ثناء شيخ الإسلام على آل بيت النبوة
جمع وترتيب
عبد الباسط بن يوسف الغريب
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله , نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا , وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد :
فإن محبة آل النبي صلى الله عليه وسلم , ومعرفة فضلهم وتقدمهم من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة , قال البربهاري في شرح السنة : واعرف لبني هاشم فضلهم لقرابتهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم , واعرف فضل قريش والعرب , وجميع الأفخاذ فاعرف قدرهم وحقوقهم في الإسلام .
وقال شيخ الإسلام في الواسطية في بيان معتقد أهل السنة : ويحبون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتولونهم , ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم : أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي .
وقد ردد بعض المتحاملين(1)مقولة أن شيخ الإسلام ابن تيمية منحرف على آل بيت النبوة عامة , وعلى علي بن أبي طالب خاصة , وخصوصاً في رده منهاج السنة النبوية على الرافضي , وهذه نسبة غير صحيحة ؛ فشيخ الإسلام من أكثر المعظمين لآل بيت النبوة , ومن الذابين عنهم في كثير من كتبه ورسائله كما سيأتي بيانه .
وهذه رسالة مختصرة من كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم في ثناءهم على آل البيت والذب عنهم , نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلها خالصة له .
التعريف بآل النبي صلى الله عليه وسلم
قال شيخ الإسلام :وقد تنازع الناس في آل محمد صلى الله عليه وسلم من هم فقيل هم أمته , وهذا قول طائفة من أصحاب مالك و أحمد و غيرهم.
و قيل : المتقون من أمته, ورووا حديثاً آل محمد كل مؤمن تقي(2) رواه الخلال و تمام في الفوائد له , و قد احتج به طائفة من أصحاب أحمد(1/1)
وغيرهم و هو حديث موضوع , وبنى على ذلك طائفة من الصوفية أن آل محمد هم خواص الأولياء كما ذكر الحكيم الترمذي.
والصحيح أن آل محمد صلى الله عليه وسلم هم أهل بيته , و هذا هو المنقول عن الشافعي و أحمد , و هو اختيار الشريف أبي جعفر وغيرهم لكن هل أزواجه من أهل بيته على قولين هما روايتان عن أحمد أحدهما: أنهن لسن من أهل البيت , و يروى هذا عن زيد بن أرقم .
و الثاني: هو الصحيح أن أزواجه من آله .
منهاج السنة (7|76)
وقال ابن القيم : واختلف في آل النبي صلى الله عليه وسلم على أربعة أقوال:
فقيل: هم الذين حرمت عليهم الصدقة , وفيهم ثلاثة أقوال للعلماء:
أحدها: أنهم بنو هاشم وبنو المطلب ؛ وهذا مذهب الشافعي وأحمد في رواية عنه.
والثاني: أنهم بنو هاشم خاصة, وهذا مذهب أبي حنيفة , والرواية الثانية عن أحمد واختيار ابن القاسم صاحب مالك.
والثالث : أنهم بنو هاشم ومن فوقهم إلى غالب ؛ فيدخل فيهم بنو المطلب وبنو أمية وبنو نوفل ومن فوقهم إلى بني غالب , وهذا اختيار أشهب من أصحاب مالك حكاه صاحب - الجواهر - عنه , وحكاه اللخمي في التبصرة عن أصبغ , ولم يحكه عن أشهب .
وهذا القول في الآل أعني أنهم الذين تحرم عليهم الصدقة هو منصوص الشافعي وأحمد والأكثرين , وهو اختيار جمهور أصحاب أحمد والشافعي .
والقول الثاني : أن آل النبي هم ذريته وأزواجه خاصة حكاه ابن عبد البر في التمهيد .
قال في باب عبد الله بن أبي بكر في شرح حديث أبي حميد الساعدي استدل قوم بهذا الحديث على أن آل محمد هم وأزواجه وذريته خاصة لقوله في حديث مالك عن نعيم المجمر , وفي غير ما حديث : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .(1/2)
وفي هذا الحديث يعني حديث أبي حميد: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته. قالوا : فهذا تفسير ذلك الحديث , ويبين أن آل محمد هم أزواجه وذريته قالوا : فجائز أن يقول الرجل لكل من كان من أزواج محمد ومن ذريته صلى الله عليك إذا واجهه , وصلى الله عليه إذا غاب عنه , ولا يجوز ذلك في غيرهم.
قالوا: والآل والأهل سواء , وآل الرجل وأهله سواء , وهم الأزواج والذرية بدليل هذا الحديث.
والقول الثالث: أن آله أتباعه إلى يوم القيامة حكاه ابن عبد البر عن بعض أهل العلم , وأقدم من روي عنه هذا القول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ذكره البيهقي عنه , ورواه عنه سفيان الثوري وغيره , واختاره بعض أصحاب الشافعي حكاه عنه أبو الطيب الطبري في تعليقه , ورجحه الشيخ محيي الدين النواوي في شرح مسلم , واختاره الأزهري.
والقول الرابع: أن آله هم الأتقياء من أمته ؛ حكاه القاضي حسين والراغب وجماعة..
ثم قال : والصحيح هو القول الأول , ويليه القول الثاني , وأما الثالث والرابع فضعيفان .
جلاء الأفهام (173)
الكلام على لفظ الذرية
قال ابن القيم رحمه الله : وأما الذرية ؛ فالكلام فيها في مسألتين
المسألة الأولى في لفظها , وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها : أنها من ذرأ الله الخلق أي نشرهم وأظهرهم ...
والثاني: أن أصلها من الذر ؛ وهو النمل الصغار ...
والقول الثالث : إنها من ذرا يذرو : إذا فرق من قوله تعالى:{ فتذروه الرياح} ...
والقول الأول أصح لأن الاشتقاق , والمعنى يشهدان له ؛ فإن أصل هذه المادة من الذرء , قال الله تعالى :{ جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً يذرؤكم فيه} وفي الحديث: أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ.
وقال تعالى : { ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس }
وقال تعالى :{ وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه}
فالذرية منه بمعنى مفعولة أي مذروءة ثم أبدلوا همزها فقالوا ذرية(1/3)
المسألة الثانية: في معنى هذه اللفظة
ولا خلاف بين أهل اللغة أن الذرية تقال على الأولاد الصغار وعلى الكبار أيضاً
قال تعالى:{ وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي }
وقال تعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ذرية بعضها من بعض }
وقال تعالى:{ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم }
وقال تعالى:{ وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل أن لا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا } ...
جلاء الأفهام(201)
إذا ثبت هذا فالذرية الأولاد وأ ولادهم , وهل يدخل فيها أولاد البنات ؟
فيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد :
إحداهما : يدخلون وهو مذهب الشافعي.
والثانية: لا يدخلون وهو مذهب أبي حنيفة .
واحتج من قال بدخولهم بأن المسلمين مجمعون على دخول أولاد فاطمة رضي الله عنها في ذرية النبي صلى الله عليه وسلم المطلوب لهم من الله الصلاة لأن أحداً من بناته لم يعقب غيرها ؛ فمن انتسب إليه من أولاد ابنته ؛ فإنما هو من جهة فاطمة خاصة , ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحسن ابن ابنته : إن ابني هذا سيد . فسماه ابنه , ولما أنزل الله سبحانه آية المباهلة:{ فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم} دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وحسناً وحسيناً , وخرج للمباهلة .
قالوا : وأيضاً فقد قال تعالى في حق إبراهيم عليه السلام :{ ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس} ومعلوم أن عيسى لم ينسب إلى إبراهيم إلا من جهة أمه مريم عليها السلام.(1/4)
وأما من قال بعدم دخولهم فحجته أن ولد البنات إنما ينتسبون إلى آبائهم حقيقة , ولهذا إذا ولد الهذلي أو التيمي أو العدوي هاشمية لم يكن ولدها هاشمياً ؛ فإن الولد في النسب يتبع أباه , وفي الحرية والرق أمه , وفي الدين خيرهما ديناً ولهذا قال الشاعر
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا ... بنوهن أبناء الرجال الأباعد
ولو وصى أو وقف على قبيلة لم يدخل فيها أولاد بناتها من غيرها...
جلاء الأفهام (204)
فائدة من قوله عليه الصلاة والسلام :اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد
قال ابن القيم : ذكر البركة وحقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار ؛ فمنه برك البعير إذا استقر على الأرض ,ومنه المبرك لموضع البروك .
قال صاحب الصحاح : وكل شيء ثبت وأقام فقد برك , والبرك الإبل الكثيرة .
والبركة بكسر الباء كالحوض والجمع البرك ذكره الجوهري .
قال : ويقال سميت بذلك لإقامة الماء فيها ,والبراكاء الثبات في الحرب والجد فيها قال الشاعر :
ولا ينجي من الغمرات إلا ... براكاء القتال أو الفرار
والبركة النماء والزيادة والتبريك الدعاء بذلك .
ويقال باركه الله وبارك فيه وبارك عليه وبارك له ..... والمقصود الكلام على قوله : وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم.
فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم وإدامته وثبوته له ومضاعفته وزيادته هذا حقيقة البركة.
وقد قال تعالى في إبراهيم وآله :{ وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق }
وقال تعالى فيه وفي أهل بيته :{ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد }
وتأمل كيف جاء في القرآن { وباركنا عليه وعلى إسحاق } ولم يذكر إسماعيل(1/5)
وجاء في التوراة ذكر البركة على إسماعيل , ولم يذكر إسحاق كما تقدم حكايته وعن إسماعيل ( سمعتك ها أنا باركته ) فجاء في التوراة ذكر البركة في إسماعيل إيذاناً بما حصل لبنيه من الخير والبركة لا سيما خاتمة بركتهم وأعظمها وأجلها برسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فنبههم بذلك على ما يكون في بنيه من هذه البركة العظيمة الموافية على لسان المبارك , وذكر لنا في القرآن بركته على إسحاق منبهاً لنا على ما حصل في أولاده من نبوة موسى عليه السلام وغيره , وما أتوه من الكتاب والعلم مستدعياً من عباده الإيمان بذلك والتصديق به , وأن لا يهملوا معرفة حقوق هذا البيت المبارك وأهل النبوة منهم , ولا يقول القائل هؤلاء أنبياء بني إسرائيل لا تعلق لنا بهم بل يجب علينا احترامهم وتوقيرهم والإيمان بهم ومحبتهم وموالاتهم والثناء عليهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
ولما كان هذا البيت المبارك المطهر أشرف بيوت العالم على الإطلاق خصهم الله سبحانه وتعالى منه بخصائص ...
جلاء الأفهام (243)
ثناء شيخ الإسلام على أهل البيت
قال شيخ الإسلام : وفى الصحيح عن عبد الله بن أبى أوفى قال : كان القوم إذا أتوا رسول الله بصدقة يصلى عليهم. فأتى أبي بصدقة فقال : اللهم صل على آل أبي أوفى . وأبو أوفى هو صاحب الصدقة.
ونظير هذا الاسم أهل البيت ؛ فإن الرجل يدخل فى أهل بيته كقول الملائكة :{ رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت } وقول النبى صلى الله عليه وسلم : سلمان منا أهل البيت (3) . وقوله تعالى:{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت } وذلك لأن آل الرجل من يؤول إليه , ونفسه ممن يؤول إليه وأهل بيته هم من يأهله , وهو ممن يأهل أهل بيته.
مجموع الفتاوى (2|282)
وقال أيضا في بيان عقيده أهل السنة والجماعة : ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم.
ومن طريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل, ويمسكون عما شجر بين الصحابة .(1/6)
مجموع الفتاوى (3|154)
وقال : وكذلك آل بيت رسول الله لهم من الحقوق ما يجب رعايتها ؛ فإن الله جعل لهم حقاً في الخمس والفيء , وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله فقال لنا : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
وآل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة هكذا قال الشافعي وأحمد بن حنبل , وغيرهما من العلماء رحمهم الله ؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد , وقد قال الله تعالى في كتابه:{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } وحرم الله عليهم الصدقة لأنها أوساخ الناس .
مجموع الفتاوى (3|407)
وقال : وكذلك محبة صحابته وقرابته كما في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : آية الإيمان حب الأنصار وآية النفاق بغض الأنصار. وقال: لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر . وقال علي رضي الله عنه: إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم الأمي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق. وفى السنن أنه قال للعباس : والذي نفسي بيده لا يدخلون الجنة حتى يحبوكم لله ولقرابتي , يعنى بني هاشم (4).
مجموع الفتاوى (10|65)
وقال :وجمهور العلماء على أن جنس العرب خير من غيرهم كما أن جنس قريش خير من غيرهم , وجنس بني هاشم خير من غيرهم , وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.
لكن تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد ؛ فإن في غير العرب خلقاً كثيراً خير من أكثر العرب .
مجموع الفتاوى (19|29)
وقال : فلم يعرف في بني هاشم ولا ولد أبي طالب ولا بني أمية من كان خليفة وهو معاد لدين الاسلام .
مجموع الفتاوى (35|131)(1/7)
وقال ابن القيم : ومن هذا اختياره سبحانه ولد إسماعيل من أجناس بني آدم ثم اختار منهم بني كنانة من خزيمة ثم اختار من ولد كنانة قريشاً ثم اختار من قريش بني هاشم ثم اختار من بني هاشم سيد ولد آدم محمداً صلى الله عليه وسلم , وكذلك اختار أصحابه من جملة العالمين , واختار منهم السابقين الأولين , واختار منهم أهل بدر وأهل بيعة الرضوان , واختار لهم من الدين أكمله , ومن الشرائع أفضلها , ومن الأخلاق أزكاها وأطيبها وأطهرها .
زاد المعاد (1|43)
وقال شيخ الإسلام : و من هذا : ما رواه طلحة بن مصرف قال : كان يقال : بغض بني هاشم نفاق, و بغض أبي بكر و عمر نفاق , و الشاك في أبي بكر كالشاك في السنة .
الصارم المسلول (581)
وقال : فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم عبرانيهم وسريانيهم رومهم وفرسهم وغيرهم , وأن قريشاً أفضل العرب , وأن بني هاشم أفضل قريش , وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم ؛ فهو أفضل الخلق نفساً وأفضلهم نسباً.
وليس فضل العرب ثم قريش ثم بني هاشم بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم, وإن كان هذا من الفضل بل هم في أنفسهم أفضل , وبذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفساً ونسباً وإلا لزم الدور.
اقتضاء الصراط (148)
وقال : ثم قال: وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثاً , وهذا مما انفرد به مسلم ولم يروه البخاري , وقد رواه الترمذي وزاد فيه : وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .
وقد طعن غير واحد من الحفاظ في هذه الزيادة وقال: إنها ليست من الحديث , والذين اعتقدوا صحتها قالوا إنما يدل على أن مجموع العترة الذين هم بنو هاشم لا يتفقون على ضلالة ؛ وهذا قاله طائفة من أهل السنة وهو من أجوبة القاضي أبي يعلى وغيره .
منهاج السنة (7|318)(1/8)
وقال : والمقصود أن هذا الحديث لايبيح لعن أحد من الصحابة و لا يوجب فسقه , وأما أهل البيت فلم يُسبَوا قط و لله الحمد , و لم يقتل الحجاج أحد من بني هاشم و إنما قتل رجالاً من أشراف العرب , و كان قد تزوج بنت عبد الله بن جعفر ؛ فلم يرض بذلك بنو عبد مناف , ولا بنو هاشم ولا بنو أمية حتى فرقوا بينه و بينها حيث لم يروه كفوءا , والله أعلم .
مجموع الفتاوى (35|79)
وقال في بيان اعتقاد أهل السنة : ويحبون أهل بيت رسول الله , ويتولونهم , ويحفظون فيهم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم : أذكركم الله في أهل بيتي , وقال أيضاً للعباس عمه, وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم فقال : والذي نفسي بيده لا يؤمنون حتى يحبوكم لله ولقرابتي . وقال : إن الله اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة واصطفى من كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم
ويتولون أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده أول من آمن به وعاضده على أمره , وكان لها منه المنزلة العالية , والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها التي قال النبي صلى الله عليه وسلم : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .
مجموع الفتاوى (3|154)
وقال : الوجه الخامس أنه يقال قد ثبت لعلى بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن والحسين وعلي بن الحسين وابنه محمد وجعفر ابن محمد من المناقب والفضائل ما لم يذكره هذا المصنف الرافضي , وذكر أشياء من الكذب تدل على جهل ناقلها مثل قوله نزل في حقهم :{ هل أتى} فإن سورة هل أتى مكية باتفاق العلماء , وعلي إنما تزوج فاطمة بالمدينة بعد الهجرة , ولم يدخل بها إلا بعد غزوة بدر , وولد له الحسن في السنة الثالثة من الهجرة , والحسين في السنة الرابعة من الهجرة بعد نزول {هل أتى} بسنين كثيرة.(1/9)
فقول القائل إنها نزلت فيهم من الكذب الذي لا يخفى على من له علم بنزول القرآن وعلم بأحوال هؤلاء السادة الأخيار, وأما آية الطهارة فليس فيها إخبار بطهارة أهل البيت وذهاب الرجس عنهم, وإنما فيها الأمر لهم بما يوجب طهارتهم وذهاب الرجس عنهم ؛ فإن قوله :{ إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا } كقوله تعالى :{ ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم } وقوله :{ يريد الله ليبين لك ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليهم حكيم والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا}
فالإرادة هنا متضمنة للأمر والمحبة والرضا, وليست هي المشيئة المستلزمة لوقوع المراد .
منهاج السنة (4|21)
وقال : فهؤلاء في الإمامة- أي أهل البيت - في الدين أسوة أمثالهم؛ فأهل السنة مقرون بإمامة هؤلاء فيما دلت الشريعة على الإئتمام بهم فيه , وعلى الإمامة فيما يمكن الإئتمام بهم فيه كما أن هذا الحكم ثابت لأمثالهم مثل أبي بكر وعمر وعثمان وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ وأبي الدرداء وأمثالهم من السابقين الأولين .
منهاج السنة (4|109)
وقال :وكذلك أحمد بن حنبل قد علم كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولحديثه ومعرفته بأقواله وأفعاله وموالاته لمن يوافقه ومعاداته لمن يخالفه ومحبته لبني هاشم وتصنيفه في فضائلهم حتى صنف فضائل علي والحسن والحسين كما صنف فضائل الصحابة .
منهاج السنة (4|125)
وقال : وجماهير أهل السنة متفقون على أن علياً أفضل من طلحة والزبير فضلاً عن معاوية وغيره , ويقولون إن المسلمين لما افترقوا في خلافته فطائفة قاتلته وطائفة قاتلت معه كان هو , وأصحابه أولى الطائفتين بالحق كما ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أولى الطائفتين بالحق .(1/10)
هؤلاء هم الخوارج المارقون الذين مرقوا فقتلهم علي وأصحابه فعلم أنهم كانوا أولى بالحق من معاوية رضي الله عنه وأصحابه لكن أهل السنة يتكلمون بعلم وعدل , ويعطون كل ذي حق حقه .
منهاج السنة (4|358)
وقال : آل محمد يدخل فيهم بنو هاشم وأزواجه , وكذلك بنو المطلب على أحد القولين , وأكثر هؤلاء تذمهم الإمامية ؛ فإنهم يذمون ولد العباس لا سيما خلفاؤهم , وهم من آل محمد صلى الله عليه وسلم , ويذمون من يتولى أبا بكر وعمر , وجمهور بني هاشم يتولون أبا بكر وعمر , ولا يتبرأ منهم صحيح النسب من بني هاشم إلا نفر قليل بالنسبة إلى كثرة بني هاشم وأهل العلم والدين منهم يتولون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما.
ولا ريب أنه لآل محمد صلى الله عليه وسلم حقاً على الأمة لا يشكرهم فيه غيرهم , ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة مالا يستحقه سائر بطون قريش كما أن قريشاً يستحقون من المحبة والموالاة مالا يستحقه غير قريش من القبائل كما أن جنس العرب يستحق من المحبة والموالاة مالا يستحقه سائر أجناس بني آدم , وهذا على مذهب الجمهور الذين يرون فضل العرب على غيرهم , وفضل قريش على سائر العرب ,وفضل بني هاشم على سائر قريش, وهذا هو المنصوص عن الأئمة كأحمد وغيره , والنصوص دلت على هذا القول كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: إن الله اصطفى قريشاً من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم , وكقوله في الحديث الصحيح: الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا , وأمثال ذلك .
منهاج السنة (4|599)(1/11)
وقال : فالصلاة على آل محمد حق لهم عند المسلمين , وذلك سبب لرحمة الله تعالى لهم بهذا النسب لأن ذلك يوجب أن يكون كل واحد من بني هاشم لأجل الأمر بالصلاة عليه تبعاً للنبي صلى الله عليه وسلم أفضل ممن لم يصل عليه ألا ترى أن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه سلم :{ خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}
منهاج السنة (4|607)
وقال : والرافضة تجعل هذا من أصول دينها وتسميه التقية , وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت الذين برأهم الله عن ذلك حتى يحكوا عن جعفر الصادق أنه قال : التقية دينى ودين آبائي.
وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك بل كانوا من أعظم الناس صدقاً وتحقيقاً للإيمان , وكان دينهم التقوى لا التقية.
منهاج السنة (2|46)
وقال : وأئمة المسلمين من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم متفقون على القول الوسط المغاير لقول أهل التمثيل وقول أهل التعطيل , وهذا مما يبين مخالفة الرافضة لأئمة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصول دينهم كما هم مخالفون لأصحابه بل ولكتاب الله وسنة رسوله .
منهاج السنة (2|243)
وقال شيخ الإسلام : عن الوقف الذي أوقف على الأشراف ويقول أنهم أقارب هل الأقارب شرفاء أم غير شرفاء , وهل يجوز أن يتناولوا شيئا من الوقف أم لا؟(1/12)
فأجاب: الحمد لله إن كان الوقف على أهل بيت النبي أو على بعض أهل البيت كالعلويين والفاطميين أو الطالبيين الذين يدخل فيهم بنو جعفر وبنو عقيل أو على العباسيين ونحو ذلك ؛ فإنه لا يستحق من ذلك إلا من كان نسبه صحيحاُ ثابتاً ؛ فأما من ادعى أنه منهم , ولم يثبت أنه منهم أو علم أنه ليس منهم ؛ فلا يستحق من هذا الوقف , وإن ادعى أنه منهم كبني عبد الله بن ميمون القداح؛ فإن أهل العلم بالأنساب وغيرهم يعلمون أنه ليس لهم نسب صحيح , وقد شهد بذلك طوائف أهل العلم من أهل الفقه والحديث والكلام والأنساب , وثبت في ذلك محاضر شرعية , وهذا مذكور في كتب عظيمة من كتب المسلمين بل ذلك مما تواتر عند أهل العلم.
وكذلك من وقف على الأشراف ؛ فإن هذا اللفظ في العرف لا يدخل فيه إلا من كان صحيح النسب من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
مجموع الفتاوى (31|94)
وقال ابن القيم : استدل شيعي على الوصية لأهل البيت بقوله تعالى :{ قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى } فأجيب بأن قيل هذه وصية بهم لا وصية إليهم ؛ فهي حجة على خلاف قول الشيعة لأن الأمر لو كان إليهم لأوصاهم ولم يوص بهم , ونظير هذا الاحتجاج على أن الأمر في قريش لا في الأنصار بقول النبي صلى الله عليه وسلم :أوصيكم بالأنصار .
رواه البخاري ومسلم والترمذي فدل على أن الأمر في غيرهم.
قلت: وهذا كله خروج عن معنى الآية , وما أريد بها , ولا دلالة فيها لواحد من الطائفتين فإن معنى الآية:{ لا أسالكم عليه أجرا} إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة ؛ فإنه لم يكن بطن من قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم قرابة فقال: لا أسألكم على تبليغ الرسالة أجراً , ولكن صلوا ما بيني وبينكم من القرابة , وليست هذه الصلة أجراً فالاستثناء منقطع ؛ فإن الصلة من موجبات الرحم ؛ فهي واجبة على كل احد , وهذا هو تفسير ابن عباس الذي ذكره البخاري عنه في صحيحه .
بدائع الفوائد (3|650)(1/13)
دفاع شيخ الإسلام وثناؤه على علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال شيخ الإسلام : لا ريب أن علياً رضي الله عنه كان من شجعان الصحابة , وممن نصر الله الإسلام بجهاده , ومن كبار السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن سادات من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله , وممن قتل بسيفه عددا من الكفار .
مجموع الفتاوى (8|76)
وقال :و قيل أن بعض المنافقين طعن فيه , و قال إنما خلفه- في غزوة تبوك - لأنه يبغضه ؛ فبين له النبي صلى الله عليه و سلم : أني إنما استخلفتك لأمانتك عندي , وأن الاستخلاف ليس بنقص و لا غض ؛ فإن موسى استخلف هارون على قومه فكيف يكون نقصاً وموسى ليفعله بهارون فطيب بذلك قلب علي , وبين أن جنس الاستخلاف يقتضي كرامة المستخلف وأمانته ؛ لا يقتضي إهانته ولا تخوينه , وذلك لأن المستخلف يغيب عن النبي صلى الله عليه و سلم , وقد خرج معه جميع الصحابة .
منهاج السنة (7|329)
براءة علي من دم عثمان
قال شيخ الإسلام : وكل ذلك كذب على علي رضي الله عنه , وقد حلف رضي الله عنه وهو الصادق بلا يمين أنه لم يقتل عثمان , ولا مالأ على قتله بل ؛ ولارضي بقتله , وكان يلعن قتلة عثمان.
وأهل السنة يعلمون ذلك منه بدون قوله ؛ فهو أتقى لله من أن يعين على قتل عثمان أو يرضى بذلك .
فما قالته شيعة علي في عثمان أعظم مما قالته شيعة عثمان في علي ؛ فإن كثيراً منهم يكفر عثمان وشيعة عثمان لم تكفر علياً , ومن لم يكفره يسبه ويبغضه أعظم مما كانت شيعة عثمان تبغض علياً.(1/14)
وأهل السنة يتولون عثمان وعلياً جميعا, ويتبرؤون من التشيع والتفرق في الدين الذي يوجب موالاة أحدهما ومعاداة الآخر , وقد استقر أمر أهل السنة على أن هؤلاء مشهود لهم بالجنة ولطلحة الزبير وغيرهما ممن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة كما قد بسط في موضعه , وكان طائفة من السلف يقولون لا نشهد بالجنة إلا لرسول صلى الله عليه وسلم خاصة , وهذا قول محمد بن الحنفية والأوزاعي , وطائفة أخرى من أهل الحديث كعلي بن المديني وغيره يقولون هم في الجنة ولا يقولون نشهد لهم بالجنة.
والصواب أنا نشهد لهم بالجنة كما استقر على ذلك مذهب أهل السنة , وقد ناظر أحمد بن حنبل علي بن المديني في هذه المسألة .
منهاج السنة (65|203)
وقال : وتولى علي على إثر ذلك والفتنة قائمة, وهو عند كثير منهم متلطخ بدم عثمان ؛ والله يعلم براءته مما نسبه إليه الكاذبون عليه المبغضون لغيره من الصحابة ؛ فإن علياً لم يعن على قتل عثمان , ولا رضي به كما ثبت عنه , وهو الصادق أنه قال ذلك فلم تصف له قلوب كثير منهم , و لا أمكنه هو قهرهم حتى يطيعوه , ولا اقتضى رأيه أن يكف عن القتال حتى ينظر ما يؤول إليه الأمر بل اقتضى رأيه القتال وظن أنه به تحصل الطاعة والجماعة فما زاد الأمر إلا شدة .
منهاج السنة (7|452)
بيان أن علياً أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية
قال شيخ الإسلام : ونعلم مع ذلك أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية وممن قاتله معه لما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين تقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق . وفي هذا الحديث دليل على أنه مع كل طائفة حق , وأن علياً رضي الله عنه أقرب إلى الحق .
مجموع الفتاوى (3|407)…
رد ما نسب إلى علي رضي الله عنه من البهتان(1/15)
قال ابن تيمية : وأيضاً فأكثر الخطب التي ينقلها صاحب نهج البلاغة كذب على علي , وعلي رضي الله عنه أجل وأعلى قدراً من أن يتكلم بذلك الكلام , ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب , وظنوا أنها مدح فلا هي صدق ولا هي مدح .
منهاج السنة (8|55)
وقال : وهذا الكذب المذكور في ذي الفقار من جنس كذب بعض الجهال أنه كان له سيف يمتد إذا ضرب به كذا وكذا ذراعاً ؛ فإن هذا مما يعلم العلماء أنه لم يكن قط لا سيف علي ولا غيره , ولو كان سيفه يمتد لمده يوم قاتل معاوية , وقال بعض الجهال إنه مد يده حتى عبر الجيش على يده بخيبر , وأنه قال للبغلة : قطع الله نسلك فانقطع نسلها .
هذا من الكذب البين ؛ فإنه يوم خيبر لم يكن معهم بغلة , ولا كان للمسلمين بغلة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا بغلته التي أهداها له المقوقس, وذلك بعد غزوة خيبر بعد أن أرسل إلى الأمم وأرسل إلى ملوك الأرض هرقل ملك الشام وإلى المقوقس ملك مصر , وإلى كسرى ملك الفرس , وأرسل إلى ملوك العرب مثل صاحب اليمامة وغيره.
وأيضا فالجيش لم يعبر أحد منهم على يد علي ولا غيره , والبغلة لم تزل عقيما قبل ذلك ولم تكن قبل ذلك تلد فعقمت , ولو قدر أنه دعا على بغلة معينة لم تعم الدعوة جنس البغال .
ومثل هذا الكذب الظاهر قول بعض الكذابين إنه لما سبي بعض أهل البيت حملوا على الجمال عرايا فنبتت لهم سنامات من يومئذ , وهي البخاتي , وأهل البيت لم يسب أحد منهم في الإسلام, ولا حمل أحد من نسائهم مكشوف العورة , وإنما جرى هذا على أهل البيت في هذه الأزمان بسبب الرافضة كما قد علمه الخاص والعام.(1/16)
بل هذا الكذب مثل كذب من يقول إن الحجاج قتل الأشراف , والحجاج لم يقتل أحداً من بني هاشم مع ظلمة وفتكه بكثير من غيرهم ؛ لكن قتل كثيراً من أشراف العرب , وكان عبد الملك قد أرسل إليه أن لا يقتل أحداً من بني هاشم , وذكر له أنه لما قتل الحسين في ولاية بني حرب يعني ملك يزيد أصابهم شر ؛ فاعتبر عبد الملك بذلك فنهاه أن يقتل أحداً من بني هاشم حتى أن الحجاج طمع أن يتزوج هاشمية فخطب إلى عبد الله بن جعفر ابنته , وأصدقها صداقاً كثيرا فأجابه عبد الله إلى ذلك فغضب من ذلك من غضب من أولاد عبد الملك , ولم يروا الحجاج أهلاً لأن يتزوج واحدة من بني هاشم , ودخلوا على عبد الملك وأخبروه بذلك فمنع الحجاج من ذلك, ولم يروه كفؤاً لنكاح هاشمية , ولا أن يتزوجها .
منهاج السنة (8|105)
وسئل رحمه الله
عن رجل قال عن على بن أبى طالب رضى الله عنه إنه ليس من أهل البيت , ولا تجوز الصلاة عليه , والصلاة عليه بدعة.
فأجاب
أما كون على بن أبى طالب من أهل البيت فهذا مما لا خلاف فيه بين المسلمين , وهو أظهر عند المسلمين من أن يحتاج إلى دليل بل هو أفضل أهل البيت وأفضل بنى هاشم بعد النبي صلى الله عليه وسلم , وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أدار كساءه على علي وفاطمة وحسن وحسين فقال اللهم: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وأما الصلاة عليه منفرداً فهذا ينبني على أنه هل يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً مثل أن يقول: اللهم صل على عمر أو علي.
وقد تنازع العلماء في ذلك :
فذهب مالك والشافعي وطائفة من الحنابلة إلى أنه لا يصلى على غير النبي صلى الله عليه وسلم منفرداً كما روى عن ابن عباس أنه قال : لا أعلم الصلاة تنبغي على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم, وذهب الإمام أحمد أكثر أصحابه إلى أنه لا بأس بذلك لأن علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال لعمر بن الخطاب صلى الله عليك , وهذا القول أصح وأولى .(1/17)
ولكن إفراد واحد من الصحابة والقرابة كعلي أو غيره بالصلاة عليه دون غيره مضاهاة للنبي صلى الله عليه وسلم بحيث يجعل ذلك شعاراً معروفاً باسمه ؛ هذا هو البدعة .
مجموع الفتاوى (4|497)
وقال شيخ الإسلام : وهذا كما في الصحيح أنه قيل لعلى رضي الله عنه هل ترك عندكم رسول الله شيئاً , وفى لفظ : هل عهد إليكم رسول الله شيئاً لم يعهده إلى الناس فقال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يؤتيه الله عبداً في كتابه , وما في هذه الصحيفة ؛ وفيها العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر.
وبهذا الحديث ونحوه من الأحاديث الصحيحة استدل العلماء على أن كل ما يذكر عن علي وأهل البيت من أنهم اختصوا بعلم خصهم به النبي صلى الله عليه وسلم دون غيرهم كذب عليهم مثل ما يذكر منه الجفر والبطاقة والجدول وغير ذلك , وما يأثره القرامطة الباطنية عنهم ؛ فإنه قد كذب على جعفر الصادق رضي الله عنه ما لم يكذب على غيره .
وكذلك كذب على علي رضي الله عنه وغيره من أئمة أهل البيت رضي الله عنهم كما قد بين هذا وبسط في غير هذا الموضع.
مجموع الفتاوى (2|217)
وقال : وعلي بايعه كثير من المسلمين وأكثرهم بالمدينة على أنه أمير المؤمنين , ولم يبايع طلحة والزبير أحد على ذلك , ولا طلب أحد منهما ذلك ولا دعا إلى نفسه ؛ فإنهما رضي الله عنهما كانا أفضل وأجل قدرا ًمن أن يفعلا مثل ذلك .
وكذلك معاوية لم يبايعه أحد لما مات عثمان على الإمامة , ولا حين كان يقاتل علياً بايعه أحد على الإمامة , ولا تسمى بأمير المؤمنين , ولا سماه أحد بذلك, ولا ادعى معاوية ولاية قبل حكم الحكمين.
وعلي يسمى نفسه أمير المؤمنين في مدة خلافته والمسلمون معه ..
منهاج السنة (6|330)(1/18)
وقال : ومن هذا الجنس ما يروى أنه قاتل الجن في بئر ذات العلم ؛ وهو حديث موضوع عند أهل المعرفة, وعلي أجل قدراً من أن تثبت الجن لقتاله , ولم يقاتل أحد من الإنس الجن بل كان الجن المؤمنون يقاتلون الجن الكفار .
منهاج السنة (8|162)
وسئل شيخ الإسلام قدس الله روحه
هل صح عند أحد من أهل العلم والحديث أومن يقتدى به في دين الإسلام أن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه قال: إذا أنا مت فأركبوني فوق ناقتي وسيبني ؛ فأينما بركت أدفنوني فسارت , ولم يعلم أحد قبره فهل صح ذلك أم لا وهل عرف أحد من أهل العلم أين دفن أم لا وما كان سبب قتله , وفى أي وقت كان ومن قتله.
ومن قتل الحسين , وما كان سبب قتله, وهل صح أن أهل بيت النبي سبوا , وأنهم أركبوا على الإبل عراة , ولم يكن عليهم ما يسترهم فخلق الله تعالى للإبل التي كانوا عليها سنامين استتروا بها , وأن الحسين لما قطع رأسه داروا به في جميع البلاد , وأنه حمل إلى دمشق وحمل إلى مصر ودفن بها , وأن يزيد بن معاوية هو الذي فعل هذا بأهل البيت فهل صح ذلك أم لا؟
وهل قائل هذه المقالات مبتدع بها في دين الله , وما الذي يجب عليه إذا تحدث بهذا بين الناس , وهل إذا أنكر هذا عليه منكر هل يسمى آمرا بالمعروف ناهياً عن المنكر أم لا أفتونا مأجورين وبينوا لنا بياناً شافياً؟
فأجاب
الحمد لله رب العالمين أما ما ذكر من توصية أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضي الله عنه إذا مات أركب فوق دابته وتسيب ويدفن حيث تبرك , وأنه فعل ذلك به ؛ فهذا كذب مختلق باتفاق أهل العلم لم يوص على بشيء من ذلك , ولا فعل به شيء من ذلك , ولم يذكر هذا أحد من المعروفين بالعلم والعدل , وإنما يقول ذلك من ينقل عن بعض الكذابين.(1/19)
ولا يحل أن يفعل هذا بأحد من موتى المسلمين , ولا يحل لأحد أن يوصى بذلك بل هذا مثله بالميت , ولا فائدة في هذا الفعل ؛ فإنه إن كان المقصود تعمية قبره فلا بد إذا بركت الناقة من أن يحفر له قبر ويدفن فيه , وحينئذ يمكن أن يحفر له قبر , ويدفن به بدون هذه المثلة القبيحة , وهو أن يترك ميتا على ظهر دابة تسير في البرية.
وقد تنازع العلماء في موضع قبره , والمعروف عند أهل العلم أنه دفن بقصر الإمارة بالكوفة , وأنه أخفي قبره لئلا ينبشه الخوارج الذين كانوا يكفرونه , ويستحلون قتله ؛ فإن الذي قتله واحد من الخوارج وهو عبد الرحمن بن ملجم المرادي , وكان قد تعاهد هو وآخران على قتل علي وقتل معاوية وقتل عمرو بن العاص ؛ فإنهم يكفرون , وهؤلاء كلهم وكل من لا يوافقهم على أهوائهم.
وقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بذمهم , خرّج مسلم في صحيحه حديثهم من عشرة أوجه , وخرجه البخاري من عدة أوجه , وخرجه أصحاب السنن والمسانيد من أكثر من ذلك قال صلى الله عليه وسلم فيهم : يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد .
وفى رواية: أينما لقيتموهم فاقتلوهم ؛ فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة يقتلون أهل الإسلام.
وهؤلاء اتفق الصحابة رضي الله عنهم على قتالهم لكن الذي باشر قتالهم , وأمر به علي رضي الله عنه كما في الصحيحين عن أبى سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تمرق مارقة على حين فرقة من الناس تقتلهم أولى الطائفتين بالحق . فقتلهم علي رضي الله عنه بالنهروان , وكانوا قد اجتمعوا في مكان يقال له حروراء , ولهذا يقال لهم الحرورية.(1/20)
وأرسل إليهم ابن عباس فناظرهم حتى رجع منهم نحو نصفهم ثم إن الباقين قتلوا عبد الله بن خباب وأغاروا على سرح المسلمين ؛ فأمر علي الناس بالخروج إلى قتالهم رورى لهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم, وذكر العلامة التي فيهم أن فيهم رجلاً مخدج اليدين ناقص اليد على ثديه مثل البضعة من اللحم تدردر , ولما قتلوا وجد فيهم هذا المنعوت.
فلما اتفق الخوارج الثلاثة على قتل أمراء المسلمين الثلاثة قتل عبد الرحمن بن ملجم علياً رضي الله عنه يوم الجمعة سابع عشر شهر رمضان عام أربعين اختبأ له ؛ فحين خرج لصلاة الفجر ضربه , وكانت السنة أن الخلفاء ونوابهم الأمراء الذين هم ملوك المسلمين هم الذين يصلون بالمسلمين الصلوات الخمس والجمع والعيدين والاستسقاء والكسوف ونحو ذلك كالجنائز ؛ فأمير الحرب هو أمير الصلاة الذي هو إمامها.
وأما الذي أراد قتل معاوية فقالوا: إنه جرحه فقال الطبيب: إنه يمكن علاجك لكن لا يبقى لك نسل , ويقال إنه من حينئذ اتخذ معاوية المقصورة في المسجد, واقتدى به الأمراء ليصلوا فيها هم وحاشيتهم خوفاً من وثوب بعض الناس على أمير المؤمنين وقتله , وإن كان قد فعل فيها مع ذلك مالا يسوغ وكره من كره الصلاة في نحو هذه المقاصير.
وأما الذي أراد قتل عمرو بن العاص ؛ فإن عمراً كان قد استخلف ذلك اليوم رجلاً اسمه خارجة فظن الخارجي أنه عمرو وقتله ؛ فلما تبين له قال: أردت عمرا وأراد الله خارجة فصارت مثلا ...
وأما المشهد الذي بالنجف فأهل المعرفة متفقون على أنه ليس بقبر علي بل قيل أنه قبر المغيرة بن شعبة , ولم يكن أحد يذكر أن هذا قبر علي , ولا يقصده أحد أكثر من ثلاثمائة سنة مع كثرة المسلمين من أهل البيت والشيعة وغيرهم وحكمهم بالكوفة .
وإنما اتخذوا ذلك مشهداً في ملك بنى بويه الأعاجم بعد موت علي بأكثر من ثلاثمائة سنة , ورووا حكاية فيها أن الرشيد كان يأتي إلى تلك , وأشياء لا تقوم بها حجة(1/21)
وأما السؤال عن سبي أهل البيت وإركابهم الإبل حتى لها سنامان وهي البخاتي ليستتروا بذلك ؛ فهذا من أقبح الكذب وأبينه , وهو مما افتراه الزنادقة والمنافقون الذين مقصودهم الطعن في الإسلام وأهله من أهل البيت وغيرهم ؛ فإن من سمع مثل هذا وشهرته وما فيه من الكذب قد يظن أو يقول إن المنقول إلينا من معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء هو من هذا الجنس ثم إذا تبين أن الأمة سبت أهل بيت نبيها كان فيها الطعن في خير أمة أخرجت للناس مالا يعلمه إلا الله ؛ إذ كل عاقل يعلم أن الإبل البخاتي كانت مخلوقة موجودة قبل أن يبعث الله النبي صلى الله عليه وسلم , وقبل وجود أهل البيت كوجود غيرها من الإبل والغنم والبقر والخيل والبغال والمعز ....
ولم يعلم في الإسلام أن أهل البيت سبي أحداً منهم أحد من المسلمين في وقت من الأوقات مع العلم بأنهم من أهل البيت اللهم إلا أن يقع في أثناء ما تسبيه المسلمون من لا يعلم أنه من أهل البيت كامرأة سباها العدو ثم استنقذها المسلمون , وإذا تبين أنها كانت حرة الأصل أرسلوها , وإن كان في ضمن ذلك من لا يعرف من يخفى نسبها , ويستحل منها ما حرم الله من هو زنديق منافق فالله أعلم بحقيقة ذلك لكن لم يكن شيء من ذلك علانية في الإسلام قط...
والذي يذكر لنا السبي أكثر ما يذكر مقتل الحسين وحمل أهله إلى يزيد ؛ لكنهم جهال بحقيقة ما جرى حتى يظن الظان منهم أن أهله حملوا إلى مصر , وأنهم قتلوا بمصر , وأنهم كانوا خلقاً كثيراً حتى إن منهم من إذا رأى موتى عليهم آثار القتل قال هؤلاء من السبي الذين قتلوا , وهذا كله جهل وكذب , والحسين رضي الله عنه ولعن من قتله ورضي بقتله قتل يوم عاشوراء عام إحدى وستين .(1/22)
وكان الذي حض على قتله الشمر بن ذي الجوشن صار يكتب في ذلك إلى نائب السلطان على العراق عبيد الله بن زياد , وعبيد الله هذا أمر بمقاتلة الحسين نائبه عمر بن سعد بن أبي وقاص بعد أن طلب الحسين منهم ما طلبه آحاد المسلمين لم يجيء معه مقاتلة فطلب منهم أن يدعوه إلى أن يرجع إلى المدنية أو يرسلوه إلى يزيد ابن عمه أو يذهب إلى الثغر يقاتل الكفار فامتنعوا إلا أن يستأسر لهم أو يقاتلوه ؛ فقاتلوه حتى قتلوه وطائفة من أهل بيته وغيرهم.
ثم حملوا ثقله وأهله إلى يزيد بن معاوية إلى دمشق , ولم يكن يزيد أمرهم بقتله ولا ظهر منه سرور بذلك ورضي به بل قال كلاماً فيه ذماً لهم حيث نقل عنه أنه قال : لقد كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين , وقال: لعن الله ابن مرجانة يعنى عبيد بن زياد , والله لو كان بينه وبين الحسين رحم لما قتله ؛ يريد بذلك الطعن في استلحاقه حيث كان أبوه زياد استلحق حتى كان ينتسب إلى أبى سفيان صخر بن حرب وبنو أمية وبنو هاشم كلاهما بنوا عبد مناف .
وروي أنه لما قدم على يزيد ثقل الحسين وأهله ظهر في داره البكاء والصراخ لذلك , وأنه أكرم أهله وأنزلهم منزلاً حسناً , وخير ابنه علياً بين أن يقيم عنده , وبين أن يذهب إلى المدينة ؛ فاختار المدينة والمكان الذي يقال له سجن علي بن الحسين بجامع دمشق باطل لا أصل له .
لكنه مع هذا لم يقم حد الله على من قتل الحسين رضي الله عنه , ولا انتصر له بل قتل أعوانه لإقامة ملكه ..
ولا ريب أن يزيد تفاوت الناس فيه ؛ فطائفة تجعله كافراً بل تجعله هو وأباه كافرين بل يكفرون مع ذلك أبا بكر وعمر ويكفرون عثمان وجمهور المهاجرين والأنصار وهؤلاء الرافضة من أجهل خلق الله وأضلهم...(1/23)
وأما حمله مصر فباطل باتفاق الناس , وقد اتفق العلماء كلهم على أن هذا المشهد الذي بقاهرة مصر الذي يقال له مشهد الحسين باطل ليس فيه رأس الحسين ولا شيء منه, وإنما أحدث في أواخر دولة بني عبيد الله ابن القداح الذين كانوا ملوكاً بالديار المصرية مائتي عام إلى أن انقرضت دولتهم في أيام نور الدين محمود , وكانوا يقولون إنهم من أولاد فاطمة ويدعون الشرف وأهل العلم بالنسب يقولون ليس لهم نسب صحيح , ويقال أن جدهم كان ربيب الشريف الحسيني ؛ فادعوا الشرف لذلك.
فأما مذاهبهم وعقائدهم فكانت منكرة باتفاق أهل العلم بدين الإسلام , وكانوا يظهرون التشيع , وكان كثير من كبرائهم وأتباعهم يبطنون مذهب القرامطة الباطنية , وهو من أخبث مذاهب أهل الأرض أفسد من اليهود والنصارى , ولهذا كان عامة من انضم إليهم أهل الزندقة والنفاق والبدع المتفلسفة والمباحية والرافضة وأشباه هؤلاء ممن لا يستريب أهل العلم والإيمان في أنه ليس من أهل العلم والإيمان .
فأحدث هذا المشهد في المائة الخامسة نقل من عسقلان وعقيب ذلك بقليل انقرضت دولة الذين ابتدعوه بموت العاضد آخر ملوكهم , والذي رجحه أهل العلم في موضع رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما هو ما ذكره الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش والزبير بن بكار هو من أعلم الناس , وأوثقهم في مثل هذا ذكر أن الرأس حمل إلى المدينة النبوية ودفن هناك , وهذا مناسب ؛ فإن هناك قبر أخيه الحسن , وعم أبيه العباس , وابنه علي وأمثالهم.
قال أبو الخطاب ابن دحية في كتاب العلم المشهور فى فضل الأيام والشهور لما ذكر ما ذكره الزبير بن بكار عن محمد بن الحسن أنه قدم برأس الحسين وبنو أمية مجتمعون عند عمرو بن سعيد فسمعوا الصياح فقالوا: ما هذا فقيل نساء بني هاشم يبكين حين رأين رأس الحسين بن علي قال: وأتي برأس الحسين بن على فدخل به على عمرو فقال: والله لوددت أن أمير المؤمنين لم يبعث به إلي.(1/24)
قال ابن دحية : فهذا الأثر يدل أن الرأس حمل إلى المدينة ولم يصح فيه سواه, والزبير أعلم أهل النسب وأفضل العلماء بهذا السبب قال: وما ذكر من أنه في عسقلان في مشهد هناك فشيء باطل لا يقبله من معه أدنى مسكة من العقل والإدراك ؛ فإن بنى أمية مع ما أظهروه من القتل والعداوة والأحقاد لا يتصور أن يبنوا على الرأس مشهداً للزيارة.
هذا وأما ما افتعله بنو عبيد في أيام إدبارهم وحلول بوارهم , وتعجيل دمارهم في أيام الملقب بالقاسم عيسى بن الظافر , وهو الذي عقد له بالخلافة.
مجموع الفتاوى (4|510)
وقال ابن القيم :واستأذنه بنو هشام بن المغيرة أن يزوجوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه ابنة أبي جهل فلم يأذن في ذلك , وقال : إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم ؛ فإنما فاطمة بضعة مني يريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها إني أخاف أن تفتن فاطمة في دينها , وإني لست أحرم حلالاً ولا أحل حراماً , ولكن والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله في مكان واحد أبداً.
وفي لفظ: فذكر صهراً له فأثنى عليه وقال : حدثني فصدقني , ووعدني فوفى لي ...
قال : وفي منع علي من الجمع بين فاطمة رضي الله عنها وبين بنت أبي جهل حكمة بديعة ؛ وهي أن المرأة مع زوجها في درجته تبع له ؛ فإن كانت في نفسها ذات درجة عالية وزوجها كذلك كانت في درجة عالية بنفسها وبزوجها , وهذا شأن فاطمة وعلي رضي الله عنهما , ولم يكن الله عز وجل ليجعل ابنة أبي جهل مع فاطمة رضي الله عنها في درجة واحدة لا بنفسها ولا تبعاً , وبينهما من الفرق ما بينهما فلم يكن نكاحها على سيدة نساء العالمين مستحسناً لا شرعاً ولا قدراً , وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله : والله لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله في مكان واحد أبدا ؛ فهذا إما أن يتناول درجة الآخر بلفظه أو إشارته .
زاد المعاد (5|107)
دفاع وثناء شيخ الإسلام على ذرية علي بن أبي طالب(1/25)
ثناء شيخ الإسلام على الحسن والحسين - رضي الله عنهما -
قال شيخ الإسلام : والحسن والحسين من أعظم أهل بيته اختصاصاً به كما ثبت في الصحيح أنه أدار كساءه على علي وفاطمة وحسن وحسين ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
منهاج السنة (4|561)
وقال شيخ الإسلام :والحسين رضي الله عنه ولعن قاتله قتل مظلوماً شهيداً في خلافته- أي يزيد - لكنه هو لم يأمر بقتله ولم يظهر الرضا به ولا انتصر ممن قتله
ورأس الحسين حمل إلى قدام عبيدة الله بن زياد ؛ وهو الذي ضربه بالقضيب على ثناياه.., وأما حمله إلى عند يزيد فباطل, وإسناده منقطع.
منهاج السنة (8|142)
وقال : والحسين رضي الله عنه استشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستين .
منهاج السنة (4|358)
وقال : وأما مقتل الحسين رضي الله عنه فلا ريب أنه قتل مظلوماً شهيداً كما قتل أشباهه من المظلومين الشهداء , وقتل الحسين معصية لله ورسوله ممن قتله أو أعان على قتله أو رضي بذلك وهو مصيبة أصيب بها المسلمون من أهله وغير أهله, وهو في حقه شهادة له ورفع حجة وعلو منزلة ؛ فإنه وأخاه سبقت لهما من الله السعادة التي لا تنال إلا بنوع من البلاء , ولم يكن لهما من السوابق ما لأهل بيتهما ؛ فإنهما تربيا في حجر الإسلام في عز وأمان فمات هذا مسموماً , وهذا مقتولاً لينالا بذلك منازل السعداء وعيش الشهداء .
منهاج السنة(4|550)
وقال : وفي الجملة فما يعرف في الإسلام أن المسلمين سبوا امرأة يعرفون أنها هاشمية , ولا سبي عيال الحسين بل لما دخلوا إلى بيت يزيد قامت النياحة في بيته , وأكرمهم وخيرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة فاختاروا الرجوع إلى المدينة , ولا طيف برأس الحسين , وهذه الحوادث فيها من الأكاذيب ما ليس هذه موضع بسطه.(1/26)
وأما ما ذكره من الأحداث والعقوبات الحاصلة بقتل الحسين ؛ فلا ريب أن قتل الحسين من أعظم الذنوب , وأن فاعل ذلك والراضي به والمعين عليه مستحق لعقاب الله الذي يستحقه أمثاله .
منهاج السنة (4|559)
وقال : وأما قول الزهري ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا عوقب في الدنيا.
فهذا ممكن ؛ وأسرع الذنوب عقوبة البغي , والبغي على الحسين من أعظم البغي .
منهاج السنة (4|5860)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- : وصار الناس في قتل الحسين رضي الله عنه ثلاثة أصناف طرفين ووسط
أحد الطرفين يقول: إنه قتل بحق(5 )فإنه أراد أن يشق عصا المسلمين , ويفرق الجماعة , وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه.
قال: والحسين جاء وأمر المسلمين على رجل واحد ؛ فأراد أن يفرق جماعتهم, وقال بعض هؤلاء : هو أول خارج خرج في الإسلام على ولاة الأمر .
والطرف الآخر قالوا: بل كان هو الإمام الواجب طاعته الذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به ولا يصلي جماعة ولا جمعة إلا خلف من يوليه , ولا يجاهد عدو إلا بإذنه , ونحو ذلك.
أما الوسط فهم أهل السنة الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا ؛ بل يقولون قتل مظلوماً شهيداً , ولم يكن متولياً لأمر الأمة , والحديث المذكور لا يتناوله ؛ فإنه لما بلغه ما فعل بابن عمه مسلم بن عقيل ترك طلب الأمر , وطلب أن يذهب إلى يزيد بن عمه أو إلى الثغر أو إلى بلده فلم يمكنوه وطلبوا منه أن يستأسر لهم , وهذا لم يكن واجباً عليه.
منهاج السنة (4/554)
وقال : وأما من قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً.(1/27)
قال : فما تحبون أهل البيت ؟ قلت: محبتهم عندنا فرض واجب يؤجر عليه ؛ فإنه قد ثبت عندنا في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى خما بين مكة والمدينة فقال: أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله , فذكر كتاب الله وحض عليه ثم قال : وعترتي أهل بيتي أذكركم في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي.
قلت لمقدم: ونحن نقول في صلاتنا كل يوم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد .
قال مقدم : فمن يبغض أهل البيت ؟
قلت : من أبغضهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً .
ثم قلت للوزير المغولي : لأي شيء قال عن يزيد , وهذا تتري؟
قال: قد قالوا له أن أهل دمشق نواصب .
قلت بصوت عال: يكذب الذي قال هذا , ومن قال هذا فعلية لعنة الله , والله ما في أهل دمشق نواصب , وماعلمت فيهم ناصبياً, ولو تنقض أحد عليا بدمشق لقام المسلمون عليه ؛ لكن كان قديماً لما كان بنو أمية ولاة البلاد بعض بنو أمية ينصب العداوة لعلي ويسبه , وأما اليوم فما بقى من أولئك أحد.
مجموع الفتاوى (4|488)
وقال شيخ الإسلام : وكذلك الحسن كان دائماً يشير على أبيه وأخيه بترك القتال , ولما صار الأمر إليه ترك القتال وأصلح الله به بين الطائفتين المقتتلتين .
وعلي رضي الله عنه في آخر الأمر تبين له أن المصلحة في ترك القتال أعظم منها في فعله .
وكذلك الحسين رضي الله عنه لم يقتل إلا مظلوماً شهيداً تاركاً لطلب الإمارة طالباً للرجوع إما إلى بلده أو إلى الثغر أو إلى المتولي على الناس يزيد .
منهاج السنة (4|535)
وقال : وبهذا يجاب عن ابنه الحسن بن علي وغيره من يعترض عليهم فنقول كيف قتلوا قاتل علي ؛ وكان في ورثته صغار وكبار والصغار لم يبلغوا؟
فيجاب عن الحسن بجوابين:(1/28)
أحدهما: أن قتله كان واجباً حتماً لأن قتل علي وأمثاله من أعظم المحاربة لله ورسوله والفساد في الأرض .
ومنهم من يجيب بجواز انفراد الكبار بالقود كما يقول ذلك من يقوله من أصحاب أبي حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين .
وإذا كان قتل عمر وعثمان وعلي ونحوهم من باب المحاربة ؛ فالمحاربة يشترك فيها الردء والمباشر عند الجمهور ؛ فعلى هذا من أعان على قتل عمر ولو بكلام وجب قتله , وكان الهرمزان ممن ذكر عنه أنه أعان على قتل عمر بن الخطاب .
منهاج السنة (6|284)
ثناء شيخ الإسلام على علي بن الحسين
وقال : وأما علي بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علماً وديناً أخذ عن أبيه وابن عباس والمسور بن مخرمة وأبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم وعائشة وأم سلمة وصفية أمهات المؤمنين وعن مروان بن الحكم وسعيد بن المسيب وعبد الله بن عثمان بن عفان ..
قال يحيى بن سعيد : هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة , وقال محمد بن سعد في الطبقات: كان ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً رفيعاً.
وروى عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال: سمعت علي بن الحسين , وكان أفضل هاشمي أدركته يقول: يا أيها الناس أحبونا حب الإسلام ؛ فما برح بنا حبكم حتى صار عاراً علينا.
وعن شيبة بن نعامة قال: كان علي بن الحسين يبخل ؛ فلما مات وجدوه يقوت مائة أهل بيت بالمدينة في السر , وله من الخشوع وصدقة السر , وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف حتى إنه كان من صلاحه ودينه يتخطى مجالس أكابر الناس , ويجالس زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب , وكان من خيار أهل العلم والدين من التابعين فيقال له: تدع مجالس قومك , وتجالس هذا فيقول: إنما يجلس الرجل حيث يجد صلاح قلبه .
منهاج السنة (4|49)(1/29)
وقال ابن القيم :وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهما نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم, واستدل بالحديث, وهو الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي رضي الله عنه وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضلال , وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد , ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدا.
قال شيخنا : فانظر هذه السنة كيف مخرجها من أهل المدينة وأهل البيت الذين لهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار ؛ لأنهم إلى ذلك أحوج من غيرهم فكانوا له أضبط.
إغاثة اللهفان (1|193)
ثناء شيخ الإسلام على الباقر …
وقال : وكذلك أبو جعفر محمد بن علي من خيار أهل العلم والدين, وقيل إنما سمي الباقر لأنه بقر العلم.
منهاج السنة (4|50)
ثناء شيخ الإسلام على جعفر الصادق
وقال : وجعفر الصادق رضي الله عنه من خيار أهل العلم والدين أخذ العلم عن جده أبي أمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وعن محمد بن المنكدر ونافع مولى ابن عمر والزهري وعطاء بن أبي رباح وغيرهم, وروى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومالك بن أنس وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وابن جريج وشعبة ويحيى بن سعيد القطان وحاتم بن إسماعيل وحفص بن غياث ومحمد بن إسحاق بن يسار.
وقال عمرو بن أبي المقدام: كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين .
منهاج السنة (4|53)(1/30)
وقال : وكذلك جعفر الصادق قد كذب عليه من الأكاذيب مالا يعلمه إلا الله حتى نسب إليه القول في أحكام النجوم والرعود والبروق والقرعة التي هي من الاستقسام بالأزلام , ونسب إليه كتاب منافع سور القرآن , وغير ذلك مما يعلم العلماء أن جعفراً رضي الله عنه بريء من ذلك , وحتى نسب إليه أنواع من تفسير القرآن على طريقة الباطنية كما ذكر ذلك عنه أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب حقائق التفسير فذكر قطعة من التفاسير التي هي من تفاسيره , وهي من باب تحريف الكلم عن مواضعه , وتبديل مراد الله تعالى من الآيات بغير مراده .
وكل ذي علم بحاله يعلم أنه كان بريئاً من هذه الأقوال والكذب على الله في تفسير كتابه العزيز .
وكذلك قد نسب إليه بعضهم الكتاب الذي يسمى رسائل إخوان الكدر , وهذا الكتاب صنف بعد جعفر الصادق بأكثر من مائتي سنة؛ فإن جعفراً توفي سنة ثمان وأربعين ومائة , وهذا الكتاب صنف في أثناء الدولة العبيدية الباطنية الإسماعيلية لما استولوا على مصر , وبنوا القاهرة صنفه طائفة من الذين أرادوا أن يجمعوا بين الفلسفة والشريعة والتشيع كما كان يسلكه هؤلاء العبيديون الذين كانوا يدعون أنهم من ولد علي , وأهل العلم بالنسب يعلمون أن نسبهم باطل , وأن جدهم يهودي في الباطن وفي الظاهر ؛ وجدهم ديصاني من المجوس تزوج امرأة هذا اليهودي , وكان ابنه ربيباً لمجوسي؛ فانتسب إلى زوج أمه المجوسي , وكانوا ينتسبون إلى باهلة على أنهم من مواليهم , وادعى هو أنه من ذرية محمد بن إسماعيل بن جعفر , وإليه انتسب الإسماعيلية وادعوا أن الحق معهم دون الاثني عشرية ؛ فإن الاثنا عشرية يدعون إمامة موسى بن جعفر , وهؤلاء يدعون إمامه إسماعيل بن جعفر(1/31)
وأئمة هؤلاء في الباطن ملاحدة زنادقة شر من الغالية ليسوا من جنس الاثنا عشرية لكن إنما طرقهم على هذا المذاهب الفاسدة , ونسبتها إلى علي ما فعلته الاثنا عشرية وأمثالهم كذب أولئك عليه نوعاً من الكذب ؛ ففرعه هؤلاء وزادوا عليه حتى نسبوا الإلحاد إليه كما نسب هؤلاء إليه مذهب الجهمية والقدرية وغير ذلك .
ولما كان هؤلاء الملاحدة من الإسماعيلية والنصيرية ونحوهم ينتسبون إلى علي , وهم طرقية وعشرية وغرباء , وأمثال هؤلاء صاروا يضيفون إلى علي ما براه الله منه حتى صار اللصوص من العشرية يزعمون أن معهم كتابا من علي بالإذن لهم في سرقة أموال الناس كما ادعت اليهود الخيابرة أن معهم كتاباً من علي بإسقاط الجزية عنهم وإباحة عشر أموال أنفسهم , وغير ذلك من الأمور المخالفة لدين الإسلام.
وقد أجمع العلماء على أن هذا كله كذب على علي , وهو من أبرأ الناس من هذا كله.
منهاج السنة (8|13)
وقال شيخ الإسلام : وقد ذكر أبو عبد الرحمن في حقائق التفسير عن جعفر بن محمد وأمثاله من الأقوال المأثورة ما يعلم أهل المعرفة أنه كذب على جعفر بن محمد ؛ فإن جعفراً كذب عليه ما لم يكذب على أحد لأنه كان فيه من العلم والدين ما ميزه الله به , وكان هو وأبوه أبو جعفر وجده علي بن الحسين من أعيان الأئمة علماً وديناً ولم يجيء بعد جعفر مثله في أهل البيت؛ فصار كثير من أهل الزندقة والبدع ينسب مقالته إليه حتى أصحاب رسائل إخوان الصفا ينسبونها ..
مجموع الفتاوى (11|582)
ثناء شيخ الإسلام على موسى بن جعفر
وقال :وأما من بعد جعفر فموسى بن جعفر قال فيه أبو حاتم الرازي : ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين .
منهاج السنة (4|55)
ثناء شيخ الإسلام علي بن موسى(1/32)
وقال : من المصائب التي ابتلي بها ولد الحسين انتساب الرافضة إليهم وتعظيمهم ومدحهم لهم ؛ فإنهم يمدحونهم بما ليس بمدح , ويدعون لهم دعاوي لا حجة لها ويذكرون من الكلام ما لو لم يعرف فضلهم من غير كلام الرافضة لكان ما تذكره الرافضة بالقدح أشبه منه بالمدح ؛ فإن علي بن موسى له من المحاسن والمكارم المعروفة والممادح المناسبة لحالة اللائقة به ما يعرفه بها أهل المعرفة.
منهاج السنة (4|60)
ثناء شيخ الإسلام على محمد بن علي الجواد
وقال : إن محمد بن علي الجواد كان من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء والسؤدد , ولهذا سمي الجواد , ومات وهو شاب ابن خمس وعشرين سنة ولد سنة خمس وتسعين ومات سنة عشرين أو سنة تسع عشرة , وكان المأمون زوجه بابنته , وكان يرسل إليه في السنة ألف ألف درهم , واستقدمه المعتصم إلى بغداد , ومات بها .
منهاج السنة (4|68)
الكلام على محمد بن الحسن بن علي العسكري - مهدي الرافضة -
وقال : قد ذكر محمد بن جرير الطبري وعبد الباقي بن قانع وغيرهما من أهل العلم بالأنساب والتواريخ أن الحسن بن علي العسكري لم يكن له نسل ولا عقب .
والإمامية الذين يزعمون أنه كان له ولد يدعون أنه دخل السرداب بسامرا وهو صغير منهم من قال عمرة سنتان , ومنهم من قال ثلاث , ومنهم من قال خمس سنين , وهذا لو كان موجوداً معلوماً لكان الواجب في حكم الله الثابت بنص القرآن والسنة والإجماع أن يكون محضوناً عند من يحضنه في بدنه كأمه وأم أمه ونحوهما من أهل الحضانة , وأن يكون ماله عند من يحفظه , إما وصي أبيه إن كان له وصي . وإما غير الوصي إما قريب , وإما نائب لدى السلطان ؛ فإنه يتيم لموت أبيه(1/33)
والله تعالى يقول:{ وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا} فهذا لا يجوز تسليم ماله إليه حتى يبلغ النكاح , ويؤنس منه الرشد كما ذكر الله تعالى ذلك في كتابه ؛ فكيف يكون من يستحق الحجر عليه في بدنه وماله إماماً لجميع المسلمين معصوماً لا يكون أحد مؤمناً إلا بالإيمان به
ثم إن هذا باتفاق منهم سواء قدر وجوده أو عدمه لا ينتفعون به لا في دين ولا في دنيا , ولا علّم أحداً شيئاً , ولا يعرف له صفة من صفات الخير , ولا الشر ؛ فلم يحصل به شيء من مقاصد الإمامة , ولا مصالحها لا الخاصة ولا العامة بل إن قدر وجوده ؛ فهو ضرر على أهل الأرض بلا نفع أصلاً ؛ فإن المؤمنين به لم ينتفعوا به ولا حصل لهم به لطف ولا مصلحة , والمكذبون به يعذبون عندهم على تكذبيهم به ؛ فهو شر محض ولا خير فيه , وخلق مثل هذا ليس من فعل الحكيم العادل .
وإذا قالوا : إن الناس بسبب ظلمهم احتجب عنهم.
قيل أولاً : كان الظلم موجودا في زمن آبائه ولم يحتجبوا.
وقيل ثانياً: فالمؤمنون به طبّقوا الأرض فهلا اجتمع بهم في بعض الأوقات أو أرسل إليهم رسولاً يعلمهم شيئا من العلم والدين.
وقيل ثالثاً: قد كان يمكنه أن يأوي إلى كثير من المواضع التي فيها شيعته كجبال الشام التي كان فيها الرافضة عاصية , وغير ذلك من المواضع العاصية.(1/34)
وقيل رابعاً: فإذا هو لا يمكنه أن يذكر شيئاً من العلم والدين لأحد لأجل هذا الخوف لم يكن في وجوه لطف ولا مصلحة ؛ فكان هذا مناقضاً لما أثبتوه بخلاف من أرسل من الأنبياء وكذب ؛ فإنه بلغ الرسالة وحصل لمن آمن من اللطف والمصلحة ما هو من نعم الله عليه , وهذا المنتظر لم يحصل به لطائفته إلا الانتظار لمن لا يأتي, ودوام الحسرة والألم , ومعاداة العالم , والدعاء الذي لا يستجيبه الله لأنهم يدعون له بالخروج والظهور من مدة أكثر من أربعمائة وخمسين سنة ؛ لم يحصل شيء من هذا ثم إن عمر واحد من المسلمين هذه المدة أمر يعرف كذبه بالعادة المطردة في أمة محمد ؛ فلا يعرف أحد ولد في دين الإسلام وعاش مائة وعشرين سنة فضلاً عن هذا العمر , وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في آخر عمره : أرأيتكم ليلتكم هذه ؛ فإنه على رأس مائة سنة منها لا يبقى على وجه الأرض ممن هو اليوم عليها أحد.
فمن كان في ذلك الوقت له سنة ونحوها لم يعش أكثر من مائة سنة قطعاً , وإذا كانت الأعمار في ذلك العصر لا تتجاوز هذا الحد ؛ فما بعده من الأعصار أولى بذلك في العادة الغالبة العامة ؛ فإن أعمار بني ادم في الغالب كلما تأخر الزمان قصرت , ولم تطل ؛ فإن نوحاً عليه السلام لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما وآدم عليه السلام عاش ألف سنة كما ثبت ذلك في حديث صحيح رواه الترمذي وصححه ؛ فكان العمر في ذلك الزمان طويلاً ثم أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى السبعين , وأقلهم من يجوز ذلك كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح.
واحتجاجهم بحياة الخضر احتجاج باطل على باطل؛ فمن الذي يسلم لهم بقاء الخضر, والذي عليه سائر العلماء المحققون أنه مات , وبتقدير بقائه فليس هو من هذه الأمة .
منهاج السنة (4|93)
بيان أن الشيعة في الحقيقة غير متبعين لآل البيت(1/35)
قال شيخ الإسلام : والمقصود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إني تارك فيكم ثقلين كتاب الله فحض على كتاب الله ثم قال : وعترتي أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا.
فوصى المسلمين بهم لم يجعلهم أئمة يرجع المسلمون إليهم ؛ فانتحلت الخوارج كتاب الله , وانتحلت الشيعة أهل البيت , وكلاهما غير متبع لما انتحله ؛ فإن الخوارج خالفوا السنة التي أمر القرآن باتباعها وكفروا المؤمنين الذين أمر القرآن بموالاتهم , ولهذا تأول سعد بن أبى وقاص فيهم هذه الآية :{ وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض} وصاروا يتتبعون المتشابه من القرآن فيتأولونه على غير تأويله من غير معرفة منهم بمعناه , ولا رسوخ في العلم ,ولا اتباع للسنة , ولا مراجعة لجماعة المسلمين الذين يفهمون القرآن .
وأما مخالفة الشيعة لأهل البيت فكثيرة جداً قد بسطت في مواضع.
مجموع الفتاوى (13|210)
وقال : لا نسلم أن الإمامية أخذوا مذهبهم عن أهل البيت لا الاثنا عشرية ولا غيرهم ؛ بل هم مخالفون لعلي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت في جميع أصولهم التي فارقوا فيها أهل السنة والجماعة توحيدهم وعدلهم وإمامتهم ؛ فإن الثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت من إثبات الصفات لله وإثبات القدر وإثبات خلافة الخلفاء الثلاثة , وإثبات فضيلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما , وغير ذلك من المسائل كله يناقض مذهب الرافضة , والنقل بذاك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم بحيث أن معرفة المنقول في هذا الباب عن أئمة أهل البيت يوجب علماً ضرورياً بأن الرافضة مخالفون لهم لا موافقون لهم .
منهاج السنة (4|17)
وقال ابن القيم : وأخرج الروافض الإلحاد والكفر والقدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوليائه وأنصاره في قالب محبة أهل البيت والتعصب لهم وموالاتهم .
إغاثة اللهفان (2|81)(1/36)
وقال شيخ الإسلام : والروافض لا يدعون أنهم على مذهب السلف بل هؤلاء يكفرون جمهور السلف ؛ فالرافضة تطعن في أبي بكر وعمر وعامة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان , وسائر أئمة الإسلام فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف , ولكن ينتحلون مذهب أهل البيت كذباً وافتراءً.
مجموع الفتاوى (4|153)
وقال :ومن العجب من هؤلاء الرافضة أنهم يدعون تعظيم آل محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ؛ وهم سعوا في مجيء التتر الكفار إلى بغداد دار الخلافة حتى قتلت الكفار من المسلمين مالا يحصيه إلا الله تعالى من بني هاشم وغيرهم , وقتلوا بجهات بغداد ألف ألف وثمانمائة ألف ونيفاً وسبعين ألفاً , وقتلوا الخليفة العباسي وسبوا النساء الهاشميات وصبيان الهاشميين ؛ فهذا هو البغض لآل محمد صلى الله عليه وسلم بلا ريب , وكان ذلك من فعل الكفار بمعاونة الرافضة , وهم الذين سعوا في سبي الهاشميات ونحوهم إلى يزيد وأمثاله ؛ فما يعيبون على غيرهم بعيب إلا وهو فيهم أعظم .
منهاج السنة (4|593)
وقال : لكن لفظ الرافضة إنما ظهر لما رفضوا زيد بن علي بن الحسين في خلافة هشام , وقصة زيد بن علي بن الحسين كانت بعد العشرين ومائة سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين ومائة في أواخر خلافة هشام.
قال أبو حاتم البستي: قتل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة سنة اثنتين وعشرين ومائة , وصلب على خشبة وكان من أفاضل أهل البيت وعلمائهم , وكانت الشيعة تنتحله .
قلت : ومن زمن خروج زيد افترقت الشيعة إلى رافضة وزيدية ؛ فإنه لما سئل عن أبي بكر وعمر فترحم عليهما رفضه قوم فقال لهم: رفضتموني فسموا رافضة لرفضهم إياه , وسمي من لم يرفضه من الشيعة زيدياً لانتسابهم إليه.
منهاج السنة (1|35)(1/37)
وقال ابن القيم : وأما ما وضعه الرافضة في فضائل علي فأكثر من أن يعد قال الحافظ أبو يعلى الخليلي في كتاب الإرشاد : وضعت الرافضة في فضائل علي رضي الله عنه وأهل البيت نحو ثلاث مئة ألف حديث.
ولا تستبعد هذا ؛ فإنك لو تتبعت ما عندهم من ذلك لوجدت الأمر كما قال.
المنار المنيف (108)
وقال شيخ الإسلام : والكلام في هذا الباب وأشباهه متسع ؛ فإنه بسبب مقتل عثمان ومقتل الحسين وأمثالهما جرت فتن كثيرة وأكاذيب وأهواء وقع فيها طوائف من المتقدمين والمتأخرين , وكذب على أمير المؤمنين عثمان وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب أنواع من الأكاذيب يكذب بعضها شيعتهم ونحوهم , ويكذب بعضها مبغضوهم لاسيما بعد مقتل عثمان ؛ فإنه عظم الكذب والأهواء , وقيل في أمير علي بن أبى طالب مقالات من الجانبين علي بريء منها , وصارت البدع والأهواء والكذب تزداد حتى أمور يطول شرحها.
مثل ما ابتدعه كثير من المتأخرين يوم عاشوراء فقوم يجعلونه مأتماً يظهرون فيه النياحة والجزع وتعذيب النفوس وظلم البهائم , وسب من مات من أولياء الله والكذب على أهل البيت وغير ذلك من المنكرات المنهي عنها بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفاق المسلمين.
والحسين رضي الله عنه أكرمه الله تعالى بالشهادة في هذا اليوم , وأهان بذلك من قتله أو أعان على قتله أو رضي بقتله , وله أسوة حسنة بمن سبقه من الشهداء ؛ فإنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة , وكانا قد تربيا في عز الإسلام لم ينالا من الهجرة والجهاد والصبر على الأذى في الله ما ناله أهل بيته ؛ فأكرمهما الله تعالى بالشهادة تكميلا لكرامتهما ورفعا لدرجاتهما , وقتله مصيبة عظيمة والله سبحانه قد شرع الاسترجاع عند المصيبة بقوله تعالى :{ وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.(1/38)
وفى الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ما من مسلم يصاب بمصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصييتي واخلف لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته واخلف له خيرا منها .
ومن أحسن ما يذكر هنا أنه قد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن فاطمة بنت الحسين عن أبيها الحسين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من مسلم يصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت فيحدث عندما استرجاعاً كتب الله له مثلها يوم أصيب (6). هذا حديث رواه عن الحسين ابنته فاطمة التي شهدت مصرعه.
وقد علم أن المصيبة بالحسين تذكر مع تقادم العهد ؛ فكان في محاسن الإسلام أن بلغ هو هذه السنة عن النبي صلى الله عليه وهوأنه كلما ذكرت هذه المصيبة يسترجع لها فيكون للإنسان من الأجر مثل الأجر يوم أصيب بها المسلمون ...
فكيف إذا انضم إلى ذلك ظلم المؤمنين ولعنهم وسبهم , وإعانة أهل الشقاق والإلحاد على ما يقصدونه للدين من الفساد , وغير ذلك مما لايحصيه إلا الله تعالى ...
ونحن علينا أن نتبع ما أنزل إلينا من ربنا من الكتاب والحكمة , ونلزم الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين .
مجموع الفتاوى (4|514)
وقال : فإن هذه الطائفة الرافضة من أكثر الطوائف كذباً وادعاءً للعلم المكتوم , ولهذا انتسبت إليهم الباطنية والقرامطة(1/39)
وهؤلاء خرج أولهم في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وصاروا يدعون أنه خص بأسرار من العلوم والوصية حتى كان يسأله عن ذلك خواص أصحابه فيخبرهم بانتفاء ذلك , ولما بلغه أن ذلك قد قيل كان يخطب الناس وينفي ذلك عن نفسه , وقد خرج أصحاب الصحيح كلام علي هذا من غير وجه مثل ما في الصحيح عن أبي جحيفة قال سألت علياً : هل عندكم شيء ليس في القرآن فقال : لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهماً يعطيه الله الرجل في كتابه وما في هذه الصحيفة. قلت : وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر.
ولفظ البخاري : هل عندكم شيء من الوحي غير ما في كتاب الله؟ قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهماً يعطيه الله رجلاً في القرآن .
وفي الصحيحين عن إبراهيم التيمي عن أبيه- وهذا من أصح إسناد على وجه الأرض - عن علي قال: ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم: المدينة حرام ما بين عير إلى ثور.
وفي رواية لمسلم خطبنا علي بن أبي طالب فقال: من زعم أن عندنا كتاباً نقرؤه إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة قال : وصحيفته معلقة في قراب سيفه فقد كذب فيها أسنان الإبل وأشياء من الجراحات. وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم : المدينة حرام... الحديث .
وأما الكذب والأسرار التي يدعونها عن جعفر الصادق ؛ فمن أكبر الأشياء كذباً حتى يقال ما كذب على أحد ما كذب على جعفر رضي الله عنه .
ومن هذه الأمور المضافة كتاب الجفر الذي يدعون أنه كتب فيه الحوادث , والجفر ولد الماعز يزعمون أنه كتب ذلك في جلده , وكذلك كتاب البطاقة الذي يدعيه ابن الحلي ونحوه من المغاربة , ومثل كتاب الجدول في الهلال والهفت عن جعفر وكثير من تفسير القرآن وغيره .
مجموع الفتاوى (4|79)
قال شيخ الإسلام : وأهل الكوفة كان فيه طائفتان(1/40)
طائفة رافضة يظهرون موالاة أهل البيت , وهم في الباطن إما ملاحدة زنادقة , وإما جهال وأصحاب هوى.
وطائفة ناصبة تبغض علياً وأصحابه لما جرى من القتال والفتنة ما جرى .
وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سيكون في ثقيف كذاب ومبير .
فكان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد الثقفي , وكان يظهر موالاة أهل البيت والانتصار لهم , وقتل عبيدالله بن زياد أمير العراق الذي جهز السرية التي قتلت الحسين بن علي رضي الله عنهما ثم إنه أظهر الكذب وادعى النبوة , وأن جبريل عليه السلام ينزل عليه حتى قالوا لابن عمر وابن عباس قالوا لأحدهما : إن المختار بن أبي عبيد يزعم أنه ينزل عليه فقال صدق قال الله تعالى : { هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم } وقالوا للآخر : إن المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال صدق : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم}
وأما المبير فهو الحجاج بن يوسف الثقفي وكان : منحرفاً عن علي وأصحابه فكان هذا من النواصب , والأول من الروافض , وهذا الرافضي كان : أعظم كذباً وافتراءً وإلحاداً في الدين ؛ فإنه ادعى النبوة , وذاك كان أعظم عقوبة لمن خرج على سلطانه وانتقاماً لمن اتهمه بمعصية أميره عبد الملك بن مروان , وكان في الكوفة بين هؤلاء وهؤلاء فتن وقتال ؛ فلما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما يوم عاشوراء قتلته الطائفة الظالمة الباغية , وأكرم الله الحسين بالشهادة كما أكرم بها من أكرم من أهل بيته أكرم بها حمزة وجعفر وأباه علياً وغيرهم , وكانت شهادته مما رفع الله بها منزلته وأعلى درجته ؛ فإنه هو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة والمنازل العالية لا تنال إلا بالبلاء .(1/41)
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل : أي الناس أشد بلاء ؟ فقال : الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه؛ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه , وإن كان في دينه رقة خفف عنه , ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة . رواه الترمذي وغيره
فكان الحسن والحسين قد سبق لهما من الله تعالى ما سبق من المنزلة العالية , ولم يكن قد حصل لهما من البلاء ما حصل لسلفهما الطيب ؛ فإنهما ولدا في عز الإسلام وتربيا في عز وكرامة والمسلمون يعظمونهما ويكرمونهما ومات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستكملا سن التمييز ؛ فكانت نعمة الله عليهما أن ابتلاهما بما يلحقهما بأهل بيتهما كما ابتلي من كان أفضل منهما ؛ فإن علي بن أبي طالب أفضل منهما , وقد قتل شهيداً , وكان مقتل الحسين مما ثارت به الفتن بين الناس كما كان مقتل عثمان رضي الله عنه من أعظم الأسباب التي أوجبت الفتن بين الناس , وبسببه تفرقت الأمة إلى اليوم ...
فكان موت النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم الأسباب التي افتتن بها خلق كثير من الناس , وارتدوا عن الإسلام ؛ فأقام الله تعالى الصديق رضي الله عنه حتى ثبت الله به الإيمان , وأعاد به الأمر إلى ما كان فأدخل أهل الردة في الباب الذي منه خرجوا , وأقر أهل الإيمان على الدين الذي ولجوا فيه, وجعل الله فيه من القوة والجهاد والشدة على أعداء الله , واللين لأولياء الله ما استحق به وبغيره أن يكون خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم استخلف عمر فقهر الكفار من المجوس وأهل الكتاب , وأعز الإسلام ومصر الأمصار , وفرض العطاء , ووضع الديوان , ونشر العدل , وأقام السنة , وظهر الإسلام في أيامه ظهوراً بان به تصديق قوله تعالى : { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا}(1/42)
وقوله تعالى : { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا}
وقول النبي صلى الله عليه وسلم : إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده , وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده , والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله .
فكان عمر رضي الله عنه هو الذي أنفق كنوزهما ؛ فعلم أنه أنفقها في سبيل الله , وأنه كان خليفة راشداً مهدياً ثم جعل الأمر شورى في ستة فاتفق المهاجرون والأنصار على تقديم عثمان بن عفان من غير رغبة بذلها لهم , ولا رهبة أخافهم بها وبايعوه بأجمعهم طائعين غير كارهين , وجرى في آخر أيامه أسباب ظهر بالشر فيها أهل العلم والجهل والعدوان , وما زالوا يسعون في الفتن حتى قتل الخليفة مظلوماً شهيداً بغير سبب يبيح قتله , وهوصابر محتسب لم يقاتل مسلماً .(1/43)
فلما قتل رضي الله عنه تفرقت القلوب, وعظمت الكروب , وظهرت الأشرار , وذل الأخيار, وسعى في الفتنة من كان عاجزاً عنها , وعجز عن الخير والصلاح من كان يحب إقامته ؛ فبايعوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه , وهو أحق الناس بالخلافة حينئذ , وأفضل من بقي لكن كانت القلوب متفرقة ونار الفتنة متوقدة فلم تتفق الكلمة , ولم تنتظم الجماعة ولم يتمكن الخليفة وخيار الأمة من كل ما يريدونه من الخير , ودخل في الفرقة والفتنة أقوام , وكان ما كان إلى أن ظهرت الحرورية المارقة مع كثرة صلاتهم وصيامهم وقراءتهم فقاتلوا أمير المؤمنين علياً ومن معه ؛ فقتلهم بأمر الله ورسوله طاعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما وصفهم بقوله :يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية أينما لقيتموهم فاقتلوهم ؛ فإن في قتلهم أجراً عند الله لمن قتلهم يوم القيامة .وقوله : تمرق مارقة على حين فرقة من المسلمين يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق .
أخرجاه في الصحيحين .
فكانت هذه الحرورية هي المارقة , وكان بين المؤمنين فرقة والقتال بين المؤمنين لا يخرجهم من الإيمان كما قال تعالى : { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم}
فبين سبحانه وتعالى أنهم مع الاقتتال وبغي بعضهم على بعض مؤمنون إخوة , وأمر بإصلاح بينهم ؛ فإن بغت إحداهما بعد ذلك قوتلت الباغية ولم يأمر بالاقتتال ابتداء.(1/44)
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الطائفة المارقة بقتلها أدنى الطائفتين إلى الحق . فكان علي ابن أبي طالب ومن معه هم الذين قاتلوهم ؛ فدل كلام النبي صلى الله عليه وسلم على أنهم أدنى إلى الحق من معاوية ومن معه مع إيمان الطائفتين .
ثم إن عبد الرحمن بن ملجم من هؤلاء المارقين قتل أمير المؤمنين عليا فصار إلى كرامة الله ورضوانه شهيدا , وبايع الصحابة للحسن ابنه فظهرت فضيلته التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح حيث قال : إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين .
فنزل عن الولاية وأصلح الله به بين الطائفتين , وكان هذا مما مدحه به النبي صلى الله عليه وسلم , وأثنى عليه , ودل ذلك على أن الإصلاح بينهما مما يحبه الله ورسوله ويحمده الله ورسوله .
ثم إنه مات وصار إلى كرامة الله ورضوانه , وقامت طوائف كاتبوا الحسين ووعدوه بالنصر والمعاونة إذا قام بالأمر, ولم يكونوا من أهل ذلك بل لما أرسل إليهم ابن عمه أخلفوا وعده , ونقضوا عهده , وأعانوا عليه من وعدوه أن يدفعوه عنه ويقاتلوا معه
وكان أهل الرأي والمحبة للحسين كابن عباس وابن عمر وغيرهما أشاروا عليه بأن لا يذهب إليهم , ولا يقبل منهم , ورأوا أن خروجه إليهم ليس بمصلحة, ولا يترتب عليه ما يسر , وكان الأمر كما قالوا , وكان أمر الله قدراً مقدوراً.
فلما خرج الحسين - رضي الله عنه - ورأى أن الأمور قد تغيرت طلب منهم أن يدعوه يرجع أو يلحق ببعض الثغور أو يلحق بابن عمه يزيد فمنعوه هذا وهذا حتى يستأسر , وقاتلوه فقاتلهم فقتلوه وطائفة ممن معه مظلوماً شهيداً شهادة أكرمه الله بها وألحقه بأهل بيته الطيبين الطاهرين , وأهان بها من ظلمه واعتدى عليه وأوجب ذلك شرا بين الناس .(1/45)
فصارت طائفة جاهلة ظالمة : إما ملحدة منافقة , وإما ضالة غاوية تظهر موالاته وموالاة أهل بيته تتخذ يوم عاشوراء يوم مأتم وحزن ونياحة وتظهر فيه شعار الجاهلية من لطم الخدود وشق الجيوب والتعزي بعزاء الجاهلية...
الفتاوى الكبرى (1|207)
المهدي
قال شيخ الإسلام :
فالمهدي الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم اسمه محمد بن عبد الله لا محمد بن الحسن , وقد روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: هو من ولد الحسن بن على لا من ولد الحسين بن علي .
وأحاديث المهدي معروفة رواها الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم كحديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً .
منهاج السنة (4|95)
وقال ابن القيم :
وقد اختلف الناس في المهدي على أربعة أقوال
أحدها: أنه المسيح ابن مريم وهو المهدي على الحقيقة ...
وقد دلت السنة الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم على نزوله على المنارة البيضاء شرقي دمشق , وحكمه بكتاب الله , وقتله اليهود والنصارى ووضعه الجزية , وإهلاك أهل الملل في زمانه .
فيصح أن يقال لا مهدي في الحقيقة سواه , وإن كان غيره مهدياً كما يقال لا علم إلا ما نفع , ولا مال إلا ما وقي وجه صاحبه , وكما يصح أن يقال إنما المهدي عيسى ابن مريم يعني المهدي الكامل المعصوم .
القول الثاني : أنه المهدي الذي ولي من بني العباس , وقد انتهى زمانه ..
القول الثالث: أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان , وقد امتلأت الأرض جوراً وظلماً فيملأها قسطاً وعدلاً , وأكثر الأحاديث على هذا تدل .(1/46)
وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف , وهو أن الحسن رضي الله تعالى عنه ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة الحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض , وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك لأجله شيئا أعطاه الله أو أعطى ذريته أفضل منه , وهذا بخلاف الحسين رضي الله عنه ؛ فإنه حرص عليها وقاتل عليها فلم يظفر بها, والله أعلم .
وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج رجل من أهل بيتي يعمل بسنتي وينزل الله له البركة من السماء , وتخرج له الأرض بركتها , ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلماً , ويعمل على هذه الأمة سبع سنين , وينزل بيت المقدس .
وروى أيضاً من حديث أبي أمامة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال وقال: فتنفي المدينة الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد , ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص . فقالت أم شريك : فأين العرب يا رسول الله يومئذ؟ فقال: هم يومئذ قليل , وجلهم ببيت المقدس وإمامهم المهدي رجل صالح .
وروى أيضا من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن تهلك أمة أنا في أولها وعيسى ابن مريم في آخرها والمهدي في وسطها .
وهذه الأحاديث , وإن كان في إسنادها بعض الضعف والغرابة ؛ فهي مما يقوي بعضها بعضاً ويشد بعضها ببعض فهذه أقوال أهل السنة .
وأما الرافضة الإمامية فلهم قول رابع وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر من ولد الحسين بن علي لا من ولد الحسن الحاضر في الأمصار الغائب عن الأبصار الذي يورث العصا , ويختم الفضا دخل سرداب سامراء طفلاً صغيراً من أكثر من خمس مئة سنة ؛ فلم تره بعد ذلك عين , ولم يحس فيه بخبر , ولا أثر وهم ينتظرونه كل يوم يقفون بالخيل على باب السرداب , ويصيحون به أن يخرج إليهم أخرج يا مولانا .. ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دأبهم ودأبه .
ولقد أحسن من قال(1/47)
ما آن للسرداب أن يلد الذي ... كلمتموه بجهلكم ما آنا
فعلى عقولكم العفاء فإنكم ... ثلثتم العنقاء والغيلانا
ولقد أصبح هؤلاء عاراً على بني آدم وضحكة يسخر منها كل عاقل
أما مهدي المغاربة محمد بن تومرت ؛ فإنه رجل كذاب ظالم متغلب بالباطل ملك بالظلم والتغلب والتحيل فقتل النفوس , وأباح حريم المسلمين وسبي ذراريهم وأخذ أموالهم , وكان شراً على الملة من الحجاج بن يوسف بكثير .
وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء يأمرهم أن يقولوا للناس إنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم ثم يردم عليهم ليلاً لئلا يكذبوه بعد ذلك , وسمى أصحابه الجهمية الموحدين نفاة صفات الرب وكلامه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه ورؤية المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة واستباح قتل من خالفهم من أهل العلم والإيمان , وتسمى بالمهدي المعصوم
ثم خرج المهدي الملحد عبيد الله بن ميمون القداح ؛ وكان جده يهودياً من بيت مجوسي ؛ فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت , وادعى أنه المهدي الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم وملك, وتغلب استفحل أمره إلى أن استولت ذريته الملاحدة المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ولرسوله على بلاد المغرب ومصر والحجاز والشام , واشتدت غربة الإسلام ومحنته ومصيبته بهم , وكانوا يدعون الإلهية , ويدعون أن للشريعة باطناً يخالف ظاهرها.
وهم ملوك القرامطة الباطنية أعداء الدين فتستروا بالرفض والانتساب كذبا إلى أهل البيت ودانوا بدين أهل الإلحاد , وروجوه , ولم يزل أمرهم ظاهرا إلى أن أنقذ الله الأمة منهم ونصر الإسلام بصلاح الدين يوسف ابن أيوب ؛ فاستنقذ الملة الإسلامية منهم وأبادهم , وعادت مصر دار إسلام بعد أن كانت دار نفاق وإلحاد في زمنهم .
والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي وأتباع ابن تومرت لهم مهدي , والرافضة الاثنا عشرية لهم مهدي .(1/48)
فكل هذه الفرق تدعي في مهديها الظلوم الغشوم والمستحيل المعدوم أنه الإمام المعصوم , والمهدي المعلوم الذي بشر به النبي صلى الله عليه وسلم , وأخبر بخروجه , وهي تنتظره كما تنتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان فتعلو به كلمتهم , ويقوم به دينهم , وينصرون به على جميع الأمم.
والنصارى تنتظر المسيح يأتي قبل يوم القيامة فيقيم دين النصرانية, ويبطل سائر الأديان , وفي عقيدتهم نزع المسيح الذي هو إله حق من إله حق من جوهر أبيه الذي نزل طامينا إلى أن قالوا وهو مستعد للمجيء قبل يوم القيامة ؛ فالملل الثلاث تنتظر إماماً قائماً يقوم في آخر الزمان , ومنتظر اليهود الدجال الذي يتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً , وفي المسند مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم: أكثر أتباع الدجال اليهود والنساء.
والنصارى تنتظر المسيح عيسى ابن مريم , ولا ريب في نزوله , ولكن إذا نزل كسر الصليب وقتل الخنزير , وأباد الملل كلها سوى ملة الإسلام ..
المنار المنيف (143)
هذا ما يسر الله جمعه من كلام شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وأجزل لهم المثوبة والحمد لله رب العالمين .
الفهارس
المقدمة ................................................................ 5
التعريف بآل النبي صلى الله عليه وسلم ...............................7
الكلام على لفظ الذرية ..................................................8
فائدة من قوله عليه الصلاة والسلام :اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد ..................11
ثناء شيخ الإسلام على أهل البيت ....................................12
دفاع شيخ الإسلام وثناؤه على علي بن أبي طالب رضي الله عنه...20
براءة علي من دم عثمان ..............................................12
بيان أن علياً أفضل وأقرب إلى الحق من معاوية ..................21
رد ما نسب إلى علي رضي الله عنه من البهتان ....................21(1/49)
دفاع وثناء شيخ الإسلام على ذرية علي بن أبي طالب .............31
ثناء شيخ الإسلام على الحسن والحسين - رضي الله عنهما - ....31
ثناء شيخ الإسلام على علي بن الحسين ..............................34
ثناء شيخ الإسلام على الباقر ..........................................35
ثناء شيخ الإسلام على جعفر الصادق ................................36
ثناء شيخ الإسلام على موسى بن جعفر ..............................37
ثناء شيخ الإسلام على علي بن موسى ...............................38
ثناء شيخ الإسلام على محمد بن علي الجواد ........................38
الكلام على محمد بن الحسن بن علي العسكري مهدي الرافضة.. 38
بيان أن الشيعة في الحقيقة غير متبعين لآل البيت ...................41
المهدي .................................................................50
(1) قال حسن السقاف في كتابه" السلفية الوهابية" (65) : لا أدل على نصب القوم وبغضهم لآل البيت النبوي الكريم من طعن ابن تيمية إمامهم الذي أصل لهم الأصول , وقعد لهم القواعد بسيدنا علي رضوان الله تعالى عليه وبالسيدة فاطمة ....
وقال حسن المالكي في كتابه" الصحبة والصحابة" 239: وابن تيمية شامي , وأهل الشام منحرفون على علي بن أبي طالب , وهذا الميل لا يعرفه إلا من عرف الحق , وهو منحرف على علي وأهل البيت متوسعاً في جلب شبه النواصب ...
(2) مجمع الزوائد (10|475)
(3) إسناده ضعيف جداً انظر ضعيف الجامع (3272)
(4) إسناده ضعيف انظر ضعيف الجامع (5033)
(5)5 مقولة أن الحسين بن علي رضي الله عنهما قتل بسيف جده مقولة خاطئة .
قال ابن خلدون في مقدمته(1/50)
:" وأما الحسين فإنه لما ظهر فسق يزيد عند الكافة من أهل عصره بعثت شيعة أهل البيت بالكوفة للحسين أن يأتيهم فيقوموا بأمره ؛ فرأى الحسين أن الخروج على يزيد متعين من أجل فسقه لا سيما من له القدرة على ذلك وظنها من نفسه بأهليته وشوكته...
وأما غير الحسين من الصحابة الذين كانوا بالحجاز , ومع يزيد بالشام والعراق من التابعين لهم فرأوا أن الخروج على يزيد , وإن كان فاسقاً لا يجوز لما ينشأ عنه من الهرج والدماء ؛ فأقصروا عن ذلك , ولم يتابعوا الحسين , ولا أنكروا عليه , ولا أثموه لأنه مجتهد , وهو أسوة المجتهدين ...
وقد غلط القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في هذا فقال في كتابه الذي سماه بالعواصم والقواصم ما معناه : أن الحسين قتل بشرع جده وهو غلط. ..
المقدمة (171)
(6) ابن ماجه (1600) وإسناده ضعيف جدا
??
??
??
??
5(1/51)