#15#
بسم الله الرحمن الرحيم
وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
قال الشيخ الإمام العلامة بقية السلف، وعمدة الخلف، علاء الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن داود بن العطار الشافعي رضي الله عنه.
الحمد لله القديم الإحسان، ذي الطول والفضل والامتنان، الذي من علينا بالإيمان، وفضل ديننا على سائر الأديان. أحمده حمداً يقوم بآلائه في السر والإعلان، وأشكره شكراً أستمد به الزيادة من فضله لا النقصان. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً راسخةً في القلب واللسان، ثابتة القواعد والأركان، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد بني عدنان، المبعوث بالحكمة والبيان، المكرم بالرسالة إلى الناس كافةً في كل الأقطار والبلدان، المخصوص بالقرآن، المعجزة المستمرة على تعاقب الأزمان، فلم يزل داعياً إلى توحيد الملك الديان، مجاهداً في الله تعالى حق جهاده كاسراً للصلبان، قائماً بالحق مزهقاً للباطل حتى دحض أهل الزيغ والطغيان، ورجعوا عن عبادة الأوثان، إلى طاعة الرحمن، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الممدوحين في القرآن، والتابعين لهم بإحسان، ما اختلف الملوان، وما تكررت نعمه .. .. وتعاقب الجديدان.
أما بعد:
فإن الاشتغال بالحديث وعلومه مندوبٌ إليه يرغب فيه الفحول من الذكران، ويزهد فيه الأغبياء الأرذال أهل الحرمان، أهله منصورون(1/15)
#16#
مثابون عليه، وأعداؤه مقهورون محتاجون إليه، ذكر الله عز وجل أهله في كتابه، فقال عز من قائل:
{فلولا نفر من كل فرقةٍ منهم طائفةٌ ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}.
ودعا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطابه، فقال في الحديث الثابت عنه صلى الله عليه وسلم : ((نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها)).
فنفروا في طلبه وقاموا بالنذارة، رجاء دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالنضارة، وأحسنوا -في تبليغهم أحاديثه- السفارة.
قال سفيان الثوري رحمه الله.
ما من أحد يطلب الحديث إلا وفي وجهه نضرةٌ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ((نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فبلغه)).
وقال أبو يعقوب البويطي: سمعت الشافعي رضي الله عنه يقول: إذا رأيت صاحب حديث فكأني رأيت رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . هو بمنزلته.
قال لنا الشافعي: جزاهم الله عنا خيراً؛ إنهم حفظوا لنا الأصل،(1/16)
#17#
فلهم علينا فضل.
وقال علي بن المديني -الإمام المشهور بالعلم والفضل-:
ليس قومٌ خيراً من أصحاب الحديث، الناس في طلب الدنيا وهم في إقامة الدين.
وقال عمر بن حفص بن غياث: سمت أبي يقول - وقد قالوا له: يا أبا عمرو ما ترى أصحاب الحديث كيف تغيروا؟! قد فسدوا! قال: هم على ما هم عليه خير القبائل.
واعلم أن الإسناد خصيصة لهذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة، وطلب العلو فيه سنة أيضاً؛ ولذلك استحبت الرحلة.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: طلب الإسناد العالي سنةٌ عمن سلف.
وقال سعيد بن المسيب سيد التابعين رحمه الله: إن كنت لأسير الأيام والليالي في طلب الحديث الواحد.
وقال محمد بن أسلم الطوسي -وهو العالم الرباني-: قرب الإسناد قربٌ إلى الله عز وجل.
واعلم أنه ليس العلو في الحديث قرب الإسناد، بل ما ذكره الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك وهو: صحة الرجال، فإن اجتمعا في خبر فناهيك به رفعةً، وشد يديك عدةً وعمدةً.(1/17)
#18#
وقد ثبت في ((الصحيح)): أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)).
ومقتضى هذا: أن من أدرك إسناداً عالياً في الصغر رجي عند الشيخوخة والكبر أن يكون من قرنٍ أفضل من القرن الذي هو فيه، ومن القرن الذي يأتي بعده ويليه، كما أن الرواية عن الصحابي أعلى وأجمل من الرواية عن التابعين؛ لرؤيته النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذا الرواية عن التابعين أولى وأجمل من الرواية عن تابع التابعي؛ لرؤيته الصحابي. وعلى هذا فليقس من باقي القرون إلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد ورد في طلب العلو سنة صحيحة ثابتة في ((صحيح البخاري)) تعليقاً و((مسلم)) -رحمهما الله- من حديث أنس رضي الله عنه قال:
((كنا قد نهينا في القرآن أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء، فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية فيسأله ونحن نسمع، وكانوا أجراً على ذلك منا. فجاء رجلٌ من أهل البادية فقال: يا محمد أتان رسولك فزعم: أنك تزعم أن الله أرسلك؟ قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال؟ قال: الله. قال: فالبذي خلق السماء، وخلق الأرض، ونصب فيها الجبال، وجعل فيها المنافع، آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك: أن علينا صلوات في يومنا وليلتنا؟ قال: صدق .. .. )) الحديث بطوله.
فهذا الدليل على طلب المرء العلو من الإسناد والرحلة فيه؛ فإن الرجل المذكور في الحديث من أهل البادية -هو ضمام بن ثعلبة- لما جاءه رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما فرض عليهم لم يقنعه ذلك حتى(1/18)
#19#
رحل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسمع منه، فلو كان طلب العلو غير مستحب لأنكر عليه صلى الله عليه وسلم سؤاله عما أخبره رسوله عنه. والله عز وجل أعلم.
وقد أجمع أهل النقل على طلبهم العلو ومدحه؛ إذ لو اقتصروا على سماعه بنزول لم يرحلوا، وقد وجدنا الأئمة المقتدى بهم في هذا الشأن سافروا الآفاق في سماعه، ولو اقتصروا على النزول لوجد كل واحد منهم ببلده من يخبره بذلك الحديث، قد خرج جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله من المدينة -وهو من أجلاء الصحابة- إلى مسلمة بن مخلد وهو بمصر- في حديث واحد بلغه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقتنع بالسماع عمن بلغه إياه مع وثوقه به وعدالته عنده؛ إذ لو لم يكن المبلغ ثقةً عنده عدلاً لم يخرج بقوله من المدينة إلى مصر.
واعلم أن رتبة المحدث رتبةٌ رفيعةٌ ليس فوقها رتبةٌ؛ لأنه لا تقام سنةٌ، ولا تمات بدعةٌ، ولا يؤمر بمعروف، ولا ينهى عن منكر، إلا وهو دليل على فضلهم؛ لأنهم الذين رووه ونقلوه ودونوه حتى بلغ إلى من عمل به، مع ما في ذلك من كون أسمائهم مقترنةً باسم النبي صلى الله عليه وسلم .
قال يحيى بن أكثم: قال لي الرشيد يوماً: ما أنبل المراتب؟ قلت: ما أنت فيه يا أمير المؤمنين. قال: فتعرف أجل مني؟ قلت: لا. قال: لكني أعرفه، رجلٌ في حلقة يقول: حدثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت: يا أمير المؤمنين هذا خير منك وأنت ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي عهد المسلمين؟! قال: نعم، ويلك! هذا خير مني؛ لأن اسمه مقترنٌ باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت أبدا، ونحن نموت(1/19)
#20#
ونفنى، والعلماء باقون ما بقي الدهر.
واعلم أنا ذكرنا لعلو السند شرطين:
أحدهما: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم من حيث العدد بإسناد متصل نظيف.
والثاني: عدالة رجاله أو كونهم مستورين، بحيث يدخلون في حد الحسن، فإن كانوا ضعفاء لم يعد ذلك عالياً. فكم من حديث يظهر لغير النقاد أنه لقرب إسناده عالٍ وليس كذلك، بل ينبغي الإعراض عنه كحديث خراش عن أنس رضي الله عنه وما شاكله من النسخ الضعيفة، وإنما يكتبها حفاظ الآثار للمعرفة بها، وليبينوا كونها ضعيفةً أو موضوعةً لتجتنب.
وقد أخبرنا بحديث خراش الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن المطهر بن أبي عصرون الشافعي الموصلي بقراءتي عليه في العشرين من المحرم سنة تسعين وستمائة، قلت له: أخبرك أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل البزاز الهروي إذناً، قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد بن محمد الشحامي، أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروذي بتخريج أبي سعد السكري، أخبرنا أبو بكر الطرازي، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن علي بن زكريا ابن صالح العدوي ببغداد، حدثنا خراش بن عبد الله الطحان، حدثنا مولاي أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(الوجه الحسن يجلو البصر، والوجه القبيح يورث الكلح).(1/20)
#21#
فقد وقع لنا هذا الحديث ثمانياً، وهو عزيز الوجود لنا، لكنه شبه الريح، وقد قال في إسناد مثله -سنذكره إن شاء الله تعالى- الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي:
((هذا إسناد شبه الريح؛ لأن خراشاً مجهول، والعدوي كذاب والحمل فيه عليه، والمتن موضوع وضعه العدوي)).
هذا آخر كلامه. والله أعلم.
وقال أبو سعد السكري: ((هذا غريب من حديث أنس لم نكتبه إلا من حديث خراش بن عبد الله عنه، عالٍ من حديث أبي سعيد عنه وبه يعرف)).
أخبرنا أبو العباس بن أبي الخير بن إبراهيم الحداد الحنبلي قراءةً عليه وأنا أسمع في الثاني من شوال سنة سبع وستين وستمائة، قيل له: أخبرك الإمام أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي إذناً فأقر به، قال: أخبرنا الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله الخطيب الصريفيني إملاءً من حفظه ببغداد، حدثني أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني المقرئ، حدثني أبو سعيد الحسن بن علي العدوي، حدثني خراش بن عبد الله قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصوم جنة).(1/21)
#22#
وهذا -أيضاً- ثمانيٌ لنا، وفيه الكلام المتقدم في الحديث قبله.
قال المقدسي أبو الفضل ابن طاهر:
((قوله: ((الصوم جنةٌ)) صحيح من طريق أبي هريرة، فركب العدوي إسناداً وجعله عن أنس بعلوٍ)).
قلت:
حديث ((الصوم جنةٌ)) رواه البخاري في التوحيد عن أبي نعيم الفضل بن دكين، ولفظه: ((يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي، والصوم جنةٌ، وللصائم فرحتان)) الحديث والله أعلم.
قال الحافظ أبو الفضل محمد ابن طاهر المقدسي:
((فإذا ورد عليك أحاديث هذا مع أمثاله -مثل: كثير بن سليم، ويغنم بن سالم بن قنبر، وفرج وموسى بن عبد الله الطويل، وأبي الدنيا عثمان بن الخطاب، وخراش بن عبد الله-، فلا تفرح بها ولا تعرج عليها. وهؤلاء قومٌ معرفون عند أهل النقل بـ ((طيور السن))، ورواياتهم شبه الريح، يدعون أعماراً طويلة، ويروون أحاديث دخيلة، لم يحتج بحديثهم محتج، ولم ينقل في كتب الأئمة عنهم شيء، وإنما تنقل أحاديثهم للمعرفة والاستدلال بها على كذبهم وضعفهم، أعاذنا الله وإياك من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم )). هذا آخر كلامه.
واعلم أن العلماء قسموا العلو أقساماً:
أحدها: ما ذكرناه، وهو: القرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح أو حسن.(1/22)
#23#
وهذا القسم أعلاها.
الثاني: القرب من إمام من أئمة الحديث. وإن كثر العدد بعده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الثالث: العلو بالنسبة إلى رواية أحد الكتب الخمسة. وهو ما كثر اعتناء المتأخرين به من الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحة.
الرابع: العلو بتقدم السماع.
الخامس: العلو بتقدم وفاة الراوي.
وبسط الكلام على هذه الأقسام معروفٌ في كتب علوم الحديث وغيرها، وسيعلم بعضه من الكلام على الأحاديث التي سنخرجها إن شاء الله تعالى.
وأن أشرع -إن شاء الله تعالى- في تخريج أحاديث معظمها من القسم الأول (تساعية الإسناد)، وهي أعلى ما يقع لأمثالنا.
وقد كنت سئلت عن تخريج أربعين حديثاً تساعيةً بالقاهرة المحروسة، فخرجت لهم اثنين وعشرين حديثاً؛ لأن سماعاتي كلها لم تكن حاضرةً عندي بها، واعتذرت بذلك لهم فقبلوه، وسمعوها مني وكتبوا بها نسخاً، ولله الحمد والمنة على ذلك وغيره من وجوه الخيرات، إنه قريب مجيب الدعوات.(1/23)
#24##25#
الحديث الأول
1- أخبرنا قاضي القضاة أبو الفرج أبو محمد عبد الرحمن ابن الزاهد أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام المقدسي الحنبلي الإمام المفتي الخطيب، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الأصبهاني إذناً، قال: أخبرتنا أم إبراهيم فاطمة بنت عبد الله بن أحمد الجوزدانية قراءةً عليها وأنا أسمع، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد التاجر، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني رحمه الله، حدثنا أبو مسلم الكشي، حدثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار).
وأخبرناه أبو الفرج ابن أبي عمر القاضي وأبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الخطيب ببيت الأبار، قالا: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي. وقال: ابن أبي عمر: وأبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد اللغوي، قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أيوب بن ماسي، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم الكجي، حدثنا الأنصاري، حدثني سليمان التيمي، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار).
#26#
هذا حديث صحيح، عال تساعي، متواتر، رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلائق من الصحابة رضي الله عنهم.
أخرجه البخاري في ((صحيحه)) عن مكي بن إبراهيم، عن يزيد بن أبي عبيد.
فوقع له ثلاثياً وبدلاً عالياً في الرواية الأولى، ووقع لنا تساعياً في الروايتين المذكورتين على شرط الصحيح فيهما، ولله الحمد.
واسم أبي عاصم المذكور في الرواية الأولى: الضحاك بن مخلد. والله عز وجل أعلم.(1/25)
#27#
الحدث الثاني
2- أخبرنا الرحلة أبو العباس أحمد بن أبي محمد عبد الدائم بن نعمة المقدسي الحنبلي الكاتب، قال: أخبرنا أبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب بن صدقة بن كليب الحراني فأقر به، وأبو الفضل عبد الله بن أبي نصر أحمد بن محمد الطوسي، وأبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وأبو الفتح عبيد الله بن شاتيل إجازةً، قالوا: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن بيان الرزاز، أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد البزاز، أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار النحوي، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثني القاسم بن مالك المزني، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
((بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ أقيمت الصلاة فقال: (يا أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا برفع رؤوسكم؛ فإني أراكم من أمامي ومن خلفي. وأيم الذي نفس محمد بيده لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً). قالوا: يا رسول الله، وما رأيت؟ قال: (رأيت الجنة والنار) )).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه مسلم في الصلاة:
#28#
عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن حجر عن علي بن مسهر.
وعن قتيبة عن جرير.
وعن محمد بن عبد الله بن نمير وإسحاق بن راهويه عن محمد بن فضيل.
ثلاثتهم عن المختار.
فوقع لنا عالياً. ولله الحمد والمنة.
وأخرجه النسائي فيه عن علي بن حجر به.(1/27)
#29#
الحديث الثالث
3- أخبرنا أبو العباس ابن عبد الدائم الكاتب، قال: أخبرنا أبو الفرج عبد المنعم بن كليب سماعاً، وأبو الفضل الخطيب وأبو السعادات القزاز وأبو الفتح ابن شاتيل إجازةً، قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن بيان الرزاز، أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد البزاز، أخبرنا أبو علي الصفار، حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا القاسم المزني، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(أنا أول من يشفع يوم القيامة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة، إن من الأنبياء لمن يأتي يوم القيامة وما معه مصدقٌ غير واحد).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه مسلم في الإيمان:
عن إسحاق بن راهويه وقتيبة عن جرير.
وأبي كريب عن معاوية بن هشام عن الثوري.
وأبي بكر بن أبي شيبة عن حسين بن علي عن زائدة.
ثلاثتهم عنه. فوقع لنا عالياً. ولله الحمد.(1/29)
#30#
الحديث الرابع
4- وبالإسناد قبله إلى الحسن بن عرفة قال: حدثني أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:
((خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأحرمنا بالحج. قال: فلما قدمنا مكة قال: (اجعلوا حجكم عمرةً). فقال الناس: يا رسول الله، قد أحرمنا بالحج، فكيف نجعلها عمرة؟! قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (انظروا إلى الذي آمركم به فافعلوا). قال: فردوا عليه القول فغضب، ثم انطلق حتى دخل على عائشة رضي الله عنها غضبان، فرأت الغضب في وجهه فقالت: من أغضبك؟ أغضبه الله، قال: (وما لي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا يتبع).
حديث حسن عال، أخرجه النسائي في اليوم والليلة عن أبي كريب، وأخرجه ابن ماجه في الحج عن محمد بن الصباح، كلاهما عن أبي بكر به.
واسم أبي إسحاق السبيعي: عمرو بن عبد الله، والسبيع بطن من همدان.(1/30)
#31#
الحديث الخامس
5- أخبرنا القاضي أبو محمد بن أبي عمر بن أحمد المقدسي رحمه الله وإيانا، قال: أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد المؤدب، أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قراءةً عليه، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي، حدثنا إسماعيل القاضي، حدثنا أبو الهذيل العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري، حدثني عبيد الله بن عكراش، قال: حدثني أبي رضي الله عنه قال:
((بعثني بنو مرة بن عبيد بصدقات أموالهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدمت عليه المدينة فوجدته جالساً بين المهاجرين والأنصار، فأتيته بإبل كأنها عروق الأرطى. فقال: (من الرجل)؟ قلت: عكراش بن ذؤيب. قال: (ارفع في النسب). فقلت: ابن حرقوص بن جعدة بن عمرو بن النزال بن مرة بن عبيد، وهي صدقات بني مرة بن عبيد. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم قال: هذه إبل قومين هذه صدقات قومي. ثم أمر بها صلى الله عليه وسلم أن توسم بميسم إبل الصدقة وتضم إليها. ثم أخذ بيدي فانطلق إلى منزل أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (هل من طعام)؟ فأتتنا بجفنة كثيرة الثريد والوذر، فأقبلنا نأكل منه، فأكل #32# رسول الله صلى الله عليه وسلم مما بين يديه، وجعلت أخبط في نواحيها. فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده اليسرى على يده اليمنى ثم قال: (يا عكراش، كل من موضع واحد؛ فإنه طعام واحد). ثم أوتينا بطبق فيه ألوان من رطب أو تمر -شك عبيد الله بن عكراش- رطباً كان أو تمراً، فجعلت آكل من بين يدي، وجالت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطبق. ثم قال: (يا عكراش، كل من حيث شئت؛ فإنه من غير لونٍ واحد). ثم أوتينا بماء فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه، ثم مسح ببلل كفيه وجهه وذراعيه ورأسه، ثم قال: (يا عكراش، هكذا الوضوء مما غيرت النار) )).
هذا حديث عال تساعي بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه تسعة رجال.
أخرجه الترمذي في ((جامعه))، وابن ماجه ببعضه في ((سننه)) عن محمد بن بشار بندار، عن العلاء بن الفضل به، فوقع بدلاً عالياً لهما.
وقال الترمذي: ((غريب لا نعرفه إلا من حديث العلاء)).
وقد تفرد العلاء بهذا الحديث، وليس لعكراش بن ذؤيب في ((جامع الترمذي)) و((سنن ابن ماجه)) غير هذا الحديث الواحد. والله أعلم.
والأرطى: بفتح الهمزة وسكون الراء وبطاء مهملة مقصور هو شجر من شجر الرمل عروقه حمر.
وقد اختلف في همزته:
#33#
فقيل: إنها أصلية؛ لقولهم: أديم مأروطٌ.
وقيل: زائدة؛ لقولهم: أديم مرطي.
وألفه للإلحاق، أبو بني الاسم عليها، وليست للتأنيث.
والوذر: بفتح الذال المعجمة وسكونها جمع وذرة بسكونها وهي: القطعة من اللحم، أي: كثيرة قطع اللحم. والله أعلم.(1/31)
#34#
الحديث السادس
6- أخبرنا محمد بن إسماعيل بن عثمان بن الحسين بن عبد الله بن الحسن بن عساكر أبو عبد الله، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل النيسابوري وأبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الفرضي، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قراءةً عليه وأنا حاضر، أخبرنا أبو محمد ابن ماسي.
ح: وأخبرنا محمد بن علي بن محمود بن أحمد الصابوني أبو حامد الحافظ، قال: أخبرنا المشايخ: أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني سماعاً، وأبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي بن الحسن الطوسي، وأبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل، وأم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري إجازةً.
قال الحرستاني: أنبأنا الشيخان: أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أحمد الفراوي، وأبو محمد إسماعيل بن أبي القاسم عبد الرحمن بن أبي بكر صالح القارئ.
وقال المؤيد الطوسي: أخبرنا فقيه الحرم أبو عبد الله الفراوي.
وقال أبو روح: أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد الجرجاني. وقالت الشعرية: أخبرنا إسماعيل القارئ.
قالوا ثلاثتهم: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عمر بن محمد بن مسرور الزاهد، أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف بن خلف السلمي، قالا: أخبرنا أبو مسلم الكجي، #35# حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني حميد، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً). قال: قلت: يا رسول الله: أنصره مظلوماً، فكيف أنصره ظالماً؟ قال: (تمنعه من الظلم، فذلك نصرك إياه).
هذا حديث صحيح عالٍ، أخرجه البخاري عن مسدد، عن معتمر، عن حميد.
وأخرجه الترمذي عن محمد بن حاتم المؤدب، عن الأنصاري.
فوقع بدلاً عالياً لنا وتساعياً على شرط الصحيح؛ إذ بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه تسعة رجال. وذلك من أعلى ما يقع لأمثالنا. والله عز وجل أعلم.(1/34)
#36#
الحديث السابع
7- أخبرنا أبو حامد ابن أبي الحسن المحمودي الخطيب، قال: أخبرنا القاضي عبد الصمد بن محمد الشافعي الفقيه سماعاً، وأبو الحسن المؤيد الطوسي، وعبد المعز بن محمد الهروي، وزينب الشعرية إجازةً. قال القاضي عبد الصمد: أنبأنا. وقال المؤيد الطوسي: أخبرنا فقيه الحرم أبو عبد الله الفراوي. وقال القاضي عبد الصمد -أيضاً-: أنبأنا. وقالت أم المؤيد زينب الشعرية: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل القارئ. وقال أبو روح الهروي: أخبرنا أبو القاسم الجرجاني.
قالوا ثلاثتهم: أخبرنا أبو حفص ابن مسرور، أخبرنا أبو عمرو ابن نجيد، أخبرنا أبو مسلم هو الكجي، حدثنا أبو عاصم، عن أيمن بن نابل، عن قدامة بن عبد الله رضي الله عنه قال:
((رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ناقةٍ صهباء يرمي الجمرة، لا ضرب ولا طرد ولا جلد ولا إليك إليك)).
حديث صحيح عال، أخرجه الحاكم في ((المستدرك على الصحيحين)).
وأخرجه الترمذي عن أحمد بن منيع، عن مروان بن معاوية.
#37#
والنسائي عن إسحاق بن إبراهيم، عن وكيع، كلاهما عن أيمن.
وأخرجه الحارث بن أبي أسامة، عن روح، عن أيمن.
فوقع بدلاً عالياً.(1/36)
#38#
الحديث الثامن
8- أخبرنا أحمد بن عبد الدائم المقدسي رحمه الله إن لم يكن سماعاً فإجازةً، عن أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي، قال: قرئ على أبي الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي وأنا أسمع: أخبرك أبو الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار، حدثنا الحسين بن يحيى بن عياش المتوثي، حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام، حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سافر: (اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال، ومن الحور بعد الكون، ودعوة المظلوم). قيل لعاصم -يعين: ابن سليمان الأحول-: ما الحور بعد الكون؟ قال: كان يقال: حار بعدما كان)).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه مسلم في المناسك عن يحيى بن يحيى، عن أبي معاوية، عن عاصم بن سليمان.
فوقع لنا عالياً.(1/38)
#39#
الحديث التاسع
9- وبالإسناد المتقدم قبله إلى عبد الله بن سرجس رضي الله عنه قال:
((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أناس من أصحابه، فدرت هكذا من خلفه، فعرف الذي أريد. فألقى الرداء عن ظهره، فرأيت موضع الخاتم على نغض كتفه مثل الجمع، حولها خيلانٌ كأنها الثآليل، فرجعت حتى استقبلته فقلت: غفر الله لك يا رسول الله. فقال: (ولك). فقال القوم: استغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: نعم، ولكم. ثم تلا هذه الآية: {واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات} الآية)).
هذا حديث صحيح عال، رواه الترمذي عن أبي الأشعث.
فوقع لنا موافقةً عاليةً. ولله الحمد.(1/39)
#40#
الحديث العاشر
10- أخبرنا أبو العباس ابن أبي محمد الكاتب إن لم يكن سماعاً فإجازةً، عن أبي الفضل ابن أبي نصر ابن محمد الخطيب بالموصل، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد اللغوي، أخبرنا الحسن بن أحمد، أخبرنا عثمان بن أحمد، حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا أبو ريحانة عبد الله بن مطر، قال: أخبرني سفينة رضي الله عنه مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضئه المد، ويغسله الصاع من الجنابة)).
هذا حديث صحيح عال، انفرد بإخراجه مسلم، فرواه في الطهارة من ((صحيحه)) من طرق، منها: عن أبي كامل الفضيل بن الحسين الجحدري، وأبي حفص عمرو بن علي الصيرفي، كلاهما عن بشر بن المفضل.
ورواه مسلم -أيضاً- والترمذي عن أبي الحسن علي بن حجر.
وزاد الترمذي: وأحمد بن منيع.
#41#
ورواه مسلم -أيضاً- وابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة.
ثلاثتهم عن إسماعيل بن علية، كلاهما عن أبي ريحانة.
فوقع لنا بدلاً عالياً لثلاثتهم. ولله الحمد والمنة.(1/40)
#42#
الحديث الحادي عشر
11- أخبرنا أحمد بن نعمة الحنبلي إذناً لم أكن سمعته منه، عن عبد الله بن أحمد بن محمد الموصلي، قال: أخبرنا جعفر بن أحمد بن الحسين القارئ ببغداد، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا يحيى بن جعفر، أخبرنا علي بن عاصم، أخبرنا بشير بن ميمون، حدثني أسامة بن أخدري رضي الله عنه قال:
((قدم الحي من بني شقرة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فيهم رجل ضخم يقال له: أصرم، قد ابتاع حبشياً، فقال: يا رسول الله، سمه، وادع له بالبركة. قال: (ما اسمك)؟ قال: أصرم. قال: (بل أنت زرعة). فقال: ما تريد به؟ قال: أريده راعياً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم بأصابعه وقبضها وقال: (هو عاصم، هو عاصم) )).
هذا حديث حسن عال، رواه أبو داود في الأدب من ((سننه)) عن أبي الحسن مسدد بن مسرهد، عن بشر بن المفضل، عن بشير بن ميمون نحو ما رويناه.
فوقع لنا عالياً تساعياً.(1/42)
#43#
الحديث الثاني عشر
12- أخبرنا الشيخ المفتي أبو زكريا يحيى بن أبي الفتح بن أبي منصور بن رافع الحراني المعروف بابن الصيرفي، وأبو حامد محمد بن علي بن محمود الحافظ المعروف بابن الصابوني رحمهما الله قالا: أخبرنا أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ملاعب البغدادي.
ح: وأخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد، وأبو البركات ابن ملاعب، قالا: أخبرنا القاضي أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، أخبرنا أبو الحسن جابر بن ياسين بن الحسين بن محمويه الحنائي سنة أربع وستين وأربعمائة، أخبرنا أبو حفص عمر بن إبراهيم بن أحمد بن كثير المقرئ الكتاني قراءةً عليه في جمادى الأولى سنة أربعين وثلاثمائة.
ح: وأخبرنا أبو العباس أحمد بن [أبي] الخير سلامة بن إبراهيم بن سلامة الحداد الحنبلي قراءةً عليه وأنا أسمع في ثاني شوال سنة تسع وستين وستمائة، قيل له: أخبرك أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي إذناً، قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد البزاز ببغداد، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحاق، قالا: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا طالوت بن عباد، حدثنا
#44#
فضال بن جبير، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
(أكفلوا لي بستٍ أكفل لكم بالجنة: إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف، وإذا ائتمن فلا يخن، غضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم).
هذا حديث حسن عال، طريقه مشهورة، ورجاله موثوق بهم:
فضال بن جبير: بصري تابعي يكنى أبا المهند.
قال الحافظ أبو الفضل المقدسي:
((ذكره الحافظ أبو أحمد العسال الأصبهاني، وأورد له هذا الحديث في كتابه عن مطين محمد بن عبد الله الكوفي.
وأما طالوت بن عباد: فكنيته أبو عثمان الصيرفي الجحدري.
قال: ذكره ابن أبي حاتم وقال: روى عنه أبي، وسئل عنه فقال: صدوق.
قال: ومن بعدهما إلى شيخنا عدول ثقات.
فهذا حد الدرجة الأولى من العلو والتمييز فيما بين الصحيح والسقيم)). هذا آخر كلامه. والله أعلم.(1/43)
#45#
الحديث الثالث عشر
13- أخبرنا أبو زكريا ابن أبي الفتح الحنبلي الإمام قراءةً عليه وأنا أسمع سنة سبع وستين وستمائة، قيل له: أخبرك أبو البركات ابن ملاعب فأقر به، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قراءةً عليه وأنا أسمع في جمادى الأولى سنة خمسين وخمسمائة، وأبو منصور أنو شتكين بن عبد الله الحاجب قراءةً عليه وأنا أسمع في شهر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة، قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري البندار، قال ابن الزاغوني -أيضاً-: والشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، حدثنا عبد الله -يعني البغوي- حدثنا داود بن رشيد، حدثنا يعلى بن الأشدق، قال: سمعت النابغة رضي الله عنه يقول:
((أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم :
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال: (أين المظهر يا أبا ليلى)؟ قلت: الجنة. قال: (أجل إن شاء الله تعالى). ثم قلت:
ولا يخر في حلم إذا لم يكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليمٌ إذا ما أورد الأمر أصدرا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((لا يفضض الله فاك)).(1/45)
#46#
وأخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري، أخبرنا أبو اليمن الكندي، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي الخياط، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن النقور، أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين الدقاق، حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا داود بن رشيد.
ح: وأخبرنا ابن البخاري، أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد، أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن أحمد ابن البناء، حدثنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن خلف الفراء، حدثنا عيسى بن علي الوزير إملاء، حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود، حدثنا أيوب بن محمد الوزان، قالا: حدثنا يعلى بن الأشدق فذكره.
وقوله: ((لا يفضض الله فاك))، أي: لا سقطت أسنانك.(1/46)
#47#
الحديث الرابع عشر
14- أخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد السعدي، عن أبي المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان الأصبهاني، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قراءةً عليه وأنا أسمع، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد، حدثنا الحارث بن محمد، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي.
ح: وأخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الخطيب واللفظ له، أن أبا جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني كتب إليه، قال: أخبرنا أبو علي الحداد المقرئ قراءةً عليه وأنا حاضرٌ، أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله بن حسنويه إذناً، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، حدثنا أبو حاتم المغيرة بن محمد بن المهلب بالبصرة، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قالا: حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
((غاب أنس بن النضر عن قتال بدر فقال: غبت عن أول قتال قاتله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لئن الله أشهدني قتالاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله كيف أصنع. فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون قال: فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء -يعني المشركين- وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني المسلمين- #48# ثم مضى بسيفه، فاستقبله سعد بن معاذ فقال: أي سعد إني لأجد ريح الجنة دون أحد. قال: فقال سعد: فما استطعت ما صنع. قال أنس: فوجدناه قتيلاً، فيه بضعٌ وثمانون ضربةً بسيف، وطعنةً برمح، ورميةً بسهم، وقد مثلوا به، فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه. قال أنس: كنا نرى هذه الآية نزلت فيهم: {رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً})).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه البخاري في الجهاد من ((صحيحه)) من طرق منها عن محمد بن سعيد الخزاعي، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى.
وأخرج -أيضاً- البخاري منه قوله: ((نرى أن هذه الآية نزلت)) إلى آخره في التفسير عن بندار، عن الأنصاري، عن أبيه، عن ثمامة به.
وأخرجه الترمذي في التفسير من ((جامعه)) عن أبي محمد عبد بن حميد.
وأخرجه النسائي فيه من ((سننه)) عن إسحاق بن إبراهيم، كلاهما عن يزيد بن هارون، كلاهما عن حميد.
فوقع لنا عالياً. ولله الحمد والمنة.(1/47)
#49#
الحديث الخامس عشر
15- أنبأنا أبو الفرج عبد اللطيف بن أبي محمد عبد المنعم بن علي بن نصر الحراني غير مرة، عن أبي الفرج ابن أبي الفتح بن سعد الآجري قراءةً عليه وهو يسمع ببغداد جبرها الله تعالى، قال: أخبرنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي المعروف بأبي إجازةً، حدثنا الحسين بن أحمد بن حبيب ببغداد، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان سنة ست وستين وثلاثمائة، حدثنا محمد ابن يونس القرشي، حدثنا يزيد بن بيان المعلم، عن أبي الرحال، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((ما أكرم شابٌ شيخاً لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه)).
هذا حديث مشهور عال، أخرجه الترمذي في ((جامعه)) عن أبي موسى محمد بن المثنى، عن يزيد بن بيان، وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن بيان.
وأبو الرحال -بفتح الراء وتشديد الحاء المهملة- اسمه خالد بن محمد: أنصاري تابعي.
قال ابن ماكولا: أراه بصرياً.
والله عز وجل أعلم.(1/49)
#50#
الحديث السادس عشر
16- أخبرنا يحيى بن أبي منصور الحنبلي، أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر.
ح: وأخبرنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي، أخبرنا عمر بن محمد البغدادي، قالوا: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البرمكي، أخبرنا ابن ماسي، حدثنا أبو مسلم الكجي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثنا سليمان التيمي، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(لا هجرة بين المسلمين فوق ثلاثة أيام) أو قال: (ثلاث ليال).
هذا حديث صحيح عال من حديث أبي المعتمر سليمان بن طرخان البصري.
وقد أخرجاه في ((الصحيحين)) من رواية أبي أيوب الأنصاري خالد بن زيد ولفظه: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) الحديث.
ورواه أبو داود من رواية أبي هريرة بلفظ ((الصحيحين))، وفي كل منهما زيادةٌ على روايتنا هذه.(1/50)
#51#
الحديث السابع عشر
17- أخبرنا الشيخ الأصيل أبو العباس أحمد بن عبد السلام بن المطهر بن عبد الله بن أبي عصرون التميمي الشافعي رحمه الله، أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد، أخبرنا أبو بكر الفرضي، أخبرنا إبراهيم بن عمر الحنبلي، أخبرنا عبد الله بن أيوب بن ماسي، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله البصري، حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى، حدثني حميد، عن أنس رضي الله عنه:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم، فرأى أبا عمير حزيناً فقال: (يا أم سليم، ما بال أبي عمير حزيناً)؟ قلت: يا رسول الله مات نغيره. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أبا عمير، ما فعل النغير)؟)).
هذا حديث صحيح عال، رواه الإمام أحمد في ((مسنده)) عن الأنصاري هذا، فوقع لنا موافقة عالية.
وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث أبي التياح، عن أنس رضي الله عنه.
وانفرد النسائي بإخراجه في ((سننه)) عن أبي موسى عمران بن بكار بن راشد الحمصي البراد الكلاعي، عن الحسين بن خمير -بضم الخاء المعجمة وفتح الميم وبالياء #52# المثناة تحت ثم الراء- الحرازي -بفتح الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالزاي بينهم ألف ثم ياء النسب- الحمصي، عن أبي عبد الرحمن الجراح بن مليح البهراني الحمصي، عن أبي بسطام شعبة بن الحجاج، عن محمد بن قيس، عن حميد.
فكأن شيخنا سمعه من النسائي، وكأني سمعته من صاحب النسائي:
وأن ابن طبرزد في مقابلة النسائي.
وأن القاضي أبا بكر في مقابلة عمران بن بكار.
وأن إبراهيم الحنبلي في مقابلة الحسين بن خمير.
وأن ابن ماسي في مقابلة الجراح بن مليح.
وأن إبراهيم بن عبد الله البصري الكجي في مقابلة شعبة بن الحجاج.
وأن الأنصاري في مقابلة محمد بن قيس. والله أعلم.
والنغير: طائر يشبه العصفور له منقار أحمر -وهو بضم النون وفتح الغين المعجمة- تصغير نغر-بضم النون وفتح الغين بعدها راء-، وجمعه نغران كصردٍ وصردان. والله أعلم(1/51)
#53#
الحديث الثامن عشر
18- أخبرنا أبو محمد ابن أبي عمر، وأبو الحسن ابن العباس المقدسيان قراءةً على كل واحد منهما وأنا أسمع فأقرا به، قيل لكل منهما: أخبرك أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني كتابةً، قال: أخبرتنا أم إبراهيم فاطمة بنت عبد الله بن أحمد الجوزدانية قراءةً عليها وأنا أسمع، قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن إسحاق بن زياد التاجر، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني رحمه الله، حدثنا أبو مسلم -هو الكجي-، حدثنا أبو عاصم، عن يزيد -هو ابن أبي عبيد-، عن سلمة -هو ابن الأكوع- رضي الله عنه قال:
((غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات، ومع زيد بن حارثة سبع غزوات، كان يؤمره علينا)).
أخرجه الإمام أحمد والبخاري عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد.
فوقع موافقة عالية لهما في شيخهما، وتساعياً لنا على شرط الصحيح، وهو ثلاثيٌ للإمام أحمد والبخاري.(1/53)
#54#
الحديث التاسع عشر
19- أخبرنا علي بن أحمد ابن البخاري، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الأصبهاني الخباز إجازةً من أصبهان، أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن فاذشاه الوزير، أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، حدثنا أبو مسلم، حدثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة رضي الله عنه قال:
((بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ثم تنحيت. فقال: (يا سلمة، ألا تبايع)؟! قلت: قد بايعت. قال: (أقبل فبايع). فبايعته. قلت: على ما بايعت يا أبا مسلم؟ قال: على الموت)).
هذا حديث صحيح عال ثلاثي للبخاري رضي الله عنه وتساعي لنا.
أخرجه البخاري في الجهاد من ((صحيحه)) عن مكي بن إبراهيم، وفي الأحكام عن أبي عاصم، كلاهما عن يزيد بن أبي عبيد. فوقع موافقة عالية وبدلاً عالياً له. ولله الحمد والمنة.(1/54)
#55#
الحديث العشرون
20- أخبرنا أبو الحسن ابن أبي العباس الحنبلي قراءةً عليه، أخبرنا أبو اليمن اللغوي، وأبو حفص المؤدب قراءةً عليهما وأنا أسمع، قالا: أخبرنا محمد بن أبي طاهر بن محمد الفرضي، أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني قراءةً عليه وأنا حاضرٌ، حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر المالكي إملاءً، حدثنا محمد بن يونس القرشي، حدثنا عون بن عمارة، حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله نه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((الصائم بالخيار ما بينه وبين نصف النهار).
هذا حديث ضعيف بهذا الإسناد؛ لأن فيه عون بن عمارة البصري.
قال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث، ضعيف الحديث.
وقد روى مسلم في ((صحيحه)) من حديث عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فقال: (هل عندكم شيءٌ)؟ فقالت: لا. قال: (إني إذاً صائمٌ). ثم أتى يوماً آخر فقالت: يا رسول الله أهدي لنا حيسٌ. فقال: (أرنيه، فلقد أصبحت صائماً) فأكل)).(1/55)
#56#
الحديث الحادي والعشرون
21- أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري، أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن محمد اللبان، وأبو جعفر الصيدلاني إذناً، قالا: أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عثمان بن سعد، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:
((إن أعرابياً قال للنبي صلى الله عليه وسلم : متى الساعة؟ قال: (هي آتيةٌ، فما أعددت لها)؟ قال: ما أعددت لها من كبير عمل، إلا أني أحب الله ورسوله. قال: (المرء مع من أحب) )).
وأخبرنا بأطول من هذا المتن أبو الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر القاضي، وأبو الحسن ابن أبي العباس البخاري واللفظ له، قالا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الأصبهاني إذناً، أخبرنا أبو علي الحداد المقرئ قراءةً عليه وأنا حاضر، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، حدثنا أبو بكر ابن خلاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
((جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ثم صلى فقال: (أين السائل عن الساعة)؟ فقال الرجل: أنا. قال: (ما أعددت له)؟ قال: #57# يا رسول الله، والله ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام، إلا أني أحب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (المرء مع من أحب، وأنت مع من أحببت). فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء فرحهم بها)).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه مسلم في ((صحيحه)) عن محمد بن يحيى بن عبد العزيز اليشكري، عن عبد الله بن عثمان بن جبلة، عن أبيه، عن شعبة بن الحجاج، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس.
فكأن شيخي سمعاه من مسلم، وكأني سمعته من صاحب مسلم: فيكون الصيدلاني مقابل محمد بن يحيى اليشكري.
ويكون أبو علي الحداد مقابل عبد الله بن عثمان.
ويكون أبو نعيم الحافظ مقابل أبيه.
ويكون أبو بكر ابن خلاد مقابل شعبة.
ويكون الحارث مقابل عمرو بن مرة.
ويكون عبد الله بن بكر السهمي مقابل سالم بن أبي الجعد.
والله عز وجل المتفضل المنعم.(1/56)
#58#
الحديث الثاني والعشرون
22- أخبرنا الشيخ الأصيل أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن عثمان بن المظفر بن هبة الله بن عساكر الدمشقي قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبرك الشيخان شيخ الشيوخ أبو الحسن عبد اللطيف بن شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن شيخ الشيوخ أبي سعد أحمد بن محمد النيسابوري، وأبو اليمن زيد ابن الحسن الكندي.
ح: وأخبرنا أبو الفرج ابن أبي عمر الخطيب، قال: أخبرنا أبو اليمن اللغوي، وأبو حفص عمر بن طبرزد البغدادي، قالوا: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري البزار، أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي الحنبلي، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أيوب بن ماسي البزاز في منزله في دار كعب لثلاث بقين من المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكجي البصري، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني التيمي، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
((عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلان، فشمت -أو فسمت- أحدهما ولم يشمت الآخر، أو فسمته ولم يسمت الآخر. فقيل: يا رسول الله، عطس عندك رجلان فشمت أحدهما ولم تشمت الآخر! فقال: (إن هذا حمد الله عز وجل فشمته، وإن هذا لم يحمد الله فلم أشمته) )).
#59#
هذا حديث صحيح عال، رواه البخاري عن محمد بن كثير العبدي، عن سفيان، وعن آدم، عن شعبة.
ورواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن حفص بن غياث، وعن أبي كريب محمد بن العلاء الهمداني، عن أبي خالد الأحمر.
ورواه أبو داود عن أحمد بن يونس، عن زهير.
ورواه الترمذي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة.
ورواه النسائي في اليوم والليلة عن إسحاق بن إبراهيم، عن معتمر بن سليمان التيمي.
ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون.
كلهم عن سليمان التيمي.
فوقع لنا في روايتنا عالياً تساعياً، على شرط الأئمة الستة رضي الله عنه، وهو مما يقل وقوعه لأمثالنا. ولله الحمد والمنة.(1/58)
#60#
الحديث الثالث والعشرون
23- أخبرنا القاضي أبو محمد ابن أبي عمر الحنبلي، وعلي بن أحمد البخاري قراءةً عليهما، قالا: أخبرنا أبو جعفر الصيدلاني المعروف بسلفة إذناً، قال: قرئ على أبي علي الحسن بن أحمد بن علي الحداد وأنا حاضرٌ، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس، حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، أخبرنا يزيد بن هارون، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
((أن حيا من العرب اجتووا المدينة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : (لو خرجتم إلى إبلنا فأصبتم من ألبانها). قال حميد: قال قتادة: قال أنس: (وأبوالها) )).
هذا حديث صحيح عال، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في ((صحيحهما)) من رواية أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، عن أنس رضي الله عنه أتم من هذا.
أما البخاري فرواه في المغازي عن أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم صاعقة، عن أبي عمر حفص بن عمر الحوضي.
ورواه مسلم في أول القصاص من طرق، منها: عن أبي موسى هارون بن عبد الله الحمال، عن أبي أيوب #61# سليمان بن حرب بن بجيد الأزدي الواشجي قاضي مكة.
كلاهما عن أبي إسماعيل حماد بن زيد، عن أبي بكر أيوب بن أبي تميمة، وأبي الصلت حجاج بن أبي عثمان الصواف، كلاهما عن أبي رجاء سلمان مولى أبي قلابة.
فباعتبار العدد كأن شيخنا سمعاه من مسلم وروياه عنه، وكأني سمعته من صاحب مسلم:
فيكون حميد في مقابلة أبي قلابة.
ويزيد بن هارون في مقابلة أبي رجاء مولى أبي قلابة.
وأحمد بن الفرات في مقابلة أيوب السختياني.
وحجاج الصواب وعبد الله بن جعفر بن فارس في مقابلة حماد بن زيد.
وأبو نعيم في مقابلة سليمان بن حرب.
وأبو علي الحداد في مقابلة الراوي عن مسلم.
وأنا في مقابلة من روى عن صاحب مسلم.
ولله الحمد.(1/60)
#62#
الحديث الرابع والعشرون
24- أخبرنا الشيخ المعمر أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد بن سليمان العامري رحمه الله وإيانا قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبرك أبو اليمن الكندي زيد بن الحسن المقرئ قراءةً عليه، أخبرنا محمد بن عبد الباقي أبو بكر القاضي، أخبرنا إبراهيم بن عمر الفقيه، أخبرنا أبو محمد ابن ماسي، حدثنا إبراهيم بن عبد الله الكجي الأنصاري، حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه:
((أن الربيع بنت النضر عمته لطمت جاريةً فكسرت سنها، فعرضوا عليهم الأرش، فأبوا، فطلبوا العفو فأبوا. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص. فجاء أخوها أنس بن النضر فقال: يا رسول الله، أتكسر سن الربيع؟ والذي بعثك بالحق لا تكسر سنها. قال: (يا أنس، كتاب الله القصاص). فعفا القوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره) )).
أخرجه البخاري في الصلح والتفسير والديات عن الأنصاري. فوقع له ثلاثياً، ووقع لنا تساعياً، وهو من أحسن الموافقات وأجلها. ولله الحمد.(1/62)
#63#
الحديث الخامس والعشرون
25- أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الدائم المقدسي إذناً، عن أبي الفضل الطوسي، أخبرنا طراد بن محمد النقيب، أخبرنا هلال بن محمد، حدثنا الحسين بن يحيى، حدثنا يحيى بن السري، حدثنا هشيم، عن حميد، عن أنس رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه حتى سال الدم على وجهه، فقال: (كيف يفلح قومٌ فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى الله عز وجل) )).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه الترمذي في التفسير من ((جامعه)) عن عبد بن حميد، وأحمد بن منيع، كليهما عن يزيد بن هارون، عن حميد نحو ما رويناه، فوقع بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي فيه -أيضاً- عن علي بن حجر، عن ابن علية، عن حميد به.
وأخرجه النسائي -أيضاً- عن ابن المثنى، عن خالد بن الحارث الهجيمي، عن حميد.(1/63)
#64#
الحديث السادس والعشرون
26- قرئ على أبي محمد إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر شاكر التنوخي وأنا أسمع، أخبرك أبو حفص ابن طبرزد، وأبو القاسم بن بكتمر، وعبد اللطيف بن إسماعيل، قالوا: أخبرنا الأنصاري أبو بكر محمد بن عبد الباقي، أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر، أخبرنا عبد الله بن إبراهيم البزاز، حدثنا إبراهيم أبو مسلم الكشي، حدثنا الأنصاري، قال حميد: حدثناه عن أنس رضي الله عنه قال:
((كان يسوق لهم رجل -يقال له: أنجشة- بأمهات المؤمنين. قال: فاشتد بهم السير. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (يا أنجشة، رويدك ارفق بالقوارير)))
هذا حديث صحيح عال، أخرجه البخاري في الأدب عن مسدد، وسليمان بن حرب فرقهما.
ومسلم في الفضائل عن أبي الربيع الزهراني، وحامد بن عمر، وأبي كامل.
خمستهم عن حماد بن زيد، عن ثابت، عن أنس به.
وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن عمرو بن علي، عن غندر، عن شعبة، عن ثابت نحوه.(1/64)
#65#
الحديث السابع والعشرون
27-أنبأنا أبو العباس أحمد بن أبي محمد بن نعمة المقدسي إذناً. عن عبد الله بن أحمد الخطيب، أخبرنا أبو الفوارس طراد النقيب، أخبرنا هلال بن محمد، حدثنا الحسين بن يحيى، حدثنا أحمد بن المقدام، حدثنا حماد بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه:
((أن رجلاً أتى المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (أصليت يا فلان)؟ قال: لا. قال: (قم فاركع) )).
هذا حديث صحيح عال، اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في ((صحيحيهما)).
أما البخاري فرواه في الصلاة عن أبي النعمان، عن حماد ابن زيد.
وعن علي بن عبد الله، عن ابن عيينة.
وعن آدم، عن شعبة.
وأما مسلم فرواه في الصلاة -أيضاً- عن قتيبة، وإسحاق بن راهويه، عن ابن عيينة.
#66#
وعن قتيبة، وأبي الربيع الزهراني، عن حماد بن زيد.
وعن أبي بكر، ويعقوب الدورقي، عن ابن علية، عن أيوب.
وعن محمد بن رافع، وعبدٍ، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج.
وعن بندار، عن غندر، عن شعبة.
جميعهم عن عمرو.
فوقع لنا عالياً. ولله الحمد.
والرجل المذكور: اسمه سلبيك الغطفاني.
والله عز وجل أعلم.(1/65)
#67#
الحديث الثامن والعشرون
28- قرئ على الشيخ أبي الهيجاء غازي بن أبي الفضل بن عبد الله الحلاوي وأنا أسمع، أخبرك أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد فأقر به، قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين، أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي، حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عبدويه الخزاز، حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريق ومعه أناسٌ من أصحابه، فعرضت له امرأةٌ فقالت: يا رسول الله، لي إليك حاجةٌ. فقال: (يا أم فلان اجلسي في أدنى نواحي السكك حتى أجلس إليك). ففعلت، فجلس إليها حتى قضت حاجتها)).
هذا حديث صحيح عال، انفرد بإخراجه مسلم في ((صحيحه)) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس رضي الله عنه.
ورواه أبو داود عن محمد بن عيسى بن الطباع، وكثير بن عبيد، كلاهما عن مروان بن معاوية.
ورواه الترمذي في ((الشمائل)) عن علي بن حجر، عن
#68#
سويد بن عبد العزيز، كلاهما عن حميد نحو ما رويناه.
ورواه الإمام أحمد بن حنبل في ((مسنده)) عن عبد الله بن بكر السهمي.
فوافقناه بعلوٍ ووقع لنا عالياً.(1/67)
#69#
الحديث التاسع والعشرون
29- أنبأنا أحمد بن أبي محمد الكاتب، عن عبد الله بن أحمد الخطيب، أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد القارئ، أخبرنا عبد الله بن عبيد الله البيع، حدثنا أبو عبد الله المحاملي، حدثنا محمد بن عمرو الباهلي، حدثنا أنس بن عياض، حدثنا حميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال:
((ما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر فرأى جدر المدينة فكان على دابة إلا حركها، ولا بعير إلا أوضعه تباشيراً بالمدينة صلى الله عليه وسلم )).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه البخاري في الحج من ((صحيحه)) عن ابن أبي مريم، عن محمد بن جعفر، وفي موضعين من الحج عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر قال: وزاد الحارث بن عمير، ثلاثتهم عن حميد. والله أعلم.(1/69)
#70#
الحديث الثلاثون
30- قرئ على أم الخير ست العرب بنت يحيى بن قايماز بن عبد الله الكندية وأنا أسمع، أخبرك أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وأنت حاضرةٌ، أخبرنا أبو بكر الأنصاري، أخبرنا أبو إسحاق البرمكي، حدثنا عبد الله بن إبراهيم البزاز، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله البصري، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
((لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخذت أم سليم بيدي فقالت: يا رسول الله، هذا أنس غلام لبيب كاتب يخدمك. قال: فقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
هذا حديث صحيح عال تساعي.
وفي ((صحيح مسلم)): ((أنه خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين)).
وهذه منقبة كبيرة لأنس. والله عز وجل أعلم.(1/70)
#71#
الحديث الحادي والثلاثون
31- قرئ على أبي الحسن علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري وأنا أسمع، عن أبي المكارم أحمد بن محمد المعدل، عن عبد الغفار ابن محمد بن الحسين الخراساني، أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري، حدثنا محمد بن يعقوب بن يوسف الأصم، حدثنا زكريا بن يحيى البغدادي، حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، أنه سمع البراء رضي الله عنه يقول:
((سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا أخذ مضجعه: (اللهم إليك أسلمت نفسي، وإليك وجهت وجهي، وإليك فوضت أمري، وإليك ألجأت ظهري، رغبةً ورهبةً، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبرسولك -أو نبيك- الذي أرسلت. فإن مات مات على الفطرة) )).
هذا حديث صحيح عال، متفق عليه: رواه البخاري عن آدم، ومسلم عن بندار، عن غندر، كلاهما عن شعبة، وأخرجه الترمذي عن العدني، والنسائي عن قتيبة، كلاهما عن ابن عيينة. فوقع بدلاً عالياً.
وأخرجه النسائي -أيضاً- عن محمد بن عبد الله #72# الحراني، عن أبيه، عن عثمان بن عمرو، عن سعيد، عن إبراهيم، عن ابن الهاد، عن أبي إسحاق.
فباعتبار العدد كأني سمعته من النسائي وصافحته به، وكأن شيخنا ساواه به:
فيكون ابن عيننة مقابل ابن الهاد. ويكون زكريا بن يحيى مقابل إبراهيم.
ويكون الأصم مقابل سعيد.
ويكون الحيري مقابل عثمان بن عمرو.
ويكون عبد الغفار مقابل عبد الله الحراني.
ويكون أبو المكارم اللبان مقابل ابنه محمد.
ويكون شيخنا مقابل النسائي، وأكون أنا مقابل صاحب النسائي.
ولله الحمد والمنة.(1/71)
#73#
الحديث الثاني والثلاثون
32- أخبرنا الشيخ المسند أبو محمد عبد الوهاب بن محمد بن إبراهيم المقدسي رحمه الله وآخرون قراءةً عليهم وأنا أسمع، قيل لكل منهم: أخبرك أبو حفص ابن طبرزد، أخبرنا الشيخان القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري، وأبو المواهب أحمد بن محمد بن عبد الملك بن ملوكٍ الوراق قراءةً عليهما وأنا أسمع، قالا: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري الفقيه الشافعي، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد ابن الغطريف، حدثنا أبو خليفة، حدثنا الوليد بن هشام القحذمي، حدثنا حريز بن عثمان قال:
((سألت عبد الله بن بسر رضي الله عنه: أشاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأومأ بيده إلى عنفقته)).
هذا حديث صحيح عال، أخرجه البخاري عن عصام بن خالد، عن حريز.
فوقع لنا بدلاً عالياً، ووقع لنا -أيضاً- تساعياً على شرط البخاري، وقد وقع له ثلاثياً. والله عز وجل أعلم.(1/73)
#74#
الحديث الثالث والثلاثون
33- قرئ على أبي الحسن ابن أبي العباس السعدي وأنا أسمع، أخبرك أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني إجازةً، قال: أخبرنا أبو علي الحداد قراءةً عليه وأنا حاضرٌ، أخبرنا أبو سعيد ابن حسنويه -هو الحسن بن محمد بن عبد الله- كتابةً، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عيسى بن مرند الخشاب، حدثنا أبو حاتم المغيرة بن محمد، حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا حميد، عن أنس رضي الله عنه قال:
((سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلاة، فصلى الصبح حين طلع الفجر، ثم صلى بعد ذلك حين أسفر، فقال: ما بين هاذين وقت)).
حديث صحيح عال، رواه النسائي في الصلاة من ((سننه)) عن إسحاق بن راهويه، عن يزيد بن هارون، عن حميد.
فوقع لنا بدلاً عالياً. ولله الحمد والمنة.
ولفظه: ((أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت صلاة الغداة)). والله أعلم.(1/74)
#75#
الحديث الرابع والثلاثون
34- أخبرنا الشيخان: أبو العباس أحمد ابن شيخنا أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن عثمان بن عساكر قراءةً عليه وأنا أسمع، وأبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد بن محمد بن عساكر بقراءتي عليه، قيل للأول، وقلت للثاني: أخبرك أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي إذناً، أخبرنا محدث خراسان أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي، أخبرنا الإمام زين الإسلام أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف الأصبهاني، أخبرنا أبو الحسن علي بن عقبة الشيباني، حدثنا الخضر بن أبان الهاشمي، حدثنا أبو هدبة إبراهيم بن هدبة، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن الرحم لتتعلق بالعرش يوم القيامة تقول: يا رب اقطع من قطعني، وصل من وصلني).
هذا حديث عال، متنه صحيح، وإسناده فيه مقال.
وفي ((الصحيحين)) من رواية عائشة مرفوعاً قال: (الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله).
#76#
وأبو هدبة: إبراهيم بن هدبة -هو بضم الهاء وسكون الدال المهملة وبالباء الموحدة في الكنية واسم أبيه-، حدث عن أنس رضي الله عنه بنسخة.(1/75)
#77#
الحديث الخامس والثلاثون
35- قرئ على الشيخين: أبي محمد ابن محمد بن أحمد القاضي واللفظ له، وأبي الحسن ابن أحمد بن عبد الواحد السعدي وأنا أسمع، أن أبا جعفر محمد بن أحمد بن نصر بن أبي الفتح الصيدلاني أخبرهما إجازةً، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قراءةً عليه وأنا حاضرٌ، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، حدثنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد، حدثنا أبو محمد الحارث بن محمد -وهو ابن أبي أسامة-، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسٍ فجحش شقه أو فخذه. وآلى من نسائه شهراً، فجلس في مشربةٍ له درجها من جذوع، فأتاه أصحابه يعودونه. قال: فصلى بهم وهم قيام. فلما سلم قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإن صلى قاعداً فصلوا قعوداً). ونزل لتسع وعشرين. قالوا: يا رسول الله، إنك آليت شهراً! قال: (إن الشهر تسع وعشرون) )).
هذا حديث صحيح عال.
أخرجه الإمام أحمد بن حنبل في ((مسنده)) عن يزيد بن هارون، فوافقناه بعلو.
#78#
وأخرجه البخاري في ((صحيحه)) عن محمد بن عبد الرحيم، عن يزيد بن هارون.
فوقع بدلاً عالياً وتساعياً على شرطه. ولله الحمد.(1/77)
#79#
الحديث السادس والثلاثون
36- أخبرنا علي بن أبي العباس بن عبد الواحد الحنبلي قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبرك أبو عبد الله محمد بن أبي زيد بن حمد الكراني إذناً من أصبهان، أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل بن محمد الصيرفي قراءةً عليه وأنا أسمع، أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي، وأحمد بن محمد بن الحارث بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف، قالا: حدثنا علي بن عياش، حدثنا حسان بن نوح، قال:
((رأيت عبد الله بن بسر رضي الله عنه وسمعته يقول: أترون كفي هذه؟ فاشهدوا أني وضعتها في كفٍ محمدٍ صلى الله عليه وسلم . ونهانا عن صيام يوم السبت إلا في فريضة، وقال: (إن لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليفطر عليها) )).
هذا حديث حسن، شامي الإسناد، رواه النسائي في الصوم من ((سننه)) من طرقٍ، منها: عن عمران بن بكار، عن يزيد بن عبد ربه، عن بقية بن الوليد، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن عامر بن جشيب، عن خالد بن معدان، عن عبد الله بن بسر نحوه.
#80#
فوقع لنا عالياً.
فباعتبار العدد كأن شيخنا سمعه من النسائي نفسه وصافحه به:
فيكون حسان بن نوح مقابل خالد بن معدان.
وعلي بن عياش مقابل عامر بن جشيب.
وأبو زرعة وصاحبه مقابل محمد بن الوليد.
والطبراني مقابل بقية بن الوليد.
وأبو الحسين ابن فاذشاه مقابل يزيد بن عبد ربه.
وأبو منصور الصيرفي مقابل عمران بن بكار.
وأبو عبد الله الكراني مقابل النسائي.
وشيخنا مقابل صاحب النسائي.
وأنا مقابل صاحب [صاحب] النسائي.
فلله الحمد والمنة على ذلك وغيره من وجوه الخيرات.(1/79)
#81#
الحديث السابع والثلاثون
37- أخبرنا أبو الحسن ابن أبي العباس بن أحمد السعدي قراءةً عليه وأنا أسمع فأقر به، قيل له: أخبرك أبو المجد (زاهر) بن أبي طاهر (أحمد) بن أبي غانم (حامد) الثقفي إجازةً، أخبرنا أبو الوفاء منصور بن محمد بن الحسين بن سليم.
ح: وأخبرنا أبو الفضل ابن هبة الله بن أحمد بن محمد بن عساكر بقراءتي عليه، قلت له: أخبرك أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي إجازةً فأقر به، قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي، قالا: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن أحمد بن محمد بن نعيم بن إشكاب المعروف بالعيار، زاد الشحامي: وأبو حامد ابن أحمد بن الحسين بن محمد الأزهري، قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن الحسين المخلدي، حدثنا أبو العباس محمد بن إسحاق السراج، أخبرنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو هاشم كثير الأبلي، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يحدث معاوية بن قرة قال:
((دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن ثمان سنين، وكان أبي توفي، وتزوجت أمي بأبي طلحة، وكان أبو طلحة إذ ذاك لم يكن له شيءٌ، وربما بتنا الليلة والليلتين بغير عشاء، فوجدنا كفاً من شعير، فطحنته وعجنته وخبزت منه قرصين وطلبت شيئاً من اللبن من جارة لها أنصارية، فصبت على القرصين، وقالت لي: اذهب فادع أبا طلحة؛ تأكلان جميعاً، فخرجت أشتد فرحاً لما أريد أن آكل، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدٌ وأصحابه، #82# فدنوت من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أمي تدعوك. فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقال لأصحابه: (قوموا). فجاء حتى انتهى إلى قريب من منزلها فقال لأبي طلحة: (هل صنعتم شيئاً دعوتمونا إليه)؟ قال أبو طلحة: والذي بعثك بالحق نبياً ما دخل فمي منذ غداة أمس شيءٌ. قال: (فلأي شيءٍ دعتنا أم سليم؟! ادخل فانظر). فدخل أبو طلحة فقال: يا أم سليم، لأي شيء دعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟! قالت: ما فلعت غير أني اتخذت قرصاً من شعير وطلبت من جارتي الأنصارية لبناً، فصببت على القرصين وقلت لابني أنس: اذهب فادع أبا طلحة؛ تأكلان جميعاً. فخرج أبو طلحة فقال للنبي صلى الله عليه وسلم الذي قالت أم سليم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ادخل بنا يا أنس). فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة وأنا معهم. فقال: (يا أم سليم ائتني بقرصك). فأتته به، فوضع بين يديه. فبسط النبي صلى الله عليه وسلم بكفه على القرص وفرق بين أصابعه، فقال: (يا أبا طلحة، اذهب فادع من أصحابنا عشرة). فدعا بعشرة. فقال لهم: (اقعدوا، وسموا الله تعالى، وكلوا من بين أصابعي). فقعدوا فقالوا: بسم الله، فأكلوا من بين أصابعه حتى شبعوا فقالوا: شبعنا. فقال: (انصرفوا). وقال لأبي طلحة: (ادع بعشرة أخرى). فما زال يذهب عشرة ويجئ عشرة، حتى أكل منها ثلاثة وسبعون رجلاً. ثم قال: (يا أبا طلحة، ويا أنس، تعالوا فكلوا). فأكل النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة وأنا معهم حتى شبعنا. ثم إنه رفع القرص فقال: (يا أم سليم كلي وأطعمي من شئت). فلما أبصرت أم سليم ذلك أخذتها الرعدة)).
هذا حديث عال، ضعيف الإسناد، حسن المتن؛ لأنه #83# معروف صحيح. وفي هذا الإسناد أبو هاشم كثير بن عبد الله الأبلي -بضم الهمزة والباء الموحدة واللام المشددة نسبة إلى الأبلة- ضعفه البخاري وأبو حاتم والنسائي والدارقطني.(1/81)
#84#
الحديث الثامن والثلاثون
38- أخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف بن أبي محمد بن علي الحراني فيما كتب به إلينا غير مرة، قال: أخبرنا المبارك بن المبارك بن هبة الله الحريمي العطار قراءةً عليه وأنا أسمع بالحريم غربي بغداد، أن أبا علي محمد بن محمد بن عبد العزيز المهدي أخبرهم قراءةً عليه وهم يسمعون، أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن عمر بن شاهين، أخبرنا أبو بحر محمد بن الحسن بن كوثر البربهاري، حدثنا علي بن الفضل الواسطي، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا عاصم الأحول، عن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه قال:
((لما رجع قومي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: قال لنا: (ليؤمكم أكثركم قراءةً للقرآن). فدعوني فعلموني الركوع والسجود. فكنت أؤمهم وعلي بردةٌ مفتوقةٌ. فكانوا يقولون لأبي: ألا تغطي عنا است ابنك؟)).
هذا حديث حسن عال، رواه النسائي في ((سننه))عن أبي عمرو شعيب بن يوسف النسائي، عن يزيد بن هارون، فوقع بدلا ًعالياً.
وسلمة والد عمرو: بكسر اللام، وعمرو: صحابي -أيضاً- كنيته أبو بريد نزل البصرة. والله أعلم.(1/84)
#85#
الحديث التاسع والثلاثون
39- قرئ على أبي محمد إسماعيل بن إسحاق بن أبي اليسر وأنا أسمع يوم الثلاثاء سادس عشر ذي القعدة سنة سبعين وستمائة بدمشق، أخبرك شيخ الشيوخ أبو الحسن عبد اللطيف بن أبي سعد أحمد بن محمد النيسابوري ثم البغدادي بقراءة والدك عليه وأنت تسمع، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن الأشعث السمرقندي، أخبرنا الشيخ الثقة أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد ابن النقور، أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن الحربي السكري، حدثنا عبيد الله بن عبد الله الصيرفي أبو العباس في درب الثلج، حدثنا داود بن صغير، حدثنا أبو عبد الرحمن الشامي النوا، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(كلام أهل السماوات: لا حول ولا قوة إلا بالله).
هذا حديث غريب جداً؛ لأن في إسناده من لا يعرف.
وأما صغير (والد داود) فهو: بفتح الصاد المهملة وكسر الغين المعجمة، وكنية داود هذا أبو سليمان ابن صغير بن شبيب بن رستم البخاري عاشر مائةً وخمساً وعشرين سنة فيما قيل، سكن بغداد، وروى عن الأعمش والثوري أيضاً، حدث عنه إسحاق بن سنين، وروى عنه -أيضاً- الفضل بن مخلد بن الدقاق، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن نصر بن الحجاج المروزي. والله عز وجل أعلم.(1/85)
#86#
الحديث الأربعون
40- أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري رحمه الله بقراءتي عليه، قلت له: أخبرك أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد اللبان، وأبو جعفر محمد بن أحمد الصيدلاني إذناً، قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد الأصبهاني، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني، حدثنا عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس قراءةً عليه، حدثنا أحمد بن عصام، حدثنا أبو عاصم، حدثنا عثمان بن سعد، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول:
((إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فنزل منزلاً لا يرتحل حتى يودع المنزل بركعتين)).
وبالإسناد إلى عثمان بن سعد قال: حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ((صرف رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس فصلى عشرة أشهر أو تسعة أشهر. قال: فصلى صلاةً بالمدينة فصلى ركعتين نحو بيت المقدس، ثم انصرف بوجهه نحو الكعبة. فقال السفهاء من الناس: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها})).
هذان الحديثان عاليان، غريبان؛ فإن في إسنادهما عثمان بن سعد أبا بكر الكاتب البصري، وقد روى له أبو داود حديثاً واحداً: ((كان قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة)).
#87#
لكنه مرتفع عن الجهالة.
وقد ضعفه ابن معين.
وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به.
وقال أبو زرعة: لين.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقد روى أبو داود والنسائي بالإسناد الصحيح: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلاً لم يرتحل حتى يصلي الظهر)).
روياه من رواية أنس أيضاً.
وفي ((الصحيح)): أنه صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً. والله أعلم.(1/86)
#88#
الحديث الحادي والأربعون
41- أخبرنا الشيخ العدل أبو عبد الله محمد بن عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن غدير الطائي المعروف بابن القواس رحمه الله قراءةً عليه وأنا أسمع، قيل له: أخبرك حجة النحاة والفراء أبو اليمن اللغوي، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي القاضي، أخبرنا أبو إسحاق الفقيه، أخبرنا أبو عبد الله بن أيوب بن ماسي، أخبرنا أبو مسلم الكجي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، حدثني أبي عبد الله بن المثنى قال:
((رأيت الكتاب الذي كتبه أبو بكر لأنس رضي الله عنه عند ثمامة، فكان نقش الخاتم: محمدٌ سطرٌ، ورسول سطرٌ، والله سطرٌ)).
رواه البخاري أتم منه عن الأنصاري، فوافقناه في شيخه بعينه. ورواه الترمذي في ((جامعه)) في كتاب اللباس، عن أبي بكر محمد بن بشار، ومحمد بن يحيى، وغير واحد، عن الأنصاري.
فوقع لنا بدلاً عالياً له.
وقال: حديث حسن صحيح.
والله عز وجل أعلم.(1/88)
#89#
الحديث الثاني والأربعون
42- أخبرنا الفقيه أبو زكريا ابن أبي الفتح ابن الصيرفي، والحافظ أبو حامد ابن أبي الحسن بن محمود المحمودي، قالا: أخبرنا أبو البركات البغدادي، أخبرنا الحاجب أنو شتكين الرضواني، أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص.
ح: وأخبرنا ابن الصيرفي والمحمودي أيضاً، قالا: أخبرنا داود بن ملاعب، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن عبيد الله بن سهل الزاغوني، أخبرنا الشيخان: أبو نصر محمد بن محمد بن علي القرشي سماعاً، وأبو القاسم ابن البسري إجازةً، قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا أبو عمران محمد بن جعفر الوركاني، حدثنا سعيد بن ميسرة البكري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه:
((أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة سبعين صلاةً)).
هذا حديث ضعيف، ضعفه غير واحد من الأئمة، فبتقدير صحته حمله العلماء على الخصوص بحمزة رضي الله عنه. والله أعلم.(1/89)
#90#
الحديث الثالث والأربعون
43- قرئ على يحيى بن أبي الفتح الصيرفي المفتي وأنا أسمع، وقرأت على محمد بن علي المحمودي، أخبرك داود بن ملاعب الوكيل، أخبرنا أبو الفضل الأرموي، أخبرنا أبو الحسن جابر بن ياسين العطار، أخبرنا أبو طاهر المخلص الذهبي، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، حدثنا محمد بن جعفر أبو عمران الوركاني، حدثنا سعيد بن ميسرة البكري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعاً، وإنه كبر على حمزة سبعين تكبيرةً)).
قد تقدم الكلام -في الحديث قبله- على ضعفه.
وأما التكبير في الصلاة على الميت أربعاً فقد رواه مسلم في ((صحيحه)) من رواية ابن عباس رضي الله عنهما: ((أنه صلى الله عليه وسلم صلى على قبرٍ بعدما دفن، فكبر عليه أربعاً)).(1/90)
#91#
الحديث الرابع والأربعون
44- أخبرنا أبو زكريا يحيى ابن الصيرفي، وأبو حامد ابن علي الحافظ، قالا: أخبرنا أبو البركات الوكيل، أخبرنا الأرموي، أخبرنا جابر بن ياسين العطار، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الذهبي، أخبرنا البغوي، حدثنا عيسى بن سالم الشاشي، حدثنا إبراهيم بن هدبة الفارسي، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((لو أن الله عز وجل أذن للسماوات والأرض أن تتكلم لبشرت الذي يصوم شهر رمضان بالجنة)).
هذا حديث غريب، من حديث إبراهيم بن هدبة أبي هدبة الفارسي.
وقد تقدم الكلام على ضبط أبيه وكنيته في الرابع والثلاثين.
وقد روى النسائي من رواية أويس بن أبي أويس عديد بني تيم، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((هذا رمضان قد جاءكم تفتح فيه أبواب الجنة .. .. ) الحديث.
والله عز وجل أعلم.
فهذا آخر ما يسر الله تعالى جمعه من الأحاديث #92# التساعيات. والحمد لله أولاً وآخراً، وباطناً وظاهراً، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.(1/91)
#93##94#
ولنذكر بعد ذلك ما تيسر من الحكايات والإنشادات إن شاء الله تعالى(1/94)
#95#
1- أخبرنا أبو محمد ابن أبي إسحاق ابن أبي اليسر قراءةً عليه وأنا أسمع في سلخ شوال سنة تسع وستين وستمائة، قيل له: أخبرك أبو طاهر بركات ابن إبراهيم بن طاهر الخشوعي فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفراييني إجازةً، أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي، أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الحافظ، حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان من حفظه، حدثنا ابن أبي الخناجر -وهو أحمد بن محمد بن أبي الخناجر- قال:
((كنت في مجلس يزيد بن هارون فجاء أمير المؤمنين، فوقف علينا في المجلس وفي المجلس ألوفٌ، فالتفت إلى أصحابه، فقال: هذا الملك)).(1/95)
#96#
2- وبالإسناد إلى أبي القاسم الحنائي، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد القادر بن بزيع بن الحسن بن بزيع بن الطرسوسي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إسماعيل الوراق الحافظ بأردبيل، قال: سمعت أبا نصر محمد بن علي الطوسي قال:
((وسمعت الشبلي يوماً في مجلسه وقد غلب عليه حاله وقد جثا على ركبتيه وهو يقول:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى بمطايانا بك الركب هاديا
وقطع المجلس.
وسمعته يوماً ينشد في المجلس -وهو في مثل هذا الحال-:
إذا أبصرتك العين من بعد غايةٍ ... وعارض فيك الشك أثبتك القلب
ولو أن ركباً أمموك لقادهم ... نسيمك حتى يستدل بك الركب
فقطع المجلس أيضاً بمثل هذا)).(1/96)
#97#
3- قرأت على أبي الفرج عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك بن عثمان المقدسي رحمه الله، أخبرك أبو البركات داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب البغدادي، أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، أخبرنا أبو القاسم يوسف بن محمد بن أحمد المهرواني، أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد الفرضي، حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي، حدثنا محمد بن يونس، حدثنا عبيد الله بن عائشة، عن أبيه قال:
((ورد قومٌ على أعرابية وبين يديها شاةٌ فقالوا: بكم هذه الشاة؟ فقالت: بعشرين. فقالوا: أحسني رحمك الله. قالت: بدرهم. فقال لها بعض جيرانها: تقولين بعشرين ثم تبيعينه بدرهم! قال: فقالت الأعرابية: يسألوني الإحسان فلا أحسن! إني لست مؤمنةً أبداً)).(1/97)
#98#
4- وبالإسناد إلى المهرواني قال: وأخبرنا أبو أحمد الفرضي، حدثنا محمد بن يحيى الصولي، حدثنا محمد بن يزيد المبرد، قال: قال العتبي، عن أبيه، قال: قال زياد: ((ثلاثة لا يستخف بهم عاقلٌ: السلطان والعالم والصديق؛ فإنه من استخف بالسلطان أفسد دنياه، ومن استخف بالعالم أفسد دينه، ومن استخف بالصديق أفسد مروءته)).(1/98)
#99#
5- وبالإسناد إلى المهرواني قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن نصر الستوري، حدثنا أحمد بن الحسن بن محمد المصري، حدثنا أبو بكر القراطيسي، قال: سمعت يحيى بن معاذ يقول:
((كنت في بعض سياحتي فبينا أنا سائرٌ إذا أنا بكوخ من قصب في بعض البوادي، فقصدت نحوه فإذا أنا برجل مبتلىً قد أكل الدود لحمه، ليس فيه شيء صحيح غير لسانه رطبٍ من ذكر الله عز وجل، فرحمته فقلت له: حبيبي، أتحب أن أسأل الله عز وجل أن يبرئك؟ فانتفض ورفع رأسه وقال: يا يحيى بن معاذ، وإن لك عنده هذه الدالة؟! فلم لم تسأله أن يبغض إليك شهوة الرمان؟! -وكنت قد اعتقدت مع الله عز وجل ترك الشهوات فما قدرت على ترك الرمان-. قال: ثم قال لي: يا يحيى بن معاذ، احذر أن تعترض بين الله عز وجل وبين أوليائه فتفتضح عندهم)).(1/99)
#100#
6- وبالإسناد إلى المهرواني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الطوسي، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، قال: سمعت الحسن بن إسحاق بن يزيد العطار يقول:
((كنا خارجين من مصر إلى إفريقية في البحر، فركدت علينا الريح فأرسينا إلى موضع، يقال له: البرطوب، وكان معنا صبي صقلي، يقال له: أيمن، وكان معه شص يصطاد به السمك. قال: فاصطاد سمكة نحواً من شبر أو أقل. قال: فكان على صنيفة أذنها اليمنى مكتوب: لا إله إلا الله، وعلى قذالها وصنيفة أذنها اليسرى: محمد رسول الله. قال: فكان أبين من نقش على حجر، وكانت السمكة بيضاء والكتاب أسود كأنه كتاب بحبر. قال: فقذفناها في البحر، ومنع الناس أن يتصيدوا من ذلك الموضع حتى أوغلنا)).(1/100)
#101#
7- وبالإسناد إلى المهرواني قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد الفرضي، حدثنا محمد بن يحيى الصولي، حدثنا القاسم بن إسماعيل، حدثني إبراهيم بن العباس الصولي الكاتب قال:
((اعتل الفضل بن سهل ذو الرئاستين علةً بخراسان، ثم برئ فجلس الناس فهنؤوه بالعافية، وتصرفوا في الكلام، فلما فرغوا أقبل على الناس فقال: إن في العلل لنعماً ينبغي للعقلاء أن يعرفوها: تمحيصٌ للذنب، وتعرضٌ لثواب الصبر، وإيقاظٌ من الغفلة، وادكارٌ للنعمة في حال الصحة، واستدعاءٌ للتوبة، وحضٌ على الصدقة، وفي قضاء الله عز وجل بعد الخيار. فنسي الناس ما تكلموا به وانصرفوا بكلام الفضل)).(1/101)
#102#
8- وبه قال: أخبرنا أبو أحمد الفرضي، حدثنا محمد بن يحيى، قال: أنشدنا المبرد محمد بن يزيد:
هموم أناس في فنون كثيرة ... وهمي من الدنيا صديقٌ مساعد
نكون كروح بين شخصين قسما ... فجسماهما جسمان والروح واحد(1/102)
#103#
9- أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد البخاري، أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، أخبرنا أبو علي محمد بن وشاح بن عبد الله الزينبي قراءةً عليه وأنا أسمع، أخبرنا المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد الجريري في الإجازة، أخبرنا الصولي، حدثنا عون بن محمد، حدثنا محمد بن أبي العتاهية قال:
((قال الرشيد رحمه [الله] لأبي: عظني. قال: أخافك. قال: أنت آمنٌ. فأنشده أبي:
لا تأمن الموت في طرفٍ ولا نفسٍ ... إذا تسترت بالحجاب والحرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدةٌ ... لكل مدرعٍ منا ومترس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس
قال: فبكى الرشيد رحمه الله حتى بل كمه)).(1/103)
#104#
10- أخبرنا أبو حامد ابن أبي الحسن بن محمود بن أحمد المحمودي في شهر رمضان سنة ثمان وستين وستمائة، وأبو الفرج عبد الرحمن بن أبي العباس بن عبد الملك المقدسي في سنة تسع وستين وستمائة، قالا: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري، أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي إجازةً إن لم يكن سماعاً، أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني التميمي، أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي، أخبرنا أبو علي الحسن بن حبيب، حدثنا إبراهيم بن أبي سفيان، حدثنا الفريابي، حدثنا سفيان الثوري قال:
((جاء راهب إلى راهب فقال:
كيف ذات نشاطك؟
قال: ما سمعت أن أحداُ يسمع بذكر الموت والجنة والنار تأتي عليه ساعةٌ من ليل أو نهار إلا وهو فيها قائمٌ يصلي.
قال: كيف ذكرك الموت؟
قال: ما أرفع رجلاً ولا أضع أخرى إلا ظننت أني لا أصل، فأبكي حتى ينبت العشب من دموعي.
قال: إنك إن تضحك وأنت معترفٌ بخطيئتك خيرٌ لك من أن تبكي وأنت مدلٌ بعملك؛ فإن صلاة المدل لا تصعد فوق رأسه.
قال له: أوصني. قال: ازهد في الدنيا ولا تنازعها أهلها، وكن فيها كالنحلة إن أكلت أكلت طيباً، وإن وضعت وضعت #105# طيباً، وإن وقعت على عودٍ لم تكسره، وانصح لله نصح الكلب لأهله؛ فإنهم يضربونه ويجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم وينصحهم)).(1/104)
#106#
11- أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي الخير سلامة الحنبلي، قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي كتابةً، أخبرنا الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي، قال: أنشدنا أبو العز إبراهيم بن محمد الجوري بمكة، قال: أنشدنا أبو نصر محمد بن عبد الله الشاهد، قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن العباس الكرماني، قال: أنشدنا هبة الله بن الحسن الشيرازي لنفسه:
عليك بأصحاب الحديث فإنهم ... على منهجٍ للدين ما زال معلما
وما النور إلا في الحديث وأهله ... إذا ما جدى الليل البهيم وأظلما
وأعلى البرايا من إلى السنن اعتزى ... وأغبى البرايا من إلى البدع انتمى
ومن ترك الآثار ضلل سعيه ... وهل يترك الآثار من كان مسلما(1/106)
#107#
12- وبالإسناد إلى ابن طاهر الحافظ، قال: أنشدنا أبو الحسين يحيى بن الحسين العلوي الزيدي بالري، قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصوري الحافظ لنفسه:
قل لمن عاند الحديث وأضحى ... عائباً أهله ومن يدعيه
أبعلمٍ تقول هذا أبن لي ... أم بجهلٍ فالجهل خلق السفيه
أيعاب الذين هم حفظوا الدين ... من الترهات والتمويه
وإلى قولهم وما قد رووه ... راجعٌ كل عالم وفقيه(1/107)
#108#
13- وأخبرنا علي بن أحمد بن عبد الواحد ابن البخاري، وأحمد بن أبي الخير الحداد، قالا: أخبرنا الشيخان أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان، ومحمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني إجازةً، زاد الثاني: وأبو سعيد خليل بن أبي الرجاء بن أبي الفتح الراراني، وأبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد الخياط المعروف بالجمال، قالوا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد الصيدلاني [وأنا] حاضرٌ، أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن إسحاق الجابري الموصلي: أنشدنا ابن المعتز:
ألم تر أن الدهر يومٌ وليلةٌ ... يكران من سبتٍ عليك إلى سبت
فقل لجديد العيش لا بد من بلى ... وقل لاجتماع الشمل لا بد من شت(1/108)
#109#
14- وبه قال: أنشد ابن المعتز:
وليس إذا ما شئت ما شئت كائناً ... ولكن ما شاء الإله يكون
وكنت إذا لم ألق شيئاً أحبه ... غضبت فقال الدهر سوف تلين
آخره والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته وسلم
قال مؤلفه عفا الله عنه:
فرغت من تخريجه بدار السنة النورية في مدة آخرها ليلة السابع من المحرم سنة إحدى وسبعمائة، أحسن الله خاتمتها آمين.
قوبلت بأصل المصنف فصحت، والحمد لله.(1/109)