فَنَزَلُوا يَأْكُلُونَ مِنْ تَمْرٍ لَهُمْ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ، وَاللَّهِ لَأَرَى سَيْفَكَ هَذَا، يَا فُلَانُ جَيِّدًا، فَقَالَ أَجَلْ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَجَيِّدٌ، لَقَدْ جَرَّبْتُ بِهِ، ثُمَّ جَرَّبْتُ، فَقَالَ أَبُو بَصِيرٍ: أَرِنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَأَمْكَنَهُ مِنْهُ، فَضَرَبَهُ، حَتَّى بَرَدَ، وَفَرَّ الْآخَرُ، حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ، فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ يَعْدُو، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ رَأَى هَذَا ذُعْرًا» ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: قَتَلَ وَاللَّهِ صَاحِبِي، وَإِنِّي لَمَقْتُولٌ، فَجَاءَ أَبُو بَصِيرٍ، فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، قَدْ وَاللَّهِ أَوْفَى اللَّهُ ذِمَّتَكَ، قَدْ رَدَدْتَنِي إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَنْجَانِي اللَّهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلُ أُمِّهِ (1) لَوْ كَانَ مَعَهُ أَحَدٌ» ، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ، عَرَفَ أَنَّهُ سَيَرُدُّهُ إِلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى، فَخَرَجَ، حَتَّى أَتَى سَيْفَ الْبَحْرِ، قَالَ وَتَفَلَّتَ، مِنْهُمْ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَلَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، فَجَعَلَ لَا يَخْرُجُ مِنْ قُرَيْشٍ، رَجُلٌ أَسْلَمَ إِلَّا لَحِقَ بِأَبِي بَصِيرٍ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ مِنْهُمْ عِصَابَةٌ قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا يَسْمَعُونَ بِعِيرٍ خَرَجَتْ لِقُرَيْشٍ، إِلَى الشَّامِ، إِلَّا اعْتَرَضُوا لَهَا، فَقَتَلُوهُمْ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، فَأَرْسَلَتْ قُرَيْشٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تُنَاشِدُهُ اللَّهَ، وَالرَّحِمَ لَمَا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، مِمَّنْ أَتَاهُ، فَهُوَ آمِنٌ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ} [الفتح: 24] ، حَتَّى بَلَغَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ حَمِيَّتُهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِرُّوا أَنَّهُ نَبِيُّ اللَّهِ، وَلَمْ يُقِرُّوا بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ
__________
(1) في " المصنف " والبخاري: ويل امه مسعر حرب.(11/226)
الرَّحِيمِ (1) . [5: 3]
__________
(1) حديث صحيح، محمد بن المتوكل متابع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وهو في " المصنف " (9720) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 4/328-331، والبخاري (2731) و (2732) في الشروط: باب الشروط في الجهاد ... ، والطبراني في " الكبير " 20/ (13) و (14) و (15) و (842) ، والبيهقي 5/215 و7/171 و 9/144 و218-221 و 10/109.
وأخرجه أحمد 4/331-332، والبخاري (1694) و (1695) في الحج: باب من أشعر وقلد بذي الحليفة ثم أحرم، وأبو داود (2765) في الجهاد: باب صلح العدو، و (4655) في السنة: باب فى الخلفاء، والنسائي في السير كما في " التحفة " 8/372 و 374 و383، والطبري 28/71 و97-101 و 101 من طريقين عن معمر، به. اختصره بعضهم وطوله آخرون.
وأخرجه أحمد 4/323-326 و328، والبخاري (2711) و (2712) في الشروط: باب ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة و (4178) و (4179) و (4180) و (4181) في المغازي: باب غزوة الحديبية، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 8/372، والبيهقي 5/215، و7/170 و 9/221-222 و 227-228 و233، والبغوى في " شرح السنة " (2715) و (2748) وفي " معالم التنزيل " 4/332 من طرق عن ابن شهاب، به. رواه بعضهم مطولاً ورواه بعضهم مختصراً.
حَلْ حلْ: كلمة تقال للنافة إذا تركت السير.
فألحّت: أي تمادت على عدم القيام.
خلأت القصواء: أي بركت فلم تبرح، والقصواء: اسم ناقة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
تبرضه الناس تبرضاً: أي يأخذونه قليلاً قليلاً. =(11/227)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عيبة نصح: عيبة الرجل: موضع سرّه، أي أنهم موضع النصح له والأمانة على سره.
العوذ المطافيل، العوذ: جمع عائذ، وهي الناقة ذات اللبن، والمطافيل: الأمهات اللاتي معها أطفالها.
جمّوا: استراحوا.
سالفتى، السالفة: صفحة العنق، وكنى بذلك عن القتل، لأن القتيل تنفرد مقدمة عنقه.
بلَّحوا: أي امتنعوا من الإجابة.
أشواباً: أي أخلاطاً من أنواع شتى.
يرسف: أي يمشى مشياً بطيئاً بسبب القيد.
فأجزه لي: أي: أمض لي فعلي فيه، فلا أرده إليك أو أستثنيه من القضية.
ويلُ أمَّه: قال الحافظ فى " الفتح 5/412: بضم اللام ووصل الهمزة وكسر الميم المشددة، وهي كلمة ذم تقولها العرب في المدح، ولا يقصدون معنى ما فيها من الذم، لأن الويل: الهلاك، فهو كقولهم " لأمه الويل "، قال بديع الزمان في رسالة له: والعرب تُطِلق " تربت يمينه " في الأمر إذا أهمَّ، ويقولون " ويل أمه " ولا يقصدون الذم، والويل يطلق على العذاب والحرب والزجر. وقال الفراء: أصل قولهم " ويل فلان ": وي لفلان، أي فكثر الاستعمال فألحقوا بها اللام فصارت كأنها منها وأعربوها، وتبعه ابن مالك، إلا أنه قال تبعاً للخليل: أن " وي " كلمة تعجب، وهي من أسماء الأفعال، واللام بعدها مكسورة، ويجوز ضمها إتباعاً للهمزة وحذفت الهمزة تخفيفاً، والله أعلم.(11/228)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كَاتِبَ الْكِتَابِ بَيْنَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ مِمَّا وَصَفْنَا كَانَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ
4873 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهَ أَنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ، حَتَّى قَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يُقِيمَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ كَتَبُوا هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالُوا: لَا نُقِرُّ بِهَذَا لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا مَنَعْنَاكَ شَيْئًا، وَلَكِنْ أَنْتَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: «أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، فَقَالَ لِعَلِيٍّ: «امْحُ رَسُولَ اللَّهِ» ، قَالَ: وَاللَّهِ لَا أَمْحُوكَ أَبَدًا، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكِتَابَ وَلَيْسَ يُحْسِنُ يَكْتُبُ، فَأَمَرَ فَكَتَبَ مَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدًا، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنْ لَا يَدْخَلَ مَكَّةَ بِالسِّلَاحِ، إِلَّا السَّيْفَ فِي الْقُرُبِ، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِأَحَدٍ يَتْبَعُهُ، وَلَا يَمْنَعُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ إِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ بِهَا، فَلَمَّا دَخَلَهَا وَمَضَى الْأَجَلُ أَتَوْا عَلِيًّا، فَقَالُوا: قُلْ لِصَاحِبِكَ فَلْيَخْرُجْ عَنَّا، فَقَدْ مَضَى الْأَجَلُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبِعَتْهُمْ، بِنْتُ حَمْزَةَ تُنَادِي يَا عَمُّ، يَا عَمُّ، فَتَنَاوَلَهَا عَلِيٌّ رِضْوَانَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَالَ: لِفَاطِمَةَ دُونَكِ ابْنَةَ عَمِّكِ، فَحَمَلَتْهَا،(11/229)
فَاخْتَصَمَ فِيهَا عَلِيٌّ، وَزَيْدٌ، وَجَعْفَرٌ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا أَخَذْتُهَا، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّي، وَقَالَ جَعْفَرٌ: ابْنَةُ عَمِّي وَخَالَتُهَا تَحْتِي، وَقَالَ زَيْدٌ: ابْنَةُ أَخِي، فَقَضَى بِهَا رَسُولُ اللَّهِ لِخَالَتِهَا، وَقَالَ: «الْخَالَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ» ، وَقَالَ لِعَلِيٍّ: «أَنْتَ مِنِّي، وَأَنَا مِنْكَ» ، وَقَالَ لِجَعْفَرٍ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي، وَخُلُقِي» ، وَقَالَ لِزَيْدٍ: «أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ وَصْفِ الْعَدَدِ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ
4874 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بْنِ دِعَامَةَ السَّدُوسِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: كَمْ كَانُوا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟، قَالَ: أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ، قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانُوا أَلْفًا
__________
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان العجلي، فمن رجال البخاري.
وأخرجه البخاري (1844) في جزاء الصيد: باب لبس السلاح للمحرم، و (2699) في الصلح: باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان ... ، و (4251) في المغازي: باب عمرة القضاء، عن عبيد الله بن موسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/298، والدارمي 2/237-238 من طريقين عن إسرائيل، به. وقد تقدم عند المؤلف برقم (4849) .
والقُرُب: جمع قِراب، وقِراب السيف: غمده.(11/230)
وَأَرْبَعَ مِائَةٍ، قَالَ: «أَوْهَمَ جَابِرٌ هُوَ الَّذِي حَدَّثَنِي، أَنَّهُمْ كَانُوا أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ (1) . [5: 3]
ذِكْرُ خَبَرِ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْحَدِيثِ أَنَّ عَدَدَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانَ دُونَ الْقَدْرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
4875 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ، فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهِيَ السَّمُرَةُ» ، وَقَالَ: «بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ (2) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الله بن بَزيع، فمن رجال مسلم. ابن المفضل: هو بشر.
وأخرجه البيهقي 5/235 من طريقين عن قرة بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (4153) في المغازي: باب غزوة بدر، من طريق سعيد، عن قتادة، به.
وأخرجه بنحوه من طرق عن جابر: أحمد 3/310 و 329، والطيالسي (1729) ، والبخاري (4152) ، ومسلم (1856) (72) و (73) في الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال ... ، والبيهقي 5/235.
(2) إسناده صحيح، يزيد بن موهب ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. وأخرجه مسلم (1856) (67) ، والنسائي في التفسير كما في " التحفة " 2/341 من طريقين عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/396، ومسلم (1856) (68) و (69) ، والترمذي =(11/231)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ تَفَرَّدَ بِهَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
4876 - أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: «ثُمَّ بَايَعَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَهُوَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ وَهُمْ يَوْمَئِذٍ أَلْفٌ وَأَرْبَعُ مِائَةٍ (1) . [5: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «الصَّحِيحُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ، عَلَى مَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ (2) .
__________
= (1594) من طرق عن أبي الزبير، به.
وأخرجه أحمد 3/310، ومسلم (1856) (71) و (74) ، والبخاري (4154) ، والترمذي (1591) ، والنسائي 7/140-141 في البيعة: باب البيعة على أن لا نفرَّ، والبيهقي 5/235 من طرق عن جابر، به.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد تقدم برقم (4551) .
(2) قال الحافظ في " الفتح " 7/504 بعد أن ذكر اختلاف الروايات: والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربع مئة، ومن قال: ألفاً وخمس مئة جبر الكسر، ومن قال: ألفاً وأربع مئة ألغاه، ويؤيده قوله فى الرواية الثالثة من حديث البراء " ألفاً وأربع مئة أو أكثر " واعتمد على هذا الجمع النووي، وأما البيهقي فمال إلى الترجيح، وقال: إن رواية من قال: " ألف وأربع مئة " أصح، ثم ساقه من طريق أبي الزبير ومن طريق أبي سفيان(11/232)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ حَبْسِ الْإِمَامِ أَهْلَ الْعَهْدِ وَأَصْحَابَ بُرُدِهِمْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ
4877 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا رَافِعٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ أَقْبَلَ بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُلْقِيَ فِي قَلْبِيَ الْإِسْلَامُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أَخِيسُ بِالْعَهْدِ، وَلَا أَحْبِسُ الْبُرُدَ (1) وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ، فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِكَ الَّذِي فِي قَلْبِكَ الْآنَ، فَارْجِعْ» ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ إِنِّي أَقْبَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْلَمْتُ قَالَ بُكَيْرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا (2) . [3: 10]
***
__________
=كلاهما عن جابر كذلك، ومن رواية معقل بن يسار وسلمة بن الأكوع والبراء بن عازب، ومن طريق قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبيه، قلت: ومعظم هذه الطرق عند مسلم، ووقع عند ابن سعد في حديث معقل بن يسار زهاء ألف وأربع مئة، وهو ظاهر في عدم التحديد.
(1) تحرفت في الأصل إلى " الرد " والتصويب من " التقاسيم " 3/لوحة 44.
(2) إسناده صحيح. وأخرجه النسائي في السير كما في " التحفة " 9/199 عن الحارث بن مسكين وأبي الربيع سليمان بن داود المهري، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد. =(11/233)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أبو داود (2758) في الجهاد: باب في الإمام يُستَجَنُّ به في العهود، والحاكم 3/598 والبيهقي 9/145، والطبراني (963) من طرق عن ابن وهب، به.
وأخرجه أحمد 6/8 عن عبد الحبار بن محمد الخطابي، عن ابن وهب، وقال: عن أبيه، عن جده.
وجاء في " تهذيب الكمال " 6/218 في ترجمة الحسن بن علي: روى عن جده أبي رافع، وقيل: عن أبيه، عن جده.
وقوله: " لا أخيس العهد "، قال الخطابي في " معالم السنن " 2/317: معناه: لا أنقض العهد ولا أفسده من قولك: خاس الشىء في الوعاء: إذا فسد.
وفيه من الفقه أن العقد يرعى مع الكافر كما يرعى مع المسلم، وأن الكافر إذا عقد لك عقد أمان، فقد وجب عليك أن تؤمنه، وأن لا تغتاله في دم ولا مال ولا منفعة.
وقوله: " لا أحبس البُرُد " فقد يشبه أن يكون المعنى في ذلك: أن الرسالة تقتضي جواباً، والجواب لا يصل إلى المرسل إلا على لسان الرسول بعد انصرافه، فصار كأنه عقد له العهد مدة مجيئه ورجوعه، والله أعلم.(11/234)
19 - بَابُ الرَّسُولِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ رُسُلِ الْكُفَّارِ إِذَا قَدِمُوا بُلْدَانَ الْإِسْلَامِ
4878 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَقَتَلْتُكَ» .
يَعْنِي: رَسُولَ مُسَيْلِمَةَ (1) [3: 34]
__________
(1) إسناده حسن. عاصم: هو ابن بهدلة الكوفي أبو بكر المقرئ روى له أصحاب السنن، وحديثه عند الشيخين مقرون، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه النسائي في السير من " الكبري " كما في " التحفة " 7/48، والبزار (1681) ، والبيهقي 9/211 من طريقين عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/390-391 و 396، والبيهقي 9/212 من طريق المسعودي، عن عاصم، به.
وأخرجه أحمد 1/404 و 406، والدارمي 2/235 من طريقين عن ابن مسعود.
وحسن إسناده الهيثمي 5/314 وزاد نسبته إلى أبي يعلى. وانظر ما بعده.(11/235)
ذِكْرُ اسْمِ هَذَا الرَّسُولِ الَّذِي أَرَادَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلِهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا
4879 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ، فَقَالَ: مَا بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنَ الْعَرَبِ إِحْنَةٌ، وَإِنِّي مَرَرْتُ بِمَسْجِدٍ لِبَنِي حَنِيفَةَ، فَإِذَا هُمْ يُؤْمِنُونَ بِمُسَيْلِمَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ، فَجِيءَ بِهِمْ فَاسْتَتَابَهُمْ غَيْرَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ، وَقَالَ: لَهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَوْلَا أَنَّكَ رَسُولٌ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ وَأَنْتَ الْيَوْمَ لَسْتَ بِرَسُولٍ» ، فَأَمَرَ قَرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ فِي السُّوقِ، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى ابْنِ النَّوَّاحَةِ، فَلْيَنْظُرْ إِلَيْهِ قَتِيلًا، فِي السُّوقِ» (1) . [3: 34]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حارثة بن مضرَب فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه أبو داود (2762) في الجهاد: باب في الرسل، والطحاوي في " مشكل الآثار " 4/61، والبيهقي 9/211 عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/384، والنسائي في السير كما في " التحفة " 7/18 من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، به. وانظر ما قبله.
والإحنة: الوتر والضغن، قال الشاعر:
إذا كان في نفس ابن عَمِّكَ إحْنَةٌ ... فلا تَسْتَثِرْها سوف يبدو دفينُها =(11/236)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الخطابي في " معالم السنن " 2/318-319: ويشبه أن يكونَ مذهب ابن مسعود في قتله من غير استتابة أنه رأى قول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لولا أنك رسول لضربت عنقك " حكماً منه بقتله لولا علةُ الرسالة، فلما ظَفِرَ به وقد ارتفعت العلةُ، أمضاه فيه، ولم يستأنف له حُكْمُ سائر المرتدين.
وفيه حجة لمذهب مالك فى قتل المستسر بالكفر وترك استتابته، ومعلوم أن هؤلاء لا يمكنهم إظهار الكفر بالكوفة في مسجدهم وهي دار الإسلام، وإنما كانوا يستبطنون الكفر ويسُّرون الإيمان بمسيلمة، فاطلع على ذلك منهم حارثة، فرفعهم إلى عبد الله وهو والٍ عليها، فاستتاب قوماً منهم، وحقن بالتوبة دماءَهم، ولعلَّهم قد كانت داخلتهم شبهةٌ في أمر سيلمة، ثم تبيَّنوا الحقَّ، فراجعوا الدين، فكانت توبتُهم مقبولة عند عبدِ الله، ورأى أن أمر ابن النواحة بخلاف ذلك، لأنه كان داعيةً إلى مذهب مسيلمة، فلم يعرض عليه التوبةَ، ورأى الصلاح في قتله.(11/237)
20 - بَابُ الذِّمِّيِّ وَالْجِزْيَةِ
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِمَنْ أَسْمَعَ أَهْلَ الْكِتَابِ مَا يَكْرَهُونَهُ
4880 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ سَمَّعَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا دَخَلَ النَّارَ» (1) . [2: 109]
ذِكْرُ نَفْيِ وُجُودِ رَائِحَةِ الْجَنَّةِ عَنِ الْقَاتِلِ الْمُعَاهَدَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
4881 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرطهما. أبو الوليد: هو الطيالسي: هشام بن عبد الملك، وأبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية. وهذا الحديث لم أجده عند غير المؤلف.
وقوله " من سمَّع " يقال: سمَّعْتُ بالرجل تسميعاً وتسمعة: إذا شهرته ونددت به.(11/238)
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» (1) . [2: 109]
__________
(1) أحمد بن يحيى بن حميد الطويل ذكره المؤلف في " الثقات " 8/10، فقال: من أهل البصرة، روى عن حماد بن سلمة، حدثنا عنه أبو خليفة، مات سنة خمس وعشرين ومئتين أو قبلها أو بعدها بقليل، وذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2/81، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.
وأخرجه النسائي في السير من " الكبري " كما في " التحفة " 9/42 عن إبراهيم بن يعقوب، عن حجاح بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد وقال: هذا خطأ، والصواب حديث ابن علية يعني عن يونس، عن الحكم بن الأعرج، عن الأشعث بن ثُرمُلة، عن أبي بكرة، وهو الحديث الآتي عند المؤلف بعد هذا.
وأخرجه الحاكم 1/44 من طريق أبي سلمة موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة به، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
قال: وقد وجدنا لحماد بن سلمة شاهداً فيه: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى، حدثنا محمد بن حمدون بن زياد، حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي، حدثنا شريك بن الخطاب العنبري، حدثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من قَتلَ نفساً معاهَدةً بغير حقها، حرَّم الله عليه الجنة أن يَشُمَّ ريحَها، وريحُها يوجد من مسيرة خمس مئة عامٍ ".
وأما قول من قال: يونس بن عبيد، عن الحكم بن الأعرج، فأخبرنا عبد الله بن محمد بن موسى، حدثنا محمد بن أيوب، أنبأنا عباس بن الوليد، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، حدثنا يونس بن عبيد، عن الحكم بن الأعرج، عن الأشعث بن ثُرمُلة، عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قتل نفساً معاهَدةً بغير حقها، حرَّم الله عليه الجنة ". =(11/239)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَنْ قَاتِلِ الْمُسْلِمِ الْمُعَاهَدِ
4882 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ ثُرْمُلَةَ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدَةً
__________
= قال الحاكم: قد كان شيخنا أبو علي الحافظ يحكم بحديث يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ، والذي يسكن إليه القلب أن هذا إسناد، وذاك إسناد آخر، لا يعلل أحدهما الآخر، فإن حماد بن سلمة إمام، وقد تابعه عليه أيضاً شريك بن الخطاب، وهو شيخ ثقة من أهل الأهواز، والله أعلم.
وأخرجه أحمد 5/46، والبيهقي 8/133 من طريق قتادة وغير واحد، عن الحسن، به.
وأخرجه أحمد 5/50 و 51 من طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ.
وأخرجه أحمد 5/36 و38، والطيالسي (879) ، والدارمي 2/235- 236، وأبو داود (2760) فى الجهاد: باب في الوفاء للمعاهد وحرمة ذمته، والنسائي 8/24-25 في القسامة: باب تعظيم قتل المعاهد، والحاكم 2/142، البيهقي 9/231 من طرق عن عيينه بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بكرة. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. وانظر ما بعده.
وقوله " نفساً معاهَداً " وفي الرواية الآتية " معاهدة " وهو الظاهر، لأن التأنيث باعتبار النفس، والأول باعتبار الشخص.(11/240)
بِغَيْرِ حَقِّهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ أَنْ يَشُمَّ رِيحَهَا» (1) . [3: 19]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَذِهِ الْأَخْبَارُ كُلُّهَا مَعْنَاهَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُرِيدُ جَنَّةً دُونَ جَنَّةِ الْقَصْدِ مِنْهُ، الْجَنَّةُ الَّتِي هِيَ أَعْلَى وَأَرْفَعُ يُرِيدُ مَنْ فَعَلَ هَذِهِ الْخِصَالَ، أَوِ ارْتَكَبَ شَيْئًا مِنْهَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، أَوْ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ الَّتِي هِيَ أَرْفَعُ الَّتِي يَدْخُلُهَا مَنْ لَمْ يَرْتَكِبْ تِلْكَ الْخِصَالَ، لِأَنَّ الدَّرَجَاتِ فِي الْجِنَانِ يَنَالُهَا الْمَرْءُ بِالطَّاعَاتِ، وَحَطُّهُ
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير الأشعث بن ثُرملة، فقد روى له النسائي وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 5/36 و38 و 52، والنسائي 8/25، وفي السير كما في " التحفة " 9/37، والحاكم 1/44، والبيهقي 9/205 من طرق عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدولابي في " الكنى والأسماء " 2/126 من طريق حميد أبي المغيرة العجلي، عن الأشعث، به. وانظر ما قبله، وسيأتي برقم (7339) و (7340) .
وفي الباب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رفعه " من قتل معاهَداً لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً " أخرجه أحمد 2/186، والبخاري (3166) و (6914) ، والنسائي 8/25، وابن ماجه (2686) ، وصححه الحاكم 2/126-127 على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وقوله " لم يرح " هو بفتح الياء والراء، وأصله: يراح، قال الجوهري: راح فلان الشيء يراحه ويريحه: إذا وجد ريحه.(11/241)
عَنْهَا يَكُونُ بِالْمَعَاصِي، الَّتِي ارْتَكَبَهَا» (1) . [3: 19]
ذِكْرُ إِبَاحَةِ قَضَاءِ حُقُوقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا كَانُوا مُجَاوِرِينَ لَهُ فَطَمِعَ فِي إِسْلَامِهِمْ
4883 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْخَطِيبُ، بِالْأَهْوَازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «عَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودِيًّا» (2) . [4: 1]
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ
4884 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ غُلَامًا يَهُودِيًّا كَانَ يَخْدُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْلِمْ» ، فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ لَهُ: أَطِعِ أَبَا الْقَاسِمِ قَالَ:
__________
(1) وقال الحافظ في " الفتح " 12/271: والمراد بهذا النفي وان كان عامّاً التخصيص بزمان ما، لما تعاضدت الأدلة العقلية والنقلية أن من مات مسلماً، ولو كان من أهل الكبائر، فهو محكوم بإسلامه غير مخلد في النار، ومَآله إلى الجنة ولو عذب قبل ذلك.
(2) إسنادُه صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبدة بن عبد الله فمن رجال البخاري. وانظر ما بعده.(11/242)
فَأَسْلَمَ، قَالَ: فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ» (1) . [4: 1]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ مُخَالَطَةِ الْمُسْلِمِ لِلْمُشْرِكِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَالِاقْتِضَاءِ
4885 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا قَيْنًا وَكَانَ لِي عَلَى الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ دَيْنٌ فَأَتَيْتُهُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ لِي: «لَا أَقْضِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ» ، قَالَ: قُلْتُ: «لَنْ أَكْفُرَ بِهِ حَتَّى تَمُوتَ، ثُمَّ تُبْعَثَ» ، قَالَ: «وَإِنِّي لَمَبْعُوثٌ بَعْدَ الْمَوْتِ سَوْفَ أَقْضِيكَ، إِذَا رَجَعْتَ إِلَيَّ مَالِي، وَوَلَدِي» ، قَالَ: «فَنَزَلَتْ،
__________
(1) إسناده صحيح. إبراهيم بن الحسن العلاف البصري روى عنه جمع، وذكره
المؤلف في " الثقات " 8/78، وقال أبو زرعة: كان صاحب قرآن وكان بصيراً
به، وكان شيخاً ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/175 و227 و 280، والبخاري (1356) في الجنائز: باب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلي عليه ... ، و (5657) في المرضى: باب عيادة المشرك، وأبو داود (3095) في الجنائز: باب في عيادة الذمي، والنسائي في السير كما في " التحفة " 1/111، والبخاري في " الأدب المفرد " (524) ، وأبو يعلى (3350) ، والبيهقي 3/383 و 6/206، والبغوي (57) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/291 من طريقين عن شريك، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الله بن جبير، عن أنس.(11/243)
هَذِهِ الْآيَةُ {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا، وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا} [مريم: 77] » (1) . [3: 64]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29]
4886 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الواحدي في " أسباب النزول " ص 204 من طريق أبي خيثمة وعلي بن مسلم، كلاهما عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (4735) في التفسير: باب {ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً} ، ومسلم (2795) في صفات المنافقين وأحكامهم: باب سؤال اليهود النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التقاضي، والطبراني (3653) من طرق عن وكيع، به.
وأخرجه أحمد 5/111، والبخاري (2091) في البيوع: باب ذكر القين والحداد و (2275) في الإجارة: باب هل يؤاجر الرجل نفسه من مشرك في أرض الحرب، و (2425) في الخصومات: باب التقاضي، و (4734) في التفسير: باب {كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مداً} ، والترمذي (231) في التفسير: باب ومن سورة مريم، والنسائي في التفسير من " الكبري " كما في " التحفة " 3/118، والطبري في " جامع البيان " 16/120، والواحدي في " أسباب النزول " ص 204، والطبراني (3651) و (3652) و (3654) ، والبغوي في " معالم التنزيل " 3/207-208 من طرق عن الأعمش.
وسيرد عند المؤلف برقم (5010) من طريق آخر.(11/244)
فَأَمَرَنِي أَنْ آخُذَ مِنَ الْبَقَرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعًا، أَوْ تَبِيعَةً، وَمِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، أَوْ عِدْلَهُ مَعَافِرَ» (1) . [1: 21]
__________
(1) حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن عيسى فمن رجال مسلم، وهو صدوق يخطىء، وقد توبع عليه. شقيق: هو ابن سلمة أبو وائل.
وأخرجه ابن ماجه (1803) في الزكاة: باب صدقة البقر، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/230 وعبد الرزاق (6841) ، والطيالسي (567) ، والدارمي 1/382، وأبو داود (1378) في الزكاة: باب في زكاة السائمة، والترمذي (623) في الزكاة: باب ما جاء في زكاة البقر، وابن الجارود (343) ، والنسائي 5/25-26 و 26 في الزكاة: باب زكاة البقر، والدارقطني 2/102، والحاكم 1/398، والبيهقي 4/98 و 9/193 من طرق عن الأعمش، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه الدارمى 1/382، والبيهقي 9/187 من طريق عاصم، عن أبي وائل، به.
وأخرجه أبو داود (1577) ، والدارقطني 2/102، والبيهقي 4/98 من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق، به.
وقال ابن عبد البر في " التمهيد " 2/275: وقد روي هذا الخبر عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت، ذكره عبد الرزاق: حدثنا معمر والثوري، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن معاذ ...
وقال ابن حزم في " المحلّى " 6/16: وجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر، وهو بلا شك قد أدرك معاذاً، وشهد حكمه وعمله المشهور المنتشر، فصار نقله لذلك، ولأنه عن عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نقلاً عن الكافة عن معاذ بلا شك. =(11/245)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال ابن القطان، فيما نقله عنه الزيلعي في " نصب الراية " 2/347: ولا أقول: إن مسروقاً سمع من معاذ إنما أقول: إنه يجب على أصولهم أن يحكم بحديثه عن معاذ رضي الله عنه بحكم حديث المتعاصرَين اللذين لم يعلم انتفاء اللقاء بينهما، فإن الحكم فيه أن يحكم له بالاتصال عند الجمهور، وشرط البخاري، وابن المديني أن يعلم اجتماعهما، ولو مرة واحدة، فهما إذا لم يعلما لقاء أحدهما للآخر، لا يقولان في حديث أحدهما عن الأخر منقطع، إنما يقولان لم يثبت سمع فلان من فلان، فإذن ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان: أحدهما: أنه محمول على الاتصال، والآخر: أن يقال: لم يعلم اتصال ما بينهما، فأما الثالث: وهو منقطع، فلا.
وأخرجه أحمد 5/233 و247، وأبو داود (1576) ، والنسائي 5/26، وابن أبي شيبة 3/147، والبيهقي 9/193 من طريق أبي وائل، عن معاذ.
وأخرجه أحمد 5/240 من طريق يحيى بن الحكم، عن معاذ.
وأخرجه الدارمي 1/381، وابن أبي شيبة 13/27، والنسائي 5/26، والبيهقي 4/98 و 9/193 من طريق إبراهيم النخعي، عن معاذ.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 1/259 في الزكاة: باب ما جاء في صدقة البقر، عن حميد بن قيس المكي، عن طاووس اليماني، أن معاذ بن جبل الأنصاري أخَذ من ثلاثين بقرةً تبيعاً، ومن أربعين بقرة، مُسِنَّةً، وأُتي بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئاً وقال: لم أسمع من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه شيئاً، حتى ألقاه فأسأله. فتوفى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل أن يَقْدَمَ معاذُ بن جبل.
وأخرجه الشافعي 1/237، والبيهقي 4/98 من طريق مالك وقال الشافعي: طاووس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذاً، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافاً.
قال ابن عبد البر في " التمهيد " 2/274: حديث طاووس عندهم عن معاذ غير متصل، ويقولون: إن طاووساً لم يسمع من معاذ شيئاً، وقد رواه =(11/246)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= طاووس، عن ابن عباس، عن معاذ، إلا أن الذين أرسلوه أثبت من الذين أسدوه، ثم أورده عن " مسند البزار " (892) من طريق بقية عن المسعودي، عن الحكم، عن طاووس، عن ابن عباس. قال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بإثره: إنما يرويه الحفاظ عن الحكم عن طاووس مرسلاً، ولم يتابع بقية على هذا أحد، ورواه الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن طاووس، عن ابن عباس، والحسن لا يحتج بحديث إذا تفرد به.
وقال ابن عبد البر: لم يسنده عن المسعودي عن الحكم غير بقية بن الوليد، وقد اختلفوا في الاحتجاج بما ينفرد به بقية عن الثقة، وله روايات عن مجهولين لا يعرج عليهم، وقد رواه الحسن بن عمارة، عن الحكم، عن طاووس، عن ابن عباس عن معاذ كما رواه بقية عن المسعودي عن الحكم، والحسن مجتمع على ضعفه، وقد روي عن معاذ هذا الخبر بإسناد متصل صحيح ثابت من غير رواية طاووس ...
وقال الحافظ في " التلخيص " 2/152 بعد أن أورد الحديث عن الدارقطني من طريق المسعودي عن الحكم..: وهذا موصول، لكن المسعودي اختلط، وتفرد بوصله عنه بقية بن الوليد، وقد رواه الحسن بن عمارة عن الحكم أيضاً، لكن الحسن ضعيف، ويدل على ضعفه قوله فيه " إن معاذاً قدم على النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من اليمن فسأله " ومعاذ لما قدم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قد مات.
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند ابن أبي شيبة 3/126، والترمذي (622) ، وابن ماجه (1804) ، وابن الجارود (179) ، والبيهقي 4/99. وفي سنده خصيف بن عبد الرحمن، وهو سيىء الحفظ وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه عبد الله.(11/247)
22 - كِتَابُ اللُّقَطَةِ
4887 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَذْمِيِّ، عَنِ الْجَارُودِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النَّارِ» (1) . [2: 103]
__________
(1) إسناده قوي، أو مسلم الجذمي روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/581، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. يزيد بن عبد الله: هو ابن الشخير أبو العلاء، وأبان: هو ابن يزيد العطار. وهو في "مسند أبي يعلى" (919) و (1539) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2114) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن أبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (1234) ، وأحمد 5/80، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/406، والطحاوي 4/133، والطبراني (2109) و (2115) و (2116) و (2117) ، والبيهقي 6/190 من طريق عن قتادة، به.
وعلّقه الترمذي بإثر الحديث (1881) في الأشربة: باب ما جاء في النهي عن الشرب قائماً. =(11/248)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الضَّالِّ لَا الْكَلَّ
4888 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَهْطٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَجِدُ فِي الطَّرِيقِ، هَوَامِي مِنَ الْإِبِلِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ضَالَّةُ الْمُسْلِمِ حَرَقُ النار"1. [2: 103]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري، يحيى: هوابن سعيد القطان، وحميد: هو ابن أبي حميد الطويل، والحسن: هو البصري، مطرف: هو ابن عبد الله بن الشخير.
وأخرجه ابن سعد 7/34، وأحمد 4/25، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/360، وابن ماجه "2502" في اللقطة: باب ضالة الإبل البقر والغنم، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 1/22 و2/203، والطحاوي 2/133، والبيهقي 6/191، والبغوي "2209" و"2210" من طرق عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
قوله "الهوامي"، قال: أبو عبيد 1/23: هي بالمهملة: التي لا راعي لها ولا حافظ، يقال: ناقة هامية وبعير هام، وقد همت تهمي همياً: إذا ذهبت في الأرض على وجوهها لرعي أو غيره.
وقوله "حرق النار" قال ثعلب: حرق النار: لهبها، معناه: إذا أخذها إنسان ليتمكها أدته إلى النار.(11/249)
4889 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ، عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا" قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ" قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشجر حتى يلقاها ربها"1. [1: 18]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/757 في الأقضية: باب القضاء في اللقظة
ومن طريق مالك إخرجه الشافعي 2/137، والبخاري "2372" في المساقاة: باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار، و"2429" في اللقطة: في فاتحته، وأبو داود "1705" في اللقطة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/242 - 243، والطحاوي 4/134، ابن الجاورد "666"، الطبراني "5250"، والبيهقي 6/185 و186 و192، والبغوي "2207". =(11/250)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: الْأَمْرُ بِاسْتِعْمَالِ الِانْتِفَاعِ بِاللُّقَطَةِ بَعْدَ تَعْرِيفِ سَنَةٍ أَضْمَرَ فِيهِ اعْتِقَادَ الْقَلْبِ عَلَى رَدِّهَا عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا جَاءَ وَعَرَّفَ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا. [1: 18]
__________
= وأخرجه عبد الرزاق "18602"، الحميدي "816"، وابن أبي شيبة 6/456، وأحمد 4/117، والبخاري "91" في العلم: باب الغضب والموعظة في التعليم إذا رأي ما يكره، و"2427" في اللقطة: باب ضالة الإبل، و"2428" باب ضالة الغنم، و"2436" باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه لأنها عليه لأنها وديعة عندهن و"2438" باب من عرف اللقطة ولم يرفعها للسلطان، و"6112" في الأدب: ما يجوز من الغضب والشدة لأمر الله تعالى، ومسلم "1722"، وأبو داود "1704" والترمذي "1372" في الأحكام: باب ماجاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 2/201، والطحاوي 4/134، وابن الجارود "667" والطبراني "5249" و"5252" و"5255" و"5257"، والدارقطني 4/235 و236، البيهقي 6/185، و189، و192 و197، والبغوي "2208" من طرق عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، به.
وأخرجه أبو داود "1707"، والطبراني "5258"، والبيهقي 6/186 من طريق أحمد بن حفص بن عبد الله، عن إبراهيم بن طهمان، عن عباد بن إسحاق، عن عبد الله بن يزيدن عن أبيه، به.
قال أبو عبيد 2/201: قوله "احفظ عفاصها ووكاءها" والمعفاص: هو الوعاء الذي يكون فيه النفقة، وإن كان من جلد أو خرقة أو غير ذلكن ووكاءها: يعني: الخيط الذي تشد به، ويقال: أوكيتها إيكاءاً، وعفصتها عصفاً: إذا شددت العفاص عليها.
وقوله "معها حذاؤها" يعني بالحذاء: أخفافها، ويقول: إنها تقوى على السير وقطع البلاد البعيدةن وقوله "سقاوها" أي: جوفها، فحيث وردت الماء شربت ما يكفيها حتى ترد ماء آخر، والغنم لا يقوى على ذلك.(11/251)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَشَأْنَكَ بِهَا" أَرَادَ بِهِ: فَاسْتَنْفِقْهَا
4890 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الربيع، قال: حدثنا بن وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُمْ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، قَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً" قَالَ: "فَإِنْ لَمْ يَأْتِ لَهَا طَالِبٌ فَاسْتَنْفِقْهَا"، قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَأْتِيَهَا رَبُّهَا"1. [1: 18] أَبُو الرَّبِيعِ: هَذَا اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَخِي رِشْدِينَ بْنِ سَعْدٍ مِصْرِيُّ، وَأَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ: اسْمُهُ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بصري، قاله الشيخ.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الربيع، وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي.
وأخرجه مسلم "1722" "3" في اللقطة، والطحاوي 4/134، وابن الجارود "666"، والطبراني "5254"، والبيهقي 6/189 من طرق قن ابن وهب، به وانظر ما قبله.
وقوله "فاستفقها"، أي تملكها وأنفقها على نفسك.(11/252)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَرِّفْهَا سَنَةً" لَيْسَ بِحَدٍّ يُوجِبُ نِهَايَةَ الْقَصْدِ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَإِنَّمَا هُوَ حَدٌّ يُوجِبُ قَصْدَ الْغَايَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ
4891 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ زَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، وَسَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، فَالْتَقَطْتُ سَوْطًا، فَقَالَا: دَعْهُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَا أَدَعُهُ تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ، لَأَسْتَمْتِعَنَّ بِهِ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَلَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ إِنِّي أَصَبْتُ صُرَّةً فِيهَا دَنَانِيرُ، فَأَتَيْتُ بِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ/ فَقَالَ: "عَرِّفْهَا حَوْلًا" فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا، فَعَرَّفْتُهَا ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: "احْفَظْ وِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا وَعَدَدَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ، فَادْفَعْهَا، وَإِلَّا فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"1. [1: 18]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري.
وأخرجه أبو داود "1702" في اللقطة، عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "552"، وأحمد 5/126، البخاري "2426" في اللقطة: باب إذا أخبره رب اللقطة والعلامة دفع إليهن و"2437" باب هل يأخذها من لايستحق، ومسلم "1723" في اللقطة: في فاتحته، وأبو داود "1701"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/18 - 19، والطحاوي 4/137، والبيهقي 6/186 و193 و194 ومن طرق عن شعبة، به. وأخرجه أحمد 5/127، ومسلم "1722"، وأبو داود "1703"، والنسائي في "الكبرى"، والطحاوي 4/137، والبيهقي6/196 من طرق عن سلمة بن كهيل، به. وانظر ما بعده.(11/253)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَعْرِيفَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ الصُّرَّةَ الَّتِي الْتَقَطَهَا الْأَحْوَالَ الثَّلَاثَةَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ
4892 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حدثنا بن نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَزَيْدِ بْنِ صُوحَانَ، فَالْتَقَطْتُ سَوْطًا بِالْعُذَيْبِ، فَقَالَا: دَعْهُ فَقُلْتُ: لَا أَدَعُهُ تَأْكُلُهُ السِّبَاعُ، فَقَدِمْتُ إِلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِيثِ فَقَالَ: أَحْسَنْتَ أَحْسَنْتَ، الْتَقَطْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِائَةَ دِينَارٍ، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا" فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا" فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا" فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: "اعْلَمْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعَدَدِهَا وَوِعَائِهَا ووكائها، فأعطه إياها، وإلا فاستمتع بها"1. [1: 18]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله. ابن نمير: اسمه عبد الله، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 5/126 عن ابن نمير، ومسلم"1723" "10" في اللقطة، والترمذي "1374" في الأحكام: باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم، من طريقين عن ابن نمير، بهذا الإسناد. وأخرجه عبد الرزاق "18615"، وابن أبي شيبة 6/454، ومسلم "1723" "10"، والترمذي "1374"، وابن ماجه "2506"، في اللقطة: باب اللقطة، والطحاوي 4/134، وابن الجارود "668" البيهقي 6/192 و197 من طرق عن سفيان، به.
والتعذيب: تصغير عذب، وادٍ بظاهر الكوفة، وقيل: لبني تميم في اليمامة. وانظر "معجم ما استجعم 3/927، "والروض المعطار" ص409.(11/254)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَاسْتَمْتِعْ بِهَا"، وَشَأْنَكَ بِهَا: أَضْمَرَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةَ رَدَّ اللُّقَطَةِ عَلَى صَاحِبِهَا إِذَا جَاءَ بَعْدَ الأحوال الثلاثة.(11/255)
ذِكْرُ لَفْظَةٍ أَوْهَمَتْ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ ضِدَّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ
4893 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضَالَّةِ الْإِبِلِ، قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا فَدَعْهَا تَأْكُلُ الشَّجَرَ، وَتَرِدُ الْمَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهَا بَاغِيهَا" وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هِيَ لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ"، ثُمَّ سَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اعْرِفْ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا، فَإِنْ(11/255)
جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عَدَدَهَا وَوِعَاءَهَا وَوِكَاءَهَا، فَأَعْطِهَا إياه وإلا فهي لك"1. [18: 1]
__________
1 إسناده صحيح، إبراهيم بن الحجاج السامي ثقة روى له النسائي، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه مسلم "1722" "6" في اللقطة، وأبو داود "1708" في اللقطة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/242، والطبراني "5251"، والبيهقي 6/197 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "816"، وأحمد 4/116، والبخاري "5292" في الطلاق: باب حكم المفقود في أهله وماله، ومسلم "1722" "5"، والنسائي وفي "الكبرى"، وابن ماجه "2504"، والدارقطني 4/235 و236، والطحاوي 4/134 و135، والطبراني "5256"، والبيهقي 6/185 - 186 و190 من طريقين عن يحيى بن سعيد، به.(11/256)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ اللُّقَطَةَ وَإِنْ أَتَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ هِيَ لِصَاحِبِهَا دُونَ الْمُلْتَقِطِ يَرُدُّهَا عَلَيْهِ أَوْ قِيمَتَهَا، وَإِنْ أَكْلَهَا أَوِ اسْتَنْفَقَهَا
4894 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ الْتَقَطَ لُقَطَةً، فَلْيُشْهِدْ ذَوِي عَدْلٍ، ثُمَّ لَا يَكْتُمُ، وَلَا يُغَيِّرُ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، فَهُوَ(11/256)
أَحَقُّ بِهَا، وَإِلَّا فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ"1. [1: 18]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَضْمَرَ فِيهِ: إن لم يجيء صَاحِبُهَا، فَهُوَ مَالُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابية فمن رجال مسلم. سعيد بن عامر: هو الضبعي.
وأخرجه ابن الجارود "671" عن محمد بن يحيى، عن سعيد بن عامر، بهذا الإسناد وفيه "ولا يغيب" بدل قوله "ولايغير".
وأخرجه الطيالسي "1081" وأحمد 4/266 - 267، والطبراني 17/"986" والبيهقي 6/187 من طريق شعبة، به. وعندهم "ولايغيب" كما في "المنتقي" لابن الجارود
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/455 - 456، وأحمد 4/161 - 162 و266، وأبو داود "1709" في للقطة، ابن ماجه "2505"في اللقطة: باب اللقطة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة "8/250، والحطاوي 4/136، الطبراني 17/985، البيهقي 6/193/ من طرق عن خالد الحذاء، به.(11/257)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي هُوَ مُضْمَرٌ فِي نَفْسِ الْخِطَابِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ
4895 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ(11/257)
اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: "عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ كُلْهَا، فَإِنْ جَاءَ صاحبها فأدها إليه"1. [1: 18]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي الربيع –وهو سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ حَمَّادِ بْنِ سَعْدِ، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. أبو النصر: هو سالم بن أبي أمية.
وأخرجه مسلم "1722" "7" في للقطة، وابن ماجه "2507" في اللقطة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/230 - 231، وابن الجارود "669"، والبيهقي 6/186 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/116 و5/193، ومسلم "1722" "8"، وأبو داود "1706"، والترمذي "1373" في الأحكام: باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم، والنسائي في "الكبرى"، وابن ماجه "2507"، والطحاوي 4/138، والطبراني "5237"، و5238"، والبيهقي 6/192 و193 من طريقين عن الضحاك بن عثمان، به.
وقوله "وإن لم يعرف"، رواية مسلم "فإن لم تعترف" قال ابن الأثير: يقال: عرف فلان الضالة، أي: ذكرها وطلب من يعرفها، فجاء رجل يعترفها، أي: يصفها بصفة يعلم أنه صاحبها.
وقال ابن المنذر في "مختصره" 2/273": والصحيح أنه إذا وجد لقطة في الحرم لم يجز له أن يأخذها إلا للحفظ على صحابها، وليعرفها أبداً بخلاف لقطة سائر البلادن فإنه يجوز التقاطها للتملك.
وقال ابن القيم: وقال بعضهم: الفرق بين لقطة مكة وغيرها أن الناس يتفرقون من مكة، فلا يمكن تعريف اللقطة في العام فلايحل لأحد أن يلتقط لقطتها إلا مبادراً إلى تعريقها قبل تفريفها تفرق الناس، بخلاف غيرها من البلاد.(11/258)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ حَمْلِ لُقَطَةِ الْحَاجِّ إِذَا لَمْ يَكُنْ يُعْرَفُ أَرْبَابُهَا
4896 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ"1. [2: 3]
قَالَ بن وهب: ولقطة الحج يَتْرُكُهَا حَتَّى يَجِدَهَا صَاحِبُهَا2. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بن سعد بن تيم بن مرة بن أَخِي طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قُتِلَ هُوَ وعبد الله بن الزبير ي يوم واحد رضي الله عنه3.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد 3/499، ومسلم "1724" في اللقطة: باب لقطة الحاج، وأبو داود "1719" في اللقطة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 7/203 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي 4/140 من طريق أسامة بن زيد، عن بكير بن الأشج، به.
2 قال النووي في "شرح مسلم" 11/28: نهى عن التقاطها للتملك، وأما التقاطها للحفظ فقط، فلا منع منه.
3 سنة 73هـ وهو مترجم في "ثقات المؤلف 3/252، "وأسد الغابة" 3/472 - 473، و"الإصابة "2/402 - 403.(11/259)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ اسْمِ الضَّالِّ عَلَى مَنْ لَمْ يُعَرِّفِ الضَّوَالَّ إِذَا وَجَدَهَا
4897 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ أَبِي سَالِمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ آوَى ضَالَّةً، فَهُوَ ضَالٌّ مَا لَمْ يُعَرِّفْهَا"1. [......]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بكر بن سوادة، وأبي سالم الجيشاني: بن هانئ، فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 4/116، ومسلم "1724" في اللقطة: باب لقطة الحاج، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/232، والطحاوي 4/134، والطبراني "5282"ن والبيهقي 6/191 من طريق يحيى بن أيوب، عمر، عن عمرو بن الحارث، به.
"آوى" بالمد والقصر، فكل منهما يلزم ويتعدى، ولكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهرن به جاء التنزيل {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ} {وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ}
وقوله: "فهو ضال" أي: عن طريق الصواب، أو آثم أو ضامن إن هلكت عنده عبر به عن الضمان للمشكلة، وذلك لأنه إذا التقطها فلم يعرفها، فقد أضر بصاحبهان صار سبباًَ في تضليله عنها، فكأن ضالاًعن الحق.
وقوله: "ما لم يعرفها" فيه دليل على لزوم تعريف اللقطة مطلقاً سواء أراد تملكها أو حفظها على صاحبها.(11/260)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مَمْنُوعٌ عَنْ أَخْذِ ضَوَالِّ الْإِبِلِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الضَّوَالِّ
4898 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: "اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا" قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: "هِيَ لَكَ، أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ" قَالَ: فَضَالَّةُ الْإِبِلِ؟ قَالَ: "مَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ، حتى يلقاها ربها"1. [2: 103]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر"4889".(11/261)
23 - كِتَابُ الْوَقْفِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ اتِّخَاذِ الْأَحْبَاسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4899 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكِنَانِيُّ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدَقَتِهِ بِثَمْغٍ، فَقَالَ: "احْبِسْ أَصْلَهَا، وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَبَسَهَا عُمَرُ عَلَى السَّائِلِ، وَالْمَحْرُومِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي الرِّقَابِ، وَالْمَسَاكِينِ، وَجَعَلَ قَيِّمَهَا يأكل ويؤكل غير متأثل مالا1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، وقد توبع.
وأخرجه الدارقطني 4/187 عن جعفر بن محمد الواسطين، عن موسى بن هارون، عن محمد بن يحيى الذهلي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً 4/187 من طريقين عن عبيد الله، به. = وأخرجه أحمد 2/114 و156، والبخاري "2764" في الوصايا: باب ما للوصي أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته، و"2777" باب نفقه القيم للوقف، والدارقطني 4/ 186، والبيهقي 6/159 من طرق عن نافع. به.
وأخرجه مسلم "1633" في الوصية: باب الوقف، وابن ماجه "2397" في الصدقات: باب من وقف، من طرق عن ابن عمر، عن عمر. جعلاه من مسند عمر، والمشهور الأول. وانظر ما بعده.
وقوله "غير متأثل"، أي: جامع وآخذ. قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 1/192: المتأثل: الجامع، وكل شيء له أصل قديم، أو جُمع حتى يصير له أصل، فهو ومتؤثل ومتأثل..
وثمغ، بفتح الثاء: وسكون الميم، ومنهم من فتحها، حكاه المنذري، قال أبو عبيد البكري: هي أرض تلقاء المدينة.(11/262)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَحْبَاسَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا
4900 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بن سفيانقال: حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اسْتَشَارَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَالِهِ بِثَمْغٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَصَدَّقْ بِهِ تَقْسِمُ ثَمَرَهُ، وَتَحْبِسُ أصله، لا يباع ولا يوهب"1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. إبراهيم بن سعد: هو ابن إبراهيم إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه الدارقطني4/187، والبيهقي 6/160 من طريقين عن حرملة بن يحيى بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي 4/95 عن أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن عمه عبد الله بن وهب، به.
وأخرجه الدارقطني 4/186 من طريق عبد الله بن شبيب، عن إسماعيل، عن عبد العزيز بن الطلب، به. وانظر ما بعده.(11/263)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَجَازَ بَيْعَ الْأَحْبَاسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ تُحْبَسَ أَوْ تَوْرِيثَهَا بَعْدَ أَنْ تُوقَفَ
4901 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن عون، عن نافع عن بن عُمَرَ، قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ فَأَتَى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْمَرَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ قَطُّ مَالًا أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُ فِيهَا؟ فَقَالَ: "إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا، وَتَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ، فَتَصَدَّقْ بِهَا فِي الْفُقَرَاءِ، وَفِي الْغُرَبَاءِ، وَفِي الرِّقَابِ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، وَفِي الضَّيْفِ، لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ، أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقًا غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ" قَالَ: وَقَالَ محمد: غير متأثل مالا". [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسنده فمن رجال البخاري. ابن عون بن أرطبان. =(11/264)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أبو داود "2878" في الوصايا: باب ما جاء في الرجل يوقف الوقف، عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2772" في الوصايا: باب الوقف كيف يكتب، عن مسدد، عن يزيد بن زريعن عن ابن عون، به.
وأخرجه النسائي 6/231 في الأحباس: باب كيف يكتب الحبس، من طريقين عن بشر بن المفضل، به
وأخرجه أحمد 2/12 - 13 و55، وأبو عبيد الله في "غريب الحديث" 1/193، والبخاري "2737" في الشروط في الوقف، و"2772" في الوصايا: باب الوقف كيف يكتب، و"2773": باب الوقف للغني والفقر والضيفن ومسلم "1632" في الوصية: باب الوقف، والوقف، وأبو داود "2878"ن والترمذي "1375" في الأحكام: باب الوقف، والنسائي 6/230 و 231، وابن ماجه "296" في الصدقات: باب الوقف، والطحاوي 4/95، والدارقطني 4/187 و188 و189، 190، والبيهقي 6/ 158 - 159و159، والبغوي "2195" من طرق عن ابن عون، به.
وقوله "قال محمد: غير متأثل مالا"، محمد: هو ابن سيرين، بين ذلك الدارقطني 4/188 - 189، من طريق أبي أسامة، عن ابن عون قال: ذكرت حديث نافع لمحمد بن سيرين، فذكره.
وقوله "غير متمول" أي: غير متخذ منها مالا أي: ملكاً، المراد أنه لايتملك شيئاً من رقابهان والمتأثل: والمتحذن وقد تفسيره، واشتراط نفي التأثل يقوي ما ذهب إليه من قال: المراد من قوله "يأكل منها بالمعروف" حقيقة الأكل لا الأخذ من مال الوقف بقدر العمالةن قاله القرطبي.
وقال الحافظ في "الفتح" 5/272": قال الترمذي لا نعلم بين الصحابة والمتقدمين من أهل العلم خلافاً في جواز وقف الأرضين، وجاء عن شريح أنه أنكر الحبسن ومنهم من تأوله، وقال أبو حنيفة: لا يلزم، وخالفه جميع أصحابه إلا زفربن الهذيلن فحكى الطحاوي عن عيسى بن أبان، قال: كان أبو يوسف يجيز بيع الوقف، فبلغه حديث عمر هذان فقال: من سمع هذا من ابن عون؟ فحدثه به ابن علية فقال: هذا لا يسع أحدها خلافه، ولو بلغ أبا حنيفة لقال به، فرجع بيع الوقف حتى صار كأنه لا خلاف فيه بين أحد. ونظر "عمدة القارئ" 14/24 - 25.(11/265)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اتِّخَاذَ الْأَحْبَاسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ خَيْرِ مَا يَخْلُفُ الْمَرْءَ بَعْدَهُ
4902 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "خَيْرُ مَا يَخْلُفُ الْمَرْءُ بَعْدَ مَوْتِهِ ثَلَاثٌ: وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ وَصَدَقَةٌ تَجْرِي يَبْلُغُهُ أَجْرُهَا، وَعَمَلٌ يُعْمَلُ بِهِ مِنْ بَعْدِهِ"1.
__________
1 فليح بن سليمان فيه كلام من جهة حفظه، وباقي السند ثقات. وأخرجه الطبراني في "الصغير" "395" من طريق محمد بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو الحسن القطان في زياداته على ابن ماجه بأثر الحديث "241" عن محمد بن يزيد الزهاوي، عن أبيه، عن زيد بن أبي أنيسةن به.
وقد تقدم برقم "93" عن الحسن بن سفيان، عن إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمةن عن محمد بن سلمةن عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أبي أنيسة، عن زيد بن أسلمن بهذا الإسناد، لم يذكر فيه فليحاًن وله شاهد صحيح من حديث أبي هريرة خرج هناك.(11/266)
كتاب البيوع
أحكام البيع
ذِكْرُ تَرَحُّمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمُسَامِحِ في البيع والشراء والقبض والإعطاء
...
24 - كِتَابُ الْبُيُوعِ
ذِكْرُ تَرَحُّمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمُسَامِحِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْقَبْضِ وَالْإِعْطَاءِ
4903 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى، سَمْحًا إِذَا قضى"1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح، محمد بن سهل بن عسكر من رجال مسلم، وعلى عياش بن عياش من رجال البخارين ومن فوقهما على شرطهما.
وأخرجه البخاري "2076" في البيوع: باب السهولة والسماحة في الشراء والبيعن ومن طريقه البغوي "2044" عن على بن عياش، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الصغير "672"، والبيهقي 5/357 من طريقين عن على بن عياشن به. وأخرجه ابن ماجه "2203" في التجارات: باب السماح في البيع، عن عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، عن أبيه، عن محمد بن مطرف، به.
وأخرجه أحمد 3/340، والترمذي"1320" في البيوع: باب ما جاء في استقراض البعير، والبيهقي 5/357 - 358 من طريقين عن زيد بن عطاء السائبن عن محمد بن المنكدرن عن جابر لفظ: "غفر الله لرجل كان قبلكم، كان سهلاً إذا باع، سهلا إذا قضىن سهلا إذا اقتضى". قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
"واقتضى" أي: طلب قضاء حقه بسهولة وعدم إلحاف، وقضى: أعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل. وفيه الحض على السماحة في المعاملة، واستعمال معالي الأخلاق، وترك المشاقة، والحض على ترك التضييق على الناس في المطالبة، وأخذ العفو منهم.(11/267)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْبَيْعَيْنِ أَنْ يَلْزَمَا الصِّدْقَ فِي بَيْعِهِمَا، وَيُبَيِّنَا عَيْبًا عَلِمَاهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ سَبَبُ الْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِمَا
4904 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْخَلِيلِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا، بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كذبا وكتما، محق بركة بيعهما"1. [1: 89]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن أيوب من رجال مسلمن ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو الخليل: هو صالح بن أبي مريم الضبعين وسعيد بن أبي عروبة وإن عروبة إن رمى بالاختلاط قد سمع منه إسماعيل ابن علية قبل =(11/268)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= اختلاطه كما في "شرح علل الترمذي" لا بن رجب 2/568، وهو من أثبت الناس في قتادة.
وأخرجه أحمد 3/402 و434، والدارمي 2/250، وهو من أثبت الناس في قتادة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/124، وأحمد 3/403، والطبراني "3118" من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وأخرجه الشافعي 2/154 - 155، وأحمد 3/403، والطيالسي "1316"، والدارمي 2/250، والبخاري "2079" في البيوع: باب إذا بين البيعان ولم يكتما ونصحا، و"2082" باب يمحق الكذاب والكتمان في البيع، و2108" باب كم يجوز الخيار، و"2110" باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، و"2114" باب إذا كان البائع بالخيارن هل يجوز البيع؟ ومسلم "1532" في البيوع: باب الصدق في البيع والبيانن وأبوداود "3459" في البيوع: باب خيار المتبايعينن والنسائي 7/244 - 245 في البيوع: باب ما يجب على التجار على من التوقية، والطبراني "3115" و"3116" و"3117" و"3119"، والبيهقي 5/269، والبغوي "2051" من طريقين عن قتادة، به.
وقوله "فإن صدقا": أي صدق البائع في إخبار المشتري مثلا، وبين العيب إن كان في السلعةن وصدق المشتري في قدر الثمن وبين العيب إن كان في الثمن، ويحتمل أن يكون الصدق والبيان بمعنى واحد، وذكر أحدهما. تأكيد للآخر.
وقوله: "محق بركة بيعهما" يحتمل أن يكون على ظاهره، وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد فمحق بركتهن وإن كان الصادق مأجوراًن والكاذب مأزوراًن ويحتمل أن يكون ذلك مختصاً بمن وقع منه التدليس والعيب دون الآخر وجحه ابن أبي جمرة.
وفي الحديث فضل الصدق والحث عليه، وذم الكذب والحث على منعةن وأنه سبب لذهاب البركةن وأن عمل الآخر يحصل خيري الدنيا والآخرة.(11/269)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ غَشَّ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنَ الْأَحْوَالِ
4905 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِيهَا، فَإِذَا فِيهِ بَلَلٌ، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ"؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ سَمَاءٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "فَهَلَّا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا"1. [2: 61]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. العلاء: هو ابن عبد الرحمن الخرقين وهو أبوه من رجال مسلم، وباقي رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم "102" في الإيمان: باب قوله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ منا" والترمذي "1315" في البيوع، وابن ماجه "2224" في التجارات: باب النهي عن الغش، والحاكم 2/9، والبيهقي 5/320، وابن منده في "الإيمان" "552"، والبغوي "21120"، من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/242، وأبو داود "3452" في البيوع: باب في النهي عن الغش، وأبو عوانة 1/57، والطحاوي في "شرح مشكل الأثار" 2/134ن وابن منده "550"و"551"، والبيهقي 5/320، والبغوي "2121" من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، به.
وقوله: "من غشنا فليس منا" وفي رواية: "من غش فليس مني"، قال البغوي 8/167: لم يرد به نفيه عن دين الإسلام، وإنما أراد أنه ترك اتباعي، إذ ليس هذا من أخلاقنا وأفعالنا، أو ليس هو على سنتي وطريقي في مناصحه الإخوان، هذا كما يقول الرجل لصاحبه: أنا منك، يريد به الموافقة والمتابعة، قال الله سبحانه وتعالى إخباراً عن إبراهيم عليه السلام: {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} ، والغش نقيض النصح، مأخوذ من الغشش، وهو المشرب الكدر.
وقال البغوي: والتدليس في البيع حرام، مثل أن يخفى العيب أو يصري الشاة أو يغمر وجه الجارية فيظنها المشتري حسناء، أو يجعد شعرها، غير أن البيع معه يصح، ويثبت للمشتري الخيار إذا وقف عليه.....(11/270)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُنْفِقَ الْمَرْءُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبَةِ
4906 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ مَنْفَقَةٌ لِلسِّلْعَةِ مَمْحَقَةٌ لِلْكَسْبِ"1. [2: 79]
__________
1 إسناده قوي، محمد بن وهب بن أبي كريمة روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال النسائي: لابأس به صالح، وقال مسلمة بن قاسم: صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي الحراني، وزيد: هو ابن أبي أنيسة.
وأخرجه أحمد 2/235 و242 و413، والبيهقي 5/265 من طرق عن العلاء بن عبد الرحمنن بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2087" في البيوع: باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} ومسلم "1606" في المساقاة: باب النهي عن الحلف في البيع، 7/246 في البيوع: باب المنفق سلعته بالحلف الكاذب، والبيهقي 5/265، والبغوي "2046" من طرق عن يونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، بلفظ "الحلف منفقة ... " وقوله "منفقة للسلعة" من قولهم: نفق البيع ينفق نفاقاً: إذا كثر المشترون والرغبات فيهن والسلعة: المتاع، وممحقة: مفعلة، من المحق وهو النقص والإبطال.(11/271)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا لَا يَنْظُرُ فِي الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ نَفَقَ سِلْعَتَهُ فِي الدُّنْيَا بِالْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ
4907 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يُحَدِّثُ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحَرِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ خَابُوا وَخَسِرُوا فَأَعَادَهَا، فَقُلْتُ: مَنْ هُمْ فَقَالَ: الْمُسْبِلُ، وَالْمَنَّانُ، وَالْمُنْفِقُ سلعته بالحلف كاذبا"1. [2: 79]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي.
وأخرجه الدارمي 2/267، وأبو عوانة 1/40، وابن منده في "الإيمان" "616" من طرق عن أبي الوليد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/148 و162 و168ن ومسلم "106" في الإيمان: باب بيان غلط تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفق السلعة بالحلفن وأبو داود "4087" في اللباس: باب ماجاء في إسبال الإزار، والترمذي "1211" في البيوع: باب ما جاء فيمن حلف على سلعة كاذباً، والنسائي 7/245 - 246 في البيوع باب المنفقة سلعته بالحلف الكاذب، وابن أبي شيبة 9/92 - 93، والدارمي 2/267، والطيالسي "467"، والدارمي في "الرد على الجهمية" ص93، وأبو عوانة 1/40، والبيهقي في "السنن" 5/265، وفي الأسماء والصفات" 2/354 من طرق عن وكيع، عن المسعودي، عن على بن مدرك، به.
وأخرجه مسلم "106"، وأبو داود "4088"، والنسائي 7/246، وأبو عوانة 1/39 و40، وابن منده "617"، والبيهقي 4/191، من طرق عن الأعمش، عن سليمان بن مسهر، عن خرشة بن الحر، به.
وقوله: "المنان": يتأول على وجهين، أحدهما من "المنة" التي هي الاعتداد بالصنيعة، هي إن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر، وإن كانت في المعروف كدرت الصنيعة، وقيل: من "المن" وهو النقص، يريد النقص من الحق والخيانة، ومنه قوله سبحانه: {وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ} أي: غير منقوص، وسمي الموت منوناً، لأنه ينقص الأعداد.
قال القرطبي: جمع الثلاثة في قرن، لأن المسبل إزاره هو المتكبر المرتفع بنفسه على الناس ويحقرهم، والمنان إنما من بعطائه لما رأى من علوه على المعطي له، والحالف البائع يراعي غبطة نفسه، وهضم صاحب الحق، والحاصل من المجموع: احتقار الغير، وإيثار نفسه، ولذلك يجازيه الله باحتقاره له، وعدم التفاته إليه، كما لوح به "لايكلمهم الله".(11/272)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُسْبِلُ" أَرَادَ بِهِ الْمُسْبِلَ إِزَارَهُ خُيَلَاءَ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمَنَّانُ" أَرَادَ بِهِ عِنْدَ إعطاء صدقه الفريضه".(11/273)
ذِكْرُ وَصْفِ بَعْضِ الْحَلِفِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يبغض الله وجل وَعَلَا الْبَيَّاعَ
4908 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ(11/273)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ، وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ: رَجُلٌ حَلَفَ بَعْدَ العصر على مال امرى مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ، وَرَجُلٌ حَلَفَ لَقَدْ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى، وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ، يَقُولُ: اللَّهُ: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فضل ما لم تعمله يداك"1. [109: 2]
__________
1 إسناده صحيح، صفوان بن صالح روى له أصحاب السنن، وهو يقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. عمرو بن دينار: هو المكي، وأبو صالح: هو ذكوان السمان.
وأخرجه البخاري "2369" في الشرب والمساقاة: باب من رأي أن صاحب الحوض والقربة إلى بمائة، و"7446" في التوحيد: باب وقول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إلى ربها ناظرة} ، ومسلم "108" "174" في الإيمان: باب غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفيق السلعة بالحلف، وابن منده في "الإيمان" "626"، والبيهقي في "السنن" 6/ 152، و10/177 - 178، وفي "الأسماء والصفات" 1/352، 353، والبغوي "1669" و"2516" من طرق عن ابن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "108"ن والنسائي 7/246 - 247 في البيوع: باب الحلف الواجب للخديقة في البيعن وأبو عوانة 1/41، وابن منده "623" والبيهقي 10/177 من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، به.
وأخرجه البخاري "2358" في المساقاة: باب إثم من منع ابن السبيل منن و"2672" في الشهادات: باب اليمين بعد العصر، و"7212" في الأحكام: باب من بايع رجلاً لا يبايعه إلا للدنيان ومسلم "108"، وأبو داود "3474" في البيوع: باب في منع الماء؛ وابن ماجه "2207" في التجارات: باب ما جاء في كراهية الأيمان في الشراء والبيع، و"2870" في الجهاد: =(11/274)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باب الوفاء بالبيعة، وابن منده "622"و"625"، والبيهقي 5/ 330و8/160، وفي: "الأسماء الصفات" 1/253، من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة. وفيه "ورجل بايع إماماً لايبايعه إلا للدنيا" بدل "ورجل حلف لقد أعطى بسلعته أكثر مما اعطى".
وقوله: "لا يحكمهم الله" قال النووي في "شرح مسلم" 2/116: قيل معنى "لايكلمهم" أي: لايكلمهم تكليم أهل الخيرات بإظهار الرضا، بكلام أهل السخط والغضب، وقيل: المراد الإعراض عنهم، وقال جمهور الفسرين: لا يكلمهم كلاماً ينفعهم ويسرهم، وقيل: لا يرسل إليهم الملائكة بالتحتة، ومعنى "لاينظر إليهم" أي يعرض عنهم، ونظره سبحانه وتعالى لعباده رحمته ولطفه بهم.
وقوله "رجل حلف بعد العصر على مال امرئ مسلم فاقتطعه" وجاء عند البخاري ومسلم وغيرهما "رجل ساوم رجلاً بسلعة بعد العصر فحلف بالله لقد أعطي بها كذا وكذا"، قال النووي في "شرح مسلم" 2/117: وأما الحالف كاذباً بعد العصر، فمستحق هذا الوعيدن وخص ما بعد العصر لشرفه بسبب اجتماع ملائكةالليل والنهار.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 13/203 وقال الخطابي: خص وقت العصر بتعظيم الإثم فيه، وإن كانت اليمين الفاخر، محرمة في كل وقت، لأن الله عظم شأن هذا الوقت بأن جعل الملائكة تجتمع فيه، وهو وقت ختام الأعمال، والأمور بخواتيمهان فغلظت العقوبة فيه لئلا يقدم عليه تجرؤاً، فإن من تجرأ عليه فيه اعتادها في غير، وكان السلف يحلفون بعد العصر.
وقال الحافظ 5/284: قال المهلب: إنما خص النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوقت بتعظيم الإثم على من حلف فيه كاذباً لشهود ملائكة الليل والنهار ذلك والوقت، تعقبه بقوله: وفيه نظر، لأن بعد صلاة الصبح يشاركه في شهود الملائكة ولم يأت فيه ما أتي في وقت العصر، ويمكن أن يكون اختص بذلك لكونه وقت ارتفاع الأعمال.
وقوله "أعطى" بفتح الهمزة والطاء على البناء للفاعل، والضمير للحالف، وكذا "أعطى" الثانية.(11/275)
ذِكْرُ وَصْفِ الْبَعْضِ الْآخَرِ مِنَ الْحَلِفِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ يُبْغِضُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْبَيَّاعَ
4909 - أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغدادقال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسبقال: حدثنا بن أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ الله بن الهدير عن أبي سعيد الخدريقال: مَرَّ أَعْرَابِيٌّ بِشَاةٍ فَقُلْتُ تَبِيعُنِيهَا بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قَالَ لَا وَاللَّهِ ثُمَّ بَاعَنِيهَا فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: "باع آخرته بدنياه"1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن. ابن أبي فديك: هو محمد بن إسماعيل بن مسلم، وربيعة بن عثمان: هو ابن ربيعة بن عبد الله بن الهديرن وربيعة بن عبد الله بن الهدير له رؤية، وذكره المؤلف في ثقات التابعين، وروى له البخاري. وأورده السيوطي في الجامع الكبير 2/457، وزاد نسبته إلى الضياء المقدسي في "المختارة".(11/276)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْفُجُورِ لِلتُّجَّارِ الَّذِينَ لَا يَتَّقُونَ اللَّهَ فِي بَيْعِهِمْ وَشِرَائِهِمْ
4910 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَّارُ، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ الزُّرَقِيِّ، عَنْ أَبِيهِ(11/276)
عَنْ جَدِّهِ رِفَاعَةَ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْبَقِيعِ، وَالنَّاسُ يَتَبَايَعُونَ، فَنَادَى: "يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ" فَاسْتَجَابُوا لَهُ وَرَفَعُوا إِلَيْهِ أَبْصَارَهُمْ، وَقَالَ: "إِنَّ التُّجَّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجَّارًا إِلَّا مَنِ اتَّقَى وبر وصدق"1. [2: 109]
__________
1 إسماعيل بن عبيد "ويقال: عبيد الله "لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير عبد الله بن عثمان بن خيثم، وروى له هذا الحديث والواحد البخاري في "الأدب المفرد" والترمذي وابن ماجه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني "4542" من طرق عن داود بن عبد الرحمن العطار، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "20999"، والدارمي /2247، والترمذي "1210" في البيوع: باب ما جاء في التجار، وابن ماجه "2146" في التجارات: باب التوقي في التجارة، والطبراني "4539" و"5340" و"5341" "5343"ن والحاكم 2/6، والبيهقي 5/266، من طرق عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، به. وقال الترمذي: حسن صحيح، صححه الحاكم ووافقه الذهبي!.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني "12499": حدثنا عبد الله بن أحمد، حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي، حدثنا الحارث بن عبيدة، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فذكره، وفيه "وأدي الأمانة" بدل "اتقى".
وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/72 وقال: فيه الحارث بن عبيدة وهو ضعيف.
وفي الباب عن عبد الرحمن بن شبل: أخرجه أحمد 3/428، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/12، والحاكم 2/6 - 7 من طريق هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو راشد الحبراني سمع عبد الرحمن بن شبل رفعه "إن التجار هم الفجار" قيل: يارسول الله أوليس قد أحل الله البيع. قال: "بلى، ولكنهم يحدثون فيكذبونن ويحلفون فيأثمون".
قال الحاكم: صحيح الإسناد، وقد ذكر هشام بن أبي عبد الله سماع يحيى بن أبي كثير من أبي راشد، وهشام ثقة مأمون، وأدخل أبان بن يزيد العطار بينهما زيد بن سلام، ووافقه الذهبي.
وخالفه معمرن فقال: عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده قال: كتب معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل: أن علم الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره أخرجه أحمد 3/444.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/73 و8/36 ونسبه لأحمد والطبراني وقال: رجال الصحيح.(11/277)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَقَعُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ بِلَفْظَةٍ تُؤَدِّي إِلَى رِضَاهُمَا وَإِنْ لَمْ يَقُلِ الْبَائِعُ: بِعْتُ وَلَا الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ
4911 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ قَالَ: أَقْبَلْنَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا دُونَ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِعْنِي جَمَلَكَ هَذَا" قُلْتُ: لَا بَلْ هُوَ لَكَ قَالَ: فَقَالَ: "لَا، بِعْنِيهِ" قُلْتُ: لَا بَلْ هُوَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "لَا بِعْنِيهِ"، قُلْتُ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أُوقِيَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَهُوَ لَكَ بِهَا، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ أَخَذْتُهُ فَتَبَلَّغْ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ"، فَلَمَّا قَدِمْتُ المدينة،(11/278)
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ: "أَعْطِهِ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ وَزِدْهُ" قَالَ: فَأَعْطَانِي أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ، وَزَادَنِي قِيرَاطًا، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ فِي كِيسٍ لِي، فَأَخَذَهُ أَهْلُ الشَّامِ ليالي الحرة 1. [5: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميدن ولأعمش: هو سليمان بن مهران.
وأخرجه مسلم "715" "111" ص1222 في المساقاة: باب بيع البعير واستثناء ركوبه، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/314، والنسائي 7/298 في البيوع: باب البيع يكون فيه الشرط فيصح البيع والشرطن من طريق الأعمش، به.
وعلقه البخاري "2718" في الشروط: باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، عن الأعمش به.
وسيأتي مطولاً عند المصنف "6483" من طريق سالم بن أبي الجعد، و"6484" و"7099" من طريق وهب بن كيسان، عن جابر.
وقوله "ليالي" الحرة" يريد الليالي التي وقع فيها القتال بين أهل الشام وبين أهل المدينة، في حرة واقم التي تقع شرقي المدينة، وكانت سنة 63هـ، وبين أهل المدينة في حرة واقم التي تعد كما يقول ابن حزم في "جوامع السيرة"ص357 - 358 من أكبر مصائب الإسلام وخرومهن لأن أفاضل المسلمين، وبقية الصحابة، وخيار المسلمين من جلة التابعين قتلوا جهراً ظلماً في حرب وصبر اً، وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وراثت وبالت في الروضة بين القبر والمنبر، ولم تصل جماعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولاكان فيه أحد حاشاً سعيد بن المسيب، فإنه لم يفارق المسجدن ولولا شهادة عمرو بن عثمان بن عفان ومروان بن الحكم عند مجرم بن عقبة المري بأنه مجنون لقتله، وأكره الناس على أن يبايعوا يزيد بن معاوية على أنهم عبيد له أن شاء باع وإن شاء أعتق ... وهتك مسرف أو مجرم الإسلام هتكاً، وأنهب المدينة ثلاثاً، واستخف بأصحاب رسول الله صلى عليه سلم، ومدت الأيدي إليهمن وانتهبت دورهم.(11/279)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْعِهِمَا الْخِيَارُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا
4912 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا".
قال نافع: وكان بن عُمَرَ إِذَا أَعْجَبَهُ شَيْءٌ فَارَقَ صَاحِبَهُ لِكَيْ يجب له1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي، وأبو شهاب: هو عبد ربه بن نافع الكناني.
وأخرجه البخاري "2170" في البيوع: باب كم يجوز الخيارن والترمذي "1245" في البيوع: باب رقم"26"،والنسائي 7/249 - 250 - و250 في البيوع باب ذكر الاختلاف على نافع في لفظ حديثه، والبيهقي 5م269 من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "654"، وعبد الرزاق "14262" و"14263"، وابن أبي شيبة 7/والشافعي 2/154، وأحمد 2/4و73، والبخاري "2109" باب إذا لم يوقت في الخيار هل يجوز البيع، ومسلم "1531"، وأبو داود "3455"، في البيوع: باب خيار المتبايعين، والنسائي 7/248 و249، والطحاوي 4/12، والبغوي "2048" من طرق عن نافع، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "13101"من طريق يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر.
تنبيه: فعل ابن عمر هذا محمول على أنه لم يبلغه الخبر النهي عنه كما جزم به الحافظ في "التلخيص" 3/20 في حديث عبد الله بن عمرو الذي أخرجه أحمد 2/183، والترمذي "1247"، والنسائي 7/251 - 252، وأبو داود "3456"، وابن الجارود "620"، والدارقطني 3/6، والبيهقي 5/271، رفعه: "المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار، ولايحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله". وسنده حسن كما قال الترمذي(11/280)
ذِكْرُ خَبَرٍ فِيهِ كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ في خبر بن عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إِنَّمَا هُوَ فِرَاقُ الْأَبْدَانِ
4913 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ بَيِّعَيْنِ لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يتفرقا إلا بيع الخيار"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه مسلم "1531" "46"، والنسائي 7/250، عن علي بن حجر، والبغوي "2050" من طريق الكشميهني عن على بن معبد، عن إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرجه الحميدي "655"، وعبد الرزاق "14265"، وابن أبي شيبة 7/124، وأحمد 2/9، والبخاري "2113" في البيوع: باب إذا كان البائع بالخيار هل يجوز البيع، ومسلم "1531" "46"، والنسائي 7/250 - 251، وابن الجارود "617"، والبيهقي 5/269 من طرق عن عبد الله بن دينار, به. قال البغوي في "شرح السنة" 8/39: اختلف أهل العلم في ثبوت خيار المكان للمتبابعين فذهب أكثرهم إلى أنهما بالخيار بين فسخ البيع وإمضائه ما لم يفترقا بالأبدان، ويروي فيه عن ابن عباس، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، حكيم بن حزام، وهو قول عبد الله بن عمر، وأبي برزة الأسلمي، وإليه ذهب شريح، وسعيد بن المسيب والحسن البصري، والشعبي، وطاووس، وعطاء بن أبي رباح، وبه قال الزهري، والأوزاعي، وابن المبارك والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور.
وقال النخعي: لايثبت خيار المكان، ويلزم البيع نفس التواجبن وهو قول مالك، والثوري، وأصحاب الرأي، وحملوا التفرق المذكور في الحديث على التفرق في الرأي والكلام، والأول أصح، لأن العلم قد استقر بين العامة على أمر معلوم عند العامة إخلاء الحديث عن الفائدة. والدليل على أن المراد منه هو التفرق بالأبدان ماروي أن ابن عمر كان إذا ابتاع الشيء يعجبه أن يجب له، فارق صاحبه، فمشى قليلاً، ثم رجع، فحمل التفرق على للتفرق بالأبدانن وراوي الحديث أعلم بالحديث من غيره.(11/281)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْفِرَاقَ فِي خبر بن عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إِنَّمَا هُوَ فِرَاقُ الْأَبْدَانِ دُونَ الْفِرَاقِ الَّذِي يَكُونُ بِالْكَلَامِ
4914 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَطَاءِ بن أبي رباح عن بن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: "مَنِ ابْتَاعَ بَيْعًا فَوَجَبَ لَهُ،(11/282)
فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يُفَارِقْهُ، إِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فإن فارقه فلا خيار له"1. [3: 43]
4915 - أَخْبَرَنَاهُ الْقَطَّانُ فِي عَقِبِهِ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ2. [3: 43]
__________
1 إسناده حسن. سليمان بن موسى: هو الأشدق، وهوصدوق، فقيه، في حديثه بعض لينن وخولط قبل موته بقليل، فمثله يكون حسن الحديث. وأنظر ما بعده.
وأخرجه الحاكم 2/14 من طريقأحمد بن عيسى الخشاب التنيسي اللخمي، حدثنا عمر بن أبي سلمة، حدثنا أبو معبد خفص بن غيلان، بهذا الإسناد. وأحمد بن عيسى التنيسي: قال الدارقطني: ليس بالقويت، ولم يخرج له أحد من الكتب السته، ومع ذلك قفد صحح الحاكم إسناده، ووافقه الذهبي.
2 إسناده حسنن وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه الدارقطني 3/5، والبيهقي 5/270 من طريق أحمد بن عيسى التنيسي، عن عمرو بن أبي سلمة، عن أبي معيد، بهذا الإسناد.(11/283)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ فَارَقَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ أَرَادَ بِهِ فِي غَيْرِ بَيْعِ الْخِيَارِ
4916 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نافععن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُتَبَايعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الخيار"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/671 في البيوع باب بيع الخيار.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "الأم" 3/4، وفي "المسند" 2/154، وفي "الرسالة" فقرة "863"، وأحمد 1/56، وبالخباري "2111"، في البيوع: باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، ومسلم "1531" في البيوع: باب ثبوت خيار المجلسن وأبو داود "3454" في البيوع: باب خيار المتبايعين، والنسائي 7/248 في البيوع: باب وجوب الخيار للتبايعين، والدارقطني 3/6، والبيهقي 5/268، والبغوي "2047".(11/284)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4917 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الربيع، حدثنا بن وَهْبٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ نَافِعًا حدثه عن بن عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعًا أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَإِنْ خَيَّرَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، فَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أَنْ تَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الْبَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الربيع: هو الزهراني سليمان بن داود العتكي وابن وهب: هو عبد الله.
وأخرجه الدارقطني 3/5، وابن الجارود "618" من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد وأخرجه البخاري "2112" في البيوع باب إذا خير أحدهما صاحبه بعد البيع فقد وجب البيع، ومسلم "1531" "44"، والبيهقي 5/269، والبغوي "2049" من طريقين عن الليث بن سعد، به.(11/284)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنِ اشْتَرَى طَعَامًا أَنْ يَكِيلَهُ رَجَاءَ وُجُودِ الْبَرَكَةِ فِيهِ
4918 - أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانَ السَّامِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كِيلُوا طعامكم يبارك لكم فيه"1. [1: 95]
__________
1 إسناده صحيح، عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد الحمصي: ثقة، روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه من رجال الشيخين. الوليد: هو ابن مسلم، وقد صرح بالتحديث عند البيهقي، وتابعه عليه ابن المبارك ويحيى بن حمزة.
وأخرجه البخاري "21128" في البيوع: باب ما يستحب من الكيل، والطبراني في "الكبير" 20/"643"، والقضاعي في مسند الشهاب" "698"، والبيهقي 6/32، والبغوي "3000"، من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/131، والبيهقي 6/31 و32، وأبو نعيم في "الحلية" 5/ 217 من طريقين عن ثور بن يزيد، به.
وأخرجه أحمد 5/414، ابن ماجه "2232" في التجارات: باب مايرجى من كيل الطعام من البركة، والطبراني في "الكبير" "3859"، والقضاعي "697"ن والبيهقي 6/32، وأبو نعيم 5/217 من طريقين عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدانن عن لمقدام بن معدي كرب، عن أبي أيوب الأنصاري.
وفي الباب عن عبد الله بن بسر المازني عند ابن ماجه "2231".(11/285)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جل وعلا: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}
4919 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قال: حدثني الحسين بن سعد بن بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ1 حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، أَخْبَرَنَا أَبِي، عن يزيد النحوي، عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِنْ أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلًا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فأحسنوا الكيل بعد ذلك2. [3: 64]
__________
1 كذا في الأصل و"التقاسيم" 3/لوحة 221، و"الموارد" "1770": الحسين بن سعد ابن بنت على ... ، وفي "التهذيب التهذيب" 7/271 في ترجمة على بن الحسن بن واقد: روى عنه ابن ابنه الحسين بن سعيد بن على بن الحسين، وفي "تهذيب التهذيب" 3/ ورقة 60: روى عنه حفيده حسين بن سعد بن على. ولم يجد للحسين بن على سعد ترجمة في "ثقات المصنف"، ولا في غيره من كتب التراجم التي بين يدي.
2 حديث حسن. الحسين بن سعد وإن لم يعرف –قد تابعه عليه غير واحد.
فأخرجه النسائي في التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 5/179، وابن ماجه "2223" في التجارات: باب التوفي في الكيل والوزن، والطبري في "جامع البيان" 30/91، والحاكم 2/33 والواحدي في "أسباب النزول" ص298، والطبراني في "الكبير" "12041"، والبيهقي 6/32ن والبغوي في "معالم التنزيل" 4/275 من طرق عن على بن الحسين بن واقد، بهذا والإسناد وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وقال البوصيري في "الزوائد 1/142: هذا إسناد حسن، على بن الحسين بن واقد: مختلف فيه، وباقي الإسناد ثقات.(11/286)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ أَخْذِ الْمَرْءِ فِي ثمن سلعته المبيعة العين ثم لَمْ يَقَعِ الْعَقْدُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا فِرَاقٌ
4920 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير عن بن عُمَرَ، قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ فِي الْبَقِيعِ فأبيع بالدنانير، وآخذ الدارهم، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا بَأْسَ إِذَا أَخَذْتُهُمَا بِسِعْرِ يَوْمِهِمَا فافترقتما وليس بينكما شيء"1. [3: 65]
__________
1 إسناده حسن على شرط مسلم. وجاله ثقات غير سماك بن حرب، وهو صدوق حسن الحديث. أبو الوليد: هو الطيالسي هشام بن عبد الملك.
وأخرجه الدارمي 2/259، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/96، وابن الجارود في "المنتقى" "655" من طريق أبي الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1868"، وأحمد 2/83 - 84 و139، وأبو داود "3354" في البيوع: باب اقتضاء الذهب من الورق، والترمذي "1242" في البيوع: باب ماجاء في الصرف، والنسائي 7/281 - 282 في البيوع: باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، وابن ماجه "2262" في التجارات: باب اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهبن والدارقطني 3/23 - 24ن والبيهقي 5/284 و315 من طرق عن حماد بن سلمة، به. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه عبد الرزاق "14550"، وأحمد 2/33 و83، وأبو داود "3355"، والنسائي 7/282 باب أخذ الورق من الذهب والذهب من الورق، وابن ماجه "2262"، والطحاوي في "شرح المشكل" 2/95، من طرق عن سماك بن حرب، به.
قال البيهقي: الحديث يتفرد به سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير من أصحاب ابن عمر.
وقال الترمذي: هذا الحديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفاً.
قلت ورواية ابن أبي هند هذه أخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/332 بإسناد صحيح. قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير، قال: رأيت ابن عمر يكون عليه الدنانيرن فيعطي الورق بقيمتها.(11/287)
ذكر البيان بأن مشتري النخلة بعد ما أُبِّرَتْ لَا يَكُونُ لَهُ مِنْ ثَمَرِهَا شَيْءٌ إِذَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ الشَّرْطُ
4921 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حدثنا بن أبي ذئب، عن بن شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اشْتَرَى نَخْلًا(11/288)
بَعْدَمَا أُبِّرَتْ وَلَمْ يَشْتَرِطْ ثَمَرَهَا، فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَمَنِ اشْتَرَى عَبْدًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ مَالَهُ، فلا شيء له"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن الجعد، فمن رجال البخاري. ابن أبي ذئب: وهو عند ابن الجعد برقم "2875".
وأخرجه عبد الرزاق "14620"، ومسلم "1543"، وأبو عبيد في "غريب الحديث" 1/350، والطبراني "13130" من طرق عن الزهري، به وانظر ما بعده.
وأبَّرتُ النخلة: لقحتها.(11/289)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ أراد به البائع لا المشتري
4922 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ بن شهاب، عن سالم عن بن عمرقال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ ابْتَاعَ نَخْلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلا أن يشترط المبتاع"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن موهب –وهو يزيد بن خالد ين يزيد بن موهب –فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه البخاري "2379" في المساقاة: باب في الرجل يكون له معمر أو شرب في حائط، ومسلم "1543" "80" في البيوع: باب من باع نخلاً عليها ثمر، والترمذي "1244" في البيوع: باب ماجاء في ابتياع النخل بعد والتأبير, والنسائي 7/296 في البيوع: باب النخيل يباع أصلها ويستثنى المشتري ثمرها، وابن ماجه "2211" في التجارات: باب ما جاء فيمن باع نخلاً مؤبراً أو عبداً له مال، والبيهقي 5/324، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/26 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1805" عن ابن أبي ذئب، وأحمد 2/82 عن معمر، عن الزهري به. وانظر ما بعده.
وقوله: "إلا أن يشترط المبتاع" هنا: المشتري.(11/289)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّخْلَ إِذَا أُبِّرَتْ وَالْعَبْدَ الَّذِي لَهُ مَالٌ إِذَا بِيعَا يَكُونُ الثَّمَرُ وَالْمَالُ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُبْتَاعِ فِيهِ الشَّرْطُ
4923 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ بَاعَ نَخِيلًا بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ، فَثَمَرَتُهَا لِلَّذِي بَاعَهَا إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ المبتاع"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. مسدد بن مسرهد من رجاله، ومن فوقه من رجال الشخين.
وأخرجه الشافعي 2/148، والحميدي "613"، وأحمد 2/9، وابن أبي شيبة 7/112 عن سفيان، ومسلم "1543"، وأبو داود "3433"ن والنسائي 7/297 في البيوع: باب العبد يباع ويستثني المشتري ماله وابن ماجه "2211"، وابن الجارود "628" و"629"، والبيهقي 5/324، والبغوي "2085" و"2086" من طرق عن سفيان بهذا الإسناد.(11/290)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ إِذَا بِيعَ وَلَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَكُونُ مَالُهُ لِبَائِعِهِ وَدَيْنُهُ عَلَيْهِ
4924 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافِي الْعَابِدُ بِصَيْدَا، أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَيْدٍ حَفْصُ بْنُ غَيْلَانَ الْهَمْدَانِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ، وَعَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ، فَلَهُ مَالُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنُهُ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ، وَمَنْ أَبَّرَ نَخْلًا،، فَبَاعَهُ بَعْدَ تَأْبِيرِهِ، فَلَهُ ثَمَرُهُ إِلَّا أن يشترط المبتاع"1. [3: 43]
__________
1 إسناده حسن. سليمان بن موسى: هو الدمشقي الأشدق، وهو حسن الحديث.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 6/ 98، والبيهقي 5/325 - 326 من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/113 عن ابن الفضيل، عن أشعث، عن أبي الزبير، عن جابر. وعن أشعث، عن نافع، عن ابن عمر قالا:.....
وأخرجه البيهقي 5/326 من طريق الإمام أبي حنيفة، عن أبي الزبير عن جابر.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/112ن وأبو داود "3435" عن سفيان عمن سمع جابراً والبيهقي 5/326 من طريقين سلمة بن كهيل، عمن سمع جابراً، جابر.
وأخرج القسم الثاني من الحديث: مالك 2/617 في البيوع: باب =(11/291)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ما جاء في ثمر المال، يباع أصله، والشافعي 2/148، والبخاري "2204"، وفي البيوع: باب من باع نخلاً قد أبرت، و"2206" باب بيع النخيل بأصلهن و"2716" في الشرط: باب إذا باع نخلاً قد أبرت، وأحمد 2/6و54و63و78و 102ن ومسلم "1543"، وأبو داود "3434"، وابن ماجه "2210"و"2212"، والبيهقي 5/324، والبغوي "2084" من طرق عن نافع عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري "2203" في البيوع: باب من باع نخلاً قد أُبرت، من طريق ابن أبي مليكة، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إيما نخل بيعت قد أُبرت لم يذكر الثمر، فالثمر للذي أبرها، وكذلك العبد والحرث، سمى له نافع هذا الثلاث.
وقال الحافظ في "الفتح" 4/402: يشير بالعبد إلى حديث: "من باع عبداً وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع".
وقال الحافظ في "الفتح" 4/402 يشير بالعبد إلى حديث: "من باع عبداً وله مال، فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع".
وقال أيضاً: اختلف على نافع وسالم في رفع ماعدا النخل، فرواه الزهري عن سالم، عن أبيه مرفوعاً في قصة النخل والعبد معاً، هكذا أخرجه الخافظ عن الزهري وروى مالك، والليث، وأيوب، عبيد الله بن عمر وعيرهم عن نافع، عن ابن عمر قصة النخل، وعن ابن عمر عن عمر قصة العبد موقوفه كذلك أخرجه أبو داود من طريق مالك بالإسنادين معاً.
قلت: هذه الرواية في "الموطأ" "793"ص 280 برواية الإمام محمد بن الحسن، ومن طريق مالك أخرجها أبو داود "3434"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/70، والبيهقي 5/324.
وقال –أي: الحافظ ابن حجر -: وجزم مسلم والنسائي والدارقطني بترجيح رواية نافع المفصلة على رواية سالم "وانظر "سنن البيهقي" 5/324"، ومال على بن المديني، والبخاري "كما في "العلل الكبير، للترمذي 1/499 - 500"، وابن عبد البر إلى ترجيح رواية سالم، وروي =(11/292)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن نافع رفع القصتين. أخرجه النسائي من طريق عبد ربه بن سعيد، عنه، وهو وهم.
قلت: هي عند النسائي في الشروط والعتق من "الكبرى" كما في "التحفة" 6/112، وهي أيضاً عند أحمد 2/78، وعنه ابن الجعد "1639" من طرق عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عبد ربه بن سعيد، عن نافع، وعن ابن عمر..وفيه: قال شعبة: فحدثته بحديث أيوب عن نافع أنه حدث بالنخل عن النبي صلى الله عليه سلم، ثم قال مرة أخرى: فحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشك.
وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/79 - 80: اختلف سالم ونافع على ابن عمر في هذا الحديث، فسالم وراه نافع عنه، أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً في القصتين جميعاً: قصة العبد ةقصة وقصة النخل، ورواه نافع عنهن ففرق بين القصتين، فجعل قصة عن ابن عمر، فكان مسلم والنسائي وجماعة من الحافظ يحكمون السالم ويقولون: هما جميعاً صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم.(11/293)
1 - بَابُ السَّلَمِ
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِسْلَافِ الْمَرْءِ مَالَهُ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْمَعْلُومِ
4925 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الوارث، عن بن أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كثير، عن أبي المنهال عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَالنَّاسُ يُسْلِفُونَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " من أَسْلَفَ، فَلَا يُسْلِفْ إِلَّا فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ ووزن معلوم"1.
__________
1 السلم - بفتحتين -: هو السلف وزناً ومعنى، يقال: سلفت وأسلفت وأسلمت بمعنى واحد، وذكر الماودي أن السلف لغة العراق، والسلم لغة والحجاز، والسلم شرعاً: تسليم مال عاجل بمقابلة موصوف في الذمة، واتفق العلماء على مشروعيته إلا ماحكي عن ابن المسيب، واختلفوا في بعض شروطهن واتفقوا على أنه يشترط له ما يشترط للبيع، وعلى تسليم رأس المال في المجلس.(11/294)
أَبُو الْمِنْهَالِ هَذَا اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مطعم1. [2: 41]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. سيبان بن فروخ من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. أبي نجيح: اسمه عبد الله.
وأخرجه مسلم "1604" "128" في المساقاة: باب السلم، عن شيبان ابن فروخ، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/161،وعبد الرزاق "14059" "14060" ابن أبي شيبة 7/52، وأحمد 1/217و222و282،الدارمي 2/260،والحميدي "510"، والبخاري "2239" في السلم: باب السلم في كيل معلوم، و"2240" و"2241" باب السلم في وزن معلوم، وأبو داود "3463" في البيوع: باب السلم، والترمذي "1311" في البيوع: باب ماجاء في السلف في الطعام والتمر، والنسائي 7/290 في البيوع: باب السلف في الثمار ابن ماجه "2280" في التجارات باب السلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم، والدارقطني 3/ - 4، وابن الجارود "614"و"615"، والطبراني في الكبير "11263" و"11264" و"11265"، البيهقي 6/18و19و24، والبغوي "2125" من طرق عن ابن أبي نجيح، به. وزاد بعضهم "إلى أجل معلوم" وزاد الحميدي "في تمر معلوم".(11/295)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُسْلِمَ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عِنْدَ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ أَصْلُ مَا أَسْلَمَ فِيهِ
4926 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: أَرْسَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَأَبُو بُرْدَةَ، فَقَالَا لِي: انْطَلِقْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى، فَقُلْ لَهُ: إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ وَأَبَا بُرْدَةَ يُقْرِئَانِكَ السَّلَامَ(11/295)
وَيَقُولَانِ: هَلْ كُنْتُمْ تُسْلِفُونَ فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالزَّبِيبِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، كُنَّا نَصِيبُ غَنَائِمَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنُسْلِفُهَا فِي الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، فَقُلْتُ: عِنْدَ مَنْ لَهُ زَرْعٌ أَوْ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ لَهُ زَرْعٌ؟ فَقَالَ: مَا كُنَّا نَسْأَلُهُمْ عن ذلك1. [4: 50]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. والقواريري: هو عبيد الله بن عمر، والشيباني: هو أبو إسحاق، سليمان بن أبي سليمان.
وأخرجه أحمد 4/380 عن هشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "10477"، والبخاري "2244" و"2245" في السلم: باب السلم إلى من ليس عنده أصل، و"2254" باب السلم إلى أجل معلوم، والبيهقي 6/20و25 من طرق عن الشيباني، به.
وأخرجه الطيالسي "815"، وابن أبي شيبة 7/59 - 60، وأحمد 4/354"، والبخاري "2242" في السلم: باب في وزن معلوم، وأبو داود "3464" و"3465" في البيوع: باب في السلم، والنسائي 7/289 - 290 في البيوع: باب السلم في الطعام و7/290 باب السلم في الزبيب ابن ماجه "2282" في التجارات: باب السلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلومن وابن الجارود "616"، والبيهقي 6/20 من طرق عن شعبة، عن ابن أبي المجالد، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/54 عن ابن أبي زائدة، عن أشعث، عن محمد بن أبي مجالد، عن ابن أبي أوفى، قال: كنا في نسلف نبيط أهل الشام في البر والزبيب ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا.
قلت: النبيط –ويقال لهم: النبطن بفتحتين -: قوم من العرب دخلوا في العجم والروم واختلطت أنسابهم، وفسدت ألسنتهم، وكان الذين اختلطوا بالعجم منهم ينزولون البطائح بين العراقين، والذين اختلطوا بالروم ينزلون في وادي الشام. قال البغوي في "شرح السنة" 8/174: والعمل على هذا عند عامة أهل العلم، وأجازوا السلم في الطعام والثياب وغيرهما من الأموال مما يمكن ضبطه بالصفة، وإن لم يكن ذلك عند قابل السلم وقت العقد.(11/296)
2 - بَابُ خِيَارِ الْعَيْبِ
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مُشْتَرِيَ الدَّابَّةِ إِذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا بَعْدَ أَنْ نُتِجَتْ عِنْدَهُ كَانَ لَهُ رَدُّ الدَّابَّةِ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ دُونَ النِّتَاجِ
4927 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ،: قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الخراج بالضمان"1. [3: 43]
__________
1 حديث حسن لغيره، مسلم بن خالد الزنجي –وإن كان سيئ الحفظ - تابعه مخلد بن خفاف، رجاله ثقات.
وأخرجه ابن ماجه "2243" في التجارات: باب الخراج بالضمانن عن هشام بن عمارن بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/74 "بدائع المنن"ن وأحمد 6/80 و116، وأبو داود "3510"في البيوع: باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم ود به عيباً "وقال: إسناده ليس بذاك "، والترمذي تعليقاً بإثر حديث "1285"، والدارقطني 3/53، والطحاوي 4/21 - 22و22، والحاكم 2/14 - 15و15 والبغوي "2118" من طرق عن مسلم بن خالد الزنجين، به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي! ونقل الحافظ في "التلخيص" 3/163 - 164: المراد بالخراج: الدخل والمنفعة، ومعنى الحديث: أن من اشترى شيئاً فاستغله بأن كان عبداً فاخذ كسبه، أو داراً فسكنها، أو أجرها، فاخذ غلتها، أو دابة فركبها، أو كراهاً فأخذ الكراء، ثم وجد بها عيباً قديماً، فله أن يردها إلى بائعها، وتكون الغلة للمشتري، لأن المبيع كان مضموناً عليه، فقوله: "الخراج بالضمان" أي: ملك الخراج بضمان الأصل.(11/298)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغُلَامَ الْمَبِيعَ إِذَا وَجَدَ به العيب أَنْ يَرُدَّهُ إِلَى بَائِعِهِ دُونَ مَا اسْتَغَلَّ منه بعد شرائه
4928 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ خُفَافٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ شُرَكَاءَ لِي عَبْدٌ، فَاحْتَوَيْنَاهُ بَيْنَنَا، وَكَانَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ غَائِبًا فَقَدِمَ، وَأَبَى أَنْ يُجِيزَهُ، فَخَاصَمْنَا إِلَى هِشَامٍ فَقَضَى بِرَدِّ الْغُلَامِ وَالْخَرَاجِ، وَكَانَ الْخَرَاجُ بَلَغَ أَلْفًا، فَأَتَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ قَضَى أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ". قَالَ: فَأَتَيْتُ هشاما، فأخبرته فرده ولم يرد الخراج1. [5: 36]
__________
1 حسن بما قبله مخلد بن خفاف: وثقة المؤلف وابن وضاحن وقال الحافظ في "التقريب": مقبولة، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. =(11/299)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه البيهقي، 5/321، من طريق محمد بن عبد الوهاب، عن جعفر بن عون، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/143 - 144، وابن الجعد "2912" و"2913" والطيالسي "1454" وأحمد 6/49و161 و208 و237، وأبو داود "3508" في البيوع: باب فيمن اشترى عبداً فاستعمله ثم به وجد عيباً، والترمذي "1285" في البيوع: باب ما جاء فيمن يشتري العبد ويستعمله ثم يجد به عيباً، والنسائي 7/254 - 255 في البيوع: باب الخراج بالضمان، والدارقطني 3/53، وابن الجارود "627"، والحاكم 2/15، والبيهقي 5/321، والطحاوي 4/21، والبغوي "2119" من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب، وقال البغوي: حديث حسن.
وأخرجه أبو داود "3059" من طريق محمد بن عبد الرحمن، عن مخلد بن خفاف، به.(11/300)
3 - بَابُ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ فِي حَالَةٍ مِنَ الْأَحْوَالِ
4929 - أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُجِيبِ أَبُو صَالِحٍ بِبَلَدِ الْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَذْرَمِيُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي عَمْرِو بْنِ الْعَلَاءِ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَاعَ الْمُدَبَّرَ"1. [4: 1]
__________
1 إسناده صحيح.
وأخرج أحمد 3/365 و370 و 390، والبخاري "2141" في البيوع باب بيع المزايدة و"2230" باب بيع المدبر، و"2403" في الاستقراض: باب من باع مال المفلس أو المعدم فقسمة بين الغرماء أو أعطاه حتى ينفق على نفسه، و"7186" في الأحكام: باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضياعهم، ومسلم "997" ص1290 في الأيمان: باب جواز بيع المدبر، وأبو داود "3955" في العتق: باب في بيع المدبر، والنسائي 7/304 في البيوع: باب بيع المدبر، وابن ماجه "2512" في العتق: باب بيع المدبر، وأبو يعلى "1932" و"2166" و"2236"، و"2236"، والبيهقي، 10/310 من طرق عن عطاء، بهذا الإسناد. وانظر "4933". والمدبر: هو الذي علق مالكه عتقه بموت مالكه، سمى بذلك، لأن الموت دبر الحياة، أو لأن فاعلة دبر أمر دنياه وآخرته، وأما دنياه فباستمراره على الانتفاع بخدة عبده وأما آخرته فبتحصيل ثواب العتق.(11/301)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ إِذَا كَانَ الْمُدَبَّرُ عَدِيمًا لَا مَالَ لَهُ
4930 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أن رجلا من الأنصار أعتق غلاما له م يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي" فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النحام1 بثمان مائة درهم، فدفعها ليه. قَالَ جَابِرٌ: كَانَ عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ الأول2. [4: 1]
__________
1 لم يرد اسم نعيم بن عبد الله النحام في الأصل، واستدرك من مصادر التخريج، ووقع في بعضها: نعيم بن عبد الله بن النخام، وهو خطأ، لأن النخام لقب لنعيم. قال في "أسد الغابة" 5/346: سمى بذلك، لأن النبي صلى الله عليه قال: "دخلت الجنة فسمعت نحمة من نعيم فيها"، والنحمة: السعلة، وقيل: والنخنحة والممدود آخرها. وأسلم نعيم قديماً، وقيل أسلم بعد عشرة وأنفس، وكان يكتم إسلامه، وهاجر عام الحديبية، واستشهد في اليرموك، وقيل في أجنادين.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري "6716" في كفارات الأيمان: باب عتق المدبر وأم الولد والمكاتب في الكفارة، و"6947" في الإكراه: باب إذا أكره حتى وهب عبداً أو باعه لم يجز، ومسلم "997"ص 1289 في الأيمان: باب جواز بيع المدبر، والبيهقي 10/308 من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد. أخرجه الشافعي 2/68 و 69، وعبد الرزاق "16662" و"16663"ن والحميدي "1222"، وأحمد 3/308 و368 - 369، والدارمي 2/256 - 257، والبخاري "2231" في البيوع: باب بيع المدبر، و"2534" في العتق: باب المدبر، ومسلم "997" "59" ص1289، وأبو يعلى "1825"، والبيهقي 10/308و308 - 309، والبغوي "2426" من طرق عن عن عمرو بن دينار، به.(11/302)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ جَابِرٍ: "إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ" أَرَادَ بِهِ: أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ دُونَ الْعِتْقِ الْبَتَاتِ
4931 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِسْكِينٍ الْيَمَامِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو مَذْكُورٍ دَبَّرَ غُلَامًا لَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لَهُ مَالُ غَيْرِهِ"؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي" فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمٌ النَّحَّامُ1 بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِكَ فَإِنْ كَانَ فَضْلًا، فَعَلَى أقاربك، فإن كان فضلا فهاهنا وها هنا"2. [4: 1]
__________
1 في الإصل: "ابن النخام" وهو خطأ.
2 إسناده صحيح على مسلم. رجاله الشيخين غير أبي الزبير، فمن. رجال مسلم، وقد صرح بالتحديث عند الشافعي والحميدي، فانتفت شبهة تدليسه. محمد بن يوسف: هو الفريابي، وسفيان: هو ابن عيينة. وأخرجه مختصراً الشافعي 2/69، والحميدي "1222"، وأحمد 3/301، - 309، والبغوي "2426" من طريق سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/68ن ومسلم "997" في الزكاة: باب الإبتداء بالنفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة، والنسائي 7/304 في البيوع: باب بيع المدبر، وأبو يعلى "1932" و"2167"، والبيهقي 10/309 - 310،والبغوي "2427" من طرق عن أبي الزبير، به.
وأخرجه أحمد 3/371، والبخاري "2415" في الخصومات: باب من باع على الضعيف ونحوه، والبيهقي 10/312و313 من طرق طريقين، عن جابر بنحوه(11/303)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ يَجُوزُ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُدَبَّرِ إِلَيْهِ
4932 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ أَبَا مَذْكُورٍ دَبَّرَ غُلَامًا لَهُ، فَاحْتَاجَ، فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: "إِذَا كَانَ أَحَدُكُمْ مُحْتَاجًا، فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ فضلا فلأهله، فإن كان فضلا فلأقاربه"1. [4: 1]
__________
1 رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبيرن فمن رجاله مسلم، وهو مكرر ما قبله. الثقفي: هو عبد الوهاب بن عبد الجميد، وأيوب: هو السختياني.
وقد تقدم برقم "3342".(11/304)
ذِكْرُ جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ إِذَا كَانَ الْمُدَبَّرُ عَدِيمًا لَا مَالَ لَهُ غَيْرَ مُدَبَّرِهِ
4933 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ مِنْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَاعَهُ وَقَالَ: "أَنْتَ أَحْوَجُ إِلَى ثَمَنِهِ وَاللَّهُ عنه أغنى"1. [5: 36]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. عبد الرحمن بن إبراهيم: هو دحيم. وقد تقدم برقم "4929" من طريق عطاء مختصراً.
وأخرجه بن مسافرن عن بشر بن بكر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 10/311 من طريق الوليد بن مزيدن عن أبيه، عن الأوزاعي، به.(11/305)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَجَازَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ
4934 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ أَبُو عَمْرٍو الْمُعَدِّلُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ، حَدَّثَنَا أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، وَاسْمُ(11/305)
الْغُلَامِ يَعْقُوبُ، وَالَّذِي أَعْتَقَهُ يُدْعَى أَبَا مَذْكُورٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ، فَدَعَا بِهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَا مِنِّي؟ " فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَخُو بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ بِثَمَانِ مِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ دَعَا بِهِ، فَقَالَ: "إِذَا كُنْتَ فَقِيرًا فَأَبْدَأُ بِنَفْسِكَ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا، فَعَلَى عِيَالِكَ، فَإِنْ كَانَ فَضْلًا، فَعَلَى قرابتك، فإن كان فضلا، فها هنا وها هنا" وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ قَالَ: كَانَ عبدا قبطيا مات عام أول1. [5: 36]
__________
1 رجاله ثقات رجال الصحيح، وإحمد بن المقدام: هو أبو الأشعث العجلي، والطفاوي: هو محمد بن عبد الرحمن، وهما صدوقان من رجال البخاري، وأيوب: هو السختياني. وانظر "4932".
وأخرجه عبد الرزاق "16681" عن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/305، ومسلم "997" في الزكاة: باب الابتداء بالفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة، وأبو داود "3957" في العتق: باب بيع المدبر، والنسائي 7/304 في البيوع: باب بيع المدبر، والبيهقي 10/309، من طريق إسماعيل ابن علية، عن أيوب، به.(11/306)
بَابُ التَّسْعِيرِ وَالِاحْتِكَارِ
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ التَّسْعِيرِ لِلنَّاسِ فِي بِيَاعَاتِهِمْ
4935 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ وَقَتَادَةَ وَحُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: غَلَا السِّعْرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَلَا السِّعْرُ، فَسَعِّرْ لَنَا سِعْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْخَالِقُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّازِقُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ لَا أَلْقَى اللَّهَ بِمَظْلِمَةٍ ظَلَمْتُهَا أَحَدًا منكم في أهل ولا مال"1. [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشخين غير حماد بن بن سلمةن فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 3/ 156 و286، والدارمي 2/249، وأبو داود "3451" في البيوع: باب التسعير، والترمذي "1314" في البيوع: باب ماجاء في التسعير، وابن ماجه "2200" في التجارات: باب من كره أن يسعر، والبيهقي في "الأسماك والصفات" 1/119، وفي "السنن الكبرى" 6/29، من طرق عن حماد بن سلمةن بهذا الإسنادن وقال الترمذي: حسن صحيح. وفي الباب عن أبي هريرة عند أبي داود "3450"، والبغوي "2126"ن والبيهقي 6/29 وإسناده صحيح.
وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/85، وزاد الهيثمي في "المجمع" 4/99 نسبته إلى الطبراني في الأوس
، وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح.
قال المناوي في "فيض القدير" 2/266: وأفاد الحديث أن التسعير حرام، لأنه جعله مظلمة، وبه قال الشافعي، وجوزه ربيعة، وهو مذهب عمر، لأن به حفظ نظام الأسعار وقال ابن العربي المالكي: الحق جواز التسعير، وضبط الأمر على قانون ليس فيه مظلمة لأحد من الطائفتين، وما قاله المصطفى حق، وما فعله حكم، ولكن على قوم صحت نياتهم وديانتهم، وأما قوم قصدوا أكل مال الناس، والتضيق عليهم، فباب الله أوسع وحكمه أمضى. ونظر "مجموع الفتاوى" 28/ - 105.(11/307)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ احْتِكَارِ الْمَرْءِ أَقْوَاتَ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهَا
4936 - أَخْبَرَنَا ثَابِتُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ بِبَغْدَادَ عِنْدَ قَبْرٍ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبُسْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ مَعْمَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خاطئ"1. [2: 76]
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاقن وهو صدوق ولا تضر عنعنته، فإنه متابع. محمد بن جعفر: هو الملقب نغندر.=(11/308)
قَالَ الشَّيْخُ: هُوَ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن نضلة العدوي، له صحبة.
__________
= وأخرجه أحمد 4/453 عن محمد بن جعفرن بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/102، وأحمد وأحمد 3/453، والدارمي 2/248 - 249، الترمذي "1267" في البيوع: باب ماجاء في الاحتكار "وقال: حسن صحيح"، وابن ماجه "2154" في التجارات: باب الحكرة الجلب، من طرق عن محمد بن إسحاق، به.
وأخرجه أحمد 3/454، ومسلم "1605" في المساقاة: باب تحريم الاحتكار في الاقوات، وأبو داود "3447" في البيوع: باب النهي عن الحكرة، البيهقي 6/29 و30،والبغوي "2127" من طرق عن سعيد بن المسيب، به.
والخاطئ: الآثم المذنب، يقال: خطئ يخطأ فهو خاطئ: إذا أذنب، وأخطأ يخطئ فهو مخطئ: إذا فعل ضد الصواب.
قال البغوي في "شرح السنة" 8/179: وكره مالك، والثوري الاحتكار في جميع الأشياء في جميع قال مالك: يمنع احتكار الكتان، والصوف، والزيتن وكل شيء أضر بالسوق. وذهب قوم إلى أن الاحتكار في الطعام خاصة، لأنه قوت الناس، وأما في غيره فلا بأس به، وهو قول ابن مبارك وأحمد.
وقال أبو بكر بن العربي فيما نقله عنه المناوي في "الفيض" 6/447: فاحتكار القوت، أي: اشتراؤه في الرخاء ليبيعه إذا غلا السعر حرام عند الشافعي، وأبي حنيفة، ومالك، وحكمته دفع الضرر عن عامة الناس كما يجبر من عنده طعام احتاجه الناس دونه على ربيعة حينئذ.
وقال النووي في "شرح مسلم" 11/وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار وقال أصحابنا: الاحتكار المحرم: هو الاحتكار المحرم: هو الاحتكار في الأقوات خاصة، وهو أن يشتري الطعام في وقت الغلاء للتجارة ولا يبيعه في الحال، =(11/309)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بل يدخره ليغلو ثمنه، فأما إذا جاء من قريته أو اشتراه في وقت الرخص وادخره أو ابتاعه في وقت الغلاء لحاجته إلى أكله، أو ابتاعه ليبيعه في وقته، فليس باحتكار ولا تحريم فيه، وأما غير الأقوات فلا يحرم الاحتكار فيه بكل حال هذا تفضل مذهبنا. قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء على أنه لوكان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره، على بيعه دفعاً للضرر عن الناس.
وقال المناوي في "فيض القدير" 6/35: وأخذ بظاهر الحديث مالك، فحرم احتكار الطعام وغيرهن وخصه الشافعية والحنفية بالقوت.
وقال الصنعاني في "سبل السلام" 3/25: وظاهر حديث مسلم تحريم الاحتكار للطعام وغيره، إلا أن يدعي أنه لايقال: احتكر إلا في الطعام، وقد ذهب أبو يوسف إلى عمومه، فقال: كل ما أضر بالناس حبسه، فهو احتكار، وإن كان ذهباً أو ثياباً، وقيل: لا احتكار إلا في قوت الناس، وقوت البهائم، وهو قول الهادوية والشافعية، ولا يخفى أن الأحاديث الواردة في منع الاحتكار وردت مطلقة ومقيدة بالطعام، وما كان من الأحاديث على هذا الأسلوب، فإنه عند الجمهور لايقيد فيه المطلق بالمقيد، لعدم التعارض بينهما، بل يبقى المطلق على إطلاقه، وهذا يقتضي أنه يعمل بالمطلق في منع الاحتكار مطلقاً، على إطلاقه، وهذا يقتضي أنه يعمل بالمطلق في منع الاحتكار مطلقاً، ولايقيد بالقوتين إلا على رأي أبي ثور، وقد رده أئمة الأصول، وكأن الجمهور خصوه بالقوتين نظراً إلى الحكمة المناسبة للتحريم، وهي دفع الضرر عن عامة الناس، والأغلب في دفع الضرر عن العامة إنما يكون في القوتين، فقيدوال الإطلاق بالحكمة المناسبة أو أنهم قيدوه بمذهب الصحابي والرواي.(11/310)
5 - بَابُ الْبَيْعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْخَنَازِيرِ وَالْأَصْنَامِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ أَبَاحَ بَيْعَهُمَا
4937 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَا بَيْعَ الْخَنَازِيرِ، وَبَيْعَ الْمَيْتَةِ، وَبَيْعَ الْأَصْنَامِ" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى فِي شَحْمِ الْمَيْتَةِ، فَإِنَّا نَدْهِنُ بِهِ الْجُلُودَ وَالسُّفُنَ، وَنَسْتَصْبِحُ بِهِ، فَقَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا، فَجَمَلُوهَا ثُمَّ بَاعُوهَا، وأكلوا أثمانها" 1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات، رجال الشيخين غير عبد الحميد بن جعفر، فمن رجال مسلم، أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وهو عند أبي يعلى برقم "1873".
وأخرجه مسلم "1581"، في المساقاة: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، عن ابن أبي شيبة وابن نمير، عن أبي أسامةن بهذا الإسناد. وأخرجه 3/326، وأبو داود "3487" في البيوع: باب في ثمن الخمر والميتة، والبخاري تعليقاً "2236" في البيوع: باب بيع الميتة والأصنام، و"4633" في التفسير: باب {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ ... } ، من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد النبيل، حدثنا، عبد الحميد بن جعفر، به.
وأخرجه البخاري "2236" و"4633"، ومسلم "1581"، وأبو داود "3486"، والترمذي "1297" في البيوع: باب ماجاء في بيع جلود الميتة والأصنام، والنسائي 7/309 - 310 في البيوع: باب بيع الخنزير، وابن ماجه "2168" في التجارات: باب ما لا يحل بيعه، وابن الجارود "578"، والبيهقي 9/354 - 355، والبغوي في "معالم التزيل" 2/139 من طرق عن يزيد، به.
وقوله: "جملوها" معناه: أذابوها حتى تصير ودكاً، فيزول عنها اسم الشحمن يقال: جملت الشحم وأجملته وأجتملته: إذا اذبته، والجميل: والشحم المذاب
وقال المذاب. وفيه دليل على بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل إلى محرم، وأنه لايتغير حكمه بتغير هيئته، وتبديل اسمه.(11/311)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخَنَازِيرِ وَالْكِلَابِ مُحَرَّمٌ وَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ
4938 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ بَرَكَةَ أبي الوليد عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ: "قَاتَلَ اللَّهُ(11/312)
الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا، وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ" 1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح غير بركة –وهو ابن العريان المجاشعي –فقد روى له أبو وابن ما جه، وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 1/242 و293، 322، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/147 و"تعليقاً"، وأبو داود "3488" في البيوع: باب في ثمن الخمر والميتة والطبراني "12887"، والبيهقي 6/13 - 14 من طرق عن خالد الحذاء
وأخرجه الطبراني "12378" من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.
وأخرجه الشافعي 2/141، والحميدي "13"، وابن أبي شيبة 6/444، والبخاري "2223" و"3460"، ومسلم "1582"، وابن الجارود "577"، والبيهقي 8/286، والبغوي "2041" من طريق سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاووس، عن ابن عباس، عن عمر.(11/313)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْكِلَابِ وَالدِّمَاءِ
4939 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب"1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو جحيفة رضى الله عنه: اسمه وهب بن عبد الله السوائي، قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أواخر عمره، وحفظ عنه، ثم صحب علياً بعده، وولاه، شرطة الكوفة لما ولي الخلافة، وفي "الصحيح" عنه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن على يشبهه، وأمر لنا بثلاثة عشر قلوصاً، فمات قبل أن نقبضها، وكان على يسميه وهب الخير، قال الواقدي: مات في ولاية بشر بن مروان على العراق، وقال ابن حبان: سنة أربع وستين.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/"295" عن الفضل بن الحبان بهذا الإسناد. وفيه زيادة: "وعن مهر البغي، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا، وموكله".
وأخرجه البخاري "5945" في اللباس: باب الواشمة عن سليمان بن حرب، والطبراني في "الكبير" 22/ "295" عن أبي مسلم الكشي، عن سليمان بن حرب، به.
وأخرجه أحمد 4/308و309، والبخاري "2086" في البيوع: باب موكل الربا، و"2238" باب ثمن الكلب، و"5347" في الطلاق: باب مهر البغي،"5962" في اللباس: باب من لعن المصور، وأبو داود "3483" في البيوع: باب في أثمان الكلب، والطحاوي4/53، والطبراني 22/"296"، والبيهقي 6/6، والبغوي "2039" من طرق عن شعبة، به.(11/313)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ السَّنَانِيرِ
4940 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ جَابِرًا عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ، فَقَالَ: "زَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلك" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه مسلم "1596" في المساقاة باب تحريم ثمن الكلب، عن سلمة بن شبيب، والبيهقي 6/10 من طريقين عن سلمة بن شبيب، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/ 349، وابن ماجه "2161" في التجارات: باب النهي عن ثمن الكلب، والطحاوي 4/53 من طرق عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير به.
وأخرجه النسائي 7/309 في البيوع باب ما استثنى من ثمن الكلب، من طريق حماد بن سلمة، كلاهما عن أبي الزبير، به. وعند النسائي بزيادة " إلا كلب صيد"، وقال النسائي: عن هذه الزيادة: وهذا منكر.
وأخرجه أبو داود "3479" في البيوع: باب في ثمن السنور، من طريقين عن الأعمش، عن أبي سفيان "هو طلحة بن نافع" عن جابر، به.
والسنور: الهر. قال الدميري في "حياة الحيوان" 1/577: النهي محمول على الوحشي الذي لا نفع فيه، وقيل هو نهي تنزيه حتى يعتاد الناس هبته وإعادته كما هو الغالب، فإن كان مما ينفع وباعه صح البيع، وكان ثمنه حلالاً، هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما حكى ابن المنذر عن أبي هريرة، وطاووس، ومجاهد، وجابر ين زيد: أنه لا يجوز بيعه محتجين بهذا الحديث، وأجاب الجمهور بأنه محمول على ما ذكرنا، وهذا هو المعتمد.(11/314)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبَاحَ بَيْعَ السَّنَانِيرِ
4941 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "إِنَّ مَهْرَ الْبَغِيِّ وَثَمَنَ الْكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ وَكَسْبِ الحجام من السحت"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. إسحاق بن إبراهيم: وهو ابن راهويه، وقيس بن سعد هو المكي. =(11/315)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 2/500 عن محمد بن يزيد، عن حجاج، عن عطاء، عن أبي هريرة قال: نهي رسول الله صلى عليه وسلم عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وعسب الفحل.
وأخرجه أيضاً 2/500 عن يزيد بن هارون، عن حجاج، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: نهي عن ثمن الكلب، وكسب الحجام ومهر البغي.
وعنده أيضاً 2/332و415 من طريق أبي معاوية المهري، عن أبي هريرة موفوعاً بلفظ: نهي عن ثمن الكلب، وكسب الحجام، وكسب الموسمة، وعن كسب عسب الفحل.
وأخرجه أيضاً 2/347 من طريق أبي حازم، عن أبي هريرة: نهي عن كسب الحجام، وكسب والأمة.
وأخرجه أبو داود "3484" في البيوع: باب في أثمان الكلاب، والنسائي 7/189 - 190 في البيوع: باب النهي عن ثمن الكلب، من طريقين عن ابن وهب، عن معروف بن سويد الجذامي، عن على بن رباح اللخمي، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل ثمن الكلب، ولا حلوان الكاهن، ولا مهر البغي".
وأخرج الحاكم 2/33 من طريق الأعمش، عن أبي صالح، وأبي حازمن عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل مهر لزانية ولا ثمن لكلب"، وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي 6/126 من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله صلى عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر الزمارة".
وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/18 - 19: اختلف أهل العلم في كسب الحجام، فذهب قوم إلى تحريمه، وذهب بعضهم إلى أن الحجام، إن كان حراً فهو حرام، عبداً، فإنه يعلفه دوابه، وينفقه على عبيده قولاً بظاهر الحديث. وذهب الأكثرون إلى أنه حلالن والنهي على جهة التنزيه عن الكسب الدنئ، والترغيب فيما هو أطيب وأحسن من المكاسب، ويدل عليه أنه أمره بعد المعاودة بأن يعطم رقيقه، ولولا حلال مملوك له، لكان لا يجوز أن يطعم منه رقيقه، لأنه لايجوز أن يطعم رقيقه إلا من مال ثبت عليه ملكه، كما لايجوز أن يأكل بنفسه، والدليل عليه مافي المتفق من حديث أنس بن مالك قال: حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طيبة، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه. وانظر "شرح معاني الآثار" 4/129 - 132.(11/316)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ وَشِرَائِهِ إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا حَرَّمَ شُرْبَهَا
4942 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم، عن بن وعلة أنه سأل بن عباس عما يعصر من العنب، فقال بن عَبَّاسٍ: أَهْدَى رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا حَرَّمَ شُرْبَهَا"؟ فَسَارَ الرَّجُلُ إِنْسَانًا إِلَى جَنْبِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِمَ سَارَرْتَهُ؟ " فَقَالَ: أَمَرْتُهُ أَنْ يَبِيعُهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا" فَفَتَحَ الْمَزَادَتَيْنِ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهِمَا1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن وعلة، وهو عبد الرحمن بن وعلة السبئ، فمن رجال مسلم. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/846 في الأشربة: باب جامع تحريم الخمر.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 1/140 - 141، ومسلم "1579" في المساقاة: باب تحريم الخمر، والنسائي 7/307 - 308 في البيوع: باب بيع الخمر، والبغوي "2042"، والبيهقي 6/11 - 12. وانظر "4944".(11/317)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ
4943 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "لَمَّا أُنْزِلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فحرم التجارة في الخمر"1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير، والأعمش: هو سليمان بن مهرانن ومسلم: هو ابن صبيح أبو الضحى.
وأخرجه مسلم "1580" في المساقاة: باب تحريم التجارة في الخمر، وأبو داود "3491" في البيوع باب في ثمن الخمر والميتةن من طرق عن أبي معاوية الإسناد.
وأخرجه البخاري "459" في المساجد: باب تحريم التجارة في الخمر، و"4540" {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا} ، و"4541" باب {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا} ، من طرق عن سليمان الأعمش، به.
وأخرجه البخاري "2084" في البيوع: باب آكل الربا وشاهده وكاتبه،"4542" في التفسير: باب {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ، ومسلم "1580"، وأبو داود "3490" والنسائي 7/308، وفي البيوع: باب في بيع الخمر، والبهقي 6/11 من طرق عن أبي الضحى "مسلم بن صبيح"، به.(11/318)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ كَمَا حَرَّمَ شُرْبَهَا
4944 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رِبْعِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخُو إسماعيل بن عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حدثنا زيد بن أسلم، عن بن وعلة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ وَالْخَمْرُ حَلَالٌ، فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَأَقْبَلَ بِهَا عَلَى بَعِيرٍ حَتَّى وَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا، فَقَالَ: "مَا هَذَا مَعَكَ؟ " قَالَ: رَاوِيَةٌ مِنْ خَمْرٍ أَهْدَيْتُهَا لَكَ قَالَ: "هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا حَرَّمَهَا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَهَا" فَالْتَفَتَ الرَّجُلُ إِلَى قَائِدِ الْبَعِيرِ، فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، فَقَامَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَاذَا قُلْتَ لَهُ؟ " قَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا قَالَ: "إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا" قَالَ: فَأَمَرَ بِعَزَالِي الْمَزَادَةِ، فَفُتِحَتْ، فَخَرَجْتُ فِي التُّرَابِ، فَنَظَرْتُ إليها في البطحاء ما فيها شيء1. [1: 99]
__________
1 إسناده صحيح، وهو مكرر "4942"، رجاله ثقات رجال الصحيح غير ربعي بن إبراهيم، فقد روى له الترمذي، وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 1/323 - 324 عن ربعي بن إبراهيم ابن علية، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" "2590" من طريق زهير، عن ربعي بن إبراهيم، به.
وأحرجه أحمد 1/244، ومسلم "1579" في المساقاة: باب تحريم بيع الخمر، من طريقين عن عبد الرحمن بن وعلة، به.
والعزالي – جمع عزلاء -: هو فم المزادة الأسفل، والمزادة: الراوية يحمل فيها الماء.(11/319)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْخَمْرَ لَا يَحِلُّ بَيْعُهَا وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْمُحْتَاجِ إِلَى ثَمَنِهَا
4945 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ وَآخَرَ مَعَهُمْ كُلُّهُمْ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَالَ: إِنِّي يَوْمَئِذٍ أَسْقِي أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا، قَالَ: فَأَمَرُونِي فَكَفَأْتُهَا، وَكَفَأَ النَّاسُ آنِيَتَهُمْ بِمَا فِيهَا حَتَّى كَادَتِ السِّكَكُ تَمْتَنِعُ مِنْ رِيحِهَا قَالَ أَنَسٌ: وَمَا خَمْرُهُمْ يَوْمَئِذٍ إِلَّا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ مَخْلُوطَيْنِ، فَجَاءَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ كَانَ عِنْدِي مَالُ يَتِيمٍ، فَاشْتَرَيْتُ بِهِ خَمْرًا، أَفَتَرَى أَنْ أَبِيعَهُ، فَأَرُدَّ عَلَى الْيَتِيمِ مَالَهُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا، وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا" وَلَمْ يَأْذَنْ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم في بيع الخمر1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح. محمد بن عبد الملك بن زنجويه: ثقةن روى له أصحاب السنن، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. والآخر المبهم الذي ذكره المصنف: هو أبان كما هو عند عبد الرزاق وأبي يعلى وأحمد.
وهو في "المصنف" لعبد الرزاق برقم "16970"، وعنه أخرجه أحمد 3/217.
وهو في "مسند أبي يعلى" "3042" عن محمد بن مهدي، عن عبد الرزاق.
وأخرجه البخاري "5600" في الأشربة: باب من رأي أن لا يخلط البسر تمراًن ومسلم "1980" "7" و"8" في الأشربة: باب ذكر الشراب الذي أهريق بتحريم الخمر ن والطبري في "جامع البيان" "12527"، والطحاوي 4/214، وأبو يعلى "3008" من طرق عن قتادة، عن أنس بحوه.
وأخرجه البخاري"2464" في المظالم: باب صب الخمر في الطريق، و"4620" في التفسير: باب {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} ، ومسلم "1980"، وأبو داود "3673" في الأشربة: باب في تحريم الخمر، وأبو يعلى "3361" و"3362"، والواحدي في "أسباب النزول" ص140، والبيهقي 8/386 من طرق عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، به.
وأخرجه البخاري "4617" في التفسير: باب {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} ومسلم "1980", "4"، وأحمد في "الأشربة" "17"، من طريقين عن أنس بنحوه، وسيأتي عند المصنف بحوه برقم "5352" و"5361" و"5363" و"5364" من طرق عن أنس.(11/320)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ
4946 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ نَافِعٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن علية، وأيوب: هو السختياني.
وأخرجه الترمذي "1229" في اليبوع: باب ماجاء في بيع حبل الحبلة، من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ. وأخرجه أحمد 2/80، ومسلم "1514" في البيوع: باب تحريم بيع حبل الحبلة، والبيهقي 5/340 - 341 من طريقين عن نافع، به.
وأخرجه النسائي 7/293 في البيوع: باب بيع حبل الحبلة، وابن ماجه "2197" في التجارات: باب النهي عن شراء مافي بطون الأنعام وضروعها وضربة الغائض، من طريقين عن سفيان، عن سعيد بن جبير، به. وانظر ما بعده.
وحبل الحبلة –الحاء والباء -: مصدر حبلت تحبل حبلا، والحبلة جمع حابل، مثل ظلمة وظالم، وكتبة وكاتب، فيه للمبالغةن وقيل: للإشعار بالأنوثة.(11/321)
ذِكْرُ وَصْفِ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ الَّذِي1 نُهِيَ عَنْهُ
4947 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا2". [2: 3]
__________
1 في الأصل: "التي" والمثبت من "التقاسيم" 2/لوحة 62.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/653 - 654 في البيوع: باب ما لا يجوز من بيع الحيوان.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري "2143" في البيوع: بيع الغرر الحبلة، وأبو داود "3380" في البيوع: باب في بيع الغرر النسائي 7/293 - 294 في البيوع: باب بيع حبل الحبلة، وابن الجارود "591"،والبيهقي 5/340، والبغوي "2107".
وقوله: "وكان بيعاً يتبايعه أهل الجاهلية ... الخ ": ولم يرد عند أبي داود وابن الجارود، وهما رويا الحديث من طريق مالك. قال الحافظ في "الفتح" = قال إسماعيل: وهو مدرج، يعني أن التفسير من كلام نافع، وكذا وذكر الخطيب في "المدرج".
وأخرجه البخاري "2256" في السلم: باب السلم إلي أن تنتج الناقة، وفيه: فسره نافع: إلى أن تنتج الناقة ما في بطنها.
وقال الحافظ في"الفتح": لايلزم من كون نافع فسره لجويرية أن لايكون ذلك التفسير مما حمله عن مولاه ابن عمر. فقد أخرج البخاري "3843" في مناقب الأنصار: باب أيام الجاهلية، من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كان أهل الجاهلية يتبايعون لحم الجزور إلى حبل الحبلة، وحبل الحبلة: أن تنتج الناقة ما في بطنها، ثم تحمل التي نتجت، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن. ذلك.
قال الحافظ: فظاهر هذا السياق أن هذا التفسير من كلام ابن عمر ونقل عن ابن عبد البر الجزم بأنه من تفسير ابن عمر. وانظر "الفتح" 4/357.
و"تنتج": بضم وأوله، وفتح ثالثه، أي: تلد ولداً، و"الناقة" فاعل، وهذا الفعل وقع في لغة العرب على صيغة الفعل المسند إلى المفعول، وهذا الفعل وقع في لغة العرب على صيغة الفعل المسند إلى المفعول، وهو جرف نادر، ومثله: هزل، ودهش، وشره، وشغف بكذا، وأولع به، وأهتر به، استهتر به، وأغرم به، وعني بكذا، وحم فلان، وأغمي عليه، وامتقع لونه وزهي. وانظر "المخصص" لابن سيده السفر 15/72.(11/322)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ: هُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَرْءُ بَعِيرًا عَلَى أَنْ يُوَفِّرَ ثَمَنَهُ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ نَاقَةُ الْفُلَانِيَّةِ، ثُمَّ تُنْتَجُ الَّتِي فِي بَطْنِهَا، فَهَذَا أَجَلٌ يَتَلَقَّاهُ غَرَرَانِ، اثْنَانِ، وَلَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهُ(11/323)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ
4948 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَالْحَوْضِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بن عُمَرَ يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأبو الوليد: هو الطيالسي هشام بن عبد الملك، والحوضي: هو حفص بن عمر.
وأخرجه البخاري "2535" في العتق: باب بيع الولاء وهبته، عن أبي الوليد، والبيهقي 10/292 من طريق على بن عبد العزيز، عن أبي الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه إبو داود "2919" في الفرائض: باب في بيع الولاء، عن حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/79 - و107، والطيالسي "1885"، ومسلم "1506" في العتق: باب النهي عن بيع الولاء وهبته، والترمذي "1236" في البيوع: باب ما جاء في كراهية بيع الولاء وهبته، والنسائي 7/306 في البيوع: باب الولاء، وابن ماجه "1747" في الفرائض: باب النهي عن بيع الولاء وهبته، والطبراني في الكبير "13626" من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه مالك 2/782 في العتق والولاء: باب ماجاء في كراهية والولاء وهبته، ومسلم "1506"، الشافعي 2/256، والنسائي 7/72ن والطبراني "13625"، والبيهقي 10/292، والبغوي "2226" من طرق عن عبد الله بن دينار، به.
وأخرجه ابن ماجه "2748" من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به. وأنظر ما بعده.
قال الإمام البغوي: اتفق أهل العلم على هذا أن الولاء لايباع ويوهب ولايورث، إنما هو سبب يورثه به كالنسب يورث به ولا يورث، وكانت العرب في الجاهلية تبيع ولاء مواليها، فناهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.(11/324)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4949 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار عن بن عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ"1.
قَالَ زُهَيْرٌ: وَحَدَّثَنِي بِهِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ، اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر ماقبله. النفلي: هو عبد الله بن محمد بن على بن نفيل، من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه الشافعي 2/72، وعبد الرزاق "16138"، وأحمد 2/9، وابن أبي شيبة 6/121، وسعيد بن منصور" 276" والبخاري "6756" في الفرائض: باب إثم من بدأ من مواليه، ومسلم "1506" في العتق: باب النهي عن بيع الولاء، والترمذي "1236" البيوع: باب ماجاء كراهية بيع الولاء وهبته، وابن ماجه "2747" في الفرائض: باب النهي عن بيع الولاء وهبتهن وابن الجارود "987"، والبيهقي 10/292، والبغوي "2225" من طرق عن سفيانن بهذا الإسناد.(11/325)
ذكر العلة مِنْ أَجْلِهَا نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الْوَلَاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ
4950 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: قُرِئَ عَلَى بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينارعن بْنَ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ، لَا يباع ولا يوهب"1. [2: 3]
__________
1 بشر بن الوليد: هو الكندي الفقيه صاحب أبي يوسف، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/143، ووثقه الدارقطني ومسلمة بن القاسم، وكان أحمد يثني عليه، روى الخطيب في "تاريخه" 7/82 بسنده عن بشر، قال: كنا نكون عند سفيان بن عيينة، فكان إذا وردت مسألة مشكلة، يقول: ها هنا أحد من أصحاب أبي حنيفة؟ فيقال: بشر، فيقول: أجب فيها فأجيب، فيقول التسليم للفقهاء سلامة في الدين.
وشيخه في هذا الحديث هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن حبش الأنصاري الكوفي أبو يوسف الإمام المجتهد العلامة المحدث كبير القضاة، وذكره المؤلف في "الثقات" 7/645 - 646، ووثقه النسائي، وابن شاهين، وقال ابن عدي: لابأس به، وقال ابن معين: ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثاً ولا أثبت من أبي يوسف ووصفه السمعاني في "الأنساب" 2/86 بالإتقان، وترجم له الذهبي في "تذكرة الحفاظ" 1/292 - 293، وأرخ وفاته سنة 182هـ، وباقي السند على شرط الشيخين.
وأخرجه الشافعي 2/72 - 73، من طريقه الحاكم 4/341، ثم البيهقي 10/292 عن محمد بن الحسن، عن أبي يوسف، عن عبد الله بن دينار، بهذا الإسناد. وليس فيه عبيد الله بن عمر، وأشار إلى ذلك الحافظ ابن حجر في "الفتح" 12/44 حيث ذكر الحديث عن أبي يوسف، ثم قال: وأدخل بشر بن الوليد بين أبي يوسف وبين ابن دينار عبيد الله بن عمر. أخرجه أبويعلى في "مسنده عنه"، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" عن أبي يعلى.
وقال البيهقي بعد أن أورد الحديث: قال أبو بكر بن زياد النيسابوري عقب هذا الحديث: هذا خطأ لأن الثقات لم يرووه هكذا، وإنما رواه الحسن مرسلاً، ثم ذكره بإسناده عن الحسن البصري. وإسناده صحيح. وأخرجه أيضاً عن الحسن: ابن أبي شيبة 6/123.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" "16149"، وسعيد بن منصور "284"، وابن أبي شيبة 6/122 من طرق عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب موقوفاً، وقال الحافظ ابن حجر: والمحفوظ في هذا ما أخرجه عبد الرزاق....فذكره.(11/326)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْحَمْلِ فِي الْبَطْنِ، وَالطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ قَبْلَ أَنْ يُصْطَادَ
4951 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن بيع الغرر" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه الدارقطني3/15 - 16 عن أبي محمد بن صاعد، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/436، ومسلم"1513" في البيوع: باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر، والنسائي 7/262 في البيوع: باب بيع الحصاة، والدارقطني 3/15 - 16ن والبغوي "2103" من طرق عن يحيى بن سعيد القطان، به.
وأخرجه أحمد 2/496، ومسلم "1513"، وأبو داود "3376" في البيوع: باب بيع الغرر، وابن ماجه "2194" في التجارات: باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغررن وابن الجارود"2194"، والبيهقي 5/338 من طرق عن عبيد الله بن عمر، به. وأخرجه أحمد 2/376 من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
ووقع عند من سبق ذكرهم: نهي عن بيع الغرر وبيع الحصاة، وسيأتي عند المصنف هذا الحديث بهذا الإسناد برقم"4977"، وفيه: نهي عن بيع الحصاة. وسيأتي من حديث ابن عمر عنده أيضاً برقم "4972".(11/327)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ بِذِكْرِ لَفْظَةٍ غَيْرِ مُفَسَّرَةٍ
4952 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو أَبَا الْمِنْهَالِ عَنْ إِيَاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُزَنِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْمَاءِ، لَا يدري عمرو أي ماء هو"1. [2: 1]
__________
1 إسناده صحيح، ورجاله ثقات. سفيان: هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار، وأبو المنهال: اسمه عبد الرحمن بن مطعم البناني.
وأخرجه الحميدي "912"، وأحمد 138، والنسائي 7/307 في البيوع: باب بيع الماء، الدارمي 2/269، وابن ماجه "2476" في الرهون: باب النهي عن بيع الماء وابن الجارود "594"، والطبراني في الكبير" "782"، والبيهقي 6/15، من طرق عن سفيانن بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/417، وأبو داود "3478" في البيوع: باب في بيع فضل الماء، والترمذي "1271" في البيوع: باب ماجاء في بيع فضل الماء - وقال: حسن صحيح – والحاكم 2/61، والطبراني"783" من طريقين عن عمرو بن دينار، به.(11/328)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا
4953 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ بن جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "نهى عن بيع فضل الماء ليمنع به الكلأ"1. [2: 1]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله رجال الشييخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وقد صرح هو وابن جريج بالتحديث عند مسلم، فانتفت شبهة تدليسهما.
وأخرجه مسلم"1565" في المساقاة: باب تحريم فضل بيع الماء، والبيهقي 6/15 عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه "2477" في الرهون: باب النهي عن بيع الماء، وابن الجارود في "المنتقى" "595" من طرفعن وكيع، به.
وأخرجه مسلم "1565"، البيهقي 6/15 من طرق عن ابن جريج، به.
وأخرجه أحمد 3/356"، والحاكم 2/61 من طريقين عن حماد بن سلمةن عن أبي الزبير، به. قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!!
وأخرجه النسائي 7/306 - 307 في البيوع: باب بيع الماء من طريق أيوب، عن عطاء، عن جابر.(11/329)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ قَصْدَ الضَّرَرِ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
4954 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عن الأعرجعن أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ"1. [2: 24]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَضْمَرَ فِيهِ الْمَاءَ الَّذِي لَا يَقَعُ فِيهِ الْحَوْزُ2، وَلَا يَتَمَلَّكُهُ أَحَدٌ مَا دَامَ مَشَاعًا مِثْلَ الْمِيَاهِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرِكَةِ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ الْمَاءُ الَّذِي يَكُونُ لِلْمَرْءِ فِي الْبَادِيَةِ مِنْ بِئْرٍ، أَوْ عَيْنٍ، فَيَنْتَفِعُ بِهِ، وَيَمْنَعُ النَّاسَ مَا فَضَلَ عَنْهُ، فَنُهِيَ عَنْ
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخينن وهو في "الموطأ" 2/744 في الأقضية باب القضاء في الماء.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/153، والبخاري "2353" في الأشربة: باب من قال: إن صاحب الماء أحق حتى يروي، و"6962" في الحيل: باب مايكره من الاحتيال، ومسلم "1566" في المساقاة: باب تحريم فضل بيع الماء الذي يكون بالفلاة، والبيهقي 6/151، والبغوي "1668".
وأخرجه أحمد 2/244، وابن ماجه "2478" في الرهون: باب النهي عَنْ بَيْعِ فَضْلِ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ، وابن الجاورد "596" من طريق سفيان.
وأخرجه الترمذي "1272" في البيوع: باب ما جاء في بيع فضل الماء، من طريق اليث، كلاهما عن أبي الزناد، به.
وأخرجه أحمد 2/273 و309 و482، والبخاري "2354"، ومسلم "1566"، والبيهقي 6/15 - 16 - و152 من طرق عن أبي هريرة، به. وانظر "4956".
2 في الأصل: "نفع فيه الجور"، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 116.(11/330)
مَنْعِ الْمُسْلِمِينَ مَا فَضَلَ مِنْ مَائِهِ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ عَنْهُ، لِأَنَّ فِي مَنْعِهِ ذَلِكَ منع الناس عن الكلأ1.
__________
1 وقال البغوي: هذا في الرجل يحفر بئراً في أرض موات، فيملكها وما حولها وبقربها موات فيه كلاً، فإن بذل صاحب البئر فضل مائة أمكن الناس رعيه وإن منع لم يمكنهم، فيكون في منعه الماء عنهم مع الكلأ، وإلى هذا المعنى ذهب مالك، والأوزاعي، والليث بن سعد، والشافعي، والنهي عندهم على تحريم.(11/331)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مَنْعِ الْمَرْءِ فَضْلَ الْمَاءِ الَّذِي لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَيْهِ
4955 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمْنَعَ نَقْعُ الْبِئْرِ يَعْنِي فَضْلَ الْمَاءِ" 1. [2: 43]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أُمُّهُ: عَمْرَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ، وَكَانَتْ مِنْ أَعْلَمِ النِّسَاءِ بحديث عائشة.
__________
1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، وهو صدوق، ولاتضر عنعنته، فقد صرح بالتحديث عند أحمد، ثم هو قد توبع، وجرير: هو عبد الحميد.
وأخرجه أحمد 6/139و268 من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/2و252، والحاكم 2/61، والبيهقي 6/152، وابن عبد البر في "التمهيد" كما في "الجوهر والنقيط لابن التركماني 6/152 من طرق عن محمد بن عبد الرحمن، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن ماجه "2479" في الرهون: باب النهي عن منع فضل الماء، والبيهقي 6/152 من طرق حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة. وهذا سند ضعيف لضعف حارثة.
وأخرجه مالك 2/745 في الأقضية: باب القضاء في المياه، ومن طريقه البيهقي 6/152 عن محمد بن عبد الرحمن، عن أمه عمرة مرسلاً، وقال البيهقي: هذا هو المحفوظ، مرسل.(11/331)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الفعل
4956 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَيْوَةَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى غِفَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَمْنَعُوا فضل الماء ولا تمنعوا الكلأ، فيهزل الماء، ويجوع العيال"1. [2: 43]
__________
1 أبو سعيد مولى غفار: روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/573 وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح. أبو هانئ: هو حميد بن هانئ.
وأخرجه أحمد 2/420 عن هارون، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وفيه: "لاتبيعوا فضل الماء" بدل "لاتمنعوا"، وفي "لمجمع": "لاتمنعوا" كما هو عند المصنف.
وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/124وقال: قلت هو في الصحيح باختصار، رواه أحمد، ورجاله ثقات. وانظر "4954".(11/332)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْأَرْضِ الْمَبْذُورِ فِيهَا مَعَ الْبَذْرِ قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ
4957 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم، عن بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيَاضِ الأرض" 1. [3: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم. محمد بن معمر: هو ابن ربعي القيسي، وأبو عاصم: هو النبيل الضحاك بن مخلد.
وأخرجه أحمد 3/338 و 395، والدارمي 2/271، ومسلم "1536" "100" في البيوع: باب كراء الأرض من طرق عن أبي خيثمة زهير بن معاوية، عن أبي الزبيرن عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بيع الأرض البيضاء سنتين أو ثلاثاً.(11/333)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَلَقِّي الْمُشْتَرِي الْبُيُوعَ
4958 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ - هُوَ سُلَيْمَانُ - عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَلَقِّي البيوع" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ويحيى بن سعيد: هو القطان، وأبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مل. وأخرجه أحمد 1/430، وابن أبي شيبة "2180" في التجارات: باب النهي عن تلقي الجلب، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "14880"ن وابن أبي شيبة 6/399، والبخاري "2149" في البيوع: باب النهي للبائع أن يحفل الإبل والغنم والبقر، و"2164" باب النهي عن تلقي الركبان، ومسلم "1518" في البيوع: باب تحريم تلقى الجلبن والترمذي "1220" في البيوع: باب ماجاء في كراهية تلقى البيوع، وابن ماجه "2180"ن والبيهقي5/319و348 من طرق عن سليمان التيمي، به.
والبيوع: جمع بيع, بمعنى المبيع.(11/333)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ التَّلَقِّيَ لِلْبُيُوعِ إِنَّمَا زُجِرَ عَنْهُ إِلَى أَنْ تَهْبِطَ الْأَسْوَاقُ
4959 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ عَبَّادٍ الرُّؤَاسِيُّ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ تَلَقِّي السِّلَعِ حتى تهبط الأسواق" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح. زهير بن عباد الرؤاسي، ذكره المؤلف في "الثقات" 8/256، ووثقه أبو حاتم، وروى عنه كما في "الجرح والعديل" 3/591 من فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/63، والبخاري "2165" في البيوع: باب النهي عن تلقي الركبان، ومسلم "2165" في البيوعك باب تحريم الجلب، وأبوداود "3436" في البيوع: باب التلقي، والبيهقي 5/347، والبغوي "2092" من طرق عن مالكن بهذا الإسناد.
وإخرجه مسلم"2179" في التجارات: باب النهي عن تلقي الجلب، والطحاوي 4/7من طرق عن عبيد الله. وأخرجه 4/8 من طريق عقيل، كلاهما عن نافع، به وانظر "4962".
وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/116 تعليقاً على رواية مالك: "لاتلقوا الركبان للبيع": صورته أن يقع الخبر بقدوم عير تحمل المتاع فيتلقاها ارجل منهم شيئاً قبل أن يقدموا السوق، ويعرفوا سعر البلد بأرخص، فهذا منهي عنه، لما فيه من الخديعةن ذهب إلى كراهيته أكثر أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم، روى فيه عن علي، وابن عباسن وابن مسعود، وابن عمر، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، ولم يقل أحد منهم بفساد البيعن غير أن الشافعي أثبت للبائع الخيار إذا قدم السوقن وعرف سعر البلد، لما روى عن ابن سرين، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى أن يتلقى الجلبن فإن تلقاه إنسانن فابتاعهن فصاحب السلعة فيها بالخيار إذا ورد السوق".
وقال أبو الإصطخري: إنما يكون له الخيار إذا كان المتلقي قد ابتاعه بأقل من سعر البلدن فإن ابتاعه بسعر البلد أو أكثر، فلا خيار له، وهذا هوالأقيسن وبعضهم أثبت له الخيار على كل حال، ولم يكره أصحاب الرأي التلقين ولاجعلوا لصاحب السلعة بالخيار إذا قدم السوق والحديث حجة عليهم.
قلت: كذا قال البغوين، والذي في كتب الحنفية: أن التلقي يكره في حالتين: أن يضر بأهل البلد، وأن يلتبس السعر على الواردين.(11/334)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَبِيعَ الْمَرْءُ الْحَاضِرُ لِلْبَادِي مِنَ الْأَعْرَابِ
4960 - أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى السَّاجِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قال: حدثنا بن وَهْبٍ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ(11/335)
عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَدَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ"1. [2: 43]
__________
1 إسناده جيد. أحمد بن سعيد الهمداني: روى له أبو داود، ووثقه العجلي وأحمد بن صالح، وذكره المؤلف في "الثقاتْ" وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال الذهبيك لابأس به، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق وقد توبع. ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلمن وقد صرح بالتحديث عند أحمد وابن وابن أبي شيبة والنسائي، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه الشافعي 2/147، وأحمد 2/307، وابن أبي شيبة 6/239، ومسلم "1522" في البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للبادي، والترمذي "1223" في البيوع: باب ما جاء لا يبيع حاضر لبادٍن وقال: حسن صحيح، وابن ماجه "2176" في التجارات: باب النهي أن يبيع حاضرا لباد، من طرق عن سفيانن بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 7/256 في البيوع: باب بيع الحاضر للبادين من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابراً قال:....قذكره. وانظر "4963" و"4964".(11/336)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ الْمُهَاجِرِ لِلْأَعْرَابِ
4961 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبِيعَ حاضر المهاجر للأعرابي"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد هو الطيالسين وشعبة: هو ابن الحجاج، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.
وأخرجه البخاري "2727" في الشروط: باب الشروط: باب الشروط في الطلاق، ومسلم "1515" "12"و"13" في البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيهن والنسائي 7/255 في البيوع: باب بيع المهاجر للأعرابين، والطحاوي 4/11، والبيهقي 5/317 من طرق عن شعبةن بهذا الإسناد.
والمراد بالمهاجر: الحضري، أطلق عليه ذلك على عرف ذلك الزمان.(11/336)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَاضِرَ قَدْ زُجِرَ عَنْ أَنْ يَبِيعَ لِلْبَادِي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِالْمُهَاجِرِ
4962 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نافع عن بن عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَقَالَ: "لا تلقوا البيوع"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير على بن الجعد، فمن رجال البخاري. وهو في "مسنده" "3125" دون قوله: "وقال: لاتلقوا الجلب" ومن طريقة أخرجه الطحاوي 4/7و10.
وأخرجه أحمد 2/153 عن عبد الصمد، عن جويرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشطر الأول منه الشافعي 2/146، والطحاوي 4/11، والبيهقي 5/346 من طريقين عن نافع، به.
وأخرجه الشطر الأول منه أيضاً: البخاري "2159" في البيوع: باب من كره أن يبيع حاضر لبادٍ بأجرن وابن أبي شيبة 6/239 - 240 من طريقين عن ابن عمر، به.(11/337)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ
4963 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ بعضهم بعضا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر "4960" وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عند أحمد.
وأخرجه ابن الجعد "2731"، والطيالسي "1752"، وأحمد 3/312 و386 و392، ومسلم"1522"في البيوع: باب تحريم بيع الحاضر للبادي، وأبوداود "3442" في البيوع: باب في النهي أن يبيع حاضر لبادٍ، والبيهقي 5/346ن البغوي "2099" من طرق عن زهير بن معاويةن بهذا الإسناد.(11/338)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَرْزُقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا" أَرَادَ بِهِ أَنَّ اللَّهَ يَرْزُقُهُمْ عَلَى أَيْدِيهِمْ
4964 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ"1. [2: 3]
__________
1إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله، وانظر "4960".(11/338)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْمَرْءِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي
4965 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بعض"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/683 في البيوع: باب ما ينهي عنه من المساقاة والمبايعة.
ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/146، وأحمد 2/63، والدارمي 2/255، والبخاري "2139" في البيوع: باب لايبيع على يبيع أخيه ولايسوم على سوم أخيه، و"2165" باب النهي عن تلقي الركبان، ومسلم "1412" ص1154 في البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه والنسائي 7/256 في البيوع: باب بيع أخيه، وابن ماجه "2171" في التجارات: باب لا يبيع الرجل على بيع أخيه، والطحاوي 3/3، والبيهقي 5/344، والبيهقي، والبغوي "2093".
وأخرجه البخاري "5142" في النكاح: باب ما يخطب على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع ومسلم "1412" في البيوع، والترمذي "1292" في البيوع: باب ما جاء في النهي عن البيع أخيه، والنسائي 7/258 من طرق عن نافع، به. وانظر ما بعد بعده.(11/339)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إِنَّمَا زَجَرَ عَنْهُ مَا لَمْ يَأْذَنِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فِيهِ
4966 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عبد الله بن نميرقال: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَبِعْ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ إِلَّا بإذنه"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه أبو داود "2081" في النكاح: باب كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه عن الحسن بن على، عن ابن نميرن بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1412" في النكاح: باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه، والنسائي 6/73 - 74 في النكاح: باب خطبة الرجل إذا ترك الخاطب، وعبد الرزاق "14868"ن وعلى بن الجعد "3160"، والطحاوي 3/3، والبيهقي 5/344 من طرق عن نافع، به.(11/340)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْبَيْعِ
4967 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، أَخْبَرَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ التَّمَّارُ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ يَهُودِيًّا قَدِمَ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثِينَ حِمْلِ شَعِيرٍ وَتَمْرٍ، فَسَعَّرَ مُدًّا بِمُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِي النَّاسِ يَوْمَئِذٍ طَعَامٌ غَيْرُهُ، وَكَانَ قَدْ أَصَابَ النَّاسَ قَبْلَ ذَلِكَ جُوعٌ لَا يَجِدُونَ فِيهِ طَعَامًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسُ يَشْكُونَ إِلَيْهِ غَلَاءَ السِّعْرِ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرِ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "لَا أَلْقَيَنَّ اللَّهَ مِنْ قَبْلِ أَنْ أُعْطِيَ أَحَدًا مِنْ مَالِ أَحَدٍ مِنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، إِنَّمَا الْبَيْعُ عَنْ تَرَاضٍ، وَلَكِنَّ فِي بُيُوعِكُمْ خِصَالًا أَذْكُرُهَا لَكُمْ: لَا تُضَاغِنُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَلَا يَبِيعَنَّ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَالْبَيْعُ عَنْ تراض، وكونوا عباد الله إخوانا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده قوي. سعيد بن عبد الجبار: هو ابن يزيد القرشي.
وأخرجه منه قوله: "إنما البيع عن تراض": ابن ماجه "2185" في التجارات: باب بيع الخيارن والبيهقي 6/17 من طريقين عن عبد العزيز الدراوردي بهذا الإسناد. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجية" 138/2: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
والنجش: هو أن يرى الرجل السلعة تباع، فيزيد في ثمنها، وهو لا يريد شراءها، بل يريد ترغيب السوام فيها ليزيدوا في ثمنها، والتناجش: أن يفعل هذا بصاحبه على أن يكافئه صاحبه بمثله إن هو باع.
قال البغوي فهذا الرجل عاص بهذا الفعل، سواء كان عالماً بالنهي أو يكنن لأنه خديعة، وليست الخديعة من أخلاق أهل الشريعة، وروى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الخديعة في النار" و "من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد".
وقوله: "ولايسوم الرجل على سوم أخيه "النهي صورته: أن يأخذ الرجل شيئاً ليشتريه بثمن رضي به مالكه، فجاء آخر وزاد عليه، يريد شراءه
وقوله: "ولا يبيعن حاضر لبادٍ" قال البغوي في "شرح السنة" 8/123: فذهب بعضهم إلى أن الحضري لا يجوز أن يبيع للبدوي شيئاً، ولايشتري له، وهو قول ابن سيرين وإبراهيم النخعي، لأن اسم البيع يقع على البيع والابتياع، يقال: بعث الشيء بعث الشيء وشريته بمعنى اشتريته ن والكلمتان من الأضداد.
وذهب جماعة إلى أنه لايبيع للبدوي، ويجوز أن يشتري له، وهو قول الحسن البصري، وإليه ذهب الشافعي، ومعنى النهي: هو التربص له بسلعته، وذلك أن أهل البادية كانوا يحملون إلى البلد امتعتهم، فيبيعونها بسعر اليوم، ويرجعون لكثرة المؤنة في البلد، فيكون من بيعهم رفق لأهل البلد وسعة، فكان الرجل من أهل البلد يأتي البدوي، ويقول له: ضع متاعك عندي حتى أتربص لك، وأبيعه على مر الأيام بأغلى، وارجع أنت إلى باديتك، فيفوت بفعله رفق أهل البلد، فنهي الشرع عن ذلك، فمن فعله –وهو بالنهي عالم - يعصي، إن لم يعلم، فلايعصي، فإن كان لا يدخل به ضيق على أهل البلد لرخص الأسعار، أوقلة ذلك المتاع وسعة البلد، فهل يحرم أن يبيع له؟ اختلفوا فيه، منهم من حرمه لظاهر الحديث، ومنهم من أباحه لعدم الضرر، وإذا التمس البدوي منه أن يتربص له، فقد قيل: يجوز ذلك، ولايدخل تحت النهي.(11/341)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مُزَايَدَةِ الْمَرْءِ عَلَى الشَّيْءِ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ لِشِرَائِهِ
4968 أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن النجش" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخينن وهو في "الموطأ" 2/684 في البيوع: باب ما ينهي عنه من المساومة والمبايعة.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/63و108 و156، والشافعي 2/145، والبخاري "2142" في البيوع: باب النجش، و"6963" في الحيل: باب مايكره من التناجش، ومسلم "1516" في البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وتحريم النجش، والنسائي 7/258 في البيوع: باب النجش، وابن ماجه "2173" في التجارات: باب ماجاء في النهي عن النجش، والبيهقي 5/343، والبغوي "2097".(11/342)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَصْرِيَةِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عِنْدَ بَيْعِهَا
4969 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بَاعَ أَحَدُكُمُ اللقحة أو الشاة، فلا يحفلها"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير أبي كثير –وهو السحيمي –فمن رجال مسلم.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" "14864" ومن طريقه أخرجه النسائي 7/252 - 253 في البيوع: باب المحفلة.
وأخرجه أحمد 2/481، وابن أبي شيبة 6/215 من طريق عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كثير، بهذا الإسناد.
اللقحة –بكسر اللام وفتحها -: الناقة القريبة العهد بالنتاج.
وقوله: "فلا يحفلها": من التحفيل، وهو أن يمتنع صاحبها عن حلبها أياماً حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة فزاد في ثمنها، ثم يظهر له بعد ذلك نقص لبنها عن أيام تحفيلها، وسميت محفلة لحفول اللبن وجتماعه في ضرعها، والحفل: الجمع الكثير.(11/343)
ذِكْرُ وَصْفِ الْحُكْمِ فِي تَصْرِيَةِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عِنْدَ بَيْعِهَا
4970 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وصاعا من تمر"1. [2: 3
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/683 في البيوع: باب ما ينهى عن المساومة والمبايعة.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/141 - 142، والبخاري 2150" في البيوع: باب النهي للبائع أن يحفل الإبل الغنم والبقر، ومسلم"1515" "11" في البيوع: باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه، وأبو داود "3443" في البيوع: باب من اشترى مصراة فكرههان والبيهقي 5/318، والبغوي "2092".
وأمخرجه الشافعي 2/142، وأحمد 2/242، والنسائي 7/253 في البيوع: باب النهي عن المصراة من طريق سفيان، عن أبي الزناد به.
أخرجه عبد الرزاق "14858"و"14862" و14862"، وأحمد 2/259 و273 و386 و420 و430 463 و469 و481، والبخاري "2151" في البيوع: باب إذا شاء رد المصراة وفي جلبتها صاع تمر، ومسلم "1524" و"22" و26" في البيوع: باب حكم بيع المصراة، وأبوداود "3445"ن والترمذي "1251" في البيوع: باب ما جاء في المصراة، والنسائي 7/253 - 254، والطحاوي 4/17و18ن والبيهقي 5/318و319 من طرق عن أبي هريرة، به.
وأخرجه عبد الرزاق"14859"، ومسلم "1524" "241" و"25"ن والترمذي "1252" والنسائي 7/254، وابن ماجه "2239" في التجارات: باب بيع المصراة، والدارمي 2/251، والطحاوي 4/18و19، والبيهقي 5/320، والدارقطني 3/74، وفيه: "فهو بالخيار ثلاثة أيام، إن شاء أمسكها...."
وقوله: "لا تصروا" هو بضم أولهن وفتح ثانيه بوزن "تزكوا" يقال صرَّي يُصرَّين كزكيى يزكي، قال الحافظ: قيده بعضهم بفتح أوله وضم ثانية، والأول أصح، لأنه من صريت اللبن في الضرع: إذا جمعته، وليس من صررت الشيء: إذا ربطتهن إذ لو كان منه لقيل: مصرورة أو مصررة، ولم يقل: مصراة على أنه قد سمع الأمران في كلام العربن قال الاغلب العجلي:
رب غلام قد صرى في فقرته ... ماء الشباب عنفوان سنبته
وقال مالك بن نويرة:
فقلت لقومي هذا صدقاتكم ... مصررة أخلافها لم تحرد(11/344)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ الشَّيْءَ الْمَجْهُولَ مِنَ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ
4971 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثُّنَيَّا إِلَّا أَنْ تُعْلَمَ" 1. [2: 41]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ:، سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فِي غَيْرِ الزُّهْرِيِّ ثَبْتٌ، فَإِنَّمَا اخْتَلَطَ عَلَيْهِ صَحِيفَةُ الزُّهْرِيِّ، فكان يهم فيها.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. يونس بن عبيد: هو ابن دينار العبدي. وأخرجه الترمذي "1290" في البيوع: باب ما جاء في النهي عن الثنيا، والنسائي 7/37 - 38 في المزارعةك باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، و7/296 في البيوع: باب النهي عن بيع الثنيا حتى يعلم، وفي الشروط من "الكبرى" كما في "التحفة" 2/246 عن زياد بن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 3405" في البيوع: باب في المخابرة، والبيهقي 5/304 من طريقين عن عباد بن عوام، به.
وأخرجه أحمد 3/323 و356 و364ن وابن أبي شيبة 6/327، ومسلم "1536" 85" وفي البيوع: باب المحافلة والمزابنة، وأبو داود "3404"، والنسائي 7/296، والبيهقي 5/304 من طريقين عن جابر، به. والثنيا: هو أن يبيع ثمر تستانهن ويستثني منه جزءاً غير معلوم، فلا يصح، مجهولاً باستثناء غير المعلوم منهن فإن استثنى جزءاً شائعاً معلوماً بأن قال: بعتك ثمر هذا الحائط إلا ثلثه أو ربعهن يجوز وكذلك لو استثنى ثمرة نخلة أو نخلات بعينها يجوز.(11/345)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَقَعَ بَيْعُ الْمَرْءِ عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ أَوْ إِلَى وَقْتٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ
4972 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن بيع الغرر"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. محمد بن عبد الأعلى الصَّنعاني: ثقة من رجال مسلم، من فوقه من رجال الشيخين. معتمر: هو ابن سليمان بن طرخان التيمي.
وأخرجه أحمد 2/144، والبيهقي 5/338 من طريقين عن نافع، بهذا الإسناد، ذكره الهيثمي في "المجمع" 4/80، ونسبة للطبراني في "الأوسط" وقال: رجاله ثقات. وقد تقدم برقم "4951" من حديث أبي هريرة.
والغرر: هو ماخفي عليك علمه، مأخوذ من قولهم: طويت الثوب على غرة، أي: على كسره الأول، وقيل: سمي غرراً من الغرر، من الغرور، لأن ظاهره بيع يسر، وباطنه مجهول يغر، وسمي الشيطان غروراً لهذا، لأنه يحمل الإنسان على ماتحبه نفسه ووراءه ما يسوؤه فكل بيع كان المقصود عليه مجهولاً أومعجوزاً عنه مقدور عليه غرر، مثل أن يبع الطير في الهواء، والسمك في الماء، أو العبد الآبق، أو الجمل الشارد، أو الحمل في البطن، أو نحو ذلك، فهو فاسد للجهل بالمبيع، والعجز عن تسليمه.(11/346)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الشَّيْءِ بِمِئَةِ دِينَارٍ نسيئة وبتسعين دينار نَقْدًا
4973 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو –وهو ابن علقمة - روى له البخاري مقروناً ومسلم في المتابعات، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين. عبدة بن سليمان: هو الكلابي.
وأخرجه الترمذي "1231" في البيوع: باب النهي عن بيعين في بيعة، عن هناد، عن عبدة بن سليمان، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 2/432 و475 و503، والنسائي 7/295 - 296 في البيوع: بيعتين في بيعة، وابن الجارود "600"، والبيهقي 5/343، والبغوي "2111" من طرق عن محمد بن عمرو، به.(11/347)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا اشْتَرَى بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ عَلَى مَا وَصَفْنَا وَأَرَادَ مُجَانَبَةَ الرِّبَا كَانَ لَهُ أَوْكَسُهُمَا
4974 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أخبرنا بن أبي زائد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمةعن أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بيعة، فله اوكسهما أو الربا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده حسن الذي قبله. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا، وهو عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 6/120.
وأخرجه أبو داود "3461" في البيوع: باب فيمن باع بيعتين في بيعة، والحاكم 2/45، وعنه البيهقي 3/343 من طريق ابن أبي شيبة، بهذا والإسناد.
وقال العلامة ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/105: وللعلماء في تفسي هذا الحديث وقولان:
أحدهما: أن يقول بعتك نقداً بعشرة أو عشرين نسيئة، وهذا الذي رواه أحمد عن سماك، فسره في حديث ابن مسعود قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة". قال: الرجل يبيع البيع، فيقول: هو على نساء بكذا، وبنقد بكذا، وهذا التفسير ضعيف، فإنه لا يدخل الربا في هذا الصورة ولا صفقتين هنا وإنما صفقة واحدة بأحد الثمنين.
والتفسير والثاني: أن يقول: أبيعكها بمئة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة، وهذا معنى الحديث الحديث الذي لا معنى له غيره، وهو مطابق لقوله صلى الله عليه وسلم: "فله أو كسهما أو الربا"، فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربي أو الثمن الأول فيكون هو أوكسهما ومطابق لصفقتين في صفقة، فأنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد، وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها ولا يستحق إلا رأس ماله، وهو أوكس الصفقتين، فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ الربا.
قلت: وبهذا التفسير يتبين لك خطأ الاستدلال بهذا الحديث على منع بيع التقسيط من بعض منتحلى صناعة العلم في عصرنان فخالفوا بذلك جمهور أهل العلم ومنهم الأئمة الأربعة المتبوعون القائلون بجوازه وحليته.(11/348)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ
4975 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز، وهو في "الموطأ" 2/666 في البيوع باب بيع الملامسة والمنابذة.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/144، والبخاري "2146" في البيوع: باب بيع المنابذة، و"5821" في اللباس: باب الاختباء في الثوب والواحد، والنسائي 7/259 في البيوع: باب بيع الملامسة، والبيهقي 5/341، والبغوي 2101" وأخرجه عبد الرزاق "14989"، وأحمد 2/476 و480، والبخاري "368" في الصلاة: باب مايستر من العورة، ومسلم، "1511" في البيوع: باب بيع الملامسة والمنابذةن والترمذي "1310" في البيوع: باب ما جاء في الملامسة والمنابذة، وابن أبي شيبة 7/43، والبيهقي 5/34 من طرق عن سفيان، عن أبي الزناد، به.
وأخرجه مالك 2/666، ومن طريقه الشافعي 2/144، والبخاري "2146"، ومسلم "1511"، والنسائي 7/259، والبيهقي 5/341، والبيهقي، والبغوي "2101" عن محمد بن يحيى بن حبان، عن الأعرج، به.
وأخرجه أحمد 2/380، وابن أبي شيبة 7/43، والبخاري "584" في مواقيت الصلاة: باب اشتمال الصماء، ومسلم "1511"، والنسائي 7/260 و261 - 262، وابن ماجه "2169" في التجارات: باب ماجاء في النهي عن المنابذة والملامسةن والبيهقي 5/341 من طرق عن أبي هريرة، به.(11/349)
ذِكْرُ وَصْفِ بَيْعِ الْمُلَامَسَةِ وَكَيْفِيَّةِ الْمُنَابَذَةِ
4976 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ، قَالَ: حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ: الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ". فَالْمُنَابَذَةُ هُوَ أَنْ يَقُولَ: إِذَا نَبَذْتُ إِلَيْكَ هَذَا الثَّوْبَ، فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَالْمُلَامَسَةُ أَنْ يَمَسَّهُ بِيَدِهِ وَلَا يَنْشُرُهُ وَلَا يُقَلِّبُهُ، يَقُولُ: إِذَا مَسَّهُ وجب البيع" 1. [2: 3]
__________
1 حديث صحيح. ابن أبي السري –وهو محمد بن المتوكل - قد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" "14987"، وأخرجه من طريقه أبو داود "3378" في البيوع: باب بيع الغرر، والنسائي 7/261 في البيوع: باب بيع المنابذة، البيهقي 5/342.
وأخرجه البخاري "2147" في البيوع: باب بيع المنابذة، عن عياش بن والوليدن عن عبد الأعلى، عن معمر، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/43ن والدارمي 253، والبخاري "6284" في الاشتئذان: باب الجلوس كيفما تيسر، وأبو داود "3377"، والنسائي 7/260ن وابن ماجه "2170" في التجارات: باب ماجاء في النهي عن المنابذة والملامسة، وابن الجارود "592"، والبيهقي 5/342 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. وأخرجه البخاري "2144" في البيوع: باب بيع لملامسة، و"5820" في اللباس: باب اشتمال الصماء، ومسلم "1512"، وأبو داود "3379"، والنسائي 7/260 و261، والبيهقي 5/341 - 342و342 من طرق عن الزهري عن عامربن سعد بن أبي وقاص، عن أبي سعيد الخدري.(11/350)
قال أبو حاتم: رضى الله تعالى عَنْهُ: الْمُنَابَذَةُ أَنْ يَنْبِذَ الْمُشْتَرِي ثَوْبًا إِلَى الْبَائِعِ، وَيَنْبِذَ الْبَائِعُ إِلَى الْمُشْتَرِي ثَوْبًا لِيَبِيعَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ عَلَى أَنَّهُمَا إِذَا وَقَفَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الطُّولِ وَالْعَرْضِ لَا يَكُونُ لَهُمَا الْخِيَارُ إِلَّا ذَلِكَ النَّبْذُ فَقَطْ.
وَالْمُلَامَسَةُ: أَنْ يَلْمِسَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ عَلَى أَنْ لَا خِيَارَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا نَشَرَهُ وقلبه سوى ذلك اللمس1.
__________
1 وقال مالك: ولملامسة: أن يلمس الرجل الثوب، ولا ينشره، ولا يتبين ما فيه، أو أن يبتاعه ليلاً، وهو لا يعلم مافيه.
والمنابذة: أن ينبذ الرجل إلى ثوبه، وينبذ إليه الآخر ثوبه على غير تأمل منهما، يقول كل واحد منهما لصاحبه: هذا بهذا، فهذا الذي نهي عنه من الملامسة والمنابذة.
ولمسلم "1511" "2" عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نهي عن بيعتين: الملامسة والمنابذة، أما الملامسة: فأن يلمس كل واحد ثوب صاحبه بغير تأمل، والمنابذة: أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر، ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه.
وقال الحافظ في "الفتح" 4/359: وهذا التفسير الذي في حديث أبي هريرة أقعد بلفظ الملامسة والمنابذة، لأنها مفاعلة فتستدعي وجود الفعل من الجانبين، وظاهره أنه مرفوع، لكن وقع للنسائي 6/261 - 262 ما يشعر بأنه كلام من دونه صلى الله عليه وسلمن ولفظه: وزعم الملامسة أن يقول الرجل للرجل: أبيعك ثوبي بوثك، ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر، ولكن يلمسه لمساًن وأما المنابذة فأن يقول: أنبذ ما معي وتنبذ ما معك ليشتري أحدهما من الآخر، ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر ونحو من هذا الوصف، فالأقرب أن يكون ذلك من كلام الصحابي لبعد أن يعبر الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ "زعم".(11/351)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ حَصَاةُ الْمُشْتَرِي
4977 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْعُمَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ" 1. [2:]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ بَيْعُ الْحَصَاةِ: أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ إِلَى قَطِيعِ غَنَمٍ، أَوْ عَدَدِ دَوَابَّ، أَوْ جَمَاعَةِ رَقِيقٍ، ثُمَّ يَقُولُ: لِلْبَائِعِ: أَخْذِفُ بِحَصَاتِي هَذِهِ، فَكُلُّ مَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ حصاتي هذه فهو لي بكذا وكذا2.
__________
1 أسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو القطان. وقد تقدم برقم "4951".
2 قال قول أبي عيد، وقال بعضهم: معنى بيع الحصاة: أن يقول البائع للمشتري: إذا نبذت إليك الحصاة، فقد وجب فقد البيع بيني وبينك فيما فيما نبيعه.(11/352)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ
4978 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْجَوَالِيقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، قال: حدثنا بن وهب، قال: أخبرني بن جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ". [2: 3]
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: أَمْلَيْنَا هَذَا الْخَبَرَ فِي هَذَا النَّوْعِ، لِأَنَّ لَهُ مَدْخَلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَرْءَ مَمْنُوعٌ أَبَدًا أَنْ يَبِيعَ الطَّعَامَ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ.
وَالْمَدْخَلُ الثَّانِي: أَنَّ الْمَرْءَ مَمْنُوعٌ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، لَا الْكَلِّ، وَهُوَ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، لَا قبل إشترائه1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير بالتحديث عند مسلم والبيهقي، فانتفت شبهة تدليسهما.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الأثار" 4/38 عن يونس، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه وأحمد 3/392، ومسلم "1529" في البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، والبيهقي 5/312 من طرق عن ابن جريج، به.(11/353)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ أَرَادَ بِهِ حَتَّى يَقْبِضَهُ
4979 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَمْرِو بن دينار، قال: سمعت بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حتى يقبضه"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. أبوالوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وعمرو بن دينار: هو المكي.
وأخرجه أحمد 2/111، وأبو داود "3495" في البيوع: باب النهي عن بيع ما اشتري من الطعام بكيل حتى يستوفى، والطحاوي 4/38، والطبراني في "الكبير" "13097" و"13098"، والبيهقي 5/314 من طريقين عن القاسم بن محمد، عن ابن عمر، به. وانظر "4981" و"4986".(11/354)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ خَبَرَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَوْهُومٌ
4980 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ1. [2: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعَ هذا الخبر عمرو بن دينار عن بن عمر، وسمعه عن طاووس عن بن عباس، وهما طريقان جميعا محفوظان
__________
1 إسناده صحيح. بشر بن معاذ العقدي: حديثه عند أهل السنن، وروى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، ووثقه النسائي في أسماء شيوخه، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وصدوقن وقال مسلمة بن قاسم: بصري، ثقة صالح. ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه ابن ماجه "2227" في التجارات: باب النهي عن بيع الطعام قبل مالم يقبض عن بشر بن معاذ العقدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1525" في البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، والترمذي "1291" في البيوع: باب في كراهية بيع الطعام حتى يستوفيه، وأبو داود "3497" في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي، وابن ماجه "2227"، والطبراني "10873" من طرق عن حماد بن زيد، به.
وأخرجه الشافعي 2/142، والطيالسي "2602"، وأحمد 2/270 و369، وعبد الرزاق "14211"، وابن أبي شيبة 6/368و369، والبخاري "2135" في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يقبض وبيع ماليس عندك، ومسلم "1525"، والنسائي 7/285 في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي، وابن ماجه "2227"، والطحاوي 2/39، وابن الجاورد "606"، والطبراني "10871" و"10872" و"10873" و"10874" و"10875" و"10876" "10877" و"10878"، والبيهقي 5/312 و313، والبغوي "2089" من طرق عن عمرو بن دينار، به.
وأخرجه عبد الرزاق "14210"، وأحمد 2/356و368، والبخاري "2132" في البيوع: باب مايذكر في البيع والحكرة، ومسلم "1525"، وأبو داود "3496"، والنسائي 7/385 و285 - 286، والطبراني "10915" من طرق عن طاووس، به.(11/355)
ذكر الخبر الدال على أن خبر بن عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَهِمُ فِيهِ حَمَّادُ بن سلمة وأن الخبر من حديث بن عُمَرَ لَهُ أَصْلٌ
4981 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا تبيعوا الثمر حتى يبدوا صَلَاحُهَا، وَمَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضه"1. [2: 3
__________
1 إٍسناده صحيح على شرط مسلم. يحيى بن أيوب من رجال مسلم،ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه القسم الأول من الحديث: مسلم "1534" 52" في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها عن يحيى بن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً مسلم "1534" "52"، والطحاوي 2/23،والبغوي "2078"،والبيهقي 5/300 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرج القسم الثاني منه: مسلم "1526" "36" في البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، والطحاوي 2/37 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به. وأخرجه القسم الثاني منه أيضاً: الطيالسي "1787"، ومالك 2/640 في البيوع: باب العينة وما يشبيهها، وأحمد 2/59، والطحاوي 2/38 من طرق عن عبد الله بن دينار، به.
وأخرج القسم الأول منه: عبد الرزاق "14314"، والبخاري "2183" في البيوع: باب بيع المزابنة، و"2159" باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، والنسائي 7/262 - 263 و263 في البيوع: باب بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وأحمد 2/59، وابن أبي شيبة 6/507، والطحاوي 2/23، والطبراني "13463"، وابن الجاورد "603" والبيهقي 5/295 - 296و299 من طرق عن ابن عمر. وانظر "4986" و"4989" "4991".(11/356)
ذِكْرُ وَصْفِ الْقَبْضِ الَّذِي يَحِلُّ بِهِ بَيْعُ الطَّعَامِ الْمُشْتَرَى
4982 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قال: أخبرني نافع عن بن عُمَرَ، قَالَ: "كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ جُزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البيهقي 5/314 من طريق الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد وأخرجه مسلم "1527" في البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، ابن الجاورد "607" عن محمد بن عبد الله بن نمير، به. وأخرجه أحمد 2/142، وابن ماجه "2229" في التجارات: باب بيع المجازفةن عن عبد الله بن نمير، به..
وأخرجه أحمد 2/15و21، وابن أبي شيبة 6/394، والبخاري "2167" في البيوع: باب منتهي التلقي، وأبو داود "3494" في البيوع: باب في بيع الطعام قبل أن يستوفي، والنسائي 7/287 في البيوع: باب بيع ما يشترى من الطعام جزافاً قبل أن ينقل من مكانه، من طرق عند عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه مالك 2/641 في البيوع: باب العينة وما يشبيهها، والبخاري "2123" في البيوع: باب ما ذكرفي الأسواق، و"2166"، ومسلم "1527" "33"، وأبو داود "3493"، والنسائي 7/287، والبيهقي 5/314، والبغوي "2088".من طرق عن نافع، به.
والجزاف: البيع المجهول القدر، مكيلاً كان أو موزوناً.(11/357)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بَيْعٌ سِوَى الطَّعَامِ حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّعَامِ فِي هَذَا الزَّجْرِ
4983 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ بِفَمِّ الصِّلْحِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ يُوسُفَ بْنَ مَاهَكٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَدَّثَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ أَشْتَرِي الْمَتَاعَ، فَمَا الَّذِي يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيَّ، فَقَالَ: "يَا ابن أَخِي إِذَا ابْتَعْتَ بَيْعًا، فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ" 1. [2: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الْخَبَرُ مَشْهُورٌ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عصمة، وهذا خبر غريب
__________
1 إسناده حسن، عبد الله بن عصمة: روى عنه جمع، وذكره المصنف في "الثقات" وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير العباس بن عبد العظيم فمن رجال مسلم. وابن أبي كثير: اسمه يحيى.
وأخرجه الدارقطني 2/9، وابن الجارود "602" من طريقين عن حبان بن هلال، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق"14214"، والطيالسي "1318"، وأحمد =(11/358)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 3/402 والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/76، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/41، والدارقطني 2/8 - 9و9، وابن الجارود "602"، والبيهقي 5/313 من طريق عن يحيى بن أبي كثير، به. وقال البيهقي: إسناده متصل، وكذلك رواه همام بن يحيى وأبان العطار عن يحيى بن أبي كثير، به.
وأخرجه عبد الرزاق "1412" عن معمر، عن أيوب، عن يوسف بن ماهك، عن رجل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام....
وأخرجه الشافعي 2/143، وأحمد 402و434، وأبو داود "3503" في البيوع: باب الرجل يبيع ما ليس عنده، والترمذي "1232" في البيوع: باب كراهية بيع ماليس عندك، والنسائي 7/289 في البيوع: باب بيع ما ليس عند البائع، وفي الشروط من "الكبرى" كما في "التحفة" 3/79، وابن ماجه "2187" في التجارات: باب النهي عن بيع ماليس عندكن والطبراني في "الكبير" "3097" و"3098" و"3099" و"3100" و"3101" و"3102" و"3103" و"3104" و"3105" من طرق عن يوسف بن ماهك، عن حيكم بن حزام، به. وبإسقاط عبد الله بن عصمة. هذا سند صحيح، وحسنه الترمذي، وهذا السند الذي هو أشار إليه المصنف في نهاية الحديث. وأخرجه الشافعي 2/143، وأحمد 3/403، والنسائي 7/286 في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي، والطحاوي 4/38 من طرق عن وابن جريج، عن عطاء عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام، به.
وأخرجه الطحاوي 4/41 من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني يعلى بن حكيم بن حزام أن أباه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ...
وأخرجه الشافعي 2/143، وأحمد 3/403، والنسائي 7/386 في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي، والطحاوي 4/38 من طرق عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبد الله بن عصمة، عن حكيم بن حزام، به.
وأخرجه الطحاوي 4/41 من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني يعلى بن حكيم بن حزام أن أباه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ...
وأخرجه الشافعي 2/143، وأحمد 3/403، والنسائي 7/286، والطبراني "3096" و"3132" "3137" و"3138" و"3139" و"3139" و"3140" و"3141" و"3142" 3142" و"3143" و"3144" و"3145" و"3146" والبيهقي 5/312 من طرق عن حكيم بن حزام، به. وانظر"4985"(11/359)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ حُكْمَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ من الأشياء المبيعة فيه سواء
...
ذكر الخبر بِأَنَّ حُكْمَ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ فِيهِ سَوَاءٌ
4984 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِالْمَوْصِلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عن بن إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ، عَنْ عُبَيْدِ بن حنين1
عن بن عُمَرَ قَالَ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنَ الشَّامِ بِزَيْتٍ، فَسَاوَمْتُهُ فِيمَنْ سَاوَمَهُ مِنَ التُّجَّارِ حَتَّى ابْتَعْتُهُ مِنْهُ، فَقَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ، فَأَرْبَحَنِي حَتَّى أَرْضَانِي، فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، لِأَضْرِبَ عَلَيْهَا، فَأَخَذَ رَجُلٌ بِذِرَاعِي مِنْ خَلْفِي، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، فَقَالَ لِي: لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَحُوزَهُ إِلَى رَحْلِكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ذَلِكَ فَأَمْسَكْتُ يَدَيَّ2. [2: 3]
__________
1 تحرف في الأصل إلى "عبد الله جبير" وفي "التقاسيم" 2/لوحة 61 إلى: "عبيد بن جبير" والمثبت من مصادر التخريج.
2 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق، فقد علق له البخاري، ورى له مسلم مقروناً بغيره وهو صدوق. وقد صرح بالتحديث عند المصنف وغير، فانتفت شبهة تدليسه، أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.
وأخرجه أحمد 5/191عن يعقوب بن إبراهيمن بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "3499"في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفي، والطبراني في "الكبير" "4782" و"4783"، والحاكم 2/40، والبيهقي 5/314 من طريقين عن ابن إسحاق، به.
وأخرجه الطبراني "4781" من طريقين عن حسين بن محمد، عن جرير بن حازم، عن ابي الزناد، به.(11/360)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْمَرْءِ الطَّعَامَ الَّذِي اشْتَرَاهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَاسْتِيفَائِهِ
4985 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ حِزَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَعْنِي عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّهُ قَالَ: اشْتَرَيْتُ طَعَامًا مِنْ طَعَامِ الصَّدَقَةِ، فَأَرْبَحْتُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ، فَأَرَدْتُ بَيْعَهُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تبعه حتى تقبضه"1. [2: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. منصور بن أبي مزاحم من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم. وقد تقدم نحوه برقم "4983".
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/386 - 366 عن أبي الأحوصن بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 7/286 في البيوع: باب بيع الطعام قبل أن يستوفى والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/38، والطبراني في "الكبير" "3110" من طرق عن أبي الأحوص به.(11/361)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُكْمَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الزَّجْرِ سَوَاءٌ
4986 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ مُنْذُ ثَمَانِينَ سَنَةً، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بْنَ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ" قَالَ: وَنَهَى أَنْ يَبِيعَهُ حَتَّى يحوله من مكانه أو ينقله1. [2: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن أبي الشيبة 6/366،ومسلم"1526" "34" و"1527" في البيوع: باب بطلان بيع المبيع قبل القبض، والطحاوي 4/37 من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرج القسم الأول منه: مالك 2/640 في البيوع: باب والعينة ومايشبهها، والشافعي 2/142، وأحمد 2/63 - 64، والدارمي 2/252 - 253، والبخاري "2124" في البيوع: باب ما ذكر في الأسواق، و"2126" باب الكيل على البائع المعطي، و"2136" باب بيع الطعام قبل أن يقبض، ومسلم "1526" "32" و"35"، وأبو داود "3492" في البيوع: باب بيع الطعام قبل مالم يقبض، والطحاوي 2/37، والبيهقي 5/311 - 312، والبغوي "2087" من طرق عن نافع، به.(11/362)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ الَّذِي اشْتَرَى مُجَازَفَةً قَبْلَ أَنْ يُؤْوِيَهُ إِلَى رَحْلِهِ
4987 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ بن عُمَرَ، قَالَ: رَأَيْتُ أَصْحَابَ الطَّعَامِ يَضْرِبُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَرَوْا طَعَامًا مُجَازَفَةً، فَبَاعُوهُ قَبْلَ أَنْ يؤووه إلى رحالهم1. [2: 3]
__________
1 ٍإسناده قوي، عمرو نب محمد بن أبي رزين: حديثه عند الترمذي، وروى عنه جمع وذكره المؤلف في "الثقات" وقال: ربما أخطأ، وقال ابن قانع: بصري صالح، وقال الحاكم: صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه عبد الرزاق "14598"، وأحمد 2/7 و40 و53 و150 و157، والبخاري في البيوع: باب يذكر في الطعام والحكرة، و"2137" باب من رأى إذا اشترى طعاماً جزافاً أن لايبعه حتى يؤته إلى رحله، و"6852" في الحدود: باب كم التعزير والأدب. ومسلم "1527" "37" و38" في البيوع: باب بيع ما يشترى من الطعام جزافاً قبل أن ينقل من مكانه، من طرق عن الزهري، عن سالم بن عبد الله بن عمر "أخي حمزة بن عبد الله" عن أبيه بن عبد الله بن عمر.
وفي هذا الحديث مشروعية تأديب من تعاطى العقود الفاسدة، وإقامة الإمام على الناس من يراعي أحوالهم في ذلك(11/363)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ عَلَى أَشْجَارِهَا حَتَّى تَطْعَمَ
4988 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ عن بن عَبَّاسٍ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطْعَمَ" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. مسدد من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين. سفيان: هو بن عيينة.
وأخرجه الشافعي 2/149 - 150 ومن طريق البيهقي 5/302عن ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُوسٍ، عَنِ ابن عباس موقوفاً.
وأخرجه عبد الرزاق "14318" عن ابن عيينة، عن عمرو بن دينارن عن طاووس، عن ابن عباس قال: لا أدري أبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: فذكره موقوفاً.
وأخرجه الدارقطني 3/14 - 15 من طرق عن عمربن فروخ، عن خبيب بن الزبير، عن عكرمة، عن ابن عباس، وهذا ‘إسناد حسن.(11/364)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَطْعَمَ أَرَادَ بِهِ ظُهُورَ صَلَاحِهَا
4989 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عن بن عُمَرَ، قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صلاحها" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. الحوضي: هو حفص بن عمر، وهو من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/46 و79 و108، والطيالسي "1886" والطيالسي "1886" و"1887"، والبخاري "1486" في الزكاة: باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه.... ومسلم "1534" في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، والطحاوي 2/23، والبيهقي 5/300 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/148، ومسلم "1534" من طريق سفيان، عن عبيد الله بن دينار، به. وقد تقدم برقم "4981" من طريق إسماعيل بن جعفر، عن ابن دينار، وانظر 4991"(11/364)
ذِكْرُ وَصْفِ ظُهُورِ الصَّلَاحِ فِي الثَّمَرِ الَّذِي يَحِلُّ بَيْعُهَا عِنْدَ ظُهُورِهِ
4990 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ قِيلَ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: "حَتَّى تَحْمَرَّ"، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ، بم يأخذ أحدكم مال أخيه؟ " 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/618 في البيوع باب في النهي عن بيع الثمار حتى تبدو صلاحها.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/148 - 149، والبخاري "1488" في الزكاة: باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه أو زرعه، و"2198" في البيوع: باب إذا باع الثمار قبل أن تبدو صلاحهان ثم اصابته عاهة فهو من البائع، ومسلم "1555" في المساقاة: باب وضع الحوائج، والنسائي 7/274 في البيوع: باب شراء الثمار قبل أن تبدو صلاحها، والبيهقي 5/300، والبغوي "2080".
وأخرجه الشافعي 2/149ن وأحمد3/115، والبخاري "2195" في البيوع: باب إذا باع الثمار قبل أن تبدو صلاحها، و"2197" باب بيع النخل قبل أن تبدو صلاحها و"2208" باب بيع المخاضرة، ومسلم "1555" و"15" و16"، والطحاوي 2/24، وابن الجارود "604"، والبيهقي 5/300 و300 - 301، والبغوي "2081" من طرق عن حميد، به. وانظر "4993".
وقوله: "حتى تزهي" بضم التاء من: أزهى، بالياء، وقال الخليل: أزهى النخل: بدا صلاحه، وفي رواية: "تزهو" بالواو من زهار يزهو، قال ابن الأعرابي: يقال: زها النخل يزهو: إذا ظهرة ثمرته، وأزهى يزهي: إذا اصفر واحمر.(11/365)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُكْمَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي هَذَا الزَّجْرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ سَوَاءٌ
4991 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صلاحها، نهى البائع والمشتري" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/618 في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/148، وعبد الرزاق "14315"، وأحمد 2/62 - 63 والدارمي 2/251 - 252، والبخاري "2194" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ومسلم "1534" في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، وأبو داود "3367" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحه، وابن ماجه "2214" في التجارات: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، والبيهقي 5/299ن والبغوي "2077".
وأخرجه مسلم "1534"، والطحاوي 2/22، والبيهقي 5/99 من طرق عن نافع، به.(11/366)
ذِكْرُ وَصْفِ ظُهُورِ الصَّلَاحِ فِي النَّخْلِ الَّذِي يَحِلُّ بَيْعُهَا عِنْدَهُ
4992 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْمَكِّيِّ، قَالَ: زَيْدٌ: حَدَّثَنَا وَهُوَ عِنْدَ عَطَاءٍ جَالِسٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عن الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ، وَعَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يُشْقِحَ".
وَالْإِشْقَاحُ: أَنْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ أَوْ يؤكل من شَيْءٌ. قَالَ زَيْدٌ: فَقُلْتُ لِعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ1. [2: 3]
قَالَ الشَّيْخُ: أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا هُوَ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءٍ رَوَى عَنْهُ أبو حنيفة. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير زكريا بن عدي، فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم "1536" في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، والبيهقي 5/301 عن إسحاق بن إبراهيم –وهو ابن راهويه - بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصراً أحمد 3/320، والبخاري "2196" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن تبدو صلاحها، ومسلم "1536" "84"، وأبو داود "3370" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، والبيهقي 5/301 من طريقين عن سعيد بن ميناء. به.
وأخرجه مختصراً أيضاً ابن أبي شيبة 7/129، والبخاري "1487" في الزكاة: باب من باع ثمره أو نخله أوزرعه، ومسلم "1536"، وأبو داود "3373"، والنسائي 7/263و263 - 264 في البيوع: باب بيع =(11/367)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الثمر قبل أن يبدو صلاحهن و7/270 باب بيع الزرع بالطعامن والترمذي "1290"في البيوع: باب ماجاء في النهي عن الثنيا، وقال حسن صحيح غريبن والبيهقي 5/307 و309، والبغوي "2071" من طريقين عن عطاء، عن جابرن به. وانظر "5000"
وقوله: "والإشقاح أن يحمر" هو من تفسير سعيد بن ميناء كما جاء مصرحاً به عند أحمد 3/361 قال: قلت لسعيد بن منياء: ماشقح؟
قال:.... فذكرهن وقد أشار إلى ذلك الحافظ في "الفتح" 4/397.
والمحاقلة: قال: ابن الأثير في "النهاية" 1/416: مختلف فيها، قيل: هي اكتراء الأرض بالحنظة، وهكذا جاء مفسراً في الحديثن هو الذي يسميه الزارعون: المخابرة، وقيل: هي المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما، وقيل: هي بيع الطعام في سنبله بالبر، وقيل: بيع الزرع قيل إدراكه، وإنما نهي عنها، لأنها من المكيل، ولا يجوز فيه إذا كانا من جنس واحد إلا مثلا بمثل ويداً بيد، وهذا مجهول لا يدري أيهما اكثر.
والمزابنة: هي بيع من بيع من بياعات الغرر، مشتق من الزبن، وهو الدفع، كأن كلاّ من المتبايعين يدفع الآخر عن حقه، وقيل: هي بيع الرطب في رؤوس النخل بالتمر، وقال مالك: المزابنة كل شيئ من الجزاف لا يعلم كيله ولا وزنه ولا عدده إذا بيع بشيء مسمى من الكيل وغيره.
والمخابرة: هي المزارعة على جزء يخرج من الأرض، وأصله أن أهل خيبر كانوا يتعاملون كذلك، جزم بذلك ابن الأعرابين وقال غيره: الخبير في كلام الأنصار: الأكار وهو الفلاح الحراث.
وروى الشافعي في "مسنده" "1274" بإسناد صحيح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المخابرة، والمحاقلة، والمزابنة، والمحاقلة: أن يبيع الرجل الزرع بمئة فرق حنطةن والمزابنة: أن يبيع الثمر في رؤوس النخل بمئة فرق، والمخابرة: كراء الأرض بالثلث والربع. وانظر "4998" و"4999".(11/368)
ذِكْرُ وَصْفِ ظُهُورِ الصَّلَاحِ فِي الْحُبُوبِ الَّتِي1 يَحِلُّ بَيْعُهَا عِنْدَ وُجُودِهِ
4993 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهُوَ، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يشتد، وعن بيع العنب حتى يسود"2.
__________
1 في الأصل"الذي"، والمثبت من "التقاسيم" 2/لوحة 57.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه أبو داود "3371" في البيوع: باب ما جاء في كراهية بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها، والترمذي"1228"في البيوع: باب ماجاء في كراهية بيع الثمرة حتى بيدو صلاحها، والطحاوي 2/24 من طريقين عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن غريب.
وأخرجه أحمد 3/221 و250، وابن أبي شيبة 7/116، والترمذي "1228"، وابن ماجه "2217" في التجارات: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، والدارقطني 3/47 - 48، والحاكم 2/19، والبيهقي 5/301، البغوي "2082" من طرق عن حماد بن سملة، به. وصححه الحاكم على شرط مسلمن ووافقه الذهبي.(11/369)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ بَيْعِ مَا وَصَفْنَا
4994 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن عليةم قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ، ويامن من العاهة، نهى البائع والمشتري"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشخين. أيوب: هو السختياني.
وأخرجه الترمذي "1227" في البيوع: باب ماجاء في كراهية بيع الثمرة حتى تبدو صلاحهان عن أحمد بن منيع، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 2/5، ومسلم "1535" في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، وأبو داود "3368" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن تبدو صلاحها، والنسائي 7/270 - 271 في البيوع: باب بيع السنبل حتى يبيض، من طرق عن ابن علية, به.(11/370)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْمَرْءِ ثَمَرَةَ نَخْلِهِ سِنِينَ مَعْلُومَةً مِمَّا بَاعَ السَّنَةَ الْأُولَى مِنْهَا
4995 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن بيع السنين"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. سليمان بن عتيق من رجال مسلم، وثقه النسائي والمصنفن وباقي رجاله الشيخين. حميد الأعرج: هو حميد بن قيس.
وأخرجه المزي في "تهذيب الكمال" ورقة 546 في ترجمة سليمان بن عتيق، من طريق أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو داود "3374" في البيوع: باب السنين عن يحيى بن معين، به.
وأخرجه الشافعي 2/145و151، وأحمد 3/309، ومسلم "1536" "101" في البيوع: باب كراء الأرض، وأبو داود "3374"، والنسائي 7/266، وفي البيوع: باب بيع الثمر سنين و7/294 باب بيع السنين، وابن ماجه "2218" في التجارات: باب بيع ثمار السنين والحائحة، والطحاوي 4/25، وابن الجارود "597"، والبيهقي 5/306 من طرق عن سفيان، به.
وأخرجه النسائي 7/294 من طريق سفيان عن أبي الزبيرن عن جابر. وبيع السنين: هو بيع الشجر سنتين وثلاثاً فصاعداً قبل أن تظهر ثمارهن وهو باطل إجماعاً، لأنه بيع ما لم يخلق.(11/370)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ
4996 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمَوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المزابنة والمحاقلة"1. [2: 3]
__________
1 إسناده حسن زكريا بن يحيى: هوابن صبيح، ذكره المؤلف في "الثقات" 8/253 فقال: من أهل واسط، يروي عن هشيم وخالد، وخالد، حدثنا عنه شيوخنا الحسن بن سفيان وغيره، وكان من المتقين في الروايات، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين، ومن ثقات من رجال الشيخين.
وعلقه الترمذي بإثر الحديث "1300"في البيوع: باب ماجاء في العرايا والرخصة في ذلك، فقال: وروى أيوب، وعبيد الله بن عمر، ومالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر. فذكر الحديث. وسيأتي برقم 4998" بلفظ: "نهى عن المزابنة"، وليس فيه لفظ المحاقلة، وانظر "4992".(11/371)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نُهِيَ عَنِ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ
4997 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ زَيْدِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ يَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: "فلا إذا" 1.
2 -
__________
1 إسناده حسن، رجاله رجال الشيخين غير زيد أبي عياش، وهو زيد بن عياش الزرقي، روى حديثه أصحاب السنن، وليس له عندهم سوى هذا الحديث، وثقه المصنف والدارقطني، وصحح حديثه هذا: الترمذي، وابن خزيمةن والحاكم. وقول بعضهم: إنه مجهول، رده المنذري في "مختصر سنن أبي داود" 5/34 بقوله: كيف يكون مجهولاً وقد روى عنه اثنان ثقتان: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سفيان وعمران بن أبي أنس، وهما ممن احتج به مسلم في "صحيحه" وقد عرفه أئمة الشأن؟ هذا الإمام مالك قد أخرجه حديثه في "موطئه" مع شدة تحريه في الرجال، ونقد، نقدهن وتتبعه لأحوالهم.
وقال أبو عبد الله الحاكم في "المستدرك" 2/39 بعد أن أخرج الحديث: هذا حديث صحيح لإجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس، وأنه محكم في كل ما يرويه من الحديث، إذ لم يوجد في رواياته إلا الصحيحن وخصوصاً في حديث أهل المدينة، ثم لمتابعة الأئمة إياه في رواية عن عبد الله بن يزيد.
والحديث عند مالك في "الموطأ" 2/624 في البيوع: باب ما يكره من بيع التمر، ومن طريقه أخرجه الشافعي 2/159، وفي "الرسالة" فقرة "907، وعبد الرزاق "14185"، وأحمد 2/175، والطيالسي "124"، وأبو داود "3359" في البيوع: باب في التمر بالتمر، والنسائي 7/269 في البيوع: باب اشتراء التمر بالرطب، والترمذي "1225" في البيوع: باب في النهي عن المحاقلة والمزابنة، وابن ماجة "2246" في التجارات: باب بيع الرطب بالتمر، والدارقطني 3/49، والحاكم 2/38، والبيهقي 5/294، والبغوي "2068" وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق "14186"، والنسائي 7/269، والحاكم 2/38 و38 – 39، والبيهقي 5/294 من طريقين عن عبد الله بن يزيد، بهذا الإسناد.(11/372)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْبَيْضَاءُ: الرُّطَبُ مِنَ السُّلْتِ باليابس من السلت1.
__________
1 قال البغوي في "شرح السنة" 8/78: والبيضاء: نوع من البر أبيض اللون، وفيه رخاوة ببلاد مصر، والسُلت: نوع آخر غير البر.
وقال بعضهم: البيضاء الرطب من السُلت، هذا أليق بمعنى الحديث بدليل أنه شبهه بالرطب مع التمر، ولواختلف الجنس لم يصح التشبيه، والسلت: حب لاقشر فيه. وقوله عليه السلام: أينقص الرطب إذا يبس؟ سؤال تقرير لينبهم على علة الحكم، لاسؤال استفهام، لأن انتقاص الرطب بالجفاف مما لايخفى على عاقل.
وهذا الحديث أصل في أنه لايجوز بيع شيء من المطعوم بجنسه، وأحدهما رطب، والآخر يابس، مثل بيع الرطب بالتمر، وبيع العنب بالزبيب، واللحم الرطب بالقديد، وهذا قول أكثر أهل العلم، وإليه ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وجوزه أبو حنيفة وحده.(11/373)
ذِكْرُ وَصْفِ الْمُزَابَنَةِ الَّتِي نَهَى عَنْ بَيْعِهَا
4998 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ، وَالْمُزَابَنَةُ: بَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بالزبيب كيلا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/624 في لابيوع: باب ما جاء في المزابنة والمحاقلة.
ومن طريقه أخرجه الشافعي في "المسند"2/153، و"الرسالة" فقرة "906"، وعبد الرزاق "14489"، والبخاري "2171" في البيوع: باب بيع الزبيب بالزبيب، و"2185" باب بيع المزابنة، ومسلم "1542" "72" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، والنسائي 7/266 في البيوع: باب بيع الكرم بالزبيب، والبيهقي 5/307، والبغوي "2069".
وأخرجه البخاري "2172" باب بيع الزبيب بالزبيب، و"2205" باب بيع الزرع بالطعام كيلاً، والبيهقي 5/307، والبغوي "2070، من طريقين عن نافع، به. وانظر ما بعده.(11/374)
ذِكْرُ وَصْفِ الْمُحَاقَلَةِ الَّتِي زُجِرَ عَنْ بَيْعِهَا
4999 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن بيع ثمر النخل بالتمركيلا، وعن بيع العنب بالزبيب وعن بيع الزرع بالحنطة كيلا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه مسلم "1542" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، وأبو داود "3361" في البيوع: باب في المزابنة، من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.(11/375)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَدْ رُخِّصَ فِي بَيْعِ بَعْضِهَا لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ
5000 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلَّانَ بِأَذَنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الزِّمَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُعَاوَمَةِ، ورخص في العرايا"2. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه مسلم "1542" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، وأبو داود "3361" في البيوع: باب في المزابنة، من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
2 إسناده صحيح. محمد بن يحيى فياض الزماني: وثقه المؤلف والدارقطنين ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وقد تابعه سعيد بن ميناء عند مسلم وغيره، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه الترمذي "1313" في البيوع: باب النهي عن الثنيا، عن محمد بن بشار عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/131، ومسلم "1536" "85" في البيوع: باب في المخابرة، والنسائي 7/296 في البيوع: باب النهي عن بيع الثنيا حتى تعلم، وابن ماحه "2266" في التجارات: باب المزابنة والمحاقلة من طريقين عن أيوب، به.(11/375)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَرِيَّةَ الَّتِي رُخِّصَ فِيهَا هِيَ بَيْعُ بَعْضِ الرُّطَبِ بِالثَّمَرِ
5001 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ لِصَاحِبِ العرية أن يبيعها بخرصها من التمر" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/619 – 620 في البيوع: باب ما جاء في بيع العربة.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "المسند"2/150، وفي "الرسالة" فقرة "908" وأحمد 5/186 - 187، البخاري "2188" في البيوع: باب بيع المزابنة، ومسلم "1539" "60" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا العرايا، والطبراني "4767"، والبيهقي 5/186 – 187، والبغوي "2074".
وأخرجه عبد الرزاق "14486"، وأحمد 5/182 و188 و190، والبخاري "2380" في المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أوشرب في حائط، ومسلم "1539"، والنسائي 7/267 في البيوع: باب بيع العرايا بخرصها تمراً، وابن ماجه "2269" في التجارات: باب بيع العرايا بخرصها تمراً والطحاوي 4/29 في "الكبير" "4764"، و"4764"، و"4765" و"4766" و"4769" و"4770" و"4771" و"4772" و"4773" و"4775" و"4776" و"4777" و"4778" و"4779"، والبيهقي5/309 و310 من طرق عن نافع، به. وانظر "5004" و"5005" و "5009".
قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 1/231: العرايا: واحدتها عرية، هي النخلة يعريها صاحبها رجلاً محتاجاً، والإعراء أن يجعل له ثمرة عامها، يقول: فرخص لرب النخل أن يبتاع من المعرى تلك النخلة بتمر لموضع حاجته
وقال البغوي في "شرح السنة" 8/87: العرية: أن يبيع ثمر نخلات معلومة بعد بدو الصلاح فيها خرصاً بالتمر الموضوع على وجه الأرض كيلاً استثناها الشرع من المزابنة بالجواز كما استثنى السلم بالجواز على بيع ماليس عنده، سميت عرية، لأنها عريت من جملة التحريم، أي: خرجت، فعلية" بمعنى "فاعلة"، وقيل: لأنها عريت من جملة الحائط بالخرص والبيع، فعريت عنها، أي: خرجت، وقيل: هي مأخوذة من قول القائل أعريتالرجل النخل، أي أطعمته، فهو يعروها متى شاء، أي: يأتيها، فيأكل رطبها، يقال: عروت الرجل: أتيته تطلب معروفه، فأعراني، أي: أعطاني، كما يقال: طلب إلي فأطلبته، وسألني فأسالته، فعلى هذا، فهي "فعلية" بمعنى "فاعلة".(11/376)
5002 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: "أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ، وَرَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، وَالْعَرِيَّةُ أَنْ يَأْكُلَهَا أَهْلُهَا رطبا"1. [4: 7]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: ابن عيينة، يحيى بن سعيد: هو الأنصارى.
وأخرجه الشافعي 2/151، وأحمد 4/2، وابن أبي شيبة 7/129، والحميدي "402" والبخاري "2191" في البيوع: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة، ومسلم "1540" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، وأبو داود "3363" في البيوع: باب في بيع العرايا والنسائي 7/268 في البيوع: باب بيع العرايا والرطب، والطبراني "5633"، والبيهقي، 5/309 – 310 و310، والبغوي "2073" من طرق عن سفيان بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/129 - 130، البخاري "2383" و2384" في المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أوشرب في حائط أو في نخل، والترمذي "1303" في البيوع: باب ماجاء في العرايا والرخصة في ذلك، والنسائي 7/268، والبيهقي 5/309 من طرق عن أبي أسامة "حماد بن أسامة" عن الوليد بن كثير، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة ورافع بن خديج، به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وأخرجه مسلم "1540" "69"، والنسائي 7/268، والبيهقي 5/310 من طريقين عن يحيى بن سعيد بن يسار، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أهل داره فذكره.(11/377)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالثَّمَرِ
5003 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ، فَقَالَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: الْبَيْضَاءُ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ يَبِسِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟ " قَالَ: نَعَمْ، فَنَهَاهُ عَنْ ذلك1. [4: 7]
__________
1 إسناده حسن، وهو مكرر "4797".(11/378)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ بَعْضِ الْمُزَابَنَةِ لِلْعِلَّةِ الْمَعْلُومَةِ فِيهِ
5004 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التجنيد، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي العرايا بخرصها"1. [4: 8]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وتقدم برقم "5001".
وأخرجه الترمذي "1302" في البيوع: باب. باب في العرايا والرخصة وفي ذلك، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال: حسن صحيح.
وأخرجه مسلم "1539" "66" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا، من طرق عن حماد بن زيد، به. وانظر ما بعده.(11/379)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5005 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنِي مَالِكُ بن أنس، عن نافع، عن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ رَخَّصَ فِي بيع العرايا بخرصها"1. [4: 7]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير على بن الجعد، فمن رجال البخارين وهو في "مسنده" برقم "3032"، وقد تقدم من طريق آخر عن مالك برقم" 5001" وانظر "5009".(11/379)
ذِكْرُ الْقَدْرِ الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُ الْعَرَايَا بِهِ
5006 - أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاريقال: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ" 1. [2: 7]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضى الله تعالى عَنْهُ: الشَّكُّ مِنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ فِي أحد العددين.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو سفيان: قيل اسمه وهب، وقيل: قزمان، وابن أبي أحمد: هو عبد الله بن أبي أحمد بن جحش، وهو في "الموطأ" 2/620 في البيوع: باب ماجاء في بيع العربة.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/151، وأحمد 2/237، والبخاري "2190" في البيوع: باب بيع الثمر على رؤوس النخل بالذهب والفضة، "2382" في المساقاة: باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أوفي نخل، ومسلم "1541" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في البيوع، "3364" في البيوع: باب في مقدار العربة، والترمذي "1301" في البيوع: باب ماجاء في العرايا والرخصة في ذلك، والنسائي 7/268 في البيوع: باب بيع العرايا بالرطب، والطحاوي 4/30، ابن الجارود "659"، والبيهقي 5/311، والبغوي "2076".
وأوسق: جمع وسق، وهو ستون صاعاً، والصاع: خمسة أرطال وثلث، والمجموع ثلاث مئة صاع، وهي ألف وست مئة رطل بغدادي، والرطل مئة وثمانية وعشرون درهماً وأربعة أسباعن وهو بالرطل الدمشقي المقدار بست مئة درهم: ثلاث مئة رطل واثنان وأربعون رطلاً وستة أسباع رطل. "الكافي" 1/302 لابن قدامة المقدسي. قلت وهي تساوي "700" كغ تقريباً.(11/380)
ذِكْرُ وَصْفِ الْقَدْرِ الَّذِي يَجُوزُ بِهِ بَيْعُ الْعَرَايَا
5007 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خمسة أوسق أو خمسة أوسق" 1. [4: 7]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قلبه.(11/381)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ بَيْعُهُ الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَلَا يُجَاوِزُ بِهِ إلى أن يبلغ خمسة أوسق احتتياطاً
5008 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي عن بن إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَذِنَ لِلْعَرَايَا أَنْ يَبِيعُوهَا بِخَرْصِهَا يَقُولُ: "الْوَسْقُ وَالْوَسْقَيْنِ والثلاثة والأربعة"1. [4: 7]
__________
1 إسناده قوي، رجاله رجال الشيخين. غير محمد بن إسحاق، وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه. ويعقوب بن إبراهيم: هو ابن سعد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
وأخرجه أحمد 3/360 عن يعقوب بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى "1781"، والطحاوي 4/30، والبيهقي 5/311 من طريقين عن ابن إسحاق، به وصححه ابن خزيمة "2469".(11/381)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا لَمْ يرخص فيها إلا بيع العرايا فقط
5009 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رخص العرايا، ولم يرخص في غير ذلك"1. [4: 7]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. عبد الرحمن بن إبراهيم: من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين. وقد تقدم من غير هذا الطريق برقم "5001" و"5004" و"5005".
وأخرجه أحمد 5/182، والدارمي 2/252، والطبراني "4758" من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي"399"، والبخاري "2184" في البيوع: باب بيع المزابنة، ومسلم "1539" في البيوع: باب تحريم بيع الرطب إلا في العرايا، والنسائي 7/267 - 268 في البيوع: باب بيع العرايا بخرصها تمراً، وابن ماجه "2268" في التجارات: باب بيع العرايا بخرصها تمراً، والطحاوي 2/28، والبيهقي 5/309 و311 من طرق عن الزهري، به.(11/382)
ذِكْرُ خَبَرٍ يُوهِمُ بَعْضَ الْمُسْتَمِعِينَ مِمَّنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ أَنَّ بَيْعَ الْمُسْلِمِ السِّلَاحَ مِنَ الْحَرْبِيِّ جَائِزٌ
5010 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ. عَنْ خَبَّابٍ، قَالَ: كُنْتُ قَيْنًا بِمَكَّةَ، فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا، فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ، فَقَالَ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ، فَقُلْتُ: لَا أَكْفُرُ بِمُحَمَّدٍ حَتَّى يُمِيتَكَ اللَّهُ، ثُمَّ يُحْيِيَكَ، قَالَ: إِذَا أَمَاتَنِي اللَّهُ، ثُمَّ يَبْعَثُنِي وَلِي مَالٌ وَوَلَدٌ أَعْطَيْتُكَ، فَقُلْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} [مريم: 77] الْآيَةَ1. [3: 64]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. الأغمش: هو سليمان بن مهران، وأبو الضحى: هو مسلم بن صبيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "3650" عن أبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "4733" في التفسير: باب {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً} والطبراني "3650" من طريق محمد بن كثير العبدي، به.
وأخرجه أحمد 5/110، والبخاري "4732" في التفسير: باب {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} ، ومسلم "2795" "36" في صفات المنافقين وأحكامهم: باب سؤال اليهود النبي صلى التقاضين والترمذي "3162" في التفسير: باب ومن سورة مريم، والطبري في "جامع البيان" 16/121 من طرق عن سفيان، به. وقد تقدم برقم "4885".
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 8/430: وقوله: "وحتى تموت ثم تبعث" مفهومه أنه يكفر حينئذ، لكنه لم يرد ذلك، لأن الكفر حينئذ لا يتصورن فكأنه قال: لا أكفر أبداً، والنكتة في تعبيره بالبعث تعيير العاص بأنه لايؤمن به، وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل قوله هذا فقال: علق الكفر، ومن علق الكفر كفر، وأجاب بأنه خاطب العاص بما يعتقده، فعلق على ما يستحيل بزعمه، والتقرير الأول يغني عن هذا الجواب.(11/383)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: إِنْ سَبَقَ إِلَى قَلْبِ الْمُسْتَمِعِينَ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ: "فَعَمِلْتُ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ سَيْفًا فَجِئْتُ أَتَقَاضَاهُ" إِبَاحَةُ التِّجَارَةِ إِلَى دُورِ الْحَرْبِ، وَبَيْعُ الْمُسْلِمِ الْحَرْبِيَّ مَا يَتَقَوَّى بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلْيَعْلَمْ أَنَّ هَذَا اسْتِنْبَاطٌ ضَعِيفٌ، وَاسْتِدْلَالٌ تَالِفٌ، وَذَلِكَ أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي عَمِلَ خَبَّابٌ لِلْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ السَّيْفَ فِيهِ لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ فِيهِ آيَةَ الْقِتَالِ، وَلَا فَرَضَ الْجِهَادَ، لِأَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ وَالْأَمْرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَانَ بَعْدَ إِخْرَاجِ أَهْلِ مَكَّةَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حَسَبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ كَانَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ فَرْضِ الله الجهاد على الناس.(11/384)
6 - بَابُ الرِّبَا
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْجِنْسِ مِنَ الطَّعَامِ بِجِنْسِهِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ
5011 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث أنا أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ بُسْرَ بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ بِصَاعِ شَعِيرٍ، فَقَالَ: بِعْهُ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ شَعِيرًا، فَذَهَبَ الْغُلَامُ، وَأَخَذَ صَاعًا وَزِيَادَةَ بَعْضِ صَاعٍ، فَلَمَّا جَاءَ مَعْمَرٌ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ مَعْمَرٌ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ انْطَلَقَ فَرُدَّهُ وَلَا تَأْخُذْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَإِنِّي كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بمثل"، وكان طعامنا يومئذ الشعير1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو النضر: هو سالم بن أبي أمية المدني.
وأخرجه أحمد 6/401، ومسلم "1592" في المساقاة: باب بيع الطعام مثلا بمثل، والطبراني في "الكبير" 20/"1095"، والبيهقي 5/283 من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/40 - 41، والطبراني 20/"1094" من طريقين عن ابن لهيعة، عن أبي، النضر، به.(11/385)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ بِأَجْنَاسِهَا وَبَيْنَهُمَا فَضْلٌ
5012 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي تَمِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ: "الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ، لَا فضل بينهما"1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير موسى بن أبي تميمن فمن رجال مسلم، وهو في "الموطأ" 2/632 في البيوع: باب بيع الذهب بالفضة تبرأ وعيناً.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "المسند" 2/157، وفي "الرسالة" فقرة "759"، وأحمد 2/379 و485، ومسلم "1588" "85" في المساقاة: باب بيع الذهب بالورق نقداً، والنسائي 7/278 في البيوع: باب بيع الدينار بالدينار، والطحاوي 4/69، والبيهقي 5/278، والبغوي "2058" بهذا الإسناد.
وأحمد 2/485، ومسلم "1588" "85"، والطحاوي 4/69 من طريقين عن موسى بن أبي تميم، بهذا الإسناد.(11/286)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا بِأَجْنَاسِهَا وَبَيْنَهُمَا فَضْلُ رِبًا
5013 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابن شهابعن مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِئَةِ دِينَارٍ، قَالَ: فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي، وَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ، وَقَالَ: حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنَ الْغَابَةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَا تُفَارِقُهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءً وَهَاءً، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءً وَهَاءً، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءً وَهَاءً وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هاء وهاء"1. [2: 2]
__________
1 إسناد صحيح على شرط الشيخين، وهو في"الموطأ" 2/636 - 637في البيوع: باب ماجاء في الصرف.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/155 - 156، وعند الرزاق "14541"، وأحمد 1/45، والبخاري "2174" في البيوع: باب بيع الشعير بالشعير، وأبوداود "3348" في البيوع: باب في الصرف، والبغوي "2057" بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/156، والحميدي "12"، وعبد الرزاق "14541"، وأحمد 1/24 و35، وابن أبي شيبة 7/99 - 100، والدارمي 2/258، والبخاري "2134" في البيوع: باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة، و"2170" باب بيع التمر بالتمر، ومسلم "1586" في المساقاة: باب الصرف، والترمذي "1243" في البيوع: باب ماجاء في الصرف، والنسائي 7/273 في البيوع: باب بيع التمر متفاضلاً، وابن ماجه "2259" "2260" في التجارات: باب بيع صرف الذهب بالورق، وابن الجارود "651"، والبيهقي 5/283 من طرق عن الزهري، به. وسيأتي برقم "5019".
وقوله: "الذهب بالورق ربا" قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك =(11/387)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وفيه، وحمله الحفاظ عنه حتى رواه يحيى بن أبي كثير، عن الأوزاعي، عن مالك، وتابعه معمر والليث وغيرهما، وكذلك رواره الحفاظ عن ابن عيينة، وشذ أبو نعيم عنه فقال: "الذهب بالذهب" وكذلك وراه ابن إسحاق، عن الزهري.
وقوله: "فتراوضنا" بضاد معجمة، أي تجارينا الكلام في قدر العوض بالزيادة والنقص، كأن كلاً منهما كان يروض صاحبه، ويسهل خلقه، وقيل: المراوضة هنا المواصفة بالسلعة، وهو أن يصف كل منهما سلعته لرفيقه.
وقوله: "الغابة من أموال عوالي المدينة، وأصل الغابة شجر ملتف، وكأن طلحة كان له بها مال من نخل وغيره، وأشار إلى ذلك ابن عبد البر.
وقوله: "إلا هاء وهاء" وقال الحافظ في "الفتح" 4/378: بالمد فيهما وفتح الهمزة، وقيل: بالكسر، وقيل: بالسكون، وحكى القصر بغير همزة وخطأها الخطابي، ورد عليه النووي وقال: هي صحيحة، لكن قليلة، والمعنى: خذ وهات، وحكي: "هاك" بزيادة كاف مكسورة، ويقال: "هاء" بكسر الهمزة، بمعنى هات وبفتحها معنى: خذ، بغير تنوين، وقال ابن الأثير: هاء وهاء، هو أن يقول كل واحد من البيعين هاء، فيعطيه ما في يده كالحديث الآخر "يداً بيد"، يعني مقابضة في المجلس، وقيل: معناه خذ وأعط، قال: وغير الخطابي يجيز فيها السكون على حذف العوض، ويتنزل منزلة "ها" التي للتنبيه، وقال ابن مالك: "ها" اسم فعل بمعنى: خذ، وإن وقعت بعد "إلا" فيجب تقدير قول قبله يكون به محكياً، فكأنه قيل: ولا الذهب بالذهب إلا مقولاً عنده من المتابعين: هاء وهاء، وقال الخليل: كلمة تستعمل عند المناولة، والمقصود من قوله: "هاء وهاء" أن يقول كل واحد من المتعاقدين لصاحبه هاء فيتقابضان في المجلس، وقال ابن مالك: حقها أن لاتقع بعد إلا كما لايقع بعدها خذ، وقال: قالتقدير لا تبيعوا الذهب بالورق إلا مقولاً بين المتعاقدين هاء وهاء.(11/388)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ
5014 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرَةَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبْتَاعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَ أَنْ يَبْتَاعَ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شَاءَ وَالذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شَاءَ "1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ شَاءَ أَرَادَ بِهِ: إِذَا كان يدا بيد [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدد من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين، وإسماعيل: هو ابن علية.
وأخرجه أحمد 5/38 و39، البخاري "2175" في البيوع: باب بيع الذهب بالذهب، من طريق إسماعيل ابن علية، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2182" باب بيع الذهب بالورق يداً بيد، ومسلم "1590" في المساقاة: باب النهي عن بيع الورق بالذهب ديناً، والنسائي 7/280 - 281و 281 في البيوع: باب بيع الفضة بالذهب وبيع الذهب بالفضة، والبيهقي 5/282 من طريقين عن يحيى بن أبي إسحاق، به.(11/389)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْأَشْيَاءِ الْمَعْلُومَةِ بِأَجْنَاسِهَا إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ
5015 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ بِالْبَصْرَةِ, قَالَ: حدثناأبو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ قَالَ: كَانَ أُنَاسٌ يَتَبَايَعُونَ آنِيَةَ فِضَّةٍ فِي مَغْنَمٍ إِلَى الْعَطَاءِ فَقَالَ عُبَادَةُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زاد أو استزاد، فقد أربى" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو كامل الجحدري: اسمه فضيل بن حسين بن طلحةن وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، وأبو الأشعث: اسمه شراحيل بن آدة، بالمد وتخفيف الدال.
وأخرجه مسلم "1587" في المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، والبيهقي 5/277 من طريقين عن أبي قلابة بهذا، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "3349" في البيوع: باب في الصرف، النسائي 7/276 و276 - 277وفي البيوع: باب بيع البر بالبر، والطحاوي4/66، والبيهقي 5/276 - 277 و283 من طريقين عن مسلم بن يسار، عن أبي الأشعث بنحوه.
وأخرجه الشافعي 2/157 و157 - 158، والنسائي 7/274 و275، وابن ماجه "4454" في التجارات: باب الصرف وما لا يجوز متفاضلاً يداً بيد والبيهقي 5/276 من طريقين عن عبادة بن الصامت بنحوه. وانظر "5018".(11/390)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِأَجْنَاسِهَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ
5016 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تبيعوا شيئا منها غائبا بناجز" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الوطأ" 2/642 - 633 في البيوع: باب بيع الذهب بالفضة تبراً وعيناً.
ومن طريقه أخرجه الشافعي في "المسند" 2/157، وفي "الرسالة" فقرة "758"، والبخاري "2177" في اليبوع: باب الفضة بالفضة، ومسلم "1584" في المساقاة: باب الربا، والنسائي 7/287 - 279 في البيوع: باب بيع الذهب بالذهب، وابن الجارود "649"، والبغوي "2061".
وأخرجه البخاري "2176" من طريق سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الله، عن أبي سعيد.
وأخرجه الطالسي "2181"، ومسلم "1584" "77" من طريقين عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عن أبي سعيد. وانظر ما بعده.
وقوله: "لاتشفوا" أي لا تفضلوا، يقال: أشف، أي: أفضل، وشف يشف، أي فضل، والشف: والنقصان أيضاً، وهو من الأضداد، والناجر: والحاضر يقال: نجز ينجز نجزاً: إذا حضر، وأنجز والوعد، أي: أحضره.(11/391)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ نَافِعًا لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ
5017 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ بِحِمْصَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ رجلا حدث بن عُمَرَ
أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ يُحَدِّثُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: نَافِعٌ: فَانْطَلَقَ ابْنُ عُمَرَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ وَأَنَا مَعَهُمْ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِأَبِي سَعِيدٍ: أَرَأَيْتَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ هَذَا الرَّجُلُ أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَسَمِعْتَهُ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَمَا هُوَ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِالْوَرِقِ، فَأَشَارَ أَبُو سَعِيدٍ بِأُصْبُعِهِ إِلَى عَيْنَيْهِ وَإِلَى أُذُنَيْهِ، فَقَالَ: بَصُرَ عَيْنِي، وَسَمِعَ أُذُنِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بناجز"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، هو وأبوه ثقتان، روى لهما أصحاب السنن إلا الترمذي، ومن فوقهما من رجال الشيخين.
وأخرجه عبد الرزاق "14563" و"14564"، وأحمد 3/53 و61، ومسلم "1584" 76" في المساقاة: باب الربا، والترمذي "1241" وصححه في البيوع: باب ماجاء في الصرف، والنسائي 7/279 في البيوع: باب بيع الذهب بالذهب، من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.
وأخرج ابن أبي شيبة 7/101 من طريق نافع مختصراً دون القصة.(11/392)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَاسَ إِذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ أَجْنَاسِهَا وَبَيْنَهَا التَّفَاضُلُ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا إِذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ
5018 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شئتم إذا كان يدا بيد"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم نحوه برقم "5015"، وهو عند ابن أبي شيبة في "المصنف" 7/103 - 104.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه مسلم "1587"81" في المساقاة: باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، وأبو داود "3350" في البيوع: باب في الصرف، والبيهقي 5/287 بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/320، ومسلم "1587" "81"، والدارقطني 3/24، وابن الجاورد "650" والبيهقي 5/278 و284 من طرق عن وكيع، به.
وأخرجه عبد الرزاق "14193"، والترمذي "1240" في البيوع: باب ماجاء أن الحنطة بالحنظة مثلاً بمثل، والبيهقي 5/277 و282 و284 وطرق عن سفيان، به.(11/393)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْنَاسَ إِذَا بِيعَ1 أَحَدُهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا إِلَّا يَدًا بِيَدٍ، كَانَ ذَلِكَ رِبًا
5019 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عمرو الأوزاعي أن بن شِهَابٍ حَدَّثَهُ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ حَدَّثَهُ، قَالَ: انْطَلَقْتُ بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَلَقِيتُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ بِظِلِّ جِدَارٍ، فَاسْتَامَهَا مِنِّي إِلَى أَنْ يَأْتِيَهُ خَادِمُهُ مِنَ الْغَابَةِ، فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ، فَسَأَلَ طَلْحَةَ عَنْهُ، فَقَالَ: دَنَانِيرُ أَرَدْتُهَا إِلَى أَنْ يَأْتِيَ خَادِمِي، مِنَ الْغَابَةِ فَقَالَ عُمَرُ: لَا تُفَارِقْهُ، لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تُنْقِدَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءً وَهَاتِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءً وَهَاتِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءً وَهَاتِ، وَالتَّمْرُ بالتمر ربا إلا هاء وهات"2. [2: 3]
__________
1 في الأصل و"التقاسيم" 2/لوحة 56: "بيعت"، والجادة ما أثبت.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم "5013".(11/394)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ بِالصَّاعَيْنِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْدَأَ مِنَ الْآخَرِ
5020 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيبعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِتَمْرٍ رَيَّانَ وَكَانَ تَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْلًا فِيهِ يُبْسٌ، فَقَالَ: "أَنَّى لَكُمْ هَذَا؟ " قَالُوا: ابْتَعْنَاهُ صَاعًا بِصَاعَيْنِ مِنْ تَمْرِنَا قَالَ: "فَلَا تَفْعَلْ، إِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ، وَلَكِنْ بِعْ تَمْرَكَ، ثُمَّ اشْتَرِ مِنْ هَذَا حَاجَتَكَ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن أبي عروبة: هوسعيد.
وأخرجه النسائي 7/272 في البيوع: باب بيع التمر بالتمر متفاضلاً، من طريقين عن خالد بن الحارث، بهذا الإسناد. د
وأخرجه أحمد 3/67 عن يزيد، عن سعيد، عن قتادة، به. انظر ما بعده و"5022" و5024".(11/395)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعْ تَمْرَكَ أَرَادَ بِهِ بِالدَّرَاهِمِ
5021 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عن عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكَلَ تَمْرَكَ هَكَذَا؟ " قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ، وَالصَّاعَيْنِ، بِالثَّلَاثِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلَا تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابتع بالدراهم جنيبا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشخين. وهو في "الموطأ" 2/623 في البيوع: باب مايكره من بيع التمر. ومن طريق مالك أخرجه البخاري "2201" و2202" في البيوع: باب إذا أراد بيع تمر بتمر خيرمنه، و"2302" "2303" في الوكالة: باب الوكالة في الصرف والميزان، و"4244" و"4245" في المغازي: باب استعمال النبي صلى الله عليه وسلم على أهل خيبر، ومسلم "1593" "95" في المساقاة: باب بيع الطعام مثلاً بمثل، والنسائي 7/271 - 272 في البيوع: باب بيع التمر بالتمر متفاضلاً، والبيهقي 5/291، والبغوي "2064".
وأخرجه البخاري "7350" و"7351" في الاعتصام: باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ، من طريق أبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس، ومسلم "1593"، والدارمي 2/258، والدارقطني 3/17، والبيهقي 5/285 من طريق القعبني، كلاهما عن عبد الحميد بن سهل، به.
وعلقه البخاري "4246" و"4247" عن عبد العزيز بن محمد الداوردي، عن عبد المجيد بن سهيل، ووصله أبو عوانة كما في "تغليق" التعليق" 4/137، والدارقطني 3/17 عن إسماعيل بن إسحاق، عن إبراهيم بن ضمرة، عن الدراوردي.
والجمع من التمر: هو كل ما لا يعرف له اسم.
والجنيب: هو التمر الجيد الطيب الذي أخرج منه حشفه ورديئه.(11/395)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَيْعَ الصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ بِالصَّاعَيْنِ يَكُونُ رِبًا
5022 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حِمْيَرٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقَالَ: "مَا هَذَا؟ " قَالَ: اشْتَرَيْتُهُ صَاعًا بِصَاعَيْنِ، فَقَالَ(11/396)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّهْ، عين الربا لا تفعل"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح. الوليد بن عتبة: ثقةن روى له أبو داود، ومن فوقه من رجال الصحيح.
وأخرجه النسائي 7/272 و273 في البيوع: باب بيع التمر بالتمر متفاضلاً، عن هشام بن عمار، عن يحيى بن حمزة، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/62، والبخاري "2312" في الوكالة: باب إذا باع والوكيل شيئاً فاسداً فبيعه مردود، ومسلم "1594" في المساقاة: باب بيع الطعام مثلاً بمثل من طرق عن معاوية بن سلام، عن يحيى بن أبي كثير، به. وانظر "5024".
والبزني: ضرب من التمر، معروف، وهو أجوده.
وقوله: "أوه" كلمة تقال عند الترجع، وهي مشددة الواو مفتوحة.(11/397)
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ جَائِزٌ نَقْدًا وَإِنَّمَا حَرُمَ ذَلِكَ نَسِيئَةً
5023 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافِي الْعَابِدُ بِصَيْدَا، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي خَيْرَةَ السَّدُوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مليكة، قال: جاء بن عباس إلى بن عُمَرَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: هَلْ تَتَّهِمُ أُسَامَةَ؟ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا، قَالَ: فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ"1. [2: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ إِذَا بِيعَتْ بِجِنْسِهَا مِنَ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَبَرِ، وَبَيْنَهُمَا فَضْلٌ، يَكُونُ رِبًا، وَإِذَا بِيعَتْ بِغَيْرِ أَجْنَاسِهَا وَبَيْنَهَا فَضْلٌ، كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، وَإِذَا كَانَ ذلك نسيئة كان ربا. [2: 3]
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، وهو ضعيف، لكنه متابع. فقد أخرجه الطبراني "446" من طريق مالك بن سعير وأبي عاصم، كلاهما عن عثمان بن الأسود. دون ذكرقصة ابن عباس مع ابن عمر.
وأخرجه البخاري "2178" و"2179" في البيوع: باب بيع الدينار بالدينار ونسائي، ومسلم "1596" في المساقاة: باب بيع الطعام مثلا بمثل، والنسائي 7/281 في البيوع: باب بيع الفضة بالذهب والذهب بالفضة، وابن ماجه "2257" في التجارات: باب من قال: لا ربا إلا في النسيئة، والطحاوي 4/64، والطبراني في "الكبير" "442" و"443"، والبيهقي 5/280 من طريق عن أبي سعيد الخدري، عن ابن عباس، به.
وأخرجه الشافعي في"المسند"2/259، وفي "الرسالة" فقرة "763"، والطيالسي"622" وأحمد 5/200 و204 و206 208و209، والدارمي 2/259، ومسلم "1596" و"102"،والنسائي 7/281، والطحاوي 4/64، والطبراني "428" و"429" و"430" و"431" و"432" و"433" و"434" و"435" و"436" و"439" و"440" و"444" و"445" وو"447" و"448" و"449"، والبيهقي 5/280 من طرق عن ابن عباس، به.
وأخرجه أحمد 5/202 ومن طريقه الطبراني "450" من طريق سعيد بن المسيب، عن أسامة بن زيد، به.(11/397)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الصَّاعِ مِنَ التَّمْرِ بِالصَّاعَيْنِ مِنْهُ
5024 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ(11/398)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: كُنَّا نَبِيعُ تَمْرَ الْجَمْعِ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرِ الْجَنِيبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا صَاعَيْ تَمْرٍ بِصَاعِ تَمْرٍ، وَلَا صَاعَيْ حنطة بصاع حنطة، ولا درهمين بدرهم"1. [......]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله رجال ثقات رجال الشيخين إلا أن الوليد –هو ابن مسلم - مدلس وقد عنعن.
وأخرجه الطحاوي 4/68 عن ابن ميمون، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/49 و50 - 51، ومسلم "1594" "97" في المساقاة: باب بيع الطعام مثلاً بمثل، والنسائي 7/272 في البيوع: باب بيع التمر بالتمر متفاضلاً، والبيهقي 5/291 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري بنحوه. وانظر "5021"(11/399)
ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَعَانَ فِي الرِّبَا عَلَى أَيِّ حَالَةٍ كَانَ
5025 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَحِلُّ صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وشاهديه وكاتبه" 1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن على شرط مسلم. سماك بن حرب الذهلي من رجال مسلم، لكن لا يرتقي حديثه إلى رتبة الصحيح، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين. والقسم الأول من الحديث موقوف وقد تقدم تخريجه برقم "1055".
وأخرجه مع القسم الثاني: أحمد 1/393 عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرج القسم الثاني: ابن ماجه "2277" في التجارات: باب التغليظ في الربا، والطيالسي "343"، والبيهقي 5/275 من طريق شعبة، به.
وأخرجه أحمد 1/394، وأبو داود "3333" في البيوع: باب آكل الربا وموكله، والترمذي "1206" في البيوع: باب ما جاء في آكل الربا، والبيهقي 5/275 من طرق عن سماك بن حرب، به.
وأخرجه أحمد 1/448 و462، والدارمي 2/246، ومسلم "1597" ابن مسعود، وليس فيه: "وشاهديه وكاتبه".(11/399)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْكَيْلَةِ مِنَ التَّمْرِ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ
5026 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ السَّرْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الصَّبْرِ مِنَ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد صرح أبو الزبير وابن جريج بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسهما.
وأخرجه مسلم "1530" في البيوع: باب تحريم بيع صبرة الطعام عن أحمد بن عبد الرحمن بن السرح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 2/38، والبيهقي 5/291 - 292 من طريق محمد بن عبد الله بن الحاكم، عن ابن وهب، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي, وأخرجه مسلم"15030"، والنسائي 7/269 - 270 في البيوع: باب بيع الصبرة من التمر، و7/270 باب بيع الصبرة من الطعام، ابن الجارود "608"، والبيهقي 5/308 من طرق عن ابن جريج، به.
والصبر: جمع صبرة، مثل غرفة وغرف، وهي الكومة، نهى عن بيع الكومة من التمر المجهول القدر بالكيل المعين القدر من التمر.(11/400)
ذِكْرُ جَوَازِ بَيْعِ الْمَرْءِ الْحَيَوَانَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْخُذُ أَقَلَّ فِي الْعَدَدِ من الذي يعطي
5027 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: جَاءَ عَبْدٌ، فَبَايَعَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّهُ عَبْدٌ، فَجَاءَ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِعْنِيهِ"، فَاشْتَرَاهُ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايعْ أَحَدًا حَتَّى يسأله أعبد هو؟ 1. [5: 10]
__________
1 إسناده صحيح. يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن وموهب، وهوثقة، روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، روايته عن جابر هنا بالعنعنة لا تضر، لأن الليث انتفى حديثه الذي حدث بخه عن جابر بالسماع، فرواه عنه، وقد تقدم الحديث برقم "4550".(11/401)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ إِلَّا يَدًا بِيَدٍ
5028 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ نَهَى عَنْ بيع الحيوان بالحيوان نسيئة"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو داود الحفري: اسمه عمر بن سعد، روى له مسلم وأصحاب السنن، وباقي رجاله على شرط الشيخين. سفيان: هوالثوري.
وأخرجه الطحاوي 4/60 من طريق أبي أحمد الزبيري، عن سفيان، بهذا الإسناد
وأخرجه عبد الرزاق "14133" عن معمر، وابن الجارود "610"، والطبراني في "الكبير"11996" من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، والبيهقي 5م288 - 289 من طريق إبراهيم بن طهمان، كلاهما عن معمر، به.
وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/105 وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.
وقال البيهقي: وكذلك رواه داود بن عبد الرحمن العطار، عن معمر موصولاً، وكذلك روي عن أبي أحمد الزبيري، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، عن الثوري، عن معمر، وكل ذلك وهم، والصحيح عن معمر، عن يحيى، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً. ثم رواه من طريق الفريابي، حدثنا سفيان، عن معمر فذكره مرسلاً وقال: كذلك رواه عبد الرزاق، وعبد الأعلى، عن معمر، وكذلك رواه على بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
قلت: رواية عبد الرزاق المرسلة رواها ابن الجارود من طريقه في "المنتقى" "609" وتعقب ابن التركمان البيهقي بقوله: على أن عبد الرزاق رواه أيضاً عنه متصلاً "وقد تقدم ذكرنا له".
وقال: حاصله أنه اختلف على الثوري فيه، فرواه عنه الفريابي مرسلاً، ورواه عنه الزبيري والذماري متصلاً، واثنان أولى من واحد، كيف وقد تابعهما =(11/402)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبو داود الحفري فرواه عن سفيان موصولاً، كذا أخرجه عنه حاتم بن حبان في "صحيحه" فظهر بهذا أن رواية من رواه عن الثوري موصولاً أولى عن رواية من رواه مرسلاً. ثم قال: فمن وصله حفظ وزادن فلا يكون من قصر حجة عليه.
قلت: وفي الباب عن سمرة بن جندب، أخرجه من طرق عن قتادة عن الحسن عنه: الدارمي 2/254، والطحاوي 4/60 و61ن والطبراني في "الكبير" "6847" و6848" و"6849" و"6850" و"6851"، والبيهقي 5/288. وفي سماع الحسن من سمرة اختلاف بين الأئمة.
وعن جابر بن سمرة، وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" 5/99، والطبراني "2057" وفيه ضعف.
وعن ابن عمر: أخرجه الطحاوي 4/60، والطبراني في "الكبير" كما في "المجمع" 4/105 وقال الهيثمي: فيه محمد بن دينار: وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن معين. قلت: قال الحافظ ابن حجر في "التقريب": صدوق، وقال الإمام الذهبي في "الكاشف": حسنوا أمره.(11/403)
بَابُ الْإِقَالَةِ
ذِكْرُ إِقَالَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْقِيَامَةِ عَثْرَةَ مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ
5029 - أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ هِلَالٍ بِالْمَصِّيصَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْمَدِينِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْفَرْوِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ، أَقَالَ الله عثرته يوم القيامة"1.
ما روى عن مالك إلا إسحاق الفروي. [1: 2]
__________
1 محمد بن حرب المديني لم أتبينه، وإسحاق الفروي: هو إسحاق بن محمد بن إسماعيل، من رجال البخاري، ومن وفوقه من رجال الشيخين.
مالك: هو ابن أنس الإمام، وسمي: وهو مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن هشام.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "453" عن ابي عبد الله محمد بن الحسن اليمني التنوخي، حدثنا أبو الطيب عمرو بن إدريس الغيفي، حدثنا محمد بن حرب المدني، بهذا الإسناد.
وأخرجه القضاعي "453"، والبيهقي 6/27 من طريقين عن إسحاق الفروي، به.= وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/345 من طريق عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا إسحاق الفروي، حدثنا مالك، عن سهيل "ابن أبي صالح"، عن أبيه، عن أبي هريرة فذكره بلفظ: "من أقال مسلماً ... " وقال: تفرد به عبد الله، عن إسحاق من حديث سهيل، وتفرد أيضاً إسحاق، عن مالك، عن سمي عن أبي صالح، فقال: "من أقال نادماً".
وأخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" ص18، وعنه البيهقي 6/27 من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة فذكره. ثم قال: هذا إسناد من نظر فيه من غير أهل الصنعة لم يشك في صحته وسنده، وليس كذلك، فإن معمر بن راشد الصنعاني ثقة مأمون، ولم يسمع من محمد بن واسع، ومحمد بن واسع: ثقة مأمون، ولم يسمع من أبي صالح. وانظر ما بعده.(11/404)
ذِكْرُ إِقَالَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْقِيَامَةِ عَثْرَةَ مَنْ أَقَالَ عَثْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِي الدُّنْيَا
5030 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا عَثْرَتَهُ، أَقَالَهُ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يوم القيامة"1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/252، وأبو داود "3460" في البيوع: باب فضل الإقالة، وعنه الحاكم 2/45 عن ابن معين بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم 2/45، والبيهقي 6/27، والخطيب في "تاريخه" من طرق عن يحيى بن معين، به.
وأخرجه ابن ماجه "2199" في التجارات: باب الإقالة، عن زياد بن يحيى الحساني، حدثنا مالك بن سعير، عن الأعمش، به.(11/405)
مَا رَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ إِلَّا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَمَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، وَمَا رَوَى عَنْ حَفْصٍ إِلَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَلَا عَنْ مَالِكِ بْنِ سُعَيْرٍ إِلَّا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الحساني: قاله الشيخ.(11/406)
8 - بَابُ الْجَائِحَةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْوَضْعِ عَمَّنِ اشْتَرَى ثَمَرَةً فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ وَهُوَ مُعْدِمٌ
5031 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا يحيى بن معين، حدثنا بن عُيَيْنَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَتِيقٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الجوائح"1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سليمان بن عتيق فمن رجال مسلم.
وأخرجه أبو داود "3374" في البيوع: باب وضع الجائحة، والدارقطني 3/31 من طريق يحيى بن معين، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/309، ومسلم "1554" "17" في المساقاة: باب وضع الجوائح وأبو داود "3374"، والنسائي 7/265 في البيوع: باب وضع الجوائح، وابن الجارود "640"،والحاكم 2/40 - 41، والبيهقي 5/306، والبغوي "2083" من طرق عن سفيان بن عيينة، به. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!.
والجوائح: هي الآفات التي تصيب الثمار فتهلكها، يقال: جاحهم الدهر يجوحهم وأجاحهم الزمان: إذا أصابهم بمكروه عظيم.(11/407)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ وَضْعَ الْجَوَائِحِ مِنَ الْخَيْرِ الذي يتقرب به إلى البارىء جَلَّ وَعَلَا
5032 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ أَبِي جَمِيلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتِ امْرَأَةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: بِأَبِي وَأُمِّي إِنِّي ابْتَعْتُ أَنَا وَابْنِي مِنْ فُلَانٍ ثَمَرَ مَالِهِ، فَأَحْصَيْنَاهُ، لَا وَالَّذِي أَكْرَمَكَ بِمَا أَكْرَمَكَ بِهِ مَا أَحْصَيْنَا مِنْهُ شَيْئًا إِلَّا شَيْئًا نَأْكُلُهُ فِي بُطُونِنَا أَوْ نُطْعِمُ مِسْكِينًا رَجَاءَ الْبَرَكَةِ، وَجِئْنَا نَسْتَوْضِعُهُ مَا نَقَصْنَا، فَحَلَفَ بِاللَّهِ لَا يَضَعُ لَنَا شَيْئًا، فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَأَلَّى لَا يَصْنَعُ خَيْرًا! " - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - قَالَتْ: فَبَلَغَ ذَلِكَ صَاحِبَ الثَّمَرِ، فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي إِنْ شِئْتَ وَضَعْتُ مَا نَقَصُوا، وَإِنْ شِئْتَ مِنْ رَأْسِ المال، فوضع ما نقصوا1. [1: 78]
__________
1 إسناده قوي. عمران بن أبي جميل: هو عمران بن يزيد بن مسلم بن أبي جميل القرشي، وثقه النسائي والؤلف، وأبو الرجال: هو محمد بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حارثة بن النعمان الأنصاري.
وأخرجه أحمد 6/69 و105 من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي الرجال، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك 2/621 في البيوع: باب الجائحة في بيع الثمار والرزع، ومن طريقه البيهقي 5/305 عن أبي الرجال عن أمه عمرة مرسلاً بنحو الحديث، ووصله البخاري "2705" في الصلح: باب هل يشير الإمام بالصلح، ومسلم "1557" في المساقاة: باب استحباب الوضع من الدين والبيهقي 5/305 من طريق عن إسماعيل بن أبي أويس، عن أخيه سليمان، عن يحي بن سعيد، عن أبي الرجال فذكره باختلاف في القصة.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 5/308: في هذا الحديث الحض على الرفق بالغريم والإحسان إليه بالوضع عنهن والزجر عن الحلف على ترك فعل الخير، وفيه سرعة الصحابة فهم الصحابة لمراد الشارع وطواعيتهم لما يشير به، وحرصهم على فعل الخير، وفيه الصفح عما يجري بين المتخاصمين من اللغط، ورفع الصوت عند الحاكم وفيه جواز سؤال المدين الحطيطة من صاحب الدين.
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 10/220: فيه كراهية الحلف على ترك الخير، وإنكار ذلك، وأنه يستحب لمن حلف لايفعل خيراً أن يحنث فيكفر عن يمينه، وفيه الشفاعة إلى أصحاب الحقوق وقبول الشفاعة في الخير.(11/408)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْبَائِعَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ بَاقِي ثَمَنِ ثَمَرِهِ الَّذِي أصابته الجائحة
5033 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أُصِيبَ رَجُلٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ" فَتُصُدِّقَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ وليس لكم إلا ذلك"1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن وموهب، وهو يزيد ابن خالد بن يزيد بن يزيد بن موهب، فقد روى له أصحاب السنن إلا الترمذي، وهو ثقة. وأخرجه أحمد 3/36 و58، ومسلم "1556" "18"، في المساقاة: باب استحباب الوضع عن المدين، وأبو داود "3469" في البيوع: باب وضع الجائحة، والترمذي "655" في الزكاة: باب ماجاء فيمن تحل له الصدقة والنسائي 7/265، في البيوع: باب وضع الجوائح، و7/312،باب الرجل يبتاع فيفلس، وابن ماجه "2356" في الأحكام: باب تفليس المعدم والبيع عليه لغرمائه، والبيهقي 6/49 - 50، والبغوي "2135" من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
أخرجه مسلم "1556"، والنسائي 7312، والبيهقي 5/305 من طرق عن عبد الله بن وهب، عن عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، به.(11/409)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ زَجْرَ الْمَرْءِ عَنْ أَخْذِ ثَمَنِ ثَمَرِهِ بَعْدَ أَنْ أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ زَجْرُ تَحْرِيمٍ لَا زَجْرُ نَدْبٍ
5034 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنِ بن جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مِنْ مال أخيك بغير حق؟ ". قلت لأبي الزبير: هل سمي لكم الجوائح؟ قال: لا1. [1: 78]
__________
1 أسناده صحيح. يوسف بن سعد: ثقة حافظ، روى له النسائي، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابي الزبير، فمن رجلا مسلم، وحجاج: وهو ابن محمد المصيصي الأعور.
وأخرجه الدارقطني 3/31 عن أبي بكر النيسابوري، عن يوسف بن سعيد بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 7/264 - 265 في البيوع: باب وضع الجوائح، عن إبراهيم بن حسن، عن حجاج المصيصي، به.
وأخرجه الدارمي 2/252، ومسلم "1554"، وفي المساقاة: باب وضع الجوائح، وأبو داود "3470" في البيوع: باب بيع الثمار سنين الجائحة، وابن الجارود "639"، والدارقطني 3/30 و31، والبيهقي 5/306 من طرق عن ابن جريج، به. وانظر ما بعده.(11/410)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَخْذِ الْمَرْءِ ثَمَنَ ثَمَرَتِهِ الْمَبِيعَةِ إِذَا أَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ بَعْدَ بَيْعِهِ إِيَّاهَا
5035 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم، عن بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ"، قُلْتُ لِأَبِي الزُّبَيْرِ: سَمَّى لكم الجوائح؟ قال: لا1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله الشيخين غير أبي الزبير، محمد بن معمر: هو ابن ربعي القيسي، وأبو عاصم: هوالضحاك بن مخلد النبيل، وهو مكرر ماقبله.
وأخرجه أبو داود "3470" في البيوع: باب وضع الجائحة، ومن طريقه البيهقي 5/306 عن محمد بن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1554" في المساقاة: باب وضع الجوائح، عن حسن الحلواني، عن أبي عاصم، به.(11/411)
باب الفلس
ما جاء في الفلس من الخبر
...
9 - باب الفلس
5036 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ بِمَنْبِجَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ رَجُلٌ مَالَهُ بِعَيْنِهِ، فهو أحق به من غيره"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وهو في "الموطأ" 2/678 في البيوع: باب ماجاء في الإفلاس والغريم.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/162، وعبد الرزاق "15160"، وأبوداود "3519" في البيوع: باب في الرجل يفلس فيجد متاعه عند غيره، والبيهقي 6/44، والبغوي "2133" بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/228 و258 و474،والطيالسي "2507"، والدارمي 2/262، وابن أبي شيبة 6/35 - 36، والبخاري "2402" في الاستقراض: باب إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض، ومسلم "1559" في المساقاة: باب من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلس، والترمذي "1262" في البيوع: باب ماجاء إذا أفلس الرجل للغريم، والنسائي 7/311 في البيوع: باب الرجل يبتاع فيفلس، وابن ماجه "2358" في =(11/412)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأحكام: باب من وجد متاعه بعينه، والدارقطني 3/30، وابن الجارود. "630"، والبيهقي 6/44 - 45 و45 من طرق عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه مسلم "1559" "23"، والنسائي 7/311 - 312ن والبيهقي 6/45 من طريقين عن أبي بكر بن حزم، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/35، ومسلم "1559"، وعبد الرزاق "1559"، والدارقطني 3/29، والبيهقي 6/45 - 46 و46 من طرق عن أبي هريرة بنحوه. وانظر ما بعده.
قال البغوي في "شرح السنة" 8/187: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم قالوا: إذا أفلس المشتري بالثمن، ووجد البائع عين ماله فله أن يفسخ البيع، ويأخذ عن ماله وإن كان قد أخذ بعض الثمن، وأفلس بالباقي، أخذ من عين ماله بقدر مابقى من الثمن، وهو قول أكثر أهل العلم، قضى به عثمان، وروى عن علي ذلك، ولا نعلم لهما مخالفاً من الصحابة، وإليه ذهب عروة بن الزبير، وبه قال مالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وذهب قوم إلى أنه ليس له أخذ عين ماله، وهو أسوة الغرماء، وبه قال النخعي وابن شبرمة، وأصحاب الرأي، ولو مات مفلساً، فهو كما لوأفلس في حياته على هذا الاختلاف.
وذهب مالك إلى أنه إذا مات مفلساً، أو أفلس في حياته، وقد أخذ البائع شيئاً من الثمن، فليس له أخذ عين ماله، بل يضارب الغرماء.
قال ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام"3/200: رجوع البائع إلى عين ماله عند تعذر الثمن بالفلس أو الموت، فيه ثلاثة مذاهب: الأول: أنه يرجع إليه في الموت والفلس، وهذا مذهب الشافعي.
والثاني: أنه لايرجع إليه، لا في الموت ولا في الفلسن وهو مذهب أبي حنيفة
والثالث: يرجع إليه في الفلس دون الموتن، ويكون في الموت أسوة الغرماء، وهو مذهب مالك.(11/413)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ وَرَدَ فِي الْوَدَائِعِ دُونَ الْبِيَاعَاتِ
5037 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ سِلْعَةً، ثُمَّ فَلَّسَ وَهِيَ عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الغرماء"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، ومحمد بن يحيى الذهلي من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين. محمد بن يوسف: هو الفريابي، وسفيان: هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري، وابن عمرو بن حزم: هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن عمرو حزم المذكور في سند الحديث السابق.
وأخرجه عبد الرزاق "15161"ن وأحمد 2/247، وابن أبي شيبة 6/35 - 36، وعنه مسلم "1559" في المساقاة: باب من أدرك ما باعه عند المشتري وقد أفلسن وأبن ماجه "2358" في الأحكام: باب من وجد متاعه بعينهن عن سفيانن بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني 3/29، والبيهقي 6/45، من طريقين عن سفيان، به.(11/414)
ذكر خبر يصرح ثان بِأَنَّ خِطَابَ هَذَا الْخَبَرِ وَرَدَّ لِلْبَائِعِ سِلْعَتَهُ دُونَ الْمُودِعِ إِيَّاهَا
5038 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ1 الشَّرْقِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا أَفْلَسَ الرَّجُلُ فَوَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِعَيْنِهَا فَهُوَ أَحَقُّ بها دون الغرماء"2. [3: 43]
__________
1 "ابن" سقطت من الأصل، واستدركت من"التقاسيم" 3/141.
2 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو في "منتصف عبد الرزاق" "15162"
وأخرجه البيهقي 6/46 عن أبي الحسن محمد بن الحسين العلوي، عن أحمد بن محمد بن الحسن بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارقطني 3/30و4/229 من طريق الحسن بن يحيىن عن عبد الرزاق، به.
وأخرجه عبد الرزاق "15163" و"1564" من طريقين عن عمرو بن دينار، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/37 عن هشيم، عن عمرو بن دينارن عمن حدثه عن أبي هريرة فذكره.(11/415)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إِذَا أَفْلَسَ تَكُونُ عَيْنُ سِلْعَةِ الْبَائِعِ لَهُ دُونَ أَنْ يَكُونَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ
5039 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السَّخْتِيَانِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بن سليمان، عن نافع عن بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "إِذَا أُعْدِمَ الرَّجُلُ، فَوَجَدَ الْبَائِعُ متاعه بعينه، فهو أحق به"1. [3: 43]
__________
1 سلمة بن شبيب: ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين إلا أن فليح بن سليمان كثير الخطأن كما قال الحافظ في "التقريب"، فهو حسن الحديث في الشواهد، وهذا منها، وقد أشار إلى رواية ابن عمر الترمذي بإثر الحديث أبي هريرة "1262". وأورده الحافظ في "التلخيص" 3/39 ولم ينسبه لغير ابن حبان.
وأخرجه البزار "1301" عن سلمة بن شبيب، بهذا الإسناد، ولفظه: "إذا أفلس الرجل، فوجد رجل ماله –يعني عند المفلس - بعينه، فهو أحق به". وذكره الهيثمي في "المجمع" 4/144 وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه الشافعي 2/163، وأبو داود "3523"، وابن ماجه "2360"، والدارقطني 3/29، والحاكم 2/50 - 51، والبيهقي 6/46، والبغوي "2134" من طرق عن ابن أبي ذئب، عن أبي المعتمر بن عمرو بن رافع، عن عمر بن خلدة الزرقي، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إيما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحق بمتاعه إذا وجده بعينه"
وفيه أبو المعتمرن وهومجهول كما قال أبو داود والطحاوي، وابن عبد البر، والذهبي، ولم يرو عنه إلا ابن أبي ذئب، ومع ذلك، فقد صحح الحاكم حديثه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ في "الفتح" 5/64.
وأخرجه ابن ماجه "2361"،والدارقطني 4/230 من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ: "إيما امرئ مات وعنده مال امرئ بعينه، واقتضى منه شيئاً أو لم يقتض، فهو أسوة للغرماء". وفيه اليمان بن عدي، قال ابن حجر في "التقريب": لين الحديث.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/678، وفي طريقه أخرجه عبد الرزاق =(11/416)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "15158" أبو داود "35020"، والبيهقي 5/46 عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إيما رجل باع متاعاًن فافلس الذي ابتاعه منه؛ ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئاً، فوجده بعينه، فهو أحق به، وإن مات الذي ابتاعه، فصاحب المتاع فيه أسوة الغرماء".
ووصلة أبو داود "3522"، والدارقطني 3/30 و4/230، والبيهقي 6/46 من طريق إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة يرفعه. صححه ابن خزيمة، وابن التركماني في "الجوهر النقي" 6/47 وهو كما قالا، فإن رواية إسماعيل بن عياش عن أهل بلده صحيحهن وهذا منها، وذكر صاحب "التمهيد" فيما نقله عنه ابن التركماني أنه رواه عبد الله بن بركة، ومحمد بن على، وإسحاق بن إبراهيم الصنعانيون، عن عبد الرزاق، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مسنداً، وكذا رواه عراك بن مالك، عن أبي هريرة ذكره ابن حزم، وقال الدارقطني: تابع عبد الرزاق على إسناده عن مالك: أحمد بن موسى، وأحمد بن أبي ظبية، وروى عبد الرزاق في "مصنفه" "15158" عن مالك المرسل المذكور، ثم قال "15159": أخبرنا أبو سفيان، عن هشام صاحب الدستوائي، حدثني قتادةن عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث الزهري.(11/417)
10 - بَابُ الدُّيُونِ
ذكر كتبة الله جل وعلا للمقرض مرتين الصدقة بإحداهما
5040 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ أَبِي مُعَاذٍ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَهُ أَنَّ الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ، كَانَ يَسْتَقْرِضُ مِنْ تَاجِرٍ، فَإِذَا خَرَجَ عَطَاؤُهُ، قَضَاهُ، فَقَالَ الْأَسْوَدُ: إِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ عَنْكَ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ عَلَيْنَا حُقُوقٌ فِي هَذَا الْعَطَاءِ، فَقَالَ لَهُ التَّاجِرُ: لَسْتَ فَاعِلًا، فَنَقَدَهُ الْأَسْوَدُ خَمْسَ مِائَةِ دِرْهَمٍ، حَتَّى إِذَا قَبَضَهَا، قَالَ لَهُ التَّاجِرُ: دُونَكَهَا فَخُذْ بِهَا، فَقَالَ لَهُ الْأَسْوَدُ: قَدْ سَأَلْتُكَ هَذَا، فَأَبَيْتَ، فَقَالَ لَهُ التَّاجِرُ: إِنِّي سَمِعْتُكَ تُحَدِّثُنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: "مَنْ أَقْرَضَ اللَّهَ مَرَّتَيْنِ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ أحدهما لو تصدق به"1. [1: 2]
__________
1 حديث حسن. أبو حريز مختلف فيه وثقه ابن معين، وأبو زرعة، والمؤلف، وقال أبوحاتم: حسن الحديث، ليس بمنكر الحديث، يكتب حديثه، وضعفه =(11/418)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: الْفُضَيْلُ أَبُو مُعَاذٍ هَذَا هُوَ الْفُضَيْلُ بْنُ مَيْسَرَةَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَبُو حَرِيزٍ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَاضِي سِجِسْتَانَ، حدث بالبصرة.
__________
= النسائي وغيره، وباقي رجاله ثقات. إبراهيم: هو ابن يزيد النخعي، والأسود بن يزيد: هو النخعي أيضاً.
وأخرجه الطبراني"10200"والبيهقي 5/353 - 354 من طريقين عن يحيى بن معين، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: تفرد به عبد الله بن الحسين أبو حريز قاضي سجستان وليس بالقوي. وتعقبه ابن التركماني في "الجوهر النقي" بقوله: قلت: أخرج ابن حبان هذا الحديث في "صحيحه" من طريق أبي حريز هذا، وأخرج الترمذي في أبواب النكاح حديثاً في سنده أبو حريز، ولا عنه حسن صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 3/237 من طريق يحيى بن عبد الحميد، عن معتمر بن سليمان، به. قال: غريب من حديث إبراهيم، لم يروه عنه إلا حريز، ولا عنه إلا فضيل.
وأخرجه ابن ماجه "2430" في الصدقات: باب الفرض، والبيهقي 5/353 منطريقين عن سليمان بن يسير، عن قيس بن رومي، عن سليمان بن أذنان، عن علقمة، عن ابن مسعود. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 154/2: إسناد ضعيف. قيس بن رومي مجهول، وسليمان بن يسير متفق على تضعفيه. روراه ابن حبان في "صحيحه" عن أحمد بن على بن المثنى، فذكره بإسناد المصنف. وقال: رواه أبوبكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائبن عن ابن أذنان، فذكره.
قلت: وأخرجه أيضاً أحمد 1/412، وأبو يعلى 253/1 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وابن أذنان: اسمه سليم، ولم يؤثقه غير المؤلف.
وله طريق آخر عند البيهقي 5/353.(11/419)
ذِكْرُ قَضَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الدُّنْيَا دَيْنَ مَنْ نَوَى الْأَدَاءَ فِيهِ
5041 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هِنْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كَانَتْ مَيْمُونَةُ تَدَّانُ، فَقَالَ لَهَا أَهْلُهَا فِي ذَلِكَ، وَوَجَدُوا عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: لَا أَتْرُكُ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَدَّانُ دَيْنًا يَعْلَمُ اللَّهُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَضَاءَهُ إلا أداه الله عنه في الدنيا"1. [1: 2]
__________
1 زياد بن عمرو وشيخه عمران بن حذيفة: لم يوثقها غير المؤلف ولم يرو عن كل واحد منهما إلا، باقي رجاله ثقات. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر.
والحديث في "مسند أبي يعلى" 328/2 ومن طريقه أخرجه المزي في تهذيب الكمال" ورقة 1057 في ترجمة عمران بن حذيفة.
وأخرجه النسائي 7/ 315 في البيوع: باب التسهيل فيهن والبيهقي 5/354 من طرق عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجه "2408" في الصدقات: باب من أدان ديناً وهو ينوي قضاءه والطبراني في "الكبير" 24/61، ومن طريقه المزي في"التهذيب الكمال" في ترجمة عمران بن حذيفة، كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبيدة بن حميد، عن منصور، به. = وأخرجه الحاكم 2/23 من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، بهذا الإسناد، عن ميموتة موقوفاً.
وأخرج النسائي 7/315 - 316 عن محمد بن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير"بن حازم" قال: حدثنا أبي، عن الأعمش، عن حصين بن عبد الرحمن، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتيبة أن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم استدانتن فقيل لها: يا أم المؤمنين، تستدينين وليس عندك وفاء؟ قالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخذ ديناً وهو يريد أن يؤديه، أعانه الله عز وجل". قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين.
وأخرج أيضاً أحمد 6/332 عن يحيى بن أبي بكير، قال حدثنا جعفر بن زياد، عن منصور قال: حسبته عن سالم، عن ميمونة، فذكر الحديث.
وللحديث شاهد من حديث من حديث عائشة أخرجه الحاكم 2/22، ومن طريقه البيهقي 5/354 عن أبي بكر بن إسحاق، أنبأنا أبو مسلم، حدثنا الحجاج بن منهال، حدثنا القاسم بن الفضل، قال: سمعت محمد بن على يقول: كانت عائشة رضي الله عنها تدان، فقيل لها: مالك والدين؟ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من الله عزوجل عون، فأنا التمس ذلك التمس ذلك العون".(11/420)
ذِكْرُ رَجَاءِ تَجَاوَزِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْقِيَامَةِ عَنِ الْمُيَسِّرِ عَلَى الْمُعْسِرِينَ فِي الدُّنْيَا
5042 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ بِصَيْدَا قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَانَ رَجُلٌ تَاجِرٌ يُدَايِنُ النَّاسَ، فَإِذَا رَأَى إِعْسَارَ الْمُعْسِرِ قَالَ لِفَتَاهُ: تَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَلَقِيَ الله فتجاوز عنه"1. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح. هشام بن عمار: قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. الزبيدي: هو محمد بن الوليد بن عامر.
وأخرجه البخاري "2078" في البيوع: باب من انظر معسراً، والنسائي 7/318 في البيوع: باب حسن المعاملة والرفق في المطالبة، عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/239، والبخاري "3480" في الأنبياء: باب ماذكر عن بني إسرائيل، ومسلم "1562" في المساقاة: باب فضل إنظار المعسر، والطيالسي "2514"، والبغوي "2139" من طرق عن الزهري، به. وانظر ما بعده "5046".(11/421)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ إِلَّا التَّجَاوزَ عَنِ الْمُعْسِرِينَ
5043 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عن بن عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ رَجُلًا لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ، وَكَانَ يُدَاينُ النَّاسُ فَيَقُولُ: لِرَسُولِهِ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا تَعَسَّرَ، وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ: فَلَمَّا هَلَكَ، قَالَ اللَّهُ: هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لِي غُلَامٌ، وَكُنْتُ أُدَاينُ النَّاسَ، فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى، قُلْتُ لَهُ: خُذْ مَا تَيَسَّرَ، وَاتْرُكْ مَا تعسر،(11/422)
وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، قَالَ اللَّهُ تعالى: قد تَجَاوَزْتُ عَنْكَ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا" قَطُّ أَرَادَ بِهِ سِوَى الْإِسْلَامِ". [1: 2]
__________
1 إسناده حسن، ابن عجلان - واسمه محمد - أخرج له مسلم متابعة والبخاري تعليقاً، وهوصدوق، وباقي السند ثقات على شرطهما غير عيسى بن حماد، فمن رجال مسلم.
وأخرجه النسائي 7/318 في البيوع: باب حسن المعاملة والرفق في المطالبة، عن عيسى بن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/361، والحاكم 2/28 وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، من طريقين عن الليث بن سعد، به. وانظر "5046".(11/423)
ذِكْرُ إِظْلَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْقِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ
5044 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُجَاهِدٍ أَبُو حُرَزَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي نَطْلُبُ الْعِلْمَ فِي هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَبْلَ أَنْ يَهْلِكُوا، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَنَا أَبُو الْيَسَرِ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه غُلَامٌ لَهُ وَعَلَى أَبِي الْيَسَرِ بُرْدَةٌ وَمَعَافِرِيٌّ، وعلى غلامه بردة ومعافري1،
__________
1 قال النووي في "شرح مسلم" 18/134: البردة شملة مخططة....وجمعه البرد، والمعافري - بفتح الميم -: نوع من الثياب يعمل بقرية تسمى معافر، وقيل نسبة إلى قبيلة نزلت تلك القرية، والميم زائدة.(11/423)
فَقَالَ لَهُ أَبِي: إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِكَ شَيْئًا مِنْ غَضَبٍ، قَالَ: أَجَلْ كَانَ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْحَرَامِيِّ1 مَالٌ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ، فَقُلْتُ: أَثَمَّتْ؟ قَالُوا: لَا، فَخَرَجَ عَلَيَّ بن لَهُ، فَقُلْتُ: أَيْنَ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: سَمِعَ صَوْتَكَ، فَدَخَلَ، فَقُلْتُ: اخْرُجْ إِلَيَّ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَيْنَ أَنْتَ، فَخَرَجَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنِ اخْتَبَأْتَ؟ قَالَ: أَنَا –وَاللَّهِ - أُحَدِّثُكَ ثُمَّ لَا أَكْذِبُكَ، خَشِيتُ –وَاللَّهِ - أَنْ أُحَدِّثَكَ فَأَكْذِبَكَ، وَأَعِدَكَ فَأُخْلِفَكَ، وَكُنْتَ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُنْتُ –وَاللَّهِ -مُعْسِرًا. قَالَ: قُلْتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ قَالَ: قُلْتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قَالَ: فَقَالَ2 بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا، وَقَالَ: إِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِ، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ، فَأَشْهَدُ بصُرَ عَيْنَايَ هَاتَانِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي –وَأَشَارَ إِلَى نِيَاطِ قَلْبِهِ - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ لَهُ، أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ"3.
أَبُو الْيَسَرِ: اسْمُهُ كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو. [1: 2]
__________
1 "الحرامي" بالحاء المهملة، وفي "التقاسيم" 1/لوحة 226: "الحزامي" بالزاي المعجمة، قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 18/134: قال القاضي "عياض": رواه الأكثرون: والحرامي –بفتح الحاء وبالراء –نسبة إلى بني حرام، ورواه الطبري وغيره بالزاي المعجمة مع كسر الحاء، ورواه ابن ماهان: الجذامي، بجيم مضمومة ذال معجمة.
2 سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم"، وفي "صحيح مسلم": فأتى بصحيفته.....
3 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو اليسر: هو كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن سواد بن غنم الأنصاري السلمي الخزرجي، شهد العقبة وبدراً وكان الغناء يوم بدر وغيره، وهو الذي أسر العباس ن عبد المطلب يوم بدر، وهو آخر من مات بالمدينة ممن شهد بدراً، مات سنة خمس وخمسين.
وأخرجه مسلم "3006" في الزهد: باب حديث جابر الطويل، والطبراني 19/"379" والحاكم 2/28، والبيهقي 5/357 من طريقين عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 2/19 - 20 بدون الفضة، من طريق يحيى بن عبد الحميد، عن حاتم بن إسماعيل، به.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "462" من طريق إسحاق بن راهوية، عن حنظلة بن عمرو الزرقي، عن أبي حرزة، به.
وأخرجه الطبراني 19/"380" من طريق مجاهد عن عباد بن الوليد، به.
وأخرجه دون القصة أيضاً: أحمد 3/427، ابن ماجه "2419" في الصدقات: باب إنظار المعسر، والطبراني 19/"372" و"373" و"374" و"375" و"376"، والقضاعي "460" و"461" من طرق عن أبي اليسر بنحوه.(11/424)
ذِكْرُ تَيْسِيرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأُمُورَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَى الْمُيَسِّرِ عَلَى الْمُعْسِرِينَ
5045 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَاضِرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عليه في الدنيا والآخرة"1. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح، وأسناده حسن. محاضر - وهو ابن المورع الهمداني - وإن كان صدوقاً تقع له أوهام، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات. حميد بن زنجويه: هو حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد الله الأزدي أبو أحمد بن زنجويه، وهو لقب أبيه، ثقة ثبت صاحب تصانيف، مات سنة 251، روى له أبو داود والنسائي.
وأخرجه أحمد 2/252، وابن أبي شيبة 9/85 - 86، ومسلم "2699" في الذكر والدعاء: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر والدعاء: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن والذكر، وأبو داود "4946" في الأدب: باب في المعونة للمسلم، والترمذي "1930في البر والصلة: باب ماجاء في الستر على مسلم، "وابن ماجه "225" في المقدمة: باب فضل العلماء والحث على طلب العمل، و"2417" في الصدقات: باب إنظار المعسر، والقضاعي "458"، والبغوي "127" من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.(11/425)
ذِكْرُ رَجَاءِ تَجَاوُزِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَمَّنْ تجاوز عن المعسر
5046 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا بن وهب، أخبرنا يونس، عن بن شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَانَ رَجُلٌ يُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا أَعْسَرَ الْمُعْسِرُ، قَالَ لِفَتَاهُ: تَجَاوَزْ عَنْهُ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا، فلقي الله فتجاوز عنه"1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم، ويونس: هوابن يزيد الأيلي، وقد تقدم الحديث برقم "5042" و"5043".
وأخرجه مسلم "1562" في المساقاة: باب فضل إنظار المعسر، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد. وأخرجه البيهقي 5/356 من طريق بحر بن نضر، عن ابن وهب، به.(11/426)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَمْ تُوجَدْ لَهُ حَسَنَةٌ خَلَا تَجَاوُزَهُ عَنِ الْمُعْسِرِينَ
5047 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ، شَيْءٌ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا مُوسِرًا، فَكَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: لِغُلَامِهِ: تَجَاوَزْ عَنِ الْمُعْسِرِ، فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِمَلَائِكَتِهِ: نَحْنُ أَحَقُّ بذلك، تجاوزوا عنه"1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هوزهير بن حرب، وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضريرن والأعمش: هو سليمان بن مهران، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه أحمد 4/120، ومسلم "1561" في المساقاة: باب فضل إنظار المعسر، والترمذي "1307" في البيوع: باب في إنظار المعسر والرفق به، والطبراني في "الكبير" 17/ "537"، والبيهقي 5/356 من طرق عن أبي معاويةن بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 2/29 من طريقين عن الأعمش، به وصححه على شرط الشخين، وقال: لم يخرجاه، ووافقه الذهبي.(11/427)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ تَنَازَعَ هُوَ وَأَخُوهُ الْمُسْلِمُ فِي دَيْنٍ أَنْ يَضَعَ الْمُوسِرُ بَعْضَ دَيْنِهِ لِلْمُعْسِرِ
5048 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حرملة بن يحيى، حدثنا بن وهب، أخبرنا يونس، عن بن شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ تقاضى بن أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ1 حُجْرَتِهِ، وَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ: "يَا كَعْبُ بْنَ مَالِكٍ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ "ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ" قَالَ: كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: "قُمْ فاقضه"2. [5: 36]
__________
1 السجف: هوالغطاء أوالستر.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه مسلم "1558" في المساقاة: باب استحباب الوضع من الدين، عن حرملة بن يحيىن بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "471" في المساجد: باب رفع الصوت في المساجد، وأبو داود "3595" في الأقضية: باب في الصلح، والطبراني في "الكبير" 19/"129"، والبغوي "2151" من طريق أحمد بن صالح، عن ابن وهب، به.
وأخرجه أحمد 6/390، والدارمي 2/261، والبخاري "457" في المساجد: باب التقاضي والملازمة في المسجد، و"2418" في الخصومات: باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، و"2710" في الصلح: باب الصلح بالدين والعين، ومسلم "1558" "21"، وابن ماجه "2449" في الأحكام: باب الحبس في الدين والملازمة، والطبراني 91/127" من طريق عثمان بن عمر =(11/428)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الطبراني 19/"128" من طريق الليث، كلاهما عن يونس الأيلي، به.
واخرجه أحمد 454، والطبراني 19/"126" من طريقين عن الزهري، به.
وأخرجه أحمد 3/"2424" في الخصومات: باب الملازمة و"2706" في الصلح: باب هل يشير الإمام بالصلح، والنسائي 8/244 في القضاة: باب إشارة الحاكم على خصم بالصلح، والطبراني 19/"177" و"178"، والبيهقي 6/52 من طريقين عن عبد الله بن كعب بن مالك، به.(11/429)
باب الْحَجْرِ
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا عَلِمَ مِنْ إِنْسَانٍ ضِدَّ الرُّشْدِ فِي أَسْبَابِهِ أَنْ يحجر عليه
...
11 - كِتَابُ الْحَجْرِ
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا عَلِمَ مِنْ إِنْسَانٍ ضِدَّ الرُّشْدِ فِي أَسْبَابِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ
5049 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبَايعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَأَتَى أَهْلُهُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، احْجُرْ عَلَى فُلَانٍ، فَإِنَّهُ يُبَايعُ وَفِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَدَعَاهُ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَا أَصْبِرْ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: "إِنْ كُنْتَ غَيْرَ تَارِكٍ لِلْبَيْعِ، فَقُلْ هَاءً وَهَاءً وَلَا خلابة"1. [5: 36]
__________
1 إسناده صحيح قوي، أبو ثور واسمه إبراهيم بن خالد - ثقة، روى له أبو داود، وابن ماجه، ومن فوقه من رجال الصحيح، وعبد الوهاب بن عطاء سمع من سعيد –هو ابن أبي عروبة –قبل الاختلاط.
وأخرجه أبو داود "3501" في البيوع: باب في الرجل يقول عند البيع: لا خلابة، عن أبي ثور، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/217، والدارقطني 3/55، وابن الجارود "568"، والحاكم 4/101، والبيهقي 6/62 من طرق عن عبد الوهاب، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي "1250" في البيوع: باب ماجاء فيمن يخدع في البيع، والنسائي 7/252 في البيوع: باب الخديعة في البيع، وابن ماجه "2354" في الأحكام: باب الحجر على من يفسد ماله، من طريقين عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، به. وهذا سند صحيح. عبد الأعلى بن عبد الأعلى: ثقة من رجال الشيخين، وقد سمع من سعيد قبل الاختلاط، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم، وقالوا: الحجر على الرجل الحر في البيع والشراء، إذا كان ضعيف العقل، وهو أحمد، وإسحاق، ولم ير بعضهم أن يحجر على الحر البالغ.
وقوله: "وفي عقدته ضعف" أي في رأيه ونظره في مصالح نفسه.
وقوله: " لاخلابة": هو بكسر الخاء المعجمة وتخفيف اللام، أي: لاخديعة، وهو مصدر: خلبت الرجل: إذا خدعته، أخلبه خلباً وخلابة، وفي المثل إذا لم تغلب فاخلب، أي: إذا أعياك الأمر مغالبة، فاطلبه مخادعة.(11/430)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى مَنْ يَرَى ذَلِكَ احْتِيَاطًا لَهُ مِنْ رَعِيَّتِهِ
5050 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُرُزِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَبْتَاعُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَجَاءَ أَهْلُهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ الله، احجر على فلان، فإن يبتاع وفي(11/431)
عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَهَاهُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَصْبِرُ عَنِ الْبَيْعِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كُنْتَ غَيْرَ تَارِكٍ الْبَيْعَ فَقُلْ: هَاءً وَهَاءً، وَلَا خِلَابَةَ"1. [5: 3]
__________
1 إسناده قوي على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه أبو داود "3501" في البيوع: باب في الرجل يقول عند البيع: لاخلابة، عن محمد بن عبد الله الأرزين بهذا الإسناد.(11/432)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِمَعْنَى مَا أَوْمَأْنَا إِلَيْهِ
5051 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: "ذُكِرَ رَجُلٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ لَهُ: "مَنْ بَايَعْتَ، فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ"، وَكَانَ إذا بايع يقول: لا خلابة1. [3: 5]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري، فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم "1533" في البيوع: باب من ينخدع في البيع، عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد. وعنده فكان إذا بايع يقول: لا خيانة.
وأخرجه مسلم "1533" من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرجه عبد الرزاق "15337"، وأحمد 2/61و72 و80، والبخاري "2407" في الاستقراض: باب مانهي عن إضاعة المال، و"2414" في الخصومات: باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل، ومسلم "1533" من طرق عن عبد الله بن دينار، به. وانظر ما بعده. قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" 10/177: واختلف العلماء في هذا الحديث، فجعله بعضهم خاصاً في حقه، وأن المغابنة بين المتبايعين لازمة، لاخيار للمغبون بسببها سواء قلت أم كثرت، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وآخرين، وهي أصح الروايتين عن مالكن وقال البغداديون من المالكية: للمغبون الخيار لهذا الحديث بشرط أن يبلغ الغبن ثلث القيمة، فإن كان دونه فلا، والصحيح الأول، لأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت له الخيار، وإنما قال له: قل لا خلابة، أي: لا حديعة، ولا يلزم من هذا ثبوت الخيار، لأنه لوثبت أوأثبت له الخيار، كانت قضية عين لا عموم لها، فلا ينفذ منه إلى غيره إلا بدليل، والله أعلم.(11/432)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ عِنْدَ مُبَايَعَتِهِ غَيْرَهُ الشَّيْءَ التَّافِهَ الَّذِي لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا أَنْ يَقُولَ: لَا خِلَابَةَ لِئَلَّا يُخْدَعَ فِي بَيْعَتِهِ
5052 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار
عن بن عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا ذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَنْخَدِعُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا بِعْتَ، فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ". قَالَ فَكَانَ الرجل إذا ابتاع يقول: لا خلابة1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله، وهو في "الموطأ" 2/685 في البيوع: باب جامع البيوع.
من طريق مالك أخرجه البخاري "2117" في البيوع: باب ما يكره من الخداع في البيع، و"4964" في الحيل: باب ماينهى من الخداع في البيوع، أبو داود "3500" في البيوع: باب في الرجل يقول عند البيع: =(11/433)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لاخلابة، والنسائي 7/252 في البيوع: باب الخديعة في البيع، والبغوي "2052".
قال البغوي: قد يحتج بهذا الحديث من لا يرى الحجر على الحر البالغ، ولو جاز الحجر لمنعه النبي صلى الله عليه وسلم من البيع حين علم ضعف عقله، وكثرة غبنه. وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الحر البالغ إذا كان مفسداً لماله سفيهاً يحجر عليه، وهو قول على، وعثمان والزبير، وبه قال الشافعي، وأحمد، وإسحاق، حتى قال الشافعي: لوكان فاسقاً يحجر عليه وإن كان غير مفسد لماله.(11/434)
بَابُ الْحَوَالَةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاتِّبَاعِ لِمَنْ أُحِيلَ على ملىء ماله
...
12 - كتاب الْحَوَالَةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاتِّبَاعِ لِمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ مَالَهُ
5053 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أٌتبِع أحدكم على ملىء فليتبع"1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/174 في البيوع: باب جامع الدين والحوالة.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي "245" برواية المزني، وأحمد 2/379 - 380 و465، والبخاري "2287" في الحوالة: باب هل يرجع في الحوالة، ومسلم "1564" في المساقاة، باب تحريم مطل الغني، وأبو داود "3345" في البيوع: باب في المطل، والنسائي 7/317 في البيوع: باب الحوالة، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 4/8، والبيهقي 6/70، والبغوي "2152" وسيأتي عند المصنف برقم "5090" بهذا الإسناد والمتن. =(11/435)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه عبد الرزاق "15356"، ووأحمد 2/463، والترمذي "1308" في البيوع: باب في مطل الغني أنه ظلم، الغني ابن ماجه "2403" في الصدقات: باب الحوالة، والطحاوي في "المشكل" 1/414، وابن الجارود "560"، والبيهقي6/70 من طرق عن أبي الزناد، به.
وأخرجه عبد الرزاق"1556"، وأحمد 2/463، والترمذي "1308" في البيوع: باب في مطل الغني أنه ظلم، وابن ماجه "2403" في الصدقات: باب الحوالة، والطحاوي في "المشكل" 1/414، وابن الجارود "560"، والبيهقي 6/70 من طرق عن أبي الزناد، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/79، والبخاري "2288" في الحوالة: باب إذا حال على ملئ فليس له رد، من طريقين عن سفيان، عن عبد الله بن ذكوان، عن الأعرج، به.
وأخرجه عبد الرزاق "15355"، وأحمد 2/260ن والبخاري "2400" في الاستقراض: باب مطل الغني ظلم، ومسلم "1564"، والقضاعي في "مسندالشهاب" 43"، والبيهقي 6/70 من طرق عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.
قوله: "إذا أتبع أحدكم" قال البغوي: بالتحفيف، ومعناه: أحيل أحدكم على ملئ، "فليتبع" أي: فليحتل، يقال: أتبعت غريمي على فلان، فتبعه، أي: أحلته فاحتال، وتبعت الرجل بحقي أتبعه تباعة: إذا طابته به، وأنا تبيعه، ومنه قوله سبحانه وتعالى: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} أي: تابعاً مطالباً بالثأر.
وقوله: "فليتبع" ليس ذلك على طريق الوجوبن بل على طريق الإباحة إن اختارن قبل الحوالة، وإن شاء، لم يقبل، وزعم داود أن صاحب الحق إذا أحيل على ملئ، يجب عليه أن يقبلن فإن أبي بكره عليه، وإذا قبل الحوالة، تحول الدين من المحيل إلى ذمة المحال عليه، ولارجوع للمحتال على المحيل من غير عذر.
فإن أفلس المحال عليه، أو مات ولم يترك وفاء، اختلف أهل العلم فيه فذهب قوم إلى أنه لارجوع له على المحيل بحالن وهو قول علي، وإليه ذهب مالكن والشافعي، وأحمد، وإسحاقن وأبو عبيد، وأبو ثور، وقال =(11/436)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إسحاق: إلا أن يراه المحتال حالة قبول الحوالة مليئاً، فبان معسراً، ورجع على المحيل، واحتج هؤلاء بقوله: "إذا أتبع أحدكم على ملئ"، والحوالة تصح على غير الملئ، ففائدة ذكر الملاءة في الحديث سقوطاً سبيل المحتال على المحيل بعدما قبل الحوالة على من هو ملئ، ولاينظر إلى حدوث الفلس والموت من بعد، لأن الدين قد تحول من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليهن وسميت "الحوالة" لهذا.
وذهب قوم إلى أنه يرجع إلى المحيل إذا أفلس المحال عليه، أو مات ولم يترك وفاء، وهو قول أصحاب الرأي، واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بأن يتبع المحال عليه إذا كان مليئاً، فثبت أنه إذا لم يكن مليئاً يرجع على المحيل، الأول وأولى، لأنه إنما اشترط الملاءة وقت الحوالة، لا فيما بعدها، وقيل: إن أفلس في حياته لايرجع على المحيل، لأن المعسر قد يوسر، وإذا مات لم يترك وفاءًن يرجع، يرجع، وقال ابن عباس: لابأس أن يتخارج الشريكان وأهل الميراث، فيأخذ هذا عيناً، وهذا ديناً، فإن توي لأحدهما، لم يرجع على صاحبه.
قال الحافظ في "الفتح" 4/466: في الحديث الزجر عن المطلن ويدخل في المطل كل من لزمه حقن كالزوج لزوجته والسيد لعبده، والحاكم لرعيته وبالعكس، واستدل به على أن العاجز عن الأداء لا يدخل في الظلم، وعلى أن الغني الذي ماله غائب عنه لايدخل في الظلم، واستنبط منه أن المعسر لايحبس ولايطالب حتى يوسرن واستدل به على ملازمة المماطل، والزامه بدفع الدين، والتوصل إليه بكل طريق، وأخذه منه قهراً، وفيه الإرشاد إلى ترك الأسباب القاطعة لاجتماع القلوب، لأنه زجر عن المماطلة، وهي تؤدي إلى ذلك.(11/437)
باب الْكَفَالَةِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ ضَمَانِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ وَفَاءً إِذَا لَمْ يكن بالمتعدي فيه
...
13 - كِتَابُ الْكَفَالَةِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ ضَمَانِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ لَهُ وَفَاءً إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُتَعَدِّي فِيهِ
5054 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ مَالًا، فَلِأَهْلِهِ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا، فإلي وعلي"1. [3: 10]
__________
1 إسناده حسن، رجاله رجال الشيخين غير محمد بن عمرو، وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي، فقد روى له البخاري مقروناً، ومسلم في المتابعاتن وهو صدوق. إسحاق بن إبراهيم: ابن راهويه. وقد تقدم الحديث بإسناد صحيح عند المصنف برقم "3063" و"3834".(11/438)
كتاب القضاء
مدخل
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ مُنَاقَشَةِ اللَّهِ فِي الْقِيَامَةِ الْحَاكِمَ الْعَادِلَ إِذَا كَانَ فِي الدُّنْيَا
...
14 - كِتَابُ الْقَضَاءِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ مُنَاقَشَةِ اللَّهِ فِي الْقِيَامَةِ الْحَاكِمَ الْعَادِلَ إِذَا كَانَ فِي الدُّنْيَا
5055 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَلَاءُ الْيَشْكُرِيُّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ سَرْجٍ، عَنْ عمران بن حطا عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "يُدْعَى بِالْقَاضِي الْعَادِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَلْقَى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي عمره"1. [3: 74]
__________
1 إسناده ضعيف. صالح بن سرج: لم يؤثقه غير المؤلف 6/460، وباقي السند رجاله رجال الصحيح غير عمرو بن العلاء فقد روى عنه جمع وذكره المؤلف في "الثقات" 8/478. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه أحمد 6/96 من طرق عن عمرو بن العلاء، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/192، ونسبه إلى أحمد، وقال: إسناده حسن.(11/439)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ دُخُولِ الْمَرْءِ فِي قَضَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِذَا عَلِمَ تَعَذُّرَ سُلُوكِ الْحَقِّ فِيهِ عَلَيْهِ
5056 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ أَبِي جَمِيلَةَ، يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: اذهب فكن قاضيا. قال: أوتعفيني يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: اذْهَبْ فَاقْضِ بَيْنَ النَّاسِ. قَالَ: تُعْفِيَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا ذَهَبْتَ فَقَضَيْتَ. قَالَ: لَا تَعْجَلْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ عَاذَ بِاللَّهِ فَقَدْ عَاذَ مَعَاذًا" قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَإِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ قَاضِيًا. قَالَ: وَمَا يَمْنَعُكَ وَقَدْ كَانَ أَبُوكَ يَقْضِي قَالَ: لِأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ قَاضِيًا، فَقَضَى بِالْجَهْلِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا، فَقَضَى بِالْجَوْرِ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا يَقْضِي بِحَقٍّ أَوْ بِعَدْلٍ، سَأَلَ التَّفَلُّتَ كَفَافًا" فما أرجو منه بعد ذا؟ 1. [2: 109]
__________
1 إسناجدده ضعيف. عبد الملك بن أبي جميلة: لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف 7/103، ولم يَروِ عنه غير معتمر بن سليمان، وقال حاتم: مجهول، وباقي رجاله ثقات. وعبد الله بن وهب: كذا وقع في الأصل "التقاسيم" 2/238 "وهب" بالواو، وقال في آخره: ابْنُ وَهْبٍ هَذَا: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وهب بن زمعة بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ مِنَ الْمَدِينَةِ، رَوَى عَنْهُ الزهريز قلت: هو ثقة، روى له الترمذي وابن ماجه. =(11/440)
قال أبو حاتم: بن وَهْبٍ هَذَا: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيُّ، مِنَ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ الزهري.
__________
= وأخرجه الطبراني في "الكبير" "13319" عن إبراهيم بن هاشم البغوي، عن أمية بن بسطام، بهذا الإسناد. وقال في آخره: عبد الله بن وهب هذا: هو عندي عبد الله بن وهب بن زمعة، والله اعلم.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" ورقة 268/1 عن شيبان، عن معتمر بن سليمانن به.
وأخرجه الترمذي "1322" في أول الأحاكم: باب ماجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن محمد بن بن عبد الأعلى، عن معتمر بن سليمان إلا أنه قال: عن عبد الله بن وهب، قلت: وعبد الله بن موهب هو الشامي، قاضي فلسطين لعمر بن عبد الله عبد العزيز، هوثقة من رجال السته، وقال الترمذي: حديث ابن عمر حديث غريب وليس إسناده عندي بمتصلن وذكره الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/131 - 132 مطولاً وقال: رواه أبو يعلى، وابن حبان في "صحيحه"، والترمذي باختصار، ثم حكى رأي الترمذي في أنه ليس بمتصل الإسناد، وقال: وهو كما قالن فإن عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 4/193 مطولاً وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"،وأحمد، كلاهما باختصار، ورجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 1/66 عن عفانن عن حماد بن سلمة، عن أبي سنان، عن يزيد بن موهب أن عثمان قال: لابن عمر: اقضي بين الناس، فقال: لا أقضي بين اثنين ولا أوم رجلين، أما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ" قال عثمان: بلى, قال: فإني أعوذ بالله أن تستعملني فأعفاه، وقال: لا تخبر بهذا أحداً. وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/200ن ونسبه لأحمد، وقال: يزيد لم أعرفه.(11/441)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ}
5057 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ صَالِحٍ، عن سماك، عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، وَكَانَتِ النَّضِيرُ أَشْرَفَ مِنْ قُرَيْظَةَ. قَالَ: وَكَانَ إِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْظَةَ رَجُلًا مِنَ النَّضِيرِ قُتِلَ بِهِ، وَإِذَا قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَةَ وَدَى مِائَةَ وَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ رَجُلٌ مِنَ النَّضِيرِ رَجُلًا مِنْ قُرَيْظَةَ، فَقَالُوا: ادْفَعُوهُ إِلَيْنَا نَقْتُلُهُ، فَقَالُوا: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْهُ فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] ، وَالْقِسْطُ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، ثُمَّ نَزَلَتْ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} [المائدة: 50] 1. [3: 64]
__________
1 حديث قوي، رواية سماك عن عكرمة –وإن كان فيها اضطراب - قد تابعه
داود بن حصين، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين غير على بن صالح، فمن رجال مسلم.
وأخرجه أبو داود "4494" في الديات: باب النفس بالنفس، وقد والنسائي 8/18 - 19 في القسامة: باب تأول وقول الله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} ، والطبري في "جامع البيان" "11975"، والحاكم 4/366، والبيهقي 8/24، من طرق عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. وأخرجه أحمد 1/363، وأبو داود "3591" في الأقضية: باب الحكم بين أهل الذمةن والنسائي 8/19، والطبري "11974" من طرق عن ابن اسحاقن عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس أن الآيات في المائدة قوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} . إلى قوله: {الْمُقْسِطِينَ} إنما نزلت في الدية في بني النضر ونبي النضير وبني قريظة، وذلك أن قتلى بني النضير، وكان لهم شرف، وتؤدي الدية كاملة، وإن قريظة كانوا يؤدون نصف الدية، فتحاكموا في ذلك إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأنزل الله ذلك فيهم، فحملوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الحق في ذلك، فجعل الدية في ذاك سواءً. وابن إسحاق صرح بالسماع عند النسائي والطبري.
وأخرجه بنحوه مطولاً: أحمد 1/246 عن إبراهيم بن أبي العباس، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، وإسناده حسن.
وأخرجه أبو داود "3576" في الأقضية: باب في القاضي يخطئن من طريق زيد بن أبي الزرقاء، عن ابن أبي الزناد، عن أبيه بنحوه مختصراً.(11/442)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مَعُونَةِ الضُّعَفَاءِ وَأَخْذِ مَالِهِمْ مِنَ الْأَقْوِيَاءِ
5058 - أَخْبَرَنَا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعَتْ مُهَاجِرَةُ الْحَبَشَةِ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعْجَبَ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟ ". قَالَ: فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ عَلَيْنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِهِمْ، تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ، فَمَرَّتْ(11/443)
بِفَتًى مِنْهُمْ، فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا، ثُمَّ دَفَعَهَا عَلَى رُكْبَتَيْهَا، فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتِ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ: سَتَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ، وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَتَكَلَّمَتِ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانَا يَكْسِبُونَ، فَسَوْفَ تَعْلَمُ أَمْرِي وَأَمْرَكَ عِنْدَهُ غَدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَدَقَتْ، ثُمَّ صَدَقَتْ، كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ قَوْمًا لَا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم"1. [00:3]
__________
1 حديث قوي بشواهده. مسلم بن خالد بن –وهوالزنجي - وإن كان سئ الحفظ –وقد تابعه في المرفوع منه الفضل بن العلاء عند المؤلف في الرواية الآتية، وباقي رجاله ثقات من رجال الصحيح. ابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان بن خثيم. وقال الإمام الذهبي في "العلو للعلي الغفار" ص68عن هذا الإسناد بعد أن ساقه: إسناده صالح.
وأخرجه ابن ماجه "4010" في الفتن: باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأبو يعلي "2003" من طريقين عن يحيى بن سليمن عن ابن خثيم، بهذا الإسناد.
وله شاهد من حديث بريدة عند البزار "1596"، والبيهقي في "السنن" 6/95 و10/94، وفي "الأسماء والصفات" ص404، وهو حسن في الشواهد، قال الهيثمي 5/208، ونسبة للبزار، وفيه عطاء بن السائب، وهو ثقة، لكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات.
وعن ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" "11230".
وعن أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب عند الحاكم 3/256، والبيهقي 1/93.
وعن عائشة عن البزار"1352".
وعن أبي سعيد الخدري عند ابن أبي شيبة 6/592، وابن ماجه "2426"، وأبي يعلى "1091". وعن ابن مسعود عند الطبراني "1034".
وعن قابوس بن مخارق عن أبيه عند الطبراني في "الكبير" 2/"745"
وعن معاوية بن أبي سفيان عند الطبراني أيضاً 19/"903"
وعن معاوية وعبد الله بن عمرو عند الطبراني 19/"908"، وأبي نعيم في "الحلية" 6/128، ووكيع في "أخبار القضاة"1/37.(11/444)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ إِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ
5059 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ أَبِي الدُّمَيْكِ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بن العلاء، حدثنا بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَيْفَ تُقَدَّسُ أُمَّةٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْ شديدهم لضعيفهم"1. [1: 83]
__________
1 رجاله رجال الصحيح غير الفضل بن العلاء، فقد روى له البخاري مقروناً بغيره وقال ابن معين: لابأس به، وقال على بن المديني: ثقة. وانظر ما قبله.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" 7/396 من طريق الحسن بن عمرو السبيعي، عن على بن المديني، بهذا الإسناد.(11/445)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَاكِمَ الْمُجْتَهِدَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُكْمَهُ أَجْرَيْنِ إِذَا أَصَابَ فِيهِ
5060 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن يحيى الذهلي، وحدثنا بن قتيبة، حدثنا بن أَبِي السَّرِيِّ، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ، فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ، فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ"1. [1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: مَا رَوَى مَعْمَرٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ مُسْنِدًا الا هذا الحديث.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن أبي السري، وهو محمد بن المتوكل، فمن رواة أبي داود، وقد تابعه عليه هنا محمد بن يحيى الذهلي، وهو ثقة من رجال البخاري. وأخرجه ابن الجارود "966"، والدارقطني 4/204 من طريق محمد بن يحيى الذهلي بهذا الإسناد. وتابع الذهلي غير واحد عند الدارقطني.
وأخرجه الترمذي "1326" في الأحكام: باب ماجاء في القاضي يصيب ويخطئ، والنسائي 6/223 - 224 في آداب القضاة: باب الإصابة في الحكم، والبيهقي 10/119 من طرق عن عبد الرزاق، به.
وأخرجه أحمد 4/198 و204 - و205، والشافعي 2/176 - 177، والبخاري "7352" في الاعتصام: باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ومسلم "1716" في الأقضية: باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، وأبو داود"3574" في الأقضية: باب في القاضي يخطئ، والنسائي في القضاء من "الكبرى" كما في "التحفة" 8/158، وابن ماجه "2314" في الأحكام: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، والدارقطني 4/210 - 211 و211، والبيهقي 10/119، والبغوي "2509"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" 2/71 من طريق يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن محمد بن خزم، به.
قال الخطابي في "معالم السنن" 4/160: قوله: "إذا حكم فاجتهد فله أجر" إنما يؤجر المخطئ على اجتهاده في طلب الحق، لأن اجتهاده عبادةن ولايؤجر على الخطأن بل يوضع عنه الإثم فقط، وهذا فيمن كان من المجتهدين جامعاً لألة الاجتهادن عارفاً بالأصول، وبوجوه القياس، فأما من لم يكن محلاً للاجتهاد فهو متكلف، ولايعذر بالخطأ في حكم، بل يخاف عليه أعظم الوزر، بدليل حدبث ابن بريدة، عن أبيهن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "القضاة ثلاثة: واحد في الجنةن واثنان في النار، أما الذي في الجنة، فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق فجار في الحكم، رجل قضى للناس على جهل، فهو في النار". وانظر "شرح السنة" للبغوي 10/116 - 122، و"فتح الباري"13/332.(11/446)
ذِكْرُ كَتَبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْحَاكِمِ الْمُجْتَهِدِ فِي قَضَائِهِ أَجْرًا وَاحِدًا إِذَا أَخْطَأَ فِيهِ
5061 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَحْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ، فَاجْتَهَدَ، فَأَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وإذا حكم فاجتهد، فأخطأ، فله أجر"1. [....]
__________
1 حديث صحيح. هشام بن عمار: حسن الحديث، روى له البخارين وقد توبعن ومن فوقه من رجال الشيخين. محمد بن إبراهيم: هو ابن الحارث بن خالد التيمي، وابن الهاد: هويزيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ الليثين وعبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي. وأخرجه ابن ماجه "2314" في الأحكام: باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/176، ومسلم "1716" في الأقضية: باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأن وأبو داود "3574" في الأقضية: باب في القاضي يخطئ، والدارقطني 4/210 - 211 و211، والبغوي "2509" من طرق عن عبد العزيز بن محمد الدراوردين به.
وأخرجه أحمد 4/198 و204، والبخاري "7352" في الاعتصام: باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ومسلم "1716"، والدارقطني 4/211، والبيهقي 10/118 - 119، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم"وفضله" 2/71 من طرق عن يزيد بن الهاد، به.(11/447)
ذكر مغفرة الله جل وعلا للحاكم على حكمه ما دام يجتنب الحيف والميل فيه
...
ذكر مغفر اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْحَاكِمِ عَلَى حُكْمِهِ مَا دام يجتنب الْحَيْفَ وَالْمَيْلَ فِيهِ
5062 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عن بن أَبِي1 أَوْفَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ مَعَ الْقَاضِي ما لم يجر"2. [1: 2]
__________
1 سقطت من الأصل لفظ "أبي".
2 إسناده حسن. عمران القطان: وهو ابن داورن روى له أصحاب السنن، وهو حسن الحديث، وباقي السند على شرطهما. ابن أبي أوفى: هو عبد الله، والشيباني الرواي عنه: هو سليمان بن أبي سليمن أبو اسحاق الشيباني.
واخرجه الترمذي "1330"في الأحكام: باب ما جاء في الإمام العادل، عن أبي بكر العطار عبد القدوس بن محمد، والحاكم 4/93، والبيهقي 10/88 من طريق أبي قلابة عبد الملك بن محمد، كلاهما عن عمرو بن عاصم الكلابي، بهذا الإسناد. وزاد في آخره: "فإذا جاز خلي عنه ولزمه الشيطان" وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمران القطان، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي!
وأخرجه ابن ماجه "2312" في الأحكام: باب التغليظ في الحيف والرشوة، وابن عدي في "الكامل" 6/"2145"، ومن طريقه البيهقي 10//88 عن أحمد بن سنان، عن محمد بن بلال، عن عمران القطان عن حسين "في ابن ماجه: "ابن عمران "وفي "الكامل": المعلم" عن أبي إسحاق الشيباني، به. وفي آخره "فإذا جار وكله إلى نفسه".
وأخرجه الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" 6/458 عن الطبراني من طريق محمد بن عبد الله بن نمير، وعلى بن نصر بن على، كلاهما عن محمد بن بلال، به. وقال فيه: "حسين بن عمران".
وفي الباب عن ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" "9792" قال الهيثمي في "المجمع" 4/194: فيه حفص بن سليمان القارئ، ثقه، وأحمد الحافظ في "التقريب": متروك الحديث.
وعن معقل بن يسار عند أحمد 5/26، وإسناده ضعيف جداً.(11/448)
ذكر الزجر عن ان يحكم الحاكم وحالته غَيْرُ مُعْتَدِلَةٍ فِي الِاعْتِدَالِ
5063 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ(11/449)
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثنين وهو غضبان"1. [2: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد صرح هشيم بالتحديث عند ابن القاضي الجارود وفي رواية المصنف الآتية:
وأخرجه مسلم على "1717" في الأقضية: باب كراهية قضاء القاضي وهو غضبان، وابن الجارود "997"، والبيهقي 10/105 من طرق عن هشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه من طرق عن عبد الملك بن عمير، به: الشافعي 2/177، والطيالسي "860"، والحميدي "792"، وأحمد 5/36 و38 و46 و52ن وابن أبي شيبة 7/233، ووكيع في "أخبار القضاة" 1/81 و82، والبخاري "7158" في الأحكام: باب هل يقضي القاضي أويفتي وهو غضبانن ومسلم "1717"، وأبو داود "3589" في الأقضية: باب القاضي يقضي وهو غضبان، والنسائي 8/237 و238 في آداب القضاة: باب ذكرماينبغي للحاكم أن يجتنبه، وابن ماجه "2316" في الأحكام: باب لايحكم الحاكم وهو غضبان، والطحاوي في "الشروط" 2/845 و846 و846، والبيهقي 10/ 104 و105، والبغوي "2498". وقد صرح عبد الملك بن عمير بالتحديث عند البخاري وغيره.
وأخرجه ابن أبي شيبة 7/232، والنسائي 8/247 باب النهي عن أن يقضي في قضاء بقضائين، من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، به.
وأخرجه وكيع في "أخبار القضاة" /82، والدارقطني 4/205 - 206 من طريق أبي بشر، عن ابن جوشن، عن أبي بكرة.(11/450)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْكُمَ الْحَاكِمُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ تَغَيُّرِ طَبْعِهِ عَنْ عَادَتِهِ الَّتِي اعْتَادَهَا
5064 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَقْضِي القاضي بين اثنين وهو غضبان"1. [2: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو مكرر ما قبله.(11/451)
ذِكْرُ أَدَبِ الْقَاضِي عِنْدَ إِمْضَائِهِ الْحُكْمَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ
5065 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيٍّ الْجَوْزِيُّ بِالْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ نصر، عن سماك، عن عكرمة عن بن عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِسَالَةٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: تَبْعَثُنِي وَأَنَا غُلَامٌ حَدِيثُ السِّنِّ؟ فَأُسْأَلُ عَنِ الْقَضَاءِ وَلَا أَدْرِي مَا أُجِيبُ، قَالَ: "مَا بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ أَنْ أَذْهَبَ بِهَا أَنَا أَوْ أَنْتَ" قَالَ: فَقُلْتُ: وَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ، أَذْهِبُ أَنَا، فَقَالَ: "انْطَلِقْ فَاقْرَأْهَا عَلَى النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُثَبِّتُ لِسَانَكَ، وَيَهْدِي قَلْبَكَ" ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ النَّاسَ سَيَتَقَاضُونَ، فَإِذَا أَتَاكَ الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِي لِوَاحِدٍ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ تعلم لمن الحق"1. [1: 78]
__________
1 إسناده ضعيف، سماك في روايته عن عكرمة اضطرب، والرسالة التي أرسل بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علياً هي "براءة" ليقرأها على الناس في الحج.
وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في زياداته على "المسند" 1/150 عن أبي بكر، عن عمرو بن حماد، عن أسباط بن نصر، عن سماك، عن حنش، عن على بن أبي طالب، وحنش - وهو ابن المعتمر الكناني -: ضعيف. =(11/451)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأورد السيوطي في "الدر المنثور" 4/125 ونسبه إلى أبي الشيخ، وفيه أنه بعث علياً ببراءة إلى اليمن، وهذا خلط بين قصة إرساله إلى الحج وببراءة وبين قصة إرساله إلى اليمن.
وأخرج خبر إرساله إلى اليمن، وهو صحيح بطرقه: أحمد 1/90 و96 و111 وعبد الله ابنه 1/149، والطيالسي "125"، وأبو داود "3582" في الأقضية لايقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما، والنسائي في "خصائص على" "34"، وأبو يعلى "371"، وابن سعد 2/337، ووكيع في "أخبار القضاة" 1/85 - 86 - 86، والبيهقي 19/137 من طرق عن سماك بن حرب، عن حنش، عن على قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً، فقلت: يارسول الله ترسلني وأنا حديث السن، ولاعلم لي بالقضاة؟ فقال: "إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان، فلا تقضين حتى تسمع من الآخر، كما سمعت من الأول، فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء" قال: فما زلت قاضياً بعد لفظ أبي داود.
وأخرجه وكيع في "أخبار القضاة" عن سهل، عن مؤمل بن إسماعيل، عن سفيان، عن على بن الأقمر، عن أبي جحيفةن عن على.
وأخرجه أيضاً ابن ماجه "2310" في الأحكام: باب ذكر القضاة وأبو يعلى "316"، ووكيع 1/84، والحاكم 3/135، وابن سعد 2/337، والنسائي في "خصائص على" "31" "32" "33"، من طريق عمرو بن مرة، عن أبي البخترين عن على. وصححه الحاكم على شرط الشيخينن ووافقه الذهبي! مع أن فيه انقطاعاًن فإن أبا البختري - واسمه سعيد بن فيروز –لم يسمع من على شيئاً.
وأخرجه أحمد 1/136، والطيالسي "98"، ووكيع ص85، والبيهقي 10/86 - 87 من طريق شعبة، عن أبي عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عمن سمع علياً، عن على.
وأخرجه أحمد 1/88 و156، ووكيع 2/337، والنسائي في "خصائص علي" "35" من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاقن عن حارثة بن مضربن عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمنن وفقلت: يا رسول اللهن إنك تبعثني إلى قوم هم أسن مني لأقضي بينهمن قال: "اذهبن فإن الله تعالى شيثبت لسانك ويهدي قلبك" وهذا سند قوي.
وأخرجه أبو يعلى "239"، ابن سعد 2/337ن والنسائي في "خصائص علي" "36" من طريق شيبانن عن أبي إسحاقن عن عمرو بن حبشي، عن علي، وهذا سند حسن في الشواهد.
وأخرجه وكيع 1/85 من طرق عمرو بن مرة، عن عبد الله بن سلمة عن علي.(11/452)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَهُ أَنْ يُهَدِّدَ الْخَصْمَيْنِ بِمَا لَا يُرِيدُ أَنْ يُمْضِيَهُ إِذَا أَرَادَ اسْتِكْشَافَ وَاضِحٍ خَفِيَ عَلَيْهِ
5066 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ القاسم، عن بن عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ امْرَأَتَيْنِ أَتَتَا دَاوُدَ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ تَخْتَصِمُ فِي ابْنِهَا، فَقَضَى لِلْكُبْرَى، فَلَمَّا خَرَجَتَا قَالَ سُلَيْمَانُ: كَيْفَ قَضَى بَيْنَكُمَا؟ فَأَخْبَرَتَاهُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ - وَأَوَّلُ مَنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "السِّكِّينُ" رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كُنَّا نُسَمِّيهَا الْمُدْيَةَ - فَقَالَتِ الصُّغْرَى: مَهْ؟ قَالَ: أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا. قَالَتِ: ادْفَعْهُ(11/453)
إِلَيْهَا، وَقَالَتِ الْكُبْرَى: شُقَّهُ بَيْنَنَا. قَالَ فَقَضَاهُ سُلَيْمَانُ لِلصُّغْرَى، وَقَالَ: لَوْ كَانَ ابْنَكِ لَمْ ترضي أن نشقه"1. [3: 4]
__________
1 إسناده صحيح حسن. ابن عجلان وهو محمد –حسن –الحديثن روى له مسلم في الشواهدن وقد توبع، وباقي السند ثقات على شرطهما. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، الأعرج: عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه مسلم "1720" في الأقضية: باب بيان اختلاف المجتهدين، والبيهقي 10/268 عن أمية بن بسطام، بهذا الإسناد.
واخرجه أحمد 2/322، والبخاري "3427"في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ} ، و"6769" في الفرائض: باب إذا ادعت المرأة ابناً، ومسلم "1720"، والنسائي 8/234 - 235 باب حكم الحاكم بعلمهن و236 باب نقض الحاكم ما يحكم به غيره ممن هو مثله أو أجل منهن واليهقي 10/268 من طرق عن أبي الزنادن به.
واخرجه النسائي في القضاء كما في "التحفة" 9/307 من طريق عمران بن حدير، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن نهيكن عن أبي هريرة.
قال الحافظ في "الفتح" 6/535 بعد أن ساق أقوال بعض العلماء في سبب حكم داود في الولد أنه للكبرى: والذي ينبغي أن يقال: إن داود عليه السلام قضى به للكبرى لسبب اقتضى به عنده ترجيح قولها، وإذ لا بينة لواحدة منهمان وكونه لم يعين في الحديث اختصاراً لايلزم منه عدم وقوعه، فيحتمل أن يقال: إن الولد الباقي كان في يد الكبرىن وعجزت الأخرى عن إقامة البينةن قال: وهذا تأويل حسن جار على القواعد الشرعية، وليس في السياق ما يأباه ولا يمنه، فإن قيل: فكيف ساغ لسليمان نقض حكمه، فالجواب أنه لم يعمد إلى نقض الحكمن وإنما بحيلة لطيفة أظهرت ما في نفس =(11/454)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأمر، وذلك انهما لما اخبرتا سليمان بالقصة، فدعا بالسكين ليشقه بينهما، ولم يعزم على ذلك في الباطن، وإنما أراد استكشاف الأمر، فحصل مقصوده لذلك لجزع الصغرى الدال على عظيم الشفقةن ولم يلتفت إلى إقرارها بقولها: هو ابن الكبرى، لأنه علم أنها آثرت حياته، فظهر له من قرينة شفقة الصغرى وعدمها في الكبرى مع ما انضاف إلى ذلك من قرينة الدالة على صدقها، ما هجم به على الحكم للصغرى، ويحتمل أن يكون سليمان عليه السلام ممن يسوع له أن يحكم بعلمه، أو تكون الكبرى في تلك الحالة اعترفت بالحق لما رأت من سليمان الجد والعزم في ذلك. ونظير هذه القصة ما لوحكم على مدع منكر بيمين، فلما مضى ليحلفه من استخرج من المنكر ما اقتضى إقراره بما أراد أن يحلف على جحده، فأنه والحالة هذه يحكم عليه بإقراره سواء كان ذلك قبل اليمين أو بعدها، ولايكون يكون. ذلك من نقض الحكم الأول، ولكن من باب تبدل الأحكام تبدل الأسباب. وقال ابن الجوزي: استنبط سليمان لما رأى الأمر محتملاً فأجاد، كلاهما حكم بالاجتهاد، لأنه لوكان داود بالحكم بالنص لما ساغ لسليمان أن يحكم بخلافه. ودلت هذه القصة على أن الفطنة والفهم موهبة من الله لا تتعلق بكبر سن ولا صغره. وفيه أن الحق جهة واحدة، وأن الأنبياء يسوغ لهم الحكم بالاجتهاد، وإن كان وجود النص ممكناً لديهم بالوحى، لكن في ذلك زيادة في أجورهم، ولعصمتهم من الخطأ في ذلك، إذ يقرون لعصمتهم على الباطل. وقال النووي: إن سليمان فعل ذلك تحيلا على إظهار الحق فكان كما لواعترف المحكوم له. بعد الحكم أن الحق لخصمه. وفيه استعمال الحيل في الأحكام لاستخراج الحقوق، ولا يتأتي ذلك إلا بمزيد الفظنة وممارسة الأحوال.(11/455)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا يُحْكَمُ لِلْمُخْتَلِفِينَ فِي طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْإِمْكَانِ
5067 - أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ بِوَاسِطَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطُّرُقِ، فَدَعُوا سَبْعَةَ أذرع"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وهب بن بقية ويوسف بن عبد الله بن الحارث من رجاله، وباقي السند على شرطهما. خالد الأول: هوخالد بن مهران الحذاء، والثاني والرواي عنه: هو خالد بن عبد الواسطي الطحان.
وأخرجه مسلم "1613" في المساقاة: باب قدر الطريق إذا اختلفوان والبيهقي 6/154، والبغوي والبغوي "2175" من طريق عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/228 عن هشيم، وأخبرنا خالدن عن يوسف أو عن أبيه عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة. والشك من هشيم، فقد رواه غيره عن خالدن عن يوسف عن أبيه فلم شك.
واخرجه الطيالسي "2555"، وابن أبي شيبة 7/255، وأحمد 2/429 و474، وأبو داود "3633" في الأقضية: أبواب من القضاء، والترمذي "1356" في الأحكام: باب إذا تشاجروا وفي قدر الطريق، من طريق المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن بشير بن كعب، عن أبي هريرة. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه الترمذي "1355" من طريق وكيع، عن المثنى بن سعيد، عن قتادة، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، وقال: غير محفوظ، والحديث الذي قبله أصح. وأخرجه البخاري "2473" في المظالم: باب إذا اختلفوا في الطريق الميتاء - وهي الرحبة تكون بين الطريق –ثم يريد أهلها البنيان فترك منها للطريق سبعة أذرع، والبيهقي 6/154 من طريق الزبير بن الخريت، عن عكرمة، عن أبي هريرة.(11/456)
ذِكْرُ مَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِيَيْنِ شَيْئًا مَعْلُومًا مَعَ إِثْبَاتِ الْبَيِّنَةِ لَهُمَا مَعًا عَلَى مَا يَدَّعِيَانِ
5068 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ النَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ رَجُلَيْنِ ادَّعَيَا دَابَّةً، فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ"1. [5: 36]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمةن فمن رجال مسلم. عبد الصمد: هو ابن عبد الوارث.
وأخرجه البيهقي 10/358 عن أبي عبد الله الحافظن عن أبي الوليد، عن عبد الله بن محمد، بهذا الإسناد. وفي آخره: كذا وجدته في كتابي في موضعين، وقد رأيته في "مسند إسحاق" هكذا، إلا أنه ضرب على بشير بن نهيك بعد كتبته بخط قديم.
وأخرجه أبو داود "3618" في الأقضية: باب الرجلين يدعيان شيئاً وليس بينهما بينة، وابن ماجه "2329" في الأحكام: باب الرجلان يدعيان السلعة وليس بينهما بينة، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن خالد بن الحارث، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس، عن أبي رافعن عن أبي هريرة أنه ذكر أن رجلين ادعيا دابة، لم يكن بينهما بينةن فأمرهما النبي صلى الله عليه وسلم أن يستهما على اليمين. وأخرجه أبو داود "3616" من طريق يزيد بن زريعن وابن ماجه "2346" باب القضاء بالقرعة، من طريق عبد الأعلى، كلاهما عن في "التحفة" 6/466 من طريق محمد بن كثير المصيصي، والبيهقي 10/258 من طريق حفص بن عمر الضرير، كلاهما عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن أبي بردة عن أبي موسى، بمثل حديث الباب. قال البيهقي: وكذلك رواه فيما بلغني إسحاق بن إبراهيم، عن النضر شميلن عن حماد بن متصلاً، فعاد الحديث إلى حديث أبي بردة إلا أنه عن قتادة، عن النضر بن أنس غريب.
وأخرجه أيضاً من حديث أبي موسى: أبو داود "3613" و"3614" و"3615"، والنسائي 8/248، وابن ماجه "2330"، والحاكم 4/95، والبيهقي 10/257 و259 من طريق قتادة، عن سعيد بن أبي بردة، والبيهقي 10/257 من طريق قتادة، عن أبي مجلزن كلاهما عن أبي بردة، عنه.
وعن تميمة بن طوفة مرسلا عند البيهقي 10/258 و259.(11/457)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الِانْقِيَادِ لِحُكْمِ اللَّهِ وَإِنْ كَرِهَهُ فِي الظَّاهِرِ
5069 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ مَوْلَى خَالِدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن بن عباس قال: لما نزلت هذه الآية {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [البقرة: 284] دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْهُ مِنْ شَيْءٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُولُوا: سَمِعْنَا(11/458)
وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا" فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} الْآيَةَ، وَقَالَ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} "قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ" {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: 285: - 286] "قال قد فعلت" 1. [3: 64]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أدم بن سليمان فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 1/ 233، ومسلم "126" في الإيمان: باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، والترمذي "2992"في تفسير القرآن: باب ومن سورة البقرة، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 4/391، الطبراني "6457"، والواحدي في "أسباب النزول" ص210 - 211 من طرق عن وكيع بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي هريرة في الجزء الأول برقم "139".(11/459)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَأْخُذَ الْمَرْءُ مَا حَكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ بِالشُّهُودِ إِذَا عَلِمَ ضِدَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَالِقِهِ فِيهِ
5070 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بعض،(11/459)
فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قطعة من النار"1. [2: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو في "الموطأ" 2/719 في الأقضية: باب الترغيب في القضاء بالحق.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/178، والبخاري "2680" في الشهادات: باب من أقام البينة بعد اليمين، و"7169" في الأحكام: باب موعظة الإمام للخصوم، والطحاوي 4/154، والبيهقي 10/143 و149، والبغوي "2506".
وأخرجه أحمد 6/203 و291 - 291 و307، وابن أبي شيبة 7/233، ومسلم "1713" "4" في الأقضية: باب الحكم بالظاهر اللحن بالحجة، والترمذي "1339" في الأحكام: باب ماجاء في التشديد على من يقضى له بشيء ليس له أن يأخذه النسائي 8/233 في آداب القضاة: باب الحكم بالظاهرن وابن ماحه "2317" في الأحكام: باب قضية الحاكم لاتحل الحكم بالظاهر، وابن ماجه "2317" في الأحكام: باب قضية الحكام لاتحل حراماً ولاتحرم حلالاً، الطبراني 23/"906" و"907" وابن الجارود "999"، الدارقطني 4/239، والبيهقي 10/149 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/308، والبخاري "2458" في المظالم: باب إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه، و"7181" في الأحكام باب قضى له بحق أخيه فلا يأخذ، و"7185" باب القضاء في كثير المال وقليلهن ومسلم "1713" "5" و"6"، والطحاوي 4/239، والطبراني 23/"803" و"902" و"902" و"903"، والدارقطني 4/239، والبيهقي 10/143 و149 - 150 من طريقين عن عروة، به.
واخرجه أحمد 6/320، وابن أبي شيبة 7/234، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/154، "ومشكل الآثار"، 1/329 و330، والطبراني 23/"663"، وابن الجارود |"1000" والدارقطني 4/239، والبيهقي 6/66، والبغوي "2508" من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن عبد الله بن رافع، عن أم سلمة بنحوه في حديث طويل.
وأخرجه بنحوه الطبراني 23/"848" من طريق ابن لهيعة، عن يونس بن يزيد، عن الزهرين عن عمرة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة.(11/460)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَخْذِ الْمَرْءِ مَا حِكَمَ لَهُ الْحَاكِمُ إِذَا عَلِمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَالِقِهِ ضِدَّهُ
5071 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ له قطعة من النار"1. [1: 86]
5072 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زينب بنت أبي سلمة
__________
1 إسناده حسن. محمد بن عمرو: روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو حسن الحديث، وباقي السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه أحمد 2/332، وابن أبي شيبة 7/234 - 235، وابن ماجه "2318" في الأحكام: باب قضية الحاكم لاتحل حراماً ولاتحرم حلالاً، عن محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجية "ورقة 147: هذا إسناد صحيح وله شاهد من حديث أم سلمة. قلت: هو الحديث السابق.(11/461)
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، وَلَعَلَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قطعة من النار"1. [2: 4]
__________
1 إسناده صحيح على الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه الحميدي "296"، والبخاري "6967" في الحيل: باب رقم "10"، وأبو داود "3583" في الأقضية: باب في قضاء القاضي إذا أخطأ، والطبراني في "الكبير" 23/"798"، والبيهقي 10/149 من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وانظر "5070".(11/462)
ذِكْرُ مَا يُحْكَمُ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ إِلَّا شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى شَيْءٍ يَدَّعِيهِ
5073 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى باليمين مع الشاهد"1. [5: 36]
__________
1 إسناده صحيح. سهيل بن أبي صالح: روى له البخاري مقروناً واحتج به. مسلم، وأبو الربيع –واسمه سليمان بن داود المري المصري – ورى له أبو داود والنسائين وهو ثقة، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الطحاوي 4/144، وابن الجارود "1007"ن والبيهقي 10/168 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "3611" في الأقضية: باب القضاء باليمين مع الشاهد، والطحاوي 4/144، والبيهقي 10/168 من طرق عن سليمان بن بلال، به.
وأخرجه الشافعي 2/179، وأبو داود "3610"، والترمذي "1343" في الأحكام: باب ما جاء في اليمين مع الشاهد، وابن ماجه "2368" في الأحكام: باب القضاء بالشاهد واليمين، والطحاوي 4/144، والبيهقي 10/168، والبغوي "2503" من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن ربيعة، به. قال الترمذي: حديث حسن غريب.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 6/2355، 6/2355، البيهقي، 10/169، من طريقين عن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وفي الباب عن ابن عباس عند الشافعي 2/178، وأحمد 1/315 و323 و348، مسلم "1712"، وأبي داود "3609"، وابن ماجه "2370" وابن الجارود "1006"، والطحاوي، 4/144، والبيهقي 10/167، والدارقطني 4/214.
وعن جابر عند أحمد 3/305، والترمذي "1344"، وابن ماجه "2369"، وابن الجارود "1008"، والبيهقي 10/170.
وعن سرق عند ابن ماجه "2371"، والبيهقي 10/172، وفيه راوٍ لم يُسم.
وعن سعد بن عبادة عند الشافعي 2/179، وأحمد 5/385، والترمذي "1343"، والدارقطني 4/214، والبيهقي 10/171.
وعن علي عند الدارقطني 4/215، والبيهقي 10/170.(11/462)
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
5074 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التجنيد، أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ،(11/463)
حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ هَذَا قَدْ غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لِأَبِي. فَقَالَ الْكِنْدِيُّ: هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي زَرَعْتُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: "فَلَكَ يَمِينُهُ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ، لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ. قَالَ: "لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ" قَالَ: فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَدْبَرَ: "أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا وَهُوَ عنه معرض"1. [5: 36]
__________
1 إسناده صحيح مسلم، وسماع علقمة من أبيه ثابت خلافاً لما قاله الحافظ في "التقريب".وانظر تعليقنا علي"أعلام النبلاء" 2/573.
وأخرجه مسلم "139" "223" في الإيمان: باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، والترمذي "1340" في الأحكام: باب ما جاء في أن البنيةعلى المدعي واليمين على المدعى عليه، والنسائي في القضاء من "البكرى" كما في "التحفة" 9/86، والبيهقي 10/179، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه مسلم "139"، وأبو داود "3245" في الأيمان والنذور: باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد، و"3623" في الأقضية: باب الرجل يحلف على علمه غاب عنه، والطحاوي في "شرح معاني آثار" 4/148، وفي "مشكل الآثار" 4/248، والبيهقي 10/144 و254 من طرق عن أبي الأحوص، به.
وأخرجه أحمد 4/317، ومسلم "139" 224"، والنسائي في القضاء من "الكبرى كما في "التحفة" 9/86، والطحاوي 4/147، وفي "مشكل الآثار" 4/248، والبيهقي 10/137و261 من طرق عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ علقمة، به.(11/464)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ اسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِي الْأَحْكَامِ
5075 - أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَقَتَادَةَ، وَحُمَيْدٍ وَسِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَعَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: "أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ، فَأَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ ورد أربعة في الرق"1. [5:36]
__________
1 حديث صحيح. وأخرجه البيهقي 10/286 من طريق عبد الأعلى بن حماد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 8/"302" عن عبدان بن أحمد، عن عبد الأعلى بن حماد، عن حماد بن سلمة، سماك بن حرب، وقتادة، وحميد، عن الحسن، عن عمران.
وأخرجه أحمد 4/445، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/175 من طريقين عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه أحمد بن 4/438 و445، ومسلم "1668" في الأيمان: باب من =(11/465)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أعتق شركاً له في عبد، وأبو داود "3961" في العتق: باب فيمن أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث، والطبراني في "الكبير" 18/"358" و359" و"361" و"428" و"429"429" و"430" و"431" من طرق عن ابن سيرين، عن عمران، به وقد تقدم برقم "4320" من طريق الحسن بن عمران.
وأما مرسل سعيد بن المسيب فقد أخرجه أحمد 4/445 عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن عطاء الخراساني، عن سعيد بن عمران.
وأخرج عبد الرزاق "16751"، والشافعي 2/67، ومن طريقه البيهقي10/286 عن ابن جريج قال: أخبرني قيس بن سعد أنه سمع مكحول يقول: سمعت ابن المسيب يقول: أعتقت امرأة أو رجل ستة أعبد لها عند الموت لم يكن لها مال غيرهم، فأتى في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرع بينهم فأعتق ثلثهم. وزاد عبد الرزاق وعطاء يسمع فقال: كنا نقول: يستسعون.
وأخرجه سعيد بن منصور "411" عن سفيان، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول، عن سعيد بن المسيب مثله، لم يذكر فيه عطاء.(11/466)
1 - بَابُ الرِّشْوَةِ
ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اسْتَعْمَلَ الرِّشْوَةَ فِي أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ
5076 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَعَنَ اللَّهُ الراشي والمرتشي في الحكم"1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمربن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فقد روى له أصحاب السنن، وهو مختلف فيه، وهو حسن الحديث، لا يأس به كما قال ابن عدي.
وأخرجه أحمد 387و387 - 388، والترمذي "136" في الأحكام: باب ماجاء في الراشي والمرتشي في الحكم، وابن الجارود "585"، والحاكم 4/103، والخطيب في "تاريخ بغداد" 10/254 من طرق عن أبي عوانة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(11/467)
ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُرْتَشِيَ فِي أَسْبَابِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسْلَكُ تِلْكَ الْأَسْبَابِ تُؤَدِّي إِلَى الْحُكْمِ
5077 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى القطان، عن بن أَبِي ذِئْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَعَنَ اللَّهُ الراشي والمرتشي"1. [2: 109]
__________
1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن خال ابن أبي ذئب، فقد روى له أصحاب السنن، وهو صدوق.
وأخرجه أحمد 2/164 و190 و194 و212، والترمذي "1337" في الأحكام: باب ما جاء في الراشي والمرتشي في حكمن وأبو داود "3080" في الأقضية: باب في كراهية الرشوة، وابن ماجه "2313" في الأحكام: باب التغليظ في الحيف والرشوة، والطيالسي "2276"، وابن الجاورد "586"، والبغوي في "الجعديات" "2864"، والحاكم 4/102 - 103ن والبيهقي 10/138 - 139 من طرق عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيحن وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.(11/468)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اسْمَ الْغُلُولِ قَدْ يَقَعُ على الرشوة وإن لَمْ تَكُنْ مِنَ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ
5078 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي أَرْقَمَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ لَنَا عَمَلًا فَكَتَمَنَا مِنْهُ مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ، فَهُوَ غَالٌّ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَقَامَ رَجُلٌ أَسْوَدُ، كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ أَرَاهُ مِنَ الْأَنْصَارِ، قَالَ: اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "وَمَا ذَاكَ" قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ الَّذِي قُلْتَ. قَالَ: "وَأَنَا أقوله الآن: من استعملناه على عمل، فليجىء بِقَلِيلِهِ، وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ، أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عنه انتهى"1. [3: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير صحابيه عدي الكندي، فهو من رجال مسلم وحده. وأبو خيثمة: وهو بن زهير بن حرب وجرير: وهو ابن عبد الحميد الضبي.
وأخرجه أحمد 4/192ن والحميد "894"، ومسلم "1833" في الإمارة: باب تحريم هدايا العمال، وأبو داود "3581" في الأقضية: باب هدايا العمالن والطبراني 17/"256" و"257"، "257" و"258" و"259" و"290" و"260" و"261"، والبيهقي 4/158 و7/116 و10/138 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 17/"262" من طريق إبراهيم بن مهاجر، عن قيس بن أبي حازم، به.(11/469)
باب الشَّهَادَاتِ
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ إِعْلَامِ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودَ لَهُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ إِذَا جَهِلَ عَلَيْهَا
...
29 - كِتَابُ الشَّهَادَاتِ
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ إِعْلَامِ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودَ لَهُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الشَّهَادَةِ إِذَا جَهِلَ عَلَيْهَا
5079 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ؟ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ، أَوْ يُحَدِّثُهَا قَبْلَ أن يسألها"1. [1:2]
__________
1 حديث صحيح. وهو في "الموطأ" 2/720 في الأقضية: باب ماجاء في الشهادات.
وأخرجه أحمد 4/115 عن إسحاق بن عيسى، والترمذي "2295" في الشهادات: باب ماجاء في الشهداء أيهم خير، عن معن، والنسائي في القضاء من "الكبرى" كما في "التحفة" 3/233 عن ابن القاسم، والمبغوي "2513" عن أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري أربعهم عن مالك.
وقال أبو عمر بن عبد البر - فيما نقله عند الزرقاني في "شرح الموطأ" =(11/470)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 3/387 تعليقاً على قوله قي السند: "عن أبي عمرة الأنصاري": هكذا رواه يحيى، وابن القاسم، وأبو معصب، ومعصب الزبيري. وقال العقني: ومعن بن عيسى "قلت: الذي في الترمذي عن معن، عن مالك فقال: عن أبي عمرة" ويحيى بن بكير، عن ابن أبي عمرةن وكذا قال ابن وهب، وعبد الرزاق، عن مالك، وسمياه فقالا: عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، فرفعا الإشكال، وهو الصواب. وعبد الرحمن هذا من خيار التابعين.
وأخرجه من طريق مالك برواية "ابن أبي عمرة": أحمد 5/193 عن أبي نوح قراد، ومسلم "1719" في الأقضية: باب بيان خير الشهود، عن يحيى بن يحيى، وأبو داود "3569" في قضية: باب في الشهادات، عن ابن وهب، والترمذي "2296" عن عبد الله بن مسلمة القنعنبي، والطبراني "5182" عن القعنبي وعبد الله بن عبد الحكم، وعبد الله بن يوسف، والبيهقي 10/159 عن يحيى بن يحيى بن يحيى، كلهم عنه به.
قال الترمذي: هذا حديث حسنن وأكثر الناس يقولون: عبد الرحمن بن أبي عمرة.
وأختلفوا على في مالك في رواية هذا الحديث، هذا فروي بعضهم عن أبي عمرة، وروى بعضهم عن ابن أبي عمرة، وهو عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، وهذا أصح لأنه قد روي من غير حديث مالك عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، عن زيد بن خالد، وقد روي عن ابن أبي عمرة، عن زيد بن خالد غير هذا الحديث، وهو حديث صحيح أيضاً. وأبو عمرة مولى زيد بن خالد الجهني، وله حديث الغلول، وأكثر الناس يقولون: عبد الرحمن بن أبي عمرة.
وأخرجه أحمد 5/193، والترمذي "2297"، وابن ماجه "2364" في الأحكام: باب الرجل عنده الشهادة لايعلم بها صاحبها، والطبراني "5183"، والبيهقي 10/159 من طرق عن زيد بن الحباب، عن أبي بن عباس بن =(11/471)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= سهل بن سعد الساعدي، عن أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي بن زيد بن خالد.
وأخرجه أحمد 4/116 و117 و 5/192 والطبراني "5184" و"5185" من طريقين عن أبي بكر بن محمد بن عمرو، عن عبد الله بن عمرو بن عثمان، عن زيد بن خالد.
قلت: وقد جاء في الباب ما يعارضه، ففي المفق عليه من حديث عمران بن الحصين: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم"، قال عمران: فلا أدري أقال: بعد قرنه مرتين أو ثلاياً، "ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ولايستشهدون ويحلفون ولايستحلفون".
واختلف أهل العلم في وجه الجمع بين الحديثين. قبل: أراد بخير الشهداء أن يكون عند رجل شهادة لرجل بحق، لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها، أو يموت صاحبها العالم بها ويخلف ورثة، فيأتي الشاهد إليهم أو إلى من يتحدث عنهم فيعلمهم بذلك.
وقوله: "بشهدون ولايستشهدون" أراد إذا كان صاحب الحق عالماً به. فشهد الشاهد قبل الاستشهاد.
وقيل: الأول في ولأمانة تكون لليتيم لايعلم بمكانها غيره فيخبره بما يعلم من ذلك.
وقيل: أراد بالأول سرعة إجابة الشاهد إذا استشهد لا يمنعها ولايؤخرها، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} قال سعيد بن جبير: هو الذي عنده الشهادة، فكل من تحمل شهادة، فدعي لأدائها، ولا عذر له في التخلف، يجب عليه أن يجيب إليه، قال الله سبحانه وتعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}
قيل في قوله: "يشهدون ولايستشهدون" أراد به شهادة الزور، وكذلك =(11/472)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قوله: "يحلفون ولا يستحلفون" أراد أن يحلف على شيء هو فيه آثم بدليل أنه روى في بعض الروايات: "ثم يفشو الكذب".
وقيل: أراد به الشهادات التي يقطع بها على المغيب، فيقال: فلان في الجنة، وفلان في النار، وفيه معنى التألي على الله، وقد زجر عنه.
ويحتمل أن يكون الأول فيما يقبل فيه شهادة الحسبة من الزكوات والكفارات، ورؤية هلال رمضان، والحقوق الواجبة لله سبحانه وتعالى والطلاق والعتاق ونحوها، وقوله: "ويشهدون ويستشهدون" في حقوق العباد، والأقارير، والقصاص، وحد القذف ونحوها، فلا تصح شهادة الشاهد فيه إلا بعد تقدم الدعوى، ومسألة الحاكم شهادته بعد طلب المدعي. "شرح السنة"10/137 - 140.(11/473)
باب الدعوى
أمر النبي صلى الله عليه وسلم من طلب حقا بأن يطلبه في عفاف
...
16 - كِتَابُ الدَّعْوَى
5080 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن يعقوب، قال: حدثنا بن أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ نافع عن بن عُمَرَ، وَعَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ طَلَبَ حَقًّا، فَلْيَطْلُبْهُ فِي عَفَافٍ: وَافٍ أَوْ غَيْرَ وَافٍ"1. [1: 108]
قَالَ أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي عَفَافٍ" شَرْطٌ أُرِيدَ بِهِ الزَّجْرُ عَنْ ضِدِّ العفاف مما لا يحل استعماله.
__________
1 إسناده قوي، رجاله رجال الشيخين غير إبراهيم بن يعقوب، وهو ثقة. روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم، ويحيى بن أيوب: هو الغفقي المصري، وهو وإن كان من رجال الشيخين فيه كلام يزحزحه عن رتبة الصحيح.
وأخرجه ابن ماجه "2421" في الصدقات: باب حسن المطالبة وأخذ الحق في عفاف، والحاكم 2/32، والبيهقي 5/358 من طرق عن ابن مريم، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط البخاري، ووافقه الذهبي، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 153: هذا إسناد صحيح على شرط البخاري.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجه "2422"، والحاكم 2/32 - 33 ولفظه: "خذ حقك في عفاف وافٍ أو غير وافٍ". وفي إسناده عبد الله بن يامين، وهو مجهول الحال، فهو حسن في الشواهد.(11/474)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُمِرَ بِهَذَا الْأَمْرِ
5081 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْكَوْسَجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ: قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مَعْبَدٍ مَوْلَى بن عباس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ، فَقَالَ: "إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ، فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ محمد رَسُولُ اللَّهِ، فَإِذَا أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٍ: خَمْسًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الله وبينه حجاب "1. [1: 108]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبوعاصم: هو الضحاك بن مخلد، وأبو معبد ابن عباس: اسمه نافذ. وقد تقدم تخريجه عند المؤلف برقم "156".(11/475)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ لِلْمُدَّعِي عِنْدَمَا يَدَّعِي مِنَ الْحُقُوقِ عَلَى غَيْرِهِ
5082 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حجاج بن محمد، عن بن جريج أخبرني بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرُزَانِ لَيْسَ مَعَهُمَا فِي الْبَيْتِ غَيْرَهُمَا، فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا قَدْ طُعِنَ فِي بَطْنِ كَفِّهَا بِإِشْفَى خَرَجَ مِنْ ظَهْرِ كَفِّهَا تَقُولُ: طَعَنَتْهَا صَاحِبَتُهَا، وَتُنْكِرُ الْأُخْرَى، فأرسلت إلى بن عَبَّاسٍ فِيهِمَا، فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: لَا تُعْطِي شَيْئًا إِلَّا بِالْبَيِّنَةِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى رِجَالٌ أَمْوَالَ رِجَالٍ وَدِمَاءَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" فَادْعُهَا فَاقْرَأْ عَلَيْهَا الْقُرْآنَ! وَاقْرَأْ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} . [آل عمران: 77] 1 فَفَعَلْتُ، فَاعْتَرَفَتْ. [5: 43]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يوسف بن سعيد، وهو ثقة، روى له النسائي.
وأخرجه عبد الرزاق "15193"، الشافعي 2/181، والبخاري "4552" في التفسير: باب {نَّ الَّإِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ} ، والطبراني "11224" و"11225"، والبيهقي 10/252 من طرق عن ابن جريج بهذا الإسناد. وقرن البيهقي مع ابن جريج في إحدى رواياته عثمان بن الأسود، واختصره بعضهم. وأخرجه الشافعي 2/180، وأحمد 1/343 و351 و356 و363، والبخاري "2514" في الرهن: باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه، و"2668"في الشهادات: باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود، ومسلم "711" "2" في الأقضية: باليمين على المدعى عليه، وأبو داود "3619" في الأقضية: باب في اليمين على المدعى عليه، والترمذي "1342" في الأحكام: باب ماجاء في البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، والنسائي 8/248 في آداب القضاة: باب عظة الحاكم على اليمين، وأبو يعلى "2595"، والطبراني "11223"، والبيهقي، 10/252 من طرق عن ابن أبي مليكة، بهذا الإسناد.
تخزران: أي تخيطان الجلد. والأشفى: هو المخرز، ألة للإسكاف، والجمع الأشافي.(11/476)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عِنْدَ عدم بينة المدعي بما يدعي
5083 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا بن وهب، أخبرني بن جريج، عن بن أبي مليكة عن بن عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى النَّاسُ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المدعى عليه"1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن موهب، وهو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب الرملي، وهو ثقة، روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجة. وأخرجه مسلم "1711" "1"، وابن ماجه "2321" في الأحكام: باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، والدارقطني 4/157، والبيهقي 10/252 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر الحديث السابق.
وقال الإمام ابن القيم في إعلام الموقعين" 1/90: البينة في كلام الله ورسوله وكلام الصحابة: اسم لكك ما يبين الحق، فهي أعم من البينة في اصطلاح الفقهاء حيث خصوها بالشاهدين أو الشاهد واليمين، ولايجوز حجر في الأصطلاح مالم يتضمن حمل كلام الله ورسوله عليه، فيقع بذلك الغلط في فهم النصوص، غير مراد المتكلم منها.(11/477)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِيجَابِ غَضِبِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ أَخَذَ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ
5084 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قال: حدثنا حمد بن وهب ابن أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عن بي عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ قيق بن سلمة ن بن مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حلف على يمين وفِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا، لَقِيَ اللَّهَ وهو غضبان" ونزل صديق ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {أنَّ الِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه} الآية، مر الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ في المسجد، قال: ما يقول: بن أُمِّ عَبْدٍ، فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: صَدَقَ، إِنَّمَا نَزَلَتْ هذه لآية فِيَّ وَفِي صَاحِبِي فِي بِئْرٍ ادَّعَيْتُهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنَّا بَيِّنَةٌ،(11/478)
فَحَلَفَ عَلَيْهَا، فَذَكَرَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم هذا عند ذلك1. [3: 64]
__________
1 إسناده قوي. محمد بن وهب بن أبي كريمة صدوق، روى له النسائي، ومن فوقه ثقات على شرط مسلم. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني، وسليمان: هو ابن مهران الأعمش.
وأخرجه أحمد 1/44 و5/211، والطيالسي "1050"، والبخاري "2356" و"2357" في الشرب والمساقاة: باب الخصومة في بئر والقضاء فيها، و"2673" في الشهادات: باب يحلف المدعى عليه حينما وجبت عليه اليمين....، و"2676" و"2677" في الشهادات: باب قول الله: {أنَّ الِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} ، "4549" و"4550" في التفسير: باب {أنَّ الِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} ، "6659" و"66660" في الأيمان والنذور: باب عهد عزوجل، و"6676" و"6677" باب قول الله تعالى: {إن لِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه} ، و"7183" و"7184" في الأحكام: باب الحكم في البئر ونحوها، ومسلم "138" "220" في الإيمان: باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، وابن ماجه "2323" في الأحكام: باب من حلف على يمن فاجرة ليقتطع بها مالاً، والطبري "7279"، والواحدي في "أسباب النزول" ص72 و73، والبغوي "2500"، وفي "معالم التنزيل" 1/318، والبيهقي 10/44 و178 و253 من طرق عن سليمان الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/51 بترتيب الساعاتي، وأحمد 1/377 و316 و460 و5/211 و212، والطيالسي "262" و"1051"، والطبري "8282"، والبخاري "2515" و"2516" في الرهن: باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه فالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، و"2669" و"2670" وفي الشهادات: باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود، و"6659" و"6660"، و"7183" و"7184"، و"7445" في التوحيد: باب =(11/479)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قول الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ، ومسلم "138" "221"، والطحاوي في "مشكل الأثار "442"، والواحدي ص73، والبيهقي 10/178 و253 و261 من طرق عن شقيق بن سلمة، به.
وأخرجه الواحدي ص72 عن أبي معاوية، عن سفيان، عن الأعمش، وعن عبد الله.
وأخرجه الطبراني "10248" عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود.
وأخرجه أيضاً "10307" عن محمد بن المنتشر، عن مسروق، عن ابن مسعود.(11/480)
بَابُ الِاسْتِحْلَافِ
ذِكْرُ إِيجَابِ غَضِبِ اللَّهِ جَلَّ وعلا للمقتطع شيئاً من مال أخيه باليمين الفاجرة
...
1 - بَابُ الِاسْتِحْلَافِ
ذِكْرُ إِيجَابِ غَضِبِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْمُقْتَطِعِ شَيْئًا مِنْ مَالِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ
5085 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ بِالْمَوْصِلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ كَاذِبًا لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ أَخِيهِ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {أنَّ الِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إِلَى آخِرِ الآية1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن. وهو حديث صحيح. معلى بن مهدي: روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "ثقاته" 9/182 - 183، وقال ابن أبي حاتم 8/335: سألت أبي عنه فقال: شيخ موصلى أدركته ولم أسمع منه، يحدث أحياناً بالحديث المنكر. وقال الذهبي في "الميزان" 4/151: هو من العباد الخيرة، صدوق في نفسه، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عطاء بن السائب، فلم يرو عنه سوى البخاري متابعة، ورواية حماد بن زيد عنه قبل الأختلال. أبو الأحوص: هو عوف بن مالك بن نضلة الجشمي. وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" "10114" من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي الأحوص، به إلا أن رواية حماد بن زيد موقوفة على ابن مسعود. وانظر "59084".
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 343" من طريق سعد بن بكار، عن يزيد بن إبراهيم عن حميد بن هلال، به.
وقوله: على يمين إلى صبر" هو بإضافة يمين إلى صبر، ويمين الصبر: هي التي يحبس الحالف نفسه عليها."شرح النووي "160.(11/481)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا هَذِهِ الْآيَةَ
5086 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ وَهُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ " فَقَالَ الْأَشْعَثُ: فِيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ فَجَحَدَنِي، فَقَدَّمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ قُلْتُ؟ " لَا. قَالَ لِلْيَهُودِيِّ: "احْلِفْ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفُ فَيَذْهَبُ بِمَالِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أنَّ الِذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّه وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} إلى آخر الآية1. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو حيثمة: هو زهير بن حرب ومحمد بن خازم: هو معاوية الضرير، الأعمش: سليمان بن مهران، وشقيق: هو أبو وائل شقيق بن سلمة. وأخرجه أحمد 1/379 و426 و5/211، والبخاري "2416" و"2666" و"2667" في الشهادات: باب سؤال الحاكم المدعي هل لك بينة؟ قبل اليمين، وأبو داود "3243" في الأيمان والنذور: باب ماجاء فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً، والترمذي "1269" في البيوع: باب ماجاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم، وابن ماجه "2323" في الأحكام: باب من حلف على يمين فاجرة ليقتطع بها مالاً، والبيهقي 10/179 - 180و180 من طرق عن أبي معاوية محمد بن خازم، بهذا الإسناد. وانظر "5084" و"5085".
وقال البغوي في "شرح السنة" 10/100: وفي الحديث دليل على أن من ادعى عيناً في يد آخر البينة وهو قول عامة أهل العلم.(11/482)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْجَنَّةَ مَعَ إِيجَابِ النَّارِ لِلْفَاعِلِ الْفِعْلَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ كَانَ الْقَصْدُ فِيهِ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ مِنَ الْأَمْوَالِ
5087 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ" قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا؟ قَالَ: "وإن كان قضيبا من أراك" 1. [2: 109]
__________
1 إسناده جيد. حكيم بن سيف الرقي: روى له أبو داود والنسائي في اليوم =(11/483)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والليلة، وهو صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير العلاء بن عبد الرحمن فمن رجال مسلم، وأبو أمامة صحابي الحديث: هو إياس بن ثعلبة الحارثي الأنصارى.
وأخرجه الطبراني "798" من طريق أبي عبد الرحيم، عن زيد بن أبي أنيسة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك في "الموطأ2/227 في الأقضية: باب ماجاء في الحنث على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، وأحمد 5/260، والدارمي 2/266، ومسلم "137" "218" في الإيمان: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار والنسائي 8/246 في آداب القضاة: باب القضاء في قليل المال وكثيرة، والطبراني "796" و"797"، والبغوي في "شرح السنة" "2507"، وفي "معالم التنزيل" 1/319، والبيهقي 10/179، من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد بن 5/260، والطبراني "800" من طريقين، عن معبد، به.
وأخرجه على يمين فاجرة ليقتطع بها مالاً، والدارمي 2/266، والدولابي في "الكنى والأسماء" في مشكل الآثار" 1/186، والطبراني "799" من طريقين عن محمد بن كعب، عبد الله بن كعب بن بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني "801"، والحاكم 2/294 وصححه، ووافقه الذهبي، من طريقين عن عبد الله بن حمران، عن عبد الحميد بن جعفر، عن عبد الله بن ثعلبة، عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبي أمامة.
وأخرجه النسائي في"الكبرى" كما في "التحفة" 3/8 من طريق عبد الله بن عطية، عن عبد الله بن أنيس، عن أبي أمامة.(11/484)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ فَعَلَ هَذَا الْفِعْلَ لِيُذْهِبَ بِهِ مَالَ أَخِيهِ يَلْقَى رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهُوَ أَجْذَمُ
5088 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرْدُوسٍ التَّغْلِبِيِّ عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من حلف على يمين صَبْرٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ، امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَهُوَ فيها فاجر، لقي الله أجذم"1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن كردوس والتغلبي، ويقال: العثلبي، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "ثقات" 5/343 وقال شيخ، وقد اختلف في اسم أبيه وتعيينه.
وانظر ترجمته في "التهذيب" 8/431 - 432، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد بن 5/212، والحاكم 4/295 وصححه ووافقه الذهبي، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/212و212 - 213، وأبو داود "3244" في الأيمان والنذور: باب فيمن حلف يميناً ليقتطع بها مالاً لأحد، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/87، والطبراني "637"، والبيهقي 10/180، وابن الجارود "1005" من طرق عن الحارث بن سليمان، به.
وأخرجه الطبراني "639"، والحاكم 4/295 من طريقين عن الشعبي، عن الأشعث بلفظ: "من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقى الله تعالى يوم القيامة وهو مجتمع عليه غضباً، عفا الله عنه أو عاقبه" اللفظ للحاكمن وقال: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطبراني "644" من طريق محمد بن يحيى بن سعيد بن العاص، قيس بن محمد بن الأشعث، عن الأشعث.(11/485)
2 - بَابُ عُقُوبَةِ الْمَاطِلِ
ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ الْمَاطِلِ إِذَا كَانَ غَنِيًّا لِلْعُقُوبَةِ فِي النَّفْسِ وَالْعَرَضِ لِمَطْلِهِ
5089 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَبْرُ بْنُ أَبِي دُلَيْلَةَ الطَّائِفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مُسَيْكَةَ - وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا - عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لِي الْوَاجِدُ يُحِلُّ عِرْضُهُ وعقوبته"1. [2: 2]
__________
1 إسناده حسن، محمد بن ميمون: هو محمد بن عبد الله بن ميمون بن مسيكة الطائفي، نسبة المؤلف هنا إلى جده، أثنى عليه وبر بن أبي دليلة خيراً كما في سند المؤلف، وقال أبو حاتم: روى عنه الطائفيون، وذكره المؤلف في "الثقات"7/370، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي 7/316 - 317 في البيوع: باب مطل الغنى، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/222 و388، وابن ماجه "2427" في الصدقات: باب الحبس في الدين والملازمةن عن وكيع، به.
وأخرجه أحمد 4/389، والطحاوي في "مشكل الأثار" 1/413، والطبراني "7249"، والحاكم 4/102، والبيهقي 6/51 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلدن وأبو داود "3628" في الأقضية: باب في الحبس في الدين وغيره، والنسائي 7/316، والبيهقي من طريق عبد الله بن المبارك، والطبراني "7250"، والبيهقي 6/51 من طريق سفيان، ثلاثتهم عن وبر بن أبي دليلة، به ورواية سفيان عند البيهقي: "عن وبر بن أبي دليلة عن فلان بن فلان" وسماه البيهقي محمد بن عبد الله بن ميمون بن مسيكة وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وعلقه البخاري في "صحيحه" 5/61 في "الاستقراض" باب لصاحب الحق مقال، فقال: ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لي الواجد يجل عقوبته وعرضه" قال الحافظ: وصله أحمد، وإسحاق في مسنديهما"، وأبو داود، النسائي من حديث عمرو بن الشريد بن أوس الثقفي، عن أبيه بلفظه، وإسناده حسن، وذكر الطبراني الطبراني: أنه لايروي إلا بهذا الإسناد.
وللي: المطلن يقال: لواه غريمة بدينه يلويه لياً، وأصله: لوياً، فأدغمت الواو في الياء، وأورد بعرضه لومه وذمة، ووصفه بسوء القضاء، وبعقوبة: حبسه.(11/486)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا اسْتَحَقَّ مَنْ وَصَفْنَا مَا ذَكَرْتُ
5090 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ"1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وقد تقديم برقم "5053".(11/487)
باب الصُّلْحِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُخَالِفِ الْكِتَابَ أَوِ السُّنَّةَ أو الإجماع
...
17 - كِتَابُ الصُّلْحِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُخَالِفِ الْكِتَابَ أَوِ السُّنَّةَ أَوِ الْإِجْمَاعَ
5091 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَتْحِ السِّمْسَارُ بِسَمَرْقَنْدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّاطَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَوْ حرم حلالا"1. [3: 66]
__________
1 إسناده حسن. كثير بن زيد: هو الأسلمي، مختلف فيه، وهو حسن الحديث لابأس به. وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير الوليد بن رباحن وهو صدوق.
والطاطري: نسبة لمن يبيع الكرابيس والثياب البيض بمصر ودمشق.
وأخرجه أبو داود "3594" في الأقضية: باب في الصلح، والبيهقي. 6/65 عن أحمد بن عبد الواحد، عن مروان بن محمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/366، وأبو داود "3594"، والدارقطني 3/27، والحاكم 2/49، والبيهقي 6/64 من طريقين عن سليمان بن بلالن به. وبعضهم يزيد فيه على بعض ولم يذكر فيه الحاكم شيئاً، وقال الذهبي: ولم يصححه، وكثير ضعفه النسائي ومشاة غيره.
وأخرجه ابن الجاورد "638"، والبيهقي 6/63 و79، من طريقين عن كثير بن زيد به.
وأخرجه الدارقطني 3/27، والحاكم 2/50 من طريق عبد الله بن الحسين المصيصي، عن عفان، عن حماد بن زيد عن ثابت، عن أبي رافع، عن أبي هريرة. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين وهو معروف بعبد الله بن الحسين المصيصي، وهوثقة، وتعقبه الذهبي بقوله: قلت قال: ابن حبان: يسرق الحديث.(11/488)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ إِصْلَاحِ ذَاتِ الْبَيِّنِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
5092 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ؟ " قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "إِصْلَاحُ ذَاتِ البين، وفساد ذات البين هي الحالقة" 1. [3: 53]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه أحمد 6/444 - 445، وأبو داود "4919" في الأدب: باب إصلاح ذات البينن والترمذي "2509" في صفة الجنة: باب سوء ذات البين هي الحالقةن والبخاري في"الأدب المفرد" "391"، والبغوي "3538" من طرق عن أبي معاوية، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث صحيحن ويروي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: "وهي الحالقة لا أقول تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين".
قال البغوي: وأورد بفساد ذات البين: العدواة البغضاء.(11/489)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جل وعلا: {و َأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}
5093 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ، قَالَ: سَمِعْتُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَتَى مَكَانَ كَذَا وَكَذَا، أَوْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا" فَتَسَارَعَ إِلَيْهِ الشُّبَّانُ، وَبَقِيَ الشُّيُوخُ تَحْتَ الرَّايَاتِ، فَلَمَّا فتح الله عليهم، جاؤوا يَطْلُبُونَ مَا قَدْ جَعَلَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمُ الْأَشْيَاخُ: لَا تَذْهَبُونَ بِهِ دُونَنَا، فَإِنَّا كُنَّا رِدْءًا لَكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} [الأنفال: 1] 1. [3: 64]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. معتمر: هو ابن سليمان.
وأخرجه الطبراني "15650" عن محمد بن عبد الأعلى، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في التفسير من "الكبري" كما في "التحفة" 5/132، والحاكم 2/326 - 327، والبيهقي 6/315 و315 - 316 من طريقين عن المعتمرين بن سليمان، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/356ن وأبو داود "2737"و"2738" و"2739" في الجهاد: باب في النفل، والطبري "15651" و"15652"، والبيهقي 6/292، وفي "دلائل النبوة" 3/135، والحاكم 2/131 - 132 من طرق عن داود بن أبي هند، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.(11/490)
18 - كِتَابُ الْعَارِيَةِ
ذِكْرُ حُكْمِ الْعَارِيَةِ وَالْمِنْحَةِ
5094 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَلِيحٍ الْبَهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ حُرَيْثٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ، وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ، وَمَنْ وَجَدَ لِقْحَةً مُصَرَّاةً، فَلَا يحل له صرارها حتى يريها"1. [3: 66]
__________
1 إسناده قوي، حاتم بن حريث الطائين روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره الؤلف في "الثقات"، وقال ابن عدي: لابأس به، وقال ابن سعد: كان معروفاً. وقول يحيى بن معين فيه: لاأعرف رده عليه عثمان بن سعيد الدارمي بقوله: شامي ثقة، وبهذا النقول يتبين لك أن قول الحافظ فيه: مقبولن غير مقبولن وباقي رجاله ثقات.
وأبو أمامة: هوصدى بن عجلان الباهلي.
وأخرجه النسائي في العارية من "الكبرى" كما في "التحفة" 4/161 عن عمرو بن منصور عن الهيثم بن خارجة، بهذا الإسناد، دون قوله: "ومن وجد لقحه مصراة....". =(11/491)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه كذلك الطبراني "7637" من طريق هشام بن عمار، عن الجراح بن مليح البهراني، به.
وأخرجه أحمد 5/267، وعبد الرزاق "14796" و"16308"، والطيالسي "1128"، وأبو داود "3565" في البيوع والإجارات: باب في تضمين العارية، والترمذي "1265" في البيوع: باب ماجاء في أن العارية مؤداة، و"2120" في الوصايا: باب ماجاء لاوصية لوارث، وابن ماجه "2398" في الصدقات: باب العارية، والطبراني "7615" "7621" والبيهقي 6/88، والبغوي "2162" من طرق عن إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة بلفظ: "العارية مؤداة، والمنحة مردودة، والدين مقضي، والزعيم غارم"، وشرحبيل بن مسلم وإن كان فيه لين فقد تابعه صفوان الأصم الطائي عند الطبراني، وحاتم بن حريث في حديث الباب وغيرهما.
وأخرجه الطبراني "7647" من طريق خراش، و"7648" من طريق أبي عامر الهوزني، كلاهما عن أبي أمامة.
وله شاهد عند أحمد 5/293 من طريق ابن مبارك، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن سعيد بن أبي سعيد، عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره، وهذا إسناد صحيح.
ويشهد لقوله: "العارية مؤداة" حديث يعلى بن أمية المتقدم برقم "4720"
وقال البغوي: واختلف أهل العلم في ضمان العارية، فذهب جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى أنها مضمونة على المستعير، روى ذلك عن ابن عباس وأبي هريرةن وهوقول عطاء، وبه قال الشافعي وأحمد "قلت: وقال أحمد في رواية: إن شرط المعير الضمان كانت مضمونة، والإفهي أمانة". وذهب جماعة إلى أنها أمانة في يد المستعير إلا أن يعتدى فيها فيضمن بالتعدي، يروي ذلك عن على وابن مسعودن وهو قول شريح، والحسن، وإبراهيم النخعي، وبه قال سفيان الثوري، وأصحاب الرأي، وإسحاق بن راهويه، وقال مالك: إن ظهر هلاكه، ولم يضمن وإن خفى هلاكه، ضمن
واتفقوا على أن من استأجر عيناً للانتفاع أنها لاتكون مضمونة عليه إلا أن يتعدى فيضمن.
وقوله: "المنحة مردودة" فالمنحة: مايمنح الرجل صاحبه من أرض يرزعها مدةن وأو شاة يشرب درها أو شجرة يأكل ثمرها، ثم يردها، فتكون منفعتها لهن والأصل في حكم العارية عليه ردهان وأجزاء العارية إذا تلفت بالاستعمال لايجب ضمانها، لأنها ماذون في إتلافها.
واللقحة –بكسر اللام وفتحها -: الناقة القريبة العهد بالنتاج، والجمع لقح.
المصراة: الناقة أو البقرة أو المشاة يصري اللبن في ضرعها، أي: يجمع ويحبسن ومن عادة العرب أن تصر ضروع الحلوبات إذا أرسلوها إلى المرعى سارحة، ويسمون ذلك الرباط صراراً، فإذا راحت عشياً، حلت تلك الأصرةن وحلبت.
وقوله: "حتى يريها" كذا الأصل و"التقاسيم" 3/303، وفي الطبراني و "الجامع الكبير": حتى يردها.(11/492)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِلْمَانِحِ الْمَنِيحَةَ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَطَلَبَ الثَّوَابِ
5095 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ(11/493)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَرْبَعُونَ حَسَنَةً أَعْلَاهُنَّ مِنْحَةُ الْعَنْزِ، لَا يَعْمَلُ عَبْدٌ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا، وَتَصْدِيقًا بِمَوْعُودِهَا، إِلَّا أدخله الله الجنة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي كبشة السلولي، فمن رجال البخاري. الوليد: هو ابن مسلم، وقد صرح بالتحديث، والأوزاعي: هو عبد الرحمن بن عمرو.
وأخرجه أحمد 2/160 عن الوليد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/194 و196، والبخاري "2631" في الهبة: باب فضل المنيحة، وأبو داود "1683"في الزكاة: باب في المنيحة، والحاكم 4/234، والبيهقي 184، والبغوي "1664" من طرق عن الأوزاعي، به قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!(11/494)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمَانِحِ الْمَنِيحَةَ وَالْهَادِي الزُّقَاقَ بِكَتْبِهِ أَجْرَ نَسَمَةٍ لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا
5096 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ السَّخْتِيَانِيُّ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ زُبَيْدًا الْإِيَامِيَّ، يُحَدِّثُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من منح منيحة، أو سقى لبنا، أو هدى1 زُقَاقًا، كَانَ لَهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ نَسَمَةٍ"2. [. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .]
__________
1 في الأصل: "أهدى"، والمثبت من "التقاسيم" 1/لوحة 137.
2 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين عير شيبان بن أبي شيبة، فمن رجال مسلم، وعبد الرحمن بن عوسجة، روى له أصحاب السنن. =(11/494)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أحمد 4/285 و296 و300 و304 والترمذي "1957" والبر والصلة: باب ماجاء في المنحة، والخطابي في "غريب الحديث" 1/728، والبغوي "1663" من طرق عن طلحة بن مصرفن بهذا الأسناد.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 4/286 - 287 من طريق قنان بن عبد الله النهمي عن عبد الرحمن بن عوسجة، به.
وفي باب من حديث النعمان بن بشير أخرجه أحمد 4/272، وإسناده حسن على شرط مسلم.
وقوله: "هدى زقاقاً": الزقاق - بالضم -: الطريق يريد من دل الضال أو الأعمى على طريقه. وقيل: أراد من "هدى" بالتشديد، أي أهدى وتصدق بزقاق من النخلن وهي السكة منها.
قال ابن الأثير: والأول أشبهن لأن "أهدى" من الهداية، لا من الهدية.(11/495)
كتاب الهبة
باب في أحكام الهبة
مدخل
...
19 - كِتَابُ الْهِبَةِ
5097 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ بن شِهَابٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَحُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ جَاءَ1 إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا هَذَا الْعَبْدَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ هَذَا؟ " قال: لا. قال: "فاردده"2. [1: 88]
__________
1 وقع هنا في الأصل و"التقاسيم" 1/56 بعد قوله: "جاء": النعمان بن بشير ولا معنى لها.
2 إسناده صحيح على شرطهما. والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة، وحميد بن عبد الرحمن: هو ابن عوف الزهري المدني.
وأخرجه مسلم "1623" "11" في الهبات: باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة، من طريقين عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/268 و270 - 270، ومسلم "1623" و"10" و"11"، وعبد الرزاق "16491" و"16492" و"16493"، والحميدي "922"، وابن أبي شيبة 11/220، والترمذي "1367" في الأحكام: باب ماجاء في النحل والتسوية بين الولد، والنسائي 6/258 و258 - 259 في أول كتاب النحل، وابن ماجه "2376" في الهبات: باب الرجل ينح ولده =(11/496)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والدارقطني 3/42، وابن الجارود "991"، والطحاوي 4/84 و87، والبيهقي 6/176 و178 من طرق عن ابن شهاب، به.
وبشر بن سعد والد النعمان: هو ابن ثعلبة بن الجلاس الخزرجي، صحابي شهير من أهل بدر، وشهد غيرها، ومات في خلافة أبي بكر سنة ثلاث عشرة، ويقال أنه أول من بايع أبا بكر من الأنصار، وقيل: عاش إلى خلافة عمر.
وأخرجه 4/268، ومسلم "1623" "12"، وأبو داود "3543" في البيوع والإجارات: باب في الرجل يفضل بعض ولده في النُحل والنسائي 6/259 من طريقين عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النعمان، به وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح وقد روى من غير وجه عن النعمان بن بشيرن والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
وقال البغوي في "شرح السنة" 8/297: واختلف أهل العلم في تفضيل بعض اولاد على بعض في النُحل، فذهب قوم إلى أنه كروه، ولوفعل، نفذ، وهو قول مالك، والشافعين وأصحاب الرأي. قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يعدلوا بين أولادهم حتى في القُبل. وذهب قوم إلى أنه لايجوز التفضيلن ويجب التسوية بين الذكور والإناث، ولو فضل لاينفذن وهو قول طاووس، وبه قال داود، ولم يجوز سفيان الثوري. وذهب قوم إلى التسوية بين الأولاد أن يعطي الذكور مثل حظ الأنثيين، فإن سوى بينهمان أو فضل بعض الذكور على بعضن أو بعض الإناث على بعض، ولم ينفذ، وبه قال شريح، وهو قول أحمد "قلت: وله ورواية تنص على أنه يجوز التفاضل إن كان له سبب كأن يحتاج الولد لزمانته ودينه نحوذلك دون الباقين"
وإسحاق، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم: "إني لا أشهد على جور" والجور مردود.(11/497)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5099 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ فِطْرٍ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ: انْطَلَقَ بِي أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى عَطِيَّةٍ أَعْطَانِيهَا، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ بَنُونَ سِوَاهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: "سَوِّ بينهم"1. [1: 88]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير فِطرن وهوابن خليفة، فقد روى له البخاري حديثاً واحداً قرنه بغيره، وروى له أصحاب السنن.
عبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه النسائي 6/262 عن محمد بن حاتم، عن حبان بن موسى، بهذا الإسناد.(11/499)
ذِكْرُ لَفْظَةٍ أَوْهَمَتْ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الْإِيثَارَ فِي النَّحْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ جَائِزٌ
5100 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ عن بن شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟ " فَقَالَ: لَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فارجعه"1. [1: 88]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 2/751 - 752 في الأقضية: باب مالا يجوز من النحل.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري "2586" في الهبة: باب الهبة للولدن ومسلم "1623" "9"، والنسائي 6/258، والطحاوي 4/84ن والبغوي "2202"، والبيهقي 6/176. قلت: وقد احتج من قال بكراهية التفضيل وأنه لو فعل نفذ بقوله: "فارجعه" لأنه لولم يكن نافذاً لما احتاج إلى الرجوع، قال الحافظ: وفي الاحتجاج بذلك نظر، والذي يظهر أن معنى قوله: "فارجعه" أي: لاتمض الهبة المذكورة، ولايلزم من ذلك تقدم صحة الهبة.(11/499)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَارْجِعْهُ" أَرَادَ بِهِ لَأَنَّهُ غَيْرُ الْحَقِّ
5101 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَتِ: امْرَأَةُ بَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِي هَذَا غُلَامًا، وَأَشْهِدْ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال - يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "أَلَهُ إِخْوَةٌ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتُهُ؟ " فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: "لَا يَصْلُحُ هَذَا، وَإِنِّي لَا أَشْهَدُ إلا على الحق"1. [1: 88]
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابي الزبير، فقد روى له البخاري مقروناً، واحتج به مسلم وغيره.
وأخرجه أبو داود "3545" في البيوع والإجارات: باب في الرجل يفضل بعض ولده في النُحل، وعن محمد بن رافع، يحيى بن آدم، بهذا الإسناد، وأخرجه أحمد 3/326، ومسلم "1624" في الهبات: باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، والطحاوي 4/87، والبيهقي 6/177 من طرقن عن زهير بن معاوية. به.(11/500)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِنَفْيِ جَوَازِ الْإِيثَارِ فِي النَّحْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ
5102 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنَّ أَبَاهُ أَعْطَاهُ غُلَامًا، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ " قَالَ: غُلَامٌ أَعْطَانِيهِ أَبِي. قَالَ: "فَكُلُّ إِخْوَتِكَ أَعْطَاهُ كَمَا أَعْطَاكَ؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: "فَارْدُدْهُ" وَقَالَ لِأَبِيهِ: "لَا تُشْهِدْنِي على جور"1. [1: 88]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هوابن عبد الحميد الضبي، وعاصم: هو ابن سليمان الأحوال، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه مسلم "1623" "16" في الهبات: باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة، والدارقطني 3/42 من طريقين عن جرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه عب الرزاق "16494"، والطيالسي "789"، وأحمد 4/270 و273، وابن أبي شيبة 11/219 - 220، الحميدي "919"، والبخاري "2587" في الهبة: باب الإشهاد في الهبة، ومسلم"1623" "13" و"18" وأبو داود "3542" في البيوع ولإجازات: باب في الرجل يفضل بعض ولده في النحل، والدارقطني 3/42، والطحاوي 4/86، والبيهقي 6/176 و177 و178 من طرق عامر الشعبي به.(11/502)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْإِيثَارَ بَيْنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ جَائِزٍ فِي النَّحْلِ
5103 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ، فَالْتَوَى بِهِ سَنَةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ، فَوَهَبَهَا لِي، وَإِنَّهَا قَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا بِنْتَ رَوَاحَةَ قَاتَلَتْنِي مُنْذُ سَنَةٍ عَلَى بَعْضِ مَوْهِبَةٍ لِابْنِي هَذَا، وَقَدْ بَدَا لِي، فَوَهَبْتُهَا لَهُ، وَقَدْ أَعْجَبَهَا أَنْ تُشْهِدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: "يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "لَا تُشْهِدْنِي على جور"1. [1: 88]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله: هو ابن المبارك، وأبو حيان التيمي: اسمه يحيى بن سعيد بن حيان.
وأخرجه البخاري "2650" في الشهادات: باب لايشهد على شهادة جور إذا أشهد، البيهقي 6/176، عن عبد الله بن عثمان عبدان، عن عبد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/268، وابن أبي شيبة 11/220، ومسلم "1623" "14" في الهبات: باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة، والنسائي 6/260 في أول كتاب النحل، من طرق عن أبي حيان التيمي، به.(11/502)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْإِيثَارَ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي النَّحْلِ حَيْفٌ غَيْرُ جَائِزِ اسْتِعْمَالُهُ
5104 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: طَلَبَتْ عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ إِلَى بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ أَنْ يَنْحِلَنِيَ نَحْلًا مِنْ مَالِهِ، وَإِنَّهُ أَبَى عَلَيْهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ بَعْدَ حَوْلٍ أَوْ حَوْلَيْنِ أَنْ يَنْحَلَنِيهِ، فَقَالَ لَهَا: الَّذِي سَأَلْتِ لِابْنِي كُنْتُ مَنَعْتُكِ، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أَنْحَلَهُ إِيَّاهُ. قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ، لَا أَرْضَى حَتَّى تَأْخُذَ بِيَدِهِ، فَتَنْطَلِقَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتُشْهِدَهُ قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي، فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَّ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكَ مَعَهُ وَلَدٌ غَيْرَهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: "فَهَلْ آتَيْتَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي آتَيْتَ هَذَا؟ " قَالَ: لَا. قَالَ: "فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى هَذَا، هَذَا جَوْرٌ، أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي، اعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي النَّحْلِ، كَمَا تُحِبُّونَ أَنْ يَعْدِلُوا بَيْنَكُمْ فِي الْبِرِّ واللطف"1. [1: 88]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبين ومغيرة: هو ابن مقسم الضبي.
وأخرجه البيهقي 6/178 عن أبي الربيعن عن جرير، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 4/270، وأبو داود 3542" في البيوع والإجازات: في الرجل يفضل بعض ولده في النحل، عن هشيم، عن مغيرة, به.(11/503)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي"1 أَرَادَ بِهِ الْإِعْلَامَ بِنَفْيِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الْفِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ لَوْ فَعَلَهُ، فَزَجَرَ عَنِ الشَّيْءِ بِلَفْظِ الْأَمْرِ بِضِدِّهِ، كَمَا قَالَ لِعَائِشَةَ: "اشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلَاءَ، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لمن اعتق"2.
__________
1 وقال الإمام ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" 5/192 - 193: قوله: "وأشهد على هذا غيري" ليس بإذن قطعاً، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لايأذن في الجور، وفيما لا يصلح، وفي الباطل، فإنه قال: "إني لاأشهد إلا على حق" فدل ذلك على أن الذي فعله أبو النعمان لم يكن حقاً، فهو باطل قطعاً، فقوله إذن: "أشهد على هذا غيري" حجة في التحريم، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} ، وقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا لم تستح فاصنع ماشئت" أي: الشهادة على هذا ليست من شأني، ولاتنبغي لي، وإنما هي من شأن من يشهد على الجور والباطل وما لا يصلح، وهذا في غاية الوضوح.
2 سيرد الحديث عند المصنف برقم "5115" و"5120".(11/504)
ذِكْرُ خَبَرٍ رَابِعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِيثَارَ فِي النَّحْلِ مِنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ جَائِزٍ
5105 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن المغيرة ختن بن الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَامِرٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ رَوَاحَةَ أَرَادَتْنِي أَنْ أَتَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهَا بِصَدَقَةٍ، وَأَمَرَتْنِي أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكَ بَنُونَ سِوَاهُ"؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَكُلُّهُمْ أَعْطَيْتَهُمْ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ هَذَا؟ ". قَالَ لَا:. قَالَ: "فَلَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ"1.
__________
1 حديث صحيح، عمرو بن صالح: ذكره المؤلف في ثقة 8/486 وقال: عمروبن صالح الصائغ المروزي أبو حفص، ويروي عن ابن المبارك، حدثنا عنه الحسن بن سفيانن وعبد الله بن محمودن وإبراهيم بن المغيرة: ذكره الؤلف في "ثقاته" 6/25 وقال: يروي عن الأعمش ومسعرن روى عنه عمرو بن صالح المراوزةن وأولاده وأورده ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/136 وقال: ختن علي بن الحسين بن واقدن وكلاهما متابعن ومن فوقهما ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه مسلم "1623" "15" في الهبات: باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبةن عن ابن نميرن عن أبيه عن إسماعيل، بهذا الإسناد.(11/505)
ذِكْرُ خَبَرٍ خَامِسٍ يُصَرِّحُ بِتَرْكِ اسْتِعْمَالِ الْإِيثَارِ لِلْمَرْءِ فِي النَّحْلِ بَيْنَ وَلَدِهِ
5106 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: إِنَّ أَبِي نَحَلَنِي كَذَا وَكَذَا، فَأَتَى بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليشهده، فَقَالَ: "أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَ؟ " فَقَالَ: لَا. فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أشهد على هذاغيري، هَذَا جَوْرٌ" ثُمَّ قَالَ: "أَتُحِبُّونَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟ " قَالَ: نَعَمْ قَالَ: "فَلَا إذا"1. [1: 88]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلمن رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود بن أبي هند، فمن رجال مسلم. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن علية.
وأخرجه مسلم "1623" "17" عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/269 و270، ومسلم "1623" "17"، وأبو داود "3542" في البيوع والإجارات: باب في الرجل يفضل بعض ولده في النحلن والنسائي 6/259 و260 في أول كتاب النحل، وابن ماجه "2375" في الهبات: باب الرجل ينحل ولدهن والطحاوي 4/86، وابن الجارود "992" والدارقطني 3/42، والبيهقي 6/177 من طرق عن داود بن أبي هند، به.(11/506)
ذِكْرُ خَبَرٍ سَادِسٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْإِيثَارَ فِي النَّحْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ جَائِزٍ
5107 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ، عَنْ أَبِي حَرِيزٍ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُ أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: إِنَّ وَالِدِي بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ رَوَاحَةَ نُفِسَتْ بِغُلَامٍ، وَإِنِّي سَمَّيْتُهُ: نُعْمَانَ، وَإِنَّهَا أَبَتْ أن تربيه وحتى جَعَلْتُ لَهُ حَدِيقَةً لِي، أَفْضَلَ مَالِي هُوَ، وَإِنَّهَا قَالَتْ: أَشْهِدِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم علىلك. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَلْ لَكَ وَلَدٌ غَيْرَهُ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "لَا تُشْهِدْنِي إِلَّا عَلَى عَدْلٍ فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ"1. [1: 88]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ الله تعالى عَنْهُ: تَبَايُنُ الْأَلْفَاظِ فِي قِصَّةِ النَّحْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَدْ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الْخَبَرَ فِيهِ تَضَادٌّ وَتَهَاتُرٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ النَّحْلَ مِنْ بَشِيرٍ لِابْنِهِ كَانَ فِي مَوْضِعَيْنِ مُتَبَايِنَيْنِ، وَذَاكَ أَنَّ أَوَّلَ مَا وَلَدُ النُّعْمَانُ أَبَتْ عَمْرَةُ أَنْ تُرَبِّيَهُ حَتَّى يَجْعَلَ لَهُ بَشِيرٌ حَدِيقَةً، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَأَرَادَ الْإِشْهَادَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُشْهِدْنِي إِلَّا عَلَى عَدْلٍ، فَإِنِّي لَا أشهد على جور" على ما في
__________
1 أبو حريز –بوزن عظيم -: اسمه عبد الله بن الحسين الأزدي، مختلف فيه، وثقه أبو زرعة، وابن معين في رواية ابن أبي خيثمة، والمؤلف، وقال وأبو حاتم: حسن الحديث، ليس بمنكر الحديث، يكتب حديثه، وضعفه النسائي، وابن معين في رواية معاوية بن صالح، وقال ابن عدي: عامة مايروية لايتابعه عليه احد وقال الجوزجاني: غير محمود في الحديث، وقال الدارقطني: يعتبر به وقال الذهبي في "الكاشف": مختلف فيه، وقد وثق، وقال الحافظ في "التقريب" صدوق يخطئ.
قلت: وقد خالف في هذا الحديث من هو أوثق منه في نوع العطية وزمنها، فجعل العطية حديقة، وجعل زمنها الولادةن بينما الروايات المقدمة –وكلها صحيحة تنص على أن العطية كانت غلاماً، وأنها حصلت والنعمان بن بشير غلام.
والجميع بين الروايتين كما فعل المؤلف وغيره إنما يصار إليه إذا كانتا في الصحة في مرتبة واحدةن وهذا مفقود هنان فالصواب تضعيف هذه الرواية بأبي حريز والاعتماد على الروايات السابقة التي وراها الثقات.(11/507)
خَبَرِ أَبِي حَرِيزٍ، تُصَرِّحُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ أَنَّ الْحَيْفَ فِي النَّحْلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ غَيْرُ جَائِزٍ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّبِيِّ مُدَّةٌ، قَالَتْ عَمْرَةُ لِبَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِي هَذَا فَالْتَوَى1 عَلَيْهِ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، عَلَى مَا فِي خَبَرِ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ وَالْمُغِيرَةِ عَنِ الشَّعْبِيِّ، فَنَحَلَهُ غُلَامًا، فَلَمَّا جَاءَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ قَالَ: "لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ"، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ النُّعْمَانُ قَدْ نَسِيَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ، أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّهُ قَدْ نُسِخَ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ" فِي الْكَرَّةِ الثَّانِيَةِ، زِيَادَةُ تَأْكِيدٍ فِي نَفْيِ جَوَازِهِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ النَّحْلَ فِي الْغُلَامِ لِلنُّعْمَانِ كَانَ ذَلِكَ وَالنُّعْمَانُ مُتَرَعْرِعٌ، أَنَّ فِيَ خَبَرِ عَاصِمٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "مَا هَذَا الْغُلَامُ؟ " قَالَ: غُلَامٌ أَعْطَانِيهِ أَبِي، فَدَلَّتْكَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ عَلَى أَنَّ هَذَا النُّحْلَ غَيْرَ النُّحْلِ الَّذِي فِي خَبَرِ أَبِي حَرِيزٍ فِي الْحَدِيقَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ امْتِنَاعِ عَمْرَةَ عَنْ تَرْبِيَةِ النُّعْمَانِ عِنْدَمَا وَلَدَتْهُ، ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَخْبَارَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَتَضَادُّ وَتَهَاتَرُ، وَأَبُو حَرِيزٍ كَانَ قَاضِيَ سِجِسْتَانَ2.
__________
1 أي: مطل.
2 لخص الحافظ في "الفتح" 5/212 جمع المؤلف هذا، فقال: وجمع ابن حبان بين الروايتين بالجمل على واقعتين، إحدهما عند ولادة النعمان، وكانت العطية حديقة، والأخرى بعد أن كبر النعمان، وكانت العطية عبداً. قال والحافظ: وهو جمع لابأس به إلا أنه يعكر عليه أنه يبعد أن ينسى بشير بن سعد مع جلالته الحكم في المسألة حتى يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فستشهده على العطية الثانية بعد أن قال له في الأولى: "لااشهد على جور" وجوزابن حبان أن يكون بشير ظن الحكم، نسخ الحكمن قال غيره: يحتمل أن يكون حمل الأمر الأول على كراهة التنزيه، أو ظن أنه لايلزم من الامتناع في الحديقة الامتناع في العبد، لأنه ثمن الحديقة في الأغلب أكثر من ثمن العبد. ثم ظهر لي أن وجه آخر من الجمع يسلم من هذا الخدشن ولايحتاج إلى جوابن وهو أن عمرة لما امتنعت من تربيته إلا أن يهب له شيئاً يخصه به وهبه الحديقة المذكورة تطيباً لخاطرهان ثم بدا له فارتجعهان لأنه لم يقبضها منه أحد غيرهن فعارودته عمرة في ذلك، فمطلها سنة أو سنتين، ثم طابت نفسه أن يهب له بدل الحديقة غلاماًن ورضيت عمرة بذلك، إلا أنها خشيت أن يرتجعه أيضاً، فقالت له: أشهد على ذلك رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم، تريد بذلك تثبيت العطية، وأن تأمن من رجوعه فيهان ويكون مجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم للإشهاد مرة واحدة، وهي الأخيرة، وغاية ما فيه أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ البعضن أو كان النعمان يقص بعض القصة تارة، ويقص بعضها أخرى، فسمع كل مارواه فاقتصر عليه، والله أعلم.(11/508)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قَبُولِ مَا يُهْدِي أَخُوهُ الْمُسْلِمُ إِيَّاهُ إِذَا تَعَرَّى عَنْ عِلَّتَيْنِ فِيهِ
5108 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى بن خت، حدثنا المقرىء، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ، فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّهُ"1. [1: 67]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن موسى بن ختن فمن رجال البخاري. المقبرئ: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيدن وأبو الأسود: هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة. وقد تقدم برقم "3404".(11/509)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ رَدِّ الْمَرْءِ الطِّيبَ إِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ
5109 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا حرملة، قال: حدثنا بن وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ عُرِضَ عَلَيْهِ طِيبٌ، فَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّهُ خَفِيفُ المحمل، طيب الرائحة"1. [2: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملةن وهو ابن يحيى فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 2/320، ومسلم "2253" في الألفاظ من الأدب وغيرها: باب استعمال المسكن وأبو داود "4272" في الترجل: باب رد الطيب، والنسائي 8/189 في الزينة: باب الطيب، والبيهقي 3/245 من طرق عن أبي عبد الرحمن المقرئ، عن سعيد بن أبي أَيُّوبَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قال بعضهم في حتديثه: "من عرض عليه ريحان" وفي رواية الأخرين "من عرض عليه طيب" وهو أشهر.
والمحمل كمجلس: المراد به الحملن أي خفيف الحمل ليس بثقيل.(11/510)
ذكر البيان بأن المرء وإن كَانَ خَيِّرًا فَاضِلًا إِذَا أُهْدِيَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وإن كان قليلا عليه قبوله والإفضال مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ دُونَ الِازْدِرَاءِ بِالشَّيْءِ الْيَسِيرِ وَالتَّأَمُّلِ لِلشَّيْءِ الْكَثِيرِ
5110 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حربعن جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، فَأُتِيَ بِطَعَامٍ فِيهِ ثُومٌ، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، وَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى أَبِي أَيُّوبَ، فَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ أَبُو أَيُّوبَ، إِذْ لَمْ يَرَ فِيهِ أَثَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَنْهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَرَامٌ هُوَ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنْ كَرِهْتُهُ مِنْ أَجْلِ الرِّيحِ". فَقَالَ: إِنِّي أَكْرَهُ مَا كرهت1. [5: 8]
__________
1 إسناده حسن على شرط مسلم. سماك بن حرب –وأن كان من رجال مسلم - لا ترتقي حديث إلى الصحة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "1889" عن سليمان بن الحسن العطار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/95، والترمذي "1807" في الأطعمة: باب ماجاء في كراهية أكل الثوم والبصل، والبيهقي 3/77 من طريقين عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد 5/94 و95 - 96 و103 و106، والطبراني "1940" و"1972" و"2047" من طرق عن سماك بن حرب، به. وقال الترمذي: حسن صحيح. وقد تقدم برقم "2095".(11/511)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ قَبُولِ الْجَمَاعَةِ الْهِبَةَ الْوَاحِدَةَ الْمُشَاعَةَ مِنَ الرَّجُلِ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهَا
5111 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ أَنَّهُ أخبره عن البهزي انرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يُرِيدُ مَكَّةَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالرَّوْحَاءِ إِذَا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ عَقِيرٌ، فَذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: "دَعُوهُ، فَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ صَاحِبَهُ" فَجَاءَ الْبَهْزِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُهُ، إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الرِّفَاقِ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى إِذَا كَانَ بِالْأُثَايَةَ بَيْنَ الرُّوَيْثَةِ وَالْعَرْجِ إِذَا ظَبْيٌ حَاقِفٌ فِي ظِلٍّ، وَفِيهِ سَهْمٌ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ رَجُلًا يَقِفُ عِنْدَهُ لَا يَرِيبُهُ أحد من الناس حتى يجاوزه1. [4: 3]
__________
1 إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين، وعمر بن سلمة الضمري، والبهزي صحابيان، حديثهما عند النسائي، والبهزي: قيل اسمه زيد بن كعب.
قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 2/278: هكذا رواه مالك، ولم يختلف عليه في إسناده، وتابعه عليه أبو أياس، عبد الوهاب الثقفي، وحماد بن سلمة وغيرهم عن يحيى، ورواه حماد بن زيد وهشيم، ويزيد بن هارون، وعلى بن مسهر، عن يحيى بن سعيد، فلم يقولوا: عن البهزي. قال موسى بن هارون: الصحيح أن الحديث من مسند عمير بن سلمة، وليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بيّنٌ في رواية يزيد بن الهاد، وعبد ربه بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم، قال: ولم يأت ذلك من مالك، لأن جماعة رووه عن يحيى كما رواه مالك، وإنما جاء ذلك من يحيى كان أحياناً يقول: عن البهزي، وأحياناً لايقولهن وأظن المشيخة الأولى كان ذلك جائزاً عندهم، وليس هو رواية عن فلان، وإنما هو قصة عن فلان. هذا كلام موسى هارون نقله في "التمهيد"، والدارقطني في "العلل".
وهو في "الموطأ" 1/351 في الحج: باب مايجوز للمحرم أكله من الصيد، ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق "8339"، والنسائي 5/18 في الحج: باب ما يجوز للمحرم أكله، والبيهقي 6/171 و9/322.
وأخرجه أحمد 3/452، والطبراني "5283" من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيدن به.
والاثاية والرويثة والعرج والعرج: كلها مواضع بين مكة والمدينة.
وحاقف: أي واقف منحنياً رأسه بين يديه إلى رجليه، وقيل: الحاقف الذي لجأ إلى حقف، وهو ما انعطف من الرمل، وقال أبو عبيد: حاقف، يعني: قد انحنى وتثني في في نومه.
ولايريبه –وقد تحرف في الأصل إلى: يوميه - أي: لايتعرض له أحد ولايزعجه، وفيه أنه يجوز للمحرم أن ينفر الصيدن ولا يعين عليه.(11/512)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ قَبُولِ الْمَرْءِ الْهِبَةَ لِلشَّيْءِ الْمَشَاعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ
5112 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرٍ، عَنِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ. عَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ أَثْنَاءِ الرَّوْحَاءِ، وَهُمْ حُرُمٌ، إِذَا حِمَارٌ مَعْقُورٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَعُوهُ فَيُوشِكُ صَاحِبُهُ أَنْ يَأْتِيَهُ". فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَهْزٍ، هُوَ الَّذِي عَقَرَ الْحِمَارَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَأْنَكُمْ بِهَذَا الْحِمَارِ. فَأَمَرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ، فَقَسَمَهُ بين الناس1. [4: 1]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما غير صحابي الحديث، فقد روى له النسائي.
وابن الهاد: يزيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ الليثي. وأخرجه النسائي 7/205 في الصيد والذبائح: باب إباحة أكل لحوم حمر الوحش، عن قتيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 3/624 عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن الهاد، به. وسكت عنه وقال الذهبي: سنده صحيح.
وأخرجه أحمد 3/418 عن هشيم، عن يحيى نب سعيد، عن محمد بن إبراهيم، به. وانظر ماقبله.(11/513)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِهْدَاءِ الْمَرْءِ الْهَدِيَّةَ إِلَى أَخِيهِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِعْمَالُ تِلْكَ الْهَدِيَّةِ بِأَنْفُسِهِمَا
5113 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ بْنِ عبد الله قال: سمعت بن عُمَرَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ، فَرَأَى حُلَّةَ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ اشْتَرِهَا1 فَالْبَسْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وحين يقدم عليه الْوفُودُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ" قَالَ: ثُمَّ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثِ حُلَلٍ مِنْهَا فَكَسَا عُمَرَ حُلَّةً، وَكَسَا عَلِيًّا حُلَّةً، وَكَسَا أُسَامَةَ حُلَّةً، فَأَتَاهُ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ فِيهَا مَا قُلْتَ، ثُمَّ بَعَثْتَ بِهَا إِلَيَّ! فَقَالَ: "بِعْهَا فَاقْضِ بِهَا حَاجَتَكَ، أَوْ شقها خمر بين نسائك"2. [4: 1]
__________
1 في الأصل: "شتريها"، والمثبت من النسائي، وهو الجادة.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن الحارث المخزومي، فمن رجال مسلم. وإخرجه النسائي 8/198 في الزينة: باب ذكر النهي لبس الإستبرق، من طريق إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/39 عن إسحاق بن سليمان، وعبد الله بن الحارث، به.
وأخرجه أحمد 2/24، والبخاري "948" في العيدين والتجمل فيه، و"2104" في البيوع: باب التجارة فيما يكره لبسه للرجال والنسائي، و"3054" في الجهاد والسير: باب التجمل للوفود، و"6081" في الأدب: وباب من تجمل للوفود، ومسلم "2068" "8" و"9" في اللباس والزينة: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء، وأبو داود "4041" في اللباس: باب ماجاء في لبس الحرير، والبيهقي 3/280 من طرق عن سالم، به.
وأخرجه أحمد 2/51 و68 و82 و127، ولطيالسي "1937"، والبخاري "2619" في الهبة: باب الهدية للمشركين، و"5981" في الأدب: باب صلة الأخ المشرك، والنسائي 8/201 في الزينة: باب التشديد في لبس الحرير من طرق عن ابن عمر وانظر "5439".(11/514)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ أَخْذِ الْمُهْدِي هَدِيَّةَ نَفْسِهِ بَعْدَ بَعْثِهِ إِلَى الْمُهْدَى إِلَيْهِ وَمَوْتُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ قَبْلَ وصُولِ الْهَدِيَّةِ إِلَيْهِ
5114 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أُمِّهِ1، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ. عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "إني قد
__________
1 تحرف الأصل إلى: "عن أبيه"، والتصويب من هامش الأصل، "ثقات المؤلف" 5/594، و"الإصابة" 4/467 في ترجمة أم كلثوم بنت أبي سملة.(11/515)
أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِسْكٍ، وَلَا أُرَاهُ إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَسَتُرَدُّ الْهَدِيَّةُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهِيَ لَكَ" قَالَتْ: فَكَانَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ النَّجَاشِيُّ، وَرُدَّتِ الْهَدِيَّةُ، فَدَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ أُوقِيَّةَ مِسْكٍ، وَدَفَعَ الْحُلَّةَ وَسَائِرَ الْمِسْكِ إِلَى أم سلمة1. [4: 1]
__________
1 إسناده ضعيف. مسلم بن خالد: هو الزنجي سيء الحفظ، وأم موسى بن عقبة: لاتعرف. وأم كلثوم، نسبها الؤلف في "ثقاته" 5/594، فقال: بنت أسماء، وروى حديثها ابن أبي عاصم في "الوحدان" كما في "الإصابة" 4/467 من طريق مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عن أمه، عن أم كلثوم بنت سملة قال الحافظ: ورواه مسدد، عن مسلم بن خالد، لكن لم ينسبها. أخرجه ابن منده من طريقه، فقال: أم كلثوم غير منسوبة، ورواه هشام بن عمار، عن مسلم بن خالد فقال في روايته: عن أمه، عن أم كلثوم عن أم سلمة. وأخرجه ابن حبان في "صححه" من طريقه وهو لمحفوظ.
وأخرجه أحمد 6/404، والطبراني 25/"205" و"206" من طريق مسلم بن خالدن عن موسى بن عقبة، عن أمه عن أم كلثوم بنت أبي سلمة، به.
وأخرجه ابن سعد 8/95، والبيهقي 6/26 من طريق مسلم بن خالد عن موسى بن عقبة، عن أمه، عن أم كلثوم قالت: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
وأخرجه البيهقي 6/26 من طريق ابن وهب ومسدد، كلاهما عن مسلم بن خالد، عن موسى بن عقبة، عن أم كلثوم –قال ابن وهب في روايته أم كلثوم بنت سلمة –قالت: لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم....
وأخرجه أحمد 6/404 عن يزيد بن هاورن، عن مسلم بن خالد، عن موسى بن عقبةن عن أبيه، عن أم كلثوم.(11/516)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِبَاحَةِ أَكْلِ الْمَرْءِ الْهَدِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ تُصُدِّقَتْ عَلَى الْمُهْدِي قَبْلَ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَيْهِ
5115 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرَمٍ الْبَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْلِمٍ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ لِلْعِتْقِ، فَاشْتَرَطُوا وَلَاءَهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَحْمٌ، فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ. فَقَالَ: "هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ، وَلَنَا هَدِيَّةٌ" قَالَ عَبْدُ الرحمن: وكان زوجها حرا1. [4: 1]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. وأبو داود: هو الطيالسي سليمان بن داود بن الجارود البصري، وهو في "مسند" أبي داود والطيالسي" برقم "1417".
وأخرجه البيهقي 7/220من طريق يونس، عن أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2578" في الهبة: باب قبول الهدية، ومسلم "1075""173" في الزكاة: باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم....، و"1504" و"13" في العتق: باب الولاء لمن أعتقن والنسائي 6/165 - و166 في الطلاق: باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك، والبيهقي 10/338 من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه مسلم 1075" "173" "1504" "11"، والنسائي 6/165، والبيهقي 6/185 و7/134 و220 و15/295 من طريقين عن زائدة، عن سماك، عن عبد الرحمن به. وقد تقدم "4269".(11/517)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا قَالَتْ عَائِشَةُ هَذَا تُصُدِّقَ عَلَى بَرِيرَةَ
5116 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عائسة رضى الله تعالى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ فِي بَرِيرَةَ ثَلَاثُ سُنَنٍ إِحْدَى السُّنَنِ الثَّلَاثِ: أَنَّهَا أُعْتِقَتْ، فَخُيِّرَتْ فِي زَوْجِهَا، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْبُرْمَةُ تَفُورُ بِلَحْمٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَإِدَامٌ مِنْ إِدَامِ الْبَيْتِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَمْ أَرَ بُرْمَةً فِيهَا لَحْمٌ". قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنْ ذَاكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، وَأَنْتَ لَا تَأْكُلُ الصَّدَقَةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَنَا هَدِيَّةٌ"1. [4: 1]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/562 في الطلاق: باب ماجاء في الخيار.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري "5097" في النكاح: باب الحرة تحت العبد، و"5279" في الطلاق: باب لايكون بيع الأمة طلاقاً، ومسلم "1075" "173" في الزكاة: باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم ... ، و"1504" "14" في العتق: باب الولاء لمن أعتق، والنسائي 6/162 في الطلاق": باب خيار الأمة، والبيهقي 6/161، والبغوي "1611". وانظر "4269".(11/518)
ذِكْرُ جَوَازِ أَكْلِ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُصُدِّقَ بِهَا عَلَى إِنْسَانٍ ثُمَّ أَهْدَاهَا الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ لَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصدقة ولا أكلها
5117 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حدثني الليث بن سعد، عن بن شِهَابٍ، أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ السَّبَّاقِ زَعَمَ أَنَّ جُوَيْرِيَةَ زَوْجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ " قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدَنَا طَعَامٌ إِلَّا عَظْمَ شَاةٍ، أُعْطِيَتْ مَوْلَاتِي مِنَ الصَّدَقَةِ قَالَ: "قَرِّبِيهِ، فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا"1. [5: 8]
__________
1 إسناده صحيح. يزيد بن موهب: هو يزيد بن موهب، ثقة، روى له أبو داود، والنسائي، والترمذي، من فوقه ثقات على شرطهما.
وأخرجه أحمد6/430، ومسلم "1073" و"169" في الزكاة: باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 24/"164"، والحاكم 4/28 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
وأخرجه الطبراني 24/"165" و"166" و"167" و"169" من طرق عن ابن شهاب، به.(11/519)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عُبَيْدَ بْنَ السَّبَّاقِ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ جُوَيْرِيَةَ
5118 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ: "هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ " قَالَتْ: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا طَعَامٌ أُعْطِيَتْهُ مَوْلَاةٌ لَنَا مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قربيه"1. [5: 8]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. سفيان: هوابن عيينة.
وأخرجه أحمد 6/429، والحميدي "317" "169" في الزكاة: باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 24/"77" من طرق عن سفيان بهذا الإسناد. ووقع في الطبراني بدل جويرية": "ميمونة".(11/519)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِإِبَاحَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5119 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَائِشَةَ: "عِنْدَكِ شَيْءٌ تُطْعِمِينِي؟ ". قَالَتْ: لَا، إِلَّا مِنَ الشَّاةِ الَّتِي بُعِثَتْ بِهَا إِلَى نُسَيْبَةُ مِنَ الصَّدَقَةِ. قَالَ: "هَاتِيهِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا"1. [5: 8]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هوهشام بن عبد الملك الطيالسي، وخالد: هوابن مهران الحذاء، وحفصة: هي بنت سيرين، وأم عطية: اسمها نسيبة بنت كعب، ويقال: بنت الحارث.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 25/"145" عن أبي خليفة، عن الفضل بن الخطاب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "1494" في الزكاة: باب إذا تحولت الصدقة من طريق على بن عبد الله، عن يزيد بن زريع، به.
وأخرجه أحمد 6/407 - 408، والبخاري "1446" في الزكاة: باب قدركم يعطي من الزكاة والصدقة ومن اعطى شاة، و"2579" في الهبة: باب قبول الهدية، ومسلم "1076" "174" في الزكاة: باب إباحة الهدية للنبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 25/"148" و"150" من طرق عن خالد، به.
وقوله: "فقد بلغت محلها" أي أنها لما تصرفت فيها بالهدية لصحة ملكها لها، انتقلت عن حكم الصداقة، فحلت محل الهدية، وكانت تحل لرسول الله صلى لله عليه وسلم بخلاف الصدقة.(11/520)
ذِكْرُ جَوَازِ قَبُولِ الْمَرْءِ الَّذِي لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ بِتِلْكَ الْهَدِيَّةِ
5120 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، قال: حدثناتميم بْنُ الْمُنْتَصِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ: اشْتَرَتْ عَائِشَةُ بَرِيرَةَ مِنَ الْأَنْصَارِ لِتُعْتِقَهَا، وَاشْتَرَطُوا عَلَيْهَا أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ وَلَاءَهَا، فَشَرَطَتْ ذَلِكَ، فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ" ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ". وَكَانَ لِبَرِيرَةَ زَوْجٌ، فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ شَاءَتْ أَنْ تَمْكُثَ مَعَ زَوْجِهَا كَمَا هِيَ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، فَفَارَقَتْهُ، وَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ وَفِيهِ رِجْلُ شَاةٍ، أَوْ يَدٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ: "أَلَا تَطْبُخُونَ1 لَنَا هَذَا اللَّحْمَ"، فَقَالَتْ: تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ، فَأَهْدَتْهُ لَنَا، فَقَالَ: "اطْبُخُوا فَهُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ ولنا هدية"2. [5: 9]
__________
1 في الأصل و"التقاسيم": "ألا تطبخون" بحذف النون، والجادة ما أثبت وأن كان ما في الأصل له وجه.
2 حديث صحيح. سماك في روايته عن عكرمة واضطرب، وشريك: هو ابن عبد الله النخعي سيئ الحفظ، لكن للحديث طريق آخر يصح بها. إبراهيم إسحاق الأزرق: هو ابن يوسف.
وأخرجه البزار "1294"، والطبراني في "الكبير" "11744" عن تميم بن المنتصر، بهذا الإسناد. ورواية البزار بقصة الولاء فقط.
وأخرجه بنحوه أحمد 1/281 عن عفان، عن همام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وهذاإسناد صحيح على شرطهما. وانظر "4270" و"4273".(11/521)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي النَّحْلِ إِذْ تَرْكُهُ حَيْفٌ
5098 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ بِفَمِ الصُّلْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْفَضْلِ الْخُرْقِيُّ1، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: انْطَلَقَ بِي أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى عَطِيَّةٍ يُعْطِينِيهَا، فَقَالَ: "هَلْ لَكَ وَلَدٌ غَيْرَهُ؟ " قَالَ: قلت: نعم قال: "سو بينهم"2. [1: 88]
__________
1 ترحفت في الأصل إلى الحرمي، والتصويب من "التقاسيم" 1/لوحة 561.
2 حديث صحيح. حجاج بن نصير - وإن كان ضعيف الحديث - قد توبع، وباقي رجاله ثقات.
وإبو الضحى: هو مسلم بن صبيح.
وأخرجه أحمد 4/268 و276ن والنسائي 6/261 - و262، والطحاوي 4/86 من طرق عن فطربن خليفة، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله وما بعده.(11/498)
باب الرجوع في الهبة
الزجر عن الرجوع في الهبة
...
1 - بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ
5121 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ وَهَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ بن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ"1. [2: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. همام: هو ابن يحيى بن دينار العَوَذَي.
أخرجه البخاري "2621" في الهبة: باب لايحل لأحد أن يرجع في هبتهن وأبو داود "3538" في البيوع والإجازات: باب الرجوع في الهبة، والطبراني "10692" والبيهقي 6/180 من طريق مسلم بن إبراهيم، بهذا الإسناد. في البخاري والبيهقي: "عن شعبة وهشام والدستوائي"، وفي أبي داود "عن شعبة، وأبان، وهمام" وفي الطبراني: "عن شعبةن وهشام، وأبان وهمام".
وأخرجه أحمد 1/280 و342، والطيالسي "2649"، ومسلم "1622" "7" في الهبات: باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض إلا ما وهبه لولده وإن سفل، والنسائي 6/266 في الهبة: باب ذكرالاختلاف لخبر عبد الله بن عباس فيه، وابن ماجه "2385" في الهبات: باب الرجوع في الهبات، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/77، والبغوي "2200" من طرق عن شعبة، به. وفي إحدى روايات أحمد 1/342: "سعيد بن جبير" بدل سعيد بن المسيب". وأخرجه أحمد 1/عن عفان، عن همام، به.
وأخرجه أحمد 1/339 و345، ومسلم "1622" "7"، وابن الجارود "993"، والطبراني "10693"ن من طريقين عن قتادة، به.
وأخرجه أحمد 1/217 و391 و327، وعبد الرزاق "16536" و" 16538"، والحميدي "530" والبخاري "2589" في الهبة: باب هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها، و"2622" و"6975" في الحيل: باب في الهبة الشفعة، ومسلم "1622" "8"، والترمذي "1298" في البيوع: باب ماجاء الرجوع في الهبة، والنسائي 6/265 في الهبة: باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده، و6/267، وأبو يعلى "2405"، والبغوي "2201"، والبيهقي 6/180 من طريقين عن ابن عباس.(11/522)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُكْمَ الرَّاجِعِ فِي صَدَقَتِهِ حُكْمُ الرَّاجِعِ فِي هِبَتِهِ سَوَاءٌ فِي هَذَا الزَّجْرِ
5122 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حدثني سعيد بن المسيب قال: حدثني بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الَّذِي يَتَصَدَّقُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ، مَثَلُ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ فيأكل قيئه"1. [2: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم، وهو الملقب بدحيم، فمن رجال البخاري. والوليد: وهو ابن مسلم، وقد صرح بسماعه من الأوزاعي، وأبو جعفر محمد بن على: هو الإمام الباقر.
وأخرجه أحمد /349 من طريق الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1622""15" في الهبات: باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة بعد القبض إلا ما وهبه لولده وأن سفلن والنسائي 6/266 في الهبة: باب ذكر الاختلاف لخبر عبد الله بن عباس فيه، والطبراني "10694" من طرق عن الأوزاعي، به.
وأخرجه مسلم "1622" "6"، والطبراني "10695" و"10696" و"10703" و"10704" و"10705" من طرق عن سعيد، به.(11/523)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الزَّجْرَ الَّذِي أُطْلِقَ بِلَفْظِ الْعُمُومِ لَمْ يُرَدْ بِهِ كُلُّ الْهِبَاتِ وَلَا كُلُّ الصَّدَقَاتِ
5123 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ طَاوُسٍ سمعت بن عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ يَقُولَانِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ هِبَةً ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ، وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي عَطِيَّةً أَوْ هِبَةً ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا، كَمَثَلِ الْكَلْبِ أَكَلَ حَتَّى شَبِعَ، ثُمَّ قاء ثم عاد إلى قيئه"1. [2: 78]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن شعيب، فقد روى عنه أصحاب السنن.
وأخرجه أحمد 2/27ن وأبو داود "3539" في البيوع والإجارات: باب الرجوع في الهبة، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/79، والبيهقي 6/179، والحاكم 2/46 من طرق عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. وصححه ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 2/78، والترمذي "1299" في البيوع: باب ماجاء في الرجوع في الهبة، النسائي 6/265 في الهبة: باب رجوع الوالد فيما يعطي ولده....و6/267 و268 باب ذكرالاختلاف على طاووس في الراجع في هبته، وابن ماجه "2377" في الهبات: باب من أعطى ولده ثم رجع فيه، وابن الجارود "994"، والدارقطني 3/42 - 43، وأبو يعلى "2717" والبيهقي 6/179 و180، ومن طرق عن حسين المعلم، به.
وفيه دليل على أن الوالد إذا وهب لوالده شيئاً، وسلم إليه، جاز له الرجوع فيه، وكذلك الأمهات ولأجداد، فأما غير الوالدين فلا رجوع لهم فيما وهبوا وسلموا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "العائد في هبته كالعائد في قيئه"، وهو قول الشافعي غير أن الأولى أن لايرجع إلا عن غرض ومقصود مثل أن يريد التسوبة بين الأولاد، أو إبداله بما هوانفع للولد، وذهب قوم إلى أنه لارجوع له فيما وهب لولده، ولالأحد من ذوي محارمه، وله أن يرجع فيماوهب للأحداث مالم يثبت عليه، ويروي ذلك عن عمر، وهوقول الثوري، وأصحاب الرأي، وجوز مالك الرجوع في الهبة على الإطلاق إذا لم يكن الموهوب قد تغير عن حاله، وقالوا جميعاً: لايرجع أحد الزوجين فيما وهب لصاحبه "شرح السنة" 8/299.(11/524)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَعُودَ الْمَرْءُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَتَصَدَّقُ بِهِ بِالْمِلْكِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ فِيمَا قَبْلُ
5124 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: "لَا تبتعه، ولا تعد في صدقتك"1. [2: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو في "الموطأ" 1/282 في الزكاة: باب اشتراء الصدقة والعود فيها. ومن طريق مالك أخرجه البخاري "2971" في الجهاد والسير: باب الجعائل والحملان في السبيل و"3002" باب إذا حمل على فرس فرآها تباع ومسلم "1621" "3" في الهبات: باب كراهية شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه، وأبو داود "1593" في الزكاة: باب الرجل يبتاع صدقته، والبغوي "1699".
وأخرجه أحمد 2/55، والبخاري "2775" في الوصايا: باب وقف الدواب والكراع والعروض والصامت، ومسلم "1621" "3"، وابن الجارود "362" من طرق عن نافع، به.
وأخرجه أحمد 2/7و34، وعبد الرزاق "16572"، والبخاري "1489" في الزكاة: باب هل تشتري صدقتهن ومسلم "1621" "4" والترمذي "668" في الزكاة: باب ماجاء في كراهية العود في الصدقة، والنسائي 5/109 في الزكاة: باب شراء الصدقةن والبيهقي 4/151 من طريقين عن ابن شهاب، عن سالمن عن ابن عمر.(11/525)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفَرَسَ قَدْ ضَاعَ عِنْدَ الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ
5125 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَبْتَاعَهُ مِنْهُ، وَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لَا تَبْتَعْهُ(11/526)
وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صدقته كالكلب يعود في قيئه"1. [2: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "الموطأ" 1/282 في الزكاة: باب اشتراء الصدقة والعود فيها.
وأخرجه من طريق مالك: أحمد 1/40، والحميدي "15"، والبخاري "1490" في الزكاة: باب هل تشتري صدقته، و"2623" في الهبة: باب لايحل لأحد أن يرجع في هبته وصدقته، و"2636" باب إذا حمل رجل على فرس فهو كالعمري والصدقة، و"2970" في الجهاد والسير: باب والجعائل والحملان في السبيل، و"3003" باب إذا حمل على فرس فرآها تباع ومسلم "1620" "1" في الهبات: باب كراهية شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه، والنسائي 5/108 في الزكاة: باب شراء الصدقة، والبغوي "1700"، والبيهقي 4/151.
وأخرجه أحمد 1/25، والطيالسي ص10، ومسلم "1620" "2"، وابن ماجه "2390" في الصدقات: باب الرجوع في الصدقة، والبيهقي 4/151 من طرق عن زيد بن أسلم، به.
وأخرجه الحميدي "16" عن سفيان، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، عن عمر بن الخطاب.(11/527)
20 - كِتَابُ الرُّقْبَى وَالْعُمْرَى
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَرْقُبَ الْمَرْءُ دَارَهُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ
5126 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزبير، عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُرْقِبُوا أَمْوَالَكُمْ، فَمَنْ أَرْقَبَ شَيْئًا فَهُوَ لِمَنْ أَرْقَبَهُ" وَالرُّقْبَى أَنْ يَقُولَ: الرَّجُلُ: هَذَا لِفُلَانٍ مَا عَاشَ، فَإِذَا مَاتَ فُلَانٌ فهو لفلان1. [2: 74]
__________
1 إسناده قوي. محمد بن وهب بن أبي كريمة: روى له النسائي، وهو صدوق، ومن فوقه على شرط مسلم.
وأحرجه النسائي 6/269 في الرقبي: باب ذكرالاختلاف على أبي الزبير، والطبراني في "الكبير" 11000" عن محمد بن موهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/250، والنسائي 6/269 - 270 من طريقين عن حجاج، عن أبي الزبير، به.
وأخرجه الطبراني "10971" من طريقين سفيان، عن ليث، عن طاووس، به.
وأخرجه موقوفاً على ابن عباس: النسائي 6/270 من طريق أبي الزبير، و6/269 من طريق ابن أبي نجيح، كلاهما عن طاووس، به.
قال الإمام البغوي، في "شرح السنة 8/293: العمري جائزة بالاتفاق، وهي أن يقول الرجل لآخر: أعمرتك هذه الدار، أو جعلتها لك عمرك، فقبل، فهي كالهبة إذا اتصل بها القبض، ملكها المعمر، ونفذ تصرفه فيها، وإذا مات تورث منه، سواء قال: هي لعقبك من بعدك أو لورثتك، أو لم يقل، وهو قول زيد بن ثابت، وابن عمر، وبه قال عروة بن الزبير، وسليمان بن سيار ومجاهد، وإليه ذهب الثورين والشافعي وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. وذهب جماعة إلى أنه إذا لم يقل: هي لعقبك من بعدك، فإذا مات يعود إلى الأول، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه"، وهذا قول جابر، وروى عن معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر قال: "أنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال هي لك ما عشت، فإنها ترجع إلى صاحبهان قال معمر: وكان الزهري يفتي به، وهذا قول مالك، ويحكى عنه أنه قال: العمرى تمليك المنفعة دون الرقبة، فهي له مدة عمره، ولايورث، وإن جعلها له ولعقبه، كانت المنفعة ميراثاً عنه.(11/528)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُعْمِرَ الرَّجُلُ دَارَهُ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ
5127 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عن بن جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُرْقِبُوا وَلَا تُعْمِرُوا فَمَنْ(11/529)
أعمر شيئا، أو أرقب، فهو له"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشخين غير عبد الجبار بن العلاء، فمن رجال مسلم، وعنعنة ابن جريج تتقي في عطاء.
وأخرجه الحميدي "1290"، والشافعي 2/168، والنسائي 6/273 في العمرى: باب ذكر الفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى، وأبو داود "3556" في البيوع والإجارات: باب من قال فيه: ولعقبه، والبيهقي 6/175، والبغوي "2198"، والطحاوي 4/93 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 6/175 - 176 من طريقين عن ابن جريجن به.
وأخرجه الطبراني "1747" من طريق أبي بكر بن عياش، عن يعقوب، عن عطاء، به.
وأخرجه من طرق وبألفاظ مختلفة عن جابر: أحمد 3/381، والشافعي 2/165ن والحميدي "1256"، وأبوداود "3557"، والنسائي 6/274 - 275 في العمرى: باب ذكرالاختلاف على الزهري، به. والطحاوي 4/91، وأبو يعلى "1835"، والبيهقي "6/173 و174.(11/530)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهُوَ لَهُ" , أَرَادَ بِهِ لِمَنْ أَعْمَرَ وَلِمَنْ أَرْقَبَ
5128 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حدثنا بن فُضَيْلٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي الزبيرعن جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعُمْرَى لِمَنْ أَعْمَرَهَا، وَالرُّقْبَى لَمْ أرقبها"1. [2: 74]
__________
1 إسناده على شرط مسلم. ابْنُ فُضَيْلٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غزوان.
وأخرجه النسائي 6/274 في الرقبي: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرىن وابن ماجه "3383" في الهبات: باب في العمرى، وابن الجارود "989"ن وأبو يعلى "2214"، والبيهقي 6/175 من طرق عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد.
وإخرجه أحمد 3/302، وعبد الرزاق "16876"، والطيالسي "1743"ن ومسلم "1625" "25" و"27" في الهبات: باب العمرى، والنسائي 6/274، والطحاوي 4/92 و93، والبغوي "2199" والبيهقي 6/173 من طرق عن أبي الزبير، به.(11/531)
ذِكْرُ إِجَازَةِ الْعُمْرَى إِذَا اسْتَعْمَلَهَا الْمَرْءُ مَعَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ
5129 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ يُحَدِّثُ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "العمرى جائزة"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/297، والطيالسي "1680"، ومسلم "1625" "30" في الهبات: باب العمرى، النسائي 6/273 في العمرى: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى، من طرق عن شعبةن بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/364، والبخاري بإثر الحديث "2626" في الهبة باب ماقبل في العمرى والرقبى: باب ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير، ومحمد بن عمرو على أبي سلمة فيه، من طريق هشام الدستوائين كلاهما عن قتادة، به. وبعضهم ذكر فيه قصة.
وأخرجه أحمد 3/297 و319 و392، ومسلم "1625" "31"، وابن الجاورد "986" من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به. وفيه: "العمرى جائزة لأهلها" وفي رواية مسلم: "العمرى ميراث لأهلها"(11/531)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ
5130 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "العمري لمن وهبت له"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير محمد بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم.
وأخرجه النسائي 6/277 في الرقبى: باب ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير، ومحمد بن عمرو على أبي سلمة فيه، عن محمد بن عبد الأعلى بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1625" "25" في الهبات: باب العمرىن عن عبيد اله بن القواريري، عن خالد بن الحارث، به. وأخرجه أحمد 3/304، ومسلم "1625" "25" والطيالسي "1687"، والطحاوي 4/92، والبيهقي 6/173 من طرق عن هشام، به.
وأخرجه أحمد3/393، والبخاري "2625" في الهبة: باب ماقيل في العمرى والرقبى، وأبو داود "3550" في البيوع والإجارات: باب في العمرى، والبيهقي 6/173 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.(11/532)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْعُمْرَى لِمَنْ أُعْمِرَتْ لَهُ
5131 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا عمرى، ومن أعمر شيئا فهو له"1. [2: 74]
__________
1 إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو –وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي –فقد روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي 6/277 في العمرى: باب ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمروعلى أبي سلمة، فيه عن على بن حجر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/347 و429، وابن أبي شيبة 7/143، والطيالسي "2453" والبخاري "2626" في الهبة: باب ما قيل في العمرى، والنسائي 6/277، وأبو داود "3548" في البيوع: باب في العمرى، والطحاوي 4/92، ابن الجارود "985"، والبغوي "2197"، والبيهقي 6/174 من طرق عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، بلفظ: "العمرى جائزة".(11/533)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ وَهِمَ فِي تَأْوِيلِهِ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ
5132 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ حُجْرٍ الْمَدَرِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعُمْرَى سبيلها سبيل الميراث"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الله بن بزيع، فمن رجال مسلم، وحجر المدري –هوابن قيس - فقد روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وهو ثقة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "4950" عن معاذ بن المثنى، عن محمد بن المنهال، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد5/189 من طريقين عن روح بن القاسم وابن جريج به.
وأخرجه بنحوه أحمد 182 و189، وابن أبي شيبة 7/237، والحميدي "398"، وعبد الرزاق "16873" و"16874"، وأبو داود "3559" في البيوع: باب في الرقبى، وابن ماجه "2381" في الهبات: باب في العمرى، والنسائي 6/271 في الرقبى: باب ذكر الاختلاف على أبي الزبير، 6/271 و272 في أول كتاب العمرى، والطحاوي في "شرح معاني الأثار" 4/91ن والبيهقي 6/174 و175، والطبراني "4941" و"4942" 4943" "4944" "4945" "4946" من طرق عن عمرو بن دينار، به.
وأخرجه النسائي 6/270 و271 في الرقبى: باب ذكر الاختلاف على أبي الزبير، من طريقين عن ابن الطاووس، عن أبيه، به.
وأخرجه النسائي 6/272 في أول كتاب العمرى، من طريق معقل، عن عمرو بن دينار، عن حجر المدري، عن زيد بن ثابت، به.
وأخرجه أحمد 5/189، وعبد الرزاق "16875" و"16915"، والنسائي 6/270، والطبراني "4957" من طرق عن سفيان الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن طاووس، عن رجل، عن زيد بن ثابت، به.
وأخرجه النسائي 6/271 من طريق معمرن عن عمرو، عن طاووس عن زيد بن ثاتب، به.
وأخرجه النسائي 6/268 - 269 و270 في الرقبى: باب ذكر الاختلاف على ابن أبي نجيح في خبر زيد بن ثابت فيه الطحاوي 4/91 من طريقين عن طاووس، عن زيد، به.
وأخرجه موقوفاً على زيد بن ثابت: الطبراني "4955" و"4956" من طريقين عن عمرو بن دينار، به.(11/534)
ذِكْرُ قَضَاءِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُمْرَى لِلْوَارِثِ عَلَى حَسَبِ مَا جَعَلَ سَبِيلَهَا سَبِيلَ الْمِيرَاثِ
5133 - أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ مُعَاذٍ بِدِمَشْقَ، قال: حدثنا العباس بن الوليد مَزَيْدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عن حجر المدري عن زيد بْنِ ثَابِتٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بالعمرى للوارث"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح، وأخرجه الطبراني "4952" من طريق محمد بن عقبة بن علقمة البيروتي، عن أبيه، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.(11/535)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعُمْرَى سَبِيلُهَا سَبِيلُ الْمِيرَاثِ" أَرَادَ بِذَلِكَ لِمَنْ أَعْمَرَ دُونَ مَنْ أُعْمِرَ
5134 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى التَّيْمِيُّ بِالْمَصِّيصَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ حجر المدري عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أُعْمِرَ أرضا فهي لورثته"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح. محمد نب قدامة: هو ابن أعين المصيصي، وأبو عبيدة الحداد: اسمه عبد الواحد بن واصل.
وأخرجه الطبراني "4951" عن محمد بن موسى التيمين بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "5132" وقد تحرف في المطبوع منه: "سليم بن حيان" إلى "سليمان بن حيان".(11/536)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ مِيرَاثَ الْعُمْرَى يَكُونُ لِلْمُعْمَرِ لَهُ دُونَ مَنْ أَعْمَرَهَا
5135 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعُمْرَى لِمَنْ أُعْمِرَهَا، هِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، يَرِثُهَا مَنْ يرثه من عقبه"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخارين رجاله ثقات رجال الشيخين. غير عبد الرحمن بن إبراهيمن وهوالملقب بدحيمن فمن رجال البخاري. والوليد هو ابن مسلم، وقد صرح بالتحديثن فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه أبو داود "3552" في البيوع: باب في العمرى، والنسائي 6/275 في العمرى: باب الاختلاف على الزهري فيه، من طرق عن الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/360، والطيالسي "1689"، ومسلم "1625" "24" في الهبات: باب العمرى، وأبو داود "3354" في البيوع: باب ما قال فيه ولعقبه، والنسائي 6/276، والطحاوي، 4/94، وأبو يعلى "2092"، و"2093" والبيهقي 6/172 من طرق عن ابن شهاب، به.
وأخرجه أبو داود "3551"، والنسائي 6/274 - 275ن والطحاوي 6/173 من طرق عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن جابر.(11/536)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الدَّارَ الْمُعْمَرَةَ إِنَّمَا هِيَ لِلْمُعْمرِ لَهُ دُونَ الْمُعْمِرُ إِيَّاهُ
5136 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلْأَنْصَارِ: "لَا تُعْمِرُوا أَمْوَالَكُمْ فَمَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا حَيَاتَهُ، فَهُوَ له ولورثته إذا مات"1. [2: 74]
__________
1 إسناده على شرط مسلم إلا أن أبا الزبير لم يصرح بسماعه من جابر. وأخرجه النسائي 6/374 في العمرى: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى، عن علي بن حجر، بهذا الإسناد بلفظ: "العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها".
وأخرجه بهذا اللفظ أيضاً: أحمد 3/303، وأبو داود "3558" في البيوع: باب في الرقبى، والترمذي "1351" في الأحكام: باب ماجاء في الرقبى، وابن ماجه ": "2383" في الهبات: باب العمرىن وأبو يعلى "1851" من طرق عن هشيم، به. وانظر ما مضى وما سيأتي.(11/537)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الدَّارَ الَّتِي أُعْمِرَتْ لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْمَرَهَا وَإِنْ مَاتَ الَّذِي أُعْمِرَتْ لَهُ
5137 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عن بن شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا، لَا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا" لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطِيَّةً وَقَعَتْ فيها المواريث1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهو في "الموطأ" 2/656 في الأقضية: باب القضاء في العمرى، ومن طريقه أخرجه مسلم "1625" "20" في الهبات: باب العمرى، وأبو داود "3553" في البيوع: باب من قال فيه ولعقبه، والترمذي "1350" في الأحكام: باب ماجاء في العمرىن والنسائي 6/275 في الرقبى: باب ذكر الاختلاف على الزهري فيه، والطحاوي 4/93، وابن الجاورد "987" والبيهقي 6/172ن والبغوي "2196".(11/538)
ذِكْرُ وَصْفِ الْعُمْرَى الَّتِي زُجِرَ عَنِ اسْتِعِمَالِهَا
5138 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حدثنا الليث، عن بن شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "من أعمر رجلاعمرى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقَّهُ مِنْهَا، وهي لمن أعمر ولعقبه"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن موهب، وهو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب الرملىن فقد روى له أبو داودن والنسائي، وابن ماجه.
وأخرجه مسلم "1625" "21"، وابن ماجه 2380" في الهبات: باب العمرى، والنسائي 6/275 في الرقبى: باب ذكر الاختلاف على الزهري فيه، والطحاوي 4/93، والبيهقي 6/172 من طرق عن الليثن بهذا الإسناد.(11/539)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ إِعْمَارَ الْمَرْءِ دَارَهُ فِي حَيَاتِهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وَرَثِتِهِ بَعْدَهُ لَا تَكُونُ الْعُمْرَى لِلْمُعْمَرِ لَهُ
5139 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "إِنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ مِنْ بَعْدِكَ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: هِيَ لَكَ مَا عشت، فإنها ترجع إلى صاحبها1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو في "مصنف عبد الرزاق" "16887".
وأخرجه مسلم "1625" "23" في الهبات: باب العمرى، والبيهقي 6/172 من طريق إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1625" "23"، وأبو داود "3555" في البيوع: باب من قال فيه: ولعقبهن وأحمد 3/294، وابن الجاورد "988"، والبيهقي 6/172 من طرق عن عبد الرزاقن به.(11/539)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَلِعَقِبِهِ" أَرَادَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ
5140 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم، عن بن جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ وَبَعْدَ موته"1. [2: 74]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فقد روى له البخاري مقروناً، واحتج به مسلم والباقون، وقد صرح ابن جريج، وأبو الزبير بالمساع عند النسائي، فانتفت شبهة تدليسهما.
وأخرجه النسائي 6/274 في العمرى: باب اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر جابر في العمرى، عن عمرو بن علي، عن أبي عاصم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "16886"، من طريقه مسلم "1625" "28"، والبيهقي 6/173 عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أنه سمع جابر بن عبد الله قال" أعمرت امرأة بالمدينة حائطاً لها ابناً لها، ثم توفى وتوفيت بعده، وتركت ولداً، وله أخوة بنون للمعمرة، فقال ولد المعمرة: رجع الحائط إلينا، وقال بنو المعمر: بل كان لأبينا حياته وموتهن فاختصموا إلى طارق مولى عثمان، فدعا جابراً فشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرى لصاحبها، فقضى بذلك طارق، ثم كتب إلى عبد الملك فأخبره ذلك، وأخبره بشهادة جابر، فقال عبد الملك صدق جابر، فأمضى ذلك طارق فإن ذلك الحائط لبني المعمر حتى اليوم.(11/540)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْعُمْرَى
5141 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلَا تُعْمِرُوهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أُعْمِرَ شَيْئًا، فَهُوَ لَهُ حَيَاتَهُ، وَلِوَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ"1. [2: 74]
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ: زَجْرِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ وَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى كَانَ لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ، وَهِيَ إِبْقَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ، لَا أَنَّ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثِ غَيْرُ جَائِزٍ إِذَا كَانَ طَاعَةً لَا مَعْصِيَةً، وَذَاكَ أَنَّ الصَّحَابَةَ قَطَنُوا الْمَدِينَةَ وَلَا مَالَ لَهُمْ بِهَا، فَكَرِهَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمُ الرُّقْبَى وَالْعُمْرَى إِبْقَاءً عَلَى أَمْوَالِهِمْ لِلضَّرُورَةِ الْوَاقِعَةِ الَّتِي2 كَانَتْ بهم. لا أنهما لا يجوز استعمالهما.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير قرنه البخاري واحتج به مسلم، وقد صرح بالتحديث عند النسائي. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه مسلم "1625" "27"، والبيهقي 6/173 من طريق عبد الوارث، عن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/312و374 و386 و389، وابن أبي شيبة 7/138 - 139 و142 ومسلم "1625" "26" و"7"، والنسائي 6/274، والبيهقي 6/173 من طرق عن أبي الزبير، به.
2 من هامش التقاسيم.(11/541)
21 - كِتَابُ الْإِجَارَةِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ قَالَ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ بِإِبْطَالِ الْكَسْبِ
5142 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "كان زكريا نجارا"1. [3: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم. ثابت: هو ابن أسلم البناني، وأبو رافع: هو الصائغ، واسمه نفيع.
وأخرجه مسلم "2379" في الفضائل: باب من فضائل زكريا عليه السلامن عن هداب بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/296 و405، وابن ماجه "2150" في التجارات: باب الصناعات، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/590 من طرق عن حماد بن سلمة، به. وصححه الحاكم على شرط مسلم، وأقره الذهبي.(11/452)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ تَكُنْ تَأْنَفُ مِنَ الْعَمَلِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ الْكَسْبِ وَحَظَرَهُ
5143 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَجْتَنِي الْكَبَاثَ، فَقَالَ: "عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُ" فَقُلْنَا: وَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَهَلْ من نبي إلا قد رعاها"1. [3: 5]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غيرحجاج بن الشاعر - وهوحجاج بن أبي يعقوب يوسف بن حجاج الثقفي البغدادي المعروف بابن الشاعر، فمن رجال مسلم. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وهوفي "مسند أبي ليلى" 2062".
وأخرجه النسائي في الوليمة كما في "الحفة" 2/398 عن هارون بن عبد الله، وأحمد 3/326 كلاهما –أحمد وهارون - بن عمر بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "3406" في الأنبياء: باب {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} و"5453" في الأطعمة: باب الكباث، وهو ورق الأراك، ومسلم "2050" في الأشربة: باب فضيلة الأسود من البكاث، والبغوي "2899" من طريقين عن يونس، به.
وأخرجه الطيالسي "1692" مقتصراً على القسم الثاني منه، عن زمعة عن الزهرين به.
الكباث: هوالنضج من ثمر الأراك.
قال الحافظ في "الفتح" 4/516: قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء من رعى الغنم قبل النبوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على مايكلفونه من القيام بأمر أمتهم، ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة، لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى، ونقلها من مسرح إلى مسرح، ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق، وعملوا اختلاف طباعها، وتفاوت عقولها، فجبروا كسرها، ورفقوا بضعيفها، وأحسنوا التعاهد لها لما حصل لهم من التدريج على ذلك برعي الغنم، وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها في العادة المألوفة، ومع أكثرية تفرقهان فهي أسرع انقياداً من غيرها، وفي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم كونه أكرم الخلق على الله ما كان عليه من عظيم التواضع لربهن والتصريح بمنته عليه وعلى إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء.(11/543)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْكَبَاثِ الْأَسْوَدِ: إِنَّهُ أَطْيَبُ مِنْ غَيْرِهِ
5144 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، أَخْبَرَنَا يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ نَجْتَنِي الْكَبَاثَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ أَطْيَبُ، وَإِنِّي كُنْتُ آكُلُهُ زَمَنَ كُنْتُ أَرْعَى" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكُنْتَ تَرْعَى؟ فَقَالَ: "وَهَلْ بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا وَهُوَ رَاعٍ"1. [3: 5]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. بندار: هو محمد بن بشار العبدي. وانظر ما قبله.(11/544)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ اسْتِخْدَامَ الْأَحْرَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وإن لم يكونوا1 بالغين
5145 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا بن وهب، قال: أخبرنا يونس، عن بن شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ كان بن عَشَرِ سِنِينَ مَقْدِمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمَدِينَةَ، فَكُنَّ أُمَّهَاتِي يُحَرِّضْنَنِي عَلَى خِدْمَةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فَخَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرًا، حَيَاتَهُ بِالْمَدِينَةِ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وأنا بن عِشْرِينَ سَنَةً"
قَالَ: وَكُنْتُ أَعْلَمَ النَّاسِ بِشَأْنِ الْحِجَابِ حِينَ أُنْزِلَ، لَقَدْ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ، قَالَ: وَكَانَ أَوَّلَ مَا أُنْزِلَ فِي مُبْتَنَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه ولم بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا عَرُوسًا، فَدَعَا الْقَوْمَ، فَأَصَابُوا مِنَ الطَّعَامِ، وَخَرَجُوا، وَبَقِيَ مِنْهُمْ رَهْطٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَطَالُوا الْمُكْثَ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ وَخَرَجْتُ مَعَهُ لِكَيْ يَخْرُجُوا، فَمَشَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى جَاءَ عَتَبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، ثُمَّ ظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا، فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ، وَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ لَمْ يَقُومُوا، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ، حَتَّى بَلَغَ عَتْبَةَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَظَنَّ أَنَّهُمْ قَدْ خَرَجُوا فَرَجَعَ، ورجعت، فإذا هم
__________
1 في الأصل: "يكونا" والتصويب من "التقاسيم" 5/لوحة 173.(11/545)
قَدْ خَرَجُوا، فَضَرَبَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ سِتْرًا، وَأُنْزِلَ الحجاب"1. [5: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم.
وأخرجه البخاري "6238" في الاستئذان: باب آية الحجاب، والطبري 22/37 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "5166" في النكاح: باب الوليمة حق، و"5466" في الأطعمة: باب قول الله تعالى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} ، ومسلم "1428" "93" في النكاح: باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب وإثبات وليمة العرس، والنسائي في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 1/383، والبغوي في معالم التنزيل" 3/540، والبيهقي 7/87 من طرق عن ابن شهاب، به. وسيأتي برقم "5578" "5579".(11/546)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِبَاحَةِ أَخْذِ الْمَرْءِ الْأُجْرَةَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
5146 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ الْبَرَاءُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بن الأخنس، عن بن أبي ملكيه عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، وَفِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ1، فَقَالُوا: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَرَقَاهُ عَلَى شاءٍ، فَبَرَأَ، فَلَمَّا أَتَى أَصْحَابُهُ كرهوا
__________
2 هذا شك من الرواي، والسليم: هواللديغ، سمي بذلك تفاؤلاً بالسلامة، قال الأعشى:
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا ... وعادك ما عاد السليم المسهدا(11/546)
ذَلِكَ، فَقَالُوا: أَخَذْتَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَوْا1رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلَ، فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا مَرَرْنَا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فِيهِمْ لَدِيغٌ أَوْ سَلِيمٌ فَقَالُوا: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَرَقَيْتُهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَبَرَأَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كتاب الله"2. [3: 65]
__________
1 في الأصل: "أتى"، وفي التقاسيم 3/260: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره.
2 إسناده على شرط الشيخين. عبيد الله بن الأخنس وثقه أحمد وابن معين وأبو داود والنسائي، وقول المؤلف في "ثقاته" 7/147: يخطئ كثيراً، ولم يتابع عليه ويرده احتجاجه بحديثه هذا، وإدارجه في "صحيحه". أبو معشر البراء: هو يوسف بن يزيد البصري، والبراء –بالتشديد -: نسبة إلى بري النبل، والقواريري: هو عبد الله بن عمر بن ميسرة.
وأخرجه البخاري البخاري "5737" في الطب: باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، والبغوي "2178" عن سيدان بن مضارب أبو محمد الباهلي، عن أبي معشر، به.
أخرجه الدارقطني 3/65 عن هارون بن مسلم أبو الحسن العجلي، عن عبيد الله بن الأخنس، به.(11/547)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ وَزَّانًا لِلنَّاسِ بَعْدَ أَنْ يَلْزَمَ النَّصِيحَةَ فِي أُمُورِهِ وَأَسْبَابِهِ
5147 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: جَلَبْتُ أَنَا وَمَخْرَفَةُ الْعَبْدِيُّ بَزًّا مِنْ هَجَرَ، فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَاوَمَنَا سَرَاوِيلَ، وَعِنْدَهُ وَزَّانٌ يَزِنُ بِالْأَجْرِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زِنْ فَأَرْجِحْ"1.
أَرَادَ بِهِ من ماله ليعطي ثمن السراويل راجحا. [4: 5]
__________
1 إسناده حسن من أجل سماك بن حرب، باقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحاببة فقد روى له أصحاب السنن. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه احمد 4/352، والترمذي "1305" في البيوع: باب ماجاء في الرجحان، وابن ماجه "2220" في التجارات: باب الرجحان في الوزن، وابنالجارود "559" من طرق عن وكيع بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أبو داود "3336" في البيوع: باب في الرجحان في الوزن والوزن بالأجر، والدارمي 2/260، والسنائي 7/284 في البيوع: باب الرجحان في الوزن، والحاكم 2/30، والبيهقي 6/32 - 33، والطبراني "6466" من طرق عن سفيان، به.
وأخرجه الطيالسي "1192"، والبيهقي 6/33 من طريق قيس، عن سماك، به.
وأخرجه أحمد 4/352، والطيالسي "1193"، وأبو داود "3337"، والنسائي 7/284، وابن ماجه "2221"، والبيهقي 6/33، والحاكم 2/30 - 31، والطبراني "7402" من طرق عن شعبة، عن سماك، عن أبي صفوان –وبعضهم زاد "مالك بن عمرو" – قال: بعت....بمثله. قال أبو داود: رواه قيس كما قال سفيان، والقول قول سفيان.
وقال أيضاً "3338": حدثنا ابن أبي رزمة، سمعت أبي يقول: قال رجل: كل من خالف سفيان بالقول قول سفيان.
وقال أيضاً "3339": حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع، عن شعبة قال: كان سفيان أحفظ مني. والبز: قال في القاموس: الثياب أو متاع البيت من الثياب ونحوها، وبائعها بزاز، وحرفته البزازة، وهجر: بلدة باليمن بينه وبين عثر يوم وليلة، مذكور مصروف، وقد يؤنث ويمنع.(11/548)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صناعة العلم أن إجازة الْأَرْضِ بِالدَّرَاهِمِ غَيْرُ جَائِزَةٌ
5148 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَزْرَعَهَا، فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ ولا يؤاجرها إياه"1. [2: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الملك بن أبي سليمان، فمن رجال مسلم. حبان: هوابن موسى بن سوار المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وعطاء: هو ابن أبي رباح المكي.
وأخرجه أحمد 3/302 و304 و292، ومسلم 3/1176 "91" في البيوع: باب كراء الأرض، والنسائي 7/36 و36 - و37 في المزارعة: باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض، من طرق عن عبد الملك بن أبي سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 3/354 و363 و369، ومسلم 3/"92"، والنسائي 7/37 و38، وابن ماجه "2454" في الرهون: باب كراء الأرض، وأبو يعلى "2035" من طرق عن عطاء، الإسناد.
وأخرجه من طرق عن جابر: أحمد 3/312 و373، ومسلم 3/"94" و"95" و"96" و"97" و"98"، وأبو يعلى "2142"، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/278، والبيهقي 6/129 و130 و131، والبغوي "2181". وانظر "5189" و"5190".(11/549)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "ولا يؤجرها إِيَّاهُ" لَفْظَةُ زَجْرٍ عَنْ فِعْلٍ قُصِدَ بِهَا النَّدْبُ وَالْإِرْشَادُ، لِأَنَّ الْقَوْمَ كَانَ بِهِمُ الضِّيقُ فِي الْعَيْشِ، وَالْمِنْحَةُ كَانَتْ أَوْقَعَ عِنْدَهُمْ لِلْأَرْضِ مِنْ إِكْرَائِهَا، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى جَوَازِ كَرْيِ الْأَرْضِ إِلَّا الْجِنْسَ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
__________
1 وَقَالَ شيخ الإسلام في "القواعد النورانية" ص175 - 177: الأمر بهذا أمر ندب واستحبابن لا أمر إيجاب، أم كان أمر إيجاب في الابتداء لينزجروا عما الأهلية، قال في الآنية التي كانوا يطبخونها فيها: "أهريقوا ما فيها واكسروها" وقال صلى الله عليه وسلم في آبية أهل الكتاب حين سأله عنها أبو ثعلبة الخشني: "إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غيرها فارخصوها بالماء" وذلك لأن النفوس إذا اعتادت المعصية، فقد لاتنفطم عنها انفطاماً جيداً إلا بترك ما يقاربها من المباح كما قيل: لايبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يجعل بينه وبين الحرام حاجزاً من الحلالن كما أنها أحياناً لاتترك المعصية إلا بتدريج، بتركها جملة.
فهذا يقع تارة وهذا يقع تارة، يوجد في سنة النبي صلى الله عليه وسلم لمن خشى منه النفرة عن الطاعة: الرخصة له في أشياء يستغني بها عن محرم، ولمن وثق بإيمانه وصبره: النهي عن بعض ما يستحب له تركه مبالغة في فعل الأفضل. ولهذا يستحب لمن وثق بإيمانه وصبره - من فعل المستحبات البدنية والمالية، كالخروج عن جميع ماله، مثل أبي بكر والصديق - ما لايستحب =(11/550)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لمن لم يكن حاله كذلك كالرجل الذي جاءه ببيضة من ذهب فحذفه بها، فلو أصابته لأوجعته، ثم قال: "ويذهب أحدكم فيخرج ماله، ثم يجلس كلاً على الناس".
يدل على ذلك: ما قدمناه من رواية مسلم الصحيحة، عن ثابت، بن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة، وقال: لابأس بها، وماذكرناه من رواية سعد بن أبي وقاص: أنه نهاهم أن يكروا بزرع موضع معين، وقال: أكروا بالذهب والفضة، وكذلك فهمته الصحابة، فإن رافع بن خديج قد روى ذلك وأخبر أنه لابأس بكرائها بالذهب والفضة، وكذلك فقهاء الصحابة، كزيد بن ثابت وابن عباس. ففي "الصحيحين" عن عمرو بن دينار قال: قلت لطاووس: لوتركت المخابرة، فإنهم يزعمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها. قال - أي: عمرو -: إني أعطيهم وأعينهم، وإن أعلمهم أخبرني –يعني ابن عباس - لم ينه عنه، ولكن قال: "وإن يمنح أحدكم أخاه خير له منيأخذ عليه خرجاً معلوماً"، وعن ابن عباس أيضاً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم المزارعة، ولكن أمر أن يرفق بعضهم ببعض. رواه مسلم مجملاً والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. فقد أخبر طاووس عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دعاهم إلى أفضل، وهو التبرع، قال: "وأنا أعينهم وأعطيهم"، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق الذي منه واجب، وهو ترك الربا والغرر، ومنه مستحب كالعارية والقرض، ولهذا لما كان التبرع بالأرض بلا أجرة من باب الإحسان، كان المسلم أحق به. فقال: "لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليه خرجاً معلوماً"، وقال: "من كانت له أرض فليزرعها، أو يمنحها أخاه أو ليمسكها" فكان الأخ هو الممنوح، ولما كان أهل الكتاب ليسوا من الإخوان، عاملهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يمنحهم، لاسيما والتبرع إنما يكون عن فضل غنىً، فمن كان محتاجاً إلى منفعة أرضه، لم يستحب له المنيحةن كما كان المسلمون محتاجين إلى منفعة أرض خيبر، وكما كان الأنصار محتاجين في أول الإسلام إلى أرضهمن حيث عاملوا عليها المهاجرين، وقد توجب الشريعة التبرع عند الحاجة كما نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن إدخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة التي دفت، ليطعموا الجياع، لأن إطعامهم واجب، فلما كان المسلمون محتاجين إلى منفعة الأرض، أصحابها أغنياء عنها نهاهم عن المعارضة ليجودوا بالتبرع، ولم يأمرهم بالتبرع عيناً، كما نهاهم عن الادخار، فإن من نهى عن الانتفاع بماله جاد ببذله، وإذ لايترك بطالاً، وقدينهى النبي صلى الله عليه وسلم، بل الأئمة عن بعض أنواع المباح في بعض الأحوال لما في ذلك من منفعة المنهي.(11/551)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ أَخْذِ الْأُجْرَةِ على سكنى بيوت مكة
5149 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أخبرنا يونس عن بن شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْزِلْ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ، قَالَ: "وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ رباع أو دور". وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ شَيْئًا، لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ، فَكَانَ عُمَرُ بن الخطاب رضى الله تعالى عَنْهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا يَرِثُ المؤمن الكافر1. [3: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى، فمن رجال مسلم. على بن الحسين: هو على بن الحسين بن أبي طالب الهاشمي زين العابدين، وعمرو بن عثمان: هو ابن عفان بن أبي العاص الأموي. وأخرجه مسلم "1351" "439" في الحج: باب النزول بمكة والبيهقي 6/34 و 38 عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد. وتابع حرملة عليه أبو الطاهر عند مسلم.
وأخرجه البخاري "1588" في الحج: باب توريث دور مكة وبيعها وشرائهان وابن ماجه "2730" في الفرائض: باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/602، والبيهقي 6/34 و9/122 من طرق عن ابن وهب، به.
وأخرجه عبد الرزاق "9851"، وأحمد 5/201 و202، والبخاري "3058" في الجهاد والسير: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لليهود أسلموا تسلموا و"4282" في المغازي: باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتحن ومسلم "1351" 440"، وأبو داود"2910" في الفرائض: باب هل يرث المسلم الكافرن وابن ماجه "2942" في المناسك: باب دخول مكة، والنسائي في الحج كما في "التحفة" 1/58، والطبراني في "الكبير" "412" و413"، والبيهقي 5/160 و6/218 من طرق عن ابن شهاب الزهري، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وقوله: "فكان عمر بن الخطاب ... " قال الحافظ في "الفتح" 3/529: ويختلج في خاطري أن القائل: "وكان عمر ... " هو ابن شهاب فيكون منقطعاً عن عمر. ورباع – جمع ربع -: هو المنزل المشتمل على أبيات.(11/552)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَجَّامِ حَرَامٌ وَأَنَّ كَسْبَهُ غَيْرُ جَائِزٍ
5150 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ بن طاوس، عن أبيه(11/553)
عن بن عَبَّاسٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احتجم، وأعطى الحجام أجره، واستعط"1. [5: 10]
__________
1 أسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير إبراهيم بن الحجاج السامي، وهوثقة، ورى له النسائي. وهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم، وابن طاووس: اسمه عبد الله.
وأخرجه أحمد 1/258 و292 و293، والبخاري "2278" في الإجارة باب خراج الدم، "5691" في الطب: باب السعوط، ومسلم "2577" "75" في المساقاة: باب حل أجرة الحجامة، و"1202" و"76" في السلام: باب لكل داء دواء واستحباب التداوي، والنسائي في الطب كما في "التحفة" 5/11 - 12، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/129 و130 - 338 من طرق عن وهيبن بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/327، وابن ماجه "2162" في الإجارات: باب كسب الحجام، من طريقين عن ابن طاووس، به.
وأخرجه عبد الرزاق "19818"، وابن أبي شيبة 6/"1026" و"1029"، وأحمد 1/241 و"250" و"316" و"324" و"333" و"351" و"365"، والبخاري "2103" في البيوع: باب ذكر الحجام، و"2279"، ومسلم "1202" "66"، وأبو داود "3443" في البيوع الإجارات: باب في كسب الحجام والطحاوي 4/130، والطبراني "11869" و"11896" و"11934" و11954" و"12002" و"12846" "12847" و"12848" و"12849" و"12850" و"12851" و"12852" و"12853" و"12854"،والبيهقي 9/338 من طرق عن ابن عباس بألفاظ متقاربة.
وقوله: "واستعط" أي: استعمل السعوط، وهو يجعل في الأنف مما يتداوي به.(11/554)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِعْطَاءِ الْحَجَّامِ أَجَرْتَهُ بِحَجْمِهِ
5151 - أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ ابْنَةِ تَمِيمِ بْنِ الْمُنْتَصِرِ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ السُّكَّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ، وَأَعْطَى الحجام أجره"1. [4: 1]
5152 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَارِظٍ حَدَّثَهُ عَنْ حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، خَبِيثٌ وَمَهْرُ البغي خبيث"2. [2: 90]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الحميد بن بيان السكري، فمن رجال مسلم.
وأخرجه ابن ماجه "2164" في الإجارات: باب كسب الحجام، عن عبد الحميد بن بيان بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في"في شرح معاني الآثار" 4/130، وأبو يعلى "2835" من طريقين، عن خالد، به.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن عبد الله بن قارظ فمن رجال مسلم. أبان: هو يزيد العطار.
وأخرجه أحمد 3/464، وابن أبي شيبة 6/246 و270ن وأبو داود "3421" في البيوع والإجارات: باب في كسب الحجام، والطبراني في "الكبير" "4260"، والحاكم 2/42 من طريقين، عن أبان، بهذا الإسناد وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 3/465 و4/141، ومسلم "1568" و"41" في المساقاة: باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن، والترمذي "1275" في البيوع: باب ماجاء في ثمن الكلب، والدارمي 2/272، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/129، والطبراني "4258" و"4259" من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.
وأخرجه أحمد 4/140، والطيالسي "966"، ومسلم "1568" و"40"، والنسائب بن يزيد، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(11/555)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قارظ
5153 - أخبرنا بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ قَارِظٍ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ، وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خبيث"1. [2: 90]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح
وأخرجه مسلم "1568" "41" في المساقاة: باب تحريم ثمن الكلب، عن إسحاق بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي 4/129، والبيهقي 9/336 - 337 من طريقين عن الأوزاعي، به. وانظر ماقبله.(11/556)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ، كَسْبُ الْحَجَّامِ مُحَرَّمٌ إِذَا كَانَ عَلَى شَرْطٍ مَعْلُومٍ بِأَنْ يَقُولَ: أُخْرِجُ مِنْكَ مِنَ الدَّمِ كَذَا، فَإِذَا عُدِمِ هَذَا الشَّرْطُ الَّذِي هُوَ الْمُضْمَرُ فِي الْخَطَّابِ جَازَ كَسْبُهُ، إِذِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَهُ لِأَبِي طَيْبَةَ1 وَجَازَاهُ عَلَى فِعْلِهِ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ وَمَهْرُ البغي محرمان جميعا2.
5154 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عن بن شهاب، عن بن مُحَيِّصَةَ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَرَاجِ الْحَجَّامِ، فَأَبَى أن
__________
1 أخرجه مالك في "الموطأ" 2/984 عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قال: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حجمه أبو طيبة، فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففواعنه من خراجه
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/266، والبخاري "2102" و"2210"، وأبو داود "3424"، والطحاوي 4/131، والبيهقي 9/337، والبغوي "2035".
2 وقال الترمذي بإثر حديث رافع والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا ثمن الكلب، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، وقد رخص بعض أهل العلم في ثمن كلب الصيد. قلت أسنده ابن أبي شيبة 6/246 عن إبراهيم النخعي وعطاء.
قلت: وأجازه أبو حنيفة ومالك في إحدى رواياته بيع الكلب الذي فيه منفعة وأوجبنا القيمة على متلفه. وانظر "الفتح" 4/497 - 498.(11/557)
يَأْذَنَ لَهُ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى قَالَ: "أطعمه رقيقك وأعلفه ناضحك"1. [2: 72]
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات كما قال الحافظ في "الفتح" 4/536، وابن محيصة: هو حرام بن سعد بن محيصة، ويقال: حرام بن ساعدة بن الأنصاري المدني، وقد ينسب إلى جده، وثقه ابن سعد وقال: كان قليل الحديث.
وأخرجه أحمد 5/435، 2/166، وأبو داود "3422" في البيوع: باب في كسب الحجام، والترمذي "1277" في كسب الحجام، والبغوي "2034" والطحاوي في "شرح معاني الآثار"4/132، والبيهقي 9/337 كلهم من طريق مالك، عن الزهري، عن ابن محيصة، عن أبيه. وفي رواية الشافعي: "عن حرام بن سعد بن محيصة، عن أبيه" وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
وهوفي "الموطأ" 2/974 برواية يحيى الليثي في الاستئذان: باب ماجاء في الحجامة، عن ابن شهاب، عن ابن محيصة الأنصاري أحد بني حارثة أنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إجارة الحجامن فنهاه عنهان فم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: "أعلفه نضاحك" يعني رقيقك.
قال ابن عبد البر فيما بقله الزرقاني 4/384: كذا رواه يحيى وابن القاسم، وهو غلط، لا إشكال فيه على أحد من العلماء، وليس لسعد بن محيصة صحبة، فكيف لابنه حرام، ولا خلاف أن الذي روى عنه الزهري هذا الحديث هو حرام بن سعد بن محيصة، ورواه ابن وهب، ومطرف، وابن نافع، والقعنبين والأكثر عن مالك، عن شهاب، عن ابن محيصة عن أبيه، هو مع ذلك يرسل، وتابعه في قوله: عن أبيه يونس ومعمر وابن أبي ذئب، وابن عيينة، ولم يتصل عن الزهري إلا من رواية محمد بن =(11/558)
قال أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: تَأَبِّي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِذْنِ1 فِي خَرَاجِ الْحَجَّامِ، فِيهِ2 شَرْطٌ مُضْمَرٌ وَهُوَ أَنْ يُشَارِطَ الْحَجَّامَ فِي حَجْمِهِ عَلَى إِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنَ الدَّمِ مَعْلُومٍ3 فَلِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى إِيجَادِ هَذَا الشَّرْطِ كَرِهَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي كَسْبِهِ ثُمَّ قَالَ: "أَطْعِمْهُ رَقِيقَكَ وَأَعْلِفُهُ نَاضِحَكَ" وَلَوْ كَانَ كَسْبُ الْحَجَّامِ مَنْهِيًّا عَنْهُ لَمْ يَأْمُرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إطعام المرء رقيقه منه إذا الرَّقِيقُ مُتَعَبَّدُونَ وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَأْمُرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمَ بِإِطْعَامِ رَقِيقِهِ حَرَامًا
__________
= إسحاق عنه عن حرام بن سعد بن محيصة، عن أبيه، عن جده أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه أحمد 5/436، والشافعي، 2/166، وابن أبي شيبة 6/265، والطحاوي 4/131، والبيهقي 9/337 عن سفيان، وابن الجارود "583"، وأحمد 5/436 عن معمر، وأحمد 5/436، والطحاوي 4/133، وابن ماجه "2166" والطبراني "5471" عن ابن أبي ذئب، والطحاوي 4/131 عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، ثلاثتهم عن حرام بن محيصة، وبعضهم يقول: عن حرام بن سعد بن محيصة، عن أبيه.
وأخرجه أحمد 5/436، والطبراني 20/"743" و"744"، من طريق محمد بن إسحاق، وربيعة بن صالح، عن الزهري، عن حرام بن ساعد بن محيصة بن مسعود، عن أبيه، عن جده.
وأخرجه أحمد 5/435، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/76، والطحاوي 4/131، والطبراني 2/"742"، والبيهقي9 /337 من طريقين عن محيصة بن مسعود الأنصاري، به
1 قوله "في الأذن" سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 2/لوحة 187.
2 في الأصل: "وفيه"، وفي هامشه لعل الواو زائدة.
3 في الأصل: "معدوم" وهو خطأ.(11/559)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ ضِرَابِ الْجَمَلِ
5155 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عن بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ضِرَابِ الْجَمَلِ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أَبِي الزُّبير: محمد بن مسلم بن تَدْرُسَ، فقد روى له البخاري مقروناً واحتج به مسلم والباقون. محمد بن معمر: هو ابن ربعي القيسي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.
وأخرجه مسلم "1565" "35" في المساقاة: باب تحريم فضل بيع الماء الذي يكون بالفلاة ... ، والنسائي 7/310 في البيوع: باب بيع ضراب الجمل، والبيهقي 5/339 من طريقين عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وزاد فيه "وعن بيع الماء والأرض لتحرث".
وقوله "نهى عن ضراب الجمل"، وقال ابن الأثير في "النهاية" 3/79: هو نزوه على الأنثى، والمراد بالنهي مايؤخذ عليه من الأجرة، لا عن نفس الضراب، وتقديره: نهى عن ضراب الجمل كنهيه عن عسب الفحل، أي: عن ثمنه، يقال: ضرب الجمل الناقة يضربها: إذا نزا عليها، وأضرب فلان ناقته: أي أنزى الفحل عليها.(11/560)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إِنَّمَا زَجَرَ عَنْهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ
5156 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عمر رضى الله تعالى عَنْهُ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عن عسب الفحل"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد وعلي بن الحكم – وهو البناني البصري – فمن رجال البخاري. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مقسم الأسدي مولاهم المعروف بابن علية.
وأخرجه البخاري "2284" في الإجازة: باب عسب الفحل، وأبو داود "3429"، في البيوع والإجارات: باب في عصب الفحل، والحاكم 2/42، والبيهقي 5/339، والبغوي "2109" من طريق مسدد، بهذا الإسناد. قرن البخاري والبيهقي مع إسماعيل عبد الوارث.
وأخرجه أحمد 2/14 عن إسماعيل، به.
وأخرجه الترمذي "1273" في البيوع: باب ما جاء في كراهية عسب الفحل، والنسائي 7/310 في البيوع: باب بيع ضراب الجمل، وابن الجارود "582" من طريقين عن علي بن الحكم، به.
والعسب، بفتح العين وإسكان السين، ويقال له العسيب: ضراب الفحل.
والفحل: الذكر من كل حيوان، فرساً كان أو جملاً أو تيساً أو غير ذلك.
قال القسطلاني في "إرشاد الساري" 4/141: والمشهور في كتب الفقه أن عسب الفحل ضرابه، وقيل: أجرة ضرابه، وقيل: ماؤه، فعلى الأول والثالث تقديره: بدل عسب الفحل، وفي رواية الشافعي رحمه الله: نهى عن ثمن عسب الفحل، والحاصل: أن بذل المال عوضاً عن الضراب إن كان بيعاً فباطل قطعاً، لأن ماء الفحل غير متقوم ولا معلوم ولا مقدور على تسليمه، وكذا إن كان إجارة على الأصح، ويجوز أن يعطي صاحب الأنثى صاحب الفحل على سبيل الهدية، لما روى الترمذي وحسنه من حديث أنس أن رجلا من كلاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل، فقال: يا رسول الله إنا نطرق الفحل، فنكرم، فرخص في الكرامة. وهذا مذهب الشافعي، وقال المالكية: حمله أهل المذهب على الإجارة المجهولة وهو أن يستأجر منه فحله ليضرب الأنثى حتى تحمل، ولا شك في جهالة ذلك، لانها قد تحمل من أول مرة فيغبن صاحب الأنثى، وقد لا تحمل من عشرين مرة فيغبن صاحب الفحل، فإن استأجره على نزوات معلومة ومدة معلومة جاز.
قلت: وعلل بعض أصحاب مالك الجواز بأنه من باب المصلحة ولومنع منه، لانقطع النسل، وهو كالاستئجار للإرضاع وتأبير النخل، ونقل البغوي ومن قبله الخطابي الرخصة فيه عن الحسن وابن سيرين وغطاء.(11/561)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ كَسْبِ الْبَغِيَّةِ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ
5157 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سعد، عن بن شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ البغي، وحلوان الكاهن"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. القعنبي: اسمه عبد الله بن مسلمة بن قعنب.
وأخرجه أحمد 4/118 - 119، ومسلم "1567" في المساقاة: باب تحريم ثمن الكلب وحلوان الكاهن ... ، والترمذي "1133" في النكاح: باب ماجاء في كراهية مهر البغي، و"1276" في البيوع: باب ماجاء في ثمن الكلب، و"2071" في الطب: باب ماجاء في أجر الكاهن، والنسائي 7/309 في البيوع: باب بيع الكلب، والدولابي في "الكنى" 1/54 - 55، والطبراني 17/"777" و"731" من طرق عن الليث بن سعدن بهذا الإسناد.
وأخرجه من طرق عن ابن شهاب، به: أحمد 4/119 و120، وابن أبي شيبة 6/243، والشافعي 2/139، والبخاري "2237" في اليبوع: باب ثمن الكلب، و "2282" في الإجارة: باب كسب البغي الإماء، و"5346" في الطلاق: باب مهر البغي والنكاح والفاسد، و"5761" في الطب الكهانة، ومسلم "1567"، ومالك في "الموطأ" 2/656 في البيوع: باب ماجاء في ثمن الكلب، وأبو داود "3481" في البيوع: باب في أثمان الكلاب، والترمذي "1276"، وابن ماجه "2159" في التجارات: باب النهي عن ثمن الكلاب ... ، والدارمي 2/255، والدولابي 1/54 - 55وابن الجارود "581"، والحميدي "450"، والطحاوي 4/51 و52، والبيهقي 6/5 - 6، والبغوي "2037"، والطبراني 17/"726" و"728" و"729" و"730" و"731" و"732".
حلوان الكاهن: مايأخذه المتكهن على كهانته، وهوحرام بالإجماع لما فيه من أخذ العوض على أمر باطل، وفي معناه التنجيم والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب.
والحلوان مصدر حلوته حلواناً: إذا أعطيته، وأصله من الحلاوة شبه بالشيء الحلو من حيث إنه يأخذه سهلاً بلا كلفة ولامشقة، يقال: حلوته: إذا أطعمته الحلو والحلوان أيضاً: الرشوة.(11/562)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مُطَالَبَةِ الْمَرْءِ إِمَاءَهُ بِالْكَسْبِ
5158 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْعُصْفُرِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ محمد بن جحادة، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ كسب الإماء"1. [2: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. محمد بن الوليد: هوابن عبد الحميد القرشي البسري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.
وأخرجه أحمد 2/382 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/287 و437 - 538 و454 و480، والطيالسي "2520"، والبخاري "2283" في الإجارة: باب كسب البغي ولإماء و"5348" في الطلاق: باب مهر البغي والنكاح الفاسد، وأبو داود "3425" في البيوع: باب في كسب الإماء والدارمي 2/272، وابن الجارود "587"، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/126 من طرق عن شعبة، به.
قلت: المراد بالنهي كسبها بالزنى لا بالعمل المباح، يدل عليه ما أخرجه أبو داود "3427"، والحاكم 2/42 من حديث رافع بن خديج قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو" وسنده حسن.
وأخرج أحمد 4/341ن وأبو داود "3426"، والحاكم 2/42 من حديث رافع بن رفاعة مرفوعاً "نهى عن كسب الأمة إلا ماعملت بيدها، وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش"
وأخرج حديث الطحاوي 1/256، والبيهقي 8/8 من طريقين عن ابن وهب، عن مسلم بن خالد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن هريرة بلفظ: "نهى عن كسب الأمة إلا أن يكون لها عمل حسن أو كسب يعرف".
وقيل: المراد بكسب الأمة جميع كسبها، وهو من باب سد الذرائع، لأنها لاتؤمن إذا ألزمت بالكسب أن تكسب بفرجها، فالمعنى: أن لايجعل عليها خراج معلوم تؤديه كل يوم، وهو الذي رجحه المؤلف، كما هو مبين في عنوان الحديث الأتي.(11/563)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ
5159 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَسْبِ الإماء مخافة أن يبغين"1. [2: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر ماقبله.(11/564)
22 - كِتَابُ الْغَصْبِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ رَدِّ حُقُوقِ النَّاسِ عَلَيْهِمْ وَتَرْكِهِ الِاتِّكَالَ عَلَى هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
5160 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَاهِمُ الْوَجْهِ، قَالَتْ:: حَسِبْتُ ذَلِكَ مِنْ وَجْعٍ، قُلْتُ مَا لِي أَرَاكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ سَاهِمَ الْوَجْهِ؟ قَالَ: "مِنْ أَجْلِ الدَّنَانِيرِ السَّبْعَةِ الَّتِي أَتَتْنَا الْأَمْسِ فَلَمْ نَقْسِمْهَا"1. [3: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وأبو الوليد: هوالطيالسي هشام بن عبد الملك، وأبو عوانة: هووضاح اليشكري، وقد عبد الملك بن عمير بالسماع عند أحمد 6/314.
وأخرجه أحمد 6/293 عن أبي الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/314، وأبو يعلى 325/2، والطبراني 23/"751" و"752" من طريقين عن عبد الملك بن عمير، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/238 وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.
وساهم الوجه، أي: متغيره. يقال سهم لونه يسهم: إذا تغير عن حاله لعارض.(11/565)
ذِكْرُ وَصْفِ عَذَابِ اللَّهِ مَنْ ظَلَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَلَى شِبْرٍ مِنْ أَرْضِهِ
5161 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أرضين"1. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. خالد بن عبد الله: هو الواسطي الطحان.
وأخرجه الطيالسي "2410"، وأحمد 2/387، ومسلم "1611" في المساقاة: باب تحريم الظلم وغضب الأرض وغيرها، والبيهقي 6/99 من طريقين عن سهيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/387 عن عفان، عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة.(11/566)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا" إِنَّمَا هُوَ الْإِشَارَةُ إِلَى نَفْسِ هَذَا الْفِعْلِ لَا الْإِشَارَةُ إِلَى الشِّبْرِ فَقَطْ
5162 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التجنيد، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بكر بن مضر، عن بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقٍّ، طُوِّقَهُ من سبع أرضين"1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن. ابن عجلان - هو محمد – روى له مسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي السند من رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 2/432 عن يحيى، عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 6/566 من طريق سليمان بن بلال، عن ابن عجلان، به.(11/566)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ تَجِبَ عَلَى الْغَاصِبِ الشِّبْرَ مِنَ الْأَرْضِ فَمَا فَوْقَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَخْذُهُ إِيَّاهَا بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ
5163 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: أخبرنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ الْمَدَنِيِّ1. عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ظَلَمَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يوم القيامة"2. [2: 109]
__________
1 في الأصل و"التقاسيم" 2/234: الزهري، والصواب ما أثبت كما هو عند جميع من ترجموا له بما فيهم المؤلف في "ثقاته" 0/90.
2 حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرط الصحيح وقد تقدم برقم "3195".(11/567)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الظَّالِمَ الشِّبْرَ مِنَ الْأَرْضِ فَمَا فَوْقَهُ يُكَلَّفُ حَفْرَهَا إِلَى أَسْفَلَ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ يُطَوَّقُ إِيَّاهَا ذَلِكَ
5164 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ يَعْلَى بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "أَيُّمَا رَجُلٍ ظَلَمَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ،كَلَّفَهُ اللَّهُ أَنْ يَحْفِرَهُ حَتَّى يَبْلُغَ سَبْعَ أَرَضِينَ، ثُمَّ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَفْصِلَ بَيْنَ الناس" 1. [2: 109]
__________
1 حديث صحيح. الربيع بن عبد الله لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف 6/299، ولم يَروِ عنه غير زائدة بن قدامة، وتجويز المؤلف بأن يكون هو الربيع بن عبد الله بن خطاف الأحدب المترجم في "التهذيب" استبعده الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص125. قلت: لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه أبو يعفور عبد الرحمن بن عبيد نسطاس عند ابن أبي شيبة وغيره، وهو ثقة من رجال الستة، وباقي السند على شرط الشيخين غير أيمن بن ثابت، فمن رجال النسائي وهو صدوق. حسن بن علي: هو الجعفي، وزائدة: هو ابن قدامة.
وأخرجه أحمد 4/173، والطبراني 22/"692" من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، بلفظ: "أيما رجل ظلم شبراً من الأرض كلفه الله عزوجل أن يحفره حتى يبلغ سبع أرضيين، ثم يطوقه إلى يوم القيامة حتى يقضي بين الناس" وقد تحرفت في "المسند": "ثابت" إلي "نايل".
وأخرجه أحمد ابن أبي شيبة 6/665، ومن طريقه المؤلف في "الثقات" 4/48 في ترجمة أيمن بن ثابت، والطبراني 22/"691" عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبي يعفور، عن أيمن قال: سمعت يعلى يقول: سمعت النبي صلى الله عليه سلم يقول: "من أخذ أرضاً بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر" وهذا سندصحيح.
وأخرجه أحمد 4/172، و173، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/54، والطبراني 22/"690" من طريقين عن أبي يعفور "وقد تحرفت إلى أبي يعقوب" عن أبي ثابت أيمن، عن يعلى بن مرة، ولفظه: "من أخذ أرضاً بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر".
وأخرجه الطبراني 22/"695 عن محمد بن إسحاق بن راهويه، عن أحمد بن أيوب السكري، عن أبي حمزة، عن جابر، عن موسى التغلبي، عن يعلى بن مرة بلفظ: "من ظلم من الأرض شبراً فما فوقه، كلف أن يحمله يوم القيامة حتى يبلغ الماء، ثم يحمله إلى المحشر". وجابر، وهو الجعفي: ضعيف. وانظر "مجمع الزوائد" 4/175.
وأخرجه الطبراني 22/"693" من طرق عبيد الله بن عمرو الرقي، عن زيد بن أبي أنيسة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن أبي ثابت أيمن، عن يعلى بن مرة الثقفي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سرق شبراً من الأرض أو غلة جاء يحمله يوم القيامة إلى أسفل الأرضيين"، وهذا سند صحيح.
وأخرجه الطبراني في "الصغيرة" 1054" عن محمد بن إسحاق الصفار، عن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي، عن عبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد، إلا أنه أسقط منه زيد بن أبي أنيسة، وقال: لم يروه عن إسماعيل بن أبي خالد إلا عبيد الله بن عمرو!.(11/568)
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِمَنْ ظَلَمَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَرْضًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَسِيرًا تَافِهًا
5165 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الْفَلَّاسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الرِّيَاحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ(11/569)
عَنِ الْحَارِثِ بْنِ الْبَرْصَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ جَمْرَتَيْنِ مِنَ الْجِمَارِ، وَهُوَ يَقُولُ: "مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنْ مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ فَاجِرَةٍ فَلْيَتَبَوَّأْ بَيْتًا مِنَ النَّارِ"1. تَفَرَّدَ به عمر بن عبد الوهاب. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الطبراني "3330" عن على بن عبد العزيز، عن عمر بن عبد الوهاب الرياحي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/ 294 - 295 من طريق سعيد بن سملة، عن إسماعيل بن أمية، به. وصحح إسناده ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحميدي، ومن طريقه الطبراني "3331" عن سفيان عن إسماعيل بن أمية، عن عمر بن عطاء بن أبي الخوار، قال: سمعت الحارث بن البرصاء وهو في الموسم ينادي في الناس - قال سفيان: لاأعلمه حق امرئ مسلم إلا قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من أحد يحلف على يمن كاذبة لتقتطع بها حق امرئ مسلم إلا لقي الله وهو عليه غضبان".
وأخرجه بمثله الطبراني "3332" من طريق سليمان بن سليم عن إسماعيل بن أمية، به.(11/570)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِرَدِّ الظَّالِمِ عَنْ ظُلْمِهِ وَنُصْرَةِ الْمَظْلُومِ إِذْ رَدُّ الظَّالِمِ عَنْ ظُلْمِهِ نُصْرَتُهُ
5166 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مَحْفُوظُ بْنُ أَبِي تَوْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا" قيل: يا رسول الله هذه نَصَرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: "تُمْسِكُهُ من الظلم فذاك نصرك إياه"1. [1: 78]
__________
1 محفوظ بن أبي تونة: وهو محفوظ بن الفضل أبي تونة أبو عبد الله، ذكره المؤلف في "ثقاته" 9/204، وروى عنه جيمع، وقال أحمد فيما نقله عنه الخطيب 13/192: كان معنا باليمن إلا أنه لم يكن يكتب كل ذلك، كان يسمع مع إبراهيم أخي أبان، ولم يكن ينسخ وضعف أمره جداً، وقال الذهبي: لم يترك، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير علي بن عياش فمن رجال البخاري. أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث. وانظر مابعده(11/571)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5167 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا", فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا فَكَيْفَ أَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: "تَكُفُّهُ عَنِ الظُّلْمِ"1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري فمن رجال مسلم. وقد صرح الحميدي بالسماع عند غير واحد ممن خرجه.
وأخرجه أحمد 3/201، والبخاري "2443" و"2444" في المظالم: باب أعن أخاك ظالماً أومظلوماً، والترمذي "2255" في الفتن: باب رقم "68"، وأبويعلى "3838"، والطبراني في "الصغير" "576"، والقضاعي في "الشهاب" "646" والبيهقي 6/94 و10/90، والبغوي "3516"، وأبو نعيم في "الحلية" 10/405، وفي تاريخ أصبهان 2/14 من طرق عن حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2443"، و"6952" في الإكراه: باب يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه إذا خاف عليه والقتل أو نحوه، وأحمد 3/99، وأبو نعيم في "الحلية" 3/94 من طريقين عن أنس، به.
وفي الباب عن جابر بن عبد الله عند أحمد 3/323 - 324، ومسلم "2584"، وابن الجعد "2735"، والبغوي "3517".(11/571)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ بِنُصْرَةِ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ مَعًا إِذَا قَدَرَ الْمَرْءُ عَلَى ذَلِكَ
5168 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا يَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ يَنْصُرُهُ ظالما؟ قال: "يكفه1 عن الظلم"2. [1: 67]
__________
1 وفي الهامش الأصل: "في نسخة: يمنعه"، وفي أصل "التقاسيم" 1/لوحة 481: يمنعه، وفي هامشه: "في نسخة: يكفه".
2 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الربيع: وهو سليمان بن داود بن حماد المهري أبو الربيع المصري ابن أخي رشدين، وهو يقة، روى له أبو داود والنسائي. وهومكرر ماقبله.(11/572)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ النُّهْبَةِ لِلْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا الْمَرْءُ
5169 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ، وَكَانَ شَهِدَ حُنَيْنًا - قَالَ: "سَمِعْتُ مُنَادِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ1. يَنْهَى عَنِ النُّهْبَةِ"2. [2: 3]
__________
1 عند غير المؤلف: خيبر.
2 حديث حسن، شريك –وهو ابن عبد الله النخعي –قد تابعه عليه شعبة وأبو الأحوص وإسرائيل بن يونس وغيرهم،
أخرجه عبد الرزاق "18841"، والطيالسي "1195"، وأحمد 5/367، وابن ماجه "3938" في الفتن: باب النهي عن النهبة، والطحاوي 3/49، والطبراني "1371" و"1372" و"1373" "1374" و"1375" و"1376" و"1377" و"1378" و"1379" و1380"، والحاكم 2/134 من طرق عن سماك، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه لحديث سماك بن حرب، فإنه رواه مرة عن ثعلبة بن الحكمن عن ابن عباس رضى الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أسنده من طريق طلحة القناد، عن أسباط بن نصر، عن سماك بن حرب، عن ثعلبة بن الحكم، عن ابن عباس....
وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 245: ليس لثعلبة بن الحكم عند ابن ماجه سوى هذا الحديث، وليس له رواية في شيء من الكتب الخمسة، وإسناد حديثه صحيح، وأورده عن الطيالسي ومسدد وأبو يعلى وابن أبي شيبة.
وأخرجه الطبراني "1382" من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن يزيد بن أبي زياد، عن ثعلبة بن الحكم.
وقال الإمام البغوي في"شرح السنة" 8/228: وتتناول النهبة في الحديث على الجماعة ينتهبون الغنيمة، فلايدخلون في القسم، والقوم يقدم إليهم الطعام فينتهونه، فكل يأخذ بقدر قوته، ونحو ذلكن وإلا فنهب أموال المسلمين محرم لايشكل على أحد، ومن فعله يستحق العقوبة والزجر.(11/573)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ انْتِهَابِ الْمَرْءِ مَالَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ
5170 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حدثنا بن مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من انتهب نهبة، فليس منا"1. [2: 61]
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
وأخرجه ابن ماجه "3937" في الفتن: باب النهي عن النهبة، عن حميد بن مسعدة، عن يزيد بن زريع، عن حميد، بهذا الإسناد وانظر الحديث "3237" عند المؤلف.
وفي الباب عن أنس بن مالك عند الترمذي "1601"، وقال: حديث حسن صحيح غريب من حديث أنس. وعن رافع بن خديج عنده أيضاً "1600". وعن جابر عند أبي داود "4391"، وابن ماجه "3935"ن وعن زيد بن خالد عند أحمد 4/117.(11/574)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ احْتِلَابِ الْمَرْءِ مَاشِيَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ
5171 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُحْتَلَبَ مَوَاشِي النَّاسِ إِلَّا بِإِذْنِ أَرْبَابِهَا، وَقَالَ: "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَيُكْسَرَ بَابُهَا، فَيُنْتَثَلَ مَا فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ، إِنَّمَا ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ هُوَ طَعَامُ أَحَدِهِمْ فَلَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا حَلَبَ مَاشِيَةَ أَحَدٍ بِغَيْرِ إذنه"1. [2: 3] .
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم "1726" في اللقطة: باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها، عن ابن نمير، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/56، والبيهقي 9/358 من طريقين عن عبيد الله بن عمر، به. واقتصر أحمد على لفظ النهي فقط.
وأخرجه أحمد 2/6، ومسلم "1726"، وابن ماجه "2302" في "مشكل الآثار" 4/41 من طرق عن نافع، به. وسيأتي عند المؤلف، برقم "5282" من طريق مالك.
قوله "ينتثل"، أي: يستخرج ويؤخذ.(11/575)
ذِكْرُ نَفْيِ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنِ الْمُنْتَهِبِ النُّهْبَةَ إذا كانت ذات شرف
5172 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شِهَابٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولَانِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرُ حِينَ يَشْرَبُهَا وهو مؤمن". قال بن شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ يُحَدِّثُهُمْ بِهَؤُلَاءِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ يَلْحَقُ فِيهَا: "وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ النَّاسَ إِلَيْهَا أَبْصَارَهُمْ وَهُوَ حين ينتهبها مؤمن"1. [3: 50]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم. وقد تقدم برقم "186".(11/576)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذِكْرَ النُّهْبَةِ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ فِي هَذَا الْخَبَرِ
5173 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً وَهُوَ حين ينتهبها مؤمن"1. [3: 50]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وانظر الحديث "186".(11/576)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَخْذِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهَا لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
5174 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان، قال: حدثنا بن عَجْلَانَ1، سَمِعَ عِيَاضَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: عَلَى الْمِنْبَرِ: "إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا أَخْرَجَ اللَّهُ مِنْ نَبَتِ الْأَرْضِ وَزَهْرَةِ الدُّنْيَا" فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهَلْ يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يُنَزَّلُ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا نُزِّلَ عَلَيْهِ غَشِيَهُ بُهْرٌ وَعَرَقٌ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ" فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَمْ أُرِدْ إِلَّا خَيْرًا فَقَالَ: "إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَلَكِنْ كُلَّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا تَأْكُلُ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا، اسْتَقْبَلَتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ، وَبَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ، فَأَكَلَتْ، ثُمَّ قَامَتْ، فَاجْتَرَّتْ، فَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ وَنَفَعَهُ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ"2. [2: 62]
__________
1 تحرف في الأصل إلى: غيلان، والتصويب من "التقاسيم" 2لوحة 170.
2 إساده حسن: ابن عجلان: هو محمد.
وأخرجه أحمد 3/7، والحميدي "740" عن سفيان، عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وهو حديث صحيح تقدم عند المؤلف من غير هذا الطريق برقم "3225" و"3226" و"3227".(11/577)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ يُمْهِلُ الظَّلَمَةَ وَالْفُسَّاقَ إِلَى وَقْتِ قَضَاءِ أَخْذِهِمْ فَإِذَا أَخَذَهُمْ أَخَذَ بِشِدَّةٍ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ
5175 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ الظَّالِمَ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يَنْفَلِتْ" ثُمَّ تَلَا {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن سعيد الجوهري فمن رجال مسلم.
وأخرجه الترمذي بعد الحديث "3110" في تفسير القرآن الكريم: باب ومن سورة هود، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "4686" في تفسير باب {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} ، ومسلم "2583" في البر والصلة: باب تحريم الظلم، والترمذي "3110"، وفي النسائي في التفسير كما في "التحفة" 6/436، وابن ماجه "4018" في الفتن: باب العقوبات، والطبري"18559"، والبيهقي في "السنن" 6/94، وفي "الأسماء والصفات" 1/82، والبغوي في "شرح السنة" 4162"، وفي "معالم التنزيل" 2/401 من طرق عن أبي معاوية، عن بريد، به.
وأورده السيوطي في الدر المنثور" 4/474 وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي الشيخ وابن مردويه.(11/578)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الظُّلْمِ وَالْفُحْشِ وَالشُّحِّ
5176 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن أَبِي عَدِيٍّ، وَأَبُو دَاوُدَ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الشُّحُّ أَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ، فَقَطَعُوا أَرْحَامَهُمْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ، فَفَجَرُوا وَأَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ يَسْلَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِكَ وَيَدِكَ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيُّ الْهِجْرَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَهْجُرَ مَا كَرِهَ رَبُّكَ" قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ: هِجْرَةُ الْحَاضِرِ، وَهِجْرَةُ الْبَادِي، أَمَّا الْبَادِي، فَيُجِيبُ إِذَا دُعِيَ، وَيُطِيعُ إِذَا أُمِرَ، وَأَمَّا الْحَاضِرُ، فهو أعظمهما بلية، وأعظمهما أجرا"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح، وأبو كثير الزبيدي وثقه النسائي والعجلي والمؤلف، وروى له أبو داود والترمذي والنسائي والبخاري في "أفعال العباد"، وباقي رجال السند ثقات رجال الشيخين غير أبي داود –هو سليمان بن داود الطيالسي - وعبد الله بن الحارث: وهو الزبيدي، فمن رجال مسلم. بندار: هو محمد بن بشار، وابن عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي.
وأخرجه الطيالسي "2272"، وأحمد 2/195، والحاكم 1/11، والبيهقي 10/243 من طريق شعبة، بهذا الإسناد. وقرن الطيالسي والبيهقي: مع شعبة "المسعودي".وقال الحاكم عن رواية الحديث: إنها صحيحة سليمة من رواية المجروحين.
وأخرجه أحمد 2/159 - 160 عن ابن أبي عدين به.
وأخرجه أحمد 2/191، والحاكم 1/11 من أبي طريقين عن عمرو بن مرة، به.
وأخرجه الدارمي 2/240 عن الوليد، عن شعبة، به، مختصراً بلفظ "إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". وقد تقدم مختصراً برقم "4863".(11/579)
5177 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، قَالَ: حدثنا سفيان، عن بن عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَاحِشَ وَالْمُتَفَحِّشَ، وَإِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ، هِيَ الظُّلُمَاتُ1 يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ فَإِنَّ الشُّحَّ، دَعَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ وَقَطَعُوا أرحامهم"2. [2: 43]
__________
1 في الأصل "هي ظلمات"، والمثبت من "التقاسيم" 2/لوحة 132.
2 إسناده حسن، محمد بن عجلان روى له مسلم متابعة والبخاري، وهو حسن الحديث، وإبراهيم بن بشار الرمادي حافظ روى له أبو داود والترمذي، وباقي السند على شرطهما. سفيان: هو ابن عيينةن وسعيد: هو ابن أبي سعيد المقبري.
وأخرجه أحمد 2/431، والحاكم 1/12 من طرق عن ابن عجلان، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم!
وأخرجه أحمد 2/431 عن ركين بن سعيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، به.(11/580)
23 - كِتَابُ الشُّفْعَةِ
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَبِيعَ الْمَرْءُ حَائِطَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِضَهُ عَلَى جَارِهِ
5178 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده حسن، وهو حديث هشام بن عمار حسن الحديث، وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير أَبِي الزُّبير: محمد بن مسلم بن تَدْرُسَ، فقد روى له البخاري مقروناً واحتج به مسلم، وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير بالسماع عند مسلم وغيره.
وأخرجه عبد الرزاق "14403"، والشافعي 2/165، وأحمد 3/316، والحميدي "1272"، والدارمي 2/273 - 274، ومسلم "1608" "134" و"135" في المساقاة: باب الشفعة، وأبو داود "3513" في البيوع والإجارات: باب الشفعة، والنسائي 7/301 في اليبوع: باب بيع المشاع، و320: باب الشركة في الرباع، وابن الجارود "642"، والطحاوي 4/120، والبيهقي 6/104 و105 و109، من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وألفاظه عندهم متقاربة.
وأخرجه بنحوه عبد الرزاق "14403"، وأحمد 3/307 و310 و382، وابن أبي شيبة 7/168، والنسائي 7/319 في البيوع: باب الشركة في النخيل، و321: باب ذكر الشفعة وأحكامها، وابن ماجه "2492" في الشفعة: باب من باع رباعاً فيؤذن شريكه، أبو يعلى "1835"، وابن الجارود "641"، والطبراني في "الصغير"25" من طرق عن أبي الزبير، به.
وأخرجه أحمد 3/357، والترمذي "1312" في البيوع: باب ماجاء في أرض المشترك يريد بعضهم بيع نصيبه، من طريقين عن سعيد عن قتادة، عن سليمان اليشكري، عن جابر. قال الترمذي: هذا حديث إسناده ليس بمتصل، سمعت محمداً يقول سليمان اليشكري يقال: أنه مات في حياة جابر بن عبد الله، يقال ولم يسمع منه قتادة ولاأبو بشير.
والشفعة، قال النووي في "شرح مسلم" 11/45: قال أهل اللغة: الشفعة من شفعت الشيء: إذا ضممته وثنيته، ومنه شفع الأذان، وسميت شفعة لضم نصيب إلى نصيب.
الربعة، والربع بفتح الراء وإسكان الباء: الدار المسكن ومطلق الأرض، وأصله المنزل الذي كانوا يرتبعون فيه، والربعة تأنيث الربع، وقيل: واحدة والجمع الذي هو اسم الجنس: ربع، كتمرة وتمر.(11/581)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الزَّجْرَ إِنَّمَا زُجِرَ عَنْهُ مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي أَرْضِهِ إِذِ الشُّفْعَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلشُّرَكَاءِ
5179 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي رَبْعَةٍ أَوْ نَخْلٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ رَضِيَ، أَخَذَ وَإِنْ كَرِهَ تَرَكَ"1. [2: 3]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير، فمن رجال مسلم، وروى له البخاري مقروناً. أبو الوليد: هوالطيالسي هشم بن عبد الملك.
وأخرجه أحمد 3/312 و397، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" "2701"، ومسلم "1608" "133"، وأبو يعلى "2171"، والبغوي في "شرح السنة" "2173" من طرق عن زهير بن معاوية بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.(11/582)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ فِي الْعُقْدَةِ الْمَبِيعَةِ
5180 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْجَارُ أَحَقُّ بسقبه"1. [1: 92]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم.
وأخرجه عبد الرزاق "14382"، والحميدي "552"، وأحمد 6/390، والشافعي 2/165، وابن أبي شيبة 164 - 165، والبخاري "6977" و"6978" في الحيل: باب في الهبة والشفعة، و"6980" و"6981": باب احتيال العامل ليهدى له، وأبو داود "3516" في البيوع والإجارات: باب في الشفعة، والنسائي 7/320 في اليبوع: باب الشفعة وأحكامها، وابن ماجه "2498" في الشفعة: باب إذا وقعت الحدود فلاشفعة، والطحاوي 4/123، والدارقطني 4/222 - 223و223، والبيهقي 6/105 و105 - 106، والبغوي 2172" من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. ومنهم من ذكر فيه قصة لسعد بن أبي وقاص والمسور بن مخرمة، وسيأتي عند المؤلف ابن ماجه وإحدى روايات الدارقطني "الشريك....".
قال البغوي في "شرح السنة": والسقب، بالسين والصاد: في الأصل القرب، يريد بمايليه، وبما يقرب منه، يقال: سبقت الدار وأسقبت: أي قربت، وليس في الحديث ذكر الشفعة، فيحتمل أن يكون المراد منه الشفعة، ويحتمل أنه أحق بالبر والمعونة، والأول أقوى.(11/583)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ" أَرَادَ بِهِ الْجَارَ الَّذِي يَكُونُ شَرِيكًا دُونَ الْجَارِ الَّذِي لَا يَكُونُ بِشَرِيكٍ
5181 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ: اشْتَرِ1 مِنِّي بَيْتَيَّ اللَّذَيْنِ فِي دَارِكَ، فَقَالَ: لَا إِلَّا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةٍ، أَوْ قَالَ: مُقَطَّعَةٍ، فَقَالَ أَمَا وَاللَّهِ لولا أني سمعت
__________
1 في الأصل "التقاسيم" 1/لوحة 572: "اشتري" بإثبات الياء، والجادة ماأثبته.(11/584)
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ" مَا بِعْتُكَهَا لَقَدْ أُعْطِيتُ بها خمس مائة دينار1. [1: 92]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد بن مسرهد، فمن رجال البخاري. وانظر ما قبله.(11/585)
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ جَهِلَ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّ الْجَارَ الْمُلَاصِقَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا1 لَهُ الشُّفْعَةُ
5182 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "جار الدار أحق بالدار"2. [3: 39]
__________
1 في الأصل و"التقاسيم" 3/لوحة 126: شريك، وهو خطأ.
2 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين. سعيدك هوابن أبي عروبة، وعيسى بن يونس قد روى عنه قبل الاختلاط.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/122، والضياء المقدسي في "الاحاديث المختارة" 204/1 من طريقين عن عيسى بن يونس، عَنْ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس، سمرة بن جندب. فجعله من حديث سمرة.
وأخرجه أيضاً من طريق همام وشعبة كلاهما عن قتادة، عن أنس، عن سمرة
ومن حديث سمرة بن جندب أخرجه أحمد 5/12 و13، ابن أبي شيبة 7/165، والترمذي "1368" في الأحكام: باب ماجاء في =(11/585)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الشفعة، والطبراني "6803" و6804" من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادةن عن الحسن، عن سمرة.
وأخرجه أحمد 5/8و17 و18 و22، وأبو داود "3517" في البيوع: باب الشفعة، والطيالسي "904"، وابن الجارود "6800" و"6801" و"6802" 6805"، والبيهقي 6/106 من طرق عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة.
وأخرجه الطحاوي 4/123 من طريق شعبة، عن يونس، عن الحسن عن سمرة.
قال الترمذي: حديث سمرة حديث حسن صحيح، وروي عيسى بن يونس، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله، وروى عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والصحيح عند أهل العلم حديث الحسن، عن سمرة، ولانعرف حديث قتادة عن أنس إلا من حديث عيسى بن يونس.
ونقل الحافظ الضياء في "الأحاديث المختارة" قول الدارقطني: وهم فيه عيسى بن يونس، وغيره يرويه عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة، وكذلك رواه شعبة، وغيره، وهوالصواب. ثم تعقبه بقوله: قلت: وقد روى أبو ليلى حديث سمرة عن أحمد بن جناب، عن عيسى بن يونس، عن سعيد، وروى بعده حديث أنس، فجاء بالروايتين معاً.
فهذه الرواية دالة - وهي من طريق أحمد بن جناب أحد شيوخ مسلم الثقات –على أن يونس قد حفظ مارواه الجماعة، عن سعيد، عن قتادة، وزاد عليهم روايته عن سعيد عن قتادة عن أنس.
وبيّنٌ من هذا أن قتادة في الحديث إسنادين.(11/586)
ذكر الخبر الدال على أن عموم هذ الْخَطَّابِ أَرَادَ بِهِ بَعْضَ الْجَارِ الَّذِي يَكُونُ شَرِيكًا دُونَ مَنْ لَمْ يَكُنْ شَرِيكًا
5183 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا حجاج بن محمد، عن بن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَجَاءَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى أَحَدِ مَنْكِبَيَّ إِذْ جَاءَ أَبُو رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا سَعْدُ ابْتَعْ مِنِّي بَيْتِي فِي دَارِكَ، فَقَالَ سَعْدُ: لَا وَاللَّهِ لَا أَبْتَاعُهُمَا، فَقَالَ: الْمِسْوَرُ: وَاللَّهِ لَتَبْتَاعَنَّهُمَا، فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُكَ عَلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةٍ أَوْ مُقَطَّعَةٍ، فَقَالَ أَبُو رَافِعٍ: وَاللَّهِ لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا خَمْسَ مِائَةِ دِينَارٍ، وَلَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْمَرْءُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ" مَا أَعْطَيْتُكَهُمَا بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَأَنَا أُعْطَى بِهِمَا خَمْسَ مائة دينار"1. [3: 39]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يوسف بن سعيد، وهوثقة، ورى له النسائي.
وأخرجه البخاري "2258" في الشفعة: باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع، عن المكي بن إبراهيم، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأنظر "5180" و"5181".(11/587)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ الْجَارَ سَوَاءٌ كَانَ مُتَلَاصِقًا أَوْ مُجَاوِرًا لَا يَكُونُ لَهُ الشُّفْعَةُ حَتَّى يَكُونَ شَرِيكًا لِبَائِعِ الدَّارِ
5184 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "إِنَّمَا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشفعة فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة"1. [3: 39]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير نوح بن حبيب، وهو ثقة، روى له أبو داود والنسائي، وهوفي "مصنف عبد الرزاق" 14391"
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/296، والبخاري "2213" في البيوع: باب بيع الشريك من شريكه، والترمذي "1370" في الأحكام: باب ماجاء إذا حدّت الحدود ووقعت السهام فلا شفعة، وأبو داود "3514" وابن ماجه "2499" في الشفعة: باب في الهبة والشفعة، والنسائي 7/321 في البيوع: باب ذكر الشفعة، والشافعي 2/165، والبغوي، "2171" من طرق عن معمر به.
وأخرجه بنحوه الطيالسي "1691"، وأحمد 3/372، والدولابي في "الكنى والأسماء" 2/150، والبيهقي 6/103 من طريق صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، به. =(11/588)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه البيهقي 6/103 من طريق يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، به.
وقوله: "وصرفت الطرق" قال الحافظ: أي بنيت مصارف الطرق وشوارعهان كأنه من التصرف أو من التعريف، وقال ابن مالك: معناه خلصت وبانت، وهو مشتق من الصرف بكسر الصاد، والخالص من كل شيء.
وقال الإمام البغوي في "شرح السنة" 8/241: اتفق أهل العلم على ثبوت الشفعة للشريك في الريع المنقسم إذا باع أحد الشركاء نصيبه قبل القسمة فللباقين أخذه بالشفعة بمثل الثمن الذي وقع عليه البيع إن باع بشيء متقوم من ثوب أن عبداً، فيأخذه بقيمة ما باعه به.
وأختلفوا في ثوب الشفعة للجار، فذهب أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم إلى أن لاشفعة للجار، وأنها تختص بالمشاع دون المقسوم، هذا قول عمر وعثمان ربضي الله عنهما، وهو قول أهل المدينة سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور.
وذهب قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى ثبوت الشفعة للجار، وهو قول الثوري، وابن المبارك وأصحاب الرأي غير أنهم قالوا: الشريك مقدم على الجار.
واحتجوا بحديث أبي رافع المتقدم برقم "5180": "الجار أحق بسقبه"، وبحديث جابر رفعه: "الجار أحق بشفعة جاره ينتظر بها وإن كان غائباً إذا طريقهما واحداً". وأخرجه أبو داود "3518"، والترمذي "1369"، وابن ماجه "2494" من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر. وهذا سند قوي الراية وحسنه الترمبذي وقال صاحب "التنقيح" فيما نقله عنه الزيلعي في "نصب الراية" 4/174: واعلم أن حديث عبد الملك بن أبي سليمان حديث صحيح، لا منافاة بينه وبين روايه جابر المشهورة، وهي "الشفعة في كل مالم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة"، فإن في حديث عبد الملك "إذا كان طريقهما واحداً" وحديث جابر المشهور لم ينف فيه استحقاق الشفعة إلا بشرط تصرف الطرق، فنقول: إذا اشترك الجاران في النافع كالبئر، أو السطح، أو الطريق، فالجار أحق بصقب جاره، لحديث عبد الملكن وإذا لم يشتركا في شيء من النافع فلا شفعة لحديث، جابر المشهور، وطعن شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث، لايقدح فيه فإنه ثقة، وشعبة لم يكن من الحذاق في الفقه ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر تعارضها، إنما كان حافظاً، وغير شعبة إنما طعن فيه تبعاً لشعبة، وقد احتج بعبد الملك مسلم في "صحيحه"، واستهشد به البخاري، ويشبه أن يكونا إنما لم يخرجا حديثه هذا لتفرده به، وإنكار الأئمة عليه فيه، وجعله بعضهم رأياً لعطاء أدرجه عبد الملك في الحديث، ووثقه أحمد والنسائي، وابن معين، والعجلي، وقال الخطيب: لقد أساء شعبة حيث حدث عن محمد بن عبيد الله والعرزمي، وترك التحديث عن عبد الملك بن أبي سليمان، فإن العرزمي لم يختلف أهل الأثر في سقوط روايته، وعبد الملك ثناءهم عليه مستفيض، والله أعلم(11/589)
ذِكْرُ نَفْيِ الشُّفْعَةِ عَنِ الْعَقْدِ إِذَا اشْتَرَاهَا غَيْرُ شَرِيكٍ لِبَائِعِهَا مِنْهَا
5185 - أَخْبَرَنَا الْحَرُّ بْنُ سُلَيْمَانَ بِأَطْرَابُلْسَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَاجِشُونُ، عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ، وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ، فلا شفعة"1. [1: 92]
__________
1 حديث صحيح، سعد بن عبد الله بن عبد الكريم: روى عن جمع، وروى عنه جمع، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 4/92 وقال: سمعت =(11/590)
قال أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: رَفَعَ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ مَالِكٍ أَرْبَعَةُ أَنْفَسٍ: الْمَاجِشُونُ وَأَبُو عَاصِمٍ، وَيَحْيَى بْنُ أَبِي قُتَيْلَةَ، وَأَشْهَبُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَرْسَلَهُ عَنْ مَالِكٍ سَائِرُ أَصْحَابِهِ، وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَةً لِمَالِكٍ يَرْفَعُ فِي الْأَحَايِينِ الْأَخْبَارِ، وَيُوقِفُهَا مِرَارًا، وَيُرْسِلُهَا
__________
=منه بمكة وبمصر، وهو صدوق، سئل أبي عنه فقال: مصري صدوق، وقال ابن يونس: كان رجلاً صالحاً، والماجشون: هو عبد الملك بن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سلمة الماجشون، روى له النسائي وابن ماجه، وذكره المؤلف في "ثقاته" 8/389، وهو –وإن تكلم فيه - قد تابعه عليه غير واحد، وباقي السند على شرطهما.
وأخرجه البيهقي 6/103 من طريقين عن ابن الماجشونن به.
وأخرجه الطحاوي 4/121، والبيهقي 6/103 و104، وابن ماجه "2497" في الشفعة: باب إذا وقعت الحدود فلا شفعة، من طريق أبي عاصم النبيل، وابن قتيلة المدني، كلاهما عن مالك، به. قال أبو عاصم: حديث أبي سلمة عن أبي هريرة مسند، وحديث سعيد مرسل.
وأخرجه أبو داود "3515" في البيوع والإجارات: باب في الشفعة والبيهقي 6/104 من طريقين عن الزهري، به.
وهو في "الموطأ" 2/713 في الشفعة: باب ماتقع فيه الشفعة مرسلاً عن سعيد وأبي سلمة، من طريق مالك أخرجه الشافعي 2/164 - 165، وابن أبي شيبة 7/171، والطحاوي 4/121، والبيهقي 6/103.
وأخرجه الطحاوي 4/122، والبيهقي 6/103 من طريقين عن الزهري، عن سعيد مرسلاً بنحوه.
وأخرجه النسائي 7/321 في البيوع: باب ذكرالشفعة وأحكامها، من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة مرسلاً.(11/591)
مَرَّةً، وَيُسْنِدُهَا أُخْرَى عَلَى حَسَبِ نَشَاطِهِ، فَالْحُكْمُ أَبَدًا لِمَنْ رَفَعَ عَنْهُ، وَأَسْنَدَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ ثِقَةً حَافِظًا مُتْقِنًا عَلَى السَّبِيلِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ1.
__________
1 انظر الجزء الأول ص146.(11/592)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"
5186 - أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الشفعة فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتِ الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة"1. [1: 92]
__________
1 إسناده صحيح، وهو مكرر "5184".(11/592)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5187 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالشفعة فِي كُلِّ مَالٍ لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتِ الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة"1. [1: 92]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير بشير بن معاذ العقدي، فروى له الترمذي والنسائي وابن ماجهن وهوثفة.
وأخرجه البخاري "2214" في البيوع: باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعاً غير مقسوم و"2257" في الشفعة: باب السفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود فلاشفعة، و"2496" في الشركة: باب إذا قسم الشركاء الدور أو غيرها فليس لهم رجوع ولاشفعة، وأحمد 3/399، والطحاوي 4/122، والبيهقي 6/102، والبغوي "2171" من طرق عن عبد الواحد، بهذا الإسناد وقد تقدم بأسانيد مختلفة.(11/593)
كتاب المزارعة
ذكر الخبر الذي جاء في حكم المزارعة
...
24 - كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ
5188 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو عُمَرَ الْقَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْقِلٍ عَنِ الْمُزَارَعَةِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن المزارعة"1. [2: 10]
5189 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قال: حدثنا عبد الرحمن
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات الشيخين غير عبد الله بن السائب –وهو الكندي أوالشيباني الكوفي - وابن أبي الشوارب، فمن رجال مسلم. سليمان الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان.
وأخرجه أحمد 4/33، ومسلم "1549" "118" في البيوع: باب في المزارعة والمؤاجرة، والدارمي 2/270 - 271، والطحاوي 4/106، والبيهقي 6/128، والطبراني "1342 من طرق عن عبد الواحد بن زياد بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1549" "118" و"119"، والطبراني "1343"، والطحاوي 4/107 من طريقين عن سليمان الشيباني، به.(11/594)
بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ يُؤَاجِرُونَهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَتْ لَهُ فُضُولُ أَرَضِينَ، فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيُزْرِعْهَا، أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ"1. [1: 29]
قَالَ أبو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْ لِيُزْرِعْهَا أَخَاهُ" يُرِيدُ بِهِ: فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزِّرَاعَةَ نَفْسَهَا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ: "أَوْ لِيَزْرَعْهَا" مَعْنَى، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُزَارِعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ عَلَى مَا فِي الْخَبَرِ.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيمن وهو الملقب بدحيم، فمن رجال البخاري. الوليدك هو ابن مسلم الدمشقي، وقد صرح بسماعه هنا وعطاءك هو ابن أبي رباح.
وأخرجه ابن ماجه "2451" في الرهون: باب المزارعة بالثلث والربع، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/354، والبخاري "2340" في الحرث والمزارعة: باب ما كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسى بعضهم بعضاً في الزراعة والتمر، و"2632" في الهبة: باب فضل المنيحةن ومسلم "1536" و"89" في البيوع: المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث، والربع، والبيهقي 6/130 من طرق عن الأوزاعي، به. وقد تقدم عند المؤلف برقم "5148".(11/595)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا اللَّفْظَةَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
5190 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَطَرُ الْوَرَّاقُ، عَنْ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَلْيَزْرَعْهَا، فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا، فَلْيَمْنَحْهَا أخاه". 1 [1: 29]
__________
1 إسناده حسن. مطر الوراق: روى له مسلم في المتابعات، وعلق له البخاري، وروى له أصحاب السنن، وهو صدوق، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين. عطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه مسلم 3/1176 "88" في البيوع: باب كراء الأرض، والبيهقي، 6/129 من طريقين عن مهدي بن ميمون، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه النسائي 7/37 في المزارعة: باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، من طريق ابن شوذب، عن مطر الوراقن به. وقد تقدم. انظر "5148".(11/596)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْ لِيُزْرِعْهَا" أَرَادَ بِهِ الزَّجْرَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ الَّتِي تَكُونُ بِشَرَائِطَ مَجْهُولَةٍ فندب إلى المنيحة من أجلها
5191 - أخبرنا بن سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو النَّجَاشِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَمِّهِ ظُهَيْرِ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا مُوَافِقًا، فَقُلْتُ: مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ حَقٌّ. فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَصْنَعُونَ بِمَحَاقِلِكُمْ"؟ قُلْنَا نُؤَاجِرُهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالْأَوْسُقِ مِنَ الْبُرِّ1 وَالشَّعِيرِ، قَالَ: "فَلَا تَفْعَلُوا ازْرَعُوهَا أَوْ أَزْرِعُوهَا"2. [1: 29]
قَالَ أَبُو حاتم رضي الله تعالى عَنْهُ: أَبُو النَّجَاشِيِّ: اسْمُهُ عَطَاءُ بْنُ صُهَيْبٍ مولى رافع بن خديج.
__________
1 في هامش الأصل: "في نسخة: التمر"، وهي كذلك في بعض الموارد التي خرجته.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن، وهو ابن إبراهيم لقبه دحيم، فمن رجال البخاري.
وأخرجه البيهقي 6/"2339" في الحرث والمزارعة: باب ماكان مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواسي بعضهم بعضاً في الزراعة والتمر، ومسلم "1548" "114" في البيوع: باب كراء الأرض بالطعام، والنسائي 7/49 في المزارعة: باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع واختلاف ألفاظ الناقلين للخبر، والطبراني "8266"، وأبو داود تعليقاً ضمن حديث "3294" في البيوع: باب في التشديد في ذلك، من طريقين عن الأوزاعي، به.
وأخرجه أحمد 4/142، والبخاري "2346" في الحرث والمزارعة: باب كراء الأرض بالذهب والفضة، و"4012" في المغازي، ومسلم "1548" "113"، والنسائي 7/41 - 42 و42 و43، وأبو داود "3294". والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/105، وفي "مشكل الآثار" 3/284 - 285 و285 و288، والبيهقي 6/129 و131 و132 من طرق وبألفاظ مختلفة عن رافع بن خديج، عن عمه، به. وبعض الروايات: عن عميه.(11/597)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِكْرَاءِ الْمَرْءِ الْأَرْضَ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ مَجْهُولٍ
5192 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الْمَكِّيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَالْمُخَابَرَةِ، وَأَنْ يُبَاعَ النَّخْلُ حَتَّى يُشْقِحَ"، وَالْإِشْقَاحُ: أَنْ تَحْمَرَّ أَوْ تَصْفَرَّ، أَوْ يُطْعَمَ مِنْهُ شَيْءٌ.
قَالَ زَيْدٌ: فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ1. [2: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو الْوَلِيدِ هَذَا اسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ المكي
__________
1 إسناده حسن. حكيم بن سيف الرقي: صدوق، روى له أبو داود والنسائي في "اليوم والليلة"، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم 3/1174 "83" في البيوع: باب النهي عن المحاقلة والمزابنة، والبيهقي 5/301 من طرق عن زكريا بن عدي، عبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. =(11/598)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه البخاري "2196" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، ومسلم 3/1175 "84"، وأبوداود"3370" في البيوع: باب بيع الثمار قبل أن تبدو صلاحها، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/112، وفي "مشكل الآثار" 3/290، والبيهقي 5/301 و304 من طرق عن سعيد بن ميناء، به. وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وأخرجه بنحوه البخاري "2381"في الشراب والمساقاة: باب الرجل يكون له ممراً شرب في الحائط أو في نخل، "1487" في الزكاة: باب من باع ثماره أو نخله أو أرضه، و2189" في البيوع: باب بيع الثمار على رؤوس النخل بالذهب أوالفضة، ومسلم "1536" "81"، والترمذي "1290" في البيوع: باب ماجاء في عن الثنايا، وأبو داود "3404" في البيوع: باب في المخابرة، و "3373"، وابن ماجة "2216" في التجارات: باب النهي عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، والنسائي 7/37، و38 في المزارعة: باب ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض، و7/263 و264 في البيوع: باب بيع الثمر قبل أن يبدوصلاحه، والدارقطني 3/48، والطحاوي في شرح المعاني 4/112، وفي "مشكل الآثار" 3/290،
والبيهقي 5/301و304و307و309 من طرق عن عطاء عن جابر.
وأخرجه أحمد 3/313 و338 و356و364و372و389، والحميدي "1255" و"1292"، ومسلم "1536" "53"و "54" في البيوع: باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها بغير شرط القطع، و3/1175 "85"و3/1179 "103"، والترمذي "1313" في البيوع: باب ما جاء في المخابرة والمعاومة، والنسائي 7/37 و38 و264، وأبو داود "3404" في البيوع: باب في المخابرة، وأبو يعلى "1806" و"1841" و"1996" و"1997"، والطحاوي 4/111و112، والبيهقي 5/304 و311 من طرق عن جابر بألفاظ مختلفة.(11/599)
ذِكْرُ وَصْفِ الْمُزَارَعَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا
5193 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ حَدَّثَهُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ كِرَاءِ الْأَرْضِ".
قَالَ بُكَيْرٌ: وَحَدَّثَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ سمع بن عمر يقول: كنا نكري أرضنا، ثم تَرَكْنَا ذَلِكَ حِينَ سَمِعْنَا حَدِيثَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 [2: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. بكير: هو ابن عبد الله بن الأشج.
وأخرجه مسلم 3/1178 "99" في البيوع: باب "17" كراء الأرض عن هارون بن سعيد، عن ابن وهب، بهذا الإسناد
وأخرجه النسائي 7/37 في المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض،
والبيهقي 6/129 من طريق مطر، عن عطاء عن جابر. وانظر ما مضى.
وحديث ابن عمر أخرجه الطبراني "4309" من طريق أحمد بن صالح عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 1/234 و2/11 و3/463و465و4/142، والطيالسي "965"، ومسلم "1547" "106" و"107"و"108"و"112"، وأبو داود "3389" في البيوع: باب في المزارعة و"3394" باب التشديد في ذلك، والنسائي 7/46و47و48، والبيهقي 6/129، والطبراني "4248" – "4252" من طرق عن ابن عمر، وانظر الحديث الآتي.(11/600)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ نَافِعًا لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ
5194 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: انطلق بن عُمَرَ، وَانْطَلَقْنَا مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَافِعِ بن خديج، وقال له بن عُمَرَ: إِنِّي نُبِّئْتُ أَنَّكَ تُحَدِّثُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ؟ قَالَ نَعَمْ: فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا رافع بن خديج: "أن رسول الله صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ"1. [2: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري.
وأخرجه الطبراني "4303" عن معاذ بن جبل، عن مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1547" "109" في البيوع: باب كراء عن الأرض، عن يحيى بن يحيى، والنسائي 7/46 في البيوع باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، عن محمد بن بزيع، كلاهما عن يزيد بن زريع، به.
وأخرجه أحمد 4/140، والبخاري "2343" و"2344" في الحرث والمزارعة: باب ما كان مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يواسي بعضهم بعضاً في الزراعة والثمر، ومسلم "1547" "109" في البيوع: باب كراء الأرض، والطبراني "4302"، والبيهقي 6/130 من طريقين عن أيوب به بألفاظ متقاربة.
وأخرجه أحمد 3/465، ومسلم "1547" "110"، والنسائي 7/45 – 46و46 في المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، وابن ماجة "2453" في الرهون: باب كراء الأرض، والبيهقي 6/135 والطبراني "4304" – "4322" من طريق عن نافع، به.
وأخرجه بنحوه من طرق عن رافع بن خديج: أحمد 3/465و4/141، وابن أبي شيبة 6/344، والحميدي "405"، ومسلم "1548" "113" في البيوع: باب كراء الأرض بالطعام، والترمذي "1384" في الأحكام: باب من المزارعة، وأبو داود "3395" و"3396" و"3399" و"3400" و"3401" و"3402" في البيوع: باب التشديد في ذلك، والنسائي 7/34و35 و36 و39 و40 – 42 و42 و45، وابن ماجة "2449" و"2450" في الرهون: باب المزارعة بالثلث والربع، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/105 و106 و110، والبيهقي 6/132 و133 و134، والطبراني "4284" و"4255" و"4265" و"4269" و"4274" و"4276" و"4355" و"4360" و"4364" و"4372" و"4418" و"4436" و"4438" و"4439" و"4446" و"4448"(11/601)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ
5195 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ، قَالَ: "لَمْ يُحَرِّمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُزَارَعَةَ، وَلَكِنْ أَمَرَ النَّاسَ ان يرفق بعضهم بعضا"1. [2: 10]
__________
1 حديث صحيح. شريك – هو ابن عبد الله النخعي وإن كان سيء الحفظ، قد توبع، وباقي السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه مسلم "1550" "121" في البيوع: باب الأرض تمنح عن علي بن حجر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 6/134 والبغوي في "الجعديات" "1687"، والطبراني "1879" من طريقين عن الفضل بن موسى، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 1/234 و281 و349، ومسلم "1550" "120" و"121"، وعبد الرزاق "14466"، والبخاري "2330" في الحرث والمزارعة: باب رقم "10"، و"2342" باب ما كان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يواسى بعضهم بعضا والثمر، "2634" في الهبة: باب فضل المنحية، وأبو داود "3389" في البيوع: باب المزارعة، والنسائي 7/36 في المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، وابن ماجة "2456" في الرهون: باب الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة، و"2462" و"2464" باب الرخصة في المزار عة بالثلث والربع، والطحاوي في "شرح المعاني" 4/110، وفي "المشكل" 3/289، والبيهقي6/133 و134، والبغوي "218"، والطبراني "10880" – "10885" من طرق عن عمرو بن دينار، به.
واخرجه أحمد 1/286 و313 و338، والطيالسي "2604"، عبد الرزاق "14467"، ومسلم "1550" "121" "122" "123" وابن ماجة "2457"، والطحاوي 4/110 من طرق عن طاووس، به. بألفاظ متقاربة.
وأخرجه الطبراني "11302" من طريق اليث، عن عطاء، عن ابن عباس، بمثله.(11/602)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
5196 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا(11/603)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ الزُّرَقِيُّ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ، فَيَسْتَثْنِي صَاحِبَ الْأَرْضِ مَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ، فَيَهْلِكُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، فَنَهَى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذَلِكَ، فَقَالَ رَافِعٌ: أَمَّا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ مَعْلُومٍ، فلا بأس به1. [2: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم، فمن رجال البخاري. الوليد: هو ابن مسلم، قد صرح بالتحديث. وأخرجه الطبراني "4333" عن إبراهيم بن دحيم، عن أبيه، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 3/1183 "116" في البيوع: باب كراء الأرض بالذهب والورق، وأبو داود "3392" في البيوع: باب في المزارعة، والنسائي 7/في المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، والبيهقي 6/132، والطبراني "4332" و"4333" من طرق عن الأوزاعي، به.
وأخرجه أحمد 4/و140 و142، وعبد الرزاق "14452"، والشافعي 2/136، ومسلم "1547" "115"، ومالك 2/711 في كراء الأرض: باب ماجاء في كراء الأرض، وأبو داود "3392" و"3393" و"3397" باب في التشديد في ذلك، والنسائي 7/42 - 43 و44، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/289، والبيهقي 6/131 و132، والبغوي "2184" والطبراني "4329" –"4331" و"4334" من طرق عن ربيعة، به.
وأخرجه عبد الرزاق "14453"، والحميدي "406"، والبخاري "2327" في الحرث والمزارعة: باب رقم"7"، و"2332" باب مايكره من الشروط في المزارعة، و"2722" في الشروط: باب الشروط باب الشروط في المزارعة ومسلم "1547" "117"، والنسائي 7/44، وابن ماجه "2458" في الرهون: باب الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة، والطحاوي في "شرح معانيالآثار 3/287 و288، والبيهقي 6/132، والطبراني "4336" و"4338" من طرق عن يحيى بن سعيد، عن حنظلة بن قيس، به بألفاظ مختلفة.
"الماذيانات": جمع ماذيان، وهو النهر الكبير، لفظة سوادية ليست بعربية و"أقبال الجداول" أي: أوائلها ورؤوسها، جمع قبلن والجدول: النهر الصغير.(11/604)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ بشي مَضْمُونٍ أَرَادَ بِهِ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ
5197 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَلِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ رَافِعِ بن خديج، قال: كان الْأَرْضُ تُكْرَى بِالْمَاذِيَانَاتِ وَشَيْءٍ مِنَ التِّبْنِ يُسْتَثْنَى بِهِ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ. قَالَ رَافِعٌ: فَأَمَّا الذهب والورق فلا بأس به1. [2: 10]
__________
1 حديث صحيح. هشام بن عمار: حسن الحديث، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/463 و4/142، الطبراني "4335" من طريقين عن العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وانظر ماقبله.(11/605)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الزَّجْرَ عَنِ الْمُزَارَعَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ إِنَّمَا زُجِرَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطٍ غَيْرٍ مَعْلُومٍ
5198 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ ظُهَيْرٍ قَالَ: كَانَ أَحَدُنَا إِذَا اسْتَغْنَى عَنْ أَرْضِهِ، وَافْتَقَرَ إِلَيْهَا غَيْرُهُ زَارَعَهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، وَكَانَ يَشْتَرِطُ ثَلَاثَ جَدَاوِلَ، وَمَا سَقَى الرَّبِيعِ وَكُنَّا نُعَالِجُهَا عِلَاجًا شَدِيدًا بِالْبَقَرِ وَالْحَدِيدِ وَبِأَشْيَاءَ، وَكُنَّا نُصِيبُ مِنْهَا، فَأَتَانَا رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاكُمْ عَنْ أَمْرٍ كَانَ يَنْفَعُكُمْ عَنِ الْحَقْلِ – وَالْحَقْلُ: الثلث والربع - فمن كان لَهُ أَرْضٌ فَاسْتَغْنَى عَنْهَا، فَلْيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، أَوْ ليزرع، ونهاكم عن المزابنة1. [2: 10]
__________
1 إسناده صحيح على الشيخين غير صحابيه، فقد روى له أصحاب السنن.
وأخرجه البيهقي 6/135 من طريق أبي عبيد، عن جريرن بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/464، وعبد الرزاق "14463"، وأبو داود "3398" في البيوع: التشديد في ذلك، والنسائي 7/33 و34 في المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، وابن ماجه "2460" في الرهون: باب مايكره من المزارعة، والبيهقي 6/132 والطبراني "4256" و"4361" و"4362" من طرق عن منصور، به
وأخرجه أحمد 3/463 و464،والطحاوي 4/105، والطبراني "4363" من طريقين عن مجاهد، به.(11/606)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَالِثٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الزَّجْرَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُزَارَعَةِ اللَّتَيْنِ نَهَى عَنْهُمَا إِنَّمَا زَجَرَ عَنْهُ إِذَا كَانَ عَلَى شَرْطٍ مَجْهُولٍ
5199 - أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَشِيُّ أَبُو يَزِيدَ الْمُعَدِّلُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فِيمَا يحسب أبو سلمة،عن نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، فَغَلَبَ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ، فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ، وَلِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، فَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَكْتُمُوا، وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا، فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عِصْمَةَ، فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّ حُيَيٍّ: "مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءَ بِهِ مِنَ النَّضِيرِ؟ " فَقَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَهْدُ1
__________
1 أبوسلمة: هي كنية حماد نب سلمة نفسه.(11/607)
قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ" فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ، وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قَبْلَ ذَلِكَ قَدْ دَخَلَ خَرِبَةً فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَاهُنَا، فَذَهَبُوا فَطَافُوا، فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي خَرِبَةٍ فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَيْ أَبِي حَقِيقٍ وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ، وَقَسَمَ أَمْوَالَهُمْ لِلنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوهُ وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمُ مِنْهَا، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُونُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحُهَا وَنَقُومُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانُ يَقُومُونَ عَلَيْهَا فَكَانُوا لَا يَتَفَرَّغُونَ أَنْ يَقُومُوا فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَنَخْلٍ وَشَيْءٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ كُلَّ عَامٍ يَخْرُصُهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ، قَالَ: فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوهُ فَقَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَتُطْعِمُونِي السُّحْتَ، وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أحب الناس إلين وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ إَلَيَّ، مِنْ عِدَّتِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَنْ لَا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ.
قَالَ: وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَيْنَيْ صَفِيَّةَ خُضْرَةً فَقَالَ: "يَا صَفِيَّةُ مَا هَذِهِ الْخُضَرَةُ؟ " فَقَالَتْ: كَانَ رَأْسِي فِي حِجْرِ بْنِ أَبِي حَقِيقٍ وَأَنَا نَائِمَةٌ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ قَمَرًا وَقَعَ فِي حِجْرِي، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ فَلَطَمَنِي، وَقَالَ:(11/608)
تَمَنَّيْنَ مَلِكَ يَثْرِبَ؟ قَالَتْ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ قَتَلَ زَوْجِي وَأَبِي وَأَخِي، فَمَا زَالَ يَعْتَذِرُ إِلَيَّ، وَيَقُولُ: "إِنَّ أَبَاكِ أَلَّبَ عَلَيَّ الْعَرَبَ وَفَعَلَ وَفَعَلَ" حَتَّى ذَهَبَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِي، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ. فَلَمَّا كَانَ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الخطاب، غشوا المسلمين وألقوا بن عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ مِنْ خَيْبَرَ، فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نَقْسِمَهَا بَيْنَهُمْ، فَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا دَعْنَا نَكُونُ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ. فَقَالَ عُمَرُ لِرَئِيسِهِمْ: أَتَرَاهُ سَقَطَ عَنِّي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكَ: "كَيْفَ بِكَ إِذَا أَفَضَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا". وَقَسَمَهَا عُمَرُ بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ من أهل الحديبية1. [10:2]
__________
1 أسناده صحيح. عبد الواحد بن غياث: ثقة، روى له أبو داود، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه البيهقي في "السنن 6/114، وفي "الدلائل" 4/229 - 231 من طريق يوسف بن يعقوب القاضي، عن عبد الواحد بن غياث، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أبو داود "3006" في الخرااج والإمارة: باب ماجاء في حكم أرض خيبر، من طريق هارون بن زيد بن أبي الزرقاء، عن أبيه عن حماد بن سلمة، به. =(11/609)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه بنحوه مختصراً: أحمد 2/22 و37، والبخاري "2328" في الحرث والمزارعة: باب المزارعة بالشطر ونحوه، و"2329" باب إذا لم يشترط السنن في المزارعة، و"2331" باب في المزارعة مع اليهودن ومسلم "1551" و"1" و"2" و"3" في الشرب والمساقاة: باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع، وأبو داود "3408" في البيوع والإجارات: باب في المساقات والترمذي "1383" في الأحكام: باب ماذكرفي المزارعة، والدارمي 2/270، وابن ماجه "2467" في الرهون: باب معاملة النخيل والكرم، وابن الجارود "1101"، وابن شبة في "تاريخ المدينة المنورة" 1/180و186، والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 4/113 و"مشكل الآثار" 3/113 و115 - 116 من طرق عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه البخاري "2285" في الإجارة: باب إذا استأجر أرضاً فمات أحدهما، و"2499" في الشركة: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهمن و"4248" في المغازي: باب معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر, ومسلم "1551" "4" و"5" و"6"، وأبوداود "3409"، والنسائي 7/53 في المزارعة: باب اختلاف الألفاظ والمأثورة في المزارعةن وابن الجارود "1102، وابن شيبة 1/178 و184، والطحاوي 3/283، والبيهقي و6/114و115 و116، والبغوي "2177" من طرق عن نافع، به مختصراً.
والقصة الأخيرة أخرجها بنحوها البخاري "2338" في الحرث والمزارعة: باب إذا قال رب الأرض أقرك ما أقرك الله، و"2730" في الشروط: باب إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك، وأبو داود "3007"، والبيهقي 6/114، وفي "الدلائل" 4/234، من طرق عن نافع، به.(11/610)
ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُخَابَرَةَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ عَنْهَا
5200 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ لَمْ يَذَرِ الْمُخَابَرَةَ، فَلْيَأْذَنْ بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ"
هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسرائيل.1 [2: 10]
__________
1 إسحاق بن إبراهيم: هو إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كعب كامجر والمروزي. وهوثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه من رجال الصحيح، وأبو الزبير قد عنعن. يحيى بن سليم: وهو الطائف وقد توبع، وابن خثيم: هو عبد الله بن عثمان بن خيثم.
وأخرجه الترمذي في "العلل" 1/526، والطحاوي 4/107 من طريقين عن يحيى بن سليم، به. قال الترمذي: سألت محمداً عن هذا الحديث، قلت له: روى هذا الحديث عن ابن خثيم غير يحيى بن سليم؟ قال نعم، ورواه مسلم بن خالد، وداود بن عبد الرحمن العطار، قلت له: ما معنى هذا الحديث؟ قال: إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تلك الشروط الفاسدة التي كانوا يشترطون، فقال: من لم ينته عن الذي نهيت عنه فليؤذن بحرب من الله ورسوله.
وأخرجه أبو داود "3406" في البيوع: باب في باب في المخابرة، والطحاوي 4/107، والبيهقي 6/128، وأبو نعيم في "الحلية" 9/326 من طريقين عن ابن رجاء المكي، عن ابن خثيم، به. وذكره الحاكم 2/2/285 - 286 عن ابن خيثم، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.(11/611)
ذِكْرُ خَبَرٍ يَنْفِي الرِّيَبَ عَنِ الْخَلَدِ أَنَّ نَهْيَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُخَابَرَةِ كَانَ لِلْعِلَّةِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا
5201 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عن محمد بن عبد الرحمن بي أَبِي لَبِيبَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: كُنَّا نُكْرِي الْأَرْضَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا عَلَى السَّوَاقِي مِنَ الزَّرْعِ وَبِمَا سُقِيَ بِالْمَاءِ مِنْهَا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ذلكم ورخص لنا ان نكريها بالذهب والورق1. [10:3]
__________
1 إسناده ضعيف محمد بن عبد الرحمن بن لبينة، بن عكرمة لم يروعنه سوى إبراهيم بن سعد.
وأخرجه الدارمي 2/271 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/182، وأبو داود 4/111، وفي "مشكل لآثار" 3/286، والبيهقي 6/133، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/195 من طريق بن سعد به.
وأخرجه أحمد 1/178، والنسائي 7/41 في المزارعة: باب النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع، من طريقين عن محمد بن عكرمة، به.(11/612)
25 - كِتَابُ إِحْيَاءِ الْمَوَاتِ
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ لِمُحْيِي الْمَوَاتِ مِنْ أَرْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
5202 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ1 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيْتَةً، فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتِ العافية، فهو له صدقة"2. [3: 43]
__________
1 كذا في الأصل و"التقاسيم" 3/170 في الحديثين "عبيد الله بن عبد الرحمن"، وفي "الثقات" 5/7: عبيد اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خديج، قد اختلف في اسمه على خمسة أقوال، ذكرها الحافظ في "التهذيب" 7/28.
2 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الله بن عبد الرحمن، قال الحافظ: مستور، روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وقد تابعه غير واحد.
وأخرجه أحمد 3/313 و327 و318، وأبو عبيد في "الأموال" "1050"، والدارمي 2/267، والبغوي "1651"، والبيهقي 6/148 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا لإسناد. وسموه: عبيد الله بن عبد الرحمن.
وأخرجه يحيى 3/بن آدم في "الخراج" "259" من طريق أبي معاوية، عن هشام بن عروة، به.
وأخرجه أحمد 3/363 عن عفان، عن سعيد بن يزيد، عن ليث، عن أبي –وقال عفان مرة: عن أبي بكر بن محمد - عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ: "من أحيا أرضاً وعرة من المصر أو رمية من مصر، فهي له" وتحرف في المطبوع من "المسند" "وعروة" إلى "دعوة" والمثبت من "مجمع الزوائد" 4/157، وفيه ليث، وهو ابن أبي سليم، وهو ضعيف.
وعلقه الإمام البخاري في "صحيحه" 5/23 بصيغة التمريض في كتاب الحرث والمزارعة: باب من أحيا أرضا مواتاً.
والعافيه: قال البغوي كل طالب رزقاً من إنسان أو دابة أو طائر أو غير ذلك وإذا أتي الرجل الرجل يطلب حاجة، فقد عفاه، يعفوه، وهو عاف، وجمع العافي عفاه.
وفي الباب عن عائشة عند البخاري "3235"، والبيهقي 6/1416 - 142، وأبي عبيد "701"، وأحمد 6/120 بلفظ: "من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق"قضى به عمر في خلافته.
وعن سعيد بن زيد عند أبي داود "3073"، والترمذي "1378"، والبيهقي 6/142.(11/613)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ وَلَا يُعْلَمُ لَهُ سَمَاعٌ مِنْ جَابِرٍ
5203 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ:(11/614)
سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من أحيا أرضا ميتة، فله أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ، فَلَهُ بِهَا أَجْرٌ"1. [3: 43]
__________
1 هو مكرر ماقبله.(11/615)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ لِلْمُسْلِمِ إذا أحيى أَرْضًا مَيْتَةً مَعَ كِتْبَةِ الصَّدَقَةِ لَهُ بِمَا تَأْكُلُ الْعَافِيَةُ مِنْهَا
5204 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ بن المنهال بن أَخِي الْحَجَّاجِ بْنِ مِنْهَالٍ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ [2: 1]
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً، فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتِ الْعَافِيَةُ مِنْهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ"1.
قَالَ أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ صَحِيحٌ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً لَمْ تَكُنْ لَهُ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا للمسلم.2
__________
1 إسناده على شرط مسلم، ولاتضر عنعنة أبي الزبير، لأنه متابع.
وأخرجه أحمد 3/356، وابن زنجويه في"الأموال" 1049"، وأبو يعلى "1805"، والبغوي "1650"، والبيهقي 6/148 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
2 قال: الحافظ في "الفتح" 5/19: استنبط ابن حبان من هذه الزيادة التي في حديث جابر، وهي قوله: "فله فيها أجر" أن الذمي لايملك الموات بالإحياء، واحتج بأن الكافر لاأجر له، وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر إذا تصدق يثاب عليه في الدنيا كما ورد به الحديث، فيحمل الأجر في حقه على ثواب الدنيا، وفي حق المسلم على ماهو أعم من ذلك، وما قاله محتمل إلا أن الذي قاله ابن حبان أسعد بظاهر الحديث ولايتباد ر إلى الفهم من إطلاق الأجر إلا الأخروي.(11/615)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً لَمْ تَكُنْ لَهُ
5205 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلَّانَ بِأَذَنَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الزِّمَّانِيُّ1، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحْيَى أَرْضًا مَيْتَةً، فَهِيَ لَهُ، وَمَا أَكَلَتِ الْعَوَافِي مِنْهَا، فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ" 2. [3: 43
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ: "وما أكلت العوافي
__________
1 في الأصل و"التقاسيم: الذماري، وهو تحريف، والتصويب من "الأنساب" 6/297 وكتب التراجمن وهي نسبة إلى زمان، بطون العرب.
2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الزماني، وهو محمد نب يحيى بن فياض الزماني، وهو يقة، روى له أبو داود والنسائي في "اليوم والليلة". عبد الوهاب الثقفي: هو عبد الوهاب بن عبد المجيد بن الصلت الثقفي.
وأخرجه أبو يعلى "2195" عن سفيان، عن عبد الوهاب الثقفي: بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/304 و338، والترمذي "1379" في الأحكام: باب ماذكرفي إحياء الأرض الموات، من طرق عن هشام بن عروة، به. وقال الترمذي - وقد أخرج الشطر الأول فقط -: حديث حسن صحيح.(11/616)
مِنْهَا، فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ" كَانَ فِيهِ أَبْيَنُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْخِطَابَ وَرَدَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لِلْمُسْلِمِينَ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَأَنَّ الذِّمِّيَّ لَمْ يَقَعْ خِطَابُ الْخَبَرِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ إِذَا أَحْيَى الْمَوَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، إِذِ الصَّدَقَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا لِلْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ سَمِعَ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُمَا طَرِيقَانِ مَحْفُوظَانِ. وَطُلَّابُ الرِّزْقِ يُسَمَّوْنَ: الْعَافِيَةَ.. قاله أبو حاتم رحمه الله(11/617)
المجلد الثاني عشر
كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
بَابُ آدَابِ الْأَكْلِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَخْلُوَ بَيْتُهُ من التمر
...
40- كِتَابُ الْأَطْعِمَةِ
1-بَابُ آدَابِ الْأَكْلِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَخْلُوَ بَيْتُهُ مِنَ التَّمْرِ
5206-أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ, وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ, قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ, عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"بَيْتٌ لَا تَمْرَ فِيهِ جِيَاعٌ أَهْلُهُ" 1
66 -
__________
1إسناده صحيح. أحمد بن أبي الحواري: هو أحمد بن عبد الله بن ميمون بن العباس بن الحارث
التغلبي ابن أبى الحواري.ثقة روى له أبو داود وابن ماجه, ومن فوقه من رجال الشيخين غير مروان بن محمد_وهو ابن حسان الأسدي _فمن رجال مسلم.
وأخرجه بن ماجة3327في الأطعمة: باب في التمر, وأبو نعيم في"الحلية"
10/31 من طريق أحمد بن أبي الحواري, بهذا الإسناد.=(12/5)
ذكر الاستحباب للمرء تغطية تريده قَبْلَ الْأَكْلِ رَجَاءَ وُجُودِ الْبَرَكَةِ فِيهِ
5207- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ بن
__________
= وأخرجه الدرامي 2/104, ومن طريقه مسلم 2046 في الأشربة: باب في إدخال التمر ونحوه من الأقوات للعيال , والترمذي 1815 في الأطعمة: باب ما جاء في استحباب التمر, عن يحيي بن حسان, عن سليمانبن بلال, به.
وقول البخاري فيما نقله عنه الترمذي في " السنن" وفي "علله الكبير "324:لا أعلم أحداً روي هذا الحديث غير يحيي بن حسان عن سليمان بن بلال, مدفوع برواية ابن حبان وابن ماجة.
وأخرجه أحمد 6/179 و188,والدرامي 2/103_104,وابن أبي شيبة 8/306,ومسلم 2046153,وأبو الشيخ في"الأمثال" 231, وأبو نعيم في"الحلية" 9/63,وفي "أخبار أصبهان"1/92و2/116,والبغوي2885من طرق عن يعقوب بن محمد بن طحلاء, عن أبي الرجال, عن عمرة, عن عائشة.
وفي الباب عن سلمي رفعته"بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه"أخرجه ابن ماجة 3328من طريق ابن أبي فديك, حدثنا هشام بن سعد, عن عبيد الله بن أبي رافع, عن جدته سلمي. . .
وقد جود إسناده الحافظ العراقي فيما نقله عنه المناوي في"فيض القدير" 3/209, وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة"
ورقة 206:هذا إسناد فيه مقال: عبيد الله بن علي مختلف فيه, وهشام بن سعد وإن أخرج له مسلم فإنما أخرج له في المتابعات والشواهد, فقد ضعفه ابن المعين والنسائي ويعقوب بن سفيان وابن البرقي, وقال أبو زرعه ومحمد بن إسحاق: شيخ محله الصدق, وباقي رجال الإسناد ثقات, ثم ذكر حديث الباب شاهداً له, لكنه أخطأ فنسبه إلي البخاري.(12/6)
السَّرْحِ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا ثَرَدَتْ, غَطَّتْهُ حَتَّى يَذْهَبَ فَوْرُهُ1,ثُمَّ تَقُولُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّهُ أَعْظَمُ للبركة" 2.
__________
(1) أي: حرة, وقد تحرف في الأصل إلي: فواره, والمثبت من "التقاسيم" 1/لوحه470
(2) حديث حسن, رجاله ثقات رجال الصحيح غير قرة بن عبد الرحمن, فهو من رواة أصحاب"السنن" وروى له مسلم مقروناً بغيره, وضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي, وذكره المؤلف في"الثقات",وقال ابن عدي: لم أر له حديثاً منكراً جداً, وأرجو أنه لا بأس به, وقال الحافظ في "التقريب":صدوق له مناكير. قلت: وقد تابعه عليه أبن لهيعة عند أحمد, فيتقوى. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح.
وأخرجه الدارمي 2/100, والطبراني في"الكبير"24/226,والحاكم 4/118,والبيهقي 7/280 من طرق عن ابن وهب, بهذا الإسناد.
وقال الحاكم بعد أن أخرج الحديث: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم في الشواهد ولم يخرجاه, وله شاهد مفسر من حديث محمد بن عبيد الله العرزمي, ثم ذكره بإسناده عن محمد بن عبيد الله العرزمي, حدثني أبي, عن عطاء, عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "ابردوا الطعام الحار فأن الطعام الحار غير ذي بركه".
قلت: ومحمد بن عبيد الله العرزمي متروك.
وأخرجه أحمد 6/350 من طريقين عن ابن لهيعة, عن عقيل بن خالد, عن الزهري, به.
وأخرجه أحمد 6/350 عن حسن, عن ابن لهيعة, عن عقيل, عن =(12/7)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمُحْدِثِ الْأَكْلَ قَبْلَ إِحْدَاثِ الْوُضُوءِ مِنْ حَدَثِهِ
5208- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ بِتُسْتُرَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ, فَطَعِمَ, فَقِيلَ لَهُ: قَبْلَ أَنْ تَتَوَضَّأَ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إني أريد أن أصلي فأتوضأ"؟ 1
109 -
__________
= الزهري, عن عائشة. وقال الهيثمي في"المجمع" 5/19:رواه أحمد بإسنادين أحدهما منقطع, وفي الأخر ابن لهيعة, وحديثه حسن, وفيه ضعف, ورواه الطبراني, وفيه قرة بن عبد الرحمن, وثقه ابن حبان وغيره, وضعفه ابن معين وغيره, وبقية رجالهما رجال الصحيح.
وقوله:"بيت لا تمر فيه جياع أهله", قال القاري في"شرح المشكاة"4/370:قيل: أراد به أهل المدينة, ومن كان قوتهم التمر, والمراد به تعظيم شأن التمر, وقال الطيبي: ويمكن أن يحمل علي الحث علي القناعة في بلد يكثر فيه التمر يعني: بيت فيه تمر, وقنعوا به, لا يجوع أهله, وإنما الجائع من ليس عنده تمر, وينصره الحديث: كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه ناراًإنما هو التمر والماء.
1إسناده صحيح علي شرط الصحيح.
وأخرجه مسلم 347 في الطهارة: باب جواز أكل المحدث الطعام وأنه لا كراهة في ذلك, والدارمي 2/107-108و108, والترمذي في:"الشمائل"187, والنسائي في الوليمة كما في"التحفة"4/461 من طرق عن عمرو بن دينار, بهذا الإسناد.(12/8)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْعَشَاءِ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَغْرِبِ إِذَا اجْتَمَعَا
5209-حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ سِمَاكِ بْنِ عَطِيَّةَ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ , وأقيمت الصلاة, فابدؤوا بالعشاء" 1.
[..:..]
5210-أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ فِي عَقِبِهِ, حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, حَدَّثَنَا وهَيْبٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
عَنْ أَنَسٍ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ2. [78:1]
__________
= وأخرج أبو داود3760 في الأطعمة: باب في غسل اليد عند الطعام, والترمذي1847في الأطعمة: باب في ترك الوضوء قبل الطعام, وفي"الشمائل"186, والبغوي2835من طريقين عن ابْنُ عُلَيَّةَ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنِ ابْنِ أَبِي ملكية, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم خرج من الخلاء, فقرب إليه الطعام, فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ قال: "إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلي الصلاة".
1 إسناده صحيح علي شرط الشيخين. وانظر2066و20069, وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
2 إسناده صحيح علي شرط الشيخين. وهو مكرر ما قبله.(12/9)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّعَامِ لِمَنْ أَرَادَ أَكْلَهُ
5211- أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْمَاطِيُّ الشَّيْخُ الصَّالِحُ, قَالَ:(12/9)
حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِي وَجْزَةَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ, قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجْلِسْ يَا بُنَيَّ, وَسَمِّ1 اللَّهَ, وَكُلْ بِيَمِينِكَ, وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ" قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَتْ أَكْلَتِي بَعْدُ2.
__________
1في الأصل: وسمي, والمثبت من"التقاسيم"1/لوحة637.
2إسناده صحيح, رجاله رجال الصحيح غير أبي وجزة, فقد روى له أبو داود والنسائي, وهو ثقة.
وأخرجه الطيالسي1358 عن عبد الله بن المبارك, عن هشام بن عروة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/26-27, والترمذي1857في الأطعمة: باب ما جاء في التسمية علي الطعام, والنسائي في "الكبرى"
كما في"التحفة"
8/130,وفي"اليوم والليلة"274275 ,وابن ماجة3265في الأطعمة: باب التسمية عند الطعام, وابن السني في"اليوم والليلة"464 من طرق عن هشام بن عروة, عن أبية, عن عمر بن أبي سلمة, وليس فيه أبو وجزة. قال الترمذي: وقد روي عن هشام بن عروة, عن أبي وجزة السعدي, عن رجل من مزينة, عن عمر بن أبي سلمة, وقد اختلف أصحاب هشام بن عروة في رواية هذا الحديث.
قلت: هذه الرواية أخرجها أحمد 4/26, والنسائي في"اليوم والليلة"276و2779, وفي"الكبرى" كما في"التحفة" 8/132 من طرق عن هشام بن عروة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/26, والحميدي570, والدارمي 2/94و100, والبخاري5376 في الأطعمة: باب التسمية علي الطعام والأكل باليمين, و5377و5378: باب الأكل مما يليه, ومسلم 2022 في الأشربة: =(12/10)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو وجزة يزيد بن عبيد السعدي.
104 -
__________
= باب آداب الطعام والشراب وأحكامها, والنسائي في "اليوم والليلة"278 و279 و280, وفي"الكبرى" كما في"التحفة" 8/131, والبيهقي 7/277, والبغوي2823 من طرق عن وهب بن كيسان, عن عمر بن أبي سلمة. وانظر ما بعده, والحديث رقم 5211.
وعمر بن أبى سلمة: هو ابن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مجزوم, واسم أبي سلمة عبد الله, وأمه: هي أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وسلم, وقد جاء وصفه في إحدى روايات البخاري5378 بأنه ربيب النبي صلي الله عليه وسلم , وقد ولد بأرض الحبشة قبل الهجرة بسنتين, وكان يوم الخندق هو وابن الزبير في أطم حسان بن ثابت الأنصاري, وشهد مع الجمل, واستعمله علي البحرين وعلي فارس, وتوفي بالمدينة أيام عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وثمانين."أسد الغابة" 4/183.
وقد ذهب جمهور العلماء إلي أن الأوامر الثلاثة في هذا الحديث للندب, وذهب بعضهم إلي الوجوب, وانظر"الفتح" 9/432,
و"العمدة" 21/29-30.(12/11)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو وَجْزَةَ وَوَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ
5212- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَادَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ إِلَى طعامٍ, فَقَالَ: "تَعَالَ(12/11)
يَا بُنَيَّ, كُلْ مِمَّا يَلِيكَ, وَكُلْ بِيَمِينِكَ, واذكر اسم الله عليه" 1.
104 -
__________
(1) حديث صحيح, وهو مكرر ما قبله. عبد الرحمن بن محمد بن عمر ذكره المؤلف في"الثقات" 7/88, والبخاري في"التاريخ الكبير" 5/346 وقالا: روي عنه يعقوب بن محمد, وأبوه محمد بن عمر بن أبي سلمه ذكره المؤلف في"الثقات"5/263, وترجمه البخاري في"تاريخه الكبير" 1/176, وقال الحافظ في"التقريب":مقبول.
والحديث علقه البخاري في"التاريخ" 1/176:فقال: قال يعقوب بن محمد: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن أبي سلمة. . .
فذكره. وانظر5211.(12/12)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ الْمَرْءِ بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ إِنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِهِ نِسْيَانَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الطَّعَامِ
5213- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: سَمِعْتُ مُوسَى الْجُهَنِيَّ, يَقُولُ: أَخْبَرَنِي الْقَاسِمُ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:"من نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ, فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وآخره, فإنه يستقبل طعاماً جَدِيدًا, وَيَمْنَعُ الْخَبِيثَ مَا كَانَ
يُصِيبُ مِنْهُ" 2.
104 -
__________
2 إسناده صحيح, خليفة بن خياط: هو الإمام الحافظ العلامة الإخباري أبو عمرو العصفري البصري, صاحب"التاريخ" و"الطبقات" وهو صدوق أخرج=(12/12)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ مُوسَى الْجُهَنِيُّ
5214- أَخْبَرَنَا أحمد بن خلف بن عبد الله السمر قندي, قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ, عَنْ بُدَيْلٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ
عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةِ نَفَرٍ, فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ, فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أما إنه لو كان سمى بالله لكفكم, فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا, فَلْيَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ
__________
=له البخاري في"صحيحه" جملة أحاديث متابعة وتعليقاً, وذكره المؤلف في"الثقات" 8/233 وقال: كان متقناً عالماً
بأيام الناس وأنسابهم. وقال ابن عدي: له حيث كثير, وتاريخ حسن, وكتاب في طبقات الرجال, وهو مستقيم الحديث, صدوق من متيقظي رواة الحديث, ومن فوقه ثقات على شرط الصحيح, وسماع عبد الرحمن من أبيه ثبته سفيان الثوري وشريك بن عبد الله, وابن معين والبخاري وأبو حاتم. موسى الجهني: هو موسى بن عبد الله, وقيل: ابن عبد الرحمن الجهني. وهو في"مسند خليفة"62.
وأخرجه ابن السني في"عمل اليوم والليلة"461 عن أبي يعلي, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني10354 عن عبد الله بن الأمام أحمد, عن خليفة بن خياط, به. قال الهيثمي في"المجمع" 5/23:رواه الطبراني في"الكبير" و"الأوسط" ورجاله ثقات.(12/13)
عَلَيْهِ, فَإِنْ نَسِيَ فَي أَوَّلِهِ, فَلْيَقُلْ: بِسْمِ الله أوله وآخره" 1.
104 -
__________
1- حديث صحيح, رجاله ثقات رجالالصحيح غير عيسى بن أحمد, وهو ثقة روى له الترمذي, إلا أن فيه انقطاعاً, عبد الله بن عبيد بن عمير لم يسمع من عائشة, ورواه جماعة عن هشام الدستوائي فزادوا فيه بين عبد الله وبين عائشة
"أم كلثوم" كما يأتي, وهو الصواب.
وأخرجه أحمد 6/143, والدارمي 2/94,وابن ماجة3264 في الأطعمة: باب في التسمية عند الطعام, من طريق يزيد بن هارون, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/246, والبيهقي 7/276 عن روح, وأحمد 6/265 عن عبد الوهاب الخفاف, والدارمي 2/94 عن معاذ بن هشام, وأبو داود3767 في الأطعمة: باب التسمية على الطعام, عن إسماعيل ابن علية, وأحمد 6/207-208, والترمذي
1858 في الأطعمة: باب ما جاء في التسمية على الطعام, عن وكيع, والنسائي في"اليوم والليلة"281 عن المعتمر بن سليمان, والطيالسي1566 ومن طريقه الطحاوي في"مشكل الآثار" 2/21, والبيهقي 7/276, والحاكم 4/108 عن عفان, ثمانيتهم عن هشام الدستوائي, عن بديل بن ميسرة, عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي, عن امرأة منهم يقال لها: أم كلثوم, عن عائشة فذكره.
وأم كلثوم هذه: قال الترمذي بإثر الحديث: هي بنت محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه, وقال المزي في"تهذيب الكمال": أم كلثوم الليثية المكية.
وقال المنذري في"مختصر السنن" 5/300: ووقع في بعض روايات الترمذي: أم كلثوم هي بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه,
وقال غيره فيها: هي أم كلثوم الليثية, وهو الأشبه, لأن عبيد بن عمير ليثي, ومثل بنت أبي بكر لا يكنى عنها بامرأة, ولا سيما مع قوله"منهم" وقد سقط هذا من بعض نسخ الترمذي, وسقوطه الصواب, والله عز وجل أعلم.
وقد ذكر الحافظ أبو القاسم الدمشقي في"أطرافه" لأم كلثوم بنت=(12/14)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ وَاكَلَ غَيْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالْيَمِينِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّسْمِيَةِ
5215- أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْمَاطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمِصِّيصِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ أَبِي وَجْزَةَ
عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ادْنُ بُنَيَّ، فَسَمِّ الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك" 1. [78:1]
__________
= أبي بكر عائشة أحاديث، وذكر بعدها أم كلثوم الليثية، ويقال: المكية، وذكر لها هذا الحديث. قلت: وكذلك ذكر الحافظ المزي في"تحفة لأشراف" 12/443.
وقد صحح هذا الحديث الترمذي، والحاكم ووافقه الذهبي مع أن أم كلثوم لم يوثقها أحد ولم يرو عنها غير عبدا لله بن عبيد بن عمير، لكن الحديث صحيح بما قبله. وفي الباب عن أمية بن مخشي عند أحمد 4/336، وأبي داود3768، والنسائي في"اليوم والليلة" 282، وابن سعد 7/12-13، والطبراني في"الكبير" 854، والحاكم 4/108، وسنده حسن في
الشواهد. وعن امرأة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بوطبة، فأخذها أعرابي بثلاث لقم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما إنه لو قال: باسم الله لوسعكم" وقال:"إذا نسي أحدكم اسم الله على طعامه، فليقل إذا ذكر: باسم الله أوله وآخره".
أورده الهيثمي في"المجمع"5/22، وقال: رواه أبو يعلى 7153 ورجاله ثقات.
1- إسناده صحيح، وقد تقدم برقم 5211و5212.
وأخرجه أحمد 4/27، وأبو داود 3777 في الأطعمة: باب الأكل باليمين، عن محمد بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/27 من طريقين عن سليمان بن بلال، به.(12/15)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو وجزة: اسمه يزيد بن عبيد السعدي.(12/16)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّعَامِ عَلَى مَا أَسْبَغَ وَأَفْضَلَ وَأَنْعَمَ
5216- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ بخير غَرِيبٍ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ، فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟
قَالَ: مَا أَخْرَجَنِي إِلَّا مَا أَجِدُ مِنْ حَاقِّ الْجُوعِ، قَالَ: وَأَنَا ـ وَاللَّهِ ـ
مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ، فَبَيْنَمَا هُمَا كَذَلِكَ، إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:"مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ " قَالَا: وَاللَّهِ مَا أَخْرَجَنَا إِلَّا مَا نَجِدُ فِي بُطُونِنَا مِنْ حَاقِّ الْجُوعِ، قَالَ: "وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَخْرَجَنِي غَيْرُهُ، فَقُومَا".
فَانْطَلَقُوا حَتَّى أَتَوْا بَابَ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَّخِرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا أَوْ لَبَنًا، فَأَبْطَأَ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ، فَلَمْ يَأْتِ لِحِينِهِ، فَأَطْعَمَهُ لِأَهْلِهِ، وَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلِهِ يَعْمَلُ فِيهِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْبَابِ، خَرَجَتِ امْرَأَتُهُ، فَقَالَتْ: مَرْحَبًا بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ معه،(12/16)
فقَالَ لَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَيْنَ أَبُو أَيُّوبَ"؟ فَسَمِعَهُ1 وَهُوَ يَعْمَلُ في نخل له، فجاءيشتد، فَقَالَ: مَرْحَبًا بِنَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَنْ مَعَهُ، يَا نَبِيَّ اللَّهِ، لَيْسَ بِالْحِينِ الَّذِي كُنْتَ تَجِيءُ فِيهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"صَدَقْتَ" قَالَ: فَانْطَلَقَ، فَقَطَعَ عِذْقًا مِنَ النَّخْلِ فِيهِ مِنْ كُلِّ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ وَالْبُسْرِ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَرَدْتُ إِلَى هَذَا، أَلَا جَنَيْتَ لَنَا مِنْ تَمْرِهِ؟ " فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَحْبَبْتُ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ تَمْرِهِ وَرُطَبِهِ وَبُسْرِهِ، وَلَأَذْبَحَنَّ لَكَ مَعَ هَذَا. قَالَ: "إِنْ ذَبَحْتَ، فَلَا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ"، فَأَخَذَ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا، فَذَبَحَهُ، وَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْبِزِي وَاعْجِنِي لَنَا
وَأَنْتِ أَعْلَمُ بِالْخَبْزِ، فَأَخَذَ الْجَدْيَ، فَطَبَخَهُ وَشَوَى نِصْفَهُ 2.
فَلَمَّا أَدْرَكَ3 الطَّعَامُ، وُضِعَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذَ مِنَ الْجَدْيِ، فَجَعَلَهُ فِي رَغِيفٍ، فَقَالَ: "يَا أَبَا أَيُّوبَ أَبْلِغْ بِهَذَا فَاطِمَةَ، فَإِنَّهَا لَمْ تُصِبْ مِثْلَ هَذَا مُنْذُ أَيَّامٍ"، فَذَهَبَ بِهِ
أَبُو أَيُّوبَ إِلَى فَاطِمَةَ فَلَمَّا أَكَلُوا وَشَبِعُوا، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "خبز ولحم
__________
1- "فسمعه" سقطت من الأصل، واستدركت من"التقاسيم"1/لوحة638، لفظ الطبراني: فقالت: يأتيك يا نبي الله الساعة، فَرَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فبصر به أبو أيوب وهو يعمل. . .
2تحرف في الأصل إلى"بطنه"، وفي"الدر المنثور: فطبخ نصفه وشوى نصفه, وفي"الطبراني": فعمد إلى نصف الجدي فطبخه. . .
3 تحرقت في الأصل إلى: أردت، والتصويب من"التقاسيم". وأدرك الطعام: أي نضج.(12/17)
تمر وَبُسْرٌ وَرُطَبٌ" وَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ"وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, إِنَّ هَذَا لَهُوَ النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ, قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيم} [التكاثر:8] , فَهَذَا النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ, فَقَالَ:"بَلْ إِذَا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هَذَا, فَضَرَبْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ, فَقُولُوا: بِسْمِ اللَّهِ, وَإِذَا شَبِعْتُمْ, فَقُولُوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَشْبَعَنَا, وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا وَأَفْضَلَ, فَإِنَّ هَذَا كَفَافٌ بِهَا1".
فَلَمَّا نَهَضَ, قَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ:"ائْتِنَا غَدًا", وَكَانَ لَا يَأْتِي إِلَيْهِ أَحَدٌ مَعْرُوفًا إِلَّا أَحَبَّ أَنْ يجازيه, قال: وأن أبي أَيُّوبَ لَمْ يَسْمَعْ ذَلِكَ, فَقَالَ عُمَرَ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ أَنْ تَأْتِيَهَ2 غَدًا, فَأَتَاهُ مِنَ الْغَدِ, فَأَعْطَاهُ وَلِيدَتَهُ3 فَقَالَ:"يَا أَبَا أَيُّوبَ, اسْتَوْصِ بِهَا خَيْرًا, فإنا لم نرى إلا خيراًما دَامَتْ عِنْدَنَا", فَلَمَّا جَاءَ بِهَا أَبُو أَيُّوبَ مِنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا أَجِدُ لَوَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا مِنْ أَنْ أعتقها, فأعتقها4
__________
1- في "الطبراني": بهذا.
2- في" التقاسيم": تأتي.
3- في"الطبراني":وليدة.
4- عبد الله بن كيسان المروزي ذكره المؤلف في"الثقات" 7/33, وقال: يتقى حديثه من رواية ابنه عنه, قلت: وهذا ليس منها, وقال الحاكم: هو من ثقات المراوزة ممن يجمع حديثه, وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث, وقال النسائي: ليس بالقوي, وقال ابن عدي: له أحاديث عن عكرمة غير محفوظة, باقي رجاله ثقات رجال الصحيح. الفضل بن موسى: هو السيناني. =(12/18)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه الطبراني في"المعجم الصغير"185 عن أحمد بن محمد بن مهدي الهروي, عن علي بن خشرم, بهذا الإسناد, وقال: لم يروه عن عبد الله بن كيسان إلا الفضل بن موسى.
وأورده الهيثمي في"المجمع" 10/317-318 وقال: رواه الطبراني في"الصغير" و"الأوسط" وفيه عبد الله بن كيسان المروزي, وقد وثقه ابن حبان وضعفه غيره, وبقية رجاله رجال الصحيح.
وقال الحافظ في"تخريج الأذكار" فيما نقله عن ابن علان 5/231-232 بعد إيراده وتخريجه: هذا حديث حسن, فيه غرابه من وجهين, أحدهما ذكر أبي أيوب, وقصة فاطمة"قلت: قصة فاطمة لم ترد عند المصنف" والمشهور في هذا قصة أبي الهيثم بن
التيهان. . .
وفي الباب عن أبي هريرة شبيهبأصل القصة عند مسلم2038, والترمذي2369, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة"
1/467, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
وعن عمر عند أبي يعلى250, والبزار3681, والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/362, وفي سنده عبد الله بن عيسى أبو خلف وهو ضعيف.
وعن أبي بكر عن المروزي في"مسند أبي بكر"55, وأبي يعلى78, وفي سنده يحيي بن عبيد الله بن عبد الله بن موهب التيمي وهو متروك.
وعن ابن مسعود أخرجه الطبراني في"الكبير"10496, وفي سنده محمد بن السائب الكلبي متهم بالكذب.
وعن ابن عمر عند الطبراني كما في"المجمع" 10/319-321, قال الهيثمي: فيه بكار بن محمد السيريني وقد ضعفه الجمهور, ووثقه ابن معين, وبقية رجاله ثقات.
وعن أبي الهيثم بن التيهان عند البيهقي في"الدلائل" 1/360, وراويه عن أبي الهيثم مجهول.=(12/19)
ذِكْرُ مَا يَحْمَدُ الْعَبْدُ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ طَعَامٍ طَعِمَهُ
5217- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنُ السَّرْحِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, عَنْ عَامِرِ بْنِ جَشِيبٍ, عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الطَّعَامِ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مودعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عنه" 1.
12 -
__________
=وفيه عندهم- غير رواية أبي هريرة- أن الذي كانوا في ضيافته هو أبو الهيثم بن التيهان: وهو أبو الهيثم بن مالك بن عتيك بن عمرو بن عبد الأعلم بن عامر بن زعوراء بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأوسي الأنصاري, كان أحد الستة الذين لقوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ ما لقيه من الأنصاري, وشهد العقبة الأولي والثانية, وكان نقيب بني عبد الأشهل هو وأسيد بن حضير, وشهد بدراً وأحداً والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وتوفي بالمدينة في خلافة عمر سنة عشرين, وقيل: سنة إحدى وعشرين."أسد الغابة" 5/14-15.
وقوله"بالهاجرة" أي: عند اشتداد الحر نصف النهار.
وحاق الجوع: صادقه.
والعناق: الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم سنة.
1 إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الصحيح غير عامر ين جشيب, فقد روى له النسائي وأبو داود في"المراسيل" وذكره المؤلف في"ثقاته" وروى عنه جماعة, ونقل الحافظ في"التقريب" توثيقه عن الدارقطني.=(12/20)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه النسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 4/163 عن يونس بن عبد الأعلى, عن ابن وهب, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في"الكبير"7471من طريقين عن معاوية بن صالح- وهو ابن حدير-به.
وأخرجه أحمد 5/2667, والنسائي في:"الكبرى", وفي"عمل اليوم والليلة"283, وابن السني في"اليوم والليلة"469, والطبراني
7472 من طرق عن السري بن ينعم الجيزي, عن عامر بن جشيب, به.
وأخرجه الدارمي 2/95, والبخاري5458 و5459 في الأطعمة: باب ما يقول إذا فرغ من طعامه, وأبو داود3849 في الأطعمة: باب ما يقول الرجل إذا طعم, والترمذي3456 في الدعوات: باب ما يقال إذا فرغ من الطعام, وابن ماجة3284 في الأطعمة: باب ما يقال إذا فرغ من الطعام, والطبراني7469 و7470, والحاكم 4/136, والبيهقي 7/286,والبغوي
2827 و2828 من طرق عن ثور بن يزيد, عن خالد ببن معدان, به. وانظر ما بعده.
قال الخطابي في"معالم السنن" 4/261:قوله"غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا" معناه: أن الله سبحانه هو المطعم والكافي, وهو غير مطعم ولا مكفي كما قال سبحانه: {وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ} , وقوله"ولا مودع" أي: غير متروك الطلب إليه, والرغبة فيما عنده, ومنه قوله سبحانه: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} أي: ما تركك ولا أهانك, ومعني المتروك: المستغنى عنه.
وفي"الفتح" 9/518: وذكر ابن الجوزي عن أبي منصور الجواليقي أن الصواب"غير مكافأ" بالهمزة, أي: أن نعمة الله لا تكافأ, قال الحافظ: وثبتت هذه اللفظة هكذا في حديث أبي هريرة, لكن الذي في حديث الباب"غير مكفي" بالياء ولكل معني.(12/21)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَسْمَعْهُ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ
5218- أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي بَحِيرِ بْنِ سعدٍ
عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ, قَالَ: شَهِدْنَا طَعَامًا فِي مَنْزِلِ عَبْدِ الْأَعْلَى وَمَعَنَا أَبُو أُمَامَةَ, فَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ عِنْدَ انْقِضَاءِ الطعام: ما أحب أن أكون خطيبا, ً كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الطَّعَامِ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ, غَيْرَ مُوَدَّعٍ, وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, عَنْ عَامِرِ بْنِ جَشِيبِ وَبَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ, فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ.
12 -
__________
1 إسناده صحيح رجاله ثقات. وأخرجه أحمد 5/261 عن عبد الرحمن بن مهدي, والحاكم 4/135-136 من طريق يحيي بن أبي طالب, عن زيد بن الحباب, كلاهما عن عامر بن جشيب, عن معاوية بن صالح, بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.(12/22)
ذِكْرُ مَا يَحْمَدُ الْعَبْدُ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا بَعْدَ غَسْلِهِ يَدَهُ مِنَ الْغَمْرِ مِنْ طَعَامٍ أَكَلَهُ
5219- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ, عَنْ زُهَيْرِ بْنُ مُحَمَّدٍ, عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِيهِ(12/22)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: دَعَا رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَانْطَلَقْنَا مَعَهُ, فَلَمَّا طَعِمَ, وَغَسَلَ يَدَهُ, قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَلَا يُطْعَمُ, منَّ عَلَيْنَا, فَهَدَانَا, وَأَطْعَمَنَا وَسَقَانَا, وَكُلُّ بَلَاءٍ حَسَنٍ أَبْلَانَا, الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ مِنَ الطَّعَامِ, وسقى من الشرب, وَكَسَا مِنَ الْعُرْيِ, وَهَدَى مِنَ الضَّلَالَةِ, وَبَصَّرَ مِنَ الْعَمَى, وَفَضَّلَ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تفضيلاً, الحمد لله رب العالمين" 1.
12 -
__________
1إسناده صحيح على شرط مسلم. بشر بن منصور: هو السليمي البصري.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/242 من طريقين عن الحسن بن سفيان, بهذا الإسناد, وقال: غريب من حديث سهيل وزهير, تفرد به بشر بن منصور.
وأخرجه النسائي في"عمل اليوم والليلة"301, وابن السني في"اليوم والليلة"486, والحاكم
1/546 من طرق عن عبد الأعلى ابن حماد. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم 1/546 من طريق أزهر بن مروان, عن بشر بن منصور, به.(12/23)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الطَّعَامِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى مَا سَوَّغَ الطَّعَامَ مِنَ الطُّرُقِ وَجَعَلَ لِنَفَاذِهِ مَخْرَجًا
5220- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ, عَنْ أَبِي عَقِيلٍ الْقُرَشِيِّ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ(12/23)
عَنْ أَبِي أَيُّوبَ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ, قَالَ: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ وَسَقَى, وَسَوَّغَهُ, وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو عَقِيلٍ هَذَا: هُوَ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ, مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ فِلَسْطِينَ ثقةً
وإتقاناً2.
12 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط الصحيح. أبو عبد الرحمن الحبلي: اسمه عبد الله بن يزيد المعافري, وابن وهب: هو عبد الله بن وهب بن مسلم.
وأخرجه ابن السني في"اليوم والليلة"471 عن أبي يعلى, بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود3851 في الأطعمة: باب ما يقول الرجل إذا طعم, والنسائي في"اليوم والليلة"285, وفي" الكبرى" كما في"التحفة"3/93, والطبراني4082 من طرق عن ابن وهب, به.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب"الشكر"168, والطبراني4082, والبغوي2830 من طرق عن زهرة بن معبد, به.
قال الطيبي: ذكر هنا نعماً أربعاً: الإطعام, والسقي, والتسويغ- وهو تسهيل الدخول في الحلق- فإن خلق الأسنان للمضغ, والريق للبلع, وجعل المعدة مقسماً للطعام لها مخارج, فالصالح منه ينبعث إلى الكبد, وغيره يندفع من طريق الأمعاء, كل ذلك من فضل الله الكريم ونعمه يجب القيام بمواجبها من الشكر بالجنان, والبث باللسان, والعمل بالأركان.
2 هذا ما قاله هنا, وقال في"الثقات" 6/344: يخطئ ويخطأ عليه, وهو ممن أستخير الله فيه, وتعقبه الحافظ في"تهذيب التهذيب" بقوله: ولم نقف لهذا الرجل على خطأ, قلت: احتج به البخاري, ووثقه أحمد والدارقطني والنسائي, وقال أبو حاتم: مستقيم الحديث لا بأس به, وقول أبي حاتم: أدرك ابن عمر ولا أدري سمع منه أم لا, لا وجه له, ففي"البخاري" ما يدل عليه.(12/24)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ مِنْ الْمُتَصَوِّفَةِ أَنَّ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ مِنَ الْإِسْرَافِ
5221- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي بِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ خَالَتَهُ أَهْدَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا, فَأَكَلَ مِنَ السَّمْنِ وَالْأَقِطِ, وَلَمْ يَأْكُلْ مِنَ الْأَضُبِّ تَقَذُّرًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُكل عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لم يؤكل عليها1.
10 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو الطيالسي هشام بن عبد الملك, وشعبة: هو ابن الحجاج, وأبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية.
وأخرجه أحمد 1/255, والبخاري2575 في الهبة: باب قبول الهدية, و5402 في الأطعمة: باب الأقط, ومسلم1947 في الصيد: باب إباحة الصيد, وأبو داود3793 في الأطعمة: باب في أكل الضب, والنسائي 7/198-199 في الصيد: باب الضب, والطحاوي 4/202, وابن الجارود894, والطبراني12440, والبغوي2800 من طرق عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/259و 322, والبخاري5389 في الأطعمة: باب الخبز المرقق, و7358 في الاعتصام: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل, من طرق عن أبي بشر, به. وانظر5223 و5263و5267.
والأقط: هو اللبن المجمد حتى يستحجر, ويطبخ.(12/25)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ مِنَ الْإِسْرَافِ
5222- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِي قِلَابَةَ
عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ, قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي مُوسَى وَبَيْنَ يَدَيْهِ دَجَاجَةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا, قُلْنَا: تَأْكُلُ مِنْهَا؟ فَقَالَ: أَكَلْتُهُ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
1 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله رجالالشيخين غير سهل بن بكار فمن رجالالبخاري, وهيب: هو ابن خالد بن عجلان الباهلي, وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني: وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه أبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص200 عن أبي يعلى, عن إبراهيم بن الحجاج, عن وهيب, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/394و397-398, والدارمي 2/103, والبخاري4385 في المغازي: باب الأشعريين, و5517 في الذبائح: باب لحم الدجاج, ومسلم1649 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها, والنسائي7/206 في الصيد: باب إباحة أكل لحوم الدجاج, والترمذي1827 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل الدجاج, وفي"الشمائل"156, والبيهقي
5/333-334, والبغوي2807 من طرق عن أيوب, بهذا الإسناد. =(12/26)
ذِكْرُ خَبَرٍ يُدْحِضُ قَوْلَ الْجَهَلَةِ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ أَنَّ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ لَيْسَتْ سُنَّةً
5223- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ أَبِي بِشْرٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ(12/26)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَتِي بِنْتُ الْحَارِثِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمْنًا
وَأَقِطًا وَأَضُبًّا, فَدَعَا بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فأُكل عَلَى مَائِدَتِهِ وَتَرَكَهُنَّ كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُنَّ, وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَتْ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَلَا أُمر بأكلهن 1.
4 -
__________
=وأخرجه مسلم1649, والترمذي1826 من طريقين عن زهدم, به.
1-إسناده صحيح, المعلى بن مهدي ذكره المؤلف في"ثقاته" 9/182, فقال: معلى بن مهدي بن رستم الموصلي أبو يعلى يروي عن حماد بن زيد, وجعفر بن سليمان الضبعي, حدثنا عنه إبراهيم بن عبد العزيز العمري بالموصل وغيره, وقال أبو حاتم فيما نقله عن أبنه 8/335: شيخ, أدركته ولم أسمع منه, يحدث أحياناً بالحديث المنكر, ومن فوقه من رجال الشيخين. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري.
وأخرجه الطبراني12441 من طريقين عن أبي عوانة, بهذا الإسناد, وقد تقدم برقم5221 من طريق آخر عن أبي بشر, وانظر5263و5267.(12/27)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَيْهِ
5224- أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَلَفٍ الدُّورِيُّ بِبَغْدَادَ, قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, عَنْ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبِ بْنِ وَحْشِيِّ بْنِ حَرْبٍ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ وَحْشِيٍّ, قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلَا نَشْبَعُ قَالَ: "تَجْتَمِعُونَ عَلَى طَعَامِكُمْ أَوْ تَتَفَرَّقُونَ؟ " قَالُوا: نَتَفَرَّقُ قال:(12/27)
"اجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ, وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ, يُبَارَكْ لكم" 1. [95:1]
__________
1- حسن بشواهده, وإسناده ضعيف, الوليد بن مسلم مدلس وقد عنعن, ووحشي بن حرب وأبوه حرب لم يوثقهما إلا المؤلف, وحرب لم يرويعنه إلا ابنه, ومع ذلك فقد حسنه الحافظ العراقي في"تخريج الإحياء"2/5.
وأخرجه ابن ماجة3286 في الأطعمة: باب الاجتماع على الطعام, عن داود بن رشيد, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/501, وأبو داود3764 في الأطعمة: باب في الاجتماع على الطعام, وابن ماجة3286, والحاكم 2/103 من طرق عن الوليد بن مسلم, به.
قلت: وله شاهد من حديث جابر عند أبي يعلى2045, والطبراني في"الأوسط" وأبي الشيخ في كتاب"الثواب" بلفظ"إن أحب الطعام إلى الله ما كثرت عليه الأيدي". قال الهيثمي في"المجمع" 5/21: فيه عبد المجيد بن أبي رواد وهو ثقة وقد ضعف, وأشار المنذري إلى توثيقه بعد أن أورد الحديث في"الترغيب والترهيب" 3/134.
وآخر من حديث عمر عند ابن ماجة3287 بلفظ"كلوا جميعاً ولا تتفرقوا, فإن البركة مع الجماعة". قال المنذري: وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل زبير, واهي الحديث.
وثالث من حديث أنس بلفظ" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل وحده", قال الحافظ العراقي: رواه الخرائطي في"مكارم الأخلاق" بسند ضعيف.
ورابع من حديث أنس أيضاً قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم إلا على ضعف- أي: اجتماع. وإسناده صحيح, وسيرد عند المصنف6325.
وخامس من حديث جابر, بلفظ"طعام الواحد يكفي الاثنين" وسيأتي عند المصنف برقم5237. وانظر" مجمع الزوائد" 5/21.(12/28)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ الْمَرْءِ بِشِمَالِهِ وَمَشْيِهِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ
5225- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ أبي زبير الْمَكِّيِّ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ, أَوْ يَمْشِيَ فِي نعل واحد, وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ, أَوْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ واحد كاشفاً عن فرجه1. [19:2]
__________
1- إسناده على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم, وقد عنعن. وهو في"الموطأ" 2/922 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب النهى عن الأكل بالشمال.
ومن طريق مالك أخرجه مسلم2099, والترمذي في"الشمائل" 78, والبيهقي 2/224.
وأخرجه ابن أبي شبيه 8/294 مختصراً, من طريق عبد الملك بن سلمان, عن أبي الزبير, به.
واشتمال الصماء فسرت في حديث أبي سعيد بأن يجعل الرجل ثوبه على أحد عاتقيه, فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب, أي: لأن يده تسير داخل ثوبه, فإذا أصابه شيء يريد الاحتراس منه, والاتقاء بيديه, تعذر عليه, وأن إخراجها من تحت الثوب, انكشفت عورته, وبهذا فسرها الفقهاء, وقالوا: تحرم إن انكشفت بعض عورته وإلا كرهت, وفسرها اللغويون بأن يشتمل بالثوب حتى يخلل به جسده لا يرفع منه جانباًُ, ولذا سميت صماء, لأنه يسد على يديه ورجليه المنافذ كلها كصخرة صماء, لا خرق فيها, ولا صدع.(12/29)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمُخَالَفَةِ الشَّيْطَانِ فِي الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ
5226- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ, فَلْيَأْكُلْ بِيَمِينِهِ, وَإِذَا شَرِبَ فَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ, فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ, وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ" 1.
__________
حديث حسن صحيح, عن أبي السري-محمد بن المتوكل-متابع, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق"19541, وقال في آخره: قال سفيان بن عيينة لمعمر: فإن الزهري حدثني به عن أبي بكر بن عبيد الله عن ابن عمر, فقال له معمر: فإن الزهري كان يذكر هذا الحديث عن النفر جميعا.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة"5/400, والبيهقي 7/277, قال البيهقي بعد أن أورد قول عبد الرزاق: هذا محتمل, فقد رواه عمر بن محمد بن القاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر, بن سالم, عن أبيه. قلت: وسترد هذه الرواية عند المصنف برقم5229.
وأخرجه الترمذي1800في الأطعمة: باب ما جاء في النهي عن الأكل والشرب بالشمال, والنسائي في"الكبرى" من طريقين عن معمر, به.
قلت ورواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الله التي أشار إليها في المصنف رحمه الله, أخرجها مالك في الموطأ2/922-923في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب النهي عن الأكل بالشمال, ومن طريقه أحمد 2/23,
والدارمي2/96-97, ومسلم 2020في الأشربة: باب آداب الطعام والشراب وأحكامها, عن الزهري: بهذا الإسناد. =(12/30)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَصْحَابُ الزهري كلهم قالوا هَذَا الْخَبَرِ: عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ [عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ أَبِيهِ, وَخَالَفَهُمْ مَعْمَرٌ, فَقَالَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ, فَقِيلَ لِمَعْمَرٍ خَالَفْتَ النَّاسَ, فَقَالَ: كَانَ الزُّهْرِيُّ يَسْمَعُ مِنْ جماعة من الناس فَيُحَدِّثُ مَرَّةً عَنْ هَذَا, وَمَرَّةً عَنْ هَذَا. [95:1]
__________
وأخرجه أحمد 2/8و80 والدارمي 2/997, ومسلم 2020, وأبو داود 3376 في الأطعمة: باب الأكل باليمين, والبيهقي 7/277, والبغوي 2836 من طرق عن سفيان. عن الزهري, به.
وأخرج الترمذي 1799 من طريق عبيد الله بن عمر, عن الزهري, به. وقال: هذا حديث حسن صحيح, وهكذا روى مالك, وابن عيينة عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ الله عن البن عمر, وروى معمر وعقيل عَنِ الزُهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ, ورواية مالك وابن عيينة أصح.(12/31)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَجْعَلُ الْمَرْءُ يَمِينَهُ وَشِمَالَهُ لَهُ مِنْ أَسْبَابِهِ
5227- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ, أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ, عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْإِفْرِيقِيِّ, عَنْ عاصمٍ, عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ , عَنْ حَارِثَةَ بْنِ وَهْبٍ الْخُزَاعِيِّ
حَدَّثَتْنِي حَفْصَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ يَمِينَهُ لِطَعَامِهِ, وَيَجْعَلُ شِمَالَهُ لما سوى ذلك 1.
__________
1 إسناده حسن, عاصم-وهو ابن أبي النجود-صدوق صاحب أوهام, أخرجا له في "الصحيحين" مقرونا. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا. وهو في"مسند أبي يعلى"326/2. =(12/31)
أَبُو أَيُّوبَ: اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ الإفريقي. [47:5]
__________
وأخرجه أحمد 6/287, والطبراني 23/347من طريق الحسين بن علي الجعفري, عن زائدة, عن عاصم, بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى 327/2, والطبراني23/346من طريقين عن أبي زائدة, عن أبي أيوب عن عاصم, عن المسيب عن رافع, ومعبد بن الحارث, كلاهما عن حارثه ب وهب به.
وأخرجه أحمد6/287 عن حماد بن سلمة, عن عاصم, عن سواء الخزاعي, عن حفصة, قال الهيثمي في "المجمع" 5/26ونسبه لأحمد: رجاله ثقات.(12/32)
ذكر الزجر عن إعطاء الرجل بِشِمَالِهِ شَيْئًا مِنَ الْأَشْيَاءِ وَكَذَلِكَ الْأَخْذُ بِهَا
5228- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أخبرني جرير بن حازم, عن هشام عن أَبِي عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ
عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ بِشِمَالِهِ شَيْئًا أَوْ يَأْخُذَ بِهَا, وَنَهَى أَنْ يَتَنَفَّسَ في إنائه إذا شرب1. [3:2]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير أبيس الطاهر-وهو أحمد بن عمرو بن السرح-فمن رجال مسلم. هشام بن أبي عبد الله: الدستوائي.
وأخرج القسم الأخير منه, وهو النهي عن التنفس في الإناء إذا شرب: ابن أبي شيبة8/217-218, والبخاري 153 في الوضوء: باب النهي عن الاستنجاء باليمين, ومسلم26764 في الطهارة: باب النهي عن الاستنجاء باليمين, والترمذي 1889 في الأشربة: باب ما جاء في التنفس=(12/32)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= في الإناء, والنسائي1/43 في الطهارة: باب النهي عن الاستنجاء باليمين, والبغوي3034 من طرق عن هشام الدستوائي, بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضا عبد الرازق19584, وأحمد 5/311و383, والبخاري154 في الوضوء: باب لا يمس ذكره بيمينه, و5630في الأشربة: باب انهي عن التنفس في الإناء, ومسلم267في الطهارة: باب النهي عن الاستنجاء باليمين, و267121ص1602 في الأشربة: باب كراهة التنفس في نفس الإناء, والنسائي1/43-44, والبيهقي5/283-284 من طرق عم يحيى بن أبي كثير, به. وسيأتي برقم 5328.
وأخرج القسم الأول منه أحمد4/383و5/311بإثر الحديث المتقدم, وقال: قال يحيى بن أبي كثير: وحدثني عبد الله بن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أكل أحدكم فلا يأكل بشماله, ,إذا شرب فلا يشرب بشماله, وإذا أخذ فلا يأخذ بشماله, وإذا أعطى فلا يعطي بشماله"
قلت: عبد الله بن أبي طلحة هو أخو أنس بن مالك لأمه, ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد معه على صفين, ومات سنة أربع وثمانين بالمدينة, وقيل استشهد بفارس, رحمه الله.
وله شاهد من حديث عائشة عند النسائي8/133 في الزينة: باب ما جاء في التيامن في الترجل, قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن, يأخذ بيمينه, ويعطي بيمينه, ويحب التيامن في جميع أموره.
ومن حديث أبي هريرة عند ابن ماجة 3266في الأطعمة: باب الأكل باليمين, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ليأكل أحدكم بيمينه, وليشرب بيمينه, وليأخذ بيمينه, وليعط بيمينه, فإن الشيطان يأكل بشماله, ويشرب بشماله, ويعطي بشماله, ويأخذ بشماله". قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 202: إسناده صحيح ورجاله ثقات.(12/33)
ذكر خبر ثان بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5229- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ, عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ, عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِيهِ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ وَلَا يَشْرَبْ بِهَا, فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِهَا وَيَشْرَبُ بِهَا-وَزَادَ فِيهِ نَافِعٌ-وَلَا يَأْخُذَنَّ بها, ولا يعطين بها"1. [3:2]
__________
إسناده على شرط الشيخين, شجاع بن الوليد: هو ابن قيس الكوني, وثقة ابن معين, والعجلي, وابن نمير, وابن حبان, وقال أبو حاتم لين الحديث, شيخ ليس بالمتقن‘فلا يحتج بحديثه, إلا أن له عن محمد بن عمرو بن علقمة أحاديث صحاحا, وسئل أبو زرعة عنه, فقال: لا بأس به. قال الحافظ في "مقدمة الفتح" ص409: ليس له عند البخاري سوى حديث واحد في المحصر, وقد توبع شيخه فيه-وهو عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْعُمَرِيِّ-عَنْ نافع, عن ابن عمر, وروى له الباقون. وباقي رجال السند ثقات. إسحاق بإبراهيم: هو ابن راوية, وعمر ابن محمد: هو زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. وانظر5226.
وأخرجه مسلم2020106في الأشربة: باب آداب الطعام والشراب وأحكامها, من طريقين عن عبد الله بن وهب, حدثني عمر بن محمد, حدثني القاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر, حدثه عن سالم, عن أبيه ... فذكره.(12/34)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ طَيِّبِ الْغَدَاءِ فِي أَسْبَابِهِ
5230- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَلِيلٍ, حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ,(12/34)
حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ, عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ
عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّخْلَةِ إِنْ أَكَلَتْ, أَكَلَتْ طَيِّبًا, وَإِنْ وضعت وضعت طيبا" 1. [28:3]
__________
1- إسناده ضعيف. مؤمل بن إسماعيل سيء الحفظ, ووكيع بن عُدُس لم يوثقه غير المؤلف. وقد تقدم برقم247.(12/35)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْقِرَانِ فِي الْأَكْلِ إِذَا كَانَ الْمَأْكُولُ فِيهِ قِلَّةٌ وَحَاجَتُهُمْ إِلَيْهِ شَدِيدَةٌ
5231- أخبرنا الفضل بن حبابالجمحي, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ والحوضيُّ, عَنْ شُعْبَةَ, قَالَ: جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ أَخْبَرَنِي, قَالَ:
كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا, فَيَقُولُ: لَا تُقَارِنُوا, فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْقِرَانِ إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ أَخَاهُ2. [41:2]
__________
2- إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي, والحوضي: اسمه حفص بن عمر.
وأخرجه البخاري 2455 في المظالم: باب إذا أذن إنسان لآخر شيئا جاز, عن حفص بن عمر الحوضي, والدارمي 2/103, والبخاري2490 في الشركة: باب القران في التمر بين الشركاء, عن أبي الوليد الطيالسي, كلاهما عن شعبة بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/44و46و74و81و103, وأبو داود الطيالسي 1906, والبخاري5446في الأطعمة: باب القران في التمر, ومسلم=(12/35)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 2045 في الأشربة: باب نهي الآكل مع الجماعة عن قران تمرتين ونحوهما في لقمة إلا بإذن أصحابه, والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/326, والبيهقي 7/281 من طرق عن شعبة, به.
وأخرجه أحمد 2/60, والبخاري2489, ومسلم2045151, والترمذي1814, والنسائي في"الكبرى", وابن ماجة3331باب الأطعمة: باب انهي عن قران التمر, والبغوي2891 من طرق عن سفيان, عن جبلة بن سحيم, به.
وأخرجه أحمد2/7, وابن أبيشيبة8/305-306, وأبو داود3834 في الأطعمة: باب الإقران في التمر عند الأكل, من طريق محمد بن فضيل, عن أبي إسحاق الشيباني, عن جبلة بن سحيم, به.
جاء في بعض الروايات عن أحمد والبخاري ومسلم"قال شعبة: لا أرى هذه الكلمة في الاستئذان إلا من كلام ابن عمر".
قال الحافظ في "الفتح" 9/570-571تعليقا على هذه المقولة: والحاصل أن أصحاب شعبة اختلفوا, فأكثرهم رواه عنه مدرجا, وطائفة منهم رووا عنه التردد في كون هذه الزيادة مرفوعة أو موقوفة..فلما اختلفوا على شعبة, وتعارض جزمه وتردده, وكان الذين رووا عنه التردد أكثر. نظرنا فيمن رواه غيره من التابعين, فرأيناه قد ورد عن سفيان الثوري وأبي إسحاقتحرف في المطبوع إلى: ابن إسحاق الشيباني ومسعر وزيد بن أبي أنيسة.
فأما رواية الثوري فلفظها" نهى أن يقرن الرجل بين التمرتين جميعا حتى يستأذن أصحابه", وهذا ظاهر الرفع مع احتمال الإدراج.
وأما رواية الشيباني فأخرجها أحمد وأبو داود بلفظ"نهى عن الإقران إلا أن تستأذن أصحابك", والقول فيه كالقول في رواية الثوري.
قلت: أخرجه الخطيب في"تاريخه" 7/180 من طريق رحمة بن مصعب, عن الشيباني, عن جبلة بن سحيم, عن ابن عمر قال: قال =(12/36)
5232- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو, عَنْ زَيْدٍ, عَنْ جَبَلَةَ بْنِ سُحَيْمٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: " من أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ مِنْ تَمْرٍ, فَلَا يَقْرِنْ, فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ, فَلْيَسْتَأْذِنْهُمْ, فَإِنْ أَذِنُوا له فليفعل" 1. [58:2]
__________
=رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أكل مع قوم تمرا, فأراد أن يقرنفليستأذنهم" , ورحمة بن مصعب, قال ابن معين: ليس بشيء.
ثم قال: وأما رواية زيد بن أبي أنيسة فأخرجها ابن حبان في النوع الثامن والخمسين من القسم الثاني من "صحيحه" بلفظ ... وذكر الحديث الآتي عند المصنف, ثم قال: وهذا أظهر في الرفع مع احتمال الإدراج أيضا.
ثم نظرنا فيمن رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم غير ابن عمر, فوجدناه عن أبي هريرة, وسياقه يقتضي أن الأمر بالاستئذان مرفوع, وذلك أن إسحاق في "مسنده", ومن طريقه ابن حبان أخرجا من طريق الشعبي عن أبي هريرة, وكر الحديث الآتي عند المصنف برقم5233, ثم قال فالذي يترجح عندي ألا إدراج فيه.
(1) إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيوب بن محمد الوزان, فقد روى له أصحاب السنن وهو ثقة, عبد الله بن جعفر: هو ابن غيلان الرقي, وعبيد الله بن عمر: هو أبو الوليد الرقي, وزيد: هو ابن أبي أنيسة.(12/37)
ذكر العلةالتي من أجلها زجر على هَذَا الْفِعْلِ
5233- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ, عَنِ الشعبي(12/37)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنْتُ فِي أَصْحَابِ الصُّفَّةِ, فَبَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرِ عَجْوَةٍ, فَكُبَّتْ بَيْنَنَا, فَجَعَلْنَا نَأْكُلُ الثِّنْتَيْنِ مِنَ الْجُوعِ, وَجَعَلَ أَصْحَابُنَا إِذَا قَرَنَ أَحَدُهُمْ, قَالَ لِصَاحِبِهِ: إِنِّي قَدْ قَرَنْتُ, فاقرنوا1. [58:2]
__________
1- إسناده ضعيف, عطاء بن السائب قد اختلط, وجرير-وهو ابن عبد الحميد-روى عنه بعد الاختلاط. وأورده الحافظ في"الفتح"9/571فقال: أخرجه إسحاق في "مسنده", ومن طريقه ابن حبان ...
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم" ص205, ومن طريقه البغوي2892 عن عبد الله بن محمد الرازي, عن أبي زرعة, عن يحيى بن عبد الحميد, عن عبد السلام-هو ابن حرب-عن عطاء بن السائب, عن ابن جبير, عن أبي هريرة.
وأخرج ابن أبي شيبة 8/306عن ابن فضيل, عن عطاء بن السائب, عن أبي جحش, عن أبي هريرة, أنه أكل مع أصحابه تمرا, فقال: إني قد قارنت فقارنوا.
قوله"فكبت": معناه ألقيت, ولفظ أبي الشيخ والبغوي"فكان ينبذ إلينا التمر".(12/38)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِقْلَالَ فِي الْأَكْلِ مِنْ عَلَامَةِ الْمُؤْمِنِ وَالْإِكْثَارَ فِيهِ مِنْ أَمَارَةِ أَضْدَادِهِمْ
5234- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ, عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي(12/38)
مِعًى وَاحِدٍ, وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" 1. [95:1]
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة, وبريد: هو ابن عبد الله بن أبي موسى الأشعري.
وأخرجه مسلم2062في الأشربة: باب المؤمن يأكل في معي واحد, وابن ماجة3258في الأطعمة: باب المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء, وأبو يعلى917, والطحاوي في"مشكل الآثار"2/408 من طريق محمد بن العلاء, بهذا الإسناد.
وفي الباب عن جابر عند ابن أبي شيبة8/321, والدارمي2/99,وأجمد3/257و392, ومسلم2061.
وعن ميمونة عند أحمد6/335, وابن أبي شيبة8/321, والطحاوي في"شرح المشكل" 2/407.
وعن جهجاه الغفاري عند ابن أبي شيبة8/321-322, وأبي يعلى916, والطبراني2152.
وعن أبي سعيد عند الطحاوي2/407, وعن نضلة الغفاري عند البيهقي في "دلائل النبوة"6/116.
وقد اختلف في معنى هذا الحديث, فقيل: ليس المراد به ظاهره, وإنما هو مثل ضربه صلى الله عليه وسلم لزهد المؤمن في الدنيا وحرص الكافر عليها, فكأن المؤمن لتقلله من الدنيا يأكل في معي واحد, والكافر لشدة رغبته فيها واستكثاره منها يأكل في سبعة أمعاء, فليس المراد حقيقة الأمعاء, ولا خصوص الأكل, وإنما المراد التقلل من الدنيا والاستكثار منها, فكأنه عبر عن تناول الدنيا بالأكل, وعن أسباب ذلك بالأمعاء, ووجه العلاقة ظاهر.
وقيل: بل هو على ظاهره, وأنه ورد في شخص بعينه, واللام للعهد لا للجنس, وهو قول المؤلف ذكره في عنوان حديث أبي هريرة الآتي وقد تقدم عنده برقم162, وهو قول أبي عبيد والطحاوي وابن عبد ابر, قالوا: لا سبيل إلى حمله على العموم, لأن المشاهدة تدفعه, فكم من كافر يكون =(12/39)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ
5234- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ ضَيْفٌ كَافِرٌ, فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ فَحُلِبَتْ, فَشَرِبَ حِلَابَهَا, حَتَّى شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ, ثُمَّ أَصْبَحَ فَأَسْلَمَ, فَأَمَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ, فَحُلِبَتْ, فَشَرِبَ حِلَابَهَا, ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِأُخْرَى, فَلَمْ يَسْتَتِمَّهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إن
__________
= أقل أكلا من مؤمن وعكسه, وكم من كافر أسلم فلم يتغير مقدار أكله, وحيث أبي هريرة الذي يأتي بعد هذايدل على أنه ورد في رجل بعينه.
وقيل: إن الحديث خرج مخرج الغالب, وليست حقيقة العدد مراده وتخصيص السبعة للمبالغة في التكثير, كما في قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُر} , والمعنى أن من شأن المؤمن أن يحرص في الزهادة وقلة الغذاء, ويقنع بالبلغة, لعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل ما يسد الجوع ويمسك الرمق, ويعين على العبادة, بخلاف الكافر فإنه لا يقف مع مقصود الشرع, بل هو تابع لشهوة نفسه, مسترسل فيها, غير خائف من تبعات الحرام, فإذا وجد مؤمن أو كافر على خلاف هذا الوصف, فلا يقدح في هذا الحديث, فهو كقوله تعالى {الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} وقد يوجد من الزاني نكاح الحرة, ومن الزانية نكاح الحر. وانظر"شرح المشكاة" 4/356. وانظر الحديث 5238و5239.(12/40)
المؤمن يشرب في معي واحد, ولكافر يشرب في سبعة أمعاء" 1.
95 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير سهيل بن أبي صالح فمن رجال مسلم وروى له البخاري مقرونا وتعليقا. وقد تقدم برقم161و162.(12/41)
ذِكْرُ وَصْفِ أَكْلِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمُ اسْتِعْمَالُهُ رَجَاءَ ثَوَابِ نَوَالِ الْخَيْرِ فِي الدَّارَيْنِ بِهِ
أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي اسري, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْأَبْرَشُ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ الْكِنَانِيُّ, عَنْ صَالِحِ بْنِ يَحْيَى بْنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ الْمِقْدَامِ, قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "مَا مَلَأَ آدَمَيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ, حسبك يا بن آدم لقيمات يقمن صلبك, فإن كان لابد, فثلث طعام, وثلث شراب, وثلث نفس" 2. [95:1]
__________
2- حديث صحيح, صالح بن يحيى بن المقدام ذكره المؤلف في"الثقات6/459,وكذا أبوه5/525.
وأخرجه البيهقي في"الآداب"701من طريق محمد بن المتوكل بن أبي السري, بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "الكبرى"كما في "التحفة" 8/509عن عمرو بن عثمان, عن محمد بن حرب الأبرش, عن سليمان بن سليم, عن صالح بن يحيى المقدام, عن جده المقدام.
وتقدم عند المؤلف برقم674من طريق حرملة بن يحيى, عن ابْنُ وَهْبٍ, عَنْ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ, عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ, عن المقدام. وهذا=(12/41)
ذكر الخبر على الدال على أن يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِقْلَالُ مِنْ غِذَائِهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ
5237- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم, عن ابن جرير, قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ, قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثنين, وطعام الاثنين يكفي الأربعة, وطعام لأربعة يكفي الثمانية" 1.
66 -
__________
=سند قوي على شرط مسلم. لكن نزيد هنا في تخريجه أن النسائي أخرجه في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/512 عن
محمد بن سلمة, عن ابن وهب, به. وأخرجه الطبراني 20/645 عن بكر بن سهل, عن عبد الله بن صالح, عن
معاوية بن صالح, به. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" 603, والقضاعي في "الشهاب" 1340 و1341,
والطبراني 20/644 و646 من طريقين عن يحيى بن جابر, به. وحسنه الحافظ في "الفتح" 9/528.
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم. أبو عاصم: هو الضحاك بنا
مخلد النبيل. وأخرجه الدارمي 2/100 عن أبي عاصم, بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/382, ومسلم 2059 في
الأشربة: باب فضيلة المواساة في الطعام القليل, وابن ماجة 3254 في الأطعمة: باب طعام الواحد يكفي الاثنين,
من طريقين عن ابن جرير, بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/301, ومسلم 2059, والترمذي 1820 في الأطعمة:
باب ما جاء في طعام الواحد يكفي الاثنين, من طريقين عن سفيان, عن أبي الزبير, به.(12/42)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ
5238- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُسْلِمُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سبعة أمعاء" 1.
66 -
__________
=وأخرجه ابن أبي شيبة 8/322، ومسلم 2059 180 من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ
أبي الزبير، به. وليس فيه "وطعام الأربعة يكفي الثمانية". قال البغوي في "شرح السنة" 11/321: حكي إسحاق بن راهويه عن جرير في تفسير هذا الحديث، قال: تأويله شبع الواحد قوت الاثنين، وشبع الاثنين قوت الأربع، قال عبد الله بن عروة: تفسير هذا ما قل عمر في عام الرمادة: لقد هممت أن أنزل على أهل كل بيت مثل عددهم، فإن الرجل لا يهلك على نصف بطنه. وقال النووي في "شرح مسلم" 14/23: فيه الحث على المواساة في الطعام، فإنه وإن كان قليلاً حصلت منه الكفاية المقصودة، ووقعت فيه بركة تعم الحاضرين.
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح، ثقة من رجال مسلم، ومن
فوقه من رجال الشيخين. وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 2/406 عن يونس، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري بأثر الحديث 5394 فقال: وقال يحيى بن عبد الله بن بكير: حدثنا مالك، عن نافع.. ووصله الإسماعيلي في "المستخرج" كما في "الفتح" 9/573، والحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 4/486 من طريق يحيى بن بكير، عن مالك، به.=(12/43)
5239- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ فِيلٍ الْبَالِسِيُّ بِأَنْطَاكِيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ" 1. قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا الْخَبَرُ خرج على إنسان بعينه. [13:3]
__________
=وأخرجه عبد الرزاق 19559, وان أبي شيبة 8/321، وأحمد 2/21 و74 و145، والدارمي 2/99، والبخاري
5393 و5394 في الأطعمة: باب المؤمن يأكل من معي واحد، ومسلم 2060 186 في الأشربة: باب المؤمن يأكل في معي واحد، وابن ماجة3257 في الأطعمة: باب المؤمن يأكل في معي واحد، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/406 من طرق عن نافع، به.
وأخرجه الحميدي 669، والبخاري 5395 من طريق سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنِ ابْنِ عمر, ونحوه.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين, وهو مكرر 5234.(12/44)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مُجَانَبَةُ الِاتِّكَاءِ عِنْدَ أَكْلِهِ
5240- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أما أنا, فلا آكل(12/44)
متكئاً" 1.
3 -
__________
1إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد بن كثير: هو العبدي, سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أبو داود3769 في الأطعمة: باب ما جاء في الآكل متكئا, عن محمد بن كثير, بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي891, وأحمد 4/308و309, والدارمي 2/106, والترمذي في"الشمائل"142, وأبو يعلى888و889, والطبراني 22/343و344, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 196, والبيهقي 7/49 من طرق عن سفيان, به.
وأخرجه أحمد 4/309, وابن أبي شيبة 8/314ووالبخاري5398 و5399 في الأطعمة: باب الآكل متكئا, والترمذي1830 في الأطعمة: باب ما جاء في كراهية الآكل متكئا, وابن ماجة3262 في الأطعمة: باب الآكل متكئا, وأبو يعلى884, والطبراني 22/254و340و341و342و345و346و347و348و349و351, والبيهقي 7/49. وفي"الآداب"671, والبغوي2838 من طرق عن علي بن الأقمر, به.
قال الخطابي في"معالم السنن" 4/242, ونقله عنه البغوي في"شرح السنة" 11/286: يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل المعتمد على أحد شقيه لا يعرفون غيره. .وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه, وإنما المتكئ ها هنا المعتمد على الوطاء الذي تحته, وكل من استوى قاعدا على وطاء, فهو متكئ, والاتكاء مأخوذ من الوكاء ووزنه الافتعال منه, فالمتكئ: هو الذي مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته, والمعنى: أني إذا أكلت لم أقعد متمكنا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة, ويتوسع في الألوان, ولكني آكل علقة, وآخذ من الطعام بلغة, فيكون قعودي مستوفزا له.(12/45)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ قَطْعِ الْمَرْءِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُؤْكَلُ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ
5241- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن موسى ابن خَتٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجُبْنَةٍ مِنْ1 تَبُوكَ, فَدَعَا بِسِكِّينٍ, فسمى, وقطع2.
1 -
__________
1 كذا الأصل, وعند أبي داود"في تبوك. . ".
2إسناده حسن. عمرو بن منصور: هو الهمداني, وخت لقب ليحيى بن موسى, وقيل: هو لقب لأبيه.
وأخرجه أبو داود3819 في الأطعمة: باب في أكل الجبن, ومن طريقه البيهقي 10/6 عن يحيى بن موسى, بهذا الإسناد.
تنبيه: أورد الحديث ابن الأثير في"جامع الأصول" ونسبه إلى أبي داود, وزاد فيه"من عمل النصاري" مع أن هذه الزيادة ليست عنده, ولا عند البيهقي ولا في"معالم السنن" للخطابي, ولا في"تحفة الأشراف" للحافظ المزي.(12/46)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْجُبْنَ الَّذِي أَكَلَهُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ عَمَلِ الْمُسْلِمِينَ
5242- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدِينِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ, قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَقِيَ زَيْدَ بن(12/46)
عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ, بِأَسْفَلَ بَلْدَحَ, فَقَدَّمَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُفْرَةً فِيهَا طَعَامٌ, فَأَبَى أَنْ يَأْكُلَ, وَقَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُلُ [مِمَّا تَذْبَحُونَ] عَلَى أَنْصَابِكُمْ, وَلَا نَأْكُلُ إِلَّا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ1. [4:1]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو راهويه.
وأخرجه أحمد 2/68-69, والنسائي في"فضائل الصحابة"86 من طريق وهيب, والبخاري5499 في الذبائح: باب ما ذبح على النصب والأصنام, من طريق عبد العزيز بن المختار, وابن سعد 3/380 من طريق زهير بن معاوية ووهيب وعبد العزيز بن المختار, ثلاثتهم عن موسى بن عقبة, بهذا الإسناد, وبلفظ المصنف, وما بين حاصرتين منهم.
وأخرجه البخاري3826 في مناقب الأنصار: باب حديث زيد بن عمرو بن نفيل, والبيهقي في"دلائل النبوة" 2/121-122 من طريق فضيل بن سليمان, عن موسى بن عقبة, به. ولفظه "أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي, فقدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة, فأبى أن يأكل منها, ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم. . ".
وفضيل بن سليمان انفرد بهذا اللفظ, وهو كثير الخطأ, وقال صالح جزرة: روى عن موسى بن عقبة مناكير, فالصواب رواية المؤلف التي رواها عن موسى بن عقبة ثلاثة من الثقات, على أن رواية الجرجاني والإسماعيلي,"فقدم إليه النبي صلى الله عليه وسلم سفرة" كما قال الحافظ, وهي موافقة لرواية الجماعة, وكذا أخرجه الزبير بن بكار والفاكهي وغيرهما.
وأخرج الطيالسي234, وأحمد 1/189-190, والطبراني350, والبزار2754, والبيهقي في"دلائل النبوة" 2/123-124, والذهبي في"السير" 1/129و130 من طريق المسعودي, عن نفيل بن هشام, عن أبيه, عن سعيد بن زيد, من حديث مطول أن زيد بن عمرو بن نفيل مر بالنبي صلى الله عليه وسلم وزيد بن حارثة وهما يأكلان من سفرة لهما, فدعياه, فقال: يا ابن أخي,=(12/47)
. . . . . . . . . . . . . .. .. . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . .. . . . . . . .
__________
لا آكل ما ذبح على النصب, قال: فما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل مما ذبح على النصب من يومه ذلك حتى بعث.
قلت: وسنده ضعيف لاختلاط المسعودي, ونفيل بن هشام وأبوه لم يوثقهما غير المؤلف.
وأخرج النسائي في " فضائل الصحابة" 85, والطبراني 4663 و 4664,والبزار 2755, وأبو يعلى ورقة 336/1, والحاكم3/216_217, والبيهقي في " الدلائل" 2/125_126, والذهبي 1/221 من طريق محمد بن عمرو بن علقمة, عن أبي سلمة ويحي بن عبد الرحمن بن حاجب, عن أسامة بن زيد حارثة, عن أبيه في حديث مطول أيضا, أن زيد بن عمرو بن نفيل لقي النبي صلى الله عليه وسلم فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته, فوضع السفرة بين يديه, فقالأي زيد: ما هذا؟ قال: " شاة ذبحناها لنصب كذا وكذا" فقال زيد بن عمرو: إنا لا نأكل شيئا ذبح لغير الله.
قال الهيثمي في " المجتمع" 9/417: رجاله رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة, وهو حسن الحديث. وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي, إلا أنه قال في "السير" في إسناده محمد لا يحتاج به, وفي بعضه نكارة بينة.
قلت: محمد بن عمرو بن علقمة, روى له البخاري مقرونا, وقال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام, فهو حسن الحديث, وأما النكارة البينة التي أشار إليها الإمام الذهبي فهي قوله صلى الله عليه وسلم: " شاة ذبحناها على نصب" فلعلها من أوهام محمد بن عمرو بن علقمة.
قال الإمام الذهبي في "السيرة" 1/130_131: ومازال المصطفىصلى الله عليه وسلم محفوظا محروسا قبل الوحي وبعده, ولو احتمل جواز ذلك, فالضرورة ندري أنه يأكل من ذبائح قريش قبل الوحي, وكان ذلك على الإباحة, وإنما توصف ذبائحهم بالتحريم بعد نزول الآية, كما أن الخمرة كانت على =(12/48)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ وهو قائم
5243_أخبرنا الفضل ابن الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ, قَالَ: حَدَّثَنَا حمران بْنُ حُدَيْرٍ, عَنْ أَبِي الْبَزَرِيِّ, يَزِيدِ بْنِ عُطَارِدً
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: كُنَّا نَشْرَبُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن قيام, ونأكلونحن نسعى.1 [50:4]
__________
= الإباحة, إلى أن نزل تحريمها بالمدينة بعد يوم أحد, والذي لا ريب فيع أنه كان معصوما قبل الوحي وبعده, وقبل التشريع من الزنى قطعا, من الخيانة والكذب والسكر والسجود لوثن والاستقسام بالأزلام, ومن الرذائل والسفه وبذاء اللسان, وكشف العورة, فلم يكن يطوف عريانا, ولا كان يقف يوم عرفة مع قومه بمزدلفة, بل كان يقف بعرفة. وبكل حال, لو بدا منه شيء من ذلك لما كان عليه تبعة, لأنه كان لا يعرف, ولكن رتبة الكمال تأبى وقوع ذلك منه صلى الله عليه وسلم تسليما.
وقال الخطابي: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل مما يذبحون عليها الأصنام, ويأكل ما عدا ذلك, وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه, لأن الشرع لم يكن نزل بعد, بل لم ينزل الشرع بمنع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه إلا بعد المبعث بمدة طويلة. ونقل كلامه هذا الإمام محمد بن إبراهيم بن الوزير فن كتابه " العواصم والقواصم " 3/234 بتحقيقي.
قلت: وعلى تقدير أن يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكور, فيحمل على أنه إنما ذبح عليه لغير الأصنام كما قال الحافظ في " الفتح" 7/143.
حديث صحيح, رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي البزري يزيد بن عطاء, وهو وإن لم يوثقه غير المؤلف 5/547, ولا يعلم روى عنه غير عمران بن حدير قد توبع كما سيأتي عند المصنف برقم5322 و5325.=(12/49)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ وَهُوَ قَائِمٌ
5244- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قال: حدثتا: مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ, عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ
عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَّ بِقَدْرٍ لِبَعْضِ أَهْلِهِ فِيهَا لَحْمٌ يُطْبَخُ، فَنَاوَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْهَا كَتِفًا، فَأَكَلَهَا وهو قائم، ثم صلى ولم يتؤضأ1.] 1:4 [
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة 8/205، وأحمد 2/12 و24و29، والطيالسي1904، والدارمي 2/120، وابن الجارود 867، والبيهقي 7/283،والمزي في"تهذيب الكمال" في ترجمة أبي البزري من طرق عن
عمران بن حدير، بهذا الإسناد.
(1) شرحبيل بن سعد المدني مولى الأنصار لم يوثقه غير المؤلف، وقد ضعفه مالك والنسائي والدارقطني وغيرهم، وقال الحافظ في"التقريب":صدوق اختلط بأخرة، وباقي رجاله ثقات. محمد بن سلمة: هو الباهلي الحرّاني، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن يزيد بن سماك ألأموري. وقد تقدم تخريجه برقم 1150.(12/50)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِابْتِدَاءِ فِي الْأَكْلِ مِنْ جَوَانِبِ الطعامإذا الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَهُ
5245- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خالد(12/50)
عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ: دُعِينَا إِلَى الطعام وَمَعَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَزَاذَانُ، وَأَبُو الْبَخْتَرِيِّ، وَمِقْسَمٌ، فَأَتَيْنَا بِالطَّعَامِ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْبَرَكَةُ تَنْزِلُ وَسَطَ الطعام، فكلوا من حافتيه" 1. [95:1]
__________
حديث صحيح رجاله ثقات، خالد- هو ابن عبد الله الواسطي الطحان -روايته عن عطاء بن السائب بعد الاختلاط، لكن تابعه عليه شعبة عند الدرامي وابن الجعد والبغوي، والبيهقي في"الآداب" وسفيان عند الحميدي، وأحمد والحاكم، وهما ممن رويا عن عطاء قبل الاختلاط.
وأخرجه الحميدي 529، وأحمد 1/270 و345 و364، والدارمي 2/100، وابن الجعد 860، والترمذي 1805 في الأطعمة: باب ما جاء في كراهية الأكل من وسط الطعام، وابن ماجة 3277 في الأطعمة: باب النهي عن الأكل من ذروة الثريد، والحاكم 4/116، والبيهقي في "الآداب" 632، والبغوي 3772 من طريق عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد. قال
الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.وقال أبو داود 3772 في الأطعمة: باب ما جاء في الأكل من أعلى الصحفة: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أكل أحدكم طعاما، فلا يأكل من أعلى الصحفة، ولكن ليأكل من أسفلها، فإن البركة تنزل من أعلاها" قلت: وهذا إسناد صحيح.(12/51)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَجْمَعَ فِي أَكْلِهِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مِنَ الْمَأْكُولِ
5246- أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حدثنا معاوية بن هشام بن قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ(12/51)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يجمع البطيخ بالرطب 1. [1:4]
__________
(1) إسناده حسن، معاوية بن هشام- وإن خرج له مسلم -وصفه الحافظ في "التقريب" بقوله: صدوق له أوهام، وباقي رجاله ثقات من رجاله الشيخينغير عبدة بن عبد الله فمن رجال البخاري، وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه الترمذي 1843 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل البطيخ بالرطب، وفي"الشمائل" 199، ومن طريقه البغوي 2894 عن عبدة بن عبد الله الخزاعي، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وأخرجه الحميدي 255 عن سفيان به.
وأخرجه أبو داود 3836 في الأطعمة: باب في الجمع بين لونين في الأكل، وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص203، والبيهقي 7/281، وأبو نعيم في"الحلية"7/367 من طرق عن هشام بن عروة، به. زاد أبو داود"ويقول: نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا"
وأخرجه الترمذي في"الشمائل"201 من طريق يزيد بن رومان، عن عروة به. وانظر ما بعده.(12/52)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ عَائِشَةَ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه كَانَ يَجْمَعُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ، أَرَادَتْ بِهِ أَنَّهُ كان يأكلها مَعًا
5247- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يأكل البطيخ بالرطب2. [4:1]
__________
(2) إسناده حسن، هشام بن عمار وإن روى له البخاري، لا يرقى إلى رتبة الصحيح، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. عيسى بن يونس: هو ابن إسحاق السبيعي. وهو مكرر ما قبله.(12/52)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5248- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ حميداَ يُحَدِّثُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ الطبيخ أو البطيخ بالرطب 1.
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"مسند أحمد" 3/142و143 وأخرجه الترمذي في"الشمائل" 200 عن إبراهيم بن يعقوب، عن وهب بن جرير بهذا الإسناد.
وعند أحمد والترمذي"كان يأكل الرطب بالخربز"قال الحافظ في "الفتح" 9/573: الخربز: هو بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الموحدة بعدها زاي: نوع من البطيخ الأصفر.
وأخرج البخاري 5440و5447و5449، ومسلم 2043، وأبو داود 3835، والترمذي 1844 عن عبد الله بن جعفر قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب.
قال الخطيب في"الفقيه والمتفقه"1/131 بعد أن أخرج الحديث وليس تخلو سنة رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فائدة أو فوائد، ففي هذا الحديث من الفوائد أن قوما ممن سلك طريق الصلاح والتزهد قالوا: لا يحل للأكل أن يأكل تلذذا، أو على سبيل التشهي والإعجاب، ولا يأكل إلا ما لا بد منه لإقامة الرمق، فلما جاء هذا الحديث سقط قول هذه الطائفة، وصلح أن يأكل الأكل تشهيا وتفكها وتلذذا.
وقالت طائفة من هؤلاء القوم أيضا: إنه ليس لأحد أن يجمع بين شيئين من الطعام، ولا بين إدامين على خوان، فكان هذا الحديث أيضا يرد على=(12/53)
الشك من أحمد. [1:4](12/54)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَكْلِ اللُّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ مِنْ يَدَيِ الْآكِلِ لِئَلَّا يَتْرُكَهَا لِلشَّيْطَانِ
5249- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ, فَلْيُمِطِ الْأَذَى عَنْهَا وَلْيَأْكُلْهَا, وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ, وَأَسْلِتُوا الصَّحْفَةَ, فَإِنَّهُ لَا يُدْرَى فِي أَيِّ طعامكم تكون البركة" 1.
95 -
__________
= صاحب هذا القول, ويبيح أن يجمع الإنسان بين لونين وبين إدامين, وأكثر ما روى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأفعال التي ليست قربات نحو الشرب واللباس, والعقود والقيام, فكل ذلك يدل على الإباحة.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
وأخرجه الدرامي 2/96, وابن أبي شيبة 8/294, وأحمد3/177, وعلى بن الجعد3476, ومسلم, 2034
في الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع والقصعة, والترمذي1803 في الأطعمة: باب ما جاء في اللقمة تسقط,
وأبو داود 3845 في الأطعمة: باب في اللقمة تسقط، ومن طريقه البيهقي 7/278 من طرق عن حماد بن سلمه، بهذا الإسناد.
قال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح.
وأخرجه أحمد مختصراً 3/100 من طريق حميد عن أنس.(12/54)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِغَمْسِ الذُّبَابِ فِي الْمَرَقَةِ إِذَا وَقَعَ فِيهَا ثُمَّ الْإِخْرَاجِ، وَالِانْتِفَاعِ بِتِلْكَ الْمَرَقَةِ
5250- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ, حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ, حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ المفضل، عن محمد عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ شِفَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ، فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ، ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ" 1.
78 -
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْعَرَبُ تُسَوِّغُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي الِاتِّقَاءِ أَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْغَمْسِ وَالرَّفْعِ مَعًا، فَإِنَّ الاتقاء يقع على المعنيين جميعا ً.
__________
(1) إسناده حسن, رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عجلان, فقد روى له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة. وقد تقدم تخريجه برقم1247.(12/55)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ
5251- أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ سُعَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ, عَنِ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ, ثُمَّ(12/55)
يلعقهن1. [1:4]
__________
(1) إسناده قوي, مالك بن سعير: لا بأس به, روى له البخاري في"صحيحه" متابعة, وحديثه عند أهل السنن, وباقي السند ثقات من رجال الصحيح. عبد الرحمن بن سعد: هو المدني مولى الأسود, وابن كعب بن مالك: هو عبد الله أو عبد الرحمن كما جاء مصرحاً به عند مسلم والدارمي وغيرهما, وابنا كعب هذان ثقتان روى لهما الشيخان. وجاء في رواية لأحمد 6/386 والدارمي 2/97"أبي بن كعب بن مالك" بزيادة"أبي" وهو خطأ, والصواب حذفها, فليس لكعب بن مالك ولد يسمى"أُبيا"
وأخرجه أحمد 3/454و6/386, والدرامي 2/97ومسلم2033 في الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع والقصعة, وأبو داود3848 في الأطعمة: باب في المنديل, والطبراني19/195و196, والبيهقي7/278, وفي"الآداب"633, والبغوي2874 من طرق عن هشام بن عروه, بهذا الإسناد. وأخرجه الترمذي في"الشمائل"143, والطبراني19/187و188 من طرق عن هشام, عن أبن كعب بن مالك, ولم يذكرا عبد الرحمن بن سعد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/295, ومسلم2032131, والترمذي في"الشمائل"140, والطبراني19/182 من طريق عبد الرحمن بن مهدي, عن سفيان, عن سعد بن إبراهيم, عن ابن كعب بن مالك, به.(12/56)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ لَعْقُ الْأُصْبُعِ عِنْدَ الْأَكْلِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ تَقْذِرَةً
5252- أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ(12/56)
عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَكَلَ, لَعِقَ أَصَابِعَهُ الثلاث1. [1:4]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
وأخرجه الترمذي في"الشمائل"141, وعلي بن الجعد3475, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 194, والبغوي2873 من طريق حماد بن سلمة, بهذا الإسناد وانظر تخريج الحديث5249.(12/57)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ بِلَعْقِ الْأَصَابِعِ لِلْأَكْلِ قَبْلَ مَسْحِهَا بِالْمِنْدِيلِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ تَقَذَّرَهُ
5253- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْجَوَالِيقِيُّ بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ, أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِذَا طَعِمَ أَحَدُكُمْ, فَسَقَطَتْ لُقْمَتُهُ مِنْ يَدِهِ, فَلْيُمِطْ مَا رَابَهُ مِنْهَا, وَلْيَطْعَمْهَا, وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ, وَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ بِالْمِنْدِيلِ حَتَّى يَلْعَقَ يَدَهُ, فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَدْرِي فِي أَيِّ طَعَامِهِ يُبَارَكُ لَهُ وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَرْصُدُ النَّاسَ أَوِ الْإِنْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى عِنْدَ مَطْعَمِهِ أَوْ طَعَامِهِ, وَلَا يَرْفَعُ الصحفة حتى يلعقهاأو يلعقها, فإن في آخر الطعام البركة" 2. [95:1]
__________
(2) حديث صحيح, إسناده على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم, وقد تابعه أبو سفيان طلحة ين نافع عند مسلم وغيره. أبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.=(12/57)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه النسائي في الوليمة كما في"التحفة" 2/330 من طريق حجاج بن محمد, عن ابن جريج, بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصراً ومطولاً: أحمد 3/301و331و337و365-366, ومسلم2033 في الأشربة: باب استحباب لعق الأصابع والقصعة, من طريق سفيان, والترمذي1802 في الأطعمة: باب ما جاء في اللقمة تسقط, من طريق ابن لهيعة, كلاهما عن أبي الزبير, به.
وأخرجه كذلك أحمد 3/315, وابن أبي شيبة 8/297, ومسلم2033135, وابن ماجة3279 في الأطعمة: باب اللقمة إذا سقطت, من طرق عن الأعمش, عن أبي سفيان طلحة بن نافع الواسطي, عن جابر.(12/58)
2- بَابُ مَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ كَرِهَ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ أَكْلَ الْعَسَلِ وَالْحَلْوَى مَخَافَةَ أَنْ لَا يَقُومَ بِشُكْرِهِ
5254- أَخْبَرَنَا ابْنُ زُهَيْرٍ, قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحب الحلواء والعسل1.
1 -
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين, أبو أسامة: هو حماد بن أسامة,
وأخرجه أحمد 6/59, والبخاري5431 في الأطعمة: باب الحلواء والعسل, و5599 في الأشربة: باب الباذق وما نهى عن كل مسكر من الأشربة, و5614: باب شراب الحلواء والعسل, و5682 في الطب: باب الدواء بالعسل, و6972 في الحيل: باب ما يكره من احتيال المرأة مع الزوج والضرائر, ومسلم147421 في الطلاق: باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته, وأبو داود3715 في الأشربة: باب في شراب العسل, والترمذي1831 في الأطعمة: باب ما جاء في حب النبي صلى الله عليه وسلم الحلواء والعسل, وفي"الشمائل"164, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 203, والبغوي2865 من طرق عن حماد بن أسامة, بهذا الإسناد.=(12/59)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَكْلَ لُحُومِ الدَّجَاجِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِسْرَافِ
5255- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ, وَالْقَاسِمِ بْنِ عَاصِمٍ, عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ, قَالَ أَيُّوبُ: وَأَنَا لِحَدِيثِ الْقَاسِمِ أَحْفَظُ مِنِّي لِحَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ
قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ, فَدَعَا بِمَائِدَةٍ وَعَلَيْهَا لَحْمُ دَجَاجٍ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأكل منه1. [1:4]
__________
=وأخرجه الدارمي 2/107, والبخاري5268 في الطلاق: باب {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} , وأبو الشيخ ص 203, والبيهقي 7/354, والبغوي2866 من طريقين عن على بن مسهر, عن هشام بن عروة, به.
قال الحافظ بن حجر: يؤخذ منه جواز اتخاذ الأطعمة من أنواع شتى, وكان بعض أهل الورع يكره ذلك, ولا يرخص أن يأكل من الحلاوة إلا ما كان حلوه بطبعه كالتمر والعسل, وهذا الحديث يرد عليه.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي, وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي. وقد تقدم برقم5222.
وأخرجه مسلم16499 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها, عن أبي الربيع الزهراني, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/406, والبخاري3133 في الجهاد: باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم. . . ., ومن طريقين, عن حماد بن زيد, به.
وأخرجه البخاري6649 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم,=(12/60)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ أَكْلِ الْمَرْءِ لُحُومَ الطُّيُورِ الَّتِي قَدِ اصْطِيدَتْ
5256- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُدَامَةَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ, عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَنَحْنُ حُرم فأُهدي لَنَا طَيْرٌ, وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ, فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ, وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ, فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ وَافَقَ مَنْ أَكَلَهُ, وَقَالَ: أَكَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
1 -
__________
=و7555 في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} , ومسلم1649 من طريقين عن أيوب, عن أبي قلابة والقاسم, به.
وأخرجه أحمد 4/401و406, والدارمي 2/102, والبخاري5518 في الذبائح: باب لحم الدجاج, و6721 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث وبعده, ومسلم1649, والنسائي 7/106 في الصيد باب إباحة أكل لحوم الدجاج, من طريقين عن أيوب, عن القاسم, به.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم ورجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن التيمي فمن رجال مسلم. وقد تقدم تخريجه برقم3973.(12/61)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَأْكُلَ الْجَرَادَ إِذَا لَمْ يَتَقَذَّرْهُ
5257- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ, قَالَ:(12/61)
سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى, قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غزواتٍ, أَوْ سِتَّ
غزواتٍ- شَكَّ شُعْبَةُ- فَكُنَّا نأكل معه الجراد1. [1:4]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو يعفور: هم العبدي, وأسمه وقدان, قيل: واقد.
وأخرجه البيهقي9/256-257 من طريقين عن أبي بكر الإسماعيلي, عن أبي خليفة الفضل بن الحباب, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي818, واحمد 4/357, والبخاري5495 في الصيد: باب أكل الجراد, ومسلم1952 في الصيد: باب إباحة الجراد, وأبو داود3812 في الأطعمة: باب في أكل الجراد, والترمذي1822 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل الجراد, والنسائي7/210 في الصيد: باب الجراد, والبهقي9/257 من طريقين عن شعبة, به.
وأخرجه الحميدي713, وعبد الرازق8762, وابن أبي شيبة 8/325 وأحمد 4/353و380 والدرامي 2/91, ومسلم
1952, والترمذي1821و1822, والنسائي7/210, وابن الجارود880, والبيهقي 9/257, والبغوي2802من طرق عن سفيان بن عيينة, به.(12/62)
ذكر البيان بان كل ما قَذَفَهُ الْبَحْرُ مِنَ الْمَيْتَةِ أَوْ مَا اصْطِيدَ مِنْهُ مِمَّا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِيهِ مَيْتَةٌ حَلَالٌ أَكْلُهُ, وَإِنْ بَايَنَتْ خِلَقُهَا خِلْقَةَ الْحُوتِ
5258- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الأزرق, أن المغير بْنَ أَبِي بُرْدَةَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ أَخْبَرَهُ(12/62)
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ, وَنَحْمِلُ مَعَنْا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ, فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ, عَطِشْنَا, أَفَنَتَوَضَّأُ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هُوَ الطَّهُورُ ماؤه, الحل ميتته" 1. [33:4]
5259- أخبرنا أحمد بن علي بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ثلاث مئة رَاكِبٍ وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرًا لِقُرَيْشٍ, فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ, فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ قَالَ: فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ, ثُمَّ أَلْقَى الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا: الْعَنْبَرُ, فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ حَتَّى ثَابَتْ أَجْسَامُنَا, وَادَّهَنَّا بِوَدَكِهِ, فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ, وَنَظَرَ إِلَى أَطْوَلِ جَمَلٍ فِي الْجَيْشِ وَأَطْوَلِ رَجُلٍ, فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ, فَمَرَّ تَحْتَهُ.
قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرٍ عَنْ جَابِرٍ: أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِرَابًا فِيهِ تمر, فلما نفذ, وَجَدْنَا فَقْدَهُ, فَجَعَلَ يَجِيءُ الرَّجُلُ بِالشَّيْءِ, قَالَ: وَأَخْرَجْنَا مِنْ عَيْنَيْهِ كَذَا وَكَذَا حُبًّا مِنْ وَدَكٍ, فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَنَا "هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ " 2. [33:4]
__________
(1) إسناده صحيح رجاله ثقات, وقد تقدم تخريجه برقم1244.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة. وهو في"مسند أبي يعلى" 1955و 1956. =(12/63)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكَلَ مِمَّا حَمَلَهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ مِنَ الْعَنْبَرِ الَّذِي قَذَفَهُ الْبَحْرُ لَهُمْ
5260- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ يَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ, وَزَوَّدَنَا جِرَابَ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُطْعِمُنَا تَمْرَةً تَمْرَةً, قُلْتُ: فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا؟ قَالَ: نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّبِيُّ, ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنَ الْمَاءِ, فَيَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ, قَالَ: وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ, ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ, فَنَأْكُلُهُ, قَالَ: فَانْطَلَقْنَا فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ, فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هُوَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ, فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ, ثم
__________
=وأخرجه عبد الرزاق8667, والحميدي1242, وأحمد 3/308-309, والدارمي 2/91-92, والبخاري4361 في المغازي: باب غزوة سيف البحر, ومسلم193518 في الصيد: باب إباحة ميتات البحر, والنسائي 7/207-208 في الصيد: باب ميتة البحر, والبيهقي 9/251 من طرق عن سفيان, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/311, والبخاري5493 في الصيد: باب قول الله تعالى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} , والبيهقي 9/251,
والبغوي2804 من طريقين عن عمرو بن دينار, به. وانظر ما بعده.
والخبط, بفتح الباء: ورق الشجر يضرب بالعصا فيسقط, سموا جيش الخبط, لأنهم اضطروا إلى أكله.
والودك: هو دسم اللحم ودهنه الذي يستخرج منه.(12/64)
قَالَ: لَا نَحْنُ رُسُلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدِ اضْطُرِرْتُمْ, فَكُلُوا قَالَ: فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثلاث مئة حَتَّى سَمِنَّا, وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقَبِ عَيْنَيْهِ بِالْقِلَالِ, وَنَقْطَعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ, وَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا, فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقَبِ عَيْنِهِ, وَأَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ, فَأَقَامَهَا, ثُمَّ أَرْحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مِنَّا, فَمَرَّ تَحْتَهَا. قَالَ: وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ, أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ:"هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ, فَهَلْ مِنْ لَحْمِهِ مَعَكُمْ شَيْءٌ تُطْعِمُونَا؟ " فأرسلنا إليه منه, فأكله1.
33 -
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير أبي الزبير, فمن رجال مسلم, وقد صرح بالتحديث في رواية عند أحمد.
وأخرجه أحمد 3/311-312, ومسلم193517 في الصيد: باب إباحة ميتات البحر, وأبو داود3840 في الأطعمة: باب في دواب البحر,
والبيهقي9/251 من طرق عن أبي الزبير, بهذا الإسناد. وأخرجه الطيالسي1744, وعبد الرازق
8668, وابن أبي شيبة5/381, وأحمد3/303و311, والنسائي 7/208و208-209في الصيد: باب ميتة البحر, وأبو يعلى1920و1954, وابن الجارود878 من طرق عن أبي الزبير, به.
والفدر جمع فدرة, وهي القطعة من كل شيء.
والو شائق جمع وشيقة: وهو لحم يغلى في ماءٍ وملح, ثم يخرج فيصير في"الجبجبة"- وهو البعير يقور- ثم يجعل ذلك اللحم فيه, فيكون زاداً لهم في أسفارهم.(12/65)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ مَا قَذَفَهُ الْبَحْرُ مِمَّا لَا يَعِيشُ إِلَّا فِيهِ حُوتٌ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَتْ خِلَقُهَا مُتَبَايِنَةً لِخِلْقَةِ الْحُوتِ
5261- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ, عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا إِلَى أَرْضِ جُهَيْنَةَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا, فَلَمَّا نَفِدَتْ أَزْوَادُهُمْ, أَمَرَ أَمِيرُهُمْ بِمَا بَقِيَ مِنْ أَزْوَادِهِمْ, فَجُمِعَتْ, فَجَعَلَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةً تَمْرَةً قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَا كَانَتْ تُغْنِي عَنْكُمْ تَمْرَةٌ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّهَا فُقِدَتْ, فَوَجَدْنَا فَقْدَهَا, كَانَ أَحَدُنَا يَضَعُهَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَحَنَكِهِ فَيَمُصُّهَا, وَنُصِيبُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ, وَنَبَاتِ الْأَرْضِ مَعَ ذَلِكَ حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ, فَأَخْرَجَ اللَّهُ لَنَا حُوتًا أَلْقَاهُ الْبَحْرُ, فَأَكَلْنَا وَقَدَدْنَا, فَلَمَّا أَرَدْنَا أَنْ نَرْتَحِلَ, أَمَرَ أَمِيرُنَا بِضِلْعٍ مِنْ ضُلُوعِهِ, فَنَكَبَ طَرَفَاهُ فِي الْأَرْضِ, ثُمَّ أَمَرَ بِبَعِيرٍ فَرُحِّلَ فمر تحته1. [33:4]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الصحيح. عثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي, وداود بن قيس: هو الفراء الدباغ.
وأخرجه مسلم1935 في الصيد: باب إباحة ميتات البحر, عن حجاج بن الشاعر, عن عثمان بن عمر, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم1935 عن محمد بن رافع, عن أبي المنذر- وهو إسماعيل بن عمر _ عن داود بن قيس, به.(12/66)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُسَمِّي مَا قَذَفَهُ الْبَحْرُ حُوتًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يُشْبِهُ خِلْقَتُهُ خِلْقَةَ الْحُوتِ
5262- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ, وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاث مئة وَأَنَا فِيهِمْ قَالَ: فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا ببعض الطريق, فني الزاد, فأمر أبو عبيدةبأزواد ذَلِكَ الْجَيْشِ, فَجُمِعَ كُلُّهُ, فَكَانَ مِزْوَدَ تَمْرٍ, فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ وَلَمْ يُصِبْنَا1 إِلَّا تَمْرَةً تَمْرَةً, فَقُلْتُ: وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ؟ قَالَ: لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حَيْثُ فَنِيَتْ قَالَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ, فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ, فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً, ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلْعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ, ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فرحلت, ثم مرت تحتهما ولم تصبهما2.
__________
(1) في الأصل: يصيبنا, والمثبت من"التقاسيم"4/لوحة36.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ"2/930 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب جامع ما جاء في الطعام والشراب.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري2483 في الشركة: باب الشركة في الطعام والنهد والعروض, و4360 في المغازي: باب غزوة سيف البحر, ومسلم193521 في الصيد: باب إباحة ميتات البحر, والبيهقي 9/252, والبغوي2806.
وأخرجه مختصراً ومطولاً عبد الرازق8666, والبخاري2983 في الجهاد: باب حمل الزاد على الرقاب, ومسلم1935 20, والترمذي =(12/67)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=2475 في صفة القيامة: باب رقم34, والنسائي 7/207, في الصيد: باب ميتة البحر, والبيهقي9/252, والبغوي2805 من طريقين عن وهب بن كيسان, به. والترمذي: حديث صحيح.
والظرب: الجبل الصغير.
قال البغوي في"شرح السنة" 11/249-250: وفيه دليل إباحة جميع ميتات البحر, وهو ظاهر القرآن والحديث, قال الله سبحانه وتعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ} قال عمر رضي الله عنه: صيده ما اصطيد, وطعامه ما رمى به.
وممن ذهب إلى إباحة جميع ميتات البحر أبو بكر وعمر وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت وأبو هريرة, وباب قال شريح والحسن وعطاء والشعبي, إليه ذهب مالك. قال الشعبي: لو أن أهلي أكلوا الضفادع لأطعمتهم, وقال عطاء: أما الطير, فأرى أن يذبحه, وقال الأوزاعي: كل شيء كان عيشه في الماء فهو حلال, قيل فالتمساح؟ قال: نعم. وركب الحسن على سراج من جلود كلاب الماء, ولم ير الحسن بالسلحفاة بأساً. وغالب مذهب الشافعي إباحة دواب البحر كلها إلا الضفدع لما جاء من النهي عن قتلها. وأخذها: زكاتها لا يحتاج إلى ذبح شيء منها, وكان أبو ثور يقول: جميع ما يأوي إلي الماء حلال, فما كان يذكى, لم يحل إلا بزكاة, وما كان منه لا يذكى, مثل السمك فميتة حلال.
وذهب قوم إلى أن ماله في البر نظير لا يؤكل مثل كلب الماء, وخنزير الماء, والحمار ونحوها, فحرام, وماله نظير يؤكل فميتة من حيوانات البحر حلال.
وسئل الليث بن سعد عن دواب الماء فقال: إنسان الماء, وخنزير الماء, فلا يؤكل, فأما الكلاب, فليس بها باس في البر والبحر, وقال سفيان الثوري: أرجو أن لا يكون بالسرطان باس.
وحرم أبو حنيفة جميع حيوانات البحر إلا السمك, والأول أولاها =(12/68)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَكْلَ الضِّبَابِ مَا لَمْ يَتَقَذَّرْهَا
5263- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ, فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ قَالَ: فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي, فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ" قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: فَاجْتَرَرْتُهُ, فَأَكَلْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ1.
5 -
__________
= بالصواب, وهو أن الكل حلال, لأنها كلها سمك وإن اختلفت صورها كالجريث, يقال له: حية الماء وهو على شكل الحية, وأكله حلال بالاتفاق, وهو الأشبه بظاهر القرآن والحديث.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/968 6في الاستئذان: باب ما جاء في أكل الضب. لكن هو عنده: عن عبد الله بن عباس, عن خالد بن الوليد. . .
قال الحافظ في"الفتح" 9/663: هذا الحديث مما اختلف فيه على الزهري: هل هو من مسند ابن عباس, أومن مسند خالد؟ وكذا اختلف فيه على مالك, فقال الأكثر: عن ابن عباس عن خالد. . .
وذكر روايات, ثم قال: والجمع بين هذه الروايات أن ابن عباس كان حاضراً للقصة في بيت خالته ميمونة كما صرح به في إحدى الروايات, وكأنه استثبت خالد بن الوليد في شيء منه, لكونه باشر السؤال عن حكم الضب وباشر أكله أيضا فكان ابن عباس ربما رواه عنه, ويؤيد ذلك أن محمد بن المنكدر حدث به عن =(12/69)
. . . . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
أبي أمامة بن سهل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُتي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في بيت ميمونة,
=وعنده خالد بن الوليد بلحم ضب. . . الحديث أخرجه مسلم1945, والطبراني في"الكبير"3822.
والحديث أخرجه الشافعي 2/174, ومسلم1945 في الصيد: باب إباحة الضب, والبيهقي9/323, والبغوي2799, من طريق مالك, بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري5537 في الذبائح: باب الضب, وأبو داود3794 في الأطعمة: باب في أكل الضب, والطبراني3816, والبيهقي9/323 من طريق مالك عن الزهري, عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف, عن ابن عباس, عن خالد بن الوليد.
وأخرجه الدارمي2/93, والبخاري5391 في الأطعمة: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل حتى يسمى له فيعلم ما هو, و5400: باب الشواء, ومسلم1946,والنسائي 7/197-198و198 في الصيد: باب الضب, والطبراني3815
و3817و3821 من طرق عن الزهري, به.
والمحنوذ: المشوي بالرضف: وهي الحجارة المحماة, ومنه قوله تعالى: {فَجَاءَ بِعِجْل ٍحَنِيذٍ} أي: مشوي بالرضف حتى يقطر عرقاً, وقوله"أعافه" أي: أقذره, يقال: عفت الشيء أعافه عيافاً: إذا كرهه.
وفي الحديث دليل أن ترك النكير من النبي صلى الله عليه وسلم يكون دليل الإباحة.
واختلف أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم في أكل الضب, فذهب جماعة إلى إباحته, روى ذلك عن ابن عمر وابن عباس, وإليه ذهب مالك والأوزاعي والشافعي, وكرهه بعض أهل العلم ونقله ابن المنذر عن علي, وقال الطحاوي في"شرح معاني الآثار"4/200: وقد كره قوم أكل الضب, منهم أبو حنيفة, وأبو يوسف, ومحمد بن الحسن, قال: واحتج لهم محمد بن الحسن بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أٌهدي له ضب فلم يأكله, فقام عليهم سائل, فأرادت عائشة أن تعطيه, فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتعطينه ما لا تأكلين".=(12/70)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَكْلَ الضِّبَابِ إِذَا لَمْ يَتَقَذَّرْهَا
5264- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ تَوْبَةَ الْعَنْبَرِيِّ, سَمِعَ الشَّعْبِيَّ
سَمِعَ ابْنِ عُمَرَ, إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَعَهُ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ سَعْدٌ, فأُتي بِلَحْمِ ضَبٍّ, فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم: إنه لحم
__________
= وقد جاء عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نهى عن أكل لحم الضب أخرجه أبو داود3796. قال الحافظ في"الفتح" 9/665: وسنده حسن, فإنه من رواية إسماعيل بن عياش, عن ضمضم بن زرعة, عن شريح بن عتبة, عن أبي راشد الحبراني, عن عبد الرحمن بن شبل, وحديث ابن عياش عن الشاميين قوي, وهؤلاء شاميون ثقات, ولا يغتر بقول الخطابي: ليس إسناده بذاك وقول ابن حزم: فيه ضعفاء مجهولون, وقول البيهقي: تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة وقول ابن الجوزي, لا يصح, ففي كل ذلك تساهل لا يخفى.
ثم أورد الحافظ حديث عبد الرحمن بن حسنة الذي يأتي عند المؤلف برقم5266: نزلنا أرضاً كثيرة الضباب, وفيه أنهم طبخوا منها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض, فأخشى أن تكون هذه فاكفئوها" ونسبه لأحمد والطحاوي وابن حبان, ثم قال: والجمع بين الأحاديث الدالة على الحل وبين هذا حمل النهي فيه على أول الحال عند تجويز أن يكون مما مسخ, وحينئذ أمر بإكفاء القدور, ثم توقف فلم يأمر به ولم ينه عنه, وحمل الإذن فيه على ثاني الحال لما علم أن الممسوخ لا نسل له, ثم بعد ذلك كان يستقذره, فلا يأكله ولا يحرمه, وأكل على مائدته, فدل على الإباحة, وتكون الكراهة للتنزيه في حق من يتقذره, وتحمل أحاديث الإباحة على من لا يتقذره, ولا يلزم من ذلك انه يكره مطلقاً.(12/71)
ضَبٍّ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُوا فَإِنَّهُ حَلَالٌ, وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ طعامي" 1.
6 -
5265- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ, قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ
أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الضَّبِّ, فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لست بآكله ولا محرمه" 2. [30:4]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه مسلم1944 في الصيد: باب إباحة الضب, عن عبيد الله بن معاذ, بهذا الإسناد.
وأخرجه احمد 2/137, والبخاري7267 خبر الواحد: باب خبر المرأة الواحدة, ومسلم1944, والطحاوي 4/200, والبيهقي 9/323 من طرق عن شعبة, به.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير يحيى المقابري فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم1943 في الصيد: باب إباحة الضب, عن يحيي بن أيوب المقابري, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم1943 من طرق عن إسماعيل بن جعفر, به.
وأخرجه مالك 2/968 في الاستئذان: باب ما جاء في أكل الضب, والطيالسي1877, وأحمد 2/62و74, والدارمي 2/92, والبخاري5536 في الصيد: باب الضب, والترمذي1790 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل الضب, والنسائي 7/197 في الصيد: باب الضب, وابن ماجة3242 في الصيد: باب الضب, والطحاوي 4/200, والبيهقي 9/322-323, والبغوي 2797و2798 من طرق عن عبد الله بن =(12/72)
5266- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, حَدَّثَنَا أبو خثيمة, حَدَّثَنَا وَكِيعٌ, حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ, عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَنَةَ الْمَهْرِيِّ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَنَزَلْنَا أَرْضًا كَثِيرَةَ الضِّبَابِ, وَنَحْنُ مُرْمِلُونَ, فَأَصَبْنَاهَا, فَكَانَتِ الْقُدُورُ تَغْلِي بِهَا, فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا هَذَا؟ " فَقُلْنَا: ضِبَابًا أَصَبْنَاهَا, فَقَالَ: " إِنَّ أُمَّةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُسِخَتْ, وَأَنَا أَخْشَى أَنْ تَكُونَ هَذِهِ" فَأَمَرَنَا فَأَكْفَأْنَا وَإِنَّا لَجِيَاعٌ1. [75:1]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْأَمْرُ بِإِكْفَاءِ الْقُدُورِ الَّتِي فِيهَا الضِّبَابُ أَمْرٌ قُصِدَ بِهِ الزَّجْرُ عَنْ أَكْلِ الضِّبَابِ, وَالْعِلَّةُ الْمُضَمَرَةُ هِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَعَافُهَا لَا أَنَّ أَكْلَهَا محرم.
__________
=دينار, به. قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الشافعي 2/174, وعبد الرازق8672, وأحمد2/33, ومسلم194340و41, والنسائي7/197, والطحاوي
4/200, والبيهقي 9/322, والبغوي2796و2898 من طرق عن نافع, عن ابن عمر.
(1) إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن صحابيه لم يخرجا له, وحديثه عند أصحاب"السنن". وهو في"مسند أبي يعلى"931, ومن طريقه أخرجه ابن الأثير في"أسد الغابة" 3/436.
وأخرجه أحمد 4/196, وابن أبي شيبة 8/266 عن وكيع, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/196, والطحاوي في"معاني الآثار" 4/197, وفي"مشكل الآثار" 4/278, والبزار1217 من طرق عن الأعمش, به.=(12/73)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ مُضْمَرَةٌ فِي نَفْسِ الْخِطَابِ
5267- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتَ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ, فَإِذَا بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ, فَأَهْوَى إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ, فَقَالَتِ النِّسْوَةُ اللَّاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ, فَأَخْبَرُوهُ, فَرَفَعَ يَدَهُ, قَالَ: قُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لا, ولكنه لم يكن بأرض قومي, فأجدنه أَعَافُهُ" قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْظُرُ1. [75:1]
__________
= وذكره الهيثمي في"المجمع"4/36-37وقال: رواه أحمد والطبراني في"الكبير" وأبو يعلى والبزار, ورجال الجميع رجال الصحيح.
وقال الحافظ في"الفتح" 9/665 وبعد إن نسبه إلى أحمد والطحاوي وابن حبان: وسنده على شرط الشيخين إلا الصحابي"تحرف في المطبوع إلى: الضحاك" فلم يخرجا له.
وقال ابن حزم: حديث صحيح إلا أنه منسوخ بلا شك. قلت: أخرج أحمد 1/390و413, ومسلم في"صحيحه"2663 في القدر: باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص عما سبق به القدر, من حديث عبد الله بن مسعود قال: سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن القردة والخنازير, أهي من مسخ الله؟ فقال:"إن اله عز وجل لم يهلك قوما, أو يعذب قوما, فيجعل لهم نسلا, وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك". وانظر"فتح الباري"6/407, واجتهاد الرسول الله صلى الله عليه وسلم ص 60-63 لعبد الجليل عيسى.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر5263.(12/74)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ كَرِهَ أَكْلَ لحم الْخَيْلِ
5268- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ, قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُومَ الْخَيْلِ, وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ1.
1 -
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ جَابِرٍ, لِأَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ عَمْرٍو, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ, عَنْ جَابِرٍ, وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَمْرٌو سَمِعَ جَابِرًا, وَسَمِعَ محمد بن علي عن جابر.
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الترمذي1793 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل لحوم الخيل, عن نصر بن علي, بهذا الإسناد.
(2) وأخرجه الحميدي1254, والشافعي 2/172, وابن أبي شيبة8/256, وعبد الرازق8734, والترمذي1793, والطحاوي 4/204 من طريق سفيان بن عيينة, به.
وأخرجه الدارقطني 4/289و289-290 من طريقين عن عمرو بن دينار, به.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح, ورواه حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عن محمد بن علي, عن جابر, ورواية ابن عيينة أصح, وسمعت محمداً"يعني البخاري" يقول: سفيان بن عيينة أحفظ من حماد بن زيد. وانظر5272.(12/75)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ
5269- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ بِمَكَّةَ, حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلُحُومِ الْخَيْلِ, ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية1.
70 -
__________
(1) إسناده قوي, الطفاوي _ واسمه محمد بن عبد الرحمن _إن روي له البخاري, لا يرتقي إلى درجة الصحة, وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح, وأبو الزبير صرح بالتحديث عند غير المؤلف. أيوب: وهو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه عبد الرازق8737, وابن أبى شيبة8/256, ومسلم1941 في الصيد: باب في أكل لحوم الخيل, وابن ماجة3191
في الذبائح: باب لحوم الخيل, من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ, أَنَّهُ سَمِعَ جابر بن عبد الله. . .
وأخرجه النسائي 7/201 من طريق الحسين بن واقد, عن أبى الزبير, به.(12/76)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ أَكْلِ الْمَرْءِ لُحُومَ الْخَيْلِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ
5270- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَّانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ(12/76)
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: رَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَكْلِ لُحُومِ الخيل, ونهانا عن لحوم الحمر الأهلية1. [43:3]
__________
(1) حديث صحيح, وهو مكرر ما قبله.(12/77)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَكْلَ لُحُومِ الْخَيْلِ
5271- أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ أَنَّهَا قَالَتْ: نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأكلناه2. [50:4]
__________
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه عبد الرازق8731, والشافعي 2/172, والبخاري5519 في الصيد: باب النحر والذبح, والدارقطني 4/290, والبيهقي 9/327 من طريق سفيان, بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرازق8731, والدارمي2/87, وأحمد 6/345و346و353, وابن أبي شيبة 8/255-256, ومسلم1942 في الصيد: باب في أكل لحوم الخيل, وابن ماجة3190 في الذبائح: باب لحوم الخيل, والطحاوي 4/211, وابن الجارود
886 , والدارقطني 4/290, والبيهقي 9/327 من طرق عن هشام بن عروة, به.
وأخرجه الدارقطني 4/290 من طريق هشام بن عروة, عن أبيه, عن أسماء.(12/77)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْبِغَالِ
5272- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ, حَدَّثَنَا حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ(12/77)
عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا يَوْمَ خَيْبَرَ الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ, فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن البغال والحمير, ولم ينهى عن الخيل1. [3:2]
__________
(1) حديث صحيح, غسان بن الربيع ذكره المؤلف في"الثقات" 9/2, وروى عن أحمد بن حنبل ويحييبن معين وأبو يعلى وخلق, وقال الذهبي: وكان صالحاً ورعاً, وليس بحجة في الحديث, واختلف فيه قول الدارقطني فيما نقله الخطيب في"تاريخه"
12/329 فضعفه مرة, وقال مرة: صالح, وقد توبع, ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح, وقد صرح أبو الزبير بالتحديث عن عبد الرازق وغيره.
وأخرجه أحمد 3/356, وأبو داود3789 في الأطعمة: في أكل لحوم الخيل, والدارقطني 4/289, والبيهقي 9/327 من طرق عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد, وصححه الحاكم 4/235, ووافقه الذهبي.
وأخرجه عبد الرازق8733, والنسائي 7/201, في الصيد والذبائح: باب الأذن في أكل لحوم الخيل, والطحاوي4/211, والدارقطني 4/288, والبيهقي 9/327, والبغوي2811 من طريقين عن عطاء عن جابر بنحوه.(12/78)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ
5273- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأهلية, وأذن في لحوم الخيل2. [3:2]
__________
2 إسناده صحيح, عمر بن يزيد من رجال أبي داود, روى عنه جماعة, وذكره المؤلف في"الثقات" 8/446 وقال: مستقيم الحديث, وقال الدارقطني: لا بأس به, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. محمد بن علي: هو ابن الحسين بن على بن أبى طالب أبو جعفر الباقر. =(12/78)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ
5274- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ, قَالَ حَدَّثَنَا عبد الرازق, قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ ,أَيُّوبَ, عَنِ ابْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ مُنَادِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادَى: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأهلية, فإنها رجس" 1. [3:2]
__________
=وأخرجه أحمد 3/361, الدارمي2/87, والبخاري4219 في المغازي: باب غزوة خيبر, و5520 في الذبائح: باب لحوم الخيل, و5524: باب لحوم الحمر الإنسية, ومسلم1941 في الصيد: باب في أكل لحوم الخيل, وأبو داود3788 في الأطعمة: باب في أكل لحوم الخيل, والنسائي 7/201 في الصيد: باب الإذن في أكل لحوم الخيل, والطحاوي 4/204, وابن الجارود885, والبيهقي 9/326-327, والبغوي2810 من طرق عن حماد بن زيد, بهذا الإسناد.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"مصنف عبد الرازق"8719. ومن طريق عبد الرازق أخرجه أحمد 3/164, وابن ماجة3196 في الذبائح: باب لحوم الحمر الأهلية.
وأخرجه الحميدي1200, وأحمد 3/111, والدارمي 2/86, والبخاري2991 في الجهاد: باب التكبير عند الحرب,
و4199 في المغازي: باب غزوة خيبر, و5528 في الذبائح: باب لحوم الحمر الإنسية, ومسلم1940 في الصيد: باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية, والنسائي 7/204 في الصيد: باب تحريم أكل لحوم الأهلية, والبيهقي 9/331 من طريقين عن أيوب, به.
وأخرجه أحمد 3/121, وابن أبي شيبة 8/262, ومسلم194035, والطحاوي 4/206 من طريقين عن هشام بن حسان, عن محمد ين سيرين, به.(12/79)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَى أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لَمَّا نَهَاهُمُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِهَا
5275- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ, قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي, وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ يَوْمَ خَيْبَرَ وَكَانَ النَّاسُ احْتَاجُوا إِلَيْهَا1. [3:2]
5276- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ, عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أبي عبيد
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن أبي عمر: اسمه محمد بن يحيي.
وأخرجه مسلم56125 ص 1538 في الصيد: باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية, من طريق محمد بن يحيي بن أبي عمر, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم56125 من طريق ابن جريج, أخبرني نافع, به.
وأخرجه دون قوله"وكان الناس احتاجوا إليها": أحمد 2/102, وابن أبي شيبة 8/261, والبخاري4217 في المغازي: باب غزوة خيبر, و5522 في الذبائح: باب لحوم الحمر الإنسية, والنسائي 7/203 في الصيد: باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية, والطحاوي 4/204 من طريق عبيد الله بن عمر, والطحاوي 4/204 من طريق الإمام أبي حنيفة, كلاهما عن نافع, به.
وأخرجه أحمد2/144, والبخاري5521,ومسلم56124, وابن الجارود883, والبيهقي 9/329 من طرق عن نافع وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ.(12/80)
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ, قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى خَيْبَرَ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَيْ عَامِرٌ لو متعنتنا مِنْ هَنَاتِكَ, فَنَزَلَ يَحْدُو لَهُمْ, فَذَكَرَ اللَّهَ, وَذَكَرَ شِعْرًا لَمْ أَحْفَظْهُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ " قَالُوا: عَامِرُ بْنُ الْأَكْوَعِ قَالَ: "يَرْحَمُهُ اللَّهُ" فقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ مَتَّعْتَنَا بِهِ, فَلَمَّا أَصَابُوا الْقَوْمَ, قَاتَلُوهُمْ وَأُصِيبَ عَامِرٌ, فَلَمَّا أَمْسَوْا, أَوْقَدُوا نَارًا كَثِيرًا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ما هذا النَّارُ, عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقَدُ؟ " قَالُوا: عَلَى الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ, فَقَالَ: "أَهْرِيقُوا مَا فِيهَا وَكَسِّرُوهَا" فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَلَا نُهَرِيقُ مَا فِيهَا وَنَغْسِلُهَا, فَقَالَ: "فَذَاكَ" 1. [61:1]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أهريقو ما فيها" أمر حتم,
__________
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله رجال الشيخين غير مسدد, فمن رجال البخاري.
(2) وأخرجه البخاري6331 في الدعوات: باب قول الله تعالى {وَصَلِّ عَلَيْهِم} , عن مسدد بن مسرهد, بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصرا ومطولا: أحمد 4/47-48, والبخاري2477 في المظالم: باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر أو تخرق الزقاق, و4196 في المغازي: باب غزوة خيبر, و5497 في الصيد: باب آنية المجوس والميتة, و6148 في الأدب: باب ما يجوز من الشعر والرجز, و6891 في الديات: باب إذا قتل نفسه خطأ فلا دية له, ومسلم 1802 في الجهاد: باب غزوة خيبر, وابن ماجة3195 في الذبائح: باب لحوم الحمر الوحشية, والطبراني6294 و6301, والبيهقي 9/330, والبغوي3805من طرق عن يزيد بن أبي عبيد, به.(12/81)
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَكَسِّرُوهَا" أَمْرُ تشديد وتغليط دُونَ الْحُكْمِ, أَلَا تَرَى الرَّجُلَ مِمَّنْ أَمَرَهُمْ بِكَسْرِهَا, قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَلَا نُهَرِيقُ ما فيها ونغسلها, قال: "فذلك".
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو الطيالسي هشام بن عبد الملك.
وأخرجه أحمد4/291, والبخاري5525 في الذبائح: باب لحوم الحمر الإنسية, والبيهقي 9/329 من طرق عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/291و356, والبخاري4221و4223و4225 في المغازي: باب غزوة خيبر, ومسلم193828 في الصيد والذبائح: باب تحريم أكل لحم الحمر الإنسية, والطحاوي4/205 من طرق عن شعبة, عن عدي بن ثابت, عن البراء بن عازب, وعبد اله بن أوفى.
وأخرجه أحمد 4/291, ومسلم193829, والطحاوي 4/205, والبيهقي 9/329 من طريق أبي إسحاق, عن البراء نحوه.
وأخرج عبد الرازق8724, والبخاري4226, ومسلم193831, والنسائي 7/230 في الصيد: باب تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية, وابن ماجة3194 في الذبائح: باب الحمر الوحشية, والبيهقي=(12/82)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمُجَانَبَةِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ الْأَكْلِ
5277- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الوليد, قال: حدثنا شعبة, بن عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ, أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَصَابُوا حُمُرًا فَذَبَحُوهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكفووا القدور"1. [81:1](12/82)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ ذِي الْأَنْيَابِ مِنَ السِّبَاعِ
5278- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مالك, عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ, عَنْ عُبَيْدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَكْلُ كل ذي ناب من السباع حرام" 1.
2 -
__________
=9/330 من طرق عن عاصم الأحول, عن عامر الشعبي, عن البراء بن عازب قال: أمرنا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ خيبر أن نلقي الحمر الأهلية نيئة ونضيجة.
1إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في"الموطأ" 2/496 في الصيد: باب تحريم أكل كل ذي ناب وذي مخلب.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في"الرسالة" فقرة562, ومسلم1933 في الصيد: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع, والنسائي 7/200 في الصيد: باب تحريم أكل السباع, وابن ماجة3233 في الصيد: باب أكل كل ذي ناب من السباع, والبيهقي 9/315, والبغوي2794.
وأخرجه الترمذي1479في الصيد: باب ما جاء في كراهية كل ذي ناب وذي مخلب, عن قتيبة, عن عبد العزيز بن محمد, عن محمد بن عمرو, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم كل ذي ناب من السباع. قال الترمذي: حديث حسن.(12/83)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبَاحَ أَكْلَ بَعْضِ ذِي الْأَنْيَابِ مِنَ السِّبَاعِ
5279- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن أبي ببكر, عَنْ مَالِكٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ(12/83)
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ1 أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذي ناب من السباع2.
3 -
__________
(1) في الأصل و"التقاسيم" 2/لوحة 76: عن أبي هريرة, وهو من خطأ النساخ, وأبو ثعلبة: هو الخشني, اختلف في اسمه وهو مشهور بكنيته.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/496 في الصيد: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع.
ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/84-85, والبخاري5530 في الصيد: باب أكل كل ذي ناب من السباع, ومسلم
1932 في الصيد: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع, وأبو داود3802 في الأطعمة: باب النهي عن أكل السباع, والترمذي1477 في الصيد: باب ما جاء في كراهية كل ذي ناب وذي مخلب, والطبراني 22/549, والبغوي2793.
وأخرجه عبد الرازق8704, وأحمد 4/194, والدارمي 2/85, والبخاري5780و5781 في الطب: باب ألبان الأتن, ومسلم1932, والترمذي1477 والنسائي 7/200-201 في الصيد: باب تحريم أكل السباع, وابن ماجة3232 في الصيد: باب أكل كل ذي ناب من السباع, والطبراني 22/548و550و551و552و553و554و555و557و
558 و559و560و561,562و563و564و565و566, والبيهقي 9/315و315-316 من طرق عن الأزهري, به.
وأخرجه الطيالسي1016, وأحمد 4/193و193-194و194-195, والطبراني 22/556 من طرق عن أبي إدريس الخولاني, به.(12/84)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ وَنَابٍ مِنَ الطَّيْرِ وَالسِّبَاعِ
5280- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ النِّيلِي, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ أَبِي بِشْرٍ, مَيْمُونَ بْنِ مِهْرَانَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ1 ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ وكل ذي مخلب من الطير2. [3:2]
__________
(1) سقطت من الأصل, واستدركت من"التقاسيم" 2/لوحة76.
(2) إسناده صحيح, إبراهيم بن الحجاج النيلي ثقة, روى له النسائي, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير ميمون بن مهران فمن رجال مسلم. أبو بشر: هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية.
وأخرجه أحمد 1/244و302و327, والدارمي 2/85, والطيالسي2745, ومسلم1934 في الصيد: باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع, والطبراني12995, والبيهقي 9/315 من طرق عن أبي عوانة وضاح اليشكري, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/302, ومسلم1934, والبيهقي 9/315 من طريقين عن الحكم بن عتيبة, عن أبي بشر بن أبي وحشية, به.
وأخرجه أحمد 1/289, ومسلم1934, والطبراني12994, والبغوي2795 من طريقين عن الحكم بن عتيبة, عن ميمون بن مهران, به.
ورواه علي بن الحكم, عن ميمون بن مهران, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس: أخرجه أحمد1/399, وأبو داود3805, والنسائي 7/206 في الصيد: باب إباحة أكل لحم الدجاج, وابن ماجة3234 في الصيد: باب أكل كل ذي ناب من السباع, والبيهقي 9/315 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة, عن علي بن الحكم, به.(12/85)
النيل: قرية بواسط.
***
__________
=قال الخطيب البغدادي فيما نقله عنه الحافظ المزي في"التحفة" 5/253:والصحيح في هذا الحديث"عن ميمون عن ابن عباس", ليس بينهما"سعيد بن جبير".
وذكره البخاري في"التاريخ الكبير" 6/262 فقال: وروى إبراهيم عن سعيد_ وهو ابن أبي عروبة- عن علي الأرقط, عن ميمون بن مهران, عن ابن عباس رضي الله عنهما- قال سعيد: وأظن بين ميمون وابن عباس سعيد بن جبير-. . . فذكر الحديث.
وقال الحافظ ابن حجر في"النكت الظراف" 5/252-253: وجزم ابن القطان أنه لم يسمعه من ابن عباس, وأن بينهما سعيد بن جبير. قال: كذلك أخرجه أبو داود والبزار, ولكن قد قال البزار في"مسنده": تفرد علي بن الحكم بإدخال سعيد بين ميمون وابن عباس. وعلي بن الحكم, قال فيه أبو حاتم: صالح الحديث, ووثقه جماعة, وضعفه أبو الفتح الأزدي, وخالفه الحكم بن عتيبة, أبو بشر جعفر بن أبي وحشية فلم يذكرا سعيد بن جبير, وهما أحفظ من علي بن الحكم, فروايته شاذة, وتابعهما جعفر بن برقان وغيره, فلهذا جزم الخطيب بأن رواية علي بن الحكم من المزيد.(12/86)
3- بَابُ الضِّيَافَةِ
5281- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ, حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ, أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيِّ, عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى راعي إبل1, فلينادي: يا راعي الإبل ثلاث, فَإِنْ أَجَابَهُ, وَإِلَّا فَلْيَحْلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِلَنَّ, وَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ عَلَى حَائِطٍ, فَلْيُنَادِ ثَلَاثًا: يَا أَصْحَابَ الْحَائِطِ, فَإِنْ أَجَابَهُ, وَإِلَّا فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَحْمِلَنَّ" قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"الضيافة ثلاث أيام, فما زاد فصدقة"2. [55:1]
__________
(1) سقطت من الأصل و"التقاسيم" 1/لوحة454, واستدركت من"مسند أبي يعلى".
(2) حديث صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح إلا أن سعيداً الجريري قد اختلط بآخره, ويزيد بن هارون روي عنه بعد الاختلاط, لكن أخرج له مسلم في"صحيحه"1161200, من طريق يزيد بن هارون, عن الجرجيري, وقد تابع يزيد حماد بن سلمة عند أحمد3/807 وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط وهو في"مسند أبي يعلى"1244و1287.
وأخرجه أحمد 3/21 عن يزيد بن هارون, بهذا الإسناد. =(12/87)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أُضْمِرَ فِي هَذَا الْخَبَرِ عِلَّةُ الْأَمْرِ, وَهِيَ اضْطِرَارُ الْمَرْءِ وَحَاجَتُهُ إِلَيْهِ دون تلف النفس دون القدرة والسعة.
__________
=وأخرج القسم الأول منه ابن ماجة2300 في التجارات: باب من مر على ماشية قوم أو حائط هل يصيب منه؟ والحاكم
4/132, والبيهقي 9/359 من طرق عن يزيد بن هارون, به. وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي.
وأخرجه أحمد 3/85-86, والطحاوي 4/240 من طريق علي بن عاصم, عن الجريري, به.
وأخرج القسم الأخير منه البزار في"مسنده"1932 من طريق حماد بن سلمة, عن الجريري. . .
وأخرجه أيضاً1931 من طريقين عن حماد بن سلمة, عن قتادة, عن أبي نضرة, عن أبي سعيد.(12/88)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ بِإِبَاحَةٍ عَلَى الْعُمُومِ, بَلْ إِذَا كَانَ الْمَرْءُ مُضْطَرًّا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ التَّلَفَ
5282- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ, أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ, فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ, فَيُنْتَثَلُ طَعَامُهُ, إِنَّمَا ضُرُوعُ مواشيهم أطعمتهم, فَلَا يَحْتَلِبَنَّ أَحَدٌ(12/88)
ماشية أحد إلا بإذنه" 1. [55:1]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين, وقد تقدم برقم5171 من غير هذا الطريق. وهو في"الموطأ" 2/971 في الاستئذان: باب ما جاء في أمر الغنم.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري2435 في اللقطة: باب لا تحتلب ماشية أحد بغير إذنه, مسلم1726 في اللقطة: باب تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها, وأبو داود2623 في الجهاد: باب فيمن قال: لا يحلب, والطحاوي في"شرح معاني الآثار"
4/241, وفي"شرح مشكل الآثار"4/41, والبيهقي9/358, والبغوي2168.
المشربة: كالغرفة, يوضع فيها المتاع, ومعنى فينتثل: يستخرج.
قال الإمام البغوي في"شرح السنة" 8/233: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم, إنه لا يجوز أن يحلب ماشية الغير بغير إذنه, فإن اضطر في مخمصة, ومالكها غير حاضر, فله أن يحلبها ويشرب ويضمن للمالك, وكذلك سائر الأطعمة, وقال قوم: لاضمان عليه, لأن الشرع أباحه له, كما لو أكل مال نفسه.
وذهب قوم إلى إباحة لغير المضطر إذا لم يكن المالك حاضراً, وبه قال أحمد وإسحاق, فإن أبا بكر حلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبنا من غنم رجل من قريش يرعاها عبد له, وصاحبها غائب, في مخرجه إلى المدينة, واحتجوا بما رو ى قتادة, عن الحسن, عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أتى أحدكم على ماشية, فإن كان فيها صاحبها فليستأذنه, فإن إذن له, فليحتلب وليشرب, وإن لم يكن فيها فليصوت ثلاثا, فإن أجابه أحد, فليستأذنه, فإن لم يجبه أحد فليحتلب وليشرب ولا يحمل".
وقد تكلم بعض أهل الحديث في رواية الحسن عن سمرة, وقالوا: إنما يحدث عن صحيفة سمرة.
وقد رخص بعض أهل العلم لابن السبيل في أكل ثمار الغير, لما روى عن نافع, عن ابن عمر, بإسناد غريب, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من دخل =(12/89)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْحَالِبِ إِذَا حَلَبَ أَنْ يَتْرُكَ دَاعِيَ اللَّبَنِ
5283- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ, عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ بَحِيرٍ
عَنْ ضِرَارِ بْنِ الْأَزْوَرِ, قَالَ: بَعَثَنِي أَهْلِي بِلَقُوحٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِهَا, فَأَمَرَنِي أَنْ أَحْلُبَهَا, فَحَلَبْتُهَا, فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "دع داعي اللبن" 1. [95:1]
__________
= حائطاً, فليأكل ولا يتخذ خبنة"أي لا يأخذ منه في ثوبه, وعن عمرو بن شعيب, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عن الثمر المعلق فقال: "من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة, فلا شيء عليه", وعند أكثر أهل العلم لا يباح إلا بإذن المالك إلا لضرورة مجاعة يأكلها بالضمان, إذا لم يجد المالك.
وفي الحديث دليل على إثبات القياس, ورد الشيء إلى نظيره حيث شبه النبي صلى الله عليه وسلم ضروع المواشي في حفظ اللبن بالغرفة التي يحفظ فيها الإنسان متاعه, ويستدل به على وجوب القطع على من حلب لبناً مستسراً من الماشية في مراحها, أو من الراعية إذا كانت محروسة حراسة مثلها, كما لو سرق متاعاً من الغرفة.
(1) يعقوب بن بحير ذكره المؤلف في"الثقات" 5/553, فقال: يروي عن ضرار بن الأزور, روى عنه الأعمش وقد اختلف على الأعمش فيه, وقال الذهبي في"الميزان" 4/449: لا يعرف, تفرد عنه الأعمش, ثم اخرج حديثه هذا بإسناده, وقال بإثره: غريب فرد, والأعمش فمدلس, وما ذكر سماعا, ولا يعقوب ذكر سماعه من ضرار, ولا أعرف لضرار سواه.
وضرار بن الأوزر, قال البخاري وأبو حاتم والمؤلف: له صحبة, كان فارسا شجاعا شاعرا, شهد قتال مسيلمة باليمامة, فأبلى فيه بلاء عظيما حتى قطعت ساقاه جميعا, فجعل يحبو على ركبتيه ويقاتل, وتطؤه الخيل حتى غلبه =(12/90)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=الموت, قاله الواقدي, وقيل: قتل بأجنادين من الشام, قاله موسى بن عقبة, وقيل: شهد فتح دمشق, ثم نزل حران, وقيل: توفي بالكوفة زمن عمر بن الخطاب, ويقال: توفي بدمشق, ودفن بظاهر الباب الشرقي. وانظر"أسد الغابة" 3/52-53, و"الإصابة"
2/200-201.
والحديث عند وكيع في"الزهد"495, ومن طريقه أخرجه أحمد 4/339, والطبراني8128.
وأخرجه أحمد 4/76و322و339, والدارمي 2/88, والبخاري في"التاريخ الكبير" 4/338-339و339ووهناد في"الزهد"
795, والفسوي في"المعرفة والتاريخ" 2/654, والطبراني8129, والحاكم 3/237, والبيهقي 8/16, وابن الأثير في"أسد الغابة" 3/53, والذهبي في:"الميزان" 4/449 من طرق عن الأعمش, بهذا الإسناد. قال الحاكم: صحيح الإسناد, ولا يحفظ لضرار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير هذا.
وأخرجه أحمد4/311و339, والبخاري في"التاريخ الكبير"4/339, والطبراني8127, والحاكم 3/620 من طرق عن سفيان, عن الأعمش, عن عبد الله بن سنان, عن ضرار بن الأزور, به.
قلت: عبد الله بن سنان وثقه المؤلف وابن معين, نقله عن الأخير ابن أبي حاتم, ومع كون هذا السند ثقات كما قال الهيثمي في"المجمع" 8/196, فقد أعله أبو حاتم وأبو زرعة فيما نقله عنهما ابن أبي حاتم في"العلل" 2/245 فقالا: روى هذا الحديث جماعة من الحفاظ عن الأعمش عن يعقوب بن بحير عن ضرار بن الأزور, بدلا من عبد الله بن سنان وهو الصحيح, قال أبو حاتم: خالف الثوري الخلق في هذا الحديث, وقال غير سفيان: الأعمش, عن يعقوب بن بحير, عن ضرار بن الأزور.
اللقوح: هي الناقة القريبة العهد بالنتاج.
وقوله"دع داعي اللبن", قال ابن الأثير في"النهاية" 2/120: أي أبق في الضرع قليلا من اللبن ولا تستوعبه كله, فإن الذي تبقيه فيه يدعو ما وراءه من اللبن فينزله, وإذا استقصي كل ما في الضرع, أبطأ دره على حالبه.(12/91)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ حَدِّ الضِّيَافَةِ الَّذِي يَجِبُ على الضيف أن لا يتعداه حذر دخولهفي الْمُتَصَدَّقِينَ عَلَيْهِ
5284- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ, حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ, حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ, عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ, فَمَا وَرَاءَهَا, فَهُوَ صدقة" 1. [10:3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الصحيح. عبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني.
وأخرجه أحمد 2/288و354, وأبو داود3749 في الأطعمة: باب ما جاء في الضيافة, والبيهقي 9/197 من طريقين عن أبي هريرة, به.
وله شاهد من حديث ابن عمر عند البزار1929.
وآخر من حديث ابن عباس عند الطبراني في"الأوسط", قال الهيثمي 8/176: فيه رشدين بن كريب وهو ضعيف.
وثالث من حديث زيد بن خالد عند الطبراني5186و5187, والبزار1925 قال الهيثمي: ورجال الصحيح.
ورابع من حديث ابن مسعود عند البزار1928, وقال الهيثمي: رجاله ثقات.
وخامس عن أبي سعيد الخدري, وقد تقدم ضمن حديث مطول5281.(12/92)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ تَقْدِيمَ مَا حَضَرَ لِلْأَضْيَافِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِعْهُمْ فِي الظَّاهِرِ
5285- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ(12/92)
الْقَيْسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ, وَثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَاوِيًا, فَأَتَى أُمَّ سُلَيْمٍ, فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ: مَا عِنْدَنَا إِلَّا نَحْوُ مُدٍّ مِنْ دَقِيقِ شَعِيرٍ, قَالَ: فَاعْجِنِيهِ, وَأَصْلِحِيهِ عَسَى أَنْ نَدْعُوَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَيَأْكُلَ عِنْدَنَا. قَالَ: فَعَجَنَتْهُ وَخَبَزَتْهُ, فَجَاءَ قُرْصًا1 فَقَالَ: ادْعُ لِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَاسٌ- قَالَ مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ: أَحْسِبُهُ بَضْعَةً وَثَمَانِينَ- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَبُو طَلْحَةَ يَدْعُوكَ, فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: "أَجِيبُوا أَبَا طَلْحَةَ"
2, فَجِئْتُ مُسْرِعًا حَتَّى أَخْبَرْتُهُ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ وَأَصْحَابُهُ, قَالَ بَكْرٌ: فَقَفَدَنِي3 قَفْدًا. وَقَالَ ثَابِتٌ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمُ بِمَا فِي بَيْتِي4 مِنِّي, وَقَالَا جَمِيعًا عَنْ أَنَسٍ: فَاسْتَقْبَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا قُرْصٌ, رَأَيْتُكَ طَاوِيًا, فَأَمَرْتُ أم سليم, فجعلت ذلك5
__________
(1) في الأصل و"التقاسيم" 1/260: قرص, والمثبت من أبي يعلى.
(2) من قوله"يدعوك" إلى هنا سقط من الأصل و"التقاسيم" واستدراك من أبي يعلى.
(3) جاء في هامش الأصل ما نصه: القفد- بفتح القاف قبل الفاء الساكنة-: الصفع ببسط الكف, ذكره الصغاني رحمه الله. وفي"النهاية" لابن الأثير: القفد: صفع الرأس ببسط الكف من قبل القفا.
(4) تحرف في الأصل و"التقاسيم" إلى: بيته, والتصحيح من أبي يعلى.
(5) في"مسند أبي يعلى": لك.(12/93)
قُرْصًا, قَالَ: فَدَعَا بِالْقُرْصِ وَدَعَا بِجَفْنَةٍ, فَوَضَعَهُ فِيهَا, وَقَالَ:"هَلْ مِنْ سَمْنٍ؟ " , قَالَ أَبُو طَلْحَةَ: وَكَانَ فِي الْعُكَّةِ شَيْءٌ, فَجَاءَ بِهَا, فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو طَلْحَةَ يَعْصِرَانِهَا حَتَّى خَرَجَ شَيْءٌ, فَمَسَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ سَبَّابَتَهُ, ثُمَّ مَسَحَ الْقُرْصَ فَانْتَفَخَ, وَقَالَ:"بِسْمِ اللَّهِ" فَانْتَفَخَ الْقُرْصُ, فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ وَالْقُرْصُ يَنْتَفِخُ حَتَّى رَأَيْتُ الْقُرْصَ فِي الْجَفْنَةِ يَتَمَيَّعُ, فَقَالَ: "ادْعُ عَشْرَةً مِنْ أَصْحَابِي" , فَدَعَوْتُ لَهُ عَشْرَةً, قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي وَسَطِ الْقُرْصِ, وَقَالَ: "كُلُوا بِسْمِ الله" فأكلوا حول الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا, ثُمَّ قَالَ: "ادْعُ لِي عَشْرَةً" فَلَمْ يَزَلْ يَدْعُو عَشْرَةً عَشْرَةً, يَأْكُلُونَ من ذلك القرص, حتى أكل منه بضع وَثَمَانُونَ مِنْ حَوَالَيِ الْقُرْصِ حَتَّى شَبِعُوا, وَإِنَّ وَسَطَ الْقُرْصِ حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ1 كما هو2. [2:1]
__________
(1) في الأصل و"التقاسيم": يديه, والمثبت من أبي يعلى.
(2) إسناده حسن, رجاله رجال الشيخين غير مبارك بن فضالة فقد روى له البخاري تعليقا وأصحاب السنن وهو صدوق, وقد صرح بالتحديث, فانتفت شبهة تدليسه, وأبو طلحة: هو زيد بن سهل الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس. وهو في"مسند أبي يعلى"ورقة 195/1, وأخرجه الفيريابي في"دلائل النبوة"11 عن هدبة بن خالد, بهذا الإسناد, وأورده الحافظ ابن كثير في"شمائل الرسول" ص 199-200 عن أبي يعلى, وقال بإثره: وهذا إسناد على شرط أصحاب السنن ولم يخرجوه, ثم ذكر لحديث أنس هذا طرق كثيرة تحت عنوان ذكر ضيافة أبي طلحة الأنصاري رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ظهر في ذلك اليوم من دلالات النبوة في تكثير الطعام النذر حتى عم منه هنالك من الضيفان وأهل المنزل والجيران=(12/94)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِيثَارُ الْأَضْيَافِ عَلَى إِشْبَاعِ عِيَالِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّهُمْ
5287- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ, عَنْ فُضَيْلِ بْنُ غَزْوَانَ, عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إِنِّي مَجْهُودٌ, فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ, فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ, ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ, حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ, فَقَالَ: "مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ, فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ, فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هل عندك شيء؟ قلت لا, إلا قوت صبياني, قال:
__________
= ثم قال: فهذه طرق متواترة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه شاهد ذلك على ما فيه من اختلاف عنه في بعض حروفه, ولكن أصل القصة متواترة لا محالة كما ترى, ولله الحمد والمنة, فقد رواه عن أنس بن مالك: إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وبكر بن عبد الله المزني, وثابت بن أسلم البناني, والجعد بن عثمان, وسعد بن سعيد أخو يحيي بن سعيد الأنصاري, وسنان بن ربيعة, عبد الله بن أبي طلحة, وعبد الرحمن بن أبي ليلى, وعمرو بن عبد الله بن أبي طلحة, ومحمد بن سيرين, والنضر بن أنس, ويحي بن عمارة بن أبي حسن, ويعقوب بن عبد اله بن أبي طلحة.
قلت: وسيرد عند المؤلف من طريق آخر غبر هذه برقم6500 ويخرج هناك إن شاء الله.
وقوله"يتميع" كذا في الأصل و"التقاسيم"و"فتح الباري" 6/590: يعني: يميد ويضطرب, وفي"أبي يعلى": يتصيع, وجاء في"اللسان": تصيع الماء: اضطرب على وجه الأرض.(12/95)
فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ, فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا, فَأَضِيئِي السِّرَاجَ, وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ, فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ قَوْمِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ قَالَ: فَقَعَدُوا, وَأَكَلَ الضَّيْفُ, فَلَمَّا أَصْبَحَ, غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ من صنيعكما الليلة1". [2:1]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب, وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي. وهو في"مسند أبي يعلى" ورقة 285/1.
وأخرجه مسلم2054 في الأشربة: باب إكرام الضيف وفضل إثارة, عن زهير بن حرب, بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري3798 في مناقب الأنصار: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} , و4889 في تفسير سورة الحشر: باب {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِم} , والواحدي في"أسباب النزول" ص 281, والبيهقي"السنن"4/185, وفي"الأسماء والصفات" 2/217 من طرق عن فضيل بن غزوان, به.
وأخرجه بنحوه أبو يعلى ورقة 286 من طريقين عن يزيد بن كيسان, عن أبي حازم, به.
وقوله "مجهود" أي: أصابني الجهد, وهو المشقة والحاجة وسوء العيش والجوع.
قال الأمام النووي في"شرح مسلم" 14/12: هذا الحديث مشتمل على فوائد كثيرة.
منها: ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته من الزهد في الدنيا والصبر على الجوع, وضيق حال الدنيا. =(12/96)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَثْوِيَ الضَّيْفُ عِنْدَ مِنْ يُضَيِّفُهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ
5287- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْكَعْبِيِّ, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ, فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ, وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ, فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتَ, وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ, فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ, جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ, وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ, فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ, وَلَا يَحِلُّ لَهُ أن يثوى عنده حتى يحرجه" 1. [19:2]
__________
= ومنها: أنه ينبغي لكبير القوم أن يبدأ في مواساة الضيف ومن يطرقهم بنفسه, فيواسيه من ماله أو بما يتيسر إن أمكنه, ثم يطلب له على سبيل التعاون على البر والتقوى من أصحابه.
ومنها: المواساة في حال الشدائد.
ومنها: فضيلة إكرام الضيف وإيثاره.
ومنها: منقبة لهذا الأنصاري وامرأته رضي الله عنهما.
ومنها: الاحتيال في إكرام الضيف إذا كان يمتنع منه رفقا بأهل المنزل لقوله:"أطفئي السراج, وأريه أنا نأكل" فلو رأى قلة الطعام وأنهما لا يأكلان معه, لامتنع من الأكل.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/929 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب جامع ما جاء في الطعام والشراب.=(12/97)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 6/385, والبخاري6135 في الأدب: باب إكرام الضيف وخدمته, وفي"الأدب المفرد"743, وأبو داود3748 في الأطعمة: باب ما جاء في الضيافة, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 9/224, والطحاوي في"شرح مشكل الآثار" 4/22, والطبراني في"الكبير" 22/475.
وأخرجه أيضا من طريق مالك الحاكم 4/164, وجزم بأن الشيخين لم يخرجاه! وقال: والذي عندي أن الشيخين رضي الله عنهما أهملا حديث أبي شريح! لرواية عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري, عن أبي هريرة رضي الله عنه, ثم ذكره الحديث المتقدم برقم506و516.
وأخرجه أحمد 4/31و6/385-386, والبخاري6019 في الأدب: باب من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره,
و6476 في الرقاق: باب حفظ اللسان, وفي"الأدب المفرد"741, ومسلم4814 ص 1352 في اللقطة: باب الضيافة وغاية الضيافة إلى كم هي, وابن ماجة3675 في الأدب: باب حق الضيف, والنسائي في"الكبرى", والطحاوي في"مشكل الآثار" 4/22, والبيهقي 9/196-197 والطبراني 22/476و477و478 من طرق عن سعيد المقبري, به.
وأخرجه أحمد4/31و6/384, ومسلم48 في الإيمان: باب الحث على إكرام الجار والضيف, والبخاري في"الأدب"102, والطحاوي في"المشكل" 4/21, والبيهقي 5/86 من طريقين عن نافع بن جبير بن مطعم, عن أبي شريح, بنحوه.
جائزته: أي: منحته وعطيته وإتحافه بأفضل ما يقدر عليه. ويثوى: يقيم. ويحرجه من الحرج وهو الضيق, أي: يضيق عليه.(12/98)
أَبُو شُرَيْحٍ الْكَعْبِيُّ: اسْمُهُ خُوَيْلِدُ1 بْنُ عَمْرٍو. مِنْ جِلَّةِ الصَّحَابَةِ, عِدَادُهُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ, ومات سنة ثمان وستين.
__________
(1) في الأصل و"التقاسيم" 2/لوحة 111: خالد, والمثبت من"ثقات المؤلف" 3/110, وقد ترجموا له في الكنى, وهو مختلف في اسمه, فقيل: خويلد بن عمرو, وقيل: عمرو بن خويلد, وقيل كعب بن عمرو, وقيل: هانئ بن عمرو, وقيل عبد الرحمن بن عمرو, والمشهور الأول. انظر"أسد الغابة" 6/164,و"تهذيب التهذيب" 12/125-126,و"الإصابة" 4/102, وأبو شريح هذا أسلم قبل الفتح, وكان معه لواء خزاعه يوم الفتح, وله قصة مع عمرو بن سعيد الأشدق لما كان أمير المدينة ليزيد بن معاوية, ففي البخاري4295, ومسلم1354 أن أبا شريح قال لعمرو وهو يجهز البعث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أن أحدثك, فذكر حديث"لا يحل لأحد أن يسفك بها دما" يعني بمكة. . . وفيه قول عمرو بن سعيد: إن الحرم لا يعيذ عاصيا.(12/99)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ لِلضَّيْفِ مُطَالَبَةَ حَقِّهِ عَمَّنْ يَنْزِلُ بِهِ إِذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ
5288- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ أَبِي الْخَيْرِ
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ, أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, نَنْزِلُ بِقَوْمٍ لَا يُضَيِّفُونَا, فَكَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ نَزَلْتُمْ بِقَوْمٍ, فَأَمَرُوا لَكُمْ بِمَا يَنْبَغِي لِلضَّيْفِ, فَاقْبَلُوا, وَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا, فَخُذُوا(12/99)
منهم حق الضيف الذي ينبغي له1
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخان أبو الوليد هوا الطيالسي هشام بن عبد الملك وليث: هو ابن سعد , وأبو الخير: اسمه مرثد بن عبد الله.
وأخرجه احمد 4/149 , والبخاري 2461 في المظالم: باب قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه , 6137 في الأدب: باب إكرام الضيف وخدمة إياه نفسه , وفي الأدب 745 , ومسلم 1727 في اللقطة باب وابن ماجه 3676 في الأدب باب حق الضيف , والبيهقي 9/179 و 10-270. والبغوي 3003 من طرق الليث بن سعد بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي 1589 في السير: باب ما يحل أموال أهل الذمة , عن قتيبة , عن ابن لهيعة , عن يزيد بن أبي حبيب , عن أبي الخير , عن عقبه بن عامر , قال: قلت يا رسول إنا نمر بقوم فلا هم يضيفونا ولا يؤدون مالنا عليهم من حق ولا نحن نأخذ منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أبو ألا إن تأخذوا كرها فخذوا" وقال: هذا الحديث حسن , وقد رواه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أيضا.(12/100)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِذَا دُعِيَ الْمَرْءُ إليها
5289_ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ , حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الحرب , قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ , عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِيتُوا الدعوة إذا دعيتم" 2. [13:1]
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أيوب: هوا ابن أبي تميمة السختياني.=(12/100)
5290 ـ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ , حَدَّثَنَا هَارُونُ بن سعيد الْهَيْثَمِ الْأَيْلِيُّ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, عَنْ عُمَرَ ابن محمد العمري , أنا نَافِعًا حَدَّثَهُ
أَنَّ ابْنَ عُمَرَ حَدَّثَهُ كَانَ إِذَا دُعِيَ ذَهَبَ إِلَى الدَّاعِي , فَإِنْ كَانَ صَائِمًا , دَعَا بِالْبَرَكَةِ , ثُمَّ انْصَرَفَ , وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا جَلَسَ فَأَكَلَ.
قَالَ نَافِعٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا دعيتم إلى كراع فأجيبوا"
__________
وأخرجه احمد 2/68 و127 ومسلم 1429 99 في النكاح باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوه من طريق حماد بن زيد بهذا الإسناد وانظر ما بعده والحديث 5270
1 إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير هارون بن سعيد الايلي فمن رجال مسلم ابن وهب:أبو عبد الله.
واخرج القسم الأول منه أبو عوانة في صحيحه فيما ذكره الحافظ في"الفتح" 9/247 من طريق عمر بن محمد العمري بهذا الإسناد
واخرج القسم الثاني منه مسلم 1429 104في النكاح باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوه والبيهقي 7/262 من طريق حرملة بن يحيى عن ابن وهب بهذا الإسناد
واخرج البخاري 5179 والبيهقي 2/262 من طرق عن حجاج محمد قال: قال ابن جريج: اخبرني موسى بن عقبه , عن نافع: قال =(12/101)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَقَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَلَوْ كَانَ الشَّيْءُ تَافِهًا
5291- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا , أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا , الْأَعْمَشُ , عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لو اهدي إلي كراع لقلبته , ولو دعيت إليه, لأجبته" 1. [83:1]
__________
= سمعت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم"أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيت لها" قال: وكان عبد الله بن عمر يأتي الدعوة في العرس وغير العرس , ويأتيها وهو صائم. لفظ مسلم
وأخرجه احمد 2-101 عن عفان , عن وهيب , عن أيوب , عن نافع بنحوه
واخرج ابن أبي شيبه 3/64 عن مجاهد قال: كان ابن عمر إذا دعي إلى طعام وهو صائم فأجاب , فإذا جاؤوا بالمائدة وعليها الطعام مد يده ثم قال: خذوا باسم الله , فإذا أهوى القوم كف يده.
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن محمد فثقة رواه له البخاري. أبو حازم: هو سليمان الاشجعي.
أسباط بن محمد بهذا الإسناد.
وأخرجه احمد 2/424 و 479 و 481 و 512. والبخاري 2568 في الهبة: باب القليل من الهبة , و 5178 في النكاح: باب من أحاب إلى كراع. والنسائي في الوليمة كما في التحفه 10/83 والبيهقي 6/169 من طرق عن الأعمش , به.(12/102)
ذكر الزجر عن ترك المرء أجابه للدعوة وَإِنْ كَانَ الْمَدْعُوُّ إِلَيْهِ تَافِهًا
5292- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ, لأجبت, لو اهدي إلي لقبلت" 1. [68:2]
__________
=والكراع من البقر والغنم: مستدق الساق العاري من اللحم وهو اقل شي قيمه في الشاه وفي المثل: أعط العبد كراعا يطلب منك ذراعا.
قال ابن بطال فيما نقله عن الحافظ في الفتح 5/200: أشار عليه الصلاة والسلام بالكراع إلى الحض على قبول الهدية ولو قلت. لئلا يمتنع الباعث من الهدية لاحتقار الشيء لحظ على ذلك لما فيه من التالف.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين وسماع يزيد بن زريع من سعيد بن أبي عروبة قبل الاختلاط.
وأخرجه الترمذي في السنن 1338 في الأحكام: باب ما جاء في قبول الهدية وإجابة الدعوة وفي"الشمائل" 330 عن محمد بن عبد الله بن بزيع عن بشر بن المفضل عن سعيد بن أبي عروبة بهذا الإسناد.
وقال حسن: صحيح
وأخرجه البيهقي 6/169 من طريق سعيد بن بشير , عن قتادة , به.(12/103)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ إِجَابَةِ الْمَرْءِ إِذَا دُعِيَ عَلَى الشَّيْءِ الطَّفِيفِ
5293- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ. حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ. حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى , حَدَّثَنَا قَتَادَةُ(12/103)
عن انس بن مالك أن خياطا في المدينة دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خُبْزِ شَعِيرٍ وَإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ, وَكَانَ فِيهَا قَرْعٌ , قَالَ أَنَسٌ: فَكُنْتُ أَرَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْقَرْعُ قَالَ: فَكُنْتُ أُقَدِّمُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَلَمْ يَزَلِ الْقَرْعُ يُعْجِبُنِي مُنْذُ رَأَيْتُهُ يُعْجِبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.1 [1:4]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم 4539 من غير هذا الطريق
وأخرجه احمد 3/180 و 252 و 289 من طريق همام بن يحيى , بهذا الإسناد
وأخرجه مختصرا احمد 3/210-211 و 270 من طريق أبان , عن قتادة وفي لفظه عنده"يهوديا"بدل"خياطا".
الإهالة: كل شي من الأدهان مما يودي به مثل الزيت ودهن السمسم , وقيل هوا ما أذيب من الآلية والشحم , وقل الدسم الجامد.
والسخنه: المتغيرة الريح. انظر غريب الحديث لأبي عبيد 4/346 و"نهاية ابن الأثير"1/84(12/104)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْإِجَابَةِ إِلَى الْوَلَائِمِ إِذَا دُعِيَ الْمَرْءُ إِلَيْهَا
5294- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتيها" 2 [23:1]
__________
وأخرجه احمد 3/180 و 252 و 289 من طريق همام بن يحيى , بهذا
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين وهو في"الموطأ" 2/564 في النكاح. باب جاء في الوليمة.(12/104)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلتَّقِيِّ الْفَاضِلِ أَنْ يَأْكُلَ فِي بيت من هو فِي التُّقَى وَالْفَضْلِ
5295 – أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ , قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ , عَنْ ابْنِ عَوْنٍ , عَنِ ابْنِ سِيرِينَ , عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَنَعَ بَعْضُ عُمُومَتِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا وَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَأْكُلَ فِي بَيْتِي, وَتُصَلِّيَ فِيهِ, فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا فِي الْبَيْتِ فَحْلٌ مِنْ تلك الفحول, فأمر بجانب منه , فكنسه, ثم رش فصلى , وصلينا معه.
__________
= ومن طريق مالك أخرجه البخاري 5173في النكاح: باب حق إجابة الوليمة والدعوة, ومسلم 142996في النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوه, وأبو داود 3736 في الأطعمة: باب ما جاء في أجابه الدعوة, والبغوي2314.
وأخرجه احمد 2/37 , ومسلم 142997, والترمذي 1098في النكاح: باب ما جاء في إجابة الداعي , وأبو داود 3737 من طريقين عن نافع , به. قال الترمذي: حسن صحيح.
زاد أبو داود"فان كان مفطرا أكلها , وان كان صائما فليدع"
(1) إسناده صحيح , سويد بن نصر ثقة روى له الترمذي والنسائي , ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عبد الحميد بن المنذر بن الجارود فمن رجال ابن ماجه , وهو ثقة. ابن عون: هو عبد الله بن عون أرطبان , وابن سيرين: هو انس بن سيرين.
وأخرجه احمد 3/112 و 128-129 , وأبو عبيد في" غريب الحديث" 3/419 , وابن ماجه 756في المساجد والجماعات: =(12/105)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
باب المساجد في الدور , من طرق عن عبد الله بن عون , بهذا الإسناد.
ونسبه البويصي في "مصباح الزجاجة " ورقة 51/2 إلى احمد وحسن إسناده , وقال: وله أصل في الصحيح من حديث إسحاق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك.
قلت: وأخرجه البخاري 670 في الأذان: باب هل يصلي الإمام بمن حضر , و 1179 في التهجد: باب صلاة الضحى في الحضر , وأبو داوود 657 في الصلاة: باب الصلاة على الحصير , من طرق شعبة.
وأخرجه البخاري 6080 في الأدب: باب الزيارة ومن زار قوما فأفطر عندهم , من طريق خالد الحذاء , كلاهما عن انس بن سيرين , عن انس بن مالك بنحوه , ولم يذكرا أي شعبة وخالد الحذاء عبد الحميد بن المنذر بن الجارود , وجاء في إحدى روايات البخاري "فقال فلان بن فلان بن الجارود لأنس رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ " قال الحافظ في"الفتح 2/158 معقبا على ذلك: وكأنه عبد الحميد بن المنذر الجارود البصري , ثم ذكر رواية المصنف وابن ماجه هذه , وقال: فاقتضى ذلك أن في رواية البخاري انقطاعا , وهو مندفع بتصريح انس بن سيرين عنده بسماعه من انس , فحينئذ رواية ابن ماجه إما من المزيد في متصل الأسانيد وإما أن يكون فيها وهم , لكون ابن الجارود كان حاضرا عند انس لما حدث بهذا الحديث , وسأله عما سأله من ذلك فظن بعض الرواة أن له فيه رواية.
وجاء أيضا عند البخاري وأبي داوود "قال رجال من الأنصار – وكان ضخما – للنبي صلى الله عليه وسلم: إني لا استطيع الصلاة معك " ولم يذكر أنه من عمومته.
قال الحافظ في"الفتح": قيل: إنه عتبان بن مالك ... وليس عتبان بن عما لأنس إلا على سبيل المجاز , لأنهما من قبيلة واحده, وهي الخزرج , لكن كل منهما من بطن. =(12/106)
ذكر إباحة الضَّيْفِ لِلْمَضِيفِ بِغَيْرِ مَا وَصَفْنَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الطَّعَامِ
5296 – أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ , قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى , قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ , عَنْ مُصْعَبِ بْنِ ثَابِتٍ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ , قَالَ: أَفْطَرَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ سَعْدٍ فَقَالَ:" أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ , وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ , وَأَكَلَ طعامكم الأبرار " 1 [12:5]
__________
=قلت وحديث عتبان بن مالك تقدم عند المصنف برقم 223 و 1613.
قوله " فحل من تلك الفحول ", قال ابن ماجه: الفحل هو الحصير الذي قد اسودّ وقال أبو عبيد في " غريب الحديث ": إنما نر أنه سمي فحلاً , لأنه يعمل من فحول النخل.
1- صحيح بشاهده وهذا سند ضعيف , مصعب بن ثابت , هو ابن عبد الله بن الزبير , ضعفه أحمد وابن معين ,وأبو حاتم والنسائي وغيرهم , وذكره المؤلف في "الثقات" وقال: قد أدخلته في " الضعفاء " وهو ممن استخير الله تعالى فيه. سعيد بن يحيى: هو اللخمي.
وأخرجه ابن ماجه 1747 في الصيام باب: ثواب في فطر صائما عن هشام بن عمار في هذا الإسناد وضعف البوصيري
"مصباح الزجاجة"ورقه 114/2 إسناده بمصعب بن ثابت
قلت وله شاهد من حديث انس أخرجه عبد الرزاق 19425 ومن طريقه احمد 3/138 وأبو داوود3854 في الأطعمة: باب ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده والبيهقي 7/278 والبغوي 3320 عن =(12/107)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أو غيره إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عباده ... قرب إليه زميله فأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قال: " أكل طعامك الإبرار وصلت عليكم الملائكة وافطر عندكم الصائمون"
وصححه الإمام النبوي في الأذكار ص290 فتعقبه الحافظ في أماليه على الأذكار فيما نقله عنه ابن علان في الفتوحات الربانية
4/443: في وصف الشيخ هذا الإسناد بالصحة نظر وان معمر وان احتج به الشيخان فروايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها ثم ساق أقوال ابن المدني وابن معين والعقيليفي ذلك ثم قال في هذا السند مع ذلك عله أخرى وهيا التردد بين انس وغيره باحتمال إن يكون الغير غير صحابي.
قولت تابع جعفر بن سليمان معمرا عند الطحاوي في"مشكل الآثار"1/498 و 499 قال حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا ثابت عن انس فذكره بنحوه حديث عبد الرزاق واخرج احمد 3-118 و 201 -202 والنسائي في: عمل اليوم والليلة 1296 و 1297من طريق هشام الدستوائي واحمد 3/118 من طريق وكيع كلاهما عن يحيى بن أبي كثير عن انس بن مالك إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افطر عند أهل بيت قال: "افطر عندكم الصائمون واكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة" وقال النسائي: يحيى بن أبي كثير لم يسمعه من انس وقال أبو حاتم في"الجرح والتعديل"/141 -142: يحيى بن أبي كثير إمام لا يحدث إلا عن ثقة وروى عن انس ولم يسمع منه شيئا وأخرجه أيضا النسائي298 من طريق ابن المبارك عن هاشم ع يحيى بن أبي كثير قال: حدثت عن انس بن مالك ... فذكره هذا سند منقطع. =(12/108)
ذِكْرُ مَا يَدْعُو الضَّيْفُ لِمَنْ أَكَلَ مِنْ طَعَامِهِمْ
5297- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ السُّلَمِيِّ , قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَبِي , فَنَزَلَ عَلَيْهِ , فَأَتَاهُ بِطَعَامٍ وَحَيْسٍ وَسَوِيقٍ وَتَمْرٍ , ثُمَّ أَتَاهُ بِشَرَابٍ فَنَاوَلَ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ: وَكَانَ يَأْكُلُ التَّمْرَ ويضع النوى على ظهره أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوسْطَى ثُمَّ يَرْمِي بِهِ ثُمَّ دَعَا لَهُمْ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رزقتهم واغفر لهم وارحمهم" 1 [12:5]
__________
= واخرج ابن السني في عمل "اليوم والليلة" 483 وعن أبي محمد صاعب حدثنا سليمان بن سيف حدثنا شعيب بن بيان حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ عَنْ قَتَادَةَ عَنِ أَنَسِ ... فذكره وهذا إسناد حسن وصححه الحافظ العراقي في"تخريج الأحياء"12/13
(1) إسناد صحيح على شرط مسلم رجاله الشيخين غير يزيد بن خمير فمن رجال مسلم وأخرجه احمد 4/188 و 189 و 190 ومسلم 2042 في الأشربة: باب استحباب وضع النوى خارج التمرة وأبو داود 3729 وفي الأشربة: في النفخ في الشرب والتنفس فيه والترمذي 3576 وفي الدعوات باب ما جاء في دعاء الضيف والنسائي في "اليوم والليلة"292 و 293 وأبو الشيخ في"أخلاق النبي"ص 205 والبيهقي 7/274 من طريق عن شعبه وبهذا الإسناد قال الترمذي:حسن صحيح
وأخرجه احمد 4/187 – 188 والنسائي في"اليوم والليلة" 294 من طريق هشيم عن هاشم بن يوسف عن عبد الله بن بسر به(12/109)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ جَاءَ دَارَ بُسْرٍ كَانَ رَاكِبًا بَغْلَتَهُ
5298- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَأَخَذَ بِلِجَامِهَا فقال انزل عندي يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَ عنده وقال فجاءهم بحيس فأكلوه ثم جاءهم يتمر قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ وَيَقُولُ بِالنَّوَى هَكَذَا وَيُقَلِّبُهُ وَضَمَّ شُعْبَةُ أُصْبُعَيْهِ ثُمَّ جَاءُوهُ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لهم فيما رزقتهم وأغفر لهم وأرحمهم" 1. [12:5]
__________
1إسناده صحيح على شرط مسلم وهو مكرر ما قبل ابن أبي عدي هو محمد بن إبراهيم.
وأخرجه مسلم "2042 " في الأشربة: باب استحباب وضع النواه خارج الثمرة عن حمد بن بشار بهذا الإسناد.(12/110)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ.
5299 – اخبرنا محمد بين إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو وَسَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ
قَالَ – قَالَ:" أَبِي لِأُمِّي لَوْ صَنَعْتِ طَعَامًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "(12/110)
فَصَنَعَتْ ثَرِيدَةً, وَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا يُقَلِّلُهَا فَانْطَلَقَ أَبِي فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى ذِرْوَتِهَا ثُمَّ قَالَ خُذُوا بِاسْمِ اللَّهِ فَأَخَذُوا مِنْ نَوَاحِيهَا فَلَمَّا طَعِمُوا دَعَا لهم فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ اغْفِرْ لهم وارحمهم وبارك لهم في رزقهم".1. [12:5]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, وهو مكرر ما قبله. عيسى بن يونس: هو ابن أبي إسحاق السبيعي, وصفوان بن عمرو: هو ابن هرم السكسكي أبو عمرو الحمصي.
وأخرجه الدارمي 2/94-95, والنسائي في الوليمة كما في"التحفة" 4/294 من طريقين عن عيسى بن يونس, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/188 عن أبي المغيرة, عن صفوان بن أمية, عن صفوان بن عمرو, به.(12/111)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ إِذَا دُعِيَ إلى دعوى وَجَاءَ مَعَهُ بِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ صَاحِبَ الْبَيْتِ
5300- اخبرنا احمد بن علي ابن المثنى قال حدثنا أو الخيثمة قال حدثنا جرير وأبو معاوية وأبو الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: أَبُو شُعَيْبٍ, وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ فَرَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَعَرَفَ فِي وَجْهِهِ الْجُوعَ, فَقَالَ لِغُلَامِهِ: اصْنَعْ لَنَا طَعَامًا لِخَمْسَةٍ, فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْعُوَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ, قَالَ: فَصَنَعَ, ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ, وَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ, فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ, قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ هذا(12/111)
تَبِعَنَا, فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ, وَإِنْ شِئْتَ رَجَعَ" قَالَ: بَلْ آذَنُ لَهُ يَا رسول الله1. [12:5]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب, وجرير: هو ابن عبد الحميد, وأبو معاوية: هو محمد بن خازم الضرير.
وأخرجه مسلم2036 في الأشربة: باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام, والبيهقي 7/265 من طريقين عن زهير بن حرب, عن أبي معاوية, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم2036, والطبراني في"الكبير" 17/530 من طريقين عن جرير, عن الأعمش, به.
وأخرجه مسلم2036, والترمذي1099 في النكاح: باب ما جاء في من يجيء إلى الوليمة من غير دعوة, والطبراني 17/531 من طرق عن أبي معاوية, عن الأعمش, به.
وأخرجه أحمد 4/120, والدارمي 2/105-106, والبخاري2081 في البيوع: باب ما قبل في اللحام والجزار, و2456 في المظالم: باب إذا أذن إنسان لأخر شيئا جاز, و5434 في الأطعمة: باب الرجل يدعى إلى طعام فيقول: وهذا معي, و5461: باب الرجل يتكلف الطعام لإخوانه, ومسلم2036, والطبراني 17/524و525و526و527و528و529, والبيهقي 7/264-265 من طرق عن الأعمش, به. وانظر5302.
قال الإمام النووي في"شرحه لمسلم" 13/208: في الحديث أن المدعو إذا تبعه رجل بغير استدعاء, ينبغي له أن لا يأذن له وينهاه, وإذا بلغ باب دار صاحب الطعام, أعلمه به ليأذن له أو يمنعه, وأن صاحب الطعام يستحب له أن يأذن له إن لم يترتب على حضوره مفيدة بأن يؤذي الحاضرين, أو يشيع عنهم ما يكرهونه, أو يكون جلوسه معهم مزريا بهم لشهرته بالفسق ونحو ذلك, فإن خيف من حضوره من شيء من هذا, لم يؤذن =(12/112)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ إِذَا دُعِيَ إِلَى ضِيَافَةٍ أَنْ يَسْتَدْعِيَ مِنَ الْمُضِيفِ ذَهَابَ غَيْرِهِ مَعَهُ إِذَا عَلِمَ عَدَمَ كَرَاهِيَةِ الْمُضِيفِ لِذَلِكَ
5301- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا فَارِسِيًّا كَانَ جَارًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وكانت مرقته أطيب شي رِيحًا فَصَنَعَ طَعَامًا ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ أَنْ تَعَالَ وعائشة جَنْبِهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَهَذِهِ مَعِي" وَأَشَارَ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ لَا قَالَ ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَالَ: "وَهَذِهِ مَعِي" قَالَ لَا ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِ الثَّالِثَةَ فَقَالَ وَهَذِهِ معي وأشار إلى عائشة فقال نعم1. [1:4]
__________
= له, وينبغي أن يتلطف في رده, ولو أعطاه شيئا من الطعام إن كان يليق ليكون ردا جميلا, كان حسنا.
وفي الحديث مشروعية الضيافة وتأكد استحبابها لمن غلبت حاجته لذلك, وأن من دعا أحدا استحب أن يدعو معه من يرى من أخصائه وأهل مجالسته.
وفيه أنه كان صلى الله عليه وسلم يجوع أحيانا, وفيه إجابة الإمام والشريف والكبير دعوة من دونهم, وأن من صنع طعاما لجماعة فليكن على قدرهم إن لم يقدر على أكثر ولا ينقص من قدرهم مستندا إلى طعام الواحد يكفي الاثنين. وانظر"الفتح" /560-562.
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو يعلى3354 عن عبد الرحمن بن سلام الجمحي, بهذا الإسناد. =(12/113)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أحمد 3/123و272, ومسلم2037 في الأشربة: باب ما يفعل الضيف إذا تبعه غير من دعاه, والنسائي 6/158 في الطلاق: باب الطلاق بالإشارة المفهومة, من طرق عن حماد بن سلمة, به.
وأخرجه الدارمي2/105 من طريق سليمان بن المغيرة, عن ثابت, به.
قال الإمام النووي في"شرح مسلم" 13/208-210: وأما الحديث الثاني في قصة الفارسيوهو حديث الباب, وهي قضية أخرى, فمحمول على أنه كان هناك عذر يمنع وجوب إجابة الدعوة, فكان النبي صلى الله عليه وسلم مخيرا بين إجابته وتركها, فاختار أحد الجائزين-وهو تركها- إلا أن يأذن لعائشة معه لما كان بها من الجوع أو نحوه, فكره صلى اله عليه وسلم الاختصاص بالطعام دونها, وهذا من جميل المعاشرة, وحقوق المصاحبة, وآداب المجالسة المؤكدة, فلما أذن لها, اختار النبي صلى الله عليه وسلم الجائز الآخر لتتجدد المصلحة, وهو حصول ما كان يريده من إكرام جليسه, وإيفاء حق معاشرته ومواساته فيما يحصل. . .
قالوا: ولعل الفارسي إنما لم يدع عائشة رضي الله عنها أولا, لكون الطعام قليلا, فأراد توفيره على رسول الله صلى اله عليه وسلم.
وقال الحافظ في"الفتح" 9/561 في شرحه على حديث أبي مسعود: وأما ما أخرجه مسلم من حديث أنس, فيجاب عنه بأن الدعوة لم تكن لوليمة, وإنما صنع الفارسي طعاما بقدر ما يكفي الواحد, فخشي إن أذن لعائشة أن لا يكفي النبي صلى الله عليه وسلم, ويحتمل أن يكون الفرق أن عائشة كانت حاضرة عند الدعوة بخلاف الرجل, وأيضا فالمستحب للداعي أن يدعو خواص المدعو معه كما فعل اللحام, بخلاف الفارسي, فلذلك امتنع من الإجابة إلا أن يدعوها, أو علم حاجة عائشة لذلك الطعام بعينه, أو أحب أن تأكل معه منه, لأنه كان موصوفا بالجودة, ولم يعلم مثله في قصة اللحام.(12/114)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْتَعْمِلُ هَذَا الْفِعْلَ بِعَائِشَةَ وَحْدَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أُمَّتِهِ
5302- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ سُلَيْمَانَ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ, قَالَ: صَنَعَ رَجُلٌ طَعَامًا, فَبَعَثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: ائْتِنِي أَنْتَ وَخَمْسَةٌ, قَالَ: فَبَعَثَ إِلَيْهِ: "أَتَأْذَنُ لِي فِي سادس" 1. [1:4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. بندار: هو لقب محمد بن بشار, وسليمان: هو ا‘مش, وابن عدي: هو محمد بن إبراهيم. وقد تقدم مطولا برقم5300.
وأخرجه مسلم2036 في الأشربة: باب ما يفعل الضيف إذا الضيف إذا تبعه غير من دعاه صاحب الطعام, والنسائي في الوليمة كما في"التحفة" 7/331 من طريقين عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي عن أحمد بن عبد الله بن الحكم, عن عثمان بن عمر بن فارس, عن شعبة, عن الحكم, عن أبي وائل, به. وقال بإثره: هذا خطأ, والصواب الذي قبله.(12/115)
ذِكْرُ تَخْيِيرِ الْمَدْعُوِّ إِلَى الدَّعْوَةِ بَعْدَ الْإِجَابَةِ بَيْنَ الْأَكْلِ وَالتَّرْكِ
5303- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ(12/115)
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجيب فان شاء أكل وان شاء ترك" 2. [23:1]
__________
1 في الأصل"فليجيب"والمثبت من التقاسيم 1/لوحه 396
2 إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم, وقد صرح هو وابن جريج بالتحديث عند الطحاوي, فانتفت شبهه تدليسها أبو عاصم هو الضحاك بن مخلد النبيل.
وأخرجه مسلم 1430 في النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى الدعوة وابن ماجه 1751 في الصيام باب من دعي إلى طعام وهو صائم, والطحاوي في"مشكل الآثار" 4/148 من طرق عن أبي عاصم بهذا الإسناد.
وأخرجه احمد 3/392 ومسلم 1430 وأبو داوود3740 في الأطعمة: باب ما جاء في أجابه الدعوة والطحاوي في"المشكل" 4/148 والبغوي 2316 من طرق عن سفيان عن أبي الزبير, به.(12/116)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إِذَا دعي المرء إليها أمرا حَتْمٍ لَا نَدْبٍ
5304- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى إِلَيْهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى الله ورسوله3. [23:1]
__________
3 حديث صحيح ابن أبي السري متابع ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين وهو في مصنف عبد الرزاق 19662(12/116)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه احمد 2/267 ومسلم 1432109 في النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة والبيهقي 7/263.
وأخرجه مالك 2/546 في النكاح: باب ما جاء في الوليمة وسعيد بن منصور 24 والحميدي 1171 واحمد2/241 والدرامي 2/105 والبخاري 5177 في النكاح: باب من ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله ومسلم1432 وأبو داود 3742 في الأطعمة: باب ما جاء في الدعوة وابن ماجه 1931 في النكاح: بابأجابه الداعيوالطحاوي في"مشكل الآثار" 4/143 والبيهقي 7/261 والبغوي2315 من طرق عن الزهري, عن الأعرج, به موقوفا.
إلا إن الطحاوي أخرج الحديث مره أخرى من طريق الحميدي فجعله مرفوعا والذي في"مسند الحميدي" المطبوع, الرواية الموقوفة.
والأعرج: هو عبد الرحمن كما صرح به المصنف, وخالفه غيره فجعله "ثابت الأعرج" وليس عبد الرحمن, وجعل حديث أبي هريرة مرفوعا, أخرجه مسلم 1432110 والحميدي1170, والبيهقي 7/262من طريق سفيان قال: سمعت ثابتا الأعرج يحدث عن أبي هريرة إن النبي صلى الله عليه وسلم ... فذكره.
ونقل الحافظ في "الفتح" 9/244 عن ابن بطال انه قال: أول هذا الحديث موقوف ولكن أخره يقتضي رفعه.
وقال الطحاوي: اختلف سفيان ومالك في هذا الحديث فرواه سفيان كله من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم, ورواه مالك كله من كلام أبي هريرة, إلا ما ذكر فيه فيمن تختلف عن ذلك إن قد عصى الله ورسوله.
قلت: وقد رواه سفيان أيضا موثوقا عند سعيد بن منصور 524 والحميدي 1171.
واخرج مسلم 1432108 عن ابن أبي عمر, والبيهقي 7/261 – 262 عن الحميدي كلاهما عن سفيان قال: قلت للزهري: يا أبا بكر, كيف =(12/117)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَنَا قَصَّرْتُ بِهِ, لِأَنَّ أَصْحَابَ الزُّهْرِيِّ كُلَّهُمْ كَذَا قال مَوْقُوفًا, وَالْمُسْنَدُ هُوَ آخِرُ الْحَدِيثِ: "وَمَنْ لَمْ يجب الدعوة".
__________
= هذا الحديث "شر الطعام طعام الأغنياء" فضحك فقال: ليس هو"شر الطعام طعام الأغنياء". قال سفيان: وكان أبي غنيا, فأفزعني هذا الحديث حين سمعت به, فسالت عنه الزهري فقال: حدثني عبد الرحمن الأعرج, انه سمع أبو هريرة يقول: شر الطعام طعام الوليمة ... هذا لفظ مسلم.
والبيهقي جعله مرفوعا, فقال.... حدثني الأعرج قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..... فذكره
لكن الذي عند الحميدي 1171- وقد روى البيهقي الحديث من طريقه –رواية الوقف, إلا انه لم يذكر فيه قصه سفيان.
واخرج الحديث أيضا أبو الشيخ – كما في"الفتح" 9/245- من طريق محمد بن سيرين, فرفعه.
وأخرجه سعيد بن المنصور 256 عن هشيم, عن يعلى بن عطاء عن بشر بن عاصم, قال: قال أبو هريرة.... فوقفه.
واخرج الطحاوي في"المشكل" 4/134 من طريق شعبه, عن يعلى بن عطية, قال سمعت ميمون بن مسيره قال: كان أبو هريرة يدعى إلى طعام فيذهب إليه ونذهب معه فينادي: شر الطعام طعام الوليمة, يدعي إليها من يأباها, ويمنع من يأتيها.
وأخرج القسم الثاني من الحديث سعيد بن منصور525 عن فرج بن فضالة, عن محمد بن الوليد الزبيدي, عن الزهري مرسلا, قال: قال يعني النبي صلى الله عليه وسلم: "من دعي إلى وليمه ولم يجب فقد عصى الله ورسوله".(12/118)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5305- أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرْكِينَ بِدِمَشْقَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ, وَمَنْ لَمْ يُجِبِ الدعوة, فقد عصى الله ورسوله1. [23:1]
__________
1- إسناده قوي, رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الرحمن الطفاوي فمن رجال البخاري, وفيه كلام ينزله عن رتبه الصحة, وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه احمد 2/405 – 406 عن النعمان بن راشد, عن الزهري, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 2303 عن زمعة, عن الزهري, عن سعيد أو غيره, به.
قال النووي في"شرح مسلم" 9/237: معنى هذا الحديث: الإخبار بما يقع من الناس بعده صلى الله عليه وسلم من مراعاة الأغنياء في الولائم ونحوها, وتخصيصهم بالدعوة, وإيثارهم بطيب الطعام, ورفع مجالسهم وتقديمهم, وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم, والله المستعان.(12/119)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذكرنا لها
5306- اخبرنا احمد بن على الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ, عَنْ هِشَامٍ, عَنِ ابْنِ سِيرِينَ(12/119)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ, فَلْيُجِبْ, فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ, وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ"1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ" يُرِيدُ بِهِ: فَلْيَدْعُ لِأَنَّ الصَّلَاةَ دُعَاءٌ, قَالَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا لِصَفِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ2 سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة:103] أَرَادَ بِهِ: وَادْعُ لهم. [23:1]
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. هشام: أبو حسان.
وأخرجه مسلم 1431 في النكاح: باب الأمر بإجابة الداعي إلى دعوة, عن أبي بكر بن أبي شيبه, بهذا الإسناد.
وأخرجه احمد 2/279 و507, وأبو داود 2640 في الصوم: باب في الصائم يدعي إلى وليمه, والترمذي 780 في الصوم: باب ما جاء في إجابة الصائم الدعوة, والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/350, والطحاوي في" مشكل الآثار"4/148 – 149, والبيهقي 7/263, والبغوي1816, والخطيب في" تاريخه" من طرق هشام, به.
وأخرج ابن أبي شيبه 3/64, والحميدي 1012, وأبو داود 2461, والترمذي 781, والبغوي1815 من طريق سفيان بن عينيه, عَنْ أَبِي الزِّنَادِ, عَنِ الْأَعْرَجِ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم, فليقل: إني صائم"
2 هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع وابن عامر, وأبي بكر عن عاصم, وقرا حمزة والكسائي, وحفص عن عاصم: إن صلاتك على التوحيد. انظر"زاد المسير", و"حجة القراءات"ص322-323.(12/120)
فَأَمَّا الْمُجْمَلُ مِنَ الْأَخْبَارِ, فَهُوَ الْخَبَرُ الَّذِي يَرْوِيهِ صَحَابِيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ يَتَهَيَّأُ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى عُمُومِ الْخِطَابِ.
وَالْمُفَسِّرُ: هُوَ رِوَايَةُ صَحَابِيٍّ آخَرَ ذَلِكَ الْخَبَرَ بِعَيْنِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزِيَادَةِ بَيَانٍ لَيْسَ فِي خَبَرِ ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ الْأَوَّلِ ذَلِكَ الْبَيَانُ حَتَّى لَا يَتَهَيَّأَ اسْتِعْمَالُ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي هِيَ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا إِلَّا بِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي هِيَ الْبَيَانُ لِتِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي لَيْسَتْ في خبر تلك الصَّحَابِيِّ, قَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ خَبَرٍ مُجْمَلٍ وَمُفَسِّرٍ لَهُ فِي السُّنَنِ فِي كِتَابِ"فُصُولِ السُّنَنِ" فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنِ الِاسْتِقْصَاءِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ, لِأَنَّ فِيمَا أَوْمَأْنَا إِلَيْهِ منه غنية لمن وفقه الله وتدبره.(12/121)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ اجْتِمَاعِ الْإِخْوَانِ لِلطَّعَامِ فِي يَوْمٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْجُمُعَةِ
5307- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَمَّادٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ, قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم الْجُمُعَةِ, ثُمَّ تَكُونُ الْقَائِلَةُ وَكَانَتْ فِينَا امْرَأَةٌ, فَكَانَتْ تَجْعَلُ فِي مَزْرَعَةٍ لَهَا سِلْقًا, فَكَانَتْ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ, فَتَجْعَلُهُ فِي قِدْرٍ, ثُمَّ تَجْعَلُ عَلَيْهِ قَبْضَةً مِنْ شَعِيرٍ فَتَطْحَنُهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ السِّلْقُ عُرَاقَةً, قَالَ سَهْلٌ: فَكُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَيْهَا مِنْ صَلَاةِ الجمعة,(12/121)
فَنُسَلِّمُ عَلَيْهَا, فَتُقَرِّبُ ذَلِكَ الطَّعَامَ إِلَيْنَا فَنَلْعَقُهُ, قَالَ: فَكُنَّا نَتَمَنَّى يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِطَعَامِهَا ذَلِكَ1. [1:4]
***
__________
1- إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن حماد الأملي فمن رجال البخاري. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد بن أبي مريم, وأبو غسان: هو محمد بن مطرف بن رواد الليثي, وأبو حازم: هو سلمه بن دينار.
وأخرجه البخاري 938 في الجمعة: باب قال الله تعالى {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} , والطبراني 5788 من طريق سعيد بن أبي مريم, بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 939 في الجمعة, و2349 في الحرث والمزارعة: باب ما جاء في الغرس, و5403 في الأطعمة: باب السلق والشعير, في الاستئذان: باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال, والبيهقي3/241 من طريقين عن أبي حازم, به.
وأخرجه احمد 5/336 وابن أبي شيبة 2/,106 والبخاري 941 في الجمعة: باب القائلة بعد الجمعة, ومسلم859 في الجمعة: باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس وأبو داود1086 في الجمعة: باب وقت الجمعة, والترمذي525 في الصلاة: باب ما جاء في القائلة يوم الجمعة, وابن ماجه 1099 في أقامة الصلاة: باب ما جاء في وقت الجمعة ,5787 و5865و5902و5965و5975و6006 من طرق عن أبي حازم, به مختصرا.
قوله"عراقة" ولفظ البخاري"عرقه", قال الحافظ في"الفتح" 2/427: العرق: اللحم الذي على العظم, والمراد أن السلق يقوم مقامه عندهم.
وقال ابن الأثير في"النهاية" 3/220: يعني أن أضلاع السلق قامت في الطبخ مقام قطع اللحم.=(12/122)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وفي هذا الحديث جواز السلام على النسوة الأجانب, واستحباب التقرب بالخير ولو بالشيء الحقير, وبيان ما كان الصحابة عليه من القناعة وشده العيش, والمبادرة إلى الطاعة, رضي الله عنهم.(12/123)
4- باب العقيقة1
ذكر الأمر لمن عق ولده أن يخلق رأسه فيذلك اليوم الْحَلْقِ
5308- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ, حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ, حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَقُّوا عَنِ الصَّبِيِّ خَضَبُوا قُطْنَةً بِدَمِ العقيقة, فإذا حلقوا رأس الصي, وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسَهُ, فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اجعلوا مكان الدم خلوقا" 2. [78:1 [
__________
قال البغوي في"شرح السنة" 11/263: العقيقة اسم للشاة التي تذبح على ولادة الولد, واختلفوا في اشتقاقها, فقال بعضهم: هي اسم للشعر الذي يحلق من رأس الصبي عند ولادته, فسميت الشاة عقيقة على المجاز, إذ كانت إنما تذبح عند حلاق الشعر, وقيل: هي اسم للشاة حقيقة, سميت بها, لأنها تعق مذابحها, أي تشق وتقطع, والعق: الشق, ومنه عقوق الولد أباه, وهو جفوته وقطيعته.
2 إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الشيخين غير يوسف بن سعيد, فقد روى له النسائي, وهو ثقة. حجاج: هو ابن محمد الأعور, ويحيى بن سعيد: هو الأنصاري, وقد صرح ابن جريج بالتحديث فانتفت شبهة تدليسه.=(12/124)
ذِكْرُ عَقِيقَةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ ابْنَيِ ابْنَتِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَعَنْ أُمِّهِمَا وَعَنْ أَبِيهِمَا وَقَدْ فَعَلَ
5309- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ, عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: عَقَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن حسن والحسين بكبشين1. [78:1]
__________
=وأخرجه أبو يعلى4521, والبزار1239, والبيهقي 9/303 من طرق عن ابن جريج, بهذا الإسناد.
وأخرج عبد الرزاق7963 عن ابن جريج قال: حدثت حديثا رفع إلى عائشة أنها قالت. . .فذكره.
1 حديث صحيح, إبراهيم بن المنذر الحزامي اعتمده البخاري وانتقى من حديثه, ووثقه ابن معين وابن وضاح والنسائي وأبو حاتم والدارقطني, ومن فوقَه ثِقَات من رجال الشيخين, إِلاَّ أن رواية جرير بن حازم عن قتادة ضعفا.
وأخرجه الطحاوي في"مشكل الآثار" 1/456, وأبو يعلى2945, والبزار1235, والبيهقي 9/299 من طرق عن ابن وهب, بهذا الإسناد. قال البزار: لا نعلم أحدا تابع جريرا عليه, وقال الهيثمي 4/57 ونسبه لأبي يعلى والبزار: رجاله ثقات.
قلت: ويشهد له حديث عائشة الآتي برقم5311, وحديث ابن عباس عند أبي داود2841, والنسائي 7/166, والطحاوي في"المشكل" 1/457, والطبراني11838, وابن الجارود911, فيصح بهما.(12/125)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ أَنَسٍ: بِكَبْشَيْنِ أَرَادَ به عن كل واحد منهما
5310 _ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ, حدثنا أبو بشر بكر بن خلف, عن أبي خُثَيْمٍ
عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍ, قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, فَسَأَلْنَاهَا عَنِ الْعَقِيقَةِ, فَأَخْبَرَتْنَا
أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهَا, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "عَنِ الغلام شاتان, وعن الجارية شاة".
__________
إسناده صحيح, بكر بن خلف وثقه أبو حاتم والمؤلف ومسلمة بن قاسم وابن خلفون, وقال ابن معين: صدوق, روى له أبو داود وابن ماجه وعلق له البخاري, ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد - 6/31, والترمذي 1513 في الأضاحي: باب ما جاء في العقيقة, من طريق بشر بن المفضل, بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن الصحيح.
وأخرجه أحمد 6/158, وابن أبي شيبة 8/239, وابن ماجة 3163 في الذبائح: باب العقيقة, من طريق عفان, عن حماد, عن ابن خثيم, به. وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه عبد الرازق 7956 أخبرنا ابن جريح, أخبرنا يوسف ابن ماهك, عن حفصة بنت عبد الرحمن, قالت: كانت عمتي عائشة تقول: على الغلام شاتان, وعلى الجارية شاة.
وأخرجه عبد الرزاق 7955 عن ابن جريج قال: أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد, عن بعض أهله أنه سمع عائشة تقول: ألا على الغلام شاتان, وعلى الجارية شاة, ولا يضركم أذكر أم أنثى, تأثر ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم تقول: سمعته يقول. تقول: ألا على الغلام شاتان, وعلى الجارية شاة, ولا يضركم أذكر أم أنثى, تأثر ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم تقول: سمعته يقول.(12/126)
ذِكْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يُعَقُّ فِيهِ عَنِ الصَّبِيِّ
5311 _ أخبرنا عمر ابن مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي محمد ابن عَمْرٍو_ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: وَهُوَ الْيَافِعِيُّ شَيْخٌ ثِقَةٌ مِصْرِيٌّ_ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ يَحْيَى ابن سَعِيدٍ, عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: عَقَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ يَوْمَ السَّابِعِ, وَسَمَّاهُمَا, وَأَمَرَ أَنْ يماط عن رأسه الأذى1. [78:1]
__________
إسناده حسن, محمد بن عمرو اليافعي وثقه المؤلف هنا وفي "الثقات", وله في "صحيح مسلم" حديث واحد متابعة, وقال ابن أي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه فقالا: هو شيخ لابن وهب, وذكره الساجي في "الضعفاء" ونقل عن يحيى بن معين أنه قال: غيره أقوى منه, وقال الذهبي في "الميزان": قد روى له مسلم, وما علمت أحد ضعفه, وقال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام, ثم هو متابع, وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي الربيع _ وهو سليمان بن داود المهري_فقد روى له أبو داود والنسائي, وهو ثقة.
وأخرجه الحاكم 4/237, والبيهقي 9/299 _ 300 من طريقين عن ابن وهب, بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو يعلى 4521 عن إسحاق, عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي داود, عن ابن جريج, به.
ونسبه الهيثمي في "المجمع" 4/57 _ 58 إلى أبي يعلى وقال: رجاله رجال الصحيح خلا شيخ أبي يعلى, فإني لم أعرفه.(12/127)
ذِكْرُ وَصْفِ الْعَقِيقَةِ عَنِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ
5312 _ أَخْبَرَنَا أحمد ابن عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ
عَنْ أُمِّ كُرْزٍ, أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَقِيقَةِ, قَالَ: "عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ, وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ, لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كن أو إناثا"
78 -
__________
حديث صحيح, أبو يزيد المكي لم يرو عنه غير ابنه عبيد الله وذكره المؤلف "الثقات", والصواب إسقاطه من السند كما سيأتي, وباقي رجاله ثقات. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.
وأخرجه الشافعي 414 و 597 رواية الطحاوي, الحميدي 345, وأحمد 6/381, وابن أبي شيبة 8/237, وأبو داود 2835 في الأضاحي: باب في العقيقة, وابن ماجة 3162 في الذبائح: باب العقيقة, والطحاوي في"مشكل الآثار" 1/457, والطبراني 25/406, والبيهقي 9/300, والبغوي 2818 من طريق سفيان, بهذا الإسناد.
وقد خولف سفيان في هذا, فرواه حماد بن يزيد وابن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد عن سباع, بإسقاط أبي يزيد: أخرجه أحمد 6/381 و 422, والدارمي 2/81, وأبو داود 2836, والنسائي 7/165, وهو الصواب, قال الإمام أحمد بإثر أحاديث رواها عن عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه, عن سباع: سفيان يهم في هذه الأحاديث, عبيد الله سمعها من سباع بن ثابت, وقال أبو داود: حديث سفيان وهم, وفي "أطراف المزي": قال أبو داود: هذا الحديث هو الصحيح, يعني بإسقاط والد عبيد الله, وحديث سفيان خطأ.
قلت: وأخرجه النسائي 7/165 في العقيقة: باب العقيقة عن الجارية, =(12/128)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّاتَيْنِ إِذَا عُقَّ بِهِمَا عَنِ الصَّبِيِّ يَجِبُ أَنْ تَكُونَا مِثْلَيْنِ
5313 _ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ, عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ مَيْسَرَةَ بن أبي خيثم
عن أم بني كرز الكعبين, قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْعَقِيقَةِ: "عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ, وَعَنِ الْجَارِيَةِ شَاةٌ" فَقُلْتُ لَهُ_ يَعْنِي عَطَاءً_: مَا الْمُكَافِئَتَانِ؟ قَالَ: مِثْلَانِ ذُكْرَانُهُمَا أَحَبُّ إليه
__________
عن قتيبة, قال: حدثنا سفيان, عن عبيد الله _وهو ابن أبي يزيد_ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ, عَنْ أُمِّ كُرْزٍ. ولم يقل "عن أبيه".
وأخرج عبد الرزاق 7954, ومن طريقه أحمد 6/422, والترمذي 1516 في الأضاحي: باب الآذان في أذن المولود, والطبراني25/405 عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بن أبي يزيد أن سباع بن ثابت يزعم أن محمد بن ثابت بن سباع أخبره أن أم كرز أخبرته أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ العقيقة ... وذكر الحديث.
قلت: ومحمد بن ثابت بن سباع هو ابن عم سباع بن ثابت, وثقه المصنف, وقال الحافظ في "التقريب": صدوق, وليس له في الكتب الستة إلا هذا الحديث عن الترمذي.
وأخرجه النسائي 7/ 164_165, والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/458 من طريق حماد بن سلمة, عن قيس بن سعد, عن طاووس وعطاء ومجاهد, عن أم كرز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الغلام شاتان مكافئتان, وفي الجارية شاة" وإسناده صحيح. وانظر الحديث الآتي.(12/129)
من إناثهما1. [78:1]
***
__________
1 صحيح. حبيبة بنت ميسرة ذكرها المؤلف في "الثقات" 4/194, والراوي عنها عطاء وهو ابن أبي رباح, وهو مولاها, وباقي السند رجاله ثقات, ويتقوى بالطريق الذي قبله.
وهو في "مصنف عبد الرزاق" 7953, ومن طريقه أخرجه أحمد 6/422, والطبراني في "الكبيرة" 25/400, والبيهقي 9/301.
وأخرجه أحمد 6/422, والدارمي 2/81 من طريقين عن ابن جريج به.
وأخرجه الحميدي 346, وأحمد 6/381, وابن أبي شيبة 8/238, وأبو داود 2834 في الأضاحي: باب في العقيقة, والنسائي 7/165 في العقيقة: باب كم يعق عن الجارية, والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/458, والطبراني 25/401, والبيهقي 9/301 من طريق سفيان, والطبراني 25/402 من طريق إسحاق, و 25/403 من طريق قيس بن سعد, ثلاثتهم عن عطاء, به.
وأخرجه أحمد 6/422, والطبراني 25/399 و 404 من طرق عطاء, وعن أم كرز, لم يذكر حبيبة بنت ميسرة.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثلين متكافئين. أخرجه الحاكم 4/237 بسند الحسن في الشواهد.
وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا. أخرجه أبو داود 2841, وابن الجارود 911 و 912, والطبراني 11856, وإسناده صحيح, وأخرجه النسائي 7/166 من طريق آخر صحيح ولفظه "عق رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين رضي الله عنهما بكبشين كبشين".
وعن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين. أخرجه أحمد =(12/130)
000000000000000000000000000000000000000000000000000
__________
5/355 و 361, والنسائي 4213, والطبراني 2574, وإسناده صحيح على شرط مسلم.
قلت: وفي حديث سمرة بيان الوقت الذي تذبح فيه, أخرجه أحمد 5/7 _ 8 و 12 و 17_ 18, والطيالسي 909, والدارمي 2/81, وأبو داود 2838, والنسائي 7/166، والترمذي 1522, وابن ماجه 3165, وابن الجارود 910, والحاكم 4/237, والبيهقي 9/299, والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/453 من طرق عن قتادة, عن الحسن عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل غلام رهينة بعقيقته, تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى".
وقال الترمذي: حسن صحيح, والعمل على هذا عند أهل العلم, يستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع, فإن لم يتهيأ اليوم السابع فيوم الرابع عشر, فإن لم يتهيأ, عق عنه يوم الحادي والعشرين, وقالوا: لا يجزئ عن العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية.
قلت: وصححه أيضا الحاكم ووافقه الذهبي, وروى البخاري في "الصحيح" 9/504, والنسائي من طريق قريش بن أنس, عن حبيب بن الشهيد قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة, فسألته عن ذلك, فقال: سمعته عن سمرة.
وقوله "رهينة" بإثبات الهاء, معناه: مرهون, فعيل بمعنى مفعول, والهاء تقع في هذا للمبالغة, وأجود ما قبل في معناه _ فيما نقله الخطابي والبغوي _ ما أشار إليه أحمد بن حنبل, قال: هذا في الشفاعة, يريد أنه مات طفلا ولم يعق عنه, لم يشفع في والده.
وقيل: أن العقيقة لازمة لابد منها, فشبه المولود في لزومها وعدم انفكاكها منها بالرهن في يد المرتهن, وقال التوربشتي: أي أنه كالشيء المرهون لا يتم الانتفاع به دون فكه, والنعمة إنما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر ووظيفته, والشكر في هذه النعمة ما سنه النبي صلى الله عليه وسلم وهو أن يعق =(12/131)
00000000000000000000000000000000000000000000000
__________
عن المولود شكرا لله تعالى وطلبا لسلامة المولود. وانظر "الفتح" 9/508, و "شرح المشكاة" 4/357 _ 358.
وقال صاحب "المغني" 8/644: والعقيقة سنة في قول عامة أهل العلم, منهم ابن عباس وابن عمر وعائشة, وفقهاء التابعين, وأئمة الأمصار إلا أصحاب الرأي قالوا: ليست سنة وهي من أمر الجاهلية, وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن العقيقة فقال: "إن الله تعالى لا يحب العقوق" فكأنه كره الاسم, وقال: "من ولد له مولود, فأحب أن ينسك فليفعل" رواه مالك, وقال الحسن وداود: هي واجبة. قلت: ونقل ابن القيم في "زاد المعاد" 2/326 وجوبها عن الليث بن سعد.
قلت: رواية مالك هي في "الموطأ" 2/500 عن زيد بن أسلم, عن رجل من بني ضمرة, عن أبيه أنه قال: سئل ... قال ابن عبد البر: وأحسن أسانيده ما ذكره عبد الرزاق, أنبأ داود بن قيس, قال: سمعت عمرو بن شعيب يحدث عن أبيه, عن جده, قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة, فقال: "لا أحب العقوق" وكأنه كره الاسم, قالوا: يا رسول الله, ينسك أحدنا عن ولده؟ فقال: "من أحب أن ينسك عن ولده فليفعل, عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة". قلت: وهذا سند حسن, وهو في مصنف "عبد الرزاق" 7961ومن طريقه أحمد 2/182 _ 183.
وأخرجه أبو داود 2842, والنسائي 7/162 _ 163, وأحمد 2/194, والطحاوي في "شرح المشكل" 1/461, والحاكم 4/238, والبيهقي 9/300 من طرق عن داود بن قيس, به.
وفي الباب عن سلمان بن عامر الضبي رفعه "مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما, وأميطوا عنه الأذى"
وهو حديث صحيح, أخرجه أحمد 4/17 _18 و 18_ 215, والحميدي 823, والترمذي 1515, وابن ماجة 3164, والدارمي 2/81, والنسائي 7/164, والطحاوي 1/459,=(12/132)
000000000000000000000000000000000000000000000000
__________
والبيهقي 9/299, وقال الترمذي: حسن صحيح, وانظر "الفتح" 9/504 _506.
وقول ابن قدامة عن أصحاب الرأي أنهم قالوا: ليست سنة وهي من أمر الجاهلية. كذا قال, ونص الإمام محمد بن حسن في "موطئه" ص226: أما العقيقة, فبلغنا أنها كانت في الجاهلية, وقد فعلت في أول الإسلام, ثم نسخ الأضحى كل ذبح كان قبلة.
وقال الطحاوي في "مختصره" ص299: والعقيقة تطوع, من شاء فعلها, ومن شاء تركها.
وقال المنبجي في "اللباب" 2/648: باب العقيقة مباحة, من شاء فعلها, ومن شاء تركها وليس عليه لوم, ثم أورد حديث عبد الله بن عمرو "من ولد له ولد فأحب أن ينسك ... " الحديث المتقدم.
وفي "حاشية ابن عابدين" 6/336: ثم يعق عند الحلق عقيقة إباحة على ما في "الجامع المحبوبي", أو تطوعا على ما في "شرح الطحاوي".(12/133)
41 _ كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ
1 _ بَابُ آدَابِ الشُّرْبِ
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الشرب في الأقداح صد قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ
5314 _ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أخبرني بْنُ أَبِي يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ, عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ, فَسَلَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ, فَرَدَّ الرَّجُلُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي فِي سَاعَةٍ حَارَّةٍ, فَقَالَ لَهُ: "إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فِي شَنَّةٍ, فاسقناه وإلا كَرَعْنَا" وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِي حَائِطِهِ, فَقَالَ: عِنْدِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَاءٌ بَائِتٌ, فَانْطَلِقْ إِلَى الْعَرِيشِ, وَانْطَلَقَ بِهِمَا إِلَى عَرِيشَةٍ, فَسَكَبَ فِي قَدَحٍ مَاءً, ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ, فَشَرِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, ثُمَّ عَادَ فَشَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِي جاء(12/134)
مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. [1:4]
__________
1 إسناده على شرط الصحيح. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن السرح, وأبو يحيى: هو فليح بن سليمان الخزاعي ويقال: الأسلمي, احتج به البخاري وأصحاب السنن, وروى له مسلم حديثا واحدا وهو حديث الإفك, وضعفه ابن معين والنسائي وأبو داود, وقال الساجي: هو من أهل الصدق, وكان يهم, وقال الدارقطني: مختلف فيه, ولا بأس به, وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب, وهو عندي لا بأس به.
وأخرجه أحمد 3/343 و 344 و 355, وابن أبي شيبة 8/228 _229, والدارمي 2/120, والبخاري 5613 في الأشربة: باب شرب الماء باللبن, و 5621 باب الكرع في الحوض, وأبو داود 3724في الأشربة: باب في الكرع, وابن ماجة 3432 في الأشربة: باب الشرب في الأكف والكرع, والبيهقي 7/284 من طرق عن فليح بن سليمان, بهذا الإسناد.
قوله "في شن": هو القربة العتيقة, والكرع: الشرب من النهر أو الساقية بالفم من غير إناء ولا باليد. قاله ابن الأثير.(12/135)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الشُّرْبِ فِي الثَّلْمِ الَّذِي يَكُونُ فِي الأٌقداح وَالْأَوَانِي
5315 _ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنِ أَبِي سَعِيدٍ, قال: نهى رسول الله صلى الله غليه وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ ثَلْمَةِ الْقَدَحِ, وَأَنْ ينفخ في الشراب2. [3:2]
__________
2 حديث حسن, قرة بن عبد الرحمن مختلف فيه, ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وأبو داود, ووثقه المؤلف, وقال ابن عدي: =(12/135)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ أَفْوَاهِ الْأَسْقِيَةِ
5316 _ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْفُضَيْلُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْجَحْدَرِيُّ, حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, حَدَّثَنَا خَالِدٍ الْحَذَّاءِ, عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ مِنْ في السقاء, وأن يتنفس في الإناء1.
__________
لا بأس به وروى له مسلم مقرونا بغيره, وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أبو داود 3722 في الأشربة: باب في الشرب من ثلمة القدح, عن أحمد بن صالح, عن ابن وهب, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد وابنه عبد الله 3/80 عن هارون, عن وهب, عن قرة, به.
وللقسم الأول من الحديث شاهد من حديث سهل بن سعد عنه الطبراني في "الكبير" 5722. قال الهيثمي في "المجتمع" 5/78: فيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل, وهو ضعيف.
وآخر من حديث أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط". قال الهيثمي: رجاله ثقات رجال الصحيح.
وثالث من حديث ابن عباس وابن عمر, قالا: يكره أن يشرب من ثلمة القدح وأذن القدح. رواه الطبراني 11055, قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.
وأما النهي عن النفخ في الشراب, فله أكثر من شاهد, ومنها الحديث الأتي.
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. خالد الحذاء: هو خالد بن مهران.
وأخرجه مقطعا ابن ماجة3421 في الأشربة: باب الشرب من في السقاء, و03428: باب التنفس في الإناء, عن أبي بشر بكر بن خلف, عن يزيد بن زريع, بهذا الإسناد. =(12/136)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ
5317- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ, حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنِ شِهَابٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اخْتِنَاثِ الأسقية: أن يشرب من أفواهها1.
__________
= وأخرج القسم الأول منه أحمد 1/226و241و293و321و339, وابن أبي شيبة 8/207-208, والدارمي 2/118-119, والبخاري5628 في الأشربة: باب الشرب من فم السقاء, وأبو داود3819 في الشربة: باب الشرب من في السقاء, والطبراني11819و11820و11821, والبغوي3040 من طرق عن عكرمة, به.
وأخرج القسم الثاني منه الحميدي525, واحمد 1/220, وابن أبي شيبة 8/217و220-221, وأبو داود3728 في الأشربة: باب في النفخ في الشراب والتنفس فيه, والترمذي1888 في الأشربة: باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب, والبيهقي 7/284, والبغوي3035 من طريق سفيان بن عيينة, عن عبد الكريم الجزري, عن عكرمة, به. قال الترمذي: حسن صحيح.
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه مسلم2023 في الأشربة: باب في آداب الطعام والشراب وأحكامهما, عن حرملة بن يحيى, بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجة3418 في الأشربة: باب اختناث الأسقية, من طريق أبي الطاهر بن السرح, عن ابن وهب, به.
وأخرجه أحمد 3/69 من طريق عبد الله بن عتاب, عن يونس, به. =(12/137)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ شُرْبِ الْمَاءِ إِذَا كَانَ قَائِمًا
5318- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ, عَنْ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ
عَنْ جَدَّةٍ لَهُ يُقَالُ لَهَا: كَبْشَةُ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عليها,
__________
= وأخرجه عبد الرازق19599, وأحمد 3/6 و 67 و93, والدارمي 2/119, والبخاري56258و5626 في الأشربة: باب اختناث الأسقية, ومسلم2023, وأبو داود3720 في الأشربة: باب في اختناث الأسقية, والترمذي1890 في الأشربة: باب ما جاء في النهي عن اختناث الأسقية, والبيهقي 7/285, والبغوي3041 من طرق عن الزهري, به.
قال البغوي: تفسير الاختناث: ما جاء في الحديث, وهو أن يثني رأس السقاء ويعطفه, وأصل الاختناث: التكسر والانطواء, ومنه سمي المخنث لتكسره وتثنيه. وانظر"معالم السنن" 4/273, و"شرح مسلم" للنووي 13/194.
وقوله:"أن يشرب من أفواهها": جزم الخطابي فيملا نقله عنه الحافظ في"الفتح" 10/90أنه مدرج من قول الزهري.
وقال الإمام النووي في"شرح مسلم" 13/194: اتفقوا على أن النهي عن اختناثها نهي تنزيه لا تحريم, وتعقبه الحافظ في"الفتح"بقوله: وفي نقل الاتفاق نظر, ثم نقل أقوال العلماء في ذلك.
وعلة النهي لما يخشى أن يتعلق بفم السقاء من بخار النفس, أو بما يخالط الماء من ريق الشارب فيتقذره غيره, أو لأن الوعاء نفسه يفسد بذلك, وقد أخرج الحاكم 4/140 عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب من في السقاء, لأن ذلك ينتنه, وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.(12/138)
فَشَرِبَ مِنْ فَمِ قِرْبَةٍ وَهُوَ قَائِمٌ, فَقَامَتْ إليه فقطعته فأمسكته1. [1:4]
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير يزيد بن يزيد بن جابر الأزدي الدمشقي, فمن رجال مسلم.
وأخرجه الحميدي354, وأحمد 6/434, والترمذي1892 في الأشربة: باب ما جاء في الرخصة في ذلك, وفي"الشمائل"
213, وابن ماجة3423 في الأشربة: باب الشرب قائما, والطبراني 25/8, والبغوي3042 من طرق عن سفيان, بهذا الإسناد. زاد ابن ماجة"تبتغي بركة موضع في رسول الله صلى الله عليه وسلم", وعند الطبراني"فقطعت القربة ألتمس البركة بذلك".
قال النووي في"شرح مسلم" 13/194: قطعها لفم القربة فعلته لوجهين: أحدهما: أن تصون موضعا أصابه فم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن يبتذل ويمسه كل أحد, والثاني: أن تحفظه للتبرك به والاستشفاء, والله أعلم.(12/139)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ
5319- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ, وَأَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ, وَعَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ, وَزِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ, قَالُوا: حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ, حَدَّثَنَا عَاصِمٌ وَمُغِيرَةُ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ مِنْ مَاءِ زمزم وهو قائم 2.
__________
2- إسناده صحيح على شرط الشيخين من طريق أحمد بن منيع وعمرو بن زراره, وعلى شرط البخاري من طريق زياد بن أيوب. عاصم: هو ابن سليمان الأحول, ومغيرة: هو ابن مقسم الضبي. وقد تقدم الحديث برقم3849.
وأخرجه الترمذي1882في الأشربة: باب ما جاء في الرخصة في الشرب قائما, وفي"الشمائل"207عن أحمد بن منيع, بهذا الإسناد.=(12/139)
5320-أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةَ, عَنْ عَاصِمٍ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِزَمْزَمَ, فاستسقى فأتيته بالدلو, فشرب وهو قائم1. [1:4]
__________
=وأخرجه أحمد1/214, ومسلم2027119في الأشربة: باب في الشرب من زمزم قائما, والنسائي5/237 في الحج: باب الشرب من ماء زمزم, من طريق هشيم, به. وانظر ما بعده.
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم2027في الأشربة: باب: في الشرب من ماء زمزم قائما, عن محمد بن المثنى, بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي5/86 و7/282من طريق إبراهيم بن مرزوق, عن وهب بن جرير, به.
وأخرجه أحمد 1/243و 249, ومسلم2027, والبيهقي5/86 من طرق عن شعبة, به.(12/140)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي يُبِيحُهُ الْفِعْلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ
5321- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى, عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الشرب قائما2. [22:5]
__________
2- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"مسند أبي يعلى" 2867.
وأخرجه مسلم2024 في الأشربة: باب كراهية الشرب قائما, والبيهقي7/281-282 من طريق هدبة بن خالد, بهذا الإسناد.
=(12/140)
ذِكْرُ تَرْكِ إِنْكَارِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَاعِلِ الْفِعْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
5322- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُونُسَ بْنِ وَابِلِ بْنِ الْوَضَّاحِ اللُّؤْلُؤِيُّ, وَسَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ سَلْمٍ الْكُوفِيَّانِ, قَالَا: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابن عُمَرَ, قَالَ: كُنَّا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَأْكُلُ وَنَحْنُ نَمْشِي, ونشرب ونحن قيام1. [22:5]
__________
= وأخرجه الدارمي2/120-121, والطحاوي4/272 من طرق عن همام بن يحيى, به.
وأخرجه الطيالسي2000, وأحمد 3/118و182و214و247, وابن أبي شيبة8/206, ومسلم2024, وأبو داود3717في الأشربة: باب الشرب قائما, والترمذي1879في الأشربة: باب ما جاء في النهي عن الشرب قائما, وابن ماجة3424في الأشربة: باب الشرب قائما, والطحاوي4/272, وأبو يعلى2973و3165و3195, والبيهقي 7/281-282من طرق عن قتادة, به.
زاد بعضهم: قال قتادة: فالأكل؟ قال: ذلك أشر, أو أخبث.
1- إسناده صحيح, هشام بن يونس روى له الترمذي, وسلم بن جنادة روى له الترمذي وابن ماجة, وكلاهما ثقة, ومن فوقهما ثقات من رجال الشيخين. وقد تقدم الحديث برقم5243.
وأخرجه الترمذي1880في الأشربة: باب النهي عن الشرب قائما, وابن ماجة3301في الأطعمة: باب الأكل قائما, عن سلم بن جنادة, بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة8/205-206, وعن أحمد2/108, والدارمي2/120عن حفص بن غياث, به. وانظر5325.(12/141)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَشْرَبَ الْمَرْءُ وَهُوَ غَيْرُ قَاعِدٍ
5323- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما1. [36:2]
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو مكرر5321.(12/142)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا نُهِيَ عَنِ هَذَا الْفِعْلِ
5324- أَخْبَرَنَا السَّامِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ, قَالَ: حدثنا عبد الرازق, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ رَجُلٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ الَّذِي يَشْرَبُ وهو قائم ما في بطنه, لاستقاء" 2.
__________
2- حديث صحيح, إسناده ضعيف لجهالة الراوي عن أبي هريرة, وهو عند أحمد في"المسند" 2/283.
وأخرجه عبد الرازق19588, ومن طريقه البيهقي 7/282 عن معمر, عن الزهري, عن أبي هريرة. . .فذكره. وهذا سند منقطع, فإن الزهري لم يسمع من أبي هريرة.
لكن أخرج البزار2897 عن زهير بن محمد البغدادي, عن عبد الرازق, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة, عن أبي هريرة. . . وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين غير زهير بن محمد البغدادي شيخ البزار, وهو ثقة من شيوخ ابن ماجة. وقول البزار: لا نعلم رواة بهذا السند إلا معمر, ولا عنه إلا عبد الرازق مردود بالرواية التالية عند المصنف وغيره من طريق عبد الرزاق.=(12/142)
أَخْبَرَنَا السَّامِيُّ فِي عَقِبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرازق, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنِ الْأَعْمَشِ1, عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل حديث الزهري2. [36:2]
__________
=وأورده الهيثمي في"المجمع"5/79 وقال: رواه أحمد بإسنادين والبزار وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح.
وقال الهيثمي بإثر رواية البزار في"كشف الأستار": قلت: له في الصحيح:"لا يشربن أحدكم قائما, فمن نسي فليستقى".
قلت: وهو عند مسلم2026 عن عبد الجبار بن العلاء, عن مروان الفزاري, عن عمر بن حمزة, عن غطفان المري, أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . فذكره.
1- في الأصل: الزهري, وهو خطأ من الناسخ, والتصويب من"التقاسيم" 2/لوحة167.
2- إسناده صحيح على شرط الشيخين, وهو مكرر ما قبله. وهو في"مصنف عبد الرازق"19589, و"مسند أحمد" 2/283.
وأخرجه الطحاوي في"مشكل الآثار" 3/18, والبيهقي 7/282 من طريق عبد الرزاق, بهذا الإسناد. زاد الطحاوي: فبلغ علي بن أبي طالب, فقام فشرب قائما.(12/143)
ذِكْرُ تَرْكِ الْإِنْكَارِ عَلَى مُرْتَكِبِ هَذَا الْفِعْلِ
5325- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الرَّيَّانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ(12/143)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ وَنَحْنُ نَمْشِي, وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ قِيَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1. [36:2]
__________
1- إسناده صحيح, وهو مكرر5322.(12/144)
ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْفِعْلَ الْمَزْجُورَ عَنْهُ
5326- أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ, عَنْ زَائِدَةَ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ, قَالَ:
حَدَّثَنِي النَّزَّالُ بْنُ سَبْرَةَ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ عَلِيٍّ الظُّهْرَ, ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الرَّحْبَةِ, قَالَ: فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ, فَأَخَذَهُ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ, وَمَسَحَ وجه وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ وَقَدَمَيْهِ, ثُمَّ شَرِبَ فَضْلَهُ وَهُوَ قَائِمٌ, ثُمَّ قَالَ: إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ أَنْ يَشْرَبُوا وَهُمْ قِيَامٌ, إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتُ وقال: هذا وضوء من لا يحدث2. [36:2]
__________
1- إسناده صحيح, وهو مكرر5322.
2- إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله رجال الشيخين غير النزال بن سبرة فمن رجال البخاري. حسين بن علي: هو ابن الوليد الجعفي, وزائدة: هو ابن قدامة الثقفي, ومنصور: هو ابن المعتمر. وقد تقدم الحديث برقم1057و1058.(12/144)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ لِمَنْ أراد الشرب
...(12/144)
عَنْ أَبِي الْمُثَنَّى الْجُهَنِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ, فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ, فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنِ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ؟ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: نَعَمْ, قَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي لَا أَرْوَى مِنْ نَفَسٍ وَاحِدٍ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَبِنِ الْقَدَحَ عَنْ فِيكَ, ثُمَّ تَنَفَّسْ", قَالَ: فَإِنِّي أَرَى القذاة فيه قال:"فأهرقها" 1. [3:2]
__________
1 إسناده صحيح. أبو المثنى روي عنه اثنان, ووثقه ابن معين في رواية إسحاق بن منصور, وذكره المؤلف في"الثقات".
وهو في"الموطأ" 2/925 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب النهي عن الشراب في أنية الفضة والنفخ في الشراب.
ومن طريق مالك أخرجه ابن أبي شيبة 8/220وأحمد3/26و32, والدارمي 2/119, والترمذي1887 في الأشربة: باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب, والبغوي3036. وصححه الحاكم 4/139 ووافقه الذهبي, وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الدارمي 2/122 من طريق مالك, إلى قوله"نعم".
وأخرجه أحمد 3/68-69 عن يونس وسريج, عن فليح, عن أيوب, به.
قال الزرقاني في"شرح الموطأ" 4/293: والأمر بإبانة القدح إنما يخاطب به من لم يرو من نفس واحد بغير عب, وإلا فلا إبانة, قاله في"المفهم" وفي"التمهيد" 1/392 عن مالك: فيه إباحة الشرب من نفس واحد, لأنه لم ينه الرجل عنه, بل قال له ما معناه: إن كنت لا تروي من واحد, فأين القدح, وقيل: يكره مطلقا, لأنه شرب الشيطان, ولأنه من فعل البهائم, قال ابن عبد البر: وقد رويت آثار عن بعض السلف فيها كراهة الشرب في نفس واحد, وليس فيها شيء تجب به الحجة.(12/145)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ التَّنَفُّسِ فِي الْإِنَاءِ عِنْدَ الشُّرْبِ لِلشَّارِبِ
5328- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ, عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ, عَنْ هِشَامٍ, عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ, حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ
عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ, فَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الإناء" 1. [3:2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله رجال الشيخين غير مسدد فمن رجال البخاري. هشام: هو الدستوائي. وقد تقدم5228.
والنهي عن التنفس في الشرب كالنهي عن النفخ في الطعام والشراب من أجل أنه قد يقع فيه شيء من الريق ويتقذره, إذ كان التقذر في مثل ذلك عادة غالبة على طباع أكثر الناس.(12/146)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ التَّنَفُّسُ عِنْدَ شُرْبِهِ لِيَكُونَ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَهَائِمِ فِيهِ
5329- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ, عَنْ عزوة بْنِ ثَابِتٍ, عَنْ ثُمَامَةَ
عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَنَفَّسُ في الإناء ثلاثا2. [1:4]
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. ثمامة: هو ابن عبد الله بن أنس بن مالك. وهو في"مصنف ابن أبي شيبة" 8/219.
وأخرجه أبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص223 عن أبي يعلى, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم2028 في الأشربة: باب كراهة التنفس في الإناء, عن ابن أبي شيبة, به. =(12/146)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5330- أَخْبَرَنَا ابْنُ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ بِتُسْتَرَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بن الحكم بن أبي عروة, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِصَامٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا شَرِبَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ, وَقَالَ: "هُوَ أَهْنَأُ وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ" 1. [1:4]
__________
=وأخرجه أحمد 3/119, ومسلم2028122, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 1/156, وأبو الشيخ ص223 من طريق وكيع, به.
وأخرجه أحمد 1/114, والبخاري5631 في الأشربة: باب الشرب بنفسين أو ثلاثة, والترمذي1884 في الأشربة: باب ما جاء في التنفس في الإناء, وفي"الشمائل"214, وابن ماجة3416 في الأشربة: باب الشرب بثلاثة أنفاس, وأبو الشيخ ص222ووالبيهقي7/284 من طرق عن عروة بن ثابت, به. وانظر ما بعده.
قوله"كان يتنفس في الإناء" معناه: أنه كان يتنفس في حالة الشرب من الإناء ثلاثا, خارج الإناء لا فيه.
1 حديث صحيح, الحسين بن أبي زيد: هو أبو علي الدباغ, ذكره المؤلف في"الثقات" 8/191 وأرخ وفاته سنة254, وروى عنه جمع كما في"تاريخ بغداد" 8/110, والحسن بن الحكم بن أبي عزة: هو ابن الطهمان النخاعي, وإن كان فيه لين ما قد توبع, ومن فوقهما ثقات.
وأخرجه الخطيب في"التاريخ" 8/110 من طريقين عن الحسين بن أبي زيد, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/118-119—و185و211و251, ومسلم2028 في الأشربة: باب كراهة التنفس في الإناء, وأبو داود3727 في الأشربة:(12/147)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَكْلِ الْمَرْءِ وَشُرْبِهِ بِشِمَالِهِ قَصْدًا لِمُخَالَفَةِ الشَّيْطَانِ فِيهِ
5331- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ سَالِمٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِشِمَالِهِ, وَلَا يَشْرَبْ بِشِمَالِهِ, فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ, وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ"
فَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ" يَا أَبَا عُرْوَةَ, إِنَّ الزُّهْرِيَّ رَوَى هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ, فَقَالَ مَعْمَرٌ: إِنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ عَنِ النَّفْرِ, فَلَعَلَّ هذا منه1. [3:2]
__________
= باب في الساقي متى يشرب, والترمذي1884 في الأشربة: باب ما جاء في التنفس في الإناء, وفي"الشمائل"211, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 1/446, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص223, والبيهقي 7/284, من طريقين عن أبي عصام, به. وأبو عصام: هو المزني البصري, روى عنه شعبة وهشام الدستوائي, وعبد الوارث بن سعيد, وذكره المؤلف في"الثقات", وروى له مسلم هذا الحديث, وهو غير أبي عصام خالد بن عبيد, فإن هذا متروك. وقال الترمذي: حسن غريب.
قوله"أبرأ" من البراءة أو من البرء, أي يبرئ من الأذى والعطش, و"أمرأ" من المراءة, يقال: مرأ الطعام, بفتح الراء, يمرأ بفتحها ويجوز كسرها, صار مريا.
1 إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الشيخين غير نوح بن حبيب, وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي, أبو عروة: كنية معمر, وقد تقدم برقم5226.(12/148)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ اسْتِعْذَابِ الْمَرْءِ الْمَاءَ لِيَشْرَبَهُ إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ فِيهِ الْمِيَاهُ غَيْرُ عَذْبَةٍ
5332- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ بِفَمِّ الصِّلْحِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْجَرْجَرَائِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُسْتَعْذَبُ لَهُ الْمَاءُ مِنْ بيوت السقيا1. [1:4]
__________
1 إسناده قوي, محمد بن الصباح الجرجرائي روى له أبو داود وابن ماجه, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير الدراوردي- وهو عبد العزيز بن محمد- فقد روى له البخاري مقرونا وتعليقا, وقد توبع.
وأخرجه أحمد 6/108, وأبو داود3735 في الأشربة: باب إيكاء الآنية, وعمر بن شبة في"تاريخ المدينة" 1/158, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص227, وأبو نعيم في"أخبار أصبهان" 2/125, والحاكم 4/183, والبغوي3049 من طرق عن الدراوردي, بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي, وجود الحافظ إسناده في"الفتح" 10/74.
وأخرجه أبو الشيخ ص228, ومن طريقه البغوي3050 من طريق محمد بن المنذر, عن هشام بن عروة, بهولفظه: كان يستعذب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء من السقيا. والسقيا من طرف الحرة عند أرض بني فلان.
قلت: الحرة أرض بضواحي المدينة ذات حجارة سود, وطرفها آخرها وبنو فلان: هم بنو زريق من الأنصار.
قلت:" وفي"مغازي الواقدي" 1/21 وهو يتحدث عن مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه حتى انتهى إلى نقب بني دينار, ثم=(12/149)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ أُتِيَ بِشَرَابٍ, فَشَرِبَهُ وَهُوَ فِي جَمَاعَةٍ وَأَرَادَ مُنَاوَلَتَهُمْ أَنْ يَبْدَأَ بِالَّذِي عَنْ يَمِينِهِ
5333- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ, وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ, فَشَرِبَ, ثُمَّ أعطى الأعرابي, وقال: "الأيمن فالأيمن" 1. [93:1]
__________
= نزل البقع, وهي بيوت السقيا- البقع: نقب بني دينار بالمدينة, والسقيا متصل ببيوت المدينة- يوم الأحد لاثنتي عشرة خلت من رمضان, فضرب عسكره هناك, وعرض المقاتلة, فعرض عبد الله بن عمر, وأسامة بن زيد, ورافع بن خديج, والبراء بن عازب, واسيد بن ظهير, وزيد بن أرقم, وزيد بن ثابت, فردهم ولم يجزهم. . . وفيه أن النبي أمر أصحابه أن يستقوا من بئرهم يومئذ, وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ماء بئرهم. ثم قال: فحدثني عبد العزيز بن محمد, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ستعذب له من بيوت السقيا بعد ذلك.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/926 في صفة النبي صلى الله عليه وسلم: باب السنة في الشراب ومناولته عن اليمين.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 3/113, والبخاري5619 في الأشربة: باب الأيمن فالأيمن, ومسلم 2029 في الأشربة: باب استحباب إدارة الماء باللبن, وأبو داود3726 في الشربة: باب في الساقي متى يشرب, والترمذي1893 في الأشربة: باب ما جاء في أن الأيمنين أحق بالشراب, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص225, والبغوي3051.
وأخرجه كذلك وبأطول منه أحمد 3/110و231, والبخاري5612 في الأشربة: باب شرب الماء باللبن, ومسلم2029125, والبيهقي=(12/150)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ أُتِيَ بِالْمَاءِ لِيَشْرَبَهُ أَنْ يُنَاوِلَ مَنْ عَنِ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ عَنْ يَسَارِهِ الْأَفْضَلُ وَالْأَجَلُّ
5334- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيِّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَبَنٍ وَقَدْ شِيبَ بِمَاءٍ وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ, وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ, فَشَرِبَ, ثُمَّ أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ, وقال: "الأيمن فالأيمن" 1. [78:1]
__________
=7/285, والبغوي3053 من طرق عن الزهري, بهذا الإسناد.
وأخرجه بأطول مما هنا أحمد 3/239, والبخاري2571 في الهبة: باب من استسقى, ومسلم2029126, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص225 من طرق عن أبي طوالة عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَنَسِ بن مالك. وانظر5336و5337.
1إسناده حسن من أجل هشام بن عمار, ومتنه صحيح, وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه ابن ماجة3425 في الأشربة: باب إذا شرب أعطى الأيمن فالأيمن, عن هشام بن عمار, بهذا الإسناد.
قوله: "الأيمن فالأيمن" في إعرابه وجهان, أحدهما: نصب النون على إضمار"ناول الأيمن" أو"عليك بالأيمن" ورفعها على معنى الابتداء, وأي: الأيمن, أولى.(12/151)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَعْمَلُ الْمَرْءُ إِذَا أُتِيَ بِشَرَابٍ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ أَرَادَ شُرْبَهُ وَسَقْيَهُمْ مِنْهُ
5335- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ(12/151)
عَنْ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أتي بشارب وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ, وَعَنْ يَسَارِهِ الْأَشْيَاخُ, فَقَالَ لِلْغُلَامِ: "أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ هَؤُلَاءِ"؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ, لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِي مِنْكَ أَحَدًا, قَالَ: فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في يده1. [8:5]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو حازم بن دينار: اسمه سلمة. وهو في"الموطأ" 2/926-927.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد5/333و338, والبخاري5620 في الأشربة: باب هل يستأذن الرجل من عن يمينه في الشرب, ومسلم2030 في الأشربة: باب استحباب إدارة الماء باللبن, والطبراني 5769, والبيهقي 7/286, والبغوي3054.
وأخرجه الطبراني5780و5815و5891و5948و5957و5989و6007 من طرق عن أبي حازم, به.
وقوله"فتله في يده" أي: دفعه إليه, وأصل التل: الإلقاء والصرع, ومنه قوله تعالى: {وتُله للجٍُبين} أي: ألقاه وصرعه, وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عند أحمد 2/502"أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فتلت في يدي".(12/152)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
5336- أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ, عَنِ الزُّهْرِيِّ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ لَبَنًا, عَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ,(12/152)
وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ, فَأَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ, وقال: "الأيمن فالأيمن" 1. [8:5]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. عبد الرحمن بن إبراهيم من شيوخ البخاري, ومن فوقه من رجال الشيخين. وقد تقدم برقم5333 و5334.
وأخرجه أبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص224, ومن طريق البغوي3052 من طريق مسكين بن بكير, عن الأوزاعي, بهذا الإسناد. وفيه عنده(12/153)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ كَانَ مَشُوبًا بِالْمَاءِ حَيْثُ سَقَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5337- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ وَعِدَّةٌ, قَالُوا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيِّ
عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِلَبَنٍ وَقَدْ شِيبَ بِمَاءٍ, وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ, وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ, فشرب النبي صلى الله عليه وسلم, ثم أَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ, وَقَالَ: "الْأَيْمَنُ فَالْأَيْمَنُ" 2. [8:5]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَانِ الْفِعْلَانِ كَانَا فِي مَوْضِعَيْنِ, وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِيَ خَبَرِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أُتِيَ بِشَرَابٍ, وَعَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامٌ, وَاسْتَأْذَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقْيِهِمْ دُونَهُ, وَفِي خَبَرِ أَنَسٍ أُتِيَ بِلَبَنٍ وقد شيب بالماء, وعن يمينه أعرابي,
__________
2صحيح, وهو مكرر5337.(12/153)
وَلَمْ يَسْتَأْذِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَ فِي خَبَرِ سَهْلٍ, فَدَلَّكَ مَا وَصَفْتُ عَلَى أَنَّهُمَا فِعْلَانِ مُتَبَايِنَانِ فِي مَوْضِعَيْنِ لَا في موضع واحد1.
__________
1 قال العلماء: وإنما استأذن الغلام ولم يستأذن الأعرابي استئلافا لقلب الأعرابي, وتطييبا لنفسه, وشفقة أن يسبق إلى قلبه شيء يهلك به لقرب عهده بالجاهلية, ولم يجعل للغلام ذلكقلت: هو ابن عباس كما عند ابن أبي شيبة وغيره لأنه لقرابته وسنه دون الأشياخ, فاستأذنه تأدبا, ولئلا يوحشهم بتقديمه عليهم, وتعليما بأنه لا يدفع لغير الأيمن إلا بإذنه.
وقال الحافظ في"الفتح" 10/89: وفي الحديث أن سنة الشرب العامة تقديم الأيمن في كل موطن, وأن تقديم الذي على اليمين ليس لمعنى فيه, بل لمعنى في جهة اليمين وهو فضلها على جهة اليسار, فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحا لمن هو على اليمين بل هو ترجيح لجهته.
قلت: وأخرج أبو يعلى في"مسنده"2425 عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم, حدثنا عبد الله بن المبارك, حدثنا خالد الحذاء, عن عكرمة, عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سقى, قال: "ابدؤوا بالكبير, أو قال: بالأكابر".
وهذا سند صحيح, محمد بن عبد الرحمن بن سهم وثقه ابن حبان 9/87, والخطيب في"تاريخه" 2/310, وروى عنه جمع, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عكرمة فمن رجال البخاري.
وقوي الحافظ سنده في"الفتح" 10/89.(12/154)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْقَوْمِ إِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى مَاءٍ وَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَسْقِيَهُمْ أَنْ يَبْدَأَ بِهِمْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ آخِرَهُمْ شُرْبًا
5338- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَمَّادَانِ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ(12/154)
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ" 1. [92:1]
__________
1 إسناده صحيح, رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج السامي, فقد روى له النسائي, وهو ثقة.
وأخرجه أبو الشيخ في"الأمثال"183 عن أبي يعلى, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/298, والدارمي 2/122 من طريقين عن حماد بن سلمة, به.
وأخرجه أحمد 5/303, والترمذي1894 في الأشربة: باب ساقي القوم آخرهم شربا, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 9/245, وابن ماجة3434 في الأشربة: باب ساقي القوم آخرهم شربا, وأبو الشيخ184 من طرق عن حماد بن زيد, به. قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/231-232, والدارمي 2/122, ومسلم681 في المساجد: باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيلها, من طرق عن سليمان بن المغيرة, عن ثابت, به.
وأخرجه أحمد 5/298-299و305, وأبو الشيخ182و186و187 من طرق عن عبد الله بن رباح, به.
وأخرجه الطبراني في"المعجم الصغير"871 من طريق قتيبة, عن حماد بن زيد, عن أيوب, عن عبد الله بن أبي قتادة, عن أبيه. وقال: لم يروه عن أيوب إلا حماد, تفرد به قتيبة.
وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى عند أحمد 4/354و382, وابن أبي شيبة 8/231, وأبي داود3725. قال الهيثمي في"المجمع" 5/83: رجاله ثقات.
وعن المغيرة بن شعبة عند القضاعي في"الشهاب"87ووالطبراني في"الأوسط" 1196. قال الهيثمي: رجاله ثقات, إلا أن ثابتا لم يسمع من المغيرة, والله أعلم.=(12/155)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الشُّرْبِ فِي أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِمَنْ يَأْمَلُ الشُّرْبَ مِنْهُمَا فِي الْجِنَّانِ
5339- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي فَرْوَةَ الْجُهَنِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُكَيْمٍ, قَالَ: اسْتَسْقَى حُذَيْفَةُ مِنْ دِهْقَانٍ بِالْمَدَائِنِ, فَأَتَاهُ بِشَرَابٍ فِي إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ, فَحَذَفَهُ بِهَا, فَهِبْنَا حُذَيْفَةَ أَنْ نُكَلِّمَهُ فَلَمَّا سَكَنَ الْغَضَبُ عَنْهُ, قَالَ: أَعْتَذِرُ [إِلَيْكُمْ مِنْ هَذَا, إِنِّي كُنْتُ تَقَدَّمْتُ] 1 إِلَيْهِ أَنْ لَا يَسْقِيَنِي فِي هَذَا [ثُمَّ قَالَ:] 1 إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا خَطِيبًا قَالَ: "لَا تَشْرَبُوا فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ وَلَا الذَّهَبِ, وَلَا تَلْبَسُوا الْحَرِيرَ وَالدِّيبَاجَ فَإِنَّهُ لَهُمْ في الدنيا ولكم في الآخرة" 2. [3:2]
__________
=وعن أنس عند أبي الشيخ في"أخلاق النبي" ص224 ومن طريقه البغوي3056 وفيه أبو إسحاق الحميسي خازم بن الحسين, ويزيد القاشي, وهما ضعيفان.
1 ما بين الحاصرتين سقط من الأصل"والتقاسيم" 2/لوحة70, واستدرك من ومسند الحميدي, وغيره.
2 إسناده صحيح, إبراهيم بن بشار الرمادي روى له أبو داود والترمذي وهو ضابط متقن صحب سفيان بن عيينة سنين كثيرة وسمع أحاديثه مرارا, وقد توبع عليه, ومن فوقه من رجال الشيخين غير عبد اله بن عكيم- وله صحبة- فمن رجال مسلم. أبو فروة: اسمه مسلم بن سالم.
وأخرجه الحميدي440, مسلم2067 في اللباس والزينة: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة, والخطيب في"تاريخه" 10/3 من طريق سفيان, بهذا الإسناد.(12/156)
قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ حَدَّثَنَا بِهِ أَوَّلًا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ1, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنِ ابْنِ أَبِي ليلة, عَنْ حُذَيْفَةَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ يَزِيدَ بْنِ أبي زياد, عن ابن أبي ليلة, عَنْ حُذَيْفَةَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ مِنْ أَبِي فَرْوَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُكَيْمِ, قَالَ سفيان: ولا أظن ابن أبي ليلة سمعه إلا من عبد اله بن عكيم, لأنه قد أدرك الجاهلية2.
__________
1 تحرف في الأصل و"التقاسيم" إلى ابن جريج, والمثبت من مصادر التخريج.
2 النص بتمامه عند مسلم2067 حدثني عبد الجبار بن العلاء, حدثنا سفيان.. فذكره.
وأخرجه النسائي 8/198-199 في الزينة: باب النهي لبس الديباج, وابن الجارود865 عن ابن المقرئ, عن سفيان, حدثنا ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ أَبِي ليلة, ويزيد بن أبي زياد, عن ابن أبي ليلة, وأبو فروة, عن عبد الله بن عكيم, كلاهماابن أبي ليلة وعبد الله بن عكيم عن حذيفة. . .
وقال الحميدي بأثر الحديث440: قال سفيان: حدثنا ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عبد الرحمن بن أبي ليلة, قال: كنا مع حذيفة. .فذكر مثله سواء.
وأخرجه البخاري5837 في اللباس: باب افتراش الحرير, والبيهقي1/28 من طريقين عن وهب بن جرير بن أبي حازم, عن أبيه, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, عن عبد الرحمن بن أبي ليلة, به.
وأخرجه أحمد 5/397, والدارمي 2/121, والبخاري5426 في الأطعمة: باب الأكل في إناء مفضض, و5633 في الأشربة: باب أنية=(12/157)
5340- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ, قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سُلَيْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدِ بْنِ مُقَرِّنٍ, قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبِ, فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَبْعٍ: عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ, وَعَنِ الْمَيَاثِرِ, والقسي, وعن لبس الديباج والحرير والإستبرق, عن الشرب في
__________
=الفضة, ومسلم2067, وابن ماجة3414 في الأشربة: باب الشرب في آنية الفضة, والبغوي3031 من طريق عن مجاهد, عن ابن أبي ليلة, به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/210 عن عبد الرحيم بن أبي سليمان, عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ, عَنْ ابْنِ أَبِي ليلة, به.
وأخرجه أحمد 5/385, والبخاري56329 في الأشربة: باب الشرب في آنية الذهب, 5381 في اللباس: باب لبس الحرير للرجال, ومسلم2067 وأبو داود3723 في الأشربة: باب الشراب في آنية الذهب والفضة, والترمذي1878 في الأشربة: باب ما جاء في كراهية الشرب في آنية الفضة والذهب من طرق عن شعبة, عن الحكم, عن ابن أبي ليلة, به.
وأخرجه أحمد5/390 عن يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية, عن أبيه, عن الحكم, به.
وأخرجه عبد الرزاق19928 عن معمر, عن قتادة, قال: استسقى حذيفة. . . وانظر3519.
والدهقان: هو كبير القرية بالفارسية, والمدائن: بلد كبير على دجلة, تقع جنوب بغداد, بينهما وبين بغداد21 ميلا, كانت مسكن ملوك الفرس, وبها إيوان كسرى المشهور, وكان فتحها على يد سعد بن أبي وقاص في خلافة عمر سنة ست عشرة, وقيل: قبل ذلك, وكان حذيفة عاملا عليها في خلافة عمر, ثم عثمان, إلى أن مات بعد قتل عثمان.(12/158)
الفضة1. [34:2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري, علي بن الجعد من رجال البخاري, ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم2066 في اللباس: باب تحريم استعمال أواني الذهب, من طريقين عن زهير بن معاوية, بهذا الإسناد
وأخرجه أحمد 4/284و287و299, وابن أبي شيبة 8/210-21, والبخاري1239 في الجنائز: باب الأمر بإتباع الجنائز, و5175 في النكاح: باب حق إجابة الوليمة, و5635 في الأشربة: باب آنية الفضة, و5650 في المرضى: باب وجوب عيادة المرضى, و5838 في اللباس: باب لبس القسي, و5849: باب المثيرة الحمراء, و5863: باب خواتيم الذهب, و6222 في الأدب: باب تشميت العاطس إذا حمد الله, ومسلم2066, والترمذي2809 في الأدب: باب ما جاء في كراهية لبس المعصفر, والنسائي8/201 في الزينة: باب النهي عن الثياب القسية, والبيهقي1/27, والبغوي1406 من رق عن أشعث بن سليم, به. قال الترمذي: حسن صحيح, وزادوا: أمرنا بسبع: أمرنا بعيادة المريض, وإتباع الجنازة, وتشميت العاطس, وإبرار القسم, ونصر المظلوم, وإجابة الداعي, وإفشاء السلام.
قوله"المياثر":جمع ميثرة, وهي من مراكب العجم, تعمل من حرير أو ديباج, والقسي: ثياب مضلعة يجاء بها من مصر فيها الحرير.
والديباج والإستبرق: صنفان نفيسان من الحرير.
قال الخطابي: هذه الخصال السبع مختلفة المراتب في حكم العموم والخصوص, وفي حكم الوجوب, فتحريم خاتم الذهب وما ذكر معه من لبس الحرير والديباج خاصة للرجال دون النساء, وتحريم آنية الفضة عام في حق الكل, لأنه من باب السرف والمخيلة.
قلت: ويرخص لبس الحرير للرجال بحكة أو علة يخففها لبسه, والجمهور على جواز لبس ما خالطه الحرير إذا كان غير الحرير الأغلب.(12/159)
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِلشَّارِبِ فِي أَوَانِي الْفِضَّةِ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِنَهْيِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5341- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ, قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي إِنَاءِ الْفِضَّةِ, فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم" 1. [109:2]
__________
1 إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الشيخين غير نوح بن حبيب, وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي.
وأخرجه أحمد 6/306, ومسلم2065 في اللباس: باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب, من طريق يحيى القطان, بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/209, وعنه مسلم2065 عن عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمر, به.
وأخرجه أحمد 6/300-301و302و304, والطيالسي1601, والدارمي2/121, وابن الجعد 3137, ومسلم2065, وابن ماجة3413 في الأشربة: باب الشرب في آنية الفضة, والطبراني 23/633و634و635 من طرق عن نافع, به. ولفظ مسلم"إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب ... ", وقال بعد إن رواه من طرق عن نافع: وليس في حديث أحد منهم ذكر الأكل والذهب إلا في حديث ابن مسهر.
قلت: حديث ابن مسهر رواه مسلم عن ابن أبي شيبة والوليد بن شجاع عنه, وقال البيهقي 1/27: وقد رواه غير مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة والوليد بن شجاع دون ذكرهما, والله أعلم. =(12/160)
5342- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي جَوْفِهِ نَارَ جَهَنَّمَ" 1. [63:2]
__________
=وأخرجه عبد الرزاق19926, والطبراني23/392 من طريقين عن أم سلمة.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ"2/924-925 في صفة النبي صلى اله عليه وسلم: باب النهي عن الشراب في آنية الفضة والنفخ في الشراب.
ومن طريق مالك أخرجه علي بن الجعد3144, والبخاري5634 في الأشربة: باب آنية الفضة, ومسلم2065 في اللباس: باب تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الشرب, والطبراني 23/927, والبيهقي 1/27, والبغوي3030.
قلت: وليس عند مالك ولا عند من أخرج الحديث من طريقه ذكر للذهب لكن أخرج مسلم20652 عن يزيد, والطبراني 23/995 من طريق محمد بن المثنى, كلاهما عن أبي عاصم, عن عثمان بن مرة, عن عبد الله بن عبد الرحمن, عن أم سلمة, وذكر فيه الذهب.
قوله"إنما يجرجر", قال النووي في"شرح مسلم"14/27-28: اتفق العلماء من أهل الحديث واللغة والغريب وغيرهم على كسر الجيم الثانية من"يجرجر" واختلفوا في راء النار, فنقلوا فيها النصب والرفع, والنصب هو الصحيح المشهور الذي جزم به الأزهري وآخرون من المحققين, ورجحهالزجاجي والخطابي والأكثرون, ويؤيده الرواية الثالثة وهي عند مسلم20652.(12/161)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ
5343- أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْجَرَّاحُ بْنُ مَخْلَدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الْأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي وَائِلٍ
أَنَّ حُذَيْفَةَ اسْتَسْقَى, فَأَتَاهُ الْخَادِمُ بِقَدَحٍ مُفَضَّضٍ, فَرَدَّهُ وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "هُوَ لَهُمْ فِي الدنيا, ولنا في الآخرة" 1. [109:2]
***
__________
=وأما معناه, فعلى رواية النصب: الفاعل هو الشارب, مضمر في"يجرجر", أي: يلقيها في بطنه بجرع متتابع يسمع له جرجرة, وهو الصوت لتردده في حلقه.
وعلى رواية الرفع: تكون النار فاعله, ومعناه: تصوت النار في بطنه, والجرجرة: هي التصويت, وسمى المشروب نارا لأنه يؤول إليها كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً} .
1 إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الصحيح غير الجراح بن مخلد, فقد روى له الترمذي وهو ثقة. أبو قتيبة: هو سلم بن قتيبة, وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة, وقد تقدم مطولا5339.
وأخرجه أبو نعيم في"الحلية" 5/58, والخطيب في"تاريخه" 11/421-422 من طريقين عن محمد بن طلحة اليامي, عن الأعمش, بهذا الإسناد.(12/162)
2-فَصْلٌ فِي الْأَشْرِبَةِ
5344- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ السُّحَيْمِيُّ, قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَمْرُ مِنْ هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة" 1.
__________
1 حديث صحيح, إسناده حسن على شرط مسلم. عكرمة بن عمار صدوق يغلط, وقد توبع
وأخرجه أحمد2/526, وفي الأشربة: باب بيان أن جميع ما ينبذ مما يتخذ من النخل والعنب يسمى خمرا, والترمذي1875 في الشربة: باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر, وابن ماجة3378 في الأشربة: باب ما يكون منه الخمر, والطحاوي 4/211 من طرق عن عكرمة بن عمار, بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد2/279و408و409و474و496و517-518و518, وفي"الأشربة"137و155و215, وعبد الرزاق17053, وابن أبي شيبة 8/109, ومسلم198513و14و15, والترمذي1875, وأبو داود3678 في الأشربة: باب الخمر مما هي, والنسائي 8/294 في الشربة: باب تأويل قول الله تعالى: {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً} , والدارمي 2/113, والطحاوي4/211, والبيهقي 8/289-290و290 من طرق عن أبي كثير, به.(12/163)
أَبُو كَثِيرٍ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أذينة1. [67:2]
__________
1 وكذا سماه في"الثقات" 5/539, وجاء في"التقريب": أبو كثير السحيمي بمهملتين مصغر, الغبري بضم المعجمة وفتح الموحدة, اليامي الأعمى, قيل: هو يزيد بن عبد الرحمن, قيل: يزيد بن عبد الله بن أذينة أو ابن غفيلة بمعجمه وفاء مصغرا: ثقة من الثالثة.(12/164)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَيْنِ الْعَدَدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنَ النَّخْلَةِ وَالْعِنَبَةِ لَمْ يُرِدْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِبَاحَةَ مَا وَرَاءَهُمَا مِنْ سَائِرِ الْأَشْرِبَةِ
5345- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْبِتْعِ, قَالَ: "كُلُّ شَرَابٍ أسكر حرام" 2.
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/845 في الأشربة: باب تحريم الخمر.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد6/190, وفي"الأشربة" 2, والبخاري5585 في الأشربة: باب الخمر من العسل وهو البتع, ومسلم200167 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام, وأبو داود3682 في الأشربة: باب النهي عن المسكر, والترمذي1863 في الشربة: باب ما جاء كل مسكر خمر, والنسائي 8/298 في الشربة: باب تحريم كل شراب أسكر, والدارمي 2/113, والدارقطني 4/251, والطحاوي 4/216, والبيهقي 8/291, والبغوي3008. وأخرجه أحمد 6/36و96- 97و225-226, وفي"الأشربة"1 و42, والطيالسي1478, وعبد الرزاق17002 والشافعي 2/92, وابن أبي شيبة 8/100-101, والبخاري242 في الوضوء: باب =(12/164)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَسْقِي مُدْمِنَ الْخَمْرِ مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ فِي النَّارِ تعوذ بِاللَّهِ مِنْهَا
5346- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى الْفُضَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ, عَنْ أَبِي حَرِيزٍ, أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ حَدَّثَهُ
عَنْ أَبِي مُوسَى, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ:
__________
=لا يجوز الوضوء بالنبيذ ولا المسكر, و5586 في الأشربة, ومسلم200169, وأبو داود3682, والنسائي 8/297و298 في الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر, وابن ماجة3386 في الأشربة: باب كل مسكر حرام, وابن الجارود855, والدارقطني 4/251, والطحاوي 4/216, والبيهقي 1/8-9و8/219و293, والبغوي3009 من طرق عن الزهري, به. وسيرد عند المصنف برقم5371و5372و5393.
البتع: نبيذ العسل, وكان أهل اليمن يشربونه.
قلت: وروى الشافعي في"مسنده" 2/92 من حديث أبي وهب الجيشاني أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن البتع, فقال:"كل مسكر حرام:, قال الحافظ في"الفتح" 10/45: وهذه الرواية تفسر المراد بقوله"كل شراب أسكر" وأنه لم يرد تخصيص التحريم بحالة الإسكار, بل المراد أنه إذا كانت فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناول منه, ويؤخذ من لفظ السؤال أنه وقع عن حكم جنس البتع لا عن القدر المسكر منه, لأنه لو أراد السائل ذلك, لقال: أخبرني عما يحل منه وما يحرم, وهذا هو المعهود من لسان العرب إذا سألوا عن الجنس, قالوا: هل هذا نافع أو ضار؟ مثلا, وإذا سألوا عن القدر, قالوا: كم يؤخذ منه؟ قلتك وسيرد عند المؤلف برقم5370حديث سعد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قليل ما أسكر كثيره".(12/165)
مُدْمِنُ الْخَمْرِ, وَقَاطِعُ الرَّحِمِ, وَمُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ, وَمَنْ مَاتَ مُدْمِنًا لِلْخَمْرِ, سَقَاهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ نَهْرِ الْغُوطَةِ", قِيلَ: وَمَا نَهْرُ الْغُوطَةِ؟ قَالَ:"نَهْرٌ يَجْرِي مِنْ فُرُوجِ الْمُومِسَاتِ يُؤْذِي أهل النار ريح فروجهن" 1.
109 -
__________
1 إسناده ضعيف, أبو حريز- واسمه عبد الله بن الحسين الأزدي- مختلف فيه, ضعفه أحمد ويحيى بن سعيد والنسائي, وابن معين في رواية معاوية بن صالح, وقال أبو داود وسعيد بن أبي مريم: ليس حديثه بشيء, وقال أبو حاتم: حسن الحديث, ليس بمنكر الحديث, يكتب حديثه, وقال الدارقطني: يعتبر به, وقال ابن عدي بعد أن أورد له جملة أحاديث من طريق معتمر عن فضيل عن أبي حريز: عامتها مما لا يتابع عليه, وللفضيل بن ميسرة عن أبي حريز غير ما ذكرت أحاديث أيضا يرويها عن الفضيل معتمر. ثم ذكر له خمسة أحاديث مما أنكرت عليه, وقال: ولأبي حريز هذا من الحديث غير ما ذكرته, وعامة ما يرويه لا يتابعه أحد عليه.
ووثقه المؤلف, وأبو زرعة, وابن معين في رواية ابن أبي خيثمة, وقال الحافظ في"التقريب": صدوق يخطئ.
وأخرجه أحمد 4/399 عن علي بن عبد الله, بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/146 من طريق مسدد, عن معتمر بن سليمان, به, وصححه ووافقه الذهبي!.
وأورده الهيثمي في"المجمع" 5/74 وزاد نسبته إلى أبي يعلى والطبراني, ورجال أحمد وأبي يعلى ثقات!
قلت: وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/14و83 من طريقين عن الأعمش, عن سعد الطائي, عن عطية, عن أبي سعيد الخدري رفعه"لا يدخل الجنة صاحب خمس: مدمن خمر, ولا مؤمن بسحر, ولا قاطع رحم, ولا كاهن, ولا منان" وعطية- وهو ابن سعد العوفي- ضعيف, فلعل حديث الباب يتقوى به ويحسن.(12/166)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مُدْمِنَ الْخَمْرِ قَدْ يَلْقَى اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فِي الْقِيَامَةِ بِإِثْمِ عَابِدِ الْوَثَنِ
5347- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقَدْامِ الْعِجْلِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خِرَاشِ بْنِ حَوْشَبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَقِيَ اللَّهَ مدمن خمر, لقيه كعابد وثن" 1.
54 -
__________
1 إسناده ضعيف, عبد الله بن خراش: هو الشيباني الحوشبي, ضعفه أبو زرعة والبخاري والنسائي والدارقطني وأبو حاتم والساجي, وقال ابن عدي: عامة ما يرويه غير محفوظ, ومع أن المؤلف ذكره في"الثقات" 8/340-341, قال: ربما أخطأ, وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن عدي في"الكامل" 4/1525, وابن الجوزي في"العلل المتناهية"1118 من طريق صدقة بن منصور, عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خراش, بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار2934, والطبراني12428, وأبو نعيم في"الحلية" 9/253, وابن الجوزي1119 من طريق ثوير بن أبي فاختة, وحكيم بن جبير, عن سعيد بن جبير, به. وثوير ضعيف, وكذا حكيم.
وأخرجه أحمد 1/272 عن أسود بن عامر, حدثنا الحسن بن صالح, عن محمد بن المنكدر, قال: حدثت عن ابن عباس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن"وهذا سند رجاله ثقات إلا أن راوية عن ابن عباس مجهول.
وأخرجه عبد الرزاق17070, وابن الجوزي في"العلل المتناهية"1116, عن ابن المنكدر, عن ابن عباس. وانظر"التاريخ الكبير" للبخاري3/515. =(12/167)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى هذا الخبر: من لقس اللَّهَ مُدْمِنَ خَمْرٍ مُسْتَحِلًّا لَشُرْبِهِ, لَقِيَهُ كَعَابِدِ وثن, لاستوائهما في حالة الكفر.
__________
=وأورده الهيثمي في"المجمع" 5/74 وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني, ورجال أحمد رجال الصحيح, إلا أن ابن المنكدر قال: حدثت عن ابن عباس, وفي إسناد الطبراني يزيد بن أبي فاختة ولم أعرفه, وبقية رجاله ثقات. قلت: تحرف على الهيثمي"ثوير" إلى: يزيد, فالتبس أمره عليه, وثوير ضعيف, كما مضى.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن ماجة3357, والبخاري في"التاريخ الكبير" 1/129, وابن الجوزي في"العلل" 1117, من طريق محمد بن سليمان بن الأصبهاني, عن سهيل بن أبي صالح, عن أبيه, عنه.
ومحمد بن سليمان, قال أبو حاتم: لا يحتج به, وقال النسائي: ضعيف, وقال ابن عدي: هو قليل الحديث, أخطأ في غير شيء, وقال الدارقطني: خالفه سليمان بن بلال, فرواه عن سهيل, عن محمد بن عبد الله, عن أبيه, عن النبي صلى الله عليه وسلم.. .قال: ورواه حماد بن سلمة, عن عاصم, عن أبي صالح, عن عبد الله بن عمرو من قوله. قال ابن الجوزي: وهذا هو الصحيح.
قلت: وقال البخاري في"التاريخ" 1/129 بعد أن أورد الحديث من طريق محمد بن سليمان, عن سهيل, عن أبيه, عن أبي هريرة: ولا يصح حديث أبي هريرة في هذا.(12/168)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الخمر على الأحوال, لأنها رأس الخبائث
5348- أخبرا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ(12/168)
بَزِيعٍ, حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ, حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام, عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ:
سَمِعْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطِيبًا, سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اجْتَنِبُوا أُمَّ الْخَبَائِثِ, فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلٌ مِمَّنْ قَبْلَكُمْ يَتَعَبَّدُ, وَيَعْتَزِلُ النَّاسَ, فَعَلِقَتْهُ امْرَأَةٌ, فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ خَادِمًا, فَقَالَتْ: إِنَّا نَدْعُوكَ لِشَهَادَةٍ, فَدَخَلَ فَطَفِقَتْ كُلَّمَا يَدْخُلُ بَابًا, أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إِلَى امْرَأَةٍ وَضِيئَةٍ جَالِسَةٍ وَعِنْدَهَا غُلَامٌ وَبَاطِيَةٌ فِيهَا خَمْرٌ, فَقَالَتْ: إِنَّا لَمْ نَدْعُكَ لِشَهَادَةٍ, وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ, أَوْ تَقَعَ عَلَيَّ, أَوْ تَشْرَبَ كَأْسًا مِنْ هَذَا الْخَمْرِ, فَإِنْ أَبَيْتَ صِحْتُ بِكَ وَفَضَحْتُكَ, قَالَ: فَلَمَّا رَأَى أنه لابد مِنْ ذَلِكَ, قَالَ اسْقِينِي كَأْسًا مِنْ هَذَا الْخَمْرِ, فَسَقَتْهُ كَأْسًا مِنَ الْخَمْرِ فَقَالَ: زِيدِينِي, فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا, وَقَتَلَ النَّفْسَ, فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ, فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ فِي صَدْرِ رَجُلٍ أَبَدًا, لَيُوشِكَنَّ أحدهما يخرج صاحبه" 1.
6 -
__________
1 إسناده ضعيف, والصواب وقفه كما قال الدارقطني. عمر بن سعيد: هو ابن سريج, ويقال له: ابن سرحه, لينة الذهبي, وقال ابن عدي: أحاديثه عن الزهري ليست مستقيمة, وذكره المؤلف في"الثقات" 7/175 وقال: يعتبر بحديثه من غير الضعفاء عنه.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في"ذم المسكر", ومن طريق ابن الجوزي في"العلل المتناهية" 1122 وابن كثير في"تفسيره" 3/180 عن محمد بن عبد الله بن بزيع, بهذا الإسناد.=(12/169)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه عبد الرزاق17060 عن معمر, والنسائي 8/315-316 في الأشربة: باب ذكر الآثار المتولدة عن شرب الخمر من ترك الصلوات ... , والبيهقي 8/287-288 عن يونس, كلاهما عن الزهري, به موقوفا على عثمان.
وأخرج بنحوه البيهقي 8/288 من طريق يحيى بن جعده, عن عثمان موقوفا.
قال ابن الجوزي: هذا الحديث قد أسنده عمر بن سعيد بن سريج, عن الزهري, وقد وقفه يونس ومعمر وشعيب وغيرهم عن الزهري, وقال الدارقطني: والموقوف هو الصواب, قال: وقد روي عن الحسن بن عمارة, عن الزهري, عن سعيد بن المسيب, عن عثمان, عن النبي صلى الله عليه وسلم, ووهم فيه الحسن في موضعين في رفعه, وفي روايته إياه عن سعيد, والذي قبله اصح.
وقال الحافظ ابن كثير: والموقوف اصح.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الدارقطني 4/247, ومن طريقه والقضاعي في"الشهاب"57 عن علي بن إشكاب, عن محمد بن ربيعة, عن الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم, عن الوليد بن عبادة, عن عبد الله بن عمرو, عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الخمر أم الخبائث, ومن شربها لم يقبل الله منه صلاة أربعين يوما, فإن مات وهي في بطنه مات ميتة جاهلية".
وسنده حسن في الشواهد, وأورده الهيثمي في"المجمع" 5/72, ونسبه إلى الطبراني في"الأوسط" عن شيخه شباب بن صالح, وقال: لم أعرفه, وبقية رجاله ثقات, وفي بعضهم كلام لا يضر.
وأخرجه الدارقطني من طريق أبي صالح كاتب الليث, حدثني ابن لهيعة, عن أبي قبيل, عن عبد الله بن عمرو رفعه"الخمر أم الخبائث".
وفي الباب أيضا عن ابن عباس عند الدارقطني 4/247, والطبراني11372و11498 من طريقين عن أبي صخر, عن عبد الكريم=(12/170)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سُرَيْجٍ هَذَا هُوَ مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ, رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَنِيُّ.
__________
=أبي أمية, عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ, عَنِ ابْنِ عباس رفعه"الخمر أم الفواحش, وأكبر الكبائر, من شربها وقع على أمه وخالته" وأبو صخر ضعيف, وكذا عبد الكريم.
وأخرجه الطبراني من حديث عتاب بن عامر, عن عبد الله بن عمرو, وزاد فيه"وترك الصلاة" قال الهيثمي: عتاب بن عامر بم أعرفه, وابن لهيعة حديثه حسن وفيه ضعف.(12/171)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ
5349- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ1 قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ, عَنْ سِمَاكٍ, عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: فِيَّ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ, شَرِبْتُ مَعَ قَوْمٍ, ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ, فَضَرَبَنِي رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنْفِي بِلَحْيِ جَمَلٍ, فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ, فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ, قَالَ: وَأَصَبْتُ سَيْفًا يَوْمَ بَدْرٍ, فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَنَزَلَتْ: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ}
[الأنفال:،21] . [64:3]
__________
1 في الأصل: رفيع, وهو خطأ.
2 إسناده حسن, إسحاق بن إسماعيل – وهو الطالقاني- روى له أبو داود, وهو ثقة, ومن فوقه من رجال الشيخين غير سماك-وهو ابن حرب- فإنه من رجال مسلم, ثم هو صدوق حسن الحديث. =(12/171)
ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ مَاتَ مِنْ شَرَابِ الْخَمْرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ نُزُولِ تَحْرِيمِهَا
5350- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ أبي إسحاق
__________
=وأخرج القسم الأول من الحديث الطبري12520 من طريق ابن أبي زائدة عن إسرائيل, بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضا12518و12519, والبيهقي 8/285 من طرق عن سماك, به.
وأخرجه الطبراني331 من طريق سلمة بن الفضل, عن محمد بن إسحاق, عن أبي إسحاق الهمداني, عن مصعب بن سعد, عن سعد.
وأخرج القسم الثاني الطبري15658و15663 من طريقين عن إسرائيل, به.
وأخرجه الطبري15662, ومسلم174833و34, في الجهاد والسير: باب الأنفال, والبيهقي 6/291 من طريقين عن سماك, به.
وأخرجه أحمد 1/178, والترمذي3079 في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأنفال, وأبو داود2740 في الجهاد: باب في النفل, والطبري15656و15657 والحاكم 2/132, والبيهقي 6/291 من طريقين عن عاصم, عن مصعب, به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح, وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 1/181و185, والطيالسي208, ومسلم174843و44 في فضائل الصحابة: باب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه, من طريقين عن سماك, به. وفيه أنه أنزلت في سعد أربع آيات.
وأورده السيوطي في"الدر المنثور" 3/158 وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردوية والنحاس في"ناسخه".(12/172)
عَنِ الْبَرَاءِ, قَالَ: مَاتَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ, فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا, قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَكَيْفَ بِأَصْحَابِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا, فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [المائدة:93] 1. [64:3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين, لكن جاء عند أبي يعلى بإثر الحديث: قال شعبة: قلت: أسمعته من البراء؟ قال: لا. محمد: هو ابن جعفر, وسماع شعبة من أبي إسحاق قديم.
وأخرجه الترمذي3051 في التفسير: باب ومن سورة المائدة, وأبو يعلى1719 عن محمد بن بشار, بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الطبري12529 عن محمد بن المثنى, عن محمد بن جعفر, به.
وأخرجه الطيالسي715, وأبو يعلى1720 عن شعبة, به.
وأخرجه الترمذي3050, والطبري12528 من طريقين عن إسرائيل, عن أبي إسحاق, به قال الترمذي: حسن صحيح.
وأورده السيوطي في"الدر المنثور" 2/320 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه. وانظر الحديث الآتي.(12/173)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْخَمْرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُبَاحًا لَهُمْ شُرْبُهُ
5351- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو إسحاق السبيعي(12/173)
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ, قَالَ: مَاتَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ, فَلَمَّا حُرِّمَتْ, قَالَ: نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ بِأَصْحَابِنَا مَاتُوا وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا, فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} 1. [99:1]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه الواحدي في"أسباب النزول" ص140 من طريق أبي عمر بن مطر, عن أبي خليفة, بهذا الإسناد. وانظر الحديث الذي قبله.(12/174)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْخَمْرَ بَعْدَ إباحته التي لَهُمْ
5352- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ, عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ
أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُمْ, قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا قَائِمٌ عَلَى الْحَيِّ وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ سِنًّا عَلَى عُمُومَتِي, إِذْ جَاءَ رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنَّهَا حُرِّمَتِ الْخَمْرُ وَأَنَا قَائِمٌ عَلَيْهِمْ أَسْقِيهِمْ مِنْ فَضِيخٍ لَهُمْ, فَقَالُوا: اكْفَأْهَا, فَكَفَأْتُهَا, فَقُلْتُ لِأَنَسٍ: مَا هُوَ؟ قَالَ: الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَنَسٍ: كَانَتْ خَمْرَهُمْ يَوْمَئِذٍ, فلم ينكره أنس بن مالك2. [3:2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. حبان: هو ابن موسى المروزي, وعبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه أحمد في"المسند" 3/183و189-190, وفي كتاب=(12/174)
ذِكْرُ وَصْفِ الْخَمْرِ الَّذِي نَزَلَ تَحْرِيمُهُ وَكَانَ القوم يشربونها
5353- أخبرنا محمدبن عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الْعِنَبِ, وَالتَّمْرِ, وَالْعَسَلِ, وَالْحِنْطَةِ, وَالشَّعِيرِ, وَمَا خَامَرَ الْعَقْلَ, فَهُوَ خَمْرٌ, ثَلَاثٌ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيْنَا عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الجد,
__________
="الأشربة" 18, والحميدي1210, والبخاري5583 في الأشربة: باب نزول تحريم الخمر وهي من البسر والتمر, و5622: باب خدمة الصغار الكبار, ومسلم19805و6 في الأشربة: باب تحريم الخمر.., والنسائي 8/287 في الأشربة: باب ذكر الشراب الذي أهريق بتحريم الخمر, والبيهقي 8/290 من طرق عن سليمان التيمي, بهذا الإسناد. وقد تقدم من طريق أخرى عند المؤلف برقم4925. وانظر 5362و5363و5364.
وقوله"من فضيخ لهم", الفضيخ: اسم للبسر إذا شدخ ونبذ.
وقوله"فقلت لأنس": القائل هو سليمان التيمي, كما ورد مصرحا به عند المؤلف فيما يأتي5368.
وقوله"وقال أبو بكر بن أنس: كانت خمرهم يومئذ" المعنى: أن أبا بكر بن أنس كان حاضرا عند أنس لما حدثهم, فكأن أنسا حينئذ لم يحدثهم بهذه الزيادة إما نسيانا وإما اختصارا, فذكره بها ابنه أبو بكر, فأقره عليها, وقد ثبت تحديث أنس بها عند مسلم.(12/175)
والكلالة, وأبواب من أبواب الربا1. [2:2]
__________
1 إسناده صحيح, سلم بن جنادة روى له الترمذي وابن ماجه وهو ثقة, من فوقه ثقات من رجال الشيخين. ابن إدريس: وهو عبد الله بن إدريس الأودي, وأبو حيان: هو يحيى بن سعيد بن حيان.
وأخرجه مسلم 3032 33 في التفسير: باب نزول تحريم الخمر, والترمذي 1874 في الأشربة: باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر, والنسائي 8/295 في الأشربة: باب ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها, وفي "الكبرى" كما في "التحفة" 8/62, والطحاوي 4/213, والدارقطني 4/248 و 252 من طرق عن ابن إدريس, بهذا الإسناد. وتابع أبا حيان زكريا بن أبي زائدة عن النسائي والدارقطني.
وأخرجه أحمد في " الأشربة" 185, وعبد الرزاق 17049, وابن أبي شيبة 8/106, والبخاري 5581 في الأشربة: باب الخمر من العنب وغيره, و 5588: باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب, ومسلم 3032 32 و 33, وأبو داود 3669 في الأشربة: باب في تحريم الخمر, والنسائي 8/295, وفي "الكبرى" كما في "التحفة" 8/62, وابن الجارود 852, والبيهقي 8/288 _ 289, والبغوي 3011 من طرق عن أبي حيان, به.
وأخرجه البخاري 5589, والنسائي في "الكبرى" من طريق عبد الله بن أبي السفر, عن الشعبي, به.
وأخرجه البخاري 7337 في الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم.., من طريق نافع عن ابن عمر, به.
وأخرجه أحمد في "الأشربة" 24, وعبد الرزاق 17050 و 17051, وابن أبي شيبة 8/105, من طريقين عن عمر بن الخطاب. وانظر الحديث 5358 و 5359 و 5388.
واختلف في تفسير "الكلالة" والجمهور على أنه من لا ولد له ولا والد.(12/176)
ذِكْرُ وَصْفِ الْخَمْرِ الَّذِي حَرَّمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا شُرْبَهَا وَبَيْعَهَا وَشِرَاءَهَا
5354 _ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عمر, بن نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خمر, وكل خمر حرام" 1. [2:2]
__________
1 حديث صحيح, وإسناده حسن, هشام بن عمار وإن روى له البخاري لا يرقى حديثه إلى الصحيح, وقد توبع, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد في "المسند" 2/16, وفي "الأشربة" 195, ومسلم 2003 75 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر, وأن كل خمر حرام, وابن الجارود 857, والدارقطني 4/294, والطبراني في "الصغير" 143, والبيهقي 8/293 من طرق عن عبيد الله بن عمر, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/29 و 134, وفي "الأشربة" 75 و 189, وابن أبي شيبة 8/101, ومسلم 2003 74, والطبراني 546 و 922, والدارقطني 4/248 و 249 و 250, والبيهقي 8/294 و 296 من طرق عن نافع, به.
وأخرجه أحمد في "الأشربة" 74, والنسائي 8/324 في الأشربة: باب الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب المسكر, وابن ماجة 3877 في الأشربة: باب كل مسكر حرام, و 3392: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام, والبيهقي 8/296 من طريقين عن ابن عمر. وانظر 5366 و 5368 و 5369 و 5375.(12/177)
ذكر نفي قبول صلاة من شراب الْمُسْكِرَ إِلَى أَنْ يَصْحُوَ مِنْ سُكْرِهِ
5355 _ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ وَعِدَّةٌ, قَالُوا: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا زهير من مُحَمَّدٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ لَهُمْ صَلَاةً, وَلَا يَرْفَعُ لَهُمْ إِلَى السماء حسنة: العبد الآبق حتى برجع إلى مواليه, فيضع يده في أيديهم, المرأة السَّاخِطُ عَلَيْهَا زَوْجُهَا حَتَّى يَرْضَى, وَالسَّكْرَانُ حَتَّى يصحو" 1. [54:2]
__________
1 إسناده ضعيف, هشام بن عمار كبر فصار يتلقن, وزهير بن محمد _وهو التميمي الخراساني_ رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة, فضعف بسببها, وهذا منها.
وأخرجه ابن خزيمة 940, وابن عدي في "الكامل" 3/1074, والبيهقي 1/389 من طريق هشام بن عمار, بهذا الإسناد.
قال البيهقي: تفرد به زهير, وقال الذهبي في "المهذب": قلت: هذا من منا كير زهير.
وذكره السيوطي في "الجامع الكبير" وزاد نسبته إلى البيهقي في "الشعب" والطبراني في "الأوسط".(12/178)
ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ لَعْنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ أعان في شرب الْخَمْرِ لِتُشْرَبَ
5356 _ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ(12/178)
مَوْهَبٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ, قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ خَيْرٍ الزَّبَادِيُّ, أَنَّ مَالِكَ بْنَ سَعِيدٍ التُّجِيبِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ
سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ, فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ, إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْخَمْرَ وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا, وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ, وَشَارِبَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا, وَسَاقِيَهَا ومسقاها"1. [109:2]
__________
إسناده جيد, مالك بن خير الزبادي مصري يكنى أبا الخير روى عنه جمع, وذكره المؤلف في "الثقات" 7/460, وقال الذهبي في "الميزان" 3/426: محله الصدق, وقال ابن قطان: هو ممن لم تثبت عدالته, يريد أنه ما نص أحد على أنه ثقة, قال الإمام الذهبي معقبا عليه: وقي رواة "الصحيحين" عدد كثير ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم, والجمهور على أنه من كان من المشايخ قد روى عنه, جماعة ولم يأت بما ينكر عليه أن حديثه صحيح, وشيخيه مالك بن سعد, قال أبو زرعة: مصري لا بأس به, وذكره المؤلف في "الثقات" 5/385.
وأخرجه أحمد 1/316, والطبراني 12976 من طريق المقرئ, عن حيوة, بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/145 من طريق محمد بن عبد الله, عن ابن وهب, عن مالك بن خير الزبادي وقد تحرف في المطبوع إلى: بن حسين الزيادي, عن مالك بن سعد التجيبي, به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وله شاهد صحيح بطرقة من حديث ابن عمر عند أحمد 2/25 و 71, والطيالسي 1957, وأبي داود 3674, وابن ماجة 3380, والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/305 _ 306, والحاكم 4/144 _ 145, والبيهقي 8/287, وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. =(12/179)
ذِكْرُ نَفْيِ قَبُولِ صَلَاةِ شَارِبِ الْخَمْرِ بَعْدَ شُرْبِهِ وَإِنْ كَانَ صَاحِيًا أَيَّامًا مَعْلُومَةً قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ
5357 _ أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ, عَنِ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّيْلَمِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ, فَسَكِرَ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا, فَإِنْ مَاتَ, دَخَلَ النَّارَ, فَإِنْ تَابَ, تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ, فَإِنْ عَادَ, فَشَرِبَ فَسَكِرَ, لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا, فَإِنْ مَاتَ, دَخَلَ النَّارَ, فَإِنْ تَابَ, تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ, فَإِنْ عَادَ, فَشَرِبَ فَسَكِرَ, لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا, فَإِنْ مَاتَ دَخَلَ النَّارَ, فَإِنْ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ, فَإِنْ عَادَ الرَّابِعَةَ, كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الخبال؟ قال: "عصارة أهل النار" 1. [54:2]
__________
= وآخر من حديث أنس عند الترمذي 1295, وابن ماجة 3381, قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/180, وكذا الحافظ في "التلخيص" 4/73: رواته ثقات.
إسناده صحيح, رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الله بن الديلمي, وهو عبد الله بن فيروز الديلمي, فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه, وهو شامي ثقة من كبار التابعين.
وأخرجه ابن ماجة 3377 في الأشربة: باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة, عن عبد الرحمن بن إبراهيم, بهذا الإسناد.=(12/180)
ذِكْرُ وَصْفِ الْخَمْرِ الَّذِي كَانَ النَّاسُ يَشْرَبُونَهَا قَبْلَ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهَا عَلَيْهِمْ
5358 _ أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو جَابِرٍ بِالْمَوْصِلِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَسْقَلَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ, عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِي حَيَّانَ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ الْخَمْرَ نَزَلَ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْعِنَبِ, والتمر,
__________
= وأخرجه أحمد 2/176, والدارمي 2/111, والنسائي 8/317 في الأشربة: باب توبة شارب الخمر, من طريقين عن الأوزاعي, به.
وأخرجه أحمد 2/197, والنسائي8/314 في الأشربة: باب ذكر الرواية المبنية عن صلوات شارب الخمر, و 316: باب ذكر الآثام المتولدة عن شرب الخمر من ترك الصلاة.., من طريق عروة بن رويم, عن ابن الديلمي, به مختصرا.
وأخرجه أحمد 2/189, والبزار 2936, والحاكم 4/146 من طريق نافع بن عاصم, عن عبد الله بن عمرو. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم 1/30 _31 مطولا من طريق الوليد بن مزيد البيروتي, ومن طريق محمد بن كثير المصيصي, ومن طريق أبي إسحاق الفزاري, ثلاثتهم عن الأوزاعي, حدثني ربيعة بن يزيد, ويحيى بن أبي عمرو الشيباني, كلاهما عن عبد الله بن فيروز الديلمي, عن عبد الله بن عمرو.(12/181)
وَالْعَسَلِ, وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ. وَالْخَمْرُ: مَا خَامَرَ الْعَقْلَ 1. [99:1]
__________
1حديث صحيح, عيسى بن عبد الله العسقلاني, قال الخطيب في "تاريخه" 11/165: نزل بغداد وحدث بها عند أبيه, وعن الوليد بن مسلم, وضمرة بن ربيعة, ورواد بن الجراح, وآدم بن أبي إياس, روى عنه محمد بن غالب التمتام, وأبو عمارة محمد بن أحمد بن المهدي, محمد بن منير بن صغير, ومحمد بن مخلد, وقال ابن عدي في "الكامل" 5/1897: ضعيف يسرق الحديث, ونقله عن الذهبي في "الميزان" 3/317, وقال الحافظ في "اللسان" 4/401:وقال الحاكم عن الدارقطني: ثقة, وذكره ابن حبان في "الثقات", وخرج حديثه في "صحيحه". وقد تقدم عند المؤلف برقم 5353, وانظر الحديث الآتي, وسيأتي برقم 5388.(12/182)
ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي كَانُوا يَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْخَمْرَ قبل نزول تحريم الخمر
5359 _ أخرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, وَابْنُ إِدْرِيسَ, وَيَحْيَى بْنُ أَبِي غَنِيَّةَ, عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ, وَهِيَ مِنْ خَمْسَةٍ: مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ, وَالْخَمْرُ: مَا خَامَرَ الْعَقْلَ ثَلَاثٌ _أَيُّهَا النَّاسُ_ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا فِيهِنَّ عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الْكَلَالَةُ, والجد وأبواب من(12/182)
أبواب الربا 1. [67:2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن إدريس: هو عبد الله, ويحيى بن أبي غنية: هو يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية.
وأخرجه البخاري 4619 في التفسير: باب {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} و 7337 في الاعتصام: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم.., ومسلم 3032 33 في التفسير: باب نزول تحريم الخمر, عن إسحاق بن إبراهيم, بهذا الإسناد. وقد تقدم برقم 5353 و 5358, وسيأتي برقم 5388.(12/183)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا يُعَاقِبُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ فِي جَهَنَّمَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا
5360 _ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ, إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَهْدًا لِمَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الخبال يوم القيامة" 2. [2:2]
__________
2 يعقوب بن محمد الزهري _وإن كان كثير الوهم_ قد تابعه قتيبة بن سعيد كما يأتي, وباقي رجاله على شرط الصحيح.
وأخرجه البزار 2927 عن محمد بن معمر, عن يعقوب بن محمد, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/361, ومسلم 2002 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام, والنسائي 8/327 في الأشربة: باب ذكر =(12/183)
ذِكْرُ وَصْفِ الْخَمْرِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْصَارُ تَشْرَبُهَا قَبْلَ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ
5361 _ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ, وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ, وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عِنْدَ أَبِي طَلْحَةَ وَأَنَا أَسْقِيهِمْ مِنْ شَرَابٍ حَتَّى كَادَ يَأْخُذُ فِيهِمْ, فَمَرَّ بِنَا مَارٌّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَنَادَى: أَلَا هَلْ شَعَرْتُمْ أَنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ, قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا انْتَظَرُوا أَنْ أَمَرُونِيَ: أَنِ اكْفَأْ مَا فِي آنِيَتِكَ, فَفَعَلْتُ, فَمَا عَادُوا فِي شَيْءٍ مِنْهَا حَتَّى لَقُوا اللَّهَ, وَإِنَّهَا الْبُسْرُ والتمر, وإنها لخمرنا يومئذ 1. [5:4]
5326 _ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مسدد بن مسرهد, عن أبي عدي, عن سليمان التيمي
__________
= ما أعد الله عز وجل لشارب المسكر من الذل والهوان وأليم العذاب, وفي "الكبرى" كما في "التحفة" 2/334, والبيهقي 8/291_292, والبغوي 3015 عن قتيبة بن سعيد, عن عبد العزيز بن محمد, به.
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب فمن رجال مسلم.
وأخرجه الطحاوي 4/213 من طريق علي بن معبد, عن إسماعيل بن جعفر, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "الأشربة" 136, والطحاوي 4/213 من طريقين عن حميد, به. وقد تقدم برقم 5352.(12/184)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عَلَى الْحَيِّ عُمُومَتِي أَسْقِيهِمْ مِنْ فَضِيخٍ لَهُمْ, وَكُنْتُ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا, فَجَاءَ رَجُلٌ, فَقَالَ: إِنَّهَا قَدْ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ, قَالُوا: يَا أَنَسُ اكْفَأْهَا, قَالَ: فَكَفَأْتُهَا.
قَالَ سُلَيْمَانُ: فَقُلْتُ: مَا كَانَتْ؟ قَالَ: بُسْرًا وَرُطَبًا, قَالَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بن أنس: كانت خمرهم يومئذ 1. [102:2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري, مسدد من رجال البخاري, ومن فوقه من رجال الشيخين. ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم. وقد تقدم برقم 5352.(12/185)
ذِكْرُ وَصْفِ الْخَمْرِ الَّتِي كَانَتِ الْأَنْصَارُ تَشْرَبُهَا قَبْلَ تَحْرِيمِهَا
5363 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ العلى بْنُ حَمَّادٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ حُمَيْدٍ, وَثَابِتٍ
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أَبَا طَلْحَةَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ وَكَعْبًا, وَسُهَيْلَ بْنَ بَيْضَاءَ نَبِيذَ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ حَتَّى أَسْرَعَتْ فِيهِمْ, فَإِذَا مُنَادٍ يُنَادِي: أَلَا إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ, قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا انْتَظَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا أَحَقًّا قَالَ أَمْ بَاطِلًا, فَقَالُوا: اكْفَأْ يَا أَنَسُ, قَالَ: فَكَفَأْتُهُ, فَوَاللَّهِ مَا رَجَعَتْ إلى رؤوسهم حَتَّى لَقُوا اللَّهَ, وَكَانَ خَمْرَهُمُ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ 2. [99:2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
وأخرجه الطحاوي 4/213 _ 214 من طريق عفان, عن حماد بن سلمة, بهذا الإسناد.=(12/185)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَنْصَارَ لَمَّا أُخْبِرُوا بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ كَسَّرُوا الْجِرَارَ الَّتِي كَانَتْ خَمْرُهُمْ فِيهَا
5346 _ أخرنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي أبا عبيدة بن جراح, وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ, وَأَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ شَرَابًا مِنْ فَضِيخٍ, فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إِنَّ الْخَمْرَ قَدْ حُرِّمَتْ, فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: قُمْ يَا أَنَسُ إِلَى هَذِهِ الْجِرَارِ فَاكْسِرْهَا, قَالَ: فَقُمْتُ إلى مهراس لنا, فضرتها بأسفله حتى تكسرت 1. [102:2]
__________
= وأخرجه البخاري 5580 في الأشربة: باب الخمر من العنب وغيره, والبغوي في "مسند ابن جعد" 3317 من طريقين عن ثابت, به.
وأخرجه البخاري 5584: باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر, من طريق بكر بن عبد الله, عن أنس, به. مختصرا. وقد تقدم عند المؤلف برقم 5352 و 5362 و 5363.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/846 _ 847 في الأشربة: باب جامع تحريم الخمر.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 5582 في الأشربة: باب نزل تحريم الخمر وهي من البسر والتمر, و 7253 في أول كتاب أخبار الآحاد, ومسلم 1980 9 في الأشربة: باب تحريم الخمر.., والبيهقي 2/286, والبغوي 2043.
المهراس: حجر مستطيل منقور يتوضأ منه, ويدق فيه, وقد استعير للخشبة التي يدق فيها الحب, فقيل لها: المهراس من الحجر أو الصفر الذي يهرس فيه الحبوب وغيرها.(12/186)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّبِيذَ إِذَا اشْتَدَّ كَانَ خَمْرًا
5365 _ أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ, حَدَّثَنَا مجمد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيُّ, حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ, حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَبْتَرٍ, قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْجَرِّ الْأَخْضَرِ, وَالْجَرِّ الْأَبْيَضِ, وَالْجَرِّ الْأَحْمَرِ, فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ, فَقَالَ: "لَا تَشْرَبُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ, وَلَا تَشْرَبُوا فِي الْجَرِّ, وَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ" قَالُوا: فَإِنِ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ؟ قَالَ: وَإِنِ اشْتَدَّ فِي الْأَسْقِيَةِ, فَصُبُّوا عَلَيْهَا الْمَاءَ, قَالُوا: فَإِنِ اشْتَدَّ؟ قَالَ: "فَأَهْرِيقُوهُ" ثُمَّ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا حَرَّمَ عَلَيَّ, أَوْ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ, وكل مسكر حرام" 1.
__________
1 إسناده جيد. محمد بن عبد الأسدي _وإن كان كثير الخطأ في حديث سفيان_ وقد توبع عليه, وهو في "مسند أبو يعلى" 2729.
وأخرجه أحمد في "المسند" 1/274, وفي الأشربة 192 و 193 و 194, وأبو داود 3696 في الأشربة: باب في الأوعية, والطحاوي 4/223, والبيهقي 10/221 من طرق عن محمد بن عبد الله الأسدي, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 12598 و 12599, والبيهقي 8/303 من طريق عثمان بن عمر الضبي, عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ, عَنْ إِسْرَائِيلَ, عَنْ علي بن بذيمة, به.
وأخرجه أحمد 1/289, وفي "الأشربة" 14, والبيهقي 10/221 من طرق عن عبيد الله بن عمرو, عن عبد الكريم, عن قيس بن حبتر, به.(12/187)
قَالَ سُفْيَانُ: قُلْتُ لِعَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ: مَا الكوبة؟ قال: الطبل 1. [3:2]
__________
وأخرج قوله "كل مسكر حرام" الطبراني 12600 من طريق موسى بن أبي أعين, عن علي بن بذيمة, عن سعيد بن جبير, عن قيس بن حبتر, عن ابن عباس.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو, وقيس بن سعد بن عبادة عند البيهقي 10/221 _ 222, قلت: والمنع من الانتباذ في الدباء والمزفت والحنتم منسوخ كما في حديث بريدة الذي سيرد عند المصنف برقم 5390.
1 كذا فسرها علي بن بذيمة, وجاء في "غريب الحديث" 4/278 لأبي عبيد: وأما الكوبة, فإن محمد بن كثير العبدي أخبرني أن الكوبة: النرد في كلام أهل اليمن, وقال غيره: الطبل, وفي "المعرب" ص295 للجواليقي: والكوبة: الطبل الصغير المختصر, وهو أعجمي, وقال محمد بن كثير: الكوبة: النرد بلغة أهل اليمن.(12/188)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ نَبِيذَ الزَّبِيبِ وَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا, خَمْرٌ لَا يَحِلُّ شُرْبُهُ
5366 _ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ, وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ, وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ, قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ, وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ, وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا, لَمْ يَتُبْ مِنْهَا, لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ" 25.
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العتكي, وأبو كامل الجحدري: هو فضيل بن حسين بن طلحة ثقة احتج=(12/188)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= به مسلم, وإبراهيم بن الحسن العلاف له ترجمة في "تعجيل المنفعة" ص15, وذكره المؤلف في "الثقات"ووثقه أبو زرعة.
وأخرجه مسلم 2003 73 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام, عن أبي كامل وأبي الربيع, عن حماد بن زيد, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "الأشربة" 26, وأبو داود 3679 في الأشربة: باب النهي عن المسكر, والطحاوي 4/216, والدارقطني 2/248, والبيهقي 8/288, والبغوي 3013 عن أبي الربيع, عن حماد بن زيد, به.
وأخرجه البيهقي 8/293 من طريق أبي كامل الجحدري, عن حماد بن زيد, به.
وأخرجه أحمد في "الأشربة" 26 و 102, والترمذي 1861 في الأشربة: باب ما جاء في شارب الخمر, والنسائي 8/296 و 297 في الأشربة: باب إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة, والطحاوي 4/216, والدارقطني 4/248 من طرق عن حماد بن زيد, به _ بعضهم اختصره.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/104_105, والنسائي 8/297, والطحاوي 4/216 من طريقين عن أيوب, به مختصرا.
وأخرج الشطر الثاني منه: النسائي 8/318 في الأشربة: باب الرواية في المدمنين في الخمر, من طريقين عن حماد بن زيد, به.
وأخرجه عبد الرزاق 17056 عن معمر, عن أيوب, به.
وأخرجه أحمد 2/19 و 21_22 و 28, وابن أبي شيبة 8/191, والشافعي 2/92, ومالك 2/746 في الأشربة: باب تحريم الخمر, وعبد الرزاق 17057, والبخاري 5575 في أول كتاب الأشربة, ومسلم 2003 76 و 77 و 78 في الأشربة: باب عقوبة من شرب الخمر إذا=(12/189)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَفْظُ الخبر لأبي كامل.(12/190)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَبِيذَ الْحِنْطَةِ خَمْرٌ إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ شَارِبَهُ
5367 _ حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ, حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ, حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ أَبَا السَّمْحِ, حَدَّثَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْحَكَمِ, حَدَّثَهُ
عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُمُ الصَّلَاةَ وَالسُّنَنَ وَالْفَرَائِضَ, قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ لَنَا شَرَابًا نَصْنَعُهُ مِنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْغُبَيْرَاءُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: "لَا تَطْعَمُوهُ" فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ يَوْمَيْنِ ذِكْرُوهُمَا لَهُ أَيْضًا, فَقَالَ: "الْغُبَيْرَاءُ؟ " قَالُوا نَعَمْ, قَالَ: "لَا تَطْعَمُوهُ" فَلَمَّا أَرَادُوا أَنْ يَنْطَلِقُوا سَأَلُوهُ عَنْهُ, فَقَالَ: "الْغُبَيْرَاءُ؟ " قالوا: نعم, قال: "فلا تطعموه" 1. [2:2]
__________
= لم يتب منها.., والدارمي 2/111, والنسائي 8/318 في الأشربة: باب توبة شارب الخمر, والبيهقي 8/287, والبغوي 3012 من طرق عن نافع, به. لفظ مالك "من شرب الخمر في الدنيا, ثم لم يتب منها, حرمها في الآخرة".
1 إسناده حسن, أبو السمح _واسمه دراج بن سمعان السهمي مولاهم المصري_ صدوق, وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد بن موهب: وهو يزيد بن خالد بن موهب, فقد روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه, وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 6/472, وفي "الأشربة" 29, وأبو يعلى ورقة 331/2, والطبراني 23/483 و 495 من طريق ابن لهيعة, عن =(12/190)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ هَذَا: عُمَرُ بْنُ الْحَكَمِ بْنِ ثَوْبَانَ حَلِيفُ الْأَوْسِ من جلة الْمَدِينَةِ, سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ, وَأَبَا هريرة, وأم حبيبة.(12/191)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ شَرَابٍ يُسْكِرُ إِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ فَهُوَ خَمْرٌ
5368 _ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالَقَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ, قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنِ عَجْلَانَ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حرام , وكل مسكر خمر" 1 [50:4]
__________
= أبي السمح, بهذا الإسناد. زاد فِي آخره "قالوا: فَإِنَّهُم لا يدعونها, قال: من لم يتركها فاضربوا عنقه", وابن لهيعة سيء الحفظ.
1 إسناده حسن, ابن عجلان صدوق, وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 2/137, والنسائي 8/297 في الأشربة: باب إثبات اسم الخمر لكل مسكر من الأشربة, والدارقطني 4/249 من طرق عن عبد الله المبارك, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي 4/216 من طريقين يحيى بن أيوب, عن ابن عجلان, به. وانظر 5354 و 5366 و 5369 و 5375.(12/191)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الشَّرَابَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ اتُّخِذَ كَانَ خَمْرًا إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ
5369 _ أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ(12/191)
النَّرْسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حرام وكل مسكر خمر" 1. [67:2]
__________
1 إسناده حسن, محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي, روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة, وهو صدوق, وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/31 عن يزيد بن زريع, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/16 و 29 و 105, وفي "الأشربة" 7 و 103, والنسائي 8/297 في الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر, و325: باب الأخبار التي اعتل بها من أباح شراب المسكر, وابن ماجة 3390 في الأشربة: باب كل مسكر حرام, وابن الجارود 859, والطحاوي 4/215 و 216 من طرق عن محمد بن عمرو, به.(12/192)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَشْرِبَةَ الَّتِي يُسْكِرُ كَثِيرُهَا حَرَامٌ شُرْبُ الْقَلِيلِ مِنْهَا
5370 _ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبَانَ الْقُرَشِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ, عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَشَجِّ, عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ
عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أسكر كثيره 2. [2:2]
__________
1 حديث حسن, أحمد بن أبان ذكره المؤلف في "الثقات" 8/32 فقال: من أهل البصرة, حدثنا عنه ابن قحطبة وغيره, وقد توبع, ومن فوقه رجال الصحيح.=(12/192)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ نَبِيذَ الزَّبِيبِ مِنَ الْمَطْبُوخِ حَرَامٌ شُرْبُهُ
5371 _ أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ, وَيُونُسُ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِتْعِ, فقال: "كل شراب أسكر حرام" 1. [2:2]
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة 8/109 _ 110 عن زيد بن الحباب, عن الضحاك بن عثمان, بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 8/301 في الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر كثيره, وابن جارود 862, الطحاوي 4/216, والدارقطني 4/251, والبيهقي 8/296 من طرق عن الضحاك بن عثمان, به.
وفي الباب عن جابر وعائشة, وسيردان عند المصنف برقم 5382 و 5383.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه الطحاوي 4/216 عن يونس بن عبد الأعلى, عن ابن وهب, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 2001 68 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر, وأن كل خمر حرام, عن حرملة, عن ابن وهب, عن يونس, عن ابن شهاب, به. وقد تقدم عند المؤلف برقم 5345.(12/193)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ نَبِيذٍ كَانَ مِنَ الخليطين أو من غيرهما إذا أسكر كثيره حرام شرب قليله
5372 _ خبرنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ(12/193)
عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ: "كُلُّ شراب أسكر حرام" 1. [3:2]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وقد تقدم برقم 5345 و 5371.(12/194)
ذكر السكر إذا تولد من الشراب الكثير حرم شراب قَلِيلِهِ
5373 _ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِّيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَهُ بن سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ, فَقَالَ لَهُمَا: "بَشِّرَا وَيَسِّرَا وَعَلِّمَا وَلَا تُنَفِّرَا, وَتَطَاوَعَا" فَلَمَّا وَلَّى مُعَاذٌ, رَجَعَ أَبُو مُوسَى, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنَّ لَهُمْ شَرَابًا مِنَ الْعِنَبِ يُطْبَخُ حَتَّى يَعْقِدَ, وَالْمِزْرُ يُصْنَعُ مِنَ الشَّعِيرِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مَا أَسْكَرَ عَنِ الصَّلَاةِ فَهُوَ حرام" 2. [3:2]
__________
2 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "صحيح مسلم" ص1586 70 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر وأن كل خمر حرام, عن محمد بن عباد, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/417, والبخاري 6124 في الأدب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "يسروا ولا تعسروا" و 7172 في الأحكام: باب أمر الوالي إذا وجه أميرين إلى موضع أن يتطاوعا ولا يتعاصيا, من طرق عن شعبة, عن سعيد بن أبي بردة.
وأخرج القسم الأول منه مسلم 1733 في الجهاد: باب في الأمر بالتيسير وترك التنفير, عن محمد بن عباد, به.=(12/194)
قال أبو حاتم: غريب غريب 1.
__________
= وأخرجه كذلك الطيالسي 496, والبخاري 3038 في الجهاد: باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب.., ومسلم 1733 في الجهاد, من طريقين عن سعيد, به.
وأخرج القسم الثاني أحمد 4/410, وفي "الأشربة" 8 و 224, والطيالسي 497, ومسلم ص1586 في الأشربة, والطحاوي 4/217, والبيهقي 8/291 من طرق عن شعبة, عن سعيد, به.
وأخرجه أحمد 4/407, وفي "الأشربة" 238, وأبو داود 3684 في الأشربة: باب النهي عن المسكر, وابن جارود 856, والبيهقي 8/291 من طريقين عن أبي بردة, به.
وأخرجه أحمد 4/402, والنسائي 8/299 في الأشربة: باب تفسير البتع والمرز, من طريق أبي بكر بن أبي موسى, عن أبيه.
قوله "حتى يعقد" قال النووي: هو بفتح الياء وكسر القاف, يقال: عقد العسل ونحوه, وأعقدته, وفي "اللسان": وعقد العسل والرب ونحوهما يعقد, وانعقد وأعقدته فهو معقد وعقيد: غلظ.
1 ربما يكون وجه الاستغراب في قوله "كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام" وقد تابع محمد بن عباد على هذا اللفظ عيد الله بن عمرو, عن زيد بن أبي أنيسة, عن سعيد بن أبي بردة, وسيأتي برقم 5376.(12/195)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَشْرِبَةَ الَّتِي يُسْكِرُ كَثِيرُهَا حرام على المؤمنين شُرْبُهَا
5374 _ أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ, قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ حَيَّانَ, عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزِّبْرِقَانِ, عَنْ يَعْلَى بْنِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ:(12/195)
سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ مُسْكِرٍ عَلَى مؤمن حرام" 1. [67:2]
__________
1سنده حسن, سليمان بن عبد الله الزبرقان ذكره المؤلف في "الثقات" 6/382, وقال: روى عنه أهل الجزيرة خالد بن حيان وغيره.(12/196)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ شَرَابٍ حُكْمُهُ أَنْ يسكر حرام على المسلمين شربه
5375 _ أخرنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُلَيْمَانَ السَّعْدِيُّ بِمَرْوَ, قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى السُّلَمِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ, عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ, عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ مسكر حرام" 2. [99:1]
__________
وأبو يعلى ورقة 344/2 عن علي بن ميمون, بهذا الإسناد. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 210/2: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات, وله شاهد من حديث عائشة وأبي موسى رواه الشيخان وغيرهما.
2 إسناده حسن. وانظر 5354 و 5366 و 5368 و 5369.(12/196)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا كُلَّ شَرَابٍ يُسْكِرُ عَنِ الصَّلَاةِ كَثِيرُهُ
5376_ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ(12/196)
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ, قَالَ: لَمَّا بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَنَا أَنْ يَنْزِلَ كل واحد منا قريا مِنْ صَاحِبِهِ, فَقَالَ لَنَا: "يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا؛ وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا" فَلَمَّا قُمْنَا, قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا: الْبِتْعُ مِنَ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ, وَالْمِزْرُ مِنَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ, فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أوتي جوامع الكلم وخواتمه فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كُلُّ مُسْكِرٍ يُسْكِرُ عَنِ الصَّلَاةِ" قَالَ: وَأَتَانِي مُعَاذٌ يَوْمًا وَعِنْدِي رَجُلٌ كَانَ يهودي فَأَسْلَمَ, ثُمَّ تَهَوَّدَ فَسَأَلَنِي: مَا شَأْنُهُ فَأَخْبَرْتُهُ, فَقُلْتُ لِمُعَاذٍ: اجْلِسْ, فَقَالَ: مَا أَنَا بِالَّذِي أَجْلِسُ حَتَّى أَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ, فَإِنْ قَبِلَ وإلا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ, فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ, فَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ, فَضَرَبَ عُنُقَهُ, فَسَأَلَنِي مُعَاذٌ يَوْمًا: كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ فَقُلْتُ: أَقْرَؤُهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا, وَعَلَى فِرَاشِي أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا, قَالَ: وَسَأَلْتُ مُعَاذًا: كَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَقْرَأُ وَأَنَامُ, ثُمَّ أَقُومُ, فَأَتَقَوَّى بِنَوْمَتِي عَلَى قَوْمَتِي, ثُمَّ أَحْتَسِبُ نَوْمَتِي بما أحتسب قومتي 1. [65:3]
__________
إسناده صحيح, محمد بن صباح: هو الجرجرائي, صدوق روى له أبو داود وابن ماجه, ومن فوقه ثقات رجال الصحيح, محمد بن سلمة: هو محمد بن سلمة الباهلي مولاهم الحرّاني, وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن يزيد, ويقال: ابن يزيد الحراني.
وأخرجه بأخصر مما هنا مسلم ص1587 71 في الأشربة: باب بيان أن كل مسكر خمر حرام, والبيهقي 8/291 من طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو, عَنْ زَيْدِ بْنِ أبي أنيسة, بهذا الإسناد.=(12/197)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِأَنَّ نَبِيذَ الْعَسَلِ وَالشَّعِيرِ إِذَا أَسْكَرَا, كَانَا حَرَامًا
5377- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ, عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ بِهَا أَشْرِبَةَ: الْبِتْعِ وَالْمِزْرِ, قَالَ: "وَمَا الْبِتْعُ؟ " فَقُلْتُ: شَرَابٌ يَكُونُ مِنَ الْعَسَلِ, وَالْمِزْرُ شَرَابٌ يَكُونُ مِنَ الشَّعِيرِ, فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:"كل مسكر حرام"1. [2:2]
__________
= وأخرجه مختصرا أيضا البخاري4344و4345 في المغازي: باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع, من طريق شعبة, عن سعيد بن أبي بردة, به.
وأخرجه البخاري4341و4342 من طريق عبد الملك, عن أبي بردة, به.
وأخرجه أحمد 4/409 من طريق حميد بن هلال, عن أبي بردة, به. وقد تقدم برقم5373.
1 إسناده قوي, علي بن المنذر روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه وهو ثقة, ومن فوقه من رجال الشيخين, إلا أن ابن فضيل فيه كلام ينزله عن رتبة الصحيح. الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان.
وأخرجه النسائي 8/300 في الأشربة: باب تفسير البتع والمزر, عن محمد بن آدم, عن ابن فضيل, بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة8/100, والبخاري4343 في المغازي: باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع, والنسائي 8/298 في الأشربة: باب تحريم كل شراب اسكر, والطحاوي 4/220 من طرق عن أبي إسحاق, به.=(12/198)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ نَبِيذِ الزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ أَنْ يُنْبَذَا
5378- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ, عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنْ يخلطا1. [3:2]
__________
= وأخرج قوله "كل مسكر حرام" النسائي 8/298, وابن ماجة3391 في الأشربة: باب كل مسكر حرام, من طريق شعبة, عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ, به.
وأخرجه أحمد في"الأشربة" 11, والطيالسي498, والنسائي 8/298و299, والطحاوي 4/217 من طريق طلحة بن مصرف, عن أبي بردة, به. وانظر5373و5376.
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة- واسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبدي- فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد في"المسند" 3/3و9, وفي"الأشربة" 50, ومسلم198720 في الأشربة: باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين, والترمذي1877 في الأشربة: باب ما جاء في خليط البسر والتمر, والنسائي في الوليمة كما في"التحفة" 3/464, وأبو يعلى1177 من طرق عن سليمان التيمي, بهذا الإسناد.
وأخرجه احمد 3/49و71و90, ومسلم198721 من طريقين عن أبي نضرة, به.
وأخرجه أحمد 3/34و90, وفي"الأشربة" 80, ومسلم1987 22و23, والنسائي 8/289 في الشربة: باب خليط البلح والزهو, و290: باب خليط الزهو والبسر, و293: باب الترخص في انتباذ التمر وحده, و294: باب الرخصة في انتباذ البسر وحده, وفي الوليمة كما في"التحفة" 3/430, وأبو يعلى1176 من طرق عن أبي سعيد.(12/199)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ نَبِيذِ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ أَنْ يُنْبَذَا
5379- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, عَنِ النبي صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا, وَأَنْ يُنْبَذَ الْبُسْرُ وَالرُّطَبُ جَمِيعًا1. [3:2]
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن رمح فمن رجال مسلم.
وأخرجه ابن ماجة3395 في الأشربة: باب النهي عن الخليطين, عن محمد بن رمح بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم198617و19 في الأشربة: باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين, وأبو داود3703 في الأشربة: باب في الخليطين, والترمذي1876 في الأشربة: باب ما جاء في خليط البسر والتمر, والنسائي 8/290 في الأشربة: باب خليط البسر والرطب, والبيهقي 8/306 من طرق عن الليث بن سعد, به.
وأخرجه أحمد 3/294و300و302و317و363و369, وعبد الرازق16966, والبخاري5601 في الأشربة: باب من رأي أن لا يخلط البسر والتمر إذا كان مسكرا, ومسلم198616و17, والنسائي 8/290, وأبو يعلى1768و1872
و2238و2325, والبيهقي 8/306 من طرق عن عطاء, به.
أخرجه أحمد 3/389, في"الأشربة" 147, وعبد الرازق16967و16968و16969, والطيالسي1705, ومسلم
198619, والنسائي 8/291 في الأشربة: باب خليط التمر والزبيب, وباب خليط البسر والزبيب, وابن ماجة3395 من طرق عن جابر.(12/200)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ
5380- أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ, أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ دِعَامَةَ
حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أن يخلط التمر بالزهور, ثُمَّ يُشْرَبَ, وَإِنَّ ذَلِكَ عَامَّةُ خُمُورِهِمْ يَوْمَ حرمت الخمر1. [3:2]
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, حرملة من رجال مسلم, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم1981 في الأشربة: باب تحريم الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب. ., والبيهقي 8/308 من طريقين عن ابن وهب, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/134و251, وأبو يعلى2891و3102و3103 من طريقين عن قتادة, به.
وأخرجه أحمد 3/140و156-157, والنسائي 8/291-292 في الأشربة: باب ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجَلِهَا نَهَى عَنِ الخليطين وهي ليقوى أحدهما على صاحبه, والبيهقي 8/307 من طرق عن أنس.
والزهو: البسر الملون, يقال إذا ظهرت الحمرة والصفرة في النخل, فقد ظهر فيه الزهو, وأزهى النخل وزها زهوا: تلون بحمرة وصفرة.(12/201)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ انْتِبَاذِ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ هَذَيْنِ الشَّيْئَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ
5381- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ السحيمي قال:(12/201)
حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَنْبِذُوا التَّمْرَ والزبيب, وَلَا الْبُسْرَ وَالتَّمْرَ جَمِيعًا, وَانْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ منهما على حدة"1. [3:2]
__________
1- إسناده حسن على شرط مسلم. أبو كثير السحيمي, قيل: هو يزيد بن عبد الرحمن, وقيل: يزيد بن عبد الله بن أذينة, أو ابن غفيلة.
وأخرجه أحمد 2/526, ومسلم1989 في الأشربة: باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين, والنسائي 8/293 في الأشربة: باب انتباذ الزبيب وحده, وابن ماجة3396 في الأشربة: باب النهى عن الخليطين, من طرق عن عكرمة, بهذا الإسناد.(12/202)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ أَبَاحَ شُرْبَ الْقَلِيلِ مِنَ الْمُسْكِرِ مَا لَمْ يُسْكِرْ
5382- أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرَّكِينَ الْحَافِظُ بِدِمَشْقَ, قَالَ: حَدَّثَنَا رزق الله بن أبي مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَلِيلُ مَا أَسْكَرَ كثيره حرام" 2 [99:1]
__________
2- إسناده قوي, رزق الله بن موسى: هو الناجي, ذكره المؤلف في"الثقات", ووثقه ابن شاهين والخطيب, وذكره النسائي في مشيخته, قال: بصري صالح, ومن فوقه ثقات, من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/343, وفي"الأشربة" 148, وأبو داود3681في الأشربة: باب النهي عن المسكر, والترمذي1865في الأشربة: باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام, وابن ماجة3393 في الأشربة: باب ما أسكر كثيره فقليله حرام, وابن الجارود860, والطحاوي4/217,(12/202)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُسْكِرَ هُوَ الشَّرْبَةُ الْأَخِيرَةُ الَّتِي تُسْكِرُ دُونَ مَا تَقَدَّمَهَا مِنْهُ
5383- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ, عَنْ أَبِي عُثْمَانَ, عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ, وَمَا أَسْكَرَ الْفَرْقُ مِنْهُ, فملء الكف منه حرام" 1. [67:2]
__________
والبيهقي 8/296 من طرق عن داود بن بكر بن أبي الفرات, عن محمد بن المنكدر, بهذا الإسناد.
1- إسناده صحيح, أبو عثمان: هو الأنصاري المدني قاضي مرور, روى عنه جمع, وذكره المؤلف في"الثقات", ووثقه أبو داود, وأثني عليه مهدي بن ميمون راوي هذا الحديث عنه, وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير شيبان بن أبي شيبة فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 6/72و131, وفي"الأشربة"97, وأبو داود3687 في الأشربة: باب النهي عن المسكر, والترمذي1866 في الأشربة: باب ما جاء ما أسكر كثيره فقليله حرام, وابن الجارود861, والطحاوي 4/216, والدارقطني 4/255, والبيهقي 8/269 من طرق عن مهدي بن ميمون, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/71, وفي"الأشربة" 6, والدارقطني 4/254و255, والبيهقي 8/296 من طريقين عن عثمان, به.
وأخرجه الدارقطني 4/255 من طريق عبيد الله بن عمر, عن القاسم, به. وفيه"فالأوقية منه حرام".
وأخرجه الدارقطني 4/255و256 من طرق عن عائشة بلفظ"فالحسوه منه حرام"و"فالجرعة".(12/203)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو عُثْمَانَ هَذَا اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْأَنْصَارِيُّ.(12/204)
ذِكْرُ وَصْفِ الْأَنْبِذَةِ الَّتِي يَحِلُّ شَرَابُهَا لِمَنْ أرادها
5384- أخبرناالحسين بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ, عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ النَّخَعِيِّ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ قَوْمٌ, فَسَأَلُوهُ عَنْ بَيْعِ الْخَمْرِ, وِشِرَائِهِ, وَالتِّجَارَةِ فِيهِ, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمُسْلِمُونَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَعَمْ, قَالَ: فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُهُ وَلَا شِرَاؤُهُ, وَلَا التِّجَارَةُ فِيهِ لِمُسْلِمٍ, وَإِنَّمَا مَثَلُ مِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَثَلُ بَنِي إِسْرَائِيلَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ, فَلَمْ يَأْكُلُوهَا فَبَاعُوهَا, وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا, ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الطِّلَاءِ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا طِلَاؤُكُمْ هَذَا الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ؟ قَالُوا: هَذَا الْعِنَبُ يُطْبَخُ, ثُمَّ يُجْعَلُ فِي الدِّنَانِ, قَالَ: وَمَا الدِّنَانُ؟ قَالُوا: دِنَانٌ مُقَيِّرَةٌ, قَالَ: أَيُسْكِرُ؟ قَالُوا: إِذَا أَكْثَرَ مِنْهُ أَسْكَرَ, قَالَ: فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ, ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيذِ؟ قَالَ: خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ, فَرَجَعَ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَدِ انْتَبِذُوا نَبِيذًا فِي نَقِيرٍ وَحَنَاتِمَ وَدُبَّاءٍ, فَأَمَرَ بِهَا, فَأُهْرِيقَتْ, وَأَمَرَ بِسِقَاءٍ فَجُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَمَاءٌ, فَكَانَ يُنْبَذُ لَهُ مِنَ اللَّيْلِ, فَيُصْبِحُ1 فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَيْلَتَهُ التي يستقبل, ومن الغد
__________
1- تحرفت في الأصل إلى: فيطبخ, والتصويب من"التقاسيم" 4/لوحة276.(12/204)
حَتَّى يُمْسِيَ, فَإِذَا أَمْسَى فَشَرِبَ وَسَقَى, فَإِذَا أصبح منه شيء, أهراقه1.
__________
1- إسناده صحيح, حكيم بن سيف الرقي ذكره المؤلف في"الثقات", وروى عنه جماعة, وقال أبو حاتم: شيخ صدوق, لا بأس به. يكتب حديثه ولا يحتج به. وقد توبع, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير يحيى بن عبيد فمن رجال مسلم: وهو يحيى بن عبيد أبو عمر البهراني الكوفي, والبهراني نسبة إلى بهراء, وهي قبيلة من قضاعة.
وأخرجه مسلم200483 في الأشربة: باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا, والبيهقي 8/294و300 من طريقين عن عبيد الله, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/224و232و233و240, والطيالسي2714 و2715, ومسلم200479و80و81و82, وأبو داود3713 في الأشربة: باب في صفة النبيذ, والنسائي 8/333 في الأشربة: باب ذكر ما يجوز شربه من الأنبذة ومالا يجوز, وفي"الكبرى" كما في"التحفة" 5/268, وابن ماجة3399 في الأشربة: باب صفة النبيذ وشربه, والطبراني12623و12624و12625و12626و12627و12628و12629و12630و12631, والبيهقي 8/294و300 من طرق عن يحيى بن عبيد, به.
وأخرجه النسائي 8/333 من طريق أبي عثمان, عن ابن عباس, به. وانظر5362.
الطلاء: هو أن يطبخ العصير حتى يصير مثل طلاء الإبل. وأخرج مالك في"الموطأ" 2/847 من طريق محمود بن لبيد الأنصاري أن عمر بن الخطاب حين قدم الشام شكا إليه أهل الشام وباء الأرض وثقلها, وقالوا: لا يصلحنا إلا هذا الشراب, فقال عمر: اشربوا هذا العسل, قالوا: لا يصلحنا العسل, فقال رجل من أهل الأرض: هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ قال: نعم, فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان وبقي الثلث, فأتوا به عمر, فأدخل=(12/205)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .. .. . . . . . . . . . . .. . . . . . . . . . . . . ..
__________
= فيه عمر إصبعه, ثم رفع يده, فتبعها يتمطط, فقال: هذا الطلاء! هذا مثل طلاء الإبل, فأمرهم عمر أن يشربوه, فقال له عبادة بن الصامت: أحللتها والله, فقال عمر: كلا والله, اللهم إني لا أحل لهم شيئا حرمته عليهم, ولا أحرم عليهم شيئا أحللته لهم.
وقال الحافظ في"الفتح" 10/63: وأخرج سعيد بن منصور من طريق أبي مجلز, عن عامر بن عبد الله قال: كتب عمر إلى عمار: أما بعد, فإنه جاءني عير تحمل شرابا أسود كأنه طلاء الإبل, فذكروا أنهم يطبخونه حتى يذهب ثلثاه الأخبثان: ثلث بريحه, وثلث ببغيه, فمر من قبلك أن يشربوه.
ومن طريق سعيد بن المسيب أن عمر أحل من الشراب ما طبخ فذهب ثلثاه وبقي ثلثه.
وأخرج النسائي 8/329 من طريق عبد الله بن يزيد الخطمي قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أما بعد, فاطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان, فإن له اثنين ولكم واحد.
وهذه أسانيد صحيحة, وقد أفصح بعضها بأن المحذور منه السكر, فمتى أسكر لم يحل.
ثم قال: وأخرج أبو مسلم الكجي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة 7/170 من طريق قتادة, عن أنس أن عبيدة ومعاذ بن جبل وأبا طلحة كانوا يشربون من الطلاء ما طبخ على الثلث وذهب ثلثاه. والطلاء, بكسر المهملة والمد: هو الدبس, شبه بطلاء الإبل وهو القطران الذي يدهن به, فإذا طبخ عصير العنب حتى تمدد أشبه طلاء الإبل وهو في تلك الحالة غالبا لا يسكر, وقد وافق عمر ومن ذكر معه على الحكم المذكور: أبو موسى وأبو الدرداء أخرجه النسائي عنهما, وعلي وأبو أمامه وخالد بن الوليد وغبرهم أخرجها ابن أبي شيبة وغيره, ومن التابعين ابن المسيب والحسن وعكرمة, ومن الفقهاء الثوري والليث ومالك وأحمد والجمهور, وشرط تناوله عندهم ما لم يسكر, وكرهه طائفة تورعا.=(12/206)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ شُرْبَ النَّبِيذِ مَا لَمْ يُمَازِجْهُ حَالَةُ السُّكْرِ
5385- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ, عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ, عَنِ الْحَسَنِ. عَنْ أُمِّهِ
عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سِقَاءٍ يُوكَى أعلاه, ننبذه غدوة, فيشربه عشيا فيشربه غدوة1. [1:4]
__________
= قلت: وقوله"مقيرة", أي: مطلية بالقار وهو الزفت, والنقير: جذع ينقر وسطه يتخذ فيه وعاء ينتبذ فيه. وسيرد تفسير الدباء والحنتم والمزفت عن أبي بكرة عند المصنف برقم5407.
والنهي عن الانتباذ في هذه الأوعية كان في صدر الإسلام, ثم صار منسوخا بحديث بريدة الأسلمي رفعه"كنت نهيتكم عن الأشربة إلا في ظروف الأدم, فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكرا" وهو حديث صحيح أخرجه مسلم3/158565 وغيره, وسيرد عند المؤلف برقم5390 و5391.
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أم الحسن: واسمها خيرة, وهي مولاة أم سلمة, فمن رواة مسلم.
وأخرجه مسلم200585 في الأشربة: باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا, والترمذي1871 في الأشربة: باب ما جاء في الانتباذ في السقاء, وأبو داود3711 في الأشربة: باب في صفة النبيذ, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 209, والبيهقي8/299, البغوي3021و3024 من طريق محمد بن المثنى, بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى4396, والبيهقي 1/12 من طريقين عن عبد الوهاب, به.=(12/207)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيذَ الَّذِي وَصَفْنَا كَانَ إِذَا أُتِيَ عَلَيْهِ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ أُهَرِيقَ وَلَمْ يَشْرَبْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5386- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ, عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ النَّخَعِيِّ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: جَاءَهُ قَوْمٌ, فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيذِ, قَالَ: خَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ, فَرَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ, وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قَدِ انْتَبِذُوا نَبِيذًا فِي حَنَاتِمَ وَنَقِيرٍ وَدُبَّاءٍ, فَأَمَرَ بِهَا فَأُهْرِيقَتْ, ثُمَّ أَمَرَ بِسِقَاءٍ1 فَجُعِلَ فِيهِ زَبِيبٌ وَمَاءٌ, فَكَانَ يُنْبَذُ لَهُ مِنَ اللَّيْلِ, فَيُصْبِحُ فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَلَيْلَتَهُ الَّتِي تُسْتَقْبَلُ, وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى يُمْسِيَ, فَإِذَا
__________
= وأخرجه أحمد 6/124, وفي"الأشربة"16, وأبو داود3712, وأبو الشيخ ص 210, والبيهقي 8/300 من طريق مقاتل بن حيان, عن عمته عمرة, عن عائشة بنحوه.
وأخرجه أحمد 6/46-47, وابن ماجة3398 في الأشربة: باب صفة النبيذ وشربه, وأبو يعلى4401 من طريق تبالة, ويقال: بنانه بنت يزيد العبشمية, عن عائشة.
وأخرجه أحمد 6/137, وفي "الأشربة" 100, ومسلم3022 من طريق ثمامة بن حزن القشيري قال: سألت عائشة عن النبيذ, فدعت جارية حبشية, فقالت: سلس هذه فإنها تنبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم, فسألتها, فقالت: كنت انبذ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سقاء من الليل وأوكئه, فإذا أصبح شرب منه.
1من قوله"نبيذا في حناتم" إلى هنا سقط من الأصل, واستدرك من الحديث5384.(12/208)
أَمْسَى شَرِبَ وَسَقَى, فَإِذَا أَصْبَحَ مِنْهُ شَيْءٌ أمر به فأهريق1. [1:4]
__________
1- إسناده صحيح, وقد تقدم برقم5384.(12/209)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا كَانَ يُنْبَذُ فِيهِ لِلْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5387- أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا يُنْبَذُ لَهُ فِيهِ, نُبِذَ لَهُ في تور من حجارة2. [1:4]
__________
2- إسناده صحيح, يزيد بن موهب- وهو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب- روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم, وقد صرح ابن جريج وأبو الزبير بالسماع عند عبد الرزاق وأحمد والنسائي, فانتفت شبهة تدليسهما.
وأخرجه النسائي 8/309 في الأشربة: باب الإذن في ما كان في الأسقية منها, عن سويد, عن عبد الله بن المبارك, بهذا الإسناد. زاد في أوله"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجر والمزفت والدباء والنقير".
وأخرجه عبد الرازق16935 عن ابن جريج, به.
وأخرجه أحمد 3/304و326و379و384, وفي "الأشربة" 37, وابن أبي شيبة 8/140, والطيالسي1751, والدرامي 2/116, ومسلم199961و62 في الأشربة: باب النهى عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير, وابن ماجة3400 في الأشربة: باب صفة النبيذ وشربه, وأبو داود3702 في الأشربة: باب في الأوعية, وأبو يعلى1769, وأبو الشيخ"أخلاق النبي" ص 210, والبيهقي8/309 من طرق عن أبي الزبير, به. ولفظ الطيالسي"كان ينبذ له في سقاء". وسيرد الحديث أيضا برقم5396و5412و5413.
و"تور من حجارة" أي: إناء من حجارة, ويتخذ أيضا من صفر.(12/209)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذَا النَّبِيذَ لَمْ يَكُنْ بِمُسْكِرٍ يُسْكِرُ كَثِيرُهُ الَّذِي هُوَ خَمْرٌ
5388- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, وَابْنُ إِدْرِيسَ, وَابْنُ أَبِي غنيمة, عَنْ أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ, عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ, سَمِعَ عُمَرَ عَلَى الْمِنْبَرِ- مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: أَمَّا بَعْدُ, أَيُّهَا النَّاسُ, فَإِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسٍ: مِنَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ والعسل والحنطة والشعير. والخمر: ما خمر العقل1. [1:4]
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين, وهو مكرر5359. وانظر5353و5358(12/210)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ شُرْبَ الشَّرَابَيْنِ إِذَا مُزِجَ بَعْضُهُمَا بِبَعْضٍ
5389- أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, عَنْ فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى جَانِبِهِ مَاءٌ فِي رَكِيٍّ, فَقَالَ:"أَعِنْدَكُمْ مَاءٌ بَاتَ فِي شَنٍّ وَإِلَّا كَرَعْنَا فِي هَذَا", فَأُتِيَ بِمَاءٍ, وَحُلِبَ لَهُ عَلَيْهِ, فَشَرِبَ, ثُمَّ قَالَ لِي(12/210)
إِسْمَاعِيلُ: هُنَاكَ فُلَيْحٌ اذْهَبْ, فَاسْمَعْهُ مِنْهُ, فَلَقِيتُ فُلَيْحًا, فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ, فَحَدَّثَنِي بِهِ كَمَا حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ1. [1:4]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِسْمَاعِيلُ هَذَا: هُوَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ, لَمْ نذكره في كتابنا هذا في الْمَوْضِعِ احْتِجَاجًا مِنَّا بِهِ, وَاعْتِمَادُنَا فِي هَذَا الْخَبَرِ عَلَى مَنْصُورِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ, لِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ فُلَيْحٍ, وَإِسْمَاعِيلَ قَدْ ذَكَرْنَا السَّبَبَ في تركه في كتاب"المجروحين"2.
__________
1- حديث حسن, رجاله الصحيح, لكن في فليح بن سليمان كلام ينزله عن رتبة الصحيح.
وأخرجه أحمد 3/328و343و344و355, والبخاري5613 في الأشربة: باب شرب اللبن بالماء, و5621: باب الكرع في الحوض, وأبو داود3724 في الأشربة: باب في الكرع, والدارمي 2/120, وأبو يعلى2097 من طرق عن فليح بن سليمان, بهذا الإسناد.
2- 1/125, ونص كلامه فيه: كان إسماعيل بن عياش من الحفاظ المتقنين في حداثته, فلما كبر تغير حفظه, فما حفظ في صباه وحداثته أتى به على جهته, وما حفظ على الكبر من حديث الغرباء خلط فيه وأدخل الإسناد في الإسناد, ألزق المتن بالمتن, وهو لا يعلم, ومن كان هذا نعته حتى صار الخطأ في حديثه يكثر, خرج عن الاحتجاج به فيما لم يخلط فيه.
قلت: هذا رأي المؤلف في إسماعيل بن عياش, ولكن غيره من الأئمة يقولون: إنه قوي في روايته عن أهل الشام, ضعيف في غيرهم.
قال يعقوب بن سفيان: تكلم قوم في إسماعيل, وإسماعيل ثقة عدل أعلم الناس بحديث الشام, ولا يدفعه دافع, وأكثر ما تكلموا فيه, قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين.=(12/211)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ إِبَاحَةَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّرْبَ فِي الظُّرُوفِ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ خَلَا الشَّيْءَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ
5390- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ, عَنْ زُبَيْدٍ الْإِيَامِيِّ, عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ, فَنَزَلَ بِنَا وَنَحْنُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ, فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ, ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ, وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ, فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ, فَفَدَّاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ, وقال: مالك يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي اسْتَأْذَنْتُ فِي الِاسْتِغْفَارِ لِأُمِّي فَلَمْ يأذن
__________
= وقال يحيى بن معين: إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين, وأما روايته عن أهل الحجاز, فإن كتابه ضاع فخلط في حفظه عنهم.
وقال أبو بكر المروذي: سألت أحمد بن حنبل عن إسماعيل بن عياش, فحسن روايته عن الشاميين, وقال: هو فيهم أحسن حالا مما روى عن المدنيين وغيرهم.
وقال علي بن المديني: كان يوثق فيما روى أصحابه أهل الشام, فأما ما روى عن غير أهل الشام, ففيه ضعف.
وقال البخاري: إذا حدث عن أهل بلده فصحيح, وإذا حدث عن غير أهل بلده, ففيه نظر.
وقال الذهبي في"السير" 8/312: هو في روايته عن الحجازيين والعراقيين كثير الغلط, بخلاف أهل بلده, فإنه يحفظ ويكاد أن يتقنه إن شاء الله.
وقال الحافظ في"التقريب": صدوق في روايته عن أهل بلده, مخلط في غيرهم.(12/212)
لِي, فَدَمَعَتْ عَيْنِي رَحْمَةً لَهَا مِنَ النَّارِ, وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ, فَزُورُوهَا وَلْتَزِدْكُمْ زِيَارَتُهَا خَيْرًا, وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي بَعْدَ ثَلَاثٍ, فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ, وَإِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ الْأَشْرِبَةِ فِي الْأَوْعِيَةِ, فَاشْرَبُوا فِي أَيِّ وِعَاءٍ شئتم, ولا تشربوا مسكرا" 1.
16 -
__________
1- حديث صحيح, عبد الرحمن بن عمرو البجلي ترجمه المؤلف في"ثقاته" 8/380, فقال: عبد الرحمن بن عمرو بن البجلي من أهل حران, كنيته أبو عثمان, يروي عن زهير بن معاوية وموسى بن أعين, حدثنا عنه أبو عروبة, مات بحران سنة ست وثلاثين ومائتين, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
2- وأخرجه أحمد 5/355, ومسلم977 في الجنائز: باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه, والنسائي 8/311 في الأشربة: باب الإذن في شيء منها, والطحاوي 4/228 من طرق عن زهير بن معاوية, بهذا الإسناد. وقد تقدم برقم3168, وسيأتي برقم5391و5400.(12/213)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5391- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ, عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ, فَزُورُوهَا, وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ, فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا(12/213)
لَكُمْ, وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ, فَاشْرَبُوا فِي الْأَسْقِيَةِ كُلَّهَا, وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا" 1.
17 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله رجال الشيخين غير ضرار بن مرة, فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 5/350, ومسلم977 في الجنائز: باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه, و3/158463 في الأشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت والدباء والحنتم والنقير, وبيان أنه منسوخ, وأنه اليوم حلال ما لم يصر مسكرا, والنسائي 8/310-311 في الأشربة: باب الإذن في شيء منها, من طرق عن محمد بن فضيل, بهذا الإسناد.(12/214)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ نَبِيذِ سقاية العباس ابن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُسْكِرًا
5392- أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ بِوَاسِطَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ إِلَى السِّقَايَةِ وَاسْتَسْقَى, فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا فَضْلُ اذْهَبْ إِلَى أُمِّكَ, فَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَرَابٍ مِنْ عِنْدِهَا, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِنِي" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ أَيْدِيَهُمْ فِيهِ, فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِنِي" فَشَرِبَ مِنْهُ, ثُمَّ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْتَقُونَ, وَيَعْمَلُونَ فِيهَا, فَقَالَ: "اعْمَلُوا فَإِنَّكُمْ عَلَى عَمَلٍ صَالِحٍ" ثُمَّ قَالَ: "لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا, لَنَزَلْتُ حَتَّى أَضَعَ الْحَبْلَ عَلَى(12/214)
هذه" وأشار إلى عاتقه1. [38:4]
__________
1- إسناده صحيح على شرط الصحيح. خالد الأول: هو خالد بن عبد الله الواسطي, والثاني: خالد بن مهران الحذاء.
وأخرجه الطبراني11963 عن الحسين بن إسحاق, عن وهب بن بقية, بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري1635 في الحج: باب سقاية الحاج, والحاكم 1/475, والبيهقي 5/147 من طريقين عن خالد الواسطي, بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم على شرط البخاري, ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 1/215 من طريق يزيد بن أبي زياد, عن عكرمة, عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعيره, واستلم الحجر بمحجن كان معه, قال: وأتى السقاية, فقال:"اسقوني" فقالوا: إن هذه يخوضه الناس ولكنا نأتيك به من البيت, فقال:"لا حاجة لي فيه, اسقوني مما يشرب منه الناس".
وأخرجه أحمد 1/248و372 من طريقين عن ابن عباس, بنحوه.
وأخرج أحمد 1/320و336 من طريق ابن جريج, عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس, وداود بن علي بن عبد الله بن عباس بمعناه.
والفضل: هو ابن العباس أخو عبد الله, وأمه: هي أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية وهي والدة عبد الله أيضا.
ومعنى قوله"لولا أن تغلبوا. . . ": لولا أن تغلبكم الناس على هذا العمل إذا رأوني قد عملته لرغبتهم في الاقتداء بي, فيغلبوكم بالمكاثرة, لفعلت, قال الحافظ في"الفتح" 3/492: ويؤيد هذا ما أخرجه مسلم من حديث جابر أتى النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم, فقال: "انزعوا بني عبد المطلب, فلولا أن تغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم",(12/215)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَبِيذَ السِّقَايَةِ الَّذِي يَحِلُّ شُرْبُهُ هُوَ إِذَا لَمْ يُسْكِرْ كَثِيرُهُ شَارِبَهُ
5393- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ شِهَابٍ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سأل عَنِ الْبِتْعِ فَقَالَ: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حرام"1.
38 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم عند المؤلف برقم5345و5371و5372.(12/216)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ شُرْبَ الْأَشْرِبَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا نَبِيذٌ
5394- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسٍ, قَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُ بِقَدَحِي هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّبَنَ وَالْمَاءَ وَالْعَسَلَ وَالنَّبِيذَ2. [50:4]
__________
2- إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 3/247, ومسلم2008 في الأشربة: باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا, والترمذي في"الشمائل"197, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 211, وأبو يعلى3503و3513و3788و3868, والحاكم 4/105, والبيهقي 8/299, والبغوي3020, وأبو نعيم في"حلية الأولياء" 6/261 من طرق عن حماد بن سلمة, بهذا الإسناد. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ, ووافقه الذهبي. وقد قرن بعضهم مع ثابت حميدا. =(12/216)
ذِكْرُ وَصْفِ النَّبِيذِ الَّذِي كَانَ يُنْبَذُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5395- أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ, قَالَ" حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى, قَالَ: حدثنا ابن مَرْيَمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: لَمَّا عَرَّسَ أَبُو أُسَيْدٍ السَّاعِدِيُّ1 دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ, ثُمَّ صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا, وَمَا قَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ إِلَّا امْرَأَتُهُ أُمُّ أُسَيْدٍ, وَبَلَّتْ تُمَيْرَاتٍ مِنَ اللَّيْلِ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ, فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أتته به, فسقته تخصه بذلك2. [50:4]
__________
=وأخرجه البخاري5638 في الأشربة: باب الشرب من قدح النبي صلى الله عليه وسلم وآنيته, والبيهقي 1/30 من طريق أبي عوانة, عن عاصم الأحول, قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك, وكان قد انصدع فسلسله بفضة, قال: وهو قدح جيد عريض من نضار. قال: قال أنس: لقد سَقَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في هذا القدح أكثر من كذا وكذا.
وأخرج النسائي 8/335 في الأشربة: باب ذكر الأشربة المباحة, عن الربيع بن سليمان, عن أسيد بن موسى, عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, عَنْ ثَابِتٍ, عَنْ أَنَسٍ قال: كان لأم سليم قدح من عيدان, فقالت: سقيت فِيهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كل الشراب: الماء, والعسل, واللبن, والنبيذ.
1- تحرف في الأصل إلى: أبي سعيد الخدري, والتصويب من"التقاسيم" 4/84, وقد نبه ناسخ الأصل في الهامش على الصواب.
2- إسناده صحيح على شرط البخاري, محمد بن يحيى: هو الذهلي من رجال البخاري, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم المصري, وأبو حازم: هو سلمة بن دينار الأعرج. =(12/217)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيذَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ النَّبِيذُ الَّذِي لَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ شَارِبَهُ
5396- أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ التَّاجِرُ بِمَرْوَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ عَقِيلٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنْبَذُ لَهُ فِي تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ, فَيَشْرَبُهُ
__________
= وأخرجه البخاري5182 في النكاح: باب قيام المرأة على الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس, ومسلم200687 في الأشربة: باب إباحة النبيذ الذي لم يشتد ولم يصر مسكرا, والطبراني5794, والبيهقي 8/300 من طريق سعيد بن أبي مريم, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/498, والبخاري5176 في النكاح: باب حق إجابة الوليمة والدعوة, و5183: باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس, و5591 في الأشربة: باب الانتباذ في الأوعية والتور, و5597: باب نقيع التمر ما لم يسكر,
و6685 في الإيمان والنذور: باب إذا حلف أن لا يشرب نبيذا, وفي"الأدب المفرد" 746, ومسلم 200686, وابن ماجة1912 في النكاح: باب الوليمة, والطبراني5863و5925ووالبغوي3019 من طرق عن أبي حازم, به.
قال الحافظ في"الفتح" 9/251: وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه, ولا يخفي أن محل ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر, وجواز استخدام الرجل امرأته في مثل ذلك, وفيه جواز إيثار كبير القوم في الوليمة بشيء دون من معه.(12/218)
أَوَّلَ يَوْمٍ وَالثَّانِي وَالثَّالِثَ إِلَى نِصْفِ النَّهَارِ1. [50:4]
50 -
__________
1- حديث صحيح, رجاله ثقات. أبو عمرو بن العلاء: اسمه زبان, أو العريان, أو يحيى, أو جزء, والأول أشهر, والثاني أصح عند الصولي: ثقة من علماء العربية.
وأخرجه أبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 209, والبغوي3023 من طريق محمد بن مرزوق, عن عبيد بن عقيل, بهذا الإسناد, وقد تقدم برقم5387, وانظر5412و5413.(12/219)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيذَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيذًا يُسْكِرُ الْكَثِيرُ مِنْهُ, إِذِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مِنَ الْأَشْرِبَةِ مَا وَصَفْنَا
5397- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ عَائِشَةَ, قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ, فَهُوَ حرام" 2.
50 -
__________
1- حديث صحيح, رجاله ثقات. أبو عمرو بن العلاء: اسمه زبان, أو العريان, أو يحيى, أو جزء, والأول أشهر, والثاني أصح عند الصولي: ثقة من علماء العربية.
وأخرجه أبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 209, والبغوي3023 من طريق محمد بن مرزوق, عن عبيد بن عقيل, بهذا الإسناد, وقد تقدم برقم5387, وانظر5412و5413.
2- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم, انظر5345و5371و5372و5393.(12/219)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ النَّبِيذَ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ بِالَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ شَارِبَهُ
5398- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى, قَالَ: حدثنا معتمر بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى الْفُضَيْلِ, عَنْ أَبِي حَرِيزٍ, أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُ(12/219)
أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ خَطَبَ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ, فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ الْخَمْرَ مِنَ الْعَصِيرِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ, وَالْحِنْطَةِ, وَالشَّعِيرِ, وَالذُّرَةِ, وَإِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ كل مسكر" 1.
50 -
__________
1- إسناده حسن, وهو حديث صحيح, الفضيل: هو ابن ميسرة, وأبو حريز: هو عبد الله بن حسين الأزدي قاضي سجستان, قال الحافظ في"التقريب": صدوق يخطئ, وعامر: هو الشعبي.
وأخرجه أبو داود3677 في الأشربة: باب الخمر مما هي؟ والبيهقي 8/289 من طريق مالك بن عبد الواحد, عن معتمر بن سليمان, بهذا الإسناد.
وأخرجه الدر قطني 4/252 من طريق أصرم بن حوشب, عن فضيل, به.
وأخرجه الدر قطني 4/253 من طريق عثمان بن مطر, عن أبي حريز, به.
وأخرجه أحمد 4/267و273, وفي"الأشربة"72, وابن أبي شيبة 8/113, والترمذي1872 في الأشربة: باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر, وأبو داود3676, وابن ماجة3379 في الأشربة: باب ما يكون منه الخمر, والطحاوي 4/213, والحاكم 4/148, والدارقطني 4/253, والبيهقي 8/289 من طرق عن عامر الشعبي, به وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. ولفظه"إن من العنب خمرا, وإن من التمر خمرا, وإن من العسل خمرا, وإن من البر خمرا, وإن من الشعير خمرا"".(12/220)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ شُرْبِ أَلْبَانِ الْجَلَّالَاتِ
5399- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ عِكْرِمَةَ(12/220)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَبَنِ الْجَلَّالَةِ, وَعَنِ الْمُجَثَّمَةِ, وَعَنِ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ1. [3:2] قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْجَلَّالَةُ: مَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى عَلَفِهَا الْقَذَارَةَ, فَإِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى عَلَفِهَا الْأَشْيَاءَ الطَّاهِرَةَ الطَّيِّبَةَ لَمْ تَكُنْ بِجَلَّالَةٍ.
__________
1- حديث صحيح, رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 1/241و339, والترمذي1825 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل لحوم الجلالة وألبانها, والحاكم 2/34, والبيهقي 9/334 من طرق عن سعيد, بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح, وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 1/226و293و321و339, وأبو داود3719 في الأشربة: باب الشراب من في السقاء, والترمذي1825, والنسائي 7/240 في الضحايا: باب النهي عن لبن الجلالة, وابن الجارود887,والطبراني11819و11820و11821, والبيهقي 5/254و9/333 من طرق عن قتادة, به. وعند بعضهم"ركوب الجلالة" بدل"لبن الجلالة".
والجلالة من الحيوان: التي تأكل العذرة, والجلة: البعر, فوضع موضع العذرة, يقال: جلت الدابة الجلة, وأجتلتها, فهي جالة وجلالة: إذا التقطتها.
والمجثمة: هي المصبورة, وذلك أنها قد جثمت على الموت, أي: حبست عليه بأن توثق وترمى حتى تموت, وأصل الجثوم في الطير, يقال: جثم الطائر, وبرك البعير, وربضت الشاة, وبين الجاثم والمجثم فرق, وذلك أن الجاثم من الصيد يجوز لك أن ترميه حتى تصطاده, والمجثم" هو ما ملكته, فجثمته, وجعلته غرضا ترميه حتى تقتله وذلك محرم.(12/221)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ الشُّرْبِ فِي الْحَنَاتِمِ
5400- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ أَبُو يَعْلَى بِالْأُبُلَّةِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ, عَنْ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ, عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ, عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ, فَزُورُوهَا, وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي أَنْ تُمْسِكُوهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ, فَأَمْسِكُوهَا مَا بَدَا لَكُمْ, وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ إِلَّا فِي سِقَاءٍ, فاشربوا, ولا تشربوا مسكرا"1. [15:2]
5401- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٍ, عَنِ ابْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ عَنِ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ وَالنَّقِيرِ وَالْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ, وَقَالَ: "انْبِذْ فِي سِقَائِكَ, وأوكه, واشربه حلوا طيبا" فقال رجل:
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن فضيل: هو محمد, وابن بريدة: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم977 في الجنائز: باب استئذان النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل في زيارة قبر أمه, و3/158463 في الأشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت. . . , والبيهقي 8/298 عن محمد بن المثني, بهذا الإسناد. وانظر5390و5391.(12/222)
يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي فِي مِثْلِ هَذِهِ- وَأَشَارَ النَّضْرُ بِكَفِّهِ- فَقَالَ:"إِذًا تَجْعَلُهَا مِثْلَ هَذِهِ" - وَأَشَارَ النَّضْرُ بِبَاعِهِ-1.
[. . . .]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُ السَّائِلِ: ائْذَنْ لِي فِي مِثْلِ هَذَا أَرَادَ بِهِ إِبَاحَةَ الْيَسِيرِ فِي الِانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَمَا أَشْبَهَهَا, فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخَافَةَ أن يتعدي ذلك باعا, فيرتقي على المسكر فيشربه.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين: هشام: هو ابن حسان الأزدي القردوسي.
وأخرجه النسائي 8/309 في الأشربة: باب الإذن في الانتباذ التي خصها بعض الروايات, والطحاوي 4/226 من طريقين عن هشام, بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك في"الموطأ" 2/843-844 في الأشربة: باب ما ينهى أن ينبذ فيه, ومسلم199332 في الأشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت. . . , والنسائي 8/305 في الشربة: باب النهي عن نبيذ الدباء والمزفت, و8/306-307: باب النهي عن نبيذ الدباء والحنتم, والطحاوي 4/227 من طرق عن أبي هريرة. وسيأتي عند المؤلف برقم5404و5405و5408.
والمزادة المجبوبة: القرية التي قطع رأسها, وليس لها عزلاء في أسفلها يتنفس منها الشراب, فيصير شرابها مسكرا ولا يدرى به.
وقوله"وأوكه": أي: شد فم السقاء بالوكاء وهو الخيط.(12/223)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الْجِرَارِ الْخُضْرِ
5402- أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ, وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ, قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ سُلَيْمَانَ الشيباني(12/223)
عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ نَبِيذِ الجر الأخضر1. [105:2]
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. شيبان بن فروخ من رجال مسلم, وعبد الأعلى متابعه من رجالهما. أبو عوانة: هو الوضاح بن عبد الله اليشكري, وسليمان الشيباني: هو سليمان بن أبي سليمان أبو إسحاق الشيباني.
وأخرجه أحمد 4/353و380, والشافعي 2/94, والطيالسي814, وعبد الرازق16928, وابن أبي شيبة 8/124, والبخاري5596 في الأشربة: باب ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في الأوعية والظروف بعد النهي, والنسائي8/304 في الشربة: باب الجر الأخضر, والطحاوي 4/226, والبيهقي8/309 من طرق عن سليمان الشيباني, بهذا الإسناد. زاد بعضهم"قلت: والأبيض؟ قال: لا أدري", وزاد آخرون" الجر الأخضر والأبيض والأحمر".(12/224)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الزَّجْرَ زَجْرُ تَحْرِيمٍ لَا زَجْرُ تَأْدِيبٍ
5403- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ إِذْ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ, فَقَالَ: ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ, فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ ابْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ, فَقَالَ: ذَلِكَ مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ, فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَدَقَ, فَقُلْتُ: وَمَا الجر؟ قال: كل شيء من مدر2. [105:2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم, شيبان من رجال مسلم, ومن فوقهما من رجالهما. =(12/224)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الْأَوَانِي الْمُزَفَّتَةِ
5404- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنِي يحيى, عن أبي سلمة
__________
= وأخرجه النسائي8/303 في الأشربة: باب النهي عن نبيذ الدباء, والطحاوي 4/223 من طريق هشام الدستوائي, عن أيوب, بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 8/304: باب النهي عن نبيذ الجر, من طريق إسماعيل ابن علية, والطحاوي 4/223 من طريق وهيب, كلاهما عن أيوب, عن رجل, عن سعيد بن جبير, به.
وأخرجه مسلم199747 في الأشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت, وأبو داود3691 في الأشربة: باب الأوعية, والطحاوي 4/223, والبيهقي 8/308 من طريق يعلى بن حكيم, عن سعيد, به.
وأخرجه مسلم199746, وأبو داود3690, والنسائي 8/308 في الأشربة: باب ذكر الدلالة على النهي للموصوف من الأوعية, وابن أبي شيبة 8/115, والبيهقي 8/308 من طريق منصور بن حيان, عن سعيد بن جبير قال: أشهد على ابن عمر وابن عباس أنهما شهدا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير.
وأخرجه أحمد 2/35, وابن أبي شيبة 8/126و141, ومسلم199750و54و55و56و57و58, و199860, ومالك في"الموطأ" 2/843 في الأشربة: باب ما ينهى أن ينبذ فيه, والترمذي1868 في الأشربة: باب ما جاء في كراهية أن ينبذ في الدباء والحنتم والنقير, والنسائي 8/303و305 في الأشربة: باب النهب عن نبيذ الدباء, و306: باب ذكر النهي عن نبيذ الدباء. . , و308: باب تفسير الأوعية, وابن ماجة3402 في الأشربة: باب النهي عن نبيذ الأوعية, من طرق عن ابن عمر.(12/225)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجَرِّ, وَالدُّبَّاءِ, والظروف المزفتة1.
105 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم, فمن رجال البخاري.
وأخرجه الطحاوي 4/227 من طريق محمد بن عبد الله بن ميمون, عن الوليد, بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/120, والنسائي 8/306 في الأشربة: باب النهى عن نبيذ الدباء ولحنتم والمزفت, والطحاوي 4/226, من طرق عن الأوزاعي, به.
وأخرجه عبد الرازق16926, وأحمد 2/241و279, ومسلم1993 في الأشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت. . , والطحاوي 4/226, والبيهقي 8/309 من طريق الزهري, عن أبي سلمة, به. وانظر5401.(12/226)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي النَّقِيرِ وَالْمَزَادَةِ الْمَجْبُوبَةِ
5405- أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَابِدُ, قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ, عَنِ ابْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: "أَنْهَاكُمْ عَنِ النقير والمقير والحنتم والدباء والمزادة المجبوة, واشرب في سقائك وأوكه" 2. [105:2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير نوح بن قيس فمن رجال مسلم. =(12/226)
5406- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ, قَالَ: حَدَّثَنِي حَفْصٌ اللَّيْثِيُّ, قَالَ:
أَشْهَدُ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُنَا, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ, وَعَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ, وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْحَنَاتِمِ1. [15:2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الشُّرْبُ فِي الْحَنَاتِمِ: أراد به: الانتباذ فيها.
__________
= وأخرجه مسلم199333 في الأشربة: باب النهي عن الانتباذ في المزفت. . . , والبيهقي 8/309 عن نصربن علي, بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود3693 في الأشربة: باب في الأوعية, والدارقطني 4/258 من طريقين عن نوح بن قيس, به.
1- حفص الليثي: هو حفص بن عبد الله الليثي, ذكره المؤلف في"الثقات" 4/151, ولم يرو عنه غير أبي التياح يزيد بن حميد, وحسن الترمذي حديثه هذا, وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه الترمذي1738 في اللباس: باب ما جاء في كراهية خاتم الذهب, والنسائي 8/170 في الزينة: باب حديث أبي هريرة والاختلاف على قتادة, عن يوسف بن حماد المعني, عن عبد الوارث, بهذا الإسناد.
واقتصر الترمذي في روايته على التختم بالذهب فقط, وقال: حديث عمران حديث حسن.
وأخرجه الطيالسي843, وأحمد 4/427- 428و443, وابن أبي شيبة 8/123, والطحاوي 4/226 من طريقين عن أبي التياح, به.(12/227)
ذِكْرُ وَصْفِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ الَّذِي نُهِيَ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِيهَا
5407- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خثيمة, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ, قَالَ: نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ, فَأَمَّا الدُّبَّاءُ, فَكَانَتْ تُخْرَطُ عَنَاقِيدُ الْعِنَبِ, فَنَجْعَلُهُ فِي الدُّبَّاءِ, ثُمَّ نَدْفِنُهَا حَتَّى تَمُوتَ, وَأَمَّا الْحَنْتَمُ, فَجِرَارٌ كُنَّا نُؤْتَى فِيهَا بِالْخَمْرِ مِنَ الشَّامِ, وَأَمَّا النَّقِيرُ, فَإِنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ كَانُوا يَعْمِدُونَ إِلَى أُصُولِ النَّخْلَةِ فَيَنْقِرُونَهَا, وَيَجْعَلُونَ فِيهَا الرُّطَبَ وَالْبُسْرَ, فَيَدْفِنُونَهَا فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَمُوتَ, وَأَمَّا الْمُزَفَّتُ, فَهَذِهِ الزِّقَاقُ الَّتِي فِيهَا الزِّفْتُ1. [105:2]
__________
1 إسناده صحيح, وأخرجه الطيالسي882, ومن طريقه البيهقي 8/309-310 عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن, بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد"5/62 وقال: رواه الطبراني من طريقين رجال أحدهما ثقات.(12/228)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الِانْتِبَاذَ الَّذِي زُجِرَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَوَانِي لَيْسَ بِدَالٍّ عَلَى إِبَاحَةِ شُرْبِ مَا انْتُبِذَ فِي غَيْرِهَا إِذَا كَانَ مُسْكِرًا
5408- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو, عَنْ أَبِي سَلَمَةَ(12/228)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَفَّتِ وَالْمُقَيَّرِ وَالْحَنْتَمَةِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ, وَقَالَ:"كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" 1. [105:2]
__________
1- إسناده حسن, محمد بن عمرو صدوق حسن الحديث, روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة, وباقي السند على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد في"الأشربة"197 عن يزيد, عن محمد بن عمرو, بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/115, والنسائي 8/297 في الأشربة: باب تحريم كل شراب أسكر, وابن ماجة3401 في الأشربة: باب النهي عن نبيذ الأوعية, وابن الجارود858, والطحاوي 4/215- 216 من طرق عن محمد بن عمرو, به.
وأخرجه أحمد في"الأشربة" 116و196, وابن أبي شيبة 8/103 من طريقين عن محمد بن عمرو, به مختصرا بلفظ "كل مسكر حرام".(12/229)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لَهُمُ الِانْتِبَاذَ فِي هَذِهِ الْأَوَانِي الَّتِي نَهَى عَنْهَا بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونَ مُسْكِرًا
5409- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ, عَنْ أَيُّوبَ بْنِ هَانِئٍ, عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنِّي نهيتكم عن(12/229)
نَبِيذِ الْأَوْعِيَةِ, أَلَا وَإِنَّ وِعَاءً لَا يُحَرِّمُ شيئا وكل مسكرحرام" 1. [105:2]
5410- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عاصم, وعن ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن الدباء والنقير2. [105:2]
__________
1أيوب بن هانئ الكوفي مختلف فيه, ذكره المؤلف في"الثقات" 6/55-56, وقال أبو حاتم: شيخ صالح, وقال الدارقطني: يعتبر به, وقال ابن معين: ضعيف, وقال ابن عدي: لا أعرفه, وباقي السند رجاله ثقات.
وأخرجه ابن ماجة3388 في الأشربة: باب كل مسكر حرام, والطبراني10304, والبيهقي 8/311 من طرق عن ابن وهب, بهذا الإسناد. وحسن إسناده البوصيري في"مصباح الزجاجة" ورقة 210, وذكر له شاهدا من حديث ابن عمر عند النسائي والترمذي.
وأخرجه أحمد 1/452, وفي"الأشربة" 12, وابن أبي شيبة 7/161, وأبو يعلى ورقة 249/2, والدارقطني 4/259 من طريق حماد بن زيد, عن فرقد السبخي, عن جابر بن يزيد, عن مسروق, به, زاد بعضهم"كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ,ونهيتكم أن تحبسوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث فاحبسوا". وهذا سند ضعيف لضعف فرقد السبخي وشيخه جابر بن يزيد, وهو الجعفي.
2- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير, فمن رجال مسلم, وقد صرح بالتحديث هو وابن جريج عند النسائي وغيره.
وأخرجه عبد الرازق16935, ومسلم199860,في الأشربة: =(12/230)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِانْتِبَاذِ فِي الْجِرَارِ
5411- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ
عَنْ طاووس قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ, فَسَأَلَهُ عن النبيذ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن نبيذ الجر1. [105:2]
__________
= باب النهي عن الانتباذ في المزفت. . , والنسائي 8/309 في الأشربة: باب الإذن في الانتباذ التي خصها بعض الروايات, والطحاوي 4/225 من طرق عن ابن جريج, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في"الأشربة"36, وابن أبي شيبة 8/116, ومسلم199859, والنسائي 8/310, والطحاوي 4/225, والبيهقي 8/309 من طرق عن أبي الزبير, به. وبعضهم يزيد على بعض.
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هشام بن عبد الملك, وسليمان التيمي: هو سليمان بن طرخان.
وأخرجه النسائي 8/303 في الأشربة: باب النهي عن نبيذ الجر مفردا, عن هارون بن يزيد بن أبي الزرقاء, قال: حدثني أبي, عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/29, وابن شيبة 8/127وومسلم199750, والترمذي1867 في الأشربة: باب ما جاء في نبيذ الجر, والنسائي 8/302 من طرق عن سليمان التيمي, به.
وأخرجه أحمد 2/35, ومسلم199751و52و53, والنسائي 8/304- 305 في الأشربة: باب النهي عن نبيذ الدباء, من طريقين عن طاووس, به. وانظر5403.(12/231)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُنْتَبَذَ لَهُ فِي أَوَانِي الْحِجَارَةِ
5412- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ نُبِذَ لَهُ فِي تور من حجارة1. [50:4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, وقد تقدم برقم5387و5396.(12/232)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الِانْتِبَاذَ فِي التَّوْرِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ إِنَّمَا كَانَ يُنْبَذُ فِيهِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَسْقِيَةِ
5413- أَخْبَرَنَا أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بْنُ جُمُعَةَ الْأَصَمُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنْبَذُ لَهُ فِي سِقَاءٍ, فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ سقاء, ففي تور من حجارة2. [50:4]
__________
2 مؤمل بن إسماعيل سيئ الحفظ, لكنه متابع كما تقدم, وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 3/307, والشافعي 2/95, والبغوي3029 عن سفيان, بهذا الإسناد. وانظر5387و5396و5412.(12/232)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُنْتَبَذَ لَهُ فِي السِّقَاءِ الْمَدْبُوغِ وَإِنْ كَانَتِ الشَّاةُ مَيْتَةٌ قَبْلَ ذَلِكَ
5414- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ(12/232)
مَنِيعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ, عَنْ الشَّعْبِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ شَاةً لِسَوْدَةَ مَاتَتْ, فَدَبَغْنَا جِلْدَهَا, فَكُنَّا نَنْتَبِذُ فِيهِ حَتَّى صار شنا باليا1.
50 -
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري, رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة, فإنه من رجال البخاري. وقد تقدم برقم1281و1282و1283.(12/233)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ لَهُمْ ذَلِكَ
5415- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ, عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ, عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَاتَتْ شَاةٌ لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ, فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَاتَتْ فُلَانَةٌ- تَعْنِي الشَّاةَ- قَالَ: "فَهَلَّا أَخَذْتُمْ مَسْكَهَا", فَقَالَتْ: نَأْخُذُ مَسْكَ شَاةٍ قَدْ مَاتَتْ! فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا قَالَ: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً} [الأنعام:145] لَا بَأْسَ أَنْ تَدْبُغُوهُ تَنْتَفِعُونَ بِهِ". قَالَتْ: فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا, فَسَلَخَتْ مَسْكَهَا, فَاتَّخَذَتْ مِنْهُ قربة حتى تخرقت2. [50:4]
***
__________
2 سماك بن حرب حسن الحديث, لكن في روايته عن عكرمه اضطراب, وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وانظر1281 و1282و1283.(12/233)
42- كِتَابُ اللِّبَاسِ وَآدَابِهِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ إِذَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ
5416- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ, حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَوْفِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا قَشِفُ الْهَيْئَةِ, فَقَالُ: "هَلْ لَكَ مِنْ مَالٍ"؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ, قَالَ: "مِنْ أَيِّ مَالٍ"؟ قُلْتُ: مِنْ كُلٍّ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ مِنَ الْإِبِلِ وَالرَّقِيقِ وَالْغَنَمِ, قَالَ: "إِذَا آتَاكَ اللَّهُ مَالًا, فَلْيُرَ عَلَيْكَ" قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا نَزَلْتُ بِهِ, فَلَمْ يُكْرِمْنِي, وَلَمْ يَقْرِنِي, فَنَزَلَ بِي أَجْزِيهِ بِمَا صَنَعَ؟ قَالَ:" لَا بَلْ أَقْرِهِ1.
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الأحوص فمن رجال مسلم,
وأخرجه الطيالسي1303و1304, ومن طريقه الطبراني 19/608 عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/473, وابن سعد 6/28, والحاكم 4/181 من طرق عن شعبة, به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. =(12/234)
أَبُو الْأَحْوَصِ: عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ نَضْلَةَ أبوه من الصحابة. [67:1](12/235)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ إِظْهَارِ نِعْمَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا, وَانْتِفَاعِهِ بِهَا فِي دَارَيْهِ
5417- أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ يَزِيدَ الْعَطَّارُ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ
عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَرَآهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ فِي هَيْئَةِ أعرابي فقال: "مالك مِنَ الْمَالِ؟ " قَالَ: مِنْ كُلِّ الْمَالِ قَدْ آتَانِيَ اللَّهُ, قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى الْعَبْدِ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ تُرَى بِهِ"1. [66:3]
__________
= وأخرجه أحمد 3/473و4/137, وأبو داود4063 في اللباس: باب في غسل الثوب, والنسائي 8/180و181 في الزينة: باب الجلاجل, و196: باب ذكر ما يستحب من لبس الثياب وما يكره منها, والطبراني 19/607و609و610و. . و621, والبيهقي 10/10, والغوي3118 من طرق عن أبي إسحاق, به.
وأخرجه أحمد 4/136-137, والحميدي883, والطبراني 19/622 من طريق أبي الزعراء عمرو بن عمرو, عن عمه أبي الأحوص, به.
وقد تقدم برقم3410 من غير هذا الطريق, وانظر ما بعده.
1- إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الطبراني 19/623 عن سليمان ابن الحسن, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/473 عن بهز بن أسد, عن حماد بن سلمة, به.
وأخرجه الطبراني 19/624 من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل, عن أبيه, وعبد الملك ن عمير, به. وقد تقدم برقم3410و5416.(12/235)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ تُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ نِعْمَةِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ النِّعْمَةُ فِي رأي العين قليلة, إذا الْقَلِيلُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ كَثِيرٌ
5418- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ, أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ أَنْمَارٍ, قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا نَازِلٌ تَحْتَ شَجَرَةٍ إِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلُمَّ إِلَى الظِّلِّ, قَالَ: فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ جَابِرٌ: فَقُمْتُ إلى غزارة لَنَا, فَالْتَمَسْتُ فِيهَا, فَوَجَدْتُ فِيهَا جِرْوَ قِثَّاءٍ, فَكَسَرْتُهُ, ثُمَّ قَرَّبْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مِنْ أَيْنَ لَكُمْ هَذَا؟ " فَقُلْتُ: خَرَجْنَا بِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْمَدِينَةِ, قَالَ جَابِرٌ: وَعِنْدَنَا صَاحِبٌ لَنَا نُجَهِّزُهُ لِيَذْهَبَ يَرْعَى ظَهَرْنَا, قَالَ: فَجَهَّزْتُهُ, ثُمَّ أَدْبَرَ يَذْهَبُ فِي الظَّهْرِ, وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ لَهُ قَدْ خَلُقَا, قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "أَمَا لَهُ ثَوْبَانِ غَيْرُ هَذَيْنِ؟ " قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, لَهُ ثَوْبَانِ فِي الْعَيْبَةِ كَسَوْتُهُ إِيَّاهُمَا قَالَ: "فَادْعُهُ فَمُرْهُ فَلْيَلْبَسْهُمَا" قَالَ: فَدَعَوْتُهُ, فَلَبِسَهُمَا, ثُمَّ وَلَّى يَذْهَبُ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"ماله ضَرَبَ اللَّهُ عُنُقَهُ, أَلَيْسَ هَذَا خَيْرًا؟ " فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فِي سَبِيلِ اللَّهِ, فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِي سَبِيلِ اللَّهِ "فَقُتِلَ الرَّجُلُ فِي سبيل(12/236)
اللَّهِ1. [67:1]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: هَكَذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْبِدَايَةِ.
وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ سَمِعَ2 جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ, لِأَنَّ جَابِرًا مَاتَ سَنَةَ
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/910-911 في اللباس: باب ما جاء في لبس الثياب للجمال بها. ومن طريقه أخرجه البزار2963,والحاكم 4/183.
وأخرجه البزار2964 من طريق مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, عن جابر.
وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" 5/134 وقال: رواه البزار بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح.
وقوله"في غزوة أنمار": وهي غزوة غطفان, وتعرف بذي أمر, وسببها أن جمعا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا يريدون أن يصيبوا من أطراف رسول الله صلى الله عليه وسلم, فخرج إليهم, فلما سمعوا بذلك هربوا في رؤوس الجبال فرقا ممن نصر بالرعب, فرجع ولم يلق حربا. انظر"طبقات ابن سعد" 2/34-35.
2قال أبو عمر في"التمهيد" 3/251: قال قوم: لم يسمع زيد بن أسلم من جابر بن عبد الله, وقال آخرون: سمع منه, وسماعه من جابر غير مدفوع عندي, وقد سمع من ابن عمر, وتوفي ابن عمر قبل جابر بن عبد الله بنحو أربعة أعوام, توفي جابر سنة ثمان وسبعين, وتوفي ابن عمر سنة أربع وسبعين.(12/237)
تِسْعٍ وَسَبْعِينَ, وَمَاتَ أَسْلَمُ مَوْلَى عُمَرَ فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ بِضْعٍ وَخَمْسِينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ, وَكَانَ عَلَى الْمَدِينَةِ إِذْ ذَاكَ, فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرًا وَهُوَ كَبِيرٌ, وَمَاتَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ سَنَةَ ست وثلاثين ومئة وقد عمر.(12/238)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَثَرَ النِّعْمَةِ يَجِبُ أَنْ تُرَى عَلَى الْمُنْعِمِ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ وَمُوَاسَاتِهِ عَمَّا فَضَلَ إِخْوَانَهُ
5419- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ, حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ, حَدَّثَنَا أَبُو نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَتِهِ, قَالَ: فَجَعَلَ يَضْرِبُ يَمِينًا وَشِمَالًا, قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ, وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ زَادٍ, فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ" فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنْ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ منا في فضل1. [67:1]
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيان السعدي, وأبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قطعة العبدي. وهو في"مسند أبي يعلى"1064.
وأخرجه مسلم1728 في اللقطة: باب استحباب المواساة بفضول المال, والبيهقي 4/182, والبغوي2685 من طريق شيبان بن أبي شيبة, بهذا الإسناد. =(12/238)
ذِكْرُ مَا يَقُولُ الْمَرْءُ عِنْدَ كِسْوَتِهِ ثَوْبًا اسْتَجَدَّهُ
5420- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ, عَنِ الْجُرَيْرِيِّ, عَنْ أَبِي نَضْرَةَ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ قال: "اللهم أنت كسوتني من هَذَا الْقَمِيصَ أَوِ الرِّدَاءَ أَوِ الْعِمَامَةَ, أَسْأَلُكَ خيره وخير ما صنع له, وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له"1. [12:5]
__________
وأخرجه أحمد 3/34ووأبو داود1663 في الزكاة: باب في حقوق المال من طرق عن أبي الأشهب, به.
وفي هذا الحديث دليل على أن لولا الأمر أن يجعل التبرع واجبا عند الحاجة, ومثله النهى عن ادخار لحوم الأضاحي والنهى عن كراء الأرض. وانظر"القواعد النورانية"ص 176-177.
1- حديث صحيح, رجاله ثقات رجال الصحيح. خالد: وهو ابن عبد الله بن عبد الرحمن الواسطي, وقد روى البخاري784 ومسلم 1853 للجريري من روايته. وهو في مسند أبي يعلى1079.
وأخرجه أحمد 3/30و50, وأبو داود4020 في أول كتاب اللباس, والترمذي1767 في اللباس: باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا, وأبو الشيخ في"أخلاق النبي" ص 104 من طريق عبد الله بن المبارك والترمذي في"الشمائل"59 من طريق ابن المبارك والقاسم بن مالك المزني, والبغوي3111 من طريق ابن المبارك وحماد بن أسامة, وأبو يعلى1082, وأبو الشيخ ص 102, والحاكم 4/192, من طريق حماد بن أسامة, وابن سعد 1/460, وأبو الشيخ ص 103 من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخفاف, وأبو داود4022 من طريق محمد بن دينار, خمستهم عن =(12/239)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِحَمْدِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عِنْدَ سُؤَالِهِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَا ذَكَرْنَاهُ
5421- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الوليد بن جشاع, قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, عَنْ سَعِيدٍ الجريري, عن أبي نضرة
__________
= سعيد الجريري, بهذا الإسناد. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ, ووافقه الذهبي, وقال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب صحيح!
ثم أخرجه النسائي310 من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ, عَنِ الْجُرَيْرِيِّ, عَنْ أَبِي العلاء بن عبد الله بن الشخير, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وقال: هذا أولى بالصواب من رواية عيسى بن يونس, فإنه سمع من الجريري بعد الاختلاط, وسماع حماد منه قديم.
قال الحافظ في"أمالي الأذكار", فيما نقله عنه ابن علان 1/304: ولذا أشار أبو داود إلى هذه العلة, وأفاد علة أخري وهي أن عبد الوهاب الثقفي رواه عن الجريري عن أبي نضرة مرسلا لم يذكر أبا سعيد, وغفل ابن حبان والحاكم عن علته فصححاه, أخرجه ابن حبان من رواية عيسى بن يونس, ومن رواية خالد الطحان, وأخرجه الحاكم من رواية أبي أسامة, كلهم عن الجريري, وكل من ذكرنا سوى حماد والثقفي سمعوا من الجريري بعد اختلاطه, فعجب من الشيخيريد النووي كيف جزم بأنه حديث صحيحو ويحتمل أنه صحيح المتن لمجيئه من طريق آخر حسن أيضا.
قلت: يعني الحافظ ما أخرجه أبو داود4023, والحاكم 1/507و4/192-193 من حديث أبي مرحوم, عن سهل بن معاذ بن أنس, عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أكل طعاما, ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام, ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة, غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر, ومن لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة, غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر" , وهذا سند حسن, فإن أبا مرحوم مختلف فيه, وحديثه في الشواهد حسن, وقد تابعه ابن ثوبان عند ابن عساكر 6/23/1.(12/240)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ, فَقَالَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ كَسَوْتَنِي هَذَا, فَلَكَ الْحَمْدُ, أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ, وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ ما صنع له" 1. [14:5]
__________
1- رجاله ثقات رجال الصحيح, إلا إن عيسى بن يونس- وهو ابن أبي إسحاق السبيعي- روى عن الجريري, بعد الاختلاط, كما تقدم في الحديث الذي قبله.
وأخرجه أبو داود4021 في أول اللباس, عن مسدد, والنسائي في"عمل اليوم والليلة"309 عن عبد الله بن يوسف, كلاهما عن عيسى بن يونس بهذا الإسناد.(12/241)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ عِنْدَ لُبْسِهِ2 الثِّيَابَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْمَيَامِنِ مِنْ بَدَنِهِ
5422- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الْأَعْمَشِ, عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ3. [4:5]
__________
3- إسناده صحيح على شرط الشيخين وأخرجه الترمذي1766 في اللباس: باب ما جاء في القمص, عن نصر بن علي, بهذا الإسناد. وقد تقدم برقم1092.(12/241)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِلُبْسِ الْبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ, إِذِ الْبِيضُ مِنْهَا خَيْرُ الثِّيَابِ
5423- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ, عَنِ ابْنُ خُثَيْمٍ, عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ, وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ, فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ, وَإِنَّ مِنْ خَيْرِ أكحالكم الإثمد يجلو البصر, وينبت الشعر" 1.
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير ابن خثيم- وهو عبد الله بن عثمان- فمن رجال مسلم وهيب: وهو ابن خالد.
وأخرجه أحمد 1/328 عن عفان, عن وهيب, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد1/247و274و355و363, وعبد الرزاق6200و6201, وأبو داود3878,في الطب: باب في الأمر بالكحل, والترمذي994 في الجنائز: باب ما يستحب من الأكفان, وابن ماجة1472 في الجنائز: باب ما جاء فيما يستحب من الكفن, و3566 في اللباس: باب البياض من الثياب, وأبو القاسم, والطبراني12485و12486و12487
و12488و12489و12490و12491و12492و12493, والحاكم 1/354, والبيهقي 3/245و5/33, والبغوي 1477 من طرق عن ابن خثيم, به. واختصره بعضهم وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي, وقال الترمذي: حديث حسن صحيح, وهو الذي يستحبه أهل العلم.
وأخرجه الطبراني12427 من طريق حكيم بن جبير, عن سعيد بن جبير, به. وسيأتي الشطر الثاني منه برقم6040 و6041.(12/242)
95 - ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ لُبْسَ الثِّيَابِ الَّتِي لَهَا أَعْلَامٌ إِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لَا تُلْهِيهِ
5424- أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ بِوَاسِطَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدٌ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ في العلم في إصبعين1. [42:4]
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير وهب بن بقية فمن رجال مسلم. خالد الأول: هو خالد بن عبد الله الواسطي, والثاني: هو خالد بن مهران الحذاء.
وأخرجه أحمد 1/36 عن خلف بن الوليد, عن خالد الواسطي, بهذا الإسناد وانظر5441و5454.(12/243)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ لُبْسِ الْمَرْءِ الْعَمَائِمَ السُّودَ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ
5425- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ, عَنْ حَمَّادِ ابْنِ أُخْتِ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ, عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ, قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَيْهِ عمامة سوداء2. [1:4]
__________
2- إسناده على شرط مسلم. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح. وقد تقدم برقم3722.(12/243)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ, وَعَنِ الِاحْتِبَاءِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ
5426- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ, وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ1. [3:2]
__________
1- أسناده حسن. وقد تقدم برقم2290.(12/244)
ذِكْرُ وَصْفِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ اللَّذَيْنِ نُهِيَ عَنْهُمَا
5427- أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنِ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسَتَيْنِ: اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَهُوَ أَنْ يَشْتَمِلَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ يَضَعُ طَرَفَيِ الثَّوْبِ عَلَى عَاتِقِهِ, وَيَبْدُو شِقُّهُ, وَالْآخَرُ أَنْ يَحْتَبِيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ غيره يفضي بفرجه إلى السماء2. [3:2]
__________
2- حديث صحيح, ابن السري متابع, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في"مصنف عبد الرزاق"14987. وقد تقدم برقم4976.(12/244)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ لُبْسِ الْمَرْءِ ثِيَابَ الدِّيبَاجِ, مَعَ الْإِخْبَارِ بِإِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ بِثَمَنِهِ
5428- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ, حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ, حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ
أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لَبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قُبَاءَ دِيبَاجٍ أُهْدِيَ لَهُ, ثُمَّ نَزَعَهُ, فَأَرْسَلَ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ نَزَعْتَهُ؟ فَقَالَ: "جَاءَنِي جِبْرِيلُ, فَنَهَانِي عَنْهُ" قَالَ: فَجَاءَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبْكِي, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَكْرَهُهُ وَتُعْطِينِيهِ! قَالَ: "إِنِّي لَمْ أُعْطِكَ لِتَلْبَسَهُ, وَإِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ لِتَبِيعَهُ" , فَبَاعَهُ بِأَلْفَيْ درهم1. [20:3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم, رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير, فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم2070 في اللباس والزينة: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . , عن إسحاق بن إبراهيم, بهذا الإسناد. وتابع إسحاق عليه عنده محمد بن عبد الله بن نمير ويحيى بن حبيب وحجاج بن الشاعر.
وأخرجه النسائي 8/200 في الزينة: باب ذكر نسخ ذلك, من طريق حجاج, عن ابن جريج, به.(12/245)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الرِّجَالِ وَهُوَ عَالِمٌ بِنَهْيِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, حُرِّمَ عَلَيْهِ لُبْسَهُ فِي الْآخِرَةِ
5429- أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّهُ(12/245)
سَمِعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَرِيرِ قَالَ: " مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا, لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الْآخِرَةِ" 1. [18:2]
__________
1- إسناده صحيح على شرطهما. محمد: هو ابن جعفر الملقب بغندر.
وأخرجه أحمد 3/281 عن محمد بن جعفر, بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري5832 في اللباس: باب في لبس الحرير للرجال وقدر ما يجوز منه, وأبو يعلى3930, والطحاوي4/247, والبيهقي 2/422 من طرق عن شعبة, به.
وأخرجه أحمد 3/101, وابن أبي شيبة 8/345, ومسلم2073 في اللباس: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . ., وابن ماجة3588 في اللباس: باب كراهية لبس الحرير, والطحاوي 4/246-247 من طريقين عن عبد العزيز بن صهيب, به.
وأخرجه الطحاوي 4/247 من طريق اسود, عن شعبة, عن حميد الطويل, عن أنس, وسيأتي برقم5435.(12/246)
ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ هَذَا الْفِعْلُ الْمَزْجُورُ عَنْهُ فِيهِ
5430- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, قَالَ: رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ, وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ من حكة كانت بهما 2. [18:2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه مسلم207625 في اللباس والزينة: باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها, عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار, بهذا الإسناد.=(12/246)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ لُبْسِ الْحَرِيرِ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ أَجْلِ عِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ
5431- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ فَيَّاضٍ بِدِمَشْقَ, قَالَ: حَدَّثَنَا المسيب بن واضح, قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسِ قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ, وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ من حكة كانت بهما 1. [9:4]
__________
= وأخرجه أحمد 3/255و272 عن محمد بن جعفر, به.
وأخرجه احمد 3/180و272, والطيالسي1972, والبخاري2921و2922 في الجهاد: باب الحرير في الحرب, و5839 في اللباس: باب ما يرخص للرجال من الحرير للحكة, ومسلم207625, وأبو يعلى3148و3250, والبيهقي 3/268 من طرق عن شعبة, به.
وأخرجه أحمد 3/215, وابن أبي شيبة 8/355, والبخاري 2919, مسلم207624, وأبو داود4056 في اللباس: باب في لبس الحرير لعذر, والنسائي 8/202 في الزينة: باب الرخصة في لبس الحرير, وابن ماجة3592 في اللباس: باب من رخص له في لبس الحرير, والبيهقي3/268- 269, والبغوي3105 من طريق سعيد بن أبي عروبة, عن قتادة, به. وسيأتي برقم5431و5432.
1- المسيب بن واضح: هو التلمنسي الحمصي, ذكره المؤلف في"الثقات" 9/204 وقال: وكان يخطئ, وقال: أبو حاتم: صدوق يخطئ كثيرا, فإذا قيل له لم يقبل, وقال ابن عدي: كان النسائي حسن الرأي فيه, ويقول: الناس يؤذوننا فيه, وساق له ابن عدي عدة أحاديث تستنكر, ثم قال: أرجو أن باقي حديثه مستقيم, وهو ممن يكتب حديثه. قلت: وقد توبع عليه, ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
2- وأخرجه أحمد 3/273, وأبو يعلى3249 عن حجاج, بهذا الإسناد. وانظر الحديث السالف, و5432.(12/247)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرَ كَانَا فِي غَزَاةٍ, حَيْثُ رُخِّصَ لَهُمَا فِي لُبْسِ الحرير
...
كر الْبَيَانِ بِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَالزُّبَيْرَ كَانَا فِي غَزَاةٍ, حَيْثُ رُخِّصَ لَهُمَا فِي لُبْسِ الْحَرِيرِ
5432- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ
عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ, وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ شَكَيَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمْلَ فِي غَزَاةٍ لَهُمَا, فَرَخَّصَ لَهُمَا فِي قُمُصِ الْحَرِيرِ, فرأيت على كل وحد منهما قميص حرير1.
9 -
__________
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو يعلى2880 عن هدبة بن خالد, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي1973ووأحمد 3/122و192, والبخاري2920 في الجهاد: باب الحرير في الحرب, ومسلم207626 في اللباس والزينة: باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها, والترمذي1722 في اللباس: باب ما جاء في الرخصة في لبس الحرير في الحرب, وأبو يعلى3251, والبيهقي 3/267- 268, والبغوي3106 من طرق عن همام, به.(12/248)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لُبْسَ الْحَرِيرِ لَيْسَ مِنْ لِبَاسِ الْمُتَّقِينَ
5433- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ, عَنِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, عَنْ أَبِي الْخَيْرِ
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ, أَنَّهُ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ, فَلَبِسَهُ, ثُمَّ صَلَّى فِيهِ, ثم انصرف, فنزعه نزعا شدي(12/248)
ذِكْرُ نَفْيِ لُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الْآخِرَةِ عَنْ لَابِسِهِ فِي الدُّنْيَا غَيْرَ مَنْ وَصَفْنَا
5435- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ, قَالَ: حدثنا
__________
= تابعي ثقة, وقال الذهبي في"الكاشف": صدوق, وقال الحافظ في"التقريب": مقبول.
وأخرجه الطحاوي 4/250 من طريقين عن ابن لهيعة, عن يزيد, عن عبد العزيز, عن أبي علي الهمداني, عن ابن زرير, به.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند ابن وهب في"الجامع"102, والطيالسي2253,والطحاوي في"شرح معاني الآثار" 4/251, وابن ماجة3597, وفي سنده ضعيفان.
وعن عبد الله بن عباس عند البزار3006, والطبراني10889, وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
وعن عقبة بن عامر عند الطحاوي 4/251, والبيهقي 3/275- 276, وسنده قوي.
وعن عمر عند البزار3005, والطبراني في"الصغير" 464, وفي سنده عمرو بن جرير وهو متروك.
وعن أبي موسى- وهو الذي قال فيه المؤلف: معلول لا يصح- عند أحمد 4/394و407, والطيالسي506, والترمذي 1720, والنسائي 8/161, والطحاوي 4/251, والبيهقي 3/275 من طرق عن نافع, عن سعيد بن أبي هند, عن أبي موسى, به. وهذا سند رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أنه منقطع, لأن سعيد بن أبي هند لم يسمع من أبي موسى شيئا فيما قاله الدارقطني وغيره, ومع ذلك فقد قال الترمذي: حسن صحيح.
وقوله"حرام": لم يقل"حرامان" لأنه مصدر وهو لا يثنى ولا يجمع, أو التقدير: كل واحد منهما حرام, وقال ابن مالك: أي استعمال هذين, فحذف المضاف, وأبقى الخبر على إفراده.(12/251)
عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ, عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: "مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا, لَمْ يلبسه في الآخرة" 1. [9:4]
__________
1- إسناده صحيح على شرط مسلم, علي بن خشرم من رجال مسلم, ومن فوقه من رجال الشيخين. وقد تقدم برقم5429.(12/252)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لُبْسَ الْحَرِيرِ فِي الْجَنَّةِ عَلَى مَنْ لَبِسَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الرِّجَالِ
5436- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى, قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ, أَنَّ هِشَامَ بْنَ أَبِي رُقَيَّةَ حَدَّثَهُ قَالَ:
سَمِعْتُ مَسْلَمَةَ بْنَ مَخْلَدٍ- وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ- يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ, أَمَا لَكُمْ فِي الْعَصْبِ وَالْكَتَّانِ مَا يُغْنِيكُمْ عَنِ الْحَرِيرِ, وَهَذَا رَجُلٌ يُخْبِرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ يَا عُقْبَةُ, فَقَامَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ وَأَنَا أَسْمَعُ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من كذب علي معتمدا, فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ" وَأَشْهَدُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ, حُرِمَهُ أَنْ يَلْبَسْهُ فِي الآخرة" 2. [109:2]
__________
2- إسناده قوي, هشام بن أبي رقية ذكره المؤلف في"الثقات" 5/501, وروى عنه جمع, وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح غير مسلمة بن مخلد فمن=(12/252)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لَابِسَ الْحَرِيرِ فِي الدُّنْيَا فِي كُلِّ وَقْتٍ مُحَرَّمٌ لُبْسَهُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا دَخَلَهَا
5437- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ, قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ دَاوُدَ السَّرَّاجِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من لبس الحرير في
__________
= رجال أبي داود, وهو صحابي صغير, سكن مصر ووليها مرة, مات سنة 62 هـ
وأخرجه أحمد 4/156, وأبو يعلى1751, والطحاوي 4/247, والطبراني 17/904 من طرق عن ابن وهب, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 17/905 من طريقين عن ابن ثوبان, عن يزيد بن أبي مريم, عن هشام بن أبي رقية, به.
وأورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" 1/144و 5/142 ونسبه في المكان الأول إلى أحمد والطبراني في"الكبير" وأبي يعلى, وفي الثاني زاد نسبته إلى البزار, والطبراني في"الأوسط", وقال: ورجالهم ثقات.
واخرج البيهقي 3/275-276 من طريق يحيى بن أيوب, عن الحسن بن ثوبان وعمرو بن الحارث, عن هشام بن أبي رقية قال: سمعت مسلمة بن مخلد يقول لعقبة بن عامر: قم فأخبر الناس بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام عقبة, فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من جهنم" وسمعترسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي, وحلال لإناثهم".
والعصب, مثل فلس: برد يصبغ غزله, ثم ينسج, ولا يثنى ولا يجمع, وإنما يثنى ويجمع ما يضاف إليه, فيقال: بردا عصب, وبرود عصب, والإضافة للتخصيص, ويجوز أن يجعل وصفا, فيقال: شربت ثوبا عصبا.(12/253)
الدنيا لم يلبسه في الدار الْآخِرَةِ وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ, ولم يلبسه هو" 1. [109:2]
__________
1- رجاله ثقات رجال الصحيح غير داود السراج, فمن رجال النسائي, ولم يوثقه غير المؤلف, وما روى عنه غير قتادة, وقال ابن المديني: مجهول لا أعرفه.
وأخرجه الحاكم 4/191 من طريق إسحاق بن إبراهيم, عن معاذ, بهذا الإسناد, وصححه ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطيالسي2217, وأحمد 3/23, والطحاوي 4/246 عن هشام, به.
وأخرجه علي بن الجعد1010, ومن طريقه البغوي3101 عن شعبة عن قتادة, به.(12/254)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ لُبْسِ السِّيَرَاءِ مِنَ الْقَسِّيِّ وَالْمِيثَرَةِ
5438- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنِ هُبَيْرَةَ بْنِ يَرِيمَ
عَنْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم عن خاتم الذهب, والقسي والمثيرة2. [5:2]
__________
2- إسناده قوي, رجاله ثقات رجال الشيخين غير هبيرة بن يريم, فقد روى له أصحاب السنن.
وأخرجه أحمد 1/93-94 و 104 و 137, وعبد الله بن أحمد في "الزوائد"1/133, وأبو داود4051 في اللباس: باب من كرهه, من طرق عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/127, والترمذي2808 في الأدب: باب ما جاء في كراهية لبس المعصفر للرجل والقسي, والنسائي 8/165و165-166 في الزينة: باب خاتم الذهب, وابن ماجة3654 في اللباس: باب المياثر الحمر, والطحاوي 4/260 من طرق عن أبي إسحاق, به.=(12/254)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لُبْسَ مَا وَصَفْنَا إِنَّمَا هو لبس من لا أخلاق لَهُ فِي الْآخِرَةِ
5439- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنِ ابْنِ عُمَرَ
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَأَى حُلَّةَ سِيَرَاءٍ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اشْتَرَيْتَ هَذِهِ, فَلَبِسْتَهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ, وَلِلْوَفْدِ إِذَا قَدِمُوا عَلَيْكَ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا يَلْبَسُ هَذِهِ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ" ثُمَّ جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا حُلَلٌ وَأَعْطَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مِنْهَا حُلَّةٌ, فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا" فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا له مشركا بمكة1. [5:2]
__________
= وأخرجه عبد الرزاق2836, والنسائي 2/187 في التطبيق: باب النهي عن القراءة في الركوع, و8/166و167و168 في الزينة: باب خاتم الذهب, و169: باب الاختلاف على يحيى بن أبي كثير فيه, و169و170: باب حديث عبيدة, والطحاوي 4/260, والبغوي3130 من طرق عن علي, به. قال الترمذي: حسن صحيح, وانظر5440و5502.
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 2/917-918 في اللباس: باب ما جاء في لبس الثياب.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري886 في الجمعة: باب يلبس أحسن ما يجد,2612 في الهبة: باب هدية ما يكره لبسها, مسلم20686 في اللباس والزينة: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة=(12/255)
5440- أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ, قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ, عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ, قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيِّ وَالْمُعَصْفَرِ, وَعَنْ تختم الذهب, وعن القراءة في الركوع1. [20:2]
__________
= على الرجال والنساء, وأبو داود4040 في اللباس: باب ما جاء في لبس الحرير, والبيهقي 2/422و9/129, والبغوي3099.
وأخرجه عبد الرزاق19929, وأحمد 2/20و146, والبخاري5841 في اللباس: باب الحرير للنساء, ومسلم2068 6 و7, وابن ماجة3591 في اللباس: باب كراهية لبس الحرير, والبيهقي 2/422و3/275 من طرق عن نافع, عن ابن عمر. وقد تقدم برقم5113.
وقوله"حلة سيراء": هو بكسر المهملة, وفتح التحتانية, ثم راء, ثم مد, أي: حرير, قال ابن قرقول: ضبطناه عن المتقنين بالإضافة, كما يقال: ثوب خز, وعن بعضهم بالتنوين على الصفة أو البدل, قال الخطابي, يقال: حلة سيراء, كناقة عشراء, ووجهه ابن التين, فقال: يريد أن عشراء مأخوذ من عشرة, أي: أكملت الناقة عشرة أشهر, فسميت عشراء, وكذلك الحلة سميت سيراء, لأنها مأخوذة من السيور, هذا وجه التشبيه
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"الموطأ" 1/80 في الصلاة: باب العمل في القراءة.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 1/126, ومسلم480213 في الصلاة: باب النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود, و207829 في اللباس والزينة: باب النهي عن لبس الرجل الثوب المعصفر, وأبو داود4044 في اللباس: باب من كرهه, والترمذي264 في الصلاة: باب ما جاء في النهي عن القراءة في الركوع والسجود, و1725 في اللباس: =(12/256)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باب ما جاء في كراهية المعصفر للرجال, والنسائي 2/189 في التطبيق: باب النهي عن القراءة في الركوع, والطحاوي 4/260, والبغوي3094.
وأخرجه أحمد 1/126, وأبو يعلى413و601 من طريقين عن أيوب, عن نافع, به. وإحدى طريقي أبي يعلى"إبراهيم بن حنين عن علي".
وأخرجه الطيالسي103, وأحمد 1/92و114, وعبد الرزاق2832و19964, ومسلم480209و210و211, و207830و31, والترمذي1737 في اللباس: باب ما جاء في كراهية خاتم الذهب, وأبو داود4045و4046, والنسائي 2/189, و217: باب النهي عن القراءة في السجود, وأبو يعلى276و329 و414و415و420و537, والطحاوي 4/260و 262, والبيهقي 2/424و3/274 من طرق عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين, به. واختصره بعضهم.
وأخرجه عبد الرزاق2833, وابن أبي شيبة 8/369, ومسلم480213, والنسائي 8/168و169, وابن ماجة3602 في اللباس: باب كراهية المعصفر للرجال, والطحاوي 4/262 من طرق عن ابن حنين, عن علي.
وأخرجه مسلم480212و213, والنسائي 2/188و217, و8/167و168, وأبو يعلى304و603و604, والطحاوي 4/260 من طرق عن إبراهيم, عن أبيه, عن ابن عباس, عن علي. وقد تقدم برقم5438, وسيأتي برقم5502.
قلت: والنهي عن القسي والمعصفر, وعن تختم الذهب مختص بالرجال, فأما النساء, فمباح لهن هذه الأشياء, ففي"مصنف عبد الرزاق"19956 بإسناد صحيح عن عائشة بنت سعد, قالت: رأيت ستا من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يلبسن المعصفر.(12/257)
ذِكْرُ بَعْضِ الْوَقْتِ الَّذِي أُبِيحَ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِلرِّجَالِ فِيهِ
5441- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ عَامِرٍ, عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ, فَقَالَ: نَهَى نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ لُبْسِ الْحَرِيرِ إِلَّا [مَوْضِعَ] أصبعين أو ثلاث أو أربع1. [18:2]
__________
= وفيه أيضا19970 عن معمر, عن قتادة أن عمر رضي الله عنه رأى على رجل ثوبا معصفرا, فقال: دعوا هذه البراقات للنساء.
ولأحمد 2/197, وأبي داود4066 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جده, قال: هبطنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ثنيهأذاخر, فالتفت إلي وعلي ريطة مضرجة بالعصفر, فقال: "ما هذه الريطة عليك؟ " فعرفت ما كره, فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورا, فقذفتها فيه, ثم أتيته من الغد, فقال: " يا عبد الله ما فعلت الريطة؟ " فأخبرته, قال:"أفلا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس بها للنساء" وسنده حسن.
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في"صحيح مسلم" 2069 15 في اللباس والزينة: باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة. . , عن عبيد الله بن عمر القواريري, بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم206915, والترمذي1721 في اللباس: باب ما جاء في الحرير والذهب, والطحاوي 4/244, والبيهقي 3/269 من طرق عن معاذ بن هشام, به.
وأخرجه أحمد 1/51, مسلم206915, والبيهقي 2/423 من طريين عن سعيد, عن قتادة, به.
وأخرجه الطحاوي 4/248 من طريق وبرة بن عبد الرحمن, عن عامر الشعبي, به. وقد تقدم برقم5424.=(12/258)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ إِسْبَالِ الْمَرْءِ إِزَارَهُ, إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لَا يَنْظُرُ إِلَى فَاعِلِهِ
5442- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى, حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ1 بْنِ حَيَّانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ أَبُو الْمُطَرِّفِ, عَنْ شَرِيكٍ, عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عُقْبَةَ
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ, قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِحُجْزَةِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي سُهَيْلٍ2, فَقَالَ: "يَا سُفْيَانُ لَا تُسْبِلْ إِزَارَكَ, فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إلى المسبلين" 3. [10:2]
__________
= وأخرجه أبو داود4042 في اللباس: باب ما جاء في لبس الحرير, وابن ماجة3593 في اللباس: باب الرخصة في العلم في الثوب, والطحاوي 4/244 من طريقين عن أبي عثمان النهدي, عن عمر.
وأخرجه موقوفا على عمر: ابن أبي شيبة 8/357, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 8/28 من طرق عن الشعبي.
1- في الأصل: محمد بن موسى, وهو خطأ, والتصحيح من"ثقات المؤلف" 9/161,و"الجرح والتعديل" 8/161, وله ترجمة في"تاريخ بغداد" 13/41.
2- كذا الأصل و"التقاسيم" 2/لوحة 103: سهيل, وعند غير المؤلف: سهل.
3- حديث حسن لغيره شريك- وهو ابن عبد الله القاضي- سيئ الحفظ, وباقي رجاله ثقات. محمد بن أبي الوزير: هو محمد بن عمر بن مطرف.
وأخرجه أحمد 4/246و253, وابن ماجة3574 في اللباس: باب موضع الإزار أين هو, والنسائي في"الكبرى" كما في"التحفة" 8/473, والطبراني 20/1024 من طرق عن شريك, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 20/1023 من طريقين عن شريك, عن =(12/259)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ هَذَا الْفِعْلِ
5443- أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ, وَالْحَوْضِيُّ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ جَبَلَةَ, بْنِ سُحَيْمٍ, قَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَرَّ ثِيَابَهُ مِنْ مَخِيلَةٍ فَإِنَّ الله لا ينظر إليه يوم القيامة" 1. [10:2]
__________
=عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ, عَنْ حُصَيْنِ بْنِ قبيصة, وقال مرة: عن قبيصة بن جابر, عن المغيرة.
وقال ابن حجر في"النكت والظراف" 8/473: قلت: وأخرجه ابن منده من طريق أحمد بن الوليد أيضا, عن موسى بن داود, عن شريك, فقال فيه"قبيصة بن جابر" وكذا أخرجه يحيى بن عبد الحميد الحماني"مسنده" عن شريك.
ويشهد له حديث أبي ذر¸وقد تقدم برقم4907, حديث عمر الآتي.
وحجزة الإزار: معقد.
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هشام بن عبد الملك, والحوضي: هو حفص بن عمر.
وأخرجه أحمد 2/44و46و81و103, ومسلم208543 في اللباس والزينة: باب تحريم جر الثوب خيلاء, من طرق عن شعبة, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/131, وابن أبي شيبة 8/387, ومسلم208542 من طريقين عن جبلة بن سحيم, به.
وأخرجه عبد الرازق19980, ومالك 2/914 في اللباس: باب ما جاء في إسبال الرجل ثوبه, وأحمد 2/33و42و46و65و 69و131 =(12/260)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
5444- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ, قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ, عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ, عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ, لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رسول الله إن أحد شقي غزاري يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ, فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكَ لست ممن يصنع ذلك خيلاء" 1. [10:2]
__________
=و147, وابن أبي شيبة 8/387, والبخاري5783 في اللباس: باب قول الله تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} , و5791 في اللباس: باب من جر ثوبه من الخيلاء, ومسلم208542و43و44و45و46, والنسائي 8/206 في الزينة: باب التغليظ في جر الإزار, وابن ماجة3569 في اللباس: باب من جر ثوبه خيلاء, والبغوي3074و 3075 من طرق عن ابن عمر, به. وانظر الحديث الآتي.
وقوله "من مخيلة" أي: من كبر.
1- إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/136, والنسائي 8/208 في الزينة: باب إسبال الإزار, والبغوي3077 من طريقين عن إسماعيل بن جعفر, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/67و104و136, والبخاري3665 في فضائل الصحابة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "لو كنت متخذا خليلا" , و5784 في اللباس: باب من جر إزاره من غير خيلاء, و6062 في الأدب: باب منأثنى على أخيه بما يعلم, وأبو داود4085 في اللباس: باب ما جاء في إسبال الإزار, والبيهقي 2/243 من طرق عن موسى بن عقبة, به. =(12/261)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ مَوْضِعِ الْإِزَارِ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ
5445- أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ, عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ, عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَضَلَةِ سَاقِي, فقال: "ها هنا موضع الإزار, فأن أبيت, فها هنا, ولاحق للإزار في الكعبين" 1. [10:3]
5446- أخبرنا الفضل بن الحباب الجمجمي, قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ, قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عن أبيه, قال:
__________
= وأخرجه أحمد 2/60و128و156, ومسلم208543و44, والنسائي 8/208 في الزينة: باب إسبال الإزار, وابن ماجة3576 في اللباس: باب طول القميص كم هو, من طرق عن سالم بن عبد الله, به.
وانظر ما قبله.
1- إسناده قوي, مسلم بن نذير روى عنه جمع, وذكره المؤلف في"الثقات", وقال أبو حاتم: لا بأس به, وباقي رجاله ثقات. سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 5/382و400-401, وابن ماجة3572 في اللباس: باب موضع الإزار أين هو, عن سفيان, بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد5/396و398, وابن أبي شيبة 8/390-391, والترمذي1783 في اللباس: باب في مبلغ الإزار, والنسائي 8/206-207 في الزينة: باب موضع الإزار, وابن ماجة3572, وعلي بن الجعد2652, والبغوي3078 من طرق عن أبي إسحاق, به. وانظر5448.(12/262)
أَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ, فَقُلْتُ: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْإِزَارِ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ, لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ, وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ, فَفِي النَّارِ, لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى من جر إزاره بطرا"1. [4:3]
__________
1- إسناده صحيح. إبراهيم بن بشار روى له أبو داود والترمذي, وهو حافظ له أوهام, وقد توبع, ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 3/6 وأبن ماجة3573 في اللباس: باب موضع الإزار أين هو, والبيهقي 2/244 عن سفيان, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي2228, وأحمد 3/5و30-31و44و52و97, وابن أبي شيبة 8/391 وأبو داود4093 في اللباس: باب في قدر موضع الإزار, من طريقين عن العلاء بن عبد الرحمن, به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/387-388 من طريق عطية, عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". وانظر5447و5450.(12/263)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ لَابِسَ الْإِزَارِ مِنْ أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ يُخَافُ عَلَيْهِ النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا
5447- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ, قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ, عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَنِ الْإِزَارِ, فَقَالَ: أَنَا أُخْبِرُكُ بِعِلْمٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ, لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ, وَمَا أسفل من
__________
1- إسناده صحيح. إبراهيم بن بشار روى له أبو داود والترمذي, وهو حافظ له أوهام, وقد توبع, ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 3/6 وأبن ماجة3573 في اللباس: باب موضع الإزار أين هو, والبيهقي 2/244 عن سفيان, بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي2228, وأحمد 3/5و30-31و44و52و97, وابن أبي شيبة 8/391 وأبو داود4093 في اللباس: باب في قدر موضع الإزار, من طريقين عن العلاء بن عبد الرحمن, به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/387-388 من طريق عطية, عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من جر إزاره من الخيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة". وانظر5447و5450.(12/263)
ذَلِكَ فَفِي النَّارِ» قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «وَلَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا» (1) [5: 8]
ذِكْرُ وَصْفِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَبْلَغُ إِزَارِ الْمَرْءِ مِنْ بَدَنِهِ
5448 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى عَضَلَةِ سَاقِهِ، فَقَالَ: «هَذَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَأَسْفَلَ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ» (2) . [5: 18]
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ خَبَرَ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ وَهْمٌ
5449 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في " الموطأ " 2/914-915 في اللباس: باب ما جاء في إسبال الرجل ثوبه.
ومن طريق مالك أخرجه البيهقي 2/244، والبغوي (3080) . وانظر الحديث السالف، وسيأتي برقم (5450) .
(2) إسناده قوي، محمد بن وهب بن أبي كريمة روى له النسائي، وهو صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني، وقد تابع زيد بن أبي أنيسة سفيان الثوري، وهو ممن سمع من أبي إسحاق قديماً. وقد تقدم برقم (5445) .(12/264)
عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَضَلَةِ سَاقِي، فَقَالَ: «هَاهُنَا مَوْضِعُ الْإِزَارِ، فَإِنْ أَبَيْتَ فَهَاهُنَا، وَلَا حَقَّ لِلْإِزَارِ فِي الْكَعْبَيْنِ» (1) . [5: 8]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ وَالْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ إِلَّا أَنَّ خَبَرَ الْأَغَرِّ أَغْرَبُ، وَخَبَرَ مُسْلِمِ بْنِ نَذِيرٍ أَشْهُرُ.
5450 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ، بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ أَبِي خَيْرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ذُكِرَ الْإِزَارُ، فَأَتَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، فَقُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِزَارِ، فَقَالَ: أَجَلْ بِعِلْمٍ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى أَنْصَافِ سَاقَيْهِ، لَا جُنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ، وَمَا أَسْفَلَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي النَّارِ، مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ» (2) . [2: 84]
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ تُسْبِلَ الْمَرْأَةُ إِزَارَهَا أَكْثَرَ مِنْ ذِرَاعٍ
5451 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ
__________
(1) إسناده قوي، وهو مكرر (554) .
(2) إسناده صحيح. محمد بن هشام بن أبي خيرة روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الصحيح وقد تقدم برقم (5446) و (5447) .(12/265)
أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ حِينَ ذُكِرَ الْإِزَارُ: فَالْمَرْأَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «تُرْخِي شِبْرًا» قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: إِذًا تَنْكَشِفُ عَنْهَا، قَالَ: «فَذِرَاعًا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ» (1) . [2: 9]
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ مُطْلِقَ الْإِزَارِ فِي الْأَحْوَالِ
5452 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في " الموطأ " 2/915 في اللباس: باب ما جاء في إسبال المرأة ثوبها.
ومن طريق مالك أخرجه أبو داود (4117) في اللباس: باب في قدر الذيل، والبغوي (3082) .
وأخرجه أحمد 6/295-296 و309، والنسائي 8/209 في اللباس: باب ذيول النساء، والطبراني 23/ (840) و (1007) و (1008) من طريقين عن نافع، به.
وأخرجه النسائي 8/209 من طريق يحيى بن أبي كثيرٍ، عن نافع، عن أم سلمة، به.
وأخرجه أحمد 6/293 و315، وابن أبي شيبة 8/408،
وأبو داود (4118) ، والنسائي 8/209، والطبراني 23/ (916) من طريق سليمان بن يسار، عن أم سلمة، به.(12/266)
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، فَبَايَعْنَاهُ وَإِنَّهُ لَمُطْلَقُ الْأَزْرَارِ، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ، فَمَسَسْتُ الْخَاتَمَ، فَمَا رَأَيْتُ مُعَاوِيَةَ وَلَا أَبَاهُ قَطُّ فِي شِتَاءٍ وَلَا حَرٍّ إِلَّا تَنْطَلِقُ أُزُرُهُمَا لَا يُزِرَّانِ أَبَدًا (1) . [4: 1]
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
5453 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ:
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عروة بن عبد الله بن قشير، فقد روى له أبو داود وابن ماجة، وهو ثقة. وهو في " مسند علي بن الجعد " (2775) .
وأخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي " ص 103 عن أبي يعلى، بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي (3084) من طريق أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي، عن علي بن الجعد، به.
وأخرجه أحمد 3/434 و4/19 و5/35، وابن أبي شيبة 8/385-386، والطيالسي (1072) ، وأبو داود (4082) في اللباس: باب حل الأزرار، والترمذي في " الشمائل " (57) ، وابن ماجه (3578) في اللباس. باب حل الأزرار، والطبراني 19/ (41) من طرق عن زهير بن معاوية، به.
وأخرجه الطيالسي (1071) ، وأحمد 3/434 و5/35، وأبو الشيخ ص 103، والطبراني 19/ (49) و (50) و (64) من طرق عن معاوية بن قرة، به.(12/267)
رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يُصَلِّي مَحْلُولًا أَزْرَارُهُ (1) ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي كَذَلِكَ» (2) . [4: 1]
5454 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ سَعِيدٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ، يَقُولُ: أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ بِأَذْرَبِيجَانَ مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَاتَّزِرُوا وَارْتَدُوا وَانْتَعِلُوا وَارْمُوا بِالْخِفَافِ وَاقْطَعُوا السَّرَاوِيلَاتِ، وَعَلَيْكُمْ بِلِبَاسِ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَعُّمَ وَزِيَّ الْعَجَمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالشَّمْسِ فَإِنَّهَا حَمَّامُ الْعَرَبِ، وَاخْشَوْشِنُوا وَاخْلَوْلِقُوا وَارْمُوا الْأَغْرَاضَ، وَانْزُوا نَزْوًا، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَانَا عَنِ الْحَرِيرِ إِلَّا هَكَذَا: أُصْبُعَيْهِ وَالْوسْطَى وَالسَّبَّابَةِ» قَالَ: فَمَا عَلِمْنَا أَنَّهُ يَعْنِي إِلَّا
__________
(1) في الأصل " محلول إزاره " وهو تحريف.
(2) إسناده ضعيف، رجاله ثقات إلا أن زهيراً -وهو ابن محمد التميمي الخراساني- رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها.
وأخرجه الحاكم 1/250، والبيهقي 2/240 من طريق أبى بكر محمد بن محمد بن رجاء، عن صفوان بن صالح، بهذا الإسناد وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي!
وأخرجه البزار (127) عن عمرو بن مالك، عن الوليد بن مسلم، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: رَأَيْتُ ابْنَ عمر محلول الأزرار، وقال: رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محلول الأزرار.(12/268)
الْأَعْلَامَ (1) . [4: 9]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن خشرم فمن رجال مسلم. وعتبة بن فرقد صحابي مشهور سمي أبوه باسم النجم، واسم جده يربوع بن حبيب بن مالك السلمي، ويقال: إن يربوع هو فرقد، وأنه لقب له، وكان عتبة أميراً لعمر في فتوح بلاد الجزيرة.
والأعلام بفتح الهمزة، جمع علم: وهو ما يكون في الثياب من تطريف وتطريز ونحوهما.
وأخرجه أبو القاسم البغوي في " الجعديات " (1030) عن علي بن الجعد، ومن طريقه الإسماعيلي كما في " الفتح " 10/298 عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي أيضاً (1031) عن علي بن الجعد، والبيهقي 10/14 عن آدم بن أبي إياس، كلاهما عن شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، به.
وأخرجه مسلم في " صحيحه " (2069) (12) من طريق زهير، عن عاصم الأحول عن أبي عثمان، قال: كتب إلينا عمر ونحن بأذربيجان: يا عتبة بنَ فرقد إنَّه ليس من كدِّكَ ولا من كد أبيكَ ولا من كدِّ أمك، فأشبعِ المسلمين في رحالهم مما تَشْبعُ منه في رَحْلِكَ، وإياكم والتنعمَ وزيَّ أهل الشرك ولبوسَ الحرير، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن لبوس الحرير، قال: إلاَّ هكذا، ورفع لنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إصبعيه الوسطى والسبابة، وضمهما.
وأخرجه أحمد 1/43 عن يزيد بن هارون، عن عاصم، عن أبي عثمان النهدي، عن عمر بن الخطاب أنه قال: اتَّزِروا وارْتدوا، وانتعِلوا، وألقوا الخفاف والسراويلات، وألقوا الرُّكبَ، وانزوا نزوًا، وعليكم بالمَعَدِّيَةِ، وارموا الأغراض، وذروا التنعم وزيَّ العجم، وإياكم والحريرَ، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نهى عنه، وقال: "لا تلبسوا من الحرير، إلاَّ ما كان هكذا -وأشار رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصبعيه-" وأخرجه بنحوه أبو يعلى في " مسنده " (213) من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم الأحول، به.(12/269)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنْ أَرَادَ الِانْتِعَالَ أَنْ يَبْدَأَ بِالْيُمْنَى وَعِنْدَ النَّزْعِ بِالشِّمَالِ
5455 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ،
__________
= وقوله " وألقوا الركب " الركب بضمتين: جمع ركاب، يريد أن يدعوا الاستعانة بها على ركوب الخيل، و" انزوا نزواً " أي: ثبوا على الخيل وثباً لما في ذلك من القوة والنشاط.
وقوله " وعليكم بالمعدية "، أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (19994) عن عمر، عن قتادة أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى وفيه " وتمعددوا "، قال أبو عبيد في " غريب الحديث " 3/327: تمعددوا: تشبهوا بعيش معد، وكانا أهل قشف، وغلظ في المعاش، يقول: فكونوا مثلهم، ودعوا التنعم وزي العجم، وهكذا هو في حديث آخر " عليكم باللبسة المعدية " قلت: وإنما نهاهم عن التنعم، لأن في التنعم اللين والطراوة، ثم الضعف والذلة.
وقال الزمخشري في " الفائق " 3/106: التمعدد: التشبة بمعدّ في قشفهم وخشونة عيشهم، واطِّراح زي العجم وتنعمهم وإيثارهم لِلَيان العيش، وعنه (أي عن عمر) رضي الله عنه " عليكم باللُّبسة المعدّية "، وبتمعددوا استدلّ النحويون على أصالة الميم في معد وأنه فعل لا مفعل، وقيل: التَّمعدُد: الغلظ، يقال للغلام إذا شبَّ وغلُظَ: قد تمعدد قال:
ربَّيتُه حتى إذا تَمعدَدَا
قلت: والمرفوع من الحديث تقدم برقم (5424) و (5441) .(12/270)
فَلْيَبْدَأْ بِالْيَمِينِ، وَإِذَا نَزَعَ، فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، فَلْتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا بِفِعْلٍ وَآخِرَهُمَا بِنَزْعٍ» (1) . [1: 78]
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ التَّيَامُنِ لِلْإِنْسَانِ فِي أَسْبَابِهِ اقْتِدَاءً بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
5456 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي التَّرَجُّلِ وَالِانْتِعَالِ (2) . [1: 78]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو في " الموطأ " 2/916 في اللباس: باب ما جاء في الانتعال.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/465، والبخاري (5856) في اللباس: باب ينزع نعله اليسرى، وأبو داود (4139) في اللباس: باب في الانتعال، والترمذي (1779) في اللباس: باب ما جاء بأي رجل يبدأ إذا انتعل، وفي " الشمائل " (79) ، والبيهقي 2/432، والبغوي (3155) .
وأخرجه أحمد 2/245 عن سفيان، عن أبي الزناد به. وانظر (5461) .
(2) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن رجاء فمن رجال البخاري. واسم أبي الشعثاء: سُليم بن أسود بن حنظلة.
وأخرجه أبو الشيخ في " أخلاق النبي " ص 261 عن أبي خليفة، بهذا الإسناد. =(12/271)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِدَوَامِ الِانْتِعَالِ لِلْمَرْءِ وَتَرْكِ الْحَفَاءِ
5457 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْجَوَالِيقِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» (1) . [1: 95]
__________
= وأخرجه الطيالسي (1410) ، وأحمد 6/94 و130 و147 و187-188 و202 و210، والبخاري (168) في الوضوء: باب التيمن في الوضوء والغسل، و (426) في الصلاة: باب التيمن في دخول المسجد وغيره و (5380) في الأطعمة: باب التيمن في الأكل وغيره، و (5854) في اللباس: باب يبدأ بالنعل اليمني، و (5926) في اللباس: باب الترجيل والتيمن فيه، ومسلم (268) (66) و (67) في الطهارة: باب التيمن في الطهور وغيره، وأبو داود (4140) في اللباس: باب في الانتعال، والترمذي في " السنن " (608) في الصلاة: باب ما يستحب من التيمن في الطهارة، وفي " الشمائل " (80) ، والنسائي 1/78 في الطهارة: باب بأي الرجلين يبدأ بالغسل، وابن ماجة (401) في الطهارة: بات التيمن في الوضوء، وأبو عوانة 1/222، وأبو الشيخ ص 261 من طرق عن أشعث بن أبي الشعثاء، به.
(1) حديث صحيح، يحيى بن عثمان بن صالح صدوق روى له ابن ماجة، ومن فوقه على شرط الصحيح إلاَّ أن ابن جريج وأبا الزبير لم يصرحا بالتحديث.
وأخرجه أحمد 3/337 و360، وأبو داود (4133) في اللباس: باب في الانتعال، من طريقين عن أبي الزبير، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 8/44 من طريق مجَّاعة بن الزبير، عن الحسن، عن جابر.
وفي الباب عن عمران بن حصين، أخرجه الخطيب في " تاريخه " 9/404-405، والعقيلي في " الضعفاء " 4/255، وابن عدي في " الكامل " =(12/272)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْأَمْرَ إِنَّمَا أَمَرَ بِهِ فِي الْمَغَازِي وَحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهَا
5458 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَعْيَنَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي غَزْوَةٍ غَزَوْنَاهَا: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ النِّعَالِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ لَا يَزَالُ رَاكِبًا مَا انْتَعَلَ» (1) . [1: 95]
__________
= 6/2419، والطبراني 18/ (375) من طريق الحسن بن علي الحلواني، عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن مجاعة بن الزبير، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ...
قَالَ ابن عدي: هكذا رواه عبد الصمد، فقال: عن الحسن، عن عمران بن حصين، ورواه النضر بن شميل فقال: عن الحسن، عن جابر، حدثناه ابن صاعد، عن خلاد بن أسلم، عن النضر بن شميل، عن مجاعة ...
قلتُ: ورواه البخاري في " تاريخه " 8/44 من طريق يحيى بن موسى، عن النضر بن شميل، عن مجاعة، عن الحسن عن جابر.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 5/138 من حديث عمران بن حصين، ونسبه إلى الطبراني، وقال: وفيه مجاعة بن الزبير قال أحمد: لا بأس به في نفسه، وقال ابنُ عدي: هو ممن يحتمل ويُكتب حديثه، وضعفه الدارقطني، وبقية رجاله ثقات.
وعن عبد الله بن عمرو عند الطبراني في " الأوسط " قال الهيثمي: وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
(1) إسناده على شرط مسلم. وهو في " صحيحه " (2096) في اللباس: باب لبس النعال وما في معناها، عن سلمة بن شبيب، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " 2/346 عن محمد بن معدان بن عيسى الحراني، عن الحسن بن محمد بن أعين، به.(12/273)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَصْدِ الْمَرْءِ الْمَشْيَ فِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ
5459 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ، فَلَا يَمْشِ (1) فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ، وَفِي الْخُفِّ الْوَاحِدِ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيُحْفِهِمَا جَمِيعًا» (2) . [2: 43]
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مَشْيِ الْمَرْءِ فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ إِذَا انْقَطَعَ شِسْعُهُ أَوْ عَامِدًا لَهُ
5460 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَمْشِ أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا، أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا» (3) . [2: 43]
__________
(1) في الأصل: فلا يمشي، والمثبت من " التقاسيم " 2/لوحة 146.
(2) إسناده صحيح، إبراهيم بن بشار روى له أبو داود والترمذي، وهو حافظ، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه عبد الرزاق (20216) ، وأحمد 2/424، و443 و477 و480 و528، وابن أبي شيبة 8/415-416 و416، ومسلم (2098) في اللباس: باب استحباب لبس النعل في اليمنى أولا، والنسائي 8/217 و218 في الزينة: باب ذكر النهي عن المشي في نعل واحدة، وابن ماجة (3617) في اللباس: باب المشي في النعل الواحدة، والبغوي (3158) من طرق عن أبي هريرة.
(3) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في " الموطأ " 2/916 في اللباس: باب ما جاء في الانتعال. =(12/274)
5461 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْمَسَاحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «احْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوِ انْعَلْهُمَا جَمِيعًا، وَإِذَا لَبِسْتَ فَابْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا خَلَعْتَ، فَابْدَأْ بِالْيُسْرَى» (1) . [1: 26]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "احْفِهِمَا جَمِيعًا، أَوِ انْعَلْهُمَا جَمِيعًا" أَمْرُ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ، قَصَدَ بِهِمَا الزَّجْرَ عَنِ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ أَوْ خُفٍّ وَاحِدَةٍ.
***
__________
= ومن طريق مالك أخرجه البخاري (5855) في اللباس: باب لا يمشي في نعل واحدة، ومسلم (2097) (68) في اللباس: باب استحباب لبس النعل في اليمنى أولاً، وأبو داود (4136) في اللباس: باب في الانتعال، والترمذي (1774) في اللباس باب ما جاء في كراهية المشي في النعل الواحدة، وفي " الشمائل " (77) ، والبيهقي 2/432، والبغوي (3157) . وانظر ما سلف.
(1) حديث صحيح، شريك وإن كان سيىء الحفظ قد توبع، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين. محمد بن زياد: هو الجمحي مولاهم أبو الحارث المدني.
وأخرجه أحمد 2/409 و430 و497 و498، وابن أبي شيبة 8/414-415، وابن ماجة (3616) في اللباس. باب لبس النعال وخلعها، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/233 و283 و430، وعبد الرزاق (20215) ، ومسلم (2097) (67) في اللباس: باب استحباب لبس النعل في اليمنى أولاً، من طريقين عن محمد بن زياد، به.(12/275)
43- كِتَابُ الزِّينَةِ وَالتَّطْيِيبِ
5462 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ طَرَفَةَ
عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ جَدِّهِ أَنَّهُ أُصِيبَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكِلَابِ، فَاتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ (1) . [1: 98]
__________
(1) إسناده حسن، عبد الرحمن بن طرفة روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في " الثقات " 5/92، ووثقه العجلي، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو الأشهب: هو جعفر بن حيان السعدي.
وأخرجه أحمد 5/23، وابن أبي شيبة 8/499، وأبو داود (4232) و (4233) و (4234) في الخاتم: باب ما جاء في ربط الأسنان بالذهب والترمذي (1770) في اللباس: باب ما جاء في شد الأسنان بالذهب والنسائي 8/164 في الزينة: باب من أصيب أنفه هل يتخذ أنفاً من ذهب، وأبو يعلى (1501) و (1502) ، والطحاوي 4/257 و258، والطبراني 17/ (369) و (370) ، والبيهقي 2/425 و426 من طرق عن أبي الأشهب، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة، وقد روي عن جماعة من السلف أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم. =(12/276)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ التَّطَيُّبِ لِلْمَرْءِ بِالْعُودِ النِّيءِ وَالْكَافُورِ
5463 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا اسْتَجْمَرَ، اسْتَجْمَرَ بِالْأَلُوَّةِ غَيْرَ مُطَرَّاةٍ، وَبِكَافُورٍ يَطْرَحُهُ مَعَ الْأَلُوَّةِ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا كَانَ يَسْتَجْمِرُ
__________
= وقال يزيد بن هارون في رواية أبي داود (4233) : قلت لأبي الأشهب: أدرك عبد الرحمن بن طرفة جده عرفجة؟ قال: نعم.
وأخرجه أحمد 5/23، والنسائي 8/163-164، والطبراني 7/ (371) من طريق سلم بن زرير، عن عبد الرحمن بن طرفة، به.
وفي الباب عن عبد الله بن عمر أن أباه سقطت ثنيته، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يشدها بذهب. أخرجه الطبراني في " الأوسط ": حدثنا موسى بن زكريا، حدثنا شيبان بن فروخ، حدثنا أبو الربيع السمان، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عبد الله بن عمر. وقال: لم يروه عن هشام بن عروة إلاَّ أبو الربيع السمان.
قلت: وأبو الربيع السمان -واسمه أشعث بن سعيد البصري- ضعفه غيرُ واحد، وقال بعضهم: متروك وقال ابن عدي: في أحاديثه ما ليس بمحفوظ، ومع ضعفه يكتب حديثه.
وروى ابن قانع في " معجم الصحابة ": حدثنا محمد بن الفضل بن جابر، حدثنا إسماعيل بن زرارة حدثنا عاصم بن عمارة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن [عائشة عن] ، عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، قال: اندقَّت ثنيَّتي يوم أحد، فأمرني النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أتخذ ثنية من ذهب.
وثمت آثار في الباب انظر تخريجها في " نصب الراية " 4/237.(12/277)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (1) . [4: 1]
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الزَّعْفَرَانِ أَوْ طِيبٍ فِيهِ الزَّعْفَرَانُ
5464 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا
__________
(1) أحمد بن سعيد روى له أبو داود وهو صدوق ومن فوقه ثقات على شرط مسلم، إلا أن مخرمة لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبي مريم، عن موسي بن سلمة، عن مخرمة، وزاد: إنما هي كتب كانت عندنا، وقال علي بن المديني: لم أسمع أحداً من أهل المدينة يقول عن مخرمة: إنه قال في شيء من حديثه: سمعت أبي، وقال المؤلف في " ثقاته " 7/510: يحتج بروايته من غير روايته عن أبيه، لأنه لم يسمع من أبيه ما يروي عنه، قال أحمد بن حنبل عن حماد بن خالد الخياط قال: أخرج إليَّ مخرمة بن بكير كتباً، فقال: هذه كتب أبي، لم أسمع من أبي شيئاً، ثم روى المؤلف عن ابن أبي أويس، قال: رأيت في كتاب مالك بخطه، قلت لمخرمة بن بكير: ما حدثتني سمعته من أبيك؟
فحلف لسمعه من أبيه، وقال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في " الجرح والتعديل " 8/364 بعد أن أورد خبر ابن أبي أويس: إن كان سمعها من أبيه، فكل حديثه عن أبيه إلا حديثاً يحدث به عن عامر بن عبد الله بن الزبير.
وأخرجه مسلم (2254) في الألفاظ: باب استعمال المسك..، والنسائى 8/156 في الزينة: باب البخور، وفي " الكبري " كما في " التحفة " 6/85، والبيهقي 3/244 والبغوي (3168) من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 3/244 من طريق أحمد بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، عن بكير به.
والألوة: العود يتبخر به، وغير مطراة، أي: غير مخلوطة بغيرها.(12/278)
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ التَّزَعْفُرِ (1) . [2: 9]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُسْتَقْصِي لِلَّفْظَةِ الْمُخْتَصَرَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
5465 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الشَّافِعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ
__________
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن الجعد، فمن رجال البخاري. إسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مقسم الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن عُلية، ورواية شعبة عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر.
وأخرجه الترمذي (2815) في الأدب: باب ما جاء في كراهية التزعفر والخلوق للرجال، من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 1/314 وأحمد 3/101، ومسلم (2101) في اللباس والزينة: باب نهي الرجل عن التزعفر، وأبو داود (4179) في الترجل: باب الخلوق للرجال، والنسائي 8/189 في الزينة: باب التزعفر، وأبو يعلى (3888) ، والبيهقي 5/36، والبغوي (3160) من طريق إسماعيل بن علية، به.
وأخرجه الطيالسي (2063) ، والبخاري (5846) في اللباس: باب النهي عن التزعفر للرجال، والنسائي 8/189، وأبو يعلى (3925) ، والبيهقي 5/36 من طريقين عن عبد العزيز بن صهيب، به.
وقال الترمذي: معنى كراهية التزعفر للرجل أن يتطيب به. وانظر " شرح السنة " 12/79-81، و" الفتح " 10/317.(12/279)
عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ (1) . [2: 9]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ تَحْسِينُ ثِيَابِهِ وَعَمَلِهِ إِذَا قَصَدَ بِهِ غَيْرَ الدُّنْيَا
5466 - أَخْبَرَنَا الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ بِنْتِ تَمِيمِ بْنِ الْمُنْتَصِرِ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَابِرُ بْنُ الْكُرْدِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ مَنْ بَطِرَ الْحَقَّ، وَغَمَصَ النَّاسَ» (2) . [3: 65]
__________
(1) إسناده صحيح، إبراهيم بن محمد الشافعي: هو ابن عم الإمام، روى له النسائي وابن ماجة، وهو صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/187، ومسلم (2101) في اللباس والزينة: باب نهي الرجل عن التزعفر، وأبو داود (4179) في الترجل: باب الخلوق للرجال، والترمذي (281) في الأدب: باب ما جاء في كراهية التزعفر والخلوق للرجال، وأبو يعلى (3889) و (3934) من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
(2) إسناده صحيح، جابر بن الكردي روى له النسائي وهو صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. وقد تقدم برقم (224) .(12/280)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ تَحْسِينِ الْمَرْءِ ثِيَابَهُ وَلِبَاسَهُ إِذَا كَانَ مُتَعَرِّيًا عَنْ غَمْصِ النَّاسِ فِيهِ
5467 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي سَمِينَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حُبِّبَ إِلَيَّ الْجَمَالُ، فَمَا أُحِبُّ أَنْ يَفُوقَنِي أَحَدٌ فِيهِ بِشِرَاكٍ، أَفَمِنَ الْكِبْرِ هُوَ؟ قَالَ: «لَا، إِنَّمَا الْكِبْرُ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَغَمَصَ النَّاسَ» (1) . [3: 65]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ تَرْكُ كِسْوَةِ الْحِيطَانِ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي يُرِيدُ بِهَا التَّجَمُّلَ دُونَ الِارْتِفَاقِ
5468 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ، مَوْلَى بَنِي النَّجَّارِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
__________
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة، فمن رجال البخاري.
وأخرجه أبو داود (4092) في اللباس: باب ما جاء في الكبر، عن محمد بن المثنى، عن عبد الوهاب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/181-182 من طريق أبي بحر عبد الرحمن بن عثمان البكراوي، عن هشام، به.(12/281)
«لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ تِمْثَالٌ» فَقُلْتُ: أَنْطَلِقُ إِلَى عَائِشَةَ، فَأَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَأَتَيْتُهَا، فَقُلْتُ: يَا أُمَّهْ إِنَّ هَذَا حَدَّثَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تِمْثَالٌ أَوْ كَلْبٌ» فَهَلْ سَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا، وَلَكِنْ سَأُحَدِّثُكُمْ مَا رَأَيْتُهُ فَعَلَ: خَرَجَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ، فَكُنْتُ أَتَحَيَّنُ قُفُولَهُ، فَأَخَذْتُ نَمَطًا، فَسَتَرْتُهُ عَلَى الْمَعْرِضِ، فَلَمَّا جَاءَ اسْتَقْبَلْتُهُ عَلَى الْبَابِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَعَزَّكَ وَنَصَرَكَ وَأَكْرَمَكَ، فَنَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، فَرَأَى فِيهِ النَّمَطَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ شَيْئًا، وَرَأَيْتُ الْكَرَاهَةَ فِي وَجْهِهِ، فَجَذَبَهُ حَتَّى هَتَكَهُ أَوْ قَطَعَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْنَا فِيمَا رَزَقَنَا أَنْ نَكْسُوَ الطِّينَ وَالْحِجَارَةَ» قَالَتْ: فَقَطَعْتُهُ قِطْعَتَيْنِ، وَحَشَوْتُهُمَا لِيفًا، فَلَمْ يَعِبْ ذَلِكَ عَلَيَّ (1) . [5: 8]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سهيل بن أبي صالح فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم (2106) (87) و (2107) في اللباس: باب تحريم صورة الحيوان، وأبو داود (4154) في اللباس: باب في الصور، من طريق عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقى 7/271-272 من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن جرير، به.
وأخرجه أبو داود (4153) ، وأبو يعلى (1/32) ، والطحاوي 4/282 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. ولم يذكر في " مسند أبى يعلى ": زيد بن خالد الجهني، وأخرجه أحمد 4/30 مختصراً كذلك. وانظر (5813) و (5820) و (5825) و (5830) .(12/282)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ تَغْيِيرَ شَيْبِهِ بِبَعْضِ مَا يُغَيِّرُهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ
5469 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ وَسَّاجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَكَانَ أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حَتَّى قَنَأَ لَوْنُهَا سَوَادًا، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ، فَقُلْتُ: قَنَأَ لَوْنُهَا سَوَادًا، قَالَ: لَمْ أَقُلْ سَوَادًا (1) . [4: 5]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الصحيح. أبو عبيد: هو المَذْحجيُّ صاحب سليمان بن عبد الملك مختلف في اسمه، علق له البخاري، واحتج به مسلم.
وعلقة البخاري في " صحيحه " (3920) في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة، عن عبد الرحمن بن إبراهيم، بهذا الإسناد، ولفظه " قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، فكان أَسَنَّ أَصْحَابِهِ أَبُو بَكْرٍ فَغَلَّفَهَا بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ حتى قنأ لونها ".
ووصله الإسماعلي كما في " تغليق التعليق " 4/97 عن الحسن، هو ابن سفيان، وابن أبي حسان، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، به.
وأخرجه ابن سعد 3/191، والبخاري (3919) ، وأبو نعيم في " الحلية " 5/248 من طريق إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وسّاج، عن أنس، قال: قدم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس في أصحابه أشمط غير أبي بكر، فغلّفها بالحناء والكتم.(12/283)