لَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، فَوَاللهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَجْلِسَهُ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِنَ العَرَقِ مِثْلُ الجُمَانِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَسُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا، أَنْ قَالَ: يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللهُ فَقَدْ بَرَّأَكِ، قَالَتْ: فَقَالَتْ لِي أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، فَإِنِّي لاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَتْ: وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ}، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: بَلَى وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَأَلَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ لِزَيْنَبَ: مَاذَا عَلِمْتِ، أَوْ رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ، قَالَتْ: وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَهَذَا الَّذِي بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِ هَؤُلاَءِ الرَّهْطِ، ثُمَّ قَالَ عُرْوَةُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَاللهِ إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قِيلَ لَهُ مَا قِيلَ، لَيَقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا كَشَفْتُ مِنْ كَنَفِ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ: ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللهِ.(5/153)
4142- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: أَمْلَى عَلَيَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ، قَالَ: أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ: أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ؟ قُلْتُ: لاَ، وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكَ، أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ لَهُمَا: كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا، فَرَاجَعُوهُ، فَلَمْ يَرْجِعْ، وَقَالَ: مُسَلِّمًا: بِلاَ شَكٍّ فِيهِ، وَعَلَيْهِ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَتِيقِ كَذَلِكَ.(5/154)
4143- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ، وَهِيَ أُمُّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا قَاعِدَةٌ أَنَا وَعَائِشَةُ، إِذْ وَلَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتْ: فَعَلَ اللهُ بِفُلاَنٍ وَفَعَلَ بِفُلاَنٍ، فَقَالَتْ أُمُّ رُومَانَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: ابْنِي فِيمَنْ حَدَّثَ الحَدِيثَ، قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَتْ: وَأَبُو بَكْرٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ: فَخَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا، فَمَا أَفَاقَتْ إِلاَّ وَعَلَيْهَا حُمَّى بِنَافِضٍ، فَطَرَحْتُ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَغَطَّيْتُهَا، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخَذَتْهَا الحُمَّى بِنَافِضٍ، قَالَ: فَلَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ بِهِ، قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَعَدَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَتْ: وَاللهِ لَئِنْ حَلَفْتُ لاَ تُصَدِّقُونِي، وَلَئِنْ قُلْتُ لاَ تَعْذِرُونِي، مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ: {وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} قَالَتْ: وَانْصَرَفَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عُذْرَهَا، قَالَتْ: بِحَمْدِ اللهِ لاَ بِحَمْدِ أَحَدٍ، وَلاَ بِحَمْدِكَ.(5/154)
4144- حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَتْ تَقْرَأُ: {إِذْ تَلِقُونَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} وَتَقُولُ: الوَلْقُ الكَذِبُ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَتْ أَعْلَمَ مِنْ غَيْرِهَا بِذَلِكَ، لأَنَّهُ نَزَلَ فِيهَا.(5/154)
4145- حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذَهَبْتُ أَسُبُّ حَسَّانَ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: لاَ تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي هِجَاءِ المُشْرِكِينَ، قَالَ: كَيْفَ بِنَسَبِي؟ قَالَ: لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعَرَةُ مِنَ العَجِينِ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ (1): حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ فَرْقَدٍ، سَمِعْتُ هِشَامًا، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَبَبْتُ حَسَّانَ، وَكَانَ مِمَّنْ كَثَّرَ عَلَيْهَا.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، وأبي الوقت، والمُستَملِي: محمد بن عقبة.(5/154)
4146- حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، وَعِنْدَهَا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، يُنْشِدُهَا شِعْرًا، يُشَبِّبُ بِأَبْيَاتٍ لَهُ وَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ.
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَكِنَّكَ لَسْتَ كَذَلِكَ، قَالَ مَسْرُوقٌ: فَقُلْتُ لَهَا: لِمَ تَأْذَنِي لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكِ؟ وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} فَقَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى؟ قَالَتْ لَهُ: إِنَّهُ كَانَ يُنَافِحُ، أَوْ: يُهَاجِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/155)
36- بَابُ غَزْوَةِ الحُدَيْبِيَةِ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.
4147- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: قَالَ اللهُ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ اللهِ، وَبِرِزْقِ اللهِ، وَبِفَضْلِ اللهِ، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي، كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَجْمِ كَذَا، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ، كَافِرٌ بِي.(5/155)
4148- حَدَّثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَخْبَرَهُ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، كُلَّهُنَّ فِي ذِي القَعْدَةِ، إِلاَّ الَّتِي كَانَتْ مَعَ حَجَّتِهِ: عُمْرَةً مِنَ الحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ العَامِ المُقْبِلِ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مِنَ الجِعْرَانَةِ، حَيْثُ قَسَمَ غَنَائِمَ حُنَيْنٍ فِي ذِي القَعْدَةِ، وَعُمْرَةً مَعَ حَجَّتِهِ.(5/155)
4149- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ قَالَ: انْطَلَقْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ، وَلَمْ أُحْرِمْ.(5/156)
4150- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمُ الفَتْحَ فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِئَةً، وَالحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا، فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهَا أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا.(5/156)
4151- حَدَّثَنِي فَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ أَبُو عَلِيٍّ الحَرَّانِيُّ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: أَنْبَأَنَا البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَنَزَلُوا عَلَى بِئْرٍ فَنَزَحُوهَا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَتَى البِئْرَ، وَقَعَدَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِدَلْوٍ مِنْ مَائِهَا، فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ، فَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: دَعُوهَا سَاعَةً، فَأَرْوَوْا أَنْفُسَهُمْ وَرِكَابَهُمْ حَتَّى ارْتَحَلُوا.(5/156)
4152- حَدَّثنا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثنا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ، فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا لَكُمْ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ، وَلاَ نَشْرَبُ، إِلاَّ مَا فِي رَكْوَتِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ، فَجَعَلَ المَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ العُيُونِ، قَالَ: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا، فَقُلْتُ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِئَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَةً.(5/156)
4153- حَدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ: بَلَغَنِي أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ كَانَ يَقُولُ: كَانُوا أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِئَةً، فَقَالَ لِي سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي جَابِرٌ: كَانُوا خَمْسَ عَشْرَةَ مِئَةً، الَّذِينَ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ.
تَابَعَهُ أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثنا قُرَّةُ، عَنْ قَتَادَةَ(5/157)
4154- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ: أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ، وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ، وَلَوْ كُنْتُ أُبْصِرُ اليَوْمَ لأَرَيْتُكُمْ مَكَانَ الشَّجَرَةِ.
تَابَعَهُ الأَعْمَشُ، سَمِعَ سَالِمًا، سَمِعَ جَابِرًا: أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ.(5/157)
4155- وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ: حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ أَصْحَابُ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلاَثَ مِئَةٍ، وَكَانَتْ أَسْلَمُ ثُمْنَ المُهَاجِرِينَ.
تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ.(5/157)
4156- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا عِيسَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِرْدَاسًا الأَسْلَمِيَّ يَقُولُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ: يُقْبَضُ الصَّالِحُونَ، الأَوَّلُ فَالأَوَّلُ، وَتَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ، لاَ يَعْبَأُ اللهُ بِهِمْ شَيْئًا.(5/157)
4157 و4158- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ مَرْوَانَ، وَالمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالاَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا كَانَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ الهَدْيَ، وَأَشْعَرَ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا، لاَ أُحْصِي كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ، حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: لاَ أَحْفَظُ مِنَ الزُّهْرِيِّ الإِشْعَارَ وَالتَّقْلِيدَ، فَلاَ أَدْرِي، يَعْنِي مَوْضِعَ الإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، أَوِ الحَدِيثَ كُلَّهُ.(5/157)
4159- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ خَلَفٍ، قَالَ: حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَآهُ وَقَمْلُهُ يَسْقُطُ عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَحْلِقَ، وَهُوَ بِالحُدَيْبِيَةِ، لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَحِلُّونَ بِهَا، وَهُمْ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ الفِدْيَةَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَنْ يُطْعِمَ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، أَوْ يُهْدِيَ شَاةً، أَوْ يَصُومَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ.(5/157)
4160 و4161- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِلَى السُّوقِ، فَلَحِقَتْ عُمَرَ امْرَأَةٌ شَابَّةٌ، فَقَالَتْ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، هَلَكَ زَوْجِي وَتَرَكَ صِبْيَةً صِغَارًا، وَاللهِ مَا يُنْضِجُونَ كُرَاعًا، وَلاَ لَهُمْ زَرْعٌ، وَلاَ ضَرْعٌ، وَخَشِيتُ أَنْ تَأْكُلَهُمُ الضَّبُعُ، وَأَنَا بِنْتُ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ الغِفَارِيِّ، وَقَدْ شَهِدَ أَبِي الحُدَيْبِيَةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَوَقَفَ مَعَهَا عُمَرُ وَلَمْ يَمْضِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِنَسَبٍ قَرِيبٍ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى بَعِيرٍ ظَهِيرٍ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الدَّارِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ غِرَارَتَيْنِ مَلأَهُمَا طَعَامًا، وَحَمَلَ بَيْنَهُمَا نَفَقَةً وَثِيَابًا، ثُمَّ نَاوَلَهَا بِخِطَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتَادِيهِ، فَلَنْ يَفْنَى حَتَّى يَأْتِيَكُمُ اللهُ بِخَيْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَكْثَرْتَ لَهَا؟ قَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَاللهِ إِنِّي لأَرَى أَبَا هَذِهِ وَأَخَاهَا، قَدْ حَاصَرَا حِصْنًا زَمَانًا فَافْتَتَحَاهُ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَنَا فِيهِ.(5/158)
4162- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ أَبُو عَمْرٍو الفَزَارِيُّ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ الشَّجَرَةَ، ثُمَّ أَتَيْتُهَا بَعْدُ، فَلَمْ أَعْرِفْهَا.
(1) قَالَ مَحْمُودٌ: ثُمَّ أُنْسِيتُهَا بَعْدُ.
_حاشية__________
(1) عند المُستَملي: قال أبو عبد الله: قال محمود.(5/158)
4163- حَدَّثنا مَحْمُودٌ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: انْطَلَقْتُ حَاجًّا، فَمَرَرْتُ بِقَوْمٍ يُصَلُّونَ، قُلْتُ: مَا هَذَا المَسْجِدُ؟ قَالُوا: هَذِهِ الشَّجَرَةُ، حَيْثُ بَايَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ، فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّهُ كَانَ فِيمَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَلَمَّا خَرَجْنَا مِنَ العَامِ المُقْبِلِ نَسِينَاهَا، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَقَالَ سَعِيدٌ: إِنَّ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمْ يَعْلَمُوهَا وَعَلِمْتُمُوهَا أَنْتُمْ، فَأَنْتُمْ أَعْلَمُ.(5/158)
4164- حَدَّثنا مُوسَى، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثنا طَارِقٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهَا العَامَ المُقْبِلَ، فَعَمِيَتْ عَلَيْنَا.(5/159)
4165- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ طَارِقٍ، قَالَ: ذُكِرَتْ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ الشَّجَرَةُ، فَضَحِكَ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، وَكَانَ شَهِدَهَا.(5/159)
4166- حَدَّثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ، قَالَ: اللهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ، فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَتِهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى.(5/159)
4167- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الحَرَّةِ، وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ حَنْظَلَةَ، فَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: عَلَى مَا يُبَايِعُ ابْنُ حَنْظَلَةَ النَّاسَ؟ قِيلَ لَهُ: عَلَى المَوْتِ، قَالَ: لاَ أُبَايِعُ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَكَانَ شَهِدَ مَعَهُ الحُدَيْبِيَةَ.(5/159)
4168- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثنا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الجُمُعَةَ، ثُمَّ نَنْصَرِفُ، وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ.(5/159)
4169- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى المَوْتِ.(5/159)
4170- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ العَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَقِيتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقُلْتُ: طُوبَى لَكَ، صَحِبْتَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثْنَاهُ بَعْدَهُ.(5/159)
4171- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثنا مُعَاوِيَةُ، هُوَ ابْنُ سَلاَّمٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.(5/160)
4172- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ، قَالَ أَصْحَابُهُ: هَنِيئًا مَرِيئًا، فَمَا لَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ}.
قَالَ شُعْبَةُ: فَقَدِمْتُ الكُوفَةَ، فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ عَنْ قَتَادَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فَقَالَ أَمَّا: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} فَعَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا، فَعَنْ عِكْرِمَةَ.(5/160)
4173- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ، قَالَ: إِنِّي لأُوقِدُ تَحْتَ القِدْرِ بِلُحُومِ الحُمُرِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ.
4174- وَعَنْ مَجْزَأَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، اسْمُهُ: أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ، وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً.(5/160)
4175- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَصْحَابُهُ أُتُوا بِسَوِيقٍ فَلاَكُوهُ.
تَابَعَهُ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ.(5/160)
4176- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ، حَدَّثنا شَاذَانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، هَلْ يُنْقَضُ الوِتْرُ؟ قَالَ: إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ، فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ.(5/160)
4177- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ المُسْلِمِينَ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، قَالَ: فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، وَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ، لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.(5/160)
4178 و4179- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، حِينَ حَدَّثَ هَذَا الحَدِيثَ، حَفِظْتُ بَعْضَهُ، وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالاَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ، فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِئَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَتَى ذَا الحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ الهَدْيَ، وَأَشْعَرَهُ، وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ، وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ، أَتَاهُ عَيْنُهُ، قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا، وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ، وَصَادُّوكَ عَنِ البَيْتِ، وَمَانِعُوكَ، فَقَالَ: أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ، أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ البَيْتِ، فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَإِلاَّ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا البَيْتِ، لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ، وَلاَ حَرْبَ أَحَدٍ فَتَوَجَّهْ لَهُ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ، قَالَ: امْضُوا عَلَى اسْمِ اللهِ.(5/161)
4180 و4181- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي عُمْرَةِ الحُدَيْبِيَةِ، فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّةِ المُدَّةِ، وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّهُ قَالَ: لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَأَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ،(5/161)
فَكَرِهَ المُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا، فَتَكَلَّمُوا فِيهِ، فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ، كَاتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَرَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَحَدٌ مِنَ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ المُدَّةِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا، وَجَاءَتِ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ، فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهِيَ عَاتِقٌ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي المُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ.(5/162)
4182- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} وَعَنْ عَمِّهِ قَالَ: بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى المُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ، وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ: فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ.(5/162)
4183- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، خَرَجَ مُعْتَمِرًا فِي الفِتْنَةِ، فَقَالَ: إِنْ صُدِدْتُ عَنِ البَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، مِنْ أَجْلِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الحُدَيْبِيَةِ.(5/162)
4184- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ أَهَلَّ وَقَالَ: إِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَعَلْتُ كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ حَالَتْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ، وَتَلاَ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.(5/162)
4185- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ، وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَخْبَرَاهُ: أَنَّهُمَا كَلَّمَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، (ح) وَحَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ بَعْضَ بَنِي عَبْدِ اللهِ، قَالَ لَهُ: لَوْ أَقَمْتَ العَامَ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ تَصِلَ إِلَى البَيْتِ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ دُونَ البَيْتِ، فَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ هَدَايَاهُ، وَحَلَقَ، وَقَصَّرَ أَصْحَابُهُ، وَقَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوْجَبْتُ عُمْرَةً، فَإِنْ خُلِّيَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ طُفْتُ، وَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ البَيْتِ، صَنَعْتُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَارَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: مَا أُرَى شَأْنَهُمَا إِلاَّ وَاحِدًا، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجَّةً مَعَ عُمْرَتِي، فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا، وَسَعْيًا وَاحِدًا، حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا.(5/162)
4186- حَدَّثَنِي شُجَاعُ بْنُ الوَلِيدِ، سَمِعَ النَّضْرَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا صَخْرٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَتَحَدَّثُونَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَكِنْ عُمَرُ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَرْسَلَ عَبْدَ اللهِ إِلَى فَرَسٍ لَهُ عِنْدَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، يَأْتِي بِهِ لِيُقَاتِلَ عَلَيْهِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُبَايِعُ عِنْدَ الشَّجَرَةِ، وَعُمَرُ لاَ يَدْرِي بِذَلِكَ، فَبَايَعَهُ عَبْدُ اللهِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى الفَرَسِ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى عُمَرَ، وَعُمَرُ يَسْتَلْئِمُ لِلْقِتَالِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُبَايِعُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَذَهَبَ مَعَهُ، حَتَّى بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَهِيَ الَّتِي يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ.(5/163)
4187- وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ العُمَرِيُّ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّاسَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ تَفَرَّقُوا فِي ظِلاَلِ الشَّجَرِ، فَإِذَا النَّاسُ مُحْدِقُونَ بِالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، انْظُرْ مَا شَأْنُ النَّاسِ قَدْ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَوَجَدَهُمْ يُبَايِعُونَ، فَبَايَعَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى عُمَرَ، فَخَرَجَ، فَبَايَعَ.(5/163)
4188- حَدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثنا يَعْلَى، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ اعْتَمَرَ، فَطَافَ فَطُفْنَا مَعَهُ، وَصَلَّى وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَكُنَّا نَسْتُرُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ لاَ يُصِيبُهُ أَحَدٌ بِشَيْءٍ.(5/163)
4189- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَصِينٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو وَائِلٍ: لَمَّا قَدِمَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ مِنْ صِفِّينَ، أَتَيْنَاهُ نَسْتَخْبِرُهُ، فَقَالَ: اتَّهِمُوا الرَّأْيَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ، وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَمْرَهُ لَرَدَدْتُ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، وَمَا وَضَعْنَا أَسْيَافَنَا عَلَى عَوَاتِقِنَا لأَمْرٍ يُفْظِعُنَا إِلاَّ أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ قَبْلَ هَذَا الأَمْرِ، مَا نَسُدُّ مِنْهَا خُصْمًا إِلاَّ تَفَجَّرَ عَلَيْنَا خُصْمٌ مَا نَدْرِي كَيْفَ نَأْتِي لَهُ.(5/164)
4190- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ زَمَنَ الحُدَيْبِيَةِ، وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ: أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ: انْسُكْ نَسِيكَةً.
قَالَ أَيُّوبُ: لاَ أَدْرِي بِأَيِّ هَذَا بَدَأَ.(5/164)
4191- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامٍ أَبُو عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالحُدَيْبِيَةِ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنَا المُشْرِكُونَ، قَالَ: وَكَانَتْ لِي وَفْرَةٌ، فَجَعَلَتِ الهَوَامُّ تَسَّاقَطُ عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}.(5/164)
37- بَابُ قِصَّةِ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ.
4192- حَدَّثَنِي عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، حَدَّثَهُمْ ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا المَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَتَكَلَّمُوا بِالإِسْلاَمِ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا المَدِينَةَ،(5/164)
فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الحَرَّةِ، كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ، فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الحَرَّةِ، حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ.
قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ المُثْلَةِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ، وَأَبَانُ، وَحَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ: مِنْ عُرَيْنَةَ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَأَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ عُكْلٍ.(5/165)
4193- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، وَالحَجَّاجُ الصَّوَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ، وَكَانَ مَعَهُ بِالشَّامِ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ العَزِيزِ اسْتَشَارَ النَّاسَ يَوْمًا، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذِهِ القَسَامَةِ؟ فَقَالُوا: حَقٌّ قَضَى بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَضَتْ بِهَا الخُلَفَاءُ قَبْلَكَ، قَالَ: وَأَبُو قِلاَبَةَ خَلْفَ سَرِيرِهِ، فَقَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: فَأَيْنَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي العُرَنِيِّينَ، قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ، إِيَّايَ حَدَّثَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.
قَالَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ: مِنْ عُرَيْنَةَ.
وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، مِنْ عُكْلٍ... وَذَكَرَ القِصَّةَ.(5/165)
38- بَابُ غَزْوَةِ ذَاتِ القَرَدِ.
وَهِيَ الغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِثَلاَثٍ.
4194- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالأُولَى، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَرْعَى بِذِي قَرَدَ، قَالَ: فَلَقِيَنِي غُلاَمٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ، قَالَ: فَصَرَخْتُ ثَلاَثَ صَرَخَاتٍ: يَا صَبَاحَاهْ، قَالَ فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لاَبَتَيِ المَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُهُمْ، وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ المَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِنَبْلِي، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَأَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الأَكْوَعْ... وَاليَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِْ.
وَأَرْتَجِزُ، حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلاَثِينَ بُرْدَةً، قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، قَدْ حَمَيْتُ القَوْمَ المَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: يَا ابْنَ الأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ، قَالَ: ثُمَّ رَجَعْنَا، وَيُرْدِفُنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى نَاقَتِهِ حَتَّى دَخَلْنَا المَدِينَةَ.(5/165)
39- بَابُ غَزْوَةِ خَيْبَرَ.
4195- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، وَهِيَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ، صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى المَغْرِبِ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.(5/166)
4196- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلاً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ لِعَامِرٍ: يَا عَامِرُ، أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا (1)، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالقَوْمِ يَقُولُ:
اللهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا.
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اتَّقَيْنَا... وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا.
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا.
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا.
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللهِ، لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ، فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ اليَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ، أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً،
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، هـ: حدَّاء.(5/166)
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا هَذِهِ النِّيرَانُ، عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ، قَالَ: عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ قَالُوا: لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا؟ قَالَ: أَوْ ذَاكَ، فَلَمَّا تَصَافَّ القَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا، فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ، وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ، فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ، قَالَ: فَلَمَّا قَفَلُوا، قَالَ سَلَمَةُ: رَآنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي، قَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ لَهُ: فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: كَذَبَ مَنْ قَالَهُ، إِنَّ لَهُ لأَجْرَيْنِ، وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ، قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ.
حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا حَاتِمٌ، قَالَ: نَشَأَ بِهَا.(5/167)
4197- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَتَى خَيْبَرَ لَيْلاً، وَكَانَ إِذَا أَتَى قَوْمًا بِلَيْلٍ لَمْ يُغِرْ بِهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ خَرَجَتِ اليَهُودُ بِمَسَاحِيهِمْ، وَمَكَاتِلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ.(5/167)
4198- أَخبَرَنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صَبَّحْنَا خَيْبَرَ بُكْرَةً، فَخَرَجَ أَهْلُهَا بِالْمَسَاحِي، فَلَمَّا بَصُرُوا بِالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللهِ، مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ، فَأَصَبْنَا مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، فَإِنَّهَا رِجْسٌ.(5/167)
4199- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جَاءَهُ جَاءٍ، فَقَالَ: أُكِلَتِ الحُمُرُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: أُكِلَتِ الحُمُرُ، فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: أُفْنِيَتِ الحُمُرُ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَأُكْفِئَتِ القُدُورُ، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ.(5/167)
4200- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الصُّبْحَ قَرِيبًا مِنْ خَيْبَرَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ، فَخَرَجُوا يَسْمَعُونَ فِي السِّكَكِ، فَقَتَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المُقَاتِلَةَ، وَسَبَى الذُّرِّيَّةَ، وَكَانَ فِي السَّبْيِ صَفِيَّةُ، فَصَارَتْ إِلَى دَِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، ثُمَّ صَارَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.
فَقَالَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ لِثَابِتٍ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، آنْتَ قُلْتَ لأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ فَحَرَّكَ ثَابِتٌ رَأْسَهُ، تَصْدِيقًا لَهُ.(5/168)
4201- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: سَبَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ صَفِيَّةَ، فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ ثَابِتٌ لأَنَسٍ: مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: أَصْدَقَهَا نَفْسَهَا، فَأَعْتَقَهَا.(5/168)
4202- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ التَقَى هُوَ وَالمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى عَسْكَرِهِ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً، وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ: مَا أَجْزَأَ مِنَّا اليَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ، قَالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ سَيْفَهُ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: الرَّجُلُ الَّذِي ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ، فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ فِي الأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عِنْدَ ذَلِكَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.(5/168)
4203- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ، يَدَّعِي الإِسْلاَمَ: هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَلَمَّا حَضَرَ القِتَالُ، قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ القِتَالِ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الجِرَاحَةِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا، فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، صَدَّقَ اللهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلاَنٌ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ: قُمْ يَا فُلاَنُ، فَأَذِّنْ: أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ.
تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.(5/169)
4204- وَقَالَ شَبِيبٌ: عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: شَهِدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْبَرَ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
تَابَعَهُ صَالِحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْبَرَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَسَعِيدٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/169)
4205- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْبَرَ، أَوْ قَالَ: لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَشْرَفَ النَّاسُ عَلَى وَادٍ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّكْبِيرِ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ، وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ، وَأَنَا خَلْفَ دَابَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَمِعَنِي وَأَنَا أَقُولُ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، فَقَالَ لِي: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، قُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، قَالَ: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ.(5/169)
4206- حَدَّثنا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِي سَاقِ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا مُسْلِمٍ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، فَقَالَ النَّاسُ: أُصِيبَ سَلَمَةُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ، فَمَا اشْتَكَيْتُ حَتَّى السَّاعَةِ.(5/170)
4207- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: التَقَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالمُشْرِكُونَ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَاقْتَتَلُوا، فَمَالَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، وَفِي المُسْلِمِينَ رَجُلٌ لاَ يَدَعُ مِنَ المُشْرِكِينَ شَاذَّةً، وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا، فَضَرَبَهَا بِسَيْفِهِ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَجْزَأَ أَحَدٌ مَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالُوا: أَيُّنَا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِنْ كَانَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: لأَتَّبِعَنَّهُ، فَإِذَا أَسْرَعَ وَأَبْطَأَ كُنْتُ مَعَهُ، حَتَّى جُرِحَ، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نِصَابَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَجَاءَ الرَّجُلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.(5/170)
4208- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الخُزَاعِيُّ، حَدَّثنا زِيَادُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، قَالَ: نَظَرَ أَنَسٌ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَرَأَى طَيَالِسَةً، فَقَالَ: كَأَنَّهُمُ السَّاعَةَ يَهُودُ خَيْبَرَ.(5/170)
4209- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، تَخَلَّفَ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي خَيْبَرَ، وَكَانَ رَمِدًا، فَقَالَ: أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَحِقَ بِهِ، فَلَمَّا بِتْنَا اللَّيْلَةَ الَّتِي فُتِحَتْ، قَالَ: لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا، أَوْ: لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، يُفْتَحُ عَلَيْهِ، فَنَحْنُ نَرْجُوهَا، فَقِيلَ: هَذَا عَلِيٌّ، فَأَعْطَاهُ، فَفُتِحَ عَلَيْهِ.(5/171)
4210- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ، غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ، حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَاللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ.(5/171)
4211- حَدَّثنا عَبْدُ الغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ح) وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمْرٍو، مَوْلَى المُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمْنَا خَيْبَرَ، فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الحِصْنَ، ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا، وَكَانَتْ عَرُوسًا، فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِنَفْسِهِ، فَخَرَجَ بِهَا، حَتَّى بَلَغْنَا سَُدَّ الصَّهْبَاءِ، حَلَّتْ، فَبَنَى بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ لِي: آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ، فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَتَهُ عَلَى صَفِيَّةَ، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى المَدِينَةِ، فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ، فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ، وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ.(5/171)
4212- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ بِطَرِيقِ خَيْبَرَ، ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا، وَكَانَتْ فِيمَنْ ضُرِبَ عَلَيْهَا الحِجَابُ.(5/172)
4213- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَ خَيْبَرَ، وَالمَدِينَةِ، ثَلاَثَ لَيَالٍ، يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، وَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ، وَلاَ لَحْمٍ، وَمَا كَانَ فِيهَا إِلاَّ أَنْ أَمَرَ بِلاَلاً بِالأَنْطَاعِ فَبُسِطَتْ، فَأَلْقَى عَلَيْهَا التَّمْرَ وَالأَقِطَ وَالسَّمْنَ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ قَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا، فَهِيَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا، فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الحِجَابَ.(5/172)
4214- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ (ح) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا وَهْبٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مُحَاصِرِي خَيْبَرَ، فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ، فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ.(5/172)
4215- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ أَكْلِ الثُّومِ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.
نَهَى عَنْ أَكْلِ الثُّومِ، هُوَ عَنْ نَافِعٍ وَحْدَهُ، وَلُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، عَنْ سَالِمٍ.(5/172)
4216- حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَالحَسَنِ، ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَهَى عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَعَنْ أَكْلِ الحُمُرِ الإِنْسِيَّةِ.(5/172)
4217- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.(5/173)
4218- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، وَسَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.(5/173)
4219- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الحُمُرِ، وَرَخَّصَ فِي الخَيْلِ.(5/173)
4220- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا عَبَّادٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَصَابَتْنَا مَجَاعَةٌ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَإِنَّ القُدُورَ لَتَغْلِي، قَالَ: وَبَعْضُهَا نَضِجَتْ، فَجَاءَ مُنَادِي النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِ الحُمُرِ شَيْئًا، وَأَهْرِيقُوهَا، قَالَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: فَتَحَدَّثْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى عَنْهَا، لأَنَّهَا لَمْ تُخَمَّسْ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَهَى عَنْهَا البَتَّةَ، لأَنَّهَا كَانَتْ تَأْكُلُ العَذِرَةَ.(5/173)
4221 و4222- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَصَابُوا حُمُرًا، فَطَبَخُوهَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: أَكْفِئُوا القُدُورَ.(5/173)
4223 و4224- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، سَمِعْتُ البَرَاءَ، وَابْنَ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، يُحَدِّثَانِ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدْ نَصَبُوا القُدُورَ: أَكْفِئُوا القُدُورَ.
4225- حَدَّثنا مُسْلِمٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، نَحْوَهُ.(5/173)
4226- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، أَخبَرَنا عَاصِمٌ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ أَنْ نُلْقِيَ الحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ نِيئَةً وَنَضِيجَةً، ثُمَّ لَمْ يَأْمُرْنَا بِأَكْلِهِ بَعْدُ.(5/173)
4227- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الحُسَيْنِ، حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لاَ أَدْرِي أَنَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَانَ حَمُولَةَ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَ فِي يَوْمِ خَيْبَرَ لَحْمَ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ.(5/174)
4228- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثنا زَائِدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا، قَالَ: فَسَّرَهُ نَافِعٌ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فَرَسٌ فَلَهُ ثَلاَثَةُ أَسْهُمٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَسٌ فَلَهُ سَهْمٌ.(5/174)
4229- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْنَا: أَعْطَيْتَ بَنِي المُطَّلِبِ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ، وَتَرَكْتَنَا، وَنَحْنُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ، وَبَنُو المُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ، قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا.(5/174)
4230- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَنَحْنُ بِاليَمَنِ، فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ أَنَا وَأَخَوَانِ لِي أَنَا أَصْغَرُهُمْ، أَحَدُهُمَا أَبُو بُرْدَةَ، وَالآخَرُ أَبُو رُهْمٍ، إِمَّا قَالَ: بِضْعًا، وَإِمَّا قَالَ: ثَلاَثَةً وَخَمْسِينَ، أَوِ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلاً مِنْ قَوْمِي، فَرَكِبْنَا سَفِينَةً، فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالحَبَشَةِ، فَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا، فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، وَكَانَ أُنَاسٌ مِنَ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا، يَعْنِي لأَهْلِ السَّفِينَةِ: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا، عَلَى حَفْصَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، زَائِرَةً، وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ، فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ، وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا، فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ، قَالَ عُمَرُ: آلحَبَشِيَّةُ هَذِهِ البَحْرِيَّةُ هَذِهِ؟ قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ، قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالهِجْرَةِ، فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْكُمْ، فَغَضِبَتْ، وَقَالَتْ: كَلاَّ وَاللهِ، كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ، وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ، وَكُنَّا فِي دَارِ، أَوْ فِي أَرْضِ البُعَدَاءِ البُغَضَاءِ بِالحَبَشَةِ، وَذَلِكَ فِي اللهِ، وَفِي رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ،(5/174)
وَايْمُ اللهِ لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا، وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا، حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ، وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَسْأَلُهُ، وَاللهِ لاَ أَكْذِبُ، وَلاَ أَزِيغُ، وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ.
4231- فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ: كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَمَا قُلْتِ لَهُ؟ قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ، قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونَنِي أَرْسَالاً، يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ، مَا مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ، وَلاَ أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى، وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الحَدِيثَ مِنِّي.
4232- قَالَ أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ، إِذَا لَقِيَ الخَيْلَ، أَوْ قَالَ: العَدُوَّ، قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ.(5/175)
4233- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، سَمِعَ حَفْصَ بْنَ غِيَاثٍ، حَدَّثنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ أَنِ افْتَتَحَ خَيْبَرَ، فَقَسَمَ لَنَا، وَلَمْ يَقْسِمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الفَتْحَ غَيْرَنَا.(5/175)
4234- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثَوْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: افْتَتَحْنَا خَيْبَرَ، وَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا، وَلاَ فِضَّةً، إِنَّمَا غَنِمْنَا البَقَرَ وَالإِبِلَ وَالمَتَاعَ وَالحَوَائِطَ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى وَادِي القُرَى، وَمَعَهُ عَبْدٌ لَهُ، يُقَالُ لَهُ: مِدْعَمٌ، أَهْدَاهُ لَهُ أَحَدُ بَنِي الضِّبَابِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ، حَتَّى أَصَابَ ذَلِكَ العَبْدَ، فَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لَهُ الشَّهَادَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بَلى وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَصَابَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمِ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ، لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا، فَجَاءَ رَجُلٌ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِشِرَاكٍ، أَوْ بِشِرَاكَيْنِ، فَقَالَ: هَذَا شَيْءٌ كُنْتُ أَصَبْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: شِرَاكٌ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ.(5/175)
4235- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّانًا لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ، مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا.(5/176)
4236- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَوْلاَ آخِرُ المُسْلِمِينَ، مَا فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْبَرَ.(5/176)
4237- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، وَسَأَلَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَسَأَلَهُ، قَالَ لَهُ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ العَاصِ: لاَ تُعْطِهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، فَقَالَ: وَاعَجَبَاهْ لِوَبْرٍ، تَدَلَّى مِنْ قَدُومِ الضَّأْنِ.(5/176)
4238- وَيُذْكَرُ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُخْبِرُ سَعِيدَ بْنَ العَاصِي، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَبَانَ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ المَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقَدِمَ أَبَانُ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحَهَا، وَإِنَّ حُزْمَ خَيْلِهِمْ لَلِيفٌ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ تَقْسِمْ لَهُمْ، قَالَ أَبَانُ: وَأَنْتَ بِهَذَا يَا وَبْرُ، تَحَدَّرَ مِنْ رَأْسِ ضَأْنٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا أَبَانُ، اجْلِسْ، فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُمْ.(5/176)
4239- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي، أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا قَاتِلُ ابْنِ قَوْقَلٍ، وَقَالَ أَبَانُ لأَبِي هُرَيْرَةَ: وَاعَجَبًا لَكَ وَبْرٌ، تَدَأْدَأَ مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ، يَنْعَى عَلَيَّ امْرَءًا أَكْرَمَهُ اللهُ بِيَدِي، وَمَنَعَهُ أَنْ يُهِينَنِي بِيَدِهِ.(5/177)
4240 و4241- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ، بِنْتَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ، صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِنْ هَذَا المَالِ، وَإِنِّي وَاللهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ: أَنِ ائْتِنَا، وَلاَ يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ، فَقَالَ عُمَرُ: لاَ وَاللهِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ،(5/177)
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَاللهِ لآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ اللهُ، وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَصِيبًا، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَّ صَنَعْتُهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ لأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ العَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ، رَقِيَ عَلَى المِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ البَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ: أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ المُسْلِمُونَ، وَقَالُوا: أَصَبْتَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ المَعْرُوفَ.(5/178)
4242- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا حَرَمِيٌّ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، قُلْنَا: الآنَ نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ.(5/178)
4243- حَدَّثنا الحَسَنُ، حَدَّثنا قُرَّةُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: مَا شَبِعْنَا حَتَّى فَتَحْنَا خَيْبَرَ.(5/178)
40- بَابُ اسْتِعْمَالِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ.
4244 و4245- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: كُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا؟ فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، بِالثَّلاَثَةِ، فَقَالَ: لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.(5/178)
4246 و4247- وَقَالَ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ المَجِيدِ، عَنْ سَعِيدٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَاهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعَثَ أَخَا بَنِي عَدِيٍّ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَمَّرَهُ عَلَيْهَا.
وَعَنْ عَبْدِ المَجِيدِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، مِثْلَهُ.(5/179)
41- بَابُ مُعَامَلَةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَهْلَ خَيْبَرَ.
4248- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَعْطَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْبَرَ اليَهُودَ: أَنْ يَعْمَلُوهَا وَيَزْرَعُوهَا، وَلَهُمْ شَطْرُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا.(5/179)
42- بَابُ الشَّاةِ الَّتِي سُمَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِخَيْبَرَ.
رَوَاهُ عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4249- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي سَعِيدٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ خَيْبَرُ، أُهْدِيَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ شَاةٌ فِيهَا سُمٌّ.(5/179)
43- بَابُ غَزْوَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.
4250- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ: إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللهِ، لَقَدْ كَانَ خَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ.(5/179)
44- بَابُ عُمْرَةِ القَضَاءِ.
ذَكَرَهُ أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4251- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي ذِي القَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الكِتَابَ، كَتَبُوا: هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، قَالُوا: لاَ نُقِرُّ لَكَ بِهَذَا، لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ أَنَا رَسُولُ اللهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: امْحُ رَسُولَ اللهِ، قَالَ عَلِيٌّ: لاَ وَاللهِ لاَ أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الكِتَابَ، وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ،(5/179)
فَكَتَبَ: هَذَا مَا قَاضَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، لاَ يُدْخِلُ مَكَّةَ السِّلاَحَ إِلاَّ السَّيْفَ فِي القِرَابِ، وَأَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ أَهْلِهَا بِأَحَدٍ إِنْ أَرَادَ أَنْ يَتْبَعَهُ، وَأَنْ لاَ يَمْنَعَ مِنْ أَصْحَابِهِ أَحَدًا، إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الأَجَلُ، أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ: اخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الأَجَلُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتَبِعَتْهُ ابْنَةُ حَمْزَةَ، تُنَادِي: يَا عَمِّ يَا عَمِّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَالَ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ حَمَلَتْهَا، فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ، قَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا، وَهِيَ بِنْتُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: الخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الأُمِّ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي، وَقَالَ لِزَيْدٍ: أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلاَنَا، وَقَالَ عَلِيٌّ: أَلاَ تَتَزَوَّجُ بِنْتَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ.(5/180)
4252- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثنا سُرَيْجٌ، حَدَّثنا فُلَيْحٌ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الحُسَيْنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ البَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ العَامَ المُقْبِلَ، وَلاَ يَحْمِلَ سِلاَحًا عَلَيْهِمْ إِلاَّ سُيُوفًا، وَلاَ يُقِيمَ بِهَا إِلاَّ مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ العَامِ المُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلاَثًا، أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ، فَخَرَجَ.(5/180)
4253- حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ المَسْجِدَ، فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، جَالِسٌ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ قَالَ: كَمُ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ: أَرْبَعًا، فِي رَجَبٍ.(5/180)
4254- ثُمَّ سَمِعْنَا اسْتِنَانَ عَائِشَةَ، قَالَ عُرْوَةُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ، فَقَالَتْ: مَا اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عُمْرَةً إِلاَّ وَهُوَ شَاهِدُهُ، وَمَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ قَطُّ.(5/181)
4255- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، سَمِعَ ابْنَ أَبِي أَوْفَى يَقُولُ: لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَتَرْنَاهُ مِنْ غِلْمَانِ المُشْرِكِينَ وَمِنْهُمْ، أَنْ يُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/181)
4256- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَصْحَابُهُ، فَقَالَ المُشْرِكُونَ: إِنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ وَفْدٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاَثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ، أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.
وَزَادَ ابْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِعَامِهِ الَّذِي اسْتَأْمَنَ، قَالَ: ارْمُلُوا لِيَرَى المُشْرِكُونَ قُوَّتَكُمْ، وَالمُشْرِكُونَ مِنْ قِبَلِ قُعَيْقِعَانَ.(5/181)
4257- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: إِنَّمَا سَعَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، لِيُرِيَ المُشْرِكِينَ قُوَّتَهُ.(5/181)
4258- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا وُهَيْبٌ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلاَلٌ، وَمَاتَتْ بِسَرِفَ.(5/181)
4259- وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، وَأَبَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَيْمُونَةَ فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ.(5/181)
45- بَابُ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ.
4260- حَدَّثنا أَحْمَدُ، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلاَلٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ، بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ فِي دُبُرِهِ، يَعْنِي فِي ظَهْرِهِ.(5/181)
4261- أَخبَرَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثنا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَعِيدٍ (1)، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ، وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنْتُ فِيهِمْ فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ، فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِي القَتْلَى، وَوَجَدْنَا مَا فِي جَسَدِهِ بِضْعًا وَتِسْعِينَ، مِنْ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ.
_حاشية__________
(1) هو عبد الله بن سعيد بن أبي هند.(5/182)
4262- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَعَى زَيْدًا، وَجَعْفَرًا، وَابْنَ رَوَاحَةَ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُمْ خَبَرُهُمْ، فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَ ابْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، حَتَّى أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ، حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِمْ.(5/182)
4263- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، تَقُولُ: لَمَّا جَاءَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، جَلَسَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَأَنَا أَطَّلِعُ مِنْ صَائِرِ البَابِ، تَعْنِي مِنْ شَقِّ البَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ، وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، قَالَ: فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَى، فَقَالَ: قَدْ نَهَيْتُهُنَّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُطِعْنَهُ، قَالَ: فَأَمَرَ أَيْضًا، فَذَهَبَ، ثُمَّ أَتَى فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا، فَزَعَمَتْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ مِنَ التُّرَابِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللهُ أَنْفَكَ، فَوَاللهِ مَا أَنْتَ تَفْعَلُ، وَمَا تَرَكْتَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنَ العَنَاءِ.(5/182)
4264- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا حَيَّا ابْنَ جَعْفَرٍ، قَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ.(5/183)
4265- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدِ انْقَطَعَتْ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، فَمَا بَقِيَ فِي يَدِي إِلاَّ صَفِيحَةٌ يَمَانِيَةٌ.(5/183)
4266- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ يَقُولُ: لَقَدْ دُقَّ فِي يَدِي يَوْمَ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَصَبَرَتْ فِي يَدِي صَفِيحَةٌ لِي يَمَانِيَةٌ.(5/183)
4267- حَدَّثَنِي عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ، فَجَعَلَتْ أُخْتُهُ عَمْرَةُ تَبْكِي، وَاجَبَلاَهْ، وَاكَذَا، وَاكَذَا، تُعَدِّدُ عَلَيْهِ، فَقَالَ حِينَ أَفَاقَ: مَا قُلْتِ شَيْئًا، إِلاَّ قِيلَ لِي: آنْتَ كَذَلِكَ.
4268- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا عَبْثَرُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أُغْمِيَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِهَذَا، فَلَمَّا مَاتَ لَمْ تَبْكِ عَلَيْهِ.(5/183)
46- بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ.
4269- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا حُصَيْنٌ، أَخبَرَنا أَبُو ظَبْيَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى الحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا القَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ رَجُلاً مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَكَفَّ الأَنْصَارِيُّ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ، أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ؟ قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ اليَوْمِ.(5/183)
4270- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا حَاتِمٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الأَكْوَعِ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ البُعُوثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً عَلَيْنَا أُسَامَةُ.(5/183)
4271- وَقَالَ عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ: حَدَّثنا أَبِي، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ يَقُولُ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، وَخَرَجْتُ فِيمَا يَبْعَثُ مِنَ البَعْثِ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، مَرَّةً عَلَيْنَا أَبُو بَكْرٍ، وَمَرَّةً أُسَامَةُ.(5/184)
4272- حَدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، وَغَزَوْتُ مَعَ ابْنِ حَارِثَةَ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَيْنَا.(5/184)
4273- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ، فَذَكَرَ خَيْبَرَ، وَالحُدَيْبِيَةَ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، وَيَوْمَ القَرَدِ، قَالَ يَزِيدُ: وَنَسِيتُ بَقِيَّتَهُمْ.(5/184)
47- بَابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ، وَمَا بَعَثَ بِهِ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِغَزْوِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4274- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَا وَالزُّبَيْرَ، وَالمِقْدَادَ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوا مِنْهَا، قَالَ: فَانْطَلَقْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، قُلْنَا لَهَا: أَخْرِجِي الكِتَابَ، قَالَتْ: مَا مَعِي كِتَابٌ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ، أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ، إِلَى نَاسٍ بِمَكَّةَ مِنَ المُشْرِكِينَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ،(5/184)
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا حَاطِبُ، مَا هَذَا؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ، إِنِّي كُنْتُ امْرَءًا مُلْصَقًا فِي قُرَيْشٍ، يَقُولُ: كُنْتُ حَلِيفًا، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهَا، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ مَنْ لَهُمْ بِهَا قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ، فَأَحْبَبْتُ إِذَا فَاتَنِي ذَلِكَ مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَلَمْ أَفْعَلْهُ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، وَلاَ رِضًا بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، قَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ السُّورَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنْ الْحَقِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.(5/185)
48- بَابُ غَزْوَةِ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ.
4275- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ غَزَا غَزْوَةَ الفَتْحِ فِي رَمَضَانَ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الكَدِيدَ، المَاءَ الَّذِي بَيْنَ قُدَيْدٍ وَعُسْفَانَ، أَفْطَرَ، فَلَمْ يَزَلْ مُفْطِرًا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْرُ.(5/185)
4276- حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ المَدِينَةِ، وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ المَدِينَةَ، فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى مَكَّةَ، يَصُومُ وَيَصُومُونَ، حَتَّى بَلَغَ الكَدِيدَ، وَهُوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ، وَقُدَيْدٍ أَفْطَرَ وَأَفْطَرُوا.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الآخِرُ فَالآخِرُ.(5/185)
4277- حَدَّثنا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثنا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ، فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى رَاحِلَتِهِ، دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ أَوْ مَاءٍ فَوَضَعَهُ عَلَى رَاحَتِهِ، أَوْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ المُفْطِرُونَ لِلصُّوَّامِ: أَفْطِرُوا.(5/185)
4278- وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الفَتْحِ.
وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (1).
_حاشية__________
(1) وقع في نسخة أَبي ذَرّ لصحيح البُخَارِي: "عن عِكْرِمَة، عن ابن عَبَّاس، عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم"، قال ابن حَجَر: كذا وقع في بعض نسخ أَبي ذَرّ، وللأكثر ليس فيه "ابن عَبَّاس"، وبه جَزَمَ الدَّارَقُطْنِي، وأبو نُعَيْم، في "المستخرج"، وكذلك وَصَلَهُ البَيْهَقِي ["دلائل النُّبُوَّة" 5/32] من طريق سُلَيْمَان بن حَرْب، وهو أحد مشايخ البُخَارِي، عن حَمَّاد بن زَيْد، عن أَيُّوب، عن عِكْرِمَة، فذكر الحديث بطوله، في فَتْح مَكَّة، قال البَيْهَقِي في آخر الكلام عليه: لم يُجاوز به أَيُّوب عِكْرِمَة. "فتح الباري" 8/5.
قال أبو الحَسَن الدَّارَقُطْنِي: أَرْسَلَهُ حَمَّاد بن زَيْد، والثَّقَفِي، عن أَيُّوب. "التتبع" 174.(5/186)
4279- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: سَافَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَرِبَ نَهَارًا لِيَرَاهُ النَّاسَ، فَأَفْطَرَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ.
قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: صَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي السَّفَرِ، وَأَفْطَرَ، فَمَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.(5/186)
49- بَابُ: أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الرَّايَةَ يَوْمَ الفَتْحِ؟.
4280- حَدَّثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ، يَلْتَمِسُونَ الخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ، لَكَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَدْرَكُوهُمْ فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ، فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: احْبِسْ أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ حَطْمِ الخَيْلِ، حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى المُسْلِمِينَ، فَحَبَسَهُ العَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ القَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، تَمُرُّ كَتِيبَةً كَتِيبَةً عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ، مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: هَذِهِ غِفَارُ، قَالَ: مَا لِي وَلِغِفَارَ، ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَمَرَّتْ سُلَيْمُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ،(5/186)
حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا، قَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ الأَنْصَارُ، عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَهُ الرَّايَةُ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ، اليَوْمَ يَوْمُ المَلْحَمَةِ، اليَوْمَ تُسْتَحَلُّ الكَعْبَةُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ، حَبَّذَا يَوْمُ الذِّمَارِ، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهِيَ أَقَلُّ الكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَعَ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِأَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: مَا قَالَ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللهُ فِيهِ الكَعْبَةَ، وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الكَعْبَةُ، قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالحَجُونِ، قَالَ عُرْوَةُ: وَأَخْبَرَنِي نَافِعُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ العَبَّاسَ يَقُولُ لِلزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، هَاهُنَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ، قَالَ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَئِذٍ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ كُدَا، فَقُتِلَ مِنْ خَيْلِ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَوْمَئِذٍ رَجُلاَنِ: حُبَيْشُ بْنُ الأَشْعَرِ، وَكُرْزُ بْنُ جابِرٍ الفِهْرِيُّ.(5/187)
4281- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ عَلَى نَاقَتِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ، وَقَالَ: لَوْلاَ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي، لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ.(5/187)
4282- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثنا سَعْدَانُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّهُ قَالَ زَمَنَ الفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيْنَ نَنْزِلُ غَدًا؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ.
4283- ثُمَّ قَالَ: لاَ يَرِثُ المُؤْمِنُ الكَافِرَ، وَلاَ الكَافِرُ المُؤْمِنَ، قِيلَ لِلزُّهْرِيِّ: وَمَنْ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ؟ قَالَ: وَرِثَهُ عَقِيلٌ، وَطَالِبٌ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَيْنَ نَنْزِلُ غَدًا فِي حَجَّتِهِ؟.
وَلَمْ يَقُلْ يُونُسُ: حَجَّتُِهُِ، وَلاَ زَمَنَ الفَتْحِ.(5/187)
4284- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْزِلُنَا إِنْ شَاءَ اللهُ، إِذَا فَتَحَ اللهُ الخَيْفُ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ.(5/188)
4285- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخبَرَنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ أَرَادَ حُنَيْنًا: مَنْزِلُنَا غَدًا إِنْ شَاءَ اللهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الكُفْرِ.(5/188)
4286- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ المِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الكَعْبَةِ، فَقَالَ: اقْتُلْهُ، قَالَ مَالِكٌ: وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِيمَا نُرَى وَاللهُ أَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا.(5/188)
4287- حَدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَكَّةَ يَوْمَ الفَتْحِ، وَحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُ مِئَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ، جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ.(5/188)
4288- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، أَبَى أَنْ يَدْخُلَ البَيْتَ وَفِيهِ الآلِهَةُ، فَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ، فَأُخْرِجَ صُورَةُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فِي أَيْدِيهِمَا مِنَ الأَزْلاَمِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَاتَلَهُمُ اللهُ، لَقَدْ عَلِمُوا مَا اسْتَقْسَمَا بِهَا قَطُّ، ثُمَّ دَخَلَ البَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِي البَيْتِ، وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ.
تَابَعَهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، وَقَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/188)
50- بَابُ دُخُولِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ.
4289- وَقَالَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَقْبَلَ يَوْمَ الفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، مُرْدِفًا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، وَمَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ مِنَ الحَجَبَةِ، حَتَّى أَنَاخَ فِي المَسْجِدِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِفْتَاحِ البَيْتِ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَمَعَهُ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَمَكَثَ فِيهِ نَهَارًا طَوِيلاً، ثُمَّ خَرَجَ فَاسْتَبَقَ النَّاسُ، فَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ، فَوَجَدَ بِلاَلاً وَرَاءَ البَابِ قَائِمًا، فَسَأَلَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَأَشَارَ لَهُ إِلَى المَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: فَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى مِنْ سَجْدَةٍ.(5/188)
4290- حَدَّثنا الهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دَخَلَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ كَدَاءٍ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ.
تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، وَوُهَيْبٌ فِي: كَدَاءٍ.(5/189)
4291- حَدَّثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ.(5/189)
51- بَابُ مَنْزِلِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ الفَتْحِ.
4292- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: مَا أَخبَرَنا أَحَدٌ، أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُصَلِّي الضُّحَى غَيْرَ أُمِّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا ذَكَرَتْ: أَنَّهُ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، اغْتَسَلَ فِي بَيْتِهَا، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، قَالَتْ: لَمْ أَرَهُ صَلَّى صَلاَةً أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ.(5/189)
52- بَابٌ.
4293- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللهُمَّ اغْفِرْ لِي.(5/189)
4294- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا الفَتَى مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ مِمَّنْ قَدْ عَلِمْتُمْ، قَالَ: فَدَعَاهُمْ ذَاتَ يَوْمٍ وَدَعَانِي مَعَهُمْ، قَالَ: وَمَا رُئِيتُهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ مِنِّي، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا} حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا أَنْ نَحْمَدَ اللهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ نَدْرِي، أَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْضُهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، أَكَذَاكَ تَقُولُ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَعْلَمَهُ اللهُ لَهُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ}: فَتْحُ مَكَّةَ، فَذَاكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} قَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ.(5/189)
4295- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ شُرَحْبِيلَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنِ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ العَدَوِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ: ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلاً قَامَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الغَدَ مِنْ يَوْمِ الفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ، حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ، أَنَّهُ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنْ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، لاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، وَلاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرًا، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِيهَا، فَقُولُوا لَهُ: إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ: مَاذَا قَالَ لَكَ عَمْرٌو؟ قَالَ: قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إِنَّ الحَرَمَ لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، وَلاَ فَارًّا بِدَمٍ، وَلاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ: الْخَرْبَةُ: الْبَلِيَّةُ.(5/190)
4296- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ عَامَ الفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ.(5/190)
53- بَابُ مَقَامِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِمَكَّةَ زَمَنَ الفَتْحِ.
4297- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ (ح) وَحَدَّثنا قَبِيصَةُ، قَالَ: حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَشَرًا نَقْصُرُ الصَّلاَةَ.(5/190)
4298- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخبَرَنا عَاصِمٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِمَكَّةَ تِسْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ.(5/191)
4299- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَقَمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي سَفَرٍ تِسْعَ عَشْرَةَ نَقْصُرُ الصَّلاَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَنَحْنُ نَقْصُرُ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ تِسْعَ عَشْرَةَ، فَإِذَا زِدْنَا أَتْمَمْنَا.(5/191)
54- بَابٌ.
4300- وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْرٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ مَسَحَ وَجْهَهُ عَامَ الفَتْحِ.(5/191)
4301- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ، قَالَ: أَخبَرَنا وَنَحْنُ مَعَ ابْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: وَزَعَمَ أَبُو جَمِيلَةَ، أَنَّهُ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَخَرَجَ مَعَهُ عَامَ الفَتْحِ.(5/191)
4302- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ (1): قَالَ لِي أَبُو قِلاَبَةَ: أَلاَ تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ؟ قَالَ فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللهَ أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ: أَوْحَى اللهُ بِكَذَا، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَاكَ، فَكَأَنَّمَا يَقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلاَمِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلاَمِهِمْ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلاَمِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ، قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَقًّا، فَقَالَ: صَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاَةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا، فَنَظَرُوا، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ، أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ، كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الحَيِّ: أَلاَ تُغَطُّونَ عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ؟ فَاشْتَرَوْا، فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا، فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ.
_حاشية__________
(1) القائل ؛ أَيُّوبُ، ومعناه أن أبا قلابة لمَّا حدَّث أيوبَ عن عمرو بن سلِمة، قال لأيوب: أَلاَ تَلقى عمرو بن سَلِمة فَتَسأَلهُ؟ فهذا الحديث سمعه أيوب من أبي قلابة، عن عمرو، وسمعه من عَمرو أيضًا.(5/191)
4303- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (ح) وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ، أَنْ يَقْبِضَ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَكَّةَ فِي الفَتْحِ، أَخَذَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَخِي، هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هُوَ لَكَ، هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ، لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ.(5/192)
4304- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةِ الفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ، قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا، تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟ قَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمَّا كَانَ العَشِيُّ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَطِيبًا، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الحَدَّ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ، فَقُطِعَتْ يَدُهَا، فَحَسُنَتْ تَوْبَتُهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَتَزَوَّجَتْ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَأْتِينِي بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَرْفَعُ حَاجَتَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/192)
4305 و4306- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي مُجَاشِعٌ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِأَخِي بَعْدَ الفَتْحِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُكَ بِأَخِي لِتُبَايِعَهُ عَلَى الهِجْرَةِ، قَالَ: ذَهَبَ أَهْلُ الهِجْرَةِ بِمَا فِيهَا، فَقُلْتُ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُبَايِعُهُ؟ قَالَ: أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ، وَالإِيمَانِ، وَالجِهَادِ، فَلَقِيتُ أبا مَعْبَدٍ بَعْدُ، وَكَانَ أَكْبَرَهُمَا، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ.(5/193)
4307 و4308- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثنا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا عَاصِمٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ مُجَاشِعِ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلَقْتُ بِأَبِي مَعْبَدٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الهِجْرَةِ، قَالَ: مَضَتِ الهِجْرَةُ لأَهْلِهَا، أُبَايِعُهُ عَلَى الإِسْلاَمِ وَالجِهَادِ، فَلَقِيتُ أَبَا مَعْبَدٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: صَدَقَ مُجَاشِعٌ.
وَقَالَ خَالِدٌ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ مُجَاشِعٍ: إِنَّهُ جَاءَ بِأَخِيهِ مُجَالِدٍ.(5/193)
4309- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُهَاجِرَ إِلَى الشَّامِ، قَالَ: لاَ هِجْرَةَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ، فَانْطَلِقْ فَاعْرِضْ نَفْسَكَ، فَإِنْ وَجَدْتَ شَيْئًا وَإِلاَّ رَجَعْتَ.
4310- وَقَالَ النَّضْرُ: أَخبَرَنا شُعْبَةُ، أَخبَرَنا أَبُو بِشْرٍ، سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: فَقَالَ: لاَ هِجْرَةَ اليَوْمَ، أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِثْلَهُ.(5/193)
4311- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرٍو الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَبْدَةَ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ مُجَاهِدِ بْنِ جَبْرٍ المَكِّيِّ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ.(5/193)
4312- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: زُرْتُ عَائِشَةَ مَعَ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَسَأَلَهَا عَنِ الهِجْرَةِ، فَقَالَتْ: لاَ هِجْرَةَ اليَوْمَ، كَانَ المُؤْمِنُ يَفِرُّ أَحَدُهُمْ بِدِينِهِ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مَخَافَةَ أَنْ يُفْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَّا اليَوْمَ، فَقَدْ أَظْهَرَ اللهُ الإِسْلاَمَ، فَالْمُؤْمِنُ يَعْبُدُ رَبَّهُ حَيْثُ شَاءَ، وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ.(5/193)
4313- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، حَدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَامَ يَوْمَ الفَتْحِ فَقَالَ: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، فَهِيَ حَرَامٌ بِحَرَامِ اللهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، لَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلاَ تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَلَمْ تَحْلِلْ لِي قَطُّ إِلاَّ سَاعَةً مِنَ الدَّهْرِ، لاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلاَ يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلاَ يُخْتَلَى خَلاَهَا، وَلاَ تَحِلُّ لُقَطَتُهَا إِلاَّ لِمُنْشِدٍ، فَقَالَ العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ: إِلاَّ الإِذْخِرَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهُ لِلْقَيْنِ وَالبُيُوتِ، فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: إِلاَّ الإِذْخِرَ فَإِنَّهُ حَلاَلٌ.
وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِمِثْلِ هَذَا، أَوْ نَحْوِ هَذَا.
رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/194)
55- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
4314- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخبَرَنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى ضَرْبَةً، قَالَ: ضُرِبْتُهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، قُلْتُ: شَهِدْتَ حُنَيْنًا؟ قَالَ: قَبْلَ ذَلِكَ.(5/194)
4315- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عُمَارَةَ، أَتَوَلَّيْتَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا، فَأَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُ لَمْ يُوَلِّ، وَلَكِنْ عَجِلَ سَرَعَانُ القَوْمِ، فَرَشَقَتْهُمْ هَوَازِنُ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الحَارِثِ آخِذٌ بِرَأْسِ بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ.(5/194)
4316- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قِيلَ لِلْبَرَاءِ وَأَنَا أَسْمَعُ: أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: أَمَّا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَلاَ، كَانُوا رُمَاةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ المُطَّلِبْ.(5/194)
4317- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ مِنْ قَيْسٍ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ فَقَالَ: لَكِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمْ يَفِرَّ، كَانَتْ هَوَازِنُ رُمَاةً، وَإِنَّا لَمَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمُ انْكَشَفُوا، فَأَكْبَبْنَا عَلَى الغَنَائِمِ، فَاسْتُقْبِلْنَا بِالسِّهَامِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى بَغْلَتِهِ البَيْضَاءِ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخِذٌ بِزِمَامِهَا، وَهُوَ يَقُولُ:
أَنَا النَّبِيُّ لاَ كَذِبْ.
قَالَ إِسْرَائِيلُ، وَزُهَيْرٌ: نَزَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ بَغْلَتِهِ.(5/195)
4318 و4319- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ح) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: وَزَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ مَرْوَانَ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ، فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَعِي مَنْ تَرَوْنَ، وَأَحَبُّ الحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ، فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا السَّبْيَ، وَإِمَّا المَالَ، وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ، وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنَ الطَّائِفِ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَّ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، قَالُوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي المُسْلِمِينَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاؤُونَا تَائِبِينَ، وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ اللهُ عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ، فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ، فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ، فَرَجَعَ النَّاسُ، فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا، هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.(5/195)
4320- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا قَفَلْنَا مِنْ حُنَيْنٍ، سَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ نَذْرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ اعْتِكَافٍ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِوَفَائِهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَرَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/196)
4321- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا التَقَيْنَا، كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، فَرَأَيْتُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ قَدْ عَلاَ رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ، فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، وَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً، وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ المَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ المَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ رَجَعُوا، وَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِثْلَهُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟ ثُمَّ جَلَسْتُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِثْلَهُ، فَقُمْتُ، فَقَالَ: مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لاَهَا اللهِ، إِذًا لاَ يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَيُعْطِيَكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: صَدَقَ، فَأَعْطِهِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ.(5/196)
4322- وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ المُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلاً مِنَ المُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ المُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ، فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ، فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي، وَأَضْرِبُ يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا، ثُمَّ أَخَذَنِي فَضَمَّنِي ضَمًّا شَدِيدًا، حَتَّى تَخَوَّفْتُ، ثُمَّ بَرَكَ فَتَحَلَّلَ، وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ المُسْلِمُونَ، وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ، فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فِي النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَقَالَ: أَمْرُ اللهِ، ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ، فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلِي، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ بَدَا لِي، فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلاَحُ هَذَا القَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلاَّ لاَ يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ، وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللهِ، يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلاَمِ.(5/196)
56- بَابُ غَزَاةِ أَوْطَاسٍ.
4323- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ حُنَيْنٍ، بَعَثَ أَبَا عَامِرٍ عَلَى جَيْشٍ إِلَى أَوْطَاسٍ، فَلَقِيَ دُرَيْدَ بْنَ الصِّمَّةِ، فَقُتِلَ دُرَيْدٌ، وَهَزَمَ اللهُ أَصْحَابَهُ، قَالَ أَبُو مُوسَى: وَبَعَثَنِي مَعَ أَبِي عَامِرٍ، فَرُمِيَ أَبُو عَامِرٍ فِي رُكْبَتِهِ، رَمَاهُ جُشَمِيٌّ بِسَهْمٍ، فَأَثْبَتَهُ فِي رُكْبَتِهِ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا عَمِّ مَنْ رَمَاكَ؟ فَأَشَارَ إِلَى أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: ذَاكَ قَاتِلِي الَّذِي رَمَانِي، فَقَصَدْتُ لَهُ، فَلَحِقْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي وَلَّى، فَاتَّبَعْتُهُ، وَجَعَلْتُ أَقُولُ لَهُ: أَلاَ تَسْتَحْيِي، أَلاَ تَثْبُتُ، فَكَفَّ، فَاخْتَلَفْنَا ضَرْبَتَيْنِ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ لأَبِي عَامِرٍ: قَتَلَ اللهُ صَاحِبَكَ، قَالَ: فَانْزِعْ هَذَا السَّهْمَ، فَنَزَعْتُهُ، فَنَزَا مِنْهُ المَاءُ،(5/197)
قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي أَقْرِئِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ السَّلاَمَ، وَقُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي، وَاسْتَخْلَفَنِي أَبُو عَامِرٍ عَلَى النَّاسِ، فَمَكَثَ يَسِيرًا، ثُمَّ مَاتَ، فَرَجَعْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي بَيْتِهِ عَلَى سَرِيرٍ مُرْمَلٍ وَعَلَيْهِ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ رِمَالُ السَّرِيرِ بِظَهْرِهِ وَجَنْبَيْهِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِنَا وَخَبَرِ أَبِي عَامِرٍ، وَقَالَ: قُلْ لَهُ: اسْتَغْفِرْ لِي، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِعُبَيْدٍ أَبِي عَامِرٍ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ اجْعَلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَوْقَ كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِكَ مِنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ: وَلِي فَاسْتَغْفِرْ، فَقَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ ذَنْبَهُ، وَأَدْخِلْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُدْخَلاً كَرِيمًا، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: إِحْدَاهُمَا لأَبِي عَامِرٍ، وَالأُخْرَى لأَبِي مُوسَى.(5/198)
57- بَابُ غَزْوَةِ الطَّائِفِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ ثَمَانٍ.
قَالَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ.
4324- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، سَمِعَ سُفْيَانَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّهَا أُمِّ سَلَمَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَعِنْدِي مُخَنَّثٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا عَبْدَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، فَعَلَيْكَ بِابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُنَّ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: المُخَنَّثُ: هَيْتٌ.
حَدَّثنا مَحْمُودٌ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا، وَزَادَ: وَهُوَ مُحَاصِرُ الطَّائِفِ يَوْمَئِذٍ.(5/198)
4325- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي العَبَّاسِ الشَّاعِرِ الأَعْمَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ (1)، قَالَ: لَمَّا حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الطَّائِفَ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَالَ: إِنَّا قَافِلُونَ، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَثَقُلَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: نَذْهَبُ وَلاَ نَفْتَحُهُ، وَقَالَ مَرَّةً: نَقْفُلُ، فَقَالَ: اغْدُوا عَلَى القِتَالِ، فَغَدَوْا، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ: إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا، إِنْ شَاءَ اللهُ، فَأَعْجَبَهُمْ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَتَبَسَّمَ.
قَالَ: قَالَ الحُمَيْدِيُّ: حَدَّثنا سُفْيَانُ الخَبَرَ كُلَّهُ.
_حاشية__________
(1) قال ابن حَجَر: قَوله: "عَن عَبد الله بن عُمَر"، فِي رِوايَة الكُشمِيهَنيّ: "عَبد الله بن عَمرو"، بِفَتحِ العَين، وَسُكُون المِيم، وَكَذا وَقَعَ فِي رِوايَة النسَفِيّ، والأَصِيلِيِّ، وَقُرِئَ عَلَى ابن زَيد المَروَزِيِّ كَذَلِكَ، فَرَدَّهُ بِضَمِّ العَين.
وَقَد ذَكَرَ الدّارَقُطنيُّ الاختِلاف فِيهِ، وَقالَ: الصَّواب عَبد الله بن عُمَر بن الخَطّاب، والأَوَّل هُو الصَّواب فِي رِوايَة عَلِيّ بن المَدِينيّ، وَكَذَلِكَ الحُمَيدِيُّ، وَغَيرهما مِن حُفّاظ أَصحاب ابن عُيَينةَ. "فتح الباري" 8/44.
- وقال المِزِّي: منهم من قال: "عن عَبد اللهِ بن عُمَر"، ومنهم من قال: "عن عَبد اللهِ بن عَمرو"، وكان القدماء من أصحابِ سُفيان يقولون: "عن عَبد اللهِ بن عُمَر"، كما وقع عند البُخارِي في عامة النسَخ. "تحفة الأشراف" 7043.
- وقال الذَّهَبيُّ: أخرجه مُسلم، عَن أبي بكر بن أبي شَيبة، عَن سفيان، وعنده: "عَبد الله بن عَمرٍو"، في بعض النسَخ بمسلم، وأخرجه البُخاري عَن ابن المَدِينيِّ، عَن سُفيان، فقال: "عَبد الله بن عُمَر"، وقال البُخارِيُّ: قال الحُمَيديُّ، قال: حَدَّثَنا سفيان، قال: حَدَّثَنا عَمرو، سَمِعتُ أَبا العبّاس الأَعمى يقول: سَمعتُ عَبد الله بن عُمر بن الخطاب. "تاريخ الإسلام" 1/401.
- أخرجه البيهقي، في "دلائل النبوة" 5/165، وفيه: "عبد الله بن عُمَر"، وقال: رَواهُ مُسلِمٌ فِي "الصَّحيحِ"، عَن أَبِي بَكرِ بن أَبِي شَيبةَ، عَن سُفيان، هَكذا، وَقالَ: "عَن عَبدِ اللهِ بن عَمرٍو" فِي بَعضِ النسَخِ.
واخرَجَهُ البُخارِيُّ عَن عَليِّ بن المَدِينيِّ، عَن ابن عُيَينةَ، فَقالَ: "عَن عَبدِ اللهِ بن عُمَرَ".
- وأخرجه البيهقي أيضًا، في "الأسماء والصفات" 568، وفيه: "عبد الله بن عُمَر"، وقال: وَرَواهُ البُخارِيُّ فِي "الصَّحِيحِ" عَن عَلِيِّ بن عَبدِ اللهِ هَكَذا، وَرَواهُ مُسلِمٌ عَن أَبِي بَكرِ بن أَبِي شَيبَةَ، وَزُهَيرِ بن حَربٍ، وابن نمَيرٍ، وَرَواهُ البُخارِيُّ، عَن عَبدِ اللهِ بن مُحَمَّدٍ، كُلُّهُم عَن ابن عُيَينةَ، فَقالُوا كَما قالَ الزَّعفرانيُّ، وَهُوَ فِي نسخَتِي لِكِتابِ مُسلِمٍ، كَما قالَ عَلِيُّ بن المَدِينيِّ، وَعَلِيُّ بن المَدِينيِّ أَحفَظُهُم، وَقَد تابَعَهُ الحُمَيدِيُّ عَلَى ما قالَ، واللهُ أَعلَمُ.
- ونقل ابن حَجَر، عن "صحيح البخاري"، رواية علي بن عَبد الله، ورواية قُتَيبة، وفي الموضعين: "عَبد الله بن عُمَر ". "تغليق التعليق" 4325 و6086.(5/198)
4326 و4327- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَبَا بَكْرَةَ، وَكَانَ تَسَوَّرَ حِصْنَ الطَّائِفِ فِي أُنَاسٍ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالاَ: سَمِعْنَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ، وَهُوَ يَعْلَمُ، فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ.
- وَقَالَ هِشَامٌ: وَأَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، أَوْ: أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدًا، وَأَبَا بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ عَاصِمٌ: قُلْتُ: لَقَدْ شَهِدَ عِنْدَكَ رَجُلاَنِ حَسْبُكَ بِهِمَا، قَالَ: أَجَلْ، أَمَّا أَحَدُهُمَا، فَأَوَّلُ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَأَمَّا الآخَرُ، فَنَزَلَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ثَالِثَ ثَلاَثَةٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الطَّائِفِ.(5/199)
4328- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجِعْرَانَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: أَلاَ تُنْجِزُ لِي مَا وَعَدْتَنِي؟ فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ، فَقَالَ: قَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنْ أَبْشِرْ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلاَلٍ كَهَيْئَةِ الغَضْبَانِ، فَقَالَ: رَدَّ البُشْرَى، فَاقْبَلاَ أَنْتُمَا، قَالاَ: قَبِلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: اشْرَبَا مِنْهُ، وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا وَنُحُورِكُمَا وَأَبْشِرَا، فَأَخَذَا القَدَحَ، فَفَعَلاَ، فَنَادَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ: أَنْ أَفْضِلاَ لأُمِّكُمَا، فَأَفْضَلاَ لَهَا مِنْهُ طَائِفَةً.(5/199)
4329- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَبَيْنَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالْجِعْرَانَةِ، وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ، مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ عَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِالطِّيبِ؟ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ: أَنْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى، فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا، فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ، فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ، فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ.(5/199)
4330- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ، قَالَ: لَمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، قَسَمَ فِي النَّاسِ فِي المُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا، إِذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ، فَخَطَبَهُمْ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهَدَاكُمُ اللهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمُ اللهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللهُ بِي؟ كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ: كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ، قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا، أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى رِحَالِكُمْ، لَوْلاَ الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا، الأَنْصَارُ شِعَارٌ، وَالنَّاسُ دِثَارٌ، إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أُثْرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ.(5/200)
4331- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ نَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ، حِينَ أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَا أَفَاءَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُعْطِي رِجَالاً المِئَةَ مِنَ الإِبِلِ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِمَقَالَتِهِمْ، فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ، وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ غَيْرَهُمْ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا، قَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ،(5/200)
فَقَالَ فُقَهَاءُ الأَنْصَارِ: أَمَّا رُؤَسَاؤُنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، وَأَمَّا نَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ، فَقَالُوا: يَغْفِرُ اللهُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُنَا، وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَإِنِّي أُعْطِي رِجَالاً حَدِيثِي عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَذْهَبُونَ بِالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى رِحَالِكُمْ، فَوَاللهِ لَمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ رَضِينَا، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: سَتَجِدُونَ أُثْرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِنِّي عَلَى الحَوْضِ، قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ يَصْبِرُوا.(5/201)
4332- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ، قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ، فَغَضِبَتِ الأَنْصَارُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا أَوْ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ أَوْ شِعْبَهُمْ.(5/201)
4333- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا أَزْهَرُ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، أَنْبَأَنَا هِشَامُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، التَقَى هَوَازِنُ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَشَرَةُ آلاَفٍ وَالطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا، قَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ، لَبَّيْكَ نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ، فَنَزَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَعْطَى الطُّلَقَاءَ وَالمُهَاجِرِينَ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالُوا: فَدَعَاهُمْ، فَأَدْخَلَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالبَعِيرِ، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لاَخْتَرْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ.(5/201)
4334- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَمَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ وَمُصِيبَةٍ، وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَجْبُرَهُمْ وَأَتَأَلَّفَهُمْ، أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَرْجِعَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ، أَوْ شِعْبَ الأَنْصَارِ.(5/201)
4335- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَمَّا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قِسْمَةَ حُنَيْنٍ، قَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: مَا أَرَادَ بِهَا وَجْهَ اللهِ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: رَحْمَةُ اللهِ عَلَى مُوسَى، لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ.(5/202)
4336- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ، آثَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَاسًا، أَعْطَى الأَقْرَعَ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَأَعْطَى نَاسًا، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا أُرِيدَ بِهَذِهِ القِسْمَةِ وَجْهُ اللهِ، فَقُلْتُ: لأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: رَحِمَ اللهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ.(5/202)
4337- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ، وَغَطَفَانُ، وَغَيْرُهُمْ بِنَعَمِيهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَمِنَ الطُّلَقَاءِ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ، حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ، فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا، التَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، ثُمَّ التَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ، فَقَالَ: أَنَا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَانْهَزَمَ المُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي المُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتْ شَدِيدَةٌ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَيُعْطَى الغَنِيمَةَ غَيْرُنَا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ، فَسَكَتُوا، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، أَلاَ تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا، وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَحُوزُونَهُ إِلَى بُيُوتِكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا، لأَخَذْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ.
وَقَالَ هِشَامٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، وَأَنْتَ شَاهِدٌ ذَاكَ؟ قَالَ: وَأَيْنَ أَغِيبُ عَنْهُ.(5/202)
58- بَابُ السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ.
4338- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ، فَكُنْتُ فِيهَا، فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا، فَرَجَعْنَا بِثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا.(5/203)
59- بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ.
4339- حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ (ح) وَحَدَّثَنِي نُعَيْمٌ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا، فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ، أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقْتُلُ أَسِيرِي، وَلاَ يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ، حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَكَرْنَاهُ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ، مَرَّتَيْنِ.(5/203)
60- بَابُ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ المُدْلِجِيِّ، وَيُقَالُ: إِنَّهَا سَرِيَّةُ الأَنْصَارِ.
4340- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَرِيَّةً، فَاسْتَعْمَلَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، فَغَضِبَ، فَقَالَ: أَلَيْسَ أَمَرَكُمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ تُطِيعُونِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا، فَأَوْقَدُوهَا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَهَمُّوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا وَيَقُولُونَ: فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنَ النَّارِ، فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتِ النَّارُ، فَسَكَنَ غَضَبُهُ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ، الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ.(5/203)
61- بَابُ بَعْثِ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ.
4341 و4342- حَدَّثنا مُوسَى، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثنا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَبَا مُوسَى، وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى اليَمَنِ، قَالَ: وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلاَفٍ، قَالَ: وَاليَمَنُ مِخْلاَفَانِ، ثُمَّ قَالَ: يَسِّرَا، وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا، وَلاَ تُنَفِّرَا، فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ، كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، أَيَّمَ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ، قَالَ: لاَ أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، قَالَ: إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ، قَالَ: مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللهِ، كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللهُ لِي، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي.(5/204)
4343- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ، فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا، فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: البِتْعُ وَالمِزْرُ، فَقُلْتُ لأَبِي بُرْدَةَ: مَا البِتْعُ؟ قَالَ: نَبِيذُ العَسَلِ، وَالمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ، فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ.
رَوَاهُ جَرِيرٌ، وَعَبْدُ الوَاحِدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.(5/204)
4344 و4345- حَدَّثنا مُسْلِمٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جَدَّهُ أَبَا مُوسَى، وَمُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: يَسِّرَا، وَلاَ تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا، وَلاَ تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَا نَبِيَّ اللهِ. إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنَ الشَّعِيرِ المِزْرُ، وَشَرَابٌ مِنَ العَسَلِ البِتْعُ، فَقَالَ: كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَانْطَلَقَا، فَقَالَ مُعَاذٌ لأَبِي مُوسَى: كَيْفَ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟ قَالَ: قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي، وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا، قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي، وَضَرَبَ فُسْطَاطًا، فَجَعَلاَ يَتَزَاوَرَانِ، فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى، فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: يَهُودِيٌّ أَسْلَمَ، ثُمَّ ارْتَدَّ، فَقَالَ مُعَاذٌ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ.
تَابَعَهُ العَقَدِيُّ، وَوَهْبٌ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَقَالَ وَكِيعٌ، وَالنَّضْرُ، وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ.(5/205)
4346- حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الوَلِيدِ، هُوَ النَّرْسِيُّ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ، حَدَّثنا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى أَرْضِ قَوْمِي، فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُنِيخٌ بِالأَبْطَحِ، فَقَالَ: أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَبَّيْكَ إِهْلاَلاً كَإِهْلاَلِكَ، قَالَ: فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا؟ قُلْتُ: لَمْ أَسُقْ، قَالَ: فَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ، فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ، وَمَكَثْنَا بِذَلِكَ، حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ.(5/205)
4347- حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ: إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1): طَوَّعَتْ طَاعَتْ، وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ، طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح".(5/205)
4348- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، أَنَّ مُعَاذًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، لَمَّا قَدِمَ اليَمَنَ، صَلَّى بِهِمُ الصُّبْحَ، فَقَرَأَ: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ.
زَادَ مُعَاذٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرٍو: أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَرَأَ مُعَاذٌ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ سُورَةَ النِّسَاءِ، فَلَمَّا قَالَ: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} قَالَ رَجُلٌ خَلْفَهُ: قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ.(5/206)
62- بَابُ بَعْثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ.
4349- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثنا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ إِلَى اليَمَنِ، قَالَ: ثُمَّ بَعَثَ عَلِيًّا بَعْدَ ذَلِكَ مَكَانَهُ، فَقَالَ: مُرْ أَصْحَابَ خَالِدٍ، مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ أَنْ يُعَقِّبَ مَعَكَ فَلْيُعَقِّبْ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُقْبِلْ، فَكُنْتُ فِيمَنْ عَقَّبَ مَعَهُ، قَالَ: فَغَنِمْتُ أَوَاقٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ.(5/206)
4350- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مَنْجُوفٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلِيًّا إِلَى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الخُمُسَ، وَكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وَقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلْتُ لِخَالِدٍ: أَلاَ تَرَى إِلَى هَذَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: يَا بُرَيْدَةُ، أَتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: لاَ تُبْغِضْهُ، فَإِنَّ لَهُ فِي الخُمُسِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.(5/207)
4351- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ بْنِ شُبْرُمَةَ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ يَقُولُ: بَعَثَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنَ اليَمَنِ بِذُهَيْبَةٍ فِي أَدِيمٍ مَقْرُوظٍ، لَمْ تُحَصَّلْ مِنْ تُرَابِهَا، قَالَ: فَقَسَمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ، بَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ، وَأَقْرَعَ بْنِ حابِسٍ، وَزَيْدِ الخَيْلِ، وَالرَّابِعُ: إِمَّا عَلْقَمَةُ، وَإِمَّا عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ،فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ، يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً، قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ غَائِرُ العَيْنَيْنِ، مُشْرِفُ الوَجْنَتَيْنِ، نَاشِزُ الجَبْهَةِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ، مُشَمَّرُ الإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اتَّقِ اللهَ، قَالَ: وَيْلَكَ، أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللهَ، قَالَ: ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ، قَالَ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ؟ قَالَ: لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي، فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ قُلُوبِ النَّاسِ، وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ، قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ، فَقَالَ: إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ رَطْبًا، لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، وَأَظُنُّهُ قَالَ: لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ.(5/207)
4352- حَدَّثنا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلِيًّا أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ.
زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ عَطَاءٌ: قَالَ جَابِرٌ: فَقَدِمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِسِعَايَتِهِ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بِمَ أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: فَأَهْدِ، وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ، قَالَ: وَأَهْدَى لَهُ عَلِيٌّ هَدْيًا.(5/208)
4353 و4354- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، حَدَّثنا بَكْرٌ، أَنَّهُ ذَكَرَ لاِبْنِ عُمَرَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ، فَقَالَ: أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالحَجِّ، وَأَهْلَلْنَا بِهِ مَعَهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً، وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ هَدْيٌ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ مِنَ اليَمَنِ حَاجًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بِمَ أَهْلَلْتَ؟ فَإِنَّ مَعَنَا أَهْلَكَ، قَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: فَأَمْسِكْ فَإِنَّ مَعَنَا هَدْيًا.(5/208)
63- غَزْوَةُ ذِي الخَلَصَةِ.
4355- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا خَالِدٌ، حَدَّثنا بَيَانٌ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كَانَ بَيْتٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: ذُو الخَلَصَةِ، وَالكَعْبَةُ اليَمانِيَةُ، وَالكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟ فَنَفَرْتُ فِي مِئَةٍ وَخَمْسِينَ رَاكِبًا فَكَسَرْنَاهُ، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَدَعَا لَنَا وَلأَحْمَسَ.(5/208)
4356- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثنا قَيْسٌ، قَالَ: قَالَ لِي جَرِيرٌ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ، وَكَانَ بَيْتًا فِي خَثْعَمَ، يُسَمَّى الكَعْبَةَ اليَمانِيَةَ، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِئَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ أَصَابِعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، فَانْطَلَقَ إِلَيْهَا، فَكَسَرَهَا وَحَرَّقَهَا، ثُمَّ بَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ رَسُولُ جَرِيرٍ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَالَ: فَبَارَكَ فِي خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.(5/208)
4357- حَدَّثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَلاَ تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الخَلَصَةِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، فَانْطَلَقْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِئَةِ فَارِسٍ مِنْ أَحْمَسَ، وَكَانُوا أَصْحَابَ خَيْلٍ، وَكُنْتُ لاَ أَثْبُتُ عَلَى الخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَضَرَبَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِي، حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ يَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: اللهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا، قَالَ: فَمَا وَقَعْتُ عَنْ فَرَسٍ بَعْدُ، قَالَ: وَكَانَ ذُو الخَلَصَةِ بَيْتًا بِاليَمَنِ لِخَثْعَمَ، وَبَجِيلَةَ، فِيهِ نُصُبٌ تُعْبَدُ، يُقَالُ لَهُ الكَعْبَةُ، قَالَ: فَأَتَاهَا، فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ وَكَسَرَهَا، قَالَ: وَلَمَّا قَدِمَ جَرِيرٌ اليَمَنَ، كَانَ بِهَا رَجُلٌ يَسْتَقْسِمُ بِالأَزْلاَمِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ هَاهُنَا، فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْكَ ضَرَبَ عُنُقَكَ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ يَضْرِبُ بِهَا، إِذْ وَقَفَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ، فَقَالَ: لَتَكْسِرَنَّهَا، وَلَتَشْهَدَنَّ: أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، أَوْ: لأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ؟ قَالَ: فَكَسَرَهَا وَشَهِدَ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ رَجُلاً مِنْ أَحْمَسَ يُكْنَى أَبَا أَرْطَاةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُبَشِّرُهُ بِذَلِكَ، فَلَمَّا أَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا جِئْتُ حَتَّى تَرَكْتُهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، قَالَ: فَبَرَّكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا خَمْسَ مَرَّاتٍ.(5/209)
64- بَابُ غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، وَهِيَ غَزْوَةُ لَخْمٍ وَجُذَامَ.
قَالَهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عُرْوَةَ: هِيَ بِلاَدُ بَلِيٍّ وَعُذْرَةَ وَبَنِي القَيْنِ.
4358- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ العَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلاَسِلِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: عَائِشَةُ، قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: أَبُوهَا، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: عُمَرُ، فَعَدَّ رِجَالاً، فَسَكَتُّ، مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ.(5/209)
65- بَابُ ذَهَابِ جَرِيرٍ إِلَى اليَمَنِ.
4359- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ العَبْسِيُّ، حَدَّثنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ بِاليَمَنِ، فَلَقِيتُ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، ذَا كَلاَعٍ، وَذَا عَمْرٍو، فَجَعَلْتُ أُحَدِّثُهُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ لَهُ ذُو عَمْرٍو: لَئِنْ كَانَ الَّذِي تَذْكُرُ مِنْ أَمْرِ صَاحِبِكَ، لَقَدْ مَرَّ عَلَى أَجَلِهِ مُنْذُ ثَلاَثٍ، وَأَقْبَلاَ مَعِي حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ، رُفِعَ لَنَا رَكْبٌ مِنْ قِبَلِ المَدِينَةِ، فَسَأَلْنَاهُمْ، فَقَالُوا: قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، وَالنَّاسُ صَالِحُونَ، فَقَالاَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّا قَدْ جِئْنَا وَلَعَلَّنَا سَنَعُودُ إِنْ شَاءَ اللهُ، وَرَجَعَا إِلَى اليَمَنِ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا بَكْرٍ بِحَدِيثِهِمْ، قَالَ: أَفَلاَ جِئْتَ بِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ، قَالَ لِي ذُو عَمْرٍو: يَا جَرِيرُ، إِنَّ بِكَ عَلَيَّ كَرَامَةً، وَإِنِّي مُخْبِرُكَ خَبَرًا إِنَّكُمْ مَعْشَرَ العَرَبِ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا كُنْتُمْ إِذَا هَلَكَ أَمِيرٌ تَأَمَّرْتُمْ فِي آخَرَ، فَإِذَا كَانَتْ بِالسَّيْفِ كَانُوا مُلُوكًا، يَغْضَبُونَ غَضَبَ المُلُوكِ وَيَرْضَوْنَ رِضَا المُلُوكِ.(5/210)
66- بَابُ غَزْوَةِ سِيفِ البَحْرِ.
وَهُمْ يَتَلَقَّوْنَ عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَأَمِيرُهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ.
4360- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، وَهُمْ ثَلاَثُ مِئَةٍ، فَخَرَجْنَا وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ، فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ الجَيْشِ، فَجُمِعَ، فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ، فَكَانَ يَقُوتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلٌ قَلِيلٌ، حَتَّى فَنِيَ، فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلاَّ تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ، فَقُلْتُ: مَا تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ؟ فَقَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ، ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى البَحْرِ، فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ، فَأَكَلَ مِنْهُ القَوْمُ ثَمَانَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلاَعِهِ فَنُصِبَا، ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا، فَلَمْ تُصِبْهُمَا.(5/210)
4361- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ثَلاَثَ مِئَةِ رَاكِبٍ، أَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلْنَا الخَبَطَ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الجَيْشُ جَيْشَ الخَبَطِ، فَأَلْقَى لَنَا البَحْرُ دَابَّةً، يُقَالُ لَهَا: العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ، حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ، فَنَصَبَهُ، فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ، قَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً ضِلَعًا مِنْ أَضْلاَعِهِ، فَنَصَبَهُ وَأَخَذَ رَجُلاً وَبَعِيرًا، فَمَرَّ تَحْتَهُ، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلاَثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ، وَكَانَ عَمْرٌو يَقُولُ: أَخبَرَنا أَبُو صَالِحٍ، أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ لأَبِيهِ: كُنْتُ فِي الجَيْشِ، فَجَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ، قَالَ: نَحَرْتُ، قَالَ: ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ، قَالَ: نَحَرْتُ، قَالَ: ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ، قَالَ: نَحَرْتُ، ثُمَّ جَاعُوا، قَالَ: انْحَرْ، قَالَ: نُهِيتُ.(5/211)
4362- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: غَزَوْنَا جَيْشَ الخَبَطِ، وَأُمِّرَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَجُعْنَا جُوعًا شَدِيدًا، فَأَلْقَى البَحْرُ حُوتًا مَيِّتًا لَمْ نَرَ مِثْلَهُ، يُقَالُ لَهُ: العَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ، فَمَرَّ الرَّاكِبُ تَحْتَهُ، فَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا يَقُولُ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُوا. فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: كُلُوا، رِزْقًا أَخْرَجَهُ اللهُ، أَطْعِمُونَا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ، فَأَتَاهُ بَعْضُهُمْ فَأَكَلَهُ (1).
_حاشية__________
(1) قال ابن حَجَر: وقَعَ في رِوايَة ابن السَّكَن: "فأَتاهُ بَعضُهم بِعُضوٍ مِنهُ فأَكَلهُ"، قال عِياض، وهو الوجه. "فتح الباري" 8/81.(5/211)
67- حَجُّ أَبِي بَكْرٍ بِالنَّاسِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ.
4363- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثنا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ يَوْمَ النَّحْرِ فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: لاَ يَحُجُّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.(5/212)
4364- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ كَامِلَةً بَرَاءَةٌ، وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ خَاتِمَةُ سُورَةِ النِّسَاءِ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ}.(5/212)
68- وَفْدُ بَنِي تَمِيمٍ.
4365- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي صَخْرَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ المَازِنِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: اقْبَلُوا البُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَرِئَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ، فَجَاءَ نَفَرٌ مِنَ اليَمَنِ، فَقَالَ: اقْبَلُوا البُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ.(5/212)
69- بَابٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: غَزْوَةُ عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ بَنِي العَنْبَرِ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَيْهِمْ، فَأَغَارَ وَأَصَابَ مِنْهُمْ نَاسًا، وَسَبَى مِنْهُمْ سِبَاءً.
4366- حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ القَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لاَ أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ، بَعْدَ ثَلاَثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُهَا فِيهِمْ: هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ، وَكَانَتْ فِيهِمْ سَبِيَّةٌ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ: أَعْتِقِيهَا، فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ: هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمٍ، أَوْ: قَوْمِي.(5/212)
4367- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدِ بْنِ زُرَارَةَ، قَالَ عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي، قَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ، فَتَمَارَيَا، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} حَتَّى انْقَضَتْ.(5/213)
70- بَابُ وَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ.
4368- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، حَدَّثنا قُرَّةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِنَّ لِي جَرَّةً تَنْتَبَذُ لِي نَبِيذًا، فَأَشْرَبُهُ حُلْوًا فِي جَرٍّ، إِنْ أَكْثَرْتُ مِنْهُ، فَجَالَسْتُ القَوْمَ، فَأَطَلْتُ الجُلُوسَ، خَشِيتُ أَنْ أَفْتَضِحَ، فَقَالَ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، غَيْرَ خَزَايَا، وَلاَ النَّدَامَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ المُشْرِكِينَ مِنْ مُضَرَ، وَإِنَّا لاَ نَصِلُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي أَشْهُرِ الحُرُمِ، حَدِّثْنَا بِجُمَلٍ مِنَ الأَمْرِ، إِنْ عَمِلْنَا بِهِ دَخَلْنَا الجَنَّةَ، وَنَدْعُو بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللهِ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللهِ؟ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَإِقَامُ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ المَغَانِمِ الخُمُسَ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: مَا انْتُبِذَ فِي الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالحَنْتَمِ، وَالمُزَفَّتِ.(5/213)
4369- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ القَيْسِ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا هَذَا الحَيَّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَقَدْ حَالَتْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، فَلَسْنَا نَخْلُصُ إِلَيْكَ إِلاَّ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَشْيَاءَ نَأْخُذُ بِهَا، وَنَدْعُو إِلَيْهَا مَنْ وَرَاءَنَا، قَالَ: آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: الإِيمَانِ بِاللهِ شَهَادَةِ، أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَعَقَدَ وَاحِدَةً، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُؤَدُّوا لِلَّهِ خُمْسَ مَا غَنِمْتُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالنَّقِيرِ، وَالحَنْتَمِ، وَالمُزَفَّتِ.(5/213)
4370- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرٍ، أَنَّ كُرَيْبًا، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ، وَالمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، أَرْسَلُوا إِلَى عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقَالُوا: اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنَّا جَمِيعًا، وَسَلْهَا عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، فَإِنَّا أُخْبِرْنَا أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا، وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَهَى عَنْهُمَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَكُنْتُ أَضْرِبُ مَعَ عُمَرَ النَّاسَ عَنْهُمَا، قَالَ كُرَيْبٌ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهَا وَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي، فَقَالَتْ: سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ، فَأَخْبَرْتُهُمْ، فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي إِلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَنْهَى عَنْهُمَا، وَإِنَّهُ صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ، وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَصَلاَّهُمَا، فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الخَادِمَ، فَقُلْتُ: قُومِي إِلَى جَنْبِهِ، فَقُولِي: تَقُولُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَمْ أَسْمَعْكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ؟ فَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا، فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخِرِي، فَفَعَلَتِ الجَارِيَةُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، إِنَّهُ أَتَانِي أُنَاسٌ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ بِالإِسْلاَمِ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَهُمَا هَاتَانِ.(5/214)
4371- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثنا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ المَلِكِ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، هُوَ ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ بَعْدَ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فِي مَسْجِدِ عَبْدِ القَيْسِ بِجُوَاثَى، يَعْنِي قَرْيَةً مِنَ البَحْرَيْنِ.(5/214)
71- بَابُ وَفْدِ بَنِي حَنِيفَةَ، وَحَدِيثِ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ.
4372- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ، يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَاذَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ المَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟ فَقَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الغَدِ، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟(5/214)
فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلاَدِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ، قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ، قَالَ: لاَ وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلاَ وَاللهِ، لاَ يَأْتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ، حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/215)
4373- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثنا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: إِنْ جَعَلَ لِي مُحَمَّدٌ الأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ تَبِعْتُهُ، وَقَدِمَهَا فِي بَشَرٍ كَثِيرٍ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قِطْعَةُ جَرِيدٍ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى مُسَيْلِمَةَ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: لَوْ سَأَلْتَنِي هَذِهِ القِطْعَةَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ، وَلَنْ تَعْدُوَ أَمْرَ اللهِ فِيكَ، وَلَئِنْ أَدْبَرْتَ لَيَعْقِرَنَّكَ اللهُ، وَإِنِّي لأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا رَأَيْتُ، وَهَذَا ثَابِتٌ يُجِيبُكَ عَنِّي، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ.(5/215)
4374- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّكَ أُرَى الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أَرَيْتُ، فَأَخْبَرَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُ فِي يَدَيَّ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِي شَأْنُهُمَا، فَأُوحِيَ إِلَيَّ فِي المَنَامِ: أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا، فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ بَعْدِي، أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ.(5/216)
4375- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِخَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَ فِي كَفِّي سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَكَبُرَا عَلَيَّ، فَأُوْحِيَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا، فَذَهَبَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا، صَاحِبَ صَنْعَاءَ، وَصَاحِبَ اليَمَامَةِ.(5/216)
4376- حَدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مَهْدِيَّ بْنَ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ العُطَارِدِيَّ يَقُولُ: كُنَّا نَعْبُدُ الحَجَرَ، فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ، وَأَخَذْنَا الآخَرَ، فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ، ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُفْنَا بِهِ، فَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَجَبٍ، قُلْنَا: مُنَصِّلُ الأَسِنَّةِ، فَلاَ نَدَعُ رُمْحًا فِيهِ حَدِيدَةٌ، وَلاَ سَهْمًا فِيهِ حَدِيدَةٌ إِلاَّ نَزَعْنَاهُ وَأَلْقَيْنَاهُ شَهْرَ رَجَبٍ.
4377- وَسَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ يَقُولُ: كُنْتُ يَوْمَ بُعِثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ غُلاَمًا أَرْعَى الإِبِلَ عَلَى أَهْلِي، فَلَمَّا سَمِعْنَا بِخُرُوجِهِ، فَرَرْنَا إِلَى النَّارِ، إِلَى مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابِ.(5/216)
72- قِصَّةِ الأَسْوَدِ العَنْسِيِّ.
4378- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الجَرْمِيُّ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ، وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، اسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الكَذَّابَ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَنَزَلَ فِي دَارِ بِنْتِ الحَارِثِ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ بِنْتُ الحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرٍ، فَأَتَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: خَطِيبُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَفِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَضِيبٌ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ، فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ: إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الأَمْرِ، ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ سَأَلْتَنِي هَذَا القَضِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ، وَإِنِّي لأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ، وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، سَيُجِيبُكَ عَنِّي، فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/216)
4379- قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الَّتِي ذَكَرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا، فَأُذِنَ لِي، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ.
فَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ: أَحَدُهُمَا العَنْسِيُّ، الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِاليَمَنِ، وَالآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ.(5/217)
73- قِصَّةِ أَهْلِ نَجْرَانَ.
4380- حَدَّثنا عَبَّاسُ بْنُ الحُسَيْنِ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: جَاءَ العَاقِبُ وَالسَّيِّدُ، صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُرِيدَانِ أَنْ يُلاَعِنَاهُ، قَالَ: فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لاَ تَفْعَلْ، فَوَاللهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلاَعَنَّا، لاَ نُفْلِحُ نَحْنُ وَلاَ عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا، قَالاَ: إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا، وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلاً أَمِينًا، وَلاَ تَبْعَثْ مَعَنَا إِلاَّ أَمِينًا، فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، فَلَمَّا قَامَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ.(5/217)
4381- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالُوا: ابْعَثْ لَنَا رَجُلاً أَمِينًا، فَقَالَ: لأَبْعَثَنَّ إِلَيْكُمْ رَجُلاً أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ، فَاسْتَشْرَفَ لَهُ النَّاسُ، فَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ.(5/217)
4382- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ، وَأَمِينُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ.(5/217)
74- قِصَّةِ عُمَانَ وَالبَحْرَيْنِ.
4383- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، سَمِعَ ابْنُ المُنْكَدِرِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا، وَهَكَذَا، ثَلاَثَ، فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ البَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي، قَالَ جَابِرٌ: فَجِئْتُ أَبَا بَكْرٍ فَأَخْبَرْتُهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لَوْ جَاءَ مَالُ البَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا، ثَلاَثًا، قَالَ: فَأَعْطَانِي، قَالَ جَابِرٌ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ، فَسَأَلْتُهُ، فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَلَمْ يُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَلَمْ يُعْطِنِي، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ أَتَيْتُكَ، فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُكَ، فَلَمْ تُعْطِنِي، ثُمَّ أَتَيْتُكَ، فَلَمْ تُعْطِنِي، فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي، فَقَالَ: أَقُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي؟ وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنَ البُخْلِ، قَالَهَا ثَلاَثًا، مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَّ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ.
وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: جِئْتُهُ، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: عُدَّهَا، فَعَدَدْتُهَا، فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِئَةٍ، فَقَالَ: خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ.(5/218)
75- بَابُ قُدُومِ الأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ اليَمَنِ.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.
4384- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، قَالاَ: حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِينًا، مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ، إِلاَّ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ، مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ.(5/218)
4385- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا عَبْدُ السَّلاَمِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى، أَكْرَمَ هَذَا الحَيَّ مِنْ جَرْمٍ، وَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ، وَهُوَ يَتَغَدَّى دَجَاجًا، وَفِي القَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ، فَدَعَاهُ إِلَى الغَدَاءِ، فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ، فَقَالَ لَهُ: هَلُمَّ، فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَأْكُلُهُ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ لاَ آكُلُهُ، فَقَالَ: هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنْ يَمِينِكَ، إِنَّا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَفَرٌ مِنَ الأَشْعَرِيِّينَ، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْمِلَنَا، فَاسْتَحْمَلْنَاهُ، فَحَلَفَ أَنْ لاَ يَحْمِلَنَا، ثُمَّ لَمْ يَلْبَثِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ أُتِيَ بِنَهْبِ إِبِلٍ، فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ، فَلَمَّا قَبَضْنَاهَا، قُلْنَا: تَغَفَّلْنَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَمِينَهُ، لاَ نُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَدًا، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَحْمِلَنَا، وَقَدْ حَمَلْتَنَا؟ قَالَ: أَجَلْ، وَلَكِنْ لاَ أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا.(5/218)
4386- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، حَدَّثنا صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ المَازِنِيُّ، حَدَّثنا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، قَالَ: جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَمِيمٍ، قَالُوا: أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا، فَأَعْطِنَا، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْبَلُوا البُشْرَى، إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ، قَالُوا: قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ.(5/219)
4387- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الإِيمَانُ هَاهُنَا، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى اليَمَنِ، وَالجَفَاءُ وَغِلَظُ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ، مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ، رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ.(5/219)
4388- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالفَخْرُ وَالخُيَلاَءُ فِي أَصْحَابِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالوَقَارُ فِي أَهْلِ الغَنَمِ.
وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(5/219)
4389- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالفِتْنَةُ هَاهُنَا، هَاهُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ.(5/220)
4390- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ، أَضْعَفُ قُلُوبًا، وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً، الفِقْهُ يَمَانٍ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ.(5/220)
4391- حَدَّثنا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ خَبَّابٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلاَءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَؤُوا كَمَا تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ، قَالَ: أَجَلْ، قَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ، أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ؟ فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ، قَالَ عَبْدُ اللهِ: مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلاَّ وَهُوَ يَقْرَؤُهُ، ثُمَّ التَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ، وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى، قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَيَّ بَعْدَ اليَوْمِ، فَأَلْقَاهُ.
رَوَاهُ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ.(5/220)
76- قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ.
4392- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ، عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللهَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: اللهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ.(5/220)
4393- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الكُفْرِ نَجَّتِ.
وَأَبَقَ غُلاَمٌ لِي فِي الطَّرِيقِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَبَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ، إِذْ طَلَعَ الغُلاَمُ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلاَمُكَ، فَقُلْتُ: هُوَ لِوَجْهِ اللهِ، فَأَعْتَقْتُهُ.(5/220)
77- وَفْدِ طَيِّئٍ وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ.
4394- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثنا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: أَتَيْنَا عُمَرَ فِي وَفْدٍ، فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلاً رَجُلاً وَيُسَمِّيهِمْ، فَقُلْتُ: أَمَا تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: بَلَى، أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا، وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا، وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا، وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا، فَقَالَ عَدِيٌّ: فَلاَ أُبَالِي إِذًا.(5/221)
78- بَابُ حَجَّةِ الوَدَاعِ.
4395- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لاَ يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، فَقَدِمْتُ مَعَهُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلاَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي، وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ، أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ: هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ، قَالَتْ: فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ، بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ، بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.(5/221)
4396- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ، فَقُلْتُ (1): مِنْ أَيْنَ؟ قَالَ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ (2): مِنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} وَمِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَصْحَابَهُ، أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ.
_حاشية__________
(1) القائل ؛ هو ابن جُرَيْج.
(2) القائل ؛ هو عَطَاء، وعليه ؛ فالمرفوع في هذا الحديث مرسلٌ.(5/221)
4397- حَدَّثَنِي بَيَانٌ، حَدَّثنا النَّضْرُ، أَخبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقًا، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَالَ: أَحَجَجْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَيْفَ أَهْلَلْتَ قُلْتُ: لَبَّيْكَ بِإِهْلاَلٍ كَإِهْلاَلِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: طُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا، وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حِلَّ، فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَيْسٍ، فَفَلَتْ رَأْسِي.(5/222)
4398- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، أَخبَرَنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ حَفْصَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَمَرَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يَحْلِلْنَ عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: فَمَا يَمْنَعُكَ؟ فَقَالَ: لَبَّدْتُ رَأْسِي، وَقَلَّدْتُ هَدْيِي، فَلَسْتُ أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ هَدْيِي.(5/222)
4399- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنِي شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح) وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، وَالفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، فَهَلْ يَقْضِي أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.(5/222)
4400- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ، حَدَّثنا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَامَ الفَتْحِ، وَهُوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ عَلَى القَصْوَاءِ، وَمَعَهُ بِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، حَتَّى أَنَاخَ عِنْدَ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ لِعُثْمَانَ: ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ، فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ، فَفَتَحَ لَهُ البَابَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأُسَامَةُ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ، ثُمَّ أَغْلَقُوا عَلَيْهِمُ البَابَ، فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلاً، ثُمَّ خَرَجَ وَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ، فَسَبَقْتُهُمْ، فَوَجَدْتُ بِلاَلاً قَائِمًا مِنْ وَرَاءِ البَابِ، فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ: صَلَّى بَيْنَ ذَيْنِكَ العَمُودَيْنِ المُقَدَّمَيْنِ، وَكَانَ البَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ، صَلَّى بَيْنَ العَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ المُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ البَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَاسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الَّذِي يَسْتَقْبِلُكَ حِينَ تَلِجُ البَيْتَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجِدَارِ، قَالَ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى، وَعِنْدَ المَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ.(5/222)
4401- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَخْبَرَتْهُمَا، أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حَاضَتْ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ فَقُلْتُ: إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَا رَسُولَ اللهِ، وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَلْتَنْفِرْ.(5/223)
4402- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا نَتَحَدَّثُ بِحَجَّةِ الوَدَاعِ، وَالنَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، وَلاَ نَدْرِي مَا حَجَّةُ الوَدَاعِ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، فَأَطْنَبَ فِي ذِكْرِهِ، وَقَالَ: مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ، أَنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ، وَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِيكُمْ، فَمَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ شَأْنِهِ فَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْكُمْ ؛ أَنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ عَلَى مَا يَخْفَى عَلَيْكُمْ ثَلاَثًا، إِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ أَعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ.
4403- أَلاَ إِنَّ اللهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: اللهُمَّ اشْهَدْ، ثَلاَثًا، وَيْلَكُمْ، أَوْ: وَيْحَكُمْ، انْظُرُوا، لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.(5/223)
4404- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ غَزَا تِسْعَ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَأَنَّهُ حَجَّ بَعْدَ مَا هَاجَرَ حَجَّةً وَاحِدَةً، لَمْ يَحُجَّ بَعْدَهَا، حَجَّةَ الوَدَاعِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَبِمَكَّةَ أُخْرَى.(5/223)
4405- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ جَرِيرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ لِجَرِيرٍ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ، فَقَالَ: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.(5/224)
4406- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الزَّمَانُ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَةِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ: ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ، أَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ ذُو الحِجَّةِ، قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ البَلْدَةَ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَسَكَتَ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، قَالَ مُحَمَّدٌ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ، فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلاَّلاً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ، فَكَانَ مُحَمَّدٌ إِذَا ذَكَرَهُ يَقُولُ: صَدَقَ مُحَمَّدٌ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ، مَرَّتَيْنِ.(5/224)
4407- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، أَنَّ أُنَاسًا مِنَ اليَهُودِ قَالُوا: لَوْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِينَا، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: أَيَّةُ آيَةٍ؟ فَقَالُوا: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا} فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَعْلَمُ أَيَّ مَكَانٍ أُنْزِلَتْ، أُنْزِلَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ.(5/224)
4408- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالحَجِّ، فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِالحَجِّ أَوْ جَمَعَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَلَمْ يَحِلُّوا حَتَّى يَوْمِ النَّحْرِ.
حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، وَقَالَ: مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ.
حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثنا مَالِكٌ، مِثْلَهُ.(5/225)
4409- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى المَوْتِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لاَ، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ قَالَ: لاَ، قُلْتُ: فَالثُّلُثِ؟ قَالَ: وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَلَسْتَ تُنْفِقُ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَأُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ، فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللهِ، إِلاَّ ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً، وَلَعَلَّكَ تُخَلَّفُ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ، وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ، اللهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ البَائِسُ سَعْدُ ابْنُ خَوْلَةَ، رَثَى لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.(5/225)
4410- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُمْ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ.(5/225)
4411- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، حَدَّثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَخْبَرَهُ ابْنُ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَلَقَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ.(5/225)
4412- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ح) وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ أَقْبَلَ يَسِيرُ عَلَى حِمَارٍ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَائِمٌ بِمِنًى فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَسَارَ الحِمَارُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْهُ، فَصَفَّ مَعَ النَّاسِ.(5/226)
4413- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا شَاهِدٌ عَنْ سَيْرِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَجَّتِهِ؟ فَقَالَ: العَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ.(5/226)
4414- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الخَطْمِيِّ، أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ، أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ المَغْرِبَ وَالعِشَاءَ جَمِيعًا.(5/226)
المجلد السادس.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
79- بَابُ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهِيَ غَزْوَةُ العُسْرَةِ.
4415- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَرْسَلَنِي أَصْحَابِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَسْأَلُهُ الحُمْلاَنَ لَهُمْ، إِذْ هُمْ مَعَهُ فِي جَيْشِ العُسْرَةِ، وَهِيَ غَزْوَةُ تَبُوكَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إِنَّ أَصْحَابِي أَرْسَلُونِي إِلَيْكَ لِتَحْمِلَهُمْ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَحْمِلُكُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَوَافَقْتُهُ وَهُوَ غَضْبَانُ، وَلاَ أَشْعُرُ، وَرَجَعْتُ حَزِينًا مِنْ مَنْعِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَمِنْ مَخَافَةِ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ عَلَيَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَأَخْبَرْتُهُمُ الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمْ أَلْبَثْ إِلاَّ سُوَيْعَةً، إِذْ سَمِعْتُ بِلاَلاً يُنَادِي: أَيْ عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ، فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: أَجِبْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدْعُوكَ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ، قَالَ: خُذْ هَذَيْنِ القَرِينَيْنِ، لِسِتَّةِ أَبْعِرَةٍ ابْتَاعَهُنَّ حِينَئِذٍ مِنْ سَعْدٍ، فَانْطَلِقْ بِهِنَّ إِلَى أَصْحَابِكَ، فَقُلْ: إِنَّ اللهَ، أَوْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاَءِ فَارْكَبُوهُنَّ، فَانْطَلَقْتُ إِلَيْهِمْ بِهِنَّ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَحْمِلُكُمْ عَلَى هَؤُلاَءِ، وَلَكِنِّي وَاللهِ لاَ أَدَعُكُمْ حَتَّى يَنْطَلِقَ مَعِي بَعْضُكُمْ إِلَى مَنْ سَمِعَ مَقَالَةَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، لاَ تَظُنُّوا أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا لَمْ يَقُلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالُوا لِي: إِنَّكَ عِنْدَنَا لَمُصَدَّقٌ، وَلَنَفْعَلَنَّ مَا أَحْبَبْتَ، فَانْطَلَقَ أَبُو مُوسَى بِنَفَرٍ مِنْهُمْ، حَتَّى أَتَوُا الَّذِينَ سَمِعُوا قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَنْعَهُ إِيَّاهُمْ، ثُمَّ إِعْطَاءَهُمْ بَعْدُ، فَحَدَّثُوهُمْ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَهُمْ بِهِ أَبُو مُوسَى.(6/2)
4416- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فَقَالَ: أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ؟ قَالَ: أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، سَمِعْتُ مُصْعَبًا.(6/3)
4417- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يُخْبِرُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ العُسْرَةَ، قَالَ: كَانَ يَعْلَى يَقُولُ: تِلْكَ الغَزْوَةُ أَوْثَقُ أَعْمَالِي عِنْدِي، قَالَ عَطَاءٌ: فَقَالَ صَفْوَانُ: قَالَ يَعْلَى: فَكَانَ لِي أَجِيرٌ، فَقَاتَلَ إِنْسَانًا، فَعَضَّ أَحَدُهُمَا يَدَ الآخَرِ، قَالَ عَطَاءٌ: فَلَقَدْ أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ، أَيُّهُمَا عَضَّ الآخَرَ فَنَسِيتُهُ، قَالَ: فَانْتَزَعَ المَعْضُوضُ يَدَهُ مِنْ فِي العَاضِّ، فَانْتَزَعَ إِحْدَى ثَنِيَّتَيْهِ، فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَهْدَرَ ثَنِيَّتَهُ، قَالَ عَطَاءٌ: وَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَفَيَدَعُ يَدَهُ فِي فِيكَ تَقْضَمُهَا كَأَنَّهَا فِي فِي فَحْلٍ يَقْضَمُهَا.(6/3)
80- حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}.
4418- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ، قَالَ كَعْبٌ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، إِلاَّ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ تَخَلَّفْتُ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَلَمْ يُعَاتِبْ أَحَدًا تَخَلَّفَ عَنْهَا، إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ، وَلَقَدْ شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ أَذْكَرَ فِي النَّاسِ مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِي، أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ فِي تِلْكَ الغَزَاةِ، وَاللهِ مَا اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ، حَتَّى جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُرِيدُ غَزْوَةً، إِلاَّ وَرَّى بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، وَمَفَازًا، وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ لِيَتَأَهَّبُوا أُهْبَةَ غَزْوِهِمْ، فَأَخْبَرَهُمْ بِوَجْهِهِ الَّذِي يُرِيدُ، وَالمُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَثِيرٌ، وَلاَ يَجْمَعُهُمْ كِتَابٌ حَافِظٌ، يُرِيدُ الدِّيوَانَ،(6/3)
قَالَ كَعْبٌ: فَمَا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّبَ، إِلاَّ ظَنَّ أَنْ سَيَخْفَى لَهُ مَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيُ اللهِ، وَغَزَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تِلْكَ الغَزْوَةَ حِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالظِّلاَلُ، وَتَجَهَّزَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، فَطَفِقْتُ أَغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ مَعَهُمْ، فَأَرْجِعُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: أَنَا قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَمَادَى بِي، حَتَّى اشْتَدَّ بِالنَّاسِ الجِدُّ، فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالمُسْلِمُونَ مَعَهُ، وَلَمْ أَقْضِ مِنْ جَهَازِي شَيْئًا، فَقُلْتُ: أَتَجَهَّزُ بَعْدَهُ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، ثُمَّ أَلْحَقُهُمْ، فَغَدَوْتُ بَعْدَ أَنْ فَصَلُوا لأَتَجَهَّزَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، ثُمَّ غَدَوْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَلَمْ أَقْضِ شَيْئًا، فَلَمْ يَزَلْ بِي، حَتَّى أَسْرَعُوا وَتَفَارَطَ الغَزْوُ، وَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فَأُدْرِكَهُمْ، وَلَيْتَنِي فَعَلْتُ، فَلَمْ يُقَدَّرْ لِي ذَلِكَ، فَكُنْتُ إِذَا خَرَجْتُ فِي النَّاسِ بَعْدَ خُرُوجِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَطُفْتُ فِيهِمْ، أَحْزَنَنِي أَنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ رَجُلاً مَغْمُوصًا عَلَيْهِ النِّفَاقُ، أَوْ رَجُلاً مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ، وَلَمْ يَذْكُرْنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى بَلَغَ تَبُوكَ، فَقَالَ وَهُوَ جَالِسٌ فِي القَوْمِ بِتَبُوكَ: مَا فَعَلَ كَعْبٌ؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ وَالنَّظَرُ فِي عِطْفِهِ، فَقَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ: بِئْسَ مَا قُلْتَ، وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَلَمَّا بَلَغَنِي أَنَّهُ تَوَجَّهَ قَافِلاً، حَضَرَنِي هَمِّي، وَطَفِقْتُ أَتَذَكَّرُ الكَذِبَ، وَأَقُولُ: بِمَاذَا أَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ غَدًا، وَاسْتَعَنْتُ عَلَى ذَلِكَ بِكُلِّ ذِي رَأْيٍ مِنْ أَهْلِي،(6/4)
فَلَمَّا قِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ أَظَلَّ قَادِمًا، زَاحَ عَنِّي البَاطِلُ، وَعَرَفْتُ أَنِّي لَنْ أَخْرُجَ مِنْهُ أَبَدًا بِشَيْءٍ فِيهِ كَذِبٌ، فَأَجْمَعْتُ صِدْقَهُ، وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَادِمًا، وَكَانَ إِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ لِلنَّاسِ، فَلَمَّا فَعَلَ ذَلِكَ، جَاءَهُ المُخَلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَيْهِ وَيَحْلِفُونَ لَهُ، وَكَانُوا بِضْعَةً وَثَمَانِينَ رَجُلاً، فَقَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلاَنِيَتَهُمْ، وَبَايَعَهُمْ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَوَكَلَ سَرَائِرَهُمْ إِلَى اللهِ، فَجِئْتُهُ، فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ، تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ المُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ: تَعَالَ، فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: مَا خَلَّفَكَ؟ أَلَمْ تَكُنْ قَدِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، إِنِّي وَاللهِ لَوْ جَلَسْتُ عِنْدَ غَيْرِكَ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، لَرَأَيْتُ أَنْ سَأَخْرُجُ مِنْ سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، وَلَقَدْ أُعْطِيتُ جَدَلاً، وَلَكِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَئِنْ حَدَّثْتُكَ اليَوْمَ حَدِيثَ كَذِبٍ تَرْضَى بِهِ عَنِّي، لَيُوشِكَنَّ اللهُ أَنْ يُسْخِطَكَ عَلَيَّ، وَلَئِنْ حَدَّثْتُكَ حَدِيثَ صِدْقٍ تَجِدُ عَلَيَّ فِيهِ، إِنِّي لأَرْجُو فِيهِ عَفْوَ اللهِ، لاَ وَاللهِ مَا كَانَ لِي مِنْ عُذْرٍ، وَاللهِ مَا كُنْتُ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ مِنِّي حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ، فَقُمْ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِيكَ، فَقُمْتُ، وَثَارَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَاتَّبَعُونِي، فَقَالُوا لِي: وَاللهِ مَا عَلِمْنَاكَ كُنْتَ أَذْنَبْتَ ذَنْبًا قَبْلَ هَذَا، وَلَقَدْ عَجَزْتَ أَنْ لاَ تَكُونَ اعْتَذَرْتَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِمَا اعْتَذَرَ إِلَيْهِ المُتَخَلِّفُونَ، قَدْ كَانَ كَافِيَكَ ذَنْبَكَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَكَ،(6/5)
فَوَاللهِ مَا زَالُوا يُؤَنِّبُونِي، حَتَّى أَرَدْتُ أَنْ أَرْجِعَ فَأُكَذِّبَ نَفْسِي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُمْ: هَلْ لَقِيَ هَذَا مَعِي أَحَدٌ؟ قَالُوا: نَعَمْ، رَجُلاَنِ قَالاَ مِثْلَ مَا قُلْتَ، فَقِيلَ لَهُمَا مِثْلُ مَا قِيلَ لَكَ، فَقُلْتُ: مَنْ هُمَا؟ قَالُوا: مُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ العَمْرِيُّ، وَهِلاَلُ بْنُ أُمَيَّةَ الوَاقِفِيُّ، فَذَكَرُوا لِي رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا فِيهِمَا إِسْوَةٌ، فَمَضَيْتُ حِينَ ذَكَرُوهُمَا لِي، وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المُسْلِمِينَ عَنْ كَلاَمِنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ مِنْ بَيْنِ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ، فَاجْتَنَبَنَا النَّاسُ، وَتَغَيَّرُوا لَنَا، حَتَّى تَنَكَّرَتْ فِي نَفْسِي الأَرْضُ، فَمَا هِيَ الَّتِي أَعْرِفُ، فَلَبِثْنَا عَلَى ذَلِكَ خَمْسِينَ لَيْلَةً، فَأَمَّا صَاحِبَايَ، فَاسْتَكَانَا وَقَعَدَا فِي بُيُوتِهِمَا يَبْكِيَانِ، وَأَمَّا أَنَا، فَكُنْتُ أَشَبَّ القَوْمِ وَأَجْلَدَهُمْ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَشْهَدُ الصَّلاَةَ مَعَ المُسْلِمِينَ، وَأَطُوفُ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ، وَآتِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأُسَلِّمُ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَجْلِسِهِ بَعْدَ الصَّلاَةِ، فَأَقُولُ فِي نَفْسِي: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلاَمِ عَلَيَّ أَمْ لاَ؟ ثُمَّ أُصَلِّي قَرِيبًا مِنْهُ، فَأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فَإِذَا أَقْبَلْتُ عَلَى صَلاَتِي أَقْبَلَ إِلَيَّ، وَإِذَا التَفَتُّ نَحْوَهُ أَعْرَضَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا طَالَ عَلَيَّ ذَلِكَ مِنْ جَفْوَةِ النَّاسِ، مَشَيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حَائِطِ أَبِي قَتَادَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّي، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَوَاللهِ مَا رَدَّ عَلَيَّ السَّلاَمَ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا قَتَادَةَ، أَنْشُدُكَ بِاللهِ، هَلْ تَعْلَمُنِي أُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ؟ فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ، فَنَشَدْتُهُ، فَسَكَتَ، فَعُدْتُ لَهُ، فَنَشَدْتُهُ، فَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَفَاضَتْ عَيْنَايَ، وَتَوَلَّيْتُ حَتَّى تَسَوَّرْتُ الجِدَارَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي بِسُوقِ المَدِينَةِ، إِذَا نَبَطِيٌّ مِنْ أَنْبَاطِ أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ قَدِمَ بِالطَّعَامِ يَبِيعُهُ بِالْمَدِينَةِ،(6/6)
يَقُولُ: مَنْ يَدُلُّ عَلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، فَطَفِقَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا جَاءَنِي، دَفَعَ إِلَيَّ كِتَابًا مِنْ مَلِكِ غَسَّانَ، فَإِذَا فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ صَاحِبَكَ قَدْ جَفَاكَ، وَلَمْ يَجْعَلْكَ اللهُ بِدَارِ هَوَانٍ وَلاَ مَضْيَعَةٍ، فَالحَقْ بِنَا نُوَاسِكَ، فَقُلْتُ لَمَّا قَرَأْتُهَا: وَهَذَا أَيْضًا مِنَ البَلاَءِ، فَتَيَمَّمْتُ بِهَا التَّنُّورَ، فَسَجَرْتُهُ بِهَا، حَتَّى إِذَا مَضَتْ أَرْبَعُونَ لَيْلَةً مِنَ الخَمْسِينَ، إِذَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَأْتِينِي، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امْرَأَتَكَ، فَقُلْتُ: أُطَلِّقُهَا؟ أَمْ مَاذَا أَفْعَلُ؟ قَالَ: لاَ، بَلِ اعْتَزِلْهَا وَلاَ تَقْرَبْهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى صَاحِبَيَّ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقُلْتُ لاِمْرَأَتِي: الحَقِي بِأَهْلِكِ، فَتَكُونِي عِنْدَهُمْ، حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي هَذَا الأَمْرِ، قَالَ كَعْبٌ: فَجَاءَتِ امْرَأَةُ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ شَيْخٌ ضَائِعٌ، لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَهَلْ تَكْرَهُ أَنْ أَخْدُمَهُ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنْ لاَ يَقْرَبْكِ، قَالَتْ: إِنَّهُ وَاللهِ مَا بِهِ حَرَكَةٌ إِلَى شَيْءٍ، وَاللهِ مَا زَالَ يَبْكِي مُنْذُ كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ إِلَى يَوْمِهِ هَذَا، فَقَالَ لِي بَعْضُ أَهْلِي: لَوِ اسْتَأْذَنْتَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي امْرَأَتِكَ كَمَا أَذِنَ لاِمْرَأَةِ هِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ أَنْ تَخْدُمَهُ؟ فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَسْتَأْذِنُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَمَا يُدْرِينِي مَا يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا اسْتَأْذَنْتُهُ فِيهَا، وَأَنَا رَجُلٌ شَابٌّ؟ فَلَبِثْتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَ لَيَالٍ، حَتَّى كَمَلَتْ لَنَا خَمْسُونَ لَيْلَةً، مِنْ حِينَ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ كَلاَمِنَا،(6/7)
فَلَمَّا صَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ صُبْحَ خَمْسِينَ لَيْلَةً وَأَنَا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِنَا، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ عَلَى الحَالِ الَّتِي ذَكَرَ اللهُ، قَدْ ضَاقَتْ عَلَيَّ نَفْسِي، وَضَاقَتْ عَلَيَّ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، سَمِعْتُ صَوْتَ صَارِخٍ أَوْفَى عَلَى جَبَلِ سَلْعٍ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ، أَبْشِرْ، قَالَ: فَخَرَرْتُ سَاجِدًا، وَعَرَفْتُ أَنْ قَدْ جَاءَ فَرَجٌ، وَآذَنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلاَةَ الفَجْرِ، فَذَهَبَ النَّاسُ يُبَشِّرُونَنَا، وَذَهَبَ قِبَلَ صَاحِبَيَّ مُبَشِّرُونَ، وَرَكَضَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَرَسًا، وَسَعَى سَاعٍ مِنْ أَسْلَمَ، فَأَوْفَى عَلَى الجَبَلِ، وَكَانَ الصَّوْتُ أَسْرَعَ مِنَ الفَرَسِ، فَلَمَّا جَاءَنِي الَّذِي سَمِعْتُ صَوْتَهُ يُبَشِّرُنِي، نَزَعْتُ لَهُ ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا بِبُشْرَاهُ، وَاللهِ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهُمَا يَوْمَئِذٍ، وَاسْتَعَرْتُ ثَوْبَيْنِ، فَلَبِسْتُهُمَا، وَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللهِ عَلَيْكَ، قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ يُهَرْوِلُ حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي، وَاللهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ، قَالَ كَعْبٌ: فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهُوَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ مِنَ السُّرُورِ: أَبْشِرْ بِخَيْرِ يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ، قَالَ: قُلْتُ: أَمِنْ عِنْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَمْ مِنْ عِنْدِ اللهِ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا سُرَّ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ،(6/8)
فَلَمَّا جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ، قُلْتُ: فَإِنِّي أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ إِنَّمَا نَجَّانِي بِالصِّدْقِ، وَإِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ لاَ أُحَدِّثَ إِلاَّ صِدْقًا مَا بَقِيتُ، فَوَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ المُسْلِمِينَ أَبْلاَهُ اللهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَحْفَظَنِي اللهُ فِيمَا بَقِيتُ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} فَوَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ قَطُّ بَعْدَ أَنْ هَدَانِي لِلإِسْلاَمِ، أَعْظَمَ فِي نَفْسِي مِنْ صِدْقِي لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ، فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا، فَإِنَّ اللهَ قَالَ لِلَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أَنْزَلَ الوَحْيَ، شَرَّ مَا قَالَ لأَحَدٍ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللهَ لاَ يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ}، قَالَ كَعْبٌ: وَكُنَّا تَخَلَّفْنَا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ عَنْ أَمْرِ أُولَئِكَ الَّذِينَ قَبِلَ مِنْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ حَلَفُوا لَهُ، فَبَايَعَهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ، وَأَرْجَأَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَمْرَنَا حَتَّى قَضَى اللهُ فِيهِ، فَبِذَلِكَ قَالَ اللهُ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} وَلَيْسَ الَّذِي ذَكَرَ اللهُ مِمَّا خُلِّفْنَا عَنِ الغَزْوِ، إِنَّمَا هُوَ تَخْلِيفُهُ إِيَّانَا وَإِرْجَاؤُهُ أَمْرَنَا عَمَّنْ حَلَفَ لَهُ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ فَقَبِلَ مِنْهُ.(6/9)
81- بَابُ نُزُولِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الحِجْرَ.
4419- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الجُعْفِيُّ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالحِجْرِ، قَالَ: لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ، إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، ثُمَّ قَنَّعَ رَأْسَهُ، وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أَجَازَ الوَادِيَ.(6/9)
4420- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأَصْحَابِ الحِجْرِ: لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ، إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ.(6/9)
82- بَابٌ.
4421- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، فَقُمْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ المَاءَ، لاَ أَعْلَمُهُ إِلاَّ قَالَ: فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ، وَذَهَبَ يَغْسِلُ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ عَلَيْهِ كُمَّا الجُبَّةِ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ تَحْتِ جُبَّتِهِ، فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.(6/9)
4422- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ، قَالَ: هَذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ.(6/9)
4423- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَدَنَا مِنَ المَدِينَةِ، فَقَالَ: إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلاَ قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلاَّ كَانُوا مَعَكُمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ؟ قَالَ: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ، حَبَسَهُمُ العُذْرُ.(6/9)
83- بَابُ كِتَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ.
4424- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ، فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ.(6/10)
4425- حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثنا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: لَقَدْ نَفَعَنِي اللهُ بِكَلِمَةٍ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَيَّامَ الجَمَلِ، بَعْدَ مَا كِدْتُ أَنْ أَلْحَقَ بِأَصْحَابِ الجَمَلِ فَأُقَاتِلَ مَعَهُمْ، قَالَ: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى، قَالَ: لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمُ امْرَأَةً.(6/10)
4426- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَقُولُ: أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الغِلْمَانِ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، نَتَلَقَّى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: مَعَ الصِّبْيَانِ.(6/10)
4427- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ، أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ، نَتَلَقَّى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، مَقْدَمَهُ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ.(6/10)
84- بَابُ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَوَفَاتِهِ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ}.
4428- وَقَالَ يُونُسُ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ (1) عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِي أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِي مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: الزهري يقول: سمعت السائب.(6/11)
4429- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بِنْتِ الحَارِثِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالْمُرْسَلاَتِ عُرْفًا، ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا، حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ.(6/11)
4430- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ، فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ.(6/11)
4431- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَحْوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَوْمُ الخَمِيسِ، وَمَا يَوْمُ الخَمِيسِ؟ اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَجَعُهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا، فَتَنَازَعُوا، وَلاَ يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ، فَقَالُوا: مَا شَأْنُهُ، أَهَجَرَ اسْتَفْهِمُوهُ؟ فَذَهَبُوا يَرُدُّونَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: دَعُونِي، فَالَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ، وَأَوْصَاهُمْ بِثَلاَثٍ، قَالَ: أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ، وَأَجِيزُوا لِلْوَفْدِ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ، وَسَكَتَ عَنِ الثَّالِثَةِ، أَوْ قَالَ: فَنَسِيتُهَا.(6/11)
4432- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَلُمُّوا أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ غَلَبَهُ الوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالاِخْتِلاَفَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قُومُوا.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَكَانَ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ، مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الكِتَابَ، لاِخْتِلاَفِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.(6/11)
4433 و4434- حَدَّثنا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَعَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَبَكَتْ، ثُمَّ دَعَاهَا فَسَارَّهَا بِشَيْءٍ، فَضَحِكَتْ، فَسَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: سَارَّنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُ يُقْبَضُ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ سَارَّنِي فَأَخْبَرَنِي أَنِّي أَوَّلُ أَهْلِهِ يَتْبَعُهُ، فَضَحِكْتُ.(6/12)
4435- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كُنْتُ أَسْمَعُ: أَنَّهُ لاَ يَمُوتُ نَبِيٌّ حَتَّى يُخَيَّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ، يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ} الآيَةَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ.(6/12)
4436- حَدَّثنا مُسْلِمٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَرَضَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، جَعَلَ يَقُولُ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى.(6/12)
4437- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ صَحِيحٌ يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُحَيَّا أَوْ يُخَيَّرَ، فَلَمَّا اشْتَكَى وَحَضَرَهُ القَبْضُ وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِ عَائِشَةَ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، شَخَصَ بَصَرُهُ نَحْوَ سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، فَقُلْتُ: إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ حَدِيثُهُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ.(6/12)
4438- حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا عَفَّانُ، عَنْ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَنَا مُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، وَمَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سِوَاكٌ رَطْبٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَأَبَدَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَصَرَهُ، فَأَخَذْتُ السِّوَاكَ فَقَضَمْتُهُ وَنَفَضْتُهُ وَطَيَّبْتُهُ، ثُمَّ دَفَعْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اسْتَنَّ اسْتِنَانًا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهُ، فَمَا عَدَا أَنْ فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَفَعَ يَدَهُ أَوْ إِصْبَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، ثَلاَثًا، ثُمَّ قَضَى، وَكَانَتْ تَقُولُ: مَاتَ بَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي.(6/12)
4439- حَدَّثَنِي حِبَّانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، وَمَسَحَ عَنْهُ بِيَدِهِ، فَلَمَّا اشْتَكَى وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، طَفِقْتُ أَنْفِثُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ الَّتِي كَانَ يَنْفِثُ، وَأَمْسَحُ بِيَدِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْهُ.(6/13)
4440- حَدَّثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ، حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَصْغَتْ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَهُوَ مُسْنِدٌ إِلَيَّ ظَهْرَهُ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ.(6/13)
4441- حَدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلاَلٍ الوَزَّانِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْلاَ ذَلِكَ لأُبْرِزَ قَبْرُهُ، خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا.(6/13)
4442- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ، فَخَرَجَ وَهُوَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ، بَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ، قَالَ عُبَيْدُ اللهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللهِ بِالَّذِي قَالَتْ عَائِشَةُ، فَقَالَ لِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ عَلِيٌّ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تُحَدِّثُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمَّا دَخَلَ بَيْتِي وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ، قَالَ: هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ، فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا بِيَدِهِ، أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ، قَالَتْ: ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ، فَصَلَّى بِهِمْ وَخَطَبَهُمْ.(6/13)
4443 و4444- وأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، قَالاَ: لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ يَقُولُ: لَعْنَةُ اللهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا.(6/14)
4445- أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ رَاجَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي ذَلِكَ، وَمَا حَمَلَنِي عَلَى كَثْرَةِ مُرَاجَعَتِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي قَلْبِي: أَنْ يُحِبَّ النَّاسُ بَعْدَهُ رَجُلاً، قَامَ مَقَامَهُ أَبَدًا، وَلاَ كُنْتُ أُرَى أَنَّهُ لَنْ يَقُومَ أَحَدٌ مَقَامَهُ إِلاَّ تَشَاءَمَ النَّاسُ بِهِ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَعْدِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ.
رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو مُوسَى، وَابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/14)
4446- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَإِنَّهُ لَبَيْنَ حَاقِنَتِي وَذَاقِنَتِي، فَلاَ أَكْرَهُ شِدَّةَ المَوْتِ لأَحَدٍ أَبَدًا، بَعْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/14)
4447- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ: أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ وَاللهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ عَبْدُ العَصَا، وَإِنِّي وَاللهِ لأَرَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ عِنْدَ المَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ، فَأَوْصَى بِنَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: إِنَّا وَاللهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَمَنَعَنَاهَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللهِ لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/14)
4448- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ المُسْلِمِينَ بَيْنَا هُمْ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ، وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي لَهُمْ، لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاَةِ، ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ، فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ، وَظَنَّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ أَنَسٌ: وَهَمَّ المُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِي صَلاَتِهِمْ، فَرَحًا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَنْ أَتِمُّوا صَلاَتَكُمْ، ثُمَّ دَخَلَ الحُجْرَةَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ.(6/15)
4449- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ أَبَا عَمْرٍو ذَكْوَانَ، مَوْلَى عَائِشَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ: دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَنْ نَعَمْ، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ: أَنْ نَعَمْ، فَلَيَّنْتُهُ، فَأَمَرَّهُ، وَبَيْنَ يَدِهِ رَكْوَةٌ أَوْ: عُلْبَةٌ، يَشُكُّ عُمَرُ، فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يُدْخِلُ يَدَيْهِ فِي المَاءِ، فَيَمْسَحُ بِهِمَا وَجْهَهُ، يَقُولُ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، إِنَّ لِلْمَوْتِ سَكَرَاتٍ، ثُمَّ نَصَبَ يَدَهُ، فَجَعَلَ يَقُولُ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، حَتَّى قُبِضَ وَمَالَتْ يَدُهُ.(6/15)
4450- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا، يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللهُ، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاسْتَنَّ بِهِ وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي.(6/16)
4451- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَكَانَتْ إِحْدَانَا تُعَوِّذُهُ بِدُعَاءٍ إِذَا مَرِضَ، فَذَهَبْتُ أُعَوِّذُهُ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَقَالَ: فِي الرَّفِيقِ الأَعْلَى، وَمَرَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَفِي يَدِهِ جَرِيدَةٌ رَطْبَةٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ بِهَا حَاجَةً، فَأَخَذْتُهَا، فَمَضَغْتُ رَأْسَهَا وَنَفَضْتُهَا، فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، فَاسْتَنَّ بِهَا كَأَحْسَنِ مَا كَانَ مُسْتَنًّا ثُمَّ نَاوَلَنِيهَا، فَسَقَطَتْ يَدُهُ، أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا، وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنَ الآخِرَةِ.(6/16)
4452 و4453- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ مِنْ مَسْكَنِهِ بِالسُّنْحِ، حَتَّى نَزَلَ، فَدَخَلَ المَسْجِدَ، فَلَمْ يُكَلِّمُ النَّاسَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَتَيَمَّمَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ مُغَشًّى بِثَوْبِ حِبَرَةٍ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ، فَقَبَّلَهُ وَبَكَى، ثُمَّ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، وَاللهِ لاَ يَجْمَعُ اللهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ، أَمَّا المَوْتَةُ الَّتِي كُتِبَتْ عَلَيْكَ فَقَدْ مُتَّهَا.(6/17)
4454- قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَحَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ خَرَجَ وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَقَالَ: اجْلِسْ يَا عُمَرُ، فَأَبَى عُمَرُ أَنْ يَجْلِسَ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَتَرَكُوا عُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَّا بَعْدُ، مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللهَ، فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، قَالَ اللهُ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} إِلَى قَوْلِهِ: {الشَّاكِرِينَ} وَقَالَ: وَاللهِ لَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ هَذِهِ الآيَةَ، حَتَّى تَلاَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَتَلَقَّاهَا مِنْهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ، فَمَا أَسْمَعُ بَشَرًا مِنَ النَّاسِ إِلاَّ يَتْلُوهَا، فَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: وَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ تَلاَهَا، فَعَقِرْتُ حَتَّى مَا تُقِلُّنِي رِجْلاَيَ، وَحَتَّى أَهْوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ حِينَ سَمِعْتُهُ تَلاَهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ مَاتَ.(6/17)
4455 و4456 و4457- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ مَوْتِهِ.(6/17)
4458- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا يَحْيَى، وَزَادَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ، فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: أَنْ لاَ تَلُدُّونِي، فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ، قَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي؟ قُلْنَا: كَرَاهِيَةَ المَرِيضِ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ: لاَ يَبْقَى أَحَدٌ فِي البَيْتِ إِلاَّ لُدَّ، وَأَنَا أَنْظُرُ، إِلاَّ العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ.
رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/17)
4459- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنا أَزْهَرُ، أَخبَرَنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ، فَقَالَتْ: مَنْ قَالَهُ؟ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَدَعَا بِالطَّسْتِ، فَانْخَنَثَ، فَمَاتَ، فَمَا شَعَرْتُ، فَكَيْفَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ؟.(6/18)
4460- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ طَلْحَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَوْصَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ، أَوْ: أُمِرُوا بِهَا؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللهِ.(6/18)
4461- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، قَالَ: مَا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دِينَارًا، وَلاَ دِرْهَمًا، وَلاَ عَبْدًا، وَلاَ أَمَةً، إِلاَّ بَغْلَتَهُ البَيْضَاءَ الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلاَحَهُ، وَأَرْضًا جَعَلَهَا لاِبْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً.(6/18)
4462- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: وَاكَرْبَ أَبَاهُ، فَقَالَ لَهَا: لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ، فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ؟ يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، فَلَمَّا دُفِنَ، قَالَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ نُفُوسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ التُّرَابَ.(6/18)
85- بَابُ آخِرِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4463- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ، قَالَ يُونُسُ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ فِي رِجَالٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ وَهُوَ صَحِيحٌ: إِنَّهُ لَمْ يُقْبَضْ نَبِيٌّ حَتَّى يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الجَنَّةِ، ثُمَّ يُخَيَّرَ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي، غُشِيَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى سَقْفِ البَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى، فَقُلْتُ: إِذًا لاَ يَخْتَارُنَا، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ الحَدِيثُ الَّذِي كَانَ يُحَدِّثُنَا وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَتْ: فَكَانَتْ آخِرَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: اللهُمَّ الرَّفِيقَ الأَعْلَى.(6/18)
86- بَابُ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4464 و4465- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، يُنْزَلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرًا.(6/19)
4466- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَلاَثٍ وَسِتِّينَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، مِثْلَهُ.(6/19)
87- بَابٌ.
4467- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلاَثِينَ.(6/19)
88- بَابُ بَعْثِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ.
4468- حَدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنِ الفُضَيْلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أُسَامَةَ، فَقَالُوا فِيهِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ قُلْتُمْ فِي أُسَامَةَ، وَإِنَّهُ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ.(6/19)
4469- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعَثَ بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ.(6/19)
89- بَابٌ.
4470- حَدَّثنا أَصْبَغُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو (1)، عَنِ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ: مَتَى هَاجَرْتَ؟ قَالَ: خَرَجْنَا مِنَ اليَمَنِ مُهَاجِرِينَ، فَقَدِمْنَا الجُحْفَةَ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ، فَقُلْتُ لَهُ: الخَبَرَ؟ فَقَالَ: دَفَنَّا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُنْذُ خَمْسٍ، قُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، أَخْبَرَنِي بِلاَلٌ مُؤَذِّنُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَنَّهُ فِي السَّبْعِ، فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: عمرو بن الحارث.(6/19)
90- بَابُ كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟.
4471- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَأَلْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَمْ غَزَوْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ، قُلْتُ: كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ: تِسْعَ عَشْرَةَ.(6/20)
4472- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، حَدَّثنا البَرَاءُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَمْسَ عَشْرَةَ.(6/20)
4473- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ الحَسَنِ، حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلِ بْنِ هِلاَلٍ، حَدَّثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ كَهْمَسٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سِتَّ عَشْرَةَ غَزْوَةً.(6/20)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
65- كِتَابُ التَفْسِيرِ.
{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}: اسْمَانِ مِنَ الرَّحْمَةِ، الرَّحِيمُ وَالرَّاحِمُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كَالعَلِيمِ وَالعَالِمِ.
1- بَابُ مَا جَاءَ فِي فَاتِحَةِ الكِتَابِ.
وَسُمِّيَتْ أُمَّ الكِتَابِ، أَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي المَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلاَةِ، وَالدِّينُ: الجَزَاءُ فِي الخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَمَا تَدِينُ تُدَانُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِالدِّينِ}: بِالحِسَابِ، {مَدِينِينَ}: مُحَاسَبِينَ.
4474- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي المَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} ثُمَّ قَالَ لِي: لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ السُّوَرِ فِي القُرْآنِ، قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، قُلْتُ لَهُ: أَلَمْ تَقُلْ: لأُعَلِّمَنَّكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ، قَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ.(6/20)
2- بَابُ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ}.
4475- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِذَا قَالَ الإِمَامُ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ} فَقُولُوا: آمِينَ، فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.(6/21)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
2- سُورَةُ البَقَرَةِ.
1- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا}.
4476- حَدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (ح) وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: يَجْتَمِعُ المُؤْمِنُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَيَأْتُونَ آدَمَ، فَيَقُولُونَ: أَنْتَ أَبُو النَّاسِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلاَئِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا عِنْدَ رَبِّكَ، حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ فَيَسْتَحِي، ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللهُ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ سُؤَالَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ فَيَسْتَحِي، فَيَقُولُ: ائْتُوا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُوسَى عَبْدًا كَلَّمَهُ اللهُ وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ، فَيَأْتُونَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ قَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ نَفْسٍ، فَيَسْتَحِي مِنْ رَبِّهِ، فَيَقُولُ: ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللهِ وَرَسُولَهُ وَكَلِمَةَ اللهِ وَرُوحَهُ، فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، ائْتُوا مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَبْدًا غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ رَأْسَكَ وَسَلْ تُعْطَهْ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي مِثْلَهُ، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ، فَأَقُولُ مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ الخُلُودُ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1): إِلاَّ مَنْ حَبَسَهُ القُرْآنُ، يَعْنِي قَوْلَ اللهِ تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا}.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح".(6/21)
2- بَابُ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَى شَيَاطِينِهِمْ}: أَصْحَابِهِمْ مِنَ المُنَافِقِينَ وَالمُشْرِكِينَ.
{مُحِيطٌ بِالكَافِرِينَ}: اللهُ جَامِعُهُمْ.
{عَلَى الخَاشِعِينَ}: عَلَى المُؤْمِنِينَ حَقًّا.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {بِقُوَّةٍ}: يَعْمَلُ بِمَا فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {مَرَضٌ}: شَكٌّ {وَمَا خَلْفَهَا}: عِبْرَةٌ لِمَنْ بَقِيَ {لاَ شِيَةَ}: لاَ بَيَاضَ
َقَالَ غَيْرُهُ: {يَسُومُونَكُمْ}: يُولُونَكُمْ {الْوَلاَيَةُ}: مَفْتُوحَةٌ، مَصْدَرُ الْوَلاَءِ، وَهِيَ الرُّبُوبِيَّةُ إِذَا كُسِرَتْ الْوَاوُ فَهِيَ الإِمَارَةُ
َقَالَ بَعْضُهُمْ: الْحُبُوبُ الَّتِي تُؤْكَلُ كُلُّهَا فُومٌ، وَقَالَ قَتَادَةُ: {فَبَاءُوا} فَانْقَلَبُوا، وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسْتَفْتِحُونَ}: يَسْتَنْصِرُونَ {شَرَوْا}: بَاعُوا {رَاعِنَا}: مِنْ الرُّعُونَةِ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يُحَمِّقُوا إِنْسَانًا قَالُوا رَاعِنًا {لاَ يَجْزِي}: لاَ يُغْنِي {خُطُوَاتِ}: مِنْ الْخَطْوِ، وَالْمَعْنَى آثَارَهُ {ابْتَلَى}: اخْتَبَرَ.(6/22)
3- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
4477- حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: وَأَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ.(6/22)
4- بَابُ: {وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {المَنُّ}: صَمْغَةٌ {وَالسَّلْوَى}: الطَّيْرُ.
4478- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ.(6/22)
5- بَابُ: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ القَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ المُحْسِنِينَ}.
{رَغَدًا}: وَاسِعٌ كَثِيرٌ.
4479- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: {ادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ} فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، فَبَدَّلُوا، وَقَالُوا: حِطَّةٌ، حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ.(6/22)
6- بَابُ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ}.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: جَبْرَ، وَمِيكَ، وَسَرَافِ: عَبْدٌ، إِيلْ: اللهُ.
4480- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ بَكْرٍ، حَدَّثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: سَمِعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ نَبِيٌّ: فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؟ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ وَمَا يَنْزِعُ الوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ، أَوْ إِلَى أُمِّهِ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا، قَالَ: جِبْرِيلُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ عَدُوُّ اليَهُودِ مِنَ المَلاَئِكَةِ، فَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ} أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ، فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ، وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَزِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ المَرْأَةِ نَزَعَ الوَلَدَ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ المَرْأَةِ نَزَعَتْ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ، وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِي، فَجَاءَتِ اليَهُودُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللهِ فِيكُمْ؟ قَالُوا: خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا، وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا، قَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ، فَقَالُوا: أَعَاذَهُ اللهُ مِنْ ذَلِكَ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَقَالُوا: شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا، وَانْتَقَصُوهُ، قَالَ: فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللهِ.(6/23)
7- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}.
4481- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ، وَأَقْضَانَا عَلِيٌّ، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ قَوْلِ أُبَيٍّ، وَذَاكَ أَنَّ أُبَيًّا يَقُولُ: لاَ أَدَعُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}.(6/23)
8- بَابُ: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ}.
4482- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، حَدَّثنا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَالَ اللهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ، فَزَعَمَ أَنِّي لاَ أَقْدِرُ أَنْ أُعِيدَهُ كَمَا كَانَ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ: لِي وَلَدٌ، فَسُبْحَانِي أَنْ أَتَّخِذَ صَاحِبَةً أَوْ وَلَدًا.(6/24)
9- بَابُ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}.
{مَثَابَةً}: يَثُوبُونَ يَرْجِعُونَ.
4483- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَافَقْتُ اللهَ فِي ثَلاَثٍ، أَوْ: وَافَقَنِي رَبِّي فِي ثَلاَثٍ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مَقَامَ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الحِجَابِ، قَالَ: وَبَلَغَنِي مُعَاتَبَةُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْضَ نِسَائِهِ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِنَّ، قُلْتُ: إِنِ انْتَهَيْتُنَّ أَوْ لَيُبَدِّلَنَّ اللهُ رَسُولَهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَيْرًا مِنْكُنَّ، حَتَّى أَتَيْتُ إِحْدَى نِسَائِهِ، قَالَتْ: يَا عُمَرُ، أَمَا فِي رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَا يَعِظُ نِسَاءَهُ، حَتَّى تَعِظَهُنَّ أَنْتَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} الآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعْتُ أَنَسًا، عَنْ عُمَرَ.(6/24)
10- بَابُ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ}.
{القَوَاعِدُ}: أَسَاسُهُ، وَاحِدَتُهَا قَاعِدَةٌ.
{وَالقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ}: وَاحِدُهَا قَاعِدٌ.
4484- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، أَخْبَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: أَلَمْ تَرَيْ أَنْ قَوْمَكِ بَنَوْا الكَعْبَةَ، وَاقْتَصَرُوا عَنْ قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ تَرُدُّهَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ؟ قَالَ: لَوْلاَ حِدْثَانُ قَوْمِكِ بِالكُفْرِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ: لَئِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ سَمِعَتْ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مَا أُرَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَرَكَ اسْتِلاَمَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الحِجْرَ، إِلاَّ أَنَّ البَيْتَ لَمْ يُتَمَّمْ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ.(6/24)
11- بَابُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}.
4485- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخبَرَنا عَلِيُّ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يَقْرَؤُونَ التَّوْرَاةَ بِالعِبْرَانِيَّةِ، وَيُفَسِّرُونَهَا بِالعَرَبِيَّةِ لأَهْلِ الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الكِتَابِ وَلا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: {آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ} الآيَةَ.(6/25)
12- بَابُ قَوِلِهِ تَعَالَى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
4486- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، سَمِعَ زُهَيْرًا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ صَلَّى إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ: سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُعْجِبُهُ أَنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وَأَنَّهُ صَلَّى، أَوْ: صَلاَّهَا، صَلاَةَ العَصْرِ، وَصَلَّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ صَلَّى مَعَهُ، فَمَرَّ عَلَى أَهْلِ المَسْجِدِ وَهُمْ رَاكِعُونَ، قَالَ: أَشْهَدُ بِاللهِ، لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كَمَا هُمْ قِبَلَ البَيْتِ، وَكَانَ الَّذِي مَاتَ عَلَى القِبْلَةِ قَبْلَ أَنْ تُحَوَّلَ قِبَلَ البَيْتِ رِجَالٌ قُتِلُوا، لَمْ نَدْرِ مَا نَقُولُ فِيهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.(6/25)
13- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.
4487- حَدَّثنا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، وَاللَّفْظُ لِجَرِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (ح) وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: حَدَّثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يُدْعَى نُوحٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَالُ لأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: مَا أَتَانَا مِنْ نَذِيرٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}.
وَالوَسَطُ: العَدْلُ.(6/25)
14- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.
4488- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، بَيْنَا النَّاسُ يُصَلُّونَ الصُّبْحَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، إِذْ جَاءَ جَاءٍ، فَقَالَ: أَنْزَلَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قُرْآنًا: أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، فَتَوَجَّهُوا إِلَى الكَعْبَةِ.(6/26)
15- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} إِلَى: {عَمَّا تَعْمَلُونَ}.
4489- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمْ يَبْقَ مِمَّنْ صَلَّى القِبْلَتَيْنِ غَيْرِي.(6/26)
16- بَابُ: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}.
4490- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، بَيْنَمَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ، جَاءَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، أَلاَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا بِوُجُوهِهِمْ إِلَى الكَعْبَةِ.(6/26)
17- بَابُ: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الحَقَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ المُمْتَرِينَ}.
4491- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَا النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى الكَعْبَةِ.(6/27)
18- بَابُ: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
4492- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ: سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ نَحْوَ القِبْلَةِ.(6/27)
19- بَابُ: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ}.
شَطْرُهُ: تِلْقَاؤُهُ.
4493- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: بَيْنَا النَّاسُ فِي الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ، إِذْ جَاءَهُمْ رَجُلٌ، فَقَالَ: أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، فَأُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى الكَعْبَةِ، وَكَانَ وَجْهُ النَّاسِ إِلَى الشَّامِ.(6/27)
20- بَابُ: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
4494- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَيْنَمَا النَّاسُ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ بِقُبَاءٍ، إِذْ جَاءَهُمْ آتٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فَاسْتَقْبِلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إِلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إِلَى القِبْلَةِ.(6/27)
21- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}
شَعَائِرُ: عَلاَمَاتٌ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الصَّفْوَانُ: الحَجَرُ، وَيُقَالُ: الحِجَارَةُ المُلْسُ الَّتِي لاَ تُنْبِتُ شَيْئًا، وَالوَاحِدَةُ صَفْوَانَةٌ، بِمَعْنَى الصَّفَا، وَالصَّفَا لِلْجَمِيعِ.
4495- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ: أَرَأَيْتِ قَوْلَ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فَمَا أُرَى عَلَى أَحَدٍ شَيْئًا أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: كَلاَّ، لَوْ كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، كَانَتْ: فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ لاَ يَطَّوَّفَ بِهِمَا، إِنَّمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، وَكَانَتْ مَنَاةُ حَذْوَ قُدَيْدٍ، وَكَانُوا يَتَحَرَّجُونَ أَنْ يَطُوفُوا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ، سَأَلُوا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.(6/28)
4496- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ الصَّفَا، وَالمَرْوَةِ، فَقَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّهُمَا مِنْ أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلاَمُ، أَمْسَكْنَا عَنْهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ} إِلَى قَوْلِهِ: {أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}.(6/28)
22- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَادًا}.
أَضْدَادًا، وَاحِدُهَا نِدٌّ.
4497- حَدَّثنا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَلِمَةً وَقُلْتُ أُخْرَى، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ مَاتَ وَهْوَ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ نِدًّا دَخَلَ النَّارَ.
وَقُلْتُ أَنَا (1): مَنْ مَاتَ وَهْوَ لاَ يَدْعُو لِلَّهِ نِدًّا دَخَلَ الجَنَّةَ.
_حاشية__________
(1) القائل ؛ هو ابن مسعود.(6/28)
23- بَابُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
{عُفِيَ}: تُرِكَ.
4498- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ القِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} فَالعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العَمْدِ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} يَتَّبِعُ بِالْمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّي بِإِحْسَانٍ {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ} مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَتَلَ بَعْدَ قَبُولِ الدِّيَةِ.(6/28)
4499- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثنا حُمَيْدٌ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ.(6/29)
4500- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ بَكْرٍ السَّهْمِيَّ، حَدَّثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ الرُّبَيِّعَ عَمَّتَهُ كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا إِلَيْهَا العَفْوَ فَأَبَوْا، فَعَرَضُوا الأَرْشَ فَأَبَوْا، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَبَوْا إِلاَّ القِصَاصَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟ لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لاَ تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ، فَرَضِيَ القَوْمُ فَعَفَوْا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ.(6/29)
24- بَابُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}.
4501- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ عَاشُورَاءُ يَصُومُهُ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ، قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.(6/29)
4502- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَ عَاشُورَاءُ يُصَامُ قَبْلَ رَمَضَانَ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ، قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ.(6/29)
4503- حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخبَرَنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ، فَقَالَ: اليَوْمُ عَاشُورَاءُ؟ فَقَالَ: كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ، فَادْنُ فَكُلْ.(6/29)
4504- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ المَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ، كَانَ رَمَضَانُ الفَرِيضَةَ، وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.(6/30)
25- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
وَقَالَ عَطَاءٌ: يُفْطِرُ مِنَ المَرَضِ كُلِّهِ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى.
وَقَالَ الحَسَنُ، وَإِبْرَاهِيمُ ؛ فِي المُرْضِعِ أَوِ الحَامِلِ، إِذَا خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا أَوْ وَلَدِهِمَا: تُفْطِرَانِ ثُمَّ تَقْضِيَانِ.
وَأَمَّا الشَّيْخُ الكَبِيرُ إِذَا لَمْ يُطِقِ الصِّيَامَ، فَقَدْ أَطْعَمَ أَنَسٌ بَعْدَ مَا كَبِرَ عَامًا أَوْ عَامَيْنِ، كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، خُبْزًا وَلَحْمًا، وَأَفْطَرَ قِرَاءَةُ العَامَّةِ: {يُطِيقُونَهُ}: وَهْوَ أَكْثَرُ.
4505- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا رَوْحٌ، حَدَّثنا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ، هُوَ الشَّيْخُ الكَبِيرُ، وَالمَرْأَةُ الكَبِيرَةُ لاَ يَسْتَطِيعَانِ أَنْ يَصُومَا، فَلْيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا.(6/30)
26- بَابُ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.
4506- حَدَّثنا عَيَّاشُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثنا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَرَأَ: {فِدْيَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ.(6/30)
4507- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ سَلَمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كَانَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ وَيَفْتَدِيَ، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: مَاتَ بُكَيْرٌ قَبْلَ يَزِيدَ.(6/30)
27- بَابُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ}.
4508- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ (ح) وَحَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثنا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ، كَانُوا لاَ يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَخُونُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ}.(6/31)
28- بَابُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي المَسَاجِدِ} إِلَى قَوْلِهِ: {يَتَّقُونَ}.
{العَاكِفُ}: المُقِيمُ.
4509- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيٍّ، قَالَ: أَخَذَ عَدِيٌّ عِقَالاً أَبْيَضَ، وَعِقَالاً أَسْوَدَ، حَتَّى كَانَ بَعْضُ اللَّيْلِ نَظَرَ فَلَمْ يَسْتَبِينَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلْتُ تَحْتَ وِسَادَتِي، قَالَ: إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ، أَنْ كَانَ الخَيْطُ الأَبْيَضُ، وَالأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ.(6/31)
4510- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الخَيْطُ الأَبْيَضُ، مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ، أَهُمَا الخَيْطَانِ؟ قَالَ: إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا، إِنْ أَبْصَرْتَ الخَيْطَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ، بَلْ هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ.(6/31)
4511- حَدَّثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثنا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أُنْزِلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} وَلَمْ يَنْزِلْ: {مِنَ الفَجْرِ} وَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ، رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلاَ يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللهُ بَعْدَهُ: {مِنَ الفَجْرِ} فَعَلِمُوا أَنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ.(6/31)
29- بَابُ: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
4512- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: كَانُوا إِذَا أَحْرَمُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ، أَتَوْا البَيْتَ مِنْ ظَهْرِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا}.(6/32)
30- بَابُ قَوْلِهِ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ}.
4513- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَتَاهُ رَجُلاَنِ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالاَ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ ضُيِّعُوا، وَأَنْتَ ابْنُ عُمَرَ، وَصَاحِبُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَخْرُجَ؟ فَقَالَ: يَمْنَعُنِي أَنَّ اللهَ حَرَّمَ دَمَ أَخِي، فَقَالاَ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ}؟ فَقَالَ: قَاتَلْنَا حَتَّى لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، وَكَانَ الدِّينُ للهِ، وَأَنْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَيَكُونَ الدِّينُ لِغَيْرِ اللهِ.(6/32)
4514- وَزَادَ عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي فُلاَنٌ، وَحَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو المَعَافِرِيِّ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثَهُ عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى ابْنَ عُمَرَ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَحُجَّ عَامًا، وَتَعْتَمِرَ عَامًا، وَتَتْرُكَ الجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَدْ عَلِمْتَ مَا رَغَّبَ اللهُ فِيهِ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ، إِيمَانٍ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، وَالصَّلاَةِ الخَمْسِ، وَصِيَامِ رَمَضَانَ، وَأَدَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ،(6/32)
قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ} {قَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} قَالَ: فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَكَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ: إِمَّا قَتَلُوهُ، وَإِمَّا يُعَذِّبُونَهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ.
4515- قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ؟ قَالَ: أَمَّا عُثْمَانُ، فَكَانَ اللهَُ عَفَا عَنْهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ، فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَخَتَنُهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، فَقَالَ: هَذَا بَيْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ.(6/33)
31- بَابُ قَوْلِهِ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}.
التَّهْلُكَةُ وَالهَلاَكُ وَاحِدٌ.
4516- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا النَّضْرُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّفَقَةِ.(6/33)
32- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}.
4517- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَعَدْتُ إِلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي هَذَا المَسْجِدِ، يَعْنِي مَسْجِدَ الكُوفَةِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، فَقَالَ: حُمِلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ بِكَ هَذَا، أَمَا تَجِدُ شَاةً؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ طَعَامٍ، وَاحْلِقْ رَأْسَكَ، فَنَزَلَتْ فِيَّ خَاصَّةً، وَهْيَ لَكُمْ عَامَّةً.(6/33)
33- بَابُ: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ}.
4518- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عِمْرَانَ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثنا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أُنْزِلَتْ آيَةُ المُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللهِ، فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَمْ يُنْزَلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَلَمْ يُنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ، قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ.(6/33)
34- بَابُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}.
4519- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ، وَمَجَنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} فِي مَوَاسِمِ الحَجِّ.(6/34)
35- بَابُ: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.
4520- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ دَانَ دِينَهَا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الحُمْسَ، وَكَانَ سَائِرُ العَرَبِ يَقِفُونَ بِعَرَفَاتٍ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ، أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَأْتِيَ عَرَفَاتٍ، ثُمَّ يَقِفَ بِهَا، ثُمَّ يُفِيضَ مِنْهَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}.(6/34)
4521- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، حَدَّثنا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: يَطَّوَّفُ الرَّجُلِ بِالْبَيْتِ مَا كَانَ حَلاَلاً حَتَّى يُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا رَكِبَ إِلَى عَرَفَةَ، فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَوِ البَقَرِ أَوِ الغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلاَثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَنْطَلِقْ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَاتٍ مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى أَنْ يَكُونَ الظَّلاَمُ، ثُمَّ لِيَدْفَعُوا مِنْ عَرَفَاتٍ، فَإِذَا أَفَاضُوا مِنْهَا حَتَّى يَبْلُغُوا جَمْعًا الَّذِي يَتَبَرَّرُ فِيهِ، ثُمَّ لِيَذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا، وَأَكْثِرُوا التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا، ثُمَّ أَفِيضُوا، فَإِنَّ النَّاسَ كَانُوا يُفِيضُونَ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} حَتَّى تَرْمُوا الجَمْرَةَ.(6/34)
36- بَابُ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
4522- حَدَّثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: اللهُمَّ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.(6/34)
37- بَابُ: {وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ}.
وَقَالَ عَطَاءٌ: النَّسْلُ: الحَيَوَانُ.
4523- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، تَرْفَعُهُ قَالَ: أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ: حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/35)
38- بَابُ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ} إِلَى: {قَرِيبٌ}.
4524- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يَقُولُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} خَفِيفَةً ذَهَبَ بِهَا هُنَاكَ، وَتَلاَ: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ}، فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ.
4525- فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَعَاذَ اللهِ، وَاللهِ مَا وَعَدَ اللهُ رَسُولَهُ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ البَلاَءُ بِالرُّسُلِ، حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ يُكَذِّبُونَهُمْ، فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِّبُوا} مُثَقَّلَةً.(6/35)
39- بَابُ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ} الآيَةَ.
4526- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا ابْنُ شُمَيْلٍ، أَخبَرَنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، إِذَا قَرَأَ القُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ، فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ يَوْمًا، فَقَرَأَ سُورَةَ البَقَرَةِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى مَكَانٍ، قَالَ: تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ مَضَى.(6/35)
4527- وَعَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} قَالَ: يَأْتِيهَا فِي.
رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.(6/35)
4528- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، سَمِعْتُ جَابِرًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَتِ اليَهُودُ تَقُولُ: إِذَا جَامَعَهَا مِنْ وَرَائِهَا جَاءَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}.(6/36)
40- بَابُ: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}.
4529- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا أَبُو عَامِرٍ العَقَدِيُّ، حَدَّثنا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثنا الحَسَنُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، قَالَ: كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ (ح) حَدَّثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا يُونُسُ، عَنِ الحَسَنِ، أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا، فَأَبَى مَعْقِلٌ، فَنَزَلَتْ: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ}.(6/36)
41- بَابُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} إِلَى: {بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}
{يَعْفُونَ}: يَهَبْنَ.
4530- حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ: قَدْ نَسَخَتْهَا الآيَةُ الأُخْرَى فَلِمَ تَكْتُبُهَا أَوْ تَدَعُهَا؟ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.(6/36)
4531- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، حَدَّثنا رَوْحٌ، حَدَّثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ العِدَّةُ، تَعْتَدُّ عِنْدَ أَهْلِ زَوْجِهَا وَاجِبٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} قَالَ: جَعَلَ اللهُ لَهَا تَمَامَ السَّنَةِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَصِيَّةً، إِنْ شَاءَتْ سَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ} فَالعِدَّةُ كَمَا هِيَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، زَعَمَ ذَلِكَ عَنْ مُجَاهِدٍ.(6/36)
وَقَالَ عَطَاءٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا عِنْدَ أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَهْوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ}.
قَالَ عَطَاءٌ: إِنْ شَاءَتِ اعْتَدَّتْ عِنْدَ أَهْلِهِ، وَسَكَنَتْ فِي وَصِيَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَتْ خَرَجَتْ، لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ}.
قَالَ عَطَاءٌ: ثُمَّ جَاءَ المِيرَاثُ، فَنَسَخَ السُّكْنَى، فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، وَلاَ سُكْنَى لَهَا.
- وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، حَدَّثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، بِهَذَا.
- وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نَسَخَتْ هَذِهِ الآيَةُ عِدَّتَهَا فِي أَهْلِهَا فَتَعْتَدُّ حَيْثُ شَاءَتْ، لِقَوْلِ اللهِ: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} نَحْوَهُ.(6/37)
4532- حَدَّثنا حِبَّانُ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، فَذَكَرْتُ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَلَكِنَّ عَمَّهُ كَانَ لاَ يَقُولُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى رَجُلٍ فِي جَانِبِ الكُوفَةِ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، أَوْ مَالِكَ بْنَ عَوْفٍ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي المُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهْيَ حَامِلٌ؟ فَقَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلاَ تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ، لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ القُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى.
وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ: لَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ.(6/37)
42- بَابُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى}.
4533- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (ح) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ هِشَامٌ: حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ يَوْمَ الخَنْدَقِ: حَبَسُونَا عَنْ صَلاَةِ الوُسْطَى حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، مَلأَ اللهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ، أَوْ: أَجْوَافَهُمْ نَارًا، شَكَّ يَحْيَى.(6/37)
43- بَابُ: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}: أَيْ مُطِيعِينَ.
4534- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاَةِ، يُكَلِّمُ أَحَدُنَا أَخَاهُ فِي حَاجَتِهِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ.(6/38)
44- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {كُرْسِيُّهُ}: عِلْمُهُ.
يُقَالُ: {بَسْطَةً}: زِيَادَةً وَفَضْلاً.
{أَفْرِغْ}: أَنْزِلْ.
{وَلاَ يَؤُودُهُ}: لاَ يُثْقِلُهُ.
آدَنِي: أَثْقَلَنِي، وَالآدُ وَالأَيْدُ: القُوَّةُ.
السِّنَةُ: النُّعَاسُ.
{لَمْ يَتَسَنَّهْ}: لَمْ يَتَغَيَّرْ.
{فَبُهِتَ}: ذَهَبَتْ حُجَّتُهُ.
{خَاوِيَةٌ}: لاَ أَنِيسَ فِيهَا.
{عُرُوشُهَا}: أَبْنِيَتُهَا.
نُنْشِرُهَا: نُخْرِجُهَا.
{إِعْصَارٌ}: رِيحٌ عَاصِفٌ تَهُبُّ مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ، كَعَمُودٍ فِيهِ نَارٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {صَلْدًا}: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {وَابِلٌ}: مَطَرٌ شَدِيدٌ.
الطَّلُّ: النَّدَى، وَهَذَا مَثَلُ عَمَلِ المُؤْمِنِ.
{يَتَسَنَّهْ}: يَتَغَيَّرْ.
4535- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلاَةِ الخَوْفِ قَالَ: يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ وَطَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُصَلِّي بِهِمُ الإِمَامُ رَكْعَةً، وَتَكُونُ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ العَدُوِّ لَمْ يُصَلُّوا، فَإِذَا صَلَّى الَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، اسْتَأْخَرُوا مَكَانَ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا وَلاَ يُسَلِّمُونَ، وَيَتَقَدَّمُ الَّذِينَ لَمْ يُصَلُّوا فَيُصَلُّونَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْصَرِفُ الإِمَامُ وَقَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، فَيُصَلُّونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الإِمَامُ، فَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ قَدْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ، صَلَّوْا رِجَالاً قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا، قَالَ مَالِكٌ: قَالَ نَافِعٌ: لاَ أَدْرِي عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلاَّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/38)
45- بَابُ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا}.
4536- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثنا حُمَيْدُ بْنُ الأَسْوَدِ، وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالا: حَدَّثنا حَبِيبُ بْنُ الشَّهِيدِ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: هَذِهِ الآيَةُ الَّتِي فِي البَقَرَةِ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إِلَى قَوْلِهِ: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} قَدْ نَسَخَتْهَا الأُخْرَى، فَلِمَ تَكْتُبُهَا؟ قَالَ: تَدَعُهَا يَا ابْنَ أَخِي، لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْهُ مِنْ مَكَانِهِ.
قَالَ: قَالَ حُمَيْدٌ: أَوْ نَحْوَ هَذَا.(6/39)
46- بَابُ: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى}
4537- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَسَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، إِذْ قَالَ: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي المَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.(6/39)
47- بَابُ قَوْلِهِ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {تَتَفَكَّرُونَ}.
4538- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ أَخَاهُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَوْمًا لأَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فِيمَ تَرَوْنَ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ}؟ قَالُوا: اللهُ أَعْلَمُ، فَغَضِبَ عُمَرُ، فَقَالَ: قُولُوا: نَعْلَمُ أَوْ لاَ نَعْلَمُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي نَفْسِي مِنْهَا شَيْءٌ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، قَالَ عُمَرُ: يَا ابْنَ أَخِي، قُلْ، وَلاَ تَحْقِرْ نَفْسَكَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ضُرِبَتْ مَثَلاً لِعَمَلٍ، قَالَ عُمَرُ: أَيُّ عَمَلٍ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِعَمَلٍ، قَالَ عُمَرُ: لِرَجُلٍ غَنِيٍّ يَعْمَلُ بِطَاعَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ بَعَثَ اللهُ لَهُ الشَّيْطَانَ، فَعَمِلَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى أَغْرَقَ أَعْمَالَهُ.
{فَصُرْهُنَّ}: قَمِّمْهُنَّ.(6/39)
48- بَابُ: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.
يُقَالُ: أَلْحَفَ عَلَيَّ، وَأَلَحَّ، وَأَحْفَانِي بِالْمَسْأَلَةِ.
{فَيُحْفِكُمْ}: يُجْهِدْكُمْ.
4539- حَدَّثنا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيَّ، قَالاَ: سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ، وَلاَ اللُّقْمَةُ، وَلاَ اللُّقْمَتَانِ، إِنَّمَا المِسْكِينُ الَّذِي يَتَعَفَّفُ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ، يَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}.(6/39)
49- بَابُ: {وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}.
المَسُّ: الجُنُونُ.
4540- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا، قَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.(6/40)
50- بَابُ: {يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا}: يُذْهِبُهُ.
4541- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَتَلاَهُنَّ فِي المَسْجِدِ، فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.(6/40)
51- بَابُ: {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللهِ وَرَسُولِهِ}: فَاعْلَمُوا.
4542- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، قَرَأَهُنَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي المَسْجِدِ، وَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.(6/40)
52- {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
4543- وَقَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا، ثُمَّ حَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الخَمْرِ.(6/40)
53- بَابُ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ}.
4544- حَدَّثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ آيَةُ الرِّبَا.(6/40)
54- بَابُ قَوِلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
4545- حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا النُّفَيْلِيُّ، حَدَّثنا مِسْكِينٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهْوَ ابْنُ عُمَرَ: أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} الآيَةَ.(6/41)
55- بَابُ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِصْرًا}: عَهْدًا.
وَيُقَالُ: {غُفْرَانَكَ}: مَغْفِرَتَكَ {فَاغْفِرْ لَنَا}.
4546- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخبَرَنا رَوْحٌ، أَخبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ مَرْوَانَ الأَصْفَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: أَحْسِبُهُ ابْنَ عُمَرَ: {إِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ: نَسَخَتْهَا الآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا.(6/41)
3- سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
تُقَاةٌ وَتَقِيَّةٌ وَاحِدٌ.
{صِرٌّ} بَرْدٌ.
{شَفَا حُفْرَةٍ} مِثْلُ شَفَا الرَّكِيَّةِ وَهْوَ حَرْفُهَا.
{تُبَوِّئُ} تَتَّخِذُ مُعَسْكَرًا الْمُسَوَّمُ الَّذِي لَهُ سِيمَاءٌ بِعَلاَمَةٍ، أَوْ بِصُوفَةٍ، أَوْ بِمَا كَانَ.
{رِبِّيُّونَ}: الْجَمِيعُ وَالْوَاحِدُ رِبِّيٌّ.
{تَحُسُّونَهُمْ} تَسْتَأْصِلُونَهُمْ قَتْلاً.
{غُزًّا}: وَاحِدُهَا غَازٍ.
{سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا}: سَنَحْفَظُ.
{نُزُلاً}: ثَوَابًا وَيَجُوزُ وَمُنْزَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ كَقَوْلِكَ أَنْزَلْتُهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَالْخَيْلُ الْمُسَوَّمَةُ}: الْمُطَهَّمَةُ الْحِسَانُ.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {وَحَصُورًا} لاَ يَأْتِي النِّسَاءَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {مِنْ فَوْرِهِمْ} مِنْ غَضَبِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُخْرِجُ الْحَيَّ} النُّطْفَةُ تَخْرُجُ مَيْتَةً وَيُخْرِجُ مِنْهَا الْحَيَّ.
{الإِبْكَارُ}: أَوَّلُ الْفَجْرِ.
وَالْعَشِيُّ مَيْلُ الشَّمْسِ، أُرَاهُ، إِلَى أَنْ تَغْرُبَ.(6/42)
1- {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: الحَلاَلُ وَالحَرَامُ.
{وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}: يُصَدِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفَاسِقِينَ}.
وَكَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}.
وَكَقَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}.
{زَيْغٌ}: شَكٌّ.
{ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ}: المُشْتَبِهَاتِ.
{وَالرَّاسِخُونَ}: يَعْلَمُونَ. وَ {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ}.
4547- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التُّسْتَرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ، فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللهُ، فَاحْذَرُوهُمْ.(6/42)
2- بَابُ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.
4548- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ، فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلاَّ مَرْيَمَ وَابْنَهَا، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}.(6/42)
3- بَابُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ}: لاَ خَيْرَ.
{أَلِيمٌ}: مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ مِنَ الأَلَمِ، وَهْوَ فِي مَوْضِعِ مُفْعِلٍ.
4549 و4550- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَ: فَدَخَلَ الأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قُلْنَا: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فِيَّ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ لِي بِئْرٌ فِي أَرْضِ ابْنِ عَمٍّ لِي، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بَيِّنَتُكَ أَوْ يَمِينُهُ، فَقُلْتُ: إِذًا يَحْلِفَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ، يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ.(6/42)
4551- حَدَّثنا عَلِيٌّ، هُوَ ابْنُ أَبِي هَاشِمٍ، سَمِعَ هُشَيْمًا، أَخبَرَنا العَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَجُلاً أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ، فَحَلَفَ فِيهَا، لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطِهِ، لِيُوقِعَ فِيهَا رَجُلاً مِنَ المُسْلِمِينَ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.(6/43)
4552- حَدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي الحُجْرَةِ، فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفًى فِي كَفِّهَا، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ، ذَكِّرُوهَا بِاللهِ، وَاقْرَؤُوا عَلَيْهَا: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ} فَذَكَّرُوهَا، فَاعْتَرَفَتْ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اليَمِينُ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ.(6/43)
4- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ}.
سَوَاءٍ: قَصَدٌٍ.
4553- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ مَعْمَرٍ (ح) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُفْيَانَ مِنْ فِيهِ إِلَى فِيَّ، قَالَ: انْطَلَقْتُ فِي المُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا بِالشَّامِ، إِذْ جِيءَ بِكِتَابٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى هِرَقْلَ، قَالَ: وَكَانَ دِحْيَةُ الكَلْبِيُّ جَاءَ بِهِ، فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى إِلَى هِرَقْلَ، قَالَ: فَقَالَ هِرَقْلُ: هَلْ هَاهُنَا أَحَدٌ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَدُعِيتُ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَدَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ، فَأَجْلَسْنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا، فَأَجْلَسُونِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَجْلَسُوا أَصْحَابِي خَلْفِي، ثُمَّ دَعَا بِتَرْجُمَانِهِ، فَقَالَ: قُلْ لَهُمْ: إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَإِنْ كَذَبَنِي، فَكَذِّبُوهُ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَايْمُ اللهِ، لَوْلاَ أَنْ يُؤْثِرُوا عَلَيَّ الكَذِبَ لَكَذَبْتُ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: سَلْهُ كَيْفَ حَسَبُهُ فِيكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو حَسَبٍ، قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: أَيَتَّبِعُهُ أَشْرَافُ النَّاسِ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟(6/43)
قَقَالَ: قُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، قَالَ: يَزِيدُونَ أَوْ يَنْقُصُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ بَلْ يَزِيدُونَ، قَالَ: هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: تَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يُصِيبُ مِنَّا وَنُصِيبُ مِنْهُ، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ قَالَ: قُلْتُ: لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي هَذِهِ المُدَّةِ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ صَانِعٌ فِيهَا، قَالَ: وَاللهِ مَا أَمْكَنَنِي مِنْ كَلِمَةٍ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ؟ قُلْتُ: لاَ، ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ حَسَبِهِ فِيكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو حَسَبٍ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي أَحْسَابِ قَوْمِهَا، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَلِكٌ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مَلِكٌ، قُلْتُ: رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ، وَسَأَلْتُكَ عَنْ أَتْبَاعِهِ أَضُعَفَاؤُهُمْ أَمْ أَشْرَافُهُمْ؟ فَقُلْتَ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَدَعَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ يَذْهَبَ فَيَكْذِبَ عَلَى اللهِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سَخْطَةً لَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا خَالَطَ بَشَاشَةَ القُلُوبِ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حَتَّى يَتِمَّ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّكُمْ قَاتَلْتُمُوهُ، فَتَكُونُ الحَرْبُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سِجَالاً، يَنَالُ مِنْكُمْ وَتَنَالُونَ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى، ثُمَّ تَكُونُ لَهُمُ العَاقِبَةُ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ لاَ يَغْدِرُ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ قَالَ أَحَدٌ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لاَ،(6/44)
فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ قَالَ هَذَا القَوْلَ أَحَدٌ قَبْلَهُ، قُلْتُ: رَجُلٌ ائْتَمَّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ: بِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّلَةِ وَالعَفَافِ، قَالَ: إِنْ يَكُ مَا تَقُولُ فِيهِ حَقًّا، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، وَلَمْ أَكُ أَظُنُّهُ مِنْكُمْ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لأَحْبَبْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ، وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ، قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَرَأَهُ: فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ، إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ، وَ {يَا أَهْلَ الكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَنْ لاَ نَعْبُدَ إِلاَّ اللهَ} إِلَى قَوْلِهِ: {اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، ارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ عِنْدَهُ، وَكَثُرَ اللَّغَطُ، وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا، قَالَ: فَقُلْتُ لأَصْحَابِي حِينَ خَرَجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ، فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا بِأَمْرِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ، حَتَّى أَدْخَلَ اللهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَدَعَا هِرَقْلُ عُظَمَاءَ الرُّومِ، فَجَمَعَهُمْ فِي دَارٍ لَهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرَّشَدِ آخِرَ الأَبَدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ لَكُمْ مُلْكُكُمْ؟ قَالَ: فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِمْ، فَدَعَا بِهِمْ، فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا اخْتَبَرْتُ شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أَحْبَبْتُ، فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ.(6/45)
5- بَابُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} إِلَى {بِهِ عَلِيمٌ}.
4554- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ نَخْلاً، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءٍَ، وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدْخُلُهَا، وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءٍَ، وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللهِ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللهُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بَخٍ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، ذَلِكَ مَالٌ رَايِحٌ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ، قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.
قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ: ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ.
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ: مَالٌ رَايِحٌ.(6/46)
4555- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ (1)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: فَجَعَلَهَا لِحَسَّانَ، وَأُبَيٍّ، وَأَنَا أَقْرَبُ إِلَيْهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِي مِنْهَا شَيْئًا.
_حاشية__________
(1) وقع هنا في اليونِينية: حَدَّثنا مُحَمد بن عَبد الله، حدثنا الأَنصاري، وعلى حاشيتها: كذا في أصول، زيادة: "حدثنا" قبل الأنصاري، والذي في "الفتح"، والقسطلاني سقوطها، وهو الموافق لما مَرَّ في الوقف، يعني ما سلف برقم (2751م).
- قال ابن حَجَر: وقَعَ هُنا لِغَيرِ أَبي ذَرّ: "حَدَّثنا مُحَمد بن عَبد الله الأَنصاريّ حَدَّثني أَبي عَن ثُمامَة عَن أَنَس قال: فجَعَلَها لِحَسّانَ وأُبَيِّ بن كَعب، وأَنا أَقرَب إِلَيهِ مِنهُما، ولَم يَجعَل لي مِنها شَيئًا"، وهَذا طَرَف مِنَ الحَديث، وقَد تَقَدَّمَ بِتَمامِهِ في الوقف.(6/46)
6- بَابُ: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
4556- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ قَدْ زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ بِمَنْ زَنَى مِنْكُمْ؟ قَالُوا: نُحَمِّمُهُمَا وَنَضْرِبُهُمَا، فَقَالَ: لاَ تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ؟ فَقَالُوا: لاَ نَجِدُ فِيهَا شَيْئًا، فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ: كَذَبْتُمْ، {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} فَوَضَعَ مِدْرَاسُهَا الَّذِي يُدَرِّسُهَا مِنْهُمْ كَفَّهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَطَفِقَ يَقْرَأُ مَا دُونَ يَدِهِ، وَمَا وَرَاءَهَا، وَلاَ يَقْرَأُ آيَةَ الرَّجْمِ، فَنَزَعَ يَدَهُ عَنْ آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَالَ: مَا هَذِهِ؟ فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ، قَالُوا: هِيَ آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ مَوْضِعُ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ صَاحِبَهَا يَجْنَأُ عَلَيْهَا، يَقِيهَا الحِجَارَةَ.(6/46)
7- بَابُ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}.
4557- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} قَالَ: خَيْرَ النَّاسِ لِلنَّاسِ، تَأْتُونَ بِهِمْ فِي السَّلاَسِلِ فِي أَعْنَاقِهِمْ، حَتَّى يَدْخُلُوا فِي الإِسْلاَمِ.(6/47)
8- بَابُ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ}.
4558- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: فِينَا نَزَلَتْ: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} قَالَ: نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ بَنُو حَارِثَةَ، وَبَنُو سَلِمَةَ، وَمَا نُحِبُّ، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: وَمَا يَسُرُّنِي أَنَّهَا لَمْ تُنْزَلْ لِقَوْلِ اللهِ: {وَاللهُ وَلِيُّهُمَا}.(6/47)
9- بَابُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ}.
4559- حَدَّثنا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ مِنَ الفَجْرِ، يَقُولُ: اللهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا، بَعْدَ مَا يَقُولُ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ}.
رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.(6/47)
4560- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ: إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، اللهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، يَجْهَرُ بِذَلِكَ، وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ: اللهُمَّ العَنْ فُلاَنًا وَفُلاَنًا، لأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَةَ.(6/47)
10- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ}.
وَهْوَ تَأْنِيثُ آخِرِكُمْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ} فَتْحًا أَوْ شَهَادَةً.
4561- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى الرَّجَّالَةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللهِ بْنَ جُبَيْرٍ، وَأَقْبَلُوا مُنْهَزِمِينَ، فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ فِي أُخْرَاهُمْ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ غَيْرُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً.(6/48)
11- بَابُ قَوْلِهِ: {أَمَنَةً نُعَاسًا}.
4562- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو يَعْقُوبَ، حَدَّثنا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثنا أَنَسٌ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ، قَالَ: غَشِيَنَا النُّعَاسُ وَنَحْنُ فِي مَصَافِّنَا يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُطُ مِنْ يَدِي وَآخُذُهُ، وَيَسْقُطُ وَآخُذُهُ.(6/48)
12- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ}.
{القَرْحُ}: الجِرَاحُ.
{اسْتَجَابُوا}: أَجَابُوا.
{يَسْتَجِيبُ}: يُجِيبُ.(6/48)
13- بَابُ قَوْلِهِ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} الآيَةَ.
4563- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، أُرَاهُ قَالَ: حَدَّثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ قَالُوا: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ}.(6/48)
4564- حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ آخِرَ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ: حَسْبِيَ اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ.(6/48)
14- بَابُ: {وَلاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} الآيَةَ
{سَيُطَوَّقُونَ}: كَقَوْلِكَ طَوَّقْتُهُ بِطَوْقٍ.
4565- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُنِيرٍ، سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ، مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ، لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ، يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ، يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ، أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَلاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.(6/49)
15- بَابُ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا}.
4566- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، قَالَ: حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَإِذَا فِي المَجْلِسِ أَخْلاَطٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَالمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَاليَهُودِ وَالمُسْلِمِينَ، وَفِي المَجْلِسِ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ المَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ، خَمَّرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لاَ تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ وَقَفَ، فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللهِ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ القُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ: أَيُّهَا المَرْءُ، إِنَّهُ لاَ أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ، إِنْ كَانَ حَقًّا فَلاَ تُؤْذِينَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا، ارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَاغْشَنَا بِهِ فِي مَجَالِسِنَا، فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، فَاسْتَبَّ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَاليَهُودُ، حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ،(6/49)
فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَنُوا، ثُمَّ رَكِبَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دَابَّتَهُ، فَسَارَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا سَعْدُ، أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟ يُرِيدُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ، قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ عَنْهُ، فَوَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، لَقَدْ جَاءَ اللهُ بِالحَقِّ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ، وَلَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ البُحَيْرَةِ عَلَى أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُونَهُ بِالعِصَابَةِ، فَلَمَّا أَبَى اللهُ ذَلِكَ بِالحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ اللهُ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَصْحَابُهُ يَعْفُونَ عَنِ المُشْرِكِينَ، وَأَهْلِ الكِتَابِ كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ، وَيَصْبِرُونَ عَلَى الأَذَى، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} الآيَةَ، وَقَالَ اللهُ: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَتَأَوَّلُ العَفْوَ مَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ، حَتَّى أَذِنَ اللهُ فِيهِمْ، فَلَمَّا غَزَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَدْرًا، فَقَتَلَ اللهُ بِهِ صَنَادِيدَ كُفَّارِ قُرَيْشٍ، قَالَ ابْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُشْرِكِينَ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ: هَذَا أَمْرٌ قَدْ تَوَجَّهَ، فَبَايَعُوا الرَّسُولَ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى الإِسْلاَمِ، فَأَسْلَمُوا.(6/50)
16- بَابُ: {لاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}.
4567- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رِجَالاً مِنَ المُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى الغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَحَلَفُوا وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: {لاَ يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآيَةَ.(6/50)
4568- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ: اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَعْمَلْ مُعَذَّبًا، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ، إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ، وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ، وَفَرِحُوا بِمَا أَتَوا مِنْ كِتْمَانِهِمْ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ} كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا}.
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ.
حَدَّثنا ابْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا الحَجَّاجُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ مَرْوَانَ، بِهَذَا.(6/50)
17- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الآيَةَ.
4569- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ}، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلاَلٌ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.(6/51)
18- بَابُ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الآيَةَ.
4570- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَقُلْتُ: لأَنْظُرَنَّ إِلَى صَلاَةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَطُرِحَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وِسَادَةٌ، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي طُولِهَا، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الآيَاتِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، حَتَّى خَتَمَ، ثُمَّ أَتَى سِقَاءً مُعَلَّقًا، فَأَخَذَهُ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقُمْتُ، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ أَخَذَ بِأُذُنِي فَجَعَلَ يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ.(6/51)
19- بَابُ: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
4571- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهْيَ خَالَتُهُ، قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ مِنْ وَجْهِهِ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي بِيَدِهِ اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.(6/52)
20- بَابُ: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ} الآيَةَ.
4572- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهْيَ خَالَتُهُ، قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.(6/52)
4- سُورَةُ النِّسَاءِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَسْتَنْكِفُ}: يَسْتَكْبِرُ.
{قِوَامًا}: قِوَامُكُمْ مِنْ مَعَايِشِكُمْ.
{لَهُنَّ سَبِيلاً}: يَعْنِي الرَّجْمَ لِلثَّيِّبِ، وَالجَلْدَ لِلْبِكْرِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}: يَعْنِي اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثًا وَأَرْبَعًا، وَلاَ تُجَاوِزُ العَرَبُ رُبَاعَ.
1- بَابُ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى}.
4573- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ رَجُلاً كَانَتْ لَهُ يَتِيمَةٌ فَنَكَحَهَا، وَكَانَ لَهَا عَذْقٌ، وَكَانَ يُمْسِكُهَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْ نَفْسِهِ شَيْءٌ، فَنَزَلَتْ فِيهِ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} أَحْسِبُهُ قَالَ: كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِي ذَلِكَ العَذْقِ وَفِي مَالِهِ.(6/53)
4574- حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، تَُشْرَِكُهُ فِي مَالِهِ، وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا، فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا، فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ، فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} قَالَتْ عَائِشَةُ: وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}: رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ، حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ المَالِ وَالجَمَالِ، قَالَتْ: فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِالقِسْطِ، مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلاَتِ المَالِ وَالجَمَالِ.(6/53)
2- بَابُ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} الآيَةَ.
{وَبِدَارًا}: مُبَادَرَةً.
{أَعْتَدْنَا}: أَعْدَدْنَا، أَفْعَلْنَا مِنَ العَتَادِ.
4575- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي مالِ اليَتِيمِ إِذَا كَانَ فَقِيرًا، أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِمَعْرُوفٍ.(6/54)
3- بَابُ: {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ} الآيَةَ.
4576- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخبَرَنا عُبَيْدُ اللهِ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ} قَالَ: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ.
تَابَعَهُ سَعِيدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.(6/54)
4- بَابُ: {يُوصِيكُمُ اللهُ}.
4577- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: عَادَنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَبُو بَكْرٍ فِي بَنِي سَلِمَةَ مَاشِيَيْنِ، فَوَجَدَنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لاَ أَعْقِلُ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ، ثُمَّ رَشَّ عَلَيَّ فَأَفَقْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي مَالِي يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَنَزَلَتْ: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ}.(6/54)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ}.
4578- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ المَالُ لِلْوَلَدِ، وَكَانَتِ الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ، فَنَسَخَ اللهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَحَبَّ، فَجَعَلَ: لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ، وَجَعَلَ لِلأَبَوَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسَ وَالثُّلُثَ، وَجَعَلَ لِلْمَرْأَةِ الثُّمُنَ وَالرُّبُعَ، وَللزَّوْجِ الشَّطْرَ وَالرُّبُعَ.(6/55)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} الآيَةَ.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لاَ تَعْضُلُوهُنَّ}: لاَ تَقْهَرُوهُنَّ.
{حُوبًا}: إِثْمًا.
{تَعُولُوا}: تَمِيلُوا.
{نِحْلَةً}: النِّحْلَةُ المَهْرُ.
4579- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، حَدَّثنا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الشَّيْبَانِيُّ: وَذَكَرَهُ أَبُو الحَسَنِ السُّوَائِيُّ، وَلاَ أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلاَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} قَالَ: كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، كَانَ أَوْلِيَاؤُهُ أَحَقَّ بِامْرَأَتِهِ إِنْ شَاءَ بَعْضُهُمْ تَزَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاؤُوا زَوَّجُوهَا، وَإِنْ شَاؤُوا لَمْ يُزَوِّجُوهَا، وَهُمْ أَحَقُّ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ.(6/55)
7- بَابُ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} الآيَةَ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: {مَوَالِي}: أَوْلِيَاءَ وَرَثَةٌ {عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}: هُوَ مَوْلَى اليَمِينِ، وَهْوَ الحَلِيفُ وَالمَوْلَى أَيْضًا ابْنُ العَمِّ.
وَالمَوْلَى: المُنْعِمُ المُعْتِقُ، وَالمَوْلَى المُعْتَقُ، وَالمَوْلَى المَلِيكُ، وَالمَوْلَى مَوْلًى فِي الدِّينِ.
4580- حَدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قَالَ: وَرَثَةً {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ}: كَانَ المُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ، يَرِثُ المُهَاجِرُ الأَنْصَارِيَّ، دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نُسِخَتْ، ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} مِنَ النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ المِيرَاثُ وَيُوصِي لَهُ.
سَمِعَ أَبُو أُسَامَةَ إِدْرِيسَ، وَسَمِعَ إِدْرِيسُ طَلْحَةَ.(6/55)
8- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}: يَعْنِي زِنَةَ ذَرَّةٍ.
4581- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، أَخبَرَنا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ أُنَاسًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: نَعَمْ، هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ بِالظَّهِيرَةِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: وَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ ضَوْءٌ لَيْسَ فِيهَا سَحَابٌ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ، إِلاَّ كَمَا تُضَارُونَ فِي رُؤْيَةِ أَحَدِهِمَا، إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ: تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، فَلاَ يَبْقَى مَنْ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللهِ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ، إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ بَرٌّ أَوْ فَاجِرٌ، وَغُبَّرَاتُِ أَهْلِ الكِتَابِ، فَيُدْعَى اليَهُودُ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ عُزَيْرَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ، وَلاَ وَلَدٍ، فَمَاذَا تَبْغُونَ؟ فَقَالُوا: عَطِشْنَا رَبَّنَا فَاسْقِنَا، فَيُشَارُ أَلاَ تَرِدُونَ، فَيُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ، كَأَنَّهَا سَرَابٌ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَتَسَاقَطُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يُدْعَى النَّصَارَى، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَنْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نَعْبُدُ المَسِيحَ ابْنَ اللهِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: كَذَبْتُمْ، مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ صَاحِبَةٍ، وَلاَ وَلَدٍ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَاذَا تَبْغُونَ؟ فَكَذَلِكَ مِثْلَ الأَوَّلِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ مِنْ بَرٍّ، أَوْ فَاجِرٍ، أَتَاهُمْ رَبُّ العَالَمِينَ فِي أَدْنَى صُورَةٍ مِنَ الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا، فَيُقَالُ: مَاذَا تَنْتَظِرُونَ، تَتْبَعُ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ، قَالُوا: فَارَقْنَا النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَفْقَرِ مَا كُنَّا إِلَيْهِمْ وَلَمْ نُصَاحِبْهُمْ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ رَبَّنَا الَّذِي كُنَّا نَعْبُدُ، فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ، فَيَقُولُونَ: لاَ نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.(6/56)
9- بَابُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا}.
المُخْتَالُ وَالخَتَّالُ وَاحِدٌ.
{نَطْمِسَ وُجُوهًا}: نُسَوِّيَهَا حَتَّى تَعُودَ كَأَقْفَائِهِمْ.
طَمَسَ الكِتَابَ: مَحَاهُ.
{بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا}: وُقُودًا.
4582- حَدَّثنا صَدَقَةُ، أَخبَرَنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ: أَمْسِكْ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.(6/57)
10- بَابُ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ}.
{صَعِيدًا}: وَجْهَ الأَرْضِ.
وَقَالَ جَابِرٌ: كَانَتِ الطَّوَاغِيتُ الَّتِي يَتَحَاكَمُونَ إِلَيْهَا، فِي جُهَيْنَةَ وَاحِدٌ، وَفِي أَسْلَمَ وَاحِدٌ، وَفِي كُلِّ حَيٍّ وَاحِدٌ، كُهَّانٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ عُمَرُ: الجِبْتُ: السِّحْرُ، وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الجِبْتُ: بِلِسَانِ الحَبَشَةِ شَيْطَانٌ، وَالطَّاغُوتُ: الكَاهِنُ.
4583- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخبَرَنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: هَلَكَتْ قِلاَدَةٌ لأَسْمَاءَ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي طَلَبِهَا رِجَالاً، فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ، وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ، وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا وَهُمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ، يَعْنِي آيَةَ التَّيَمُّمِ.(6/57)
11- بَابُ: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}: ذَوِي الأَمْرِ.
4584- حَدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي سَرِيَّةٍ.(6/57)
12- {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}.
4585- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنَ الحَرَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ، ثُمَّ قَالَ: اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ احْبِسِ المَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ المَاءَ إِلَى جَارِكَ، وَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ، حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ، قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلاَّ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}.(6/58)
13- بَابُ: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ}.
4586- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: مَا مِنْ نَبِيٍّ يَمْرَضُ إِلاَّ خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَكَانَ فِي شَكْوَاهُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ.(6/58)
14- بَابُ: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} إِلَى: {الظَّالِمِ أَهْلُهَا}.
4587- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ.(6/58)
4588- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تَلاَ: {إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ} قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَصِرَتْ}: ضَاقَتْ {تَلْوُوا}: أَلْسِنَتَكُمْ بِالشَّهَادَةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: المُرَاغَمُ: المُهَاجَرُ، رَاغَمْتُ: هَاجَرْتُ قَوْمِي {مَوْقُوتًا}: مُوَقَّتًا وَقْتَهُ عَلَيْهِمْ.(6/58)
15- بَابُ: {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَدَّدَهُمْ، فِئَةٌ: جَمَاعَةٌ.
4589- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالاَ: حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} رَجَعَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ أُحُدٍ، وَكَانَ النَّاسُ فِيهِمْ فِرْقَتَيْنِ: فَرِيقٌ يَقُولُ: اقْتُلْهُمْ، وَفَرِيقٌ يَقُولُ: لاَ، فَنَزَلَتْ: {فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} وَقَالَ: إِنَّهَا طَيْبَةُ، تَنْفِي الخَبَثَ كَمَا تَنْفِي النَّارُ خَبَثَ الفِضَّةِ.(6/59)
- بَابُ: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ}: أَيْ أَفْشَوْهُ.
{يَسْتَنْبِطُونَهُ}: يَسْتَخْرِجُونَهُ.
{حَسِيبًا}: كَافِيًا.
{إِلاَّ إِنَاثًا}: يَعْنِي المَوَاتَ، حَجَرًا أَوْ مَدَرًا، وَمَا أَشْبَهَهُ.
{مَرِيدًا}: مُتَمَرِّدًا.
{فَلَيُبَتِّكُنَّ}: بَتَّكَهُ قَطَّعَهُ.
{قِيلاً}: وَقَوْلاً وَاحِدٌ.
{طُبِعَ}: خُتِمَ.(6/59)
16- بَابُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ}.
4590- حَدَّثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا مُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: آيَةٌ اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الكُوفَةِ، فَرَحَلْتُ فِيهَا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} هِيَ آخِرُ مَا نَزَلَ، وَمَا نَسَخَهَا شَيْءٌ.(6/59)
17- بَابُ: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا}.
السَّلَمُ، وَالسَّلاَمُ، وَالسِّلْمُ، وَاحِدٌ.
4591- حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ رَجُلٌ فِي غُنَيْمَةٍ لَهُ، فَلَحِقَهُ المُسْلِمُونَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ وَأَخَذُوا غُنَيْمَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي ذَلِكَ إِلَى قَوْلِهِ: {عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} تِلْكَ الغُنَيْمَةُ.
قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {السَّلاَمَ}.(6/59)
18- بَابُ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} {وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}.
4592- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ، أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الحَكَمِ فِي المَسْجِدِ، فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخبَرَنا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَمْلَى عَلَيْهِ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهْوَ يُمِلُّهَا عَلَيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الجِهَادَ لَجَاهَدْتُ، وَكَانَ أَعْمَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَفَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَثَقُلَتْ عَلَيَّ حَتَّى خِفْتُ أَنْ تَرُضَّ فَخِذِي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ}.(6/59)
4593- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ زَيْدًا فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَشَكَا ضَرَارَتَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ}.(6/60)
4594- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ} قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: ادْعُوا فُلاَنًا، فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ، أَوِ الكَتِفُ، فَقَالَ: اكْتُبْ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} وَخَلْفَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا ضَرِيرٌ، فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرَ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ}.(6/60)
4595- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ (ح) وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الكَرِيمِ، أَنَّ مِقْسَمًا، مَوْلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الحَارِثِ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ}: عَنْ بَدْرٍ، وَالخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ.(6/60)
19- {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} الآيَةَ.
4596- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ المُقْرِئُ، حَدَّثنا حَيْوَةُ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ: حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُو الأَسْوَدِ، قَالَ: قُطِعَ عَلَى أَهْلِ المَدِينَةِ بَعْثٌ، فَاكْتُتِبْتُ فِيهِ، فَلَقِيتُ عِكْرِمَةَ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ أَشَدَّ النَّهْيِ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ نَاسًا مِنَ المُسْلِمِينَ كَانُوا مَعَ المُشْرِكِينَ يُكَثِّرُونَ سَوَادَ المُشْرِكِينَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يَأْتِي السَّهْمُ، يُرْمَى بِهِ، فَيُصِيبُ أَحَدَهُمْ فَيَقْتُلُهُ، أَوْ يُضْرَبُ فَيُقْتَلُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ المَلاَئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ.
رَوَاهُ اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ.(6/60)
20- {إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}.
4597- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {إِلاَّ المُسْتَضْعَفِينَ} قَالَ: كَانَتْ أُمِّي مِمَّنْ عَذَرَ اللهُ.(6/61)
21- بَابُ قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللهُ عَفُوًّا غَفُورًا}.
4598- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُصَلِّي العِشَاءَ، إِذْ قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ: اللهُمَّ نَجِّ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللهُمَّ نَجِّ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللهُمَّ نَجِّ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، اللهُمَّ نَجِّ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ، اللهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ.(6/61)
22- بَابُ: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ}.
4599- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، أَخبَرَنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى} قَالَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَكَانَ جَرِيحًا.(6/61)
23- بَابُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ}.
4600- حَدَّثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عن أَبِيه، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قَالَتْ عَائِشَةُ: هُوَ الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ اليَتِيمَةُ هُوَ وَلِيُّهَا وَوَارِثُهَا، فَأَشْرَكَتْهُ فِي مَالِهِ حَتَّى فِي العَذْقِ، فَيَرْغَبُ أَنْ يَنْكِحَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا رَجُلاً، فَيَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ بِمَا شَرِكَتْهُ فَيَعْضُلُهَا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.(6/61)
24- {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شِقَاقٌ}: تَفَاسُدٌ.
{وَأُحْضِرَتِ الأَنْفُسُ الشُّحَّ}: قَالَ: هَوَاهُ فِي الشَّيْءِ يَحْرِصُ عَلَيْهِ.
{كَالْمُعَلَّقَةِ}: لاَ هِيَ أَيِّمٌ، وَلاَ ذَاتُ زَوْجٍ.
{نُشُوزًا}: بُغْضًا.
4601- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتْ: الرَّجُلُ تَكُونُ عِنْدَهُ المَرْأَةُ لَيْسَ بِمُسْتَكْثِرٍ مِنْهَا، يُرِيدُ أَنْ يُفَارِقَهَا، فَتَقُولُ: أَجْعَلُكَ مِنْ شَأْنِي فِي حِلٍّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي ذَلِكَ.(6/62)
25- بَابُ: {إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي اَلدَّرَكِ الأَسْفَلِ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَسْفَلَ النَّارِ.
{نَفَقًا}: سَرَبًا.
4602- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: كُنَّا فِي حَلْقَةِ عَبْدِ اللهِ، فَجَاءَ حُذَيْفَةُ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ خَيْرٍ مِنْكُمْ، قَالَ الأَسْوَدُ: سُبْحَانَ اللهِ، إِنَّ اللهَ يَقُولُ: {إِنَّ المُنَافِقِينَ فِي اَلدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} فَتَبَسَّمَ عَبْدُ اللهِ، وَجَلَسَ حُذَيْفَةُ فِي نَاحِيَةِ المَسْجِدِ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ، فَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُ، فَرَمَانِي بِالحَصَا، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: عَجِبْتُ مِنْ ضَحِكِهِ، وَقَدْ عَرَفَ مَا قُلْتُ، لَقَدْ أُنْزِلَ النِّفَاقُ عَلَى قَوْمٍ كَانُوا خَيْرًا مِنْكُمْ، ثُمَّ تَابُوا، فَتَابَ اللهُ عَلَيْهِمْ.(6/62)
26- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ}.
4603- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى.(6/62)
4604- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثنا فُلَيْحٌ، حَدَّثنا هِلاَلٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، فَقَدْ كَذَبَ.(6/62)
27- بَابُ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}.
وَالكَلاَلَةُ: مَنْ لَمْ يَرِثْهُ أَبٌ أَوِ ابْنٌ، وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَكَلَّلَهُ النَّسَبُ.
4605- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَةَ، وَآخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ}.(6/63)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
5- المَائِدَةُ.
1- بَابُ: {حُرُمٌ}: وَاحِدُهَا حَرَامٌ.
{فَبِمَا نَقْضِهِمْ}: بِنَقْضِهِمْ.
{الَّتِي كَتَبَ اللهُ}: جَعَلَ اللهُ.
{تَبُوءُ}: تَحْمِلُ.
{دَائِرَةٌ}: دَوْلَةٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الإِغْرَاءُ: التَّسْلِيطُ.
{أُجُورَهُنَّ}: مُهُورَهُنَّ.
{المُهَيْمِنُ}: الأَمِينُ، القُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ.(6/63)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَخْمَصَةٌٍ}: مَجَاعَةٌٍ.
4606- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَتِ اليَهُودُ لِعُمَرَ: إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ آيَةً لَوْ نَزَلَتْ فِينَا لاَتَّخَذْنَاهَا عِيدًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي لأَعْلَمُ حَيْثُ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَأَيْنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ أُنْزِلَتْ: يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنَّا وَاللهِ بِعَرَفَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَأَشُكُّ، كَانَ يَوْمَ الجُمُعَةِ أَمْ لاَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.(6/63)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.
{تَيَمَّمُوا}: تَعَمَّدُوا.
{آمِّينَ}: عَامِدِينَ، أَمَّمْتُ وَتَيَمَّمْتُ وَاحِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَسْتُمْ وَ {تَمَسُّوهُنَّ} وَ {اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}، وَالإِفْضَاءُ: النِّكَاحُ.
4607- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ، أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ،(6/63)
وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَالنَّاسَ لَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، وَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَإِذَا العِقْدُ تَحْتَهُ.(6/64)
4608- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ القَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: سَقَطَتْ قِلاَدَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ، وَنَحْنُ دَاخِلُونَ المَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَنَزَلَ فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلاَدَةٍ، فَبِي المَوْتُ، لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَقَدْ أَوْجَعَنِي، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ} الآيَةَ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلاَّ بَرَكَةٌ لَهُمْ.(6/64)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}.
4609- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: شَهِدْتُ مِنَ المِقْدَادِ (ح) وَحَدَّثَنِي حَمْدَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثنا الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ المِقْدَادُ يَوْمَ بَدْرٍ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لاَ نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ، فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَرَوَاهُ وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُخَارِقٍ، عَنْ طَارِقٍ، أَنَّ المِقْدَادَ قَالَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/64)
5- بَابُ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} الآيَةَ.
المُحَارَبَةُ لِلَّهِ: الكُفْرُ بِهِ.
4610- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَلْمَانُ أَبُو رَجَاءٍ، مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا خَلْفَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، فَذَكَرُوا وَذَكَرُوا، فَقَالُوا وَقَالُوا، قَدْ أَقَادَتْ بِهَا الخُلَفَاءُ، فَالْتَفَتَ إِلَى أَبِي قِلاَبَةَ وَهْوَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُولُ يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدٍ؟ أَوْ قَالَ: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ؟ قُلْتُ: مَا عَلِمْتُ نَفْسًا حَلَّ قَتْلُهَا فِي الإِسْلاَمِ، إِلاَّ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ، أَوْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ، أَوْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ عَنْبَسَةُ: حَدَّثنا أَنَسٌ، بِكَذَا وَكَذَا، قُلْتُ: إِيَّايَ حَدَّثَ أَنَسٌ، قَالَ: قَدِمَ قَوْمٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَكَلَّمُوهُ، فَقَالُوا: قَدِ اسْتَوْخَمْنَا هَذِهِ الأَرْضَ، فَقَالَ: هَذِهِ نَعَمٌ لَنَا تَخْرُجُ لِتَرْعَى، فَاخْرُجُوا فِيهَا فَاشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَخَرَجُوا فِيهَا، فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، وَاسْتَصَحُّوا وَمَالُوا عَلَى الرَّاعِي فَقَتَلُوهُ، وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ، فَمَا يُسْتَبْطَأُ مِنْ هَؤُلاَءِ؟ قَتَلُوا النَّفْسَ، وَحَارَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ، وَخَوَّفُوا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، فَقُلْتُ: تَتَّهِمُنِي؟ قَالَ: حَدَّثنا بِهَذَا أَنَسٌ، قَالَ: وَقَالَ: يَا أَهْلَ كَذَا، إِنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا بِخَيْرٍ مَا أُبْقِيَ هَذَا فِيكُمْ ومِثْلُ هَذَا.(6/65)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ}.
4611- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخبَرَنا الفَزَارِيُّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ، وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَبَ القَوْمُ القِصَاصَ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ، عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: لاَ وَاللهِ لاَ تُكْسَرُ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا أَنَسُ، كِتَابُ اللهِ القِصَاصُ، فَرَضِيَ القَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ.(6/65)
7- بَابُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ}.
4612- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقَدْ كَذَبَ، وَاللهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} الآيَةَ.(6/66)
8- بَابُ قَوْلِهِ: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}.
4613- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} فِي قَوْلِ الرَّجُلِ: لاَ وَاللهِ، وَبَلَى وَاللهِ.(6/66)
4614- حَدَّثنا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثنا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ أَبَاهَا كَانَ لاَ يَحْنَثُ فِي يَمِينٍ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ كَفَّارَةَ اليَمِينِ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لاَ أَرَى يَمِينًا أُرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلاَّ قَبِلْتُ رُخْصَةَ اللهِ، وَفَعَلْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ.(6/66)
9- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ}.
4615- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلاَ نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، فَرَخَّصَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ نَتَزَوَّجَ المَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ}.(6/66)
10- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأَزْلاَمُ: القِدَاحُ يَقْتَسِمُونَ بِهَا فِي الأُمُورِ، وَالنُّصُبُ: أَنْصَابٌ يَذْبَحُونَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: الزُّلَمُ: القِدْحُ لاَ رِيشَ لَهُ وَهُوَ وَاحِدُ.
الأَزْلاَمِ وَالاِسْتِقْسَامُ: أَنْ يُجِيلَ القِدَاحَ فَإِنْ نَهَتْهُ انْتَهَى، وَإِنْ أَمَرَتْهُ فَعَلَ مَا تَأْمُرُهُ وَقَدْ أَعْلَمُوا القِدَاحَ أَعْلاَمًا، بِضُرُوبٍ يَسْتَقْسِمُونَ بِهَا، وَفَعَلْتُ مِنْهُ قَسَمْتُ، وَالقُسُومُ: المَصْدَرُ.(6/66)
4616- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وَإِنَّ فِي المَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ لَخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ، مَا فِيهَا شَرَابُ العِنَبِ.(6/67)
4617- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، قَالَ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَا كَانَ لَنَا خَمْرٌ غَيْرُ فَضِيخِكُمْ هَذَا الَّذِي تُسَمُّونَهُ الفَضِيخَ، فَإِنِّي لَقَائِمٌ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ، وَفُلاَنًا وَفُلاَنًا، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: وَهَلْ بَلَغَكُمُ الخَبَرُ؟ فَقَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: حُرِّمَتِ الخَمْرُ، قَالُوا: أَهْرِقْ هَذِهِ القِلاَلَ يَا أَنَسُ، قَالَ: فَمَا سَأَلُوا عَنْهَا وَلاَ رَاجَعُوهَا بَعْدَ خَبَرِ الرَّجُلِ.(6/67)
4618- حَدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: صَبَّحَ أُنَاسٌ غَدَاةَ أُحُدٍ الخَمْرَ، فَقُتِلُوا مِنْ يَوْمِهِمْ جَمِيعًا شُهَدَاءَ، وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا.(6/67)
4619- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، أَخبَرَنا عِيسَى، وَابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ، أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، وَهْيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنْ العِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالعَسَلِ، وَالحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرِ، وَالخَمْرُ مَا خَامَرَ العَقْلَ.(6/67)
11- بَابُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ}.
4620- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ الخَمْرَ الَّتِي أُهْرِيقَتِ الفَضِيخُ، وَزَادَنِي مُحَمَّدٌ الْبَيْكَنْدِيُّ، عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ، قَالَ: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ فِي مَنْزِلِ أَبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فَأَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ، قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَقُلْتُ: هَذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلاَ إِنَّ الخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ لِي: اذْهَبْ فَأَهْرِقْهَا، قَالَ: فَجَرَتْ فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، قَالَ: وَكَانَتْ خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ الفَضِيخُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: قُتِلَ قَوْمٌ وَهْيَ فِي بُطُونِهِمْ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا}.(6/67)
12- بَابُ قَوْلِهِ: {لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
4621- حَدَّثنا مُنْذِرُ بْنُ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الجَارُودِيُّ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حَنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أَبُوكَ فُلاَنٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
رَوَاهُ النَّضْرُ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، عَنْ شُعْبَةَ.(6/68)
4622- حَدَّثَنِي الفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثنا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثنا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثنا أَبُو الجُوَيْرِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اسْتِهْزَاءً، فَيَقُولُ الرَّجُلُ: مَنْ أَبِي؟ وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ: أَيْنَ نَاقَتِي؟ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا.(6/68)
13- بَابُ: {مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ}.
{وَإِذْ قَالَ اللهُ}: يَقُولُ: قَالَ اللهُ، وَإِذْ هَاهُنَا صِلَةٌ، الْمَائِدَةُ: أَصْلُهَا مَفْعُولَةٌ، كَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ، وَتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ، وَالمَعْنَى: مِيدَ بِهَا صَاحِبُهَا مِنْ خَيْرٍ، يُقَالُ: مَادَنِي يَمِيدُنِي.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مُتَوَفِّيكَ}: مُمِيتُكَ.
4623- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: البَحِيرَةُ: الَّتِي يُمْنَعُ دَرُّهَا لِلطَّوَاغِيتِ، فَلاَ يَحْلُبُهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، وَالسَّائِبَةُ: كَانُوا يُسَيِّبُونَهَا لآلِهَتِهِمْ فَلاَ يُحْمَلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ،(6/68)
قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الخُزَاعِيَّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ وَالوَصِيلَةُ: النَّاقَةُ البِكْرُ، تُبَكِّرُ فِي أَوَّلِ نِتَاجِ الإِبِلِ بِأُنْثَى، ثُمَّ تُثَنِّي بَعْدُ بِأُنْثَى، وَكَانُوا يُسَيِّبُونَهُم لِطَوَاغِيتِهِمْ، إِنْ وَصَلَتْ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى لَيْسَ بَيْنَهُمَا ذَكَرٌ، وَالحَامِ: فَحْلُ الإِبِلِ يَضْرِبُ الضِّرَابَ المَعْدُودَ، فَإِذَا قَضَى ضِرَابَهُ وَدَعُوهُ لِلطَّوَاغِيتِ، وَأَعْفَوْهُ مِنَ الحَمْلِ، فَلَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَسَمَّوْهُ الحَامِيَ.
وقَالَ لِي أَبُو اليَمَانِ: أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعْتُ سَعِيدًا يُخْبِرُهُ بِهَذَا، قَالَ: وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، نَحْوَهُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ الهَادِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/69)
4624- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ أَبُو عَبْدِ اللهِ الكَرْمَانِيُّ، حَدَّثنا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَرَأَيْتُ عَمْرًا يَجُرُّ قُصْبَهُ، وَهْوَ أَوَّلُ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ.(6/69)
14- بَابُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.
4625- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، أَخبَرَنا المُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً، ثُمَّ قَالَ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ وَإِنَّ أَوَّلَ الخَلاَئِقِ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ وَإِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي، فَيُقَالُ: إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.(6/69)
15- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ}.
4626- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا المُغِيرَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ، وَإِنَّ نَاسًا يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {العَزِيزُ الحَكِيمُ}.(6/70)
6- سُورَةُ الأَنْعَامِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ}: مَعْذِرَتَهُمْ.
{مَعْرُوشَاتٍ}: مَا يُعْرَشُ مِنَ الكَرْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
{حَمُولَةً}: مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا.
{وَلَلَبَسْنَا}: لَشَبَّهْنَا.
{لأُنْذِرَكُمْ بِهِ}: أَهْلَ مَكَّةَ.
{يَنْأَوْنَ}: يَتَبَاعَدُونَ.
{تُبْسَلُ}: تُفْضَحُ.
{أُبْسِلُوا}: أُفْضِحُوا.
{بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ}: البَسْطُ الضَّرْبُ.
{اسْتَكْثَرْتُمْ}: أَضْلَلْتُمْ كَثِيرًا.
{مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ}: جَعَلُوا لِلَّهِ مِنْ ثَمَرَاتِهِمْ وَمَالِهِمْ نَصِيبًا، وَلِلشَّيْطَانِ وَالأَوْثَانِ نَصِيبًا.
{أَكِنَّةً}: وَاحِدُهَا كِنَانٌ.
{أَمَّا اشْتَمَلَتْ}: يَعْنِي هَلْ تَشْتَمِلُ إِلاَّ عَلَى ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، فَلِمَ تُحَرِّمُونَ بَعْضًا وَتُحِلُّونَ بَعْضًا؟.
{مَسْفُوحًا}: مُهْرَاقًا.
{صَدَفَ}: أَعْرَضَ.
{أُبْلِسُوا}: أُويِسُوا، وَ {أُبْسِلُوا}: أُسْلِمُوا.
{سَرْمَدًا}: دَائِمًا.
{اسْتَهْوَتْهُ}: أَضَلَّتْهُ.
{تَمْتَرُونَ}: تَشُكُّونَ.
{وَقْرٌ}: صَمَمٌ، وَأَمَّا الوِقْرُ: فَإِنَّهُ الحِمْلُ.
{أَسَاطِيرُ}: وَاحِدُهَا أُسْطُورَةٌ وَإِسْطَارَةٌ، وَهْيَ التُّرَّهَاتُ.
{البَأْسَاءُ}: مِنَ البَأْسِ، وَيَكُونُ مِنَ البُؤْسِ.
{جَهْرَةً}: مُعَايَنَةً.
{الصُّوَرُ}: جَمَاعَةُ صُورَةٍ، كَقَوْلِهِ سُورَةٌ وَسُوَرٌ {مَلَكُوتٌ} وَمُلْكٌ، مِثْلُ: رَهَبُوتٌٍ خَيْرٌ مِنْ رَحَمُوتٌٍ، وَيَقُولُ: تُرْهَبُ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ.
{جَنَّ}: أَظْلَمَ.
{تَعَالَى}: عَلاَ.
{وَإِنْ تَعْدِلْ}: تُقْسِطْ، لاَ يُقْبَلْ مِنْهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
يُقَالُ عَلَى اللهِ حُسْبَانُهُ، أَيْ حِسَابُهُ، وَيُقَالُ: {حُسْبَانًا}: مَرَامِيَ، وَ{رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ}.
{مُسْتَقِرٌّ}: فِي الصُّلْبِ {وَمُسْتَوْدَعٌ}: فِي الرَّحِمِ.
القِنْوُ العِذْقُ، وَالاِثْنَانِ قِنْوَانِ، وَالجَمَاعَةُ أَيْضًا قِنْوَانٌ مِثْلُ صِنْوٍ وَصِنْوَانِ.(6/70)
1- بَابُ: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ}.
4627- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَفَاتِحُ الغَيْبِ خَمْسٌ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}.(6/71)
2- بَابُ: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} الآيَةَ.
{يَلْبِسَكُمْ}: يَخْلِطَكُمْ مِنَ الاِلْتِبَاسِ.
{يَلْبِسُوا}: يَخْلِطُوا.
{شِيَعًا}: فِرَقًا.
4628- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ، قَالَ: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}، قَالَ: أَعُوذُ بِوَجْهِكَ: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَذَا أَهْوَنُ، أَوْ: هَذَا أَيْسَرُ.(6/71)
3- بَابُ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ}.
4629- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قَالَ أَصْحَابُهُ: وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ؟ فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.(6/71)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ}.
4630- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكُمْ، يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى.(6/71)
4631- حَدَّثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، أَخبَرَنا سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى.(6/71)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.
4632- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ الأَحْوَلُ، أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: أَفِي {ص} سَجْدَةٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، ثُمَّ تَلاَ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ثُمَّ قَالَ: هُوَ مِنْهُمْ.
زَادَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَهْلُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ العَوَّامِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: نَبِيُّكُمْ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِمَّنْ أُمِرَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ.(6/71)
6- بَابُ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ البَقَرِ وَالغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا} الآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كُلَّ ذِي ظُفُرٍ}: البَعِيرُ وَالنَّعَامَةُ.
{الحَوَايَا}: المَبْعَرُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: هَادُوا: صَارُوا يَهُودًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {هُدْنَا}: تُبْنَا.
هَائِدٌ: تَائِبٌ.(6/72)
4633- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، قَالَ عَطَاءٌ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ، لَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَلُوهَا، ثُمَّ بَاعُوهَا، فَأَكَلُوهَا.
وَقَالَ أَبُو عَاصِمٍ: حَدَّثنا عَبْدُ الحَمِيدِ، حَدَّثنا يَزِيدُ، كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ، سَمِعْتُ جَابِرًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/72)
7- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.
4634- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لاَ أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ شَيْءَ أَحَبُّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللهِ، وَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ.
قُلْتُ (1): سَمِعْتَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَفَعَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ.
_حاشية__________
(1) القائل؛ عمرو بن مُرَّة.(6/72)
8- {وَكِيلٌ}: حَفِيظٌ وَمُحِيطٌ بِهِ.
{قُبُلاً}: جَمْعُ قَبِيلٍ، وَالمَعْنَى: أَنَّهُ ضُرُوبٌ لِلْعَذَابِ، كُلُّ ضَرْبٍ مِنْهَا قَبِيلٌ.
{زُخْرُفَ الْقَوْلِ}: كُلُّ شَيْءٍ حَسَّنْتَهُ وَوَشَّيْتَهُ، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَهُوَ زُخْرُفٌ.
{وَحَرْثٌ حِجْرٌ}: حَرَامٌ، وَكُلُّ مَمْنُوعٍ فَهْوَ حِجْرٌ مَحْجُورٌ، وَالحِجْرُ كُلُّ بِنَاءٍ بَنَيْتَهُ، وَيُقَالُ لِلأُنْثَى مِنَ الخَيْلِ: حِجْرٌ، وَيُقَالُ لِلْعَقْلِ: حِجًى وَحِجْرٌ، وَأَمَّا الحِجْرُ فَمَوْضِعُ ثَمُودَ، وَمَا حَجَّرْتَ عَلَيْهِ مِنَ الأَرْضِ فَهُوَ حِجْرٌ، وَمِنْهُ سُمِّيَ حَطِيمُ البَيْتِ حِجْرًا، كَأَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ مَحْطُومٍ، مِثْلُ: قَتِيلٍ مِنْ مَقْتُولٍ، وَأَمَّا حَجْرُ اليَمَامَةِ، فَهْوَ مَنْزِلٌ.(6/72)
9- بَابُ قَوْلِهِ: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ}.
لُغَةُ أَهْلِ الحِجَازِ: هَلُمَّ لِلْوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالجَمْعِ.(6/73)
10- بَابُ: {لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا}.
4635- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثنا عُمَارَةُ، حَدَّثنا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آمَنَ مَنْ عَلَيْهَا، فَذَاكَ حِينَ: {لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ}.(6/73)
4636- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ، وَذَلِكَ حِينَ: {لاَ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} ثُمَّ قَرَأَ الآيَةَ.(6/73)
7- سُورَةُ الأَعْرَافِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَرِيشًا}: المَالُ.
{إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}: فِي الدُّعَاءِ وَفِي غَيْرِهِ.
{عَفَوْا}: كَثُرُوا وَكَثُرَتْ أَمْوَالُهُمْ.
{الفَتَّاحُ}: القَاضِي.
{افْتَحْ بَيْنَنَا}: اقْضِ بَيْنَنَا.
{نَتَقْنَا الْجَبَلَ}: رَفَعْنَا.
{انْبَجَسَتْ}: انْفَجَرَتْ.
{مُتَبَّرٌ}: خُسْرَانٌ.
{آسَى}: أَحْزَنُ.
{تَأْسَ}: تَحْزَنْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ}: يَقُولُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ.
{يَخْصِفَانِ}: أَخَذَا الخِصَافَ مِنْ وَرَقِ الجَنَّةِ، يُؤَلِّفَانِ الوَرَقَ، يَخْصِفَانِ الوَرَقَ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ.
{سَوْآتِهِمَا}: كِنَايَةٌ عَنْ فَرْجَيْهِمَا.
{وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}: هُوَ هَاهُنَا إِلَى القِيَامَةِ، وَالحِينُ عِنْدَ العَرَبِ مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَالاَ يُحْصَى عَدَدُهَا، الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهْوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ.
{قَبِيلُهُ}: جِيلُهُ الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ.
{ادَّارَكُوا}: اجْتَمَعُوا، وَمَشَاقُّ الإِنْسَانِ وَالدَّابَّةِ كُلُّهَا تُسَمَّى سُمُومًا، وَاحِدُهَا سَمٌّ، وَهِيَ: عَيْنَاهُ، وَمَنْخِرَاهُ، وَفَمُهُ، وَأُذُنَاهُ، وَدُبُرُهُ، وَإِحْلِيلُهُ.
{غَوَاشٍ}: مَا غُشُّوا بِهِ.
(نُشُرًا): مُتَفَرِّقَةً.
{نَكِدًا}: قَلِيلاً.(6/73)
{يَغْنَوْا}: يَعِيشُوا.
{حَقِيقٌ}: حَقٌّ.
{اسْتَرْهَبُوهُمْ}: مِنَ الرَّهْبَةِ.
(تَلَقَّفُ): تَلْقَمُ.
{طَائِرُهُمْ}: حَظُّهُمْ طُوفَانٌ مِنَ السَّيْلِ، وَيُقَالُ لِلْمَوْتِ الكَثِيرِ: الطُّوفَانُ.
{القُمَّلُ}: الحُمْنَانُ يُشْبِهُ صِغَارَ الحَلَمِ.
عُرُوشٌ وَعَرِيشٌ بِنَاءٌ.
{سُقِطَ}: كُلُّ مَنْ نَدِمَ فَقَدْ سُقِطَ فِي يَدِهِ.
الأَسْبَاطُ قَبَائِلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
{يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ}: يَتَعَدَّوْنَ لَهُ، يُجَاوِزُونَ {تَعْدُ}: تُجَاوِزْ.
{شُرَّعًا}: شَوَارِعَ، {بَئِيسٍ}: شَدِيدٍ، {أَخْلَدَ}: قَعَدَ وَتَقَاعَسَ.
{سَنَسْتَدْرِجُهُمْ}: نَأْتِيهِمْ مِنْ مَأْمَنِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}.
{مِنْ جِنَّةٍ}: مِنْ جُنُونٍ.
{أَيَّانَ مُرْسَاهَا}: مَتَى خُرُوجُهَا.
{فَمَرَّتْ بِهِ}: اسْتَمَرَّ بِهَا الحَمْلُ فَأَتَمَّتْهُ.
{يَنْزَغَنَّكَ}: يَسْتَخِفَّنَّكَ.
(طَيْفٌ): مُلِمٌّ بِهِ لَمَمٌ، وَيُقَالُ: {طَائِفٌ}: وَهُوَ وَاحِدٌ.
{يَمُدُّونَهُمْ}: يُزَيِّنُونَ.
{وَخِيفَةً}: خَوْفًا، وَخُفْيَةً مِنَ الإِخْفَاءِ.
{وَالآصَالُ}: وَاحِدُهَا أَصِيلٌ، وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ، كَقَوْلِهِ: {بُكْرَةً وَأَصِيلاً}.(6/74)
1- بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}.
4637- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (قُلْتُ (1): آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرَفَعَهُ، قَالَ:) لاَ أَحَدٌ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ، وَلاَ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللهِ، فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ.
_حاشية__________
(1) القائل؛ عمرو بن مُرَّة.(6/74)
2- بَابُ: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ، قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَرِنِي: أَعْطِنِي.
4638- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ اليَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ فِي وَجْهِي، قَالَ: ادْعُوهُ، فَدَعَوْهُ، قَالَ: لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي مَرَرْتُ بِاليَهُودِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى البَشَرِ، فَقُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ، وَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ، قَالَ: لاَ تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ، فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ العَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي، أَمْ جُزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ.(6/74)
- {الْمَنَّ وَالسَّلْوَى}.
4639- حَدَّثنا مُسْلِمٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، وَمَاؤُهَا شِفَاءُ العَيْنِ.(6/75)
3- بَابُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.
4640- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُوسَى بْنُ هَارُونَ، قَالاَ: حَدَّثنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ العَلاَءِ بْنِ زَبْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلاَنِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: كَانَتْ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فَأَغْضَبَ أَبُو بَكْرٍ عُمَرَ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أَبُو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى أَغْلَقَ بَابَهُ فِي وَجْهِهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَنَحْنُ عِنْدَهُ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمَّا صَاحِبُكُمْ هَذَا فَقَدْ غَامَرَ، قَالَ: وَنَدِمَ عُمَرُ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ، وَجَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَصَّ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الخَبَرَ، قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: وَغَضِبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، لأَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُو لِي صَاحِبِي، إِنِّي قُلْتُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ: غَامَرَ: سَبَقَ بِالْخَيْرِ.(6/75)
4- بَابُ: {وَقُولُوا حِطَّةٌ}.
4641- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قِيلَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: {ادْخُلُوا البَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ} فَبَدَّلُوا، فَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ، وَقَالُوا: حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ.(6/75)
5- بَابُ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ}.
العُرْفُ: المَعْرُوفُ.
4642- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنَ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ القُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ، كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، فَقَالَ عُيَيْنَةُ لاِبْنِ أَخِيهِ: يَا ابْنَ أَخِي، لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ، فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ، قَالَ: سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَاسْتَأْذَنَ الحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ، قَالَ: هِيْ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، فَوَاللهِ مَا تُعْطِينَا الجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالعَدْلِ، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ بِهِ، فَقَالَ لَهُ الحُرُّ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجَاهِلِينَ} وَإِنَّ هَذَا مِنَ الجَاهِلِينَ، وَاللهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللهِ.(6/76)
4643- حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: {خُذِ العَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ} قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلاَّ فِي أَخْلاَقِ النَّاسِ.
4644- وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ: حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَمَرَ اللهُ نَبِيَّهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَأْخُذَ العَفْوَ مِنْ أَخْلاَقِ النَّاسِ، أَوْ كَمَا قَالَ.(6/76)
8- سُورَةُ الأَنْفَالُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
1- بَابُ قَوْلِهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلْ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الأَنْفَالُ: المَغَانِمُ.
قَالَ قَتَادَةُ: {رِيحُكُمْ}: الحَرْبُ، يُقَالُ: نَافِلَةٌ عَطِيَّةٌ.
4645- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخبَرَنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: سُورَةُ الأَنْفَالِ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ.
{الشَّوْكَةُ}: الحَدُّ.
{مُرْدَفِينَ}: فَوْجًا بَعْدَ فَوْجٍ، رَدِفَنِي وَأَرْدَفَنِي: جَاءَ بَعْدِي.
{ذُوقُوا}: بَاشِرُوا وَجَرِّبُوا، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ ذَوْقِ الفَمِ.
{فَيَرْكُمَهُ}: يَجْمَعَهُ.
شَرِّدْ: فَرِّقْ.
{وَإِنْ جَنَحُوا}: طَلَبُوا. السِّلْمُ، وَالسَّلْمُ، وَالسَّلاَمُ وَاحِدٌ
{يُثْخِنَ}: يَغْلِبَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُكَاءً}: إِدْخَالُ أَصَابِعِهِمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ.
{وَتَصْدِيَةً}: الصَّفِيرُ.
{لِيُثْبِتُوكَ}: لِيَحْبِسُوكَ.(6/77)
2- {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ}.
4646- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ البُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ} قَالَ: هُمْ نَفَرٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ.(6/77)
3- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}.
{اسْتَجِيبُوا}: أَجِيبُوا.
{لِمَا يُحْيِيكُمْ}: لِمَا يُصْلِحُكُمْ.
4647- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخبَرَنا رَوْحٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ حَفْصَ بْنَ عَاصِمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَدَعَانِي، فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ؟ أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}؟ ثُمَّ قَالَ: لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيَخْرُجَ فَذَكَرْتُ لَهُ.
وَقَالَ مُعَاذٌ: حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، سَمِعَ حَفْصًا، سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِهَذَا، وَقَالَ: هِيَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ} السَّبْعُ المَثَانِي.(6/77)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالُوا اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: مَا سَمَّى اللهُ مَطَرًا فِي القُرْآنِ إِلاَّ عَذَابًا وَتُسَمِّيهِ العَرَبُ الغَيْثَ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا}.
4648- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ، هُوَ ابْنُ كُرْدِيدٍ، صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} الآيَةَ.(6/78)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}.
4649- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ، صَاحِبِ الزِّيَادِيِّ، سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: {اللهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} فَنَزَلَتْ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ وَمَا لَهُمْ أَنْ لاَ يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ المَسْجِدِ الحَرَامِ} الآيَةَ.(6/78)
6- {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}.
4650- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا حَيْوَةُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَجُلاً جَاءَهُ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلاَ تَسْمَعُ مَا ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ لاَ تُقَاتِلَ كَمَا ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أُغَيَّرُ بِهَذِهِ الآيَةِ، وَلاَ أُقَاتِلُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُغَيَّرَ بِهَذِهِ الآيَةِ، الَّتِي يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} إِلَى آخِرِهَا، قَالَ: فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ} قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَدْ فَعَلْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذْ كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَكَانَ الرَّجُلُ يُفْتَنُ فِي دِينِهِ، إِمَّا يَقْتُلُوهُ وَإِمَّا يُوثِقُوهُ، حَتَّى كَثُرَ الإِسْلاَمُ، فَلَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُ لاَ يُوَافِقُهُ فِيمَا يُرِيدُ، قَالَ: فَمَا قَوْلُكَ فِي عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ؟ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا قَوْلِي فِي عَلِيٍّ، وَعُثْمَانَ؟ أَمَّا عُثْمَانُ: فَكَانَ اللهُ قَدْ عَفَا عَنْهُ، فَكَرِهْتُمْ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَأَمَّا عَلِيٌّ: فَابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَخَتَنُهُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ، وَهَذِهِ ابْنَتُهُ، أَوْ: بِنْتُهُ حَيْثُ تَرَوْنَ.(6/78)
4651- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا بَيَانٌ، أَنَّ وَبَرَةَ حَدَّثَهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا، أَوْ: إِلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ، فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ تَرَى فِي قِتَالِ الفِتْنَةِ؟ فَقَالَ: وَهَلْ تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ؟ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُقَاتِلُ المُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ كَقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْكِ.(6/79)
7- بَابُ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَفْقَهُونَ}.
4652- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ} فَكُتِبَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَقَالَ سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ: أَنْ لاَ يَفِرَّ عِشْرُونَ مِنْ مِئَتَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَتْ: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ} الآيَةَ، فَكَتَبَ أَنْ لاَ يَفِرَّ مِئَةٌ مِنْ مِئَتَيْنِ
.
وَزَادَ سُفْيَانُ مَرَّةً، نَزَلَتْ: {حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ}.
قَالَ سُفْيَانُ: وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: وَأُرَى الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ المُنْكَرِ مِثْلَ هَذَا.(6/79)
8- بَابُ {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} الآيَةَ.
إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
4653- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ السُّلَمِيُّ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، أَخبَرَنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّبَيْرُ بْنُ الْخِرِّيتِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى المُسْلِمِينَ، حِينَ فُرِضَ عَلَيْهِمْ أَنْ لاَ يَفِرَّ وَاحِدٌ مِنْ عَشَرَةٍ، فَجَاءَ التَّخْفِيفُ، فَقَالَ: {الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ} قَالَ: فَلَمَّا خَفَّفَ اللهُ عَنْهُمْ مِنَ العِدَّةِ نَقَصَ مِنَ الصَّبْرِ بِقَدْرِ مَا خُفِّفَ عَنْهُمْ.(6/79)
9- سُورَةُ بَرَاءَةَ.
{مَرْصَدٍ}: طَرِيقٍ.
{إِلاًّ} الإِلُّ: الْقَرَابَةُ وَالذِّمَّةُ وَالْعَهْدُ.
{وَلِيجَةً}: كُلُّ شَيْءٍ أَدْخَلْتَهُ فِي شَيْءٍ.
{الشُّقَّةُ}: السَّفَرُ.
{الخَبَالُ}: الفَسَادُ.
وَالخَبَالُ: المَوْتُ.
{وَلاَ تَفْتِنِّي}: لاَ تُوَبِّخْنِي.
{كَرْهًا} وَ {كُرْهًا}: وَاحِدٌ.
{مُدَّخَلاً}: يُدْخَلُونَ فِيهِ.
{يَجْمَحُونَ}: يُسْرِعُونَ.
{وَالمُؤْتَفِكَاتِ}: ائْتَفَكَتْ: انْقَلَبَتْ بِهَا الأَرْضُ.
{أَهْوَى}: أَلْقَاهُ فِي هُوَّةٍ.
{عَدْنٍ}: خُلْدٍ، عَدَنْتُ بِأَرْضٍ: أَيْ أَقَمْتُ، وَمِنْهُ: مَعْدِنٌ، وَيُقَالُ: فِي مَعْدِنِ صِدْقٍ، فِي مَنْبَتِ صِدْقٍ.
{الخَوَالِفُ}: الخَالِفُ الَّذِي خَلَفَنِي، فَقَعَدَ بَعْدِي، وَمِنْهُ يَخْلُفُهُ فِي الغَابِرِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّسَاءُ مِنَ الخَالِفَةِ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ الذُّكُورِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوجَدْ عَلَى تَقْدِيرِ جَمْعِهِ إِلاَّ حَرْفَانِ فَارِسٌ، وَفَوَارِسُ، وَهَالِكٌ، وَهَوَالِكُ.
{الخَيْرَاتُ}: وَاحِدُهَا خَيْرَةٌ وَهِيَ الفَوَاضِلُ.
{مُرْجَوْنَ): مُؤَخَّرُونَ.
الشَّفَا: الشَّفِيرُ، وَهُوَ حَدُّهُ.
وَالجُرُفُ: مَا تَجَرَّفَ مِنَ السُّيُولِ وَالأَوْدِيَةِ.
{هَارٍ}: هَائِرٍ.
{لأَوَّاهٌ}: شَفَقًا، وَفَرَقًا، وَقَالَ:
إِذَا مَا قُمْتُ أَرْحَلُهَا بِلَيْلٍ... تَأَوَّهُ آهَةَ الرَّجُلِ الحَزِينِ.(6/80)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ}.
{أَذَانٌ}: إِعْلاَمٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُذُنٌ}: يُصَدِّقُ.
{تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}: وَنَحْوُهَا كَثِيرٌ، وَالزَّكَاةُ: الطَّاعَةُ وَالإِخْلاَصُ.
{لاَ يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}: لاَ يَشْهَدُونَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ.
يُضَاهُونَ: يُشَبِّهُونَ.
4654- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: آخِرُ آيَةٍ نَزَلَتْ: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الكَلاَلَةِ} وَآخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ: بَرَاءَةٌ.(6/80)
2- بَابُ: {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الكَافِرِينَ}.
{فَسِيحُوا}: سِيرُوا.
4655- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَأَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى: أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ يَوْمَ النَّحْرِ فِي أَهْلِ مِنًى بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.(6/81)
3- بَابُ: {وَأَذَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
آذَنَهُمْ: أَعْلَمَهُمْ.
4656- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي تِلْكَ الحَجَّةِ فِي المُؤَذِّنِينَ، بَعَثَهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى: أَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، قَالَ حُمَيْدٌ: ثُمَّ أَرْدَفَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لاَ يَحُجَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.(6/81)
4- بَابُ: {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ المُشْرِكِينَ}.
4657- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بَعَثَهُ فِي الحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، فِي رَهْطٍ يُؤَذِّنُ فِي النَّاسِ: أَنْ لاَ يَحُجَّنَّ بَعْدَ العَامِ مُشْرِكٌ، وَلاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ، فَكَانَ حُمَيْدٌ يَقُولُ: يَوْمُ النَّحْرِ: يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ، مِنْ أَجْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.(6/81)
5- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ}.
4658- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثنا زَيْدُ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ هَذِهِ الآيَةِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ، وَلاَ مِنَ المُنَافِقِينَ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ، فَقَالَ أَعْرَابِيٌّ: إِنَّكُمْ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، تُخْبِرُونَا فَلاَ نَدْرِي، فَمَا بَالُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يَُبَْقُرُونَ بُيُوتَنَا، وَيَسْرِقُونَ أَعْلاَقَنَا؟ قَالَ: أُولَئِكَ الفُسَّاقُ، أَجَلْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلاَّ أَرْبَعَةٌ، أَحَدُهُمْ شَيْخٌ كَبِيرٌ، لَوْ شَرِبَ المَاءَ البَارِدَ لَمَا وَجَدَ بَرْدَهُ.(6/82)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
4659- حَدَّثنا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: يَكُونُ كَنْزُ أَحَدِكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ.(6/82)
4660- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: مَرَرْتُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ، فَقُلْتُ: مَا أَنْزَلَكَ بِهَذِهِ الأَرْضِ؟ قَالَ: كُنَّا بِالشَّامِ، فَقَرَأْتُ: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا هَذِهِ فِينَا، مَا هَذِهِ إِلاَّ فِي أَهْلِ الكِتَابِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّهَا لَفِينَا وَفِيهِمْ.(6/82)
7- بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ}.
4661- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ: حَدَّثنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ: هَذَا قَبْلَ أَنْ تُنْزَلَ الزَّكَاةُ، فَلَمَّا أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا اللهُ طُهْرًا لِلأَمْوَالِ.(6/82)
8- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ}.
{القَيِّمُ}: هُوَ القَائِمُ.
4662- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاَثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ، وَذُو الحِجَّةِ، وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ، الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى، وَشَعْبَانَ.(6/83)
9- بَابُ قَوْلِهِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا}: أَيْ نَاصِرُنَا.
{السَّكِينَةُ}: فَعِيلَةٌ مِنْ السُّكُونِ.
4663- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا حَبَّانُ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، حَدَّثنا ثَابِتٌ، حَدَّثنا أَنَسٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي الغَارِ، فَرَأَيْتُ آثَارَ المُشْرِكِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا، قَالَ: مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا.(6/83)
4664- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ قَالَ حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ: قُلْتُ: أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ، وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ.
فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِسْنَادُهُ؟ فَقَالَ: حَدَّثنا، فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ، وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ.(6/83)
4665- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثنا حَجَّاجٌ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَتُحِلُّ مَا حَرَّمَ اللهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللهِ، إِنَّ اللهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ، وَإِنِّي وَاللهِ لاَ أُحِلُّهُ أَبَدًا، قَالَ: قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ، أَمَّا أَبُوهُ: فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُرِيدُ الزُّبَيْرَ، وَأَمَّا جَدُّهُ: فَصَاحِبُ الغَارِ، يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ، وَأَمَّا أُمُّهُ: فَذَاتُ النِّطَاقِ، يُرِيدُ أَسْمَاءَ، وَأَمَّا خَالَتُهُ: فَأُمُّ المُؤْمِنِينَ، يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَأَمَّا عَمَّتُهُ: فَزَوْجُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُرِيدُ خَدِيجَةَ، وَأَمَّا عَمَّةُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَجَدَّتُهُ، يُرِيدُ صَفِيَّةَ، ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الإِسْلاَمِ، قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ، وَاللهِ إِنْ وَصَلُونِي وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ، وَإِنْ رَبُّونِي رَبُّونِي أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، فَآثَرَ عَلَى التُّوَيْتَاتِ، وَالأُسَامَاتِ، وَالْحُمَيْدَاتِ، يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ، بَنِي تُوَيْتٍ، وَبَنِي أُسَامَةَ، وَبَنِي أَسَدٍ، إِنَّ ابْنَ أَبِي العَاصِ بَرَزَ يَمْشِي القُدَمِيَّةَ، يَعْنِي عَبْدَ المَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ، وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ، يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ.(6/83)
4666- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: أَلاَ تَعْجَبُونَ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ، قَامَ فِي أَمْرِهِ هَذَا، فَقُلْتُ: لأُحَاسِبَنَّ نَفْسِي لَهُ مَا حَاسَبْتُهَا لأَبِي بَكْرٍ، وَلاَ لِعُمَرَ، وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ، وَقُلْتُ: ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ، وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ، فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي، وَلاَ يُرِيدُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِي، فَيَدَعُهُ وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا، وَإِنْ كَانَ لاَ بُدَّ لأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي غَيْرُهُمْ.(6/84)
10- بَابُ قَوْلِهِ: {وَالمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: يَتَأَلَّفُهُمْ بِالعَطِيَّةِ.
4667- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بُعِثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِشَيْءٍ، فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَرْبَعَةٍ، وَقَالَ: أَتَأَلَّفُهُمْ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: مَا عَدَلْتَ، فَقَالَ: يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ.(6/84)
11- بَابُ قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ}.
{يَلْمِزُونَ}: يَعِيبُونَ، وَ {جُهْدَهُمْ}: وَجَهْدَهُمْ: طَاقَتَهُمْ.
4668- حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا أُمِرْنَا بِالصَّدَقَةِ كُنَّا نَتَحَامَلُ، فَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِنِصْفِ صَاعٍ، وَجَاءَ إِنْسَانٌ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، فَقَالَ المُنَافِقُونَ: إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنْ صَدَقَةِ هَذَا، وَمَا فَعَلَ هَذَا الآخَرُ إِلاَّ رِئَاءً، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ} الآيَةَ.(6/84)
4669- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ لأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ زَائِدَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَأْمُرُ بِالصَّدَقَةِ، فَيَحْتَالُ أَحَدُنَا حَتَّى يَجِيءَ بِالْمُدِّ، وَإِنَّ لأَحَدِهِمُ اليَوْمَ مِئَةَ أَلْفٍ، كَأَنَّهُ يُعَرِّضُ بِنَفْسِهِ.(6/85)
12- بَابُ قَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ}.
4670- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ ابْنُ أُبَيٍ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ، فَأَعْطَاهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ عُمَرُ، فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّي عَلَيْهِ، وَقَدْ نَهَاكَ رَبُّكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ، فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} وَسَأَزِيدُهُ عَلَى السَّبْعِينَ، قَالَ: إِنَّهُ مُنَافِقٌ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}.(6/85)
4671- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، وقَالَ غَيْرُهُ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ، دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَثَبْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ، وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَقَالَ: أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ، فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ، قَالَ: إِنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ يُغْفَرْ لَهُ، لَزِدْتُ عَلَيْهَا، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَلَمْ يَمْكُثْ إِلاَّ يَسِيرًا، حَتَّى نَزَلَتِ الآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةَ: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} إِلَى قَوْلِهِ: {وَهُمْ فَاسِقُونَ}، قَالَ: فَعَجِبْتُ بَعْدُ مِنْ جُرْأَتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.(6/85)
13- بَابُ: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}.
4672- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَأَمَرَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِيهِ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ، فَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ بِثَوْبِهِ، فَقَالَ: تُصَلِّي عَلَيْهِ وَهُوَ مُنَافِقٌ، وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُمْ؟ قَالَ: إِنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ، أَوْ أَخْبَرَنِي اللهُ، فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} فَقَالَ: سَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ، قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}.(6/86)
14- بَابُ قَوْلِهِ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}.
4673- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍِ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ تَبُوكَ: وَاللهِ مَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيَّ مِنْ نِعْمَةٍ بَعْدَ إِذْ هَدَانِي، أَعْظَمَ مِنْ صِدْقِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنْ لاَ أَكُونَ كَذَبْتُهُ فَأَهْلِكَ كَمَا هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا حِينَ أُنْزِلَ الوَحْيُ: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} إِلَى: {الفَاسِقِينَ}.(6/86)
بَابُ قَوْلِهِ: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ}
إِلَى قَوْلِهِ: {الْفَاسِقِينَ}.
15- بَابُ قَوْلِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
4674- حَدَّثنا مُؤَمَّلٌ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا عَوْفٌ، حَدَّثنا أَبُو رَجَاءٍ، حَدَّثنا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَنَا: أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ، فَابْتَعَثَانِي، فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ، وَلَبِنِ فِضَّةٍ، فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ، قَالاَ لَهُمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ، فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا، قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ، فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، قَالاَ لِي: هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ، وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ، قَالاَ: أَمَّا القَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ، وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ، فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، تَجَاوَزَ اللهُ عَنْهُمْ.(6/86)
16- بَابُ قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}.
4675- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيْ عَمِّ، قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ}.(6/87)
17- بَابُ قَوْلِهِ: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ العُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ تَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.
4676- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ (ح) قَالَ أَحْمَدُ: وَحَدَّثنا عَنْبَسَةُ، حَدَّثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ.(6/87)
18- بَابُ: {وَعَلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لاَ مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}.
4677- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي شُعَيْبٍ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ، أَنَّ الزُّهْرِيَّ حَدَّثَهُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، وَهُوَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ، أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا قَطُّ، غَيْرَ غَزْوَتَيْنِ: غَزْوَةِ العُسْرَةِ، وَغَزْوَةِ بَدْرٍ، قَالَ: فَأَجْمَعْتُ صِدْقَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ضُحًى، وَكَانَ قَلَّمَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ سَافَرَهُ إِلاَّ ضُحًى، وَكَانَ يَبْدَأُ بِالْمَسْجِدِ، فَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ، وَنَهَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ كَلاَمِي، وَكَلاَمِ صَاحِبَيَّ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ كَلاَمِ أَحَدٍ مِنَ المُتَخَلِّفِينَ غَيْرِنَا، فَاجْتَنَبَ النَّاسُ كَلاَمَنَا، فَلَبِثْتُ كَذَلِكَ، حَتَّى طَالَ عَلَيَّ الأَمْرُ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فَلاَ يُصَلِّي عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَوْ يَمُوتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَكُونَ مِنَ النَّاسِ بِتِلْكَ المَنْزِلَةِ، فَلاَ يُكَلِّمُنِي أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلاَ يُصَلِّي عَلَيَّ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَوْبَتَنَا عَلَى نَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حِينَ بَقِيَ الثُّلُثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَةً فِي شَأْنِي، مَعْنِيَّةً فِي أَمْرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، تِيبَ عَلَى كَعْبٍ، قَالَتْ: أَفَلاَ أُرْسِلُ إِلَيْهِ فَأُبَشِّرَهُ؟ قَالَ: إِذًا يَحْطِمَكُمُ النَّاسُ فَيَمْنَعُونَكُمُ النَّوْمَ سَائِرَ اللَّيْلَةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ صَلاَةَ الفَجْرِ، آذَنَ بِتَوْبَةِ اللهِ عَلَيْنَا، وَكَانَ إِذَا اسْتَبْشَرَ اسْتَنَارَ وَجْهُهُ، حَتَّى كَأَنَّهُ قِطْعَةٌ مِنَ القَمَرِ، وَكُنَّا أَيُّهَا الثَّلاَثَةُ الَّذِينَ خُلِّفُوا عَنِ الأَمْرِ الَّذِي قُبِلَ مِنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ اعْتَذَرُوا، حِينَ أَنْزَلَ اللهُ لَنَا التَّوْبَةَ، فَلَمَّا ذُكِرَ الَّذِينَ كَذَبُوا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنَ المُتَخَلِّفِينَ فَاعْتَذَرُوا بِالْبَاطِلِ، ذُكِرُوا بِشَرِّ مَا ذُكِرَ بِهِ أَحَدٌ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: {يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لاَ تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ} الآيَةَ.(6/88)
19- بَابُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.
4678- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ قِصَّةِ تَبُوكَ، فَوَاللهِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَبْلاَهُ اللهُ فِي صِدْقِ الحَدِيثِ أَحْسَنَ مِمَّا أَبْلاَنِي، مَا تَعَمَّدْتُ مُنْذُ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى يَوْمِي هَذَا كَذِبًا، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.(6/89)
20- بَابُ قَوْلِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}: مِنَ الرَّأْفَةِ.
4679- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِمَّنْ يَكْتُبُ الوَحْيَ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ وَعِنْدَهُ عُمَرُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي، فَقَالَ: إِنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِالنَّاسِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ فِي المَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ إِلاَّ أَنْ تَجْمَعُوهُ، وَإِنِّي لأَرَى أَنْ تَجْمَعَ القُرْآنَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي فِيهِ، حَتَّى شَرَحَ اللهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ الَّذِي رَأَى عُمَرُ، قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: وَعُمَرُ عِنْدَهُ جَالِسٌ لاَ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، وَلاَ نَتَّهِمُكَ، وَكُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ،(6/89)
قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ أَزَلْ أُرَاجِعُهُ، حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ اللهُ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَقُمْتُ، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ، وَالأَكْتَافِ، وَالعُسُبِ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} إِلَى آخِرِهَا، وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جُمِعَ فِيهَا القُرْآنُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ.
تَابَعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، وَاللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ.
وَقَالَ مُوسَى: عَنْ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ: مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ.
وَتَابَعَهُ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَقَالَ أَبُو ثَابِتٍ: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، وَقَالَ: مَعَ خُزَيْمَةَ، أَوْ أَبِي خُزَيْمَةَ.(6/90)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
10- سُورَةِ يُونُسَ.
1- وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَاخْتَلَطَ}: فَنَبَتَ بِالْمَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ.
{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الغَنِيُّ}.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: {أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ}: مُحَمَّدٌ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: خَيْرٌ، يُقَالُ: {تِلْكَ آيَاتُ}: يَعْنِي هَذِهِ أَعْلاَمُ القُرْآنِ وَمِثْلُهُ.
{حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ}: المَعْنَى بِكُمْ.
{دَعْوَاهُمْ}: دُعَاؤُهُمْ.
{أُحِيطَ بِهِمْ}: دَنَوْا مِنَ الهَلَكَةِ.
{أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}: فَاتَّبَعَهُمْ وَأَتْبَعَهُمْ وَاحِدٌ.
{عَدْوًا}: مِنَ العُدْوَانِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالخَيْرِ}: قَوْلُ الإِنْسَانِ لِوَلَدِهِ وَمَالِهِ إِذَا غَضِبَ: اللهُمَّ لاَ تُبَارِكْ فِيهِ وَالعَنْهُ.
{لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ}: لأُهْلِكُ مَنْ دُعِيَ عَلَيْهِ وَلأَمَاتَهُ.
{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الحُسْنَى}: مِثْلُهَا حُسْنَى.
{وَزِيَادَةٌ}: مَغْفِرَةٌ وَرِضْوَانٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ: النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهِ.
{الكِبْرِيَاءُ}: المُلْكُ.(6/90)
2- بَابُ: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ البَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ}.
{نُنَجِّيكَ}: نُلْقِيكَ عَلَى نَجْوَةٍ مِنَ الأَرْضِ، وَهُوَ النَّشَزُ: المَكَانُ المُرْتَفِعُ.
4680- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَدِينَةَ، وَاليَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأَصْحَابِهِ: أَنْتُمْ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوا.(6/91)
11- سُورَةُ هُودٍ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ أَبُو مَيْسَرَةَ: الأَوَّاهُ: الرَّحِيمُ بِالحَبَشِيَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (بَادِئَ الرَّأْيِ): مَا ظَهَرَ لَنَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الجُودِيُّ}: جَبَلٌ بِالْجَزِيرَةِ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {إِنَّكَ لأَنْتَ الحَلِيمُ}: يَسْتَهْزِئُونَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَقْلِعِي}: أَمْسِكِي.
{عَصِيبٌ}: شَدِيدٌ.
{لاَ جَرَمَ}: بَلَى.
{وَفَارَ التَّنُّورُ}: نَبَعَ المَاءُ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ: وَجْهُ الأَرْضِ.(6/91)
1- بَابُ: {أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَحَاقَ}: نَزَلَ {يَحِيقُ}: يَنْزِلُ {يَؤُوسٌ}: فَعُولٌ مِنْ يَئِسْتُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَبْتَئِسْ}: تَحْزَنْ {يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}: شَكٌّ وَامْتِرَاءٌ فِي الحَقِّ. {لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ}: مِنَ اللهِ إِنِ اسْتَطَاعُوا.(6/91)
4681- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَبَّاحٍ، حَدَّثنا حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ (1)، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أُنَاسٌ كَانُوا يَسْتَحْيُونَ أَنْ يَتَخَلَّوْا، فَيُفْضُوا إِلَى السَّمَاءِ، وَأَنْ يُجَامِعُوا نِسَاءَهُمْ فَيُفْضُونَ إِلَى السَّمَاءِ، فَنَزَلَ ذَلِكَ فِيهِمْ.
_حاشية__________
(1) قال الطَّبَرِي: روي عن ابن عَبَّاس، أنه كان يقرأ ذلك: {أََلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} على مِثال: تَحْلَو لي الثمرة، تَفْعَوْعِل. "تفسيره" 15/236.
وقال ابن حَجَر: قوله: أنه سَمِعَ ابن عَبَّاس يقرأ: {أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ} يَعْنِي بفتح أوله بتحتانية: {يَثْنَوْنِيِ}، وفي رواية بفوقانية: {تَثْنَوْنِي}، وسكون المثلثة، وفتح النون، وسكون الواو، وكسر النون، بعدها ياء، على وزن: تَفْعَوْعِل، وهو بناء مبالغة، كاعْشَوْشِب. "فتح الباري" 8/350.(6/91)
4682- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَرَأَ: أَلاَ إِنَّهُمْ تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ، قُلْتُ: يَا أَبَا العَبَّاسِ، مَا تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ؟ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ فَيَسْتَحِي، أَوْ يَتَخَلَّى فَيَسْتَحِي، فَنَزَلَتْ: {أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ}.(6/91)
4683- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرٌو، قَالَ: قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلاَ حِينَ يَسْتَغْشَونَ ثِيَابَهُمْ}.
وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {يَسْتَغْشَونَ}: يُغَطُّونَ رُؤُوسَهُمْ {سِيءَ بِهِمْ}: سَاءَ ظَنُّهُ بِقَوْمِهِ {وَضَاقَ بِهِمْ}: بِأَضْيَافِهِ {بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}: بِسَوَادٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَيْهِ أُنِيبُ}: أَرْجِعُ.(6/92)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ}.
4684- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَنْفِقْ أُنْفِقْ عَلَيْكَ، وَقَالَ: يَدُ اللهِ مَلأَى، لاَ تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ، وَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ، وَبِيَدِهِ المِيزَانُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ.
{اعْتَرَاكَ}: افْتَعَلْتَ مِنْ عَرَوْتُهُ، أَيْ أَصَبْتُهُ، وَمِنْهُ يَعْرُوهُ وَاعْتَرَانِي.
{آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}: أَيْ فِي مِلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ.
{عَنِيدٌ}: وَعَنُودٌ وَعَانِدٌ وَاحِدٌ، هُوَ تَأْكِيدُ التَّجَبُّرِ.
{وَيَقُولُ الأَشْهَادُ}: وَاحِدُهُ شَاهِدٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ.
{اسْتَعْمَرَكُمْ}: جَعَلَكُمْ عُمَّارًا، أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ فَهِيَ عُمْرَى جَعَلْتُهَا لَهُ.
{نَكِرَهُمْ}: وَأَنْكَرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ.
{حَمِيدٌ مَجِيدٌ}: كَأَنَّهُ فَعِيلٌ مِنْ مَاجِدٍ، مَحْمُودٌ مِنْ حَمِدَ.
{سِجِّيلٌ}: الشَّدِيدُ الكَبِيرُ، سِجِّيلٌ وَسِجِّينٌ وَاحِدٌ، وَاللاَّمُ وَالنُّونُ أُخْتَانِ، وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ مُقْبِلٍ:
وَرَجْلَةٍ يَضْرِبُونَ البَيْضَ ضَاحِيَةً... ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّينَا.(6/92)
3- {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا}.
إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ، لأَنَّ مَدْيَنَ بَلَدٌ، وَمِثْلُهُ: {وَاسْأَلِ القَرْيَةَ}: وَاسْأَلِ العِيرَ، يَعْنِي أَهْلَ القَرْيَةِ وَالعِيرِ.
{وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا}: يَقُولُ لَمْ تَلْتَفِتُوا إِلَيْهِ.
وَيُقَالُ: إِذَا لَمْ يَقْضِ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ، ظَهَرْتَ بِحَاجَتِي، وَجَعَلْتَنِي ظِهْرِيًّا، وَالظِّهْرِيُّ هَاهُنَا: أَنْ تَأْخُذَ مَعَكَ دَابَّةً أَوْ وِعَاءً تَسْتَظْهِرُ بِهِ.(6/92)
{أَرَاذِلُنَا}: سُقَاطُنَا.
{إِجْرَامِي} هُوَ مَصْدَرٌ مِنْ أَجْرَمْتُ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: جَرَمْتُ.
{الفُلْكَ}: وَالفَلَكُ وَاحِدٌ، وَهْيَ السَّفِينَةُ وَالسُّفُنُ.
{مُجْرَاهَا} مَدْفَعُهَا، وَهُوَ مَصْدَرُ أَجْرَيْتُ، وَأَرْسَيْتُ: حَبَسْتُ، وَيُقْرَأُ:
{مَجْرَاهَا}: مِنْ جَرَتْ هِيَ، {مَرْسَاهَا}: مِنْ رَسَتْ.
وَ{مُجْرِيهَا وَمُرْسِيهَا}: مِنْ فُعِلَ بِهَا، الرَاسِيَاتُ: ثَابِتَاتٌ.(6/93)
4- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}.
{وَيَقُولُ الأَشْهَادُ}: وَاحِدُهُ شَاهِدٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَأَصْحَابٍ.
4685- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ، وَهِشَامٌ، قَالاَ: حَدَّثنا قَتَادَةُ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، قَالَ: بَيْنَا ابْنُ عُمَرَ يَطُوفُ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَوْ قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: يُدْنَى المُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ، وَقَالَ هِشَامٌ: يَدْنُو المُؤْمِنُ، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَهُ فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ، تَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ يَقُولُ: أَعْرِفُ، يَقُولُ: رَبِّ أَعْرِفُ مَرَّتَيْنِ، فَيَقُولُ: سَتَرْتُهَا فِي الدُّنْيَا، وَأَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، ثُمَّ تُطْوَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ، وَأَمَّا الآخَرُونَ، أَوِ الكُفَّارُ، فَيُنَادَى عَلَى رُؤُوسِ الأَشْهَادِ: {هَؤُلاَءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ}.
وَقَالَ شَيْبَانُ: عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثنا صَفْوَانُ.(6/93)
5- بَابُ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.
{الرِّفْدُ المَرْفُودُ}: العَوْنُ المُعِينُ، رَفَدْتُهُ: أَعَنْتُهُ.
{تَرْكَنُوا}: تَمِيلُوا.
{فَلَوْلاَ كَانَ}: فَهَلاَّ كَانَ.
{أُتْرِفُوا} أُهْلِكُوا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: زَفِيرٌ، وَشَهِيقٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ.
4686- حَدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثنا بُرَيْدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ اللهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.(6/93)
6- بَابُ: {: وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} وَزُلَفًا: سَاعَاتٍ بَعْدَ سَاعَاتٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَتِ المُزْدَلِفَةُ، الزُّلَفُ مَنْزِلَةٌ بَعْدَ مَنْزِلَةٍ.
وَأَمَّا {زُلْفَى}: فَمَصْدَرٌ مِنَ القُرْبَى، ازْدَلَفُوا: اجْتَمَعُوا.
{أَزْلَفْنَا}: جَمَعْنَا.
4687- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنَ امْرَأَةٍ قُبْلَةً، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} قَالَ الرَّجُلُ: أَلِيَ هَذِهِ؟ قَالَ: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِي.(6/94)
12- سُورَةُ يُوسُفَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ فُضَيْلٌ: عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {مُتَّكَأً}: الأُتْرُجُّ. بِالحَبَشِيَّةِ: مُتْكًا.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: مُتْكًا، قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ قُطِعَ بِالسِّكِّينِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {لَذُو عِلْمٍ}: عَامِلٌ بِمَا عَلِمَ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: {صُوَاعَ}: مَكُّوكُ الفَارِسِيِّ الَّذِي يَلْتَقِي طَرَفَاهُ، كَانَتْ تَشْرَبُ بِهِ الأَعَاجِمُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُفَنِّدُونِ}: تُجَهِّلُونِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {غَيَابَةُ الْجُبِّ}: كُلُّ شَيْءٍ غَيَّبَ عَنْكَ شَيْئًا فَهُوَ غَيَابَةٌ، وَالجُبُّ الرَّكِيَّةُ الَّتِي لَمْ تُطْوَ.
{بِمُؤْمِنٍ لَنَا}: بِمُصَدِّقٍ.
{أَشُدَّهُ}: قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ فِي النُّقْصَانِ، يُقَالُ: بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغُوا أَشُدَّهُمْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا شَدٌّ، وَالمُتَّكَأُ: مَا اتَّكَأْتَ عَلَيْهِ لِشَرَابٍ أَوْ لِحَدِيثٍ أَوْ لِطَعَامٍ، وَأَبْطَلَ الَّذِي قَالَ: الأُتْرُجُّ، وَلَيْسَ فِي كَلاَمِ العَرَبِ الأُتْرُجُّ، فَلَمَّا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُ المُتَّكَأُ مِنْ نَمَارِقَ، فَرُّوا إِلَى شَرٍّ مِنْهُ، فَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ المُتْكُ، سَاكِنَةَ التَّاءِ، وَإِنَّمَا المُتْكُ طَرَفُ البَظْرِ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ لَهَا: مَتْكَاءُ، وَابْنُ المَتْكَاءِ، فَإِنْ كَانَ ثَمَّ أُتْرُجٌّ، فَإِنَّهُ بَعْدَ المُتَّكَأَ.(6/94)
{شَغَفَهَا}: يُقَالُ: بَلَغَ إِلَى شِغَافِهَا، وَهُوَ غِلاَفُ قَلْبِهَا، وَأَمَّا شَعَفَهَا فَمِنَ المَشْعُوفِ.
{أَصْبُ إِلَيْهِنَّ}: أَمِيلُ إِلَيْهِنَّ حُبًا.
{أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ}: مَا لاَ تَأْوِيلَ لَهُ، وَالضِّغْثُ: مِلْءُ اليَدِ مِنْ حَشِيشٍ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَمِنْهُ:{وخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا} لاَ مِنْ قَوْلِهِ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ، وَاحِدُهَا ضِغْثٌ.
{نَمِيرُ}: مِنَ المِيرَةِ.
{وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ}: مَا يَحْمِلُ بَعِيرٌ.
أَوَى إِلَيْهِ: ضَمَّ إِلَيْهِ: {السِّقَايَةُ}: مِكْيَالٌ.
{تَفْتَأُ}: لاَ تَزَالُ.
{اسْتَيْأَسُوا}: يَئِسُوا: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ}: مَعْنَاهُ الرَّجَاءُ.
{خَلَصُوا نَجِيًّا}: اعْتَزَلُوا نَجِيًّا، وَالْجَمْعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ، الْوَاحِدُ نَجِيٌّ وَالاثْنَانِ وَالْجَمْعُ نَجِيٌّ وَأَنْجِيَةٌ.
{حَرَضًا}: مُحْرَضًا، يُذِيبُكَ الهَمُّ.
{تَحَسَّسُوا}: تَخَبَّرُوا.
{مُزْجَاةٌٍ}: قَلِيلَةٌٍ.
{غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللهِ}: عَامَّةٌ مُجَلِّلَةٌ.(6/95)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ}.
4688- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الكَرِيمُ ابْنُ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ ابْنِ الكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ.(6/95)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ}.
4689- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخبَرَنا عَبْدَةُ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ قَالَ: أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاهُمْ، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: فَأَكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللهِ، ابْنُ نَبِيِّ اللهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللهِ، قَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ، قَالَ: فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا.
تَابَعَهُ أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ.(6/95)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}.
{سَوَّلَتْ}: زَيَّنَتْ.
4690- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ح) قَالَ: وَحَدَّثنا الحَجَّاجُ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثنا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ الأَيْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ، كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، قُلْتُ: إِنِّي وَاللهِ لاَ أَجِدُ مَثَلاً، إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} وَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ} العَشْرَ الآيَاتِ.(6/95)
4691- حَدَّثنا مُوسَى، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَسْرُوقُ بْنُ الأَجْدَعِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ رُومَانَ، وَهْيَ أُمُّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: بَيْنَا أَنَا وَعَائِشَةُ أَخَذَتْهَا الحُمَّى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَعَلَّ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَقَعَدَتْ عَائِشَةُ، قَالَتْ: مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَيَعْقُوبَ وَبَنِيهِ: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.(6/96)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ}.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هَيْتَ لَكَ بِالحَوْرَانِيَّةِ: هَلُمَّ.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: تَعَالَهْ.
4692- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: {هَيْتَ لَكَ} قَالَ: وَإِنَّمَا يَقْرَؤُهَا كَمَا عُلِّمْنَاهَا.
{مَثْوَاهُ}: مُقَامُهُ.
{وَأَلْفَيَا}: وَجَدَا.
{أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ}: أَلْفَيْنَا.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {بَلْ عَجِبْتَُ وَيَسْخَرُونَ}.(6/96)
4693- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا أَبْطَؤُوا عَنِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالإِسْلاَمِ، قَالَ: اللهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِثْلَ الدُّخَانِ، قَالَ اللهُ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} قَالَ اللهُ: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ وَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ، وَمَضَتِ البَطْشَةُ.(6/96)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ}.
وَحَاشَ وَحَاشَى: تَنْزِيهٌ وَاسْتِثْنَاءٌ.
{حَصْحَصَ}: وَضَحَ.
4694- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ القَاسِمِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الحَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَرْحَمُ اللهُ لُوطًا، لَقَدْ كَانَ يَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ، وَلَوْ لَبِثْتُ فِي السِّجْنِ مَا لَبِثَ يُوسُفُ، لأَجَبْتُ الدَّاعِيَ، وَنَحْنُ أَحَقُّ مِنْ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَهُ: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}.(6/97)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}.
4695- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ لَهُ وَهُوَ يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} قَالَ: قُلْتُ: أَكُذِبُوا أَمْ كُذِّبُوا؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: كُذِّبُوا، قُلْتُ: فَقَدِ اسْتَيْقَنُوا أَنَّ قَوْمَهُمْ كَذَّبُوهُمْ فَمَا هُوَ بِالظَّنِّ؟ قَالَتْ: أَجَلْ لَعَمْرِي، لَقَدِ اسْتَيْقَنُوا بِذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهَا: وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا، قَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ لَمْ تَكُنِ الرُّسُلُ تَظُنُّ ذَلِكَ بِرَبِّهَا، قُلْتُ: فَمَا هَذِهِ الآيَةُ؟ قَالَتْ: هُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ الَّذِينَ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ، وَصَدَّقُوهُمْ، فَطَالَ عَلَيْهِمُ البَلاَءُ، وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُمُ النَّصْرُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِمَّنْ كَذَّبَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّ أَتْبَاعَهُمْ قَدْ كَذَّبُوهُمْ، جَاءَهُمْ نَصْرُ اللهِ عِنْدَ ذَلِكَ.
4696- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، فَقُلْتُ: لَعَلَّهَا كُذِبُوا مُخَفَّفَةً، قَالَتْ: مَعَاذَ اللهِ، نَحْوَهُ.(6/97)
13- سُورَةُ الرَّعْدِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ}: مَثَلُ المُشْرِكِ الَّذِي عَبَدَ مَعَ اللهِ إِلَهًا غَيْرَهُ، كَمَثَلِ العَطْشَانِ الَّذِي يَنْظُرُ إِلَى ظِلِّ خَيَالِهِ فِي المَاءِ مِنْ بَعِيدٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ، وَلاَ يَقْدِرُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَخَّرَ}: ذَلِك.
{مُتَجَاوِرَاتٌ}: مُتَدَانِيَاتٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {المَثُلاَتُ}: وَاحِدُهَا مَثُلَةٌ، وَهِيَ الأَشْبَاهُ وَالأَمْثَالُ.
وَقَالَ: {إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا}.
{بِمِقْدَارٍ}: بِقَدَرٍ.
{مُعَقِّبَاتٌ}: مَلاَئِكَةٌ حَفَظَةٌ، تُعَقِّبُ الأُولَى مِنْهَا الأُخْرَى، وَمِنْهُ قِيلَ: العَقِيبُ، يُقَالُ: عَقَّبْتُ فِي إِثْرِهِ.
{المِحَالُ}: العُقُوبَةُ.
{كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى المَاءِ}: لِيَقْبِضَ عَلَى المَاءِ.
{رَابِيًا}: مِنْ رَبَا يَرْبُو.
{أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ}: المَتَاعُ مَا تَمَتَّعْتَ بِهِ.
{جُفَاءً}: أَجْفَأَتِ القِدْرُ، إِذَا غَلَتْ فَعَلاَهَا الزَّبَدُ، ثُمَّ تَسْكُنُ، فَيَذْهَبُ الزَّبَدُ بِلاَ مَنْفَعَةٍ، فَكَذَلِكَ يُمَيِّزُ الحَقَّ مِنَ البَاطِلِ.
{المِهَادُ}: الفِرَاشُ.
{يَدْرَؤُونَ}: يَدْفَعُونَ، دَرَأْتُهُ: دَفَعْتُهُ.
{سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ}: أَيْ يَقُولُونَ: سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ.
{وَإِلَيْهِ مَتَابِ}: تَوْبَتِي.
{أَفَلَمْ يَيْئَسْ}: لَمْ يَتَبَيَّنْ.
{قَارِعَةٌ}: دَاهِيَةٌ.
{فَأَمْلَيْتُ}: أَطَلْتُ مِنَ المَلِيِّ وَالمِلاَوَةِ، وَمِنْهُ: {مَلِيًّا}: وَيُقَالُ لِلْوَاسِعِ الطَّوِيلِ مِنَ الأَرْضِ: مَلًى مِنَ الأَرْضِ.
{أَشَقُّ}: أَشَدُّ مِنَ المَشَقَّةِ.
{مُعَقِّبَ}: مُغَيِّرٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُتَجَاوِرَاتٌ}: طَيِّبُهَا وَخَبِيثُهَا السِّبَاخُ.
{صِنْوَانٌ}: النَّخْلَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ فِي أَصْلٍ وَاحِدٍ.
{وَغَيْرُ صِنْوَانٍ}: وَحْدَهَا.
{بِمَاءٍ وَاحِدٍ}: كَصَالِحِ بَنِي آدَمَ وَخَبِيثِهِمْ، أَبُوهُمْ وَاحِدٌ.
{السَّحَابُ الثِّقَالُ}: الَّذِي فِيهِ المَاءُ.
{كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ}: يَدْعُو المَاءَ بِلِسَانِهِ، وَيُشِيرُ إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَلاَ يَأْتِيهِ أَبَدًا.
{سَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا}: تَمْلأُ بَطْنَ وَادٍ.
{زَبَدًا رَابِيًا}: زَبَدُ السَّيْلِ.
{زَبَدٌ مِثْلُهُ}: خَبَثُ الحَدِيدِ وَالحِلْيَةِ.(6/98)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {اللهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ}.
{غِيضَ}: نُقِصَ.
4697- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ اللهُ: لاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ اللهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ اللهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللهُ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ اللهُ.(6/99)
14- سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَادٍ}: دَاعٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {صَدِيدٌ}: قَيْحٌ وَدَمٌ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ}: أَيَادِيَ اللهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ.
{يَبْغُونَهَا عِوَجًا}: يَلْتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا.
{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ}: أَعْلَمَكُمْ، آذَنَكُمْ.
{فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ}: هَذَا مَثَلٌ، كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ.
{مَقَامِي}: حَيْثُ يُقِيمُهُ اللهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
{مِنْ وَرَائِهِ}: قُدَّامِهُ جَهَنَّمُ.
{لَكُمْ تَبَعًا}: وَاحِدُهَا تَابِعٌ، مِثْلُ غَيَبٍ وَغَائِبٍ.
{بِمُصْرِخِكُمْ}: اسْتَصْرَخَنِي اسْتَغَاثَنِي: {يَسْتَصْرِخُهُ}: مِنَ الصُّرَاخِ.
{وَلاَ خِلاَلَ}: مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلاَلاً، وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلاَلٍ.
{اجْتُثَّتْ}: اسْتُؤْصِلَتْ.(6/99)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ}.
4698- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: أَخْبِرُونِي بِشَجَرَةٍ تُشْبِهُ، أَوْ: كَالرَّجُلِ المُسْلِمِ لاَ يَتَحَاتُّ وَرَقُهَا، وَلاَ وَلاَ، وَلاَ، تُؤْتِي أُكْلَهَا كُلَّ حِينٍ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، وَرَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ لاَ يَتَكَلَّمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ، فَلَمَّا لَمْ يَقُولُوا شَيْئًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَلَمَّا قُمْنَا، قُلْتُ لِعُمَرَ: يَا أَبَتَاهُ، وَاللهِ لَقَدْ كَانَ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَمْ أَرَكُمْ تَكَلَّمُونَ، فَكَرِهْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ أَوْ أَقُولَ شَيْئًا، قَالَ عُمَرُ: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا.(6/99)
2- بَابُ: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ}.
4699- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: المُسْلِمُ إِذَا سُئِلَ فِي القَبْرِ: يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}.(6/100)
3- بَابُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا}.
{أَلَمْ تَرَ}: أَلَمْ تَعْلَمْ؟ كَقَوْلِهِ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا}.
{البَوَارُ}: الهَلاَكُ، بَارَ يَبُورُ بَورًا: {قَوْمًا بُورًا} هَالِكِينَ.
4700- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللهِ كُفْرًا} قَالَ: هُمْ كُفَّارُ أَهْلِ مَكَّةَ.(6/100)
15- تَفْسِيرُ سُورَةِ الحِجْرِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ}: الحَقُّ يَرْجِعُ إِلَى اللهِ وَعَلَيْهِ طَرِيقُهُ.
{لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}: عَلَى الطَّرِيقِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَمْرُكَ}: لَعَيْشُكَ.
{قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}: أَنْكَرَهُمْ لُوطٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {كِتَابٌ مَعْلُومٌ}: أَجَلٌ.
{لَوْ مَا تَأْتِينَا}: هَلاَّ تَأْتِينَا {شِيَعٌ}: أُمَمٌ، وَالأَوْلِيَاءِ أَيْضًا شِيَعٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يُهْرَعُونَ}: مُسْرِعِينَ.
{لِلْمُتَوَسِّمِينَ}: لِلنَّاظِرِينَ.
{سُكِّرَتْ}: غُشِّيَتْ.
{بُرُوجًا}: مَنَازِلَ لِلشَّمْسِ وَالقَمَرِ.
{لَوَاقِحَ}: مَلاَقِحَ مُلْقَِحَةً.
{حَمَإٍ}: جَمَاعَةُ حَمْأَةٍ، وَهُوَ الطِّينُ المُتَغَيِّرُ، وَالمَسْنُونُ المَصْبُوبُ.
{تَوْجَلْ}: تَخَفْ.
{دَابِرَ}: آخِرَ.
{لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ}: الإِمَامُ كُلُّ مَا ائْتَمَمْتَ وَاهْتَدَيْتَ.
{الصَّيْحَةُ}: الهَلَكَةُ.(6/100)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ}.
4701- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَالسِّلْسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ.
قَالَ عَلِيٌّ: وَقَالَ غَيْرُهُ: صَفْوَانٍ يَنْفُذُهُمْ ذَلِكَ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ، قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُو السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُو السَّمْعِ هَكَذَا وَاحِدٌ فَوْقَ آخَرَ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِ يَدِهِ اليُمْنَى، نَصَبَهَا بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ المُسْتَمِعَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا إِلَى صَاحِبِهِ فَيُحْرِقَهُ، وَرُبَّمَا لَمْ يُدْرِكْهُ، حَتَّى يَرْمِيَ بِهَا إِلَى الَّذِي يَلِيهِ، إِلَى الَّذِي هُوَ أَسْفَلَ مِنْهُ، حَتَّى يُلْقُوهَا إِلَى الأَرْضِ، وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى الأَرْضِ، فَتُلْقَى عَلَى فَمِ السَّاحِرِ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ، فَيَصْدُقُ،(6/100)
فَيَقُولُونَ: أَلَمْ يُخْبِرْنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا، يَكُونُ كَذَا وَكَذَا، فَوَجَدْنَاهُ حَقًّا؟ لِلْكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ.
- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرٌو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ، وَزَادَ: وَالكَاهِنِ.
وَ (1)حَدَّثنا سُفْيَانُ، فَقَالَ: قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، حَدَّثنا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ، وَقَالَ: عَلَى فَمِ السَّاحِرِ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِنَّ إِنْسَانًا رَوَى عَنْكَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَرْفَعُهُ، أَنَّهُ قَرَأَ: {فُزِّعَ} قَالَ سُفْيَانُ: هَكَذَا قَرَأَ عَمْرٌو، فَلاَ أَدْرِي سَمِعَهُ هَكَذَا أَمْ لاَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَهِيَ قِرَاءَتُنَا.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا(6/101)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ المُرْسَلِينَ}.
4702- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ لأَصْحَابِ الحِجْرِ: لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ القَوْمِ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَهُمْ.(6/101)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي وَالقُرْآنَ العَظِيمَ}.
4703- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَنَا أُصَلِّي، فَدَعَانِي فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ، فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ؟ فَقُلْتُ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ؟ فَذَهَبَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيَخْرُجَ، فَذَكَّرْتُهُ، فَقَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}: هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ، الَّذِي أُوتِيتُهُ.(6/101)
4704- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أُمُّ القُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ.(6/102)
4- بَابُ: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ}.
{المُقْتَسِمِينَ}: الَّذِينَ حَلَفُوا، وَمِنْهُ: {لاَ أُقْسِمُ}: أَيْ أُقْسِمُ، وَتُقْرَأُ: {لأُقْسِمُ}.
{قَاسَمَهُمَا}: حَلَفَ لَهُمَا وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقَاسَمُوا}: تَحَالَفُوا.
4705- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآنَ عِضِينَ} قَالَ: هُمْ أَهْلُ الكِتَابِ جَزَّؤُوهُ أَجْزَاءً، فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ.(6/102)
4706- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى المُقْتَسِمِينَ} قَالَ: آمَنُوا بِبَعْضٍ وَكَفَرُوا بِبَعْضٍ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى.(6/102)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ اليَقِينُ}.
قَالَ سَالِمٌ: {اليَقِينُ}: المَوْتُ.(6/102)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
16- سُورَةُ النَّحْلِ.
{رُوحُ القُدُسِ}: جِبْرِيلُ:{نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}.
{فِي ضَيْقٍ}: يُقَالُ: أَمْرٌ ضَيْقٌ وَضَيِّقٌ، مِثْلُ هَيْنٍ وَهَيِّنٍ، وَلَيْنٍ وَلَيِّنٍ، وَمَيْتٍ وَمَيِّتٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فِي تَقَلُّبِهِمْ}: اخْتِلاَفِهِمْ.(6/102)
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَمِيدُ}: تَكَفَّأُ.
{مُفْرَطُونَ}: مَنْسِيُّونَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}: هَذَا مُقَدَّمٌ وَمُؤَخَّرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الاِسْتِعَاذَةَ قَبْلَ القِرَاءَةِ، وَمَعْنَاهَا الاِعْتِصَامُ بِاللهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تُسِيمُونَ}: تَرْعَوْنَ.
{شَاكِلَتِهِ}: نَاحِيَتِهِ.
{قَصْدُ السَّبِيلِ}: البَيَانُ الدِّفْءُ مَا اسْتَدْفَأْتَ بِهِ.
{تُرِيحُونَ}: بِالعَشِيِّ، وَ{تَسْرَحُونَ}: بِالْغَدَاةِ.
{بِشِقِّ}: يَعْنِي المَشَقَّةَ.
{عَلَى تَخَوُّفٍ}: تَنَقُّصٍ.
{الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً}: وَهِيَ تُؤَنَّثُ وَتُذَكَّرُ، وَكَذَلِكَ: النَّعَمَ.
{الأَنْعَامُ}: جَمَاعَةُ النَّعَمِ.
{أَكْنَانًَا}: وَاحِدُهَا كِنٌّ، مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ.
{سَرَابِيلَ}: قُمُصٌ {تَقِيكُمُ الحَرَّ}.
وَأَمَّا: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ}: فَإِنَّهَا الدُّرُوعُ.
{دَخَلاً بَيْنَكُمْ}: كُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَصِحَّ فَهُوَ دَخَلٌ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {حَفَدَةً}: مَنْ وَلَدَ الرَّجُلُ.
السَّكَرُ مَا حُرِّمَ مِنْ ثَمَرَتِهَا، وَالرِّزْقُ الحَسَنُ مَا أَحَلَّ اللهُ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ صَدَقَةَ: {أَنْكَاثًا}: هِيَ خَرْقَاءُ، كَانَتْ إِذَا أَبْرَمَتْ غَزْلَهَا نَقَضَتْهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الأُمَّةُ مُعَلِّمُ الخَيْرِ، وَالْقَانِتُ: الْمُطِيعُ.(6/103)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ}.
4707- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا هَارُونُ بْنُ مُوسَى أَبُو عَبْدِ اللهِ الأَعْوَرُ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَدْعُو: أَعُوذُ بِكَ مِنَ البُخْلِ وَالكَسَلِ، وَأَرْذَلِ العُمُرِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، وَفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَفِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ.(6/103)
17- سُورَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
4708- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ: إِنَّهُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي.
{فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ} قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَهُزُّونَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: نَغَضَتْ سِنُّكَ: أَيْ تَحَرَّكَتْ.(6/103)
2- {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}.
أَخْبَرْنَاهُمْ أَنَّهُمْ سَيُفْسِدُونَ، وَالقَضَاءُ عَلَى وُجُوهٍ.
{وَقَضَى رَبُّكَ}: أَمَرَ رَبُّكَ، وَمِنْهُ الحُكْمُ.
{إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ}، وَمِنْهُ: الخَلْقُ:{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ}
{نَفِيرًا}: مَنْ يَنْفِرُ مَعَهُ.
{وَلِيُتَبِّرُوا}: يُدَمِّرُوا مَا عَلَوْا.
{حَصِيرًا}: مَحْبِسًا: مَحْصَرًا.
حَقَّ: وَجَبَ.
{مَيْسُورًا}: لَيِّنًا.
{خِطْئًا}: إِثْمًا، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ خَطِئْتَ، وَالخَطَأُ مَفْتُوحٌ مَصْدَرُهُ مِنَ الإِثْمِ، خَطِئْتُ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ.
{تَخْرِقَ} تَقْطَعَ.
{وَإِذْ هُمْ نَجْوَى}: مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ، فَوَصَفَهُمْ بِهَا، وَالمَعْنَى: يَتَنَاجَوْنَ.(6/103)
{رُفَاتًا}: حُطَامًا.
{وَاسْتَفْزِزْ}: اسْتَخِفَّ.
{بِخَيْلِكَ}: الفُرْسَانِ، وَالرَّجْلُ وَالرِّجَالِ، وَالرَّجَّالَةُ، وَاحِدُهَا رَاجِلٌ، مِثْلُ صَاحِبٍ وَصَحْبٍ، وَتَاجِرٍ وَتَجْرٍ.
{حَاصِبًا}: الرِّيحُ العَاصِفُ، وَالحَاصِبُ أَيْضًا: مَا تَرْمِي بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ:
{حَصَبُ جَهَنَّمَ}: يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ حَصَبُهَا، وَيُقَالُ: حَصَبَ فِي الأَرْضِ ذَهَبَ، وَالحَصَبُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الحَصْبَاءِ وَالحِجَارَةِ.
{تَارَةً}: مَرَّةً، وَجَمَاعَتُهُ تِيَرَةٌ وَتَارَاتٌ.
{لأَحْتَنِكَنَّ}: لأَسْتَأْصِلَنَّهُمْ، يُقَالُ: احْتَنَكَ فُلاَنٌ مَا عِنْدَ فُلاَنٍ مِنْ عِلْمٍ اسْتَقْصَاهُ.
{طَائِرَهُ}: حَظَّهُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ سُلْطَانٍ فِي القُرْآنِ فَهُوَ حُجَّةٌ.
{وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ}: لَمْ يُحَالِفْ أَحَدًا.(6/104)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ}.
4709- حَدَّثنا عَبْدَانُ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا يُونُسُ (ح) وَحَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثنا عَنْبَسَةُ، حَدَّثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ، وَلَبَنٍ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا، فَأَخَذَ اللَّبَنَ، قَالَ جِبْرِيلُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ، لَوْ أَخَذْتَ الخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ.(6/104)
4710- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ، قُمْتُ فِي الحِجْرِ، فَجَلَّى اللهُ لِي بَيْتَ المَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ.
زَادَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، لَمَّا كَذَّبَتْنِي قُرَيْشٌ حِينَ أُسْرِيَ بِي إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، نَحْوَهُ.
{قَاصِفًا}: رِيحٌ تَقْصِفُ كُلَّ شَيْءٍ.(6/104)
4- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}: كَرَّمْنَا وَأَكْرَمْنَا وَاحِدٌ.
{ضِعْفَ الحَيَاةِ}: عَذَابَ الحَيَاةِ، وَعَذَابَ المَمَاتِ.
{خِلاَفَكَ}: وَخَلْفَكَ سَوَاءٌ.
{وَنَاءَ}: تَبَاعَدَ.
{شَاكِلَتِهِ}: نَاحِيَتِهِ، وَهِيَ مِنْ شَكْلِهِ.
{صَرَّفْنَا}: وَجَّهْنَا.
{قَبِيلاً}: مُعَايَنَةً وَمُقَابَلَةً، وَقِيلَ: القَابِلَةُ لأَنَّهَا مُقَابِلَتُهَا، وَتَقْبَلُ وَلَدَهَا.
{خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ}: أَنْفَقَ الرَّجُلُ: أَمْلَقَ، وَنَفِقَ الشَّيْءُ ذَهَبَ.
{قَتُورًا}: مُقَتِّرًا.
{لِلأَذْقَانِ}: مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ وَالوَاحِدُ ذَقَنٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَوْفُورًا}: وَافِرًا.
{تَبِيعًا}: ثَائِرًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَصِيرًا.
{خَبَتْ}: طَفِئَتْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لاَ تُبَذِّرْ}: لاَ تُنْفِقْ فِي البَاطِلِ.
{ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ}: رِزْقٍ.
{مَثْبُورًا}: مَلْعُونًا.
{لاَ تَقْفُ}: لاَ تَقُلْ.
{فَجَاسُوا}: تَيَمَّمُوا.
{يُزْجِي الفُلْكَ}: يُجْرِي الفُلْكَ.
{يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ}: لِلْوُجُوهِ.(6/105)
- بَابُ: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} الآيَةَ.
4711- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، أَخبَرَنا مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا نَقُولُ لِلْحَيِّ إِذَا كَثُرُوا فِي الجَاهِلِيَّةِ: أَمِرَ بَنُو فُلاَنٍ.
حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، وَقَالَ: أَمَرَ.(6/105)
5- بَابُ: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}.
4712- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ قَالَ: أُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِلَحْمٍ، فَرُفِعَ إِلَيْهِ الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ، فَنَهَسَ مِنْهَا نَهْسَةً، ثُمَّ قَالَ: أَنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهَلْ تَدْرُونَ مِمَّ ذَلِكَ؟ يُجْمَعُ النَّاسُ، الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، يُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لاَ يُطِيقُونَ، وَلاَ يَحْتَمِلُونَ، فَيَقُولُ النَّاسُ: أَلاَ تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلَغَكُمْ، أَلاَ تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: عَلَيْكُمْ بِآدَمَ، فَيَأْتُونَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، فَيَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِي عَنِ الشَّجَرَةِ، فَعَصَيْتُهُ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحًا، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، إِنَّكَ أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أَهْلِ الأَرْضِ، وَقَدْ سَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِي دَعْوَةٌ دَعَوْتُهَا عَلَى قَوْمِي، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ، فَيَقُولُونَ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَنْتَ نَبِيُّ اللهِ وَخَلِيلُهُ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ،(6/105)
وَإِنِّي قَدْ كُنْتُ كَذَبْتُ ثَلاَثَ كَذِبَاتٍ، فَذَكَرَهُنَّ أَبُو حَيَّانَ فِي الحَدِيثِ، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُوسَى، فَيَأْتُونَ مُوسَى، فَيَقُولُونَ: يَا مُوسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَضَّلَكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ عَلَى النَّاسِ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ نَفْسًا لَمْ أُومَرْ بِقَتْلِهَا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى عِيسَى، فَيَأْتُونَ عِيسَى، فَيَقُولُونَ: يَا عِيسَى، أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَكَلَّمْتَ النَّاسَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا، اشْفَعْ لَنَا، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَيَقُولُ عِيسَى: إِنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا، لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ، وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَنْبًا، نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذْهَبُوا إِلَى مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَيَأْتُونَ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، فَأَنْطَلِقُ، فَآتِي تَحْتَ العَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا، لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُولُ: أُمَّتِي يَا رَبِّ، أُمَّتِي يَا رَبِّ، فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ مِنَ البَابِ الأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الأَبْوَابِ، ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ المِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الجَنَّةِ، كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَحِمْيَرَ، أَوْ: كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى.(6/106)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {وَآتَيْنَا دَاوُدَ زَبُورًا}.
4713- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: خُفِّفَ عَلَى دَاوُدَ القُرْآنَ، فَكَانَ يَأْمُرُ بِدَابَّتِهِ لِتُسْرَجَ، فَكَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ، يَعْنِي: القُرْآنَ.(6/107)
7- بَابُ: {قُلْ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً}.
4714- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ: {إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ} قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الإِنْسِ يَعْبُدُونَ نَاسًا مِنَ الجِنِّ، فَأَسْلَمَ الجِنُّ، وَتَمَسَّكَ هَؤُلاَءِ بِدِينِهِمْ.
زَادَ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ}.(6/107)
8- بَابُ قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ} الآيَةَ.
4715- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فِي هَذِهِ الآيَةِ: {الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الوَسِيلَةَ} قَالَ: كَانَ نَاسٌ مِنَ الجِنِّ يُعْبَدُونَ فَأَسْلَمُوا.(6/107)
9- بَابُ: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ}.
4716- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ} قَالَ: هِيَ رُؤْيَا عَيْنٍ، أُرِيَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ.
{وَالشَّجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} قَالَ: شَجَرَةُ الزَّقُّومِ.(6/107)
10- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: صَلاَةَ الفَجْرِ.
4717- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: فَضْلُ صَلاَةِ الجَمْعِ عَلَى صَلاَةِ الوَاحِدِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَتَجْتَمِعُ مَلاَئِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ، يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَقُرْآنَ الفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.(6/108)
11- بَابُ قَوْلِهِ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}.
4718- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ: يَا فُلاَنُ، اشْفَعْ، حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللهُ المَقَامَ المَحْمُودَ.(6/108)
4719- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثنا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللهُمَّ رَبَّ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاَةِ القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ.
رَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/108)
12- بَابُ: {وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}.
يَزْهَقُ: يَهْلِكُ.
4720- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَكَّةَ، وَحَوْلَ البَيْتِ سِتُّونَ وَثَلاَثُ مِئَةِ نُصُبٍ، فَجَعَلَ يَطْعُنُهَا بِعُودٍ فِي يَدِهِ، وَيَقُولُ: {جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} {جَاءَ الحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ البَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ}.(6/108)
13- بَابُ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}.
4721- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي حَرْثٍ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى عَسِيبٍ، إِذْ مَرَّ اليَهُودُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَقَالَ: مَا رَابَكُمْ إِلَيْهِ؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ يَسْتَقْبِلُكُمْ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالُوا: سَلُوهُ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الوَحْيُ، قَالَ: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً}.(6/108)
14- بَابُ: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا}.
4722- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، حَدَّثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُخْتَفٍ بِمَكَّةَ، كَانَ إِذَا صَلَّى بِأَصْحَابِهِ رَفَعَ صَوْتَهُ بِالقُرْآنِ، فَإِذَا سَمِعَ المُشْرِكُونَ سَبُّوا القُرْآنَ، وَمَنْ أَنْزَلَهُ، وَمَنْ جَاءَ بِهِ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ} أَيْ بِقِرَاءَتِكَ، فَيَسْمَعَ المُشْرِكُونَ فَيَسُبُّوا القُرْآنَ: {وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا} عَنْ أَصْحَابِكَ فَلاَ تُسْمِعْهُمْ: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً}.
4723- حَدَّثنا طَلْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثنا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أُنْزِلَ ذَلِكَ فِي الدُّعَاءِ.(6/109)
18- سُورَةُ الكَهْفِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَقْرِضُهُمْ}: تَتْرُكُهُمْ.
{وَكَانَ لَهُ ثُمُرٌ}: ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: جَمَاعَةُ الثَّمَرِ.
{بَاخِعٌ}: مُهْلِكٌ.
{أَسَفًا}: نَدَمًا.
الكَهْفُ: الفَتْحُ فِي الجَبَلِ.
{وَالرَّقِيمُ}: الكِتَابُ.
{مَرْقُومٌ}: مَكْتُوبٌ، مِنَ الرَّقْمِ.
{رَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ}: أَلْهَمْنَاهُمْ صَبْرًا {لَوْلاَ أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا}.
{شَطَطًا}: إِفْرَاطًا.(6/109)
الوَصِيدُ: الفِنَاءُ، جَمْعُهُ: وَصَائِدُ وَوُصُدٌ، وَيُقَالُ: الوَصِيدُ البَابُ.
{مُؤْصَدَةٌ}: مُطْبَقَةٌ، آصَدَ البَابَ وَأَوْصَدَ.
{بَعَثْنَاهُمْ}: أَحْيَيْنَاهُمْ.
{أَزْكَى}: أَكْثَرُ، وَيُقَالُ: أَحَلُّ، وَيُقَالُ: أَكْثَرُ رَيْعًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُكْلَهَا} {وَلَمْ تَظْلِمْ}: لَمْ تَنْقُصْ.
وَقَالَ سَعِيدٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {الرَّقِيمُ}: اللَّوْحُ مِنْ رَصَاصٍ، كَتَبَ عَامِلُهُمْ أَسْمَاءَهُمْ، ثُمَّ طَرَحَهُ فِي خِزَانَتِهِ، فَضَرَبَ اللهُ عَلَى آذَانِهِمْ، فَنَامُوا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَأَلَتْ تَئِلُ: تَنْجُو.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَوْئِلاً}: مَحْرِزًا.
{لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا}: لاَ يَعْقِلُونَ.(6/110)
1- بَابُ: {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً}.
4724- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ، قَالَ: أَلا تُصَلِّيَانِ.
{رَجْمًا بِالْغَيْبِ}: لَمْ يَسْتَبِنْ.
{فُرُطًا}: نَدَمًا.
{سُرَادِقُهَا}: مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالفَسَاطِيطِ.
{يُحَاوِرُهُ}: مِنَ المُحَاوَرَةِ.
{لَكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي}: أَيْ لَكِنْ أَنَا، هُوَ اللهَ رَبِّي، ثُمَّ حَذَفَ الأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الأُخْرَى.
{وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَرًا}: يَقُولُ: بَيْنَهُمَا نَهَرًا.
{زَلَقًا}: لا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ.
{هُنَالِكَ الوِلايَةُ}: مَصْدَرُ وَلِيِّ الوَلِيِّ وَلاَءٌ.
{عُقْبًا}: عَاقِبَةً وَعُقْبَى وَعُقْبَةً وَاحِدٌ، وَهِيَ الآخِرَةُ: {قِبَلاً}: وَقُبُلاً وَقَبَلاً اسْتِئْنَافًا.
{لِيُدْحِضُوا}: لِيُزِيلُوا الدَّحْضُ: الزَّلَقُ.(6/110)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا} زَمَانًا وَجَمْعُهُ أَحْقَابٌ.
4725- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى صَاحِبَ الخَضِرِ، لَيْسَ هُوَ مُوسَى صَاحِبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ، فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ مُوسَى: يَا رَبِّ، فَكَيْفَ لِي بِهِ، قَالَ: تَأْخُذُ مَعَكَ حُوتًا، فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَهُوَ ثَمَّ، فَأَخَذَ حُوتًا، فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ انْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، حَتَّى إِذَا أَتَيَا الصَّخْرَةَ وَضَعَا رُؤُوسَهُمَا فَنَامَا، وَاضْطَرَبَ الحُوتُ فِي المِكْتَلِ، فَخَرَجَ مِنْهُ، فَسَقَطَ فِي البَحْرِ: {فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا} وَأَمْسَكَ اللهُ عَنِ الحُوتِ جِرْيَةَ المَاءِ، فَصَارَ عَلَيْهِ مِثْلَ الطَّاقِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ صَاحِبُهُ أَنْ يُخْبِرَهُ بِالحُوتِ، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا وَلَيْلَتَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الغَدِ، قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}(6/110)
قَالَ: وَلَمْ يَجِدْ مُوسَى النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَا المَكَانَ الَّذِي أَمَرَ اللهُ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ عَجَبًا} قَالَ: فَكَانَ لِلْحُوتِ سَرَبًا، وَلِمُوسَى وَلِفَتَاهُ عَجَبًا، فَقَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} قَالَ: رَجَعَا يَقُصَّانِ آثَارَهُمَا حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى ثَوْبًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ، قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُكَ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَالَ: {إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ عَلَّمَكَ اللهُ لاَ أَعْلَمُهُ، فَقَالَ مُوسَى: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ صَابِرًا وَلاَ أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، فَمَرَّتْ سَفِينَةٌ فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمْ، فَعَرَفُوا الخَضِرَ، فَحَمَلُوهُ بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَلَمَّا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ، لَمْ يَفْجَأْ إِلاَّ وَالخَضِرُ قَدْ قَلَعَ لَوْحًا مِنْ أَلْوَاحِ السَّفِينَةِ بِالقَدُومِ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا}،(6/111)
قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَكَانَتِ الأُولَى مِنْ مُوسَى نِسْيَانًا، قَالَ: وَجَاءَ عُصْفُورٌ فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ فِي البَحْرِ نَقْرَةً، فَقَالَ لَهُ الخَضِرُ: مَا عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللهِ إِلاَّ مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ مِنْ هَذَا البَحْرِ، ثُمَّ خَرَجَا مِنَ السَّفِينَةِ، فَبَيْنَا هُمَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ، إِذْ أَبْصَرَ الخَضِرُ غُلاَمًا يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ رَأْسَهُ بِيَدِهِ، فَاقْتَلَعَهُ بِيَدِهِ فَقَتَلَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} قَالَ: وَهَذِهِ أَشَدُّ مِنَ الأُولَى، قَالَ: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلاَ تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} قَالَ: مَائِلٌ، فَقَامَ الخَضِرُ، فَأَقَامَهُ بِيَدِهِ، فَقَالَ مُوسَى: قَوْمٌ أَتَيْنَاهُمْ فَلَمْ يُطْعِمُونَا وَلَمْ يُضَيِّفُونَا: {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} قَالَ: {هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى كَانَ صَبَرَ حَتَّى يَقُصَّ اللهُ عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِمَا، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَكَانَ يَقْرَأُ: وَأَمَّا الغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ.(6/112)
3- بَابُ قَوْلِهُ: {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا}.
مَذْهَبًا، يَسْرُبُ يَسْلُكُ، وَمِنْهُ: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}.
4726- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْلَى بْنُ مُسْلِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ، وَغَيْرُهُمَا قَدْ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إِنَّا لَعِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيْتِهِ، إِذْ قَالَ: سَلُونِي، قُلْتُ: أَيْ أَبَا عَبَّاسٍ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، بِالكُوفَةِ رَجُلٌ قَاصٌّ، يُقَالُ لَهُ: نَوْفٌ، يَزْعُمُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَّا عَمْرٌو، فَقَالَ لِي: قَالَ: قَدْ كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، وَأَمَّا يَعْلَى، فَقَالَ لِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مُوسَى رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، قَالَ: ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا، حَتَّى إِذَا فَاضَتِ العُيُونُ، وَرَقَّتِ القُلُوبُ، وَلَّى، فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، هَلْ فِي الأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَالَ: لاَ، فَعَتَبَ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَى اللهِ، قِيلَ: بَلَى، قَالَ: أَيْ رَبِّ، فَأَيْنَ؟ قَالَ: بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ، فَقَالَ لِي عَمْرٌو: قَالَ: حَيْثُ يُفَارِقُكَ الحُوتُ، وَقَالَ لِي يَعْلَى: قَالَ: خُذْ نُونًا مَيِّتًا، حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَأَخَذَ حُوتًا، فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، فَقَالَ لِفَتَاهُ: لاَ أُكَلِّفُكَ إِلاَّ أَنْ تُخْبِرَنِي بِحَيْثُ يُفَارِقُكَ الحُوتُ، قَالَ: مَا كَلَّفْتَ كَثِيرًا،(6/112)
فَذَلِكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ} يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، لَيْسَتْ عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ، إِذْ تَضَرَّبَ الحُوتُ وَمُوسَى نَائِمٌ، فَقَالَ فَتَاهُ: لاَ أُوقِظُهُ حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَتَضَرَّبَ الحُوتُ، حَتَّى دَخَلَ البَحْرَ، فَأَمْسَكَ اللهُ عَنْهُ جِرْيَةَ البَحْرِ، حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ، قَالَ لِي عَمْرٌو: هَكَذَا كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ، وَحَلَّقَ بَيْنَ إِبْهَامَيْهِ وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} قَالَ: قَدْ قَطَعَ اللهُ عَنْكَ النَّصَبَ، لَيْسَتْ هَذِهِ عَنْ سَعِيدٍ أَخْبَرَهُ، فَرَجَعَا فَوَجَدَا خَضِرًا، قَالَ لِي عُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَلَى طِنْفِسَةٍ خَضْرَاءَ، عَلَى كَبِدِ البَحْرِ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، مُسَجًّى بِثَوْبِهِ، قَدْ جَعَلَ طَرَفَهُ تَحْتَ رِجْلَيْهِ، وَطَرَفَهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: هَلْ بِأَرْضِي مِنْ سَلاَمٍ، مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى، قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا، قَالَ: أَمَا يَكْفِيكَ أَنَّ التَّوْرَاةَ بِيَدَيْكَ، وَأَنَّ الوَحْيَ يَأْتِيكَ، يَا مُوسَى، إِنَّ لِي عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَعْلَمَهُ، وَإِنَّ لَكَ عِلْمًا لاَ يَنْبَغِي لِي أَنْ أَعْلَمَهُ، فَأَخَذَ طَائِرٌ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ، فَقَالَ: وَاللهِ مَا عِلْمِي وَمَا عِلْمُكَ فِي جَنْبِ عِلْمِ اللهِ، إِلاَّ كَمَا أَخَذَ هَذَا الطَّائِرُ بِمِنْقَارِهِ مِنَ البَحْرِ، حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ وَجَدَا مَعَابِرَ صِغَارًا، تَحْمِلُ أَهْلَ هَذَا السَّاحِلِ إِلَى أَهْلِ هَذَا السَّاحِلِ الآخَرِ، عَرَفُوهُ، فَقَالُوا: عَبْدُ اللهِ الصَّالِحُ، قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدٍ: خَضِرٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، لاَ نَحْمِلُهُ بِأَجْرٍ، فَخَرَقَهَا، وَوَتَدَ فِيهَا وَتِدًا،(6/113)
قَالَ مُوسَى: {أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا} قَالَ مُجَاهِدٌ: مُنْكَرًا: {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} كَانَتِ الأُولَى نِسْيَانًا، وَالوُسْطَى شَرْطًا، وَالثَّالِثَةُ عَمْدًا: {قَالَ لاَ تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلاَ تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا} لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ، قَالَ يَعْلَى: قَالَ سَعِيدٌ: وَجَدَ غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ، فَأَخَذَ غُلاَمًا كَافِرًا ظَرِيفًا، فَأَضْجَعَهُ، ثُمَّ ذَبَحَهُ بِالسِّكِّينِ: {قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} لَمْ تَعْمَلْ بِالحِنْثِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَرَأَهَا: {زَكِيَّةً} زَاكِيَةً: مُسْلِمَةً كَقَوْلِكَ غُلاَمًا زَكِيًّا، {فَانْطَلَقَا فَوَجَدَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} فَأَقَامَهُ، قَالَ سَعِيدٌ بِيَدِهِ هَكَذَا، وَرَفَعَ يَدَهُ فَاسْتَقَامَ، قَالَ يَعْلَى: حَسِبْتُ أَنَّ سَعِيدًا قَالَ: فَمَسَحَهُ بِيَدِهِ فَاسْتَقَامَ: {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا} قَالَ سَعِيدٌ: أَجْرًا نَأْكُلُهُ: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ}: وَكَانَ أَمَامَهُمْ، قَرَأَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَامَهُمْ مَلِكٌ، يَزْعُمُونَ عَنْ غَيْرِ سَعِيدٍ أَنَّهُ هُدَدُ بْنُ بُدَدٍ، وَالغُلاَمُ المَقْتُولُ اسْمُهُ يَزْعُمُونَ: حَيْسُورٌ: {مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} فَأَرَدْتُ إِذَا هِيَ مَرَّتْ بِهِ أَنْ يَدَعَهَا لِعَيْبِهَا، فَإِذَا جَاوَزُوا أَصْلَحُوهَا فَانْتَفَعُوا بِهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: سَدُّوهَا بِقَارُورَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بِالقَارِ: {كَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ} وَكَانَ كَافِرًا: {فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا} أَنْ يَحْمِلَهُمَا حُبُّهُ عَلَى أَنْ يُتَابِعَاهُ عَلَى دِينِهِ: {فَأَرَدْنَا أَنْ يُبَدِّلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} لِقَوْلِهِ: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً} {وَأَقْرَبَ رُحْمًا}: هُمَا بِهِ أَرْحَمُ مِنْهُمَا بِالأَوَّلِ، الَّذِي قَتَلَ خَضِرٌ.
وَزَعَمَ غَيْرُ سَعِيدٍ: أَنَّهُمَا أُبْدِلاَ جَارِيَةً.
وَأَمَّا دَاوُدُ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، فَقَالَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: إِنَّهَا جَارِيَةٌ.(6/114)
4- بَابُ: {فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} إِلَى قَوْلِهِ: {قَصَصًا}.
{صُنْعًا}: عَمَلاً.
{حِوَلاً}: تَحَوُّلاً.
{قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا}.
{إِمْرًا} وَ {نُكْرًا}: دَاهِيَةً.
{يَنْقَضَّ}: يَنْقَاضُ كَمَا تَنْقَاضُ السِّنُّ.
{لَتَخِذْتَ}: وَاتَّخَذْتَ وَاحِدٌ.
{رُحْمًا}: مِنَ الرُّحْمِ، وَهِيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الرَّحْمَةِ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ الرَّحِيمِ، وَتُدْعَى مَكَّةُ أُمَّ رُحْمٍ، أَيِ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا.(6/115)
5- {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ}.
4727- حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَِكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَيْسَ بِمُوسَى الخَضِرِ، فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللهِ، حَدَّثنا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَامَ مُوسَى خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ قَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ: بَلَى عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَحَيْثُمَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَاتَّبِعْهُ، قَالَ: فَخَرَجَ مُوسَى وَمَعَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَمَعَهُمَا الحُوتُ، حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَنَزَلاَ عِنْدَهَا، قَالَ: فَوَضَعَ مُوسَى رَأْسَهُ فَنَامَ، قَالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو، قَالَ: وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الحَيَاةُ لاَ يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَيْءٌ إِلاَّ حَيِيَ، فَأَصَابَ الحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ العَيْنِ، قَالَ: فَتَحَرَّكَ وَانْسَلَّ مِنَ المِكْتَلِ، فَدَخَلَ البَحْرَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ مُوسَى {قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا} الآيَةَ، قَالَ: وَلَمْ يَجِدِ النَّصَبَ حَتَّى جَاوَزَ مَا أُمِرَ بِهِ، قَالَ لَهُ فَتَاهُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الحُوتَ} الآيَةَ، قَالَ: فَرَجَعَا يَقُصَّانِ فِي آثَارِهِمَا، فَوَجَدَا فِي البَحْرِ كَالطَّاقِ مَمَرَّ الحُوتِ، فَكَانَ لِفَتَاهُ عَجَبًا، وَلِلْحُوتِ سَرَبًا، قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذْ هُمَا بِرَجُلٍ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ مُوسَى، قَالَ: وَأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ، فَقَالَ: أَنَا مُوسَى،(6/115)
قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا}؟ قَالَ لَهُ الخَضِرُ: يَا مُوسَى، إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ، عَلَّمَكَهُ اللهُ لاَ أَعْلَمُهُ، وَأَنَا عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللهِ، عَلَّمَنِيهِ اللهُ لاَ تَعْلَمُهُ، قَالَ: بَلْ أَتَّبِعُكَ {قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلاَ تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا} فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى السَّاحِلِ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَعُرِفَ الخَضِرُ، فَحَمَلُوهُمْ فِي سَفِينَتِهِمْ بِغَيْرِ نَوْلٍ، يَقُولُ: بِغَيْرِ أَجْرٍ، فَرَكِبَا السَّفِينَةَ، قَالَ: وَوَقَعَ عُصْفُورٌ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَغَمَسَ مِنْقَارَهُ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ لِمُوسَى: مَا عِلْمُكَ وَعِلْمِي وَعِلْمُ الخَلاَئِقِ فِي عِلْمِ اللهِ، إِلاَّ مِقْدَارُ مَا غَمَسَ هَذَا العُصْفُورُ مِنْقَارَهُ، قَالَ: فَلَمْ يَفْجَأْ مُوسَى إِذْ عَمَدَ الخَضِرُ إِلَى قَدُومٍ فَخَرَقَ السَّفِينَةَ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: قَوْمٌ حَمَلُونَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، عَمَدْتَ إِلَى سَفِينَتِهِمْ فَخَرَقْتَهَا {لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ} الآيَةَ، فَانْطَلَقَا إِذَا هُمَا بِغُلاَمٍ يَلْعَبُ مَعَ الغِلْمَانِ، فَأَخَذَ الخَضِرُ بِرَأْسِهِ فَقَطَعَهُ، قَالَ لَهُ مُوسَى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا} إِلَى قَوْلِهِ: {فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ} فَقَالَ بِيَدِهِ: هَكَذَا، فَأَقَامَهُ، فَقَالَ لَهُ مُوسَى: إِنَّا دَخَلْنَا هَذِهِ القَرْيَةَ، فَلَمْ يُضَيِّفُونَا وَلَمْ يُطْعِمُونَا: {لَوْ شِئْتَ لاَتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا} فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَدِدْنَا أَنَّ مُوسَى صَبَرَ حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا، قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الغُلاَمُ فَكَانَ كَافِرًا.(6/116)
5- بَابُ: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}.
4728- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو (1)، عَنْ مُصْعَبٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبِي: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً}: هُمُ الحَرُورِيَّةُ؟ قَالَ: لاَ، هُمُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، أَمَّا اليَهُودُ، فَكَذَّبُوا مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَمَّا النَّصَارَى، كَفَرُوا بِالْجَنَّةِ، وَقَالُوا: لاَ طَعَامَ فِيهَا، وَلاَ شَرَابَ، وَالحَرُورِيَّةُ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ، وَكَانَ سَعْدٌ يُسَمِّيهِمُ الفَاسِقِينَ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: ابن سعد.(6/117)
6- بَابُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الآيَةَ.
4729- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا المُغِيرَةُ (1)، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّهُ لَيَأْتِي الرَّجُلُ العَظِيمُ السَّمِينُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَزِنُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ، وَقَالَ: اقْرَؤُوا: {فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَزْنًا}.
وَعَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، مِثْلَهُ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: المغيرة بن عبد الرحمن.(6/117)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
19- كهيعص.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} اللهُ يَقُولُهُ، وَهُمُ اليَوْمَ لاَ يَسْمَعُونَ، وَلاَ يُبْصِرُونَ.
{فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ}: يَعْنِي قَوْلَهُ: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}: الكُفَّارُ يَوْمَئِذٍ أَسْمَعُ شَيْءٍ وَأَبْصَرُهُ.
{لأَرْجُمَنَّكَ}: لأَشْتِمَنَّكَ.
{وَرِئْيًا}: مَنْظَرًا (1).
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}: تُزْعِجُهُمْ إِلَى المَعَاصِي إِزْعَاجًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِدًّا} عِوَجًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وِرْدًا}: عِطَاشًا.
{أَثَاثًا}: مَالاً.
{إِدًّا}: قَوْلاً عَظِيمًا.
{رِكْزًا}: صَوْتًا.
{غَيًّا} خُسْرَانًا.
{بُكِيًّا}: جَمَاعَةُ بَاكٍ.
{صِلِيًّا}: صَلِيَ يَصْلَى.
{نَدِيًّا}: وَالنَّادِي وَاحِدُ مَجْلِسًا.
_حاشية__________
(1) حـ: وقال أبو وائل: علمت مريم أن التقي ذو هيبة، حتى قالت: إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيًّا.
وقال مجاهد: فليمدد: فليدعه.(6/117)
1- بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ}.
4730- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يُؤْتَى بِالْمَوْتِ كَهَيْئَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، ثُمَّ يُنَادِي: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، هَذَا المَوْتُ، وَكُلُّهُمْ قَدْ رَآهُ، فَيُذْبَحُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الجَنَّةِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ، خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} وَهَؤُلاَءِ فِي غَفْلَةٍ أَهْلُ الدُّنْيَا: {وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ}.(6/117)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ}.
4731- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِجِبْرِيلَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا، فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}.(6/118)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا}.
4732- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَبَّابًا، قَالَ: جِئْتُ العَاصِي بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ، أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِي عِنْدَهُ، فَقَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ: لاَ، حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالاً وَوَلَدًا، فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا}.
رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ، وَشُعْبَةُ، وَحَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ.(6/118)
4- بَابُ: {أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمُ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}.
قَالَ: مَوْثِقًا.
4733- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِي بْنِ وَائِلٍ السَّهْمِيِّ سَيْفًا، فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قُلْتُ: لاَ أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حَتَّى يُمِيتَكَ اللهُ، ثُمَّ يُحْيِيَكَ، قَالَ: إِذَا أَمَاتَنِي اللهُ، ثُمَّ بَعَثَنِي وَلِي مَالٌ وَوَلَدٌ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمُ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا} قَالَ: مَوْثِقًا.
لَمْ يَقُلِ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ: سَيْفًا، وَلاَ مَوْثِقًا.(6/118)
5- بَابُ: {كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العَذَابِ مَدًّا}.
4734- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عن شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ لِي دَيْنٌ عَلَى العَاصِي بْنِ وَائِلٍ، قَالَ: فَأَتَاهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لاَ أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَكْفُرُ حَتَّى يُمِيتَكَ اللهُ، ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: فَذَرْنِي حَتَّى أَمُوتَ ثُمَّ أُبْعَثَ، فَسَوْفَ أُوتَى مَالاً وَوَلَدًا، فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا}.(6/119)
6- بَابُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الجِبَالُ هَدًّا}: هَدْمًا.
4735- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلاً قَيْنًا، وَكَانَ لِي عَلَى العَاصِي بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ، فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِي: لاَ أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، قَالَ: قُلْتُ: لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ تُبْعَثَ، قَالَ: وَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ مِنْ بَعْدِ المَوْتِ، فَسَوْفَ أَقْضِيكَ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى مَالٍ وَوَلَدٍ، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَدًا أَطَّلَعَ الغَيْبَ أَمُ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العَذَابِ مَدًّا وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}.(6/119)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
20- سُورَةُ طَه (1).
قَالَ ابن جبير بِالنَّبَطِيَّةِ: طهَ: يَا رَجُلُ (2)، يُقَالُ: كُلُّ مَا لَمْ يَنْطِقْ بِحَرْفٍ أَوْ فِيهِ تَمْتَمَةٌ أَوْ فَأْفَأَةٌ فَهِيَ عُقْدَةٌ.
{أَزْرِي} ظَهْرِي.
{فَيُسْحِتَكُمْ}: يُهْلِكَكُمْ.
{المُثْلَى}: تَأْنِيثُ الأَمْثَلِ، يَقُولُ بِدِينِكُمْ، يُقَالُ: خُذِ المُثْلَى خُذِ الأَمْثَلَ.
{ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا}: يُقَالُ: هَلْ أَتَيْتَ الصَّفَّ اليَوْمَ؟ يَعْنِي المُصَلَّى الَّذِي يُصَلَّى فِيهِ.
{فَأَوْجَسَ}: أضمر خَوْفًا، فَذَهَبَتِ الوَاوُ مِنْ {خِيفَةً} لِكَسْرَةِ الخَاءِ.
{فِي جُذُوعِ}: أَيْ عَلَى جُذُوعِ.
{خَطْبُكَ}: بَالُكَ.
{مِسَاسَ}: مَصْدَرُ مَاسَّهُ مِسَاسًا.
{لَنَنْسِفَنَّهُ}: لَنَذْرِيَنَّهُ.
{قَاعًا}: يَعْلُوهُ المَاءُ وَالصَّفْصَفُ المُسْتَوِي مِنَ الأَرْضِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوْزَارًا}: أَثْقَالاً.
{مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ}: الحُلِيُّ الذي اسْتَعَارُوا مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ.
{فَقَذَفْتُهَا}: فَأَلْقَيْتُهَا.
{أَلْقَى}: صَنَعَ.
{فَنَسِيَ}: مُوسَى، هُمْ يَقُولُونَهُ أَخْطَأَ الرَّبَّ.
{لاَ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً}: العِجْلُ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: قال عكرمة، والضحاك: بالنبطية.
(2) قال مجاهد: ألقى: صنع.(6/119)
{هَمْسًا}: حِسُّ الأَقْدَامِ.
{حَشَرْتَنِي أَعْمَى}: عَنْ حُجَّتِي.
{وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا}: فِي الدُّنْيَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِقَبَسٍ}: ضَلُّوا الطَّرِيقَ وَكَانُوا شَاتِينَ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهَا مَنْ يَهْدِي الطَّرِيقَ آتِكُمْ بِنَارٍ تُوقِدُونَ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً}: أَعْدَلُهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَضْمًا}: لاَ يُظْلَمُ فَيُهْضَمُ مِنْ حَسَنَاتِهِ.
{عِوَجًا}: وَادِيًا.
{وَلاَ أَمْتًا}: رَابِيَةً.
{سِيرَتَهَا}: حَالَتَهَا الأُولَى.
{النُّهَى}: التُّقَى.
{ضَنْكًا}: الشَّقَاءُ.
{هَوَى}: شَقِيَ.
{بِالْوَادِي المُقَدَّسِ}: المُبَارَكِ.
{طُوًى}: اسْمُ الوَادِي.
{بِمِلْكِنَا}: بِأَمْرِنَا.
{مَكَانًا سِوًى}: مَنْصَفٌ بَيْنَهُمْ.
{يَبَسًا}: يَابِسًا.
{عَلَى قَدَرٍ}: عَلَى مَوْعِدٍ.
{وَلاَ تَنِيَا}: لاَ تَضْعُفَا.
{يَفْرُطَ}: عُقُوبَةٌ.(6/120)
1- بَابُ: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي}.
4736- حَدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: التَقَى آدَمُ وَمُوسَى، فَقَالَ مُوسَى لآدَمَ: أَنْتَ الَّذِي أَشْقَيْتَ النَّاسَ، وَأَخْرَجْتَهُمْ مِنَ الجَنَّةِ؟ قَالَ له آدَمُ: أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ، وَاصْطَفَاكَ لِنَفْسِهِ، وَأَنْزَلَ عَلَيْكَ التَّوْرَاةَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَجَدْتَهَا كُتِبَ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي، قَالَ: نَعَمْ، فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.
{اليَمُّ}: البَحْرُ.(6/120)
2- بَابُ: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي البَحْرِ يَبَسًا لاَ تَخَافُ دَرَكًا وَلاَ تَخْشَى فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ اليَمِّ مَا غَشِيَهُمْ وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى}.
4737- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا رَوْحٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَدِينَةَ وَاليَهُودُ تَصُومُ عَاشُورَاءَ، فَسَأَلَهُمْ، فَقَالُوا: هَذَا اليَوْمُ الَّذِي ظَهَرَ فِيهِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ، فَصُومُوهُ.(6/120)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجَنَّةِ فَتَشْقَى}.
4738- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا أَيُّوبُ بْنُ النَّجَّارِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: حَاجَّ مُوسَى آدَمَ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي أَخْرَجْتَ النَّاسَ مِنَ الجَنَّةِ بِذَنْبِكَ وَأَشْقَيْتَهُمْ؟ قَالَ: قَالَ آدَمُ: يَا مُوسَى، أَنْتَ الَّذِي اصْطَفَاكَ اللهُ بِرِسَالَتِهِ وَبِكَلاَمِهِ؟ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي، أَوْ قَدَّرَهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى.(6/121)
21- سُورَةُ الأَنْبِيَاءِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
4739- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفُ، وَمَرْيَمُ، وَطه، وَالأَنْبِيَاءُ: هُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {جُذَاذًا}: قَطَّعَهُنَّ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {فِي فَلَكٍ}: مِثْلِ فَلْكَةِ المِغْزَلِ.
{يَسْبَحُونَ}: يَدُورُونَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {نَفَشَتْ}: رَعَتْ لِيْلاً.
{يُصْحَبُونَ}: يُمْنَعُونَ.
{أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}: قَالَ: دِينُكُمْ دِينٌ وَاحِدٌ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {حَصَبُ جَهَنَّمَ}: حَطَبُ بِالحَبَشِيَّةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَحَسُّوا}: تَوَقَّعُوا مِنْ أَحْسَسْتُ.
{خَامِدِينَ}: هَامِدِينَ.
{حَصِيدٌ}: مُسْتَأْصَلٌ، يَقَعُ عَلَى الوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ وَالجَمِيعِ.
{لاَ يَسْتَحْسِرُونَ}: لاَ يُعْيُونَ، وَمِنْهُ {حَسِيرٌ}: وَحَسَرْتُ بَعِيرِي.
{عَمِيقٌ}: بَعِيدٌ.
نُكِّسُوا: رُدُّوا.
{صَنْعَةَ لَبُوسٍ}: الدُّرُوعُ.
{تَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ}: اخْتَلَفُوا، الحَسِيسُ وَالحِسُّ، وَالجَرْسُ وَالهَمْسُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مِنَ الصَّوْتِ الخَفِيِّ.
{آذَنَّاكَ}: أَعْلَمْنَاكَ.
{آذَنْتُكُمْ}: إِذَا أَعْلَمْتَهُ، فَأَنْتَ وَهُوَ عَلَى سَوَاءٍ لَمْ تَغْدِرْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ}: تُفْهَمُونَ.
{ارْتَضَى}: رَضِيَ.
{التَّمَاثِيلُ}: الأَصْنَامُ.
{السِّجِلُّ}: الصَّحِيفَةُ.(6/121)
2- بَابُ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ}.
4740- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، شَيْخٌٍ مِنَ النَّخَعِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ثُمَّ إِنَّ أَوَّلَ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ القِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ، أَلاَ إِنَّهُ يُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي، فَيُقَالُ: لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ العَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {شَهِيدٌ} فَيُقَالُ: إِنَّ هَؤُلاَءِ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ.(6/122)
22- سُورَةُ الحَجِّ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {المُخْبِتِينَ}: المُطْمَئِنِّينَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} إِذَا حَدَّثَ أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي حَدِيثِهِ، فَيُبْطِلُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ، وَيُحْكِمُ آيَاتِهِ، وَيُقَالُ: أُمْنِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ.
{إِلاَّ أَمَانِيَّ}: يَقْرَؤُونَ، وَلاَ يَكْتُبُونَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَشِيدٌ}: بِالقَصَّةِ جِصٌ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَسْطُونَ}: يَفْرُطُونَ، مِنَ السَّطْوَةِ، وَيُقَالُ: {يَسْطُونَ}: يَبْطِشُونَ.
{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ القَولِ}: أُلْهِمُوا إِلَى الْقُرْآنِ.
{وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ}: الإِسْلاَمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِسَبَبٍ}: بِحَبْلٍ إِلَى سَقْفِ البَيْتِ.
{ثَانِيَ عِطْفِهِ}: مُسْتَكْبِرٌ.
{تَذْهَلُ}: تُشْغَلُ.(6/122)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى}.
4741- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيُنَادَى بِصَوْتٍ: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ، قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ، أُرَاهُ قَالَ: تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الحَامِلُ حَمْلَهَا، وَيَشِيبُ الوَلِيدُ: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ}،(6/122)
فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ، ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ، أَوْ: كَالشَّعْرَةِ البَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَكَبَّرْنَا.
قَالَ أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ: {تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ.
وَقَالَ جَرِيرٌ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: (سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى).(6/123)
2- بَابُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ} شَكٍّ {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ} إِلَى قَوْلِهِ: {ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ البَعِيدُ}.
{أَتْرَفْنَاهُمْ}: وَسَّعْنَاهُمْ.
4742- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الحَارِثِ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ} قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَقْدَمُ المَدِينَةَ، فَإِنْ وَلَدَتِ امْرَأَتُهُ غُلاَمًا، وَنُتِجَتْ خَيْلُهُ، قَالَ: هَذَا دِينٌ صَالِحٌ، وَإِنْ لَمْ تَلِدِ امْرَأَتُهُ، وَلَمْ تُنْتَجْ خَيْلُهُ، قَالَ: هَذَا دِينُ سُوءٍ.(6/123)
3- بَابُ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}.
4743- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا أَبُو هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يُقْسِمُ فيها إِنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} نَزَلَتْ فِي حَمْزَةَ وَصَاحِبَيْهِ، وَعُتْبَةَ وَصَاحِبَيْهِ، يَوْمَ بَرَزُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ.
رَوَاهُ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ.
وَقَالَ عُثْمَانُ: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، قَوْلَهُ.(6/123)
4744- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، قَالَ: حَدَّثنا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ القِيَامَةِ، قَالَ قَيْسٌ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} قَالَ: هُمُ الَّذِينَ بَارَزُوا يَوْمَ بَدْرٍ: عَلِيٌّ، وَحَمْزَةُ، وَعُبَيْدَةُ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ.(6/123)
23- سُورَةُ المُؤْمِنُونَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {سَبْعَ طَرَائِقَ}: سَبْعَ سَمَاوَاتٍ.
{لَهَا سَابِقُونَ}: سَبَقَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ.
{قُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}: خَائِفِينَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ}: بَعِيدٌ بَعِيدٌ.
{فَاسْأَلِ العَادِّينَ}: المَلاَئِكَةَ.
{لَنَاكِبُونَ}: لَعَادِلُونَ.
{كَالِحُونَ}: عَابِسُونَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مِنْ سُلاَلَةٍ}: الوَلَدُ وَالنُّطْفَةُ السُّلاَلَةُ، وَالجِنَّةُ وَالجُنُونُ وَاحِدٌ، وَالغُثَاءُ الزَّبَدُ، وَمَا ارْتَفَعَ عَنِ المَاءِ، وَمَا لاَ يُنْتَفَعُ بِهِ.
{يَجْأَرُونَ}: يَرْفَعُونَ أَصْوَاتَهُمْ كَمَا تَجْأَرُ الْبَقَرَةُ.
{عَلَى أَعْقَابِكُمْ}: رَجَعَ عَلَى عَقِبَيْهِ.
{سَامِرًا}: مِنْ السَّمَرِ، وَالْجَمِيعُ السُّمَّارُ وَالسَّامِرُ هَا هُنَا فِي مَوْضِعِ الْجَمْعِ.
{تُسْحَرُونَ}: تَعْمَوْنَ مِنْ السِّحْرِ.(6/124)
24- سُورَةُ النُّورِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{مِنْ خِلاَلِهِ}: مِنْ بَيْنِ أَضْعَافِ السَّحَابِ.
{سَنَا بَرْقِهِ}: وَهُوَ الضِّيَاءُ.
{مُذْعِنِينَ}: يُقَالُ لِلْمُسْتَخْذِي: مُذْعِنٌ.
{أَشْتَاتًا}: وَشَتَّى وَشَتَاتٌ وَشَتٌّ وَاحِدٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا}: بَيَّنَّاهَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: سُمِّيَ القُرْآنُ لِجَمَاعَةِ السُّوَرِ، وَسُمِّيَتِ السُّورَةُ، لأَنَّهَا مَقْطُوعَةٌ مِنَ الأُخْرَى، فَلَمَّا قُرِنَ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ سُمِّيَ قُرْآنًا.
وَقَالَ سَعْدُ بْنُ عِيَاضٍ الثُّمَالِيُّ: المِشْكَاةُ: الكُوَّةُ بِلِسَانِ الحَبَشَةِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}: تَأْلِيفَ بَعْضِهِ إِلَى بَعْضٍ.
{فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}: فَإِذَا جَمَعْنَاهُ وَأَلَّفْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَيْ مَا جُمِعَ فِيهِ، فَاعْمَلْ بِمَا أَمَرَكَ وَانْتَهِ عَمَّا نَهَاكَ.
وَيُقَالُ: لَيْسَ لِشِعْرِهِ قُرْآنٌ، أَيْ تَأْلِيفٌ، وَسُمِّيَ الفُرْقَانَ، لأَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ الحَقِّ وَالبَاطِلِ.
وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ: مَا قَرَأَتْ بِسَلاً قَطُّ، أَيْ لَمْ تَجْمَعْ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا.
وَقَالَ (فَرَّضْنَاهَا): أَنْزَلْنَا فِيهَا فَرَائِضَ مُخْتَلِفَةً، وَمَنْ قَرَأَ: {فَرَضْنَاهَا}: يَقُولُ: فَرَضْنَا عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ بَعْدَكُمْ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا}: لَمْ يَدْرُوا، لِمَا بِهِمْ مِنَ الصِّغَرِ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: {أُولِي الإِرْبَةِ}: مَنْ لَيْسَ لَهُ أَرَبٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لاَ يُهِمُّهُ إِلاَّ بَطْنُهُ، وَلاَ يَخَافُ عَلَى النِّسَاءِ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: هُوَ الأَحْمَقُ، الَّذِي لاَ حَاجَةَ لَهُ فِي النِّسَاءِ.(6/124)
1- بَابُ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ}.
4745- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ عُوَيْمِرًا أَتَى عَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي عَجْلاَنَ، فَقَالَ: كَيْفَ تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ سَلْ لِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَى عَاصِمٌ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَسَائِلَ، فَسَأَلَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَرِهَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ ذَلِكَ، فَجَاءَ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، رَجُلٌ وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ، فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَصْنَعُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ أَنْزَلَ اللهُ القُرْآنَ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالْمُلاَعَنَةِ، بِمَا سَمَّى اللهُ فِي كِتَابِهِ فَلاَعَنَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ حَبَسْتُهَا فَقَدْ ظَلَمْتُهَا فَطَلَّقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً لِمَنْ كَانَ بَعْدَهُمَا فِي المُتَلاَعِنَيْنِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: انْظُرُوا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْحَمَ، أَدْعَجَ العَيْنَيْنِ، عَظِيمَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أُحَيْمِرَ، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أَحْسِبُ عُوَيْمِرًا إِلاَّ قَدْ كَذَبَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ تَصْدِيقِ عُوَيْمِرٍ، فَكَانَ بَعْدُ يُنْسَبُ إِلَى أُمِّهِ.(6/125)
2- بَابُ: {وَالخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ}.
4746- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثنا فُلَيْحٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ؛ أَنَّ رَجُلاً أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً أَيَقْتُلُهُ، فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ فِيهِمَا مَا ذُكِرَ فِي القُرْآنِ مِنَ التَّلاَعُنِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ قُضِيَ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ، قَالَ: فَتَلاَعَنَا وَأَنَا شَاهِدٌ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَفَارَقَهَا، فَكَانَتْ سُنَّةً أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاَعِنَيْنِ، وَكَانَتْ حَامِلاً فَأَنْكَرَ حَمْلَهَا، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى إِلَيْهَا، ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي المِيرَاثِ أَنْ يَرِثَهَا وَتَرِثَ مِنْهُ مَا فَرَضَ اللهُ لَهَا.(6/125)
3- بَابُ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا العَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ الكَاذِبِينَ}.
4747- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثنا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ، قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: البَيِّنَةَ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلاً يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ البَيِّنَةَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: البَيِّنَةَ، وَإِلاَّ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ، فَقَالَ هِلاَلٌ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ إِنِّي لَصَادِقٌ، فَلَيُنْزِلَنَّ اللهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنَ الحَدِّ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ: {إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَجَاءَ هِلاَلٌ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ، ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ، فَلَمَّا كَانَتْ عِنْدَ الخَامِسَةِ وَقَّفُوهَا، وَقَالُوا: إِنَّهَا مُوجِبَةٌ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَتَلَكَّأَتْ وَنَكَصَتْ، حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهَا تَرْجِعُ، ثُمَّ قَالَتْ: لاَ أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ اليَوْمِ، فَمَضَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَبْصِرُوهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَكْحَلَ العَيْنَيْنِ، سَابِغَ الأَلْيَتَيْنِ، خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ، فَجَاءَتْ بِهِ كَذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْلاَ مَا مَضَى مِنْ كِتَابِ اللهِ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ.(6/126)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {وَالخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ}.
4748- حَدَّثنا مُقَدَّمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، حَدَّثنا عَمِّي القَاسِمُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، وَقَدْ سَمِعَ مِنْهُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَجُلاً رَمَى امْرَأَتَهُ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَتَلاَعَنَا، كَمَا قَالَ اللهُ، ثُمَّ قَضَى بِالوَلَدِ لِلْمَرْأَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاَعِنَيْنِ.(6/126)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاََ تَحْسِبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
{أَفَّاكٌ}: كَذَّابٌ.
4749- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ} قَالَتْ: عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ.(6/127)
6- بَابُ: {لَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} إِلَى قَوْلِهِ: {الْكَاذِبُونَ}.
4750- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَبَرَّأَهَا اللهُ مِمَّا قَالُوا، وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ، الَّذِي حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ، أَقْرَعَ بَيْنَ أَزْوَاجِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَعَهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَأَقْرَعَ بَيْنَنَا فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا، فَخَرَجَ سَهْمِي، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ مَا نَزَلَ الحِجَابُ، فَأَنَا أُحْمَلُ فِي هَوْدَجِي، وَأُنْزَلُ فِيهِ، فَسِرْنَا حَتَّى إِذَا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ غَزْوَتِهِ تِلْكَ وَقَفَلَ، وَدَنَوْنَا مِنَ المَدِينَةِ قَافِلِينَ، آذَنَ لَيْلَةً بِالرَّحِيلِ، فَقُمْتُ حِينَ آذَنُوا بِالرَّحِيلِ، فَمَشَيْتُ حَتَّى جَاوَزْتُ الجَيْشَ، فَلَمَّا قَضَيْتُ شَأْنِي، أَقْبَلْتُ إِلَى رَحْلِي، فَإِذَا عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ أَظْفَارٍ قَدِ انْقَطَعَ، فَالْتَمَسْتُ عِقْدِي، وَحَبَسَنِي ابْتِغَاؤُهُ، وَأَقْبَلَ الرَّهْطُ الَّذِينَ كَانُوا يَرْحَلُونَ لِي، فَاحْتَمَلُوا هَوْدَجِي فَرَحَلُوهُ عَلَى بَعِيرِي الَّذِي كُنْتُ رَكِبْتُ، وَهُمْ يَحْسِبُونَ أَنِّي فِيهِ، وَكَانَ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ خِفَافًا، لَمْ يُثْقِلْهُنَّ اللَّحْمُ، إِنَّمَا يَأْكُلْنَ العُلْقَةَ مِنَ الطَّعَامِ،(6/127)
فَلَمْ يَسْتَنْكِرِ القَوْمُ خِفَّةَ الهَوْدَجِ حِينَ رَفَعُوهُ، وَكُنْتُ جَارِيَةً حَدِيثَةَ السِّنِّ، فَبَعَثُوا الجَمَلَ وَسَارُوا، فَوَجَدْتُ عِقْدِي بَعْدَ مَا اسْتَمَرَّ الجَيْشُ، فَجِئْتُ مَنَازِلَهُمْ، وَلَيْسَ بِهَا دَاعٍ، وَلاَ مُجِيبٌ، فَأَمَمْتُ مَنْزِلِي الَّذِي كُنْتُ بِهِ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ سَيَفْقِدُونِي فَيَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسَةٌ فِي مَنْزِلِي، غَلَبَتْنِي عَيْنِي فَنِمْتُ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ المُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ثُمَّ الذَّكْوَانِيُّ مِنْ وَرَاءِ الجَيْشِ، فَأَدْلَجَ، فَأَصْبَحَ عِنْدَ مَنْزِلِي، فَرَأَى سَوَادَ إِنْسَانٍ نَائِمٍ، فَأَتَانِي، فَعَرَفَنِي حِينَ رَآنِي، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ الحِجَابِ، فَاسْتَيْقَظْتُ بِاسْتِرْجَاعِهِ حِينَ عَرَفَنِي، فَخَمَّرْتُ وَجْهِي بِجِلْبَابِي، وَاللهِ مَا كَلَّمَنِي كَلِمَةً، وَلاَ سَمِعْتُ مِنْهُ كَلِمَةً غَيْرَ اسْتِرْجَاعِهِ، حَتَّى أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، فَوَطِئَ عَلَى يَدَيْهَا فَرَكِبْتُهَا، فَانْطَلَقَ يَقُودُ بِي الرَّاحِلَةَ، حَتَّى أَتَيْنَا الجَيْشَ بَعْدَ مَا نَزَلُوا مُوغِرِينَ فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ، فَهَلَكَ مَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي تَوَلَّى الإِفْكَ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ، فَقَدِمْنَا المَدِينَةَ، فَاشْتَكَيْتُ حِينَ قَدِمْتُ شَهْرًا، وَالنَّاسُ يُفِيضُونَ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ الإِفْكِ، لاَ أَشْعُرُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ يَرِيبُنِي فِي وَجَعِي، أَنِّي لاَ أَعْرِفُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اللَّطَفَ الَّذِي كُنْتُ أَرَى مِنْهُ حِينَ أَشْتَكِي، إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَيُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُولُ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَذَاكَ الَّذِي يَرِيبُنِي، وَلاَ أَشْعُرُ بِالشَّرِّ حَتَّى خَرَجْتُ بَعْدَ مَا نَقَهْتُ، فَخَرَجَتْ مَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ المَنَاصِعِ وَهُوَ مُتَبَرَّزُنَا، وَكُنَّا لاَ نَخْرُجُ إِلاَّ لَيْلاً إِلَى لَيْلٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُتَّخَذَ الكُنُفَ قَرِيبًا مِنْ بُيُوتِنَا، وَأَمْرُنَا أَمْرُ العَرَبِ الأُوَلِ فِي التَّبَرُّزِ قِبَلَ الغَائِطِ، فَكُنَّا نَتَأَذَّى بِالكُنُفِ أَنْ نَتَّخِذَهَا عِنْدَ بُيُوتِنَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ، وَهِيَ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ،(6/128)
وَأُمُّهَا بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرٍ، خَالَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَابْنُهَا مِسْطَحُ بْنُ أُثَاثَةَ، فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ قِبَلَ بَيْتِي، وَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ شَأْنِنَا، فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ لَهَا: بِئْسَ مَا قُلْتِ، أَتَسُبِّينَ رَجُلاً شَهِدَ بَدْرًا؟ قَالَتْ: أَيْ هَنْتَاهْ، أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا قَالَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: وَمَا قَالَ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِقَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ، فَازْدَدْتُ مَرَضًا عَلَى مَرَضِي، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، وَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، تَعْنِي سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ فَقُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي أَنْ آتِيَ أَبَوَيَّ، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أُرِيدُ أَنْ أَسْتَيْقِنَ الخَبَرَ مِنْ قِبَلِهِمَا، قَالَتْ: فَأَذِنَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجِئْتُ أَبَوَيَّ، فَقُلْتُ لأُمِّي: يَا أُمَّتَاهْ مَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ؟ قَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، هَوِّنِي عَلَيْكِ، فَوَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ وَضِيئَةً عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، وَلَهَا ضَرَائِرُ، إِلاَّ كَثَّرْنَ عَلَيْهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللهِ، أَوَ لَقَدْ تَحَدَّثَ النَّاسُ بِهَذَا؟ قَالَتْ: فَبَكَيْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، حَتَّى أَصْبَحْتُ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، حَتَّى أَصْبَحْتُ أَبْكِي، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، حِينَ اسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، قَالَتْ: فَأَمَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَأَشَارَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَبِالَّذِي يَعْلَمُ لَهُمْ فِي نَفْسِهِ مِنَ الوُدِّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَهْلَكَ، وَمَا نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَإِنْ تَسْأَلِ الجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، قَالَتْ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَرِيرَةَ، فَقَالَ: أَيْ بَرِيرَةُ، هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟(6/129)
قَالَتْ بَرِيرَةُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ عَلَيْهَا، أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاسْتَعْذَرَ يَوْمَئِذٍ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي، فَوَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْرًا، وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا، وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أَعْذِرُكَ مِنْهُ، إِنْ كَانَ مِنَ الأَوْسِ ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَجِ أَمَرْتَنَا فَفَعَلْنَا أَمْرَكَ، قَالَتْ: فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، وَهُوَ سَيِّدُ الخَزْرَجِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلاً صَالِحًا، وَلَكِنِ احْتَمَلَتْهُ الحَمِيَّةُ، فَقَالَ لِسَعْدٍ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لاَ تَقْتُلُهُ، وَلاَ تَقْدِرُ عَلَى قَتْلِهِ، فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللهِ لَنَقْتُلَنَّهُ، فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ المُنَافِقِينَ، فَتَثَاوَرَ الحَيَّانِ الأَوْسُ وَالخَزْرَجُ، حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَائِمٌ عَلَى المِنْبَرِ، فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُخَفِّضُهُمْ، حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ: فَمَكثْتُ يَوْمِي ذَلِكَ لاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، وَلاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، قَالَتْ: فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا لاَ أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَلاَ يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ، يَظُنَّانِ أَنَّ البُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي، قَالَتْ: فَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي، وَأَنَا أَبْكِي، فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَأَذِنْتُ لَهَا، فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي، قَالَتْ: فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ،(6/130)
قَالَتْ: وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ مَا قِيلَ قَبْلَهَا، وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لاَ يُوحَى إِلَيْهِ فِي شَأْنِي، قَالَتْ: فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي عَنْكِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْتِ بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُكِ اللهُ، وَإِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللهَ وَتُوبِي إِلَيْهِ، فَإِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، ثُمَّ تَابَ إِلَى اللهِ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَقَالَتَهُ، قَلَصَ دَمْعِي، حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ قَطْرَةً، فَقُلْتُ لأَبِي: أَجِبْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِيمَا قَالَ، قَالَ: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ لأُمِّي: أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ، وَأَنَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ، لاَ أَقْرَأُ كَثِيرًا مِنَ القُرْآنِ: إِنِّي وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْتُ لَقَدْ سَمِعْتُمْ هَذَا الحَدِيثَ، حَتَّى اسْتَقَرَّ فِي أَنْفُسِكُمْ وَصَدَّقْتُمْ بِهِ، فَلَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي بَرِيئَةٌ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، لاَ تُصَدِّقُونَنِي بِذَلِكَ، وَلَئِنِ اعْتَرَفْتُ لَكُمْ بِأَمْرٍ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ لَتُصَدِّقُنِّي، وَاللهِ مَا أَجِدُ لَكُمْ مَثَلاً، إِلاَّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ، قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} قَالَتْ: ثُمَّ تَحَوَّلْتُ، فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَأَنَّ اللهَ مُبَرِّئِي بِبَرَاءَتِي، وَلَكِنْ وَاللهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى، وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ يُتْلَى، وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي النَّوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا، قَالَتْ: فَوَاللهِ مَا رَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلاَ خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ البَيْتِ حَتَّى أُنْزِلَ عَلَيْهِ،(6/131)
فَأَخَذَهُ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ البُرَحَاءِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الجُمَانِ مِنَ العَرَقِ، وَهُوَ فِي يَوْمٍ شَاتٍ، مِنْ ثِقَلِ القَوْلِ الَّذِي يُنْزَلُ عَلَيْهِ، قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَتْ أَوَّلَُ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا: يَا عَائِشَةُ، أَمَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فَقَدْ بَرَّأَكِ، فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلاَ أَحْمَدُ إِلاَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسِبُوهُ} العَشْرَ الآيَاتِ كُلَّهَا، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لاَ أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا، بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ مَا قَالَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لاَ أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَسْأَلُ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ عَنْ أَمْرِي، فَقَالَ: يَا زَيْنَبُ، مَاذَا عَلِمْتِ أَوْ رَأَيْتِ؟ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَحْمِي سَمْعِي وَبَصَرِي، مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا، قَالَتْ: وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِالوَرَعِ، وَطَفِقَتْ أُخْتُهَا حَمْنَةُ تُحَارِبُ لَهَا، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ مِنْ أَصْحَابِ الإِفْكِ.(6/132)
7- بَابُ قَوْلِهِ: {وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَلَقَّوْنَهُ}: يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ.
{تُفِيضُونَ}: تَقُولُونَ.
4751- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُلَيْمَانُ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أُمِّ رُومَانَ أُمِّ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رُمِيَتْ عَائِشَةُ، خَرَّتْ مَغْشِيًّا عَلَيْهَا.(6/132)
8- بَابُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ}.
4752- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثنا هِشَامٌ (1)، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقْرَأُ: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ}.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: ابن يوسف.(6/132)
بَابُ: {وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
4753- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ، قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَالَ: فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، زَوْجَةُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ، وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا.
4754- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ المَجِيدِ، حَدَّثنا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ القَاسِمِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، اسْتَأْذَنَ عَلَى عَائِشَةَ، نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ: نِسْيًا مَنْسِيًّا.(6/132)
9- بَابُ: {يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا} الآيَةَ.
4755- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: جَاءَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، قُلْتُ: أَتَأْذَنِينَ لِهَذَا؟ قَالَتْ: أَوَلَيْسَ قَدْ أَصَابَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ، قَالَ سُفْيَانُ: تَعْنِي ذَهَابَ بَصَرِهِ، فَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ.
قَالَتْ: لَكِنْ أَنْتَ.(6/133)
10- بَابُ: {وَيُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.
4756- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى عَائِشَةَ فَشَبَّبَ، وَقَالَ:
حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ... وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ
قَالَتْ عَائِشَةُ: لَسْتَ كَذَاكَ، قُلْتُ: تَدَعِينَ مِثْلَ هَذَا يَدْخُلُ عَلَيْكِ، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} فَقَالَتْ: وَأَيُّ عَذَابٍ أَشَدُّ مِنَ العَمَى، وَقَالَتْ: وَقَدْ كَانَ يَرُدُّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/133)
11- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللهَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}
{وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ وَالمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
4757- وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِيَّ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ: أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَايْمُ اللهِ، مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي مِنْ سُوءٍ، وَأَبَنُوهُمْ بِمَنْ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ، وَلاَ يَدْخُلُ بَيْتِي قَطُّ إِلاَّ وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلاَ غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلاَّ غَابَ مَعِي، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ نَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أُمُّ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: كَذَبْتَ، أَمَا وَاللهِ أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تُضْرَبَ أَعْنَاقُهُمْ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ وَالخَزْرَجِ شَرٌّ فِي المَسْجِدِ، وَمَا عَلِمْتُ، فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ اليَوْمِ، خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَثَرَتْ، وَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: أَيْ أُمِّ، تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ وَسَكَتَتْ، ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّانِيَةَ، فَقَالَتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ، فَقُلْتُ: أَيْ أُمِّ، تَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَسَكَتَتْ ثُمَّ عَثَرَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: تَعَسَ مِسْطَحٌ، فَانْتَهَرْتُهَا، فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا أَسُبُّهُ إِلاَّ فِيكِ، فَقُلْتُ: فِي أَيِّ شَأْنِي؟ قَالَتْ: فَبَقَرَتْ لِي الحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَاللهِ،(6/134)
فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي كَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لاَ أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلاً، وَلاَ كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِي الغُلاَمَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ، فَوَجَدْتُ أُمَّ رُومَانَ فِي السُّفْلِ، وَأَبَا بَكْرٍ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ، فَقَالَتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا وَذَكَرْتُ لَهَا الحَدِيثَ، وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مِثْلَ مَا بَلَغَ مِنِّي، فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّةُ، خَفِّضِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ وَاللهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ قَطُّ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا، لَهَا ضَرَائِرُ، إِلاَّ حَسَدْنَهَا، وَقِيلَ فِيهَا: وَإِذَا هُوَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي، قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَاسْتَعْبَرْتُ وَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ البَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ قَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ أَيْ بُنَيَّةُ، إِلاَّ رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ، وَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْتِي، فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمَتِي، فَقَالَتْ: لاَ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا، إِلاَّ أَنَّهَا كَانَتْ تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ، فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا، أَوْ: عَجِينَهَا، وَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اصْدُقِي رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حَتَّى أَسْقَطُوا لَهَا بِهِ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلاَّ مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ عَلَى تِبْرِ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ، وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلَِ الَّذِي قِيلَ لَهُ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، وَاللهِ مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطُّ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالاَ، حَتَّى دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَدْ صَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَخَلَ وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، إِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا، أَوْ ظَلَمْتِ، فَتُوبِي إِلَى اللهِ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ مِنْ عِبَادِهِ، قَالَتْ: وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ،(6/135)
فَقُلْتُ: أَلاَ تَسْتَحْيِ مِنْ هَذِهِ المَرْأَةِ، أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا، فَوَعَظَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَقُلْتُ: أَجِبْهُ، قَالَ: فَمَاذَا أَقُولُ؟ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي، فَقُلْتُ: أَجِيبِيهِ، فَقَالَتْ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ تَشَهَّدْتُ، فَحَمِدْتُ اللهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ، مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وَأُشْرِبَتْهُ قُلُوبُكُمْ، وَإِنْ قُلْتُ: إِنِّي فَعَلْتُ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَفْعَلْ، لَتَقُولُنَّ: قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنِّي وَاللهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلاً، وَالتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ، فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ إِلاَّ أَبَا يُوسُفَ، حِينَ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} وَأُنْزِلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ سَاعَتِهِ، فَسَكَتْنَا فَرُفِعَ عَنْهُ، وَإِنِّي لأَتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَيَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ، قَالَتْ: وَكُنْتُ أَشَدَّ مَا كُنْتُ غَضَبًا، فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَقُومُ إِلَيْهِ وَلاَ أَحْمَدُهُ، وَلاَ أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ، وَلاَ غَيَّرْتُمُوهُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: أَمَّا زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ، فَعَصَمَهَا اللهُ بِدِينِهَا، فَلَمْ تَقُلْ إِلاَّ خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حَمْنَةُ، فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيهِ: مِسْطَحٌ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَالمُنَافِقُ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيهِ وَيَجْمَعُهُ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ، هُوَ وَحَمْنَةُ، قَالَتْ: فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لاَ يَنْفَعَ مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الفَضْلِ مِنْكُمْ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ، {وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي القُرْبَى وَالمَسَاكِينَ}: يَعْنِي مِسْطَحًا، إِلَى قَوْلِهِ: {أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} حَتَّى قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللهِ يَا رَبَّنَا، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لَهُ بِمَا كَانَ يَصْنَعُ.(6/136)
12- بَابُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.
4758- وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: حَدَّثنا أَبِي، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَرْحَمُ اللهُ نِسَاءَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلَ، لَمَّا أَنْزَلَ اللهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شَقَّقْنَ مُرُوطَهُنَّ، فَاخْتَمَرْنَ بِهِ.(6/136)
4759- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ ؛ أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، كَانَتْ تَقُولُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}: أَخَذْنَ أُزْرَهُنَّ فَشَقَّقْنَهَا مِنْ قِبَلِ الحَوَاشِي، فَاخْتَمَرْنَ بِهَا.(6/136)
25- سُورَةُ الفُرْقَانُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَبَاءً مَنْثُورًا}: مَا تَسْفِي بِهِ الرِّيحُ.
{مَدَّ الظِّلَّ}: مَا بَيْنَ طُلُوعِ الفَجْرِ إِلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ.
{سَاكِنًا}: دَائِمًا.
{عَلَيْهِ دَلِيلاً}: طُلُوعُ الشَّمْسِ.
{خِلْفَةً}: مَنْ فَاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ عَمَلٌ أَدْرَكَهُ بِالنَّهَارِ، أَوْ فَاتَهُ بِالنَّهَارِ أَدْرَكَهُ بِاللَّيْلِ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}: فِي طَاعَةِ اللهِ، وَمَا شَيْءٌ أَقَرَّ لِعَيْنِ المُؤْمِنِ مِنْ أَنْ يَرَى حَبِيبَهُ فِي طَاعَةِ اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ثُبُورًا}: وَيْلاً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {السَّعِيرُ} مُذَكَّرٌ، وَالتَّسَعُّرُ وَالاِضْطِرَامُ التَّوَقُّدُ الشَّدِيدُ.
{تُمْلَى عَلَيْهِ}: تُقْرَأُ عَلَيْهِ، مِنْ أَمْلَيْتُ وَأَمْلَلْتُ.
{الرَّسُّ}: المَعْدِنُ، جَمْعُهُ رِسَاسٌ.
{مَا يَعْبَأُ}: يُقَالُ: مَا عَبَأْتُ بِهِ شَيْئًا، لاَ يُعْتَدُّ بِهِ.
{غَرَامًا}: هَلاَكًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَعَتَوْا}: طَغَوْا.
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {عَاتِيَةٍ}: عَتَتْ عَنِ الْخَزَّانِ.(6/137)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلاً}.
4760- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ البَغْدَادِيُّ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، يُحْشَرُ الكَافِرُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ الَّذِي أَمْشَاهُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ فِي الدُّنْيَا، قَادِرًا عَلَى أَنْ يُمْشِيَهُ عَلَى وَجْهِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ قَتَادَةُ: بَلَى وَعِزَّةِ رَبِّنَا.(6/137)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}: العُقُوبَةَ.
4761- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، وَسُلَيْمَانُ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ (1)، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ (ح) قَالَ: وَحَدَّثَنِي وَاصِلٌ (2)، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلْتُ، أَوْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللهِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: أَنْ تُزَانِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ، قَالَ: وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَصْدِيقًا لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ}.
__________
(1) قال ابن حَجَر: "عَن أَبِي وائِل، عَن أَبِي مَيسَرَةَ"، اسمه عَمرو بن شُرَحبِيل.
(2) قال ابن حَجَر: قَوله: "قالَ: وَحَدَّثَنِي واصِل"، هُو ابن حَيَّانَ الأَسَدِيُّ الكُوفِيّ، ثِقَة مِن طَبَقَة الأَعمَش، والقائِل هُو سُفيان الثَّورِيّ. "فتح الباري" 8/493.(6/137)
4762- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي القَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: هَلْ لِمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: {وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} فَقَالَ سَعِيدٌ: قَرَأْتُهَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا قَرَأْتَهَا عَلَيَّ، فَقَالَ: هَذِهِ مَكِّيَّةٌ، نَسَخَتْهَا آيَةٌ مَدَنِيَّةٌ، الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ.(6/138)
4763- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الكُوفَةِ فِي قَتْلِ المُؤْمِنِ، فَدَخَلْتُ فِيهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي آخِرِ مَا نَزَلَ، وَلَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ.(6/138)
4764- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا مَنْصُورٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} قَالَ: لاَ تَوْبَةَ لَهُ، وَعَنْ قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ} قَالَ: كَانَتْ هَذِهِ فِي الجَاهِلِيَّةِ.(6/138)
3- بَابُ: {يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}.
4765- حَدَّثنا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ أَبْزَى: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} وَقَوْلِهِ: {وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} حَتَّى بَلَغَ: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ} فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ، قَالَ أَهْلُ مَكَّةَ: فَقَدْ عَدَلْنَا بِاللهِ، وَقَتَلْنَا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ، وَأَتَيْنَا الفَوَاحِشَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورًا رَحِيمًا}.(6/138)
4- بَابُ: {إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}.
4766- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: أَمَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبْزَى، أَنْ أَسْأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: لَمْ يَنْسَخْهَا شَيْءٌ، وَعَنْ: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الشِّرْكِ.(6/139)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} هَلَكَةً.
4767- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: الدُّخَانُ، وَالقَمَرُ، وَالرُّومُ، وَالبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا}.(6/139)
26- سُورَةُ الشُّعَرَاءُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَعْبَثُونَ}: تَبْنُونَ.
{هَضِيمٌ}: يَتَفَتَّتُ إِذَا مُسَّ.
{مُسَحَّرِينَ}: مَسْحُورِينَ.
{اللَّيْكَة} وَ{الأَيْكَةُ} جَمْعُ أَيْكَةٍ، وَهِيَ جَمْعُ الشَجَرِ.
{يَوْمِ الظُّلَّةِ}: إِظْلاَلُ العَذَابِ إِيَّاهُمْ.
{مَوْزُونٍ}: مَعْلُومٍ.
{كَالطَّوْدِ}: كَالْجَبَلِ.
{لَشِرْذِمَةٌ}: الْشِّرْذِمَةُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ.
{فِي السَّاجِدِينَ}: المُصَلِّينَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}: كَأَنَّكُمْ.
الرِّيعُ: الأَيْفَاعُ مِنَ الأَرْضِ، وَجَمْعُهُ رِيَعَةٌ وَأَرْيَاعٌ، وَاحِدُهُ الرَّيعَةِ.
{مَصَانِعَ}: كُلُّ بِنَاءٍ فَهُوَ مَصْنَعَةٌ.
{فَرِهِينَ}: مَرِحِينَ.
{فَارِهِينَ}: بِمَعْنَاهُ، وَيُقَالُ {فَارِهِينَ}: حَاذِقِينَ.
{تَعْثَوْا}: هُوَ أَشَدُّ الفَسَادِ: وَعَاثَ يَعِيثُ عَيْثًا.
{الجِبِلَّةَ}: الخَلْقُ، جُبِلَ: خُلِقَ، وَمِنْهُ: جُبُلاً وَجِبِلاً، وَجُبْلاً: يَعْنِي الخَلْقَ.
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.(6/139)
1- بَابُ: {وَلاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ}.
4768- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ: عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يَرَى أَبَاهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ الغَبَرَةُ وَالقَتَرَةُ.
وَالغَبَرَةُ: هِيَ القَتَرَةُ.(6/139)
4769- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثنا أَخِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لاَ تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَيَقُولُ اللهُ: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ.(6/139)
2- بَابُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ}: أَلِنْ جَانِبَكَ.
4770- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صَعِدَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ، لِبُطُونِ قُرَيْشٍ، حَتَّى اجْتَمَعُوا، فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ، أَرْسَلَ رَسُولاً لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلاَّ صِدْقًا، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}.(6/140)
4771- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} قَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، أَوْ: كَلِمَةً نَحْوَهَا، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ، لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي، لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا.
تَابَعَهُ أَصْبَغُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ.(6/140)
27- سُورَةُ النَّمْلِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
الخَبْءُ: مَا خَبَأْتَ.
{لاَ قِبَلَ}: لاَ طَاقَةَ.
{الصَّرْحُ}: كُلُّ مِلاَطٍ اتُّخِذَ مِنَ القَوَارِيرِ، وَالصَّرْحُ: القَصْرُ، وَجَمَاعَتُهُ صُرُوحٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَهَا عَرْشٌ}: سَرِيرٌ.
{كَرِيمٌ} حُسْنُ الصَّنْعَةِ، وَغَلاَءُ الثَّمَنِ.
{مُسْلِمِينَ}: طَائِعِينَ.(6/140)
{رَدِفَ}: اقْتَرَبَ.
{جَامِدَةً}: قَائِمَةً.
{أَوْزِعْنِي}: اجْعَلْنِي.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَكِّرُوا}: غَيِّرُوا.
وَالْقَبَسُ: مَا اقْتُبِسَتْ مِنْهُ النَّارُ.
{وَأُوتِينَا العِلْمَ}: يَقُولُهُ سُلَيْمَانُ، الصَّرْحُ بِرْكَةُ مَاءٍ ضَرَبَ عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ.
{قَوَارِيرَ}، أَلْبَسَهَا إِيَّاهُ.(6/141)
28- سُورَةُ القَصَصُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ}: إِلاَّ مُلْكَهُ، وَيُقَالُ: إِلاَّ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْبَاءُ}: الحُجَجُ.
1- بَابُ: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
4772- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ، جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ المُغِيرَةِ، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ، قُلْ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدَانِهِ بِتِلْكَ المَقَالَةِ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَاللهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} وَأَنْزَلَ اللهُ فِي أَبِي طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أُولِي القُوَّةِ}: لا يَرْفَعُهَا العُصْبَةُ مِنَ الرِّجَالِ.
{لَتَنُوءُ}: لَتُثْقِلُ.
{فَارِغًا}: إِلاَّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى.
{الفَرِحِينَ}: المَرِحِينَ.(6/141)
{قُصِّيهِ}: اتَّبِعِي أَثَرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَنْ يَقُصَّ الكَلاَمَ: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ}.
{عَنْ جُنُبٍ}: عَنْ بُعْدٍ، وَعَنْ جَنَابَةٍ وَاحِدٌ، وَعَنِ اجْتِنَابٍ أَيْضًا وَيَبْطِشُ، وَيَبْطُشُ.
{يَأْتَمِرُونَ}: يَتَشَاوَرُونَ، العُدْوَانُ وَالعَدَاءُ وَالتَّعَدِّي وَاحِدٌ.
{آنَسَ}: أَبْصَرَ.
{الجِذْوَةُ}: قِطْعَةٌ غَلِيظَةٌ مِنَ الخَشَبِ، لَيْسَ فِيهَا لَهَبٌ، وَالشِّهَابُ فِيهِ لَهَبٌ، وَالحَيَّاتُ: أَجْنَاسٌ: الجَانُّ، وَالأَفَاعِي، وَالأَسَاوِدُ.
{رِدْءًا}: مُعِينًا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُصَدِّقُنِي.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَنَشُدُّ}: سَنُعِينُكَ، كُلَّمَا عَزَّزْتَ شَيْئًا، فَقَدْ جَعَلْتَ لَهُ عَضُدًا.
{مَقْبُوحِينَ}: مُهْلَكِينَ.
{وَصَّلْنَا}: بَيَّنَّاهُ وَأَتْمَمْنَاهُ.
{يُجْبَى}: يُجْلَبُ.
{بَطِرَتْ}: أَشِرَتْ.
{فِي أُمِّهَا رَسُولاً}: أُمُّ القُرَى: مَكَّةُ وَمَا حَوْلَهَا.
{تُكِنُّ}: تُخْفِي، أَكْنَنْتُ: الشَّيْءَ أَخْفَيْتُهُ، وَكَنَنْتُهُ: أَخْفَيْتُهُ وَأَظْهَرْتُهُ.
{وَيْكَأَنَّ اللهَ}: مِثْلُ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}: يُوَسِّعُ عَلَيْهِ، وَيُضَيِّقُ عَلَيْهِ.(6/142)
2- بَابُ: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ} الآيَةَ.
4773- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا يَعْلَى، حَدَّثنا سُفْيَانُ العُصْفُرِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} قَالَ: إِلَى مَكَّةَ.(6/142)
29- سُورَةُ العَنْكَبُوتِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}: ضَلَلَةً.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {الْحَيَوَانُ}، وَالْحَيُّ وَاحِدٌ.
{فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ}: عَلِمَ اللهُ ذَلِكَ، إِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ فَلِيَمِيزَ اللهُ، كَقَوْلِهِ: {لِيَمِيزَ اللهُ الخَبِيثَ}.
{أَثْقَالاً مَعَ أَثْقَالِهِمْ}: أَوْزَارًا مَعَ أَوْزَارِهِمْ.(6/142)
30- سُورَةُ الرُّومُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{فَلاَ يَرْبُو}: مَنْ أَعْطَى يَبْتَغِي أَفْضَلَ فَلاَ أَجْرَ لَهُ فِيهَا.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {يُحْبَرُونَ}: يُنَعَّمُونَ.
{يَمْهَدُونَ}: يُسَوُّونَ المَضَاجِعَ.
{الوَدْقُ}: المَطَرُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}: فِي الآلِهَةِ.
وَفِيهِ: {تَخَافُونَهُمْ}: أَنْ يَرِثُوكُمْ كَمَا يَرِثُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا.
{يَصَّدَّعُونَ}: يَتَفَرَّقُونَ.
{فَاصْدَعْ} وَقَالَ غَيْرُهُ: {ضُعْفٌ}: وَضَعْفٌ لُغَتَانِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {السُّوأَى}: الإِسَاءَةُ جَزَاءُ المُسِيئِينَ.
4774- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا مَنْصُورٌ، وَالأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يُحَدِّثُ فِي كِنْدَةَ، فَقَالَ: يَجِيءُ دُخَانٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ بِأَسْمَاعِ المُنَافِقِينَ وَأَبْصَارِهِمْ، يَأْخُذُ المُؤْمِنَ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، فَفَزِعْنَا،(6/142)
فَأَتَيْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَغَضِبَ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: مَنْ عَلِمَ فَلْيَقُلْ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ: لاَ أَعْلَمُ، فَإِنَّ اللهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} وَإِنَّ قُرَيْشًا أَبْطَؤُوا عَنِ الإِسْلاَمِ، فَدَعَا عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى هَلَكُوا فِيهَا، وَأَكَلُوا المَيْتَةَ وَالعِظَامَ، وَيَرَى الرَّجُلُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، جِئْتَ تَأْمُرُنَا بِصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللهَ، فَقَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {عَائِدُونَ} أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابُ الآخِرَةِ إِذَا جَاءَ، ثُمَّ عَادُوا إِلَى كُفْرِهِمْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى}: يَوْمَ بَدْرٍ، وَلِزَامًا: يَوْمَ بَدْرٍ: {الم غُلِبَتِ الرُّومُ} إِلَى: {سَيَغْلِبُونَ}: وَالرُّومُ قَدْ مَضَى.(6/143)
1- بَابُ: {لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ}: لِدِينِ اللهِ.
{خُلُقُ الأَوَّلِينَ}: دِينُ الأَوَّلِينَ، وَالفِطْرَةُ الإِسْلاَمُ.
4775- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ، ثُمَّ يَقُولُ: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ}.(6/143)
31- سُورَةُ لُقْمَانَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
1- {لاَ تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.
4776- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَالُوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّهُ لَيْسَ بِذَاكَ، أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لاِبْنِهِ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}.(6/143)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}.
4777- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِي حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَرُسُلِهِ، وَلِقَائِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الإِسْلاَمُ؟ قَالَ: الإِسْلاَمُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ، وَلاَ تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الإِحْسَانُ؟ قَالَ: الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: مَا المَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا: إِذَا وَلَدَتِ المَرْأَةُ رَبَّتَهَا، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، وَإِذَا كَانَ الحُفَاةُ العُرَاةُ رُؤُوسَ النَّاسِ، فَذَاكَ مِنْ أَشْرَاطِهَا، فِي خَمْسٍ لاَ يَعْلَمُهُنَّ إِلاَّ اللهُ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} ثُمَّ انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ، فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوا، فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا، فَقَالَ: هَذَا جِبْرِيلُ، جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ.(6/144)
4778- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَفَاتِيحُ الغَيْبِ خَمْسٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ}.(6/144)
32- سُورَةُ السَّجْدَةِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَهِينٍ}: ضَعِيفٍ: نُطْفَةُ الرَّجُلِ.
{ضَلَلْنَا}: هَلَكْنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الجُرُزُ}: الَّتِي لاَ تُمْطَرُ إِلاَّ مَطَرًا لاَ يُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا.
{يَهْدِ}: يُبَيِّنْ.(6/144)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ}.
4779- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}.
وَحَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ اللهُ مِثْلَهُ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: رِوَايَةً؟ قَالَ: فَأَيُّ شَيْءٍ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ: قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قُرَّاتِ أَعْيُنٍ.(6/145)
4780- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، حَدَّثنا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ، مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، دُخْرًا مِنْ بَلْهِ، مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.(6/145)
33- سُورَةُ الأَحْزَابُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {صَيَاصِيهِمْ}: قُصُورِهِمْ. مَعْرُوفًا فِي الْكِتَابِ.
4781- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلاَّ وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ تَرَكَ مَالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانُوا، فَإِنْ تَرَكَ دَيْنًا، أَوْ ضَيَاعًا، فَلْيَأْتِنِي وَأَنَا مَوْلاَهُ.(6/145)
2- بَابُ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ}.
4782- حَدَّثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ المُخْتَارِ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ، مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مَا كُنَّا نَدْعُوهُ إِلاَّ زَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ، حَتَّى نَزَلَ القُرْآنُ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ}.(6/145)
3- بَابُ: {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً}.
{نَحْبَهُ}: عَهْدَهُ.
{أَقْطَارِهَا}: جَوَانِبُهَا.
{الفِتْنَةَ لآتَوْهَا}: لأَعْطَوْهَا.
4783- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: نُرَى هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}.(6/146)
4784- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالَ: لَمَّا نَسَخْنَا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ، فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الأَحْزَابِ، كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَؤُهَا لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ، إِلاَّ مَعَ خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، الَّذِي جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ}.(6/146)
4- بَابُ: {قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}.
التَّبَرُّجُ: أَنْ تُخْرِجَ مَحَاسِنَهَا.
{سُنَّةَ اللهِ}: اسْتَنَّهَا جَعَلَهَا.
4785- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جَاءَهَا حِينَ أَمَرَ اللهُ أَنْ يُخَيِّرَ أَزْوَاجَهُ، فَبَدَأَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلا عَلَيْكِ أَنْ تَسْتَعْجِلِي، حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} إِلَى تَمَامِ الآيَتَيْنِ، فَقُلْتُ لَهُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ.(6/146)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ}: القُرْآنِ وَالسُّنَّةُ.
4786- وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَتْ: لَمَّا أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِتَخْيِيرِ أَزْوَاجِهِ، بَدَأَ بِي، فَقَالَ: إِنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلاَ عَلَيْكِ أَنْ لاَ تَعْجَلِي، حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْكِ، قَالَتْ: وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ، قَالَتْ: ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ قَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} إِلَى: {أَجْرًا عَظِيمًا} قَالَتْ: فَقُلْتُ: فَفِي أَيِّ هَذَا أَسْتَأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فَإِنِّي أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، قَالَتْ: ثُمَّ فَعَلَ أَزْوَاجُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِثْلَ مَا فَعَلْتُ.
تَابَعَهُ مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَبُو سُفْيَانَ المَعْمَرِيُّ: عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ.(6/146)
6- بَابُ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ}.
4787- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثنا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، حَدَّثنا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} نَزَلَتْ فِي شَأْنِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ.(6/147)
7- بَابُ قَوْلِهِ: {تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (تُرْجِئُ): تُؤَخِّرُ، أَرْجِئْهُ: أَخِّرْهُ.
4788- حَدَّثنا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: هِشَامٌ حَدَّثنا عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كُنْتُ أَغَارُ عَلَى اللاَّتِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَقُولُ أَتَهَبُ المَرْأَةُ نَفْسَهَا؟ فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ} قُلْتُ: مَا أُرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.(6/147)
4789- حَدَّثنا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ، عَنْ مُعَاذَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَسْتَأْذِنُ فِي يَوْمِ المَرْأَةِ مِنَّا، بَعْدَ أَنْ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ}.
فَقُلْتُ لَهَا: مَا كُنْتِ تَقُولِينَ؟ قَالَتْ: كُنْتُ أَقُولُ لَهُ: إِنْ كَانَ ذَاكَ إِلَيَّ، فَإِنِّي لاَ أُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ أُوثِرَ عَلَيْكَ أَحَدًا.
تَابَعَهُ عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، سَمِعَ عَاصِمًا.(6/147)
8- بَابُ قَوْلِهِ: {لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمًا}.
يُقَالُ: {إِنَاهُ}: إِدْرَاكُهُ، أَنَى يَأْنِي أَنَاةً.
{لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}: إِذَا وَصَفْتَ صِفَةَ المُؤَنَّثِ، قُلْتَ: قَرِيبَةً، وَإِذَا جَعَلْتَهُ ظَرْفًا وَبَدَلاً، وَلَمْ تُرِدِ الصِّفَةَ، نَزَعْتَ الهَاءَ مِنَ المُؤَنَّثِ، وَكَذَلِكَ لَفْظُهَا فِي الوَاحِدِ وَالاِثْنَيْنِ، وَالجَمِيعِ، لِلذَّكَرِ وَالأُنْثَى.
4790- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ (1) يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، يَدْخُلُ عَلَيْكَ البَرُّ وَالفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِالحِجَابِ، فَأَنْزَلَ اللهُ آيَةَ الحِجَابِ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: حدثنا.(6/148)
4791- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدَّثنا أَبُو مِجْلَزٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ زَيْنَبَ ابْنَةَ جَحْشٍ، دَعَا القَوْمَ فَطَعِمُوا، ثُمَّ جَلَسُوا يَتَحَدَّثُونَ، وَإِذَا هُوَ كَأَنَّهُ يَتَهَيَّأُ لِلْقِيَامِ، فَلَمْ يَقُومُوا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَامَ، فَلَمَّا قَامَ، قَامَ مَنْ قَامَ، وَقَعَدَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيَدْخُلَ، فَإِذَا القَوْمُ جُلُوسٌ، ثُمَّ إِنَّهُمْ قَامُوا، فَانْطَلَقْتُ، فَجِئْتُ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُمْ قَدِ انْطَلَقُوا، فَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ، فَذَهَبْتُ أَدْخُلُ، فَأَلْقَى الحِجَابَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} الآيَةَ.(6/148)
4792- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَذِهِ الآيَةِ: آيَةِ الحِجَابِ، لَمَّا أُهْدِيَتْ زَيْنَبُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، كَانَتْ مَعَهُ فِي البَيْتِ، صَنَعَ طَعَامًا وَدَعَا القَوْمَ، فَقَعَدُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَخْرُجُ، ثُمَّ يَرْجِعُ، وَهُمْ قُعُودٌ يَتَحَدَّثُونَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} فَضُرِبَ الحِجَابُ، وَقَامَ القَوْمُ.(6/149)
4793- حَدَّثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا، فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: فَارْفَعُوا طَعَامَكُمْ، وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللهِ، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ بَارَكَ اللهُ لَكَ، فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ، يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ، وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِذَا ثَلاَثَةٌ مِنْ رَهْطٌٍ فِي البَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ شَدِيدَ الحَيَاءِ، فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ، أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ القَوْمَ خَرَجُوا فَرَجَعَ، حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ البَابِ دَاخِلَةً، وَأُخْرَى خَارِجَةً، أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ.(6/149)
4794- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ، حَدَّثنا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوْلَمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ بَنَى بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، فَأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزًا وَلَحْمًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صَبِيحَةَ بِنَائِهِ، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ، وَيَدْعُو لَهُنَّ، وَيُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ، وَيَدْعُونَ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى بَيْتِهِ، رَأَى رَجُلَيْنِ جَرَى بِهِمَا الحَدِيثُ، فَلَمَّا رَآهُمَا رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلاَنِ نَبِيَّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَجَعَ عَنْ بَيْتِهِ وَثَبَا مُسْرِعَيْنِ، فَمَا أَدْرِي أَنَا أَخْبَرْتُهُ بِخُرُوجِهِمَا أَمْ أُخْبِرَ، فَرَجَعَ، حَتَّى دَخَلَ البَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحِجَابِ.
وَقَالَ (1) ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ: أَخبَرَنا يَحْيَى، حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، سَمِعَ أَنَسًا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: إبراهيم بن(6/149)
4795- حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بَعْدَ مَا ضُرِبَ الحِجَابُ لِحَاجَتِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً جَسِيمَةً لاَ تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفُهَا، فَرَآهَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا سَوْدَةُ، أَمَا وَاللهِ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَانْظُرِي كَيْفَ تَخْرُجِينَ، قَالَتْ: فَانْكَفَأَتْ رَاجِعَةً، وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي بَيْتِي، وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَدِهِ عَرْقٌ، فَدَخَلَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، فَقَالَ لِي عُمَرُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ رُفِعَ عَنْهُ، وَإِنَّ العَرْقَ فِي يَدِهِ مَا وَضَعَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ.(6/150)
9- بَاب قَوْلُهُ: {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا لاَ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلاَ أَبْنَائِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلاَ نِسَائِهِنَّ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}.
4796- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثنا عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ، بَعْدَ مَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ، حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِينَ عَمُّكِ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَالَ: ائْذَنِي لَهُ، فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ.
قَالَ عُرْوَةُ: فَلِذَلِكَ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا تُحَرِّمُونَ مِنَ النَّسَبِ.(6/150)
10- بَاب قَوْلِهِ: {إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.
قَالَ أَبُو العَالِيَةِ: صَلاَةُ اللهِ: ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ المَلاَئِكَةِ، وَصَلاَةُ المَلاَئِكَةِ الدُّعَاءُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُصَلُّونَ: يُبَرِّكُونَ.
{لَنُغْرِيَنَّكَ}: لَنُسَلِّطَنَّكَ.
4797- حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى (1)، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا مِسْعَرٌ، عَنِ الحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَّا السَّلاَمُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلاَةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: يحيى بن سعيد.(6/151)
4798- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا التَّسْلِيمُ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ أَبُو صَالِحٍ، عَنِ اللَّيْثِ: عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ.
- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، وَالدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ يَزِيدَ، وَقَالَ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَآلِ إِبْرَاهِيمَ.(6/151)
11- بَابُ: {لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}.
4799- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخبَرَنا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثنا عَوْفٌ، عَنِ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، وَخِلاَسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلاً حَيِيًّا، وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهًا}.(6/151)
34- سُورَةُ سَبَأْ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
يُقَالُ: {مُعَاجِزِينَ}: مُسَابِقِينَ.
{بِمُعْجِزِينَ}: بِفَائِتِينَ، مُعَاجِزِيَّ: مُسَابِقِيَّ.
{سَبَقُوا}: فَاتُوا.
{لاَ يُعْجِزُونَ}: لاَ يَفُوتُونَ.
{يَسْبِقُونَا}: يُعْجِزُونَا.
قَوْلُهُ: {بِمُعْجِزِينَ}: بِفَائِتِينَ، وَمَعْنَى: {مُعَاجِزِينَ}: مُغَالِبِينَ، يُرِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُظْهِرَ عَجْزَ صَاحِبِهِ.
{مِعْشَارٌ}: عُشْرٌ، يُقَالُ: الأُكُلُ الثَّمَرُ.
{بَاعِدْ}: وَبَعِّدْ وَاحِدٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ يَعْزُبُ}: لاَ يَغِيبُ.
{سَيْلَ العَرِمِ}: السُّدُّ: مَاءٌ أَحْمَرُ أَرْسَلَهُ اللهُ فِي السُّدِّ، فَشَقَّهُ وَهَدَمَهُ، وَحَفَرَ الوَادِيَ، فَارْتَفَعَتَا عَنِ الجَنْبَيْنِ، وَغَابَ عَنْهُمَا المَاءُ فَيَبِسَتَا، وَلَمْ يَكُنِ المَاءُ الأَحْمَرُ مِنَ السُّدِّ، وَلَكِنْ كَانَ عَذَابًا أَرْسَلَهُ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ: {العَرِمُ}: المُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ اليَمَنِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {العَرِمُ}: الوَادِي.
{السَّابِغَاتُ}: الدُّرُوعُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (يُجَازَى): يُعَاقَبُ.
{أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ}: بِطَاعَةِ اللهِ.
{مَثْنَى وَفُرَادَى}: وَاحِدٌ وَاثْنَيْنِ.
{التَّنَاوُشُ}: الرَّدُّ مِنَ الآخِرَةِ إِلَى الدُّنْيَا.
{وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ}: مِنْ مَالٍ، أَوْ وَلَدٍ، أَوْ زَهْرَةٍ.
{بِأَشْيَاعِهِمْ}: بِأَمْثَالِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْجَوَابِ}: كَالْجَوْبَةِ مِنَ الأَرْضِ.
{الخَمْطُ}: الأَرَاكُ.
{وَالأَثَلُ}: الطَّرْفَاءُ.
{العَرِمُ}: الشَّدِيدُ.(6/152)
1- بَابُ: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الحَقَّ وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ}.
4800- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرٌو، قَالَ: سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ فِي السَّمَاءِ، ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ، كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ، قَالُوا: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟ قَالُوا لِلَّذِي قَالَ: الحَقَّ، وَهُوَ العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا، بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ فَحَرَفَهَا، وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ، فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيَهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ، أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَهَا، وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ، فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا: كَذَا وَكَذَا، فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سَمِعَ مِنَ السَّمَاءِ.(6/152)
2- بَاب قَوْلُهُ: {إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}.
4801- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الصَّفَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: يَا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، قَالُوا: مَا لَكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ يُصَبِّحُكُمْ أَوْ يُمَسِّيكُمْ، أَمَا كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَأَنْزَلَ اللهُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.(6/153)
35- سُورَةُ المَلاَئِكَةُ وَيَس.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: القِطْمِيرُ: لِفَافَةُ النَّوَاةِ.
{مُثْقَلَةٌ}: مُثَقَّلَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الحَرُورُ}: بِاللَّيْلِ وَالسَّمُومُ بِالنَّهَارِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {الحَرُورُ}: بِالنَّهَارِ مَعَ الشَّمْسِ.
{وَغَرَابِيبُ سُودٍ}: أَشَدُّ سَوَادٍ، الغِرْبِيبُ: الشَّدِيدُ السَّوَادِ.(6/153)
36- سُورَةُ يس.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَعَزَّزْنَا}: شَدَّدْنَا.
{يَا حَسْرَةً عَلَى العِبَادِ}: وَكَانَ حَسْرَةً عَلَيْهِمُ اسْتِهْزَاؤُهُمْ بِالرُّسُلِ.
{أَنْ تُدْرِكَ القَمَرَ}: لاَ يَسْتُرُ ضَوْءُ أَحَدِهِمَا ضَوْءَ الآخَرِ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُمَا ذَلِكَ.
{سَابِقُ النَّهَارِ}: يَتَطَالَبَانِ حَثِيثَيْنِ.
{نَسْلَخُ}: نُخْرِجُ أَحَدَهُمَا مِنَ الآخَرِ، وَيَجْرِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
{مِنْ مِثْلِهِ}: مِنَ الأَنْعَامِ.
{فَكِهُونَ}: مُعْجَبُونَ.(6/153)
{جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}: عِنْدَ الحِسَابِ.
وَيُذْكَرُ عَنْ عِكْرِمَةَ: {المَشْحُونِ}: المُوقَرُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَائِرُكُمْ}: مَصَائِبُكُمْ.
{يَنْسِلُونَ}: يَخْرُجُونَ.
{مَرْقَدِنَا}: مَخْرَجِنَا.
{أَحْصَيْنَاهُ}: حَفِظْنَاهُ.
{مَكَانَتُهُمْ}: وَمَكَانُهُمْ وَاحِدٌ.(6/154)
1- بَاب قَوْلُهُ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ}.
4802- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي المَسْجِدِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: يَا أَبَا ذَرٍّ، أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ؟ قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: فَإِنَّهَا تَذْهَبُ حَتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ العَزِيزِ العَلِيمِ}.(6/154)
4803- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا وَكِيعٌ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} قَالَ: مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ العَرْشِ.(6/154)
37- سُورَةُ الصَّافَّاتِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ}: مِنْ كُلِّ مَكَانٍ.
{وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دُحُورًا}: يُرْمَوْنَ.
{وَاصِبٌ}: دَائِمٌ.
{لاَزِبٌ}: لاَزِمٌ.
{تَأْتُونَنَا عَنِ اليَمِينِ}: يَعْنِي الحَقَّ، الكُفَّارُ تَقُولُهُ لِلشَّيَطِينِ.
{غَوْلٌ}: وَجَعُ بَطْنٍ.
{يُنْزَفُونَ}: لاَ تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ.
{قَرِينٌ}: شَيْطَانٌ.
{يُهْرَعُونَ}: كَهَيْئَةِ الهَرْوَلَةِ.
{يَزِفُّونَ}: النَّسَلاَنُ فِي المَشْيِ.
{وَبَيْنَ الجِنَّةِ نَسَبًا}: قَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: المَلاَئِكَةُ بَنَاتُ اللهِ، وَأُمَّهَاتُهُمْ بَنَاتُ سَرَوَاتِ الجِنِّ.
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ}: سَيُحْضَرُونَ لِلْحِسَابِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: المَلاَئِكَةُ.
{صِرَاطِ الجَحِيمِ} {سَوَاءِ الجَحِيمِ}: وَوَسَطِ الجَحِيمِ.
{لَشَوْبًا}: يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ، وَيُسَاطُ بِالحَمِيمِ.
{مَدْحُورًا}: مَطْرُودًا.
{بَيْضٌ مَكْنُونٌ}: اللُّؤْلُؤُ المَكْنُونُ.
{وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ}: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ.
{يَسْتَسْخِرُونَ}: يَسْخَرُونَ.
{بَعْلاً}: رَبًّا.
الأَسْبَاب: السَّمَاء.(6/154)
1- بَاب قَوْلُهُ: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ}.
4804- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَكُونَ خَيْرًا مِنْ ابْنِ مَتَّى.(6/155)
4805- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ، مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَنْ قَالَ: أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى، فَقَدْ كَذَبَ.(6/155)
38- سُورَةُ ص.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
4806- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ العَوَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنِ السَّجْدَةِ فِي {ص} قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْجُدُ فِيهَا.(6/155)
4807- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ (1)، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ، عَنِ العَوَّامِ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا عَنْ سَجْدَةِ {ص} فَقَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: مِنْ أَيْنَ سَجَدْتَ؟ فَقَالَ: أَوَمَا تَقْرَأُ: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ} {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} فَكَانَ دَاوُدُ مِمَّنْ أُمِرَ نَبِيُّكُمْ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، فَسَجَدَهَا دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلاَم، فَسَجَدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
{عُجَابٌ}: عَجِيبٌ. القِطُّ: الصَّحِيفَةُ، هُوَ هَاهُنَا صَحِيفَةُ الحِسَناتِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فِي عِزَّةٍ}: مُعَازِّينَ.
{المِلَّةِ الآخِرَةِ}: مِلَّةُ قُرَيْشٍ.
الاِخْتِلاَقُ: الكَذِبُ.
{الأَسْبَابُ}: طُرُقُ السَّمَاءِ فِي أَبْوَابِهَا.
{جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ}: يَعْنِي قُرَيْشًا.
{أُولَئِكَ الأَحْزَابُ}: القُرُونُ المَاضِيَةُ.
{فَوَاقٍ}: رُجُوعٍ.
{قِطَّنَا}: عَذَابَنَا.
{اتَّخَذْنَاهُمْ سُخْرِيًّا}: أَحَطْنَا بِهِمْ.
{أَتْرَابٌ}: أَمْثَالٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الأَيْدُ}: القُوَّةُ فِي العِبَادَةِ.
{الأَبْصَارُ}: البَصَرُ فِي أَمْرِ اللهِ.
{حُبَّ الخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}: مِنْ ذِكْرِ.
{طَفِقَ مَسْحًا}: يَمْسَحُ أَعْرَافَ الخَيْلِ وَعَرَاقِيبَهَا.
{الأَصْفَادِ}: الوَثَاقِ.
_حاشية__________
(1) قال ابن حَجَر: قَوْلُهُ: "حدثنا محمد بن عبد الله"، قال الكلاباذي، وابن طاهر: هُو الذُّهلي، نُسِبَ إلى جَدِّه، وقال غيرهُما: يُحتمل أن يكون: "محمد بن عبد الله بن المبارك، المخرمي"، فإنه من هذه الطبقة. "فتح الباري" 8/544.(6/155)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ}.
4808- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا رَوْحٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ، أَوْ: كَلِمَةً نَحْوَهَا، لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاَةَ، فَأَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: {رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}.
قَالَ رَوْحٌ: فَرَدَّهُ خَاسِئًا.(6/156)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ}.
4809- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَلِمَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ: اللهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّ مِنَ العِلْمِ، أَنْ يَقُولَ لِمَا لاَ يَعْلَمُ اللهُ أَعْلَمُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنِ الدُّخَانِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دَعَا قُرَيْشًا إِلَى الإِسْلاَمِ، فَأَبْطَؤُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ، فَحَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا المَيْتَةَ وَالجُلُودَ، حَتَّى جَعَلَ الرَّجُلُ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ دُخَانًا مِنَ الجُوعِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَالَ: فَدَعَوْا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} أَفَيُكْشَفُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: فَكُشِفَ، ثُمَّ عَادُوا فِي كُفْرِهِمْ، فَأَخَذَهُمُ اللهُ يَوْمَ بَدْرٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}.(6/156)
39- سُورَةُ الزُّمَرُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ}: يُجَرُّ عَلَى وَجْهِهِ فِي النَّارِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}.
{ذِي عِوَجٍ}: لَبْسٍ.
{وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ}: صَالِحًا، مَثَلٌ لآلِهَتِهِمُ البَاطِلِ وَالإِلَهِ الحَقِّ.
{وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}: بِالأَوْثَانِ.
{خَوَّلْنَا}: أَعْطَيْنَا.(6/156)
{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}: القُرْآنُ.
{وَصَدَّقَ بِهِ}: المُؤْمِنُ يَجِيءُ يَوْمَ القِيَامَةِ يَقُولُ: هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، عَمِلْتُ بِمَا فِيهِ.
{مُتَشَاكِسُونَ}: الرَّجُلُ الشَّكِسُ: العَسِرُ لاَ يَرْضَى بِالإِنْصَافِ.
{وَرَجُلاً سِلْمًا}: وَيُقَالُ: (سَالِمًا) صَالِحًا.
{اشْمَأَزَّتْ}: نَفَرَتْ.
{بِمَفَازَتِهِمْ}: مِنَ الفَوْزِ.
{حَافِّينَ} أَطَافُوا بِهِ، مُطِيفِينَ: بِحِفَافَيْهِ، بِجَوَانِبِهِ.
{مُتَشَابِهًا}: لَيْسَ مِنَ الاِشْتِبَاهِ، وَلَكِنْ يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا فِي التَّصْدِيقِ.(6/157)
1- بَابُ قَوْلُهُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ}.
4810- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ يَعْلَى: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ كَانُوا قَدْ قَتَلُوا وَأَكْثَرُوا، وَزَنَوْا وَأَكْثَرُوا، فَأَتَوْا مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالُوا: إِنَّ الَّذِي تَقُولُ وَتَدْعُو إِلَيْهِ لَحَسَنٌ، لَوْ تُخْبِرُنَا أَنَّ لِمَا عَمِلْنَا كَفَّارَةً، فَنَزَلَ: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ} وَنَزَلَ: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ}.(6/157)
2- بَابُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ}.
4811- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَ حَبْرٌ مِنَ الأَحْبَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّا نَجِدُ ؛ أَنَّ اللهَ يَجْعَلُ السَّمَاوَاتِ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالأَرَضِينَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالشَّجَرَ عَلَى إِصْبَعٍ، وَالمَاءَ وَالثَّرَى عَلَى إِصْبَعٍ، وَسَائِرَ الخَلاَئِقِ عَلَى إِصْبَعٍ، فَيَقُولُ: أَنَا المَلِكُ، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، تَصْدِيقًا لِقَوْلِ الحَبْرِ، ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.(6/157)
3- بَاب قَوْلِهِ: {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}.
4812- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: يَقْبِضُ اللهُ الأَرْضَ، وَيَطْوِي السَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ أَيْنَ مُلُوكُ الأَرْضِ؟.(6/158)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}.
4813- حَدَّثَنِي الحَسَنُ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ الرَّحِيمِ، عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنِّي أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالعَرْشِ، فَلاَ أَدْرِي أَكَذَلِكَ كَانَ أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ.(6/158)
4814- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ، قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ، إِلاَّ عَجْبَ ذَنَبِهِ، فِيهِ يُرَكَّبُ الخَلْقُ.(6/158)
40- سُورَةُ المُؤْمِنُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ مُجَاهِدٌ: مَجَازُهَا مَجَازُ أَوَائِلِ السُّوَرِ.
وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ اسْمٌ لِقَوْلِ شُرَيْحِ بْنِ أَبِي أَوْفَى العَبْسِيِّ.
يُذَكِّرُنِي حاميم وَالرُّمْحُ شَاجِرٌ... فَهَلاَّ تَلاَ حاميم قَبْلَ التَّقَدُّمِ.
{الطَّوْلُِ} التَّفَضُّلُ.
{دَاخِرِينَ} خَاضِعِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِلَى النَّجَاةِ}: الإِيمَانُ.
{لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ}: يَعْنِي الوَثَنَ.
{يُسْجَرُونَ}: تُوقَدُ بِهِمُ النَّارُ.
{تَمْرَحُونَ}: تَبْطَرُونَ.
وَكَانَ العَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ يُذَكِّرُ النَّارَ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِمَ تُقَنِّطِ النَّاسَ؟ قَالَ: وَأَنَا أَقْدِرُ أَنْ أُقَنِّطَ النَّاسَ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} وَيَقُولُ: {وَأَنَّ المُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} وَلَكِنَّكُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تُبَشَّرُوا بِالْجَنَّةِ عَلَى مَسَاوِئِ أَعْمَالِكُمْ، وَإِنَّمَا بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُبَشِّرًا بِالْجَنَّةِ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَمُنْذِرًا بِالنَّارِ مَنْ عَصَاهُ.(6/158)
4815- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا الوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ مَا صَنَعَ المُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُصَلِّي بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَوَى ثَوْبَهُ فِي عُنُقِهِ، فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ بِمَنْكِبِهِ، وَدَفَعَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}.(6/159)
41- سُورَةُ حم السَّجْدَةِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ طَاوُوسٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا}: أَعْطِيَا.
{قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}: أَعْطَيْنَا.
وَقَالَ المِنْهَالُ: عَنْ سَعِيدٍ (1)، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَجِدُ فِي القُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ، قَالَ: {فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ}.
{وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}.
{وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا}.
{رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}: فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الآيَةِ؟.
وَقَالَ: {أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {دَحَاهَا} فَذَكَرَ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلْقِ الأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إِلَى: {طَائِعِينَ} فَذَكَرَ فِي هَذِهِ خَلْقَ الأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ؟.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، {عَزِيزًا حَكِيمًا}، {سَمِيعًا بَصِيرًا} فَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى؟.
فَقَالَ: {فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ}: فِي النَّفْخَةِ الأُولَى.
ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ: {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شَاءَ اللهُ} فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ، وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ}.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، {وَلاَ يَكْتُمُونَ اللهَ}، فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاَصِ ذُنُوبَهُمْ، وَقَالَ المُشْرِكُونَ: تَعَالَوْا نَقُولُ: لَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَخُتِمَ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عُرِفَ أَنَّ اللهَ لاَ يُكْتَمُ حَدِيثًا، وَعِنْدَهُ: {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآيَةَ، وَخَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَاءَ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الأَرْضَ، وَدَحْوُهَا: أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا المَاءَ وَالمَرْعَى، وَخَلَقَ الجِبَالَ، وَالجِمَالَ، وَالآكَامَ، وَمَا بَيْنَهُمَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {دَحَاهَا}.
_حاشية__________
(1) عند الأَصِيلي: ابن جبير.(6/159)
وَقَوْلُهُ: {خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ}، فَجُعِلَتِ الأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَخُلِقَتِ السَّمَاوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ: {وَكَانَ اللهُ غَفُورًا} سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ، أَيْ لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ، فَإِنَّ اللهَ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا إِلاَّ أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، فَلاَ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ القُرْآنُ، فَإِنَّ كُلاًّ مِنْ عِنْدِ اللهِ.
قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ: حَدَّثَنِيهِ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ، بِهَذَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}: مَحْسُوبٍ.
{أَقْوَاتَهَا}: أَرْزَاقَهَا.
{فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}: مِمَّا أَمَرَ بِهِ.
{نَحِسَاتٍ}: مَشَائِيمَ.
{وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ}
{تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ المَلاَئِكَةُ}: عِنْدَ المَوْتِ.
{اهْتَزَّتْ}: بِالنَّبَاتِ.
{وَرَبَتْ}: ارْتَفَعَتْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مِنْ أَكْمَامِهَا}: حِينَ تَطْلُعُ.
{لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}: أَيْ بِعِلْمِي، أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا.
{سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ}: قَدَّرَهَا سَوَاءً.
{فَهَدَيْنَاهُمْ}: دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} وَكَقَوْلِهِ: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ}: وَالهُدَى الَّذِي هُوَ الإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَصْعَدْنَاهُ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}.
{يُوزَعُونَ}: يُكَفُّونَ.
{مِنْ أَكْمَامِهَا}: قِشْرُ الكُفُرَّى هِيَ الكُمُّ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَيُقَالُ لِلْعِنَبِ إِذَا خَرَجَ أَيْضًا: كَافُورٌ وَكُفُرَّى.
{وَلِيٌّ حَمِيمٌ}: القَرِيبُ.
{مِنْ مَحِيصٍ}: حَاصَ عَنْهُ: حَادَ عَنْهُ.
{مِرْيَةٍ}، وَمُرْيَةٌ وَاحِدٌ: أَيِ امْتِرَاءٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ}: الوَعِيدُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}: الصَّبْرُ عِنْدَ الغَضَبِ، وَالعَفْوُ عِنْدَ الإِسَاءَةِ، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمَهُمُ اللهُ، وَخَضَعَ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ: {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}.(6/160)
1- بَاب قَوْلُهُ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لاَ يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ}.
4816- حَدَّثنا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ} الآيَةَ، كَانَ رَجُلاَنِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ ثَقِيفَ، أَوْ: رَجُلاَنِ مِنْ ثَقِيفَ، وَخَتَنٌ لَهُمَا مِنْ قُرَيْشٍ فِي بَيْتٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللهَ يَسْمَعُ حَدِيثَنَا؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: يَسْمَعُ بَعْضَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَئِنْ كَانَ يَسْمَعُ بَعْضَهُ لَقَدْ يَسْمَعُ كُلَّهُ، فَأُنْزِلَتْ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ} الآيَةَ.(6/161)
2- بَابُ: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمْ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ} الآية.
4817- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: اجْتَمَعَ عِنْدَ البَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ، أَوْ: ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ، كَثِيرَةٌ شَحْمُ بُطُونِهِمْ، قَلِيلَةٌ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: أَتُرَوْنَ أَنَّ اللهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ؟ قَالَ الآخَرُ: يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا، وَلاَ يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا، وَقَالَ الآخَرُ: إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أَبْصَارُكُمْ وَلاَ جُلُودُكُمْ} الآيَةَ.
وَكَانَ سُفْيَانُ يُحَدِّثُنَا بِهَذَا، فَيَقُولُ: حَدَّثنا مَنْصُورٌ، أَوِ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، أَوْ حُمَيْدٌ أَحَدُهُمْ، أَوِ اثْنَانِ مِنْهُمْ، ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى مَنْصُورٍ، وَتَرَكَ ذَلِكَ مِرَارًا غَيْرَ وَاحِدَةٍ.
- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، بِنَحْوِهِ.(6/161)
42- سُورَةُ حم عسق.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {عَقِيمًا}: لاَ تَلِدُ.
{رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا}: القُرْآنُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}: نَسْلٌ بَعْدَ نَسْلٍ.
{لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا}: لاَ خُصُومَةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ.
{مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}: ذَلِيلٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}: يَتَحَرَّكْنَ وَلاَ يَجْرِينَ فِي البَحْرِ.
{شَرَعُوا}: ابْتَدَعُوا.(6/162)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى}.
4818- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ طَاوُوسًا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: {إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى} فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى آلِ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَجِلْتَ، إِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ، إِلاَّ كَانَ لَهُ فِيهِمْ قَرَابَةٌ، فَقَالَ: إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنَ القَرَابَةِ.(6/162)
43- سُورَةُ {حم} الزُّخْرُفِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عَلَى أُمَّةٍ}: عَلَى إِمَامٍ.
{وَقِيلِهِ يَارَبِّ}: تَفْسِيرُهُ، أَيَحْسِبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ، وَلاَ نَسْمَعُ قِيلَهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً}: لَوْلاَ أَنْ جَعَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ كُفَّارًا.
لَجَعَلْتُ لِبُيُوتِ الكُفَّارِ {سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ}: مِنْ فِضَّةٍ، وَهِيَ دَرَجٌ، وَسُرُرَ فِضَّةٍ.
{مُقْرِنِينَ}: مُطِيقِينَ.
{آسَفُونَا}: أَسْخَطُونَا.
{يَعْشُ}: يَعْمَى.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ}: أَيْ تُكَذِّبُونَ بِالقُرْآنِ، ثُمَّ لاَ تُعَاقَبُونَ عَلَيْهِ؟.
{وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ}: سُنَّةُ الأَوَّلِينَ.
{مُقْرِنِينَ}: يَعْنِي الإِبِلَ وَالخَيْلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ.
(يَنْشَأُ فِي الحِلْيَةِ): الجَوَارِي، جَعَلْتُمُوهُنَّ لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، فَكَيْفَ تَحْكُمُونَ؟.(6/162)
{لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}: يَعْنُونَ الأَوْثَانَ، يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: {مَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ}: الأَوْثَانُ، إِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ.
{فِي عَقِبِهِ}: وَلَدِهِ.
{مُقْتَرِنِينَ}: يَمْشُونَ مَعًا.
{سَلَفًا}: قَوْمُ فِرْعَوْنَ سَلَفًا لِكُفَّارِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
{وَمَثَلاً}: عِبْرَةً.
{يَصِدُّونَ}: يَضِجُّونَ.
{مُبْرِمُونَ}: مُجْمِعُونَ.
{أَوَّلُ العَابِدِينَ}: أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ (1).
{إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}: العَرَبُ تَقُولُ: نَحْنُ مِنْكَ البَرَاءُ وَالخَلاَءُ، وَالوَاحِدُ وَالاِثْنَانِ وَالجَمِيعُ، مِنَ المُذَكَّرِ وَالمُؤَنَّثِ، يُقَالُ فِيهِ: بَرَاءٌ، لأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَلَوْ قَالَ: بَرِيءٌ، لَقِيلَ فِي الاِثْنَيْنِ: بَرِيئَانِ، وَفِي الجَمِيعِ: بَرِيئُونَ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّنِي بَرِيءٌ بِاليَاءِ.
وَالزُّخْرُفُ: الذَّهَبُ.
مَلاَئِكَةً يَخْلُفُونَ: يَخْلُفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، والأَصِيلِيّ: وقال غيره.(6/163)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} الآية.
4819- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ عَلَى المِنْبَرِ: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} وَقَالَ قَتَادَةُ: {مَثَلاً لِلآخِرِينَ}: عِظَةً لِمَنْ بَعْدَهُمْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُقْرِنِينَ}: ضَابِطِينَ، يُقَالُ: فُلاَنٌ مُقْرِنٌ لِفُلانٍ ضَابِطٌ لَهُ، وَالأَكْوَابُ الأَبَارِيقُ الَّتِي لا خَرَاطِيمَ لَهَا: وَقَالَ قَتَادَةُ: فِي أُمِّ الكِتَابِ: جُمْلَةِ الكِتَابِ أَصْلِ الكِتَابِ.
{أَوَّلُ العَابِدِينَ}: أَيْ مَا كَانَ، فَأَنَا أَوَّلُ الآنِفِينَ، وَهُمَا لُغَتَانِ رَجُلٌ عَابِدٌ، وَعَبِدٌ، وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: وَقَالَ الرَّسُولُ: يَا رَبِّ، وَيُقَالُ: {أَوَّلُ العَابِدِينَ}: الجَاحِدِينَ، مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ.(6/163)
2- {أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ} مُشْرِكِينَ، وَاللهِ لَوْ أَنَّ هَذَا القُرْآنَ رُفِعَ حَيْثُ رَدَّهُ أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ لَهَلَكُوا.
{فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشًا وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ}: عُقُوبَةُ الأَوَّلِينَ.
{جُزْءًا}: عِدْلاً.(6/163)
44- سُورَةُ حم الدُّخَانُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رَهْوًا}: طَرِيقًا يَابِسًا، وَيُقَالُ: رَهْوًا: سَاكِنًا.
{عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}: عَلَى مَنْ بَيْنَ ظَهْرَيْهِ.
{فَاعْتُلُوهُ}: ادْفَعُوهُ.
{وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ}: أَنْكَحْنَاهُمْ حُورًا عِينًا يَحَارُ فِيهَا الطَّرْفُ.
وَيُقَالُ: {أَنْ تَرْجُمُونِ}: الْقَتْلُ.
وَرَهْوًا سَاكِنًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَالْمُهْلِ}: أَسْوَدُ كَمُهْلِ الزَّيْتِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تُبَّعٍ}: مُلُوكُ اليَمَنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُسَمَّى تُبَّعًا، لأَنَّهُ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ، وَالظِّلُّ يُسَمَّى تُبَّعًا، لأَنَّهُ يَتْبَعُ الشَّمْسَ.(6/163)
1- بَابُ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}.
{فَارْتَقِبْ}: فَانْتَظِرْ.
4820- حَدَّثنا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: مَضَى خَمْسٌ: الدُّخَانُ، وَالرُّومُ، وَالقَمَرُ، وَالبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ.(6/164)
2- بَابُ: {يَغْشَى النَّاسَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
4821- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّمَا كَانَ هَذَا، لأَنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، دَعَا عَلَيْهِمْ بِسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فَأَصَابَهُمْ قَحْطٌ وَجَهْدٌ، حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} قَالَ: فَأُتِيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَسْقِ اللهَ لِمُضَرَ، فَإِنَّهَا قَدْ هَلَكَتْ، قَالَ: لِمُضَرَ؟ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ، فَاسْتَسْقَى، فَسُقُوا، فَنَزَلَتْ: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} فَلَمَّا أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ عَادُوا إِلَى حَالِهِمْ حِينَ أَصَابَتْهُمُ الرَّفَاهِيَةُ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} قَالَ: يَعْنِي يَوْمَ بَدْرٍ.(6/164)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ}.
4822- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: إِنَّ مِنَ العِلْمِ أَنْ تَقُولَ لِمَا لاَ تَعْلَمُ: اللهُ أَعْلَمُ، إِنَّ اللهَ قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلِّفِينَ} إِنَّ قُرَيْشًا لَمَّا غَلَبُوا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، قَالَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ أَكَلُوا فِيهَا العِظَامَ وَالمَيْتَةَ مِنَ الجَهْدِ، حَتَّى جَعَلَ أَحَدُهُمْ يَرَى مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجُوعِ، قَالُوا: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا العَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} فَقِيلَ لَهُ: إِنْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَادُوا، فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمْ فَعَادُوا، فَانْتَقَمَ اللهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إِلَى قَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}.(6/164)
4- بَابُ: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ}.
الذِّكْرُ وَالذِّكْرَى وَاحِدٌ.
4823- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمَّا دَعَا قُرَيْشًا كَذَّبُوهُ وَاسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَصَابَتْهُمْ سَنَةٌ حَصَّتْ، يَعْنِي كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى كَانُوا يَأْكُلُونَ المَيْتَةَ، وَكَانَ يَقُومُ أَحَدُهُمْ، فَكَانَ يَرَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ مِثْلَ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ وَالجُوعِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} حَتَّى بَلَغَ: {إِنَّا كَاشِفُو العَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} قَالَ عَبْدُ اللهِ: أَفَيُكْشَفُ عَنْهُمُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ: وَالبَطْشَةُ الكُبْرَى يَوْمَ بَدْرٍ.(6/165)
5- بَابُ: {ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}.
4824- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخبَرَنا مُحَمَّدٌ، عَنْ (1) شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: إِنَّ اللهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَقَالَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ المُتَكَلَّفِينَ} فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمَّا رَأَى قُرَيْشًا اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ، فَأَخَذَتْهُمُ السَّنَةُ، حَتَّى حَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى أَكَلُوا العِظَامَ وَالجُلُودَ، فَقَالَ أَحَدُهُمْ: حَتَّى أَكَلُوا الجُلُودَ وَالمَيْتَةَ، وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: أَيْ مُحَمَّدُ، إِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ، فَدَعَا، ثُمَّ قَالَ: تَعُودُوا بَعْدَ هَذَا، فِي حَدِيثِ مَنْصُورٍ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} إِلَى: {عَائِدُونَ} أَيُكْشَفُ عَنْهُمْ عَذَابَ الآخِرَةِ؟ فَقَدْ مَضَى الدُّخَانُ، وَالبَطْشَةُ، وَاللِّزَامُ، وَقَالَ أَحَدُهُمْ: القَمَرُ، وَقَالَ الآخَرُ: الرُّومُ.
_حاشية__________
(1) عند الأَصِيلي: حدثنا شعبة.(6/165)
6- بَابُ: {يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ}.
4825- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: خَمْسٌ قَدْ مَضَيْنَ: اللِّزَامُ، وَالرُّومُ، وَالبَطْشَةُ، وَالقَمَرُ، وَالدُّخَانُ.(6/166)
45- سُورَةُ حم الجَاثِيَةُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
جَاثِيَةٌ: مُسْتَوْفِزِينَ عَلَى الرُّكَبِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَسْتَنْسِخُ}: نَكْتُبُ.
{نَنْسَاكُمْ}: نَتْرُكُكُمْ.
4826- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِيَ الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.(6/166)
46- سُورَةُ حم الأَحْقَافُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تُفِيضُونَ}: تَقُولُونَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَثَرَةٍ وَأُثْرَةٍ وَأَثَارَةٍ: بَقِيَّةٌ مِنْ عِلْمٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}: لَسْتُ بِأَوَّلِ الرُّسُلِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَرَأَيْتُمْ}: هَذِهِ الأَلِفُ إِنَّمَا هِيَ تَوَعُّدٌ، إِنْ صَحَّ مَا تَدَّعُونَ لاَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ.
وَلَيْسَ قَوْلُهُ: {أَرَأَيْتُمْ}: بِرُؤْيَةِ العَيْنِ، إِنَّمَا هُوَ: أَتَعْلَمُونَ، أَبَلَغَكُمْ أَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ خَلَقُوا شَيْئًا؟.
1- بَابُ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ القُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}.
4827- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الحِجَازِ، اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ، لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًا، فَقَالَ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ، فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي} فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ، إِلاَّ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عُذْرِي.(6/166)
2- بَابُ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَارِضٌ}: السَّحَابُ.
4828- حَدَّثنا أَحْمَدُ (1)، حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخبَرَنا عَمْرٌو، أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ضَاحِكًا، حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ، إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ.
4829- قَالَتْ: وَكَانَ إِذَا رَأَى غَيْمًا أَوْ رِيحًا عُرِفَ فِي وَجْهِهِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الغَيْمَ، فَرِحُوا رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ المَطَرُ، وَأَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَهُ عُرِفَ فِي وَجْهِكَ الكَرَاهِيَةُ، فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، مَا يُؤْمِنِّي أَنْ يَكُونَ فِيهِ عَذَابٌ؟ عُذِّبَ قَوْمٌ بِالرِّيحِ، وَقَدْ رَأَى قَوْمٌ العَذَابَ، فَقَالُوا: هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: ابن عيسى.(6/167)
47- سُورَةُ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{أَوْزَارَهَا}: آثَامَهَا، حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ مُسْلِمٌ.
{عَرَّفَهَا}: بَيَّنَهَا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا}: وَلِيُّهُمْ.
{عَزَمَ الأَمْرُ}: جَدَّ الأَمْرُ.
{فَلاَ تَهِنُوا}: لاَ تَضْعُفُوا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَضْغَانَهُمْ}: حَسَدَهُمْ.
{آسِنٍ}: مُتَغَيِّرٍ.
1- بَابُ: {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}.
4830- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ، قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}.(6/167)
4831- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثنا حَاتِمٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي أَبُو الحُبَابِ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}.
4832- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي المُزَرَّدِ بِهَذَا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ}.(6/168)
48- سُورَةُ الفَتْحِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بُورًا}: هَالِكِينَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ}: السَّحْنَةُ.
وَقَالَ مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، التَّوَاضُعُ.
{شَطْأَهُ}: فِرَاخَهُ.
{فَاسْتَغْلَظَ}: غَلُظَ.
{سُوقِهِ}: السَّاقُ حَامِلَةُ الشَّجَرَةِ.
وَيُقَالُ: {دَائِرَةُ السَّوْءِ} كَقَوْلِكَ: رَجُلُ السَّوْءِ، وَدَائِرَةُ السُّوءِ: العَذَابُ.
{تُعَزِّرُوهُ} تَنْصُرُوهُ.
{شَطْأَهُ} شَطْءُ السُّنْبُلِ، تُنْبِتُ الحَبَّةُ عَشْرًا، أَوْ ثَمَانِيًا، وَسَبْعًا، فَيَقْوَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، فَذَاكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَآزَرَهُ} قَوَّاهُ، وَلَوْ كَانَتْ وَاحِدَةً لَمْ تَقُمْ عَلَى سَاقٍ، وَهُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللهُ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذْ خَرَجَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَوَّاهُ بِأَصْحَابِهِ، كَمَا قَوَّى الحَبَّةَ بِمَا يَُنْبُِتُ مِنْهَا.
1- بَابُ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.
4833- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: ثَكِلَتْ أُمُّ عُمَرَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يُنْزَلَ فِيَّ القُرْآنُ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي، فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.(6/168)
4834- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ: الحُدَيْبِيَةُ.(6/169)
4835- حَدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، قَالَ: قَرَأَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ سُورَةَ الفَتْحِ، فَرَجَّعَ فِيهَا.
قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَحْكِيَ لَكُمْ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَفَعَلْتُ.(6/169)
2- بَابُ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}.
4836- حَدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثنا زِيَادٌ (1)، أَنَّهُ سَمِعَ المُغِيرَةَ يَقُولُ: قَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى تَوَرَّمَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ: أَفَلاَ أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: هو ابن علاقة.(6/169)
4837- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَحْيَى، أَخبَرَنا حَيْوَةُ، عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، سَمِعَ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا، فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ.(6/169)
3- بَابُ: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}.
4838- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي فِي القُرْآنِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ بِالأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ، وَلَنْ يَقْبِضَهُ اللهُ حَتَّى يُقِيمَ بِهِ المِلَّةَ العَوْجَاءَ، بِأَنْ يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، فَيَفْتَحَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا.(6/169)
4- بَابُ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ}.
4839- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ، وَفَرَسٌ لَهُ مَرْبُوطٌ فِي الدَّارِ، فَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ، فَنَظَرَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، وَجَعَلَ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ، ذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالقُرْآنِ.(6/170)
5- بَابُ: {إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ}.
4840- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِئَةٍ.(6/170)
4841- حَدَّثنا عَلِيُّ (1) بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا شَبَابَةُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ، مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنِ الخَذْفِ.
4842- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ صُهْبَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ المُغَفَّلِ المُزَنِيِّ فِي البَوْلِ فِي المُغْتَسَلِ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: علي بن سلمة.(6/170)
4843- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ.
4844- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ السُّلَمِيُّ، حَدَّثنا يَعْلَى، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ أَسْأَلُهُ، فَقَالَ: كُنَّا بِصِفِّينَ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللهِ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: نَعَمْ، فَقَالَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ: اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، يَعْنِي الصُّلْحَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالمُشْرِكِينَ، وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، فَجَاءَ عُمَرُ، فَقَالَ: أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الجَنَّةِ، وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَفِيمَ أُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا، فَقَالَ: يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا، فَرَجَعَ مُتَغَيِّظًا، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى جَاءَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْنَا عَلَى الحَقِّ، وَهُمْ عَلَى البَاطِلِ؟ قَالَ: يَا ابْنَ الخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا، فَنَزَلَتْ سُورَةُ الفَتْحِ.(6/170)
49- سُورَةُ الحُجُرَاتُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ تُقَدِّمُوا}: لاَ تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ عَلَى لِسَانِهِ.
{امْتَحَنَ}: أَخْلَصَ.
{وَلاَ تَنَابَزُوا}: يُدْعَى بِالكُفْرِ بَعْدَ الإِسْلاَمِ.
{يَلِتْكُمْ}: يَنْقُصْكُمْ، أَلَتْنَا: نَقَصْنَا.
1- بَابُ: {لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآيَةَ.
{تَشْعُرُونَ}: تَعْلَمُونَ، وَمِنْهُ الشَّاعِرُ.
4845- حَدَّثنا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثنا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: كَادَ الخَيِّرَانِ أَنْ يَهْلِكَا: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، رَفَعَا أَصْوَاتَهُمَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ رَكْبُ بَنِي تَمِيمٍ، فَأَشَارَ أَحَدُهُمَا بِالأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ أَخِي بَنِي مُجَاشِعٍ، وَأَشَارَ الآخَرُ بِرَجُلٍ آخَرَ، قَالَ نَافِعٌ: لاَ أَحْفَظُ اسْمَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَرَ: مَا أَرَدْتَ إِلاَّ خِلاَفِي، قَالَ: مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الآيَةَ، قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: فَمَا كَانَ عُمَرُ يُسْمِعُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ هَذِهِ الآيَةِ حَتَّى يَسْتَفْهِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ عَنْ أَبِيهِ، يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ.(6/171)
4846- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ، أَخبَرَنا ابْنُ عَوْنٍ، قَالَ: أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ، فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ، مُنَكِّسًا رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ فَقَالَ: شَرٌّ، كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَأَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ مُوسَى: فَرَجَعَ إِلَيْهِ المَرَّةَ الآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ.(6/171)
2- بَابُ: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}.
4847- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُمْ: أَنَّهُ قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمِّرِ القَعْقَاعَ بْنَ مَعْبَدٍ، وَقَالَ عُمَرُ: بَلْ أَمِّرِ الأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا أَرَدْتَ إِلَى، أَوْ إِلاَّ خِلاَفِي، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَرَدْتُ خِلاَفَكَ، فَتَمَارَيَا، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَنَزَلَ فِي ذَلِكَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ} حَتَّى انْقَضَتِ الآيَةُ.(6/172)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}.(6/172)
50- سُورَةُ {ق}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{رَجْعٌ بَعِيدٌ}: رَدٌّ.
{فُرُوجٍ}: فُتُوقٍ، وَاحِدُهَا فَرْجٌ.
{مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ}: وَرِيدَاهُ فِي حَلْقِهِ، وَالحَبْلُ: حَبْلُ العَاتِقِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ}: مِنْ عِظَامِهِمْ.
{تَبْصِرَةً}: بَصِيرَةً.
{حَبَّ الحَصِيدِ}: الحِنْطَةُ.
{بَاسِقَاتٍ}: الطِّوَالُ.
{أَفَعَيِينَا}: أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا.
{وَقَالَ قَرِينُهُ}: الشَّيْطَانُ الَّذِي قُيِّضَ لَهُ.
{فَنَقَّبُوا}: ضَرَبُوا.
{أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ}: لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِغَيْرِهِ حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ.
{رَقِيبٌ عَتِيدٌ}: رَصَدٌ.
{سَائِقٌ وَشَهِيدٌ}: المَلَكَانِ: كَاتِبٌ وَشَهِيدٌ.
{شَهِيدٌ}: شَاهِدٌ بِالْغَيْبِ.
{لُغُوبٍ}: النَّصَبُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {نَضِيدٌ}: الكُفُرَّى مَا دَامَ فِي أَكْمَامِهِ، وَمَعْنَاهُ: مَنْضُودٌ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ، فَلَيْسَ بِنَضِيدٍ فِي أَدْبَارِ النُّجُومِ وَأَدْبَارِ السُّجُودِ: كَانَ عَاصِمٌ يَفْتَحُ الَّتِي فِي ق، وَيَكْسِرُ الَّتِي فِي الطُّورِ، وَيُكْسَرَانِ جَمِيعًا وَيُنْصَبَانِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَوْمَ الخُرُوجِ}: يَوْمَ يَخْرُجُونَ إِلَى الْبَعْثِ مِنَ القُبُورِ.(6/172)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ}.
4848- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثنا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: يُلْقَى فِي النَّارِ، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ قَدَمَهُ، فَتَقُولُ: قَطِْ قَطِْ.(6/173)
4849- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى القَطَّانُ، حَدَّثنا أَبُو سُفْيَانَ الحِمْيَرِيُّ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَهْدِيٍّ، حَدَّثنا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَهُ، وَأَكْثَرُ مَا كَانَ يُوقِفُهُ أَبُو سُفْيَانَ، يُقَالُ لِجَهَنَّمَ: {هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} فَيَضَعُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدَمَهُ عَلَيْهَا، فَتَقُولُ: قَطِْ قَطِْ.(6/173)
4850- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: تَحَاجَّتِ الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ: أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ وَالمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلاَّ ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ، قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ: أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ: إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابٌ أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ: فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ رِجْلَهُ، فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ قَطْ، فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلاَ يَظْلِمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الجَنَّةُ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا.(6/173)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ}.
4851- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَنَظَرَ إِلَى القَمَرِ لَيْلَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لاَ تُغْلَبُوا عَلَى صَلاَةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الغُرُوبِ}.(6/173)
4852- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَرَهُ أَنْ يُسَبِّحَ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا، يَعْنِي قَوْلَهُ: {وَإِدْبَارَ السُّجُودِ}.(6/173)
51- سُورَةُ {وَالذَّارِيَاتِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: الرِّيَاحُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَذْرُوهُ}: تُفَرِّقُهُ.
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}: تَأْكُلُ وَتَشْرَبُ فِي مَدْخَلٍ وَاحِدٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ.
{فَرَاغَ}: فَرَجَعَ.
{فَصَكَّتْ}: فَجَمَعَتْ أَصَابِعَهَا، فَضَرَبَتْ بِهِ جَبْهَتَهَا.
وَالرَّمِيمُ: نَبَاتُ الأَرْضِ إِذَا يَبِسَ وَدِيسَ.
{لَمُوسِعُونَ}: أَيْ لَذُو سَعَةٍ، وَكَذَلِكَ: {عَلَى المُوسِعِ قَدَرَهُ}: يَعْنِي القَوِيَّ.
{زَوْجَيْنِ}: الذَّكَرَ وَالأُنْثَى، وَاخْتِلاَفُ الأَلْوَانِ، حُلْوٌ وَحَامِضٌ، فَهُمَا زَوْجَانِ.
{فَفِرُّوا إِلَى اللهِ}: مِنَ اللهِ إِلَيْهِ.
{إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ}: مَا خَلَقْتُ أَهْلَ السَّعَادَةِ مِنْ أَهْلِ الفَرِيقَيْنِ إِلاَّ لِيُوَحِّدُونِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: خَلَقَهُمْ لِيَفْعَلُوا، فَفَعَلَ بَعْضٌ وَتَرَكَ بَعْضٌ، وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لأَهْلِ القَدَر.
ِوَالذَّنُوبُ: الدَّلْوُ العَظِيمُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذَنُوبًا}: سَبِيلاً.
صَرَّةٍ}: صَيْحَةٍ.
العَقِيمُ: الَّتِي لاَ تَلِدُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَالحُبُكُ: اسْتِوَاؤُهَا وَحُسْنُهَا.
{فِي غَمْرَةٍ}: فِي ضَلاَلَتِهِمْ يَتَمَادَوْنَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَوَاصَوْا}: تَوَاطَؤُوا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُسَوَّمَةً}: مُعَلَّمَةً، مِنَ السِّيمَا.
{قُتِلَ الأِنْسَانُ}: لُعِنَ.(6/174)
52- سُورَةُ {وَالطُّورِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {مَسْطُورٍ}: مَكْتُوبٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الطُّورُ: الجَبَلُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ.
{رَقٍّ مَنْشُورٍ}: صَحِيفَةٍ.
{وَالسَّقْفِ المَرْفُوعِ}: سَمَاءٌ.
{المَسْجُورِ}: المُوقَدِ.
وَقَالَ الحَسَنُ: تُسْجَرُ حَتَّى يَذْهَبَ مَاؤُهَا فَلاَ يَبْقَى فِيهَا قَطْرَةٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَتْنَاهُمْ}: نَقَصْنَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَمُورُ}: تَدُورُ.
{أَحْلاَمُهُمْ}: العُقُولُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {البَرُّ}: اللَّطِيفُ.
{كِسْفًا}: قِطْعًا.
{المَنُونُ}: المَوْتُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {يَتَنَازَعُونَ}: يَتَعَاطَوْنَ.
4853- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنِّي أَشْتَكِي، فَقَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ، فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ يَقْرَأُ: بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ.(6/174)
4854- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثُونِي عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، فَلَمَّا بَلَغَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بَلْ لاَ يُوقِنُونَ أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ المُسَيْطِرُونَ} كَادَ قَلْبِي أَنْ يَطِيرَ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَأَمَّا أَنَا فَإِنَّمَا سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ فِي المَغْرِبِ بِالطُّورِ، لَمْ أَسْمَعْهُ زَادَ الَّذِي قَالُوا لِي.(6/175)
53- سُورَةُ {وَالنَّجْمِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذُو مِرَّةٍ}: ذُو قُوَّةٍ.
{قَابَ قَوْسَيْنِ}: حَيْثُ الوَتَرُ مِنَ القَوْسِ.
{ضِيزَى}: عَوْجَاءُ.
{وَأَكْدَى}: قَطَعَ عَطَاءَهُ.
{رَبُّ الشِّعْرَى}: هُوَ مِرْزَمُ الجَوْزَاءِ.
{الَّذِي وَفَّى}: وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ.
{أَزِفَتِ الآزِفَةُ}: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ.
{سَامِدُونَ}: البَرْطَمَةُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَتَغَنَّوْنَ، بِالحِمْيَرِيَّةِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: {أَفَتُمَارُونَهُ}: أَفَتُجَادِلُونَهُ، وَمَنْ قَرَأَ: (أَفَتَمْرُونَهُ): يَعْنِي أَفَتَجْحَدُونَهُ.
{مَا زَاغَ البَصَرُ}: بَصَرُ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
{وَمَا طَغَى}: وَلا جَاوَزَ مَا رَأَى.
{فَتَمَارَوْا}: كَذَّبُوا.
وَقَالَ الحَسَنُ: {إِذَا هَوَى}: غَابَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {أَغْنَى وَأَقْنَى}: أَعْطَى فَأَرْضَ.
4855- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا أُمَّتَاهْ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ، أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلاَثٍ، مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ}، {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} الآيَةَ، وَلَكِنْ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ.(6/175)
- بَابُ: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى}. حَيْثُ الْوَتَرُ مِنْ الْقَوْسِ
4856- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثنا الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ زِرًّا، عَنْ عَبْدِ اللهِ: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} قَالَ: حَدَّثنا ابْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَنَاحٍ.(6/176)
- بَابُ قَوْلِهِ: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى}.
4857- حَدَّثنا طَلِْقُ بْنُ غَنَّامٍ، حَدَّثنا زَائِدَةُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ زِرًّا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} قَالَ: أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ ؛ أَنَّهُ مُحَمَّدًا صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَأَى جِبْرِيلَ لَهُ سِتُّ مِئَةِ جَنَاحٍ.(6/176)
- بَابُ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى}.
4858- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الكُبْرَى} قَالَ: رَأَى رَفْرَفًا أَخْضَرَ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ.(6/176)
2- بَابُ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالعُزَّى}.
4859- حَدَّثنا مُسْلِمٌ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا أَبُو الأَشْهَبِ، حَدَّثنا أَبُو الجَوْزَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {اللاَّتَ وَالعُزَّى} كَانَ اللاَّتُ رَجُلاً يَلُتُّ سَوِيقَ الحَاجِّ.(6/176)
4860- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ: وَاللاَّتِ وَالعُزَّى، فَلْيَقُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ.(6/176)
3- {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى}.
4861- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا الزُّهْرِيُّ، سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قُلْتُ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَقَالَتْ: إِنَّمَا كَانَ مَنْ أَهَلَّ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ الَّتِي بِالْمُشَلَّلِ، لاَ يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} فَطَافَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالمُسْلِمُونَ، قَالَ سُفْيَانُ: مَنَاةُ بِالْمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: نَزَلَتْ فِي الأَنْصَارِ، كَانُوا هُمْ وَغَسَّانُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمُوا يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ، مِثْلَهُ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ رِجَالٌ مِنَ الأَنْصَارِ مِمَّنْ كَانَ يُهِلُّ لِمَنَاةَ، وَمَنَاةُ صَنَمٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالمَدِينَةِ، قَالُوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، كُنَّا لاَ نَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ تَعْظِيمًا لِمَنَاةَ، نَحْوَهُ.(6/176)
4- بَابُ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا}.
4862- حَدَّثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَجَدَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالنَّجْمِ، وَسَجَدَ مَعَهُ المُسْلِمُونَ وَالمُشْرِكُونَ وَالجِنُّ وَالإِنْسُ.
تَابَعَهُ (1) ابْنُ طَهْمَانَ، عَنْ أَيُّوبَ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ عُلَيَّةَ ابْنَ عَبَّاسٍ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: إبراهيم بن(6/177)
4863- حَدَّثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ، يَعْنِي الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِيهَا سَجْدَةٌ: {وَالنَّجْمِ} قَالَ: فَسَجَدَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَسَجَدَ مَنْ خَلْفَهُ، إِلاَّ رَجُلاً رَأَيْتُهُ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَسَجَدَ عَلَيْهِ، فَرَأَيْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ قُتِلَ كَافِرًا، وَهُوَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ.(6/177)
54- سُورَةُ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مُسْتَمِرٌّ}: ذَاهِبٌ.
{مُزْدَجَرٌ}: مُتَنَاهٍ.
{وَازْدُجِرَ}: فَاسْتُطِيرَ جُنُونًا.
{دُسُرٌٍ}: أَضْلاَعُ السَّفِينَةِ.
{لِمَنْ كَانَ كُفِرَ}: يَقُولُ: كُفِرَ لَهُ جَزَاءً مِنَ اللهِ.
{مُحْتَضَرٌ}: يَحْضُرُونَ المَاءَ.
وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ: {مُهْطِعِينَ} النَّسَلاَنُ: الخَبَبُ السِّرَاعُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {فَتَعَاطَى}: فَعَاطَهَا بِيَدِهِ فَعَقَرَهَا.
{المُحْتَظِرِ}: كَحِظَارٍ مِنَ الشَّجَرِ مُحْتَرِقٍ.
{وَازْدُجِرَ}: افْتُعِلَ مِنْ زَجَرْتُ.
{كُفِرَ}: فَعَلْنَا بِهِ وَبِهِمْ مَا فَعَلْنَا، جَزَاءً لِمَا صُنِعَ بِنُوحٍ وَأَصْحَابِهِ.
{مُسْتَقِرٌّ}: عَذَابٌ حَقٌّ، يُقَالُ: الأَشَرُ المَرَحُ وَالتَّجَبُّرُ.(6/177)
1- بَابُ: {وَانْشَقَّ القَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا}.
4864- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: انْشَقَّ القَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِرْقَتَيْنِ، فِرْقَةً فَوْقَ الجَبَلِ، وَفِرْقَةً دُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اشْهَدُوا.(6/178)
4865- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، أَخبَرَنا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: انْشَقَّ القَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، فَقَالَ لَنَا: اشْهَدُوا اشْهَدُوا.(6/178)
4866- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَكْرٌ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: انْشَقَّ القَمَرُ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/178)
4867- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلَ أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً، فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ القَمَرِ.(6/178)
4868- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عن (1) شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: انْشَقَّ القَمَرُ فِرْقَتَيْنِ.
_حاشية__________
(1) عند الأَصِيلي: حدثنا شعبة.(6/178)
2- بَابُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
قَالَ قَتَادَةُ: أَبْقَى اللهُ سَفِينَةَ نُوحٍ حَتَّى أَدْرَكَهَا أَوَائِلُ هَذِهِ الأُمَّةِ.
4869- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.(6/178)
- بَابُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {يَسَّرْنَا}: هَوَّنَّا قِرَاءَتَهُ.
4870- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.(6/178)
- بَابُ: {أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ}.
4871- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً سَأَلَ الأَسْوَدَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} أَوْ: (مُذَّكِرٍ)؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقْرَؤُهَا: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} قَالَ: وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَؤُهَا: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} دَالاً.(6/178)
3- بَابُ: {فَكَانُوا كَهَشِيمِ المُحْتَظِرِ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
4872- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَرَأَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} الآيَةَ.(6/179)
4- بَابُ: {وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}.
4873- حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُ قَرَأَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }.(6/179)
4874- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: (فَهَلْ مِنْ مُذَّكِرٍ) فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.(6/179)
5- بَابُ قَوْلُهُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}.
4875- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حَوْشَبٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ وُهَيْبٍ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ يَوْمَ بَدْرٍ: اللهُمَّ إِنِّي أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنْ تَشَأْ لاَ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهُوَ يَثِبُ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}.(6/179)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} يَعْنِي مِنَ المَرَارَةِ.
4876- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ، قَالَ: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، قَالَتْ: لَقَدْ أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِمَكَّةَ وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}.(6/179)
4877- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ: أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهُمَّ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ اليَوْمِ أَبَدًا، فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ، وَقَالَ: حَسْبُكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَدْ أَلْحَحْتَ عَلَى رَبِّكَ، وَهُوَ فِي الدِّرْعِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: {سَيُهْزَمُ الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ}.(6/179)
55- سُورَةُ الرَّحْمَنِ (1).
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِحُسْبَانٍ}: كَحُسْبَانِ الرَّحَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {وَأَقِيمُوا الوَزْنَ}: يُرِيدُ لِسَانَ المِيزَانِ.
{وَالعَصْفُ}: بَقْلُ الزَّرْعِ إِذَا قُطِعَ مِنْهُ شَيْءٌ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَ، فَذَلِكَ العَصْفُ.
{وَالرَّيْحَانُ}: رِزْقُهُ.
{وَالحَبُّ}: الَّذِي يُؤْكَلُ مِنْهُ، وَالرَّيْحَانُ فِي كَلاَمِ العَرَبِ الرِّزْقُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {وَالعَصْفُ} يُرِيدُ: المَأْكُولَ مِنَ الحَبِّ: {وَالرَّيْحَانُ}: النَّضِيجُ الَّذِي لَمْ يُؤْكَلْ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: العَصْفُ: التِّبْنُ.
وَقَالَ أَبُو مَالِكٍ: العَصْفُ أَوَّلُ مَا يَنْبُتُ، تُسَمِّيهِ النَّبَطُ: هَبُورًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: العَصْفُ وَرَقُ الحِنْطَةِ، وَالرَّيْحَانُ: الرِّزْقُ.
وَالمَارِجُ: اللهَبُ الأَصْفَرُ وَالأَخْضَرُ الَّذِي يَعْلُو النَّارَ إِذَا أُوقِدَتْ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ مُجَاهِدٍ: {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ}: لِلشَّمْسِ: فِي الشِّتَاءِ مَشْرِقٌ، وَمَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ.
{وَرَبُّ المَغْرِبَيْنِ}: مَغْرِبُهَا فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ.
{لاَ يَبْغِيَانِ}: لاَ يَخْتَلِطَانِ.
{المُنْشَآتُ}: مَا رُفِعَ قِلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، فَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قَلْعُهُ فَلَيْسَ بِمُنْشَآتٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {كَالْفُخَّارِ}: كَمَا يُصْنَعُ الْفُخَّار.
الشُّوَاظُ: لَهَبٌ مِنْ نَارٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَنُحَاسٌ}: الصُّفْرُ يُصَبُّ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، يُعَذَّبُونَ بِهِ.
{خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}: يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ فَيَذْكُرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَيَتْرُكُهَا.
{مُدْهَامَّتَانِ}: سَوْدَاوَانِ مِنَ الرِّيِّ.
{صَلْصَالٍ}: طِينٌ خُلِطَ بِرَمْلٍ فَصَلْصَلَ كَمَا يُصَلْصِلُ الفَخَّارُ، وَيُقَالُ: مُنْتِنٌ، يُرِيدُونَ بِهِ: صَلَّ، يُقَالُ: صَلْصَالٌ كَمَا يُقَالُ: صَرَّ البَابُ عِنْدَ الإِغْلاَقِ وَصَرْصَرَ، مِثْلُ: كَبْكَبْتُهُ، يَعْنِي كَبَبْتُهُ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: بسم الله الرحمن الرحيم(6/180)
{فِيهَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}: قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ الرُّمَّانُ وَالنَّخْلُ بِالفَاكِهَةِ، وَأَمَّا العَرَبُ فَإِنَّهَا تَعُدُّهُمَا فَاكِهَةً، كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الوُسْطَى}: فَأَمَرَهُمْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى كُلِّ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَعَادَ العَصْرَ تَشْدِيدًا لَهَا، كَمَا أُعِيدَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ، وَمِثْلُهَا: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ} ثُمَّ قَالَ: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العَذَابُ} وَقَدْ ذَكَرَهُمُ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ: {مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ}.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَفْنَانٍ}: أَغْصَانٍ.
{وَجَنَى الجَنَّتَيْنِ دَانٍ}: مَا يُجْتَنَى قَرِيبٌ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {فَبِأَيِّ آلاَءِ}: نِعَمِهِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: يَعْنِي الجِنَّ وَالإِنْسَ.
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}: يَغْفِرُ ذَنْبًا، وَيَكْشِفُ كَرْبًا، وَيَرْفَعُ قَوْمًا، وَيَضَعُ آخَرِينَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {بَرْزَخٌ}: حَاجِزٌ.
الأَنَامُ: الخَلْقُ.
{نَضَّاخَتَانِ}: فَيَّاضَتَانِ.
{ذُو الجَلاَلِ}: ذُو العَظَمَةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مَارِجٌ}: خَالِصٌ مِنَ النَّارِ، يُقَالُ: مَرَجَ الأَمِيرُ رَعِيَّتَهُ إِذَا خَلاَّهُمْ يَعْدُو بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، مَرَجَ أَمْرُ النَّاسِ.
{مَرِيجٍ}: مُلْتَبِسٌ.
{مَرَجَ}: اخْتَلَطَ البَحْرَانِ، مِنْ مَرَجْتَ دَابَّتَكَ تَرَكْتَهَا.
{سَنَفْرُغُ لَكُمْ}: سَنُحَاسِبُكُمْ، لاَ يَشْغَلُهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي كَلاَمِ العَرَبِ، يُقَالُ: لأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ، وَمَا بِهِ شُغْلٌ، يَقُولُ: لآخُذَنَّكَ عَلَى غِرَّتِكَ.(6/181)
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ}.
4878- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي الأَسْوَدِ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّيُّ، حَدَّثنا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الكِبْرِ 6عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.(6/181)
2- بَابُ: {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الخِيَامِ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حُورٌ: سُودُ الحَدَقِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَقْصُورَاتٌ: مَحْبُوسَاتٌ، قُصِرَ طَرْفُهُنَّ وَأَنْفُسُهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ، {قَاصِرَاتٌ}: لاَ يَبْغِينَ غَيْرَ أَزْوَاجِهِنَّ.
4879- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنِي عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، حَدَّثنا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ، يَطُوفُ عَلَيْهِمُ المُؤْمِنُونَ.
4880- وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ كَذَا، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلاَّ رِدَاءُ الكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ.(6/181)
56- سُورَةُ الْوَاقِعَةِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رُجَّتْ}: زُلْزِلَتْ.
{بُسَّتْ}: فُتَّتْ وَلُتَّتْ كَمَا يُلَتُّ السَّوِيقُ.
المَخْضُودُ: لاَ شَوْكَ لَهُ.
{مَنْضُودٍ}: المَوْزُ، وَالعُرُبُ المُحَبَّبَاتُ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
{ثُلَّةٌ}: أُمَّةٌ.
{يَحْمُومٍ}: دُخَانٌٍ أَسْوَدُ.
{يُصِرُّونَ}: يُدِيمُونَ.
{الهِيمُ}: الإِبِلُ الظِّمَاءُ.
{لَمُغْرَمُونَ}: لَمُلْزَمُونَ.
{مَدِينِينَ}: مُحَاسَبِينَ.
{رَوْحٌ}: جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ.
{وَرَيْحَانٌ}: الرِّزْقُ.
{وَنُنْشِئَكُمْ فِيمَا لاَ تَعْلَمُونَ}: فِي أَيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَفَكَّهُونَ}: تَعْجَبُونَ.
{عُرُبًا}: مُثَقَّلَةً، وَاحِدُهَا عَرُوبٌ، مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ، يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ العَرِبَةَ، وَأَهْلُ المَدِينَةِ الغَنِجَةَ، وَأَهْلُ العِرَاقِ الشَّكِلَةَ، وَقَالَ فِي: {خَافِضَةٌ}: لِقَوْمٍ إِلَى النَّارِ، وَ {رَافِعَةٌ}: إِلَى الجَنَّةِ: {مَوْضُونَةٍ}: مَنْسُوجَةٍ، وَمِنْهُ: وَضِينُ النَّاقَةِ وَالكُوبُ: لاَ آذَانَ لَهُ، وَلاَ عُرْوَةَ، وَالأَبَارِيقُ: ذَوَاتُ الآذَانِ وَالعُرَى.
{مَسْكُوبٍ}: جَارٍ.
{وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ}: بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
{مُتْرَفِينَ}: مُتَمَتِّعِينَ.
{مَا تُمْنُونَ}: هِيَ النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ.
{لِلْمُقْوِينَ}: لِلْمُسَافِرِينَ، وَالقِيُّ القَفْرُ.
{بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}: بِمُحْكَمِ القُرْآنِ، وَيُقَالُ: بِمَسْقِطِ النُّجُومِ إِذَا سَقَطْنَ، وَمَوَاقِعُ وَمَوْقِعٌ وَاحِدٌ.
{مُدْهِنُونَ}: مُكَذِّبُونَ، مِثْلُ: {لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ}.
{فَسَلاَمٌ لَكَ}: أَيْ مُسَلَّمٌ لَكَ.
إِنَّكَ {مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ}: وَأُلْغِيَتْ إِنَّ وَهُوَ مَعْنَاهَا، كَمَا تَقُولُ: أَنْتَ مُصَدَّقٌ، وَمُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، إِذَا كَانَ قَدْ قَالَ: إِنِّي مُسَافِرٌ عَنْ قَلِيلٍ، وَقَدْ يَكُونُ كَالدُّعَاءِ لَهُ، كَقَوْلِكَ فَسَقْيًا مِنَ الرِّجَالِ، إِنْ رَفَعْتَ السَّلاَمَ فَهُوَ مِنَ الدُّعَاءِ.
{تُورُونَ}: تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيْتُ: أَوْقَدْتُ.
{لَغْوًا}: بَاطِلاً.
{تَأْثِيمًا}: كَذِبًا.(6/182)
1- بَابُ قَوْلُهُ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}.
4881- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّ فِي الجَنَّةِ شَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِئَةَ عَامٍ، لاَ يَقْطَعُهَا، وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ}.(6/183)
57- سُورَةُ الْحَدِيدِ، وَالْمُجَادَلَةِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ}: مُعَمَّرِينَ فِيهِ.
{مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}: مِنَ الضَّلاَلَةِ إِلَى الهُدَى.
{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}: جُنَّةٌ وَسِلاَحٌ.
{مَوْلاَكُمْ}: أَوْلَى بِكُمْ.
{لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ}: لِيَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ، يُقَالُ: الظَّاهِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَالبَاطِنُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا.
{أَنْظِرُونَا}: انْتَظِرُونَا.(6/183)
58- المُجَادَلَةُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يُحَادُّونَ}: يُشَاقُّونَ اللهَ.
{كُبِتُوا}: أُخْزِيُوا، مِنَ الخِزْيِ.
{اسْتَحْوَذَ}: غَلَبَ.(6/183)
59- الحَشْرِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{الجَلاَءَ}: الإِخْرَاجُ مِنْ أَرْضٍ إِلَى أَرْضٍ.
4882- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ التَّوْبَةِ، قَالَ: التَّوْبَةُ هِيَ الفَاضِحَةُ، مَا زَالَتْ تَنْزِلُ، وَمِنْهُمْ وَمِنْهُمْ، حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا لَمْ تُبْق أَحَدًا مِنْهُمْ إِلاَّ ذُكِرَ فِيهَا، قَالَ: قُلْتُ: سُورَةُ الأَنْفَالِ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَدْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: سُورَةُ الحَشْرِ، قَالَ: نَزَلَتْ فِي بَنِي النَّضِيرِ.(6/183)
4883- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ مُدْرِكٍ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخبَرَنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: سُورَةُ الحَشْرِ، قَالَ: قُلْ: سُورَةُ النَّضِيرِ.(6/183)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}.
نَخْلَةٍ مَا لَمْ تَكُنْ عَجْوَةً أَوْ بَرْنِيَّةً.
4884- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَرَّقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَطَعَ وَهِيَ البُوَيْرَةُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الفَاسِقِينَ}.(6/184)
3- بَابُ قَوْلُهُ: {مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ}.
4885- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ، عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِمَّا لَمْ يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهِ بِخَيْلٍ، وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَاصَّةً، يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَتِهِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلاَحِ وَالكُرَاعِ، عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللهِ.(6/184)
4- بَابُ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}.
4886- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: لَعَنَ اللهُ الوَاشِمَاتِ وَالمُوتَشِمَاتِ، وَالمُتَنَمِّصَاتِ وَالمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ، المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي أَسَدٍ، يُقَالُ لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، فَجَاءَتْ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكَ لَعَنْتَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَقَالَ: وَمَا لِي لاَ أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَمَنْ هُوَ فِي كِتَابِ اللهِ، فَقَالَتْ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ، فَمَا وَجَدْتُ فِيهِ مَا تَقُولُ، قَالَ: لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ، أَمَا قَرَأْتِ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ نَهَى عَنْهُ، قَالَتْ: فَإِنِّي أَرَى أَهْلَكَ يَفْعَلُونَهُ، قَالَ: فَاذْهَبِي فَانْظُرِي، فَذَهَبَتْ فَنَظَرَتْ، فَلَمْ تَرَ مِنْ حَاجَتِهَا شَيْئًا، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا جَامَعتنَا.(6/184)
4887- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ حَدِيثَ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الوَاصِلَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ امْرَأَةٍ يُقَالُ: لَهَا: أُمُّ يَعْقُوبَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَ حَدِيثِ مَنْصُورٍ.(6/184)
5- بَابُ: {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ}.
4888- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا أَبُو بَكْرٍ، يَعْنِي ابْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أُوصِي الخَلِيفَةَ بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ: أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ، وَأُوصِي الخَلِيفَةَ بِالأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَعْفُوَ عَنْ مُسِيئِهِمْ.(6/185)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} الآيَةَ.
الخَصَاصَةُ: الفَاقَةُ.
{المُفْلِحُونَ}: الفَائِزُونَ بِالخُلُودِ، وَالفَلاَحُ: البَقَاءُ، حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ: عَجِّلْ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {حَاجَةً}: حَسَدًا.
4889- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثنا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، حَدَّثنا أَبُو حَازِمٍ الأَشْجَعِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَنِي الجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَهُنَّ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَلاَ رَجُلٌ يُضَيِّفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ، يَرْحَمُهُ اللهُ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، فَذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ لاِمْرَأَتِهِ: ضَيْفُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لاَ تَدَّخِرِيهِ شَيْئًا، فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا عِنْدِي إِلاَّ قُوتُ الصِّبْيَةِ، قَالَ: فَإِذَا أَرَادَ الصِّبْيَةُ العَشَاءَ فَنَوِّمِيهِمْ، وَتَعَالَيْ فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ، وَنَطْوِي بُطُونَنَا اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ غَدَا الرَّجُلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: لَقَدْ عَجِبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، أَوْ ضَحِكَ مِنْ فُلاَنٍ وَفُلاَنَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}.(6/185)
60- سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً}: لاَ تُعَذِّبْنَا بِأَيْدِيهِمْ، فَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَؤُلاَءِ عَلَى الحَقِّ مَا أَصَابَهُمْ هَذَا.
{بِعِصَمِ الكَوَافِرِ}: أُمِرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِفِرَاقِ نِسَائِهِمْ، كُنَّ كَوَافِرَ بِمَكَّةَ.
1- بَابُ: {لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}.
4890- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ، كَاتِبَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنَا، وَالزُّبَيْرَ، وَالمِقْدَادَ، فَقَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ، فَإِنَّ بِهَا ظَعِينَةً مَعَهَا كِتَابٌ، فَخُذُوهُ مِنْهَا، فَذَهَبْنَا تَعَادَى بِنَا خَيْلُنَا، حَتَّى أَتَيْنَا الرَّوْضَةَ، فَإِذَا نَحْنُ بِالظَّعِينَةِ، فَقُلْنَا: أَخْرِجِي الكِتَابَ، فَقَالَتْ: مَا مَعِي مِنْ كِتَابٍ، فَقُلْنَا: لَتُخْرِجِنَّ الكِتَابَ، أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا، فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ،(6/185)
فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، مِمَّنْ بِمَكَّةَ، يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟ قَالَ: لاَ تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ امْرَءًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنَ المُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي مِنَ النَّسَبِ فِيهِمْ، أَنْ أَصْطَنِعَ إِلَيْهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا، وَلاَ ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ؟ لَعَلَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ، قَالَ عَمْرٌو: وَنَزَلَتْ فِيهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} قَالَ: لاَ أَدْرِي الآيَةَ فِي الحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو.
حَدَّثنا عَلِيٌّ، قَالَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ: فِي هَذَا فَنَزَلَتْ: {لاَ تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} الآيَةَ، قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، مَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا، وَمَا أُرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِي.(6/186)
2- بَابُ: {إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ}.
4891- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الآيَةِ، بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ بَايَعْتُكِ كَلاَمًا، وَلاَ وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي المُبَايَعَةِ، مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلاَّ بِقَوْلِهِ: قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ.
تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمَعْمَرٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاشِدٍ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، وَعَمْرَةَ.(6/186)
3- بَابُ: {إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}.
4892- حَدَّثنا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: بَايَعْنَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَرَأَ عَلَيْنَا: {أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا} وَنَهَانَا عَنِ النِّيَاحَةِ، فَقَبَضَتِ امْرَأَةٌ يَدَهَا، فَقَالَتْ: أَسْعَدَتْنِي فُلاَنَةُ، فَأُرِيدُ أَنْ أَجْزِيَهَا، فَمَا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ شَيْئًا، فَانْطَلَقَتْ وَرَجَعَتْ، فَبَايَعَهَا.(6/187)
4893- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثنا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّبَيْرَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} قَالَ: إِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ شَرَطَهُ اللهُ لِلنِّسَاءِ.(6/187)
4894- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: الزُّهْرِيُّ حَدَّثناهُ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِدْرِيسَ، سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَتُبَايِعُونِي عَلَى أَنْ لاَ تُشْرِكُوا بِاللهِ شَيْئًا، وَلاَ تَزْنُوا، وَلاَ تَسْرِقُوا، وَقَرَأَ آيَةَ النِّسَاءِ، وَأَكْثَرُ لَفْظِ سُفْيَانَ: قَرَأَ الآيَةَ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ، فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَعُوقِبَ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَتَرَهُ اللهُ، فَهُوَ إِلَى اللهِ، إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ.
تَابَعَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، فِي الآيَةِ.(6/187)
4895- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ الحَسَنَ بْنَ مُسْلِمٍ أَخْبَرَهُ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: شَهِدْتُ الصَّلاَةَ يَوْمَ الفِطْرِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، فَكُلُّهُمْ يُصَلِّيهَا قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدُ، فَنَزَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ حِينَ يُجَلِّسُ الرِّجَالَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ يَشُقُّهُمْ، حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ مَعَ بِلاَلٍ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لاَ يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ} حَتَّى فَرَغَ مِنَ الآيَةِ كُلِّهَا، ثُمَّ قَالَ حِينَ فَرَغَ: أَنْتُنَّ عَلَى ذَلِكَ؟ وَقَالَتِ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، لَمْ يُجِبْهُ غَيْرُهَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، لاَ يَدْرِي الحَسَنُ مَنْ هِيَ، قَالَ: فَتَصَدَّقْنَ، وَبَسَطَ بِلاَلٌ ثَوْبَهُ، فَجَعَلْنَ يُلْقِينَ الفَتَخَ، وَالخَوَاتِيمَ فِي ثَوْبِ بِلاَلٍ.(6/187)
61- سُورَةُ الصَّفِّ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللهِ} مَنْ يَتَّبِعُنِي إِلَى اللهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مَرْصُوصٌ}: مُلْصَقٌ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ.
وَقَالَ يَحْيَى: بِالرَّصَاصِ.
1- بَابُ: {يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}.
4896- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: إِنَّ لِي أَسْمَاءً: أَنَا مُحَمَّدٌ، وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا المَاحِي، الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الكُفْرَ، وَأَنَا الحَاشِرُ، الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي، وَأَنَا العَاقِبُ.(6/188)
62- سُورَةُ الجُمُعَةُ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
1- بَابُ قَوْلِهِ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}.
وَقَرَأَ عُمَرُ: فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ.
4897- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ ثَوْرٍ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الجُمُعَةِ: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ، حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا، وَفِينَا سَلْمَانُ الفَارِسِيُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ كَانَ الإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ، أَوْ: رَجُلٌ، مِنْ هَؤُلاَءِ.(6/188)
4898- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ، أَخْبَرَنِي ثَوْرٌ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ هَؤُلاَءِ.(6/189)
2- بَابُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا}.
4899- حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا حُصَيْنٌ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، وَعَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: أَقْبَلَتْ عِيرٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَثَارَ النَّاسُ، إِلاَّ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا}.(6/189)
63- سُورَةُ الْمُنَافِقِينَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
1- بَابُ قَوْلِهِ: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ}: إِلَى {لَكَاذِبُونَ}.
4900- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنْتُ فِي غَزَاةٍ، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ يَقُولُ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَلَئِنْ رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِهِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، أَوْ لِعُمَرَ، فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَدَعَانِي، فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَكَذَّبَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَصَدَّقَهُ، فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي البَيْتِ، فَقَالَ لِي عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمَقَتَكَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} فَبَعَثَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَرَأَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ صَدَّقَكَ يَا زَيْدُ.(6/189)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}: يَجْتَنُّونَ بِهَا.
4901- حَدَّثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمِّي، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَقَالَ أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، فَذَكَرَ عَمِّي لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، فَصَدَّقَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَكَذَّبَنِي، فَأَصَابَنِي هَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} فَأَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَرَأَهَا عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ صَدَّقَكَ.(6/189)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ}.
4902- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ القُرَظِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ، وَقَالَ أَيْضًا: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ، أَخْبَرْتُ بِهِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلاَمَنِي الأَنْصَارُ، وَحَلَفَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ مَا قَالَ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ إِلَى المَنْزِلِ فَنِمْتُ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ صَدَّقَكَ، وَنَزَلَ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا} الآيَةَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/190)
- بَابُ: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسِبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}.
4903- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي سَفَرٍ أَصَابَ النَّاسَ فِيهِ شِدَّةٌ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ لأَصْحَابِهِ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ، وَقَالَ: لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَسَأَلَهُ، فَاجْتَهَدَ يَمِينَهُ مَا فَعَلَ، قَالُوا: كَذَبَ زَيْدٌ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِمَّا قَالُوا شِدَّةٌ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقِي فِي: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ} فَدَعَاهُمُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، فَلَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ، وَقَوْلُهُ: {خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ} قَالَ: كَانُوا رِجَالاً أَجْمَلَ شَيْءٍ.(6/190)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ}.
حَرَّكُوا، اسْتَهْزَؤُوا بِالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَيُقْرَأُ بِالتَّخْفِيفِ مِنْ لَوَيْتُ.
4904- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَمِّي، فَسَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ يَقُولُ: لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا، وَلَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمِّي، فَذَكَرَهُ عَمِّي لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَدَعَانِي، فَحَدَّثْتُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَصْحَابِهِ، فَحَلَفُوا مَا قَالُوا، وَكَذَّبَنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَصَابَنِي غَمٌّ لَمْ يُصِبْنِي مِثْلُهُ قَطُّ، فَجَلَسْتُ فِي بَيْتِي، وَقَالَ عَمِّي: مَا أَرَدْتَ إِلَى أَنْ كَذَّبَكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمَقَتَكَ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ} وَأَرْسَلَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَرَأَهَا، وَقَالَ: إِنَّ اللهَ قَدْ صَدَّقَكَ.(6/191)
5- بَابُ قَوْلِهِ: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ}.
4905- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، قَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً فِي جَيْشٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَكْثَرَ مِنَ المُهَاجِرِينَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ، ثُمَّ إِنَّ المُهَاجِرِينَ كَثُرُوا بَعْدُ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَحَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرًا: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (1).
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، هـ: الكسع: أن تضرب بيدك على شيء أو برجلك، ويكون أيضًا إذا رميته بشء يسوءه.(6/191)
6- بَابُ قَوْلِهِ: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} يَنْفَضُّوا: يَتَفَرَّقُوا.
- بَابُ: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ}.
4906- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ الفَضْلِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: حَزِنْتُ عَلَى مَنْ أُصِيبَ بِالحَرَّةِ، فَكَتَبَ إِلَيَّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، وَبَلَغَهُ شِدَّةُ حُزْنِي، يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِلأَنْصَارِ، وَلأَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، وَشَكَّ ابْنُ الفَضْلِ فِي: أَبْنَاءِ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ، فَسَأَلَ أَنَسًا بَعْضُ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ، فَقَالَ: هُوَ الَّذِي يَقُولُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَذَا الَّذِي أَوْفَى اللهُ لَهُ بِأُذُنِهِ.(6/192)
7- بَابُ: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ المُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}.
4907- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمَّعَهَا اللهُ رَسُولَهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: مَا هَذَا؟ فَقَالُوا: كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَتِ الأَنْصَارُ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَكْثَرَ، ثُمَّ كَثُرَ المُهَاجِرُونَ بَعْدُ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَوَقَدْ فَعَلُوا، وَاللهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللهِ، أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ.(6/192)
64- سُورَةُ التَّغَابُنِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ عَلْقَمَةُ: عَنْ عَبْدِ اللهِ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}: هُوَ الَّذِي إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ رَضِيَ بِهَا وَعَرَفَ أَنَّهَا مِنَ اللهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: التَّغَابُنُ غَبْنُ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَهْلَ النَّارِ.
{إِنِ ارْتَبْتُمْ}: إِنْ لَمْ تَعْلَمُوا، تَحِيضُ أَمْ لاَ تَحِيضُ، فَاللاَّئِي قَعَدْنَ عَنْ الْمَحِيضِ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ بَعْدُ، فَعِدَّتُهُمْ ثَلاَثَةُ أَشْهِرٍ.(6/193)
65- سُورَةُ الطَّلاَقِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَبَالَ أَمْرِهَا}: جَزَاءَ أَمْرِهَا.
4908- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتَغَيَّظَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ قَالَ: لِيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ، فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا، فَتِلْكَ العِدَّةُ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ.(6/193)
2- {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}.
{وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ}: وَاحِدُهَا ذَاتُ حَمْلٍ.
4909- حَدَّثنا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: أَفْتِنِي فِي امْرَأَةٍ وَلَدَتْ بَعْدَ زَوْجِهَا بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ، قُلْتُ أَنَا: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي، يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلاَمَهُ كُرَيْبًا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا، فَقَالَتْ: قُتِلَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ وَهِيَ حُبْلَى، فَوَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَخُطِبَتْ، فَأَنْكَحَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَكَانَ أَبُو السَّنَابِلِ فِيمَنْ خَطَبَهَا.(6/193)
4910- وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو النُّعْمَانِ: حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، وَكَانَ أَصْحَابُهُ يُعَظِّمُونَهُ، فَذَكَرَ آخِرَ الأَجَلَيْنِ، فَحَدَّثْتُ بِحَدِيثِ سُبَيْعَةَ بِنْتِ الحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، قَالَ: فَضَمَّزَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ، قَالَ مُحَمَّدٌ: فَفَطِنْتُ لَهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي إِذًا لَجَرِيءٌ إِنْ كَذَبْتُ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ فِي نَاحِيَةِ الكُوفَةِ، فَاسْتَحْيَا، وَقَالَ: لَكِنَّ عَمُّهُ لَمْ يَقُلْ ذَاكَ، فَلَقِيتُ أَبَا عَطِيَّةَ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَذَهَبَ يُحَدِّثُنِي حَدِيثَ سُبَيْعَةَ، فَقُلْتُ: هَلْ سَمِعْتَ عَنْ عَبْدِ اللهِ فِيهَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلاَ تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ، لَنَزَلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ القُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى: {وَأُولاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.(6/194)
66- سُورَةُ التَّحْرِيمِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
1- بَاب: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
4911- حَدَّثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ ابْنِ حَكِيمٍ (1)، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: فِي الحَرَامِ يُكَفَّرُ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: هو يعلى بن حكيم الثقفي.(6/194)
4912- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَيَمْكُثُ عِنْدَهَا، فَوَاطَأْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ عَن أَيَّتُنَا دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلْتَقُلْ لَهُ: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ إِنِّي أَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَشْرَبُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، فَلَنْ أَعُودَ لَهُ، وَقَدْ حَلَفْتُ، لاَ تُخْبِرِي بِذَلِكَ أَحَدًا.(6/194)
2- بَاب: {تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ}.
{قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}.
4913- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ أَنَّهُ قَالَ: مَكَثْتُ سَنَةً أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ عَنْ آيَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَسْأَلَهُ هَيْبَةً لَهُ، حَتَّى خَرَجَ حَاجًّا، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ وَكُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ، عَدَلَ إِلَى الأَرَاكِ لِحَاجَةٍ لَهُ، قَالَ: فَوَقَفْتُ لَهُ حَتَّى فَرَغَ، ثُمَّ سِرْتُ مَعَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ فَقَالَ: تِلْكَ حَفْصَةُ وَعَائِشَةُ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَاللهِ إِنْ كُنْتُ لأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْ هَذَا مُنْذُ سَنَةٍ، فَمَا أَسْتَطِيعُ هَيْبَةً لَكَ، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، مَا ظَنَنْتَ أَنَّ عِنْدِي مِنْ عِلْمٍ فَاسْأَلْنِي، فَإِنْ كَانَ لِي عِلْمٌ خَبَّرْتُكَ بِهِ، قَالَ: ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: وَاللهِ إِنْ كُنَّا فِي الجَاهِلِيَّةِ مَا نَعُدُّ لِلنِّسَاءِ أَمْرًا، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ فِيهِنَّ مَا أَنْزَلَ، وَقَسَمَ لَهُنَّ مَا قَسَمَ، قَالَ: فَبَيْنَا أَنَا فِي أَمْرٍ أَتَأَمَّرُهُ،(6/194)
إِذْ قَالَتِ امْرَأَتِي: لَوْ صَنَعْتَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهَا: مَا لَكَ، وَلِمَا هَاهُنَا فِيمَا تَكَلُّفُكِ فِي أَمْرٍ أُرِيدُهُ، فَقَالَتْ لِي: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، مَا تُرِيدُ أَنْ تُرَاجَعَ أَنْتَ، وَإِنَّ ابْنَتَكَ لَتُرَاجِعُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ، فَقَامَ عُمَرُ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ مَكَانَهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ لَهَا: يَا بُنَيَّةُ، إِنَّكِ لَتُرَاجِعِينَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، حَتَّى يَظَلَّ يَوْمَهُ غَضْبَانَ؟ فَقَالَتْ حَفْصَةُ: وَاللهِ إِنَّا لَنُرَاجِعُهُ، فَقُلْتُ: تَعْلَمِينَ أَنِّي أُحَذِّرُكِ عُقُوبَةَ اللهِ، وَغَضَبَ رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يَا بُنَيَّةُ، لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِيَّاهَا، يُرِيدُ عَائِشَةَ، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ لِقَرَابَتِي مِنْهَا، فَكَلَّمْتُهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: عَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ، دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى تَبْتَغِيَ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَزْوَاجِهِ، فَأَخَذَتْنِي وَاللهِ أَخْذًا كَسَرَتْنِي عَنْ بَعْضِ مَا كُنْتُ أَجِدُ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهَا، وَكَانَ لِي صَاحِبٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِذَا غِبْتُ أَتَانِي بِالخَبَرِ، وَإِذَا غَابَ كُنْتُ أَنَا آتِيهِ بِالخَبَرِ،(6/195)
وَنَحْنُ نَتَخَوَّفُ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ غَسَّانَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْنَا، فَقَدِ امْتَلأَتْ صُدُورُنَا مِنْهُ، فَإِذَا صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَدُقُّ البَابَ، فَقَالَ: افْتَحِ افْتَحْ، فَقُلْتُ: جَاءَ الغَسَّانِيُّ؟ فَقَالَ: بَلْ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَزْوَاجَهُ، فَقُلْتُ: رَغَمَ أَنْفُ حَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ، فَأَخَذْتُ ثَوْبِي، فَأَخْرُجُ حَتَّى جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، يَرْقَى عَلَيْهَا بِعَجَلَةٍ، وَغُلاَمٌ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَسْوَدُ عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، فَقُلْتُ لَهُ: قُلْ: هَذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَأَذِنَ لِي، قَالَ عُمَرُ: فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ هَذَا الحَدِيثَ، فَلَمَّا بَلَغْتُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ، تَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ، مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ، وَإِنَّ عِنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَصْبُورًا، وَعِنْدَ رَأْسِهِ أَهَبٌ مُعَلَّقَةٌ، فَرَأَيْتُ أَثَرَ الحَصِيرِ فِي جَنْبِهِ، فَبَكَيْتُ، فَقَالَ: مَا يُبْكِيكَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِيمَا هُمَا فِيهِ، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَةُ.(6/196)
3- بَاب: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ}.
فِيهِ عَائِشَةُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4914- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِي حَتَّى قَالَ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ.(6/196)
4- بَابُ: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}.
صَغَوْتُ وَأَصْغَيْتُ: مِلْتُ.
{لِتَصْغَى}: لِتَمِيلَ.
{وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ المُؤْمِنِينَ وَالمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}: عَوْنٌ، تَظَاهَرُونَ: تَعَاوَنُونَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ}: أَوْصُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ وَأَدِّبُوهُمْ.
4915- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ حُنَيْنٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: أَرَدْتُ أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ عَنِ المَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَمَكَثْتُ سَنَةً، فَلَمْ أَجِدْ لَهُ مَوْضِعًا، حَتَّى خَرَجْتُ مَعَهُ حَاجًّا، فَلَمَّا كُنَّا بِظَهْرَانَ، ذَهَبَ عُمَرُ لِحَاجَتِهِ، فَقَالَ: أَدْرِكْنِي بِالوَضُوءِ، فَأَدْرَكْتُهُ بِالإِدَاوَةِ، فَجَعَلْتُ أَسْكُبُ عَلَيْهِ، وَرَأَيْتُ مَوْضِعًا، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ اللَّتَانِ تَظَاهَرَتَا؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَمَا أَتْمَمْتُ كَلاَمِي حَتَّى قَالَ: عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ.(6/197)
5- بَابُ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا}.
4916- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: اجْتَمَعَ نِسَاءُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي الغَيْرَةِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُنَّ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبَدِّلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ} فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ.(6/197)
67- سُورَةُ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ المُلْكُ}.
التَّفَاوُتُ: الاِخْتِلاَفُ، وَالتَّفَاوُتُ وَالتَّفَوُّتُ وَاحِدٌ.
{تَمَيَّزُ}: تَقَطَّعُ.
{مَنَاكِبِهَا}: جَوَانِبِهَا.
{تَدَّعُونَ}: وَتَدْعُونَ وَاحِدٌ، مِثْلُ: تَذَّكَّرُونَ وَتَذْكُرُونَ.
{وَيَقْبِضْنَ}: يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {صَافَّاتٍ}: بَسْطُ أَجْنِحَتِهِنَّ.
{وَنُفُورٌ}: الكُفُورُ.(6/197)
68- سُورَةُ ن وَالقَلَمِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {حَرْدٍ}: جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَتَخَافَتُونَ}: يَنْتَجُونَ السِّرَارَ وَالْكَلاَمَ الْخَفِيَّ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِنَّا لَضَالُّونَ}: أَضْلَلْنَا مَكَانَ جَنَّتِنَا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {كَالصَّرِيمِ}: كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ، وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ، وَهُوَ أَيْضًا: كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ، وَالصَّرِيمُ أَيْضًا: المَصْرُومُ، مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ.
1- بَابُ: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}.
4917- حَدَّثنا مَحْمُودُ (1) بْنُ غَيْلاَنَ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} قَالَ: رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، والمستملي: محمد.(6/197)
4918- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الخُزَاعِيَّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ؟ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ: كُلُّ عُتُلٍّ، جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ.(6/198)
2- بَابُ: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ}.
4919- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: يَكْشِفُ رَبُّنَا عَنْ سَاقِهِ، فَيَسْجُدُ لَهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَةٍ، وَيَبْقَى مَنْ كَانَ يَسْجُدُ فِي الدُّنْيَا رِئآءً وَسُمْعَةً، فَيَذْهَبُ لِيَسْجُدَ، فَيَعُودُ ظَهْرُهُ طَبَقًا وَاحِدًا.(6/198)
69- سُورّةُ الحَاقَّةِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}: يُرِيدُ فِيهَا الرِّضَا.
{القَاضِيَةَ}: المَوْتَةَ الأُولَى الَّتِي مُتُّهَا ثُمَ أُحْيَا بَعْدَهَا.
{مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ}: أَحَدٌ يَكُونُ لِلْجَمْعِ وَلِلْوَاحِدِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الوَتِينَ}: نِيَاطُ القَلْبِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {طَغَى}: كَثُرَ، وَيُقَالُ: {بِالطَّاغِيَةِ}: بِطُغْيَانِهِمْ، وَيُقَالُ: طَغَتْ عَلَى الخَزَّانِ كَمَا طَغَى المَاءُ عَلَى قَوْمِ نُوحٍ.(6/198)
70- سُورَةُ: {سَأَلَ سَائِلٌ}.
الفَصِيلَةُ: أَصْغَرُ آبَائِهِ القُرْبَى، إِلَيْهِ يَنْتَمِي مَنِ انْتَمَى.
{لِلشَّوَى}: اليَدَانِ وَالرِّجْلاَنِ وَالأَطْرَافُ، وَجِلْدَةُ الرَّأْسِ يُقَالُ لَهَا: شَوَاةٌ، وَمَا كَانَ غَيْرَ مَقْتَلٍ فَهُوَ شَوًى.
{عِزِينَ}، وَالعِزُونَ: الحِلَقُ وَالجَمَاعَاتُ، وَاحِدُهَا عِزَةٌ.(6/198)
71- سُورَةُ نُوحٍ.
{أَطْوَارًا}: طَوْرًا كَذَا وَطَوْرًا كَذَا، يُقَالُ: عَدَا طَوْرَهُ أَيْ قَدْرَهُ.
وَالكُبَّارُ أَشَدُّ مِنَ الكِبَارِ، وَكَذَلِكَ جُمَّالٌ وَجَمِيلٌ لأَنَّهَا أَشَدُّ مُبَالَغَةً، وَكَذَلِكَ كُبَّارٌ الكَبِيرُ، وَكُبَارًا أَيْضًا بِالتَّخْفِيفِ، وَالعَرَبُ تَقُولُ: رَجُلٌ حُسَّانٌ وَجُمَّالٌ وَحُسَانٌ، مُخَفَّفٌ، وَجُمَالٌ، مُخَفَّفٌ.
{دَيَّارًا}: مِنْ دَوْرٍ، وَلَكِنَّهُ فَيْعَالٌ مِنَ الدَّوَرَانِ، كَمَا قَرَأَ عُمَرُ: الحَيُّ القَيَّامُ: وَهِيَ مِنْ قُمْتُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {دَيَّارًا}: أَحَدًا.
{تَبَارًا}: هَلاَكًا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مِدْرَارًا}: يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا.
{وَقَارًا}: عَظَمَةً.
1- بَابُ: {وَدًّا وَلاَ سُواعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ}.
4920- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي العَرَبِ بَعْدُ: أَمَّا وَدٌّ فَكَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ فَكَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَرْفِ عِنْدَ سَبَإٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ لآلِ ذِي الكَلاَعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ، أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ العِلْمُ عُبِدَتْ.(6/199)
72- سُورَةُ {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِبَدًا}: أَعْوَانًا.
4921- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ، فَقَالُوا: مَا لَكُمْ؟ فَقَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قَالَ: مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلاَّ مَا حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ، فَانْطَلَقُوا، فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا، يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الأَمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، قَالَ: فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِنَخْلَةَ، وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلاَةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ، تَسَمَّعُوا لَهُ، فَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَقَالُوا: {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} وَإِنَّمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ.(6/199)
73- سُورَةُ المُزَّمِّلِ وَالْمُدَّثِّرِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَتَبَتَّلْ}: أَخْلِصْ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {أَنْكَالاً}: قُيُودًا.
{مُنْفَطِرٌ بِهِ}: مُثْقَلَةٌ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {كَثِيبًا مَهِيلاً}: الرَّمْلُ السَّائِلُ.
{وَبِيلاً}: شَدِيدًا.(6/200)
74- سُورَةُ المُدَّثِّرِ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَسِيرٌ}: شَدِيدٌ.
{قَسْوَرَةٌٍ}: رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ، وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: الْقَسْوَرَةُ قَسْوَرُ الأَسَدِ.
الرِّكْزُ: الصَّوْتُ.
{مُسْتَنْفِرَةٌ}: نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ.
4922- حَدَّثَنِي يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ القُرْآنِ، قَالَ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} قُلْتُ: يَقُولُونَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنْ ذَلِكَ، وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِي قُلْتَ: فَقَالَ جَابِرٌ: لاَ أُحَدِّثُكَ إِلاَّ مَا حَدَّثنا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي، هَبَطْتُ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ شَيْئًا، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي، وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قَالَ: فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}.(6/200)
2- بَابُ: {قُمْ فَأَنْذِرْ}.
4923- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَغَيْرُهُ، قَالاَ: حَدَّثنا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ المُبَارَكِ.(6/201)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}.
4924- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثنا حَرْبٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ: أَيُّ القُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: أَيُّ القُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} فَقَالَ: لاَ أُخْبِرُكَ إِلاَّ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: جَاوَرْتُ فِي حِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ، فَاسْتَبْطَنْتُ الوَادِيَ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ، فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي، وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، وَأُنْزِلَ عَلَيَّ: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}.(6/201)
4- {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}.
4925- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ح) وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عن الزُّهْرِيِّ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ رُعْبًا، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ} إِلَى: {وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ} قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلاَةُ، وَهِيَ الأَوْثَانُ.(6/201)
5- {وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ}.
يُقَالُ: الرِّجْزُ وَالرِّجْسُ العَذَابُ.
4926- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ، فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي، إِذْ سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي قِبَلَ السَّمَاءِ، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ قَاعِدٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَجَئِثْتُ مِنْهُ، حَتَّى هَوَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَجِئْتُ أَهْلِي، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُونِي، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَاهْجُرْ}، قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَالرِّجْزَ: الأَوْثَانَ، ثُمَّ حَمِيَ الوَحْيُ وَتَتَابَعَ.(6/202)
75- سُورَةُ القِيَامَةِ.
1- بَابُ وَقَوْلُهُ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ}: سَوْفَ أَتُوبُ، سَوْفَ أَعْمَلُ.
{لاَ وَزَرَ}: لاَ حِصْنَ.
{سُدًى}: هَمَلاً.
4927- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا مُوسَى بْنُ أَبِي عَائِشَةَ، وَكَانَ ثِقَةً، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الوَحْيُ، حَرَّكَ بِهِ لِسَانَهُ، وَوَصَفَ سُفْيَانُ، يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}.(6/202)
1- بَاب: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}.
4928- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ} يَخْشَى أَنْ يَنْفَلِتَ مِنْهُ: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ}: أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ: {وَقُرْآنَهُ}: أَنْ تَقْرَأَهُ: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ} يَقُولُ: أُنْزِلَ عَلَيْهِ: {فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} أَنْ نُبَيِّنَهُ عَلَى لِسَانِكَ.(6/202)
2- {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {قَرَأْنَاهُ}: بَيَّنَّاهُ.
{فَاتَّبِعْ}: اعْمَلْ بِهِ.
4929- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ بِالوَحْيِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ الآيَةَ الَّتِي فِي: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ}: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ: {وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}: فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}: عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللهُ: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} تَوَعُّدٌ.(6/203)
76- سُورَةُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
يُقَالُ: مَعْنَاهُ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ، وَهَلْ تَكُونُ جَحْدًا، وَتَكُونُ خَبَرًا، وَهَذَا مِنَ الخَبَرِ، يَقُولُ: كَانَ شَيْئًا، فَلَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا، وَذَلِكَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُ مِنْ طِينٍ إِلَى أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ.
{أَمْشَاجٍ}: الأَخْلاَطُ، مَاءُ المَرْأَةِ وَمَاءُ الرَّجُلِ، الدَّمُ وَالعَلَقَةُ، وَيُقَالُ: إِذَا خُلِطَ مَشِيجٌ، كَقَوْلِكَ: خَلِيطٌ، وَمَمْشُوجٌ مِثْلُ: مَخْلُوطٍ.
وَيُقَالُ: {سَلاَسِلاً وَأَغْلاَلاً}: وَلَمْ يُجْرِ بَعْضُهُمْ.
{مُسْتَطِيرًا}: مُمْتَدًّا البَلاَءُ.
وَالقَمْطَرِيرُ: الشَّدِيدُ، يُقَالُ: يَوْمٌ قَمْطَرِيرٌ وَيَوْمٌ قُمَاطِرٌ، وَالعَبُوسُ وَالقَمْطَرِيرُ وَالقُمَاطِرُ وَالعَصِيبُ: أَشَدُّ مَا يَكُونُ مِنَ الأَيَّامِ فِي البَلاَءِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: النُّضْرَةُ فِي الْوَجْهِ، وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الأَرَائِكِ} السُّرُرُ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: السُّرُرُ الْحِجَالُ مِنْ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ.
وَقَالَ الْبَرَاءُ: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا}: يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سَلْسَبِيلاً حَدِيدَ الْجِرْيَةِ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: {أَسْرَهُمْ}: شِدَّةُ الْخَلْقِ، وَكُلُّ شَيْءٍ شَدَدْتَهُ مِنْ قَتَبٍ وَغَبِيطٍ فَهُوَ مَأْسُورٌ.(6/203)
77- سُورَةُ: {وَالمُرْسَلاَتِ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: (جِمَالاَتٌ): حِبَالٌ.
{ارْكَعُوا}: صَلُّوا.
{لاَ يَرْكَعُونَ}: لاَ يُصَلُّونَ.
وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لاَ يَنْطِقُونَ}، {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ}، {اليَوْمَ نَخْتِمُ} فَقَالَ: إِنَّهُ ذُو أَلْوَانٍ، مَرَّةً يَنْطِقُونَ، وَمَرَّةً يُخْتَمُ عَلَيْهِمْ.
4930- حَدَّثنا مَحْمُودٌ، حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ: {وَالمُرْسَلاَتِ} وَإِنَّا لَنَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَابْتَدَرْنَاهَا، فَسَبَقَتْنَا، فَدَخَلَتْ جُحْرَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا.
4931- حَدَّثنا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَخبَرَنا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا، وَعَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهُ.
وَتَابَعَهُ أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ حَفْصٌ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَرْمٍ: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ: أَخبَرَنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ.
- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: بَيْنَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَارٍ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {وَالمُرْسَلاَتِ} فَتَلَقَّيْنَاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ خَرَجَتْ حَيَّةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: عَلَيْكُمُ اقْتُلُوهَا، قَالَ: فَابْتَدَرْنَاهَا، فَسَبَقَتْنَا، قَالَ: فَقَالَ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا.(6/204)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصْرِ}.
4932- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالقَصَرِ} قَالَ: كُنَّا نَرْفَعُ الخَشَبَ بِقَصَرٍ ثَلاَثَةَ أَذْرُعِ أَوْ أَقَلَّ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ، فَنُسَمِّيهِ القَصَرَ.(6/204)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ صُفْرٌ}.
4933- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا يَحْيَى، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: {تَرْمِي بِشَرَرٍ}: كُنَّا نَعْمِدُ إِلَى الخَشَبَةِ ثَلاَثَةَ أَذْرُعٍ، وَفَوْقَ ذَلِكَ، فَنَرْفَعُهُ لِلشِّتَاءِ، فَنُسَمِّيهِ القَصَرَ: {كَأَنَّهُ جِمَالاَتٌ صُفْرٌ} حِبَالُ السُّفُنِ تُجْمَعُ حَتَّى تَكُونَ كَأَوْسَاطِ الرِّجَالِ.(6/204)
4- بَابُ: {هَذَا يَوْمُ لاَ يَنْطِقُونَ}.
4934- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَارٍ، إِذْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {وَالمُرْسَلاَتِ} فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا، وَإِنِّي لأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ، وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا، إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْتُلُوهَا، فَابْتَدَرْنَاهَا، فَذَهَبَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا.
قَالَ عُمَرُ: حَفِظْتُهُ مِنْ أَبِي: فِي غَارٍ بِمِنًى.(6/205)
78- سُورَةُ: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا}: لاَ يَخَافُونَهُ.
{لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا}: لاَ يُكَلِّمُونَهُ إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ.
{صَوَابًا}: حَقًا فِي الدُّنْيَا وَعَمَلٌ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَهَّاجًا}: مُضِيئًا.
وَقَالَ غَيْرُهُ: غَسَّاقًا، غَسَقَتْ عَيْنُهُ، وَيَغْسَقُ الْجُرْحُ: يَسِيلُ، كَأَنَّ الْغَسَّاقَ، وَالْغَسِيقَ وَاحِدٌ.
{عَطَاءً حِسَابًا}: جَزَاءً كَافِيًا أَعْطَانِي مَا أَحْسَبَنِي: أَيْ كَفَانِي.(6/205)
1- بَابُ: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا}: زُمَرًا.
4935- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، أَخبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ، قَالَ: أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً؟ قَالَ: أَبَيْتُ، قَالَ: ثُمَّ يُنْزِلُ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً، فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ البَقْلُ، لَيْسَ مِنَ الإِنْسَانِ شَيْءٌ إِلاَّ يَبْلَى، إِلاَّ عَظْمًا وَاحِدًا، وَهُوَ عَجْبُ الذَّنَبِ، وَمِنْهُ يُرَكَّبُ الخَلْقُ يَوْمَ القِيَامَةِ.(6/205)
79- سُورَةُ: {وَالنَّازِعَاتِ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الآيَةَ الكُبْرَى}: عَصَاهُ وَيَدُهُ.
يُقَالُ: النَّاخِرَةُ وَالنَّخِرَةُ سَوَاءٌ، مِثْلُ الطَّامِعِ وَالطَّمِعِ، وَالبَاخِلِ وَالبَخِيلِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَالنَّخِرَةُ البَالِيَةُ، وَالنَّاخِرَةُ: العَظْمُ المُجَوَّفُ الَّذِي تَمُرُّ فِيهِ الرِّيحُ فَيَنْخَرُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الحَافِرَةِ}: إِلَى أَمْرُنَا الأَوَّلُ إِلَى الحَيَاةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا}: مَتَى مُنْتَهَاهَا، وَمُرْسَى السَّفِينَةِ حَيْثُ تَنْتَهِي.
4936- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثنا الفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا أَبُو حَازِمٍ، حَدَّثنا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ بِإِصْبَعَيْهِ هَكَذَا، بِالوُسْطَى وَالَّتِي تَلِي الإِبْهَامَ: بُعِثْتُ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ.
الطَّامَّةُ: تَطُمُّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.(6/206)
80- سُورَةُ عَبَسَ.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{عَبَسَ وَتَوَلَّى}: كَلَحَ وَأَعْرَضَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {مُطَهَّرَةٍُ}: لاَ يَمَسُّهَا إِلاَّ المُطَهَّرُونَ، وَهُمُ المَلاَئِكَةُ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا}: جَعَلَ المَلاَئِكَةَ وَالصُّحُفَ مُطَهَّرَةً، لأَنَّ الصُّحُفَ يَقَعُ عَلَيْهَا التَّطْهِيرُ، فَجُعِلَ التَّطْهِيرُ لِمَنْ حَمَلَهَا أَيْضًا.
{سَفَرَةٌٍ}: المَلاَئِكَةُ وَاحِدُهُمْ سَافِرٌ، سَفَرْتُ: أَصْلَحْتُ بَيْنَهُمْ، وَجُعِلَتِ المَلاَئِكَةُ إِذَا نَزَلَتْ بِوَحْيِ اللهِ وَتَأْدِيَتِهِ، كَالسَّفِيرِ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ القَوْمِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {تَصَدَّى}: تَغَافَلَ عَنْهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لَمَّا يَقْضِ}: لاَ يَقْضِي أَحَدٌ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ}: تَغْشَاهَا شِدَّةٌ.
{مُسْفِرَةٌ}: مُشْرِقَةٌ.
{بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَتَبَةٍ.
{أَسْفَارًا}: كُتُبًا.
{تَلَهَّى}: تَشَاغَلَ، يُقَالُ: وَاحِدُ الأَسْفَارِ سِفْرٌ.
4937- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ زُرَارَةَ بْنَ أَوْفَى يُحَدِّثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ، فَلَهُ أَجْرَانِ.(6/206)
81- سُورَةُ: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{انْكَدَرَتْ}: انْتَثَرَتْ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {سُجِّرَتْ}: يَذْهَبُ مَاؤُهَا فَلاَ يَبْقَى قَطْرَةٌ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {المَسْجُورُ}: المَمْلُوءُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {سُجِرَتْ}: أَفْضَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا.
وَالخُنَّسُ: تَخْنِسُ فِي مُجْرَاهَا، تَرْجِعُ وَتَكْنِسُ: تَسْتَتِرُ فِي بُيُوتِهَا كَمَا تَكْنِسُ الظِّبَاءُ.
{تَنَفَّسَ}: ارْتَفَعَ النَّهَارُ.
وَالظَّنِينُ: المُتَّهَمُ.
وَالضَّنِينُ: يَضَنُّ بِهِ.
وَقَالَ عُمَرُ: {النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}: يُزَوَّجُ نَظِيرَهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ قَرَأَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}.
{عَسْعَسَ}: أَدْبَرَ.(6/207)
82- سُورَةُ: {إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: {فُجِّرَتْ}: فَاضَتْ.
وَقَرَأَ الأَعْمَشُ، وَعَاصِمٌ: {فَعَدَلَكَ}: بِالتَّخْفِيفِ، وَقَرَأَهُ أَهْلُ الحِجَازِ بِالتَّشْدِيدِ، وَأَرَادَ: مُعْتَدِلَ الخَلْقِ، وَمَنْ خَفَّفَ يَعْنِي: {فِي أَيِّ صُورَةٍ}: شَاءَ، إِمَّا حَسَنٌ، وَإِمَّا قَبِيحٌ، أَوْ طَوِيلٌ، أَوْ قَصِيرٌ.(6/207)
83- سُورَةُ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {رَانَ}: ثَبْتُ الخَطَايَا.
{ثُوِّبَ}: جُوزِيَ.
الرَّحِيقُ: الْخَمْرَ: {خِتَامُهُ مِسْكٌ} طِينُهُ.
التَّسْنِيمِ، يَعْلُوا شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: المُطَفِّفُ لاَ يُوَفِّي غَيْرَهُ.
4938- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثنا مَعْنٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ} حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ.(6/207)
84- سُورَةُ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ}: يَأْخُذُ كِتَابَهُ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ.
{وَسَقَ}: جَمَعَ مِنْ دَابَّةٍ.
{ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}: لاَ يَرْجِعَ إِلَيْنَا.
1- بَابُ: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا}.
4939- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (ح) حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (ح) حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي يُونُسَ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَيْسَ أَحَدٌ يُحَاسَبُ إِلاَّ هَلَكَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ، أَلَيْسَ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} قَالَ: ذَاكَ العَرْضُ يُعْرَضُونَ، وَمَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ هَلَكَ.(6/207)
2- بَابُ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}.
4940- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ النَّضْرِ، أَخبَرَنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا أَبُو بِشْرٍ جَعْفَرُ بْنُ إِيَاسٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ}: حَالاً بَعْدَ حَالٍ، قَالَ هَذَا نَبِيُّكُمْ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/208)
85- سُورَةُ البُرُوجِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الأُخْدُودِ}: شَقٌّ فِي الأَرْضِ.
{فَتَنُوا}: عَذَّبُوا.
وَقاَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْوَدُودُ الْحَبِيبُ الْمَجِيدُ الْكَرِيمِ.(6/208)
86- سُورَةُ الطَّارِقِ.
هُوَ النَّجْمُ، وَمَا أَتَاكَ لَيْلاً فَهُوَ طَارِقٌ.
{النَّجْمُ الثَّاقِبُ} الْمُضِيءُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {ذَاتِ الرَّجْعِ}: سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ.
وَ: {ذَاتِ الصَّدْعِ}: تَتَصَدَّعُ بِالنَّبَاتِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَوْلٌ فَصْلٌ}: لَحَقٌ.
{لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} إِلاَّ عَلَيْهَا حَافِظٌ.(6/208)
87- سُورَةُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {قَدَّرَ فَهَدَى} قَدَّرَ لِلإِنْسَانِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ، وَهَدَى الأَنْعَامَ لِمَرَاتِعِهَا.
4941- حَدَّثنا عَبْدَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلاَ يُقْرِئَانِنَا القُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ، وَبِلاَلٌ، وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ المَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ، فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الوَلاَئِدَ وَالصِّبْيَانَ، يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللهِ، قَدْ جَاءَ، فَمَا جَاءَ حَتَّى قَرَأْتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا.(6/208)
88- سُورَةُ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغَاشِيَةِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ}: النَّصَارَى.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {عَيْنٍ آنِيَةٍ}: بَلَغَ إِنَاهَا، وَحَانَ شُرْبُهَا.
{حَمِيمٍ آنٍ}: بَلَغَ إِنَاهُ.
{لاَ تَسْمَعُ فِيهَا لاَغِيَةً}: شَتْمًا، وَيُقَالُ: الضَّرِيعُ نَبْتٌ، يُقَالُ لَهُ: الشِّبْرِقُ، يُسَمِّيهِ أَهْلُ الحِجَازِ: الضَّرِيعَ إِذَا يَبِسَ، وَهُوَ سُمٌّ.
{بِمُسَيْطِرٍ}: بِمُسَلَّطٍ، وَيُقْرَأُ بِالصَّادِ وَالسِّينِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {إِيَابَهُمْ}: مَرْجِعَهُمْ.(6/209)
89- سُورَةُ: {وَالفَجْرِ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِرَمَ ذَاتِ العِمَادِ}: يَعْنِي القَدِيمَةِ، وَالعِمَادُ: أَهْلُ عَمُودٍ لاَ يُقِيمُونَ.
{سَوْطَ عَذَابٍ}: الَّذِي عُذِّبُوا بِهِ.
{أَكْلاً لَمًّا}: السَّفُّ، وَ {جَمًّا}: الكَثِيرُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ، وَالوَتْرُ: اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَوْطَ عَذَابٍ}: كَلِمَةٌ تَقُولُهَا العَرَبُ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ العَذَابِ يَدْخُلُ فِيهِ السَّوْطُ.
{لَبِالْمِرْصَادِ}: إِلَيْهِ المَصِيرُ.
{تَحَاضُّونَ}: تُحَافِظُونَ، وَ (تَحُضُّونَ): تَأْمُرُونَ بِإِطْعَامِهِ.
{المُطْمَئِنَّةُ}: المُصَدِّقَةُ بِالثَّوَابِ.
وَقَالَ الحَسَنُ: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ المُطْمَئِنَّةُ}: إِذَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَبْضَهَا، اطْمَأَنَّتْ إِلَى اللهِ، وَاطْمَأَنَّ الله إِلَيْهَا، وَرَضِيَتْ عَنِ اللهِ، وَرَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فَأَمَرَ بِقَبْضِ رُوحِهَا، وَأَدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ، وَجَعَلَهُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينَ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {جَابُوا}: نَقَبُوا، مِنْ جَِيبَِ القَمِيصُ: قُطِعَ لَهُ جَيْبٌ، يَجُوبُ الفَلاَةَ يَقْطَعُهَا، {لَمًّا}: لَمَمْتُهُ أَجْمَعَ أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهِ.(6/209)
90- سُورَةُ: {لاَ أُقْسِمُ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ}: مَكَّةَ لَيْسَ عَلَيْكَ مَا عَلَى النَّاسِ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ.
{وَوَالِدٍ}: آدَمَ: {وَمَا وَلَدَ}: لِبَدًا كَثِيرًا.
وَ {النَّجْدَيْنِ}: الخَيْرُ وَالشَّرُّ.
{مَسْغَبَةٍ}: مَجَاعَةٍ.
{مَتْرَبَةٍ}: السَّاقِطُ فِي التُّرَابِ.
يُقَالُ: {فَلاَ اقْتَحَمَ العَقَبَةَ}: فَلَمْ يَقْتَحِمِ العَقَبَةَ فِي الدُّنْيَا، ثُمَّ فَسَّرَ العَقَبَةَ، فَقَالَ: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا العَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ}.
{فِي كَبَدٍ}: فِي شِدَّةٍ.(6/209)
91- سُورَةُ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ضُحَاهَا ضَوْأَهَا.
{إِذَا تَلاَهَا}: تَبِعَهَا، وَطَحَاهَا: دَحَاهَا، وَدَسَّاهَا: أَغْوَاهَا.
{فَأَلْهَمَهَا}: عَرَّفَهَا الشَّقَاء وَالسَّعَادَة.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {بِطَغْوَاهَا}: بِمَعَاصِيهَا.
{وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا}: عُقْبَى أَحَدٍ.
4942- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا وُهَيْبٌ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ زَمْعَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَخْطُبُ، وَذَكَرَ النَّاقَةَ وَالَّذِي عَقَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} انْبَعَثَ لَهَا رَجُلٌ عَزِيزٌ عَارِمٌ، مَنِيعٌ فِي رَهْطِهِ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ، وَذَكَرَ النِّسَاءَ، فَقَالَ: يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ، يَجْلِدُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، فَلَعَلَّهُ يُضَاجِعُهَا مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ، ثُمَّ وَعَظَهُمْ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الضَّرْطَةِ، وَقَالَ: لِمَ يَضْحَكُ أَحَدُكُمْ مِمَّا يَفْعَلُ.
وَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِثْلُ أَبِي زَمْعَةَ عَمِّ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ.(6/210)
92- سُورَةُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى}: بِالخَلَفِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {تَرَدَّى}: مَاتَ، وَ {تَلَظَّى}: تَوَهَّجُ.
وَقَرَأَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: تَتَلَظَّى.
1- بَابُ: {وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى}.
4943- حَدَّثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ اللهِ الشَّامَ، فَسَمِعَ بِنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ، فَأَتَانَا، فَقَالَ: أَفِيكُمْ مَنْ يَقْرَأُ؟ فَقُلْنَا: نَعَمْ، قَالَ: فَأَيُّكُمْ أَقْرَأُ؟ فَأَشَارُوا إِلَيَّ، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَرَأْتُ: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى) قَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهَا مِنْ فِي صَاحِبِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: وَأَنَا سَمِعْتُهَا مِنْ فِي النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَهَؤُلاَءِ يَأْبَوْنَ عَلَيْنَا.(6/210)
2- بَابُ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}.
4944- حَدَّثنا عُمَرُ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَدِمَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللهِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَطَلَبَهُمْ فَوَجَدَهُمْ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: كُلُّنَا، قَالَ: فَأَيُّكُمْ يَحْفَظُ؟ وَأَشَارُوا إِلَى عَلْقَمَةَ، قَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى}؟ قَالَ عَلْقَمَةُ: وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى، قَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ هَكَذَا، وَهَؤُلاَءِ يُرِيدُونَنِي عَلَى أَنْ أَقْرَأَ: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} وَاللهِ لاَ أُتَابِعُهُمْ.(6/210)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}.
4945- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ فِي جَِنَازَةٍ، فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} إِلَى قَوْلِهِ: {لِلْعُسْرَى}.
- بَابُ قَوْلِهِ: {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}.
- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ.(6/211)
4- بَابُ: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}.
4946- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَنَّهُ كَانَ فِي جَِنَازَةٍ، فَأَخَذَ عُودًا يَنْكُتُ فِي الأَرْضِ، فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، أَوْ مِنَ الجَنَّةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟ قَالَ: اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} الآيَةَ.
قَالَ شُعْبَةُ: وَحَدَّثَنِي بِهِ مَنْصُورٌ، فَلَمْ أُنْكِرْهُ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ.(6/211)
5- بَابُ: {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}.
4947- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟ قَالَ: لاَ، اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} إِلَى قَوْلِهِ: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.(6/211)
6- بَابُ: {وَكَذَّبَ بِالحُسْنَى}.
4948- حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا فِي جَِنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فَنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، وَمَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلاَّ كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، وَإِلاَّ قَدْ كُتِبَتْ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَسَيَصِيرُ إِلَى أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ، فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، قَالَ: أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ، فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ، فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} الآيَةَ.(6/212)
7- بَابُ: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}.
4949- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي جَِنَازَةٍ، فَأَخَذَ شَيْئًا، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الأَرْضَ، فَقَالَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا، وَنَدَعُ العَمَلَ؟ قَالَ: اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ، فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ، فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ، ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى} الآيَةَ.(6/212)
93- سُورَةُ: {وَالضُّحَى}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {إِذَا سَجَى}: اسْتَوَى.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {سَجَى}: أَظْلَمَ وَسَكَنَ.
{عَائِلاً}: ذُو عِيَالٍ.
1- بَابُ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
4950- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا الأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبَ بْنَ سُفْيَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا، فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ، لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثً، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.(6/213)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
تُقْرَأُ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ، بِمَعْنًى وَاحِدٍ، مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا تَرَكَكَ وَمَا أَبْغَضَكَ.
4951- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدُبًا البَجَلِيَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أُرَى صَاحِبَكَ إِلاَّ أَبْطَأَكَ، فَنَزَلَتْ: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.(6/213)
94- سُورَةُ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {وِزْرَكَ}: فِي الجَاهِلِيَّةِ.
{أَنْقَضَ}: أَثْقَلَ.
{مَعَ العُسْرِ يُسْرًا} قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: أَيْ أَنَّ مَعَ ذَلِكَ العُسْرِ يُسْرًا، آخَرَ كَقَوْلِهِ: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ}: وَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَانْصَبْ}: فِي حَاجَتِكَ إِلَى رَبِّكَ.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}: شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ.(6/213)
95- سُورَةُ: {وَالتِّينِ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُوَ التِّينُ وَالزَّيْتُونُ الَّذِي يَأْكُلُ النَّاسُ.
يُقَالُ: {فَمَا يُكَذِّبُكَ}: فَمَا الَّذِي يُكَذِّبُكَ بِأَنَّ النَّاسَ يُدَانُونَ بِأَعْمَالِهِمْ؟ كَأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَقْدِرُ عَلَى تَكْذِيبِكَ بِالثَّوَابِ وَالعِقَابِ؟.
4952- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيٌّ، قَالَ: سَمِعْتُ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ فِي سَفَرٍ، فَقَرَأَ فِي العِشَاءِ فِي إِحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ بِالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ.
{تَقْوِيمٍ}: الخَلْقِ.(6/213)
96- سُورَةُ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}.
وقَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيقٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: اكْتُبْ فِي المُصْحَفِ فِي أَوَّلِ الإِمَامِ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَاجْعَلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ خَطًّا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {نَادِيَهُ}: عَشِيرَتَهُ.
{الزَّبَانِيَةَ}: المَلاَئِكَةَ.
وَقَالَ مَعْمَرٌ: {الرُّجْعَى}: المَرْجِعُ.
{لَنَسْفَعَنْ}: قَالَ: لَنَأْخُذَنْ، وَلَنَسْفَعَنْ بِالنُّونِ وَهِيَ الخَفِيفَةُ، سَفَعْتُ بِيَدِهِ: أَخَذْتُ.(6/214)
1- بَابٌ.
4953- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ح) وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مَرْوَانَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ، أَخبَرَنا أَبُو صَالِحٍ سَلْمَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: كَانَ أَوَّلَ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لاَ يَرَى رُؤْيَا إِلاَّ جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الخَلاَءُ، فَكَانَ يَلْحَقُ بِغَارِ حِرَاءٍ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، قَالَ: وَالتَّحَنُّثُ: التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ، فَيَتَزَوَّدُ بِمِثْلِهَا، حَتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ: فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي، فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجُهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ}(6/214)
الآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَرْجُفُ بَوَادِرُهُ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ، حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، قَالَ لِخَدِيجَةَ: أَيْ خَدِيجَةُ، مَا لِي لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ، قَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلاَّ، أَبْشِرْ، فَوَاللهِ لاَ يُخْزِيكَ اللهُ أَبَدًا، فَوَاللهِ إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَصْدُقُ الحَدِيثَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ خَدِيجَةَ أَخِي أَبِيهَا، وَكَانَ امْرَءًا تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العَرَبِيَّ، وَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعَرَبِيَّةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: يَا عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، قَالَ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا، ذَكَرَ حَرْفًا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟ قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلاَّ أُوذِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ حَيًّا أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ فَتْرَةً، حَتَّى حَزِنَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/215)
4954- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الوَحْيِ، قَالَ فِي حَدِيثِهِ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي، سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي، فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَفَرِقْتُ مِنْهُ، فَرَجَعْتُ، فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَدَثَّرُوهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرِّجْزَ فَاهْجُرْ} قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَهِيَ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَ أَهْلُ الجَاهِلِيَّةِ يَعْبُدُونَ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الوَحْيُ.(6/215)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}.
4955- حَدَّثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}.(6/215)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}.
4956- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ (ح) وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، قَالَ مُحَمَّدٌ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ جَاءَهُ المَلَكُ، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ}.(6/216)
- بَابُ: {الَّذِي عَلَّمَ بِالقَلَمِ}.
4957- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ، قَالَتْ عَائِشَةُ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى خَدِيجَةَ، فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَذَكَرَ الحَدِيثَ.(6/216)
4- بَابُ: {كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ}.
4958- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ الجَزَرِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ، لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ المَلاَئِكَةُ.
تَابَعَهُ عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ.(6/216)
97- سُورَةُ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}.
يُقَالُ: المَطْلَعُ: هُوَ الطُّلُوعُ، وَالمَطْلِعُ: المَوْضِعُ الَّذِي يُطْلَعُ مِنْهُ.
{أَنْزَلْنَاهُ}: الهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ القُرْآنِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ}: خَرَجَ مَخْرَجَ الجَمِيعِ، وَالمُنْزِلُ هُوَ اللهُ تَعَالَى، وَالعَرَبُ تُوَكِّدُ فِعْلَ الوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الجَمِيعِ، لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ.(6/216)
98- سُورَةُ: {لَمْ يَكُنْ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{مُنْفَكِّينَ}: زَائِلِينَ.
{قَيِّمَةٌ}: القَائِمَةُ.
{دِينُ القَيِّمَةِ}: أَضَافَ الدِّينَ إِلَى المُؤَنَّثِ.
4959- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأُبَيٍّ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ: وَسَمَّانِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى.(6/216)
4960- حَدَّثنا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأُبَيٍّ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ القُرْآنَ، قَالَ أُبَيٌّ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: اللهُ سَمَّاكَ لِي، فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي، قَالَ قَتَادَةُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَيْهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ}.(6/217)
4961- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ أَبُو جَعْفَرٍ المُنَادِي، حَدَّثنا رَوْحٌ، حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أُقْرِئَكَ القُرْآنَ، قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَقَدْ ذُكِرْتُ عِنْدَ رَبِّ العَالَمِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ.(6/217)
99- سُورَةُ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
1- بَابُ قَوْلِهِ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}.
يُقَالُ: {أَوْحَى لَهَا} وَأَوْحَى إِلَيْهَا، وَوَحَى لَهَا، وَوَحَى إِلَيْهَا، وَاحِدٌ.
4962- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الخَيْلُ لِثَلاَثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ فِي المَرْجِ وَالرَّوْضَةِ، كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ، كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، فَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا، وَلاَ ظُهُورِهَا، فَهِيَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِثَاءً وَنِوَاءً، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنِ الحُمُرِ، قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلاَّ هَذِهِ الآيَةَ الفَاذَّةَ الجَامِعَةَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.(6/217)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.
4963- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنِ الحُمُرِ، فَقَالَ: لَمْ يُنْزَلْ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلاَّ هَذِهِ الآيَةُ الجَامِعَةُ الفَاذَّةُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.(6/218)
100- {وَالعَادِيَاتِ}، وَالْقَارِعَةِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الكَنُودُ: الكَفُورُ.
يُقَالُ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}: رَفَعْنَا بِهِ غُبَارًا.
{لِحُبِّ الخَيْرِ}: مِنْ أَجْلِ حُبِّ الخَيْرِ.
{لَشَدِيدٌ}: لَبَخِيلٌ، وَيُقَالُ لِلْبَخِيلِ: شَدِيدٌ.
{حُصِّلَ}: مُيِّزَ.(6/218)
101- سُورَةُ: {القَارِعَةِ}.
{كَالفَرَاشِ المَبْثُوثِ}: كَغَوْغَاءِ الجَرَادِ، يَرْكَبُ بَعْضُهُ بَعْضًا، كَذَلِكَ النَّاسُ يَجُولُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ.
{كَالعِهْنِ}: كَأَلْوَانِ العِهْنِ.
وَقَرَأَ عَبْدُ اللهِ: كَالصُّوفِ.(6/218)
102- سُورَةُ: {أَلْهَاكُمُ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {التَّكَاثُرُ}: مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَوْلاَدِ.(6/218)
103- سُورَةُ {وَالعَصْرِ}.
وَقَالَ يَحْيَى: العَصْرِ: الدَّهْرُ، أَقْسَمَ بِهِ.(6/218)
104- سُورَةُ: {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{الحُطَمَةُ}: اسْمُ النَّارِ، مِثْلُ: {سَقَرَ} وَ {لَظَى}.(6/218)
105- سُورَةُ: {أَلَمْ تَرَ}.
قَالَ مُجَاهِدٌ: {أَلَمْ تَرَ}: أَلَمْ تَعْلَمْ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {أَبَابِيلَ}: مُتَتَابِعَةً مُجْتَمِعَةً.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {مِنْ سِجِّيلٍ}: هِيَ سَنْكِ وَكِلْ.(6/218)
106- سُورَةُ: {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {لإِيلاَفِ}: أَلِفُوا ذَلِكَ، فَلاَ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ.
{وَآمَنَهُمْ}: مِنْ كُلِّ عَدُوِّهِمْ فِي حَرَمِهِمْ.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: {لإِيلاَفِ}: لِنِعْمَتِي عَلَى قُرَيْشٍ.(6/219)
107- سُورَةُ: {أَرَأَيْتَ}.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {يَدُعُّ}: يَدْفَعُ عَنْ حَقِّهِ، يُقَالُ: هُوَ مِنْ دَعَعْتُ.
{يُدَعُّونَ}: يُدْفَعُونَ.
{سَاهُونَ}: لاَهُونَ، وَ {المَاعُونَ}: المَعْرُوفَ كُلُّهُ، وَقَالَ بَعْضُ العَرَبِ: المَاعُونُ: المَاءُ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: أَعْلاَهَا الزَّكَاةُ المَفْرُوضَةُ، وَأَدْنَاهَا عَارِيَّةُ المَتَاعِ.(6/219)
108- سُورَةُ: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {شَانِئَكَ}: عَدُوَّكَ.
4964- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ: أَتَيْتُ عَلَى نَهَرٍ، حَافَتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ.(6/219)
4965- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ الكَاهِلِيُّ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَ: سَأَلْتُهَا عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ} قَالَتْ: هُوَ نَهَرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكُمْ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، شَاطِئَاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ، آنِيَتُهُ كَعَدَدِ النُّجُومِ.
رَوَاهُ زَكَرِيَّا، وَأَبُو الأَحْوَصِ، وَمُطَرِّفٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ.(6/219)
4966- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، حَدَّثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ قَالَ فِي الكَوْثَرِ: هُوَ الخَيْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، قَالَ أَبُو بِشْرٍ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: فَإِنَّ النَّاسَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ نَهَرٌ فِي الجَنَّةِ، فَقَالَ سَعِيدٌ: النَّهَرُ الَّذِي فِي الجَنَّةِ، مِنَ الخَيْرِ الَّذِي أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ.(6/219)
109- سُورَةُ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ}.
يُقَالُ: {لَكُمْ دِينُكُمْ}: الكُفْرُ.
{وَلِيَ دِينِ}: الإِسْلاَمُ، وَلَمْ يَقُلْ دِينِي، لأَنَّ الآيَاتِ بِالنُّونِ، فَحُذِفَتِ اليَاءُ، كَمَا قَالَ: {يَهْدِينِ} وَ {يَشْفِينِ}.
وَقَالَ غَيْرُهُ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}: الآنَ، وَلاَ أُجِيبُكُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِي.
{وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}: وَهُمُ الَّذِينَ قَالَ: {وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا}.(6/220)
110- سُورَةُ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
4967- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: مَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ صَلاَةً بَعْدَ أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} إِلاَّ يَقُولُ فِيهَا: سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي.(6/220)
4968- حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأَوَّلُ القُرْآنَ.(6/220)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا}.
4969- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ (1) سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، سَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} قَالُوا: فَتْحُ المَدَائِنِ وَالقُصُورِ، قَالَ: مَا تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: أَجَلٌ، أَوْ مَثَلٌ ضُرِبَ لِمُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، نُعِيَتْ لَهُ نَفْسُهُ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: قال حدثنا سفيان.(6/220)
4- بَابُ قَوْلِهِ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}.
تَوَّابٌ عَلَى العِبَادِ وَالتَّوَّابُ مِنَ النَّاسِ، التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ.
4970- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يُدْخِلُنِي مَعَ أَشْيَاخِ بَدْرٍ، فَكَأَنَّ بَعْضَهُمْ وَجَدَ فِي نَفْسِهِ، فَقَالَ: لِمَ تُدْخِلُ هَذَا مَعَنَا وَلَنَا أَبْنَاءٌ مِثْلُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ عَلِمْتُمْ، فَدَعَا ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَدْخَلَهُ مَعَهُمْ، فَمَا رُئِيتُ أَنَّهُ دَعَانِي يَوْمَئِذٍ إِلاَّ لِيُرِيَهُمْ، قَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ}؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُمِرْنَا نَحْمَدُ اللهَ وَنَسْتَغْفِرَهُ إِذَا نُصِرْنَا، وَفُتِحَ عَلَيْنَا، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ لِي: أَكَذَاكَ تَقُولُ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ؟ فَقُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَمَا تَقُولُ؟ قُلْتُ: هُوَ أَجَلُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَعْلَمَهُ لَهُ، قَالَ: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالفَتْحُ} وَذَلِكَ عَلاَمَةُ أَجَلِكَ: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَقُولُ.(6/220)
111- سُورَةُ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
{تَبَابٌ}: خُسْرَانٌ.
{تَتْبِيبٌ}: تَدْمِيرٌ.
4971- حَدَّثنا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} وَرَهْطَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ، خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى صَعِدَ الصَّفَا، فَهَتَفَ: يَا صَبَاحَاهْ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاً تَخْرُجُ مِنْ سَفْحِ هَذَا الجَبَلِ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟ قَالُوا: مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، مَا جَمَعْتَنَا إِلاَّ لِهَذَا؟ ثُمَّ قَامَ، فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} وَقَدْ تَبَّ، هَكَذَا قَرَأَهَا الأَعْمَشُ يَوْمَئِذٍ.(6/221)
2- بَابُ قَوْلِهِ: {وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ}.
4972- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَرَجَ إِلَى البَطْحَاءِ، فَصَعِدَ إِلَى الجَبَلِ فَنَادَى: يَا صَبَاحَاهْ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قُرَيْشٌ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ حَدَّثْتُكُمْ أَنَّ العَدُوَّ مُصَبِّحُكُمْ أَوْ مُمَسِّيكُمْ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونِي؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ، فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا، تَبًّا لَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} إِلَى آخِرِهَا.(6/221)
3- بَابُ قَوْلِهِ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ}.
4973- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.(6/222)
4- بَابُ: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الحَطَبِ}
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: حَمَّالَةُ الحَطَبِ: تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ.
{فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}: يُقَالُ: مِنْ مَسَدٍ: لِيفِ المُقْلِ، وَهِيَ السِّلْسِلَةُ الَّتِي فِي النَّارِ.(6/222)
112- سُورَةُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
يُقَالُ: لاَ يُنَوَّنُ {أَحَدٌ}: أَيْ وَاحِدٌ.
4974- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، حَدَّثنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ: لَنْ يُعِيدَنِي كَمَا بَدَأَنِي، وَلَيْسَ أَوَّلُ الخَلْقِ بِأَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْ إِعَادَتِهِ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، فَقَوْلُهُ: اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا، وَأَنَا الأَحَدُ الصَّمَدُ، لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفْوًا أَحَدٌ.(6/222)
2- قَوْلُهُ: {اللهُ الصَّمَدُ}.
وَالعَرَبُ تُسَمِّي أَشْرَافَهَا الصَّمَدَ.
قَالَ أَبُو وَائِلٍ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي انْتَهَى سُودَدُهُ.
4975- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَالَ اللهُ: كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ، أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ، أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ.
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُؤًا أَحَدٌ) كُفُوًا وَكَفِيئًا وَكِفَاءً وَاحِدٌ.(6/222)
113- سُورَةُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {الْفَلَقُ}: الصُّبْحُ، وَ {غَاسِقٍ}: اللَّيْلُِ.
{إِذَا وَقَبَ}: غُرُوبُ الشَّمْسِ، يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ.
{وَقَبَ}: إِذَا دَخَلَ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَأَظْلَمَ.
4976- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، وَعَبْدَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ المُعَوِّذَتَيْنِ؟ فَقَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: قِيلَ لِي: فَقُلْتُ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/223)
114- سُورَةُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {الوَسْوَاسِ}: إِذَا وُلِدَ خَنَسَهُ الشَّيْطَانُ، فَإِذَا ذُكِرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَهَبَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللهَ ثَبَتَ عَلَى قَلْبِهِ.
4977- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَبْدَةُ بْنُ أَبِي لُبَابَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ (ح) وَحَدَّثنا عَاصِمٌ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، قُلْتُ: أَبَا المُنْذِرِ، إِنَّ أَخَاكَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ أُبَيٌّ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ لِي: قِيلَ لِي: فَقُلْتُ: قَالَ: فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/223)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
66- كِتَابُ فَضَائِلِ القُرْآنِ.
1- بَاب: كَيْفَ نَزَلَ الوَحْيُ، وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: المُهَيْمِنُ: الأَمِينُ، القُرْآنُ أَمِينٌ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ قَبْلَهُ.
4978 و4979- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، قَالاَ: لَبِثَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ، يُنْزَلُ عَلَيْهِ القُرْآنُ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ.(6/223)
4980- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: أُنْبِئْتُ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَعِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ، فَجَعَلَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأُمِّ سَلَمَةَ: مَنْ هَذَا؟ أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَتْ: هَذَا دِحْيَةُ، فَلَمَّا قَامَ، قَالَتْ: وَاللهِ مَا حَسِبْتُهُ إِلاَّ إِيَّاهُ، حَتَّى سَمِعْتُ خُطْبَةَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُخْبِرُ خَبَرَ جِبْرِيلَ، أَوْ كَمَا قَالَ، قَالَ أَبِي: قُلْتُ لأَبِي عُثْمَانَ: مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ.(6/223)
4981- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، حَدَّثنا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ نَبِيٌّ إِلاَّ أُعْطِيَ مَا مِثْلهُ آمَنَ عَلَيْهِ البَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ القِيَامَةِ.(6/224)
4982- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ اللهَ تَعَالَى تَابَعَ عَلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ، حَتَّى تَوَفَّاهُ أَكْثَرَ مَا كَانَ الوَحْيُ، ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدُ.(6/224)
4983- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا يَقُولُ: اشْتَكَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً، أَوْ لَيْلَتَيْنِ، فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا مُحَمَّدُ، مَا أُرَى شَيْطَانَكَ إِلاَّ قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.(6/224)
2- بَابُ نَزَلَ القُرْآنُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ وَالعَرَبِ.
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا}، {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}.
4984- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: فَأَمَرَ عُثْمَانُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنْ يَنْسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ، وَقَالَ لَهُمْ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي عَرَبِيَّةٍ مِنْ عَرَبِيَّةِ القُرْآنِ، فَاكْتُبُوهَا بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا.(6/224)
4985- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، حَدَّثنا عَطَاءٌ (ح) وَقَالَ مُسَدَّدٌ: حَدَّثنا يَحْيَى (1)، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ، أَنَّ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ: لَيْتَنِي أَرَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ الوَحْيُ، فَلَمَّا كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ عَلَيْهِ، وَمَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ فِي جُبَّةٍ بَعْدَ مَا تَضَمَّخَ بِطِيبٍ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سَاعَةً، فَجَاءَهُ الوَحْيُ، فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى: أَيْ تَعَالَ، فَجَاءَ يَعْلَى، فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ، فَإِذَا هُوَ مُحْمَرُّ الوَجْهِ، يَغِطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي يَسْأَلُنِي عَنِ العُمْرَةِ آنِفًا، فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ، فَجِيءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ، فَاغْسِلْهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، وَأَمَّا الجُبَّةُ، فَانْزِعْهَا، ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تَصْنَعُ فِي حَجِّكَ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: يحيى بن سعيد.(6/224)
3- بَابُ جَمْعِ القُرْآنِ.
4986- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مَقْتَلَ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ عِنْدَهُ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: إِنَّ عُمَرَ أَتَانِي فَقَالَ: إِنَّ القَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ اليَمَامَةِ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى إِنِ اسْتَحَرَّ القَتْلُ بِالقُرَّاءِ بِالْمَوَاطِنِ، فَيَذْهَبَ كَثِيرٌ مِنَ القُرْآنِ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ لِعُمَرَ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ عُمَرُ: هَذَا وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ عُمَرُ يُرَاجِعُنِي، حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِذَلِكَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى عُمَرُ،(6/225)
قَالَ زَيْدٌ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ لاَ نَتَّهِمُكَ، وَقَدْ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتَتَبَّعِ القُرْآنَ فَاجْمَعْهُ، فَوَاللهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ القُرْآنِ، قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ: هُوَ وَاللهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي، حَتَّى شَرَحَ اللهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَتَتَبَّعْتُ القُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُبِ، وَاللِّخَافِ، وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَِهُِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} حَتَّى خَاتِمَةِ بَرَاءَةَ، فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَيَاتَهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.(6/226)
4987- حَدَّثنا مُوسَى، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثنا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ ؛ أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ فِي فَتْحِ إِرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ العِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلاَفُهُمْ فِي القِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلاَفَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي المَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ العَاصِ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَنَسَخُوهَا فِي المَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلاَثَةِ: إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، فَفَعَلُوا، حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ، أَنْ يُحْرَقَ.(6/226)
4988- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالَ: فَقَدْتُ آيَةً مِنَ الأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْنَا المُصْحَفَ، قَدْ كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ بِهَا، فَالْتَمَسْنَاهَا، فَوَجَدْنَاهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ: {مِنَ المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ} فَأَلْحَقْنَاهَا فِي سُورَتِهَا فِي المُصْحَفِ.(6/226)
4- بَابُ كَاتِبِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4989- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ ابْنَ السَّبَّاقِ، قَالَ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الوَحْيَ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاتَّبِعِ القُرْآنَ، فَتَتَبَّعْتُ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ، لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَِهُِ: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} إِلَى آخِرِهِ.(6/227)
4990- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: ادْعُ لِي زَيْدًا، وَلْيَجِئْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ وَالكَتِفِ، أَوِ الكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ: {لاَ يَسْتَوِي القَاعِدُونَ} وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا تَأْمُرُنِي، فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ؟ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا: {لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ} {وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ} {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.(6/227)
5- بَابُ أُنْزِلَ القُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.
4991- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، حَدَّثَهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي، حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ.(6/227)
4992- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ القَارِيَّ حَدَّثَاهُ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ (1) يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ، فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُ القِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، والأَصِيلِيّ: ابن حزام.(6/227)
6- بَابُ تَأْلِيفِ القُرْآنِ.
4993- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يُوسُفُ بْنُ مَاهَكٍ، قَالَ: إِنِّي عِنْدَ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، إِذْ جَاءَهَا عِرَاقِيٌّ، فَقَالَ: أَيُّ الكَفَنِ خَيْرٌ؟ قَالَتْ: وَيْحَكَ، وَمَا يَضُرُّكَ؟ قَالَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، أَرِينِي مُصْحَفَكِ؟ قَالَتْ: لِمَ؟ قَالَ: لَعَلِّي أُوَلِّفُ القُرْآنَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُقْرَأُ غَيْرَ مُؤَلَّفٍ، قَالَتْ: وَمَا يَضُرُّكَ أَيَّهُ قَرَأْتَ قَبْلُ؟ إِنَّمَا نَزَلَ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهُ سُورَةٌ مِنَ المُفَصَّلِ، فِيهَا ذِكْرُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، حَتَّى إِذَا ثَابَ النَّاسُ إِلَى الإِسْلاَمِ، نَزَلَ الحَلاَلُ وَالحَرَامُ، وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لاَ تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لاَ تَزْنُوا، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا، لَقَدْ نَزَلَ بِمَكَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَإِنِّي لَجَارِيَةٌ أَلْعَبُ: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} وَمَا نَزَلَتْ سُورَةُ البَقَرَةِ وَالنِّسَاءِ إِلاَّ وَأَنَا عِنْدَهُ، قَالَ: فَأَخْرَجَتْ لَهُ المُصْحَفَ، فَأَمْلَتْ عَلَيْهِ آيَ السُّوَرِ.(6/228)
4994- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ (1)، سَمِعْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَالكَهْفِ، وَمَرْيَمَ، وَطه، وَالأَنْبِيَاءِ: إِنَّهُنَّ مِنَ العِتَاقِ الأُوَلِ، وَهُنَّ مِنْ تِلاَدِي.
_حاشية__________
(1) أخا الأسود بن يزيد بن قيس. كذا هذه الرواية في اليونينية.(6/228)
4995- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، سَمِعَ البَرَاءَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: تَعَلَّمْتُ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/228)
4996- حَدَّثنا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: لَقَدْ عَلِمْتُ (1)النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَؤُهُنَّ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، فَقَامَ عَبْدُ اللهِ، وَدَخَلَ مَعَهُ عَلْقَمَةُ، وَخَرَجَ عَلْقَمَةُ فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: عِشْرُونَ سُورَةً مِنْ أَوَّلِ المُفَصَّلِ عَلَى تَأْلِيفِ ابْنِ مَسْعُودٍ، آخِرُهُنَّ الحَوَامِيمُ، حم الدُّخَانِ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ.
_حاشية__________
(1) وفي رواية : لقد تعلمتُ.(6/229)
7- بَابُ كَانَ جِبْرِيلُ يَعْرِضُ القُرْآنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَقَالَ مَسْرُوقٌ: عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنْ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: أَسَرَّ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ؛ أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُنِي بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ حَضَرَ أَجَلِي.
4997- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالخَيْرِ، وَأَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، لأَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى يَنْسَلِخَ، يَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ القُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ، كَانَ أَجْوَدَ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.(6/229)
4998- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثنا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ ذَكْوَانٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ القُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ فِي كُلَّ عَامٍ عَشْرًا، فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي العَامِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ.(6/229)
8- بَابُ القُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
4999- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، ذَكَرَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: لاَ أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ، وَمُعَاذٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.(6/229)
5000- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: وَاللهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللهِ، وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ، قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ فِي الحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ، فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ غَيْرَ ذَلِكَ.(6/229)
5001- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنَّا بِحِمْصَ، فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ، فَقَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: أَحْسَنْتَ، وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الخَمْرِ، فَقَالَ: أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللهِ وَتَشْرَبَ الخَمْرَ، فَضَرَبَهُ الحَدَّ.(6/230)
5002- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: وَاللهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ، إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللهِ، إِلاَّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللهِ، تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.(6/230)
5003- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: مَنْ جَمَعَ القُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ: أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.
تَابَعَهُ الفَضْلُ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ.(6/230)
5004- حَدَّثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنِي ثَابِتٌ البُنَانِيُّ، وَثُمَامَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مَاتَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَلَمْ يَجْمَعِ القُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ، قَالَ: وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ.(6/230)
5005- حَدَّثنا صَدَقَةُ بْنُ الفَضْلِ، أَخبَرَنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: أُبَيٌّ أَقْرَؤُنَا، وَإِنَّا لَنَدَعُ مِنْ لَحَنِ أُبَيٍّ، وَأُبَيٌّ يَقُولُ: أَخَذْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلاَ أَتْرُكُهُ لِشَيْءٍ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}.(6/230)
9- بَابُ فَضْلِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ.
5006- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ المُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي، فَدَعَانِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَلَمْ أُجِبْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، قَالَ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ}؟ ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُعَلِّمُكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ، فَأَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَخْرُجَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ قُلْتَ: لأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي القُرْآنِ، قَالَ: {الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ}، هِيَ السَّبْعُ المَثَانِي، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ، الَّذِي أُوتِيتُهُ.(6/230)
5007- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا وَهْبٌ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ مَعْبَدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا فِي مَسِيرٍ لَنَا فَنَزَلْنَا، فَجَاءَتْ جَارِيَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّ سَيِّدَ الحَيِّ سَلِيمٌ، وَإِنَّ نَفَرَنَا غَيْبٌ، فَهَلْ مِنْكُمْ رَاقٍ؟ فَقَامَ مَعَهَا رَجُلٌ مَا كُنَّا نَأْبُِنُهُ بِرُقْيَةٍ، فَرَقَاهُ، فَبَرَأَ، فَأَمَرَ لَنَا بِثَلاَثِينَ شَاةً، وَسَقَانَا لَبَنًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكُنْتَ تُحْسِنُ رُقْيَةً، أَوْ كُنْتَ تَرْقِي؟ قَالَ: لاَ، مَا رَقَيْتُ إِلاَّ بِأُمِّ الكِتَابِ، قُلْنَا: لاَ تُحْدِثُوا شَيْئًا حَتَّى نَأْتِيَ أَوْ نَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، ذَكَرْنَاهُ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: وَمَا كَانَ يُدْرِيهِ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي بِسَهْمٍ.
وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا هِشَامٌ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، حَدَّثنا مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، بِهَذَا.(6/231)
10- بَابُ فَضْلِ سُورَةِ البَقَرَةِ (1).
5008- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ.
5009- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: باب فضل الأيتين من سورة(6/231)
5010- وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ: حَدَّثنا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَصَّ الحَدِيثَ، فَقَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ، لَمْ يَزَلْ مَعَكَ مِنَ اللهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ.(6/232)
11- بَابُ فَضْلِ (1) الكَهْفِ.
5011- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، حَدَّثنا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاءِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَقْرَأُ سُورَةَ الكَهْفِ، وَإِلَى جَانِبِهِ حِصَانٌ مَرْبُوطٌ بِشَطَنَيْنِ، فَتَغَشَّتْهُ سَحَابَةٌ، فَجَعَلَتْ تَدْنُو وَتَدْنُو، وَجَعَلَ فَرَسُهُ يَنْفِرُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: تِلْكَ السَّكِينَةُ تَنَزَّلَتْ بِالقُرْآنِ.
_حاشية__________
(1) ط ن صح: سورة.(6/232)
12- بَابُ فَضْلِ سُورَةِ الفَتْحِ.
5012- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَعُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلاً، فَسَأَلَهُ عُمَرُ عَنْ شَيْءٍ، فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَلَمْ يُجِبْهُ، فَقَالَ عُمَرُ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، نَزَرْتَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، كُلَّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ، قَالَ عُمَرُ: فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي حَتَّى كُنْتُ أَمَامَ النَّاسِ، وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ، فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ، قَالَ: فَقُلْتُ: لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ، قَالَ: فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}.(6/232)
13- بَابُ فَضْلِ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}.
فِيهِ عَمْرَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
5013- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ.
5014- وَزَادَ أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ ؛ أَنَّ رَجُلاً قَامَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ مِنَ السَّحَرِ: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} لاَ يَزِيدُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى الرَّجُلُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، نَحْوَهُ.(6/233)
5015- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، وَالضَّحَّاكُ الْمَشْرِقِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأَصْحَابِهِ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ القُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ؟ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَقَالُوا: أَيُّنَا يُطِيقُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَقَالَ: اللهُ الوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ القُرْآنِ.
قَالَ الْفَرَبْرِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَرَّاقَ أَبِي عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1)، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، مُرْسَلٌ، وَعَنِ الضَّحَّاكِ الْمَشْرِقِيِّ، مُسْنَدٌ.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح".(6/233)
14- بَابُ فَضْلِ المُعَوِّذَاتُ.
5016- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ إِذَا اشْتَكَى يَقْرَأُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ وَيَنْفُثُ، فَلَمَّا اشْتَدَّ وَجَعُهُ، كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ وَأَمْسَحُ بِيَدِهِ رَجَاءَ بَرَكَتِهَا.(6/233)
5017- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا المُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ، ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا، فَقَرَأَ فِيهِمَا: {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ}، وَ{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.(6/233)
15- بَابُ نُزُولِ السَّكِينَةِ وَالمَلاَئِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ القُرْآنِ.
5018- وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، قَالَ: بَيْنَمَا هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ، وَفَرَسُهُ مَرْبُوطٌ عِنْدَهُ، إِذْ جَالَتِ الفَرَسُ، فَسَكَتَ، فَسَكَنَتْ، فَقَرَأَ، فَجَالَتِ الفَرَسُ، فَسَكَتَ وَسَكَتَ الفَرَسُ، ثُمَّ قَرَأَ، فَجَالَتِ الفَرَسُ، فَانْصَرَفَ، وَكَانَ ابْنُهُ يَحْيَى قَرِيبًا مِنْهَا، فَأَشْفَقَ أَنْ تُصِيبَهُ، فَلَمَّا اجْتَرَّهُ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، حَتَّى مَا يَرَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ حَدَّثَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، اقْرَأْ يَا ابْنَ حُضَيْرٍ، قَالَ: فَأَشْفَقْتُ يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْ تَطَأَ يَحْيَى، وَكَانَ مِنْهَا قَرِيبًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَانْصَرَفْتُ إِلَيْهِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا مِثْلُ الظُّلَّةِ فِيهَا أَمْثَالُ المَصَابِيحِ، فَخَرَجَتْ حَتَّى لاَ أَرَاهَا، قَالَ: وَتَدْرِي مَا ذَاكَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: تِلْكَ المَلاَئِكَةُ دَنَتْ لِصَوْتِكَ، وَلَوْ قَرَأْتَ، لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إِلَيْهَا، لاَ تَتَوَارَى مِنْهُمْ.
قَالَ ابْنُ الهَادِ: وَحَدَّثَنِي هَذَا الحَدِيثَ عَبْدُ اللهِ بْنُ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ.(6/234)
16- بَابُ مَنْ قَالَ: لَمْ يَتْرُكِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.
5019- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ، قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، فَسَأَلْنَاهُ، فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلاَّ مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.(6/234)
17- بَابُ فَضْلِ القُرْآنِ عَلَى سَائِرِ الكَلاَمِ.
5020- حَدَّثنا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ أَبُو خَالِدٍ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، حَدَّثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالأُتْرُجَّةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلاَ رِيحَ فِيهَا، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الفَاجِرِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَمَثَلِ الحَنْظَلَةِ طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلاَ رِيحَ لَهَا.(6/234)
5021- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّمَا أَجَلُكُمْ فِي أَجَلِ مَنْ خَلاَ مِنَ الأُمَمِ، كَمَا بَيْنَ صَلاَةِ العَصْرِ، وَمَغْرِبِ الشَّمْسِ، وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالاً، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ عَلَى قِيرَاطٍ قِيرَاطٍ، فَعَمِلَتِ اليَهُودُ، فَقَالَ: مَنْ يَعْمَلُ لِي مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ إِلَى العَصْرِ، فَعَمِلَتِ النَّصَارَى، ثُمَّ أَنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ بِقِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالُوا: نَحْنُ أَكْثَرُ عَمَلاً وَأَقَلُّ عَطَاءً، قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَذَاكَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ شِئْتُ.(6/235)
18- بَابُ الوَصَاةِ بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
5022- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، حَدَّثنا طَلْحَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى: آوْصَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ: لاَ، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ، أُمِرُوا بِهَا وَلَمْ يُوصِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللهِ.(6/235)
19- بَابُ مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآنِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}.
5023- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَمْ يَأْذَنِ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ، وَقَالَ صَاحِبٌ لَهُ: يُرِيدُ يَجْهَرُ بِهِ.(6/235)
5024- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا أَذِنَ اللهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِلنَّبِيِّ أَنْ يَتَغَنَّى بِالقُرْآنِ.
قَالَ سُفْيَانُ: تَفْسِيرُهُ: يَسْتَغْنِي بِهِ.(6/236)
20- بَابُ اغْتِبَاطِ صَاحِبِ القُرْآنِ.
5025- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: لاَ حَسَدَ إِلاَّ عَلَى اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الكِتَابَ، وَقَامَ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَرَجُلٌ أَعْطَاهُ اللهُ مَالاً، فَهُوَ يَتَصَدَّقُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ.(6/236)
5026- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا رَوْحٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ حَسَدَ إِلاَّ فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌٍ عَلَّمَهُ اللهُ القُرْآنَ، فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ، وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَسَمِعَهُ جَارٌ لَهُ، فَقَالَ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلاَنٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ، وَرَجُلٌٍ آتَاهُ اللهُ مَالاً، فَهُوَ يُهْلِكُهُ فِي الحَقِّ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَيْتَنِي أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتِيَ فُلاَنٌ، فَعَمِلْتُ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ.(6/236)
21- بَاب خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ.
5027- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ، قَالَ: وَأَقْرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ، حَتَّى كَانَ الحَجَّاجُ، قَالَ: وَذَاكَ الَّذِي أَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا.(6/236)
5028- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ أَفْضَلَكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ.(6/236)
5029- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَا لِي فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: أَعْطِهَا ثَوْبًا، قَالَ: لاَ أَجِدُ، قَالَ: أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَاعْتَلَّ لَهُ، فَقَالَ: مَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(6/236)
22- بَاب القِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ القَلْبِ.
5030- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ لَهُ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، قَالَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي، قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ، فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قَامَ فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، عَدَّهَا، قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(6/237)
23- بَابُ اسْتِذْكَارِ القُرْآنِ وَتَعَاهُدِهِ.
5031- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ القُرْآنِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الإِبِلِ المُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ.(6/237)
5032- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ، وَاسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ.
حَدَّثنا عُثْمَانُ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، مِثْلَهُ.
تَابَعَهُ بِشْرٌ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدَةَ، عَنْ شَقِيقٍ، سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(6/238)
5033- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: تَعَاهَدُوا القُرْآنَ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإِبِلِ فِي عُقُلِهَا.(6/238)
24- بَابُ القِرَاءَةِ عَلَى الدَّابَّةِ.
5034- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، وَهُوَ يَقْرَأُ عَلَى رَاحِلَتِهِ سُورَةَ الفَتْحِ.(6/238)
25- بَابُ تَعْلِيمِ الصِّبْيَانِ القُرْآنَ.
5035- حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ المُفَصَّلَ هُوَ المُحْكَمُ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ، وَقَدْ قَرَأْتُ المُحْكَمَ.(6/238)
5036- حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: جَمَعْتُ المُحْكَمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ لَهُ: وَمَا المُحْكَمُ؟ قَالَ: المُفَصَّلُ.(6/238)
26- بَابُ نِسْيَانِ القُرْآنِ، وَهَلْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَذَا وَكَذَا.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنْسَى إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ}.
5037- حَدَّثنا رَبِيعُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا زَائِدَةُ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَجُلاً يَقْرَأُ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا، آيَةً مِنْ سُورَةِ كَذَا.
حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثنا عِيسَى، عَنْ هِشَامٍ، وَقَالَ: أَسْقَطْتُهُنَّ مِنْ سُورَةِ كَذَا.
تَابَعَهُ عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ.(6/238)
5038- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَجُلاً يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي آيَةَ كَذَا وَكَذَا، كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا.(6/239)
5039- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بِئْسَ مَا لأَحَدِهِمْ يَقُولُ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ.(6/239)
27- بَابُ مَنْ لَمْ يَرَ بَأْسًا أَنْ يَقُولَ: سُورَةُ البَقَرَةِ، وَسُورَةُ كَذَا وَكَذَا.
5040- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ.(6/239)
5041- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ حَدِيثِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ القَارِيِّ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَؤُهَا عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ، لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلاَةِ، فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَبْتُهُ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ لَهُ: كَذَبْتَ، فَوَاللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ، الَّتِي سَمِعْتُكَ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَقُودُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَإِنَّكَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الفُرْقَانِ، فَقَالَ: يَا هِشَامُ، اقْرَأْهَا، فَقَرَأَهَا القِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ: اقْرَأْ يَا عُمَرُ، فَقَرَأْتُهَا الَّتِي أَقْرَأَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ.(6/239)
5042- حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ آدَمَ، أَخبَرَنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: سَمِعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَارِئًا يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَرْحَمُهُ اللهُ، لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا، آيَةً أَسْقَطْتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا.(6/240)
28- بَابُ التَّرْتِيلِ فِي القِرَاءَةِ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَرَتِّلِ القُرْآنَ تَرْتِيلاً}.
وَقَوْلِهِ: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} وَمَا يُكْرَهُ أَنْ يُهَذَّ كَهَذِّ الشِّعْرِ فِيهَا.
{يُفْرَقُ}: يُفَصَّلُ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {فَرَقْنَاهُ}: فَصَّلْنَاهُ.
5043- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، حَدَّثنا وَاصِلٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: غَدَوْنَا عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: قَرَأْتُ المُفَصَّلَ البَارِحَةَ، فَقَالَ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، إِنَّا قَدْ سَمِعْنَا القِرَاءَةَ، وَإِنِّي لأَحْفَظُ القُرَنَاءَ الَّتِي كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سُورَةً مِنَ المُفَصَّلِ، وَسُورَتَيْنِ مِنْ آلِ حم.(6/240)
5044- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فِي قَوْلِهِ: {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ بِالوَحْيِ، وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ، فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ، وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ، فَأَنْزَلَ اللهُ الآيَةَ الَّتِي فِي: {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ}، {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} قَالَ: إِنَّ عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وَعَدَهُ اللهُ.(6/240)
29- بَابُ مَدِّ القِرَاءَةِ.
5045- حَدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ الأَزْدِيُّ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: كَانَ يَمُدُّ مَدًّا.(6/241)
5046- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا، ثُمَّ قَرَأَ: {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يَمُدُّ بِبِسْمِ اللهِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحْمَنِ، وَيَمُدُّ بِالرَّحِيمِ.(6/241)
30- بَابُ التَّرْجِيعِ.
5047- حَدَّثنا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا أَبُو إِيَاسٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْرَأُ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ أَوْ جَمَلِهِ، وَهِيَ تَسِيرُ بِهِ، وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ، أَوْ مِنْ سُورَةِ الفَتْحِ، قِرَاءَةً لَيِّنَةً يَقْرَأُ وَهُوَ يُرَجِّعُ.(6/241)
31- بَابُ حُسْنِ الصَّوْتِ بِالقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ.
5048- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثنا أَبُو يَحْيَى الحِمَّانِيُّ، حَدَّثنا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُوسَى، لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ.(6/241)
32- بَابُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَ القُرْآنَ مِنْ غَيْرِهِ.
5049- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ القُرْآنَ، قُلْتُ: آقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي.(6/241)
33- بَابُ قَوْلِ المُقْرِئِ لِلْقَارِئِ حَسْبُكَ.
5050- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، آقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ، قَالَ: نَعَمْ، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ، حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ: حَسْبُكَ الآنَ، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.(6/241)
34- بَابٌ: فِي كَمْ يُقْرَأُ القُرْآنُ.
وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}.
5051- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ لِي ابْنُ شُبْرُمَةَ: نَظَرْتُ كَمْ يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ القُرْآنِ، فَلَمْ أَجِدْ سُورَةً أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ، فَقُلْتُ: لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَقْرَأَ أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثِ آيَاتٍ.
قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ سُفْيَانُ: أَخبَرَنا مَنْصُورٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، أَخْبَرَهُ عَلْقَمَةُ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، وَلَقِيتُهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، فَذَكَرَ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ؛ أَنَّهُ مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ.(6/242)
5052- حَدَّثنا مُوسَى، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: أَنْكَحَنِي أَبِي امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَكَانَ يَتَعَاهَدُ كَنَّتَهُ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ بَعْلِهَا، فَتَقُولُ: نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يَطَأْ لَنَا فِرَاشًا، وَلَمْ يُفَتِّشْ لَنَا كَنَفًا مُنْذُ أَتَيْنَاهُ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، ذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: القَنِي بِهِ، فَلَقِيتُهُ بَعْدُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ قُلْتُ: أَصُومُ كُلَّ يَوْمٍ، قَالَ: وَكَيْفَ تَخْتِمُ؟ قُلْتُ: كُلَّ لَيْلَةٍ، قَالَ: صُمْ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثَلاَثَةً، وَاقْرَإِ القُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: صُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فِي الجُمُعَةِ، قَالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: أَفْطِرْ يَوْمَيْنِ وَصُمْ يَوْمًا، قَالَ: قُلْتُ: أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: صُمْ أَفْضَلَ الصَّوْمِ صَوْمَ دَاوُدَ، صِيَامَ يَوْمٍ وَإِفْطَارَ يَوْمٍ، وَاقْرَأْ فِي كُلِّ سَبْعِ لَيَالٍ مَرَّةً، فَلَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَذَاكَ أَنِّي كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ، فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ السُّبْعَ مِنَ القُرْآنِ بِالنَّهَارِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ يَعْرِضُهُ مِنَ النَّهَارِ، لِيَكُونَ أَخَفَّ عَلَيْهِ بِاللَّيْلِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَقَوَّى أَفْطَرَ أَيَّامًا وَأَحْصَى، وَصَامَ مِثْلَهُنَّ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا، فَارَقَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1): وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي ثَلاَثٍ، أَوْ فِي سَبْعٍ، وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى سَبْعٍ.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح".(6/242)
5053- حَدَّثنا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فِي كَمْ تَقْرَأُ القُرْآنَ؟.(6/243)
5054- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى بَنِي زُهْرَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: وَأَحْسِبُنِي قَالَ: سَمِعْتُ أَنَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَإِ القُرْآنَ فِي شَهْرٍ، قُلْتُ: إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً، حَتَّى قَالَ: فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ، وَلاَ تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ.(6/243)
35- بَابُ البُكَاءِ عِنْدَ قِرَاءَةِ القُرْآنِ.
5055- حَدَّثنا صَدَقَةُ، أَخبَرَنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ يَحْيَى: بَعْضُ الحَدِيثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ الأَعْمَشُ: وَبَعْضُ الحَدِيثِ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَعَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، قَالَ: فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ، حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاَءِ شَهِيدًا} قَالَ لِي: كُفَّ، أَوْ: أَمْسِكْ، فَرَأَيْتُ عَيْنَيْهِ تَذْرِفَانِ.(6/243)
5056- حَدَّثنا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَأْ عَلَيَّ، قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي.(6/243)
36- بَابُ مَنْ رَاءَى بِقِرَاءَةِ القُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَجَرَ بِهِ.
5057- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ.(6/243)
5058- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: يَخْرُجُ فِيكُمْ قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ، وَصِيَامَكُمْ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَعَمَلَكُمْ مَعَ عَمَلِهِمْ، وَيَقْرَؤُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَنْظُرُ فِي النَّصْلِ، فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي القِدْحِ. فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَنْظُرُ فِي الرِّيشِ، فَلاَ يَرَى شَيْئًا، وَيَتَمَارَى فِي الفُوقِ.(6/244)
5059- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: المُؤْمِنُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَعْمَلُ بِهِ: كَالأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَالمُؤْمِنُ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَيَعْمَلُ بِهِ: كَالتَّمْرَةِ طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلاَ رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالرَّيْحَانَةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ المُنَافِقِ الَّذِي لاَ يَقْرَأُ القُرْآنَ: كَالحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ، أَوْ: خَبِيثٌ، وَرِيحُهَا مُرٌّ.(6/244)
37- بَابُ اقْرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ.
5060- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: اقْرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ.(6/244)
5061- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثنا سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدَبٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْرَؤُوا القُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فَقُومُوا عَنْهُ.
تَابَعَهُ الحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ.
وَلَمْ يَرْفَعْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَأَبَانُ.
وَقَالَ غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: سَمِعْتُ جُنْدَبًا، قَوْلَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ أَبِي عِمْرَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ عُمَرَ، قَوْلَهُ.
وَجُنْدَبٌ أَصَحُّ وَأَكْثَرُ.(6/244)
5062- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَرَأَ خِلاَفَهَا، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: كِلاَكُمَا مُحْسِنٌ، فَاقْرَآ أَكْبَرُ عِلْمِي، قَالَ: فَإِنَّ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَأَهْلَكَهُم.(6/245)
المجلد السابع.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
كِتَابُ النِّكَاحِ.
1- بَابُ التَّرْغِيبِ فِي النِّكَاحِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}.
5063- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخبَرَنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخبَرَنا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَدْ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَأَنَا أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ، وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.(7/2)
5064- حَدَّثنا عَلِيٌّ، سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي مَالِهَا وَجَمَالِهَا، يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِأَدْنَى مِنْ سُنَّةِ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ، فَيُكْمِلُوا الصَّدَاقَ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ.(7/2)
2- بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ.
وَهَلْ يَتَزَوَّجُ مَنْ لاَ أَرَبَ لَهُ فِي النِّكَاحِ.
5065- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللهِ، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ بِمِنًى، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً فَخَلَيَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: هَلْ لَكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي أَنْ نُزَوِّجَكَ بِكْرًا، تُذَكِّرُكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ؟ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللهِ أَنْ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى هَذَا أَشَارَ إِلَيَّ، فَقَالَ: يَا عَلْقَمَةُ، فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ: أَمَا لَئِنْ قُلْتَ ذَلِكَ، لَقَدْ قَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ.(7/3)
3- بَابُ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ البَاءَةَ فَلْيَصُمْ.
5066- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَلْقَمَةَ، وَالأَسْوَدِ عَلَى عَبْدِ اللهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ شَبَابًا لاَ نَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ.(7/3)
4- بَابُ كَثْرَةِ النِّسَاءِ.
5067- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَِنَازَةَ مَيْمُونَةَ بِسَرِفَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذِهِ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَهَا فَلاَ تُزَعْزِعُوهَا، وَلاَ تُزَلْزِلُوهَا، وَارْفُقُوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تِسْعٌ، كَانَ يَقْسِمُ لِثَمَانٍ، وَلاَ يَقْسِمُ لِوَاحِدَةٍ.(7/3)
5068- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ.
وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُمْ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(7/4)
5069- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ الحَكَمِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ رَقَبَةَ، عَنْ طَلْحَةَ اليَامِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ تَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: لاَ، قَالَ: فَتَزَوَّجْ، فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً.(7/4)
5- بَابُ مَنْ هَاجَرَ أَوْ عَمِلَ خَيْرًا لِتَزْوِيجِ امْرَأَةٍ فَلَهُ مَا نَوَى.
5070- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الحَارِثِ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: العَمَلُ بِالنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا لاِمْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.(7/4)
6- بَابُ تَزْوِيجِ المُعْسِرِ الَّذِي مَعَهُ القُرْآنُ وَالإِسْلاَمُ.
فِيهِ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
5071- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ.(7/4)
7- بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لأَخِيهِ: انْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ شِئْتَ حَتَّى أَنْزِلَ لَكَ عَنْهَا؟.
رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
5072- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَعِنْدَ الأَنْصَارِيِّ امْرَأَتَانِ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَأَتَى السُّوقَ، فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ، وَشَيْئًا مِنْ سَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: تَزَوَّجْتُ أَنْصَارِيَّةً، قَالَ: فَمَا سُقْتَ؟ قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.(7/4)
8- بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّبَتُّلِ وَالخِصَاءِ.
5073- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخبَرَنا ابْنُ شِهَابٍ، سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: رَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لاَخْتَصَيْنَا.(7/5)
5074- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ: لَقَدْ رَدَّ ذَلِكَ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، وَلَوْ أَجَازَ لَهُ التَّبَتُّلَ لاَخْتَصَيْنَا.(7/5)
5075- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا جَرِيرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ، فَقُلْنَا: أَلاَ نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ المَرْأَةَ بِالثَّوْبِ، ثُمَّ قَرَأَ عَلَيْنَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ}.(7/5)
5076- وَقَالَ أَصْبَغُ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ، وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي العَنَتَ، وَلاَ أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَسَكَتَ عَنِّي، ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، جَفَّ القَلَمُ بِمَا أَنْتَ لاَقٍ، فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ.(7/5)
9- بَابُ نِكَاحِ الأَبْكَارِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِعَائِشَةَ: لَمْ يَنْكِحِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِكْرًا غَيْرَكِ.
5077- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا، يَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا.(7/6)
5078- حَدَّثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، إِذَا رَجُلٌ يَحْمِلُكِ فِي سَرَقَةِ حَرِيرٍ، فَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَأَكْشِفُهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ.(7/6)
10- بَابُ تَزْوِيجِ الثَّيِّبَاتِ.
وَقَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ.
5079- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، حَدَّثنا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَفَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ غَزْوَةٍ، فَتَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَانْطَلَقَ بَعِيرِي كَأَجْوَدِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَإِذَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَا يُعْجِلُكَ، قُلْتُ: كُنْتُ حَدِيثَ عَهْدٍ بِعُرُسٍ، قَالَ: بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ، قَالَ: فَلَمَّا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، قَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً، أَيْ عِشَاءً، لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ.(7/6)
5080- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا مُحَارِبٌ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: تَزَوَّجْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا تَزَوَّجْتَ؟ فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ ثَيِّبًا، فَقَالَ: مَا لَكَ وَلِلْعَذَارَى وَلِعَابِهَا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَقَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ؟.(7/6)
11- بَابُ تَزْوِيجِ الصِّغَارِ مِنَ الكِبَارِ.
5081- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ، فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ أَخِي فِي دِينِ اللهِ وَكِتَابِهِ، وَهِيَ لِي حَلاَلٌ.(7/6)
12- بَابُ إِلَى مَنْ يَنْكِحُ، وَأَيُّ النِّسَاءِ خَيْرٌ، وَمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَخَيَّرَ لِنُطَفِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ.
5082- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: خَيْرُ نِسَاءٍ رَكِبْنَ الإِبِلَ صَالِحُو نِسَاءِ قُرَيْشٍ، أَحْنَاهُ عَلَى وَلَدٍ فِي صِغَرِهِ، وَأَرْعَاهُ عَلَى زَوْجٍ فِي ذَاتِ يَدِهِ.(7/7)
13- بَابُ اتِّخَاذِ السَّرَارِيِّ، وَمَنْ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا.
5083- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ، حَدَّثنا صَالِحُ بْنُ صَالِحٍ الهَمْدَانِيُّ، حَدَّثنا الشَّعْبِيُّ، حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيُّمَا رَجُلٍ كَانَتْ عِنْدَهُ وَلِيدَةٌ، فَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، وَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ، يَعْنِي بِي، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَأَيُّمَا مَمْلُوكٍ أَدَّى حَقَّ مَوَالِيهِ، وَحَقَّ رَبِّهِ، فَلَهُ أَجْرَانِ، قَالَ الشَّعْبِيُّ: خُذْهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَعْتَقَهَا ثُمَّ أَصْدَقَهَا.(7/7)
5084- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ تَلِيدٍ، قَالَ: أَخبَرَنا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ... (ح) حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَمْ يَكْذِبْ إِبْرَاهِيمُ إِلاَّ ثَلاَثَ كَذَبَاتٍ: بَيْنَمَا إِبْرَاهِيمُ مَرَّ بِجَبَّارٍ وَمَعَهُ سَارَةُ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، فَأَعْطَاهَا هَاجَرَ، قَالَتْ: كَفَّ اللهُ يَدَ الكَافِرِ، وَأَخْدَمَنِي آجَرَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَتِلْكَ أُمُّكُمْ يَا بَنِي مَاءِ السَّمَاءِ.(7/7)
5085- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلاَثًا، يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا خُبْزٌ، وَلاَ لَحْمٌ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ: مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا، فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّى لَهَا خَلْفَهُ وَمَدَّ الحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ.(7/7)
13- بَابُ مَنْ جَعَلَ عِتْقَ الأَمَةِ صَدَاقَهَا.
5086- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، وَشُعَيْبِ بْنِ الحَبْحَابِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا.(7/8)
14- بَابُ تَزْوِيجِ المُعْسِرِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
5087- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ فِيهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي، قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ، فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، عَدَّدَهَا، فَقَالَ: تَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(7/8)
15- بَابُ الأَكْفَاءِ فِي الدِّينِ.
وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ المَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}.
5088- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، تَبَنَّى سَالِمًا، وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهُوَ مَوْلًى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، كَمَا تَبَنَّى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ زَيْدًا، وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلاً فِي الجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ، وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ، حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَوَالِيكُمْ} فَرُدُّوا إِلَى آبَائِهِمْ، فَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ أَبٌ، كَانَ مَوْلًى وَأَخًا فِي الدِّينِ، فَجَاءَتْ سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو القُرَشِيِّ، ثُمَّ العَامِرِيِّ، وَهِيَ امْرَأَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ عُتْبَةَ، النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ مَا قَدْ عَلِمْتَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ.(7/9)
5089- حَدَّثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهَا: لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الحَجَّ؟ قَالَتْ: وَاللهِ لاَ أَجِدُنِي إِلاَّ وَجِعَةً، فَقَالَ لَهَا: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، قُولِي: اللهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي، وَكَانَتْ تَحْتَ المِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ.(7/9)
5090- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَدَاكَ.(7/9)
5091- حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ يُسْتَمَعَ، قَالَ: ثُمَّ سَكَتَ، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ، فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي هَذَا؟ قَالُوا: حَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ لاَ يُنْكَحَ، وَإِنْ شَفَعَ أَنْ لاَ يُشَفَّعَ، وَإِنْ قَالَ أَنْ لاَ يُسْتَمَعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَذَا خَيْرٌ مِنْ مِلْءِ الأَرْضِ مِثْلَ هَذَا.(7/9)
16- بَابُ الأَكْفَاءِ فِي المَالِ وَتَزْوِيجِ المُقِلِّ المُثْرِيَةَ.
5092- حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} قَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ صَدَاقَهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ، قَالَتْ: وَاسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إِلَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} فَأَنْزَلَ اللهُ لَهُمْ ؛ أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ وَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبَةً عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ، تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا، وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ.(7/10)
17- بَابُ مَا يُتَّقَى مِنْ شُؤْمِ المَرْأَةِ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}.
5093- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ، وَسَالِمٍ، ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: الشُّؤْمُ فِي المَرْأَةِ، وَالدَّارِ، وَالفَرَسِ.(7/10)
5094- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ العَسْقَلاَنِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرُوا الشُّؤْمَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، وَالفَرَسِ.(7/10)
5095- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ، فَفِي الفَرَسِ، وَالمَرْأَةِ، وَالمَسْكَنِ.(7/10)
5096- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ.(7/11)
18- بَابُ الحُرَّةِ تَحْتَ العَبْدِ.
5097- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ: عَتَقَتْ فَخُيِّرَتْ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ؟ فَقِيلَ: لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، قَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ.(7/11)
19- بَابُ لاَ يَتَزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}.
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الحُسَيْنِ، عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: يَعْنِي مَثْنَى، أَوْ ثُلاَثَ، أَوْ رُبَاعَ.
وَقَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}: يَعْنِي مَثْنَى أَوْ ثُلاَثَ أَوْ رُبَاعَ.
5098- حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، أَخبَرَنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} قَالَتْ: اليَتِيمَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ وَهُوَ وَلِيُّهَا، فَيَتَزَوَّجُهَا عَلَى مَالِهَا، وَيُسِيءُ صُحْبَتَهَا، وَلاَ يَعْدِلُ فِي مَالِهَا، فَلْيَتَزَوَّجْ مَا طَابَ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ سِوَاهَا، مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ.(7/11)
20- بَابُ: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}.
وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.
5099- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَخْبَرَتْهَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أُرَاهُ فُلاَنًا، لِعَمِّ حَفْصَةَ مِنَ الرَّضَاعَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: لَوْ كَانَ فُلاَنٌ حَيًّا، لِعَمِّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، دَخَلَ عَلَيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، الرَّضَاعَةُ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الوِلاَدَةُ.(7/11)
5100- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَلاَ تَتَزَوَّجُ ابْنَةَ حَمْزَةَ؟ قَالَ: إِنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ.
وَقَالَ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ: حَدَّثنا شُعْبَةُ، سَمِعْتُ قَتَادَةَ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ، مِثْلَهُ.(7/12)
5101- حَدَّثنا الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ أَخْبَرَتْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، فَقَالَ: أَوَتُحِبِّينَ ذَلِكِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ ذَلِكِ لاَ يَحِلُّ لِي، قُلْتُ: فَإِنَّا نُحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ؟ قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟! قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: لَوْ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ، قَالَ عُرْوَةُ: وثُوَيْبَةُ مَوْلاَةٌ لأَبِي لَهَبٍ، وَكَانَ أَبُو لَهَبٍ أَعْتَقَهَا، فَأَرْضَعَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَهُ بَعْضُ أَهْلِهِ بِشَرِّ حِيبَةٍ (1)، قَالَ لَهُ: مَاذَا لَقِيتَ؟ قَالَ أَبُو لَهَبٍ: لَمْ أَلْقَ بَعْدَكُمْ غَيْرَ أَنِّي سُقِيتُ فِي هَذِهِ بِعَتَاقَتِي ثُوَيْبَةَ.
_حاشية__________
(1) قوله: بِشَرِ حِيبَةٍ، كذا للمستملي والحموي، ومعناه سوء الحال، ويقال فيه أيضًا: الحوبة، ولغيرهما: " بشر خيبة ". انتهى من اليونينية.(7/12)
21- بَابُ مَنْ قَالَ: لاَ رَضَاعَ بَعْدَ حَوْلَيْنِ.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.
وَمَا يُحَرِّمُ مِنْ قَلِيلِ الرَّضَاعِ وَكَثِيرِهِ.
5102- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَعِنْدَهَا رَجُلٌ، فَكَأَنَّهُ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، كَأَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ: إِنَّهُ أَخِي، فَقَالَ: انْظُرْنَ مَا إِخْوَانُكُنَّ، فَإِنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ.(7/12)
22- بَابُ لَبَنِ الفَحْلِ.
5103- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَمُّهَا مِنَ الرَّضَاعَةِ، بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الحِجَابُ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَأَمَرَنِي أَنْ آذَنَ لَهُ.(7/12)
23- بَابُ شَهَادَةِ المُرْضِعَةِ.
5104- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخبَرَنا أَيُّوبُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ، قالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ عُقْبَةَ، لَكِنِّي لِحَدِيثِ عُبَيْدٍ أَحْفَظُ، قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: أَرْضَعْتُكُمَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ: تَزَوَّجْتُ فُلاَنَةَ بِنْتَ فُلاَنٍ، فَجَاءَتْنَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ لِي: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُكُمَا، وَهِيَ كَاذِبَةٌ، فَأَعْرَضَ عَنِّي، فَأَتَيْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، قُلْتُ: إِنَّهَا كَاذِبَةٌ، قَالَ: كَيْفَ بِهَا، وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّهَا قَدْ أَرْضَعَتْكُمَا، دَعْهَا عَنْكَ.
وَأَشَارَ إِسْمَاعِيلُ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، يَحْكِي أَيُّوبَ.(7/13)
24- بَابُ مَا يَحِلُّ مِنَ النِّسَاءِ وَمَا يَحْرُمُ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ} إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ، إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}.
وَقَالَ أَنَسٌ: {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} ذَوَاتُ الأَزْوَاجِ الحَرَائِرُ حَرَامٌ: {إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يَنْزِعَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ، وَقَالَ: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ فَهُوَ حَرَامٌ، كَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ.
5105- وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي حَبِيبٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَرُمَ مِنَ النَّسَبِ سَبْعٌ، وَمِنَ الصِّهْرِ سَبْعٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} الآيَةَ.
وَجَمَعَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ بَيْنَ ابْنَةِ عَلِيٍّ، وَامْرَأَةِ عَلِيٍّ.
وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.
وَكَرِهَهُ الحَسَنُ مَرَّةً، ثُمَّ قَالَ: لاَ بَأْسَ بِهِ.(7/13)
وَجَمَعَ الحَسَنُ بْنُ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، بَيْنَ ابْنَتَيْ عَمٍّ فِي لَيْلَةٍ.
وَكَرِهَهُ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ لِلْقَطِيعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَحْرِيمٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا زَنَى بِأُخْتِ امْرَأَتِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ.
وَيُرْوَى عَنْ يَحْيَى الكِنْدِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، وأَبِي جَعْفَرٍ (1)، فِيمَنْ يَلْعَبُ بِالصَّبِيِّ: إِنْ أَدْخَلَهُ فِيهِ فَلاَ يَتَزَوَّجَنَّ أُمَّهُ، وَيَحْيَى هَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا زَنَى بِهَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي نَصْرٍ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَرَّمَهُ، وَأَبُو نَصْرٍ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ بِسَمَاعِهِ مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَيُرْوَى عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَالحَسَنِ، وَبَعْضِ أَهْلِ العِرَاقِ، أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لاَ تَحْرُمُ حَتَّى يُلْزِقَ بِالأَرْضِ، يَعْنِي: حَتَّى يُجَامِعَ.
وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعُرْوَةُ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ عَلِيٌّ: لاَ يَحْرُمُ، وَهَذَا مُرْسَلٌ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر، والأَصيلي: وابن جعفر.(7/14)
25- بَابُ: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الدُّخُولُ وَالمَسِيسُ وَاللِّمَاسُ هُوَ الجِمَاعُ، وَمَنْ قَالَ: بَنَاتُ وَلَدِهَا هُنَّ مِنْ بَنَاتِهَا فِي التَّحْرِيمِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لأُمِّ حَبِيبَةَ: لاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ، وَكَذَلِكَ حَلاَئِلُ وَلَدِ الأَبْنَاءِ هُنَّ حَلاَئِلُ الأَبْنَاءِ، وَهَلْ تُسَمَّى الرَّبِيبَةَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِهِ، وَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَبِيبَةً لَهُ إِلَى مَنْ يَكْفُلُهَا، وَسَمَّى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ابْنَ ابْنَتِهِ ابْنًا.
5106- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ لَكَ فِي بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ؟ قَالَ: فَأَفْعَلُ مَاذَا؟ قُلْتُ: تَنْكِحُ، قَالَ: أَتُحِبِّينَ؟ قُلْتُ: لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَرَِكَنِي فِيكَ أُخْتِي، قَالَ: إِنَّهَا لاَ تَحِلُّ لِي، قُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَخْطُبُ، قَالَ: ابْنَةَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: لَوْ لَمْ تَكُنْ رَبِيبَتِي مَا حَلَّتْ لِي، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَاهَا ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ، حَدَّثنا هِشَامٌ: دُرَّةُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ.(7/14)
26- بَابُ: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ}.
5107- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ؛ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، انْكِحْ أُخْتِي بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ: وَتُحِبِّينَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، لَسْتُ لَكَ بِمُخْلِيَةٍ، وَأَحَبُّ مَنْ شَارَكَنِي فِي خَيْرٍ أُخْتِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ ذَلِكِ لاَ يَحِلُّ لِي، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَوَاللهِ إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَنْكِحَ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَوَاللهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ فِي حَجْرِي مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّهَا لاَبْنَةُ أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَرْضَعَتْنِي وَأَبَا سَلَمَةَ ثُوَيْبَةُ، فَلاَ تَعْرِضْنَ عَلَيَّ بَنَاتِكُنَّ، وَلاَ أَخَوَاتِكُنَّ.(7/15)
27- بَابُ لاَ تُنْكَِحُ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا.
5108- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا عَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، سَمِعَ جَابِرًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، أَوْ خَالَتِهَا.
وَقَالَ دَاوُدُ، وَابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.(7/15)
5109- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا.(7/15)
5110- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ تُنْكَحَ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَالمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا، فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ المَنْزِلَةِ.
5111- لأَنَّ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: حَرِّمُوا مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ.(7/15)
28- بَابُ الشِّغَارِ.
5112- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَهَى عَنِ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.(7/15)
29- بَابُ هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لأَحَدٍ.
5113- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، حَدَّثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ مِنَ اللاَّئِي وَهَبْنَ أَنْفُسَهُنَّ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَمَا تَسْتَحِي المَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ نَفْسَهَا لِلرَّجُلِ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: (تُرْجِئُ مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَرَى رَبَّكَ إِلاَّ يُسَارِعُ فِي هَوَاكَ.
رَوَاهُ أَبُو سَعِيدٍ المُؤَدِّبُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، وَعَبْدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ.(7/15)
30- بَابُ نِكَاحِ المُحْرِمِ.
5114- حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخبَرَنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَخبَرَنا عَمْرٌو، حَدَّثنا جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ.(7/16)
31- بَابُ نَهْيِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ نِكَاحِ المُتْعَةِ أَخِيرًا.
5115- حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخُوهُ عَبْدُ اللهِ، عَنْ أَبِيهِمَا، أَنَّ عَلِيًّا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَهَى عَنِ المُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، زَمَنَ خَيْبَرَ.(7/16)
5116- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يُسْأَلُ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ، فَرَخَّصَ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ؟ أَوْ نَحْوَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ.(7/16)
5117 و5118- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ عَمْرٌو: عَنِ الحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، قَالاَ: كُنَّا فِي جَيْشٍ، فَأَتَانَا رَسُولُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَكُمْ أَنْ تَسْتَمْتِعُوا فَاسْتَمْتِعُوا.(7/16)
5119- وَقَالَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَيُّمَا رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ تَوَافَقَا، فَعِشْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا ثَلاَثُ لَيَالٍ، فَإِنْ أَحَبَّا أَنْ يَتَزَايَدَا، أَوْ يَتَتَارَكَا تَتَارَكَا، فَمَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ لَنَا خَاصَّةً، أَمْ لِلنَّاسِ عَامَّةً.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1): وَقَدْ بَيَّنَهُ عَلِيٌّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنَّهُ مَنْسُوخٌ.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح".(7/16)
32- بَابُ عَرْضِ المَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ.
5120- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مَرْحُومٌ (1)، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ، وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَاسَوْأَتَاهْ، قَالَ: هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: مرحوم بن عبد العزيز بن مهران.(7/17)
5121- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: اذْهَبْ فَالْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي وَلَهَا نِصْفُهُ، قَالَ سَهْلٌ: وَمَا لَهُ رِدَاءٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَمَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ، إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى إِذَا طَالَ مَجْلِسُهُ قَامَ، فَرَآهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَدَعَاهُ، أَوْ دُعِيَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ فَقَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ يُعَدِّدُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمْلَكْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(7/17)
33- بَابُ عَرْضِ الإِنْسَانِ ابْنَتَهُ أَوْ أُخْتَهُ عَلَى أَهْلِ الخَيْرِ.
5122- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: أَتَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ زَوَّجْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا، وَكُنْتُ أَوْجَدَ عَلَيْهِ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ، فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قَالَ عُمَرُ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ عَلَيَّ، إِلاَّ أَنِّي كُنْتُ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَبِلْتُهَا.(7/17)
5123- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ ؛ أَنَّ زَيْنَبَ ابْنَةِ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّكَ نَاكِحٌ دُرَّةَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَعَلَى أُمِّ سَلَمَةَ؟ لَوْ لَمْ أَنْكِحْ أُمَّ سَلَمَةَ مَا حَلَّتْ لِي، إِنَّ أَبَاهَا أَخِي مِنَ الرَّضَاعَةِ.(7/18)
34- بَابُ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ} الآيَةَ، إِلَى قَوْلِهِ: {غَفُورٌ حَلِيمٌ}.
{أَكْنَنْتُمْ}: أَضْمَرْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ، وَكُلُّ شَيْءٍ صُنْتَهُ وَأَضْمَرْتَهُ فَهُوَ مَكْنُونٌ.
5124- وَقَالَ لِي طَلْقٌ: حَدَّثنا زَائِدَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، {فِيمَا عَرَّضْتُمْ} يَقُولُ: إِنِّي أُرِيدُ التَّزْوِيجَ، وَلَوَدِدْتُ أَنَّهُ يُيَسَّرُ لِي امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ.
وَقَالَ القَاسِمُ: يَقُولُ: إِنَّكِ عَلَيَّ كَرِيمَةٌ، وَإِنِّي فِيكِ لَرَاغِبٌ، وَإِنَّ اللهَ لَسَائِقٌ إِلَيْكِ خَيْرًا، أَوْ نَحْوَ هَذَا.
وَقَالَ عَطَاءٌ: يُعَرِّضُ وَلاَ يَبُوحُ، يَقُولُ: إِنَّ لِي حَاجَةً، وَأَبْشِرِي، وَأَنْتِ بِحَمْدِ اللهِ نَافِقَةٌ، وَتَقُولُ هِيَ: قَدْ أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، وَلاَ تَعِدُ شَيْئًا، وَلاَ يُوَاعِدُ وَلِيُّهَا بِغَيْرِ عِلْمِهَا، وَإِنْ وَاعَدَتْ رَجُلاً فِي عِدَّتِهَا، ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ الحَسَنُ: {لاَ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} الزِّنَا.
وَيُذْكَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {حَتَّى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ}: انْقِضَاءَ العِدَّةُ.(7/18)
35- بَابُ النَّظَرِ إِلَى المَرْأَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ.
5125- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ يَجِيءُ بِكِ المَلَكُ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَكَشَفْتُ عَنْ وَجْهِكِ الثَّوْبَ، فَإِذَا أَنْتِ هِيَ، فَقُلْتُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللهِ يُمْضِهِ.(7/18)
5126- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ لأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَأَتِ المَرْأَةُ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ فِيهَا شَيْئًا جَلَسَتْ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَيْ رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَزَوِّجْنِيهَا، فَقَالَ: وَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، قَالَ: انْظُرْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لاَ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، وَلَكِنْ هَذَا إِزَارِي، قَالَ سَهْلٌ: مَا لَهُ رِدَاءٌ، فَلَهَا نِصْفُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا تَصْنَعُ بِإِزَارِكَ؟ إِنْ لَبِسْتَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا مِنْهُ شَيْءٌ، وَإِنْ لَبِسَتْهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ مِنْهُ شَيْءٌ، فَجَلَسَ الرَّجُلُ حَتَّى طَالَ مَجْلِسُهُ، ثُمَّ قَامَ، فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مُوَلِّيًا، فَأَمَرَ بِهِ فَدُعِيَ، فَلَمَّا جَاءَ، قَالَ: مَاذَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، عَادَّهَا، قَالَ: أَتَقْرَؤُهُنَّ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(7/19)
36- بَابُ مَنْ قَالَ: لاَ نِكَاحَ إِلاَّ بِوَلِيٍّ.
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} فَدَخَلَ فِيهِ الثَّيِّبُ، وَكَذَلِكَ البِكْرُ.
وَقَالَ: {وَلاَ تُنْكِحُوا المُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا}.
وَقَالَ: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}.
5127- قَالَ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ (ح) حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثنا عَنْبَسَةُ، حَدَّثنا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ النِّكَاحَ فِي الجَاهِلِيَّةِ كَانَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ: فَنِكَاحٌ مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ: يَخْطُبُ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ، فَيُصْدِقُهَا، ثُمَّ يَنْكِحُهَا، وَنِكَاحٌ آخَرُ: كَانَ الرَّجُلُ يَقُولُ لاِمْرَأَتِهِ إِذَا طَهُرَتْ مِنْ طَمْثِهَا: أَرْسِلِي إِلَى فُلاَنٍ فَاسْتَبْضِعِي مِنْهُ، وَيَعْتَزِلُهَا زَوْجُهَا، وَلاَ يَمَسُّهَا أَبَدًا،(7/19)
حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إِذَا أَحَبَّ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الاِسْتِبْضَاعِ، وَنِكَاحٌ آخَرُ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإِذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، وَمَرَّ عَلَيْهَا لَيَالٍ بَعْدَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ رَجُلٌ مِنْهُمْ أَنْ يَمْتَنِعَ، حَتَّى يَجْتَمِعُوا عِنْدَهَا، تَقُولُ لَهُمْ: قَدْ عَرَفْتُمُ الَّذِي كَانَ مِنْ أَمْرِكُمْ وَقَدْ وَلَدْتُ، فَهُوَ ابْنُكَ يَا فُلاَنُ، تُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ بِهِ الرَّجُلُ، وَنِكَاحُ الرَّابِعِ: يَجْتَمِعُ النَّاسُ الكَثِيرُ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ، لاَ تَمْنَعُ مَنْ جَاءَهَا، وَهُنَّ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلْحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَالْتَاطَتْهُ بِهِ، وَدُعِيَ ابْنَهُ، لاَ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ، إِلاَّ نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ.(7/20)
5128- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} قَالَتْ: هَذَا فِي اليَتِيمَةِ الَّتِي تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ، لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ شَرِيكَتَهُ فِي مَالِهِ، وَهُوَ أَوْلَى بِهَا، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَنْكِحَهَا، فَيَعْضُلَهَا لِمَالِهَا، وَلاَ يُنْكِحَهَا غَيْرَهُ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْرَكَهُ أَحَدٌ فِي مَالِهَا.(7/20)
5129- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، حَدَّثنا الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنِ ابْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ، فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ لَقِيَنِي، فَقَالَ: بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا، قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ.(7/20)
5130- حَدَّثنا أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ، أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ، قَالَ: زَوَّجْتُ أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: زَوَّجْتُكَ وَأَفْرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ، فَطَلَّقْتَهَا، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا، لاَ وَاللهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا، وَكَانَ رَجُلاً لاَ بَأْسَ بِهِ، وَكَانَتِ المَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ} فَقُلْتُ: الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ.(7/21)
37- بَابُ إِذَا كَانَ الوَلِيُّ هُوَ الخَاطِبَ.
وَخَطَبَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ امْرَأَةً هُوَ أَوْلَى النَّاسِ بِهَا، فَأَمَرَ رَجُلاً فَزَوَّجَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ لأُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ قَارِظٍ: أَتَجْعَلِينَ أَمْرَكِ إِلَيَّ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: فَقَدْ تَزَوَّجْتُكِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: لِيُشْهِدْ أَنِّي قَدْ نَكَحْتُكِ، أَوْ لِيَأْمُرْ رَجُلاً مِنْ عَشِيرَتِهَا.
وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَتِ امْرَأَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا.
5131- حَدَّثنا ابْنُ سَلاَمٍ، أَخبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، فِي قَوْلِهِ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَتْ: هِيَ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ الرَّجُلِ، قَدْ شَرِكَتْهُ فِي مَالِهِ، فَيَرْغَبُ عَنْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا غَيْرَهُ، فَيَدْخُلَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ، فَيَحْبِسُهَا، فَنَهَاهُمُ اللهُ عَنْ ذَلِكَ.(7/21)
5132- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ المِقْدَامِ، حَدَّثنا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثنا أَبُو حَازِمٍ، حَدَّثنا سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جُلُوسًا، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تَعْرِضُ نَفْسَهَا عَلَيْهِ، فَخَفَّضَ فِيهَا البَصَرَ وَرَفَعَهُ، فَلَمْ يُرِدْهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: زَوِّجْنِيهَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: أَعِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي مِنْ شَيْءٍ، قَالَ: وَلاَ خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ؟ قَالَ: وَلاَ خَاتَمٍ، وَلَكِنْ أَشُقُّ بُرْدَتِي هَذِهِ فَأُعْطِيهَا النِّصْفَ، وَآخُذُ النِّصْفَ، قَالَ: لاَ، هَلْ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(7/21)
38- بَابُ إِنْكَاحِ الرَّجُلِ وَلَدَهُ الصِّغَارَ.
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} فَجَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلاَثَةَ أَشْهُرٍ قَبْلَ البُلُوغِ.
5133- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا.(7/22)
39- بَابُ تَزْوِيجِ الأَبِ ابْنَتَهُ مِنَ الإِمَامِ.
وَقَالَ عُمَرُ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَيَّ حَفْصَةَ فَأَنْكَحْتُهُ.
5134- حَدَّثنا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثنا وُهَيْبٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.
قَالَ هِشَامٌ: وَأُنْبِئْتُ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ تِسْعَ سِنِينَ.(7/22)
40- بَابُ: السُّلْطَانُ وَلِيٌّ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.
5135- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: إِنِّي وَهَبْتُ مِنْ نَفْسِي، فَقَامَتْ طَوِيلاً، فَقَالَ رَجُلٌ: زَوِّجْنِيهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا؟ قَالَ: مَا عِنْدِي إِلاَّ إِزَارِي، فَقَالَ: إِنْ أَعْطَيْتَهَا إِيَّاهُ جَلَسْتَ لاَ إِزَارَ لَكَ، فَالْتَمِسْ شَيْئًا، فَقَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ: التَمِسْ وَلَوْ كَانَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَلَمْ يَجِدْ، فَقَالَ: أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(7/22)
41- بَابُ لاَ يُنْكِحُ الأَبُ وَغَيْرُهُ البِكْرَ وَالثَّيِّبَ إِلاَّ بِرِضَاهُمَا.
5136- حَدَّثنا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ، وَلاَ تُنْكَحُ البِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَكَيْفَ إِذْنُهَا؟ قَالَ: أَنْ تَسْكُتَ.(7/23)
5137- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو، مَوْلَى عَائِشَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ البِكْرَ تَسْتَحِي؟ قَالَ: رِضَاهَا صَمْتُهَا.(7/23)
42- بَابُ إِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ وَهِيَ كَارِهَةٌ فَنِكَاحُهُ مَرْدُودٌ.
5138- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُجَمِّعٍ، ابْنَيْ يَزِيدَ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ خَنْسَاءَ بِنْتِ خِذَامٍ الأَنْصَارِيَّةِ، أَنَّ أَبَاهَا زَوَّجَهَا وَهْيَ ثَيِّبٌ، فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَرَدَّ نِكَاحَهَا.
5139- حَدَّثنا إِسْحَاقُ، أَخبَرَنا يَزِيدُ، أَخبَرَنا يَحْيَى، أَنَّ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، وَمُجَمِّعَ بْنَ يَزِيدَ حَدَّثَاهُ ؛ أَنَّ رَجُلاً يُدْعَى خِذَامًا أَنْكَحَ ابْنَةً لَهُ، نَحْوَهُ.(7/23)
43- بَابُ تَزْوِيجِ اليَتِيمَةِ.
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا}.
وَإِذَا قَالَ لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ، فَمَكَثَ سَاعَةً، أَوْ قَالَ: مَا مَعَكَ؟ فَقَالَ: مَعِي كَذَا وَكَذَا، أَوْ لَبِثَا، ثُمَّ قَالَ: زَوَّجْتُكَهَا، فَهُوَ جَائِزٌ.
فِيهِ سَهْلٌ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
5140- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَ لَهَا: يَا أُمَّتَاهْ: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى} إِلَى: {مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} قَالَتْ عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذِهِ اليَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا، فَيَرْغَبُ فِي جَمَالِهَا وَمَالِهَا، وَيُرِيدُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ صَدَاقِهَا، فَنُهُوا عَنْ نِكَاحِهِنَّ إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ فِي إِكْمَالِ الصَّدَاقِ، وَأُمِرُوا بِنِكَاحِ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: اسْتَفْتَى النَّاسُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} إِلَى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ فِي هَذِهِ الآيَةِ ؛ أَنَّ اليَتِيمَةَ إِذَا كَانَتْ ذَاتَ مَالٍ وَجَمَالٍ رَغِبُوا فِي نِكَاحِهَا وَنَسَبِهَا وَالصَّدَاقِ، وَإِذَا كَانَتْ مَرْغُوبًا عَنْهَا فِي قِلَّةِ المَالِ وَالجَمَالِ، تَرَكُوهَا وَأَخَذُوا غَيْرَهَا مِنَ النِّسَاءِ، قَالَتْ: فَكَمَا يَتْرُكُونَهَا حِينَ يَرْغَبُونَ عَنْهَا، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَنْكِحُوهَا إِذَا رَغِبُوا فِيهَا، إِلاَّ أَنْ يُقْسِطُوا لَهَا وَيُعْطُوهَا حَقَّهَا الأَوْفَى مِنَ الصَّدَاقِ.(7/23)
44- بَابُ إِذَا قَالَ الخَاطِبُ لِلْوَلِيِّ: زَوِّجْنِي فُلاَنَةَ.
فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِكَذَا وَكَذَا، جَازَ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِلزَّوْجِ: أَرَضِيتَ أَوْ قَبِلْتَ.
5141- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ (1) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، فَقَالَ: مَا لِي اليَوْمَ فِي النِّسَاءِ مِنْ حَاجَةٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، زَوِّجْنِيهَا، قَالَ: مَا عِنْدَكَ؟ قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: أَعْطِهَا وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: فَمَا عِنْدَكَ مِنَ القُرْآنِ؟ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَقَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: سهل بن سعد.(7/24)
45- بَابُ لاَ يَخْطُبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَدَعَ.
5142- حَدَّثنا مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ نَافِعًا يُحَدِّثُ ؛ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ: نَهَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يَبِيعَ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلاَ يَخْطُبَ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، حَتَّى يَتْرُكَ الخَاطِبُ قَبْلَهُ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الخَاطِبُ.(7/24)
5143- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ الأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَأْثُرُ عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا.
5144- وَلاَ يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ.(7/24)
46- بَابُ تَفْسِيرِ تَرْكِ الخِطْبَةِ.
5145- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ، قَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ، إِلاَّ أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا.
تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.(7/24)
47- بَابُ الخُطْبَةِ.
5146- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلاَنِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ مِنَ البَيَانِ لَسِحْرًا.(7/25)
48- بَابُ ضَرْبِ الدُّفِّ فِي النِّكَاحِ وَالوَلِيمَةِ.
5147- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ، قَالَ: قَالَتِ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ، جَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يَدْخُلُ عَلَيَّ حِينَ بُنِيَ عَلَيَّ، فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي، فَجَعَلَتْ جُوَيْرِيَاتٌ لَنَا يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ وَيَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِي يَوْمَ بَدْرٍ، إِذْ قَالَتْ إِحْدَاهُنَّ: وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ، فَقَالَ: دَعِي هَذِهِ، وَقُولِي بِالَّذِي كُنْتِ تَقُولِينَ.(7/25)
49- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صُدَقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}.
وَكَثْرَةِ المَهْرِ، وَأَدْنَى مَا يَجُوزُ مِنَ الصَّدَاقِ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا}.
وَقَوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ: {أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}.
وَقَالَ سَهْلٌ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ.
5148- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ، فَرَأَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَشَاشَةَ العُرْسِ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ.
وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ.(7/25)
50- بَابُ التَّزْوِيجِ عَلَى القُرْآنِ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ.
5149- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ: إِنِّي لَفِي القَوْمِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، إِذْ قَامَتِ امْرَأَةٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتْ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَلَمْ يُجِبْهَا شَيْئًا، ثُمَّ قَامَتِ الثَّالِثَةَ، فَقَالَتْ: إِنَّهَا قَدْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لَكَ، فَرَ فِيهَا رَأْيَكَ، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْكِحْنِيهَا، قَالَ: هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: لاَ، قَالَ: اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، فَذَهَبَ وَطَلَبَ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: مَا وَجَدْتُ شَيْئًا، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟ قَالَ: مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا، قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ.(7/26)
51- بَابُ المَهْرِ بِالعُرُوضِ وَخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ.
5150- حَدَّثنا يَحْيَى، حَدَّثنا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ لِرَجُلٍ: تَزَوَّجْ وَلَوْ بِخَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ.(7/26)
52- بَابُ الشُّرُوطِ فِي النِّكَاحِ.
وَقَالَ عُمَرُ: مَقَاطِعُ الحُقُوقِ عِنْدَ الشُّرُوطِ.
وَقَالَ المِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ فَأَحْسَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي.
5151- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: أَحَقُّ مَا أَوْفَيْتُمْ مِنَ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الفُرُوجَ.(7/26)
53- بَابُ الشُّرُوطِ الَّتِي لاَ تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لاَ تَشْتَرِطِ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا.
5152- حَدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ زَكَرِيَّاءَ، هُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا، لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا.(7/26)
54- بَابُ الصُّفْرَةِ لِلْمُتَزَوِّجِ.
وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
5153- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَسَأَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: كَمْ سُقْتَ إِلَيْهَا؟ قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.(7/27)
55- بَابٌ.
5154- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِزَيْنَبَ، فَأَوْسَعَ المُسْلِمِينَ خَيْرًا، فَخَرَجَ كَمَا يَصْنَعُ إِذَا تَزَوَّجَ، فَأَتَى حُجَرَ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ يَدْعُو وَيَدْعُونَ لَهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ ظة فَرَأَى رَجُلَيْنِ فَرَجَعَ، لاَ أَدْرِي: آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ بِخُرُوجِهِمَا.(7/27)
56- بَابُ: كَيْفَ يُدْعَى لِلْمُتَزَوِّجِ.
5155- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.(7/27)
57- بَابُ الدُّعَاءِ لِلنِّسْوَةِ اللاَّتِي يَهْدِينَ العَرُوسَ وَلِلْعَرُوسِ.
5156- حَدَّثنا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَتَتْنِي أُمِّي، فَأَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي البَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ.(7/27)
58- بَابُ مَنْ أَحَبَّ البِنَاءَ قَبْلَ الغَزْوِ.
5157- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ المُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا، وَلَمْ يَبْنِ بِهَا.(7/27)
59- بَابُ مَنْ بَنَى بِامْرَأَةٍ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ.
5158- حَدَّثنا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَائِشَةَ وَهِيَ بِنْتُ سِتٍّ، وَبَنَى بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ، وَمَكَثَتْ عِنْدَهُ تِسْعًا.(7/27)
60- بَابُ البِنَاءِ فِي السَّفَرِ.
5159- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخبَرَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أَقَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنَ خَيْبَرَ وَالمَدِينَةِ ثَلاَثًا، يُبْنَى عَلَيْهِ بِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، فَدَعَوْتُ المُسْلِمِينَ إِلَى وَلِيمَتِهِ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ خُبْزٍ، وَلاَ لَحْمٍ، أَمَرَ بِالأَنْطَاعِ فَأُلْقِيَ فِيهَا مِنَ التَّمْرِ وَالأَقِطِ وَالسَّمْنِ، فَكَانَتْ وَلِيمَتَهُ، فَقَالَ المُسْلِمُونَ: إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ: مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ؟ فَقَالُوا: إِنْ حَجَبَهَا، فَهِيَ مِنْ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُبْهَا، فَهِيَ مِمَّا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمَّا ارْتَحَلَ وَطَّأَ لَهَا خَلْفَهُ، وَمَدَّ الحِجَابَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاسِ.(7/28)
61- بَابُ البِنَاءِ بِالنَّهَارِ بِغَيْرِ مَرْكَبٍ وَلاَ نِيرَانٍ.
5160- حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَتَتْنِي أُمِّي، فَأَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ ضُحًى.(7/28)
62- بَابُ الأَنْمَاطِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ.
5161- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: هَلِ اتَّخَذْتُمْ أَنْمَاطًا؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ؟ قَالَ: إِنَّهَا سَتَكُونُ.(7/28)
63- بَابُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي يَهْدِينَ المَرْأَةَ إِلَى زَوْجِهَا وَدُعَائِهِنَّ بَالْبَرَكَةِ.
5162- حَدَّثنا الفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا زَفَّتِ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا عَائِشَةُ، مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ؟ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمُ اللَّهْوُ.(7/28)
64- بَابُ الهَدِيَّةِ لِلْعَرُوسِ.
5163- وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، واسْمُهُ: الجَعْدُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: مَرَّ بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي رِفَاعَةَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُلَيْمٍ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ، فَقَالَتْ لِي أُمُّ سُلَيْمٍ: لَوْ أَهْدَيْنَا لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ هَدِيَّةً، فَقُلْتُ لَهَا: افْعَلِي، فَعَمَدَتِ إِلَى تَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ، فَاتَّخَذَتْ حَيْسَةً فِي بُرْمَةٍ، فَأَرْسَلَتْ بِهَا مَعِي إِلَيْهِ، فَانْطَلَقْتُ بِهَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لِي: ضَعْهَا، ثُمَّ أَمَرَنِي فَقَالَ: ادْعُ لِي رِجَالاً سَمَّاهُمْ، وَادْعُ لِي مَنْ لَقِيتَ، قَالَ: فَفَعَلْتُ الَّذِي أَمَرَنِي، فَرَجَعْتُ، فَإِذَا البَيْتُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ،(7/28)
فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى تِلْكَ الحَيْسَةِ، وَتَكَلَّمَ بِهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ جَعَلَ يَدْعُو عَشَرَةً عَشَرَةً يَأْكُلُونَ مِنْهُ، وَيَقُولُ لَهُمْ: اذْكُرُوا اسْمَ اللهِ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِمَّا يَلِيهِ، قَالَ: حَتَّى تَصَدَّعُوا كُلُّهُمْ عَنْهَا، فَخَرَجَ مِنْهُمْ مَنْ خَرَجَ، وَبَقِيَ نَفَرٌ يَتَحَدَّثُونَ، قَالَ: وَجَعَلْتُ أَغْتَمُّ، ثُمَّ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَحْوَ الحُجُرَاتِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّهُمْ قَدْ ذَهَبُوا، فَرَجَعَ فَدَخَلَ البَيْتَ، وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَإِنِّي لَفِي الحُجْرَةِ، وَهُوَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ}.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ: قَالَ أَنَسٌ: إِنَّهُ خَدَمَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَشْرَ سِنِينَ.(7/29)
65- بَابُ اسْتِعَارَةِ الثِّيَابِ لِلْعَرُوسِ وَغَيْرِهَا.
5164- حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً، فَهَلَكَتْ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوُا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللهُ خَيْرًا، فَوَاللهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ، إِلاَّ جَعَلَ اللهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجُعِلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةٌ.(7/29)
66- بَابُ مَا يَقُولُ الرَّجُلُ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ.
5165- حَدَّثنا سَعْدُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَمَا لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَقُولُ حِينَ يَأْتِي أَهْلَهُ: بِسْمِ اللهِ، اللهُمَّ جَنِّبْنِي الشَّيْطَانَ، وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، ثُمَّ قُدِّرَ بَيْنَهُمَا فِي ذَلِكَ، أَوْ قُضِيَ وَلَدٌ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْطَانٌ أَبَدًا.(7/29)
67- بَابُ: الوَلِيمَةُ حَقٌّ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.
5166- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، مَقْدَمَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَدِينَةَ، فَكَانَ أُمَّهَاتِي يُوَاظِبْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَخَدَمْتُهُ عَشْرَ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَنَا ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، فَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ: أَصْبَحَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا القَوْمَ فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ، ثُمَّ خَرَجُوا وَبَقِيَ رَهْطٌ مِنْهُمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَأَطَالُوا المُكْثَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَخَرَجَ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمَشَيْتُ، حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ، فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، وَظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، فَإِذَا هُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بِالسِّتْرِ، وَأُنْزِلَ الحِجَابُ.(7/30)
68- بَابُ الوَلِيمَةِ وَلَوْ بِشَاةٍ.
5167- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ: كَمْ أَصْدَقْتَهَا؟ قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا، قَالَ: لَمَّا قَدِمُوا المَدِينَةَ، نَزَلَ المُهَاجِرُونَ عَلَى الأَنْصَارِ، فَنَزَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عَلَى سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ: أُقَاسِمُكَ مَالِي، وَأَنْزِلُ لَكَ عَنْ إِحْدَى امْرَأَتَيَّ، قَالَ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، فَخَرَجَ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَ وَاشْتَرَى، فَأَصَابَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَتَزَوَّجَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.(7/30)
5168- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مَا أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ، أَوْلَمَ بِشَاةٍ.(7/31)
5169- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا عَبْدِ الوَارِثِ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَتَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَأَوْلَمَ عَلَيْهَا بِحَيْسٍ.(7/31)
5170- حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، عَنْ بَيَانٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ: بَنَى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِامْرَأَةٍ، فَأَرْسَلَنِي، فَدَعَوْتُ رِجَالاً إِلَى الطَّعَامِ.(7/31)
69- بَابُ مَنْ أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ.
5171- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: ذُكِرَ تَزْوِيجُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ عِنْدَ أَنَسٍ، فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَوْلَمَ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَيْهَا، أَوْلَمَ بِشَاةٍ.(7/31)
70- بَابُ مَنْ أَوْلَمَ بِأَقَلَّ مِنْ شَاةٍ.
5172- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: أَوْلَمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ.(7/31)
71- بَابُ حَقِّ إِجَابَةِ الوَلِيمَةِ وَالدَّعْوَةِ.
وَمَنْ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهُ، وَلَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمًا، وَلاَ يَوْمَيْنِ.
5173- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا.(7/31)
5174- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْصُورٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: فُكُّوا العَانِيَ، وَأَجِيبُوا الدَّاعِيَ، وَعُودُوا المَرِيضَ.(7/31)
5175- حَدَّثنا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثنا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنِ الأَشْعَثِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سُوَيْدٍ، قَالَ البَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِسَبْعٍ، وَنَهَانَا عَنْ سَبْعٍ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ العَاطِسِ، وَإِبْرَارِ المُقْسِمِ، وَنَصْرِ المَظْلُومِ، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنْ آنِيَةِ الفِضَّةِ، وَعَنِ المَيَاثِرِ، وَالقَسِّيَّةِ، وَالإِسْتَبْرَقِ، وَالدِّيبَاجِ.
تَابَعَهُ أَبُو عَوَانَةَ، وَالشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَشْعَثَ: فِي إِفْشَاءِ السَّلاَمِ.(7/31)
5176- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: دَعَا أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي عُرْسِهِ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ يَوْمَئِذٍ خَادِمَهُمْ، وَهِيَ العَرُوسُ، قَالَ سَهْلٌ: تَدْرُونَ مَا سَقَتْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا أَكَلَ سَقَتْهُ إِيَّاهُ.(7/32)
72- بَابُ مَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ.
5177- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الوَلِيمَةِ، يُدْعَى لَهَا الأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الفُقَرَاءُ، وَمَنْ تَرَكَ الدَّعْوَةَ، فَقَدْ عَصَى اللهَ وَرَسُولَهُ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(7/32)
73- بَابُ مَنْ أَجَابَ إِلَى كُرَاعٍ.
5178- حَدَّثنا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ.(7/32)
74- بَابُ إِجَابَةِ الدَّاعِي فِي العُرْسِ وَغَيْرِهِ.
5179- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا الحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي العُرْسِ وَغَيْرِ العُرْسِ وَهُوَ صَائِمٌ.(7/32)
75- بَابُ ذَهَابِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ إِلَى العُرْسِ.
5180- حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ المُبَارَكِ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نِسَاءً وَصِبْيَانًا مُقْبِلِينَ مِنْ عُرْسٍ، فَقَامَ مُمْتَنًّا، فَقَالَ: اللهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ.(7/32)
76- بَابُ هَلْ يَرْجِعُ إِذَا رَأَى مُنْكَرًا فِي الدَّعْوَةِ.
وَرَأَى ابن مَسْعُودٍ صُورَةً فِي البَيْتِ فَرَجَعَ، وَدَعَا ابْنُ عُمَرَ أَبَا أَيُّوبَ، فَرَأَى فِي البَيْتِ سِتْرًا عَلَى الجِدَارِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: غَلَبَنَا عَلَيْهِ النِّسَاءُ، فَقَالَ: مَنْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْهِ، فَلَمْ أَكُنْ أَخْشَى عَلَيْكَ، وَاللهِ لاَ أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، فَرَجَعَ.
5181- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ: أَنَّهَا اشْتَرَتْ نُِمْرُِقَةً فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَامَ عَلَى البَابِ فَلَمْ يَدْخُلْ، فَعَرَفْتُ فِي وَجْهِهِ الكَرَاهِيَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتُوبُ إِلَى اللهِ وَإِلَى رَسُولِهِ، مَاذَا أَذْنَبْتُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَا بَالُ هَذِهِ النُِّمْرُِقَةِ؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: اشْتَرَيْتُهَا لَكَ لِتَقْعُدَ عَلَيْهَا وَتَوَسَّدَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَقَالَ: إِنَّ البَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ المَلاَئِكَةُ.(7/33)
77- بَابُ قِيَامِ المَرْأَةِ عَلَى الرِّجَالِ فِي العُرْسِ وَخِدْمَتِهِمْ بِالنَّفْسِ.
5182- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ: لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ، دَعَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَصْحَابَهُ، فَمَا صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا، وَلاَ قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلاَّ امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ، بَلَّتْ تَمَرَاتٍ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ مِنَ اللَّيْلِ و فَلَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنَ الطَّعَامِ أَمَاثَتْهُ لَهُ فَسَقَتْهُ، تُتْحِفُهُ بِذَلِكَ.(7/33)
78- بَابُ النَّقِيعِ وَالشَّرَابِ الَّذِي لاَ يُسْكِرُ فِي العُرْسِ.
5183- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القَارِيُّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ ؛ أَنَّ أَبَا أُسَيْدٍ السَّاعِدِيَّ دَعَا النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِعُرْسِهِ، فَكَانَتِ امْرَأَتُهُ خَادِمَهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَهِيَ العَرُوسُ، فَقَالَتْ، أَوْ قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَنْقَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ أَنْقَعَتْ لَهُ تَمَرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ.(7/33)
79- بَابُ المُدَارَاةِ مَعَ النِّسَاءِ.
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّمَا المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ.
5184- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: المَرْأَةُ كَالضِّلَعِ، إِنْ أَقَمْتَهَا كَسَرْتَهَا، وَإِنِ اسْتَمْتَعْتَ بِهَا اسْتَمْتَعْتَ بِهَا وَفِيهَا عِوَجٌ.(7/33)
80- بَابُ الوَصَاةِ بِالنِّسَاءِ.
5185- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثنا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُؤْذِي جَارَهُ.
5186- وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا.(7/34)
5187- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كُنَّا نَتَّقِي الكَلاَمَ وَالاِنْبِسَاطَ إِلَى نِسَائِنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، هَيْبَةَ أَنْ يَنْزِلَ فِينَا شَيْءٌ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَكَلَّمْنَا وَانْبَسَطْنَا.(7/34)
81- بَابُ: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا}.
5188- حَدَّثنا أَبُو النُّعْمَانِ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ، وَالعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤُولٌ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ.(7/34)
82- بَابُ حُسْنِ المُعَاشَرَةِ مَعَ الأَهْلِ.
5189- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالاَ: أَخبَرَنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لاَ يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا، قَالَتِ الأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ: لاَ سَهْلٍ فَيُرْتَقَى، وَلاَ سَمِينٍ فَيُنْتَقَلُ، قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لاَ أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لاَ أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ، قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِيَ العَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ، قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لاَ حَرٌّ، وَلاَ قُرٌّ، وَلاَ مَخَافَةَ، وَلاَ سَآمَةَ، قَالَتِ الخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلاَ يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ التَفَّ، وَلاَ يُولِجُ الكَفَّ، لِيَعْلَمَ البَثَّ، قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ، أَوْ عَيَايَاءُ، طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلاًّ لَكِ، قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، وَالرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ العِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ البَيْتِ مِنَ النَّادِ، قَالَتِ العَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ، مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكِ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ المَبَارِكِ، قَلِيلاَتُ المَسَارِحِ، وَإِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ المِزْهَرِ، أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ،(7/34)
قَالَتِ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجِحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلاَ أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَمَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لاَ تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلاَ تُنَقِّثُ مِيرَاثَنَا تَنْقِيثًا، وَلاَ تَمْلأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا، قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالفَهْدَيْنِ، يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلاً سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا، وَقَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ وَمِيرِي أَهْلَكِ، قَالَتْ: فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ: وَلاَ تُعَشِّشُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1): وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَأَتَقَمَّحُ بِالْمِيمِ وَهَذَا أَصَحُّ.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح".(7/35)
5190- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا هِشَامٌ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ الحَبَشُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَأَنَا أَنْظُرُ، فَمَا زِلْتُ أَنْظُرُ، حَتَّى كُنْتُ أَنَا أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، تَسْمَعُ اللَّهْوَ.(7/36)
83- بَابُ مَوْعِظَةِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ لِحَالِ زَوْجِهَا.
5191- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، اللَّتَيْنِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} حَتَّى حَجَّ وَحَجَجْتُ مَعَهُ، وَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِإِدَاوَةٍ فَتَبَرَّزَ، ثُمَّ جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنْهَا فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، اللَّتَانِ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}؟ قَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، هُمَا عَائِشَةُ، وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وَهُمْ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأُنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى الأَنْصَارِ، إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَطَفِقَ نِسَاؤُنَا يَأْخُذْنَ مِنْ أَدَبِ نِسَاءِ الأَنْصَارِ، فَصَخِبْتُ عَلَى امْرَأَتِي فَرَاجَعَتْنِي، فَأَنْكَرْتُ أَنْ تُرَاجِعَنِي، قَالَتْ: وَلِمَ تُنْكِرُ أَنْ أُرَاجِعَكَ؟ فَوَاللهِ إِنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لَيُرَاجِعْنَهُ، وَإِنَّ إِحْدَاهُنَّ لَتَهْجُرُهُ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ، فَأَفْزَعَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ لَهَا: قَدْ خَابَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكِ مِنْهُنَّ، ثُمَّ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَنَزَلْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْ حَفْصَةُ، أَتُغَاضِبُ إِحْدَاكُنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اليَوْمَ حَتَّى اللَّيْلِ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ: قَدْ خِبْتِ وَخَسِرْتِ، أَفَتَأْمَنِينَ أَنْ يَغْضَبَ اللهُ لِغَضَبِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتَهْلِكِي؟(7/36)
لاَ تَسْتَكْثِرِي النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلاَ تُرَاجِعِيهِ فِي شَيْءٍ، وَلاَ تَهْجُرِيهِ، وَسَلِينِي مَا بَدَا لَكِ، وَلاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُرِيدُ عَائِشَةَ، قَالَ عُمَرُ: وَكُنَّا قَدْ تَحَدَّثْنَا أَنَّ غَسَّانَ تُنْعِلُ الخَيْلَ لِتَغْزُونَا، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْنَا عِشَاءً، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، وَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ، فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ اليَوْمَ أَمْرٌ عَظِيمٌ، قُلْتُ: مَا هُوَ، أَجَاءَ غَسَّانُ؟ قَالَ: لاَ، بَلْ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ وَأَهْوَلُ، طَلَّقَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نِسَاءَهُ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ حُنَيْنٍ: سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ، فَقَالَ: اعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَزْوَاجَهُ، فَقُلْتُ: خَابَتْ حَفْصَةُ وَخَسِرَتْ، قَدْ كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ، فَجَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، فَصَلَّيْتُ صَلاَةَ الفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مَشْرُبَةً لَهُ، فَاعْتَزَلَ فِيهَا، وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكِ؟ أَلَمْ أَكُنْ حَذَّرْتُكِ هَذَا، أَطَلَّقَكُنَّ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي، هَا هُوَ ذَا مُعْتَزِلٌ فِي المَشْرُبَةِ، فَخَرَجْتُ، فَجِئْتُ إِلَى المِنْبَرِ، فَإِذَا حَوْلَهُ رَهْطٌ يَبْكِي بَعْضُهُمْ، فَجَلَسْتُ مَعَهُمْ قَلِيلاً، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ المَشْرُبَةَ الَّتِي فِيهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ لِغُلاَمٍ لَهُ أَسْوَدَ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ الغُلاَمُ، فَكَلَّمَ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: كَلَّمْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَانْصَرَفْتُ حَتَّى جَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ لِلْغُلاَمِ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَرَجَعْتُ فَجَلَسْتُ مَعَ الرَّهْطِ الَّذِينَ عِنْدَ المِنْبَرِ، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَجِدُ، فَجِئْتُ الغُلاَمَ، فَقُلْتُ: اسْتَأْذِنْ لِعُمَرَ، فَدَخَلَ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ، فَقَالَ: قَدْ ذَكَرْتُكَ لَهُ فَصَمَتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مُنْصَرِفًا، قَالَ: إِذَا الغُلاَمُ يَدْعُونِي، فَقَالَ: قَدْ أَذِنَ لَكَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ،(7/37)
فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَإِذَا هُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى رِمَالِ حَصِيرٍ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ، قَدْ أَثَّرَ الرِّمَالُ بِجَنْبِهِ، مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ، حَشْوُهَا لِيفٌ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَرَفَعَ إِلَيَّ بَصَرَهُ، فَقَالَ: لاَ، فَقُلْتُ: اللهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ قُلْتُ وَأَنَا قَائِمٌ أَسْتَأْنِسُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ نَغْلِبُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ، إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ رَأَيْتَنِي وَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: لاَ يَغُرَّنَّكِ أَنْ كَانَتْ جَارَتُكِ أَوْضَأَ مِنْكِ، وَأَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، يُرِيدُ عَائِشَةَ، فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ تَبَسُّمَةً أُخْرَى، فَجَلَسْتُ حِينَ رَأَيْتُهُ تَبَسَّمَ، فَرَفَعْتُ بَصَرِي فِي بَيْتِهِ، فَوَاللهِ مَا رَأَيْتُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا يَرُدُّ البَصَرَ، غَيْرَ أَهَبَةٍ ثَلاَثَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ فَلْيُوَسِّعْ عَلَى أُمَّتِكَ، فَإِنَّ فَارِسًا وَالرُّومَ قَدْ وُسِّعَ عَلَيْهِمْ وَأُعْطُوا الدُّنْيَا، وَهُمْ لاَ يَعْبُدُونَ اللهَ، فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَوَفِي هَذَا أَنْتَ يَا ابْنَ الخَطَّابِ؟ إِنَّ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجِّلُوا طَيِّبَاتِهِمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اسْتَغْفِرْ لِي، فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نِسَاءَهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، وَكَانَ قَالَ: مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا، مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ حِينَ عَاتَبَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّمَا أَصْبَحْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَكَانَ ذَلِكَ الشَّهْرُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى آيَةَ التَّخَيُّرِ، فَبَدَأَ بِي أَوَّلَ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، فَاخْتَرْتُهُ، ثُمَّ خَيَّرَ نِسَاءَهُ كُلَّهُنَّ، فَقُلْنَ مِثْلَ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ.(7/38)
84- بَابُ صَوْمِ المَرْأَةِ بِإِذْنِ زَوْجِهَا تَطَوُّعًا.
5192- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ تَصُومُ المَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ.(7/39)
85- بَابُ إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا.
5193- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ، فَأَبَتْ أَنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ.(7/39)
5194- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِذَا بَاتَتِ المَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا، لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ.(7/39)
86- بَابُ لاَ تَأْذَنُِ المَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا لأَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِهِ.
5195- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، حَدَّثنا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَلاَ تَأْذَنَ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ شَطْرُهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو الزِّنَادِ أَيْضًا، عَنْ مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فِي الصَّوْمِ.(7/39)
87- بَابٌ.
5196- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، أَخبَرَنا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أُسَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: قُمْتُ عَلَى بَابِ الجَنَّةِ، فَكَانَ عَامَّةَ مَنْ دَخَلَهَا المَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الجَدِّ مَحْبُوسُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ، وَقُمْتُ عَلَى بَابُ النَّارِ، فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ.(7/39)
88- بَابُ كُفْرَانِ العَشِيرِ.
وَهُوَ الزَّوْجُ، وَهُوَ الخَلِيطُ مِنَ المُعَاشَرَةِ.
فِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
5197- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً نَحْوًا مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ،(7/39)
ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلاً، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللهَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شَيْئًا فِي مَقَامِكَ هَذَا، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، أَوْ: أُرِيتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَرَأَيْتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ كَاليَوْمِ مَنْظَرًا قَطُّ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ، قَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: بِكُفْرِهِنَّ، قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ.(7/40)
5198- حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ، حَدَّثنا عَوْفٌ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: اطَّلَعْتُ فِي الجَنَّةِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الفُقَرَاءَ، وَاطَّلَعْتُ فِي النَّارِ، فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ.
تَابَعَهُ أَيُّوبُ، وَسَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ.(7/40)
89- بَابُ: لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقٌّ.
قَالَهُ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
5199- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: يَا عَبْدَ اللهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.(7/40)
90- بَابُ: المَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا.
5200- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالأَمِيرُ رَاعٍ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.(7/41)
91- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}.
5201- حَدَّثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: آلَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا، وَقَعَدَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ آلَيْتَ شَهْرًا؟ قَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ.(7/41)
92- بَابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ نِسَاءَهُ فِي غَيْرِ بُيُوتِهِنَّ.
وَيُذْكَرُ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ رَفْعُهُ غَيْرَ أَنْ لاَ تُهْجَرَ إِلاَّ فِي البَيْتِ وَالأَوَّلُ أَصَحُّ.
5202- حَدَّثنا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (ح) وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَيْفِيٍّ، أَنَّ عِكْرِمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحَارِثِ أَخْبَرَهُ، أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ عَلَى بَعْضِ أَهْلِهِ شَهْرًا، فَلَمَّا مَضَى تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا، غَدَا عَلَيْهِنَّ أَوْ رَاحَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، حَلَفْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا؟ قَالَ: إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا.(7/41)
5203- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثنا أَبُو يَعْفُورٍ، قَالَ: تَذَاكَرْنَا عِنْدَ أَبِي الضُّحَى، فَقَالَ: حَدَّثنا ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَصْبَحْنَا يَوْمًا وَنِسَاءُ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَبْكِينَ، عِنْدَ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ أَهْلُهَا، فَخَرَجْتُ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا هُوَ مَلآنُ مِنَ النَّاسِ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَصَعِدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ فِي غُرْفَةٍ لَهُ، فَسَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَنَادَاهُ، فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ فَقَالَ: لاَ، وَلَكِنْ آلَيْتُ مِنْهُنَّ شَهْرًا، فَمَكَثَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ.(7/41)
93- بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَاضْرِبُوهُنَّ}: أَيْ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ.
5204- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ يَجْلِدُ أَحَدُكُمُ امْرَأَتَهُ جَلْدَ العَبْدِ، ثُمَّ يُجَامِعُهَا فِي آخِرِ اليَوْمِ.(7/42)
94- بَابُ لاَ تُطِيعُ المَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي مَعْصِيَةٍ.
5205- حَدَّثنا خَلاَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ، عَنِ الحَسَنِ، هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ زَوَّجَتِ ابْنَتَهَا، فَتَمَعَّطَ شَعَرُ رَأْسِهَا، فَجَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَتْ: إِنَّ زَوْجَهَا أَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ فِي شَعَرِهَا، فَقَالَ: لاَ، إِنَّهُ قَدْ لُعِنَ المُوصِلاَتُ.(7/42)
95- بَابُ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا}.
5206- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، أَخبَرَنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} قَالَتْ: هِيَ المَرْأَةُ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ لاَ يَسْتَكْثِرُ مِنْهَا، فَيُرِيدُ طَلاَقَهَا وَيَتَزَوَّجُ غَيْرَهَا، تَقُولُ لَهُ: أَمْسِكْنِي وَلاَ تُطَلِّقْنِي، ثُمَّ تَزَوَّجْ غَيْرِي، فَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيَّ وَالقِسْمَةِ لِي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.(7/42)
96- بَابُ العَزْلِ.
5207- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(7/42)
5208- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ عَمْرٌو: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، يَقُولُ: كُنَّا نَعْزِلُ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ.(7/42)
5209- وَعَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالقُرْآنُ يَنْزِلُ.(7/42)
5210- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: أَصَبْنَا سَبْيًا، فَكُنَّا نَعْزِلُ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟ قَالَهَا ثَلاَثًا، مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِلاَّ هِيَ كَائِنَةٌ.(7/42)
97- بَابُ القُرْعَةِ بَيْنَ النِّسَاءِ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا.
5211- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ القَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَطَارَتِ القُرْعَةُ لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: أَلاَ تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، تَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ فَقَالَتْ: بَلَى، فَرَكِبَتْ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ سَارَ حَتَّى نَزَلُوا، وَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ رِجْلَيْهَا بَيْنَ الإِذْخِرِ، وَتَقُولُ: رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي، وَلاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا.(7/43)
98- بَابُ المَرْأَةِ تَهَبُ يَوْمَهَا مِنْ زَوْجِهَا لِضَرَّتِهَا، وَكَيْفَ يَقْسِمُ ذَلِكَ.
5212- حَدَّثنا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا زُهَيْرٌ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا لِعَائِشَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ بِيَوْمِهَا وَيَوْمِ سَوْدَةَ.(7/43)
99- بَابُ العَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ.
{وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاسِعًا حَكِيمًا}.
100- باب إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ.
5213- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا بِشْرٌ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَقُولَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَلَكِنْ قَالَ: السُّنَّةُ إِذَا تَزَوَّجَ البِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا.(7/43)
101- بَابُ إِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ.
5214- حَدَّثنا يُوسُفُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، وَخَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ البِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ، أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى البِكْرِ، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا ثُمَّ قَسَمَ.
قَالَ أَبُو قِلاَبَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ: إِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ، وَخَالِدٍ، قَالَ خَالِدٌ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(7/43)
102- بَابُ مَنْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ.
5215- حَدَّثنا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُمْ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الوَاحِدَةِ، وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعُ نِسْوَةٍ.(7/44)
103- بَابُ دُخُولِ الرَّجُلِ عَلَى نِسَائِهِ فِي اليَوْمِ.
5216- حَدَّثنا فَرْوَةُ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ.(7/44)
104- بَابُ إِذَا اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ نِسَاءَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ بَعْضِهِنَّ فَأَذِنَّ لَهُ.
5217- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ، قَالَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ: أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ أَيْنَ أَنَا غَدًا؟ يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ، يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللهُ، وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي.(7/44)
105- بَابُ حُبِّ الرَّجُلِ بَعْضَ نِسَائِهِ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ.
5218- حَدَّثنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ: دَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةِ، لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِيَّاهَا، يُرِيدُ عَائِشَةَ، فَقَصَصْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَتَبَسَّمَ.(7/44)
106- بَابُ المُتَشَبِّعِ بِمَا لَمْ يَنَلْ، وَمَا يُنْهَى مِنَ افْتِخَارِ الضَّرَّةِ.
5219- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ (ح) حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ، عَنْ أَسْمَاءَ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي ضَرَّةً، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ إِنْ تَشَبَّعْتُ مِنْ زَوْجِي غَيْرَ الَّذِي يُعْطِينِي؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: المُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ، كَلاَبِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ.(7/44)
107- بَابُ الغَيْرَةِ.
وَقَالَ وَرَّادٌ، عَنِ المُغِيرَةِ: قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَِحٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ، وَاللهُ أَغْيَرُ مِنِّي.
5220- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ، وَمَا أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ المَدْحُ مِنَ اللهِ.(7/45)
5221- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، مَا أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ أَنْ يَرَى عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ تَزْنِي، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا.(7/45)
5222- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا هَمَّامٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: لاَ شَيْءَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ.(7/45)
5223- وَعَنْ يَحْيَى، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ (ح) حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا شَيْبَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ اللهَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ المُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ اللهُ.(7/45)
5224- حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ، وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ، وَلاَ مَمْلُوكٍ، وَلاَ شَيْءٍ غَيْرَِ نَاضِحٍ وَغَيْرَِ فَرَسِهِ، فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَسْتَقِي المَاءَ، وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ، وَكَانَ يَخْبِزُ جَارَاتٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ، فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي،(7/45)
فَلَقِيتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَدَعَانِي، ثُمَّ قَالَ: إِخْ إِخْ، لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرَ النَّاسِ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لأَرْكَبَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ، فَقَالَ: وَاللهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ، قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ تَكْفِينِي سِيَاسَةَ الفَرَسِ، فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي.(7/46)
5225- حَدَّثنا عَلِيٌّ، حَدَّثنا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بِصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتِي النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ، فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الَّذِي كَانَ فِي الصَّحْفَةِ، وَيَقُولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ، ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ، حَتَّى أُتِيَ بِصَحْفَةٍ مِنْ عِنْدِ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وَأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كُسِرَتْ فِيهِ.(7/46)
5226- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ المُقَدَّمِيُّ، حَدَّثنا مُعْتَمِرٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: دَخَلْتُ الجَنَّةَ، أَوْ: أَتَيْتُ الجَنَّةَ، فَأَبْصَرْتُ قَصْرًا، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ، فَلَمْ يَمْنَعْنِي إِلاَّ عِلْمِي بِغَيْرَتِكَ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا نَبِيَّ اللهِ، أَوَعَلَيْكَ أَغَارُ؟.(7/46)
5227- حَدَّثنا عَبْدَانُ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ جُلُوسٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا لِعُمَرَ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وَهُوَ فِي المَجْلِسِ، ثُمَّ قَالَ: أَوَعَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ أَغَارُ؟.(7/46)
108- بَابُ غَيْرَةِ النِّسَاءِ وَوَجْدِهِنَّ.
5228- حَدَّثنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنِّي لأَعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَهْجُرُ إِلاَّ اسْمَكَ.(7/47)
5229- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ ابْنُ أَبِي رَجَاءٍ، حَدَّثنا النَّضْرُ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ لِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، كَمَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، لِكَثْرَةِ ذِكْرِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِيَّاهَا وَثَنَائِهِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أُوحِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ لَهَا فِي الجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ.(7/47)
109- بَابُ ذَبِّ الرَّجُلِ عَنِ ابْنَتِهِ فِي الغَيْرَةِ وَالإِنْصَافِ.
5230- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ وَهُوَ عَلَى المِنْبَرِ: إِنَّ بَنِي هِشَامِ بْنِ المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يُنْكِحُوا ابْنَتَهُمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَلاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، ثُمَّ لاَ آذَنُ، إِلاَّ أَنْ يُرِيدَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنْ يُطَلِّقَ ابْنَتِي وَيَنْكِحَ ابْنَتَهُمْ، فَإِنَّمَا هِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُرِيبُنِي مَا أَرَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا.(7/47)
110- بَابُ يَقِلُّ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النِّسَاءُ.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَتَرَى الرَّجُلَ الوَاحِدَ، يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ نِسْوَةٍ يَلُذْنَ بِهِ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ.
5231- حَدَّثنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثنا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: لأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، لاَ يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ.(7/47)
111- بَابُ لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ ذُو مَحْرَمٍ، وَالدُّخُولُ عَلَى المُغِيبَةِ.
5232- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا لَيْثٌ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الخَيْرِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: الحَمْوُ المَوْتُ.(7/48)
5233- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا عَمْرٌو، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ مَعَ ذِي مَحْرَمٍ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، امْرَأَتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَاكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: ارْجِعْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ.(7/48)
112- بَابُ مَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ عِنْدَ النَّاسِ.
5234- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا غُنْدَرٌ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَخَلاَ بِهَا، فَقَالَ: وَاللهِ إِنَّكُمْ لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ.(7/48)
113- بَابُ مَا يُنْهَى مِنْ دُخُولِ المُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ عَلَى المَرْأَةِ.
5235- حَدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثنا عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ عِنْدَهَا، وَفِي البَيْتِ مُخَنَّثٌ، فَقَالَ المُخَنَّثُ لأَخِي أُمِّ سَلَمَةَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ فَتَحَ اللهُ لَكُمُ الطَّائِفَ غَدًا، أَدُلُّكَ عَلَى ابْنَةِ غَيْلاَنَ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيْكُم.(7/48)
114- بَابُ نَظَرِ المَرْأَةِ إِلَى الحَبَشِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ غَيْرِ رِيبَةٍ.
5236- حَدَّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الحَنْظَلِيُّ، عَنْ عِيسَى، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.(7/48)
115- بَابُ خُرُوجِ النِّسَاءِ لِحَوَائِجِهِنَّ.
5237- حَدَّثنا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: خَرَجَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ لَيْلاً، فَرَآهَا عُمَرُ، فَعَرَفَهَا، فَقَالَ: إِنَّكِ وَاللهِ يَا سَوْدَةُ مَا تَخْفَيْنَ عَلَيْنَا، فَرَجَعَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، وَهُوَ فِي حُجْرَتِي يَتَعَشَّى، وَإِنَّ فِي يَدِهِ لَعَرْقًا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ وَهُوَ يَقُولُ: قَدْ أَذِنَ اللهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَوَائِجِكُنَّ.(7/49)
116- بَابُ اسْتِئْذَانِ المَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي الخُرُوجِ إِلَى المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ.
5238- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، حَدَّثنا الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِذَا اسْتَأْذَنَتِ الْمَرْأَةُ أَحَدَكُمْ إِلَى المَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا.(7/49)
117- بَابُ مَا يَحِلُّ مِنَ الدُّخُولِ وَالنَّظَرِ إِلَى النِّسَاءِ فِي الرَّضَاعِ.
5239- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: جَاءَ عَمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيَّ، فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ، حَتَّى أَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّهُ عَمُّكِ، فَأْذَنِي لَهُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا أَرْضَعَتْنِي المَرْأَةُ، وَلَمْ يُرْضِعْنِي الرَّجُلُ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِنَّهُ عَمُّكِ، فَلْيَلِجْ عَلَيْكِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ عَلَيْنَا الحِجَابُ، قَالَتْ عَائِشَةُ: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الوِلاَدَةِ.(7/49)
118- بَابُ: لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا.
5240- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.(7/49)
5241- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، قَالَ: حَدَّثَنِي شَقِيقٌ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تُبَاشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا، كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا.(7/49)
119- بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِي.
5242- حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِمِئَةِ امْرَأَةٍ، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقَالَ لَهُ المَلَكُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ وَنَسِيَ، فَأَطَافَ بِهِنَّ، وَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ، نِصْفَ إِنْسَانٍ، قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أَرْجَى لِحَاجَتِهِ.(7/50)
120- بَابُ لاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً إِذَا أَطَالَ الغَيْبَةَ مَخَافَةَ أَنْ يُخَوِّنَهُمْ أَوْ يَلْتَمِسَ عَثَرَاتِهِمْ.
5243- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَكْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا.(7/50)
5244- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمُ الغَيْبَةَ، فَلاَ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلاً.(7/50)
121- بَابُ طَلَبِ الوَلَدِ.
5245- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا، تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: مَا يُعْجِلُكَ؟ قُلْتُ: إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ: فَبِكْرًا تَزَوَّجْتَ أَمْ ثَيِّبًا؟ قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ: أَمْهِلُوا، حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً، أَيْ عِشَاءً، لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ: أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الحَدِيثِ، الكَيْسَ الكَيْسَ يَا جَابِرُ، يَعْنِي الوَلَدَ.(7/50)
5246- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الوَلِيدِ، حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ سَيَّارٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِذَا دَخَلْتَ لَيْلاً، فَلاَ تَدْخُلْ عَلَى أَهْلِكَ، حَتَّى تَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ، وَتَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَعَلَيْكَ بِالكَيْسِ الكَيْسِ.
تَابَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ وَهْبٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فِي الكَيْسِ.(7/50)
122- بَابُ تَسْتَحِدُّ المُغِيبَةُ وَتَمْتَشِطُ الشَّعِثَةُ.
5247- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هُشَيْمٌ، أَخبَرَنا سَيَّارٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي غَزْوَةٍ، فَلَمَّا قَفَلْنَا، كُنَّا قَرِيبًا مِنَ المَدِينَةِ، تَعَجَّلْتُ عَلَى بَعِيرٍ لِي قَطُوفٍ، فَلَحِقَنِي رَاكِبٌ مِنْ خَلْفِي، فَنَخَسَ بَعِيرِي بِعَنَزَةٍ كَانَتْ مَعَهُ، فَسَارَ بَعِيرِي كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ مِنَ الإِبِلِ، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، قَالَ: أَتَزَوَّجْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: أَبِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلْ ثَيِّبًا، قَالَ: فَهَلاَّ بِكْرًا تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ؟ قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ، فَقَالَ: أَمْهِلُوا، حَتَّى تَدْخُلُوا لَيْلاً، أَيْ عِشَاءً، لِكَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ، وَتَسْتَحِدَّ المُغِيبَةُ.(7/51)
123- بَابُ: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ} إِلَى قَوْلِهِ: {لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}.
5248- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: اخْتَلَفَ النَّاسُ بِأَيِّ شَيْءٍ دُووِيَ جُرْحُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَسَأَلُوا سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ، وَكَانَ مِنْ آخِرِ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ: مَا بَقِيَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، كَانَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ تَغْسِلُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَعَلِيٌّ يَأْتِي بِالْمَاءِ عَلَى تُرْسِهِ، فَأُخِذَ حَصِيرٌ فَحُرِّقَ، فَحُشِيَ بِهِ جُرْحُهُ.(7/51)
124- بَابُ: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ}.
5249- حَدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخبَرَنا عَبْدُ اللهِ، أَخبَرَنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، سَأَلَهُ رَجُلٌ: شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ العِيدَ، أَضْحًى أَوْ فِطْرًا؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَوْلاَ مَكَانِي مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ، يَعْنِي مِنْ صِغَرِهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلاَ إِقَامَةً، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَرَأَيْتُهُنَّ يَهْوِينَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ يَدْفَعْنَ إِلَى بِلاَلٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ هُوَ وَبِلاَلٌ إِلَى بَيْتِهِ.(7/51)
125- بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: هَلْ أَعْرَسْتُمْ اللَّيْلَةَ وَطَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ فِي الخَاصِرَةِ عِنْدَ العِتَابِ.
5250- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: عَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ، إِلاَّ مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، وَرَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي.(7/52)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
68- كِتَابُ الطَّلاَقِ.
1- وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ}.
{أَحْصَيْنَاهُ} حَفِظْنَاهُ وَعَدَدْنَاهُ، وَطَلاَقُ السُّنَّةِ: أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَيُشْهِدَ شَاهِدَيْنِ.
5251- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ العِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ.(7/52)
2- بَابُ إِذَا طُلِّقَتِ الحَائِضُ تَعْتَدُّ بِذَلِكَ الطَّلاَقِ.
5252- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَكَرَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: لِيُرَاجِعْهَا، قُلْتُ: تُحْتَسَبُ؟ قَالَ: فَمَهْ؟.
- وَعَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا، قُلْتُ: تُحْتَسَبُ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَهُ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ.(7/52)
5253- وَقال أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثنا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ.
_حاشية__________
(1) وكذلك أورده البيهقي في "السنن الكبرى" 7/326، والمِزِّي في "تحفة الأشراف" 7064: "وقال أبو مَعْمر"، وقال ابن حَجَر: هكذا وقع في روايتنا من طريق أَبِي الوَقْت وغيره، وفي روايتنا من طريق أَبِي ذَرّ: "حدَّثنا أبو مَعْمَر"، فذكره، فهو مُتَّصِلٌ من تلك الطريق. "تغليق التعليق" 4/434.(7/53)
3- بَابُ مَنْ طَلَّقَ، وَهَلْ يُوَاجِهُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِالطَّلاَقِ.
5254- حَدَّثنا الحُمَيْدِيُّ، حَدَّثنا الوَلِيدُ، حَدَّثنا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ، أَيُّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ اسْتَعَاذَتْ مِنْهُ؟ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ ابْنَةَ الجَوْنِ لَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَدَنَا مِنْهَا، قَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ لَهَا: لَقَدْ عُذْتِ بِعَظِيمٍ، الحَقِي بِأَهْلِكِ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ (1): رَوَاهُ حَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَنَّ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ.
_حاشية__________
(1) هو محمد بن إسماعيل البخاري، صاحب "الصحيح"(7/53)
5255- حَدَّثنا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَسِيلٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ، عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حَتَّى انْطَلَقْنَا إِلَى حَائِطٍ، يُقَالُ لَهُ: الشَّوْطُ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حَائِطَيْنِ جَلَسْنَا بَيْنَهُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اجْلِسُوا هَاهُنَا، وَدَخَلَ، وَقَدْ أُتِيَ بِالْجَوْنِيَّةِ، فَأُنْزِلَتْ فِي بَيْتٍ فِي نَخْلٍ فِي بَيْتِ أُمَيْمَةَ بِنْتِ النُّعْمَانِ بْنِ شَرَاحِيلَ، وَمَعَهَا دَايَتُهَا، حَاضِنَةٌ لَهَا، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَ: هَبِي نَفْسَكِ لِي، قَالَتْ: وَهَلْ تَهَبُ المَلِكَةُ نَفْسَهَا لِلسُّوقَةِ؟ قَالَ: فَأَهْوَى بِيَدِهِ يَضَعُ يَدَهُ عَلَيْهَا لِتَسْكُنَ، فَقَالَتْ: أَعُوذُ بِاللهِ مِنْكَ، فَقَالَ: قَدْ عُذْتِ بِمَعَاذٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: يَا أَبَا أُسَيْدٍ، اكْسُهَا رَازِقِيَّيْنِ، وَأَلْحِقْهَا بِأَهْلِهَا.(7/53)
5256 و5257- وَقَالَ الحُسَيْنُ بْنُ الوَلِيدِ النَّيْسَابُورِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَأَبِي أُسَيْدٍ، قَالاَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أُمَيْمَةَ بِنْتَ شَرَاحِيلَ، فَلَمَّا أُدْخِلَتْ عَلَيْهِ، بَسَطَ يَدَهُ إِلَيْهَا، فَكَأَنَّهَا كَرِهَتْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ أَبَا أُسَيْدٍ أَنْ يُجَهِّزَهَا وَيَكْسُوَهَا ثَوْبَيْنِ رَازِقِيَّيْنِ.
- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الوَزِيرِ، حَدَّثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَمْزَةَ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا.(7/53)
5258- حَدَّثنا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي غَلاَّبٍ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لاِبْنِ عُمَرَ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فَقَالَ: تَعْرِفُ ابْنَ عُمَرَ، إِنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَإِذَا طَهُرَتْ، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا، قُلْتُ: فَهَلْ عَدَّ ذَلِكَ طَلاَقًا؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ؟.(7/53)
4- بَابُ مَنْ جَوَّزَ الطَّلاَقَ الثَّلاَثِ.
لِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.
وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي مَرِيضٍ طَلَّقَ: لاَ أَرَى أَنْ تَرِثَ مَبْتُوتَتُهُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: تَرِثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ: تَزَوَّجُ إِذَا انْقَضَتِ العِدَّةُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ مَاتَ الزَّوْجُ الآخَرُ؟ فَرَجَعَ عَنْ ذَلِكَ.
5259- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخبَرَنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلاَنِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَسَْطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا، قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاَعَنَا، وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا فَرَغَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ تِلْكَ سُنَّةَ المُتَلاَعِنَيْنِ.(7/54)
5260- حَدَّثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ ؛ أَنَّ امْرَأَةَ رِفَاعَةَ القُرَظِيِّ جَاءَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي، فَبَتَّ طَلاَقِي، وَإِنِّي نَكَحْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ القُرَظِيَّ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ؟ لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ.(7/55)
5261- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي القَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَجُلاً طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاَثًا، فَتَزَوَّجَتْ، فَطَلَّقَ، فَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَتَحِلُّ لِلأَوَّلِ؟ قَالَ: لاَ، حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا كَمَا ذَاقَ الأَوَّلُ.(7/55)
5- بَابُ مَنْ خَيَّرَ نِسَاءَهُ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}.
5262- حَدَّثنا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثنا أَبِي، حَدَّثنا الأَعْمَشُ، حَدَّثنا مُسْلِمٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: خَيَّرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَاخْتَرْنَا اللهَ وَرَسُولَهُ، فَلَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ عَلَيْنَا شَيْئًا.(7/55)
5263- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا عَامِرٌ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنِ الخِيَرَةِ، فَقَالَتْ: خَيَّرَنَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، أَفَكَانَ طَلاَقًا؟ قَالَ مَسْرُوقٌ: لاَ أُبَالِي أَخَيَّرْتُهَا وَاحِدَةً أَوْ مِئَةً، بَعْدَ أَنْ تَخْتَارَنِي.(7/55)
6- بَابُ إِذَا قَالَ: فَارَقْتُكِ، أَوْ سَرَّحْتُكِ، أَوِ الخَلِيَّةُ، أَوِ البَرِيَّةُ، أَوْ مَا عُنِيَ بِهِ الطَّلاَقُ، فَهُوَ عَلَى نِيَّتِهِ.
وَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}.
وَقَالَ: {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}.
وَقَالَ: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.
وَقَالَ: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}.
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لَمْ يَكُونَا يَأْمُرَانِي بِفِرَاقِهِ.(7/55)
7- بَابُ مَنْ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.
وَقَالَ الحَسَنُ: نِيَّتُهُ.
وَقَالَ أَهْلُ العِلْمِ: إِذَا طَلَّقَ ثَلاَثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ، فَسَمَّوْهُ حَرَامًا بِالطَّلاَقِ وَالفِرَاقِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ، لأَنَّهُ لاَ يُقَالُ لِطَعَامِ الحِلِّ حَرَامٌ، وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ، وَقَالَ فِي الطَّلاَقِ ثَلاَثًا: {لاَ تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}.
5264- وَقَالَ اللَّيْثُ: عن نَافِعٍ (1), قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ عَمَّنْ طَلَّقَ ثَلاَثًا، قَالَ: لَوْ طَلَّقْتَ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَمَرَنِي بِهَذَا، فَإِنْ طَلَّقْتَهَا ثَلاَثًا حَرُمَتْ عَلَيْكَ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَكَ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: حدثني نافع.(7/56)
5265- حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، حَدَّثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ، فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَطَلَّقَهَا، وَكَانَتْ مَعَهُ مِثْلُ الهُدْبَةِ، فَلَمْ تَصِلْ مِنْهُ إِلَى شَيْءٍ تُرِيدُهُ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَّقَهَا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَإِنِّي تَزَوَّجْتُ زَوْجًا غَيْرَهُ، فَدَخَلَ بِي، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلاَّ مِثْلُ الهُدْبَةِ، فَلَمْ يَقْرَبْنِي إِلاَّ هَنَةً وَاحِدَةً، لَمْ يَصِلْ مِنِّي إِلَى شَيْءٍ، أَفَأَحِلُّ لِزَوْجِي الأَوَّلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ تَحِلِّينَ لِزَوْجِكِ الأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الآخَرُ عُسَيْلَتَكِ وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ.(7/56)
8- بَابُ: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ}.
5266- حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ، سَمِعَ الرَّبِيعَ بْنَ نَافِعٍ، حَدَّثنا مُعَاوِيَةُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِذَا حَرَّمَ امْرَأَتَهُ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ: {لَقَدْ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.(7/56)
5267- حَدَّثَنِي الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثنا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: زَعَمَ عَطَاءٌ، أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ كَانَ يَمْكُثُ عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَيَشْرَبُ عِنْدَهَا عَسَلاً، فَتَوَاصَيْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ ؛ أَنَّ أَيَّتَنَا دَخَلَ عَلَيْهَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلْتَقُلْ: إِنِّي لأَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَدَخَلَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: لاَ، بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً عِنْدَ زَيْنَبَ ابْنَةِ جَحْشٍ، وَلَنْ أَعُودَ لَهُ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ} إِلَى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ} لِعَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} لِقَوْلِهِ: بَلْ شَرِبْتُ عَسَلاً.(7/56)
5268- حَدَّثنا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي المَغْرَاءِ، حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يُحِبُّ العَسَلَ وَالحَلْوَى، وَكَانَ إِذَا انْصَرَفَ مِنَ العَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ، فَدَخَلَ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَاحْتَبَسَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَحْتَبِسُ، فَغِرْتُ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ لِي: أَهْدَتْ لَهَا امْرَأَةٌ مِنْ قَوْمِهَا عُكَّةَ عَسَلٍ، فَسَقَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْهُ شَرْبَةً، فَقُلْتُ: أَمَا وَاللهِ لَنَحْتَالَنَّ لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ: إِنَّهُ سَيَدْنُو مِنْكِ، فَإِذَا دَنَا مِنْكِ فَقُولِي: أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: لاَ، فَقُولِي لَهُ: مَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ، فَإِنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي لَهُ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، وَسَأَقُولُ ذَلِكِ، وَقُولِي أَنْتِ يَا صَفِيَّةُ ذَاكِ، قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: فَوَاللهِ مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ قَامَ عَلَى البَابِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أُبَادِيَهُ بِمَا أَمَرْتِنِي بِهِ فَرَقًا مِنْكِ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهَا، قَالَتْ لَهُ سَوْدَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَكَلْتَ مَغَافِيرَ؟ قَالَ: لاَ، قَالَتْ: فَمَا هَذِهِ الرِّيحُ الَّتِي أَجِدُ مِنْكَ؟ قَالَ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقَالَتْ: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَيَّ قُلْتُ لَهُ نَحْوَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى صَفِيَّةَ، قَالَتْ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا دَارَ إِلَى حَفْصَةَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلاَ أَسْقِيكَ مِنْهُ؟ قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ، قَالَتْ: تَقُولُ سَوْدَةُ: وَاللهِ لَقَدْ حَرَمْنَاهُ، قُلْتُ لَهَا: اسْكُتِي.(7/57)
9- بَابُ لاَ طَلاَقَ قَبْلَ نِكَاحٍ.
وَقَوْلُ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ المُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً}.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَعَلَ اللهُ الطَّلاَقَ بَعْدَ النِّكَاحِ.
وَيُرْوَى فِي ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، وَعَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، وَشُرَيْحٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَالقَاسِمِ، وَسَالِمٍ، وَطَاوُوسٍ، وَالحَسَنِ، وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ، وَعَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَالقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَمْرِو بْنِ هَرِمٍ، وَالشَّعْبِيِّ: أَنَّهَا لاَ تَطْلُقُ.(7/57)
10- بَابُ إِذَا قَالَ لاِمْرَأَتِهِ وَهُوَ مُكْرَهٌ: هَذِهِ أُخْتِي فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِسَارَةَ: هَذِهِ أُخْتِي، وَذَلِكَ فِي ذَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.(7/58)
11- بَابُ الطَّلاَقِ فِي الإِغْلاَقِ وَالكُرْهِ، وَالسَّكْرَانِ، وَالمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا، وَالغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلاَقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ.
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ، وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى.
وَتَلاَ الشَّعْبِيُّ: {لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وَمَا لاَ يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ المُوَسْوِسِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ: أَبِكَ جُنُونٌ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: بَقَرَ حَمْزَةُ خَوَاصِرَ شَارِفَيَّ، فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَلُومُ حَمْزَةَ، فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ، مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: هَلْ أَنْتُمْ إِلاَّ عَبِيدٌ لأَبِي، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ أَنَّهُ قَدْ ثَمِلَ، فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ.
وَقَالَ عُثْمَانُ: لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلاَ لِسَكْرَانَ طَلاَقٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلاَقُ السَّكْرَانِ وَالمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ.
وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لاَ يَجُوزُ طَلاَقُ المُوَسْوِسِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا بَدَا بِالطَّلاَقِ فَلَهُ شَرْطُهُ.
وَقَالَ نَافِعٌ: طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ البَتَّةَ إِنْ خَرَجَتْ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِنْ خَرَجَتْ فَقَدْ بُتَّتْ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.(7/58)
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ قَالَ: إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ثَلاَثًا: يُسْأَلُ عَمَّا قَالَ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ بِتِلْكَ اليَمِينِ؟ فَإِنْ سَمَّى أَجَلاً أَرَادَهُ وَعَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ حِينَ حَلَفَ، جُعِلَ ذَلِكَ فِي دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنْ قَالَ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيكِ، نِيَّتُهُ وَطَلاَقُ كُلِّ قَوْمٍ بِلِسَانهِمْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا قَالَ: إِذَا حَمَلْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثًا، يَغْشَاهَا عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً، فَإِنِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ.
وَقَالَ الحَسَنُ إِذَا قَالَ: الحَقِي بِأَهْلِكِ نِيَّتُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الطَّلاَقُ عَنْ وَطَرٍ، وَالعَتَاقُ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: إِنْ قَالَ: مَا أَنْتِ بِامْرَأَتِي، نِيَّتُهُ، وَإِنْ نَوَى طَلاَقًا فَهُوَ مَا نَوَى.
وَقَالَ عَلِيٌّ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ القَلَمَ رُفِعَ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يُفِيقَ، وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يُدْرِكَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ.
وَقَالَ عَلِيٌّ: وَكُلُّ الطَّلاَقِ جَائِزٌ، إِلاَّ طَلاَقَ المَعْتُوهِ.(7/59)
5269- حَدَّثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثنا هِشَامٌ، حَدَّثنا قَتَادَةُ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَتَكَلَّمْ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: إِذَا طَلَّقَ فِي نَفْسِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ.(7/59)
5270- حَدَّثنا أَصْبَغُ، أَخبَرَنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَسْلَمَ أَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّهِ الَّذِي أَعْرَضَ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ بِكَ جُنُونٌ؟ هَلْ أَحْصَنْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ بِالْمُصَلَّى، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ، جَمَزَ حَتَّى أُدْرِكَ بِالحَرَّةِ فَقُتِلَ.(7/59)
5271- حَدَّثنا أَبُو اليَمَانِ، أَخبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الآخِرَ قَدْ زَنَى، يَعْنِي نَفْسَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الآخِرَ قَدْ زَنَى، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لِشِقِّ وَجْهِهِ الَّذِي أَعْرَضَ قِبَلَهُ، فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَتَنَحَّى لَهُ الرَّابِعَةَ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ، فَقَالَ: هَلْ بِكَ جُنُونٌ؟ قَالَ: لاَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ، وَكَانَ قَدْ أُحْصِنَ.(7/59)
5272- وَعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: فَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيَّ، قَالَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُ، فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا أَذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ، جَمَزَ حَتَّى أَدْرَكْنَاهُ بِالحَرَّةِ، فَرَجَمْنَاهُ حَتَّى مَاتَ.(7/59)
12- بَابُ الخُلْعِ وَكَيْفَ الطَّلاَقُ فِيهِ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} إِلَى قَوْلِهِ: {الظَّالِمُونَ}.
وَأَجَازَ عُمَرُ الخُلْعَ دُونَ السُّلْطَانِ.
وَأَجَازَ عُثْمَانُ الخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا.
وَقَالَ طَاوُوسٌ: {إِلاَّ أَنْ يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} فِيمَا افْتَرَضَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي العِشْرَةِ وَالصُّحْبَةِ، وَلَمْ يَقُلْ قَوْلَ السُّفَهَاءِ: لاَ يَحِلُّ حَتَّى تَقُولَ لاَ أَغْتَسِلُ لَكَ مِنْ جَنَابَةٍ.
5273- حَدَّثنا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، مَا أَعْتُِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ، وَلاَ دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الكُفْرَ فِي الإِسْلاَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ، وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً.
قَالَ أَبُو عَبْد اللهِ: لاَ يُتَابَعُ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.(7/60)
5274- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ الوَاسِطِيُّ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ ؛ أَنَّ أُخْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ، بِهَذَا، وَقَالَ: تَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْهَا، وَأَمَرَهُ يُطَلِّقْهَا.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَطَلِّقْهَا.(7/60)
5275- وَعَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لاَ أَعْتُِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ، وَلاَ خُلُقٍ، وَلَكِنِّي لاَ أُطِيقُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.(7/60)
5276- حَدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ المُبَارَكِ المُخَرِّمِيُّ، حَدَّثنا قُرَادٌ أَبُو نُوحٍ، حَدَّثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَنْقِمُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ، وَلاَ خُلُقٍ، إِلاَّ أَنِّي أَخَافُ الكُفْرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ فَفَارَقَهَا.
5277- حَدَّثنا سُلَيْمَانُ، حَدَّثنا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ جَمِيلَةَ، فَذَكَرَ الحَدِيثَ.(7/60)
13- بَابُ الشِّقَاقِ، وَهَلْ يُشِيرُ بِالخُلْعِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {خَبِيرًا}.
5278- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: إِنَّ بَنِي المُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُوا فِي أَنْ يَنْكِحَ عَلِيٌّ ابْنَتَهُمْ، فَلاَ آذَنُ.(7/61)
14- بَابُ لاَ يَكُونُ بَيْعُ الأَمَةِ طَلاَقًا.
5279- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ القَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلاَثُ سُنَنٍ: إِحْدَى السُّنَنِ أَنَّهَا أُعْتِقَتْ، فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَدَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَأُدْمٌ مِنْ أُدْمِ البَيْتِ، فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ البُرْمَةَ فِيهَا لَحْمٌ؟ قَالُوا: بَلَى، وَلَكِنْ ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لاَ تَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، قَالَ: عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ.(7/61)
15- بَابُ خِيَارِ الأَمَةِ تَحْتَ العَبْدِ.
5280- حَدَّثنا أَبُو الوَلِيدِ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رَأَيْتُهُ عَبْدًا، يَعْنِي: زَوْجَ بَرِيرَةَ.(7/61)
5281- حَدَّثنا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثنا وُهَيْبٌ، حَدَّثنا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ذَاكَ مُغِيثٌ عَبْدُ بَنِي فُلاَنٍ، يَعْنِي زَوْجَ بَرِيرَةَ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَتْبَعُهَا فِي سِكَكِ المَدِينَةِ، يَبْكِي عَلَيْهَا.(7/61)
5282- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ زَوْجُ بَرِيرَةَ عَبْدًا أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، عَبْدًا لِبَنِي فُلاَنٍ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ وَرَاءَهَا فِي سِكَكِ المَدِينَةِ.(7/61)
16- بَابُ شَفَاعَةِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي زَوْجِ بَرِيرَةَ.
5283- حَدَّثنا مُحَمَّدٌ، أَخبَرَنا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثنا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا، يُقَالُ لَهُ: مُغِيثٌ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ يَطُوفُ خَلْفَهَا يَبْكِي وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ لِعبَّاسٍ: يَا عَبَّاسُ، أَلاَ تَعْجَبُ مِنْ حُبِّ مُغِيثٍ بَرِيرَةَ، وَمِنْ بُغْضِ بَرِيرَةَ مُغِيثًا؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لَوْ رَاجَعْتِهِ؟ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ، قَالَتْ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيهِ.(7/62)
17- بَابٌ.
5284- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَخبَرَنا شُعْبَةُ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، أَنَّ عَائِشَةَ أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ، فَأَبَى مَوَالِيهَا إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطُوا الوَلاَءَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِلَحْمٍ، فَقِيلَ: إِنَّ هَذَا مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَقَالَ: هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ.
حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، وَزَادَ: فَخُيِّرَتْ مِنْ زَوْجِهَا.(7/62)
18- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَلاَ تَنْكِحُوا المُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ}.
5285- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ نِكَاحِ النَّصْرَانِيَّةِ وَاليَهُودِيَّةِ، قَالَ: إِنَّ اللهَ حَرَّمَ المُشْرِكَاتِ عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلاَ أَعْلَمُ مِنَ الإِشْرَاكِ شَيْئًا أَكْبَرَ مِنْ أَنْ تَقُولَ المَرْأَةُ: رَبُّهَا عِيسَى، وَهُوَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِ اللهِ.(7/62)
19- بَابُ نِكَاحِ مَنْ أَسْلَمَ مِنَ المُشْرِكَاتِ وَعِدَّتِهِنَّ.
5286- حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخبَرَنا هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ المُشْرِكُونَ عَلَى مَنْزِلَتَيْنِ مِنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَالمُؤْمِنِينَ: كَانُوا مُشْرِكِي أَهْلِ حَرْبٍ، يُقَاتِلُهُمْ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَمُشْرِكِي أَهْلِ عَهْدٍ، لاَ يُقَاتِلُهُمْ وَلاَ يُقَاتِلُونَهُ، وَكَانَ إِذَا هَاجَرَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ الحَرْبِ لَمْ تُخْطَبْ حَتَّى تَحِيضَ وَتَطْهُرَ، فَإِذَا طَهُرَتْ حَلَّ لَهَا النِّكَاحُ، فَإِنْ هَاجَرَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ رُدَّتْ إِلَيْهِ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ مِنْهُمْ أَوْ أَمَةٌ فَهُمَا حُرَّانِ، وَلَهُمَا مَا لِلْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ مِثْلَ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ، وَإِنْ هَاجَرَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ أَهْلِ العَهْدِ لَمْ يُرَدُّوا وَرُدَّتْ أَثْمَانُهُمْ.
5287- وَقَالَ عَطَاءٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَتْ قَرِيبَةُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ أُمُّ الحَكَمِ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ تَحْتَ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ الفِهْرِيِّ، فَطَلَّقَهَا، فَتَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمانَ الثَّقَفِيُّ.(7/62)
20- بَابُ إِذَا أَسْلَمَتِ المُشْرِكَةُ أَوِ النَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الذِّمِّيِّ أَوِ الحَرْبِيِّ.
- وَقَالَ عَبْدُ الوَارِثِ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا أَسْلَمَتِ النَّصْرَانِيَّةُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِسَاعَةٍ حَرُمَتْ عَلَيْهِ.
وَقَالَ دَاوُدُ، عَنْ إِبْراهِيمَ الصَّائِغِ: سُئِلَ عَطَاءٌ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ أَهْلِ العَهْدِ أَسْلَمَتْ، ثُمَّ أَسْلَمَ زَوْجُهَا فِي العِدَّةِ، أَهِيَ امْرَأَتُهُ؟ قَالَ: لاَ إِلاَّ أَنْ تَشَاءَ هِيَ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ وَصَدَاقٍ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا أَسْلَمَ فِي العِدَّةِ يَتَزَوَّجُهَا، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {لاَ هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}.
(1) وَقَالَ الحَسَنُ، وَقَتَادَةُ، فِي مَجُوسِيَّيْنِ أَسْلَمَا: هُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا، وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَبَى الآخَرُ بَانَتْ، لاَ سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: امْرَأَةٌ مِنَ المُشْرِكِينَ جَاءَتْ إِلَى المُسْلِمِينَ، أَيُعَاوَضُ زَوْجُهَا مِنْهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} قَالَ: لاَ، إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبَيْنَ أَهْلِ العَهْدِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هَذَا كُلُّهُ فِي صُلْحٍ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ.
_حاشية__________
(1) عند المُستَملي: باب وقال الحسن.(7/63)
5288- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ (ح) وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَتْ: كَانَتِ المُؤْمِنَاتُ إِذَا هَاجَرْنَ إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَمْتَحِنُهُنَّ بِقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ المُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} إِلَى آخِرِ الآيَةِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنَ المُؤْمِنَاتِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْمِحْنَةِ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِذَا أَقْرَرْنَ بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِنَّ، قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: انْطَلِقْنَ فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ، لاَ وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ، غَيْرَ أَنَّهُ بَايَعَهُنَّ بِالكَلاَمِ، وَاللهِ مَا أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى النِّسَاءِ إِلاَّ بِمَا أَمَرَ اللهُ، يَقُولُ لَهُنَّ إِذَا أَخَذَ عَلَيْهِنَّ: قَدْ بَايَعْتُكُنَّ كَلاَمًا.(7/63)
21- بَابُ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} إِلَى قَوْلِهِ: {سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
فَإِنْ فَاؤُوا: رَجَعُوا.
5289- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: آلَى رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ مِنْ نِسَائِهِ، وَكَانَتِ انْفَكَّتْ رِجْلُهُ، فَأَقَامَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، آلَيْتَ شَهْرًا؟ فَقَالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ.(7/64)
5290- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، كَانَ يَقُولُ فِي الإِيلاَءِ الَّذِي سَمَّى اللهُ تَعَالَى: لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدَ الأَجَلِ إِلاَّ أَنْ يُمْسِكَ بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يَعْزِمَ بِالطَّلاَقِ، كَمَا أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.(7/64)
5291- وقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ، حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلاَ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَيُذْكَرُ ذَلِكَ عَنْ: عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَعَائِشَةَ، وَاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.(7/64)
22- بَابُ حُكْمِ المَفْقُودِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: إِذَا فُقِدَ فِي الصَّفِّ عِنْدَ القِتَالِ تَرَبَّصُ امْرَأَتُهُ سَنَةً.
وَاشْتَرَى ابْنُ مَسْعُودٍ جَارِيَةً، فَالتَمَسَ صَاحِبَهَا سَنَةً، فَلَمْ يَجِدْهُ، وَفُقِدَ، فَأَخَذَ يُعْطِي الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ، وَقَالَ: اللهُمَّ عَنْ فُلاَنٍ، فَإِنْ أَتَى فُلاَنٌ فَلِي وَعَلَيَّ، وَقَالَ: هَكَذَا فَافْعَلُوا بِاللُّقَطَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، نَحْوَهُ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الأَسِيرِ يُعْلَمُ مَكَانُهُ: لاَ تَتَزَوَّجُ امْرَأَتُهُ، وَلاَ يُقْسَمُ مَالُهُ، فَإِذَا انْقَطَعَ خَبَرُهُ، فَسُنَّتُهُ سُنَّةُ المَفْقُودِ.
5292- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى المُنْبَعِثِ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ سُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الغَنَمِ،(7/64)
فَقَالَ: خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ، أَوْ لأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ، وَسُئِلَ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ، وَقَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا، مَعَهَا الحِذَاءُ وَالسِّقَاءُ، تَشْرَبُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا، وَسُئِلَ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، وَعَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ مَنْ يَعْرِفُهَا، وَإِلاَّ فَاخْلِطْهَا بِمَالِكَ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ سُفْيَانُ: وَلَمْ أَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا غَيْرَ هَذَا، فَقُلْتُ: أَرَأَيْتَ حَدِيثَ يَزِيدَ، مَوْلَى المُنْبَعِثِ فِي أَمْرِ الضَّالَّةِ، هُوَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ يَحْيَى: وَيَقُولُ رَبِيعَةُ، عَنْ يَزِيدَ، مَوْلَى المُنْبَعِثِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ.
قَالَ سُفْيَانُ: فَلَقِيتُ رَبِيعَةَ، فَقُلْتُ لَهُ.(7/65)
23- بَابُ الظِّهَارِ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} إِلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}.
وَقَالَ لِي إِسْمَاعِيلُ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ ظِهَارِ العَبْدِ، فَقَالَ: نَحْوَ ظِهَارِ الحُرِّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَصِيَامُ العَبْدِ شَهْرَانِ.
وَقَالَ الحَسَنُ بْنُ الحُرِّ: ظِهَارُ الحُرِّ وَالعَبْدِ مِنَ الحُرَّةِ وَالأَمَةِ، سَوَاءٌ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: إِنْ ظَاهَرَ مِنْ أَمَتِهِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، إِنَّمَا الظِّهَارُ مِنَ النِّسَاءِ، وَفِي العَرَبِيَّةِ: لِمَا قَالُوا: أَيْ فِيمَا قَالُوا، وَفِي نَقْضِ مَا قَالُوا، وَهَذَا أَوْلَى، لأَنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَدُلَّ عَلَى المُنْكَرِ وَقَوْلِ الزُّورِ.(7/65)
24- بَابُ الإِشَارَةِ فِي الطَّلاَقِ وَالأُمُورِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ يُعَذِّبُ اللهُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا، فَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ.
وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: أَشَارَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ إِلَيَّ أَنْ: خُذِ النِّصْفَ.
وَقَالَتْ أَسْمَاءُ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي الكُسُوفِ، فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى الشَّمْسِ، فَقُلْتُ: آيَةٌ؟ فَأَوْمَأَتْ بِرَأْسِهَا وَهِيَ تُصَلِّي: أَيْ نَعَمْ.
وَقَالَ أَنَسٌ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِيَدِهِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْمَأَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِيَدِهِ: لاَ حَرَجَ.
وَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فِي الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ: آحَدٌ مِنْكُمْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ قَالُوا: لاَ، قَالَ: فَكُلُوا.(7/65)
5293- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثنا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: طَافَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَكَانَ كُلَّمَا أَتَى عَلَى الرُّكْنِ، أَشَارَ إِلَيْهِ وَكَبَّرَ.
وَقَالَتْ زَيْنَبُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فُتِحَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ، وَعَقَدَ تِسْعِينَ.(7/66)
5294- حَدَّثنا مُسَدَّدٌ، حَدَّثنا بِشْرُ بْنُ المُفَضَّلِ، حَدَّثنا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: فِي الجُمُعَةِ سَاعَةٌ، لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَسَأَلَ اللهَ خَيْرًا إِلاَّ أَعْطَاهُ، وَقَالَ بِيَدِهِ، وَوَضَعَ أُنْمَلَتَهُ عَلَى بَطْنِ الوُسْطَى وَالخِنْصِرِ، قُلْنَا: يُزَهِّدُهَا.(7/66)
5295- وَقَالَ الأُوَيْسِيُّ: حَدَّثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الحَجَّاجِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: عَدَا يَهُودِيٌّ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَلَى جَارِيَةٍ، فَأَخَذَ أَوْضَاحًا كَانَتْ عَلَيْهَا، وَرَضَخَ رَأْسَهَا، فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ، وَقَدْ أُصْمِتَتْ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَنْ قَتَلَكِ؟ فُلاَنٌ لِغَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَنْ لاَ، قَالَ: فَقَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا، فَأَشَارَتْ: أَنْ لاَ، فَقَالَ: فَفُلاَنٌ؟ لِقَاتِلِهَا، فَأَشَارَتْ: أَنْ نَعَمْ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.(7/66)
5296- حَدَّثنا قَبِيصَةُ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: الفِتْنَةُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى الْمَشْرِقِ.(7/66)
5297- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، قَالَ: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، قَالَ لِرَجُلٍ: انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ؟ ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَوْ أَمْسَيْتَ؟ إِنَّ عَلَيْكَ نَهَارًا، ثُمَّ قَالَ: انْزِلْ فَاجْدَحْ، فَنَزَلَ، فَجَدَحَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ، فَشَرِبَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ أَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ، فَقَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَاهُنَا، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ.(7/66)
5298- حَدَّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ، أَوْ قَالَ: أَذَانُهُ، مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّمَا يُنَادِي، أَوْ قَالَ: يُؤَذِّنُ، لِيَرْجِعَ قَائِمَُكُمْ، وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ، كَأَنَّهُ يَعْنِي، الصُّبْحَ، أَوِ الفَجْرَ.
وَأَظْهَرَ يَزِيدُ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَدَّ إِحْدَاهُمَا مِنَ الأُخْرَى.(7/67)
5299- وَقَالَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: مَثَلُ البَخِيلِ وَالمُنْفِقِ، كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ، مِنْ لَدُنْ ثَدْيَيْهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا المُنْفِقُ: فَلاَ يُنْفِقُ شَيْئًا إِلاَّ مَادَّتْ عَلَى جِلْدِهِ، حَتَّى تُجِنَّ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا البَخِيلُ: فَلاَ يُرِيدُ يُنْفِقُ إِلاَّ لَزِمَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَوْضِعَهَا، فَهُوَ يُوسِعُهَا فَلاَ تَتَّسِعُ، وَيُشِيرُ بِإِصْبَعِهِ إِلَى حَلْقِهِ.(7/67)
25- بَابُ اللِّعَانِ.
وَقَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الصَّادِقِينَ} فَإِذَا قَذَفَ الأَخْرَسُ امْرَأَتَهُ بِكِتَابَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ بِإِيمَاءٍ مَعْرُوفٍ، فَهُوَ كَالْمُتَكَلِّمِ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَدْ أَجَازَ الإِشَارَةَ فِي الفَرَائِضِ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الحِجَازِ وَأَهْلِ العِلْمِ.
وَقَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهْدِ صَبِيًّا }؟.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: {إِلاَّ رَمْزًا} إِشَارَةً.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لاَ حَدَّ، وَلاَ لِعَانَ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الطَّلاَقَ بِكِتَابٍ أَوْ إِشَارَةٍ أَوْ إِيمَاءٍ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بَيْنَ الطَّلاَقِ وَالقَذْفِ فَرْقٌ، فَإِنْ قَالَ: القَذْفُ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِكَلاَمٍ، قِيلَ لَهُ: كَذَلِكَ الطَّلاَقُ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ بِكَلاَمٍ، وَإِلاَّ بَطَلَ الطَّلاَقُ وَالقَذْفُ، وَكَذَلِكَ العِتْقُ، وَكَذَلِكَ الأَصَمُّ يُلاَعِنُ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ: إِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ، فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ، تَبِينُ مِنْهُ بِإِشَارَتِهِ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: الأَخْرَسُ إِذَا كَتَبَ الطَّلاَقَ بِيَدِهِ لَزِمَهُ.
وَقَالَ حَمَّادٌ: الأَخْرَسُ وَالأَصَمُّ إِنْ قَالَ بِرَأْسِهِ جَازَ.(7/67)
5300- حَدَّثنا قُتَيْبَةُ، حَدَّثنا لَيْثٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو الحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجِ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ بَنُو سَاعِدَةَ، ثُمَّ قَالَ بِيَدِهِ، فَقَبَضَ أَصَابِعَهُ، ثُمَّ بَسَطَهُنَّ كَالرَّامِي بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ.(7/68)
5301- حَدَّثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثنا سُفْيَانُ، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: سَمِعْتُهُ مِنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، صَاحِبِ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةَ كَهَذِهِ مِنْ هَذِهِ، أَوْ: كَهَاتَيْنِ، وَقَرَنَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى.(7/68)
5302- حَدَّثنا آدَمُ، حَدَّثنا شُعْبَةُ، حَدَّثنا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَعْنِي: ثَلاَثِينَ، ثُمَّ قَالَ: وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا، يَعْنِي تِسْعًا وَعِشْرِينَ، يَقُولُ: مَرَّةً ثَلاَثِينَ، وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ.(7/68)
5303- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ (1)، قَالَ: وَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ بِيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ: الإِيمَانُ هَاهُنَا، مَرَّتَيْنِ، أَلاَ وَإِنَّ القَسْوَةَ وَغِلَظَ القُلُوبِ فِي الفَدَّادِينَ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ، رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ.
_حاشية__________
(1) عند أَبي ذَر: عن ابن مسعود.(7/68)
5304- حَدَّثنا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، أَخبَرَنا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَهْلٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: وَأَنَا وَكَافِلُ اليَتِيمِ فِي الجَنَّةِ هَكَذَا، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى، وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا.(7/68)
26- بَاب إِذَا عَرَّضَ بِنَفْيِ الوَلَدِ.
5305- حَدَّثنا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثنا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وُلِدَ لِي غُلاَمٌ أَسْوَدُ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ: حُمْرٌ، قَالَ: هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَنَّى ذَلِكَ؟ قَالَ: لَعَلَّ نَزَعَهُ عِرْقٌ، قَالَ: فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ.(7/68)
27- بَابُ إِحْلاَفِ المُلاَعِنِ.
5306- حَدَّثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثنا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَأَحْلَفَهُمَا النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا.(7/69)
28- بَابُ يَبْدَأُ الرَّجُلُ بِالتَّلاَعُنِ.
5307- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، حَدَّثنا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ؛ أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ، فَجَاءَ فَشَهِدَ، وَالنَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ يَقُولُ: إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا كَاذِبٌ، فَهَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ؟ ثُمَّ قَامَتْ فَشَهِدَتْ.(7/69)
29- بَابُ اللِّعَانِ، وَمَنْ طَلَّقَ بَعْدَ اللِّعَانِ.
5308- حَدَّثنا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ ؛ أَنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلاَنِيَّ جَاءَ إِلَى عَاصِمِ بْنِ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَاصِمُ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ سَلْ لِي يَا عَاصِمُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَسَأَلَ عَاصِمٌ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ عَنْ ذَلِكَ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَسَائِلَ وَعَابَهَا، حَتَّى كَبُرَ عَلَى عَاصِمٍ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا رَجَعَ عَاصِمٌ إِلَى أَهْلِهِ، جَاءَهُ عُوَيْمِرٌ، فَقَالَ: يَا عَاصِمُ، مَاذَا قَالَ لَكَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ؟ فَقَالَ عَاصِمٌ لِعُوَيْمِرٍ: لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، قَدْ كَرِهَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ المَسْأَلَةَ الَّتِي سَأَلْتُهُ عَنْهَا، فَقَالَ عُوَيْمِرٌ: وَاللهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى أَسْأَلَهُ عَنْهَا، فَأَقْبَلَ عُوَيْمِرٌ، حَتَّى جَاءَ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ وَسَطَ النَّاسِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ فَتَقْتُلُونَهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ أَنْزَلَ اللهُ فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا، قَالَ سَهْلٌ: فَتَلاَعَنَا وَأَنَا مَعَ النَّاسِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَلَمَّا فَرَغَا مِنْ تَلاَعُنِهِمَا، قَالَ عُوَيْمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتْ سُنَّةَ المُتَلاَعِنَيْنِ.(7/69)
30- بَابُ التَّلاَعُنِ فِي المَسْجِدِ.
5309- حَدَّثنا يَحْيَى، أَخبَرَنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخبَرَنا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنِ المُلاَعَنَةِ، وَعَنِ السُّنَّةِ فِيهَا عَنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَخِي بَنِي سَاعِدَةَ ؛ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلاً وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً، أَيَقْتُلُهُ، أَمْ كَيْفَ يَفْعَلُ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ فِي شَأْنِهِ مَا ذَكَرَ فِي القُرْآنِ مِنْ أَمْرِ المُتَلاَعِنَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ: قَدْ قَضَى اللهُ فِيكَ وَفِي امْرَأَتِكَ، قَالَ: فَتَلاَعَنَا فِي المَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ، فَلَمَّا فَرَغَا، قَالَ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا، فَطَلَّقَهَا ثَلاَثًا، قَبْلَ أَنْ يَأْمُرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ حِينَ فَرَغَا مِنَ التَّلاَعُنِ، فَفَارَقَهَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ، فَقَالَ: ذَاكَ تَفْرِيقٌ بَيْنَ كُلِّ مُتَلاَعِنَيْنِ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَكَانَتِ السُّنَّةُ بَعْدَهُمَا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ المُتَلاَعِنَيْنِ. وَكَانَتْ حَامِلاً، وَكَانَ ابْنُهَا يُدْعَى لأُمِّهِ، قَالَ: ثُمَّ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي مِيرَاثِهَا، أَنَّهَا تَرِثُهُ وَيَرِثُ مِنْهَا مَا فَرَضَ اللهُ لَهُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ فِي هَذَا الحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلمَ قَالَ: إِنْ جَاءَتْ بِهِ أَحْمَرَ قَصِيرًا، كَأَنَّهُ وَحَرَةٌ، فَلاَ أُرَاهَا إِلاَّ قَدْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ عَلَيْهَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَسْوَدَ أَعْيَنَ، ذَا أَلْيَتَيْنِ، فَلاَ أُرَاهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ بِهِ عَلَى المَكْرُوهِ مِنْ ذَلِكَ.(7/70)