جزء حديثي
في أحاديث ذكر الخوارج وبعض المسائل المتعلقة بهذا الموضوع
عبد الباسط بن يوسف الغريب
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :
فهذا جزء حديثي ذكرت فيه الطرق والأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الخوارج , وبعض الفوائد والنكت المتعلقة بهذا الموضوع .
وهذا الموضوع من المواضيع المهمة , وخصوصا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تحدث عن الخوارج ذكر في أكثر من رواية :أنه يخرج في آخر الزمان , فهم يكثرون في آخر الزمان حتى يخرج بقيتهم مع الدجال كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم , ولا شك أن فتنتهم من أعظم الفتن , والتي نلمس بعض آثارها في زماننا هذا , ولخطورة هذا الأمر أحببت أن أجمع الأحاديث الواردة في هذا الأمر وبعض المسائل المتعلقة بالموضوع مع التنبيه أن ابن كثير رحمه الله ذكر في كتابه البداية والنهاية بعض هذه الطرق , وأشار إليها باختصار ابن حجر رحمه الله في الفتح , وقد استفدت منهما , وأسأل الله العظيم أن ينفع بهذا الكتاب , وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم .
الطرق الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الخوارج
قال الإمام أحمد : صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه
" مجموع الفتاوى "(3|279)
وقال الطبري : ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم مع علي بن أبي طالب أو بعضه عبد الله بن مسعود وأبو ذر وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن عمر وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وحذيفة وأبو بكرة وعائشة وجابر وأبو برزة وأبو أمامة وعبد الله بن أبي أوفى وسهل بن حنيف وسلمان الفارسي .(1/1)
قال ابن حجر : ورافع بن عمرو وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وجندب بن عبد الله البجلي وعبد الرحمن بن عديس وعقبة بن عامر وطلق بن علي وأبو هريرة .
ثم قال ابن حجر -رحمه الله : فهؤلاء خمسة وعشرون نفسا من الصحابة , والطرق إلى كثرتهم متعددة كعلي وأبي سعيد وعبد الله بن عمر وأبي بكرة وأبي برزة وأبي ذر , فيفيد مجموع خبرهما القطع بصحة ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
" الفتح" (12|316)
قلت : ويتحصل بذلك القول بأن أحاديث ذكر الخوارج تكون من الأحاديث المتواترة
وإليك الآن تفصيل الطرق الواردة عن الصحابة :-
الأول : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -
وقد رواه عنه عدة من التابعين
قال ابن حجر : قال الطبري : وروى هذا الحديث في الخوارج عن علي تاما ومختصرا ؛ عبيد الله بن أبي رافع وسويد بن غفلة وعبيدة بن عمرو وزيد بن وهب وكليب الجرمي وطارق بن زياد وأبو مريم .
قال ابن حجر : وأبو وضيء وأبو كثير وأبو موسى وأبو وائل في مسند إسحاق بن راهويه والطبراني وأبو جحيفة عند البزار وأبو جعفر الفراء مولى علي أخرجه الطبراني في الأوسط وكثير بن نمر وعاصم بن ضمرة .
" الفتح" (12|316)
1-سويد بن غفلة عنه
عن سويد بن غفلة قال : قال علي رضي الله عنه : إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأن أخر من السماء أحب إلي من أكذب عليه , وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم ؛ فإن الحرب خدعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم ؛أينما لقيتوهم فاقتلوهم ؛ فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة .(1/2)
البخاري (3611) واللفظ له ومسلم (1066) وأبو داود (4767)والنسائي في المجتبى (7|119) وفي الكبرى (2|312) وأحمد (1|131) وعبد الرزاق (10|157) وابن الجعد في مسنده (1|380) وابن حبان (15|136) والبيهقي (8|187 ) والطبراني في الصغير (2|213) كلهم من طرق عن الأعمش عن خيثمة عن سويد
وأخرجه الطيالسي (1|24) عن قيس بن الربيع عن شمر بن عطية عن سويد بن غفلة الجعفي .
وهذا إسناد حسن إن شاء الله
وأخرجه البزار (2|187)عن إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي قيس الأودي عن سويد بن غفلة
وإبراهيم صدوق يهم وأبو إسحق مدلس وقد عنعن
2- زيد بن وهب الجهني : أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي رضي الله عنه : أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قرائتهم بشيء,ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء, ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل , وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام , وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم , والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم قد سفكوا الدم الحرام , وأغاروا في سرح الناس فسيروا على اسم الله .(1/3)
قال سلمة بن كهيل : فنزلني زيد بن وهب منزلا حتى قال: مررنا على قنطرة فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدالله بن وهب الراسبي فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها ؛ فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فرجعوا فوحشوا برماحهم , وسلوا السيوف وشجرهم الناس برماحهم قال: وقتل بعضهم على بعض, وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان.
فقال علي رضي الله عنه : التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه فلم يجدوه, فقام علي رضي الله عنه بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض قال: أخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر . ثم قال : صدق الله وبلغ رسوله .قال : فقام إليه عبيدة السلماني فقال : يا أمير المؤمنين آلله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له .
مسلم (1066) واللفظ له وأبو داود (4768) وأحمد (1|91) وعبد الرزاق (10|147) والنسائي في الكبرى (5|163) والبيهقي في الكبرى(8|170) والبزار (2|197) من طرق عن عبدالملك بن أبي سليمان حدثنا سلمة بن كهيل حدثني زيد بن وهب الجهني
وأخرجه البزار (2|195) عن محمد بن طلحة عن الأعمش عن زيد بن وهب عن علي مختصرا
والأعمش مدلس وقد عنعن
3- عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : كنت جالسا عند علي رضي الله عنه فقال : إني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وليس عنده أحد إلا عائشة رضي الله عنها فقال : يا ابن أبي طالب كيف أنت وقوم كذا وكذا؟ قال: قلت: الله ورسوله أعلم . قال: قوم يخرجون من المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فمنهم رجل مخدج اليد كأن يديه ثدي حبشية .
أحمد (1|160) وأبو يعلى (1|363) والنسائي في الكبرى (5|162) والبزار(3|93) من طرق عن عاصم بن كليب عن أبيه
وإسناده صحيح عاصم وأبيه ثقتان(1/4)
4-أبو كثير مولى الأنصار قال : كنت مع سيدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين قتل أهل النهروان فكأن الناس وجدوا في أنفسهم من قتلهم فقال علي رضي الله عنه : يا أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدثنا بأقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يرجعون فيه أبدا حتى يرجع السهم على فوقه , وإن آية ذلك أن فيهم رجلا أسود مخدج اليد أحد ثدييه كثدي المرأة لها حلمة كحلمة ثدي المرأة حوله سبع هلبات ؛ فالتمسوه فإني أراه فيهم فالتمسوه فوجدوه إلى شفير النهر تحت القتلى فأخرجوه , فكبر علي رضي الله عنه فقال : الله أكبر صدق الله ورسوله وإنه لمتقلد قوسا له عربية فأخذها بيده فجعل يطعن بها في مخدجيه ويقول : صدق الله ورسوله وكبر الناس حين رأوه واستبشروا , وذهب عنهم ما كانوا يجدون .
أحمد (1|88) وأبو يعلى (1|372) من طريق إسماعيل بن مسلم العبدي ثنا أبو كثير مولى الأنصار.
وأبو كثير هو الأنصاري له ترجمة في الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا لكن العبدي ثقة وقد روى عنه .
5- عن طارق بن زياد قال : سار علي إلى النهروان فقتل الخوارج فقال : اطلبوا ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سيجيء قوم يتكلمون بكلمة الحق لا يجاوز حلوقهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية سيماهم أو فيهم رجل أسود مخدج اليد في يده شعرات سود إن كان فيهم فقد قتلتم شر الناس , وإن لم يكن فيهم فقد قتلتم خير الناس . قال : ثم إنا وجدنا المخدج قال : فخررنا سجودا وخر علي ساجدا معنا .
أحمد (1|147) من طريق أبي نعيم حدثنا إسرائيل عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن طارق بن زياد .
وطارق بن زياد مجهول له ترجمة في تهذيب التهذيب(1/5)
6-أبو مريم ثنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن قوما يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم طوبى لمن قتلهم وقتلوه علامتهم رجل مخدج اليد .
أحمد (1| 151) والطيالسي (1|24) وأبو يعلى (1|296) من طريق نعيم بن حكيم حدثني أبو مريم.
وهذا إسناد ضعيف أبو مريم هو الثقفي مجهول
وأخرجه أبوداود (4770) من الطريق نفسه عن أبي مريم قال
: إن كان ذلك المخدج لمعنا يومئذ في المسجد نجالسه بالليل والنهار , وكان فقيرا ورأيته مع المساكين يشهد طعام علي رضي الله عنه مع الناس , وقد كسوته برنسا لي
قال أبو مريم : وكان المخدج يسمى نافعا ذا الثدية , وكان في يده مثل ثدي المرأة على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي عليه شعيرات مثل سبالة السنور .
قال أبو داود : وهو عند الناس اسمه حرقوس .
وأخرجه ابن أبي شيبة مطولا (7|561) من طريق نعيم بن حكيم قال : حدثني أبو مريم أن شبث بن ربعي وابن الكواء خرجا من الكوفة إلى حروراء فأمر علي الناس أن يخرجوا بسلاحهم فخرجوا إلى المسجد حتى امتلأ المسجد فأرسل علي : بئس ما صنعتم حين تدخلون المسجد بسلاحكم اذهبوا إلى جبانة مراد حتى يأتيكم أمري .
قال أبو مريم : فانطلقنا إلى جبانة مراد فكنا بها ساعة من نهار ثم بلغنا أن القوم قد رجعوا وأنهم زاحفون قال: فقلت: أنطلق أنا فأنظر إليهم . قال : فانطلقت فجعلت أتخلل صفوفهم حتى انتهيت إلى شبث بن ربعي وابن الكواء وهما واقفان متوركان على دابتيهما , وعندهم رسل علي يناشدونهما الله لما رجعوا , وهم يقولون لهم : نعيذكم بالله أن تعجلوا بفتنة العام خشية عام قابل .
فقام رجل منهم إلى بعض رسل علي فعقر دابته فنزل الرجل , وهو يسترجع فحمل سرجه فانطلق به وهما يقولان : ما طلبنا إلا منابذتهم وهم يناشدونهم الله فمكثوا ساعة ثم انصرفوا إلى الكوفة كأنه يوم أضحى أو يوم فطر .(1/6)
وكان يحدثنا قبل ذلك: أن قوما يخرجون من الإسلام يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد .
قال : فسمعت ذلك مرارا كثيرة قال : وسمعه نافع المخدج أيضا حتى رأيته يتكره طعامه من كثرة ما سمعه منه .
قال : وكان نافع معنا في المسجد يصلي فيه بالنهار ويبيت فيه بالليل , وقد كسوته برنسا فلقيته من الغد فسألته هل كان خرج معنا الناس الذين خرجوا إلي حروراء ؟ قال : خرجت أريدهم حتي إذا بلغت إلي بني فلان لقيني صبيان فنزعوا سلاحي فرجعت حتى إذا كان الحول أو نحوه خرج أهل النهروان , وسار علي إليهم فلم أخرج معه قال : وخرج أخي أبو عبد الله ومولاه مع علي قال : فأخبرني أبو عبد الله أن عليا سار إليهم حتى إذا كان حذاءهم على شاطيء النهروان أرسل إليهم يناشدهم الله , ويأمرهم أن يرجعوا ؛ فلم تزل رسله تختلف إليهم حتى قتلوا رسوله , فلما رأى ذلك نهض إليهم فقاتلهم حتى فرغ منهم كلهم ثم أمر أصحابه أن يلتمسوا المخدج فالتمسوه . فقال بعضهم : ما نجده حيا ؟وقال بعضهم : ما هو فيهم ؟ ثم إنه جاءه رجل فبشره فقال : يا أمير المؤمنين قد والله وجدناه تحت قتيلين في ساقية فقال : اقطعوا يده المخدجة وأتوني بها؛ فلما أتي بها أخذها بيده ثم رفعها ثم قال : والله ما كذبت ولا كُذبت .
7-عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيكون في آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من أحسن الناس قولا ؛ يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر الخلق والخليقة , وطوبى لمن قتلهم أو قتلوه .
الطبراني في الأوسط (6|186) من طريق مسلم بن أبي عمران الأسدي عن أبي وائل شقيق بن سلمة .
وهذا إسناد صحيح إن شاء الله(1/7)
وتابعه عند البزار (2|186) حبيب بن أبي ثابت قال : قلت لشقيق بن سلمة : حدثني عن ذي الثدية قال : لما قاتلناهم قال علي رضي الله عنه : اطلبوا رجلا علامته كذا وكذا فطلبناه فلم نجده فقلنا له: لم نجده فبكى . فقال : اطلبوه فوالله ما كذبت ولا كذبت. قال : فطلبناه فلم نجده فبكى . فقال : اطلبوا فوالله ما كذبت ولا كذبت فطلبناه فلم نجده قال : فركب بغلته الشهباء فطلبناه فوجدناه تحت بردى فلما رآه سجد .
8-عبد الله بن شداد
عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريء أنه جاء عبد الله بن شداد بن الهاد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قُتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت له : يا ابن شداد بن الهاد هل أنت صادقي عما أسألك عنه حدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بن أبي طالب ؟ قال : وما لي لا أصدقك قالت : فحدثني عن قصتهم.
قال : فإن علي بن أبي طالب لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها : حروراء - من جانب الكوفة - وإنهم عتبوا عليه.
فقالوا : انسلخت من قميص كساكه الله اسم سماك الله به ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم إلا لله؛ فلما بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذنا أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا من قد حمل القرآن فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول : أيها المصحف حدث الناس فناداه الناس [ فقالوا ] : يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق ونحن نتكلم بما رأينا منه فما تريد ؟(1/8)
قال : أصحابكم أولاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله يقول الله في كتابه في امرأة ورجل : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة أو ذمة من رجل وامرأة ونقموا علي أني كاتبت معاوية كتبت علي بن أبي طالب وقد جاء سهيل بن عمرو فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم . قال : لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال : وكيف نكتب ؟ قال سهيل : اكتب : باسمك اللهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاكتب : محمد رسول الله فقال : لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك فكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا .
يقول الله في كتابه : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } فبعث إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء فخطب الناس فقال : يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس فمن لم يكن يعرفه فليعرفه؛ فأنا أعرفه من كتاب الله هذا ممن نزل فيه , وفي قومه : {بل هم قوم خصمون } فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله . قال : فقام خطباؤهم فقالوا : والله لنواضعنه الكتاب ؛ فإن جاء بالحق نعرفه لنتبعه ,وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل ولنردنه إلى صاحبه .
فواضعوا عبد الله بن عباس ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم علي على الكوفة فبعث علي إلى بقيتهم .
قال : قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم بيننا وبينكم : أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة ؛ فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء : { إن الله لا يحب الخائنين }.
فقالت له عائشة : يا ابن شداد فقد قتلهم ؟ قال : فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدماء واستحلوا الذمة .(1/9)
فقالت : والله ؟ قال : والله الذي لا اله إلا هو لقد كان .
قالت : فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون : ذا الثدية ؟ مرتين . قال : قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى فدعا الناس فقال : أتعرفون هذا ؟ فما أكثر من جاء يقول : رأيته في مسجد بني فلان يصلي ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذاك .
قالت : فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق ؟
قال : سمعته يقول صدق الله ورسوله قالت : فهل رأيته قال غير ذلك ؟
قال : اللهم لا . قالت : أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال : صدق الله ورسوله .
فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون في الحديث .
أبو يعلى (1|367) من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريء أنه جاء عبد الله بن شداد
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله ثقات
مجمع الزوائد (6|235)
قلت :لكن يحيى بن سليم صدوق سيء الحفظ
9-عبيد الله بن أبي رافع
عن بسر بن سعيد عن عبيدالله بن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : أن الحرورية لما خرجت وهو مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا: لا حكم إلا لله .
قال علي : كلمة حق أريد بها باطل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء : يقولون الحق بألسنتهم لا يجوز هذا منهم - وأشار إلى حلقه - من أبغض خلق الله إليه منهم أسود إحدى يديه طبى شاة أو حلمة ثدي.
فلما قتلهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : انظروا فنظروا فلم يجدوا شيئا فقال : ارجعوا فوالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلاثا ثم وجدوه في خربة فأتوا به حتى وضعوه بين يديه .
قال عبيدالله : وأنا حاضر ذلك من أمرهم وقول علي فيهم .
زاد يونس في روايته قال بكير : وحدثني رجل عن ابن حنين أنه قال رأيت ذلك الأسود .
مسلم (1066) , وطبى شاة : المراد به ضرع الشاة(1/10)
10- عبيدة عن على رضي الله عنه قال : ذكر الخوارج فقال : فيهم مخدج اليد أو مودن اليد أو مثدن اليد لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد قلت : أنت سمعته من محمد قال : إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة إي ورب الكعبة .
مسلم (1066) وأحمد (1|83)
ومعنى مخدج اليد : أي ناقص اليد ومودن اليد ناقص اليد ومثدون اليد صغير اليد مجتمعها .
وتقدم طريق زيد بن وهب الجهني - وفيه سماع عبيدة من علي -
: أنه كان في الجيش الذين كانوا مع علي رضي الله عنه الذين ساروا إلى الخوارج فقال علي رضي الله عنه : أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قرائتهم بشيء, ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء, ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذي يصيبونهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم لاتكلوا عن العمل , وآية ذلك أن فيهم رجلا له عضد , وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم , والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم ؛ فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس فسيروا على اسم الله .
قال سلمة بن كهيل : فنزلني زيد بن وهب منزلا حتى قال : مررنا على قنطرة فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبدالله بن وهب الراسبي .
فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من جفونها ؛ فإني أخاف أن يناشدوكم كما ناشدوكم يوم حروراء فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف , وشجرهم الناس برماحهم قال : وقتل بعضهم على بعض , وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان .(1/11)
فقال علي رضي الله عنه: التمسوا فيهم المخدج فالتمسوه فلم يجدوه فقام علي رضي الله عنه بنفسه حتى أتى ناسا قد قتل بعضهم على بعض قال : أخروهم فوجدوه مما يلي الأرض فكبر ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله .
قال : فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين آلله الذي لا إله إلا هو لسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: إي والله الذي لا إله إلا هو حتى استحلفه ثلاثا وهو يحلف له .
مسلم (1066)
11-عن أبي الوضيء قال : شهدت عليا رضي الله عنه حيث مثل أهل النهروان قال : التمسوا إلى المخدج فطلبوه في القتلى فقالوا : ليس نجده فقال : ارجعوا فالتمسوا فوالله ما كذبت ولا كذبت فرجعوا فطلبوه فردد ذلك مرارا كل ذلك يحلف بالله ما كذبت ولا كذبت ؛ فانطلقوا فوجدوه تحت القتلى في طين فاستخرجوه فجيء به.
فقال أبو الوضيء : فكأني انظر إليه حبشي عليه ثدي قد طبق إحدى يديه مثل ثدي المرأة عليها شعرات مثل شعرات تكون على ذنب اليربوع .
أحمد (1|139) من طريق حماد بن زيد ثنا جميل بن مرة عن أبي الوضيء
وهذا إسناد صحيح
وأخرجه أبو داود مختصرا (4769) من طريق حماد ثنا جميل ثنا أبو الوضيء قال : قال علي عليه السلام : اطلبوا المخدج فذكر الحديث فاستخرجوه من تحت القتلى في طين .
قال أبو الوضىء : فكأني أنظر إليه حبشي عليه قريطق ( مصغر قرطق وهو القباء ) له إحدى يدين مثل ثدي المرأة عليها شعيرات مثل شعيرات التي تكون على ذنب اليربوع .
وفي رواية عند أحمد : أنه قال : كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من حروراء شذ منا ناس كثير فذكرنا ذلك لعلي رضي الله عنه .(1/12)
فقال: لا يهولنكم أمرهم ؛ فإنهم سيرجعون فذكر الحديث بطوله قال: فحمد الله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال : إن خليلي أخبرني أن قائد هؤلاء رجل مخدج اليد على حلمة ثديه شعرات كأنهن ذنب اليربوع فالتمسوه فلم يجدوه فأتيناه فقلنا إنا لم نجده فقال: فالتمسوه فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثا , فقلنا: لم نجده فجاء علي بنفسه فجعل يقول : اقلبوا ذا اقلبوا ذا حتى جاء رجل من الكوفة فقال : هو ذا قال علي رضي الله عنه : الله أكبر لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه فجعل الناس يقولون هذا ملك هذا ملك يقول علي رضي الله عنه: ابن من هو .
أحمد (1|140)
وفي رواية عند أحمد (1|141) : كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فذكر حديث المخدج قال علي : فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثا فقال علي : أما إن خليلي أخبرني ثلاثة إخوة من الجن هذا أكبرهم , والثاني له جمع كثير , والثالث فيه ضعف .
واستغربه ابن كثير في البداية (7|306) فقال : وهذا السياق فيه غرابة جدا .
12-أبو مؤمن قال : شهدت علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم قتل الحرورية وأنا مع مولاي فقال : انظروا فإن فيهم رجلا يديه مثل ثدي المرأة, وأخبرني النبي صلى الله عليه وسلم أني صاحبه فقلبوا القتلى فلم يجدوه , وقالوا : سبعة نفر تحت النخل لم نقلبهم بعد فقال : ويلكم انظروا قال أبو مؤمن : فرأيت في رجليه حبلين يجرونه حتى ألقوه بين يديه فخر علي ساجدا, وقال : ابشروا قتلاكم في الجنة وقتلاهم في النار .
البزار (3|113) من طريق سويد بن عبيد العجلي قال : نا أبو مؤمن قال : شهدت علي .
وأبو مؤمن له ترجمة في اللسان لا يعرف .
13-عن أبي جحيفة قال علي حين فرغنا من الحرورية : إن فيهم رجلا مخدجا ليس في عضده عظم أو عضده حلمة كحلمة الثدي عليها شعرات طوال عقف فالتمسوه فلم يوجد , وأنا فيمن يلتمس .
قال : فما رأيت عليا جزع جزعا قط أشد من جزعه يومئذ.
فقالوا : ما نجده يا أمير المؤمنين(1/13)
قال : ويلكم ما اسم هذا المكان ؟
قالوا :النهروان
قال: كذبتم إنه لفيهم فثورنا القتلى فلم نجده فعدنا إليه
فقلنا يا أمير المؤمنين : ما نجده قال : ويلكم ما اسم هذا المكان؟
قالوا : النهروان
قال : صدق الله ورسوله وكذبتم إنه لفيهم فالتمسوه فالتمسناه في ساقية فوجدناه فجئنا به فنظرت إلى عضده ليس فيها عظم وعليها حلمة كحلمة ثدي المرأة عليها شعرات طوال عقف .
تاريخ بغداد (1|200) من طريق عطاء بن السائب عن ميسرة قال: قال أبو جحيفة .
وعطاء مختلط
14-عن محمد بن قيس عن أبوموسى رجل من قومه قال : كنت مع علي فجعل يقول :التمسوا المخدج فالتمسوه فلم يجدوه قال : فأخذ يعرق ويقول : والله ما كذبت ولا كذبت فوجدوه في نهر أود إليه فسجد .
البيهقي في الدلائل كما في البداية والنهاية (7|305) من طريق محمد بن قيس عن أبي موسى رجل من قومه .
وفي إسناده رجل مجهول .
15-عن أبي جعفر مولى علي قال : شهدت مع علي النهر فلما فرغ من قتلهم قال : اطلبوا المخدج فطلبوه فلم يجدوه , وأمر أن يوضع على كل قتيل قصبة فوجدوه في وهدة في مستنقع ماء رجل أسود منتن الريح في موضع يده كهيئة الثدي عليه شعرات فلما نظر إليه.
قال: صدق الله ورسوله فسمع أحد ابنيه يعني الحسن أو الحسين يقول : الحمد لله الذي أراح أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذه العصابة.
فقال علي : لو لم يبق من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة لكان أحدهم على رأي هؤلاء إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء .
الطبراني في الأوسط (7|339) من طريق عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء عن أبي جعفر
وأبو جعفر لم يتبين لي سماعه من علي وعبد الحميد لم أجد له ترجمة .
وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم .(1/14)
16-عن كثير بن نمر قال : دخلت مسجد الكوفة عشية جمعة ؛ وعلي يخطب الناس فقاموا من نواحي المسجد يحكمون . فقال بيده هكذا ثم قال: كلمة حق يبتغى بها باطل حكم الله انتظر فيكم أن أحتكم بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , وأقسم بينكم بالسوية ,ولا يمنعكم من هذا المسجد أن تصلوا فيه ما كانت أيديكم مع أيدينا, ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا .
الأوسط (7|376) من طريق محمد بن يعقوب ثنا حفص بن عمرو نا محمد بن كثير نا الحارث بن حصيرة عن سلمة بن كهيل عن كثير بن نمر
وكثير بن نمر له ترجمة في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحا ولا تعديلا , والحارث صدوق يخطيء.
17-طريق عاصم بن ضمرة
لم أجده
الثاني : حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -
وقد رواه عنه جماعة من التابعين
1-أبو سلمة بن عبد الرحمن
أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة ؛ وهو رجل من بني تميم فقال : يا رسول الله اعدل ! فقال : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل .
فقال عمر : يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه ؟
فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى نضيه - وهو قدحه - فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم ؛ آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر ويخرجون على حين فرقة من الناس .
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأشهد أن علي بن أبي طالب قاتلهم وأنا معه ؛ فأمر بذلك الرجل فالتمس فأتي به حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته .(1/15)
أخرجه البخاري في صحيحه (6163) واللفظ له ومسلم (1064) وأحمد (3|56) ومالك في الموطأ (1|204) وعبد الرزاق في مصنفه ( 10|146) وابن ماجه (169) والنسائي في الكبرى (5|31) وابن أبي شيبة (7|557) وابن حبان (15|132) وأبو يعلى (2|430) والبيهقي في السنن الكبرى (8|171) وفي شعب الإيمان (2|537) والطبراني في مسند الشاميين (3|59) من طرق عن أبي سلمة عن أبي سعيد
2-عن عبد الرحمن بن أبي نعم
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: بعث علي رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فقسمها بين الأربعة الأقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي وعيينة بن بدر الفزاري وزيد الطائي ثم أحد بني نبهان وعلقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب فغضبت قريش والأنصار قالوا: يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا قال: إنما أتألفهم .
فأقبل رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناتيء الجبين كث اللحية محلوق فقال : اتق الله يا محمد فقال: من يطع الله إذا عصيت ؟ أيأمنني الله على أهل الأرض فلا تأمنونني .
فسأل رجل قتله - أحسبه خالد بن الوليد - فمنعه ؛ فلما ولى قال : إن من ضئضيء هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم , يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام , ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد .
أخرجه البخاري في صحيحه (3344) واللفظ له ومسلم (1064) ) وأبوداود (4764) والنسائي في المجتبى (2578) وفي الكبرى (2|46) وأحمد (3|4) والطيالسي في مسنده (1|296) وعبد الرزاق في مصنفه (10|156 ) وابن حبان (1|205) والبيهقي (6|339) وأبو يعلى (2|390) وأبو نعيم في الحلية (5|72)2
2- الضحاك بن شراحيل المشرقي الهمداني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه بلفظ أبي سلمة المتقدم
أخرجه البخاري في صحيحه (6163) ومسلم في صحيحه ( 1064) وأحمد (3|65) والنسائي في الكبرى (5|159) وابن حبان (15|140)
3-عطاء بن يسا ر(1/16)
عن أبي سلمة وعطاء بن يسار: أنهما أتيا أبا سعيد الخدري فسألاه عن الحرورية أسمعت النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا أدري ما الحرورية ؟
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج في هذه الأمة - ولم يقل منها - قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلوقهم أو حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فينظر الرامي إلى سهمه إلى نصله إلى رصافه فيتمارى في الفوقة هل علق بها من الدم شيء
البخاري (6931) واللفظ له , ومسلم (1064) وابن أبي شيبة (7|560)
4- عن معبد بن سيرين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج ناس من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم إلى فوقه . قيل ما سيماهم ؟
قال : سيماهم التحليق أو قال التسبيد .
البخاري ( 7562) واللفظ له , وأحمد (3|64) وأبو يعلى (2|408) و سعيد بن منصور في سننه (2|324) من طرق عن محمد بن سيرين عن معبد
4-قتادة عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك
: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم , يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد على فوقه هم شر الخلق والخليقة , طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب الله , وليسوا منه في شىء من قاتلهم كان أولى بالله تعالى منهم قالوا : يارسول الله ما سيماهم ؟ قال: التحليق .
أبو داود (4765) والحاكم (2|161) وأبو يعلى (5|426) والبيهقي في الكبرى(8|171) من طرق عن قتادة(1/17)
5-عن أبي نضرة عن أبي سعيد : أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر قوما يكونون في أمته يخرجون في فرقة من الناس سيماهم التحليق هم شر الخلق أو من شر الخلق يقتلهم أدنى الطائفتين من الحق , قال: فضرب النبي صلى الله عليه وسلم لهم مثلا أو قال قولا :الرجل يرمي الرمية أو قال الغرض فينظر في النصل فلا يرى بصيرة وينظر في النضي فلا يرى بصيرة وينظر في الفوق فلا يرى بصيرة . قال : قال أبو سعيد : وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق .
أحمد (3|5) واللفظ له , والحاكم (2|167) , والنسائي في الكبرى (5|158) , والحميدي(749) من طرق عن أبي نضرة
وأخرجه البزار (2|125) مختصرا
6-شداد بن عمران القيسي
عن أبي سعيد الخدري أن أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني مررت بوادي كذا وكذا ؛ فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب إليه فاقتله , قال فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله, فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : اذهب فاقتله فذهب عمر فرآه على تلك الحال التي رآه أبو بكر قال: فكره أن يقتله قال : فرجع فقال : يا رسول الله إني رأيته يصلي متخشعا فكرهت أن أقتله قال : يا علي اذهب فاقتله قال : فذهب علي فلم يره فرجع علي فقال : يا رسول الله لم أره قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البرية .
أحمد (3|15) من طريق بكر بن عيسى ثنا جامع بن مطر الحبطي ثنا أبو روبة شداد بن عمران القيسي .
وشداد له ترجمة في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.
7-عن عاصم بن شميخ(1/18)
عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف واجتهد في اليمين قال : لا والذي نفس أبي القاسم بيده ليخرجن قوم من أمتي تحقرون أعمالكم مع أعمالهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية قالوا: فهل من علامة يعرفون بها ؟ قال: فيهم رجل ذو يديه أو ثديه محلقي رؤوسهم .
قال أبو سعيد : فحدثني عشرون أو بضع وعشرون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا رضي الله تعالى عنه ولي قتلهم قال : فرأيت أبا سعيد بعد ما كبر ويداه ترتعش يقول : قتالهم أحل عندي من قتال عدتهم من الترك .
أحمد (3|33) من طريق وكيع ثنا عكرمة بن عمار عن عاصم بن شميخ
وعاصم بن شميخ مجهول له ترجمة في تهذيب التهذيب
8-عن محمد بن سيرين أن أبا سعيد الخدري قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه .
الطبراني في الأوسط (3|58) من طريق عبد الرحمن بن حماد الشعيثي قال حدثنا ابن عون عن محمد
وهذا إسناد حسن ومحمد بن سيرين تقدم أنه رواه عن أخيه معبد , وكذلك حدث عن أبي سعيد وقد سمع منه .
9-أبو الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج في هذه الأمة قوم سيماهم التحليق يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يرجعون فيه أبدا .
الطبراني في الأوسط (5|243) من طريق عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا عمران أبو العوام العمي قال حدثنا أبو الصديق الناجي.
أبو الصديق ثقة وقد سمع من أبي موسى لكن عمران العمي صدوق يهم .(1/19)
10-عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : عن أبي سعيد قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وهو يقسم بين الناس قسمة رجل من بني أمية فقال له : اعدل يا رسول الله : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خبت إذا وخسرت إن لم أعدل فمن يعدل ويحك ؟ فاستأذن عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أنا بالذي أقتل أصحابي سيخرج ناس يقولون مثل قوله يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأخذ سهما فنظر إلى رصافه فلم ير فيه شيئا ثم نظر إلى نصله - يعني القدح - فلم ير فيه شيئا ثم نظر إلى قذذه فلم ير فيه شيئا سبق الفرث والدم ؛ علامتهم رجل يده كثدي المرأة كالبضعة تدردر فيها شعرات كأنها سبلة سبع .
قال أبو سعيد : وحضرت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وحضرت مع علي يوم قتلهم بنهروان قال : فالتمسه علي فلم يجده قال : ثم وجده بعد ذلك تحت جدار على هذا النعت .
فقال علي : أيكم يعرف هذا ؟ فقال رجل من القوم : نحن نعرفه هذا حرقوس وأمه هاهنا قال : فأرسل علي إلى أمه فقال لها : من هذا ؟ فقالت : ما أدري يا أمير المؤمنين إلا أني كنت أرعى غنما لي في الجاهلية بالربذة فغشيني شيء كهيئة الظلة فحملت منه فولدت هذا .
أبو يعلى في مسنده(2|298) من طريق أبي معشر حدثنا أفلح بن عبد الله بن المغيرة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : عن أبي سعيد
أبو معشر هو نجيح بن عبد الرحمن ضعيف وأفلح لم أجد له ترجمة .
وانظر مجمع الزوائد (6|234)
ومعنى سبلة سبع : قال ابن الأثير في النهاية : السبلة بالتحريك : الشارب والجمع السبال . وقال الهروى : هي الشعرات التي تحت اللحى الأسفل , والسبلة عند العرب مقدم اللحية , وما أسبل منها على الصدر.
ومنه حديث ذي الثدية عليه شعيرات مثل سبالة السنور .(1/20)
تدردر : وتدردر أصله تتدردر معناه تضطرب وتذهب وتجيء .
11-يزيد الفقير قال : قلت لأبي سعيد الخدري: إن منا رجالا هم أقرؤنا للقرآن وأكثرنا صلاة وأوصلنا للرحم وأكثرنا صوما خرجوا علينا بأسيافهم فقال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
أحمد في مسنده (3|52) من طريق محمد بن عبيد ثنا سويد بن نجيح عن يزيد الفقير
قال ابن كثير في البداية (7|311) : وإسناده لابأس به رجاله كلهم ثقات وسويد بن نجيح هذا مستور .
قلت : وثقه يحيى بن معين وقال أبو حاتم يكتب حديثه.
الثالث : عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-
عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يقولون من قول خير البرية يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
الترمذي (2188) وقال : حسن صحيح , وابن ماجه (168) وأحمد (1|404) وابن أبي شيبة (7|553) وأبو يعلى (9|277) من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله .
قال ابن كثير في البداية (7|307) : ابن مسعود مات قبل ظهور الخوارج بنحو من خمس سنين فخبره في ذلك من أقوى الأسانيد .
ورواه الطبراني في الأوسط من وجه آخر (6|297) : عن عبد الله بن مسعود قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس : لن تذهب الدنيا حتى يملك من ولدك ياعم في آخر الزمان عند انقطاع دولتهم؛ وهو الثامن عشر يكون معه فتنة عمياء صماء يقتل من كل عشرة آلاف تسعة آلاف وتسعمائة لاينجو منها إلا اليسير ويكون قتالهم بموضع من العراق قال: فبكى العباس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: مايبكيك إنهم شرار أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يطلبون الدنيا ولايهتمون للآخرة .
من طريق محمد بن سدوس الصنعاني ثنا عبد الرحمن بن ميناء عن أبيه(1/21)
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه ميناء وهو كذاب خبيث .
مجمع الزوائد (5|188)
ورواه في الأوسط كذلك عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يوشك أن يقرأ القرآن قوم لا يجاوز تراقيهم يشربونه كشربهم الماء لا يجاوز تراقيهم.
ثم وضع يده على حلقه فقال : لا يجاوز ههنا .
رواه الطبراني في الأوسط وفيه الحسين بن إدريس وهو ضعيف .
مجمع الزوائد (6|232)
الرابع : جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما - : أتي رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفه من حنين , وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها يعطي الناس فقال : يا محمد اعدل قال: ويلك ومن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ لقد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل.
فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق .
فقال: معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ؛ إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية .
مسلم (1063) وأحمد (3|353) وابن أبي شيبة (6|145) وابن ماجه (172) والبخاري في الأدب المفرد (774) والحميدي (2|534) و ابن الجارود في المنتقى(1|272) والنسائي في الكبرى (5|31) والطبراني في الكبير (2|185) والأوسط (9|34) من طرق عن أبي الزبير عن جابر.
وإسناده صحيح فإسناد مسلم من طريق الليث , وقد صرح أبو الزبير بالسماع من جابر .
الخامس : أبو ذر رضي الله عنه
عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن بعدي من أمتي أو سيكون من أمتي قوما يقرؤون القرأن . لا يجاوز حلوقهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه هم شرار الخلق والخليقة .
قال عبد الله بن الصامت : فذكرت ذلك لرافع بن عمرو أخي الحكم بن عمرو الغفاري .
فقال : وأنا أيضا قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .(1/22)
مسلم (1067) و ابن ماجه (170) وأحمد (5|176) والطيالسي (1|60) من طريق حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر
وأخرجه ابن حبان (13|301) من طريق إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل حدثنا شعبة حدثنا أبو عمران الجوني سمع عبد الله بن الصامت يقول : قدم أبو ذر على عثمان من الشام فقال : يا أمير المؤمنين افتح الباب حتى يدخل الناس أتحسبني من قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه هم شر الخلق والخليقة , والذي نفسي بيده لو أمرتني أن أقعد لما قمت , ولو أمرتني أن أكون قائما لقمت ما أمكنتني رجلاي , ولو ربطتني على بعير لم أطلق نفسي حتى تكون أنت الذي تطلقني ثم استأذنه أن يأتي الربذة فأذن له ... .
السادس : سهل بن حنيف رضي الله عنه
عن يسير بن عمرو قال : سألت سهل بن حنيف هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الخوارج ؟ فقال : سمعته - وأشار بيده نحو المشرق -
: قوم يقرؤون القرآن بألسنتهم لا يعدوا تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
البخاري (6934) و مسلم (1068) وأحمد (3|486) وابن أبي شيبة (6|145) والنسائي في الكبرى (5|32) والطبراني في الكبير (6|91) من طريق يسير بن عمرو
السابع : عن عبد الله بن عمر - وذكر الحرورية -
فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم : يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية .
البخاري (6932) والطبراني في الكبير (12|362)
وأخرج الإمام أحمد (2|84) من طريق يحيى بن أبي حية عن شهر بن حوشب سمعت عبد الله بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج من أمتي قوم يسيئون الأعمال يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم.(1/23)
قال يزيد : لا أعلمه إلا قال : يحقر أحدكم عمله مع عملهم يقتلون أهل الإسلام فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم فطوبى لمن قتلهم, وطوبى لمن قتلوه كلما طلع منهم قرن قطعه الله عز وجل فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع .
وهذا إسناد ضعيف شهر كثير الأوهام , ويحيى ضعيف ومدلس .
وأخرج ابن ماجه (174) من طريق هشام بن عمار حدثنا يحيى بن حمزة حدثنا الأوزاعي عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينشأ نشء يقرؤون القرأن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج قرن قطع . قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال .
وهذا إسناد حسن .
الثامن : أنس بن مالك رضي الله عنه
1-قتادة
عن أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد على فوقه هم شر الخلق والخليقة طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شىء من قاتلهم كان أولى بالله تعالى منهم قالوا: يارسول الله ما سيماهم ؟ قال: التحليق .
أبو داود (4765) وأحمد (3|224) والبيهقي في الكبرى (8|171) والحاكم (2|161) وأبو يعلى (5|426) من طرق عنه
وأخرج أبو داود (4766) وابن ماجه (175) عن قتادة عن أنس وحده
: أن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال : سيماهم التحليق والتسبيد فإذا رأيتموهم فأنيموهم .
من طريق عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس .(1/24)
2-عن حفص عن أنس بن مالك أنه قال : انطلق بنا إلى الشام إلى عبد الملك ونحن أربعون رجلا من الأنصار ليفرض لنا فلما رجع وكنا بفج الناقة صلى بنا العصر ثم سلم , ودخل فسطاطه , وقام القوم يضيفون إلى ركعتيه ركعتين أخريين قال: فقال: قبح الله الوجوه فوالله ما أصابت السنة , ولا قبلت الرخصة فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن أقواما يتعمقون في الدين يمرقون كما يمرق السهم من الرمية .
أحمد (3|159) وسعيد بن منصور في سننه(2|324) من طريق حسين بن محمد ثنا خلف عن حفص عن أنس بن مالك .
وهذا إسناد صحيح
3-عن سليمان التيمي عن أنس قال : ذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولم أسمعه منه : إن فيكم قوما يعبدون ويدأبون حتى يعجب بهم الناس وتعجبهم نفوسهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية .
أحمد (3|183) وأبو يعلى (7|116) من طرق عن سليمان بأسانيد صحيحة
4-عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر قتلى تحت ظل السماء طوبى لمن قتلهم طوبى لمن قتلوه طوبى لمن قتلوه .
أبو يعلى (7|14) من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا مبارك عن عبد العزيز بن صهيب
وهذا إسناد ضعيف جدا
مبارك هو ابن سحيم متروك الحديث له ترجمة في التهذيب .
التاسع : عبد الله بن عباس رضي الله عنهما
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية .
ابن ماجه (171) والطيالسي (1|350) وابن أبي شيبة (6|145) وأبو يعلى (4|242) والطبراني في الكبير (11|280) من طرق عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس
سماك مختلط وأحاديثه خاصة في عكرمة مضطربة .(1/25)
وأخرجه الطبراني في الأوسط (8|150) من طريق يحيى بن عبد الرحمن الكندي عن أبي المغيرة عبيد الله بن المغيرة عن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ناسا من أمتي سيقرؤون القرآن ويتعمقون في الدين يأتيهم الشيطان يقول : لو كان ما أتيتم الملوك فأصبتم من دنياهم فاعتزلتموهم بدينكم ألا ولا يكون ذلك إلا كما لا يجتنى من القتاد إلا الشوك كذلك لا يجتنى من قربهم إلا الخطايا .
وهذا إسناد حسن عبيد الله مقبول
العاشر : عبد الله بن أبي أوفى
عن ابن أبي أوفى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الخوارج كلاب النار .
ابن ماجه (173) من طريق إسحاق الأزرق عن الأعمش عن ابن أبي أوفى .
الأعمش مدلس وقد عنعن , وقال أبو حاتم: إنه لم يسمع من ابن أبي أوفى
لكن للحديث طرق أخرى يتقوى بها
وعن سعيد بن جمهان قال : أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فقال : من أنت ؟ قلت : أنا سعيد بن جمهان قال : ما فعل والدك ؟ قلت : قتلته الأزارقة قال : لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلاب النار . قلت : الأزارقة وحدهم أو الخوارج كلها ؟ قال : بل الخوارج كلها . قلت : فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم ويفعل بهم ويفعل ؟ فتناول بيدي فغمزها غمزة شديدة ثم قال : يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم ؛ فإن كان السلطان يسمع منك فأته في بيته فأخبره بما تعلم فإن قبل منك وإلا فدعه فلست بأعلم منه .
أحمد (4|382) من طريق أبي النضر ثنا الحشرج بن نباتة العبسي حدثني سعيد بن جمهان قال : أتيت عبد الله بن أبي أوفى
وهذا إسناد حسن وحشرج مقبول .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني وأحمد ورجال أحمد ثقات
مجمع الزوائد (6|232)
الحادي عشر : عقبة بن عامر(1/26)
: عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل السليحي وهم إلى قضاعة قال حدثني أبي قال : كنت مع عقبة بن عامر جالسا قريبا من المنبر يوم الجمعة فخرج محمد بن أبي حذيفة فاستوى على المنبر فخطب الناس ثم قرأعليهم سورة من القرآن قال: وكان من أقرأ الناس قال : فقال عقبة بن عامر: صدق الله ورسوله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ليقرأن القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
أحمد (4|145) والطبراني في الكبير (17|325) والبيهقي (3|225) من طريق حرملة بن عمران قال : حدثني عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل السليحي قال : حدثني أبي قال كنت مع عقبة بن عامر .
عبد الملك ذكره ابن حبان في الثقات وذكره البخاري في التاريخ الكبير ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .
الثاني عشر : أبو برزة
عن الأزرق بن قيس عن شريك بن شهاب قال: كنت أتمنى أن ألقى رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أسأله عن الخوارج فلقيت أبا برزة في يوم عيد في نفر من أصحابه فقلت له : هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الخوارج فقال : نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني ورأيته بعيني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال فقسمه فأعطى من عن يمينه ومن عن شماله , ولم يعط من وراءه شيئا فقام رجل من ورائه فقال: يا محمد ما عدلت في القسمة ؛ رجل أسود مطموم الشعر عليه ثوبان أبيضان فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا وقال : والله لا تجدون بعدي رجلا هو أعدل مني ثم قال : يخرج في آخر الزمان قوم كأن هذا منهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية سيماهم التحليق لا يزالون يخرجون حتى يخرج آخرهم مع المسيح الدجال ؛ فإذا لقيتموهم فاقتلوهم هم شر الخلق والخليقة
قال النسائي رحمه الله : شريك بن شهاب ليس بذلك المشهور(1/27)
النسائي في المجتبى (7|119) والكبرى (2|312) وأحمد (4|421) والطيالسي (1|124) وابن أبي شيبة (6|145) والحاكم (2|160) من طريق الأزرق
و شريك بن شهاب قال عنه ابن حجر مقبول أي عند المتابعة .
و لأغلب ألفاظه شواهد
الثالث عشر : أبو بكرة
عن أبي بكرة قال : أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير فجعل يقبض قبضة قبضة ثم ينظر عن يمينه كأنه يؤامر أحدا ثم يعطي , ورجل أسود مطموم عليه ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود فقال: ما عدلت في القسمة, فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :من يعدل عليكم بعدي ؟ قالوا: يا رسول الله ألا نقتله ؟ فقال : لا ثم قال لأصحابه : هذا وأصحابه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يتعلقون من الإسلام بشيء .
أحمد (5|42) من طريق عطاء بن السائب عن بلال بن بقطر عن أبي بكرة
بلال مجهول له ترجمة في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا
وعطاء مختلط .
وأخرجه أحمد في مسنده وابن أبي عاصم في كتابه السنة (938) و الحاكم (2|159) :من طريق عثمان الشحام ثنا مسلم بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أقواما من أمتي أشدة ذلقة ألسنتهم بالقرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؛ فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن المأجور من قتلهم .
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه
الرابع عشر : عبد الله بن عمرو
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل و هو يقسم تمرا يوم خيبر فقال : يا محمد اعدل قال : و يحك و من يعدل عليك إذا لم أعدل أو عند من تلتمس العدل بعدي ثم قال : يوشك أن يأتي قوم مثل هذا يتلون كتاب الله و هم أعداؤه يقرؤون كتاب الله محلقة رؤوسهم ؛ فإذا خرجوا فاضربوا رقابهم .(1/28)
الحاكم (2|159) من طريق محمد بن سنان القزاز ثنا عبد الله بن حمران ثنا عبد الحميد بن جعفر أخبرني أبي عن عمر بن الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص
قلت : وإسناده ضعيف محمد بن سنان ضعيف
وفي رواية : عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل قال : خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعليه بيده فقلنا له : هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كلمه التميمي يوم حنين ؟ قال : نعم أقبل رجل من بني تميم يقال له : ذو الخويصرة فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعطي الناس فقال : يا محمد قد رأيت ما صنعت منذ اليوم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل فكيف رأيت ؟ . قال : لم أرك عدلت . قال : فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : ويحك إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون ؟ . فقال عمر بن الخطاب رحمه الله : يا رسول الله ألا نقتله ؟ قال : لا دعوه فإن له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يجد شيئا ثم في القدح فلا يوجد شيء ثم في الفوق فلا يوجد شيء سبق الفرث والدم .
أحمد (2|219) من طريق أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن مقسم أبي القاسم مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل : قال خرجت أنا وتليد بن كلاب الليثي حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص
قلت : أبو عبيدة مجهول(1/29)
وفي رواية : عن شهر قال : أتى عبد الله بن عمرو على نوف البكالي وهو يحدث فقال : حدث فإنا قد نهينا عن الحديث قال : ما كنت لأحدث وعندي رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من قريش فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون هجرة بعد هجرة فخيار الأرض قال عبد الصمد : لخيار الأرض إلى مهاجر إبراهيم فيبقي في الأرض شرار أهلها تلفظهم الأرض , وتقذرهم نفس الله عز وجل , وتحشرهم النار مع القردة والخنازير ثم قال : حدث فإنا قد نهينا عن الحديث فقال : ما كنت لأحدث وعندي رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم من قريش فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم من قبل المشرق يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما قطع قرن نشأ قرن حتى يخرج في بقيتهم الدجال .
أحمد (2|209) من طريق أبي داود وعبد الصمد المعني قالا ثنا هشام عن قتادة عن شهر قال : أتى عبد الله بن عمرو على نوف البكالي وهو يحدث .
وشهر كثير الأوهام
وفي رواية : عن عقبة بن وساج قال : كان صاحب لي يحدثني عن عبد الله بن عمرو في شأن الخوارج فحججت , فلقيت عبد الله بن عمرو فقلت : إنك بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد جعل الله علما إن ناسا يطعنون على أمرائهم ويشهدون عليهم بالضلالة قال : على أولئك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسقاية من ذهب أو فضة فجعل يقسمها بين أصحابه فقام رجل من أهل البادية فقال : يا محمد لئن كان الله أمرك بالعدل فلم تعدل فقال : ويلك فمن يعدل عليكم بعدي ؟ . فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن في أمتي أشباه هذا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم؛ فإن خرجوا فاقتلوهم ثم إن خرجوا فاقتلوهم قال ذلك ثلاثا.
قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله رجال الصحيح .
مجمع الزوائد (6|228)
الخامس عشر : عن طلق بن علي(1/30)
قال : بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لنا : يوشك أن يجيء قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية طوبى لمن قتلهم , وطوبى لمن قتلوه ثم التفت إلي فقال : أما إنهم سيخرجون بأرضك يا تهامي يقاتلون بين الأنهار قلت : بأبي وأمي ما بها أنهار قال : إنها ستكون
الطبراني في الكبير (8|338) من طريق علي بن يحيى بن إسماعيل قال حدثني أبي يحيى بن إسماعيل عن عكرمة بن عمار العجلي عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي عن طلق بن علي
إسناده ضعيف عكرمة صدوق يغلط .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني من طريق علي بن يحيى بن إسماعيل عن أبيه ولم أعرفهما
مجمع الزوائد (6|232)
السادس عشر : عن عبد الرحمن بن عديس البلوي قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج أناس يمرقون من الدين كمايمرق السهم من الرمية يقتلون بجبل لبنان أو بجبل الجليل .
قال ابن لهيعة : فقتل ابن عديس بجبل لبنان أو بجبل الجليل .
لا يروى هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عديس إلا بهذا الإسناد .
الطبراني في الأوسط (3|322) من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة حدثه عن تبيع الحجري عن عبد الرحمن بن عديس البلوي
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وقد ضعف وبقية رجاله حديثهم حسن أو صحيح
مجمع الزوائد (6|242)
بكر بن سهل له ترجمة في اللسان وقد ضعفه النسائي
وتبيع الحجري ذكره ابن حبان في الثقات فقال : روى عن عبد الرحمن بن عدس البلوى وقد قيل عديس وله صحبة روى عنه عبد الرحمن بن شماسة .
فعداده من المجهولين .
السابع عشر : سعد بن أبي وقاص(1/31)
عمر بن أبي عائشة المدني قال: سمعت ابن مسمار يعني مهاجرا مولى آل سعد بن أبي وقاص يذكر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن عمار بن ياسر قال لسعد بن أبي وقاص : مالك لا تخرج مع علي , أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يخرج قوم من أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلهم علي بن أبي طالب قالها ثلاث مرار قال : إي والله لقد سمعته , ولكني أحببت العزلة حتى أجد سيفا يقطع الكافر , وينبو عن المؤمن .
الأوسط (4|69) من طريق سهل بن موسى قال نا عيسى بن شاذان قال نا يحيى بن قزعة قال نا عمر بن أبي عائشة المدني
قلت : عمر بن أبي عائشة له ترجمة في اللسان وذكر له هذا الخبر ؛ وقال :حديث منكر.
الثامن عشر : عائشة
عن الشعبي عن مسروق عن عائشة أنها قالت له : من قتل ذا الثدية علي بن أبي طالب؟ قال : نعم قالت : أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يخرج قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية علامتهم رجل مخدج اليد.
لم يرو هذا الحديث عن الحسن بن عمرو إلا عمرو بن عبد الغفار .
الطبراني في الأوسط (5|314) من طريق عمرو بن عبد الغفار عن الحسن بن عمرو عن الشعبي عن مسروق عن عائشة
عمرو بن عبد الغفار له ترجمة في اللسان متروك الحديث .
وانظر مجمع الزوائد (6|239)
التاسع عشر : عبد الله بن الزبير
عن عبد الله بن الزبير عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله يقول : يخرج من هذه الأمة ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
الطبراني في الكبير (6|34) من طريق سعيد بن أبي مريم ثنا ابن لهيعة أخبرني يزيد بن أبي حبيب أن عامر بن يحيى أخبره عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن الزبير(1/32)
وأخرجه في الأوسط (9|142) : من نفس الطريق عن حنش الصنعاني قال : لما كانت فتنة ابن الزبير أرسل إليه الحرورية أن ائتنا فجاءهم فقام فخطبهم فحمد الله فقالوا: قد علمنا أن هواك معنا فتعال حتى نجعلك خليفة , فقال : والله لقد كانت بصيرتي فيكم قبل اليوم ولقد ازددت فيكم بصيرة , وكيف أكون فيكم , وقد سمعت أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول : يخرج من هذه الأمة ناس يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية.
لايروى هذا الحديث عن عبد الله بن الزبير عن أبي سعيد الخدري إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن لهيعة.
و ابن لهيعة مختلط
العشرون : عن عامر بن واثلة قال : لما كان يوم حنين أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل مجزوز الرأس - أو محلوق الرأس - قال : ما عدلت . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن يعدل إذا لم أعدل أنا ؟ . قال : فغفل عن الرجل فذهب فقال : أين الرجل ؟ . فطلب فلم يدرك فقال : إنه سيخرج في أمتي قوم سيماهم سيما هذا يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في قدحه فلم ير شيئا ينظر في رصافه فلم ير شيئا ينظر في فوقه فلم ير شيئا .
قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات .
مجمع الزوائد (6|230)
الحادي والعشرون :(1/33)
عن الحسن بن أبي الحسن البصري : إن الصريم لقي عبد الله بن خباب بالبدار - قرية بالبصرة - وهو متوجه إلى علي بالكوفة معه امرأته وولده وجاريته فقال : هذا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نسأله عن حالنا وأمرنا ومخرجنا فقالوا : بلى . فانصرفوا إليه فقالوا : ألا تخبرنا هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا شيئا ؟ فقال : أما فيكم بأعيانكم فلا , ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يكون بعدي قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم على فوقه طوبى لمن قتلهم , وطوبى لمن قتلوه شر قتلى أظلتهم السماء وأقلتهم الأرض , كلاب النار.
قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه محمد بن عمر الكلاعي وهو ضعيف
مجمع الزوائد (6|230)
الثاني والعشرون : جندب
عن صفوان بن محرز عن جندب بن عبد الله أنه مر بقوم يقرؤون القرآن فقال : لا يغرنك هؤلاء أنهم يقرؤون القرآن اليوم , ويتجالدون بالسيوف غدا ثم قال : ائتني بنفر من قراء القرآن وليكونوا شيوخا .
فأتيته بنافع بن الأزرق وأتيته بمرداس بن بلال وبنفر معهما ستة أو ثمانية ؛ فلما أن دخلنا على جندب قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل المصباح الذي يضيء للناس ويحرق نفسه , ومن سمع الناس بعمله سمع الله به , واعلم أن أول ما ينتن من أحدكم إذا مات بطنه فلا يدخل بطنه إلا طيبا , ومن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم فليفعل .
وفي رواية : فتكلم القوم فذكروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو ساكت يسمع منهم ثم قال : لم أر كاليوم قط قوما أحق بالنجاة إن كانوا صادقين .
الطبراني في الكبير (2|167) من طريق المعافي بن سليمان ثنا موسى بن أعين عن ليث عن صفوان بن محرز عن جندب .
قلت :ليث مختلط ومدلس .(1/34)
قال الهيثمي : رواه الطبراني من طريقين في إحداهما ليث بن أبي سليم وهو مدلس وفي الأخرى علي بن سليمان الكلبي , ولم أعرفه وبقية رجالهما ثقات .
مجمع الزوائد (6|231)
الثالث والعشرون : عن شداد بن عبد الله أبي عمار قال : شهدت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه و هو واقف على رأس الحرورية عند باب دمشق و هو يقول : كلاب أهل النار قالها ثلاثا . خير قتلى من قتلوه و دمعت عيناه فقال له رجل : يا أبا أمامة أرأيت قولك هؤلاء كلاب النار أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم أو من رأيك ؟ قال : إني إذا لجريء لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا و عد سبع مرات ما حدثتكموه قال له رجل : إني رأيتك قد دمعت عيناك قال : إنهم لما كانوا مؤمنين و كفروا بعد إيمانهم ثم قرأ : { و لا تكونوا كالذين تفرقوا و اختلفوا من بعد ما جاءهم البينات } الآية فهي لهم مرتين
الحاكم (2|163) من طريق أبي حذيفة النهدي ثنا عكرمة بن عمار عن شداد
قلت : أبو حذيفة هو موسى بن مسعود صدوق سيء الحفظ وعكرمة صدوق يغلط .
وتابعه النضر بن محمد عند الحاكم (2|163) عن عكرمة بن عمار ثنا شداد بن عبد الله أبو عمار قال : سمعت أبا أمامة رضي الله عنه و هو واقف على رؤوس الحرورية على باب حمص أو باب دمشق و هو يقول : كلاب النار كلاب النار شر قتلى تحت ظل السماء خير قتلى من قتلوه .ثم ساق الحديث نحو حديث أبي حذيفة
هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه .
والنضر ثقة وتابع شداد
الربيع بن صبيح و حماد بن سلمة عن أبي غالب قال : رأى أبو أمامة رؤوسا منصوبة على درج مسجد دمشق فقال أبو أمامة: كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه ثم قرأ { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } إلى آخر الآية قلت لأبي أمامة أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا حتى عد سبعا ما حدثتكموه .(1/35)
الترمذي (3000) قال أبو عيسى هذا حديث حسن
الرابع والعشرون : سلمان الفارسي
قال ابن كثير في البداية والنهاية (7|313)
قال الهيثم بن عدي ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال جاء رجل إلى قوم فقال : لمن هذه الخباء؟ قالوا: لسلمان الفارسي. قال : أفلا تنطلقون معي فيحدثنا ونسمع منه فانطلق معه بعض القوم فقال: يا أبا عبد الله لو أدنيت خباك وكنت منا قريبا فحدثتنا وسمعنا منك فقال: ومن أنت؟ قال : فلان بن فلان قال سلمان : قد بلغني عنك معروف بلغني أنك تخف في سبيل الله , وتقاتل العدو, وتخدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أخطأتك واحدة أن تكون من هؤلاء القوم الذين ذكرهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا فوجد ذلك الرجل قتيلا في أصحاب النهروان .
فيه رجل لم يسم وحميد لم يتبين لي سماعه من سلمان .
الخامس والعشرون : أبو هريرة - رضي الله عنه -
عن يحيى بن يزيد الهنائي قال: كنت مع الفرزدق في السجن فقال الفرزدق : لا أنجاه الله من يدي مالك بن المنذر بن الجارود إن لم أكن انطلقت أمشي بمكة فلقيت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري فسألتهما فقلت : إني من أهل المشرق, وإن قوما يخرجون علينا فيقتلون من قال لا إله إلا الله ويأمن من سواهم فقالا لي : وإلا فلا نجاني الله من مالك بن المنذر سمعنا خليلنا يقول : من قتلهم فله أجر شهيد أو شهيدين ومن قتلوه فله أجر شهيد .
الطبراني في الأوسط (1|276) من طريق سعيد بن سليمان عن خلف بن خليفة قال حدثني يحيى بن يزيد الهنائي قال كنت مع الفرزدق
وحسن إسناده ابن حجر في الفتح (12|316)
السادس والعشرون : رافع بن عمرو
عن عبدالله بن الصامت عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: إن بعدي من أمتي أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه هم شر الخلق والخليقة .(1/36)
فقال ابن الصامت : فلقيت رافع بن عمرو الغفاري أخا الحكم الغفاري قلت : ما حديث سمعته من أبي ذر كذا وكذا ؟ فذكرت له هذا الحديث فقال : وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
مسلم (1067)
السابع والعشرون : حذيفة
عن حفص بن غياث ثنا الأعمش قال سمعت أبا عمار عن حذيفة يقول لنا : يكون أقوام يقرؤون القرآن يقيمونه إقامة القدح لا يدعون منه ألفا ولا واوا لا يجاوز إيمانهم حناجرهم .
تاريخ بغداد(8|198) وحفص ثقة
الثامن والعشرون : رجلان من الصحابة
قال الهيثم بن عدي في كتاب الخوارج حدثني سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال : أقبل رجلان من أهل الحجاز حتى قدما العراق فقيل لهما : ما أقدمكما العراق؟ قالا : رجونا أن ندرك هؤلاء القوم الذين ذكرهم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا علي بن أبي طالب قد سبقنا إليهم يعنيان أهل النهروان .
البداية والنهاية (7|316)
جهالة الصحابة لا تضر وحميد روى عن بعض الصحابة .
التاسع والعشرون : عمار بن ياسر
وعن عامر بن سعد بن أبي وقاص أن عمار بن ياسر قال لسعد بن أبي وقاص : ما لك لا تخرج مع علي ؟ أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال فيه ؟ قال : يخرج قوم من أمتي يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلهم علي بن أبي طالب قالها ثلاث مرات قال : إي والله لقد سمعته , ولكني أحببت العزلة حتى أجد سيفا يقطع الكافر وينبو عن المؤمن .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عمر بن أبي عائشة ذكره في الميزان وذكر له هذا الحديث وقال : هذا حديث منكر
مجمع الزوائد (6|235)
الثلاثون : أبو زيد الأنصاري
عن أبي زيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يدعون إلى كتاب الله وليسوا من الله في شيء ؛ فمن قاتلهم كان أولى بالله منهم .
السنة لابن أبي عاصم (941) من طريق سعيد عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي زيد الأنصاري(1/37)
وسعيد بن بشير ضعيف , ولكن للحديث شواهد كما ذكر شيخنا الألباني - رحمه الله-
ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل ذي الثدية
عن أبي بكرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم مر برجل ساجد وهو ينطلق إلى الصلاة فقضى الصلاة ورجع عليه وهو ساجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يقتل هذا ؟ . فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط سيفه وهزه ؛ وقال : يا نبي الله بأبي أنت وأمي كيف أقتل رجلا ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ؟ ثم قال : من يقتل هذا ؟ . فقام رجل فقال : أنا فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه فهزه حتى أرعدت يده فقال : يا نبي الله كيف أقتل رجلا ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده لو قتلتموه لكان أول فتنة وآخرها .
أحمد (5|42) من طريق روح ثنا عثمان الشحام ثنا مسلم بن أبي بكرة عن أبيه
قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح .
قلت : وهذا إسناد صحيح
وعن أبي سعيد الخدري أن أبا بكر الصديق جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني بواد كذا وكذا ؛ فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلي . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : اذهب فاقتله .
قال : فذهب إليه أبو بكر فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر : اذهب فاقتله .
فذهب عمر فرآه على الحال الذي رآه أبو بكر فرجع فقال : يا رسول الله إني رأيته يصلي متخشعا فكرهت أن أقتله . قال : يا علي اذهب فاقتله . فذهب علي فلم يره فرجع علي فقال : يا رسول الله إني لم أره . قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن هذا وأصحابه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم في فوقه فاقتلوهم هم شر البرية .(1/38)
أحمد (3|15) من طريق بكر بن عيسى ثنا جامع بن مطر الحبطي ثنا أبو روبة شداد بن عمران القيسي عن أبي سعيد الخدري
قال الهيثمي : رواه أحمد ورجاله ثقات
شداد له ترجمة في الجرح والتعديل ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا روى عنه جامع بن مطر وهو صدوق .
وعن أنس بن مالك قال : كان رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فإذا رجع وحط عن راحلته عمد إلى مسجد الرسول فجعل يصلي فيه فيطيل الصلاة حتى جعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أن له فضلا عليهم فمر يوما ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في أصحابه فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله هو ذاك الرجل ؛ فإما أرسل إليه نبي الله صلى الله عليه وسلم وإما جاء من قبل نفسه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا قال : والذي نفسي بيده إن بين عينيه سفعة من الشيطان .
فلما وقف على المجلس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقلت في نفسك حين وقفت على المجلس : ليس في القوم خير مني ؟ . قال : نعم ثم انصرف فأتى ناحية من المسجد فخط خطا برجله ثم صف كعبيه فقام يصلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكم يقوم إلى هذا فيقتله ؟ . فقام أبو بكر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقتلت الرجل ؟ . فقال : وجدته يصلي فهبته .(1/39)
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكم يقوم إلى هذا فيقتله ؟ . فقال عمر : أنا وأخذ السيف فوجده يصلي فرجع . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر : أقتلت الرجل ؟ . فقال : يا رسول الله وجدته يصلي فهبته . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيكم يقوم إلى هذا فيقتله ؟ . قال علي : أنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت له إن أدركته . فذهب علي فلم يجده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقتلت الرجل ؟ . قال : لم أدر أين سلك من الأرض . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن هذا أول قرن خرج في أمتي . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قتلته - أو قتله - ما اختلف في أمتي اثنان إن بني إسرائيل تفرقوا على إحدى وسبعين فرقة , وإن هذه الأمة - يعني أمته - ستفترق على ثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة واحدة . قلنا : يا نبي الله من تلك الفرقة ؟ قال : الجماعة .
قال يزيد الرقاشي : فقلت لأنس : يا أبا حمزة فأين الجماعة ؟ قال : مع أمرائكم مع أمرائكم.
أبو يعلى (7|154) من طريق أبي خثيمة حدثنا عمر بن يونس حدثنا يزيد الرقاشي في حوض زمزم - و الناس مجتمعون عليه من قريش و غيرهم - قال : حدثني أنس بن مالك
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى . ويزيد الرقاشي ضعفه الجمهور وفيه توثيق لين
وبقية رجاله رجال الصحيح , وقد صح قبله حديث أبي بكرة وأبي سعيد .
قلت : يزيد الرقاشي قال عنه ابن حجر: ضعيف لكن للحديث شواهد .(1/40)
وعن أنس بن مالك قال : كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يعجبنا تعبده واجتهاده فذكرناه لرسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه فلم يعرفه ووصفناه بصفته فلم يعرفه ؛ فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل قلنا : ها هو ذا قال : إنكم لتخبروني عن رجل إن على وجهه سفعة من الشيطان . فأقبل حتى وقف عليهم ولم يسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : نشدتك بالله هل قلت حين وقفت على المجلس : ما في القوم أحد أفضل مني ؟ .
قال : اللهم نعم . ثم دخل يصلي .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يقتل الرجل ؟ .
فقال أبو بكر : أنا .
فدخل عليه فوجده قائما يصلي فقال : سبحان الله أقتل رجلا يصلي , وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل المصلين فخرج .
فقال رسول الله : ما فعلت ؟ .
قال : كرهت أن أقتله وهو يصلي وقد نهيت عن قتل المصلين .
قال عمر : أنا . فدخل فوجده واضعا وجهه فقال عمر : أبو بكر أفضل مني فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه ؟ .
قال : وجدته واضعا وجهه فكرهت أن أقتله .
فقال : من يقتل الرجل ؟ . فقال علي : أنا . فقال : أنت إن أدركته . قال : فدخل عليه فوجده قد خرج فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مه . قال : ما وجدته . قال : لو قتل ما اختلف في أمتي رجلان كان أولهم وآخرهم
قال موسى : سمعت محمد بن كعب يقول : هو الذي قتله علي ذو الثدية .
أبويعلى (1|90) من طريق محمد بن الفرج حدثنا محمد بن الزبرقان حدثنا موسى بن عبيدة أخبرني هود بن عطاء : عن أنس بن مالك
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى وفيه موسى بن عبيدة وهو متروك . ورواه البزار باختصار ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم(1/41)
وعن جابر قال : مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقالوا فيه وأثنوا عليه فقال : من يقتله ؟ . فقال أبو بكر : أنا . فذهب فوجده قد خط على نفسه خطة وهو يصلي فيها فلما رآه على ذلك الحال رجع ولم يقتله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يقتله ؟ . فقال عمر : أنا . فذهب فرآه في خطه قائما يصلي فرجع ولم يقتله .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من له - أو من يقتله - ؟ . فقال علي : أنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنت ولا أراك تدركه .
فانطلق فرآه قد ذهب
أبو يعلى (4|150) من طريق أبي خيثمة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام بن حوشب قال : حدثني طلحة بن نافع : عن جابر
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح
مجمع الزوائد (6|227)
قال ابن حجر : طلحة بن نافع لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث ولم يذكر هذا منها .
لكن للحديث شواهد .
وعن سعد بن مالك - يعني ابن أبي وقاص - أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وذكر - يعني ذا الثدية الذي يوجد مع أهل النهروان - فقال : شيطان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يقال له : الأشهب أو ابن الأشهب علامة في قوم ظلمة . قال سفيان : قال عمار الدهني حين حدث : جاء به رجل منا من بجيلة . فقال : أراه من دهن . يقال له : الأشهب أو ابن الأشهب .
أحمد (1|179) وأبو يعلى ( 2|97) والبزار (4|60) من طريق سفيان بن عيينة حدثني العلاء بن أبي العباس قال : سمعت أبا الطفيل يحدث عن بكر بن قرواش : عن سعد بن مالك
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى وأحمد باختصار والبزار ورجاله ثقات .
مجمع الزوائد (6|234)
قلت : بكر بن قرواش له ترجمة في اللسان لايعرف وذكر له هذا الحديث وقال : حديث منكر.(1/42)
وعن أبي سعيد قال : حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وهو يقسم قلت : فذكر الحديث إلى أن قال : علامتهم رجل يده كثدي المرأة كالبضعة تدردر فيها شعرات كأنها سبلة سبع .قال أبو سعيد : فحضرت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وحضرت مع علي حين قتلهم بنهروان . قال : فالتمسه علي فلم يجده .
قال : ثم وجده بعد ذلك تحت جدار على هذا النعت فقال علي : أيكم يعرف هذا ؟ فقال رجل من القوم : نحن نعرفه هذا حرقوس وأمه ههنا. قال : فأرسل علي إلى أمه فقال : من هذا ؟ فقالت : ما أدري يا أمير المؤمنين إلا أني كنت أرعى غنما لي في الجاهلية بالربذة فغشيني شيء كهيئة الظلمة فحملت منه فولدت هذا .
أبو يعلى (2|298) من طريق محمد بن بكار حدثنا أبو معشر حدثنا أفلح بن عبد الله بن المغيرة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود : عن أبي سعيد
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى مطولا وفيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف يكتب حديثه.
وعن يزيد بن أبي صالح أن أبا الوضيء عبادا حدثه قال : كنا عامدين إلى الكوفة مع علي بن أبي طالب قال : فذكر حديث المخدج قال علي : فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثا فقال علي : أما إن خليلي صلى الله عليه وسلم أخبرني بثلاثة أخوة من الجن هذا أكبرهم والثاني له جمع كثير والثالث فيه ضعف .
المسند (1|141) من طريق حجاج بن الشاعر حدثني عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا يزيد بن صالح أن أبا الوضيء عبادا حدثه
قال الهيثمي : رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات .
مجمع الزوائد (6|235)
وقد استغربه ابن كثير في البداية والنهاية وقد تقدم .
باب ما جاء أن أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها
عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
سيخرج ناس من أمتي يشربون القرآن كشربهم اللبن .
قال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات .(1/43)
الكبير (17|297) من طريق سعيد بن أبي مريم أنا نافع بن يزيد حدثني بكر بن عمرو أنه سمع مشرح بن هاعان يقول سمعت عقبة بن عامر .
قلت : قال ابن حبان :مشرح يروي عن عقبة مناكير لايتابع عليها فالصواب ترك ما انفرد به.
وله شاهد عنه في الأوسط (1|251) من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يوشك أن يقرأ القرآن قوم يشربونه كشربهم الماء لا يجاوز تراقيهم ثم وضع يده على حلقه فقال : لا يجاوز ها هنا .
وعطاء مختلط
والمعنى : أي يسلقونه بألسنتهم من غير تدبر لمعانيه , ولا تأمل في أحكامه بل يمر على ألسنتهم كما يمر اللبن المشروب عليها بسرعة .
فيض القدير (4|118)
وعن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أكثر منافقي أمتي قراؤها .
أحمد (4|151) من طريق أبي سعيد ثنا ابن لهيعة ثنا مشرح عن عقبة بن عامر
ابن لهيعة مختلط ومشرح : قال عنه ابن حبان :مشرح يروي عن عقبة مناكير لايتابع عليها فالصواب ترك ما انفرد به , وهذا الحديث لم ينفرد به .
وأخرجه الطبراني (17|305) من طريق سعيد بن أبي مريم ثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة .
قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني وأحد أسانيد أحمد ثقات أثبات .
قلت : وابن لهيعة مختلط
وعن عبد الله بن عمرو قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أكثر منافقي أمتي قراؤها .
أحمد (2|175) من طريق ابن لهيعة ثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو .
ابن لهيعة مختلط ودراج صدوق في غير أبي الهيثم وهذا منها .
وأخرجه أيضا أحمد (2|175) وابن أبي شيبة (7|79)والبيهقي في الشعب (5|363) من طريق شراحيل بن يزيد عن محمد بن هدية عن عبد الله بن عمرو
قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات , وكذلك رجال أحد إسنادي أحمد ثقات .
قلت : وهذا إسناد صحيح إن شاء الله(1/44)
وعن عصمة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
أكثر منافقي أمتي قراؤها .
الكبير (17|197) من طريق خالد بن عبد السلام الصدفي ثنا الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي .
قال الهيثمي : رواه الطبراني وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف
مجمع الزوائد (6|230)
بيان أهمية الاهتمام بفهم القرآن والعمل به وتطبيقه وأنه مقدم على إقامة حرفه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : فإن هؤلاء هم الذين تلقوا عنه القرآن والسنة , وكانوا يتلقون عنه ما فى ذلك من العلم والعمل كما قال أبو عبدالرحمن السلمي : لقد حدثنا الذين كانوا يقرؤوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .
وقد قام عبدالله بن عمر وهو من أصاغر الصحابة فى تعلم البقرة ثماني سنين , وإنما ذلك لأجل الفهم والمعرفة , وهذا معلوم من وجوه .
أحدها : أن العادة المطردة التي جبل الله عليها بني آدم توجب اعتناءهم بالقرآن المنزل عليهم لفظا ومعنى بل أن يكون اعتناءهم بالمعنى أوكد ؛ فإنه قد علم أنه من قرأ كتابا فى الطب أو الحساب أو النحو أو الفقه أو غير ذلك ؛ فإنه لابد أن يكون راغبا فى فهمه وتصور معانيه فكيف بمن قرؤوا كتاب الله تعالى المنزل إليهم الذي به هداهم الله , وبه عرفهم الحق والباطل والخير والشر والهدى والضلال والرشاد والغي .
فمن المعلوم أن رغبتهم فى فهمه وتصور معانيه أعظم الرغبات بل إذا سمع المتعلم من العالم حديثا ؛ فإنه يرغب فى فهمه ؛ فكيف بمن يسمعون كلام الله من المبلغ عنه بل , ومن المعلوم أن رغبة الرسول فى تعريفهم معاني القرآن أعظم من رغبته فى تعريفهم حروفه ؛ فإن معرفة الحروف بدون المعاني لا تحصل المقصود إذا اللفظ إنما يراد للمعنى .
مجموع الفتاوى (5|157)(1/45)
وقال ابن عبد البر : وفيه من الفقه مدح زمانه لكثرة الفقهاء فيه وقلة القراء وزمانه هذا هو القرن الممدوح على لسان النبي صلى الله عليه وسلم .
وفيه دليل على أن كثرة القراء للقرآن دليل على تغير الزمان وذمه لذلك .
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي أمتي قراؤها من حديث عقبة بن عامر وغيره .
وقال مالك رحمه الله : قد يقرأ القرآن من لا خير فيه , والعيان في هذا الزمان على صحة معنى هذا الحديث كالبرهان .
وفيه دليل أن تضييع حروف القرآن ليس به بأس لأنه قد مدح الزمان الذي تضيع فيه حروفه , وذم الزمان الذي يحفظ فيه حروف القرآن وتضيع حدوده .
الاستذكار (2|673)
وفي هذا المعنى ما قدمنا من الأحاديث و ما جاء
عن جندب البجلي أن حذيفة حدثه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه , وكان ردئا للإسلام غيره إلى ما شاء الله فانسلخ منه , ونبذه وراء ظهره , وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك قال : قلت : يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي ؟ قال : بل الرامي .
ابن حبان في صحيحه (1|281)
وعن عليم قال: كنا جلوسا على سطح معنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يزيد : لا أعلمه إلا عبسا الغفاري والناس يخرجون في الطاعون فقال عبس : يا طاعون خذني ثلاثا يقولها. فقال له عليم : لم تقول هذا ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يتمنى أحدكم الموت ؛ فإنه عند انقطاع عمله , ولا يرد فيستعتب فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بادروا بالموت ستا إمرة السفهاء وكثرة الشرط وبيع الحكم واستخفافا بالدم وقطيعة الرحم ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمونه يغنيهم ؛ وإن كان أقل منهم فقها .
أحمد في مسنده (3|494)(1/46)
وعن العباس بن عبد المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يظهر هذا الدين حتى يجاوز البحار وحتى تخاض بالخيل في سبيل الله ثم يأتي أقوام يقرؤون القرآن ؛ فإذا قرؤوه قالوا : قد قرأنا القرآن ؛ فمن أقرأ منا ؟ من أعلم منا ؟ ثم التفت إلى أصحابه فقال :
هل ترون في أولئك من خير ؟
قالوا : لا .
قال : فأولئك منكم وأولئك من هذه الأمة وأولئك هم وقود النار .
أبو يعلى (12|56)
آيات نزلت في الخوارج
عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون } قال : هم الخوارج .
قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات
الكبير (8|271) من طريق إسحاق بن داود الصواف التستري ثنا المنذر بن الوليد الجارودي حدثني ثنا حميد بن مهران عن أبي غالب عن أبي أمامة
قلت :أبو غالب صدوق يخطيء
وعن أبي غالب قال : كنت بدمشق زمن عبد الملك فأتي برؤوس الخوارج فنصبت على أعواد فجئت لأنظر هل فيها أحد أعرفه ؟ فإذا أبو أمامة عندها فدنوت منه فنظرت إلى الأعواد . فقال : كلاب النار ثلاث مرات شر قتلى تحت أديم السماء ومن قتلوه خير قتلى تحت أديم السماء قالها ثلاث مرات . ثم استبكى قلت : يا أبا أمامة ما يبكيك ؟ قال : كانوا على ديننا ثم ذكر ما هم صائرون إليه غدا .(1/47)
قلت: أشيئا تقوله برأيك أم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : إني لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا إلى السبع ما حدثتكموه أما تقرأ هذه الآية في آل عمران : { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } إلى آخر الآية { وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون } ثم قال : اختلف اليهود على إحدى وسبعين فرقة سبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة , واختلف النصارى على اثنتين وسبعين فرقة إحدى وسبعين في النار وواحدة في الجنة , وتختلف هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة . فقلنا : انعتهم لنا قال : السواد الأعظم .
الكبير (8|268) من طريق محمد بن عبيد بن حساب ثنا حماد بن زيد ثنا أبو غالب
قال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات .
مجمع الزوائد (6|233)
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي عن إسحاق بن سليمان عن أبي سنان عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد عن سعد قال في قوله تعالى : { يضل به كثيرا } يعني : الخوارج .
وقال شعبة عن عمرو بن مرة عن مصعب بن سعد قال : سألت أبي فقلت : قوله تعالى { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه } إلى آخر الآية : فقال : هم الحرورية .
قال ابن كثير : وهذا الإسناد وإن صح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فهو تفسير على المعنى لا أن الآية أريد منها التنصيص على الخوارج الذين خرجوا على علي بالنهروان ؛ فإن أولئك لم يكونوا حال نزول الاية , وإنما هم داخلون بوصفهم فيها مع من دخل لأنهم سموا خوارج لخروجهم عن طاعة الإمام , والقيام بشرائع الإسلام والفاسق في اللغة هو الخارج عن الطاعة أيضا , وتقول العرب فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرتها , ولهذا يقال للفأرة فويسقة لخروجها عن حجرها للفساد .
تفسير ابن كثير (1|97)(1/48)
وقال ابن كثير : عن مصعب قال : سألت أبي يعني سعد بن أبي وقاص عن قول الله : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا } أهم الحرورية ؟ قال : لا هم اليهود والنصارى . أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم , وأما النصارى فكفروا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب , والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه فكان سعد رضي الله عنه يسميهم الفاسقين .
وقال علي بن أبي طالب والضحاك وغير واحد : هم الحرورية .
ومعنى هذا عن علي رضي الله عنه أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى , وغيرهم لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء بل هي أعم من هذا ؛ فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى , وقبل وجود الخوارج بالكلية , وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها , وأن عمله مقبول وهو مخطيء وعمله مردود .
تفسير ابن كثير (3|145)
وقال ابن حجر : قوله{ ومنهم من يلمزك في الصدقات } اللمز العيب , وقيل الوقوع في الناس, وقيل : بقيد أن يكون مواجهة والهمز في الغيبة أي يعيبك في قسم الصدقات , ويؤيد القيل المذكور ما وقع في قصة المذكور حيث واجهه بقوله: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله , ولم أقف على الزيادة إلا في رواية معمر .
وقد أخرجه عبد الرزاق عن معمر لكن وقعت مقدمة على قوله :حين فرقة من الناس قال : فنزلت فيهم , وذكر كلام أبي سعيد بعد ذلك .
وله شاهد من حديث ابن مسعود قال : لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم حنين سمعت رجلا يقول إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله. قال: فنزلت {ومنهم من يلمزك في الصدقات} أخرجه ابن مردويه , وقد تقدم في غزوة حنين بدون هذه الزيادة .
ووقع في رواية عتبة بن وساج عن عبد الله بن عمر ما يؤيد هذه الزيادة فجعل يقسم بين أصحابه ورجل جالس فلم يعطه شيئا فقال : يا محمد ما أراك تعدل .(1/49)
وفي رواية أبي الوضيء عن أبي برزة نحوه, فدل على أن الحامل للقائل على ما قال من الكلام الجافي وأقدم عليه من الخطاب السيء كونه لم يعط من تلك العطية , وأنه لو أعطى لم يقل شيئا من ذلك .
وأخرج الطبراني نحو حديث أبي سعيد وزاد في آخره فغفل عن الرجل فذهب فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فطلب فلم يدرك , وسنده جيد .
الفتح (12|312)
يوم النهروان
عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريء أنه جاء عبد الله بن شداد بن الهاد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت له : يا ابن شداد بن الهاد هل أنت صادقي عما أسألك عنه حدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بن أبي طالب ؟ قال : وما لي لا أصدقك قالت : فحدثني عن قصتهم قال : فإن علي بن أبي طالب لما كاتب معاوية , وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها : حروراء - من جانب الكوفة - وإنهم عتبوا عليه فقالوا : انسلخت من قميص كساكه الله اسم سماك الله به ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم إلا لله ؛ فلما بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذنا أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا من قد حمل القرآن فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول : أيها المصحف حدث الناس فناداه الناس [ فقالوا ] : يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق ونحن نتكلم بما رأينا منه فما تريد ؟ قال : أصحابكم أولاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله يقول الله في كتابه في امرأة ورجل : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة أو ذمة من رجل وامرأة , ونقموا علي أني كاتبت معاوية كتبت علي بن أبي طالب وقد جاء سهيل بن عمرو فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن(1/50)
الرحيم . قال: لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال : وكيف نكتب ؟ قال سهيل : اكتب : باسمك اللهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاكتب : محمد رسول الله
فقال : لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك. فكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا . يقول الله في كتابه : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر }.
فبعث إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء فخطب الناس فقال : يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس ؛ فمن لم يكن يعرفه فليعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله هذا ممن نزل فيه وفي قومه : {بل هم قوم خصمون } فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله . قال : فقام خطباؤهم فقالوا : والله لنواضعنه الكتاب ؛ فإن جاء بالحق نعرفه لنتبعه , وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل ولنردنه إلى صاحبه .
فواضعوا عبد الله بن عباس ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي فبعث علي إلى بقيتهم قال : قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم بيننا وبينكم : أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة ؛ فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء : { إن الله لا يحب الخائنين }.
فقالت له عائشة : يا ابن شداد فقد قتلهم ؟ قال : فوالله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدماء واستحلوا الذمة . فقالت : والله ؟ قال : والله الذي لا اله إلا هو لقد كان .(1/51)
قالت : فما شيء بلغني عن أهل العراق يتحدثونه يقولون : ذا الثدية ؟ مرتين . قال : قد رأيته وقمت مع علي عليه في القتلى فدعا الناس فقال : أتعرفون هذا ؟ فما أكثر من جاء يقول : رأيته في مسجد بني فلان يصلي , ولم يأتوا فيه بثبت يعرف إلا ذاك . قالت : فما قول علي حين قام عليه كما يزعم أهل العراق ؟ قال : سمعته يقول صدق الله ورسوله قالت : فهل رأيته قال غير ذلك ؟ قال : اللهم لا. قالت : أجل صدق الله ورسوله يرحم الله عليا إنه كان من كلامه لا يرى شيئا يعجبه إلا قال : صدق الله ورسوله . فيذهب أهل العراق فيكذبون عليه ويزيدون في الحديث .
أبو يعلى (1|367) والحاكم (2|165) من طريق يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريء
قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله ثقات
قلت :لكن يحيى بن سليم صدوق سيء الحفظ
وعن حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال :
سألته عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال : قلت : فيم فارقوه ؟ وفيم استحلوه ؟ وفيم دعاهم ؟ وبما استحل دماءهم ؟ قال : إنه لما استحر القتل في أهل الشام بصفين اعتصم هو وأصحابه بجبل فقال له عمرو بن العاص : أرسل إليه بالمصحف فلا والله لا نرده عليك .
قال : فجاء رجل يحمله ينادي : بيننا وبينكم كتاب الله { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } الآية .
قال علي : نعم بيننا وبينكم كتاب الله أنا أولى به منكم . فجاءت الخوارج وكنا نسميهم يومئذ القراء و وجاءوا بأسيافهم على عواتقهم فقالوا : يا أمير المؤمنين ألا نمشي إلى هؤلاء القوم حتى يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقام سهل بن حنيف قال : يا أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا قاتلنا , وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى .(1/52)
قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى .
قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟
قال : يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني أبدا .
فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا حتى أتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟
قال : بلى قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟
قال : بلى قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟
قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا .
قال : فنزل القرآن على محمد بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه فقال : يا رسول الله أوفتح هو ؟ قال : نعم .
قال : فطابت نفسه , ورجع , ورجع الناس ثم إنهم خرجوا بحروراء - أولئك العصابة من الخوارج بضعة عشر ألفا - فأرسل إليهم علي ينشدهم الله فأبوا عليه فأتاهم صعصعة بن صوحان فأنشدهم, وقال : علام تقاتلون خليفتكم ؟
قالوا : مخافة الفتنة . قال : فلا تعجلوا ضلالة العام مخافة فتنة عام قابل .
فرجعوا وقالوا : نسير على ما جئنا فإن قبل علي القضية قاتلنا على ما قاتلنا يوم صفين , وإن نقضها قاتلنا معه . فساروا حتى بلغوا النهروان فافترقت منهم فرقة فجعلوا يهدون الناس ليلا . قال أصحابهم : ويلكم ما على هذا فارقنا عليا فبلغ عليا أمرهم فخطب الناس فقال : ما ترون نسير إلى أهل الشام أم نرجع إلى هؤلاء الذين خلفوا إلى ذراريكم ؟ قالوا : بل نرجع . فذكر أمرهم فحدث عنهم بما قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن فرقة تخرج عند اختلاف من الناس تقتلهم أقرب الطائفتين إلى الحق علامتهم رجل منهم يده كثدي المرأة(1/53)
فساروا حتى التقوا بالنهروان فاقتتلوا قتالا شديدا فجعلت خيل علي لا تقف لهم . فقال علي : يا أيها الناس إن كنتم إنما تقاتلون لي فوالله ما عندي ما أجزيكم , وإن كنتم إنما تقاتلون لله فلا يكونن هذا فعالكم فحمل الناس حملة واحدة ؛ فانجلت الخيل عنهم , وهم منكبون على وجوههم .
فقام علي فقال : اطلبوا الرجل الذي فيهم فطلب الناس الرجل فلم يجدوه حتى قال بعضهم : غرنا ابن أبي طالب من إخواننا حتى قتلناهم.
قال : فدمعت عين علي قال : فدعا بدابته فركبها فانطلق حتى أتى وهدة فيها قتلى بعضهم على بعض فجعل يجر بأرجلهم حتى وجد الرجل تحتهم فأخبروه
فقال علي : الله أكبر وفرح وفرح الناس ورجعوا .
وقال علي : لا أغزو العام ورجع إلى الكوفة وقتل رحمه الله واستخلف الحسن وسار سيرة أبيه ثم بعث بالبيعة إلى معاوية .
أبو يعلى ( 1|364) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا عبد العزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبي ثابت
قال الهيثمي : في الصحيح بعضه رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح
وعن ابن عباس قال : لما اعتزلت الحرورية وكانوا على حدتهم
قلت لعلي : يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم قال : إني أتخوفهم عليك .
قلت : كلا إن شاء الله فلبست أحسن ما قدرت عليه من هذه اليمانية ثم دخلت عليهم , وهم قائلون في نحر الظهيرة فدخلت على قوم لم أر قوما أشد اجتهادا منهم, أيديهم كأنها ثقن الإبل ووجوههم معلنة من آثار السجود فدخلت فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ما جاء بك ؟ قال : جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الوحي وهم أعلم بتأويله فقال بعضهم : لا تحدثوه
وقال بعضهم : لنحدثنه .
قال : قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ؟
قالوا : ننقم عليه ثلاثا قلت : ما هن ؟(1/54)
قالوا : أولهن أنه حكم الرجال في دين الله , وقد قال الله تعالى : { إن الحكم إلا لله }
قلت : وماذا ؟ قالوا : قاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت أموالهم وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم .
قال : قلت : وماذا ؟ قالوا : ومحا نفسه من أمير المؤمنين ؛ فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين .
قال : قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم , وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم مالا تنكرون أترجعون ؟
قالوا : نعم .
قال : قلت : أما قولكم : إنه حكم الرجال في دين الله ؛ فإنه تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } إلى قوله : { يحكم به ذوا عدل منكم } وقال في المرأة وزوجها : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } أنشدكم الله أفحكم الرجال في دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم الحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم ؟ قالوا : اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم . قال : أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم .
وأما قولكم : إنه قتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ؟ فقد كفرتم . وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله تبارك وتعالى يقول : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيهما شئتم أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم .(1/55)
وأما قولكم : محا نفسه من أمير المؤمنين ؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت , ولا قاتلناك ولكن اكتب : محمد بن عبد الله . فقال : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي : محمد بن عبد الله . ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم . فرجع منهم عشرون ألفا , وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا .
الطبراني في الكبير (10|257) من طريق عكرمة بن عمار ثنا أبو زميل الحنفي ثنا عبد الله بن عباس .
قال الهيثمي : رواه الطبراني وأحمد ببعضه ورجالهما رجال الصحيح .
قلت: أبو زميل هو سماك بن الوليد لابأس به لكن عكرمة صدوق يغلط .
وأخرجه عبد الرزاق (10|157) والنسائي في الكبرى (5|165)والبيهقي في الكبرى (8|179)الحاكم (2|164)وأبو نعيم في الحلية (1|318) من طريق عكرمة سواء .
وعن جندب قال : لما فارقت الخوارج عليا خرج في طلبهم وخرجنا معه فانتهينا إلى عسكر القوم , وإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن , وإذا فيهم أصحاب الثفنات وأصحاب البرانس ؛ فلما رأيتهم دخلني من ذلك شدة فتنحيت فركزت رمحي ونزلت عن فرسي ووضعت برنسي فنثرت عليه درعي وأخذت بمقود فرسي فقمت أصلي إلى رمحي وأنا أقول في صلاتي : اللهم إن كان قتال هؤلاء القوم لك طاعة فأذن لي فيه , وإن كان معصية فأرني براءتك .
قال : فإنا كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما حاذاني قال : تعوذ بالله تعوذ بالله يا جندب من شر الشك فجئت أسعى إليه , ونزل فقام يصلي إذ أقبل رجل على برذون يقرب به فقال : يا أمير المؤمنين قال : ما شأنك ؟ قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : قد قطعوا النهر . قال : ما قطعوه ؟(1/56)
قلت : سبحان الله . ثم جاء آخر أرفع منه في الجري فقال : يا أمير المؤمنين قال : ما تشاء ؟ قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : قد قطعوا النهر فذهبوا قلت : الله أكبر قال علي : ما قطعوه . ثم جاء آخر يستحضر بفرسه فقال : يا أمير المؤمنين قال : ما تشاء ؟ قال : ألك حاجة في القوم ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : قد قطعوا النهر قال : ما قطعوه ولا يقطعوه وليقتلن دونه عهد من الله ورسوله .
قلت : الله أكبر ثم قمت فأمسكت له بالركاب فركب فرسه ثم رجعت إلى درعي فلبستها وإلى قوسي فعلقتها وخرجت أسايره . فقال لي : يا جندب قلت : لبيك يا أمير المؤمنين .
قال : أما أنا فأبعث إليهم رجلا يقرأ المصحف يدعو إلى كتاب الله ربهم وسنة نبيهم فلا يقبل علينا بوجهه حتى يرشقوه بالنبل يا جندب أما إنه لا يقتل منا عشرة ولا ينجو منهم عشرة .
فانتهينا إلى القوم وهم في معسكرهم الذي كانوا فيه لم يبرحوا فنادى علي في أصحابه فصفهم ثم أتى الصف من رأسه ذا إلى رأسه ذا مرتين وهو يقول : من يأخذ هذا المصحف فيمشي به إلى هؤلاء القوم فيدعوهم إلى كتاب الله ربهم , وسنة نبيهم وهو مقتول وله الجنة ؟ فلم يجبه إلا شاب من بني عامر بن صعصعة فلما رأى علي حداثة سنه قال له : ارجع إلى موقفك .
ثم نادى الثانية فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب .
ثم نادى الثالثة فلم يخرج إليه إلا ذلك الشاب فقال له علي : خذ فأخذ المصحف فقال له : أما إنك مقتول ولست مقبلا علينا بوجهك حتى يرشقوك بالنبل .
فخرج الشاب بالمصحف إلى القوم فلما دنا منهم حيث يسمعون قاموا ونشبوا الفتى قبل أن يرجع قال : فرماه إنسان فأقبل علينا بوجهه فقعد فقال علي : دونكم القوم قال جندب : فقتلت بكفي هذه بعد ما دخلني ما كان دخلني ثمانية قبل أن أصلي الظهر , وما قتل منا عشرة ولا نجا منهم عشرة كما قال .(1/57)
الأوسط (4|228) من طريق علي بن سعيد الرازي قال نا إسحاق بن موسى الأنصاري قال نا سعيد بن خثيم قال نا ابن شبرمة قال نا أبو الخليل عن أبي السابغة عن جندب .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط من طريق أبي السابغة عن جندب , ولم أعرف أبا السابغة وبقية رجاله ثقات .
مجمع الزوائد (6|241)
وعن علي قال : لقد علم أولوا العلم من آل محمد وعائشة بنت أبي بكر فسألوها أن أصحاب ذي الثدية ملعونون على لسان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم .
الصغير (1|264) من طريق أبي عبد الرحمن المسعودي حدثنا الحارث بن حصيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجد عن علي .
والحارث صدوق يخطيء
وفي رواية عند الطبراني في الأوسط(2|214): إن أصحاب النهروان .
وأخرجه في الأوسط (2|214) من طريق أبي بكر بن عياش عن حبيب بن حسان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عدي الكندي عن علي
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الصغير والأوسط بإسنادين ورجال أحدهما ثقات
مجمع الزوائد(6|239)
وحبيب بن حسان هو ابن أبي الأشرس قال عنه أحمد والنسائي : متروك
وعن أبي جعفر الفراء مولى علي قال : شهدت مع علي على النهر ؛ فلما فرغ من قتلهم قال : اطلبوا المخدج فطلبوه فلم يجدوه , وأمر أن يوضع على كل قتيل قصبة فوجدوه في وهدة في منتقع ماء رجل أسود منتن الريح في موضع يده كهيئة الثدي عليه شعرات ؛ فلما نظر إليه قال : صدق الله ورسوله فسمع أحد ابنيه إما الحسن أو الحسين يقول : الحمد لله الذي أراح أمة محمد صلى الله عليه وسلم من هذه العصابة .
فقال علي : لو لم يبق من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة لكان أحدهم على رأي هؤلاء إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء .
الأوسط (7|339) من طريق محمد بن موسى نا إسماعيل بن يحيى الأزدي الإصطخري نا الكرماني بن عمرو حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء عن أبي جعفر مولى علي .
قال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم .(1/58)
مجمع الزوائد (6|242)
وقال ابن حجر : وقد وردت بما ذكرته من أصل حال الخوارج أخبار جياد منها ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر , وأخرجه الطبري من طريق يونس كلاهما عن الزهري قال : لما نشر أهل الشام المصاحف بمشورة عمرو بن العاص حين كاد أهل العراق أن يغلبوهم هاب أهل الشام ذلك إلى أن آل الأمر إلى التحكيم , ورجع كل إلى بلده إلى أن اجتمع الحكمان في العام المقبل بدومة الجندل , وافترقا عن غير شيء فلما رجعوا خالفت الحرورية عليا , وقالوا : لا حكم الا لله .
وأخرج بن أبي شيبة من طريق أبي رزين قال : لما وقع الرضا بالتحكيم ورجع علي إلى الكوفة اعتزلت الخوارج بحروراء فبعث لهم علي عبد الله بن عباس فناظرهم فلما رجعوا جاء رجل إلى علي فقال : إنهم يتحدثون أنك أقررت لهم بالكفر لرضاك بالتحكيم فخطب وأنكر ذلك فتنادوا من جوانب المسجد لا حكم إلا لله .
ومن وجه آخر أن رؤوسهم حينئذ الذين اجتمعوا بالنهروان عبد الله بن وهب الراسبي وزيد بن حصن الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فاتفقوا على تأمير عبد الله بن وهب .
الفتح (12|285)
سياق قتال علي رضي الله عنه للخوارج من البداية والنهاية
قال ابن كثير رحمه الله : لما بعث علي أبا موسى ومن معه من الجيش إلى دومة الجندل اشتد أمر الخوارج وبالغوافي النكير على علي وصرحوا بكفره فجاء إليه رجلان منهم وهما زرعة بن البرج الطائي وحرقوص بن زهير السعدي فقالا : لا حكم إلا لله .
فقال علي : لا حكم إلا لله .
فقال له حرقوص : تب من خطيئتك واذهب بنا إلى عدونا حتى نقاتلهم حتى نلقى ربنا .
فقال علي: قد أردتكم على ذلك فأبيتم, وقد كتبنا بيننا وبين القوم عهودا وقد قال الله تعالى:{ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم} الآية .
فقال له حرقوس: ذلك ذنب ينبغي أن تتوب منه .
فقال علي : ما هو بذنب , ولكنه عجز من الرأي , وقد تقدمت إليكم فيما كان منه ونهيتكم عنه .(1/59)
فقال له زرعة بن البرج : أما والله يا علي لئن لم تدع تحكيم الرجال في كتاب الله لأقاتلنك أطلب بذلك رحمة الله ورضوانه .
فقال علي: تبا لك ما أشقاك كأني بك قتيلا تسقى عليك الريح.
فقال: وددت أن قد كان ذلك .
فقال له علي: إنك لو كنت محقا كان في الموت تعزية عن الدنيا , ولكن الشيطان قد استهواكم .
فخرجا من عنده يحكمان , وفشى فيهم ذلك, وجاهروا به الناس وتعرضوا لعلي في خطبه , وأسمعوه السب والشتم والتعريض بآيات من القرآن .
وذلك أن عليا قام خطيبا في بعض الجمع فذكر أمر الخوارج فذمه وعابه فقام جماعة منهم كل يقول : لا حكم إلا لله , وقام رجل منهم وهو واضع إصبعه في أذنيه يقول :{ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين} فجعل علي يقلب يديه هكذا وهكذا وهو على المنبر, ويقول :حكم الله ننتظر فيكم ثم قال : إن لكم علينا أن لا نمنعكم مساجدنا مالم تخرجوا علينا , ولا نمنعكم نصيبكم من هذا الفيء ما دامت أيديكم مع أيدينا , ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا .
و عن عبد الملك عن أبي حرة : أن عليا لما بعث أبا موسى لانفاذ الحكومة اجتمع الخوارج في منزل عبد الله بن وهب الراسبي فخطبهم خطبة بليغة زهدهم في هذه الدنيا , ورغبهم في الآخرة والجنة وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قال : فاخرجوا بنا إخواننا من هذه القرية الظالم أهلها إلى جانب هذا السواد إلى بعض كور الجبال أو بعض هذه المدائن منكرين لهذه الأحكام الجائرة ثم قام حرقوس بن زهير فقال بعد حمد الله والثناء عليه : إن المتاع بهذه الدنيا قليل , وإن الفراق لها وشيك فلا يدعونكم زينتها أو بهجتها إلى المقام بها , ولا تلتفت بكم عن طلب الحق وإنكار الظلم:{ إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} .(1/60)
فقال سنان بن حمزة الأسدي : يا قوم إن الرأي ما رأيتم , وإن الحق ما ذكرتم فولوا أمركم رجلا منكم ؛ فإنه لا بد لكم من عماد وسناد , ومن راية تحفون بها وترجعون إليها فبعثوا إلى زيد بن حصن الطائي , وكان من رؤوسهم فعرضوا عليه الإمارة فأبى ثم عرضوها على حرقوص بن زهير فأبى , وعرضوها على حمزة بن سنان فأبى وعرضوها على شريح بن أبي أوفى العبسي فأبى , وعرضوها على عبد الله بن وهب الراسبي فقبلها وقال: أما والله لا أقبلها رغبة في الدنيا ولا أدعها فرقا من الموت واجتمعوا أيضا في بيت زيد بن حصن الطائي السنبسي فخطبهم وحثهم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وتلا عليهم آيات من القرآن منها قوله تعالى:{ يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله } الآية , وقوله تعالى :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وكذا التي بعدها وبعدها الظالمون الفاسقون ثم قال: فأشهد على أهل دعوتنا من أهل قبلتنا أنهم قد اتبعوا الهوى , ونبذوا حكم الكتاب وجاروا في القول والأعمال , وأن جهادهم حق على المؤمنين فبكى رجل منهم يقال له عبد الله بن سخبرة السلمي ثم حرض أولئك على الخروج على الناس وقال في كلامه : اضربوا وجوههم وجباههم بالسيوف حتى يطاع الرحمن الرحيم ؛ فإن أنتم ظفرتم وأطيع الله كما أردتم أثابكم ثواب المطيعين له العاملين بأمره , وإن قتلتم فأي شيء أفضل من المصير إلى رضوان الله وجنته .
قال ابن كثير : وهذا الضرب من الناس من أغرب أشكال بني آدم فسبحان من نوع خلقه كما أراد وسبق في قدره العظيم.
وما أحسن ما قال بعض السلف في الخوارج إنهم المذكورون في قوله تعالى:{ قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} .(1/61)
والمقصود أن هؤلاء الجهلة الضلال والأشقياء في الأقوال والأفعال اجتمع رأيهم على الخروج من بين أظهر المسلمين , وتواطئوا على المسير إلى المدائن ليملكوها على الناس ,ويتحصنوا بها ويبعثوا إلى إخوانهم وأضرابهم ممن هو على رأيهم ومذهبهم من أهل البصرة وغيرها فيوافوهم إليها ,ويكون اجتماعهم عليها فقال لهم زيد بن حصن الطائي : إن المدائن لا تقدرون عليها ؛ فإن بها جيشا لا تطيقونه وسيمنعوها منكم , ولكن واعدوا إخوانكم إلى جسر نهر جوخى , ولا تخرجوا من الكوفة جماعات , ولكن اخرجوا وحدانا لئلا يفطن بكم فكتبوا كتابا عاما إلى من هو على مذهبهم ومسلكهم من أهل البصرة وغيرها , وبعثوا به إليه ليوافوهم إلى النهر ليكونوا يدا واحدة عل الناس .
ثم خرجوا يتسللون وحدانا لئلا يعلم أحد بهم فيمنعوهم من الخروج فخرجوا من بين الآباء والأمهات والأخوال والخالات , وفارقوا سائر القرابات يعتقدون بجهلهم , وقلة علمهم وعقلهم أن هذا الأمر يرضي رب الأرض والسموات , ولم يعلموا أنه من أكبر الكبائر الموبقات والعظائم والخطيئات , وأنه مما زينه لهم إبليس الشيطان الرجيم المطرود عن السموات الذي نصب العداوة لأبينا آدم ثم لذريته ما دامت أرواحهم في أجسادهم مترددات , والله المسئول أن يعصمنا منه بحوله وقوته إنه مجيب الدعوات .
وقد تدارك جماعة من الناس بعض أولادهم وإخوانهم فردوهم وأنبوهم ووبخوهم فمنهم من استمر على الاستقامة , ومنهم من فر بعد ذلك فلحق بالخوارج فخسر إلى يوم القيامة , وذهب الباقون إلى ذلك الموضع , ووافى إليهم من كانوا كتبوا إليه من أهل البصرة وغيرها واجتمع الجميع بالنهروان , وصارت لهم شوكة ومنعه وهم جند مستقلون , وفيهم شجاعة وعندهم أنهم متقربون بذلك فهم لا يصطلى لهم بنار , ولا يطمع في أن يؤخذ منهم بثأر, وبالله المستعان .(1/62)
و عن أبي رزق ؟ عن الشعبي أن عليا لما خرجت الخوارج إلى النهروان ... قام في الناس بالكوفة خطيبا فقال : الحمد لله , وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل الكادح , وأشهد أن لا إله غيره وأن محمدا رسول الله أما بعد : فإن المعصية تشين وتسوء وتورث الحسرة وتعقب الندم , وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين , وفي هذه الحكومة بأمري , ونحلتكم رأيي فأبيتم إلا ما أردتم فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازن :
بذلت لهم نصحى بمنعرج اللوى ... فلم يستبينوا الرشد إلاضحى الغد(1/63)
ثم تكلم فيما فعله الحكمان فرد عليهما ما حكما به , وأنبهما وقال ما فيه حط عليهما ثم ندب الناس إلى الخروج إلى الجهاد في أهل الشام , وعين لهم يوم الإثنين يخرجون فيه وإلى ابن عباس وإلى البصرة يستنفر له الناس إلى الخروج إلى أهل الشام, وكتب إلى الخوارج يعلمهم أن الذي حكم به الحكمان مردود عليهما , وأنه قد عزم على الذهاب إلى الشام فهلموا حتى نجتمع على قتالهم فكتبوا إليه : أما بعد فإنك لم تغضب لربك , وإنما غضبت لنفسك, وإن شهدت على نفسك بالكفر واستقبلت التوبة نظرنا فيما بيننا وبينك , وإلا فقد نابذناك على سواء إن الله لا يحب الخائنين فلما قرأ علي كتابهم يئس منهم , وعزم على الذهاب إلى أهل الشام ليناجزهم , وخرج من الكوفة إلى النخيلة في عسكر كثيف خمسة وستين ألفا , وبعث إليه ابن عباس بثلاثة آلاف ومائتي فارس من أهل البصرة مع جارية بن قدامة ألف وخمسمائة ومع أبي الأسود الدؤلي ألف وسبعمائة فكمل جيش علي في ثمانية وستين ألف فارس ومائتي فارس , وقام علي أمير المؤمنين خطيبا فحثهم على الجهاد والصبر عند لقاء العدو , وهو عازم على الشام فبينما هو كذلك إذ بلغه أن الخوارج قد عاثوا في الأرض فسادا ,وسفكوا الدماء ,وقطعوا السبل , واستحلوا المحارم , وكان من جملة من قتلوه عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسروه وامرأته معه وهي حامل . فقالوا: من أنت؟ قال: أنا عبد الله بن خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم , وإنكم قد روعتموني فقالوا: لا بأس عليك حدثنا ما سمعت من أبيك فقال: سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فاقتادوه بيده فبينما هو يسير معهم إذ لقي بعضهم خنزيرا لبعض أهل الذمة فضربه بعضهم فشق جلده .(1/64)
فقال له آخر: لم فعلت هذا وهو لذمي فذهب إلى ذلك الذمي فاستحله وأرضاه وبينا هو معهم إذ سقطت تمرة من نخلة فأخذها أحدهم فألقاها في فمه.
فقال له آخر: بغير إذن ولا ثمن فألقاها ذاك من فمه , ومع هذا قدموا عبد الله بن خباب فذبحوه وجاؤوا إلى امرأته فقالت : إني امرأة حبلى ألا تتقون الله فذبحوها وبقروا بطنها عن ولدها ؛ فلما بلغ الناس هذا من صنيعهم خافوا إن هم ذهبوا إلى الشام , واشتغلوا بقتال أهله أن يخلفهم هؤلاء في ذراريهم وديارهم بهذا الصنع فخافوا غائلتهم , وأشاروا على علي بأن يبدأ بهؤلاء ثم إذا فرغ منهم ذهب إلى أهل الشام بعد ذلك , والناس آمنون من شر هؤلاء ؛ فاجتمع الرأي على هذا , وفيه خيرة عظيمة لهم ولأهل الشام أيضا ؛ فأرسل علي إلى الخوارج رسولا من جهته وهو الحرب بن مرة العبدي فقال :أخبر لي خبرهم واعلم لي أمرهم واكتب إلي به على الجلية فلما قدم عليهم قتلوه , ولم ينظروه فلما بلغ ذلك عليا عزم على الذهاب إليهم أولا قبل أهل الشام .
مسير أمير المؤمنين علي إلى الخوارج
لما عزم علي ومن معه من الجيش على البداءة بالخوارج نادى مناديه في الناس بالرحيل فعبر الجسر فصلى ركعتين عنده ثم سلك على دير عبد الرحمن ثم دير أبي موسى ثم على شاطيء الفرات فلقيه هنالك منجم فأشار عليه بوقت من النهار يسير فيه ولا يسير في غيره ؛ فإنه يخشى عليه , فخالفه علي فسار على خلاف ما قال فأظفره الله .(1/65)
وقال علي : إنما أردت أن أبين للناس خطأه , وخشيت أن يقول جاهل إنما ظفر لكونه وافقه وسلك على ناحية الأنبار, وبعث بين يديه قيس بن سعد , وأمره أن يأتي المدائن , وأن يتلقاه بنائبها سعد بن مسعود ؛ وهو أخو عبد الله بن مسعود الثقفي في جيش المدائن فاجتمع الناس هنالك على علي , وبعث إلى الخوارج أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم حتى أقتلهم ثم أنا تارككم وذاهب إلى العرب يعني أهل الشام ثم لعل الله أن يقبل بقلوبكم , ويردكم إلى خير مما أنتم عليه فبعثوا إلى علي يقولون: كلنا قتل إخوانكم , ونحن مستحلون دماءهم ودماءكم فتقدم إليهم قيس بن سعد بن عبادة فوعظهم فيما ارتكبوه من الأمر العظيم والخطب الجسيم فلم ينفع , وكذلك أبو أيوب الأنصاري أنبهم ووبخهم فلم ينجع ؟ وتقدم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إليهم فوعظهم وخوفهم وحذرهم وأنذرهم وتوعدهم وقال : إنكم أنكرتم علي أمرا أنتم دعوتموني إليه فنهيتكم عنه فلم تقبلوا , وها أنا وأنتم فارجعوا إلى ما خرجتم منه , ولا ترتكبوا محارم الله فإنكم قد سولت لكم أنفسكم أمرا تقتلون عليه المسلمين , والله لو قتلتم عليه دجاجة لكان عظيما عند الله فكيف بدماء المسلمين؛ فلم يكن لهم جواب إلا أن تنادوا فيما بينهم أن لا تخاطبوهم ولا تكلموهم , وتهيؤوا للقاء الرب عز وجل الرواح الرواح إلى الجنة وتقدموا فاصطفوا للقتال , وتأهبوا للنزال فجعلوا على ميمنتهم زيد بن حصن الطائي السنبسي , وعلى الميسرة شريح بن أوفى , وعلى خيالتهم حمزة بن سنان , وعلى الرجالة حرقوص بن زهير السعدي , ووقفوا مقاتلين لعلي وأصحابه وجعل علي على ميمنته حجر بن عدي , وعلى الميسرة شبث بن ربعي ومعقل بن قيس الرياحي , وعلى الخيل أبا أيوب الأنصاري , وعلى الرجالة أبا قتادة الأنصاري , وعلى أهل المدينة وكانوا في سبعمائة قيس بن سعد بن عبادة , وأمر علي أبا أيوب الأنصاري أن يرفع راية أمان للخوارج , ويقول لهم : من جاء إلى هذه الراية(1/66)
فهو آمن , ومن انصرف إلى الكوفة والمدائن فهو آمن إنه لا حاجة لنا فيكم إلا فيمن قتل إخواننا ؛ فانصرف منهم طوائف كثيرون , وكانوا في أربعة آلاف فلم يبق منهم إلا ألف أو أقل مع عبد الله بن وهب الراسبي فزحفوا إلى علي فقدم علي بين يديه الخيل , وقدم منهم الرماة وصف الرجالة وراء الخيالة , وقال لأصحابه : كفوا عنهم حتى يبدؤوكم وأقبلت الخوارج يقولون: لا حكم إلا لله الرواح الرواح إلى الجنة فحملوا على الخيالة الذين قدمهم علي ففرقوهم حتى أخذت طائفة من الخيالة إلى الميمنة وأخرى إلى الميسرة فاستقبلتهم الرماة بالنبل فرموا وجوههم وعطفت عليهم الخيالة من الميمنة والميسرة , ونهض إليهم الرجال بالرماح والسيوف فأناموا الخوارج فصاروا صرعى تحت سنابك الخيول وقتل أمراؤهم عبد الله بن وهب وحرقوص بن زهير وشريح بن أوفى وعبد الله بن سخبرة السلمي قبحهم الله .
قال أبو أيوب وطعنت رجلا من الخوارج بالرمح فانفذته من ظهره وقلت له: أبشر يا عدو الله بالنار فقال: ستعلم أينا أولى بها صليا .
قالوا : ولم يقتل من أصحاب علي إلا سبعة نفر, وجعل علي يمشي بين القتلى منهم ويقول: بؤسا لكم لقد ضركم من غركم فقالوا: يا أمير المؤمنين , ومن غرهم قال : الشيطان وأنفس بالسوء أمارة غرتهم بالأماني وزينت لهم المعاصي , ونبأتهم أنهم ظاهرون ثم أمر بالجرحى من بينهم فإذا هم أربعمائة فسلمهم إلى قبائلهم ليداووهم , وقسم ما وجد من سلاح ومتاع لهم .
وقال الهيثم بن عدي في كتاب الخوارج ..عن النزال بن سبرة أن عليا لم يخمس ما أصاب من الخوارج يوم النهروان ولكن رده إلى أهله كله حتى كان آخر ذلك مرجل أتى به فرده .(1/67)
وقال عبد الملك بن أبي حرة : أن عليا خرج في طلب ذي الثدية ومعه سليمان بن ثمامة الحنفي أبو حرة والريان بن صبرة بن هوذة فوجده الريان في حفرة على جانب النهر في أربعين أو خمسين قتيلا قال : فلما استخرج نظر إلى عضده ؛ فإذا لحم مجتمع على منكبه كثدى المرأة له حلمة عليها شعرات سود ؛ فإذا مدت امتدت حتى تحاذي يده الأخرى ثم تنزل فتعود إلى منكبه كثدى المرأة فلما رآه علي قال: أما والله ما كذبت لولا أن تتكلوا على العمل لأخبرتكم بما قضى الله في قتالهم عارفا للحق .
وقال الهيثم بن عدي في كتابه في الخوارج... عن نافع بن مسلمة الأخنسي قال : كان ذو الثدية رجلا من عرنة من بجيلة , وكان أسود شديد السواد له ريح منتنة معروف في العسكر , وكان يرافقنا قبل ذلك وينازلنا وننازله وحدثني أبو إسماعيل الحنفي عن الريان بن صيرة الحنفي قال : شهدنا النهروان مع علي فلما وجد المخدج سجد سجدة طويلة ...
وعن حبة العرني قال : لما أقبل أهل النهروان جعل الناس يقولون الحمد لله يا أمير المؤمنين الذي قطع دابرهم فقال علي : كلا والله إنهم لفي أصلاب الرجال وأرحام النساء ؛ فإذا خرجوا من بين الشرايين فقل ما يقلون أحدا إلا ألبوا أن يظهروا عليه.
قال : وكان عبد الله بن وهب الراسبي قد قحلت مواضع السجود منه من شدة اجتهاده وكثرة السجود , وكان يقال له ذو البينات .
وروى الهيثم عن بعض الخوارج أنه قال: ما كان عبد الله بن وهب من بغضه عليا يسميه إلا الجاحد .
وقال الهيثم بن عدى ثنا إسماعيل عن خالد عن علقمة بن عامر قال سئل علي عن أهل النهروان أمشركون هم؟ فقال : من الشرك فروا . قيل : أفمنافقون ؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا فقيل : فماهم يا أمير المؤمنين قال : إخواننا بغوا علينا ؛ فقاتلناهم ببغيهم علينا . فهذا ما أورده ابن جرير وغيره في هذا المقام .
البداية والنهاية (7|300)(1/68)
ما جاء في مدح النبي صلى الله عليه وسلم لعلي في قتاله الخوارج
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين يقتلها أولى الطائفتين بالحق .
مسلم في صحيحه (1064)
فائدة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وهذا قول طائفة من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم ذكره أبو عبد الله ابن حامد ؛ ذكر لأصحاب أحمد في المقتتلين يوم الجمل وصفين ثلاثة أوجه:
أحدها : كلاهما مصيب
والثاني : المصيب واحد لا بعينه.
والثالث : أن عليا هو المصيب , ومن خالفه مخطيء , والمنصوص عن أحمد وأئمة السلف أنه لا يذم أحد منهم , وأن عليا أولى بالحق من غيره .
أما تصويب القتال فليس هو قول أئمة السنة بل هم يقولون إن تركه كان أولى .
وطائفة رابعة : تجعل عليا هو الإمام وكان مجتهدا مصيبا في القتال , ومن قاتله كانوا مجتهدين مخطئين , وهذا قول كثير من أهل الرأي والكلام من أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم .
وطائفة خامسة : تقول إن عليا مع كونه كان خليفة , وهو أقرب إلى الحق من معاوية فكان ترك القتال أولى , وينبغي الإمساك عن القتال لهؤلاء وهؤلاء ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الساعي .
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن الحسن : إن ابني هذا سيد , وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين .
فأثنى على الحسن بالإصلاح , ولو كان القتال واجبا أو مستحبا لما مدح تاركه .
منهاج السنة (1|540)(1/69)
وعن أبي سعيد قال : كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج علينا من بيوت بعض نسائه قال : فقمنا معه فانقطعت نعله فتخلف عليها علي يخصفها فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضينا معه ثم قام ينتظره وقمنا معه فقال : إن منكم من يقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله . فاستشرف لها الناس وفيهم أبو بكر وعمر فقال : لا ولكنه خاصف النعل قال: فجئنا نبشره قال فكأنه قد سمعه .
أحمد (3|33) من طريق وكيع حدثنا فطر عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد .
قلت : وهذا إسناد حسن لكن فطر رمي بالتشيع , ولا يقبل من المبتدع ما يقوي بدعته .
وقال ابن كثير : فأما الحديث الذي قال الحافظ أبو يعلى حدثنا إسماعيل بن موسى ثنا الربيع بن سهل عن سعيد بن عبيد عن علي بن ربيعة قال: سمعت عليا على منبركم هذا يقول : عهد إلي النبي صلى الله عليه وسلم أن أقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
وقد رواه أبو بكر بن المقرىء عن الجد بن عبادة البصري عن يعقوب بن عباد عن الربيع بن سهل الفزاري به .
فإنه حديث غريب ومنكر.
[قلت : في إسناده الربيع بن سهل ضعيف , وقال أبو زرعة منكر الحديث , له ترجمة في اللسان] .
على أنه قد روى من طرق عن علي وعن غيره , ولا تخلو واحدة منها من ضعف .
والمراد بالناكثين :يعني أهل الجمل , وبالقاسطين : أهل الشام , وأما المارقون : فالخوارج لأنهم مرقوا من الدين .
وقد رواه الحافظ أبو أحمد ابن عدي في كامله عن أحمد بن حفص البغدادي عن سليمان بن يوسف عن عبيد الله بن موسى عن فطر عن حكيم بن جبير عن إبراهيم عن علقمة عن علي قال : أمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين .
[ الكامل (2|218) وحكيم بن جبير قال عنه الدارقطني : متروك الحديث] .(1/70)
وقال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي : أخبرني الأزهري ثنا محمد بن المظفر ثنا محمد بن أحمد بن ثابت قال : وجدت في كتاب جدي محمد بن ثابت ثنا شعيب بن الحسن السلمي عن جعفر الأحمر عن يونس بن الأرقم عن أبان عن خليد العصري قال: سمعت عليا أمير المؤمنين يقول يوم النهروان : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين .
[ قلت : جعفر هو بن زياد الأحمر صدوق لكنه يتشيع, وأبان هو ابن أبي عياش متروك الحديث له ترجمة في التهذيب , ويونس له ترجمة في اللسان , وقد لينه ابن خراش ] .
وقد رواه الحافظ أبو القاسم ابن عساكر من حديث محمد بن فرج الجند يسابوري أنا هارون بن إسحاق ثنا أبو غسان عن جعفر أحسبه الأحمر عن عبد الجبار الهمداني عن أنس بن عمرو عن أبيه عن علي قال : أمرت بقتال ثلاثة المارقين والقاسطين والناكثين .
[قلت : وقد ضعفه شيخنا الألباني في الضعيفة (10|563) بقوله : وهذا إسناد مظلم أنس بن عمرو وأبوه مجهولان ....
وعبد الجبار الهمداني ... قال عنه أبو نعيم : لم يكن بالكوفة أكذب منه ...] .
وقال الحاكم أبو عبد الله أنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن غنم الحنظلي بقنطرة بردان ثنا محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي حدثني أبي حدثني عمي عن عمرو بن عطية بن سعد عن أخيه الحسن بن عطية حدثني جدي ابن جنادة عن علي رضي الله عنه قال : أمرت بقتال ثلاثة القاسطين والناكثين والمارقين....
[ قلت : الحسن بن عطية ضعيف ومحمد بن الحسن صدوق يخطيء .
وعمرو بن عطية ضعفه الدارقطني , وانظر الضعيفة (10|562) ](1/71)
وقال الحافظ ابن عساكر أنا زاهر بن طاهر أنا أبو سعد الأديب أنا السيد أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين ثنا محمد بن أحمد الصوفي ثنا محمد بن عمرو الباهلي ثنا كثير بن يحيى ثنا أبو عوانة عن أبي الجارود عن زيد بن علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده عن علي قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين .
[قلت : أبو الجارود هو زياد بن المنذر قال عنه ابن حجر في التقريب : رافضي كذبه يحيى بن معين] .
حديث ابن مسعود في ذلك
قال الحافظ حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن الحسن الفقيه أنا الحسن بن علي ثنا زكريا بن يحيى الخراز المقرىء ثنا إسماعيل بن عباد المقرىء ثنا شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى منزل أم سلمة فجاء علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أم سلمة هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين من بعدي .
[ قلت : إسماعيل بن عباد هو السعدي قال عنه الدارقطني : متروك
وشريك هو القاضي صدوق يخطيء كثيرا , وانظر الضعيفة (10|560) ]
حديث أبي سعيد في ذلك
قال الحاكم حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ثنا الحسين بن الحكم الحيري ثنا إسماعيل بن أبان ثنا إسحاق بن إبراهيم الأزدي عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين . فقلت يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء فمع من ؟فقال مع علي بن أبي طالب معه يقتل عمار بن ياسر .
[قلت : أبو هارون العبدي هو عمارة بن جوين متروك ومنهم من كذبه شيعي
وإسحق بن إبراهيم من رجال الشيعة له ترجمة في اللسان]
حديث أبي أيوب في ذلك(1/72)
قال الحاكم أنا أبو الحسن علي بن حماد المعدل ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل ثنا عبد العزيز ابن الخطاب ثنا محمد بن كثير عن الحرث بن حصيرة عن أبي صادق عن مخنف بن سليمان قال: أتينا أبا أيوب فقلنا قاتلت بسيفك المشركين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئت تقاتل المسلمين فقال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين .
[قلت: الحارث صدوق يخطيء ورمي بالرفض
ومحمد بن كثير هو القرشي الكوفي قال عنه البخاري : منكر الحديث ]
قال الحاكم: وحدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري ثنا محمد بن حميد ثنا سلمة بن الفضل حدثني أبو زيد الأحول عن عتاب بن ثعلبة حدثني أبو أيوب الأنصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن أبي طالب .
[قلت : سلمة بن الفضل كثير الخطأ ومحمد بن حميد هو الرازي ضعيف
وقد أشار الذهبي إلى الحديث وضعفه في الميزان (3|27)
وانظر اللسان (4|147) و الضعيفة (10|558) ](1/73)
وقال الخطيب البغدادي حدثنا الحسن بن علي بن عبد الله المقريء ثنا أحمد بن محمد بن يوسف ثنا محمد بن جعفر المطيري ثنا أحمد بن عبد الله المؤدب بسر من رأى ثنا المعلى بن عبد الرحمن ببغداد ثنا شريك عن سليمان بن مهران عن الأعمش عن علقمة والأسود قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري عند منصرفه من صفين فقلنا له : يا أبا أيوب إن الله أكرمك بنزول محمد صلى الله عليه وسلم , وبمجيء ناقته تفضلا من الله , وإكراما لك حين أناخت ببابك دون الناس ثم جئت بسيفك على عاتقك تضرب به أهل لا إله إلا الله فقال : يا هذا إن الرائد لا يكذب أهله , وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بقتال ثلاثة مع علي بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ؛ فأما الناكثون فقد قاتلناهم , وهم أهل الجمل طلحة والزبير , وأما القاسطون فهذا منصرفنا من عندهم يعني معاوية وعمرا , وأما المارقون فهم أهل الطرقات وأهل السعيفات وأهل النخيلات وأهل النهروان , والله ما أدري أين هم ولكن لا بد من قتالهم إن شاء الله ..... .
قال ابن كثير : هذا السياق الظاهر أنه موضوع ؛ وآفته من جهة المعلي بن عبد الرحمن فإنه متروك الحديث .
البداية والنهاية (7|316) وانظر الضعيفة (10|559)
النهي عن صحبة الخوارج
عن أبي الطفيل رضي الله عنه - : أن رجلا ولد له غلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ ببشرة جبهته , ودعا له بالبركة فنبتت شعرة في جبهته كهيئة الفرس, وشب الغلام ؛ فلما كان زمن الخوارج أحبهم فسقطت الشعرة عن جبهته فأخذه أبوه فقيده وحبسه مخافة أن يلحق بهم.
قال : فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا له فيما نقول : ألم تر إلى بركة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وقعت عن جبهتك ؟ فما زلنا به حتى رجع عن رأيهم فرد الله عز وجل عليه الشعرة بعد في جبهته وتاب .(1/74)
قال الهيثمي : رواه أحمد وفيه علي بن زيد بن جدعان وفيه ضعف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح .
مجمع الزوائد (6|243)
علي بن زيد ضعيف عند العلماء .
وقال ابن حجر في ترجمة عمران بن حطان أحد رواة الخوارج : وقال يعقوب بن شبية أدرك جماعة من الصحابة, وصار في آخر أمره أن رأى رأي الخوارج , وكان سبب ذلك فيما بلغنا أن ابنة عمه رأت رأي الخوارج فتزوجها ليردها عن ذلك فصرفته إلى مذهبها .
تهذيب التهذيب (8|113)
وهو القائل في مدح ابن ملجم قبحه الله قاتل علي
يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا
إني لأذكره حينا فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا
فعارضه شاعر أهل السنة فقال :
ياضربة من شقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ من ذى العرش خسرانا
إني لأذكره حينا فألعنه ... لعنا وألعن عمران بن حطانا
منهاج السنة (5|10)
وعن الهيثم قال : حدثني رجل من بجيلة عن مشيخة قومه أن عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله رأى امرأة من تيم الرباب يقال لها قطام , وكانت من أجمل النساء ترى رأى الخوارج قد قتل قومها على هذا الرأي يوم النهروان ؛ فلما أبصرها عشقها فخطبها فقالت : لا أتزوجك إلا على ثلاثة آلاف وقتل علي بن أبي طالب فتزوجها على ذلك ؛ فلما بنى بها قالت له : يا هذا قد فرغت فافرغ فخرج متلبسا سلاحه , وخرجت قطام فضربت له قبة في المسجد , وخرج علي يقول : الصلاة الصلاة ؛ فأتبعه عبد الرحمن فضربه بالسيف على قرن رأسه فقال الشاعر:
لم أر مهرا ساقه ذو سماحة ... كمهر قطام بيننا غير معجم
ثلاثة آلاف وعبد وقينة ... وقتل علي بالحسام المصمم
فلا مهر أغلى من علي وإن غلا ... ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم
ذم الهوى (461)
بيان أن إنكار الرجل- ذو الخويصرة التميمي- قبحه الله- على النبي صلى الله عليه وسلم في قصتين مختلفتين(1/75)
قال ابن حجر : لكن القصة التي في حديث جابر صرح في حديثه بأنها كانت منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة , وكان ذلك في ذي القعدة سنة ثمان , وكان الذي قسمه النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ فضة كانت في ثوب بلال وكان يعطي كل من جاء منها.
والقصة التي في حديث أبي سعيد صرح في رواية أبي نعيم عنه أنها كانت بعد بعث علي إلى اليمن , وكان ذلك في سنة تسع وكان المقسوم فيها ذهبا وخص به أربعة أنفس ؛ فهما قصتان في وقتين اتفق في كل منهما إنكار القائل , وصرح في حديث أبي سعيد أنه ذو الخويصرة التميمي , ولم يسم القائل في حديث جابر ووهم من سماه ذا الخويصرة ظانا اتحاد القصتين , ووجدت لحديث جابر شاهدا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتاه رجل يوم حنين وهو يقسم شيئا فقال : يا محمد أعدل .
ولم يسم الرجل أيضا وسماه محمد بن إسحاق بسند حسن عن عبد الله بن عمر .
وأخرجه أحمد والطبري أيضا ولفظه : أتى ذو الخويصرة التميمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم بحنين فقال : يا محمد فذكر نحو هذا الحديث المذكور فيمكن أن يكون تكرر ذلك منه في الموضعين عند قسمة غنائم حنين وعند قسمة الذهب الذي بعثه علي .
الفتح (12|304)
ذو الخويصرة التميمي هل هو ذو الثدية ؟
قال ابن حجر : قوله جاء عبد الله بن ذي الخويصرة التميمي(1)في رواية عبد الرزاق عن معمر بلفظ بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسما إذ جاء ابن ذي الخويصرة التميمي .
وكذا أخرجه الإسماعيلي من رواية عبد الرزاق ومحمد بن ثور وأبو سفيان الحميري وعبد الله بن معاذ أربعتهم عن معمر
وأخرجه الثعلبي ثم الواحدي في أسباب النزول من طريق محمد بن يحيى الذهلي عن عبد الرزاق فقال: ابن ذي الخويصرة التميمي وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج .
وما أدري من الذي قال : وهو حرقوص ..الخ(1/76)
وقد اعتمد على ذلك ابن الأثير في الصحابة فترجم لذي الخويصرة التميمي في الصحابة , وساق هذا الحديث من طريق أبي إسحاق الثعلبي .
وقال بعد فراغه فقد جعل في هذه الرواية اسم ذي الخويصرة حرقوصا , والله أعلم
وقد جاء أن حرقوصا اسم ذي الثدية كما سيأتي .
قال ابن حجر : وقد ذكر حرقوص بن زهير في الصحابة أبو جعفر الطبري , وذكر أنه كان له في فتوح العراق أثر , وأنه الذي افتتح سوق الأهواز ثم كان مع علي في حروبه ثم صار مع الخوارج فقتل معهم وزعم بعضهم أنه ذو الثدية الآتي ذكره , وليس كذلك , وأكثر ما جاء ذكر هذا القائل في الأحاديث مبهما , ووصف في رواية عبد الرحمن بن أبي نعم المشار إليها بأنه مشرف الوجنتين غائر العينين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار , وتقدم تفسير ذلك في باب بعث علي من المغازي , وفي حديث أبي بكرة عند أحمد والطبري فأتاه رجل أسود طويل مشمر محلوق الرأس بين عينيه أثر السجود .
وفي رواية أبي الوضيء عن أبي برزة عند أحمد والطبري والحاكم أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير فكان يقسمها ورجل أسود مطموم الشعر بين عينيه أثر السجود .
وفي حديث عبد الله بن عمرو عند البزار والطبري : رجل من أهل البادية حديث عهد بأمر الله .
الفتح (12|306)
شرح حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -
قال ابن حجر رحمه الله : يقرؤون القرآن ولا يجاوز تراقيهم جمع ترقوة , وهي العظم الذي بين نقرة النحر والعاتق , والمعنى أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها , وقيل لا يعملون بالقرآن فلا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم إلا سرده .
وقال النووي : المراد أنهم ليس لهم فيه حظ إلا مروره على لسانهم لا يصل إلى حلوقهم فضلا عن أن يصل إلى قلوبهم لأن المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب .(1/77)
قلت : وهو مثل قوله فيهم أيضا: لا يجاوز إيمانهم حناجرهم أي ينطقون بالشهادتين , ولا يعرفونها بقلوبهم, ووقع في رواية لمسلم : يقرؤون القرآن رطبا قيل : المراد الحذق في التلاوة أي يأتون به على أحسن أحواله , وقيل المراد أنهم يواظبون على تلاوته فلا تزال ألسنتهم رطبة به , وقيل هو كناية عن حسن الصوت به حكاها القرطبي , ويرجح الأول ما وقع في رواية أبي الوداك عن أبي سعيد عند مسدد : يقرؤون القرآن كأحسن ما يقرؤه الناس , ويؤيد الآخر قوله في رواية مسلم عن أبي بكرة عن أبيه : قوم أشداء أحداء ذلقة ألسنتهم بالقرآن . أخرجه الطبري , وزاد في رواية عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد : يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون , وأرجحها الثالث .
الفتح (12|307)
وقال ابن عبد البر : معنى قوله : لا يجاوز حناجرهم يقول لا ينتفعون بقراءته كما لا ينتفع الآكل والشارب من المأكول والمشروب بما لا يجاوز حنجرته .
وقد قيل : إن معنى ذلك أنهم كانوا يتلونه بألسنتهم , ولا تعتقده قلوبهم, وهذا إنما هو في المنافقين .
وروى ابن وهب عن سفيان بن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد قال : ذكرت الخوارج واجتهادهم عند ابن عباس وأنا عنده فسمعته يقول : ليسوا بأشد اجتهادا من اليهود والنصارى وهم يضلون . التمهيد (23|323)
وقال أيضا : يمرقون من الدين فالمروق الخروج السريع كما يمرق السهم من الرمية
والرمية الطريد من الصيد المرمية ....
قال أبو عبيد في قوله كما يخرج السهم من الرمية قال : يقول يخرج السهم , ولم يتمسك بشيء كما خرج هؤلاء من الإسلام ولم يتمسكوا بشيء .
وقال غيره: تتمارى في الفوق أي تشك والتماري الشك ؛ وذلك يوجب أن لا يقطع على الخوارج ولا على غيرهم من أهل البدع بالخروج من الإسلام, وأن يشك في أمرهم , وكل شيء يشك فيه فسبيله التوقف عنه دون القطع عليه .(1/78)
وقال الأخفش : شبهه برمية الرامي الشديد الساعد إذا رمى فأنفذ سهمه في جنب الرمية فخرج السهم من الجانب الآخر من شدة رميه وسرعة خروج سهمه فلم يتعلق بالسهم دم ولا فرث ؛ فكأن الرامي أخذ ذلك السهم فنظر في النصل وهو الحديدة التي في السهم فلم ير شيئا يريد من فرث ولا دم ثم نظر في القدح , والقدح عود السهم نفسه فلم ير شيئا ونظر في الريش فلم ير شيئا .
وقوله : تتمارى في الفوق ؛ الفوق هو الشق الذي يدخل في الوتر أي تشك إن كان إصاب الدم الفوق يقول : فكما خرج السهم خاليا نقيا من الفرث والدم لم يتعلق منها شيء؛ فكذلك خرج هؤلاء من الدين يعني الخوارج .
وفي غير حديث مالك ذكر الرعظ وهو مدخل السهم في الزج والرصاف , وهو العقب الذي يشد عليه والقذذ وهو الريش واحدتها قذة .
التمهيد (23|327)
فوائد الحديث
قال ابن حجر : : وفي الحديث علم من أعلام النبوة حيث أخبر بما وقع قبل أن يقع, وذلك أن الخوارج لما حكموا بكفر من خالفهم استباحوا دمائهم وتركوا أهل الذمة فقالوا: نفي لهم بعهدهم وتركوا قتال المشركين واشتغلوا بقتال المسلمين , وهذا كله من آثار عبادة الجهال الذين لم تنشرح صدورهم بنور العلم ولم يتمسكوا بحبل وثيق من العلم , وكفى أن رأسهم رد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره , ونسبه إلى الجور , نسأل الله السلامة .
قال ابن هبيرة : وفي الحديث أن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين .
والحكمة فيه أن في قتالهم حفظ رأس مال الإسلام , وفي قتال أهل الشرك طلب الربح , وحفظ رأس المال أولى .
وفيه الزجر عن الأخذ بظواهر جميع الآيات القابلة للتأويل التي يفضي القول بظواهرها إلى مخالفة إجماع السلف .
وفيه التحذير من الغلو في الديانة والتنطع في العبادة بالحمل على النفس فيما لم يأذن فيه الشرع .
وقد وصف الشارع الشريعة بأنها سهلة سمحة وإنما ندب إلى الشدة على الكفار وإلى الرأفة بالمؤمنين فعكس ذلك الخوارج كما تقدم بيانه .(1/79)
وفيه جواز قتال من خرج عن طاعة الإمام العادل , ومن نصب الحرب فقاتل على اعتقاد فاسد , ومن خرج يقطع الطرق , ويخيف السبيل , ويسعى في الأرض بالفساد , وأما من خرج عن طاعة إمام جائر أراد الغلبة على ماله أو نفسه أو أهله فهو معذور ولا يحل قتاله , وله أن يدفع عن نفسه وماله وأهله بقدر طاقته , وسيأتي بيان ذلك في كتاب الفتن .
وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن عبد الله بن الحارث عن رجل من بني نضر عن علي وذكر الخوارج فقال : إن خالفوا إماما عدلا فقاتلوهم , وإن خالفوا إماما جائرا فلا تقاتلوهم فإن لهم مقالا .
قلت : وعلى ذلك يحمل ما وقع للحسين بن علي ثم لأهل المدينة في الحرة ثم لعبد الله بن الزبير ثم للقراء الذين خرجوا على الحجاج في قصة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث . والله أعلم
وفيه ذم استئصال شعر الرأس , وفيه نظر لاحتمال أن يكون المراد بيان صفتهم الواقعة لا لإرادة ذمها .
وترجم أبو عوانة في صحيحه لهذه الأحاديث بيان أن سبب خروج الخوارج كان بسبب الأثرة في القسمة مع كونها كانت صوابا فخفي عنهم ذلك .
وفيه إباحة قتال الخوارج بالشروط المتقدمة وقتلهم في الحرب ,وثبوت الأجر لمن قتلهم .
وفيه أن من المسلمين من يخرج من الدين من غير أن يقصد الخروج منه , ومن غير أن يختار دينا على دين الإسلام .
وأن الخوارج شر الفرق المبتدعة من الأمة المحمدية ومن اليهود والنصارى
قلت : والأخير مبني على القول بتكفيرهم مطلقا .
وفيه منقبة عظيمة لعمر لشدته في الدين
وفيه أنه لا يكتفى في التعديل بظاهر الحال , ولو بلغ المشهود بتعديله الغاية في العبادة والتقشف والورع حتى يختبر باطن حاله .
الفتح (12|315)
وقال رحمه الله : وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم منقبة عظيمة لعلي
وأنه كان الإمام الحق .(1/80)
وأنه كان على الصواب في قتال من قاتله في حروبه في الجمل وصفين وغيرهما , وأن المراد بالحصر في الصحيفة في قوله في كتاب الديات : ما عندنا إلا القرآن والصحيفة. مقيد بالكتابة لا أنه ليس عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء مما أطلعه الله عليه من الأحوال الآتية إلا ما في الصحيفة . فقد اشتملت طرق هذا الحديث على أشياء كثيرة كان عنده عن النبي صلى الله عليه وسلم علم بها مما يتعلق بقتال الخوارج , وغير ذلك مما ذكر , وقد ثبت عنه أنه كان يخبر بأنه سيقتله أشقى القوم فكان ذلك في أشياء كثيرة .
الفتح (12|312)
الجواب على إشكال
قال ابن حجر رحمه الله : وفي حديث عبد الله بن عمرو من طريق مقسم عنه فقال عمر : يا رسول الله ألا أقوم إليه فأضرب عنقه؟ , وقد تقدم في المغازي من رواية عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سعيد في هذا الحديث فسأله رجل أظنه خالد بن الوليد قتله , وفي رواية مسلم فقال خالد بن الوليد بالجزم , وقد ذكرت وجه الجمع بينهما في أواخر المغازي , وأن كلا منهما سأل ثم رأيت عند مسلم من طريق جرير عن عمارة بن القعقاع بسنده فيه فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ألا أضرب عنقه قال : لا ثم أدبر فقام إليه خالد بن الوليد سيف الله فقال : يا رسول الله أضرب عنقه قال : لا .
فهذا نص في أن كلا منهما سأل , وقد استشكل سؤال خالد في ذلك لأن بعث علي إلى اليمن كان عقب بعث خالد بن الوليد إليها , والذهب المقسوم أرسله علي من اليمن كما في صدر حديث بن أبي نعم عن أبي سعيد ؛ ويجاب بأن عليا لما وصل إلى اليمن رجع خالد منها إلى المدينة فأرسل علي الذهب فحضر خالد قسمته , وأما حديث عبد الله بن عمرو ؛ فإنه في قصة قسم وقع بالجعرانة من غنائم حنين والسائل في قتله عمر بن الخطاب جزما , وقد ظهر أن المعترض في الموضعين واحد كما مضى قريبا . الفتح (12|307)
أول البدع ظهورا بدعة الخوارج(1/81)
قال شيخ الإسلام : كان الناس فى قديم الزمان قد اختلفوا في الفاسق الملي , وهو أول اختلاف حدث فى الملة هل هو كافر أو مؤمن فقالت الخوارج إنه كافر .
مجموع الفتاوى (3|182)
وقال أيضا : أول البدع ظهورا فى الإسلام وأظهرها ذما فى السنة والآثار بدعة الحرورية المارقة ؛ فإن أولهم قال للنبي فى وجهه : اعدل يامحمد فإنك لم تعدل, وأمر النبي بقتلهم وقتالهم , وقاتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم مستفيضة بوصفهم , وذمهم , والأمر بقتالهم .
قال أحمد بن حنبل : صح الحديث في الخوارج من عشرة أوجه .
مجموع الفتاوى (19|72)
الخوارج والتعريف بهم ومبدأ خروجهم
قال ابن حجر - رحمه الله - :
أما الخوارج فهم جمع خارجة أي طائفة وهم قوم مبتدعون سموا بذلك لخروجهم عن الدين وخروجهم على خيار المسلمين .
وأصل بدعتهم فيما حكاه الرافعي في الشرح الكبير أنهم خرجوا على علي رضي الله عنه حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان رضي الله عنه , ويقدر عليهم , ولا يقتص منهم لرضاه بقتله أو مواطأته إياهم كذا قال ؛ وهو خلاف ما أطبق عليه أهل الأخبار؛ فإنه لا نزاع عندهم أن الخوارج لم يطلبوا بدم عثمان بل كانوا ينكرون عليه أشياء ويتبرؤون منه .(1/82)
وأصل ذلك أن بعض أهل العراق أنكروا سيرة بعض أقارب عثمان فطعنوا على عثمان بذلك , وكان يقال لهم القراء لشدة اجتهادهم في التلاوة والعبادة إلا أنهم كانوا يتأولون القرآن على غير المراد منه ويستبدون برأيهم , ويتنطعون في الزهد والخشوع , وغير ذلك ؛ فلما قتل عثمان قاتلوا مع علي , واعتقدوا كفر عثمان ومن تابعه واعتقدوا إمامة علي وكفر من قاتله من أهل الجمل الذين كان رئيسهم طلحة والزبير ؛ فإنهما خرجا إلى مكة بعد أن بايعا عليا فلقيا عائشة وكانت حجت تلك السنة فاتفقوا على طلب قتلة عثمان , وخرجوا إلى البصرة يدعون الناس إلى ذلك فبلغ عليا فخرج إليهم فوقعت بينهم وقعة الجمل المشهورة , وانتصر علي , وقتل طلحة في المعركة , وقتل الزبير بعد أن انصرف من الوقعة .(1/83)
فهذه الطائفة هي التي كانت تطلب بدم عثمان بالاتفاق ثم قام معاوية بالشام في مثل ذلك , وكان أمير الشام إذ ذاك , وكان علي أرسل إليه لأن يبايع له أهل الشام فاعتل بأن عثمان قتل مظلوما , وتجب المبادرة إلى الاقتصاص من قتلته , وأنه أقوى الناس على الطلب بذلك , ويلتمس من علي أن يمكنه منهم ثم يبايع له بعد ذلك وعلي يقول : ادخل فيما دخل فيه الناس, وحاكمهم إلى أحكم فيهم بالحق ؛ فلما طال الأمر خرج علي في أهل العراق طالبا قتال أهل الشام ؛ فخرج معاوية في أهل الشام قاصدا إلى قتاله , فالتقيا بصفين فدامت الحرب بينهما أشهرا , وكاد أهل الشام أن ينكسروا فرفعوا المصاحف على الرماح , ونادوا ندعوكم إلى كتاب الله تعالى , وكان ذلك بإشارة عمرو بن العاص وهو مع معاوية فترك جمع كثير ممن كان مع علي وخصوصا القراء القتال بسبب ذلك تدينا ؛ واحتجوا بقوله تعالى :{ ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم } الآية فراسلوا أهل الشام في ذلك فقالوا : ابعثوا حكما منكم وحكما منا ويحضر معهما من لم يباشر القتال ؛ فمن رأوا الحق معه أطاعوه فأجاب علي , ومن معه إلى ذلك , وأنكرت ذلك تلك الطائفة التي صاروا خوارج , وكتب علي بينه وبين معاوية كتاب الحكومة بين أهل العراق والشام هذا ما قضى عليه أمير المؤمنين علي معاوية فامتنع أهل الشام من ذلك , وقالوا اكتبوا اسمه واسم أبيه فأجاب علي إلى ذلك فأنكره عليه الخوارج أيضا ثم انفصل الفريقان على أن يحضر الحكمان ومن معهما بعد مدة عينوها في مكان وسط بين الشام والعراق , ويرجع العسكران إلى بلادهم إلى أن يقع الحكم فرجع معاوية إلى الشام , ورجع علي إلى الكوفة ففارقه الخوارج وهم ثمانية آلاف , وقيل كانوا أكثر من عشرة آلاف وقيل ستة آلاف , ونزلوا مكانا يقال له حروراء ...ومن ثم قيل لهم الحرورية, وكان كبيرهم عبد الله بن الكواء اليشكري وشبث التميمي؛ فأرسل إليهم علي بن عباس(1/84)
فناظرهم فرجع كثير منهم معه ثم خرج إليهم علي فأطاعوه , ودخلوا معه الكوفة معهم رئيساهم المذكوران ثم أشاعوا أن عليا تاب من الحكومة , ولذلك رجعوا معه فبلغ ذلك عليا فخطب , وأنكر ذلك فتنادوا من جوانب المسجد : لا حكم إلا لله .
فقال : كلمة حق يراد بها باطل .
فقال لهم : لكم علينا ثلاثة أن لا نمنعكم من المساجد , ولا من رزقكم من الفيء, ولا نبدؤكم بقتال ما لم تحدثوا فسادا .
وخرجوا شيئا بعد شيء إلى أن اجتمعوا بالمدائن ؛ فراسلهم في الرجوع فأصروا على الامتناع حتى يشهد على نفسه بالكفر لرضاه بالتحكيم , ويتوب ثم راسلهم أيضا ؛ فأرادوا قتل رسوله ثم اجتمعوا على أن من لا يعتقد معتقدهم بكفر ويباح دمه وماله وأهله , وانتقلوا إلى الفعل فاستعرضوا الناس ؛ فقتلوا من اجتاز بهم من المسلمين , ومر بهم عبد الله بن خباب بن الأرت , وكان واليا لعلي على بعض تلك البلاد ومعه سرية وهي حامل فقتلوه وبقروا بطن سريته عن ولد ؛ فبلغ عليا فخرج إليهم في الجيش الذي كان هيأه للخروج إلى الشام فأوقع بهم بالنهروان , ولم ينج منهم إلا دون العشرة , ولا قتل ممن معه إلا نحو العشرة .(1/85)
فهذا ملخص أول أمرهم ثم انضم إلى من بقى منهم من مال إلى رأيهم فكانوا مختفين في خلافة علي حتى كان منهم عبد الرحمن بن ملجم الذي قتل عليا بعد أن دخل علي في صلاة الصبح ثم لما وقع صلح الحسن ومعاوية ثارت منهم طائفة فأوقع بهم عسكر الشام بمكان يقال له النجيلة ثم كانوا منقمعين في إمارة زياد , وابنه عبيد الله على العراق طول مدة معاوية وولده يزيد , وظفر زياد وابنه منهم بجماعة فأبادهم بين قتل وحبس طويل ؛ فلما مات يزيد ووقع الافتراق , وولي الخلافة عبد الله بن الزبير وأطاعه أهل الأمصار إلا بعض أهل الشام ثار مروان فادعى الخلافة وغلب على جميع الشام إلى مصر فظهر الخوارج حينئذ بالعراق مع نافع بن الأزرق وباليمامة مع نجدة بن عامر , وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر ولو اعتقد معتقدهم, وعظم البلاء بهم , وتوسعوا في معتقدهم الفاسد فأبطلوا رجم المحصن , وقطعوا يد السارق من الإبط , وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها , وكفروا من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادرا, وإن لم يكن قادرا فقد ارتكب كبيرة , وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر, وكفوا عن أموال أهل الذمة , وعن التعرض لهم مطلقا, وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبي والنهب فمنهم من يفعل ذلك مطلقا بغير دعوة منهم , ومنهم من يدعو أولا ثم يفتك .
ولم يزل البلاء بهم يزيد إلى أن أمر المهلب بن أبي صفرة على قتالهم فطاولهم حتى ظفر بهم , وتقلل جمعهم ثم لم يزل منهم بقايا في طول الدولة الأموية وصدر الدولة العباسية , ودخلت طائفة منهم المغرب .
الفتح (12|298)
وقال ابن عبد البر : فأول ما في حديث مالك هذا من المعاني أن الخوارج على الصحابة رضي الله عنهم إنما قيل لهم خوارج لقوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : يخرج فيكم ومعنى قوله : فيكم أي عليكم كما قال تعالى { في جذوع النخل } .(1/86)
وكان خروجهم ومروقهم في زمن الصحابة فسموا الخوارج , وسموا المارقة بقوله في هذا الحديث : يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
وبقوله عليه السلام : تقتتل طائفتان من أمتي تمرق منهما مارقة تقتلها أولى الطائفتين بالحق .
فهذا أصل ما سميت به الخوارج والمارقة .
ثم استمر خروجهم على السلاطين ؛ فأكدوا الاسم ثم افترقوا فرقا لها أسماء منهم الإباضية أتباع عبد الله بن إباض .
والأزارقة أتباع نافع بن الأزرق .
والصفرية أتباع النعمان زياد بن الأصفر .
وأتباع نجدة الحروري يقال لهم النجدات ولم يقل فيهم النجدية .
وما أظن ذلك والله أعلم إلا ليفرق بين ما انتسب إلى بلاد نجد وبينهم .
وفرق سواها يطول ذكرها , وليس هذا موضعه وهم يتسمون بالشراة , ولا يسميهم بذلك غيرهم بل أسماؤهم التي ذكرناها عنهم مشهورة في الأخبار والأشعار ...
والحرورية منسوبة إلى حروراء خرج فيه أولهم على علي رضي الله عنه فقاتلهم بالنهروان ,وأظهره الله عليهم فقتل منهم ألوفا , وهم قوم استحلوا بما تأولوا من كتاب الله عز وجل دماء المسلمين وكفروهم بالذنوب , وحملوا عليهم السيف وخالفوا جماعتهم فأوجبوا الصلاة على الحائض , ولم يروا على الزاني المحصن الرجم, ولم يوجبوا عليه إلا الحد مائة , ولم يطهرهم عند أنفسهم إلا الماء الجاري أو الكثير المستبحر إلى أشياء يطول ذكرها قد أتينا على ذكر أكثرها في غير هذا الموضع فمرقوا من الدين بما أحدثوا فيه مروق السهم من الرمية كما قال .
الاستذكار (2|499)(1/87)
وقال محمد بن الحسين : لم يختلف العلماء قديما وحديثا أن الخوارج قوم سوء عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ؛ وإن صلوا وصاموا واجتهدوا في العبادة فليس ذلك بنافع لهم, وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وليس ذلك بنافع لهم لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ويموهون على المسلمين, وقد حذرنا الله عز وجل منهم, وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده , وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم .
والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس , ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديما وحديثا , ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين .
وأول قرن طلع منهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو رجل طعن على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم الغنائم بالجعرانة فقال : اعدل يا محمد فما أراك تعدل فقال صلى الله عليه وسلم : ويلك فمن يعدل إذا لم أكن أعدل ؟ فأراد عمر رضي الله عنه قتله فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من قتله ؛ وأخبر عليه الصلاة والسلام : إن هذا وأصحابا له يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يمرقون في الدين كما يمرق السهم من الرمية, وأمر عليه الصلاة والسلام في غير حديث بقتالهم وبين فضل من قتلهم أو قتلوه .
ثم إنهم بعد ذلك خرجوا من بلدان شتى , واجتمعوا وأظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى قدموا المدينة فقتلوا عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه , وقد اجتهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن كان في المدينة في أن لا يقتل عثمان فما أطاقوا ذلك .(1/88)
ثم خرجوا بعد ذلك على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ولم يرضوا بحكمه , وأظهروا قولهم وقالوا : لا حكم إلا لله . فقال علي رضي الله عنه : كلمة حق أرادوا بها الباطل فقاتلهم علي رضي الله عنه ؛ فأكرمه الله عز وجل بقتلهم , وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفضل من قتلهم أو قتلوه , وقاتل معه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم فصار سيف علي بن أبي طالب في الخوارج سيف حق إلى أن تقوم الساعة .
الشريعة (1|29)
وقال الإسفراييني :
اعلم أن الخوارج عشرون فرقة كما ترى بيانهم في هذا الكتاب , وكلهم متفقون على أمرين لا مزيد عليهما في الكفر والبدعة:
أحدهما: أنهم يزعمون أن عليا وعثمان وأصحاب الجمل والحكمين وكل من رضي بالحكمين كفروا كلهم .
والثاني : أنهم يزعمون أن كل من أذنب ذنبا من أمة محمد فهو كافر , ويكون في النار خالدا مخلدا إلا النجدات منهم ؛ فإنهم قالوا إن الفاسق كافر على معنى أنه كافر نعمة ربه فيكون اطلاق هذه التسمية عند هؤلاء منهم على معنى الكفران لا على معنى الكفر , ومما يجمع جميعهم أيضا تجويزهم الخروج على الإمام الجائر .
التبصير في الدين (1|45)
وقال القاضي أبو بكر بن العربي الخوارج صنفان :
أحدهما : يزعم أن عثمان وعليا وأصحاب الجمل وصفين وكل من رضى بالتحكيم كفار .
والآخر : يزعم أن كل من أتى كبيرة فهو كافر مخلد في النار أبدا .
وقال غيره : بل الصنف الأول مفرع عن الصنف الثاني لأن الحامل لهم على تكفير أولئك كونهم أذنبوا فيما فعلوه بزعمهم .
وقال ابن حزم : ذهب نجدة بن عامر من الخوارج إلى أن من أتى صغيرة عذب بغير النار , ومن أدمن على صغيرة ؛ فهو كمرتكب الكبيرة في التخليد في النار , وذكر أن منهم من غلا في معتقدهم الفاسد فأنكر الصلوات الخمس .(1/89)
وقال : الواجب صلاة بالغداة وصلاة بالعشي , ومنهم من جوز نكاح بنت الابن وبنت الأخ والأخت ,ومنهم من أنكر أن تكون سورة يوسف من القرآن , وأن من قال لا إله إلا الله فهو مؤمن عند الله , ولو اعتقد الكفر بقلبه.
وقال أبو منصور البغدادي في المقالات : عدة فرق الخوارج عشرون فرقة .
وقال ابن حزم : أسوؤهم حالا الغلاة المذكورون , وأقربهم إلى قول أهل الحق الإباضية .
وقد بقيت منهم بقية بالمغرب .
الفتح (12|298)
أهم معتقدات الخوارج
قال ابن عبد البر : والحرورية منسوبة إلى حروراء خرج فيه أولهم على علي رضي الله عنه فقاتلهم بالنهروان , وأظهره الله عليهم فقتل منهم ألوفا , وهم قوم استحلوا بما تأولوا من كتاب الله عز وجل دماء المسلمين ,وكفروهم بالذنوب, وحملوا عليهم السيف , وخالفوا جماعتهم فأوجبوا الصلاة على الحائض , ولم يروا على الزاني المحصن الرجم , ولم يوجبوا عليه إلا الحد مائة , ولم يطهرهم عند أنفسهم إلا الماء الجاري أو الكثير المستبحر إلى أشياء يطول ذكرها قد أتينا على ذكر أكثرها في غير هذا الموضع فمرقوا من الدين بما أحدثوا فيه مروق السهم من الرمية كما قال .
الاستذكار(2|499)
وقال ابن حجر : وزاد نجدة على معتقد الخوارج أن من لم يخرج ويحارب المسلمين فهو كافر ولو اعتقد معتقدهم , وعظم البلاء بهم وتوسعوا في معتقدهم الفاسد فأبطلوا رجم المحصن وقطعوا يد السارق من الإبط , وأوجبوا الصلاة على الحائض في حال حيضها , وكفروا من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إن كان قادرا , وإن لم يكن قادرا فقد ارتكب كبيرة , وحكم مرتكب الكبيرة عندهم حكم الكافر , وكفوا عن أموال أهل الذمة وعن التعرض لهم مطلقا , وفتكوا فيمن ينسب إلى الإسلام بالقتل والسبي والنهب فمنهم من يفعل ذلك مطلقا بغير دعوة منهم , ومنهم من يدعو أولا ثم يفتك .
الفتح (12|298)
وقال شيخ الإسلام :(1/90)
وأما شفاعته لأهل الذنوب من أمته فمتفق عليها بين الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم , وأنكرها كثير من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والزيدية , وقال هؤلاء : من يدخل النار لا يخرج منها لا بشفاعة ولا غيرها وعند هؤلاء ما ثم إلا من يدخل الجنة فلا يدخل النار , ومن يدخل النار فلا يدخل الجنة , ولا يجتمع عندهم فى الشخص الواحد ثواب وعقاب .
وأما الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر الأئمة كالأربعة وغيرهم فيقرون بما تواترت به الأحاديث الصحيحة عن النبى أن الله يخرج من النار قوما بعد أن يعذبهم الله ما شاء أن يعذبهم يخرجهم بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم , ويخرج آخرين بشفاعة غيره , ويخرج قوما بلا شفاعة . مجموع الفتاوى (1|149)
وقال أيضا : ومن أصول أهل السنة أن الدين والإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح وأن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
وهم مع ذلك لا يكفرون أهل القبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج بل الأخوة الإيمانية ثابتة مع المعاصي كما قال سبحانه وتعالى فى آية القصاص :{ فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف } وقال : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم }
مجموع الفتاوى (3|151)
وقال أيضا رحمه الله : ولهم خاصتان مشهورتان فارقوا بهما جماعة المسلمين وأئمتهم:
أحدهما : خروجهم عن السنة , وجعلهم ماليس بسيئة سيئة أو ماليس بحسنة حسنة , وهذا هو الذي أظهروه فى وجه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال له ذو الخويصرة التميمي : اعدل فانك لم تعدل حتى قال له النبى صلى الله عليه وسلم : ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أعدل.(1/91)
فقوله : فإنك لم تعدل جعل منه لفعل النبي صلى الله عليه وسلم سفها وترك عدل , وقوله : اعدل أمر له بما اعتقده هو حسنة من القسمة التي لا تصلح, وهذا الوصف تشترك فيه البدع المخالفة للسنة فقائلها لابد أن يثبت ما نفته السنة , وينفي ما أثبتته السنة ويحسن ما قبحته السنة أو يقبح ما حسنت السنة , وإلا لم يكن بدعة , وهذا القدر قد يقع من بعض أهل العلم خطأ فى بعض المسائل لكن أهل البدع يخالفون السنة الظاهرة المعلومة .
والخوارج جوزوا على الرسول نفسه أن يجور ويضل في سنته , ولم يوجبوا طاعته ومتابعته , وإنما صدقوه فيما بلغه من القرآن دون ما شرعه من السنة التي تخالف بزعمهم ظاهر القرآن .
وغالب أهل البدع غير الخوارج يتابعونهم فى الحقيقة على هذا ؛ فإنهم يرون أن الرسول لو قال بخلاف مقالتهم لما اتبعوه كما يحكى عن عمرو بن عبيد فى حديث الصادق المصدوق , وإنما يدفعون عن نفوسهم الحجة إما برد النقل , وإما بتأويل المنقول فيطعنون تارة في الإسناد وتارة في المتن , وإلا فهم ليسوا متبعين , ولا مؤتمين بحقيقة السنة التي جاء بها الرسول بل, ولا بحقيقة القرآن .
الفرق الثانى فى الخوارج وأهل البدع أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات , ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم , وأن دار الإسلام دار حرب , ودارهم هي دار الإيمان ... .
مجموع الفتاوى (19|73)
حكم الخوارج هل هم كفار ؟
قال شيخ الإسلام : والمأثور عن السلف والأئمة إطلاق أقوال بتكفير الجهمية المحضة الذين ينكرون الصفات , وحقيقية قولهم أن الله لا يتكلم ولا يرى ولا يباين الخلق ولا له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة بل القرآن مخلوق وأهل الجنة لا يرونه كما لا يراه أهل النار , وأمثال هذه المقالات .
وأما الخوارج والروافض ففي تكفيرهم نزاع وتردد عن أحمد وغيره .
المجموع (3|352)
وقال الغزالي في الوسيط تبعا لغيره في حكم الخوارج وجهان :(1/92)
أحدهما: أنه كحكم أهل الردة
والثاني : أنه كحكم أهل البغي
ورجح الرافعي الأول وليس الذي قاله مطردا في كل خارجي ؛ فإنهم على قسمين أحدهما من تقدم ذكره .
والثاني : من خرج في طلب الملك لا للدعاء إلى معتقده , وهم على قسمين أيضا : قسم خرجوا غضبا للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية فهؤلاء أهل حق , ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج , وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة
الفتح (12|298)
وقال ابن حجر : واستدل به لمن قال بتكفير الخوارج , وهو مقتضى صنيع البخاري حيث قرنهم بالملحدين , وأفرد عنهم المتأولين بترجمة .
وبذلك صرح القاضي أبو بكر بن العربي في شرح الترمذي فقال : الصحيح أنهم كفار لقوله صلى الله عليه وسلم : يمرقون من الإسلام ولقوله : لأقتلنهم قتل عاد
وفي لفظ : ثمود وكل منهما إنما هلك بالكفر وبقوله : هم شر الخلق , ولا يوصف بذلك إلا الكفار , ولقوله : إنهم أبغض الخلق إلى الله تعالى , ولحكمهم على كل من خالف معتقدهم بالكفر والتخليد في النار ؛ فكانوا هم أحق بالاسم منهم .
وممن جنح إلى ذلك من أئمة المتأخرين الشيخ تقي الدين السبكي فقال في فتاويه: احتج من كفر الخوارج وغلاة الروافض بتكفيرهم أعلام الصحابة لتضمنه تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم في شهادته لهم بالجنة .
قال : وهو عندي احتجاج صحيح .
قال : واحتج من لم يكفرهم بأن الحكم بتكفيرهم يستدعي تقدم علمهم بالشهادة المذكورة علما قطعيا , وفيه نظر لأنا نعلم تزكية من كفروه علما قطعيا إلى حين موته وذلك كاف في اعتقادنا تكفير من كفرهم , ويؤيده حديث : من قال لأخيه كافر فقد باء به أحدهما .
وفي لفظ مسلم : من رمى مسلما بالكفر أو قال عدو الله إلا حاد عليه .(1/93)
قال : وهؤلاء قد تحقق منهم أنهم يرمون جماعة بالكفر ممن حصل عندنا القطع بإيمانهم ؛ فيجب أن يحكم بكفرهم بمقتضى خبر الشارع , وهو نحو ما قالوه فيمن سجد للصنم ونحوه ممن لا تصريح بالجحود فيه بعد أن فسروا الكفر بالجحود ؛ فإن احتجوا بقيام الإجماع على تكفير فاعل ذلك .
قلنا : وهذه الأخبار الواردة في حق هؤلاء تقتضي كفرهم , ولو لم يعتقدوا تزكية من كفروه علما قطعيا , ولا ينجيهم اعتقاد الإسلام إجمالا , والعمل بالواجبات عن الحكم بكفرهم كما لا ينجي الساجد للصنم ذلك .
قلت : وممن جنح إلى بعض هذا البحث الطبري في تهذيبه فقال بعد أن سرد أحاديث الباب : فيه الرد على قول من قال لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما ؛ فإنه مبطل لقوله في الحديث : يقولون الحق ويقرؤون القرآن ويمرقون من الإسلام , ولا يتعلقون منه بشيء , ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطأ منهم فيما تأولوه من آي القرآن على غير المراد منه ثم أخرج بسند صحيح عن ابن عباس ؛ وذكر عنده الخوارج وما يلقون عند قراءة القرآن فقال : يؤمنون بمحكمه ويهلكون عند متشابهه .
ويؤيد القول المذكور الأمر بقتلهم مع ما تقدم من حديث بن مسعود : لا يحل قتل امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث وفيه : التارك لدينه المفارق للجماعة .
قال القرطبي في المفهم : يؤيد القول بتكفيرهم التمثيل المذكور في حديث أبي سعيد يعني الآتي في الباب الذي يليه؛ فإن ظاهر مقصوده أنهم خرجوا من الإسلام ولم يتعلقوا منه بشيء كما خرج السهم من الرمية لسرعته وقوة راميه بحيث لم يتعلق من الرمية بشيء .
وقد أشار إلى ذلك بقوله : سبق الفرث والدم .
وقال صاحب الشفاء : وكذا نقطع بكفر كل من قال قولا يتوصل به إلى تضليل الأمة أو تكفير الصحابة .
وحكاه صاحب الروضة في كتاب الردة عنه وأقره .(1/94)
وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السنة إلى أن الخوارج فساق , وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الإسلام , وإنما فسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد , وجرهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم والشهادة عليهم بالكفر والشرك
وقال الخطابي : أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين , وأجازوا مناكحتهم وأكل ذبائحهم , وأنهم لا يكفرون ما داموا متمسكين بأصل الإسلام .
وقال عياض : كادت هذه المسألة تكون أشد إشكالا عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبد الحق الإمام أبا المعالي عنها فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة , وإخراج مسلم عنها عظيم في الدين .
قال : وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني , وقال: لم يصرح القوم بالكفر , وإنما قالوا أقوالا تؤدي إلى الكفر .
وقال الغزالي في كتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة : والذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيلا ؛ فإن استباحة دماء المصلين المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم لمسلم واحد , ومما احتج به من لم يكفرهم قوله في ثالث أحاديث الباب بعد وصفهم بالمروق من الدين كمروق السهم فينظر الرامي إلى سهمه إلى أن قال فيتمارى في الفوقة هل علق بها شيء .
قال ابن بطال : ذهب جمهور العلماء إلى أن الخوارج غير خارجين عن جملة المسلمين لقوله: يتمارى في الفوق لأن التماري من الشك , وإذ وقع الشك في ذلك لم يقطع عليهم بالخروج من الإسلام لأن من ثبت له عقد الإسلام بيقين لم يخرج منه إلا بيقين .
قال : وقد سئل علي عن أهل النهر هل كفروا ؟ فقال : من الكفر فروا(1/95)
قلت : وهذا إن ثبت عن علي حمل على أنه لم يكن اطلع على معتقدهم الذي أوجب تكفيرهم عند من كفرهم , وفي احتجاجه بقوله يتمارى في الفوق نظر ؛ فإن في بعض طرق الحديث المذكور كما تقدمت الإشارة إليه , وكما سيأتي لم يعلق منه بشيء , وفي بعضها سبق الفرث والدم , وطريق الجمع بينهما أنه تردد هل في الفوق شيء أو لا ثم تحقق أنه لم يعلق بالسهم , ولا بشيء منه من الرمي بشيء .
ويمكن أن يحمل الاختلاف فيه على اختلاف أشخاص منهم , ويكون في قوله يتمارى إشارة إلى أن بعضهم قد يبقى معه من الإسلام شيء.
قال القرطبي في المفهم: والقول بتكفيرهم أظهر في الحديث . قال: فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون ويقتلون وتسبى أموالهم , وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج .
وعلى القول بعدم تكفيرهم يسلك بهم مسلك أهل البغي إذا شقوا العصا ونصبوا الحرب ؛ فأما من استسر منهم ببدعة ؛ فإذا ظهر عليه هل يقتل بعد الاستتابة أو لا يقتل بل يجتهد في رد بدعته اختلف فيه بحسب الاختلاف في تكفيرهم . قال : وباب التكفير باب خطر ولا نعدل بالسلامة شيئا .
الفتح (12|314)
وقال شيخ الإسلام : فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم , وإنما تنازعوا فى تكفيرهم على قولين مشهورين فى مذهب مالك وأحمد وفي مذهب الشافعى أيضا نزاع فى كفرهم .
ولهذا كان فيهم وجهان فى مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى :
أحدهما : أنهم بغاة
والثانى : أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم ابتداء وقتل أسيرهم واتباع مدبرهم, ومن قدر عليه منهم استتيب كالمرتد ؛ فإن تاب وإلا قتل كما أن مذهبه فى مانعي الزكاة إذا قاتلوا الإمام عليها هل يكفرون مع الإقرار بوجوبها على روايتين .(1/96)
وهذا كله مما يبن أن قتال الصديق لمانعي الزكاة , وقتال علي للخوارج ليس مثل القتال يوم الجمل وصفين فكلام علي وغيره فى الخوارج يقتضي أنهم ليسوا كفارا كالمرتدين عن أصل الإسلام , وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره , وليسوا مع ذلك حكمهم كحكم أهل الجمل وصفين بل هم نوع ثالث , وهذا أصح الأقوال الثلاثة فيهم .
مجموع الفتاوى (28|518)
هل يستتاب الخوارج ؟
قال ابن عبد البر : قال إسماعيل بن إسحاق : رأى مالك قتل الخوارج وأهل القدر من أجل الفساد الداخل في الدين , وهو من باب الفساد في الأرض , وليس إفسادهم بدون فساد قطاع الطريق والمحاربين للمسلمين على أموالهم فوجب بذلك قتلهم إلا أنه يرى استتبابتهم لعلهم يراجعون الحق ؛ فإن تمادوا قتلوا على إفسادهم لا على كفر .
و هذا قول عامة الفقهاء الذين يرون قتلهم واستتابتهم , ومنهم من يقول لا يتعرض لهم باستتابة ولا غيرها ما استتروا ولم يبغوا ويحاربوا , وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأصحابهما ,وجمهور أهل الفقه , وكثير من أهل الحديث .
قال الشافعي رحمه الله في كتاب قتال أهل البغي : لو أن قوما أظهروا رأي الخوارج , وتجنبوا جماعة المسلمين وكفروهم لم تحل بذلك دماؤهم ولا قتالهم لأنهم على حرمة الإيمان حتى يصيروا إلى الحال التي يجوز فيها قتالهم من خروجهم إلى قتال المسلمين وإشهارهم السلاح وامتناعهم من نفوذ الحق عليهم . وقال : بلغنا أن علي بن أبي طالب بينما هو يخطب إذا سمع تحكيما من ناحية المسجد . فقال : ما هذا ؟ فقيل رجل يقول : لا حكم إلا لله . فقال علي رحمه الله : كلمة حق أريد بها باطل لا نمنعكم مساجد الله أن يذكروا فيها اسم الله , ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم من أيدينا , ولا نبدؤكم بقتال .
قال : وكتب عدي إلى عمر بن عبد العزيز أن الخوارج عندنا يسبونك فكتب إليه عمر : إن سبوني فسبوهم أو اعفوا عنهم , وإن شهروا السلاح فأشهروا عليهم وإن ضربوا فاضربوا .(1/97)
قال الشافعي : وبهذا كله نقول ؛ فإن قاتلونا على ما وصفنا قاتلناهم ؛ فإن انهزموا لم نتبعهم , ولم نجهز على جريحهم .
قال أبو عمر : قول مالك في ذلك ومذهبه عند أصحابه في أن لا يتبع مدبر من الفئة الباغية , ولا يجهز على جريح كمذهب الشافعي سواء , وكذلك الحكم في قتال أهل القبلة عند جمهور الفقهاء , وقال أبو حنيفة إن انهزم الخارجي أو الباغي إلى فئة اتبع , وإن انهزم إلى غير فئة لم يتبع .
قال أبو عمر : أجمع العلماء على أن من شق العصا , وفارق الجماعة وشهر على المسلمين السلاح , وأخاف السبيل وأفسد بالقتل والسلب فقتلهم وإراقة دمائهم واجب لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع إلا أن يتوب فاعل ذلك من قبل أن يقدر عليه , والانهزام عندهم ضرب من التوبة , وكذلك من عجز عن القتال لم يقتل إلا بما وجب عليه قبل ذلك.
ومن أهل الحديث طائفة تراهم كفارا على ظواهر الأحاديث فيهم مثل قوله : من حمل علينا السلاح فليس منا .
ومثل قوله : يمرقون من الدين
وهي آثار يعارضها غيرها فيمن لا يشرك بالله شيئا ويريد بعمله وجهه , وإن أخطأ في حكمه واجتهاده والنظر يشهد أن الكفر لا يكون إلا بضد الحال التي يكون بها الإيمان لأنهما ضدان , وللكلام في هذه المسألة موضع غير هذا , وبالله التوفيق .
التمهيد (23|340)
سبب ضلال الخوارج
من أعظم أسباب ضلالهم قلة العلم والفقه(1/98)
روى البخاري في صحيحه (1211) عن الأزرق بن قيس قال : كنا بالأهواز نقاتل الحرورية فبينا أنا على جرف نهر إذا رجل يصلي , وإذا لجام دابته بيده فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها . قال شعبة : هو أبو برزة الأسلمي فجعل رجل من الخوارج يقول : اللهم افعل بهذا الشيخ ؛ فلما انصرف الشيخ قال : إني سمعت قولكم , وإني غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات أو سبع غزوات وثمان وشهدت تيسيره, وإني إن كنت أن أراجع مع دابتي أحب إلي من أن أدعها ترجع إلى مألفها فيشق علي .
وقال ابن عبد البر : وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بهذه الآثار ومثلها في تكفير المذنبين , واحتجوا من كتاب الله بآيات ليست على ظاهرها مثل قوله عز وجل :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }
وقوله :{ أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون }
وقوله :{ إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين }
وقوله : { إن هم إلا يخرصون }
وقوله :{ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } ونحو هذا
وروي عن ابن عباس في قول الله عز وجل :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } قال : ليس بكفر ينقل عن الملة ولكنه كفر دون كفر .
وقد أوضحنا معنى الكفر في اللغة في مواضع من هذا الكتاب , والحجة عليهم قول الله عز وجل :{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
ومعلوم أن هذا بعد الموت لمن لم يتب لأن الشرك ممن تاب منه قبل الموت وانتهى عنه غفر له كما تغفر الذنوب كلها بالتوبة جميعا قال الله عز وجل :{ قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } .
التمهيد (17|16)
وعن بكير بن عبد الله أنه سأل سأل نافعا كيف كان رأي ابن عمر في الخوارج فقال : كان يقول هم شرار الخلق انطلقوا إلى آيات أنزلت في الكفار فجعلوها على المؤمنين .
التمهيد (23|335)(1/99)
وقال ابن الوزير : وكان دينهم الذي اختصوا به من بين الداخلين في الفتن هو تكفير بعض المسلمين بما حسبوه كفرا فوردت الاحاديث بمروقهم بذلك , وتواترت وهي في دواوين الإسلام الستة عن علي .
إيثار الحق(1|382)
فائدة في مفاسد التأويل
قال ابن القيم رحمه الله :
ومن جنايات التأويل ما وقع في الإسلام من الحوادث بعد موت رسول الله , وإلى يومنا هذا بل في حياته صلوات الله وسلامه عليه ؛ فإن خالد بن الوليد قتل بني جذيمة بالتأويل , ولهذا تبرأ رسول الله من صنعه. وقال : اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد .
ومنع الزكاة من منعها من العرب بعد موت رسول الله بالتأويل ؛ وقالوا: إنما قال الله لرسوله : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم } .
وهذا لا يكون لغيره فجرى بسبب هذا التأويل الباطل على الإسلام وأهله ما جرى ثم جرت الفتنة التي جرت قتل عثمان بالتأويل .
ولم يزل التأويل يأخذ مأخذه حتى قتل به عثمان فأخذ بالزيادة والتولد حتى قتل به بين علي ومعاوية بصفين سبعين ألفا أو أكثر من المسلمين ,وقتل أهل الحرة بالتأويل وقتل يوم الجمل بالتأويل من قتل ثم كان قتل ابن الزبير ونصب المنجنيق على البيت بالتأويل ثم كانت فتنة ابن الأشعث , وقتل من قتل من المسلمين بدير الجماجم بالتأويل ثم كانت فتنة الخوارج , وما لقي المسلمون من حروبهم وأذاهم بالتأويل ثم خروج أبي مسلم وقتله بني أمية , وتلك الحروب العظام بالتأويل ثم خروج العلويين وقتلهم وحبسهم ونفيهم بالتأويل إلى أضعاف أضعاف ما ذكرنا من حوادث الإسلام التي جرها التأويل .
الصواعق (1|379)
وقال شيخ الإسلام : وهذان الأصلان هما خلاف السنة والجماعة ؛ فمن خالف السنة فيما أتت به أو شرعته فهو مبتدع خارج عن السنة , ومن كفر المسلمين بما رآه ذنبا سواء كان دينا أو لم يكن دينا , وعاملهم معاملة الكفار فهو مفارق للجماعة وعامة البدع والأهواء إنما تنشأ من هذين الأصلين :(1/100)
أما الأول : فشبه التأويل الفاسد أو القياس الفاسد إما حديث بلغه عن الرسول لا يكون صحيحا أو أثر عن غير الرسول قلده فيه , ولم يكن ذلك القائل مصيبا أو تأويل تأوله من آية من كتاب الله أو حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحيح أو ضعيف أو أثر مقبول أو مردود , ولم يكن التأويل صحيحا .
وإما قياس فاسد أو رأي رآه اعتقده صوابا وهو خطأ .
فالقياس والرأي والذوق هو عامة خطأ المتكلمة والمتصوفة وطائفة من المتفقهة .
وتأويل النصوص الصحيحة أو الضعيفة عامة خطأ طوائف المتكلمة والمحدثة والمقلدة والمتصوفة والمتفقهة .
والتكفير باعتقاد سني مذهب الرافضة والمعتزلة وكثير من غيرهم .
وأما التكفير باعتقاد بدعي فقد بينته فى غير هذا الموضع ودون التكفير قد يقع من البغض والذم والعقوبة وهو العدوان أو من ترك المحبة والدعاء والإحسان , وهو التفريط ببعض هذه التأويلات ما لا يسوغ , وجماع ذلك ظلم فى حق الله تعالى أو فى حق المخلوق كما بينته فى غير هذا الموضع , ولهذا قال أحمد بن حنبل لبعض أصحابه : أكثر ما يخطيء الناس من جهة التأويل والقياس .
مجموع الفتاوى (19|75)
الخوارج مطرودون عن الحوض
قال ابن عبد البر : وكل من أحدث في الدين ما لا يرضاه الله , ولم يأذن به فهو من المطرودين عن الحوض والمبعدين, والله أعلم .
وأشدهم طردا من خالف جماعة المسلمين , وفارق سبيلهم مثل الخوارج على اختلاف فرقها والروافض على تباين ضلالها والمعتزلة على أصناف أهوائها , وجميع أهل الزيغ والبدع فهؤلاء كلهم مبدلون .
وكذلك الظلمة المسرفون في الجور والظلم وتطميس الحق وقتل أهله وإذلالهم كلهم مبدل يظهر على يديه من تغيير سنن الإسلام أمر عظيم فالناس على دين الملوك .
الاستذكار (1|195)
أهل البدع عامة خوارج(1/101)
عن سلام بن أبي مطيع قال رأى أيوب رجلا من أهل الأهواء فقال : إني أعرف الذلة في وجهه ثم قرأ : { إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا وكذلك نجزي المفترين } ثم قال : هذه لكل مفتر .
قال : وكان أيوب يسمي أهل الأهواء كلهم خوارج ويقول : إن الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف .
وعن أبي قلابة : ما ابتدع رجل بدعة إلا استحل السيف
اعتقاد أهل السنة (1|143) والاعتصام للشاطبي (1|60)
وقال شيخ الإسلام : وهذه النصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم فى الخوارج قد أدخل فيها العلماء لفظا أو معنى من كان في معناهم من أهل الأهواء الخارجين عن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وجماعة المسلمين بل بعض هؤلاء شر من الخوارج الحرورية مثل الخرمية والقرامطة والنصيرية , وكل من اعتقد فى بشر أنه إله أو في غير الأنبياء أنه نبي , وقاتل على ذلك المسلمين فهو شر من الخوارج الحرورية .
والنبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر الخوارج الحرورية لأنهم أول صنف من أهل البدع خرجوا بعده بل أولهم خرج في حياته فذكرهم لقربهم من زمانه كما خص الله ورسوله أشياء بالذكر لوقوعها فى ذلك الزمان .
مجموع الفتاوى (28|476)
فرق الخوارج
ساير فرقهم متفقون على أن العبد يصير كافرا بالذنب وهم يكفرون عثمان وعليا وطلحة والزبير وعائشة ويعظمون أبا بكر وعمر رضي الله عنهم
الفرقة الأولى : المحكمية
وهم الذين قال لعلي لما حكم الحكمين : إن كنت تعلم أنك الإمام حقا فلم أمرتنا بالمحاربة ثم انفصلوا عنه بهذا السبب , وكفروا عليا ومعاوية !
الفرقة الثانية : الأزارقة
أتباع أبي نافع راشد بن الأزرق , ومن مذهبهم أن قتل من خالفهم جائز .
الفرقة الثالثة : أتباع نجدة بن عامر النخعي, وهم يرون أن قتل من خالفهم واجب وأكثر الخوارج بسجستان على مقالته .
الفرقة الرابعة : البيهسية(1/102)
أتباع أبي بيهس , ومذهبهم أن من لا يعرف الله تعالى وأسماءه وتفاصيل الشريعة فهو كافر .
الفرقة الخامسة : العجاردة
أتباع عبد الكريم بن عجرد , وعندهم أن سورة يوسف ليست من القرآن لأنها في شرح العشق والعاشق والمعشوق , ومثل هذا لا يجوز أن يكون كلام الله تعالى .
الفرقة السادسة :الصلتية أتباع عثمان بن أبي الصلت , وعندهم أن من دخل في مذهبهم فهو مسلم , وإنما يحكمون بإسلام الأطفال من حين بلوغهم .
الفرقة السابعة : الميمونية
وهو ميمون بن عمران وهم يجوزون نكاح بناتهم , ولا يرون أن الشر من الله تعالى
الفرقة الثامنة : الحمزية
أتباع حمزة بن أدرك وهم يقطعون بأن أطفال الكفار في النار .
الفرقة التاسعة : الخلفية
أتباع خلف وهم لا يرون أن الخير والشر من الله تعالى .
الفرقة العاشرة : الأطرافية
وهم يقولون إن من لم يعلم أحكام الشريعة من أصحاب أطراف العالم فهو غير معذور .
الفرقة الحادية عشرة : الشعيبية أصحاب شعيب بن محمد , وهم يقولون إن العبد مكتسب , ولا يقولون إنه موجد غير أنهم يوافقون بقية الخوارج فيما عدا هذا من البدع .
الفرقة الثانية عشرة : الحازمية
أصحاب حازم , وهم يقولون بالموافاة .
الفرقة الثالثة عشرة : الثعلبية
وهو ثعلب بن عامر , وهم على ولاية الأطفال إلا إن ظهر منهم باطل في وقت التكليف .
الفرقة الرابعة عشرة : الأخنسية
أصحاب أخنس بن قيس , وهم يتبرؤون من كل من لا يوافقهم , ولا يسكن في بلاد مخالفهم .
الفرقة الخامسة عشرة : المعبدية
أصحاب معبد , وهم لا يجوزون نكاح كل امرأة تخالف الدين .
الفرقة السادسة عشرة : الرشيدية
يوجبون العشر في المعشرات سواء كان السقي من السماء أو من الدالية .
الفرقة السابعة عشرة : المكرمية
أصحاب مكرم , وهم يقولون إن تارك الصلاة كافر لا أنه ترك الصلاة بل لأنه جاهل بالله .
الفرقة الثامنة عشرة : المعلومية والمجهولية(1/103)
أما المعلومية فيقولون من لم يعرف الله تعالى بسائر أسمائه فهو كافر , وأما المجهولية فيقولون إن معرفة جميع الأسماء ليست بواجبة .
الفرقة التاسعة عشرة : الإباضية
أتباع عبد الله بن إباض ظهر في زمن مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية وقتل عاقبة الأمر .
العشرون : الأصفرية
أتباع زياد بن الأصفر يجوزون التقية في القول دون العمل
الفرقة الحادية والعشرون : الحفصية
هو أبو جعفر بن أبي المقدام يقولون إن بين الإيمان والشرك خصلة أخرى, وهي معرفة الله تعالى .
اعتقادات المسلمين والمشركين (1|46) والتبصير في الدين (1|45)
المصنفات في ذكر الخوارج
قال ابن حجر : وقد صنف في أخبارهم أبو مخنف واسمه لوط بن يحيى كتابا لخصه الطبري في تاريخه , وصنف في أخبارهم أيضا الهيثم بن عدي كتابا , ومحمد بن قدامة الجوهري أحد شيوخ البخاري خارج الصحيح كتابا كبيرا , وجمع أخبارهم أبو العباس المبرد في كتابه الكامل لكن بغير أسانيد بخلاف المذكورين قبله .
الفتح (12|298)
بيان أن الفتنة معلقة بالسلطان ومفاسد الخروج على اللأئمة والأمر بالصبر على جورهم
قال ابن عبد البر : وإلى منازعة الظالم الجائر ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج .
وأما أهل الحق وهم أهل السنة فقالوا هذا هو الاختيار أن يكون الإمام فاضلا عدلا محسنا؛ فإن لم يكن فالصبر على طاعة الجائرين من الأئمة أولى من الخروج عليه لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف .
ولأن ذلك يحمل على هراق الدماء, وشن الغارات والفساد في الأرض .
وذلك أعظم من الصبر على جوره وفسقه والأصول تشهد والعقل والدين أن أعظم المكروهين أولاهما بالترك , وكل إمام يقيم الجمعة والعيد , ويجاهد العدو , ويقيم الحدود على أهل العداء , وينصف الناس من مظالمهم بعضهم لبعض , وتسكن له الدهماء, وتأمن به السبل فواجب طاعته في كل ما يأمر به من الصلاح أو من المباح .
التمهيد (23|279)(1/104)
وقال الأمام أحمد : الفتنة إذا لم يكن إمام يقوم بأمر الناس.
السنة للخلال (81)
وقال الإمام الطحاوي في بيان عقيدة أهل السنة والجماعة : ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا , ولا ندعو عليهم , ولا ننزع يدا من طاعتهم , ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية , وندعو لهم بالصلاة والمعافاة.
قال ابن أبي العز الحنفي : فقد دل الكتاب والسنة على وجوب طاعة أولي الأمر ما لم يأمروا بمعصية فتأمل قوله تعالى : { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } كيف قال : وأطيعوا الرسول ولم يقل : وأطيعوا أولي الأمر منكم لأن أولي الأمر لا يفردون بالطاعة بل يطاعون فيما هو طاعة لله ورسوله , وأعاد الفعل مع الرسول لأن من يطع الرسول فقد أطاع الله ؛ فإن الرسول لا يأمر بغير طاعة الله بل هو معصوم في ذلك , وأما ولي الأمر فقد يأمر بغير طاعة الله فلا يطاع إلا فيما هو طاعة لله ورسوله
وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا ؛ فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات , ومضاعفة الأجور ؛ فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا , والجزاء من جنس العمل فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل قال تعالى:{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} وقال تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم } وقال تعالى: {ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك} وقال تعال : {وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون } فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم فليتركوا الظلم.
شرح الطحاوية (381)(1/105)
وعن عمرو بن يزيد قال : سمعت الحسن أيام يزيد بن المهلب يقول : - وأتاه رهط - فأمرهم أن يلزموا بيوتهم , ويغلقوا عليهم أبوابهم ثم قال : والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا ما لبثوا أن يرفع الله عز وجل ذلك عنهم , وذلك أنهم يفزعون الى السيف فيوكلون إليه, ووالله ما جاؤوا بيوم خير قط ثم تلا : { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون .
الشريعة (1|45)
وقال محمد بن الحسين : قد ذكرت من التحذير عن مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لمن عصمه الله عز وجل الكريم عن مذهب الخوارج , ولم ير رأيهم , وصبر على جور الأئمة وحيف الأمراء , ولم يخرج عليهم بسيفه , وسأل الله العظيم أن يكشف الظلم عنه , وعن جميع المسلمين, ودعا للولاة بالصلاح وحج معهم وجاهد معهم كل عدو للمسلمين , وصلى خلفهم الجمعة والعيدين , وإن أمروه بطاعتهم فأمكنته طاعتهم أطاعهم , وإن لم يمكنه اعتذر إليهم , وإن أمروه بمعصية لم يطعهم , وإذا دارت بينهم الفتن لزم بيته وكف لسانه ويده , ولم يهو ما هم فيه , ولم يعن على فتنة؛ فمن كان هذا وصفه كان على الطريق المستقيم إن شاء الله تعالى .
الشريعة (1|42)
وقال البربهاري في شرح السنة : ولا يحل قتال السلطان , ولا الخروج عليه وإن جار , وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي ذر الغفاري : اصبر وإن كان عبدا حبشيا , وقوله للأنصار : اصبروا حتى تلقوني على الحوض . وليس من السنة قتال السلطان ؛ فإن فيه فساد الدنيا والدين .
شرح السنة (29)(1/106)
وقال أيضا : وإذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى , وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله يقول الفضيل بن عياض : لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا في السلطان قيل له : يا أبا علي فسر لنا هذا؟ قال : إذا جعلتها في نفسي لم تعدني , وإذا جعلتها في السلطان صلح فصلح بصلاحه العباد والبلاد , فأمرنا أن ندعو لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعو عليهم , وإن جاروا وظلموا لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين .
شرح السنة (51)
وقال شيخ الإسلام : وقد قيل للشعبي في فتنة ابن الأشعث أين كنت يا عامر قال كنت حيث يقول الشاعر
عوى الذئب فاستأنست بالذئب إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير
أصابتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياءولا فجرة أقوياء.
وكان الحسن البصري يقول: إن الحجاج عذاب الله فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع ؛ فإن الله تعالى يقول :{ ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون } وكان طلق بن حبيب يقول: اتقوا الفتنة بالتقوى . فقيل له: أجمل لنا التقوى ؟ فقال: أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو رحمة الله , وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عذاب الله . رواه أحمد وابن أبي الدنيا.
وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث , ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم , وصاروا يذكرون هذا في عقائدهم , ويأمرون بالصبر على جورالأئمة وترك قتالهم , وإن كان قد قاتل في الفتنة خلق كثير من أهل العلم والدين .(1/107)
وباب قتال أهل البغي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشتبه بالقتال في الفتنة وليس هذا موضع بسطه , ومن تأمل الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب واعتبر أيضا اعتبار أولي الأبصار علم أن الذي جاءت به النصوص النبوية خير الأمور , ولهذا لما أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتبا كثيرة أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج , وغلب على ظنهم أنه يقتل حتى إن بعضهم قال : أستودعك الله من قتيل, وقال بعضهم: لولا الشفاعة لأمسكتك ومنعتك من الخروج , وهم في ذلك قاصدون نصيحته طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين , والله ورسوله إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد لكن الرأي يصيب تارة ويخطيء أخرى
فتبين أن الأمر على ما قاله أولئك , ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتلوه مظلوما شهيدا, وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده ؛ فإن ما قصده من تحصيل الخير ودفع الشر لم يحصل منه شيء بل زاد الشر بخروجه وقتله ونقص الخير بذلك , وصار ذلك سببا لشر عظيم , وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن .
وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتلاهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد , وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد , ولهذا أثنى النبي صلى الله عليه وسلم على الحسن بقوله: إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين , ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة , ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة , ولا مفارقة للجماعة .
منهاج السنة (4|531)
وقال بن حجر في الفتح (13/8)(1/108)
وفي حديث عمر في مسنده للإسماعيلي من طريق أبي مسلم الخولاني عن أبي عبيدة بن الجراح عن عمر رفعه قال: أتاني جبريل فقال: إن أمتك مفتتنة من بعدك ، فقلت: من أين ؟ قال: من قبل أمرائهم وقرائهم يمنع الأمراء الناس الحقوق فيطلبون حقوقهم فيفتنون , ويتبع القراء هؤلاء الأمراء فيفتنون .
قلت: فكيف يسلم من سلم منهم ؟ قال: بالكف والصبر إن أعطوا الذي لهم أخذوه , وإن منعوه تركوه.
وقال ابن بطال في الحديث - حديث- من كره من أميره شيئا فليصبر ؛ فإنه من خرج من السلطان مات ميتة جاهلية .
حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جار , وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه , وأن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء , وحجتهم هذا الخير وغيره مما يساعده , ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح ؛ فلا تجوز طاعته في ذلك بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها كما في الحديث الذي بعده.
متى يخرج على السلطان ؟
قال ابن حجر في حديث : عندكم من الله فيه برهان أي: نص آية أو خبر صحيح لا يحتمل التأويل ؛ ومقتضاه أنه لا يجوز الخروج عليهم ما دام فعلهم يحتمل التأويل .
قال النووي : المراد بالكفر هنا المعصية , ومعنى الحديث لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام ؛ فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحق حيثما كنتم .
وقال غيره : المراد بالإثم هنا المعصية والكفر فلا يعترض على السلطان إلا إذا وقع في الكفر الظاهر , والذي يظهر حمل رواية الكفر على ما إذا كانت المنازعة في الولاية فلا ينازعه بما يقدح في الولاية إلا إذا ارتكب الكفر .(1/109)
وحمل رواية المعصية على ما إذا كانت المنازعة فيما عدا الولاية ؛ فإذا لم يقدح في الولاية نازعه في المعصية بأن ينكر عليه برفق , ويتوصل إلى تثبيت الحق له بغير عنف ومحل ذلك إذا كان قادرا , والله أعلم .
ونقل ابن التين عن الداودي قال: الذي عليه العلماء في أمراء الجور أنه إن قدر على خلعه بغير فتنة ولا ظلم وجب وإلا فالواجب الصبر , وعن بعضهم لا يجوز عقد الولاية لفاسق ابتداء ؛ فإن أحدث جورا بعد أن كان عدلا فاختلفوا في جواز الخروج عليه , والصحيح المنع إلا أن يكفر فيجب الخروج عليه .
الفتح (13/11)
وروى البخاري عن عبادة بن الصامت قال: فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان.
البخاري (7056)
قال ابن حجر : ووقع عند الطبراني من رواية أحمد بن صالح عن ابن وهب في هذا الحديث كفرا صراحا , ووقع في رواية حبان أبي النضر المذكورة : إلا أن يكون معصية لله بواحا , وعند أحمد من طريق عمير بن هاني عن جنادة ما لم يأمروك بإثم بواح.
الفتح (13/10)
وقال ابن حجر رحمه الله في شرح حديث حذيفة : والذي يظهر أن المراد بالشر الأول ما أشار إليه من الفتن الأولى , وبالخير ما وقع من الاجتماع مع علي ومعاوية , وبالفتن ما كان في زمنهما من بعض الأمراء كزياد بالعراق , وخلاف من خالف عليه من الخوارج , وبالدعاة على أبواب جهنم من قام في طلب الملك من الخوارج وغيرهم , وإلى ذلك الإشارة بقوله : إلزم جماعة المسلمين وإمامهم يعني ولو جار , ويوضح ذلك رواية أبي الأسود : ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك .
الفتح (13/40)
قلت : وليتأمل القاريء رواية أبي الأسود عند مسلم في صحيحه : فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.
فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالطاعة: ولو ضرب ظهرك وأخذ مالك .
مسلم في صحيحه (1847)(1/110)
وقال الشعبي: يأتي على الناس زمان يصلون فيه على الحجاج.
السنة للخلال (525)
وسئل الإمام أحمد عن طاعة السلطان فقال بيده : عافا الله السلطان ؛ تنبغي - سبحان الله - السلطان.
السنة للخلال (76)
وقال الشعبي: وأطع الإمام , وإن كان عبدا حبشيا.
السنة للخلال (79)
وأورد الخلال عن محمد بن يحيى أنه قال لأبي عبد الله : يروى عن الفضيل أنه قال : وددت أن الله عز وجل زاد في عمر هارون , ونقص من عمري . قال: نعم يروي هذا عنه . وقال : يرحم الله الفضيل كان يخاف أن يجيء أشر منه .
وقال الإمام أحمد : رأيت الفتنة معلقة بالسلطان.
السنة للخلال (82)
وعن صالح بن أحمد أن أباه حدثه أنه قال لابن الكلبي والمظفر رسولي الخليفة : أرى طاعته في العسر واليسر والمنشط والمكره والأثر , وإني لآسف على تخلفي عن الصلاة جماعة , وعن حضوري الجمعة ودعوة المسلمين.
وقال عن حنبل في هذه المسألة: وإني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار والتأييد , وأرى له ذلك واجبا علي.
وقال أبو بكر المروذي قال: سمعت أبا عبد الله وذكر الخليفة المتوكل -رحمه الله - فقال: إني لأدعو له بالصلاح والعافية وقال: لإن حدث به حدث لتنظرن ما يحل بالإسلام.
السنة للخلال (84)
إنكار علماء السلف الخروج على السلاطين والأمراء
قال شيخ الإسلام : ومما ينبغي أن يعلم أن أسباب هذه الفتن تكون مشتركة فيرد على القلوب من الواردات ما يمنع القلوب عن معرفة الحق وقصده , ولهذا تكون بمنزلة الجاهلية والجاهلية ليس فيها معرفة الحق ولا قصده والإسلام جاء بالعلم النافع والعمل الصالح بمعرفة الحق وقصده؛ فيتفق أن بعض الولاة يظلم باستئثار فلا تصبر النفوس على ظلمة , ولا يمكنها دفع ظلمة إلا بما هو أعظم فسادا منه ولكن لأجل محبة الإنسان لأخذ حقه ودفع الظلم عنه لا ينظر في الفساد العام الذي يتولد عن فعله
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم إنكم ستلقون بعدي أثرة فأصبروا حتى تلقوني على الحوض(1/111)
وفي الصحيح من حديث أنس بن مالك وأسيد بن حضير رضي الله عنهما أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما اتعملت فلانا؟ قال : ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض .
وفي رواية للخباري عن يحيى بن سعيد الأنصاري سمع أنس بن مالك حين خرج معه إلى الوليد قال: دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار إلى أن يقطع لهم البحرين فقالوا: لا إلا أن تقطع لإخواننا من المهاجرين مثلها. فقال: أما لا فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ؛ فإنه ستصيبكم أثرة بعدي .
وكذلك ثبت عنه في الصحيح أنه قال : على المرء المسلم السمع والطاعة في يسره وعسره ومنشطه ومكرهه وأثرة عليه .
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن عبادة قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا , وأثرة علينا , وأن لا ننازع الأمر أهله, وأن نقول أو نقوم بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم .
فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين بأن يصبروا على الاستئثار عليهم , وأن يطيعوا ولاة أمورهم , وإن استأثروا عليهم , وأن لا ينازعوهم الأمر , وكثير ممن خرج على ولاة الأمور أو أكثرهم إنما خرج لينازعهم مع استئثارهم عليه , ولم يصبروا على الاستئثار ثم إنه يكون لولي الأمر ذنوب أخرى فيبقى بغضه لاستئثاره يعظم تلك السيئات , ويبقى المقاتل له ظانا أنه يقاتله لئلا تكون فتنة , ويكون الدين كله لله , ومن أعظم ما حركه عليه طلب غرضه إما ولاية وإما مال ... فإذا اتفق من هذه الجهة شبهة وشهوة, ومن هذه الجهة شهوة وشبهة قامت الفتنة, والشارع أمر كل إنسان بما هو المصلحة له وللمسلمين ؛ فأمر الولاة بالعدل والنصح لرعيتهم حتى قال ما من راع يسترعيه الله رعية يموت يوم وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه رائحة الجنة .(1/112)
وأمر الرعية بالطاعة والنصح كما ثبت في الحديث الصحيح : الدين النصيحة ثلاثا قالوا : لمن يا رسول الله؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وأمر بالصبر على استئثارهم , ونهى عن مقاتلتهم ومنازعتهم الأمر مع ظلمهم ؛ لأن الفساد الناشيء من القتال في الفتنة أعظم من فساد ظلم ولاة الأمر فلا يزال أخف الفسادين بأعظمهما .
منهاج السنة (4|542)
انكار الإمام أحمد على سعيد بن جبير -رحمه الله-
روى الخلال بسنده عن أبي المعلى العطار قال: كنت أمشي مع سعيد بن جبير فنظر إلى امرأة قد تخمرت مصلبا فطرف لها فقلت: سبحان الله تطرف لها وهي منك غير محرم فقال: إن من المعروف ما لا يؤمر إلا بالسيف . قال مذكور فذكرت ذلك لأحمد بن حنبل فقال : سعيد بين جبير لم يرض فعله.
السنة للخلال (131)
وفي السنة للخلال عن أبي بكر المروزي قال: سمعت أبا عبد الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكارا شديدا.
وعن أبي الحارث قال: سألت أبا عبد الله في أمر كان حدث ببغداد , وهم قوم بالخروج فقلت : يا أبا عبد الله ما تقول في الخروج مع هؤلاء القوم فأنكر ذلك عليهم وجعل يقول: سبحان الله الدماء الدماء لا أرى ذلك , ولا آمر به الصبر على ما نحن فيه خير من الفتنة يسفك فيها الدماء , ويستباح فيها الأموال , وينتهك فيها المحارم أما علمت ما كان الناس فيه يعني أيام الفتنة .
قلت: والناس اليوم أليس هم في فتنة يا أبا عبد الله؟ قال: وإن كان فإنما هي فتنة خاصة ؛ فإذا وقع السيف عمت الفتنة وانقطعت السبل الصبر على هذا ويسلم لك دينك خير لك , ورأيته ينكر الخروج على الأئمة وقال: الدماء لا أرى ذلك ولا آمر به.
السنة للخلال (133)(1/113)
وفي رواية فيها ضعف عنه في ولاية الواثق : اجتمع فقهاء بغداد إلى أبي عبد الله أبو بكر بن عبيد وإبراهيم بن علي المطبخي وفضل بن عاصم فجاؤوا إلى أبي عبد الله فاستأذنت لهم فقالوا : يا أبا عبد الله هذا الأمر قد تفاقم , وفشا يعنون إظهاره لخلق القرآن وغير ذلك .
فقال لهم أبو عبد الله : فما تريدون؟ قالوا: أن نشاورك في أنا لسنا نرضى بإمرته , ولا سلطانه ؛ فناظرهم أبو عبد الله ساعة , وقال لهم: عليكم بالنكرة بقلوبكم , ولا تخلعوا يدا من طاعة , ولا تشقوا عصا المسلمين , ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم انظروا في عاقبة أمركم , واصبروا حتى يستريح بر أو يستراح من فاجر.
السنة للخلال (134)
وعن سفيان قال نأخذ بقول عمر - رحمه الله - في الجماعة وبقول ابنه في الفرقة.
السنة للخلال (138)
قول عمر أمره بالسمع والطاعة , ولو لعبد حبشي مجدع الأطراف.
وقول ابنه عبد الله ما روى البخاري في صحيحه (7111) عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة , وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله , وإني لا أعلم غدرا من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال , وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه , ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه.
و ما أخرجه مسلم وفيه جاء عبد الله بن عمر إلى عبد الله بن مطيع حين كان من أمر الحرة ما كان زمن يزيد بن معاوية وكان عبد الله بن مطيع ممن خلع يزيد وخرج عليه فقال: اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة فقال: إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله يقوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة الجاهلية .
رواه مسلم(1851)
وقال سفيان النوري : لو أدركت عليا ما خرجت معه.(1/114)
قال الإمام أحمد : هذا علي -رضي الله عنه - لم يضبط الناس فكيف اليوم والناس على هذا الحال ونحوه , والسيف لا يعجبني أيضا.
السنة للخلال (140)
وقال أبو بكر المروذي سمعت أبا عبد الله يأمر بكف الدماء وينكر الخروج إنكارا شديدا .
وأنكر أمر سهل بن سلامة وقال: كان بيني وبين حمدون بن شبيب أنس وكان يكتب لي ؛ فلما خرج مع سهل جفوته بعد , وكان قد خرج ذاك الجانب فذهبت أنا وابن مسلم فعاتبناه وقلت: أيش حملك فكأنه ندم أو رجع.
السنة للخلال (140)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : ولهذا كان المشهور من مذهب أهل السنة أنهم لا يرون الخروج على الأئمة وقتالهم بالسيف , وإن كان فيهم ظلم كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم لأن الفساد في القتال والفتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ولا فتنة فلا يدفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما , ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
منهاج السنة النبوية (3/391)
وقال رحمه الله : وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمرو سعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد , وكما كان الحسن البصري ومجاهد وغيرهما ينهون عن الخروج في فتنة ابن الأشعث , ولهذا استقر أمر أهل السنة على ترك القتال في الفتنة للأحاديث الصحيحة الثابتة.
منهاج السنة (4/529)
وقال رحمه الله : ولهذا كان من أصول أهل السنة والجماعة لزوم الجماعة , وترك قتال الأئمة وترك القتال في الفتنة .
وأما أهل الأهواء -كالمعتزلة فيرون القتال للأئمة من أصول دينهم , ويجعل المعتزلة أصول دينهم خمسة التوحيد الذي هو سلب الصفات , والعدل الذي هو التكذيب بالقدر, والمنزلة بين المنزلتين , وإنفاذ الوعيد , والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والذي منه قتال الأئمة.(1/115)
وقد تكلمت على قتال الأئمة في غير هذا الموضع , وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت ؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد ؛ فإن الأمر والنهي , وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له ؛ فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة ؛ فمتى قدر الإنسان على اتباع النصوص لم يعدل عنها , وإلا اجتهد برأيه لمعرفة الاشباه والنظائر , وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالتها على الأحكام.
مجموع الفتاوى (28/129)
وقال علي بن أبي طالب : لا بد للناس من إمارة برة كانت أو فاجرة , فقيل يا أمير المؤمنين هذه البرة قد عرفناها فما بال الفاجرة ؟ فقال: يقام بها الحدود , وتأمن بها السبل , ويجاهد بها العدو , ويقسم بها الفيء .
مجموع الفتاوي (28/297)
من أسباب الفتن مناصحة ولاة الأمر علانية
روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل قال: قيل لأسامة : ألا تكلم هذا؟ قال: قد كلمته من دون أن أفتح بابا أكون أول من يفتحه , وما أنا بالذي أقول لرجل بعد أن يكون أميرا على رجلين أنت خير بعد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يجاء برجل فيطرح في النار فيطحن فيها كما يطحن الحمار برحاه فيطيف به أهل النار فيقولون أي فلان ألست كنت تأمرنا بالمعروف , وتنهى عن المنكر فيقول :إني كنت آمر بالمعروف , ولا أفعله وأنهى عن المنكر وأفعله.
البخاري في صحيحه (7098)(1/116)
قال ابن حجر في الفتح : قال المهلب: أرادوا من أسامة أن يكلم عثمان , وكان من خاصته وممن يخف عليه شأن الوليد بن عقبة لأنه كان ظهر عليه ريح نبيذ وشهر أمره , وكان أخا عثمان لأمه وكان يستعمله.فقال : أسامة قد كلمته سرا دون أن أفتح بابا أي باب الإنكار على الأئمة علانية خشية أن تفترق الكلمة ثم عرفهم أنه لا يداهن أحد , ولو كان أميرا بل ينصح له في أسر جهده .
وقال عياض : مراد أسامة أنه لا يفتح باب المجاهرة بالنكير على الإمام لما يخشى من عاقبته ذلك بل يتلطف به , وينصحه سرا فذلك أجدر بالقبول.
الفتح (13/57)
وعن سعيد بن جمهان قال : أتيت عبد الله بن أبي أوفى وهو محجوب البصر فسلمت عليه فقال : من أنت ؟ قلت : أنا سعيد بن جمهان قال : ما فعل والدك ؟ قلت : قتلته الأزارقة قال : لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلاب النار . قلت : الأزارقة وحدهم أو الخوارج كلها ؟ قال : بل الخوارج كلها . قلت : فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم ويفعل بهم ويفعل ؟ فتناول بيدي فغمزها غمزة شديدة ثم قال : يا ابن جمهان عليك بالسواد الأعظم ؛ فإن كان السلطان يسمع منك فائته في بيته فأخبره بما تعلم فإن قبل منك وإلا فدعه فلست بأعلم منه .
أحمد (4|382) من طريق أبي النضر ثنا الحشرج بن نباتة العبسي حدثني سعيد بن جمهان قال : أتيت عبد الله بن أبي أوفى .
وهذا إسناد حسن وحشرج مقبول .
وقال الهيثمي : رواه الطبراني وأحمد ورجال أحمد ثقات .
مجمع الزوائد (6|232)
تتبع تاريخي لما أحدثه الخروج على الخلفاء والسلاطين من فتن وبلايا وبعض فتن الخوارج في التاريخ
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا , وكان في خروجها من الفتن ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
منهاج السنة النبوية (3/391)(1/117)
مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وما أعقبه من حروب وأحداث من أسبابه الخروج على الخلفاء والسلاطين.
انظر سبب تآلب الخوارج عليه وصفة مقتله رضي الله عنه
البداية والنهاية (7/174-192-193)
وعن أبي سعيد مولى أبي سعيد الخدري قال: سمع عثمان بن عفان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا فاستقبلهم , وكان في قرية خارجا من المدينة؛ فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه. قالوا : كره أن تقدموا عليه المدينة أو نحو ذلك فأتوه فقالو له : ادع بالمصحف قال : فدعا بالمصحف فقالوا له: افتح السابعة , وكانوا يسمون سورة يونس السابعة فقرأ حتى أتى على هذه الآية :{قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون } فقالوا له : أرأيت ما حمي من حمى الله آلله أذن لك أم على الله تفتري؟ فقال : أمضه نزلت في كذا وكذا , وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة؛ فلما وليت حميت لإبل الصدقة أمضه , فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول: أمضه نزلت في كذا وكذا , قال : وكان الذي يلي كلام عثمان في سنك ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج فعرفها , فقال : استغفر الله وأتوب إليه ثم قال لهم : ما تريدون؟ قالوا: فأخذوا ميثاقه وكتب عليهم شرطا ثم أخذعليهم أن لايشقوا عصا, ولا يفارقوا جماعة ما قام لهم بشرطهم أو كما أخذوا عليه. فقال لهم : ما تريدون ؟ قالوا: نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء؛ فإنما هذا المال لمن قاتل عليه, ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فرضوا وأقبلوا معه إلى المدينة راضين . قال : فقام خطيبهم فقال : إني والله ما رأيت وفدا في الأرض هم خير من هذا الوفد الذين من أهل مصر ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه , ومن كان له ضرع فيحتلب ألا إنه لا مال لكم عندنا إنما هذا المال لمن قاتل عليه , ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال فغضب الناس وقالوا : هذا مكر بني أمية .(1/118)
ثم رجع الوفد المصريون راضين فبينما هم في الطريق إذا هم براكب يتعرض لهم ويفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم قالوا له : مالك إن لك أمرا ما شأنك؟ فقال: أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه ؛ فإذا هم بالكتاب معه على لسان عثمان عليه خاتمه إلى عامله بمصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ؛ فأقبلوا حتى قدموا المدينة فأتوا عليا فقالوا : ألم تر إلى عدو الله يكتب فينا كذا وكذا , وإن الله قد أحل دمه قم معنا إليه. قال : والله لاأقوم معكم إليه. قالوا: فلم كتبت إلينا؟ قال: والله ما كتبت إليكم كتابا قط .قال : فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا : لهذا تقتلون أم لهذا تغضبون فانطلق علي يخرج من المدينة إلى القرية فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا له: كتبت فينا كذا وكذا, وإن الله قد أحل دمك فقال: إنهما اثنان أن تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني بالله الذي لاإله إلا هو ما كتبت ولا أمليت ولا علمت , وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل , وقد ينقش الخاتم على الخاتم. قالوا : فوالله لقد أحل الله دمك بنقض العهد والميثاق . قال : فحاصروه فأشرف عليهم وهو محصور ذات يوم فقال: السلام عليكم قال أبو سعيد : فوالله ما أسمع أحدا من الناس رد عليه إلا أن يرد الرجل في نفسه .فقال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل علمتم ؟ قال : فذكر شيئا في شأنه, وذكر أيضا أرى كتابته المفصل بيده ففشا النهي فجعل يقول للناس: مهلا عن أمير المؤمنين فقام الأشتر: فلعله قد مكر به وبكم . قال: فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم فلم تأخذ فيهم الموعظة , وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها ؛ فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم . قال : ثم إنه فتح الباب ووضع المصحف بين يديه , وذاك أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: يا عثمان أفطر عندنا الليلة . قال أبي : فحدثني الحسن أن(1/119)
محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته فقال : لقد أخذت مني مأخذا أو قعدت مني مقعدا ما كان أبوك ليقعده أو ليأخذه , فخرج وتركه ودخل عليه رجل يقال له الموت الأسود فخنقه ثم خنقه ثم خرج فقال: والله لقد خنقته فما رأيت شيئا ألين من حلقه حتى رأيت نفسه تردد في جسده كنفس الجانة. قال: فخرج وتركه .
وقال في حديث أبي سعيد دخل عليه رجل فقال: بيني وبينك كتاب الله فخرج وتركه ثم دخل عليه آخر . فقال: بيني وبينك كتاب الله تعالى فأهوى بالسيف واتقاه عثمان بيده فقطعها ؛ فما أدري أبانها أم قطعها ولم يبنها. قال عثمان : أما والله إنها أول كف خطت المفصل . قال : وقال في غير حديث أبي سعيد : فدخل عليه التجيبي فأشعره مشقصا فانتضح الدم على هذه الآية :{فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم } قال : فإنها في المصحف ما حكت بعد قال : فأخذت بنت القرافصة حليها فوضعته في حجرها , وذلك قبل أن يقتل ؛ فلما أشعر أو قتل تفاجت عليه فقال بعضهم : قاتلها الله ما أعظم عجيزتها. قال أبو سعيد: فعلمت أن أعداء الله لم يريدوا إلا الدنيا.
المقاصد العالية (4/286) وعزاه لإسحق وقال: رجاله ثقات سمع بعضهم من بعض.
وبمقتله رضي الله عنه نشبت الفتن في الناس بعد ذلك
عن أبي ليلى الكندي قال: أشرف علينا عثمان يوم الدار فقال : أيها الناس لا تقتلوني ؛ فإنكم إن قتلتموني كنتم هكذا وشبك بين أصابعه.
المطالب العالية (4/289) وعزاه لأحمد بن منيع.
وعن عبد الله بن سلام أنه قال: إن الملائكة لم تزل محيطة بمدينتكم هذه منذ قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم , والله لئن قتلتموه لتذهبن ثم لا تعود إليكم أبدا , وإن السيف لم يزل مغمودا فيكم ؛ فوالله لئن قتلتموه ليسلنه الله عليكم ثم لا يغمده عنكم أبدا أو قال إلى يوم القيامة , وما قتل نبي إلا قتل به سبعون ألفا , ولا قتل خليفة إلا قتل به خمسة وثلاثون ألفا , وذكر أنه قتل على دم يحيى بن زكرياء سبعون ألفا.(1/120)
المطالب العالية (4/287)
وقال البوصيري في إتحاف الخيرة : رواه إسحق بسند صحيح.
وفي رواية عن عبد الله بن مغفل قال : كان عبد الله بن سلام يأتي على أتان من أرض له يوم الجمعة فذكر الحديث قال: كان عبد الله بن سلام يجيء من أرض له يوم الجمعة فيبكر ؛ فإذا قضى الصلاة أتى أرضه فلما هاج الناس بعثمان . قال لهم عبدالله بن سلام : لا تقتلوه واستبقوه فوالذي نفسي بيده ما قتلت أمة نبيها فأصلح الله ذات بينهم حتى يهريقوا دماء سبعين ألفا , وما هلكت أمة قط حتى يرفعوا القرآن على السلطان ثم قال لهم : لا تقتلوه واستبقوه قال : فما نظروا فيما قال , فقتلوه فجلس على طريق علي بن أبي طالب حتى أتاه علي فقال له : أين تريد؟ قال : العراق . قال : لاتأت العراق , وعليك بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فالزمه , ولا أدري هل ينجيك؛ فوالله لئن تركته لا تراه أبدا . فقال من حوله: دعنا نقتله؟ فقال علي : إن عبد الله ين سلام منا رجل صالح. قال ابن مغفل : وكنت استأذنت ابن سلام في أرض إلى جنب أرضه أن أشتريها فقال لي بعد ذلك : هذا رأس أربعين سنة, وسيكون عندها صلح فاشتريها .
قال سليمان : فقلت لحميد كيف يرفعون القرآن على السلطان ؟
قال: ألم نر إلى الخوارج كيف يتأولون القرآن على السلطان .
المطالب العالية (4/288) وعزاه لإسحق
وقال البوصيري في الإتحاف :رواته ثقات.
قتال الجمل وصفين وما أعقبه من فتن من أسبابه الخروج على عثمان رضي الله عنه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : وأما قتال الجمل وصفين فكان قتال فتنة كرهه فضلاء الصحابة والتابعين لهم بإحسان وسائر العلماء كما دلت عليه النصوص حتى الذين حضروه كانوا كارهين له ؛ فكان كارهه في الأمة أكثر وأفضل من حامده.
منهاج السنة (5/153)
خروج الخوارج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتاله لهم.(1/121)
عن قيس بن عماد قال: كف علي عن قتال النهروان حتى تحدقوا فانطلقوا فأتوا على عبد الله بن خباب وهو في قرية له قد تنحى عن الفتنة فأخذوه. قال : فرأوا تمرة وقعت من رأس نخلة فأخذها رجل منهم فجعلها في فيه . فقالوا: تمرة من تمر أهل العهد أخذتها بغير ثمن. قال: فلفظها . قال : وأتوا على خنزير صفحه أحدهم بسيفه فقتله . فقالوا: خنزير من خنازير أهل العهد قتلته. فقال لهم عبد الله بن خباب: ألا أنبئكم أخبركم بمن هو أعظم عليكم حقا من هذه التمرة , وهذا الخنزير قالوا: من؟ قال: أنا أراه . قال : ما تركت صلاة منذ بلغت ولا صيام رمضان وعدد أشياء فقربوه فقتلوه فبلغ عليا فأمر بالمسيرلا إليهم . وقال : الله أكبر وقال لأصحابه: اسطوا عليهم فوالله لا يقتل منكم عشرة , ولا يفر منهم عشرة وكان كذلك , وقال علي : اطلبوا رجلا صفته كذا وكذا فطلبوه فلم يجدوه ثم طلبوه فوجدوه ...
المطالب العالية (4/320) وعزاه لمسدد.
قتل الخوارج لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه
عن أبي الأسود سمعت عليا يقول : أتاني عبد الله بن سلام وقد أدخلت رجلي في الغرز . فقال لي: أين تريد؟ فقلت العراق فقال: أما إنك إن جئتها ليصيبنك بها ذباب السيف . قال علي : وأيم الله لقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبله يقوله فسمعت أبي يقول : فعجبت منه , وقلت: رجل محارب يحدث عن نفسه بمثل هذا .
المطالب العالية (4/322) وعزاه للحميدي وابن أبي عمر وأبي يعلى.
وعن عبيد الله بن أنس مرسلا : أشقى الأوليين عاقر الناقة وأشقى الآخرين الذي يطعنك يا علي وأشار إلى حيث يطعن.(1/122)
قال ابن حجر : حديث جابر بن سمرة قال صلى الله عليه وسلم لعلي : من أشقى الأولين؟ قال: عاقر الناقة. قال : فمن أشقى الآخرين؟ قال: الله ورسوله أعلم قال : قاتلك . أخرجه الطبراني , وله شاهد من حديث عمار بن ياسر عند أحمد , ومن حديث صهيب عند الطبراني , وعن علي نفسه عند أبي يعلى بإسناد لين , وعند البزار بإسناد جيد .
الفتح (7|74)
قال ابن كثير رحمه الله في بيان صفة مقتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه
ذكر ابن جرير وغير واحد من علماء التاريخ والسير وأيام الناس أن ثلاثة من الخوارج وهم عبد الرحمن بن عمرو المعروف بابن ملجم الحميري ثم الكندي حليف بني حنيفة من كندة المصري , وكان أسمر حسن الوجه أبلح شعره مع شحمة أذنيه , وفي وجهه أثر السجود , والبرك بن عبد الله التميمي وعمرو بن بكر التميمي أيضا اجتمعوا فتذاكروا قتل علي إخوانهم من أهل النهروان فترحموا عليهم وقالوا : ماذا نصنع بالبقاء بعدهم كانوا لا يخافون في الله لومة لائم فلو شرينا أنفسنا ؛ فأتينا أئمة الضلال فقتلناهم فأرحنا منهم البلاد وأخذنا منهم ثأر إخواننا .
فقال ابن ملجم : أما أنا فأكفيكم على ابن أبي طالب .
وقال البرك : وأنا أكفيكم معاوية .
وقال عمرو بن بكر : وأنا أكفيكم عمرو بن العاص فتعاهدوا وتواثقوا أن لا ينكص رجل منهم عن صاحبه حتى يقتله أو يموت دونه ؛ فأخذوا أسيافهم فسموها , واتعدوا لسبع عشرة من رمضان أن يبيت كل واحد منهم صاحبه في بلده الذي هو فيه .(1/123)
فأما ابن ملجم فسار إلى الكوفة فدخلها , وكتم أمره حتى عن أصحابه من الخوارج الذين هم بها فبينما هو جالس في قوم من بني الرباب يتذاكرون قتلاهم يوم النهروان إذ أقبلت امرأة منهم يقال قطام بنت الشجنة قد قتل علي يوم النهروان أباها وأخاها , وكانت فائقة الجمال مشهورة به , وكانت قد انقطعت في المسجد الجامع تتعبد فيه؛ فلما رآها ابن ملجم سلبت عقله ونسي حاجته التي جاء لها وخطبها إلى نفسها فاشترطت عليه ثلاثة آلاف درهم وخادما وقينة , وأن يقتل لها علي بن أبي طالب قال : فهو لك ووالله ما جاء بي إلى هذه البلدة إلا قتل علي فتزوجها ودخل بها ثم شرعت تحرضه على ذلك , وندبت له رجلا من قومها من تيم الرباب يقال له وردان ليكون معه ردءا , واستمال عبد الرحمن بن ملجم رجلا آخر يقال له شبيب بن نجدة الأشجعي الحروري قال له ابن ملجم : هل لك في شرف الدنيا والآخرة فقال : وما ذاك قال: قتل علي فقال: ثكلتك أمك لقد جئت شيئا إدا كيف تقدر عليه قال : أكمن له في المسجد ؛ فإذا خرج لصلاة الغداة شددنا عليه فقتلناه ؛ فإن نجونا شفينا أنفسنا وأدركنا ثأرنا , وإن قتلنا فما عند الله خير من الدنيا .
فقال : ويحك لو غير علي كان أهون على قد عرفت سابقته في الإسلام وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فما أجدني أنشرح صدرا لقتله فقال : أما تعلم أنه قتل أهل النهروان فقال : بلى قال : فنقتله بمن قتل من أخواننا فأجابه إلى ذلك بعد لأي .(1/124)
ودخل شهر رمضان فواعدهم ابن ملجم ليلة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت وقال : هذه الليلة التي واعدت أصحابي فيها أن يثأروا بمعاوية وعمرو بن العاص فجاء هؤلاء الثلاثة وهم ابن ملجم ووردان وشبيب , وهم مشتملون على سيوفهم فجلسوا مقابل السدة التي يخرج منها علي فلما خرج جعل ينهض الناس من النوم إلى الصلاة ويقول : الصلاة الصلاة ؛ فثار إليه شبيب بالسيف فضربه فوقع في الطاق فضربه ابن ملجم بالسيف على قرنه فسال دمه على لحيته رضي الله عنه , ولما ضربه ابن ملجم قال: لاحكم إلا لله ليس لك يا علي ولا لأصحابك , وجعل يتلو قوله تعالى :{ ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد} ونادى علي : عليكم به وهرب وردان فأدركه رجل من حضرموت فقتله , وذهب شبيب فنجا بنفسه وفات الناس , ومسك ابن ملجم , وقدم على جعدة بن هبيرة بن أبي وهب فصلى بالناس صلاة الفجر , وحمل علي إلى منزله وحمل إليه عبد الرحمن بن ملجم فأوقف بين يديه وهو مكتوف قبحه الله.
فقال له : أي عدو الله ألم أحسن إليك قال: بلى قال: فما حملك على هذا؟
قال : شحذته أربعين صباحا وسألت الله أن يقتل به شر خلقه .
فقال له على : لا أراك إلا مقتولا به, ولا أراك إلا من شر خلق الله ثم قال :إن مت فاقتلوه , وإن عشت فأنا أعلم كيف أصنع به .
البداية والنهاية (7|339)
خروج الخوارج على معاوية رضي الله عنه وقتالهم له لما سار إلى الكوفة بعد اجتماع الناس عليه.
البداية والنهاية (8/23)
مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما من أسبابه الخروج في طلب الإمارة أولا
قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (8/152) قصة الحسين بن علي وسبب خروجه من مكة في طلب الإمارة وكيفية مقتله ..(1/125)
..فلما آلت الخلافة إلى أخيه أي الحسن , وأراد أن يصالح شق ذلك عليه , ولم يسدد رأي أخيه في ذلك بل حثه على قتال أهل الشام فقال له أخوه : والله لقد هممت أن أسجنك في بيت وأطبق عليك بابه حتى أفرغ من هذا الشأن ثم أخرجك فلما رأى الحسين ذلك سكت وسلم ؛ فلما استقرت الخلافة لمعاوية كان الحسين يتردد إليه مع أخيه الحسن فيكرمهما معاوية إكراما زائدا , ويقول لهم مرحبا وأهلا ويعطيهما عطاء جزيلا...
ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية كان الحسين ممن امتنع من مبايعته هو وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وابن عمر وابن عباس ...
البداية والنهاية (8/153)
وقال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (8/161) في صفة مخرج الحسين إلى العراق
: لما تواترت الكتب إلى الحسين من جهة أهل العراق , وتكررت الرسل بينهم وبينه وجاءه كتاب مسلم بن عقيل بالقدوم عليه بأهله ثم وقع في غبون ذلك ما وقع من قتل مسلم بن عقيل , والحسين لا يعلم شيء من ذلك بل قد عزم على المسير إليهم والقدوم عليهم فاتفق خروجه من مكة أيام التروية قبل مقتل مسلم بيوم واحد ؛ فإن مسلما قتل يوم عرفة فلما استشعر الناس خروجه أشفقوا عليه من ذلك وحذروه منه , وأشار عليه ذوي الرأي منهم والمحبة له بعدم الخروج إلى العراق وأمروه بالمقام بمكة , وذكروه ما جرى لأبيه وأخيه معهم. قال سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاووس عن ابن عباس قال : استشارني الحسين بن علي في الخروج فقلت : لولا أن يزري بي وبك الناس لنشبت يدي في رأسك فلم أتركك تذهب..(1/126)
وقال غير واحد عن شبابة بن سوار قال: حدثنا يحيى بن إسماعيل بن سالم الأسدي قال سمعت الشعبي يحدث عن ابن عمر أنه كان بمكة فبلغه أن الحسين بن علي قد توجه إلى العراق ؛ فلحقه على مسيره ثلاث ليال فقال: أين تريد؟ قال: العراق , وإذا معه طوامير وكتب فقال: هذه كتبهم وبيعتهم. فقال: لا تأتيهم فأبى قال ابن عمر : إني محدثك حديثا إن جبريل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وخيره بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة ولم يرد الدنيا ؛ وإنك بضعة من رسول الله , والله ما يليها أحد منكم أبدا , وما صرفها عنكم إلا للذي هو خير لكم؛ فأبى أن يرجع قال : فاعتنقه ابن عمر فبكى , وقال: أستودعك من قتيل .
البداية والنهاية (8/162)
وانظر صفة مقتله رضي الله عنه (8/174)
مقولة أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قتل بسيف جده مقولة خاطئة .
قال ابن خلدون في مقدمته : وأما الحسين فإنه لما ظهر فسق يزيد عند الكافة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين أن يأتيهم فيقوموا بأمره فرأى الحسين أن الخروج على يزيد متعين من أجل فسقه لا سيما من له القدرة على ذلك, وظنها من نفسه بأهليته وشوكته...
وأما غير الحسين من الصحابة الذين كانوا بالحجاز ,ومع يزيد بالشام والعراق من التابعين لهم فرأوا أن الخروج على يزيد , وإن كان فاسقا لا يجوز لما ينشأ عنه من الهرج والدماء فأقصروا عن ذلك , ولم يتابعوا الحسين , ولا أنكروا عليه , ولا أثموه لأنه مجتهد , وهو أسوة المجتهدين ...
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه أن الحسين قتل بشرع جده وهو غلط. ..
المقدمة (171)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : وصار الناس في قتل الحسين رضي الله عنه ثلاثة أصناف طرفين ووسط(1/127)
أحد الطرفين يقول: إنه قتل بحق ؛ فإنه أراد أن يشق عصا المسلمين , ويفرق الجماعة , وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه.
قال: والحسين جاء وأمر المسلمين على رجل واحد فأراد أن يفرق جماعتهم وقال بعض هؤلاء : هو أول خارج خرج في الإسلام على ولاة الأمر .
والطرف الآخر قالوا: بل كان هو الإمام الواجب طاعته الذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به , ولا يصلي جماعة ولا جمعة إلا خلف من يوليه ولا يجاهد عدو إلا بإذنه , ونحو ذلك.
أما الوسط فهم أهل السنة الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا بل يقولون قتل مظلوما شهيدا , ولم يكن متوليا لأمر الأمة , والحديث المذكور لا يتناوله ؛ فإنه لما بلغه ما فعل بابن عمه مسلم بن عقيل ترك طلب الأمر , وطلب أن يذهب إلى يزيد بن عمه أو إلى الثغر أو إلى بلده فلم يمكنوه , وطلبوا منه أن يستأسر لهم, وهذا لم يكن واجبا عليه.
منهاج السنة (4/554)
ما حدث بأهل المدينة من أسبابه الخروج على الخلفاء والسلاطين
روى البخاري في صحيحه (7111) عن نافع قال: لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال: إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة , وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله , وإني لا أعلم غدرا من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال , وإني لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه.
قال ابن حجر في بيان سبب خلع أهل المدينة لبيعة يزيد(1/128)
: وكان السبب فيه ما ذكره الطبري مسندا أن يزيد بن معاوية كان أمر على المدينة ابن عمه عثمان بن محمد بن أبي سفيان ؛ فأوفد إلى يزيد جماعة من أهل المدينة منهم عبد الله بن غسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر وعبد الله بن أبي عمرو بن حفص المخرومي في آخرين فأكرمهم وأجازهم فرجعوا فأظهرواعيبه ونسبوه إلى شرب الخمر وغير ذلك ثم وثبوا على عثمان فأخرجوه وخلعوا يزيد بن معاوية فبلغ ذلك يزيد فجهز إليهم جيشا مع مسلم بن عقبة المري, وأمره أن يدعوهم ثلاثا ؛ فإن رجعوا وإلا فقاتلهم فإذا ظهرت فأبحها للجيش ثلاثا ثم أعف عنهم فتوجه إليهم فوصل في ذي الحجة سنة ثلاثين فحاربوه , وكان الأمير على الأنصار عبد الله بن حنظلة , وعلى قريش عبد الله بن مطيع , وعلى غيرهم من القبائل معقل بن يسار الأشجعي , وكانوا اتخذوا خندقا ؛ فلما وقعت الوقعة انهزم أهل المدينة فقتل ابن حنظلة وفر ابن مطيع , وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثا فقتل جماعة صبرا منهم معقل بن سنان ومحمد بن أبي الجهم بن حذيفة ويزيد بن عبد الله بن زمعة , وبايع الباقين على أنهم خول ليزيد .
الفتح (3/75)
وقال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (8/220) في أحداث سنة ثلاث وستين
: ففيها كانت وقعة الحرة , وكان سببها أن أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية....
ثم قال : ثم أباح مسلم بن عقبة الذي يقول فيه السلف مسرف بن عقبة قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله المدينة ثلاثة أيام كما أمره يزيد لا جزاه الله خيرا , وقتل خلقا من أشرافها وقرائها وانتهب أموالا كثيرة منها , ووقع شر عظيم وفساد عريض على ما ذكره غير واحد .
البداية والنهاية (8/223)
خروج عمرو بن سعيد الأشدق الأموي على عبد الملك بن مروان وتحصنه بدمشق ثم محاصرة عبد الملك له ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (8/310)
مقتل مصعب بن الزبير من أسبابه الصراع على الملك والخروج على الخلفاء والسلاطين.(1/129)
وانظر صفة مقتله في البداية والنهاية (8/318-319)
قيل : إن مصعبا لما قدم مكة أتى عبد الله بن عمر فقال: أي عم إني أسألك عن قوم خلعوا الطاعة وقاتلوا حتى غلبوا تحصنوا وسألوا الأمان ؛ فأعطوه ثم قتلوا بعد ذلك فقال: وكم هم؟ قال: خمسة آلاف , فسبح ابن عمر واسترجع , وقال: لو أن رجلا أتى ماشية الزبير فذبح منها خمسة آلاف ماشية في غداة واحدة ألست تعده مسرفا ؟ قال: نعم أفتراه إسرافا في البهائم ,ولا تراه إسرافا في من ترجو توبته يا ابن أخي أصب من الماء البارد ما استطعت في دنياك.
البداية والنهاية (8/322)
مقتل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- ورمي الكعبة بالمنجنيق من أسبابه الخلاف على السلطة والاقتتال على الملك والحكم
قال ابن كثير رحمه الله في أحداث سنة ثلاث وسبعين
فيها كان مقتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه على يدي الحجاج بن يوسف الثقفي قبحه الله وأخزاه قال الواقدي: حدثني مصعب بن نائب عن نافع مولى بني أسد وكان عالما بفتنة ابن الزبير .
البداية والنهاية (8/334)
خروج داوود بن النعمان المازني بنواحي البصرة ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (9/12)
قال ابن كثير : وفي هذه السنة سنة خمس وسبعين تحرك صالح بن مسرح أحد بني امريء القيس وكان يرى رأي الصفرية فرقة من الخوارج , وقيل إنه أول من خرج من الصفرية .
البداية والنهاية (9/12-14)
خروج شبيب بن يزيد على عبد الملك بن مروان ثم مقتله بعد ذلك , وما كان معها من أحداث وفتن.
البداية والنهاية (9/14-15-21)
خروج قطري بن الفجاءة على عبد الملك بن مروان.
البداية النهاية (9/22)
فتنة عبد الرحمن بن الأشعث وخروجه على الحجاج وعبد الملك بن مروان وما صاحبها من فتنة وبلاء.
قال ابن كثير : وكان سبب هذه الفتنة أن ابن الأشعث كان الحجاج يبغضه وكان هو يفهم ذلك ويضمر له السوء وزوال الملك عنه...
البداية والنهاية (9/38-42-43)(1/130)
مقتل قتيبة بن مسلم الباهلي لما عزم على خلع الخليفة سليمان بن عبد الملك .
قال ابن كثير : وذلك أنه جمع الجند والجيوش وعزم على خلع سليمان بن عبد الملك من الخلافة وترك طاعته...
البداية والنهاية (9/175)
خروج بسطام الخارجي على يزيد بن عبد الملك.
قال ابن كثير : وفيما كانت وقعة بين الخوارج وهم أصحاب بسطام الخارجي , وبين جند الكوفة , وكانت الخوارج جماعة قليلة, وكان جيش الكوفة نحو من عشرة آلاف فارس ,وكادت الخوارج أن تكسرهم فتذامروا بينهم فطحنوا الخوارج طحنا عظيما , وقتلوهم عن آخرهم فلم يبقوا منهم ثائرة.
البداية والنهاية (9/227)
خروج يزيد بن المهلب على يزيد بن عبد الملك واستحواذه بالبصرة ثم مقتله بعد ذلك.
قال ابن كثير عن هذه الفتنة وإنكار الحسن البصري لخروجه وكان الحسن البصري في هذه الأيام يحرض الناس على الكف , وترك الدخول في الفتنة , وينهاهم أشد النهي , وذلك لما وقع من القتال الطويل العريض في أيام ابن الأشعث , وما قتل بسبب ذلك من النفوس العديدة , وجعل الحسن يخطب الناس ويعظهم في ذلك ويأمرهم بالكف.
البداية والنهاية (9/229)
قال ابن كثير في أحداث سنة سبع ومائة
فيها خرج رجل يقال له عباد الرعيني فدعا إلى مذهب الخوارج , وأتبعه فرقة من الناس وحملوا فقاتلهم يوسف بن عمر فقتله وقتل أصحابه وكانوا ثلاثمائة.
البداية والنهاية (9/253)
خروج بهلول بن بشر الملقب بكثارة.(1/131)
قال ابن كثير : ... وفي هذه السنة خرج رجل يقال له بهلول بن بشر ويلقب بكثارة ,وأتبعه جماعات من الخوارج دون المائة , وقصدوا قتل خالد القسري فبعث إليهم البعوث فكسروا الجيوش , واستفحل أمرهم جدا لشجاعتهم وجلدهم , وقلة نصح من يقاتلهم من الجيوش فردوا العساكر من الألوف المؤلفة ذوات الأسلحة والخيل المسومة هذا وهم لم يبلغوا المائة ثم إنهم راموا قدوم الشام لقتل الخليفة هشام فقصدوا نحوها فاعترضهم جيش بأرض الجزيرة فاقتتلوا معهم قتالا عظيما؛ فقتلوا عامة أصحاب بهلول الخارجي ثم إن رجلا من جديلة يكتى أبا الموت ضرب بهلولا ضربة فصرعه , وتفرقت عنه بقية أصحابه.
البداية والنهاية (9/336)
قال ابن كثير في أحداث سنة اثنتين وعشرين ومائة
ففيها كانت مقتل زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب , وكان سبب ذلك أنه لما أخذ البيعة ممن بايعه من أهل الكوفة أمرهم في أول هذه السنة بالخروج والتأهب له فشرعوا في أخذ الأهبة لذلك ...
البداية والنهاية (9/342)
مقتل يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب في خروجه.
البداية والنهاية (10/6)
أحداث سنة سبع وعشرين ومائة وفتنة الصراع على الحكم بين إبراهيم بن الوليد وبين مروان بن محمد(1/132)
قال ابن كثير : ... فتوجه مروان إلى دمشق في ثمانين ألفا , وقد بعث إبراهيم بن الوليد بن هشام بن عبد الملك في مائة وعشرين ألفا ؛ فالتقى الجيشان عند عين الجر من البقاع فدعاهم مروان إلى الكف عن القتال , وأن يتخلوا عن ابني الوليد بن يزيد وهما الحكم وعثمان اللذان قد أخذ العهد لهما , وكان يزيد قد سجنهما بدمشق فأبوا عليه ذلك فاقتتلوا قتالا شديدا من حين ارتفاع النهار إلى العصر , وبعث مروان سرية تأتي جيش ابن هشام من ورائهم فتم لهم ما أرادوا , وأقبلوا من ورائهم يكبرون , وحمل الآخرون من تلقاهم عليهم فكانت الهزيمة من أصحاب سليمان فقتل منهم أهل حمص خلقا كثيرا , واستبيح عسكرهم , وكان مقدار من قتل من أهل دمشق في ذلك اليوم قريبا من سبعة عشر ألفا أو ثمانية عشر ألفا وأسر منهم مثلهم.
البداية والنهاية (10/24)
خروج الضحاك بن قيس الشيباني , وكان سبب خروجه أن رجلا يقال له سعيد بن بهدل وكان خارجيا اغتنم غفلة الناس واشتغالهم بمقتل الوليد بن يزيد...
البداية والنهاية (10/27-30)
خروج الحارث بن سريج على مروان بن محمد , وما كان معها من أحداث وفتن ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/28)
خروج الخيبري على مروان بن محمد ثم مقتله بعد ذلك .
البداية والنهاية (10/30)
خروج شيبان بن عبد العزيز بن اليشكري الخارجي ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/31)
مقتل شيبان بن سلمة الحروري في أحداث سنة ثلاثين ومائة.
البداية والنهاية (10/36)
دخول أبي حمزة الخارجي المدينة النبوية واستيلائه عليها وما صنعه بها.(1/133)
قال ابن كثير رحمه الله : وفي هذه السنة -ثلاثين ومائة- كانت وقعة بقديد بين أبي حمزة الخارجي الذي كان عام أول في أيام الموسم فقتل من أهل المدينة من قريش خلقا كثيرا ثم دخل المدينة , وهرب نائبها عبد الواحد بن سليمان فقتل الخارجي من أهلها خلقا , وذلك لتسع عشرة ليلة خلت من صفر من هذه السنة ثم خطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوبخ أهل المدينة...
البداية والنهاية (10/37)
مقتل إبراهيم بن محمد الإمام.
البداية والنهاية (10/41)
مقتل مروان بن محمد بن مروان آخر خلفاء بني أمية , وتحول الخلافة إلى بني العباس وصفة مقتله.
البداية والنهاية (10/44-46)
قلت : وبهذا التحول حدثت من الفتن والبلايا والقتل ما الله به عليم , ولا شك ولا ريب , أن خلافة بني أمية كانت أفضل من خلافة بني العباس , وقد ذكر بعض الأفاضل في كتاب له سبب نجاح هذا الخروج وأثنى عليه مع أن هذا الخروج قد صاحبه من ظلم وسفك للدماء وقتل وفتن وبلايا عظيمة لا يحمد معها هذا الخروج ولا غيره.
وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - : ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان إلا وكان في خروجها من الفساد ما هو أعظم من الفساد الذي أزالته.
منهاج السنة (3/391)
وقال الإمام الذهبي -رحمه الله- في تذكرة الحفاظ (1|119)
: وفي عصر هذه الطبقة تحولت دولة الإسلام من بني أمية إلى بني عباس في عام اثنتين وثلاثين ومائة فجرى بسبب ذلك التحول سيول من الدماء , وذهب تحت السيف عالم لا يحصيهم إلا الله بخرسان والعراق والجزيرة والشام , وفعلت الخرسانية الذين هم المسودة كل قبيح , ولا حول ولا قوه إلا بالله .
وقال ابن حجر في الفتح (13/226) : وعند خروج الخلافة من بني أمية وقعت الفتن العظيمة والملاحم الكثيرة حتى استقرت دولة بني العباس فتغيرت الأحوال عما كانت عليه تغيرا بينا .(1/134)
قال: ويؤيد هذا ما أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود رفعه : تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين ؛ فإن هلكوا فسبيل من هلك , وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما.
قلت : وقد دخل بعض من خلفاء بني أمية في ثناء النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في حديث جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: يكون اثنا عشر أميرا كلهم من قريش . ووقع عنه أبو داود: لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة .
البخاري (7222)
قال ابن حجر في تعداد هؤلاء الخلفاء : والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فسمي معاوية يومئذ بالخلافة ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن ثم اجتمعوا على ولده يزيد , ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل بعد ذلك ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل ابن الزبير ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام , وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز ؛ فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين , والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك اجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين ثم قاموا عليه فقتلوه , وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ...
الفتح (13/227)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ثم السنة كانت قبل دولة بني عباس أظهر منها وأقوى في دولة بني العباس ؛ فإن بني العباس دخل في دولتهم كثير من الشيعة وغيرهم من أهل البدع .
منهاج السنة النبوية (4/130)
وانظر ترجمة أبي مسلم الخرساني الفتاك الذي أرسى دعائم الدولة العباسية البداية والنهاية (10/69)
خروج أبي محمد السفياني وهو أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان(1/135)
قال ابن كثير : وتفاقم الأمر على عبد الله -السفاح- وذلك أن أهل قنسرين تراسلوا مع أهل حمص وتذمروا واجتمعوا على أبي محمد السفياني؛ وهو أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فبايعوه بالخلافة , وقام معه نحو من أربعين ألفا فقصدهم عبد الله بن علي؛ فالتقوا بمرج الأحزم فاقتتلوا مع مقدمة السفياني , وعليها أبو الورد فاقتتلوا قتالا شديدا , وهزموا عبد الصمد , وقتل من الفريقين ألوف فتقدم إليهم عبد الله بن علي, ومعه حميد بن قحطبة فاقتتلوا قتالا شديدا .... البداية والنهاية (10/54)
قال ابن كثير : وفي هذه السنة خرج سنباذ يطلب بدم أبي مسلم , وقد كان سنباذ هذا مجوسيا تغلب على قومس وأصبهان ويسمى بفيروز أصبهبذ فبعث إليه أبو جعفر المنصور جيشا هم عشرة آلاف فارس عليهم جهور بن مرار العجلي فالتقوا بين همدان والري بالمفازة ؛ فهزم جهور سنباذ , وقتل من أصحابه ستين ألفا وسبى ذراريرهم ونساءهم ...
البداية والنهاية (10/75)
خروج ملبد بن حرملة الشيباني في ألف من الخوارج بالجزيرة على المنصور.
البداية والنهاية (10/75)
في سنة اثنتين وأربعين ومائة خلع عيينة بن موسى بن كعب نائب السند الخليفة فجهز إليه العساكر صحبة عمر بن حفص بن أبي صفرة , وولاه السند والهند فحاربة عمر بن حفص ,وقهره على الأرض وتسلمها منه.
البداية والنهاية (10/80)
في أحداث سنة خمس وأربعين ومائة
قال ابن كثير : فمما كان فيها من الأحداث مخرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة وأخيه إبراهيم بالبصرة... ومقتلهما بعد ذلك .
البداية والنهاية (10/85-86-89-90-96)
قال ابن كثير في أحداث سنة ثلاث وخمسون ومائة(1/136)
وفيما خرجت الخوارج من الصفرية وغيرهم ببلاد إفريقية فاجتمع منهم ثلاثمائة ألف وخمسون ألفا ما بين فارس وراجل وعليهم أبو حاتم الأنماطي وأبو عباد وانضم إليهم أبو قرة الصفري في أربعين ألفا فقاتلوا نائب إفريقية فهزموا جيشه وقتلوه ؛ وهو عمر بن عثمان بن أبي صفرة في الذي كان نائب السند كما تقدم قتله هؤلاء الخوارج رحمه الله , وأكثرت الخوارج الفساد في البلاد وقتلوا الحريم والأولاد.
البداية والنهاية (10/113)
في أحداث سنة اثنتين وستين ومائة.
خرج عبد السلام بن هاشم اليشكري بأرض قنسرين ؛ واتبعه خلق كثير وقويت شوكته فقاتله جماعة من الأمراء فلم يقدروا عليه , وجهز إليه المهدي جيوشا وأنفق فيهم أموالا فهزمهم ثم آل الأمر به أن قتل بعد ذلك
وفيها خرجت طائفة بجرجان فلبسوا الحمرة مع رجل يقال له عبد القهار فغزاه عمرو بن العلاء من طبرستان فقهر عبد القهار وقتله وأصحابه.
البداية والنهاية (10/138)
خروج المقنع الزنديق في بلاد خرسان ثم مقتله بعد ذلك .
البداية والنهاية (10/149)
خروج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمدينة ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/162)
خروج الفضل بن سعيد الحروري ثم مقتله في أحداث سنة إحدى وسبعين ومائة.
خروج يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب في زمن الرشيد ثم المصالحة بينه وبين الرشيد.
البداية والنهاية (10/172)
قال ابن كثير في أحداث سنة ثمان وسبعين ومائة وفيها: وثبت طائفة من الحوفية من قيس وقضاعة على عامل مصر إسحق بن سليمان فقاتلوه وجرت فتنة عظيمة.
وفيها وثبت طائفة من أهل إفريقية فقتلوا الفضل بن روح بن حاتم وأخرجوا من كان بها من آل المهلب فبعث إليهم الرشيد هرثمة فرجعوا إلى الطاعة على يديه.
البداية والنهاية (10/177)
وفي أحداث سنة خمس وثمانين ومائة عدة أحداث في الخروج من الولاة.
البداية والنهاية (10/192)(1/137)
وفي أحداث سنة تسعين ومائة خلع رافع بن ليث بن نصر بن سيار نائب سمرقند الطاعة ودعا إلى نفسه وتابعه أهل بلده وطائفة كثيرة من تلك الناحية واستفحل أمره.
البداية والنهاية (10/211)
خروج ثروان بن سيف على الرشيد بسواد العراق ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/214)
اختلاف الأمين والمأمون ثم مقتل الأمين بعد ذلك من أسبابه الصراع على الملك والحكم.
البداية والنهاية (10/232-252)
خروج محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالكوفة ثم موته بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/255)
خروج إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي باليمن الذي يقال له الجزار لكثرة من قتل من أهل اليمن.
البداية والنهاية (10/257)
خروج إبراهيم بن المهدي ببغداد وخلع المأمون.
البداية والنهاية (10/259)
خروج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ببلاد في اليمن يدعو إلى الرضى من آل محمد ثم صلحه مع المأمون.
البداية والنهاية (10/271)
خروج الحسن بن الحسين بن مصعب أخو طاهر في كرمان على المأمون.
البداية والنهاية (10/273)
خروج محمد بن القاسم بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالطالقان من خرسان يدعو إلى الرضى من آل محمد .
البداية والنهاية (10/294)
مقتل العباس بن المأمون لما أراد خلع المعتصم.
البداية والنهاية (10/301)
خروج رجل يقال له مازيار بن قارن بأمل طربستان ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/302)
خروج أبي حرب المبرقع اليماني على المعتصم فخلع الطاعة ودعا إلى نفسه ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/307)
خروج بني سليم حول المدينة فعاثوا في الأرض فسادا وأخافوا السبيل.
البداية والنهاية (10/315)
خروج أحمد بن نصر الخزاعي(1/138)
قال ابن كثير في أحداث سنة إحدى وثلاثين ومائتين : فلما كان شهر شعبان من هذه السنة انتظمت البيعة لأحمد بن نصر الخزاعي في السر على القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , والخروج على السلطان لبدعة دعوته إلى القول بخلق القرآن , ولما هو عليه وأمراؤه وحاشيته من المعاصي والفواحش وغيرها.. ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/317)
خروج محمد بن البعيث بن حلبس عن الطاعة في بلاد أذربيجان.
البداية والنهاية (10/325)
خروج محمود بن الفرج النيسابوري ثم موته بعد ذلك.
البداية والنهاية (10/327)
خروج أهل حمص على عاملهم كما في أحداث سنة أربعين ومائتين وإحدى وأربعين ومائتين.
البداية والنهاية (10/332-337) البداية والنهاية (11/3)
مقتل المتوكل على الله على يد ولده المنتصر من أسبابه الصراع على الحكم والملك.
البداية والنهاية (10/364)
خروج أبي الحسين يحيى بن عمر بن يحيى بن حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم مقتله بعد ذلك.
البداية والنهاية (11/6)
خروج أحمد بن عيسى بن حسين الصغير بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثم مقتله بعد ذلك .
البداية والنهاية (11/7)
خروج الحسين بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الأرقط بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
البداية والنهاية (11/11)
خروج إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
البداية والنهاية (11/11)
خروج رجل يزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ولم يكن صادق , وإنما كان عسيفا, وخرج أيضا في سنة تسع وأربعين ومائتين بالنجدين ؛ فادعى أنه علي بن محمد بن الفضل بن الحسين بن عبد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب فدعا الناس بهجر إلى طاعته فاتبعه جماعة من أهل هجر , ووقع بسببه قتال كثير وفتن كبار...
البداية والنهاية (11/21)(1/139)
مقتل المهتدي بالله من أسبابه الصراع على الملك والحكم.
البداية والنهاية (11/25)
خروج علي بن زيد الطائي بالكوفة.
البداية والنهاية (11/27)
خروج محمد بن واصل التميمي على نائب الأهواز الحارث بن سيما فقتله واستحوذ على بلاد الأهواز...
البداية والنهاية (11/27)
فتنة الزنج وخروجهم على الخليفة , وما صنعوه من قتل وبلايا بالمسلمين.
البداية والنهاية (11/31-35-39)
خروج يعقوب بن الليث على الخليفة المعتمد.
البداية والنهاية (11/38)
خروج القاسم بن مهاة على دلف بن عبد العزيز العجلي في أصبهان.
البداية والنهاية (11/41)
مقتل هارون الشاري الخارجي على يد المعتضد .
البداية والنهاية (11/78)
ظهور أبي سعيد الجنابي رأس القرامطة وهم أخبث من الزنج وأشد فسادا.
البداية والنهاية (11/86)
وأخذهم الحجر الأسود إلى بلادهم قبحهم الله.
البداية والنهاية (11/171) وما فعلوه بأهل مكة والحجيج.
خلع القاهر وسمل عينيه وعذابه من أسبابه الصراع على الحكم.
البداية والنهاية (11/190)
وكذلك سملت عيني المتقي في الصراع على الحكم والملك.
البداية والنهاية (11/223)
خروج رجل ادعى أنه المهدي في أحداث سنة سبع وخمسين وثلثمائة .
البداية والنهاية (11/282)
وكذلك خروج رجل آخر ادعى أنه المهدي.
البداية والنهاية (12/146)
فتنة الخبيث البساسيري وهو أرسلان التركي .
البداية والنهاية (12/82-89)
هذا ما يسر الله كتابته من كتاب البداية والنهاية ومن أراد التتبع لخرج بأضعاف أضعاف ما ذكرنا من أحداث الخروج على الملوك والسلاطين والصراع على الحكم وصاحب تلك الحوادث من بلايا وفتن وقتل وأمور عظام نسأل الله السلامة والعفو والعافية.
بيان أن من أنواع الخروج الذي عده السلف الخروج باللسان
قال ابن حجر رحمه الله : والقعدية قوم من الخوارج كانوا يقولون بقولهم ولا يرون الخروج بل يزينونه .
الفتح (1|432)(1/140)
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : لا تكونوا عجلا مذاييع بذرا ؛ فإن من ورائكم بلاء مبرحا وأمورا متماحلة ردحا.
الأدب المفرد للبخاري (330) وإسناده صحيح
المذاييع الذين يذيعون الفاحشة , والبذر هو الذي لا يحفظ الأسرار والمكلح الذي يكلح الناس بشدته والردح الفتنة العظيمة.
وعن علقمة بن وقاص قال : مر بي رجل له شرف فقال له علقمة : إن لك رحما وإن لك حقا , وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء , وتتكلم عندهم بما شاء الله أن تتكلم به , وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة , وإن أحدكم ليتكلم بكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عز وجل عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه. قال علقمة: فانظر ويحك ماذا تقول وماذا تكلم به فرب كلام قد منعني أن أتكلم به ما سمعت من بلال بن الحارث.
ابن ماجه (4040)
وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت : يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به قال: قل ربي الله ثم استقم قلت : يا رسول الله ما أكثر ما تخاف علي فأخذ رسول الله بلسان نفسه ثم قال : هذا.
ابن ماجه (4043)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ : ألا أخبرك بملاك ذلك كله قلت: بلى فأخذ بلسانه فقال: تكف عليك هذا قلت : يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به قال: ثكلتك أمك يا معاذ هل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم.
ابن ماجه (4044)
وفي سنن الترمذي (2178) عن عبد الله بن عمر مرفوعا : تكون الفتنة تستنظف العرب قتلاها في النار ؛ اللسان فيها أشد من السيف.
وإسناده ضعيف
وفي سنن أبي داود (4264) ذكر فتنة إشراف اللسان فيها كوقوع السيف
وإسناده ضعيف.
أهمية العلم والعلماء في دفع شبه الخوارج ورجوعهم إلى الحق(1/141)
1- عن يزيد الفقير قال : كنت قد شغفني رأي من رأي الخوارج فخرجنا في عصابة ذوي عدد نريد أن نحج ثم نخرج على الناس. قال : فمررنا على المدينة ؛ فإذا جابر بن عبدالله يحدث القوم جالس إلى سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فإذا هو قد ذكر الجهنميين قال : فقلت له : يا صاحب رسول الله ما هذا الذي تحدثون ؟ والله يقول { إنك من تدخل النار فقد أخزيته } و { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } فما هذا الذي تقولون ؟ قال فقال : أتقرأ القرآن ؟ قلت : نعم قال : فهل سمعت بمقام محمد عليه السلام ( يعني الذي يبعثه الله فيه ؟ ) قلت : نعم قال : فإنه مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج الله به من يخرج قال : ثم نعت وضع الصراط ومر الناس عليه قال : وأخاف أن لا أكون أحفظ ذاك قال: غير أنه قد زعم أن قوما يخرجون من النار بعد أن يكونوا فيها . قال : يعني فيخرجون كأنهم عيدان السماسم قال : فيدخلون نهرا من أنهار الجنة فيغتسلون فيه فيخرجون كأنهم القراطيس فرجعنا قلنا : ويحكم أترون الشيخ يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فرجعنا فلا والله ما خرج منا غير رجل واحد أو كما قال أبو نعيم .
مسلم (191)
2- عن الأحنف بن قيس قال : ذهبت لأنصر هذا الرجل فلقيني أبو بكرة فقال : أين تريد ؟ قلت أنصر هذا الرجل قال : ارجع ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قلت : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ؟ قال : إنه كان حريصا على قتل صاحبه .
البخاري (31) ومسلم (2888)
قال ابن حجر : وكان الأحنف أراد أن يخرج بقومه إلى علي بن أبي طالب ليقاتل معه يوم الجمل فنهاه أبو بكرة فرجع
الفتح (1|86)(1/142)
3- وعن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاريء أنه جاء عبد الله بن شداد بن الهاد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقالت له : يا ابن شداد بن الهاد هل أنت صادقي عما أسألك عنه حدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي بن أبي طالب ؟ قال : وما لي لا أصدقك قالت : فحدثني عن قصتهم قال : فإن علي بن أبي طالب لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها : حروراء - من جانب الكوفة - وإنهم عتبوا عليه فقالوا : انسلخت من قميص كساكه الله اسم سماك الله به ثم انطلقت فحكمت في دين الله فلا حكم إلا لله فلما بلغ عليا ما عتبوا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذنا أن لا يدخل على أمير المؤمنين إلا من قد حمل القرآن فلما امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول : أيها المصحف حدث الناس فناداه الناس [ فقالوا ] : يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد في ورق ونحن نتكلم بما رأينا منه فما تريد ؟ قال : أصحابكم أولاء الذين خرجوا بيني وبينهم كتاب الله يقول الله في كتابه في امرأة ورجل : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم حرمة أو ذمة من رجل وامرأة ونقموا علي أني كاتبت معاوية كتبت علي بن أبي طالب وقد جاء سهيل بن عمرو فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم . قال لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال : وكيف نكتب ؟ قال سهيل : اكتب : باسمك اللهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فاكتب : محمد رسول الله . فقال : لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك فكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله قريشا . يقول الله في كتابه : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر } فبعث(1/143)
إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء فخطب الناس فقال : يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس فمن لم يكن يعرفه فليعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله هذا ممن نزل فيه وفي قومه : {بل هم قوم خصمون } فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله . قال : فقام خطباؤهم فقالوا : والله لنواضعنه الكتاب فإن جاء بالحق نعرفه لنتبعه , وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطل ولنردنه إلى صاحبه .
فواضعوا عبد الله بن عباس ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم تائب فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علي فبعث علي إلى بقيتهم ....
مجمع الزوائد (6|353) وقد تقدم …(1/144)
وعن ابن عباس قال : لما اعتزلت الحرورية وكانوا على حدتهم قلت لعلي : يا أمير المؤمنين أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم قال : إني أتخوفهم عليك قلت : كلا إن شاء الله فلبست أحسن ما قدرت عليه من هذه اليمانية ثم دخلت عليهم وهم قائلون في نحر الظهيرة فدخلت على قوم لم أر قوما أشد اجتهادا منهم أيديهم كأنها ثقن الإبل ووجوههم معلنة من آثار السجود فدخلت فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ما جاء بك ؟ قال : جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل الوحي وهو أعلم بتأويله فقال بعضهم : لا تحدثوه . وقال بعضهم : لنحدثنه . قال : قلت : أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وختنه وأول من آمن به وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم معه ؟ قالوا : ننقم عليه ثلاثا قلت : ما هن ؟ قالوا : أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى : { إن الحكم إلا لله } . قلت : وماذا ؟ قالوا : قاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا لقد حلت أموالهم , وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم . قال : قلت : وماذا ؟ قالوا : ومحا نفسه من أمير المؤمنين ؛ فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين . قال : قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم , وحدثتكم من سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم مالا تنكرون أترجعون ؟ قالوا : نعم . قال : قلت : أما قولكم : إنه حكم الرجال في دين الله فإنه تعالى يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } إلى قوله : { يحكم به ذوا عدل منكم } وقال في المرأة وزوجها : { وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } أنشدكم الله أفحكم الرجال في دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم ؟ قالوا : اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم . قال : أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم .(1/145)
وأما قولكم : إنه قتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها ؟ فقد كفرتم , وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله تبارك وتعالى يقول : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم } وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا أيهما شئتم أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم . وأما قولكم : محا نفسه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال : اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت , ولا قاتلناك ولكن اكتب : محمد بن عبد الله . فقال : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب يا علي : محمد بن عبد الله . ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفضل من علي أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم . فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا
رواه الطبراني وأحمد ببعضه ورجالهما رجال الصحيح
مجمع الزوائد (6|359)…
4- عن علي بن المديني حدثنا هشام بن يوسف أخبرني داود بن قيس قال : كان لي صديق يقال له أبو شمر ذو خولان ؛ فخرجت من صنعاء أريد قريته ؛ فلما دنوت منها وجدت كتابا مختوما إلى أبي شمر فجئته فوجدته مهموما حزينا. فسألته عن ذلك فقال: قدم رسول من صنعاء فذكر أن أصدقاء لي كتبوا لي كتابا فضيعه الرسول. قلت : فهذا الكتاب. فقال : الحمد لله ففضه فقرأه فقلت: أقرئنيه فقال : إني لأستحدث سنك. قلت: فما فيه؟ قال : ضرب الرقاب . قلت: لعله كتبه إليك ناس حرورية في زكاة مالك ؟قال: من أين تعرفهم؟ قلت: إني وأصحابا لي نجالس وهب بن منبه فيقول: لنا احذروا أيها الأحداث الأغمار هؤلاء الحروراء لا يدخلونكم في رأيهم المخالف؛ فإنهم عرة لهذه الأمة.(1/146)
فدفع إلي الكتاب فقرأته فإذا فيه سلام عليك ؛ فإنا نحمد إليك الله ونوصيك بتقواه ؛ فإن دين الله رشد وهدى , وإن دين الله طاعة الله ومخالفة من خالف سنة نبيه؛ فإذا جاءك كتابنا فانظر أن تؤدي إن شاء الله ما افترض الله عليك من حقه تستحق بذلك ولاية الله وولاية أوليائه والسلام . قلت له: فإني أنهاك عنهم . قال : فكيف أتبع قولك وأترك قول من هو أقدم منك. قلت : فتحب أن أدخلك على وهب حتى تسمع قوله؟ قال : نعم فنزلنا إلى صنعاء فأدخلته على وهب, ومسعود بن عوف وال على اليمن من قبل عروة بن محمد؛ فوجدنا عند وهب نفرا فقال لي بعض النفر: من هذا الشيخ؟ قلت: له حاجة .فقام القوم .فقال وهب : ما حاجتك يا ذا خولان ؟فهرج وجبن. فقال لي وهب: عبر عنه. قلت: إنه من أهل القرآن و الصلاح والله أعلم بسريرته ؛ فأخبرني أنه عرض له نفر من أهل حروراء فقالوا له : زكاتك التي تؤديها إلى الأمراء لا تجزيء عنك لأنهم لا يضعونها في مواضعها ؛ فأدها إلينا, ورأيت يا أبا عبد الله أن كلامك أشفى له من كلامي .فقال : يا ذا خولان أتريد أن تكون بعد الكبر حروريا تشهد على من هو خير منك بالضلالة ؛ فماذا أنت قائل لله غدا حين يقفك الله , ومن شهدت عليه فالله يشهد له بالإيمان , وأنت تشهد عليه بالكفر والله يشهد له بالهدى, وأنت تشهد عليه بالضلالة؛ فأين تقع إذا خالف رأيك أمر الله وشهادتك شهادة الله .(1/147)
أخبرني يا ذا خولان ماذا يقولون لك فتكلم عند ذلك؛ وقال لوهب: إنهم يأمرونني أن لاأتصدق إلا على من يرى رأيهم , ولا أستغفر إلا له . فقال : صدقت هذه محنتهم الكاذبة ؛ فأما قولهم في الصدقة؛ فإنه قد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن امرأة من أهل اليمن دخلت النار في هرة ربطتها. أفإنسان ممن يعبد الله يوحده ولا يشرك به أحب إلى الله أن يطعمه من جوع أو هرة , والله يقول :{ ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} الآيات , وأما قولهم لا يستغفر إلا لمن يرى رأيهم أهم خير أم الملائكة , والله يقول:{ ويستغفرون لمن في الأرض } فوالله ما فعلت الملائكة ذلك حتى أمروا به {لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون } وجاء ميسرا {ويستغفرون للذين آمنوا} يا ذا خولان إني قد أدركت صدر الإسلام ؛ فوالله ما كانت الخوارج جماعة قط إلا فرقها الله على شر حالاتهم , وما أظهر أحد منهم قوله إلا ضرب الله عنقه , ولو مكن الله لهم من رأيهم لفسدت الأر ض وقطعت السنبل والحج , ولعاد أمر الإسلام جاهلية , وإذا لقام جماعة كل منهم يدعو إلى نفسه الخلافة مع كل واحد منهم أكثر من عشرة آلاف يقاتل بعضهم بعضا , ويشهد بعضهم على بعض بالكفر حتى يصبح المؤمن خائفا على نفسه ودينه ودمه وأهله وماله؛ لا يدري مع من يكون قال تعالى:{ ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض } وقال:{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا } فلو كانوا مؤمنين لنصروا وقال :{ وإن جندنا لهم الغالبون } ألا يسعك يا ذا خولان من أهل القبلة ما وسع نوحا من عبدة الأصنام إذ قال له قومه { أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} إلى أن قال: فقال ذو خولان : فما تأمرني؟ قال: انظر زكاتك فأدها إلى من ولاه الله أمر هذه الأمة وجمعهم عليه ؛ فإن الملك من الله وحده وبيده يأتيه من يشاء ؛ فإذا أديتها إلى والي الأمر برئت منها , وإن كان فضل فصل به أرحامك ومواليك وجيرانك والضيف. فقال: اشهد أني نزلت عن رأي(1/148)
الحرورية .
تاريخ دمشق (63|384) و سير أعلام النبلاء (4|555)
5- أخرج أبو نعيم في الحلية بإسناد جيد عن مطرف قال : كنا نأتي زيد بن صوحان وكان يقول : يا عباد الله أكرموا وأجملوا فإنما وسيلة العباد إلى الله بخصلتين الخوف والطمع ؛ فأتيته ذات يوم وقد كتبوا كتابا فنسقوا كلاما من هذا النحو إن الله ربنا ومحمد نبينا والقرآن إمامنا , ومن كان معنا كنا وكنا [ له ] , ومن خالفنا كانت يدنا عليه , وكنا وكنا قال : فجعل يعرض الكتاب عليهم رجلا رجلا فيقولون : أقررت يا فلان حتى انتهوا إلي فقالوا أقررت يا غلام؟ قلت : لا قال : لا تعجلوا على الغلام ما تقول يا غلام؟ قال: قلت : إن الله قد أخذ علي عهدا في كتابه فلن أحدث عهدا سوى العهد الذي أخذه الله عز وجل علي . قال : فرجع القوم من عند آخرهم ما أقر به أحد منهم. قال : قلت لمطرف : كم كنتم؟ قال: زهاء ثلاثين رجلا .
الحلية (2|204)
وأخرج كذلك عنه أتت الحرورية مطرفا تدعوه إلى رأيهم فقال : يا هؤلاء لو كانت لي نفسان لبايعتكم بإحداهن وأبقيت الأخرى ؛ فإن كان الذي تقولونه حقا اتبعتها وإن لم يكن قلت: وبقيت لي نفس واحدة لا أغرر بها.
الحلية (2|199)
أفاده شيخنا مشهور في أحد دروسه لصحيح مسلم .
5-عن محمد بن يعقوب قال : طاف خارجيان بالبيت
فقال أحدهما لصاحبه : لا يدخل الجنة من هذا الخلق غيري وغيرك .
فقال له صاحبه : جنة عرضها كعرض السماء والأرض بنيت لي ولك ؟.
فقال : نعم .
فقال : هي لك وترك رأيه .
شرح أصول إعتقاد (7|1307)
6- قال يحيى : والبيعة خير من الفرقة(1/149)
قال : ولقد أتى مالكا العمري فقال له : يا أبا عبد الله بايعني أهل الحرمين وأنت ترى سيرة أبي جعفر فما ترى ؟ فقال له مالك : أتدري ما الذي منع عمر بن عبد العزيز أن يولي رجلا صالحا ؟ فقال العمري : لا أدري قال مالك: لكني أنا أدري إنما كانت البيعة ليزيد بعده فخاف عمر إن ولى رجلا صالحا أن يكون ليزيد بد من القيام فتقوم هجمة فيفسد ما لا يصلح .
فصدر رأي هذا العمري على رأي مالك
الاعتصام للشاطبي (1|626)
مسائل فقهية متعلقة بالموضوع
تعظيم قتل المسلم بغير حق
عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه - أو بزمامه - قال : أي يوم هذا ؟. فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال : أليس يوم النحر؟ . قلنا : بلى قال : فأي شهر هذا ؟. فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال : أليس بذي الحجة؟ . قلنا : بلى . قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ليبلغ الشاهد الغائب ؛ فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه .
البخاري (67) ومسلم (1679)
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني والمفارق لدينه التارك للجماعة .
البخاري (6878) ومسلم (1676)
وعن المقداد بن الأسود أنه قال : يا رسول الله أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني بشجرة . فقال: أسلمت لله أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقتله قال: فقلت : يا رسول الله إنه قد قطع يدي ! . ثم قال ذلك بعد أن قطعها أفأقتله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله , وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال .(1/150)
البخاري (4019) ومسلم (95)
قال الخطابي: معناه أن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يسلم ؛ فإذا أسلم صار مصان الدم كالمسلم ؛ فإن قتله المسلم بعد ذلك صار دمه مباحا بحق القصاص كالكافر بحق الدين , وليس المراد إلحاقه في الكفر كما تقوله الخوارج من تكفير المسلم بالكبيرة , وحاصله اتحاد المنزلتين مع اختلاف المأخذ .
فالأول : أنه مثلك في صون الدم.
والثاني : أنك مثله في الهدر .
ونقل ابن التين عن الداودي قال : معناه أنك صرت قاتلا كما كان هو قاتلا قال : وهذا من المعاريض لأنه أراد الإغلاظ بظاهر اللفظ دون باطنه , وإنما أراد أن كلا منهما قاتل , ولم يرد أنه صار كافرا بقتله إياه , ونقل ابن بطال عن المهلب معناه فقال : أي أنك بقصدك لقتله عمدا آثم كما كان هو بقصده لقتلك آثما ؛ فأنتما في حالة واحدة من العصيان , وقيل المعنى أنت عنده حلال الدم قبل أن تسلم , وكنت مثله في الكفر كما كان عندك حلال الدم قبل ذلك .
الفتح (12|190)
وعن أسامة بن زيد قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال : لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك ؛ فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقال لا إله إلا الله وقتلته ؟ قال: قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال : أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ . قال: فقال سعد : وأنا والله لا أقتل مسلما حتى يقتله ذو البطين -يعني أسامة- قال : قال رجل: ألم يقل الله { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله } ؟ فقال سعد : قد قاتلنا حتى لا تكون فتنة , وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة .
مسلم (96) واللفظ له , والبخاري مختصرا (4269)(1/151)
وعن خالدا الأثبج ابن أخي صفوان بن محرز أنه حدث أن جندب بن عبدالله البجلي بعث إلى عسعس بن سلامة زمن فتنة ابن الزبير فقال : اجمع لي نفرا من إخوانك حتى أحدثهم فبعث رسولا إليهم فلما اجتمعوا جاء جندب وعليه برنس أصفر فقال : تحدثوا بما كنتم تحدثون به حتى دار الحديث ؛ فلما دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه فقال : إني أتيكم , ولا أريد أن أخبركم عن نبيكم ؛ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين , وإنهم التقوا فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله , وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته قال : وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد فلما رفع عليه السيف قال: لا إله إلا الله فقتله فجاء البشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع فدعاه فسأله فقال : لم قتلته ؟ قال : يا رسول الله أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا وسمى له نفرا , وإني حملت عليه فلما رأى السيف قال لا إله إلا الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقتلته ؟ قال: نعم فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ فجعل لا يزيده على أن يقول كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ .
مسلم (97)
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما .
البخاري (6862)
وعن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم .
رواه الترمذي (1395) والنسائي (7|82)
وعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما يقول : يا رب قتلني حتى يدنيه من العرش .
رواه الترمذي (3029) والنسائي (7|85) وابن ماجه (2621)(1/152)
وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أشرف يوم الدار فقال : أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : زنى بعد إحصان أو كفر بعد إسلام أو قتل نفس بغير حق فقتل به ؟ فو الله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام , ولا ارتددت منذ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولا قتلت النفس التي حرم الله فبم تقتلونني ؟
رواه الترمذي (2158) وأبو داود (4502) وابن ماجه (113) والنسائي (7|98)
وعن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما؛ فإذا أصاب دما حراما بلّح .
رواه أبو داود (4270) ومعنى بلح : أي انقطع عن الخير يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام .
وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو من يقتل مؤمنا متعمدا .
رواه أبو داود (4270)
بيان تعظيم دماء المعاهدين وأموالهم وأعراضهم
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة , وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما .
رواه البخاري (3166)
وعن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة .
رواه أبو داود (3052)
وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من قتل معاهدا في غير كنهه حرم الله عليه الجنة .
رواه أبو داود (2760) والنسائي (8|24)
وفي رواية عند النسائي (8|25) : من قتل نفسا معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها.(1/153)
وفي رواية للنسائي (8|25) قال : من قتل رجلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة , وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما.
ورواه ابن حبان في صحيحه (16|391) ولفظه : من قتل نفسا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنة , وإن ريح الجنة ليوجد من مسيرة مائة عام .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا من قتل نفسا معاهدة له ذمة الله وذمة رسوله ؛ فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنة , وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا
رواه ابن ماجه (2687) والترمذي(1403) واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح .
بيان تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من تكفير مسلم بغير حق
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهم .
البخاري (6103)
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أيما رجل قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهم .
البخاري (6104) ومسلم (60)
وعن ثابت بن الضاحك : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من حلف على ملة غير الإسلام فهو كما قال , وليس على ابن آدم نذر فيما لا يملك , ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة , ومن لعن مؤمنا فهو كقتله , ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقتله .
البخاري (6105) ومسلم (110)
وعن جندب البجلي أن حذيفة حدثه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه , وكان ردئا للإسلام غيره إلى ما شاء الله فانسلخ منه , ونبذه وراء ظهره , وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك . قال : قلت : يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي ؟ قال : بل الرامي .
ابن حبان (1|281)
بيان أن أهل السنة والجماعة أضبط الناس في مسائل التكفير(1/154)
قال شيخ الإسلام : والخوارج هم أول من كفر المسلمين يكفرون بالذنوب , ويكفرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه , وما له , وهذه حال أهل البدع يبتدعون بدعة ,ويكفرون من خالفهم فيها وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة , ويطيعون الله ورسوله فيتبعون الحق ويرحمون الخلق .
مجموع الفتاوى(3|279)
وقال أيضا : وليس لأحد ان يكفر أحدا من المسلمين , وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة , وتبين له المحجة , ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لا يزول الا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة .
مجموع الفتاوى (12|466)
وقال أيضا : وإنما المقصود هنا أن ما ثبت قبحه من البدع وغير البدع من المنهي عنه فى الكتاب والسنة أو المخالف للكتاب والسنة إذا صدر عن شخص من الأشخاص فقد يكون على وجه يعذر فيه إما لاجتهاد أو تقليد يعذر فيه , وإما لعدم قدرته كما قد قررته في غير هذا الموضع , وقررته أيضا في أصل التكفير والتفسيق المبني على أصل الوعيد ؛ فإن نصوص الوعيد التي فى الكتاب والسنة ونصوص الأئمة بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجبها فى حق المعين إلا إذا وجدت الشروط , وانتفت الموانع لا فرق فى ذلك بين الأصول والفروع .
مجموع الفتاوى (10|372)
وقال أيضا : ولاينبغي أن يظن أن التكفير ونفيه ينبغي أن يدرك قطعا في كل مقام بل التكفير حكم شرعي يرجع إلى إباحة المال , وسفك الدماء , والحكم بالخلود في النار فمأخذه كمأخذ سائر الأحكام الشرعية فتارة يدرك بيقين, وتارة يدرك بظن غالب , وتارة يتردد فيه , ومهما حصل تردد فالتوقف عن التكفير أولى , والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل .
بغية المرتاد (345)(1/155)
وقال أيضا : و لهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية و النفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم أنا لو وافقتكم كنت كافرا لأني أعلم أن قولكم كفر , و أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال, وكان هذا خطابا لعلمائهم و قضاتهم و شيوخهم وأمرائهم , و أصل جهلهم شبهات عقلية حصلت لرؤوسهم في قصور من معرفة المنقول الصحيح و المعقول الصريح الموافق له وكان هذا خطابنا .
فلهذا لم نقابل جهله و افتراءه بالتكفير بمثله كما لو شهد شخص بالزور على شخص أو قذفه بالفاحشة كذبا عليه لم يكن له أن يشهد عليه بالزور , ولا أن يقذفه بالفاحشة.
الرد على البكري (2|494)
وقال أيضا : لكن ليس كل من تكلم بالكفر يكفر حتى تقوم عليه الحجة المثبتة لكفره ؛ فإذا قامت عليه الحجة كفر حينئذ .
مجموع الفتاوى (5|306) (3|231)
وقال ابن أبي العز الحنفي : اعلم - رحمك الله وإيانا - أن باب التكفير وعدم التكفير باب عظمت الفتنة والمحنة فيه , وكثر فيه الإفتراق وتشتت فيه الأهواء والآراء وتعارضت فيه دلائلهم ؛ فالناس فيه في جنس تكفير أهل المقالات والعقائد الفاسدة المخالفة للحق الذي بعث الله به رسوله في نفس الأمر أو المخالفة لذلك في اعتقادهم على طرفين ووسط من جنس الاختلاف في تكفير أهل الكبائر العملية .(1/156)
فطائفة تقول : لا نكفر من أهل القبلة أحدا فتنفي التكفير نفيا عاما مع العلم بأن في أهل القبلة المنافقين الذين فيهم من هو أكفر من اليهود والنصارى بالكتاب والسنة والإجماع , وفيهم من قد يظهر بعض ذلك حيث يمكنهم , وهم يتظاهرون بالشهادتين, وأيضا : فلا خلاف بين المسلمين أن الرجل لو أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة , ونحو ذلك , فإنه يستتاب ؛ فإن تاب وإلا قتل كافرا مرتدا , والنفاق والردة مظنتها البدع والفجور كما ذكره الخلال في كتاب السنة بسنده إلى محمد بن سيرين أنه قال : إن أسرع الناس ردة أهل الأهواء , وكان يرى هذه الآية نزلت فيهم : { وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره } ولهذا امتنع كثير من الأئمة عن إطلاق القول بأنا لا نكفر أحدا بذنب بل يقال : لا نكفرهم بكل ذنب كما تفعله الخوارج , وفرق بين النفي العام ونفي العموم ؛ والواجب إنما هو نفي العموم مناقضة لقول الخوارج الذين يكفرون بكل ذنب .
شرح الطحاوية (316)
وقال ابن تيمية : وأما التكفير فالصواب أنه من اجتهد من أمة محمد , وقصد الحق فاخطأ لم يكفر بل يغفر له خطؤه , ومن تبين له ما جاء به الرسول فشاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين فهو كافر , ومن اتبع هواه وقصر فى طلب الحق وتكلم بلا علم فهو عاص مذنب ثم قد يكون فاسقا , وقد تكون له حسنات ترجح على سيئاته .
فالتكفير يختلف بحسب اختلاف حال الشخص فليس كل مخطيء ولا مبتدع ولا جاهل ولا ضال يكون كافرا بل ولا فاسقا بل ولا عاصيا .
مجموع الفتاوى (12|180)
وقال أيضا : وهذا مبني على مسألتين
إحداهما: أن الذنب لا يوجب كفر صاحبه كما تقوله الخوارج بل , ولا تخليده في النار , ومنع الشفاعة فيه كما يقوله المعتزلة.(1/157)
الثاني : أن المتأول الذي قصده متابعة الرسول لا يكفر بل ولا يفسق إذا اجتهد فأخطأ , وهذا مشهور عند الناس في المسائل العملية , وأما مسائل العقائد فكثير من الناس كفر المخطئين فيها .
وهذا القول لا يعرف عن أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان , ولا عن أحد من أئمة المسلمين , وإنما هو في الأصل من أقوال أهل البدع الذين يبتدعون بدعة , ويكفرون من خالفهم كالخوارج والمعتزلة والجهمية , ووقع ذلك في كثير من أتباع الأئمة كبعض أصحاب مالك والشافعي وأحمد وغيرهم .
وقد يسلكون في التكفير ذلك ؛ فمنهم من يكفر أهل البدع مطلقا ثم يجعل كل من خرج عما هو عليه من أهل البدع , وهذا بعينه قول الخوارج والمعتزلة الجهمية , وهذا القول أيضا يوجد في طائفة من أصحاب الأئمة الأربعة , وليس هو قول الأئمة الأربعة , ولا غيرهم , وليس فيهم من كفر كل مبتدع بل المنقولات الصريحة عنهم تناقض ذلك , ولكن قد ينقل عن أحدهم أنه كفر من قال بعض الأقوال , ويكون مقصوده أن هذا القول كفر ليحذر , ولا يلزم إذا كان القول كفرا أن يكفر كل من قاله مع الجهل والتأويل ؛ فإن ثبوت الكفر في حق الشخص المعين كثبوت الوعيد في الآخرة في حقه , وذلك له شروط وموانع كما بسطناه في موضعه.
منهاج السنة (5|240)
بيان أنه لايجوز لعن المعين
قال شيخ الإسلام : وقد تنازع الناس في لعنة الفاسق المعين فقيل إنه جائز كما قال ذلك طائفة من أصحاب أحمد وغيرهم كأبي الفرج بن الجوزي وغيره .
وقيل : إنه لا يجوز كما قال ذلك طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم كأبي بكر عبد العزيز وغيره.
والمعروف عن أحمد كراهة لعن المعين كالحجاج بن يوسف وأمثاله , وأن يقول كما قال الله تعالى:{ ألا لعنة الله على الظالمين} .(1/158)
وقد ثبت في صحيح البخاري : أن رجلا كان يدعى حمارا , وكان يشرب الخمر وكان يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيضربه فأتي به إليه مرة فقال رجل : لعنة الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا تلعنه ؛ فإنه يحب الله ورسوله .
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لعنة هذا المعين الذي كان يكثر شرب الخمر معللا ذلك بأنه يحب الله ورسوله مع أنه صلى الله عليه وسلم لعن شارب الخمر مطلقا فدل ذلك على أنه يجوز أن يلعن المطلق , ولا تجوز لعنة المعين الذي يحب الله ورسوله .
منهاج السنة (4|570)
الضابط بين دار الحرب ودار الإسلام
هذه المسألة من المسائل التي اختلف فيها العلماء , وسبب ذلك أن هذه المسألة لايوجد بها نص قاطع, وإنما هي أفهام للعلماء لنصوص مجملة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وهي من المسائل النازلة بعد عهد الصحابة والتابعين.
قال الدكتور عباس أحمد الباز في كتابه أحكام المال الحرام : والذي يبدو أن الأساس الذي قام عليه تقسيم الأقاليم إلى دار إسلام ودار كفر أو حرب هو أساس اجتهادي لا نصي حيث لم يرد بهذا التقسيم قرآن كريم , ولا حديث شريف إلا إشارات غير مباشرة وردت في بعض الأحاديث .
أحكام المال الحرام (195)
والذي نراه أقرب إلى الصواب أن الاعتبار بظهور الكلمة وظهور شعائر الإسلام .
جاء في حاشية الدسوقي على مختصر خليل : لأن بلاد الإسلام لاتصير دار حرب بأخذ الكفار لها بالقهر ما دامت شعائر الإسلام قائمة فيها.
وقال : لأن بلاد الإسلام لا تصير دار حرب بمجرد استيلائهم عليها بل حتى تنقطع إقامة شعائر الإسلام عنها , وأما مادامت شعائر الإسلام أو غالبها قائمة فلا تصير دار حرب .
حاشية الدسوقي (2|188)
وقال الشوكاني رحمه الله : ودار الإسلام ما ظهرت فيه الشهادتان والصلاة , ولم تظهر فيها خصلة كفرية , ولو تأويلا إلا بجوار , وإلا فدار كفر ....(1/159)
أقول: الاعتبار بظهور الكلمة ؛ فإن كانت الأوامر والنواهي في الدار لأهل الإسلام بحيث لا يستطيع من فيها من الكفار أن يتظاهر بكفره إلا لكونه مأذونا له بذلك من أهل الإسلام ؛ فهذه دار إسلام , ولا يضر ظهور الخصال الكفرية فيها لأنها لم تظهر بقوة الكفار, ولا بصولتهم كما هو مشاهد في أهل الذمة من اليهود والنصارى والمعاهدين الساكنين في المدائن الإسلامية, وإذا كان الأمر العكس فالدار بالعكس .
السيل الجرار(4|575)
وقال أيضا : وإلحاق دار الإسلام بدار الكفر بمجرد وقوع المعاصي فيها على وجه الظهور ليس بمناسب لعلم الرواية ولا لعلم الدراية .
نيل الأوطار (8|179)
على أنه يمكن أن يجتمع في الدار , وفي الشخص كفر وإيمان وفسق وإسلام كما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
فقد سئل رحمه الله
عن بلد ماردين هل هى بلد حرب أم بلد سلم , وهل يجب على المسلم المقيم بها الهجرة الى بلاد الإسلام أم لا, وإذا وجبت عليه الهجرة ولم يهاجر وساعد اعداء المسلمين بنفسه أو ماله هل يأثم فى ذلك وهل يأثم من رماه بالنفاق وسبه به أم لا؟
فأجاب : الحمد لله دماء المسلمين وأموالهم محرمة حيث كانوا فى ماردين أو غيرها , وإعانة الخارجين عن شريعة دين الإسلام محرمة سواء كانوا أهل ماردين أو غيرهم والمقيم بها إن كان عاجزا عن إقامة دينه وجبت الهجرة عليه والا استحبت ولم تجب ...
وأما كونها دار حرب أو سلم فهي مركبة فيها المعنيان ليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون جندها مسلمين , ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار بل هي قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه , ويقاتل الخارج عن شريعة الاسلام بما يستحقه.
مجموع الفتاوى (28|240)(1/160)
وقال شيخ الإسلام : فإذا تبين ذلك فالناس قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا في حال جاهلية منسوبة إلى الجهل ؛ فإن ما كانوا عليه من الأقوال والأعمال إنما أحدثه لهم جهال, وإنما يفعله جاهل , وكذلك كل ما يخالف ما جاء به المرسلون من يهودية ونصرانية فهي جاهلية , وتلك كانت الجاهلية العامة .
فأما بعد ما بعث الله الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فالجاهلية المطلقة قد تكون في مصر دون مصر كما هي في دار الكفار, وقد تكون في شخص دون شخص كالرجل قبل أن يسلم فإنه يكون في جاهلية , وإن كان في دار الإسلام ؛ فأما في زمان مطلق فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق إلى قيام الساعة.
والجاهلية المقيدة قد تقوم في بعض ديار المسلمين , وفي كثير من المسلمين كما قال صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية, وقال لأبي ذر إنك امرؤ فيك جاهلية ونحو ذلك .
اقتضاء الصراط المستقيم (79)
قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الكافرون }
هذه الآية الكريمة وما شابهها من العمومات مما ضل به الخوارج
قال ابن عبد البر : وقد ضلت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بهذه الآثار ومثلها في تكفير المذنبين , واحتجوا من كتاب الله بآيات ليست على ظاهرها مثل قوله عز وجل :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }
وقوله :{ أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون }
وقوله :{ إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين }
وقوله : { إن هم إلا يخرصون }
وقوله :{ وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } ونحو هذا
و عن ابن عباس في قول الله عز وجل :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } قال : ليس بكفر ينقل عن الملة ولكنه كفر دون كفر .
التمهيد (17|16)(1/161)
وقال شيخ الإسلام : وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق فكذلك فى قولهم أنه يكون فيه إيمان وكفر ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة كما قال ابن عباس وأصحابه فى قوله تعالى:{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } قالوا : كفروا كفرا لا ينقل عن الملة .
وقد اتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة.
مجموع الفتاوى (7|312)
وهذه المسألة من المسائل الشائكة , والتي ينبغي للمسلم التريث والتمهل بها قبل إصدار الأحكام .
قال ابن القيم رحمه الله : وأما كفر العمل فينقسم إلى ما يضاد الإيمان وإلى ما لا يضاده فالسجود للصنم والاستهانة بالمصحف وقتل النبي وسبه يضاد الإيمان.
وأما الحكم بغير ما أنزل الله وترك الصلاة فهو من الكفر العملي قطعا , ولا يمكن أن ينفي عنه اسم الكفر بعد أن أطلقه الله ورسوله عليه فالحاكم بغير ما أنزل الله كافر, وتارك الصلاة كافر بنص رسول الله, ولكن هو كفر عمل لا كفر اعتقاد .
ومن الممتنع أن يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل الله كافرا , ويسمى رسول الله تارك الصلاة كافرا , ولا يطلق عليهما اسم كافر...
إنما أراد الكفر العملي لا الاعتقادي وهذا الكفر لا يخرجه من الدائرة الأسلامية والملة بالكلية كما لا يخرج الزاني والسارق والشارب من الملة , وإن زال عنه اسم الإيمان .
وهذا التفصيل هو قول الصحابة الذين هم أعلم الأمة بكتاب الله وبالإسلام والكفر ولوازمهما فلا تتلقى هذه المسائل إلا عنهم؛ فإن المتأخرين لم يفهموا مرادهم فانقسموا فريقين فريقا أخرجوا من الملة بالكبائر , وقضوا على أصحابها بالخلود في النار .
وفريقا جعلوهم مؤمنين كاملي الإيمان فهؤلاء غلوا وهؤلاء جفوا.
وهدى الله أهل السنة للطريقة المثلى والقول الوسط الذي هو في المذاهب كالإسلام في الملل فها هنا كفر دون كفر ونفاق دون نفاق وشرك دون شرك وفسوق دون فسوق وظلم دون ظلم .(1/162)
قال سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله تعالى :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكفرون } ليس هو بالكفر الذي يذهبون إليه .
و عن ابن طاووس عن أبيه قال: سئل ابن عباس عن قوله :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكفرون} قال : هو بهم كفر , وليس كمن كفر بالله وملائكته كتبه ورسله .
وقال في رواية أخرى عنه: كفر لا ينقل عن الملة .
وقال طاووس : ليس بكفر ينقل عن الملة ...
الصلاة وحكم تاركها (75)
وقد فصل العلماء في هذه المسألة وبينوا أن الحكم بما أنزل الله منه ما هو أكبر مخرج من الملة , ومنه ماهو أصغر بحسب الأحوال .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : فنقول من لم يحكم بما أنزل الله استخفافا به أو احتقارا له أو اعتقادا أن غيره أصلح منه , وأنفع للخلق فهو كافر كفرا مخرجا عن الملة .
ومن هؤلاء من يضعون للناس تشريعات تخالف التشريعات الإسلامية لتكون منهاجا يسير عليه الناس ؛ فإنهم لم يضعوا تلك التشريعات المخالفة للشريعة الإسلامية إلا وهم يعتقدون أنها أصلح وأنفع للخلق إذ من المعلوم بالضرورة العقلية والجبلة الفطرية أن الإنسان لا يعدل عن منهاج إلى منهاج يخالفه إلا وهو يعتقد فضل ما عدل إليه ونقص ما عدل عنه .
ومن لم يحكم بما أنزل الله وهو لم يستخف به ولم يحتقره ؛ ولم يعتقد أن غيره أصلح منه وأنفع للخلق , وإنما حكم بغيره تسلطا على المحكوم عليه أو انتقاما منه لنفسه أو نحو ذلك ؛ فهذا ظالم وليس بكافر , وتختلف مراتب ظلمه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم .
ومن لم يحكم بما أنزل الله لا استخفافا بحكم الله ولا احتقارا ولا اعتقادا أن غيره أصلح وأنفع للخلق , وإنما حكم بغيره محاباة للمحكوم له أو مراعاة لرشوة أو غيرها من عرض الدنيا ؛ فهذا فاسق وليس بكافر وتختلف مراتب فسقه بحسب المحكوم به ووسائل الحكم .(1/163)
وسئل رحمه الله : هل هناك فرق بين المسألة المعينة التي يحكم بها القاضي بغير ما أنزل الله وبين المسائل التي تعتبر تشريعا عاما ؟
فأجاب بقوله : نعم هناك فرق ؛ فإن المسائل التي تعتبر تشريعا عاما لا يتأتى فيها التقسيم السابق , وإنما هي من القسم الأول فقط لأن هذا المشرع تشريعا يخالف الإسلام إنما شرعه لاعتقاده أنه أصلح من الإسلام وأنفع للعباد كما سبقت الإشارة إليه .
والحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين :
أحدهما : أن يستبدل هذا الحكم بحكم الله تعالى بحيث يكون عالما بحكم الله , ولكنه يرى أن الحكم المخالف له أولى وأنفع للعباد من حكم الله أو أنه مساو لحكم الله أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز فيجعله القانون الذي يجب التحاكم إليه فمثل هذا كافر كفرا مخرجا عن الملة .
لأن فاعله لم يرض بالله ربا ولا بمحمد رسولا ولا بالإسلام دينا وعليه ينطبق قوله تعالى :{ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون } وقوله تعالى :{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وقوله تعالى :{ ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} .
ولا ينفعه صلاة ولا زكاة ولا صوم ولا حج لأن الكافر ببعض كافر به كله قال الله تعالى : { أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون }
وقال سبحانه :{ إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا }(1/164)
الثاني : أن يستبدل بحكم الله تعالى حكما مخالفا له في قضية معينة دون أن يجعل ذلك قانونا يجب التحاكم إليه فله ثلاث حالات :
الأولى : أن يفعل ذلك عالما بحكم الله تعالى معتقدا أن ما خالفه أولى منه وأنفع للعباد أو أنه مساو له أو أن العدول عن حكم الله إليه جائز ؛ فهذا كافر كفرا مخرجا عن الملة لما سبق في القسم الأول .
الثانية :أن يفعل ذلك عالما بحكم الله معتقدا أنه أولى وأنفع لكن خالفه بقصد الإضرار بالمحكوم عليه أو نفع المحكوم له ؛ فهذا ظالم وليس بكافر وعليه ينزل قول الله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
الثالثة : أن يكون كذلك لكن خالفه لهوى في نفسه أو مصلحة تعود إليه فهذا فاسق وليس بكافر , وعليه ينزل قول الله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } .
وهذه المسألة أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله من المسائل الكبرى التي ابتلي بها حكام هذا الزمان ؛ فعلى المرء أن لايتسرع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه حتى يتبين له الحق لأن المسألة خطيرة نسأل الله تعالى أن يصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم كما أن على المرء الذي آتاه الله العلم أن يبينه لهؤلاء الحكام لتقوم الحجة عليهم وتبين المحجة فيهلك من هلك عن بينة , ويحيى من حي عن بينة , ولا يحقرن نفسه عن بيانه , ولا يهابن أحدا فيه ؛ فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين , والله ولي التوفيق .
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ العثيمين (2|147)
الخارجون عن قبضة الإمام أصناف أربعة :
أحدها : قوم امتنعوا من طاعته وخرجوا عن قبضته بغير تأويل فهؤلاء قطاع طريق ساعون في الأرض بالفساد .. .(1/165)
الثاني : قوم لهم تأويل إلا أنهم نفر يسير لا منعة لهم كالواحد والاثنين والعشرة ونحوهم فهؤلاء قطاع طريق في قول أكثر أصحابنا , وهو مذهب الشافعي لأن ابن ملجم لما جرح عليا قال : للحسن إن برئت رأيت رأيي , وإن مت فلا تمثلوا به فلم يثبت بفعله حكم البغاة , ولأننا لو أثبتنا للعدد اليسير حكم البغاة في سقوط ضمان ما أتلفوه أفضى إلى إتلاف أموال الناس , وقال أبو بكر : لا فرق بين الكثير والقليل وحكمهم حكم البغاة إذا خرجوا عن حكم الإمام.
الثالث : الخوارج الذين يكفرون بالذنب ويكفرون عثمان وعليا وطلحة والزبير وكثيرا من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم ؛ فظاهر قول الفقهاء من أصحابنا المتأخرين أنهم بغاة حكمهم حكمهم , وهذا قول أبي حنيفة و الشافعي وجمهور الفقهاء وكثير من أهل الحديث و مالك يرى استتابتهم؛ فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم , وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين وتباح دماؤهم وأموالهم ؛ فإن تحيزوا في مكان وكانت لهم منعة وشوكة صاروا أهل حرب كسائر الكفار , وإن كانوا في قبضة الإمام استتابهم كاستتابة المرتدين ؛ فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم, وكانت أموالهم فيئا لا يرثهم ورثتهم المسلمون لما روى أبو سعيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئا , وينظر في القدح فلا يرى شيئا , وينظر في الريش فلا يرى شيئا , ويتمارى في الفوق . رواه مالك في موطئه و البخاري في صحيحه, وهو حديث صحيح ثابت الإسناد .(1/166)
وفي لفظ قال : يخرج في قوم آخر الزمان أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ؛ فأينما لقيتهم فاقتلهم ؛ فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة . رواه البخاري , وروى معناه من وجوه يقول فكما خرج هذا السهم نقيا خاليا من الدم والفرث لم يتعلق منها بشيء كذلك خروج هؤلاء من الدين يعني الخوارج. وعن أبي أمامة أنه رأى رؤوسا منصوبة على درج مسجد دمشق فقال : كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه ثم قرأ : { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } إلى آخر الآية فقيل له أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا حتى عد سبعا ما حدثتكموه. قال الترمذي : هذا حديث حسن .
[ الترمذي (3000)]
ورواه ابن ماجة عن سهل عن ابن عيينة عن أبي غالب أنه سمع أبا أمامة يقول : شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء , وخير قتلى من قتلوا كلاب أهل النار كلاب أهل النار كلاب أهل النار قد كان هؤلاء مسلمين فصاروا كفارا. قلت : يا أبا أمامة هذا شيء تقوله ؟ قال : بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ابن ماجه (176)]
وعن علي رضي الله عنه في قوله تعالى : { قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا } قال : هم أهل النهروان .
وعن أبي سعيد في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : هم شر الخلق والخليقة لإن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد , وقال : لا يجاوز إيمانهم حناجرهم . وأكثر الفقهاء على أنهم بغاة ولا يرون تكفيرهم.(1/167)
قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم وجعلهم كالمرتدين وقال ابن عبد البر في الحديث الذي رويناه قوله : يتمارى في الفوق . يدل على أنه لم يكفرهم لأنهم علقوا من الإسلام بشيء بحيث يشك في خروجهم منه , وروي عن علي أنه لما قاتل أهل النهر قال لأصحابه : لا تبدأوهم في القتال , وبعث اليهم أقيدونا بعبد الله بن خباب قالوا : كلنا قتله فحينئذ استحل قتالهم لإقرارهم على أنفسهم بما يوجب قتلهم .
وذكر ابن عبد البر عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن أهل النهر : أكفار هم ؟ قال : من الكفر فروا . قيل : فمنافقون ؟ قال : إن المنافقين لا يذكون الله إلا قليلا قيل : فما هم ؟ قال : هم قوم أصابتهم فتنة فعموا فيها وصموا وبغوا علينا وقاتلونا فقاتلناهم .
ولما جرحه ابن ملجم قال للحسن : أحسنوا إساره ؛ فإن عشت فأنا ولي دمي , وإن مت فضربة كضربتي , وهذا رأي عمر بن عبد العزيز فيهم وكثير من العلماء .
والصحيح إن شاء الله أن الخوارج يجوز قتلهم ابتداء والإجهاز على جريحهم لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلهم ووعده بالثواب من قتله ؛ فإن عليا رضي الله عنه قال : لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم , ولأن بدعتهم وسوء فعلهم يقتضي حل دمائهم بدليل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من عظم ذنبهم , وأنهم شر الخلق والخليقة , وأنهم يمرقون من الدين وأنهم كلاب النار , وحثه على قتلهم , وإخباره بأنه لو أدركهم لقتلهم قتل عاد ؛ فلا يجوز إلحاقهم بمن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالكف عنهم , وتورع كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن قتالهم ولا بدعة فيهم .(1/168)
الصنف الرابع : قوم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الإمام ويرومون خلعه لتأويل سائغ , وفيهم منعة يحتاج في كفهم إلى جمع الجيش فهؤلاء البغاة الذين نذكر في هذا الباب حكمهم, وواجب على الناس معونة إمامهم في قتال البغاة لما ذكرنا في أول الباب , ولأنهم لو تركوا معونته لقهره أهل البغي وظهر الفساد في الأرض
المغني (10|49)
الفرق بين قتال البغاة والخوارج و المرتدين
قال شيخ الإسلام : والمصنفون فى الأحكام يذكرون قتال البغاة والخوارج جميعا , وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم فى قتال البغاة حديث إلا حديث كوثر بن حكيم عن نافع وهو موضوع .
وأما كتب الحديث المصنفة مثل صحيح البخارى والسنن فليس فيها إلا قتال أهل الردة والخوارج وهم أهل الأهواء, وكذلك كتب السنة المنصوصة عن الإمام أحمد ونحوه .
وكذلك فيما أظن كتب مالك وأصحابه ليس فيها باب قتال البغاة , وإنما ذكروا أهل الردة وأهل الأهواء , وهذا هو الأصل الثابت بكتاب الله وسنة رسوله , وهو الفرق بين القتال لمن خرج عن الشريعة والسنة فهذا الذى أمر به النبي .
وأما القتال لمن لم يخرج إلا عن طاعة إمام معين فليس فى النصوص أمر بذلك فارتكب الأولون ثلاثة محاذير .
الأول : قتال من خرج عن طاعة ملك معين , وإن كان قريبا منه , ومثله فى السنة والشريعة لوجود الافتراق , والافتراق هو الفتنة .
والثانى : التسوية بين هؤلاء وبين المرتدين عن بعض شرائع الاسلام .(1/169)
والثالث : التسوية بين هؤلاء , وبين قتال الخوارج المارقين من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية , ولهذا تجد تلك الطائفة يدخلون فى كثير من أهواء الملوك وولاة الأمور ويأمرون بالقتال معهم لأعدائهم بناء على أنهم أهل العدل وأولئك البغاة , وهم فى ذلك بمنزلة المتعصبين لبعض أئمة العلم أو أئمة الكلام أو أئمة المشيخة على نظرائهم مدعين أن الحق معهم أو أنهم أرجح بهوى قد يكون فيه تأويل بتقصير لا بالاجتهاد , وهذا كثير فى علماء الأمة وعبادها وأمرائها وأجنادها وهو من البأس الذي لم يرفع من بينها فنسأل الله العدل ؛ فإنه لا وحول ولا قوة إلا به ,
ولهذا كان أعدل الطوائف أهل السنة أصحاب الحديث .
وتجد هؤلاء إذا أمروا بقتال من مرق من الإسلام أو ارتد عن بعض شرائعه يأمرون أن يسار فيه بسيرة علي فى قتال طلحة والزبير لا يسبى لهم ذرية , ولا يغنم لهم مال , ولا يجهز لهم على جريح , ولا يقتل لهم أسير , ويتركون ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وسار به علي فى قتال الخوارج , وما أمر الله به رسوله , وسار به الصديق فى قتال مانعي الزكاة فلا يجمعون بين ما فرق الله بينه من المرتدين والمارقين وبين المسلمين المسيئين , ويفرقون بين ما جمع الله بينه من الملوك والأئمة المتقاتلين على الملك , وإن كان بتأويل , والله سبحانه وتعالى أعلم .
مجموع الفتاوى (4|452)
وقال شيخ الإسلام : فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم , وإنما تنازعوا فى تكفيرهم على قولين مشهورين فى مذهب مالك وأحمد , وفى مذهب االشافعى أيضا نزاع فى كفرهم .
ولهذا كان فيهم وجهان فى مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى
أحدهما : أنهم بغاة
والثاني : أنهم كفار كالمرتدين يجوز قتلهم إبتداء , وقتل أسيرهم وإتباع مدبرهم ومن قدر عليه منهم إستتيب كالمرتد ؛ فإن تاب وإلا قتل كما أن مذهبه فى مانعي الزكاة إذا قاتلوا الإمام عليها هل يكفرون مع الإقرار بوجوبها على روايتين .(1/170)
وهذا كله مما يبن أن قتال الصديق لمانعى الزكاة , وقتال علي للخوارج ليس مثل القتال يوم الجمل وصفين فكلام علي وغيره فى الخوارج يقتضي أنهم ليسوا كفارا كالمرتدين عن أصل الإسلام , وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره , وليسوا مع ذلك حكمهم كحكم أهل الجمل وصفين بل هم نوع ثالث , وهذا أصح الأقوال الثلاثة فيهم .
مجموع الفتاوى (28|518)
وسئل شيخ الإسلام عن البغاة والخوارج هل هي ألفاظ مترادفة بمعنى و احد أم بينهما فرق , و هل فرقت الشريعة بينهما فى الأحكام الجارية عليهما أم لا , وإذا ادعى مدع أن الأئمة اجتمعت على أن لا فرق بينهم إلا فى الاسم , و خالفه مخالف مستدلا بأن أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه فرق بين أهل الشام و أهل النهروان فهل الحق مع المدعي أو مع مخالفه ؟
فأجاب : الحمد لله أما قول القائل إن الأئمة اجتمعت على أن لا فرق بينهما إلا فى الاسم فدعوى باطلة و مدعيها مجازف ؛ فإن نفي الفرق إنما هو قول طائفة من أهل العلم من أصحاب أبي حنيفة و الشافعى و أحمد و غيرهم مثل كثير من المصنفين فى قتال أهل البغي ؛ فإنهم قد يجعلون قتال أبي بكر لمانعي الزكاة , و قتال علي الخوارج و قتاله لأهل الجمل و صفين إلى غير ذلك من قتال المنتسبين إلى الإسلام من باب قتال أهل البغي ثم مع ذلك فهم متفقون على أن مثل طلحة و الزبير و نحوهما من الصحابة من أهل العدالة لايجوز أن يحكم عليهم بكفر و لافسق بل مجتهدون إما مصيبون , و إما مخطئون و ذنوبهم مغفورة لهم , و يطلقون القول بأن البغاة ليسوا فساقا .
فإذا جعل هؤلاء و أولئك سواء لزم أن تكون الخوارج و سائر من يقاتلهم من أهل الاجتهاد الباقين على العدالة سواء , و لهذا قال طائفة بفسق البغاة , و لكن أهل السنة متفقون على عدالة الصحابة .(1/171)
وأما جمهور أهل العلم فيفرقون بين الخوارج المارقين و بين أهل الجمل و صفين و غير أهل الجمل و صفين ممن يعد من البغاة المتأولين , و هذا هو المعروف عن الصحابة , و عليه عامة أهل الحديث و الفقهاء و المتكلمين و عليه نصوص أكثر الأئمة و أتباعهم من أصحاب مالك و أحمد والشافعي و غيرهم .
وذلك أنه قد ثبت فى الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق .
و هذا الحديث يتضمن ذكر الطوائف الثلاثة , و يبين أن المارقين نوع ثالث ليسوا من جنس أولئك؛ فإن طائفة علي أولى بالحق من طائفة معاوية , و قال فى حق الخوارج المارقين : يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم و صيامه مع صيامهم و قراءته مع قراءتهم يقرؤن القرآن لايجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم ؛ فإن في قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة .
و فى لفظ : لو يعلم الذين يقاتلونهم ما لهم على لسان نبيهم لنكلوا عن العمل .
و قد روى مسلم أحاديثهم فى الصحيح من عشرة أوجه, و روى هذا البخارى من غير و جه , و رواه أهل السنن و المسانيد , و هي مستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم متلقاة بالقبول أجمع عليها علماء الأمة من الصحابة , و من اتبعهم واتفق الصحابة على قتال هؤلاء الخوارج .
وأما أهل الجمل و صفين فكانت منهم طائفة قاتلت من هذا الجانب , و أكثر أكابر الصحابة لم يقاتلوا لا من هذا الجانب و لا من هذا الجانب , و استدل التاركون للقتال بالنصوص الكثيرة عن النبي صلى الله عليه و سلم فى ترك القتال فى الفتنة و بينوا أن هذا قتال فتنة .(1/172)
وكان علي رضي الله عنه مسرورا لقتال الخوراج , و يروي الحديث عن النبي صلى الله عليه و سلم في الأمر بقتالهم ,و أما قتال صفين فذكر أنه ليس معه فيه نص , و إنما هو رأي رآه و كان أحيانا يحمد من لم ير القتال , وقد ثبت فى الصحيح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال فى الحسن : إن ابني هذا سيد , وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين .
فقد مدح الحسن و أثنى عليه بإصلاح الله به بين الطائفتين أصحاب علي و أصحاب معاوية ,و هذا يبين أن ترك القتال كان أحسن , و أنه لم يكن القتال واجبا و لا مستحبا .
و قتال الخوارج قد ثبت عنه أنه أمر به , و حض عليه فكيف يسوى بين ما أمر به , و حض عليه ,و بين ما مدح تاركه و أثنى عليه ؛ فمن سوى بين قتال الصحابة الذين اقتتلوا بالجمل و صفين ,و بين قتال ذي الخويصرة التميمي و أمثاله من الخوارج المارقين , و الحرورية المعتدين كان قولهم من جنس أقوال أهل الجهل و الظلم المبين , و لزم صاحب هذا القول أن يصير من جنس الرافضة و المعتزلة الذين يكفرون أو يفسقون المتقاتلين بالجمل و صفين كما يقال مثل ذلك فى الخوارج المارقين ؛ فقد اختلف السلف و الأئمة فى كفرهم على قولين مشهورين مع اتفاقهم على الثناء على الصحابة المقتتلين بالجمل و صفين والإمساك عما شجر بينهم فكيف نسبة هذا بهذا .
وأيضا فالنبي صلى الله عليه و سلم أمر بقتال الخوارج قبل أن يقاتلوا , و أما أهل البغي؛ فإن الله تعالى قال فيهم { وإ ن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل و أقسطوا إن الله يحب المقسطين} فلم يأمر بقتال الباغية ابتداء ؛ فالاقتتال ابتداء ليس مأمورا به , و لكن إذا اقتتلوا أمر بالاصلاح بينهم ثم إن بغت الواحدة قوتلت .(1/173)
و لهذا قال من قال من الفقهاء إن البغاة لايبتدئون بقتالهم حتى يقاتلوا , و أما الخوارج فقد قال النبى صلى الله عليه و سلم فيهم : أينما لقيتموهم فاقتلوهم؛ فإن فى قتلهم أجرا عند الله لمن قتلهم يوم القيامة .
و قال : لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد .
وكذلك مانعوا الزكاة ؛ فإن الصديق و الصحابة ابتدؤا قتالهم قال الصديق : والله لو منعونى عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لقاتلتهم عليه .
و هم يقاتلون إذا امتنعوا من أداء الواجبات , و إن أقروا بالوجوب ثم تنازع الفقهاء فى كفر من منعها , و قاتل الإمام عليها مع إقراره بالوجوب على قولين هما روايتان عن أحمد كالروايتين عنه فى تكفير الخوارج , و أما أهل البغي المجرد فلا يكفرون باتفاق أئمة الدين ؛ فإن القرآن قد نص على إيمانهم وأخوتهم مع و جود الاقتتال و البغي و الله أعلم .
مجموع الفتاوى (35|57)
حكم الصلاة خلف أهل البدع كالخوارج
جاء في المغني
قال : ومن صلى خلف من يعلن ببدعة أو يسكر أعاد
الإعلان الإظهار وهو ضد الإسرار, وظاهر هذا أن من ائتم بمن يظهر بدعته ويتكلم بها ويدعوا إليها أو يناظر عليها فعليه الإعادة, ومن لم يظهر بدعته فلا إعادة على المؤتم به وإن كان معتقدا لها .
قال الأثرم : قلت لـ أبي عبد الله : الرافضة الذين يتكلمون بما تعرف ؟ فقال : نعم آمره أن يعيد قيل لـ أبي عبد الله وهكذا أهل البدع كلهم قال : لا إن منهم من يسكت , ومنهم من يقف ولا يتكلم وقال : لا تصل خلف أحد من أهل الأهواء إذا كان داعية إلى هواه ... .
فحصل من هذا أن من صلى خلف مبتدع معلن ببدعته فعليه الإعادة , ومن لم يعلنها ففي الإعادة خلفه روايتان وأباح الحسن و أبو جعفر و الشافعي الصلاة خلف أهل البدع ... .(1/174)
ولأنه رجل صلاته صحيحة فصح الإئتمام به كغيره , وقال نافع كان ابن عمر يصلي مع الخشبية والخوارج زمن ابن الزبير وهم يقتتلون فقيل له : أتصلي مع هؤلاء ومع هؤلاء وبعضهم يقتل بعضا ؟ فقال : من قال حي على الصلاة أجبته ومن قال حي على الفلاح أجبته , ومن قال حي على قتل أخيك المسلم وأخذ ماله قلت : لا .
وقال ابن المنذر وبعض الشافعية : من نكفره ببدعته كالذي يكذب الله أو رسوله ببدعته لا يصلى خلفه ومن لا نكفره تصح الصلاة خلفه ... .
المغني (2|22)
وقال شيخ الإسلام : وأما الصلاة خلف أهل الأهواء والبدع وخلف أهل الفجور ففيه نزاع مشهور وتفصيل ليس هذا موضع بسطه .(1/175)
لكن أوسط الأقوال في هؤلاء أن تقديم الواحد من هؤلاء فى الإمامة لا يجوز مع القدرة على غيره ؛ فإن من كان مظهرا للفجور أو البدع يجب الإنكار عليه , ونهيه عن ذلك , وأقل مراتب الإنكار هجره لينتهى عن فجوره وبدعته , ولهذا فرق جمهور الأئمة بين الداعية وغير الداعية ؛ فإن الداعية أظهر المنكر فاستحق الإنكار عليه بخلاف الساكت ؛ فإنه بمنزلة من أسر بالذنب , فهذا لا ينكر عليه فى الظاهر فإن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها ,ولكن إذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة , ولهذا كان المنافقون تقبل منهم علانيتهم , وتوكل سرائرهم إلى الله تعالى بخلاف من أظهر الكفر؛ فإذا كان داعية منع من ولايته وإمامته وشهادته وروايته لما فى ذلك من النهي عن المنكر لا لأجل فساد الصلاة أو اتهامه فى شهادته وروايته ؛ فإذا أمكن لإنسان ألا يقدم مظهرا للمنكر فى الإمامة وجب ذلك لكن إذا ولاه غيره , ولم يمكنه صرفه عن الإمامة أو كان هو لا يتمكن من صرفه إلا بشر أعظم ضررا من ضرر ما أظهره من المنكر؛ فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير , ولا دفع أخف الضررين بتحصيل أعظم الضررين ؛ فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان ومطلوبها ترجيح خير الخيرين إذا لم يمكن أن يجتمعا جميعا , ودفع شر الشرين إذا لم يندفعا جميعا .(1/176)
فإذا لم يمكن منع المظهر للبدعة والفجور إلا بضرر زائد على ضرر إمامته لم يجز ذلك بل يصلي خلفه ما لا يمكنه فعلها إلا خلفه كالجمع والأعياد والجماعة إذا لم يكن هناك إمام غيره , ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج والمختار بن أبي عبيد الثقفي وغيرهما الجمعة والجماعة ؛ فإن تفويت الجمعة والجماعة أعظم فسادا من الاقتداء فيهما بإمام فاجر لا سيما إذا كان التخلف عنهما لا يدفع فجوره , فيبقى ترك المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة , ولهذا كان التاركون للجمعة والجماعات خلف أئمة الجور مطلقا معدودين عند السلف والأئمة من أهل البدع .
مجموع الفتاوى (23|344)
حكم صلاة الجنازة على أهل البدع كالخوارج
قال ابن قدامة : قال أحمد : لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ويشهده من شاء قد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على أقل من هذا : الدين والغلول وقاتل نفسه , وقال : لا يصلى على الرافضي . وقال أبو بكر بن عياش : لا أصلي على رافضي ولا حروري , وقال الفريابي : من شتم أبا بكر فهو كافر لا أصلي عليه . قيل له : فكيف تصنع به وهو يقول لا إله إلا الله ؟ قال : لا تمسوه بأيديكم ارفعوه بالخشب حتى تواروه في حفرته .
وقال أحمد : أهل البدع لا يعادون إن مرضوا ولا تشهد جنائزهم إن ماتوا , وهذا قول مالك قال ابن عبد البر : وسائر العلماء يصلون على أهل البدع والخوارج وغيرهم ...
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة بأدون من هذا فأولى أن نترك الصلاة به وروى ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن لكل أمة مجوسا وإن مجوس أمتي الذين يقولون لا قدر فإن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم ] رواه الإمام أحمد
[حديث صحيح انظر ظلال الجنة (1|151)]
المغني (2|418)
حكم حلق الرأس من غير حاجة(1/177)
قال ابن قدامة : واختلفت الرواية عن أحمد في حلق الرأس فعنه أنه مكروه لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج : سيماهم التحليق . فجعله علامة لهم , وقال عمر لصبيغ : لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عينك بالسيف ... وقال ابن عباس الذي يحلق رأسه في المصر شيطان .
قال أحمد : كانوا يكرهون ذلك , وروي عنه لا يكره ذلك لكن تركه أفضل قال حنبل : كنت أنا وأبي نحلق رؤوسنا في حياة أبي عبد الله فيرانا ونحن نحلق فلا ينهانا , وكان هو يأخذ رأسه بالجلمين ولا يحفيه ويأخذه وسطا ...
قال ابن عبد البر وقد أجمع العلماء على إباحة الحلق وكفى بهذا حجة .
المغني (1|103)
وقال شيخ الإسلام : هل يكره حلق الشعر في غير الحج والعمرة إلا من حاجة على روايتين
أحدهما : يكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الخوارج : سيماهم التحليق وقال عمر لصبيغ التميمي الذي كان يسأل عن المتشابهات: لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك , وقال ابن عباس رضي الله عنه الذي يحلق رأسه في المصر شيطان .
قال أحمد : كانوا يكرهون ذلك .
والثانية: لايكره ولا يستحب بل تركه أفضل .
لما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك وقال : احلقوه كله أو ذروه كله . رواه أحمد وأبو داود والسنائي باسناد صحيح.
وعن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال : لاتبكوا على أخي بعد اليوم ادعو إلي بني أخي. قال : فجيء بنا كأنا أفرخ . فقال : ادعو إلي الحلاق قال : فجيء بالحلاق فحلق رؤوسنا . رواه أحمد وأبو داود والنسائي , ولأنه لايكره استئصاله بالمقارض فكذلك حلقه
وما جاء فيه من الكراهة فهو , والله أعلم فيمن يعتقد قربة وشعار الصالحين هكذا كانت الخوارج , فأما إن حلقه على أنه مباح وإن تركه أفضل فلا .
شرح العمدة (1|231)(1/178)
وقال ابن القيم رحمه الله : لم يكن هديه حلق رأسه في غير نسك بل لم يحفظ عنه أنه حلق رأسه إلا في حج أو عمرة
وحلق الرأس أربعة أقسام شرعي وشركي وبدعي ورخصة
فالشرعي الحلق في الحج والعمرة .
والشركي حلق الرأس للشيوخ ؛ فإنهم يحلقون رؤوس المريدين للشيخ , ويقولون احلق رأسك للشيخ فلان , وهذا من جنس السجود له ؛ فإن حلق الرأس عبودية مذلة وكثير منهم يعمل المشيخة الوثنية فترى المريد عاكفا على السجود له , ويسميه وضع رأس وأدبا وعلى التوبة له , والتوبة لا ينبغي أن تكون لأحد إلا لله وحده وعلى حلق الرأس له , وحلق الرأس عبودية لا تصلح إلا لله وحده , وكانت العرب إذا أمنوا على الأسير جزوا نواصيه وأطلقوه عبودية وإذلالا له , ولهذا كان من تمام النسك وضع النواصي لله عبودية وخضوعا وذلا .
ويربونه على الحلف باسم الشيخ لإذلاله .
وأما الحلق البدعي فهو كحلق كثير من المطوعة والفقراء يجعلونه شرطا في الفقر وزيا يتميزون به عن أهل الشعور من الجند والفقهاء والقضاة وغيرهم , وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج أنه قال : سيماهم التحليق .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لصبيغ بن عسل , وقد سأله عن مسائل فأمر بكشف رأسه وقال : لو رأيتك محلوقا لأخذت الذي فيه عيناك حتى أن تكون من الخوارج .
ومن حلق البدعة الحلق عند المصائب بموت القريب ونحوه ؛ فأما المرأة فيحرم عليها ذلك , وقد بريء رسول الله من الحالقة والصالقة والشاقة .
وأما الرجل فحلقه لذلك بدعة قبيحة يكرهها الله ورسوله .
وأما حلق الحاجة والرخصة فهو كالحلق لوجع أو قمل أو أذى في رأسه من بثور ونحوها فهذا لا بأس به .
أحكام أهل الذمة (3|1293)
حكم دفع الزكاة إلى أهل البدع إذا تغلبوا(1/179)
قال ابن قدامة : إذا أخذ الخوارج والبغاة الزكاة أجزأت عن صاحبها , وحكى ابن المنذر عن أحمد و الشافعي و أبي ثور في الخوارج أنه يجزي , وكذلك كل من أخذها من السلاطين أجزأت عن صاحبها سواء عدل فيها أو جار وسواء أخذها قهرا أو دفعها إليه اختيارا.
قال أبو صالح : سألت سعد بن أبي وقاص و ابن عمر و جابرا و أبا سعيد الخدري وأبا هريرة فقلت : هذا السلطان يصنع ما ترون أفأدفع اليهم زكاتي؟ فقالوا كلهم : نعم . وقال إبراهيم: يجزيء عنك ما أخذ منك العشارون .
وعن سلمة بن الأكوع أنه دفع صدقته إلى نجدة , وعن ابن عمر أنه سئل عن مصدق ابن الزبير ومصدق نجدة فقال : إلى أيهما دفعت أجزأ عنك .
المغني (2|508)
متى يقاتل الخوارج ؟
قال ابن حجر عند قول البخاري باب من ترك قتال الخوارج للتأليف ولئلا ينفر الناس عنه .
: قال الإسماعيلي الترجمة في ترك قتال الخوارج والحديث في ترك القتل للمنفرد والجميع إذا أظهروا رأيهم ونصبوا للناس القتال وجب قتالهم , وإنما ترك النبي صلى الله عليه وسلم قتل المذكور لأنه لم يكن أظهر ما يستدل به على ما وراءه فلو قتل من ظاهره الصلاح عند الناس قبل استحكام أمر الإسلام ورسوخه في القلوب لنفرهم عن الدخول في الإسلام .
وأما بعده صلى الله عليه وسلم فلا يجوز ترك قتالهم إذا هم أظهروا رأيهم وتركوا الجماعة , وخالفوا الأئمة مع القدرة على قتالهم .(1/180)
قلت : وليس في الترجمة ما يخالف ذلك إلا أنه أشار إلى أنه لو اتفقت حاله مثل حالة المذكور فاعتقدت فرقة مذهب الخوارج مثلا , ولم ينصبوا حربا أنه يجوز للامام الإعراض عنهم إذا رأى المصلحة في ذلك كأن يخشى أنه لو تعرض للفرقة المذكورة لأظهر من يخفي مثل اعتقادهم أمره وناضل عنهم فيكون ذلك سببا لخروجهم ونصبهم القتال للمسلمين مع ما عرف من شدة الخوارج في القتال وثباتهم وإقدامهم على الموت , ومن تأمل ما ذكر أهل الأخبار من أمورهم تحقق ذلك , وقد ذكر ابن بطال عن المهلب قال : التألف إنما كان في أول الإسلام إذا كانت الحاجة ماسة لذلك لدفع مضرتهم فأما إذ أعلى الله الإسلام فلا يجب التألف إلا أن تنزل بالناس حاجة لذلك فلإمام الوقت ذلك .
الفتح (12|304)
وقال ابن حجر : وفيه الكف عن قتل من يعتقد الخروج على الإمام ما لم ينصب لذلك حربا أو يستعد لذلك لقوله ؛ فإذا خرجوا فاقتلوهم , وحكى الطبري الإجماع على ذلك في حق من لا يكفر باعتقاده .
وأسند عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب في الخوارج بالكف عنهم ما لم يسفكوا دما حراما أو يأخذوا مالا ؛ فإن فعلوا فقاتلوهم ولو كانوا ولدي .
ومن طريق ابن جريج قلت لعطاء : ما يحل في قتال الخوارج؟ قال : إذا قطعوا السبيل وأخافوا الأمن .
وأسند الطبري عن الحسن أنه سئل عن رجل كان يرى رأي الخوارج , ولم يخرج؟ فقال : العمل أملك بالناس من الرأي .
قال الطبري : ويؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف الخوارج بأنهم يقولون الحق بألسنتهم ثم أخبر أن قولهم ذلك , وإن كان حقا من جهة القول ؛ فإنه قول لا يجاوز حلوقهم .
ومنه قوله تعالى :{ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } أخبر أن العمل الصالح الموافق للقول الطيب هو الذي يرفع القول الطيب .
قال : وفيه أنه لا يجوز قتال الخوارج وقتلهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم بدعائهم إلى الرجوع إلى الحق والإعذار إليهم .
الفتح (12|313)(1/181)
وقال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن من شق العصا , وفارق الجماعة , وشهر على المسلمين السلاح , وأخاف السبيل , وأفسد بالقتل والسلب ؛ فقتلهم وإراقة دمائهم واجب لأن هذا من الفساد العظيم في الأرض , والفساد في الأرض موجب لإراقة الدماء بإجماع إلا أن يتوب فاعل ذلك من قبل أن يقدر عليه والانهزام عندهم ضرب من التوبة , وكذلك من عجز عن القتال لم يقتل إلا بما وجب عليه قبل ذلك .
ومن أهل الحديث طائفة تراهم كفارا على ظواهر الأحاديث فيهم مثل قوله : من حمل علينا السلاح فليس منا , ومثل قوله: يمرقون من الدين . وهي آثار يعارضها غيرها فيمن لا يشرك بالله شيئا ويريد بعمله وجهه , وإن أخطأ في حكمه واجتهاده والنظر يشهد أن الكفر لا يكون إلا بضد الحال التي يكون بها الإيمان لأنهما ضدان , وللكلام في هذه المسألة موضع غير هذا .
التمهيد (23|340)
و قال ابن قدامة : : وإذا أظهر قوم رأي الخوارج مثل تكفير من ارتكب كبيرة وترك الجماعة واستحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا أنهم لم يخرجوا عن قبضة الإمام , ولم يسفكوا الدم الحرام فحكى القاضي عن أبي بكر أنه لا يحل بذلك قتلهم ولا قتالهم ؛ وهذا قول أبي حنيفة و الشافعي وجمهور أهل الفقه , وروي ذلك عن عمر بن عبد العزيز فعلى هذا حكمهم في ضمان النفس والمال حكم المسلمين , وإن سبوا الإمام أو غيره من أهل العدل عزروا لأنهم ارتكبوا محرما لا حد فيه , وإن عرضوا بالسب فهل يعزرون ؟ على وجهين , وقال مالك في الإباضية وسائر أهل البدع يستتابون ؛ فإن تابوا والا ضربت أعناقهم . قال إسماعيل بن إسحاق : رأى مالك قتل الخوارج وأهل القدر من أجل الفساد الداخل في الدين كقطاع الطريق ؛ فإن تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم.(1/182)
وأما من رأى تكفيرهم فمقتضى قوله أنهم يستتابون ؛ فإن تابوا وإلا قتلوا لكفرهم كما يقتل المرتد ؛ وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وسلم : فأينما لقيتموهم فاقتلوهم . وقوله عليه السلام : لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد . وقوله صلى الله عليه وسلم في الذي أنكر عليه وقال: إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله لأبي بكر : اذهب فاقتله ثم قال لعمر مثل ذلك فأمر بقتله قبل قتاله , وهو الذي يخرج من ضئضيء هذا قوم يعني الخوارج, وقول عمر لصبيغ : لو وجدتك محلوقا لضربت الذي فيه عيناك بالسيف يعني لقتلتك , وإنما يقتله لكونه من الخوارج؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : سيماهم التسبيد يعني حلق رؤوسهم . واحتج الأولون بفعل علي رضي الله عنه ؛ فإنه روي عنه أنه كان يخطب يوما فقال رجل بباب المسجد : لا حكم الا لله . فقال علي : كلمة حق أريد بها باطل ثم قال: لكم علينا ثلاث : لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسم الله تعالى , ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا ولا نبدأكم بقتال.
وروى أبو يحيى قال : صلى علي رضي الله عنه صلاة فناداه رجل من الخوارج : { لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين } فأجابه علي رضي الله عنه : { فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون } , وكتب عدي بن أرطاة إلى عمر بن عبد العزيز إن الخوارج يسبونك فكتب إليه إن سبوني فسبوهم أو اعفوا عنهم , وإن شهروا السلاح فاشهروا عليهم , وإن ضربوا فاضربوا , ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للمنافقين الذين معه في المدينة فلأن لا يتعرض لغيرهم أولى...
المغني (10|55)
وقال أيضا : إذا اتفق المسلمون على إمام فمن خرج عليه من المسلمين يطلب موضعه حوربوا ودفعوا بأسهل ما يندفعون به .(1/183)
وجملة الأمر أن من اتفق المسلمون على إمامته وبيعته ثبتت إمامته ووجبت معونته لما ذكرنا من الحديث والإجماع , وفي معناه من ثبتت إمامته بعهد النبي صلى الله عليه وسلم أو بعهد إمام قبله إليه ؛ فإن أبا بكر ثبتت إمامته بإجماع الصحابة على بيعته وعمر ثبتت إمامته بعهد أبي بكر إليه , وأجمع الصحابة على قبوله , ولو خرج رجل على الإمام فقهره وغلب الناس بسيفه حتى أقروا له , وأذعنوا بطاعته , وتابعوه صار إماما يحرم قتاله والخروج عليه ؛ فإن عبد الملك بن مروان خرج على ابن الزبير فقتله واستولى على البلاد وأهلها حتى بايعوه طوعا وكرها فصار إماما يحرم الخروج عليه , وذلك لما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين, وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم ويدخل الخارج عليه في عموم قوله عليه السلام : من خرج على أمتي وهم جميع فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان .
[ مسلم (1852)]
فمن خرج على من ثبتت إمامته بأحد هذه الوجوه باغيا وجب قتاله , ولا يجوز قتالهم حتى يبعث إليهم من يسألهم ويكشف لهم الصواب إلا أن يخاف كلبهم فلا يمكن ذلك في حقهم ؛ فأما إن أمكن تعريفهم عرفهم ذلك , وأزال ما يذكرونه من المظالم , وأزال حججهم ؛ فإن لجوا قاتلهم حينئذ لأن الله تعالى بدأ بالأمر بالإصلاح قبل القتال فقال سبحانه : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } .
وروي أن عليا رضي الله عنه راسل أهل البصرة قبل وقعة الجمل ثم أمر أصحابه أن لا يبدأوهم بالقتال ثم قال : إن هذا يوم من فلج فيه فلج يوم القيامة ثم سمعهم يقولون الله أكبر يا ثارات عثمان . فقال : اللهم أكب قتلة عثمان لوجوههم .(1/184)
وروى عبد الله بن شداد بن الهاد: أن عليا لما اعتزلته الحرورية بعث إليهم عبد الله بن عباس فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف ؛ فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال , وإنما كان كذلك لأن المقصود كفهم ودفع شرهم لا قتلهم ؛ فإذا أمكن بمجرد القول كان أولى من القتال لما فيه من الضرر بالفريقين ؛ فإن سألوا الإنظار نظر في حالهم وبحث عن أمرهم ؛ فإن بان له أن قصدهم الرجوع إلى الطاعة ومعرفة الحق أمهلهم.(1/185)
قال ابن المنذر : أجمع على هذا كل من أحفظ عنه من أهل العلم ؛ فإن كان قصدهم الاجتماع على قتاله, وانتظار مدد يقوون به أو خديعة الإمام أو ليأخذوه على غرة ويفترق عسكره لم ينظرهم وعاجلهم ؛لأنه لا يأمن من أن يصير هذا طريقا إلى قهر أهل العدل ولا يجوز هذا , وإن أعطوه عليه مالا لأنه لا يجوز أن يأخذ المال على إقرارهم على ما لا يجوز إقرارهم عليه , وإن بذل له رهائن على إنظارهم لم يجز أخذها لذلك , ولأن الرهائن لا يجوز قتلهم لغدر أهلهم فلا يفيد شيئا , وإن كان في أيديهم أسرى من أهل العدل وأعطوا بدلك رهائن منهم قبلهم الإمام واستظهر للمسلمين ؛ فإن أطلقوا أسرى المسلمين الذين عندهم أطلقت رهائنهم, وإن قتلوا من عندهم لم يجز قتل رهائنهم لأنهم لا يقتلون بقتل غيرهم ؛ فإذا انقضت الحرب خلي الرهائن كما تخلى الأسارى منهم , وإن خاف الإمام على الفئة العادلة الضعف عنهم أخر قتالهم إلى أن تمكنه القوة عليهم لأنه لا يأمن الاصطلام والاستئصال فيؤخرهم حتى تقوى شوكة أهل العدل ثم يقاتلهم , وإن سألوه أن ينظرهم أبدا ويدعهم وما هم عليه ويكفوا عن المسلمين نظرت؛ فإن لم يعلم قوته عليهم وخاف قهرهم له إن قاتلهم تركهم , وإن قوي عليهم لم يجز إقرارهم على ذلك لأنه لا يجوز أن يترك بعض المسلمين طاعة الإمام, ولا تؤمن قوة شوكتهم بحيث يفضي إلى قهر الإمام العادل , ومن معه ثم إن أمكن دفعهم بدون القتل لم يجز قتلهم لأن المقصود دفعهم لأهلهم , ولأن المقصود إذا حصل بدون القتل لم يجز القتل من غير حاجة , وإن حضر معهم من لا يقاتل لم يجز قتله .
المغني (10|49)
وقال أيضا : مسألة : فإن آل ما دفعوا به إلى نفوسهم فلا شيء على الدافع , وإن قتل الدافع فهو شهيد(1/186)
وجملته أنه إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلا بقتلهم جاز قتلهم , ولا شيء على من قتلهم من إثم ولا ضمان ولا كفارة لأنه فعل ما أمر به , وقتل من أحل الله قتله , وأمر بمقاتلته , وكذلك ما أتلفه أهل العدل على أهل البغي حال الحرب من المال لا ضمان فيه لأنهم إذا لم يضمنوا الأنفس فالأموال أولى ؛ فإن قتل العادل كان شهيدا لأنه قتل في قتال أمر الله تعالى به بقوله : { فقاتلوا التي تبغي } وهل يغسل ويصلى عليه ؟ فيه روايتان إحداهما: لا يغسل ولا يصلى عليه لأنه شهيد معركة أمر بالقتال فيها فأشبه شهيد معركة الكفار.
والثانية : يغسل ويصلى عليه وهو قول الأوزاعي و ابن المنذر .
المغني (10|57)
وقال ابن قدامة : مسألة : قال : وإذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريحهم ولم يقتل لهم أسير ولم يغنم لهم مال ولم تسب له ذرية .
وجملته : أن أهل البغي إذا تركوا القتال إما بالرجوع إلى الطاعة, وإما بإلقاء السلاح وإما بالهزيمة إلى فئة أو إلى غير فئة , وإما بالعجز لجراح أو مرض أو أسر فإنه يحرم قتلهم واتباع مدبرهم , وبهذا قال الشافعي , وقال أبو حنيفة : إذا هزموا ولا فئة لهم كقولنا , وإن كانت لهم فئة يلجؤون إليها جاز قتل مدبرهم وأسيرهم والإجازة على جريحهم , وإن لم يكن لهم فئة لم يقتلوا لكن يضربون ضربا وجيعا ويحبسون حتى يقلعوا عما هم عليه , ويحدثوا توبة ذكروا هذا في الخوارج , ويروى عن ابن عباس نحو هذا , واختاره بعض اصحاب الشافعي لأنه متى لم يقتلهم اجتمعوا ثم عادوا إلى المحاربة ...
ولأن المقصود دفعهم وكفهم , وقد حصل فلم يجز قتلهم كالصائل , ولا يقتلون لما يخاف في الثاني كما لو لم تكن لهم فئة إذا ثبت هذا ؛ فإن قتل إنسان من منع من قتله ضمنه لأنه قتل معصوما لم يؤمر بقتله ,وفي القصاص وجهان :
أحدهما : يجب لأنه مكافيء معصوم
والثاني : لا يجب لأن في قتلهم اختلافا بين الأئمة فكان ذلك شبهة دارئة للقصاص لأنه مما يندرأ بالشبهات .(1/187)
وأما أسيرهم فإن دخل في الطاعة خلي سبيله , وإن أبى ذلك , وكان رجلا جلدا من أهل القتال حبس ما دامت الحرب قائمة ؛ فإذا انقضت الحرب خلي سبيله , وشرط عليه أن لا يعود إلى القتال , وإن لم يكن الأسير من أهل القتال كالنساء والصبيان والشيوخ الفانين خلي سبيلهم ولم يحبسوا في أحد الوجهين , وفي الآخر يحبسون لأن فيه كسرا لقلوب البغاة , وإن أسر كل واحد من الفريقين أسارى من الفريق الآخر جاز فداء أسارى أهل العدل بأسارى أهل البغي , وإن قتل أهل البغي أسارى أهل العدل لم يجز لأهل العدل قتل أساراهم لأنهم لا يقتلون بجناية غيرهم , ولا يزرون وزر غيرهم , وإن أبى البغاة مفاداة الأسرى الذين معهم وحبسوهم احتمل أن يجوز لأهل العدل حبس من معهم ليتوصلوا إلى تخليص أساراهم بحبس من معهم , ويحتمل أن لا يجوز حبسهم ويطلقون ؛لأن الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم .
المغني (10|60)
وقال أيضا : وإن ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحد ثم قدر عليهم أقيمت فيهم حدود الله تعالى , ولا تسقط باختلاف الدار , وبهذا قال مالك و الشافعي و ابن منذر.
وقال أبو حنيفة : إذا امتنعوا بدار لم يجب الحد على أحد منهم ولا على من عندهم من تاجر أو أسير لأنهم خارجون عن دار الإمام فأشبهوا من في دار الحرب .
ولنا عموم الآيات والأخبار , ولأن كل موضع تجب فيه العبادات في أوقاتها تجب الحدود فيه عند وجود أسبابها كدار أهل العدل, ولأنه زان أو سارق لا شبهة في زناه وسرقته فوجب عليه الحد كالذي في دار العدل , وهكذا نقول فيمن أتى حدا في دار الحرب فإنه يجب عليه لكن لا يقام إلا في دار الإسلام على ما ذكرناه في موضعه .
المغني (10|69)(1/188)
فصل : فأما غنيمة أموالهم وسبي ذريتهم فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافا , وقد ذكرنا حديث أبي أمامة و ابن مسعود ولأنهم معصومون , وإنما أبيح من دمائهم وأموالهم ما حصل من ضرورة دفعهم وقتالهم وما عداه يبقى على أصل التحريم .
المغني (10|62)
حكم قبول شهادة البغاة والخوارج
قال ابن قدامة : والبغاة إذا لم يكونوا من أهل البدع ليسوا بفاسقين ؛ وإنما هم يخطئون في تأويلهم , والإمام وأهل العدل مصيبون في قتالهم فهم جميعا كالمجتهدين من الفقهاء في الأحكام من شهد منهم قبلت شهادته إذا كان عدلا , وهذا قول الشافعي , ولا أعلم في قبول شهادتهم خلافا ؛ فأما الخوارج وأهل البدع إذا خرجوا على الامام فلا تقبل شهادتهم لأنهم فساق .
المغني(10|65)
وقال ابن القيم الحكم بشهادة الفساق وذلك في صور
إحداهما : الفاسق باعتقاده إذا كان متحفظا في دينه فإن شهادته مقبولة , وإن حكمنا بفسقه كأهل البدع والأهواء الذين لا نكفرهم كالرافضة والخوارج والمعتزلة ونحوهم هذا منصوص الأئمة .
قال الشافعي : أقبل شهادة أهل الأهواء بعضهم على بعض إلا الخطابية ؛ فإنهم يتدينون بالشهادة لموافقيهم على مخالفيهم .
ولا ريب أن شهادة من يكفر بالذنب ويعد الكذب ذنبا أولى بالقبول ممن ليس كذلك , ولم يزل السلف والخلف على قبول شهادة هؤلاء وروايتهم
وإنما منع الأئمة كالإمام أحمد بن حنبل وأمثاله قبول رواية الداعي المعلن ببدعته وشهادته والصلاة خلفه هجرا له وزجرا لينكف ضرر بدعته عن المسلمين , ففي قبول شهادته وروايته والصلاة خلفه واستقضائه وتنضيذ أحكامه رضى ببدعته , وإقرار له عليها وتعريض لقبولها منه .
وقال الميموني قال أبو عبد الله في الرافضة لعنهم الله : لا تقبل شهادتهم ولا كرامة لهم .(1/189)
وقال إسحاق بن منصور قلت لأحمد : كان ابن أبي ليلى يجيز شهادة كل صاحب بدعة إذا كان فيهم عدلا لا يستحل شهادة الزور . قال أحمد : ما تعجبني شهادة الجهمية والرافضة والقدرية والمعلنة .
وقال الميموني سمعت أبا عبد الله يقول : من أخاف عليه الكفر مثل الروافض والجهمية لا تقبل شهادتهم ولا كرامة لهم .
وقال في رواية يعقوب بن بختان : إذا كان القاضي جهميا لا نشهد عنده .
وقال أحمد بن الحسن الترمذي : قدمت على أبي عبد الله فقال : ما حال قاضيكم لقد مد له في عمره فقلت له : إن للناس عندي شهادات صرت إلى البلاد لا آمن إذ أشهد عنده أن يفضحني. قال : لا تشهد عنده قلت: يسألني من له عندي شهادة قال: لك ألا تشهد عنده .
قلت : من كفر بمذهبه كمن ينكر حدوث العالم , وحشر الأجساد ,وعلم الرب تعالى بجميع الكائنات , وأنه فاعل بمشيئته وإرادته ؛ فلا تقبل شهادته لأنه على غير الإسلام ؛ فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام , ولكنهم مخالفون في بعض الأصول كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم فهؤلاء أقسام:
أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له فهذا لا يكفر ولا يفسق ولا ترد شهادته إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى , وحكمه حكم المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة , ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا .
القسم الثاني : المتمكن من السؤال وطلب الهداية ومعرفة الحق ؛ ولكن يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ولذته ومعاشه وغير ذلك , فهذا مفرط مستحق للوعيد آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته فهذا حكمه حكم أمثاله من تاركي بعض الواجبات ؛ فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة والهدى ردت شهادته , وإن غلب ما فيه من السنة والهدى قبلت شهادته .(1/190)
القسم الثالث : أن يسأل ويطلب ويتبين له الهدى ويتركه تقليدا وتعصبا أو بغضا أو معاداة لأصحابه ؛ فهذا أقل درجاته أن يكون فاسقا, وتكفيره محل اجتهاد وتفصيل ؛ فإن كان معلنا داعية ردت شهادته وفتاويه وأحكامه مع القدرة على ذلك , ولم تقبل له شهادة ولا فتوى ولا حكم إلا عند الضرورة كحال غلبة هؤلاء واستيلائهم , وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ؛ ففي رد شهادتهم وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير , ولا يمكن ذلك فتقبل للضرورة .
وقد نص مالك رحمه الله على أن شهادة أهل البدع كالقدرية والرافضة ونحوهم لا تقبل , وإن صلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا .
الطرق الحكمية (1|255)
فائدة
قال ابن القيم :
وأخرج المنافقون النفاق في قالب الإحسان والتوفيق والعقل المعيشي .
وأخرج الظلمة الفجرة الظلم والعدوان في قالب السياسة وعقوبة الجناة .
وأخرج المكاسون أكل المكوس في قالب إعانة المجاهدين وسد الثغور وعمارة الحصون .
وأخرج الروافض الإلحاد والكفر والقدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوليائه وأنصاره في قالب محبة أهل البيت والتعصب لهم وموالاتهم .
وأخرجت الإباحية وفسقة المنتسبين إلى الفقر والتصوف بدعهم وشطحهم في قالب الفقر والزهد والأحوال والمعارف ومحبة الله ونحو ذلك.
وأخرجت الاتحادية أعظم الكفر والإلحاد في قالب التوحيد , وأن الوجود واحد لا اثنان وهو الله وحده فليس ههنا وجودان : خالق ومخلوق ولا رب وعبد بل الوجود كله واحد وهو حقيقة الرب .
وأخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات : أفعالها وأعيانها في قالب العدل , وقالوا : لو كان الرب قادرا على أفعال عباده لزم أن يكون ظالما لهم فأخرجوا تكذيبهم بالقدر في قالب العدل .
وأخرجت الجهمية جحدهم لصفات كماله سبحانه في قالب التوحيد , وقالوا : لو كان له سبحانه سمع وبصر وقدرة وحياة وإرادة وكلام يقوم به لم يكن واحدا وكان آلهة متعددة .(1/191)
وأخرجت الفسقة والذين يتبعون الشهوات الفسوق والعصيان في قالب الرجاء وحسن الظن بالله تعالى وعدم إساءة الظن بعفوه , وقالوا : تجنب المعاصي والشهوات إزراء بعفو الله تعالى وإساءة للظن به , ونسبة له إلى خلاف الجود والكرم والعفو .
وأخرجت الخوارج قتال الأئمة والخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
وأخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة بحسب تلك البدع , وأخرج المشركون شركهم في قالب التعظيم لله , وأنه أجل من أن يتقرب إليه بغير وسائط وشفعاء وآلهة تقربهم إليه .
فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق
والمقصود : أن أهل المكر والحيل المحرمة يخرجون الباطل في القوالب الشرعية , ويأتون بصور العقود دون حقائقها ومقاصدها .
إغاثة اللهفان (2|82)
حكم رواية أهل البدع من الخوارج وغيرهم
قال ابن حجر رحمه الله : فالمنع من قبول رواية المبتدعة الذين لم يكفروا ببدعتهم كالرافضة والخوارج ونحوهم ذهب إليه مالك وأصحابه والقاضي أبو بكر الباقلاني وأتباعه .
والقبول مطلقا إلا فيمن يكفر ببدعته وإلا فيمن يستحل الكذب ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف وطائفة وروي عن الشافعي أيضا .
وأما التفصيل فهو الذي عليه أكثر أهل الحديث بل نقل فيه ابن حبان إجماعهم
ووجه ذلك أن المبتدع إذا كان داعية كان عنده باعث على رواية ما يشيد به بدعته .
وقد حكى القاضي عبد الله بن عيسى بن لهيعة عن شيخ من الخوراج أنه سمعه يقول بعد ما تاب أن هذه الأحاديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ؛ فإنا كنا إذا هوينا أمرا صيرناه حديثا .
حدث بها عبد الرحمن بن مهدي الإمام عن ابن لهيعة فهي من قديم حديثه الصحيح أنبأ بذلك إبراهيم بن داود شفاها أنا إبراهيم بن علي أنا أبو الفرج بن الصيقل أنا محمد بن محمد كتابة أنا الحسن بن أحمد أنا أبو نعيم ثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد الرحمن بن عمر ثنا بن مهدي بها.(1/192)
قلت : وهذه والله قاصمة الظهر للمحتجين بالمراسيل إذ بدعة الخوارج كانت في صدر الإسلام والصحابة متوافرون ثم في عصر التابعين فمن بعدهم , وهؤلاء كانوا إذا استحسنوا أمرا جعلوه حديثا , وأشاعوه فربما سمعه الرجل السني فحدث به , ولم يذكر من حدث به تحسينا للظن به فيحمله عنه غيره , ويجيء الذي يحتج بالمقاطيع فيحتج به ويكون أصله ما ذكرت فلا حول ولا قوة الا بالله .
وينبغي أن يقيد قولنا بقبول رواية المبتدع إذا كان صدوقا , ولم يكن داعية بشرط أن لا يكون الحديث الذي يحدث به مما يعضد بدعته ويشيدها؛ فإنا لا نأمن حينئذ عليه غلبة الهوى والله الموفق .
فقد نص على هذا القيد في هذه المسئلة الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ النسائي
فقال في مقدمة كتابه في الجرح والتعديل : ومنهم زائغ عن الحق صدوق اللهجة قد جرى في الناس حديثه لكنه مخذول في بدعته مأمون في روايته فهؤلاء ليس فيهم حيلة إلا أن يؤخذ من حديثهم ما يعرف إلا ما يقوى به بدعتهم فيتهم بذلك , وقال حماد بن سلمة حدثني شيخ لهم يعني الرافضة قال : كنا إذا اجتمعنا شيئا جعلناه حديثا .
وقال مسيح بن الجهم الأسلمي التابعي كان رجل منا في الأهواء مدة ثم صار إلى الجماعة وقال لنا: أنشدكم الله أن تسمعوا من أحد من أصحاب الأهواء ؛ فإنا والله كنا نروي لكم الباطل ,ونحتسب الخير في إضلالكم .
وقال زهير بن معاوية حدثنا محرز أبو رجاء وكان يرى القدر فتاب منه فقال : لا ترووا عن أحد من أهل القدر شيئا فوالله لقد كنا نضع الأحاديث ندخل بها الناس في القدر نحتسب بها فالحكم لله.
"لسان الميزان" (1|11)
هذا ما يسر الله كتابته في هذا الموضوع نسأل الله سبحانه وتعالى العلم النافع والعمل الصالح .(1/193)
قال العماد الأصفهاني : إني رأيت أنه لايكتب إنسان كتابا في يومه إلا قال في غده : لو غير هذا لكان أحسن , ولو زيد كذا لكان يستحسن , ولو قدم هذا لكان أفضل , ولو ترك هذا لكان أجمل , وهذا من أعظم العبر , وهو دليل على استيلاء النقص على جملة البشر .
الفهارس
-المقدمة .......................................................................
- الطرق الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر الخوارج .................
- الأول : علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ................................
- الثاني : حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه.............................
- الثالث : عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ..............................
- الرابع : جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما - ..............................
- الخامس : أبو ذر رضي الله عنه ............................................
- السادس : سهل بن حنيف رضي الله عنه ...................................
- السابع : عن عبد الله بن عمر ..............................................
- الثامن : أنس بن مالك رضي الله عنه ......................................
- التاسع : عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ................................
- العاشر : عبد الله بن أبي أوفى ..............................................
- الحادي عشر : عقبة بن عامر ............................................
- الثاني عشر : أبو برزة ...................................................
- الثالث عشر : أبو بكرة ..................................................
- الرابع عشر : عبد الله بن عمرو ..........................................
- الخامس عشر : عن طلق بن علي ......................................
- السادس عشر : عن عبد الرحمن بن عديس البلوي ...................(1/194)
- السابع عشر : سعد بن أبي وقاص .................................
- الثامن عشر : عائشة ...........................................
- التاسع عشر : عبد الله بن الزبير .......................................
- العشرون : عن عامر بن واثلة.......................................
- الحادي والعشرون : عبد الله بن خباب ..............................
- الثاني والعشرون : جندب ..........................................
- الثالث والعشرون :أبو أمامة ......................................
- الرابع والعشرون : سلمان الفارسي ............................
- الخامس والعشرون : أبو هريرة - رضي الله عنه -...........
- السادس والعشرون : رافع بن عمرو ......................
- السابع والعشرون : حذيفة ....................................
- الثامن والعشرون : رجلان من الصحابة .....................
- التاسع والعشرون : عمار بن ياسر ...........................
- الثلاثون : أبو زيد الأنصاري ..................................
- ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل ذي الثدية..........
- باب ما جاء أن أكثر منافقي هذه الأمة قراؤها ....................
- بيان أهمية الاهتمام بفهم القرآن والعمل به وتطبيقه وأنه مقدم على إقامة حرفه ....
- آيات نزلت في الخوارج ........................................................
- يوم النهروان ..................................................................
- سياق قتال علي رضي الله عنه للخوارج من البداية والنهاية ......................
- ما جاء في مدح النبي صلى الله عليه وسلم لعلي في قتاله الخوارج ...................
- النهي عن صحبة الخوارج .....................................................(1/195)
- بيان أن إنكار الرجل- ذو الخويصرة التميمي- قبحه الله- على النبي صلى الله عليه وسلم في قصتين مختلفتين ............................................................................
- ذو الخويصرة التميمي هل هو ذو الثدية ؟ .......................................
- شرح حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ..............................
- فوائد الحديث ...................................................................
- الجواب على إشكال ............................................................
- أول البدع ظهورا بدعة الخوارج ...............................................
- الخوارج والتعريف بهم ومبدأ خروجهم ......................................
- أهم معتقدات الخوارج .....................................................
- حكم الخوارج هل هم كفار ؟ ..........................................
- هل يستتاب الخوارج ؟..................................................
- سبب ضلال الخوارج ..................................................
- فائدة في مفاسد التأويل ...................................................
- الخوارج مطرودون عن الحوض .........................................
- أهل البدع عامة خوارج ..............................................
- فرق الخوارج ........................................................
- المصنفات في ذكر الخوارج ............................................
- بيان أن الفتنة معلقة بالسلطان ومفاسد الخروج على اللأئمة والأمر بالصبر على جورهم ...
- متى يخرج على السلطان ؟ ................................................................
- إنكار علماء السلف الخروج على السلاطين والأمراء........................................(1/196)
- من أسباب الفتن مناصحة ولاة الأمر علانية............................................
- تتبع تاريخي لما أحدثه الخروج على الخلفاء والسلاطين من فتن وبلايا وبعض فتن الخوارج في التاريخ ...............................................................................
- مقتل عثمان بن عفان -رضي الله عنه- وما أعقبه من حروب وأحداث من أسبابه الخروج على الخلفاء والسلاطين ................................................................
- قتال الجمل وصفين وما أعقبه من فتن من أسبابه الخروج على عثمان رضي الله عنه ....
- خروج الخوارج على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتاله لهم.....................
- قتل الخوارج لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ......................................
- مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما من أسبابه الخروج في طلب الإمارة أولا...
- مقولة أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قتل بسيف جده مقولة خاطئة ......................
- ما حدث بأهل المدينة من أسبابه الخروج على الخلفاء والسلاطين ........................
- مقتل عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه- ورمي الكعبة بالمنجنيق من أسبابه الخلاف على السلطة والاقتتال على الملك والحكم ................................................
- بيان أن من أنواع الخروج الذي عده السلف الخروج باللسان .......................
- أهمية العلم والعلماء في دفع شبه الخوارج ورجوعهم إلى الحق .......................
- مسائل فقهية متعلقة بالموضوع.....................................................
- تعظيم قتل المسلم بغير حق ........................................................
- بيان تعظيم دماء المعاهدين وأموالهم وأعراضهم ....................................
- بيان تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من تكفير مسلم بغير حق .....................(1/197)
- بيان أن أهل السنة والجماعة أضبط الناس في مسائل التكفير ........................
- بيان أنه لايجوز لعن المعين ........................................................
- الضابط بين دار الحرب ودار الإسلام ..........................................
- قوله تعالى : { ومن لم يحكم بما أنزل الله فألئك هم الكافرون }................
- الخارجون عن قبضة الإمام أصناف أربعة .................................
- الفرق بين قتال البغاة والخوارج و المرتدين ................................
- حكم الصلاة خلف أهل البدع كالخوارج ....................................
- حكم صلاة الجنازة على أهل البدع كالخوارج.............................
- حكم حلق الرأس في غير الحج والعمرة ؟.....................................
- حكم دفع الزكاة إلى أهل البدع إذا تغلبوا ......................................
- متى يقاتل الخوارج ؟..........................................................
- مسألة : إذا دفعوا لم يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريحهم ولم يقتل لهم أسير ولم يغنم لهم مال ولم تسب له ذرية ................................................................
- إن ارتكب أهل البغي في حال امتناعهم ما يوجب الحد ثم قدر عليهم هل تقام عليهم الحدود ؟.................................................................................
- فصل : فأما غنيمة أموالهم وسبي ذريتهم فلا نعلم في تحريمه بين أهل العلم خلافا.....
- حكم قبول شهادة البغاة والخوارج ................................................
- فائدة ...........................................................................
- حكم رواية أهل البدع من الخوارج وغيرهم ...................................(1/198)
(1) قد جاء في رواية تسميته بعبدالله بن ذي الخويصرة , وفي رواية تسميته بذي الخويصرة التميمي .
??
??
??
??
13(1/199)