنة وقطعة من بلاد الهند، وخالط أهلها وأكابرها. وكان قد حفظ القرآن الكريم، وقرأ بشيءٍ من القراءات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وأبي السعادات المبارك بن علي الوكيل، وغيرهما. وسمع من أبي القاسم هبة الله بن الحسين الحاسب، وأبي السعادات الوكيل المذكور، وأبي الفتح المعروف بابن البطي، وأبي بكر عبد الله بن محمد ابن النقور، وجماعة من طبقتهم. وسمع بالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن سلفة. وحدث ببغداد وفي أسفاره بشيءٍ من مسموعاته. كتبنا عنه.
قرأت على أبي الفتوح ابن الجلاجلي، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن علي الحاسب قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر بذلك وعرفه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني الخطيب، قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: حدثنا شريك، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الإمام ضامنٌ والمؤذن مؤتمنٌ، اللهم ارشد الأئمة واغفر للمؤذنين)).
سألت أبا الفتوح ابن الجلاجلي عن مولده، فقال: في حادي عشر شهر ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.(1/525)
وتوفي بالقدس في يوم الأربعاء رابع عشر شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن هناك، ووصلنا نعيه في ذي القعدة من السنة.
385- محمد بن علي بن محمد بن كرم السلامي، أبو العشائر يعرف بابن التلولي.
من أهل الجانب الغربي.
حفظ القرآن الكريم، وتفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الفتح بن سلمان، وأبو تمام محمد بن يحيى بن شقران، وأبو الرضا محمد بن بدر الشيحي، وقرأ شيئاً من العربية على أبي محمد ابن الخشاب.
وقبل قاضي القضاة أبو الحسن محمد بن جعفر العباسي شهادته في يوم الاثنين العشرين من شعبان سنة خمس وثمانين وخمس مئة وزكاه العدلان، أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحراني وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حماد الأنباري، إلا أنه عزل بعد ذلك بقليل.
وروى شيئاً يسيراً؛ سمع منه أصحابنا. وقد جالسته وما سمعت منه شيئاً، وغاب عني خبره بعد سنة عشرٍ وست مئة.(1/526)
386- محمد بن علي بن أحمد ابن الناقد، أبو السعادات بن أبي القاسم.
كان أحد التجار والبزازين. سافر الشام، وأقام بدمشق مدةً، وخراسان وما وراء النهر، وعاد وتولى وكالة الباب الشريف للجهة والدة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين في رجب سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، وخلع عليه، وأضيف إليه بعد ذلك وكالة الأمير السيد الكبير ولد أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- والنظر في المظالم، وحسن حاله، ونبه قدره، إلا أنه عزل عن وكالة الأمير والمظالم، وبقي على خدمة الباب الشريف إلى حين وفاتها -قدس الله روحها- وجعلت إليه النظر في أوقافها على الربط والمدارس والتربة والسبل والصدقات، فكان على ذلك مدة حياته.
وكان قد سمع من أبي الوقت السجزي جمع ((صحيح)) البخاري، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان جزءاً من أمالي أحمد بن عطاء الروذراوري. وطلبت منه السماع لشيءٍ من ذلك فوعد بذلك وسوف حتى طال الوعد فتركته، وكذا سأله غيري فوعده، ومات وما روى شيئاً، وأظنه كان يكره الرواية، والله أعلم.
سألت الوكيل أبا السعادات ابن الناقد عن مولده، فقال: في سنة أربع وأربعين وخمس مئة، فقلت: في أي شهر؟ فقال: في جمادى الآخرة منها. وتوفي يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وست مئة وحضرت الصلاة عليه بعد صلاة الظهر من هذا اليوم بجامع القصر الشريف في جمعٍ كثيرٍ، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر -رحمهما الله- بتربةٍ له هناك.(1/527)
387- محمد بن علي بن نصر بن نصر بن يونس ابن العكبري، أبو الفرج الكاتب.
من ساكني درب البصريين، من أولاد الشيوخ المحدثين الوعاظ، إلا أن أبا الفرج هذا اشتغل بالكتابة والأمور الديوانية.
سمع جده أبا القاسم نصر بن نصر، وروى عنه. سمعنا منه.
قرئ على أبي الفرج محمد بن علي بن نصر بن نصر الكاتب وأنا أسمع، قيل له: أخبركم جدك أبو القاسم نصر الواعظ قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، قال: أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن ميمون الخياط المكي، قال: حدثنا سفيان، عن سعير ومسعر، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)).(1/528)
ذكر لنا أبو الفرج ابن العكبري أنه ولد في جمادى الأولى سنة ست وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الثلاثاء سلخ شهر رمضان سنة ثمان عشرة وست مئة بالحلة، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
388- محمد بن علي بن خطلخ الخياط، أبو عبد الله.
سمع أبا محمد عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الباقي الزهري المعروف بابن(1/529)
شقران، وروى عنه. كتبنا عنه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن علي الخياط، قلت له: أخبركم أبو محمد عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الباقي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جابر بن ياسين، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد، قال:حدثنا أحمد بن زياد، قال: حدثنا سعيد بن سليمان، قال: حدثنا إسحاق بن أبي جعفر الفراء، قال: سمعت أبي، قال: سمعت الأغر أبا مسلم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما اجتمع قومٌ يذكرون الله عز وجل إلا حفت بهم الملائكة وتغشتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده)).
389- محمد بن علي بن محمد ابن العربي، أبو عبد الله.(1/530)
من أهل المغرب.
قدم بغداد في سنة ثمان وست مئة. وكان يومى إليه بالفضل والمعرفة والغالب عليه طريق أهل الحقيقة. وله قدمٌ في الرياضة والمجاهدة، وكلامٌ على لسان أهل التصوف. ورأيت جماعةً يصفونه بالتقدم والمكانة عند جماعةٍ من أهل هذا الشأن بدمشق وبلاد الشام والحجاز، وله أصحابٌ وأتباعٌ. ووقفت له على مجموعٍ من تأليفاته قد ضمنه منامات رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم وما سمعه منه، ومنامات قد حدث بها ونقلها عمن رآه صلى الله عليه وسلم وكتب عني شيئاً من ذلك، وعلقت عنه منامين منه حسب.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي ابن العربي بقراءتي عليه ببغداد من كتابه، قلت له: حدثكم محمد بن قاسم بن عبدالكريم الفاسي قال: حدثنا أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل الثقفي، قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي، قال: سمعت أبا علي الشبويي يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت له: روي عنك أنك قلت: شيبتني هود، فما الذي شيبك منها أقصص الأنبياء عليهم السلام وهلاك الأمم؟ فقال: لا، ولكن قوله تعالى: {فاستقم كما أمرت}. قال محمد ابن العربي: لأنه قد يأمر بما لم يسبق العلم بوقوعه فالمأمور على وجل.
خرج محمد ابن العربي هذا عن بغداد في هذه السنة حاجاً وأقام بمكة ولم ألقه بعد ذلك.(1/531)
390- محمد بن علي بن عمر بن فارس، أبو عبد الله بن أبي الفرج يعرف بابن الحداد.
أصله من باجسرا. وأبوه أو جده سكن بغداد، وخدم بالديوان العزيز -مجده الله-.
وأبو عبد الله تولى النظر في العقار الخاص وقرايا الطبق الشريف. وقد سمع شيئاً من الحديث من الشيوخ المتأخرين، ولم يحدث بشيءٍ.
توفي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وست مئة.
391- محمد بن علي بن عباد، أبو الفرج.
من أهل النيل، كان أبوه أحد المتصرفين في الأعمال الديوانية بها.
وأبو الفرج قدم بغداد، وأقام بها وخدم في الأعمال الديوانية أيضاً، فولى النظر بمعاملة نهر عيسى بن علي مدةً ثم بنهر الملك. ولما توفي أبو طالب جعفر ابن ظفر بن هبيرة الناظر في الأعمال الواسطية بها في جمادى الأولى سنة عشر وست مئة ولي أبو الفرج بن عباد النظر بها، فتوجه إليها في الشهر المذكور وأقام بها متولياً أعمالها صدراً بديوانها المعمور إلى أن عزل في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وست مئة.(1/532)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه العباس
392- محمد بن العباس بن أحمد، أبو سعد بن أبي الفضل الطوسي.
قدم بغداد، وحدث عن أبي الحسن علي بن عمر بن محمد المصري، وذكر أنه سمع منه بمصر، سمع منه بها أبو القاسم مكي بن محمد بن عبد السلام الرميلي، وأبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني البغدادي. وذكر الزعفراني أنه سمع منه بالمدرسة النظامية، قال ذلك القاضي عمر القرشي، ومن خطه نقلت.
393- محمد بن العباس الصريفيني، أبو الفوارس المقرئ.
كان يسكن أوانا من نواحي دجيل.
قرأ القرآن العزيز بشيءٍ من القراءات على أبي حفص عمر بن إبراهيم بن كثير الكتاني المقرئ، وروى عنه. قرأ عليه أبو العز محمد بن الحسين بن بندار المعروف بالقلانسي المقرئ الواسطي بشيءٍ من القراءات وأسند عنه في قراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي من رواية أبي بكر بن عياش عنه؛ ذكر ذلك الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني في إسناد عاصم في كتاب ((القراءات العشر)) التي جمعها، وروى عن القلانسي، عنه، والله الموفق.
394- محمد بن العباس بن يحيى بن محمد بن الحسين بن محمد الزينبي -وقد تقدم ذكر تمام النسب- أبو تمام بن أبي جعفر بن أبي الفضل بن أبي تمام ابن نور الهدى أبي طالب ابن نقيب النقباء أبي تمام.(1/533)
شريفٌ زاهدٌ صالحٌ، من أهل الحريم الطاهري، منزوٍ عن الناس، منقطعٌ إلى العبادة، مقيمٌ في مسجدٍ يعرف بجدة نور الهدى الزينبي، كثير المجاهدة، دائم الصيام وتلاوة القرآن، وقيام الليل على طريقةٍ حسنةٍ وسيرةٍ جميلةٍ.
سمع من أبي المعالي محمد بن محمد بن العطار المعروف بابن اللحاس وغيره؛ سمعنا منه أحاديث للتبرك به.
قرأت على الشريف أبي تمام محمد بن العباس بن يحيى الزينبي بمسجده بالحريم الطاهري غير مرةٍ، قلت له: أخبركم أبو المعالي محمد بن محمد بن محمد ابن الجبان المعروف بابن اللحاس العطار قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن عطاء الهروي لفظاً وأنا حاضرٌ، قال: أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي وعبد الكريم بن هوازن القشيري بنيسابور، قالا: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الخفاف، قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن الحكيم بن عبد الله، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبمحمد رسولاً وبالإسلام ديناً، غفر له ذنبه)). رواه مسلم عن قتيبة هكذا.(1/534)
سألت الشريف أبا تمام هذا عن مولده، فقال: في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي آخر نهار الثلاثاء ثاني عشري جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وست مئة، وصلى الخلق الكثير عليه يوم الأربعاء ثالث عشري منه ظاهر الحريم الطاهري، وحمل إلى مقبرة باب حرب، فدفن هناك.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه عيسى
395- محمد بن عيسى بن أحمد بن محمد بن أبي موسى، واسمه عيسى بن أحمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو الفضل، أخو الشريف أبي جعفر عبد الخالق بن عيسى المعروف بابن أبي موسى.
سمع أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، وأبا إسحاق عمر ابن إبراهيم البرمكي. وأخاه أبا الحسن علي بن عمر، وحدث عنهم.
ذكر القاضي عمر بن علي الدمشقي أن أبا البركات هبة الله بن المبارك السقطي سمع من أبي الفضل هذا وأنه أخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، والله أعلم.
قال الحافظ أبو علي أحمد بن محمد البرداني فيما قرأت بخطه: ومحمد هذا هو الذي تولى الصلاة على أخيه أبي جعفر لما مات. قلت: وكانت وفاة أبي جعفر في صفر سنة سبعين وأربع مئة. قال البرداني: وتوفي بعده بقليل، يعني محمداً.(1/535)
396- محمد بن عيسى بن موسى الصوفي، أبو عبد الله.
من أهل قزوين. قدم بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته. وهو أخو أبي عمران موسى بن عيسى شيخ الصوفية برباط بهروز، وسيأتي ذكره.
ومحمدٌ كان أحد الصوفية برباط بهروز وتفقه مدةً بالمدرسة النظامية وسمع شيئاً من الحديث متأخراً.
توفي ليلة الأربعاء عاشر شهر ربيع الآخر سنة ثمان وست مئة، وصلي عليه يوم الأربعاء حادي عشرة بالمدرسة النظامية، ودفن بالمقبرة المعروفة بالوردية.
397- محمد بن عيسى بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن أبي عبد الله بن سعيد بن إبراهيم القرشي العبدري، أبو عيسى المروروذي.
من أهل بنج دية، من أعمال مرو الروذ، من بيتٍ مشهورٍ ببلده بالعلم والخطابة والرواية.
قدم بغداد حاجاً سنة ست وست مئة، ونزل رباط شيخ الشيوخ وحدث بها عن جده أبي عبد الله، وعن أبي الفتح إسماعيل بن محمد الفاشاني. وحج، وروى بمكة أيضاً، وعاد فسمعنا منه أيضاً وسمع معنا.
قرأت على أبي عيسى محمد بن عيسى بن أحمد الحاكم ببغداد لما قدمها للحج برباط الصوفية من كتابه، قلت له: أخبركم جدك أبو عبد الله أحمد بن(1/536)
علي قراءةً عليه، قال: أخبرنا محيي السنة أبو محمد الحسن بن مسعود بن محمد البغوي، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد السرخسي، قال: أخبرنا زاهر ابن أحمد الفقيه، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: أخبرنا أبو مصعب، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته في السفر حيثما توجهت به.
بلغنا أن أبا عيسى هذا كان له مملوكٌ هندي جرى بينه وبين ابنٍ له خصامٌ فجرح المملوك الفتى جراحة هلك بها فقام إليه وضربه لما رأى ما صنع بابنه، فجرحه الهندي جراحة أتت على نفسه، وهلك هو وولده، وقتل المملوك، وذلك في يوم الأحد خامس شهر رمضان سنة ثمان وست مئة ببلده بنج دية من أعمال مرو الروذ.
398- محمد بن عيسى بن بركة الجصاص، أبو الفتح.
من أهل درب القيار.(1/537)
سمع بنفسه من جماعةٍ منهم: أبو القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، وأبو العباس أحمد بن بنيمان المستعمل، وأبو طالب محمد بن محمود بن محمد الشيرازي المعروف بابن العلوية، ومن بعدهم. وحدث عنهم ببغداد، والموصل وإربل، والجزيرة وهلك هناك. كتبت عنه أحاديث.
قرأت على أبي الفتح محمد بن عيسى بن بركة من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو طالب محمد بن محمود بن محمد الشيرازي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد البقال قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد البرقاني، قال: قرأت على أبي محمد بن ماسي، أخبركم يوسف القاضي، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها)).
سألت أبا الفتح الجصاص عن مولده، فقال: في سنة خمسين وخمس مئة تقريباً.
وتوفي في سنة إحدى عشرة وست مئة برأس عين، وقيل بغيرها، في جمادى الأولى، وقيل في ربيع، والله أعلم.(1/538)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه علوان
399- محمد بن علوان بن هبة الله الحوطي، أبو عبد الله الصوفي.
من أهل تكريت.
قدم بغداد وأقام مدةً برباط الزوزني بالجانب الغربي مقابل جامع المنصور مع الصوفية، وسمع بها الحديث من جماعةٍ منهم: أبو محمد المبارك بن المبارك ابن التعاويذي، والنقيب أبو جعفر أحمد بن محمد ابن العباسي المكي، وأبو المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي. ومن الغرباء مثل أبي الوقت السجزي، وأبي جعفر محمد بن محمد الطائي الهمذاني، وغيرهم. وخرج منها وهو شابٌ إلى مكة -شرفها الله- وأقام بها مجاوراً أكثر من خمسين سنة، وأم بالناس في مقام إبراهيم عليه السلام بعد وفاة محمد بن أبي بكر الطوسي مديدةً إلى أن توفي. وحدث هناك بشيءٍ من مسموعاته. سمع منه الفقيه محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف اليمني وغيره.
وتوفي في شعبان سنة ثلاث وست مئة، ودفن بالمعلى، رحمه(1/539)
الله وإيانا.
400- محمد بن علوان بن مهاجر بن علي بن مهاجر، أبو المظفر الفقيه الشافعي.
من أهل الموصل.
قدم بغدد في صباه وأقام بها للتفقه مديدة بالمدرسة النظامية والمدرس بها يومئذٍ يوسف بن عبد الله الدمشقي. وسمع بها الحديث من جماعةٍ منهم، وعاد إلى بلده ولازم أبا البركات عبد الله بن الخضر ابن الشيرجي الفقيه ودرس عليه حتى حصل معرفة المذهب والخلاف، ودرس بمدرسةٍ أنشأها لنفسه بسكة أبي نجيح، ثم درس بمدارس أخرى لغيره.
وقدم بغداد حاجاً، ورأيته بها، ثم لقيته بالموصل، وكتبت عنه بها، وسألته عن مولده، فقال: في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة بالموصل.(1/540)
وتوفي بها يوم الأحد ثالث محرم سنة خمس عشرة وست مئة، ودفن عصر اليوم المذكور بداره.
الأسماء المفردة في حرف العين في آباء من اسمه محمد
401- محمد بن عفيف، أبو عبد الله الشاعر البغدادي.
وكان حسن النظم.
ذكر أبو العباس أحمد بن يحيى بن ناقة الكوفي أنه قدم عليهم الكوفة، وكان من أهل الفضل وأنه أنشدهم لنفسه:
لبثت ببلدتكم هذه ... أطوف في البلد الشاسع
أروح وأغدو بلا طائلٍ ... وآوي إلى المسجد الجامع
وأمدح بالشعر قوماً جياعاً ... وهل يطلب الخبز من جائع؟
402- محمد بن عطاف، أبو عبد الله الحراني.
سمع أبا الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)) الذين كتب عنهم.
403- محمد بن عماد بن محمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي يعلى، أبو عبد الله التاجر.(1/541)
من أهل حران.
قدم بغداد، وسمع بها الكثير مع خاله حماد بن هبة الله الحراني من جماعةٍ منهم: أبو الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، وأبو محمد عبد الله ابن منصور ابن الموصلي، وأبو حنيفة محمد بن عبيد الله الخطيبي الأصبهاني لما قدمها. وعاد إلى بلده، ووصل إلى مصر، وسمع بها أبا محمد عبد الله بن رفاعة السعدي، وغيره، وسكن بالإسكندرية فهي اليوم موطنه وحدث بها، فسمع منه جماعة من أهلها والواردين عليها.
سئل عن مولده فقال: صبيحة الاثنين يوم عيد الأضحى سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.(1/542)
حرف الغين في آباء من اسمه محمد
404- محمد بن غنيمة بن علي يعرف بابن القاق، أبو عبد الله القزاز.
من أهل الحريم الطاهري، يلقب عصفور.
سمع القاضي أبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وحدث عنه سمعنا منه.
قرئ على أبي عبد الله محمد بن غنيمة بن علي الملقب بعصفور وأنا أسمع بجامع المنصور، قيل له: أخبركم القاضي أبو الحسين محمد بن محمد ابن القراء قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن الحرشي بنيسابور، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: حدثنا محمد ابن إسحاق الصغاني، قال: أخبرنا الأسود بن عامر، قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد الله، عن أبي برزة الأسلمي، قال: قال(1/543)
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربعٍ: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه ما عمل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسده فيما أبلاه)).
توفي محمد بن غنيمة عصفور يوم الجمعة رابع شعبان سنة تسع وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.(1/544)
حرف الفاء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه الفضل
405- محمد بن الفضل بن أبي سعيد، واسمه سعد، بن منوجهر بن شيرزيل الرازي الأصل البغدادي المولد، أبو المفاخر بن أبي منصور.
كان والده تاجراً يسكن درب نصير. وابنه أبو المفاخر هذا ولد ببغداد، وتوفي أبوه وهو صبي، ورباه عمٌ كان له. وسافر عن بغداد سنين كثيرة، فما ذكر لي، طاف فيها البلاد نحو كرمان، وبلاد قهستان، وفارس، والشام، والحجاز، وديار مصر، وصحب الصوفية، وعاد إلى بغداد ونزل برباط المأمونية، ولقيته بها. وكان خيراً.
سمع في أسفاره من جماعةٍ، ولم يكن معه شيءٌ من مسموعاته، وقال لي: سمعت من أبي الوقت السجزي ببغداد غير أني لم أظفر بشيٍ من مسموعاته عليه، فكتبت عنه أناشيد، ثم وقفت على شيءٍ من سماعه من أبي الوقت بعد ذلك.
أنشدني أبو المفاخر محمد بن الفضل بن أبي سعيد الرازي ببغداد من لفظه وكتبه لنا بخطه لبعضهم:
يا أيها الرجل المعلم غيره ... هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء من السقام لذي الضنا ... ومن الضنا مذ كنت أنت سقيم
ما زلت تلقح بالرشاد عقولنا ... صفةً وأنت من الرشاد عديم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم(1/545)
فهناك تقبل إن وعظت وتقتدى ... بالقول منك وينفع التفهيم
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
سألت أبا المفاخر الصوفي عن مولده، فقال: في سنة أربعين وخمس مئة. وقال مرةً أخرى: سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.
406- محمد بن الفضل بن محمد بن أحمد ابن الثقفي، أبو الفتح ابن أبي العباس.
من أهل الكوفة. من بيت القضاء بها هو وأبوه وأهله. تولى أبو الفتح هذا قضاء الكوفة بعد وفاة أبيه مديدةً، وعزل عنها، وقدم بغداد وأقام بها وتولى قضاء نهر عيسى بها بالجانب الغربي.
وقد سمع شيئاً من الحديث من أبي القاسم عبد الرحمن بن نصر الله بن شبزق الرفاء، وغيره.
سمعته يقول: مولدي في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
407- محمد بن الفضل بن يحيى بن عبد الله العلوي الحسيني، أبو جعفر بن أبي القاسم.
من أهل الكرخ. كان والده يتولى حجابة باب النوبي المحروس، وسيأتي ذكره في حرف الفاء إن شاء الله.(1/546)
وأبو جعفر هذا فيه فضلٌ، وله معرفةٌ بالأدب، ويقول الشعر، وله مدائح في سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- كثيرة أوردها في المواسم والهناءات سمعناها منه حال إنشاده بالتربة الشريفة على ساكنها أفضل السلام.
توفي يوم الثلاثاء تاسع عشر شوال سنة خمس عشرة وست مئة.
408- محمد بن الفضل بن بختيار، أبو عبد الله بن أبي المكارم الواعظ.
من أهل بعقوبا، وكان يتولى الخطابة بها في الجمع ويعظ.
قدم بغداد وأقام بها مدةً، وسمع بها فيما يقول من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وعبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وغيرهما. وببعقوبا من أبي إسحاق إبراهيم بن بدر بن أبي طالب البناري -وبنار المنسوب إليها من قرى براز الروز- ومن أبي طاهر المؤمل بن نصر بن المؤمل وغيرهم. وسكن بأخرة دقوقا، ولقيته بها، وكتبت عنه شيئاً يسيراً. وكان قد حدث بأحاديث من ((سنن)) أبي عبد الرحمن النسائي ذكر أنها ثلاثيات للنسائي وكانت وهماً وقع في نسخةٍ له ذكر أنه سمعها من إبراهيم بن بدر المذكور فعرف الخطأ في ذلك(1/547)
فترك روايتها.
أنشد لي بمنزله بدقوقا من حفظه لبعض المتقدمين:
يريد المرء أن يؤتى مناه ... ويأبى الله إلا ما أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي ... وتقوى الله أفضل ما استفادا
وأنشدني محمد بن الفضل البعقوبي لنفسه من كتاب كتبه إلى صديق له:
وأخلصه قلبي الولاء حقيقةً ... كإخلاصه في الحب سفن النجا حقا
موالٍ مواليهم ينال المنى بهم ... فلا زال طول الدهر في حبهم يرقى
سألت أبا عبد الله البعقوبي عن مولده، فقال: في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة، وكتبه لنا بخطه.
وتوفي بدقوقا في ثاني عشر جمادى الأولى سنة سبع عشرة وست مئة، ودفن بها، رحمه الله وإيانا.(1/548)
ومن الأسماء المفردة في آباء من اسمه محمد
409- محمد بن فضائل بن محمد بن واسنة، أبو محمد.
كان من أهل دار القز.
سافر عن بغداد وأقام بالموصل مدةً إلى أن توفي بها. وكان سمع من أبي البركات المبارك بن كامل بن حبيش الدلال ببغداد، وحدث عنه هناك، وكتب لنا إجازةً من الموصل على يد المطهر بن سديد الخوارزمي وصلت إلينا في سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.
أنبأنا أبو محمد محمد بن فضائل بن واسنة فيما كتب إلينا من الموصل قال: أخبرنا أبو البركات المبارك بن كامل بن حبيش، قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد بالجانب الغربي في يوم الاثنين حادي عشري جمادى الآخرة من سنة أربع وثلاثين وخمس مئة. وقرأته على الشريف أبي محمد عبد المولى بن تمام بن أبي منصور وعلى أبي محمد الأشرف بن أبي البركات الهاشميين في جماعةٍ، قالوا: أخبرنا أبو البركات المبارك بن كامل، قراءةً عليه ونحن نسمع في التاريخ المذكور، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري البندار إملاءً، قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي قال: حدثنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن بهلول، قال: حدثنا محاضر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صام رمضان وقامه إيماناً واحتساباً غفر له ما كان قبل ذلك من عمل)).(1/549)
قال لنا أبو القاسم الخوارزمي: سألت ابن واسنة عن مولده فقال ما يدل أنه في حدود سنة ست وعشرين وخمس مئة.
حرف القاف في آباء من اسمه محمد
410- محمد بن قنان بن حامد بن الطيب الأنباري الأصل، أبو الفضل البغدادي.
تفقه على الشيخ أبي إسحاق بن علي الشيرازي بالمدرسة النظامية، وكان يسكن بدرب السلسلة حتى برع في الفقه، وصار من أفقه أصحابه. وتولى قضاء البصرة قبل سنة خمس مئة، وصار إليها، وأقام بها مدةً يحكم فيها ويدرس الفقه، ويعلم الناس مشكوراً موصوفاً بالخير. وكان قد سمع من شيخه أبي إسحاق وغيره. وروى عنه ابنه أبو المعالي محمد بن محمد.
وتوفي يوم الأحد سابع عشري رجب سنة ثلاث وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.(1/550)
411- محمد بن القاسم بن هبة الله الفقيه، أبو النجم.
من أهل تكريت.
قدم بغداد وتفقه بها على جمال الدين أبي القاسم بن فضلان، وحصل معرفة المذهب والخلاف، وتكلم في المسائل، وناظر، وأعاد بالمدرسة النظامية لمدرسيها مدةً. وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله بن الحسين الدامغاني يوم الأحد سلخ محرم سنة أربع وست مئة وزكاه العدلان أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن المأمون وأبو الفضل محمد بن الحسن ابن الشنكاتي الهاشميان، رحمهم الله وإيانا.(1/551)
حرف الكاف في آباء من اسمه محمد
من اسمه محمد واسم أبيه كرم
412- محمد بن كرم بن أبي سعد بن برهان بن غنيمة العكبري الأصل، أبو الفرج الخباز.
من أهل محلة القرية بالجانب الغربي.
هكذا نسبه أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، وقال: سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز، وأبا سعد أحمد بن عبد الجبار الطيوري، وذكر أنه سمع منه، والله أعلم.
413- محمد بن كرم بن الحسن ابن الطوابيقي، أبو الفرج الواسطي ثم البغدادي.
كان أحد الوكلاء بباب القضاة. وشهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح ابن أحمد الحديثي يوم الجمعة رابع عشري ذي القعدة من سنة ست وستين وخمس مئة، وزكاه أبو الفتح المبارك بن محمد ابن العطار وأبو العباس أحمد بن محمد ابن الطيبي.
وقد سمع شيئاً من الحديث من أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، وغيره. ولم يرو شيئاً.
توفي في يوم الجمعة تاسع عشري شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة،(1/552)
ودفن بباب أبرز تجاه التاجية، رحمه الله وإيانا.
414- محمد بن كرم بن بركة، أبو علي الكاتب يعرف بمعتوق.
من أهل باب الأزج.
تولى الإشراف على وقوف المارستان العضدي وغير ذلك.
وسمع من أبي الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري المقرئ، وغيره. سمعنا منه شيئاً يسيراً.
قرئ على أبي علي محمد بن كرم معتوق وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو الكرم المبارك بن الحسن بن علي العطار، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي الخياط إجازةً، قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد العلاف، قال: حدثنا الحسن بن صفوان، قال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا، قال: حدثنا الفضل بن سهل، قال: حدثنا موسى بن هلال، قال: حدثني عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من زار قبري فقد وجبت له شفاعتي)).
ذكر لنا محمد بن كرم أن مولده في سنة أربعين، أو تسع وثلاثين، وخمس(1/553)
مئة تقريباً.
توفي محمد بن كرم هذا في يوم السبت العشرين من ربيع الأول سنة ثمان عشرة وست مئة.
415- محمد بن كمار بن ناصر بن نصر الحدادي، أبو بكر بن أبي الفضل الواعظ.
من أهل مراغة. قدم بغداد وأقام بها للتفقه والوعظ إلى حين وفاته. وكان قد سمع ببلده من جماعةٍ منهم: أبو سعيد منصور بن عبد الله المراغي، والقاضي أبو الفرج محمد بن الحسين التراسي، وأبو عبد الله الحسين بن محمد الواعظ، وأبو عبد الله أويس بن عمرو المراغي. وسمع ببغداد أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبا حفص عمر بن محمد بن عموية السهروردي، والشريف أبا جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي وغيرهم.
وكان صالحاً خيراً. حدث عن جماعةٍ؛ سمع منه القاضي عمر القرشي، وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: قرأت على أبي بكر محمد بن كمار الواعظ ببغداد، قال: أخبرنا أبو عبد الله أويس بن عمرو بن علي، قراءةً عليه وأنا أسمع بجامع مراغة سنة إحدى عشرة وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله ببغداد لفظاً، قال: حدثنا علي بن عمر السكري. وأخبرناه عالياً أبو يعلى حمزة بن علي بن حمزة المقرئ بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن(1/554)
المهتدي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن شاذان السكري إملاءً، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الوشاء، قال: حدثنا محمد بن عباد المكي، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى الجمعة فليغتسل)).
قال القرشي: سألت ابن كمار عن مولده، فقال: ولدت في سنة خمس مئة.
وقال غيره: توفي في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
سمعت أبا بكر عبد الله بن أحمد المقرئ يقول: رأيت في المنام في الليلة التي مات فيها محمد بن كمار المراغي قائلاً يقول لي: قد مات الليلة رجلٌ صالحٌ من شيوخكم فصل عليه. فلما انتبهت سألت: من مات الليلة؟ فأخبرت أنه قد مات محمد بن كمار فصليت عليه. وكان عبد الله هذا يثني عليه ويصفه بالصلاح.(1/555)
حرف اللام في آباء من اسمه محمد
416- محمد بن لطف الله بن أحمد بن أبي المظفر المقرئ أبو بكر.
من أهل أصبهان. كان مؤدباً بها، وكان كثير الطلب، حريصاً على السماع، مفيداً للطلبة.
قدم بغداد أولاً في سنة اثنتين وستين وخمس مئة صحبة الحافظ أبي الخير عبد الرحيم بن موسى الأصبهاني وسمع منه بها. ثم قدمها حاجاً في سنة خمس وسبعين وخمس مئة، فحج وعاد فحدث بها عن أبي القاسم إسماعيل بن علي النيسابوري المعروف بالحمامي، وأبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي، وأبي القاسم رجاء بن حامد المعداني، والرئيس أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي، وأبي القاسم محمود بن عبد الكريم المعروف بفورجة التاجر. سمع منه في هذه المرة أبو محمد يوسف بن الحسن العاقولي، وأبو زكريا يحيى بن أبي منصور بن حواوا وغيرهما.
ورأيته ببغداد، وكان يسمع معنا من أبي العلاء بن عقيل وأبي السعادات بن زريق وأمثالهما. وعاد إلى أصبهان في هذه السنة وكتب لنا إجازةً منها بعد ذلك.
417- محمد بن الليث بن شجاع بن سعود بن أبي الفضل، أبو هريرة بن أبي الفتوح يعرف بابن الوسطاني.
من أهل باب الأزج ومحلة الدينارية. من أولاد المحدثين؛ روى هو،(1/556)
وأبوه، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه، إن شاء الله.
سمع أبو هريرة من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبي القاسم أحمد بن المبارك بن قفرجل، وأبي طالب المبارك بن علي بن خضير، وغيرهم. كتبنا عنه.
قرئ على أبي هريرة محمد بن الليث ابن الوسطاني، وأنا أسمع قيل له: أخبركم أبو القاسم أحمد بن المبارك بن عبد الباقي قراءةً عليه، قال: أخبرنا عاصم بن الحسن بن محمد المقرئ، قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا جعفر بن محمد الوراق، قال: حدثنا خالد، يعني ابن مخلد، قال: حدثني يزيد، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنزٌ من كنوز الجنة)).
418- محمد بن لؤي بن محمد بن عبد الله بن منصور الشاعر.
أحد الشعراء المتسمين بخدمة الديوان العزيز -مجده الله- ومن له المدائح الكثيرة في سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر(1/557)
لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه-. سمعنا منه كثيراً من شعره حال إنشاده في الهناءات وغيرها. وكتبنا عنه شيئاً من شعر أبيه.
أنشدني أبو منصور محمد بن لؤي بن محمد من لفظه، وكتبه لي بخطه، قال: أنشدني والدي أبو محمد لؤي بن محمد لنفسه:
إن فاض دمعٌ أو أصيب صميم ... فعلام يعذل عاذلٌ ويلوم
لا نفع في عذلٍ وعندي منهم ... خوف التفرق مقعدٌ ومقيم
ولقد أراني ذا اشتياقٍ بعدهم ... إن هب من أرض الغوير نسيم
ماذا يضر العاذلين صبابتي ... قلبي الكئيب ودمعي المسجوم
هل عندكم درياق من هو في الهوى ... بلحاظ آرام الخدور سليم
زاد اشتياقاً مذ تناقص صبره ... ففؤاده في الحالتين سقيم
سألت محمد بن لؤي هذا عن مولده، فقال: ولدت في شهر ربيع الأول، سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
[آخر المجلد الأول من هذه النسخة المحققة ويليه المجلد الثاني وأوله: ((حرف الميم في آباء من اسمه محمد)). حققه وقيد أعلامه وضبطه وعلق عليه وخرج أحاديثه على قدر طاقته وعلمه أفقر العباد بشار بن عواد بن معروف العبيدي البغدادي الأعظمي الدكتور -غفر الله تعالى له ولطف به- بدار هجرته عمان البلقاء عاصمة الهواشم بعد استيلاء الكفار على مدينة السلام بغداد حررها الله تعالى، وأعادها دار إسلام وإيمان].(1/558)
حرف الميم في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محمد
419- محمد بن محمد بن محمد بن حامد بن بنبق، أبو تمام بن أبي جعفر.
من أهل النعمانية، كان يتولى القضاء بها.
قدم بغداد، وسمع بها أبا جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدل، وحدث عنه في بلده؛ سمع منه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة وروى عنه في ((الأربعين)) التي خرجها لنفسه.
قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن محمود بن طاهر الصوفي، قلت له: أخبركم أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قراءةً عليه وأنت تسمع بالإسكندرية، فأقر به، قال: أخبرنا أبو تمام محمد بن محمد بن محمد بن حامد ابن بنبق النعماني بالنعمانية، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عمر المعدل. وأخبرنيه عالياً أبو المكارم ملد بن المبارك بن الحسين الهاشمي بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن الدباس قراءةً عليه وأنت تسمع، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عمر المعدل، قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، قال: أخبرنا(2/5)
أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أكثر منافقي أمتي قراؤها)).
420- محمد بن محمد بن عيسى بن جهور، أبو تغلب القاضي.
من أهل واسط.
وكان فقيهاً شافعياً وقاضياً مرضياً. قدم بغداد، وأقام بها مدةً يتفقه على(2/6)
الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزآبادي حتى حصل معرفة المذهب، وعاد إلى بلده وتولى قضاءه.
أخبرنا أبو الرضا أحمد بن طارق القرشي بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالإسكندرية، فأقر به، قال: سألت الحافظ أبا الكرم خميس بن علي الحوزي بواسط عن أبي تغلب بن جهور، فقال: متقدمٌ في الفقه، أصعد إلى بغداد، ولازم أبا إسحاق الشيرازي وعلق عنه كتبه، واستوعب علمه. ثم عاد إلى واسط ودرس بها زماناً، فلما ولي أبو بكر الشامي قضاء القضاة ولاه واسطاً، فظهر من شهامته وعنايته بعمارة الوقوف ما زاد على الظن وأقام حشمة القضاء وجعل له أبهةً. ولم يزل على طريقةٍ مرضيةٍ إلى أن عزل.
قلت: وكان عزله في سنة خمس وثمانين وأربع مئة. ولم يعن بالحديث سمع قليلاً وعاش بعد عزله سنين.
وقال لي شيخنا أبو طالب محمد بن علي ابن الكتاني الواسطي: كنا نغشاه أنا وأبي بعد عزله، وأضر قبل موته.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن محمد المعروف بابن طغدي الواسطي، قال: توفي القاضي أبو تغلب، يعني ابن جهور، يوم الجمعة ثالث عشري رمضان سنة ثلاث وخمس مئة وكان يوماً مشهوداً.
وقلت: ودفن بمحلة الرزازين بواسط في تربةٍ له مجاورة مسجدٍ هناك، وكان عليه قبة تعرف بالقبة البيضاء. وقد زرت قبره مراراً.
((آخر الجزء التاسع من الأصل))(2/7)
421- محمد بن محمد بن الحسن بن علي بن عيشون، أبو الفضل.
من أهل الموصل، قدم بغداد واستوطنها. وهو معتق فيروز بن عبد الله العيشوني ونسيم بن عبد الله العيشوني وإليه نسبا.
كان فيه فضلٌ، وله معرفةٌ بتقويم الكواكب وتسييرها، وله شعرٌ حسن.
كتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة إنشادات له ولغيره منها ما قرأت بخطه ومنه نقلت، قال: أنشدنا الرئيس أبو الفضل محمد بن محمد بن عيشون في جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وأربع مئة، قال: أنشدني أبو الرضا ابن الظريف الشاعر لنفسه:
تبارك من كسا خديك نوراً ... ومن أعطى محاسنك الكمالا
أغار إذا شربت الكأس شحاً ... على تلك المراشف أن تنالا
ولكن أدنها من فيك حتى ... ترى للشمس بالقمر اتصالا
وقرأت بخط أبي الوفاء، قال: أنشدني أبو الفضل بن عيشون، قال: أنشدني علي ابن الطستاني الأنباري لنفسه:
وفاتر الطرف في ألحاظه مرضٌ ... بها من السقم ما عندي من السقم
تدمى بإيماء ألحاظي وما ألمت ... وبين جنبي منها غاية الألم
أسكنته حيث لا تدري الوشاة به ... فما أمنت عليه القذف بالتهم
محجباً في السويدا غير أن له ... محجةً بين صدري واختلاج فمي
وقرأت بخطه، قال: أنشدني أبو الفضل بن عيشون لنفسه:
ترحل فليس الذل شيئاً ألفته ... ولا تك ذا عجز تخاف العواقبا(2/8)
وخل الذي قد كنت ترجو وأرضه ... وسر غير وانٍ واترك الذل جانبا
فإنك تلقى كل أرضٍ تحلها ... صديقاً وإكراماً وخلا وصاحبا
422- محمد بن محمد بن الحسين بن علي بن الزبير الأنصاري، أبو غالب.
سمع أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران الواعظ، وحدث عنه. سمع منه أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي وأبو الوفاء بن الحصين فيما قرأت في تعليقه، رحمه الله وإيانا.
423- محمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن الجبان، أبو عبد الله بن أبي الحسن ويعرف بابن اللحاس العطار، والد أبي المعالي محمد الذي يأتي ذكره إن شاء الله.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبو عبد الله أبا محمد عبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي، وحدث عنه في سنة ثمان وخمس مئة. سمع منه الشريف أبو المعمر المبارك بن عبد العزيز الأنصاري فيما قال القاضي عمر القرشي، رحمه الله وإيانا.
424- محمد بن محمد بن الحسن كيكوية، أبو عبد الله المؤذن.
قال القاضي أبو المحاسن الدمشقي: سمع أبا الحسن ابن النقور البزاز، وحدث عنه. سمع منه أبو عامر محمد بن سعدون العبدري، رحمه الله وإيانا.
425- محمد بن محمد بن محمد بن عيسى بن جهور، أبو المجد.
من أهل واسط، وأحد عدولها. هو ابن أخي القاضي أبي تغلب بن جهور(2/9)
الذي قدمنا ذكره.
شهد أبو المجد هذا عند عمه لما كان قاضياً بواسط في سنة إحدى وثمانين وأربع مئة.
قرأت على أبي الرضا أحمد بن طارق القرشي، قلت له: أخبركم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني بالإسكندرية، فأقر به، قال: سألت أبا الكرم خميس بن علي الحافظ بواسط عن أبي المجد بن جهور، فقال: هو ابن أخي القاضي أبي تغلب الذي كان قاضي واسط. قرأ على عمه القرآن، وعلى غلام الهراس. وسمع من القاضي أبي تمام علي بن محمد الواسطي، ومن أبي غالب محمد بن أحمد بن بشران. وهو أحد المعدلين، ويقوم على المارستان بواسط، وله فيه آثار جميلة.
قدم بغداد وحدث بها في سنة ست وتسعين وأربع مئة عن القاضي أبي تمام المذكور. سمع منه أبو عبد الله الحسين بن محمد البلخي البزاز وغيره. وقد حدث عنه بواسط أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد الأزدي، وأبو الفرج أحمد بن المبارك بن نغوبا الشاهد. وذكر ابن نغوبا أنه سمع منه في سنة خمس عشرة وخمس مئة بعد أن أضر.
426- محمد بن محمد بن بشر، أبو ياسر.
من أهل أوانا أحد نواحي دجيل.
سمع ببغداد أبا جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدل وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، وقال: سمعت منه بأوانا.(2/10)
427- محمد بن محمد بن محمد بن عمر الأنصاري، يكنى أبا محمد.
أظنه كان يسكن باب البصرة.
روى عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري. سمع منه أيضاً أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)).
428- محمد بن محمد بن أحمد، أبو الخطاب المصري.
ذكر أبو بكر بن كامل أنه سمع منه أبياتاً أنشده إياها لنفسه أوردها عنه في ((معجم شيوخه)).
429- محمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن جعفر النهاوندي الأصل البصري المولد والدار، أبو طاهر بن أبي عمر.
قاضي البصرة هو وأبوه.
كان من أهل الرواية، وله أمالٍ كثيرة أملاها بجامع البصرة. سمع أبا تمام محمد بن الحسن بن موسى المقرئ، وأبا الحسن محمد بن علي السيرافي، وأبا محمد القاسم بن الحسين بن كمارى، وأبا موسى عيسى بن خلف الأندلسي وغيرهم.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أن أبا طاهر هذا قدم بغداد وحدث بها، وأنه روى عنه ابن ابنه أبو البركات محمد بن علي، والله أعلم.
بلغني أن أبا طاهر هذا توفي بالبصرة في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.
430- محمد بن محمد بن محمد بن السكن، أبو الغنائم يعرف بابن المعوج.
من ساكني باب المراتب، من بيتٍ مشهور، وقد روى منهم(2/11)
الحديث جماعةً.
وأبو الغنائم هذا سمع من الشريف أبي نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، وحدث عنه. سمع منه المبارك بن كامل وغيره.
431- محمد بن محمد بن هبة الله المقرئ، أبو المواهب يعرف بابن فرجية.
من أهل باب البصرة.
كان حافظاً للقرآن المجيد، حسن القراءة والأداء. سمع أبا طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وغيرهم. وكان صالحاً. سمع منه المبارك بن كامل وغيره.
وذكره الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي في تاريخه ووصفه بحسن الأداء، وقال: سمع الحديث وأقرأ الناس، وتوفي في صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
432- محمد بن محمد بن تبان -بتاء معجمة باثنتين من فوقها- أبو الوفاء المقرئ.
من أهل واسط.
كان من القراء الموصوفين بحسن القراءة وجودة التلاوة. قرأ بواسط على أبي العز محمد بن الحسين القلانسي بالقراءات. وقدم بغداد وأم بالمدرسة النظامية في أوقات الصلوات، وسمع بها من أبي عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني وجماعة بعده منهم: أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب العامري(2/12)
وغيره. وعاد إلى واسط وأقرأ بها وحدث إلى حين وفاته فتوفي في بكرة يوم الجمعة ثالث شعبان سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة. هكذا ذكر أبو الحسن علي ابن محمد المعروف بابن طغدي ومن خطه نقلت.
وحدثني أبو الفتح نصر الله بن المظفر الخياط صاحب ابن تبان فقال: توفي شيخنا أبو الوفاء في شعبان سنة خمس وثلاثين وخمس مئة. والأول أشبه بالصواب.
433- محمد بن محمد بن عبد الجليل بن الحسن ابن الساوي، أبو الفرج بن أبي الفتح بن أبي سعد.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه وجده. وهو أخو شيخنا القاضي أبي محمد عبيد الله بن محمد ابن الساوي.
شهد أبو الفرج عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسن الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في كتاب ((تاريخ الحكام)) تأليفه في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، قال: وأبو الفرج محمد ابن محمد بن عبد الجليل الساوي في يوم الجمعة تاسع ذي الحجة سنة ست وعشرين وخمس مئة وزكاه أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي وأبو محمد عطية بن علي بن لاذخان. وكان صالحاً كثير التلاوة للقرآن المجيد، دائم الصوم والعبادة.
خرج عن بغداد حاجاً في ذي القعدة من سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة فحج وعاد فتوفي بواقصة في محرم سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة فدفن بها في يوم الخميس ثامن عشرين منه، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.(2/13)
434- محمد بن محمد بن معمر بن يحيى بن أحمد بن حسان، أبو البقاء بن أبي بكر المؤدب يعرف بابن طبرزد.
أخو شيخنا أبي حفص عمر بن محمد، وكان أبو البقاء الأكبر. وكان اسمه قديماً المبارك فغيره وسمى نفسه محمداً. من أهل دار القز أحد المحال بالجانب الغربي.
أحد من عني بطلب الحديث وجمعه وسماعه من الشيوخ والاستكثار منه نسخاً وسماعاً. كتب بخطه الكثير وحصل المسموعات، وجد فيه، وحرص، وسمع الناس بإفادته ولم يرزق فيه حظاً ولا عمر إلى أن يحتاج إليه بل روى شيئاً يسيراً.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا المواهب أحمد بن محمد بن ملوك الوراق، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا الحسن علي ابن عبيد الله ابن الزاغوني الواعظ، وأبا القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري. وأكثر من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ومن بعدهما من أصحاب أبي نصر الزينبي وأخيه طراد بن محمد، وعاصم بن الحسن وغيرهم. وكان له شعر قريب. سمع منه أخوه عمر وغيره من أقرانه. وظاهره الصحة والصدق.
قال لي عمر بن طبرزد: توفي أخي عن أربعين سنة.(2/14)
وقرأت بخط أبي بكر المبارك بن كامل: توفي أبو البقاء بن طبرزد يوم الثلاثاء سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
435- محمد بن محمد بن الحسين، أبو الفضل الضرير الحنفي.
كانت له معرفة بالفقه على مذهب أبي حنيفة. ودرس بالمدرسة الغياثية المعروفة بمدرسة السلطان مدةً. وسمع الحديث الكثير من أبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون وأبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني وأبي علي أحمد بن محمد ابن البرداني ومن بعدهم. سمع منه ابنه أبو النجح، وأخوه أبو القاسم محمود، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وغيرهم.
قرأت على أبي النجح إسماعيل بن محمد بن محمد بن الحسين البزاز، قلت له: أخبركم والدك أبو الفضل محمد بن محمد قراءةً عليه وأنت تسمع في شهر ربيع الأول سنة أربعين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن الحسن بن أحمد الكرجي، قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن دوست العلاف، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن النجاد، قال: قرئ على يحيى بن جعفر بن أبي طالب وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن أبي موسى، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يلحق بهم، قال: ((المرء مع من أحب)).(2/15)
ذكر صدقة بن الحسين الحداد في تاريخه أن أبا الفضل الحنفي الضرير توفي يوم الجمعة تاسع عشر ربيع الأول سنة ست وأربعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة أحمد. وكان شيخاً صالحاً، رحمه الله وإيانا.
436- محمد بن محمد بن علي بن محمد بن الحسن بن إبراهيم بن يعيش، أبو الفضل ابن القاضي أبي عبد الله الذي قدمنا ذكره.
وأبو الفضل سبط قاضي القضاة أبي الحسن علي بن محمد ابن الدامغاني. وهو أخو شيخينا أبي الحسن علي وأبي الفرج عبد الرحمن ابني محمد بن يعيش، وسيأتي ذكرهما.
وأبو الفضل هذا سمع مع أخويه من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيره. وتوفي شاباً قبل بلوغ أوان الرواية.
قال صدقة بن الحسين في تاريخه. وتوفي أبو الفضل ابن القاضي أبي عبد الله بن يعيش يوم الاثنين العشرين من صفر سنة خمس وأربعين وخمس مئة. وكان شاباً حسناً.(2/16)
437- محمد بن محمد بن عبد الكريم بن محمد بن علي بن صالح ابن حامد، أبو المفضل بن أبي تمام المعروف بابن زنبقة.
من أهل واسط، أحد العدول بها. قبل شهادته القاضي أبو علي الحسن بن إبراهيم الفارقي قاضي واسط بها في سنة خمس مئة. وسمع بها الحديث من أبيه ومن أبي الفضل محمد بن محمد ابن السوادي الزاهد ومن أبي غالب محمد بن أحمد بن حمد وغيرهم.
وقدم بغداد في سنة ثمان وخمس مئة، وسمع بها ((صحيح)) أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري من نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي وعاد إلى بلده وحدث به عنه. وسمع منه ابنه أبو عبد الله الحسين وأبو الحسن علي بن أحمد ابن الدباس المقرئ، والشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد ابن عبد السميع الهاشمي، وأبو يعلى محمد بن علي ابن القارئ وغيرهم.
قال لنا الشريف أبو طالب بن عبد السميع: كان مولد أبي المفضل بن زنبقة في سابع عشري ذي الحجة سنة خمس وسبعين وأربع مئة. وتوفي في السابع والعشرين من ذي الحجة سنة خمس وخمسين وخمس مئة، ودفن بداره بمحلة الوراقين بواسط، رحمه الله وإيانا.
438- محمد بن محمد بن عنقيش الأنباري، أبو بكر.
سمع ببغداد أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني وحدث عنه. روى لنا عنه أبو عبد الله ابن الكال المقرئ بالحلة المزيدية وذكر(2/17)
أنه سمع منه ببغداد.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن محمد بن هارون المقرئ البزار ببزارته في حلة ابن مزيد من أصل سماعه، قلت: أخبرك أبو بكر محمد بن محمد بن عنقيش الأنباري بقراءتك عليه ببغداد، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الخطاب محفوظ ابن أحمد بن الحسن الفقيه، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن كيسان، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: أخبرنا حفص بن نمير، قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن عطاء بن الخليل، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صوم يوم عرفة كفارة سنتين وصوم عاشوراء كفارة سنة)).
439- محمد بن محمد ابن العكبري، أبو الفتوح.
روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل في ((معجمه)) حديثاً رواه له عن أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري وأخرجه عنه في ((معجم شيوخه)).(2/18)
440- محمد بن محمد بن قنان بن حامد بن الطيب، أبو المعالي بن أبي الفضل.
وقد تقدم ذكرنا لأبيه.
وأبو المعالي هذا تولى شيئاً من الأعمال الديوانية وخدم بدجيل. وروى عن أبيه.
ذكر أبو بكر بن حمرة البغدادي أنه سمع منه.
قال غيره: وتوفي في شهر رمضان سنة خمس وخمسين وخمس مئة ببغداد، رحمه الله وإيانا.
441- محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن خلف ابن الفراء، أبو يعلى العدل القاضي ابن العدل أبي خازم ابن القاضي أبي يعلى ابن العدل أبي عبد الله.
الفقيه ابن الفقيه ابن الفقيه. من بيت الفضل والعلم والعدالة خلف عن سلف.
تفقه أبو يعلى هذا على أبيه وعمه القاضي أبي الحسين، وحصل معرفة مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وكان من أنبل أصحاب هذا المذهب وأعرفهم بالخلاف وطرق المناظرة وحسن العبارة وجودة الكلام.
شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أحمد بن(2/19)
بختيار ابن المندائي قراءةً عليه في ((تاريخ الحكام بمدينة السلام))، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، قال: وأبو يعلى محمد بن محمد بن محمد ابن الفراء يوم الأحد ثاني عشري جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وخمس مئة وزكاه القاضيان أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ وأبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي، قال: وفي يوم الأربعاء ثالث صفر سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة ولاه قضاء باب الأزج. وفي ذي القعدة سنة سبع وثلاثين وخمس مئة ولاه القضاء بواسط، وتوجه إليها وأقام بها يحكم بين أهلها ويقبل الشهود إلى أن عزله قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الأولى في شوال سنة خمس وأربعين وخمس مئة، وأقام بها بعد عزله مديدة لأسباب اقتضت بعده عن بغداد. ثم وقع الرضى عنه، فعاد إليها معزولاً عن القضاء والعدالة مقصوراً على المقام بمنزله، فكان على ذلك إلى أن توفي، وقد أضر.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا علي الحسن بن محمد التككي، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، وأباه القاضي أبا خازم، وغيرهم. وحدث عنهم؛ سمع منه القاضيان أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي وأبو علي يحيى بن الربيع بن سليمان بواسط وحدث عنه ببغداد جماعة منهم: أبو محمد عبد العزيز بن محمود ابن الأخضر في آخرين.
قرأت على الشيخ أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز، قلت له: أخبركم القاضي أبو يعلى محمد بن محمد بن محمد ابن الفراء بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وأخبرناه عالياً القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن(2/20)
إسماعيل الصفار، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عرفة، قال: حدثنا هشيم بن بشير، عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أعطيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه. فقلنا: يا رسول الله علمنا مما علمك الله عز وجل فعلمنا التشهد في الصلاة)).
ولد القاضي أبو يعلى ابن الفراء في سنة أربع وتسعين وأربع مئة.
قال صدقة بن الحسين الفرضي في تاريخه: وفي صبيحة يوم السبت سابع عشري شهر ربيع الآخر سنة ستين وخمس مئة مات القاضي أبو يعلى ابن الفراء وصل عليه يوم الأحد ثامن عشرين منه بجامع القصر الشريف، وكان له جمعٌ كثيرٌ، ودفن بمقبرة أحمد عند أهله، وكان سنه ستاً وستين سنة.
442- محمد بن محمد بن هبة الله بن علي القادسي، أبو بكر المغسل.
سمع أبا سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش الكاتب وغيره. وحدث عنهم؛ سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي وجماعة، وحدثنا عنه أبو العباس أحمد بن أحمد بن أحمد العدل.
قرأت على أبي العباس أحمد بن أبي بكر البزاز: أخبركم أبو بكر محمد بن محمد بن هبة الله قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش الكاتب. وأخبرناه عالياً أبو السعادات نصر الله ابن عبد الرحمن بن محمد القزاز بقراءتي عليه أولاً وقراءةً عليه وأنا أسمع ثانياً، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر الأدمي القارئ، قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز، قال: حدثنا يحيى بن(2/21)
معين، قال: حدثنا هشام بن يوسف، عن هشيم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفاً، أو قال سبع مئة، بغير حساب)).
توفي أبو بكر القادسي في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وستين وخمس مئة.
443- محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن محمد ابن عبد الله بن الحسين بن غزال، أبو الأزهر الكاتب.
من أهل واسط. من بيتٍ معروف بها بالرياسة وتولي الأعمال الديوانية. وهو أخو أبي الكرم علي بن محمد، وكان محمد الأكبر.
سمع بواسط من أبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجماري، وأبي الكرم خميس بن علي الحوزي وغيرهم. قدم بغداد وحدث بها، وسمع منه جماعة من أهلها منهم: عبيد الله بن علي بن نصر البغدادي وذكر أن مولده في شوال سنة خمس وثمانين وأربع مئة.
وبلغني أنه توفي بواسط في سنة إحدى وستين وخمس مئة.(2/22)
444- محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد ابن الجبان، أبو المعالي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن العطار يعرف بابن اللحاس.
من أهل الحريم الطاهري.
شيخٌ ثقةٌ، صحيح السماع. سمع أبا محمد عبد الله بن عطاء الإبراهيمي الهروي، وجده أبا الحسن وغيرهما. وكانت له إجازة من أبي القاسم علي بن أحمد ابن البسري منفرداً بها.
روى الكثير، وسمع منه الناس قديماً. كتب عنه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني ببغداد بعد الثلاثين وخمس مئة ومن بعده. وروى لنا عنه جماعةٌ كثيرة. وذكرناه لأن وفاته تأخرت عن وفاة تاج الإسلام.
قرأت على أبي سعد الحسن بن محمد بن الحسن الكاتب وعلى أبي البركات يوسف بن المبارك بن المبارك البيع، قلت لهما: أخبركما أبو المعالي محمد بن محمد ابن اللحاس العطار قراءةً عليه وأنتما تسمعان، فأقرا به، قال: أخبرنا جدي أبو الحسن محمد بن أحمد قراءةً عليه وأنا أسمع في سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي بن الحسن بن البادا، قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع القاضي، قال: حدثنا السري بن سهل الجنديسابوري، قال: حدثنا عبد الله بن رشيد، قال: حدثنا مجاعة بن الزبير، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن لله مئة اسمٍ غير اسم، من أحصاها دخل الجنة)).(2/23)
أنبأنا محمد بن المبارك بن مشق ومن خطه نقلت، قال: مولد أبي المعالي ابن اللحاس في سنة ثمان وستين وأربع مئة. وتوفي يوم الأحد تاسع عشر ربيع الآخر من سنة اثنتين وستين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
وقال غيره: وصلي عليه بباب الحريم الطاهري، رحمه الله وإيانا.
445- محمد بن محمد بن مواهب ابن الخراساني، أبو الحسن.
أخو شيخنا أبي العز محمد الشاعر، وسيأتي ذكره، وأبو الحسن هذا هو الأسن.
سمع أبا الحسين ابن الطيوري، وأبا العز محمد بن المختار الهاشمي وغيرهما. وحدث باليسير. وكان يتولى عمارة الجسر على دجلة.
توفي يوم الخميس سادس عشر جمادى الآخرة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة وصلي عليه بجامع المنصور، ودفن بمقبرته.
446- محمد بن محمد بن هبة الله بن أبي عيسى، واسم أبي عيسى الفضل، ابن إبراهيم، أبو الفتح الشاهد القاضي.(2/24)
من أهل شهرابان، وكان قاضيها.
شهد بمدينة السلام عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي. أخبرنا محمد بن هبة الله النحوي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن بختيار القاضي في تاريخه لحكام مدينة السلام، قال: وممن شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي أبو الفتح محمد بن محمد بن أبي عيسى يوم الخميس رابع ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ وأبو منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز.
وقرأت بخط الشيخ أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع في تاريخه ومنه نقلت، قال: توفي أبو الفتح بن أبي عيسى ببغداد ليلة الثلاثاء ثاني عشري ربيع الأول سنة أربع وستين وخمس مئة، وصلي عليه بالتاجية، ودفن بالعطافية. ومولده في سنة ست وثمانين وأربع مئة.
447- محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد ابن المهتدي بالله، أبو الحارث بن أبي الغنائم بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الهاشمي الخطيب.
من أهل شارع دار الرقيق. كان يتولى الخطابة بجامع القطيعة، قطيعة أم جعفر، محلة كانت على دجلة قريبة من مقبرة أحمد وقد خربت يومئذٍ ولم يبق لها أثر. وهو من بيت الخطابة والعدالة والرواية هو وأبوه وجده وأخوه أبو الحسن محمد كلهم قد حدث وروى.
سمع أبا العز محمد بن المختار، وأباه أبا الغنائم محمد بن محمد، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم. وحدث عنهم؛ سمع(2/25)
منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو الفتوح عبد السلام بن يوسف التنوخي. وحدثنا عنه أبو نصر محمد بن سعد الله ابن الدجاجي الواعظ وغيره.
قرأت على محمد بن أبي الحسن المذكر من كتابه الذي فيه سماعه قلت له: أخبركم الشريف أبو الحارث محمد بن محمد بن محمد ابن المهتدي بالله قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرني أبي أبو الغنائم محمد بن محمد، قال: أخبرني أبي أبو الحسن محمد بن أحمد، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن أحمد بن بكير، قال: حدثنا حامد بن حماد العسكري، قال: حدثنا إسحاق ابن سيار، قال: حدثنا حجاج بن منهال، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن برد بن سنان، عن مكحول، عن أبي أمامة الباهلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من ولد له مولودٌ فسماه محمداً تبركاً به، كان هو ومولوده في الجنة)).
ولد أبو الحارث ابن المهتدي هذا في سنة إحدى وتسعين وأربع مئة. وتوفي في ليلة الخميس سابع جمادى الآخرة سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
448- محمد بن محمد بن محمد بن علي ابن الطبقي، أبو الفرج الشروطي.
كان له دكان يكتب فيه للناس الكتب مقابل باب النوبي المحروس.
ذكره أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني فأساء القول فيه، وقال: كان سيء العقيدة في الرواية يغلب عليه اللهو والمجون. روى شيئاً يسيراً عن أبي(2/26)
عبد الله محمد بن محمد ابن السلال.
قال المارستاني: سمعنا منه، وتوفي في جمادى الآخرة سنة أربع وستين وخمس مئة.
449- محمد بن محمد بن علي بن محمد بن الحسين بن عبد الله ابن السكن، أبو عبد الله بن أبي سعد بن أبي الحسن بن أبي طالب بن أبي عبد الله يعرف بابن المعوج.
من أهل باب المراتب؛ من بيتٍ مشهور؛ ولي منهم الحجابة غير واحدٍ وحدث منهم جماعة.
وأبو عبد الله هذا سمع أبا الخطاب نصر بن أحمد بن البطر وغيره، وحدث، وأضر في آخر عمره.
سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني وذكره في كتابه وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته. وسمع منه بعده جماعةٌ وأثنوا عليه خيراً.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله البغدادي قراءةً عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن علي بن السكن قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله القارئ، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله البيع، قال: حدثنا الحسن بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن حنان، قال: حدثنا بقية، قال: حدثنا ابن زياد، قال: سمعت أبا أمامة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)).(2/27)
ذكر أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي أن مولد أبي عبد الله ابن السكن في سنة ثمان وثمانين وأربع مئة وأنه توفي يوم الأربعاء تاسع ربيع الأول سنة خمس وستين وخمس مئة.
450- محمد بن محمد بن محمد بن سعد بن عبد الله، أبو حامد البروي الفقيه الشافعي.
أحد علماء عصره والمشار إليه بالتقدم في معرفة الفقه والنظر وعلم الكلام والوعظ وحسن العبارة، مع فصاحة في لسانه، وبلاغةٍ في لفظه وبيانه. تفقه بنيسابور على الشيخ أبي سعد محمد بن يحيى، وكان من أنبل أصحابه. وخرج من خراسان إلى الشام وأقام بدمشق مدةً، ثم قدم بغداد في سنة ست [أو] سبع وستين وخمس مئة وصادف بها قبولاً عند أهلها وتكلم بها في مسائل الخلاف(2/28)
وأحسن النظر ودرس بها الفقه والأصول والجدل بالمدرسة المعروفة بالبهائية قريبة من النظامية. وكان يحضر درسه خلقٌ من الفقهاء. وجلس بالمدرسة النظامية، وأعجب الناس كلامه، وكان المدرس بها يومئذٍ أبو نصر أحمد بن عبد الله الشاشي فكان إذا توسط المجلس وقرئت بين يديه النظائر يلتفت إلى موضع التدريس وينشد معرضاً بما في نفسه من طلبه ومشيراً إليه قول المتنبي:
بكيت يا ربع حتى كدت أبكيكا ... وجدت بي وبنفسي في مغانيكا
فعم صباحاً لقد هيجت لي شجناً ... واردد تحيتنا إنا محيوكا
بأي صرف زمانٍ صرت متخذاً ... ريم الفلا بدلاً من ريم أهليكا
وذلك لما كان عنده من طلب التدريس بالمدرسة النظامية. ولعمري لقد كان أهلاً لذلك، وموعوداً به لو بقي ولكن أصابته عين الكمال فشوشت عليه الأحوال، واخترمته المنية قبل بلوغ الأمنية، وفي طبع الزمان على الأماني وصاحبها التمتع والإباء، فتوفي بين الظهر والعصر من يوم الخميس السادس عشر من شهر رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الجمعة السابع عشر منه بجامع القصر الشريف، وحضر خلقٌ من الأعيان والأماثل، ودفن بباب أبرز بتربة الشيخ أبي إسحاق الشيرازي رضي الله عنه.
ويقال: مولده يوم الثلاثاء خامس عشري ذي القعدة سنة سبع عشرة وخمس مئة بطوس، وقد حدث بدمشق بشيءٍ من مسموعاته وأملى. فأما ببغداد فما علمت أنه حدث بشيءٍ إلا أن يكون شيءٌ في مجالس وعظه.
451- محمد بن محمد بن فارس، أبو بكر المعروف بابن الشاروق.
من أهل الحريم الطاهري.
كان أحد القراء الموصوفين بحسن القراءة وجودة الأداء وملاحة الصوت.(2/29)
سمع أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي وغيره، وروى عنهم. سمع منه القاضي عمر القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وحدثنا عنه أبو محمد ابن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر الجنابذي: أخبركم أبو بكر محمد بن محمد ابن الشاروق، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن القاسم الصيرفي، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: حدثنا أبو عمرو ابن السماك، قال: حدثنا عبيد بن شريك قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)).(2/30)
أنبأنا محمد بن المبارك بن مشق، قال: توفي أبو بكر ابن الشاروق سحرة يوم الأربعاء خامس عشري رجب سنة سبعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، وقد جاوز الثمانين.
452- محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبيد الله، أبو الفتح العلوي الحسيني نقيب المشهدين بالكوفة وكربلاء، على ساكنهما السلام.
وكان من أهل الكوفة ومقامه بها. قدم بغداد غير مرةٍ، وحدث بها عن الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي الزيدي فيما قال أبو بكر المارستاني، فسمع منه آحاد الطلبة وآخر ما وردها في سنة سبع وستين وخمس مئة. وقد عزل عما كان يتولاه من النقابة وخرج منها إلى الموصل، فأقام بها عند أخيه نقيب الطالبيين بها إلى أن توفي هناك في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وخمس مئة ودفن بها، رحمه الله وإيانا.
453- محمد بن محمد بن عبدكان، أبو المحاسن المقرئ.
من أهل محلة دار القز، أحد المحال الغربية، يعرف بابن الضجة.
كان مقرئاً حسناً، قد قرأ بشيءٍ من القراءات على أبي الخير المبارك بن الحسين الغسال، وأبي سعد محمد بن عبد الجبار الجويمي المقرئين وغيرهما؛ وروى عنهم. قرأ عليه عبد الوهاب بن بزغش العيبي وسماه محاسن(2/31)
ابن محمد، والصواب ما ذكرناه.
توفي في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
454- محمد بن محمد بن حمود، أبو الأزهر المقرئ الصوفي.
من أهل واسط قرأ بها القرآن الكريم بالقراءات العشر على أبي العز محمد ابن الحسين بن بندار القلانسي، وسمع منه، ومن أبي نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجماري.
وقدم بغداد، وأقام برباط الأرجوان والدة الإمام المقتدي بأمر الله بدرب زاخي إلى أن توفي. وسمع ببغداد من أبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وغيره. وأقرأ الناس القرآن مدةً، وحدث وروى؛ قرأ عليه جماعةٌ وسمعوا منه منهم: أبو الحسن صدقة بن الحسين بن وزير الواعظ، والقاضي عمر القرشي، وأبو حفص عمر بن يوسف ختن ابن الشعار. وحدثنا عنه جماعةٌ.
قرأت على أبي نصر عمر بن محمد بن أحمد الدينوري قلت له: أخبركم أبو الأزهر محمد بن محمد بن حمود الواسطي قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نعيم محمد بن إبراهيم بن محمد ابن الجماري قراءةً عليه وأنا أسمع بواسط في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة. وأخبرنيه عالياً أبو طالب محمد بن علي ابن الكتاني قراءةً عليه وأنا أسمع بواسط في سنة أربع وسبعين وخمس مئة قيل له: أخبركم أبو نعيم محمد بن إبراهيم ابن الجماري قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن المظفر بن أحمد العطار، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عثمان المعروف بابن(2/32)
السقاء، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا عبد الوارث، عن يونس، عن عمرو بن سعيد، عن أبي زرعة، عن جرير بن عبد الله، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري.
أنبأنا القرشي، قال: توفي أبو الأزهر بن حمود المقرئ ببغداد في يوم الثلاثاء ثاني عشر رجب سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.
455- محمد بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن منصور المجهز، أبو الثناء الواعظ المعروف بابن الزيتوني، سبط ابن الواثق.
من أهل باب البصرة، وسكن الجانب الشرقي بدرب مصلحة في سوق الثلاثاء.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، وغيرهما. وسافر إلى خراسان في شبيبته وأقام بنيسابور مدةً، وسمع بها من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وأبي نصر محمد بن(2/33)
عبد الله الأرغياني، وأبي محمد عبد الجبار بن محمد الخواري، وغيرهم. وعاد إلى بغداد ولزم مسجداً كان يجلس فيه للوعظ بالموضع الذي ذكرناه، ويحدث ويروي على طريقةٍ حسنةٍ.
سمع منه خلقٌ كثير منهم: الشريف أبو الحسن الزيدي، والقاضي أبو المحاسن القرشي. وحدثنا عنه الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد الهاشمي بكتاب ((أسباب نزول القرآن العزيز)) بسماعه له من أبي نصر الأرغياني عن مصنفه أبي الحسن علي بن محمد الواحدي، والحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي، وغيرهما.
ولد أبو الثناء ابن الزيتوني بباب البصرة في سنة اثنتين وخمس مئة، وتوفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء النصف من شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، ودفن بموضعٍ متصل بمسجده بدرب مصلحة.
456- محمد بن محمد بن الحسن بن هبة الله ابن العجيل، أبو بكر القزاز.
من أهل الحريم الطاهري، سكن الكرخ.
وروى عن الشريف أبي علي محمد بن محمد ابن المهدي الخطيب. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي وذكره في ((معجم شيوخه)) الذين كتب عنهم.
457- محمد بن محمد بن سعد بن هبة الله بن عسكر، أبو الفضل.(2/34)
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وحدث عنه. سمع منه القاضي عمر بن أبي الحسن الدمشقي.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي القاضي، قال أخبرنا أبو الفضل محمد ابن محمد بن عسكر، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن الخضر الأسيوطي، قال: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، قال: حدثنا قتيبة ابن سعيد، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان. قالوا: فما المسكين؟ قال: الذي لا يجد غنىً يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم يسأل الناس)).
458- محمد بن محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن سهل العطار، أبو بكر.
من أهل همذان، وهو أخو الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد ابن العطار الهمذاني لأمه، وابن عمه.(2/35)
قدم بغداد في سنة عشرين وخمس مئة، وسمع بها مع أخيه أبي العلاء من جماعة منهم: أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري وغيرهما. وعاد إلى بلده وحدث به، وسمع منه بنو أخيه وغيرهم. وكتب إلينا بالإجازة في سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن الحسن الهمذاني فيما كتب إلينا، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد في سنة عشرين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان. وقرأته على أبي الحسن علي بن محمد بن يعيش من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا يعقوب بن يوسف القزويني، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قمت على باب الجنة فرأيت أكثر أهلها المساكين، ورأيت أصحاب الجد محبوسين، إلا أصحاب النار فإنهم أمر بهم إلى النار، وقمت على النار فرأيت أكثر أهلها النساء)).
توفي أبو بكر ابن العطار هذا بهمذان بعد سنة خمس وسبعين وخمس مئة بيسير، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.(2/36)
459- محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمود بن ماخرة الزوزني، أبو بكر بن أبي الفتوح بن أبي سعد بن أبي بكر بن أبي الحسن الزوزني.
من بيت التصوف وأولاد المشايخ.
وأبو بكر هذا كان أحد الصوفية برباط شيخ الشيوخ أبي القاسم عبد الرحيم ابن إسماعيل ببغداد. وأبو الحسن جد جده كان يخدم الصوفية بالرباط المقابل لجامع المنصور وإليه ينسب رباط الزوزني. سمع أبو بكر من جده أبي سعد أحمد، وغيره، وحدث بيسير.
قال أبو بكر بن حمزة المارستاني: كان مولده في شعبان سنة سبع وعشرين وخمس مئة.
460- محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن عمر ابن النهاوندي، أبو علي بن أبي البركات.
من أهل البصرة، من بيت القضاء بها والرواية. وقد تقدم ذكر جد أبيه أبي طاهر محمد بن محمد.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي البغدادي أن أبا علي هذا قدم بغداد غير مرةٍ وأنه حدث عن جد أبيه أبي طاهر ابن النهاوندي، والله أعلم.(2/37)
461- محمد بن محمد بن علي، أبو الفضل، من أهل سقسين وقيل: محمد بن علي بن محمد. وهو الصواب.
قدم بغداد بعد سنة سبعين وخمس مئة وأقام بالمدرسة النظامية، وروى بها عن محمد بن أبي الحسن الخوارزمي. سمع منه أبو الفضل إلياس بن جامع الإربلي ببغداد، وحدث عنه بحديث مسلسل.
462- محمد بن محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن عبيد الله الملقب شفنين بن محمد أبي عيسى ابن المتوكل على الله أبي الفضل جعفر ابن المعتصم بالله أبي إسحاق محمد ابن الرشيد أبي جعفر هارون ابن المهدي أبي عبد الله محمد ابن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي، أبو عبد الله يعرف بابن شفنين.
من ساكني محلة قطفتا.
كان أحد الشهود المعدلين والخطباء المتعينين؛ شهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد ابن الحديثي في يوم الأحد ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ست وستين وخمس مئة. وزكاه العدلان الشريفان أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله وأبو العباس أحمد بن علي ابن المأمون. وكان يتولى الخطابة بجامع التوثة محلة مجاورة لمقبرة الشونيزي. وتولى أيضاً النظر في أوقاف المارستان العضدي إلى أن توفي.
سمع أبا محمد المبارك بن المبارك ابن التعاويذي الصوفي، وأبا الوقت(2/38)
السجزي، والخطيب أبا المظفر محمد بن أحمد ابن العباسي المعروف بابن التريكي، وغيرهم. وحدث بشيء يسير. سمع منه صديقنا إلياس بن جامع الإربلي، وروى عنه حديثاً في ((أربعين)) جمعها لنفسه.
توفي أبو عبد الله بن شفنين يوم الثلاثاء ثاني عشر شوال من سنة خمس وسبعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة معروف الكرخي. وكان شاباً.
463- محمد بن محمد بن عبد الكريم بن إبراهيم ابن الأنباري، أبو الفرج ابن سديد الدولة أبي عبد الله كاتب ديوان الإنشاء المعمور.
من بيتٍ مشهورٍ بالفضل والكتابة، وقد تقدم ذكر أبيه.
وأبو الفرج هذا تولى ديوان الإنشاء بعد وفاة أبيه وذلك في رجب سنة ثمان وخمسين وخمس مئة إلى حين وفاته. وناب في ديوان المجلس مديدةً يسيرةً. وكان مقدماً، ذا حشمةٍ وجاه. سمع مع أبيه من أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، وحدث عنه.
ذكره القاضي أبو المحاسن الدمشقي في ((معجم شيوخه)) الذين سمع منهم.
قال عبيد الله بن علي المارستاني: مولد أبي الفرج ابن الأنباري في سنة سبع وخمس مئة. وتوفي يوم الجمعة السادس من ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمس مئة وصلي عليه بجامع القصر الشريف، ودفن بالجانب الغربي بمقابر قريش عند أبيه، رحمه الله وإيانا.
464- محمد بن محمد بن عبيد الله بن هبة الله ابن اليازوري، أبو المظفر الكاتب.(2/39)
من أهل باب الأزج.
سمع أبا الحسن محمد بن أحمد بن صرما الصائغ، وأبا المعالي عبد الخالق بن أحمد بن البدن الصفار.
ذكر أبو بكر ابن المارستاني أنه سمع منه، وأنه توفي في شهر ربيع الآخر من سنة ست وسبعين وخمس مئة، ودفن بداره بباب الأزج.
465- محمد بن محمد بن مواهب ابن الخراساني، أبو العز الأديب الشاعر.
صاحب العروض والنوادر المنسوبة إلى حدة الخاطر، وهو أخو أبي الحسن محمد المقدم ذكره في هذه الترجمة.
قرأ الأدب على الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي وعلى غيره. وكان ذا معرفةٍ بالعروض وصنعة الشعر، وله ((ديوان)) من الشعر، ومصنفات في عروضه. مدح الإمام المسترشد بالله ومن بعده من الأئمة المهديين الخلفاء رضي الله عنهم ووزراءهم والأكابر.
لقيناه، وسمعنا منه شيئاً من شعره إلا أنه تغير في آخر عمره وأصابه ما يصيب الشيوخ من السهو والغفلة، تركت سماع الحديث منه لذلك.
سمع الحديث من جماعة منهم: أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأبو بكر أحمد بن(2/40)
المظفر بن سوسن التمار، وأبو علي محمد بن سعيد بن نبهان، وأبو علي محمد ابن محمد ابن المهدي، وغيرهم، وحدث عنهم. وأجاز لنا قبل تغيره.
قرئ على أبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني بمنزله وأنا أسمع قيل له: قلت تمدح الإمام المسترشد بالله رضي الله عنه:
قل للإمام الذي إنعامه نعمٌ ... وسح كفيه منه تخجل الديم
وعرضه وافرٌ في كل نازلةٍ ... وماله في جميع الناس مقتسم
وبحره الجم عذبٌ ماؤه غدقٌ ... سهل الشرائع غمرٌ طيبٌ شبم
مسترشدٌ إن بدا فالبدر غرته ... وإن يقل كلما فالدر منتظم
فكم ظبا فلها عنا وفرقها ... إذ يمتطي كفه في طرسه القلم
وكم يراعٍ بكفيه يتيه على ... صم الرماح اللواتي ليس تنفصم
وذكر قصيدةً هذا أولها سمعناها مع غيرها منه.
بلغني أن مولده في سنة أربع وتسعين وأربع مئة والأظهر أنه قبل ذلك، والله أعلم، وتوفي يوم الاثنين مستهل شهر رمضان سنة ست وسبعين وخمس مئة، ودفن بالوردية، رحمه الله وإيانا.
466- محمد بن محمد بن عبد الباقي بن محمد بن علي بن قرطاس، أبو السعادات بن أبي سعد الطحان.
من ساكني الظفرية، من أبناء الشيوخ القراء والمحدثين الرواة.
سمع بإفادة أبيه من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي صهر هبة، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي الفضل محمد ابن عمر الأرموي، وغيرهم. وحدث باليسير، سمع منه جماعةٌ من أصحابنا وما(2/41)
اتفق لي لقاؤه، رحمه الله وإيانا.
467- محمد بن محمد بن يحيى ابن الثقفي، أبو الحسين.
من أهل الكوفة، من بيتٍ مشهورٍ بها بالعدالة والقضاء والرواية.
ذكر أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق البيع أن أبا الحسين هذا قدم عليهم من الكوفة بغداد وأنه استجازه فأجاز له. ولم يذكره بسوى ذلك.
468- محمد بن محمد بن أبي بكر بن علي بن إبراهيم اللفتواني، أبو الطيب.
من أهل أصبهان، ولفتوان: قريةٌ من قرى أصبهان، أحد شيوخها. سمع بها أباه، وأبا بكر محمد بن علي الصالحاني، وأبا غالب محمد بن إبراهيم الصيقلي، وأبا العباس أحمد بن سهل الغازي، وأبا الوفاء محمد بن محمد المديني وغيرهم.
قدم بغداد مراراً كثيرةً آخرها في سنة ست وسبعين وخمس مئة حاجاً، وحدث بها؛ سمع منه أبو بكر بن مشق، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري وجماعة من أصحابنا. وخرج إلى الحج وعاد فتوفي بين الحلة المزيدية وزريران في أوائل صفر سنة تسع وسبعين وخمس مئة.
قال أبو بكر بن مشق: وقال لي: مولدي في سفر سنة إحدى عشرة وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
469- محمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن المطلب، أبو جعفر بن أبي عبد الله ابن الوزير أبي المعالي بن أبي سعد.
من بيت أهل رياسةٍ وتقدم. سمع أبا الفوارس محمد بن علي ابن الكرخي، وحدث عنه. سمع منه جماعةٌ من أصحابنا منهم: أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبو الحسن علي بن(2/42)
المبارك بن الوارث وغيرهم.
بلغني أنه توفي فجاءةً في ليلة الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة سبع وسبعين وخمس مئة، ودفن صبيحة تلك الليلة بمقابر قريش، رحمه الله وإيانا.
470- محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الله الكشميهني، أبو عبد الرحمن الواعظ.
من أهل مرو، والد أبي المحامد محمود بن محمد الذي يأتي ذكره.
قدم أبو عبد الرحمن بغداد قديماً فيما ذكر تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في ((تاريخه لبغداد)) وسمع بها. وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته كما شرطنا.
قلت: وقدم أبو عبد الرحمن بغداد مرةً أخرى في سنة ستين وخمس مئة، وحدث بكتاب ((صحيح)) مسلم بن الحجاج عن أبي عبد الله الفراوي، فسمع منه الناس بمجلس الوزير يحيى بن هبيرة. وحدثنا عنه شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي في ((مشيخته)).
قرأت على الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، قلت له: أخبركم أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن المروزي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، وذلك في سنة ستين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي بنيسابور، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر ابن محمد بن عبد الغافر الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال: حدثنا مسلم بن الحجاج،(2/43)
قال: حدثنا محمد بن حاتم، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الظلم ظلمات يوم القيامة)).
قال شيخنا ابن الجوزي: كان لهذا الشيخ سمت المشايخ، وسمعنا منه جميع ((صحيح)) مسلم.
قلت: توفي أبو عبد الرحمن هذا بمرو في يوم الأحد خامس عشري محرم سنة ثمان وسبعين وخمس مئة، ودفن بها.
471- محمد بن محمد بن الجنيد بن عبد الرحمن بن الجنيد، أبو مسلم بن أبي الفتوح.
من أهل أصبهان. سمع بها من أبي سعد محمد بن محمد المطرز، وأبي الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وأبي علي الحسن بن أحمد الحداد المقرئ، وغيرهم.
قدم بغداد قديماً حاجاً مع خاله أبي غانم محمد بن الحسين بن زينة الأصبهاني فكتب عنه بها أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في بعض تعاليقه عن أبي سعد المطرز. وعاد أبو مسلم إلى بلده وعاش بعد أبي بكر بن كامل أكثر من ثلاثين سنة، وكتب إلينا بإجازته لنا على يد الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي في سنة تسع وسبعين وخمس مئة.
وكان ثقةً، من بيتٍ معروف بالتصوف ورواية الحديث من قبل أبويه جميعاً.
كتب إلي أبو غانم المهذب بن الحسين بن محمد الواعظ بخطه من أصبهان(2/44)
يذكر لي أن مولد أبي مسلم بن الجنيد كان يوم عيد الفطر من سنة سبع وتسعين وأربع مئة. وتوفي في رجب سنة تسع وسبعين وخمس مئة، ودفن بمصلى جي عند أجداده بني زينة، رحمهم الله وإيانا.
472- محمد بن محمد بن خطاب بن عبد الله بن أبي المليح، أبو عبد الله الواعظ.
من أهل الحربية.
سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، وأبا الفضل بن ناصر وغيرهم. وحدث عنهم.
توفي في ليلة الأحد ثالث رجب سنة تسع وسبعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
473- محمد بن محمد بن عثمان، أبو الفضل الدباس يعرف بابن الدباب.
من أهل باب البصرة.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وغيره، وروى عنه.
ذكر أبو بكر محمد بن أبي طاهر بن مشق أنه سمع منه وأنه توفي في يوم الخميس رابع عشري شعبان سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وأنه دفن بمقبرة باب البصرة.
474- محمد بن محمد بن الحسين، أبو الحسن الحاجب بالديوان العزيز -مجده الله-.(2/45)
وكان وظائفياً. والوظائفي: هو الذي يتولى إقامات الرسل وما يحمل إليهم من الديوان العزيز.
كان حافظاً للقرآن المجيد، حسن القراءة له. قرأ على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي بشيءٍ من القراءات. وسمع منه، ومن أبي المعالي عبد الملك ابن علي الهراسي. وأم بالناس في الصلوات بمسجد ابن جردة بالجوهريين بعد وفاة العدل أبي المظفر بن حمدي. وسمعت قراءته. وكان حسن التلاوة.
خرج مع الوزير أبي المظفر عبيد الله بن يونس لما توجه إلى همذان في صفر سنة أربع وثمانين وخمس مئة، فلما تلاقى المعسكران وتفرق الناس فقد جماعةٌ منهم أبو الحسن الوظائفي، وما عرف خبره وذلك في خامس شهر ربيع الأول سنة أربع وثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
475- محمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم بن المظفر بن علي ابن الشهرزوري، أبو حامد الملقب محيي الدين ابن كمال الدين أبي الفضل ابن أبي محمد.
من أهل الموصل وقاضيها. من بيتٍ مشتهرٍ بالفضل والعلم والرياسة والتقدم والولاية. وأبو حامد هذا تولى قضاء الموصل مدةً، وكان موصوفاً بالفضل والإفضال والجود والنوال، مع جاهٍ وافرٍ كان له، وحشمةٍ ظاهرةٍ وحالٍ جميلةٍ.(2/46)
قدم بغداد في صباه وأقام بها للتفقه مدةً وحصل طرفاً من مذهب الشافعي، وسمع بها شيئاً من الحديث، وعاد إلى بلده. وقدمها رسولاً من أمير الموصل وأوصل إلى أهل العلم بها من ماله ما استكثر. وأكرم من الديوان العزيز -مجده الله- وخلع عليه وعاد إلى بلده.
وله شعرٌ حسنٌ وترسل جيدٌ. ومن شعره ما أنشدني أبو الفتوح محمد بن علي بن المبارك البغدادي قال: أنشدني لنفسه ونحن جلوسٌ بداره وكان الوفر ينزل:
ولما شاب رأس الدهر غيظاً ... لما قاساه من فقد الكرام
أقام يميط عند الشيب غيظاً ... وينثر ما أماط على الأنام
توفي بالموصل سحرة الأربعاء رابع عشر جمادى الأولى سنة ست وثمانين وخمس مئة، ودفن بداره بمحلة القلعة ثم نقل بعد ذلك إلى تربةٍ عملت له ظاهر البلد.
وذكر أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي أن وفاته كانت في ثامن عشري الشهر المذكور. والأول أشبه بالصحيح، والله أعلم.
((آخر الجزء العاشر من الأصل))(2/47)
476- محمد بن محمد بن المبارك بن محمد بن أحمد بن مشق، أبو نصر بن أبي بكر بن أبي طاهر البيع.
من أهل باب البصرة.
بكر به أبوه وسمعه من جماعةٍ منهم: أبو شجاع أحمد وأبو نصر يحيى ابنا موهوب بن السدنك، وأبو شاكر يحيى بن يوسف صاحب ابن بالان، وأبو محمد لاحق بن كاره، والكاتبة شهدة بنت أحمد الإبري، وأبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وجماعةٌ كثيرةٌ.
وتوفي قبل أوان الرواية في ليلة الأربعاء ثاني عشري ذي الحجة من سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة في حياة أبيه، ودفن يوم الأربعاء بباب حرب عن ثلاث وثلاثين سنة.
477- محمد بن محمد بن المبارك بن إسماعيل ابن الحصري، أبو عبد الله بن أبي بكر، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه، إن شاء الله.
بغدادي الأصل واسطي المنشأ. كان يسكن قرية عبد الله: ناحية قريبة من واسط.
وكان أحد الشهود المعدلين؛ شهد أولاً بواسط عند قضاتها. ثم قدم بغداد فشهد عند قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي بن البخاري في ولايته الثانية يوم السبت تاسع شعبان سنة تسعين وخمس مئة وزكاه العدلان: أبو الحسن علي ابن المبارك بن جابر وأبو الغنائم محمد بن محمد ابن المهتدي بالله. وتولى قضاء قرية عبد الله بواسط وقضاء نهر عيسى ببغداد، وقد كان سمع ببغداد من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وما أعلم أنه روى شيئاً.(2/48)
توفي ببغداد في ليلة الجمعة سابع عشري شهر ربيع الآخر سنة أربع وتسعين وخمس مئة وصلي عليه يوم الجمعة، ودفن بمقبرة الرزادين بالمأمونية عند أبيه، رحمهم الله وإيانا.
478- محمد بن محمد بن الحسين بن عبد الباقي بن أبي الهيجاء، أبو المظفر.
كان يتولى أشغال الأمراء. وجد سماعه في شيءٍ من أبي جعفر محمد بن علي الشروطي المعروف بابن الرحبي. سمع منه بعض الطلبة، ولم يكن من أهل هذا الشأن ولا عرف به.
توفي يوم الخميس ثامن ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمس مئة.
479- محمد بن محمد بن محمد بن بنان الأنباري الأصل المصري المولد والدار، أبو طاهر بن أبي الفضل.
شيخٌ فاضلٌ، له تقدمٌ ومكانةٌ عند أهل بلده، قدم بغداد رسولاً في سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة من طغتكين بن أيوب أمير اليمن مع الحاج إلى الديوان العزيز -مجده الله- ونزل بباب الأزج على دجلة، وحدث بها بكتاب ((السيرة))(2/49)
لعبد الملك بن هشام عن أبيه أبي الفضل محمد بن محمد, وبكتاب ((الصحاح في اللغة)) تأليف أبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهري بروايته عن أبي البركات محمد بن الحسين العرقي وسمعهما منه خلق من أهل بغداد، ولم أكن بها يومئذٍ، في بعض الأسفار. وكتب عنه الناس شيئاً من شعره. ولعله أجاز لنا، والله أعلم.
أنشدني أبو الحسين محمد بن المبارك القطان، قال: أنشدني أبو طاهر محمد بن محمد بن بنان المصري لنفسه ببغداد ملغزاً:
يا ماجداً حل عقد المجد سؤدده ... قدماً وحل الذرا في المجد والشرفا
ومن غدا بالمساعي الغر منفرداً ... وزاد تالد علياه بما اطرفا
ما جوهرٌ لم يكن في الترب معدنه ... قدماً ولا هو ممن يسكن الصدفا
تخال حين تسميه ذكرت به ... بعض الشياطين لما جاز منصرفا
وبعضه بقعةٌ غناء معشبةٌ ... جاد الغمام عليها فاكتست طرفا
وإن لفظت على حال بجملته ... فموضعان بأزهارٍ قد التحفا
وقد ترى فيه ما تعطيك صبغته التأميل ... إن أنت لم تترك له طرفا
وتحذف المبتدا منه وتعكسه ... فيلتقي فيه شهرا قائظٍ شظفا
أبن معماي هذا وابق ما سجعت ... ورق الحمام وجلى نيرٌ سدفا
عاد ابن بنان إلى بلده وعاش بعد وروده بغداد سنين. وبلغنا أنه توفي بمصر في سنة ست وتسعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.(2/50)
480- محمد بن محمد بن حامد بن محمد بن عبد الله بن علي بن محمود بن هبة الله بن أله -وهو اسم فارسي معناه بالعربية العقاب- أبو عبد الله بن أبي الفرج المعروف بابن أخي العزيز الملقب بالعماد الكاتب.
من أهل أصبهان، ولد بها ونشأ، وقدم بغداد في حداثته وتفقه بها على مذهب الشافعي رضي الله عنه على الشيخ أبي منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز مدرس النظامية. وسمع بها من أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبي المكارم المبارك بن علي ابن السمذي، وأبي بكر أحمد بن علي بن الأشقر، وغيرهم.
وأقام بها مدةً، ثم خرج إلى الشام وتولى كتابة الإنشاء لصلاح الدين أبي المظفر يوسف بن أيوب ملك الشام.
وكان فاضلاً عالماً له معرفةٌ بالأدب والفقه وله شعرٌ حسن في غاية الجودة. وكان سمح القريحة جيد النظم كثير القول. له الترسل المليح والكتاية البليغة.
دون شعره وجمع رسائله وصنف كتباً عدةً منها: ((الخريدة في ذكر شعراء العصر)) و((الفتح القسي في ذكر الفتح القدسي)) وغير ذلك.
وحدث ببغداد، وسمع منه بها القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأثنى عليه، ووصفه بالفضل والعلم ومعرفة الفقه والأدب وحسن النظم. أجاز لنا رواية جميع سماعاته ومصنفاته وما قاله، من دمشق غير مرة وكتب إلينا خطه بذلك.(2/51)
أنبأنا العماد أبو عبد الله ابن أخي العزيز، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد بن الأشقر الدلال قراءةً عليه ببغداد. وقرأته على أبي الفرج محمد بن علي بن حمزة الكاتب وعلى أخيه حمزة جميعاً ببغداد قلت لهما: أخبركم أبو بكر بن الأشقر قراءةً عليه، فأقرا به، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد السكري، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد بن عبيد الوشاء، قال: حدثنا محمد بن عباد المكي، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أتى الجمعة فليغتسل)).
أنبأني القاضي عمر بن علي القرشي ومن خطه نقلت، قال: سألت أبا عبد الله ابن أخي العزيز عن مولده، فقال: يوم الاثنين ثاني جمادى الآخرة سنة تسع عشرة وخمس مئة بأصبهان.
قلت: وتوفي بدمشق يوم الاثنين مستهل شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مئة، ودفن بها.
481- محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد ابن المهتدي بالله، أبو الغنائم بن أبي الحسن بن أبي الغنائم بن أبي عبد الله العدل الخطيب. وقد تقدم ذكر نسبه.
أصله من الحريم الطاهري, وسكن الجانب الشرقي، وشهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الثانية في يوم السبت سادس عشر شوال سنة ثمان وسبعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ وهارون بن محمد ابن المهتدي. وسمع شيئاً(2/52)
من الحديث من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبي عبد الله محمد بن محمد ابن السلال الشرطي، وأبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وأبي الوقت السجزي. وحدث بشيءٍ يسيرٍ. وتولى الخطابة بجامع القصر الشريف في سنة خمس وثمانين وخمس مئة إلى حين وفاته.
بلغني أنه ولد في سنة ثمان عشرة وخمس مئة. وتوفي بكرة يوم الخميس خامس عشر محرم سنة أربع وتسعين وخمس مئة. وحضرت الصلاة عليه في هذا اليوم بالمدرسة النظامية، وحمل على الجانب الغربي فدفن بمقبرة باب حرب.
482- محمد بن محمد بن هارون بن محمد بن كوكب المقرئ، أبو عبد الله يعرف بابن الكال.
ولد ببغداد، ونشأ بالحلة المزيدية. ثم قدمها وأقام بها مدةً، وأقرأ بها القرآن الكريم بالقراءات على جماعة منهم: أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري العطار، وأبو محمد دعوان بن علي الجبائي، والحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد ابن العطار الهمذاني. وسمع منهم، ومن القاضي أبي القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، ومن أبي بكر محمد بن محمد بن عنقيش الأنباري. ورحل إلى الموصل، وقرأ بها على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي، وسمع(2/53)
منه، وعاد إلى بلده، وأقام به مدةً يقرئ الناس ويحدث، ولقيته به لما خرجت إلى الحج في سنة تسع وسبعين وخمس مئة، وسمعت منه، وكتبت عنه. ثم لقيته بواسط بعد ذلك فقرأت عليه القرآن الكريم بالقراءات العشر، وسمعت منه بها أيضاً.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن محمد بن هارون البزاز بدكانه بحلة ابن مزيد، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن محمد بن عنقيش الأنباري قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الخطاب محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسن بن أبي صابر، قال: حدثنا العباس ابن أحمد البرتي، قال: حدثنا الحسن بن داود، قال: حدثنا بكر بن صدقة، قال: حدثنا ابن عجلان، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، وحج مبرورٌ ليس له ثمنٌ إلا الجنة)).
سألت أبا عبد الله ابن الكال عن مولده، فقال: ولدت ببغداد في يوم عرفة من سنة خمس عشرة وخمس مئة.
وتوفي بالحلة المزيدية في يوم الثلاثاء حادي عشر ذي الحجة سنة سبع وتسعين وخمس مئة.(2/54)
483- محمد بن محمد بن المبارك الكرخي، أبو منصور المقرئ المؤدب.
كان يسكن بالجانب الشرقي، وله مكتبٌ يعلم فيه الصبيان الخط. وكان حافظاً للقرآن المجيد، حسن القراءة له. قرأ بشيءٍ من القراءات على أبي محمد الحسن بن علي بن عبيدة، وبواسط على شيخنا أبي بكر عبد الله بن منصور ابن الباقلاني وغيرهما. وكان ينشد الأشعار في مدح أهل البيت عليهم السلام في المشاهد وأوقات الزيارات. سمع شيئاً من الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره، ولم يعن بالرواية ولا حدث بشيءٍ.
توفي يوم الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليه السلام، رحمه الله وإيانا.
484- محمد بن محمد بن علي بن نصر بن البل الدوري, أبو عبد الله بن أبي المظفر.
وقد تقدم ذكر أبيه.
وأبو عبد الله هذا كانت له معرفةٌ حسنةٌ بالفرائض وقسمة التركات، والحساب وأنواعه، والمساحة، وما يتعلق بذلك. وشهد عند قاضي القضاة أبي الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشهرزوري في يوم الأربعاء ثامن عشري ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمس مئة وزكاه العدلان أبو الحسن علي بن المبارك ابن جابر والشريف أبو العباس أحمد بن علي ابن المهتدي بالله الخطيب. إلا أنه(2/55)
عزل بعد ذلك بيسير في سنة ست وتسعين وخمس مئة.
وكان قد سمع من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره. وأقرأ الحساب والفرائض.
توفي في حياة أبيه يوم الاثنين رابع عشري شوال سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، ودفن بداره بقراح أبي الشحم شرقي بغداد.
485- محمد بن محمد بن أحمد ابن الرياحي، أبو سعد الواعظ.
من أهل البصرة، أحد عدولها وشيوخها.
قدم بغداد غير مرة، وسمع بها من أبي الوقت السجزي. وآخر مرةٍ وردها في سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وحضر عزاء الجهة السلجقية، وجلس للوعظ بتربتها بالجانب الغربي، وعاد إلى بلده، ولقيته في هذه السنة بواسط واستجزته رواية جميع مسموعاته فأجاز لي وكتب خطه بذلك.
أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد بن أحمد البصري إذناً، قال: قرئ على أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي ونحن نسمع ببغداد في رباط الشيخ أبي النجيب السهروردي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، قيل له: أخبركم أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، قال: حدثنا محمد بن منهال، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا عمر بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال(2/56)
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)).
486- محمد بن محمد بن ياسين بن عبد الملك، أبو البركات بن أبي نصر التاجر.
قرأ القرآن وحفظه. وقرأ بشيءٍ من القراءات على أبي الحسن علي بن أحمد اليزدي وغيره. وسمع من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري، وأبي الوقت السجزي. وترك الاشتغال وأقبل على التجارة ففاته العلم، ولم يحصل على شيءٍ منها. سمعنا منه أحاديث.
قرأت على أبي البركات محمد بن محمد بن ياسين: أخبركم القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن محمد ابن المأمون، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قال: حدثنا إبراهيم بن عثمان أبو شيبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ على الجنائز بفاتحة الكتاب.(2/57)
سألت أبا البركات بن ياسين عن مولده، فقال: ولدت في سنة أربع وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي ليلة الخميس ثالث شوال سنة ست مئة، ودفن يوم الخميس بمقبرة الوردية.
487- محمد بن محمد بن أحمد بن بختيار بن علي ابن المندائي، أبو حامد ابن شيخنا القاضي أبي الفتح.
من أهل واسط. قدم بغداد وأقام بها للتفقه مدةً عند جمال الدين أبي القاسم بن فضلان، وحصل جملةً حسنةً من مذهب الشافعي رضي الله عنه. وسمع بها من أبي الفضل منوجهر بن محمد بن تركانشاه، وقرأ عليه ((مقامات)) أبي محمد ابن الحريري، عنه، ومن أبي الفتح بن شاتيل، وأبي السعادات بن زريق، وشيخ الشيوخ أبي القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل الصوفي، وغيرهم. وعاد إلى بلده. وكان يفتي، ويشتغل بالعلم إلى أن توفي بها.
سمعت منه مناماً رآه، قال: بت ليلة مع أبي حامد محمد بن محمد ابن المندائي ببغداد في حجرة بدرب السيدة بالمأمونية، فانتبه في السحر، فقال لي: قد رأيت في النوم في هذه الليلة كأني أقول شعراً وما حفظت منه إلا هذا البيت، وأنشدني:(2/58)
والسحر في الشرع محظورٌ إباحته ... عندي وسحر المعاني غير محظور
سمعته يقول: مولدي في سنة سبع وخمسين وخمس مئة. وقال مرة: إنه في شهر ربيع الأول.
وتوفي بواسط في ليلة الأحد ثامن عشر شوال سنة اثنتين وست مئة، وصلى عليه والده يوم الأحد بجامع واسط، ودفن بدارهم بدرب الديوان، رحمه الله وإيانا.
488- محمد بن محمد بن أبي غالب بن أحمد الباقداري، أبو عبد الله ابن الحافظ أبي بكر.
كان والده من الحفاظ المشار إليهم في معرفة هذا الشأن -وسيأتي ذكره إن شاء الله- وعني بإفادة ولده أبي عبد الله هذا، وأحضره مجالس السماع، وأكثر من تحصيل المسموعات له وإثباتها؛ حتى سمعت بعض أصحاب الحديث يقول: بلغت أثبات مسموعات محمد ابن الباقداري أربعاً وعشرين جزءاً. وكان سماعه من أبي بكر ابن المقرب، وأبي الفتح ابن البطي، وأبي بكر ابن النقور، وأبي محمد ابن الخشاب، ويحيى بن ثابت البقال، وأبي زرعة المقدسي، وخلقٌ كثير.
ومات والده وهو صبي فترك الطلب وأقبل على المعيشة، وكان خياطاً يسكن القرية بدار الخلافة المعظمة فلم يرزق الرواية ولا بلغ أوان الحاجة إليه مع قلة علمٍ كان فيه.
وتوفي في جمادى الأولى سنة أربع وست مئة.(2/59)
489- محمد بن محمد بن أحمد ابن اليعسوب، أبو طالب بن أبي الغنائم.
من أهل الحريم الطاهري.
شيخٌ مقل؛ روى اليسير عن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبي علي الحسن بن جعفر المتوكلي. سمع منه نفرٌ قليلٌ.
وتوفي يوم الأربعاء غرة جمادى الأولى سنة خمس وست مئة، رحمه الله وإيانا.
490- محمد بن محمد ابن الباباي، أبو الحسين.
من أهل البصرة، أحد تنائها، تولى النظر في الأعمال السلطانية بها.
وقدم بغداد مراراً كثيرة. وفي يوم الخميس النصف من شهر رمضان سنة أربع وست مئة ولي ديوان الزمام المعمور؛ ولاه ذلك نائب الوزارة يومئذٍ فخر الدين أبو البدر ابن أمسينا، وخلع عليه، وأسكن الدار المقابلة لباب الحريم المعروفة بقطب الدين قيماز المستنجدي، وذلك مضافٌ إلى ما كان في نظره من أعمال البصرة. ولم يزل على ذلك إلى أن توجه إليها من بغداد في صفر سنة ست وست مئة، فعزل عما كان يتولاه أجمع في شهر ربيع الآخر من السنة.
491- محمد بن محمد بن الحسين، أبو عبد الله المورق يعرف بابن الخراساني.
من أهل باب المراتب.
رجلٌ خيرٌ، سمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو منصور عبد الله بن محمد ابن حمدية، وأبو المكارم الأعز بن علي ابن الظهيري، وأبو القاسم هبة الله بن الحسن ابن السبط، وغيرهم. وكتب الكثير لنفسه ولغيره، وكان حسن الخط،(2/60)
حميد الطريقة، لم يحدث بشيءٍ.
توفي يوم الأربعاء خامس رجب سنة ست وست مئة، ودفن بباب حرب.
492- محمد بن محمد بن علي بن المبارك بن علي بن أحمد بن محمد بن جعفر ابن المأمون عبد الله ابن الرشيد هارون ابن المهدي محمد ابن المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أبو الرضا ابن أبي تمام بن أبي الحسن الهاشمي يعرف بابن لزو.
وسألته عن لزو ما هو؟ فقال: لقبٌ لجدي أبي الحسن علي.
من أهل الحريم. سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى الصوفي وغيرهما. كتبنا عنه.
قرأت على أبي الرضا محمد بن أبي تمام الهاشمي، قلت له: حدثكم أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ إملاءً بجامع المنصور، فأقر به، قال: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قال: حدثنا خلف بن هشام، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الأغر أبي مسلم، قال: أشهد على أبي سعيد وأبي هريرة أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما جلس قومٌ يذكرون الله -عز وجل- إلا حفت بهم الملائكة، ونزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله -عز وجل- فيمن عنده)).(2/61)
سألت أبا الرضا هذا عن مولده، فقال: في سنة ثماني عشرة، أو سنة تسع عشرة، وخمس مئة.
وتوفي يوم الأربعاء ثاني عشر شعبان سنة ثمان وست مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
493- محمد بن محمد ابن الناعم، أبو جعفر.
من أهل باب البصرة.
كان أحد الباعة وذوي اليسار؛ فتقدم واستخدم بالخزانة المعمورة والعقار، ثم ولي حجابة باب النوبي المحروس يوم الجمعة سادس عشر شهر رمضان سنة ست وتسعين وخمس مئة مضافاً إلى ما كان إليه. وعزل عن الجميع في يوم الخميس خامس عشر ذي القعدة سنة ست مئة.
وقد كان سمع شيئاً من الحديث من أبي محمد محمد بن أحمد ابن المادح. وما روى شيئاً فيما أعلم.
توفي في ذي الحجة سنة ثمان وست مئة، رحمه الله وإيانا.
494- محمد بن محمد بن علي بن عبد العزيز ابن السمذي، أبو عبد الله بن أبي بكر، ابن أخت عمر بن طبرزذ.(2/62)
كان يسكن بدار القز عند خاله المذكور، وكان ختنه على ابنته. وسمع معه، وبإفادته من أبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وأبي علي أحمد ابن أحمد ابن الخراز، وغيرهما. كتبت عنه حديثاً واحداً.
قرأت على أبي عبد الله محمد ابن السمذي بحضور خاله عمر بن طبرزذ، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن أبي غالب الوراق الشيخ الصالح قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قرة، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كل أمرٍ ذي بالٍ لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع)).
سألت محمد بن محمد ابن السمذي عن مولده، فقال لي: قرأت بخط حالي الأكبر أبي البقاء بن طبرزذ: ولد ابن أختي محمد بن محمد في رجب سنة أربعين وخمس مئة.(2/63)
وتوفي يوم الجمعة ثالث عشر محرم سنة تسع وست مئة، ودفن في آخر نهار هذا اليوم، بمقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.
495- محمد بن محمد بن عبد الكريم ابن الأكاف، أبو عبد الله.
من أهل الموصل.
أحد طلبة الحديث، ومن عني بجمعه وكتابته؛ فسمع ببلده من الخطيب أبي الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطوسي، وغيره. ورحل إلى الشام وسمع في طريقه وبدمشق من جماعةٍ.
وقدم بغداد في سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة وكتب بها عن جماعة منهم: أبو السعادات نصر الله بن زريق، وأبو القاسم يعيش بن صدقة الفراتي الفقيه، وأبو القاسم يحيى بن علي بن فضلان، وأبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، وغيرهم.
وعاد إلى بلده، وحدث به بشيءٍ من مسموعاته وتخريجاته عن شيوخه. ثم انقطع إلى العبادة، وأقام بالجامع العتيق بالموصل مداوماً للصوم والصلاة والذكر على طريقةٍ حسنةٍ. وله به زاويةٌ يأوي إليها، ففقد أياماً فطلب في زاويته فوجد بها ميتاً، فغسل وصلي عليه، ودفن ظاهر البلد، وذلك في سنة تسع وست مئة، رحمه الله وإيانا.(2/64)
496- محمد بن محمد بن سرايا بن علي بن نصر بن أحمد بن علي، أبو عبد الله البلدي.
وبلد المنسوب إليه ناحيةٌ من أعمال الموصل. سكن الموصل، وكان أحد العدول بها.
قدم بغداد في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، وسمع بها من أبي الوقت السجزي لما قرئ عليه بالمدرسة النظامية. وعاد إلى الموصل، وحدث هناك عنه، وكتب إلينا بالأجازة غير مرةٍ.
سئل ابن سرايا عن مولده، فقال: في سنة تسع وعشرين وخمس مئة.
وتوفي بالموصل في ليلة الخميس حادي عشر جمادي الآخرة من سنة إحدى عشرة وست مئة، ودفن يوم الخميس.
497- محمد بن محمد بن عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد، أبو بكر بن أبي حامد بن أبي مسعود المعروف بابن كوتاه -وهو لقبٌ لجده عبد الجليل.
من أهل أصبهان؛ من أبناء الشيوخ والمحدثين المعروفين بها.
سمع أبو بكر بأصبهان أبا عبد الله الحسن بن العباس الرستمي الفقيه، وأبا القاسم إسماعيل بن علي الحمامي، وجده أبا مسعود، والرئيس مسعود بن الحسن الثقفي، وغيرهم. وقدم بغداد حاجاً مرتين، وحدث بها. سمعنا منه في المرة الأخيرة، وذلك في سنة ست وست مئة. وحج وعاد، وكتبنا عنه أيضاً.
قرأت على أبي بكر محمد بن أبي حامد الأصبهاني ببغداد بعد عوده من الحج، قلت له: أخبركم أبو عبد الله الحسن بن العباس بن علي الرستمي قراءةً عليه وأنت تسمع بأصبهان، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن(2/65)
عمر بن سيسوية، قال: أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: حدثنا الربيع ابن سليمان المرادي، قال: أخبرنا محمد بن إدريس الشافعي، قال: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الشهر تسعٌ وعشرون لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين)). أخرجه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك.
سألت أبا بكر بن كوتاه عن مولده، فقال: ولدت في سنة أربع وأربعين وخمس مئة بأصبهان.
وتوفي ببلد يقال له نايين من نواحي أصبهان في العشر الأوسط من رمضان سنة إحدى عشرة وست مئة، ودفن هناك.
498- محمد بن محمد بن عدنان بن عبد الله بن عمر بن المسلم ابن محمد بن محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين بن أبي جعفر بن أبي نزار ابن أبي الفضائل بن أبي علي المعروف بابن المختار -وهو لقبٌ لأبي علي عمر جد جده.(2/66)
من أهل الكوفة؛ من بيتٍ معروفين بالنقابة والإمارة والتقدم.
وأبو الحسين هذا قدم بغداد، وأقام بها، وصاهر شرف الدين أبا القاسم علي بن طراد الزينبي على ابنته. وكان مقيماً بداره على شاطئ دجلة قريباً من باب المراتب. سمع ببغداد من الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب شيئاً من ((الموفقيات)) جمع الزبير بن بكار. وتولى نقابة النقباء الطالبيين، وخلع عليه، وقرئ عهده، ولقب بالنقيب الطاهر، في يوم الأحد سابع عشر ربيع الأول من سنة ثلاث وست مئة؛ ولاه ذلك الوزير أبو الحسن ناصر بن مهدي بداره، وخرج بالسواد والطيلسان والحنك، ومعه العلويون وجمعٌ كثيرٌ، وبين يديه العهد إلى داره بباب الأزج.
وأصابه صممٌ في آخر عمره. سمعنا من لفظه أحاديث كتبناها عنه.
حدثنا النقيب أبو الحسين محمد بن محمد بن عدنان العلوي من لفظه، ونحن نسمع، قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد النحوي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرتنا فاطمة بنت أبي حكيم عبد الله بن إبراهيم الخبري، قالت: أخبرنا أبو منصور علي بن الحسن الكاتب، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن خالد الكاتب، قال: أخبرنا أبو محمد علي بن عبد الله بن العباس الجوهري، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن سعيد الدمشقي، قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي، قال: حدثني نوفل بن مسعود أنه سمع أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاثٌ من لقي الله وهن فيه حرم على النار وحرمت النار عليه. إيمانٌ بالله ورسوله، والثانية: حب الله -عز وجل- والثالثة: لئن توقد نارٌ فيلقى فيها أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر)).(2/67)
حدثني النقيب أبو القاسم علي بن محمد ابن المختار أخو النقيب أبي الحسين هذا أن مولد أخيه النقيب أبي الحسين في سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة بالكوفة.
عزل النقيب أبو الحسين ابن المختار عن نقابة الطالبيين في شعبان سنة سبع وست مئة. وتوفي بالكوفة يوم الخميس ثالث عشري شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن بها، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
499- محمد بن محمد بن أبي القاسم المؤدب، أبو عبد الله الملنجي.
من أهل أصبهان، وملنج المنسوب إليها أحد محالها.
سمع بأصبهان أبا الفضائل بن أبي الرجاء الصيرفي، وأبا القاسم إسماعيل بن علي الحمامي، وأبا طاهر المعروف بهاجر، وغيرهم.
قدم بغداد حاجاً، وحدث بها في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة. سمع منه محمد بن المبارك بن مشق، وأبو نصر عبد الرحيم بن أبي جعفر السلمي، وغيرهما. وعاد إلى بلده، وكتب إلينا من هناك بالإجازة.(2/68)
وتوفي بأصبهان في جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وست مئة.
500- محمد بن محمد بن محمد بن عمروك بن أبي سعيد بن عبد الله بن الحسن بن القاسم بن علقمة بن النضر بن معاذ بن عبد الرحمن ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته، أبو الفتوح بن أبي سعد البكري الصوفي.
ولد بنيسابور، ونشأ بها، وخرج منها في شبيبته، وصحب الصوفية حضراً وسفراً. وقدم بغداد مراراً. وسمع بنيسابور من أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري، وببغداد أبا عبد الله الحسين بن نصر بن خميس الموصلي في سنة إحدى وأربعين وخمس مئة. وأقام بمكة سنين مجاوراً بأهله وولده. وانتقل على مصر فسكنها مدةً. واستوطن دمشق في آخر عمره، وأقام بها في رباط عمله صلاح الدين يوسف بن أيوب ملك الشام، وحدث بها عن أبي الأسعد القشيري وأبي عبد الله بن خميس وغيرهما.
ورأيته ببغداد، وقد صدر من الحج في سنة اثنتين وست مئة، وما قدر لي منه السماع، وحدث في هذه المرة بها عن أبي الأسعد المذكور، وتوجه قاصداً إلى دمشق. وقد أجاز لنا غير مرة.
حدثني الحسن بن محمد بن محمد البكري أن مولد جده بنيسابور في سنة ثماني عشرة وخمس مئة. وتوفي بدمشق في ربيع الأول سنة خمس عشرة وست مئة.(2/69)
501- محمد بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله، أبو الفتح ابن أبي بكر.
من أهل أوانا -أحد نواحي دجيل- كان أبوه قاضيها. سكن أبو الفتح بغداد، وتولى النظر في ديوان التركات. وكان حفظة للأشعار. لقيته بها، وسمعت منه قطعاً من الشعر على سبيل المذاكرة، علقت عنه بعضها.
أنشدني أبو الفتح محمد بن محمد الأواني ببغداد مذاكرة من حفظه لمهيار:
آهاً لوحشة ما بيني وبينكم ... إذا خلت عن جلاد الجيرة القلب
وحالت القور والأجراع دونكم ... شخوص عيني وعانقت بيننا الكثب
من اشتكى الشوق أو هزت وسادته ... مدامعٌ تتسحى أو أضلع تجب
فما أسفت لشيءٍ فائتٍ أسفي ... من أن أعيش وجيران النقا غيب
وأنشدني أيضاً في حال المذاكرة له أيضاً:
يا ممطلي بالوعد ما ساءني ... كثرة ترداد المواعيد بي
إن كنت تقضي ثم لا نلتقي ... فدم على المطل وعد واكذب
سألت أبا الفتح هذا عن مولده، فقال: ولدت في سنة أربع وثلاثين وخمس مئة بأوانا.
502- محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن علي ابن الصباغ، أبو غالب بن أبي جعفر بن أبي المظفر بن أبي غالب.
وقد تقدم ذكر أبيه.(2/70)
من بيت العدالة والقضاء والرواية؛ قد شهد منهم غير واحدٍ عند الحكام، وحدث منهم جماعةٌ. وأبو غالب هذا شهد هو، وأبوه، وجده، وجد أبيه. قبل شهادته قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الثانية يوم السبت رابع عشر من شهر رمضان سنة إحدى وسبعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي الخطيب وأبو منصور محمد بن أحمد بن عبد الباقي ابن النرسي، إلا أنه عزل مع قاضي القضاة أبي الحسن محمد ابن جعفر العباسي في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
وقد سمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، سمعنا منه.
قرأت على أبي غالب محمد بن أبي جعفر ابن الصباغ، قلت له: أخبركم أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الفقيه قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الوهاب بن عيسى ابن أبي حية، قال: حدثنا إسحاق بن أبي حية، قال: حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، قال: حدثنا محمد بن جابر، عن يعقوب، عن عطاء، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يقاد والدٌ بولده)).(2/71)
سئل أبو غالب ابن الصباغ عن مولده فلم يحققه وقال فيه أقوالاً مختلفة في مرات. والأظهر أنه قبل سنة أربعين وخمس مئة، والله أعلم.
وتوفي ليلة السبت خامس شعبان سنة خمس عشرة وست مئة، ودفن بباب حرب.
503- محمد بن محمد بن مذكور، أبو بكر الوكيل.
من أهل باب المراتب.
كان يثبت الكتب عند القضاة. سمع شيئاً من الحديث في شبابه من جماعةٍ منهم: أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله الدباس، وأبو السعادات بن أبي منصور القزاز ومن بعدهما.
سألته عن مولده، فقال: في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة. وتوفي في شوال سنة عشرين وست مئة.
504- محمد بن محمد بن محمد السمرقندي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفتوح الحنفي.
كان والده أحد فقهاء الحنفية، قدم بغداد من سمرقند وأقام بها، وولد ابنه أبو الفتوح بها، وتفقه على مذهب أبي حنيفة. وسمع من أبي الفتح محمد بن(2/72)
عبد الباقي بن سلمان، وغيره. سمعنا منه.
قرأت على أبي الفتوح محمد بن محمد السمرقندي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون إذناً، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن نصر ابن محمد بن إشكاب البخاري، قال: حدثنا الحسن بن محمد بن موسى القمي، قال: حدثنا عبد الرحيم بن حبيب، قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله القمي، قال: حدثنا سفيان، عن ليث، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أدى حديثاً إلى أمتي لتقام به سنةٌ أو تثلم به بدعةٌ فله الجنة)).
سألت أبا الفتوح هذا عن مولده، فقال: في سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الجمعة ثاني عشر ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وست مئة ودفن فيه، رحمه الله وإيانا.
505- محمد بن محمد بن أبي حرب بن عبد الصمد ابن النرسي، أبو الحسن الكاتب.
سمع أبا محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبا طالب المبارك بن علي بن خضير وغيرهم، وحدث(2/73)
عنهم. كتبنا عنه.
قرأت على أبي الحسن محمد بن محمد بن أبي حرب، قلت له: أخبركم أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق، قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا أحمد بن عبد المؤمن المروزي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق المروزي، قال: حدثنا أبو حمزة، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: سمع الله لمن حمده، قال: ربنا ولك الحمد.
سألت أبا الحسن ابن النرسي عن مولده، فقال: في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
506- محمد بن محمد بن محمد بن الحسين الشهرستاني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو البركات بن أبي جعفر النحوي.
قرأ على أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب وجالسه، ومن بعده(2/74)
على أبي الحسن علي بن المبارك بن بانوية المعروف بابن الزاهدة النحوي ولازمه حتى حصل معرفة هذا العلم وتميز فيه. وذكر أنه سمع الحديث من جماعةٍ لوم يكن عنده شيءٌ من مسموعاته. كتبنا عنه أناشيد له ولغيره.
أنشدنا أبو البركات محمد بن محمد النحوي لنفسه:
خليلي عوجا عرضا لي بذكر من ... بها ينقضي عمري وأدفن في رمسي
ونوحا بشجوٍ واندبا لي فرقتي ... ليالٍ تقضين فهل راجعٌ أمس؟
غداةً افترقنا غاب عقلي فما أرى ... لي اليوم من عقلٍ صحيحٍ ولا حس
ألا إن نور الشمس من نور وجهها ... فما لي أراها تستظل من الشمس!؟
وأنشدنا أيضاً لنفسه:
لما جفا من كنت آمل وصله ... ظلماً، وجد فديته من ظالم
أخفيت زرقة ملبسي من حاسدي ... ولبستها من خشيةٍ في الخاتم
سألت أبا البركات هذا عن مولده فذكر ما يدل أنه في شهر رمضان سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الأحد سابع عشري ربيع الآخر سنة ثماني عشرة وست مئة، ودفن بالوردية.
507- محمد بن محمد بن محمد بن علي بن واقا، أبو نصر بن أبي الفتح، سبط أبي منصور ابن الجواليقي.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبا المناقب حيدرة بن عمر العلوي الكوفي، وغيرهما. وحدث عنهم، سمعنا منه.
قرأت على أبي نصر محمد بن محمد بن واقا، قلت له: أخبركم أبو الفتح(2/75)
محمد بن عبد الباقي بن أحمد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي بن إبراهيم البانياسي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا الفضيل بن موسى، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا؛ ألا أخبركم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم)).
توفي أبو نصر بن واقا ليلة الأربعاء سلخ شوال سنة ست عشرة وست مئة، ودفن يوم الأربعاء بالجانب الغربي بمقبرة باب حرب، وقد نيف على الستين سنة، والله أعلم، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
508- محمد بن محمد بن الحسن السباك، أبو الفضل سبط ابن الغيم.
أحد الوكلاء بباب القضاة. من أهل نهر القلائين، سكن الجانب الشرقي،(2/76)
وكان ربيب أبي جعفر أزهر بن عبد الوهاب السباك، وسمع بإفادته من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وغيره. سمعنا منه شيئاً يسيراً.
قرأت على أبي الفضل محمد بن محمد الوكيل، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قراءة عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفضل حمد بن الحسن بن أحمد الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد ابن عبد الله بن أحمد الحافظ بأصبهان، قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، قال: حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي، قال: حدثنا مسعر، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لكل نبي دعوةٌ يدعو بها في أمته، وإني جعلت دعوتي شفاعةً لأمتي)).
سألت أبا الفضل الوكيل عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
509- محمد بن محمد بن محمد بن عبد الملك بن حمد بن أبي نصر، أبو عبد الله يعرف بالنقيب.
من أهل أصبهان.
قدم بغداد حاجاً، وحدث بها بأحاديث عن شيوخ أجازوا له خرجها له أبو الرشيد محمد بن أبي بكر ابن الغزال الأصبهاني، منهم: أبو الخير محمد بن أحمد الباغبان، وأبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي، وأبو الرشيد محمد ابن عمر العدل، وأبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي، وغيرهم. سمع منه(2/77)
أصحابنا، وما لقيته.
وسئل عن مولده، فقال: في ذي الحجة من سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
510- محمد بن محمد بن جعفر، أبو السعود القاضي.
من أهل البصرة.
قدم بغداد مراراً كثيرةً، وأقام بها للتفقه عند شيخنا جمال الدين أبي القاسم يحيى بن علي بن فضلان، وحصل طرفاً حسناً من معرفة مذهب الشافعي رضي الله عنه، وتكلم في المسائل الخلافية، وغيره، وبواسط من أبي جعفر هبة الله ابن يحيى ابن البوقي، وببغداد من الكاتبة شهدة بنت أحمد الإبري وجماعة. وعاد إلى البصرة ودرس بها الفقه، وحدث بها. وكان خليفة القضاة بها مدة، ثم ترك ذلك وتوفر على العلم ونشره.
وكان ورعاً صالحاً، محمود السيرة، موصوفاً بالخير، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
511- محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد، أبو جعفر بن أبي بكر المقرئ المعروف بابن الغزال.
من أهل أصبهان، أخو أبي الرشيد محمد الذي يأتي ذكره إن شاء الله وأبو جعفر الأسن.
كان حافظاً للقرآن المجيد، حسن القراءة له. سمع بأصبهان أبا الفتح(2/78)
عبد الله بن أحمد الخرقي، وأبا الرشيد إسماعيل بن غانم بن خالد التاجر.
قدم بغداد حاجاً في سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، فحج وعاد، وحدث بها عن المذكورين في صفر سنة تسع وتسعين وخمس مئة، فسمع منه أصحابنا، وعاد إلى بلده. وقد أجاز لنا. والله الموفق.
512- محمد بن محمد بن عبد الله، ابن الغزال، أبو الرشيد، أخو أبي جعفر المقدم ذكره.
أحد من عني بطلب الحديث، وسمعه، وكتب منه الكثير، وجمعه، ورحل فيه إلى البلاد وتتبعه. سمع ببلده من أبي الفتح الخرقي، وأبي الرشيد بن غانم التاجر، وخلقٍ كثيرٍ من أصحاب أبي علي الحداد، وأمثاله.
وقدم بغداد في سنة ست وتسعين وخمس مئة بعد وفاة أبي الفرج بن كليب، وأقام بها مديدةً، وسمع بها من جماعةٍ منهم: أبو طاهر المبارك بن المبارك ابن المعطوش، وأبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، وأبو طاهر لاحق بن أبي الفضل بن قندرة. وجماعةٌ من أصحاب: أبي القاسم بن الحصين، وأبي المواهب بن ملوك، وأبي غالب ابن البناء، وأبي القاسم الشروطي، وهبة الله الحريري، وقاضي المارستان، وغيرهم. وحدث بها مع أخيه أبي جعفر المقدم ذكره عن الخرقي، وإسماعيل بن غانم. وسافر عنها، وخرج إلى خراسان وما وراء النهر، وعاد إلى خوارزم. وكتب عن خلقٍ من أهل هذه البلاد، وروى في أسفاره، وسمع منه الناس، وكتبوا عنه، وأقبلوا عليه. وكتب لنا إجازةً من خراسان. وذكر أن مولده في صفر سنة تسع وستين وخمس(2/79)
مئة، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
513- محمد بن محمد بن منصور، أبو عبد الله الواعظ.
من أهل أصبهان أيضاً.
قدم بغداد في هذه السنة أيضاً، وحدث بشيءٍ عن أبي العباس أحمد بن أبي منصور الصوفي المعروف بالترك. سمع منه بعض الطلبة.
ذكر أن مولده بأصبهان في رجب سنة تسع وخمسين وخمس مئة.
514- محمد بن محمد بن عبد الكريم بن برز القمي، أبو الحسن الملقب مؤيد الدين.
كاتب ديوان الإنشاء المعمور. أحد الأعيان الأماجد، ومن شمله إنعام المواقف المقدسة الطاهرة الإمامية الناصرية -ضاعف الله جلالها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها- باختصاصه وتقديمه، فرد إليه ديوان الإنشاء والرسائل بعد وفاة قوام الدين أبي طالب يحيى بن سعيد بن زبادة، فكان على ذلك مدةً إلى أن عزل نائب الوزارة أبو البدر بن أمسينا فعول في النظر في الأمور الديوانية جميعها عليه، وجعل مصدر ولاتها جميعهم إليه، وانتقل إلى الدار التي سكنها الوزراء والنواب قبله وذلك في شهر ربيع الآخر سنة ست وست مئة، ودخل الناس عليه، وحضر عنده حجاب الديوان العزيز -مجده الله- بنيابة ديوان المجلس، وأمر ونهى وعزل وولى على عادة من تولى ذلك قبله.
وفي شهر ربيع الأول سنة سبع وست مئة خرج وفي صحبته جمعٌ كثيرٌ من المعسكر المنصور نحو خوزستان لما خالف مقطعها من الديوان العزيز سنجر(2/80)
أحد مماليك الخدمة الشريفة الإمامية الناصرية -أعز الله أنصارها وضاعف اقتدارها- فلما وافاها أحس المخالف من نفسه بالضعف والفشل، فخرج عنها بمن تبعه على غيه وفساد رأيه وبما قدر عليه من ماله وأثاثه، قاصداً شيراز ملتجئاً إلى من بها، فدخل المعسكر المنصور تستر، وهي قصبة هذه الولاية وبها دار مملكتها، مظفرين من غير إحواجٍ إلى مجالدةٍ. ثم أتبع المخالف، وقد لحق شيراز، فروسل من بها في تسليمه فسلمه، وعاد مؤيد الدين والمعسكر المنصور به مظفرين. وكان وصوله إلى مدينة السلام في رابع عشري محرم سنة ثمان وست مئة.
وفي المحرم سنة ثلاث عشرة وست مئة خرج في خدمة الأميرين السيدين: الموفق أبي عبد الله الحسين والمؤيد أبي محمد هاشم ابني الأمير السيد السعيد المعظم أبي الحسن علي ابن أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- إلى تستر في جمع كثير من الأمراء والأتباع، وأقام معهما بها على أن خطب لهما بولاية تلك البلاد. وعاد في خدمة المؤيد منهما إلى بغداد في رابع عشري ربيع الآخر من السنة المذكورة، وخرج إلى تلقيهما كافة الولاة والأعيان من الناس.
ولم يزل ينصب نفسه ويبذل جهده في خدمة المواقف المقدسة الطاهرة الإمامية الناصرية -أعز الله أولياءها وقهر أعدائها- في جميع الموارد والمصادر ويدين بنصحها وموالاتها، والآراء الشريفة ملاحظة له، وأمارات القبول ظاهرة عليه، والله سبحانه يزيدها شرفاً وقدساً ونوراً واستبصاراً ويؤيدها بحسن التوفيق في جميع الأمور إنه سميعٌ قريب.(2/81)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محمود
515- محمد بن محمود بن أبي عمر بن أبي جعفر، أبو سعيد الديواني.
من أهل سجستان.
واعظٌ شافعي المذهب. قدم بغداد حاجاً في سنة اثنتين وستين وخمس مئة فحج وعاد إليها في سنة ثلاث وستين، وحدث بها عن جده لأمه أبي نصر هبة الله بن عبد الجبار السجزي، وأبي سهل عبد الملك بن سهلوية الحصري. سمع منه بها جماعة منهم: القاضي أبو الحسن علي بن محمد القرشي قاضي دمشق، وغيره.
ذكر ذلك يوسف البغدادي، ومن خطه نقلته.
516- محمد بن محمود بن عبد الله، أبو عبد الله.
من أهل أصبهان، يعرف بجبوية، ختن الحافظ أبي موسى المديني.
قدم بغداد في سنة أربع وستين وخمس مئة، وحدث بها عن أبي القاسم إسماعيل بن علي الحمامي النيسابوري وغيره.
ذكر عبيد الله ابن المارستاني أنه سمع منه.
قلت: وتوفي يوم الاثنين سادس جمادى الآخرة سنة تسع وسبعين وخمس مئة.
517- محمد بن محمود بن خمرتاش، أبو عبد الله التاجر الأصبهاني.(2/82)
قدم بغداد في سنة سبع وستين وخمس مئة وقرئ عليه.
حكى ابن أبي القاسم الغراد في حلقته بجامع القصر شيئاً عن أبي القاسم الحمامي أيضاً فيما ذكر، أعني محمد بن محمود.
518- محمد بن محمود بن محمد بن محمد الشيرازي الأصل البغدادي المولد والمنشأ، أبو طالب يعرف بابن العلوية.
سمع أبا غالب محمد بن الحسن البقال وغيره. حدث ببغداد في سنة ست وستين وخمس مئة، فسمع منه جماعةٌ، منهم: أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، وسعد بن عثمان المصري الزاهد، وأبو المعالي بن هبة، وعبد القادر الرهاوي، وعبد العزيز ابن الأخضر. وحدثنا عنه جماعة.
قرأت على أبي الفتح محمد بن عيسى الرزاز وغيره: أخبركم أبو طالب محمد بن محمود بن محمد قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، قال: قرأت على أبي بكر الإسماعيلي: أخبركم يوسف القاضي، قال: حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: أخبرنا شعبة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاثٌ من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، وأن يحب العبد لا يحبه إلا لله عز وجل)).
بلغني أن أبا طالب ابن العلوية تولى قضاء النيل من البلاد المزيدية، فخرج إليها وأقام بها مدةً يحكم بين أهلها، ثم عزل عنها فصار إلى واسط فأقام بها إلى(2/83)
أن توفي بها في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
ومولده في ذي القعدة سنة تسعين وأربع مئة.
519- محمد بن محمود بن محمد السناباذي، أبو الفتح الطوسي، الواعظ.
قدم بغداد وسكنها مدةً، وصاهر بها قاضي القضاة أبا البركات جعفر بن عبد الواحد الثقفي على ابنته التي كانت زوجة يوسف الدمشقي مدرس النظامية، وكان يعظ بها، وله قبول. وجرى بينه وبين الوعاظ بها مقالات مستندها التحاسد والتعصبات، وأجاز لنا بها في سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
ثم خرج منها بعد ذلك إلى الشام، وصار إلى مصر واستوطنها إلى حين وفاته، وحظي بها عند ملكها العزيز عثمان ابن صلاح الدين يوسف بن أيوب، وكان له عنده قبولٌ ومنزلةٌ، وما أتحقق أيهما السابق وفاةً، والله أعلم.(2/84)
520- محمد بن محمود بن إسحاق بن المعز بن الحسين ابن الحراني، أبو الفتح سبط القاضي أبي عبد الله محمد بن عبد الله ابن الحراني الشاهد.
وأبو الفتح هذا كان مقبول الشهادة عند الحكام مدةً، وعزل. شهد عند قاضي القضاة أبي البركات جعفر ابن قاضي القضاة أبي جعفر عبد الواحد بن أحمد ابن الثقفي يوم الأحد خامس عشر ذي الحجة سنة اثنتين وستين وخمس مئة، وزكاه العدلان: أبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي، وأبو سعد محمد بن سعيد ابن الرزاز إلا أنه لم يكن مرضي الطريقة ولا محمود السيرة؛ عزل عن الشهادة في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة وأشهر على جملٍ ووراءه من ينادي عليه: ((هذا جزاء من يزور الباطل)) وذلك أنه أقر على نفسه أنه زور كتاباً باسم الحسن الأستراباذي التاجر على فاطمة بنت محمد بن حديدة بمبلغ من العين وأثبته عند قاضي القضاة العباسي بشهادة شاهدين أنكرا هذه الشهادة، فعزل العباسي بسبب ذلك. وقد ذكرنا هذه القصة مستوفاة في ترجمة محمد بن جعفر العباسي فيما تقدم من هذا الكتاب.
سمع محمد بن محمود ابن الحراني هذا الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، وأبو المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وجده لأمه أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن الحراني، وجماعة بعدهم من أهل بغداد، ومن الغرباء. وجمع لنفسه ((مشيخةً)) خرج فيها عن جماعةٍ كثيرةٍ إلا أنه لم يرو إلا شيئاً يسيراً؛ سمع منه أولاده، وتجنبه الناس لما ظهر من كذبه.
وتوفي على حال فقرٍ ومسكنةٍ يوم الجمعة سادس ذي الحجة من سنة أربع وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.(2/85)
521- محمد بن محمود بن أحمد بن علي ابن المحمودي، أبو عبد الله الصوفي يعرف بابن الصابوني.
من أهل بغداد. ولد بها، ونشأ، وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وغيره. وكان صوفياً. خرج مع أبيه إلى الشام ومصر، وحدث بمصر، وبدمشق، وتوفي بها في شعبان سنة ثمان وتسعين وخمس مئة فيما بلغنا.
522- محمد بن محمود بن عبد الله، أبو عبد الله.
من أهل خوي، أحد بلاد أذربيجان.
قدم في صباه بغداد للتفقه، وأقام بالمدرسة النظامية بها، والمدرس بها يومئذٍ يوسف بن بندار الدمشقي. واشتغل ولازم حتى حصل له طرفٌ حسنٌ من معرفة مذهب الشافعي رضي الله عنه وتكلم في مسائل الخلاف. وسمع بها الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره. وتولى قضاء البصرة بعد سنة ستين وخمس مئة، وصار إليها وأقام بها مدةً يحكم بين أهلها. وعزل عنها فقدم بغداد، وأقام بالمدرسة النظامية، ورأيته بها، ثم عاد إليها قاضياً وأقام بها إلى حين وفاته. وقد حدث بها فيما بلغنا، والله أعلم.(2/86)
توفي محمد بن محمود قاضي البصرة بها يوم الثلاثاء ثالث عشر محرم سنة خمس وست مئة، وقد نيف على السبعين، ودفن بها.
((آخر الجزء الحادي عشر من الأصل)).
523- محمد بن محمود بن إبراهيم بن الفرج بن إبراهيم، أبو جعفر يعرف بابن الحمامي.
من أهل همذان.
سمع ببلده من جماعة، منهم: الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد ابن العطار ومن في طبقته. وكان يقول: سمعت من أبي الوقت السجزي. وجماعةٌ لا يثبتون سماعه منه. وقد سمع الكثير، وطلب، وكتب، وأفاد الطلبة الواردين همذان.
قدم بغداد في سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وسمع بها من أسعد بن يلدرك، وسعد ابن الصيفي. ثم قدمها حاجاً في سنة إحدى وست مئة، وسمع بها من أصحاب: ابن الحصين، وأبي غالب ابن البناء، والقاضي أبي بكر الأنصاري. وحدث بها بشيءٍ يسيرٍ عن الحافظ أبي العلاء. سمع منه بعض الطلبة، وأجاز لنا. وعاد إلى بلده وروى هناك. وهو خيرٌ مشكورٌ.(2/87)
524- محمد بن محمود بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني ثم المروزي الأصل الهمذاني المولد البغدادي المنشأ والدار، أبو سعيد بن أبي المحامد، ويقال: أبو البدائع بن أبي عبد الرحمن.
من أولاد الشيوخ المعروفين بالحديث والرواية، وسيأتي ذكر أبيه، إن شاء الله.
وأبو سعيد هذا سبط أبي منصور عبد الكريم ابن شيخ الشيوخ إسماعيل بن أحمد النيسابوري صاحب الرباط ببغداد. تفقه على مذهب الشافعي، وحصل معرفة مذهبه. وتكلم في مسائل الخلاف. ونظر في النحو والعربية. وله خط حسنٌ. أجاز له سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله -خلد الله ملكه- وحدث عنه بجامع القصر الشريف وغيره. وسمع منه جماعةٌ من الطلبة في وقتنا هذا.
وسألته عن مولده، فقال: ولدت في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة بهمذان.
وتوفي ببغداد في ليلة الأحد ثالث عشري شعبان سنة ست عشرة وست مئة.(2/88)
525- محمد بن محمود بن أبي محمد واسمه الحسن بن هبة الله ابن محاسن بن هبة الله ابن النجار، أبو عبد الله.
سمع الكثير، وطلب الحديث من صغره، وأدرك إسناداً حسناً. ولقي أصحاب: أبي القاسم بن بيان، وأبي علي بن نبهان، وأبي طالب بن يوسف، وأبي سعد ابن الطيوري، وأبي محمد ابن السمرقندي ونحوهم، ومن بعدهم. ورحل في طلبه إلى الحجاز، والشام، وبيت المقدس، والجزيرة، وهمذان، وأصبهان، ونيسابور، وهراة، وطاف قطعة من بلاد خراسان، وسمع بتلك النواحي، وكتب عن عامة شيوخها، وحدث بها وفي أكثر البلاد التي وردها. وله حفظٌ ومعرفةٌ وفهمٌ بهذا الشأن.
ذكر لي أن مولده في ليلة الأحد ثالث عشر من ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.(2/89)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه المبارك
526- محمد بن المبارك بن أحمد بن علي البيع، أبو بكر.
سمع أبا القاسم عبد العزيز بن علي الأنماطي، وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، رحمه الله وإيانا.
527- محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس، أبو بكر بن أبي العز، والد أبي العباس أحمد وأبي الحسن علي اللذين يأتي ذكرهما إن شاء الله.
ذكره الشيخ أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في ((تاريخه))، فقال: شيخٌ صالحٌ كثير الحج، سمع على كبر سنه من أبي طالب عبد القادر بن محمد ابن يوسف، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهما. توفي يوم الجمعة غرة شهر ربيع الآخر سنة سبع وأربعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب يوم السبت.
528- محمد بن المبارك بن أحمد، أبو عبد الله بن أبي القاسم الوكيل يعرف بابن جارية القصار.
كان فيه فضلٌ وتميز، وله معرفةٌ بالأدب. قرأ على الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي. وسمع من أبي عبد الله الحسين بن علي بن عبد الله سبط الشيخ أبي منصور الخياط، ومن أبي الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري، ومن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر البغدادي. وله شعرٌ حسنٌ.(2/90)
توفي شاباً. وما أظنه روى شيئاً؛ لأن الرواية لم تنتشر عنه، والله أعلم.
529- محمد بن المبارك بن إسماعيل، أبو بكر بن أبي البركات يعرف بابن الحصري، أخو أبي حفص عمر الذي يأتي ذكره.
تفقه أبو بكر على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وحفظ القرآن الكريم. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون. وصحب القاضي أبا يعلى محمد بن محمد ابن الفراء، وانحدر معه إلى واسط لما تولى القضاء بها، أعني ابن الفراء، وقبل شهادته بها، وولاه قضاء قرية عبد الله، ناحية قريبة من واسط، وأقام هناك مدةً، وعاد إلى بغداد بعد عزل القاضي أبي يعلى عن قضاء واسط، وأقام بها إلى حين وفاته.
كان عنده كبرٌ وتيه؛ ذكر صدقة بن الحسين الناسخ في ((تاريخه)) أنه كان مقيماً في مسجدٍ بباب الأزج ويؤم فيه في أوقات الصلوات، فأذن مؤذن المسجد لبعض الصلوات وقعد ينتظر حضوره ليقيم الصلاة، فأبطأ، فقال له بعض الحاضرين: أقم الصلاة. فقال: كيف أقيم الصلاة والإمام ما حضر؟ فوافق ذكر الإمام حضوره، فلما سمعه حرد على المؤذن، وقال: ألمثلي يقال الإمام! فاعتذر إليه المؤذن والحاضرون وهو لا يقبل العذر ولا يزداد إلا غضباً. وانتقل من ذلك الموضع إلى غيره، فمضى الجماعة إليه وسألوه العود، فأبى، فاستقر أنهم يبعدون المؤذن ويؤذن في المسجد غيره، فعاد بعد الشدة، وهو يكرر لفظة(2/91)
((ألمثلي يقال الإمام!)). ثم إن المؤذن صار يؤذن في مسجدٍ قريبٍ من هذا المسجد الذي يؤم فيه ابن الحصري وفيه منارة فكان يصعد المنارة في وقت السحر ويذكر الله -عز وجل- ويقول في آخر كلامه: أنت المولى من هولى، ألمثلي يقال الإمام! ويكرر ذلك، فعاد غضب ابن الحصري بسماعه قول المؤذن، وتأهب للنقلة مرة ثانية فثبته الجماعة وسكنوه، وضمنوا أنهم يمنعون المؤذن من ذلك القول الذي يكرهه، وفعلوا ذلك فاطمأن وسكن. كل ذلك حكاه صدقة بعبارةٍ أطول من هذه.
ثم قال: توفي، يعني أبا بكر ابن الحصري، فجاءةً؛ وذلك أنه كان في صلاة العصر من يوم الخميس سابع عشر رجب سنة أربع وستين وخمس مئة، فصلى ثلاث ركعات وقام في الرابعة فسقط، فحمل إلى حجرةٍ كان يسكنها فبقي ومات من وقته، وصلي عليه يوم الجمعة ثامن عشر بجامع القصر الشريف، ودفن بمقبرة الزرادين تحت المنظرة. قال غيره: عن أربعٍ وخمسين سنة.
530- محمد بن المبارك بن محمد بن جابر بن الحسن بن محموية، أبو نصر بن أبي المظفر بن أبي العز بن أبي الحسن.
أخو شيخنا أبي الحسن علي. وكلاهما كان مقبول الشهادة عند القضاة.
شهد أبو نصر هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الضرير ويلقب بالبهجة قراءةً عليه ونحن نسمع، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه وأنت تسمع في كتاب ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) جمعه، فأقر به، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته وأثبت تزكيته: أبو نصر محمد بن المبارك بن محمد بن جابر يوم السبت ثاني عشري رجب سنة ثلاث(2/92)
وثلاثين وخمس مئة، وزكاه أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ وأبو يعلى محمد بن محمد بن محمد ابن الفراء، إلا أنه عزل عن ذلك بعد يسير.
سمع الحديث من أبي علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب، والشريف أبي طالب الحسن بن محمد الزينبي، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وحدث عنهم. سمع منه جماعةٌ، منهم: أبو القاسم تميم بن أحمد البندنيجي، وذكر أن مولده في صفر سنة تسع وتسعين وأربع مئة. وخالفه في ذلك أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، فقال: في النصف من ذي القعدة من السنة المذكورة ليلة الجمعة.
قال تميم: وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشر ذي الحجة سنة سبعين وخمس مئة. وقال المارستاني: رابع عشر بعدما أضر، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
531- محمد بن المبارك بن محمد، أبو غالب يعرف بابن الماصراني.
كان صاحباً للقاضي أبي غالب بن غيلان، ووكيلاً بباب القضاة وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي.
أخبرنا محمد بن أحمد البهجة، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار في ((تاريخه))، قال فيمن شهد عند قاضي القضاة الزينبي: وأبو غالب محمد بن المبارك بن محمد يوم الاثنين ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمس مئة، وزكاه أبو طاهر محمد بن أحمد الكرخي، وأبو بكر أحمد بن محمد الدينوري، وعزل بعد ذلك بمديدةٍ يسيرة.(2/93)
سمع الشريف أبا علي محمد بن محمد ابن المهدي، وروى شيئاً يسيراً. سمع منه القرشي.
مولده في سنة تسعين وأربع مئة فيما ذكر أبو بكر بن علي المارستاني.
وتوفي يوم الثلاثاء تاسع شهر رمضان سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، ودفن بباب أبرز، رحمه الله وإيانا.
532- محمد بن المبارك بن عبد الملك الإسكافي الأصل البغدادي -وإسكاف المنسوب إليها بلدٌ قديمٌ كان بالنهروان خرب يومئذٍ-، أبو المعالي بن أبي البركات.
سمع من جماعةٍ منهم: أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الهروي الكروخي، وأبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي، وجماعة كثيرون. وحدث بشيءٍ من مسموعاته.
ذكر أبو بكر عبد الله بن أبي بكر الخباز أنه سمع منه، والله الموفق.
533- محمد بن المبارك بن محمد بن محمد ابن الخطيب، أبو المعالي قاضي المدائن ابن القاضي بها أبي منصور.
عزل أبو منصور نفسه عن القضاء بها عند كبره وولى ابنه أبا المعالي هذا. وكان فاضلاً متميزاً، تفقه ببغداد بالمدرسة النظامية على مذهب الشافعي رحمه الله مدةً.
ذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي فيما رسمه من ((التاريخ))، وقد أجاز لنا، قال: أبو المعالي قاضي المدائن سمع معنا من أبي الوقت وتفقه على مذهب الشافعي، وله خاطرٌ جيدٌ، وقد نظم الشعر، كتبت عنه بالمدائن(2/94)
شيئاً من شعره.
قلت: وقد روى لنا عنه ابناه: أبو منصور عبد الحميد وأبو الفضل عبد المؤمن شيئاً من شعره.
أنشدني أبو منصور عبد الحميد بن محمد بن المبارك ابن الخطيب قاضي المدائن بمنزله بها من حفظه لوالده القاضي أبي المعالي محمد:
إذا لم يكن خير القريب مقرباً ... إليك ولا تحنو عليك أواصره
فأجود من ذي المال من كان معدماً ... وخيرٌ من الأحياء من أنت قابره
وأنشدنا القاضي أبو الفضل عبد المؤمن بن محمد ابن الخطيب ببغداد لوالده القاضي أبي المعالي في الشكر:
لو عشت أشكر عمري ما مننت به ... وكان في كل عضو ألف مداح
ما كنت إلا أسير العجز عن نعمٍ ... مننت فيها بأجسادٍ وأرواحٍ
حدثني أبو الحسن بن هبة الله بن محمد بن أبي الحديد المدائني، قال: توفي القاضي أبو المعالي محمد بن المبارك قاضي المدائن ببغداد في صفر من سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، وحمل إلى المدائن فدفن بها.
534- محمد بن المبارك بن فوارس بن سنبلة، أبو بكر بن أبي القاسم التاجر.
من أهل الحريم الطاهري. أخو شيخنا أبي المعالي أحمد الذي يأتي ذكره، وأبو بكر الأسن.
سمع أبا علي أحمد بن أحمد ابن الخراز المستعمل، وغيره. واشتغل بالتجارة. وخرج عن بغداد قبل وفاته بسنين، وجال في الأقطار حتى استقر بسمرقند، فأقام بها إلى أن توفي بها بعد الثمانين وخمس مئة. وما روى ببغداد شيئاً.(2/95)
535- محمد بن المبارك بن محمد بن الحسين السلمي، أبو السعادات بن أبي سعد الجبي.
منسوب إلى قريةٍ تعرف بجبة من نواحي طريق خراسان، والده شيخها وعالمها وزاهدها، وسيأتي ذكره فيمن اسمه المبارك، إن شاء الله.
وأبو السعادات دخل بغداد وأقام بها، وطلب العلم، وسمع الكثير من الشيوخ مثل أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبي السعادات نصر الله ابن عبد الرحمن القزاز، وأبي محمد يوسف بن الحسن العاقولي، وأمثالهم. ولازم الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي، وقرأ عليه، وكتب مصنفاته، ولازمه حتى مات.
وكان صديقنا ورفيقنا في السماع، وكان ساكناً خيراً حسن الطريقة.
توفي في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وخمس مئة. بجبة، ودفن بها. وكان شاباً لم يبلغ أوان الرواية، رحمه الله وإيانا.
536- محمد بن المبارك بن الحسين بن طالب المقرئ، أبو عبد الله يعرف بابن الحلاوي.
من أهل الحربية.
شيخٌ مسن، كبر وعبر التسعين، ولم يوجد له سماع ولا إجازة، ثم إن أحمد بن سلمان بن أبي شريك المعروف بالسكر الحربي ذكر أنه وجد له إجازات من جماعة قدماء منهم: أبو محمد جعفر بن أحمد ابن السراج، وأبو الحسين(2/96)
المبارك بن عبد الجبار الصيرفي المعروف بابن الطيوري، وأبو يعلى حمزة بن محمد الزينبي، وجماعة آخرون، وسمع عليه بها لأن الرواية كانت قد انقطعت عن هؤلاء في الزمان الذي وجدت هذه الإجازات فيه، ثم أعلم الناس به فازدحموا عليه وقرأوا عليه الشيء الكثير في الزمن اليسير، ولم يلبث بعد وجود الإجازات إلا نحو أربعين يوماً حتى توفي.
كتب إلي أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي يذكر هذا الشيخ ووفاته، وقال: وجدت سماعه بعد وفاته في شيءٍ من أبي محمد ابن السراج في سنة تسع وتسعين وأربع مئة، ومن القاضي أبي منصور علي بن محمد ابن الأنباري في سنة ست وخمس مئة، ولم يحدث بشيءٍ من ذلك، وإنما روى بالإجازات، وقال: مولده بمكة يوم الثلاثاء مستهل جمادى الآخرة من سنة أربع وتسعين وأربع مئة. وتوفي ليلة السبت تاسع عشري ذي القعدة سنة ست وثمانين وخمس مئة، ودفن من الغد عند بشر بن الحارث بباب حرب.
537- محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن ميمون، أبو غالب الكاتب.
شيخٌ متصرفٌ، قد قرأ شيئاً من الأدب، وقال الشعر، وسمع الحديث من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، والشريف أبي المعمر المبارك بن عبد العزيز الأنصاري، وأبي الفضل بن ناصر، وأبي بكر ابن الزاغوني. وحدث بشيءٍ من مسموعاته. ورأيته ولم أسمع منه.
بلغني أن مولده في سابع عشري محرم سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة. وتوفي في يوم الجمعة تاسع عشري جمادى الآخرة من سنة سبع وتسعين وخمس مئة، ودفن بالمشهد، مقابر قريش، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.(2/97)
538- محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن الحسين بن مشق، أبو بكر بن أبي طاهر.
من أهل باب البصرة.
سمع الكثير في صباه بإفادة أبيه، ثم بنفسه، وحصل الأصول، وجمع الكتب. وكان سماعه بعد الأربعين وخمس مئة من جماعة منهم: الشريف أبو السعادات هبة الله بن علي ابن الشجري، وأبو بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، وأبو محمد المبارك بن أحمد الكندي، وأبو القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبو الحسن سعد الخير من محمد الأنصاري، وخلق كثير من أصحاب: أبي الفضل بن خيرون وطراد الزينبي، وأبي الخطاب ابن البطر، وأبي الحسين ابن الطيوري. وجمع الشيوخ، وعمل لنفسه ((معجماً)).
وكان مكثراً: سماعاً وشيوخاً؛ بلغني أن أثبات مسموعاته بلغت ست مجلدات. ومع ذلك لم يرو إلا اليسير. واختلط قبل موته بنحو ثلاث سنين حتى كان لا يأتي شيئاً على وجه الصحة فتركه الناس بعد أن سمع منه جماعةٌ.
بلغني أن مولده في شهر رمضان سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة. وتوفي يوم الأربعاء حادي عشر شعبان سنة خمس وست مئة، وصلي عليه يوم الخميس ثاني عشر بجامع المنصور، وحمل إلى مقبرة باب حرب فدفن هناك.(2/98)
539- محمد بن المبارك بن أبي بكر، أبو بكر بن أبي القاسم يعرف بابن الدلال، أخو أبي منصور المبارك الذي يأتي ذكره.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبو بكر هذا من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وغيره. وحدث بشيءٍ يسير؛ سمع منه الطلبة، وما لقيته.
توفي .. ..
540- محمد بن المبارك بن صدقة بن الحسين بن يوسف الباخرزي، أبو الحسين ابن شيخنا أبي بكر.
من أهل باب الأزج.
لم يكن محمود الطريقة ولا مرضي السيرة، وينسب إلى أذية الناس والوقيعة فيهم. سمع شيئاً من المتأخرين. كتبت عنه أناشيد عن أبي طاهر بن بنان المصري، وله.
سألته عن مولده، فقال: ولدت في اليوم الذي توفي فيه الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنه وهو يوم الأحد ثاني ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
وتوفي بواسط في مارستانها يوم الثلاثاء سلخ جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة وست مئة، ودفن هناك.(2/99)
541- محمد بن المبارك بن عبد الرحمن بن عصية، أبو الرضا.
من أهل الحربية.
سمع أبا الوقت السجزي، وغيره. كتبنا عنه.
قرأت على أبي الرضا محمد بن المبارك بن عبد الرحمن، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية، قال: أخبرنا إبراهيم بن خزيمة الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا الحجاج بن أرطاة، عن مكحول، قال: قال أبو أيوب الأنصاري؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أربع من سنن المرسلين: التعطر، والنكاح، والسواك، والحناء)).(2/100)
سألت محمد بن المبارك هذا عن مولده، فقال: في سنة خمس وأربعين وخمس مئة.(2/101)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محفوظ
542- محمد بن محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، أبو جعفر ابن أبي الخطاب.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه. وكان والده أحد شيوخ الحنابلة وفقهائهم والمصنفين لهم. شهد أبو جعفر هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي قراءةً عليه، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار المندائي في ((تاريخ الحكام)) له في ذكر من قبل قاضي القضاة الزينبي شهادته، قال: وأبو جعفر محمد بن محفوظ بن أحمد الكلوذاني يوم الثلاثاء سادس جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمس مئة، وزكاه القاضي أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ والقاضي أبو عبد الله محمد بن علي بن يعيش.
سمع شيئاً من الحديث من أبيه، وغيره. روى عنه أبو النجم المبارك بن الحسن الفرضي المعروف بابن القابلة، قال: أنشدني أبو جعفر محمد بن محفوظ الكلوذاني متمثلاً:
أعملت فكري في دعاءٍ له ... يجمع ما جاء به طرا
فقلت بيتاً واحداً كافياً ... لم يعد في مقداره سطرا
لا زالت الدنيا له منزلاً ... يأويه والدهر له عمرا
توفي أبو جعفر الكلوذاني يوم الاثنين العاشر من شعبان من سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة، ودفن يوم الثلاثاء بباب حرب، رحمه الله وإيانا.(2/102)
543- محمد بن محفوظ بن العلاء بن أسعد بن محمد بن إسرائيل، أبو المفاخر الجرباذقاني الأصل البغدادي الكاتب.
سمع الكثير بنفسه، وطلب، وكتب عن الشيوخ وأكثر، غير أنه لم يكن محمود الأمر لحسدٍ كان فيه ولحنٍ غلب عليه؛ سمعت غير واحدٍ يذكر أن أبا المفاخر الجرباذقاني كان يستعير الأجزاء التي فيها سماع الشيوخ ويحتجنها ولا يظهرها حتى لا يسمعها غيره ولا يشركه في روايتها سواه إلى غير ذلك من الأفعال التي لا تليق بطلبة العلم وأهل الحديث. قال الراوي لذلك: لا جرم أنه لم ينتفع بما سمعه؛ أولاً ترك الاشتغال بالعلم وخدم في الأمور الدنياوية، والثاني أنه لم يطل عمره ولم تبلغ الحاجة إليه واخترم شاباً.
كان سمع أبا الوقت السجزي، والشريف أبا جعفر أحمد بن محمد العباسي، وأبا محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وأبا المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وغيرهم؛ ذكر محمد بن أبي المكارم الواعظ أنه سمع منه، ومحمد أيضاً ضعيفٌ في الرواية.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن فضل الواعظ من كتابه بدقوقا، قلت له: حدثكم أبو المفاخر محمد بن محفوظ بن العلاء الجرباذقاني لفظاً في سلخ رجب سنة ست وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد العزيز المكي، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن الشافعي، قال:(2/103)
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن فراس، قال: حدثنا العباس بن محمد بن الحسن العسقلاني، قال: حدثنا محمد بن (سعيد بن) يزيد، قال: حدثنا سلم بن قتيبة، قال: حدثنا الذيال بن عبيد، قال: سمعت حنظلة بن حذيم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتم بعد احتلامٍ)).
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه معالي
544- محمد بن معالي بن محمد، أبو محمد يعرف بابن شدقيني.
من ساكني درب الشعير، محلة بين باب البصرة والنصرية.
سمع أبا الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز وغيره.(2/104)
وكانت له معرفةٌ بتعبير الرؤيا، وله موضع بجامع المنصور يكون فيه كل جمعة ويأتيه الناس ويقصون عليه رؤياهم ويفسرها لهم. كتب الناس عنه قبلنا بسنين، وسمعنا منه، وكان في تسميعاته أبو محمد بن معالي في شيءٍ ومحمد بن معالي في شيءٍ فسمي أبو محمد محمد. والقرشي سماه في ((معجم شيوخه)) الفضل، ومحمد هو الأصح، إن شاء الله.
أخبرنا أبو محمد محمد بن معالي بن محمد قراءةً عليه بالجانب الغربي وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد ابن المذهب قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى ابن آدم، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع جنبه على فراشه يقول: ((قني عذابك يوم تبعث عبادك)).(2/105)
قرأت على أبي محمد محمد بن معالي بن محمد بجامع المنصور، قلت له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن عبد الرحمن بن عليك النيسابوري، قدم علينا، قال: أنشدني أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، قال: أنشدني نصر بن أبي نصر البستي لعلي بن بسام:
أقصرت عن طلب البطالة والصبى ... لما علاني للمشيب قناع
لله أيام الشباب ولهوه ... لو أن أيام الشباب تباع
فدع الصبى يا قلب واسل عن الهوى ... ما فيك بعد مشيبك استمتاع
وانظر إلى الدنيا بعين مودعٍ ... فلقد دنا سفرٌ وحان وداع
والحادثات موكلات بالفتى ... والناس بعد الحادثات سماع
سألت أبا محمد بن شدقيني عن مولده فقال: في سنة عشر وخمس مئة.
وتوفي يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
545- محمد بن معالي بن غنيمة الحلاوي، أبو بكر المقرئ.(2/106)
من ساكني المأمونية، ويقيم في مسجدٍ بها، ويقرئ القرآن، ويؤم بالناس في الصلوات.
تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل على أبي الفتح بن المني، وكان من قدماء أصحابه والمحصلين لمعرفة مذهبهم.
سمع أبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وغيرهم. سمعنا منه. وكان صالحاً.
قرأت على أبي بكر محمد بن معالي بن غنيمة المقرئ، قلت له: حدثكم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد إملاءً، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن البسري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن هشام المروزي، قال: حدثنا هشيم، عن علي بن زيد بن جدعان، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما بين حجرتي ومنبري روضةٌ من رياض الجنة وأن منبري على ترعةٍ من ترع الجنة)).(2/107)
سألت أبا بكر ابن الحلاوي عن مولده فلم يحققه، والظاهر أنه بعد سنة ثلاثين وخمس مئة بيسير.
وتوفي ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة وست مئة، وصلي عليه يوم الجمعة بجامع القصر الشريف، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة باب حرب.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه منصور
546- محمد بن منصور بن القاسم، أبو بكر المقرئ.
روى عن أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني شيئاً من شعره. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، عنه، وأخرج عنه في ((معجمه)) إنشاداً عن أبي الخطاب.
547- محمد بن منصور بن عبد الواحد بن محمد بن إلياس التميمي، أبو المحاسن بن أبي الفضل البالسي.
كان والده من بالس، قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته وسيأتي ذكره فيمن اسمه منصور، إن شاء الله.
وأبو المحاسن هذا ولد ببغداد، وسمع بها من أبي القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ، وغيره سمعنا منه.
قرأت على أبي المحاسن محمد بن منصور بن عبد الواحد من أصل سماعه(2/108)
بشرقي بغداد في درب دينار، قلت له: أخبركم أبو القاسم نصر بن نصر العكبري فيما قرئ عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن سليمان، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه وليكرم جاره وليقل خيراً أو ليسكت)).
سألت أبا المحاسن ابن البالسي عن مولده، فقال: ولدت ضحى يوم الخميس سابع شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين وخمس مئة ببغداد بحجرةٍ مجاورةٍ للمدرسة النظامية.
وبلغنا أنه توفي بواسط في رجب سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن بها.(2/109)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه المحسن
548- محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي، أبو عبد الله الدمشقي.
أنبأنا أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي، قال: أبو عبد الله بن أبي المضاء، ولد بالشام، وحمله أبوه إلى مصر، فنشأ بها وقرأ الأدب، وعاد إلى الشام، وسمع بدمشق من أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر، وغيره. ورحل إلى بغداد وسمع بها، وقرأ شيئاً من الفقه والأدب، وكتب من ذلك ما اتسع له. وكان له خط حسنٌ. وعاد إلى الشام، وخرج إلى مصر، واتصل بخدمة صلاح الدين ملك مصر والشام وولاه الخطابة بمصر، وهو الذي خطب للإمام المستضيء بأمر الله رضي الله عنه بمصر. ونفذه صلاح الدين رسولاً إلى بغداد وحصل له بالرسالة وجاهةٌ، وأثرى حاله، ورجع من بغداد إلى دمشق فمرض بها أياماً يسيرة وتوفي بها.
قلت: وكان دخوله بغداد أول مرة طالباً للعلم في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، فسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبي بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وظافر بن معاوية وجامع بن الطيب الحربيين، وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي، وجماعة غيرهم. وحدث بدمشق بعد عوده عن أبي زرعة المذكور.
قال ابن صصرى: وتوفي بدمشق ليلة ثاني عشر صفر سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة ولم يبلغ الأربعين، ودفن بجبل قاسيون، رحمه الله وإيانا.(2/110)
549- محمد بن المحسن بن هبة الله بن محمد، أبو الحسن بن أبي علي الوكيل بباب القضاة.
كان أبوه واعظاً يعرف بصفي القضاة، وسيأتي ذكره في موضعه من هذا الكتاب، إن شاء الله.
سمع أبو الحسن هذا من الشريف أبي جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي نقيب مكة ببغداد، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وغيرهما. واشتغل بملازمة باب القضاة فلم يعرف، ولا سمع أحد منه لخموله.
ذكر لي صديقنا أبو عبد الله محمد بن محمود ابن النجار أنه استجازه فأجاز له.
وتوفي في ذي الحجة سنة ست وتسعين وخمس مئة.(2/111)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه محاسن
550- محمد بن محاسن بن الضجة المقرئ.
من أهل دار القز.
هكذا سماه بعض من قرأ عليه. وغيره يقول: هو محمد بن محمد، أبو المحاسن. وقد تقدم ذكرنا له في ((محمد بن محمد)) وأعدناه هاهنا جمعاً بين القولين واستغنينا بذكره ثم عن إعادة ذكر شيوخه ووفاته، والله الموفق!
551- محمد بن محاسن بن أبي منصور، أبو محمد الخياط
من أهل محلة العتابيين، يعرف بابن السنور.
هكذا قرأت بخطه في إجازته لنا. ورأيت بخط أحمد بن سلمان الحربي المعروف بالسكر طبقة سماع عليه وقد كتب اسمه عبد الله وكناه بأبي محمد.
سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وغيره. وأجاز لنا في سنة سبع وثمانين وخمس مئة -والله المشكور- وسنذكره فيمن اسمه عبد الله جمعاً بين القولين إن شاء الله.(2/112)
ذكر الأسماء المفردة والمثاني في حرف الميم في آباء من اسمه محمد
552- محمد بن مكي ابن الرميلي، أبو المعالي المنجم.
أديب فاضلٌ، له شعرٌ حسنٌ. كتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين البغدادي شيئاً من شعره في سنة سبع وتسعين وأربع مئة، فمن ذلك ما قرأت بخط أبي الوفاء ابن الحصين، قال: أنشدني أبو المعالي محمد بن مكي ابن الرميلي لنفسه ملغزاً:
وأبيض محجوبٌ عن العين شخصه ... إذا ما بدا يوماً يضر وينفع
فإن شاء ضراً كان ذلك هيناً ... عليه ولكن للمنافع يوضع
553- محمد بن مكي بن محمد بن هبيرة، أبو عبد الله بن أبي جعفر.
من بيتٍ معروف بالتقدم والفضل. تولى النظر بديوان الزمام المعمور في رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وكان على ذلك إلى أن عزل عنه في سادس عشري صفر سنة خمس وثمانين وخمس مئة.
وتوفي في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
554- محمد بن موهوب بن عبد الله، ويقال: موهوب بن الحسن، أبو نصر الضرير الفرضي.
كانت له معرفةٌ جيدةٌ بالفرائض والحساب وقسمة التركات، وله في ذلك مصنفاتٌ حسنةٌ. وكان يقرئ في مسجدٍ مقابل لدرب الدواب. حكى بعضهم عنه أنه كان يقرئ علم الفرائض ولا يأخذ على ذلك جزاءً، فإذا جاءه من يريد(2/113)
تعليم الجبر والمقابلة لا يقرؤه إلا بشيءٍ ويقول: هذا ليس بمهم.
ذكره الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي في كتابه المسمى ((بالمنتظم في تاريخ الأمم))، فقال في سنة ثلاثين وخمس مئة: توفي أبو نصر الفرضي وكان غاية في علمه.
وذكره أبو بكر بن كامل في شيوخه الذين سمع منهم.
555- محمد بن معاوية بن الفضل بن عبيد الله، أبو الفتوح.
من أهل أصبهان. سمع بها أباه أبا المعالي، وأبا الفتح أحمد بن محمد بن الحداد. قدم بغداد في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، وحدث بها عنهما؛ سمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب فيما قرأت بخطه، قال: وسألته عن مولده، فقال: في سنة سبع وسبعين وأربع مئة، رحمه الله وإيانا.
556- محمد بن مواهب بن عبد الباقي، أبو الفتح العطار.
من أهل الجانب الغربي، قيل: كان يسكن الحريم الطاهري، وقيل: بل كان يسكن محلة دار القز. سمع أبا علي محمد بن محمد بن عبد العزيز ابن المهدي.
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك من مشق في ((معجم شيوخه))، وقال: سمعت منه.
557- محمد بن مرجى بن أبي العز بن مرجى البتماري، أبو البدر.
وبتمارى المنسوب إليها قريةٌ من قرى السواد قريبةٌ من بغداد.
سمع أبا علي الحسن بن إسحاق الباقرحي، وروى عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).(2/114)
أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر الدمشقي، ومن خطه نقلت، قال: أخبرنا أبو البدر محمد بن مرجى بن أبي العز، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن إسحاق الباقرحي، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ماسي، قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا سليمان التيمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر وأن يخلط بسرٌ وتمرٌ وأن يخلط تمرٌ وزبيب.
قال القرشي: سألت محمد بن مرجى عن مولده فقال ما يدل أنه في سنة سبع وخمس مئة.
وقال عبيد الله بن علي المارستاني: سألته عن مولده، فقال: في سنة سبع وخمس مئة.
558- محمد بن المؤيد بن محمد بن علي بن أحمد، أبو المظفر بن أبي سعيد الآلوسي الأصل.
وآلوس: قريةٌ قريبةٌ من هيت كان والده المؤيد شاعراً مذكوراً يأتي ذكره في حرف الميم، إن شاء الله تعالى.
وأبو المظفر هذا روى عن أبيه شيئاً من شعره. سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي فيما قرأت بخطه، عن أبيه ولنفسه.(2/115)
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن، قال: أنشدني أبو المظفر محمد بن المؤيد بن محمد لنفسه:
أنا ابن من شرفت علماً خلائقه ... فراح متزراً بالمجد متشحا
أم الحجا بجنينٍ قط ما حملت ... من بعده وإناء الفضل ما نضحا
إن كنت نوراً فنبتٌ من سحابته ... أو كنت ناراً فذاك الزند قد قدحا
559- محمد بن المؤيد بن عبد المؤمن بن أبي الفرج بن عمر، القاضي أبو بكر.
من أهل همذان، سمع بها من أبي الوقت السجزي.
قدم بغداد حاجاً في سنة ثلاث عشرة وست مئة، فحج وعاد في صفر من سنة أربع عشرة وست مئة، وحدث بها عن أبي الوقت المذكور، فسمعنا منه.
قرأت على أبي بكر محمد بن المؤيد بن عبد المؤمن الهمذاني ببغداد، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قراءةً عليه وأنت تسمع بهمذان فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحمويي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا أبو عاصم ومكي بن إبراهيم، قالا: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم أن أذن في الناس: ((من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن(2/116)
اليوم يوم عاشوراء)).
560- محمد بن المنجح بن عبد الله، أبو شجاع الفقيه الواعظ الصوفي.
تفقه ببغداد على مذهب الشافعي رضي الله عنه على أبي محمد عبد الله بن أبي بكر الشاشي، وبالجزيرة على أبي القاسم ابن البزري. وحصل معرفة المذهب والخلاف. وخرج إلى الشام، وتولى القضاء ببعلبك وأقام بها مدةً. ثم عاد إلى بغداد وأقام بالرباط الأرجواني بدرب زاخي على قدم التصوف ويفتي ويحدث، وقد كان يعظ في مبدأ أمره.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبا القاسم عبد الرحمن بن طاهر الميهني وغيرهما. وكانت له إجازةٌ من أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي. وله شعرٌ حسنٌ. سمعت غير واحدٍ يثني على ابن المنجح ويصفه بالفضل والعلم والصلاح.
أنشدني أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن أبي المظفر الهاشمي لفظاً من كتابه، قال: أنشدني أبو شجاع محمد بن المنجح بن عبد الله الشافعي ببغداد لنفسه في ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمس مئة:
عذيري من زمنٍ كلما ... شددت عرى أملي حلها
عرائس فكري قد عنست ... لأني عدمت لها أهلها
ونفسي تنهل من موردٍ ... ترى الموت في الورد إن علها
عليها من الدهر أثقاله ... ولا يغلط الدهر يوماً لها(2/117)
ومن شعر ابن المنجح أيضاً وقد أجاد فيه:
سلامٌ على وادي الغضا ما تناوحت ... على ضفتيه شمالٌ وجنوب
أحمل أنفاسي الخزامى تحيةً ... إذا آن منها بالعشي هبوب
لعمري لئن شطت بنا غربة النوى ... وحالت صروفٌ دوننا وخطوب
وبددنا ريب الزمان وخيلت ... إياس تلاقيكم إلي شعوب
فما كل رملٍ جئته رمل عالجٍ ... وما كل ماء عمت فيه شروب
رعى الله هذا الدهر كل محاسني ... لديه وإن أكثرهن ذنوب
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أن مولد محمد بن المنجح هذا في سنة خمس وخمس مئة، وأنه توفي يوم الأربعاء ثامن عشر شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين وخمس مئة، وأنه صلي عليه بقية يومه برباط الشيخ أبي النجيب السهروردي، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة الشونيزي.
561- محمد بن موسى بن عثمان بن موسى بن عثمان بن حازم، أبو بكر الحازمي.
ولد بطريق همذان، وحمل إليها، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وسمع بها. ثم قدم بغداد بعد بلوغه واستوطنها وتفقه بها على مذهب الشافعي، وسمع بها، وجالس علماءها وأدباءها، وأخذ عنهم حتى تميز وفهم، وصار من أحفظ الناس للحديث، وأعرفهم بعلومه من معرفة الأسانيد والاطلاع على حال الرواة،(2/118)
وتمييز الصحيح من السقيم، وفهم المتون وفقهها، ودخولها في أبواب الأحكام وتعلقها بالحلال والحرام. مع زهدٍ كان يأخذ به نفسه وتعبدٍ ورياضةٍ واشتغالٍ بذكرٍ وقراءةٍ وحسن طلبٍ للعلم ودوام عملٍ.
سمع معنا كثيراً، وقبلنا؛ فأول سماعه بهمذان من أبي الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي، لما قدمها، حضوراً، ثم بعده سماع من أبي منصور شهردار ابن شيروية الديلمي، وأبي زرعة طاهر بن محمد المقدسي، وأبي العلاء الحسن ابن أحمد ابن العطار الحافظ، وأبي الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف الأديب، وأبي الفرج عبد الحميد وأبي طاهر عبد الرزاق ابني إسماعيل القومساني، وأبي القاسم عبد الله بن حيدر القزويني، وأبي داود محمود بن سليمان الواعظ وغيرهم. وبأصبهان من أبي طاهر معاوية بن علي بن معاوية، وأبي أحمد معمر ابن الفاخر القرشي، ومن الحافظ أبي موسى محمد بن عمر المديني، وأبي الوفاء محمود بن أبي القاسم بن حمكان، وأبي العباس أحمد بن أبي منصور المعروف بترك الصوفي، وأبي الفتح عبد الله بن أحمد الخرقي، وخلقٍ من أصحاب: أبي سعد المطرز وأبي الفتح الحداد وأبي علي الحداد وغيرهم. وببغداد من أبي محمد عبد الله بن عبد الصمد السلمي، وأبي الثناء محمد بن محمد ابن الزيتوني، وأبي نصر عبد الرحيم وأبي الحسين عبد الحق ابني عبد الخالق بن يوسف، وأبي إسحاق إبراهيم بن علي ابن الفراء السلمي، وأبي الفائز المبارك بن علي البرداني، ومن في طبقتهم وبعدهم. وبالموصل من أبي الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطوسي، ومن غيره. وبواسط من أبي طالب محمد بن علي ابن الكتاني، وأبي العباس أحمد بن سالم المقرئ، وغيرهما. وبالبصرة من أبي أحمد محمد بن طلحة المالكي، وأبي الخير بدر بن عمر العامري. وفي أسفاره وتطوافه من خلقٍ كثير.
وكانت له إجازة من أبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي، وأبي سعد عبد الكريم بن محمد ابن السمعاني، وأبي طاهر أحمد بن محمد(2/119)
السلفي، وغيرهم.
وصنف في علم الحديث مصنفات كثيرة حسنة مفيدة، وأملى مجالس عدة تكلم فيها على الإسناد والمتون كلاماً جيداً.
كتبت عنه ببغداد وبواسط، وسمعت معه وبإفادته -رحمه الله- من جماعةٍ، وسألته عن مسائل حديثية فأجاب عنها، وعلقت مما سمعته في حال المذاكرة فوائد كثيرة.
وكان حسن المذاكرة كثير المحفوظ يغلب عليه معرفة أحاديث الأحكام والمتون الفقهية. وله كتاب ((ناسخ الحديث ومنسوخه)) نحو مجلد لم يسبق إلى مثله؛ ذكر فيه الأحاديث المنسوخة ومن أخذ بها والأحاديث الناسخة ومن ذهب إليها، وضمنه مذاهب العلماء وترجيحاتهم واختلافاتهم، سمعناه منه. وأملى طرق الأحاديث التي في كتاب ((المهذب)) تصنيف الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي وأسندها، وتوفي قبل إتمامه، وغير ذلك من الكتب التي ينتفع بها الفقيه والحديثي.
قرأت على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى بن عثمان الحازمي ببغداد برباط الكاتبة برحبة جامع القصر الشريف، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن إبراهيم الخطيب، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد القارئ، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد اللخمي، قال: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد، قال: حدثنا عبد القدوس بن محمد الحبحابي، قال: حدثنا عمي صالح بن عبد الكبير، قال: حدثنا عمي عبد السلام بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأزد أسد الله في الأرض يريد الناس أن يضعوهم(2/120)
ويأبى الله إلا أن يرفعهم، وليأتين على الناس زمانٌ يقول الرجل: يا ليتني كان أبي أزدياً، يا ليتني كانت أمي أزدية)).
قال الحازمي، محمد بن موسى الحافظ: هذا حديثٌ غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه.
هذا الحديث من كتابٍ صنفه في معرفة الأنساب قرأناه جميعه عليه.
وأخبرنا الحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو منصور محمد بن أحمد بن الفرج الوكيل بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري في كتابه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن بشر بن مروان الأزدي، قال: سمعت أبا عمران موسى بن عيسى الحنيفي يقول: سمعت أبا إسحاق النجيرمي، يقول: ((أولى الأشياء بالضبط أسماء الناس لأنه شيءٌ لا يدخله القياس ولا قبله شيءٌ يدل عليه ولا بعده شيءٌ يدل عليه)).
قرأت جميع كتاب ((المؤتلف والمختلف في أسماء نقلة الحديث من الرجال والنساء)) تأليف أبي محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي على الحافظ أبي بكر محمد بن موسى الحازمي بهذا الإسناد المذكور إليه، وغيره من كتب علوم الحديث.(2/121)
وتوفي ببغداد في ليلة الاثنين الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وصلى عليه جمعٌ كثير يوم الاثنين برحبة جامع القصر الشريف، وحمل إلى الجانب الغربي فصلي عليه مرة أخرى، ودفن بمقبرة الشونيزي إلى جانب سمنون مقابل قبر الجنيد ولم يبلغ الأربعين. كان مولده في سنة ثمان أو تسع وأربعين وخمس مئة، ذكر لنا ذلك رحمه الله.
562- محمد بن المطهر بن يعلى بن عوض بن محمد الملقب أميرجه بن حمزة بن جعفر بن كفل بن جعفر الملك بن محمد بن عبيد الله ابن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، أبو الفتوح العلوي الهروي.
من بيت التصوف والوعظ. وهو ابن أخي الشريف أبي القاسم علي بن يعلى بن عوض الهروي العلوي الواعظ المشهور الذي قدم بغداد في سنة عشرين وخمس مئة، ووعظ بها، وروى لنا عنه الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي، وأثنى عليه خيراً.
وأبو الفتوح هذا ولد بهراة وسمع بنيسابور من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، ومن قاضي القضاة أبي سعيد محمد بن أحمد بن صاعد، وغيرهما. وسافر الكثير ما بين خراسان وكرمان والعراق والحجاز وغيرها.
وقدم بغداد حاجاً في سنة سبع وسبعين وخمس مئة. وحدث بها، ثم خرج إلى الحج، وكنت في تلك السنة حاجاً أيضاً، فحدث بمكة -شرفها الله- وبمدينة الرسول صلوات الله عليه وسلامه وبالطريق. سمعنا منه في منصرفنا من الحج، ونعم الشيخ كان ديناً وصلاحاً.
ولما عاد من الحج إلى بغداد نزل برباط شيخ الشيوخ، وحدث ((بصحيح)) مسلم بن الحجاج وكتاب ((غريب الحديث)) تصنيف أبي سليمان الخطابي بسماعه(2/122)
لهما من أبي عبد الله الفراوي، وبغيرهما.
قرأت على الشريف أبي الفتوح محمد بن المطهر بن يعلى العلوي من أصل سماعه بطريق مكة على بركة بمنزلٍ يعرف بالبطانيات في محرم سنة ثمانين وخمس مئة، قلت له: أخبركم أبو سعيد محمد بن أحمد بن صاعد، قراءةً عليه وأنت تسمع، بنيسابور، فأقر به، قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن عمر، قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد، قال: حدثنا أبو مسلم الكجي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وأبو عاصم النبيل، قالا: حدثنا بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله من أبر؟ قال: ((أمك. قلت: ثم. قال: ثم أمك. ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب)).
سئل الشريف أبو الفتوح هذا عن مولده، فقال: ولدت في سحرة يوم الثلاثاء رابع عشري شهر ربيع الأول سنة أربع وخمس مئة.
وسألت ولده محمداً عن وفاته، فقال: توفي في سنة أربع وثمانين وخمس مئة. وقال غيره: بأذربيجان، في نقجوان أو غيرها.
563- محمد بن أبي محمد، ويقال اسمه مؤيد، بن أبي المؤيد، أبو نصر.
من أهل غزنة. وهو والد أبي الفتوح نصر بن أبي نصر الواعظ الغزنوي الذي يأتي ذكره.(2/123)
قدم أبو نصر بغداد حاجاً في سنة تسع وسبعين وخمس مئة أيضاً، وأجاز لنا بها، وكتب خطه بذلك في ثالث ذي القعدة من السنة، وما أتحقق هل حدث بها أم لا؟ وحج وعاد إلى بلده وتوفي بعد عوده، رحمه الله وإيانا.
564- محمد بن مكارم بن أبي يعلى الحيري، أبو بكر.
منسوب إلى الحيرة، بلدٌ من أعالي سقي الفرات قريبة من عانة.
وأبو بكر ولد ببغداد بالجانب الغربي. وكان يسكن بدرب شريك بشارع دار الرقيق. سمع أبا بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، وأبا محمد المبارك بن أحمد الكندي، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، ومن بعدهم، وروى عنهم. سمع منه جماعةٌ من أصحابنا، وأجاز لنا.
توفي في صفر سنة ست وتسعين وخمس مئة.
565- محمد بن مبشر بن أحمد بن علي الرازي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الرضا بن أبي الرشيد الحاسب.
كان أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- ووالده أبو الرشيد شيخٌ فاضلٌ في علم الحساب والفرائض، يأتي ذكره في حرف الميم، إن شاء الله.
سمع أبو الرضا الكثير مع أبيه، وبنفسه، وكتب بخطه عن جماعةٍ منهم. أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن زريق، وأبو الفتح محمد بن يحيى البرداني، وأبو الفضل مسعود بن علي بن النادر، وأبو عبد الله محمد بن المبارك ابن الحلاوي، والقاضي أبو العباس أحمد بن علي ابن المأمون، وغيرهم. وكان سرياً كيساً.(2/124)
توفي شاباً قبل أوان الرواية في ليلة الاثنين سادس عشري شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمس مئة، وهي الليلة التي توفيت فيها والدة سيدنا ومولانا الإمام أمير المؤمنين الناصر لدين الله -أبقاه الله ورحمها- وصلي عليه يوم الاثنين بالمدرسة النظامية، ودفن بداره بدرب البصريين شرقي بغداد. ومولده في سنة خمس وستين وخمس مئة، سمعته منه، رحمه الله وإيانا.
566- محمد بن المهنا بن محمد، أبو عبد الله، وقيل: أبو بكر، البناني.
من أهل باب الأزج.
أحد الشعراء المشهورين ومن مدح الخلفاء رضي الله عنهم والوزراء والأكابر. وكبر وأسن. كتبت عنه قطعاً من شعره.
أنشدني محمد بن المهنا البناني لنفسه، رحمه الله:
ظلماً ترى مغرماً بالحب تزجره ... وغرةً بالهوى أمسيت تنكره
يا عاذل الصب لو عاينت قاتله ... بوجنةٍ وعذارٍ كنت تعذره
أفدي الذي سحر عينيه يعلمني ... إذا تصدى لهجري كيف أسحره
مزنر الخضر مجبولاً على هيفٍ ... يهفو لساني اختلالاً حين أذكره
أمسى ينادمني لطفاً ويسكرني ... رشفاً ويحسو الطلى صرفاً فتسكره
لكنه بعد قرب الدار غادرني ... أذم بالبعد عيشاً كنت أشكره
ولم يجر من سقام صرت أعرفه ... مذ صار محتجباً عني وينكره
يستمتع الليل في نومٍ وأسهره ... إلى الصباح، وينساني وأذكره(2/125)
وأنشدني أيضاً إملاءً علي لنفسه:
دعني فما أصغي إلى من لاما ... واعذر فقد كتب البنفسج لاما
في خد ظبي سل يوم طويلع ... من لحظه الساجي علي حساما
سفك الدما بغزارةٍ لما رأى ... بغروره ترك الحرام حراما
ولقد تثنى وانثنى متعتباً ... فرأيت قدا باهراً وقواما
ومعاطفاً فاقت نضارة روضةٍ ... أضحى الربيع لوشيها رقاما
وبروع جفوته وأرعن ردفه ... ما زال لي ولخصره ظلاما
سألت البناني عن مولده، فقال: ولدت في سابع عشر محرم سنة تسع وخمس مئة.
وتوفي ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة الرابع من شوال سنة ست مئة، رحمه الله وإيانا.
567- محمد بن معمر بن عبد الرحمن بن رجاء بن عبد الواحد بن محمد بن الفاخر بن أحمد بن القاسم بن الفاخر القرشي، أبو عبد الله بن أبي أحمد بن أبي القاسم.
من أهل أصبهان، من أولاد المحدثين المذكورين، والرواة المعروفين، والثقات المعتمدين.
سمع أبو عبد الله هذا ببلده بإفادة أبيه وبنفسه الكثير من أبي الفضل جعفر(2/126)
ابن عبد الواحد الثقفي، وأبي نصر أحمد بن عمر الغازي، وأبي سعد إسماعيل ابن أبي صالح المؤذن، وأبي عيسى أحمد بن أبي بكر المديني، وأبي القاسم عبد الله بن محمد الخطيبي، وأبي بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني، وأبي سعد أحمد بن محمد البغدادي، وخلق كثير.
قدم بغداد مراراً حاجاً وغير حاجٍ، وسمع بها، وحدث أيضاً. وآخر مرة كان بها في سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، وأملى بها مجالس عدة كتبها الناس برباط الأرجوان بدرب زاخي عنه باستملاء أخيه وغيرها من أصوله. وكان مكثراً.
سئل عن مولده، فقال: ولدت في ليلة الاثنين خامس عشري جمادى الآخرة سنة عشرين وخمس مئة.
وخرج قبل موته عن أصبهان إلى شيراز من بلاد فارس فتوفي بها في سنة (ثلاث و) ست مئة، فيما بلغنا، والله أعلم.
568- محمد بن المأمون بن الرشيد بن هبة الله المطوعي، أبو عبد الله.
من أهل لهاور، أحد بلاد الهند.
رحل من بلده في طلب العلم، وأقام بخراسان مدةً، وتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه وسمع بنيسابور من أصحاب: أبي بكر الشيرويي، وأبي نصر القشيري، ومن بعدهم.
ورد العراق، وأقام ببغداد مديدةً، وكتب عن جماعةٍ من أهلها. وكان يذكر أنه سمع من الحافظ أبي طاهر السلفي بالإسكندرية. ولقيته بواسط وعلقت عنه(2/127)
شيئاً. وظاهره الصدق.
أنشدني أبو عبد الله محمد بن المأمون اللهاوري من لفظه، قال: أنشدني الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالإسكندرية لنفسه، رحمه الله:
دين الرسول وشرعه أخباره ... وأجل علمٍ يقتفى آثاره
من كان مشتغلاً بها وبنشرها ... بين البرية لا عفت آثاره
طاف محمد بن المأمون البلاد وشرق وغرب، وسكن بأخرةٍ بلدةٍ من بلاد أذريبجان وكان يعظ به ويحدث، فقصده قومٌ من الملاحدة وقتلوه بها في سنة ثلاث وست مئة فتكاً، ويقال: إنه كان في الصلاة، فدفن بالمسجد الجامع به، رحمه الله، والله الموفق.
569- محمد بن مظفر بن شجاع، أبو عبد الله البزاز يعرف بابن البواب.
سمع أبا الوقت عبد الأول السجزي، وجماعةً بعده، وحدث باليسير كتبنا عنه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن المظفر البزاز بقراءتي عليه: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، عن يزيد بن أبي عبيد،(2/128)
عن سلمة بن الأكوع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)).
سئل محمد بن مظفر عن مولده، فقال: في سنة سبع وأربعين وخمس مئة. وتوفي في ربيع الآخر سنة أربع عشرة وست مئة، رحمه الله وإيانا.
((آخر الجزء الثاني عشر من الأصل))
570- محمد بن مسلم بن إبراهيم الحموي، أبو عبد الله.
قدم بغداد واستوطنها مدةً. وشهد بها عند قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي ابن البخاري في ولايته الأولة يوم الجمعة رابع جمادى الأولى سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وزكاه العدلان: أبو عبد الله محمد بن محمود ابن الحراني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حماد. وولي النظر في الوقوف على المدارس الحنفية جميعها، وبقي على ذلك إلى أواخر جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وخمس مئة فإنه عزل عن الجميع وأبعد عن بغداد إلى واسط فكان بها مدةً، ثم خرج منها مختفياً فلحق بالشام، ويقال: إنه عاد إلى بلده، وانقطع خبره.
571- محمد بن المؤمل بن نصر بن المؤمل، أبو بكر بن أبي طاهر ابن أبي القاسم.
من قريةٍ تعرف بقباب ليث قريبةٍ من بعقوبا. كان يذكر أنه من ولد الليث بن نصر بن سيار الشيباني، وسكن بعقوبا.
قدم بغداد مراراً كثيرةً، وسمع بها من أبي الوقت السجزي، وغيره. سمعنا(2/129)
منه. وكان سماعه صحيحاً.
قرأت على أبي بكر محمد بن المؤمل الليثي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري، قال: حدثنا أبو عاصم محمد بن محمد بن يوسف الباشاني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حامد الماليني، قال: حدثنا أبو سعد يحيى بن منصور الزاهد، قال: حدثنا عمرو بن علي الصيرفي، قال: حدثنا عثمان بن عمر، قال: حدثنا يونس ابن يزيد، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا نذر في معصية، وكفارته كافرة يمين)).(2/130)
سألت أبا بكر المؤمل هذا عن مولده، فقال: قال لي والدي: ولدت في سنة أربعين وخمس مئة ببعقوبا.
قلت: وتوفي بها ليلة الجمعة ثامن عشري جمادى الأولى سنة سبع عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة هناك.
572- محمد بن مسعود بن محمد الماليني الهروي -ومالين: من رستاق هراة- أبو يعلى.
أديبٌ له معرفةٌ بالنحو واللغة، ويقول الشعر الجيد بالفارسية والعربية، ويذهب إلى مذهب الكرامية.
قدم بغداد حاجاً في سنة سبعٍ (أو) ثمانٍ وست مئة، وكتبت عنه بها شيئاً من شعره، فحج وعاد إلى بلده. وسألت عنه، فقيل: لم يكن محمود الطريقة وأنه كان متسامحاً في الأمور الدينية.
ومن شعره العربي:
أصون المحيا لا أرقرق ماءه ... إذا ابتذلت عند الطماعة أوجه
أأنزل بالأدنى ومن تحت أخمصي ... من الفلك الأعلى تطامن أوجه
سئل عن مولده فكتمه ولم يخبر به، وأظنه أجاز لنا، رحمه الله وإيانا.(2/131)
573- محمد بن أبي البدر، واسمه مقبل، بن فتيان بن مطر، أبو عبد الله يعرف بابن المني.
هو ابن أخي أبي الفتح نصر بن فتيان الفقيه، وسيأتي ذكره، وذكر أبي البدر مقبل أخيه في موضعهما، إن شاء الله.
ومحمد هذا حافظٌ للقرآن المجيد، قد قرأ بالقراءات العشر على شيخنا أبي بكر عبد الله بن منصور ابن الباقلاني بواسط وقصده. وسمع ببغداد من أبي أحمد الأسعد بن يلدرك، ومن عمه، وتفقه عليه. ومن أبي الغنائم عبد الرحمن بن جامع البناء، وجماعة، وحدث عنهم، وبإجازته من سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام أمير المؤمنين الناصر لدين الله، خلد الله ملكه.
574- محمد بن معد بن علي بن رافع العلوي الموسوي، أبو جعفر.
من أهل الحلة المزيدية، وقدم بغداد واستوطنها، وروى بها الحديث بإجازة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله -أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره- وحدث بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام بشيءٍ من ((مسند)) أبي عبد الله أحمد بن حنبل، ومن غيره.
وهو علوي خيرٌ، اشتغل بالعلم والخير. مولده في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة.(2/132)
حرف النون في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه نصر الله
575- محمد بن نصر الله بن محمد بن سالم الهيتي، أبو عبد الله ابن أبي الفرج.
من أهل هيت، بلدة من سقي الفرات معروفة.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه وعمه القاضي أبو منصور إبراهيم بن محمد الهيتي شهدوا كلهم عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي، وسيأتي ذكر أبيه نصر الله في حرف النون، إن شاء الله.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه وأنت تسمع في ((تاريخ الحكام)) له، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، قال: وأبو عبد الله محمد بن نصر الله بن محمد الهيتي يوم الجمعة العشرين من صفر سنة خمس وثلاثين وخمس مئة، وزكاه القاضيان أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ وأبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي.
ذكره أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في ((تاريخه)) وقال: تولى قضاء هيت إلا أنه عزل قبل موته. وكان سمع من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين ولم يحدث. آخر كلام ابن شافع.
وقال صدقة بن الحسين الفرضي في ((تاريخه)): توفي ابن أخي القاضي الهيتي في يوم الأحد سادس عشر ربيع الأول سنة ثلاث وستين وخمس مئة، وصلي عليه بجامع القصر الشريف، ودفن عند عمه بمقبرة محلة(2/133)
أبي حنيفة، رحمهم الله وإيانا.
576- محمد بن نصر الله، ويقال: نصر بن موسى بن نصر، ويقال: موسى بن الفضل، بن شبزق -بالشين المعجمة والزاي- أبو طالب ابن أبي الفضائل الرفاء.
أخو شيخنا أبي القاسم عبد الرحمن، وسيأتي ذكر أبيه وأخيه في موضعهما، إن شاء الله.
سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي وأبا القاسم ابن الحصين وغيرهما.
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق في ((معجم شيوخه)) وقال: أجاز لي.(2/134)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه نصر
577- محمد بن نصر بن الحسن بن عنين، أبو المحاسن.
من أهل دمشق.
شاعرٌ مجيدٌ، حسن النظم، كثير القول في المدح والهجاء والغزل والنسيب. جال في أقطار الأرض، وسافر ما بين الشام ومصر والعراق وخراسان وما وراء النهر وغزنة وقطعة من بلاد الهند، ومدح أكثر ملوك هذه الأقاليم وكبراءها واكتسب منهم وخالط أهلها.
قدم بغداد وارداً وصادراً غير مرة ولقيته بها وكتبت عنه شيئاً من شعره بالجهد لأنه كان ضنيناً به.
أنشدني أبو المحاسن محمد بن نصر بن عنين الدمشقي ببغداد لنفسه مبدأ قصيدة:
أهاجك شوقٌ أو سنا بارقٍ نجدي ... يضيء سناه ما يجن من الوجد(2/135)
تعرض وهناً والنجوم كأنها ... مصابيح رهبان تشب على بعد
حننت إليه بعدما نام صحبتي ... حنين العشار الخامصات إلى الورد
يذكرني عيشاً تقضى على الحمى ... وأيامنا عن أيمن العلم الفرد
وإذ أم عمرو كالغزالة ترتعي ... بوادي الخزامى روض ذات الثرى الجعد
ومنها:
فما زالت الأيام تمهي شفارها ... وتسحت حتى استأصلت كل ما عندي
فأقبلت أجتاب البلاد كأنني ... قذى حال دون الغمض في أعينٍ رمد
فلم يبق حزنٌ ما توقلت متنه ... ولم يبق سهلٌ ما جررت به بردي
أكد ويكدي الدهر في كل مطلبٍ ... فيا بؤس دهري كم أكد وكم يكدي
وأنشدني أيضاً لنفسه يهجو ابن مازة البخاري:
مال ابن مازة دونه لعفاته ... خرط القتادة أو منال الفرقد
مالٌ لزوم الجمع يمنع صرفه ... في راحةٍ مثل النداء المفرد
وأنشدني أيضاً لنفسه ملغزاً:
وما حيوانٌ يتقي الناس بطشه ... على أنه واهي القوى واهن البطش
إذا ضعفوا نصف اسمه فهو طائرٌ ... وإن ضعفوا باقيه كان من الوحش
سمعت ابن عنين يقول: أصلنا من الكوفة من موضع يعرف بمسجد بني النجار، ونحن من الأنصار. فسألته عن مولده، فقال: ولدت بدمشق في سنة(2/136)
سبع وأربعين وخمس مئة، لم يحقق الشهر.
578- محمد بن نصر بن المبارك ابن البردغولي، أبو المعالي بن أبي الفتوح بن أبي المظفر بن أبي القاسم يعرف بابن الطاهري.
هكذا سمى أباه نصراً، وقد لقيت أباه وسمعت منه وسمى نفسه صدقة، وخطه معنا بذلك، وقيل: سمى نفسه أيضاً نصراً، وأما نحن فما نعرفه إلا صدقة، وسيأتي ذكره في حرف الصاد على ما كتبناه عنه.
سمع أبو المعالي هذا أبا الحسن علي بن محمد بن بركة الزجاج وغيره، وروى عنه شيئاً يسيراً.
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه ناصر
579- محمد بن ناصر بن مهدي بن حمزة الرازي، أبو عبد الله بن أبي الحسن.
قدم مع أبيه بغداد وهو صبي في سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ونشأ بها، وترقت بهم الحال في خدمة الديوان العزيز -مجده الله- حتى وزر أبوه على ما سيأتي شرحه. وتولى أبو عبد الله هذا صدرية المخزن المعمور في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وست مئة وناب عن أبيه في ديوان المجلس. ولم يزل على ولايته إلى أن عزل يوم السبت لتسع بقين من جمادى الآخرة سنة أربع وست مئة، وعزل أبوه ليلة الأحد ثالثه، وألزما منزلهما مقصورين.(2/137)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه النفيس
580- محمد بن النفيس بن علي بن محمد بن محمد ابن الخطيب، أبو نصر.
من أهل الأنبار؛ من بيت الخطابة بها والرواية والتحديث. وقد روى من بيتهم غير واحد.
ذكر محمد بن مشق محمد بن النفيس هذا في ((معجمه))، وقال: أجاز لي. ولم يذكر ممن سمع، والله الموفق.
581- محمد بن النفيس بن مسعود، أبو سعد يعرف بابن صعوة -وهو لقبٌ لجده مسعود-.
كان أبوه النفيس تفقه على أبي الفتح ابن المني، وعرف طرفاً من الفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وسيأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله. وابنه محمد تفقه أيضاً على أبي الفتح ابن المني، وكان يحفظ القرآن، وقد سمع شيئاً من الحديث من جماعةٍ منهم: أبو علي ابن الرحبي، وأبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، والكاتبة شهدة بنت الإبري. ولم يرزق رواية شيءٍ مما سمعه، بل سمع منه قومٌ من أقرانه شيئاً ألفه من غير الحديث.
بلغني أن مولده في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة. وتوفي ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شوال سنة أربع وست مئة، وصلي عليه(2/138)
يوم الجمعة، ودفن بالجانب الشرقي بالمقبرة المعروفة بالزرادين بالمأمونية.
582- محمد بن النفيس بن محمد بن عطاء، أبو الفتح بن أبي المعالي.
من بيتٍ معروف، قد كان منهم فقهاء ووعاظ.
وأبو الفتح هذا صوفي سمع الحديث من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ولبس منه خرقة التصوف فيما ذكر لنا، وروى عنه. سمعنا منه، وكان سماعه صحيحاً، مع شيخنا عبد العزيز ابن الأخضر، رضي الله عنهما.
قرأت على أبي الفتح محمد بن النفيس بن عطاء، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثني خليفة، قال: حدثنا عمر بن علي، قال: حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من توكل لي بما بين رجليه وما بين لحييه توكلت له بالجنة)).
سألت أبا الفتح بن عطاء عن مولده، فقال: ولدت في ليلة ثاني عشري جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.(2/139)
583- محمد بن النفيس بن بقاء، أبو عبد الله يعرف بالخدمي -منسوب إلى خدمة الخدم بدار الخلافة المعظمة- شيد الله قواعدها بالعز.
سمع أبا القاسم يحيى بن ثابت البقال وغيره، وروى عنه. سمع منه بعض الطلبة من أصحابنا.
الأسماء المفردة في حرف النون من آباء من اسمه محمد
584- محمد بن نجم بن محمد بن عبد الواحد بن يونس اليزدي، أبو عبد الله.
من أهل يزد، بلدة بين أصبهان وكرمان.
قدم بغداد حاجاً، فحج وعاد، وحدث بها في صفر سنة ستين وخمس مئة بباب المراتب عن أبي العلاء غياث بن محمد العقيلي. سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والحافظ أبو بكر أحمد بن أبي غالب الباقداري، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار. وحدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، والأمير أبو منصور عبد الله بن علي الربيبي وغيرهما.
قرأت على الشيخ أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن نجم بن محمد اليزدي قراءةً عليه وأنت تسمع،(2/140)
فأقر به، وذلك في صفر سنة ستين وخمس مئة بباب المراتب، قال: أخبرنا أبو العلاء غياث بن محمد بن أحمد ابن العقيلي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي موسى الأنطاكي، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم، قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى ومالك ابن أنس، عن الزهري، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لكل دينٍ خلقٌ، وخلق الإسلام الحياء)).(2/141)
عاد هذا إلى بلده في هذه السنة وتوفي به، رحمه الله وإيانا.
585- محمد بن نجاح بن سعود بن عبد الله اليوسفي، أبو شجاع.
أخو أبي الحسن علي وأبي البركات يحيى، وسيأتي ذكرهما في هذا الكتاب، إن شاء الله. كان أبوهم نجاح مولى لأبي منصور بن يوسف فنسبوا إليه.
سمع محمد هذا من أبي علي الحسن بن المظفر ابن السبط، ومن أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما. وحدث عنهم.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي ابن المارستاني أنه سمع منه وأنه سأله عن مولده، فقال: في يوم الأحد ثاني عشر محرم سنة اثنتي عشرة وخمس مئة. قال: وتوفي في ثالث جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
586- محمد بن نسيم بن عبد الله العيشوني، أبو عبد الله.
كان أبوه نسيم مولىً لأبي الفضل بن عيشون فنسب إليه.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا القاسم علي بن أحمد بن(2/142)
بيان، وغيرهما. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبو محمد عبد العزيز بن الأخضر. وحدثنا عنه جماعةٌ، وقد أجاز لنا أيضاً.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن نسيم بن عبد الله الخياط قراءةً عليه، فأقر به. وأنبأناه محمد بن نسيم إجازةً، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن الرزاز، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: أخبرنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك)).
تنكس محمد بن نسيم من درجٍ في بيته ليلة الخميس رابع جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وخمس مئة فمات في وقته، وصلي عليه يوم الخميس، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة معروف الكرخي، رحمهما الله وإيانا.
587- محمد بن نزار، ويقال: ابن أبي نزار، أبو بكر يعرف بابن أبي البير.
من أهل الجانب الغربي، من المحلة المعروفة بالمستجدة.
ذكر لي أنه قرأ القرآن الكريم بالقراءات على سعد الله ابن الدجاجي، وأبي الفضل بن شنيف. وسمع أبا بكر ابن المقرب، وأبا علي ابن الرحبي وغيرهما.(2/143)
حدث بشيء يسيرٍ.
وتوفي يوم السبت سادس ذي الحجة سنة خمس عشرة وست مئة.
حرف الواو في آباء من اسمه محمد
588- محمد بن وهب بن سلمان بن أحمد بن علي السلمي، أبو المعالي بن أبي القاسم يعرف بابن الزنف.
من أهل دمشق؛ من أولاد الشيوخ المذكورين بها بالفقه والرواية.
سمع أبو المعالي هذا بدمشق من أبي الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي، وأبي الدر ياقوت بن عبد الله مولى ابن البخاري التاجر، والقاضي أبي القاسم الحسين بن الحسن الأسدي المعروف بابن البن، وغيرهم.
قدم بغداد حاجاً في ذي القعدة من سنة خمس وست مئة، وأقام بالمدرسة النظامية، وحدث بها عن المذكورين، وبإجازته من أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري. سمعنا منه، وكتبنا عنه.
أخبرنا أبو المعالي محمد بن وهب بن سلمان الدمشقي قراءةً عليه وأنا أسمع بالمدرسة النظامية ببغداد، قيل له: أخبركم أبو الفتح نصر الله بن محمد ابن عبد القوي الفقيه قراءةً عليه وأنت تسمع بدمشق، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع بصور،(2/144)
قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا مكرم بن أحمد القاضي، قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا سعيد، عن قتادة، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه موت النجاشي، فقال: ((صلوا على أخٍ لكم مات بغير بلادكم)) قال: فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفنا صفوفاً. قال جابر: فكنت في الصف الثاني أو الثالث. وكان اسم النجاشي أصحمة.
سألت أبا المعالي ابن الزنف عن مولده، فقال: ولدت ليلة الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
حج هذا الشيخ في هذه السنة وعاد إلى دمشق فتوفي بها يوم الأربعاء العشرين من شعبان من سنة ست وست مئة.(2/145)
حرف الهاء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه هبة الله
589- محمد بن هبة الله بن علي بن إبراهيم بن القاسم بن زهموية، أبو الدلف الكاتب.
من أهل باب الأزج. هو أخو أبي الحسن علي بن هبة الله المحدث المذكور بالرواية.
كان فيه فضلٌ وله معرفةٌ بالأدب ويقول الشعر. تولى خدمة الديوان العزيز -مجده الله- وعمل ناظراً في السواد كدجيل وغيره. وخرج إلى الحلة السيفية وأميرها يومئذٍ دبيس بن صدقة بن مزيد الأسدي فأقام عنده، فاتفق أنه توفي المستظهر بالله وبويع لولي عهده وولده أبي منصور الفضل ولقب بالمسترشد بالله وذلك في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وخمس مئة، فخرج الأمير أبو الحسن عبد الله أخو المسترشد مختفياً في الليلة التي تولى فيها أخوه، وكان أبوهما قد جعله ولي عهده بعد أخيه، وقصد حلة دبيس بن صدقة ونزل عليه، فأكرمه وأقام عنده، وله قصةٌ نشرحها عند ذكره فيمن اسمه عبد الله طويلة. وخدم أبو الدلف هذا معه وكان مدبر أموره. وخرج معه إلى واسط فلما أخذ الأمير أبو الحسن وانحل أمره في سنة ثلاث عشرة وخمس مئة أخذ معه وحمل إلى بغداد، وأشهر على جملٍ وطيف به الأسواق والمحال ورد إلى السجن فهلك به في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمس مئة، ودفن بمقبرة درب(2/146)
الخبازين، ثم نقل إلى مقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.
590- محمد بن هبة الله بن الحسن، أبو المعافى الأديب البرداني.
وبردان المنسوب إليها: قريةٌ قريبةٌ من بغداد.
روى عنه الشيخ أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط أبياتاً من شعره يمدح بها ((مختصر)) الخرقي في مذهب أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وغير ذلك. وذكر أنه أنشده ذلك في سنة أربع وعشرين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
591- محمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن عبد الواحد ابن الصباغ، أبو البركات.
أحد الشهود المعدلين، ومن بيتٍ منهم جماعة فقهاء وعدول ورواة.
شهد أبو البركات هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه في ((تاريخ الحكام)) له، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته: وأبو البركات محمد بن هبة الله ابن الصباغ يوم ثامن عشر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وخمس مئة، وزكاه أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي وأبو الحسين محمد ابن محمد ابن الفراء.
قال ابن المندائي: وتوفي أبو البركات ابن الصباغ يوم عاشر رجب سنة ثمان وعشرين وخمس مئة.
592- محمد بن هبة الله بن إبراهيم بن عبد الواحد العطار، أبو الحسن الوكيل.(2/147)
حدث عن أبي نصر محمد بن محمد الزينبي. سمع منه أبو محمد ابن الخشاب النحوي في شعبان سنة سبع وعشرين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
593- محمد بن هبة الله بن عبد الله، أبو شجاع الواعظ.
ذكر أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف في ((معجم شيوخه)) أنه أنشده شيئاً من شعره.
وذكره القاضي عمر بن علي القرشي أيضاً في شيوخه الذين سمع منهم، رحمهم الله وإيانا.
594- محمد بن هبة الله بن محمد بن الحسن ابن الصاحب، أبو المعالي بن أبي الفضل، أخو أبي القاسم علي حاجب باب النوبي المحروس الذي يأتي ذكره.
سمع أبا بكر أحمد بن بدران الحلواني، وحدث عنه. سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر الدمشقي، قال: أخبرنا أبو المعالي محمد بن هبة الله ابن الصاحب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني، قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري. وأخبرناه عالياً أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى التاجر، قال: أخبرنا أبو البركات هبة الله بن محمد بن علي ابن البخاري وأبو البقاء هبة الله بن محمد ابن إبراهيم ابن البيضاوي وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وأبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قراءةً عليهم منفردين وأنا أسمع، قالوا: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد ابن الغطريف الجرجاني، قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، عن جويرية، عن مالك،(2/148)
عن الزهري، عن مالك بن أوس، عن عمر بن الخطاب، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا نورث، ما تركناه صدقةٌ)).
قال القرشي: سألت أبا المعالي ابن الصاحب عن مولده فقال: في سنة ست وثمانين وأربع مئة. وتوفي ليلة الجمعة ثالث عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.
595- محمد بن هبة الله بن عبد الله، أبو عبد الله الفقيه الشافعي.
من أهل سلماس أحد بلاد أذربيجان.
قدم بغداد واستوطنها إلى أن توفي بها، وكان أحد المعيدين بالمدرسة النظامية، وله معرفةٌ حسنةٌ بالفقه؛ مذهباً وخلافاً وأصولاً. تفقه عليه جماعةٌ وانتفعوا به. وكان حسن الكلام، سديد الفتوى.
توفي ليلة الاثنين رابع شعبان سنة أربع وسبعين وخمس مئة، ودفن بالمقبرة المعروفة بالعطافية بالجانب الشرقي.
596- محمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله، أبو بكر.
من أهل أوانا أحد نواحي دجيل. تولى القضاء ببلده، والنظر في ديوان التركات الحشرية ببغداد في أيام الإمام المستضيء بأمر الله، ولم يكن محموداً في أمره.
توفي في محرم سنة ست وسبعين وخمس مئة فيما ذكر لي ابنه أبو(2/149)
الفتح محمد.
597- محمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد ابن الثقفي، أبو منصور.
من أهل الكوفة. أحد عدولها؛ من بيتٍ معروفٍ بالعدالة والقضاء ببغداد والكوفة، وأهل روايةٍ وتحديثٍ.
قدم أبو منصور بغداد مراراً كثيرة، وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وبالكوفة من الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي وغيرهما. وروى اليسير؛ سمع منه بالكوفة صديقنا أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي وغيره. وكتب لنا إجازة في سنة خمس وثمانين وخمس مئة من الكوفة.
أنبأنا أبو منصور محمد بن هبة الله ابن الثقفي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد في رجب سنة إحدى وعشرين وخمس مئة، قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري. وأخبرنيه أبو محمد عبد الغني بن الحسن ابن العطار الهمذاني بقراءتي عليه ببغداد في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد في صفر سنة خمس وعشرين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن القاسم العبدي بجرجان، قال: أخبرنا أبو خليفة القاضي، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا شعبة، عن زبيد ومنصور والأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ)).(2/150)
توفي أبو منصور بالكوفة بعد أن أجاز لنا بيسير، رحمه الله وإيانا.
598- محمد بن هبة الله بن يحيى بن الحسن بن أحمد بن عبد الباقي، أبو العلاء بن أبي جعفر بن أبي نصر يعرف بابن البوقي.
من أهل واسط، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه هبة الله، إن شاء الله.
تفقه أبو العلاء هذا بواسط على مذهب الشافعي رحمه الله على أبيه، وتكلم في مسائل الخلاف، وأفتى، وشهد عند القضاة.
وقدم بغداد مراراً كثيرةً، وناظر فقهاءها، وسمع بها شيئاً من الحديث. ورأيت في جزءٍ بخط أبي بكر عبيد الله بن نصر المارستاني طبقة سماع له من أبي الفضل الأرموي في سنة سبع وأربعين وخمس مئة وما أظنه دخل بغداد في هذا التاريخ بل بعده. والطبقة بخطه، أعني ابن البوقي، وما أظن ذلك إلا من فعل ابن المارستاني وكتابته على خط أبي العلاء وتشبيهه به، وأبو العلاء من ذلك بريء.
وناب عن الوزير أبي جعفر أحمد بن محمد ابن البلدي في أيام وزارته بديوان المجلس. وبعد هلاك ابن البلدي عاد إلى واسط. وقد كان سمع بها من أبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي، وأبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي الحسن عبد السلام لما قدمها، وأبي الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني، والقاضي أبي عبد الله محمد بن علي ابن المغازلي وغيرهم.(2/151)
وكان مؤثراً طلب الدنيا وخدمة السلطان؛ ترك الاشتغال بالعلم والاتسام به، وأذهب عمره بالتنقل من بلد إلى بلد رغبةً في خدمة أرباب الدنيا حتى استقرت به الدار بالحلة المزيدية ناظراً في سوادها إلى أن توفي بها.
لقيته بواسط، وبالحلة عند اجتيازي بها للحج. وقرأت عليه جزءاً واحداً من ((حديث يحيى بن معين)) بسماعه من أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام. وسألته عن مولده، فقال: قال لي والدي: ولدت في شهر ربيع الأول سنة تسع عشرة وخمس مئة.
قلت: وتوفي بقريةٍ من سواد الحلة يوم الأربعاء ثاني عشر شهر رمضان سنة تسعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة مشهد الحسين بن علي، رضي الله عنهم.
599- محمد بن هبة الله بن نصر الله بن محمد بن محمد بن مخلد الأزدي، أبو المفضل ابن شيخنا أبي العباس بن أبي الكرم بن أبي الحسن يعرف بابن الجلخت.
أحد العدول بواسط هو وأبوه، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه هبة الله إن شاء الله. وهما من أهل بيتٍ منه عدول ورواة ومحدثون ثقات صالحون.
سمع أبو المفضل جده أبا الكرم نصر الله وغيره، وقدم بغداد حاجاً في سنة أربع وتسعين وخمس مئة فحج وعاد، وحدث بها في سنة خمس وتسعين عن جده المذكور، ورأيته بها. سمع منه جماعةٌ من أصحابنا. وسمعت منه بواسط، ونعم الشيخ كان.
سألته عن مولده، فقال: ولدت في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة. وبلغنا أنه توفي بواسط في ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمس مئة، ودفن بتربة مسجد زنبور عند أبيه وأهله، رحمه الله وإيانا.(2/152)
600- محمد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسن، أبو البركات ابن شيخنا القاضي أبي الحسين بن أبي المعالي يعرف بابن أبي الحديد.
من أهل المدائن. كان أبوه أبو الحسين يتولى القضاء بها، وسيأتي ذكره إن شاء الله فيمن اسمه هبة الله.
وأبو البركات هذا كان كاتباً ذكياً فهماً، تولى عدة أشغال تتعلق بخدمة المخزن المعمور وغيره. وكان معنا بالمدرسة النظامية أيام نظرنا في أوقافها. علقت عنه أناشيد واستشهادات كانت تقع بيننا حال المذاكرة منها ما أنشدني بقرية من قرى دجيل لبعض المغاربة من حفظه:
ومهفهفٍ صبغ الحياء بخده ... دمه فظل دمي بذاك طليقا
هذا يروق وذا يراق وإنما ... هذا يروق صفاؤه ليريقا
توفي أبو البركات بن أبي الحديد ببغداد ليلة الثلاثاء حادي عشري صفر سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، وصلينا عليه يوم الثلاثاء، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام بالجانب الغربي.
601- محمد بن هبة الله بن محمد بن عبد السميع الهاشمي، أبو المظفر بن أبي الفخار الخطيب، أخو أبي تمام علي الذي يأتي ذكره.
كان أحد الخطباء بجامع المنصور في الجمع، ويسكن بباب البصرة. وقد سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي وغيره إلا أنه لم يرو(2/153)
شيئاً لأنه توفي شاباً في سابع شوال سنة اثنتين وست مئة.
602- محمد بن هبة الله بن الحسين التميمي، أبو منصور يعرف بابن جزنا.
من أهل الكوفة. شيخٌ صالحٌ حافظٌ للقرآن الكريم، له معرفةٌ بمذهب الزيدية. سمع بالكوفة من أبي الحسن محمد بن محمد بن غبرة الحارثي، ومن أبي العباس أحمد بن يحيى بن ناقة المسلي. وجالس أبا إسحاق إبراهيم بن علي المعروف بابن يلمش وأخذ عنه شيئاً من الفقه والأصول.
قدم بغداد، وسكنها إلى حين وفاته، وكان ينزل بالمأمونية. كتبنا عنه بها.
قرأت على أبي منصور محمد بن هبة الله بن جزنا الكوفي ببغداد من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الحسن محمد بن محمد بن الحسن الحارثي قراءةً عليه وأنت تسمع بالكوفة، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن سلمان قراءةً عليه وأنا أسمع في سنة خمس وسبعين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو طالب أحمد بن علي الجعفري، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا بشر بن موسى الأسدي، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن ميمون بن أبي شبيب، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بالخلق الحسن)).(2/154)
سألت أبا منصور هذا عن مولده، فقال: ولدت في صفر سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة. وتوفي ببغداد في ليلة الخميس خامس صفر سنة سبع وست مئة، ودفن يوم الخميس بالمقبرة المعروفة بالوردية بشرقي بغداد، رحمه الله وإيانا.
603- محمد بن هبة الله بن كامل بن إسماعيل، أبو الفرج بن أبي القاسم الوكيل بباب القضاة هو، وأبوه، ومن متميزي هذه الصناعة، وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله.
سمع أبو الفرج هذا من أبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبي النجم بدر بن عبد الله مولى عبد المحسن الشيحي، وأبي القاسم هبة الله بن عبد الله الواسطي الشروطي، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبي منصور سعيد بن محمد الرزاز الفقيه، وأبيه أبي القاسم هبة الله بن كامل وغيرهم. وكانت له إجازة من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وغيرهما.
وحدث بالكثير، وعمر حتى انفرد برواية كتبٍ لم تكن عند غيره. سمعنا منه الكثير، وكان صحيح السماع.(2/155)
قرأت على أبي الفرج محمد بن هبة الله بن كامل الوكيل من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي، مولاهم، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة وأبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، قالا: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن الجراح، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا عيسى بن سالم الشاشي، قال: حدثنا ابن المبارك، عن شعبة، عن عمرو بن مرة أنه سمع خيثمة يحدث عن عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اتقوا النار ولو بشق تمرةٍ فإن لم تجدوا فبكلمةٍ طيبةٍ)).
سألت أبا الفرج بن كامل عن مولده، فقال: في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة. وتوفي يوم الجمعة بعد الصلاة لخمس خلون من رجب سنة سبع وست مئة، وحضرت الصلاة عليه يوم السبت سادسه بالمدرسة النظامية، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة الشونيزي.
604- محمد بن هبة الله بن عبد العزيز بن علي بن محمد بن عمر ابن محمد بن الحسين بن عمر بن إبراهيم بن سعيد بن إبراهيم بن محمد بن نجا بن موسى بن سعد بن أبي وقاص الزهري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو المحاسن بن أبي الفرج بن أبي حامد البيع.
من باب المراتب. من البيوت القديمة ذوي اليسار والرواية، وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله.(2/156)
سمع أبو المحاسن هذا نقيب النقباء أبا الحسن محمد بن طراد الزينبي، وعمه أبا بكر محمد بن عبد العزيز، وأبا الوقت السجزي وغيرهم. وأضر في آخر عمره. سمعنا منه قبل ذلك.
قرأت على أبي المحاسن محمد بن هبة الله بن أبي حامد، قلت له: أخبركم عمك أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن علي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن قريش، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن حسنون النرسي، قال: حدثنا أبو عمر محمد ابن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبد الحميد بن صالح، قال: حدثنا محمد بن أبان، قال: حدثنا علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل السوق قال: ((اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها. اللهم إني أسألك أن لا أصب فيها يميناً فاجرةً أو صفقةً خاسرةً)).
سألت أبا المحاسن هذا عن مولده، فقال: في ذي الحجة سنة ثلاثين وخمس مئة، أظنه يوم عرفة.
605- محمد بن هبة الله بن المكرم بن عبد الله، أبو جعفر الصوفي.(2/157)
أحد الصوفية برباط شيخ الشيوخ. من أولاد المشايخ والرواة.
سمع أبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبا منصور المظفر بن أردشير العبادي الواعظ، وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي وغيرهم. كتبنا عنه.
قرأت على أبي جعفر محمد بن هبة الله بن المكرم، قلت له: أخبركم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا خلف بن هشام، قال: حدثنا العطاف ابن خالد، قال: حدثنا أبو حازم، عن سهل بن سعد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((غدوةٌ في سبيل الله، أو روحةٌ في سبيل الله، خيرٌ من الدنيا وما فيها، وموضع سوطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها)).
سألت أبا جعفر بن المكرم عن مولده، فقال: ولدت في ليلة سابع عشري رمضان سنة سبع وثلاثين وخمس مئة فيما قال لي والدي.
وتوفي يوم الأحد خامس محرم سنة إحدى وعشرين وست مئة، ودفن فيه بالشونيزي.(2/158)
الأسماء المفردة في حرف الهاء في آباء من اسمه محمد
606- محمد بن همام بن يوسف بن أحمد بن مالك العاقولي الأصل البغدادي المولد، أبو منصور بن أبي محمد الوكيل بباب القضاة يعرف بابن المسكي.
شيخٌ كان فيه تسامح ليس من أهل هذا الشأن. سمع أباه هماماً، ولم يرزق الرواية. قال لي: لم يسمع علي أحدٌ من مسموعاتي. ولا ظفرت أنا بشيءٍ من سماعاته في حياته، بل بعد وفاته، وقفت له على مسموعٍ له من أبيه.
كتبت عنه إنشاداتٍ، منها ما أنشدني من حفظه، قال: أنشدني أبو النجم المبارك بن الحسن الفرضي المعروف بابن القابلة لبعضهم:
لا يؤيسنك من مجدٍ تباعده ... فالمجد يدرك تدريجاً وترتيبا
إن القناة التي أبصرت رفعتها ... تبدو فتنبت أنبوباً فأنبوبا
وأنشدني أيضاً، قال: أنشدني أبو النجم المذكور:
فلا تغترر بالبشر من وجه صاحب ... ببرد ابتسام الثغر يخفي لظى الحقد
فإن نقيع السم لا شك قاتلٌ ... وإن كان يخفي طعمه لذة الشهد
وأنشدني أيضاً متمثلاً:
من عاش أدرك في الأعداء بغيته ... ومن يمت فله الأيام تنتصر
سألت أبا منصور ابن المسكي عن مولده، فقال: في شهر رمضان سنة عشرين وخمس مئة.
وخرج عن بغداد حاجاً في سنة ثمان وتسعين وخمس مئة وحج، وخرج منها إلى اليمن، وصار إلى مصر، وعاد إلى الشام، وتوجه إلى بغداد منحدراً من(2/159)
الموصل فمات بالمزرفة قبل دخولها بنصف يوم، وذلك في ذي الحجة سنة ست مئة، وحمل إلى باب حرب، فدفن هناك رحمه الله وإيانا.
حرف الياء في آباء من اسمه محمد
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه يوسف ...
607- محمد بن يوسف بن أبي القاسم الشاشي، أبو المحاسن الشاعر.
ذكره أبو المعالي سعد بن علي الحظيري الكتبي في كتابه الذي سماه ((زينة الدهر في ذكر لطائف شعراء العصر))، وقال: أنشدني لنفسه ببغداد:
لا تحقرن أديباً راق رونقه ... من الفصاحة إما راح في سمل
فالسكر العسكري الحلو من قصبٍ ... والنرجس البابلي الغض من بصل
608- محمد بن يوسف بن علي بن أبي منصور، أبو شجاع الفقيه الشافعي.
من أهل همذان.
قدم بغداد واستوطنها، وكان بالمدرسة النظامية. وسمع بها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن صهر هبة، وحدث عنه بها أيضاً. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وغيره. وروى لنا عنه الشريف أبو طالب عبد الرحمن بن محمد الهاشمي بواسط.(2/160)
حدثنا عبد الرحمن بن محمد الهاشمي لفظاً، قال: قرأت على أبي شجاع محمد بن يوسف بن علي الهمذاني ببغداد: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، قراءةً عليه وأنت تسمع، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن علي الجوهري يقول: سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد العسكري يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد بن مسروق يقول: سمعت حارثاً المحاسبي يقول: ((ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة: حسن الوجه مع الصيانة، وحسن الخلق مع الديانة، وحسن الإخاء مع الأمانة)).
609- محمد بن يوسف بن علي البزاز، أبو الحسين، أخو شيخنا عبد الصمد.
من ساكني دار البساسيري.
شابٌ صالحٌ، قارئٌ لكتاب الله. قرأ بالقراءات. وسمع الكثير بنفسه، وكتب بخطه، وأفاد أخويه: عبد الصمد وعلياً. وكان سماعه من أبي الوقت السجزي، وأبي عبد الله محمد بن عبيد الله ابن الرطبي، وأبي المظفر ابن الشبلي، ونحوهم. وكتب الكثير. ولم يرزق الرواية لأنه توفي في حال شبابه.
قال لي عبد الصمد بن يوسف: توفي أخي أبو الحسين بعد الستين وخمس مئة بقليل، ووصفه بالصلاح.
610- محمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن الحسين بن أبي بكر القرميسيني الأصل البغدادي المولد، أبو الفتح التاجر، أخو شيخنا أبي العباس أحمد.
كان يسكن الصاغة بدار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز-.
قرأ القرآن العزيز على الشيوخ. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري وغيرهما.
واشتغل بالتجارة، وجال في الآفاق، وسمع في أسفاره بنيسابور من أبي(2/161)
الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري، ومن أبي البركات عبد الله بن محمد ابن الفراوي، وبمرو من محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، وغيرهم.
خرج عن بغداد بعد سنة خمسين وخمس مئة، وحدث في أسفاره.
حدثني حمزة بن سلامة الحراني، قال: رأيت محمد بن يوسف القرميسيني بمكة -شرفها الله- وإنساناً مغربياً يقرأ عليه شيئاً من الحديث وهو مشغولٌ ببيع وشراء، قصدته لأراه وما كنت رأيته قبل ذلك.
حدثني أبو العباس أحمد بن يوسف ابن القرميسيني ببغداد قال: ركب إخوتي أبو الفتح محمد وعبد الله وعبد الرحيم ومعهم جماعةٌ من أولادهم وأتباعهم مركباً من عدن طالبين بعض البلاد البحرية فكسر بهم المركب فغرقوا أجمعين ولم ينج منهم مخبر، وإنما عرف خبرهم بعد مدة وذلك في سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، رحمهم الله وإيانا.
611- محمد بن يوسف بن علي الغزنوي، أبو الفضل الحنفي.
قدم بغداد، وأقام سنين. وكان منقطعاً إلى البرهان علي الغزنوي الواعظ مقيماً برباطه بباب الأزج. سمع معه من جماعةٍ منهم: القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الفضل محمد بن ناصر السلامي، وجماعةٌ آخرون.
وحدث بها أيضاً. ووقفت على ((جزءٍ)) قد خرجه عن جماعةٍ من شيوخه،(2/162)
وحدث به الأجل صندل بن عبد الله المقتفوي.
وخرج عن بغداد قبل وفاته بسنين، وصار على مصر، وأقام بها إلى أن توفي. وحدث هناك بالكثير فسمع منه أهلها وجماعةٌ من الواردين إليها إلى أن بلغنا أنه توفي بها في يوم الاثنين خامس عشر شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الثلاثاء بها.
612- محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو عبد الله بن أبي الفتح بن أبي الحسن يعرف بابن صرما.
من أهل باب الأزج، أخو أبي العباس أحمد، وكان محمد الأكبر.
سمع جده أبا الحسن محمداً، والقاضي أبا الفضل الأرموي، ومحمد بن ناصر، وغيرهم.
ولم يكن بذاك, رأيته وما اتفق لي منه سماع. وقد حدث، وسمع منه جماعةٌ من أصحابنا. وأجاز لنا.
توفي يوم السبت ثامن عشر رجب سنة إحدى وست مئة.
613- محمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد بن يعقوب بن الحسين ابن المأمون عبد الله ابن الرشيد هارون ابن المهدي محمد ابن المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو تمام بن أبي الفتوح بن أبي تمام، الهاشمي، يعرف بابن الزوال، وهو لقبٌ لعلي بن محمد بن يعقوب.
وأبو تمام هذا أخو نقيب النقباء أبي العباس أحمد الذي يأتي ذكره.(2/163)
وكان أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- والمتولي لترتيب المجلس. ولم يعن بالرواية، ولم أقف له على سماع.
توفي يوم الاثنين خامس ذي الحجة سنة ثلاث وست مئة.
614- محمد بن يوسف بن عبيد الله النيسابوري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو عبد الله الكاتب، يعرف بابن المنتجب.
كان أبوه مؤدباً وصوفياً برباط درب زاخي.
ومحمد هذا كان يكتب خطا جيداً، في غاية الجودة والحسن. وقد قرأ شيئاً من الأدب على أبي محمد الحسن بن علي بن عبيدة الكرخي، وغيره. وكان يورق للناس. وتعلق في آخر عمره بخدمةٍ بالبدرية المعمورة وعلم بها الخط.
توفي يوم الجمعة تاسع عشري ذي الحجة سنة ثمان وست مئة، وصلي عليه عصر اليوم المذكور، ودفن بمشهد الإمام موسى بن جعفر، رحمه الله وإيانا.
615- محمد بن يوسف بن محفوظ بن محمد بن الحسن، أبو الحسن، الوكيل بباب القضاة، وأحد المديرين الذين يكتب اسمهم في الكتب لإثباتها، يعرف بابن الوراق.
سمع جده أبا جعفر محفوظ بن محمد، وروى عنه. وسمعنا منه.
قرأت على أبي الحسن محمد بن يوسف بن محفوظ، قلت له: أخبركم جدك أبو جعفر محفوظ بن محمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الخير المبارك بن عبد الجبار بن أحمد ابن الطيوري، قال: أخبرنا أبو طاهر(2/164)
محمد بن علي ابن العلاف الواعظ، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محمد بن الحسين السلمي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري، قال: حدثنا محمد ابن جعفر بن رزين، قال: حدثنا إبراهيم بن العلاء بن زبريق، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن بسر بن عبيد الله، عن أبي إدريس الخولاني، عن ابن سمعان، وكان من أهل الصفة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الميزان بيد الله تعالى يرفع أقواماً ويخفض آخرين إلى يوم القيامة)).
سألت أبا الحسن ابن الوراق عن مولده، فقال: في صبيحة الجمعة حادي عشري رمضان سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
616- محمد بن يوسف بن نشتكين بن عبد الله، أبو بكر الصوفي، يعرف بابن الطباخ.
من أهل واسط.
قدم بغداد واستوطنها، وخالط أهل الصلاح بها. وفي سنة ثمان وسبعين وخمس مئة تقدم سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- بإخراج سبيل في طريق مكة فيه أزواد وكسوة يعان به المشاة والمنقطعون ويعقب فيه من لا يقدر على المشي ورتب فيه أبو بكر هذا مشرفاً ثم صار متولياً له، وحمد أثره وشكر قيامه عليه.(2/165)
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه يحيى
617- محمد بن يحيى بن عبد الباقي بن عبد الواحد الزهري، أبو تمام، المعروف بابن شقران.
أحد الإخوة الأربعة: أبي المظفر أحمد وأبي الفضائل أحمد وأبي محمد عبد الرحمن، وكلهم يأتي ذكره، وقد تقدم ذكر نسبهم مرفوعاً إلى عبد الرحمن ابن عوف الزهري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذكر ابن أخيهم أبي تمام محمد بن أحمد.
سمع أبو تمام هذا من أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، وحدث عنه في سنة ثمان وخمسين وخمس مئة.
سمع منه أبو العشائر محمد بن علي ابن التلولي في هذا التاريخ.
618- محمد بن يحيى بن محمد بن هبيرة، أبو عبد الله ابن الوزير أبي المظفر، أخو أبي البدر ظفر، وسيأتي ذكرهما.
ناب أبو عبد الله هذا عن أبيه أيام وزارته، وخلفه في كثيرٍ من الأشغال في حال حضره وسفره. وكان سمع مع أبيه من جماعةٍ منهم: أبو المظفر(2/166)
عبد الملك بن علي الهمذاني، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وغيرهما. ولم يرو شيئاً لاشتغاله بخدمة الديوان العزيز -مجده الله- مدة حياة أبيه، وتوفي بعده بيسير في سنة إحدى وستين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
619- محمد بن يحيى بن إبراهيم، أبو الفتح الوكيل، يعرف بابن ملازق.
من ساكني محلة دار القز.
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق في شيوخه الذين سمع منهم، وقال: توفي في سنة سبع وستين وخمس مئة رحمه الله وإيانا.
620- محمد بن يحيى بن محمد بن مواهب بن إسرائيل البرداني، أبو الفتح.
أصله من الجانب الغربي، وسكن الجانب الشرقي.
سمع أبا غالب محمد بن عبد الواحد القزاز، وأبا علي محمد بن سعيد بن نبهان، وأبا عبد الله محمد بن عبد الباقي الدوري، وأبا علي محمد بن محمد ابن المهدي، وأبا منصور المقرب بن الحسين النساج، وجماعة آخرين. وحدث عنهم.
وكان جماعةٌ من أصحاب الحديث يضعفونه ويتهمونه برواية ما لم يسمعه، ولم أقف له على ما ينافي الصحة. سمعنا منه مع أصحابنا. وسمع منه قبلنا القاضي عمر القرشي، وأقرانه.(2/167)
أخبرنا أبو الفتح محمد بن يحيى بن محمد البرداني، قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو غالب محمد بن عبد الواحد بن الحسن القزاز، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي، قال: أخبرنا إسحاق بن سعيد النسوي، قال: حدثنا محمد بن هارون ابن الهيثم، قال: حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم بطرسوس، قال: حدثنا محمد ابن سابق، عن إبراهيم بن طهمان، عن منصور، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا راح أحدكم إلى الجمعة فليغتسل)).
سألت أبا الفتح البرداني عن مولده فقال: في شهر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وأربع مئة. وتوفي ليلة السبت لتسعٍ خلون من جمادى الأولى سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
قال تميم البندنيجي: وكان ضعيفاً جداً.
621- محمد بن يحيى بن علي بن الحسن الهمذاني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الحسن بن أبي البقاء، المؤدب.
من ساكني درب نصير.
سمع أبا القاسم زاهر بن طاهر الشحامي لما قدم بغداد حاجاً، وأبا العز ثابت بن منصور الكيلي، وغيرهما. وروى عنهم.
سمع منه أبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، وأبو محمد إبراهيم ابن علي بن بكروس، وأبو بكر عبد الله بن أحمد الخباز، وغيرهم.(2/168)
بلغني أن مولده في سنة ثلاث عشرة وخمس مئة. وتوفي سنة إحدى، أو اثنتين، وتسعين وخمس مئة.
622- محمد بن يحيى بن طلحة بن حمزة البجلي، أبو عبد الله الشاعر.
من شعراء أهل واسط، معروفٌ عندهم بقول الشعر.
قدم بغداد مراراً؛ وارداً وصادراً عن الشام، وكان يمدح الكبراء ويجتدي بالشعر. وله نظمٌ حسنٌ. سمعت منه جملةً من الشعر له، ولم يحصل عندي من ذلك شيء.
توفي بواسط في سلخ ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة في اليوم الذي توفي فيه شيخنا أبو بكر ابن الباقلاني المقرئ، رحمهما الله وإيانا.
623- محمد بن يحيى بن هبة الله بن فضل الله بن محمد بن محمد ابن النخاس، أبو نصر بن أبي الحسن بن أبي المعالي بن أبي محمد.
من أهل واسط، وأحد الشهود بها هو، وأبوه وجده. وكان أبوه يتولى(2/169)
قضاء الغراف من نواحي البطائح هو، وأبوه أبو المعالي، وجده أبو محمد.
سمع أبو نصر بواسط جده أبا المعالي، وأبا محمد الحسن بن علي ابن السوادي، وأبا جعفر هبة الله بن يحيى ابن البوقي، وجماعة. وبالبصرة أبا إسحاق إبراهيم بن عطية إمام جامعها، وأبا الحسن علي بن عبد الله الواعظ، ورشيدة بنت محمد المعلمة، وغيرهم.
سمعنا منه بواسط.
وقدم بغداد مراراً كثيرةً، وأقام بها، ولقيته بها وسمعت منه بها إنشاداً واحداً.
أنشدني أبو نصر محمد بن يحيى بن هبة الله ببغداد في سنة ثلاث وست مئة لأبي الحسن بن أبي الصقر الواسطي.
وقائلةٍ لما عمرت وصار لي ... ثمانون عاماً: عش كذا وابق واسلم
ودم وانتشق روح الحياة فإنه ... لأطيب من بيتٍ بصعدةٍ مظلم
وما لم تكن كلا على ابنٍ وغيره ... فلا تك بالدنيا شديد التبرم
فقلت لها: عذري لديك ممهدٌ ... ببيت زهيرٍ فاعلمي وتعلمي
سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ... ثمانين عاماً لا أبا لك يسأم
سألت أبا نصر هذا عن مولده، فقال: في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وخمس مئة. وتوفي بواسط في رجب سنة ثلاث عشرة وست مئة.(2/170)
624- محمد بن يحيى بن المظفر بن علي بن نعيم، أبو بكر ابن شيخنا أبي زكريا، يعرف بابن الحبير.
تفقه مدةً على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وتكلم في مسائل الخلاف، وناظر. ثم انتقل إلى مذهب الشافعي رضي الله عنه ودرس بالمدرسة المعروفة بالأسباباذية بين الدربين على مذهب الشافعي. وخرج إلى الحج متولياً كسوةَ البيت الشريف والصدقات بالحرمين الشريفين.
وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: الكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد الإبري، وأبي الفتح نصر بن فتيان بن المني، وغيرهما. وحدث عنهم.(2/171)
مولده في محرم سنة تسع وخمسين وخمس مئة. سمعت ذلك منه.
625- محمد بن يحيى بن علي بن الفضل بن هبة الله، أبو عبد الله ابن شيخنا أبي القاسم المعروف بابن فضلان -وهو لقبٌ للفضل- الفقيه الشافعي، ابن الفقيه، وسيأتي ذكر أبيه.
تفقه محمد هذا على أبيه، وأحسن الاشتغال، وتكلم في المسائل والمناظرات وأجاد الكلام. ورحل إلى خراسان وناظر مع علمائها، وعاد إلى بغداد، ودرس بعد أبيه بمدرسة فخر الدولة أبي المظفر ابن المطلب بعقد المصطنع. وتخرج به في الفقه جماعةٌ. ودرس بالمدرسة النظامية يوم السبت ثالث شهر ربيع الأول سنة أربع عشرة وست مئة وخلع عليه خلعة سوداء، وحضر عنده الولاة والفقهاء. وعزل في سابع ذي القعدة سنة ست عشرة وست مئة. وولي قضاء القضاة يوم الأحد ثالث شهر ربيع الأول من سنة تسع عشرة وست مئة، والنظر في الوقوف والمدارس.
وقد سمع جماعة من أصحاب ابن بيان، وأبي طالب الزينبي، وأبي القاسم ابن الحصين، ومن أبيه.
بلغني أن مولده في جمادى الأولى سنة ثمان وستين وخمس مئة.(2/172)
الأسماء المفردة في حرف الياء من آباء من اسمه محمد
626- محمد بن يونس بن محمد بن منعة، أبو حامد الفقيه الشافعي.
من أهل الموصل.
تفقه ببلده على أبيه. وقدم بغداد، وأقام بالمدرسة النظامية مدةً متفقهاً والمدرس بها يوسف بن بندار الدمشقي. وسمع بها الحديث من أبي عبد الرحمن محمد بن محمد الكشميهني لما قدمها، ومن أبي حامد محمد بن أبي الربيع الغرناطي. وعاد إلى بلده، ودرس هناك في عدة مدارس، وتولى القضاء به مديدةً. وقدم بغداد بعد ذلك رسولاً إلى الديوان العزيز -مجده الله- من أمراء الموصل مراراً، وناظر بها الفقهاء. وأجاز له سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله -خلد الله ملكه- وروى عنه بجامع القصر الشريف. وحدث بها أيضاً بشيءٍ جمعه في ذكر مناقب مولانا أمير المؤمنين -أعز الله أنصاره- وذلك في سنة سبع وست مئة. وعاد إلى الموصل.(2/173)
وكان حسن المعرفة بالمذهب والخلاف والأصول والجدل. تفقه عليه جماعةٌ كثيرة، وانتفع به خلقٌ من الناس. أجاز لنا.
وذكر لنا أن مولده في سنة خمس وثلاثين وخمس مئة. وتوفي بالموصل يوم الخميس سلخ جمادى الآخرة سنة ثمان وست مئة، ودفن غرة رجب.
627- محمد بن ياقوت بن عبد الله النجار، أبو الحسين، أخو شيخنا أبي الفرج يحيى.
كان يسكن درب القيار، وكان بكنيته أشهر.
روى عن أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي المقرئ. سمع منه عبد الرحمن بن عمر ابن الغزال الواعظ، وغيره.
وهو شيخ مقل لم تنشر عنه الرواية.
((آخر الجزء الثالث عشر من الأصل))(2/174)
الكنى في آباء من اسمه محمد
628- محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي نصر التميمي، أبو عبد الله القيرواني.
من أهل المغرب.
مقرئٌ فاضلٌ، له معرفةٌ بعلم الكلام والأصول. أقام بمصر مدةً، وقرأ بها القرآن الكريم بالقراءات على أبي العباس أحمد بن سعيد بن نفيس في سنة أربع وأربعين وأربع مئة. وسمع بها الحديث من القاضي أبي عبد الله محمد بن سلامة ابن جعفر القضاعي، وغيره.
وقدم بغداد، وأقام بها، وأقرأ بها القرآن العزيز بالقراءات، وروى بها الحديث. قرأ عليه أبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري العطار، وروى عنه في كتابه المعروف بـ ((المصباح الزاهر في ذكر القراءات العشر)) وغيره.
قال أحمد بن شافع: وتوفي ببغداد يوم الثلاثاء تاسع ذي الحجة سنة اثنتي عشرة وخمس مئة، وصلي عليه يوم الأربعاء بجامع القصر، ودفن بالجانب الغربي عند أبي الحسن الأشعري بمشرعة الروايا.
629- محمد بن أبي منصور بن أبي نعيم، وقيل: أبو منصور بن إبراهيم، أبو الفرج النجار.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن الخطيب الأنباري، وروى عنه، سمع منه أبو محمد ابن الخشاب النحوي في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، فيما قرأت بخطه.(2/175)
630- محمد بن أبي الحسن الفارسي، أبو بكر الصوفي.
كان يسكن دار البساسيري.
روى عن أبي علي أحمد بن محمد ابن البرداني. سمع منه أبو الفضل أحمد ابن صالح بن شافع، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي عمر بن علي القرشي، وغيرهم.
وكان في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة حياً لأنهم سمعوا منه في هذه السنة، رحمه الله وإيانا.
631- محمد بن أبي منصور بن عبد الرحمن الدينوري الأصل، أبو بكر أخو أحمد الذي يأتي ذكره.
سمع أبا سعد محمد بن عبد القاهر الأسدي، وروى عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
632- محمد بن أبي الغنائم الشروطي، أبو الثناء البغدادي.
ذكره أبو المعالي سعد بن علي الكتبي في كتابه الذي جمعه وسماه ((زينة الدهر في ذكر لطائف شعراء العصر))، وقال: أنشدني لنفسه:
إلى المدام ولو قمنا على الحدق ... في غرة الصبح أو في ظلمة الغسق
اليوم أول آذار تمل به ... لم يبق من لذة الدنيا سوى الرمق
أما ترى الصبح قد مد الرواق من الغيم ... الرقيق وقلب البرق في قلق
633- محمد بن أبي نصر بن يحيى، أبو سعد المستعمل.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وروى عنه. سمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب بعد سنة أربعين وخمس مئة.
634- محمد بن أبي الفتوح المغربي، أبو عمرو.
ذكره أبو بكر بن كامل في ((معجم شيوخه)) الذين كتب عنهم، وقال: أنشدني أبياتاً لغانم المالقي. وأوردها عنه في ((المعجم)).(2/176)
635- محمد بن أبي الفضل بن محمد بن مصعب الطلحي، أبو بكر.
من أهل أصبهان.
قدم بغداد في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، وحدث بها عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد. سمع منه بها أبو الفتوح يوسف بن المبارك بن كامل مع أبيه.
636- محمد بن أبي حرب بن أبي الفوارس، أبو الفوارس المدير.
من أهل شارع دار الرقيق.
سمع أبا البركات عبد الوهاب بن المبارك ابن الأنماطي، وأبا الحسن علي ابن هبة الله بن عبد السلام، وغيرهما.
أنبأنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، قال: توفي أبو الفوارس بن أبي حرب المدير يوم الجمعة ثاني رجب سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن بتربة الزبيدي بطريق شارع دار الرقيق.
637- محمد بن أبي الفرج بن أبي منصور، أبو البقاء الذهبي.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى عنه. سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن القرشي، قال: أخبرنا أبو البقاء محمد بن أبي الفرج الذهبي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وأنبأناه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين، قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو طالب محمد ابن محمد بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا أحمد بن محمد الخيشي، قال: حدثنا أبو همام، قال: حدثنا يحيى بن أبي(2/177)
بكير، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بريرة فأردت أن أشتريها وأشترط الولاء لأهلها، فقال: ((اشتريها فإنما الولاء لمن أعتق)).
638- محمد بن أبي الكرم بن كتائب، أبو عبد الله.
حدث عن أبي الكرم المبارك بن الحسن بن أحمد الشهرزوري في سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، وسمع منه جماعة في ذلك التاريخ.
639- محمد بن أبي غالب بن أحمد بن مرزوق بن أحمد الباقداري -وباقدارى المنسوب إليها من نواحي نهر ناب- أبو بكر الضرير.
قدم بغداد في صباه واستوطنها إلى حين وفاته. وقرأ بها القرآن على جماعةٍ من الشيوخ، وسمع بها الكثير من صباه إلى حين مات من خلقٍ كثير منهم: أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبو المعالي الفضل بن سهل الإسفراييني الحلبي، وأبو الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبو القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبو بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، والقاضي أبو عبد الله(2/178)
محمد بن عبيد الله ابن الرطبي، والشريف أبو المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي، والرئيس أبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، وجماعة يطول ذكرهم ويتعذر حصرهم.
وإليه انتهى حفظ الحديث ومعرفة رجاله في زمانه، وعليه كان المعتمد فيه، وإليه يرجع فيما يشكل منه.
قال أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج ابن الحصري عند ذكر وفاته: وهو آخر من بقي من حفاظ الحديث الأئمة فيه.
سمعت غير واحدٍ من شيوخنا يذكر أبا بكر الباقداري ويصفه بالحفظ والإتقان، ومعرفة الرجال والأسانيد والمتون، مع كونه ضريراً مقصوراً إلا أنه كان حفظةً، حسن الفهم، جيد المعرفة، شهد له شيوخه وأقرانه بذلك. وبلغني أن الشيخ أبا الفضل بن ناصر كان يراجع الباقداري في أشياء ويرجع إلى قوله فيها.
حدث بشيءٍ من مسموعاته، وخرج شيئاً عن شيوخه. سمع منه أقرانه ورفقاؤه وغيرهم رغبة في علمه ومعرفته منهم: الشريف أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الزيدي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبو منصور عبد اللطيف بن يحيى الدينوري، وجماعةٌ آخرون.
قرأت على أبي بكر عبد الله بن عمر بن علي الوكيل، قلت له: أخبركم الحافظ أبو بكر محمد بن أبي غالب بن أحمد الباقداري، قراءةً عليه وأنت تسمع في صفر سنة ست وستين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو المظفر محمد بن أحمد ابن علي الهاشمي وسعيد بن أحمد بن الحسن وأبو بكر محمد بن عبيد الله، قالوا: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الكاغدي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود، قال: حدثنا إسحاق(2/179)
ابن إبراهيم، قال: حدثنا سعد، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالك، قال: توفيت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم فخرج بجنازتها وخرجنا معه فرأيناه كئيباً حزيناً، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم قبرها فخرج ملتمع اللون، فسألناه عن ذلك. فقال: ((إنها كانت امرأة مسقاماً، فذكرت شدة الموت وضغطة القبر، فدعوت الله فخفف عنها)).
قال نصر بن أبي الفرج: توفي أبو بكر الباقداري يوم الخميس العصر، وصلي عليه بجامع القصر الشريف، ودفن يوم الجمعة خامس عشري ذي الحجة سنة خمس وسبعين وخمس مئة في مقبرة باب البصرة عند الرباط، يعني رباط الزوزني، رحمه الله.
640- محمد بن أبي الفرج بن حمزة بن كثير الدقاق، أبو جعفر، يعرف بابن المعاز.
هكذا سماه أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، وقال: سمعت منه عن الأشرف قراتكين بن المذكور. وخالفه في تسميته ((محمداً)) غيره وسموه(2/180)
((جعفراً)) وكنيته ((أبو محمد)) وسمعوا منه بهذا الاسم وهذه الكنية منهم: يوسف ابن سعيد البناء، وعلي بن سلمان الكعكي، وإسحاق بن محمد العلثي. وقال الكعكي: هكذا رأيت اسمه في سماعه على قراتكين. ونحن نذكره إن شاء الله في حرف الجيم فيمن اسمه جعفر جمعاً بين القولين.
كان هذا الشيخ في سنة سبع وسبعين وخمس مئة حياً لأن الكعكي ومن معه سمعوا منه في هذه السنة.
641- محمد بن أبي طاهر بن أبي سعد المسكي.
من أهل أصبهان.
قدم بغداد في سنة تسع وسبعين وخمس مئة، وأجاز لنا بها في هذه السنة، وما وقفت له على روايةٍ بعد.
وهو والد محمد بن محمد المسكي الذي قدم مع ابن الخجندي وتولى وقف النظامية.
توفي محمد بن أبي طاهر المسكي ببغداد بعد عوده من الحج في سفر سنة ثمانين وخمس مئة، ودفن بالشونيزي.
642- محمد بن أبي الليث بن أبي طالب، أبو بكر الضرير.
من أهل راذان أحد نواحي سواد العراق.
قدم بغداد وأقام بها، وسكن بباب الأزج. وقرأ القرآن على جماعةٍ منهم: أبو محمد عبد الله بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط، ودعوان بن علي الجبائي، وغيرهما. وسمع منهما، ومن أبي سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي. ولقن القرآن الكريم جماعةً، وأقرأ، وروى.(2/181)
643- محمد بن أبي المعالي بن قايد، أبو عبد الله.
من أهل أوانا، أحد نواحي دجيل.
شيخٌ صالحٌ له هناك رباطٌ يجتمع به جماعةٌ من الفقراء ويخلفهم بما يحضره. أضر في آخر عمره وأقعد أيضاً، فكان لا يستطيع القيام.
زرته في رباطه وجلست معه. وكان خيراً موصوفاً بالصلاح وحسن الحال.
سمعت أبا عبد الله محمد بن أحمد بن الحسن المقرئ من أهل الدور بدجيل يقول: حكى لنا محمد بن قايد أنه ورد عليهم فقيرٌ غريبٌ فكان عندهم إلى بعد صلاة المغرب، وقدم للجماعة طعامٌ على عادةٍ لهم بذلك، فشرعوا في الأكل إلا الفقير الغريب الوارد عليهم فإنه أبى، فسألوه عن سبب تأبيه، فقال: إني أشتهي رطباً برنياً جنياً ولا آكل حتى يحضر، وكان الوقت شتاءً وأحد كانونين، فضاق صدر كل واحدٍ من الجماعة لتأخره عنهم، وأعلموني بذلك، فقلت: كيف لنا برطبٍ برني جني في هذا الزمان؟ وحملت كلامه على وجه الكراهية للأكل لا لطلب رطبٍ، لأنه لا يوجد في مثل هذا الوقت، وتمم الجماعة أكلهم وصلينا صلاة العشاء الآخرة والفقير معنا لم يذق لنا طعاماً، ودخلت منزلي ومضى من الليل قريبٌ من ثلثه والفقير مع الجماعة في الرباط، ومنزلي بالرباط، وإذا باب الرباط يدق، فقيل: من ذا؟ فقال: رجل معه نذر نذره للشيخ. ففتح له ودخل وإذا معه طبقٌ صغيرٌ فيه رطب برني، فعجب الجماعة من ذلك، وأعلموني(2/182)
فخرجت إليهم، فقدم ذلك الرجل القادم الرطب بين يدي، وقال: إن لي نخلةً تحمل ولا يدرك رطبها إلا في الشتاء، وتسمى شتوية، وإني نذرت أن أحمل من أول ما يدرك فيها من الرطب إليك، وهذا أول رطبها. فقلت: ادعوا إلي هذا الفقير الذي أبى أن يتعشى معكم، فدعوه، فقلت له: بسم الله هذا الذي اشتهيت قد يسره الله في غير أوانه، فمد يده وتناول منه واحدةً أو ثنتين فأكلها. وكانت لي حالةٌ مع الله سبحانه قد فقدتها منذ ست عشرة سنة، فعادت علي عند تناوله لتلك الرطبة أو الرطبتين، ثم شكر وقام ولم يزد على ذلك. وعدت إلى منزلي فصلينا الصبح ففقدناه ولم نره، فضاق صدري لفقده، وأرسلت من يطلبه في جميع نواحي أوانا، فلم يروه، فزاد ضيق صدري بذلك وبقيت مغموماً، فدخل علي بعض أهل البلد ممن كان رآه عندنا ورأى ما عندي من الاهتمام، فسألني عن ذلك، فذكرت له حال الفقير وكونه كان عندنا وما ذاق لنا طعاماً، وأنه خرج قبل صلاة الصبح وقد طلبناه فلم نجده وهمي لذلك، فقال: إني رأيته قبل دخولي هذا عليكم بسوق الطعام وهو يلتقط من الأرض حباتٍ من الطعام مما يسقط على الأرض ويأكلها. فقلت لبعض أصحابنا: اذهب وأدركه بالموضع المذكور وأتني به، فذهب ذلك الرجل وطلبه فلم يجده، وعاد وأخبرني أنه لم يره. فعلمت أن الله سبحانه قدر اجتماعنا به لتعود علي ببركته الحالة التي كنت فقدتها من سنين، وشكرت الله تعالى.
دخل على محمد بن قايد رجلٌ من الملاحدة رباطه وهو جالسٌ وحده فقتله فتكاً وهو صائمٌ في يوم الخميس خامس عشري شهر رمضان سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وصلي عليه، ودفن في رباطه بأوانا، وأدرك قاتله، وقتل، وأحرقت جثته.(2/183)
644- محمد بن أبي علي بن أبي نصر، أبو عبد الله الفقيه الشافعي.
من أهل نوقان.
تفقه بنيسابور على أبي سعد محمد بن يحيى النيسابوري وبرع في فنه، وأحسن الكلام في المناظرة.
ثم قدم بغداد في حال كهولته، وأقام بمدرسةٍ قريبةٍ من رباط الشيخ أبي النجيب السهروردي تعرف بالقيصرية مدةً. وتردد إليه جماعةٌ من المتفقهة من غير إقامةٍ، وكان يذكر لهم درساً من تعليقه وجدله، وتجري عنه مباحثات ومناظرات ينتفع بها جماعةٌ من المترددين إليه والحاضرين عنده، وهو مقيمٌ على ذلك، وعنده طلبٌ للتدريس بالمدرسة النظامية ورغبة فيه، والزمان غير مساعد، إلى أن أنشأت الجهة الشريفة الكريمة والدة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه ورضي عنها- مدرسةً مجاورةً لتربتها الشريفة بالجانب الغربي للفقهاء الشافعية وتقدمت بأن يكون مدرسها فأحضر وخلع عليه خلعة جميلة وعمامة وطرحة ودرس بها يوم الخميس تاسع عشري شوال سنة تسعٍ وثمانين وخمس مئة، وأجري له الجراية الحسنة والمشاهرة الكثيرة، وأعاد له درسه ابنه، وحضر عنده الخلق(2/184)
الكثير من المدرسين والفقهاء والصوفية والأعيان، وأسكن بدارٍ بالمدرسة المذكورة. وانتقل إليه جماعةٌ من المتفقهة سكنوا بها أيضاً. ولم تزل حاله جارية على السداد من التدريس، والمناظرة، والفتوى، والرواية فإنه حدث عن شيخه محمد بن يحيى بأربعين حديثاً جمعها، وسمع منه جماعةٌ، وقد لقيته وما طلبت منه السماع، وقد أجاز لي، إلى أن خرج إلى الحج في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وخمس مئة فحج وعاد، فلما وصل الكوفة توفي بها في يوم الخميس ثالث صفر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن بها.
645- محمد بن أبي المظفر بن محمد بن أبي عمامة، أبو بكر البزاز.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي وغيره وروى عنهم. سمع منه جماعةٌ. وما اتفق لي لقاؤه، وقد أجاز لي.
توفي في رابع ذي الحجة سنة أربع وتسعين وخمس مئة.
646- محمد بن أبي محمد بن أبي المعالي ابن المقرون، أبو شجاع المقرئ.
من ساكني اللوزية، إحدى المحال الشرقية.
شيخٌ صالحٌ حافظٌ للقرآن المجيد، كثير التلاوة والتلقين له، ختم عليه(2/185)
خلقٌ كثيرٌ، وقرأ عليه قومٌ وأبناؤهم وأبناء أبنائهم. (وكان) حسن الطريقة، آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، مشتغلاً بالخير. أقرأ الناس أكثر من ستين سنة.
قرأ على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وعلى الشيخ أبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري العطار. وسمع منهما، ومن أبي الحسن محمد بن أحمد بن صرما، ومن القاضي أبي الفتح عبد الله بن محمد ابن البيضاوي، ومن أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، ومن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي، ومن القاضي أبي القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، ومن أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، ومن أبي القاسم عبد الله بن أحمد ابن الخلال الوكيل، وغيرهم.
وحدث بالكثير. قرأنا عليه القرآن الكريم بالقراءات، وسمعنا منه، ونعم الشيخ كان.
قرأت على شيخنا أبي شجاع محمد بن أبي محمد بن المقرون، قلت له: أخبركم القاضي أبو الفتح عبد الله بن محمد بن محمد، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا خالد بن مرداس، قال: حدثنا خالد بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن محمد بن زيد، عن ابن سيلان، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل)).
توفي شيخنا أبو شجاع في ليلة الخميس سابع عشر ربيع الآخر من سنة سبع(2/186)
وتسعين وخمس مئة. وحضرنا الصلاة عليه يوم الخميس بالمدرسة النظامية، والجمع وافرٌ كثيرٌ، وحمل إلى الجانب الغربي، فدفن بمقبرة باب حرب بصفة بشر بن الحارث، رحمهما الله وإيانا.
647- محمد بن أبي طاهر بن زقمير بن سنان الآجري، أبو عبد الله.
من أهل الحربية، إحدى المحال الغربية.
سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف. سمعنا منه مع أحمد بن سلمان الحربي المعروف بالسكر فيما خرجه لشيوخ الحربية.
قرئ على أبي عبد الله محمد بن أبي طاهر بن زقمير بالحربية وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن يوسف، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: حدثنا رضوان بن أحمد الصيدلاني، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: أخبرنا يونس بن بكير، عن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال: كان أصحاب بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر بضع عشرة وثلاث مئة رجل وكنا نتحدث أنهم كانوا على عدة أصحاب طالوت الذين عبروا معه النهر، فإنه لم يعبر النهر إلا مؤمن.(2/187)
توفي محمد بن زقمير هذا في ليلة الجمعة مستهل ذي القعدة من سنة سبع وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الجمعة وقت العصر بمقبرة باب حرب.
648- محمد بن أبي الحسن بن أبي نصر المقرئ، أبو الفضل، الضرير، يعرف بالخطيب - وهو لقبٌ له لا أنه كان يتولى الخطابة في موضع.
قرأ بالقراءات على أبي الحسن سعد الله بن نصر ابن الدجاجي، وعلى أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وغيرهما. وسمع منهما، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان.
وأقرأ الناس، وروى. سمعنا منه.
قرأت على أبي الفضل محمد بن أبي الحسن المقرئ، قلت له: أخبركم أبو الحسن سعد الله بن نصر بن سعيد الواعظ، قراءةً عليه وأنت تسمع، فقال: نعم، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا أبو سعد المظفر بن الحسن بن المظفر الهمذاني، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن عبد الله بن خراش الكاتب، قال: حدثنا أبو العباس الكندي، قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن جعفر الخوارزمي ببغداد، قال: أخبرنا(2/188)
ميمون بن الأصبغ، قال: حدثنا سيار بن حاتم قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مررت(2/189)
ليلة أسري بي بإبراهيم عليه السلام فقال: يا محمد أقرأ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء، وأنها قيعانٌ، وأن غراسها قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله)).
وتوفي ليلة الاثنين سابع عشر محرم سنة عشرين وست مئة، ودفن بباب حرب.
649- محمد بن أبي نصر بن أبي بكر الكتاني، أبو بكر المقرئ الخياط يعرف بابن البصري.
سمع أبا عبد الله محمد بن نسيم بن عبد الله العيشوني، وغيره. كتبنا عنه أحاديث يسيرة.
قرئ على أبي بكر محمد بن أبي نصر الخياط من أصل سماعه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن نسيم الخياط، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به. قلت: وأخبرنيه محمد بن نسيم فيما أجاز لنا في سنة أربع وسبعين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد ابن العلاف، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري، قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الكشي، قال: حدثنا سليمان ابن داود الشاذكوني، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من(2/190)
يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)).
سئل أبو بكر هذا عن مولده وأنا شاهدٌ، فقال: في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، وتوفي ليلة السبت خامس شعبان سنة خمس عشرة وست مئة، ودفن يوم السبت.
650- محمد بن أبي الفرج بن معالي، أبو المعالي.(2/191)
من أهل الموصل؛ ولد بها ونشأ، وقرأ بها القرآن الكريم على أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي. وسمع الحديث من أبي الفضل عبد الله بن أحمد ابن الطوسي الخطيب، وغيرهما.
ثم قدم بغداد في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، وأقام بها، وتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه، وقرأ الأدب على أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري، وحصل له طرفٌ من الفقه. وأعاد بالمدرسة النظامية. وأقرأ القرآن بالقراءات. وحدث.
مولده فيما قرأت بخطه في سنة تسع وثلاثين وخمس مئة بالموصل. وتوفي ببغداد ليلة السبت سادس شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وست مئة، ودفن يوم السبت.
651- محمد بن أبي البركات بن أبي السعادات، أبو السعادات، يعرف بابن صعنين.
من أهل الحريم الطاهري.
رجلٌ خيرٌ، موصوفٌ بالصلاح. سمع من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان، وغيره. كتبنا عنه.
قرأت على أبي السعادات محمد بن أبي البركات بن صعنين، قلت له:(2/192)
أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون إجازةً، قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الله المحاملي، قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن جعفر بن سلم الختلي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، عن إسماعيل بن عياش، عن يحيى بن يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الوهاب المكي، عن عبد الواحد النصري، عن واثلة بن الأسقع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المسلم على المسلم حرامٌ: عرضه، ودمه، وماله)).
652- محمد بن أبي العز بن جميل، أبو عبد الله.(2/193)
ولد بقريةٍ تعرف بجبى، من نواحي هيت، وقدم بغداد صبياً، واستوطنها، وقرأ بها القرآن الكريم والأدب والفرائض والحساب. وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، والقاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي الواسطي لما قدمها. وقال الشعر. ومدح سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- بقصائد كثيرة كان يوردها في المواسم والهناءات.
وخدم في أشغال الديوان العزيز -مجده الله- ونظر في ديوان التركات الحشرية، وتولى كتابة المخزن المعمور، ثم ولي صدرية المخزن بعد عزل أبي الفتوح بن المظفر في ليلة عاشر ذي القعدة سنة خمس وست مئة مضافاً إلى النظر بدجيل، وطريق خراسان، والخالص، والخزانة، والعقار، وغير ذلك من أعمال الحضرة. ولم يزل على ذلك إلى أن عزل في يوم السبت الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة وست مئة.
وتوفي يوم السبت النصف من شعبان سنة ست عشرة وست مئة، ودفن بمقابر قريش.
653- محمد بن أبي منصور بن أبي طاهر بن مرزوق، أبو عبد الله المقرئ الخياط.
من أهل الموصل. لقيته بها، وكتبت عنه، وذكر لي أنه قدم بغداد وسمع بها من الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، ومن شيخنا عبد المغيث بن زهير الحربي، أظن في سنة تسع وخمسين وخمس مئة، وعاد إلى بلده، وسمع هناك من جماعة.(2/194)
وهو شيخٌ صالحٌ صاحب مسجدٍ وصلاةٍ متشاغلٌ بالخير.
654- محمد بن أبي الوفاء بن أحمد بن أبي طاهر العدوي، أبو عبد الله النحوي يعرف بابن القبيصي.
من أهل الموصل أيضاً، منسوبٌ إلى قريةٍ من قرى الموصل.
حافظٌ للقرآن المجيد؛ قد قرأ بالقراءات على جماعةٍ من الشيوخ. وقرأ النحو على أبي الحرم مكي بن ريان الماكسيني الساكن بالموصل، وحصل له معرفةٌ جيدةٌ به.
قدم بغداد بعد سنة ثمانين وخمس مئة، وقرأ بها القرآن بالقراءات على شيخنا القاضي أبي الفتح نصر الله بن علي ابن الكيال الواسطي لما قدمها، وسمع منه. وتفقه على جمال الدين أبي القاسم يحيى بن علي بن فضلان، وأقام عنده مديدةً. وعاد إلى بلده ثم قدمها مرةً ثانيةً في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة. وسمع بها من أبي سعد بن حموية الصوفي لما وردها صادراً من الحج.
لقيته بإربل وكان بها مقيماً يقرئ النحو بدار الحديث. وكتبت عنه لفضله ولصلاحه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أبي الوفاء النحوي، قلت له: أخبركم الشيخ أبو سعد عبد الواحد بن علي بن محمد بن حموية الصوفي النيسابوري قدم عليكم بغداد قافلاً من الحج في رباط شيخ الشيوخ، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر(2/195)
به، قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر بن محمد الشحامي، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن عبد الغافر الفارسي، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسن السلمي، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن داود البلخي، قال: حدثنا مكي، قال: حدثنا أيمن، عن قدامة، قال: صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أحداً أخف صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أوجز ولا أتم منه.(2/196)
ذكر من اسمه محمد ولم نقف على نسبه
655- محمد البشيلي.
شيخٌ صالحٌ، من أهل قريةٍ تعرف ببشيلة من قرى بغداد قريبة من الجانب الغربي.
صحب الشيخ عبد القادر الجيلي، والفقراء والصالحين بعده. سليم الباطن. كنت أراه بجامع القصر الشريف في وقت الاعتكاف في شهر رمضان مشغولاً بنفسه والناس يتبركون به ويسألونه الدعاء.
توفي يوم السبت ثاني عشر شعبان سنة أربع وتسعين وخمس مئة، وصلى عليه خلقٌ كثيرٌ، ودفن بباب حرب فيما أحسب.
656- محمد البلخي.
أحد الزهاد وأصحاب العزلة والانفراد. كان لا يخالط الناس، ولا يأوي إلى أحدٍ، ويسكن الخراب مثل جامع براثا والمواضع الخالية، وإذا قصده إنسانٌ تباعد منه، وإذا تبعه رماه بالأحجار حتى يعود عنه، لبث على ذلك زماناً لا يعلم من أين قوته إلى أن كبر وعجز فكان يدخل إلى مسجد بقطفتا، المحلة المجاورة لقبر معروف الكرخي فيكون فيه في بعض الأحايين من غير أن يشعر به أحدٌ حتى مرض بهذا الموضع، وتوفي به، وعرف بموته فتبادر الناس إليه وإلى الصلاة عليه، فعبرنا وجماعةٌ من أصحابنا إلى الموضع المذكور، وتولى تجهيزه وتكفينه(2/197)
وكيل الجهة الشريفة الرحيمة والدة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على سائر الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين وخدمها وذلك في يوم الأحد الرابع من محرم سنة سبع وتسعين وخمس مئة، وصلينا عليه ظاهر المحلة عصر اليوم المذكور، ودفن بمقبرة معروف والخلق كثيرٌ، رحمنا الله وإياه.
هذا ما انتهى إليه ذكرنا ممن اسمه محمد، فلنبدأ الآن بذكر الأسماء بعده مرتبة على حروف المعجم، والله الموفق.(2/198)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه أحمد
657- أحمد بن أحمد بن عبد السلام ابن المزارع القصار، أبو القاسم ابن أبي الكرم المقرئ، يعرف بابن صبوخا.
من ساكني الظفرية، أحد المحال بالجانب الشرقي.
شيخٌ من أهل القرآن والرواية هو وأبوه، وسيأتي ذكر أبيه في موضعه إن شاء الله.
سمع أبو القاسم هذا من أبي غالب محمد بن الحسن البقال، وروى عنه.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف وذكره في ((معجم شيوخه))، وأخرج عنه فيه حديثاً.
وقد ذكر تاج الإسلام أبو سعد السمعاني: أحمد بن أبي الكرم بن عبد السلام القصار في كتابه في الكنى في آباء من اسمه أحمد، ولم يقف على اسم أبيه. وذكرناه نحن على الصواب في موضعه اعتماداً على ما ذكره أبو بكر بن كامل في ((معجمه)) لأنه سمع منه ومن أبيه جميعاً.
658- أحمد بن أحمد بن الحسن، أبو السعادات بن أبي الفضل، يعرف بابن العالمة.
من أولاد الشيوخ والمحدثين. سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، وروى عنه.
سمع منه أيضاً المبارك بن كامل، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).(2/199)
659- أحمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد السلام الأنصاري، أبو السعادات بن أبي القاسم، يعرف بابن الفأفاء السقلاطوني، من أهل بغداد.
هكذا ذكره أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي الدمشقي، ومن خطه نقلت، قال: أنشدنا أبو السعادات، وسماه ونسبه كما ذكرنا، بنيسابور من حفظه، قال: أنشدنا أبو الفضل بن أبي سعد الواعظ ببغداد لنفسه.
لعمرك ما يشين المرء إلا ... خلائقه إذا كانت قباحا
وليس يشينه خلقٌ ضئيلٌ ... وقد أضحت خلائقه ملاحا
ولست أبارز البطل اختلاساً ... ولكني أكافحه كفاحا
إذا ما الحرب أبدت ناجذيها ... لطالبها وأشهرت السلاحا
كررت على الكماة بمشرفي ... يكاد البرق من غربيه لاحا
يمانٌ مثل لون الملح صافٍ ... يقد جماجماً ويبيد راحا
كتب العليمي عن هذا الشيخ بنيسابور في سنة خمس وأربعين وخمس مئة، فوفاته بعدها، والله أعلم.
660- أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى الشيرازي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو جعفر بن أبي نصر المعروف بابن القاص الصوفي.
والقاص هو أبو يعلى جد أبيه. من أهل الحريم الطاهري، سكن قطفتا وكان بها إلى أن مات.
مقرئٌ، صاحب عبادة ورياضة ورواية، منقطعٌ فيها. قرأ بالقراءات على أبي بكر أحمد بن علي بن بدران الحلواني المعروف بخالوه، وعلى أبي الخير المبارك بن الحسين الغسال، وغيرهما. وسمع الحديث منهما، ومن أبي(2/200)
محمد عبد الله بن علي ابن الآبنوسي الوكيل، ومن أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبي علي محمد بن سعيد بن نبهان، وأبي عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني، وغيرهم. وحدث عنهم. وأقرأ الناس بالقراءات.
سمع منه القاضي عمر القرشي، وجماعةٌ من شيوخنا وأصحابنا وأثنوا عليه خيراً. وأدركناه، ولعله أجاز لنا، والله أعلم.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، قال: سألت أبا جعفر أحمد بن أحمد ابن القاص عن مولده، فقال: في سنة ست وتسعين وأربع مئة. وتوفي يوم الخميس سابع صفر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، ودفن من الغد.
وقال صدقة بن الحسين الحداد في تاريخه: توفي أبو جعفر ابن القاص يوم الخميس سابع صفر من السنة المذكورة وقت العصر، وصلي عليه يوم الجمعة عند بيته بمحلة قطفتا، ودفن بتربةٍ له عند معروف الكرخي، وكان شافعي المذهب.
قلت: قوله ((عند معروف الكرخي)) سهوٌ منه، بل مع عقد قطفتا مما يلي المحلة عن يسرة الخارج إلى مقبرة معروف، وقبره اليوم ظاهرٌ يزار، وقد زرته مراراً.
661- أحمد بن أحمد بن أحمد، أبو العباس الأرعنزي.
من أهل ديار بكر.
رجلٌ صالحٌ. قدم بغداد طالباً للحديث، وأقام بها مشتغلاً بسماعه مرافقاً(2/201)
للشريف أبي الحسن علي بن أحمد الزيدي وطبقته، وافر الهمة، حسن الطريقة، مقبلاً على الخير.
سمع أبا بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان، وأبا بكر عبد الله بن محمد ابن النقور، وخلقاً يطول ذكرهم.
وخرج عن بغداد مسافراً وغاب خبره، رحمه الله وإيانا.
662- أحمد بن أحمد بن علي بن بيدان النهرواني الأصل، أبو منصور المؤدب، يعرف بابن بهدل، وهو لقبٌ لأبيه أو جده.
كان يسكن دار البساسيري، ويعلم الصبيان الخط في مكتب له هناك.
ذكره أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، فقال: سمع أبا سعد أحمد ابن عبد الجبار الصيرفي، والأشرف قراتكين بن المذكور، وأبا العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وغيرهم. وحدث عنهم.
سمع منه القاضي عمر القرشي، وأبو القاسم ابن البندنيجي، وجماعة من أصحابنا.
أنبأنا القرشي، قال: سألت أبا منصور ابن بهدل عن مولده فقال: في يوم الجمعة ثاني رجب سنة أربع وتسعين وأربع مئة. وتوفي في يوم الأربعاء تاسع عشر شهر رمضان سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
663- أحمد بن أحمد بن محمد بن علي بن أحمد بن عمر بن الحسن بن حمدي، أبو المظفر بن أبي جعفر المقرئ.
أحد الشهود المعدلين هو، وأبوه. وسيأتي ذكر أبيه في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله.(2/202)
شهد أبو المظفر هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي، قراءةً عليه ونحن نسمع، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار المندائي، قراءةً عليه وأنت تسمع، في ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) من جمعه، فأقر به، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته وأثبت تزكيته، قال: وأبو المظفر أحمد بن أحمد بن محمد بن حمدي يوم السبت سابع عشري جمادى الأولى سنة ثلاثين وخمس مئة، وزكاه الشيخان: أبو المعالي صالح بن شافع وأبو بكر أحمد ابن محمد الدينوري المعدلان.
كان أبو المظفر هذا من القراء الموصوفين بحسن التلاوة وجودة القراءة. قرأ على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد سبط الشيخ أبي منصور الخياط بالقراءات الكثيرة، وأم بعده بالمسجد المعروف بابن جردة بالريحانيين مدةً إلى حين وفاته. وكان الناس يقصدونه ويسمعون قراءته في التراويح وغيرها.
سمع الحديث من خلقٍ كثيرٍ منهم: أبو سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري، وأبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي المقرئ، وأبو القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي النيسابوري لما قدمها للحج، وخلقاً كثيراً ممن في طبقتهم وبعدهم.
وكتب بخطه، وحدث، وروى، وسمع منه الناس زماناً. ورأيته وما اتفق لي منه سماع، وأجاز لي مراراً.
أنبأنا العدل أبو المظفر أحمد بن أحمد بن حمدي، قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي. وأخبرنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي وأبو الحسن علي بن محمد بن يعيش في آخرين، قالوا:(2/203)
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، قالا: حدثنا أبو طالب محمد ابن محمد بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا محمد بن يونس، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الصفار، قال: حدثنا روح بن مسافر، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن علي كرم الله وجهه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين إلا النبيين والمرسلين، لا تخبرهما يا علي ما عاشا)).
أنبأنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، قال: مولد أحمد بن حمدي في شعبان سنة عشر وخمس مئة.
قلت: وتوفي ليلة الجمعة خامس عشري جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الجمعة، ودفن عند أبيه وأهله بمقبرة باب حرب.(2/204)
664- أحمد بن أحمد بن محمد بن ينال الصوفي، أبو العباس بن أبي منصور المعروف بالترك.
من أهل أصبهان. سمع بها أبا مطيع محمد بن عبد الواحد المصري، وأبا محمد عبد الرحمن بن حمد الدوني.
وقدم بغداد في صباه، وسمع من أبي طاهر عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف، ومن أبي البركات عبد الكريم بن هبة الله النحوي. وأجاز له أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف. وعاد إلى بلده، وحدث به مدة، وسمع عليه هناك الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ابن عساكر الدمشقي. ثم قدم بغداد حاجاً في سنة ست وخمسين وخمس مئة فحدث بها عن أبي مطيع المصري، وغيره. سمع منه بها جماعةٌ. وعاد إلى أصبهان، وكتب لنا إجازةً مع الحافظ محمد بن موسى الحازمي في سنة تسع وسبعين وخمس مئة.
أخبرنا أبو نصر عمر بن محمد بن أحمد الدينوري بقراءتي عليه من كتابه ببغداد، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن أحمد ترك الأصبهاني، قدم عليكم بغداد حاجاً، قراءةً عليه وأنت تسمع بها، في سنة ست وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد الأديب، قراءةً عليه، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن أحمد بن العباس الباطرقاني، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك،(2/205)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تجسسوا وكونوا إخواناً كما أمركم الله تعالى)). أخبرنيه أحمد بن أحمد الملقب تركاً فيما أجازه لنا.
توفي أحمد بن أحمد بن محمد هذا بأصبهان في سنة ست وثمانين وخمس مئة.
665- أحمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن أبي عيسى، أبو المعالي بن أبي العباس بن أبي الفتح.
وقد تقدم ذكر نسبهم في ((محمد بن محمد)) عند ذكر جده أبي الفتح.
كان أبو المعالي أحد الشهود المعدلين هو، وأبوه، وجده,. وقد سبق ذكر جده، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه أحمد بن محمد إن شاء الله. شهد أبو المعالي هذا عند قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي ابن البخاري في ولايته الأولة يوم الاثنين سادس عشر شعبان سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وزكاه العدلان: أبو الحسن علي بن المبارك بن جابر وأبو عبد الله محمد بن الحسن بن زرقان، وكان قد سمع من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيره. وما أعلم أنه حدث بشيءٍ.(2/206)
توفي في ليلة الأربعاء سادس عشري صفر سنة اثنتين وست مئة، ودفن يوم الأربعاء بالمقبرة المعروفة بالعطافية بالجانب الشرقي.
666- أحمد بن أحمد بن أحمد بن كرم بن غالب البندنيجي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العباس بن أبي بكر بن أبي السعادات.
من أهل باب الأزج.
أحد الشهود المعدلين؛ قبل شهادته قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الثانية يوم الثلاثاء سابع عشري محرم سنة ست وسبعين وخمس مئة، وزكاه القاضي أبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الساوي والشريف أبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب. وعزل مع قاضي القضاة محمد بن جعفر العباسي في جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وخمس مئة، وأعيد في سابع عشري صفر سنة سبع وست مئة.
قرأ القرآن الكريم على الشيخ أبي حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني ومنه تلقن. وقرأ بالقراءات على أبي الحسن علي بن عساكر البطائحي، وغيره. وسمع الكثير من أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبي الوقت عبد الأول بن(2/207)
عيسى السجزي، وأبي المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبي محمد محمد ابن أحمد ابن المادح، والشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وأبي طالب المبارك بن علي بن خضير، وأبي القاسم هبة الله بن الحسن بن هليل الدقاق، وأبي المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة، وأبي المعمر عبد الله بن سعد المعروف بخزيفة، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وخلقٍ يطول ذكرهم.
وكتب بخطه. وكان وافر السماع، كثير الشيوخ، حسن الأصول. حدث بكثيرٍ، سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن أحمد العدل من كتابه الذي فيه سماعه، قلت له: أخبركم أبو محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم التميمي، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا أحمد ابن حنبل وجدي وزهير بن حرب وسريج بن يونس وابن المقرئ، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم برجلٍ يعظ أخاه في الحياء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
سألت أبا العباس أحمد بن أحمد عن مولده، فقال: في شهر ربيع الأول سنة إحدى وأربعين وخمس مئة. وتوفي ليلة الثلاثاء رابع عشر رمضان سنة خمس عشرة وست مئة. ودفن يوم الثلاثاء بباب حرب.(2/208)
667- أحمد بن أحمد بن أبي غالب ابن السمذي، أبو القاسم بن أبي الفضل الدقاق.
من أهل محلة باب الطاق ومشهد أبي حنيفة، سكن نهر المعلى.
سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، ووجدنا سماعه منه في ((نسخة أبي الجهم)) العلاء بن موسى بن عطية الذهلي، فكتبنا عنه.
قرأت على أبي القاسم أحمد بن أبي غالب الدقاق، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع بجامع المنصور، فأقر بذلك وعرفه، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح الأنصاري، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا أبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن يحيى بن جعدة، عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ قال: ((جهد المقل، وابدأ بمن تعول)).
سألت أبا القاسم هذا عن مولده، فقال: ولدت في مستهل ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.(2/209)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه إبراهيم
668- أحمد بن إبراهيم بن علي، أبو منصور الوقاياتي.
من أهل شارع دار الرقيق، صهر أبي القاسم المهرواني على ابنته.
سمع أبا الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد، وروى عنه. سمع منه أبو علي أحمد بن محمد ابن البرداني الحافظ فيما ذكر القرشي.
وهذا من المستدرك على تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني لأنه قديمٌ من شرطه لم يذكره.
669- أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن مالك العاقولي، أبو بكر.
من أهل باب الأزج. من أولاد المحدثين؛ روى هو، أبوه.
سمع أبا عبد الله الحسين بن علي ابن البسري، وحدث عنه. سمع منه تاج الإسلام أبو سعد وذكره في كتابه. وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته. وسمع منه بعده القاضي أبو المحاسن القرشي، وغيره.
أنبأنا عمر بن علي الدمشقي، ومن خطه نقلت، قال: توفي أبو بكر أحمد ابن إبراهيم العاقولي في ثالث شهر ربيع الآخر من سنة ست وستين وخمس مئة.(2/210)
670- أحمد بن إبراهيم بن يحيى، أبو سعد المؤدب.
من أهل درزيجان، قرية قريبة من بغداد.
دخل بغداد، وأقام بها، وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن الحسين ابن الحاسب، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وغيرهما. وانحدر إلى واسط فقرأ بها القرآن الكريم على جماعةٍ من أصحاب أبي العز القلانسي. ثم صار إلى البصرة واستوطنها، وسمع من أبي إسحاق إبراهيم بن عطية إمام جامعها، ومن أبي الحسن علي بن عبد الله الواعظ، وغيرهما.
ولقيته بواسط، وكتبت عنه عن شيوخ البصرة. ثم قدم علينا بغداد في أوائل سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، وسمع معي من القاضي أبي العباس ابن المأمون. وعاد إلى البصرة فأقام بها إلى أن توفي في جمادى الأولى سنة ست مئة.
671- أحمد بن إبراهيم بن أبي ياسر الغزال، أبو العباس، يعرف بالحنبلي.
جعله قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني أميناً، وفوض إليه النظر في تركات الأيتام وغيرها. وكان على ذلك مدةً ثم اعتبر ما صار إليه في مدة نظره من الأموال وحاسبه، فعجزت مبلغاً كثيراً، فطالبه بذلك، فلم يقم به حجة، وادعى عليه أنه أذن له في الإنفاق مما بيده في عمارة المارستان وغيره، وقاضي القضاة منكرٌ لذلك فحبسه سنين، ولم يحصل منه شيء، ثم أطلق.
وكان يذكر أنه سمع من قاضي المارستان أبي بكر الأنصاري، وغيره، ولم يظهر سماعه في شيءٍ. وقد حدثني من حفظه بحكاية ذكر أنه سمعها من أبي بكر(2/211)
المذكور تتعلق بحاله، أعني القاضي أبا بكر، وتقلبه في أحواله وسفره ليست تتعلق بالرواية، فلذلك لم أوردها.
توفي أحمد بن إبراهيم هذا في سنة أربع وتسعين وخمس مئة أو نحوها تقريباً.
672- أحمد بن إبراهيم بن نابير، أبو العباس القيسي.
من أهل جزيرة قيس.
قدم بغداد حاجاً، ونزل رباط بهروز، ولقيته بها. وكان شيخاً متميزاً يحفظ نوادر وأشعاراً. كتبت عنه أناشيد أملاها علينا.
أنشدني أبو العباس أحمد بن إبراهيم القيسي ببغداد من حفظه لمهبزذ العماني:
إذا الجد لم يسعد فجد الفتى تعب ... وأبطل سعي سعي من جد في الطلب
فكم ضيعةٍ ضاعت وكم خلةٍ خلت ... وكم فضةٍ فضت وكم ذهبٍ ذهب
وأنشدني أيضاً مذاكرة:
والناس لولا عرفهم فهم الدمى ... والمسك لولا عرفه فهو الدم
قال أحمد بن إبراهيم: الدمى: الصور. والعرف: الرائحة.
سألت أحمد بن إبراهيم هذا عن مولده، فقال: في ليلة النصف من شعبان سنة أربع وأربعين وخمس مئة.(2/212)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه إسماعيل
673- أحمد بن إسماعيل بن محمد بن عبد الواحد بن الحسن بن زريق القزاز، أبو البركات بن أبي الفتح بن أبي غالب.
من أهل الحريم الطاهري، من بيت الحديث والرواية، هو وأبوه، وجده.
سمع أبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر، وأبا محمد المبارك بن أحمد ابن الكندي، وغيرهما. وأجاز لنا في سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وما لقيته.
أنبأنا أبو البركات أحمد بن إسماعيل بن زريق، قال: قرئ على أبي محمد المبارك بن أحمد بن بركة الكندي وأنا أسمع في شوال سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، قيل له: أخبركم أبو نصر محمد بن محمد ابن الزينبي، قراءةً عليه، فأقر به. وأخبرنا أبو الفضل شجاع بن سالم بن علي السقلاطوني، قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد المكبر، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا محمد بن أبي سمينة، قال: حدثنا معتمر، عن ليث، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن أفضل أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمنٌ)).(2/213)
674- أحمد بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس الطالقاني ثم القزويني، أبو الخير الفقيه الشافعي.
تفقه بقزوين على ملكداذ العمركي. ثم خرج إلى نيسابور وأقام عند الشيخ أبي سعد محمد بن يحيى ودرس عليه حتى برع في الفقه وصار من وجوه أصحابه، وعاد إلى بلده ودرس به. وسمع الحديث الكثير به من أبيه، ومن أبي الحسن علي ابن الشافعي المقرئ، وعبد الرحيم ابن الشافعي، وأبي محمد الموفق بن سعيد. وبنيسابور من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وأبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي وأخيه أبي بكر وجيه، وأبي المظفر عبد المنعم ابن عبد الكريم القشيري، وأبي محمد عبد الجبار بن محمد الخواري، وأبي نصر محمد بن عبد الله الأرغياني، وأبي الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الصوفي الفارسي. وبطابران طوس من محمد بن المنتصر المتولي، وأبي سعيد ناصر بن سهل البغدادي.
وقدم بغداد في سنة ست وخمسين وخمس مئة، وجلس للوعظ بجامع القصر الشريف وأحسن الكلام. وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن(2/214)
سلمان، وغيره، وخلع عليه، وعاد إلى بلده.
ثم قدمها في سنة تسع وستين وخمس مئة، ودرس بها في المدرسة النظامية يوم الاثنين مستهل شعبان سنة تسع وستين، وأملى مجالس كثيرة من الحديث بالنظامية وبجامع القصر الشريف، وكتب الناس عنه.
وكان حسن الكلام، مفيد المجالسة، مقبلاً على الخير، كثير الذكر والصلاة، له يدٌ باسطةٌ في النظر وكسر الخصم، واطلاع على العلوم الشرعية من الفقه والأصول وعلم الكلام والجدل والتفسير والوعظ والحديث وطرقه، جماعةٌ لفنون العلم لم تكن عند غيره.
لقيته، وجلست عنده، وسمعت منه شيئاً لم يحصل عندي منه شيء. وأجاز لي غير مرة.
أنبأنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني، قال: قرأت على أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد ببغداد. وأخبرنيه أبو الفرج عبد الرحمن ابن علي بن محمد البغدادي بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد، قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي الفراء، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجلٍ يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
لم يزل أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني يدرس ويفتي ويعظ ويسمع(2/215)
الناس منه منذ تولى التدريس إلى أن طلب من الديوان العزيز -مجده الله- الإذن له بالرجوع إلى بلده وعزله عن التدريس، فأذن له فخرج مع قافلة الحاج الراجعة إلى خراسان في سنة ثمانين وخمس مئة، فوصل قزوين وأقام بها على قدم المعاملة والاشتغال بالعبادة إلى أن توفي في يوم [ ] ثالث عشري محرم سنة تسعين وخمس مئة، ووصل نعيه إلى بغداد في صفر من السنة. وكان مولده في شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وخمس مئة.
675- أحمد بن إسماعيل بن حمزة بن المبارك، أبو العباس، يعرف بابن الطبال.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا طالب المبارك بن علي بن خضير فيما يقال: وأبا الفتح عبيد الله ابن عبد الله بن شاتيل، وأبا السعادات بن زريق، ومن بعدهم مثل أبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، وأبي القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب، وغيرهم.
سألته عن مولده، فقال: في سنة ست وخمسين وخمس مئة. وقال مرة أخرى: سنة خمس وخمسين.(2/216)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه إسحاق
676- أحمد بن إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، أبو العباس بن أبي طاهر بن أبي منصور.
من بيت أهل فضلٍ وعلمٍ وصلاحٍ وروايةٍ، وسيأتي ذكر أبيه وعمه إسماعيل وإخوته في مواضعهم إن شاء الله.
سمع أحمد هذا من أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وغيرهما.
وكان فيه فضلٌ، وله تقدمٌ. لم يبلغ سن الشيوخ، ولم يحدث. وقد أقرأ الأدب.
وتوفي شاباً في ذي القعدة سنة سبع وثمانين وخمس مئة، ودفن عند أبيه وجده بمقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.(2/217)
الأسماء المفردة في آباء من اسمه أحمد من حرف الألف
677- أحمد بن ألتكين بن عبد الله، أبو بكر الصوفي.
من أهل واسط، يعرف بالتائب.
من أصحاب الشيخ أبي المفضل هبة الله بن محمد ابن الجلخت الزاهد. سمع منه بواسط، ومن أبي طاهر محمد بن عبد الله الناقد، ومن أبي المعالي محمد بن عبد السلام المعروف بابن شاندي.
وقدم بغداد مراراً كثيرةً وسمع بها من أبي الحسين عاصم بن الحسن المقرئ، وأبي عبد الله عبد الخالق بن هبة الله المفسر، وأبي محمد جعفر بن أحمد السراج، وغيرهم. وعاد إلى بلده، وحدث عنهم، وعن غيرهم. وروى لنا عند العدل أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد الأزدي، والقاضي أبو الفتح نصر الله بن علي ابن الكيال الحنفي، وغيرهما.
قرأت على أبي الرضا أحمد بن طارق بن سنان القرشي، قلت له: أخبركم الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، قراءةً عليه، وأنت تسمع، بالإسكندرية، فأقر به، قال: سألت الحافظ أبا الكرم خميس بن علي الحوزي بواسط في سنة خمس مئة عن ابن ألتكين، فقال: كثير السماع من البغداديين ومعه خطوطهم كالشمس وضوحاً، إلا أنه أقام بواسط وتدير(2/218)
بها فهي وطنه، وهو صالحٌ متحققٌ بالسنة.
قرأت على هبة الله بن أبي الكرم، قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن ألتكين بن عبد الله، قراءةً، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن ابن محمد المقرئ ببغداد، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا محمد بن زنجوية، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعداً.
حدثني القاضي أبو الفتح نصر الله بن علي قاضي واسط بها من كتابه، قال: توفي أبو بكر ألتكين في شوال سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة بواسط.
678- أحمد بن أسعد بن وهب بن علي المقرئ، أبو الخليل البغدادي مولداً ومنشئاً الهروي داراً ومسكناً.
قرأ القرآن الكريم ببغداد على الشيوخ، وصحب الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي. وسمع من جماعة منهم: خلف بن أحمد الحظيري، وصالح بن المبارك بن الرخلة، وخديجة بنت أحمد ابن النهرواني. وخرج في صباه إلى خراسان، وصار إلى هراة، وسمع بها من أبي الفتح نصر بن سيار القاضي، وغيره، وأقام بها مدةً.(2/219)
ثم قدم بغداد حاجاً في سنة سبع وثمانين وخمس مئة، فحج وعاد إليها. ثم قدمها في سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، وأقام بها. وكان ينزل بالمأمونية، ولقيته بها، ورأيت عليه لبوس السياح. وكان أعور عينه اليمنى، وعليه أثر الصلاح إلا أنه يخالط أهل الدنيا وأرباب الولايات.
توفي ببغداد في يوم السبت الثالث والعشرين من شعبان سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب البستان الكبير مقابل مقبرة الزرادين بالمأمونية.
679- أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد بن حمزة بن ساكن السباك، أبو محمد بن أبي جعفر.
من أهل نهر القلائين، أحد المحال بالجانب الغربي. وسكن في آخر عمره الجانب الشرقي. وكان أحد الصوفية برباط المأمونية. من أولاد الشيوخ المحدثين، وسيأتي ذكر أبيه إن شاء الله.
أسمعه أبوه في صباه من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، ومن أبي المعالي أحمد بن محمد بن عثمان المذاري، ومن أبي القاسم أحمد بن المبارك بن قفرجل. وكانت له إجازة من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، ومن أبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وجماعة، إلا أنه كان عسراً في الرواية لقلة معرفته. سمعنا منه.(2/220)
قرأت على أبي محمد أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب الصفار من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البندار، قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور البزاز، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحسين الدقاق، أخبرنا أحمد ابن محمد الضراب، قال: حدثنا هارون بن موسى، قال: حدثنا محمد بن سعيد بن سابق، قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن حميد الطويل، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((رؤيا المؤمن جزءٌ من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)).
سألت أبا محمد بن أزهر عن مولده، فقال: ولدت لليلةٍ خلت من المحرم سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة. وتوفي ليلة الجمعة ثامن شوال سنة اثنتي عشرة وست مئة، ويقال: إنه بات معافى فأصبح ميتاً، وصلي عليه يوم الجمعة بالمدرسة النظامية، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة الشونيزي عند والدته.
680- أحمد بن أكمل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر الهاشمي، أبو العباس.
من أبناء الأشراف الرواة، وسيأتي ذكر أبيه وجده.(2/221)
وأحمد هذا أحمد الشهود المعدلين؛ شهد عند قاضي القضاة أبي الفضائل القاسم بن عبد الله ابن الشهرزوري في يوم السبت العشرين من شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو العباس أحمد بن علي ابن المهتدي بالله ويحيى بن عمر بن علي بن بهليقا. وتولى الخطابة بالجامع المعروف بجامع السلطان، والنظر بديوان التركات الحشرية، وغير ذلك.
وسمع من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبي محمد عبد الغني بن الحسن ابن العطار الهمذاني، وغيرهما. سمع منه قومٌ من الطلبة في هذا الوقت.
((آخر الجزء الرابع عشر من الأصل))(2/222)
حرف الباء في آباء من اسمه أحمد
681- أحمد بن بنيمان بن عمر بن نصر الهمذاني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العباس المستعمل.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبا عبد الله الحسين بن علي ابن البسري، وأبا المعالي ثابت بن بندار البقال، وأبا الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري، وأبا غالب محمد بن الحسن البقال، وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري، وأبا سعد محمد ابن عبد الكريم بن خشيش وغيرهم.
وحدث بالكثير. وكان ثقةً صدوقاً، صحيح السماع. سمع منه أبو إسحاق إبراهيم ابن الشعار، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأخوه أبو البركات عمر بن أحمد، والقاضي عمر القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وخلقٌ كثير، وحدثنا عنه جماعة.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن بنيمان بن عمر المستعمل، بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم الدينوري، قال أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي، قال: أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن سعد بن الحسن، قال: أخبرنا أبو الفضل إسحاق بن إبراهيم بن مخلد، قال: حدثنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا حرملة بن يحيى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: حدثنا عبد الله بن عياش، عن يزيد بن قوذر، عن كعب، قال: لو أن بني آدم بلغوا من اليقين مثقال حبةٍ من عظمة الله تعالى لمشوا على الماء.(2/223)
أنبأنا أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، قال: مولد أحمد بن بنيمان في سنة ثلاث وثمانين وأربع مئة.
وأنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي القاضي، قال: توفي أحمد بن بنيمان في ذي القعدة سنة ست وستين وخمس مئة. وقال ابن مشق: يوم الخميس ثاني الشهر المذكور، ودفن بباب حرب.
682- أحمد بن بدر بن الفرج بن أبي السري القطان، أبو بكر الكاتب.
سمع أبا سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي، وأبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر، وغيرهما. وحدث بشيءٍ يسير لاشتغاله بالكتابة في خدمة الديوان العزيز مجده الله. سمع منه بعض الطلبة.
وتوفي في ليلة الجمعة يوم عيد الفطر من سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الجمعة بمقبرة الخلال المعروفة بمقبرة الفيل بباب الأزج.(2/224)
حرف التاء في آباء من اسمه أحمد
683- أحمد بن تزمش بن بكتمر، أبو القاسم الخياط.
من أهل سوق الثلاثاء.
سمع القاضيين أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وأبا الفضل محمد ابن عمر الأرموي، وأبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الهروي الكروخي، وجماعةً آخرين.
وحدث ببغداد بالقليل، وسافر إلى الشام وأقام بدمشق مدةً، وروى هناك، وعاد إلى بغداد في سنة ست وتسعين وخمس مئة، ولقيته بها وسألته عن مولده فقال: في سنة ثمانٍ وعشرين وخمس مئة. وعاد إلى دمشق فبلغنا أنه توفي بها في سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.(2/225)
حرف الجيم في آباء من اسمه أحمد
684- أحمد بن جامع بن محمد بن الطيب، أبو العباس بن أبي الفضل.
من أهل الحربية، يعرف بابن السمك، وسيأتي ذكر أبيه.
سمع .. ..
قال أحمد بن سلمان بن أبي شريك: توفي يوم السبت منتصف رجب سنة سبعين وخمس مئة.
685- أحمد بن جميل بن الحسن بن جميل، أبو منصور.
من أهل باب الأزج.
ذكره الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في مذيله على تاريخ صدقة بن الحسين الحداد، فقال: كانت له معرفة بالأدب جيدة وله ((مقامات)) وفيه فضل.
توفي في شهر ربيع الأول سنة سبع وسبعين وخمس مئة.(2/226)
حرف الحاء في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه الحسن
686- أحمد بن الحسن بن الفضل الكاتب، أبو الحسن.
أحد شيوخ أبي البركات هبة الله بن المبارك ابن السقطي الذين كتب عنهم؛ قاله القاضي عمر القرشي ووصفه بالفضل والأدب.
687- أحمد بن الحسن بن علي بن أبي عيسى، أبو المعالي.
وقد تقدم ذكر جماعةٍ من أهله.
سمع أبا الحسن علي بن محمد بن محمد ابن الخطيب الأنباري، وروى عنه.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
688- أحمد بن الحسن بن سلامة بن ساعد المنبجي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العباس بن أبي علي الفقيه الحنفي.
درس بالمدرسة الموفقية التي على دجلة برأس درب زاخي بعد أبيه. وروى عن أبي القاسم علي بن أحمد بن بيان وغيره. سمع منه القاضي عمر(2/227)
القرشي وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر الدمشقي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن ابن المنبجي، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر ابن النحاس، قال: حدثنا أحمد بن سالم بن الضحاك، قال: حدثنا المقدام بن داود، قال: حدثنا عبد الأحد بن الليث، عن عثمان بن الحكم، قال: حدثني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وذكر الحديث.
توفي أحمد ابن المنبجي يوم الاثنين تاسع عشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة.
689- أحمد بن الحسن بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر ابن رئيس الرؤساء أبي القاسم علي بن الحسن -وقد تقدم ذكر نسبهم- أبو طاهر بن أبي علي، أخي الوزير أبي الفرج محمد.
أبو طاهر هذا ختن الوزير. سمع مع أبيه وعمه من أبي الوقت السجزي وغيره، وما أعلم أنه روى شيئاً، وقد رأيته.
توفي يوم الاثنين سابع عشر شعبان سنة أربع وتسعين وخمس مئة، ودفن بتربتهم بالجانب الغربي مقابل جامع المنصور عند أهله.(2/228)
690- أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن سهل ابن العطار، أبو عبد الله ابن الحافظ أبي العلاء.
من أهل همذان، من أولاد الشيوخ المذكورين بالحفظ والمعرفة والرحلة والرواية.
قدم أحمد هذا مع أبيه بغداد في حداثته، وذلك في سنة ست وأربعين وخمس مئة. وسمع بها من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبي الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي، وجماعة كثيرين.
وقد سمع ببلده من جماعةٍ منهم: أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي، وأبو الوقت السجزي، وأبو الخير محمد بن أحمد الباغبان، وغيرهم، وبأصبهان أبو القاسم غانم بن خالد الجلودي في آخرين.
وقدمها بعد ذلك حاجاً، ولقيته بها مراراً، وحدث بها وكان له سمت الشيوخ.
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن الحسن ابن العطار إجازةً كتبها لنا ببغداد، قال: أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الفقيه فيما قرئ عليه وأنا أسمع ببغداد في شهر رمضان سنة ست وأربعين وخمس مئة. وأخبرنيه أبو منصور سعيد بن محمد بن سعيد المعدل بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدل، قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن عبد الرحمن الزهري، قال: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر، عن أبي سهيل نافع بن مالك، عن أبيه(2/229)
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((آية المنافق ثلاثٌ: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أتمن خان)).
بلغني أن مولد أحمد ابن الحافظ أبي العلاء في سنة تسع وعشرين وخمس مئة. وقرأت بخط تميم بن أحمد ابن البندنيجي، قال: مولد أحمد ابن الحافظ أبي العلاء في سحرة الاثنين رابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة.
قلت: وتوفي بهمذان في سفر سنة أربع وست مئة، ودفن بمقبرة الغرباء بها، بدرب الأسد بوصيته.
691- أحمد بن الحسن بن أبي البقاء بن الحسن العاقولي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العباس المقرئ.
سمع الكثير بإفادة أخيه يوسف بن الحسن بن أبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبي الحسن محمد ابن أحمد بن صرما، وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبي بكر محمد بن المظفر ابن الشهرزوري، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي، وأبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية. وقرأ بالقراءات على أبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري العطار. وكان صحيح السماع.(2/230)
حدث بالكثير، وأقرأ الناس، وعجز عن الخروج قبل موته، فانقطع عن الناس. سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن الحسن بن أبي البقاء المقرئ، قلت له: أخبركم أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد الدقاق قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، قال: حدثنا عمر بن إبراهيم الكتاني، قال: حدثنا محمد بن يحيى السلمي، قال: حدثنا إبراهيم بن أبي العنبس، قال: حدثنا إسحاق بن منصور، عن إسرائيل، عن علي ابن سالم، عن ابن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الجالب مرزوق والمحتكر ملعون)).
سألت أحمد بن الحسن عن مولده، فقال: في ليلة عاشوراء سنة ست وعشرين وخمس مئة.
وتوفي يوم السبت ثامن ذي الحجة سنة ثمان وست مئة، ودفن في يومه بباب حرب.
692- أحمد الناصر لدين الله، الإمام أبو العباس أمير المؤمنين ابن الإمام المستضيء بأمر الله أبي محمد الحسن ابن الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله أبي عبد الله محمد ابن الإمام المستظهر بالله أبي العباس أحمد ابن الإمام المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله، خلد الله ملكه وأدام أيامه وأسبغ على كافة الخلائق ظله وإنعامه.(2/231)
خطب له بولاية العهد في العالمين والده قدس الله روحه في يوم الجمعة الثاني والعشرين من شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة على سائر منابر مدينة السلام ونثر على الخطباء عند ذكره الدنانير الكثيرة، واستبشرت بسماع شريف اسمه الجوامع والبقاع، ونقش اسمه الشريف في سكة الدينار، وكان الدعاة له يقولون بعد ذلك والده: اللهم وبلغه سؤله ومناه وأمله ومبتغاه في سلالته الطاهرة وعترته الزاهرة عدة الدنيا والدين وعمدة الإسلام والمسلمين المخصوص بولاية العهد في العالمين أبي العباس أحمد ابن أمير المؤمنين. وفي سكة الدينار: عدة الدنيا والدين أبو العباس أحمد.
ولما توفي والده الإمام المستضيء بأمر الله رضي الله عنه عشية السبت سلخ شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة وصلي عليه سحرة الأحد غرة ذي القعدة من السنة ودفن، بويع سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الناصر لدين الله أبو العباس أحمد بكرة الأحد المذكور فكان أول من بايعه أخوه الأمير أبو منصور هاشم، ثم الأمراء من بني الأعمام والأسرة الشريفة، ثم الخواص والمماليك والولاة وأرباب المناصب من القضاة وأعيان الناس. وكان جلوسه أعز الله أنصاره بشباك دار الملك المشرف على بستان التاج، والمتولي لأخذ البيعة الشريفة أستاذ الدار العزيزة يومئذ أبو الفضل هبة الله بن علي بن الصاحب، ولقب بالناصر لدين الله.(2/232)
وفي يوم الاثنين ثاني الشهر المذكور جلس -خلد الله ملكه- بالموضع المذكور وبايعه من كان بقي من الناس وجماعة من وجوه حاج خراسان. وفي يوم الثلاثاء ثالثه جلس أيضاً لمبايعته من ورد من وجوه حاج أهل الشام وغيرها. وفي هذا اليوم برز المرسوم الشريف بقيام أرباب الدولة من عزاء الإمام المستضيء، قدس الله روحه، فإنهم كانوا قعدوا لذلك ببيت النوبة ثلاثة أيام، وتكلم فيها الوعاظ وأنشد فيها الشعراء، وعادوا إلى دواوينهم وأشغالهم. وأشرقت شمس خلافته الشريفة على بسيطة الوجود وأضاءت أنوار ولايته المقدسة على كل موجود، وظهرت بركة بيعته الشريفة في كشف ما كان الخلق فيه من أثر جدب أضر بهم وأذهب موجودهم، ووباء أتى على أكثرهم وأفنى عامتهم، فزال ببركة خلافته المقدسة عنهم البؤس والبأس، وعاد الناس إلى صحة وخصب بعد القنوط والإياس، فكان كما قال الشريف أبو جعفر يحيى بن محمد العلوي يمدحه وأنشدنيه لنفسه:
وليت وعام الناس أحمر ماحلٌ ... فجدت وجاد الغيث فانقشع المحل
وكم لك عن نعماء ليس بمدركٍ ... لها حاسبٌ إلا إذا حسب الرمل
واستبشر الخلائق بخلافته الشريفة وظهر من سرورهم ببيعته المباركة ما شهد لهم بصدق الإخلاص في محبته، وأوجب عليهم الشكر لله سبحانه بما من به عليهم من نظره الكريم وإنالته، فالله سبحانه يخلد ملكه على دوام الأيام، وينشر دعوته في أقطار الأرض على مرور السنين والأعوام، ويستجيب فيه صالح الأدعية من كل عبدٍ مخلص، إنه سميعٌ قريب.
حدثني قوام الدين أبو طالب يحيى بن سعيد بن زبادة، قال: مولد سيدنا(2/233)
ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين، أدام الله أيامه، في رجب سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة. قال غيره: يوم الاثنين عاشره.
ولم تزل الرعية في ظله وإنعامه يرجعون إلى أوفى أمنٍ، وأوفر فضلٍ، وأكمل من، وأوسع معيشة، وأرضى حياةٍ وعشيةٍ، يعمهم العدل ويشملهم الفضل، وتغمرهم الصدقات وتعينهم الصلات. وعمر المساجد، وجدد المشاهد، وأنشأ الأربطة والمدارس، وأحيا من الخيرات كل رسمٍ دارس، فالخلق في إنعامه راتعون وله بدوام الملك وطول الحياة داعون، والله تعالى يستجيب فيه دعاءهم، ويحرس من الغير شريف سدته ويحييه ما أحب الحياة إنه جوادٌ كريمٌ.
ومناقبه الشريفة وفضائله الكريمة أوفر من أن يحيط بها وصف الواصفين أو يحصرها تدوين المصنفين، فنحن وإن رمنا ذكر بعضها بالعجز مقرون وعن بلوغ الغاية فيها مقصرون. ومن أشرفها وصفاً وأعطرها ذكراً ما حمل به الملة وأهلها من إسناده لحديث ابن عمه المصطفى صلوات الله عليه وسلامه، وروايته له، وجمعه إياه، فجمع كتاباً سماه ((روح العارفين)) يشتمل على أحاديث رواها عن شيوخ أجازوا له، هادية بأنواره المتلألئة الإشراق إلى مناهج الفوز ومكارم الأخلاق. وشرفنا -أدام الله أيامه وأسبغ على كافة الخلائق ظله وإنعامه- بإجازته الشريفة لروايته ورواية غيره من المسموعات والمجازات له -خلد الله ملكه- ولغيرنا ممن ضرع معنا إلى مستقر رحمته وشريف رأفته وسأل الإجازة. وقرئ هذا الكتاب وغيره عنه أعز الله أنصاره بجوامع مدينة السلام جميعها في أكثر من مئة موضع وبغيرها من البلاد والنواحي والبقاع التي سأل من كان بها من أهل العلم المواقف المقدسة الطاهرة الإمامية الناصرية -ضاعف الله جلالها وأسبغ على كافة الخلائق ظلالها- الإجازة، وشرف بها، فانتشر هذا الكتاب ونقل وروي في الآفاق، وسمع، وعمرت مجالس الحديث به، وتشرف أهلها(2/234)
بروايته وسماعه، وحدثنا به في عدة بلدان، فالله يمتع الإسلام وأهله بدوام أيام مولانا أمير المؤمنين الناصر لدين الله، ويثبت دعوته وينشر في الخافقين ألويته ويعز به دين الإسلام على ممر السنين والأعوام، بمحمد وآله الطاهرين.
أجاز لنا سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام القائم لله في خلقه أحسن القيام أبو العباس أحمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين، أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره، قال: أنبأنا عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن مرزوق بن عبد الرزاق قراءةً، قال: أخبرنا علي ابن أحمد بن علي، قال: أخبرنا عمي الحسن بن علي. قال محمد بن مرزوق: وقرأت على أبي نصر محمد بن سلمان: أخبركم ذو النون بن محمد بن عامر؛ قالا: أخبرنا أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد، قال: حدثنا محمد ابن هارون بن كوفي، قال: حدثنا محمد بن العباس التنيسي، قال: حدثنا عمرو ابن أبي سلمة، قال: حدثنا صدقة، عن الأصبغ، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وإن صدقة السر تطفئ غضب الرب، وإن صلة الرحم تزيد في العمر وتنفي الفقر)).(2/235)
هذا الحديث من كتاب ((روح العارفين)) الذي جمعه مولانا أمير المؤمنين فانظر إلى ما قد احتوى هذا الحديث من الحث على فعل المعروف واصطناعه ونبه عليه من فضل صدقة السر، ورغب فيه من صلة الرحم، وما جمع من ثواب فعل الخير مما لم يجتمع في غيره من الأحاديث، وحسن اختياره الشريف له وتخريجه إياه رغبةً منه في فائدته وطلباً للعمل به، وفقه الله سبحانه وتعالى لصالح القول والعمل، وأراه الحق حقاً وأعانه على اتباعه وأراه الباطل باطلاً ووفقه لاجتنابه بمنه وكرمه.
ذكر من اسم أحمد واسم أبيه الحسين
693- أحمد بن الحسين الرهداري، أبو العباس يعرف بالنساج.
سمع أبا جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة، وأبا القاسم يوسف بن محمد المهرواني، وحدث عنهما.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأخرج عنه حديثين في ((معجم شيوخه))، وقال كان ينزل بدرب الخبازين.
694- أحمد بن الحسين بن عبد الله الواسطي الأصل البغدادي، أبو الحسن.
من أهل الحربية.(2/236)
سمع أبا الحسين عاصم بن الحسن المقرئ، وحدث عنه. سمع منه أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد مع أخيه أبي البقاء، وروى لنا عنه.
قرأت على أبي حفص عمر بن محمد بن معمر المؤدب بمكتبه بدار القز، قلت له: أخبركم أبو الحسن أحمد بن الحسين الواسطي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمد المقرئ، قال: حدثنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا محمد بن عبيد الله ابن المنادي، قال: حدثنا شبابة -يعني ابن سوار- وداود بن المحبر، واللفظ لشبابة، قالا: حدثنا شعبة، عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)).
توفي أبو الحسن الواسطي هذا يوم الجمعة ثالث رجب سنة ست وعشرين وخمس مئة، نقلت ذلك من كتاب ابن طبرزد الذي سمعناه منه عنه، رحمه الله وإيانا.
695- أحمد بن الحسين بن رجب الخميثني، منسوب إلى قرية من قرى سمرقند.(2/237)
قدم بغداد في سنة تسع وعشرين وخمس مئة وحدث بها عن أبي الفتح محمود بن عبد العزيز السمرقندي. سمع منه أبو المظفر محمد بن أحمد المشطب.
وقد ذكر تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه أبا نصر أحمد بن الحسين بن محمد النسفي، وقال: ورد بغداد حاجاً. وهذا أحمد بن الحسين بن رجب، هكذا وقفت على ذكره، ولعله غير الذي ذكره تاج الإسلام، والله أعلم.
696- أحمد بن الحسين الملاح، أبو العباس.
روى عن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي. سمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)).
697- أحمد بن الحسين بن هبة الله ابن الرومي الدقاق، أو العباس.
أظنه كان ينزل باب الأزج.
سمع أبا عبد الله هبة الله بن أحمد ابن الموصلي، وحدث عنه. روى عنه ابن كامل في ((معجمه)) حديثاً.
698- أحمد بن الحسين بن عبد الله بن أيوب، أبو طاهر.
من أهل الكرخ، والد شيخينا أبي عبد الله الحسين وأبي الحسن علي.
كان أحد الشهود المعدلين، شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي الزينبي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي قراءةً عليه من أصل سماعه، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) جمعه في ذكر من قبل قاضي القضاة الزينبي شهادته، قال: وأبو طاهر أحمد بن الحسين بن أيوب يوم الخميس ثاني عشر شعبان سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي وأبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وعزل بعد ذلك بيسيرٍ. ولم يعن بالرواية(2/238)
ولا اشتهر بها.
699- أحمد بن الحسين بن أحمد، أبو السعادات الفقيه، من أهل بغداد.
سافر وطاف البلاد وسمع بنيسابور من أبي بكر عبد الغفار بن محمد الشيرويي، وصار إلى كرمان، ونزل نردشير دار المملكة بها، وحدث هناك.
سمع منه الحافظ أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي في رحلته، وأخرج عنه حديثاً في كتاب ((الأربعين)) الذي جمعه على البلدان.
أنبأنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن إبراهيم البغدادي، وقد سمعت منه قال: أخبرنا أبو السعادات أحمد بن الحسين بن أحمد الفقيه البغدادي بنردشير دار مملكة كرمان بقراءتي عليه في سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد بن الحسين الشيرويي، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: حدثنا زكريا بن يحيى المروزي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن صفوان بن عسال، قال: قال رجل: يا رسول الله أرأيت رجلاً أحب قوماً ولما يلحق بهم. قال: هو مع من أحب.
700- أحمد بن الحسين بن أحمد بن علي بن موسى القنائي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو بكر بن أبي عبد الله.
منسوب إلى موضعٍ يعرف بدير قنا من نواحي النهروان.(2/239)
سمع مع أبيه من أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وغيرهما.
وتولى الإشراف على بعض أعمال السواد. ويقال: إنه روى شيئاً يسيراً، وطلبناه للسماع منه فلم نظفر به.
توفي نحو سنة ست مئة أو بعدها بقليل.
701- أحمد بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن محمد ابن أحمد بن حسنون النرسي، أبو نصر بن أبي عبد الله بن أبي محمد البيع.
من بيت العدالة والرواية، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه الحسين.
سمع أبو نصر من أبي الوقت السجزي وغيره. كتبنا عنه.
قرأت على أحمد بن أبي عبد الله: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى ابن شعيب قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد بن المظفر الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، قال: حدثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثه وفي بيته منه شيء. فلما كان العام(2/240)
المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي؟ قال: كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهدٌ فأردت أن تعينوا فيها)).
مولد أبي نصر هذا في سنة خمس وأربعين وخمس مئة تقريباً، فيما ذكر لنا.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه حمزة
702- أحمد بن حمزة بن أحمد القزويني، أبو غانم.
من أهل أصبهان. سمع بها الشريف أبا المعالي محمد بن محمد بن زيد العلوي لما قدمها. ورد بغداد وحدث بها عنه.
سمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
703- أحمد بن حمزة بن علي بن الحسن بن الحسين السلمي، أبو الحسين بن أبي طاهر بن أبي الحسن يعرف بابن الموازيني، أخو أبي المعالي محمد الذي قدمنا ذكره.
من أهل دمشق، وأحد عدولها.(2/241)
سمع جده أبا الحسن، وقدم بغداد في سنة تسع وأربعين وخمس مئة، وسمع بها من جماعةٍ منهم أبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري، وأبو بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، والقاضي أبو عبد الله محمد بن عبيد الله ابن الرطبي وجماعة آخرون. وعاد إلى بلده وحدث به.
أنبأنا أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي، قال: أبو الحسين أحمد بن حمزة السلمي المعدل مولده في سنة ست وخمس مئة. رحل إلى العراق مرتين، وسمع بها قبل الخمسين، ولم يزل يحب الانقطاع عن الناس والعزلة والانفراد، وحدث بدمشق عن جده أبي الحسن. وتوفي بها يوم الأحد خامس عشر محرم سنة خمس وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب الصغير.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه حامد
704- أحمد بن حامد بن محمد بن أله، أبو نصر المستوفي، من أهل أصبهان، يلقب العزيز، عم محمد وحامد المعروفين بابني أخي العزيز.
ورد بغداد مستوفياً، وأقام بها، وحدث عن أبي مطيع محمد بن عبد الواحد الأصبهاني.(2/242)
سمع منه أبو الفرج أحمد، وأبو جعفر محمد ابنا أبي الخطاب الكلوذاني، وأبو الحسن سعد الله بن نصر ابن الدجاجي، وأبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)).
وكان فيه فضل وكتابة، وله شعرٌ حسنٌ. نقم عليه مسعود بن محمد السلجوقي وحبسه فتوفي مسجوناً، ويقال: قتله، وذلك في سنة ست وعشرين وخمس مئة، ودفن بتربةٍ له عملها بمحلة العتابيين بالجانب الغربي مجاورة لمكتب عمله يعلم فيه الخط الصبيان اليتامى، ووقف عليهما وقفاً.
حرف الراء في آباء من اسمه أحمد
705- أحمد بن الريان الوراق، أبو سعد.
من أهل الجانب الغربي.
أظنه رحل إلى خراسان، وسمع بها؛ لأن أبا بكر المبارك بن كامل أخرج عنه حديثاً في ((معجمه)) رواه له عن أبي بكر عبد الغفار بن محمد الشيرويي النيسابوري، والله أعلم.(2/243)
حرف الزاي في آباء من اسمه أحمد
706- أحمد بن زهير بن محمد بن الفضل بن إبراهيم بن الحسن، أبو العباس المعروف بملة.
من أهل أصبهان. سمع بها من أبي نهشل عبد الصمد بن أحمد العنبري وغيره.
قدم بغداد حاجاً في سنة ثلاث وستين وخمس مئة، فحج وعاد، وحدث بها في سنة أربع وستين وخمس مئة.
سمع منه القاضي عمر القرشي وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: قرأت على أبي العباس أحمد بن زهير المعروف بملة بعد عوده من الحج في صفر سنة أربع وستين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو نهشل عبد الصمد بن أحمد بن الفضل العنبري، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن فاذشاه، قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدثنا يوسف بن يزيد القراطيسي، قال: حدثنا أسد بن موسى، قال: حدثنا سعيد بن زربي، قال: حدثنا ثابت البناني، قال: حدثني أنس بن مالك، قال: حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: ((حدثني جبريل عليه السلام أن آخر من يدخل الجنة لرجلٌ يقال له: يا عبد الله مر على(2/244)
الصراط، قال: فيمر فتزل قدمه ويستمسك بالأخرى فتزل ركبته ويستمسك بالأخرى، قال: والنار تأخذ منه قدميه بشررها وتلذعه بلهبها كلما أصابه منها شيءٌ ضربت بيده عليه، وقال حسبي، حتى ينجو منها برحمة الله عز وجل)).
قال القرشي: سألت أبا العباس هذا عن مولده فقال ما يدل أنه في سنة إحدى وخمس مئة.(2/245)
حرف السين في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه سلمان
707- أحمد بن سلمان بن أحمد بن سلمان بن أبي شريك، أبو العباس المقرئ، من أهل الحربية، يعرف بالسكر.
قرأ القرآن الكريم بالقراءات الكثيرة على الشيوخ مثل أبي الفضل بن شنيف، ويعقوب بن يوسف الحربي، وبواسط على القاضي أبي الفتح نصر الله ابن علي ابن الكيال، وأبي بكر عبد الله ابن الباقلاني، وغيرهم.
وسمع الكثير من أبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبي الفتح محمد ابن عبد الباقي بن سلمان، وأبي السعادات ظافر بن معاوية الحربي، وخلقٍ من أصحاب أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان وأبي طالب بن يوسف وأبي علي ابن المهدي ومن بعدهم.
وكان وافر الهمة حريصاً على السماع والكتابة. رحل إلى الحجاز، والشام، وسمع بمكة وبدمشق والقدس في طريقه. وكان كثير الخير مفيداً لأصحاب الحديث. خرج ((مشيخة)) لأهل الحربية سمعنا منها من جماعةٍ بإفادته.
وكان ثقةً، صدوقاً، كثير التلاوة للقرآن المجيد، يقوم به في ليالي(2/246)
المواسم والتراويح، وطالما قرأ الختمة الشريفة في ركعةٍ أو ركعتين، محموداً بين أهل محلته. سمع معنا الكثير وسمعنا منه، وسمع منا.
سألت أبا يعقوب يوسف بن يعقوب الحربي عن سبب تلقيب أحمد بن أبي شريك بالسكر لأنه ما كان يعرف إلا به، فقال: كان صغيراً يحبه أبوه محبةً كثيرةً، وإذا أقبل عليه وهو بين جماعةٍ أخذه وضمه إليه وقبله، فكان قومٌ يلومونه على إفراط حبه له، ويقولون له: ما تحب منه؟ فيقول: إنه أحلى في قلبي من السكر، ويكرر ذكر السكر فلقب بالسكر.
قرأت على أبي العباس أحمد بن سلمان بن أحمد الحربي، قلت له: أخبركم أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن ابن البناء قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن زنبور الوراق، قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا عيسى بن حماد زغبة التجيبي، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن سفيان بن عبد الله أنه قال: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسل عنه أحداً بعدك. قال: ((قل آمنت بالله ثم استقم)).
سألت أحمد بن سلمان هذا عن مولده، فقال لنا: هو في سنة تسع وثلاثين أو سنة أربعين وخمس مئة.
توفي في ليلة الأربعاء عاشر صفر سنة إحدى وست مئة، وصلي عليه يوم الأربعاء، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.(2/247)
708- أحمد بن سلمان بن أبي بكر المستعمل، أبو العباس يعرف بابن الأصفر.
من أهل الحريم الطاهري.
سمع أبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر الدلال، وأبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء. سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن سلمان بن أبي بكر قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد الدلال قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد السكري إملاءً، قال: حدثنا الهيثم بن خلف الدوري، قال: حدثنا سفيان بن وكيع، قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن كامل أبي العلاء، قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت يذكر عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: ((اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني)).
سألت ابن الأصفر عن مولده، فقال: ولدت في يوم عاشوراء سنة خمس وثلاثين وخمس مئة، وخرج إلى الموصل وأقام بها، وحدث هناك.
توفي أحمد بن الأصفر بالموصل في يوم الثلاثاء خامس عشري ذي الحجة سنة ست عشرة وست مئة ودفن بها.(2/248)
الأسماء المفردة في حرف السين في آباء من اسمه أحمد
709- أحمد بن سعد الله بن أبي السعادات بن أحمد الإسكيف، أبو محمد.
سمع أبا الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد الدينوري، وروى عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو محمد أحمد بن سعد الله الإسكيف، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد الدينوري، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، قال: حدثنا علي ابن محمد بن كيسان، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا إسماعيل بن حماد بن زيد، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا خالد، قال: حدثنا سهيل، عن أبي عبيد، عن عطاء بن يزيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سبح ثلاثاً وثلاثين وحمد ثلاثاً وثلاثين وكبر ثلاثاً وثلاثين، وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير تمام المئة غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر)).(2/249)
قال القرشي: سألت أبا محمد هذا عن مولده فقال ما يدل أنه في سنة أربع عشرة وخمس مئة.
710- أحمد بن سعيد بن الحسن المقرئ، أبو الحارث الخياط، يعرف بالعسكري.
من أهل الجانب الغربي، كان يسكن بقصر عيسى، وله هناك مسجدٌ يقرئ فيه.
سمع أبا علي محمد بن سعيد بن نبهان، وأبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي وغيرهما، وروى عنهم.
سمع منه القاضي القرشي، قال: وكان غير ثقة.
وذكره تاج الإسلام أبو سعد السمعاني في كتابه، وقال: توفي بعد سنة عشرٍ وخمس مئة. ووهم في ذلك، والصواب ما أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، ومن خطه نقلت، قال: أحمد بن سعيد العسكري، كتبت عنه شيئاً يسيراً من صحيح سماعه عن أبي الغنائم النرسي، وكان غير ثقة، بان لنا تزويره في غير شيءٍ، عفا الله عنا وعنه. توفي ودفن يوم الاثنين عاشر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وخمس مئة. هكذا كان بخطه.
711- أحمد بن سليم -بفتح السين- بن فارس، أبو العباس الكاتب.(2/250)
من أهل الحربية.
سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، وحدث عنه. سمع منه جماعةٌ من أصحابنا، ولم ألقه، وأجاز لنا.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن سليم إذنا، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر قراءةً عليه. وأخبرنيه أبو عبد الله عبد الرحمن بن هبة الله ابن أبي نصر قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: قرئ على أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: أخبرنا رضوان بن أحمد الصيدلاني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: أخبرنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عمي موسى بن يسار، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما من جريح يجرح في سبيل الله إلا يبعثه الله يوم القيامة وجرحه يتثعب دماً، اللون لون دمٍ والريح ريح مسكٍ)).
سئل أحمد بن سليم عن مولده، فقال: في سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي يوم الجمعة سادس جمادى الآخرة من سنة أربع وست مئة، ودفن باب حرب.
712- أحمد بن سلطان بن أحمد، أبو العباس الخياط.(2/251)
من ساكني الظفرية.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبا محمد عبد الواحد بن الحسين ابن البارزي البزاز وغيرهما. ولم يكن من أهل هذا الشأن. روى شيئاً يسيراً ولم أسمع منه.
توفي ليلة الأحد رابع عشر جمادى الآخرة سنة تسعٍ وست مئة، ودفن يوم الأحد بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
حرف الصاد في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه صالح
713- أحمد بن صالح بن شافع بن صالح بن حاتم بن أبي عبد الله الجيلي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفضل بن أبي المعالي.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه، ومن أهل العلم والدين، والثقات المأمونين، والرواة المكثرين.
شهد أبو الفضل هذا عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الأولة يوم الأربعاء سادس عشري شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن(2/252)
الحراني وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن مبادر.
وسمع الكثير في صباه بإفادة والده وبنفسه من خلقٍ كثيرٍ منهم: أبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبو القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي، وأبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، وبدر بن عبد الله الشيحي، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وجماعة من طبقتهم ومن بعدهم. ولازم أبا الفضل بن ناصر، وقرأ عليه أكثر ما كان عنده، واستملى عليه لما أملى بجامع القصر الشريف.
ولم يزل مشتغلاً بهذا الشأن مقبلاً عليه، يشار إليه فيه، ويعتمد على قوله وسمع الناس بإفادته وقراءته إلى حين وفاته.
وهو الذي كان يقرأ بمجلس الوزير أبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة الحديث له وعليه وبالديوان العزيز -مجده الله- في أيام الجمع.
وكان حسن المعرفة، جيد القراءة، مقدماً في هذه الصناعة.
سمع منه أقرانه، وجماعةٌ من الطلبة منهم: الشريف أبو الحسن علي بن محمد الزيدي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق. وحدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر وغيره.
قرأت على أبي محمد بن أبي نصر البزاز من كتابه: أخبركم أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك ابن خيرون -قال أبو محمد: وقد أجاز لنا أبو منصور هذا- قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أحمد بن سليمان بن داود، قال: حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني عتيق بن يعقوب بن صديق، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن(2/253)
سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اهدأ فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد)).
أنبأنا محمد بن المبارك بن مشق، قال: مولد أبي الفضل بن شافع في ثامن عشري ذي القعدة من سنة عشرين وخمس مئة.
قلت: وتوفي يوم الأربعاء ثالث شعبان من سنة خمس وستين وخمس مئة وقت الظهر، وصلى عليه يوم الخميس قريب الظهر بجامع القصر الشريف خلقٌ كثيرٌ، وحمل إلى الجانب الغربي، فدفن على أبيه قريباً من قبر الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل، رحمه الله، بباب حرب.
714- أحمد بن صالح بن طاهر المضري، أبو العباس الوكيل بباب القضاة بباب الأزج.
وكان يذكر أيضاً أنه من ولد ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.
سمع أبا عبد الله محمد بن أحمد بن أبي عثمان وأبا الحسن محمد بن أحمد ابن صرما الدقاق، وأبا عبد الله الحسين بن الحسن المقدسي، وأبا البركات عبد الباقي بن أحمد ابن النرسي وغيرهم. وأضر في آخر عمره.(2/254)
سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن صالح المضري، قلت له: أخبركم أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد الدقاق قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، قال: حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي الوزير، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا ابن مهدي، قال: حدثنا مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع، فقال: كل شراب أسكر فهو حرامٌ.
سألت أحمد بن صالح هذا عن مولده، فقال: في سنة عشرين وخمس مئة، وتوفي في رابع عشر محرم سنة سبع وتسعين وخمس مئة.(2/255)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه صدقة
715- أحمد بن صدقة بن علي بن كليزا، أبو بكر الخياط.
من أهل واسط.
سمع بها من القاضي أبي عبد الله محمد بن علي ابن الجلابي المعروف بابن المغازلي، وحدث عنه.
وقدم بغداد غير مرةٍ، وحدث بها بشيءٍ من ((مسند)) أحمد بن سنان القطان وغيره عن ابن المغازلي المذكور، ورأيته بها.
سمع منه جماعةٌ من الطلبة وأنا دللتهم عليه. كتبت عنه قديماً بواسط، وكان صحيح السماع خيراً. سألته عن مولده فذكر لي ما يدل أنه ولد في سنة تسع وعشرين وخمس مئة، والله أعلم.
توفي بواسط في ثاني عشري صفر سنة أربع عشرة وست مئة.
716- أحمد بن صدقة بن نصر بن زهير بن المقلد الحراني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو نصر بن أبي محمد بن أبي القاسم، وسيأتي ذكر أبيه وجده إن شاء الله.
أحد الشهود المعدلين؛ شهد عند القاضي أبي القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدامغاني قبل ولايته قضاء القضاة وكان قاضياً بمدينة السلام ومنصب قاضي القضاة خالٍ يومئذ وذلك في يوم السبت يوم عاشوراء من سنة تسع وثمانين(2/256)
وخمس مئة، وزكاه أبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الساوي، وأبو البقاء أحمد ابن علي بن كردي.
سمع النقيب أبا جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي، وأبا منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، وغيرهما. كتبنا عنه.
قرأت على العدل أبي نصر أحمد بن صدقة بن نصر من أصل سماعه، قلت له: أخبركم الشريف أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن الشافعي بمكة بالحرم الشريف، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم العبقسي، قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد بن قتيبة، قال: حدثنا محمد ابن خلف، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)).
سألت العدل أحمد بن زهير عن مولده، فقال: ولدت في يوم الخميس ثاني عشر محرم سنة أربعين وخمس مئة. وتوفي فجاءةً يوم الثلاثاء خامس عشر ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وست مئة، ودفن في يومه، رحمه الله وإيانا.(2/257)
ومن مفاريد الأسماء في حرف الصاد من آباء من اسمه أحمد
717- أحمد بن صاعد بن أبي الغنائم، أبو العباس، وقيل: أبو بكر ابن أبي المجد.
من أهل الحربية، والد شيخنا عبد الله بن أحمد بن أبي المجد الحربي الذي روى عن أبي القاسم بن الحصين وغيره.
كان أحمد أخاً لعمر بن عبد الله بن علي المقرئ الحربي المعروف بابن عبيد من أمه دون أبيه، فذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني فيمن اسمه أحمد فقال: أحمد بن عبد الله بن علي بن محمد السقلاطوني أبو بكر أخو عمر ابن عبد الله الحربي، كتبت عنه بإفادة أخيه. فوهم في نسبه ونسبه إلى غير أبيه، ولم يكن لعمر بن عبد الله الحربي أخ من أبيه، وإنما كان أحمد بن أبي المجد أخاه لأمه، هكذا حكى لنا الشيخ عبد العزيز بن الأخضر وغيره ممن لقي عمر الحربي وأخاه لأمه أحمد، وقالوا: كان أحمد أخا عمر من أمه دون أبيه بلا اختلاف. ثم ذكر تاج الإسلام أحمد بن أبي المجد في آخر من اسمه أحمد من كتابه في الكنى فقال: أحمد بن أبي المجد الإسكيف لا أعرفه، حصل لي منه الإجازة أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر الفاروزي وسمع منه.
وأبوه أبو المجد بكنيته مشهور واسمه صاعد فيما ذكر القاضي عمر بن علي القرشي ومن خطه نقلت.
سمع أحمد هذا الحسين بن علي ابن البسري، وأبا القاسم علي بن أحمد ابن بيان، وغيرهما. وروى لنا عنه شيخنا عبد العزيز بن الأخضر وغيره.(2/258)
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر، قلت لهم أخبركم أحمد بن أبي المجد الحربي، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن أحمد بن محمد ابن الرزاز، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا خالد بن حيان الرقي، عن فرات بن سلمان وعيسى بن كثير كليهما عن أبي رجاء، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من بلغه عن الله عز وجل شيءٌ فيه فضيلة، فأخذه إيماناً به ورجاءً لثوابه أعطاه الله عز وجل ذلك، وإن لم يكن كذلك)).
توفي أحمد بن أبي المجد يوم الاثنين سابع عشري شعبان سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.(2/259)
حرف الطاء في آباء من اسمه أحمد
718- أحمد بن طاهر بن محمود بن بكران، أبو العباس الصوفي يعرف بابن البلحي -بالباء المعجمة بواحدة من تحتها والحاء المهملة-.
من أهل الجانب الغربي ومحله العتابيين، وسكن الجانب الشرقي بالمختارة في رباطٍ هناك فيما ذكر لي عبد السلام ابن البردغولي وكان من محلة العتابيين لما سألته عنه وأثنى عليه وقال: كان شيخاً حسناً.
سمع ابن البلحي من أبي العباس أحمد بن علي بن قريش، سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد العلوي الزيدي، والقاضي عمر القرشي، وصبيح بن عبد الله العطاري وغيرهم.
أخبرنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر في كتابه، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن طاهر ابن البلحي المقرئ قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن قريش قال: أخبرنا محمد بن علي العشاري، قال: حدثنا محمد ابن الحسين ابن أخي ميمي، قال: حدثنا الحسين بن صفوان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا زيد ابن الحباب، قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة قاضي مصر، قال: حدثنا الحارث بن يزيد الحضرمي وكان قد أدرك زمان عثمان، عن أبي جمرة، عن(2/260)
ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا بني هاشم اصبروا على فقركم استوهبكم من الله عز وجل يوم القيامة)).
قال القرشي: وتوفي ابن البلحي ليلة الجمعة سابع عشر جمادى الآخرة من سنة خمس وخمسين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
719- أحمد بن طارق بن سنان بن محمد بن طارق القرشي، أبو الرضا بن أبي السرايا التاجر الكركي الأصل البغدادي المولد.
من ساكني دار الخلافة المعظمة، شيد الله قواعدها بالعز.
أحد من عني بطلب الحديث وسماعه من صباه إلى حين وفاته، وكان حريصاً على السماع وحضور مجالس القراءة على الشيوخ، وتحصيل المسموعات، وكتابتها، مع قلة معرفة به وفهم له بالنسبة إلى اشتغاله به.
سمع ببغداد أبا منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي، ونقيب النقباء أبا الحسن محمد بن طراد الزينبي، وأبا الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري، وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبا القاسم هبة الله بن الحسين ابن الحاسب، وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن(2/261)
البناء، وأبا الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري. ومن الغرباء: من أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني، وأبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وخلقٍ كثير، وبالكوفة من أبي الحسن محمد بن محمد بن غبرة الحارثي، وبدمشق من القاضي أبي القاسم الحسين بن الحسن المعروف بابن البن وأبي الفتح ناصر بن عبد الرحمن النجار وأبي يعلى حمزة بن فارس بن كروس وغيرهم، وبمصر من أبي محمد عبد الله بن رفاعة السعدي وأبي العباس أحمد بن عبد الله بن هشام اللخمي، وبالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر السلفي. وكان كثير السماع، وافر الشيوخ.
حدث ببغداد، وبدمشق، وديار مصر، وأقام هناك مدةً، وسمع منه الناس، وكتبوا عنه إملاءً وغيره.
سمعت أبا الرضا بن طارق يقول: خرجت من بغداد حاجاً في سنة أربع وستين وخمس مئة وعدلت من مكة بعد الحج إلى مصر، فأقمت بها، وترددت منها إلى الشام عشرين سنة، وعدت إلى بغداد في سنة أربع وثمانين وخمس مئة.
سمعنا منه ببغداد، وكان ثقةً صحيح السماع.
أخبرنا أبو الرضا أحمد بن طارق بن سنان قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي بقراءتي عليه بفسطاط مصر في الرحلة الأولة، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي قراءةً عليه بمسجده بقرافة مصر، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن سعيد النحاس، قال: حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد ابن الأعرابي بمكة، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا محمد بن عثمان العجلي، قال: حدثنا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، قال: حدثني شريك بن عبد الله، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قال: ((من عادى لي ولياً فقد آذنته بحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيءٍ أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي(2/262)
يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فلئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت ولا بد له منه)).
سألت أحمد بن طارق عن مولده، فقال: ولدت في ليلة الاثنين تاسع عشر ربيع الأول سنة سبع وعشرين وخمس مئة. وتوفي في ليلة الثلاثاء سادس عشري ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الثلاثاء، ودفن إلى جنب أبيه بمقبرة الوردية، رحمه الله وإيانا.(2/263)
حرف الظاء في آباء من اسمه أحمد
720- أحمد بن ظفر بن يحيى بن محمد بن هبيرة، أبو الفتح بن أبي البدر ابن الوزير أبي المظفر.
من بيتٍ مشهورٍ بالتقدم والولاية.
وأبو الفتح هذا فيه فضلٌ وتميز، وله معرفةٌ بالأدب. تولى حجابة باب النوبي المحروس في أواخر محرم سنة ثمانين وخمس مئة إلى أن عزل في يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة من سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة ثم تولى الإشراف ببعض البلاد المزيدية، وخرج إليها وأقام بها.
وقد سمع من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي لما قرئ عليه بمجلس جده، وأبي الفضل محمد بن ناصر بن محمد البغدادي وغيرهما.
سمعنا منه. وسألته عن مولده، فقال: في يوم الخميس خامس عشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
وتوفي ليلة الجمعة ثامن عشري محرم سنة عشرين وست مئة، ودفن يوم الجمعة بباب البصرة عند جده، رحمهما الله وإيانا.(2/264)
حرف العين في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عبد الله
721- أحمد بن عبد الله بن الحسن بن محمد بن الحسن الخلال، أبو العباس بن أبي القاسم بن أبي محمد.
من أولاد المحدثين والرواة المكثرين.
سمع أبو العباس هذا من جده أبي محمد الخلال. وروى عنه. سمعت منه ابنته ورع وحدثت عنه.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج بن علي المقرئ في كتابه إلينا من مكة شرفها الله. ثم قرأته عليه بمكة، قال: أخبرتنا بدر التمام ورع بنت أحمد بن عبد الله بن الحسن الخلال بقراءتي عليها، قالت: أخبرنا أبي أبو العباس أحمد، قال: أخبرنا جدي أبو محمد الحسن بن محمد الخلال، قال: أخبرنا أبو العباس عبد الله بن موسى بن إسحاق الهاشمي، قال: حدثنا حامد بن محمد، قال: حدثنا منصور بن أبي مزاحم، قال: حدثنا أبو أويس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يموت لأحدٍ من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم)).
722- أحمد بن عبد الله المقرئ.
من شيوخ أبي بكر المبارك بن كامل؛ روى عنه في ((معجم شيوخه)) أبياتاً(2/265)
ذكر أنه أنشده إياها لأبي الفرج الوأواء ولم يكنه.
723- أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، أبو جعفر بن أبي القاسم بن أبي الحسين.
من أهل الحربية.
سمع أباه، وأبا محمد عبد الله بن محمد بن جحشوية المقرئ، وغيرهما. وهو من أولاد المحدثين والرواة المذكورين.
سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي، وأبو العز عبد المغيث بن زهير الحربي. وحدثنا عنه جماعة.
أخبرنا محمد بن عبد الله بن يوسف السقلاطوني بقراءتي عليه: أخبركم أبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يوسف، قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعلى المقرئ، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر ابن محمد القزويني، قال: قرأت على يوسف بن عمر القواس، قال: قرئ على محمد بن هارون الحضرمي وأنا أسمع، قيل له: حدثكم إبراهيم بن محمد التيمي قاضي البصرة، قال: حدثنا محمد بن جهضم، قال: حدثنا سعيد بن مسلمة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اصنع المعروف إلى من هو أهله ومن ليس هو أهله، فإن كان من أهله كنت قد أصبت أهله، وإن لم يكن أهله كنت أنت أهله)).(2/266)
أنبأنا عمر بن علي الدمشقي، قال: توفي أبو جعفر بن يوسف في العشر الأخير من ذي القعدة سنة ست وستين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
724- أحمد بن عبد الله بن أحمد بن عسكر البندنيجي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العباس بن أبي محمد.
من ساكني محلة مشهد أبي حنيفة رحمه الله.
أحد الشهود المعدلين، والقضاة المذكورين والفقهاء الحنفيين. شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا محمد بن أحمد النحوي، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار المندائي في ((تاريخ الحكام)) له في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، قال: وأبو العباس أحمد بن عبد الله ابن البندنيجي يوم الاثنين تاسع عشري شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، وزكاه الشريف أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي، وأبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ.
قلت: وتولى قضاء الجانب الغربي من مدينة السلام في يوم الأحد ثامن جمادى الأولى سنة ست وستين وخمس مئة؛ ولاه ذلك قاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي.
وقد كان سمع شيئاً من الحديث من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري وغيرهما، وروى شيئاً يسيراً. سمع منه القاضي عمر القرشي. وأبو بكر محمد بن المبارك(2/267)
ابن مشق، وغيرهما.
وقال ابن مشق: توفي يوم الأربعاء سابع محرم سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة، وصليت عليه، ودفن بمقبرة الخيزران بالجانب الشرقي عند مشهد أبي حنيفة.
وقال صدقة بن الحسين الفرضي: توفي يوم السبت يوم عاشوراء من السنة المذكورة، وكان فقيهاً حنفياً حسناً، ولي القضاء بالجانب الغربي، رحمه الله وإيانا.
آخر الجزء الخامس عشر من الأصل
725- أحمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد الفقيه الشافعي، أبو نصر بن أبي محمد بن أبي بكر المعروف بابن الشاشي مدرس المدرسة النظامية.
من بيت الفقه والتدريس. وجده أبو بكر الشاشي أحد الأئمة العلماء المصنفين على مذهب الشافعي رضي الله عنه، ودرس أيضاً بالمدرسة النظامية.
تفقه أبو نصر هذا على أبيه، ثم على الشيخ أبي الحسن ابن الخل. وحصل معرفة الفقه، وحصل له عناية من متقدمي زمانه فولوه تدريس المدرسة النظامية، فذكر بها الدرس مخلوعاً عليه، وحضر عنده أرباب المناصب والفقهاء يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمس مئة. واستمر على ذلك إلى أن عزل عنه في رجب سنة تسع وستين وخمس مئة.
وقد كان سمع شيئاً من الحديث من أبي الحسن ابن الخل، وأبا الوقت عبد الأول بن شعيب السجزي، وغيرهما. وروى القليل لاشتغاله بالفقه ورأيته بعد عزله.(2/268)
وتوفي في شوال سنة ست وسبعين وخمس مئة، ودفن بالوردية عند شيخه أبي الحسن ابن الخل.
726- أحمد بن عبد الله بن هبة الله بن زنرف، أبو العباس الدقاق.
من أهل باب الأزج.
روى عن أبي غالب محمد بن الحسن الماوردي فيما بلغني. ورأيت إجازته لجماعةٍ في سنة ثمان وسبعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
727- أحمد بن عبد الله بن موهوب بن أزداروية، أبو الفرج الزاهد.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا بكر محمد بن الحسين المزرفي وغيرهما. وروى عنهم.
ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني أنه سمع منه، والله أعلم.
728- أحمد بن عبد الله بن علي بن أحمد بن الفرج بن إبراهيم ابن أخي نصر، أبو الفتح بن أبي محمد العكبري الأصل البغدادي المولد، أخو أبي نصر محمد الذي قدمنا ذكره.
سمع أبا طالب المبارك بن علي بن خضير، وأبا بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبا القاسم يحيى بن ثابت الوكيل، وأبا عبد الله محمد بن نسيم العيشوني، وغيرهم.
وسافر عن بغداد، وحدث بمصر في سنة ثمان وسبعين وخمس مئة، فسمع منه بها أبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن وردان المقرئ المصري بها، وما أعلم أنه حدث ببغداد، والله أعلم.(2/269)
729- أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الطوسي الأصل الموصلي المولد والدار، أبو طاهر بن أبي الفضل بن أبي نصر الخطيب.
من بيت الخطابة والرواية، هو وأبوه وجده.
سمع أبو طاهر هذا بالموصل جده أبا نصر، وأبا البركات محمد بن محمد ابن خميس وغيرهما. وقدم بغداد غير مرةٍ، وسمع بها في سنة أربعين وخمس مئة من أبي الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف وغيره.
وعاد إلى بلده وتولى الخطابة به سنين، وحدث هناك وكتب إلينا بالإجازة.
سألت شيخنا أبا القاسم عبد المحسن بن عبد الله ابن الطوسي عن مولد أخيه أحمد، فقال: في سنة سبع عشرة وخمس مئة.
وتوفي في سنة اثنتين وست مئة بالموصل فيما بلغنا، والله أعلم، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
730- أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق السلمي، أبو القاسم بن أبي محمد العطار.(2/270)
سمع بإفادة أبيه وكان من الشيوخ المحدثين وسيأتي ذكره. سمع من أبي الوقت السجزي، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان ومن أبيه، وغيرهم.
وخرج عن بغداد إلى الشام، وسكن دمشق، وحدث بها، وسمع منه هناك جماعةٌ من أهلها والواردين إليها. وكتب إلينا بالإجازة لنا منه غير مرة.
وبلغنا أنه توفي هناك في جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وست مئة، رحمه الله وإيانا.
731- أحمد بن عبد الله بن أحمد بن علي بن علي بن السمين، أبو المعالي بن أبي الرضا بن أبي المعالي.
من أولاد المحدثين والرواة المذكورين إلا أن أبا المعالي هذا لم يكن مشهوراً بالطلب.
سمع شيئاً يسيراً بإفادة أبيه من أبي نصر يحيى بن موهوب بن السدنك وغيره. كتبنا عنه أحاديث يسيرة. وكان خيراً، رحمه الله وإيانا.
وتوفي ليلة الخميس تاسع عشر شعبان سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن بباب حرب.(2/271)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عبيد الله
732- أحمد بن عبيد الله بن العباس، أبو العباس المؤدب.
من ساكني قراح أبي الشحم.
صحب أبا الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وسمع منه، وروى عنه شيئاً من شعره.
أنشدني أبو بكر عبد الله بن أحمد المقرئ، قال: أنشدني مؤدبي أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن العباس، قال: أنشدني أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الفقيه لنفسه:
أفدي الذي أدنو ويبعد في الهوى ... وأطيعه ويلج في عصياني
وإذا شكوت إليه ما ألقى به ... ولى وقال دواك في هجراني
ومن العجائب أنني أبغي الوفا ... من غادرٍ والأمن من خوان
وأروم من هذا الزمان رعايةً ... وهو الغرير بفرقة الأخدان
قال لنا عبد الله بن أحمد بعد إنشادنا هذه الآبيات: وتوفي أحمد بن عبيد الله المؤدب أواخر سنة ثمان وستين وخمس مئة.(2/272)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عبد الرحمن
733- أحمد بن عبد الرحمن بن مبادر بن محمد بن عبد الله، أبو بكر الدقاق.
من أهل باب الأزج، والد مبادر بن أحمد، وأخو القاضي أبي الحسن علي اللذين يأتي ذكرهما.
سمع أبا عبد الله الحسين بن علي البسري، وأبا القاسم علي بن الحسين الربعي وغيرهما.
سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني وذكره في كتابه وقال: كتبت عنه حديثاً واحداً. وسمع منه جماعةٌ بعده. وروى لنا عنه شيخنا أبو محمد بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود البزاز من كتابه، قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن مبادر في آخرين بقراءتك عليهم، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن الفضل ابن خزيمة، قال: حدثنا أحمد بن سعيد الجمال، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله أيصلي الرجل منا في الثوب الواحد؟ قال: ((أوكلكم يجد ثوبين!)).(2/273)
توفي أبو بكر بن مبادر في ليلة الجمعة حادي عشري جمادى الأولى من سنة أربع وستين وخمس مئة.
734- أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الله الفارسي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو بكر الصوفي، شيخ الصوفية برباط الزوزني المقابل لجامع المنصور بالجانب الغربي.
من أولاد الصوفية. رجلٌ صالحٌ، حسن الطريقة جميل السيرة، كثير العبادة، دائم الصوم والصلاة، مواظبٌ على تلاوة القرآن وهو أصغر من أخيه أبي علي الحسن الذي يأتي ذكره.
قدم على جماعةٍ من أهله بخدمة الصوفية، في رباط الزوزني وله نيفٌ وعشرون سنة لصلاحه.
سمع الكثير بإفادة خاله أبي عبد الله محمد بن الحسين التكريتي من جماعةٍ منهم: أبو القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، والقاضي أبو بكر محمد بن(2/274)
عبد الباقي الأنصاري، وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبو تمام كامل بن الحسين التكريتي، وغيرهم. وحدث وروى عنهم.
سمع منه جماعةٌ منهم: القاضي عمر القرشي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد شيخ رباط المأمونية، وأبو نصر محمد بن سعد الله ابن الدجاجي، وأبو العلاء محمد بن علي بن الرأس وجماعةٌ.
أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن الفارسي متقدم الصوفية برباط الزوزني، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سليمان بن داود، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمع عاصم بن ضمرة، عن علي كرم الله وجهه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الضحى.
وأنبأنا القرشي، قال: سألته -يعني أبا بكر الفارسي- عن مولده، فقال:(2/275)
في ليلة الأحد عاشر صفر سنة ست وعشرين وخمس مئة. وتوفي يوم الخميس ثاني عشر ذي القعدة من سنة خمس وسبعين وخمس مئة، ودفن بباب رباط الزوزني، رحمه الله وإيانا.
735- أحمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن المعمر بن جعفر، أبو المعالي بن أبي منصور بن أبي الفضل بن أبي القاسم.
من بيتٍ معروفٍ بالرئاسة والتقدم وخدمة الديوان العزيز مجده الله. وجده أبو الفضل كان يلقب زعيم الدين تولى صدرية المخزن المعمور مدةً، ويأتي ذكره إن شاء الله.
وأبو المعالي هذا تولى حجابة الحجاب، ثم ولي صدرية المخزن المعمور في يوم الخميس رابع عشري جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، فكان على ولايته إلى أن توفي في ليلة الأحد ثالث عشر محرم سنة ست مئة، وحضرت الصلاة عليه يوم الأحد المذكور بجامع القصر الشريف والجمع كثير من الولاة والأعيان، ودفن بالجانب الغربي في تربةٍ لهم بمحلة الحربية. وكان شاباً جميلاً سرياً قد ناهز الثلاثين.(2/276)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عبد الملك
736- أحمد بن عبد الملك الأنصاري، غير مكنى.
بغدادي، روى عن أبي الحسين عاصم بن الحسن العاصمي شيئاً من شعره، سمعه منه أبو بكر المبارك بن كامل، وأورده عنه في ((معجم شيوخه))، رحمهم الله وإيانا.
737- أحمد بن عبد الملك بن محمد البزوغائي، أبو البركات.
سمع أبا سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأباه عبد الملك، وأبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وأبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا علي محمد بن سعيد بن نبهان، وغيرهم. وحدث عنهم.
سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني وذكره في كتابه، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته، كما ذكرنا غيره.
قال تميم بن أحمد ابن البندنيجي، ومن خطه نقلت: توفي أبو البركات ابن البزوغائي يوم الخميس ثامن عشري شعبان سنة اثنتين وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة التل بالشبتية بباب الأزج عند القطيعة.
738- أحمد بن عبد الملك بن عبد العزيز ابن القاضي، أبو القاسم الناسخ الأطروش.
كان يسكن بشارع دار الرقيق.(2/277)
من شيوخ أبي بكر محمد بن المبارك بن مشق، قال توفي ليلة الجمعة رابع عشري جمادى الأولى من سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن بكرة الجمعة بباب حرب.
739- أحمد بن عبد الملك بن محمد بن يوسف، أبو العباس المقرئ، يعرف بابن باتانة.
من أهل الحريم الطاهري، وسكن الجانب الشرقي.
قرأ القرآن الكريم بالقراءات على أبيه وعلى أبي الفتح عبد الوهاب بن محمد الخفاف، وعلى إسماعيل بن علي الغساني الدمشقي لما قدم بغداد وغيرهم.
وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي وغيرهما. سمعنا منه، وكان صالحاً.
قرأت على أبي العباس أحمد بن عبد الملك بن محمد من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي في ((معجمه))، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرني عبد العزيز بن الماجشون، عن صالح بن كيسان، عن(2/278)
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن زيد بن خالد الجهني، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الديك قال: إنه يؤذن للصلاة.
توفي أحمد بن باتانة ليلة الأربعاء سادس جمادى الآخرة سنة اثنتين وست مئة، وصلي عليه يوم الأربعاء، ودفن بباب حرب.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عبد العزيز
740- أحمد بن عبد العزيز بن الحسن بن يحيى ابن الحلاوي، أبو عبد الله.
من أهل باب المراتب.
سمع أبا محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، وروى عنه في سنة ست وتسعين وأربع مئة؛ سمع منه فيها الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الصبهاني وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته عن أهل بغداد)).(2/279)
741- أحمد بن عبد العزيز بن أبي يعلى الشيرازي الأصل البغدادي، أبو نصر يعرف بابن القاص، وهو جده أبو يعلى.
وأحمد هذا والد أبي جعفر أحمد بن أحمد ابن القاص، ذكره الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في ((تاريخه))، وقال: كان شيخاً بهياً كثير البكاء.
توفي يوم الاثنين تاسع ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
742- أحمد بن عبد العزيز بن محمد بن عيسى الخردلي.
من أهل الحربية، يكنى أبا العباس.
سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء وغيرهما. وروى عنهم؛ سمع منه أحمد بن أبي شريك الحربي، وغيره. وأجاز لنا.
وتوفي يوم الأربعاء خامس عشري ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمس مئة.(2/280)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عبد الواحد
743- أحمد بن عبد الواحد بن عبد الله، أبو الفضل القرشي.
سمع أبا طالب محمد بن محمد بن غيلان البزاز، وحدث عنه. سمع منه أبو غالب شجاع بن فارس الذهلي، وأبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي، فيما قاله القرشي رحمه الله.
744- أحمد بن عبد الواحد بن الحسين بن محمد الدباس.
وقال المبارك بن كامل البزاز: هو أبو المظفر بن أبي تمام، من أهل الكرخ.
سمع جد أبيه لأمه أبا البركات محمد بن عبد الله المعروف بابن الشطوي، وروى عنه. سمع منه قديماً أبو بكر بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، وسمع منه بعده القاضي عمر بن علي القرشي.
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو المظفر أحمد ابن أبي تمام الدباس بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن عبد الله ابن يحيى الوكيل، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: حدثنا الحسن بن الخضر الأسيوطي، قال: حدثنا أحمد بن شعيب النسائي، قال: حدثنا قتيبة، عن مالك، عن موسى بن ميسرة، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى، ثم ذكر كلمةً معناها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله)).(2/281)
أنبأنا عمر بن علي القرشي، قال: توفي أحمد بن عبد الواحد هذا ليلة الأربعاء ثاني عشري ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، ودفن من الغد.
الأسماء المفردة من العبيد في آباء من اسمه أحمد
745- أحمد بن عبد القادر بن الحسين بن عثمان القزويني، أبو المواهب.
سمع أبا محمد الحسن بن علي الجوهري، وحدث عنه. سمع منه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، وأبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني.
قال أبو طاهر: كتبت عنه في سنة ست وتسعين وأربع مئة بخان الخليفة العتيق، وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته عن أهل بغداد))، وقال: توفي في شهر ربيع الآخر سنة سبع وتسعين وأربع مئة.
746- أحمد بن عبد السلام ابن المزارع، أبو الكرم المقرئ، يعرف بابن صبوخا القصار.(2/282)
من ساكني الظفرية.
قرأ بالقراءات ببغداد على أبي علي الحسن بن محمد ابن البناء، وبواسط على أبي علي الحسن بن القاسم المعروف بغلام الهراس، وسمع الحديث من أبي علي ابن البناء وغيره.
قال أبو بكر بن كامل: قرأت عليه الكثير، وسمعت منه، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، رحمهم الله.
747- أحمد بن عبد الخالق بن أحمد بن القاسم الهاشمي، أبو العباس، يعرف بابن الشنكاتي.
من أهل الجانب الغربي، كان يسكن بدرب ريحان محلة النصرية.
سمع نقيب النقباء أبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وحدث عنه.
سمع منه أبو محمد ابن الخشاب، وأبو البقاء محمد بن محمد بن طبرزد، وأخوه عمر، وروى لنا عنه الأفضل بن عبد الخالق الهاشمي.
قرأت على أبي محمد الأفضل بن عبد الخالق بن أبي تمام الهاشمي ويعرف بابن باد من أصل سماعه، قلت له: قرئ على أبي العباس أحمد بن عبد الخالق ابن أحمد الهاشمي وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا النقيب أبو الفوارس طراد ابن محمد إملاءً، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن رزقوية، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن يحيى بن عمر بن علي بن حرب، قال: حدثنا علي بن حرب، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يكلم أحدٌ في سبيل الله، والله أعلم بمن يكلم في سبيله، إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب دماً، اللون لون دمٍ(2/283)
والريح ريح مسكٍ)).
انفرد بإخراجه مسلم فرواه عن عمرو الناقد وزهير بن حرب كليهما عن سفيان بن عيينة.
قال ابن الخشاب: سألته عن مولده فقال في سنة تسع وخمسين وأربع مئة.
748- أحمد بن عبد السيد بن علي النحوي، أبو الفضل، يعرف بابن الأشقر.
كان ينزل بالقطيعة من باب الأزج.
أديبٌ فاضلٌ، له معرفةٌ بالنحو واللغة العربية. قرأ على أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي ولازمه حتى حصل معرفة الأدب، وسمع شيئاً من الحديث من شيوخ زمانه، ولم أقف له على سماع إلا من أبي الفضل محمد بن ناصر. وسألت عنه جماعةٌ ممن لقيه فوصفوه بالفضل والمعرفة. وبلغني أن أبا محمد ابن الخشاب كان يقصد أبا الفضل بن الأشقر ويذاكره ويسأله عن أشياء ويبحث معه.
قرأ عليه جماعةٌ وأخذوا عنه منهم: أبو العباس أحمد بن هبة الله المعروف بابن الزاهد، فإنه ذكر لي أنه قرأ عليه واستفاد منه.(2/284)
749- أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة، أبو المعالي بن أبي القاسم التاني.
من أهل باجسرا، أحد القرى بطريق خراسان.
سكن بغداد، وسمع بها من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، وأبي عبد الله الحسين بن علي ابن البسري، وأبي محمد جعفر بن أحمد السراج، وأبي غالب محمد بن الحسن البقال، وأبي منصور محمد بن أحمد المقرئ الخياط وغيرهم، وحدث عنهم.
وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه، وقال: سمع منه أبو بكر بن كامل. وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته. وحدثنا عنه جماعةٌ.
قرأت على أبي الثناء محمود بن مسعود بن عبد الله المؤذن، قلت له: أخبركم أبو المعالي أحمد بن عبد الغني بن محمد بن حنيفة قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الخطاب بن البطر قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طالب مكي بن علي بن عبد الرزاق الحريري، قال: أخبرنا أبو القاسم حبيب بن الحسن القزاز، قال: حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله البزاز، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدخر شيئاً لغدٍ.(2/285)
حدثني أبو القاسم تميم بن أحمد البزاز، قال: خرج أبو المعالي بن حنيفة عن بغداد لدين لزمه عجز عن قضائه إلى همذان فأقام بها مدةً يسيرة، وتوفي بها في شهر رمضان سنة ثلاث وستين وخمس مئة، وجاء نعيه مع الحاج في ذي القعدة من السنة، ولم يحدث بهمذان ولا أجاز لأحدٍ.
750- أحمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، أبو بكر بن أبي القاسم المعروف بابن البطي، أخو أبي الفتح محمد الذي قدمنا ذكره.
سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، وأبا محمد جعفر بن أحمد ابن السراج، وأبا القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبا زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة لما قدم بغداد، وحدث عنهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو الرضا أحمد ابن طارق التاجر، وأبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي. وحدثنا عنه عبد العزيز بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من كتابه، قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن عبد الباقي بن سلمان بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي قراءةً عليه. وقرأته على أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدباس قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد ابن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثني محمد بن فضيل، عن الأعمش وابن أبي ليلى وكثير النواء وعبد الله بن صبهان، كلهم عن عطية العوفي، عن أبي(2/286)
سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى النجم الطالع في أفقٍ من آفاق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم، وأنعما)).
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القاضي، ومن خطه نقلت، قال: توفي أبو بكر أحمد بن عبد الباقي بن سلمان يوم الخميس خامس عشري شعبان من سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن من يومه.
751- أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن أحمد بن عبد الوهاب ابن محمد بن دينار الأصغر بن محمد بن دينار الأكبر بن ماه بن يوه بن أشك بن ششك بن زاذان بن فروخ، أبو العباس الفقيه الشافعي.(2/287)
من أهل البندنيجين.
قدم بغداد، وأقام بها. سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وحدث عنه.
سمع منه القاضي عمر بن أبي الحسن الدمشقي وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الوهاب بن عبد الله البندنيجي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن عبد الواحد بن الحصين. وأخبرناه أبو محمد عبد الغني بن الحسن ابن العطار الهمذاني بقراءتي عليه ببغداد، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج، قال: حدثنا أبو يحيى الضرير محمد بن سعيد، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا سيف بن سليمان، قال: أخبرني قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاهدٍ ويمين.(2/288)
752- أحمد بن عبد الجليل بن محمد بن الحسن، أبو يعلى بن أبي مسعود، يلقب والده كوتاه.
من أهل أصبهان. وهو أخو أبي حامد محمد الذي قدمنا ذكره، وهو وأخوه محمد وأبوهما من أهل الرواية والتحديث.
سمع أباه وغيره. وقدم بغداد، وحدث بها عن أبيه. ذكر أبو بكر عبيد الله ابن علي المارستاني أنه سمع منه بها، والله أعلم.
قلت: وتوفي في سلخ ذي القعدة سنة ست وخمسين وخمس مئة، فيما بلغنا، رحمه الله وإيانا.
753- أحمد بن عبد المنعم بن محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله بن سعيد بن أبي الخير الميهني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفضل بن أبي الفضائل بن أبي البركات بن أبي الفتح بن أبي طاهر الصوفي، شيخ رباط الخليفة -خلد الله ملكه- بالجانب الغربي المجاور لتربة الجهة السلجوقية.
من بيت التصوف والتقدم هو وأبوه وجده وأخوه أبو البركات محمد وقد تقدم ذكره.
سمع من أبيه أبي الفضائل ومن أبي علي أحمد بن محمد ابن الرحبي، ومن الكاتبة شهدة بنت أحمد الإبري، وغيرهم.(2/289)
وولي خدمة الصوفية بالرباط المذكور في ذي القعدة من سنة خمس وثمانين وخمس مئة، والنظر في وقفه ووقف التربة المجاورة له والسبيل لها بطريق مكة. وظهر من نزاهته وعفته وقيامه بما رد إلى نظره ما أرضى الخاص والعام. كتبت عنه.
قرأت على الشيخ أبي الفضل أحمد بن عبد المنعم بن محمد بن أصل سماعه، قلت له: أخبركم والدك الشيخ أبو الفضائل عبد المنعم بن محمد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفتح عبيد الله بن محمد بن أردشير الهشامي قراءةً عليه بمرو، قال: أخبرنا جدي أبو العباس أردشير بن محمد، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن حليم بن محمد، قال: أخبرنا أبو الموجه محمد بن عمرو بن الموجه الفزاري، قال: أخبرنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله (بن عامر) بن ربيعة، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديث)).(2/290)
توفي أحمد هذا يوم الثلاثاء ثامن عشري رجب سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن عشيته بالشونيزي.
754- أحمد بن عبيدة بن أحمد البغدادي، أبو العباس الدسكري.
سافر عن بغداد قديماً، وسمع في رحلته أبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وحدث عنه. سمع منه أبو سعد محمد بن محمد النوقاني.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عمر
755- أحمد بن عمر بن علي، أبو المعالي المزرفي يعرف بابن بصيلة.
سمع أبا ياسر شاكر بن عمر الخواص، وغيره. وخرج عن بغداد وسكن الجزيرة مدةً، ثم قدمها في سنة ست وخمسين وخمس مئة فحدث بها. سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن القرشي، قال: أخبرنا أبو المعالي أحمد بن عمر بن بصيلة في صفر سنة ست وخمسين وخمس مئة، قدم علينا من الجزيرة، قال: أخبرنا أبو ياسر شاكر بن عمر الخواص، قال: أخبرنا أبو بكر(2/291)
محمد بن عبد الملك بن بشران، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الحجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بنكاحٍ جديدٍ.
756- أحمد بن عمر بن الحسين بن خلف، أبو العباس القطيعي.
منسوب إلى قطيعة العجم بباب الأزج، والد شيخينا أبي القاسم علي وأبي الحسن محمد.
صحب القاضي أبا يعلى محمد بن محمد ابن الفراء، وتفقه عليه، وتكلم، وسمع من جماعةٍ منهم: أبو الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، وأبو المعالي الفضل بن سهل الإسفراييني، وأبو بكر محمد بن عبيد الله ابن(2/292)
الزاغوني، والنقيب أبو جعفر أحمد بن محمد العباسي، وأبو القاسم نصر بن نصر العكبري وغيرهم، وحدث باليسير؛ ذكر لي ولده أبو الحسن أنه سمع منه.
بلغني أنه ولد في سنة اثنتي عشرة وخمس مئة.
وذكر صدقة بن الحسين الحداد في ((تاريخه)) أن أحمد القطيعي توفي عشية الأربعاء ثامن عشر شهر رمضان سنة ثلاث وستين وخمس مئة، وصلي عليه، ودفن يوم الخميس عند السور.
757- أحمد بن عمر بن أبي الحسن الغضائري، أبو العباس يعرف بابن الوارث.
أظنه من أهل باب البصرة.
من شيوخ أبي بكر محمد بن المبارك بن مشق، ذكره في ((معجم شيوخه))، وقال: توفي في أوائل محرم سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
758- أحمد بن عمر بن محمد بن لبيدة، أبو العباس المقرئ.
من أهل باب الأزج.
حافظٌ للقرآن المجيد، كثير القراءة له والإقراء.
قرأ بالقراءات على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط وعلى غيره، ولقن جماعةً القرآن المجيد، وسمع الكثير على الشيوخ، ولازم مجالس الحديث، وقرأ على الرواة، وأفاد الطلبة، وكتب الكثير بخطه لنفسه ولغيره. وكان ثقةً صدوقاً. حدث بشيءٍ من تخريجه عن شيوخه. وكان صالحاً.
روى عن أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي الحسن علي بن(2/293)
هبة الله بن عبد السلام، وأبي سعد أحمد بن محمد ابن البغدادي، وأبي محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ، وأبي عبد الله محمد بن محمد ابن السلال، وأبي بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، والقاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي. ولازم حلقة أبي الفضل محمد بن ناصر، وسمع كلما قرئ عليه. وكان يكتب طبقات السماع عليه بخطه.
سمع منه جماعةٌ من أصحابه. وروى لنا عنه أبو محمد عبد الرحمن بن المبارك المقرئ وغيره.
قرئ على أبي محمد عبد الرحمن بن المبارك بن محمد المقرئ، وأنا أسمع، قيل له: حدثكم أبو العباس أحمد بن عمر بن لبيدة المقرئ من لفظه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، قال: حدثنا همام، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يطرق أهله ليلاً، كان يدخل غدوة أو عشية.
خرج أحمد بن لبيدة من بغداد حاجاً في ذي القعدة من سنة أربع وستين وخمس مئة، فتوفي بالطريق في هذا الشهر. وذكر لي بعضهم أنه توفي بالأجفر منزل من منازل الطريق قبيل فيد، والله أعلم، ودفن به.
759- أحمد بن عمر بن أبي العز واسمه علي بن علي بن بهليقا، أبو العباس.(2/294)
من أهل الجانب الغربي وساكني القرية، قريباً من جامع العقبة المعروف بجامع ابن بهليقا الآن. والده عمر استجده وبناه. واستؤذن الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنه في صلاة الجمعة فيه فأذن وصلي فيه يوم الجمعة منتصف شعبان سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة.
وأحمد هذا كان صالحاً ديناً، صاحب مجاهدةٍ وعبادةٍ، حافظاً للقرآن الكريم. سمع الحديث من جماعة منهم: أبو العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وأبو القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبو بكر ابن الزاغوني، وأمثالهم.
وخالط الصالحين، وكان الزهد أغلب عليه. رحل إلى الموصل، وأقام عند الشيخ عمر بن محمد المعروف بالملة الزاهد مدة، وعاد إلى بغداد، وسمع شيئاً من أخباره وكراماته. وما أظنه روى شيئاً، وإن كان فيسيراً؛ لأن الرواية لم تنتشر عنه، والله الموفق.
760- أحمد بن عمر بن بركة بن أبي بشر، أبو جعفر البزاز، يعرف بابن الكزلي.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا القاسم هبة الله بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهما، وروى عنهم.
سمع منه أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، وجماعةٌ من الطلبة، وما اتفق لي لقاؤه، ولعله أجاز لي، والله أعلم.(2/295)
761- أحمد بن عمر الكردي، أبو العباس الفقيه الشافعي.
كانت له معرفةٌ بمذهب الشافعي رضي الله عنه، تفقه بتبريز على الفقيه أبي عمرو، وأقام عنده، ثم قدم بغداد وسكنها إلى حين وفاته، وكان أحد المعيدين بالمدرسة النظامية في المذهب. وكان ديناً صالحاً.
توفي في العشر الأخر من ذي الحجة سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، ودفن بالمقبرة المعروفة بالسهلية بالجانب الشرقي عند جامع السلطان.
762- أحمد بن عمر بن أحمد بن الحسين المقرئ، أبو العباس القطربلي الأصل، وقطربل قريةٌ قريبةٌ من الحربية، الحربي المولد والدار، يعرف بالخاخي -بخائين معجمتين- لقبٌ له.
رجلٌ صالحٌ، منزوٍ عن الناس، مشتغلٌ بالخير. سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وعبد الرحمن بن زيد الوراق، وغيرهما. سمعنا منه.(2/296)
قرأت على أبي العباس أحمد بن عمر الخاخي بالحربية، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع)).
توفي أحمد الخاخي في ليلة الجمعة سلخ جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة بمقبرة باب حرب.
763- أحمد بن عمر بن أحمد بن الحسن بن علي بن علي بن بكرون، أبو المعالي.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه، وسيأتي ذكر أبيه فيمن اسمه عمر. شهد أحمد عند قاضي القضاة أبي الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشهرزوري يوم الاثنين سابع عشر رجب سنة سبع وتسعين وخمس مئة وزكاه العدلان أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز، وأبو زكريا يحيى بن عمر بن بهليقا. وولي خزن الديوان العزيز -مجده الله- وجعل مصلياً بالمدرسة النظامية على عادة والده.
سمع النقيب الطاهر أبا عبد الله أحمد بن علي بن المعمر، وأبا العباس أحمد بن المبارك المرقعاتي، وأبا شاكر يحيى بن يوسف غلام ابن بالان، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري، والشريف أبا الحسن علي بن أحمد(2/297)
الزيدي وغيرهم وحدث.
سألته عن مولده فقال: في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه عثمان
764- أحمد بن عثمان بن أبي علي بن مهدي، أبو العباس الزرزاري، منسوبٌ إلى قبيلة من الأكراد يقال لها زرزار.
من أهل إربل.
رجلٌ صالحٌ طلب الحديث ورحل فيه إلى العراق وبلاد الجبال وخراسان وكرمان، وسمع الكثير؛ سمع ببغداد من أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني، وأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري وغيرهما، وبأصبهان من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن حنة العدل، وبهراة من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي، وحدث عنهم بإربل والموصل.
وكان موصوفاً بالصلاح والخير، سمعت جماعةً من أهل بلده والموصل يثنون عليه ثناءً حسناً.
توفي بإربل ليلة الجمعة عاشر شهر رمضان سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الجمعة، رحمه الله وإيانا.(2/298)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه علي
765- أحمد بن علي، أبو غالب العباسي، يعرف بابن المربمان.
من ساكني شارع دار الرقيق.
سمع أبا محمد الحسن بن عيسى ابن المقتدر بالله، وحدث عنه. سمع منه أبو البركات هبة الله بن المبارك ابن السقطي وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)) فيما قال القاضي عمر القرشي وقال: كان ثقةٌ صدوقاً.
766- أحمد بن علي بن محمد بن عبدون، أبو سعد المقرئ.
ذكره الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في تاريخه، وقال: سمع أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وتوفي في سنة أربع عشرة وخمس مئة. ولم يذكر أنه حدث ولا روى، رحمه الله وإيانا.
767- أحمد بن علي بن طاهر، أبو البركات المقرئ، يعرف بابن القيار.
بغدادي سكن دمشق.
أنبأنا أبو محمد القاسم بن أبي القاسم ابن عساكر الدمشقي، قال: أخبرني أبي في ((تاريخه لدمشق))، قال: أحمد بن علي بن طاهر، أبو البركات البغدادي، قدم دمشق، وسمع بها أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، كتب عنه القاضي أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عقيل الشهرزوري.768- أحمد بن علي، أبو الغنائم الصايغ.
سمع أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وروى عنه. سمع منه(2/299)
أبو بكر المبارك بن كامل وذكر عنه في ((معجمه)) أنه أنشده، قال: أنشدني أبو الحسين ابن الطيوري ولم يسم قائلاً:
لا مات أعداؤك بل خلدوا ... حتى يروا فيك الذي يكمد
ولا خلوت الدهر من حاسدٍ ... فإن خير الناس من يحسد
قال ابن كامل: وتوفي أبو الغنائم هذا في سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
769- أحمد بن علي الخزاز، أبو طاهر.
شيخٌ، روى عنه أبو بكر بن كامل في ((معجمه))، وقال: أنشدني قال: أنشدني أبو القاسم بن برهان:
وقائلةٍ ما باله قد تغيرت ... خلائقه واللون بادٍ شحوبه
فقلت لها هاتي من الناس واحداً ... صفا لونه والنائبات تنوبه
770- أحمد بن علي بن ناصر بن محمد، أبو جعفر بن أبي الفضل العلوي المحمدي، من ولد محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المعروف بابن الحنفية.
كان أبو جعفر نقيب العلويين بالكرخ، وأبوه نقيب العلويين المحمديين. بمشهد موسى بن جعفر عليهما السلام فيما ذكر أبو بكر بن كامل، وقال: سمع أبو جعفر من أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري وروى عنه، وسمعت منه. وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
771- أحمد بن علي بن إبراهيم، أبو الفرج الدباس.
سمع أبا الحسن علي بن محمد الخطيب الأنباري.
ذكر ابن كامل أنه سمع منه، وأخرج عنه حديثاً عن الخطيب أبي الحسن الأنباري.(2/300)
772- أحمد بن علي بن عبد العزيز، أبو القاسم، يعرف بابن الهاشمية.
روى عن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي. سمع منه جماعةٌ منهم المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه))، رحمه الله وإيانا.
773- أحمد بن علي بن منصور، أبو بكر يعرف بابن كاره، أخو دهبل ولاحق.
هكذا سماه أبو محمد ابن الخشاب، وقال: سمعت منه عن شجاع الذهلي. وذكره تاج الإسلام ابن السمعاني فسماه لبيداً، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.
774- أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن عامر، أبو الفتح بن أبي الحسن يعرف بابن الوكيل، أخو أبي الفضل محمد الذي قدمنا ذكره.
تولى حجابة الحجاب بالديوان العزيز.
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وغيرهما، وروى عنهم. سمع منه القاضي عمر بن علي الدمشقي وغيره.
أخبرنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن القرشي إذناً، قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن علي ابن الوكيل، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين في سنة خمس عشرة وخمس مئة. وأخبرناه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي، قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: [حدثنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثني أبي]: قال: حدثنا(2/301)
روح، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أبي ثمامة الثقفي، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((توضع الرحم يوم القيامة لها حجنة كحجنة المغزل تتكلم بألسنةٍ طلقٍ [ذلقٍ] فتصل من وصلها وتقطع من قطعها)).(2/302)
قال القرشي: سألت أبا الفتح عن مولده فقال: في شهر رمضان سنة ثمان وخمس مئة.
وتوفي في يوم الأحد منتصف محرم سنة أربع وستين وخمس مئة، وصلي عليه بجامع القصر، ودفن بباب أبرز.
775- أحمد بن علي الكاغدي، أبو عبد الله يعرف بابن أخت علوي.
من أهل محلة دار القز.
سمع أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيره. سمع منه أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق وذكره في ((معجم شيوخه))، وقال: توفي في ليلة الأربعاء سادس عشري شوال سنة أربع وستين وخمس مئة.
776- أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن المعمر بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله النقيب الطاهر نقيب نقباء الطالبيين ابن النقيب الطاهر أبي الحسن ابن النقيب الطاهر أبي الغنائم.
نقيبٌ فاضلٌ من بيتٍ عريقٌ في السيادة والنقابة والتقدم، له معرفةٌ حسنةٌ بالأدب، وترسل جيد، وشعرٌ حسنٌ. وكان من ذوي الهيئات والوقار موصوفاً بالعقل والسداد.
تولى نقابة النقباء بعد أبيه في سنة ثلاثين وخمس مئة إلى حين وفاته.(2/303)
سمع أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وأبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا الغنائم محمد بن علي النرسي، وغيرهم، وحدث عنهم.
سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأبو الفتوح عبد السلام بن يوسف الدمشقي، وأبو الرضا أحمد بن طارق القرشي، وخلقٌ. وروى لنا عنه جماعةٌ.
قرأت على أبي محمد إسماعيل بن إبراهيم بن محمد الصوفي في آخرين، قالوا: أخبرنا النقيب الطاهر أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر العلوي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد ابن العلاف قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الحمامي، قال: حدثنا زيد بن علي بن أبي بلال المقرئ، قال: حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا عاصم بن محمد، قال: حدثني واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بني الإسلام على خمسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)). أخرجه مسلم عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن عاصم هذا.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي، قال: سألت النقيب الطاهر أبا عبد الله بن المعمر عن مولده، فقال: أظن في سنة تسعين وأربع مئة.
وقال أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق: مولد أبي عبد الله نقيب النقباء(2/304)
في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة. وتوفي في يوم الخميس تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وستين وخمس مئة، بداره بالحريم الطاهري، وصلى عليه جمعٌ كثيرٌ هناك، وتقدم في الصلاة عليه شيخ الشيوخ أبو القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل النيسابوري بوصية منه بذلك بعد مشاجرةٍ جرت بينه وبين نقيب الهاشميين قثم الزينبي، ودفن بداره المذكورة، ثم نقل بعد ذلك إلى المدائن فدفن بالجانب الغربي منها في مشهد أولاد الحسن بن علي عليهم السلام.
777- أحمد بن علي بن عبد الواحد، أبو المعالي القارئ، يعرف بابن المهندس.
من أهل باب البصرة.
سمع أبا القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وغيرهما، وكانت له إجازةٌ من أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن الطيوري، وغيره.
سمع منه جماعةٌ منهم القاضي عمر الدمشقي، وأبو بكر بن مشق، وعبد العزيز بن الأخضر وغيرهم.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر الجنابذي، قلت له: أخبركم أبو المعالي أحمد بن علي بن عبد الواحد القارئ المعروف بابن المهندس قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي. وقرأته على أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدباس قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن الحسين الربعي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا يونس بن(2/305)
محمد المؤدب، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أسكر كثيره فقليله حرام)).
أنبأنا عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: توفي أبو المعالي ابن المهندس في يوم الجمعة سادس عشري جمادى الآخرة سنة تسع وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة جامع المنصور، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
778- أحمد بن علي بن أبي سعد المقرئ، أبو السعادات يعرف بابن الشصر.
من أهل زريران.
سكن بغداد، وسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي السعود أحمد بن علي ابن المجلي، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد بن الطبر الحريري، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وجماعة بعدهم، وحدث عنهم.
سمع منه أبو إسحاق مكي بن أبي القاسم الغراد، وغيره.
أنبأنا مكي بن أبي القاسم، ومن خطه نقلت، قال: توفي أبو السعادات ابن الشصر يوم الخميس ثالث محرم سنة سبعين وخمس مئة. وقال غيره: بل سنة إحدى وسبعين وخمس مئة، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.
779- أحمد بن علي بن محمد ابن المكشوط، أبو جعفر الهاشمي.(2/306)
من أهل الحريم الطاهري؛ من بيتٍ معروفٍ بالرواية، حدث منهم جماعةٌ.
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق في جملة شيوخه الذين سمع منهم، وقال: توفي يوم الجمعة ثالث عشر ربيع الآخر سنة إحدى وسبعين وخمس مئة.
780- أحمد بن علي بن محمد، أبو العباس البوراني، يعرف بابن كوكاز.
كان يسكن بشارع دار الرقيق في دربٍ يعرف بدرب صالح، وله معرفةٌ بتعبير الرؤيا، وأضر في آخر عمره، وكان صالحاً.
سمع أبا علي أحمد بن محمد بن أحمد البرداني الحافظ، وروى عنه. سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي، وأبو الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأبو بكر محمد بن أبي طاهر البيع، وغيرهم.
أنبأنا محمد بن المبارك بن محمد، قال: قرئ على أبي العباس أحمد بن علي بن محمد بن كوكاز وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو علي أحمد بن محمد البرداني قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح، قال: حدثنا المعافى بن زكريا، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن المغلس، قال: حدثنا عمار بن خالد، قال: حدثنا محمد بن يزيد، عن حجاج بن أرطأة، عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من كتم علماً يعلمه جيء به يوم القيامة ملجماً بلجامٍ من نارٍ)).(2/307)
781- أحمد بن علي بن خليل بن إبراهيم الجوسقي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو العباس.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبا علي الحسن بن المظفر بن السبط، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وغيرهم. وحدث عنهم. وكان يتولى الخطابة بجامع صرصر وانتقل إليها.
سمع منه ابنه خليل، وأبو عبد الله محمد بن عثمان العكبري، وأبو الحرم مكي بن عبد الواحد البيع، وتميم ابن البندنيجي، وغيرهم.
أخبرنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر في كتابه إلينا، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن خليل الجوسقي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله ابن محمد بن الحصين. وقرأته على أبي منصور يحيى بن علي الخراز في آخرين، قلت لكل واحدٍ منهم: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن ابن علي التنوخي، قال: حدثنا الحسن بن جعفر ابن الوضاح، قال: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا همام، عن ثابت، عن أنس أن أبا بكر حدثه، قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم ونحن بالغار: يا رسول الله لو أن أحدهم نظر على قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال: ((يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)).
قال عمر: وتوفي أحمد بن خليل - هكذا ذكر عمر بن علي القرشي ومن خطه نقلته.(2/308)
وقال خليل بن أحمد بن علي بن خليل: توفي والدي أحمد رحمه الله يوم الاثنين حادي عشري رمضان من سنة اثنتين وستين وخمس مئة ضاحي النهار، ودفن ليلة الثلاثاء بعد عشاء الآخرة بناحية صرصر بنهر عيسى، رحمه الله وإيانا، ودفن فيه، يعني اليوم.
782- أحمد بن علي بن الحسين بن ناعم، الوكيل بباب القضاة، أبو بكر.
من ساكني باب الأزج.
سمع أبا عبد الله هبة الله بن أحمد ابن الموصلي، وأبا بكر أحمد بن علي ابن بدران الحلواني، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا محمد القاسم بن علي الحريري البصري، وأبا العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وغيرهم، وروى عنهم.
سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، ورفيقه أبو الخير صبيح بن عبد الله العطاري، والقاضي عمر القرشي، وتميم بن أحمد البندنجي، وعبد العزيز بن الأخضر، وغيرهم، رحمهم الله وإيانا.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من كتابه، قلت له: أخبركم أبو بكر أحمد بن علي بن ناعم الدقاق، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد الرزاز، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد ابن مخلد البزاز، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن ابن عرفة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلع القمر ليلة البدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أما إنكم ترون ربكم عز وجل كما(2/309)
ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن قدرتم أن لا تغلبوا على ركعتين قبل الفجر)).
توفي أبو بكر بن ناعم الوكيل يوم الأربعاء حادي عشري ربيع الأول سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الخميس، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بباب حرب.
قال القرشي: وسألته عن مولده فقال: في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة. وقال غيره: في سنة سبع وتسعين وأربع مئة.
783- أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله ابن المهتدي بالله، أبو تمام ابن القاضي أبي الحسن علي ابن أبي تمام ابن القاضي أبي الحسين الهاشمي المعروف بابن الغريق.
من أهل باب البصرة، من الأشراف المعروفين بالخطابة والعدالة والرواية.(2/310)
وأبو تمام هذا كان يتولى الخطابة بجامع الحربية. سمع أبا القاسم هبة الله ابن محمد بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن صهر هبة، وغيرهما.
سمع منه أبو بكر المبارك بن مشق، وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته)).
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر البيع، قال: أخبرنا أبو تمام أحمد بن علي بن أحمد ابن المهتدي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: قرئ على سفيان: سمعت ابن جدعان، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لصوت أبي طلحة في الجيش خيرٌ من فئةٍ)).
قال ابن مشق: وتوفي أبو تمام ابن المهتدي ليلة السبت خامس عشر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم السبت بجامع المنصور، ودفن بمقبرة الجامع، رحمه الله وإيانا.(2/311)
784- أحمد بن علي بن سعيد بن علي الخوزي -بالخاء المعجمة والزاي، منسوب إلى خوزستان- أبو العباس الصوفي.
سكن واسطاً وأقام بها برباط الضربتي، وقرأ بها القرآن الكريم على جماعةٍ من أصحاب أبي العز القلانسي. وسمع بها من القاضي أبي علي الحسن ابن إبراهيم الفارقي، وغيره.
قدم بغداد في سنة أربع وثلاثين وخمس مئة. سمع بها من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن توبة الأسدي، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيرهم، وعاد إلى واسط، وحدث بها إلى حين وفاته، كتبت عنه، وكان صالحاً.
قرأت على أبي العباس أحمد بن علي بن سعيد الصوفي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله البزاز قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد، فأقر به، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قراءة عليه وأنا حاضر أسمع، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ماسي، قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا حميد -يعني الطويل- عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً. قال: قلت: يا رسول الله أنصره مظلوماً فكيف أنصره ظالماً؟ قال:(2/312)
تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه)).
سألت أحمد الخوزي هذا عن مولده فقال: في سنة تسع وتسعين وأربع مئة، وقال مرة أخرى: في سنة خمس مئة.
وتوفي بواسط في ليلة الخميس لثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة سبع وسبعين وخمس مئة، وحضرت الصلاة عليه يوم الخميس بجامعها، ودفن بمقبرة مسجد زنبور. وكان شيخاً صدوقاً.
785- أحمد بن علي بن معمر بن رضوان المشاهر، أبو بكر، يعرف بابن جرادة.
من ساكني القطيعة بباب الأزج.
هكذا رأيت اسمه في ((معجم)) القاضي عمر القرشي، وغيره سماه ضراراً وهو بكنيته مشهور، وسنذكره في حرف الضاد جمعاً بين القولين.
سمع أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني، وأبا طالب عبد القادر محمد بن يوسف، وغيرهما. سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي وأمثاله.
أنبأنا عمر بن أبي الحسن الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ابن معمر البستنبان، قال: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن النضر الموصلي، قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن المنهال أخو حجاج، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أراد الله بعبدٍ خيراً فقهه في الدين. قال: وقال: إنما أنا قاسمٌ(2/313)
والله يعطي)).
قال القرشي: سألت أبا بكر بن جرادة عن مولده، فقال في سنة خمس وستين وأربع مئة، وأظنه في شوال.
وقال غيره: توفي في جمادى الآخرة سنة ثمانين وخمس مئة، والله أعلم.
786- أحمد بن علي بن هبة الله بن الحسين بن علي بن محمد بن يعقوب بن الحسين ابن المأمون، أبو العباس بن أبي الحسن الهاشمي المعروف بابن الزوال، والأصل فيه الزول وهو الرجل الشجاع وزادوا فيه الألف لكثرة نطق الناس به، هكذا نقلت من خطه.
شريفٌ فاضلٌ، حافظٌ للقرآن المجيد. قرأ بالقراءات على أبي بكر المزرفي وغيره. له معرفةٌ حسنةٌ بالأدب. قرأ على الشيخ أبي منصور ابن الجواليقي وأكثر حتى صار من متميزي أصحابه.
وسمع الحديث الكثير من جماعةٍ منهم: أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني، وأبو العز أحمد بن عبيد الله الأنصاري، وأبو عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، وأبو النجم بدر بن عبد الله مولى عبد المحسن الشيحي، وغيرهم. وحدث بالكثير، وصنف اللغة، وأقرأ الأدب.(2/314)
سمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي قديماً وقرأنا عليه، وسمعنا منه. وكان صحيح السماع، ثابت الرواية، فيه تسامحٌ فيما يتولاه.
شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد الدامغاني في ولايته الأولة في يوم السبت رابع عشر ذي الحجة سنة أربع وخمسين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن الحراني، وأبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي. وتولى قضاء دجيل إلا أنه بقي مقصوراً مدةً في الديوان العزيز -مجده الله- ثم أفرج عنه، وعاد إلى ولايته فكان على ذلك إلى أن توفي. وكان ينزل بالحظيرة من نواحي دجيل، ويقدم بغداد في أكثر الأوقات. كتبنا عنه ببغداد.
قرئ على القاضي أبي العباس أحمد بن علي ابن الزوال الهاشمي وأنا أسمع ببغداد في درب نصير، قيل له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر بذلك، قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري إملاءً، قال: حدثنا علي بن محمد بن كيسان، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي، قال: حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن حرملة بن إياس، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((صوم عاشوراء يكفر سنة وصوم عرفة يكفر سنتين)).
سألت القاضي أبا العباس ابن الزوال عن مولده فقال: في ضحى نهار الثلاثاء ثالث عشر ذي القعدة سنة تسع وخمس مئة ببغداد بدرب فيروز.
وتوفي يوم السبت تاسع عشر شعبان سنة ست وثمانين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب حرب.(2/315)
787- أحمد بن علي بن محمد بن علي، أبو البركات، يعرف بالسوادي، من أهل الحربية.
روى عن أبي بكر محمد بن منصور القصري. سمع منه أبو العباس أحمد ابن سلمان الحربي المعروف بالسكر وغيره. وكان في سنة ثمان وثمانين وخمس مئة حياً، لأن أحمد سمع منه في هذه السنة، رحمه الله وإيانا.
788-أحمد بن علي بن يحيى بن بذال، أبو العباس المستعمل يعرف بابن النفيس.
من أهل الحريم الطاهري، أخو أبي منصور يحيى وأبي بكر المبارك وسيأتي ذكرهما.
سمع أحمد هذا من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وحدث عنه. سمع منه قديماً القاضي عمر الدمشقي، وبعده جماعةٌ من أصحابنا. وقصدناه للسماع منه وكان مريضاً فلم نقدر عليه، وتوفي في مرضه ذلك.
قال القرشي: سألته عن مولده فقال: في سنة تسع وخمس مئة.
قلت: وتوفي ليلة الخميس حادي عشري محرم سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
789- أحمد بن علي بن طلحة بن عبد الله بن جامع، أبو العباس الشاهد.
من أهل واسط، أحد العدول بها، وتولى القضاء بها نيابةً لا استقلالاً.(2/316)
وسمع بها من أبي الكرم نصر الله بن محمد بن مخلد الأزدي، ومن أبي السعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا، ومن أبي الجوائز سعد بن عبد الكريم الغندجاني، ومن أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام لما كان بها، وغيرهم، وحدث بها.
قدم بغداد، وأقام بها مدةً، وحدث بها عن المذكورين. سمع منه أبو الحسن علي بن المبارك ابن المكشوط وجماعةٌ من الطلبة وعاد إلى واسط وتوفي بها.
سمعت منه بواسط وسألته عن مولده، فقال: في شوال سنة تسع عشرة وخمس مئة. وتوفي ليلة الثلاثاء سابع عشري صفر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، وحضرت الصلاة عليه يوم الثلاثاء بجامع واسط، ودفن بمقبرة سكة الأعراب.
790- أحمد بن علي بن عيسى بن هبة الله بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن علي بن عبد العزيز بن الحسن بن الحسين ابن الواثق أبي جعفر هارون ابن المعتصم أبي إسحاق محمد ابن الرشيد أبي جعفر هارون ابن المهدي أبي عبد الله محمد ابن المنصور أبي جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو جعفر الهاشمي.
من أهل الحريم الطاهري.
كان يحفظ القرآن الكريم، وله رواءٌ ومنظرٌ حسنٌ، ويقول شعراً لا بأس(2/317)
به. وكان أحد القراء بالترب الشريفة بالرصافة على ساكنيها أفضل السلام.
سمع أبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا البدر إبراهيم بن محمد الكرخي وغيرهما، وحدث بيسير. سمع منه أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق. وقد رأيته وما ظفرت بشيءٍ من مسموعاته في حياته. ومن شعره مما وقع إلي:
دع عنك فخرك بالآباء منتسباً ... وافخر بنفسك لا بالأعظم الرمم
فكم شريفٍ وهت بالجهل رتبته ... ومن هجينٍ ... ... علا بالعلم في الأمم
ومن شعره في الزهد:
قطعت مطامعي واعتضت عنها ... عزيزاً بالقناعة والخمول
ورمت الزهد في الدنيا لأني ... رأيت الفضل في ترك الفضول
أنبأنا أبو بكر بن مشق، قال: مولد أبي جعفر ابن الواثق في سنة ثلاث عشرة وخمس مئة. وتوفي بكرة يوم الاثنين ثامن ذي القعدة سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
791- أحمد بن علي بن هليل بن عبد الملك بن محمد بن عبد الملك، أبو الفتوح القارئ يعرف بالمعمم. مقدم القراء.
ذكر لي أنه من ولد دعبل بن علي الخزاعي الشاعر، وأن له إجازة من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى بها، سمعنا منه شيئاً يسيراً.
قرأت على أبي الفتوح أحمد بن علي القارئ، قلت له: أخبركم الرئيس(2/318)
أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين فيما أجازه لكم في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة، فأقر بذلك. وقرأته على أبي القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى الخباز في جماعةٍ، قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمر بن سريج، قال: حدثنا الترقفي عباس بن عبد الله، قال: حدثنا عبيد بن يونس الصفار، قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن قيس، عن الحكم، عن القاسم بن مخيمرة، عن شريح بن هانئ، عن علي عليه السلام، قال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوماً وليلة للمقيم، يعني: المسح على الخفين.
سألت أبا الفتوح هذا عن مولده، فقال: في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة. وتوفي ليلة الجمعة سادس صفر سنة تسع وتسعين وخمس مئة، ودفن بالشونيزي.
((آخر الجزء السادس عشر من الأصل))(2/319)
792- أحمد بن علي بن علي بن هبة الله بن محمد بن علي ابن البخاري، أبو الفضل أقضى القضاة ابن قاضي القضاة أبي طالب بن أبي الحسن بن أبي البركات.
من بيتٍ قديمٍ في العدالة والقضاء معروف بالفقه والعلم والتقدم، وسيأتي ذكر أبيه وجده وأخيه عبد اللطيف إن شاء الله في مواضعهم من هذا الكتاب.
شهد أحمد هذا عند أبيه في ولايته الثانية يوم الأحد تاسع عشر جمادى الأولى سنة تسع وثمانين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو البقاء أحمد بن علي بن كردي، وأبو الحسن علي بن المبارك بن جابر، واستنابه والده في القضاء والحكم بحريم دار الخلافة المعظمة -شيدها الله بالعز- وما يليها، وأذن له في سماع البينة والأسجال عنه بالتاريخ، وتقدم إلى الشهود بالشهادة عنده وعليه فيما سجله.
فلم يزل على ذلك إلى أن توفي والده في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، وانعزل بوفاته إلى أن تولى أقضى القضاة بمدينة السلام وغيرها شرقاً وغرباً يوم الأربعاء ثامن عشر رجب سنة أربع وتسعين وخمس مئة، وخلع عليه خلعة سوداء وسلم إليه عهدٌ بذلك بمحضرٍ من العدول والفقهاء والأعيان؛ ولاه ذلك شرف الدين أبو القاسم الحسن بن نصر بن علي ابن الناقد صاحب المخزن المعمور المتولي لأمور الديوان العزيز -مجده الله- فركب ومعه الشهود والوكلاء واتباع مجلس الحكم إلى داره بباب العامة المحروس، وجلس وحكم وسمع البينة وأسجل.
ولم يزل على ذلك يحكم ويسجل عن الخدمة الشريفة الأمامية الناصرية(2/320)
-أعز الله أنصارها وضاعف اقتدارها- إلى أن ولي قاضي القضاة أبو الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشهرزوري في ثامن عشري شهر رمضان سنة خمس وتسعين وخمس مئة، فتقدم إليه بالإسجال عنه، فأجاب إلى ذلك، ثم عزله في ذي الحجة من السنة المذكورة، فلزم منزله إلى أن توفي في يوم الأربعاء رابع ذي الحجة سنة تسع وتسعين وخمس مئة، وصلي عليه بالمدرسة النظامية، ودفن عند أبيه بمشهد الإمام موسى بن جعفر، رحمة الله علينا وعليهم.
793- أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله بن محمد ابن المهتدي بالله، أبو العباس بن أبي الحسن بن أبي تمام الهاشمي الخطيب المعروف بابن الغريق.
أحد الشهود المعدلين ومن بيت الخطابة والصلاة، وقد تقدم ذكرنا لجده أبي تمام.
وأبو العباس هذا كان أحد الخطباء بجامع المنصور مدةً، وكان يسكن باب البصرة. وشهد عند قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي ابن البخاري في ولايته الثانية يوم السبت سادس عشر شعبان سنة تسعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو الفتوح النفيس بن محمد بن علي، وأبو الغنائم محمد بن محمد ابن المهتدي الهاشميان. وانتقل إلى الجانب الشرقي، وسكن بباب العامة من دار الخلافة المعظمة. ثم تولى الخطابة بجامع القصر الشريف بعد وفاة الخطيب به أبي الغنائم ابن المهتدي في المحرم من سنة أربع وتسعين وخمس مئة. وكان سرياً جميلاً لم يزل على ذلك إلى أن توفي ليلة الاثنين ثاني عشري شهر رمضان من سنة ست مئة، وصلي عليه يوم الاثنين بجامع القصر وبالمدرسة النظامية، وحمل إلى الجانب الغربي فدفن بمقبرة جامع المنصور تحت القبة الخضراء عند أبيه(2/321)
وأهله رحمهم الله وإيانا.
794- أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن حراز، أبو القاسم بن أبي الحسن المقرئ الخياط.
من أهل الكرخ، كان يسكن بدرب رياح.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز، وأبا عبد الله محمد بن محمد ابن السلال، وأبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي القاسم أحمد بن علي بن حراز بالكرخ، قلت له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن أبي طاهر البزاز قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري، قال: أخبرنا علي بن عمر السكري، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا محمد بن حسان السمتي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ما نفعني مالٌ قط ما نفعني مال أبي بكر)).
سألت أبا القاسم بن حراز عن مولده فقال: في سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي يوم الاثنين خامس ذي القعدة سنة ست مئة، ودفن بمشهد الإمام(2/322)
موسى بن جعفر، عليه السلام.
795- أحمد بن علي بن محمد بن حيان الأسدي، أبو العباس.
من أهل الكوفة، أحد عدولها، سمعته يقول: أنا من أسد خزيمة.
سمع ببلده من الشريف أبي البركات عمر بن إبراهيم العلوي الزيدي، ومن أبي الحسن محمد بن محمد بن غبرة الحارثي، ومن أبي العباس أحمد بن يحيى ابن ناقة المسلي، وغيرهم.
قدم بغداد غير مرةٍ، وأقام بها، ولقيته بها، وكتبت عنه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن علي بن حيان من كتابه ببغداد، قلت له: أخبركم الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد العلوي قراءةً عليه بالكوفة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن أحمد الخازن، قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن الحسين الجعفي، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن رياح، قال: حدثنا علي بن المنذر الطريقي، قال: حدثنا محمد بن فضيل، قال: حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن عبد الله بن صبيح، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال: ((الله أكبر، ربي وربك الله، هلال رشدٍ وبركةٍ)).
سألت أحمد بن حيان عن مولده فقال: في شهر رمضان سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي بالكوفة في منتصف شهر رمضان سنة إحدى وست مئة،(2/323)
رحمه الله وإيانا.
796- أحمد بن علي بن ثابت، أبو عبد الله الكاتب يعرف بابن الدنبان.
من أهل باب الأزج، أحد المتصرفين بالسواد.
وجد سماعه في شيءٍ يسيرٍ من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي. سمع منه آحاد الطلبة، ولم يكن من أهل هذا الشأن ولا عرف به.
توفي في بعض قرى السواد، وحمل إلى بغداد فدفن بالمشهد مقابر قريش، يوم الجمعة العشرين من شوال سنة إحدى وست مئة، رحمه الله وإيانا.
797- أحمد بن علي بن أبي القاسم بن الحسن، أبو العباس، يعرف بابن شعلة.
من أهل الحربية.
سمع القاضي أبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وروى عنه. كتبنا عنه بإفادة أحمد السكر في ((مشيخة الحربية)).
قرئ على أبي العباس أحمد بن علي بن شعلة وأنا أسمع بالحربية، قيل له: أخبركم القاضي أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين قراءةً عليه وأنت(2/324)
تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبي القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين، قال: حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير، قال: قرئ على إسماعيل بن علي وأنا أسمع قيل له: حدثكم عمر بن شبة، قال: حدثني مسعود بن واصل، عن النهاس بن قهم، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من أيامٍ أحب إلى الله عز وجل أن يتعبد فيها له من أيام العشر، فإن اليوم من صيامها يعدل صيام سنةٍ، وليلة منها بليلة القدر)).
توفي أحمد بن شعلة في جمادى الأولى سنة اثنتين وست مئة.
798- أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبيد الله بن ودعة، أبو علي، وقيل: أبو العباس، يعرف بابن دادا.
من أهل محلة النصرية، أحد المحال بالجانب الغربي.
سمع أبا المعالي أحمد بن منصور بن المؤمل الغزال، وأبا البركات(2/325)
المبارك بن كامل بن حبيش الدلال وغيرهما، وكان يذكر أنه سمع من القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وما وجدنا له سماعاً منه، كتبنا عنه.
قرأت على أحمد بن علي المعروف بابن دادا، قلت له: أخبركم أبو المعالي أحمد بن منصور الغزال قراءةً عليه وأنت تسمع في ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى، قال: أخبرنا القاضي أبو عبيد علي بن الحسين بن حرب الكوفي ببغداد، قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أبي رجاء الهروي، عن برد بن سنان الدمشقي، عن واثلة بن الأسقع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كن ورعاً تكن أعبد الناس، وكن قنعاً تكن أشكر الناس، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً، وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلماً، وأقل الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)).(2/326)
سألت أحمد بن دادا عن مولده فلم يحفظه، وذكر ما يدل أنه في سنة تسع عشرة وخمس مئة تقريباً.
وتوفي في العشر الأخر من جمادى الآخرة من سنة إحدى عشرة وست مئة، رحمه الله وإيانا.
799- أحمد بن علي بن المبارك بن علي بن أبي الجود، أبو العباس ابن أبي الحسن بن أبي القاسم الكاغدي.
من ساكني محلة العتابيين، أخو أبي القاسم المبارك بالذي يأتي ذكره.
سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد، وكان خال أبيه فيما أظن، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى ابن السجزي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن علي بن أبي الجود، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا شعيب، عن الأوزاعي أن عمرو بن يحيى بن عمارة أخبره عن أبيه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)).
توفي أبو العباس بن أبي الجود منحدراً من الموصل في دجلة يوم الأحد رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وست مئة، ودفن بالقادسية.(2/327)
800- أحمد بن علي بن مسعود بن عبد الله بن الحسن بن عطاف، أبو عبد الله المعروف بابن السقاء الوراق.
من أهل محلة دار القز.
حافظ للقرآن الكريم؛ قرأ بشيءٍ من القراءات على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، وعلى أبي محمد الحسن بن علي بن عبيدة، وغيرهما، وقرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشاب، ثم على أبي محمد بن عبيدة، وأبي الفرج محمد بن الحسين الجفني المعروف بابن الدباغ.
وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو الوقت السجزي، وأبو الفتح ابن البطي، وغيرهما.
وتولى الخطابة بقريةٍ قريبةٍ من محلته تعرف بالخطابية. وكان فيه فضلٌ وتميز إلا أنه لم يكن مرتسماً بالعلم، لم يرو إلا القليل. سمعنا منه.
قرأت على أبي عبد الله أحمد بن علي بن مسعود الخطيب، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحموي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال:(2/328)
حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)).
أنشدني أبو عبد الله أحمد بن علي الخطيب من حفظه بباب منزله بدار القز، قال: أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب النحوي، قال: أنشدني أبو عمر الزنجاني الواعظ، قال: أنشدني أبو العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي المعري لنفسه:
أامكث في الدنيا كما هو عالمٌ ... ويسكنني ناراً كقيصر أو كسرى
غبرت أسيراً في يديه ومن يكن ... له كرمٌ تكرم بساحته الأسرى
وأنشدني أيضاً، قال أنشدني أبو محمد ابن الخشاب لنفسه ملغزاً:
وذي أوجهٍ لكنه غير بائحٍ ... بسر وذو الوجهين للسر مظهر
تناجيك بالأسرار أسرار وجهه ... فتسمعها بالعين ما دمت تنظر
سألته عن مولده، فقال: ولدت في ليلة الجمعة العشرين من رجب من سنة أربع وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الأربعاء خامس رجب من سنة ثلاث عشرة وست مئة، وصلي عليه، ودفن يوم الخميس سادسه بباب حرب.
801- أحمد بن علي بن الحسين بن علي الغزنوي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفتح الواعظ.
من أولاد المشايخ الموصوفين بالعلم والخير.
أسمعه والده في صباه من جماعةٍ منهم: أبو الحسن محمد بن أحمد بن صرما، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن(2/329)
نبهان، وأبو سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي، وأبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وأبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي، وغيرهم.
ولما بلغ أوان الرواية واحتيج إليه لم يقم بالواجب ولا أحب ذلك لميله إلى غيره، وشناءة له ولأهله، ولم يكن محمود الطريقة. سمعنا منه على ما فيه، وترك الرواية عنه أولى!
أنشدني أبو الفتح أحمد بن علي بن الحسين الواعظ من حفظه لبعض المتقدمين.
وزهدني في الناس معرفتي بهم ... وحسن اختباري صاحباً بعد صاحب
فلم أر في الأيام خلا تسرني ... مباديه إلا ساءني في العواقب
ولا قلت أرجوه لدمع ملمةٍ ... من الدهر إلا كان إحدى المصائب
سألت أبا الفتح ابن الغزنوي عن مولده، فقال: ولدت في تاسع ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة.
توفي ليلة الجمعة تاسع عشر رمضان سنة ثمان عشرة وست مئة.
802- أحمد بن علي بن الحسن بن محمد بن أحمد بن كردي، أبو البقاء بن أبي الحسن بن أبي محمد.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه وجده، ومن بيت القضاء بالسواد.
تولى أبو البقاء قضاء بعقوبا بعد أن شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي ابن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الأولة يوم الثلاثاء سادس ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو عبد الله محمد بن عبد الله ابن الحراني، وأبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي.(2/330)
وسمع شيئاً من الحديث من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وروى عنه.
أخبرنا القاضي أبو البقاء أحمد بن علي بن الحسن بن كردي إذناً، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد المعروف بابن البطي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجلٍ وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
سئل أبو البقاء أحمد بن علي بن كردي عن مولده فقال: في شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي ببعقوبا في العشر الأخر من ذي القعدة سنة خمس عشرة وست مئة، ودفن هناك، رحمه الله وإيانا.
803- أحمد بن علي بن معالي بن علي المقرئ، أبو العباس يعرف بابن البزار.
من أهل عكبرا، مدينة قديمة بينها وبين بغداد نحو عشر فراسخ. لقيته بها، وكان خطيبها، وسألته هل عندك شيءٌ من الحديث؟ فلم يكن عنده، فكتبت عنه أناشيد.
أنشدني أبو العباس أحمد بن علي الخطيب بجامع عكبرا من حفظه، وقال: مما حفظته في أيام الصبا لبعضهم:
تذكرت أياماً لنا وليالياً ... مضت فجرت من ذكرهن دموع(2/331)
ألا هل لنا يومٌ من الدهر أوبةٌ ... وهل لي إلى أرض الحبيب رجوع
وهل بعد تفريق الحبيب تواصلٌ ... وهل لنجومٍ قد أفلن طلوع
وأنشدنا أيضاً من حفظه، قال: ومما قرأته على ساريةٍ بجامعنا هذا، يعني جامع عكبرا، فحفظته:
لله درك يا مدينة عكبرا ... يا خير كل مدينةٍ فوق الثرا
إن كنت لا أم القرى فلقد أرى ... أهليك أرباب السماحة والقرا
كتبت عن هذا الشيخ في سنة اثنتين وست مئة، رحمه الله وإيانا.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه العباس
804- أحمد بن العباس بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن يعقوب بن الحسين ابن المأمون، أبو العباس.
هكذا نقلت نسبه من خط القاضي عمر القرشي، وكأنه سقط منه شيءٌ، يعرف بابن الزوال، وقد تقدم ذكر جماعة من أهله.
سمع أبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز وغيره. سمع منه القرشي وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)).
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن العباس ابن المأمون، قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون، قال: أخبرنا علي بن عمر الحربي، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار الصوفي، قال: حدثنا خلف بن هشام، قال: حدثنا أبو عوانة، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي(2/332)
هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي. ومن رآني في المنام فقد رآني اليقظة، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي. ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
قال القرشي: سألت أبا العباس هذا عن مولده فقال: في شهر ربيع الأول من سنة خمس وعشرين وخمس مئة. وذكر لي ابنه أبو محمد المأمون بن أحمد أن أباه توفي يوم الجمعة خامس عشري ذي الحجة سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وأنه دفن بباب حرب عند والدته ورع بنت أحمد ابن الخلال المحدث.(2/333)
حرف الغين في آباء من اسمه أحمد
805- أحمد بن غالب بن أحمد بن غالب، أبو بكر.
من أهل الحربية.
كان له معرفةٌ بالفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وشهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد النحوي، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) تأليفه قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، قال: وأبو بكر أحمد بن غالب بن أحمد الحربي يوم الثلاثاء حادي عشري ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة، وزكاه أبو طاهر محمد بن أحمد ابن الكرخي، وأبو منصور إبراهيم بن محمد الهيتي. وتولى القضاء بدجيل أيضاً إلا أنه عزل عن ذلك بعد يسير.
سمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم. وما أظنه حدث بشيءٍ، وإن كان فيسيراً.
توفي يوم الأحد يوم عيد الأضحى من سنة خمس وخمسين وخمس مئة ودفن بمقبرة باب حرب، فيما ذكر صدقة الناسخ.(2/334)
حرف الفاء في آباء من اسمه أحمد
806- أحمد بن فيروز الفراش، أبو بكر.
سمع أبا محمد الحسن بن محمد الخلال. كتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين، وروى له عن الخلال فيما قرأت بخطه في تعاليقه.
807- أحمد بن الفرج، أبو العباس الصوفي.
من أهل خوي. قدم بغداد. وذكره أبو بكر بن كامل في ((معجم شيوخه)) وقال: أنشدني، وذكر عنه أبياناً من الشعر، رحمه الله وإيانا.
حرف القاف في آباء من اسمه أحمد
808- أحمد بن القاسم، ويقال: ابن أبي القاسم، أبو العباس يعرف بابن الزلق.
من أهل دار القز.
روى عن أبي الحسن علي بن المبارك ابن الجصاص الصوفي. سمع منه عبد الرحمن بن عمر الواعظ، وغيره بعد التسعين وخمس مئة.(2/335)
حرف الكاف في آباء من اسمه أحمد
809- أحمد بن كبيرة بن مقلد، أبو بكر الخراز.
من أهل باب الأزج، ونحو دار البساسيري.
رجلٌ صالحٌ منقطعٌ إلى العبادة،. سمعت غير واحدٍ ممن لقيه يصفه بالزهد والصلاح وحسن الطريقة.
سمع أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني لما قدم بغداد، وأبا القاسم علي بن محمد بن بيان، وأبا منصور محمد بن عبد الباقي بن مجالد الكوفي، وأبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف وغيرهم، وحدث عنهم.
سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله. وحدثنا عنه أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر وأثنى عليه.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن الأخضر: أخبركم أبو بكر أحمد بن كبيرة الزاهد قراءةً منك عليه، فأقر به، قال: حدثنا أبو عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة إملاءً، قال: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أيوب المخرمي، قال: حدثنا محمد بن الحجاج المصفر، قال: حدثنا سكين بن أبي سراج، عن يحيى بن أبي كثير، قال: من اكتحل يوم عاشوراء بكحلٍ فيه مسكٌ لم يشك عينه إلى قابلٍ من ذلك اليوم.
أنبأنا عمر بن علي القرشي، قال: توفي أحمد بن كبيرة يوم الاثنين سادس شهر ربيع الأول سنة ست وخمسين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.(2/336)
حرف الميم في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه محمد
810- أحمد بن محمد بن أحمد السامري، أبو بكر بن أبي يعلى.
كان ينزل بالجانب الغربي بدرب أبي الساج نحو باب الشام.
سمع أبا القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال، وحدث عنه.
سمع منه أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني في سنة أربع وتسعين وأربع مئة، وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته)) عن أهل بغداد.
811- أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد العكبري الأصل الواسطي المولد والدار، أبو الحسن بن أبي البركات المقرئ.
شيخٌ صالحٌ من شيوخ القراء. قرأ القرآن الكريم بالقراءات على جماعةٍ من أصحاب أبي علي بن علان وأبي بكر بن الهرمزان بواسط. وسمع بها من أبي محمد الحسن بن موسى الغندجاني، وأبي الفتح محمد بن محمد بن مختار الشاهد، وأبي طاهر محمد بن علي الناقد، وأبي المفضل هبة الله بن محمد الزاهد، وأبي المعالي محمد بن عبد السلام بن شاندي، وجماعةٍ سواهم.
وقدم بغداد في سنة أربع وسبعين وأربع مئة أول مرةٍ، وقرأ بها القرآن الكريم على أبي الربيع سليمان بن أحمد السرقسطي الأندلسي، وعلى أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وغيرهما.
وسمع بها من أبي القاسم علي بن أحمد ابن البسري، وأبي محمد أحمد بن علي بن أبي عثمان الدقاق، وأبي إسحاق إبراهيم بن علي الفيروزآبادي الفقيه، وأبي الحسين عاصم بن الحسن الأديب، وأبي القاسم عبد الوهاب بن فهد(2/337)
العلاف، وغيرهم.
وحدث بها في هذه السنة؛ سمع منه أبو المعالي أحمد بن محمد بن مرزوق وغيره. وعاد إلى بلده وحدث به وأقرأ الناس.
وكان صالحاً ديناً مفيداً، يبذل كتبه وجهده للطلبة، وهو الذي أفاد شيخنا أبا طالب الكتاني الواسطي وأسمعه واستجاز له الشيوخ ببغداد وواسط. وكان أبو طالب يكثر الثناء عليه ويصفه بالصلاح وكثرة العبادة، وإذا وقع إليه شيءٌ بخطه يقبله ويضعه على عينيه تبركاً ويبكي ويقول: كان هذا الشيخ له عيب. فإذا قيل ما كان عيبه؟ يقول: كان يصوم النهار ويقوم الليل!
قرأ عليه الشريف أبو المظفر عبد السميع بن عبد الله الهاشمي وسمع منه. وروى لنا عنه أبو طالب ابن الكتاني وكان بينه وبين الحافظ أبي الكرم خميس بن علي الحوزي صداقةٌ ومودة تامة، ولما توفي رثاه خميس بقصيدة حسنة أنشدناها أبو العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد عنه.
ذكر أبو علي أحمد بن محمد البرداني أن أبا الحسن ابن العكبري المقرئ توفي بواسط في رجب من سنة سبع وتسعين وأربع مئة، وكان مقرئاً حسناً.
قلت: ودفن برأس درب الحوض بواسط، رحمه الله وإيانا.
812- أحمد بن محمد بن الفضل، أبو الفضل المعروف بابن الخازن.
كان حسن الخط كتب الكثير لنفسه ولغيره، وله معرفةٌ بالأدب وشعرٌ حسنٌ(2/338)
في الغزل والمدح، وغير ذلك، رواه عنه ابنه أبو الفتح نصر الله بن أحمد. وقع إلينا منه جملةٌ مدونة أخبرنا بها أبو المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله عن ابنه عنه.
قرأت على أحمد بن يحيى بن عبيد الله الخازن قلت له: أخبركم أبو الفتح نصر الله بن أحمد بن محمد ابن الخازن قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال أنشدني أبي أبو الفضل أحمد بن محمد لنفسه:
وافى خيالك فاستعارت مقلتي ... من أعين الرقباء غمض مروع
ما استكملت شفتاي لثم مسلمٍ ... فيه ولا كفاي ضم مودع
وأظنهم فطنوا فكل قائلٌ ... لو لم يزره خيالها لم يهجع
فانصاع يسرق نفسه فكأنما ... طلع الصباح بها وإن لم تطلع
يا رب حبي في الخيال وزوره ... عين الوشاة علي والرقبا معي
وقرأت عليه، قلت له: أخبركم أبو الفتح، قال: أنشدني أبي لنفسه:
أيا عالم الأسرار إنك عالمٌ ... بضعف اصطباري عن مداراة خلقه
ففتر غرامي فيه تفتير لحظه ... وأحسن عزائي فيه تحسين خلقه
فحمل الرواسي دون ما أنا حاملٌ ... بقلبي المعنى من تكاليف عشقه
قال الحسن بن حمدون: قال نصر الله بن أحمد الخازن: توفي أبي في صفر سنة ثمان عشرة وخمس مئة وله أربعون سنة.
ذكر شيخنا أبو الفرج ابن الجوزي في تاريخه المسمى ((بالمنتظم)): أن أبا الفضل ابن الخازن توفي في سنة اثنتي عشرة وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.(2/339)
813- أحمد بن محمد بن علي، أبو نصر الأسترشني البازكندي.
من بلدةٍ بين كاشغر وختن من بلاد الترك.
قدم بغداد في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة فيما ذكر القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: وحدث بها عن أبي أحمد عيسى بن عبيد الله الدلفي، وذكر أنه سمع منه بأستراباذ.
سمع منه جماعةٌ منهم: أبو الرضا أحمد بن مسعود ابن الناقد الجصاص، رحمه الله وإيانا.
814- أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن أبي صادق، أبو طاهر.
من أهل أصبهان.
قدم بغداد وحدث بها عن أبيه. وذكر أبو بكر بن كامل أنه سمع منه، وقال: قدم علينا سنة ثمان وخمس مئة، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).(2/340)
815- أحمد بن محمد بن محمد، أبو العباس العطار.
سمع أبا منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي وغيرهما، وروى عنهم.
سمع منه أبو بكر بن كامل، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)) الذين كتب عنهم.
816- أحمد بن محمد بن الحسين، أبو الحسين البزاز المعروف بابن البابائي.
من أهل واسط.
شيخٌ صالحٌ من أهل القرآن، هو ابن أخت أبي القاسم علي بن علي بن شيران المقرئ الواسطي.
قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته، وحدث بها عن أبي الحسن علي بن محمد ابن المغازلي الخطيب الواسطي، وكان سمع منه بواسط ومن غيره.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه مرتين؛ الأولة قال: أحمد بن محمد بن الحسين الواسطي، أبو الحسين قدم بغداد وحدث بها عن أبي الحسن علي بن محمد ابن المغازلي، روى لنا عنه أبو بكر بن كامل. ولم(2/341)
يذكر وفاته في هذه المرة. ثم ذكره مرةً ثانية بعد هذه الترجمة فقال: أحمد بن محمد بن الحسين ابن البابائي، أبو الحسين البزاز، من أهل واسط. شيخٌ صالحٌ، ولد بواسط وانتقل إلى بغداد فنزلها إلى أن توفي بها في شعبان من سنة أربع وثلاثين وخمس مئة. فجعلهما اثنين وهما واحد تكرر عليه ذكره بذلك على ذلك اشتراكهما في الاسم والنسب والكنية والبلد، ولعل ابن كامل لم يقل في روايته عنه ابن البابائي فظن تاج الإسلام أن الأول غير الثاني، والله أعلم.
817- أحمد بن محمد بن علي بن حمدي، أبو جعفر، والد أبي المظفر أحمد بن أحمد الذي قدمنا ذكره.
كان أحد الشهود المعدلين، ومن بيتٍ موصوفين بالصلاح والدين.
شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الفزراني قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي الواسطي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته، وذكر جماعة ثم قال: وأبو عبد الله الحسين وأبو جعفر أحمد ابنا محمد بن علي ابن حمدي يوم الثلاثاء سادس عشري رجب سنة خمس عشرة وخمس مئة.
ولم يزل مقبولاً إلى أن توفي في ليلة الخميس حادي عشري ذي القعدة من سنة ست وثلاثين وخمس مئة، ودفن يوم الخميس بداره، بخربة الهراس، ثم نقل بعد ذلك إلى باب حرب، ذكر ذلك سبطه أبو الفضل بن شافع في تاريخه، ومن خطه نقلت.
818- أحمد بن محمد بن بكري، أبو نصر.
من أهل الحريم الطاهري، من بيتٍ معروف روى عنهم جماعة.(2/342)
سمع نقيب النقباء أبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وروى عنه. سمع منه أبو بكر بن كامل وأخرج له حديثاً في ((معجمه)).
819- أحمد بن محمد بن عبد الله بن شقشق، أبو البقاء الدلال.
كان يسكن المأمونية.
روى عن أبي محمد الحسن بن عبد الملك بن يوسف. سمع منه أبو محمد عبد الله بن أحمد الخشاب النحوي في سنة خمس وأربعين وخمس مئة فيما قرأت بخطه.
820- أحمد بن محمد بن الحسين ابن الصفار، أبو الحسين.
من أهل الأنبار، وتولى القضاء بها.
شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي فيما ذكر القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في كتاب ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) تأليفه، وأخبرنا به عنه أبو عبد الله محمد بن أحمد النحوي، قال: وممن قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين ابن الصفار يوم الثلاثاء ثالث عشر من ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة، وزكاه القاضي أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبو نصر أحمد بن محمد ابن الحديثي.
وتوفي في سنة خمس وأربعين وخمس مئة بطريق مكة.
821- أحمد بن محمد بن ورقة السامري.
سمع منه أبو بكر بن كامل، وروى عنه في ((معجمه)) وقال: أنشدني أبو عبد الله بن أبي الصقر السامري.
ألا لن تنال العلم إلا بستةٍ ... سأنبيك عن مكنونها ببيان
ذكاءٌ وحرصٌ واصطبارٌ وثروةٌ ... عناية أستاذٍ وطول زمان
822- أحمد بن محمد ابن المعاز، أبو نصر.
سمع النقيب طراد بن محمد الزينبي وحدث عنه. سمع منه المبارك بن(2/343)
كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
823- أحمد بن محمد بن الحسين البصروي.
من أهل بصرى المدينة القديمة القريبة من عكبرا.
سمع الحسين بن الحسين الهاشمي الفانيذي. وروى عنه.
ذكره ابن كامل في ((معجمه)) وروى عنه حديثاً.
824- أحمد بن محمد بن الحسين المؤدب.
روى عن أبي القاسم علي بن الحسين الربعي. سمع منه ابن كامل أيضاً، وأورد عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)) الذين كتب عنهم.
825- أحمد بن محمد بن محمد بن سليمان العباسي، أبو العباس الحويزي، منسوب إلى الحويزة بلدة ببطائح البصرة.
كان فيه فضلٌ وتميز، وله معرفة بالأدب. خدم الديوان العزيز -مجده الله- في عدة أشغالٍ منها النظر بديوان واسط وغيره. وآخر ما تولاه النظر بنهر الملك. وكان فيه تحيفٌ واستقصاءٌ مع زهدٍ كان يظهره وتنمسٍ كان يأخذ نفسه به. وكان إذا بطل من شغلٍ يلزم منزله ويديم الاطلاع في الكتب، ويعمل الشعر فهجاه أبو الحكم عبد الله بن المظفر الباهلي الأندلسي لما قدم بغداد بقوله فيه:(2/344)
رأيت الحويزي يهوى الخمول ... ويلزم زاوية المنزل
لعمري لقد صار حلساً له ... كما كان في الزمن الأول
يدافع بالشعر أوقاته ... وإن جاع طالع في ((المجمل))
يعني ((مجمل اللغة)) تأليف ابن الحسين بن فارس، لأنه كان يكثر مطالعته.
كان الحويزي بنهر الملك في شعبان سنة خمسين وخمس مئة ناظراً به نائماً ليلاً على سطح دارٍ ببعض القرى، فصعد إليه قومٌ فجرحوه جراحات عدة، ثم نزلوا وتركوه فلم يمت في وقته، وتلاحقه أصحابه، وحمل إلى بغداد فمات بها بعد جرحه بأيام يسيرة، ودفن بمقبرة الصوفية المجاورة لرباط الزوزني مقابل جامع المنصور، رحمه الله وإيانا.
826- أحمد بن محمد بن دحروج، يعرف بابن الست.
من أهل الجانب الغربي، انتقل إلى الجانب الشرقي وسكن بباب النوبي المحروس بدرب النخلة، ذكر ذلك القاضي عمر بن علي القرشي وقال: أجاز لي مشافهةً، وكان يذكر أنه سمع من أبي الحسين ابن المهتدي وأبي الحسين ابن النقور، ولم أجد سماعه إلا في جزءٍ واحدٍ من قاضي المارستان، يعني أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وكان مسناً.
توفي بعد سنة خمسين وخمس مئة وقد جاوز التسعين.
827- أحمد بن محمد بن علي بن صالح الوراق، أبو المظفر.(2/345)
من أهل محلة دار القز.
سمع أبا العباس أحمد بن علي بن قريش، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان وغيرهما، وحدث عنهم.
سمع منه أبو منصور محمد بن أحمد ابن الطيان، والقاضي أبو المحاسن الدمشقي، وأحمد بن طارق، وأبو بكر محمد بن الحسن بن سوار وغيرهم، وحدثنا عنه أبو محمد بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز، قلت له: أخبركم أبو المظفر أحمد بن محمد بن صالح الوراق قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وأخبرنا به أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن ابن محمد القزاز في آخرين بقراءتي عليهم، قلت لهم: أخبركم أبو القاسم علي ابن أحمد بن محمد بن بيان قراءةً عليه، فأقروا به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد ابن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا ابن علية، عن يزيد، عن مطرف ابن عبد الله ابن الشخير، عن عمران بن حصين، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله أعلم أهل الجنة من أهل النار؟ قال: نعم. قال ففيم يعمل العاملون؟ قال: اعملوا فكل ميسرٌ، أو كما قال.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي، قال: توفي أبو المظفر بن صالح الوراق في العشر الأخر من جمادى الآخرة من سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
وقال أبو بكر بن مشق: توفي أبو المظفر بن صالح في رجب من السنة.(2/346)
828- أحمد بن محمد بن أحمد، أبو العباس المهاد.
من أهل أصبهان.
قدم بغداد، وسمع بها من أبي القاسم بن بيان الرزاز، وعاد إلى بلده، وحدث عنه به. سمع منه هناك الحافظ أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي، وروى عنه في ((الأربعين)) التي عملها على البلدان، رحمه الله وإيانا.
829- أحمد بن محمد بن علي بن قضاعة، أبو العباس.
من بيتٍ معروف قد سبق لهم أرباب ولايةٍ وتقدم.
سمع أبا القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبا القاسم بن بيان، وغيرهما.
سمع منه أبو منصور ابن الطيان، وأبو المحاسن ابن الدمشقي، وروى لنا عنه أبو محمد بن الأخضر.
أخبرنا عبد العزيز بن محمود بن المبارك بقراءتي عليه: أخبركم أبو العباس أحمد بن محمد بن قضاعة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وأخبرناه أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن صدقة التاجر فيما قرأته عليه. قلت له: أخبركم أبو القاسم بن بيان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب وقال: هو نور الإسلام.(2/347)
أنبأنا القاضي عمر بن علي الدمشقي، قال: توفي أبو العباس بن قضاعة ودفن يوم عيد الأضحى من سنة خمس وستين وخمس مئة.
830- أحمد بن محمد بن سعيد بن إبراهيم البلدي التميمي، أبو جعفر بن أبي الفتح بن أبي منصور الكاتب.
تولى النظر في ديوان واسط في أيام الإمام المستنجد بالله أبي المظفر يوسف ابن الإمام المقتفي لأمر الله -قدس الله روحهما- وتقدم عنده، وحظي لديه، فكاتبه بالوزارة وهو بواسط في المحرم من سنة ثلاث وستين وخمس مئة، فجلس هناك ووقع وأمضى، وكتب الكتب إلى الأطراف باسمه، وختم على الكتب. ثم توجه منها مصعداً إلى بغداد في سابع عشري محرم المذكور.
وفي يوم السبت ثالث صفر من السنة خرج الناس إلى تلقيه. وفي سحرة الأحد رابعه خرج صاحب المخزن المعمور أبو الفضل يحيى بن عبد الله بن جعفر ومشرفه أبو عبد الله الحسين بن علي بن شبيب ومشرف الديوان العزيز أبو المظفر هبة الله بن محمد ابن البخاري للتلقي أيضاً. وفي بكرة الأحد المذكور خرج الموكب الشريف إليه وصدره قاضي القضاة أبو البركات جعفر بن عبد الواحد ابن الثقفي والنقيب الطاهر أبو عبد الله بن المعمر وحاجب الباب والعدول وعبروا الجانب الغربي، ولقوه عند عتيق الساجة. ثم خرج في ضحوة اليوم المذكور أستاذ الدار العزيزة أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس(2/348)
الرؤساء فلقيه بموضع يحاذي بستان ابن الشمحل، فاعتنقا على ظهر خيولهما وانفصل أستاذ الدار راجعاً. وجاء الوزير في الموكب إلى محاذي التاج وعبر في الماء إلى دار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- ودخلها من باب السرداب راكباً. ثم نزل ودخل على الإمام المستنجد بالله، وحضر أستاذ الدار العزيزة أبو الفرج المذكور وصاحب المخزن وقاضي القضاة وحاجب الباب وكاتب الإنشاء أبو الفرج الأنباري، فخدم وتكلم بكلام حسن، وأنشد ثلاثة أبيات من الشعر، وأحضرت الخلع المعدة له، فكانت جبةً وعمامةً وسيفاً ومركباً وفرساً، فخلع عليه، وسلم إليه عهده، وركب إلى الديوان العزيز -مجده الله- وبين يديه الخلق مشاةٌ ودخل راكباً، ونزل على طرف الإيوان به، وجلس في الدست، وقرأ عهده كاتب الإنشاء. وأقام هناك إلى أن صلى العصر، وبرز جواب إنهاء كتبه، وركب إلى باب العامة فنزل بالدار التي كان يسكنها الوزير يحيى بن هبيرة.
ولم يزل على وزارته آمراً وناهياً والأمور تصدر عن رأيه وتدبيره أخذاً وعطاءً وولايةً وعزلاً إلى أن توفي الإمام المستنجد بالله رضي الله عنه يوم السبت تاسع شهر ربيع الآخر من سنة ست وستين وخمس مئة وبويع ولده الإمام المستضيء، بأمر الله أبي محمد الحسن يوم عاشره. وكان القائم بأمر بيعته والمتولي لها أبو الفرج محمد بن عبد الله ابن رئيس الرؤساء، ورد إليه أمر وزارته في ذلك اليوم فاستدعى أبا جعفر ابن البلدي للمبايعة، فلما حضر دار الخلافة المعظمة قتل ورمي بجسده إلى دجلة، وكان ذلك بأمر الوزير ابن رئيس الرؤساء لسوء صنيع كان يعامله به أيام وزارته ومكروهٍ ناله منه ومن أقارب له، فلما ظفر به قاصصه، فكانت مدة وزارته من حيث خلع عليه إلا أن قتل ثلاث(2/349)
سنين وشهرين وخمسة أيام.
831- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد، أبو عبد الله.
من أهل أصبهان، يعرف بقلا، كان أحد عدولها.
سمع أبا منصور بن مندوية، وغانماً البرجي، وأبا علي الحداد، وجماعة.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في كتابه وقال: دخل بغداد مراراً كثيرةً ولم يقدر لي السماع منه، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.
وقد حدث أحمد هذا ببغداد وأجاز لجماعةٍ في سنة اثنتين وستين وخمس مئة.
وقد ذكره القاضي عمر بن علي القرشي في ((معجم شيوخه)) وقد كان حياً في سنة سبع وستين أيضاً، لأن الحافظ أبا طاهر بن سلفة أجاز له ولجماعةٍ من أهل أصبهان في هذه السنة.(2/350)
832- أحمد بن محمد بن شنيف بن محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن علي بن فصيح بن عون بن سليمان بن الأسوار بن بجير بن الديلم ابن عبيد بن جونة بن طخفة بن ربيعة بن حزن بن عبلاه بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة ابن خصفة بن قيس عيلان بن مصر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو الفضل.
من أهل دار القز. هكذا نقلت نسبه من خط نسيبه أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن شنيف.
كان شيخاً من أهل القرآن المجيد، قد قرأ بالقراءات على جماعةٍ منهم: أبو طاهر أحمد بن علي بن سوار، وأبو منصور محمد بن أحمد الخياط، وأبو المعالي ثابت بن بندار. وسمع منهم، ومن أبي زكريا يحيى بن عبد الوهاب من مندة الأصبهاني لما قدم بغداد، وروى عنهم.
وأقرأ الناس؛ قرأ عليه جماعة، وسمعوا منه، منهم: الشريف أبو الحسن الزيدي، ورفيقه صبيح العطاري، والقاضي عمر بن علي القرشي. وحدثنا عنه غير واحدٍ.
قرأت على أبي الفضل محمد بن أبي البركات الهاشمي، قلت له: أخبركم أبو الفضل أحمد بن محمد بن شنيف قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن محمد بن مندة الأصبهاني إملاءً علينا بعد عوده من الحج في صفر سنة تسع وتسعين وأربع مئة بجامع المنصور، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان الوراق، قال: حدثنا علي بن جبلة، قال: قرأ علينا الحسين بن حفص، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وعن هبته.
أنبأنا القاضي عمر القرشي، قال: توفي أبو الفضل بن شنيف يوم الأربعاء ثالث عشري محرم سنة ثمان وستين وخمس مئة.(2/351)
وقرأت بخط محمد بن مشق: توفي في ليلة الجمعة تاسع عشري محرم المذكور.
قال لي أبو عبد الله بن شنيف: توفي ابن عم والدي أبو الفضل بن شنيف عن ست وتسعين سنة، ودفن بباب حرب.
833- أحمد بن محمد بن أحمد ابن الرحبي، أبو علي العطار.
من أهل الحريم الطاهري، وصار بواباً بباب الحريم المذكور.
سمع أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي، وأبا سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأبا الحسن بن أبي عمر ابن الخل، وأبا سعد بن شاكر البزاز، وأبا غالب ابن البناء، وغيرهم، وحدث عنهم.
سمع منه أبو الحسن الزيدي، وأبو المحاسن الدمشقي، وأبو بكر بن سوار، ومحمد بن مشق. وحدثنا عنه عبد العزيز بن الأخضر وجماعة.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن أبي القاسم، قلت له: أخبركم أبو علي أحمد بن محمد ابن الرحبي قراءةً منك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش. وقرأته على أبي طالب محمد ابن علي بن أحمد الواسطي بها، وعلى أبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن ابن محمد في آخرين: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قراءةً عليه، فأقروا به، قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا سلم بن سالم البلخي، عن نوح بن أبي مريم، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {للذين أحسنوا الحسنى(2/352)
وزيادة} قال: للذين أحسنوا العمل في الدنيا الحسنى، وهي الجنة، قال: والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي، قال: سألت أبا علي ابن الرحبي عن مولده فقال: في سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البيع إذناً، قال: توفي أبو علي ابن الرحبي يوم الجمعة سادس عشري صفر سنة سبع وستين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
834- أحمد بن محمد بن أحمد ابن البسري، أبو الفرج البزاز، سبط أبي منصور محمد بن أحمد ابن النقور.
سمع جده لأمه أبا منصور المذكور وحدث عنه. سمع منه الشريف أبو الحسن الزيدي، وإبراهيم بن محمود ابن الشعار، وصبيح الحبشي، والقاضي عمر القرشي، وجماعة سواهم.
وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في ((تاريخه))، وقال: أحمد بن محمد بن أحمد البزاز، من أهل بغداد سمع منه أبو المظفر منصور بن محمد المسعودي سنة أربع وأربعين وخمس مئة، وما لقيته.
ونحن ذكرناه لأن وفاته تأخرت عن وفاته.
أخبرنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي في كتابه وخطه، قال: سألت أبا الفرج ابن البسري سبط ابن النقور عن مولده، فقال: أظن سنة اثنتين وثمانين وأربع مئة.
وتوفي في سنة سبعين وخمس مئة.(2/353)
835- أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد بن الحسن بن عبد العزيز بن عبد الله بن العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم، أبو الحسن بن أبي المظفر الهاشمي المعروف بابن التريكي الخطيب.
من بيت الخطابة.
كان أبو الحسن هذا يتولى الخطابة بالجامع المعروف بجامع السلطان، وكان فيه فضلٌ وتميز وله شعرٌ.
سمع من أبيه، ومن أبي المظفر أبي الشبلي القصار، وأبي محمد ابن المادح، وأبي الفتح ابن البطي، وغيرهم.
ولم يبلغ أوان الرواية لأنه توفي شاباً. وقد كان فيه تسامحٌ وقرضٌ لأعراض الناس وتسبب في أذاهم على ما بلغنا.
خرج عن بغداد في أول أيام الإمام المستضيء بأمر الله رضي الله عنه وسكن إربل إلى أن توفي بها، ووصل نعيه إلى بغداد يوم عيد الأضحى سنة سبعين وخمس مئة، ودفن بها، ثم نقل إلى بغداد بعد ذلك ودفن عند أبيه بتربة معروف.
836- أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الأصبهاني الأصل، أبو حامد البلخي الصوفي.
قدم بغداد وأقام برباط الشونيزي بالجانب الغربي، وحدث به عن أبي عبد الله الحسن بن العباس الرستمي الأصفهاني.
سمع منه أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن شيخ رباط الزوزني، والحافظ يوسف بن أحمد البغدادي، وأبو العلاء محمد بن علي ابن الرأس، وغيرهم. ووقف كتبه برباط الشونيزي.
وكان في سنة سبعين وخمس مئة حياً، وفيها حدث.(2/354)
837- أحمد بن محمد بن هبة الله، أبو منصور يعرف بابن سركيل.
سمع أبا الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف وغيره، وحدث عنهم.
سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي، وأحمد بن طارق. وحدثنا عنه عبد العزيز بن الأخضر.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر البزاز: أخبركم أبو منصور أحمد بن محمد بن سركيل بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن محمد ابن العلاف، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري بمكة، قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن هارون العسكري، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، قال: حدثنا موسى بن أيوب النصيبي، قال: حدثنا اليمان بن عدي الحضرمي، عن زرعة بن الوضاح، عن محمد بن زياد، عن أبي عنبة الخولاني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا أحب الله عبداً ابتلاه، وإذا أحبه الحب البالغ اقتناه)). قالوا: وما اقتناه؟ قال: ((لا يترك له مالاً ولا ولداً)).(2/355)
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسين الدمشقي، قال: سألت أبا منصور ابن سركيل عن مولده، فقال: في سنة تسع وثمانين وأربع مئة.
وتوفي في جمادى الآخرة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
838- أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الصوفي، أبو العباس بن أبي منصور يعرف بابن الدينوري.
أظنه من أهل الجانب الغربي.
سمع أبا علي محمد بن محمد ابن المهدي، وحدث عنه، سمع منه القاضي عمر القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق.
أخبرنا أبو المحاسن عمر بن علي الحافظ، قال: قرأت على أبي العباس أحمد بن محمد ابن الدينوري الصوفي في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، قلت له: أخبركم الشريف أبو علي محمد بن محمد بن عبد العزيز ابن المهدي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر ابن القزويني الزاهد، قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن عمر بن الوليد الكندي، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً فنادى أيام منى: إن هذه أيام أكلٍ وشرب.(2/356)
قال القرشي: سألت أحمد ابن الدينوري عن مولده في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، فقال: لي من العمر في هذه السنة أربع وثمانون سنة.
قلت: فيكون مولده في سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
839- أحمد بن محمد بن المبارك بن أحمد بن بكروس، أبو العباس بن أبي بكر بن أبي العز الفقيه الحنبلي.
من ساكني درب القيار.
تفقه على القاضي أبي خازم محمد بن محمد ابن الفراء. وعلى أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري، وحصل معرفة المذهب، ودرس بمدرسة أنشأها مجاورة لمنزله، وكان صالحاً.
قرأ القرآن بالقراءات على أبي عبد الله الحسين بن محمد الدباس، وعلى أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وغيرهما.
وسمع من نور الهدى أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، ومن أبي سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، وأبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي وجماعة.
ذكره القاضي عمر بن علي القرشي، فقال: فقيهٌ زاهدٌ اعتزل الناس، واشتغل بالزهد والمجاهدة، وتردد الناس إليه، فأقرأ جماعةً، وتفقه به جماعةٌ.(2/357)
كتبت عنه شيئاً يسيراً، وسمعت شيخنا أبا محمد عبد العزيز بن الأخضر يذكره ويثني عليه ثناءً حسناً، ويصفه بالعبادة وكثرة الأوراد، وقال: لقنني القرآن الكريم. وروى لنا عنه، وغيره.
قرأت على أبي محمد بن أبي نصر البزاز من كتابه، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن محمد بن بكروس بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين المقرئ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن بكران، قال: أخبرنا الحسن بن محمد ابن عثمان، قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن أبي فديك، قال: حدثنا موسى بن يعقوب، عن عمر بن سعيد أن عبد الرحمن بن حميد حدثه عن أبيه أن سعيد بن زيد حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((عشرةٌ في الجنة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن وأبو عبيدة وسعد))، وسكت فقال القوم: ناشدناك الله أنت العاشر؟ فقال: ناشدتموني، أبو الأعور في الجنة.
قلت: أبو الأعور كنية سعيد بن زيد راوي الحديث.
أنبأنا عمر بن علي القرشي الحافظ، قال: سألت أحمد بن بكروس عن مولده، فقال: إما في سنة إحدى أو اثنتين وخمس مئة.
وقال صدقة بن الحسين الناسخ في ((تاريخه)): وفي عشية الثلاثاء خامس(2/358)
عشر صفر سنة ثلاث وسبعين وخمس مئة توفي أحمد بن بكروس وصلي عليه يوم الأربعاء بجامع القصر، ودفن بباب حرب.
840- أحمد بن محمد بن علي بن الحسين الطائي، أبو العباس، من أهل واسط يعرف بابن ظلامي.
من أهل قريةٍ تعرف بداوردان بينها وبين واسط فرسخ.
شيخٌ صالحٌ من أهل القرآن. تفقه على القاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي قاضي واسط، وسمع منه، ومن أبي محمد أحمد بن عبيد الله ابن الآمدي وغيرهما.
قدم بغداد غير مرةٍ، وسمع بها في سنة تسع وعشرين وخمس مئة من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي حفص عمر بن محمد بن عموية السهروردي، وغيرهما. وعاد إلى بلده.
ولقيته بواسط، وجالسته، وسمعت منه حكايات وأناشيد، ولم أعلق عنه شيئاً. وكان الغالب عليه الاشتغال بالرياضة والمجاهدة والانقطاع، وأمارات الصلاح لائحةٌ عليه.
ذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في الزيادات على تاريخه، فقال: أحمد بن ظلامي الداورداني، أبو العباس كان فقيهاً صالحاً. روى عنه يوسف بن مقلد الدمشقي.
ولم ينسبه، وإنما ذكره بما يعرف به، ولا ذكر وفاته. ونحن ذكرناه بنسبه ومشايخه ووفاته.
توفي أحمد بن محمد الداورداني بها في ليلة السبت سابع شهر رمضان سنة أربع وسبعين وخمس مئة، ونودي بواسط بالصلاة عليه يوم السبت، فخرج خلقٌ(2/359)
كثيرٌ إلى قريته وخرجنا معهم وصلينا عليه بالمشهد الذي بها، وشيعنا جنازته حتى دفن بمقبرة المشهد المذكور، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
841- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو طاهر المعروف بابن سلفة.
من أهل أصبهان.
حافظٌ، عالمٌ، متقنٌ، مشهورٌ بالعلم والمعرفة والرحلة.
قدام بغداد، وأقام بها، وسمع الكثير، وكتب عن عامة شيوخها. وخرج منها في سنة خمس مئة، وجال في البلاد، وطاف الأقاليم والأمصار حتى ألقى عصا التسيار بالإسكندرية فسكنها إلى حين وفاته.
وعمر، وحدث بالكثير في أسفاره، وبالإسكندرية، ورحل إليه الطلبة من الآفاق، وألحق الصغار بالكبار، والأحفاد بالأجداد، وكان ثقةً، ورعاً صدوقاً.
روى لنا عنه جماعةٌ بمكة حرسها الله، وبواسط، وببغداد.
وذكره تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني في ((تاريخه)) ووصفه بالثقة والصدق والورع. وروى عن واحدٍ عنه، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته.(2/360)
أنشدني أبو حفص عمر بن عبد المجيد بن الحسن المهدوي الميانشي بمكة -شرفها الله- بمنزله منها بسوق الليل في ذي الحجة سنة تسع وسبعين وخمس مئة، قال: أنشدني الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالإسكندرية لنفسه:
إن علم الحديث علم رجالٍ ... تركوا الابتداع للاتباع
فإذا الليل جنهم كتبوه ... وإذا أصبحوا غدوا للسماع
فلهم في المعاد خير مقامٍ ... شركوا الأنبياء في الأتباع
وأنشدني أبو عبد الله محمد بن المأمون بن هبة الله المطوعي اللهاوري بواسط، قال: أنشدني الحافظ أبو طاهر السلفي بالإسكندرية لنفسه:
دين الرسول وشرعه أخباره ... وأجل علمٍ يقتفى آثاره
من كان مشتغلاً بها وبنشرها ... بين البرية لا عفت آثاره
أنشدني أبو الرضا أحمد بن طارق بن سنان بن محمد القرشي ببغداد، قال: أنشدنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أنشدني أبو علي أحمد بن محمد بن مختار الشاهد بواسط في سنة خمس مئة لنفسه:
كم جاهلٍ متواضعٍ ... ستر التواضع جهله
ومميزٍ في علمه ... هدم التكبر فضله
فدع التكبر ما حييت ... ولا تصاحب أهله
فالكبر عيبٌ للفتى ... أبداً يقبح فعله
توفي الحافظ أبو طاهر بن سلفة بالإسكندرية ضحوة يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمس مئة، ودفن بها، ويقال: إنه جاوز المئة، والله أعلم.(2/361)
842- أحمد بن محمد بن أبي القاسم الخفيفي، أبو الرشيد الأبهري الصوفي.
من أهل أبهرزنجان.
قدم بغداد، واستوطنها إلى حين وفاته، وصحب الشيخ أبا النجيب السهروردي، وكان من أعيان أصحابه. اشتغل بالعلم وتفقه. ثم أقبل على طريق المعاملة والمجاهدة والرياضة والخلوة حتى فتحت له أبواب الخير، وظهرت عليه علامات القبول، ونطق بالحكم على لسان القوم. وكان جامعاً بين قانون الشرع وطريقه أصحاب الحقيقة.
سمع ببغداد القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبا حفص عمر بن محمد السهروردي عم الشيخ أبي النجيب وحدث عنهم وعن غيرهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي، وجماعةٌ.
أخبرنا أبو نصر عمر بن محمد بن أحمد الدينوري بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو الرشيد أحمد بن محمد الأبهري قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد البزاز. وأخبرناه القاضي أبو العباس أحمد بن علي بن هبة الله الهاشمي وجماعة، قالوا: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن أحمد البرمكي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن ماسي، قال: أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا عبد الله بن عون، عن الشعبي، قال: سمعت النعمان بن بشير، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -ووالله لا أسمع أحداً بعده- يقول: ((إن الحلال بين وإن الحرام بين، وإن بين ذلك أموراً مشتبهات -وربما(2/362)
قال مشتبهةٌ- وسأضرب لكم مثلاً: إن الله تعالى حمى حمى، وأن حمى الله ما حرم الله، وإنه من يرع حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى -وربما قال: من يخالط الريبة- يوشك أن يجسر.
أنبأنا عمر بن علي القرشي، قال: سألت أحمد الأبهري عن مولده فذكر ما يدل أنه بعد سنة خمس مئة بأبهر.
قلت: وقرأت على صخرةٍ على قبره بمقبرة الشونيزي: توفي في جمادى الآخرة سنة سبع وسبعين وخمس مئة.
843- أحمد بن محمد بن أحمد السعدي، أبو الفتح العكبري.
من شيوخ أبي بكر محمد بن المبارك بن مشق، ذكره في ((معجم شيوخه)) ولم يخرج له شيئاً، ولا ذكر ممن سمع.
844- أحمد بن محمد بن أحمد بن علي ابن الطيبي، أبو العباس بن أبي عبد الله، وقد تقدم ذكرنا لأبيه.
كان أحمد هذا أحد الشهود المعدلين؛ شهد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الأولة، وهو أول شاهدٍ شهد عنده، وذلك في يوم الأحد تاسع عشري شهر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي وأبو الحسين أحمد بن محمد ابن الصفار الأنباري.(2/363)
وهو خال والدي.
سمع أبا نصر المعمر بن محمد البيع، وأبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهما، وحدث عنهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، وأبو الفتوح بن أبي الفرج ابن الحصري وغيرهم.
وذكره القاضي عمر القرشي، فقال: كان صحيح السماع مقدماً محتشماً صدوقاً.
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن الطيبي، قال: أخبرنا أبو نصر المعمر بن محمد البيع، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب. وأخبرناه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد ابن عبد الواحد القزاز قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، قال: أخبرنا إبراهيم بن مخلد بن جعفر، قال: حدثني إسماعيل بن علي الخطبي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد ابن الهيثم أبو القاسم الكرخي، قال: حدثنا عمرو الناقد، قال: حدثنا سليمان بن عبيد الله، قال: حدثنا مصعب بن إبراهيم، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن ينام توضأ وضوءه للصلاة.(2/364)
قال القرشي: سألته -يعني أبا العباس ابن الطيبي- عن مولده، فقال: في جمادى الأولى سنة ست وخمس مئة.
وقال أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج: توفي أبو العباس ابن الطيبي المعدل ليلة الجمعة سادس عشر محرم سنة إحدى وثمانين وخمس مئة.
845- أحمد بن محمد بن الحسين، أبو بكر المقرئ المراوحي.
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وأبا المعالي أحمد بن محمد ابن البخاري البزاز وغيرهما، وحدث عنهم.
سمع منه الشريف أبو الحسن الزيدي ورفيقه صبيح العطاري، وأبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، وأبو محمد طغدي بن خطلخ الأميري، وأبو محمد عبد العزيز بن الأخضر وروى لنا عنه.
قرأت على أبي محمد بن أبي نصر الجنابذي: أخبركم أبو بكر أحمد بن محمد المراوحي، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد العمري. وقرأته على أبي طالب محمد بن علي ابن الكتاني وعلى أبي الفتح عبيد الله بن محمد بن شاتيل: أخبركم أبو القاسم بن بيان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: أخبرنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الحجاج بن أرطأة، عن محمد بن عبد العزيز الراسبي، عن مولى لأبي بكرة، عن(2/365)
أبي بكرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ذنبان يعجلان لا يغفران: البغي وقطيعة الرحم)).
846- أحمد بن محمد بن علي، أبو طالب، من أهل المدائن، يعرف بابن الكجلو.
كان فيه فضلٌ وله معرفةٌ بالأدب، سألت عنه أبا الحسين هبة الله بن محمد ابن أبي الحديد قاضي المدائن فوصفه بالفضل والمعرفة، وقال: كان يتولى الخطابة بجامع المدائن مدةً، ثم سكن بغداد إلى أن توفي بها.
وقال أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني: أبو طالب المدائني الحنفي، سمع أبا غالب محمد بن الحسن الماوردي البصري، وحدث عنه، وذكر أنه سمع منه، والله أعلم.
847- أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن بكران، أبو العباس بن أبي الفتح المعروف بابن الخلال.
من أهل الأنبار، من بيت العدالة والخطابة بها والرواية. شهد أبو العباس هذا ببغداد عند قاضي القضاة أبي الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الأولة يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو طالب روح بن أحمد ابن الحديثي وأبو تمام محمد بن عبد الملك اللمغاني، وتولى قضاء الأنبار فيما أظن.
سمع أباه، وروى شيئاً يسيراً فيما بلغني، وتوفي.(2/366)
848- أحمد بن محمد بن محمد بن هبة الله بن أبي عيسى، أبو العباس بن أبي الفتح.
وقد تقدم ذكر أبيه، من أهل شهرابان.
أحد الشهود المعدلين. شهد عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد ابن الحديثي يوم الأربعاء رابع ذي القعدة من سنة سبع وستين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو جعفر محمد بن عبد الواحد ابن الصباغ، وأبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب. وهو من بيت القضاء ببلده والعدالة ببغداد. وقد ذكرنا ابنه أحمد بن أحمد، وهم معروفون بالفضل والمعرفة.
849- أحمد بن محمد بن علي بن هبة الله بن عبد السلام بن عبد الله بن يحيى الكاتب، أبو الغنائم بن أبي الفتح بن أبي الحسن.
من بيتٍ مشهور بالكتابة والرواية هو وأبوه وجده؛ كلهم رواة، وكذلك أخوه أبو منصور عبد الله وسيأتي ذكره.
سمع أبو الغنائم أبا علي محمد بن محمد ابن المهدي، وأبا القاسم هبة الله بن الحصين، وأباه، وجده.
سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا القاضي أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرني أبو الغنائم أحمد بن محمد بن عبد السلام، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن(2/367)
محمد بن الحصين. وقرأت على أبي الحسن علي بن محمد بن يعيش الكاتب، قلت له: أخبركم أبو القاسم بن الحصين قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد البزاز، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن شهريار، قال: حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا ثابت بن زهير، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مثلما قال ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الضب: لست بآكله ولا محرمه.
قال القرشي: سألت أبا الغنائم بن عبد السلام عن مولده، فقال: في ربيع الآخر سنة أربع وخمس مئة.
قلت: وقتله غلامٌ له بداره في ليلة الأربعاء سادس عشر محرم سنة سبع وثمانين وخمس مئة طمعاً في شيءٍ كان له، ودفن يوم الأربعاء، رحمه الله وإيانا.
((آخر الجزء السابع عشر من الأصل))(2/368)
850- أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين ابن السكن، أبو الفتح بن أبي غالب، يعرف بابن المعوج.
من أهل باب المراتب، من بيت أهل حجابةٍ وولايةٍ وروايةٍ، حدث منهم جماعةٌ.
وأبو الفتح هذا سمع أباه، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبا عبد الله الحسين بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبا الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبا البركات عبد الباقي بن أحمد ابن النرسي، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبا الفضل محمد بن ناصر، وحدث عنهم. سمعنا منه. وكان صحيح السماع، ولكن لم أظفر بشيءٍ من مسموعاتي منه.
أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد ابن السكن فيما أجازه لنا، قال: قرأت على والدي أبي غالب محمد بن محمد. وقرأته على المباركة بنت أحمد بن محمد ابن السكن، قلت لها: قرئ على جدك أبي غالب محمد بن محمد وأنت حاضرةٌ تسمعين وذلك في صفر سنة ست وثلاثين وخمس مئة، فأقرت به، قال:(2/369)
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو محمد الحسين بن الحسن بن رامين، قال: حدثنا أبو الحسن نعيم بن عبد الملك الأستراباذي، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان، قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير، قال: حدثني الليث بن سعد، عن ابن الهاد، عن الوليد بن أبي هشام، عن الحسن البصري، عن أبي موسى الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لن تؤمنوا بالله حتى تحابوا، أفلا أدلكم على ما تحابون عليه؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أفشوا السلام بينكم، والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تراحموا، قالوا: يا رسول الله كلنا رحيمٌ، قال: ليس رحمة أحدكم خاصته، ولكن رحمة العامة، مرتين)).
توفي أبو الفتح ابن السكن في ذي الحجة من سنة تسع وثمانين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
851- أحمد بن محمد بن علي بن أحمد ابن القصاب، أبو الفضل ابن الوزير أبي عبد الله، وقد تقدم ذكر أبيه.
ناب أحمد هذا عن والده في الوزارة بالديوان العزيز -مجده الله- في حال(2/370)
سفره لما خرج إلى خوزستان في سنة تسعين وخمس مئة وما بعدها إلى أن توفي والده. وكانت الأمور تصدر عن تدبيره وأمره، ويعمل ما كان والده يعمله ويقوم بقوانين مراسم الخدمة الشريفة وتنفيذ أوامرها إلى أن وصل نعي أبيه في اليوم الرابع عشر من شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، فانعزل وانكفأ إلى دارٍ كان يسكنها بدرب الدواب ولم يظهر، وأصابه مرضٌ لازمه إلى أن توفي في سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة.
852- أحمد بن محمد بن أحمد بن عيسى، أبو العباس يعرف بابن البخيل.
من أهل الجانب الغربي، كان يسكن بدار القز.
سمع أبا المواهب أحمد بن محمد بن ملوك الوراق، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وروى عنهم.
سمع منه جماعةٌ من أصحابنا، وما اتفق لي منه سماع، وقد أجازني غير مرةٍ.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن البخيل إذناً، قال: قرئ على أبي المواهب أحمد بن محمد بن عبد الملك وأنا أسمع في شوال من سنة أربع وعشرين وخمس مئة. وأخبرناه أبو حفص عمر بن محمد بن المعمر بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو المواهب أحمد بن محمد بن عبد الملك قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري، قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد ابن الغطريف، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن(2/371)
الحباب الجمحي، قال: حدثنا القعنبي، عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت)).
أخرجه البخاري، عن آدم، عن شعبة، عن منصور.
تنكس أحمد ابن البخيل من سطح داره فمات صبيحة الثلاثاء تاسع ذي القعدة من سنة ست وتسعين وخمس مئة.
853- أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن محمود، أبو العباس بن أبي نصر.
من أهل أوانا، وقد تقدم ذكر أبيه رحمه الله.
شهد أحمد هذا بمدينة السلام عند قاضي القضاة أبي طالب علي بن علي ابن البخاري في ولايته الأولة يوم الاثنين تاسع شعبان من سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وزكاه أبو الفتح محمد بن محمود ابن الحراني، وأبو الحسن علي ابن المبارك بن جابر، وعزل بعده بيسير، وأظنه تولى القضاء ببلده أيضاً.
توفي في أواخر سنة ست وتسعين وخمس مئة أو في أوائل سنة سبع وتسعين وخمس مئة تقريباً، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.
854- أحمد بن محمد بن منكير، أبو العباس، وقيل: أبو محمد، الخباز.(2/372)
من أهل الحربية.
سمع أبا القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي وغيرهما.
سمع منه أحمد بن سلمان المعروف بالسكر وجماعةٌ من أصحابنا، وما اتفق لي لقاؤه، وقد أجاز لي غير مرةٍ.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن منكير إجازةً، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر قراءةً عليه وأنا أسمع. وأخبرناه أبو عبد الله عبد الرحمن بن هبة الله بن أبي نصر الحربي قراءةً عليه ونحن نسمع، قيل له: أخبركم أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عبد القادر قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: أخبرنا رضوان بن أحمد الصيدلاني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن النضر أبي عمر، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اللهم أيد الإسلام بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب)) فأصبح عمر فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج فصلى في المسجد ظاهراً.
بلغني أن ابن منكير ولد في سنة عشرين وخمس مئة، وتوفي يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مئة.
855- أحمد بن محمد بن حازم بن عبيد الله، أبو العباس المستعمل.(2/373)
من أهل الحربية أيضاً.
سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد، وأبا القاسم سعيد ابن أحمد ابن البناء، وروى عنهما.
سمع منه جماعةٌ. وهو ممن أجاز لنا، وما لقيته، والله أعلم.
856- أحمد بن محمد بن عمر بن عبد الله، أبو بكر الأزجي المؤدب.
شابٌ، سمع من جماعةٍ من شيوخنا المتأخرين كأبي القاسم ذاكر بن كامل ابن أبي غالب الخفاف، وأبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبي القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، وأبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن صدقة التاجر، وغيرهم.
سافر إلى الشام وسمع في طريقه بالموصل وحران وحلب، وأقام بدمشق مديدةً، وسمع بها من جماعةٍ وروى في أسفاره.
وعاد إلى بغداد، ووجد مقتولاً بباب منزله في صبيحة الأربعاء سادس عشر ربيع الآخر من سنة عشر وست مئة، ولم يعلم قاتله، فصلي عليه، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة معروف.
857- أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن أحمد بن خلف ابن الفراء، أبو العباس بن أبي يعلى بن أبي خازم بن أبي يعلى بن أبي عبد الله.(2/374)
من بيتٍ معروفٍ بالعدالة والقضاء والفقه والرواية. وأبو العباس هذا أحد الشهود المعدلين، وقد تقدم ذكرنا لأبيه.
شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم عبد الله بن الحسين ابن الدامغاني في اليوم الثاني من ولايته وهو يوم الأربعاء سادس عشري شهر رمضان سنة ثلاث وست مئة، وزكاه العدلان أبو العباس أحمد بن أكمل العباسي، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن باقا.
وسمع الحديث من جماعةٍ منهم: أبو القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبو بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ووالده وخلق كبير. وكتب بخطه لنفسه ولغيره كثيراً. سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن محمد ابن الفراء بمنزله بباب الأزج، قلت له: أخبركم أبو القاسم سعيد بن أبي غالب ابن البناء قراءةً عليه، وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن البسري البندار قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل وعبيد الله بن عمر القواريري، قالا: حدثنا معاذ بن هشام الدستوائي، قال: حدثني أبي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني شيخٌ كبيرٌ يشق علي القيام فمرني بليلةٍ لعل الله يوفقني فيها لليلة القدر. فقال: ((عليك بالسابعة)). وهذا لفظ أحمد بن حنبل.
ولد أبو العباس هذا بواسط حيث كان والده قاضيها بعد سنة أربعين(2/375)
وخمس مئة بقليل.
وتوفي ببغداد في ليلة الجمعة الثاني والعشرين من شعبان سنة إحدى عشرة وست مئة. وصلي عليه يوم الجمعة ودفن عند أبيه وجده بمقبرة باب حرب.
858- أحمد بن محمد بن سعد بن سعيد، ويقال: أحمد بن أبي محمد بن أبي سعد، أبو عبد الله الفقيه.
من أهل بروجرد يعرف بابن الحرميني.
قدم بغداد في صباه وأقام بها للتفقه بالمدرسة النظامية، وسمع بها من جماعةٍ.
كتب إلي بخطه إجازةً، وقال: دخلت بغداد في شوال سنة سبع وثلاثين وخمس مئة، وخرجت منها في صفر سنة خمس وأربعين وخمس مئة ولقيت بها من المشايخ: شيخ الشيوخ إسماعيل بن أحمد النيسابوري، وأبا القاسم عبد الرحمن بن طاهر الميهني، وأخاه أبا الفضل أحمد، وأبا منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبا الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري، وعبد الخالق بن يوسف، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وأبا الحسن أحمد بن عبد الله ابن الآبنوسي. هذا آخر ما ذكره.
قلت: وعمر أحمد هذا بعد خروجه من بغداد، وحدث ببلده بالكثير، وسمع منه أهل بلده وجماعةٌ من الطلبة الواردين.
أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن سعد البروجردي فيما كتبه إلينا بخطه من مستقره ببروجرد، قال: أخبرنا شيخ الشيوخ أبو البركات إسماعيل بن أحمد بن محمد النيسابوري قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد في شهر رمضان سنة(2/376)
ثمان وثلاثين وخمس مئة، قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي الوراق، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا سريج بن يونس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر، عن أبيه، عن واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: خطبنا عمار فأبلغ وأوجز، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان لقد بلغت وأوجزت فلو كنت تنفست، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطب، فإن من البيان سحراً)).
حدثني بعض الواصلين من الحاج من أهل كرج أن أحمد ابن الحرميني توفي ببروجرد في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وست مئة عن ثمان وتسعين سنة وشهور.
859- أحمد بن محمد بن أحمد ابن الخطاب، أبو بكر الخازن بالمارستان العضدي.
كان يسكن بسوق المارستان بالجانب الغربي.
سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وروى عنه، كتبنا عنه.(2/377)
قرأت على أبي بكر أحمد بن محمد الخازن من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازةٍ فقالوا: صل عليها، فقال: هل عليه من دينٍ؟ قالوا: لا. قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، فصلى عليه. ثم أتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله صل عليها، فقال هل عليه دينٌ؟ قيل: نعم، قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها. ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليه. قال: هل ترك شيئاً؟ قالوا: لا. قال: فهل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير. قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صل عليه يا رسول الله وعلي دينه، فصلى عليه.
سألت أبا بكر الخازن عن مولده، فقال: ولدت في شهر رمضان سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الأحد ثامن عشر شهر رمضان سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن يوم الاثنين بمقبرة سوق المارستان.
860- أحمد بن محمد بن أحمد بن علي ابن الأبرادي، أبو #379# القاسم بن أبي الحسن بن أبي البركات.
من أبناء الشيوخ الرواة، وقد سبق ذكر أبيه.
سمع أبا الوقت السجزي، وأبا المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي وغيرهما، وروى عنهم، سمعنا منه.
قرأت على أبي القاسم أحمد بن أبي الحسن ابن الأبرادي بمنزله بباب الأزج، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)).
سألت أبا القاسم ابن الأبرادي عن مولده، فقال: ولدت في ليلة عيد الأضحى من سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
861- أحمد بن محمد بن علي المقرئ، أبو العباس الضرير.(2/378)
من أهل قادسية سر من رأى.
قدم بغداد في صباه، وتلقن القرآن الكريم، وقرأه على أبي محمد عبد الله ابن أحمد الداهري. وسمع من أبي القاسم يحيى بن ثابت البقال، ومن أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وغيرها، وروى عنهما.
سمعت منه شيئاً يسيراً، وسألته عن مولده فلم يحققه، وذكر ما يدل على أنه في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة تقريباً.
وتوفي في ليلة الخميس سادس عشر شوال سنة إحدى وعشرين وست مئة ودفن يوم الخميس بباب حرب.
862- أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد السلمي، أبو جعفر المغربي، يعرف بابن خولة.
من أهل غرناطة، بلدة شرقي الأندلس.
قدم بغداد في سنة سبع وثمانين وخمس مئة. وكان فيه فضلٌ وتميز، وسمع بها من شيوخ ذلك الوقت وكتب عن جماعةٍ، ثم صار إلى واسط فلقيته بها، وكتبت عنه، وكتب عني. وانحدر إلى البصرة، وخرج إلى بلاد فارس، وكرمان، والغور، وقطعه من بلاد الهند، وعاد وعبر النهر، ودخل سمرقند وبخارى. وعاد إلى خراسان واستوطن هراةً. وكتب عن جماعةٍ في أسفاره، وامتدح الملوك، واكتسب مالاً، وحسنت حاله، وروى في تطوافه، أنشدني لنفسه:
إذا ما الدهر بيتني بجيشٍ ... طليعته اهتمامٌ واكتئاب
شننت عليه من جلدي كميناً ... أميراه الذبالة والكتاب
وبت أنص من شتم الليالي ... عجائب في حقائقها ارتياب(2/379)
أريع بها التسلي مستريحاً ... وليس على الزمان بها عتاب
سألت ابن خولة عن مولده، فقال: في شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة بغرناطة.
وبلغنا انه قتله الكفار لما دخلوا هراة في سنة ثمان عشرة وست مئة.
863- أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن عقيل، أبو حامد بن أبي عبد الله الساوي الأصل الهمذاني المولد والدار.
سمع بهمذان من أبي الفضل بن حمان، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى الهروي، ومن أبي الخير محمد بن أحمد ابن الباغبان الأصبهاني، وغيرهم.
قدم بغداد حاجاً في سنة ثلاث عشرة وست مئة، فحج وعاد إليها، وحدث بها. سمعنا منه.
قرأت على أبي حامد أحمد بن محمد بن إبراهيم الهمذاني، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع بهمذان، فأقر بذلك وعرفه، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)).(2/380)
سألت أبا حامد هذا عن مولده، فقال: ولدت في ذي القعدة من سنة ست وأربعين وخمس مئة بهمذان.
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه محمود
864- أحمد بن محمود بن أحمد، أبو العباس الصوفي.
من أهل تبريز.
قدم بغداد، واستوطنها إلى حين وفاته. وكان أحد الصوفية برباط شيخ الشيوخ أبي القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل النيسابوري، وكان صاحبه وأحد المختصين بخدمته، وسمع منه. وكان ساكناً خيراً، حضر مع الصوفية في ليلة الأربعاء ثالث رجب سنة ست مئة للسماع على طريقة القوم بحجرةٍ قريبةٍ من الرباط المذكور، فأنشد القوال شيئاً وبسط بهذين البيتين:
وحق ليالي الوصال ... أواخرها والأول
لئن عاد شملي بكم ... حلا العيش لي واتصل
فتواجد، وتحرك، وزاد به الوجد والحركة، فحمل إلى الموضع الذي كان فيه وتغير لونه فظن الجماعة أنه أصابه غشي فجاؤوه بمشموم وسقوه ما يقوي نفسه فمات لوقته، وحمل إلى زاويته بالرباط.
توفي يوم الأربعاء المذكور، صلي عليه ودفن باب أبرز بالمقبرة المعروفة بالجديدة.(2/381)
865- أحمد بن محمود بن أحمد بن ناصر الإسكيف، أبو العباس ابن أبي البركات.
من أهل الحربية، من أولاد الشيوخ الرواة، وسيأتي ذكر أبيه.
سمع أحمد هذا من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي ابن البطي، ومن أبي الحسن سعد الله بن نصر ابن الدجاجي الواعظ، وغيرهما. كتبنا عنه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن محمود الحربي بها، قلت له: أخبركم أبو الحسن سعد الله بن نصر بن سعيد الواعظ قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن علي الخياط، قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد المؤدب، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد ابن الصواف، قال: حدثنا بشر بن موسى الأسدي، قال: حدثنا عبد الله بن الزبير الحميدي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: سمعت عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر يقول: سمعت سليم بن عامر يقول: سمعت أوسط البجلي يقول: سمعت أبا بكر الصديق يقول وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خنقته العبرة، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الأول: ((سلوا الله العفو والعافية، فإنه ما أوتي عبدٌ بعد يقين خيراً من العافية)).(2/382)
سألت أحمد بن محمود هذا عن مولده، فقال: أظنه في سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
866- أحمد بن محمود بن أحمد بن عبد الله ابن المقرئ، أبو العباس بن أبي الشكر، الفقيه الشافعي.
من أهل واسط، قدم بغداد وسكنها.
تفقه بواسط على عمه أبي علي الحسن بن أحمد، وعلى القاضي أبي علي يحيى بن الربيع، وببغداد على أبي القاسم يحيى بن علي بن فضلان، وعلق عنه، وحصل له معرفة المذهب والخلاف، وتكلم في المسائل، وأعاد بالمدرسة الفخرية لولد ابن فضلان المذكور لما درس بها، وبمدرسة الجهة الشريفة والده سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- وأفتى.
سمع الحديث بواسط من أبي جعفر هبة الله بن يحيى ابن البوقي، ومن أبي العباس هبة الله بن نصر الله بن مخلد الأزدي، ومن أبي العباس أحمد بن علي الخوزي، وأبي طالب سليم بن محمد العكبري، وأبي طالب محمد بن علي الكتاني، وغيرهم. وببغداد من أبي الفضل وفاء بن أسعد ابن البهي، وشيخ الشيوخ أبي القاسم عبد الرحيم بن إسماعيل النيسابوري، وأبي الفتح عبيد الله(2/383)
ابن عبد الله بن شاتيل، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وغيرهم.
ولازم الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي وكتب مصنفاته، وسمع منه، وروى عنه، وعن غيره.
سمع منه جماعةٌ من الطلبة والواردين، وتولى القضاء بالجانب الغربي من مدينة السلام في سنة أربع عشرة وست مئة إلى أن توفي.
مولده في رجب سنة تسع وخمسين وخمس مئة بواسط. وقيل: في أواخر جمادى الآخرة من السنة المذكورة.
وتوفي ليلة الأحد ثامن ربيع الآخر سنة ست عشرة وست مئة ببغداد، ودفن يوم الأحد بمقبرة معروف. رحمه الله.(2/384)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه المبارك
867- أحمد بن المبارك بن أحمد، أبو الحارث بن أبي السعادات ابن أبي المعالي الهاشمي.
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وحدث عنه ببغداد، وبواسط ((بنسخة الحسن بن عرفة)). روى لنا عنه أبو طالب عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع الهاشمي.
قرأت على أبي طالب بن أبي الفتح الهاشمي، قلت له: أخبركم أبو الحارث أحمد بن المبارك الهاشمي بقراءتك عليه ببغداد في ذي القعدة من سنة ست وخمسين وخمس مئة وبواسط حين قدمها في ربيع الآخر من سنة سبع وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان. وقرأته على أبي طالب محمد بن علي ابن الكتاني بواسط، وعلى أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد الدباس، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وأبي الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب التاجر، قلت لكل واحدٍ منهم: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((آتي يوم القيامة باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت أن لا أفتح لأحدٍ قبلك)).(2/385)
868- أحمد بن المبارك بن محمد بن أحمد بن علي ابن السدنك، أبو محمد بن أبي طالب.
من أهل الحريم الطاهري، والسدنك لقب أحمد بن علي جد أبيه. من بيتٍ معروفٍ، روى منهم جماعةٌ، وفيهم كثرة.
سمع أبا الحسين عاصم بن الحسن المقرئ، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا نصر هبة الله بن علي ابن المجلي، والنقيب أبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وغيرهم.
سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وأبو العباس أحمد بن عمر ابن لبيدة المقرئ، وأبو بكر عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي، وأبو بكر محمد ابن المبارك بن مشق.
قرأت في كتاب أبي القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي تحت خط أبي محمد ابن السدنك بالإجازة له: مولده في سنة ست وستين وأربع مئة.
قلت: وعمر أبو محمد هذا حتى قارب المئة.
أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البيع ومن خطه نقلت، قال: توفي أبو محمد ابن السدنك يوم الجمعة رابع عشر صفر سنة خمس وستين وخمس مئة، ودفن بكرة السبت بمقبرة جامع المنصور.(2/386)
869- أحمد بن المبارك بن سعد بن الفرج، أبو العباس المقرئ يعرف بالمرقعاتي.
سمع أبا المعالي ثابت بن بندار البقال، وغيره.
سمع منه الشريف أبو الحسن الزيدي ورفيقه صبيح العطاري، والقاضي أبو المحاسن الدمشقي. وحدثنا عنه ابنه أبو سعيد عبد الرحمن وأبو محمد بن الأخضر، ويقال: إنه كان عسراً في الرواية مع ثقته وصدقه.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من كتابه، قلت له: أخبركم أبو العباس المرقعاتي، فأقر به، قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم المقرئ، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري، قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد، عن الحجاج، يعني الصواف، عن يحيى، عن محمد بن علي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ثلاث دعواتٍ مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم)).(2/387)
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، قالا: توفي أبو العباس المرقعاتي ليلة السبت حادي عشري صفر من سنة سبعين وخمس مئة. ولفظهما سواء.
870- أحمد بن المبارك بن غنيمة، أبو الغنائم بن أبي المعالي، يعرف بابن الشاة الحلابة.
من شيوخ القاضي عمر بن علي القرشي، ذكره في ((معجم شيوخه)) الذين سمع منهم.(2/388)
871- أحمد بن المبارك بن محمد بن علي بن الحسن بن درك، أبو العباس المقرئ.
من أهل الجانب الغربي، من محلة دار القز.
شيخٌ صالحٌ، سمع أبا العباس أحمد بن علي بن قريش، وأبا القاسم بن بيان، وإسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي وغيرهم.
سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد العلوي الزيدي، والحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبو الرضا أحمد بن طارق التاجر. وحدثنا عنه أبو محمد بن الأخضر، والحازمي.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن المبارك بن درك بقراءتك عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن أحمد بن بيان. وأخبرنيه أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو القاسم بن بيان قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قراءةً عليه وأنا أسمع في سنة ثمان عشرة وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الصدقة أفضل؟ فقال: ((لتنبأن: أن تصدق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تأمل البقاء وتخاف الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلانٍ كذا ولفلانٍ كذا، ألا وقد كان لفلان)).(2/389)
قرأت بخط رفيقنا أبو الفضل إلياس بن جامع الإربلي، قال: قرأت على أبي العباس بن درك شيئاً من الحديث تحت شجرةٍ بداره فقال لي: قرأت تحت هذه الشجرة عشرة آلاف ختمة.
أنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي ومن خطه نقلت، قال: سألت أبا العباس بن درك عن مولده، فقال: في رجب سنة اثنتين وخمس مئة بدار القز.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البيع إذناً، قال: توفي أحمد بن درك يوم الثلاثاء عاشر جمادى الآخرة سنة ثمانين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
872- أحمد بن المبارك بن فوارس بن سنبلة، أبو المعالي بن أبي القاسم.
من أهل الحريم الطاهري. أحد التجار، أخو أبي بكر محمد الذي قدمنا ذكره.
سمع أبا الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، وأبا علي أحمد بن أحمد ابن الخراز، وغيرهما. كتبنا عنه.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن أبي القاسم التاجر بقراءتي عليه من أصل سماعه بالحريم، قلت له: أخبركم أبو علي أحمد بن أحمد بن علي السقلاطوني قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن أبي عثمان قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا محمد بن مندة، قال: حدثنا بكر ابن بكار، قال: حدثنا حمزة الزيات، عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب أن(2/390)
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه جعل كفه الأمين تحت خده الأيمن وقال: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.
سألت أبا المعالي بن سنبلة عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة، وتوفي ليلة الثلاثاء رابع عشر ذي القعدة من سنة تسع عشرة وست مئة، ودفن يوم الثلاثاء بباب حرب.(2/391)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه مسعود
873- أحمد بن مسعود بن سعد بن علي ابن الناقد، أبو الرضا الجصاص.
سمع أبا غالب محمد بن الحسن البقال، وأبا سعد محمد بن عبد الكريم ابن خشيش الكاتب، وأبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وآخرين.
وحدث، وروى؛ سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي والقاضي أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، وأبو الرضا أحمد بن طارق القرشي، وأبو الخير صبيح بن عبد الله الحبشي، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر، وولده عبد العزيز بن أحمد، وغيرهم. وكان صحيح السماع، ثقةً.
قرأت على أبي محمد بن أبي نصر البزاز: أخبركم أبو الرضا أحمد بن مسعود الجصاص قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد. وأخبرناه أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن شاتيل بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي قراءةً عليه، فأقر به، قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا هشيم بن بشير، عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أعطيت فواتح الكلم وخواتمه وجوامعه)). فقلنا: يا رسول الله علمنا مما علمك الله عز وجل، فعلمنا(2/392)
التشهد في الصلاة.
حدثني أبو العباس أحمد بن أحمد المعدل لفظاً ومن كتابه نقلت، قال: توفي أبو الرضا الجصاص يوم الثلاثاء غرة ذي الحجة من سنة تسع وخمسين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
874- أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر بن أحمد بن محمد، أبو العباس الهاشمي، والد شيخينا أكمل وأفضل.
سمع أبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، وأبا سعد أحمد بن محمد بن شاكر، وأبا الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني، وروى عنهم.
سمع منه ابناه، والزيدي، والقاضي عمر القرشي، وصبيح العطاري، وأبو الحسن بن الوارث وغيرهم.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن مطر الهاشمي، قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن حبيب القادسي، قال: حدثنا أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي، قال: حدثنا الضحاك بن مخلد، وأبو بكر وأبو علي الحنفيان، قالوا: حدثنا ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن طلحة بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن أزهر، عن جبير بن مطعم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن للقرشي قوة رجلين)). قال(2/393)
ابن شهاب: يريد بذلك نبل الرأي.
قال القرشي: سألت أبا العباس بن مطر الهاشمي عن مولده، فقال: أظنه في سنة سبع وتسعين وأربع مئة.
وحدثني أكمل بن أحمد، قال: توفي والدي في النصف من شعبان من سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
وقال غيره: في ليلة الأربعاء سادس عشر الشهر المذكور، ودفن يوم الأربعاء بباب حرب.
875- أحمد بن مسعود بن الحسن، أبو الرضا التاجر يعرف بابن الزقطر.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهما، وروى القليل، ولم يكن مشهوراً بالرواية. سمع منه تميم ابن البندنيجي واستجازه لنا، وما لقيته.
توفي يوم الخميس رابع شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة.
876- أحمد بن مسعود بن علي التركستاني، أبو الفضل الحنفي.(2/394)
قدم بغداد، وأقام بها إلى أن توفي، وخدم بالديوان العزيز -مجده الله- وكان ينفذ رسولاً إلى الأطراف.
وفي ذي القعدة من سنة أربع وست مئة، ولي التدريس بمشهد أبي حنيفة رحمه الله والنظر في أوقافه، فذكر به الدرس يوم الثلاثاء رابع عشر الشهر المذكور، ثم استناب عنه في ذلك أبا الفرج عبد الرحمن بن شجاع الحنفي من أهل محلة أبي حنيفة، وكان هو يذكر في كل أسبوع يومين وأبو الفرج باقي الأيام، ولم يكن الحديث من فنه إلا أنه شرفه سيدنا ومولانا الإمام الناصر لدين الله -خلد الله ملكه- بالإجازة له فكان يروي عنه في حلقة الحنفية بجامع القصر الشريف في كل جمعة. ولم يزل على ذلك إلى أن توفي ليلة السبت سادس عشري ربيع الآخر سنة عشر وست مئة، وصلي عليه يوم السبت بالمدرسة النظامية، وحمل إلى مقبرة الخيزران المجاورة لمشهد أبي حنيفة فدفن هناك، رحمه الله وإيانا.(2/395)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه منصور
877- أحمد بن منصور، أبو بكر المقرئ المناخلي.
من أهل واسط.
قدم بغداد، وسمع بها في سنة ثلاث وتسعين وأربع مئة من أبي غالب محمد بن الحسن البقال، وعاد إلى بلده، وحدث عنه، سمع منه هناك أبو الحسن علي بن محمد المقرئ المعروف بابن مكندا فيما قرأت بخطه.
878- أحمد بن منصور بن أحمد بن عبد الله بن إبراهيم بن جعفر، أبو العباس.
من أهل كازرون، أحد بلاد فارس.
قدم بغداد في سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وأقام بها للتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه مدةً. وسمع بها من جماعة منهم: أبو محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبو منصور الخياط، وشيخ الشيخ أبو البركات إسماعيل بن أحمد النيسابوري، وأبو عبد الله محمد بن محمد ابن السلال، وأبو بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، والقاضي أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن زهموية، وأبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وجماعة آخرون.
وكتب أكثر مسموعاته، وحصل طرفاً من الفقه، وعاد إلى بلده، وتولى القضاء به، وانتقل إلى شيراز وأقام بها إلى حين وفاته.(2/396)
ثم قدم بغداد رسولاً من أمير شيراز في سنة ست وثمانين وخمس مئة، وحدث بها، ولقيته بواسط لما اجتاز بها في هذه السنة. وسمعت منه ((مشيخة)) جمعها لنفسه في سبعة أجزاء وغيرها، وكان خيراً له فهمٌ ومعرفةٌ.
قرأت على أبي العباس أحمد بن منصور الكازروني، قلت له: أخبركم شيخ الشيوخ أبو البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا داود بن رشيد، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن قرة، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله أقطع)).
سمعت أبا العباس أحمد بن منصور يقول: الأصدقاء ثلاثةٌ والأعداء ثلاثةٌ، فأما الأصدقاء، فصديقك وصديق صديقك وعدو عدوك، وأما الأعداء: فعدوك وعدو عدوك، وصديق عدوك.
سألت أحمد الكازروني عن مولده، فقال: ولدت في ذي الحجة من سنة ست عشرة وخمس مئة.
وحدثني ولده عبد المنعم أنه توفي بشيراز في الثالث عشر من جمادى الأولى سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وصلي عليه بجامع شيراز ليلاً، وحمل إلى كازرون فدفن بها.(2/397)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه موهوب
879- أحمد بن موهوب الخباز.
سمع أبا الحسين عاصم بن حسن المقرئ وروى عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، ولم يكنه.
880- أحمد بن موهوب بن أحمد بن إبراهيم ابن النرسي، أبو بكر ابن أبي العز.
من أهل باب الأزج، هو ابن عم أبي المظفر أحمد بن عبد الباقي ابن النرسي قاضي باب الأزج.
سمع أبو بكر هذا من أبي القاسم بن بيان. وروى عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه)).
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر الدمشقي، قال: قرأت على أبي بكر أحمد بن موهوب ابن النرسي، قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد ابن بيان، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران إملاءً، قال: حدثنا حمزة بن محمد بن العباس الدهقان، قال: حدثنا محمد بن غالب، قال: حدثنا مؤمل بن إسماعيل، عن همام، عن قتادةٌ عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب شعره منكبيه.
قال القرشي: سألت أبا بكر ابن النرسي عن مولده، فقال: في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وأربع مئة. وتوفي يوم الأربعاء عاشر شعبان سنة اثنتين وستين(2/398)
وخمس مئة.
881- أحمد بن موهوب بن المبارك بن محمد بن أحمد ابن السدنك، أبو شجاع بن أبي القاسم بن أبي طالب بن أبي طاهر، والسدنك لقب أحمد جد جده.
من أهل الحريم الطاهري، كان أمين القضاة بالحريم.
سمع أبا علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب، وأبا القاسم علي بن أحمد ابن بيان، وأبا علي محمد بن محمد ابن المهدي الخطيب، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهم. وحدث عنهم، وكان ثقةً صحيح السماع.
سمع منه الشريف أبو الحسن الزيدي، والقاضي عمر القرشي، وأبو إسحاق ابن الشعار، وأبو بكر بن مشق. وحدثنا عنه جماعة.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر: أخبركم أبو شجاع أحمد بن موهوب بن المبارك الأمين، فأقر به. وقرأت على أبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد؛ قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثني القاسم بن مالك المزني، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا أول شفيع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، وإن من الأنبياء لمن يأتي يوم القيامة وما معه مصدق غير واحد)).(2/399)
ولد أبو شجاع ابن السدنك في سنة خمس وتسعين وأربع مئة.
وأنبأنا القاضي عمر بن علي القرشي ومحمد بن المبارك بن مشق، قالا: توفي أبو شجاع ابن السدنك في ثامن ذي القعدة من سنة سبعين وخمس مئة، زاد ابن مشق: يوم السبت بكرة، ودفن في يومه بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
الأسماء المفردة في حرف الميم في آباء من اسمه أحمد
882- أحمد بن محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، أبو الفرج ابن أبي الخطاب.
أخو أبي جعفر محمد الذي قدمنا ذكره، وأبو الفرج هذا كان الأكبر.
وهو أحد الشهود المعدلين؛ شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي في ((تاريخ الحكام)) الذي جمعه في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته،(2/400)
قال: وأبو الفرج أحمد بن محفوظ بن أحمد الكلوذاني يوم الخميس خامس عشر شهر ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وخمس مئة، وزكاه القاضي أبو طاهر محمد ابن أحمد ابن الكرخي والشيخ أبو منصور سعيد بن محمد ابن الرزاز.
قلت: وقد سمع أبو الفرج هذا شيئاً من أبيه وغيره، وما أظنه روى شيئاً. وتوفي يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وخمس مئة، ودفن عند أبيه بباب حرب. وكان شاباً، والله أعلم.
883- أحمد بن ما شاء الله بن إسماعيل، أبو نصر السدري.
سمع أبا الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وأبا عبد الله الحسين بن علي ابن البسري، وحدث عنهما.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
وذكره الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي في ((تاريخه)) فقال: كان من أهل القرآن وكان سماعه صحيحاً.
توفي في ليلة الجمعة ثالث صفر سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
884- أحمد بن مهلهل بن عبيد الله، أبو العباس البرداني المقرئ.(2/401)
تفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله على أبي الخطاب الكلوذاني ثم على أبي بكر الدينوري.
وسمع من أبي العلاء صاعد بن سيار الهروي، ومن أبي طالب عبد القادر ابن محمد بن يوسف وغيرهما. وانزوى في مسجدٍ يعرف بمسجد معالي الصالح على دجلة قريب من محلة أبي حنيفة رحمه الله، واشتغل بالعبادة. وحدث بيسير، سمع منه القاضي عمر القرشي.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن مهلهل البرداني، قال: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد، قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، حتى يبعثه الله عز وجل يوم القيامة فيقال هذا مقعدك)).(2/402)
قال القرشي: توفي أحمد بن مهلهل يوم الخميس مستهل جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وخمس مئة، ودفن من الغد بباب حرب.
885- أحمد بن المحسن بن جعفر السلماسي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الفتوح.
كان أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- وتولى حجابة الحجاب في أيام الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنه، وعزل قبل موته.
وكان قد سمع من الوزير أبي القاسم علي بن طراد الزينبي مجالس مما قرئ عليه بالديوان العزيز، وما أعلم أنه روى شيئاً.
ذكر صدقة بن الحسين أنه توفي في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
886- أحمد بن المقرب بن الحسين بن الحسن الفقيه، أبو بكر بن أبي منصور.
من أهل الكرخ، سكن الجانب الشرقي.(2/403)
سمع النقيب طراداً الزينبي، وأبا الخطاب بن البطر، وأبا طاهر بن سوار، وأبا الحسين ابن الطيوري، وغيرهم، وحدث بالكثير.
سمع منه تاج الإسلام أبو سعد ابن السمعاني، وذكره في كتابه، وذكرناه نحن لأن وفاته تأخرت عن وفاته. حدثنا عنه جماعةٌ.
قرأت على أبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، قلت له: قرأت على أبي بكر أحمد بن المقرب، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن شاهين، قال: حدثنا أبو بحر محمد بن الحسن البربهاري، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، قال: حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله، قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فسجد فما بقي أحدٌ إلا سجد إلا رجلا رأيته رفع كفاً من حصى فسجد عليه، وقال: هذا يجزيني. فرأيته بعد قتل كافراً.
توفي أبو بكر ابن المقرب في ليلة الاثنين خامس عشري ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمس مئة، ودفن يوم الاثنين.
887- أحمد بن مواهب بن الحسن بن عبد الله بن الحكم، أبو عبد الرحمن، يعرف بغلام ابن العلبي.
وابن العلبي هذا كان زاهداً عابداً موصوفاً بالصلاح والديانة والعبادة.
وأحمد هذا شيخٌ صالحٌ؛ سمع من أبي طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وغيره، سمع منه ابنه عبد الرحمن، وأبو بكر محمد بن أحمد السيدي،(2/404)
وأبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي وغيرهم.
وكان في ذي القعدة سنة سبع وسبعين وخمس مئة حياً؛ لأن هؤلاء سمعوا منه في هذا التاريخ، رحمه الله وإيانا.
888- أحمد بن المفرج بن درع بن الحسن بن حصن التغلبي، أبو العباس، وقيل: أبو عبد الرحمن.
من أهل تكريت.
شيخٌ صالحٌ، سمع أبا شاكر محمد بن سعد بن خلف الفقير. وحدث عنه.
قدم بغداد غير مرةٍ وأقام برباط الزوزني بالجانب الغربي، وأظنه حدث بها. ورأيت إجازته بها لجماعةٍ في سنة ثمانين وخمس مئة.
سمع منه أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بتكريت، وقال: كان مولده في سنة ثمان وثمانين وأربع مئة.
قلت: وتوفي في ليلة الجمعة يوم عبد الفطر سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة بتكريت.
889- أحمد بن المؤمل بن الحسن بن سعيد العدواني، أبو محمد الشاعر.
كان يسكن درب فراشاً، ويقول الشعر ويمدح به.
سمع شيئاً من الحديث من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وأبي بكر المبارك بن كامل.(2/405)
ذكر أبو بكر عبد الله بن أبي طالب الخباز أنه سمع منه.
قلت: ولم يكن محمود الطريقة، أخرج عن بغداد قبل وفاته، بسنين، وألزم المقام بواسط، فكان بها إلى أن توفي في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.
890- أحمد بن محاسن بن أحمد بن سلمان بن أبي شريك، أبو العباس.
من أهل الحربية، هو ابن عم أحمد بن سلمان المعروف بالسكر.
سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد وغيره. سمع منه جماعةٌ من أصحابنا وما لقيته وقد أجاز لنا.
891- أحمد بن مبشر بن زيد بن علي المقرئ، أبو العباس الواسطي.
من أهم خسرسابور أحد قرى السواد. كان صاحباً لصدقه بن الحسين الواسطي، قدم معه بغداد واستوطنها إلى أن توفي بها.
سمع بالبصرة أبا إسحاق إبراهيم بن عطية المقرئ، وأبا الحسن بن المعين الصوفي. وبواسط من أبي الفرج ابن السوادي، وأبي الحسن علي بن المبارك الشاهد، وعبد الرحمن ابن الدجاجي المقرئ. وببغداد من أبي الوقت السجزي، والنقيب أبي جعفر المكي، والشريف أبي المظفر ابن التريكي، وأبي القاسم بن قفرجل، وأبي الفتح بن البطي، وبالكوفة من أبي الحسن بن غبرة الحارثي، وغيرهم. وحدث عنهم؛ سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن مبشر ببغداد من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو إسحاق إبراهيم بن عطية بن علي المقرئ إمام جامع البصرة قراءةً(2/406)
عليه وأنت تسمع بالبصرة في يوم الجمعة مستهل شهر رمضان سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي البانياسي قراءةً عليه، وأنا أسمع ببغداد في سنة إحدى وثمانين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت القرشي، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي إملاءً، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتى تحابوا ألا أخبركم بشيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)).
أنشدنا أبو العباس أحمد بن مبشر لفظاً، قال: أنشدنا أبو إسحاق المقرئ بجامع البصرة، قال: أنشدنا القاضي أبو شجاع أحمد بن الحسن قاضي البصرة، قال: أنشدنا أبو موسى الأندلسي:
محب حوى قلباً من الوجد خافقاً ... ولم يك بالشوق المبرح ناطقا
بلى كان يجري دمعه فوق خده ... إذا دمعه من مقلتيه تسابقا
فلما رأى أن المنايا ترومه ... وعاين إطراق المنايا الطوارقا
تولى ونادى آهٍ من لوعة الهوى ... ومات وما يدري لمن كان عاشقاً
سألت أحمد بن مبشر عن مولده، فقال: في سنة خمس وعشرين وخمس مئة.
وتوفي ببغداد عشية الأحد سابع جمادى الآخرة من سنة تسع وست مئة ودفن يوم الاثنين بالمقبرة المعروفة بالعطافية.
892- أحمد بن مطيع بن أحمد بن مطيع، أبو العباس.(2/407)
من أهل باجسرا، أحد قرى سواد بغداد.
دخل بغداد، وأقام بها، وصحب الشيخ أبا محمد عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وقرأ عليه كتابه المعروف ((بالغنية)) وروى عنه.
حرف النون في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه نصر
893- أحمد بن نصر بن الحسين الأنباري الأصل، أبو العباس الموصلي، يعرف بالدنبلي.
فقيهٌ شافعي، قدم بغداد واستنابه قاضي القضاة أبو الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشهرزوري في القضاء والحكم بحريم دار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- وما يليه وقبل شهادته وأذن للشهود كلهم بالشهادة عنده وعليه فيما يسجله وذلك في يوم الأربعاء رابع جمادى الأولى سنة ست وتسعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبي المظفر المبارك بن حمزة بن علي سبط ابن الصباغ وأبو(2/408)
العباس أحمد بن علي ابن المهتدي بالله الخطيب. وكان حسن المعرفة بالفقه حميد الطريقة، ذا عفةٍ ونزاهةٍ. جالسته كثيراً.
ولم يزل على ولايته إلى أن عزل قاضي القضاة القاسم ابن الشهرزوري في ثاني عشري ذي الحجة سنة سبع وتسعين وخمس مئة، وعزل نوابه، فانعزل، وعاد إلى الموصل، فتوفي بها سنة ثمان وتسعين وخمس مئة فيما بلغنا، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.
894- أحمد بن نصر بن أسعد ابن الخرافي، أبو المعالي المعروف بابن الأصيل.
ممن له تعلق بخدمة الديوان العزيز -مجده الله-.
تولى إشراف ديوان العرض مدةً ونُفِّذ في رسائل إلى خوارزم مراراً. ثم تولى ديوان العرض والنظر في أمور العساكر المنصورة. وكان خيراً، حسن المحاضرة.
خرج في خدمة الديوان العزيز بجماعةٍ من العسكر المنصور نحو بلاد فارس، فتوفي في يوم الخميس ثامن عشري شعبان سنة ثلاث وست مئة.(2/409)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه ناصر
895- أحمد بن ناصر بن عبيد الله الهاشمي، أبو المفاخر بن أبي المنيع المعروف بخولان.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى عنه. روى لنا عنه القاضي عمر القرشي.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي الحافظ، قال: أخبرنا أبو المفاخر أحمد ابن أبي المنيع ويعرف بخولان، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وأخبرناه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي، قال: أخبرنا أبو القاسم ابن الحصين، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ابن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبو كريب الهمداني، قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان الثوري، عن جابر، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، عن علي، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء ويأمر به.(2/410)
قال القرشي: سألت أحمد بن ناصر خولان عن مولده، فقال: أظنه في سنة ثمان عشرة وخمس مئة.
حرف الواو في آباء من اسمه أحمد
896- أحمد بن واثق بن أحمد بن عبيد الله ابن العنبري الشاعر.
من أهل الأنبار.
سمع منه أبو الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري شيئاً من شعره في سنة أربع وتسعين وأربع مئة. وأجاز أحمد هذا بالتاريخ المذكور لأبي منصور ابن الجواليقي، وأبي الفضل محمد بن ناصر. وكتب عنه سعد الخير؛ قرأت ذلك بخطه.(2/411)
حرف الهاء في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه هبة الله
897- أحمد بن هبة الله بن علي، أبو الكرم المالكي.
سمع أبا الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، وقال: سمعت منه في سنة ست وعشرين وخمس مئة.
898- أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد العزيز بن عمر بن إبراهيم ابن الواثق بالله، أبو الفضائل الهاشمي يعرف بابن الزيتوني.
أحد الخطباء، كان يتولى الخطابة بجامع الرصافة.
سمع النقيب أبا الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وأبا المعالي ثابت بن بندار البقال، وغيرهما، وروى عنهم.
سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع، وقبله أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد العلوي الزيدي، وأخوه أبو البركات عمر، وأبو الفرج المبارك بن عبد الله ابن النقور، وأبو سعد ثابت بن مشرف الخباز.
قرأت على أبي البركات عمر بن أحمد بن محمد بن عمر العلوي من أصل سماعه مع أخيه، قلت له: أخبركم أبو الفضائل أحمد بن هبة الله بن أحمد الهاشمي قراءةً عليه وأنت تسمع في يوم الثلاثاء سادس صفر سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عثمان السواق، والقاضي أبو العلاء(2/412)
محمد بن علي الواسطي وغيرهما؛ قالوا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي، قال: حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا الحسن بن صالح بن حي، عن موسى الجهني، عن فاطمة بنت علي، عن أسماء بنت عميس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بعدي نبي)).
قال أبو بكر بن كامل: سألت أبا الفضائل ابن الواثق عن مولده، فقال: في شهر ربيع الأول سنة سبعين وأربع مئة.
وذكر أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع في ((تاريخه)) ومنه نقلت، أن أبا الفضائل هذا توفي يوم الخميس تاسع عشري صفر سنة اثنتين وخمسين وخمس مئة، ودفن بالجانب الشرقي، رحمه الله وإيانا.
899- أحمد بن هبة الله بن محمد ابن البيضاوي، أبو طالب.
سمع أبا المعالي ثابت بن بندار الدينوري، وأبا غالب شجاع بن فارس الذهلي وغيرهما.
سمع منه الشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وغيرهما.
أخبرنا عمر بن علي بن الخضر القرشي في كتابه، قال: قرأت على أبي طالب أحمد بن هبة الله ابن البيضاوي، قلت له: أخبركم ثابت بن بندار، قال:(2/413)
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن الخليل المرجي، قال: حدثنا أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي، قال: حدثنا بشر بن الوليد، قال: حدثنا شريك، عن أبي إسحاق، عن التميمي، عن أبي عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه سينزل علي فيه قرآن)).
قرأت بخط الشريف أبي الحسن الزيدي، قال: توفي أبو طالب ابن البيضاوي يوم الخميس خامس عشري شوال سنة خمس وخمسين وخمس مئة. سمعت منه عن شجاع الذهلي. وكان مع ابن الدامغاني.
900- أحمد بن هبة الله بن محمد بن أحمد بن مسلم الفرضي، منسوب إلى موضع يعرف بالفرضة، أبو عبد الله المقرئ، بضم الفاء.
كان من أهل باب البصرة، وسكن الدسكرة، أحد القرى بنهر الملك. وتولى الخطابة بها إلى حين وفاته.
قرأ القرآن الكريم على أبي ياسر الحمامي، والحسين بن محمد ابن الملاح، وثابت بن بندار. وسمع من أبي الحسن علي بن الحسين بن قريش(2/414)
وروى عنهم، وكان الناس يخرجون إليه ويسمعون منه.
كتب عنه أبو بكر المبارك بن كامل، وأبو الحسن صدقة بن الحسين الواعظ الواسطي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، وأبو الرضا أحمد بن طارق، وروى لنا عنه أبو محمد بن الأخضر.
قرأت على عبد العزيز بن أبي نصر البزاز: أخبركم أبو عبد الله أحمد بن هبة الله الفرضي بقراءتك عليه بالدسكرة في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن قريش، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد ابن عقدة، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن منذر، عن ابن الحنفية، قال: قلت لأبي: من خير الناس بعد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟ قال: عمر. قلت: فأنت؟ قال: أبوك رجلٌ من المسلمين.
901- أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن القاسم الأسدي، أبو المعالي الكاتب يعرف بابن العيني.
روى عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد الأصبهاني، وذكر أنه سمع منه بأصبهان.
وسمع ببغداد من القاضي أبو بكر الأنصاري؛ سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي.(2/415)
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القرشي، قال: قرأت على أبي المعالي أحمد ابن هبة الله العيني بمدينة السلام، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال: حدثنا يونس بن حبيب، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني قتادة، قال: سمعت أنس بن مالك يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثٌ من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يلقى في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، وأن يحب الرجل لا يحبه إلا لله عز وجل)).
قال القرشي: سألت أبا المعالي ابن العيني عن مولده، فقال: في العشرين من جمادى الآخرة من سنة خمس وسبعين وأربع مئة.
902- أحمد بن هبة الله بن عبد القادر بن الحسين المنصوري، أبو العباس بن أبي القاسم الهاشمي.
أحد الشهود المعدلين والخطباء المذكورين، وهو والد شيخنا أبي الفضل عبيد الله وأخيه أبي محمد عبد الله اللذين يأتي ذكرهما، وذكر والده أبي القاسم أيضاً إن شاء الله.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله الفزراني قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه وأنا أسمع في ((تاريخ الحكام)) جمعه، في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم علي بن الحسين الزينبي شهادته وأثبت تزكيته، قال: وأبو العباس أحمد بن(2/416)
هبة الله ابن المنصوري يوم الخميس تاسع عشر شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي بالله الخطيب، وأبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ.
وسمع من أبي الحسن علي بن عبد الرحمن الدينوري وغيره. سمع منه القاضي أبو المحاسن الدمشقي.
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القرشي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن هبة الله بن عبد القادر الخطيب، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الواحد بن أحمد الدينوري، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عمر القزويني. وقرأته على أبي محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب المالكي، قال: أخبرنا أبو الحسن الدينوري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن القزويني، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عقبة بن خالد السكوني، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل وفضل القرج في الغاية.
كان أبو العباس هذا يتولى الخطابة بجامع المنصور، وكان يسكن بباب(2/417)
البصرة، وسكن في آخر عمره الجانب الشرقي بدار الخلافة المعظمة.
وتوفي في أوائل جمادى الآخرة من سنة ثمان وستين وخمس مئة، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة جامع المنصور، رحمه الله وإيانا.
903- أحمد بن هبة الله بن محمد ابن الثقفي، أبو الفتح بن أبي طاهر.
من أهل الكوفة، من بيتٍ معروف بالقضاء والرواية، وهو أخو أبي منصور محمد بن هبة الله الذي قدمنا ذكره.
سمع أبا منصور محمد بن عبد الباقي بن مجالد البجلي بالكوفة، وحدث عنه ببغداد، فيما ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، والله أعلم.
904- أحمد بن هبة الله بن سعد، أبو العباس، يعرف بابن الثخين.
كان يسكن سوق العميد، ويكون مع الفقهاء الحنفية.
سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي.
وذكر عبد الله بن أبي طالب المقرئ أنه روى له عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وقال: توفي في أول رجب سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة.(2/418)
905- أحمد بن هبة الله بن علي بن محمد بن عبد القادر بن محمد الهاشمي، أبو الرضا بن أبي القاسم، يعرف بابن المكشوط، والد أبي المظفر المبارك الذي يأتي ذكره.
سمع أبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وغيره. ولم أظفر بسماعه في حياته، وأجاز لي.
أنبأنا أحمد بن هبة الله ابن المكشوط، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد ابن البناء من لفظه في محرم سنة ست وعشرين وخمس مئة، قال: أخبرني أبي أبو علي الحسن بن أحمد، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن زياد القطان، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، قال: حدثنا عبد السلام بن مطهر، قال: حدثنا موسى بن خلف، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كن في الدنيا كأنك غريب، أو كأنك عابر سبيل، وعد نفسك في أهل القبور)).(2/419)
توفي أبو الرضا ابن المكشوط في صفر سنة سبع وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
906- أحمد بن هبة الله بن العلاء بن منصور المخزومي، أبو العباس بن أبي المعالي يعرف والده بالزاهد، وسيأتي ذكره إن شاء الله.
وأحمد هذا كان أديباً فاضلاً، له معرفةٌ بالنحو، واللغة، والعربية، وأشعار العرب، وغير ذلك.
قرأ على أبي الفضل ابن الأشقر، وعلى أبي محمد ابن الخشاب، ولازمه مدة. وسمع الحديث من أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، والقاضي أبي العباس ابن المندائي، وأبي عبد الله محمد بن خمارتكين عتيق أبي زكريا التبريزي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن هبة الله بن العلاء من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك بن أحمد البندار قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي، قال: حدثنا أحمد بن منيع، قال: شهدت سلمة بن صالح يحدث عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن خيركم(2/420)
من تعلم القرآن وعلمه)).
أنشدني أبو العباس أحمد بن هبة الله الأديب لفظاً، قال: أنشدني الأمير أبو الفوارس سعد بن محمد التميمي لنفسه:
أجنب أهل الأمر والنهي زورتي ... وأغشى أمرءاً في بيته وهو عاطل
وإني لسمحٌ بالسلام لأشعثٍ ... وعند الهمام القيل بالرد باخل
وما ذاك من كبرٍ ولكن سجيةٌ ... تعارض تيهاً عندهم وتساجل
توفي أحمد ابن الزاهد يوم الاثنين ثالث عشر رجب سنة إحدى عشرة وست مئة، وقد نيف على الثمانين، والله أعلم.
حرف لا في آباء من اسمه أحمد
907- أحمد بن لاحق، أبو سعد الإسفراييني.
قدم بغداد فيما ذكر أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، وحدث بها عن أبي السعادات محمد بن محمد الرسولي البغدادي، وذكر أنه قدم عليهم إسفرايين وسمع منه بها. قال أبو بكر: وسمعت منه، والله أعلم.(2/421)
حرف الياء في آباء من اسمه أحمد
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه يوسف
908- أحمد بن يوسف بن غنيمة، أبو العباس.
من أهل الحربية.
سمع أبا العباس أحمد بن علي بن قريش المقرئ، وروى عنه.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا عمر بن أبي الحسن الحافظ، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن يوسف بن غنيمة الحربي، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسن المقرئ قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي. وأخبرناه عالياً أبو طاهر لاحق بن أبي الفضل بن علي الصوفي قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله ابن محمد بن الحصين قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ابن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عصام بن خالد وأبو اليمان، قالا: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة قال: لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو بكر بعده، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قالها عصم مني ماله ودمه إلا بحقه وحسابه على الله .. وذكر الحديث بتمامه.(2/422)
هكذا كان عند القرشي مختصرٌ ومن خطه نقلت.
909- أحمد بن يعقوب بن عبد الله بن عبد الواحد، أبو العباس.
من أهل الجانب الغربي، من محلة المارستان، ويسكن باب البصرة.
سمع أبا المعالي ابن اللحاس وغيره، وروى عنه.
((آخر الجزء الثامن عشر من الأصل))
910- أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن يعقوب بن الحسين ابن المأمون، أبو العباس الهاشمي يعرف بابن الزوال.
وقد تقدم ذكر أخيه أبي تمام محمد، وجماعةٍ من أهله.
كان أولاً أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله- وتولى نقابة نقباء العباسيين والخطابة، والنظر في أمورهم عصر يوم الخميس سابع عشري ذي الحجة سنة ثمان وستين وخمس مئة، وخلع عليه، وكتب عهده بذلك، وسلم إليه، فكان على ذلك إلى أن عزل يوم الجمعة يوم عيد الفطر من سنة خمس وسبعين وخمس مئة. وأعيد إلى ولايته يوم الاثنين ثاني ذي القعدة من السنة المذكورة وهو اليوم الثاني من بيعة سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على كافة الأنام الناصر لدين الله أبي العباس أحمد أمير المؤمنين -خلد الله ملكه- فكان على ولايته إلى أن عزل في رابع عشر صفر من سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة.
سمع شيئاً من الحديث من أبي بكر محمد بن ذاكر الخرقي الأصبهاني لما(2/423)
قدم بغداد حاجاً في سنة تسع وستين وخمس مئة. وما أعلم أنه روى شيئاً.
توفي يوم الأربعاء تاسع عشري صفر سنة تسعين وخمس مئة، ودفن بداره بالجانب الشرقي ثم نقل بعد ذلك.
911- أحمد بن يوسف بن محمد بن يوسف بن خشيش الدقاق، أبو العباس.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا البركات يحيى بن عبد الرحمن بن حبيش الفارقي، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وغيرهما. وحدث عنهم.
سمع منه جماعةٍ من أصحابنا، وأجاز لنا وما لقيته.
توفي في صفر سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.
912- أحمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن الحسين بن أبي بكر، أبو العباس، يعرف بابن القرميسيني، أخو أبو الفتح محمد الذي قدمنا ذكره.
كان أحمد حافظاً للقرآن المجيد وقد سمع من جماعةٍ ببغداد منهم: أبو الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري العطار، وإبراهيم بن سليمان الورداسي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وغيرهم.
واشتغل بالتجارة والأسفار، وطاف ما بين الحجاز، واليمن، والشام،(2/424)
وديار مصر، وخراسان وما وراء النهر وقطعة من بلاد الترك، وغزنة، والهند، وجزائر البحر. وأقام بسرنديب مدةً. وعاد إلى بغداد بعد ثلاثين سنة.
وكان قد سمع في أسفاره من جماعةٍ في بلادٍ متفرقة، منهم: أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري بنيسابور ومن عبد الرحمن بن محمد الكشميهني بمرو وغيرهما.
ولقيناه ببغداد بعد عوده، وكان يحدثنا بعجائب مما شاهد في أسفاره وما رأى في البلاد البحرية وبالهند. وحدث بها عن جماعةٍ. سمعنا منه، وكان سماعه صحيحاً مع أخيه وغيره.
قرأت على أبي العباس أحمد بن يوسف بن علي التاجر من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو الأسعد هبة الرحمن بن أبي سعد بن أبي القاسم القشيري قراءةً عليه وأنت تسمع بنيسابور في خانقاه أبي علي الدقاق يوم الاثنين ثامن عشر شعبان سنة خمس وأربعين وخمس مئة بقراءة أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي الدمشقي، والأصل أيضاً بخطه، فأقر بذلك وعرفه، قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد ابن الحسين السلمي، قال: حدثنا علي بن عمر الحافظ، قال: حدثنا (أحمد ابن) القاسم بن نصر أخو أبي الليث، قال: حدثنا الحارث بن أسد المحاسبي العنزي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا شعبة، عن القاسم بن أبي بزة، عن عطاء الكيخاراني، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله(2/425)
صلى الله عليه وسلم : ((أفضل ما يوضع في الميزان حسن الخلق)).
سمعت أبا العباس أحمد بن يوسف التاجر يقول: رأيت في المنام وأنا ببلاد الهند كأني قرأت في جزءٍ شعراً فحفظت منه هذا البيت:
وسدد إذا أولاك أمراً فإنه ... فإنه إلهٌ بصيرٌ بالعباد نصير
سألت أحمد هذا عن مولده، فقال: ولدت ببغداد في يوم عاشوراء من سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي بالموصل في أواخر جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وخمس مئة، ودفن بها.
913- أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو العباس بن أبي الغنائم بن أبي الحسن يعرف بابن صرما.
من أهل باب الأزج، وقد تقدم ذكر أخيه.
سمع أحمد هذا من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، ومن أبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، ومن أبي الفرج عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيرهم، وروى عنهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن يوسف بن صرما، قلت له: أخبركم القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي الشافعي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي ابن المأمون، قال:(2/426)
أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد الدارقطني، قال: حدثنا أبو محمد يحيى ابن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن زنبور المكي، قال: حدثنا الحارث ابن عمير، عن حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تصدقوا فإن الصدقة فكاككم من النار)).
سألت أحمد بن صرما عن مولده في سنة ست وست مئة فقال: لي من العمر سبعون سنة، فيكون مولده على هذا القول في سنة ست وثلاثين وخمس مئة، والله أعلم.
توفي أحمد بن صرما في سادس عشر شعبان من سنة إحدى وعشرين وست مئة، ودفن من الغد بباب حرب.(2/427)
ذكر من اسمه أحمد واسم أبيه يحيى
914- أحمد بن يحيى بن الحسين، أبو البركات المعروف بالمصباح السقلاطوني.
حدث عن أبي نصر الزينبي في سنة ثلاث وأربعين وخمس مئة.
سمع منه أبو محمد ابن الخشاب، وقال: كان شيخاً صالحاً، سأله عن مولده، فقال: في سنة ستين وأربع مئة.
915- أحمد بن يحيى بن عبد الباقي بن عبد الواحد الزهري، أبو الفضائل يعرف بابن شقران.
وقد تقدم ذكر نسبه عند ذكر ابن أخيه أبي تمام محمد بن أحمد إلى عبد الرحمن بن عوف الزهري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كان فقيهاً شافعياً، أحد المعيدين بالمدرسة النظامية، وواعظاً صوفياً انقطع في آخر عمره برباط بهروز.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا الغنائم محمد بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب وغيرهما. وروى وحدث.
سمع منه إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، والقاضي عمر بن علي القرشي. وروى لنا عنه أبو العباس أحمد ابن منصور الكازروني وغيره.
قرأت على أبي العباس أحمد بن منصور بن أحمد القاضي: أخبركم أبو(2/428)
الفضائل أحمد بن يحيى بن عبد الباقي الزهري بقراءتك عليه ببغداد بالمدرسة النظامية، قلت له: أخبركم أبو الغنائم محمد بن محمد ابن المهتدي بالله، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد القزويني، قال: أخبرنا عمر بن محمد الزيات، قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد، قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا الفضل بن موسى السيناني، عن موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي وزيد بن أسلم، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن نوحاً أوصى ابنه فقال: أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين؛ أوصيك بقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، فإن السماوات والأرض لو جعلتا في كفةٍ لرجحت بها، ولو جعلت في حلقةٍ لفصمتها. وأوصيك بقول سبحان الله وبحمده فإن بها ترزق الخلق وهي صلاة الخلق. وأنهاك عن الشرك فإنه لا يغفر أن يشرك به، وأنهاك عن الكبر فإنه لن يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبةٍ من خردلٍ من كبرٍ. فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله أمن الكبر أن يصنع أحدنا الطعام فيجتمع عليه إخوانه ويلبس الرجل الثوب أو يركب الدابة؟ فقال: لا، إنما الكبر من سفه الحق وغمص الناس.
قال شيخنا أحمد بن منصور: كان أبو الفضائل بن شقران متبحراً في فنون(2/429)
العلم، من كبار المناظرين والمحققين، يرجع إلى دينٍ متينٍ وعبادةٍ. وكان يعظ في شبابه ثم تركه.
أنبأنا عمر بن علي القرشي، قال: توفي أبو الفضائل بن شقران ليلة السبت رابع محرم سنة إحدى وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة درب الخبازين بالجانب الشرقي.
916- أحمد بن يحيى بن عبد الباقي، أبو المظفر بن أبي القاسم الزهري، أخو أبي الفضائل الذي قدمنا ذكره.
سمع أبا المعالي ثابت بن بندار البقال وغيره.
سمع منه القاضي أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي.
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر، قال: أخبرنا أبو المظفر أحمد بن يحيى بن عبد الباقي الزهري بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار بن إبراهيم المقرئ، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين بن بكير، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن ماسي، قال: حدثنا محمد بن عبدوس السراج، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شريك، عن سماك، عن ثعلبة بن الحكم، وقد شهدها، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر ينهى عن المتعة.
917- أحمد بن يحيى بن أبي نصر، أبو منصور البواب، يعرف بابن بونا.(2/430)
من أهل باب الأزج.
سمع أبا إسحاق إبراهيم بن أحمد العاقولي وغيره، وما أعلم أنه حدث بشيءٍ.
ذكر أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي أنه توفي في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وأنه دفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
918- أحمد بن يحيى بن أحمد بن عبيد الله بن هبة الله، أبو المعالي ابن أبي المعمر بن أبي المعالي.
من بيتٍ مذكور بالرواية والعدالة، وسيأتي ذكر أبيه وعمه يونس وابن عمه عبيد الله وأخويه زيد وعبد المنعم ابني يحيى إن شاء الله.
سمع أبو المعالي الكثير، وكتب بخطه الكتب الكبار ((كالطبقات الكبيرة)) لمحمد بن سعد كاتب الواقدي، و((مسند أبي عبد الله أحمد بن حنبل)) و((صحيح)) البخاري ومسلم، وكتاب ((الأغاني)) لأبي الفرج الأصبهاني وغير ذلك من الكتب والأجزاء.
وروى عن أبي الفضل محمد بن ناصر، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبي القاسم نصر بن نصر العكبري، وأبي عبد الله محمد بن عبيد الله ابن الرطبي، والنقيب أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي، وأبي منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، والشريف أبي المظفر محمد بن أحمد ابن التريكي، وأبي المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبي محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وخلقٍ من طبقتهم وبعدهم. وكان ثقةً صحيح(2/431)
السماع، وما أعلم من حاله إلا خيراً. سمعنا منه الكثير، وكتبنا عنه.
قرأت على أبي المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن السري الزاغوني قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر بن علي بن زنبور الوراق، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا أبو موسى عيسى بن حماد زغبة التجيبي، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله الأودي، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((ألا أخبركم بمن يحرم على النار))؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((كل لينٍ هينٍ قريبٍ سهلٍ)).
عدنا أبا المعالي أحمد بن يحيى بن هبة الله في مرضٍ كان أصابه فلما أردنا الانصراف أنشدنا:
وكنت من الشفاء على قنوطٍ ... فكان لقاؤه سبب الشفاء
سألت أبا المعالي هذا عن مولده غير مرةٍ فلم يخبرني به، وقال: ما أحفظه وأظنه كان يكتمه.
وتوفي يوم الخميس بكرة رابع عشر شعبان من سنة ثلاث وست مئة وصلي عليه يوم الجمعة خامس عشر بجامع القصر الشريف، ودفن بالجانب الغربي بمقبرة باب حرب عند أبيه.(2/432)
919- أحمد بن يحيى بن بركة بن محفوظ، أبو العباس يعرف بابن الدبيقي.
ولد بمحلة التوثة المجاورة لمقبرة الشونيزي، وانتقل إلى باب البصرة، وسكنها إلى حين وفاته.
وسمع الكثير بإفادة خاله يحيى بن كنيدا، ثم بنفسه. وصحب أبا بكر أحمد ابن عبد الرحمن الفارسي شيخ رباط الزوزني مدةً، وكان وكيله في نفقة الرباط المذكور والمتولي لجباية وقفه.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبا منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق القزاز، وأبا البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبا الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل المغربي، والشريف أبا السعادات هبة الله بن علي ابن الشجري، وأبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية، وأبا بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، وأبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وغيرهم.
وأفسد أكثر سماعاته بإدخاله فيها ما لم يكن سمعه، وألحق اسمه في مواضع لم يكن اسمه فيها، وحدث عن قومٍ لم يكن سمع منهم، فوضع من نفسه، وظهر كذبه في أشياء. ولقد كان له في الصحيح من سماعه غنية عما ادعاه فإن سماعه في أشياء محققٌ محتج بخطوط الثقات كأبي البقاء بن طبرزد، وعبد المغيث بن زهير، وأزهر السباك وغيرهم. وإنما المتروك ما كان بخطه(2/433)
ونقله -عفا الله عنا وعنه وسامحنا وإياه- سمعنا منه على ما فيه.
قرأت على أبي العباس أحمد بن يحيى ابن الدبيقي من سماعه الصحيح، قلت له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري بقراءة أبي جعفر أزهر بن عبد الوهاب السباك عليه وأنت تسمع في شهر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين وخمس مئة، ومن خط أزهر نقل، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ إملاءً، قال: حدثنا سليمان بن أحمد، يعني الطبراني، قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، قال: حدثنا حسان بن غالب، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأنصار أحبائي وفي الدين إخواني وعلى الأعداء أعواني)).
سألت أحمد ابن الدبيقي عن مولده فقال: في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة، وسأله غيري، فقال: في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة.
وتوفي ليلة السبت عاشر شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وست مئة، ودفن يوم السبت بمقبرة الشونيزي.(2/434)
الكنى في آباء من اسمه أحمد
920- أحمد بن أبي أحمد، يعرف بان العوادة، أبو العباس.
أحد شيوخ الصوفية، وممن يوصف بالصلاح. كان له رباطٌ بباب الأزج قريباً من دجلة ينقطع فيه.
ذكره أبو بكر المبارك بن كامل في ((معجم شيوخه)) وقال: أنشدني:
إن كان قصدك يا سعاد ... قتلي فقد حصل المراد
لا تنكري قتلي فللهجران ... أسيافٌ حداد
وتيقني حقاً سعادٌ ... أن سيجمعنا المعاد
قال علي ابن الطراح، ومن خطه نقلت: توفي أحمد ابن العوادة يوم السبت عاشر ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
921- أحمد بن أبي العز، أبو بكر، يعرف بابن الديك.
من أهل باب البصرة، والد أبي الفتح المبارك الذي يأتي ذكره إن شاء الله.
سمع أبا السعود أحمد بن علي ابن المجلي، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد ابن الطبر الحريري، وغيرهما.
قال محمد بن المبارك بن مشق: توفي ليلة الجمعة سابع عشر شهر رمضان سنة سبع وستين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
922- أحمد بن أبي الفضل بن سالم بن أحمد، أبو العباس المقرئ، يعرف بالشحمي.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف وغيره.(2/435)
وحدث، وروى؛ سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والشريف أبو الحسن الزيدي، والقاضي عمر القرشي، وأبو الخير صبيح بن عبد الله الحبشي، وأبو بكر عبد الله بن أحمد الخباز، وروى لنا عنه، وذكر أنه توفي في حادي عشر محرم سنة ثمان وستين وخمس مئة.
وقال غيره: يوم الجمعة ثاني عشر محرم سنة تسع وستين، والله أعلم بالصواب.
923- أحمد بن أبي الفضل بن علي، أبو العباس المقرئ الضرير الفرطسي.
منسوب إلى فرطس قريةٍ من سواد بغداد.
سمع أبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا الفضل محمد بن ناصر، وغيره.
سمع منه أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي. وروى لنا عنه أبو محمد بن الأخضر.
قرأت على عبد العزيز بن أبي نصر: أخبركم أبو العباس أحمد بن أبي الفضل الفرطسي وغيره، قالوا: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الرحمن العلوي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن البكائي، قال: حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين الوادعي، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن عبد الله ابن المؤمل، عن محمد بن عباد، عن محمد بن قيس بن مخرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات في أحد الحرمين بعثه الله يوم القيامة آمناً)).(2/436)
924- أحمد بن أبي بكر بن عيسى المزين، أبو العباس.
من أهل محلة باب الطاق ومشهد أبي حنيفة رحمه الله. هو ابن عم شيخنا عبد الخالق بن المبارك بن عيسى الذي يأتي ذكره.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وغيره وروى قليلاً. سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي وذكره في ((معجم شيوخه))، وأبو العباس أحمد ابن سلمان الحربي المعروف بالسكر.
وبلغني أنه تغير ذهنه فترك الناس منه السماع، والله أعلم، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
925- أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن بن عبد الصمد بن محمد، أبو الفتح البغدادي.
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان، وسافر إلى الشام، وسكن حلب وحدث بها.
سمع منه الحافظ أبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي، وأبو المحاسن عمر بن علي القاضي هناك.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أحمد بن إبراهيم إذناً وقد سمعت منه، قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن أبي الوفاء البغدادي بحلب، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان ببغداد. وقرأته على القاضي أبي طالب محمد بن علي بن أحمد المحتسب بواسط، قلت له: أخبركم أبو القاسم علي بن أحمد بن بيان(2/437)
قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد في شوال سنة أربع وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا أبو يزيد خالد بن حيان، عن فرات بن سلمان وعيسى بن كثير، كلاهما عن أبي رجاء، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من بلغه عن الله شيءٌ فيه فضيلة فأخذه إيماناً ورجاء ثوابه أعطاه الله عز وجل ذلك وإن لم يكن كذلك)).
926- أحمد بن أبي غالب بن سيحون الأبرودي، أبو العباس المقرئ الضرير يعرف بالحبابيني، منسوب إلى قرية تعرف بالحبابين بدجيل.(2/438)
قرأ القرآن الكريم على الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وسمع منه، ومن أبي الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري وغيرهما. وتفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله على أحمد ابن بكروس وخلفه بعد وفاته في مسجده بدرب القيار.
وتوفي شاباً في يوم الجمعة عاشر رجب من سنة أربع وسبعين وخمس مئة وصلي عليه يوم الجمعة بجامع القصر الشريف، ودفن بباب حرب عن ست وأربعين سنة فيما قال عبد الله بن علي المارستاني.
927- أحمد بن أبي سعد بن أحمد، أبو بكر الإسفراييني الأصل النيسابوري، يعرف بابن شاهبور صاحب ((التفسير)).
سمع بنيسابور أبا عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وأبا محمد عبد الجبار بن محمد الخواري، وأبا نصر محمد بن عبد الله الأرغياني، وغيرهم.
ذكر أبو الفضل إلياس بن جامع الإربلي، ومن خطه نقلت، أنه قدم بغداد حاجاً في ذي القعدة من سنة أربع وسبعين وخمس مئة وروى بها، وأنه لقيه واستجازه.
928- أحمد بن أبي سعد بن أحمد، أبو بكر يعرف بابن الغراف، وأحمد هذا يلقب شيخ الزمان.
من أهل الحربية.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى عنه فيما قال أبو عبد الله محمد بن عثمان العكبري الواعظ، فإنه ذكره في ((معجم شيوخه)) وروى عنه حديثاً وقال: كان له حالٌ ومقالٌ حسنٌ.
ورأيت لشيخ الزمان ذكراً في شيءٍ من رسائل أبي الفرج بن جيا ورسائل قوام الدين أبي طالب بن زبادة يدل على أنه قد كان فيه دعابة، عفا الله عنا وعنه.(2/439)
929- أحمد بن أبي الهياج بن علي، أبو العباس الواسطي.
من أهل قرية تعرف بخسرسابور.
قدم بغداد مع شيخه صدقة بن الحسين بن وزير في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، وحفظ القرآن المجيد.
وسمع ببغداد من الشريف أبي جعفر المكي، وأبي الوقت السجزي، وأبي المظفر ابن التريكي، وجماعةٍ.
وقرأ الأدب على أبي محمد ابن الخشاب، وعلى أبي الحسن علي بن عبد الرحيم ابن العصار، وعلى أبي محمد إسماعيل بن موهوب ابن الجواليقي.
وهو الذي تولى خدمة الفقراء برباط شيخه صدقة بعد وفاته. وكان صالحاً.
توفي في ذي القعدة من سنة تسع وسبعين وخمس مئة، ودفن مع شيخه في الرباط المعروف به بقراح القاضي بالجانب الشرقي.
930- أحمد بن أبي بكر بن المبارك، أبو السعود المعروف بابن الشبل العطار.
من أهل الحريم الطاهري.
شيخٌ مشهورٌ بالصلاح والمعرفة، وله حالٌ حسنةٌ، صحب الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وأخذ عنه طريق المعاملة، وبعده صار المشار(2/440)
إليه في الطريقة. وكان يغلب عليه الرفق وحسن الخلق والبسط. وكان منزله مجتمع الفقراء والصالحين، وله القبول الكبير عند الناس.
سمع من شيخه عبد القادر، ومن أبي المعالي محمد بن محمد ابن اللحاس العطار. وحدث بشيءٍ يسيرٍ على ما قيل.
توفي ليلة الأربعاء عاشر شوال سنة اثنتين وثمانين وخمس مئة، وصلى عليه الخلق الكثير يوم الأربعاء، ودفن بباب حرب، وكان يومه مشهوداً من كثرة الناس.
931- أحمد بن أبي محمد بن أبي القاسم المقرئ، أبو الرضا النجاد، من أهل الجانب الغربي، يعرف بابن العودي.
سمع أبا الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، ومن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، ومن أبي بكر محمد بن جعفر بن مهران الأصبهاني وغيرهم، وحدث عنهم.
سمع منه جماعةٌ من أصحابنا ولم يقدر لي منه سماع وقد كتب لي الإجازة، وكان موصوفاً بالصلاح والخير.
عبر على الجسر يوم الجمعة العشرين من شعبان من سنة سبع وثمانين وخمس مئة فزوحم فوقع في زورق من زواريقه فصادف وجهه خشبة فمات في وقته، وحمل إلى منزله ميتاً، ودفن بباب قطفتا، رحمه الله وإيانا.
932- أحمد بن أبي الفائز بن عبد المحسن، أبو العباس الشروطي.(2/441)
من أهل باب الأزج، يعرف بالكبري، وسألته عن ذلك فقال: هو لقبٌ لجدي عبد المحسن.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهما، سمعنا منه.
قرئ على أبي العباس أحمد بن أبي الفائز من أصل سماعه وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد قراءةً عليه، وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري، قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن المظفر البزاز، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا يوسف بن سعيد، قال: حدثنا حجاج، عن شعبة، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور)).(2/442)
سألت أحمد بن أبي الفائز عن مولده، فقال: ولدت في شعبان سنة ثمان وخمس مئة.
وتوفي في يوم الجمعة سادس عشري جمادى الآخرة سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة.
933- أحمد بن أبي الفضل بن أحمد بن مزروع، أبو العباس المقرئ التاجر.
من أهل الحربية، يعرف بابن الثلاجي، أخو عبد الله بن أبي الفضل الذي يأتي ذكره فكان أحمد الأكبر.
قرأ القرآن الكريم بالقراءات على أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط وغيره، وكان حسن التلاوة.
سمع أبا القاسم بن الحصين، ومن بعده كأبي الوقت السجزي، وغيره. واشتغل بالتجارة، وما أظنه حدث بشيءٍ وإن كان فيسير، ويقال: توفي شاباً.
934- أحمد بن أبي علي بن أحمد بن محمد بن بكري، أبو العباس.
من أهل الحريم الطاهري، من بيتٍ مشهورٍ، وقد روى منهم جماعةٌ.
سمع أبا بكر أحمد بن علي ابن الأشقر الدلال، وروى عنه شيئاً يسيراً على عسرٍ منه. أجاز لي وما لقيته.
سمع منه أحمد بن سلمان المقرئ، وعلي بن عبد السلام المؤدب الحربيان.
935- أحمد بن أبي النجم بن نبهان بن محمد بن عبد الله، أبو سالم القاضي.(2/443)
من أهل أبهر زنجان.
قدم بغداد حاجاً في سنة ثمانين وخمس مئة، فحج وعاد. وروى بها عن أبي بكر أحمد بن محمد الزنجوي إذناً، وذكر أنه أجاز له في سنة إحدى وخمس مئة.
سمع منه بعض أصحابنا، وعاد إلى بلده، وعمر وكبرت سنه، وأجاز لنا ببغداد من بلده.
وبلغني أنه توفي في سنة تسع وتسعين وخمس مئة، والله أعلم.
936- أحمد بن أبي الفتح بن أبي غالب القطيعي، أبو حامد.
كان يسكن باب البصرة.
سمع أبا المعالي أحمد بن منصور ابن المؤمل الغزال، وروى عنه، ولم أظفر بسماعه إلا بعد وفاته. سمع منه جماعةٌ من الطلبة.
توفي بعد سنة ست مئة تقريباً.(2/444)
ذكر من اسمه إبراهيم مرتب على حروف المعجم
937- إبراهيم بن أحمد بن رزق الله الصفار، أبو إسحاق.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى عنه.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق وغيرهما.
أنبأنا عمر بن علي الحافظ، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن رزق الله، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الشيباني، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي التميمي، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني يحيى بن عبدوية، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي رضي الله عنه، قال: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ من أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى آخر الليل.
قال القرشي: سألت إبراهيم بن رزق الله عن مولده، فذكر ما يدل أنه في سنة أربع وتسعين وأربع مئة تقريباً.
وأنبأنا محمد بن أبي طاهر البيع، قال: توفي إبراهيم بن رزق الله الصفار يوم الثلاثاء ثامن عشري جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وخمس مئة وقد(2/445)
قارب التسعين.
هكذا نقلت من خطه. وقال في موضع آخر: توفي في رجب أو شعبان سنة ست وسبعين وخمس مئة، والأول هو الصواب.
938- إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم، أبو إسحاق البزاز، يعرف بابن حسان.
كان شيخنا عبد العزيز بن الأخضر ينكر أنه ابن حسان، بل هو ابن غلام ابن حسان، وهو الصحيح. ومما يدل على ذلك أني رأيت خطه وقد كتب تصحيحاً تحت سماعٍ عليه: وكتب إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم. لم ينسب إلى حسان ولا ذكره.
كان شيخاً صالحاً، حافظاً للقرآن المجيد، دائم القراءة له، كثير التلاوة والدرس، عليه سكينةٌ ووقارٌ، يؤم بالناس في الصلوات بخان البز بالجوهريين.
سمع أبا الدر ياقوت بن عبد الله التاجر مولى ابن البخاري، وأبا بكر أحمد ابن المقرب الكرخي، وغيرهما.
وروى شيئاً يسيراً؛ سمع منه آحاد الطلبة، ونعم الشيخ كان.
توفي في ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
939- إبراهيم بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن شبيل بن أجيفر بن سماك بن مصبح بن فضة من رومي بن تركي بن ثابت بن سلامة بن عامر بن مالك بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو منصور العامري القطان، من أهل البصرة.(2/446)
هكذا رأيت نسبه بخط بعض أصحاب الحديث، وأظنه أملاه عليه.
سمع بالبصرة أبا جعفر الغطريف بن عبد الله السعيداني، وأبا العز طلحة بن علي بن أحمد العامري، وأبا الحسن علي بن عبد الله بن عبد الملك الواعظ، وغيرهم. وحدث بها؛ كتب عنه هناك أبو عمرو عثمان بن إبراهيم بن جلدك الموصلي، وأبو حامد محمد بن الحسن الزنجاني، وغيرهما.
قدم بغداد في سنة ست وتسعين وخمس مئة، وأقام بها إلى أن توفي. وحدث بها عن المذكورين، وغيرهم. كتبنا عنه.
قرأت على أبي منصور إبراهيم بن أحمد بن علي البصري ببغداد بدرب الدواب من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو جعفر الغطريف بن عبد الله بن الحسين السعيداني قراءةً عليه وأنت تسمع بالبصرة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي علي بن أحمد بن علي التستري، قال: حدثنا أبو الحسن عيسى ابن غسان بن موسى البصري، قال: حدثنا أبو القاسم عبد العزيز بن عبد الله الهاشمي، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو(2/447)
مصعب، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((السفر قطعةٌ من العذاب يمنع أحدكم نومه وطعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته من وجهه، فليعجل بالرجوع إلى أهله)).
سألت أبا منصور العامري عن مولده، فقال: ولدت في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة.
وتوفي ببغداد في يوم الثلاثاء ثالث عشري محرم سنة ثمان وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
940- إبراهيم بن بدر بن أبي طالب، أبو إسحاق المقرئ البناري.
منسوب إلى قرية تسمى بنارى من نواحي أبراز الروز من سواد بغداد.
سمع ببغداد أبا الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري، وأبا المعمر المبارك بن عبد العزيز الأنصاري، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي. وحدث عنهم ببعقوبا. سمع منه بها أبو عبد الله محمد بن أبي المكارم الواعظ، وروى عنه بدقوقا.(2/448)
قرأت على محمد بن فضل بن بختيار الواعظ بمنزله بدقوقا، قلت له: أخبركم إبراهيم بن بدر البناري قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا سعد الخير بن محمد بن سهل، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد الدوني، قال: أخبرنا أحمد بن الحسين الكسار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق السني، قال: أخبرنا أحمد بن شعيب النسائي، قال: أخبرنا حميد بن مسعدة وإسماعيل بن مسعود، قالا: أخبرنا بشر بن حميد -كذا في كتاب شيخنا، والصواب بشر عن حميد- قال: ذكر أنس بن مالك أن عمته كسرت ثنية جاريةٍ فقضى نبي الله صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أخوها أنس بن النضر: أتكسر ثنية فلانة، لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنية فلانة. قال: وكانوا قبل ذلك سألوا أهلها العفو والأرش. فلما حلف أخوها وهو عم أنس، وهو الشهيد يوم أحد، رضي القوم بالعفو قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره)).
سمع محمد بن فضل من هذا الشيخ في ربيع الأول سنة ستين وخمس مئة، فتكون وفاته بعد هذا التاريخ.(2/449)
941- إبراهيم بن بركة بن إبراهيم بن علي بن طاقوية البيع، أبو إسحاق.
من أهل باب الأزج.
قرأ القرآن الكريم بشيءٍ من القراءات على أبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبي الفضل أحمد بن الحسن الإسكيف، وعلى غيرهما.
وسمع من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وأبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي النيسابوري، وأبي الفضل عبد الملك بن علي بن يوسف، وغيرهم. وحدث عنهم.
سمعنا منه على تخليطٍ كان فيه، مع صحة سماعه.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن بركة بن طاقوية فيما قرأ عليه أبو بكر محمد ابن موسى الهمذاني المعروف بالحازمي وأنا شاهدٌ، قال له: أخبركم أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد قراءةً عليه وأنت تسمع ببغداد، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيباني، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله السعدي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه، وحسابه على الله عز وجل)).(2/450)
ذكر تميم بن أحمد ابن البندنيجي، فيما قرأت بخطه، أن مولد إبراهيم بن طاقوية في سنة ثلاث وخمس مئة، وأنه توفي ليلة الأحد الخامس والعشرين من ذي القعدة من سنة سبع وثمانين وخمس مئة، ودفن يوم الأحد المذكور بباب حرب.
942- إبراهيم بن تريك بن عبد المحسن بن تريك، أبو إسحاق.
من أهل باب الأزج، أخو أبي الفضل عبد المحسن، وأظنه الأصغر، أعني إبراهيم.
سمع مع أخيه من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى اليسير.
سمع منه أبو العباس أحمد وأبو القاسم ابنا أبي بكر البزاز وغيرهما.
943- إبراهيم بن الحسن بن محمد الغزنوي الأصل الزنجاني المولد والدار، أبو إسحاق.
قدم بغداد وأقام بها للتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه مدةً حتى حصل طرفاً من معرفة المذهب والخلاف. وسمع بها من جماعةٍ منهم: أبو محمد الحسن بن عبد الجبار ابن البردغولي، والكاتبة فخر النساء شهدة بنت(2/451)
أحمد الإبري وأمثالهما. وعاد إلى بلده، وحدث به.
وتوفي قريباً من سنة تسعين وخمس مئة.
944- إبراهيم بن الحسين بن عمر، أبو إسحاق السامري المقرئ.
كان ينزل باب المراتب فيما ذكر القاضي عمر بن علي القرشي، قال: وكان يؤم هناك في مسجدٍ ويقرئ فيه. وحدث في سنة خمس وثمانين وأربع مئة عن أبي الفتح عبد الواحد بن شيطا المقرئ.
945- إبراهيم بن دينار بن أحمد بن الحسن بن حامد بن إبراهيم النهرواني ثم البغدادي، أبو حكيم الفقيه الحنبلي الشيخ الصالح.
كان ينزل بباب الأزج وله هناك مدرسةٌ منسوبةٌ إليه.
تفقه على أبي الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني. وكان حسن المعرفة بالفقه مذهباً وخلافاً، وبالفرائض، متواضعاً، حسن الطريقة، حميد السيرة، جميل الأمر؛ تفقه عليه جماعةٌ، وانتفعوا به.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبا القاسم علي بن محمد بن بيان، وأبا علي محمد بن سعيد بن نبهان، وأبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني، وأبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وغيرهم، وحدث، ودرس وأفتى.
سمع منه القاضي القرشي، وجماعةٌ من طبقته. وروى لنا عند الشيخ أبو الفرج، ابن الجوزي في ((مشيخته)) وغيره.(2/452)
قرأت على الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد، قلت له: أخبركم أبو حكيم إبراهيم بن دينار الفقيه، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب.
وقرأت على أبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد القزاز: أخبركم أبو علي بن نبهان قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الحسين بن دوما، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن نصر الذارع، قال: حدثنا صدقة بن موسى وأحمد بن محمد الأنباري والقاسم بن أحمد؛ قالوا: حدثنا سويد بن سعيد الحدثاني، قال: حدثنا علي بن مسهر، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من عشق وكتم وعف فمات فهو شهيدٌ.(2/453)
أنبأنا الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي، قال: قرأت بخط الشيخ أبي حكيم النهرواني، قال: رأيت فيما يرى النائم شخصاً وسط داري قائماً فقلت له: من أنت فقال:
تأهب للذي لا بد منه ... من الموت الموكل بالعباد
قال شيخنا أبو الفرج: ولد أبو حكيم سنة ثمانين وأربع مئة، وتوفي في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وخمس مئة، ودفن قريباً من بشر الحافي. وكان يضرب به المثل في الحلم والتواضع.
وقال أبو الفرج صدقة بن الحسين الفرائضي: توفي أبو حكيم الفقيه يوم الثلاثاء ثالث عشري جمادى الآخرة من السنة المذكورة بعد الظهر، ونودي بالصلاة عليه يوم الأربعاء، وصلي عليه عند جامع السلطان على شاطئ دجلة، وتقدم في الصلاة عليه الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وحمل إلى مقبرة أحمد، فدفن هناك. وكان عمره أربعاً وسبعين سنة، وكان سليم الصدر.
946- إبراهيم بن دلف بن أبي العز، أبو محمد، بواب جامع القصر الشريف.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي، والنقيب أبا عبد الله أحمد بن علي بن المعمر نقيب الطالبيين، وجماعةً بعدهما، وروى عنهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد إبراهيم بن دلف، قلت له: أخبركم أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر النقيب قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا(2/454)
أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان العباداني، قال: أخبرنا علي بن حرب الطائي، قال: حدثنا قاسم بن يزيد الجرمي، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن عيسى، عن عبد الله بن أبي الجعد، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يزيد في العمر إلا البر ولا يرد القدر إلا الدعاء، وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)).
سألت أبا محمد بن دلف البواب عن مولده، فقال: في شهر رمضان سنة أربع وثلاثين وخمس مئة، وتوفي يوم الخميس رابع عشري صفر سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة بمقبرة الزرادين بالمأمونية.
947- إبراهيم بن سعود بن أحمد بن عياش، بالياء المعجمة من تحتها باثنتين والشين المعجمة، أبو إسحاق المقرئ الوقاياتي.
سمع الكثير، وكان مواظباً على حضور حلق الحديث. سمع أبا منصور أحمد بن عبد الباقي بن بشر العطار، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا(2/455)
الحسن علي بن أحمد الموحد، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، والقاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم، وروى عنهم.
سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، ورفيقه صبيح العطاري، والقاضي عمر بن علي القرشي، وأبو العباس أحمد بن الحسن العاقولي.
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: سألت إبراهيم بن عياش عن مولده فقال: في رابع عشري صفر سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة ببغداد.
وذكر محمد بن عثمان العكبري، ومن خطه نقلت، قال: توفي إبراهيم بن عياش الوقاياتي يوم الجمعة ثاني ذي القعدة من سنة ثمان وستين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
948- إبراهيم بن شنقر بن عبد الله البزاز، أبو إسحاق.
سمع أبا المظفر عبد الملك بن علي الهمذاني، وروى عنه شيئاً يسيراً.
سمع منه محمد بن محمود ابن النجار، ورأيته وما اتفق لي منه سماع.
توفي سنة عشر وست مئة أو نحوها.
949- إبراهيم بن شجاع بن إبراهيم، أبو إسحاق.
من أهل الحريم الطاهري، يعرف بابن مترف.
سمع أبا علي أحمد بن أحمد ابن الخراز السقلاطوني، وروى عنه.
سمع منه بعض أصحابنا، وسألنا عنه فلم نجده، ولم يكن مشهوراً بالرواية.
950- إبراهيم بن عبد الله الصوفي، أبو إسحاق.(2/456)
شيخٌ روى عنه أبو بكر بن كامل في ((معجمه)) وقال: أنشدني:
أتراني عن حبكم أتسلى ... لا قضى ذاك قط، حاشا وكلا
كيف أنساكم وقد أصبح القلب ... لكم منزلاً وأضحى محلا
951- إبراهيم بن عبد الله بن أحمد بن سلامة بن عبيد الله بن مخلد بن إبراهيم بن مخلد الكرخي الأصل، من كرخ جدان لا كرخ بغداد، البغدادي المولد والدار، أبو المظفر بن أبي الفضل بن أبي العباس بن أبي البركات المعروف بابن الرطبي.
القاضي المعدل المحتسب هو وأبوه وجده. من بيت أهل فقهٍ وعدالةٍ وولايةٍ.
شهد أبو المظفر هذا عند قاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد ابن الحديثي يوم السبت رابع ربيع الآخر من سنة سبع وستين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو المظفر أحمد بن حمدي، وأبو جعفر هارون بن محمد ابن المهتدي بالله الخطيب.
وفي يوم الاثنين سابع عشري شوال سنة ثمان وستين وخمس مئة استنابه قاضي القضاة روح بن أحمد المذكور في القضاء والحكم عنه بحريم دار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- ثم أذن له في الإسجال عنه في ثامن عشري ذي القعدة من السنة.
فلم يزل على ذلك إلى أن توفي قاضي القضاة روح المذكور في خامس عشري محرم سنة سبعين وخمس مئة، فرتب نائباً في القضاء من الديوان العزيز عشية الخميس ثامن عشري محرم المذكور. ثم أذن له في إنشاء قضية وسماع بينه(2/457)
بإذن من الإمام المستضيء بأمر الله رضي الله عنه في صفر من السنة المذكورة. فكان ذلك إلى أن ولي قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ثالث عشر ربيع الأول سنة سبعين وخمس مئة فعزله عن القضاء في ثاني عشري الشهر المذكور.
وفي يوم الاثنين عاشر جمادى الآخرة من السنة أيضاً ولي الحسبة بمدينة السلام والقضاء بباب الأزج. ثم عزل عن القضاء بباب الأزج خاصة في سنة سبع وسبعين وخمس مئة، وبقي على الحسبة إلى أن عزل عنها في شوال سنة أربع وثمانين وخمس مئة.
ورتب صاحب خبرٍ بالديوان العزيز -مجده الله- في سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وعزل عنه وأعيد إلى الحسبة يوم الخميس ثاني عشر شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة.
ولما تولى قاضي القضاة أبو الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشهرزوري استنابه في الحكم عنه، وأذن له في الإسجال عنه، وذلك في أواخر شهر رمضان سنة خمس وتسعين، وعزل عن ذلك لما انعزل ابن الشهرزوري في ثاني عشري ذي الحجة سنة سبع وتسعين. وعزل عن الحسبة في أواخر شوال سنة أربع وست مئة.
وكانت له معرفةٌ بصنعة القضاء، وقوانين الحكم، مع عفةٍ فيه ونزاهةٍ.
تفقه على الشيخ أبي طالب المبارك بن المبارك الكرخي صاحب أبي الحسن ابن الخل، وسمع منه شيئاً من الحديث، ومن أبي الحسين عبد الحق بن يوسف، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز وغيرهم. وكان يذكر أن له إجازة من ابن عم أبيه عبد الله محمد بن عبيد الله بن سلامة. وكان عسراً في الرواية يأبى التسميع ويكره القراءة عليه.
سألته عن مولده، فقال: ولدت في شهر رمضان سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة. وتوفي يوم الاثنين ثالث عشر رمضان سنة خمس عشرة وست مئة،(2/458)
ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.
952- إبراهيم بن عبد الرحمن بن مكي بن يوسف البزاز، أبو إسحاق.
شابٌ كان من أهل السوق الجديد، سمع معنا من بعض شيوخنا، وتفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه.
وتوفي قبل أوان الرواية في رجب سنة ست مئة، رحمه الله وإيانا.
953- إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن يحيى ابن الوكيل، أبو إسحاق النقاش.
من أهل الجانب الغربي، كان يسكن نهر القلائين في دربٍ يعرف بدرب شماس.
كان له معرفةٌ بالأدب، ويترسل، ويقول الشعر. كتبنا عنه شيئاً من نظمه.
أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن النقاش على سطح داره بنهر القلائين لنفسه:
وكم في هوى ليلى قتيل صبابةٍ ... ومجنونها المعزى بها العلم الفرد
وما كل من ذاق الهوى تاه صبوةً ... ولا كل من رام اللقا حثه الوجد
وللحب في البلوى شروطٌ عزيزةٌ ... يقوم بها في حلبة الوله الأسد
وأنشدنا إبراهيم بن عبد الرحمن أيضاً لنفسه:
يا خليلي إذا عرستما ... طرة الشيح، بذكري عرضا
عل من أمرض جسمي بعده ... بتدانيه يزيل المرضا
ولئن أنكر قتلي جفته ... بعدما صير قلبي غرضا(2/459)
فقتيل الحب أضحى دمه ... هدراً أبطله من أعرضا
سألت إبراهيم هذا عن مولده، فقال: ولدت في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة بدمشق، وقدمت بغداد في سنة ستين وخمس مئة.
954- إبراهيم بن عبد الرحمن بن الحسين بن أبي ياسر، أبو إسحاق المواقيتي الخياط.
من أهل القطيعة بباب الأزج.
كانت له معرفةٌ بالمواقيت واختلاف الأزمنة ومنازل القمر. سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبا المكارم المبارك بن محمد البادرائي، وغيرهما، وروى عنهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن عبد الرحمن الخياط، قلت له: أخبركم أبو الوقت الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في ((صحيحه))، قال: حدثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة وفي بيته منه شيءٌ. فلما كان العام المقبل قالوا: يا رسول الله نفعل كما فعلنا في العام الماضي؟ قال: كلوا وأطعموا(2/460)
وادخروا، فإن ذلك العام بالناس جهدٌ فأردت أن تعينوا فيها)).(2/461)
955- إبراهيم بن عبد الواحد بن علي، أبو إسحاق يعرف بابن قشارة، موصلي الأصل بغدادي المولد والدار.
كان يسكن بدار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز- نحو باب العامة.
يقال: إنه سمع من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، وحدث عنه.
سمع منه أبو محمد جعفر بن محمد العباسي. وقد رأيت إبراهيم هذا، وما علمت أنه روى شيئاً.
توفي في سنة ثلاث وتسعين وخمس مئة تقريباً.
956- إبراهيم بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي، أبو إسحاق الدمشقي، أخو أبي محمد عبد الغني المقدسي.
قدم بغداد، وأقام بها، وسمع من جماعةٍ منهم: أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب النحوي، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري، وصالح ابن الرخلة، وأبو العز عبد المغيث بن زهير، وأبو محمد يعقوب بن يوسف(2/462)
الحريبان. وعاد إلى بلده وحدث هناك بالكثير. وسمع منه جماعةٌ من أصحابنا.
وتوفي بدمشق في ليلة الخميس سابع عشر ذي القعدة سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن بجبل قاسيون.
957- إبراهيم بن عبد القادر بن أبي صالح الجيلي الأصل البغدادي المولد، أبو إسحاق.
أحد أولاد الشيخ عبد القادر، وفيهم كثرة.
سمع أبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وأبا الوقت السجزي، وطبقتهما. وما أظنه حدث بشيءٍ؛ لاشتغاله بطلب المعاش وغير ذلك.
صار إلى واسط وتوفي بها في سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن بها.
958- إبراهيم بن عبد الأعلى بن أحمد بن مكي، أبو غالب الخطيب.
من أهل واسط، كان أحد العدول بها.
شيخٌ صالحٌ من أبناء الشيوخ الرواة، ويتولى الخطابة بقريةٍ تعرف بالأرحاء قريبة من واسط.
سمع أباه، وأبا الكرم نصر الله بن مخلد الأزدي، والقاضي أبا علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبا الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام البغدادي، وأبا عبد الله محمد بن علي المغازلي، وأبا السعادات المبارك بن الحسين بن نغوبا، وغيرهم، وحدث عنهم بواسط، وكتبنا عنه بها.
قدم بغداد مراراً وروى بها فيما بلغني. وكان ثقةً ديناً.(2/463)
سألته عن مولده فقال: في شعبان سنة ثمان وخمس مئة وتوفي في ليلة الاثنين سادس محرم سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وحضرت الصلاة عليه يوم الاثنين بجامع واسط، ودفن عند أبيه بمقبرة مسجد رحمة بواسط، رحمه الله وإيانا.
959- إبراهيم بن عمر بن إبراهيم، أبو منصور الفيروزآبادي الصوفي.
قدم بغداد، وحدث بها عن أبي جعفر أحمد بن الحسين بن محمد الأنصاري.
ذكر الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن سلفة الأصبهاني أنه سمع منه ببغداد في سنة ست وتسعين وأربع مئة، وأنه حدثه من لفظه برباط الخليفة، وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته عن أهل بغداد)).
960- إبراهيم بن علي بن موسى الطرقي، أبو إسحاق.
من أهل أصبهان.
قدم بغداد، وحدث بها عن أبي علي الحسن بن أحمد الحداد، سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل البغدادي وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه))، رحمهم الله.
961- إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن محفوظ بن منصور بن معاذ السلمي، أبو إسحاق الآمدي الأصل البغدادي المولد والدار، يعرف بابن الفراء، ويلقب الظهير.(2/464)
قرأ القرآن الكريم بشيءٍ من القراءات على البارع أبي عبد الله الحسين بن محمد ابن الدباس، وعلى أبي محمد عبد الله بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط.
وتفقه بالمدرسة النظامية على أسعد بن أبي نصر الميهني، ثم رحل إلى الشيخ محمد بن يحيى إلى نيسابور، فأقام عنده وعلق عنه الخلاف، وعاد بتعليقه، وهو أول من وصل بكلامه.
وسمع الحديث ببغداد من جماعةٍ منهم: أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، والبارع أبو عبد الله ابن الدباس، وجماعةٌ بعدهم. وبنيسابور من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي، وحمزة بن هبة الله الحسني. وحدث ((بصحيح مسلم)) عن الفراوي، وبغيره.
سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي، والحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي. وروى لنا عنه غير واحدٍ. وقد أجاز لنا أيضاً في سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
حدثنا أبو بكر محمد بن موسى بن عثمان الحافظ لفظاً، قال: قرئ على أبي إسحاق إبراهيم بن علي ابن الفراء وأنا أسمع.
قلت: وأخبرناه أبو إسحاق هذا إجازةً، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي قراءةً عليه بنيسابور، قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عيسى الجلودي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال: أخبرنا مسلم بن الحجاج، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا محمد بن(2/465)
فضيل، قال: حدثنا ضرار بن مرة أبو سنان، عن محارب بن دثار، عن عبد الله ابن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاءٍ، فاشربوا في الأسقية كلها، ولا تشربوا مسكراً)).
سمعت أبا طالب عبد الرحمن بن محمد الهاشمي لفظاً يقول: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن علي ابن الفراء يقول: سمعت أبا الفتح عبد الواحد بن الحسن ابن الباقرحي الفقيه يقول: بت ليلةً مفكراً في قلة حظي من الدنيا فرأيت في النوم مغنياً يغني، فالتفت إلي وقال: اسمع أي شيخ:
أقسمت بالبيت العتيق وركنه ... والطائفين ومنزل القرآن
ما العيش في المال الكثير وجمعه ... بل في الكفاف وصحة الأبدان
سمعت غير واحدٍ يذكر إبراهيم ابن الفراء ويصفه بالبلاغة، والتصرف في الكلام، وحسن المحاضرة، وكثرة المحفوظ من الحكايات، وما يحسن إيراده من المجالسات، ومع ذلك كان متهماً بوضع ما يحكيه ويذكره، فمن ذلك ما سمعت شيخنا مجير الدين أبا القاسم محمود بن المبارك البغدادي الفقيه يقول، وقد جرى ذكر إبراهيم ابن الفراء، فقال: كان معنا بالمدرسة النظامية في أيام التفقه، وكان حسن المحاضرة طلق اللسان في المجالس والمحافل، فقلت له يوماً وقد حضرنا عند بعض وزراء الأعاجم في حاجةٍ له فأحسن المفاوضة وأبلغ في القول وأكثر من الحكايات الموصلة إلى بلوغ المقصود حتى قضى الحاجة التي جئنا فيها: لقد أحسنت فمن أين تأخذ هذه الحكايات، من أين تحصلها؟ فنظر إلي متعجباً، وقال: أتحسب أني أنقلها من موضعٍ أو أتحفظها؟ فقلت: وإلا(2/466)
أي شيءٍ؟ فقال: ما هي إلا عمل الوقت. يعني أنه يعملها هو.
ولد إبراهيم هذا في سنة إحدى وخمس مئة. وتوفي ليلة الثلاثاء ثامن عشر محرم سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الثلاثاء بالمدرسة النظامية، وتقدم في الصلاة عليه المدرس بها رضي الدين أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني، ودفن بالجانب الشرقي بالمقبرة المعروفة بالعطافية.
962- إبراهيم بن علي بن غنيمة، أبو الفرج، يعرف بابن البرني.
من أهل الجانب الغربي من محلة دار القز.
شيخٌ صالحٌ على ما يقال.
سمع أبا محمد يحيى بن علي ابن الطراح الوكيل، وروى عنه. سمع منه أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق البيع وأخرج عنه حديثاً في ((مشيخته))، وقال: كان شيخاً صالحاً، رحمه الله وإيانا.
963- إبراهيم بن علي بن يلمش، أبو إسحاق، وقيل: أبو محمد الهمداني.
من أهل الكوفة.
كانت له معرفة بالفقه، تفقه بالكوفة على القاضي محمد ابن اللمغاني الحنفي لما كان بها، وكان زيدياً إلا أنه يفتي على مذهب أبي حنيفة رحمه الله.
قدم بغداد، وأقام بها مدةً فيما حدثني شيخنا أبو منصور محمد بن هبة الله ابن جزنا الكوفي، وكان صاحبه وممن قرأ عليه.
وقال لي غيره: سمع ابن يلمش ببغداد من أبي الفتح عبد الملك بن أبي(2/467)
القاسم الكروخي الهروي وغيره إلا أنه لم يكن يعنى بالرواية ولا اشتهر بها.
قصدته لما دخلت الكوفة مجتازاً للحج في ذي القعدة سنة تسع وسبعين وخمس مئة، واجتمعت به، وسألته عن شيءٍ من مسموعاته لأقرأه عليه، فذكر أنه ليس عنده شيءٌ من مسموعاته، وكأنه كره ذلك، فتركته. ووقفت له على مناظرةٍ جرت بينه وبين النصير الرازي المتكلم على مذهب الإمامية في مسالة الإمامة استدل فيها النصير على مذهبه واعترض عليه ابن يلمش على مذهب الزيدية وأحسنا فيها الكلام.
قال لي ابن جزنا: توفي ابن يلمش بالكوفة في سنة ست وثمانين وخمس مئة، أو سنة سبع، الشك منه.
964- إبراهيم بن علي بن محمد بن بركة الأنصاري، أبو إسحاق المراوحي الصوفي.
رجلٌ خيرٌ كان مخالطاً لأهل الخير والصلاح.
سمع من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، ومعنا من أبي عبد الله الحسين بن يوحن اليمني نزيل أصبهان، وغيرهما. وروى شيئاً يسيراً.
توفي في سنة اثنتين وست مئة فيما بلغني، والله أعلم.
965- إبراهيم بن علي بن محمد بن المبارك بن بكروس، أبو محمد بن أبي الحسن.(2/468)
وقد تقدم ذكر جده وعمه أحمد بن محمد، وسيأتي ذكر أبيه.
اشتغل إبراهيم بالفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله على عمه وعلى أبيه. وسمع الحديث منهما، ومن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي، وغيره.
وشهد عند قاضي القضاة أبي الفضائل القاسم بن يحيى ابن الشهرزوري في يوم الثلاثاء سلخ رجب سنة ست وتسعين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو الفتح محمد بن علي بن سراج وأبو المظفر المبارك بن حمزة بن علي سبط ابن الصباغ. وروى القليل إلا أنه أدخل نفسه فيما لا يليق به فغض من نفسه.
سألته عن مولده، فقال: ليلة الثلاثاء ثامن عشري جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وخمس مئة.
وتوفي يوم الخميس ثامن عشر جمادى الأولى سنة إحدى عشرة وست مئة، ودفن ليلة الجمعة.(2/469)
966- إبراهيم بن علي بن الحسين، أبو إسحاق أخو إسماعيل بن علي المعروف بغلام ابن المني.
تفقه على أخيه إسماعيل، وتكلم في مسائل الخلاف، وسمع شيئاً من الحديث. وكان خيراً، لم يبلغ زمان الرواية.
توفي يوم الأحد ثاني عشري شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وست مئة، ودفن عند أخيه بمقبرة باب حرب.
967- إبراهيم بن عطية بن علي بن طلحة الشافعي، أبو إسحاق المقرئ الضرير.
من أهل البصرة، إمام المسجد الجامع بها.
شيخٌ صالحٌ، ظريفٌ، كثير المحفوظ. سمع بالبصرة من قاضيها أبا عمر محمد بن أحمد ابن النهاوندي، وغيره.
قدم بغداد في سنة إحدى وثمانين وأربع مئة. وسمع بها من أبي عبد الله مالك بن أحمد البانياسي، وعاد إلى بلده، وحدث عنه، وعن غيره، وبورك له في العمر والرواية؛ فحدثنا عنه جماعةٌ منهم: أبو الحسن علي بن الحسن العبدي المعروف بابن المعلمة، وأخوه لأمه أبو منصور سعيد بن علي بن محاوش البصريان، وأبو سعد أحمد بن إبراهيم الدرزنجاني نزيل البصرة كلهم بواسط، وأبو العباس أحمد بن مبشر ابن زيد المقرئ ببغداد.
قرأت على أبي العباس أحمد بن مبشر بن زيد من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو إسحاق إبراهيم بن عطية بن علي البصري قراءةً عليه وأنت تسمع(2/470)
بجامع البصرة يوم الجمعة مستهل المحرم سنة خمسين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي المالكي قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد بسوق الوراقين في المحرم سنة إحدى وثمانين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت القرشي في رجب سنة خمس وأربع مئة، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، إملاءً، قال: حدثنا الحسين بن الحسن المروزي بمكة، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك والفضل بن موسى، قالا: حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((نعمتان المغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ)).
أنشدني أبو منصور سعيد بن علي بن أحمد المالكي من حفظه، قال: أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن عطية الشافعي بالبصرة لبعضهم:
ودعته والغرام يسلمني ... من حر نار الجوى إلى الهلكه
فقال لما قبلت وجنته ... ومقلتي بالدموع منسفكه
إن كنت تخشى من الفراق فقد ... شويت في حر ناره سمكه
أنشدني أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن يحيى المؤدب قدم علينا من البصرة، قال: أنشدني أبو إسحاق إمام جامع البصرة بها لبعضهم:
أتدري ما يريد بك العذول ... أتعلم ما يريد بما يقول
يريدك أن تموت بحسن مس ... ولكن فعله فعلٌ جميل
968- إبراهيم بن القاسم الخزاز، أبو إسحاق.
أحد شيوخ أبي بكر المبارك بن كامل الخفاف. روى عنه في ((معجمه)) بيتين من الشعر غير مستقيمي الوزن. لم أر له ذكراً في غير ذلك.(2/471)
969- إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو طاهر الفقيه الشافعي.
من أهل الجزيرة، والد أبي القاسم عبد القاهر الذي يأتي ذكره.
قدم بغداد في سنة أربع وأربعين وخمس مئة، وأقام بها للتفقه بالمدرسة النظامية، وحصل طرفاً صالحاً من الفقه. وسمع بها الحديث من أبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري، وأبي الحسن علي بن أحمد اليزدي، وغيرهم. وعاد إلى بلده في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، فدرس، وحدث، وروى إلى حين وفاته. وكان موصوفاً بالفضل والصلاح.
مولده يوم السبت ثالث عشري محرم سنة أربع عشرة وخمس مئة.
وتوفي بالجزيرة ليلة الخميس خامس محرم سنة سبع وسبعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.(2/472)
970- إبراهيم بن محمد بن أحمد بن حمدية العكبري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو طاهر بن أبي عبد الله البيع، أخو أبي منصور عبد الله الذي يأتي ذكره.
سمع الكثير بإفادة أبيه في صباه ثم بنفسه. وكتب بخطه عن جماعةٍ منهم: أبو القاسم بن الحصين، وأبو السعود ابن المجلي، وأبو غالب محمد بن الحسن الماوردي، وأبو بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبو القاسم هبة الله بن عبد الله الشروطي الواسطي، وأبو القاسم زاهر بن طاهر النيسابوري، وأبو سهل محمد بن إبراهيم بن سعدوية الأصبهاني، والقاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم. وحدث بالكثير. سمعنا منه وكتبنا عنه، وكان سماعه صحيحاً.
قرأت على أبي طاهر إبراهيم بن محمد بن حمدية من أصل سماعه، قلت له: حدثكم الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين إملاءً من لفظه يوم الجمعة سلخ ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة بعد الصلاة بجامع القصر الشريف، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ قراءةً عليه وأنا أسمع في سنة سبع وثلاثين وأربع مئة، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي في سنة ست وستين وثلاث مئة، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل، قال: حدثني أبي رحمه الله، قال: حدثنا سفيان، عن يحيى، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقاص، قال: سمعت عمر رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنية ولكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله تعالى فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه)). أخرجه البخاري عن الحميدي، وهو(2/473)
أبو بكر عبد الله بن الزبير القرشي، عن سفيان هذا، وهو ابن عيينة.
أخبرنا أبو طاهر بن أبي عبد الله البيع قراءةً عليه، وأنا أسمع قيل له: أخبركم أبو السعود أحمد بن علي بن أحمد الواعظ قراءةً عليه وأنت تسمع في جمادى الأولى من سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن ابن المأمون، قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، قال: أنشدني أبو علي البلدي الشاعر لقيس ابن الملوح مجنون بني عامر:
لئن نزحت دارٌ بليلى لربما ... غنينا بخيرٍ والديار جميع
ففي النفس من وجدٍ إليك صبابةٌ ... وفي القلب من شوقٍ إليك صدوع
سألت أبا طاهر بن حمدية عن مولده فقال: في حادي عشر شعبان من سنة عشر وخمس مئة.
وتوفي يوم الخميس ثالث عشري صفر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة بعد أخيه أبي منصور بعشرين يوماً، ودفن بباب حرب.
971- إبراهيم بن محمد بن أحمد ابن الصقال الطيبي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو إسحاق الفقيه الحنبلي، أخو أبي القاسم نصر الذي يأتي ذكره.
كان ينزل بباب الأزج، وكان أحد الشهود المعدلين؛ قبل شهادته قاضي القضاة أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدامغاني في ولايته الثانية قبل وفاته(2/474)
بأسبوع، أعني قاضي القضاة، وزكاه العدلان أبو محمد عبيد الله بن محمد ابن الساوي، وأبو البقاء أحمد بن علي بن كردي وذلك في يوم السبت حادي عشري ذي القعدة من سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة.
تفقه على القاضي أبي يعلى محمد بن محمد ابن الفراء، وعلى أبي حكيم النهرواني. وكانت له معرفةٌ حسنةٌ بالحساب والفرائض وقسمة التركات.
وسمع من أبي العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد، ومن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، ومن أبي بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، ومن أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ومن النقيب أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي، وغيرهم. وروى عنهم. سمعنا منه، وكان ثبتاً صالحاً.
قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن محمد ابن الصقال من أصل سماعه، قلت له: قرأت على أبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن السري المعروف بابن الزاغوني، فأقر به، قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن علي بن زكري، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن بشران، قال: حدثنا أبو علي الحسين ابن صفوان البرذعي، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قال: حدثنا محمد بن إدريس، قال: حدثني بشر بن محمد الواسطي، قال: حدثنا خالد بن محدوج أبو روح، عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: اللهم اجعلني ممن توكل عليك فكفيته، واستهداك فهديته، واستنصرك فنصرته.(2/475)
سألت أبا إسحاق ابن الصقال عن مولده، فقال: في سنة خمس وعشرين وخمس مئة تقريباً.
وتوفي في آخر نهار الاثنين ثاني ذي الحجة من سنة تسع وتسعين وخمس مئة، وصلينا عليه يوم الثلاثاء عند المنظرة بسوق الطعام من باب الأزج، وحمل إلى الجانب الغربي، فدفن بباب حرب.
972- إبراهيم بن محمود بن نصر بن حماد، أبو إسحاق بن أبي المجد المعروف بابن الشعار الحراني الأصل البغدادي المولد والدار هو وأبوه، وسيأتي ذكر أبيه.
كان شاباً فاضلاً عني بطلب الحديث وسماعه وكتبته من صباه إلى أن توفي، مع صلاحٍ كان فيه، ودينٍ كان يشتمل عليه، ومعرفةٍ حسنةٍ به.
أسمعه والده في صغره من أبي منصور بن خيرون، وأبي عبد الله ابن السلال، وأبي الفضل الأرموي، وأبي الكرم ابن الشهرزوري، وأبي الفضل بن ناصر، وأبي بكر ابن الزاغوني، وأبي الوقت السجزي.
وسمع هو بنفسه من خلقٍ كثيرٍ من أهل بغداد وممن قدمها، وبالكوفة، ومكة شرفها الله، فمن أهل بغداد: أبو القاسم نصر بن نصر العكبري الواعظ، وأبو منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين، والشريف أبو المظفر أحمد بن أحمد التريكي الخطيب، وأبو عبد الله سعيد بن الحسين بن شنيف، وأبو المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبو محمد محمد بن أحمد ابن المادح التميمي، وجماعةٌ من أصحاب أبي القاسم ابن البسري وعاصم بن الحسن المقرئ وطراد الزينبي والحسين بن طلحة النعالي وأبي الحسين ابن الطيوري ومن بعدهم.
ولحرصه وطلبه سمع من أقرانه مثل الشريف أبي الحسن الزيدي، ورفيقه أبي الخير صبيح بن عبد الله العطاري، وأبي الخطاب عمر بن محمد العليمي(2/476)
الدمشقي وأمثالهم.
وحدث بشيءٍ قليل بالنسبة على ما سمع وكتب؛ سمع منه الشريف الزيدي، وصبيح العطاري، وغيرهما من أقرانه ومن الطلبة.
سمعت الحافظ أبا بكر محمد بن موسى الحازمي يذكر إبراهيم ابن الشعار ويثني عليه ويصفه بالحفظ والمعرفة وحسن الطريقة، وكان يقول: لو عاش إلى سن الشيخوخة ما كان يماثله أحدٌ من أقرانه، هذا أو ما يشبهه من القول، رحمهما الله.
ذكر أبو الفرج صدقة بن الحسين الفقيه الحنبلي في ((تاريخه)) أن إبراهيم ابن الشعار توفي يوم الخميس سابع شهر رمضان من سنة أربع وستين وخمس مئة، قال: وكان شاباً حسناً، قد قرأ القرآن، وسمع الحديث، وصلي عليه بالمدرسة النظامية، ودفن بمقبرة درب الخبازين، يعني بالجانب الشرقي.
قال غيره: وكان قد نيف على الثلاثين، وكان أبوه حياً، رحمهما الله وإيانا.
973- إبراهيم بن محمود بن سالم بن مهدي، أبو محمد المقرئ، يعرف والده بالخير.
من أهل باب الأزج.
قرأ القرآن الكريم بالقراءات على جماعةٍ من الشيوخ، ولقن جماعةً.(2/477)
سمع خديجة بنت أحمد بن الحسن النهرواني، والكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد بن الفرج الإبري، وجماعةً آخرين، وحدث عنهم، وأقرأ.
سمع منه جماعةٌ من الطلبة من هذا الزمان، وهو دينٌ، لا بأس به.
((آخر الجزء التاسع عشر من الأصل وأول العشرين))
974- إبراهيم بن المبارك بن إبراهيم بن مختار بن تغلب ابن السيبي الدقاق، أبو إسحاق بن أبي محمد.
وسيأتي ذكر أبيه وأخيه أبي القاسم عبيد الله إن شاء الله. كان إبراهيم أكبر من أخيه عبيد الله.
سمع من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيره. وكان خيراً.
توفي شاباً قبل سن الرواية يوم الثلاثاء ثاني عشر شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
975- إبراهيم بن المبارك بن عبيد الله بن الحسن، أبو إسحاق بن أبي نزار.
سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، وأبا القاسم نصر ابن نصر العكبري الواعظ، وروى عنهما. سمعنا منه.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي نزار البزاز قراءةً عليه وأنا أسمع برباط بهروز، قيل له: أخبركم أبو القاسم نصر بن نصر بن يونس قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، قال: حدثنا أحمد بن نصر بن بجير، قال: حدثنا علي بن سليمان، قال: حدثنا(2/478)
المعافى، قال: حدثنا القاسم بن معن، عن مسعر، عن قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله تجاوز لأمتي عما وسوست به أنفسها ما لم تعمل به، أو تكلم به)).
توفي إبراهيم هذا في يوم الثلاثاء ثامن عشري ذي الحجة سنة تسع وست مئة، ودفن يوم الأربعاء بباب حرب.
976- إبراهيم بن المظفر بن إبراهيم بن محمد بن علي، أبو إسحاق بن أبي منصور الواعظ البغدادي الأصل الموصلي المولد والدار، يعرف بابن البرني.
كان والده من أهل الحربية، وسكن الجانب الشرقي، وسيأتي ذكره.
قدم إبراهيم بغداد مراراً وأقام بها، وسمع بها من جماعةٍ منهم: أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبو بكر عبد الله بن محمد ابن النقور، وأبو علي أحمد بن محمد ابن الرحبي، وأبو جعفر أحمد بن عبد الله بن يوسف، وطبقتهم، ومن بعدهم.
وقرأ الوعظ على الشيخ أبي الفرج ابن الجوزي، وتكلم فيه. وعاد إلى(2/479)
الموصل، وحدث بها، وبسنجار. كتبت عنه بالموصل في السفرة الثانية.
قرأت على أبي إسحاق إبراهيم بن المظفر بن إبراهيم الواعظ بمسجده بسكة أبي نجيح بالموصل من كتابه الذي سمعه، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان بقراءتك عليه ببغداد، فأقر بذلك وعرفه، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي الفراء، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى ابن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجلٍ وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الحياء من الإيمان)).
سألت إبراهيم بن المظفر عن مولده فقال: ولدت بالموصل في ثاني عشر ذي الحجة سنة ست وأربعين وخمس مئة.
977- إبراهيم بن مسعود بن حسان، أبو إسحاق الضرير النحوي الملقب بالوجيه الذكي.
من أهل الرصافة، وجده حسان يعرف بالشاعر.
وكان إبراهيم هذا من أكثر أهل زمانه محفوظاً، وأتمهم فهماً للنحو، وأحسنهم معرفةً به مع صباه. حفظ أكثر الكتب الصغار المصنفة فيه، وأتى على ((كتاب)) سيبويه إلا يسيراً منه، ومرض مرضه الذي مات فيه فتركه، وغير ذلك من أشعار العرب. وكان سريع الحفظ، ثابت الذهن، وحاضر الجواب.(2/480)
قرأ على شيخنا مصدق بن شبيب النحوي وغيره، وكان شيخنا يراجعه في أشياء تشكل عليه، وكان مشهوراً في فنه، معترفاً له بالفضل والمعرفة.
توفي شاباً في يوم الثلاثاء عاشر جمادى الأولى سنة تسعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم الأربعاء، ودفن بالمقبرة المعروفة بالمالكية المنسوبة إلى أحمد ابن مالك الخزاعي، قريبةٍ من الرصافة، وعمره على ما قيل سبع وعشرين سنة وثلاثة أشهر.
978- إبراهيم بن مسعود بن علي ابن الدسكري، أبو إسحاق، أحد الحجاب بالديوان العزيز -مجده الله-.
كان متديناً يصحب الصالحين، ويخالط أهل الخير. سمع شيئاً من الحديث من جماعةٍ من شيوخنا ومعنا.
توفي في سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، والله أعلم.
979- إبراهيم بن معالي المقرئ، أبو إسحاق.
شيخٌ روى عنه أبو بكر بن كامل في ((معجمه)) وقال: أنشدني أبياتاً لأبي العز بن هرمز منها:
كل شيءٍ فيه جدته ... فخطوب الدهر تخلقه
عجبٌ للمال يحرمه ... ذو الحجى، والغمر يرزقه
دع هواها عنك إذ نزحت ... فهواها ليس تصدقه
980- إبراهيم بن محاسن، أبو إسحاق القضاعي الشاعر.
بلغني أن أصله من قصر ابن قضاعة، وهو بغدادي.(2/481)
ذكره أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي فيما ذيله على تاريخ صدقة بن الحسين، فقال: حفظ القرآن، وقرأ الأدب، وقال الشعر اللطيف، وتوفي في شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
981- إبراهيم بن محاسن بن شاذي بن عبد الله، أبو إسحاق.
شابٌ من أهل سوق الثلاثاء.
طلب الحديث، وسمعه من جماعةٍ منهم: أبو الفرج ضياء بن بدر مولى ابن غوادي، وأبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بن أبي حبة، وأبو القاسم ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب ابن الصابوني، وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، وأبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب وجماعةٌ من أمثالهم.
وسافر إلى الشام وسمع بدمشق من أبي طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي، والقاسم بن علي بن عساكر وغيرهما.
ورحل إلى مصر وسمع هناك من أبي عبد الله محمد بن سعيد المأموني الصوفي وغيره.
وعاد إلى دمشق وتوفي بها في ليلة الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرة سنة أربع وست مئة ودفن هناك.
982- إبراهيم بن نصر بن يوسف بن الحسين بن غيلان، أبو إسحاق ابن أبي غالب.
من أهل باب الأزج.(2/482)
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه. وأبوه تولى القضاء بباب الأزج مدةً يسيرة، وسيأتي ذكره.
وإبراهيم هذا شهد عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه في كتاب ((تاريخ الحكام)) تأليفه في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته وأثبت تزكيته، قال: وإبراهيم بن نصر بن يوسف بن غيلان السيبي في يوم الثلاثاء رابع ذي القعدة من سنة سبع عشرة وخمس مئة، وزكاه أبو تمام محمد بن محمد ابن الزوال، وأبو الفوارس منصور بن هبة الله ابن الموصلي.
قال القاضي أبو العباس: وتوفي في ربيع الآخر سنة ثمان عشرة وخمس مئة.
وقال غيره: يوم سادس عشري الشهر المذكور، رحمه الله وإيانا.
983- إبراهيم بن نصر بن عسكر، أبو إسحاق.
من أهل الموصل.
تفقه على القاضي أبي عبد الله الحسين بن نصر بن خميس الموصلي، وسمع منه.
قدم بغداد، وسمع بها من جماعةٍ، وعاد إلى بلده، وتولى قضاء السلامية، أحد قرى الموصل. وروى بإربل عن أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي شيئاً من مصنفاته، سمعه منه ببغداد، سمع منه جماعةٌ من أهلها.(2/483)
984- إبراهيم بن هبة الله بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق الخياط يعرف بابن البتيت.
من أهل باب الأزج، وسكن نهر معلى.
سمع أبا الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، وأبا إسحاق إبراهيم ابن أحمد بن مالك العاقولي، وأبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي، وأبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني.
واشتغل بالتجارة، وسافر الكثير، وأقام بأخرةٍ بمصر إلى حين وفاته، وحدث هناك.
سمع منه جماعةٌ من أهلها والواردين إليها وما أعلم أنه روى ببغداد شيئاً، لأنه خرج منها قديماً.
بلغنا أنه توفي بمصر في رمضان سنة خمس وست مئة، والله أعلم.
985- إبراهيم بن أبي البركات، أبو إسحاق التنيسي.
قدم بغداد فيما ذكر المبارك بن كامل في ((معجم شيوخه)) وقال: أنشدني في سنة أربع عشرة وخمس مئة لأبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري من قصيدةٍ له:
يا ظبيةً علقتني -في تصيدها- ... أشراكها وهي لم تعلق بأشراكي
رعيت قلبي وما راعيت حرمته ... فلم رعيت وما راعيت مرعاك
أتحرقين فؤاداً قد حللت به ... بنار حبك عمداً وهو مأواك
سكنته حين لم يسكن به سكنٌ ... وليس يحسن أن تسخي بسكناك
ما بال داعي غرامي -حين يأمرني ... بأن أكابد حر الوجد- ينهاك(2/484)
وما غدا القلب ذا يأسٍ وذا طمعٍ ... يرجوك أن ترحميه ثم يخشاك
986- إبراهيم بن أبي الحسن بن عباس، أبو إسماعيل، يعرف بمعتوق.
شيخٌ أجاز لنا في سنة ست وثمانين وخمس مئة، وكتب عنه أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي الإجازة لنا، وأظنه من أهل باب الأزج.
سمع أبا القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن ابن البناء، رحمه الله وإيانا.
ذكر من اسمه إسماعيل مرتبٌ على حروف المعجم في الآباء
987- إسماعيل بن أحمد، أبو سعد الواعظ.
من أهل طوس.
قدم بغداد في سنة خمس عشرة وخمس مئة، وتكلم بها في الوعظ، واتفق أنه كان السلطان محمود بن محمد السلجوقي ببغداد في هذه السنة، فوصله نعي جدته فقعد للعزاء بدار المملكة، وتكلم أبو سعد هذا يومئذٍ عنده وعزاه، ووعظ وحضر خلقٌ كثيرٌ.
988- إسماعيل ابن الإمام أحمد المستظهر بالله ابن الإمام المقتدي بأمر الله أبي القاسم عبد الله. وإسماعيل هذا أخو الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنهم.
كان موصوفاً بالقوة وشدة الخلق.
توفي في خلافة ابن ابن أخيه الإمام المستضيء بأمر الله ابن الإمام(2/485)
المستنجد بالله ابن الإمام المقتفي لأمر الله رضي الله عنهم في شهر ربيع الآخر من سنة تسع وستين وخمس مئة، وحمل إلى الرصافة فدفن بالترب الشريفة.
989- إسماعيل بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن موسى بن إبراهيم بن موسى ابن المأمون ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أبو محمد الهاشمي، يعرف بسبط عبد السيد.
كان يسكن الكرخ.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وروى عنه. سمع منه القاضي عمر القرشي، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن أحمد بن محمد سبط عبد السيد بقراءتي عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد ابن العلاف، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد ابن بشران، قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن سلمان النجاد، قال: قرئ على الحسن بن مكرم وأنا أسمع، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا كثير بن زيد، قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: ما سمعت ابن عمر لعن إنساناً قط، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعاناً)).
990- إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الله الشيرازي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو محمد.(2/486)
من ساكني درب القيار، أخو الحافظ أبي يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي، وإسماعيل الأسن.
كان صوفياً بالرباط الأرجواني بدرب زاخي.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري المعروف بقاضي المارستان، وأبا محمد يحيى بن علي ابن الطراح المدير، وأبا القاسم إسماعيل ابن أحمد ابن السمرقندي، وأبا سعد أحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن البغدادي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم الصوفي، قلت له: أخبركم أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد ابن النقور، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، قال: أخبرنا ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: صوم عرفة كفارة سنتين: سنته وسنةٍ ماضية)).
وقرأت على أبي محمد إسماعيل بن أحمد الصوفي، قلت له: أخبركم القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المعروف بابن بشران، فيما كتب إلينا بخطه في رجب سنة سبع وخمسين وأربع مئة، قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن عبيد بن الفضل، قال: أنشدنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: أنشدنا أبو العباس المفرد:
لا تبك في أثر مول عنك منصرفٍ ... بين السماء وبين الأرض أبدال(2/487)
الناس أكثر من أن لا ترى خلفاً ... ممن زوى وجهه -عن وجهك- المال
ما أقبح الوصل يدنيه ويبعده ... بين الخليلين إكثارٌ وإقلال
سألت إسماعيل هذا عن مولده، فقال: في صفر سنة أربع وعشرين وخمس مئة.
وتوفي يوم الأحد ثامن عشري شهر رمضان من سنة ست مئة، ودفن بمقبرة الشونيزي بالجانب الغربي.
991- إسماعيل بن أحمد بن سعيد، أبو الفداء الكاتب، يعرف بابن الباسيسي.
أحد المتصرفين في الأشغال السلطانية، وله ترسلٌ وكتابةٌ، ويقرض الشعر.
روى شيئاً من شعره، وكتب عنه.
توفي بواسط من سنة ثلاث عشرة وست مئة.
992- إسماعيل بن إبراهيم بن سعود بن أحمد بن عياش الوقاياتي، أبو محمد بن أبي إسحاق، وقد تقدم ذكر أبيه.
سمع إسماعيل من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، ومن غيره.
وتوفي شاباً قبل سن الرواية، وما أعلم أنه حدث بشيءٍ، رحمه الله وإيانا.
993- إسماعيل بن إبراهيم بن محمد الشهرستاني الأصل البغدادي المولد والدار، أبو محمد الصوفي.(2/488)
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبا بكر عبد الله بن محمد ابن النقور البزاز، وأبا القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأبا محمد عبد الله بن منصور ابن الموصلي، والنقيب أبا عبد الله أحمد بن علي ابن المعمر العلوي وجماعة آخرين. وحدث عنهم ببغداد، والموصل، وإربل، كتبنا عنه.
قرأت على أبي محمد إسماعيل بن إبراهيم بن محمد الصوفي، قلت له: أخبركم النقيب أبو عبد الله أحمد بن علي بن المعمر الطاهر، وأبو محمد عبد الله بن منصور بن هبة الله الموصلي، وأبو الحسن علي بن محمد بن الحسن ابن كنكلة الكوفي، قراءةً على كل واحدٍ منهم وأنت تسمع، فأقر به، قالوا: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي المقرئ، قال: حدثنا أبو القاسم زيد بن علي بن أبي بلال المقرئ، قال: حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد ابن يونس، قال: حدثنا عاصم بن محمد، قال: حدثني واقد بن محمد، عن أبيه، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((بني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت)).
994- إسماعيل بن إبراهيم بن فارس بن مقلد السيبي الأصل البغدادي المولد، أبو إبراهيم.
من أهل الأزج.(2/489)
سمع الكثير بإفادة أبيه من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، وأبي الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي، وأبي محمد عبد الله ابن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط.
خرج من بغداد قديماً وسكن دنيسر، وحدث بها؛ وسمع عليه هناك جماعةٌ من الطلبة والواردين إلى هناك ومن أهلها وما حدث ببغداد بشيءٍ لأنه خرج في صباه.
بلغنا أنه توفي في سنة خمس عشرة وست مئة، والله أعلم.
995- إسماعيل بن الحسين بن عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن حسنون النرسي، أبو منصور بن أبي عبد الله بن أبي محمد بن أبي نصر بن أبي طاهر.
من بيتٍ كان منهم جماعةٌ من أهل الرواية والعدالة، وسيأتي ذكر أبيه وجده في هذا الكتاب إن شاء الله.
سمع إسماعيل هذا من جده أبي محمد، وروى عنه. كتبنا عنه أحاديث.
قرئ على أبي منصور إسماعيل بن الحسين بن عبد الله ابن النرسي وأنا أسمع، قيل له: أخبركم جدك أبو محمد عبد الله بن أحمد بن هبة الله قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الصوفي، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، قال: حدثنا حمزة بن محمد بن العباس، قال: حدثنا محمد بن عيسى المديني، قال: حدثنا شعيب بن(2/490)
حرب، قال: حدثنا شعبة بن الحجاج، قال: حدثنا محل الضبي، قال: سمعت عدي بن حاتم حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة، فإن لم تجدوا فبكلمةٍ طيبةٍ)).
سئل أبو منصور ابن النرسي وأنا أسمع عن مولده فقال: في شعبان من سنة خمس وخمسين وخمس مئة.
996- إسماعيل بن حمزة بن المبارك الطبال، أبو البركات.
من أهل باب الأزج، والد أحمد الذي قدمنا ذكره.
شيخٌ مسن، لم يسمع في صباه. روى عن أبي حكيم إبراهيم بن دينار الفقيه النهرواني، وأبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السراج. سمع منه بعض الطلبة.
توفي ليلة الأربعاء تاسع عشر جمادى الآخرة من سنة سبع وست مئة، ودفن يوم الأربعاء بباب حرب، وقد بلغ أربعاً وثمانين سنة أو خمساً وثمانين.
997- إسماعيل بن سعد الله بن محمد بن علي بن حمدي، أبو محمد بن أبي البركات.(2/491)
من بيت ذوي رواية وعدالةٍ حدث منهم غير واحدٍ، وكلهم ثقةٌ صدوقٌ.
سمع إسماعيل هذا أباه، وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبا الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري، وأبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي، وأبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الهروي الكروخي، وأبا المعالي الفضل بن سهل الإسفراييني الحلبي، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى الصوفي السجزي، وغيرهم. وروى الكثير، وأضر في آخر عمره. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد إسماعيل بن سعد الله بن حمدي من أصل سماعه قلت له: أخبركم أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أبي مسلم الفرضي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري، قال: حدثنا بشر بن مطر الواسطي قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي هذا)).
مولد إسماعيل بن حمدي في سنة ثلاثين وخمس مئة تقريباً، والله أعلم.
وتوفي يوم الخميس رابع عشري جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة بباب حرب.
998- إسماعيل بن صاعد بن محمد، أبو القاسم الواعظ.
من أهل بخارى، سكن أصبهان.(2/492)
وكان فقيهاً حنفياً واعظاً، قدم بغداد في سنة خمس عشرة وخمس مئة وتكلم بها في الوعظ، وكان فيها مقبولاً، جلس بدار السلطان محمود، وحضر عنده الأعيان والعلماء؛ ذكر ذلك القاضي عمر بن علي القرشي، وقال: كان له يوماً مشهوداً.
999- إسماعيل بن عبد الرحمن بن عبد السلام بن الحسن بن اللمغاني، أبو يوسف الفقيه الحنفي، والد شيخينا يوسف وعبد السلام.
كان يسكن محلة مشهد أبي حنيفة رحمه الله، وكان أحد فقهاء أصحاب أبي حنيفة والشهود المعدلين، قبل شهادته قاضي القضاة أبو القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرناه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله المقرئ قراءةً عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه وأنا أسمع في ((تاريخ الحكام بمدينة السلام)) تأليفه في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته وأثبت تزكيته، قال: أبو يوسف إسماعيل بن عبد الرحمن ابن اللمغاني يوم الثلاثاء العشرين من ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وخمس مئة، وزكاه العدلان أبو القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبو منصور إبراهيم بن محمد بن سالم الهيتي. قال القاضي أبو العباس المذكور: وتوفي يوم السبت سابع شعبان سنة ست وثلاثين وخمس مئة، ودفن بمقبرة الخيزران المجاورة لمشهد أبي حنيفة، رحمه الله وإيانا.
1000- إسماعيل بن عبد الملك بن مسعود بن علي الدينوري، أبو القاسم بن أبي الفرج.
أحد الشهود المعدلين هو وأبوه وأخوه محمد وقد تقدم ذكره، وسيأتي(2/493)
ذكر أبيه.
شهد إسماعيل هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم الزينبي فيما ذكر القاضي أبو العباس ابن المندائي بالإسناد المتقدم يوم الثلاثاء رابع عشر ذي الحجة سنة ثلاث عشرة وخمس مئة، وزكاه الشريف أبو تمام محمد بن محمد ابن الزوال الهاشمي والقاضي أبو العباس أحمد بن سلامة ابن الكرخي الرطبي.
1001- إسماعيل بن عبد الدائم بن عبد الصمد الرحبي الأصل، أبو منصور المقرئ البغدادي الخياط.
سمع أبا عبد الله الحسين بن علي بن أحمد الخياط سبط الشيخ أبي منصور، وروى عنه. سمع منه جماعة من أصحابنا، وما اتفق لي سماعٌ منه، وقد رأيته وأجاز لي.
توفي يوم الجمعة رابع عشري شهر ربيع الأول سنة ست وتسعين وخمس مئة، ويقال: إن مولده في سنة إحدى وعشرين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
1002- إسماعيل بن علي بن بركات، أبو الفضل الغساني التاجر يعرف بابن البجاوي.
من أهل دمشق. كان يذكر أنه من ولد يحيى بن يحيى الغساني صاحب مالك بن أنس رحمه الله.(2/494)
قرأ القرآن الكريم ببلده على أبي الوحش سبيع بن المسلم، وأبي قيراط صاحب أبي علي الأهوازي. وسمع بها من الشريف أبي القاسم النسيب، وغيره.
قدم بغداد في سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، وأقرأ بها القرآن الكريم بشيءٍ من القراءات. قرأ عليه بها أبو العباس أحمد بن عبد الملك باتانة، وأبو الفتح عبد الوهاب من بزغش العيبي وغيرهما. وعاد إلى دمشق، وتوفي بها.
1003- إسماعيل بن علي بن إبراهيم، أبو الفضل بن أبي الحسن يعرف بالجنزوي.
من أهل دمشق، أحد شيوخها والعدول بها. تفقه بها على جمال الإسلام(2/495)
أبي الحسن علي بن المسلم السلمي، وعلى أبي الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي، وسمع منهما، ومن الحسين بن حمزة ابن الشعيري.
وشهد عند قاضيها في شعبان سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة فيما أخبرنا القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي في كتابه، قال: وتولى كتابة الحكم بها في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة. وقدم بغداد في سنة أربع عشرة وخمس مئة، وأقام بها. وسمع بها من أبي علي الحسن بن إسحاق الباقرحي، ومن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن السمرقندي، ومن أبي الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني، ومن أبي البركات هبة الله بن علي ابن البخاري، ومن أبي نصر أحمد ابن عبد القاهر الطوسي، ومن أبي السعود أحمد بن علي ابن المجلي. ثم عاد إلى دمشق فأقام بها. وقدمها مرة ثانيةً في سنة ثمان وعشرين وخمس مئة فسمع بها من أبي القاسم هبة الله بن أحمد ابن الحريري، وابن أخيه أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبي منصور محمد ابن عبد الملك بن خيرون، وجماعة. وسمع بالأنبار من خليفة بن محفوظ الأنباري. وعاد إلى بلده وحدث به وروى. ثم عاد إلى بغداد، وقد علت سنه في أوائل سنة ست وستين وخمس مئة، وحدث. آخر ما ذكر أبو المحاسن الدمشقي.
قلت: وحدثنا عنه الشيخ أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر، وذكر لنا أنه سمع منه ببغداد. وقد أجاز لنا إسماعيل هذا وكتب إلينا بذلك خطه من دمشق في سنة أربع وثمانين وخمس مئة.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك من كتابه، قلت له: أخبركم أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الدمشقي قدم عليكم، فأقر به، قال: أخبرنا الحسين بن حمزة الشعيري، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت الخطيب، قال: حدثنا محمد بن أحمد البزاز، قال: حدثنا أحمد بن(2/496)
كامل، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي، قال: حدثنا أبو صالح، عن الليث، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن سالم، عن ابن عمر، عن حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له)).(2/497)
كتب إلينا أبو الفضل إسماعيل بن علي هذا عقيب إجازته لنا يذكر أن مولده في سنة ثمان وتسعين وأربع مئة. وأنبأنا الحافظ عمر بن علي القرشي، قال:(2/498)
مولد إسماعيل الجنزوي في ليلة الثلاثاء الرابع من ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وأربع مئة بدمشق.
توفي الجنزوي بدمشق في سلخ جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وخمس مئة.
1004- إسماعيل بن علي بن عبيد الله، أبو الفداء الواعظ.
من أهل الموصل، يعرف بابن عبيد.
شيخٌ ظريفٌ من سراة الناس. سمع الكثير ببلده وبغيره، وسافر الكثير إلى العراق، والشام، وديار مصر.
قدم بغداد غير مرةٍ. وسمع بها من أبي الوقت السجزي، وغيره. وكان قد سمع من الحافظ أبي طاهر بالإسكندرية، وعاد إلى الموصل، وحدث بها، وكتب إلينا بالإجازة منها مرات.
أنبأنا أبو الفداء إسماعيل بن علي بن عبيد، قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنا أسمع ببغداد برباط الشيخ أبي النجيب السهروردي في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي. قلت: وأخبرناه أبو العلاء محمد بن علي بن محمد بن الحسن الصوفي قراءةً عليه في آخرين، قالوا: حدثنا أبو الوقت، قال: أخبرنا الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري في ((صحيحه))، قال: حدثنا سليمان ابن حرب، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: سمعت أبا وائل يحدث عن(2/499)
عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ)).
سئل ابن عبيد عن مولده فذكر أنه ولد في سنة أربع وعشرين وخمس مئة.
1005- إسماعيل بن علي بن علي، أبو عبد الله بن أبي تراب القطان، يعرف بابن وكاس.
سمع أبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا عبد الله محمد بن أحمد الديباجي الواعظ، وروى عنهما. سمعنا منه.
قرأت على أبي عبد الله إسماعيل بن علي، قلت له: أخبركم أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حسنون النرسي قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم موسى بن عيسى السراج، قال: حدثنا محمد بن أحمد السوانيطي، قال: حدثنا يوسف بن سعيد المصيصي، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني زياد أنه أخبره ثابت مولى عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير)).(2/500)
توفي إسماعيل هذا في ليلة الثلاثاء سابع عشري شوال سنة ست مئة، وقد أناف على الثمانين، ودفن بمقبرة رأس المختارة بالجانب الشرقي.
1006- إسماعيل بن علي بن الحسين، أبو محمد بن أبي الحسن ابن أبي عبد الله الفقيه الحنبلي، يعرف بغلام ابن المني.
من أهل باب الأزج، وسكن المأمونية.
تفقه على أبي الفتح نصر بن فتيان ابن المني، وحصل له معرفةٌ حسنةٌ بالفقه والجدل، وتكلم في مسائل الخلاف، ودرس بعد شيخه أبي الفتح المذكور في مسجده بالمأمونية. وكانت له حلقة للمناظرة بجامع القصر الشريف وصنف جدلاً وتعليقاً. وكان حسن الكلام والفتوى.
سمع الحديث من شيخه المذكور، ومن أبي محمد لاحق بن علي بن كاره، ومن الكاتبة شهدة بنت الإبري وغيرهم. وروى القليل.
سألته عن مولده فذكر أنه ولد في صفر سنة تسع وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الثلاثاء من شهر ربيع الآخر من سنة عشر وست مئة، وصلي عليه عشية اليوم المذكور، ودفن بداره ثم نقل بعد ذلك إلى مقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.(2/501)
1007- إسماعيل بن علي بن ياتكين الجوهري، أبو محمد.
سمع أبا القاسم هبة الله بن الحسن الدقاق، وأبا الفتح المعروف بابن البطي، ويحيى بن ثابت، وغيرهم، وروى عنهم. سمع منه أصحابنا.
1008- إسماعيل بن علي بن يوسف الحميري، أبو الطاهر.
من أهل المهدية، أوائل بلاد الغرب.
قدم بغداد وأتيناه بها، وكان فيه فضلٌ، وله معرفةٌ بالأدب، وقد ترسل وقال الشعر. سمع معنا، وكتبنا عنه أناشيد له ولغيره.
أنشدني أبو الطاهر إسماعيل بن علي المهدوي ببغداد من لفظه لبعض المتقدمين:
لي حبيبٌ يحب شدوي وقولي ... وله عند ذاك وجهٌ صفيق
إن تغنيت قال: أحسنت حبي ... وبأحسنت لا يباع الدقيق
وأنشدني أيضاً لنفسه في جاريةٍ صور على خدها بغاليةٍ صورة حية:
تبدت لنا من جانب السجف غادةٌ ... لها الشمس وجهٌ والكواكب خال
فقلت: وقد لاح الهلال بوجهها: متى طلعت شمس الضحى وهلال؟
الهلال الأول من أسماء الحية، والهلال الثاني هلال الأفق، والله أعلم.
1009- إسماعيل بن الفضل بن إسماعيل، أبو القاسم بن أبي عامر.
من أهل جرجان، قدم بغداد في سنة عشر وخمس مئة، وحدث بها عن أبي محمد عبد الرحمن بن سعيد السعيدي، وعن أبي علي الحسن بن علي بن الطيب الباخرزي الشاعر.(2/502)
سمع منه جماعةٌ منهم: أبو بكر المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجمه))، وأبو المعالي محمد بن الحسن بن حمدون، وأبو محمد الحسن بن علي بن يعيش البيع، وغيرهم.
قرأت على أبي سعد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي بن حمدون الكاتب من أصل سماعه، قلت له: أخبركم والدك قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن الفضل بن إسماعيل الجرجاني قدم علينا بغداد قراءة عليه وأنا أسمع في صفر سنة عشر وخمس مئة بالمسجد المعلق المقابل لباب النوبي المحروس، قيل له: أخبركم أبو محمد عبد الرحمن بن سعيد بن محمد السعيدي، قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن الغطريف، قال: حدثنا أبو خليفة الفضل بن الحباب، قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن أبي جهضم مولى ابن سالم، عن عبيد الله بن العباس من ولد العباس، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسباغ الوضوء، ونهانا، ولا أقول نهاكم، أن نأكل الصدقة، ولا ننزي حماراً على فرس.
1010- إسماعيل بن فضائل بن عبد الباقي بن مكي، أبو عبد الرحمن.
من أهل الحربية.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، والقاضي أبا بكر محمد ابن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهما. كتبنا عنه.
قرأت على أبي عبد الرحمن إسماعيل بن فضائل بالحربية غربي بغداد،(2/503)
قلت له: أخبركم الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قراءةً عليه وأنت تسمع في سنة اثنتين وعشرين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا موسى بن هارون بن عبد الله، قال: حدثنا كامل بن طلحة، قال: حدثنا الليث بن سعد، عن عقيل ابن خالد، عن ابن شهاب، قال: أخبرني حمزة بن عبد الله، عن عبد الله بن عمر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بينا أنا نائم أتيت بقدح لبنٍ فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب. قالوا: فما أولته يا رسول الله؟ قال: العلم)).
توفي إسماعيل بن فضائل الحربي يوم الجمعة سادس شعبان سنة خمس وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب، رحمه الله وإيانا.(2/504)
1011- إسماعيل بن محمد بن يحيى بن مسلم الزبيدي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو عبد الرحمن.
من أهل الحريم الطاهري.
قدم أبو بغداد وسكنها إلى حين وفاته، وولد ابنه إسماعيل هذا بها، ولإسماعيل أخوة يأتي ذكرهم إن شاء الله.
سمع من أبيه، ومن أبي بكر أحمد بن علي الدلال المعروف بابن الأشقر، وما أعلم أنه روى شيئاً، لأنه توفي شاباً يوم الاثنين ثامن شوال سنة ست وستين وخمس مئة، ودفن بمقبرة جامع المنصور.
1012- إسماعيل بن محمد بن محمد بن يوسف الفاشاني، أبو الفتح.
من أهل مرو، وفاشان أحد قراها.
قدم بغداد في سنة ثمان وأربعين وخمس مئة، وسمع بها من جماعةٍ منهم: أبو الفتح محمد بن علي بن عبد السلام الكاتب، وعاد إلى بلده، وسمع هناك من تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني وغيره، وحدث به.
وكتب إلينا بالإجازة منه في سنة إحدى وتسعين وخمس مئة، وحدثنا عنه ببغداد أبو عيسى المروروذي.(2/505)
قرأت على أبي عيسى محمد بن عيسى بن أحمد الحاكم قدم علينا حاجاً، قلت له: أخبركم أبو الفتح إسماعيل بن محمد بن محمد الفاشاني بمرو، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن علي بن عبد السلام الكاتب ببغداد بمنزله في شهر رمضان سنة ثمان وأربعين وخمس مئة بقراءتي عليه قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم منصور ابن النعمان بمصر، قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي، قال: حدثنا أبو يعلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي بنيسابور، قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن بلال البزاز، قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).
ولد أبو الفتح الفاشاني على ما قيل في سنة ثلاث وعشرين أو أربع وعشرين وخمس مئة. وتوفي يوم الخميس حادي عشري شوال سنة تسع وتسعين وخمس مئة فجاءةً.
1013- إسماعيل بن محمد بن علي بن عبد العزيز ابن السمذي، أبو محمد.(2/506)
من أهل الحريم الطاهري.
سمع القاضي أبا بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي، وأبا محمد يحيى بن علي ابن الطراح الوكيل، وأبا منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبا البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، وعمه أبا المكارم المبارك بن علي بن السمذي، وأبا بكر أحمد بن علي ابن الأشقر، وأبا محمد المبارك بن بركة الكندي وروى عنهم.
سمع منه جماعةٌ من أصحابنا وما قدر لي السماع منه، وقد أجاز لي.
أنبأنا إسماعيل بن محمد ابن السمذي، قال: أخبرنا عمي أبو المكارم المبارك بن علي بن عبد العزيز قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الصريفيني. وقرأته على أبي شجاع عبد الملك بن أبي الفتح الأبريسمي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو المكارم المبارك بن علي ابن السمذي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا أبو محمد الصريفيني إملاءً، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي، قال: حدثنا عبد الله بن داود، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروة، عن قتادة، عن سعيد ابن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: ((أنت مني بمنزلة هارون من موسى)).(2/507)
توفي إسماعيل ابن السمذي يوم الخميس خامس عشر صفر سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.
1014- إسماعيل بن محمد بن محمد بن الحسين، أبو النجح بن أبي الفضل البزاز.
من ساكني درب صالح بسوق الثلاثاء. كان والده أحد فقهاء الحنفية، وقد قدمنا ذكره.
سمع أباه، وأبا عبد الله الحسين بن الحسن المقدسي، وأبا الفضل محمد ابن عمر الأرموي، وأبا صابر عبد الصبور بن عبد السلام الهروي وغيرهم سمعنا منه.
قرأت على أبي النجح إسماعيل بن أبي الفضل الحنفي بحانوته بسوق الثلاثاء، قلت له: أخبركم والدك أبو الفضل محمد بن محمد بن الحسين قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن دوست العلاف، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد إملاءً، قال: قرئ على يحيى بن(2/508)
جعفر بن أبي طالب وأنا أسمع، قال: حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن أبي موسى، قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يلحق بهم؟ قال: ((المرء مع من أحب)).
توفي أبو النجح في ليلة الأحد تاسع عشر شهر رمضان سنة سبع وست مئة، وصلي عليه يوم الأحد بالمدرسة النظامية، ودفن بباب حرب.
1015- إسماعيل بن محمد بن خمارتكين بن عبد الله، أبو الفتح ابن أبي عبد الله.
كان جده خمارتكين مولى أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي وعتيقه، وقد تقدم ذكر أبيه محمد.
سمع إسماعيل أباه، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وغيرهما. سمعنا منه.
قرأت على أبي الفتح إسماعيل بن محمد بن خمارتكين، قلت له: أخبركم أبو الوقت الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع بالمدرسة النظامية ببغداد، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، قال: حدثنا يحيى بن قزعة، قال: حدثنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن(2/509)
الخطاب، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((العمل بالنية، وإنما لامرئٍ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
سألت إسماعيل بن خمارتكين عن مولده، فقال: في سنة اثنتين وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم السبت خامس ربيع الأول سنة عشرين وست مئة، ودفن بباب حرب.
1016- إسماعيل بن المبارك بن محمد بن مكارم، ويقال: محمد ابن المبارك بن سكينة الأنماطي، أبو الفرج بن أبي المظفر.
من أولاد المحدثين، وسيأتي ذكر أبيه.
سمع إسماعيل من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، ومن أبيه، ومن تمني بنت علي بن عليان البواب، وغيرهم. وروى شيئاً يسيراً.
توفي بإربل في جمادى الآخرة من سنة ثلاث وست مئة، ودفن بها.
1017- إسماعيل بن المظفر بن علي بن محمد بن زيد بن ثابت، أبو محمد بن أبي الغنائم، يعرف بابن المنجم الشروطي.
من أهل الكرخ، كان يسكن بدرب أبي خلف.
سمع أبا عبد الله محمد بن محمد ابن السلال، وأبا المكارم المبارك بن(2/510)
علي ابن السمذي، وأبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر، وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وغيرهم. وروى عنهم، سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد إسماعيل بن المظفر ابن المنجم بجامع المنصور، قلت له: أخبركم أبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد الوراق قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن وشاح بن عبد الله مولى الزينبي، قال: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى الوزير، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا كامل بن طلحة، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة)).
سألت إسماعيل ابن المنجم عن مولده، فقال: ولدت في سنة اثنتين وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي في أواخر شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وخمس مئة.
1018- إسماعيل بن المظفر بن هبة الله الدباس، أبو محمد يعرف بابن الأقفاصي.
من ساكني درب فراشا.
سمع أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي، وروى عنه شيئاً من أماليه. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد إسماعيل بن المظفر الدباس من أصل سماعه، قلت له: حدثكم أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد إملاءً، فأقر به وعرفه، قال:(2/511)
أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن البسري البندار قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا عبد الجبار بن عاصم، قال: حدثني عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت الأنصاري، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيتٍ من بيوت الله ليقضي فريضةً من فرائض الله عز وجل كانت خطاه إحداهما تحط خطيئةً والأخرى ترفع درجةً)).
قال ابن ناصر: انفرد بإخراجه مسلم فرواه عن إسحاق بن منصور الكوسج وزكريا بن عدي، كليهما عن عبيد الله بن عمرو.
سألت إسماعيل بن المظفر هذا عن مولده، فقال: في ليلة الثلاثاء رابع عشري رجب سنة إحدى وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الاثنين ثاني رجب سنة خمس عشرة وست مئة.
1019- إسماعيل بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، أبو محمد بن أبي منصور اللغوي.
شيخٌ فاضلٌ، له معرفةٌ بالأدب، حافظٌ للقرآن الكريم، وقورٌ، صاحب سكينةٍ وسمتٍ حسنٍ وطريقةٍ حميدة.
كان له خدمةٌ واختصاصٌ بدار الخلافة المعظمة في أيام الإمام المستضيء بأمر الله، ويؤم بباب الحجرة الشريفة.(2/512)
قرأ الأدب على أبيه، وسمع منه، ومن أبي القاسم هبة الله محمد بن الحصين، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي المعروف بابن صهر هبة، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وغيرهم.
وأقرأ الناس بعد أبيه، وحدث. سمع منه أبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، والقاضي أبو المحاسن عمر بن علي الحافظ الدمشقي، وأبو القاسم المبارك بن أنوشتكين السيدي، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود الجنابذي، وخلقٌ كثيرٌ. وأجاز لنا في سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
أنبأنا أبو محمد إسماعيل بن موهوب ابن الجواليقي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين. وقرأته على القاضي أبي الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي بواسط وعلى أبي الحسن علي بن محمد بن يعيش الأنباري ببغداد، قلت لهما: أخبركما أبو القاسم هبة الله بن الحصين قراءةً عليه، فأقرا به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم، قال: حدثنا علي بن عياش، قال: حدثنا شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله: كان الآخر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار.(2/513)
أخبرنا أبو محمد بن أبي منصور اللغوي في كتابه، قال: قرئ على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ ونحن نسمع، قيل له: أنشدكم أبو(2/514)
غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي المعروف بابن بشران الواسطي فيما كتب به إليكم، فأقر به، قال: أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الرفاعي وما رأيت قط أعلم منه، قال: أنشدنا أبو الطيب عبد الغفار بن عبيد الله الحضيني، قال: أنشدنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد نفطوية:
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً ... إن بر عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من أرضاك ظاهره ... وقد أجلك من يعصيك مستترا
سمعت الشيخ أبا محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر وقد ذكر أبا محمد ابن الجواليقي هذا فأثنى عليه ووصف سمته ووقاره وحسن طريقته، فقلت له: كيف كان من أبيه وقد كان أبوه موصوفاً بمثل ذلك، فقال: كان أفضل من أبيه، يعني في النسك والوقار ونحو ذلك.
أنبأنا عمر بن علي الحافظ، قال: سألته، يعني إسماعيل ابن الجواليقي، عن مولده فقال: في شعبان سنة اثنتي عشرة وخمس مئة.
وتوفي يوم الجمعة بعد العصر الخامس عشر من شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة، وصلي عليه يوم السبت سادس عشرة بجامع القصر الشريف، وحمل إلى الجانب الغربي، فدفن بباب حرب عند أبيه.
1020- إسماعيل بن مفروح بن عبد الملك بن إبراهيم الكناني، أبو العرب الباديسي المغربي، منسوب إلى بلدة بالمغرب تسمى باديس.
شابٌ فاضلٌ، كانت له معرفة حسنة بعلم الكلام والأدب، وله شعرٌ جيدٌ.(2/515)
قدم بغداد، وأقام بها، وتكلم مع جماعةٍ من أهلها في علم الكلام، وجالس العلماء، وناظر، وانحدر منها إلى واسط، ولقيته بها، وسمعت منه قصائد من شعره، وأناشيد لغيره، وصار منها على البصرة وتستر، وعاد إلى بغداد، ثم توجه إلى بلده، فأدركه أجله قبل وصوله إليه، ويقال: قتل في طريقه، والله أعلم.
1021- إسماعيل بن نصر بن نصر بن علي بن يونس، أبو محمد ابن أبي القاسم الواعظ، يعرف بابن العكبري.
من أهل درب البصريين بسوق الثلاثاء، من أولاد الشيوخ المذكورين بالوعظ والرواية.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبا سعد أحمد بن عبد الجبار ابن الطيوري، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين وأباه، وغيرهم. وروى عنهم؛ سمع منه القاضي عمر القرشي ومن في طبقته، وأجاز لنا.
أنبأنا أبو محمد إسماعيل بن نصر ابن العكبري، قال: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي. وأخبرناه أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الحسين بن علي ابن محمد بن الحسن بن محمد بن يزداد العبدي بقراءتي عليه في آخرين، قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور؛ قالا جميعاً: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر ابن محمد الحربي السكري، قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الجبار الصوفي، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه،(2/516)
عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله، وأحبوا أهل بيتي لحبي)).
أنبأنا عمر بن علي القرشي، قال: سألت إسماعيل ابن العكبري عن مولده، فقال: في رجب سنة خمس مئة. وتوفي يوم السبت تاسع شوال سنة خمس وسبعين وخمس مئة، ودفن بمقبرة درب الخبازين بالجانب الشرقي.
1022- إسماعيل بن هبة الله بن أبي نصر بن أبي الفضل، أبو محمد بن أبي القاسم.
من أهل الحربية، يعرف بابن دقيقة، أخو عبد الرحمن بن هبة الله الذي يأتي ذكره إن شاء الله.
سمع إسماعيل من أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف، ومن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، ومن أبي البدر إبراهيم بن محمد الكرخي، وغيرهم. سمعنا منه.
قرئ على أبي محمد إسماعيل بن هبة الله الحربي بها وأنا أسمع، قيل له: أخبركم أبو البدر إبراهيم بن محمد بن منصور الكرخي قراءةً عليه وأنت(2/517)
تسمع، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، قال: حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)).
توفي إسماعيل بن أبي القاسم هذا يوم الخميس يوم عاشوراء من سنة خمس وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
1023- إسماعيل بن أبي سعد بن علي بن محمد، أبو الحسن البناء.(2/518)
من أهل أصبهان، يعرف بطاهرينة.
قدم بغداد حاجاً في سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وحدث بها عن فاطمة بنت محمد بن أحمد البغدادية، فسمع منه أبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي وجماعةٌ. وقد أجاز لنا طاهرينة هذا من أصبهان وكتب إلينا خطه.
عاد إسماعيل هذا بعد حجه إلى بلده، وكان في سنة تسعين وخمسين مئة حياً، وتوفي بعد ذلك بقليل.
ذكر من اسمه إسحاق
1024- إسحاق بن محمد بن أحمد الجنزي، أبو إبراهيم الصوفي.
قدم بغداد في سنة تسع وثلاثين وخمس مئة، وحدث عن أبي البركات عبد الله بن محمد الفراوي النيسابوري، فسمع منه أبو بكر المبارك بن كامل الخفاف، وأبو الفتح يوسف بن محمد التنوخي الدمشقي. وكان أبو البركات حياً يومئذٍ.
1025- إسحاق بن موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، أبو طاهر بن أبي منصور.
أخو إسماعيل الذي قدمنا ذكره، وكان إسحاق الأصغر، شرك أخاه في(2/519)
أكثر مسموعاته من شيوخه مثل أبي القاسم بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي النيسابوري، وإسماعيل ابن أحمد ابن السمرقندي، وأبيهما، وغيرهم.
وحدث بالقليل؛ سمع منه القاضي عمر القرشي وجماعةٌ من أقرانه.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو طاهر إسحاق بن موهوب ابن الجواليقي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وأخبرناه أبو الحسن علي بن محمد بن علي سبط ابن الدامغاني في آخرين بقراءتي، قالوا: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد الكاتب قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، قال: أخبرنا محمد بن غالب، قال: حدثني عبد الصمد، قال: حدثنا ورقاء، عن عبد الله بن دينار، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((من تصدق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ ولا يطعمه إلا لله تعالى فإن الله تعالى يقبلها بيمينه ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل)).(2/520)
قال القرشي: وسألته، يعني إسحاق هذا، عن مولده فقال: في ربيع الأول سنة سبع عشرة وخمس مئة. وتوفي يوم الأربعاء حادي عشر رجب سنة خمس وسبعين وخمس مئة.
زاد غيره: وصلي عليه يوم الخميس ثاني عشرٍ، وحمل إلى مقبرة باب حرب، ودفن عند أبيه.
1026- إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله، أبو إبراهيم الغساني التونسي.
من أهل المغرب.
كان فقيهاً مالكياً قدم بغداد في سنة سبع وأربعين وخمس مئة وأقام بها مديدةً ولازم أبا الفضل محمد بن ناصر بن محمد وسمع منه الكثير ثم سافر.
قال القاضي عمر القرشي، ثم عاد إلى بغداد قريباً من سنة ستين وخمس مئة ورأيته، وكان عالماً بمذهب مالك وغيره من الفقهاء، وجالس الفقهاء وناظرهم وخرج بعد سنة ستين إلى مكة. هذا آخر كلام القرشي.
قلت: وأقام بمكة يحدث ويروي فسمع منه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الصيف، ومحمد بن محمد البكري وغيرهما. وكان في سنة ثلاث وثمانين وخمس مئة حياً، رحمه الله وإيانا.
1027- إسحاق بن محمد بن إسحاق بن محمد بن هلال بن المحسن بن إبراهيم، أبو نصر بن أبي الحسن بن أبي نصر بن أبي الحسن بن أبي الحسين المعروف بابن الصابي الكاتب.(2/521)
من بيتٍ قديمٍ أهل كتابةٍ وبلاغةٍ وترسلٍ ومعرفةٍ بالتواريخ وأيام الناس، قد تقدم منهم غير واحدٍ. ومحمد بن هلال جد أبيه هو الملقب غرس النعمة كان يلي ديوان الإنشاء في أيام الإمام القائم بأمر الله رضي الله عنه، وله ((تاريخ)) حسنٌ، ومصنفات عدة.
وأبو نصر هذا والد أبي الحسين محمد الذي قدمنا ذكره كان شيخاً حسناً من ذوي البيوت ينزل بباب المراتب.
توفي بعد الثمانين وخمس مئة.
1028- إسحاق بن علي بن أحمد بن بندار بن إبراهيم الدينوري الأصل البغدادي المولد والدار، أبو القاسم بن أبي الحسن بن أبي ياسر، وأبو ياسر أخو أبي المعالي ثابت بن بندار البقال المقرئ المحدث، وأبو القاسم هذا يعرف بابن الشاة الحلابة.
سمع أبا القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي، وأبا الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام الكاتب، وأبا القاسم علي بن عبد السيد ابن الصباغ، وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وغيرهم.
وكان تاجراً، سافر الكثير، ودخل خراسان، وغزنة، وهو من أولاد الشيوخ وأبناء المحدثين. سمعنا منه.
قرأت على أبي القاسم إسحاق بن علي بن أحمد التاجر، قلت له: أخبركم أبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن كثير الكتاني المقرئ، قال: حدثنا أبو القاسم(2/522)
عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا حسان بن عطية، قال: حدثني أبو كبشة أن عبد الله بن عمرو حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
سألت إسحاق بن علي هذا عن مولده، فقال: في جمادى الأولى سنة ست وعشرين وخمس مئة. وتوفي في أوائل شهر ربيع الأول سنة أربع وتسعين وخمس مئة، ودفن بالجانب الشرقي بالمقبرة المعروفة بباب أبرز.
1029- إسحاق بن أحمد بن محمد بن غانم، أبو محمد.
من أهل العلث.
سمع ببغداد مع ابن عمه طلحة بن مظفر العلثي من جماعةٍ منهم: أبو الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبو محمد جعفر بن أبي الفرج بن أبي المعاز الدقاق، وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، والشيخ عبد الرحمن ابن علي ابن الجوزي.
وتفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل، وانقطع بناحيته مشتغلاً بالعبادة والنسك، وله أتباع من أهل الخير، والله الموفق.(2/523)
ذكر من اسمه أسعد
1030- أسعد بن هبة الله بن أبي سعد، واسمه إبراهيم بن القاسم ابن محمد بن عبد الله الربعي، أبو المظفر، يعرف بابن الخيزراني المؤدب.
من ساكني قراح ابن أبي الشحم.
كانت له معرفة بالفقه على مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وقرأ الأدب على الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي.
وسمع الحديث من الرئيس أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي غالب أحمد بن الحسن ابن البناء وغيرهما، وروى عنهما.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأبو العباس أحمد بن أحمد ابن البندنيجي، وطبقتهم.
أنبأنا القاضي عمر بن أبي الحسن القرشي، قال: أخبرنا أبو المظفر أسعد بن هبة الله بن إبراهيم الربعي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وأخبرناه القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي وأبو الحسن علي بن محمد بن يعيش بقراءتي عليهما، قلت لهما: أخبركما أبو القاسم بن الحصين قراءةً عليه، فأقرا به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي(2/524)
قال: حدثنا محمد بن غالب، قال: حدثنا عبد الصمد بن النعمان، قال: حدثنا الماجشون يعني عبد العزيز بن أبي سلمة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ من أسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: كيف أنت يا فلان؟ قال: بخير يا رسول الله ما لقيت من عقربٍ أصابتني البارحة. قال: أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك.
قال القرشي: سألته، يعني أسعد ابن الخيزراني عن مولده فقال: في شهر رمضان سنة إحدى وخمس مئة. وتوفي ليلة الخميس سادس عشر ربيع الآخر سنة سبعين وخمس مئة.
وحدثني أحمد بن أحمد بوفاته مثل ذلك، وزاد: ودفن بالوردية، وكان يفهم ما يقرأ عليه.
1031- أسعد بن يلدرك بن أبي اللقاء الجبريلي، أبو أحمد، البواب بدار الخلافة المعظمة.(2/525)
شيخٌ أسن وكبر وعبر المئة، كان أبوه صاحباً للرئيس أبي الخطاب ابن الجراح، فأسمعه منه، ومن أبي الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وأبي محمد الحسن بن محمد ابن رئيس الرؤساء وغيرهم، وحدث عنهم، وعمر حتى روى بعد المئة.
سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، والشريف أبو الحسن الزيدي، والقاضي أبو المحاسن الدمشقي، وأبو محمد ابن الأخضر، وغيرهم.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك: أخبركم أبو أحمد أسعد بن يلدرك بن أبي اللقاء قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الخطاب علي بن عبد الرحمن بن هارون بن الجراح، قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عمر بن بكير المقرئ، قال: أخبرنا عمر بن محمد بن حميد، قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن العوام، قال: حدثنا سوار بن عبد الله القاضي، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء، فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري فهو للذي أشرك فيه وأنا منه بريءٌ)).
أنبأنا الحافظ عمر بن علي بن الخضر، قال: سألت أسعد بن يلدرك عن مولده فقال: في شهر ربيع الأول سنة سبعين وأربع مئة. زاد غيره: يوم الاثنين(2/526)
ثاني عشر الشهر المذكور.
قال القرشي: وتوفي ليلة الخميس تاسع عشري ربيع الأول سنة أربع وسبعين وخمس مئة عن مئة سنة وأربع سنين.
وذكر أبو بكر عبيد الله بن أبي الفرج المارستاني: أن أسعد بن يلدرك توفي يوم الأربعاء خامس ربيع الآخر من سنة أربع وسبعين وخمس مئة عن مئة سنة وأربع سنين واثنين وعشرين يوماً، ودفن بالمقبرة المعروفة بالعطافية، ولا عقب له، رحمه الله وإيانا.
1032- أسعد بن محمد بن طاهر بن سعيد بن فضل الله من أبي الخير الميهني، أبو المظفر بن أبي البركات بن أبي الفتح بن أبي طاهر بن أبي سعيد الصوفي.
أخو أبي الفضائل عبد المنعم شيخ رباط البسطامي، وسيأتي ذكره.
كان أسعد من شيوخ القوم، قدم بغداد، وأقام برباط البسطامي إلى حين وفاته. وقد كان سمع شيئاً من الحديث، وما أعلم أنه روى شيئاً، ورأيته، وكان شيخاً مسناً، وزرته للتبرك به.
توفي ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمس مئة، ودفن عند أهله بصفة الجنيد بمقبرة الشونيزي غربي بغداد.
1033- أسعد بن نصر بن أسعد، أبو منصور الأديب، يعرف بابن العبرتي، منسوب إلى عبرتا ناحية بالنهروان.(2/527)
كان قد قرأ النحو على أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب، ومن بعده على أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري، وصارت له به معرفة حسنةٌ وأقرأه. وله شعرٌ لا بأس به.
أنشدني أبو القاسم هبة الله بن الحسن، قال: أنشدني أبو منصور أسعد بن نصر العبرتي لنفسه:
قل لمن يشكو زماناً ... حاد عما يرتجيه
لا يضيقن إذا جاء ... بما لا تشتهيه
ومتى نابك دهرٌ ... حالت الأحوال فيه
فوض الأمر إلى الله ... تجد ما تبتغيه
وإذا علقت آمالك ... فيه ببنيه
جرت عن قصدك حتى ... قيل: ما ذا بنبيه
توفي أسعد هذا في رابع عشر شهر رمضان سنة تسع وثمانين وخمس مئة.
1034- أسعد بن أبي سعيد بن محمد بن طاهر بن الحسن، أبو الفتوح الشيرازي.
قدم بغداد حاجاً في سنة تسعين وخمس مئة، وحدث بها عن أبي المبارك عبد العزيز بن محمد الأدمي الشيرازي؛ فسمع منه أبو الرضا أحمد بن طارق القرشي، ويوسف بن سعيد ابن البناء، وعبد القوي بن عبد الخالق المصري، وغيرهم، وعاد إلى بلده.
1035- أسعد بن محمود بن خلف بن أحمد بن محمد العجلي، أبو الفتوح بن أبي الفضائل الملقب بالمنتجب، الفقيه الشافعي.(2/528)
من أهل أصبهان.
فقيهٌ فاضلٌ، زاهدٌ، له معرفةٌ تامةٌ بمذهب الشافعي رضي الله عنه، وله تصانيف حسنة في المذهب، موصوفٌ بالصلاح والعبادة والنسك، لا يأكل إلا من كسب يده، وكان يورق ويبيع ما يتقوت به، وعليه المعتمد في الفتوى بأصبهان.
سمع ببلده فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية، والحافظ إسماعيل بن محمد ابن الفضل، وغانم بن أحمد وغيرهم.
قدم بغداد، وسمع بها من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي في سنة سبع وخمسين وخمس مئة، وعاد إلى بلده، وروى به، وكتب إلينا بالإجازة غير مرةٍ.
أخبرنا أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل العجلي في كتابه إلينا من أصبهان، قال: قرأت على أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد ببغداد في رابع عشر صفر من سنة سبع وخمسين وخمس مئة، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي بن إبراهيم البانياسي، قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت، قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد بن موسى الهاشمي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي عبد الرحمن المقرئ بمكة، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الربيع بن صبيح، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(2/529)
من كانت نيته طلب الآخرة جعل الله تبارك وتعالى غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمةٌ، ومن كانت نيته طلب الدنيا جعل الله عز وجل الفقر بين عينيه وشتت عليه أمره، ولا يأتيه منها إلا ما كتب له)).
بلغنا أن مولد المنتجب أسعد العجلي في سنة خمس عشرة وخمس مئة، وأنه توفي بأصبهان في صفر سنة ست مئة، والله أعلم، رحمه الله وإيانا.
1036- أسعد بن أحمد بن محمد، أبو البركات الحطابي، بالحاء المهملة.
من أهل بلد ناحية قريبة من الموصل.
قدم بغداد في صباه واستوطنها إلى حين وفاته، وتفقه أولاً على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل رحمه الله على القاضي أبي يعلى محمد بن محمد ابن(2/530)
الفراء، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي رحمه الله، وأقام بالمدرسة الثقتية بباب الأزج مدةً، وتفقه بها على أبي المحاسن يوسف بن بندار الدمشقي، ثم اشتغل بالتصرف في الأمور السلطانية.
وقد سمع ببغداد من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي وغيره، وبدمشق من الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن ابن عساكر، وحدث بالقليل؛ سمع منه قومٌ من الطلبة. وقد أجاز لنا.
توفي ليلة الثلاثاء ثاني جمادى الآخرة من سنة إحدى وست مئة، ودفن بداره بدرب الجهرمي بالجانب الشرقي بقراح ابن أبي الشحم.
1037- أسعد بن شهريار بن أبي منصور، أبو فراس.
من أهل همذان.
قدم بغداد حاجاً في سنة إحدى وست مئة، وحدث بها عن أبي الوقت السجزي، وذكر أنه سمع منه بهمذان. فسمع منه بعض الطلبة، وحج وعاد إلى بلده في سنة اثنتين وست مئة.
1038- أسعد بن المنجى بن بركات بن المؤمل التنوخي، أبو المعالي.
من أهل دمشق.
قدم بغداد للتفقه، وأقام بها حتى حصل له طرفٌ من معرفة مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل. وسمع بها من أبي منصور أنشتكين بن عبد الله مولى ابن رضوان، ومن القاضي أبي العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي الواسطي،(2/531)
ومن النقيب أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي المكي، وعاد على بلده، وروى هناك، وحدث.
1039- أسعد بن عبد الخالق بن أبي تمام بن باد الهاشمي أبو ..
من أهل الجانب الغربي، كان يسكن محلة دار القز، وهو أخو أفضل الذي يأتي ذكره.
سمع أبا عبد الله سعيد بن الحسين بن شنيف والد شيخنا الحسين بن سعيد وروى عنه. سمع منه أصحابنا، وطلبناه فأخبرنا بموته في سنة إحدى عشرة وست مئة، والله الموفق.
1040- أسعد بن محمد بن علي بن أحمد ابن نظام الملك أبي علي الحسن بن علي بن إسحاق، أبو المظفر بن أبي نصر بن أبي الحسن بن أبي نصر.
من بيتٍ معروفٍ بالفضل والتقدم، وقد تقدم ذكر أبيه.
وأسعد هذا كان خالياً من فضيلةٍ، وقد أسمعه والده من أبي الوقت السجزي ببغداد لما قدمها وروى عنه. سمعنا منه وغيره أولى بالرواية منه.
أخبرنا أبو الحسين محمد بن بقاء بن الحسن المقرئ في آخرين وأسعد بن محمد بن علي منهم بقراءتي، قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه ونحن نسمع، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد السرخسي، قال: أخبرنا إبراهيم(2/532)
ابن خزيم الشاشي، قال: حدثنا عبد بن حميد الكشي، قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم، عن ابن أبي ليلى، عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: ((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)).
سألنا أسعد بن محمد هذا عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، وكان ابن عمه يوسف بن عمر يقول: مولدي في سنة خمس وثلاثين وخمس مئة، وأسعد مقاربي في السن، والله أعلم.
وتوفي في ليلة الأحد تاسع رجب سنة ثلاث عشرة وست مئة فجاءة على ما قيل: وصلي عليه يوم الأربعاء بالمدرسة النظامية، ودفن عند جده بالتربة المقاربة للمدرسة بالموضع المعروف بالبستان.
((آخر الجزء العشرين من الأصل))(2/533)
1041- أسعد بن هبة الله بن وهبان الحديثي الأصل البغدادي، أبو محمد البزوري.
سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى الصوفي، وروى عنه. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد أسعد بن هبة الله بن وهبان، قلت له: أخبركم الشيخ أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع، قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتي بجنازةٍ فقالوا: صل عليها، فقال: هل عليه دينٌ؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: لا، فصلى عليها. ثم أتي بجنازة أخرى فقالوا: يا رسول الله صل عليها، فقال: هل عليه دين؟ قيل: نعم. قال: فهل ترك شيئاً؟ قالوا: ثلاثة دنانير، فصلى عليها، ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صل عليها، قال: هل ترك شيئاً؟ قالوا: لا. قال: فهل عليه دين، قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم. قال أبو قتادة: صل عليه وعلي دينه، فصلى عليه.
توفي أسعد بن وهبان يوم الجمعة سادس عشري شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وست مئة، ودفن بمقبرة الزرادين بالمأمونية، رحمه الله وإيانا.(2/534)
1042- أسعد بن علي بن علي بن محمد بن أحمد بن صعلوك، أبو القاسم.
من أهل الجانب الشرقي، وسكن الكرخ.
سمع أبا الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري المقرئ، وأبا الوقت السجزي، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان. سمعنا منه.
قرأت على أبي القاسم أسعد بن علي، أخبركم أبو الوقت قراءةً عليه فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد بن حموية، قال: أخبرنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا يزيد، عن سلمة بن الأكوع قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من أسلم أن أذن في الناس: ((من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء)).
سألت أسعد بن صعلوك عن مولده فقال: في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وخمس مئة.
1043- أسعد بن محمد بن أعز بن عمر بن محمد ابن السهروردي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو الحسن بن أبي عبد الله.(2/535)
من بيتٍ مشهورٍ بالتصوف والرواية، حدث هو وأبوه وجده وجد أبيه، وقد تقدم ذكرنا لأبيه.
سمع أسعد هذا من أبي الوقت، وغيره. سمعنا منه.
قرأت على أبي عبد الله محمد بن أعز بن عمر السهروردي وعلى ابنه أسعد قلت لهما: أخبركما أبو الوقت السجزي قراءةً عليه، فأقرا به، قال: أخبرنا أبو الحسن الداودي عبد الرحمن بن محمد، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا محمد بن يوسف، قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت أبا عثمان النهدي، عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء)).
سألت أسعد بن محمد عن مولده فقال: في سنة سبع وأربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم الأربعاء الثاني والعشرين من رجب سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن يوم الخميس عند أبيه بالسهلية.
1044- أسعد بن بقاء بن عبدٍ النجار، أبو عبد الله، نسيب ابن بقاقا.(2/536)
سمع أبا طالب المبارك بن علي بن خضير، وروى عنه شيئاً يسيراً، ولم يكن من أهل هذا الشأن. كتبت عنه.
قرأت على أسعد بن بقاء النجار، قلت: حدثكم أبو طالب المبارك بن علي ابن محمد البزاز لفظاً قال: أخبرنا محمد بن علي بن ميمون، قال: حدثنا الحسن بن علي الجوهري، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق الصفار، قال: حدثنا أبو عروبة الحسين بن مودود، قال: حدثنا إسماعيل بن موسى، قال: حدثنا إسحاق بن منصور، عن أسباط بن نصر، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمنٌ)).(2/537)
ذكر من اسمه أشرف
1045- أشرف بن الفاخر، أبو محمد العلوي الحسيني.
ذكره المبارك بن كامل في ((معجم شيوخه)) وقال: أنشدني للمرتضى أبي القاسم الموسوي:
تجاف عن الأعداء تقيا فربما ... كفيت فلم تجرح بنابٍ ولا ظفر
ولا تبر منهم كل عودٍ تخافه ... فإن الأعادي ينبتون مع الدهر
1046- أشرف بن هبة الله بن محمد ابن البياضي، أبو العباس بن أبي الغنائم الهاشمي.
من أهل باب البصرة.
كان يؤم في الصلوات الخمس بجامع المنصور، وكان حافظاً للقرآن المجيد. وقد سمع الحديث من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبي السعود أحمد بن علي ابن المجلي، وأبي الوقت السجزي، وغيرهم، وروى عنهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وأبو العباس أحمد بن أحمد المعدل، وغيرهم.
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر المقرئ، قال: قرئ على الأشرف بن هبة الله ابن البياضي وأنا أسمع: أخبركم أحمد بن علي ابن المجلي، قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، قال: حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد الصيدلاني، قال: أخبرنا محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا يعقوب بن الوليد، عن(2/538)
أبي حازم، عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل البطيخ بالرطب.
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر الحافظ، قال: سألت الأشرف ابن البياضي عن مولده فقال: في سنة تسع وتسعين وأربع مئة.
وأخبرنا الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الواعظ إذناً أن الأشرف ابن البياضي توفي في المحرم سنة سبع وسبعين وخمس مئة.
1047- أشرف بن علي بن محمد بن إبراهيم، أبو الفضل الهاشمي، سبط أبي الفضل الأرموي.
كان يسكن درب الجب.
سمع من جده لأمه محمد بن عمر الأرموي، وروى عنه؛ سمع منه بعض الطلبة. وقد رأيته ولم يكن مشهوراً بالرواية.
سئل عن مولده فقال: في سنة خمس عشرة وخمس مئة.
توفي يوم الخميس ثاني شوال سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، ودفن عند جده بمقبرة باب أبرز، رحمه الله وإيانا.(2/539)
1048- أشرف بن أبي البركات بن أبي غالب الهاشمي، أبو محمد القصار.
من أهل الجانب الغربي، ويسكن محلة دار القز.
سمع أبا البركات المبارك بن كامل بن حبيش الدلال، روى عنه. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد أشرف بن أبي البركات الهاشمي بباب منزله بدار القز، قلت له: أخبركم أبو البركات المبارك بن كامل قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن البسري إملاءً، قال: حدثنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: حدثنا محمد بن مخلد العطار، قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف، قال: حدثنا عمرو بن عبد الغفار، عن حسن بن حي وسفيان الثوري، عن سعد بن سعيد أخي يحيى بن سعيد، عن عمر، عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)).(2/540)
توفي أشرف بن أبي البركات في سنة ثمان وتسعين وخمس مئة.
1049- أشرف بن هاشم بن أبي منصور، أبو علي الهاشمي.
هكذا وجدنا اسمه في كل سماعاته؛ وقال لي: اسمي عبيد الله وأشرف لقبٌ عرفت به وسنذكره فيمن اسمه عبيد الله إن شاء الله، يعرف بالفأفاء.
سمع أبا بكر محمد بن الحسين المزرفي، وأبا عبد الله يحيى بن الحسن ابن البناء، وغيرهما، وروى عنهم.
وكان أحد الأشراف المستحفظين تحت التاج الشريف بدار الخلافة المعظمة وينزل بدار البساسيري بباب الأزج، يرجع إلى صلاحٍ. سمعنا منه.
قرأت على أبي علي عبيد الله الأشرف بن هاشم الهاشمي، قلت له: أخبركم أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن أحمد الفقيه قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة المعدل، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن سعيد بن سويد، قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، قال: حدثنا أحمد بن الفضل بن سالم، قال: حدثنا(2/541)
أيوب بن سويد، قال: حدثنا عبد الله بن شوذب، عن أبي التياح، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أد الأمانة على من ائتمنك ولا تخن من خانك)).
توفي أشرف بن هاشم هذا في ليلة الأحد سابع عشري محرم سنة ست مئة، ودفن بمقبرة باب أبرز.
1050- أشرف بن أبي المظفر بن أبي تمام الهاشمي.
من أهل الجانب الغربي، أحد الوكلاء بباب القضاة هناك.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي، ويقال: إنه روى عنه، ولم يشتهر بالنقل والرواية، وطلبناه فلم نقف له على خبر.(2/542)
ذكر من اسمه أفضل
1051- أفضل بن علي بن أحمد بن هبة الله بن محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الصمد ابن المهتدي بالله، أبو العباس بن أبي الحسن بن أبي تمام بن أبي الحسن ابن القاضي أبي الحسين.
كان أحد الشهود المعدلين هو وأبوه، يعرف بابن الغريق، من أهل باب البصرة، من بيتٍ مشهور بالعدالة والخطابة، والقضاء.
شهد أبو العباس هذا عند قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسين الزينبي فيما أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن هبة الله النحوي قراءةً عليه، قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن بختيار ابن المندائي قراءةً عليه وأنا أسمع في ((تاريخ الحكام)) تأليفه، قال في ذكر من قبل قاضي القضاة أبو القاسم الزينبي شهادته وأثبت تزكيته: وأبو العباس الأفضل بن علي ابن المهتدي بالله يوم السبت سابع شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وخمس مئة وزكاه الشريف أبو الفضل محمد بن عبد الله ابن المهتدي الخطيب، والقاضي أبو طاهر محمد ابن أحمد ابن الكرخي.
قلت: وعزل بعد ذلك بيسير. وقد سمع الحديث من أبي القاسم بن الحصين، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري المعروف بابن صهر هبة، وغيرهما، وما أعلم أنه حدث بشيءٍ.
توفي يوم الأحد ثالث شعبان سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
1052- أفضل بن المظفر بن علي ابن المكشوط، أبو الحسن الهاشمي.(2/543)
سمع أبا بكر محمد بن أبي حامد البيع، وروى لنا عنه.
قرأت على أبي الحسن أفضل بن المظفر الهاشمي بالمدرسة الغياثية على دجلة بشرقي بغداد، قلت له: أخبركم أبو بكر محمد بن عبد العزيز بن عمر البيع قراءةً عليه وأنت تسمع فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمد المقرئ، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا الحسين بن صفوان، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: حدثنا شعبة، عن يزيد بن خمير، قال: سمعت سلمان بن عامر يحدث عن أوسط البجلي، قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول بعدما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أول مقامي هذا -قال: ثم بكى أبو بكر- ثم قال: عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة، وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار، وسلوا الله المعافاة فإنه لم يؤت أحد شيئاً بعد اليقين خير من المعافاة، ولا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا)).
سألت أفضل ابن المكشوط هذا عن مولده فقال: في شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وخمس مئة.
وتوفي ليلة السبت حادي عشر شعبان سنة أربع وست مئة، ودفن يوم السبت بمقبرة باب حرب.
1053- أفضل بن عبد الخالق بن أبي تمام بن أبي منصور الهاشمي، أبو محمد يعرف بابن باد، أخو أسعد الذي قدمنا ذكره.(2/544)
سمع أفضل بن أبي العباس أحمد بن عبد الخالق ابن الشنكاتي الهاشمي، وروى عنه. سمعنا منه.
وكان يسكن دار القز، أحد المحال الغربية.
قرأت على أبي محمد أفضل بن عبد الخالق بن باد الهاشمي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو العباس أحمد بن عبد الخالق بن القاسم الشنكاتي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد ابن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو الفرج أحمد بن محمد بن عمر المعدل، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد القزويني، قال: حدثنا محمد بن أيوب الرازي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، عن أبي عوانة، عن أبي بشر، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)).
توفي أفضل بن باد ليلة الأربعاء ثالث محرم سنة ست وست مئة، ودفن يوم الأربعاء بمقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.
1054- أفضل بن أبي الحسن بن محفوظ، أبو محمد الحفار.(2/545)
من أهل الحربية.
سمع أبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الزاهد، وغيره، وروى عنهم.
وتغير في آخر عمره بعد أن حدث في حالة صحته، وأصابته غفلةٌ فتركنا السماع منه، وكان قد أجاز لنا قبل ذلك.
توفي يوم الاثنين رابع عشر شعبان سنة سبع وست مئة، ودفن يوم الثلاثاء خامس عشرة بباب حرب.
1055- أفضل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر الهاشمي، أبو محمد. وقد تقدم ذكر أبيه.
سمع أبا الوقت السجزي، وروى عنه. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد أفضل بن أحمد بن مسعود: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب الصوفي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الحموي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا مكي بن إبراهيم، قال: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة، يعني ابن الأكوع، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار)).
توفي أفضل هذا عشية الأحد ثامن محرم سنة تسع وست مئة، ودفن يوم(2/546)
الاثنين عند أبيه بباب حرب.
1056- أفضل بن أحمد بن علي بن أحمد بن هبة الله ابن المهتدي بالله، أبو محمد الهاشمي.
من أهل باب البصرة، من بيتٍ معروفٍ بالخطابة، قد ذكرنا منهم جماعةً، وهو ابن أخ الأفضل بن علي الذي ذكرناه أول هذه الترجمة.
كان أفضل هذا يتولى الخطابة بجامع العقبة المعروف بجامع ابن بهليقا بالجانب الغربي في يوم الجمعة، ويخالط الفقهاء الحنفية. لم أقف له على سماع شيءٍ من الحديث، والله أعلم.
توفي في سنة أربع عشرة وست مئة، أوائلها.(2/547)
ذكر من اسمه أكمل
1057- أكمل بن علي بن عبد الرحيم بن محمد بن علي بن محمد ابن أحمد بن محمد بن أبي موسى واسمه عيسى بن أحمد بن محمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب ابن هاشم، أبو محمد الهاشمي.
من أهل باب البصرة، من بيتٍ مشهورٍ بالعلم والصلاح.
وأكمل هذا كان يتولى الخطابة بجامع المهدي، وقد سمع في حال شبيبته شيئاً من الحديث ولم يظفر بشيءٍ من سماعه في حال حياته، وقد كتبت عنه أنشاداً.
أنشدني أبو بكر أكمل بن علي بن أبي موسى الخطيب من حفظه، قال: أنشدني أبو الغنائم عبد الله بن أحمد بن عرس المقرئ أظنه لنفسه:
لعمرك إن الصبر في طعمه الصبر ... وإن يصبر الإنسان لا يصبر العمر
وما كنت أرضى من زماني بما أرى ... ولكنني أرضى بما حكم الدهر
سألت أفضل هذا عن مولده، فقال: قال لي والدي: ولدت في سنة ست عشرة وخمس مئة.
وتوفي في منتصف ذي القعدة من سنة ست مئة، ودفن بمقبرة جامع المنصور.
1058- أكمل بن أبي الأزهر بن أبي الدلف العلوي الحسني، أبو محمد.(2/548)
من أهل الكرخ، وسكن الجانب الشرقي، نحو درب زاخي.
وجد سماعه في شيءٍ من أبي القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء. سمعنا منه، وإن لم يكن مشهوراً.
قرأت على أكمل بن أبي الأزهر العلوي من أصل سماعه، قلت له: أخبركم أبو القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن ابن البناء قراءةً عليه وأنت تسمع بالكرخ في سنة ست وأربعين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن محمد قراءةً عليه، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن حماد الواعظ، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد الصفار إملاءً، قال: حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، قال: حدثنا أبو سعيد نوح بن ميمون البغدادي، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كل مسكرٍ خمرٌ، وكل خمر حرامٌ)).
سألناه عن مولده فلم يحققه، وذكر ما يدل أنه قبل سنة أربعين وخمس مئة.
وتوفي يوم السبت سادس رجب سنة عشرين وست مئة.(2/549)
1059- أكمل بن أحمد بن مسعود بن عبد الواحد بن مطر الهاشمي، أبو أحمد أخو أفضل الذي ذكرناه.
سمع أبا الوقت السجزي وغيره. سمعنا منه.
قرأت على أبي أحمد أكمل بن أحمد بن مسعود الهاشمي، أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب فيما قرئ عليه ببغداد وأنت تسمع، فأقر بذلك، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد السرخسي، قال: حدثنا محمد بن يوسف بن مطر، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثنا حميد، عن أنس، أن ابنة النضر لطمت جاريةً فكسرت ثنيتها، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأقر بالقصاص.
توفي أكمل هذا ليلة الجمعة ثالث شعبان سنة سبع عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة بباب حرب.(2/550)
ذكر من اسمه أنجب
1060- أنجب بن أحمد بن مكارم، أبو عبد الله، يعرف بابن الدجاجي.
من أهل باب الأزج، كان يسكن البصلية.
بلغنا أنه وجد سماعه في شيء من أبي الحسن محمد بن أحمد بن صرما الصائغ، ولم يكن من أهل الرواية، ولا ممن يصلح للأخذ عنه، سمع منه بعضهم، ولم ألقه.
توفي في جمادى الأولى سنة إحدى وست مئة، سامحنا الله وإياه.
1061- أنجب بن أبي العز بن أبي الحسن الدلال، أبو شجاع التاجر.
من أهل دار القز، سكن الجانب الشرقي، وروى عن أبي الوقت الصوفي. سمعنا منه.
قرأت على أبي شجاع أنجب بن أبي الحسن التاجر بالجوهريين من شرقي بغداد، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قراءةً عليه بمدينة السلام في الجانب الغربي بجامع المنصور وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري بهراة، قال: أخبرنا أبو(2/551)
يعقوب، يعني القراب، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن نيروز، قال: حدثنا المطلب بن شعيب، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا الهقل بن زياد، عن بكر بن خنيس، قال: حدثني عاصم بن عبد الله النخعي، عن أبي هارون العبدي، قال: أتينا أبا سعيد الخدري فسألناه عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنه سيأتيكم بعدي أناسٌ من الآفاق يسألونكم عن حديثي، وعن السنة فاستوصوا بهم خيراً، فكان إذا رآنا قال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .
سألنا أنجب هذا عن مولده فقال: ولدت في سنة أربعين أو سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، الشك منه.
وتوفي في يوم الثلاثاء حادي عشر صفر سنة ثمان عشرة وست مئة، ودفن بباب حرب.
1062- أنجب بن أبي السعادات بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله الحمامي، أبو عبد الله.
من أهل باب البصرة.
سمع أبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان وغيره. سمعنا منه.
قرأت على الأنجب بن أبي السعادات الحمامي، قلت له: أخبركم أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي الفراء قراءةً عليه، قال: أخبرنا(2/552)
أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا عبيد بن أسباط، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد)).
سألت أنجب بن أبي السعادات عن مولده فقال: في سنة أربع وخمسين وخمس مئة.(2/553)
ذكر من اسمه أعز
1063- أعز بن عبد السيد بن عبد الكريم بن أحمد السلمي، أبو الفضل الحاجب.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وروى عنه. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وغيره.
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القرشي، قال: أخبرنا أبو الفضل أعز بن عبد السيد السلمي، قال: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ابن المذهب، قال: خبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر ابن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان، قال: حدثني أبي، عن أبي يعلى، عن ربيع بن خثيم، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط خطا مربعاً وخطا واسعاً، وذكر الحديث. هكذا كان في كتاب القرشي مختصراً.
وأنبأنا القرشي، قال: توفي الأعز بن عبد السيد في صفر سنة ثلاث وستين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
1064- أعز بن علي بن المظفر بن علي بن الحسين، أبو المكارم ابن أبي القاسم، يعرف بابن الظهيري.(2/554)
من أهل باب المراتب من أولاد الرواة النقلة المذكورين.
سمع بإفادة أبيه من أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي الكثير، وروى عنه.
وكان أميا لا يكتب، وقد لقيته وطلبت منه السماع فأجاب، وعرض ما شغل عن ذلك، فتوفي، وقد أجاز لنا لفظاً غير مرةٍ.
أخبرنا أبو المكارم الأعز بن أبي القاسم فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر الحافظ قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور البزاز، قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن حبابة، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا طالوت بن عباد، قال: حدثنا الربيع بن مسلم، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المعدن جبار، والبئر جبار، والبهيمة جبار، وفي الركاز الخمس)).
توفي الأعز ابن الظهيري يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وخمس مئة.(2/555)
ذكر من اسمه إقبال
1065- إقبال بن علي بن أبي بكر واسمه أحمد بن برهان، أبو القاسم بن أبي الحسن المعروف بابن الغاسلة المقرئ.
من أهل واسط.
قرأ القرآن المجيد على جماعةٍ من شيوخ واسط، منهم: أبو الكتائب المظفر بن سلامة الخباز، وأبو الكرم محفوظ بن عبد الباقي بن التاريخ وغيرهما.
وسمع الحديث بها من أبي السعادات المبارك بن إبراهيم الخطيب، والقاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي الفتح محمد بن إبراهيم البروجردي الواعظ لما قدمها، وغيرهم.
وقدم بغداد مراراً، وأقام بها، وذكر لي أنه سمع بها من أبي منصور موهوب بن أحمد ابن الجواليقي، وأبي بكر ابن الزاغوني، وغيرهما.
سمعت أبا القاسم إقبال بن علي بن أحمد يقول: كنت حاضراً في حلقة أبي منصور ابن الجواليقي ببغداد في جامع القصر الشريف يوم جمعة بعد الصلاة فسأله رجلٌ عن هذا البيت وهو:
يحاولن مني عادةً قد عرفتها ... قديماً فما يضحكن إلا تبمسا
وقيل له: كيف يستثنى التبسم من الضحك، والتبسم ضحكٌ؟ فقال: يكون حرف الاستثناء، وهو إلا هاهنا، بمعنى لكن التي معناها الاستدراك، ويكون معنى البيت: فما يضحكن لكن يتبسمن.(2/556)
قال شيخنا إقبال بن علي: ومثله قوله تعالى: {إني لا يخاف لدي المرسلون. إلا من ظلم} أي لكن من ظلم.
سألت أبا القاسم إقبال بن علي هذا عن مولده فقال: ولدت في ثامن شهر رمضان من سنة ثمان وسبعين وأربع مئة، يعني بواسط.
وتوفي بها في ليلة الاثنين يوم عيد الأضحى من سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وصلينا عليه بعد صلاة العيد بجامع واسط، ودفن بمقبرة سكة الأعراب بواسط.
1066- إقبال بن المبارك بن محمد بن الحسن بن محمد ابن العكبري، أبو جعفر بن أبي المعالي.
من أهل واسط، وكان أحد العدول بها؛ من أهل بيت صالحين قراء، ومحدثين، وقد تقدم ذكر عمه أحمد بن محمد.
سمع أبو جعفر هذا بواسط من أبي القاسم علي بن علي بن شيران، والقاضي أبي علي الحسن بن إبراهيم الفارقي، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام البغدادي لما كان ناظراً بها، ومن أبي عبد الله محمد بن علي ابن الجلابي وغيرهم. وخلط في شيءٍ من مسموعاته، وألحق اسمه في شيءٍ لم يكن سمعه من أبي بكر بن ألتكين التائب، وادعى سماعه لشيءٍ من ((صحيح البخاري)) من شيخٍ مجهول، ذكر أنه سمع منه بمدينة الرسول صلوات الله عليه وسلامه ولم يعرف ذلك الشيخ ولا روى عنه غيره فتركنا السماع منه إلا لما يوجد فيه سماعه بخط طالب مشهور.
قدم أبو جعفر هذا بغداد في آخر عمره وأظنه روى بها شيئاً ولا أشك أنه قد(2/557)
أجاز لنا بها في سنة خمس وثمانين وخمس مئة. ورجع إلى واسط، وتوفي بها في ليلة الجمعة خامس شهر رمضان من سنة سبع وثمانين وخمس مئة، وحضرت الصلاة عليه مرتين الأولى بمحلة الطحانين بباب درب الشعراني الذي كان يسكنه، والثانية بجامع واسط، ودفن قبل صلاة الجمعة عند أبيه بمقبرة مسجد قصبة، سامحنا الله وإياه.
1067- إقبال بن عبد الله، أبو الخير، مولى الشريف خزعل بن محمد الهاشمي.
كان صالحاً.
ذكر أبو بكر عبد الله بن أبي طالب المقرئ أنه روى له عن أبي الوقت السجزي وكتب عنه، قال: وتوفي بمكة في شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مئة.(2/558)
ذكر اسمه إسفنديار
1068- إسفنديار بن رستم الرازي.
كان يتولى ديوان العرض في خلافة الإمام المسترشد بالله أبي منصور بن الفضل ابن الإمام المستظهر بالله رضي الله عنهما.
بلغني أنه توفي في سنة أربعين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
1069- إسفنديار بن الموفق بن أبي علي البوشنجي الأصل الواسطي المولد البغدادي الدار، أبو الفضل الكاتب الواعظ.
قرأ القرآن المجيد بواسط بالقراءات الكثيرة على جماعةٍ منهم: أبو الفتح المبارك بن أحمد بن زريق الحداد، وقرأ الوعظ على أبي المجد علي بن المبارك سبط ابن رشادة.
ثم قدم بغداد واستوطنها، وصحب الشيخ صدقة بن وزير. وسمع معه بها من جماعةٍ منهم: أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبو المعالي عمر ابن بنيمان، وأبو الأزهر محمد بن محمود بن حمود، وقاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد الحديثي، وغيرهم.
وتكلم في الوعظ مرةً، وتولى كتابة ديوان الإنشاء في محرم سنة أربع وثمانين وخمس مئة، وصرف عنه في شهر رمضان من السنة المذكورة.
وكان وافر الفضل، حسن الخط، مليح العبارة، جيد الترسل، يقول الشعر(2/559)
الجيد، وينشئ الفصول الحسنة. سمعنا منه.
قرأت على أبي الفضل إسفنديار بن الموفق، قلت له: أخبركم قاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد بن محمد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الباقي بن مجالد البجلي، قال: حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن علي بن أبي قربة العجلي، قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين التيملي، قال: حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي، قال: حدثنا حسين بن زيد، قال: حدثنا عائذ بن حبيب، عن صالح، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أشرف المجالس ما استقبل به الصلاة)).
أنشدني أبو الفضل إسفنديار بن الموفق الكاتب لنفسه، وكتب بها إلى قومٍ صحبهم ثم فارقهم:
وقد كنت مغرى بالزمان وأهله ... ولم أدر أن الدهر بالغدر دائل
أرى كل من طارحته الود صاحباً ... ولكنه مع دولة الدهر مائل
ورب أناسٍ كنت ألحظ ودهم ... وما نالني منهم سوى المذق طائل
تعاطوا ولائي ثم حالوا سآمةً ... وحال بني الأيام لا شك حائل
وأعدم شيءٍ سامه المرء دهره ... حبيبٌ مصافٍ أو خليلٌ مواصل
أسادتنا قد كنت أحظى بأنسكم ... وأجني ثمار العيش والدهر غافل(2/560)
وما خلت أن البين يصدع شملنا ... ولا أنني عنكم مدى الدهر راحل
وتالله ما فارقتكم عن ملالةٍ ... ولكن نبت بي بالمقام المنازل
قطعت القلى عنهن حين أضعنني ... فأقفرن عن مثلي وهن أواهل
وإني إذا لم يعل جدي ببلدةٍ ... هدتني إلى أخرى السرى والعوامل
إذا الحر لم يظمأ لورد مكدر ... فلا بد يوماً أن تروق المناهل
سيعلم قومي قدر ما بان عنهم ... وتذكرني إن عشت تلك المعاقل
وأنشدنا أيضاً لنفسه:
كل له غرضٌ يسعى ليدركه ... والحر يجعل إدراك العلي غرضه
يهين أمواله صوناً لسؤدده ... ولم يصن عرضه من لم يهن عرضه
وأنشدنا أيضاً لنفسه:
الدهر بحرٌ والزمان ساحل ... والناس ركبٌ راحلٌ ونازل
كأنهم سيارةٌ في مهمةٍ ... مكاره الدهر لهم مناهل(2/561)
الأسماء المفردة في حرف الألف
1070- أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد بن حمزة بن ساكن، أبو جعفر السباك.
من أهل الجانب الغربي، كان يسكن محلة نهر القلائين، وكان فيه فضلٌ، وله معرفةٌ بالأدب، هو والد شيخينا عبد العزيز وأحمد ابني أزهر.
سمع الكثير بنفسه، وكتب بخطه، ولازم عبد الوهاب الأنماطي، وقرأ عليه أكثر ما كان عنده، وكان عبد الوهاب يقبل عليه ويصفه بالحفظ والمعرفة.
سمع أبا طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا الحسين محمد ابن محمد ابن الفراء، وأبا بكر محمد بن أحمد بن علي القطان، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد بن الطبر الحريري، والقاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وغيرهم، وحدث عنهم.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو بكر محمد بن المبارك بن مشق، وروى لنا عنه جماعةٌ.
قرأت على أبي نصر بن أبي بكر الصوفي: أخبركم أبو جعفر أزهر بن عبد الوهاب بن أحمد قراءةً عليه وأنت تسمع في صفر سنة ثلاث وستين وخمس مئة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، قال: أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ، قال:(2/562)
حدثنا محمد بن خريم الدمشقي، قال: حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سعيد بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس، عن عقبة ابن عامر، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((نزلت علي آياتٌ لم ينزل علي مثلهن قط: المعوذتان)).
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القرشي، قال: سألت أبا جعفر أزهر بن عبد الوهاب عن مولده، فقال: أظنه في سنة تسع وتسعين وأربع مئة. وسأله غيره فقال مثل ذلك من غير شك.
قال القرشي: وتوفي في ليلة الجمعة العشرين من المحرم سنة أربع وستين وخمس مئة، ودفن من الغد بمقبرة الشونيزي، رحمه الله وإيانا.
1071- أيوب بن أحمد بن أيوب، يعرف بابن نيموية الدسكري.
سمع أبا الفضل محمد بن ناصر السلامي وغيره.
ذكره أبو بكر محمد بن المبارك بن مشق في ((معجم شيوخه))، وقال: أجاز لي. هكذا قرأت بخطه.
1072- أنشتكين بن عبد الله السيدي، منسوب إلى ولاء السيدة، والد أبي القاسم المبارك الذي يأتي ذكره.
ذكر القاضي عمر بن علي الدمشقي فيما قرأت بخطه، ومنه نقلت، قال: ذكر لي ابنه، يعني أبا القاسم، أن أباه حدث في مرض موته عن أبي القاسم بن الحصين، لم يزد على ذلك، والله أعلم.(2/563)
1073- أرسلان بن يغان بن سوتكين، أبو محمد الصوفي.
من أهل بغداد، سمع بها من أبي الفضل أحمد بن طاهر الميهني، وأبي الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري، وأبي الوقت السجزي، وغيرهم، وسكن الموصل، وحدث بها.
سمع منه هناك أبو عمرو عثمان بن أبي بكر القلانسي، وأبو الحرم مكي بن ريان النحوي، وأبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم وغيرهم. وكان في سنة ثمان وسبعين وخمس مئة حياً، لأن هؤلاء سمعوا منه في هذه السنة.
1074- أرسلان بن عبد الله الرومي، أبو سعيد، مولى السيدة ابنة الإمام المقتفى لأمر الله، رضوان الله عليه.
سمع أبا المعالي أحمد بن عبد الغني بن حنيفة الباجسرائي، وغيره. سمعنا منه.
قرأت على أرسلان بن عبد الله السيدي: أخبركم أبو المعالي أحمد بن عبد الغني بن محمد التاني قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد الخياط المقرئ، قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الغفار بن محمد بن جعفر المؤدب، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد ابن الصواف، قال: أخبرنا بشر ابن موسى الأسدي، قال: حدثنا الحميدي، يعني عبد الله بن الزبير، قال: حدثنا الفضيل بن عياض، عن منصور، عن أبي وائل، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((سباب المسلم فسوقٌ وقتاله كفرٌ)).
1075- إلياس بن جامع بن علي، أبو الفضل.(2/564)
من أهل إربل.
قدم بغداد في سنة اثنتين وسبعين وخمس مئة، وأقام بها مدةً للتفقه بالمدرسة النظامية، وسمع بها الكثير من الكاتبة فخر النساء شهدة بنت أحمد الإبري، والأسعد بن يلدرك الجبريلي، وأبي إسحاق إبراهيم بن علي ابن الفراء السلمي، وأبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، والشريف أبي الفتوح المبارك بن محمد بن سلم الهاشمي، وأبي هاشم عيسى بن أحمد الدوشابي.
وسمع معنا أيضاً من أبي العز محمد بن محمد ابن الخراساني، وأبي الحسن علي بن محمد بن بكروس، وأبي العلاء محمد بن جعفر بن عقيل، وأبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وأبي السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وخلقٍ كثيرٍ.
وكان وافر الهمة، كثير الكتابة والتحصيل، وعاد إلى بلده، وخرج التخاريج، وجمع مجموعاتٍ كثيرة، وحدث هناك بأكثر سماعاته، وتفرد بكتابة الشروط.
سمع منه جماعةٌ من أهل إربل، والواردين إليها، وكان ثقةً، صدوقاً.
قرأت بخطه: مولدي وقت الغروب من ليلة الأحد سابع عشري شعبان سنة إحدى وخمسين وخمس مئة.
وتوفي بإربل يوم الاثنين خامس عشري شهر ربيع الآخر سنة إحدى وست مئة، ودفن بظاهر البلد قريباً من مقبرة أحمد الزرزاري الزاهد شرقيها، رحمه الله وإيانا.
1076- إلياس بن حامد بن محمود بن أبي الحجر، أبو الفضل.(2/565)
من أهل حران.
قدم بغداد، وسمع بها من الكاتبة شهدة بنت أحمد ابن الإبري، وعاد إلى بلده، وحدث عنها بالموصل في سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة، فسمع منه أبو الخير بدل بن أبي المعمر التبريزي ((مشيختها)) التي جمعها لها شيخنا عبد العزيز ابن الأخضر، وكتبها عنه.
توفي يوم الأربعاء سلخ شوال سنة اثنتين وتسعين وخمس مئة فيما ذكر أبو بكر أحمد بن محمد الأزجي.
1077- أيلبة بن عبد الله التركي، أبو سعيد، مولى الخدمة الشريفة الناصرية خلد الله ملكها.
تولى إمارة الحاج، وحج بالناس سنة ثمان وثمانين وخمس مئة، وصرف عن الإمارة بعد عوده. ثم أعيد أميراً، فحج بالناس ثانيةً سنة أربع وتسعين وخمس مئة، وعزل بعدها فلم يحج، رحمه الله وإيانا وجميع المسلمين.
1078- أرمانوس بن عبد الله الرومي، أبو الحسن، مولى أبي العباس محمد بن علي الزينبي.
سمع مع مولاه من أبي المظفر هبة الله بن أحمد الشبلي، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي المعروف بابن البطي وغيرهما. سمعنا منه.
قرأت على أبي الحسن أرمانوس بن عبد الله مولى الزينبي، قلت له: أخبركم أبو المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد الدقاق المعروف بابن الشبلي قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص، قال: حدثنا(2/566)
يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، قال: حدثنا بشر بن بكر التنيسي، عن الأوزاعي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تبارك وتعالى تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه)).
توفي أرمانوس في ثامن عشر جمادى الآخرة سنة ست وست مئة بالمارستان العضدي، ودفن بمقبرته.
1079- أسباه مير بن محمد بن نعمان، أبو عبد الله الجيلاني.
من أهل جيلان.(2/567)
قدم بغداد في صباه، وأقام بها إلى حين وفاته، وكان يسكن بباب الأزج بمدرسة الشيخ عبد القادر الجيلي، وتفقه عليه.
وسمع شيئاً من الحديث من أبي محمد محمد بن أحمد بن عبد الكريم المعروف بابن المادح، وانتابه صممٌ، بلغني أنه روى أحاديث يسيرةً قبل وفاته عنه.
وتوفي ليلة الجمعة حادي عشري ربيع الأول سنة ثمان وست مئة، ودفن بباب حرب.
[آخر المجلد الثاني من هذه الطبعة المحققة. حققه وعلق عليه، وخرج أحاديثه على قدر طاقته ومكنته أفقر العباد بشار بن عواد بن معروف العبيدي البغدادي الأعظمي الدكتور بدار هجرته عمان البلقاء بعد استيلاء الكفار على مدينة السلام بغداد حررها الله تعالى، ويليه المجلد الثالث وأوله حرف الباء، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً].(2/568)
حرف الباء
ذكر من اسمه بركة
1080- بركة بن مكارم بن أحمد، أبو محمد الهاشمي.
سمع أبا غالب محمد بن الحسن البقال، وحدث عنه. سمع منه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)) الذين سمع منهم.
1081- بركة بن محمد بن الحسن، أبو السعود التميمي.
سمع أبا الحسن علي بن محمد ابن العلاف، وروى عنه. سمع منه أيضاً أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب، وأخرج عنه حديثاً.
1082- بركة بن أبي نعيم بن أبي عمامة البصري.
ذكره المبارك بن كامل في ((معجمه)) وقال: أنشدني، قال: أنشدني أبو نصر بن كتائب الواسطي لنفسه:
قل لمن خده من اللحظ دامٍ ... رق لي من جوارحٍ فيك تدمى
يا مريض الجفون من غير سقمٍ ... لا تلمني إن ذبت فيهن سقما
أنا خاطرت في هواك بقلبٍ ... ركب البحر فيك أما ولما
1083- بركة بن أبي يعلى الأنباري
روى عن أبي سعد ابن الجلاجلي، وأبي نصر أحمد بن محمد الطوسي.
ذكر أبو بكر بن كامل أنه أنشده أبياتاً من الشعر أوردها في ((معجمه)) أيضاً.(3/5)
1084- بركة بن أحمد بن عبد الله الطباخ.
قال ابن كامل: أنشدني، وذكر بيتاً واحداً أنشده إياه في ((معجمه)) أيضاً.
1085- بركة بن أحمد بن بركة، أبو سعد.
من أهل الحربية.
أجاز لنا بإفادة أحمد بن سلمان الحربي المعروف بالسكر، وأظنه سمع منه، والله أعلم.
1086- بركة بن نزار بن عبد الواحد بن أبي سعد، أبو الخير النساج، يعرف بابن الجمال.
من أهل الجانب الغربي، وكان يسكن محلة التستريين المجاورة لباب البصرة فلما خربت سكن باب البصرة.
سمع من أبي القاسم هبة الله بن أحمد ابن الحريري المعروف بابن الطبر، وروى عنه. سمعنا منه.
قرأت على أبي الخير بركة بن نزار بن عبد الواحد، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر المقرئ قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن عبد الرحمن المخلص، قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا مالك بن الخليل أبو غسان، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن أشعث، عن الحسن، عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يدخل(3/6)
الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب، هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون)).
توفي بركة بن نزار هذا في شوال أو ذي القعدة من سنة ست مئة، والله الموفق.
1087- بركة بن علي بن الحسين بن بركة، أبو محمد يعرف بابن السابح(3/7)
أحد الوكلاء بباب القضاة؛ كانت له معرفةٌ بصنعة الوكالة وكتابة الشروط، وصنف في ذلك كتاباً وسماه ((كامل الآلة في صنعة الوكالة)) ذكر فيه ما يحتاج الوكيل إليه من كتابة الكتب وكيف يثبتها عند الحكام وما يتعلق بذلك. وتوكل في آخر أمره لوكيل الخدمة الشريفة الإمامية الناصرية -خلد الله ملكها- وكان قد سمع من أبي منصور محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق وغيره، وما أعلم أنه روى شيئاً.
توفي ليلة الأربعاء خامس عشري شهر ربيع الأول سنة خمس وست مئة، ودفن يوم الأربعاء، رحمه الله وإيانا.(3/8)
ذكر من اسمه بركات
1088- بركات بن الفضل بن محمد بن عيسى بن أحمد بن المحسن، أبو القاسم، وقيل: أبو الفضل، التغلبي.
من أهل ميافارقين.
ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن عساكر في ((تاريخ دمشق))، وقال: قدم بغداد قديماً وسمع من أبي الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله، ثم قدمها ثانياً فسمع بها من النقيب أبي الفوارس طراد بن محمد الزينبي، وأبي منصور عبد المحسن بن محمد الشيحي، وأبي الحسن علي بن أحمد بن البطر، وأبي ياسر أحمد بن بندار البقال، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني وغيرهم. وحدث بدمشق.
روى عنه عبدان بن زرين قال: وكان مولده في سنة سبع وعشرين وأربع مئة، وتوفي بصور يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة سنة خمس وخمس مئة.
1089- بركات بن أبي غالب بن نزال بن همام، أبو محمد السقلاطوني.
من أهل دار القز، وانتقل إلى باب البصرة، وسكنها إلى حين وفاته، هكذا رأيت اسمه في بعض مسموعاته، وفي بعضها: عبد الله، هو بكنيته معروفٌ، وسنذكره فيمن اسمه عبد الله جمعاً بين الاسمين.(3/9)
سمع أبا الحسن علي بن عبيد الله ابن الزاغوني، والقاضي أبا بكر محمد ابن عبد الباقي البزاز، وأبا القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وغيرهم، وروى عنهم. سمعنا منه.
قرأت على أبي محمد بن أبي غالب بن نزال، قلت له: أخبركم أبو الحسن علي بن عبد الله بن نصر الواعظ، وأبو بكر محمد بن أبي طاهر الفرضي قراءةً عليهما وأنت تسمع، فأقر به، قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني قراءةً عليه ونحن نسمع، قال: حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن كثير الكتاني، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي، قال: حدثنا عيسى بن أبي حرب الصفار وعبد الله بن أيوب المخرمي، قالا: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا سوار بن مصعب، عن مطرف، عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما أكل لحمه فلا بأس ببوله)).
توفي أبو محمد بن نزال في ليلة الأحد العشرين من ربيع الأول سنة تسع وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.(3/10)
ذكر من اسمه بكر
1090- بكر بن عبد الله الفصال، أبو عبد الله.
روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل في ((معجمه)) وقال: أنشدني، ولم يسم قائلاً:
يتحرى فعل القبيح بدا الدهر ... وفعل الجميل لا يتحرى
فهو كالصل في جميع الأفاعي ... كلما زاد عمره زاد شراً
1091- بكر بن علي، أبو محمد التاجر.
قال ابن كامل في ((معجمه)): أنشدني بكر بن علي أبو محمد التاجر، قال: أنشدني أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وذكر أبياتاً من الشعر، لم أر له ذكراً في غير ذلك.(3/11)
ذكر من اسمه بقاء
1092- بقاء بن أحمد ابن الصعاد، أبو عبد الله.
ممن روى عنه المبارك بن كامل في ((معجم شيوخه))، وأورد عنه بيتين من الشعر.
1093- بقاء بن غريب النحوي المقرئ.
هكذا وصفه أبو بكر المبارك بن كامل في كتابه، وقال: أنشدني عن يحيى ابن إبراهيم الواعظ أبياتاً من الشعر، ولم أر لبقاء ذكراً في غير ذلك.
1094- بقاء بن عمر بن عبد الباقي بن حند الدقاق، أبو المعمر وكان يسمي نفسه المبارك بقاء، وفي كل سماعاته بقاء لا غير، وبه كان يعرف دون كنيته.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا غالب محمد بن الحسن البصري الماوردي، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا القاسم هبة الله بن أحمد ابن الطبر الحريري، وغيرهم، وروى عنهم. سمعنا منه.(3/12)
قرأت على أبي المعمر بقاء بن عمر بن حند، قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد الواعظ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر ابن حمدان، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمساً وعشرين ضعفاً، كلها مثل صلاته.
توفي بقاء بن حند في ليلة الثلاثاء سادس عشر ربيع الآخر سنة ست مئة، ودفن يوم الثلاثاء بمقبرة الخلال بباب الأزج.
1095- بقاء بن أبي الحسن، أبو محمد الصوفي.
حكى أبو بكر بن كامل في ((معجمه)) عنه، قال: رأيت علي بن أبي طالب عليه السلام في المنام فقال: أنا القضيب الياقوت الذي غرسه الله بيده!
1096- بقاء بن أبي غالب بن محمد الفاكهاني، أبو محمد.
هكذا رأيت ذكره في إجازةٍ قد أجاز فيها لجماعةٍ في سنة ثمان وسبعين وخمس مئة.(3/13)
1097- بقاء بن أبي شكر بن بقاء، أبو محمد المعروف بابن العليق.
من أهل شارع دار الرقيق.
شيخٌ انقطع وأظهر الزهد والنسك في منزله، وصار له قبولٌ عند جماعةٍ يغشونه ويتبركون به. وادعى الرواية والسماع من قوم لم يدركهم مع كونه لم يعرف بالطلب ولا السماع في زمانهم مثل أبي بكر أحمد بن علي بن الأشقر الدلال وطبقته. وأقدم على فعل ما لا يليق بذوي الدين والأمانة من إلحاق اسمه في طبقات سماعاتٍ كثيرةٍ بخطٍ يخالف خط كاتب السماع، وكشط أسماء في تسميعات وكتب اسمه في موضعها، وتزوير إجازات من جماعةٍ من الشيوخ بغير خطوطهم، وغير ذلك من الأمور المؤذنة بالكذب وقلة الأمانة.
ولقد حدثني أبو عبد الله محمد بن عبد المعيد بن عبد المغيث الحربي، قال: استعار مني بقاء ابن العليق أجزاء كثيرة من وقف جدي عبد المغيث ليس فيها سماعه، وبقيت عنده مدةً طويلة، كلما طلبتها منه يعدني أنه ينفذها لي، فلما مات أخذتها من ورثته فوجدت قد كشط فيها عدة أسماء في تسميعاتٍ على جماعةٍ من الشيوخ وكتب اسمه بخط طري يخالف خط السماع يظهر لكل من قرأه وشاهده أنه مغير، وقد روى بعضها، وكان يتعوذ بالله من فعله.(3/14)
قلت: ومثل ذلك شاهدت إجازات بيعت من كتبه قد أخذت لقومٍ وقد كشط اسم بعض من قد كتب في السؤال وكتب اسمه موضعه، إلى غير ذلك من الطبقات المزورة على الشيوخ بخطوط قوم مجهولين وفيها اسمه. أعاذنا الله من فعل القبيح وجنبنا موارد الخذلان، وأغنانا بالصحيح عن السقيم، وبالصدق عن الكذب، إنه جوادٌ كريمٌ.
سمعنا من بقاء شيئاً فلما ظهر لنا كذبه وانتحاله الزور ضربنا عليه وتركناه، وهو بلا شك كذابٌ صاحب محالٍ لا يصلح للنقل والرواية.
خرج بقاء إلى الحج من بغداد في ذي القعدة من سنة إحدى وست مئة، فحج في هذه السنة وانصرف إلى المدينة صلى الله على ساكنها وسلم، فلما بلغ الموضع المعروف بخيمتي أم معبد، وهو بين مكة والمدينة شرفهما الله، توفي هناك في يوم الخميس ثالث عشري ذي الحجة من السنة المذكورة، ودفن ثم، سامحنا الله وإياه.(3/15)
ذكر من اسمه بدر
1098- بدر بن عبد الله، أبو النجم مولى أبي محمد جعفر بن أحمد السراج.
سمع من مولاه وروى عنه. سمع منه المبارك بن كامل وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
1099- بدر بن سعد بن علي بن عبد الله بن منصور، أبو النجم، يعرف بابن الأشقر.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن ملة الأصبهاني، وحدث عنه.
سمع منه أبو أحمد العباس بن عبد الوهاب البصري، والقاضي عمر بن علي الدمشقي، وأبو الفتوح محمد بن علي ابن الجلاجلي، وغيرهم.
أنبأنا أبو المحاسن عمر بن علي ابن الخضر القرشي، قال: أخبرنا أبو النجم بدر بن سعد ابن الأشقر الطحان، قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن ملة إملاءً، قال: حدثنا أبو بكر محمد عبد الله بن ريذة الضبي، قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، قال: حدثنا معاذ بن المثنى، قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا حماد بن سلمة وسليمان بن المغيرة، كلاهما عن ثابت البناني، عن ابن أبي ليلى، عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((عجبت من قضاء الله عز وجل للمسلم،كله خير، إن أصابه سراء فشكر آجره الله، وإن أصابه ضراء فصبر آجره الله عز وجل. زاد فيه حماد: فكل قضاء الله للعبد خير)).(3/16)
قال القرشي: سألته، يعني بدر ابن الأشقر، عن مولده فذكر ما يدل أنه قريبٌ من سنة ثمانين وأربع مئة.
وتوفي يوم الأحد سابع عشر ذي الحجة سنة ثلاث وستين وخمس مئة.
وأنبأنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر بن مشق البيع، قال: توفي بدر ابن الأشقر ليلة الخميس رابع عشر الشهر المذكور، ودفن بمقبرة باب الأزج.
1100- بدر بن عبد الله، مولى أبي القاسم علي بن أبي طالب الدسكري.
سمع أبا علي محمد بن سعيد بن نبهان الكاتب، وروى عنه.
سمع منه أبو إسحاق إبراهيم بن محمود ابن الشعار، وأبو المفاخر محمد ابن محفوظ الجرباذقاني، والشريف أبو الحسن علي بن أحمد الزيدي، وأبو يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي، وغيرهم.
أخبرنا الحافظ عمر بن أبي الحسن الدمشقي في كتابه إلينا، قال: أخبرنا بدر بن عبد الله مولى ابن الدسكري، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن نبهان، قال: أخبرنا بشرى بن عبد الله الفاتني، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الدقاق، قال: حدثني إبراهيم بن عبد الله المخرمي، قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، قال: حدثنا معن بن عيسى، عن هشام بن سعد، عن ابن السباق، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه وبناته: ((خيركن خيركن لأزواجكن)).(3/17)
1101- بدر بن عبد الله، أبو النجم مولى بديع الزمان أبي القاسم هبة الله بن الحسين الأصطرلابي، يعرف بالبديعي، منسوب إلى مولاه.
كانت له معرفةٌ بعلم الاصطرلاب وآلة النجوم، أخذ ذلك عن مولاه المذكور، وروى عنه شيئاً من شعره، وكان يخدم بالمخزن المعمور من مشارفة الصياغة.
توفي في يوم الجمعة ثامن جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وخمس مئة فيما قال أبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني، وقال: سمعت منه شيئاً، ولم يعقب.
1102- بدر بن عبد الغني بن محمد بن الفضل، أبو النجم الطحان المقرئ.
من أهل واسط. قرأ القرآن الكريم بها على أبي القاسم علي بن علي بن شيران. وعلى ابنه أبي الفتح محمد من بعده. وسمع بها الحديث من أبي القاسم المذكور، ومن أبي الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام لما قدمها. ومن أبي محمد أحمد بن عبيد الله ابن الآمدي، وغيرهم.
قدم بغدد ي سنة ثلاثين وخمس مئة فيما ذكر لي، وقرأ بها القرآن المجيد بالقراءات على أبي محمد عبد الله بن علي سبط الشيخ أبي منصور الخياط، وسمع منه، وعاد إلى بلده، وروى عنه القراءات، وحدث بها عن شيوخه المذكورين. سمعنا منه.
وتوفي ليلة الثلاثاء تاسع عشري شهر ربيع الأول سنة ثمانين وخمس مئة، ودفن بداره بمحلة القراطسيين بواسط، ثم نقل إلى مقبرة مسجد قصبة.(3/18)
1103- بدر بن جعفر بن عثمان، أبو النجم الضرير.
من أهل قرية تعرف بالأميرية من نواحي النيل.
دخل واسط في صباه، وحفظ بها القرآن الكريم، وقرأ شيئاً من الأدب، وقال الشعر وغلب عليه.
وقدم بغداد وأقام بها إلى حين وفاته، وكان أحد الشعراء المتسمين بخدمة الديوان العزيز -مجده الله- وممن يورد المدائح في الهناءات والمواسم.
سمعنا منه كثيراً من شعره، وكتبنا عنه.
أنشدني أبو النجم بدر بن جعفر بن عثمان الواسطي ببغداد بباب منزله بقراح ابن رزين لنفسه:
يا عتب ما خطر السلو بباله ... يوماً ولا أصغى إلى عذاله
فرقت بين جفونه ورقاده ... وجمعت بين فؤاده وخياله
وأمرت طيفك في الكرى ونهيته ... أن لا يلم به طروق خياله
وهجرته من غير جرمٍ في الهوى ... عمداً كما حرمت حل وصاله
قد ظل ذا ولهٍ عليك وزفرةٍ ... ما تنقضي فترفقي بالواله
يا تاركاً قصد السبيل منكباً ... حيران يخبط في ظلام ضلاله
كم تستميح بنان كل منخلٍ ... أسفٍ بلقمته على أطفاله
يمم جلال الدين تلق ممدحاً ... يعطيك أقصى السؤل قبل سؤاله
وأنشدنا بدر بن جعفر أيضاً لنفسه:
عذيري من جيلٍ غدوا وصنيعهم ... بأهل النهى والفضل شر صنيع(3/19)
ولؤم زمانٍ ما يزال موكلاً ... بوضع رفيعٍ أو برفع وضيع
سأصرف صرف الدهر عني بأبلجٍ ... متى آته لا آته بشفيع
سألت بدر بن جعفر عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة سبع وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي في ليلة الجمعة رابع عشر شهر رمضان سنة إحدى عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة بمقبرة الوردية بالجانب الشرقي من بغداد.
1104- بدر بن أبي الرضا بن إسماعيل، أبو محمد النقاش.
سمع بمكة -شرفها الله- أبا محمد المبارك بن علي ابن الطباخ العمري، وحدث عنه بها وببغداد. سمعنا منه ببغداد.
قرأت على بدر بن أبي الرضا، قلت له: أخبركم أبو محمد المبارك بن علي ابن الحسين البغدادي قراءةً عليه وأنت تسمع بالمسجد الحرام تجاه الكعبة الشريفة، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين. وقرأته عالياً على أبي الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي بواسط، وعلى أبي الحسن علي ابن محمد بن يعيش ببغداد، قلت لكل واحدٍ منهما: أخبركم أبو القاسم هبة الله ابن محمد بن الحصين قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سليمان، قال: حدثنا عاصم، يعني ابن علي، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، قال: حدثنا ابن أبي الحكم الغفاري، قال: حدثتنا جدتي، عن رافع بن عمرو الغفاري، قال: كنت وأنا غلامٌ أرمي(3/20)
نخل الأنصار، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن ها هنا غلاماً يرمي النخل، أو يرمي نخلنا، فأتي بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا غلام لم ترمي النخل؟ قال: قلت: آكل. قال: فلا ترم النخل وكل مما يسقط من أسافلها ومسح رأسي، وقال: اللهم أشبع بطنه.
مولد بدر هذا يوم الثلاثاء سابع عشر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وخمس مئة فيما قرئ عليه وأنا أسمع فأقر به.(3/21)
ذكر من اسمه بشير
1105- بشير بن عبد الله الهندي، أبو الخير.
سمع مع مولاه أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف من أبي سعد محمد بن عبد الكريم بن خشيش، وأبي القاسم علي بن أحمد بن بيان وغيرهما، وروى عنهم وكان صالحاً.
سمع منه القاضي عمر بن علي القرشي، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود ابن الأخضر، وغيرهما.
قرأت على أبي محمد عبد العزيز بن أبي نصر: أخبركم أبو الخير بشير بن عبد الله مولى ابن يوسف بقراءتك عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن أحمد بن محمد الرزاز، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش وابن أبي ليلى وكثير النواء وعبد الله بن صهبان، كلهم عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرى النجم الطالع في أفقٍ من آفاق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما)).
أنبأنا عمر بن علي القرشي، قال: توفي بشير مولى ابن يوسف يوم السبت خامس ذي الحجة سنة اثنين وسبعين وخمس مئة.
1106- بشير بن محفوظ بن غنيمة، أبو الخير.(3/22)
من أهل باب الأزج
صحب الشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وسمع معه ومع أولاده من جماعةٍ منهم: أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد، وأبو الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي، وغيرهما. وانقطع إلى النسك والعبادة، وكان صالحاً يثنى عليه خيرٌ، وله كلامٌ على طريقة أهل الحقيقة، يتبرك به الناس ويزورونه.
توفي في ليلة الاثنين حادي عشر ربيع الأول سنة خمس وتسعين وخمس مئة، ودفن يوم الثلاثاء بباب الأزج بالمقبرة المعروفة بمقبرة عبد الدائم.
1107- بشير بن أبي بكر، واسمه حامد، بن سليمان بن يوسف الجعفري، ذكر أنه من ولد جعفر بن أبي طالب، أبو النعمان.
من أهل تبريز.
قدم بغداد وتفقه بها على مذهب الشافعي رضي الله عنه وحصل معرفة المذهب والخلاف، وتكلم في المسائل، وأعاد بالمدرسة النظامية لمدرسيها. وأجاز له سيدنا ومولانا الإمام الناصر لدين الله -خلد الله ملكه- وشرفه بالرواية عنه، وقطن بها، فهو اليوم من أهلها وفقهائها.(3/23)
ذكر من اسمه بزغش
1108- بزغش بن عبد الله الرومي، أبو منصور، وقيل: أبو الحسن، مولى القاضي أبي سعد الهروي.
سمع ببغداد أبا علي محمد بن سعيد بن نبهان، وبنيسابور أبا بكر عبد الغفار بن محمد الشيرويي، وغيرهما.
وحدث ببغداد؛ سمع منه بها: أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب الخفاف، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)). وسمع منه أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي الدمشقي بالموصل فيما قرأت بخطه.
1109- بزغش بن عبد الله، أبو علي، عتيق أبي طاهر محمد بن علي الأنصاري الدباس.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وأبا غالب أحمد بن الحسن ابن البناء، وأبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وروى عنهم. أجاز لنا، ولم يتفق لنا منه سماعٌ.
وتوفي في ذي القعدة سنة تسع وثمانين وخمس مئة، ويقال: إنه كان(3/24)
صالحاً، رحمه الله وإيانا.
1110- بزغش بن عبد الله، عتيق أحمد بن شافع الكفرطابي التاجر.
سمع ببغداد من أبي الوقت عبد الأول بن عيسى الصوفي، وحدث عنه سمع منه بعض الطلبة.
وبلغنا أنه توفي بدمشق في ثالث عشر صفر سنة ست مئة، والله أعلم.
1111- بزغش بن عبد الله الرومي، أبو منصور عتيق أبي جعفر أحمد بن محمد بن حمدي.
سمع أبا عبد الله الحسين بن محمد بن حمدي، وأبا الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام، وأبا الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبا المعالي الفضل بن سهيل الإسفراييني، وجماعةً آخرين. سمعنا منه.
قرأت على أبي منصور بزغش بن عبد الله مولى ابن حمدي، قلت له: أخبركم أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف القاضي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري، قال: أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري، قال: حدثنا بشر بن مطر الواسطي، قال:(3/25)
حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبي مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.
توفي بزغش هذا يوم الخميس غرة صفر سنة ست عشرة وست مئة، ودفن بمقبرة درب الخبازين.
الأسماء المفردة في حرف الباء
1112- بهروز بن عبد الله، أبو الحسن الخادم الأبيض الملقب مجاهد الدين، مولى السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه السلجوقي.
ولي الإمارة بالعراق نيفاً وثلاثين سنة وبنى رباطاً للصوفية على دجلة عند سوق المدرسة النظامية، ورباطاً آخر للخدم أعلى البلد، وعمر النهروان، وأجرى فيه الماء بعد أن كان قد خرب سنين، وكان حسن السيرة.
ذكر أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع أن بهروز توفي ببغداد في رجب سنة أربعين وخمس مئة، ودفن برباط الخدم الذي أنشأه بعد أن صلي عليه بجامع السلطان بظاهر البلد.(3/26)
1113- بريدة بن عبد الجبار بن محمد بن علي الأسودي، أبو بكر، خال فخر الدين أبي المظفر عبد الرحيم بن محمد ابن السمعاني.
ولد بمرو الشاهجان، وحمل إلى أصبهان فنشأ بها، وقدم بغداد وأقام بها مدةً. وسمع بها مع تاج الإسلام أبي سعد ابن السمعاني بعد سنة ثلاثين وخمس مئة من جماعةٍ منهم: القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد ابن السمرقندي، وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي وغيرهم، وعاد إلى مرو فحدث بها.
ذكره فخر الدين أبو المظفر ابن السمعاني في ((معجم شيوخه))، وقال: سمعت منه جزءاً واحداً، قال: وعاد إلى العراق فتوفي بالبصرة سنة أربع وأربعين وخمس مئة، وعمره خمس وعشرون سنة، رحمه الله وإيانا.
((آخر الجزء الحادي والعشرين من الأصل)).(3/27)
1114- باقي بن أبي سعد بن الحسين، أبو سعيد الفراش، صاحب بني رئيس الرؤساء.
كان يسكن بالقصر من دار الخلافة المعظمة -شيد الله قواعدها بالعز-.
سمع أبا القاسم علي بن أحمد بن بيان الرزاز، وروى عنه.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأبو الفتوح نصر ابن أبي الفرج الحصري، في آخرين.
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القرشي، قال: أخبرنا أبو سعيد باقي بن أبي سعد الفراش، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد العمري. وقرأته على القاضي أبي طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها، وعلى أبي الفتح عبيد الله بن أبي محمد الدباس ببغداد، قلت له: أخبركما أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد، قالا: حدثنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز، قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار، قالا: أخبرنا الحسن بن عرفة، قال: حدثنا سلم بن سالم البلخي، عن عبد الرحيم بن زيد العمي، قال: أخبرني أبي، قال: أدركت أربعين من التابعين كلهم حدثونا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من أحب جميع أصحابي وتولاهم واستغفر لهم جعله الله يوم القيامة معهم)).
1115- بدل بن أبي طاهر بن شيرشهر بن جاجا بن عبد الله بن محمد، أبو محمد المقرئ.(3/28)
من أهل جيلان.
رحل من بلده إلى أصبهان ثم همذان، وقرأ بها القرآن الكريم بالقراءات على الحافظ أبي العلاء، الحسن بن أحمد ابن العطار. ثم قدم بغداد واستوطنها إلى حين وفاته.
وكان ينزل بدرب القيار، ويقرئ الناس القرآن المجيد بمدرسة ابن بكروس، وكان حسن القراءة له معرفةٌ بوجوه القراءات.
قرأ عليه جماعةٌ كثيرةٌ منهم: أبو عبد الله محمد بن أحمد الدوري وغيره، وحدث بها عن أبي الفتح محمد بن الحسن الصيدلاني الأصبهاني. وكان في سنة سبع وثمانين وخمس مئة حياً لأنه روى فيها.
1116- بارس بن زيد بن أحمد بن علي بن بارس، أبو العباس.
من أهل باب الأزج. من بيتٍ مشهور، روى منهم غير واحد.
سمع أبا القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وروى عنه. سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي.
أخبرنا الحافظ عمر بن علي بن الخضر الدمشقي إذناً، قال: أخبرنا أبو العباس بارس بن زيد بن بارس الأزجي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ابن المذهب، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، قال: سمعت خالداً العنزي، عن أبي بشر العنبري، عن حمران بن أبان، عن(3/29)
عثمان بن عفان، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة)).
أنبأنا عمر بن علي، قال: سألت أبا العباس بن بارس عن مولده، فقال: في جمادى الأولى سنة تسعين وأربع مئة.
وتوفي يوم الخميس حادي عشري جمادى الآخرة سنة أربع وسبعين وخمس مئة.
1117- برهان بن الحسين، أبو علي.
من أهل حربى، من أعمال دجيل.
شيخٌ صالحٌ لقيته ببلده وبواسط، وكتبت عنه أناشيد.
أنشدني برهان بن الحسين من حفظه لبعض المتقدمين.
إذا شئت أن تدعى كريماً مهذباً ... أديباً لبيباً عاقلاً فطناً حرا
إذا ما بدا من صاحبٍ لك زلةٌ ... فكن أنت محتالاً لزلته عذرا(3/30)
وسمعته ينشد:
لمن أطلب الدنيا إذا لم أرد بها ... سرور محب أو إساءة مجرم
توفي برهان هذا ببلده في شوال سنة خمس وثمانين وخمس مئة، رحمه الله وإيانا.
1118- بيان بن أحمد بن محمد بن خميس، أبو المفاخر الواسطي.
من أهل قريةٍ تعرف بالرصافة من سواد واسط.
قدم بغداد للتفقه بعد سنة خمسين وخمس مئة، وأقام بها بالمدرسة الثقتية بباب الأزج، ودرس الفقه على مدرسها يوسف بن بندار الدمشقي قبل أن يدرس بالنظامية، وسمع بها شيئاً من الحديث من أبي الفضل أحمد بن صالح بن شافع، ومن أبي العباس أحمد بن المبارك المرقعاتي وغيرهما.
وعاد إلى بلده، ثم قدمها علينا في سنة ست وست مئة، ولقيناه بها، وكتبنا عنه أناشيد، وكان حفظه للحكايات والأشعار سهل الأخلاق.
أنشدني أبو المفاخر بيان بن أحمد الرصافي الواسطي ببغداد من حفظه لبعضهم:
لي صديقٌ ما مسني عدمٌ ... مذ نظرت عينه إلى عدمي
قام بأمري لما قعدت به ... ونمت عن حاجتي ولم ينم
وأنشدني أبو المفاخر بيان بن أحمد أيضاً، قال: أنشدنا الأجل أبو طالب ابن زبادة الكاتب لنفسه:
كل ظلومٍ تزول دولته ... وليس ما سن من أذىً زائل
كحيةٍ خوف سمها قتلت ... وسمها بعد قتلها قاتل(3/31)
حرف التاء
ذكر من اسمه تمام
1119- تمام بن مواهب بن علي بن الضحاك، أبو الفرج بن أبي القاسم.
من أهل الحربية.
سمع أبا القاسم هبة الله بن الحصين، وروى عنه.
سمع منه القاضي أبو المحاسن عمر بن علي الدمشقي، وأخرج عنه حديثاً في ((معجم شيوخه)).
أنبأنا عمر بن علي بن الخضر القرشي، قال: أخبرنا أبو الفرج تمام بن مواهب الحربي، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي الوعظ، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس أن سعد بن عبادة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذرٍ كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال: اقضه عنها.(3/32)
قال القرشي: سألت تمام هذا عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة خمسٍ وخمس مئة تقريباً.
1120- تمام بن عمر بن محمد، أبو الحسن يعرف بابن الشنا.
من أهل الحربية أيضاً.
سمع القاضي أبا الحسين محمد بن محمد ابن الفراء، وغيره. كتبنا عنه.
قرىً على أبي الحسن تمام بن عمر الحربي بها وأنا أسمع، قيل له: أخبركم القاضي أبو الحسين محمد بن محمد ابن الفراء قراءةً عليه في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وخمس مئة وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا والدي القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين أملاءً بجامع المنصور، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد ابن عبد الله ابن أخي ميمي، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي، قال: حدثنا أبو روح محمد بن زياد بن فروة البلدي، قال: حدثنا أبو شهاب، عن إسماعيل ابن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله، قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة البدر، فقال: إنكم سترون ربكم عز وجل عياناً كما ترون هذا لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل الغروب، وقرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها}، أخرجه البخاري عن يوسف، عن عاصم بن يوسف(3/33)
اليربوعي، عن أبي شهاب.
توفي تمام بن عمر هذا يوم الأحد العشرين من شعبان سنة أربع وتسعين وخمس مئة، ودفن بباب حرب.
1121- تمام بن أبي تغلب بن تمام، أبو الخير.
من أهل واسط.
أحد الزهاد المنقطعين أصحاب الزوايا. قدم بغداد وسكن بالجانب الغربي على دجلة بمسجدٍ مجاورٍ لجامع فخر الدولة ابن المطلب، وعنده جماعةٌ من الفقراء، يغشاه الناس ويزورونه على طريقةٍ حميدةٍ.
توفي ببغداد في ليلة الجمعة سابع عشري شعبان سنة ثمان عشرة وست مئة، ودفن يوم الجمعة بباب حرب.(3/34)
ذكر من اسمه تميم
1122- تميم بن الحسين بن أبي نصر، أبو نصر البزاز، يعرف بالقراح.
سمع منه أبو العباس أحمد وأبو القاسم تميم ابنا أبي بكر البزاز، وعبد الله ابن أبي طالب المقرئ ويثني عليه خيراً. أدركته ولم ألقه، ولعله قد أجاز لنا، والله أعلم.
1123- تميم بن سلمان بن معالي بن سالم بن سويد العبادي، أبو كامل الربعي، من ربيعة الفرس.
هكذا أملى نسبه علي بعض أهل الحديث من أهل باب الأزج.
سمع أبا الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري المقرئ، وغيره.
سمع منه أبو الرضا أحمد بن طارق، وأبو القاسم تميم بن أحمد ابن البندنيجي، وإبراهيم بن محاسن بن شاذي. وأجاز لنا.
أخبرنا أبو كامل تميم بن سلمان العبادي إجازةً، قال: أخبرنا أبو الكرم المبارك بن الحسن ابن الشهرزوري قراءةً عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن عبيد الله ابن المهتدي بالله إجازةً، قال: أخبرنا أبو(3/35)
حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ، وأخبرناه أبو القاسم هبة الله بن الحسن ابن المظفر بقراءتي عليه، قلت له: أخبركم أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قراءةً عليه، فأقر به، قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين، قال: حدثنا محمد بن صالح بن زغيل التمار، قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث المزيدي وطالوت بن عباد، قالا: حدثنا فضال بن جبير، قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((اكفلوا لي بستٍ أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف، وإذا أتمن فلا يخن، غضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وصلوا أرحامكم)).
توفي تميم بن سلمان في يوم الأحد منتصف جمادى الأولى سنة تسعين وخمس مئة.
قال عبد الله بن أبي طالب المقرئ: ودفن بباب حرب.
1124- تميم بن أحمد بن أحمد بن كرم بن غالب البندنيجي الأصل البغدادي المولد والدار، أبو القاسم بن أبي بكر بن أبي السعادات.(3/36)
من أهل باب الأزج، أخو أحمد بن أحمد الذي قدمنا ذكره.
سمع أبو القاسم الكثير، وكتب بخطه لنفسه ولغيره، وأفاد الطلبة بكتبه وسعيه. وكان يحفظ أسماء الشيوخ ويعرف مسموعاتهم، وما يروونه، ومواليدهم ووفاتهم، ويعنى يجمع ذلك وضبطه.
سمع أبا بكر محمد بن عبيد الله ابن الزاغوني، وأبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبا حكيم إبراهيم بن دينار النهرواني، وأبا محمد محمد بن أحمد ابن المادح، وأبا المظفر هبة الله بن أحمد ابن الشبلي، وأبا القاسم هبة الله بن الفضل الشاعر، والوزير أبا المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة، والقاضي أبا يعلى محمد بن محمد ابن الفراء، والشيخ عبد القادر بن أبي صالح الجيلي، وأبا طالب المبارك بن علي بن خضير، وأبا بكر أحمد بن المقرب، وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي ابن البطي، وخلقاً يطول ذكرهم من طبقة هؤلاء ومن بعدهم، وحدث باليسير. سمعنا بإفادته ومنه، وكان لنا صديقاً.
أخبرنا أبو القاسم تميم بن أحمد بقراءتي عليه وكتبه لنا بخطه، قلت له: أخبركم أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن سعيد قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: حدثنا شيخ الإسلام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري إملاءً بهراة، قال: أخبرنا أبو عاصم محمد بن محمد الباشاني، قال: أخبرنا محمد بن حامد الماليني، قال: حدثنا يحيى بن منصور الزاهد، قال: حدثنا عمرو بن علي الصيرفي، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين(3/37)
باتت يده)).
سألت تميم ابن البندنيجي عن مولده، فقال: في سنة أربع أو سنة خمس وأربعين وخمس مئة.
وتوفي صبيحة يوم السبت ثالث جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وخمس مئة، وصلينا عليه ضحى يوم الأحد رابعه، ودفن بمقبرة باب حرب، رحمه الله وإيانا.
1125- تميم بن معالي بن محمد، أبو القاسم الغراد، يعرف بابن شدقيني.
من أهل الجانب الغربي، من موضع يعرف بدرب الشعير.
هكذا سماه إلياس بن جامع الإربلي فيما روى عنه، وغيره سماه ((فرح)) بالحاء المهملة.
وقد سمعنا من هذا الشيخ، وكان بكنيته مشهوراً، فسماه كل واحدٍ من أصحاب الحديث اسماً اختياراً، وسنذكره في غير هذا الحرف على ما كتبنا عنه إن شاء الله.(3/38)
الأسماء المفردة في حرف التاء
1126- تغلب بن مفرج، أبو الحسن الحصري.
من أهل باب الأزج.
سمع أبا محمد علي بن الخضر بن آساء الفرضي، وروى عنه، سمع منه جماعةً من الطلبة، منهم أبو محمد عبد الرحمن بن عمر الواعظ، وغيره.
1127- ترك بن محمد بن بركة بن عمر العطار، أبو بكر، يعرف والده بسوادا، وقد ذكرناه فيما تقدم.
من أهل شارع دار الرقيق.
سمع أبا الفتح مفلح بن أحمد الدومي الوراق، وأبا البدر إبراهيم بن محمد الكرخي الفقيه، وأبا بكر أحمد بن علي بن الأشقر الدلال، وأبا العباس أحمد بن أبي غالب ابن الطلاية الوراق، وأبا القاسم سعيد بن أحمد ابن البناء، وجماعةً آخرين. سمعنا منه.
قرأت على أبي بكر ترك بن محمد بن بركة، قلت له: أخبركم أبو البدر إبراهيم بن محمد بن منصور الكرخي قراءةً عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: أخبرنا القاضي أبو عمر(3/39)
القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد ابن عمرو اللؤلؤي، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن أبي المليح، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: ((لا يقبل الله صدقةً من غلولٍ ولا صلاةً بغير طهور)).
سألت ترك بن محمد هذا عن مولده، فقال: ولدت في رابع عشر صفر سنة إحدى وثلاثين وخمس مئة.
وتوفي ليلة السبت عاشر ربيع الأول سنة أربع عشرة وست مئة، ودفن يوم السبت.(3/40)
حرف الثاء
ذكر من اسمه ثابت
1128- ثابت بن تمام بن ثابت، أبو الغنائم التاني.
روى عنه أبو بكر المبارك بن كامل بن أبي غالب في ((معجم شيوخه))، وقال: أنشدني، قال: أنشدني القاضي أبو علي يعقوب بن أحمد، يعني العكبري:
أما الفؤاد فمذ فارقتكم قلقٌ ... يمسي ويصبح مهموماً من الفكر
والعين لو لم تكن ترجو لقاءكم ... إذاً لتهلك بين الدمع والسهر
1129- ثابت بن المبارك بن علي، أبو المعالي بن أبي الفرج العطار.
من أهل باب الأزج.
ذكره القاضي أبو المحاسن عمر بن علي القرشي فيمن سمع منه وعده في شيوخه.
1130- ثابت بن أبي طالب بن حمدان، أبو القاسم التاجر.
كان نسيباً لأبي الفتح يوسف بن محمد الدمشقي، وله إجازة من أبي القاسم بن الحصين.
قال القاضي عمر بن علي القرشي: سمعت منه بإفادة نسيبه يوسف.
أنبأنا أبو المحاسن بن أبي الحسن الدمشقي، قال: أخبرنا أبو القاسم ثابت ابن أبي طالب بن حمدان نسيب يوسف الدمشقي، وهو دلنا عليه، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني إجازةً، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي. وأخبرناه عالياً أبو منصور المبارك بن عبد الله ابن محمد البغدادي بقراءتي عليه، قلت له: حدثكم أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد إملاءً، فأقر به، قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن(3/41)
المحسن التنوخي، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد الرزاز، وأبو سعيد الحسن بن جعفر السمسار، قالا: حدثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، قال: حدثنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا همام، عن أبي جمرة، قال: كنت أدفع الزحام عن ابن عباس فاحتبست عنه أياماً، فقال: ما حبسك؟ قلت: الحمى. فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((الحمى من فيح جهنم، فأبردوها عنكم بماء زمزم)).
1131- ثابت بن المظفر بن الحسن بن المظفر ابن السبط، أبو محمد بن أبي سعد بن أبي علي.
هو ابن أخي شيخنا أبي القاسم هبة الله بن الحسن ابن السبط. هكذا سماه بعضهم، ويقال: اسمه الحسن، وسنذكره في حرف الحاء إن شاء الله.
سمع جده أبا علي الحسن بن المظفر، وروى عنه. سمع منه أحمد بن طارق، وجعفر بن محمد العباس، وغيرهما، وأجاز لنا.(3/42)