. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد: 2/67 و68 و127، والبخاري 6617 في القدر: باب يحول بين المرء وقبله، و7391 في التوحيد: باب مقلب القلوب، والترمذي 1540 في النذور والأيمان: باب ما جاء كيف كان يمين النبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 13164 و13165 و13166، والبيهقي 10/27 من طرق عن موسى بن عقبة، به.
وأخرجه النسائي 7/2-3 باب الحلف بمصرف القلوب، وابن ماجة 2093 في الكفارات: باب يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يحلف بها، من طريق عباد بن إسحاق، عن سالم، به.(10/176)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ اللَّغْوِ الَّذِي لَا يُؤَاخَذُ اللَّهُ الْعَبْدَ بِهِ فِي كَلَامِهِ
4333 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ، فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "هُوَ كلام الرجل: كلا والله، وبلى والله" 1.
__________
1 رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم الصائغ فقد روى له أبو داود والنسائي وهو صدوق، وفي حسان بن إبراهيم كلام ينزله عن رتبة الصحيح.
وأخرجه أبو داود 3254 في الأيمان والنذور: باب لغو اليمين، ومن طريقه البيهقي 10/49 عن حميد بن مسعدة.
وأخرجه ابن جرير 4382 من طريق حسان الكرماني كلاهما عن إبراهيم الصائغ، بهذا الإسناد.
وقال أبو داود: روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفاً على عائشة، وكذلك رواه الزهري، وعبد الملك بن أبي سليمان، ومالك بن مغول، كلهم عن عطاء، عن عائشة، موقوفاً، وصحح الدارقطني وقفه فيما نقله عنه الحافظ في "التلخيص" 4/167.
وأخرجه الشافعي 2/74، ومن طريق البيهقي 10/49 عن سفيان، عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/176)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عمرو، وابن جريج، عن عطاء، قال: ذهبت أنا وعبيد الله بن عمير إلى عائشة رضي الله عنها وهي معتكفة في ثبير، فسألناها عن قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} فقالت: هو: لا والله، بلى والله.
وأخرجه الطبري 4379 و4380 و4381 و4394 و4395 و4397 و4399 و4400، والبيهقي 10/49 من طرق عن عطاء، به.
وأخرجه البخاري 6663 في الأيمان والنذور: باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} ، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 12/221، والبيهقي 10/48 من طريق يحيى بن سعيد، وابن الجارود 925 من طريق عيسى بن يونس، والطبري 4377 و4378 عن وكيع وعبيدة، وأبي معاوية وجرير، عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة، في قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قالت: أنزلت في قول الرجل: بلى والله، ولا والله.
وأخرجه مالك 2/477 في النذور والأيمان: باب اللغو في اليمين، عن هشام ابن عروة، عن أبيه عن عائشة أنها كانت تقول: لغو اليمين قول الإنسان: لا والله، وبلى والله. وعن مالك أخرجه الشافعي 2/74، وعنه البيهقي 10/48.
وقال الطبري في "جامع البيان" 4/432: وقال آخرون: بل اللغو في اليمين: اليمين التي يحلف بها الحالف وهو يرى أنه كما يحلف عليه، ثم يتبين غير ذلك، وأنه بخلاف الذي حلف عليه، ثم ذكر بإسناده عن أبي هريرة أنه كان يقول: لغو اليمين: حلف الإنسان على الشيء يظن أنه الذي حلف عليه، فإذا هو غير ذلك.
قلت: وأكثر أهل العلم أن هذا اليمين لا كفارة فيها، وهو قول زرارة بن أوفى ومجاهد، والحسن، والنخعي، وقتادة، ومكحول، وسليمان بن يسار، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأبي حنيفة وأصحابه.
وانظر الطبري 4/432-437، والمغني 8/688-689، و"فتح الباري" 547-548.(10/177)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ وَالْعُقُودَ إِذَا اخْتَلَجَتْ بِبَالِ الْمَرْءِ لَا حَرَجَ عَلَيْهِ بِهَا مَا لَمْ يُسَاعِدْهُ الْفِعْلُ أَوِ النُّطْقُ
4334 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: "إن اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ به" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. قتادة: هو ابن دعامة السَّدوسي، وهمام: هو ابن يحيى بن دينار العَوْذي.
وأخرجه الطيالسي 2459، وأحمد 2/491، والبيهقي 7/298 من طريقين عن همام، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 2459، وأحمد 2/255 و393 و425 و474 و481، والبخاري 2528 والعتق: باب الخطأ والنسيان في العتاقة والطلاق ونحوه، و5269 في النكاح: باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران ... ، و6664 في الأيمان: باب تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب إذا لم تستقر، وأبو داود 2209 في الطلاق: باب في الوسوسة بالطلاق، والترمذي 1183 في الطلاق: باب ما جاء فيمن يحدث نفسه بطلاق امرأته، والنسائي 6/156-157 و157 في الطلاق: باب من طلق في نفسه، وابن ماجة 2044 في الطلاق: باب طلاق المكره والناسي، والبيهقي 7/298 من طرق عن قتادة، به.
قال الحافظ: قال الكرماني: فيه أن الوجود الذهني لا أثر له، وإنما الاعتبار بالوجود القولي في القوليات، والعملي في العمليات، وقد احتج به من لا يرى المؤاخذة بما وقع في النفس ولو عزم عليه، وانفصل من قال: يؤاخذ بالعزم بأنه نوع من العمل يعني عمل القلب.
قلت القائل ابن حجر: وظاهر الحديث أن المراد بالعمل عمل الجوارح، لأن المفهوم من لفظ ما لم تعمل يشعر بأن كل شيء في الصدر لا يؤاخذ به سواء توطن به أم لم يتوطن.(10/178)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ قَتَادَةُ
4335 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا ما لم تنطق أو تعمل به" 1.
__________
1 إسناده قوي، رجاله رجال الشيخين غير سالم بن نوح فمن رجال مسلم، وهو مختلف فيه، وثقه أبو زرعة والساجي وابن قانع، وذكره المؤلف في الثقات، وقال أحمد: ما بحديثه بأس، وقال ابن معين: ليس بشيء، وفي رواية عنه: ليس بحديثه بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: عنده غرائب وأفراد.(10/179)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا حَلَفَ لَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدِّقَهُ عَلَى يَمِينِهِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْهُ ضِدَّهُ
4336 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا بن أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَأَى عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَجُلًا سَرَقَ، فَقَالَ عِيسَى: أَسَرَقْتَ؟ قَالَ: كَلَّا وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، فَقَالَ عِيسَى: آمَنْتُ بِاللَّهِ، وكذبت عيني" 1.
__________
1 إسناده صحيح. ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين......=(10/179)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/314، والبخاري 3444 في أحاديث الأنبياء: باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَاناً شَرْقِيّاً} ، ومسلم 2368 في الفضائل: باب فضائل عيسى عليه السلام، والبغوي 3520.
وأخرجه أحمد 2/383، والنسائي 8/249 في آداب القضاة: باب كيف يستحلف الحاكم، وابن ماجة 2102 في الكفارات: باب من حُلِف له بالله فليرض، والبيهقي 10/157 من طرق عن أبي هريرة.
قلت: واستدل بهذا الحديث على درء الحد بالشبهة، وعلى منع القضاء بالعلم والراجح عند المالكية والحنابلة منعه مطلقاً، وعند الشافعي جوازه إلا في الحدود.(10/180)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَجِبُ أَنْ يُعَقِّبَ يَمِينَهُ الِاسْتِثْنَاءَ
4337 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ1 بْنُ دَاوُدَ، عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حَلَفَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَيَطُوفَنَّ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ تَحْمِلُ غُلَامًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ غُلَامٍ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، كان كما قال" 2.
__________
1 في الأصل "والتقاسيم" 2/لوحة 299: عبيد الله، وهو تحريف، والتصويب من كتب الرجال، وعبد الله بن داود هذا: هو الخريبي.
2 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن داود فمن رجال البخاري.
وأخرجه النسائي في الأيمان والنذور كما في "التحفة" 10/208 عن إبراهيم ابن محمد التيمي قاضي البصرة، عن عبد الله بن داود الخريبي، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/180)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه البخاري 3424 في أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُدَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} ، من طريق مغيرة بن عبد الرحمن، و6639 في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم؟، والنسائي 7/25-26 في الأيمان والنذور: باب إذا حلف فقال له رجل: إن شاء الله، هل له استثناء؟، والبغوي 79 من طريق شعيب.
وأخرجه مسلم 1654 في الأيمان: باب الاستثناء، والبيهقي 10/44 من طريق موسى بن عقبة، ومسلم 1654 25 من طريق ورقاء، كلهم عن أبي الزناد، به.
وفي حديث المغيرة عند البخاري، وموسى بن عقبة عند البيهقي سبعين امرأة، في حديث شعيب وورقاء، وموسى بن عقبة عند مسلم تسعين امرأة، ولم يذكر أحد منهم لفظ الحلف.
وأخرجه البخاري 2819 تعليقاً قال: وقال الليث: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج قال: سمعت أبا هريرة، ... فذكره، وفيه مئة امرأة –أو تسع وتسعين-.
وأخرجه أحمد 2/229 و506 من طريقين عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، وفيه مئة امرأة.
وأخرجه البخاري 5242 في النكاح: باب قول الرجل: لأطوفن الليلة على نسائي، عن محمود بن غيلان، ومسلم 1654 24 عن عبد بن حميد، والنسائي 7/31 عن عباس العنبري، وأحمد 2/275، أربعتهم عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الله بن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، في حديث أحمد ومحمود بن غيلان بمئة امرأة وفي حديث عبد بن حميد على سبعين وفي حديث عباس العنبري على تسعين.
وأخرجه البخاري 7469 في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة، من طريق وهيب، ومسلم 1654 22 من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة أن نبي الله سليمان كان له ستون امرأة، فقال: لأطوفن الليلة على نسائي ... فذكره إلى أن قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لو كان سليمان استثنى ... الحديث.(10/181)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَلِكَ قَدْ لَقَّنَهُ الِاسْتِثْنَاءَ عِنْدَ يَمِينِهِ إِلَّا أَنَّهُ نَسِيَ
4338 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَهِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حَلَفَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ: لَيَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ بِتِسْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ أَوِ الْمَلِكُ: قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَنَسِيَ، وَأَطَافَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ بِتِسْعِينَ امْرَأَةً، فَمَا جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلَامٍ"، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ أدرك حاجته" 1.
__________
1 إسناده قوي، رجاله رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار –وهو الرمادي- وهو حافظ روى له أبو داود والترمذي.
وأخرجه البخاري 6720 في كفارات الأيمان: باب الاستثناء في الأيمان، ومسلم 1654 23 من ثلاث طرق عن سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد وهشام بن حجير، به. وفي حديث ابن أبي عمر عن سفيان عند مسلم على سبعين امرأة.(10/182)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلْحَالِفِ فِي يَمِينِهِ إِذَا أَعْقَبَهَا إِيَّاهُ
4339 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فقد استثنى" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطيهما. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/182)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه البيهقي 10/46 من طريق عبدان، عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/10، وأبو داود 3261 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين، والنسائي 7/25 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء، وابن ماجة 2106 في الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، وابن الجارود 928، والبيهقي 7/360-361 من طريق سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه النسائي 7/25، والحاكم 4/303 من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن كثير بن فرقد، عن نافع، به. وهذا سند صحيح على شرط البخاري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.(10/183)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ
4340 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مَثْرُودٍ الْغَافِقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ عن بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ الله، لم يحنث" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن مثرود: وهو عيسى بن إبراهيم بن عيسى بن مثرود، فلم يرو له سوى أبي داود والنسائي وهو ثقة، أيوب بن موسى: هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص أبو موسى المكي الأموي. وانظر ما قبله.(10/183)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ مَا رَوَاهُ إِلَّا نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ
4341 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ الطُّرْسُوسِيُّ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ(10/183)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شاء الله فقد استثنى" 1.
__________
1 إسناده صحيح، نوح بن حبيب روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في مصنف عبد الرزاق 16118.
وأخرجه النسائي 7/30-31 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء، عن نوح بن حبيب، بهذا الإسناد.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/309، والترمذي 1532 في النذور والأيمان: باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، وابن ماجة 2104 في الكفارات: باب الاستثناء في اليمين.
قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن سليمان بن داود قال: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة.." الحديث، هكذا روى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه هذا الحديث بطوله.
قلت: لكن وقع في رواية أحمد في "المسند" عن عبد الرزاق أنه قال: وهو اختصره، يعني معمراً.(10/184)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ اسْتِثْنَائِهِ فِي الْيَمِينِ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ يَمِينَهُ أَوْ يَمْضِيَ فِيهَا
4342 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نافع عن بْنَ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ فَاسْتَثْنَى، فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ مَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ غَيْرَ حنث"1.
__________
2 إسناده قوي. عمر بن يزيد السَّيَّاري روى له أبو داود، وهو صدوق لا بأس به، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/184)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 2/68 و127 و153، وأبو داود 3262 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين، والترمذي 1531 في النذور والأيمان: باب ما جاء في الاستثناء في اليمين، والنسائي 7/12 في الأيمان والنذور: باب من حلف فاستثنى، وابن ماجة 2105 في الكفارات: باب الاستثناء في اليمين، والبيهقي 10/46 من طرق عن عبد الوارث بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حدث ابن عمر حديث حسن.
وأخرجه أحمد 2/6 و48-49 و68 و126 و127 و153، والدارمي 2/185، والترمذي 1531، والنسائي 7/25 باب الاستثناء، والبيهقي في السنن 7/360-361 و10/46 وفي الأسماء والصفات ص169 من طرق عن أيوب، به.(10/185)
ذِكْرُ نَفْيِ الْحِنْثِ عَنْ مَنِ اسْتَثْنَى فِي يَمِينِهِ بَعْدَ سَكْتَةٍ يَسِيرَةٍ
4343 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ وَأَبُو يَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ مِسْعَرٍ1، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا، وَاللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا" ثم سكت، فقال: "إن شاء الله" 2.
__________
1 في الأصل "والتقاسيم" 3/لوحة 164: معمر، وهو تحريف، والتصويب من "مسند أبي يعلى" وكتب الرجال.
2 إسناده ضعيف، ورواية سماك عن عكرمة خاصة مضطربة، وعبد الغفار بن عبد الله الزبيري ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/421، وأورده ابن أبي حاتم 6/54 ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وهو في "مسند أبي يعلى" 2375.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/378 من طريق عبد الله بن داود، عن مسعر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى 2674، والطحاوي 2/379، والطبراني 11742، والبيهقي 10/47 من طرق عن شريك، عن سماك، به. وشريك –وهو ابن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/185)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عبد الله- سيءُ الحفظ.
وأخرجه أبو داود 3286 في الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين بعد السكوت، والطحاوي 2/378-379، والبيهقي 10/48 من طريقين عن مسعر، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، مرسلاً.
وأخرجه أبو داود 3285، ومن طريقه البيهقي 10/47-48 عن قتيبة بن سعيد، عن شريك، عن سماك، عن عكرمة مرسلاً.(10/186)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَةَ لِلتَّارِكِ يَمِينَهُ بِأَخْذِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ
4344 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي معبد عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مُلْكِ يَمِينِهِ أَنْ يضربه، فكفارته تركه، ومع الكفارة حسنة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه البيهقي 10/34 من طريق عبد الحميد بن صبيح، عن سفيان، بهذا الإسناد.(10/186)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَرْكِ الْيَمِينِ لِلْحَالِفِ إِذَا عَلِمَ تَرَكَهُ خَيْرٌ مِنَ الْمُضِيِّ فِي يَمِينِهِ
4345 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ الطَّائِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من حلف على(10/186)
يمين، فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير، ثم ليترك يمينه"1.
__________
1 إسناده قوي، عبد الملك بن إبراهيم روى له البخاري مقروناً وهو صدوق، وباقي السند رجاله ثقات على شرطهما غيرَ تميم بن طرفة فمن رجال مسلم.
وأخرجه الطيالسي 1027، وأحمد 4/157 و159، ومسلم 1651 16 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً، فرأى خيراً منها أن يأتي الذي هو خير ويكفِّر عن يمينه، والنسائي 7/11 في الأيمان والنذور: باب الكفارة بعد الحنث، والبيهقي 10/32 من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1651 17، والنسائي 7/11، وابن ماجة 2108 في الكفارات: باب من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها، والبيهقي 10/32 من طرق عن عبد العزيز بن رفيع، به.
وأخرجه الطيالسي 1028، وأحمد 4/256 و258، ومسلم 1651 18 من طريقين عن سماك بن حرب، عن تميم بن طرفة، به. وذكر فيه قصة.
وأخرجه الطيالسي 1029، وأحمد 4/256، والدارمي 2/186، والنسائي 7/10-11، والبيهقي 10/32 من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن عمرو مولى الحس بن علي، عن عدي بن حاتم. وهذا إسناد ضعيف لجهالة عبد الله بن عمرو مولى الحسن، إلا أنه يتقوى بما قبله.(10/187)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4346 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ2 عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ أَنَّ رَجُلًا جَاءَهُ، فَسَأَلَهُ نَفَقَةً، فَقَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَهُ إِلَّا دِرْعِي وَمِغْفَرِي، فَأَكْتُبُ إِلَى أَهْلِي أَنْ تَعْطِيكَهَا. فَلَمْ يَرْضَ، فَحَلَفَ أَنْ لَا يُعْطِيَهُ شَيْئًا، ثُمَّ رَضِيَ الرَّجُلُ، فَقَالَ عَدِيٌّ: لَوْلَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول:
__________
2 تحرفت في الأصل إلى: بن.(10/187)
"مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، ثُمَّ رَأَى مَا هُوَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْهَا، فَلْيَأْتِ التَّقْوَى" مَا حنثت1.
__________
1 إسناده صحيح، تميم بن طرفة ثقة على شرط مسلم، وباقي السند ثقات على شرطهما. وهو في "صحيح مسلم" 1651 15 عن قتيبة بن سعيد، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.(10/188)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَالِفَ إِنَّمَا أُمِرَ بِتَرْكِ يَمِينِهِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ مَعَ الْكَفَّارَةِ
4347 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي1 أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ، قَالَا: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من حلف على يمين، فرأى غيرها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عن يمينه" 2.
__________
1 سقط من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 143.
2 إسناده حسن لغيره، مسلم بن خالد الزنجي: سيء الحفظ.
وأخرجه أحمد 2/204 عن الحكم بن موسى، عن مسلم بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/185 و211 و212، والطيالسي 2259، والنسائي 7/10 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، وابن ماجة 2111 في الكفارات: باب من قال: كفارتها تركها، والبيهقي 10/33-34 من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وهذا سند حسن، ولفظه عندهم "فليدعها وليأت هو خير، فإن تركها كفارتها"، غير النسائي فلفظه "فليكفِّر عن يمينه، وليأت الذي هو خير" وروايته هي الصواب.(10/188)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِأَنَّ الْحَالِفَ مَأْمُورٌ بِالْكَفَّارَةِ عِنْدَ تَرْكِهِ الْيَمِينَ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ
4348 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ1 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أَتَتْكَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أَتَتْكَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ، وَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفِّرْ عن يمينك" 2.
__________
1 وقع في الأصل عن الحسن بن عبد الرحمن بن سمرة، عن أبيه قال: قال رسول الله وهو تحريف، والتصويب من التقسيم 3/لوحة 143.
2 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدَّد بن مسرهد ثقة من رجال البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما. الحسن: هو ابن أبي الحسن البصري، وقد صرح بالسماع من عبد الرحمن عند البخاري ومسلم. وعبد الرحمن بن سمرة: هو ابن حبيبة بن شمس بن عبد مناف، وكنيته أبو سعيد، وهو من مسلمة الفتح، شهد فتوح العراق، وكان فتح سجستان على يديه، أرسله عبد الله بن عامر أمير البصرة لعثمان على السرية، ففتحها وفتح غيرها، قال ابن سعد: مات سنة خمسين، وقيل: بعدها بسنة.
وأخرجه الترمذي 1529 في النذور والأيمان: باب ما جاء فيمن حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، عن محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، عن المعتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي 2/186، والبخاري 7147 في الأحكام: باب من سأل الإمارة وُكل إليها، ومسلم 1652 في الأيمان: باب ندب مَن حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها..، والبيهقي 10/100 من طرق عن يونس بن عبيد، به.
وأخرجه أحمد 5/62 و62-63 و63، والدارمي 2/186،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/189)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=والبخاري 6622 في الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... } ، و6722 في كفارات الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث وبعده، و7146 في الأحكام: باب من لم يسأل الإمارة أعانه الله عليها، ومسلم 1652، والبيهقي 10/100 من طرق عن الحسن، به.
وأخرج قصة الإمارة منه مسلم 3/1456 13 في الإمارة: باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها، وأبو داود 2929 في الخراج والإمارة: باب ما جاء في طلب الإمارة، والنسائي 8/225 في آداب القضاة: باب النهي عن مسألة الإمارة، وابن الجارود 998 من طرق عن الحسن، به.
وأخرج قصة اليمين منه الطيالسي 1351، وأحمد 5/61، ومسلم 1652، وأبو داود 3277 و3278 في الأيمان والنذور: باب الرجل يكفِّر قبل أن يحنث، والنسائي 7/10 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، و7/11 و12 باب: الكفارة بعد الحنث، وابن الجارود 929، والبيهقي 10/53 م طرق عن الحسن، به.(10/190)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ مُبَاحٌ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ إِذَا رَأَى تَرَكَ الْيَمِينِ خَيْرًا مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ
4349 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وليفعل الذي هو خير" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيلُ بن أبي صالح روى له البخاري مقروناً واحتج به مسلم والآخرون، وباقي السند ثقات على شرطهما، وهو في "الموطأ" 2/478 في النذور والأيمان: باب ما تجب به الكفارة من الأيمان.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/361، ومسلم 1650 12 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها ... ، والترمذي 1530 في النذور والأيمان: باب ما جاء في الكفارة قبل الحنث، والنسائي في "الكبرى". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/190)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=كما في "التحفة" 9/416، والبيهقي 10/53، والبغوي 2438. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه مسلم 1650 13 و14، والبيهقي 9/232 و10/53 من طريقين عن سهيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1650 11، والبيهقي 10/32 من طريق مروان بن معاوية، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وفيه قصة.(10/191)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْحَالِفِ أَنْ يَحْنَثَ يَمِينَهُ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا مِنَ الْمُضِيِّ فِيهِ
4350 - أَخْبَرَنَا بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَ: نَزَلَ عَلَيْنَا أَضْيَافٌ لَنَا، وَكَانَ أَبِي يَتَحَدَّثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَانْطَلَقَ وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، افْرُغْ مِنْ أَضْيَافِكَ، فَلَمَّا أَمْسَيْتُ، جِئْنَا بِقِرَاهُمْ فَأَبَوْا، وَقَالُوا: حَتَّى يَجِيءَ أَبُوكَ مَنْزِلَهُ، فَيَطْعَمُ مَعَنَا، فَقُلْتُ: إِنَّهُ رَجُلٌ حَدِيدٌ، وَإِنَّكُمْ إِنْ لَمْ تَفْعَلُوا خِفْتُ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْهُ أَذًى، فَأَبَوْا عَلَيْنَا فَلَمَّا جَاءَ قَالَ: قَدْ فَرَغْتُمْ مِنْ أَضْيَافِكُمْ؟ فَقَالُوا: لَا وَاللَّهِ، فَقَالَ: أَلَمْ آمُرُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَتَنَحَّيْتُ1، قَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ صَوْتِي إِلَّا جِئْتَ، فَجِئْتُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا لِي ذَنْبٌ هَؤُلَاءِ أَضْيَافُكَ، فَسَلْهُمْ، قَدْ أَتَيْتُهُمْ بِقِرَاهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يَطْعَمُوا حَتَّى تَجِيءَ، فَقَالَ: مَا لَكُمْ لا تقبلون2 عنا قراكم؟ وقال أبو
__________
1 في الأصل: فجئت، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 12، وفي مسلم: وتنحيت عنه.
2 في الأصل: تفعلون، وهو خطأ، والمثبت من التقاسيم.(10/191)
بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ اللَّيْلَةَ، قَالُوا: فَوَاللَّهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ، فَقَالَ: لَمْ أَرْ كَالشَّرِّ مُنْذُ اللَّيْلَةِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا الْأَوَّلُ، فَمِنِ الشَّيْطَانِ، فَهَلُمُّوا قِرَاكُمْ، فَجِيءَ بِالطَّعَامِ، فَسَمَّى اللَّهَ، وَأَكَلَ وَأَكَلُوا، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَرُّوا وَحَنِثْتُ، فَقَالَ: "بَلْ أَنْتَ أبرهم وخيرهم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو عثمان: هو النهدي عبد الرحمن بن مُلّ، والجريري: هو سعيد بن إياس.
وأخرجه مسلم 2057 177 في الأشربة: باب إكرام الضيف وفضل إيثاره، وأبو داود 3271 في الأيمان والنذور: باب فيمن حلف على طعام لا يأكله، والبيهقي 10/34 من طريق محمد بن المثنى، عن سالم بن نوح، بهذا الإسناد. تابع سالماً عند أبي داود عبدُ الأعلى بن عبد الأعلى، وهو ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط.
وأخرجه البخاري 6140 في الأدب: باب ما يُكره من الغضب الجزع عند الضيف، من طريق عبد الأعلى، عن سعيد الجريري، به.
وأخرجه بنحوه أبو داود 3270 من طريق إسماعيل ابن عُلية، عن الجريري، عن أبي عثمان –أو عن أبي السليل، عن ابي عثمان- به.
وأخرجه نحوه أحمد 1/197 و198، والبخاري 602 في مواقيت الصلاة: باب السمر مع الضيف والأهل، و3581 في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، و6141 في الأدب: باب قول الضيف لصاحبه: والله لا آكل حتى تأكل، ومسلم 2057 176 من طريقين عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان، به. وذكر فيه أن القصة كانت مع أصحاب الصُّفة.
قوله: افرغ من أضيافك أي: عشِّهم وقم بحقِّهم.
بقراهم، القِرى: هو ما يُصنع للضيف من مأكول ومشروب.
قوله: إنه رجل حديد: أي فيه قوة وصلابة، ويغضب لانتهاك الحرمات والتقصير في حق ضيفه ونحو ذلك.(10/192)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ أَنْ يَأْتِيَ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْمُضِيِّ فِي يَمِينِهِ دُونَهُ
4351 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ1: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَى أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحْمِلُهُ لِنَفَرٍ مِنْ قَوْمِهِ فَقَالَ: "والله لا أحملهم" فأتي رسول الله بِنَهْبٍ مِنْ إِبِلٍ، فَفَرَّقَهَا، فَبَقِيَ مِنْهَا خَمْسُ عَشْرَةَ فَقَالَ: "أَيْنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ؟ " قَالَ: هُوَ ذَا هُوَ. فَقَالَ: "خُذْ هَذِهِ، فَاحْمِلْ عَلَيْهَا قَوْمَكَ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ كُنْتَ قَدْ حَلَفْتَ، قَالَ: "وَإِنْ كُنْتُ حلفت" 2.
__________
1 في الأصل زيادة ونصها حدثنا عمر بن إبراهيم ولا معنى لها، ولم ترد في "التقاسم" 5/لوحة 162.
2 إسناده صحيح، عمر بن عبد الواحد ثقة روى له أصحاب السنن إلا الترمذي، وباقي السند ثقات على شرط الصحيح. عمّ أبي قلابة: هو أبو المهلب الجرمي، وأبو قلابة: عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه بنحوه أحمد 4/401، والبخاري 3133 في فرض الخمس: باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين..، و4385 في المغزي: باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، و6649 في الأيمان والنذور: باب ولا تحلفوا بآبائكم، و7555 في التوحيد: باب قول الله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} ، ومسلم 1649 9 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها ... ، والبيهقي 10/32 و52 من طريق أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ زَهْدَمٍ الْجَرْمِيِّ، عن ابي موسى. وذكر فيه عدد الذود التي حملهم عليها خمس ذود.
وأخرجه أحمد 4/401، والبخاري 5518 في الذبائح والصيد: باب لحم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/193)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=الدجاج، و6649 و6680 في الأيمان: باب اليمين فيما لا يملك، و6721 في كفارات الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث، وبعده، و7555، ومسلم 1649 9 من طريق أيوب، عن القاسم التميمي، عن زهدم الجرمي، به.
وأخرجه مسلم 1649، والبيهقي 10/31 من طريق مطر الورّاق، عن زهدم، به. ولم يذكر فيه عدد الركائب.
وأخرجه أحمد 4/398، والبخاري 6633 في الأيمان: باب قول الله تعالى {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... } ، و6718 في كفارات الأيمان: باب الاستثناء في الأيمان، ومسلم 1649 7، وأبو داود 3276 في الأيمان والنذور: باب الرجل يكفر قبل أن يحنث، والنساائي 7/9 في الأيمان والنذور: باب الكفارة قبل الحنث، وابن ماجة 2107 في الكفارات: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، والبيهقي 10/51 من طريق حماد بن زيد، عن غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبي موسى. وعدد الركائب فيه ثلاثة. وأخرجه البخاري 4415 في المغازي: باب غزوة تبوك، ومسلم 1649 8 من طريق أبي أسامة، عن بُريد بن عبد الله، عن أبي بردة، به. وعدد الركائب فيه ستة، وذكر فيه أنه اشتراها من سعد.(10/194)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ الْمُضِيَّ فِي يَمِينِهِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ
4352 - أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَلَفَ على يمين، فرأى غيرها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلْيُكَفِّرْ عن يمينه" 1.
__________
1 إسناده حسن في الشواهد، وهو مكرر 4347.(10/194)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ عِنْدَمَا سَبَقَ مِنْهُ مِنْ يَمِينٍ إِمْضَاءُ مَا رَأَى خَيْرًا لَهُ دُونَ التَّعَرُّجِ عَلَى يَمِينِهِ الَّتِي مَضَتْ
4353 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الطُّفَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ لَمْ يَحْنَثْ، حَتَّى نَزَلَتْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي" 1.
__________
1 إسناده حسن. الطُّفاوي: هو محمد بن عبد الرحمن أبو المنذر البصري، هو من شيوخ أحمد بن حنبل، وثقة ابن المديني، وقال أبو حاتم: صدوق إلا أنه يهم أحيانا، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وأورد له ابن عدي عدةَ أحاديث، وقال: أنه لا بأس به، وروى له البخاري ثلاثة أحادث.
وأخرجه الحاكم 4/301 من طريق أبي الأشعث، عن الطُّفاوي، بهذا الإسناد، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبي!
قال الحافظ في "الفتح" 11/518: ذكره الترمذي في "العلل المفرد" 2/654 وقال: سألت محمداً –يعني البخاري- عنه فقال: هذا خطأ، والصحيح كان أبو بكر وكذلك رواه سفيان ووكيع عن هشام بن عروة.
قلت: أخرجه البخاري 4614 في التفسير: باب {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... } من طريق النضر، و6621 في الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... } ، والبيهقي 10/34 من طريق عبد الله بن المبارك، كلاهما عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يحنث في يمين قط حتى أنزل الله كفارة اليمين، وقال: لا أحلف على اليمين، فرأيت غيرها خيراً منها إلاّ أتيت الذي هو خير وكفّرت عن يميني.(10/195)
ذِكْرُ وَصْفِ بَعْضِ الْأَيْمَانِ الَّتِي كَانَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمْضِي ضِدَّهَا1 إِذَا سَبَقَتْ مِنْهُ
4354 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّلِيلِ، عَنْ زَهْدَمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: كُنَّا مُشَاةً، فَأَتَيْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَسْتَحْمِلُهُ، فَقَالَ: "وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمُ الْيَوْمَ -أَوْ قَالَ:- وَاللَّهِ لَا أَحْمِلُكُمْ" قَالَ: فَلَمَّا رَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ -أَوْ2 قَالَ: حِينَ رَجَعْنَا إِلَى الْمَنْزِلِ- أَتَاهُ قَطِيعٌ مِنْ إِبِلٍ، فَإِذَا قَدْ بَعَثَ إِلَيْنَا بِثَلَاثٍ بُقْعِ الذُّرَى، قَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَنَرْكَبُ وَقَدْ حَلَفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَأَتَيْنَاهُ، فَقُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّكَ قَدْ حَلَفْتَ، قَالَ: "إِنِّي وَاللَّهِ مَا أَحْمِلُكُمْ، إِنَّمَا حَمَلَكُمُ اللَّهُ، وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ يَمِينٍ أَحْلِفُ عَلَيْهَا، ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنْهَا إلا أتيتها -أو أتيته-" 3.
__________
1 في الأصل: صدرها، وهو تحريف، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 196.
2 سقطت أو من الأصل، واستدركت من التقاسيم.
3 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو السليل: هو ضريب بن نفير.
وأخرجه أحمد 4/404 و418، ومسلم 1649 10 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها..، والنسائي 7/9 في الأيمان والنذور: باب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، والبيهقي 10/31 من طرق عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد. رواية النسائي مختصرة. وانظر 4351.
وقوله: بُقع الذُّرى أي: بيض الأسنمة، جمع أبقع، وقيل: الأبقع: ما خالط بياضَه لونٌ آخر.(10/196)
ذِكْرُ نَفْيِ جَوَازِ مُضِيِّ الْمَرْءِ فِي أَيمَانِهِ وَنُذُوُرِهِ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا أَوْ يَشُوبُهَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4355 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زريع، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ، فَقَالَ: لَئِنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي الْقِسْمَةَ لَمْ أُكَلِّمْكَ أَبَدًا، وَكُلُّ مَالٍ لِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: إِنَّ الْكَعْبَةَ لَغَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ، وَكَلِّمْ أَخَاكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلَا نَذَرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ"1.
__________
1 إسناده صحيح. قال أبو طالب: قلت لأحمد: سعيد عن عمر حجة؟ قال: هو عندنا حجة، قد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد عن عمر فمن يُقبل؟!. وقال الليث عن يحيى بن سعيد: كان ابن المسيِّب يُسَمِّي روايةَ عمر، كان أحفظ الناس لأحكام وأقضيته.
وأخرجه الحاكم 4/300 من طريق أبي المثنى، عن مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 10/33 و65-66 من طريقين عن يزيد بن زريع، به.
قوله: "في رِتاج الكعبة": أي لها، فكنى عنها بالباب، لأن منه يُدخل إليها، وجمع الرِّتاج: رُتُج.(10/197)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُكْثِرَ الْمَرْءُ مِنَ الْحَلِفِ فِي أَسْبَابِهِ
4356 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الشَّعْثَاءِ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ1 الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ بَشَّارِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بن عبد الله بن عمر
__________
1 كذا وقع هنا وفي "التقاسيم" 2/لوحة 178: الحسين، وفي "تهذيب الكمال". . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/197)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّمَا الْحَلِفُ حَنِثٌ أَوْ نَدَمٌ"1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: لَيْسَ لِبَشَّارٍ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ غَيْرُ هَذَا، وَهُوَ أَخُو مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ2، وَأَبُو الشَّعْثَاءِ: علي بن
__________
= وفروعه: الحسن، لكن في "ثقات المؤلف" 8/469: علي بن الحسين سليمان، وقد قيل: ابن الحسن بن سليمان.
1 إسناده ضعيف، فيه بشار بن كدام لم يوثقه غير المؤلف، وقال أبو زرعة: ضعيف، وضعفه الإمام الذهبي، والحافظ ابن حجر.
وأخرجه الطبراني في "الصغير" 1083 عن موسى بن أبي حصين الواسطي، عن أبي الشعثاء علي بن الحسن، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/129، وابن ماجة 2103 في الكفارات: باب اليمين حنث أو ندم، والحاكم 4/303، والبيهقي 10/30 من طرق عن أبي معاوية، به. قال الحاكم: قد كنت أحسب بُرهة من دهري بشاراً هذا أخو مسعر، فلم أقف عليه، وهذا الكلام صحيح من قول عمر.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" 260 و261 من طريقين عن أبي معاوية، عن مسعر بن كدام، عن محمد بن زيد، به. كذا وقع عنده مسعر بن كدام وهو خطأ، إنما هو بشار بن كدام.
وأخرجه البخاري في "تاريخه" 2/129 –ومن طريقه البيهقي 10/31- قال: وقال لنا أحمد بن يونس: حدثنا عاصم بن محمد بن زيد، قال: سمعت أبي يقول: قال عمر بن الخطاب: اليمين آثمة أو مَندَمة. قال البخاري: وحديث عمر أولى بإرساله.
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين غير أن محمد بن زيد لم يدرك عمر بن الخطاب ولا سمع منه.
وأخرجه الحاكم 4/303-304 من طريق أبي ضمرة، عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد اله بن عمر، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: إنما اليمين مأثمة أو مندمة. وهذا إسناد صحيح على شرطهما.
2 كذا جزم المؤلف، وذكره البخاري في "تاريخه" بصيغة التمريض فقال: يقال: أخو مسعر، وقال الدارقطني: قال لنا أبو العباس بن سعد: ليس بينه وبين مسعر نسب، هو من سُلَم، ومسعر من بني هلال.(10/198)
الحسين بن سليمان، واسطي ثقة1.
__________
1 في الأصل: "الواسطي"، وقد سقط منه لفظ "ثقة"، والمثبت من التقاسيم 2/لوحة 178.(10/199)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ يَكُونَ فِي يَمِينِهِ غَيْرَ بَارٍّ
4357 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ، وَلَا بِالْأَنْدَادِ، وَلَا تَحْلِفُوا إِلَّا بِاللَّهِ، وَلَا تحلفوا إلا وأنتم صادقون" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، عوف: هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
وأخرجه أبو داود 3248 في الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، والنسائي 7/5 في الأيمان والنذور: باب الحلف بالأمهات، والبيهقي 10/29 من طرق عُبيد الله بن معاذ، بهذا الإسناد.(10/199)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِشَيْءٍ سِوَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4358 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ عَنِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عمر، فحلف(10/199)
رَجُلٌ بِالْكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَيْحَكَ، لَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ، فقد أشرك"1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/125، والترمذي 1535 في النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، والحاكم 4/297 من طريق أبي خالد الأحمر، وأبو داود 3251 في الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، والحاكم 1/18 من طريق جرير، والبيهقي 10/29 من طريق مسعود بن سعد، أربعتهم عن الحسن بن عبيد الله، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي في الموضعين! من أن البخاري لم يخرج للحسن بن عبيد الله شيئاً.
وأخرجه بنحوه الطيالسي 1896، وعبد الرزاق 15926، وأحمد 2/34 من طرق عن سعد بن عبيد، به.
وأخرجه أحمد 2/86-87 و125، والبيهقي 10/29 من طريق شعبة، عن منصور، عن سعد بن عبيدة قال: كنت عند عبد الله بن عمر فقمتُ وتركتُ رجلاً عنده من كندة، فأتيت سعيد بن المسيب، قال: فجاءه الكندي فزعاً، فقال: جاء ابن عمر رجلٌ فقال: أَحلِفُ بالكعبة؟ قال: لا، ولكن احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحلِف بأبيك، فإنه من حلَف بغير الله، فقد أشرك".
وأخرجه أحمد 2/69 من طريق شيبان، عن منصور، بنحوه. وسمّى الرجل الكندي: محمداً، ومحمد الكندي هذا قال ابن أبي حاتم 8/132: روى عن علي رضي الله عنه، مرسل، روى عنه عبد الله بن يحيى التوأم، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول: هو مجهول. قلت: وروى عنه أيضاً سعد بن عبيدة.
وأخرجه أحمد 2/58 و60 عن وكيع، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة قال: كنت مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلاً في حلقة أخرى وهو يقول: لا وأبي، فرماه ابن عمر بالحصى، وقال: إنها كانت يمين عمر، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنها، وقال: "إنها شرك".
والمراد بالشرك هنا: الشرك العملي الذي لا ينتقل المتلبِّس به عن الملّة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/200)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وليس الشركَ الاعتقادي.
وقال المناوي في "فيض القدير" 6/120: أي: فعَلَ فِعْل أهل الشرك، أو تشبّه بهم إذا كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله، أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن له أن يعظمه، لأن الأيمان لا يصلح إلا بالله، فالحالف بغيره معظم غيره مما ليس له، فهو يشرك غير الله في تعظيمه، ورجحه ابن جرير. وانظر "الفتح" 11/540.(10/201)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ مَنْهِيٌّ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى
4359 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نافع عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ ليسكت" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وانظر ما بعده.(10/201)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا
4360 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَدْرَكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَمَنْ كان حالفا، فليحلف بالله أو ليصمت" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/480 في النذور والأيمان:..=(10/201)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باب جامع الأيمان.
ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/185، والبخاري 6646 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، والبيهقي 10/28، والبغوي 2431.
وأخرجه الطيالسي ص5، وأحمد 2/11 و17 و142، والحميدي 686، والبخاري 2679 في الشهادات: باب كيفية يُستَحلف؟ و6108 في الأدب: باب من لم ير إكفار مَن قال ذلك متأولاً أو جاهلاً، ومسلم 1646 3 و4 في الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، والترمذي 1534 في النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير الله، والنسائي في النعوت كما في "التحفة" 6/181، والبيهقي 10/28 من طرق عن نافع، وبهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 3249 في الأيمان والنذور: باب في كراهية الحلف بالآباء، والبيهقي 10/29 من طريق أحمد بن يونس، عن زهير بن معاوية، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدركه وهو في ركب ... فذكره، هكذا جعله زهير عن عبيد الله من مسند عمر، ورواه غير زهير عن عبيد الله فجعله من مسند ابن عمر، وكذلك رواه ستة آخرون عن نافع فجعلوه من مسند ابن عمر.
وأخرجه عبد الرزاق 15923 عن عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر، عن أبيه، فكره، وعبد الله بن عمر الراوي عن نافع ضعيف، وقد خالفه الثقات من أصحاب نافع فجعلوه عن ابن عمر.
وأخرجه عبد الرزاق أيضاً 15924 عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الكريم ابن أبي المخارق، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، هكذا هو في رواية إسحاق الدبري عن عبد الرزاق من مسند عمر، وأخرجه مسلم 1646 4 عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وابن رافع، كلاهما عن عبد الرزاق، به. فجعلاه عن ابن عمر كما تبين رواية مسلم.
وأخرجه أحمد 2/7 عن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عمر ... فذكره، وزاد في آخره: وقال عمر: فما حلفتُ بها بعدُ ذاكراً ولا آثراً.
وأخرجه أحمد 2/8، والحميدي 624، ومسلم 1646،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/202)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=والترمذي 1533، والنسائي 7/4 في الأيمان والنذور: باب الحلف بالآباء، وابن الجارود 622، والبيهقي 10/28 من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. لكن ليس فيه فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت. وعلّقه البخاري بعد الحديث 6647: وقال ابن عيينة ومعمر عن الزهري، به.
قال الحميدي بإثره: قال سفيان: سمعت محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة –وكان بصيراً بالعربي- يقول: ولا آثراً آثُرُه عن غيري: أُخبِر عنه أنه حلف بها.
وقال أبو عبيد في "غريب الحديث" 2/59: "ولا آثراً" يريد به: ولا مخبراً عن غيري أنه حلف به، يقول: لا أقول: إن فلاناً قال: وأبي لا أفعل كذا وكذا، ومن هذا قيل: حديث مأثور، أي: يخبر به الناس بعضهم بعضاً، يقال منه: أثرت –مقصوراً- الحديث آثُرُه أثراً، فهو مأثور وأنا آثِر –على مثال فاعل- قال الأعشى:
إنّ الذي فيه تَماريتُما ... بيّن للسامع والآثِرِ
وقوله: ذاكراً، قال البغوي في "شرح السنة" 10/4: لم يُرِد به الذكرَ الذي هو ضدّ النسيان، بل أراد به محدِّثاً عن نفسي، متكلّماً به.
وأخرجه عبد الرزاق 15922، وأحمد 1/18 و36، والبخاري 6647 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، ومسلم 1646 1 و2، وأبو داود 3250، والنسائي 7/5، وابن ماجة 2094 في الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، والبيهقي 10/28 من طرق عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر.
وأخرجه عبد الرزاق 15925، وأحمد 1/19 و32 و36 من طريقين عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن عمر قال: كنت في ركب أسير في غزاة مع النبي صلى الله عليه وسلم فحلفت، فقلت: لا وأبي، فنَهَرني رجلٌ من خلفي، وقال: "لا تحلفوا بآبائكم". قال: فالتقتُّ فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث أنه من حلف بغير الله وذاته وصفاته لم تنعقد يمينه، سواء كان المحلوف به يستحق التعظيم لمعنى غير العبادة كالأنبياء والملائكة والعلماء والصلحاء والملوك والآباء والكعبة، أو كان لا يستحق التعظيم كالآحاد، أو يستحق التحقير والإذلال كالشياطين والأصنام وسائر مَن عُبد من دون الله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/203)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=قال الإمام الطبري: إن اليمين لا تنعقد إلا بالله، وأن مَن حلَف بالكعبة أو آدم أو جبريل أو نحو ذلك، لم تنعقد يمينه، ولزمه الاستغفار لإقدامه على ما ينهة عنه ولا كفارة في ذلك.
وقال ابن هبيرة في كتاب "الإجماع": أجمعوا على أن اليمين منعقدة بالله وبجميع أسمائه الحسنى وبجميع صفات ذاته كعزته وجلاله وعلمه وقوته وقدرته، واستثنى أبو حنيفة علمَ الله فلم يره يميناً، وكذا حق الله، واتفقوا على أنه لا يحلف بمعظّم غير الله كالنبي، وانفرد أحمد في رواية، فقال: تنعقد، وانظر فتاوى "شيخ الإسلام" 1/335.(10/204)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِأَبِيهِ أَوْ بِشَيْءٍ غَيْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4361 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، فَلْيَحْلِفْ حَالَفٌ بِاللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه مسلم 1646 4 في الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، عن محمد بن عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.(10/204)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ
4362 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن جعفر، قالك وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ(10/204)
أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ كَانَ حَالِفًا، فَلَا يَحْلِفُ إِلَّا بِاللَّهِ" وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تحلف بآبائها، فقال: "لا تحلفوا بآبائكم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن أيوب المَقَابِري ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما.
وأخرجه مسلم 1646 في الأيمان: باب النهي عن الحلف بغير الله تعالى، عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 3836 في مناقب الأنصار: باب أيام الجاهلية، والنسائي 7/4 في الأيمان والنذور: باب التشديد في الحلف بغير الله تعالى، والبيهقي 10/29-30 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرجه أحمد 2/20 من طريق سفيان، و98 من طريق صالح بن قدامة الجمحي، والبخاري 6648 في الأيمان والنذور: باب لا تحلفوا بآبائكم، ثلاثتهم عن عبد الله بن دينار، به. ورواية البخاري مختصرة.(10/205)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ حَلِفِ الْمَرْءِ بِالْأَمَانَةِ إِذَا أَرَادَ الْقَسَمَ
4363 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الطَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ خَبَّبَ1 زوجة امرىء أَوْ مَمْلُوكَهُ، فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ حَلَفَ بِالْأَمَانَةِ فليس منا" 2.
__________
1 في الأصل: خبث، والمثبت من التقاسيم 2/لوحة 169.
2 إسناده صحيح، الوليد بن ثعلبة ثقة روى له أبو داود والنسائي وابن ماجة، وهناد السري من رجال مسلم، وباقي السند على شرطهما.
وأخرجه أحمد 5/352 عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/298 من طريق عبد الله بن داود، والبيهقي 10/3 من طريق زهير بن معاوية، كلاهما عن الوليد بن ثعلبة، به. وصحح الحاكم إسناده. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/205)
ابْنُ بُرَيْدَةَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ بْنِ حصيب1.
__________
= ووافقه الذهبي.
وأخرج القسم الأخير منه أبو داود 3253 في الأيمان والنذور: باب في كرهية الحلف بالأمانة، عن أحمد بن يونس، عن زهير، عن الوليد بن ثعلبة، به.
وللقسم الأول شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2/397، وأبي داود 2175 و5170، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/147. وإسناده صحيح.
قال الخطابي في "معالم السنن" 4/152: قوله: خبّب يريد أفسد وخدع، وأصله من الخب، وهو الخداع، ورجل خب، ويقال: فلان خبّ ضبّ: إذا كان فاسداً مفسداً.
وقال أيضاً 4/46 تعليقاً على قوله: مَن حلف بالأمانة ليس منا: هذا يشبه أن تكون الكراهة فيها من أجل أنه إنما أمر أن يحلف بالله وصفاته، وليست الأمانة من صفاته، وإنما هي أمر من أمره، وفرض من فروضه، فنُهوا عنه لما في ذالك من التسوية بينها وبين أسماء الله عز وجل وصاته.
1 تحرف في الأصل إلى: حصين، والتصويب من التقاسيم.(10/206)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالشَّهَادَةِ مَعَ التَّفْلِ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا لِمَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى
4364 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عن أبي إسحاق، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ أَصْحَابِي: قُلْتَ هُجْرًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ قَرِيبًا، وَحَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، ثَلَاثًا، ثُمَّ اتْفُلْ عَنْ يَسَارِكِ ثَلَاثًا،(10/206)
وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، وَلَا تَعُدْ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. رواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق في "الصحيحين".
وأخرجه أحمد 1/183، وابن ماجة 2097 في الكفارات: باب النهي أن يحلف بغير الله، من طريق آدم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/186-187، وأبو يعلى 719 و736 من طرق عن إسرائيل، به.
وأخرجه النسائي 7/7-8 و8 في الأيمان والنذور: باب الحلف باللات والعزى، والتفسير كما في "التحفة" 3/320، وفي "اليوم والليلة" 989 و990 من طريق زهير ويونس بن أبي إسحاق، كلاهما عن أبي إسحاق، به.(10/207)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِعَاذَةِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الشَّيْطَانِ لِمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى
4365 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ لِي أَصْحَابِي: لَقَدْ قُلْتَ هُجْرًا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ حَدِيثًا، وَإِنِّي حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، ثَلَاثًا، وَانْفُثْ عَنْ شِمَالِكَ ثَلَاثًا، وَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَلَا تعد" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرطهما غير إسحاق بن إسماعيل الطلقاني، وهو ثقة روى له أبو داود. وهو مكرر ما قبله.(10/207)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَحْلِفَ الْمَرْءُ بِسَائِرِ الْمِلَلِ سِوَى الْإِسْلَامِ
4366 - أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا، فَهُوَ كَمَا1 قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ، عُذِّبَ بِهِ فِي نار جهنم" 2.
__________
1 في الأصل: فهو كافر، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 160.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهب بن بقية: ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه على شرطهما. خالد الأول: هو خالد بن مهران الحذّاء، والثاني الراوي عنه: خالد بن عبد الله الواسطي.
وأخرجه أحمد 4/33 و34، والبخاري 1363 في الجنائز: باب ما جاء في قاتل النفس، ومسلم 110 177 في الأيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه..، والنسائي 7/5-6 في الأيمان والنذور: باب الحلف بملة سوى الإسلام، وابن ماجة 2098 في الكفّارات: باب من حلف بملة غير الإسلام، والطبراني 1338 و1339 من طرق عن خالد الحذاء، بهذا الإسناد وبعضهم يزيد فيه على بعض.
وأخرجه عبد الرزاق 15972، وأحمد 4/34، والحميدي 850، والبخاري 6105 في الأدب: باب من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال، و6652 في الأيمان والنذور: باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام، ومسلم 110 177، والطبراني 1324 و1325 و1326 و1327 و1328 و1329 و1330، والبيهقي 8/23 من طرق عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، به. وانظر "الفتح" 11/546-548.(10/208)
ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ حَلَفَ كَاذِبًا بِالْمِلَلِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ الْإِسْلَامِ
4367 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ سِوَى الْإِسْلَامِ كَاذِبًا، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ فِي الدُّنْيَا عذب به يوم القيامة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم ثقة، من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما.
وأخرجه النسائي 7/6 في الأيمان والنذور: باب الحلف بملة سوى الإسلام، عن محمود بن خالد، والطبراني 1336 من طريق صفوان بن صالح، كلاهما عن الوليد بن مسلم وقد تحرف في المطبوع من النسائي إلى: أبي الوليد، وجاء على الصواب في "التحفة" 2/120 بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 7/19 باب النذر فيما لا يملك، من طريق أبي المغيرة، عن الأوزاعي، به.
وأخرجه الطيالسي 1197، وعبد الرزاق 15984، وأحمد 4/33، والبخاري 6047 في الأدب: باب ما يُنهى عن السباب واللعن، ومسلم 110 176، وأبو داود 3257 في الأيمان والنذور: باب ما جاء في الحلف بالبراءة وبملة غير الإسلام، والترمذي 1543 في النذور والأيمان: باب ما جاء في كراهية الحلف بغير ملة الإسلام، وأبو يعلى 1535، وابن الجارود 924، والطبراني 1331 و1332 و1333 و1334 و1335 و1337، والبيهقي 10/30 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.(10/209)
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِلْحَالِفِ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذِبًا
4368 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هشام بن هشام بْنِ1 عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ2 بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هَذَا بِيَمِينٍ آثمة، تبوأ مقعده من النار" 3.
__________
1 حرفت في الأصل إلى: عن، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 234.
2 في الأصل والتقاسيم: عبيد، وهو تحريف، والتصويب من "الموطأ" و"التهذيب" وفروعه، ويبدو أن هذا التحريف ليس من النساخ وإنما هو من المؤلف نفسه، فإنه لم يورد عبد الله بن نسطاس هذا في ثقاته وإنما أورد عبيد بن نسطاس، لكن ذكر في ترجمة هاشم بن هاشم وهو هشام بن هشام نفسه من الثقات أنه روى عن عبد الله بن نسطاس.
3 إسناده قوي، عبد الله بن نسطاس وإن لم يرو عنه غير هشام بن هشام بن عتبة فقد وثقه النسائي وابن عبد البر في "الاستذكار.." واحتج به مالك، وباقي السند ثقات على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/727 في الأقضية: باب ما جاء في الحنث على منبر النبي صلى الله عليه وسلم. هشام بن هشام بن عتبة: كذا وقع في "الموطأ" وفي ترجمته في "تهذيب الكمال" وفروعه: هاشم بن هاشم بن عتبة: ويقال: هاشم بن هاشم بن هاشم بن عتبة، وكذا أورده المؤلف في "ثقاته"، لكن قال الزرقاني 4/2: ويقال فيه: هشام بن هشام.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/73، وأحمد3/244، والنسائي في القضاء كما في "التحفة" 2/213، والحاكم 4/296-297، والبيهقي17/398 و10/176. وكلهم قالوا فيه عن هشام بن هشام بن عتبة.
وأخرجه أبو داود 3246 في الأيمان والنذور: باب ما جاء في تعظيم اليمين عند منبر النبي، وابن ماجة 2325 في الأحكام: باب اليمين عند مقاطع الحقوق، والحاكم 4/396، والبيهقي 7/398 و10/176 من طرق عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/210)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= هاشم بن هاشم، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وزاد فيه هؤلاء ولو على سواك أخضر.
وأخرجه أحمد 3/375 عن يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عكرمة، حدثني رجل من جهينة -ونحن مع أبي سلمة بن عبد الرحمن بن جابر، عن أبيه جابر بن عبد الله أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرئ من الناس حلف عند منبري هذا على يمين كاذبة يستحق بها حق مسلم أدخله الله عز وجل النار، وإن على سواك أخضر". محمد بن عكرمة لم يرو عنه سوى إبراهيم بن سعد ولم يوثقه غير ابن حبان، والرجل من جُهينة مجهول.
وله شاهد من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح عند أحمد 2/329 و518، وابن ماجة 2326، والحاكم 4/297 من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة، ولو على سواك رطب، إلا وجبت له النار". وصحح الحاكم إسناده على شرط الشيخين ووافقه الذهبي! مع أن الحسن بن يزيد لم يخرجا له ولا أحدهما، وهو ثقة.(10/211)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اسْتِعْمَالِ الْمُحَالَفَةِ1 الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ
4369 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ أَنَّ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِلْفِ فَقَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ" 2.
__________
1 في الأصل: الحالفة، والمثبت من التقاسيم2/لوحة 200.
2 حديث صحيح. أبو نعيم الحلبي: هو عبيد بن هاشم، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقد توبع. جرير: هو ابن عبد الحميد الضبي، والمغيرة: هو ابن مقسم الضبي: ثقة متقن روى له الستة، وأبوه المقسم لم يوثقه غير المؤلف 5/454، ولم يروعه غير ابنه، وشعبة بن التوأم روى عنه جمع، وذكره المؤلف في ثقاته 4/362. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =(10/211)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه الطيالسي 1084، والحميدي 1206، والطحاوي في"مشكل الآثار" 2/239، والطبراني 18/864، والطبري في جامع البيان 9291 من طريق جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/61، والطبري 9292، والطبراني 18/864 من طريق هشيم، عن مغيرة بن مقسم، به.
وأخرجه أحمد 5/61، والطبراني 18/865، من طريق عباد بن عباد المهلبي، عن شعبة، عن مغيرة، عن أبيه سقطت من المطبوع من الطبراني به. وزادوا فيه على المؤلف ما كان من حلف الجاهلية فتمسكوا به، وانظر ما بعده.
قال الخطابي: قوله "لا حلف في الإسلام" يريد على ما كانوا في الجاهلية، كانوا يتواضعون فيما بينهم بآرائهم، قال البغوي: كان ذلك في الجاهلية بمعنى الأخوة، يبنون عليها أشياء جاء الشرع بإبطالها، والأخوة في الإسلام ثابتة على حكم الشرع، وقد روي عن أنس، قال: حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري. قال سفيان بن عيينة: معنى حالفه: آخى، وإلا فلا حلف في الإسلام كما جاء في الحديث. قال البغوي: يعني ما كان من حكم الجاهلية.
قلت: حديث أنس: خرجه البخاري 2294 في الكفالة: باب قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} من طريق عاصم الأحول، قال: قلت لأنس بن مالك: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا حلف في الإسلام" فقال: قد حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري. وأخرجه مسلم 2529، وأبو داود 2926، وزاد الأخير مرتين أو ثلاثاً.
قال الطبري: ما استدل به أنس على إثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم وسيرد عند المصنف قريباً في نفيه، فإن الإخاء المذكور كان في أول الهجرة، وكانوا يتوارثون به، ثم نسخ من ذلك الميراث، وبقي ما لم يعطله القرآن، وهو التعاون على الحق والنصر، والأخذ على يد الظالم، أخرج البخاري في صحيحه 2292 و4580 و6747 من طريق سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} قال: ورثة، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} قال: كان المهاجرون لما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وَرِث المهاجرُ الأنصاريَّ دون ذوي رحمه للأخوّة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/212)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=بينهم، فلما نزلت {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ} نسخت، ثم قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} إلا النصر والرفادة والنصيحة. وقد ذهب الميراثُ، ويُوصى له.
وقال الإمام النووي: المنفي حِلف التوارث، وما يمنع منه الشرع، وأما التحالف على طاعة الله، ونصر المظلوم، والمؤاخاة في الله تعالى، فهو أمر مرغب فيه.
وقال الحافظ في "الفتح"10/518 تعليقاً على حديث أنس: تضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث، لأن فيه نفي الحلف، وفيما قاله هو إثباته، ويمكن الجمعُ بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولوكان ظاماً، ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها، ومن التوارث ونحو ذلك، والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم، والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفظ العهد.
وفي "النهاية" 1/424 لابن الأثير: أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتَّساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات، فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم "لا حلف في الإسلام" وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: "وأيّما حلف كان في لجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" يريد من المعاقدة على الخير نُصرة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام، وقيل: المحالفة كانت قبل الفتح.(10/213)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4370 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً أَوْ حِدَّةً" 1.
__________
1 شريك –وهو ابن عبد 23الله النخعي القاضي- سيء الحفظ، ورواية سماك عن عكرمة فيها اضطراب، وهو في"مسند أبي يعلى" 2336. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =(10/213)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 1/317 و329، والدارمي 2/23، والطبري 9289، والطبراني 11740 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد، ولم يقل أحمد في روايته في أوله: لا حلف في الإسلام.
وأخرجه الطبري 9290 عن أبي كريب، حدثنا مصعب بن المقدام، عن إسرائل بن يونس، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حلف في الإسلام، وكل حلف كان في الجاهلية، فلم يزده الإسلام إلا شدة، وما يسرّني أن لي حمر النعم وإني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة" وهذا سند صحيح على شرط مسلم.(10/214)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا زَجَرَهُمْ عَنْ إِنْشَاءِ الْحِلْفِ فِي الْإِسْلَامِ لَا فَسْخَ1 مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
4371 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شدة" 2.
__________
1 في الأصل: نسخ، والمثبت من التقاسيم 2/لوحة 200.
2 حديث صحيح، مسروق بن المزربان روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، وقال صالح بن محمد: صدوق، وأورده المؤلف في ثقاته، وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرطهما، ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/238 من طريق أسد بن موسى، عن يحيى بن أبي زكريا بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/83، ومسلم 2530 في "فضائل الصحابة": باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وأبو داود 2925 في الفرائض: باب في الحلف، والطبراني 1597، والبيهقي 6/262، والطبري 9295 من طرق عن زكريا بن أبي زائدة، به. وانظر ما بعده.(10/214)
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ أَبِيهِ
4372 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ1 جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَمْ يَزِدْهُ إِلَّا شِدَّةً" 2.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرٍ، وَسَمِعَهُ مِنْ نَافِعِ بْنِ جبير عن أبيه، فالإسنادان محفوظان.
__________
1 تحرفت في الأصل "والتقاسيم" 2/لوحة 201 إلى: عن، والتصويب من "مسند أبي يعلى" والمصادر الأخرى
2 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 347/1.
وأخرجه النسائي في الفرائض كما في "التحفة" 2/417، والطحاوي في "المشكل" 2/238، والطبراني 1508، والبيهقي 6/262 من طرق عن إسحاق بن يوسف الأزرق، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 2/220 من طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أبي زائدة، به، وصححه على شرط الشيخين ووافقه الذهبيُّ، وهو كما قالا.
وفي الباب عن أم سلمة عند الطبري 9223، وأبي يعلى، والطبراني كما في "المجمع" 8/173.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبري 9297 و9298 و9299، والبخاري في "الأدب المفرد" 570.(10/215)
ذِكْرُ خَبَرٍ فِيهِ شُهُودِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ
4373 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَهِدْتُ مَعَ عُمُومَتِي حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَإِنِّي أَنْكُثُهُ"1.
__________
1 إسناده صحيح، عبد الرحمن بن إسحاق: هو المدني، أخرج له مسلم في الشواهد، ووثقه ابن معين وأبو داود وغيرهما، وحكى الترمذي في "العلل" أن البخاري قد وثقه، وتكلم فيه بعضهم، وقال أحمد: أمّا ما كتبنا من حديثه فصيح. وباقي رجال السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه أحمد 1/193، والبخاري في "الأدب المفرد" 567، والحاكم 2/219-220، والبيهقي 6/366، وابن عدي في "الكامل" 4/1610 من طريق إسماعيل بن عُلية، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/190، والبيهقي 6/366 من طريق بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق، به.
قلت: والمراد بحلف المطيبين: هو حلف الفضول، لأن المطيبين هم الذين عقدوا حلف الفضول، كما سيذكره المؤلف قريباً.(10/216)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا أَوْمَأْنَا إِلَيْهِ
4374 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا شَهِدْتُ مِنْ حِلْفِ قُرَيْشٍ إِلَّا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حمر النعم(10/216)
وَإِنِّي كُنْتُ نَقَضَتْهُ" قَالَ: وَالْمُطَيِّبُونَ: هَاشِمٌ وَأُمَيَّةُ وَزَهْرَةُ وَمَخْزُومٌ1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَضْمَرَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مَنْ يُرِيدُ بِهِ: شَهِدْتُ مِنْ حِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْهَدْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ لِأَنَّ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ كَانَ قَبْلَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْفَ الْفُضُولِ، وَهُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ2. قَدْ ذَكَرْتُ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ بتفصيل في كتاب التوريث والحجب.
__________
1 معلى بن مهدي روى عنه جمع، وأورده ابن أبي حاتم 8/335 وقال عن أبيه: شيخ موصلى أدركته ولم أسمع منه، يُحدث أحياناً بالحديث المنكرر، وذكره المؤلف في "ثقاته" 9/182-183، وقال الذهبي في "الميزان" 4/151: هو من العباد الخيرة، صدوق في نفسه، وذكره أيضاً في كتابه "المغني في الضعفاء" 2/670، وعمر بن أبي سلمة حديثه يقرب من الحسن، وباقي السند على شرطهما.
وأخرجه البيهقي 6/366 من طريق الحسن بن سعيد الموصلي، عن المعلى بن مهدي، بهذا الإسناد، وقال: لا أدري هذا التفسير أي قوله: والمطيبون ... إلخ من قول أبي هريرة أو من دونه.
2 قال القتيبي فيما نقله عنه البيهقي في "السنن" 6/367: وكان سبب الحلف أن قريشاً كانت تتظالم بالحرم، فقام عبد الله بن جدعان، والزبير بن عبد المطلب، فدَعَوهم إلى التحالف على التناصر، والأخذ للمظلوم من الظالم، فأجابهما بنو هاشم وبعض القبائل من قريش، فتحالفوا في دار عبد الله بن جدعان، فسمَّوُا الحلف حلفَ الفضول تشبيهاً له بحلف كان بمكة أيام من جرهم على التناصف والأخذ للضعيف من القوي، وللغريب من القاطن، قام به رجال من جرهم يقال لهم: الفضل بن الحارث، والفضل بن وداعة، والفضل بن فضالة، فقيل: حلف الفضول، جمعاً لأسماء هؤلاء.
وقال الحافظ ابن كثير في "البداية" 2/270 بعد أن نقل قول البيهقي بإثر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/217)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحديث الذي أخرجه عنه: وزعم بعضُ أهل السير أنه أراد حلف الفضول، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدرك حلفَ المطيبين: قلت: هذا لا شكَّ فيه، وذلك أن قريشاً تحافلفوا بعد موت قصي، وتنازعوا في الذي كان جعله قُصي لابنه عبد الدار من السقاية والرفادة واللواء والندوة والحجابة، ونازعهم فيه بنو عبد مناف، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش، وتحالفوا على النصرة لحزبهم، فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنةً فيها طيب، فوضعوا فيها أيديهم وتحالفوا، فلما مسحوا أيديَهم بأركان البيت، فسموا المطيبين، وكان هذا قديماً، ولكن المرادَ بهذا الحلف الفضول، وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدي، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله، عن محمد وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد شهدتُ في دار عبد الله بن جُدعان حلفاً لو دُعيتُ له في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وألاّ يغزوَ ظالمٌ مظلوماً"، قالوا: وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذي القعدة، وكان بعد حرب الفجار بأربعة أشهر.(10/218)
كتاب النذور
ذكر الخبر الذي فيه الزجر عن النذور
...
19- كِتَابُ النُّذُورِ
4375 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم نهى عن النذر" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. منصور: هو ابن المعتمر، وجرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه أبو داود 3287 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. وزاد فيه ويقول: لا يردّ شيئاً، وإنما يستخرج به من الدخيل.
وأخرجه مسلم 1629 2 في النذور: باب النهي عن النذر، وأنه لا يرد شيئاً، من طريقين عن جرير، به. وفيه زيادة.
وأخرجه أحمد 2/61 و86، والبخاري 6608 في القدر: باب إلقاء العبد النذرَ إلى القدر، و6693 في الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر، وقول الله تعالى {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} ، ومسلم 1639 4، والنسائي 7/15-16 و16 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، وابن ماجة 2122 في الكفارات: باب النهي عن النذر، والطحاوي في "المشكل"1/362 و362-363، والبيهقي 10/77 من طرق عن منصور، به، وفيه زيادة.
وأخرجه بنحوه مسلم 1639 3 من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.
وأخرجه الطحاوي 1/363 من طريق شريك بن عبد الله، عن منصور، به، بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وأمر بالوفاء به.(10/219)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا زُجِرَ عَنْ النَّذْرِ
4376 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَنْذِرُوا، فَإِنَّ النَّذْرَ لَا يَرُدُّ مِنَ الْقَدْرِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ من البخيل" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/412 و463، ومسلم 1640 5 و6 في النذر: باب النهي عن النذر وأنه لا يرد شيئاً، والترمذي 1538 في النذور والأيمان: باب في كراهية النذر، والنسائي 7/16-17 في الأيمان والنذور: باب النذر يستخرج به من البخيل، وابنُ أَبِي عاصم في السنة 313 من طرقٍ عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/373، والبخاري 6694 في الأيمان والنذور: باب الوفاء بالنذر، ومسلم 1640، وأبو داود 3288 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، والنسائي 7/16 في الأيمان والنذور: باب النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخره، وابن ماجة 2123 في الكفارات: باب النهي عن النذر، وابن أبي عاصم 312، والطحاوي في "مشكل الأثار" 1/364، والحاكم 4/304، والبيهقي 10/77 من طريقين عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النذر لا يقرّب من ابن آدم شيئاً لم يكن اللهُ قدّره له، ولكن النذر يوافق القدرَ، فيخرج بذلك من البخيل يريد أن يخرج" هذا لفظ مسلم.
وأخرجه أحمد 2/242، والحميدي 1112 عن سفيان، عن أبي زياد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تعالى ... " فذكره بنحوه.
وأخرجه بنحوه أحمد 2/314، وابن الجارود 932 من طريق عبد الرزاق، والبخاري 6609 من طريق عبد الله، كلاهما عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.(10/220)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ
4377 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عبد الله بن مرة عن بْنَ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ النَّذْرُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، ولكن يستخرج من البخيل" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدَّد من رجاله، ومن فوقه على شرطهما.
وأخرجه أبو داود 3287 في الأيمان والنذور: باب النهي عن النذور، عن مسدّد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي 2/185 عن عمرو بن عون، عن أبي عوانة، به. وانظر 4375.
قال الإمام القرطبي في "المفهم"فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 11/587: هذا النهي محله أن يقول مثلاً: إن شفى الله مريضي، فعليّ صدقة كذا، ووجه الكراهة أنه لما وقف فعل القربة المذكور على حصول الغرض المذكور، ظهر أنه لم يتمحّض له نية التقرب على الله تعالى لما صدر منه، بل سلك منها مسلك المعارضة، ويوضحه أنه لو لم يشف مريضه، لم يتصدق بما علَّقه على شفائه، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يخرج من ماله شيئاً إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالباً، وهذا المعنى هو المشار إليه في الحديث لقوله: "إنما يستخرج به من البخيل ما لم يكن البخيل يخرجه" قال: وقد ينضم على هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصولَ ذلك الغرض، أو أن الله يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة بقوله في الحديث أيضاً "فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً" ... ثم نقل القرطبي عن العلماء حمل النهي الوارد في الخبر على الكراهة، وقال: والذي يظهر لي أنه على التحريم في حق من يخاف عليه ذلك الاعتقاد الفاسد، فيكون إقدامه على ذلك محرماً، والكراهة في حق من لم يعتقد ذلك.
وأخرج الطبري 29/208 بسند صحيح عن قتادة في قوله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} قال: كانوا ينذرون طاعة الله من الصلاة والصيام والزكاة والحج والعمرة، وما افترض عليهم، فسماهم الله بذلك الأبرار. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/221)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وهذا صريح في أن الثناء وقع في غير نذر المجازاة، وقد اتفق أهل العلم على وجوب الوفاء بنذر المجازاة، وبالنذر المطلق.
وقال ابن الأثير في "النهاية" 5/39: تكرر النهي عن النذر في الحديث، وهو تأكيد لأمره، وتحذير عن التهاون به بعد إيجابه، ولو كان معناه الزجر عنه حتى لا يُفعل، لكان في ذلك إبطال حُكمه، وإسقاط لزوم الوفاء به، إذا كان بالنهي يصير معصية، فلا يلزم، وإنما وجه الحديث أنه قد أعلمهم أن ذلك أمرٌ لا يجرُّ لهم في العاجل نفعاً، ولا يصرف عنهم ضراً، ولا يردُّ قضاءً، فقال: لا تنذروا، على أنكم قد تدركون بالنَّذر شيئاً لم يقدِّره الله لكم، أو تصرفون به عنكم ما جرى به القضاءُ عليكم، فإذا نذرتم ولم تعتقدوا هذا، فاخرجوا عنه الوفاء، فإن الذي نذرتموه لازمٌ لكم.(10/222)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قِلَّةِ الِاشْتِغَالِ بِالنَّذْرِ فِي أَسْبَابِهِ
4378 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَبْدِ الله بن عمر بن الخطاب، إذا جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ ابْنًا لِي كَانَ بِأَرْضِ فَارِسَ، فَوَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ، فَنَذَرْتُ: إِنِ اللَّهُ نَجَّى لِي ابْنِي أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَإِنَّ ابْنِي قَدِمَ، فَمَاتَ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: أَوْفِ بِنَذْرِكَ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنَّمَا نَذَرْتُ أَنْ يَمْشِيَ ابْنِي، وَإِنَّ ابْنِي قَدْ مَاتَ. فَغَضِبَ عَبْدُ اللَّهِ وَقَالَ: أَوَلَمْ1 تُنْهَوْا عَنِ النَّذْرِ؟ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إن
__________
1 في الأصل: "أولو"، والمثبت من "التقاسيم" 3/لوحة 308.(10/222)
النَّذْرَ لَا يُقَدِّمُ شَيْئًا وَلَا يُؤَخِّرُهُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَنْزِعُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ".
فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ لِلرَّجُلِ: انْطَلِقْ إِلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَسَلْهُ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ، فَسَأَلَهُ، ثُمَّ رَجَعَ، فَقُلْتُ: مَاذَا قَالَ لَكَ؟، قَالَ: امْشِ عَنِ ابنك، قال: أيجزيء عَنِّي ذَلِكَ؟ فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: أَرَأَيْتَ لَوَ كَانَ عَلَى ابْنِكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ، أَكَانَ يجزيء عَنْهُ؟ قُلْتُ: بَلَى1. قَالَ فَامْشِ عَنِ ابْنِكَ2.
__________
1 كذا في الأصل والتقاسيم بلى، والجادة نعم كما في رواية الطحاوي، لأن بلى يجاب عنها بالنفي المجرد أو المقرون بالاستفهام، لكن وقع في كتب الحديث ما يقتضي أنها يجاب بها الاستفهام المجرد كما وقع هنا، وفي "صحيح البخاري" 6642 في الأيمان، من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ " قالوا: بلى.
وفي "صحيح مسلم" 1623 17 في الهبة: "أيسرّك أن تكونوا إليك في البر سواء؟ " قال: بلى، قال: فلا إذن.
وفيه أيضاً أنه قال: أنت الذي لقيتني بمكة؟ فقال له المجيب: بلى. وانظر مغني اللبيب 1/113-114.
2 إسناده قوي، محمد بن وهب بن أبي كريمة احتج به النسائي، وقال عنه: لا بأس به، وقال مرة: صالح، وقال مسلمة: صدوق، روى عن جمع، وروى عنه جمع، وذكره المؤلف في ثقاته. ومن فوقه ثقات على شرط مسلم. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 1/363-364 من طريق ابن وهب وأبي عامر العقدي، عن فُليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 4/304 من طريق المعافى بن سليمان الحراني، عن فليح بن سليمان، به، إلا أنه لم يذكر فيه قصة سعيد بن المسيب، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، ووافقه الذهبي. وقد وهّم الحافظ في فتح 11/585 الحاكمَ لكون البخاري أخرجه مختصراً بالمرفوع. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/223)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقط، وهو غيرُ مصيب في توهيمه له، لأن الحاكم إنما أخرجه من أجل القصة التي فيه، وهو قد أشار إلى ذلك بقوله لم يخرجاه بهذه السياقة.
وأخرجه أحمد 2/118 عن يونس، والبخاري 6692 عن يحيى بن صالح، كلاهما عن فليح بن سليمان، عن سعيد بن الحارث أنه سمع ابن عمر يقول: أوَلم ينهوا عن النذر؟! إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن النذر ... " فذكره.
قال الحافظ في "الفتح" 11/585: وهذا الفرع غريب، وهو أن ينذر عن غيره فيلزم الغير الوفاء بذلك، ثم إذا تعذر، لزم الناذر، وقد كنت أستشكل ذلك، ثم ظهر لي أن الابن أقر بذلك والتزم به، ثم لما مات أمره ابن عمر وسعيد أن يفعل ذلك عن ابنه كما يفعل سائر القُرب عنه، كالصوم والحج والصدقة، ويحتمل أن يكون مختصاً عندهما بما يقع من الوالد في حق ولده، فيعقد لوجوب بر الوالدين على الولد بخلاف الأجنبي.(10/224)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ الْوَفَاءَ بِنَذْرٍ تَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ
4379 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوْفِ بِنَذْرِكَ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه الدارمي 2/183، والبخاري 2042 في الاعتكاف: باب من لم ير عليه –إذا اعتكف- صوماً، و2043 باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم، و6697 في الأيمان والنذور: باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنساناً في الجاهلية ثم أسلم، ومسلم 1656 27 في الأيمان: باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم، وابن ماجة 2129 في الكفارات: باب الوفاء بالنذر، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/133، والدارقطني 2/199،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/224)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي 4/318 10/76 من طرق عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1656، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 6/141 من طريق شعبة، عن عبيد الله بن عمر، به. إلا أنه قال فيه: أن عمر جعل يوماً يعتكفه في الجاهلية....(10/225)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4380 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، قَالَ أَخْبَرَنَا نافع عن ابن عمر أن عمر قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ، إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فأوف بنذرك" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه أحمد 1/37 و2/20، والبخاري 2032 في الاعتكاف: باب الاعتكاف ليلة، ومسلم 1656 27، وأبو داود 3325 في الأيمان والنذور: باب من نذر في الجاهلية ثم أدرك الإسلام، والترمذي 1539 في النذور والأيمان: باب ما جاء في وفاء النذر، والطحاوي 3/133، وابن الجارود 941، والدارقطني 2/198-199، والبيهقي 10/76 من طريق يحيى بن سعيد القطان، بهذا الإسناد.(10/225)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
4381 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ(10/225)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُنَيْنٍ سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نَذَرٍ كَانَ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: اعْتِكَافِ يَوْمٍ، فَأَمَرَهُ بِهِ، قَالَ فَانْطَلَقَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَ: فَبَعَثَ مَعِي بِجَارِيَةٍ أَصَابَهَا مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ، قَالَ: فَجَعَلْتُهَا فِي بُيُوتِ الْأَعْرَابِ حَتَّى نَزَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِسَبْيِ حُنَيْنٍ، فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ يَقُولُونَ: قَدْ أَعْتَقَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ: اذْهَبْ فَأَرْسِلْهَا. قَالَ: فَذَهَبْتُ فَأَرْسَلْتُهَا1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَلْفَاظُ أَخْبَارِ ابْنِ عُمَرَ مُصَرِّحَةٌ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةً إِلَّا هَذَا الْخَبَرَ، فَإِنَّ لَفْظَهُ أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ، فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ يُشْبِهُ أن يكون ذلك يوما أراد به
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه النسائي في الاعتكاف كما في "التحفة" 6/76 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا السند.
وأخرجه أحمد 2/35، ومسلم 1656 28 في الأيمان: باب نذر الكافر وما يفعل فيه إذا أسلم، من طريق عبد الرزاق، به.
وأخرجه مسلم 1656 28 من طريق ابن وهب، عن جرير بن حازم، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ...
وأخرجه البخاري 3144 من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ أن عمر بن الخطاب ... ، لم يذكر فيه ابن عمر. وانظر الفتح 6/291 و7/360-361.
وأخرج قصةَ النذر البخاريُّ 2032 و2043 و6697، ومسلم 1656، والنسائي 7/22، والطحاوي 3/133 من طرق عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري 4320 من طريق معمر، والنسائي 7/21، والحميدي 691 من طريق سفيان، كلاهما عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.(10/226)
بِلَيْلَتِهِ، وَلَيْلَةً أَرَادَ بِهَا بِيَوْمِهَا، حَتَّى لَا يكون بين الخبرين تضاد1.
__________
1 نقل الحافظ في "الفتح" 4/322 هذا الجمع عن المؤلف.(10/227)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ الرُّكُوبَ إِذَا نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ
4382 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، عَنِ الْهِقْلِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَمَانِ الْمَدَنِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ حُمَيْدًا2 الطَّوِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ -يَعْنِي إِلَى الْكَعْبَةِ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لِغَنِيٌّ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ" وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ3.
__________
1 نقل الحافظ في "الفتح" 4/322 هذا الجمع عن المؤلف.
2 في الأصل: حميد، والمثبت من "التقاسيم" 1/لوحة 489.
3 عبد الرحمن بن اليمان المدني لم أجده في ثقات المؤلف، ولا في غيره من كتب الرجال، وفي "الجرح والتعديل" 5/303: عبد الرحمن بن اليمان أبو معاوية الحضرمي سمع عطاء بن أبي رباح، روى عنه عبد الله بن عبد الوهاب الحجي، وفي "كشف الأستار" ص66: عبد الرحمن بن اليمان أبو معاوية الحضرمي عن عطاء بن أبي رباح، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجي، وعبد الرحمن الأوزاعي ذكره ابن أبي حاتم ولم يتعرض له بشيء كذا في "المغاني" ورقة 315، ولم أر له في غيره كلاماً، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/128-129 من طريق. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/227)
وَاللَّيْثُ، وَالْهِقْلُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ كُلُّهُمْ أَقْرَانٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْيَمَانِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَحُمَيْدٌ أَقْرَانٌ، رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، قَالَهُ الشَّيْخُ رَحِمَهُ الله.
__________
= عبد الله بن صالح، عن الهقل بن زياد، بهذا الإسناد. وفيه يُهادى بين ابنين له.
وأخرجه النسائي 7/30 في الأيمان والنذور: باب ما الواجب على من أوجب على نفسه نذراً فعجز عنه، عن أحمد بن حفص، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن يحيى بن سعيد، به. وفيه: بين ابنيه. وهذا سند صحيح على شرط البخاري.
وأخرجه أحمد 3/271 من طريق حماد، والبغوي 2444 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس.
وأخرجه الترمذي بإثر الحديث 1537 من طريق ابن أبي عدي، عن حميد، به. وانظر ما بعده.(10/228)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ رُكُوبِ النَّاذِرِ الْمَشْيَ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ جَلَّ وَعَلَا
4383 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَقَالَ: "مَا لَهُ؟ " قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن مشي هذا فليركب" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو في "مسند أبي يعلى" 3424، وفيه يهادى بين ابنيه.
وأخرجه مسلم 1642 في الأيمان: باب من نذر أن يمشي إلى الكعبة، عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/228)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يحيى بن يحيى التميمي، وأبو يعلى 3842 عن زهير بن خيثمة، كلاهما عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/114 و183 و235، والبخاري 1865 في جزاء الصيد: باب من نذر المشي إلى الكعبة، و6701 في الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، ومسلم 1642، وأبو داود 3301 في الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، والترمذي 1537 في النذور والأيمان: باب ما جاء فيمن يحلف بالمشي ولا يستطيع، والنسائي 7/30 في الأيمان والنذور: باب ما الواجب على من أوجب على نفسه نذراً فعجز عنه، وأبو يعلى3532 و3881، وابن الجارود 939، وابن خزيمة 3044، والطحاوي 3/129، والبيهقي 10/78 من طرق عن حميد، به.
وأخرجه أحمد 3/271 من طريق حماد، عن ثابت، به.(10/229)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْنَاذِرِ الْحَجَّ مَاشِيًا بِالرُّكُوبِ مَعَ الْكَفَّارَةِ
4384 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أُخْتِي جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تحج ماشية. قال: "فمرها فلتركب ولتكفر"1.
__________
1 شريك –وهو ابن عبد الله النخعي- سيء الحفظ، وباقي رجاله ثقات، زكريا بن يحيى هو ابن صبيح الواسطي روى عنه جماعة، وذكره المؤلف في الثقات وقال: كان من المتقنين في الروايات.
وأخرجه أحمد 1/310 و315، وأبو داود 3295 في الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، وأبو يعلى 2443، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/130، وفي "مشكل الآثار" 3/38، والحاكم 4/302، والبيهقي 10/80 من طرق عن شريك، بهذا الإسناد، والرجل السائل في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/229)
قال أبو حاتم: يشبه أن تكون هذا جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً بِالْيَمِينِ أو النذر لا كفارة فيه.
__________
= حديث ابن عباس: هو عقبة بن عامر الجهني.
فقد أخرجه أحمد 1/239 و253 و311، والدرارمي 2/183 و184، وأبو داود 3296، والطحاوي في "معاني الآثار" 3/131، والطبراني 11828، والبيهقي 10/79 من طرق عن همام بن يحيى، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هدياً. وهذا إسناد صحيح على شرطهما.
وأخرجه أبو داود 3297، والطبراني 11829، والبيهقي 10/79 من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به مثله، إلا أنه لم يذكر فيه الهَدْي.
وأخرجه ابن طهمان في "شيخته" 29، ومن طريقه البيهقي 10/79 عن مطر الوراق، عن عكرمة، به. وقال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتُهدي بدَنةً".
وأخرجه بنحوه الطبراني 11949 من طريق خالد، والحاكم 4/302 من طريق أبي سعد البقّال، كلاهما عن عكرمة، به. ولم يسم الرجل، وليس فيه ذكرٌ للهدي.(10/230)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِوَفَاءِ نَذَرِ النَّاذِرِ إِذَا نَذَرَ مَا لِلَّهِ فِيهِ طَاعَةٌ
4385 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَأَبُو يَعْلَى، قَالَا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذْ رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ، فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقَالُوا: هَذَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، فَلَا يَقْعُدَ، وَلَا يَسْتَظِلُّ، وَلَا يتكلم، ولا(10/230)
يُفْطِرُ، فَقَالَ: "مُرُوهُ فَلْيَقْعُدْ، وَلْيَسْتَظِلَّ، وَلْيَتَكَلَّمْ، وَلْيَصُمْ ولا يفطر" 1.
__________
1 إسناده صحيح. إبراهيم بن الحجاج السامي ثقة روى له النسائي، ومن فوقه على شرط الشيخين.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 3/44 عن جعفر بن محمد الفريابي، عن إبراهيم بن الحجاج، بهذا الإسناد. وقد تحرف فيه وهيب إلى: وهب.
وأخرجه البخاري 6704 في الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يلك وفي معصية، وأبو داود 3300 في الأيمان والنذور: باب من رأى عليه كفارة إذا كان في معصية، وابن ماجة بعد الحديث 2136 في الكفارات: باب من خلط في نذره طاعة بمعصية، وابن الجارود 938، والدارقطني 4/161-162، والبيهقي 10/75، والبغوي 2443 من طرق عن وهيب وقد تحرف في المطبوع من ابن ماجة إلى: وهب به.
وأخرجه الطبراني 11871 من طريق مجاعة بن الزبير، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/44، والخطيب في "الأسماء المبهمة" ص274 من طريق جرير بن حازم، كلاهما عن أيوب، به، وفي رواية جرير في أولها قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة، فنظر إلى رجل من قريش من بني عامر بن لؤي يقال له: أبو إسرائيل ...
وأخرجه ابن ماجة 2136، والدارقطني 4/160 و161 من طرق عن ابن عباس بنحوه، ولا يخلو إسناد منها من ضعف.
وأخرجه عبد الرزاق 15821 عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة مرسلاً.
وأخرجه عبد الرزاق 15817 و15818، والشافعي 2/75، والبيهقي 10/75 من طريقين عن طاووس، به مرسلاً، وفي آخر رواية الشافعي ولم يأمره بكفارة.
وأخرجه أحمد 4/168 من طريقين عن ابن جريج، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي إسرائيل ...
وأخرجه البيهقي 10/75 من طريق محمد بن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال أبو إسرائيل ... فذكره، وقال في آخره: وكفِّر، قال البيهقي: كذا وجدته وكفِّّر وعندي أن ذلك تصحيف، إنما هو وصُم كما هو في سائر الروايات والله أعلم. قلت: ومحمد بن كريب ضعيف. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/231)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/475 في النذور والأيمان: باب ما لا يجوز من النذور في معصية، ومن طريقه أخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة" ص273 عن حميد بن قيس وثور بن زيد أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... فذكره، ولم يسم الرجل، وقال مالك: ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة، وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة، ويترك ما كان لله معصية.
وفي هذا الحديث أن كل شيء يتأذى به الإنسان ولو مآلاً مما لم يرد بمشروعيته كتاب أو سنة كالمشي حافياً، والجلوس في الشمس ليس هو من طاعة الله، فلا ينعقد به النذر، فإنه صلى الله عليه وسلم أمر أبا إسرائيل بإتمام الصوم دون غيره، وهو محمول على أنه علم أنه لا يشق عليه، وأمره أن يعقد ويتكلم ويستظل.
قال القرطبي: في قصة أبي إسرائيل هذه أوضح الحجج للجمهور في عدم وجوب الكفارة على من نذر معصية أو ما لا طاعة فيه، فقد قال مالك لما ذكره: ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالكفّارة.(10/232)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِبَاحَةِ قَضَاءِ النَّاذِرِ نَذَرَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِمُحَرَّمٍ عَلَيْهِ
4386 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ: قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بعض مغازيه، فجائت جَارِيَةٌ سَوْدَاءُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي نَذَرْتُ إِنْ رَدَّكَ اللَّهُ سَالِمًا أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ نَذَرْتِ فَافْعَلِي، وَإِلَّا فَلَا" قَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ. فَقَعَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَتْ بِالدُّفِّ1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، الحسين بن واقد وثقه ابن معين، وقال أحمد، وأبو زرعة، والنسائي، وأبو داود: لا بأس به، علق له البخاري في "صحيحه"، واحتج به مسلم وأصحاب السنن.
وأخرجه أحمد 5/356 عن أبي تميلة يحيى بن وضاح، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/232)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 5/353، والترمذي 3690 في المناقب: باب في مناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والبيهقي 10/77 من طرق عن حسين بن واقد، به –وفيه قصة دخول أبي بكر وعثمان وعلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تضرب بالدف، فلما دخل عمر امتنعت. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غرب من حديث بريدة.
وفي الباب عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف، قال: "أوفي بنذرك"، قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا –مكان كان يَذبح فيه أهل الجاهلية- قال: "لصنم؟ ". قالت: لا، قال: "لوثن؟ ". قالت: لا، قال: "أوفي بنذرك". أخرجه أبو داود 3312 وسنده حسن، ومن طريقه أخرجه البيهقي 10/77 بقصة الضرب بالدف فقط، قال البيهقي: يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم إنما أذن لها في الضرب لأنه أمر مباح، وفيه إظهار الفرح بظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجوعه سالماً، لا أنه يجب النذر، والله أعلم.
وقال الخطابي في "معالم السنن" 4/60: ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي تتعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة من بعض غزواته، وكانت فيه مساءة الكفار، وإرغام المنافقين، صار فعله كبعض القرب التي هي من نوافل الطاعات، ولهذا أبيح ضرب الدف، واستحب في النكاح لما فيه من الإشاعة بذكره، والخروج عن معنى السفاح الذي هو استسرار به، واستتار عن الناس فيه، والله أعلم.(10/233)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَذْرِ الْمَرْءِ فِيمَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًا لَا يَحِلُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِهِ
4387 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مالك، عن طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، الْأَيْلِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، فلا يعصه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، طلحة بن عبد الملك ثقة من رجال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/233)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= البخاري، وباقي السند على شرطهما، وهو في "الموطأ" 2/476 في النذور والأيمان: باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله.
ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/74-75، وأحمد 6/36 و41، والدارمي 2/184، والبخاري 6696 في الأيمان والنذور: باب النذر في الطاعة، و6700 باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، وأبو داود 3289 في الأيمان والنذور: باب ما جاء في النذر في المعصية، والترمذي 1526 في النذور والأيمان: باب من نذر أن يطع الله فليطعه، والنسائي 7/17 في الأيمان والنذور: باب النذر في الطاعة، وباب النذر في المعصية، والطحاوي في "معاني الآثار" 3/133، وفي "مشكل الآثار" 3/38، والبيهقي 9/231 و10/68، والبغوي 2440.
وأخرجه أحمد 6/224، والترمذي بعد الحديث 1526، والنسائي 7/17، وابن ماجة 2126 في الكفارات: باب النذر في المعصية، والطحاوي في "معاني الآثار" 3/133، وفي "مشكل الآثار" 3/37-38، وابن الجارود 934 من طريقين عن طلحة بن عبد الملك، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في "المشكل" 3/37 من طريق عبيد الله بن عمر، عن القاسم، به. لكن عبيد الله بن عمر إنما سمعه من طلحة عن القاسم، وهو في التخريج السابق، وانظر "التمهيد" 6/97-100.(10/234)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ وَفَاءِ النَّاذِرِ بِنَذْرِهِ إِذَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ
4388 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ نَاصِحٍ الْخَلَّالُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، فلا يعصه" 1.
__________
1 إسناده حسن، الحسن بن ناصح الخلاّل روى عنه جمع، وقال ابن أبي حاتم 3/39: أدركته ولم أكتب عنه، وكان صدوقاً، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 7/435، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين وأورده البخاري في "تاريخه الكبير" 1/34 فقال: وقال عثمان بن عمر، فذكر هذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/208 عن وكيع، عن علي بن المبارك، به. إلا أنه لم يذكر فيه أيوب السختياني. وانظر 4390.(10/234)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّذْرَ إِذَا كَانَ لِلَّهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ لَيْسَ عَلَى النَّاذِرِ الْوَفَاءُ بِهِ
4389 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزُّهْرِيُّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَيْلِيِّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ، فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أن يعصي الله فلا يعصه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. وهو مكرر الحديث 4387.(10/235)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ
4390 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ1 بْنِ خَلِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ نَذَرَ أن يعصي الله، فلا يعصه" 2.
__________
1 في الأصل: الحسين، وهو تحريف، وقد تقدم في غير ما موضع من هذا الكتاب على الصواب.
2 إسناده صحيح، محمد بن أبان هذا نسبه المؤلف في "ثقاته" 7/392 أنصاريّاً من أهل المدينة، وقال: ثبت، وأورده ابن أبي حاتم 7/199 وقال: سألت أبي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/235)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عنه فقال: هو شيخ من أهل اليمامة، لا أعلم أحداً روى عنه غير يحيى بن أبي كثير والأوزاعي، قلت: ومنصور فيما ذكره ابن حبان في "ثقاته"، ونسبه ابن أبي حاتم مزنياً، وكذا ابن معين في "تاريخه" ص503، وقيل له: مَن محمد بن أبان هذا؟ فقال: لا أدري، وقال ابن عبد البر في "التمهيد" 6/95: محمد بن أبان هذا هو محمد بن أبان المزني اليمامي، ليس هو محمد بن أبان بن صالح الكوفي، ذاك ضعيف عندهم، وقيل: إن محمد بن أبان هذا لم يرو عنه إلا يحيى بن أبي كثير، وهو مجهول، وقال آخرون: هو مدني معروف، روى عنه الأوزاعي أيضاً، وله عن القاسم وعروة وعون بن عبد الله رواية، وهذا هو الصحيح، وهو شيخ يمامي ثقة، وحسبك برواية يحيى بن أبي كثير والأوزاعي عنه. وباقي السند على شرط الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم فمن رجال البخاري.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/33 و33-34، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/133، وأبو يعلى 4863، وابن عبد البر 6/94-95 و95 من طريقين عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن أبان، بهذا الإسناد.(10/236)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَفِيَ الْمَرْءِ بِنَذْرِ الْمَعْصِيَةِ وَمَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ فِي وقت نذره
4391 - أخبرنا بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حدثا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي1 الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةٍ، وَلَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ في ما لا يملك العبد، أو بن آدم"2.
__________
1 لفظ أبي سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 2/لوحة 203.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو المهلب: وهو الجرمي عمّ أبي قلابة، ثقة روى له مسلم، وباقي السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه الشافعي 2/75 و76، وعبد الرزاق 15814، وأحمد 4/430 و433-434، والحميدي 829، ومسلم 1641 في النذر: باب لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك العبد، وأبو داود 3316 في الأيمان والنذور:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/236)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باب النذر فيما لا يملك، والنسائي 7/19 في الأيمان والنذور: باب النذر فيما لا يملك، و30 باب كفارة النذر، وابن ماجة 2124 في الكفارات: باب النذور في المعصية، وابن الجارود 933، والبيهقي 10/68-69، والبغوي 2714 من طرق عن أيوب. بهذا الإسناد. بعضهم يذكر فيه قصة أسر المرأة ونجاتها على العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها نذرت إن الله أنجاها لتنحرَنّها.(10/237)
ذكر الإخبار عن نفي جواز وفاء النَّاذِرِ إِذَا نَذَرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ، أَوْ كان لله في مَعْصِيَةٌ
4392 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى زَحْمُوَيْهِ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَاهَا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانُوا أَصَابُوا نَاقَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَوَجَدَتْ مِنَ الْقَوْمِ غَفَلَةً، فَنَذَرَتْ إِنِ اللَّهُ أَنْجَاهَا عَلَيْهَا أَنْ تَنْحَرَهَا، قَالَ: فَأَنْجَاهَا، وَقَدِمَتِ الْمَدِينَةَ، فَذَهَبَتْ لِتَنْحَرَهَا، فَمَنَعَهَا النَّاسُ، وَذُكِرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِئْسَمَا جزيتيها" ثم قال: "لا وفاء لِابْنِ آدَمَ فِي مَعْصِيَةٍ وَلَا فِيمَا لَا يملك" 1.
__________
1 حديث صحيح رجاله ثقات، وراويه هنا عن الحسن منصور بن المعتمر وهو كوفي، وقد قال عباد بن سعد: قلت ليحيى بن معين: الحسن لقي عمران بن حصين؟ قال: أما في حديث البصريين، فلا، وأما في حديث الكوفيين، فنعم، وهشيم قد صرح بالتحديث عند النسائي فانتفت شبهة تدليسه، وانظر ما قبله.
وأخرجه النسائي في السير كما في "التحفة" 8/177، وفي "المجتبى"7/29 في الأيمان والنذور: باب كفارة النذر، عن يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، بهذا الإسناد.(10/237)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَضَاءِ نَذَرِ النَّاذِرِ إِذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفِيَ بِنَذْرِهِ
4393 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذَرٌ لَمْ تَقْضِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقضه عنها" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/472 في النذور والأيمان: باب ما يجب في النذور في المشي.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2761 في الوصايا: باب ما يستحب لمن توفِّي فُجاءة أن يتصدقوا عنه، وقضاء النذور عن الميت، ومسلم 1638 في النذر: باب الأمر بقضاء النذر، وأبو داود 3307 في الأيمان والنذور: باب في قضاء النذر عن الميت، والبيهقي 4/256، والبغوي 2449.
وأخرجه أحمد 1/29 و329 و370، والحميدي 522، والطيالسي 2717، والبخاري 6698 في الأيمان والنذور: باب من مات وعليه نذر، ومسلم 1638، والنسائي 6/253-254 في الوصايا: باب فضل الصدقة عن الميت، و7/20-21 في الأيمان والنذور: باب من مات وعليه نذر تحرفت في المطبوع في إسناده سفيان إلى: سليمان، وأبو يعلى 2383، والبيهقي 10/85 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد. وفي رواية البخاري والبيهقي فكانت سنة بعد.
قال الحافظ في "الفتح" 1/593: أي: صار قضاء الوارث ما على المورث طريقة شرعية أعم من أن يكون وجوباً أو ندباً، ولم أر هذه الزيادة في غير رواية شعيب عن الزهري، فقد أخرج الحديثَ الشيخان من رواية مالك والليث، وأخرجه مسلم أيضاً من رواية ابن عيينة ويونس ومعمر وبكر بن وائل، والنسائي من رواية الأوزاعي، والإسماعيلي من رواية موسى بن عقبة وابن أبي عتيق وصالح بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/238)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كيسان، كلهم عن الزهري بدونها، وأظنها من كلام الزهري، ويحتمل من شيخه، وفيها تعقّب ما نُقِل عن مالك: لا يحج أحد عن أحد، واحتج بأنه لم يبلغه عن أحد من أهل دار الهجرة منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حج عن أحد ولا أمر به، ولا أذن فيه، فيقال لمن قلّد: قد بلغ ذلك غيره، وهذا الزهري معدود في فقهاء أهل المدينة، وكان شيخَه فيي هذا الحديث. وقد استدل بهذه الزيادة ابن حزم للظاهرية ومن وافقهم في أن الوارث يلزمه قضاء النذر عن مورثه في جميع الحالات.(10/239)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقْضِيَ نَذَرَ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ قَضَاءِ نَذْرِهَا
4394 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نَذَرٍ نَذَرَتْهُ أُمُّهُ، ثُمَّ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تقضيه، فقال: "اقضه عنها" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه البخاري 6959 في الحيل: باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة، ومسلم 1638، والترمذي 1546 في النذور وأيمان: باب ما جاء في قضاء النذر عن الميت، والنسائي 7/21 باب من مات وعليه نذر، وابن ماجة 2132 في الكفارات: باب من مات وعليه نذر، والبيهقي 6/278 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.(10/239)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ قَضَاءَ نَذَرِ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَفِيَ بِهِ
4395 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ(10/239)
بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذَرٌ لَمْ تَقْضِهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْضِهِ عَنْهَا"1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. عبد الله بن عمر بن أبان: هو عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان بن صالح مشكدانة.
وأخرجه أبو يعلى 2683 عن عبد الله بن عمر بن أبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1638، والنسائي 7/21 من طرق عن عبدة بن سليمان، به.
وأخرجه أحمد 6/7، والنسائي 6/253 في الوصايا: باب فضل الصدقة عن الميت، والحاكم 3/254 من طرق عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن سعد بن عبادة أنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر ... فذكره.(10/240)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَذَرَ النَّاذِرَةِ إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَفِيَ بِنَذْرِهَا لِبَعْضِ قَرَابَتِهَا قَضَاءُ ذَلِكَ النَّذْرِ عَنْهَا وَإِنْ كَانَ النَّذْرُ صَوْمًا
4396 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْدَانَ الْحَرَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمٌ مِنْ نَذْرٍ. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَكُنْتِ قَاضِيَةً عَنْ أُمِّكِ دَيْنًا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا؟ " قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: "فصومي عن أمك" 1.
__________
1 إسناده حسن لغيره، سليمان بن عبيد الله: هو الأنصاري أبو أيوب الرّقَّي، قال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/240)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن معين: ليس بشيء، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال أبو حاتم: صدوق ما رأيت إلا خيراً، وذكره المؤلف في "ثقاته"، روى له الترمذي وابن ماجة، وقد توبع، وباقي السند ثقات على شرط السيخين غير محمد بن معدان وهو ثقة روى له النسائي. عبيد الله بن عمرو: هو الرقي.
وأخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" 3/194 من طريق الحسين بن محمد بن حماد، عن هلال ومحمد بن معدان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1148 156 في الصيام: باب قضاء الصيام عن الميت، والنسائي في الصيام من "الكبرى" كما في "التحفة" 4/443، والبيهقي 4/255-256 من طرق عن زكريا بن عدي، عن عُبيد بن عمرو، به. وانظر 3530 و3570.(10/241)
كتاب الحدود
مدخل
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ فَضْلِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ مِنَ الأئمة العدول
...
20- كِتَابُ الْحُدُودِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ فَضْلِ إِقَامَةِ الْحُدُودِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْعُدُولِ
4397 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، بْنِ1 عَمْرٍو عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِقَامَةُ حَدٍّ بِأَرْضٍ، خَيْرٌ لأهلها من مطر أربعين صباحا" 2.
__________
1 تحرفت في الأصل إلى: عن، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 302.
2 رجاله ثقات، ومحمد بن قدامة –وهو ابن أعَين المصيصي- وإن كان ثقة، خالفه عمرو بن زرارة.
فأخرجه النسائي 8/76 في قطع السارق: باب في الترغيب في إقامة الحد، عنه، عن ابْنُ عُلية، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ جرير بن يزيد البجلي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، موقوفاً عليه. ووجه المخالفة أنه جعل شيخ يونس فيه جريرَ بن يزيد، وهو ضعيف، بدل عمرو بن سعيد، وهو ثقة، ووافقه على أبي هريرة.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" 11932، وفي "الأوسط" مرفوعاً بلفظ "يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة، وحدّ يقام في الأرض بحقّه أزكى فيها من مطر أربعين عاماً" قال المنذري في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/243)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "الترغيب والترهيب" 3/246: رواه الطبراني بإسناد حسن، وهو غريب بهذا اللفظ. قلت: وفي إسنادهما سعد أبو غيلان الشيباني وزريق بن السخت، قال الهيثمي في "المجمع" 5/197 و6/263: لم أعرفهما قلت: ذكرهما ابن حبان في "الثقات" 8/259 و283، وقال عن الثاني: مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات.(10/244)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْبِلَادِ، إِذْ إِقَامَةُ الْحَدِّ فِي بَلَدٍ يَكُونُ أَعَمَّ نَفْعًا مِنْ أَضْعَافِهِ الْقَطْرُ إِذَا عَمَّتْهُ
4398 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن سهم، قال: حدثنا بن الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ، عَنْ [جرير بن يزيد، عَنْ] 1 أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَدٌّ يُقَامُ فِي الأرض خير من مطر أربعين صباحا" 2.
__________
1 سقط من الأصل "والتقاسيم" 1/لوحة 567، واستدرك من مسند أبي يعلى.
2 إسناده ضعيف، جرير بن يزيد: هو ابن جرير بن عبد الله البجلي، ضعيف الحديث، وعيسى بن يزيد: قال الحافظ: مقبول، ولم يوثقه غير المؤلف. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 282/2.
وأخرجه ابن ماجة 2538 في الحدود: باب إقامة الحدود، عن عمرو بن رافع، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/402، والنسائي 8/75-76 في قطع السارق: باب الترغيب في إقامة الحد، وابن الجارود 801 من طرق عن ابن المبارك، به. إلا أن عندهم ثلاثين صباحاً بدل أربعين.
وأخرجه أحمد 2/362 عن زكريا بن عدي، عن ابن المبارك، به. وعنده ثلاثين أو أربعين صباحاً على الشك(10/244)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ التَّوَقُّفِ فِي إِمْضَاءِ الْحُدُودِ وَاسْتِئْنَافِ أَسْبَابِهَا بِمَا فِيهِ الِاحْتِيَاطُ لِلرَّعِيَةِ
4399 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ،(10/244)
قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن الصامت بن عَمِّ أَبِي هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جَاءَ الْأَسْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ بِالزِّنَى يَقُولُ: أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا، وَفِي ذَلِكَ يَعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَقْبَلَ فِي الْخَامِسَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ: "أَنِكْتَهَا؟ " فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: "هَلْ غَابَ ذَلِكَ مِنْكَ فِيهَا، كَمَا يَغِيبُ الْمِرْوَدُ فِي الْمُكْحُلَةِ، وَالرِّشَاءُ فِي الْبِئْرِ؟ " فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: "فَهَلْ تَدْرِي مَا الزِّنَا؟ " قَالَ: نَعَمْ، أَتَيْتُ مِنْهَا حَرَامًا مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلَ مِنِ امْرَأَتِهِ حَلَالًا، قَالَ: "فَمَا تُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ؟ " قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُطَهِّرَنِي. فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرْجَمَ فَرُجِمَ.
فَسَمِعَ رَجُلَيْنِ1 مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمَا، فَمَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلِهِ، فَقَالَ: "أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ " فَقَالَا: نَحْنُ ذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ لَهُمَا: "كُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ" فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ هَذَا الرَّجُلِ آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكَلِ هَذِهِ الْجِيفَةِ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ الْآنَ فِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ"2.
__________
1 في الأصل: برجلين، والتصويب من "المصنف".
2 إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن الصامت، ويقال: عبد الرحمن بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/245)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الهضاض، وقيل: ابن الهضاض، وقيل: ابن الهضاب: لم يوثقه غير المؤلف، وقال البخاري: لا يعرف إلا بهذا الحديث، وفي "ذيل الكامل" للنباتي: من لا يُعرف إلا بحديث واحد، ولم يشهر حاله، فهو في عداد المجهولين. وهو في "مصنف عبد الرزاق" 13340.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو داود 4428 في الحدود: باب رجم ماعز ابن مالك، والنسائي في الرجم كما في "التحفة"10/146، وابن الجارود 814، والدارقطني 3/196-197.
وأخرجه أبو داود 4429، والنسائي في الرجم، وأبو يعلى ورقة 283/2، والبيهقي 8/227-228 من طريق الضحاك بن مخلد، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن ابن عم أبي هريرة، عن أيب هريرة –ولم يسمه.
وأخرجه النسائي من طريق حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن ابن هضاض، به.
وأخرجه النسائي أيضاً من طريق الحسين بن واقد، عن أبي الزبير، عن عبد الرحمن بن الهضاب –ابن أخي أبي هريرة- بمعناه.
قلت: وفي "صحيح مسلم" 1695 من طريق علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال: جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله طهِّرني ... وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "استغفروا لماعز بن مالك" فقالوا: غفر الله لماعز بن مالك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمّة لوسعتهم".(10/246)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ فِي الْمِرَارِ الْأَرْبَعِ وَأَمَرَ بِهِ فَطُرِدَ
4400 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْهِضْهَاضِ الدَّوْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَيْلَكَ، وَمَا(10/246)
يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى، فَقَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " فَطُرِدَ وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى. قَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " قَالَ: أَتَيْتُ امْرَأَةً حَرَامًا، مِثْلَ مَا يَأْتِي الرَّجُلُ مِنِ امْرَأَتِهِ. فَأَمَرَ بِهِ فَطُرِدَ، وَأُخْرِجَ، ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْأَبْعَدَ قَدْ زَنَى. قَالَ: "وَيْلَكَ، وَمَا يُدْرِيكَ مَا الزِّنَى؟ " قَالَ: "أَدْخَلْتَ وَأَخْرَجْتَ؟ " قَالَ: نَعَمْ. فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ تَحَمَّلَ إِلَى شَجَرَةٍ فَرُجِمَ عِنْدَهَا حَتَّى مَاتَ.
فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِصَاحِبِهِ: وَأَبِيكَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْخَائِبُ، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا كُلُّ ذَلِكَ يَرُدَّهُ حَتَّى قُتِلَ كَمَا يَقْتُلُ الْكَلْبُ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلَةٌ رِجْلُهَا، فَقَالَ: "كُلَا مِنْ هَذَا" قَالَا: مِنْ جِيفَةِ حِمَارٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "فَالَّذِي نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا أَكْثَرُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ إِنَّهُ لَفِي نَهَرٍ مِنْ أنهار الجنة يتقمص" 1.
__________
1 إسناده ضعيف كسابقه. وأورده البخاري في "التاريخ الكبير" 5/361 فقال: عبد الرحمن بن الهضاض، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرجم. قاله عمرو بن خالد، عن مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي الزبير ...
قوله: يتقمّص، أي: يتقلَّب وينغمس، ويروى أيضاً يتقمس بالسين.(10/247)
ذِكْرُ وَصْفِ تَقَمُّصِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْجَنَّةِ
4401 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُهُ يَتَخَضْخَضُ فِي أَنْهَارِ الجنة" 1.
__________
1 رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا الزبير موصوف بالتدليس وقد عنعن.
وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/645، وزاد نسبته للضياء المقدسي.(10/248)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ يَجِبُ أَنْ تُقَامَ عَلَى مَنْ وَجَبَتْ شَرِيفًا كَانَ أَوْ وَضِيعًا
4402 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنِ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّتْهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟ " ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، فَقَالَ: "إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرقت لقطعت يدها" 1.
__________
1 إسناده صحيح، يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن موهب، روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو ثقة، ومَن فوقه ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو داود 4373 في الحدود: باب في الحد يشفع فيه، عن يزيد بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/248)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= موهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي 2/173، والبخاري 3475 في أحاديث الأنبياء: باب رقم 54، و6887 في الحدود: باب إقامة الحدود على الشريف والوضيع، و6788 باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رُفع إلى السلطان، ومسلم 1688 8 في الحدود: باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة والحدود، وأبو داود 4373، والترمذي 1430 في الحدود: باب ما جاء في كريهة أن يشفع في الحدود، والنسائي 8/73-74 في قطع السارق: باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر الزهري في المخزومية التي سرقت، وابن ماجة 2547 في الحدود: باب الشفاعة في الحدود، وابن الجارود 805، والبيهقي 8/253-254، والبغوي 2603 من طرق عن الليث بن سعد، به.
وأخرجه مختصراً البخاري 3732 في فضائل الصحابة: باب ذكر أسامة بن زيد، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، به.
وفي هذا الحديث منع الشفاعة في الحدود إذا انتهى أمرها إلى الإمام، وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه "تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حدٍّ فقد وجب" رواه أبو داود 4376 وترجم له: العفو عن الحد ما لم يبلغ السلطان، وسنده حسن، وصححه الحاكم 4/383 وأقره الذهبي.
وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الإمام أحمد 1/419 و438، والحاكم 4/382-383 وسنده ضعيف.
وأخرجه أبو داود 3597، وأحمد 2/70، وصححه الحاكم 2/27 ووافقه الذهبي، من طريق يحيى بن راشد، قال: خرج علينا ابن عمر، فقال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضادَّ الله في أمره".
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/465-466 من وجه آخر أصح منه عن ابن عمر موقوفاً.
وللمرفوع شاهد من حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط وقال: فقد ضادَّ الله في ملكه، قال الهيثمي في المجمع 6/259: وفيه رجاء ابن صبح صاحب السقط ضعفه ابن معين وغيره، ووثقه ابن حبان. وأخرج. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/249)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبو يعلى 328 من طريق أبي المحياة عن أبي مطر: رأيت علياً أتي بسارق، فذكر قصة فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بسارق.. فذكر قصة فيها قالوا: يا رسول الله، أفلا عفوت؟ قال: "ذلك سلطان سوء الذي يعفو عن الحدود، ولكن تعافوا بينكم" وأبو مطر لا يعرف، وأخرج الطبراني في "الصغير" 158، والدارقطني 3/205 عن عروة بن الزبير، قال: لقي الزبير سارقاً، فشفع فيه، فقيل له: حتى يبلغ الإمام، فقال: إذا بلغ الإمام، فلعن الله الشافع والمشفع، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي سنده أبو غزية ضعفه أبو حاتم وغيره، ووثقه الحاكم، وأخرج مالك في "الموطأ" 2/835 عن ربيعة، عن الزبير موقوفاً، وبسند آخر حسن عن علي نحوه كذلك.
وأخرج ابن أبي شيبة 9/468 بسند صحيح عن عكرمة أن ابن عباس وعماراً والزبير أخذوا سارقاً، فخلوا سبيله، فقلت لابن عباس: بئسما صنعتم حين خليتم سبيله، فقال: لا أم لك، أما لو كنت أنت لسرَّك أن تُخلي سبيلك.
وفي الباب غير ذلك حديث صفوان بن أمية عند أحمد 3/401، وأبي داود 4394، والنسائي 8/68، وابن ماجة 2595، والحاكم 4/380 في قصة الذي سرق رداءه، ثم أراد أن لا يقطع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هلاً قبل أن تأتيني به".
وحديث ابن مسعود في قصة الذي سرق، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعة، فرأوا منه أسفاً عليه، فقالوا: يا رسول الله، كأنك كرهتَ قطعة، فقال: "وما يمنعني، لا تكونوا أعواناً للشيطان على أخيكم، إنه لا ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد إلا أن يقيمه، إن الله عفوٌّ يحب العفو" أخرجه أحمد 1/438، وصححه الحاكم 4/382. وحديث عائشة "أقيلوا ذوي الهيآت زلاّتهم إلا في الحدود" أخرجه أبو داود 4375 وسنده قابل للتحسين.
قال الحافظ في "الفتح" 2/90: ويستفاد منه جواز الشفاعة فيما يقتضي التعزير، وقد نقل ابن عبد البر وغيره فيه الاتفاق، ويدخل فيه سائر الأحاديث الواردة في ندب الستر على المسلم، وهي محمولة على ما لم يبلغ الإمام.(10/250)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْحُدُودَ تَكُونُ كَفَّارَاتٍ لِأَهْلِهَا
4403 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ1 بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الوليد، قال: حدثنا الأوزاعي،
__________
1 في الأصل: الحسين، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 266.(10/250)
قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ عَمِّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِيِّهَا، فَقَالَ: "أَحْسِنْ إِلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا". فَلَمَّا وَضَعَتْ، أَتَى بِهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ1 بِهَا فَشُدَّ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ جل وعلا" 2.
__________
1 في الأصل: فأمره، والتصويب من التقاسيم.
2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. عم أبي قلابة: هو أبو المهلب الجرمي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/476 عن إبراهيم بن دحيم، عن أبيه عبد الرحمن بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 4441 في الحدود: باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، عن محمد بن الوزير الدمشقي، عن الوليد بن مسلم، به.
وأخرجه الطبرانبي 18/475 و476 من طريقين عن الأوزاعي، به.
وأخرجه عبد الرزاق 13348، والطيالسي 848، وابن أبي شيبة 10/87-88، وأحمد 4/429-430 و435-436 و437 و440، والدارمي 2/180-181، ومسلم 1696 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، والترمذي 1435 في الحدود: باب تربُّّص الرجم بالحُبلى حتى تضع، وأبو داود 4440، والنسائي 4/63-64 في الجنائز: باب الصلاة على المرجوم، وابن الجارود 815، والدارقطني 3/101 و102، والبيهقي 8/225 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/251)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: وَهِمَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي كُنْيَةِ عَمِّ1 أَبِي قِلَابَةَ، إِذِ الْجَوَادُ يَعْثُرُ، فَقَالَ: عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمِّهِ أَبِي الْمُهَاجِرِ2، وَإِنَّمَا هُوَ أَبُو الْمُهَلَّبِ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ، مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَسَادَاتِ أَهْلِ البصرة.
__________
=وأخرجه بنحوه عبد الرزاق 13347 عن معمر والثوري، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن عمران مختصراً، ولم يذكر فيه أبا المهلب، فلعله سقط من المطبوع.
1 تحرف في الأصل إلى: عن، والتصويب من التقاسيم.
2 أخرج الحديث النسائي في الرجم كما في "التحفة" 8/199 عن محمود بن خالد، وابن ماجة 2555 في الحدود: باب الرجم: عن العباس بن عثمان الدمشقي، كلاهما عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي قلابة، عن أبي المهاجر، عن عمران بن حصين ...
وأخرجه النسائي أيضاً من طريق إسحاق بن منصور، عن محمد بن يوسف، عن الأوزاعي، به. وقال فيه: عن أبي المهاجر، قال النسائي: لا نعلم أحداً تابع الأوزاعي على قوله: عن أبي المهاجر، وإنما هو أبو المهلب.(10/252)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ إِقَامَةَ الْحُدُودِ تُكَفِّرُ الْجِنَايَاتِ عَنْ مُرْتَكِبِهَا
4404 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: "لقد رأيته يتخضخض في أنهار الجنة" 1.
__________
1 رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا الزبير مدلس وقد عنعن، وهو مكرر 4401.(10/252)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ عُجِّلَ لَهُ الْعُقُوبَةُ بِالْحُدِودِ تَكُونُ إِقَامَتُهَا1 كَفَّارَةً لَهَا
4405 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَخَذَ عَلَى النِّسَاءِ مِنَّا وَقَالَ: "مَنْ أَصَابَ مِنْكُمْ مِنْهُنَّ2 حَدًّا، فَعُجِّلَتْ لَهُ عُقُوبَتُهُ، فَهُوَ كَفَّارَتُهُ، وَمَنْ أُخِّرَ عَنْهُ، فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ رَحِمَهُ، وَإِنْ شاء عذبه"3.
__________
1 في الأصل: إقامته، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 298.
2 في الموارد ص361: أو منهن.
3 رجاله ثقات رجال الصحيح، أبو أسماء: اسمه عمرو بن مرثد الرحبي، وعند غير المصنف بدله أبو الأشعث الصنعاني.
فقد أخرجه أحمد 5/320 من طريق شعبة، ومسلم 1709 43 في الحدود: باب الحدود كفارات لأهلها، من طريق هشيم، وابن ماجة 2603 في الحدود: باب الحد كفارة، من طريق عبد الوهاب وابن أبي عدي، أربعتهم عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ. وأبو الأشعث: اسمه شراحيل بن آدة.
وأخرجه بنحوه مطولاً ومختصراً أحمد 5/214 و320، والدارمي 2/220، والحميدي 387، والشافعي في "مسنده" بترتيب الساعاتي 2/187-188، والبخاري 18 في الإيمان: باب رقم 11، و3892 في مناقب الأنصار: باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، و4894 في التفسير: باب {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} ، و6784 في الحدود: باب الحدود كفارة، و6801 باب توبة السارق، و7213 في الأحكام: باب بيعة النساء، و7468 في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة، ومسلم 1709، والترمذي 1439 في الحدود: باب ما جاء أن الحدود كفارة لأهلها،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/253)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي 4/141-142 في البيعة: باب البيعة على الجهاد، و148 باب البيعة على فراق المشرك، و161-162 باب ثواب من وفّى ما بايع عليه، و8/108-109 في الإيمان: باب البيعة على الإسلام، وابن الجارود 803، والبيهقي 8/328، والبغوي 29 من طرق عن الزهري، عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني، عن عبادة بن الصامت قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فقال: "تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تزنوا، ولا تسرقوا، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق، فمن وفّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب شيئاً من ذلك فعقوبته به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك، فستره الله عليه، فأمره إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه". لفظ مسلم.
وقال الترمذي بإثر هذا الحديث: حديث عبادة بن الصامت حديث حسن صحيح.
وقال الشافعي: لم أسمع في هذا الباب أن الحدود تكون كفارة لأهلها شيئاً أحسن من هذا الحديث، قال الشافعي: وأحب لمن أصاب ذنباً، فستره الله عليه أن يستر على نفسه ويتوب فيما بينه وبين ربه، وكذلك روي عن أبي بكر وعمر أنهما أمرا رجلاً أن يستر على نفسه.
قلت: وجمهور العلماء على أن الحدود كفارات لهذا الحديث، ولو لم يتب المحدود، وقيل: لا بد من التوبة، وبذلك جزم بعض التابعين، وهو قول للمعتزلة، ووافقهم ابن حزم، ومن المفسيرن الإمام البغوي، وطائفة يسيرة، واستدلوا باستثناء من تاب بقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ} ، والجواب في ذلك أنه في عقوبة الدنيا، ولذلك قيدت بالقدرة عليه.
وفي الباب عن علي بن أبي طالب عند الترمذي 2626، وصححه الحاكم 2/445 و4/262 ووافقه الذهبي، وفيه من أصاب حدّاً فعجل عقوبته في الدنيا، فالله أعدل من أن يثنّي على عبده العقوبة في الآخرة.
وعن أبي تميمة الهجيمي عند الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" 6/265 ولفظه إن الله عز وجل إذا أراد بعبد خيراً عجل له عقوبة ذنبه في الدنيا، وربنا تبارك وتعالى أكرم من أن يعاقب على ذنب مرتين.
وعن خزيمة بن ثابت عند أحمد 5/214 و215 بلفظ من أصاب ذنباً أقيم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/254)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عليه حد ذلك الذنب فهو كفارة وسنده حسن.
وعن عبد الله بن عمر عند الطبراني في "الأوسط" كما في "المجمع" 6/265 رفعه "ما عوقب رجل على ذنب إلا جعله الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب" وفيه ياسين بن معاذ الزيات، قال ابن معين: ليس حديثه بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث.
وعن جرير بن عبد الله عند أبي الشيخ فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 12/86.
وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عنده بسند صحيح إليه نحو حديث عبادة، وفيه فمن فعل من ذلك شيئاً، فأقيم عليه الحد فهو كفارته. وعن ثابت بن الضحاك عند أبي الشيخ.(10/255)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهِ الْجَمَاعَةَ وَهُمْ جَمِيعٌ
4406 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَرْفَجَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "إِنَّهَا سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُمْ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بالسيف كائنا من كان" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، غير أن صحابيَّ الحديث –وهو عرفجة الأشجعي- لم يخرج له البخاري.
وأخرجه الطيالسي 1224، وأحمد 4/261 و341 و5/23-24، ومسلم 1852 59 في الإمارة: باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، وأبو داود 4762 في السنة: باب في قتل الخوارج: والنسائي 7/93 في تحريم الدم: باب قتل من فارق الجماعة، والطبراني في "الكبير" 17/361، والبيهقي 8/168 من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي، وعبد الرزاق 20714، وأحمد 4/261 و341، ومسلم 1852، والنسائي 7/92 و93، والطبراني 17/353 و355 و356 و357 و358 و359 و360 و362 و363 و364، والبيهقي 8/168 من طرق عن زياد بن علاقة، به.
وأخرجه بنحوه مسلم 1852 60، والطبراني 17/365 و366 و367 من طرق عن عرفجة.(10/255)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِبَاحَةِ قَتْلِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ إِذَا ارْتَكَبَ إِحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أُبِيحَ دَمُهُ
4407 - أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرْكِينَ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ1 قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا ثَلَاثَةَ نَفَرٍ: التَّارِكُ لِلْإِسْلَامِ، الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ".
قَالَ الْأَعْمَشُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ إِبْرَاهِيمَ، فَحَدَّثَنِي عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عائشة مثله2.
__________
1 في الأصل "والتقاسيم" 3/لوحة 46: عبد الله بن عمرو، بزيادة بن عمرو، والمحفوظ بهذا السند حديث عبد الله، غير منسوبب، كما هو عند جميع من خرجه، والمشهور بهذا عند إطلاقه هو عبد الله بن مسعو، وسيأتي عند المصنف برقم 5945 من طريق محمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد، وفيه ابن مسعود. وانظر "تحفة الأشراف" 7/143-144.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، أحمد بن إبراهيم الدروقي ثقة من رجاله، ومن فوقه ثقات على شرطهما. وسفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 6/181، ومن طريقه أخرجه مسلم 1676 26 في القسامة: باب ما يباح به دم المسلم، والبيهقي 8/194-195 عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد، وقال: عبد الله ولم ينسبه وأخرجه النسائي 7/90-91 في تحريم الدم: باب ما يحل به دم المسلم، والدارقطني 3/82 و82-83 من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي، به. وقال أيضاً: عبد الله.(10/256)
4408 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، والتارك لدينه المفارق الجماعة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.
وأخرجه أحمد 1/382 و428، ومسلم 1676 25 في القسامة: باب ما يباح به دم المسلم، وأبو داود 4352 في الحدود: باب الحكم فيمن ارتدّ، والترمذي 1402 في الديات: باب ما جاء لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، والبيهقي 8/213 و283-284، والبغوي 2517 من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 289، وأحمد 1/444، والدارمي 2/218، والبخاري 6878 في الديات: باب قول الله تعالى: {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ... } ، ومسلم 1676، وابن ماجة 2534 في الحدود: باب لا يحل دم امرئ مسلم إلا في ثلاث، والبيهقي 8/19 و194 و202 و213 من طرق عن الأعمش به.
قال الحافظ في"الفتح" 12/210: والمراد بالجماعة جماعة المسلمين، أي: فارقهم أو تركهم بالارتداد، فهي صفة للتارك أو المفارق، لا صفة مستقلة، وإلا لكانت الخصال أربعاً وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: "مسلم يشهد أن لا إله إلا الله"، فإنها صفة مفسرة لقوله: "مسلم"، وليست قيداً فيه، إذ لا يكون مسلماً إلا بذلك، ويؤيد ما قلته: إنَّه وقع من حديث عثمان أو يكفر بعد إسلامه أخرجه النسائي 7/92 بسند صحيح، وفي لفظ له صحيح أيضاً ارتد بعد إسلامه، وله 7/91 من طريق عمرو بن غالب عن عائشة أو كفر بعد ما أسلم.(10/257)
باب الزنى وحدّه
ذكر ثبوت الزنى بأربعة شهداء
...
1- بَابُ: الزِّنَى وَحَدِّهِ
4409 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا، أُمْهِلُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نعم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، سهيل بن أبي صالح روى له البخاري مقروناً واحتج به الباقون، وباقي السند ثقات على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/737 في الأقضية: باب القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلاً. وهو مكرر 4282.(10/258)
ذِكْرُ اسْتِحْقَاقِ الْقَوْمِ عِقَابَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عِنْدَ ظُهُورِ الزِّنَى وَالرِّبَا فِيهِمْ
4410 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا ظَهْرَ فِي قَوْمٍ الزِّنَى وَالرِّبَا إِلَّا أَحَلُوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ جَلَّا وَعَلَا" 1.
__________
1 حديث حسن لغيره، بشر بن الوليد: هو القاضي أبو الوليد الكندي الفقيه صاحب......=(10/258)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبي يوسف، وثقه المؤلف والدارقطني ومسلمة، وكان ممن امتحن، وكان أحمد يثني عليه، وقال الآجري: سألت أبا داود: أبشر بن الوليد ثقة؟ قال: لا، وقال السليماني: منكر الحديث، وقال صالح بن محمد جزرة: هو صدوق ولكنه لا يعقل كان خرف، وانظر "تاريخ بغداد" 7/80-84، و"ميزان الاعتدال" 1/326-327، ولسانه 2/35. وشريك: هو ابن عبد الله النخعي، شيء الحفظ، وسماك: هو ابن حرب، وهو صدوق روى له مسلم. ومع هذا فقد جود إسناده المنذري 3/278، والهيثمي 4/118.
وهو في "مسند أبي يعلى" 4981، وزاد في أوله "لُعِنَ آكلُ الرّبا، وموكله، وشاهده، وكاتبه".
وأخرجه بهذه الزيادة أحمد 1/402 عن حجاج، عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 10329 من حديث ابن مسعود موقوفاً عليه بلفظ لم يهلك أهل نبوة قط حتى يظهر الزنا والربا. قال الهيثمي في "المجمع" 4/118: فيه أحمد بن يحيى الأحول، وهو ضعيف.
وله شاهد من حديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" 460 من طريق علي بن هاشم بن مرزوق، عن أبيه، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن سعيد بن جبير، والحاكم 2/37 من طريق محمد بن سعيد بن سابق، عن عمرو بن أبي قيس، عن سماك، عن عكرمة، كلاهما عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلُّوا بأنفسهم عذاب الله". وفي إسناد الطبراني هاشم بن مرزوق، قال الهيثمي 4/118: لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات. قلت: وثقه المؤلف 9/243، وأبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" 9/104. وصحح إسناده الحاكم ووافقه الذهبي.
"لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مَضَوا" وهو حديث صحيح.(10/259)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِإِيجَابِ النَّارِ عَلَى السَّارِقِ وَالزَّانِي
4411 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَدْرُونَ مَنِ(10/259)
الْمُفْلِسُ؟ " قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ لَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْمُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَقَدْ شَتَمَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيَقْعُدُ فَيُعْطَى هَذَا من حسانته، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَ مَا عَلَيْهِ، أَخَذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فطرحت عليه، ثم طرح في النار" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الترمذي 2418 في صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص، عن قتيبة بن سعيد، عن عبد العزيز بن محمد، بهذا الإسناد. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 2/303 و334 من طريق زهير، و2/371-372، ومسلم 2581 في البر والصلة: باب تحريم الظلم، والبيهقي 6/93، والبغوي 4164 من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن العلاء بن عبد الرحمن، به.(10/260)
ذِكْرُ نَفْيِ الْإِيمَانِ عَنِ الزَّانِي
4412 - أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ معروضة بعد" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، علي بن الجعد ثقة من رجاله، ومن فوقه على شرطهما. وهو في "مسند ابن الجعد" 758. وقد تقدم تخريجه برقم 186.(10/260)
ذِكْرُ بُغْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الشَّيْخَ الزَّانِي وَإِنْ كَانَ بُغْضُهُ يَشْمَلُ سَائِرَ الزُّنَاةِ
4413 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ1، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْإِمَامُ الْكَذَّابُ، والعائل المزهو" 2.
__________
1 في الأصل: مسعود، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 251.
2 إسناده حسن على شرط مسلم غير ابن عجلان: وهو محمد، فقد روى له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً، وهو صدوق.
وأخرجه أحمد 2/433، والنسائي 5/86 في الزكاة: باب الفقير المختار، من طريق يحيى بن سعيد، عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 107 في الإيمان: باب بيان غلظ تحريم إسبال الإزار والمن بالعطية وتنفبق السلعة بالحلف ... ، والنسائي في الرجم كما في "التحفة"10/84، والبيهقي 8/161، والبغوي 3591 من طرق عن الأعمش، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة.
قوله: المزهو، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/323: الزُهاء بالمد والزَّهو: الكِبر والفخر، يقال: زُهِي الرجلُ فهو مَزهوٌ، هكذا يُتكلّم به على سبيل المفعول، كما يقولون: عُنِي بالأمر، ونُتِجَت الناقة، وإن كان بمعنى الفاعل، وفيه لغة أخرى قليلة زَها يَزْهو زَهْواً.(10/261)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمَرْءِ مُجَانَبَةُ مَا نَهَاهُ عَنْهُ بِارِئُهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ حِفْظِ الْفَرْجِ وَلَا سِيَّمَا بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ
4414 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ:(10/261)
حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الذَّنْبِ عِنْدَ اللَّهِ أَكْبَرُ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَهَا {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً} [الفرقان:68] 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أَبُو شِهَابٍ: هُوَ عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ نَافِعٍ الحنّاط، وأبو الربيع الزهراني: هو سليمان بن داود العَتَكي، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأَسدي.
وأخرجه أحمد 1/380 و431، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 7/46 من طريق وكيع وأبي معاوية، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 7/90 في تحريم الندم: باب ذكر أعظم الذنب، من طريق يزيد، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي وائل، به. وقال: هذا خطأ، والصواب الذي قبله أي: واصل عن أبي وائل وحديث يزيد هذا خطأ، إنما هو واصل، والله تعالى أعلم.(10/262)
ذكر خبر قد أَوْهَمَ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ خَبَرَ الْأَعْمَشِ مُنْقَطِعٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ
4415 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ1عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ أَبِي مَيْسَرَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي الذنب
__________
1 ففي الأصل: عن، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 260.(10/262)
أَعْظَمُ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ". قُلْتُ: إِنَّ ذَلِكَ لَعَظِيمٌ، ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: رَوَى هَذَا الْخَبَرَ أَبُو شِهَابٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ2، وَرَوَاهُ مَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ3، وَرَوَاهُ جَرِيرٌ،
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه مسلم 86 141 في الإيمان: باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 4477 في التفسير: باب قوله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، و7520 في التوحيد: باب قول الله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً} ، ومسلم 86، والنسائي في التفسير والرجم كما في "التحفة" 7/117 من طريقين عن جرير، به.
وأخرجه أحمد 1/434 من طريق ورقاء، عن منصور، به.
2 أخرجه أحمد 1/434، والترمذي 3183 في التفسير: باب ومن سورة الفرقان، من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث سفيان عن منصور والأعمش أصح من حديث واصل، لأنه زاد في إسناده رجلاً.
وأخرجه البخاري بعد الحديث 6811، والنسائي 7/90 عن عمرو بن علي، عن يحيى، عن سفيان، وأحمد 1/462 من طريق مهدي، كلاهما عن واصل، به. زاد البخاري في روايته: قال عمرو: فذكرته لعبد الرحمن وكان حدّثنا عن سفيان عن الأعمش ومنصور وواصل عن أبي وائل عن أبي ميسرة، فقالك دَعْه دَعْه. وانظر "الفتح" 12/117-118.
3 من قوله: "ورواه شعبة ... " إلى هنا، سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم".(10/263)
عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ1، وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ وَمَنْصُورٌ وَوَاصِلٌ2 عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ3، وَلَسْتُ أُنْكِرُ أَنْ يَكُونَ أَبُو وَائِلٍ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ، وَسَمِعَهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ4 حَتَّى يَكُونَ الطريقان جميعا محفوظين5.
__________
1 أخرجه البخاري 6861 في الديات: باب قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ، و7532 في التوحيد: باب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... } ، ومسلم 86 142 من طرق عن جرير، بهذا الإسناد.
2 تحرف في الأصل إلى: وائل، والتصويب من "التقاسيم".
3 أخرجه أحمد 1/434، والبيهقي 8/18 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والبغوي 42 من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 4761 في التفسير: باب {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ ... } ، و6811 في الحدود: باب إثم الزناة، والترمذي 5/337 بعد الحديث 3182، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 7/117، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/379 من طرق عن سفيان، به. إلا أنه لم يذكر فيه واصلاً الأحدب.
وأخرجه الترمذي 3182، والنسائي 7/89-90 عن محمد بن بشار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، به.
4 من قوله: ولست أنكر ... إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسم".
5 في الأصل و "التقاسيم": محفوظان، وهو خطأ، والجادة ما أثبت.(10/264)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ زِنَى الْمَرْءِ بِحَلِيلَةِ جَارِهِ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ
4416 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ:.حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: "أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ" قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ". قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "أَنْ تَزْنِيَ بِحَلِيلَةِ جَارِكَ". فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه البخاري 6001 في الأدب: باب قتل الولد خشية أن ياكل معه، وأبو داود 2310 في الطلاق: باب في تعظيم الزنى، عن محمد بن كثير العبدي، بهذا الإسناد.(10/265)
ذِكْرُ لَعْنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتِّكْرَارِ عَلَى الْعَامِلِ مَا عَمَلَ قَوْمُ لُوطٍ
4417 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَعَنِ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الْأَرْضِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ كَمَهَ الْأَعْمَى عَنِ السَّبِيلِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ سَبَّ وَالِدَيْهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ مَنْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ، وَلَعَنَ اللَّهُ من عمل عمل1 قوم لوط" قالها2
__________
1 سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 2/لوحة 245.
2 قوله: قالها ثلاثاً في عمل قوم لوط سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم".(10/265)
ثَلَاثًا فِي عَمَلِ قَوْمِ لُوطٍ1.
عَبْدُ الْمَلِكِ: هو أبو2 عامر العقدي.
__________
1 إسناده على شرط الشيخين، ورواية البصريين عن زهير بن محمد صحيحة فيما قاله البخاري، وهذا منها، فإن عبد الملك بن عمرو بصري، وهو في "مسند أبي يعلى" 2539.
وأخرجه أحمد 1/309 عن عبد الرحمن بن مهدي، والحاكم 4/356 من طريق عبد الله بن مسلمة، كلاهما عن زهير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/217 و317، والطبراني 11546، والحاكم 4/356، والبيهقي 8/231 من طرق عن عمرو بن أبي عمرو، به. وزادوا فيه لعن اللهُ من وَقع على بهيمة.
وأخرجه أبو يعلى 2521 من طريق محمد بن كريب، عن كريب، عن ابن عباس مختصراً، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ملعون من انتقص شيئاً من تخوم الأرض بغير حقه وإسناده ضعيف لضعف محمد بن كريب.
وله شاهد من حديث علي بن أبي طالب، رفعه، عند أحمد 1/108 و118 و152، ومسلم 1978، والنسائي 7/232، والحاكم 4/153، والبيهقي 6/99 وفيه "لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله مَن لعن والديه، ولعن الله من غيّر مَنار الأرض".
وأخرج من حديث أبي هريرة عند الحاكم 4/356 مرفوعاً بلفظ "لعن الله سبعة من خلقه" فردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل واحد ثلاث مرات، ثم قال: "ملعون ملعون ملعون مَن عَمِلَ عَمَلَ قوم لوط، ملعون من جمع بين المرأة وابنتها، ملعون من سب شيئاً من والديه، ملعون من أتى شيئاً من البهائم، ملعون من غيّر حدود الأرض، ملعون من ذبح لغير الله، ملعون من تولّى غير مواليه" وفي سنده هارون بن هارون التيمي، وهو ضعيف.
2 في الأصل: هذا ابن وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم".(10/266)
ذِكْرُ التَّغْلِيظِ عَلَى مَنْ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي دُبُرِهِمَا1
4418 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أبي شيبة،
__________
1 في الأصل: دبرها، واملثبت من "التقاسيم" 2/لوحة 251.(10/266)
حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ1 مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى رَجُلًا أَوِ امْرَأَةً فِي دبرهما" 2.
__________
1 سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم".
2 إسناده قوي على شرط مسلم. أبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حيان.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/130 عن أبي يعلى والحسين بن عبد المجيب الموصلي والحسن بن سفيان، بهذا الإسناد. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 4/251-252. وقد تقدم تخريجه برقم 4203.(10/267)
ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الزِّنَى عَلَى الْأَعْضَاءِ إِذَا جَرَى مِنْهَا بَعْضُ شُعَبِ الزِّنَى
4419 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَاللِّسَانُ يَزْنِي، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ، وَيُحَقِّقُ ذلك الفرج أو يكذبه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/411، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/298، والبغوي 76 من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد. قال البغوي: هذا حديث صحيح.(10/267)
ذكر وصف زنى العين واللسان على ابن آدم
...
ذكر وصف زنى العين واللسان على بن آدَمَ
4420 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا معمر، عن ابن طاووس، يَعْنِي عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَشْبَهُ بِاللَّمَمِ مِمَّا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كتب الله على بن آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَزِنَى الْعَيْنُ النَّظَرُ، وَزِنَى اللِّسَانِ النُّطْقُ، وَالنَّفْسُ تَتَمَنَّى ذَلِكَ وَتَشْتَهِي، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ أو يكذبه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. ابن طاووس: هو عبد الله.
وأخرجه مسلم 2657 20 في القدر: باب قدّر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره، والبيهقي 7/89 و10/185-186 من طريق إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد، وتابعَ إسحاقَ عند مسلم عبدُ بن حميد.
وأخرجه أحمد 2/276، والبخاري بعد الحديث 6243 في الاستئذان: باب زنى الجوارح دون الفرج، و6612 في القدر: باب {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ} من طريق عبد الرزاق، به.
وأخرجه البخاري 6243 عن الحميدي، عن سفيان، عن ابن طاووس، به موقوفاً على أبي هريرة.
وعلقه البخاري بإثر الحديث 6612 فقال: شبابة: حدثنا ورقاء، عن ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.(10/268)
ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الزِّنَى عَلَى الْقَلْبِ إِذَا تَمَنَّى وقُوعَ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ
4421 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ له(10/268)
نَصِيبٌ مِنَ الزِّنَى أَدْرَكَهُ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ: فَالْعَيْنُ زِنَاهَا النَّظَرُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ النُّطْقُ، وَالْقَلْبُ زناه التمني، والفرج يصدق ويكذب"1.
__________
1 حديث صحيح، ابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل، صدوق له أوهام كثيرة، وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/317 عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.(10/269)
ذِكْرُ إِطْلَاقِ اسْمِ الزِّنَى عَلَى الْيَدِ إِذَا لَمَسْتَ مَا لَا يَحِلُّ لَهَا
4422 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ ثَوْبَانَ الطُّرْسُوسِيُّ، حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ بن سعد، عن الليث ابن سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ بَنِي آدَمَ أَصَابَ مِنَ الزِّنَى لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنُ زِنَاؤُهَا النَّظَرُ، وَالْيَدُ زِنَاؤُهَا اللَّمْسُ، وَالنَّفْسُ تَهْوَى، يُصَدِّقُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ" 1. [23: 3]
__________
1 إسناده صحيح، الربيع بن سليمان المرادي ثقة روى له أصحاب السنن، وشعيب ابن الليث من رجال مسلم وهو ثقة، ومن فوقه ثقات على شرطهما.
قوله: وزناؤهما: الزنا يُمد ويقصر، يقال: زنى الرجل يزني زنىً، مقصور، وزناءً، ممدود، قال الجعدي:
كانت فريضة ما تقول كما
كان الزِّناُ فريضةَ الرَّجْمِ(10/269)
ذِكْرُ وَصْفِ زِنَى الْأُذُنِ وَالرِّجْلِ فِيمَا 1 يَعْمَلَانِ مِمَّا لَا يَحِلُّ
4423 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِمِصْرَ، حدثنا عيسى بن
__________
1 في الأصل: مما، والمثبت من "التقاسيم"3/لوحة 78.(10/269)
حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "عَلَى كُلِّ نَفْسِ ابْنِ آدَمَ كَتَبَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى: الْعَيْنُ زِنَاؤُهَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنُ زِنَاؤُهَا السَّمْعُ، وَالْيَدُ زِنَاؤُهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاؤُهَا الْمَشْيُ، وَاللِّسَانُ زِنَاؤُهُ الْكَلَامُ، وَالْقَلْبُ يَهْوَى الشَّيْءَ، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ الْفَرْجُ" 1.
4424 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ عُمَارَةَ الْحَنَفِيِّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ، فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا رِيحَهَا فهي زانية، وكل عين زانية" 2.
__________
1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان –وهو محمد- روى له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة، وهو حسن الحديث، وباقي السند ثقات على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/379، وأبو داود 2154 في النكاح: باب ما يؤمر به من غض البصر، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/372 و536، ومسلم 2657 21 في القدر: باب قدِّر على ابن آدم حظه من الزنى وغيره، وأبو داود 2153، والبيهقي 7/89 من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، به.
وأخرجه أحمد 2/344 و528 و535 من طريق أبي رافع، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/431، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/298 من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة.
2 إسناده قوي، ثابت بن عمارة روى له أصحاب السنن غير ابن ماجة، وقال. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/270)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يحيى بن معين والدارقطني: ثقة، وقال أحمد والنسائي: لا بأس به، وقال البزار: مشهور، وقال أبو حاتم: ليس عندي بالمتين، ووثقه المؤلف، وباقي السند على شرط مسلم.
وأخرجه البيهقي 3/246 من طريق أحمد بن منصور، عن النضر بن شميل، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي 2786 في الأدب: باب ماجاء في كراهية خروج المرأة متعطرة، من طريق يحيى القطان، وأحمد 4/418 عن عبد الواحد وروح، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/299، والحاكم 2/396 من طريق روح بن عبادة، وأحمد 4/414 عن مروان بن معاوية، والنسائي 8/153 في الزينة: باب ما يكره للنساء من الطيب، كلهم عن ثابت بن عمارة، به. وقوله: كل عين زانية ليس إلا عند الترمذي والطحاوي، وفي رواية الترمذي فهي كذا وكذا، يعني زانية وقال: حديث حسن صحيح، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 4/418 عن عبد الواحد وروح، عن ثابت بن عمارة، به مختصراً، بلفظ كل عين زانية.
وأخرجه أحمد 4/400، وأبو داود 4183 في الترجُّل: باب ما جاء في المرأة تتطيب للخروج، من طريق يحيى القطان، عن ثابت بن عمارة، به. وعندهما فهي كذا وكذا، زاد أبو داود: قال قولاً شديداً، وليس عندهما كل عين زانية.
وأخرجه بطوله الدارمي 2/279 عن أبي عاصم، عن ثابت بن عمارة، به موقوفاً على أبي موسى من قوله، ثم قال: وقال أبو عاصم: يرفعه بعض أصحابنا.(10/271)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ حُكْمِ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ إِذَا زَنَيَا
4425 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ1 بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ2، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ
__________
1 في الأصل: عبد الله بن محمد بن هند، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 350.
2 تحرف في الأصل إلى: هشام، والتصويب من "التقاسيم".(10/271)
الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا عَنِّي، خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جلد مائة ونفي سنة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، حطان بن عبد الله ثقة من رجاله، وباقي السند ثقات على شرطهما. وقد صَرَّح هشيم بالتحديث في بعض الروايات.
وأخرجه الترمذي 1434 في الحدود: باب ما جاء في الرجم على الثيب، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 4/247 عن قتيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/313، والدارمي 2/181، ومسلم 1690 12 في الحدود: باب حدّ الزنى، وأبو داود 4416 في الحدود: باب في الرجم: والبيهقي 8/222 من طرق عن هشيم، به.(10/272)
ذِكْرُ وَصْفِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْحُرَّةِ الزَّانِيَةِ ثَيِّبًا كَانَتْ أَمْ بِكْرًا
4426 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، ثُمَّ الرَّجْمُ1، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مائة وينفيان سنة" 2.
__________
1 ثم الرجم لم ترد في الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 180.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه ابن الجارود 810 عن يعقوب بن إبراهيم الدورقي، بهذا الإسناد.(10/272)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْبِكْرِ الزَّانِيَةِ الْجَلْدُ دُونَ الرَّجْمِ
4427 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حدثنا عليا بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خُذُوا عَنِّي، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا: الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، الْبِكْرُ تُجْلَدُ وَتُنْفَى، وَالثَّيِّبُ تُجْلَدُ وَتُرْجَمُ" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه الطحاوي 3/134 عن ابن أبي داود، عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/320، وابن أبي شيبة 10/180، ومسلم 1690 14 من طريقين عن شعبة، به.
وأخرجه مسلم 1690 14 من طريق مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، به.(10/273)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الرَّجْمِ لِمَنْ زَنَى وَهُوَ مِحْصَنٌ
4428 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كَانَتْ سُورَةُ الْأَحْزَابِ تُوَازِي سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَكَانَ فِيهَا: الشَّيْخُ والشيخة إذا زنيا، فارجموهما البتة1.
__________
1 عاصم بن أبي النجود صدوق له أوهام، وحديثه في الصحيحين مقرون، وباقي السند ثقات على شرط الصحيح
وأخرجه الحاكم 2/415 من طريق حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وصحح إسناده ووافقه الذهبي!(10/273)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالرَّجْمِ لِلْمُحْصِنِينَ إِذَا زَنَيَا قَصْدَ التنكيل بهما
4429 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُكْرَمٍ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ: لَقِيتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، فَقُلْتُ لَهُ إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَحُكُّ الْمُعَوِّذَتَيْنِ مِنَ الْمَصَاحِفِ، وَيَقُولُ إِنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فَلَا تَجْعَلُوا فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ. قَالَ أُبَيٌّ: قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ لَنَا، فَنَحْنُ نَقُولُ. كَمْ تَعُدُّونَ سُورَةَ الْأَحْزَابِ مِنْ آيَةٍ؟ قَالَ قُلْتُ: ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ، قَالَ أُبَيٌّ: وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ إِنْ كَانَتْ لَتَعْدِلُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ وَلَقَدْ قَرَأْنَا فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ1.
__________
1 إسناده كسابقه. وأخرجه من قوله: كم تعدّون ... إلخ النسائي في الرجم كما في "التحفة" 1/16 عن معاوية بن صالح الأشعري، عن منصور بن أبي مزاحم، عن أبي حفص الأبّار، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 540، وعبد الرزاق 13363، وعبد الله بن الإمام أحمد في الزيادات 5/132، والبيهقي 8/211 من طرق عن عاصم، عن زِر، قال: قال لي أُُبي بن كعب: يا زر، كأين تعد، وكأين تقرأ سورة الأحزاب؟ قال: قلت: كذا وكذا آية. قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة، وإن كنّا لنقرأ فيها والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله ورسوله فرفع فيما رفع.
وأخرج القسم الأول منه الحميدي 374، والبخاري 4976 في التفسير: باب سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} ، و4977 باب سورة {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =(10/274)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= النَّاسِ} ، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 1/15 من طريق سفيان، عن عبدة بن أبي لبابة وعاصم بن أبي النجود، به نحوه.
وأخرجه أيضاً عبد الله بن أحمد 5/132 من طريق يزيد بن أبي زياد، عن زر بن حبيش، به.
ووقع في رواية البخاري بدل قوله: كان يحك المعوذتين يقول كذا وكذا.
قال الحافظ: هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً، وكأن بعض الرواة أبهمه استعظاماً له، وأظن ذلك من سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء بن سفيان كذلك على الإبهام، وكنت أظن أولاً أن الذي أبهمه البخاريُّ، لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد 5/130 عن سفيان ولفظه قلت لأُبي: إن أخاك يحكها من المصحف، وكذا أخرجه الحميدي 374 عن سفيان، ومن طريق أبو نعيم في "المستخرج"، وكأن سفيان كان تارةً يصرح بذلك، وتارةً يُبهمه. وقد أخرجه أحمد 5/129 أيضاً، وابن حبان من رواية حماد بن سلمة بن عاصم بلفظ إن عبد الله بن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه.
وأخرج أحمد 5/129 عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم بلفظ إن عبد الله يقول في المعوذتين وهذا أيضاً فيه إبهام، وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات "المسند" 5/129-130، والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: كان عبد اله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله، قال الأعمش: وقد حدثنا عاصم، عن زر، عن أُبي بن كعب، فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي يريد عند البخاري برقم 4976 وقد أخرجه البزار 2301 وفي آخره يقول: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتعوّذ بهما قال البزار: ولم يتابع ابنَ مسعود على ذلك أحدٌ من الصحابة، وقد صحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قرأهما في الصلاة.
قلت: هو في "صحيح مسلم" 814 عن عقبة بن عامر، وزاد فيه ابن حبان 1833 من وجه آخر عن عقبة بن عامر فإن استطعتَ أن لاتفوتك قراءتهما في صلاة فافعل.
وأخرج أحمد 5/24 و79 من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه المعوذتين، وقال له: "إذا أنت صلّيت فاقرأهما" وإسناده صحيح. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/275)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=ولسعيد بن منصور من حديث مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلى الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين.
وقد تأول أبو بكر الباقلاني في كتاب "الانتصار"، وتبعه عياض وغيره، ما حُكي عن ابن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونَهما من القرآن، وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه، وليس جحداً لكونهما قرآناً، وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها يقول: إنهما ليستا من كتاب الله ...
وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيتهما، وإنما كان في صفة من صفاتهما. وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بينه القاضي، ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.
وذهب جمع إلى تكذيب ما روي عن ابن مسعود وبطلانه، فقد قال الإمام ابن حزم في "المحلى"1/13: وكل ما روي عن ابن مسعود من أن المعوذتين وأم القرآن لم تكن في مصحفه، فكذب موضوع لا يصح، وإنما صحت عنه قراءة عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود، وفيها أم القرآن والمعوذتان.
وقال الفخر الرازي في "تفسيره الكبير" 1/218: والأغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن مسعود نقل كاذب باطل.
وقال الإمام النووي في "شرح المهذب" 3/396: وأجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئاً منه كفر، وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه.(10/276)
ذِكْرُ إِخْفَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ آيَةَ الرَّجْمِ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ مَا أَنْزَلَ
4430 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ بِمَرْوَ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدِ1 ابْنِ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، قال:
__________
1 في الأصل: الحسن بن سعد، والمثبت من "التقاسيم" 3/لوحة 205.(10/276)
حَدَّثَنِي جَدِّي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي يَزِيدُ النَّحْوِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَفَرَ بالرجم، فَقَدْ كَفَرَ بِالرَّحْمَنِ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [المائدة:15] فكان مما أخفوا الرجم1.
__________
1 حديث صحيح، الحسين بن سعد لم أر من ترجمه، لكن ذكره المزي في "تهذيب الكمال" في ترجمة جده علي بن الحسين بن واقد في عِداد من روى عنه، وعلي بن الحسين بن واقد، قال النسائي: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، ووثقه المؤلف، وباقي رجال السند ثقات.
وأخرجه النسائي في الرجم كما في "التحفة" 5/178 عن محمد بن عقيل، عن علي بن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 11609 من طريق يحيى بن واضح، والطبري أيضاً 11610، والحاكم 4/359 من طريق علي بن الحسين بن شقيق، كلاهما عن الحسين بن واقد، به. وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي. ولفظ عندهم "النسائي والطبري والحاكم": من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب....(10/277)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ الْإِحْصَانِ عَنِ الْمُشْرِكِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4431 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجم يهوديين قد أحصنا1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، الوليد بن شجاع ثقة من رجال مسلم، ومن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/277)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فوقه على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/149 و14/149، وابن ماجة 2556 في الحدود: باب رجم اليهودي واليهودية، من طريق عبد الله بن نمير، وأحمد 2/17 عن يحيى القطان، كلاهما عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد نحوه.
وأخرجه مطولاً مسلم 1699 26 في الحدود: باب رجم اليهود أهلِ الذمة في الزنى، من طريق شعيب بن إسحاق، عن عُبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه مختصراً أحمد 2/61-62 و126، وابن الجارود 822 من طرق عن نافع، به.(10/278)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْإِحْصَانَ
4432 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رجم يهوديين قد أحصنا1.
4433 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم رجم يهوديا ويهودية2.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله. أبو همّام: هو الوليد بن شجاع.
2 رجاله ثقات رجال الشيخين. الشيباني: هو أبو إسحاق سليمان بن أبي سليمان، وأبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه أحمد 4/355 عن هشيم، بهذا الإسناد. ولفظه عنده: قلت لابن أبي أوفى: رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، يهودياً ويهودية. قال: قلت: بعد نزول النور أو قبلها؟ قال: لا ادري. وزاد الحافظ نسبته في "الفتح" 12/173 إلى الإسماعيلي والطبراني.
وأخرج البخاري 6813 في الحدود: باب رجم المحصن، و6840 باب. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/278)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنَوا ورُفعوا إلى الإمام، ومسلم 1702 في الحدود: باب رجم اليهود أهلِ الذمة في الزنى، من طرق عن أبي إسحاق الشيباني قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، قال: قلت: بعدما أنزلت سورة النور أم قبلها؟ قال: لا أدري. قال البخاري بعد الرواية الثانية: تابعه علي بن مسهر، وخالد بن عبد الله، والمحاربي، وعَبيدة بن حميد عن الشيباني، وقال بعضهم: المائدة، والأول أصح.(10/279)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا رَجَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
4434 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ
عن ابن عمر أن اليهود جاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟ " فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ، وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: كَذَبْتُمْ، إِنَّ فِيهَا لَآيَةَ الرَّجْمِ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرجل يجنىء على المرأة يقيها الحجارة1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/819 في الحدود: باب ما جاء في الرجم.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3635 في المناقب: باب قول الله تعالى {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ، و6841 باب أحكام أهل الذمة وإحصانهم إذا زنوا ورفعوا إلى الإمام، ومسلم 1699 27 في الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، وأبو. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/279)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= داود 4446 في الحدود: باب في رجم اليهوديين، والبيهقي 8/214، والبغوي 2583.
وأخرجه من طريق مالك مختصراً الشافعي 2/81، وأحمد 2/7 و63 و76، والترمذي 1436 في الحدود: باب ما جاء في رجم أهل الكتاب.
وأخرجه بنحوه من طرق عن نافع عبدُ الرزاق 13331 و13332، والدارمي 2/178-179، والبخاري 1329 في الجنائز: باب الصلاة على الجنائز بالمصلّى والمسجد، و4556 في التفسير: باب {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، و7332 في الاعتصام: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل أهل العلم، و7543 في التوحيد: باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب الله بالعربية وغيرها لقول الله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، ومسلم 1699.
وأخرجه أيضاً البخاري 6819 في الحدود: باب الرجم في البلاط، من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر.
قوله: يجنئ عليها أي: يُكِبُّ عليها، يقال: أَجنأ عليه يجنئ: إذا أكبَّ عليه يَقيه شيئاً، ويقال: جنَأ يجنأُ جنوءاً: إذا أكبَّ عليه. وانظر "الفتح" 12/176-177.(10/280)
ذِكْرُ اسْمِ الْوَاضِعِ يَدَهُ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فِي الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا
4435 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ رَجُلًا وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَأَتَتْ بِهِمَا الْيَهُودُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَيْنِ زَنَيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ؟ " قَالُوا: نَفْضَحْهُمَا وَنَجْلِدُهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ". وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: كَذَبْتُمْ وَاللَّهِ إِنَّ فِيهَا آيَةَ الرَّجْمِ، قَالَ: فَأَتَوْا(10/280)
بِالتَّوْرَاةِ، فَنَشَرُوهَا وَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ صُورِيَا أَعْوَرُ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَجَعَلَ يَقْرَأُ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ، فَوَجَدَ آيَةَ الرَّجْمِ، فَقَالَتِ الْيَهُودُ: نَعَمْ يَا مُحَمَّدُ، فِيهَا الرَّجْمُ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا فِيمَنْ رَجَمَهُمَا يومئذ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وانظر ما قبله.(10/281)
ذِكْرُ وَصْفِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ الْمَرْجُومِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4436 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ يُحَدِّثُ، أَنَّهُ شَهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُتِيَ بِرَجُلٍ أَشْعُرَ1 قَصِيرٍ ذِي عَضَلَاتٍ أَقَرَّ بِالزِّنَى، فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ، فَرُجِمَ، وَقَالَ: "كُلَّمَا نَفَرْنَا غَازِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَتَخَلَّفُ أَحَدُكُمْ لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ يَمْنَحُ إِحْدَاهُنَّ الْكُثَيْبَةَ2، أَمَا إِنِّي لَنْ أُوتِيَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ إِلَّا جَعَلْتُهُ نَكَالًا" وربما قال سماك: "إلا نكلته" 3.
__________
1 تحرف في الأصل إلى: أشقر، والمثبت من الطبراني، والطحاوي، وابن أبي شيبة، وفي مسلم: أشعث.
2 في الطبراني ومسلم: الكثبة، وهي: كل قليل جمعته من طعام او لبن أو غير ذلك.
3 إسناده حسن، سماك بن حرب من رجال مسلم وهو حسن الحديث، وباقي رجاله..=(10/281)
قَالَ سِمَاكٌ: فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: رَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، قَالَ شُعْبَةُ: وَقَالَ الْحَكَمُ: يَنْبَغِي أَنْ يرده أربع مرات، وقال حماد: مرة.
__________
= ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 1897 عن سليمان بن الحسن، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/103، وابن أبي شيبة 10/73، ومسلم 1692 18 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، وأبو داود 4423 في الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 2/158، والطحاوي 3/142 و143 من طرق عن شعبة، به. وفيه: فردّه مرتين، وفي رواية لمسلم والطحاوي: مرتين أو ثلاثاً.
وأخرجه عبد الرزاق 13343، ومن طريقه أحمد 5/86 و87، والطبراني 1917 عن إسرائيل بن يونس، وأحمد 5/102 من طريق المسعودي، ومسلم 1692 17، وأبو داود 4422، والطبراني 1979، والبيهقي 8/226-227 من طريق أبي عوانة، والطبراني 2049 من طريق الوليد بن أبي ثور، أربعتهم عن سماك بن حرب، به. في رواية إسرائيل والوليد ردُّه له مرتين، وفي رواية أبي عوانة فشهد على نفسه أربع شهادات، وفي رواية المسعودي: فاعترف مراراً.(10/282)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالزِّنَى يُوجِبُ الرَّجْمَ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِهِ وَكَانَ مُحْصِنًا
4437 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّهُمَا قَالَا: إِنَّ رَجُلًا(10/282)
مِنَ الْأَعْرَابِ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُنْشِدُكَ اللَّهَ إِلَّا قَضَيْتَ لِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ الْخَصْمُ الْآخَرُ -وَهُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ-: نَعَمْ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَأَذَنْ لِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قُلْ"، قَالَ: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ وَإِنِّي أُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمُ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِئَةِ شَاةٍ وَوَلِيدَةٍ، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَتِهِ الرَّجْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ مَرْدُودٌ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ، وَتَغْرِيبُ عَامٍ، اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا" قَالَ: فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَأَمَرَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرجمت1.
__________
1 إسناده صحيح، يزيد بن مَوهب ثقة روى له أصحاب السنن غير الترمذي، ومن فوقه ثقات على شرطهما.
وأخرجه البخاري 2724 في الشروط: باب الشروط التي لا تحل في الحدود، ومسلم 1697 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، والنسائي في التفسير كما في "التحفة" 3/236، والطبراني 5193 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 2314 في الوكالة: باب الوكالة في الحدود، عن أبي الوليد، عن الليث، به مختصراً جداً.
وأخرجه النسائي في ارجم، والطبراني 5191 من طريقين عن مالك والليث وسفيان بن عيينة، عن ابن شهاب، به. زاد سفيان في روايته مع أبي هريرة وزيد شبلاً.
وأخرجه مالك 2/882 في الحدود: باب ما جاء في الرجم، ومن طريقه الشافعي في "مسنده" 2/78-79، والبخاري 6633 في الأيمان والنذور:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/283)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، و6842 في الحدود: باب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم والناس ... ، وأبو داود 4445 في الحدود: باب المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، والترمذي بعد الحديث 1433 في الحدود: باب ما جاء في الرجم على الثيب، والنسائي 8/240-241 في آداب القضاة: باب صون النساء عن مجلس الحكم، والطبراني 5190، والطحاوي 3/135، والبغوي 2579.
وأخرجه الشافعي 2/79، والبخاري 2827 في الحدود: باب الاعتراف بالزنى، و6859 باب هل يأمر الإمام رجلاً فيضرب الحد غائباً عنه؟، من طرق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به.
وأخرجه أحمد 4/115-116، والحميدي 811، والدارمي 2/177، والترمذي 1433، والنسائي 8/241-242، وابن ماجة 2549 في الحدود: باب حد الزنى، والطحاوي 3/134-135، والطبراني 5192، وابن الجارود 811، والبيهقي 8/219 و222 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. زاد سفيان فيه مع زيد وأبي هريرة شبلاً.
وأخرجه عبد الرزاق 13309، و13310، والإمام أحمد 4/115، والبخاري 2695 في الصلح: باب إذا اصطلحوا على صلح جَور فالصلح مردود، و6835 في الحدود: باب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائباً عنه، و7193 في الأحكام: باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلاً وحده للنظر في الأمور، و7258 في أخبار الآحاد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام، ومسلم 1697، والطحاوي 3/135، والطبراني 5188 و5189 و5195 و5196 و5199 من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه البخاري 7260 في أخبار الآحاد، من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة وحده.
وأخرجه الطبراني 5200 من طريق سليمان بن كثير، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن زيد بن خالد.
وأخرجه البخاري 2649 في الشهادات: باب شهادة القاذف والسارق والزاني، و6831 في الحدود: باب البكران يجلدان وينفيان، والطبراني 5197 من طريقين عن الزهري، عن عبيد الله، عن زيد بن خالد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/284)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مختصراً بلفظ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يأمر فيمن زنى ولم يحصن جلد مئة وتغريب عام.
وأخرجه الطبراني 5194 من طريق الزهري، به مختصراً بنحوه.
والعسيف: الأجير، سمي بذلك لأن المستأجر يعسِفه في العمل، والعسْف: الجور، أو هو بمعنى الفاعل لكونه يعسف الأرض بالتردد فيها، يقال: عسف الليل عسْفاً: إذا أكثر السير فيه، ويطلق العسف أيضاً على الكفاية، والأجير يكفي المستأجر الأمر الذي أقامه فيه.
وفي الحديث الرجوع إلى كتاب الله نصاً واستنباطاً، وجواز القسم على الأمر لتأكيده، والحَلِف بغير استحلاف، وحسن خُلُق النبي صلى الله عليه وسلم وحِلمه على من يخاطبه بما الأولى خلافُه، وأن مَن تأسّى به من الحكام في ذلك يحمد كمن لا ينزعج لقول الخصم مثلاً: احكم بيننا بالحق.
وفيه أن حسن الأدب في مخاطبة الكبير يقتضي التقديم في الخصومة ولو كان المذكور مسبوقاً، واستحباب استئذان المدّعي والمستفتي والحاكمَ والعالمَ في الكلام.
وفيه أن من أقر بالحدّ وجب على الإمام إقامته عليه ولو لم يعترف مشاركه في ذلك.
وفيه أن المخدرة التي لا تعتاد البروز لا تكلف الحضور لمجلس الحكم، بل يجوز أن يرسل إليها من يحكم لها وعليها.
وفيه أن السائل يذكر كل ما وقع في القصة لاحتمال أن يفهم المفتي أو الحاكم من ذلك ما يستدل به على خصوص الحكم في المسألة لقول السائل: إن ابني كان عسيفاً على هذا، وهو إنما جاء يسأل عن حكم الزنى، والسر في ذلك أنه أراد أن يقيم لابنه معذرةً ما، وأنه لم يكن مشهوراً بالعهر ولم يهجم على المرأة مثلاً ولا استكرهها، وإنما وقع له ذلك لطول الملازمة المقتضية لمزيد التأنيس والإدلال، فيستفاد منه الحث على إبعاد الأجنبي من الأجنبية مهما أمكن، لأن العشرة قد تفضي على الفساد، ويتسور بها الشيطان إلى الإفساد.
وفيه أن الصحابة كانوا يفتون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي بلده.
وفيه أن الحكم المبني على الظن ينقض بما يفيد القطع.
وفيه أن الحد لا يقبل الفداء، وفيه جواز الاستنابة في إقامة الحد، وفيه أن حال الزانيين إذا اختلفا أقيم على كل واحد حده لأن العسيف جُلد والمراة رُجمت.(10/285)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَهَّمَ فِي مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ قِلَّةَ عَقْلٍ وَعِلْمٍ مِمَّا يَقُولُ فَلِذَلِكَ رَدَّهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ
4438 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ فَاحِشَةً، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِرَارًا قَالَ: فَسَأَلَ قَوْمَهُ: "أَبِهِ بَأْسٌ؟ " فَقِيلَ: مَا بِهِ بَأْسٌ، غَيْرَ أَنَّهُ أَتَى أَمْرًا يَرَى1 أَنَّهُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ إِلَّا أَنْ يُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَمَرَنَا فَانْطَلَقْنَا بِهِ إِلَى بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، قَالَ: فَلَمْ نَحْفُرْ لَهُ، وَلَمْ نُوثِقْهُ، فَرَمَيْنَاهُ بِخَزَفٍ وَعِظَامٍ وَجَنْدَلٍ قَالَ: فَاشْتَكَى فَسَعَى، فَاشْتَدَدْنَا خَلْفَهُ، فَأَتَى الْحَرَّةَ فَانْتَصَبَ لَنَا فَرَمَيْنَاهُ بِجَلَامِيدِهَا حَتَّى سَكَنَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعَشِيِّ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدَ، ما بال أَقْوَامٍ إِذَا غَزَوْنَا تَخَلَّفَ أَحَدُهُمْ فِي عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ، أَمَا إِنَّ عَلَيَّ أَنْ لَا أُوتِيَ بِأَحَدٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلَّا نَكَّلْتُ بِهِ" قَالَ: وَلَمْ يَسُبَّهُ وَلَمْ يَسْتَغْفِرْ له2.
__________
1 في الأصل: لا يرى، وهو خطأ، وفي "المستدرك": لا يرى أن يخرجه منه، بإثبات لا الأولى، وحذف الثانية، وهو صحيح.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو نضرة: هو المنذر بن مالك بن قُطَعَة العبدي.
وأخرجه مسلم 1694 21 في الحدد: باب من اعترف على نفسه بالزنى،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/286)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبو داود 4431 في الحدود: باب رجم ماعز بن مالك، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 3/455، والحاكم 4/362-363 من طرق عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي!
وأخرجه أحمد 3/61-62، والدارمي 2/178، ومسلم 1694، وأبو داود 4431، والنسائي، والبيهقي 8/220-221 من طرق عن داود بن أبي هند، به نحوه –وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.
وقوله: بجلاميدها، الجلاميد: هي الحجارة الكبار، واحدها جَلْمَد –بفتح الجيمي والميم- وجُلمود، بضم الجيم.
وقوله: سكن، كذا هي هنا وعند لحاكم بالنون، وعند مسلم وأبي داود سكت، قال النووي في "شرح مسلم" 11/198: هو بالتاء في آخره، هذا هو المشهور في الروايات، قال القاضي: ورواه بعضهم سكن بالنون، والأول الصواب، ومعناهما: مات.
وقوله: لم يسبّه ولم يستغر له قال النووي: أما عدم السب، فلأن الحدّ كفارة له، مطهرة له من معصيته، وأما عدمُ الاستغفار، فلئلاّ يغترّ غيرُه، فيقع في الزنى اتكالاً على استغفاره صلى الله عليه وسلم.(10/287)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى الْمُقِرِّ بِالزِّنَى عَلَى نَفْسِهِ إِذَا رَجَعَ بَعْدَ إِقْرَارِهِ يَجِبُ أَنْ يُتْرَكَ وَلَا يُرْجَمُ
4439 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ مَاعِزٌ الْأَسْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ جَاءَهُ مِنْ شِقِّهِ الْآخَرِ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ زَنَيْتُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَجَاءَهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُرْجَمَ، فَلَمَّا وَجَدَ مَسَّ الْحِجَارَةِ، فَرَّ يَشْتَدُّ، فَذَكَرُوا فِرَارَهُ(10/287)
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ مَسَّتْهُ الْحِجَارَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فهلا تركتموه" 1.
__________
1 إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو بن علقمة، فقد روى له البخاري تعليقاً ومقروناً ومسلم متابعة، وباقي رجال السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه ابن الجارود 819 عن علي بن خشرم، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي 1428 في الحدود: باب ما جاء في درء الحد عن المعترف إذا رجع، من طريق عبدة بن سليمان، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 11/20، والبغوي 2584 من طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن محمد بن عمرو، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
وأخرجه بنحوه البخاري 5271 في الطلاق: باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون ... ، و6815 في الحدود: باب لا يُرجم المجنون والمجنونة، و6825 باب سؤال الإمام المقرَّ: هل أحصنت؟ و7167 في الأحكام: باب من حكم في المسجد ... ، ومسلم 1691 16 في الحدود: باب من اعترف على نفسه بالزنى، والنسائي في الرجم كما في "التحفة" 10/19 و34، والطحاوي 3/143، والبيهقي 8/219، والبغوي 2585 من طرق عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة. وانظر 4383 و4384.(10/288)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ مُحْصِنًا حِينَ زَنَى
4440 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ يونس، عن بن شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ قَدْ زَنَى وَشَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ(10/288)
شَهَادَاتٍ، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فرجم وكان قد أحصن1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. عبد الله: هو ابن المبارك، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي.
وأخرجه البخاري 6814 في الحدود: باب رجم المحصن، عن محمد بن مقاتل، والبيهقي 8/225 من طريق عبدان، كلاهما عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وانظر الحديث 3094.(10/289)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ إِذَا أَقَرَّتْ عَلَى نَفْسِهَا بِالزِّنَى يَجِبُ أَنْ يُتَرَبَّصَ بِرَجْمِهَا إِلَى أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا
4441 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ عَمِّهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: أَتَتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْهُ عَلَيَّ قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَلِيِّهَا فَقَالَ: "أَحْسِنْ إِلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا". فَأَتَى بِهَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِهَا فَشُدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَرُجِمَتْ، ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا. فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ(10/289)
أَهْلِ الْمَدِينَةِ، لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أن جادت بنفسها لله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. عمر بن عبد الواحد المتابع للوليد بن مسلم في هذا السند ثقة، روى له أصحاب السنن غير الترمذي، وهو مكرر 4403.(10/290)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَامِلَ الْمُقِرَّةَ بِالزِّنَى عَلَى نَفْسِهَا ثُمَّ وَلَدَتْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ التَّرَبُّصُ بِرَجْمِهَا إِلَى [أَنْ] تَفْطِمَ وَلَدَهَا
4442 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ الْهُذَلِيِّ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: قَدْ أَحْدَثْتُ، وَهِيَ حُبْلَى، فَأَمَرَهَا نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تَذْهَبَ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، فَلَمَّا وَضَعَتْ، جَاءَتْ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَذْهَبَ فَتُرْضِعَهُ حَتَّى تَفْطِمَهُ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَدْفَعَ وَلَدَهَا إِلَى أُنَاسٍ، فَفَعَلَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ، فَسَأَلَهَا: "إِلَى مَنْ دَفَعَتْ"، فَأَخْبَرَتْ أَنَّهَا دَفَعْتُهُ إِلَى فُلَانٍ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَأْخُذَهُ، وَتَدْفَعَهُ إِلَى آلِ فُلَانٍ نَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ إِنَّهَا جَاءَتْ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَشُدَّ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَ بِهَا، فَرُجِمَتْ، ثُمَّ إِنَّهُ كَفَّنَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ دَفَنَهَا، فَقَالَ النَّاسُ: رَجَمَهَا ثُمَّ كَفَّنَهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا، ثُمَّ دَفَنَهَا! فَبَلَغَ(10/290)
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَقَالَ: "لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ تَوْبَتُهَا بَيْنَ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لوسعتهم" 1.
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم غير محمد بن وهب بن أبي كريمة فقد روى له النسائي وهو صدوق صالح. عبد الملك بن عمير وصفه المؤلف في "الثقات" 5/117 بالتدليس، وقد عنعن، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني.(10/291)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
4443 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَحْرِ بْنِ مُعَاذٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ الْحَسَنِ، عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَخِي بَنِي رَقَاشٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ، كَرْبٌ لِذَلِكَ، وَتَرَبَّدَ لَهُ [وَجْهُهُ] ، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذُوا عَنِّي، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ، ثُمَّ رَجْمٌ بِالْحِجَارَةِ، وَالْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مائة ثم نفي سنة" 1.
__________
1 حديث صحيح، شعيب بن إسحاق ثقة من رجال الشيخين وهو –وإن كان سماعه من أبي عروبة بأَخَرَةٍ- قد تُوبع، وهو مكرر 4425 و4426 و4427.
وأخرجه أحمد 5/318 و320-321، ومسلم 1690 13 في الحدود: باب حد الزنى، وأبو داود 4415 في الحدود: باب في الرجم، والنسائي في "فضائل القرآن" 5، وفي الرجم كما في "التحفة" 4/247 من طرق عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/291)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ دَالٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ كَانَ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى لِسَانِ صَفِيَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ مَا أَنْزَلَ حُكْمَ الزَّانِيَيْنِ، فَلَمَّا رُفِعَ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزِّنَى وَأَقَرَّ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ وَغَيْرُهُ بِهَا، أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجْمِهِمْ، وَلَمْ يَجْلِدْهُمْ، فَذَلِكَ مَا وَصَفْتُ عَلَى أَنَّ هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهِ نَسْخُ الْأَمْرِ بِالْجَلْدِ لِلثَّيِّبَيْنِ، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى رجمهما.
__________
=وأخرجه أحمد 5/317 من طريق حماد، عن قتادة وحميد، عن الحسن، به.
وأخرجه ابن ماجة 2550 في الحدود: باب حد الزنى، من طريق يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عروبة، به. وقال فيه عن يونس بن جبير بدل الحسن، قال الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" 4/247: وهو وهم والله أعلم، فإن المحفوظ بهذا الإسناد حديث حِطَّان عن أبي موسى في التشهد.(10/292)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَلْدِ عَلَى الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ لِمَوْلَاهَا وَإِنْ عَادَتْ فِيهِ مِرَارًا
4444 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ، فَقَالَ: "إِذَا زَنَتْ، فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا، ثُمَّ إِنْ زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/826 في الحدود: باب جامع ما جاء في حد الزنى. وزاد في آخره قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/292)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=ومن طريق مالك أخرجه الشافعي في "مسنده" 2/200-201 بترتيب الساعاتي، وأحمد 4/117، والدارمي 2/181، والبخاري 2153 في البيوع: باب بيع العبد الزاني، و6837 في الحدود: باب إذا زنت الأمة، ومسلم 1704 33 في الحدود: باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، وأبو داود 4469 في الحدود: باب في الأمة تزني ولم تحصن، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/237، وابن الجارود 821، والبيهقي 8/242 و244.
وأخرجه عبد الرزاق 13598 في "المصنف"، والطيالسي 1334 و2513، بهذا الإسناد، عن أبي هريرة وحده.
وأخرجه عبد الرزاق 13598، والطيالسي 1334 و2513، والبخاري 2232 في البيوع: باب بيع المدبَّر، و2555 في العتق: باب كراهية التطاول على الرقيق، ومسلم 1704 من طرق عن الزهري، به عنهما.
وأخرجه الشافعي 2/200، والحميدي 812، وأحمد 4/116، وابن أبي شيبة 9/513، والنسائي في الرجم، وابن ماجة 2565 في الحدود: باب إقامة الحدود على الإماء، والبيهقي 8/244 من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهري، به. زاد في إسناده مع أبي هريرة وزيد شبلاً.
وأخرجه البخاري 2152 و2234 و6839، ومسلم 1703 30 و31، وأبو داود 4470 و4471 من طريق المقبري، عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا زنت الأمة فتبين زناها، فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت، فليجلدها ولا يثرب، ثم إن زنت الثالثة، فليبعها ولو بحبل من شعر". اللفظ للبخاري، وفي بعض الروايات ثم ليبعها في الرابعة.
والضفير: الحبل المضفور، فعيل بمعنى مفعول.
وقوله: ولم تحصن قال الزرقاني في "شرح الموطأ" 4/148: بضم أوله وسكون ثانيه وكسر ثالثه بإسناد الإحصان إليها، لأنها تحصن نفسها بعفافها، وروي ولم تحُْصَن بفتح الصاد بإسناد الإحصان إلى غيرها ويكون بمعنى الفاعل والمفعول، وهو أحد الثلاثة التي جاءت نوادر، يقال: أحصن فهو محصَن، وأسهب فهو مُسْهَبٌ، وألفج فهو ملفج قليل ... وزَعْم الطحاوي تفرد مالك بقوله: ولم تحصن، أنكره عليه ابن عبد البر وغيره من الحفاظ بأنه لم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/293)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يتفرد بها، بل تابعه عليها ابن عيينة ويحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن شهاب، فهي صحيحة، وليست بقيد وإنما هي حكاية حال في السؤال، ولذا أجاب صلى الله عليه وسلم فقال: "إن زنت فاجلدوها" غير مقيد بالإحصان للتنبيه على أنه لا أثر له، وأن موجبه في الأمة مطلق الزنى، أو المراد بالإحصان المنفي الحرية كقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} أو التي لم تتزوج أو لم تسلم كقوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} الآية قيل: أسلمن، وقيل: تزوجن، فليس المراد أنها ترجم إذا أحصنت بمعنى تزوجت، لأنه خلاف الإجماع، وصريح قوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} ، فدل الحديث على جلد من لم تحصن، والآية على جلد المحصن، إذ الرجم لا ينتصف، فتجلد ولو متزوجة عملاً بالدليلين.(10/294)
باب حد الشرب
ذكر الخبر في حد شارب الخمر
...
2- بَابُ: حَدِّ الشُّرْبِ
4445 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَاجْلِدُوهُ، وَمَنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ، فَاقْتُلُوهُ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ: الْعِلَّةُ الْمَعْلُومَةُ فِي هَذَا الْخَبَرِ يُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ: فَإِنْ عَادَ عَلَى أَنْ لَا يقبل تحريم الله، فاقتلوه.
__________
1 إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود. وانظر مابعده.(10/295)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ
4446 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي(10/295)
عروبة، عن عاصم بن بَهْدَلَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ1، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا، فَاقْتُلُوهُمْ" 2.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ أَبُو صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ جميعا.
__________
1 قوله: ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوهَا فاجلدوهم سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 1/لوحة 544.
2 حديث صحيح. شعيب بن إسحاق ثقة من رجال الشيخين غير أن روايته عن أبي عروبة بأخرة.
وأخرجه ابن ماجة 2573 في الحدود: باب من شرب الخمر مراراً، عن هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/768 من طريق عبد الأعلى، والطحاوي 3/159، والحاكم 4/372 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة، به. سكت عنه الحاكم، وقال الذهبي: صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق 17087، وأحمد 4/95 و96 و101، وأبو داود 4482 في الحدود: باب إذا تتابع في شرب الخمر، والترمذي 1444 في الحدود: باب ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه ومن عاد في الرابعة فاقتلوه، والنسائي في الحدود كما في "التحفة" 8/439، والطبراني 19/767، والبيهقي 8/313 من طرق عن عاصم بن أبي النجود، به.
وأخرجه أحمد 4/93 و97، والنسائي في الحدود كما في "التحفة" 8/444، والطحاوي 3/159، والطبراني 19/843 و844 و845 و846 من طريق عبد الرحمن بن عبد الجدلي، عن معاوية بن أبي سفيان.
وانظر "المستدرك" 4/371-373، و"نصب الراية" 3/346-349، و"فتح الباري" 12/80-82، و"مسند أحمد" بتحقيق أحمد محمد شاكر 9/49 وما بعدها.(10/296)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ مَنْ عَادَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ بَعْدَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَسَكِرَ مِنْهَا
4447 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شَبَابَةُ بْنُ سوار، قال: حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا سَكِرَ الرَّجُلُ فَاجْلِدُوهُ ثُمَّ إِنْ سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ سَكِرَ، فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إن سكر الرابعة، فاضربوا عنقه" 1
__________
1 إسناده جيد، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن روى له أصحاب السنن وهو صدوق.
وأخرجه النسائي 8/314 في الأشربة: باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجة 2572 في الحدود: باب من شرب الخمر مراراً، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن شبابة بن سوار، به.
وأخرجه الطيالسي 2337، وأحمد 2/291 و504، وأبو داود 4484 في الحدود: باب إذا تتابع في شرب الخمر، وابن الجارود 831، والطحاوي 3/159، والحاكم 4/371، والبيهقي 8/313 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. ولفظه عند الطيالسي والطحاوي والحاكم من شرب الخمر..، وزاد أحمد في الموضع الأول منه قال الزهري: فأُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل سكران في الرابعة فخلّى سبيله قلت: وقول الزهري: هذا مرسل، ضعيف لا تقوم به حجة. وصحح الحاكم إسناد الحديث على شرط مسلم، ووافقه الذهبي! مع أن خال ابن أبي ذئب لم يخرج له مسلم.
وأخرجه أحمد 2/519 عن سليمان بن داود، عن أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، به. ولفظه "إذا شرب الخمر ... ".
وأخرجه عبد الرزاق 17081، ومن طريقه أحمد 2/280، والنسائي في حد الخمر كما في "التحفة" 9/419، والحاكم 4/371-372 عن معمر، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة بلفظ إذا شربوا فاجلدوهم ... ، وزاد في آخره قال معمر: فذكرت ذلك لابن المنكدر، فقال: قد ترك القتل، قد أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بابن النعيمان فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به الرابعة فجلده، فأكثر قلت: وقول ابن المنكدر: قد ترك القتل ... مرسل.
وأخرجه الحاكم 4/371 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد بن أبي عروبة، عن سهيل، به. وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.(10/297)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَعْنَاهُ: إِذَا اسْتَحَلَّ شُرْبَهُ، وَلَمْ يَقْبَلْ تَحْرِيمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم1.
__________
1 ويرى غيرُ المؤلف أن الأمر بقتل شارب الخمر في الرابعة إنما كان في أول الأمر ثم نسخ بعد، قال الترمذي: هكذا روى محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه"، قال: ثم أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعد برجل قد شرب الخمر في الرابعة فضربه ولم يقتله، وكذا روى الزهري عن قبيصة بن ذؤَيب عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال: فرُفع القتل وكان رخصة.
والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العمل، لا نعلم بينهم اختلافاً في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه قال: "لا يحل دم امرء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه".
وقال الإمام النووي في "شرح مسلم" 5/298: وهذا الذي قاله الترمذي في حديث شارب الخمر هو كما قاله، فهو حديث منسوخ، دل الإجماع على نسخه.(10/298)
ذِكْرُ وَصْفِ ضَرْبِ الْحَدِّ الَّذِي كَانَ فِي أَيَّامِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4448 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَدَ فِي الْحَدِّ بِالْجَرِيدِ(10/298)
وَالنِّعَالِ، فَلَمَّا كَانَ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَلَدَ أَرْبَعِينَ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ دَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، فَذُكِرَ لِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ عبد الرحمن: اجعلها كأخف الحدود1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، مسدَّد على شرطه، ومن فوقه على شرطهما.
يحيى: هو ابن سعيد القطان، وهشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي.
وأخرجه أبو داود 4479 في الحدود: باب الحد في الخمر، عن مسدّد، بهذا الإسناد. وفيه: فلما ولي عمر دعا الناس فقال لهم: إن الناس قد دنَوا من القرى والريف، فما ترون في حد الخمر؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: نرى أن تجعله كأخف الحدود، فجلد فيه ثمانين.
وأخرجه مسلم 1706 36 في الحدود: باب حد الخمر، عن محمد بن المثنى، وأبو يعلى 3127 عن عبيد الله بن عمر القواريري، وأحمد 3/115 ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه الطيالسي 1970، وأحمد 3/115 و180، والبخاري 6773 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، و6776 في الحدود: باب الضرب بالجريد والنعال، ومسلم 1706 36 و37، وأبو داود 4479، والنسائي في الحدود كما في "التحفة" 1/348، وأبو يعلى 3015، والطحاوي 3/157، والبيهقي 8/319 من طريق هشام، به –وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.(10/299)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَدَّ الَّذِي وَصَفْنَاهُ كَانَ لِشَارِبِ الْخَمْرِ
4449 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ جَلَدَا فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَالِ، فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، دَنَا النَّاسُ مِنَ الرِّيفِ وَالْقُرَى، فَاسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فِي جَلْدِ الْخَمْرِ، فَقَالَ(10/299)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَتَى مَا يَشْرَبْهَا [يُهَجَّرْ] وَمَتَى مَا يُهَجَّرْ يُقْذَفْ، فَنَرَى أَنْ تَجْعَلَهُ كَأَخَفِّ الْحُدُودِ، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ عُمَرُ رضوان الله عليه1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله وما بعده.(10/300)
ذِكْرُ وَصْفِ الْعِدَّةِ الَّتِي ضَرَبَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْرِ
4450 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَ بِنَعْلَيْنِ أَرْبَعِينَ، ثُمَّ أُتِيَ أَبُو بَكْرٍ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَصَنَعَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أُتِيَ عُمَرُ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَاسْتَشَارَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفَّ الْحُدُودِ ثَمَانِينَ فَضَرَبَهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عليه ثمانين2.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وانظر ما قبله وما بعده.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مسند أبي يعلى" 3053، وأخرجه النسائي في الحدود كما في "التحفة" 1/327، وأبو يعلى 3219 من طريقين عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي 2/175، والبخاري 6773 في الحدود: باب ما جاء في ضرب شارب الخمر، ومسلم 1706 35 في الحدود: باب حد الخمر، والترمذي 1443 في الحدود: باب ما جاء في حد السكران، والنسائي في "الكبرى"، والطحاوي 3/157، وابن الجارود 829، والبيهقي 8/319، والبغوي 2604منطرق عن شعبة، به. قال الترمذي: حديث أنس حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم أن حد السكران ثمانون. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/300)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه ابن الجارود 830 من طريق شبابة، عن شعبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس. فزاد في إسناده الحسن البصري بين قتادة وأنس.
وأخرجه الطحاوي 3/158، والبيهقي 8/319 من طريقين عن همام، عن قتادة، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/247، وأبو يعلى 2894 من طرق عن همام، به. وفيه فأمر قريباً من عشرين رجلاً فجلده كلُّ رجل جلدتين بالجريد والنعال هذا لفظ أحمد، وهو عند أبي يعلى مطولاً وفيه فضربوه بالجريد والنعال.(10/301)
3- بَابُ: حَدِّ الْقَذْفِ
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَاذِفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ عَدِمِ الشُّهُودَ الْأَرْبَعَةَ بِقَذْفِهِ إِيَّاهَا أَوْ تَلَكُّئِهِ عَنِ اللِّعَانِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِقَذْفِهِ امْرَأَتَهُ
4451 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيُّ1، قَالَ: حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: أَوَّلُ لِعَانٍ فِي الْإِسْلَامِ أَنَّ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ أَقْذَفَهُ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ بِامْرَأَتِهِ، فَرَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا هِلَالُ، أَرْبَعَةُ شُهُودٍ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِكَ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ، وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ عليك ما يبريء ظَهْرِي مِنَ الْجَلْدِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور:6] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "اشْهَدْ بِاللَّهِ إنك لمن الصادقين فيما رميتها به
__________
1 تحرف في الأصل إلى: الحراني، والتصويب من مسند أبي يعلى ومصادر ترجمته.(10/302)
مِنَ الزِّنَى" فَشَهِدَ بِذَلِكَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الْخَامِسَةِ: "وَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ إِنْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتَهَا بِهِ مِنَ الزِّنَى" فَفَعَلَ. ثُمَّ دَعَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "قَوْمِي اشْهَدِي بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنِ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاكَ بِهِ مِنَ الزِّنَى" فَشَهِدَتْ بِذَلِكِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ، ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي الْخَامِسَةِ: "وَغَضَبُ اللَّهِ عَلَيْكِ إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَاكِ بِهِ مِنَ الزِّنَى" فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الْخَامِسَةِ، فَسَكَتَتْ سَكْتَةً حَتَّى ظَنُّوا أَنَّهَا سَتَعْتَرِفُ، ثُمَّ قَالَتْ: لَا أَفْضَحُ قَوْمِي سَائِرَ الْيَوْمِ، فَمَضَتْ عَلَى الْقَوْلِ، فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ: "انْظُرُوا، إِنْ جَاءَتْ بِهِ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَهُوَ لِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَبْيَضَ، سَبِطًا، قضيء الْعَيْنَيْنِ1 فَهُوَ لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ". فَجَاءَتْ بِهِ آدَمَ جَعْدًا حَمْشَ السَّاقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْلَا مَا نَزَلَ فِيهِمَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، لَكَانَ لِي وَلَهُمَا شأن" 2.
__________
1 تحرفت في الأصل إلى: العقبين، وقضئ العينين: أي: فاسد العينين بكثرة دمع أو حمرة أو غير ذلك، يقال: قضِئَ الثوبُ يقضأ، فهو قضئ مثل حَذِرَ يَحذَرُ فهو حَذِر: إذا تفزّر وتشقق. "نهاية"، وفي "مسند أبي يعلى": أقمر العينين.
2 حديث صحيح، مسلم بن أبي مسلم الجرمي، ويقال له أيضاً: مسلم بن عبد الرحمن الجرمي، روى عن جمع وروى عنه جمع، أورده ابن أبي حاتم 8/188 وقال: مِن الغُزاة، روى عن مخلد بن حسين، روى عنه المنذر بن شاذان الرازي وقال: إنه قتل من الروم مئة ألف! وذكره المؤلف في "ثقاته" 9/158 وقال: ربما أخطأ، مات سنة أربعين ومئتين، ونقل الحافظ في "لسان الميزان" 6/32 عن الأزدي قوله: حدّث بأحاديث لا يُتابع عليها وكان إماماً بطرسوس، وعن البيهقي: إنه غير قوي. ووثقه الخطيب في "تاريخه" 13/100، وقد توبع، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ز=(10/303)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مخلد بن الحسين فمن رجال مسلم وحده. وهو في مسند أبي يعلى 224.
وأخرجه النسائي 6/172-173 في الطلاق: باب كيف اللعان، عن عمران بن يزيد، والطحاوي 3/101-102 من طريق محمد بن كثير، كلاهما عن مخلد بن حسين، بهذا الإسناد.
وأخرجه مختصراً أحمد 3/142، ومسلم 1496 في اللعان، وأبو يعلى 2825، والطحاوي 3/102، والبيهقي 7/405-406 من طرق عن هشام بن حسان، به.
وفي الباب عن ابن عباس عند البخاري 2671 و4747، وأبي داود 2254، والترمذي 3179، وابن ماجة 2067، والبيهقي 7/393-394، والبغوي 2370 من طريق محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، عن هشام بن حسان، عن عكرمة، عنه.
والسبط، بكسر الباء: المسترسل الشعر، والجعد: هو الذي يكون شعره غير سبط، وحمش الساقين: دقيقهما.(10/304)
4- بَابُ: التَّعْزِيرِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْأُمَرَاءِ مِنَ الْجَلْدِ فِي تَأْدِيبِ مَنْ أَسَاءَ مِنَ الرَّعِيَّةِ فِيمَا دُونَ حَدٍّ مِنَ الْحُدُودِ
4452 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى السَّخْتِيَانِيُّ1، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا الْمَقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "لَا جَلْدَ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ فِيمَا دُونَ حد من حدود الله" 2.
__________
1 تحرف في الأصل إلى: السجستاني، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 54.
2 إسناده صحيح على شرطهما. عبد الرحمن بن جابر: هو ابن عبد الله الأنصاري أبو عتيق المدني، والمقرئ: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد.
وأخرجه أحمد 4/45، والدارمي 2/176، والنسائي في الرجم كما في "تحفة الأشراف" 9/66، والطبراني 22/514، والحاكم 4/381-382، والبيهقي 8/328 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد. وقع في إسناد الحاكم إسماعيل بن أبي أيوب بدل سعيد بن أبي أيوب وهو تحريف. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي! مع أنهما قد أخرجاه، لكن زاد مسلم في سنده. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/305)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=جابر بن عبد الله كما سيأتي في الحديث الآتي.
وأخرجه أحمد 3/466 و4/45، وابن أبي شيبة في "مصنفه" 10/107، والبخاري 6848 في الحدود: باب كم التعزير والأدب، وأبو داود 4491 في الحدود: باب في التعزير، والترمذي 1463 في الحدود: باب ما جاء في التعزير، والنسائي في الرجم، وابن ماجة 2601 في الحدود: باب التعزير، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/164، والطبراني 22/515 و516، والبغوي 2609 من طريقين عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وأخرجه أحمد 3/466، والطبراني 22/517 من طريقين عن بكير بن الأشج، به.
وأخرجه البخاري 8649 من طريق فضيل بن سليمان، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن جار، عمن سمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم ...
وأخرجه عبد الرزاق 13677 عن ابن جريج، عن مسلم بن أبي مريم، عن عبد الرحمن بن جابر، عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ...
قال الحافظ في "الفتح" 2/185: وقد اختلف السلفُ في مدلول هذا الحديث، فأخذ بظاهره الليث وأحمد في المشهور عنه، وإسحاق، وبعض الشافعية، وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة: توز الزيادة على العشر، ثم اختلفوا فقال الشافعي: لا يبلغ أدنى الحدود، وهل الاعتبار بحد الحر أو العبد قولان، وفي قول أو وجه: يستنبط كل تعزير من جنس حده ولا يجاوزه، وهو مقتضى قول الأوزاعي: لا يبلغ به الحد، ولم يفصل، وقال الباقون: هو إلى رأي الإمام بالغاً ما بلغ، وهو اختيار أبي ثور، وعن عمر أنه كتب إلى أبي موسى: لا تجلد في التعزير أكثر من عشرين، وعن عثمان: ثلاثين، وعن عمر أنه بلغ بالسوط مئة، وكذا عن ابن مسعود، وعن مالك، وأبي ثور، وعطاء: لا يعزر إلا من تكرر منه، ومن وقع منه مرة واحدة معصية لا حد فيها فلا تعزير، وعن أبي حنيفة: لا يبلغ أربعين، وعن ابن أبي ليلة وأبي يوسف: لا يزاد على خمس وتسعين جلدة، وفي رواية عن مالك وأبي يوسف: لا يبلغ ثمانين.(10/306)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُجْلَدَ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ الْمُسْلِمُونَ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ
4453 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بُكَيْرَ بْنَ الْأَشَجِ(10/306)
حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا عِنْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ إِذْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ فَحَدَّثَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا سُلَيْمَانُ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَابِرٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يَقُولُ] : "لَا يُجْلَدُ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ إِلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حدود الله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 4/45، والبخاري 6850 في الحدود: باب كم التعزير والأدب، ومسلم 1708 في الحدود: باب قدر أسواط التعزير، وأبو داود 4492 في الحدود: باب في التعزير، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/165، والحاكم 4/369-370، والبيهقي 8/327 من طرق عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي! وهنا قد أخرجاه كما مر في التخريج.
وأخرجه النسائي في الرجم كما في "التحفة"9/66، والطحاوي 3/165 من طريقين عن بكير بن الأشج، به.(10/307)
5- بَابُ: حَدِّ السَّرِقَةِ
ذِكْرُ نَفْيِ اسْمِ الْإِيمَانِ عَنِ السَّارِقِ وَشَارِبِ الْخَمْرِ فِي وَقْتِ ارْتِكَابِهِمَا الْفِعْلَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُمَا
4454 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ1، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَسْرِقُ السَّارِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، ولكن أبواب التوبة معروضة" 2.
__________
1 في الأصل: سليمان عن الأعمش، وهو تحريف، والتصويب من "التقاسيم" 3/لوحة 150.
2 حديث صحيح، حكيم بن سيف، روى له أبو داود والنسائي في "اليوم والليلة"، قال ابن أبي حاتم: شيخ صدوق لا بأس به، يُكتب حديثه ولا يحتج به، ليس بالمتين. وذكره المؤلف في "ثقاته"، وقال عنه الحافظ في "التقريب": صدوق، وقد تقدم تخريجه برقم 186.(10/308)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}
4455 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي رُبْعِ دِينَارٍ فصاعدا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة ابن يحيى فمن رجال مسلم.
وأخرجه البيهقي 8/254 من طريق إسماعيل بن أحمد، عن محمد بن الحسن ابن قتيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1684 2 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، عن حرملة بن يحيى، به.
وأخرجه البخاري 6790 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم يُقطع، ومسلم 1684 2، وأبو داود 4384 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والنسائي 8/78 في قطع السارق: باب ذكر الاختلاف على الزهري، والطحاوي 3/164، والبيهقي 8/254 من طرق عن ابن وهب، به.
وأخرجه النسائي 8/77 من طريق حفص بن حسان، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، به. وانظر 4459 و4460.(10/309)
ذِكْرُ نَفْيِ الْقَطْعِ عَنِ الْمُنْتَهِبِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا
4456 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ(10/309)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ قَطْعٌ، وَمَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً، فَلَيْسَ مِنَّا" 1.
أَبُو الزُّبَيْرِ: اسْمُهُ مُحَمَّدُ بْنُ تَدْرُسَ المكي.
__________
1 إسناده قوي، مؤمّل بن إهاب، قال أبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، وقال مرة: ثقة، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال مسلمة بن قاسم: ثقة صدوق، وقال إبراهيم بن الجنيد: سئل عنه ابن معين فكأنه ضعفه، ومن فوقه رجاله ثقات رجال الشيخين، وأبو الزبير قد توبع، وهو في "مصنف عبد الرزاق" 18844 لكن ليس فيه وعمرو بن دينار.
قلت: وقد صرح ابن جريج بسماعه من أبي الزبير عند عبد الرزاق، والدارمي 2/175، والنسائي في "الكبرى" ورقة 402ب، فانتفت شبهة تدليسه، وهذا يرد على أبي داود والنسائي وغيرهما قولهم: إن ابن جريج لم يسمعه من أبي الزبير.
وأخرجه من طرق عن ابن جريج بهذا الإسناد الترمذي 1448 في الحدود: باب ما جاء في الخائن والمختلس والمنتهب، وأبو داود 4391 في الحدود: باب القطع في الخلسة والخيانة، والنسائي 8/88-89 و89 في قطع السارق: باب ما لا يقطع فيه، وابن ماجة 2591 في الحدود: باب الخائن والمنتهب والمختلس، وأحمد 3/380، والدارمي 2/175، والطحاوي 3/171، والدارقطني 3/187، والبيهقي 8/279. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه من طرق عن أبي الزبير، عن جابر النسائي 8/89، وعبد الرزاق 18845 و18859، والطحاوي 3/171، والبيهقي 3/279.(10/310)
ذِكْرُ نَفْيِ الْقَطْعِ عَنِ الْمُنْتَهِبِ مَا لَيْسَ لَهُ
4457 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ1 اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ الْعَابِدُ بِحِمْصَ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عن أبي الزبير، وعمرو بن دينار
__________
1 تحرف في الأصل إلى: عبد.(10/310)
عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ عَلَى مُنْتَهِبٍ وَلَا مُخْتَلِسٍ ولا خائن قطع" 1.
4458 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ عَلَى المختلس ولا على الخائن قطع" 2.
__________
1 إسناده قوي، وهو مكرر ما قبله.
2 مؤمل بن إسماعيل وإن كان شيء الحفظ، تابعه عليه مخلد بن يزيد الحراني عند النسائي 8/88 وهو ثقة، وباقي السند رجاله رجال الشيخين، وانظر ما قبله.(10/311)
ذِكْرُ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ الَّذِي اسْتُثْنِيَ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ
4459 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقطع في ربع دينار فصاعدا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه الشافعي 2/83، وأحمد 6/36، والحميدي 279، ومسلم 1684 1 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، وأبو داود 4383 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والترمذي 1445 في الحدود: باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، والنسائي 8/79 في القطع: باب ذكر الاختلاف على الزهري، والطحاوي 3/163 و166 و167، وابن الجارود 824، والبيهقي 8/254، والبغوي 2595 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد. وجعل مرة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومرة من قوله. قال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/311)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه عبد الرزاق 18961، وأحمد 6/163، والطيالسي 1582 وابن أبي شيبة 9/468-469 وقد تحرف في المطبوع منه عمرة إلى: عروة، والدارمي 2/172، والبخاري 6789 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم يقطع، ومسلم 1684 1، وابن ماجة 2585 في الحدود: باب حد السارق، والنسائي 8/78، وأبو يعلى 4411، والبيهقي 8/254 من طرق عن الزهري، به.(10/312)
ذِكْرُ الْحَدِّ الَّذِي يُقْطَعُ السَّارِقُ إِذَا سَرَقَ مِثْلَهُ أَوْ يَقُومُ مَقَامَهُ
4460 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ وَعُمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ربع دينار فصاعدا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن سلمة المرادي فمن رجال مسلم. وهو مكرر 4455.(10/312)
ذِكْرُ الْحُكْمِ فِيمَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ
4461 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ السَّخْتِيَانِيُّ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَيُّوبَ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ1 بْنِ عُمَرَ، وَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نافع
__________
1 في الأصل: عبد الله، بالتكبير، وهو تحريف، والتصويب من الدارمي ومسلم وغيرهما.(10/312)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَطَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ قِيمَتُهُ ثلاثة دراهم1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، فمن رجال مسلم. أبو نعيم: هو الفضل بن دكين، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وهو في سنن الدارمي 2/173، وعنه أخرجه مسلم 1686 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها.
وأخرجه النسائي 8/77 في القطع: باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده، والبيهقي 8/256 من طرق عن أبي نعيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق 8969، ومن طريقه أحمد 2/80، ومسلم 1686 6 عن سفيان الثوري، عن أيوب السختياني وأيوب بن موسى وإسماعيل بن أمية، به.
وأخرجه عبد الرزاق 18968، وأحمد 2/6 و82، والطحاوي 3/162، وابن الجارود 825 من طريق أيوب السختياني، به.
وأخرجه أحمد 2/145، ومسلم، وأبو داود 4386 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والنسائي 8/77، والبيهقي 8/256 من طريق ابن جريج، عن إسماعيل بن أمية، به.
وأخرجه عبد الرزاق 18967، وأحمد 2/54 و143، والطيالسي 1847، وابن أبي شيبة 9/468، والبخاري 6797 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، ومسلم، وابن ماجة 2584 في الحدود: باب حد السرقة، والطحاوي 3/162 من طريق عبيد الله بن عمر، به. ووقع في بعض المصادر عبد الله بن عمر.
وأخرجه البخاري 6798 من طريق أبي ضمرة، عن موسى بن عقبة، به.(10/313)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَطْعَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ لَيْسَ بِحَدٍّ لَا يُقْطَعُ فِيمَنْ سَرَقَ أَكْثَرَ مِنْهُ
4462 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ ابن أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(10/313)
أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: مَا طَالَ عَلَيَّ، وَلَا نَسِيتُ: القطع في ربع دينار فصاعدا1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/832 في الحدود: باب ما يجب فيه القطع.
ومن طريق مالك أخرجه النسائي 8/79 في قطع السارق: باب ذكر الاختلاف على الزهري، والطحاوي 3/165.
وأخرجه ابن أبي شيبة 9/470، والنسائي 8/79، والطحاوي 3/164 من طرق عن يحيى بن سعيد، به. بعضهم يجعل نص الحديث مرفوعاً، وبعضهم يوقفه على عائشة.
وأخرجه من طرق عن عمرة عن عائشة –بعضهم يرفعه وبعضهم يوقفه، وأورد بعضهم فيه قصةً- مالك 2/832-833، وأحمد 6/80-81 و249 و252، وعبد الرزاق 18964، وابن أبي شيبة 9/472، والبخاري 6791 في الحدود: باب قول الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} ، ومسلم 1684 4 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، والنسائي 8/80، والطحاوي 3/165 و166، والدارقطني 3/189، والبيهقي 8/254 و255. وانظر شرح معاني الآثار 3/163-165.(10/314)
ذِكْرُ صَرْفِ الدِّينَارِ الَّذِي كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4463 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مِجَنٍّ قيمته ثلاثة دراهم1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 2/831 في الحدود: باب ما يجب في القطع.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/64، والشافعي 2/83، والطيالسي 1847، والبخاري 6795 في الحدود: باب قول الله تعالى:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/314)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وفي كم يقطع، ومسلم 1686 6 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، وأبو داود 4385 في الحدود: باب ما يقطع فيه السارق، والنسائي 8/76-77 في قطع السارق: باب القدر الذي إذا سرقه السارق قطعت يده، والطحاوي 3/162، والبيهقي 8/256، والدارقطني 3/190، والبغوي 2596.
وأخرجه الطيالسي 1847، ومسلم 1686، والترمذي 1446 في الحدود: باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، والنسائي 8/76، والطحاوي 3/162-163، والدارقطني 3/190 من طرق عن نافع، به.
وانظر 4461.(10/315)
ذِكْرُ نَفْيِ إِيجَابِ الْقَطْعِ عَنِ السَّارِقِ الَّذِي يَسْرِقُ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ
4464 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَخْرَمَةُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "لَا تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ إِلَّا فِي رُبْعِ دينار فصاعدا" 1.
4465 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ، قال: حدثنا
__________
1 إسناده صحيح، أبو الربيع –وهو سليمان بن داود المهري-: ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومخرمة بن بكير ثقة من رجال مسلم، وباقي السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه مسلم 1684 3 في الحدود: باب حد السرقة ونصابها، والنسائي 8/81 في قطع السارق: باب ذكر اختلاف أبي بكر بن محمد وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة، والطحاوي 3/164، والدرقطني 3/189 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 8/81-82، والدارقطني 3/189 من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن بكير الأشج، به.(10/315)
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ مِنْ أَرْبَعَةٍ: يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، وَرُزَيْقٌ، وَسَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، وَالزُّهْرِيُّ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ -قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا" 1.
__________
1 إسناده صحيح. رجاله رجال مسلم غير رُزيق –ويقال: زُريق- بتقديم الزاي، وهو ابن حُكيم الأيلي- فثقة روى له البخاري تعليقاً والنسائي.
وأخرجه الحميدي 280 عن سفيان قال: وحدثناه أربعة عن عَمرة، عن عائشة لم يرفعه: عبد الله بن أبي بكر ورزيق بن حكيم الأيلي ويحيى بن سعيد وعبد ربه بن سعيد كان في الأصل: سعد بن سعيد، لكن محقق الكتاب العلامة الشيخ حبيب الرحمن أثبته عبد ربه بن سعيد وقال: كذا في ع وظ وهو الصواب، وفي الأصل: سعد، والزهري أحفظهم كلهم وكان قد أخرجه قبله بحديث إلا أن في حديث يحيى ما دل على الرفع: ما نسيت ولا طال علي: القطع في ربع دينار فصاعداً.
وأخرجه النسائي 8/79 في قطع السارق: باب ذكر الاختلاف على الزهري، عن قتيبة، عن سفيان، عن يحيى بن سعيد وعبد ربه ورزيق صاحب أيلة، به موقوفاً عليها. وانظر 4459 و4462.(10/316)
ذِكْرُ بَعْضِ الْعَدَدِ الْمَحْصُورِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَتِهِ الْخَارِجَ حُكْمُهُ مِنْ حُكْمِهِ
4466 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بحران، قال: حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ أَنَّ غُلَامًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حائط،(10/316)
فَرُفِعَ إِلَى مَرْوَانَ، فَأَمَرَ بِقَطْعِهِ، فَقَالَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا قَطَعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كثر" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء فمن رجال مسلم. سفيان: هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري.
وأخرجه الشافعي 2/84، والحميدي 407، والدارمي 2/174، والنسائي 8/87 في قطع السارق: باب ما لا قطع فيه، وابن ماجة 2593 في الحدود: باب لا يقطع في ثمر ولا كثر، والطحاوي 3/172، وابن الجارود 826، والبيهقي 8/263 من طريق سفيان، بهذا الإسناد. وبعضهم يذكر فيه القصة وبعضهم لا يذكرها.
وأخرجه الشافعي 2/83-84 عن مالك بن أنس، والنسائي 8/87-88، والترمذي 1449 في الحدود: باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر، من طريق الليث، كلاهما عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه الدارمي 2/174، والنسائي 8/87، والطبراني 4340 من طريق أبي نعيم، عن سفيان، به. إلا أنه لم يقل فيه: عن واسع بن حبان.
وأخرجه مالك 2/839 في الحدود: باب لا قطع فيه، وأحمد 3/463 و464 و4/140 و142، والدارمي 2/174، وأبو داود 4388 و4389 في الحدود: باب ما لا قطع فيه، والنسائي 8/87، والطحاوي 3/172، والطبراني 4339 و4341 و4342 و4343 و4344 و4345 و4346 و4347 و4348 و4349 و4350 و4351، والبيهقي 8/262 و263، والبغوي 2600 من طرق عن يحيى بن سعيد، به. لم يذكر فيه واسع بن حبان.
وأخرجه عبد الرزاق 18916 عن ابن جريج، والدارمي 2/174، والنسائي 8/88 من طريق أبي أسامة، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن رجل من قومه، عن رافع بن خديج. لم يقل ابن جريج: من قومه.
وأخرجه النسائي 8/88 من طريق بشر، والطبراني 4352 من طريق الليث، كلاهما عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان –قال بشر: عن ... =(10/317)
قال أبو حاتم: عموم الخطاب في الكتاب قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] فَأَمَرَ بِقَطْعِ السَّارِقِ إِذَا مَا سَرَقَ، ثُمَّ فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ بِأَنْ لَا قَطَعَ عَلَى سَارِقِ الثَّمَرِ وَلَا الْكَثَرِ، وَأَنْ لَا قَطَعَ إِلَّا فِي رُبْعِ دِينَارٍ، فَكَانَ الْمُرَادُ مِنَ الْخِطَابِ مِنَ الْكِتَابِ: فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا إِذَا سَرَقَ رُبُعَ دِينَارٍ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُ سِوَى الثَّمَرِ والكثر.
__________
= يحيى بن سعيد أن رجلاً من قومه حدثه- عن عمة له، عن رافع بن خديج. وفي "التحفة" 3/160 أن رواية النسائي عن عمٍّ له.
وأخرجه الدارمي 2/174-175، والنسائي 8/88 من طريق سعيد بن منصور، عن عبد العزيز الدراوردي، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ أبي ميمون، عن رافع بن خديج. قال النسائي: هذا خطأ أبو ميمون لا أعرفه.
وأخرجه عبد الرزاق 18917 من طريق يحيى بن أبي كثير، والتسائي 8/86-87، والطبراني 4277 من طريق القاسم بن محمد، كلاهما عن رافع بن خديج.
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن ماجة 2594 ولفظه "لا قطع في ثمر ولا كثر" وسنده ضعيف.
وآخر من حديث عبد الله بن عمرو عند أبي داود 4390 مرفوعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الثمر المعلّق فقال: "مَن أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خُبْتَه فلا شيء عليه، ومن خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه والعقوبة، ومن سرق منه شيئاً بعد أن يُؤويَهُ الجَرين فبلغ ثمن المجنّ فعليه القطع، ومن سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه والعقوبة" وسنده حسن.
قوله: الثَّمَر: أي الرُّطب ما دام في رأس النخلة، فإذا صُرِم فهو الرطب.
والكَثَر: جُمَّار النخل.
وانظر مذاهب العلماء في فقه هذا الحديث في "شرح السنة" 10/319-320.(10/318)
6- بَابُ: قَطْعِ الطَّرِيقِ
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ فِي طَلَبِ الْعُرَنِيِّينَ قَافَةً يَقْفُو آثَارَهُمْ
4467 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَدِمَ ثَمَانِيَةُ نَفَرٍ مِنْ عُكْلٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاجْتَوَوَا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَفَعَلُوا، فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ قَافَةً، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ، وَتَرَكَهُمْ وَلَمْ يَحْسِمْهُمْ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجاله، ومن فوقه على شرطهما، وقد صرح الوليد بالتحديث عند غير المصنف، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه البخاري 6802 و6803، وأبو داود 4366، والنسائي 7/94 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. وانظر 1387 و1389.(10/319)
ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي رَدَّ الْقَوْمُ الَّذِي1 ذَكَرْنَاهُمْ فِيهَا إِلَى الْمَدِينَةِ
4468 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ2 اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ -أَوْ قَالَ عُرَيْنَةَ وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: عُكْلٍ- قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، فَيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَشَرِبُوا حَتَّى إِذَا بَرِؤُوا، قَتَلُوا الرَّاعِيَ، وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُدْوَةً، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي أَثَرِهِمْ، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ، وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، فَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يَسْقُونَ.
قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: هَؤُلَاءِ قَوْمٌ سَرَقُوا، وَقَتَلُوا، وَكَفَرُوا بَعْدَ إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله3.
__________
1 كذا في الأصل و"التقاسيم".
2 تحرف في الأصل إلى: عبيد، والتصويب من "التقاسيم" 2/لوحة 125.
3 إسناده صحيح على شرطهما. وانظر 1387 و1389.
وأخرجه البخاري 233، وأبو داود 4364 عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به.(10/320)
ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي جِيءَ فِيهَا بِالْعُرَنِيِّينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4469 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَهْطًا مِنْ بَنِي عُكْلٍ، أَوْ قَالَ: مِنْ عُرَيْنَةَ، قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَاجْتَوَوْهَا، فَأَمَرَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى برؤوا، وَذَهَبَ سَقَمُهُمْ، فَقَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ غُدْوَةً، فَمَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ حَتَّى جِيءَ بِهِمْ، فَقُطِعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَلَ أَعْيُنَهُمْ، وَأُلْقُوا بِالْحَرَّةِ، يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ.
قَالَ: فَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ قَتَلُوا، وَسَرَقُوا، وَكَفَرُوا، بَعْدَ إِيمَانِهِمْ، وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو مكرر ما قبله.(10/321)
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ، وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا؟ " فَقَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا، فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا، فَقَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَطَرَدُوا النَّعَمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ فِي آثَارِهِمْ، فَجَلَبَهُمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، وَنَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حتى ماتوا1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأبو رجاء: هو سلمان.
وأخرجه مسلم 1671 10 عن محمد بن الصباح وأبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن ابن عُليّة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 4193، والنسائي 7/93-94 من طريقين عن الحجاج الصواف، به. تابع حجاجاً عليه عند البخاري أيوبُ.
وأخرجه البخاري 4610، ومسلم 1671 11 و12 من طريقين عن أبي رجاء، به نحوه. وانظر 1387.(10/322)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعُرَنِيِّينَ كَفَرُوا بَعْدَ فِعْلِهِمُ الَّذِي فَعَلُوا
4471 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ1، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنْ عُرَيْنَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى ذَوْدِنَا، فَكُنْتُمْ فِيهَا، فَشَرِبْتُمْ مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، ففعلوا، فلما صحوا، قاموا إلى راعي
__________
1 في الأصل: العامري، وهو تحريف.(10/322)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلُوهُ وَرَجَعُوا كُفَّارًا، وَاسْتَاقُوا ذَوْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وسمل أعينهم1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري فمن رجال مسلم.
وأخرجه النسائي 7/96 عن علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد. وانظر 1387.(10/323)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا قَتَلَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَفَرُوا وَارْتَدُّوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ
4472 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ، وَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ، وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ وَرَاعي، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا، لِيَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ، فَأُتِيَ بِهِمْ، فَسَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، ثُمَّ تَرَكَهُمْ فِي نَاحِيَةِ الحرة حتى ماتوا على حالهم ذلك1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وانظر 1388
وأخرجه البخاري 5727 و4192، والنسائي 1/158-161 من طريقين عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.(10/323)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ ضِدَّ مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ
4473 - أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ: إِنَّ لي عبدا أبق، وَإِنِّي نَذَرْتُ لِلَّهِ إِنْ أَصَبْتُهُ لَأَقْطَعَنَّ يَدَهُ. فَقَالَ: لَا تَقْطَعْ يَدَهُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ فِينَا فَيَأْمُرُنَا بالصدقة، وينهانا عن المثلة1.
__________
1 حديث صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أيوب بن محمد الوزّان فمن رجال أصحاب السنن وهو ثقة، والحسن لم يسمع من عمران في قول أبي حاتم ويحيى القطان وصالح بن أحمد.
وأخرجه أحمد 4/432 عن إسماعيل، عن يونس قال: نبئت أن المسور بن مخرمة جاء إلى الحسن فقال: إن غلاماً لي أبق، فنذرت إن أنا عاينته أن أقطع يده، فقد جاء، فهو الآن بالجسر. قال: فقال الحسن: لا تقطع يده، وحدّثه أن رجلاً قال لعِمران بن حصين ... فذكره.
وأخرجه أحمد 4/445، والطبراني 18/325 و326 و327 من طرق عن يونس، عن الحسن، عن عمران. وقد تابع يونسَ منصورٌ وحميدٌ عند أحمد والطبراني في الرواية الأولى.
وأخرجه أحمد 4/439 و440، والطحاوي 3/182 من طرق عن الحسن، به.
وأخرجه أحمد 4/428، وأبو داود 2667 في الجهاد: باب في المبارزة، والبيهقي 9/69 من طريقين عن قتادة، عن الحسن، عن الهياج بن عمران. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/324)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: الْمُثْلَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا لَيْسَ الْقَوَدُ الَّذِي أَمَرَ بِهِ، لِأَنَّ أَخْبَارَ الْعُرَنِيِّينَ الْمُرَادُ مِنْهَا كان القود لا المثلة.
__________
= البرجمي، عن عمران بن حصين، وفيه ايضاً عن سمرة بن جندب. وهذا إسناد صحيح، الهياج بن عمران، وإن جهّله علي بن المديني لأنه لم يرو عنه غير الحسن، فقد قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/512.
وأخرجه أحمد 5/12 و20، والطحاوي 3/182، والطبراني 6944 من طريق حميد ويزيد بن إبراهيم، عن الحسن، عن سمرة بن جندب. وقد صرح الحسن في رواية حميد عنه بالتحديث، فالإسناد صحيح.
وأخرجه الطبراني 6966 من طريق همام، عن قتادة، عن الحسن، عن هياج بن عمران، عن سمرة.(10/325)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَمَّرَ أَعْيَنَ الْعُرَنِيِّينَ لِأَنَّهُمْ سَمَّرُوا أَعْيَنَ الرِّعَاءِ
4474 - أَخْبَرَنَا [أَحْمَدُ بْنُ] مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْوَزَّانُ بِجُرْجَانَ1، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الثَّلْجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَمَّرَ أَعْيُنَهُمْ، لِأَنَّهُمْ سَمَّرُوا أعين الرعاء2.
__________
1 تحرفت في الأصل إلى: بجهان، وسقط منه لفظ الوزان، والتصحيح من "التقاسيم" 2/لوحة 125.
2 إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط الصحيح.
وأخرجه البيهقي 8/62 من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، عن ابن أبي الثلج، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ز=(10/325)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه مسلم 1671 14 في القيامة: باب حكم المحاربي والمرتدين، والترمذي 73 في الطهارة: باب ما جاء في بول ما يؤكل لحمه، والنسائي 7/100 في تحريم الدم: باب ذكر اختلاف طلحة بن مصرف ومعاوية بن صالح على يحيى بن سعيد في هذا الحديث، والبيهقي 9/70 من طريق الفضل بن سهل، عن يحيى بن غيلان، به. وعندهم جميعاً سلموا بدل سمروا وهما بمعنى، أي: فقأ أعينهم.(10/326)
7- بَابُ: الرِّدَّةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْقَتْلِ لِمَنْ بَدَّلَ دِينَهُ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً إِلَى أَيِّ دِينٍ كَانَ سِوَى الْإِسْلَامِ
4475 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من بدل دينه فاقتلوه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي 8/204-205 من طريق أبي الوليد الفقيه، عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/322-323، والنسائي 7/105 في تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، وأبو يعلى 2533، والطبراني 10638، والبيهقي 8/202 من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، به. زاد بعضهم فيه أن علياً رضي الله عنه أُتي بناس من الزُّطّ يعبدون وثناً فحرَّقهم بالنار، فقال ابن عباس: ... فذكره.
وقوله: من بدّل دينه عام عند الجمهور يشمل الذكر والأنثى، وخصه الحنفية بالذكر، وقد جاء في حديث معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى اليمن قال له: "أيما رجل ارتد عن الإسلام فادعه، فإن عاد وإلاّ فاضرب عنقه، وأيما امرأة ارتدت عن الإسلام فادعها، فإن عادت وإلاّ فاضرب عنقها" وسنده حسن. قاله الحافظ في "الفتح" 12/284، وهو نص في موضع النزاع فيجب المصير إليه.(10/327)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4476 - أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْجَنَدِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ اللَّحْجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أخبرني إسماعيل بن عُلَيَّةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَرَكَ دِينَهُ -أَوْ قَالَ: رَجَعَ عَنْ دِينِهِ- فَاقْتُلُوهُ وَلَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ أَحَدًا -يَعْنِي بِالنَّارِ-" 1.
__________
1 علي بن زياد اللحجي أورده المؤلف في "ثقاته" 8/470 وقال: مستقيم الحديث، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير أبي قرة: وهو موسى بن طارق اليماني، فقد روى له النسائي، وهو ثقة.
وأخرجه النسائي 7/104 في تحريم الدم: باب الحكم في المرتد، عن محمود بن غيلان، عن محمد بن بكر، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. ولفظه عنده "من بدل دينه فاقتلوه".
وأخرجه عبد الرزاق 18706، ومن طريقه أخرجه الطبراني 11850 عن معمر، به.
وأخرجه بنحوه الشافعي 2/86-87، وأحمد 1/217 و219-220 و282-283، والحميدي 533، وابن أبي شيبة 10/139، والبخاري 3017 في الجهاد: باب لا يعذَّّب بعذاب الله، وأبو داود 4351 في الحدود: باب الحكم فيمن ارتد، والترمذي 1458 في الحدود: باب ما جاء في المرتد، والنسائي 7/104، وابن ماجة 2535 في الحدود: باب المرتد عن دينه، وأبو يعلى 2532، والحاكم 3/538-539، والبيهقي 8/195 و202 و9/71، والدارقطني 3/108 و113، والبغوي 2560 و2561 من طرق عن أيوب، به-وبعضهم يزيد في الحديث على بعض، زاد بعضهم في آخر الحديث: فبلغ ذلك علياً رضي الله عنه فقال: ويح ابن عباس.
وأخرجه أيضاً النسائي 7/104، والطبراني 11835 من طريق عباد بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/328)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= العوام، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، به.
وأخرجه النسائي 7/104-105 عن موسى بن عبد الرحمن، عن محمد بن بشر، عن سعيد، عن قتادة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن بدّل دينه فاقتلوه" قال النسائي: وهذا أولى بالصواب من حديث عباد. وانظر 5577.(10/329)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ}
4477 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ، فَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ نَدِمَ، فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ: أَنْ سَلُوا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} إِلَى قَوْلِهِ {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:89] فأرسل إليه قومه فأسلم1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات على شرط مسلم غير بشر بن معاذ العقدي، فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه النسائي 7/107 في تحريم الدم: باب توبة المرتد، وفي التفسير كما في "التحفة" 5/133، والطبراني في جامع البيان 7360 عن محمد بن عبد الله بن بزيع البصري، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري 7362، والحاكم 2/142 و4/366، والواحدي في "أسباب النزول" ص75 من طرق عن داود بن أبي هند، به. صححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه بنحوه الواحدي ص74-75 من طريق علي بن عاصم، عن خالد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/329)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وداود، عن عكرمة، به.
وأخرجه الطبري 7361 من طريق عبد الأعلى، عن داود، عن عكرمة بنحوه، ولم يرفعه إلى ابن عباس.
وأخرجه بنحوه أيضاً الطبري 7363، والواحدي ص75 من طريقين عن جعفر بن سليمان، عن حميد الأعرج، عن مجاهد من قوله، وسمي الأنصاريَّ الحارث بن سويد.(10/330)
كتاب السير
باب في الخلافة والإمارة
ذكر الخبر الدال على جواز الاستخلاف
...
21- كِتَابُ السِّيَرِ
1- بَابُ: فِي الْخِلَافَةِ وَالْإِمَارَةِ
4478 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ عُمَرَ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَقَالَ: إِنْ أَتْرُكْ، فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ أَسْتَخْلِفْ، فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي: أَبُو بَكْرٍ، فَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِنِّي وَدِدْتُ أَنْ أَتَخَلَّصَ مِنْهَا لَا عَلَيَّ وَلَا لِي1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، إسحاق بن موسى الأنصاري، ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما.
وأخرجه أحمد 1/43، والبخاري 7218 في الأحكام: باب الاستخلاف، ومسلم 1823 11 في الإمامة: باب الاستخلاف وتركه، وأبو يعلى 206، والبيهقي 8/148، والبغوي 2489 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق 9763، ومن طريق أحمد 1/47، ومسلم 1823 12، وأبو داود 2939 في الخراج والإمارة: باب في الخليفة يستخلف، والترمذي 2225 في الفتن: باب ما جاء في الخلافة، والبيهقي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/331)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 8/148-149 عن معمر، عن الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه –وبعضهم يزيد فيه على بعض. قال الترمذي: حديث صحيح.
وأخرجه بنحوه في قصة طويلة أحمد 1/46 من طريق أبي عوانة، عن داود بن عبد الله الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن ابن عباس، عن ابن عمر.
قال ابن بطال فيما نقله عنه الحافظ 13/220: وفي هذه القصة دليل على جواز عقد الخلافة من الإمام المتولي لغيره بعده، وأن أمره في ذلك جائز على عامة المسلمين لإطباق الصحابة ومن معهم على العمل بما عهده أبو بكر لعمر، وكذا لم يختلفوا في قبول عهد عمر إلى الستة، قال: وهو شيبه بإيصاء الرجل على ولده لكون نظره فيما يصلح أتم من غيره، فكذلك الإمام.(10/332)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ طَلَبِ الْإِمَارَةِ حَذَرَ قِلَّةِ الْمَعُونَةِ عَلَيْهَا
4479 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، جَمِيعًا عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ الْقُرَشِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ، وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا آلَيْتَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خير وكفر عن يمينك" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "صحيح مسلم" 1652 في الأيمان: باب ندب من حلف يميناً فرأى غيرها خيراً منها أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، عن علي بن حُجر السعدي، بهذا الإسناد، وقد تقدم برقم 4348.(10/332)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ سُؤَالِ الْمَرْءِ الْإِمَارَةَ لِئَلَّا يُوكَلَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ سَائِلًا لَهَا
4480 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَامٍ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: "يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ، فَإِنَّكَ إِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا، وَإِنْ أُوتِيتَهَا عَنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ وَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عن يمينك" 1.
4481 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَرَجُلَانِ مِنْ بَنِي عَمِّي، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمِّرْنَا عَلَى بَعْضِ مَا وَلَّاكَ اللَّهُ، وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا وَاللَّهِ لَا نُوَلِّي عَلَى هَذَا الْعَمَلِ أَحَدًا سأله، ولا أحدا حرص عليه" 2.
__________
1 حديث صحيح، وهو مكرر 4348.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وبُريد: هو ابن عبد الله بن أبي بردة، وأبو كريب: هم محمد بن العلاء بن كريب الهمداني.
وأخرجه البخاري 7149 في الأحكام: باب ما يُكره من الحرص على الإمارة، ومسلم 3/1456 14 في الإمارة: باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها، عن أبي كريب، بهذا الإسناد
وأخرجه مسلم، والبيهقي 10/100، والبغوي 2466 من طريقين عن أبي أسماة، به. وانظر الحديث 1072.(10/333)
ذِكْرُ مَا يَكُونُ مُتَعَقِّبُ الْإِمَارَةِ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا حَرَصَ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا
4482 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّكُمْ سَتَحْرِصُونَ عَلَى الْإِمَارَةِ، وَإِنَّهَا سَتَكُونُ نَدَامَةً وَحَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فنعمت المرضعة، وبئست الفاطمة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. المقبري: هو سعيد بن أبي سعيد، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن، وعبد الله: هو ابن المبارك، وحبّان: هو ابن موسى المروزي.
وأخرجه النسائي 7/162 في البيعة: باب ما يكره من الحرص على الإمارة، و8/225-226 في آداب القضاة: باب النهي عن مسألة االإمارة، وفي السير كما في "التحفة" 9/487 عن محمد بن آدم بن سليمان، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/448 و476، والبخاري 7148 في الأحكام: باب ما يكره من الحرص على الإمارة، والبيهقي 3/129 و10/95، والبغوي 2465 من طرق عن ابن أبي ذئب، به. وقع عند أحمد في الموضع الأول من طريق يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب: "فبئست المرضعة، ونعمت الفاطمة" وهو خطأ.
وعلّقه البخاري بإثر حديث 7148 فقال: وقال محمد بن بشار وفي بعض نسخ البخاري: وقال لي محمد بن بشار، وفي "مستخرج أبي نعيم": قال البخاري: حدثنا ابن بشار: حدثنا عبد الله بن حُمْران، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المقبري، عن عمر بن الحَكَم، عن أبي هريرة ... من قوله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/334)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 10/288 عن يزيد بن سنان، عن عبد الله بن حمران، به موقوفاً. قال الحافظ في "الفتح" 13/126: عبد الله بن الحمران: هو بصري صدوق، وقد قال ابن حبان في "الثقات": يخطئ، وما له في الصحيح إلا هذا الموضع، وعبد الحميد بن جعفر: هو المدني لم يخرج له البخاري إلا تعليقاً، وعمر بن الحكم أي: ابن ثوبان مدني ثقة أخرج له البخاري في غير هذا الموضع تعليقاً.
وقوله: فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة قال الداوودي: نِعم المرضعة أي: في الدنيا، وبئست الفاطمة، أي: بعد الموت، لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني، فيكون في ذلك هلاكه.
وقال غيره نعمت المرضعة لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاد الكلمة، وتحصيل اللذات الحسية والوهمية حال حصولها، وبئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره وما يترتب عليها من التبعات في الآخرة.
وقال الإمام النووي: هذا أصل عظيم في اجتناب الولاية، ولا سيما لمن كان فيه ضعف، وهو في حق من دخل فيها بغير أهلية ولم يعدل، فإنه يندم على ما فرط منه إذا جوزي بالخزي يوم القيامة، وأما من كان أهلاً وعدل فيها، فأجره عظيم كما تظاهرت به الأخبار، ولكن في الدخول فيها خطر عظيم، ولذلك امتنع الأكابر منها، والله أعلم.(10/335)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَتَمَنَّى الْأُمَرَاءُ أَنَّهُمْ مَا وَلَّوْا مِمَّا وُلُّوا شَيْئًا
4483 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَعْيَنَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ مَوْلَى أَبِي1 رُهْمٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "ويل للأمراء2،
__________
1 في الأصل و"التقاسيم" 3/لوحة 379: مولى ابن أبي، وهو خطأ.
2 في الأصل و"التقاسيم": لأمتي، والمثبت من "المورد" ص375 ومن مصادر التخريج.(10/335)
لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ أَنَّهُمْ كَانُوا مُعَلَّقِينَ بِذَوَائِبِهِمْ بِالثُّرَيَّا وأنهم لم يكونوا ولوا شيئا قط" 1.
__________
1 إسناده صحيح، النفيلي: هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل، ثقة روى له النسائي، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير أبي حازم مولى أبي رُهم وهو ثقة روى له النسائي.
وأخرجه بنحوه الطيالسي 2523، وأحمد 2/352، والحاكم 4/91، والبيهقي 10/97، والبغوي 2468 من طريق هشام الدستوائي، عن عباد بن أبي علي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة. وهذا إسناد حسن، عباد بن أبي علي حسن الحديث، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم 4/91 من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم ابن بهدلة، عن يزيد بن شريك أن الضحاك بن قيس بعث معه بكسوة إلى مروان بن الحكم، فقال مروان للبواب: انظر مَن بالباب. قال: أبو هريرة. فأذن له، فقال: يا أبا هريرة، حدثنا شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سمعت رسول الله يقول: "ليوشك رجل أن يتمنى أنه خرّ من الثريا ولم يل من أمر الناس شيئاً" وإسناده حسن، وصحح الحاكم إسناده ووافقه الذهبي!(10/336)
ذِكْرُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ فِي الْقِيَامَةِ إِذَا كَانُوا عُدُولًا فِي الدُّنْيَا
4484 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حدثنا بن أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُقْسِطُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنَابِرٍ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ: المقسطون على أهليهم وأولادهم وما ولوا" 1.
__________
1 حديث صحيح، ابن أبي السري: وهو محمد بن المتوكل صدوق له أوهام، وقد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/336)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ، أُطْلِقَ لَفْظُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، لِعَدَمِ وُقُوفِهِمْ عَلَى الْمُرَادِ مِنْهُ إِلَّا بِهَذَا الْخِطَابِ الْمَذْكُورِ. وَالْمُقْسِطُ: العدل، والقاسط: العادل عن الطريق.
__________
= توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه الحميدي 588، وأحمد 2/160، ومسلم 1827 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر..، والنسائي 8/221 في آداب القضاة: باب فضل الحاكم العادل في حكمه، والبيهقي في "السنن" 10/87-88، وفي "الأسماء والصفات" ص324، والآجري في "الشريعة" ص322، والبغوي 2470 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/159 و203، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 6/300، والحاكم 4/88 من طريقين عن معمر، عن الزهري وقد سقط من المستدرك، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المقسطون في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن عز وجل بما أقسطوا في الدنيا" وإسناده صحيح على شرطهما. وانظر "أقاويل الثقات" لمرعي يوسف الحنبلي ص156-157.(10/337)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ أَمْكِنَةِ الْأَئِمَّةِ الْعَادِلَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
4485 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(10/337)
"الْمُقْسِطُونَ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ -وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ- الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُّوا"1.
__________
1 حديث صحيح، هشام بن عمار حسن الحديث وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرطهما. وهو مكرر ما قبله.(10/338)
ذِكْرُ إِظْلَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْإِمَامَ الْعَادِلَ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ
4486 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَالَ: "سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ –كَانَ- قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ: اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتَ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا، فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ، فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يمينه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. عُبيد الله بن عمر: هو ابن حفص بن عاصم العمري المدني، وعبد الله: هو ابن المبارك، وهو في "الزهد" له 1342.
وأخرجه البخاري 6806 في الحدود: باب فضل من ترك الفواحش، والنسائي 8/222-223 في آداب القضاة: الإمام العادل، والبيهقي 3/65-66 من طرق عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/439، والبخاري 660 في الأذان: باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة وفضل المساجد، و1423 في الزكاة: باب الصدقة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/338)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باليمين، و6479 في الرقاق: باب البكاء من خشية الله عز وجل، ومسلم 1031 91 في الزكاة: باب فضل إخفاء الصدقة، والترمذي بعد الحديث 2391 في الزهد: باب ما جاء في الحبِّ في الله، وابن خزيمة في "صحيحه" 358، والبيهقي 4/190 و8/162 من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن عبيد الله بن عمر، به. وبعض الرواة عن يحيى قال فيه: "لا تعلم يمينه ما تنفق شماله"، وسائر الرواة قالوا فيه: "لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" وهو الصواب، لأن السنة المعهودة في الصدقة إعطاؤها باليمين، وانظر "الفتح" 2/146.
وأخرجه الطيالسي 2462 عن ابن فضالة، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص371 من طريق شعبة، كلاهما عن خبيب بن عبد الرحمن، به. وانظر 7294.
والمقصود من قوله: حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه: المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث إن شماله مع قُربها وتلازمها لو تصوَّر أنها تعلم لما علمت ما فعلت المين لشدة إخفائها، فهو على هذا من مَجاز التشيبه.
تنبيه: العدد المذكور في هذا الحديث لا مَفهومَ له، فقد ورد في الحديث خصال أخرى مَن اتصف بها أظلّه اللهُ يوم لا ظل إلا ظله:
منها: إظلال الغازي، رواه ابن حبان 4609 وغيره من حديث عمر.
وعَون المجاهد، رواه أحمد 3/487، والحاكم 2/89-90 من حديث سهل بن حنيف.
وإنظار المعسر والوضيعة عنه، رواه مسلم في "صحيحه" 3006 من حديث أبي اليَسَر.
وإرفاد الغارِم وعون المكاتب، رواهما أحمد 3/487، والحاكم 2/89-90 من حديث سهل بن حنيف.
والتاجر الصدوق، رواه البغوي في "شرح السنة" من حديث سليمان.(10/339)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ لُزُومُ الْعَدْلِ فِي رَعِيَّتِهِ مَعَ الرَّأْفَةِ بِهِمْ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ 1
4487 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَيَّاضُ بْنُ زهير،
__________
1 كان العنوان في كر الإباحة للإمام العادل في رعيته..إلخ. والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 191.(10/339)
قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ مُصَدِّقًا، فَلَاجَّهُ رَجُلٌ فِي صَدَقَتِهِ، فَضَرَبَهُ أَبُو جَهْمٍ فَشَجَّهُ، فَأَتَوَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: الْقَوَدُ يَا رَسُولَ اللَّهَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَكُمْ كَذَا وَكَذَا" فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ: "لَكُمْ كَذَا وَكَذَا" فَلَمْ يَرْضَوْا، فَقَالَ: "لَكُمْ كَذَا وَكَذَا" فَرَضُوا، وَقَالَ: "أَرَضِيتُمْ؟ " قَالُوا: نَعَمْ1.
__________
1 إسناده صحيح، فياض بن زهير من أهل نسا، روى عنه غير واحد، وذكره المؤلف في "الثقات" 9/11، ومن فوقه ثقات على شرطهما. وهو في "المصنف" 18032، وزاد: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي خاطب على الناس، ومخبرهم برضابكم". قالوا: نعم، فخطب النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنَّ هؤلاء الليثيين أَتوني يريدون القودَ، فعرضت عليهم كذا وكذا فرفضوا، أرضيتم؟ " قالوا: لا، فهمَّ المهاجرون بهم، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يكفوا، فكفّوا، ثم دعاهم فزادهم، وقال: "أرضيتم؟ "، قالوا: نعم.
ومن طريق عبد الرزاق بهذا الزيادة أخرجه أحمد 6/232، وأبو داود 4534 في الديات: باب العامل يُصاب على يده خطأ، والنسائي 8/35 في القسامة: باب السلطان يصاب على يده، وابن ماجة 2638 في الديات: باب الجارح يفتدى بالقود، والبيهقي 8/49.
قوله: فلاجَّه أي: نازعه وتمادى معه في الخصومة.(10/340)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ لُزُومُ الِاحْتِيَاطِ لِرَعِيَّتِهِ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي يَخَافُ عَلَيْهِمْ مِنْ مُتَعَقَّبِهَا
4488 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ(10/340)
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ هِيتًا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أزواج1 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا يَعُدُّونَهُ مِنْ أُولِي الْإِرْبَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ يَنْعَتُ امْرَأَةً وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَا هُنَا؟! لَا يَدْخُلُ عَلَيْكُمْ" وَأَخْرَجَهُ، فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ كل يوم جمعة يستطعم2.
__________
1 أزواج سقطت من الأصل و"التقاسيم" 4/192، واستدركت من مصادر التخريج.
2 إسناده قوي مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم.
وأخرجه أبو داود 4109 في اللباس: باب في قوله: {غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ} ، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/152، وابن جرير الطبري 18/123، ومسلم 2181 في السلام: باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب، وأبو داود 4107 و4108، والنسائي في "عشرة النساء" 365، والبيهقي 7/96، والبغوي 3209 من طرق عن معمر، به، وليس عندهم أنه أخرجه إلى البيداء، ولكن قالوا فيه: فحجبوه، وقد تابع الزهريَّ عليه هشامُ بن عروة عند أبي داود في الموضع الأول.
وفي الباب عن أم سلمة عند أحمد 6/290، والبخاري 4324 و5235 و5887، ومسلم 2180، وأبي داود 4929، وابن ماجة 1902 و2614 ولفظه أن مخنّثاً كان عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت، فقال أي المخنث لأخي أم سلمة: يا عبد الله بن أمية، إن فتح الله عليكم الطائف غداً، فإني أدلّك على بنت غيلان، فإنها تقبل بأربع، وتدبر بثمان. فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لا يَدْخل هؤلاءِ عليكم".
والبيداء: هي الأرض الملساء التي دون ذي الحُليفة في طريق مكة.(10/341)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مَنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ رِعَايَتُهُ وَالتَّحَفُّظُ عَلَى أَسْبَابِهِ
4489 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ، فَالْأَمِيرُ رَاعٍ عَلَى النَّاسِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ زَوْجِهَا، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مسؤول" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه البخاري 5188 في النكاح: باب {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} ، ومسلم 1829 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العال ... ، والبيهقي 7/291 من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/5 عن إسماعيل، عن أيوب، به.
وأخرجه أحمد 2/54-55، والبخاري 2554 في العتق: باب كراهية التطاول على الرقيق، و5200 في النكاح: باب المرأة راعية في بيت زوجها، ومسلم 1829، والترمذي 1705 في الجهاد: باب ما جاء في الإمام، من طرق عن نافع، به.(10/342)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى كُلِّ رَاعٍ حِفْظَ رَعِيَّتِهِ صَغُرَ فِي نَفْسِهِ أَمْ كَبُرَ
4490 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ(10/342)
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا، وَمَسْؤُولَةٌ عَنْ رَعَيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَمَسْؤُولٌ عَنْ رعيته" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى فمن رجال مسلم. وهو في صحيحه 1829 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 893 في الجمعة: باب الجمعة في القرى والمدن، و2751 في الوصايا: باب تأويل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} من طريق عبد الله بن المبارك، عن يونس، به.
وأخرجه البخاري 2409 في الاستقراض: باب العبد راع في مال سيده ولا يعمل إلا بإذنه، و2558 في العتق: باب العبد راع في مال سيده، والبيهقي 6/287 من طريق شعيب عن الزهري، به.(10/343)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِمَامَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهِمْ رَاعي
4491 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سمع بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالرَّجُلُ رَاعِي أَهْلَ بَيْتِهِ، وهو(10/343)
مَسْؤُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْؤُولَةٌ عَنْهُمْ، وَعَبْدُ الرَّجُلِ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ، وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْهُ، فَكُلُّكُمْ راع كلكم مسؤول عن رعيته" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري فمن رجال مسلم. وهو في "صحيحه" 1829 عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد. وتابعه عنده يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد وعلي بن حُجر.
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" 2469 من طريق علي بن حُجر، عن إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرجه مالك في "الموطأ"992 برواية محمد بن الحسن الشيباني، ومن طريقه أخرجه البخاري 7138 في الأحكام: باب وقل الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ، وأبو داود 2928 في الخراج والإمارة: باب ما يلزم الإمام من حق الرعية، عن عبد الله بن دينار، به.
وأخرجه أحمد 2/111 من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، به(10/344)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِسُؤَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا كُلَّ مَنِ اسْتَرْعَى رَعِيَّةً عَنْ رَعِيَّتِهِ
4492 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أم ضيع" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" 292 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي 4/208 في الجهاد: باب ما جاء في الإمام: قال محمد يعني. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/344)
4493 - أَخْبَرَنَاهُ الْحَسَنُ فِي عَقِبِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الله سائل كل راع عما استرعاه: أحفظ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بيته" 1.
__________
= ابن إسماعيل البخاري: ورَوى إسحاق بن إبراهيم: عن معاذ بن هشام ... فذكره بإسناده ومتنه مرفوعاً، ثم قال الترمذي: سمعت محمداً يقول: هذا غيرُ محفوظ، وإنما الصحيح: عن مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً.
وتعقبه الحافظ في "النكت الظراف" 1/355 بقوله: كون إسحاق حدّث عن معاذ بالموصول والمرسل معاً في سياق واحد يدل على أنه لم يهم فيه، وإسحاق إسحاق.
قلت: وله شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعاً عند أحمد 2/297، والبخاري 3455 ومسلم 1842، وسيرد عند المؤلف برقم 4538 بلفظ "كانت بنو إسرائيل تسوسُهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، وسيكون خلفاء كثيرون". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "فُوا بيعة الأول فالأول، أَعطوهم حقَّهم، فإن الله سائلُهم عما استرعاهم".
1 رجاله رجال الشيخين، وهو مرسل.
وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" 293 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.(10/345)
ذِكْرُ وَصْفِ الْوَالِي الَّذِي يُرِيدُ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ أَوِ الشَّرَّ
4494 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ(10/345)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِالْأَمِيرِ خَيْرًا، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ: إِنْ نَسِيَ ذَكَّرَهُ، وَإِنْ ذَكَرَ أَعَانَهُ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِ غَيْرَ ذَلِكَ، جَعَلَ لَهُ وَزِيرَ سُوءٍ: إِنْ نَسِيَ لَمْ يَذْكُرْهُ، وَإِنْ ذَكَرَ لَمْ يعنه" 1.
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير موسى بن مروان الرقي، فقد روى له أصحاب السنن وروى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، وزهير بن محمد وإن كانت رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، وهذا منها، قد جاء معنى حديثه هذا من طريق آخر صحيح عند النسائي كما سيأتي فيتقوى ويصح.
وأخرجه أبو داود 2932 في الخراج والإمارة: باب في اتخاذ الوزير، وابن عدي في "الكامل" 3/1076، والبيهقي 10/111-112 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد، وقد صرح الوليد بن مسلم عندهم بالتحديث.
وأخرجه النسائي 7/159 في البيعة: باب وزير الإمام، والبيهقي 10/111 من طريقين عن بقية بن الوليد، حدثنا ابن المبارك، عن ابن أبي حسين وهو عمر بن سعيد بن أبي حسين النوفلي عن القاسم بن محمد، قال: سمعت عمتي يعني عائشة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من ولي منكم عملاً، فأراد الله به خيراً جعل له وزيراً صالحاً، إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه" وهذا إسناد صحيح.(10/346)
ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَنِ الْإِمَامِ الْغَاشِّ لِرَعِيَّتِهِ فِيمَا يَتَقَلَّدُ مِنْ أُمُورِهِمْ
4495 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ الْعُطَارِدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: عَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ(10/346)
فِيهِ، فَقَالَ مَعْقِلٌ: إِنِّي مُحَدِّثُكَ بِحَدِيثٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَوْ عَلِمْتَ أَنَّ لِي حَيَاةً مَا حَدَّثْتُكَ بِهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللَّهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلا حرم الله عليه الجنة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، شيبان بن أبي شيبة: وهو شيبان بن فروخ الحبطي، من رجال مسلم وهو ثقة، ومن فوقه ثقات على شرطهما.
وأخرجه مسلم 142 227 في الإيمان: باب استحقاق الوالي الغاش لرعيته النارَ، و3/1460 21 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر، والحث على الرفق بالرعية ... ، والطبراني 20/474، والبيهقي 9/41 من طريق شيبان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي في "الجعديات" 3261، والطيالسي 929، والدارمي 2/324، والبخاري 7150 في الأحكام: باب من استُرعي رعية فلم يَنصح، والطبراني 20/474، والبغوي في "شرح السنة" 2478 من طريق أبي الأشهب، به.
وأخرجه بنحوه الطيالسي 928 و929، وأحمد 5/25 و27، والبخاري 7151، ومسلم 142 228 و229 و3/21، والطبراني 20/449 و455 و456 و457 و458 و459 و469 و472 و473 و476 و478 من طرق عن الحسن البصري، به.
وأخرجه من طرق وبألفاظ عن معقل بن يسار: أحمد 5/25، ومسلم 142 و3/22، والطبراني 20/506 و513 و514 و515 و516 و517 و518 و519 و524 و533 و534، والبيهقي 9/41. وقع في بعض روايات الطبراني أن الذي جاء لزيارة معقل هو زياد والد عبيد الله، وهو خطأ.(10/347)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ الدُّخُولِ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَتَهَيَّأُ الْقَدْحُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْأُمُورُ مُبَاحَةً
4496 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ:(10/347)
أَخْبَرَنَا خَالِدٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: جِئْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ عَاكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَامَ مَعِي لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي يَبَلِّغُنِي بَيْتِي، فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَاهُ اسْتَحْيَا، فَرَجَعَا، فَقَالَ: "تَعَالَيَا، فَإِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالَا: نَعُوذُ بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ. قَالَ: "مَا أَقُولُ لَكُمَا هَذَا إِنْ تَكُونَا تَظُنَّانِ سُوءًا، وَلَكِنْ عَلِمْتُ أَنَّ الشَّيْطَانَ يجري من بن آدم مجرى الدم" 1.
__________
1 إسناده حسن، على شرط مسلم، عبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن كنانة القرشي المدني، حسن الحديث، وخالد: هو ابن عبد الله الواسطي، وقد تقدم تخريجه برقم 3671.(10/348)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا وَجَّهَ صَفِيَّةَ إِلَى بَيْتِهِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ لَا أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ لَرَدِّهَا إِلَى الْبَيْتِ
4497 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَرْقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ1، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
1 في الأصل: شعيب بن الليث، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 203، وهامش الأصل.(10/348)
وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَامَتْ تَنْطَلِقُ، فَقَامَ مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْلِبُهَا، حَتَّى إِذَا بَلَغَ قَرِيبًا مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِهِ رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ بُعْدًا، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ" فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الْإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ، وَإِنِّي خِفْتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبُكُمَا شيئا" 1.
__________
1 إسناده صحيح، محمد بن عبد الله بن البرقي ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقهما على شرطهما. سعيد بن عفير: هو سعيد بن كثير بن عفير.
وأخرجه البخاري 2038 في الاعتكاف: باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه، و3101 في فرض الخمس: باب ما جاء في بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما نسب من البيوت إليهن، عن سعيد بن عفير، بهذا الإسناد. وهو مكرر 3671.(10/349)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَسْمُ مَا يَمْلِكُ بَيْنَ رَعِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ يَسِيرًا لَا يَسَعُهُمْ كُلَّهُمْ
4498 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَنَا تَمْرًا، فَأَصَابَنِي مِنْهَا خَمْسُ أَوْ أَرْبَعُ تَمَرَاتٍ، قَالَ: فَرَأَيْتُ الْحَشَفَةَ هِيَ أَشَدُّ لِضِرْسِي، قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: إِنَّ أَبْخَلَ النَّاسِ من بخل(10/349)
بِالسَّلَامِ، وَأَعْجَزَ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، محمد بن بكار: هو ابن الرّيّان، ثقة من رجال مسلم، ومن فوقه على شرط الشيخين، أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.
وأخرجه بدون الزيادة عن أبي هريرة: البخاري 5441 في الأطعمة: باب رقم 40 عن محمد بن الصباح، عن إسماعيل بن زكريا، بهذا الإسناد. إلا أنه قال فيه: أصابني منه خمس: أربع تمرات وحشفة.
وأخرجه بنحوه كذلك البخاري 5411 في الأطعمة: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يأكلون، و5441، من طريقين عن حماد بن زيد، وأحمد 2/298، والترمذي 2474 في صفة القيامة: باب رقم 34، والنسائي في الوليمة كما في "التحفة" 10/152، وابن ماجة 4157 في الزهد: باب معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، من طرق عن شعبة، كلاهما عن عباس الجريري، عن أبي عثمان النهدي، به. ولفظ حديث حماد بن زيد قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمراً، فأصابني سبع تمرات إحداهن حشفة، ولفظ أحمد وابن ماجة أصابهم جوع وهم سبعة، فأعطاني النبي صلى الله عليه وسلم سبع تمرات لكل إنسان تمرة، ولفظ الترمذي أصابهم جوع فأعطاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة تمرة، ولفظ النسائي قسم سبع تمرات بين سبعة أنا فيهم.
وقال الحافظ بعد أن أورد قول أبي هريرة من طريق الإسماعيلي عن أبي يعلى بهذا الإسناد: وهذا موقوف صحيح عن أبي هريرة، وقد روى مرفوعاً.
قلت: أخرج الطبراني في "الأوسط" و"الدعاء" 60، والبيهقي في "الشعب" من طريق حفص بن عياث، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ أعجز الناس من عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام وقال: لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، ورجاله رجال الصحيح. وله عن أبي هريرة طريق آخر رواه البيهقي في "الشعب" من جهة كنانة مولى صفية عنه.
وفي الباب عن عبد الله بن مغفل رفعه "أعجز الناس مَن عجز عن الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام" أخرجه الطبراني في "الدعاء" 61 من حديث عوف، عن الحسن عنه مرفوعاً به.(10/350)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ اسْتِمَالَةُ قُلُوبِ رَعِيَّتِهِمْ بِإِقْطَاعِ الْأَرَضِينَ لَهُمْ
4499 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَأْرِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ شَرَاحِيلَ، عَنْ سُمَيِّ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شُمَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمَدَانِ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ، فَأَقْطَعَهُ الْمِلْحَ، فَلَمَّا أَدْبَرَ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَدْرِي مَا أَقْطَعْتَهُ، إِنَّمَا أَقْطَعْتَهُ الْمَاءَ الْعِدَّ، قَالَ: فَرَجَعَ فِيهِ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عَمَّا يُحْمَى مِنَ الْأَرَاكِ، فَقَالَ: "مَا لم تبلغه أخفاف الإبل" 1.
__________
1 سمي بن قيس وشمير بن عبد المدان لم يوثقهما غير المؤلف.
وأخرجه الطبراني في"الكبير" 810 عن أبي خليفة بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 3064 في الخراج والإمارة: باب في إقطاع الأرضين، والترمذي 1380 في الأحكام: باب ما جاء في القطائع، وحميد بن زنجوية في "الأموال" 1017، وأبو عبيد في "الأموال" 684، والدارقطني 4/221 و245، والبغوي 2193 من طرق عن محمد بن يحيى بن قيس المأربي، بهذا الإسناد.
وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" 346 من طريق ابن المبارك، عن معمر، عن يحيى بن قيس المأربي، عن رجل، عن أبيض بن حمال.
وأخرجه ابن ماجة 2475 في الرهون: باب إقطاع الأنهر والعيون، والدارقطني 4/221، وابن سعد 5/382 والطبراني 808 من طريق فرج بن سعيد بن علقمة بن سعيد بن أبيض بن حمال، عن عمه –أي: عم أبيه- عن ثابت ابن سعيد بن أبيض، عن أبيه، عن جده، وثابت وأبوه لم يوثقهما غير المؤلف، فلعله يتقوى بالطريقين ويحسن.
والماء العِدُّ: هو الدائم الذي لا ينقطع مثل ماء العين وماء البئر، وقد تحرف في الأصل إلى: العذب، والتصحيح من "التقاسيم"4/لوحة 198. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =(10/351)
4500 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الْأَرْضِ مَالٌ وَلَا مَمْلُوكٌ، غَيْرُ نَاضِحٍ وَغَيْرُ فَرَسِهِ، قَالَتْ: فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ، وَأَكْفِيهِ مُؤْنَتَهُ، وَأَسُوسُهُ، وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضِحِهِ، وَأَعْلِفُهُ، وَأَسْتَقِي الْمَاءَ، وَأَخْرُزُ غَرْبَهُ -قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: يَعْنِي الدَّلْوَ- وَأَعْجِنُ، وَلَمْ أَكُنْ أَحْسِنُ أَخْبِزُ، فَتَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ، وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ، وَكُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي، وَهِيَ ثُلُثَا فَرْسَخٍ
قَالَتْ: فَجِئْتُ يَوْمًا وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي، فَلَقِيَنِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَدَعَانِي، ثُمَّ قَالَ: "إِخْ إِخْ" لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، قَالَتْ: فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَمْشِيَ مَعَ الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وَكَانَ أَغْيَرُ النَّاسِ، قَالَ: فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي قَدِ اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى، فَجِئْتُ الزُّبَيْرَ، فَقُلْتُ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى رَأْسِي النَّوَى، وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَنَاخَ لِأَرْكَبَ مَعَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَكَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَحَمْلُكِ النَّوَى كَانَ أَشَدَّ عَلَيَّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ. قَالَتْ: حَتَّى أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَادِمٍ، فَكَفَتْنِي
__________
=وقوله: ما لم تبلغه أخفاف الإبل قال البغوي: أراد به إنما يحمي من الأراك ما بَعُد عن حضرة العمارة، ولا تبلغه الإبل الرائحة إذا أرسلت في الرعي.(10/352)
سياسة الفرس، فكأنما أعتقتني1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إسحاق بن إسرائيل وهو ثقة روى له أبو داود والنسائي. أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.
وأخرجه أحمد 6/347، والبخاري 5224 في النكاح: باب الغَيرة، ومسلم 2182 34 في السلام: باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق، والنسائي في "عشرة النساء" 288، والبيهقي 7/293 من طريق أبي أسامة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 3151 في فرض الخمس: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، عن محمود بن غيلان، عن أبي أسامة، به مختصراً بقصة النوى. وزاد: وقال أبو ضمرة: عن هشام، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضاً من أموال بني النضير.
وأخرجه مختصراً أحمد 6/352، ومسلم 2182 35، والطبراني 24/250 من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن أسماء. وزادوا فيه أنها أصابت خادماً، جاء النبي صلى الله عليه وسلم سبيٌٌ فأعطاها خادماً، وزاد مسلم في آخر القصة.(10/353)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْأَئِمَّةِ تَأَلُّفُ مَنْ رُجِيَ مِنْهُمُ الدِّينُ وَالْإِسْلَامُ
4501 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ قُرَيْشًا حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَأَلَّفَهُمْ" ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: "أَفِيكُمْ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِكُمْ" قَالُوا: ابْنُ أُخْتٍ لَنَا، قَالَ: "ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما.
وأخرجه البخاري 3146 في فرض الخمس: باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس وغيره، و6762 في الفرائض: باب مولى القوم من أنفسهم وأن الأخت منهم عن أبي الوليد الطيالسي بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/353)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه البخاري 3528 في المناقب: باب ابن أخت القوم منهم ومولى القوم منهم، عن سليمان بن حرب، وأحمد 3/172 و275، ومسلم 1059 133 في الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على لإسلام وتصبر من قوي إيمانه، والترمذي 3901 في المناقب: باب في فضل الأنصار، عن غندر محمد بن جعفر، والنسائي 5/106 في الزكاة: باب ابن أخت القوم منهم، من طريق وكيع، وأبو القاسم البغوي في الجعديات 971، ومن طريقه أبو محمد البغوي في "شرح السنة" 2228 عن علي بن الجعد، أربعتهم عن شعبة، به(10/354)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ بَذْلُ الْمَالِ لِمَنْ يَرْجُو إِسْلَامَهُ
4502 - سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْخٍ بِوَاسِطَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ لَهُ -بِغَنَمٍ ذكر بن عَائِشَةَ كَثْرَتَهَا- فَأَتَى الْأَعْرَابِيُّ قَوْمَهُ، وَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا، فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِي عَطَاءَ مَنْ لا يخاف الفقر1.
__________
1 إسناده صحيح، عبيد الله بن محمد بن عائشة روى له أبو داود والترمذي والنسائي وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم 2312 58 في الفضائل: باب ما سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قط فقال: لا وكثرة عطائه، والبيهقي 7/19 من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وفيه أن الرجل سأل غنماً بين جبلين، وفي آخره: فقال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يُريد إلا الدنيا، فما يسلم حتى يكون الإسلامُ أحبُّ إليه من الدنيا وما عليها.
وأخرجه مسلم 2312 57، والبيهقي 7/19 من طريقين عن حميد الطويل، عن موسى بن أبي أنس بن مالك، عن أبيه. ولم يرد في البيهقي عن أبيه.(10/354)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءَ أَهْلِ الشِّرْكِ الْهَدَايَا إِذَا طَمَعَ فِي إِسْلَامِهِمْ
4503 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عام تَبُوكَ، حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَإِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: "اخْرُصُوا" فَخَرَصَ الْقَوْمُ وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمَرْأَةِ: "أَحْصِي مَا يَخْرُجُ مِنْهَا حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْكِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ". قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ تَبُوكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَا يَقُومَنَّ فِيهَا رَجُلٌ، وَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيُوثِقْ عِقَالَهُ". قَالَ أَبُو حُمَيْدٍ: فَعَقَلْنَاهَا، فَلَمَّا كَانَ مِنَ اللَّيْلِ هَبَّتْ عَلَيْنَا رِيحٌ، فَقَامَ فِيهَا رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ فِي جَبَلِ طيء، ثُمَّ جَاءَهُ مَلَكُ أَيْلَةَ، وَأَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةً بَيْضَاءَ، فَكَسَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُرْدًا، وَكَتَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ وَأَقْبَلْنَا مَعَهُ، حَتَّى جِئْنَا وَادِي الْقُرَى، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: "كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ" قَالَتْ: عَشْرَةُ أَوْسُقٍ، خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي مُتَعَجِّلٌ، فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَفْعَلْ". قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، حَتَّى إِذَا أَوْفَى عَلَى الْمَدِينَةِ، فَقَالَ: "هَذِهِ طَابَةُ". فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ: "هَذَا أُحُدٌ، هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ؟ " قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "خَيْرُ دُورِ الْأَنْصَارِ: بَنُو النَّجَّارِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي الْحَارِثِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الْأَنْصَارِ خير" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعفان: هو ... =(10/355)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=ابن مسلم الباهلي، ووهيب: هو ابن خالد.
وأخرجه أحمد 5/424، وابن أبي شيبة 14/539-540، وعنه مسلم 4/1786 12 في الفضائل: باب في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 1481 في الزكاة: باب خَرص التمر، وأبو داود 3079 في الخراج والإمارة: باب في إحياء الموات، عن سهل بن بكار، ومسلم 4/1786 12 من طريق المغيرة بن سلمة المخزومي، كلاهما عن وهيب بن خالد، به ببعض اختصار.
وأخرجه البخاري 3161 في الجزية الموادعة: باب إذا وادع الإمامُ ملكَ القرية هل يكون ذلك لبقيتهم؟ عن سهل بن بكار، عن وهيب، به بقصد ملك أيلة، وعلقها البخاري 5/272 في الهبة: باب قبول الهدية من المشركين، عن أبي حميد.
وأخرجه مقطعاً البخاري 1872 في فضائل المدينة: باب المدينة طابة، و3791 في مناقب الأنصار: باب فضل دور الأنصار، و4422 في المغازي: باب رقم 81، عن خالد بن مخلد، ومسلم 1392 في الحج: باب أُحُد جبل يحبنا ونحبه، و4/1785 11 في الفضائل، والبيهقي 4/122 من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، كلاهما عن سليمان بن بلال، عن عمرو بن يحيى، به.
قوله: "اخرصوا"، الخرص: هو حزر ما على النخل من الرطب تمراً، حكى الترمذي عن بعض أهل العلم أن تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه الزكاة، بعث الأمير خارصاً ينظر، فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا زبيباً وكذا وكذا تمراً فَيُحْصِيْه، وينظر مبلغ العشر، فيثبته عليهم، ويخلي بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت الجداد، أخذ منهم العشر. وفائدة الخرص: التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها والبيع من زهوها، وإيثار الأهل والجيران والفقراء، لأن في منعهم منها تضييقاً لا يخفى.
وقوله: "كم جاءت حديقتك" أي: تمر حديقتك، وفي رواية مسلم فسأل المرأة عن حديقتها كم بلغ ثمرها.
وقوله: جاءه ملك أيلة أيلة: هي العقبة، وفي البخاري: وأهدى ملك أيلة ووقع في رواية سليمان عند مسلم وجاء رسول ابن العلماء صاحب أيلة إلى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/356)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب وأهدى له بغلة بيضاء وفي مغازي ابن إسحاق: ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يوحنا بن روبة صاحب أيلة، فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزية.
وفي "الفتح" 3/406: وفي هذا الحديث مشروعة الخرص، واختلف القائلون به هل هو واجب أو مستحب، فحكى الصيمري من الشافعية وجهاً بوجه، وقال الجمهور: هو مستحب إلا أن تعلق به حق لمحجور مثلاً، أو كان شركاؤه غير مؤتمنين، فيجب لحفظ مال غيره، واختلف أيضاً هل يختص بالنخل أو يلحق به العنب أو يعم كل ما ينتفع به رطباً وجافاً؟ وبالأول قال شريح القاضي وبعض أهل الظاهر، والثاني قول الجمهور، وإلى الثالث نحا البخاري.
وهل يمضي قول الخارص أو يرجع إلى ما آل إليه الحال بعد الجفاف؟ الأول قول مالك وطائفة، والثاني قول الشافعي ومن تبعه، وهل يكفي خارص واحد عارف ثقة أو لا بدّ من اثنين؟ وهما قولان للشافعي، والجمهور على الأول.
واختلف هل هو اعتبار أو تضمين؟ وهما قولان للشافعي أظهرما لثاني، وفائدته جواز التصرف في جميع الثمرة ولو أتلف المالك الثمرة بعد الخرص أخذت منه الزكاة بحساب ما خرص.
وفي الحديث أشياء من أعلام النبوة كالإخبار عن الريح وما ذكر في تلك القصة، وفيه تدريب الأتباع وتعليمهم، وأخذ الحذر مما يُتوقع الخوف منه، وفضل المدينة والأنصار، ومشروعية المفاضلة بين الفضلاء بالإجمال والتعيين، ومشروعية الهدية والمكافأة عليها.(10/357)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدَايَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا طَمَعَ فِي إِسْلَامِهِمْ
4504 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ صَاعِقَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَنْطَلِقُ بِصَحِيفَتِي هَذِهِ إِلَى قَيْصَرَ، وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَإِنْ لَمْ أُقْتَلْ؟ قَالَ: "وَإِنْ لَمْ تُقْتَلْ". فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ(10/357)
بِهِ، فَوَافَقَ قَيْصَرَ وَهُوَ يَأْتِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَدْ جُعِلَ لَهُ بِسَاطٌ لَا يَمْشِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَرَمَى بِالْكِتَابِ [عَلَى] 1 الْبِسَاطِ وَتَنَحَّى، فَلَمَّا انْتَهَى قَيْصَرُ إِلَى الْكِتَابِ، أَخَذَهُ، ثُمَّ دَعَا رَأْسَ الْجَاثَلِيقِ2، فَأَقْرَأَهُ، فَقَالَ: مَا عِلْمِي فِي هَذَا الْكِتَابِ إِلَّا كَعِلْمِكَ، فَنَادَى قَيْصَرُ: مَنْ صَاحِبُ الْكِتَابِ فَهُوَ آمَنٌ، فَجَاءَ الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِذَا أَنَا قَدِمْتُ فَأْتِنِي، فَلَمَّا قَدِمَ أَتَاهُ، فَأَمَرَ قَيْصَرُ بِأَبْوَابٍ قَصْرِهِ فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدِ اتَّبَعَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ النَّصْرَانِيَّةَ، فَأَقْبَلَ جُنْدُهُ وَقَدْ تَسَلَّحُوا حَتَّى أَطَافُوا بِقَصْرِهِ، فَقَالَ لِرَسُولِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَدْ تَرَى أَنِّي خَائِفٌ عَلَى مَمْلَكَتِي، ثُمَّ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلَا إِنَّ قَيْصَرَ قَدْ رَضِيَ عَنْكُمْ، وَإِنَّمَا خَبَرَكُمْ لَيَنْظُرُ كَيْفَ صَبْرُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَارْجِعُوا، فَانْصَرَفُوا، وَكَتَبَ قَيْصَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِدَنَانِيرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَرَأَ الْكِتَابَ: "كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، لَيْسَ بِمُسْلِمٍ، وَهُوَ على النصرانية" وقسم الدنانير3.
__________
1 سقطت من الأصل، وأثبتت من "الموارد" ص392.
2 هو مقدَّم الأساقفة عند النصارى، قال صاحب "القاموس": رئيس للنصارى في بلاد الإسلام بمدينة السلام أي بيت المقدس، ويكون تحت يد بِطريق أنطاكية، ثم المَطْران تحت يده.
3 إسناده صحيح، رجاله على شرط البخاري غير علي بن بحر فقد روى له تعليقاً، واحتج به أبو داود والنسائي، وهو ثقة.(10/358)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدَايَا مِنْ رَعِيَّتِهِ فِي الْأَوْقَاتِ وَبَذْلُ الْأَمْوَالِ لَهُمْ عِنْدُ فَتْحِ اللَّهِ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ
4505 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى بالموصل، قال: حدثنا أبو بكر بن أبيشيبة، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبيه عن أنس أن رجلا كَانَ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلَاتِ مِنْ أَرْضِهِ، حَتَّى فُتِحَتْ عَلَيْهِ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ، فَجَعَلَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ [عَلَيْهِ] مَا كَانَ أَعْطَاهُ. قَالَ أَنَسٌ: وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْأَلَهُ مَا كَانَ أَعْطَاهُ أَوْ بَعْضَهُ وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَانِيهِنَّ، فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي، وَقَالَتْ: وَاللَّهِ لَا يُعْطِيكَهُنَّ وَقَدْ أَعْطَانِيهُنَّ1. قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ أَيْمَنَ اتْرُكِي، وَلَكِ كَذَا وَكَذَا" فَتَقُولُ: كَلَّا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ. حَتَّى أَعْطَاهَا عَشْرَةَ أَمْثَالِهِ، أَوْ قريبا من عشرة أمثاله2.
__________
1 من قوله فجاءت أم أيمن إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 4/لوحة 195، و"مسند أبي يعلى".
2 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "مسند أبي يعلى" 4080.
وأخرجه مسلم 1771 71 في الجهاد والسير: باب ردّ المهاجرين إلى الأنصار منائحَهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح، عن ابن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 8/255، وأحمد 3/219، والبخاري 3128 في فرض الخمس: باب كيف قسم النبي صلى الله عليه وسلم قريظة والنضير، و4030 في المغازي: باب حديث بني النضير، و4120 باب مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ... ، ومسلم 1771 71، وأبو يعلى 4079 من طرق عن معتمر بن سليمان، به. وبعض روايات البخاري مختصرة. وانظر البخاري 2630، ومسلماً 1771 71.(10/359)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اتِّخَاذُ الْكَاتِبِ لِنَفْسِهِ لِمَا يَقَعُ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْأَسْبَابِ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ
4506 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الوليدالطيالسي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ جَالِسٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ جَاءَنِي فَقَالَ: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ يَوْمَ الْيَمَامَةِ بِقُرَّاءِ الْقُرْآنِ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ فِي الْمَوَاطِنِ كُلِّهَا، فَيَذْهَبُ مِنَ الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي فِي ذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ عُمَرَ، وَرَأَيْتُ فِي ذَلِكَ الَّذِي رَأَى، فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ شَابٌّ عَاقِلٌ لَا نَتَّهِمُكَ وَقَدْ كُنْتَ تُكْتَبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَتَبَّعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.
قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفَنِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ أَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ. قُلْتُ: فَكَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ، فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، قَالَ: فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَاللِّخَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة:128] خَاتِمَةُ بَرَاءَةَ. قَالَ: فَكَانَتِ الصُّحُفُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى تَوَفَّاهُ الله، ثم(10/360)
عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حفصة بنت عمر.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ: وَحَدَّثَنِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ حُذَيْفَةَ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّامِ وَأَهْلَ الْعِرَاقِ وَفَتَحَ أَرْمِينِيَةَ وَأَذْرَبِيجَانَ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةُ اخْتِلَافُهُمْ فِي الْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الْكِتَابِ كَمَا اخْتَلَفَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَبَعَثَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: أَنْ أَرْسِلِي الصُّحُفَ لِنَنْسَخَهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ، فَبَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ، فَدَعَا زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ1 وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَنْسَخُوا الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ لَهُمْ: مَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ، فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّهُ نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ، وَكَتَبَ الصُّحُفَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَبَعَثَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ مِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أن يمحى أو يحرق.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ سَمِعَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يَقُولُ: فَقَدْتُ آيَةً مِنْ سُورَةِ الْأَحْزَابِ حِينَ نَسَخْتُ الْمُصْحَفَ، كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَؤُهَا، فَالْتَمَسْتُهَا فَوَجَدْتُهَا مَعَ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب:23] فَأَلْحَقْتُهَا في سورتها في المصحف.
__________
1زاد غيره: وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام.(10/361)
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: اخْتَلَفُوا يَوْمَئِذٍ فِي التَّابُوتِ فَقَالَ: زَيْدٌ التَّابُوهُ، وَقَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ: التَّابُوتُ، فَرُفِعَ اخْتِلَافُهُمْ إِلَى عُثْمَانَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: اكْتُبُوهُ التَّابُوتُ فَإِنَّهُ لسان قريش1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو الوليد الطيالسي: هو هشام بن عبد الملك. وأخرجه إلى قوله: ثم عند حفصة بنت عمر الطبراني 4903 عن أبي خليفة الفاضل بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 2/41 من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي، عن أبي الوليد الطيالسي، به.
وأخرجه البخاري 4986 و4987 و4988 في فضائل القرآن: باب جمع القرآن، والترمذي 3103 و3104 في التفسير: باب ومن سورة التوبة، والنسائي في فضائل القرآن 13 و20 و27، والبيهقي 2/40-41 و41 من طرق عن إبراهيم بن سعد، به. وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.
وأخرجه مختصراً ومقطعاً أحمد 1/10 و5/188-189، والبخاري 7191 في الأحكام: باب يستحب للكاتب أن يكون أميناً عاقلاً، و7425 في التوحيد: باب وكان عرشه على الماء وهو رب العرش العظيم، وأبو يعلى 64 و65، وابن أبي داود في "المصاحف" ص12-13 و13-14 من طرق عن إبراهيم بن سعد، به.
وقع في رواية البخاري في الموضع الأول مع خزيمة أو أبي خزيمة، وفي الموضع الثاني مع أبي خزيمة، قلت: اختلف الرواة فيه على الزهري، فمن قائل: مع خزيمة، ومن قائل: مع أبي خزيمة، ومن شاك فيه يقول: خزيمة أو أبي خزيمة، والأرجح أن الذي وجد معه آخر سورة التوبة أبو خزيمة بالكنية، والذي وجد معه الآية من سورة الأحزاب خزيمة، وأبو خزيمة قيل: هو ابن أوس بن يزيد بن أصرم مشهور بكنيته دون اسمه، وقيل: هو الحارث بن خزيمة. انظر "الفتح" 8/136.
قلت: ومقتل اليمامة كان في سنة اثنتي عشرة للهجرة، وقد دارت رحى الحرب بين المسلمين وأهل الردّة من أتباع مسيلمة الكذاب، وكانت معركة حامية الوطيس استشهد فيها كثير من قراء الصحابة، وحفظتهم للقرآن ينتهي عددهم إلى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/362)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= السبعين من أجلّهم سالم مولى أبي حذيفة.
اللِّحاف، بكسر اللام ثم خاء معجمة خفيفة وآخره فاء: جمع لَحْفَة: وهي صفائح الحجارة الرقاق.
والعُسُب، بضم العين والسين، جمع عسيب: وهو جريد النخل، كانوا يكشطون الخوص، ويكتبون في الطرف العريض، وقيل: العسيب: طرف الجريدة العريض الذي لم ينبت عليه الخوص، والذي ينبت عليه الخوص: هو السعف.
وأرمينية: هي أنجاد وجبال في آسية الصغرى جنوب القفقاز بين أنجاد إيران شرقاً، والأناضول غرباً، وبين بحر قزوين ومسيل الفرات الأعلى، وأذربيجان: إقليم واسع يشتمل على مدن وقلاع وخيرات، يقع شمال غرب إيران من أهم مدنه تبريز.
قال العلماء: الفرق بين جمع أبي بكر وبين جمع عثمان أن جمع القرآن في عهد أبي بكر كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في صحف مرتب الآيات مقتصراً فيه على ما لم تنسخ تلاوته، مستوثقاً له –بالتواتر والإجماع-. وكان الغرض من تسجيل القرآن وتقييده بالكتابة مجموعاً مرتباً خشية ذهاب شيء منه بموت حملته وحفاظه، وأما الجمع في عهد عثمان، فقد كان عبارة عن نقل ما في تلك الصحف في مصحف واحد إمام، واستنساخ مصاحف منه ترسل إلى الآفاق الإسلامية ملاحظاً فيه ترتيب سوره وآياته جميعاً، وكتابته بطريقة تجمع وجوه القراءات المختلفة، وتجريده من كل ما ليس قرآناً، وكان الغرض منه إطفاء الفتنة التي اشتعلت بين المسلمين حين اختلفوا في قراءة القرآن، وجمع شملهم، وتوحيد كلمتهم، والمحافظة على كتاب الله من التغيير والتبديل.
وقوله: فوجدته مع خزيمة بن ثابت الأنصاري، وفي البخاري لم أجدها مع أحد غيره قلت: لقد ثبت كونها قرآناً بأخبار كثيرة متواترة عن الصحابة عن حفظهم في صدورهم، وإن لم يكونوا كتبوه في أوراقهم، ومعنى قول زيد: لم أجدها مع أحد غيره أنه لم يجدها مكتوبة عند أحد إلا عند خزيمة، فالذي انفرد به خزيمة هو كتابتُها لا حفظها، وليست الكتابة شرطاً في المتواتر، بل المشروط فيه أن يرويه جمع يُؤمن تواطؤهم على الكذب، ولو لم يكتبه واحد منهم. وانظر "الفتح" 8/632.(10/363)
ذِكْرُ الْجَوَازِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَتَّخِذَ الْكَاتِبَ لِنَفْسِهِ لِمَا يَعْتِرِضُهُ مِنْ أَحْوَالِ الدِّينِ فِي الْأَسْبَابِ
4507 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ السَّبَّاقِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ حَدَّثَهُ قَالَ: أَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِلَيَّ مَقْتَلَ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عِنْدَهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ عُمَرَ جَاءَنِي فَقَالَ لِي: إِنَّ الْقَتْلَ قَدِ اسْتَحَرَّ بِأَهْلِ الْيَمَامَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَسْتَحِرَّ الْقَتْلُ فِي الْمَوَاطِنِ فَيَذْهَبُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُرْآنِ لَا يُوعَى، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَأْمُرَ بِجَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ يُرَاجِعُنِي بِذَلِكَ حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ لِذَلِكَ صَدْرِي، وَرَأَيْتُ فِيهِ الَّذِي رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَعُمَرُ جَالِسٌ عِنْدَهُ لَا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّكَ رَجُلٌ شَابٌّ عَاقِلٌ، لَا نَتَّهِمُكَ، وَكُنْتَ تُكْتَبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ فَاجْمَعْهُ.
قَالَ: قَالَ زَيْدٌ: فَوَاللَّهِ لَوْ كَلَّفُونِي نَقْلَ جَبَلٍ مِنَ الْجِبَالِ مَا كَانَ بِأَثْقَلَ عَلَيَّ مِمَّا أَمَرَنِي بِهِ مِنْ جَمْعِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: وَكَيْفَ تَفْعَلُونَ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هُوَ وَاللَّهِ خَيْرٌ. فَلَمْ يَزَلْ أَبُو بَكْرٍ يُرَاجِعُنِي حَتَّى شَرَحَ اللَّهُ صَدْرِي لِلَّذِي شَرَحَ لَهُ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. قَالَ: فَقُمْتُ أَتَتَبَّعُ الْقُرْآنَ، أَجْمَعُهُ مِنَ الرِّقَاعِ وَالْأَكْتَافِ وَالْعُسُبِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ، حَتَّى(10/364)
وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ مَعَ خُزَيْمَةَ الْأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهَا مَعَ غَيْرِهِ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ} [التوبة:128] وَكَانَتِ الصُّحُفُ الَّتِي جَمَعْتُ فِيهَا الْقُرْآنَ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حَيَاتَهُ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ عُمَرَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ، ثُمَّ عِنْدَ حَفْصَةَ بِنْتِ عمر.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ اجْتَمَعَ لِغَزْوَةِ أَذْرِبِيجَانَ وَأَرْمِينِيَةَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ، فَتَذَاكَرُوا الْقُرْآنَ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، قَالَ: فَرَكِبَ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ لَمَّا رَأَى اخْتِلَافَهُمْ فِي الْقُرْآنِ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي الْقُرْآنِ، حَتَّى إِنِّي وَاللَّهِ لَأَخْشَى أَنْ يُصِيبَهُمْ مَا أَصَابَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنَ الِاخْتِلَافِ، فَفَزِعَ لِذَلِكَ عُثْمَانُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَزِعًا شَدِيدًا، وَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ، فَاسْتَخْرَجَ الصُّحُفَ الَّتِي1 كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَمَرَ زَيْدًا بِجَمْعِهَا، فَنَسَخَ مِنْهَا الْمَصَاحِفَ، فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الْآفَاقِ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ مَرْوَانُ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ أَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ يَسْأَلُهَا عَنِ الصُّحُفِ لِيُمَزِّقَهَا، وَخَشِيَ أَنْ يُخَالِفَ بَعْضُ الْعَامِ بَعْضًا، فَمَنَعْتُهُ إِيَّاهَا.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَحَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَتْ حَفْصَةُ أَرْسَلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِعَزِيمَةٍ لِيُرْسِلَ بِهَا، فَسَاعَةَ رَجَعُوا مِنْ جَنَازَةِ حَفْصَةَ أَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ إِلَى مَرْوَانَ فَحَرَقَهَا، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لَمَّا نسخ عثمان رضي الله تعالى عنه2.
__________
1 في الأصل: الذي.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة بن يحيى..=(10/365)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 1/13، وابن أبي داود في "المصاحف" ص14-15 من طريق عثمان بن عمر، والبخاري 4989 في فضائل القرآن: باب كاتب النبي صلى الله عليه وسلم، والطبراني 4902 من طريق الليث، كلاهما عن يونس، بهذا الإسناد. رواية الليث عند البخاري مختصرة، ورواية عثمان بن عمر مطلوبة –وهي عند ابن أبي داود أطول- إلى قوله: ثم عند حفصة بنت عمر.
وأخرجه البخاري 4679 في التفسير: باب {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْه ... ِ} من طرق شعيب، والطبراني 4901 من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، كلاهما عن الزهري، به إلى قوله: ثم عند حفصة بنت عمر.(10/366)
ذِكْرُ احْتِرَازِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فِي مَجْلِسِهِ إِذَا دَخَلُوا عَلَيْهِ
4508 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْخَطِيبُ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ آدَمَ بْنِ بِنْتِ أَزْهَرَ السَّمَّانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلَةَ صَاحِبِ الشَّرَطِ مِنَ الأمير1.
__________
1 إسناده حسن، بشر بن آدم صدوق فيه لين، روى له أصحاب السنن وقد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين غير عبد الله بن المثنى والد محمد الأنصاري فمن رجال البخاري. ثمامة: هو ابن عبد الله بن أنيس بن مالك.
وأخرجه البخاري 7155 في الأحكام: باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه، والترمذي 3850 في المناقب: باب في مناقب قيس بن سعد بن عبادة، والبيهقي 8/155، والبغوي 2485 من طرق عن محمد بن عبد الله الأنصاري، بهذا الإسناد. وفي إحدى روايتي الترمذي زاد فيه قول الأنصاري: يعني مما يلي من أموره، وعند البيهقي والبغوي: يعني ينظر من أموره. وقال الترمذي: حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث الأنصاري. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/366)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=والشُّرَط: هم أعوان الأمير، قال الأزهري: شرط كل شيء: خياره، ومنه الشرَط، لأنهم نخبة الجند، وقيل: سموا شرطاً، لأن لهم علامات يعرفون بها من هيئة وملبس، وهو اختيار الأصمعي، وقيل: لأنهم أعدوا أنفسهم لذلك، يقال: أشرط فلان نفسه لأمر كذا: إذا أعدها. قاله أبو عبيدة.(10/367)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقْصِيَ مِنْ نَفْسِهِ آكِلَ الْبَصَلِ مِنْ رَعِيَّتِهِ إِلَى أَنْ يَذْهَبَ رِيحُهَا
4509 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى زَرَّاعَةِ بَصَلٍ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، فَنَزَلَ نَاسٌ فَأَكَلُوا مِنْهُ، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ آخَرُونَ، فَرُحْنَا إِلَيْهِ، فَدَعَا الَّذِينَ لَمْ يَأْكُلُوا البصل، وأخر الآخرين حتى ذهب ريحها1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم. عبد الله بن خباب: هو المدني مولى بني عدي بن النجار.
وأخرجه مسلم 566 في المساجد: باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو نحوها، عن هارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن عيسى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وانظر حديث أبي سعيد المتقدم عند المؤلف برقم 2082.
والزّراعة: هي الأرض المزروعة.(10/367)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا تَكُونَ هِمَّتُهُ فِي جَمْعِ الدُّنْيَا لِنَفْسِهِ
4510 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ(10/367)
-وَكَانَ يُكْنَى أَبَا هَاشِمٍ- عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ إِلَى الْمُرَاحِ، فَإِذَا سَخْلَةً تَيْعَرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ما وَلَدَتْ؟ " فَقَالَ الرَّاعِي: بَهْمَةٌ. فَقَالَ: "اذْبَحْ مَكَانَهَا شَاةً" ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَحْسِبَنَّ –بِالْخَفْضِ، وَلَمْ يَقُلْ لَا تَحْسَبَنَّ بِالنَّصْبِ- أَنَّا مِنْ أَجَلِكَ ذَبَحْنَاهَا، إِنَّ لَنَا غَنَمًا مائة، فَإِذَا وَلَدَ الرَّاعِي بَهْمَةً ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً، وَفِي لِسَانِهَا شَيْءٌ -يَعْنِي الْبَذَاءَ- قَالَ: "طَلِّقْهَا إِذًا". فَقَالَ: إِنَّ لَهَا صُحْبَةً، وَلِي مِنْهَا وَلَدٌ. قَالَ: "فَمُرْهَا بِقَوْلٍ، فَعِظْهَا لَعَلَّهَا أَنْ تَعْقِلَ، وَلَا تَضْرِبْ ظَعِينَتَكَ كَضَرْبِكَ إِبِلَكَ". قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوضُوءِ. قَالَ: "إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تكون صائما" 1.
__________
1 إسناده جيد، وهو مكرر الحديث 1054.(10/368)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ انْهِمَاكِ الْأُمَرَاءِ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا لَا يَسَعُهُمْ وَلَا يَحِلُّ لَهُمُ ارْتِكَابُهُ
4511 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ أَنَّ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ(10/368)
عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الْحُطَمَةُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ". فَقَالَ: اجْلِسْ، فَإِنَّمَا أَنْتَ مِنْ نُخَالَةِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلْ كَانَتْ لَهُمْ نُخَالَةٌ، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، شيبان بن أبي شيبة: هو ابن فروخ من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه مسلم 1830 في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم، والطبراني في "الكبير" 18/26، والبيهقي 8/161 من طريق شيبان بن فروخ، بهذا الإسناد. لكن وقع في الطبراني أنه دخل على زياد وهو خطأ.
وأخرجه أحمد 5/64، والطبراني 18/26 من طرق عن جرير بن حازم، به.
قوله: "إن شر الرعاء الحطمة": هو العنيف في رعيته لا يرفق بها في سَوقها ومرعاها، بل يحطمها في ذلك، وفي سقيها وغيره، ويزحم بعضها ببعض بحيث يؤذيها ويحطمها، ضربه مثلاً لوالي السوء.
وقوله: إنما أنت من نخالتهم قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 12/216: يعني لست من فضلائهم وعلمائهم وأهل المراتب منهم، بل من سقطهم، والنخالة هنا استعارة من نخالة الدقيق، وهي قشوره، والنخالة والحفالة والحثالة بمعنى واحد.
وقوله: وهل كانت لهم نخالة، إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم: قال الإمام النووي: هذا من جَزل الكلام وفصيحه وصدقه الذي ينقاد له كلُّ مسلم، فإن الصحابة رضي الله عنهم كلهم صفوةُ الناس، وسادات الأمة، وأفضل مَّمن بعدهم، وكلهم عدولٌ قدوة لا نخالة فيهم، وإنما جاء التخليط ممَّن بعدهم، وفيمن بعدهم كانت النخالة.(10/369)
ذكر إيجاب النار لِمَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَانْبَسَطَ في أموالهم بغير إذنهم
...
ذِكْرُ إِيجَابِ النَّارِ -نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا- لِمَنْ تَقَلَّدَ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَانْبَسَطَ فِي أَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ
4512 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ حَدَّثَهُ، أَنَّ عُبَيْدَ سَنُوطَا حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ خَوْلَةَ بِنْتَ قَيْسِ بْنِ قَهْدٍ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا بُورِكَ لَهُ فِيهَا، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِي مَالِ اللَّهِ وَمَالِ رَسُولِهِ لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عُبيد سنوطا روى له الترمذي، وهو ثقة. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه عبد الرزاق 6962، وأحمد 6/364 و410، والحميدي 353، وابن أبي شيبة 13/242، والطبراني في "الكبير" 24/580 و581 و582 و583 و584 و585 و587 من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/378، والترمذي 2374 في الزهد: باب ما جاء في أخذ المال، والطبراني 24/577 و578 و579 من طرق عن سعيد المقبري، عن أبي الوليد عبيد سنوطا، به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، ووقع في "المسند": عبيد عن الوليد، وفي رواية للطبراني 578: عبيد بن الوليد، وهو تحريف.
وأخرجه البخاري 3118 في فرض الخمس: باب قول الله تعالى: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} عن عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن النعمان بن أبي عياش، عن خولة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/370)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأنصارية، به مختصراً بلفظ إن رجالاً يتخوّضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة. في رواية الإسماعيلي خولة بنت ثامر الأنصارية، وزاد في أوله الدنيا خضرة حلوة....
وكذا أخرجه مع الزيادة أحمد 6/410، والطبراني 24/617، والبغوي 2730 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، بإسناد البخاري، وهو فيها من مسند خولة بنت ثامر الأنصارية. قال الحافظ في "الفتح"6/219: فرق غير واحد بين خولة بنت ثامر وبين خولة بنت قيس، وقيل: إن قيس بن قَهد -بالقاف- لقبه ثامر، وبذلك جزم علي بن المديني، فعلى هذا فهي واحدة.
والتخوّض في مال الله: هو التصرف في مال المسلمين بالباطل.(10/371)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ لَا يَأْخُذَ هَذَا الْمَالَ إِلَّا بِحَقِّهِ كَيْ يُبَارَكَ لَهُ فِيهِ
4513 - سَمِعْتُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ الْحُسَيْنَ بْنَ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مَا أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ، أَوْ زُهْرَةِ الدُّنْيَا". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَأَخَذَهُ عِرْقٌ أَوْ بَهَرٌ، ثُمَّ أَفَاقَ، فَقَالَ: "أَيْنَ السَّائِلُ؟ " فَقَالَ: هَا أَنَا ذَا، وَلَمْ أُرِدْ إِلَّا خَيْرًا. فَقَالَ: "إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنَبْتَ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ، فَإِنَّهَا أَكَلَتْ، فَلَمَّا اشْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلْتِ الشَّمْسَ، فَثَلَطَتْ ثُمَّ بَالَتْ، ثُمَّ عَادَتْ فَأَكَلْتُ، ثُمَّ1 أَفَاضَتْ فَاجْتَرَّتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ حلوة خضرة،
__________
1 ثم سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 4/لوحة 153.(10/371)
فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ، بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى"1.
قَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ: زَعَمَ سُفْيَانُ أَنَّ الْأَعْمَشَ سَأَلَهُ عَنْ هذا الحديث منذ أربعين سنة.
__________
1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان. وهو مكرر الحديث 3226.(10/372)
ذِكْرُ تَعَوِّذِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ
4514 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ ابْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ: "يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ إِمَارَةِ السُّفَهَاءِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا إِمَارَةُ السُّفَهَاءِ؟ قَالَ: "أُمَرَاءُ يَكُونُونَ بَعْدِي، لَا يَهْتَدُونَ بِهَدْيِي، وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، فَمَنْ صَدَّقَهُمْ بِكِذْبِهِمْ، وَأَعَانَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَأُولَئِكَ لَيْسُوا مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُمْ، وَلَا يَرِدُوا 1 عَلَيَّ حَوْضِي، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ بِكَذِبِهِمْ، وَلَمْ يُعِنْهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ، وَسَيَرِدُونَ عَلَيَّ حَوْضِي، يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، الصوم جنة والصدقة تطفئ
__________
1 كذا في الأصل و"التقاسيم"، وفي "المصنف"و"المسترك": يردون.(10/372)
الْخَطِيئَةَ، وَالصَّلَاةُ بُرْهَانٌ -أَوْ قَالَ: قُرْبَانٌ- يَا كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ، النَّاسُ غَادِيَانِ: فَمُبْتَاعٌ نَفْسَهُ فمعتقها، وبائع نفسه فموبقها" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن خُثيم: هو عبد الله بن عثمان بن خثيم. وهو في "المصنف" 20719.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/321، والحاكم 4/422، وصحح إسناده ووافقه الذهبي. وقد تقدم برقم 1723.(10/373)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَخْذِ الْأُمَرَاءِ وَعُمَّالُهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهُ عَلَيْهِمْ
4515 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حُمَيْدٍ السَّاعِدِيَّ يَقُولُ: اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ. فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ وَأُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ"، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ قَامَ فَخَطَبَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: "أَمَّا بَعْدَ، مَا بَالُ أَقْوَامٍ نُوَلِّيهِمْ أُمُورًا مِمَّا وَلَّانَا اللَّهُ، وَنَسْتَعْمِلَهُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ، ثُمَّ يَأْتِي أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ أُهْدِيَتْ إِلَيَّ، أَلَا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئًا بِغَيْرِ(10/373)
حَقِّهِ إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ رَجُلًا يَحْمِلُ عَلَى عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ". ثُمَّ بَسَطَ يَدَهُ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ بَصَرَ عَيْنِي، وَسَمِعَ أُذُنِي، ثُمَّ قَالَ: "أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ –ثَلَاثًا-" الشَّهِيدُ عَلَى ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الأنصاري يحك منكبي منكبه1.
__________
1 إسناده صحيح، عبد الواحد بن غياث روى له أبو داود، وحماد بن سلمة من رجال مسلم، ومن فوقهما على شرط الشيخين.
وأخرجه الحميدي 840، والشافعي 1/247، والبخاري 6979 في الحيل: باب احتيال العامل لُيهدي له، و7197 في الأحكام: باب محاسبة الإمام العادل عمّاله، ومسلم 1832 27 و28 في الإمارة: باب تحريم هدايا العمال، من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 1500 في الزكاة: باب قول الله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} ... ، من طريق أبي أسامة، عن هشام، به مختصراً جداً.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" 840، وأحمد 5/423-424، والشافعي 1/246-247، والبخاري 925 في الجمعة: باب من قال في الخطبة بعد الثناء: أما بعد، و2597 في الهبة: باب من لم يقبل الهدية لعلة، و6636 في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم؟ و7174 في الأحكام: باب هدايا العمال، ومسلم 1832 26، وأبو داود 2946 في الخراج والإمارة: باب في هدايا العمال، والبيهقي 7/16 و10/13، والبغوي 1568 من طرق عن الزهري، عن عروة بن الزبير، به –بعضهم ذكره مطولاً وبعضهم اختصره.
وأخرجه بنحوه مسلم 1832 29 من طريق الشيباني، عن أبي الزناد، عن عروة، به.
الرُّغاء: صوت البعير، يقال: رغا البعير يرغو، والخوار: صوت البقر، خارت البقرة تخور، واليعار: صوت الشاة، يقال: يَعَرَت الشاة تيعر.
قال البغوي في "شرح السنة" 5/498: وفي الحديث دليل على أن هدايا العمال والولاة والقُضاة سُحْت، لأنه إنما يُهدي إلى العمال لُيغمِض له في بعض. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/374)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ما يجبُ عليه أداؤه، ويبخس بحقِّ المساكين، ويُهدي إلى القاضي ليميل إليه في الحكم، أو لا يُؤْمَنُ مِن أن تَحْمِله الهديةُ عليه.
قال الخطابي: وفي قوله: هلاّ جَلَس في بيت أمِّه أو أبيه فينظرَ يُهدى إليه أم لا دليل على أن كل أمر يُتذَّرع به إلى محظور فهو محظور، يدخلُ في ذلك القرضُ يجر المنفعة، والدار المرهونة يسكنها المرتهن بلا كراءٍ، والدابة المرهونة يركبها ويَرتفق بها من غير عِوَضٍ، وكلُّ دخيل في العقود يُنظر هل يكون حكمهُ عند الانفرادِ كحكمه عند الاقتران؟
وفي الحديث من الفوائد أن الإمامَ يخطب في الأمور المهمة، واستعمال "أما بعد" في الخطبة، ومشروعية محاسبة المؤتمن، وفيه أن من رأى متأولاً أخطأ في تأويل يضر من أخذ به بعد أن يشهر القول للناس، ويبين خطأه ليحذر من الاغترار به، وفيه جوازُ توبيخ المخطئ، واستشهاد الراوي والناقل بقول من يُوافقه ليكون أوقعَ في نفس السامع، وأبلغ في طمأنينته.(10/375)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ الْفَلَاحِ عَنْ أَقْوَامٍ تَكُونُ أُمُورُهُمْ مَنْوطَةً بِالنِّسَاءِ
4516 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لن يفلح قوم تملكهم امرأة" 1.
__________
1 حديث صحيح، مبارك بن فضالة اختلف قول الناس فيه، وهو صدوق لكنه موصوف بالتدليس وقد عنعن، علّق له البخاري وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين، وقد صرح الحسن في غير هذا الحديث بسماعه من أبي بكرة، فقد روى البخاري 2704 حديث إن ابني هذا سيد من طريق الحسن قال: سمعت أباب بكرة يقول.. قال البخاري بإثره: قال لي علي بن عبد الله: إنما يثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث.
وأخرجه أحمد 5/47 و51، والقضاعي في "مسند الشهاب"864 و865 من طرق عن المبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/43، والترمذي 2262 في الفتن: باب رقم 75،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/375)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي 8/227 في آداب القضاة: باب النهي عن استعمال النساء في الحكم، والحاكم 3/118-119 و4/291 من طريق حميد، والبخاري 4425 في المغازي: باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، و7099 في المغازي: باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر، والبيهقي 3/90 و10/117-118، والبغوي 2486 من طريق عوف، كلاهما عن الحسن، به. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه الطيالسي 878، والإمام أحمد 5/38 و47 من طريق عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني، عن أبيه، عن أبي بكرة رفعه بلفظ "لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة" وهذا إسناد صحيح.(10/376)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأُمَرَاءَ وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَا لَا يُحْمَدُ فَإِنَّ الدِّينَ قَدْ يُؤَيَّدُ بِهِمْ
4517 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السِّكِّينِ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ زُرَيْقٍ الرَّسْعَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيُؤَيِّدَنَّ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِقَوْمٍ لا خلاق لهم" 1.
__________
1 حديث صحيح، إسحاق بن زريق ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/121 وقال: يروي عن أبي نعيم، وكان راويا لإبراهيم بن خالد، حدثنا عنه أبو عروبة، مات سنة تسع وخمسين ومئتين،. والرسعني: نسبة إلى رأس العين من أرض الجزيرة بينها وبين حران يومان، يخرج منها ماء الخابور النهر المعروف. ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين غير إبراهيم بن خالد ورباح بن يزيد وهما ثقتان روى لهما أبو داود والنسائي.
وأخرج البزار 1722 عن سلمة بن شبيب، عن إبراهيم بن خالد الصنعاني، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار في السير كما في "التحفة" 1/259 عن محمد بن سهل بن عسكر، عن عبد الرزاق، عن رباح بن زيد، به.
وأخرجه البزار 1720 و1721، وأبو نعيم في "الحلية" 6/262 من طريق. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/376)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حميد والحسن عن أنس. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/302 قال: رواه البزار والطبراني في "الأوسط"، وأحد أسانيد البزار رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي بكرة عند أحمد 5/45 من طرق عن الحسن، عنه رفعه "إن الله تبارك وتعالى سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم". وزاد الهيثمي نسبته إلى الطبراني وقال: ورجالهما ثقات.
وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل ليؤيد هذا الدين برجال ما هم من أهله" قال الهيثمي 5/303: رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف لغير كذب فيه. وانظر ما بعده.(10/377)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْهُ الْفُجُورُ قَدْ يُؤَيِّدُ اللَّهُ دِينَهُ بِأَمْثَالِهِ
4518 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيُؤَيِّدَنَّ اللَّهُ هذا الدين بالرجل الفاجر" 1.
__________
1 حديث صحيح لغيره، إسناده حسن، حميد بن الربيع: وثقه جماعة وتكلّم فيه آخرون، ترجمته في "ثقات المؤلف" 8/197، و"الجرح والتعديل" 3/222، و"تاريخ بغداد" 8/162-165، والميزان 1/611-612. وعاصم: هو ابن أبي النجود، حسن الحديث، وحديثه في "الصحيحين" مقرون، وباقي السند رجاله ثقات. سفيان: هو ابن عيينة، وزر: هو ابن حُبيش.
وأخرجه الطبراني 8913 و9094 عن علي بن عبد العزيز، عن أبي نعيم، عن سفيان، بهذا الإسناد موقوفاً على ابن مسعود.
وفي الباب عن عمرو بن النعمان بن مقرن عند الطبراني 17/81، والقضاعي في "الشهاب" 1096. قال الهيثمي 5/303: ورجاله ثقات: وانظر ما بعده.(10/377)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ
4519 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحُنَيْنٍ، فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يُدْعَى بِالْإِسْلَامِ: "هُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ" فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالَ، قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَأَصَابَهُ الْجِرَاحُ، فَقِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرَّجُلُ الَّذِي قُلْتَ: إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا، فَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِلَى النَّارِ". فَكَادَ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْتَابَ، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ: لَمْ يَمُتْ وَبِهِ جِرَاحٌ شَدِيدَةٌ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ اشْتَدَّ بِهِ الْجِرَاحُ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ: "اللَّهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ" ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى فِي النَّاسِ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مَسْلَمَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الفاجر1.
__________
1 حديث صحيح، ابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل صدوق عارف له أوهام كثيرة روى له أبو داود، وقد توبع عليه، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.
وهو في "مصنف" عبد الرزاق 9573، وعنده خيبر بدل حنين.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/309، والبخاري 3062 في الجهاد: باب إن الله ليؤيد الدين بالرجل الفاجر، ومسلم 111 في الإيمان: باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ... ، والقضاعي 1097.
وأخرجه البخاري 6606 في القدر: باب العمل بالخواتيم، ومن طريقه البغوي 2526 عن حبان بن موسى، عن ابن المبارك، عن معمر، به. وفيه شهدنا خيبر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/378)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه بنحوه أحمد 2/309-310، والبخاري 3062، و4203 في المغازي: باب غزوة خيبر، والبيهقي 8/197، والقضاعي 1097 من طريق أبي اليمان، عن شعيب تحرف في المطبوع من القضاعي إلى: سفيان عن الزهري، به. وفيه أيضاً شهدنا خيبر. وانظر "الفتح" 7/540-541.(10/379)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَالِفَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيَكُونَ أَجْمَعُ لَهُمْ فِي أَسْبَابِهِمْ
4520 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ حَالَفَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ في دورهم بالمدينة1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أبو يعلى 4024 عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 3/111 و145 و281، والحميدي 1205، والبخاري 2294 في الكفالة: باب قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ، و6083 في الأدب: باب الإخفاء بالحلف، و7340 في الاعتصام: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم ... ، وفي الأدب المفرد 569، ومسلم 2529 في فضائل الصحابة: باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله تعالى عنهم، وأبو داود 2926 في الفرائض: باب في الحلف، وأبو يعلى 3357 و4023 و4028، والبيهقي 6/262 من طرق عن عاصم الأحول، به. وانظر الحديث 4369.(10/379)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِذَا رَكِبَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ النَّاسُ رَجَّالَةً
4521 - أَخْبَرَنَا ابْنُ1 قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قال:
__________
1 سقطت من الأصل، واستدركت من الموارد 2021.(10/379)
أَخْبَرَنِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِغَرْزِهِ وهو يقول:
خلو بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيلِهِ
قَدْ أَنْزَلَ الْقُرْآنُ1 فِي تَنْزِيلِهِ
بِأَنَّ خَيْرَ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِهِ2
__________
1 في "الموارد" ومصادر التخريج: الرحمن، وهي في "الدلائل": القرآن.
2 حديث صحيح، ابن أبي السَّري قد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو زرعة الدمشقي في "تاريخه" 1135، وأبو يعلى 3571، والبزار 2099، والبيهقي في "السنن" 10/228، وفي "دلائل النبوة" 4/322 و323، والبغوي 3405 من طرق عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي بإثر الحديث 2847 في الأدب: باب ما جاء في إسناد الشعر: وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث أيضاً عن معمر، عن الزهري، عن أنس نحو هذا، وروي في غير هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عُمرة القضاء وكعب بن مالك بين يديه، وهذا أصح عند بعض أهل الحديث، لأن عبد الله بن رواحة قُتِل يوم مؤتة، وإنما كانت عمرة القضاء بعد ذلك.
قال الحافظ في "الفتح" 7/573: وهو ذهول شديد وغلط مردود، وما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفرة معرفته، ومع أن في قصة عمرة القضاء اختصام جعفر وأخيه علي وزيد بن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قُتِلَ هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد، وكيف يخفى عليه –يعني الترمذي- مثل هذا؟! ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك، اتجه اعتراضُه، لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ما تقدم، والله أعلم. قلت: وسيأتي الحديث من طريق أخرى برقم 5758.(10/380)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ إِذْ مَرَّ فِي طَرِيقِهِ وَعَطَشَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ
4522 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَوْنِ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ عَلَى بَيْتٍ فِي فِنَائِهِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَاسْتَسْقَى، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهَا مَيْتَةٌ. فَقَالَ: "ذَكَاةُ الأديم دباغه" 1.
__________
1 حديث صحيح لغيره، جون بن قتادة لم يوثقه غير المؤلف 4/119، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه فمن رجال السنن. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 8/381.
وأخرجه أحمد 3/476 و5/6، وأبو داود 4125 في اللباس: باب في أُهب الميتة، والطبراني 6340، والبيهقي 1/17 من طرق عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/476 و5/7، وابن أبي شيبة 8/381، والنسائي 7/173-174 في الفرع والعتيرة: باب جلود الميتة، والطحاوي 1/471، والحاكم 4/141، والطبراني 6342 من طريق هشام الدستوائي، وابن عدي في "الكامل" 2/600 من طريق شعبة، كلاهما عن قتادة، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي!
وأخرجه أحمد 5/6، والطبراني 6343 من طريقين عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن سلمة بن المحبق، مثله. ولم يذكر فيه جون بن قتادة.
وله شاهد بإسناد صحيح من حديث عائشة عند النسائي 7/174 في الفرع: باب جلود الميتة، بلفظ "ذكاة الميتة دباغها". وآخر عن ابن عباس عند الحاكم 4/124 وسنده ضعيف.(10/381)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَذْكِيرُ نَفْسِهِ الْآخِرَةَ بِزِيَارَةِ الْقُبُورِ فِي بَعْضِ لَيَالِيهِ
4523 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى الْبَقِيعِ فَيَقُولُ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَأَتَانَا وَإِيَّاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: عَطَاءٌ هَذَا هو عطاء بن يسار مولى ميمونة.
__________
1 إسناده قوي على شرط مسلم، عبد العزيز بن محمد: هو الدراوردي، روى له البخاري تعليقاً ومتابعة واحتج به الباقون، وباقي السند على شرطهما.
عطاء: هو ابن يسار الهلالي، والقعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب. وقد تقدم برقم 3172.
ونسبه الحافظ المزي في "تحفة الإشراف" 12/241 إلى أبي داود في الجنائز، عن القعنبي وقتيبة، بهذا الإسناد. وقال: حديث أبي داود في رواية أبي الحسن بن العبد. قلت: ورواية أبي الحسن بن العبد هذه لم تطبع بعد.
2 لم ترد في الأصل، وهي في "التقاسيم" 4/لوحة 200.
3 في الأصل: بها، والمثبت من "التقاسيم".(10/382)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اسْتِعْمَالُ2 الْوَعْظِ لِرَعِيَّتِهِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لِيَتَقَوَّى بِهِ3 الْمُنْشَمِرِ فِي الْحَالِ، وَيَبْتَدِئُ فِيهِ الْمَرْوِيِّ فِيهِ
4524 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ(10/382)
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ مِمَّا يُذَكِّرُ النَّاسَ كُلَّ خَمِيسٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ: أَمَا إِنَّهُ مَا يَمْنَعُنِي ذَلِكَ إِلَّا مَخَافَةَ أَنْ أُمِلَّكُمْ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ بَيْنَ الْأَيَّامِ، مَخَافَةَ السآمة علينا1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. جرير هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو وائل: هو شقيق ابن سلمة.
وأخرجه مسلم 2821 83 في صفات المنافقين: باب الاقتصاد في الموعظة، والنسائي في العلم كما في "التحفة" 7/55 عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/427، والبخاري 70 في العلم: باب من جعل لأهل العلم معلومة، من طريق جرير بن عبد الحميد، به.
وأخرجه أحمد 1/465-466 عن عبيدة بن حميد، ومسلم 2821 83 من طريق فضيل بن عياض، كلاهما عن منصور، به.
وأخرجه أحمد 1/377 و378 و425 و440 و443 و462، والبخاري 68 في العلم: باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم كي لا ينفروا، و6411 في الدعوات: باب الموعظة ساعة بعد ساعة، ومسلم 2821 82، والترمذي 2855 في الأدب: باب ما جاء في الفصاحة والبيان، من طرق عن الأعمش، عن أبي وائل، به.
وقوله: كان يتخولنا بالخاء المعجمة وتشديد الواو، قال الخطابي: الخائل بالمعجمة: هو القائم المتعهد للحال، يقال: خالَ المال يخوله تخولاً: إذا تعهّده وأصلحه، والمعنى أنه كان يراعي الأوقات في تذكيرنا، ولا يفعل ذلك كل يوم لئلاّ نملّ.(10/383)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَسْلُكَ الْولَاةُ فِي رَعِيَّتِهِمْ بِمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4525 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ والحسن بن سفيان، قالا: حدثناإبراهيم بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ السَّكُونِيِّ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ، قَالَ: بَيْنَا أَبُو الدَّرْدَاءِ يَوْمًا يَسِيرُ شَاذًّا مِنَ الْجَيْشِ، إِذْ لَقِيَهُ رَجُلَانِ شَاذَانِ مِنَ الْجَيْشِ، فَقَالَ: يَا هَذَانِ، إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ ثَلَاثَةٌ فِي مثل هذا المكان إلا أمروا عليهم، فليأتمر أَحَدُكُمْ. قَالَا: أَنْتَ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمَا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ وَالِي ثَلَاثَةٍ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ مَغْلُولَةَ يَمِينُهُ: فَكَّهُ عَدْلُهُ، أو غله جوره" 1.
__________
1 إسناده ضعيف جداً، إبراهيم بن هشام الغساني لم يوثقه غير المؤلف 8/79، وكذبه أبو حاتم وأبو زرعة، وقال علي بن الحسين بن الجنيد: ينبغي إلا يُحدث عنه. انظر "الجرح والتعديل" 2/142-143، و"الميزان" 1/72-73.
وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/732 ونسبه إلى ابن عساكر في "تاريخ دمشق".(10/383)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَخْتَارَ لِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالتَّوْلِيَةِ عَلَيْهِمْ مَنْ هُوَ أَصْلَحُ لَهَا وَلَهُمْ دُونَ مَنْ لَا يَصْلُحُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبُهُ وَحَمِيمُهُ
4526 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بن الحسن ابن1 الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بْنَ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عبد المطلب
__________
1 لم ترد في الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 4/لوحة 136.(10/384)
أَخْبَرَهُ أَنَّهُ اجْتَمَعَ رَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، وَعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَا: وَاللَّهِ لَوْ بَعَثَنَا هَذَيْنِ الْغُلَامَيْنِ -قَالَ لِي وَلِلْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ- إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّرَهُمَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَأَدَّيَا مَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَأَصَابَا مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُمَا فِي ذَلِكَ جَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: مَاذَا تُرِيدَانِ؟ فَأَخْبَرَاهُ بِالَّذِي أَرَادَا، فَقَالَ: لَا تَفْعَلَا، فَوَاللَّهِ مَا هُوَ بِفَاعِلٍ، فَقَالَا: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا، فَمَا هَذَا مِنْكَ إِلَّا نَفَاسَةٌ عَلَيْنَا! فَوَاللَّهِ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنِلْتَ صِهْرَهُ، فَمَا نَفِسْنَا ذَلِكَ عَلَيْكَ. فَقَالَ: أَنَا أَبُو حَسَنٍ، أَرْسِلُوهُمَا، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ سَبَقْنَاهُ إِلَى الْحُجْرَةِ، فَقُمْنَا عِنْدَهَا حَتَّى مَرَّ بِنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِآذَانِنَا، وَقَالَ: "أَخْرِجَا مَا تُصَرِّرَانِ" وَدَخَلَ، فَدَخَلْنَا مَعَهُ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ فِي بَيْتِ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، قَالَ: فَكَلَّمْنَاهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، جِئْنَاكَ لِتُؤَمِّرَنَا عَلَى هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَنُصِيبُ مَا يُصِيبُ النَّاسُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَنُؤَدِّي إِلَيْكَ مَا يُؤَدِّي النَّاسُ. قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى سَقْفِ الْبَيْتِ حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ، قَالَ: فَأَشَارَتْ إِلَيْنَا زَيْنَبُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابِهَا كَأَنَّهَا تَنْهَانَا عَنْ كَلَامِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَقَالَ: "أَلَا1 إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ، إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ، ادْعُ لِي مَحْمِيَةَ بْنَ جُزْءٍ -وَكَانَ عَلَى الْعُشُورِ- وَأَبَا سُفْيَانَ بن الحرث" قَالَ: فَأَتَيَا، فَقَالَ لِمَحْمِيَةَ: "أَنْكِحْ هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ" لِلْفَضْلِ، فَأَنْكَحَهُ، وَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: "أَنْكِحْ
__________
1 لم ترد في الأصل، واستدركت من "التقاسيم".(10/385)
هَذَا الْغُلَامَ ابْنَتَكَ" قَالَ: فَأَنْكَحَنِي، ثُمَّ1 قَالَ لمحمية: "اصدق عنهما من الخمس" 2.
__________
1 لم ترد في الأصل.
2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. وعبيد الله بن عبد الله بن الحارث: يقال له أيضاً: عبد الله –مكبراً- بن عبد الله بن الحارث.
وأخرجه أحمد 4/166 عن يعقوب وسعد ابني إبراهيم، عن أبيهما، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/166، ومسلم 1072 في الزكاة: باب ترك استعمال آل النبي على الصدقة، وأبو داود 2985 في الخراج والإمارة: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، والنسائي 5/105-106 في الزكاة: باب استعمال آل النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة، والبيهقي 7/31 من طرق عن ابن شهاب، به.
وقوله: أخرجا ما تصرران معناه: أخرجا ما تجمعانه في صدوركما من الكلام، وكل شيء جمعته، فقد صررته.(10/386)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْفُقَ بِنِسَاءِ رَعِيَّتِهِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ كَانَتْ ضَعِيفَةَ الْعَقْلِ مِنْهُنَّ
4527 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ فُلَانٍ، خُذِي أَيَّ الطُّرُقِ شِئْتِ، فَقُومِي فِيهِ حَتَّى أَقُومَ مَعَكِ" فَخَلَا مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِيهَا حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج السامي،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/386)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقد روى له النسائي وهو ثقة. وهو في "مسند أبي يعلى" 3472، وعنه أخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه ص30.
وأخرجه أحمد 3/285، ومسلم 2326 في الفضائل: باب قرب النبي عليه السلام من الناس وتبركهم به، وأبو داود 4819 في الأدب: باب في الجلوس على الطرقات، وأبو يعلى 3518، والبيهقي في الدلائل 1/331-332 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 4818، والترمذي في "الشمائل" 324، والبغوي 3672 من طريق حميد، عن أنس.
وأخرج أحمد 3/98 عن هشيم، أنبأنا حميد، عن أنس بن مالك قال: إن كانت الأمَة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به في حاجتها. وعلّقه البخاري 6072 في الأدب: باب الكبر، فقال: وقال محمد بن عيسى، حدثنا هشيم، أخبرنا حميد الطويل، حدثنا أنس بن مالك، فذكره. قال الحافظ: وإنما عدل البخاري عن تخريجه عن أحمد بن حنبل لتصريح حميد في رواية محمد بن عيسى بالتحديث ... والبخاري يخرج له ما صرح فيه بالتحديث!
وأخرجه ابن ماجة 4177 في الزهد: باب البراءة من الكبر، والتواضع، وأبو الشيخ ص30 و31 من طريق شعبة، عن علي بن زيد، عن أنس قال: إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت من المدينة في حاجتها. وفيه علي بن زيد: وهو ابن جدعان، ضعيف الحديث.
قوله: فخلا معها قال الإمام النووي رحمه الله في "شرح مسلم" 15/83: أي وقف معها في طريق مسلوك لِيقضي حاجتها، ويفتيها في الخلوة، ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية، فإن هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها، لكن لا يسمعون كلامهما، لأن مسألتها مما لا يظهره، والله أعلم.(10/387)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْأَئِمَّةِ أَنْ يَقْيِلُوا عِنْدَ بَعْضِ نِسَاءِ رَعِيَّتِهِمْ إِذَا كُنَّ ذَوَاتِ أَزْوَاجٍ
4528 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ:(10/387)
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا، فَيَقِيلُ عَلَيْهِ، وَتَأْخُذُ مِنْ عَرَقِهِ، فَتَجْعَلُهُ فِي طِيبِهَا، وَتَبْسُطُ لَهُ الخمرة فيصلي عليها1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سوار بن عبد الله العنبري وهو ثقة روى له أبو داود والترمذي والنسائي.
وأخرجه أحمد 3/103 عن عبد الوهَّاب بن عبد المجيد الثقفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 6/376-377، ومسلم 2332 في الفضائل: باب طيب عرق النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به، والطبراني 25/297 من طريق عفان، عن وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس بن مالك، عن أم سليم.
وأخرجه بروايات أخرى بنحوه عن أنس وأم سليم: أحمد 3/136 و221 و231 و287، والبخاري 6281 في الاستئذان: باب من زار قوماً فقال عندهم، ومسلم 2331، والنسائي 8/218 في الزينة: باب ما جاء في الأنطاع، والطبراني 25/289 و290، والبيهقي 1/254.
قال المهلب فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 11/7: في هذا الحديث مشروعية القائلة للكبير في بيوت معارفه لما في ذلك من ثبوت المودة، وتأكد المحبة.(10/388)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرْدِفَ بَعْضَ رَعِيَّتِهِ خَلْفَهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ
4529 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَلَمَةَ بْنَ الْأَكْوَعِ قَالَ: خَرَجْتُ قَبْلَ أَنْ يُؤَذَّنَ بِالْأَذَانِ، وَكَانَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرْعَى بِذِي قَرَدٍ، فَلَقِيَنِي(10/388)
غُلَامٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ: أُخِذَتْ لِقَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: مَنْ أَخَذَهَا؟ قَالَ: غَطَفَانُ. قَالَ: فَصَرَخْتُ، فَقُلْتُ: يَا صَبَاحَاهُ، فَأَسْمَعْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْدَفَعْتُ عَلَى وَجْهِي حَتَّى أَدْرَكْتُ الْقَوْمَ وَقَدْ أَخَذُوا يَسْتَقُونَ مِنَ الْمَاءِ، فَجَعَلْتُ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ، وَكُنْتُ رَامِيًا، وَجَعَلْتُ أَقُولُ:
أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ ... وَالْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعِ
حَتَّى اسْتَنْقَذْتُ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ، وَاسْتَلَبْتُ مِنْهُمْ ثَلَاثِينَ بُرْدَةً. قَالَ: وَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ، فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، قَدْ حَمَيْتُ الْقَوْمَ الْمَاءَ وَهُمْ عِطَاشٌ، فَابْعَثْ إِلَيْهِمُ السَّاعَةَ. فَقَالَ: "يَا ابْنَ الْأَكْوَعِ، مَلَكْتَ فَأَسْجِحْ، إِنَّهُمُ الْآنَ بِغَطَفَانَ يُقْرَوْنَ" قَالَ: ثُمَّ خَرَجْنَا، وَأَرْدَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَاقَتِهِ حتى دخلنا المدينة1.
__________
1 حديث صحيح إسناده حسن، هشام بن عمار لا يرقى حديثه إلى رتبة الصحيح وإن روى له البخاري، ومن فوقه ثقات على شرطهما.
وأخرجه أحمد 4/48 عن إبراهيم بن مهدي، والبخاري 4194 في المغازي: باب غزوة ذات القَرَد، ومسلم 1806 في الجهاد: باب غزوة ذي قرد وغيرها، والنسائي في "اليوم والليلة" 978، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/180-181 من طريق قتيبة بن سعيد، كلاهما عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 4/48، والبخاري 3041 في الجهاد: باب من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صاحباه، حتى يسمع الناس، عن مكِّيّ بن إبراهيم، والطبراني 6284، والبيهقي في "السنن" 10/236، وفي "الدلائل" 4/181-182 من طريق أبي عاصم النبيل، كلاهما عن يزيد بن أبي عبيد، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/389)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وسيرد بنحوه في قصة طويلة عند المؤلف برقم 7129 من طريق عكرمة بن عمار، عن إياس بن سلمة، عن أبيه سلمة بن الأكوع.
اللِّقاح: هي ذوات الدّر من الإبل.
يا صاحباه: كلمة تقال عند استنفار من كان غافلاً عن عدوّه.
وقوله: واليوم يوم الرضع بضم الراء وتشديد المعجمة جمع راضع وهو اللئيم، فمعناه اليوم يوم اللئام، أي: اليوم يوم هلاك اللئام، والأصل فيه أن شخصاً كان شديد البخل، فكان إذا أراد حلب ناقته، ارتضع ثديها لئلا يحلبها، فيسمع جيرانه، أو من يمر به بصوت الحلب، فيطلبون منه اللبن، وقيل: بل صنع ذلك لئلا يتبدد من اللبن شيء إذا حلب في الإناء أو يبقى في الإناء إذا شربه منه، فقالوا في المثل: ألأم من راضع.
وقوله: فأسجح، أي: سهل، والمعنى: قدرت فاعف، والسجاحة: السهولة.
وقوله: يقرون، من القِرى: وهي الضيافة، والمراد أنهم فاتوا، وأنهم وصلوا إلى بلاد قومهم، ونزلوا عليهم، فهم الآن يذبحون لهم ويطعمونهم.(10/390)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ بَذْلُ1 عَرْضِهِ لِرَعِيَّتِهِ إِذَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحُ أَحْوَالِهِمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا
4530 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: قَالَ لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، قَالَ الْحَجَّاجُ بْنُ عِلَاطٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي بِمَكَّةَ مَالًا، وَإِنَّ لِي بِهَا أَهْلًا، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ آتِيَهُمْ، فَأَنَا فِي حَلٍّ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْكَ أَوْ قُلْتُ شَيْئًا؟ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يَقُولَ مَا شَاءَ، قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ حِينَ قَدِمَ، فَقَالَ: اجْمَعِي لِي مَا كَانَ عِنْدَكَ، فإني
__________
1 في الأصل: يبذل، والتصويب من "التقاسيم" 4/لوحة 187.(10/390)
أُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ مِنْ غَنَائِمِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، فَإِنَّهُمْ قَدِ اسْتُبِيحُوا وَأُصِيبَتْ أَمْوَالُهُمْ، قَالَ: وَفَشَا ذَلِكَ بِمَكَّةَ، فَأَوْجَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَظْهَرَ الْمُشْرِكُونَ فَرَحًا وَسُرُورًا، وَبَلَغَ الْخَبَرُ العباس بن الْمُطَّلِبِ، فَعَقَرَ1 فِي مَجْلِسِهِ، وَجَعَلَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُومَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي الْجَزَرِيُّ، عَنْ مِقْسَمٍ قَالَ: فَأَخَذَ الْعَبَّاسُ ابْنًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: قُثَمٌ، وَكَانَ يُشْبِهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَلْقَى، فَوَضَعَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
حِبِّي قُثَمْ [حِبِّي قُثَمْ]
شَبِيهُ ذِي الْأَنْفِ الْأَشَمْ
نَبِيُّ رَبِّ ذِي النِّعَمْ
بِرَغْمِ [أَنْفِ] مَنْ رَغَمَ
قَالَ مَعْمَرٌ: قَالَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ: ثُمَّ أَرْسَلَ غُلَامًا لَهُ إِلَى الْحَجَّاجِ بْنِ عِلَاطٍ، فَقَالَ: وَيْلَكَ مَا جِئْتَ بِهِ، وَمَاذَا تَقُولُ؟ فَمَا وَعَدَ اللَّهُ خيرا مِمَّا جِئْتَ بِهِ. قَالَ الْحَجَّاجُ لِغُلَامِهِ: أَقْرِئْ أَبَا الْفَضْلِ السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ فَلْيُخْلِ لِي بَعْضَ بُيُوتِهِ لِآتِيَهُ، فَإِنَّ الْخَبَرَ عَلَى مَا يَسُرُّهُ، فَجَاءَ غُلَامُهُ، فَلَمَّا بَلَغَ الْبَابَ قَالَ: أَبْشِرْ أَبَا الْفَضْلِ، فَوَثَبَ الْعَبَّاسُ فَرَحًا، حَتَّى قَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَأَخْبَرَهُ مَا قَالَ الْحَجَّاجُ، فَأَعْتَقَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحَجَّاجُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ افْتَتَحَ خيبر، وغنم أموالهم، وجرت سهام الله
__________
1 تحرف في الأصل إلى: فقعد، والتصويب من"التقاسيم"، وعقر كَفَرِحَ: فجئه الروع فلم أن يتقدم أو يتأخر، أو دُهِش.(10/391)
فِي أَمْوَالِهِمْ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ، واتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ، وَخَيَّرَهَا بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهَا فَتَكُونُ زَوْجَتُهُ، أَوْ تَلْحَقَ بِأَهْلِهَا، فَاخْتَارَتْ أَنْ يُعْتِقَهَا وَتَكُونُ زَوْجَتُهُ، وَلَكِنِّي جِئْتُ لِمَالٍ كَانَ لِي هَا هُنَا أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَهُ وأَذْهَبَ بِهِ، فَاسْتَأْذَنَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَذِنَ لِي أَنْ أَقُولَ مَا شِئْتُ، فَاخْفِ عَنِّي ثَلَاثًا، ثُمَّ اذْكُرْ مَا بَدَا لَكَ، قَالَ: فَجَمَعَتِ امْرَأَتُهُ مَا كَانَ عِنْدَهَا مِنْ حُلِيٍّ وَمَتَاعٍ جَمَعَتْهُ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهِ1.
فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ثَلَاثٍ أَتَى الْعَبَّاسُ امْرَأَةَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ زَوْجُكِ؟ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ، وَقَالَتْ: لَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَا الْفَضْلِ، لَقَدْ شَقَّ عَلَيْنَا الَّذِي بَلَغَكَ. قَالَ: أَجَلْ، لَا يُخْزِينِي اللَّهُ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ إِلَّا مَا أَحْبَبْنَاهُ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَتَحَ خَيْبَرَ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ كَانَ لَكِ حَاجَةٌ فِي زَوْجِكِ، فَالْحَقِي بِهِ. قَالَتْ: أَظُنُّكَ وَاللَّهِ صَادِقًا، قَالَ: فَإِنِّي صَادِقٌ، وَالْأَمْرُ عَلَى مَا أَخْبَرْتُكِ.
قَالَ: ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى مَجَالِسَ قُرَيْشٍ، وَهُمْ يَقُولُونَ: لَا يُصِيبُكَ إِلَّا خَيْرٌ أَبَا الْفَضْلِ. قَالَ: لَمْ يُصِبْنِي إِلَّا خَيْرٌ بِحَمْدِ اللَّهِ، وَقَدْ أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ أَنَّ خَيْبَرَ فَتَحَهَا اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَرَتْ فِيهَا سِهَامُ اللَّهِ، وَاصْطَفَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيَّةَ لِنَفْسِهِ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَنْ أُخْفِيَ عَنْهُ ثَلَاثًا، وَإِنَّمَا جَاءَ ليأخذ
__________
1 في "المصنف": انشمر به.(10/392)
مَا كَانَ لَهُ، ثُمَّ يَذْهَبَ. قَالَ: فَرَدَّ الله الكآبة الَّتِي كَانَتْ بِالْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَنْ كَانَ دَخَلَ بَيْتَهُ مُكْتَئِبًا حَتَّى أَتَوُا الْعَبَّاسَ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ، فَسُرَّ الْمُسْلِمُونَ، وَرَدَّ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ كَآبَةٍ أَوْ غَيْظٍ أَوْ خزي على المشركين1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الملك بن زنجوية وهو ثقة من رجال أصحاب السنن. وهو في مصنف عبد الرزاق 9771، وفي "مسند أبي يعلى" 3479
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 3/138-139، والنسائي في السير كما في "التحفة" 1/153، والطبراني 3196، والبزار 1816، والبيهقي في "السنن" 9/150-151، وفي "الدلائل" 4/268. ورواية النسائي مختصرة.
وأخرجه يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" 1/507-509، ومن طريقه البيهقي في "الدلائل" 4/266-267 عن زيد بن المبارك، عن محمد بن ثور، عن معمر، به.(10/393)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ بَذْلُ النَّفْسِ لِلْمِهَنِ الَّتِي مِنْهَا صَلَاحُ أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ
4531 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ذَهَبْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ حِينَ وُلِدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عَبَاءَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهْنَأُ بَعِيرًا لَهُ. فَقَالَ: "هَلْ مَعَكَ تَمْرٌ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ تَمَرَاتٍ فَأَلْقَاهُنَّ فِي فِيهِ، فلاكهن، ثم فغر فا الصَّبِيِّ، فَمَجَّهُ فِي(10/393)
فِيهِ، فَجَعَلَ الصَّبِيُّ يَتَلَمَّظُهُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حِبُّ الْأَنْصَارِ التَّمْرُ". وسماه عبد الله1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، حماد بن سلمة ثقة من رجاله، وباقي رجال السند ثقات على شرطهما.
وأخرجه البيهقي 9/305 من طريق أبي النضر الفقيه، عن أبي عبد الله محمد بن نصر الإمام، وتميم بن محمد، والحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 2144 22 في الآداب: باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته، وحمله إلى صالح يحنكه وجواز تسميته يوم ولادته ... ، وأبو يعلى 3283 عن عبد الأعلى بن حماد، به.
وأخرجه الطيالسي 2056، وأحمد 3/175 و212 و287-288، وأبو داود 4951 في الأدب: باب في تغيير الأسماء، من طرق عن حماد، به. وفي رواية الطيالسي وأحمد 3/287-288 قصة لأم سليم أم أنس مع أبي طلحة، وانظر 7143.
قوله: يهنأ بعيراً يقال: هنأت البعير أهنؤه: إذا طلبتَه بالهناء، وهو القَطِران. وقوله: فجعل الصبي يتلمظه أي: يدير لسانه في فيه ويحركه ويتتبع أثر التمر. وحِبّ، أي: محبوب.(10/394)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُومَ فِي إِصْلَاحِ الظَّهْرِ الَّتِي هِيَ لَهُ أَوْ لِلصَّدَقَةِ بِنَفْسِهِ
4532 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زُهَيْرٍ بِالْأُبُلَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا أَنَسُ، انْظُرْ هَذَا الْغُلَامَ، فَلَا يُصِيبَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُحَنِّكُهُ، قَالَ: فَغَدَوْتُ بِهِ، فَإِذَا هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَائِطِ، وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ، وَهُوَ يَسِمُ الظَّهْرَ الَّذِي قَدِمَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. محمد: هو ابن سيرين، وابن عون: هو. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/394)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عبد الله، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم.
وأخرجه البخاري بإثر الحديث 5470 في العقيقة: باب تسمية المولود غَداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه، و5824 في اللباس: باب الخميصة السوداء، ومسلم 2119 109 في اللباس والزينة: باب جواز وسم الحيوان غير الآدمي في غير الوجه ... ، والبيهقي 7/35 من طريق محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه أحمد 3/106 عن محمد بن بشار، عن ابن أبي عدي، به.
وأخرجه مسلم 2144 23 في الآداب: باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته ... ، من طريق حماد بن مسعدة، عن ابن عون، به بنحوه.
وأخرجه أحمد 3/106 من طريق هشام بن حسان، عن ابن سيرين، به مطولاً.
وأخرجه البخاري 5470 عن مطر بن الفضل، ومسلم 2144 23 عن أبي بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن يزيد بن هارون، عن ابن عون، به. في رواية البخاري عن أنس بن سيرين، وفي رواية مسلم عن ابن سيرين. وانظر "الفتح" 9/503.
وأخرجه أحمد 3/105-106 مطولاً من طريق ابن أبي عدي، عن حميد، عن أنس.(10/395)
ذِكْرُ الْبَيَانِ أَنَّ قَوْلَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهُوَ يَسِمُ أَرَادَ بِهِ بِنَفْسِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْآمِرُ بِهِ
4533 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طلحة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ، فَوَافَيْتُهُ بِيَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصدقة1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، عبد الرحمن بن إبراهيم من رجاله، ومن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/395)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فوقه على شرطهما. وقد صرح الوليد بالتحديث عند البخاري، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه البيهقي 7/34-35 من طريق محمد بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 1502 في الزكاة: باب وَسْم الإمام إبلَ الصدقة بيده، ومسلم 2119 112 في اللباس: باب جواز وسم الحيوان ... ، من طريقين عن الوليد بن مسلم، به. ورواية مسلم أخصر مما عند البخاري.
وأخرجه أحمد 3/284 من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن الأوزاعي، به.
وأخرجه بنحوه البخاري 5542 في الذبائح والصيد: باب الوسم والعلَم في الصورة، ومسلم 2119 110 و111، وأبو داود 2563 في الجهاد: باب في وسم الدواب، من طريق هشام بن زيد، عن أنس. وقال فيه: يسم غنماً في مربد له في آذانها.(10/396)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءُ رَعِيَّتِهِ مَا يَأْمَلُونَهُ مِنَ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا يَتَبَرَّكُونَ مِنْ نَاحِيَتِهِ
4534 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ يُوسُفَ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: عَقَلْتُ مَجَّةً مَجَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَجْهِي مِنْ دَلْوٍ مُعَلَّقَةٍ فِي دَارِنَا. قَالَ مَحْمُودٌ: فَحَدَّثَنِي عِتْبَانُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ بَصَرِي قَدْ سَاءَ، وَإِنَّ الْأَمْطَارَ إِذَا اشْتَدَّتْ سَالَ الْوَادِي، فَحَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِي، فَلَوْ صَلَّيْتُ فِي مَنْزِلِي مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". قَالَ: فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَاسْتَأْذَنَا، فَأَذِنْتُ لَهُمَا، قَالَ: فَمَا(10/396)
جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَالَ: "أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ فِي مَنْزِلِكَ؟ " فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَحَبَسْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خزيرة صنعناها له1
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير الحمصي، وهو صدوق روى له أصحاب السنن غير الترمذي.
وأخرجه مسلم 33 265 في المساجد: باب الرخصة في التخلّف عن الجماعة بعذر، عن إسحاق بن إبراهيم، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. ولتمام تخريجه انظر 223.(10/397)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ مَعُونَةُ رَعِيَّتِهِ فِي أَسْبَابِهِمْ بِنَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْقَوْمِ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ
4535 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْقِلُ مَعَنَا التُّرَابَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ، وَقَدْ وَارَى التُّرَابُ بَيَاضَ بَطْنِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أبينا
يرفع بها صوته1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو إسحاق: هو السَّبيعي عمرو بن عبد الله، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه الدارمي 2/221، والبخاري 2836 في الجهاد: باب حفر الخندق. والبيهقي 7/43 من طريق أبي الوليد، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/397)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه الطيالسي 712، وأحمد 4/285، والبخاري 2837 في الجهاد، و4104 في المغازي: باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، و7236 في التمني: باب قول الرجل: لولا الله ما اهتدينا، ومسلم 1803 في الجهاد: باب غزوة الأحزاب وهي الخندق، والنسائي في السير كما في "التحفة" 2/54، وأبو يعلى 1716، والبغوي 3792 من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه البخاري 3034 في الجهاد: باب الرجَز في الحرب، و4106 في المغازي: باب غزوة الخندق، و6620 في القدر: باب {وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ... } ، والبيهقي 7/43 من طرق عن أبي إسحاق، به.(10/398)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُغَضِّيَ عَنْ هَفَوَاتِ ذَوِي الْهَيْئَاتِ
4536 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَصَبْتُ شَارِفًا فِي مَغْنَمِ بَدْرٍ، وَأَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَارِفًا، فَأَنَخْتُهُمَا عَلَى بَابِ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ أُرِيدُ أَنْ أَحْمِلَ عَلَيْهِمَا إِذْخِرًا أَبِيعَهُ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى وَلِيمَةِ فَاطِمَةَ وَمَعِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ في البيت ومعه قينة تغنيه فقالت:
أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ
فَثَارَ إِلَيْهِمَا بِالسَّيْفِ، فَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا، وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا –فَقُلْتُ: السِّنَامُ. فَقَالَ: ذَهَبَ بِهِ كُلِّهِ- قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَى مَنْظَرٍ أَفْظَعَنِي، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ زَيْدُ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى(10/398)
قَامَ عَلَى رَأْسِهِ، أَوْ قَالَ: عَلَى رَأْسِ حَمْزَةَ، فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: أَلَسْتُمْ عَبِيدَ آبَائِي. قَالَ: فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم يقهقر1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الذُّهلي فمن رجال البخاري.
وأخرجه أحمد 1/142، والبخاري 2375 في الشرب والمساقات: باب بيع الحطب والكلأ، ومسلم 1979 1 في الأشربة: تحريم الخمر ... ، من طرق عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه البخاري 2089 في البيوع: باب ما قيل في الصوّاغ، و3091 في فرض الخمس: باب فرض الخمس، و4003 في المغازي: باب رقم 12، و5793 في اللباس: باب الأردية، ومسلم 1979 2، وأبو داود 2986 في الخراج والإمارة: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، والبيهقي 6/153 و341-342 من طريق يونس، عن الزهري، به –وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.
والشارف: المسن من النوق، والقينة: الجارية المغنية، والنواء بكسر النون جمع ناوية، وهي الناقة السمينة، وجبَّ أسنمتَها، والجَبّ: الاستئصال في القطع.(10/399)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ عُقُوبَةِ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ رَعِيَّتِهِ
4537 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سِنَانَ بْنِ أَبِي سِنَانَ الدُّؤَلِيِّ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قَبْلَ نَجْدٍ1، فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ يوما في واد كثير العضاة، فنزل
__________
1 وقع في الأصل و"التقاسيم" 4/لوحة 193: أحد، والمثبت من مصادر التخريج.(10/399)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْعِضَاهِ يَسْتَظِلُّونَ فِي الشَّجَرِ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ عِنْدَهُ: "إِنَّ هَذَا اخْتَرَطَ سَيْفِي وَأَنَا نَائِمٌ، فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ فِي يَدِهِ، فَقَالَ لِي: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ فَقُلْتُ لَهُ: "اللَّهُ"، قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قُلْتُ: "اللَّهُ"، فَشَامَ السَّيْفَ وَجَلَسَ، فَهُوَ هَذَا جالس" ثم لم يعاقبه1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري 2913 في الجهاد: باب تفرّق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر، ومسلم 4/1786 13 في الفضائل: باب توكله على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس، والنسائي في السير كما في "التحفة" 2/188 من طريق إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/311، والبخاري 2910 في الجهاد: باب من علَّق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، و2913، ومسلم 4/14، والنسائي في السير، والبيهقي في "السنن" 6/319، وفي "الدلائل" 3/373 من طريق شعيب بن أبي حمزة، والبخاري 4135 في المغازي: باب غزوة ذات الرِّقاع، من طرق محمد بن أبي عتيق، كلاهما عن الزهري، به. وفي حديث شعيب: عن الزهري، عن أبي سنان بن أبي سنان وأبي سلمة بن عبد الرحمن.
وأخرجه البخاري 4139 في المغازي: باب غزوة بني المصطلق..، ومسلم 4/13، والبيهقي في "الدلائل" 3/374 من طريق معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر.
وأخرجه أحمد 3/364، ومسلم 843 و4/14، والبيهقي في "الدلائل" 3/375 من طريق يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر. وانظر 2882 و2883 و2884.
فأدركتهم القائلة: أي: وسط النهار وشدة الحر.
العِضاهُ: كل شجر يعظم له شوك. وقيل: هو العظيم من السمر مطلقاً.
قوله: فشام السيف أي: ردَّه في غمده.(10/400)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ لُزُومَ الْمُدَارَاةِ مَعَ رَعِيَّتِهِ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ بَعْضِهِمْ ضِدَّ مَا يُوجِبُ الْحَقُّ مِنْ ذَلِكَ
4538 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ: "ائْذَنِي لَهُ، فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ -أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ-" فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ أَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ، فَلَمَّا خَرَجَ، قُلْتُ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَنْتَ لَهُ الْقَوْلَ! قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيْ عَائِشَةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ تَرَكَهُ الناس -أو ودعه الناس- اتقاء شره" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، علي بن المديني من رجاله، ومن فوقه على شرطهما. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 6/38، والحميدي 249، والبخاري 6054 في الأدب: باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والرِّيب، و6131 باب المداراة مع الناس، ومسلم 2591 73 في البر والصلة: باب مداراة من يُتقى فحشه، وأبو داود 4791 في الأدب: باب في حسن العشرة، والترمذي 1996 في البر والصلة: باب ما جاء في المداراة، والبيهقي 10/245، والخطيب البغدادي في الأسماء المبهمة ص372، وفي "الكفاية" ص38-39، والبغوي 3563 من طرق عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 6032 في الأدب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفاحشاً، من طريق روح بن القاسم، عن محمد بن المنكدر، به.
وأخرجه عبد الرزاق 20144، ومن طريقه أخرجه مسلم 2591، والخطيب في "المبهمات" ص373 عن معمر، عن ابن المنكدر، به. زاد الخطيب قال معمر: بلغني أن الرجل كان عيينة بن حصن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/401)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه مختصرا القضاعي في "مسند الشهاب" 1123 من طريق عبد الرحمن بن دينار، عن عروة، به دون ذكر للقصة.
وأخرجه بنحوه مطولاً أحمد 6/158-159، والبخاري في "الأدب المفرد" 338، والقضاعي 1124 من طريق فليح بن سليمان، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر، عن أبي يونس مولى عائشة، عن عائشة.
وأخرجه أبو داود 4792 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة. لكن قال في آخره: "يا عائشة: إن الله لا يحب الفحش والمتفحش".
وأخرجه الخطيب في "المبهمات" ص373 من طريق أبي عامر الخزاز، عن أبي يزيد المدني، عن عائشة قالت: جاء مخرمة بن نوفل ... فذكره.
وأخبره مالك في "الموطأ" 2/903-904 في حسن الخلق: باب ما جاء في حسن الخلق، بلاغاً عن عائشة.
قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 10/469: جمع هذا الحديث علماً وأدباً، وليس في قول النبي صلى الله عليه وسلم في أمته الأمور التي يسميهم بها ويضيفها إليهم من المكروه غيبة، وإنما يكون ذلك من بعضهم في بعض، بل الواجب عليه أن يبين ذلك، ويفصح به، ويعرفُ الناسُ أمره، فإن ذلك من باب النصيحة والشفقة على الأمة، ولكنه لما جبل عليه من الكرم، وأعطيه من حسن الخُلُق، أظهر له البشاشة ولم يجبه بالمكروه، هذا لتقتدي به أمته في اتقاء شر مَن هذا سبيله، وفي مداراته ليسلموا من شره وغائلته. قلت القائل ابن حجر: وظاهر كلامه أن يكون هذا من جملة الخصائص، وليس كذلك، بل كل من اطلع من حال شخص على شيء، وخشي أن غيره يغتر بجميل ظاهره، فيقع في محذور ما، فعليه أن يطلعه على ما يحذر من ذلك قاصداً نصيحته، وإنما الذي يمكن أن يختص به النبي صلى الله عليه وسلم أن يكشف له عن حال من يغتر بشخص من غير أن يطلعه المغتر على حاله، فيذم الشخص بحضرته، ليتجنبه المغتر ليكون نصيحة، بخلاف غير النبي صلى الله عليه وسلم، فإن جواز ذمه للشخص يتوقف على تحقق الأمر بالقول أو الفعل ممن يريد نصحه.(10/402)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَتَكَبَّرَ عَلَى رَعِيَّتِهِ بِتَرْكِ إِجَابَةِ دَعْوَتِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الدَّاعِي لَهُ شَرِيفًا
4539 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: إِنَّ خَيَّاطًا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِطَعَامٍ صَنَعَهُ. قَالَ أَنَسٌ: فَذَهَبْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَرَّبَ إِلَيْهِ خُبْزًا مِنْ شَعِيرٍ وَمَرَقًا فِيهِ دُبَّاءٌ وَقَدِيدٌ. قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْبَعُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ. قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُحِبُّ الدُّبَّاءَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وهو في "الموطأ" 1/546-547 في النكاح: باب ما جاء في الوليمة.
ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/101، والبخاري 2092 في البيوع: باب الخياط، و5379 في الأطعمة: باب من تتبع حوالي القصعة مع صاحبه إذا لم يعرف منه كراهية، و5436 باب المرق، و5437 باب القَديد، و5439 باب من ناوَل أو قدَم إلى صاحبه على المائدة شيئاً، ومسلم 2041 145 في الأشربة: باب جواز أكل المرق واستحباب أكل اليقطين ... ، وأبو داود 3782 في الأطعمة: باب في أكل الدبّاء، والترمذي 1850 في الأطعمة: باب ما جاء في أكل الدبّاء، وفي "الشمائل" 163، والبيهقي 7/273-274. وبعضهم يزيد في الحديث على بعض.
وأخرجه بنحوه البخاري 5420 في الأطعمة: باب الثريد، و5433 باب الدبّاء، و5435 باب من أضاف رجلاً إلى طعام وأقبل هو على عمله، ومسلم 2041 145، والترمذي في "الشمائل" 334، والنسائي في الوليمة كما في "التحفة" 1/159 من طرق عن أنس. وسيرد عند المؤلف برقم 5269 من طريق قتادة عن أنس.(10/403)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ تَخْوِيفَ رَعِيَّتِهِ بِمَا لَيْسَ فِي خَلْدِهِ إِمْضَاؤُهُ
4540 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ حَمَّادٍ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بَعَثَهُ فِي ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَسَأَلَهُ أَصْحَابُهُ أَنْ يُوقِدُوا نَارًا، فَمَنَعَهُمْ، فَكَلَّمُوا أَبَا بَكْرٍ، فَكَلَّمَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: لَا يُوقِدُ أَحَدٌ مِنْهُمْ نَارًا إِلَّا قَذَفْتُهُ فِيهَا. قَالَ: فَلَقُوا الْعَدُوَّ فَهَزَمُوهُمْ، فَأَرَادُوا أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ، فَمَنَعَهُمْ فَلَمَّا انْصَرَفَ ذَلِكَ الْجَيْشُ، ذَكَرُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَكَوْهُ إِلَيْهِ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ آذَنَ لَهُمْ أَنْ يُوقِدُوا نَارًا، فَيَرَى عَدُوُّهُمْ قِلَّتَهُمْ، وَكَرِهْتُ أَنْ يَتَّبِعُوهُمْ، فَيَكُونُ لَهُمْ مَدَدٌ فَيُعْطِفُوا عَلَيْهِمْ، فَحَمِدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "لِمَ؟ " قَالَ: لَأُحِبُّ مَنْ تُحِبُّ. قَالَ: "عَائِشَةُ" قَالَ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُو بَكْرٍ"1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن حماد الحضرمي وهو ثقة روى له أصحاب السنن غير الترمذي. يحيى بن سعيد: هو ابن أبان بن سعيد بن العاص الأموي.
وأخرجه الترمذي 3886 في المناقب: باب فضل عائشة رضي الله عنها، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد مختصراً. وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث إسماعيل، عن قيس. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/404)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه مختصراً أيضاً أحمد في "فضائل الصحابة" 1637، والنائب في "فضائل الصحابة" 5، والحاكم 4/12 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
وأخرجه كذلك أحمد في "المسند" 4/203، والبخاري 3662 في فضائل الصحابة باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت متخذاً خليلاً"، و4358 في المغازي: باب غزوة ذات السلاسل وهي غزوة لخم وجُذام، ومسلم 2384 في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والترمذي 3885، والبيهقي 10/233، والبغوي 3869 من طريق خالد الحذّاء، عن أبي عثمان النهدي، عن عمرو بن العاص، مختصراً، وزاد في آخره قلت: ثم مَن؟ قال: "ثم عمر بن الخطاب"، فعدّ رجالً.
وأخرجه الحاكم 4/12 بنحوه من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن عمرو بن العاص.
وسيأتي عند المؤلف برقم 6959 من طريق عبد الله بن شقيق عن عمرو بن العاص، و7062 من طريق علي بن مسهر، عن إسماعيل بن أبي خالد.(10/405)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَلِّمَ الْوَفْدَ إِذَا وَفَدَ عَلَيْهِ شُعَبَ الْإِسْلَامِ
4541 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ لَقِيَ الْوَفْدَ وَذكَرَ أَبَا نَضْرَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا حَيٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَإِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ إِلَّا فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَدْعُو لَهُ مَنْ وَرَاءِنَا مِنْ قَوْمِنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ أَوْ عَمِلْنَا، فَقَالَ: "آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُوا(10/405)
الصَّلَاةَ، وَتُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَتَصُومُوا رَمَضَانَ، وَتُعْطُوا الْخُمُسَ مِنَ الْمَغْنَمِ. وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَّاءِ، وَالْحَنْتَمِ، وَالْمُزَفَّتِ، وَالنَّقِيرِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا عِلْمُكَ بِالنَّقِيرِ؟! قَالَ: "الْجِذْعُ تَنْقُرُونَهُ، وَتُلْقُونَ فِيهِ مِنَ الْقُطَيْعَاءِ -أَوِ التَّمْرِ- ثُمَّ تَصُبُّونَ عَلَيْهِ الْمَاءَ كَيْ يَغْلِيَ، فَإِذَا سَكَنَ شَرِبْتُمُوهُ، فَعَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ". قَالَ: وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ بِهِ ضَرْبَةٌ كَذَلِكَ، قَالَ: كُنْتُ أُخَبِّأَهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: فَفِيمَ تَأْمُرُنَا أَنْ نَشْرَبَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: "اشْرَبُوا فِي أَسْقِيَةِ الْأَدَمِ الَّتِي تُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرْضُنَا كَثِيرُ الْجِرْذَانِ، لَا يَبْقَى بِهَا أَسْقِيَةُ الْأَدَمِ. قَالَ: "وَإِنْ أَكَلَهَا الْجِرْذَانُ" مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا. ثُمَّ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: "إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الحلم والأناة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن المقدام العجلي وهو ثقة من رجال البخاري. سعيد: هو ابن أبي عروبة، وخالد بن الحارث ممن سمع منه قبل اختلاطه.
وأخرجه الخطيب في "الأسماء المبهمة" ص442-443 من طريق الحسين بن يحيى بن عياش القطان، عن أحمد بن القطان، عن أحمد بن المقدام العجلي، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 18 26 في الإيمان: باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وشرائع الدين ... ، من طريق إسماعيل ابن عليّة، و27 من طريق ابن أبي عدي، وابن مندة في "الإيمان" 155 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، ثلاثتهم عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وأخرجه مختصراً مسلم أيضاً 18 28 من طريق عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي قَزْعة، عن أبي نضرة، به. وقد تقدم تخريجه من حديث ابن عباس وأبي هريرة برقم 157.
القُطيعاء: هو نوع من التمر صِغار، يقال له: الشِّهريز. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/406)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=قوله: فَعَسَى أَحَدُكُمْ أَنْ يَضْرِبَ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ، قال الإمام النووي في شرح مسلم 1/191: معناه إذا شرب هذا الشراب، سكر، فلم يبق له عقل، وهاج به الشر فيضرب ابن عمه الذي هو عنده من أحب أحبابه، وهذه مفسدة عظيمة، ونبه بها على ما سواها من المفاسد.
وقوله: وفي القوم رجل به ضربة، قال النووي: اسم هذا الرجل جهم، وكانت الجراحة في ساقه، وكذلك قال الخطيب، وسماه جهم بن قثم الأشج: اسمه المنذر بن عائذ.
الأذَم: جمع أديم، وهو الجلد الذي تم دباغُه.
وقوله: "تلاث على أفواههم".
وفي رواية مسلم يلاث بالياء، وكلاهما صحيح، ومعنى الأول: تلف الأسقية على أفواهها، ومعنى الثاني: يلف الخيط على أفواهها ويربط به.(10/407)
ذكر ما يستحب للإمام تعلم رَعِيَّتِهِ دِينَهُمْ بِالْأَفْعَالِ إِذَا جَهَلُوا
4542 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا، قَالَ: ثُمَّ دَعَا بِهِمْ، فَجَزَّأَهُمْ، ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ، وأرق أربعة1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو المهلب من رجاله، وباقي السند على شرطهما. أبو قِِلابة: هو عبد الله بن زيد بن عمرو الجرمي، وأيوب: هو ابن أبي تميمة السختياني.
وأخرجه مسلم 1668 57 في الأيمان: باب من أعتق شركاً له في عبد، والترمذي 1364 في الأحكام: باب ما جاء فيمن يعتق مماليكه عند موته وليس له مال غيرهم، والنسائي في العتق كما في "التحفة" 8/201، والبيهقي 10/285 من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/407)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أبو داود 3958 في العتق: باب من أعتق عبيداً له لم يبلغهم الثلث، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، به.
وأخرجه أحمد 4/426، ومسلم 1668 56 و57، والبيهقي 10/285 من طريقين عن أيوب، به.
وأخرجه أبو داود 3959، والنسائي في العتق 8/201، وابن ماجة 2345 في الأحكام: باب القضاء بالقرعة، من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، به. وانظر 4320.(10/408)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا عَزَمَ عَلَى إِمْضَاءِ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ رَعِيَّتِهِ بِضِدِّهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ إِمْضَاءِ ذَلِكَ الْأَمْرِ
4543 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ -رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا- فِي نَفَرٍ، فَقَامَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَيْنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلُ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أُتْبِعُ1 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَتَيْتَ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ لَهُ2 هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ الْحَائِطِ مِنْ خَارِجِهِ –وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ- فَاحْتَفَزْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "أَبُو هُرَيْرَةَ؟ " فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "مَا جَاءَ بِكَ؟ " قُلْتُ: قُمْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أن تقتطع دوننا، وفزعنا،
__________
1 في "مسلم": أبتغي.
2 في "مسلم": به.(10/408)
وَكُنْتُ أَوَّلُ مَنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي. فَقَالَ: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ" وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ، وَقَالَ: "اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطِ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ".
فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَنِي بِهِمَا، فَمَنْ لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ. قَالَ: فَضَرَبَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ، خَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ، يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَجْهَشْتُ بِالْبُكَاءِ، وَأَدْرَكَنِي عُمَرُ عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ " قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ، فَضَرَبَنِي بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عُمَرُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، بَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ: مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ يُبَشِّرُهُ1 بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: "نَعَمْ" قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فخلهم"2.
__________
1 في الأصل: فبشره، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 184، وفي "مسلم": بَشَّره.
2 إسناده حسن على شرط مسلم، عكرمة بن عمار لا يرقى حديثه إلى الصحة. أبو....=(10/409)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كثير: هو السحيمي، قيل: هو يزيد بن عبد الرحمن، وقيل: يزيد بن عبد الله بن أذينة أو ابن غُفيلة. وأخرجه مسلم 31 في الإيمان: باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعاً، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه بنحوه ابن مندة في "الإيمان" 88 من طريق النضر بن محمد، عن عكرمة بن عمار، به.(10/410)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَوَائِجِ بَعْضِ رَعِيَّتِهِ وَإِنْ أَدَّاهُ ذَلِكَ إِلَى تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا
4544 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، فَقَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَامَ بِنَاحِيَةٍ حَتَّى نَعَسَ الْقَوْمُ -أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ- ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فصلوا، ولم يذكر أنهم توضؤوا1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو يعلى 3310 عن هُدبة بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/160 و268، ومسلم 376 126 في الحيض: باب الدليل على أن نوم الجالس لا ينقض الوضوء، وأبو داود 201 في الطهارة: باب الوضوء من النوم، وأبو يعلى 3306 و3309، والبيهقي 1/120 من طرق عن حماد بن سلمة، به. ولتمام تخريجه انظر 2033.(10/410)
2- بَابُ: بَيْعَةِ الْأَئِمَّةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَخْذُ الْبَيْعَةِ مِنَ النَّاسِ عَلَى شَرَائِطَ مَعْلُومَةٍ
4545 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَايَعَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. قيس: هو ابن أبي حازم البجلي الأحمسي، ويحيى بن سعيد: هو القطان.
وأخرجه أحمد 4/365، والبخاري 57 في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة ... "، و524 في مواقيت الصلاة: باب البيعة على إقام الصلاة، و2715 في الشروط: باب ما يجوز من الشروط في الإسلام ... ، والترمذي 1925 في البر والصلة: باب ما جاء في النصيحة، والطبراني 2246 من طريق يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/361، والحميدي 795، والبخاري 1401 في الزكاة: باب البيعة على إيتاء الزكاة، و2157 في البيوع: باب ما يبيع حاضر لباد بغير أجر؟ وهل يعينه أو ينصحه؟ ومسلم 56 97 في الإيمان: باب بيان أن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/411)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الدين النصيحة، والطبراني 2244 و2245 و2247 و2248 و2249 من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، به.
وأخرجه بنحوه أحمد 4/357 و358 و360 و363 و364 و365 و366، والبخاري 58 و2714 و7204، ومسلم 56 98 و99، والنسائي 7/140، والطبراني 2303 و2317 و2342 و2351 و2354 و2356، والبيهقي 8/145-146 من طرق عن جرير، به-وبعضهم يزيد فيه على بعض. وانظر ما بعده.(10/412)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النُّصْحَ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فِي الْبَيْعَةِ الَّتِي وَصَفْنَاهَا كَانَ ذَلِكَ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ
4546 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: بَايَعَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، فَكَانَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا أَوْ بَاعَهُ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: اعْلَمْ أَنَّ مَا أَخَذْنَا مِنْكَ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناكه فاختر1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. أبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 2414 عن معاذ بن المثنى وأبي خليفة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 4945 في الأدب: باب في النصيحة، والنسائي 7/140 في البيعة: باب البيعة على النصح لكل مسلم، والطبراني 2410 و2415 و2416، والبيهقي 5/271 من طرق عن يونس بن عبيد، به.(10/412)
ذِكْرُ وَصْفِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ اللَّذَيْنِ يُبَايعُ الْإِمَامُ رَعِيَّتَهُ عَلَيْهِمَا
4547 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ، وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ -أَوْ نَقُولَ- بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: سَمِعَ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ2.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وعبادة بن الوليد وإن كان سَمِعَ من جده عبادة بن الصامت، لكن الصواب في هذا الإسناد عند رواة الموطأ زيادة عن أبيه بين عبادة بن الوليد وبين عبادة بن الصامت، فقد أخرجه البغوي 2456 من طريق أبي مصعب أحمد بن أبي بكر وهي الطريق التي أخرجه منها المؤلف عن مالك، عن عبادة بن الوليد بن عبادة أن أباه أخبره، عن عبادة بن الصامت. وهو في "الموطأ" 2/445-446 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد، بهذا الإسناد، وكذلك أخرجه من طريق مالك البخاري 7199 و7200 في الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس، والنسائي 7/138 في البيعة: باب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله، وفي السير كما في "التحفة" 4/260، والبيهقي 8/145.
وأخرجه أحمد 5/316، والبيهقي 8/145 من طرق عن عبادة بن الوليد، عن جده.
وأخرجه أحمد 5/321، والبيهقي 8/145 من طريق جنادة بن أبي أمية، عن عبادة بن الصامت.
وأخرجه أحمد 5/318 من طريق الأعمش، عن الوليد بن عبادة، عن عبادة.
وأخرجه أحمد 5/314 و319 من طريقين عن عبادة بن الوليد، عن جده عبادة بن الصامت.
2 وروي هذا الحديث عنه من غير واسطة، لكن عند غير مالك كما تقدم.(10/413)
ذِكْرُ وَصْفِ السَّبَبِ الَّذِي تَقَعُ الْبَيْعَةُ فِي السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ اللَّذَيْنِ وَصَفْنَاهُمَا
4548 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار عن بن عُمَرَ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يقول: "لنا فيما استطعتم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/982 في البيعة: باب ما جاء في البيعة.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 7202 في الأحكام: باب كيف يبايع الإمام الناس، والبيهقي 8/145، والبغوي 2454.
وأخرجه أحمد 2/9، والنسائي 7/152 في البيعة: باب البيعة فيما يستطيع الإنسان، من طريق سفيان، عن عبد الله بن دينار، به. وانظر 4552.(10/414)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4549 - أَخْبَرَنَا السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا نُبَايعُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ: "لَنَا فِيمَا استطعتم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب فمن رجال مسلم.
وأخرج مسلم 1867 في الإمارة: باب البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع، والترمذي 1593 في السير: باب ما جاء في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم، والنسائي 7/152، وفي "الكبرى" كما في "التحفة" 5/446 من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.(10/414)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْبَيْعَةَ إِنَّمَا يَجِبُ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْإِمَامِ مِنَ النَّاسِ مِنَ الْأَحْرَارِ مِنْهُمْ دُونَ الْعَبِيدِ
4550 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدًا بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْهِجْرَةِ، فَأَتَاهُ سَيِّدُهُ يُرِيدُهُ قَالَ: فَاشْتَرَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدَيْنِ أَسْوَدَيْنِ، ثُمَّ لَمْ يُبَايعْ أَحَدًا عَلَى الْهِجْرَةِ حتى يسأله: أعبد هو؟ 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن أبا الزبير أخرج له البخاري مقروناً، وفي "الميزان" 4/37: ويحتج ابن حزم بأبي الزبير إذا قال: عن مما رواه عنه الليث بن سعد خاصة، وذلك لأن سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا الليث، قال: جئت أبا الزبير فدفع إلى كتابين، فانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو أنني عاودته فسألته: أسمع هذا كله من جابر؟ فسألته، فقال: منه ما سمعت، ومنه ما حُدّثت عنه، فقلت له: أعلم لي على ما سمعت منه، فأعلم لي على هذا الذي عندي.
وأخرجه مسلم 1602 في المساقاة: باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلاً، وأحمد 3/349-350، والنسائي 7/150 في البيعة: باب بيعة المماليك، و292 في البيوع: باب بيع الحيوان بالحيوان يداً بيد متفاضلاً، والترمذي 1239 في البيوع: باب ما جاء في شراء العبد بالعبدين، و1596 في السير: باب ما جاء في بيعة العبد، وأبو داود 3358 في البيوع، والبيهقي 5/286-287 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.(10/415)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ بَيْعَةُ الرَّعِيَّةِ إِمَامَهُمْ عَلَيْهِ
4551 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ(10/415)
الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَا أَرْفَعُ غُصْنَ الشَّجَرَةِ عَنْ وَجْهِهِ، فَبَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ لَمْ نُبَايعْهُ عَلَى الْمَوْتِ، قُلْنَا لَهُ: كَمْ كُنْتُمْ قَالَ: ألف وأربع مائة1.
__________
1 إسناده صحيح، مسدّد من رجال البخاري، والحكم –وهو ابن عبد الله بن إسحاق- من رجال مسلم، وباقي السند من رجال الشيخين. خالد الحذّاء: هو خالد بن مهران البصري.
وأخرجه الطبراني 20/530 من طريق مسدد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 8/146 من طريق خالد بن عبد الله الطحان، به.
وأخرجه مسلم 1858 76 في الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، والطبراني 20/531 و532 من طريقين عن خالد الحذاء. به.(10/416)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي عَلَيْهِ تَقَعُ الْبَيْعَةُ مِنَ الرَّعِيَّةِ عَلَى الْأَئِمَّةِ
4552 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ وَالْحَوْضِيُّ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَقِّنُنَا: "عَلَى السمع والطاعة فيما استطعنا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك، والحوضي: هو حفص بن عمر بن الحارث ثقة ثبْت روى له البخاري.
وأخرجه أحمد 2/62 و81 و101 و139، وأبو داود 2940 في الخارج: باب ما جاء في البيعة، والطيالسي 1880 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وانظر 4548.(10/416)
ذكر ما يستحب للإمام أخذ البيعة من نِسَاءِ رَعِيَّتِهِ عَلَى نَفْسِهِ إِذَا أَحَبَّ ذَلِكَ
4553 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أُمَيْمَةَ بِنْتِ رُقَيْقَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ يُبَايِعْنَهُ فَقُلْنَ: نُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى أَنْ لَا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا نَسْرِقَ وَلَا نَزْنِيَ وَلَا نَقْتُلَ أَوْلَادَنَا، وَلَا نَأْتِيَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا وَلَا نَعْصِيَكَ فِي مَعْرُوفٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فِيمَا اسْتَطَعْتُنَّ وَأَطَقْتُنَّ" قَالَتْ: فَقُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَرْحَمُ بِنَا مِنْ أَنْفُسِنَا هَلُمَّ نُبَايِعُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قولي لمئة امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مِثْلَ قَوْلِي لامرأة واحدة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/982-983 في البيعة: باب ما جاء في البيعة.
وأخرجه من طريق مالك أحمد 6/357، والطبراني 24/471، والبيهقي 8/146.
وأخرجه من طرق عن محمد بن المنكدر، به: أحمد 6/357، والنسائي 7/149 في البيعة: باب بيعة النساء، والترمذي 1597 في السير: باب ما جاء في بيعة النساء، وابن ماجة 2874 في الجهاد: باب بيعة النساء، والحميدي 341، والطيالسي 1621، والطبراني 24/470 و472 و473 و475 و476، والحاكم 4/71. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(10/417)
ذِكْرُ الْأَسْبَابِ الَّتِي كَانَتْ بَيْعَةُ النِّسَاءِ عَلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا
4554 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عَلَيْهَا أن {لا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ} الْآيَةُ قَالَتْ: فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعْجَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى مِنْهَا، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: قَرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَا عَلَى هَذَا فَبَايَعَهَا بالآية1.
__________
1 حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق" 21020.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 6/151، والبزار 70. وأوردهُ الهيثمي في "المجمع" 6/37، ونسبه لأحمد والبزار، وقال: رجاله رجال الصحيح.(10/418)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ بَيْعَةِ الْأُمَرَاءِ وَالْخُلَفَاءِ
4555 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي فُرَاتٌ الْقَزَّازُ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا مَاتَ نَبِيٌّ، قَامَ نَبِيٌّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدِي نَبِيٌّ". فَقَالَ رَجُلٌ: مَا يَكُونُ بَعْدَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:(10/418)
"خُلَفَاءُ وَيَكْثُرُونَ". قَالَ: فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أَدُّوا بَيْعَةَ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ، وَأَدُّوا إِلَيْهِمْ مَا لَهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَنِ الَّذِي لَكُمْ"1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير جعفر بن مهران السباك فقد ذكره المؤلف في "الثقات" 8/160-161، وروى عنه جمع، وترجمه ابن أبي حاتم 2/491. عبد الوارث: هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري، وأبو حازم: هو سلمان الأشجعي.
وأخرجه البخاري 3455 في أحاديث الأنبياء: باب ما ذكره عن بني إسرائيل، ومسلم 1842 في الإمارة: باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، وأحمد 2/297، والبيهقي 8/144، والبغوي 2464 من طرق عن شعبة، عن فرات القزاز، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1842، وابن ماجة 2871 في الجهاد: باب الوفاء بالبيعة من طريق الحسن بن فرات، عن أبيه، به. وانظر "الفتح" 6/573-574.(10/419)
باب طاعة الأئمة
ذكر وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم
...
3- بَابُ: طَاعَةِ الْأَئِمَّةِ
4556 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَانِي، فَقَدْ عَصَى اللَّهَ، وَمَنْ أَطَاعَ الْأَمِيرَ، فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى الْأَمِيرَ، فقد عصاني" 1.
__________
1 إسناده حسن، ابن عجلان روى له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً وهو صدوق، وباقي السند رجاله ثقات على شرط الصحيح. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان، والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه البخاري 2957 في الجهاد: باب يقاتل من وراء الإمام ويتقي به، ومسلم 1835 35 في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأحمد 2/144، وابن أبي شيبة 12/212، والبغوي 2477 من طرق عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/342 من طريق موسى بن عقبة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأخرجه عبد الرزاق 20679، وأحمد 2/270 و511، والبخاري 7137 في الأحكام: باب قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/420)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومسلم 1835 33، والنسائي 7/154 في البيعة: باب الترغيب في طاعة الإمام، والبيهقي 8/155 من طرق عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم 1835 33، وأحمد 6/146 و467، والطيالسي 2577، وأبو عوانة 2/109 من طرق عن أبي علقمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/313، ومسلم 1835 33، والبغوي 2451 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم 1835 34 من طريق أبي يونس مولى أبي هريرة، عنه.
وأخرجه أحمد 2/252 و4/171، وابن أبي شيبة 12/212، وابن ماجة 3 في المقدمة: باب أتباع سنة رسول الله، و2859 في الجهاد: باب طاعة الإمام، والبغوي 2450 من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.(10/421)
ذِكْرُ أَحَدِ التَّخْصِيصَيْنِ الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ الْخِطَابِ الَّذِي فِي خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ
4557 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: "فيما استطعتم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. وقد تقدم برقم 4548.(10/421)
ذِكْرُ التَّخْصِيصِ الثَّانِي الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ الْخِطَابِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ
4558 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ ثوبان(10/421)
أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلْقَمَةَ بْنَ مُجَزِّرٍ الْمُدْلِجِيَّ عَلَى بَعْثٍ أَنَا فِيهِمْ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا عَلَى رَأْسِ غَزَاتِنَا، أَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ اسْتَأْذَنَتْهُ طَائِفَةٌ، فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، فَكُنْتُ فِيمَنْ رَجَعَ مَعَهُ، فَبَيْنَا نَحْنُ فِي الطَّرِيقِ نَزَلْنَا مَنْزِلًا، وَأَوْقَدَ الْقَوْمُ نَارًا يَصْطَلُونَ بِهَا، أَوْ يَصْنَعُونَ عَلَيْهَا صَنِيعًا لَهُمْ، إِذْ قَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ: أَلَيْسَ لِي عَلَيْكُمُ السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَنَا آمُرُكُمْ بِشَيْءٍ أَلَا فَعَلْتُمُوهُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنِّي أَعَزِمُ عَلَيْكُمْ بِحَقِّي وَطَاعَتِي إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ، قَالَ: فَقَامَ نَاسٌ حَتَّى إِذَا ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا، قَالَ: أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ، إِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ، فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَمَرَكُمْ بمعصية فلا تطيعوه" 1.
4559 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو –وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو صدوق له أوهام، وباقي السند ثقات من رجال الصحيح. وهو عند أبي يعلى 1349.
وأخرجه أحمد 3/67، وابن ماجة 2863 في الجهاد: باب لا طاعة في معصية الله، من طريق يزيد بن هارون، بهذا الإسناد. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 183: إسناده صحيح.
وفي الباب عن علي، وسيرد عند المؤلف برقم 4567.(10/422)
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا يُسْأَلُ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ، وَعَصَى إِمَامَهُ، وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ، فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ زَوْجُهَا وَقَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَخَانَتْهُ بَعْدَهُ، وَثَلَاثَةٌ لَا يُسْأَلُ عنهم: رجل ينازع الله رداءه، فإن ردائه الْكِبْرُ، وَإِزَارَهُ الْعِزُّ، وَرَجُلٌ فِي شَكٍّ مِنْ أمر الله، والقانط من رحمه اللَّهِ"1.
4560 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ أَنَّ سُهَيْلَ بْنَ ذَكْوَانَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "آمُرُكُمْ بِثَلَاثٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ ثَلَاثٍ: آمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا، وَلَا تَتَفَرَّقُوا، وَتُطِيعُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةِ السؤال، وإضاعة المال"2.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي علي عمرو بن مالك الجنبي فقد روى له أصحابه السنن وهو ثقة. المقرئ: هو عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن، وحيوة: هو ابن شريح، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ.
وأخرجه أحمد 6/19، والطبراني 18/788، والبزار 85، والحاكم 1/119 من طرق عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" 590، وابنُ أَبِي عاصم في "السنة" 89 من طرقٍ عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، به.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه مالك 2/990 في الكلام: باب ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين، وأحمد 2/327 و360 و367، ومسلم 1715 10 و11 في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/423)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأقضية: باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، والبيهقي 8/163، والبغوي 101 من طرق عن سهيل، به.
قال البغوي في "شرح السنة" 1/203: قوله: قيل وقال يريد: قيل وقول، جعل القال مصدراً، يقال: قلت قولاً وقيلً وقالً، وفي قراءة عبد الله بن مسعود قلت: وهي قراءة شاذة ذلك عيسى ابنُ مريمَ قالُ الحقِّ.
وقيل في قوله: قيل وقال وجهان: أحدهما: حكاية أقاويل الناس وأحاديثهم، والبحث عنها، فيقول: قال فلان كذا، وقيل لفلان كذا، وهو من باب التجسس المنهي عنه.
وقيل: هو فيما يرجع إلى أمر الدين، وذكر ما وقع فيه من الاختلاف، يقول: قال فلان كذا، وقال فلان كذا، من غير ثبت ويقين لكي يقلد ما سمعه، ولا يحتاط لموضع اختياره من تلك الأقاويل.
وقوله: وإضاعة المال قيل: هو الإنفاق في المعاصي، وهو السرف الذي نهى الله عنه، ويدخل فيه الإسراف في النفقة في البناء، ومجاوزة حد الاقتصاد فيه في الملبس والفرش، وتمويه الأواني والسقوف بالذهب والفضة، ويدخل فيه سوء القيام على ما يملكه من الرقيق والدواب حتى يضيع فيهلك، وقسمة ما لا ينتفع به الشريك، كالؤلؤ والسيف يكسره، والحمام الصغير، والطاحونة الصغيرة التي تتعطل منفعتها بالقسمة، واحتمال الغَبْن الفاحش في البياعات ونحوها.
وقيل: هو دفع مال من لم يُؤنس منه الرشد إليه، قال الحسن في قوله تعالى {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قال: صلاح في دينه، وحفظ لماله.
وقوله: وكثرة السؤال فإنها مسألة الناس أموالهم بالشَّره، وترك الاقتصار فيه على قدر الحاجة، وقد يكون من السؤال على الأمور، وكثرة البحث عنها، كما قال الله تعالى: {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} وقال عز وجل {وَلا تَجَسَّسُوا} .
وقد يكون من المتشابه الذي أمر بالإيمان بظاهره في قوله سبحانه وتعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} .(10/424)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" أَمْرٌ فَرْضٌ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ، وَقَوْلُهُ: وَتَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا أَرَادَ بِهِ كِتَابَ اللَّهِ، وَهُوَ فَرْضٌ عَلَى بَعْضِ الْمُخَاطَبِينَ الَّذِينَ تَقَعُ بِهِمُ الْحَاجَةُ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَتُطِيعُوا لِمَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَكُمْ لَفْظُهُ عَامٌ لَهُ تَخْصِيصَانِ، أَحَدُهُمَا: أن يؤمر المرء بماله فِيهِ رِضًى، وَالثَّانِي: إِذَا أُمِرَ مَا اسْتَطَاعَ دون ما لا يستطيع.(10/425)
ذِكْرُ أَحَدِ التَّخْصِيصَيْنِ اللَّذَيْنِ يَخُصَّانِ عُمُومَ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
4561 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ يَقُولُ لَنَا: "فيما استطعتم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم 4557.(10/425)
ذِكْرُ التَّخْصِيصِ الثَّانِي الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا
4562 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُدْرِكُ بْنُ سَعْدٍ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ حَيَّانَ أَبَا النَّضْرِ يَقُولُ: حَدَّثَنِي جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ(10/425)
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ، وَمَنْشَطِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ، وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ معصية" 1.
4563 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَطَبَنَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْجَدْعَاءِ، وَتَطَاوَلَ فِي غَرْزِ الرَّحْلِ، فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ" فَقَالَ رَجُلٌ فِي آخِرِ النَّاسِ: مَا تَقُولُ، أَوْ مَا تُرِيدُ، فَقَالَ: "أَلَا تَسْمَعُونَ، أَطِيعُوا رَبَّكُمْ، وصلوا خمسكم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا أمراءكم تَدْخُلُوا جُنَّةَ رَبِّكُمْ" فَقُلْتُ لِأَبِي أُمَامَةَ: ابْنَ كَمْ كُنْتَ يَوْمَئِذٍ حِينَ سَمِعْتَ هَذَا؟ قَالَ: سمعت وأنا ابن ثلاثين سنة2.
__________
1 إسناده حسن. حيان أبو النضر ذكره المؤلف في "الثقات" 4/171، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح، كما في الجرح والتعديل 3/244-245، وسيأتي برقم 4566، وانظر 4547،
وقوله: وأثرة عليك من الاستئثار، وهو أن يستأثر عليه بأمور الدنيا ويفضل عليه غيره.
2 إسناده قوي على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 5/251، والترمذي 616 في الصلاة: باب ما ذكر في فضل الصلاة، من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم 1/9 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن معاوية بن صالح به، على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.(10/426)
ذِكْرُ أَحَدِ التَّخْصِيصَيْنِ اللَّذَيْنِ يَخُصَّانِ عُمُومَ تِلْكَ اللَّفْظَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي خَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ
4564 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ أَبُو طَالِبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أُمِّ الْحُصَيْنِ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ، قَالَتْ: حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، فَرَأَيْتُ أُسَامَةَ أَوْ بِلَالًا يَقُودُ بِخِطَامِ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْآخَرَ رَافِعُ ثَوْبَهُ يَسْتُرُهُ بِهِ مِنَ الْحَرِّ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَوَقَفَ النَّاسُ، وَقَدْ جَعَلَ ثَوْبَهُ مِنْ تَحْتِ إِبْطِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ تَحْتَ غُضْرُوفِهِ الْأَيْمَنِ كَهَيْئَةِ جُمْعٍ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلًا كَثِيرًا وَكَانَ فِيمَا يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، فَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا ثُمَّ قَالَ: هَلْ بلغت" 1.
__________
1 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح غير عبد الجبار بن عاصم وهو ثقة، وثقه ابن معين والدارقطني، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/418، له ترجمة في "تاريخ بغداد" 11/111-112. والغضروف: رأس لوح الكتف، وقوله: كهيئة جمع يريد مثل جمع الكف، وهو أن يجمع الأصابع ويضمها، يقال: ضربه بجُمع كفِّه، بضم الجيم.
وأخرجه الطبراني 25/380 من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن عبيد الله بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/402، ومسلم 1298 311 و312 في الحج: باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكباً، و1838 في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، من طريقين عن زيد بن أبي أنيسة، به.
وأخرجه أحمد 6/402 و403، ومسلم 1838، والنسائي 7/154 في البيعة: باب الحض على طاعة الإمام، وابن ماجة 1861 في الجهاد: باب. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/427)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= طاعة الإمام، والطبراني 25/377 و378 و379 و384، وابن أبي عاصم في "السنة" 1062، والبيهقي 7/155 من طريقين عن يحيى بن حصين، به.
وأخرجه أحمد 6/402 و403، والترمذي 1706 في الجهاد: باب ما جاء في طاعة الإمام، والطبراني 25/381 و382، وابن أبي عاصم 1063 من طرق عن العيزار بن حريث، عن أم الحصين. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(10/428)
ذِكْرُ التَّخْصِيصِ الثَّانِي الَّذِي يَخُصُّ عُمُومَ اللَّفْظَةِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا
4565 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالرَّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ مَوْلَى مُرَّةَ الطَّيِّبِ وَلَقَبُهُ جَبْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، ثُمَّ يُلَقِّنُنَا "فِيمَا اسْتَطَعْتَ"1.
__________
1 محمد بن عاصم بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم 8/53، ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وأبوه عصام ذكره المؤلف في الثقات 8/520، وابن أبي حاتم 7/26، وقد سلف برقم 3062 ومن فوقهما ثقات من رجال الشيخين، وانظر 4557.(10/428)
ذِكْرُ خَبَرٍ يُصَرِّحُ بِالتَّخْصِيصَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
4566 - أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ، حَدَّثَنَا مُدْرِكُ بْنُ سَعْدٍ1 الْفَزَارِيُّ أَبُو سعيد، عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ، سَمِعَ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ سَمِعَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يا
__________
1 تحرف في الأصل إلى: سعيد.(10/428)
عُبَادَةَ" قُلْتُ: لَبَّيْكَ قَالَ: "اسْمَعْ وَأَطِعْ فِي عُسْرِكَ وَيُسْرِكَ وَمَكْرَهِكَ، وَأَثَرَةٍ عَلَيْكَ، وَإِنْ أَكَلُوا مَالَكَ، وَضَرَبُوا ظَهْرَكَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْصِيَةً لله بواحا" 1.
__________
1 إسناده حسن، وهو مكرر 4562.(10/429)
ذِكْرُ نَفْيِ إِيجَابِ الطَّاعَةِ لِلْمَرْءِ إِذَا دَعَا إِلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4567 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا، وَأَمَرَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، فَأَوْقَدَ نَارًا، فَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّا فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: "لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" أَوْ قَالَ: "أَبَدًا" وَقَالَ لِلْآخَرِينَ خَيْرًا، وَقَالَ: "أَحْسَنْتُمْ لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِنَّمَا الطَّاعَةُ في المعروف" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. حِبان: هو ابن موسى بن سوار السلمي المروزي، وعبد الله: هو ابن المبارك، وزبيد: هو ابن الحارث اليامي، وأبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن رُبَيِّعة الكوفي المقرئ.
وأخرجه أحمد 1/94، والبخاري 7257 في أخبار الآحاد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم 1840 في الإمارة: باب وجوب في إجازة خبر الواحد الصدوق، ومسلم 1840 في الإمارة: باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، وأبو داود 2625 في الجهاد: باب في الطاعة،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/429)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي 7/109 في البيعة: باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/82، و124، والبخاري 4340 في المغازي: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي، و7145 في الأحكام: باب السمع والطاعة للحكام ما لم تكن معصية، ومسلم 1840 40 من طرق عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، به. وانظر 4558.(10/430)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ طَاعَةِ الْمَرْءِ لِمَنْ دَعَاهُ إِلَى مَعْصِيَةِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا
4568 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَا: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ الله جل وعلا" 1.
__________
1 إسناده صحيح. نوح بن حبيب ثقة روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. وأخرج أبو يعلى 279 عن زهير بن حرب، عن عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.(10/430)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُطِيعَ الْمَرْءُ أَحَدًا مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ إِذَا أَمَرَهُ بِمَا لَيْسَ لِلَّهِ فِيهِ رِضًى
4569 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ البذشي1 وهي قرية بقومس، قال: حدثنا
__________
1 في "الأنساب" 2/113: البَذَشي، بفتح الباء والذال المعجمتين بواحدة، وفي آخر الشين المعجمة: هذه النسبة إلى بذش وهي قرية على فرسخين من بسطام وهي من قومس نزلت بها مع القافلة، وخرجت منها إلى بسطام، ورجعت إليها.(10/430)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا طَاعَةَ لِبَشَرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ" 1.
__________
1 إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.(10/431)
ذِكْرُ تَخَوُّفِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ مُجَانَبَتِهِمُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ بِانْقِيَادِهِمْ لِلْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ
4570 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ أَبُو حَمْزَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي إِلَّا الْأَئِمَّةَ الْمُضِلِّينَ، وَإِذَا وُضِعَ السَّيْفُ فِي أُمَّتِي لَمْ يرفع عنهم إلى يوم القيامة" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن عبد الملك بن زنجوية، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو الأشعث الصنعاني: هو شراحيل بن آدة.
وأخرجه أحمد 4/123 –بأطول مما هنا- عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد. إلا أنه زاد بين أبي الأشعث وبين شداد أبا أسماء الرحبي –واسمه عمر بن مرثد، وهو ثقة من رجال مسلم.
وأخرجه مطولاً أحمد 5/278 و284، وأبو داود 4252 في الفتن: باب ذكر الفتن ودلائلها، والبيهقي في "دلائل النبوة" 6/527 من طرق عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ، عَنْ ثوبان.
وأخرجه ابن ماجة 3952 في الفتن: باب ما يكون من الفتن، عن قتادة، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد، عن أبي أسماء، عن ثوبان.
وأخرجه أحمد 6/441 من حديث أبي الدرداء.
وفي الباب عن عمر عند أحمد 1/42، وأبي نعيم في "الحلية"6/46.(10/431)
ذِكْرُ وَصْفِ الْأَئِمَّةِ الْمُضِلِّينَ الَّتِي كَانَ يَتَخَوَّفُهَا عَلَى أُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4571 - أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ الْمُقْرِيُ أَبُو الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُمَرَ الْأَصْفَهَانِيُّ رُسْتَهْ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤَسَاءَ جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا".
فَلَقِيتُ بَعْدَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو بِسَنَةٍ فحدثنيه1.
__________
1 حديث صحيح، محمد بن هشام بن عروة ذكره المؤلف في "الثقات" 7/424، وقال: مستقيم الحديث جداً، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن عمر الأصفهاني، فقد روى له ابن ماجة، وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 2/162 و190، والبخاري 100 في العلم: باب كيف يطلب العلم، ومسلم 2673 13 في العلم: باب رفع العلم وقبضه، والترمذي 2652 في العلم: باب ما جاء في ذهاب العلم، وابن ماجة 52 في المقدمة، والدارمي 1/77، والبغوي 147، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" 1/148-149 و150 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه من طرق عن عروة، به: الطيالسي 2292، والبخاري 7307 في الاعتصام: باب ما ذكر من ذم الرأي وتكلف القياس، ومسلم 2673، وأحمد 2/203، والبغوي 1/316، وابن عبد البر 1/150 و151
وأخرجه مسلم 2673 13 من طريق عمر بن الحكم، عن عبد الله بن عمرو.(10/432)
ذِكْرُ وَصْفِ الضَّلَالَةِ الَّتِي كَانَ يَتَخَوَّفُهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُمَّتِهِ
4572 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَدِيٍّ أَبُو نُعَيْمٍ، وَحَاجِبُ بْنُ أَرِّكِينَ قَالَا: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: هَذَا أَوَانُ رَفْعِ الْعِلْمُ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: لَبِيدُ بْنُ زِيَادٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ كُنْتُ لَأَحْسِبُكَ أَفْقَهَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ" ثُمَّ ذَكَرَ ضَلَالَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ وَحَدَّثْتُهُ بِحَدِيثِ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفٌ ثُمَّ قَالَ: أَلَا أُخْبِرُكُ بِأَوَّلِ ذَلِكَ يُرْفَعُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: الْخُشُوعُ حتى لا ترى خاشعا1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير الربيع بن سليمان فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة.
وأخرجه النسائي في العلم من "الكبرى" كما في "التحفة" 8/211 من طريق ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 18/75، والبزار 232 من طريقين عن الليث، به.
وأخرجه أحمد 6/26-27 من طريق محمد بن حمير الحمصي، عن إبراهيم بن أبي عبلة، به وله شاهد من حديث أبي الدرداء عند الترمذي 2653 من طريق مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أبي الدرداء، وقال الترمذي: هذا حسن غريب.(10/433)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ اعْتِقَادِ الْمَرْءِ الْإِمَامَ الَّذِي يُطِيعُ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا فِي أَسْبَابِهِ
4573 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً"1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَاتَ مَيْتَةً الْجَاهِلِيَّةِ" مَعْنَاهُ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَعْتَقِدْ أَنَّ لَهُ إِمَامًا يَدْعُو النَّاسَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ حَتَّى يَكُونَ قِوَامُ الْإِسْلَامِ بِهِ عِنْدَ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ مُقْتَنِعًا فِي الِانْقِيَادِ عَلَى مَنْ لَيْسَ نَعَتُهُ مَا وَصَفْنَا مَاتَ ميتة جاهلية.
__________
1 حديث صحيح، محمد بن يزيد بن رفاعة: هو محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي مختلف قيه، وقد توبع، وعاصم بن أبي النجود حسن الحديث، وباقي السند رجاله رجال الصحيح. أبو صالح: هو ذكوان السمان المدني. وهو في "مسند أبي يعلى" ورقة 345/1.
وأخرجه أحمد 4/96 عن أسود بن عامر، والطبراني 19/769 من طريق يحيى بن الحماني، كلاهما عن أبي بكر بن عياش، بهذا الإسناد.
والمراد بالميتة الجاهلية: حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافراً بل يموت عاصياً، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره، ومعناه: أنه يموت مثل موت الجاهلي وإن لم يكن هو جاهلياً، أو أن لك ورد مورد الزجر والتنفير وظاهره غير مراد.(10/434)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّ مَنْ مَاتَ، وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ، يُرِيدُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ مَيْتَةً الْجَاهِلِيَّةِ، لِأَنَّ إِمَامَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِي الدُّنْيَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ إِمَامَتَهُ، أَوِ اعْتَقَدَ إِمَامًا غَيْرَهُ مُؤْثِرًا قَوْلَهُ عَلَى قَوْلِهِ، ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ مَيْتَةً جاهلية.(10/435)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ النَّصِيحَةِ فِي دِينِ اللَّهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً
4574 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ مِنْ بَنِي لَيْثٍ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الدِّينُ النَّصِيحَةُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ" 1.
4575 - أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ بَنَانَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ بَنَانَ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْبَزَّازُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حكيم
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أبو عوانة 1/37، والطبراني 1261 من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 4944 في الأدب: باب في نصيحة، وأبو عوانة 1/37، والطبراني 1262 و1264 و1265 و1266 و1267 من طرق عن سيل بن أبي صالح، به. وانظر ما بعده.(10/435)
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُ سُهَيْلًا، فَقُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ حَدِيثًا كَانَ يُحَدِّثُ عَمْرٌو، عَنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِيكِ سَمِعْتَهُ مِنْ أَبِيكِ؟ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنَ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْهُ أَبِي صِدِّيقٍ لِأَبِي كَانَ يَأْتِي مِنَ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ: عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ سَمِعْتُهُ أَخْبَرَ ذَلِكَ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ، أَلَا إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ" قَالُوا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وعامتهم" 1.
__________
1 إسناده صحيح، محمد بن ميمون البزار روى له الترمذي والنسائي وابن ماجة، وهو صدوق، ومن فوقه من رجال الصحيح، وانظر ما قبله.
وأخرجه الحميدي 837، وأحمد 4/102، ومسلم 55 في الإيمان: باب بيان أن الدين النصيحة، والنسائي 7/156 و156-157 في البيعة: باب النصيحة للإمام، وأبو عوانة 1/36 و37، والطبراني 1260 و1263، والبغوي 3514 من طرق عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، بهذا الإسناد.(10/436)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ مَا عَلَيْهِ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَتَرْكِ الِانْفِرَادِ عَنْهُمْ بِتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ
4576 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ الْمَعْوَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقَامِي فِيكُمُ الْيَوْمَ فَقَالَ: "أَلَا أَحْسِنُوا إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يفشوا(10/436)
الْكَذِبُ حَتَّى يَشْهَدَ الرَّجُلُ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا يُسْأَلُهَا، وَيَحْلِفُ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ لَا يُسْأَلُهَا، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ، فَلْيَلْزَمِ الْجَمَاعَةَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ، وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ، وَلَا يَخْلَوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا، وَمَنْ سَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ وَسَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ، فَهُوَ مؤمن"1.
__________
1 علي بن حمزة المعولي ترجم له المؤلف في "الثقات"8/466، وقال: مستقيم الحديث. والمَعْوَلي: نسبة إلى مَعولة بن شمس بن عمرو بن غنم بن غالب بن عثمان بطن من الأزد، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح. وقد صرح عبد الملك بن عمير بالتحديث عند أبي يعلى فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه الطيالسي ص7، وأحمد 1/26، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/15 من طرق عن جرير بن حازم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/18، والترمذي 2165 في الفتن: باب ما جاء في لزوم الجماعة، والحاكم 1/114 من طرق عن محمد بن سوقة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن أبيه، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم 1/114-115 من طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، عن عمر، به.
وأخرجه الحميدي 32 من طريق سليمان بن يسار، عن أبيه، عن عمر، به.
وأخرج قطعة منه أبو يعلى 201 و202 من طريقين عن حماد، عن عبد الله بن المختار، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن الزبير، عن عمر.(10/437)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَعُونَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْجَمَاعَةَ وَإِعَانَةِ الشَّيْطَانِ مَنْ فَارَقَهَا
4577 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ عَرْفَجَةَ بْنِ شُرَيْحٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيَكُونُ بَعْدِي هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ رَأَيْتُمُوهُ فَارَقَ الْجَمَاعَةِ، أَوْ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرُهُمْ جَمِيعٌ، فَاقْتُلُوهُ كَائِنًا مَنْ كَانَ، فَإِنَّ يَدَ اللَّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ من فارق الجماعة يرتكض" 1.
__________
1 إسناده صحيح، موسى بن عبد الرحمن المسروقي روى له أصحاب السنن وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الصحيح، ويحيى بن أيوب: هو ابن أبي زرعة البجلي علق له البخاري وروى له أبو داود والترمذي، وقال ابن معين ويعقوب بن سفيان: لا بأس به، ووثقه الآجري والبزار، وباقي السند من رجال الصحيح. عرفجة بن شريح ويقال: ابن صريح، ويقال: ابن شريك، ويقال: ابن شراحيل: صحابي نزل الكوفة، وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث.
وأخرجه مسلم 1852 في الإمارة: باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، والنسائي 7/92-93 في تحريم: باب قتل من فارق الجماعة، وأبو داود 4762 في السنة: باب في قتل الخوارج، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، وأحمد 4/261 و341 و5/23، وعبد الرزاق 20714، والطبراني 17/354 و355 و356 و357 و358 و359 و360 و361 و362 و363 و364 و368 من طرق عن زياد بن علاقة، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/156، ووافقه البيهقي.
وله طرق أخرى عن عرفجة عند الطبراني 17/365 و366 و367.
وهنات: أي حوادث وفتن وشرور وفساد.
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" 12/241: فيه الأمر بقتال من خرج على الإمام، أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك، وينهى عن ذلك، فإن لم ينته قُتِلَ، وإن لم يندفع شرُّه إلا بقتله، فَقُتِلَ كان هدراً.(10/438)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَوْتِ الْجَاهِلِيَّةِ بِالْمُفَارِقِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ
4578 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَتَى ابْنَ مُطِيعٍ لَيَالِي الْحَرَّةِ، فَقَالَ: ضَعُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِ لِأَجْلِسَ إِنَّمَا جِئْتُ لِأُكَلِّمَكَ كَلِمَتَيْنِ سَمِعْتُهُمَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ نَزَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَمْ تَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَاتَ مفارق الجماعة، فإنه يموت موتة الجاهلية" 1.
__________
1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح، غير ابن عجلان، فقد روى له مسلم متابعة، والبخاري تعليقاً، وهو صدوق. وابن مطيع: هو عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي القرشي، ولد فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، وجاء به أبوه فحنكه بتمرة وسماه عبد الله، ودعا له بالبركة، وكان من رجال قريش شجاعة ونجدة وجلداً، وكان يوم الحرة سنة 63 هـ قائد قريش كما كان عبد الله بن حنظلة قائد الأنصار، إذ خرج أهل المدينة لقتال مسلم بن عقبة المري الذي بعثه يزيد لقتال أهل المدينة، وأخذهم بالبيعة له، فلما ظفر أهل الشام بأهل المدينة انهزم ابن مطيع، ولحق بابن الزبير بمكة، وشهد معه الحصر الأول، وبقي معه إلى أن حصر الحجاجُ ابن الزبير، فقاتل مع ابن مطيع يومئذ وهو يقول:
أنا الذي فَرَرْتُ يومَ الحرَّه ... والحُرُّ لا يَفرُّ إلا مرّه
يا حبَّذا الكرة بعد الفره ... لأجزينَّ فرةً بكرَّه
وأخرجه أحمد 2/97 عن يونس بن محمد، عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً 2/93 عن عفان، عن خالد بن الحارث، عن ابن عجلان، به.
وأخرجه أحمد 2/70 و83 و123 و133 و154، ومسلم 1851 من طرق عن زيد بن أسلم، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/439)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 2/111، ومسلم 1851، والحاكم 1/77 و177 من طرق عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه البيهقي 8/156 من طريق نافع وسالم، عن ابن عمر.
وأخرجه الطبراني 13278 من طريق عبد الله بن مسلم بن جندب، عن أبيه، عن ابن عمر.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 5/144 من طريق العطاف بن خالد، عن أمية بن محمد بن عبد الله بن مطيع، أن عبد الله بن مطيع أراد أن يفرّ من المدينة ليالي فتنة يزيد بن معاوية، فسمع بذلك عبد الله بن عمر فخرج إليه حتى جاءه قال: أين تريد يا ابن عمّ؟ فقال: لا أطيعهم طاعة أبداً. فقال: يا ابن عم، لا تفعل، فإني أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن مات ولا بيعة عليه، مات ميتة جاهلية".(10/440)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَوْتِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى مَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةِ عِمِّيَّةٍ
4579 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عَنْ جُنْدُبٍ الْبَجَلِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ فَقَتْلُهُ قِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ" 1.
__________
1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمران القطان، وهو عمران بن داود العمي البصري، فقد علّق له البخاري، وروى له أصحاب السنن، وهو حسن الحديث. أبو داود: هو الطيالسي سليمان بن داود، والحديث في "مسنده" 1259، ومن طريقه أخرجه الطبراني 1671. وأبو مجلز: هو لاحق بن حميد.
وأخرجه النسائي 7/123 في تحريم الدم: باب التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية، من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ، به.
وأخرجه مسلم 1850 من طريق المعتمر: عن أبيه، عن أبي مجلز، عن جندب، وعِمية: فعِّلية من العماء: الضلالة كالقتال في العصبية والأهواء. قال الإمام أحمد: إنها كالأمر الأعمى لا يستبين وجهه(10/440)
ذِكْرُ وَصْفِ الرَّايَةِ الْعِمِّيَّةِ الَّتِي أَثْبَتَ لِمَنْ قُتِلَ تَحْتَهَا بِهَذَا الِاسْمِ
4580 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يَزِيدَ السَّيَّارِيُّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَهُوَ شَاكِي، فَقُلْتُ: حَدِّثْنِي حَدِيثَ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ سَمِعْتُ غَيْلَانَ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَلَكِنْ حَدَّثَنِي أَيُّوبُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ رِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي بِذِي عَهْدِهَا، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يُقَاتِلُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ فَقَتْلُهُ قِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ"1.
__________
1 إسناده صحيح، عمر بن يزيد اليساري، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/446 وقال: مستقيم الحديث، وذكر أنه مات سنة بضع وأربعين ومئتين، وقال الدارقطني: لا بأس به، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير زياد بن رِياح فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم 1848 في الإمارة: باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين ... ، عن عبيد الله بن عمر القواريري، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/296 و306 و488، ومسلم 1848 54، والنسائي 7/123 في تحريم الدم: باب التغليظ في من قاتل تحت راية عميّة، وابن ماجة 3948 في الفتن: باب العصبية، والبيهقي 8/156 من طرق عن غيلان بن جرير، به.
قوله: لا يتحاشى مؤمنها قال القاضي عياض في "مشارف الأنوار" 1/214: بالتاء وآخره ياء، أي: لا يتنحى ولا يتورع ولا يبالي، يقال: حشى لله وحاشى. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/441)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لله، ومعناه: معاذ الله، وأصله من حاشيت فلاناً وحشيته، أي نحيته. قال ابن الأنباري: معنى حاش في كلام العرب: أعزل وأنحّي، قال: ويقال: حاش لفلان، وحاشى فلاناً، وحشى فلان.
قِتلة –بكسر القاف- حالة القتيل، أي: فقتله قتل جاهلي.
وقوله: يقاتل لعصبية عصبة الرجل أقاربه من جهة الأب، سُمّوا بذلك لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم، أي: يحيطونه، ويشتد بهم، والمعنى يغضب ويقاتل ويدعو غيره كذلك لا لنصرة الدين والحق، بل لمحض التعصب لقومه ولهواه كما يقاتل أهل الجاهلية، فإنهم إنما كانوا يقاتلون لمحض العصبية.(10/442)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ طَاعَةَ الْقُرَشِيِّينَ مِنَ الْأَئِمَّةِ إِذَا عَدَلُوا فِي الرَّعِيَّةِ وَأَقَامُوا الْحَقَّ
4581 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَيَّاضُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا، وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ حَقًّا مَا حَكَمُوا وَعَدَلُوا، وَائْتُمِنُوا فَأَدُّوا، وَاسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، فَمَنْ لَمْ يفعل منهم، فعليه لعنة الله" 1
__________
1 فياض بن زهير ذكره المؤلف في "الثقات" 9/11، فقال: من أهل نسا، يروي عن وكيع بن الجراح، وجعفر بن عون، حدثنا عنه محمد بن أحمد بن أبي عون وغيره منْ شيوخنا، مات بعد سنة خمسين ومئتين، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وهو في "مصنف عبد الرزاق" 19902.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/270، وذكره الهيثمي في "المجمع" 5/192 وزاد نسبته إلى الطبراني في "الأوسط"، وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح. وسيرد عند المصنف برقم 4584.(10/442)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُفْدِيَ إِمَامَهُ بِنَفْسِهِ
4582 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَرْمِي بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ خَلْفِهِ، لَيَنْظُرَ أَيْنَ يَقَعُ نَبْلُهُ، فَيَتَطَاوَلُ أَبُو طَلْحَةَ بِصَدْرِهِ يَتَّقِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَكَذَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ نحري دون نحرك1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. الحسن بن عيسى: هو ابن ماسَرْجس النيسابوري مولى عبد الله بن المبارك من رجال مسلم، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه الحاكم 3/353من طريق علي ين الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد، وصححه على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/105 و206، وأبو يعلى 3778 من طريقين عن حميد، به.
وأخرجه مطولاً البخاري 3811 في مناقب الأنصار: باب مناقب أبي طلحة رضي الله عنه، و4064 في المغازي: باب {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} ، ومسلم 1811 في الجهاد: باب غزوة النساء مع الرجال، وأبو يعلى 3921، والبيهقي 9/30 من طريق عبد الوارث، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
وأخرجه ابن سعد 3/506، وأحمد 3/286-287، وأبو يعلى 3412 من طريقين عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/265، والبخاري 2902 في الجهاد: باب المجن ومن يتَّرس بترس صاحبه، من طريق ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس. وسيأتي برقم 7137.(10/443)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُوَقِّرَ إِمَامَهُ وَيُعَظِّمَهُ جُهْدَهُ وَإِنْ كَانَ فِي قَوْلِهِ لِمَنْ قَصَدَ ضِدَّهُ مَا لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ ذَلِكَ
4583 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا عَلَى رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ وَهُوَ مُلَثَّمٌ وَعِنْدَهُ عُرْوَةُ قَالَ: فَجَعَلَ عُرْوَةُ يَتَنَاوَلُ لِحْيَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحَدِّثُهُ قَالَ: فَقَالَ الْمُغِيرَةُ لِعُرْوَةَ: لَتَكُفَّنَّ يَدَكَ عَنْ لِحْيَتِهِ أَوْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْكَ، قَالَ: فَقَالَ عُرْوَةُ: مَنْ هَذَا؟ قال: هذا بن أَخِيكَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَقَالَ عُرْوَةُ: يَا غُدَرُ مَا غَسَلْتَ رَأْسَكَ مِنْ غَدْرَتِكَ بَعْدُ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط السيخين. أبو عمار: هو الحسين بن حريث الخزاعي.
وهو قطعة من حديث مطول أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"9720، ومن طريق أخرجه أحمد 4/328-331، والبخاري 2731 في الشروط، والبيهقي في "السنن" 5/215 و9/218-221، وفي "الدلائل" 4/99-108 عن معمر، عن الزهري، عن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ومروان ... وفيه: وكان المغيرة صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثم جاء فأسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا الْإِسْلَامُ فأقبلُ، وَأَمَّا الْمَالُ، فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ".
وأخرجه مطولاً ومختصراً أبو داود 2765 و4655، والنسائي 5/169-170 من طريق محمد بن ثور، عن معمر، به.(10/444)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَقَّ إِنَّمَا يَجِبُ لِلْأُمَرَاءِ عَلَى الرَّعِيَّةِ إِذَا رَعَوْهُمْ فِي الْأَسْبَابِ وَالْأَوْقَاتِ
4584 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ لِي عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا، وَإِنَّ لِقُرَيْشٍ عَلَيْكُمْ حَقًّا مَا حَكَمُوا، فَعَدَلُوا، وَائْتُمِنُوا فأدوا، واسترحموا فرحموا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وهو مكرر 4581.(10/445)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ اسْتِعْمَالَ مَا يَقُولُ الْأُمَرَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ الْخَيْرِ وَتَرْكَ أَفْعَالِهِمْ إِذَا خَالَفُوهُمْ
4585 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ عَامِرِ بْنِ شَهْرٍ، قَالَ: كَلِمَتَيْنِ سَمِعْتُهُمَا مَا أُحِبُّ أَنْ لِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إِحْدَاهُمَا مِنَ النَّجَاشِيِّ، وَالْأُخْرَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا الَّتِي سَمِعْتُهَا مِنَ النَّجَاشِيِّ، فَإِنَّا كُنَّا عِنْدَهُ إِذْ جَاءَهُ ابْنٌ لَهُ مِنَ الْكُتَّابِ، فَعَرَضَ لَوْحَهُ، قَالَ: وَكُنْتُ أَفْهَمُ بَعْضَ كَلَامِهِمْ، فَمَرَّ بِآيَةٍ فَضَحِكْتُ، فَقَالَ مَا الَّذِي أَضْحَكَكَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ: إِنَّ(10/445)
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، قَالَ: إِنَّ اللَّعْنَةَ تَكُونُ فِي الْأَرْضِ إِذَا كَانَتْ إِمَارَةُ الصِّبْيَانِ، وَالَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "اسْمَعُوا مِنْ قُرَيْشٍ وَدَعُوا فعلهم" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح. وأخرجه أحمد 3/428 من طريق محمد بن مسلم بن أبي الوضاح، عن إسماعيل بن أبي خالد ومجالد بن سعيد، كلاهما عن الشعبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى 6864 من طريق أبي أسامة، عن مجالد، عن الشعبي، به.
وأخرجه أحمد 4/260 عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن مجالد، عن الشعبي.
وأخرجه أيضا من طريق شريك عن إسماعيل، عن عطاء، عن عامر بن شهر.
وعامر بن شهر: هو الهمداني، ويقال: البكيلي، ويقال: الناعطي: وهما بطنان من همدان، يكنى أبا شهر، كان أحد عمال النبي صلى الله عليه وسلم على اليمن، وهو أول من اعترض على الأسود العنسي لما ادَّعى النبوة.(10/446)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ ظُهُورِ أُمَرَاءِ السُّوءِ مُجَانَبَتِهِمْ فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَسْبَابِ
4586 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مَصْقَلَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيَأْتِيَنَّ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ يُقَرِّبُونَ شِرَارَ النَّاسِ، وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَلَا يَكُونَنَّ عَرِيفًا وَلَا شُرْطِيًا ولا جابيا ولا خازنا" 1.
__________
1 إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن مسعود: هو اليشكري، لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/446)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 5/106، ولم يرو عنه غير جعفر بن إياس، مترجم عند ابن أبي حاتم 5/285، و"التعجيل" ص258، وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح. وهو في "مسند أبي يعلى" 115. وتوثيق الهيثمي في "المجمع" 5/240 لعبد الرحمن بن مسعود لا سلف له بذلك غير المؤلف. ووقع اسمه في "موارد الظمآن" 1558: عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وهو تحريف، ولم يتنبه له الشيخ ناصر في "صحيحه" 360 فوثَّقه بناءً على ذلك.
وله طريق آخر لا يفرح به أخرجه الطبراني في الصغير 564، ومن طريقه الخطيب في تاريخ بغداد 12/63: عن علي بن محمد الثقفي وهو مجهول، عن معاوية بن الهيثم بن الريان الخراساني وهو مجهول أيضاً، عن داود بن سليمان الخراساني قال الأزدي: ضعيف جداً، عن عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رفعه "يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة، ووزراء فسقة، وقضاة خونة، وفقهاء كذبة، فمن أدرك ذلك منكم ذلك الزمن، فلا يكونن لهم جابياً ولا عريفاً ولا شرطياً". ولوائح الوضع ظاهرة على هذا النص.(10/447)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ ظُهُورِ الْجَوْرِ أَدَاءَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ دُونَ الِامْتِنَاعِ عَلَى الْأُمَرَاءِ
4587 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّهَا سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: "تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ وَتَسْأَلُونَ الَّذِي لكم" 1.
__________
1 حديث صحيح، محمد بن عصام بن يزيد ذكره ابن أبي حاتم 8/53، ولم يورد فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقال أبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/186: ولم يرو عن غير أبيه شيئاً، وكان عند أبيه أربعون صحيفة ولم يسمع منها ابنه محمد إلا أربع صحائف، وأبوه ذكره المصنف في "ثقاته" 8/520، فقال: عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/447)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عجلان مولى مرة الطيب من أهل الكوفة، سكن أصبهان، ولقب عصام جبّر يروي عن الثوري ومالك بن مغول، روى عنه ابنه محمد بن عصام، يتفرد ويخالف، وكان صدوقاً حديثه عند الأصبهانيين. قلت: له ترجمة في "تاريخ أصبهان" لأبي الشيخ ورقة 92، وفي "أخبار أصبهان" 2/138 لأبي نعيم، والجرح والتعديل 7/26 لابن أبي حاتم، وكان من أجلة أصحاب الثوري، يقوم بخدمته، ويسأله عن المسائل، وقد بعث به الثور إلى المهدي في رسالة، فعرض عليه المهدي تِبراً فلم يقبله، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه البخاري 3603 في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، عن محمد بن كثير، وأحمد 1/428، والطبراني 1073 من طريق مؤمل، كلاهما عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 7052 في الفتن: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سترون بعدي أموراً تكرهونها"، ومسلم 1843 في الإمارة: باب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول، والترمذي 2190 في الفتن: باب الأثرة وما جاء فيها، وأحمد 1/384 و433، والبيهقي 8/157، والبغوي 2462 من طرق عن الأعمش، به.
والأثرة: اسم من آثر به يؤثر إيثاراً: إذا سمح به لغيره وفضّله على نفسه. والمراد: أنكم ستجدون بعدي قوماً يفضلون أنفسهم عليكم في الفيء ونحوه من حظوظ الدنيا.
قال الإمام النووي 11/232: وفي هذا الحديث الحث على السمع والطاعة وإن كان المتولي ظالماً عسوفاً، فيعطي حقه من الطاعة، ولا يخرج عليه ولا يخلع، بل يتضرع إلى الله تعالى في كشف أذاه، ورفع شره، وإصلاحه.(10/448)
ذِكْرُ الزَّجْرَ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأَئِمَّةِ بِالسِّلَاحِ وَإِنْ جَارُوا
4588 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ [سَلَمَةَ بْنِ] الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا" 1.
__________
1 إسناده حسن على شرط مسلم، عكرمة بن عمار فيه كلام ينزله عن رتبة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/448)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الصحيح، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك.
وأخرجه الطبراني 6242 عن أبي خليفة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 99 في الإيمان: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن حمل علينا السلاح فليس منا"، عن أبي بكر بن أبي شيبة وابن نمير، عن مصعب بن المقدام، عن عكرمة بن عمار، به. ولفظه "من سلّ علينا السيف فليس منا".
وأخرجه أحمد 4/46 و54، والطبراني 6249 و6251، والبغوي 2565 من طرق عن إياس بن سلمة، به.(10/449)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْخُرُوجِ عَلَى أُمَرَاءِ السُّوءِ وَإِنْ جَارُوا بَعْدَ أَنْ يُكْرَهُ بِالْخَلَدِ مَا يَأْتُونَ
4589 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ قَرَظَةَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خِيَارُكُمْ وَخِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ" قِيلَ: أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا مَا أَقَامُوا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، أَلَا وَمَنْ لَهُ وَالٍ فَيَرَاهُ يَأْتِي شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلَا يَنْزِعْ يَدًا من طاعته" 1.
__________
1 إسناده قوي على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 6/24 و28، والدارمي 2/324، ومسلم 1855 في الإمارة: باب خيار الأئمة وشرارها، وابن أبي عاصم في "السنة" 1071 و1072، والبيهقي 8/158 من طريقين عن مسلم بن قرظة، بهذا الإسناد.(10/449)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَإِنْ جَارُوا
4590 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ صَالِحٍ بِإِنْطَاكِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُورُسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنِ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ، فَلَيْسَ مِنَّا" 1.
قَالَ أَبُو حاتم: قورس: قرية من قرى إنطاكية2.
__________
1 إسناده صحيح، من فوق إبراهيم بن محمد القُورسي ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/3 و16 و53 و142 و150، والطيالسي 1828، والبخاري 6874 في الديات: باب قول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا} ، و7070 في الفتن: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السلاح فليس منا"، ومسلم 98 في الإيمان: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السلاح فليس منا"، والنسائي 7/117-118 في تحريم الدم: باب من شهر سيفه ثم وضعه في الناس، وابن ماجة 2576 في الحدود: باب من شهر السلاح، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/132-133، والبيهقي 8/20 من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.
2 في "معجم البلدان" 4/412: قورس، بالضم ثم السكون وراء مضمون وسين مهملة: مدينة أزلية، بها آثار قديمة وكورة من نواحي حلب، وبها آثار باقية.(10/450)
4- بَابُ: فَضْلِ الْجِهَادِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ جِهَادَ الْفَرْضِ وَالنَّفَقَةِ فِيهِ أَفْضَلُ مِنَ الطَّاعَاتِ الْأُخَرِ وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِهَا فَرْضٌ
4591 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلْفٍ الدَّارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ يَعْمُرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ سَلَّامٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رجل: ما أبالي أن أعمل عملا بعد الإسلام إلا أَعْمُرُ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} 1.
__________
1 حديث صحيح، محمد بن خالف الداري روى عنه أبو داود وأبو مسهر وأبو حاتم الرازي، وأبو بكر بن أبي داود، وأبو الحسن بن جوصاء. ومعمر بن يعمر روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات"، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم 1879 في الإمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/451)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن حسن بن علي الحلواني، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، بهذا الإسناد.
وأخرجه من طريق آخر عن معاوية بن سلام، به.
وأخرجه البغوي في "معالم التنزيل" 2/275 من طريق أبي داود السجستاني، عن أبي توبة، عن معاوية بن سلام، به.
وأخرجه الطبري في "جامع البيان" 16557 عن أبي الوليد الدمشقي أحمد بن عبد الرحمن، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا معاوية بن سلام، عن جده أبي سلام الأسود، عن النعمان بن بشير.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/144، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه.(10/452)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِيهِ يَقُومُ مَقَامَ الْهِجْرَةِ
4592 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفتح ولكن جهاد ونية" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيحين غير هشام بن خالد الأزرق، فقد روى له أبو داود وابن ماجة، وهو صدوق.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" 97/1، والقضاعي في "مسند الشهاب" 845 من طريق أبي الوليد القرشي، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق 9713، وأحمد 1/226 و266 و315-316 و355، والدارمي 2/239، والبخاري 1834 في جزاء الصيد: باب لا يحل القتال بمكة، و2783 في الجهاد: باب فضل الجهاد، و2825 باب وجوب النفير، و3077 باب لا هجرة بعد الفتح، ومسلم 1353 في الحج: باب تحريم مكة وصيدها ... ، وفي الإمارة: باب المبايعة بعد فتح مكة، وأبو داود 2480 في الجهاد: باب في الهجرة هل انقطعت؟ والترمذي 1590 في السير: باب ما جاء في الهجرة، والنسائي 7/146 في الجهاد: باب ذكر. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/452)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الاختلاف في انقطاع الهجرة، وابن الجارود 1030، والطبراني 10944، والبيهقي 5/195 و9/16، والبغوي 2003، والقضاعي في "مسند الشهاب" 844 من طرق عن منصور، عن مجاهد، عن طاووس، عن ابن عباس.
وفي الباب عن عائشة عند البخاري 3080 و3900 و4312، ومسلم 1864.
وعن ابن عمر عند البخاري 3899 و4309 و4310 و4311.
وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/22 و5/187، والطيالسي 601 و967 و2205.
وعن مجاشع بن مسعود عند أحمد 3/468 و469، والبخاري 2962، ومسلم 1863.(10/453)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِلْمُهَاجِرِ وَالْغَازِي عَلَى أَيَّةِ حَالَةٍ أَدْرَكَتْهُمَا الْمَنِيَّةُ فِي قَصْدِهِمَا
4593 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَقِيلٍ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لِابْنِ آدَمَ بِطَرِيقِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ لَهُ: تَسْلَمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ، فَعَصَاهُ، فَأَسْلَمَ، فَغَفَرَ لَهُ، فقعد له لطريق الْهِجْرَةِ فَقَالَ لَهُ: تُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ، فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ"، فَقَالَ لَهُ: تُجَاهِدُ وَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ فَتَقْتُلُ، فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ فَعَصَاهُ فَجَاهِدَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَمَاتَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أَوْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ، أو(10/453)
وَقَصَتْهُ دَابَّةٌ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ" 1.
__________
1 إسناده قوي. هاشم بن القاسم: هو ابن مسلم الليثي مولاهم البغدادي أبو النضر، وأبو عقيل: هو عبد الله بن عقيل الثقفي.
وأخرجه أحمد 3/483، والنسائي 6/21 من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 6558 من طريقين عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن فضيل، عن موسى الثقفي أبي جعفر، عن سالم بن أبي الجعد، عن سبرة بن الفاكه.(10/454)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4594 - أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: جَلَسْتُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: أَيُّكُمْ يَأْتِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَسْأَلَهُ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: فَهِبْنَا أَنْ يَسْأَلَهُ مِنَّا أَحَدٌ قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْرِدُنا رَجُلًا رَجُلًا يَتَخَطَّى غَيْرَنَا، فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا عِنْدَهُ، أَوْمَأَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَرْسَلَ إِلَيْنَا؟ فَفَزِعْنَا أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِينَا قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} [الصف:2] قَالَ: فَقَرَأَ مِنْ فَاتِحَتِهَا إِلَى خَاتِمَتِهَا، ثُمَّ قَرَأَ يَحْيَى مِنْ فَاتِحَتِها إِلَى خَاتِمَتِهَا، ثُمَّ قَرَأَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ فَاتِحَتِهَا إِلَى خَاتِمَتِهَا، وَقَرَأَهَا الوليد من فاتحتها إلى خاتمتها1.
__________
1 إسناده حسن من أجل هشام بن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/454)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عمار، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هشام بن عمار فمن رجال البخاري، وفيه كلام ينزل حديثه عن رتبة الصحيح.
وأخرجه الدارمي 2/200، والترمذي 3309 في التفسير: باب ومن سورة الصف، والواحدي في "أسباب النزول" ص285، والحاكم 2/69 و229 من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
ومحمد بن كثير –وهو ابن أبي عطاء الثقفي الصنعاني- كثير الخطأ، قال الترمذي: وقد خولف في إسناده هذا الحديث عن الأوزاعي، وروى ابن المبارك، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن عبد الله بن سلام أو عن أبي سلمة، عن عبد الله بن سلام.
قلت: أخبره أحمد في "المسند" 5/452 من طريق يعمر، عن عبد الله بن المبارك، أخبرنا الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني هلال بن أبي ميمون أن عطاء بن يسار حدثه أن عبد الله بن سلام حدثه، أو قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام.
وأخرجه الحاكم 2/486-487 من طريق الوليد بن مزيد، وأبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن سلام، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وهو في "سنن البيهقي" 9/159 و160 عن الحاكم.
وقال الحافظ في "الفتح" 8/509: وقع لنا سماع هذه السورة يعني سورة الصف مسلسلاً في حديث ذكر في أول سبب نزولها، وإسناده صحيح قلَّ أن وقع في المسلسلات مثله مع مزيد علّوه.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 6/212، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن المنذر، والبيهقي في "الشعب"، وابن مردويه.(10/455)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ
4595 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، حَدَّثَهُ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سمع القوم(10/455)
وَهُمْ يَقُولُونَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ" ثُمَّ سَمِعَ نِدَاءً فِي الْوَادِي يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأَنَا أَشْهَدُ، وَأَشْهَدُ لَا يَشْهَدُ بِهَا أحد إلا بريء من الشرك" 1.
__________
1 إسناده قوي على شرط مسلم غير يوسف بن عبد الله بن سلام، فقد روى له أصحاب السنن، وهو صحابي صغير.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2338، وأحمد 5/451 عن ابن وهب، بهذا الإسناد، إلا أنهما قالا: يحيى بن عبد الرحمن بدل يحيى بن عبد الله بن سالم، ويحيى بن عبد الرحمن هذا ذكره في "التهذيب" 11/251، فقال: يحيى بن عبد الرحمن الثقفي، روى عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ وعنه سعيد بن أبي هلال، ذكره ابن حبان في "الثقات". قلت: هو في ثقات المؤلف 5/527، لكن فيه يروي عن ابن عمر بدل عون بن عبد الله بن عتبة، وترجمته في "الجرح والتعديل" 9/166 كما في "التهذيب".
وذكره الهيثمي في "المجتمع" 1/59، وزاد نسبته إلى الطبراني، وقال: رجال أحمد موثقون، ثم أورده في 5/278، ونسبه لأحمد والطبراني في "الأوسط" وقال: ورجالهم ثقات.(10/456)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ إِنَّمَا هِيَ مَعَ الشَّهَادَةِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ
4596 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي مُرَاوِحٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ" قَالَ: قُلْتُ: فَأَيُّ الرِّقَابِ(10/456)
أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا وَأَغْلَاهَا ثَمَنًا،" قَالَ: فَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ؟ قَالَ: "تُعِينُ صَانِعًا، أَوْ تَصْنَعُ لِأَخْرَقَ"، قُلْتُ: فَإِنْ ضَعُفْتُ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: "فَدَعِ الشَّرَّ، فَإِنَّهَا صَدَقَةٌ تَصَدَّقُ بها على نفسك"1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو مراوح، بضم الميم بعدها راء خفيفة، وكسر الواو بعدها حاء مهملة، الغفاري، ويقال: الليثي، وهو مدني من كبار التابعين لا يعرف اسمه، قال الحاكم أبو أحمد: يعد من النفر الذين ولدوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث.
وأخرجه أحمد 5/150، والبخاري 2518 في العتق: باب أي الرقاب أفضل، عن عبيد الله بن موسى، ومسلم 84 في الإيمان: باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، عن حماد بن زيد، والبغوي 2418 عن جعفر بن عون، أربعتهم عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 6/273 و9/272 و10/273 من طريق جعفر بن عون وعبيد الله بن موسى، كلاهما عن هشام، به.
وأخرجه أحمد 5/163، ومسلم 84، والبيهقي 6/81 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن حبيب مولى عروة بن الزبير، عن عروة بن الزبير، عن أبي مرواح، عن أبي ذر.
وأخرجه مختصراً النسائي 6/19 في الجهاد: باب ما يعدل الجهاد في سبيل الله، من طريق شعيب، عن الليث، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن عروة، عن أبي مرواح، عن أبي ذر،
وقوله: " أن تصنع لأخرق" فالأخرق: الذي ليس في يده صنعة.(10/457)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ الَّذِي هُوَ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ هُوَ الْجِهَادُ الْمُتَعَرِّي عَنِ الْغُلُولِ
4597 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(10/457)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ عِنْدَ اللَّهِ إِيمَانٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَغَزْوٌ لَا غُلُولَ فِيهِ، وَحَجٌّ مَبْرُورٌ".
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: حَجَّةٌ مَبْرُورَةٌ تُكَفِّرُ الْخَطَايَا سَنَةً1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو جَعْفَرٍ هَذَا: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طالب.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/258 و442 و521. والطيالسي 2518 من طرق عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن حبشي عند أحمد 3/411-412، والنسائي 5/58 و8/94، والدارمي 2/331.
وعن ماعز التميمي عند أحمد 4/342، والطبراني في "الكبير" 20/809 و810 و811.
وعن الشفاء بنت عبد الله عند الطبراني 24/791.
الغلول: الخيانة في المغنم، والسرقة من الغنيمة قبل القسمة.
والحج المبرور: هو الذي لا يخالطه شيء من المآثم، وقيل: هو المقبول المُقابَل بالبِر وهو الثواب.(10/458)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَامُ الطَّاعَاتِ
4598 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ: أَيَّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "الْجِهَادُ(10/458)
فِي سَبِيلِ اللَّهِ سَنَامُ الْعَمَلِ" قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: "حَجٌّ مبرور" 1.
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، روى له البخاري مقروناً ومسلم متابعة، وهو صدوق له أوهام، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/287 عن محمد بن بشر، والترمذي 1658 في فضائل الجهاد: باب ما جاء أي الأعمال أفضل، من طريق عبدة بن سليمان، كلاهما عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن صحيح، قد روي من غير وجه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه أحمد 2/264، والبخاري 26 في الإيمان: باب من قال: إن الإيمان هو العمل، و1519 في الحج: باب فضل الحج المبرور، ومسلم 83 في الإيمان: باب كون الإيمان بالله تعالى من أفضل الأعمال، والنسائي 8/93 في أول الإيمان، والبيهقي 9/157، والبغوي 1840 من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق 20296، ومن طريقه أحمد 2/268، ومسلم 83، والنسائي 5/113 في الحج: باب فضل الحج، و6/19 في الجهاد: باب ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 5/262 عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.(10/459)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ التَّخَلِّي بِالْعِبَادَةِ
4599 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ، قَالَ: "رَجُلٌ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ(10/459)
بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ ثُمَّ مُؤْمِنٌ فِي شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيَدَعُ النَّاسَ مِنْ شَرِّهِ" 1
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير منصور بن أبي مزاحم، فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 3/37، والبخاري "2786" في الجهاد: باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، و"6494" في الرقاق: باب العزلة راحة من خلاط السوء، ومسلم "1888" في الإمارة: باب فضل الجهاد والرباط، والترمذي "1660" في الجهاد: باب أي الناس أفضل، والنسائي 6/11 في الجهاد: باب فضل من يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، وأبو داود "2485" في الجهاد: باب في ثواب الجهاد، وابن ماجة "3978" في الفتن: باب العزلة، والبيهقي 9/159 من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.(10/460)
ذِكْرُ وَصْفِ الْمُجَاهِدِ الَّذِي يَكُونُ أَفْضَلُ مِنَ الْعَابِدِ الْمُتَجَرِّدِ لِلَّهِ
4600 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ بَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَكُونُ خَيْرُ النَّاسِ فِيهِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كُلَّمَا سَمِعَ بِهَيْعَةٍ اسْتَوَى عَلَى مَتْنِهِ، ثُمَّ طَلَبَ الْمَوْتَ مَظَانَّهُ، وَرَجُلٌ فِي شِعْبٍ مِنْ هَذِهِ الشِّعَابِ يُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَيَدَعُ النَّاسَ إِلَّا مِنْ خَيْرِهِ" 1
__________
1 إسناده حسن، أسامة بن زيد: هو أبو زيد المدني، روى له البخاري تعليقاً ومسلم في الشواهد، وهو صدوق يهم، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين. وهو في "المصنف" لابن أبي شيبة 5/291.
وأخرجه أحمد 2/443، ومسلم "1899" "127" في الإمارة: باب فضل. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/460)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الجهاد والرباط، من طرق عن وكيع بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي 2623 من طريق ابن وهب، عن أسامة بن زيد، به.
وأخرجه مسلم 1899، وابن ماجة 3977، والبيهقي 9/159 من طرق عن عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن بعجة، عن أبي هريرة.
والهيعة: الصوت الذي يفزع منه ويخافه من عدوه، يقال: هاع يهيع هيوعاً وهيعان: إذا جبن، ورجل هائع لائع: إذا كان جباناً ضعيفاً.(10/461)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجِهَادَ فِي الْإِسْلَامِ يَهْدِمُ مَا كَانَ مِنَ الْحَوْبَاتِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ
4601 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مُقَنَّعٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُقَاتِلُ أَوْ أَسْلَمَ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَسْلِمْ ثُمَّ قَاتِلْ"، فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَاتِلْ، فَقُتِلَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا عمل قليلا وأجر كثيرا"1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان –وهو ابن كرامة الكوفي العجلي- فمن رجال البخاري.
وأخرجه البخاري 2808 في الجهاد: باب عمل صالح قبل القتال، عن محمد بن عبد الرحيم، عن شبابة بن سوار، عن إسرائيل، بهذا الإسناد. وانظر "صحيح مسلم" 1900.(10/461)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغُدُوَّ وَالرَّوَاحَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِلْمُجَاهِدِ يَكُونُ خَيْرًا مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
4602 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ(10/461)
عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 3/132 و153 و207، ومسلم 1880 في الإمارة: باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله، من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/141 و157 و263 و263-264، والبخاري 2792 في الجهاد: باب الغدوة والروحة في سبيل الله، و2796: باب الحور العين وصفتهن، و6568 في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، والترمذي 1651 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل الغدو والرواح في سبيل الله، وابن ماجة 2757 في أول الجهاد، من طرق عن حميد، عن أنس.
وفي الباب عن سهل بن سعد عند أحمد 3/433 و5/335 و337، والبخاري 2794 و2892 و3250 و6415، ومسلم 1881، والترمذي 1648، والنسائي 6/15، وابن ماجة 2756، والدارمي 2/202، والبيهقي 9/158.
وعن أبي أيوب عند أحمد 5/442، ومسلم 1883، والنسائي 6/15.
وعن أبي هريرة عند البخاري 2793 و3253، ومسلم 1882، والترمذي 1649، وابن ماجة 2755.
وعن ابن عباس عند أحمد 1/256، والطيالسي 2699، والترمذي 1649.
وعن معاوية بن خديج عند أحمد 6/401، وعن أبي أمامة عند أحمد أيضاً 5/266.(10/462)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْوَاقِفِ سَاعَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِإِعْطَائِهِ خَيْرًا مِنْ مُصَادَفَةِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
4603 - أَخْبَرَنَا خَلَّادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُقْرِيُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيِّ بِنَهَرِ(10/462)
سَابُسَ عَلَى الدِّجْلَةِ، حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّرْقُفِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَقْرِئُ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي الرِّبَاطِ، فَفَزِعُوا إِلَى السَّاحِلِ، ثُمَّ قِيلَ: لَا بَأْسَ، فَانْصَرَفَ النَّاسُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَاقِفٌ، فَمَرَّ بِهِ إِنْسَانٌ فَقَالَ: مَا يُوقِفُكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَوْقِفُ سَاعَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: سَمِعَ مُجَاهِدٌ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَحَادِيثَ مَعْلُومَةً بَيْنَ سَمَاعِهِ فِيهَا عُمَرُ بْنُ ذَرٍّ، وَقَدْ وَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ شَيْئًا، لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ فِي إِمَارَةِ مُعَاوِيَةَ، وَكَانَ مَوْلِدُ مُجَاهِدٌ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَمَاتَ مُجَاهِدٌ سَنَةَ ثَلَاثَ وَمِئَةٍ، فَدُلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ مُجَاهِدًا سمع أبا هريرة2.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عباس بن عبد الله الترقفي فقد روى له ابن ماجة، وهو ثقة عابد وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/849، وزاد نسبته لأبي نعيم نعمي.
2 قلت: وفي "سنن البيهقي" 7/270 التصريح بسماع مجاهد من أبي هريرة.(10/463)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى النَّارِ الْأَقْدَامَ الَّتِي 1 اغْبَرَّتْ فِي سَبِيلِهِ
4604 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ حُصَيْنِ بن حرملة المهري
__________
1 في الأصل: "الذي"(10/463)
حَدَّثَنَا أَبُو الْمُصَبِّحِ الْمَقْرَائِيُّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ بِأَرْضِ الرُّومِ فِي طَائِفَةٍ عَلَيْهَا مَالِكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَثْعَمِيُّ إِذْ مَرَّ مَالِكٌ بِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَمْشِي يَقُودُ بَغْلًا لَهُ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: أَيْ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ارْكَبْ، فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ، فَقَالَ جَابِرٌ: أُصْلِحُ دَابَّتِي، وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" فَأَعْجَبَ مَالِكًا قَوْلُهُ، فَسَارَ حَتَّى إِذَا كَانَ حَيْثُ يُسْمِعُهُ الصَّوْتَ نَادَاهُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ارْكَبْ، فَقَدْ حَمَلَكَ اللَّهُ، فَعَرَفَ جَابِرٌ الَّذِي أَرَادَ بِرَفْعِ صَوْتِهِ، وَقَالَ: أُصْلِحُ دَابَّتِي، وَأَسْتَغْنِي عَنْ قَوْمِي، وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ" فَوَثَبَ النَّاسُ عَنْ دَوَابِّهِمْ، فَمَا رَأَيْنَا يَوْمًا أَكْثَرَ مَاشِيًا مِنْهُ1.
الْمُقْرِيُّ: قَرْيَةٌ بِدِمَشْقَ، وَالْمَهْرِيُّ: سِكَّةٌ بِالْفُسْطَاطِ. قاله الشيخ.
__________
1 حديث صحيح، عتبة بن أبي حكيم كثير الخطأ، وحصين بن حرملة المهري ذكره المصنف في "الثقات" 6/213، وذكره البخاري 3/10، وقال: يُعد في الشاميين، ولم يذكر فيه جرحاً وتبعه ابن أبي حاتم 3/191. ومالك بن عبد الله الخثعمي ذكره المؤلف في الصحابة من "ثقاته" 3/379 تبعاً للبخاري، فقال: مالك بن عبد الله الخثعمي له صحبة، سكن الشام، وحديثه عن أهلها، ثم ذكره في التابعين 5/385 فقال: مالك بن عبد الله الخثعمي كان يسكن لدّ من فلسطين، من العباد يروي عن جماعة من الصحابة روى عنه أهل فلسطين، وقال الحافظ في تعجيل المنفعة ص386: يقال: إن له صحبة ولم يصح، وأثبتها البخاري، وباقي رجاله ثقات. عبد الله: هو ابن المبارك، والحديث في كتابه "الجهاد" 22.
وأخرجه أحمد 3/367، والطيالسي 1772، وأبو يعلى 2075 والبيهقي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/464)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 9/162 من طريق عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/225-226، والطبراني 19/661 عن الوليد بن مسلم، حدثنا ابن جابر أن أبا المصبح الأوزاعي حدثهم قال: بينا نسير في درب قَلَمْيَة إذ نادى الأمير مالك بن عبد الله الخثعمي رجل يقود فرسه في عراض الجبل: يا أبا عبد الله ألا تركب؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن اغبرت قدماه في سبيل الله عز وجل ساعة من نهار، فهما حرام على النار". وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي المصبح، وهو ثقة.
وأخرجه الدارمي 2/202 عن القاسم بن كثير سمعت عبد الرحمن بن شريح، عن عبد الله بن سليمان أن مالك بن عبد الله مرَّ على حبيب بن مسلمة، أو حبيب مرّ على مالك وهو يقود فرساً، وهو يمشي، فقال: ألا تركب حملك الله؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النار". وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/286، ونسبه للطبراني، وقال: عبد الله بن سليمان لم أعرفه، وبقية رجاله وُثِّقوا.
وأخرجه أحمد 5/226 عن وكيع، حدثنا محمد بن عبد الشعيثي، عن ليث بن المتوكل، عن مالك بن عبد الله الخثعمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغبرت قدماه في سبيل الله حرّمه الله على النار".
وفي الباب عن أبي عيسى، وهو الآتي بعد هذا.
وعن أبي بكر عند المروزي 21، والبزار 1660.
وعن أبي الدرداء عند أحمد 6/443-444.(10/465)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4605 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَدْرَكَنِي عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ وَأَنَا أَمْشِي إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْسٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سبيل الله حرمهما الله على النار" 1.
__________
فوقه ثقات من رجال الشيخين. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/465)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو عَبْسٍ هَذَا: مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ زَيْدِ بْنِ جُشَمِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَنْصَارِيُّ، مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِينَ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ، وَدَخَلَ قَبْرَهُ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَسَلَمَةُ بْنُ سَلَامَةَ بْنِ وَقْشٍ.
وَكُلُّ مَا يَرْوِي الْوَلِيدُ مِنْ رِوَايَةِ الشَّامِيِّينَ، فَهُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمَا يَكُونُ مِنْ رِوَايَةِ الْعِرَاقِيِّينَ فَهُوَ بُرَيْدٌ.
__________
=وأخرجه أحمد 3/479، والبخاري 907 في الجمعة: باب المشي إلى الجمعة، والترمذي 1632 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل من اغبرت قدماه في سبيل الله، والنسائي 6/14 في الجهاد: باب ثواب من اغبرت قدماه في سبيل الله، والبغوي 2618 من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 2811 في الجهاد: باب من اغبرت قدماه في سبيل الله، والبيهقي 9/162 عن إسحاق:، عن محمد بن المبارك، عن يحيى بن حمزة، عن يزيد بن أبي مريم، به.(10/466)
ذِكْرُ نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْغُبَارِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحِ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ مُسْلِمٍ
4606 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَجْتَمِعُ فِي جَوْفِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحُ جَهَنَّمَ، وَلَا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد"1.
__________
1 إسناده حسن، وأخرجه النسائي 6/12-13، والطبراني في "الصغير" 410 عن عيسى بن حماد، وأحمد 2/340 عن يونس، كلاهما عن الليث، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/72 من طريق يحيى بن بكير عن الليث، ووافقه الذهبي. وله طريق آخر تقدم برقم 3251.(10/466)
ذِكْرُ نَفْيِ اجْتِمَاعِ دُخَانِ جَهَنَّمَ وَغُبَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي مَنْخَرَيْ مُسْلِمٍ
4607 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْوَزَّانُ بِجُرْجَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْخَيَّاطُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَجْتَمِعُ دُخَانُ جهنم وغبار في سبيل الله في منخري مسلم" 1.
__________
1 إسناده حسن. محمد بن ميمون صدوق ربما أخطأ وقد روى له أصحاب السنن، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه النسائي 6/12، والترمذي 1633 من طريقين عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طلحة، بهذا الإسناد.(10/467)
ذِكْرُ تَمْثِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُزَاةِ الْبَحْرِ بِالْمُلُوكِ عَلَى الْأَسِرَّةِ
4608 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ أَنَّهَا قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَرِيبًا مِنِّي، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: "نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ يَرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ الْأَخْضَرِ، كَالْمُلُوكِ عَلَى الأسرة" قالت:(10/467)
فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَدَعَا لَهَا، ثُمَّ نَامَ الثَّانِيَةَ، فَفَعَلَ مِثْلَهَا، فَقَالَتْ مِثْلَ قَوْلِهَا، فَأَجَابَهَا مِثْلَ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ. قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: "أَنْتِ مِنَ الْأَوَّلِينَ"، فَخَرَجَتْ مَعَ زَوْجِهَا عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ غَازِيَةً أَوَّلَ مَا رَكِبَ الْمُسْلِمُونَ الْبَحْرَ مَعَ مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنْ غَزَاتِهِمْ، قَرَّبَ إِلَيْهَا دابتها لتركبها، فصرعت، فماتت1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عيسى بن حماد –وهو التجيبي الملقب بزغبة- فمن رجال مسلم. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وأخرجه البخاري 2799 في الجهاد: باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات فهو منهم، عن عبد الله بن يوسف، وابن ماجة 2776 في الجهاد: باب فضل غزو البحر، عن محمد بن رمح، كلاهما عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 2894 في الجهاد: باب ركوب البحر، والطبراني 25/319 عن أبي النعمان عارم، ومسلم 1912 161 في الإمارة: باب فضل الغزو، والبيهقي 9/166 عن خلف بن هشام، والنسائي 6/41 في الجهاد: باب فضل الجهاد في البحر، عن يحيى بن حبيب، وأبو داود 2490 في الجهاد: باب فضل الغزو في البحر، عن سليمان بن داود العتكي، وأحمد 6/423 عن سليمان بن حرب، خمستهم عن حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه أحمد 6/361، والطبراني 25/321 من طرق عن حماد بن سلمة، عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه أيضاً 6/423 عن عبد الصمد، عن أبيه، عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه مالك في "الموطأ"2/464-465 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2788 في الجهاد: باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجل والنساء، و6282 في الاستئذان: باب من زار قوماً فقال عندهم، و7001 في التعبير: باب رؤيا النهار، ومسلم 1912، وأبو داود. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/468)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَبْرُهَا بِجَزِيرَةٍ فِي بَحْرِ الرُّومِ، يُقَالُ لَهَا: قُبْرُسُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهَا قلع ثلاثة أيام1.
__________
= 2491، والنسائي 6/40-41، والترمذي 1645 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في غزو البحر، والبيهقي 9/165-166، والبغوي 3730.
وأخرجه البخاري 2877 في الجهاد: باب غزو المرأة في البحر، عن عبد الله بن محمد، عن معاوية بن عمرو، عن أبي إسحاق الفزاري، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أنس بن مالك.
وقد توسع الحافظ في "الفتح" 11/73-81 في شرح هذا الحديث وبيان ما فيه من الفوائد، فانظره لزاماً.
1 تقع شمال غرب بيروت، تبعد عنها 130 ميلاً تقريباً، قال خليفة بن خياط في "تاريخه" ص160 في حوادث سنة ثمان وعشرين: وفيها غزا معاوية البحر ومعه امرأته فاختة بنت قرظة من بني عبد مناف، ومعه عبادة بن الصامت ومعه امرأته أم حرام بنت ملحان الأنصارية، فأتى قبرس، فتوفيت أم حرام فقبرها هنالك. وقد أرخ هذه الغزوة في سنة ثمان وعشرين غير واحد، وبه جزم ابن أبي حاتم. وكان ذلك في خلافة عثمان رضي الله عنه.(10/469)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِي غَيْرِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ
4609 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا أَبُو مِعَنٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ: قَالَ عُثْمَانُ فِي مَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى: أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا كُنْتُ كَتَمْتُكُمُوهُ ضَنًّا بِكُمْ، وَقَدْ بَدَا لِي أَنْ أُبْدِيَهُ نَصِيحَةً لِلَّهِ وَلَكُمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: "يوم(10/469)
فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ" فَلْيَنْظُرْ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ لِنَفْسِهِ1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو مِعَنٍ هَذَا: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مِعَنٍ الْغِفَارِيُّ، مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَبُو عَقِيلٍ: زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ مِنْ أَهْلِ الرَّمْلَةِ، وَأَبُو صَالِحٍ مولى عثمان: اسمه الحارث.
__________
1 أبو صالح مولى عثمان ذكره المؤلف في "الثقات" 4/136، وقال العجلي ص501: روى عنه زُهرة بن معبد وأهل مصر: ثقة، ووثقه أيضاً الهيثمي في "المجمع" 1/297، وجزم الدارقطني والرامهرمزي والمؤلف بأن اسمه الحارث، ويقال: تركان، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 1/62، والدارمي 2/211، والترمذي 1667 في فضائل الجهاد: ما جاء في فضل المرابط، والنسائي 6/40 في الجهاد: باب فضل الرباط، من طرق عن زهرة بن معبد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وصححه الحاكم 2/68 على شرط البخاري ووافقه الذهبي، مع أن أبا صالح مولى عثمان لم يخرج له البخاري.(10/470)
ذِكْرُ تَكَفُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ خَرَجَ لِلْجِهَادِ قَصْدًا إِلَى بَارِئِهِ بِأَنْ يَرُدَّهُ بِأَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ
4610 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ، وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ مع ما نال من أجر غنيمة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان،..=(10/470)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "الموطأ" 2/443-444 في أول كتاب الجهاد.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3123 في فرض الخمس: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحلت لكم الغنائم"، و7457 في التوحيد: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، و7463 باب قول الله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي ... } ، والنسائي 6/16 في الجهاد: باب ما تكفل الله عز وجل لمن يجاهد في سبيله.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2311 عن سفيان و2312 عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1876 104 في الإمارة: باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، والبيهقي 9/157 عن يحيى بن يحيى، عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، به.
وأخرجه البخاري 2787 في الجهاد: باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله، عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/399 و424، والبيهقي 9/39 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه النسائي 8/119 في الإيمان: باب الجهاد، عن قتيبة، عن الليث، عن سعيد، عن عطاء بن ميناء، عن أبي هريرة.
وأخرجه البيهقي 9/157 من طريق مسدد، عن عبد الواحد بن زياد، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة.(10/471)
ذِكْرُ وَصْفِ الدَّرَجَاتِ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4611 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ، بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا(10/471)
بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ، فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَهُوَ أَعْلَى الْجَنَّةِ، وفوقه العرش، ومنه تفجر أنهار الجنة" 1.
__________
1 فليح بن سليمان احتج به البخاري وأصحاب السنن وروى له مسلم حديثاً واحداً وهو حديث الإفك، وضعفه يحيى بن معين والنسائي وأبو داود، وقال الساجي: هو من أهل الصدق وكان يهم، وقال الدارقطني: مختلف فيه ولا بأس به، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة مستقيمة وغرائب وهو عندي لا بأس به، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو القيسي.
وأخرجه أحمد 2/335 عن أبي عامر، و339 عن فزارة بن عمر، كلاهما عن فليح، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 2790 في الجهاد: باب درجات المجاهدين عن يحيى بن صالح، و7423 في التوحيد: باب وكان عرشه على الماء، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص398 عن محمد بن فليح، والحاكم 1/80 عن سريج بن النعمان وابن وهب، والبغوي 2610 عن سريج بن النعمان، أربعتهم عن فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.
وقد علق الحافظ على قوله: عن عطاء بن يسار فقال: كذا لأكثر الرواة عن فليح، وقال أبو عامر العقدي: عن فليح عن عبد الرحمن بن أبي عمرة، بدل عطاء بن يسار، أخرجه أحمد وإسحاق في "مسنديهما" عنه، وهو وهم من فليح حال تحديثه لأبي عامر، وعند فليح بهذا الإسناد حديثٌ غير هذا سيأتي في الباب الذي بعدَ هذا، فلعله انتقل ذهنُه من حديث إلى حديث، وقد نبه يونس بن محمد في روايته عن فليح على أنه كان ربما شكَّ فيه، فأخرج أحمد عن يونس، عن فليح، عن هلال، عن عبد الرحمن بن أبي عمرة وعطاء بن يسار، عن أبي هريرة، فذكر هذا الحديث، قال فليح: ولا أعلمه إلا ابن أبي عمرة، قال يونس: ثم حدثنا به فليح، فقال: عطاء بن يسار، ولم يشك، انتهى. وكأنه رجع إلى الصواب فيه، ولم يقف ابن حبان على هذه، فأخرجه من طريق أبي عامر.
وقد وافق فليحاً على روايته إياه عن هلال، عن عطاء، عن أبي هريرة. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/472)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ" يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْفِرْدَوْسَ فِي وَسَطِ الْجِنَّانِ فِي الْعَرْضِ، وَقَوْلُهُ: "وَهُوَ أَعْلَى الْجَنَّةِ" يُرِيدُ بِهِ فِي الِارْتِفَاعِ1.
__________
= محمدُ بن جحادة عن عطاء أخرجه الترمذي 2529 من روايته مختصراً، وقال: هذا حديث حسن غريب، ورواه زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، فاختلف عليه، فقال هشام بن سعد وحفص بن ميسرة والدراوردي عنه عن عطاء عن معاذ ابن جبل، أخرجه الترمذي 2530، وابن ماجة 4331، وقال همام: عن زيد، عن عطاء، عن عبادة بن الصامت، أخرجه الترمذي 2531، والحاكم 1/80، ورجح رواية الدراوردي ومن تابعه على رواية همام، ولم يتعرض لرواية هلال مع أن بين عطاء بن يسار ومعاذ انقطاعاً.
1 في "فتح الباري" 6/16: المراد بالأوسط هنا: الأعدل والأفضل كقوله تعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} فعلى هذا فعطف الأعلى عليه للتأكيد، وقال الطيبي: المراد بأحدهما: العلو الحسي، وبالآخر العلو المعنوي، وقال ابن حبان: المراد بالأوسط السعة، وبالأعلى الفوقية.(10/473)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ
4612 - أَخْبَرَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ رَضِيَ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَقَالَ: أَعِدْهَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَفَعَلَ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَأُخْرَى يُرْفَعُ بِهَا الْعَبْدُ مِائَةَ دَرَجَةٍ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ"(10/473)
قَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "الجهاد في سبيل الله عز وجل" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو هانئ الخولاني: حميد بن هانئ، وأبو عبد الرحمن الحبلي: عبد الله بن يزيد المعافري.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2301، ومسلم 1884 في الإمارة: باب بيان ما أعدّه الله تعالى للمجاهد في الجنة من الدرجات، والنسائي 6/19، والبيهقي 9/158، والبغوي 2611 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/14 عن يحيى بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، به.
وصححه الحاكم 2/93 من طريق عبد الله بن صالح، عن أبي شريح المعافري، عن أبي هانئ، عن أبي علي الجنبي، عن أبي سعيد الخدري.(10/474)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُجَاهِدِينَ مِنْ وَفْدِ اللَّهِ الَّذِينَ دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ
4613 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَهْلٍ الْجَعْفَرِيُّ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْحَاجُّ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، وَالْمُعْتَمِرُ وفد الله، دعاهم فأجابوه" 1.
__________
1 الحسن بن سهل الجعفري ذكره المؤلف في "الثقات" 8/177، وكنّاه بأبي علي، وقال: من أهل الكوفة يروي عن أبي خالد الأحمر والكوفيين، حدثنا عنه الحسن بن سفيان وغيره، وقال ابن أبي حاتم 3/17: روى عن محمد بن الحسن الأسدي، وأبي بكر بن عياش، وعبدة ووكيع، ومصعب بن سلام، روى عنه أبو زرعة، وعمران بن عيينة أخو سفيان، روى له أصحاب السنن، مختلف فيه، قال الحافظ في "التقريب": صدوق له أوهام، وعطاء بن السائب رمي بالاختلاط. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/474)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه ابن ماجة 2893، والطبراني في "الكبير" 13556 من طريق عمران بن عيينة، بهذا الإسناد. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 185: إسناده حسن عمران مختلف فيه ... ورواه البيهقي من هذا الوجه فوقفه، ولم يرفعه.
وله شاهد عن جابر يتقوى به عند البزار 1153 رفعه "الحجاج والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه، وسألوه فأعطاهم" وسنده ضعيف.
وآخر من حديث أبي هريرة عند ابن ماجة 2892، والبيهقي 5/262، وفي سنده صالح بن عبد الله بن صالح، قال البخاري: منكر الحديث. وانظر 3692.(10/475)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِهِ بِكَتْبِهِ أَجْرَ رَقَبَةٍ لَوْ أَعْتَقَهَا لَهُ
4614 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "من رمى بسهم بين سبيل الله، كان كمن اعتق رقبة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد 4/253-256 عن أبي معاوية بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 9/162 من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عن الأعمش، به. وانظر 4597.(10/475)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَنْ بَلَغَ سهما في سبيله
4615 - أخبرنا محمد بْنِ عَدِيٍّ بِنَسَا، حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ، قَالَ: حَاصَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّائِفَ، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ" قَالَ: فَبَلَغَتْ يَوْمَئِذٍ سِتَّةَ عَشَرَ سَهْمًا1.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو نَجِيحٍ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السلمي.
__________
1 إسناده صحيح، حميد بن زنجويه: هو حميد بن مخلد بن قتيبة الأزدي ثقة ثبت صاحب تصانيف، روى له أبو داود والنسائي، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير معدان بن أبي طلحة فمن رجال مسلم.
وأخرجه أبو داود 3965 في العتق: باب أي الرقاب أفضل، والترمذي 1638 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل الرمي في سبيل الله، والنسائي 6/26 في الجهاد: باب ثواب من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل، من طريقين عن هشام الدستوائي، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/95 و121 على شرط الشيخين ووافقه الذهبي مع أن معدان بن أبي طلحة لم يخرج له البخاري.
وأخرجه البيهقي 9/161 من طريق شيبان، عن قتادة. به.
وأخرجه أحمد 4/386، والنسائي 6/26 و27، والبيهقي 10/272 من طرق عن شرحبيل بن السمط، عن أبي نجيح.
وأخرجه ابن ماجة 281 في الجهاد: باب الرمي في سبيل الله، والبيهقي 9/162 من طريقين عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن سليمان بن عبد الرحمن القرشي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عمرو بن عبسة. وهو في المستدرك 2/96.
وأخرجه أحمد 4/386 عن هاشم بن القاسم، عن الفرج، عن لقمان، عن أبي أمامة، عن عمرو بن عبسة.(10/476)
ذِكْرُ وَصْفِ الدَّرَجَةِ الَّتِي يُعْطِيهَا اللَّهُ لِمَنْ بَلَغَ سَهْمًا فِي سَبِيلِهِ
4616 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ:
قُلْنَا لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: يَا كَعْبُ حَدِّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْذَرْ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَ الْعَدُوَّ بِسَهْمٍ، رَفَعَ اللَّهُ بِهِ دَرَجَةً لَهُ" فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ النَّحَّامِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الدَّرَجَةُ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّهَا لَيْسَتْ بِعَتَبَةِ أُمِّكَ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ مِائَةُ عَامٍ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُمْ لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: حَدِّثْنَا وَاحْذَرْ يُرِيدُونَ بِقَوْلِهِمْ: وَاحْذَرْ: أَنْ لَا تَزِلَّ، فَتُزِيدَ أَوْ تَنْقُصَ، وَلَمْ يُرِيدُوا بِقَوْلِهِمْ: وَاحْذَرْ أَنْ لَا تَكْذِبَ، لِأَنَّهُمْ كُلُّهُمْ عُدُولٌ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، وَأَلْحَقَنَا بهم.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه النسائي 6/27 عن محمد بن العلاء، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد(10/477)
ذِكْرُ رَجَاءِ نَوَالِ الْجِنَّانِ بِالثَّبَاتِ تَحْتَ أَظِلَّةِ السُّيُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4617 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ الْغُبَرِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ:(10/477)
سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ -وَهُوَ بِحِصْنِ الْعَدُوِّ، أَوْ بِحَضْرَةِ الْعَدُوِّ- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ" فَقَامَ رَجُلٌ رَثَّ الْهَيْئَةِ فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَجَاءَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكُمُ السَّلَامَ، ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ، فَأَلْقَاهُ، ثُمَّ مَضَى بِسَيْفِهِ قُدُمَا، فضرب به حتى قتل1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. قطن بن نسير قد تُبع، وأبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب، وأبو بكر بن عبد الله بن قيس: اسمه عمر أو عامر، ثقة روى له الستة، مات سنة ست ومئة، وكان أسن من أخيه أبي بردة.
وأخرجه أحمد 4/396 و411، ومسلم 1902 في الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، والترمذي 1659 في فضائل الجهاد: باب ما ذكر أن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، وابن أبي عاصم في "الجهاد" 75/1، والحاكم 2/70، والبيهقي 9/44، وأبو نعيم في "الحلية" 2/317 من طرق عن جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن أبي أوفى عند البخاري 2818 و2823 و2966 و3024 و7237، ومسلم 1942، وأبو داود 2631، وأحمد 4/353-354، والحاكم 2/78.
وجفن السيف: غمده، وقُدُماً، بضم الدال أي: لم يُعرِّج ولم نثن.(10/478)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ الله قل ثباته في أَوْ كَثُرَ
4618 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْخَلَّالُ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يَخَامِرَ السَّكْسَكِيِّ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَاتَلَ في(10/478)
سَبِيلِ اللَّهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ" 1.
__________
1 حديث صحيح، إسناده حسن من أجل ابن ثوبان: واسمه عبد الرحمن.
وأخرجه أبو داود 2541 في الجهاد: باب فيمن سأل الله تعالى الشهادة، والطبراني 20/206، والبيهقي 9/170 من طريقين عن ابن ثوبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/230-231 و244، والنسائي 6/25 في الجهاد: باب ثواب من قاتل في سبيل الله فواق ناقة، والترمذي 1657 في فضائل الجهاد: باب فيمن يُكْلَم في سبيل الله، وابن ماجة 2792 في الجهاد: باب القتال في سبيل الله، وعبد الرزاق 9534، والطبراني 20/204، والبيهقي 9/170 من طرق عن ابن جريج، حدثنا سليمان بن موسى، حدثنا مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل. وسليمان بن موسى: هو الأشدق، فقيه أهل الشام، مختلف فيه، قال أبو حاتم: محله الصدق، وفي حديثه بعض الاضطراب، وقد صرح بالسماع من مالك عند النسائي والبيهقي. وصححه الحاكم 2/77 على شرط مسلم فأخطأ، فإن سليمان بن موسى لم يخرج له مسلم.
وأخرجه الدارمي 2/201، وأحمد 5/235، والطبراني 2/203 من طريق ابن عياش، كلاهما عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل، وهذا سند قوي في الشواهد.
وأخرجه الطبراني 20/207 من طريق هشام بن عمار، عن محمد بن عيسى بن سميع، عن زيد بن واقد، عن جبير بن نفير، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل.
وله شاهد من حديث عمرو بن عبسة عند أحمد 4/287.
وفُواق ناقة، بضم الفاء وفتحها: هو ما بين الحلبتين من الراحة، وفي نصب فواق وجهان: أحدهما أن يكون ظرفاً تقديره: وقت فواق، أي وقتاً مقدراً بذلك، والثاني: أن يكون جارياً مجرى المصدر، أي: قتالاً مقدراً بفواق.(10/479)
ذِكْرُ فَضْلِ الْمُهَاجِرِ إِذَا جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4619 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ بِالصَّغْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ(10/479)
الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "أَنَا زَعِيمٌ –وَالزَّعِيمُ: الْحَمِيلُ- لِمَنْ آمَنَ بِي، وَأَسْلَمَ، وَهَاجَرَ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَأَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي، وَأَسْلَمَ، وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ، وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَبًا، وَلَا مِنَ الشَّرِّ مَهْرَبًا، يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَمُوتَ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الزَّعِيمُ لُغَةً أَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَالْحَمِيلُ لُغَةً أَهْلُ مِصْرَ، وَالْكَفِيلُ لُغَةً أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةُ الزَّعِيمُ: الْحَمِيلُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أُدْرِجَ فِي الخبر.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن مالك الجنبي فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ.
وأخرجه النسائي 6/21 في الجهاد: باب ما لمن أسلم وهاجر وجاهد، عن الحارث بن مسكين، والطبراني 18/801 عن أحمد بن صالح، والبيهقي 6/72 عن بحر بن نصر الخولاني ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكيم، أربعتهم عن ابن وهب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم 2/61 و71 من طريقين عن ابن وهب به، ووافقه الذهبي، مع أن عمرو بن مالك الجنبي لم يخرج له مسلم.(10/480)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتْفَ أَنْفِهِ
4620 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدثنايزيد بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ، وَهِشَامُ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي الْعَجْفَاءِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: خَطَبَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: أَلَا لَا تَغْلُوا صَدَاقَ النِّسَاءِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، لَكَانَ أَوْلَاكُمْ وَأَحَقُّكُمْ بِهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصْدَقَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلَا امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً، وَأُخْرَى تَقُولُونَهَا مَنْ قُتِلَ فِي مَغَازِيكُمْ: مَاتَ فُلَانٌ شَهِيدًا، فَلَا تَقُولُوا ذَاكَ، وَلَكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ مَاتَ فِي سبيل الله، فهو في الجنة" 1.
__________
1 إسناده قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي العجفاء، قيل: اسمه هرم بن نسيب، وقيل بالعكس، وقيل بالصاد بدل السين، روى له أصحاب السنن، ووثقه ابن معين والدارقطني، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال البخاري: في حديثه نظر، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم.
وأخرجه أحمد 1/40-41 و48، والدارمي 2/141، وأبو داود 2106 في النكاح: باب الصداق، والترمذي 1114 في النكاح، والنسائي 6/117-119 في النكاح: باب القسط في الأصدقة، وابن ماجة 1887 في النكاح: باب صداق النساء، والبيهقي 7/234 من طرق عن محمد بن سيرين، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/175-176 من طريق يزيد بن هارون، عَنِ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي العجفاء، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد رواه أيوب السيختياني، وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وسلمة بن علقمة، ومنصور بن راذان، وعوف بن أبي جميلة، ويحيى بن عتيق، كل هذه التراجم من روايات صحيحة عن محمد بن سيرين، وأبو العجفاء السلمي: اسمه هرم بن حيان، وهو من الثقات. وتعقبه الإمام الذهبي في اسمه وقال: بل هرم بن نسيب، ولم يتعقبه في تصحيح الحديث.(10/481)
ذِكْرُ تَمْثِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المجاهد بالصائم القائم الذي لا يفطر ولا يَفْتُرُ
4621 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ -وَكَانَ قَدْ صَامَ النَّهَارَ، وَقَامَ اللَّيْلِ ثَمَانِينَ سَنَةً غَازِيًا وَمُرَابِطًا- أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَصَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، والأعرج: عبد الله بن هرمز. وهو في "الموطأ" 2/443 في أول الجهاد، و"شرح السنة" 2613.
وأخرجه البخاري 2787 في الجهاد: باب أفضل الناس مؤمن مجاهد بنفسه، عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، والنسائي 6/18 عن هناد بن السري، عن ابن المبارك، عن معمر، كلاهما عن الزُّهْرِيُّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هريرة. انظر 4627.(10/482)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفَضْلَ يَكُونُ لِلْمُجَاهِدِ وَإِنْ مَاتَ فِي طَرِيقِهِ ذَلِكَ
4622 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ -وَكَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مَرَّتَيْنِ- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الْقَانِتِ الصَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ صَلَاةً وَلَا صِيَامًا حَتَّى يَرْجِعَهُ اللَّهُ إلى أهله لما يَرْجِعُهُ إِلَيْهِمْ مِنْ غَنِيمَةٍ أَوْ أَجْرٍ أَوْ يتوفاه فيدخله الجنة" 1.
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو صدوق صاحب أوهام، روى له البخاري مقرونا.
ومسلم متابعة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح، وانظر ما قبله.(10/482)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي بِتَفَضُّلِهِ الْمُرَابِطَ يَوْمًا أَوْ لَيْلَةً خَيْرًا مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ
4623 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ سَلْمَانُ وهو مرابط، فقال: ما تصنع ها هنا يَا شُرَحْبِيلُ؟ فَقَالَ شُرَحْبِيلُ: أُرَابِطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، قَالَ سَلْمَانُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "رِبَاطُ يَوْمٍ أَوْ ليلة خير من صيام شهر وقيامه" 1.
__________
1 إسناده صحيح، يزيد بن موهب روى له أصحاب السنن وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم 1913 في الإمارة: باب فضل الرباط في سبيل الله، والنسائي 6/39 في الجهاد: باب فضل الرباط، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/102، والحاكم 2/80، والبيهقي 9/38 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم 1913، والطحاوي 3/101-102، والحاكم 2/80، والبغوي 2617 من طريق ابن وهب، عن عبد الرحمن بن شريح، عن عبد الكريم بن الحارث، عن أبي عبيد بن عقبة، عن شرحبيل بن السمط، عن سلمان.
وأخرجه أحمد 5/440، والترمذي 1665 من طريقين عن شرحبيل بن السمط، به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وأخرجه الطبراني 6077 و6177 و6178 و6179 و6180 من طرق عن شرحبيل بن السمط، به.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "الجهاد" 101/1-2، والطبراني 6064 من طريق كعب بن عجرة.
وأخرجه الطبراني 6134 من طريق أبي عثمان، عن سلمان.(10/483)
ذِكْرُ انْقِطَاعِ الْأَعْمَالِ عَنِ الْمَوْتَى وَبَقَاءِ عَمَلِ الْمُرَابِطِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَعَ أَمْنِهِ مِنْ عَذَابَ الْقَبْرِ
4624 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا حيوة بن شريح، حدثني أو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ أَنَّ عَمْرَوَ بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كُلُّ مَيِّتٍ يُخْتَمُ عَلَى عَمَلِهِ إِلَّا الَّذِي مَاتَ مُرَابِطًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَنْمُو لَهُ عَمَلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَيَأْمَنُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ". قَالَ: وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نفسه لله عز وجل" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير عمرو بن مالك الجنبي، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة، وهو في الجهاد لابن المبارك 174 175.
وأخرجه الطبراني في "الكبير"18/802 والحاكم 2/144 من طريق عن ابن المبارك، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 6/20 عن إسحاق بن إبراهيم، والترمذي 1621 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل من مات مرابطاً، عن أحمد بن محمد، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود 2500 في الجهاد: باب في فضل الرباط، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/102، والطبراني 18803، والحاكم 2/72 من طريق ابن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، به. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ ووافقه الذهبي!(10/484)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُرَابِطَ إِنَّمَا يَجْرِي لَهُ عَمَلِهِ لَا عَمَلُهُ
4625 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ عَنْ سَلْمَانَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنِ مات مرابطا في سبيل الله، أو من عَذَابَ الْقَبْرِ، وَنَمَا لَهُ أَجْرُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: النُّعْمَانُ هَذَا: هُوَ النُّعْمَانُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْغَسَّانِيُّ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ.
__________
1 إسناده قوي، الهيثم بن حميد صدوق وكذا شيخه، وباقي السند ثقات من رجال الصحيح. وانظر 4623.(10/485)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُرَابِطَ الَّذِي يَجْرِي لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إِنَّمَا هُوَ أَجْرُ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ
4626 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنِ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَيْهِ سَلْمَانُ وَهُوَ مُرَابِطٌ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا، أُجْرِيَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُ، وأومن الفتان، ويجري عليه رزقه" 1.
__________
1 إسناده صحيح، وهو مكرر 4604.
وفي الباب عن أبي هريرة عند ابن ماجة 2767، والبزار 1655.(10/485)
ذِكْرُ مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ مِنَ الطَّاعَاتِ
4627 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِعَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا تُطِيقُونَهُ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا لَعَلَّنَا نُطِيقُهُ قَالَ: "مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَوْمٍ وَلَا صَدَقَةٍ حتى يرجع المجاهد إلى أهله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/459، ومسلم 1878 في الإمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى، والبيهقي 9/158 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد. وانظر 4621.(10/486)
ذِكْرُ إِظْلَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ فِي سَبِيلِهِ
4628 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدِ، بْنِ أَبِي الْوَلِيدِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ الْعَدَوِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من أَظَلَّ رَأْسَ غَازٍ، أَظَلَّهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِجِهَادِهِ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَذْكُرُ فِيهِ اسْمَ اللَّهِ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا في الجنة" 1.
__________
1 رجاله ثقات رجال الصحيح، الوليد بن أبي الوليد: هو مولى عبد الله بن عمر،......=(10/486)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبو عثمان المدني، ويقال: مولى لآل عثمان، قال ابن أبي حاتم 9/19-20: روى عن ابن عمر وعثمان بن عبد الله بن سراقة، وعبد الله بن دينار، وعقبة بن مسلم، روى عنه بكير بن الأشج، وابن الهاد، والليث بن سعد، وحيوة بن شريح، سمعتُ أبي يقول ذلك. سئل أبو زرعة عنه، فقال: ثقة، وفي "تاريخ البخاري" 8/156: قال لنا عبد الله بن يوسف: حدثنا الليث، قال: حدثنا الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان وكان فاضلاً من أهل المدينة، وقال الذهبي في "الكاشف": ثقة: وروى له البخاري في "الأدب المفرد" ومسلم وأصحاب السنن، وأخطأ الحافظ في "التقريب" فلين حديثه.
وعثمان بن عبد الله: هو عثمان بن عبد الله بن عبد الله بن سراقة بن المعتمر العدوي أبو عبد الله المدني سبط عمر، أمه زينب بنت عمر، ثقة روى له البخاري، لكن قالوا: إن روايته عن عمر مرسلة اعتماداً على قول الواقدي، وقد رده الحافظ في "التهذيب" بقوله: وقد أخرج ابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" حديثه عن جده عمر بن الخطاب، ومقتضاه أن يكون سمع منه، فالله أعلم، نعم وقع مصرحاً بسماعه منه عند أبي جعفر بن جرير الطبري في "تهذيب الآثار" له، قال: حدثنا أحمد بن منصور، حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا الوليد بن أبي الوليد، قال: كنت بمكة وعليها عثمان بن عبد الرحمن بن سراقة كذا فيه فسمعته يقول: يا أهل مكة إني سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... فذكر ثلاثة أحاديث "من أظل غازياً ... " قال: فسألت عنه، فقالوا لي: هذا ابن بنت عمر بن الخطاب، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.
وهو في "مسند أبي يعلى" 253.
وأخرجه أحمد 1/20، وابن أبي شيبة 1/310، وابن ماجة 2758، والبزار 1665، والحاكم 2/89، والبيهقي 9/172 من طرق عن الليث بن سعد، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة، بهذا الإسناد. وقد تقدم برقم 1609.
تنبيه: لم يرد في سند المؤلف هنا وعند أبي يعلى يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد مع أنه قد ذكر في جميع المصادر المتقدمة التي خرجت الحديث من طريق الليث، وقد ذكروا في ترجمة الوليد بن أبي الوليد أنه يروي عنه. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/487)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الليث بن سعد وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الهاد، فلعل الليث رواه أولاً بواسطة ابن الهاد، ثم رواه مباشرة عن الوليد.
وقد أخرجه أحمد 1/53 من طريق ابن لهيعة، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عثمان بن عبد الله بن سراقة العدوي، به. ولم يذكر ابن الهاد.
ويشهد له حديث زيد بن خالد الجهني الذي سيذكره المؤلف قريباً.(10/488)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ خَلَفَ الْغَازِي فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ مِثْلَ نِصْفِ أَجْرِهِ
4629 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ يَزِيدَ1 بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَى بَنِي لِحْيَانَ: لِيَخْرُجْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ رَجُلٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْقَاعِدِ: "أَيُّكُمْ خَلَفَ الْخَارِجَ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ بِخَيْرٍ كَانَ له مثل نصف أجر الخارج" 2.
__________
1 في الأصل: سعيد، وهو خطأ.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه سعيد بن منصور في "سننه" 2326، ومن طريق مسلم 1895 138 في الإمارة: باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله، وأبو داود 2510 في الجهاد: باب ما يجزئ من الغزو، عن ابن وهب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 2/82 من طريق ابن وهب، به. ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 3/15 عن هارون بن معروف، عن ابن وهب، به.
وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" 1038 عن محمد بن يحيى، عن أبي نعيم، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سعيد مولى المهري، عن أبي سعيد الخدري.(10/488)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا التَّحْصِيرَ لِهَذَا الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِي خَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ
4630 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ حَتَّى إِنَّهُ لَا ينقص من أجر الغازي شيء" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الملك بن أبي سليمان، فمن رجال مسلم. أبو خيثمة: زهير بن حرب، ومحمد بن عُبيد: هو الطنافسي، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه أحمد 4/114-115 و116 و5/192، والحميدي 818، وسعيد بن منصور في "سننه" 2328، والدارمي 2/209، والترمذي 1629 في فضائل الجهاد: باب من جهز غازياً، وابن ماجة 2759 في الجهاد: باب من جهز غازياً، والطبراني في الكبير 5267 و5268 و5270 و5271 و5272 و5274 و5275 و5276 و5277، وفي "الصغير" 836، والبيهقي 4/240 من طرق عن عطاء، به.(10/489)
ذِكْرُ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْغَازِي وَبَيْنَ مَنْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ فِي الْأَجْرِ
4631 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:(10/489)
"مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ، فَقَدْ غزا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حرملة فمن رجال مسلم. بكير بن الأشج: هو بكير بن عبد الله بن الأشج.
وأخرجه الطيالسي 956، وأحمد 4/115 و116 و117 و5/193، والبخاري 2483 في الجهاد: باب فضل من جهز غازياً أو خلفه بخير، وسعيد بن منصور 2325، ومسلم 1895 في الإمارة: باب فضل من إعان الغازي، وأبو داود 2509 في الجهاد: باب ما يجزئ من الغزو، والترمذي 1628 في فضائل الجهاد: ما جاء في فضل مَن جهَّز غازياً، والنسائي 6/46 في الجهاد: باب فضل من جهز غازياً، وابن الجارود 1037، والطبراني 5225 و5226 و5227 و5228 و5229 و5230 و5231 و5232 و5233 و5234، والبيهقي 9/28 و47 و172 من طرق عن بسر بن سعيد، بهذا الإسناد.(10/490)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَقَدْ غَزَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ
4632 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَمَّالُ، حدثني بن أبي فديك، أخبرني مولى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبِ بْنِ زَمْعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُرَاقَةَ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "من جَهَّزَ غَازِيًا، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، وَمَنْ خَلْفَ غَازِيًا فِي أَهْلِهِ، فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ" 1.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ثُمَّ أَخْبَرَنِيهُ بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ.
__________
1 رجاله ثقات رجال الصحيح غير مُوْسَى بْنِ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وهب بن زمعة، فقد روى له أصحاب السنن وهو سيء الحفظ. ابن أبي فديك: هو مُحَمَّدُ بنُ إِسمَاعِيل بن مسلم بن أبي فديك الدِّيلي مولاهم، وعبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني. وانظر ما قبله.(10/490)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُجَهِّزَ إِنَّمَا يَأْخُذُ كَحَسَنَاتِ الْغَازِي مِنْ أَجْرِ غَزَاتِهِ تِلْكَ حَتَّى يَكُونَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَجْرِ الْغَازِي شَيْءٌ وَكَذَلِكَ الْخَالِفُ فِي أَهْلِهِ بِخَيْرٍ 4633 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ عَبْدِ الملك يعني بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ خَلْفَهُ فِي أَهْلِهِ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ، وَمَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، كُتِبَ لَهُ مِثْلَ أَجْرِهِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ" 1
__________
1 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح. وهو مكرر 3429.(10/491)
ذِكْرُ أَخْذِ الْغَازِي أَجْرَ الْخَالِفِ أَهْلَهُ مِنْ حَسَنَاتِهِ فِي الْقِيَامَةِ
4634 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْمِصِّيصِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَعْنَبٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حرمة نساء(10/491)
الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَأُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِينَ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ إِلَّا نُصِبَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: يَا فُلَانُ هَذَا فُلَانٌ، فَخُذْ مِنْ حَسَنَاتِهِ مَا شِئْتَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: فَمَا ظَنُّكُمْ ما أرى يدع من حسناته شيئا" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير محمد بن قدامه المصيصي فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. بندار: لقب محمد بن بشار، وسفيان: هو الثوري، وابن بريدة: هو سليمان. وأخرجه الحميدي 907 عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه سعيد بن منصور 2331، وعنه مسلم 1897 140 في الإمارة: باب حرمة نساء المجاهدين وإثم من خانهم فيهن، وأبو داود 2496 في الجهاد: باب حرمة نساء المجاهدين، والبيهقي 9/173 عن سفيان، به.
وأخرجه أحمد 5/352، ومسلم 1897 عن وكيع، والنسائي 6/51 في الجهاد: باب من خان غازياً، عن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه.(10/492)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَكُونُ لِمَنْ خَلْفَ لِأَهْلِ الْغَازِي بِشَرٍّ
4635 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا حَرَمِيُّ بْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ قَاعِدٍ يَخْلُفُ مُجَاهِدًا فِي أَهْلِهِ بِسُوءٍ إِلَّا أُقِيمَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا خَلْفُكَ فِي أَهْلِكَ بِسُوءٍ فَخُذْ من حسناته" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن بريدة فمن رجال مسلم
وأخرجه النسائي 6/50 عن هارون بن عبد الله، عن حرمي بن عمارة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/355 عن ليث، ومسلم 1897 عن مسعر، كلاهما عن علقمة بن مرثد، به.
وأخرجه الطبراني 1164 من طريق يزيد النحوي، عن ابن بريدة، به.(10/492)
ذِكْرُ وَصْفِ الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِي يَأْجُرُ اللَّهُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ
4636 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً، وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً، وَيُقَاتِلُ رِيَاءً، فَأَنَّى ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العليا، فهو في سبيل الله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو وائل: هو شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي.
وأخرجه الطيالسي 487 و488، وأحمد 4/392 و397 و402 و405 و417، والبخاري 123 في العلم: باب من سأل وهو قائم عالماً جاساً، و2810 في الجهاد: باب مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، و3126 في فرض الخمس: باب من قاتل للمغنم هل ينقص أجره، و7458 في التوحيد: باب قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} ، ومسلم 1904 في الإمارة: باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله، وأبو داود 2517 في الجهاد: باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، والترمذي 1646 في فضائل الجهاد: باب ما جاء فيمن يقاتل رياء وللدنيا، والنسائي 6/23 في الجهاد: باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وابن ماجة 2783 في الجهاد: باب النية في القتال، والبيهقي 9/167 و168، والبغوي 2626 من طرق عن أبي وائل، بهذا الإسناد.(10/493)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ كَتْبَةِ اللَّهِ الْأَجْرَ لِمَنْ غَزَا فِي سَبِيلِهِ يُرِيدُ بِهِ شَيْئًا مِنْ عَرَضِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
4637 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بن أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ، عَنْ مِكْرَزٍ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا أَجْرَ لَهُ" فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَعَلَّكَ لَمْ تُفَهِمْهُ، قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يَبْتَغِي مِنْ عَرَضِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: "لَا أَجْرَ لَهُ" فَأَعْظَمَ ذَلِكَ النَّاسُ، وَقَالُوا لِلرَّجُلِ: عُدْ لِرَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ الثَّالِثَةَ: رَجُلٌ يُرِيدُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَهُوَ يَبْتَغِي مِنْ عرض الدنيا؟ قال: "لا أجر له" 1.
__________
1 رجاله ثقات رجال الصحيح غير مكرز، كذا وقع في الأصل و"التقاسيم" وثقات المؤلف 5/464-465 مكرز بدون كلمة ابن، وعند غيره ممن خرجه هو ابن مكرز وترجمه البخاري في "الكبير" 8/447 باسم ابن المكرز وكذلك ابن أبي حاتم 9/328، وهو الصواب إن شاء الله، وسماه الإمام أحمد 2/366 في رواية يزيد بن مكرز ولم يوثقه غير المؤلف، وقال ابن المدني: مجهول.
وأخرجه أبو داود 2516 في الجهاد: باب في من يغزو ولتمس الدنيا، والحاكم 2/85، والبيهقي 9/169 من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد......=(10/494)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 2/290 و366 من طريقين عن ابن أبي ذئب، به.
وله شاهد حسن من حديث أبي أمامة عند النسائي 6/25 ولفظة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما لَه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له" فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا شيء له"، ثم قال: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً له، وابتغي به وجهه". وقال الحافظ في الفتح 6/35: إسناده جيد، وحسنه الحافظ العراقي في تخريج الإحياء.(10/495)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَاصِدَ فِي غَزَاتِهِ شَيْئًا مِنْ حُطَامِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ لَهُ مَقْصُودُهُ دُونَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ عَلَيْهِ
4638 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ غَزَا وَلَا يَنْوِي فِي غَزَاتِهِ إِلَّا عِقَالًا، فَلَهُ مَا نَوَى"1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا يَحْيَى بْنُ الْوَلِيدِ بن الصامت بن أخي عبادة بن الصامت2.
__________
1 حديث حسن بشواهده، رجاله ثقات غير يحيى بن الوليد فلم يُوثِّقهُ غير المؤلِّف 5/523، ولم يَروِ عنه غيرُ جبلة بن عطية، وقال ابن القطان: مجهول.
2 هذا وهم من المؤلف رحمه الله، فإن يحيى بن الوليد هذا: هو حفيد عبادة بن الصامت لا ابن أخيه، فقد رواه أحمد 5/315 و230 و239، والدارمي 2/208، والنسائي 6/24 في الجهاد: باب من غزا في سبيل الله ولم ينو من غزاته إلا عقالاً، والحاكم 2/109، والبيهقي 6/331 من طرق عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ جَبَلَةَ بْنِ عَطِيَّةَ، عن يحيى بن الوليد عبادة بن الصامت، عن جده ...
وقد نقل الحافظ في "تهذيب التهذيب" 11/296 قول المؤلف هذا، وتعقبه بقوله: وفيما قاله نظر.(10/495)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَفْضَلَ الْجِهَادِ مَا رُزِقَ الْمَرْءُ فِيهِ الشَّهَادَةَ
4639 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ يُعْقَرَ جَوَادُكَ وَيُهْرَاقَ دمك" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان وهو طلحة بن نافع –فمن رجال مسلم-، وأخرجه له البخاري مقروناً.
وأخرجه أحمد 3/300 و302، والدارمي 2/20، والطيالسي 1777، والطبراني في "الصغير" 713 من طرق عن أبي سفيان، عن جابر.
وأخرجه الحميدي 1276، وأبو يعلى 2081 عن سفيان، عن أبي الزبير، عن جابر.
وأخرجه أحمد 3/346 و391 من طريقين عن أبي الزبير، به. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/290-291.(10/496)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ مَا يُؤْتِي عِبَادَهُ الصَّالِحِينَ
4640 - أَخْبَرَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا الدراوردي، عن صهيب بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بنا، فقال حين انتهى الصَّفِّ: اللَّهُمَّ آتِنِي أَفْضَلَ مَا تُؤْتِي عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ: "مَنِ الْمُتَكَلِّمُ(10/496)
آنِفًا؟ " فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله" 1.
__________
1 محمد بن مسلم بن عائذ ذكره المؤلف في "الثقات"، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال العجلي: ثقة، وأخرج حديثه ابن خزيمة والحاكم، وباقي السند رجاله رجال الصحيح. الدراوردي: هو عبد العزيز بن محمد.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" 1/222، والنسائي في "اليوم والليلة" 93، وأبو يعلى 697 و769، وابن السني 105 من طرق عن عبد العزيز الدراوردي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 1/207 بإسقاط محمد بن مسلم بن عائذ من سنده، من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن سهيل بن أبي صالح، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه سعد ... وصححه على شرط مسلم ووافقه الذهبي.(10/497)
باب فضل النفقة في سبيل الله
ذكر الخبر الدال على فضل النفقة في سبيل الله
...
5- بَابُ: فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4641 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ مَالِهِ، دَعَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ أَيْ فُلُ هَلُمَّ هَذَا خَيْرٌ مِرَارًا" فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أما إني ارجوا أن تدعوك الحجبة كلها" 1.
__________
1 إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو، وباقي رجاله ثقات، وله طريق آخر صحيح عند البخاري 2841 و3216، ومسلم 1027 86. وقد تقدم برقم 308.
وقوله: "أي فلُ" بضم اللام معناه: أي فلان، فرخم ونقل إعراب الكلمة على إحدى اللغتين في الترخيم، وقوله: "لا توى عليه" أي: لا هلاك ولا ضياع ولا خسارة.(10/498)
ذِكْرُ مُنَافَسَةِ خَزَنَةِ الْجِنَّانِ عَلَى الْمُنْفِقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ لِيَكُونَ دُخُولُهُ مِنَ الْبَابِ الَّذِي مِنْ نَاحِيَتِهِ
4642 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: سَمِعَهُ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ مَعِي مِنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَأَلَ النَّاسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: "هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ فِي سَحَابٍ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَهَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الشَّمْسِ عِنْدَ الظَّهِيرَةِ لَيْسَتْ فِي سَحَابٍ؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: "فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ رَبِّكُمْ كَمَا لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا فَيُلْقَى الْعَبْدَ، فَيَقُولُ: أَيْ فُلُ أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ، ألم أسخر لك الخيل والإبل، وأتركك ترأس وَتَرْبَعُ قَالَ: فَيَقُولُ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ، قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي".
قَالَ: "ثُمَّ يَلْقَى الثَّانِي، فَيَقُولُ: أَلَمْ أُكْرِمْكَ، أَلَمْ أُسَوِّدْكَ، أَلَمْ أُزَوِّجْكَ، أَلَمْ أُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ، وأتركك ترأس وتربع، قال: فيقول: بلى يا رَبِّ، قَالَ: فَظَنَنْتَ أَنَّكَ مُلَاقِيَّ؟ قَالَ: لَا يَا رَبِّ، قَالَ: فَالْيَوْمَ أَنْسَاكَ كَمَا نَسِيتَنِي".
قَالَ: "ثُمَّ يَلْقَى الثَّالِثَ فَيَقُولُ: مَا أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَبْدُكَ آمَنْتُ بِكَ وَبِنَبِيِّكَ، وَبِكِتَابِكَ، وصمت، وصليت،(10/499)
وَتَصَدَّقْتُ، وَيُثْنِي بِخَيْرٍ مَا اسْتَطَاعَ. قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: أَفَلَا نَبْعَثَ عَلَيْكَ شَاهِدَنَا؟ قَالَ: فَيُفَكِّرُ فِي نَفْسِهِ مَنِ الَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ، قَالَ: فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ لِفَخْذِهِ: انْطِقِي، قَالَ: فَتَنْطِقُ فَخْذُهُ وَلَحْمُهُ وَعِظَامُهُ بِمَا كَانَ يَعْمَلُ فَذَلِكَ الْمُنَافِقُ، وَذَلِكَ لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِهِ وَذَلِكَ الَّذِي سَخَطَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
قَالَ: "ثُمَّ يُنَادِي مُنَادِي أَلَا اتَّبَعَتْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ قَالَ: فَيَتْبَعُ أَوْلِيَاءُ الشَّيَاطِينَ الشَّيَاطِينَ، قَالَ: وَاتَّبَعَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَهُمْ إِلَى جَهَنَّمَ ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ يَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ، ثُمَّ نَبْقَى أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ فَيَأْتِينَا رَبُّنَا وَهُوَ رَبُّنَا فَيَقُولُ: عَلَى مَا هَؤُلَاءِ قِيَامٌ؟ فَيَقُولُونَ: نَحْنُ عِبَادُ اللَّهِ المؤمنين وعَبَدْنَاهُ وَهُوَ رَبُّنَا وَهُوَ آتِينَا وَمُثِيبُنَا1، وَهَذَا مَقَامُنَا. قَالَ: فَيَقُولُ: أَنَا رَبُّكُمْ فَامْضُوا، قَالَ: فَيُوضَعُ الْجِسْرُ وَعَلَيْهِ كَلَالِيبُ مِنْ نَارٍ تَخْطَفُ النَّاسَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ حَلَّتِ الشَّفَاعَةُ، اللَّهُمَّ سَلِّمِ اللَّهُمَّ سَلِّمْ، فَإِذَا جَاوَزَ الْجِسْرَ، فَكُلُّ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجًا مِنَ الْمَالِ مِمَّا يَمْلِكُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَكُلُّ خَزَنَةِ الْجَنَّةِ تَدَعُوهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ، فَيُقَالُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا مُسْلِمُ هَذَا خَيْرٌ" قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ذَلِكَ لِعَبْدٍ لَا تَوَى عَلَيْهِ يَدَعُ بَابًا وَيَلِجُ مِنْ آخَرَ، قَالَ: فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، وَقَالَ: "وَالَّذِي نفسي بيده إني لأرجوا أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ" 2.
قَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ: أَمْلَاهُ علي سفيان إملاء.
__________
1 في الأصل: ويثيبنا، والمثبت من "التقاسيم" 3/144.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم.(10/500)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
ومعنى "ترأس" أي تكون رئيس القوم.
وتربع: تأخذ المرباع الذي كان يأخذه رئيس القوم من الغنيمة وهو ربعها
يقال ربعتهم أي أخذ ربع أموالهم ومعناه: ألم أجعلك رئيسا مطاعا
وقوله: "ليعذر من نفسه" من الإعذار والمعنى: ليزيل الله عذره من قبل نفسه بكثرة ذنوبه وشهادة أعضائه عليه بحيث لم يبق له عذر يتشبث به.
وأخرج ابن منده في الإيمان 809 من طريق حميدي بن سفيان بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم في صحيحه 2968 في الزهد والرقائق إلى قوله "وذلك الذي سخط الله عليه" عن محمد بن أبي عمر عن سفيان بهذا افسناد.(10/501)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ اسْمَ الزَّوْجِ تُوقِعُ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهَا عَلَى الْوَاحِدِ إِذَا قُرِنَ بِجِنْسِهِ
4643 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يُحَدِّثُ عَنْ صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَمُّ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ:
قَدِمْتُ الرَّبَذَةَ، فَلَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا1 مَالُكَ؟ قَالَ: مَالِي عَمَلِي، قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا تُحَدِّثُنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ" وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ رَجُلٍ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ" قُلْتُ: وَمَا زَوْجَانِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: عَبْدَانِ مِنْ رَقِيقِهِ، فَرْسَانِ مِنْ خَيْلِهِ، بَعِيرَانِ مِنْ إِبِلِهِ2.
__________
1 ما سقطن من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 3/لوحة 145.
2 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صعصعة بن معاوية، فقد روى له البخاري في "الأدب المفرد" والنسائي وابن ماجة، وله صحبة، وقيل: إنه مخضرم، مات في ولاية الحجاج على العراق. وقد تقدم برقم 2940 وله شواهد.(10/501)
ذِكْرُ ابْتِدَارِ خَزَنَةِ الْجِنَّانِ فِي الْقِيَامَةِ عِنْدَ نِدَاءِ مَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ
4644 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ، قَالَ: قَالَ صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَمُّ الْأَحْنَفِ: أَتَيْتُ أَبَا ذَرٍ بِالرَّبَذَةِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا مَالُكَ؟ قَالَ مَالِي عَمَلِي، فَقُلْتُ: حَدِّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ابْتَدَرَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ" قَالَ: قُلْتُ: وَمَا زَوْجَانِ؟ قَالَ: "فَرْسَانِ مِنْ خَيْلِهِ، بَعِيرَانِ مِنْ إِبِلِهِ، عَبْدَانِ مِنْ رَقِيقِهِ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْعَرَبُ: فِي لُغَتِهَا تُسَمِّي الْفَرْدَيْنِ الْمُتَلَازِمَيْنِ زَوْجَيْنِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذريات:49] .
__________
1 إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.(10/502)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَرَتْهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ أَرَادَ بِهِ حَجَبَةَ الْجَنَّةِ
4645 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: حَدَّثَنِي صَعْصَعَةُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: لَقِيتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَقَدْ أَوْرَدَ رَوَاحِلَ لَهُ، فَسَقَاهَا، ثُمَّ أَصْدَرَهَا وَقَدْ عَلَّقَ قِرْبَةً فِي عُنُقِ رَاحِلَةٍ لَهُ مِنْهَا، لِيَشْرَبَ مِنْهَا، وَيَسْقِي أَصْحَابَهُ، وَذَلِكَ خُلُقٌ مِنْ(10/502)
أَخْلَاقِ الْعَرَبِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ: مَا مَالُكَ؟ قَالَ: مَالِي عَمَلِي، قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ؟ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "من أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ مِنْ مَالِهِ، ابْتَدَرَتْهُ حَجَبَةُ الْجَنَّةِ". قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ مَا هَذَانِ الزَّوْجَانِ؟ فَقَالَ: إِنْ كَانَ رِجَالًا، فَرَجُلَانِ، وَإِنْ كَانَتْ خَيْلًا، فَفَرَسَانِ، وَإِنْ كَانَتْ إِبِلًا، فَبَعِيرَانِ، حَتَّى عَدَّ أَصْنَافَ الْمَالِ كُلَّهُ، قُلْتُ: إِيهٍ يَا أَبَا ذَرٍّ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ الجنة بفضل رحمته" 1.
__________
1 إسناده صحيح، وانظر ما قبله.(10/503)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَفَقَةَ الْمَرْءِ عَلَى دَابَّتِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ أَفْضَلِ النَّفَقَةِ
4646 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى الْقَزَّازُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ دِينَارٍ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى أصحابه في سبيل الله" 1.
__________
1 إسناده صحيح، عمران بن موسى القزاز روى له أصحاب السنن وهو ثقة، وباقي السند رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي أسماء الرحبي، فمن رجال مسلم، وقد تقدم برقم 4242.(10/503)
ذِكْرُ تَضْعِيفِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الطَّاعَاتِ
4647 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا زَائِدَةُ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ -يَعْنِي أَبَاهُ-، عَنْ يَسِيرِ بْنِ عَمِيلَةَ عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "من أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كُتِبَ لَهُ سبع مائة ضعف" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير يُسر بن عميله، فقد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة، وخُريم بن فاتك صحابيه روى له الأربعة.
وأخرجه أحمد 4/345، والترمذي 1625 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل النفقة في سبيل الله، والطبراني 4155، والحاكم 2/87 من طريقين عن زائدة، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وأخرجه مطولاً أحمد 4/322 من طريق المسعودي، عن الركين بن الربيع، عن رجل، عن خريم بن فاتك.
وأخرجه أيضاً 4/345 من طريق شيبان بن عبد الرحمن، عن الركين بن الربيع، عن عمه فلان بن عميلة، عن خريم بن فاتك.
وهو عنده أيضاً 4/346 من طريق المسعودي، عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن خريم بن فاتك.
وأخرجه الطبراني 4151 من طريق مسلمة بن إسحاق، والحاكم 2/87 عن الركين بن الربيع، حدثني عمي، عن أبي يحيى خريم بن فاتك.
وأخرجه أيضاً 4152 من طريق عمرو بن قيس الملائي، عن الركين بن الربيع، عن الربيع بن عميلة، عن خريم بن فاتك.
وأخرجه أيضاً 4153 من طريق شيبان، و4154 من طريق سفيان، والحاكم 2/87 من طريق زائدة، ثلاثتهم عن الركين بن الربيع، عن أبيه، عن عمه يُسير عميلة، عن خريم بن فاتك.(10/504)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بِتَفَضُّلِهِ قَدْ يُضَعَّفُ الْمُنْفِقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثَوَابَهُ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ
4648 - أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرَّكِينَ الْفَرْغَانِيُّ أَبُو الْعَبَّاسِ بِدِمَشْقَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ1 الدُّورِيُّ حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ عِيسَى بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ مِثْلُ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة:261] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَبِّ زِدْ أُمَّتِي" فَنَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} [البقرة:245] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَبِّ زِدْ أُمَّتِي" فَنَزَلَتْ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10] 2.
__________
1 في الأصل: عمرو.
2 حفص بن عمر بن عبد العزيز لا بأس به، وأبو إسماعيل المؤدب –وهو إبراهيم بن سليمان بن رزين- صدوق يغرب، وعيسى بن المسيب ذكره المؤلف في "الثقات" 7/232، وقال: من أهل مكة.
وأخرجه ابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير 1/442 عن أبي زرعة، عن إسماعيل بن إبراهيم بن بسام، عن أبي إسماعيل المؤدب، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن مردويه فيما قاله ابن كثير أيضاً 1/469 عن عبد الله بن عبيد الله بن العسكري البزار، عن الحسن بن علي بن شعيب، عن محمود بن خالد الدمشقي، عن أبيه، عن عيسى بن المسيب، به.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 1/747، وزاد نسبته إلى ابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان".(10/505)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَا أَنْقَقَ الْمَرْءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنَ الْأَشْيَاءِ أُعْطِي فِي الْجَنَّةِ مِثْلَهَا بِعَدَدِهَا وَأَعْيَانِهَا عَلَى التَّضْعِيفِ
4649 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ، فَقَالَ: هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعُ مِائَةِ نَاقَةٍ كُلُّهَا مَخْطُومَةٌ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو عمرو الشيباني: هو سعد بن إياس.
وأخرجه مسلم 1892 في الإمارة: باب فضل الصدقة في سبيل الله وتضعيفها، ومن طريقه أخرجه البغوي 2625 عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، عن جرير، بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم 2/90 على شرط الشيخين، من طريق يحيى بن المغيرة السعدي، عن جرير، به، ووافقه الذهبي.(10/506)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَسْمَعْهُ الْأَعْمَشُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ
4650 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ بِنَسَا، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ الْعَسْكَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَجُلًا تَصَدَّقَ بِنَاقَةٍ مَخْطُومَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَتَأْتِيَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بسبعمئة ناقة مخطومة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/506)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه مسلم 1892، والنسائي 6/49 في الجهاد: باب فضل الصدقة في سبيل الله عز وجل، عن بشر بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/121 عن محمد بن جعفر، و5/274 عن وهب بن جرير، كلاهما عن شعبة، به.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/116 من طرق عن فضيل بن عياض، عن سليمان الأعمش، به. وتحرف في المطبوع أبو مسعود إلى ابن مسعود، وكذلك تحرف في "صحيح الجامع" 5031 إلى ابن مسعود، وجاء على الصواب في "الجامع الكبير"ص652.(10/507)
6- بَابُ: فَضْلِ الشَّهَادَةِ
ذِكْرُ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَعَلَا فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ
4651 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِينَ قَتَلُوا أَصْحَابَ بِئْرِ مَعُونَةَ ثَلَاثِينَ صَبَاحًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَلِحْيَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، قَالَ أَنَسٌ: أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْنَاهُ حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ: أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عنا ورضينا عنه1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري 2814 في الجهاد: باب فضل قول الله تعالى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً} ، و4095 في المغازي: باب غزوة الرجيع، ومسلم 677 في المساجد: باب استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، من طريق مالك، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 2801 و4091 من طريقين، عن همام، عن إسحاق بن عبد الله، به.
وأخرجه البخاري 3064 و4090، والبغوي 3790 من طريقين عن سعيد، عن قتادة، عن أنس.(10/508)
ذِكْرُ مَجِيءِ مَنْ كُلِمَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَنْثَعِبُ دَمُهُ لِيُعْرَفَ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ
4652 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ- إِلَّا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَنْثَعِبُ دما، اللون لوم دم، والريح ريح مسك" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، والأعرج: عبد الرحمن بن هرمز.
وهو في "الموطأ" 2/461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2803 في الجهاد: باب من يجرح في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 4/11.
وأخرجه أحمد 2/242، ومسلم 1876 105 في الإمارة: باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، والنسائي 6/28-29 في الجهاد: باب من كُلِم في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 9/164 من طرق عن سفيان، عن أبي الزناد، به.
وأخرجه أحمد 2/231 عن محمد بن فضيل، عن عمارة، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم 1876 106، والبيهقي 9/165 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي 1656 في فضائل الجهاد: باب ما جاء فيمن يكلم في سبيل الله، عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.(10/509)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4653 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقُتِلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَيْنَ أَنَا؟ قَالَ: "فِي الْجَنَّةِ" قَالَ: فَأَلْقَى تُمَيْرَاتٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الَّذِي قُتِلَ هُوَ حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ2.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/308، والبخاري 4046 في المغازي: باب غزوة أحد، ومسلم 1899 في الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، والنسائي 6/33 في الجهاد: باب ثواب من قتل في سبيل الله عز وجل، والبيهقي 9/43 و99، والبغوي 3789 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
2 كذا في الأصل، وهو وَهم من المؤلف رحمه الله، فإن حارثة بن النعمان هذا قد شهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبقي إلى زمن معاوية كما في "الاستيعاب" 1/282-284، و"أسد الغابة" 1/425-430، وسير أعلام النبلاء 2/378-380، و"الإصابة" 1/298-299، ثم إن المؤلف في ثقاته قال في ترجمة الحارثة بن النعمان هذا 3/79: قُتل يوم بدر وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأمه وقد سألته عن ابنها: "إنها جنان كثيرة، وإن حارثة لفي الفردوس الأعلى"، وهذا خطأ مبين من ابن حبان رحمه الله، فالذي قُتِلَ يوم بدر، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك إنما هو حارثة بن سراقة، فقد روى البخاري في "صحيحه" 2809 من حديث أنس بن مالك أن أمَّ الرُّبَيّع –وهي أم حارثة بن سراقة- أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا نبي الله ألا تحدثني عن حارثة –وكان قتل يوم بدر، أصابه سهمٌ غَرْبٌ- فإن كان في الجنة صبرت، وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء. قال: "يا أم حارثة، إنها جنان في الجنة، وإن ابنك. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/510)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أصاب الفردوس الأعلى" وقد تقدم برقم 908، وسيأتي برقم 4664.
وقال الحافظ في"الفتح" 7/410-411 تعليقاً على قول جابر: قال رجل للنبي: -لم أقف على اسمه، وزعم ابن بشكوال أنه عمير بن الحُمَام، وهو بضم المهملة وتخفيف الميم، وسبقه إلى ذلك الخطيب، واحتج بما أخرجه مسلم من حديث أنس أن عمير بن الحمام أخرج تمرات فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا أحييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، ثم قاتل حتى قتل. قلت: لكن وقع التصريح في حديث أنس أن ذلك كان يوم بدر، والقصة التي في الباب وقع التصريح في حديث جابر أنها كانت يوم أحد، فالذي يظهر أنهما قصتان وقعتا لرجلين، والله أعلم.(10/511)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْجَنَّةَ إِنَّمَا تَجِبُ لِلشَّهِيدِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِحُكْمِ الْأَمِينَيْنِ مُحَمَّدٍ وَجِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ
4654 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ
عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ يُكَفِّرُ اللَّهُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". فَلَمَّا أَدْبَرَ نَادَاهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ أَمَرَ بِهِ، فَنُودِيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَيْفَ قُلْتَ" فَأَعَادَ قَوْلَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ إِلَّا الدِّينَ، كَذَلِكَ قَالَ لي جبريل عليه السلام" 1
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن سعيد: هو الأنصاري.
وهو في "الموطأ" 2/461 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، ومن طريق مالك أخرجه النسائي 6/34 في الجهاد: باب من قاتل في سبيل الله تعالى وعليه دين.....=(10/511)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه مسلم 1885 في الإمارة: باب من قُتل في سبيل الله كفِّرت خطاياه إلا الدين، والترمذي 1712 في الجهاد: باب ما جاء فيمن يستشهد وعليه دين، والنسائي 6/34-35 من طريق قتيبة، عن الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 5/303-304 عن حجاج بن محمد، عن الليث، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 5/310، ومسلم 1885 من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد المقبري، به.
وأخرجه سعيد بن منصور 2553، ومسلم 1885، والنسائي 6/35 عن محمد بن قيس، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.
وأخرجه الدارمي 2/207 من طريق عبيد الله بن عبد المجيد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، به.(10/512)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ أَلَمِ الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4655 - أَخْبَرَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُجِيبِ بِبَلَدِ الْمَوْصِلِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مَسَّ الْقَتْلِ إِلَّا كما يجد أحدكم مس القرصة" 1.
__________
1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان –وهو محمد- فإنه قد أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي السند ثقات رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 2/297، والدارمي 2/205، والترمذي 1668 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل المرابط، وابن ماجة 2802 في الجهاد: باب فضل الشهادة في سبيل الله، من طرق عن صفوان بن عيسى، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.
وأخرجه النسائي 6/36 في الجهاد: باب ما يجد الشهيد من الألم، وأبو نعيم في "الحلية" 8/264 من طريقين عن ابن عجلان، به.(10/512)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّهِيدَ مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ فِي الْقِيَامَةِ
4656 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَامِرٌ الْعُقَيْلِيُّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَوَّلُ ثَلَاثَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الشَّهِيدُ، وَعَبْدٌ نَصَحَ سَيِّدَهُ وَأَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ، وَضَعِيفٌ مُتَعَفِّفٌ، وَأَوَّلُ ثلاثا يَدْخُلُونَ النَّارَ، فَأَمِيرٌ مُسَلَّطٌ، وَذُو ثَرْوَةٍ مِنْ مَالٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ فِيهِ، وَفَقِيرٌ فخور" 1.
__________
1 إسناده ضعيف، عامر العقيلي –وهو ابن عقبة، ويقال: ابن عبد الله- لم يوثقه غير المؤلف، وكذا أبوه. وقد تقدم برقم 4312.(10/513)
ذِكْرُ تَكْوِينِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا نَسَمَةَ الشَّهِيدِ طَائِرًا يَعْلُقُ فِي الْجَنَّةِ إِلَى أَنْ يَبْعَثَهُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4657 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "نَسَمَةُ الْمُؤْمِنِ طَائِرٌ يَعْلُقُ فِي شَجَرِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرُدَّهَا اللَّهُ إِلَى جَسَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" 1.
__________
1 إسناده صحيح، يزيد بن مَوْهَب روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن كعب فمن رجال البخاري.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 1/420 عن ابن شهاب، بهذا الإسناد.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 3/455، والنسائي 4/108 في الجنائز: باب أرواح المؤمنين، وابن ماجة 4271 في الزهد: باب ذكر القبر والبلى،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/513)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والطبراني 19/120، والبيهقي في "البعث والنشور" 203، والآجري في "الشريعة" ص392، وأبو نعيم في "الحلية"9/156.
وأخرجه أحمد 3/455-456 و460، والطبراني 19/119 و121 و123 و124، والبيهقي في "البعث والنشور" 202 من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه أحمد 6/386، والترمذي 1641 في فضل الجهاد: باب ما جاء في ثواب الشهداء، والطبراني 19/125 من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن الزهري، عن ابن كعب، عن أبيه رفعه بلفظ: "إن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة". قلت: وسنده صحيح إلا أن ابن عيينة تفرد بهذا اللفظ الشهداء، والثقات من الرواة غيره رووه بلفظ المسلم أو المؤمن، على أن الحميدي 873 رواه عن سفيان عن عمرو بن دينار به بلفظ إن نسمة المومن....
وأخرجه ابن ماجة 1449، والطبراني 19/122، والبيهقي في "البعث والنشور" 205 من طريق محمد بن إسحاق، عن الحارث بن فضيل، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، قال: لما حضرت كعباً الوفاةُ، أتته أمُّ بشر بنت البراء بن معرور، فقالت: يا أبا عبد الرحمن، إن لقيت فلاناً فاقرأ عليه مني السلام، قال: غَفَر الله لك يا أم بشر، نحن أشعلُ من ذلك، قالت: يا أبا عبد الرحمن، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أرواح المؤمنين في طير خُضْر، تعلق بشجر الجنة". قال: بلى. قالت: فهو ذاك.
وابن إسحاق مدلس وقد عنعن، وقد خالفه من هو أقوى منه، فرواه أحمد 3/455، والطبراني 19/119 عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: قالت أم مبشر لكعب بن مالك وهو شاك: اقرأ على ابني السلامَ –يعني مبشراً-. فقال: يغفر الله لك يا أم مبشر، أو لم تسمعي ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعها الله إلى جسده يوم القيامة" قال: صدقت، فأستغفر الله. وهذا سند صحيح على شرطهما، وفيه أن الذي أقام الحجة على أم مبشر هو كعب بن مالك، بخلاف رواية ابن إسحاق.
قلت: وأخرجه أيضاً الطبراني 19/123 من طريق شعيب بن إسحاق، عن. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/514)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأوزاعي، و125 من طريق سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، كلاهما عن الزهري، به مثل رواية معمر.
قال أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد": أما قوله: "نسمة المؤمن" فالنسمة ها هنا: الروح، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث نفسه: "حتى يرجعه الله إلى جسده يوم يبعثه"، وأصل هذه اللفظة –أعني النسمة- الإنسان بعينه، وإنما قيل للروح: نسمة –والله أعلم- لأن حياة الإنسان بروحه، وإذا فارقه عُدم، أو صار كالمعدوم، وقوله: "يعلق من شجر الجنة" يروى بفتح اللام –وهو الأكثر-، ويروى بضم اللام، والمعنى واحد: وهو الأكل والرعي، يقول: تأكل من ثمار الجن وتسرح بين أشجارها.
وما ذهب إليه المصنف من أن المراد بالنسمة هنا نسمة الشهيد دون غيره هو الذي ذهب إليه أبو عمر في "التمهيد" ورجحه، وقد نقل ابن القيم في "الروح" ص131-136 كلامه، وردّه عليه، ورجح أن الحديث يعم كل مؤمن: الشهيد وغير الشهيد.(10/515)
ذِكْرُ خَبَرٍ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادٌّ لِخَبَرِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
4658 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ فُضَيْلٍ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الشُّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنَّةِ فِي قُبَّةٍ خَضْرَاءَ يخرج إليه رزقهم من الجنة بكرة وعشيا" 1.
__________
1 إسناده قوي. محمد بن إسحاق روى له البخاري تعليقاً ومسلم مقروناً، وهو صدوق وقد صرح بالتحديث، وانتفت شبهة تدليسه، وباقي السند رجاله ثقات رجال الصحيح.
وأخرجه أحمد 1/266، وابن أبي شيبة 5/290، وابن جرير 2323 و8209 و8210 و8211 و8212 و8213، والطبراني 10825،. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/515)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحاكم 2/74 من طرق عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند ابن جرير والحاكم وأحمد.
وذكره ابن كثير في "تفسيره" 2/142 عن رواية "المسند"، وقال: تفرد به أحمد، ثم أشار إلى رواية الطبري 2323 وقال: وهو إسناد جيد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/98 ونسبه لأحمد والطبراني، وقال: ورجال أحمد ثقات.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 2/96، وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في "البعث".(10/516)
ذِكْرُ مَنَازِلِ الشُّهَدَاءِ فِي الْجِنَّانِ بِثَبَاتِهِمْ لَهُ فِي الدُّنْيَا
4659 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ: هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ رُؤْيَا، فَسَأَلْنَا يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: "أُرِيتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، فَأَخَذَا بِيَدِي، فَصَعِدَا بِي فِي الشَّجَرَةِ، فَأَدْخَلَانِي دَارًا لَمْ أَرَ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْهَا، فَقَالَ: أَمَا هَذِهِ الدَّارُ فدار الشهداء" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجالُه ثِقاتٌ رجال الشيخين غيرَ الحسن بن محمد بن الصباح فمن رجال البخاري. أبو رجاء العطاردي: هو عمران بن ملحان، وقد تقدم مطولاً برقم 655 وخرج هناك.(10/516)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الشَّهِيدَ فِي الْقِيَامَةِ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ
4660 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمُعَدِّلُ بِالْفُسْطَاطِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُسَافِرٍ التِّنِّيسِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ رَبَاحٍ الذِّمَارِيُّ عَنْ نِمْرَانَ بْنِ عُتْبَةَ الذِّمَارِيِّ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أم الدرداء ونحن أيتام صغار، فمسحت رؤوسنا، وَقَالَتْ: أَبْشِرُوا يَا بَنِيَّ، فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَكُونُوا فِي شَفَاعَةِ أَبِيكُمْ، فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الشَّهِيدُ يَشْفَعُ فِي سَبْعِينَ من أهل بيته" 1.
__________
1 جعفر بن مسافر التِّنِّيسيُّ، قال النسائي: صالح، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره المؤلف في "الثقات"، ويحيى بن حسان: هو التنيسي، ثقة مأمون عالم بالحديث احتج به الشيخان، والوليد بن رباح صوابه رباح بن الوليد كما قال أبو داود، ذكره أبو زرعة الدمشقي في نفر ثقات، وروى له أبو داود، وعمه نمران بن عتبة روى عنه حريز بن عثمان أيضاً، وذكره المؤلف في "الثقات" 7/544.
وأخرجه أبو داود 2522 في الجهاد: باب في الشهيد يشفع، ومن طريقه البيهقي 9/164 عن أحمد بن صالح، حدثنا يحيى بن حسان، بهذا الإسناد.(10/517)
ذِكْرُ تَمَنِّي الشُّهَدَاءِ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا مِنْ بَيْنَ الْأَمْوَاتِ لِلْقَتْلِ مَرَّةً أُخْرَى لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ
4661 - أَخْبَرَنَا أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بْنُ جُمُعَةَ الْأَصَمُّ الْقُهِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ الْأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا إِلَّا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ ليقتل مرة أخرى" 1.
__________
1 حديث صحيح، يحيى بن السكن، ذكره المؤلف في "الثقات" 9/253 فقال: أصله من البصرة سكن بغداد، روى عنه أحمد بن حنبل وأهل العراق والجزيرة، مات بالرقة سنة 230. وفي "
الميزان": ليس بالقوي، وضعفه صالح جزرة، وباقي رجاله ثقات.(10/518)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَمَنِّي الشَّهِيدِ الرُّجُوعَ إِلَى الدُّنْيَا بِالْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرْتُ وَقَدْ يَتَمَنَّى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ
4662 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، وَلَهُ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا الشَّهِيدُ، فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرَّاتٍ لِمَا يَرَى من الكرامة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. محمد: هو ابن جعفر الهذلي الملقب بغندر.
وأخرجه أحمد 3/103 و173 و276، والبخاري 2817 في الجهاد: باب تمني المجاهد أن يرجع إلى الدنيا، ومسلم 1877 في الإمارة: باب فضل الشهادة في سبيل الله، من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/518)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه البخاري 2795 في الجهاد: باب الحور العين وصفتهن، ومسلم 1877 108، والترمذي 1643 في فضل الجهاد: باب ما جاء في ثواب الشهداء، والبغوي 2628 من طرق عن حميد، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/207-208، والنسائي 6/36 في الجهاد: باب ما تمنى أهل الجنة، من طريق حماد، عن ثابت، عن أنس.(10/519)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَا يُفْضُلُونَ الشُّهَدَاءَ إِلَّا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ فَقَطْ
4663 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، أَنَّ أَبَا الْمُثَنَّى الْمُلَيْكِيَّ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ السُّلَمِيُّ -وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْقَتْلَى1 ثَلَاثَةٌ: رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ، قَاتَلَهُمْ حَتَّى يُقْتَلَ، فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ، وَلَا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلَّا بِفَضْلِ دَرَجَةِ النُّبُوَّةِ، وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ قَرَفَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَتِلْكَ مَصْمَصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ، إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا، وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ، جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ، قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي النَّارِ، إِنَّ السَّيْفَ لَا يَمْحُو النِّفَاقَ" 2.
__________
1 في الأصل: القتل والمثبت من الجهاد لابن المبارك.
2 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي المثنى –واسمه ضمضم- فقد روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في "الثقات" 4/389، ونسبه الأملوكي وقال: وهذا الذي يقال له المليكي. قلت: وخطّأ البخاري 4/338، وابن أبي حاتم. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/519)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=4/468 من قال فيه "المليكي"، وهو في "الجهاد" لابن المبارك 7.
وأخرجه الطيالسي 1267، ومن طريقه البيهقي 9/164 عن ابن المبارك بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/185-186، والدارمي 2/206، والطبراني 17/310 و311 من طرق عن صفوان بن عمرو، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/291: ورجال أحمد رجال الصحيح خلا أبي المثنى الأملوكي، وهو ثقة!
قوله: فذلك الشهيد الممتحن قال ابن الأثير: هو المصفى المهذب، ورواية الطبراني وأحمد "المفتخر".
وقوله: وفي خيمة الله قال ابن الأثير: الخيمة معروفة، ومنه خيم بالمكان، أي: أقام فيه وسكنه، فاستعارها لظل رحمة الله ورضوانه وأمنه.
وقرف على نفسه من الذنوب والخطايا: أي كسبها، قرف الذنب واقترافه: إذا عمله.
وقوله: تلك مصمصة، أي: مَطْهَرة من دنس الخطايا، يقال: مصمص إناءَة: إذا جعل فيه الماء وحركه ليتنظف.(10/520)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قُتِلَ فِي الْحَرْبِ نظارا وإن لم يرد له الْقِتَالَ وَلَا قَاتَلَ
4664 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ عَنِ أَنَسٍ قال: انطلق حارثة ابن عَمَّتِي نَظَّارًا يَوْمَ بَدْرٍ، مَا انْطَلَقَ لِقِتَالٍ، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ، فَقَتَلَهُ، فَجَاءَتْ عَمَّتِي أُمُّهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنِي حَارِثَةُ إِنْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ، أَصْبِرْ وَأَحْتَسِبْـ وَإِلَّا فَسَتَرَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّ حارثة في الفردوس الأعلى" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن مغيرة فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً وتعليقاً، وهو ثقة. وقد تقدم تخريجه في "958".(10/520)
ذِكْرُ نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِي النَّارِ عَلَى سَبِيلِ الْخُلُودِ
4665 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَجْتَمِعُ الْكَافِرُ وَقَاتِلُهُ فِي النار أبدا" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/368 و378 و379 و412، ومسلم 1891 في الإمارة: باب من قتل كافراً ثم سدد، وأبو داود 2495 في الجهاد: باب في فضل من قتل كافراً، والبيهقي 9/165، والبغوي 2621من طرق عن العلاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/263 و340 و353 و399، ومسلم 1891 131، والحاكم 2/72، والبيهقي 9/165 من طرق عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي.(10/521)
ذِكْرُ اجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ فِي الْجَنَّةِ إِذَا سَدَّدَ الْكَافِرُ فَأَسْلَمَ بَعْدُ
4666 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحِرَّانَ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، وَأَبُو مُوسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ضَحِكَ اللَّهُ مِنْ(10/521)
رَجُلَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَكِلَاهُمَا فِي الْجَنَّةِ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا الْخَبَرُ مِمَّا نَقُولُ فِي كُتُبِنَا: بِأَنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الْآمِرِ كَمَا تُضِيفُهُ إِلَى الْفَاعِلِ، وَكَذَلِكَ تُضِيفُ الشَّيْءَ الَّذِي هُوَ مِنْ حَرَكَاتِ الْمَخْلُوقِينَ إِلَى الْبَارِئِ جَلَّ وَعَلَا، كَمَا تُضِيفُ ذَلِكَ الشَّيْءَ إِلَيْهِمْ سَوَاءً، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ضَحِكَ مِنْ رَجُلَيْنِ" يُرِيدُ: ضَحَّكَ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ وَعَجَّبَهُمْ مِنَ الْكَافِرِ الْقَاتِلِ الْمُسْلِمَ، ثُمَّ تَسْدِيدَ اللَّهُ لِلْكَافِرِ وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَتَفَضُّلِهِ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَا الْجَنَّةَ جَمِيعًا، فَيُعَجِّبُ اللَّهُ مَلَائِكَتَهُ وَيُضَحِّكُهُمْ مِنْ مَوْجُودِ مَا قَضَى وَقَدَّرَ، فَنُسِبَ الضَّحِكُ الَّذِي كَانَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى سَبِيلِ الْأَمْرِ وَالْإِرَادَةِ، وَلِهَذَا نَظَائِرٌ كَثِيرَةٌ سَنَذْكُرُهَا فِيمَا بَعْدُ مِنْ
__________
1 حديث صحيح، مؤمَّل بن إسماعيل، وإن كان سيء الحفظ، قد توبع، وباقي السند ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/464، ومسلم 1890 في الإمارة: باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، والنسائي 6/38 في الجهاد: باب اجتماع القاتل والمقتول في سبيل الله في الجنة، والآجري ص278، وابن خزيمة ص234، وابن ماجة 191 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/318، ومسلم 1890 129، وابن خزيمة في "التوحيد" ص234-235، والآجري في "الشريعة" ص278، والبيهقي في "السنن" 9/165، وفي "الأسماء والصفات" ص468-469، والبغوي 2633 من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة.
وأخرجه الآجري ص278من طريقين عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، به.
وأخرجه أحمد 2/511، وابن خزيمة ص234 من طريقين، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي هريرة. وانظر الحديث الآتي.(10/522)
هَذَا الْكِتَابِ فِي الْقَسَمِ الْخَامِسِ مِنْ أَقْسَامِ السُّنَنِ إِنْ قَضَى اللَّهُ ذَلِكَ وشاءه1.
__________
1 وانظر "فتح الباري" 6/48.(10/523)
ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ اجْتِمَاعِ الْقَاتِلِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ فِي الْجَنَّةِ إِذَا سَدَّدَ
4667 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، وَكِلَاهُمَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى الْقَاتِلِ، فَيُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَيُسْتَشْهَدُ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: عبد الله بن ذكوان، والأعرج: عبد الرحمن بن هرمز. وهو في "الموطأ" 2/460 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2826 في الجهاد: باب الكافر يقتل المسلم ثم يسلم فيسدّد بعد ويقتل، والنسائي 6/38-39 في الجهاد: باب تفسير ذلك، وابن خزيمة في "التوحيد" ص234، والآجري في "الشريعة" ص277، والبيهقي في "السنن" 9/165، وفي "الأسماء والصفات" ص467-468، والبغوي 2632. وانظر الحديث الذي قبله.(10/523)
7- بَابُ الْخَيْلِ
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْخَيْرِ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4668 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قَالَ: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرِ إِلَى يوم القيامة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.
وأخرجه من طرق عن نافع، عن ابن عمر: مالك في "الموطأ" 2/467 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل، وأحمد 2/13 و28 و49 و57 و101 و102 و112، والطيالسي 1844، والبخاري 2849 في الجهاد: باب الخيل معقود في نواصيها الخير، و3624 في المناقب، ومسلم 1871 في الإمارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي 6/221-222 في الجهاد: باب فتل ناصية الفرس، وابن ماجة 2787 في الجهاد: باب ارتباط الخيل في سبيل الله، وأبو يعلى 2642، والطحاوي في "مشكل الآثار" 219 و220 و221، و"شرح معاني الآثار" 3/273-274، والبيهقي 6/329، والقضاعي في "مسند الشهاب" 221، والبغوي 2644.(10/524)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي هُوَ مَقْرُونٌ بِالْخَيْلِ إِنَّمَا هُوَ الثَّوَابُ فِي الْعُقْبَى وَالْغَنِيمَةِ فِي الدُّنْيَا
4669 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخير إلى يوم القيامة الأجر والغنيمة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن سعيد -وهو القرشي- فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 4/361، ومسلم 1872 في الإمارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي 6/221 في الخيل: باب فتل ناصية الفرس، والطحاوي في "مشكل الآثار" 223 و224، والطبراني في "الكبير" 2409 و2410 و2411 و2412 و2413، والبيهقي 6/329، والبغوي 2646 من طرق عن يونس بن عبيد، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عروة البارقي عند البخاري 2850 و2852 و3119 و3643، ومسلم 1873، والترمذي 1694، والنسائي 6/222، وأحمد 4/375 و376، والطحاوي 225 و226 و227، والبغوي 2645، والبيهقي 6/329، والدارمي 2/211-212، وابن ماجة 2305، والطيالسي 1056 و1245. وسنن سعيد بن منصور 2426 و2428 و2430 و2431. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =(10/525)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وعن أبي هريرة عند الطيالسي 319، والترمذي 1636، والنسائي 6/215، وابن ماجة 2788.
وعن أبي سعيد عند أحمد 3/39، والبزار 1686.
وعن النعمان بن بشير عند الطحاوي في "مشكل الآثار" 222.
وعن جابر عند أحمد 3/352.
وعن سلمة بن نفيل عند أحمد 4/104، والنسائي 6/214-215، والطحاوي 228، والطبراني 6358، والبزار 1689.
وعن حذيفة عند البزار 1685، وعن أنس عنده أيضاً 1687، وعن سوادة ابن الربيع عنده أيضاً 1688.(10/526)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ الْبَرَكَةِ فِي ارْتِبَاطِ الْخَيْلِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4670 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي غَيْلَانَ بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ بْنِ عُبَيْدٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "البركة في نواصي الخيل" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الصحيحين غير علي بن الجعد، فإنه من رجال البخاري. أبو التياح: هو يزيد بن حميد.
وأخرجه أحمد 3/114 و127 و171، وسعيد بن منصور في "سننه" 2427، والبخاري 2851 في الجهاد: باب الخيل معقود في نواصيها الخير، و3645 في المناقب، ومسلم 1874 في الإمارة: باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، والنسائي 6/221 في الخيل: باب بركة الخيل، والبيهقي 6/329، والبغوي 2643، والقضاعي 222 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.(10/526)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ هَذَا بَعْضَ الْخَيْلِ لَا الْكَلَّ
4671 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا زِيَادُ1 بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانَيُّ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْخَيْلُ ثَلَاثَةٌ، هِيَ لِرَجُلٍ أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر" 2.
__________
1 تحرف في الأصل إلى: زكريا، والتصحيح من "التقاسيم" 1/لوحة 150.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه مسلم 987 26 في الزكاة: باب إثم مانع الزكاة، والترمذي 1636 في فضائل الجهاد: باب ما جاء في فضل من ارتبط فرساً في سبيل الله، والنسائي 6/215 في أول كتاب الخيل، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(10/527)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ عَلَى مُرْتَبِطِ الْخَيْلِ وَمُحْبِسِهَا بِكَتْبِهِ مَا غَيَّبَتْ فِي بُطُونِهَا وَأَرْوَاثِهَا وَأَبْوَالِهَا حَسَنَاتٍ
4672 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْخَيْلُ لِرَجُلٍ أَجْرٌ وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ وَلِرَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ، فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَأَطَالَ لَهَا فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ مِنَ الْمَرْجِ أَوِ الرَّوْضَةِ كَانَتْ لَهُ حَسَنَاتٌ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا، فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ، كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٌ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ، فَشَرِبَتْ مِنْهُ، وَلَمْ يَرُدْ أَنْ يَسْقِيَهُ(10/527)
كَانَ لَهُ ذَلِكَ حَسَنَاتٌ، فَهِيَ لِذَلِكَ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَلَا ظُهُورِهَا، فَهِيَ لِذَلِكَ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٍ". وَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحُمُرِ، فَقَالَ: "مَا أَنْزِلَ عَلَيَّ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِهَذِهِ الْآيَةِ الْجَامِعَةِ الْفَاذَّةِ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} " 1.
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ: النِّوَاءُ: الْكِبْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي غَيْرِ ذَاتِ اللَّهِ، وَالْكِبْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي ذَاتِ اللَّهِ مَحْمُودَانِ، إِذْ هُمَا الْفَرَحُ بِالطَّاعَاتِ، وَتَانِكَ الْفَرَحُ بِالدُّنْيَا.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/444 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 2371 في الشراب والمساقاة: باب شرب الناس وسقي الدواب من الأنهار، و2860 في الجهاد: باب الخيل لثلاثة، و3646 في المناقب، و4962 و4963 في التفسير، و7356 في الاعتصام: باب الأحكام التي تعرف بالدلائل، والنسائي 6/216-217 في الخيل، والبيهقي 10/15.
وأخرجه مسلم 987 في الزكاة: باب إثم مانع الزكاة، والبيهقي 4/119 عن سويد بن سعيد، عن حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، به.
المرج: موضع الكلأ، وأكثر ما يطلق على الموضع المطمئن، والروضة أكثر ما تطلق على الموضع المرتفع.
والطيل –بكسر الطاء المهملة وفتح الياء-: هو الحبل الطويل يشد أحد طرفيه في وتد أو غيره، والطرف الآخر في يد الفرس، ليدور فيه ويرعى، ولا يذهب لوجهه.
واستن الفرسُ يستن استناناً، أي: عدا لمرحه ونشاطه شوطاً أو شوطين ولا راكب عليه.
وقوله: تغنياً، أي: استغناء بها عن طلب من الناس، تقول: تغنيت بما. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/528)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رزقني الله تغنياً، وتغانيت تغانياً، واستغنيت استغناء، كلها بمعنى.
ونواء بكسر النون والمد: هو مصدر، تقول: ناوأت العدو مناوءة ونِواء، وأصله من ناء: إذا نهض، ويستعمل في المعاداة، قال الخليل: ناوءت الرجل: ناهضته بالعداوة.
قال الحافظ: وسماها أي الآية جامعة لشمولها لجميع الأنواع من طاعة ومعصية، وسماها فاذة لانفرادها في معناها.
قال ابن التين: والمراد: أن آية دلّت على أن من عمل في اقتناء الحمير طاعة رأى ثواب ذلك، وإن عمل معصية رأى عقاب ذلك.
وفيه تحقيق لإثبات العمل بظواهر العموم، وأنها ملزمة حتى يدل دليل التخصيص، وفيه إشارة إلى الفرق بين الحكم الخاص المنصوص والعام الظاهر، وأن الظاهر دون المنصوص في الدلالة.(10/529)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي ذَكَرْنَا قَبْلُ لِمُرْتَبِطِ الْخَيْلِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنِ ارْتَبَطَهَا لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَطَلَبَ ثَوَابَهُ لَا رِيَاءً وَلَا سَمْعَةً وَلَا قَضَاءً لِوَطَرٍ
4673 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا طَلْحَةُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدًا الْمَقْبُرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ، وَتَصْدِيقًا لِمَوْعُودِهِ، كَانَ شِبَعُهُ وَرِيُّهُ وَرَوْثُهُ حَسَنَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القيامة" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير طلحة بن أبي سعيد فمن رجال البخاري.
وأخرجه أحمد 2/374 عن إبراهيم، والبخاري 2853 في الجهاد: باب من احتبس فرساً في سبيل الله، عن علي بن حفص، ومن طريقه البغوي 2648، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرج النسائي 6/225 في الخيل: باب علف الخيل، والبيهقي 10/16 من طرق عن ابن وهب، عن طلحة بن أبي سعيد، به. وصححه الحاكم 2/92 ووافقه الذهبي.(10/529)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَهْلَ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مُعَانُونَ عَلَيْهَا
4674 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا كَبْشَةَ صَاحِبَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الخيل معقود في نواصيها الخير، وَأَهْلُهَا مُعَانُونَ عَلَيْهَا، وَالْمُنْفِقُ عَلَيْهَا كَالْبَاسِطِ يَدَهُ بالصدقة" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح غير نعيم بن زياد فقد روى له النسائي، وهو ثقة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/849 عن يحيى بن عثمان بن صالح، عن أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم 2/91 ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/259 عن الطبراني، وقال: ورجاله ثقات.(10/530)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِمُرْتَبِطِ الْخَيْلِ وَمُحْبِسِهَا تَكُونُ كَالصَّدَقَةِ
4675 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَثَلُ الْمُنْفِقِ عَلَى الْخَيْلِ، كَالْمُتَكَفِّفِ بِالصَّدَقَةِ" فَقُلْنَا لِمَعْمَرٍ: مَا المتكفف بالصدقة قال: الذي يعطى بكفيه1.
__________
1 حديث صحيح، ومن فوق ابن أبي السري ثقات من رجال الشيخين، وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" ولم ينسه لغير ابن حبان.
وفي الباب عن ابن الحنظلية سهل بن الربيع عند أبي داود 4089، وأحمد 4/179-180، والحاكم 2/91-92 وسنده حسن.(10/530)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ ارْتِبَاطِ الْأَدْهَمِ الْأَقْرَحِ مِنَ الْخَيْلِ إِذْ هُوَ مِنْ خَيْرِ مَا يَرْتَبِطُ مِنْهَا لِسَبِيلِ اللَّهِ
4676 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ أَيُّوبَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَوْ أَبِي قَتَادَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ الْخَيْلِ الْأَدْهَمُ الْأَقْرَحُ الْأَرْثَمُ الْمُحَجَّلُ ثَلَاثًا طَلْقُ الْيَدِ الْيُمْنَى" قَالَ يَزِيدُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَدْهَمَ، فَكُمَيْتٌ عَلَى هَذِهِ الشِّيَةِ1.
__________
1 إسناده حسن على شرط مسلم.
وأخرجه الترمذي 1697 في الجهاد: باب ما جاء ما يستحب من الخيل، وابن ماجة 2789 في الجهاد: باب ارتباط الخيل في سبيل الله، والبيهقي 6/330 من طريق وهب بن جرير، بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم 2/92 من طريق وهب بن جرير، به، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 5/300، والدارمي 2/212، والترمذي 1696 من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وأخرجه الطيالسي 604 عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن عقبة الحضرمي، عن عُلي بن رباح، به.
الأقرح: ما كان في جبهته قرحة، وهي بياض يسير في وجه الفرس دون الغرة.
والأرثم: الذي في أنفه وشفته العليا بياض.
وقوله: "طلق اليد اليمنى" أي: مطلقها، يقال: فرس طلقُ إحدى القوائم: إذا. كانت إحدى قوائمها لا تحجيل فيها، والتَّحْجيل: البياض.
والكميت: هو الذي لونه بين السواد والحمرة.
والشية: كل لون يخالف معظم لون الفرس وغيره، وأصله من الوشي، والهاء عوض عن الواو المحذوفة.(10/531)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الشَّكُّ فِي هَذَا الْخَبَرِ، مِنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، وَالْخَبَرُ مَشْهُورٌ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ علي عن أبيه1.
__________
1 الحديث في جميع المصادر التي تقدم تخريجه منها روته من حديث أبي قتادة.
وأخرجه الطبراني 17/809، والحاكم 2/92، والبيهقي 6/330 من طريق عبيد بن الصباح، عن موسى بن عُلي، عن أبيه، عن عقبة بن عامر رفعه بلفظ: "إذا أردت أن تغزو، فاشتر فرساً أغر محجلاً، مطلق اليمنى فإنك تسلم وتغنم" وصححه الحاكم ووافقه الذهبي مع أن عبيد بن الصباح ضعيف كما قال الهيثمي في "المجمع" 5/262.(10/532)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ ارْتِبَاطِ غَيْرِ الشِّكَالِ مِنَ الْخَيْلِ
4677 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشِّكَالَ مِنَ الْخَيْلِ1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سلم بن عبد الرحمن النخعي، فمن رجال البخاري.
وأخرجه أحمد 2/250 و436 و476، ومسلم 1875 في الإمارة: باب ما يكره من صفات الخيل، وأبو داود 2547 في الجهاد: باب ما يكره من الخيل، والترمذي 1698 في الجهاد: باب ما جاء ما يكره من الخيل، والنسائي 6/219 في الخيل: باب الشكال في الخيل، وابن ماجة 2790 في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/532)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الشِّكَالُ مِنَ الْخَيْلِ الَّذِي كَرِهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ إِحْدَى قَوَائِمِهَا بَيْضَاءَ والباقي على هيئتها1.
__________
= الجهاد: باب ارتباط الخيل في سبيل الله، والبيهقي 6/330 من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 2/457 و461، ومسلم 1875، والنسائي 6/219 من طرق عن شعبة، عن عبد الله بن يزيد النخعي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة.
1 قال أبو عبيد في "غريب الحديث" 3/18-19: الشكال: أن تكون ثلاث قوائم منه محجلة وواحدة مطلقة، وإنما أخذ هذا من الشِّكال الذي تُشكل به الخيل، شبه به لأن الشِّكال إنما يكون في ثلاث قوائم، أو أن تكون الثلاث مطلقة، ورِجل محجَّلة.(10/533)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ الْمَرْءِ الْخَيْلَ مَا كَانَ مِنْهَا ذُو شِكَالٍ
4678 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ وَالْمُلَائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلْمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الشكال في الخيل1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر ما قبله.(10/533)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْمُطْرِقَ فَرَسَهُ إِذَا عَقِبَ لَهُ أَجْرُ سَبْعِينَ فَرَسًا لَوْ حُمِلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4679 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ بِحِمْصَ، قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمَذْحِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ الْهَوْزَنِيِّ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ أَنَّهُ أَتَاهُ فَقَالَ: أَطْرِقْنِي فَرَسَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ أَطْرَقَ فَرَسًا، فَعَقَبَ لَهُ الْفَرَسُ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ سَبْعِينَ فَرَسًا حُمِلَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ تُعْقِبْ، كَانَ لَهُ كَأَجْرِ فَرَسٍ حُمِلَ عليه في سبيل الله" 1.
__________
1 إسناده صحيح. محمد بن حرب: هو الخولاني الأبرش، والزبيدي: هو محمد بن الوليد، وأبو عامر الهوزني: هو عبد الله بن لحي.
وأخرجه أحمد 4/231، والطبراني 22/853 من طريقين عن محمد بن حرب، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/266 عن أحمد والطبراني، وقال: ورجالهما ثقات.
أطرق فلاناً فحله: أعاره ليضرب في إبله.(10/534)
ذِكْرُ مَا يُسَمَّى الْفَرَسُ مِنَ الْخَيْلِ
4680 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّى الْأُنْثَى مِنَ الْخَيْلِ الْفَرَسَ1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن عثمان فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو حيان التيمي: هو يحيى بن سعيد بن حيان، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي.
وأخرجه أبو داود 2546 في الجهاد: باب هل تسمى الأنثى من الخيل فرساً، والحاكم 2/144، والبيهقي 6/330 عن موسى بن مروان الرقي، عن مروان بن معاوية بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي، مع أن موسى بن مروان لم يخرج له أحدهما.(10/534)
ذِكْرُ مَا يُدْعَى لِلْخُيُولِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4681 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةَ تَبُوكَ، فَجَهَدَ الظَّهْرُ جَهْدًا شَدِيدًا، فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بِظَهْرِهِمْ مِنَ الْجَهْدِ، فَتَحَيَّنَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَضِيقًا سَارَ النَّاسُ فِيهِ وَهُوَ يَقُولُ: "مُرُّوا بِسْمِ اللَّهِ"، فَجَعَلَ يَنْفُخُ بِظَهْرِهِمْ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ احْمِلْ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِكِ، فَإِنَّكَ تَحْمِلُ عَلَى الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ وَالرَّطْبِ وَالْيَابِسِ فِي الْبِرِّ وَالْبَحْرِ" قَالَ فَضَالَةُ: فَلَمَّا بَلَغَنَا الْمَدِينَةَ، جَعَلَتْ تُنَازِعُنَا أَزِمَّتُهَا، فَقُلْتُ: هَذِهِ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ، فَمَا بَالُ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الشَّامَ، غَزَوْنَا غَزْوَةَ قُبْرُسَ، وَرَأَيْتُ السُّفُنَ وَمَا تَدْخُلُ، عَرَفْتُ دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم1.
__________
1 رجاله ثقات، إلا أن فيع عنعنة الوليد، لكنه توبع، فقد أخرجه أحمد 6/20 عن عصام بن خالد الحضرمي، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عبيد، بهذا الإسناد. وهذا سند صحيح.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/821 من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، عن صفوان بن عمرو، به.
وأخرجه بنحوه الطبراني 18/771، والبزار 1840 من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن جبير، عن فضالة بن عبيد.(10/535)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ إِنْزَاءِ الْحُمُرِ عَلَى الْخَيْلِ إِذْ فِعْلُ ذَلِكَ مِنْ أَفْعَالِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
4682 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زُرَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أُهْدِيَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْلَةٌ، فَأَعْجَبَتْهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنْزَيْنَا الْحُمُرَ عَلَى خَيْلِنَا، فَجَاءَتْ مِثْلَ هَذِهِ، فَقَالَ: "إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الذين لا يعملون النهي عنه2.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن زرير، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، والليث: هو ابن سعد، وأبو الخير: هو مَرْثد بن عبد الله اليزني المصري.
وأخرجه أحمد 1/100 عن هشام بن القاسم، وأبو داود 2565 في الجهاد: باب في كراهية الحمر تنزي على الخيل، والنسائي 6/224 في الخيل: باب التشديد في حمل الحمير على الخيل، عن قتيبة بن سعيد، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/271 عن شعيب بن الليث، والبيهقي 10/22-23 من طريق شبابة بن سوار، أربعتهم عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الله في "زوائد المسند" 1/158 حدثنا أبو سعيد، حدثنا عبد الله بن لهيعة، حدثنا يزيد بن أبي حبيب، به.
وله طريق آخر عن علي عند أحمد 1/98، والبيهقي 10/23.
وفي الباب عن دحية الكلبي عند أحمد 4/311.
وعن ابن عباس عند البيهقي 10/23.
2 قال الطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/273: فإن قال قائل: فما معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون"؟. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . =(10/536)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=قيل له: قد قال أهل العلم في ذلك: معناه أن الخيل قد جاء في ارتباطها، واكتسابها، وعلفها الأجر، وليس ذلك في البغال، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما ينزي فرس على فرس، حتى يكونَ عنهما ما فيه الأجر، ويحمل حماراً على فرس فيكون عنهما بغل لا أجر فيه". "الذين لا يعلمون" أي: لأنهم يتركون بذلك إنتاج ما في ارتباطه الأجر، وينتجون ما لا أجر في ارتباطه.
وقال الخطابي في "معالم الآثار" 2/251: يشبه أن يكون المعنى في ذلك والله أعلم، أن الحمر إذا حملت على الخيل تعطلت منافع الخيل، وقلّ عددها، وانقطع نماؤها، والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والطلب، وعليها يجاهد العدو وبها تحرز الغنائم، ولحمها مأكول ويسهم للفرس كما يسهم للفارس، وليس للبغل شيء من هذه الفضائل، فأحب صلى الله عليه وسلم أن ينمو عدد الخيل ويكثر نسلها فيها من النفع والصلاح.(10/537)
8- بَابُ: الْحِمَى
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحْمِيَ بَعْضَ الْمَوَاضِعِ لِمَا يُجْدِي نَفْعُهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَسْبَابِ فِي الْأَوْقَاتِ
4683 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمى النقيع لخيل المسلمين1.
__________
1 حديث صحيح، رجاله ثقات غير عاصم بن عمر –وهو ابن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ العمري- فهو ضعيف وهو على ضعفه يكتب حديثه، وقد توبع. عبد الله بن نافع: هو الصائغ المدني.
وأخرجه أحمد 2/91 و155 و157، وأبو عبيد في "الأموال" 740، وحميد بن زنجوية في "الأموال" 1105، والبيهقي 6/146 عن عبد الله بن عمر العمري –وهو ضعيف-، عن نافع، عن ابن عمر.
وأخرجه البخاري 2370 في الشرب والمساقاة: باب لا حمى إلاّ لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وحميد بن زنجوية 1104، والبيهقي 6/146 من طريق الليث، عن يونس، عن ابن شهاب قال: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حَمَى النقيع، وأن عمر حَمَى الشرف والربذة. وهذا مرسل أو معضل، كما قال الحافظ في "الفتح" 5/55، لكن وصله أبو داود 3084 فقال: حدثنا سعيدُ بن منصور، حدثنا. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/538)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عبدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس، عن الصعب بن جثامة أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع، وقال: "لا حمى إلا لله عز وجل" وصححه الحاكم 2/61، ووافقه الذهبي، وهو في "شرح معاني الآثار" 3/269 من طريقين عن سعيد بن منصور، به.
والنقيع، بفتح النون والقاف، قال الحافظ: وحكى الخطابي أن بعضهم صحّفه، فقال بالموحدة أي: البقيع: وهو على عشرين فرسخ من المدينة، وقدره ميل في ثمانية أميال، ذكر ذلك ابن وهب في موطئه، وأصل النقيع: كل موضع يستنقع فيه الماء، وفي الحديث ذكر لنقيع الخضمات، وهو الموضع الذي جمَّع فيه أسعدُ بنُ زرارة بالمدينة، والمشهور أنه غيرُ النقيع الذي فيه الحِمى، وحكى ابنُ الجوزي أن بعضَهم قال: إنهما واحدة، والأول أصح.(10/539)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَتَّخِذَ الْحِمَى مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْإِمَامُ الَّذِي يُرِيدُ بِهِ صَلَاحَ رَعِيَّتِهِ دُونَ انْفِرَادِهِ بِهَا عَنْهُمْ
4684 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ أَبِي مُزَاحِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ ولرسوله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير منصور بن أبي مزاحم، فمن رجال مسلم. الزبيدي: هو محمد بن الوليد.
وأخرجه البخاري 2370 في الشرب: باب لا حمى إلا لله ولرسوله، والبيهقي 6/146 و7/59 عن يحيى بن بكير، عن الليث، عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري 3012 في الجهاد: باب أهل الدار يبيتون ... ، عن علي بن عبد الله، والطحاوي 3/269 عن يونس، كلاهما عن سفيان، عن الزهري، به. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/539)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أبو داود 3083 في الخراج والإمارة: باب في الأرض يحميها الإمام أو الرجل، من طريق ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، به.
وأخرجه عبد الرزاق 19750، ومن طريقه أحمد 4/38، والطبراني 7419، والبغوي 2190 عن معمر، عن الزهري، به.
وأخرجه من طرق عن الزهري، به: الشافعي 2/131-132، وأحمد 4/71 و73، والطيالسي 1230، والحميدي 782، وأبو عبيد في الأموال 728، وحميد بن زنجوية في الأموال 145 و1087، والطبراني 7420 و7421 و7422 و7423 و7424 و7425 و7426 و7427 و7428، والدارقطني 4/238.
وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلاً مخصباً استعوى كلباً على مكان عالٍ، فإلى حيث انتهى صوتُه، حماه من كل جانب، فلا يرعى فيه غيره، ويرعى هو مع غيره فيما سواه، والحِمى: هو المكان المحمي. وانظر "شرح السنة" 8/273-275.(10/540)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4685 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "لا حمى إلا لله ولرسوله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن عياش فمن رجال البخاري.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 3/269 عن ابن أبي داود، عن علي بن عياش، بهذا الإسناد.(10/540)
9- بَابُ السَّبَقِ
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُسَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي ضُمِّرَتْ وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ
4686 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ. قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ الله فيمن سابق بها1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/467-468 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها.
ومن طريق مالك أخرجه الدارمي 2/212، والبخاري 420 في الصلاة: باب هل يقال مسجد بني فلان، ومسلم 1870 في الإمارة: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، وأبو داود 2577 في الجهاد: باب في السبق، والنسائي 6/226 في الخيل: باب إضمار الخيل للسبق، والدارقطني 4/300، والبغوي 2650.
والأمد: الغاية، قال الله سبحانه: {أَمَداً بَعِيداً} أي: غاية، وقال الله عز وجل: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ} ، وهو نهاية البلوغ، ويقال: استولى على الأمد: أي غلب سابقاً، وجمع الأمد: آماد. يريد أنه جعل غاية المضامير أبعد من غاية ما لم يضمر من الخيل، لأن المضامير أقوى مما لم يضمر، وكل ذلك إعداد للقوة في إعزاز الدين امتثالاً لقوله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .(10/541)
ذِكْرُ وَصْفِ الْغَايَةِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْمُسَابَقَةِ لِلْخَيْلِ الَّتِي ضُمِّرَتْ وَالَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ
4687 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جَوْصَا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَزِيرِ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ، عَنْ سُفْيَانُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْرَى الْخَيْلَ الْمُضَمَّرَةَ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَمْيَالٍ، وَمَا لَمْ تُضَمَّرْ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَبَيْنَهُمَا مِيلٌ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أجرى1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن الوزير الواسطي، فقد روى له الترمذي، وهو ثقة عابد. إسحاق الأزرق: هو إسحاق بن يوسف الأزرق.
وأخرجه عبد الرزاق 9695، وأحمد 2/5 و11 و56، والبخاري 2868 و2869 و2870 في الجهاد: باب السبق بين الخيل، و7336 في الاعتصام: باب إثم من دعا إلى ضلالة، ومسلم 1870 في الإمارة: باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، والترمذي 1699 في الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، والنسائي 6/226 في الخيل: باب السبق، وابن ماجة 2877 في الجهاد: باب السبق والرهان، والطبراني 13459، والبيهقي 10/19، والدارقطني 4/299-300 من طرق عن نافع، بهذا الإسناد.(10/542)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَفْضِيلِ الْقُرَّحِ مِنَ الْخَيْلِ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْغَايَةِ عِنْدَ السَّبَّاقِ
4688 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وفضل القرح في الغاية1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعقبة بن خالد: هو ابن عقبة السَّكوني المجدَّد أبو مسعود الكوفي.
وأخرجه أحمد 2/157، ومن طريقه أبو داود 2577 في الجهاد: باب في السبق، والدارقطني 4/299 عن عقبة بن خالد، بهذا الإسناد.
القرح، بضم القاف وتشديد الراء المفتوحة وآخره حاء مهملة: جمع قارح: وهو الذي دخل في السنة الخامسة، والغاية: هي مدى الشوط الذي ينتهي إليه السبق.(10/543)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ السَّبَّاقِ إِلَّا فِي شَيْئَيْنِ مَعْلُومَيْنِ
4689 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا سَبْقًا، وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا مُحَلِّلًا، وَقَالَ: "لَا سَبْقَ إِلَّا فِي حافر أو نصل" 1.
__________
1 إسناده ضعيف لضعف عاصم بن عمر –وهو ابن حَفْصِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ.....=(10/543)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الخطاب- ضعفه أحمد وابن معين وأبو حاتم والبخاري والترمذي، وقد اضطرب فيه رأي المؤلف، فصحح حديثه تارة، وقال في "المجروحين والضعفاء" 2/127: كان سيء الحفظ، كثير الوهم، فاحش الخطأ، فترك من أجل كثرة خطئه، وقال في "الثقات" 7/259: يخطئ ويخالف.
وقال ابن القيم في "الفروسية" ص55-56: هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم البتة، ووهم فيه أبو حاتم يعني المؤلف فإن مداره على عاصم بن عمر، فقال البخاري: منكر الحديث، وقال ابن عدي: ضعفوه ... وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ: يحتمل أن أبا حاتم لم يعرف أنه عن عاصم العمري، فإنه وقع في روايته غير منسوب. وانظر "تلخيص الحبير" 4/163.(10/544)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّفْيَ عَمَّا وَرَاءَهُ
4690 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سليمان، قال: سمعت بن أَبِي ذِئْبٍ يُحَدِّثُ عَنْ نَافِعِ بْنِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نافع بن أبي نافع، فقد روى له أصحاب السُّنن وهو ثقة.
وأخرجه من طرق عن أبن أبي ذئب، بهذا الإسناد: الشافعي 2/128-129، وأحمد 2/474، والبغوي في "مسند ابن الجعد" 2855 و2857، وأبو داو د2574 في الجهاد: باب في السبق، والترمذي 1700 في الجهاد: باب ما جاء في الرهان والسبق، والنسائي 6/226 في الخيل: باب السبق، والطبراني في "المعجم الصغير" 50، والبيهقي 10/16، والبغوي في "شرح السنة" 2653 وحسنه الترمذي، وصححه ابن القطان وابن دقيق العيد فيما نقله الحافظ في "التلخيص" 4/161.
وأخرجه أحمد 2/256 و425، والنسائي 6/227، وابن ماجة 2878 في. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/544)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الجهاد: باب السبق والرهان، والبيهقي 10/16 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي الحكم مولى بني ليث، عن أبي هريرة. وسنده حسن في الشواهد، فإن أبا الحكم مقبول، وقد توبع.
وأخرجه أحمد 2/358 من طريق سليمان بن يسار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وأخرجه النسائي 6/226-227 من طريق سليمان بن يسار، عن أبي عبد الله تحرف في الأصل إلى عبد الله مولى الجندعيين، عن أبي هريرة.
والسبق، بفتح السين والباء: هو المال المشروط للسباق على سبقه، وبسكون الباء: هو مصدر سبقته سبقاً. والمراد من النصل: السهم، ومن الخف: الإبل، ومن الحافر: الفرس.
قال الإمام البغوي في "شرح السنة" 10/394: ويدخل في معنى النصل: الزوابين الحراب الصغيرة أو السهم القصيرة، ويدخل في معنى الخيل: البغال والحمير، وفي معنى الإبل: الفيل، وألحق به بعضهم الشد على الأقدام، والمسابقة عليها، وسئل ابن المسيب عن الدحو بالحجارة، فقال: لا بأس به.(10/545)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُسَابَقَةِ بِالْأَقْدَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ رِهَانٌ
4691 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ بِهَمَذَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَسَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سَابَقَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَبَقْتُهُ، فَلَبِثْنَا حَتَّى إِذَا أَرْهَقَنِي اللَّحْمُ سَابَقَنِي فَسَبَقَنِي، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "هذه بتلك" 1.
__________
1 إسناده صحيح، محمد بن عبد الملك وقد تحرف في الأصل إلى ابن سعيد ذكره المؤلف في "الثقات" 9/99، وقال: حدثنا عنه علي بن أحمد بن سعيد وغيره بهمذان، مات آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع وأربعين ومئتين، قلت:. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .ز=(10/545)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وروى له الترمذي وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 6/39، والحميدي 261، وابن ماجة 1979 في النكاح: باب حسن معاشرة النساء، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/360 من طريق سفيان، وأبو داود 2578 في الجهاد: باب في السبق على الرجل، من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/129 و182 و261 و264 و280، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/361، والطبراني 23/123 و124 و125، والبيهقي 10/17-18 من طريقين عن عائشة.(10/546)
ذِكْرُ قَدْرِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْمُتَسَابِقِينَ
4692 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَابِقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي قَدْ ضُمِّرَتْ مِنَ الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِي زُرَيْقٍ، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ فيمن سابق بها1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقد تقدم برقم 4686.(10/546)
10- بَابُ الرَّمْيِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالرَّمْيِ وَتَعْلِيمِهِ إِذْ هُوَ مِنْ سُنَّةِ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
4693 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، حدثنا يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ "، فَأَمْسَكُوا أَيْدِيَهُمْ، فَقَالَ: "مَا لَكُمُ ارْمُوا"، قَالُوا: كَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ، قَالَ: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كلكم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدَّد بن مسرهد، فمن رجال البخاري.
وأخرجه البخاري 2899 في الجهاد: باب التحريض على الرمي، و3373 في الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ} ، و3507 في المناقب: باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، وأحمد 4/50، والطبراني 6991 و6992، والبيهقي 10/17، والبغوي 2640 من طرق عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكوع.
وأخرجه الحاكم 2/94، والبيهقي 10/17 من طريق عبد الرحمن بن حرملة، عن محمد بن إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، عَنْ أَبِيهِ، عن جده.(10/547)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُنَاضَلَةِ فِي الْأَسْوَاقِ إِذَا كَانَ فِيهَا مَرْمَى
4694 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى القطان، حدثنا يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَسْلَمَ يَتَنَاضَلُونَ بِالسُّوقِ، فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَأَنَا مَعَ بَنِي فُلَانٍ" لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ، فَأَمْسَكُوا بِأَيْدِيهِمْ، فَقَالَ: "مَا لَكُمُ ارْمُوا" قَالُوا: وَكَيْفَ نَرْمِي وَأَنْتَ مَعَ بَنِي فُلَانٍ؟ قَالَ: "ارْمُوا وَأَنَا معكم كلكم" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وهو مكرر ما قبله.(10/548)
ذِكْرُ اسْمِ الرُّمَاةِ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ
4695 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى الزَّمِنُ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْلَمُ يَرْمُونَ فَقَالَ: "ارْمُوا بَنِي إِسْمَاعِيلَ، فَإِنَّ أَبَاكُمْ كَانَ رَامِيًا، وَارْمُوا وَأَنَا مَعَ ابْنِ الْأَدْرَعِ" فَأَمْسَكَ الْقَوْمُ قِسِيَّهُمْ، وَقَالُوا: مَنْ كُنْتَ مَعَهُ غَلَبَ، قَالَ: "ارْمُوا وَأَنَا مَعَكُمْ كُلُّكُمْ" 1.
__________
1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عمرو –وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي- فقد أخرج له البخاري مقروناً، ومسلم متابعة وهو صدوق. أبو موسى الزمن: هو محمد بن المثنى بن عبيد العنزي، وابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي البصري.
وأخرجه الحاكم 2/94، والبزار 1702 كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/268 عن البزار، وقال: وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.(10/548)
ذكر الإباحاة لِلْقَوْمِ الْمُنَاضَلَةَ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْمَغْرِبِ
4696 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم ينتضلون1.
__________
1 غسان بن الربيع روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 9/2، وقال الخطيب في "تاريخه" 12/330: وكان نبيلا فاضلا ورعا، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: صالح، وقال الذهبي في "الميزان" 3/334: كان صالحا ورعا ليس بحجة في الحديث، وبقية رجاله ثقات.(10/549)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ لُزُومُ الْمُنَاضَلَةِ عِنْدَ فَتْحِ اللَّهِ الدُّنْيَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ
4697 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ وَيَكْفِيكُمُ اللَّهُ، فَلَا يَعْجِزْ أَحَدُكُمْ أَنْ يلهو بأسهمه" 1.
__________
1 غسان بن الربيع روى عنه جمع، وذكره المؤلف في "الثقات" 9/2، وقال الخطيب في "تاريخه" 12/330: وكان نبيلا فاضلا ورعا، وقال الدارقطني: ضعيف، وقال مرة: صالح، وقال الذهبي في "الميزان" 3/334: كان صالحا ورعا ليس بحجة في الحديث، وبقية رجاله ثقات.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو علي الهمداني: هو ثمامة بن شفي. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .=(10/549)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 4/157، ومسلم 1918 في الإمارة: باب فضل الرمي والحث عليه، عن هارون بن معروف، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم أيضاً عن داود بن رشيد، عن الوليد، عن بكر بن مضر، عن عمرو بن الحارث، به.
وأخرجه الطبراني 17/912، والبيهقي 10/13 من طريق ابن وهب، به.
وأخرجه الترمذي 3083 في التفسير: باب ومن سورة الأنفال، عن وكيع، عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل، عن عقبة.(10/550)
11- بَابُ: التَّقْلِيدِ وَالْجَرَسِ لِلدَّوَابِ ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ قَلَائِدِ الْأَوْتَارِ فِي أَعْنَاقِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ
4698 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ أَنَّ أَبَا بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، قَالَ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَحَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: وَالنَّاسُ فِي مَبِيتِهِمْ: "لَا تَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ قِلَادَةٌ مِنْ وَتَرٍ إِلَّا قطعت" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن أبي بكر: هو ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني. وهو في الموطأ 2/937 في صفة النبي: باب ما جاء في نزع المعاليق والجرس من العنق.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري 3005 في الجهاد: باب ما قيل في الجرس ... ، ومسلم 2115 في اللباس: باب كراهة قلادة الوتر في رقبة البعير، وأبو داود 2552 في الجهاد: باب في تقليد الخيل في الأوتار، والطبراني 22/750، والبيهقي 5/254، والبغوي 2679.(10/551)
قال مالك: أرى ذلك من العين1.
__________
1 قال ابن الجوزي: -فيما نقله الحافظ في "الفتح" 6/164-165-: وفي المراد بالأوتار ثلاثة أقول: أحدها أنهم كانوا يقلدون الإبل أوتار القسي لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلاماً بأن الأوتار لا تردّ من أمر الله شيئاً، وهذا قول مالك. قلت أي ابن حجر: وقع ذلك متصلاً بالحديث من كلامه في "الموطأ" وعند مسلم وأبي داود وغيرهما، قال مالك: أرى أن ذلك من أجل العين، يؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه "من علق تميمة فلا أتم الله له" أخرجه أبو داود أيضاً، والتميمة ما علق من القلائد خشية العين ونحو ذلك، قال ابن عبد البر: إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن أنها ترد القدر وذلك لا يجوز اعتقاده.
ثانيها: النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند شدة الركض، ويُحكى ذلك عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وكلام أبي عُبيد يُرجحه، فإنه قال: نهى عن ذلك، لأن الدواب تتأذى بذلك، ويضيق عليها نفسها ورعيها، وربما تعلقت بشجرة فاختنقت، أو تعوقت عن السير.
ثالثها: أنهم كانوا يعلقون فيها الأجراس، حكاه الخطابي وعليه يدل تبويب البخاري، وقد روى أبو داود والنسائي من حديث أم حبيبة أم المؤمنين مرفوعاً "لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس"، وأخرجه النسائي من حديث أم سلمة أيضا، والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطني من طريق عثمان بن عمر المذكر بلفظ "لا تبقين قلادة من وتر ولا جرس في عنق بعير إلا قطع".(10/552)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِقَطْعِ قَلَائِدِ الْأَوْتَارِ عَنْ أَعْنَاقِ الدَّوَابِّ إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الْأَجْرَاسِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا
4699 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ(10/552)
عن عائشة أن رسول الله أمر بالأجراس أن تقطع من لأعناق الإبل يوم بدر1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 6/150عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/174، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح.(10/553)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ الْأَجْرَاسِ
4700 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْفُرَاتِ، عَنْ يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا الْجَرَّاحِ مَوْلَى أُمِّ حَبِيبَةَ حَدَّثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ الْعِيرَ الَّتِي فِيهَا الْجَرَسُ لَا تَصْحَبُهَا الْمَلَائِكَةُ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهَذَا الْعِيرَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أجل نزول الوحي عليه2.
__________
1 حديث حسن، أبو الجراح مولى أم حبيبة روى عنه اثنان، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/561، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 6/326 و327 و426 و427، والدارمي 2/288، وأبو داود 2554 في الجهاد: باب في تعليق الأجراس، عن نافع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 5/254 عن عراك بن مالك، عن سالم، به.
2 نقله الحافظ في "الفتح" 6/165 واستغربه.(10/553)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَطْعِ الْأَجْرَاسِ عَنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ
4701 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عِمْرَانَ الْجُرْجَانِيُّ بِحَلَبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ صَاعِقَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بقطع الأجراس1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الرحيم صاعقة، فمن رجال البخاري. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.(10/554)
ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْأَمْرِ
4702 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْأَجْرَاسِ أَنْ تقطع من أعناق الإبل يوم بدر1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر 4699.(10/554)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمْرَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْأَمْرِ
4703 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ أَوْ جرس" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 2/263 و311 و327 و343 و392 و444 و476 و537، والدارمي 2/288، ومسلم 2113 في اللباس والزينة: باب كراهة الكلب والجرس في السفر، وأبو داود 2555 في الجهاد: باب في تعليق الأجراس، والترمذي 1703 في الجهاد: باب ما جاء في كراه الأجراس على الخيل، والبيهقي 5/254، والبغوي 2678 من طريق سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/385 و414 من طريق قتادة، عن زرارة بن أوفى، عن أبي هريرة.(10/555)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ الرُّفْقَةَ الَّتِي فِيهَا الْجَرَسُ
4704 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الجرس مزمار الشيطان" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وهو في "صحيحه" 2114 في اللباس: باب كراهة الكلب والجرس في السفر، من طرق عن إسماعيل بن جعفر، عن أبي العلاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/372، والبيهقي 5/253 من طريق إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرجه أحمد 2/366، وأبو داود 2556 في الجهاد: باب تعليق الأجراس، من طريق سليمان بن بلال، به.(10/555)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ صُحْبَةِ الْمَرْءِ ذَوَاتَ الْأَجْرَاسِ اسْتِحْبَابًا
4705 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي الْجَرَّاحِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تَصْحَبُ الملائكة رفقة فيها جرس" 1.
__________
1 حسن، وهو مكرر 4700.(10/556)
المجلد الحادي عشر
تابع لكتاب السير
بَابُ: فَرْضِ الْجِهَادِ
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَاهَدَةِ الشَّيَاطِينِ عِنْدَ تَزْيِينِهِمْ لَهُ الْمَعَاصِي كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُجَاهَدَةُ أَعْدَاءِ اللَّهِ الكفرة
...
12 - بَابُ فَرْضِ الْجِهَادِ
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَاهَدَةِ الشَّيَاطِينِ عِنْدَ تَزْيِينِهِمْ لَهُ الْمَعَاصِي كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مُجَاهَدَةُ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ
4706 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ التجنيد حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ
عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَتَكِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ
الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ مَالِكٍ الْجَنْبِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
"الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ في الله"1 [1: 2]
__________
1إسناد صحيح. عبد الله: هو ابن المبارك، وأبو هانئ الخولاني: هو حميد بن هانئ.
واخرجه أحمد 6/20و22، والترميذي "1621"في فضائل الجهاد، باب ماجاء في فضل من مات مرابطاً، والطبراني18 "797" من عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(11/5)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُهَاجِيَ الْمُشْرِكِينَ إِذْ هُوَ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ
4707 أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن بن شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَرَى فِي الشِّعْرِ قَالَ: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ يُجَاهِدُ بِسَيْفِهِ وَلِسَانِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لكأنما تنضحونهم بالنبل" 1 [4: 23]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيحين، أخرجه الطبراني 19/"152 "القضاعي في "مسند الشهاب" ""1047" من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/456، والبيهقي 10/239 من طريق شعيب، وأحمد 3/460، من طريق محمد بن عبد الله بن أبي عتيق، كلاهما عن الزهري، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/123 وقال: رواه أحمد بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح. وسيرد عند الؤلف برقم "5786".
وتنضحونهم بالنبل: ترمونهم بها.(11/6)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ وَقَتْلِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ
4708 أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم"1 [3: 81]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رحاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعقان: هو ابن مسلم بن عبد الله الباهلي، وهو في "مسند أبي يعلي"."2875" واخرجه احمد 3/251، والبغوي "3410" من طريق عفان، بهذا الإسناد.
واخرجه احمد 3/124و153، والدارمي 2/213، وأبو داود "2504" في الجهاد: باب كراهبة ترك الغزو، والنسائي 6/7 في الجهاد: باب وجوب الجهاد، والحاكم 2/81، والبيهقي 9/20 من طرق عن حماد بن سلمة، به.(11/6)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ إِعْدَادِ الْقُوَّةِ لِقِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ وَلَا سِيَّمَا أَسْبَابُ الرَّمْيِ
4709 أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ ثُمَامَةَ بْنِ شُفَيٍّ أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [أنفال: من الآية60] ، "أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْيُ، أَلَا إِنَّ الْقُوَّةَ الرمي، ألا إن القوة الرمي"1. [1: 66]
__________
1إسناده صحيح على شرط مسلم، وحرملة بن يحيى وثمامة بن شفي من رجال مسلم، والباقي على شرطهما.
وأخرجه أحمد 4/156 - 157،ومسلم "1917" في الإمارة: باب فضل الرمي والحث عليه، وأبو داود "2514" في الجهاد: باب في الرمي، وابن ماجه "2813" في الجهاد: باب الرمي في سبيل الله، والطبراني 17/"911"، والبيهقي 10/13، والبغوي في "تفسيره" 2/258 من طرق عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه االطبراني "16225" من طريقين عن أبي على، به وأخرجه الدارمي 2/204، والحاكم 2/328 من طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن يزيد أبي حبيب، عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر، وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
وأخرجه الترمذي "3083" في التفسير: باب ومن سورة الأنفال، والطبري "16226"و"16227" من طرق عن أسامة بن زيد، عن صالح بن كيسان، عن رجل لم يسمه، عن عقبة بن عامر
وأخرجه الطبري "16228" من طريق صالح بن كيسان، و"162" من طريق عبد الله بن عبيد الله، كلاهما عن عقبة بن عامر.(11/7)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ فَرْضَ الْجِهَادِ كَانَ بَعْدَ قَدُومِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ
4710 - أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرْكِينَ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشُ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ مَكَّةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَخْرَجُوا نَبِيَّهُمْ، إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، لَيَهْلِكُنَّ، فَنَزَلَتْ: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] قَالَ: فَعَرَفْتُ أنه سَتَكُونُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَهِيَ أَوَّلُ آيَةٍ نزلت في القتال1 [3: 64]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن إبراهيم الدورقي، فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 1/216، والترمذي "3171" في تفسير القرآن: باب من سورة الحج، والنسائي 6/2 في الجهاد: باب وجوب الجهاد، والطبري 17/172 من طريق إسحاق بن يوسف الأزرق، بهذا الإسناد. قال: الترمذي: هذا الحديث حسن.
وأخرجه الترمذي "3171" من طريق وكيع، عن سفيان، به
وأخرجه الحاكم 3/7 - 8 من طريق شعبة، وابن جرير الطبري 17/172، والطبراني 12/ "12336" من طريق قيس بن الربيع، وكلاهما عن الأعمش، به وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
واخرجه الترمذي "3172"،والطبري 17/172 عن محمد بن بشار، حدثنا أبو أبو احمد االزبيري، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير، مرسلا.(11/8)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى لُزُومِ عِمَارَةِ أَرْضِهِ وَصَلَاحِ أَحْوَالِهِ دُونَ التَّشْمِيرِ لِلْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُشَمِّرِينَ لَهُ كِفَايَةٌ
4711 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ بْنِ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَسْلَمُ أَبُو عِمْرَانَ مَوْلًى لِكِنْدَةَ قَالَ: كُنَّا بِمَدِينَةِ الرُّومِ، فَأَخْرَجُوا إِلَيْنَا صَفًّا عَظِيمًا مِنَ الرُّومِ، وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِثْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ، وَعَلَى أَهْلِ مِصْرَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى صَفِّ الرُّومِ حَتَّى دَخَلَ فِيهِمْ، فَصَاحَ بِهِ النَّاسُ، وَقَالُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ تُلْقِي بِيَدِكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ؟ فَقَامَ أَبُو أَيُّوبَ(11/9)
الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: "أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَتَأَوَّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، إِنَّا لَمَّا أَعَزَّ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ قُلْنَا بَعْضُنَا لِبَعْضٍ سِرًّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَمْوَالَنَا قَدْ ضَاعَتْ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَزَّ الْإِسْلَامَ، وَكَثَّرَ نَاصِرِيهِ، فَلَوْ أَقَمْنَا فِي أَمْوَالِنَا فَأَصْلَحْنَا مَا ضَاعَ مِنَّا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرُدُّ
عَلَيْنَا مَا قُلْنَا {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195] فَكَانَتِ التَّهْلُكَةُ الْإِقَامَةَ فِي أَمْوَالِنَا وَإِصْلَاحَهَا وَتَرْكَنَا الْغَزْوَ"، قَالَ: وَمَا زَالَ أَبُو أَيُّوبَ شَاخِصًا فِي سَبِيلِ الله حتى دفن بأرض الروم1 [3: 64]
__________
1إسناد صحيح. وأخرجه الترمذي "2972" في التفسير: باب ومن سورة البقرة، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/88 من طريق الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب.
وأخرجه الطياليسي "599"، وأبو داود "2512" في الجهاد: باب في قوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ، والطبري "3179" و "3180"، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص269 - 270، والطبراني "4060"، والحاكم 2/275، والبيهقي 9/99 من طرق عن حيوة بن شريح، به، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
واخرجه أبو داود "2512"، والطبري "3180"، والطبراني "4060" من طريق ابن ليهعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به.(11/10)
ذِكْرُ مَا تَفَضَّلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِعُذْرِ أُولِي الضَّرَرِ عِنْدَ قُعُودِهِمْ عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ
4712 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا إبراهيم بنالحجاج السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حدثنا عاصم بنكليب، قال: حدثني أبيعن خَالِي الْفَلَتَانِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ دَامَ بَصَرُهُ مَفْتُوحَةٌ عَيْنَاهُ، وَفَرَغَ سَمْعُهُ وَقَلْبُهُ1 لِمَا يَأْتِيهِ مِنَ اللَّهِ قَالَ: فَكُنَّا نَعْرِفُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لِلْكَاتِبِ:"اكْتُبْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، فَقَامَ الْأَعْمَى، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا ذَنْبُنَا، فَأُنْزِلَ عَلَيْهِ، فَقُلْنَا لِلْأَعْمَى إِنَّهُ يُنَزَّلُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَافَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِهِ، فَبَقِيَ قَائِمًا، وَيَقُولُ: أَعُوذُ بِغَضَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْكَاتِبِ "اكْتُبْ: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} 2. [3: 64]
__________
1 في الأصل "رام بصره وفرغ سمعه وقلبه مفتوحة عيناه"، والمثبت من "مسند ابي يعلي".
2 إسناده قوي. وهو في "مسند أبي يعلي" 1/ورقة 91.واخرجه الطبراني 18/"856" من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، بهذا الأسناد. وأخرجه الطبراني 18/"856"، والبزاز "2203" من طرق عن عبد الواحد بن زياد، به. ذكره الهيثمي في "المجمع" 5/280 و7/9 وقال: رواه أبو والبزار والطبراني، ورجال أبي يعلي ثِقَاتٌ. وله شاهدٌ من حديث البراء بن عازب عند الطيالسي "1943"، والبخاري "4594"، ومسلم "1898" والترمذي "1670" و"3031" والنسائي 6/10،وأبوجعفر والطبري "10233"و"10234" و"10235" و"10236" و"10237" و"102348" و"10249"، والبيهقي 9/23 وآخر من حديث زيد بن أرقم عند الطبري "10238"، الطبراني "5053". وثالث من حديث زيد بن ثابت وهو الآتي عند المصنف.(11/11)
ذِكْرُ اسْمِ هَذَا الْأَعْمَى الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ هذه الرخصة من أجله
4713 - أخبرنا بن قتيبة، قال: حدثنا بن أبي السري، قال: حدثناعبد الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ قبيصة بن ذؤيبعن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: "كُنْتُ أَكْتُبُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "اكْتُبْ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِاللَّهِ} ، قَالَ: فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فقال: يا رسول الله إنيأحب الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَبِي مِنَ الزَّمَانَةِ ما ترى قد ذهب بصريقال زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: فَثَقُلَتْ فَخِذُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَرَفَّضَ1 فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ، قَالَ: "اكتب: {لا يَسْتَوِيالْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِاللَّهِ} 2" [النساء: 95] . [3: 64]
__________
1 أي تتكسر وتتحطم، وفي مصادر التخريج "حتى خشيت أن ترضها". وقوله "سري عته" أي: كشف عنه، وتجلى ما كان يأخذه من الكرب عند انزول الوحي.2 إسناده قوي، ابن السري –وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن - وإن كان صاحب أوهام قد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وأخرجه احمد 5/184، والطبري "10240"، والطبراني 5/"4899"، وأبو نعيم في "الدلائل"175" من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد أخرجه الطبراني "4899"، من طريق عبد الله بن مبارك، به.
وأخرجه أحمد 5/184، والبخاري "2832" والبخاري "2832" في الجهاد: باب قول الله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ.} ، و"4592"وفي التفسير: باب {لا يَسْتَوِ ي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} ،والترمذي "3033" في التفسير: باب ومن سورة النساء، والنسائي 6/9 و9 - 10 في الجهاد: باب فضل المجاهدين على القاعدين، والطبري "10239"، والطبراني "4814" و"4815" و"4816"، وابن الجارود "1034"، والبيهقي 9/23، والبغوي في "تفسيره" 1/467 من طريق ابن شهاب الزهري، عن سهل بن سعد الساعدي، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت.
وأخرجه أحمد 5/190 - 191، وأبو داود، "2507" في الجهاد: باب في الرخصة في القعود من العذر، الحاكم 2/81، والبيهقي 9/ 23 من طريق خارجة بن زيد، عن بن ثابت.(11/12)
ذِكْرُ مُشَارَكَةِ الْقَاعِدِ الْمَرِيضِ الْمُجَاهِدَ فِي الْأَجْرِ
4714 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بالري، حدثنامحمد بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ، حَدَّثَنَا أبي حدثنا سفيان، عنالأعمش عن أبي سفيانعن جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَقَدْ شَهِدَكُمْ أَقْوَامٌ بالمدينة حبسهم المرض1". [1: 2]
__________
1حديث صحيح مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ الأصبهاني لم يرو عن غير أبيه شيئاً ولا يعرف بجرح ولا تعديل، مترجم في "الجرح والتعديل" 8/53، وأبو عصام بن يزيد: ترجمة المؤلف في "ثقاته" 8/520 فقال: عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ مَوْلَى مُرَّةَ الطيب، من أهل الكوفة، سكن أصبهان، ولقب عصام جبر، يروي عن الثوري ومالك بن مغلول، روى عنه ابنه محمد بن عصام، يتفرد ويخالف، وكان صدوقاً، حديثه عند الأصبهانيين.
وذكره ابن أبي حاتم 7/26، وأبو نعيم في "تاريخ أصبهان" 2/138 فلم يذكرا فيه جرحاً ولاتعديلاً، وقد توبعا، وباقي السند على شرط مسلم.
سفيان: هو الثوري، وأبو سفيان: هو طلحة بن ناع الواسطي.
وأخرجه مسلم "1911" في الإمارة: باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض أو عذر آخر، وابن ماجه "2765"في الجهاد: باب من حبسه العذر عن الجهاد، والبيهقي 9/24 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد بلفظ: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال: "إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً، ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم، حبسهم المرض".
وأخرجه أحمد 3/341 من طريق حسن، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، عن جابر.
وفي الباب حديث أنس، وسيأتي برقم "4731".(11/13)
باب الخروج وكيفية الجهاد
السفر بالقرآن إلى أرض العدو
...
13 - بَابُ الْخُرُوجِ وَكَيْفِيَّةِ الْجِهَادِ
4715 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أخبرنا أحمد بنأبي بكر، عن مالك، عن نافععن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن يسافر بالقرآن إلىأرض العدو مخافة أن يناله العدو"1. [2: 53]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخيين. وهو في "الموطأ" 2/446 في الجهاد: باب النهي عن أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.
ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/7و63، والبخاري 2990 في الجهاد: باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، والكفار إذا خيف وقوعه بأيديهم، وأبو داود "2610" في الجهاد باب في المصجف يسافر به إلى أرض العدو، وابنه عبد الله في "المصاحف" ص206و207، وابن ماجه "2879" في الجهاد: باب النهي أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، وابن الجارود "1064"، والبغوي "1234".
وأخرجه عبد الرزاق "9410"، والطيالسي "1855"، وأبو القاسم البغوي في "مسند على بن الجعد" "1223" و"2682"، وأحمد 2م6و10و55، والحميدي "699"، ومسلم "1869" "93" و"94"، وابن ماجه "2880"، وابن أبي داود ص 205 و206 و207 و208 و209، والبيهقي 9/108، والبغوي "1233" من طرق عن نافع، به وانظر ما بعده.(11/15)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
4716- أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيلالبخاري، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ، عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دينار، عن نافععن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ"1 [2: 53]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِي قَوْلِهِ: "مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ العدو" بيان واضحان الْعَدُوَّ إِذَا كَانَ فِيهِمْ ضِعْفٌ وَقِلَّةٌ، وَالْمُسْلِمُونَ فيهم قوة وكثرة، ثمسافر أَحَدُهُمْ بِالْقُرْآنِ وَهُوَ فِي وَسَطِ الْجَيْشِ يَأْمَنُ "أن" لا يقع ذلكفي أَيْدِي الْعَدُوِّ، كَانَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ الْفِعْلِ مُبَاحًا له، ومتى أيس مماوصفنا، لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ بِالْقُرْآنِ إِلَى دَارِ الحرب.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وإسماعيل بن أبي أويس قد توبع، وأخوه: هو عبد الله الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي أبو بكر بن أبي أويس.
وأخرجه أحمد 2/128 من طرق عبيد بن أبي قرة، عن سليمان بن بلال، بهذا الإسناد. وهذا قوي، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبيد بن أبي قرة، قال ابن معين: ما به بأس، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات".
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف ص209 من طريقين عن عبد العزيز بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، به.(11/16)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ خَيْرِ الْجُيُوشِ وَالصَّحَابَةِ
4717 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ يُونُسَ بن يزيدالأيلي، يحدث عن الزهري، عن عبيد اللهبن عبد الله عن بن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثناعشر ألفا من قلة" 1 [1: 62] .
__________
1إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وعبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة الهذلي. وهو في "مسند أبي يعلى" "2587".
وأخرجه أبو داود "2661" في الجهاد: باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا، من طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، بهذا الإسناد. وقال: والصحيح أنه مرسل.
وأخرجه أحمد 1/294، والترمذي "1555"في السير: باب ماجاء في السرايا، والطحاوي في "مشكل الآثار" 1/238، وابن خزيمة "2538"، والحاكم 1/443 و 2/ 101، والبيهقي 9/156 من طريق وهب بن جرير، به. قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لخلاف بين الناقلين فيه عن الزهري، وكذا قال الذهبي في "مختصره"، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريبلا سند لا يسنده كبير أحد غير جرير بن حازم، وإنما روي هذا الحديث عن الزهري عن النبي صلى الله عليه سلم مرسلا. وقال البيهقي: تفرد به جرير بن حازم موصولاً، وتبعقبه ابن التركماني بقوله: هذا ممنوع لأن جريراَ ثقة، وقد زاد الإسناد فيقبل قوله، كيف وقد تابعه عليه غيره. وقال المناوي في "فيض"القدير 3/474: ولم يصححه الترمذي، لأنه يروي مسنداً ومرسلاً ومعضلا، قال ابن القطان: لكن هذا ليس بعلة، فالأقرب صحته، قلت: وصححه أيضاً الضياء المقدسي في "المختارة" 62/ 292/2.
وأخرجه االدارمي 2/215، من طريق حبان بن على، عن يونس، به د
وأخرجه الدارمي 2/215، وأحمد 1/299، وأإبو يعلى "2714" من طريق حبان بن على، عن عقيل عن الزهري، به.
وأخرجه الطحاوي 1/339 من طريق مندل وحبان، عن يونس بن يزيد، عن عقيل، عن ابن شهاب، به.
وأخرجه عبد الرزاق"9699" من طريق معمر، والطحاوي 1/339من طريق عقيل بن خالد، كلاهما عن الزهري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم......كذا منقطعاً.
والسرايا: جمع سرية، وهي القطعة من سميت به، لأنها تسري بالليل، فعلية بمعنى فاعلة.(11/17)
ذكر الإباحة لإمام أَنْ يَحُثَّ أَنْصَارَهُ لَا سِيَّمَا مَنْ كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُمْ إِلَيْهِ
4718 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا حماد بنسلمة، عن ثابتعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ لَمَّا أرهقوه وهو فِي سَبْعَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَرَجُلٍ1 مِنْ قُرَيْشٍ: "مَنْ يَرُدُّهُمْ عَنَّا فَهُوَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ قَالَ: مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَامَ آخَرُ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ: ذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ السَّبْعَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَنْصَفْنَا أَصْحَابَنَا اللَّهُمَّ إِنَّكَ إن تشأ لا تعبد في الأرض" 2. [3: 5]
__________
1 وفي "مسند أبي يعلى" وبقية مصادر التخريج: ورجلين.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في "مسند" أبي يعلى""3319".
واخرجه مسلم "1789" في الجهاد والسير: باب غزوة أحد، عن هداب "ويقال له: هدبة ابن خالد، بهذا الإسناد، وزاد في مسنده مع ثابت: على بن زيد.
وأخرجه احمد 3/286،عن عفان، عن حماد، عن ثابت وعلى بن زيد، عن أنس.(11/18)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَحُثَّ النَّاسَ عَلَى الْخُرُوجِ إِلَى الْغَزْوِ فِي وَقْتٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ فَاتَهُمْ فِيهِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ
4719 - أَخْبَرَنَا أبو يعلى الموصلي في كتاب "المشايخ2"، حدثناعبد اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عن نافععن بن عُمَرَ قَالَ: "نَادَى فِينَا مُنَادِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ انْصَرَفَ عَنِ الْأَحْزَابِ: "أَلَا لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الظُّهْرَ3 إِلَّا في بني قريظة"،
__________
2 قال الإمام الذهبي في "تذكرته" 2/707: وقد خرج لنفسه معجم شيوخه في ثلاثة أجزاء. قلت: ومن هذا المعجم نسختان خطيتان، الأولى: في دار الكتب المصرية حديث "1913"، وتقع في 38ورقة، وعليه سماع من سنة 556هـ، والثانية: في تشستربتي تحت رقم "3796"، ويقع في 34ورقة كتبت سنة 581هـ.
3 لفظ البخاري "لايصلين أحد العصر" قال الحافظ 7/471 - 472: كذا وقع في جميع النسخ عند البخاري، ووقع في جميع النسخ عند مسلم =(11/19)
فَتَخَوَّفَ نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قريظة، وقال الآخرون
__________
= "الظهر" مع اتفاق البخاري ومسلم على روايته عن شيخ واحد بإسناد واحد، وقد وافق مسلماًَ أبو يعلى وآخرون، وكذلك أخرجه ابن سعد عن أبي غسان مالك بن إسماعيل عن جويرية بلفظ "الظهر"، وابن حبان من طريق أبي غسان كذلك، ولم أره من رواية جويرية إلا بلفظ "الظهر"، غير أن أبا نعيم في "المستخرج" أخرجه من طريق أبي حفص السلمي عن جويرية فقال "العصر".
وأما أصحاب المغازي فاتفقوا على أنها العصر، قال ابن إسحاق: لما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم من الخندق راجعاً إلى المدينة أتاه جبريل الظهر فقال: إن الله يأمرك أن تسير إلى بني قريظة، فامر بلالاً فأذن في الناس: من كان سامعاَ مطيعاَ فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة. وكذلك أخرجه الطبراني 19/ "160"، البيهقي في "الدلائل" 4/7 بإسناد صحيح إلى الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه عبيد الله بن كعب، أن رسول الله صلى عليه وسلم لما رجع من طلب الأحزاب وضع عنه اللامة، واغتسل، واستجمر فتبدى له جبريل، فقال: عذيرك من محارب، ألا أراك قد وضعت اللأمة وما وضعناها بعد، قال فوثب رسول الله فزعاً، فعزم على الناس أن لا يصلوا العصر حتى يأتوا بني قريظة، قال: فلبس الناس السلاح، فلم يأتوا بني قريظة حتى غربت الشمس قال: فاختصموا عند غروب الشمس، فصلت طائفة العصر، وتركتها طائفة، وقالت: إنا في عزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس علينا إثم، فلم يعنف واحداً من الفريقين.
واخرجه الطبراني 19/ "160" من هذا الوجه موصولاً بذكر كعب مالك فيه.
وللبيهقي 4/8 من طريق القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها نخوه مطولاَ، وفيه "فصلت طائفة إيماناً واحتساباً، وتركت طائفة إيماناً واحتساباَ" وهذا كله يؤيد رواية البخاري في أنها العصر.(11/20)
لَا نُصَلِّي إِلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ فَاتَنَا الْوَقْتُ، قال: فما عنف واحد من الفريقين 1. [5: 3]
__________
1إسناده صحيح على شرط الشيخين.
واخرجه البخاري "946" في صلاة الخوف: باب صلاة الطالب والمطلوب راكباً وإيماء، "4119" في المغازي: باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، ومسلم "1770" في الجهاد والسير: باب المبادرة بالغزو، والبيهقي 10/119 من طريق عبد الله بن محمد بن أسماء بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" 4/74، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/6 من طريق مالك بن إسماعيل أبي غسان الهندي، عن جويرية بن أسماء به.
قال السهيلي في "الروضالأنف" 3/ 281 - 282: وفي هذا من الفقه أنه لايعاب على من أخذ بظاهر حديث أو آية "قلت: ولا على من استنبط النص معنى يخصصه" فقد صلت منهم طائفة قبل أن تغرب الشمس، وقالوا: لم يرد النبي صلى الله عليه وسلم إخراج الصلاة عن وقتها، وإنما أراد الحث والإعجال، فما عنف أحداَ من الفريقين، وفي هذا دليل على أن كل مختلفين في الفرع من المجتهدين مصيب، وفي حكم داود وسليمان في الحرث أصل لهذا الأصل أيضاً، فإنه قال سبحانه: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماًً وَعِلْماً} ولا يستحيل أن يكون الشيء صواباً في حق إنساناً، وخطأ في حق غيرهن فيكون من احتهد في مسألة، فأداه ااجتهاده إلى التحليل مصيباً في استحلاله، وأخر اجتهد، فأداه اجتهاده ونظره إلى تحريمهان مصيباَ في تحريمها، وإنما المحال أن يحكم في المنازلة بحكمين متضادين في حق شخص واحد وإنما عسر فهم هذا الأصل على طائفتين: الظاهرية والمعتزلة، أما الظاهرية، فإنهم علقوا الاحكام بالنصوص، فاستحال عندهم أن يكون النص يأتي بحظر وإباحة معاَ إلا على وجه نسخ، وأما المعتزلة، فإنهم علقوا الأحكام بتقبيح العقل وتحسينه، فصار حسن الفعل عنده أو قبحه صفة عين، كما يستحيل ذلك في الألوان والأكوان وغيرهما من الصفات القائمة بالذوات.
وأما ما عدا هاتين الطائفتين من أرباب الحقائق، فليس الحظر والإباحة عندهم بصفات أعيان، وإنما هي صفات احكام، والحكم من الله تعالى بحكم بالحظر في النازلة على من أداه نظره واجتهاده إلى الحظر، وكذلك الإباحة والندب والإيجاب والكراهة كلها صفات أحكام، فكل مجتهد وافق اجتهاده وجهاً من التأويل، وكان عنده من أدوات الاجتهاد ما يترفع به عن حضيض التقليد إلى هضبة النظر، فهو مصيب في احتهاده، مصيب للحكم الذي يعبد به، وإن تعبد غيره في تلك النازلة بعينها يخلاف ما تعبد هو به، فلا يعد في ذلك مخطئاً إلا على من لا يعرف الحقائق، أو عدل به الهوى عن أوضح الطرئق.(11/21)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ اسْتِعَارَةِ الْإِمَامِ السِّلَاحَ مِنْ بَعْضِ رَعِيَّتِهِ إِذَا أَرَادَ قِتَالَ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ
4720- أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حدثنا بشر بن خالدالعسكري، قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا همام، عن قتادة، عنعطاء، عن صفوان بن يعلى بن أميةعن أَبِيهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَتْكَ رُسُلِي فَأَعْطِهِمْ أَوِ ادْفَعْ إِلَيْهِمْ ثَلَاثِينَ بَعِيرًا أَوْ ثَلَاثِينَ دِرْعًا" قَالَ: قُلْتُ: الْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ يَا رَسُولَ الله قال: "نعم" 1. [11: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. همام: هو ابن يحيى، وقتادة: هو ابن دعامة، وعطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه أبو داود "3566" في البيوع: باب في تضمين العارية، والنسائي كما في "التحفة" 9/ 116من طريق إبراهيم بن المستمر، عن حبان بن هلال، بهذا الإسناد
وأخرجه أحمد 4/222من طريق بهز بن أسد، عن همام، به. وله شاهد صحيح من حديث أبي امامة سيرد عند المؤلف برقم "5094".(11/22)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْمُسْلِمِينَ وَيَسْتَثْبِتَ1 آرَاءَهُمْ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْأَعْدَاءِ
4721 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ حميدايحدث عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَرَجَ2 النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم سار إلي بدرفجعل يَسْتَشِيرُ النَّاسَ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ، أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ الله عليه، ثماستشارهم، فَأَشَارَ عَلَيْهِ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَجَعَلَ يستشير صلى الله عليه وسلمفقالت الْأَنْصَارُ: وَاللَّهِ مَا يُرِيدُ غَيْرَنَا، فَقَالَ رَجُلٌ من الأنصار أراكتستشير فَيُشِيرُونَ عَلَيْكَ، وَلَا نَقُولُ كَمَا قَالَ بَنُو إسرائيل: {فَاذْهَبْ أَنْتَ
__________
1في الأصل: ويستشف، والمثبت من "التقاسيم" 4/لوحة 138.
2في الأصل: لما خرج والتصويب من "التقاسيم".(11/23)
وَرَبُّكَ فَقَاتِلاا} [المائدة24] وَلَكِنْ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لَوْ ضَرَبْتَ أَكْبَادَهَا1 حتى تبلغ برك الغماد2، كنا معك3. [5: 3]
__________
1 أي أكباد الأبل، وجاء في الأصل و"التقاسيم" أكباد نا، وهو خطأ، والتصويب من مصادر التخريج.
2 ذكرالحجري في "مجموع بلدان اليمن وقبائلها" أنها بلدة على ساحل البحر الأحمر من ناحية بلاد ألمع في تهامة عسير، فيها مرسى للسفن، وهي ما بين مرسى القحمةِ جنوبي البرك، ومرسى حلى بن يعقوب شمال البرك. وذكرها ياقون فقال: هو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلي البحر، وقيل: بلد باليمن دفن عنده عبد الله بن جدعان التيمي القرشي. انظر "معجم البلدان" 1/399، و"البلدان اليمانية عند ياقوت الحموي" ص39.
3 أسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "مسند أبي يعلى" "3803"
وأخرجه أحمد 3/105و188، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/185، وأبو يعلى "3766" من طرق عند حميد، بهذا الإسناد وانظر ما بعده(11/24)
ذِكْرُ اسْمِ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي قَالَ لِلْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفْنَا
4722 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عن ثابتعن أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم شاور الناس أيام بدر، فتكلمأبو بَكْرٍ، فَضَافَ عَنْهُ1، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فَضَافَ عنه، فقال سعد بنعبادة: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِيَّانَا تُرِيدُ؟ لَوْ أَمَرْتَنَا أن نخوض البحر لخضناه
__________
1 أي: مال وعدل عنه.(11/24)
أَوْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ، لَفَعَلْنَا فندب رسول الله صلى الله عليه وسلمأصحابه وَانْطَلَقَ إِلَى بَدْرٍ، فَإِذَا هُمْ بِرَوَايَا لِقُرَيْشٍ1 فيها عبد أسودلبني الْحَجَّاجِ، فَأَخَذَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فجعلوا يسألونه: أينأبو سُفْيَانَ، وَأَيْنَ تَرَكْتَهُ؟ فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا لِي بأبي سفيان علم، هذهقريش: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَعُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ [وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَإِذَا قال لهم ذلك ضربوه، فيقول: دعوني دعونيأخبركم، فَإِذَا تَرَكُوهُ، قَالَ: وَاللَّهِ مَا لِي بِأَبِي سفيان من علم، ولكنهذه قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ فِيهِمْ أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ وشيبة ابنا ربيعةوأمية بْنُ خَلَفٍ] 2 قَدْ أَقْبَلُوا. وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي، فَانْصَرَفَ، فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّكُمْ لَتَضْرِبُونَهُ إِذَا صَدَقَكُمْ، وَتَدَعُونَهُ إِذَا كَذَبَكُمْ، هَذِهِ قُرَيْشٌ قَدْ أَقْبَلَتْ تَمْنَعُ أَبَا سُفْيَانَ" قَالَ: فَأَوْمَأَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيده الىالأرض، وَقَالَ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا، وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ غَدًا" قَالَ أَنَسٌ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ما أماط3 واحد منهم عنمصرعه4. [5: 3]
__________
1 أي إبلهم التي كانوا يستقون، فهي الإبل الحوامل للماء، واحدتها راوية.
2 زيادة من مصادر التخريج، واللفظ لأبي داود.
3 أي: ما تباعد
4 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 3/ 219 - 220 – 257 258، ومسلم "1779" في الجهاد والسير: باب غزوة بدر، وأبو داود "2681" في الجهاد: باب في الأسير ينال منه ويضرب ويقرر، من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.(11/25)
ذكر الإباحة لإمام أَنْ يَغْزُوَ بِالنِّسَاءِ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَمُدَاوَاةِ الْجَرْحَى
4723 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الجحدري، حدثناجعفر بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أنس بن مالكعن أُمِّهِ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِنَا مَعَهُ نِسْوَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ لِتَسْقِيَ الْمَاءَ وَتُدَاوِيَ الْجَرْحَى" 1. [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الطبراني 25/"302" من طريق الصلت بن مسعود بهذا الإسناد، وقال الهيثمي في "المجمع"5/324: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه مسلم "1810"في الجهاد والسير: باب غزوة النساء مع الرجال، والترمذي "1575" في السير: باب ماجاء في خروج النساء في الحرب، وأبو داود "2531" في الجهاد: باب في النساء يغزون، والبيهقي 9/30من طرق عن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم يغزو بإم سليم ونسوة......".
وفي الباب عن الربيع بنت معوذ قالت: "كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنسقي القوم، ونخدمهم ونرد الجرحى والقتلى إلى المدينة".
وأخرجه البخاري "2882" و "2883" و "5679".(11/26)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ غَزْوِ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَخِدْمَتِهِنَّ إِيَّاهُمْ فِي غَزَاتِهِمْ
4724 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا الصلت بنمسعود الْجَحْدَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يغزو بنا معه نسوةمن الأنصار نسقي الماء ونداوي الجرحى"1. [1: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله.(11/27)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ خُرُوجِ الصِّبْيَانِ إِلَى الْغَزْوِ لِيَخْدِمُوا الْغُزَاةَ فِي غَزَاتِهِمْ
4725 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرحمن الإسكندراني، عنعمرو بن أبي عمروعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: "الْتَمِسْ لِي غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى آتِي خَيْبَرَ" فَخَرَجَ [بِي] أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ، فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذانزل1. [4: 1]
__________
1 أسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري "2893" من الجهاد: باب من غزا بصبي للخدمة، والبيهقي 6/ 304 من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 9/125من طريق سعيد بن منصور، عن يعقوب بن عبد الرحمن، به.
وأخرجه أحمد 3/159، والبخاري "5425" في الأطعمة: باب الحيس، و"6363" في الدعوات: باب التعوذ من غلبة الرجالن ومسلم "1365" في الحج: باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، والنسائي 8/274 في الاستعاذة: باب الاستعاذة: من غلبة الرجال، وأبو يعلى "3703" من طريق إسماعيل بن جعفر، عن عمرو بن أبي عمرو، به.(11/27)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ عَلَى قِتَالِ أعداء الله
4726 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصوفي، قال: حدثنايحيى بن معين، قال: حدثنا بن مهدي، عن مالك، عن الفضيل بنأبي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ1، عن عروةعن عَائِشَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَحِقَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَاتِلَ مَعَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْجِعْ فَإِنَّا لا نستعين بمشرك" 2. [2: 2]
__________
1 جاء في هامش الأصل ما نصه: هو عبد الله بن نيار بن مكرم الأسلمي، كان في الأصل: عبد الله بن دينار وليس بشيء.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن مهدي: هو عبد الرحمن.
وأخرجه أحمد 3/148 - 149، ومسلم "1817" في الجهاد: باب كراهية الإستعانة في الغزو بكافر، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإسناد
وأخرجه أحمد 3/ 67 - 68، "1817" والترمذي "1558" في السير: باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم"وقد تحرف فيه "نيار إلى: دينار"، وأبو داود "2732" في الجهاد: باب في المشرك يسهم له، والبيهقي 9/ 36 - 37 من طرق عن مالك، به.
وأخرجه الدارمي 2/ 233 من طريق وكيع عن ما لك بن أنس، عن عبد الله بن دينار، عن عروة، عن عائشة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/395، من طريقه ابن ماجه "2832" في الجهاد: بابن الاستعانة بالمشركين، عن وكيع، عن مالك، عن عبد الله بن يزيد، عن أبي نيار "وفي ابن ماجه: دينارن وهو تحريق" عن عروة، عن عائشة. قال ابن حجر في "التهذيب": عبد الله بن يزيد عن نيار، صوابه عبد الله بن نيار ليس بينهما "يزيد" ولا لفظة "عن".(11/28)
ذِكْرُ الْعَلَامَةِ الَّتِي يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ الْمُقَاتِلَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
4727 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الدغولي بخبرغريب مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بن دينار الكرماني، قال: حدثناعبد اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "عُرِضْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ وَأَنَا ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَلَمْ أَحْتَلِمْ، فَلَمْ يَقْبَلْنِي، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنة فقبلني1". [5: 3]
__________
1 حديث صحيح. محمد بن داود بن دينار ترجمه المؤلف في "الثقات" 9/143،فقال: محمد بن داود بن دينار الكرماني، سكن سرخس يروي عن يعلى ومحمد ابني عبيد، حدثنا عنه محمد بن عبد الرحمن الدغولي وغيره، مات سنة ستين ومئتين أو قبلها أو بعدها بقليل. وعبد الله بن نافع اثنان وكلاهما يروي عن مالك –الأول: الصائغ. وهو ثقة صحيح الكتاب، وفي حفظه لين، والثاني: الزبيري وهو صدوق، وباقي السند ثقات، وانظر الحديث الآتي.
وأخرجه الطيالسي "1859" عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، عن نافع، عن ابن عمر بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن البيهقي 6/ 55 من طريق أبي معاوية، عن أبي معشر، عن نافعن به وزادوا في أوله "عرضت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر وأنا ابن ثلاث عشرة سنة فردني".
وقال يزيدبن هارون: وهو في الخندق ينبغي أن يكون ابن ست عشرة سنة، لأن بين أحد والخندق بدراً الصغرى قال الحافظ في "الفتح" 5/368: وهو أقدم من نعرفه استشكل قول ابن عمر هذا، وإنما بناه على قول ابن اسحاق، وأكثر أهل السير أن الخندق كانت في سمة خمس من الهجرة وإن اختلفوا في تعيين شهرها، شهرها، واتفقوا على أن أحداً كانت في شوال سنة ثلاث، وإذا كان كذلك جاء ما قال يزيد أنه يكون حينئذٍ ابن ست عشرة سنة، لكن البخاري جنح إلى قول موسى بن عقبة في المغازي 7/392: إن الخندق كانت في شوال سنة أربع، وقد روى يعقوب بن سفيان في "تاريخه" ومن طريقه البيهقي عن عروة نحو قول موسى بن عقبة، وعن مالك الجزم بذلك، وعلى هذا لا إشكالن لكن اتفق أهل المغازي على أن المشركين لما توجهوا في أحد نادوا المسلمين: موعدكم العام المقبل بدر، وأنه صلى الله عليه وسلم خرج إليها من السنة المقبلة في شوال، فلم يجد بها احداً، وهذه هي التي تسمى "بدر الموعد" ولم يقع بها قتال، بها قتال، فتعين ما قال ابن إسحاق: إن الخندق كانت في سنة خمس، فيحتاج حينئذ إلى الجواب عن الإشكال. وقد أجاب عنه البيهقي وغيره بأن قول ابن عمر "عرضت يوم احد وأنا ابن أربع عشرة" أي: تجاوزتها، فألغي الكسر في الأولى، وجبره في الثانية، وهو شائع مسموع في كلامهم، وبه يرتفع الإشكال المذكور، وهو أولى من الترجيح، والله أعلم.(11/29)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ تَمَامَ خَمْسَ1 عَشْرَةَ سَنَةً لِلْمَرْءِ لَا يَكُونُ بُلُوغًا
4728 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ الْأَعْرَجُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنِ بن جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ، قَالَ: "عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا بن أربع
__________
1 في الإصل: خمسة، وهو خطأ، والتصويب من "التقاسيم"4/139.(11/30)
عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي، وَلَمْ يَرَنِي بَلَغْتُ، ثُمَّ عُرِضْتُ عَلَيْهِ وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنة فأجازني"1. [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البيهقي6/55 من طريق محمد بن بكر البرساني، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/17، والبخاري "2664"في الشهادات: باب بلوغ الصبيان وشهاداتهم، و"4097" في المغازي: باب غزوة الخندق، ومسلم "1868" في الإمارة: باب بيان سن البلوغ، والترمذي "1711" في الجهاد: باب ما جاء في حد بلوغ الرجل ومتى يفرض له، والنسائي 6/ 155 - 156 في الطلاق: باب متى يقع طلاق الصبي، وأبو داود "4406" و"4407" في الحدود: باب في الغلام يصيب الحد، وابن ماجه "2543" في الحدود: باب من لا يجب عليه الحد، وابن سعد في "الطبقات" 4/143، والبيهقي في "السنن" 3/83 و6/54 - 55 و55 و8/264 و9/21 و22، وفي "الدلائل" 3/395 من طرق عن عبيد الله بن عمر العمري، به.(11/31)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الرَّجُلَيْنِ إِذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي سَبِيلِهِ وَهُمَا مِنْ قَبِيلَةٍ أَوْ دَارٍ وَاحِدَةٍ بِكَتْبِهِ الْأَجْرَ بَيْنَهُمَا
4729 - أخبرنا بن سلم، حدثنا عبد الرحمن، حدثنا الوليد، حدثناالأوزاعي، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سعيد مولى1 المهريعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي لِحْيَانَ، فَقَالَ: "لِيُنْتَدَبْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا والأجر بينهما" 2. [1: 2]
__________
1 سقط من الأصل، واستدرك من مصادر ترجمته.
2 إسناده صحيح على شرط الصحيح. ابن سلم: هو عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ الْمَقْدِسِيُّ، وعبد الرحمن: هو ابن إبراهيم الملقب بدحيم، وهو من رجال البخاري، ومن فوقه من رجال الشيخين غير أبي سعيد مولى المهري فمن رجال مسلم.
وأخرجه الطيالسي "2204"، وأحمد 3/34 - 35، ومسلم "1896" "137" في الإمارة: باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله بمركوب وغيره وخلافته في أهله بخير والبيهقي 9/40 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/55، ومسلم "1896" "138"، وأبو داود "2510" في الجهاد: باب ما يجزي من الغزو، والبيهقي 9/40 و48 من طريقين عن يزيد بن أبي حبيب، عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري، عن أبيه، به.(11/31)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ إِذَا تَجَهَّزَ لِلْغَزَاةِ وَحَدَثَتْ بِهِ عِلَّةٌ أَنْ يُعْطِيَ مَا جَهَّزَ لِنَفْسِهِ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لِيَغْزُوَ بِهِ
4730 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَّامٍ الْجُمَحِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثابتعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُرِيدُ الْجِهَادَ وَلَيْسَ لِي مَا أَتَجَهَّزُ بِهِ، قَالَ: "اذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ، فَقُلْ لَهُ: يُقْرِئُكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلمالسلام، وَيَقُولُ: لَكَ: ادْفَعْ إِلَيَّ مَا تَجَهَّزْتَ بِهِ" فَأَتَاهُ فَقَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: لَا تُخْفِي مِنْهُ شَيْئًا، فَوَاللَّهِ لَا تُخْفِينَ مِنْهُ شَيْئًا، فَيُبَارَكَ لك منه1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم وهو في "مسند أبي يعلى" ""3293".
وأخرجه أحمد 3/207، ومسلم "1894" في الإمارة: باب فضل إغاثة الملهوف، وأبو داود "2780" في الجهاد: باب فيما يستحب من إنفاذ الزاد في الغزو إذا قفل، والبيهقي 9/28، والبغوي "3309" من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.(11/32)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْقَاعِدِ الْمَعْذُورِ بِإِعْطَائِهِ أَجْرَ الْغَازِي الْمُجْتَهِدِ فِي غَزَاتِهِ
4731 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يزيد بن هارون، أخبرنا حميدعن أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ وَدَنَا مِنَ الْمَدِينَةِ قَالَ: "إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سرتم من مسير ولا قطعتم من وادإلا كَانُوا مَعَكُمْ فِيهِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وهم بالمدينة؟ قال: "نعم حبسهم العذر"1. [1: 2]
__________
1 وإسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.
وأخرجه أحمد 3/103، والبخاري "2839" في الجهاد: باب من حبسه العذر عن الغزو، و"4423" في المغازي: باب رقم "81"، وابن ماجه "2764" في الجهاد: باب من حبسه العذر عن الجهاد، من طرق عن حميد الطويل، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري بإثر الحديث "2839" تعليقاً عن موسى بن إسماعيل، حدثنا حمادن عن حميد عن موسى بن أنس، عن أبيه، وقال: الأول أصح، يعني حذف موسى بن أنس من الإسناد.
وأخرجه أبو داود "2508" في الجهاد: باب في الرخصة في القعود من العذر، ومن طريقه البيهقي 9/24 عن موسى، به. وانظر "الفتح"6/56.(11/33)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنْزَلَ اللَّهُ: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا}
4732 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سهل بنعسكر، حدثنا بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عطاء بن يسارعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: "أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْغَزْوِ، وَتَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَ: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} [آلعمران: 188] 1 [3: 64]
__________
1 إسناد صحيح على شرط مسلم محمد بن سهل بن عسكر من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. ابن أبي مريم: هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم.
وأخرجه مسلم "2777" في صفات المنافقين، والطبري في "تفسيره" "8335" من طريق محمد بن سهل بن عسكر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "4567" في تفسير: باب {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} ، ومن طريقه البغوي في "تفسير" 1/384، وأخرجه مسلم "2777" والطبري "8335" والبيهقي 9/36 من طريق سعيد بن أبي مريم، به.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 2/404 وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن حاتم، والبيهقي في "شعب الإيمان".(11/34)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَعَاقُبِ الْجَمَاعَةِ الْبَعِيرَ الْوَاحِدَ فِي الْغَزْوِ عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى غَيْرِهِ
4733 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسحاق بنإبراهيم، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زرعن عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ بَيْنَ كُلِّ ثَلَاثَةٍ بَعِيرٌ، وَكَانَ زَمِيلَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَأَبُو لُبَابَةَ، فَإِذَا حَانَتْ عُقْبَةُ1النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَا: ارْكَبْ وَنَحْنُ نَمْشِي، فَيَقُولُ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَنْتُمَا بِأَقْوَى مِنِّي، وَمَا أَنَا بِأَغْنَى عَنِ الْأَجْرِ مِنْكُمَا" 2 [4: 1]
__________
1 أي نوبته في المشي، كانوا يتعاقبون البعير: يركبون واحداً بعد واحد
2 إسناده حسن، عاصم – وهو ابن أبي النجود – روى له الشيخان مقروناً وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال مسلم. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه الحاكم 3/20، والبيهقي 5/285 من طريق أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد. وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 1/411 و422 و424، والبزار وفيه عاصم بن بهدلة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.(11/35)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَعَاقُبِ الْجَمَاعَةِ الْبَعِيرَ الْوَاحِدَ فِي الْغَزَاةِ
4734- أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزاة ونحن سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ1، قَالَ: فَنَقِبَتْ2 أَقْدَامُنَا، وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ، وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي، فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ.، قَالَ: فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنَ الْخِرَقِ". قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ، ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ، وَقَالَ: مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ: لِأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهِ أفشاه3. [4: 50]
__________
1 في الأصل والتقاسيم" 4/لوحة 90: نتعقبه، والمثبت من مصادر التخريج. وقوله "نعتقبه" أي: يركبه كل واحد منا نوبة
2 أي: قرحت من الخفاء.
3 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو كريب: هو محمد بن العلاء بن كريب الهمداني، وأبو أسامة: هو حماد بن أسامة، وبريد: هو ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. د
وأخرجه البخاري "4128" في المغازي: باب غزوة ذات الرقاع، ومسلم "1816" في الجهاد: باب غزوة ذات الرقاع، من طريق أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "1816"، والبيهقي 5/285، من طريقين عن أبي أسامة، به.(11/36)
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ عَنِ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ صَدْرَهَا
4735 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ خَالِدٍ الْبِرْتِيُّ ببغداد، قال: حدثناعلي بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الحسين بنواقد، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَا هُوَ يَمْشِي فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ علىحمار: ارْكَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَأَخَّرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِصَدْرِهَا إِلَّا أَنْ تَجْعَلَهَا لِي" قَالَ: فَجَعَلَهُ لَهُ، فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم1. [3: 66]
__________
1 إسناده قوي على شرط الصحيح. وأخرجه أحمد 5/353 من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي "2773" في الأدب: باب ماجاء أن الرجل أحق بصدر دابته، وأبو داود "2572" في الجهاد: باب رب الدابة أحق بصدرها، والبيهقي 5/ 285 من طريق على بن حسين بن واقد، وعن أبيه، به قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وله شاهد من حديث عبد الله بن حنظلة عند الدارمي 2/283، والبزار "470" قال الهيثمي في المجمع 2/65: رواه البزار والطبراني في "الأوسط" والكبير"، وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة، ضعفه أحمد، وابن معين، والبخاري، ووثقه يعقوب بن شيبة ووثقه ابن حبان.
وأخرجه من حديث قيس بن سعد عند أحمد 6/6 - 7، والطبراني 18/"890". وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني وفي "الكبير" و"الأوسط" ورجاله أحمد ثقات.
ثالث من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/32. قال الهيثمي 8/61: فيه إسماعيل بن رافع، قال البخاري: ثقة مقارب الحديث، وضعفه جمهور الأئمة، وبقية رجاله رحال الصحيح.
رابع من حديث عمر عند أحمد 1/19، وخامس من حديث عروة بن معتب عند الطبراني في "الكبير" 17/"373"، وقال الهيثمي 8/107: رجالهما ثقات. وسادس من حديث أبي هريرة عند البزار "1692".(11/37)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ جَوَازِ تَخَلُّفِ الْإِمَامِ عَنِ السَّرِيَّةِ إِذَا خَرَجَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا
4736 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بنأبي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عن أبي صالح السمانعن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "لولا أن أشق علىأمتي، لَأَحْبَبْتُ أَنْ لَا أَتَخَلَّفَ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ مَا يَتَحَمَّلُونَ عَلَيْهِ، وَيَشُقُّ عليهمأن يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي، وَوَدِدْتُ أَنِّي أُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله، فأقتل ثم أحيافأقتل، ثم أحيا فأقتل"1. [3: 60]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/465 في الجهاد: باب الترغيب في الجهاد.
ومن طريق مالك أخرجه النسائي في التفسير كما في "التحفة" 9/447، والبغوي "2614".
وأخرجه أحمد 2/424 و473 و496، والبخاري "2972" في الجهاد: باب الجعائل والحملان في السبيل، ومسلم "1876" "106" الإمارة: باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله، والنسائي 6/32 في الجهاد: في تمني القتل في سبيل الله تعالى، من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
وأخرجه مالك 2/460 في الجهاد: باب الشهداء في سبيل الله، وأحمد 2/245، والبخاري "7227" في التمني: باب ما جاء في التمني ومن تمنى الشهادة، ومسلم "1876" "106"، والبيهقي 9/ 157 من طريق أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأخرجه أحمد 2/313، ومسلم "1876" 106"، والبيهقي 9/ 24 من طريق عبد الرزاق، عن معمر عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري "36" في الإيمان: باب الجهاد من الإيمان، ومسلم "1876" "103" وابن ماجه "2753" في الجهاد: باب بفضل الجهاد في سبيل الله، والببهقي 9/157 من طرق عمارة بن القعقاع، عن زرعة بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة.
وأخرجه البخاري "2797" في الجهاد: باب تمنى الشهادة، و"7226"، والنسائي 6/32 من طريق الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة
وأخرجه مسلم "1876" 170" عن زهير بن حرب، عن جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. وانظر الحديث الآتي.(11/38)
ذِكْرُ إِرَادَةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَتَخَلَّفَ عَنْ سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4737 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إسحاق بنإبراهيم، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عمرو، حدثنا أبو سلمةعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده لولاأن أَشُقَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ تغزو في سبيل اللهأبدا، وَلَكِنْ لَا أَجِدُ سَعَةً فَأَحْمِلُهُمْ، وَلَا يَجِدُونَ سَعَةً فَيَخْرُجُونَ، وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي، والذي نفس محمد بيده لوددت انيأغزو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ، ثُمَّ أَحْيَا فَأُقْتَلُ ثم أحيا فأقتل" قال ذلك ثلاثا1. [3: 34]
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو – وهو ابن علقمة بن وقاص الليثي – روى له البخاري مقروناً ومسلم في المتابعات، وهو صدوق، وباقي رجاله على شرط الشيخين. عبدة بن سليمان: هو الكلابي
أخرجه البخاري "7226" في التمني: باب ماجاء في التمني ومن تمنى الشهادة، من طريق ابن شهاب عن أبي سلمة، بهذا الإسناد وانظر ما قبله.(11/39)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوصِيَ بَعْضَ الْجَيْشِ إِذَا سَوَّاهُمْ لِلْكَمِينِ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ عِلْمُهُ وَاسْتِعْمَالُهُ
4738 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا محمد بن عثمانالعجلي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عن أبي إسحاقعن الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ أَوْ يَوْمَ أُحُدٍ وَلَقِينَا الْمُشْرِكِينَ، أَجْلِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا مِنَ الرُّمَاةِ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ، عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ1 وَقَالَ: "لا تبرحوا من مكانكم، إن رأيتمونا ظهرناعليهم، وَإِنْ رَأَيْتُمُوهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْنَا، فَلَا تُعِينُونَا" فَلَمَّا لَقِينَا الْقَوْمَ، وَهَزَمَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى رَأَيْتَ النِّسَاءَ يشتددن في الجبل فد رفعنعن سُوقِهِنَّ قَدْ بَدَتْ خَلَاخِيلُهُنَّ، فَأَخَذُوا يَنْقَلِبُونَ، وَيَقُولُونَ: الغنيمةالغنيمة، فَقَالَ: لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ: مَهْلًا أَمَا عَلِمْتُمْ مَا عَهِدَ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقُوا، فَلَمَّا أَتَوْهُمْ، صَرَفَ اللَّهُ وجُوهَهُمْ، فَأُصِيبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تِسْعُونَ قَتِيلًا، ثُمَّ إن أبا سفيان أشرف علينا وهو علىنشز, فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تجيبوه"2
__________
1 في الأصل و"التقاسيم" 4/لوحة 155: حذافة، وهو خطأ، والتصويب من مصادر التخريج.
2 جملة "فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لا تجيبوه" سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم".(11/40)
ثم قال: أفي القوم بن أَبِي قُحَافَةُ ثَلَاثًا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُجِيبُوهُ" ثُمَّ قَالَ: أَفِي الْقَوْمِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُجِيبُوهُ" فَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا، لَوْ كَانُوا أَحْيَاءَ لَأَجَابُوا فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ الله، قد أبقى الله لك ما نخزيك،: فقال: أعل هبل أعل هبل، فقالرسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجِيبُوهُ" فَقَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ" فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: أَلَا لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَجِيبُوهُ" قَالُوا: مَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ" فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، أَمَا إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمر بها ولم تسؤني1. [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان العجلي، فمن رجال البخاري. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو من أتقن أصحاب أبي إسحاق.
وأخرجه البخاري "4043" في المغازي: باب غزوة أحد، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "725"، وأحمد 4/393، والبخاري "3039" في الجهاد: باب ما يكره من التنازع والاختلاف في الحرب، و"3986" في المغازي: باب رقم "10"، و"4561": باب {وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ} ، وأبو داود "2662" في الجهاد: باب في الكمناء، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/26، وابن سعد في "الطبقات" 2/47 من طريق زُهير بن مُعاوية، عن أبي إسحاق، به.
والنشز: هو المتن المرتفع من الأرض.(11/41)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَكَذَا حُدِّثْنَا: تَسْعَوْنَ قَتِيلًا، وإنما هو سبعون قتيلا1.
__________
1 وكذلك جاءت الرواية على الصواب عند جميع من خرج الحديث ممن ذكرنا.(11/42)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُوصِيَ السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالْخِصَالِ الَّتِي يُحْتَاجُ إِلَيْهَا
4739 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حدثنا إسحاق بنإبراهيم الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان وأملاه عليناإملاء، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ1عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ، أَوْصَاهُ فِي خَاصَّةِ نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلميخيرا، ثُمَّ قَالَ: "اغْزُوا بِسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ الله، قاتلوا من كفربالله، وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تقتلوا وليدا، وإذالقيت عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إِلَى إِحْدَى ثَلَاثِ خصالأو خِلَالٍ فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ إِلَيْهَا، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وكف عنهم، ادعهمإلى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ هُمْ أَجَابُوكَ إِلَى ذَلِكَ، فَاقْبَلْ منهم، وكف عنهم، ثمادعهم إِلَى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَتَحَوَّلُوا، فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُمْ إِذَا فعلوا ذلك يكونون كأعراب المهاجرين، يجري عليهمحكم اللَّهِ الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْمُهَاجِرِينَ، فَإِنْ هُمْ أجابوك الى ذلك،
__________
1 في الأصل: سليمان بن بريد، والتصويب من "التقاسيم" 4/لوحة 154.(11/42)
فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، فَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ عليهم، ثم قاتلهم، وإذاحاصرت أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ، فَلَا تَجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّةَ اللَّهِ، وَلَا ذِمَّةَ رَسُولِهِ، وَاجْعَلْ لَهُمْ ذِمَّتَكَ وذمةأبائك وَذِمَّةَ أَصْحَابِكَ، فَإِنَّكُمْ إِنْ تُخْفِرُوا ذِمَمَكُمْ وَذِمَمَ آبائكم أهونعليكم مِنْ أَنْ تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ وَذِمَّةَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ فَأَرَادُوكَ أَنْ تُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَلَا تُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ أَتُصِيبُونَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ أَمْ لَا؟ " 1. [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سليمان بن بريدة، فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم "1731" "2" في الجهاد: باب تأمر الإمام الأمراء على البعوث، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي "9/49 و97و 184ومن طريق الحسن بن على بن عفان، عن يحيى بن آدمن به.
وأخرجه أحمد 5/352 و 358، والدارمي 2/215، "1731 "2" و "3"، وأبو داود "2612" و "2613" في الجهاد: باب في دعاء المشركين، والترمذي "1408" في الديات: باب ماجاء في النهي عن المنكر المُثلة، و1617" في السير: باب ماجاء في وصيته صلى الله عليه وسلم في القتال، وابن ماجه "2858" في الجهاد: باب وصية الإمام، والطحاوي 3/206 و207، والبيهقي 9/15 و49 و97 و184 من طرق عن سفيان، به.
وأخرجه مسلم "1731" "4" و"5"، والنسائي في "الكبرى"، كما في "التحفة" 2/71، والطحاوي 3/207، وابن الجارود "1042"، والبيهقي 9/69و185، والبغوي "2669" من طرق عن شعبة، عن علقمة بن مرثد به.=(11/43)
قَالَ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نحوه1
__________
= وأخرجه أبو حنيفة في "مسنده" ص337 - 339، من طريقه أخرجه أبو يعلى "1413" عن علقمة بن مرثد.
وأخرجه الشافعي 2/114 - 115 و115 من طريق محمد بن أبان، عن علقمة، به.
وقوله "تخفروا ذممكم" أي: تنقضوا العهد، من أخفرت الرجل: إذا نقضت عهده، وخفرته: أمنته وحميته.
1 رجاله مسلم. والذي حدث عن مقاتل: هو علقمة بن مرثد.
وأخرجه مسلم "1731" "3"، وأبو داود "2612"، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 2/71، وابن ماجه "2858"، والطحاوي 3/ 207، والبيهقي 9/184.(11/44)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ صَاحِبَ السَّرِيَّةِ إِذَا خَالَفَ الْإِمَامَ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ كَانَ عَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَعْزِلُوهُ وَيُوَلُّوا غَيْرَهُ
4740 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبراهيمالحنظلي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة، حدثناحميد بْنُ هِلَالٍ الْعَدَوِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عَاصِمٍ الليثيعن عُقْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ وَكَانَ مِنْ رَهْطِهِ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَسَلَّحَ رَجُلًا سَيْفًا، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَا لَامَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "أَعَجَزْتُمْ إِذَا أَمَّرْتُ عَلَيْكُمْ رَجُلًا،(11/44)
فَلَمْ يَمْضِ لِأَمْرِي الَّذِي أَمَرْتُ أَوْ نَهَيْتُ أَنْ تَجْعَلُوا مَكَانَهُ آخَرَ يُمْضِي أَمْرِي الَّذِي أمرت"1.
__________
1 إسناده حسن، بشر بن عاصم الليثي روى عنه ثلاثة ووثقه النسائينوذكره المؤلف في "الثقات" 4/68، وباقي رجاله رجال مسلم غير صحابيه فروى له أبو داود والنسائي.
وأخرجه أبو داود "26227" في الجهاد: باب في الطاعة، والحاكم 2/114 - 115من طريق يحيى بن معين، وأحمد 4/110، ومن طريقه الحافظ المزي في "تهذيب الكمال" لوحة 948 في ترجمة بن مالك الليثي، كلاهما عن عبد الصمد بن الوارث، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.(11/45)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْإِمَامِ إِذَا أَرَادَ بَعْثَ سَرِيَّةٍ أَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهَا أُمَرَاءَ جَمَاعَةٍ وَاحِدًا بَعْدَ الْآخَرِ عِنْدَ قَتْلِ الْأَوَّلِ لِكَيْ لَا يَبْقَى الْمُسْلِمُونَ بِلَا سَايِسٍ يَسُوسُهُمْ وَلَا أَمِيرٌ يَحُوطُهُمْ
4741 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حدثنا مصعب بنعبد اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرحمن المخزومي، عنعبد اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ نافععن بن عُمَرَ قَالَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في غزوة مؤتة زيد بنحارثة وَقَالَ: "إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ" قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنْتُ مَعَهُمْ تِلْكَ الْغَزْوَةِ فَالْتَمَسْنَا جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، فَوَجَدْنَاهُ فِي الْقَتْلَى، وَوَجَدْنَا فيما نيل من جسده بضعا وسبعين ضربة ورمية.1 [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح، مصعب بن عبد الله الزبيري روى له النسائي وابن ماجة وهو ثقة وثقه ابن معين والدارقطني وأحمد ومسلمة بن قاسم والمؤلف، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير المغيرة بن عبد الرحمن، فمن رجال البخاري.
وأخرجه البخاري "4261" وفي المغازي: باب غزومؤتة من أرض الشام، من طريق أحمد بن أبي بكر، وأبونعيم في "الحلية" 117 من طريق يعقوب بن حميد، كلاهما عن المغيرة، بهذا الإسناد. ورواية أبي نعيم مختصرة.
وأخرجه طرفه الأخير: ابن أبي شيبة 14/519، ابن سعد 4/34، والحاكم 3/212، وأبو نعيم 1/117 - 118 من طريق أبي اويس، عن عبد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، به.
وأخرج البخاري "4260"، وسعيد بن منصور "2835" من طريق ابن أبي هلال، عن نافع، أنه ابن عمر أخبره أنه وقف على جعفر يومئذ وهو قتيل، فعددت به خمسين بين طعنة ليس منها شيء في دبره، يعني في ظهره.(11/45)
ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ
4742 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ1 بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ عَطِيَّةَ بن قيس، عنقزعةعن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: "أَذِنَ2 رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّحِيلِ
__________
1 قوله "حدثنا أبو زرعة النصرى، حدثنا أبو مسهر، حدثنا سعيد" سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 4/لوحة 178.
2 في الأصيل: آذنا، والمثبت من "التقاسيم".(11/46)
عام الفتح لليلتين خلتا من رمضان1 [5: 3]
__________
1 رجاله ثقات رجال الصحيح غير أبي زرعة –وهو عبد الرحمن بن عمرو بن عبد الله الدمشقي –فروى له أبو داود، وهو ثقة. أبو مسهر: هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني، وقزعة: هو ابن يحيى البصري.
وأخرجه أحمد 3/87، عن أبي سعد في "الطبقات" 2/ 138، والبيهقي 4/242 من طرق عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/87 عن أبي المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: حدثني عطية بن قيس، عمن حدثه عن أبي سعيد الخدري قال....(11/47)
ذِكْرُ وَصْفِ لِوَاءِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ دُخُولِهِ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ
4743 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ، قَالَ: حدثنا أبوكريب، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم دخل عام الفتح ولواؤه أبيض"1 [4: 1]
__________
1 حديث حسن بشاهديه، إسناده ضعيف، شريك: هو ابن عبد الله القاضي، سيء الحفظ، وأبو الزبير ملدس وقد عنعن. أبو كريب: هو محمد بن العلاء بن كريب.
وأخرجه التزمذي "1679" في فضائل الجهاد: باب ما جاء في والألوية، عن أبي كريب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "2592" في الجهاد: باب في الرايات والأولوية، والترمذي "1679"، والنسائي 5/200 في مناسك الحج: باب دخول مكة باللواء، وابن ماجه "2817" في الجهاد: باب الرايات والأولوية، والبيهقي 6/362 من طرق عن يحيى بن آدم، به.
قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك، قال: وسألت محمداً "يعني البخاري" عن هذا الحديث فلم يعرفه إلا من حديث يحيى بن آدم عن شريك، وقال: حدثنا غير واحد عن شريك، عن عمار، عن أبي الزبير، عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء "سيأتي تخريجه"، قال محمد: والحديث هو هذا.
وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي "1681"، وابن ماجه "2818"، وأبي الشيخ في "أخلاق النبي" ص144، والبيهقي 6/362 - 363، والبغوي "2664" بلفظ "كانت راية رسول الله صلى عليه وسلم سوداء ولواؤة أبيض" وحسنه الترمذي.
وعن عائشة عند أبي الشيخ "ص144 - 145، البغوي "2665بلفظ "كان لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض، وكانت رابته سوداء من مرط لعائشة مرحل".(11/47)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْغُزَاةِ أَنْ يُبَيِّتُوا الْمُشْرِكِينَ لِيَكُونَ قَتْلُهُمْ إِيَّاهُمْ عَلَى غِرَّةٍ
4744 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِيَاسُ بْنُ1 سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ. عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "غَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَبَيَّتْنَا أُنَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَقَتَلْنَاهُمْ، وَكَانَ شِعَارُنَا أَمِتْ أَمِتْ، قَالَ: فَقَتَلْتُ بِيَدِي سَبْعَةَ أَهْلِ أبيات من المشركين"2 [4: 5]
__________
1 تحرفت في الأصل إلى: عن، والتصويب من "التقاسيم"4/لوحة 81
2 إسناده حسن، عكرمة بن عمار، وإن روى له مسلم، لا يرتفع إلى رتبة الصحيح، فهو حسن الحديث، وباقي رجاله على شرط الشيخين. هشام بن القاسم: هو ابن مسلم الليثي.
وأخرجه أحمد 4/6، وأبو داود "2596" في الجهاد: باب في الرجل ينادي بالشعار، و"2840": باب في البيات، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/38، وابن ماجه "2840" في الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، وابن أبي شيبة 12/503، وابن سعد 2/118، والحاكم 2/107، والبيهقي 6/361 و9/79 من طرق عن عكرمة بن عمار، بهذا والإسناد وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي!
وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 12/503 عن وكيع، عن أبي العميس عن إياس بن سلمة، به وهذا إسناد صحيح. وانظر الحديث رقم "4627" و"4628".(11/48)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَشُنَّ الْغَارَةَ فِي بِلَادِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ عِنْدَ انْفِجَارِ الصُّبْحِ اقْتِدَاءً بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4745 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حدثنايحيى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: أخبرنيحميدعن أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا قَوْمًا لَمْ يَغْزُ حَتَّى يصبحفينظر، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا، كَفَّ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يسمع أذانا، أغارعليهم، قَالَ: فَخَرَجْنَا إِلَى خَيْبَرَ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ لَيْلًا، فلما أصبحولم يَسْمَعْ أَذَانًا، رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكِبْتُ خَلْفَ أَبِي طَلْحَةَ، وَإِنَّ قَدَمَيَّ لَتَمَسُّ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجُوا عَلَيْنَا بِمَكَاتِلِهِمْ(11/49)
وَمَسَاحِيهِمْ فَلَمَّا رَأَوَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ وَاللَّهِ، مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ، فَلَمَّا رَآهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لله أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" 1 [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب المقابري فمن رجال مسلم.
وأخرجه البخاري "610" في الأذان: باب مايحقن بالأذان من الدماء، و"2944" في الجهاد: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة، من طريق قتيبةبن سعيد، والبغوي "2702" من طريق على بن حجر، كلاهما عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك في "الموطأ" 2/468 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها والنفقة في الغزو، ومن طريقه البيهقي 9/79 عن حميد، به.
وأخرجه أحمد 3/206و263، وابن سعد 2/108، وابن أبي شيبة 12/367 و367 - 368، والبخاري "2943"، وأبو يعلى "3804"، والبيهقي 9/80 و108من طرق عن حميد، به.
وأخرجه بن أبي شيبة 14/461، وأحمد 3/186و246، والبخاري "947" في صلاة الخوف: باب التكبير والغلس بالصبح والصلاة عند الإغارة والحرب، "4200" في المغازي: باب غزوة خيبر، ومسلم 3/1427 "121" في الجهاد والسير: باب غزوة خيبر، والنسائي 1/271 - 272 في الصلاة: باب التغلس في السفر، وابن سعد2/109 من طريق ثابت البناني، عن أنس. وانظر الحديث "4753".
وأخرجه أحمد 3/101 - 102، والبخاري "371" في الصلاة: باب ما يذكر في الفخذ، و"947" ومسلم 3/"120"، والنسائي 6/131 - 132 في النكاح: باب البناء في السفر، من طريق عبد العزيز بن صهيب، عن أنس وأخرجه أحمد 3/ 164 و186، ومسلم 3/"122"، وأبو يعلى "2908" من طريق قتادة، عن أنس
وأخرجه البخاري "2991" في الجهاد: باب التكبير عند الحرب، و"3647"في المناق: باب رقم "28"، و"4198" من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن محمد بن سيرين عن أنس,.
وأخرجه الطيالسي "2127" من طريق ابن فضالة، عن الحسن، عن أنس
وأخرجه ابن سعد 2/109 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن أنس، عن أبي طلحة قال: لما صبح....
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/462 من طريق عمرو بن سعيد، عن أبي طلحة، قال: كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فلما انتهينا ... وانظر ما بعده
والمساحي: جمع مسحاة، وهي المجرفة من الحديد، والمكاتل: جمع مكتل، وهو كالزنبيل يسع خمسة عشر صاعاً، والخميس: الجيش.(11/50)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ إِذَا أَتَى دَارَ الْحَرْبِ أَنْ لَا يَشُنَّ الْغَارَةَ حَتَّى يصبح
4746 - برنا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بنأبي بكر، عن مالك، عن حميد الطويلعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى خَيْبَرَ لَيْلًا وَكَانَ إِذَا جَاءَ قَوْمًا بِلَيْلٍ، لَمْ يُغِرْ حتى يصبح، قال: لما أصبح، خرجت يهود بمساحيها ومكاتلها،،لما رَأَوْهُ، قَالُوا: مُحَمَّدٌ(11/51)
وَالْخَمِيسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الله كبر خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا
نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فساء صباح المنذرين"1 [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في "الموطأ" 2/468 - 469 في الجهاد: باب ما جاء في الخيل والمسابقة بينها.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري "1945" في الجهاد: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام والنبوة، و"4197" في المغازي: باب غزوة خيبر، والتزمذي "1550" في السير: في البيات والغارا. وانظر الحديث السابق.(11/52)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ نَفَى جَوَازَ الشعار للمجاهد في سبيل الله
4747 - برنا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بن الأكوععن أَبِيهِ قَالَ: "أَمَّرَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَغَزَوْنَا نَاسًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَبَيَّتْنَاهُمْ، وَقَتَلْنَاهُمْ، وَكَانَ شِعَارُنَا: أمِت أمِت. قَالَ سَلَمَةُ: فَقَتَلْتُ بِيَدِي تِلْكَ اللَّيْلَةَ سبعة أهل أبيات"1 [4: 50]
__________
1 إسناده حسن، عكرمة بن عمار وإن روى له مسلم لا يرتقي إلى رتبة الصحيح، وباقي رجاله على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو الشيخ في "اخلاق النبي "ص15، ومن طريقه البغوي "2699" عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد. وانظر "4744" و"4748".
وقال البغوي: وإذا وقع البيات، واختلط المسلمون بالعدو، فيجعل الإمام للمسلمين شعاراً يقولونه به عن العدو، روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بيتكم العدو، فليكن شعاركم: حم لا ينصرون". قلت: أخرجه 4/65و5 377،والترمذي "1682"، وأبو داود "2597"، وسنده حسن وصححه الحاكم 2/107.(11/52)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ شِعَارَ الْقَوْمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4748 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بنبكار قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كَانَ شِعَارُنَا لَيْلَةَ بَيَّتْنَا فِيهَا هَوَازِنَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ أَمَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا أمِت أمِت، قَالَ: فَقَتَلْتُ بيدي ليلتئذ سبعةأهل أبيات" 1 [4: 50]
__________
1 عبد الله بن بكار، كنيته أبو عبد الرحمن، من أهل البصرة، ذكره الؤلف في "الثقات" 7/62، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الصحيح. وانظر "4744" و4747".(11/53)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا سَمِعَ مِنَ الْأَعْدَاءِ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلُغَةِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ الْكَفُّ عَنْ قِتَالِهِمْ إِلَى أَنْ يَسْبُرَ عَاقِبَتَهَا
4749 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حدثنا إسحاق بنإبراهيم الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن سالمعن أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى جَذِيمَةَ،(11/53)
فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا: أَسْلَمْنَا فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: صَبَأْنَا صَبَأْنَا، وَجَعَلَ خَالِدٌ يَأْخُذَهُمْ أَسْرًا وَقَتْلًا، وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرًا حَتَّى كَانَ يَوْمًا قَالَ: خَالِدٌ، لِيَقْتُلْ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ أَسِيرَهُ فَقَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ لَهُ صَنِيعُ خَالِدٍ، فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ وَقَالَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إليك مما صنع خالد1" [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
واخرجه أحمد 2/150 - 151، والبخاري "4339" في المغازي: باب بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إلى بني جذيمة، و"7189" في الأحكام: باب إذا قضى الحاكم بجور أو خلاف أهل العلم فهو رد، والنسائي8/237 في آداب القضاة: باب الرد على الحاكم إذا قضى بغير الحق، والبيهقي 9/115 من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "4339" و7189"، والنسائي 8/236 - 237 من طريق عبد الله بن المبارك، و8/237 من طريق هشام بن يوسف، كلاهما عن معمر، به.(11/54)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ الْحَرْبِيِّ إِذَا خَافَ حَدَّ السَّيْفِ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ
4750 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قال: حدثناعبد الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ قَالَ: حدثنا الأوزاعي، عنالزهري، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ عبيد الله بن عدي بنالخيار(11/54)
عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقِيتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَطَعَ يَدِي، ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ، فَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَأَقْتُلُهُ؟ قَالَ: " لَا" قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ قَطَعَ يَدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّكَ إِنْ قَتَلْتَهُ كَانَ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَكُنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ: كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ" 1 [2: 52]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، ورجاله الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم –وهو الملقب بدحيم –فمن رجال البخاري الوليد: هو ابن مسلم.
واخرجه الطبراني20/"595"من طريق إسحاق بن موسى الأنصاري، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد
وأخرجه مسلم "5" "156" في الإيمان: باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، عن إسحاق بن موسى الأنصاري، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ، عن عبيد الله بن عدين عن المقداد.
وأخرجه أحمد 6/3و4و5 - 6و6، والبخاري "4019" في المغازي: باب رقم "2"، و"6865" في الديات: باب قول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} ، ومسلم "95" "155" و "156" و"57"، وأبو داود "2644" في الجهاد: باب على مايقاتل المشركين، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 8/503،والطبراني 20/"583"و "584" و"85"و"586"و"587"و"588"و"589"و"590" و"591" و592" و"593" و"594" من طريق عن الزهري، بالإسناد السابق.(11/55)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ: "وَكُنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ: كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ " يُرِيدُ بِهِ أَنَّكَ إِنْ قَتَلْتَهُ بَعْدَمَا أَنْهَاكَ عَنْهُ مُسْتَحِلًّا لَهُ كُنْتَ كَذَلِكَ وَلَهُ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنَّكَ إِنْ قَتَلْتَهُ كُنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ يُرِيدُ أنك تقتل قودا به كقتلك المسلم1
__________
1 قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ في "الفتح" 12/197: معناه: أن الكافر مباح الدم بحكم الدين قبل أن يسلم، فإذا أسلم، صار مصان الدم كالمسلم، فإن قتله المسلم بعد ذلك، صار دمه مباحاً بحق القصاص كالكافر بحق الدين، وليس المراد إلحقه في الكفر كما يقوله الخوارج من تكفير المسلم باكبيرة، وحاصله اتحاد المنزلتين مع اختلاف المأخذ، فالأول: إنه مثلك في صون الدم، والثاني: أنك مثله في الهدر.
ونقل ابن التين عن الداوودي قال: معناه أنك صرت قاتلاكما كان هو قاتلا، قال: وهذا من المعاريض، لأنه أراد الإغلاظ بظاهر اللفظ دون باطنه، وإنما أراد أن كلاً منهما قاتل، ولم يرد أنه صار كافراً بقتله إياه.
وقال القاضي عياض: معناه أنه مثله في مخالفة الحق وارتكاب الإثمن وإن اختلف النوع في كون أحدهما كفراً والآخر معصية.(11/56)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ الْحَرْبِيِّ إِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عِنْدَ حَسِّهِ بِالسَّيْفِ
4751 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يونس، قال: حدثناهشيم قَالَ: أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ1 قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو ظَبْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الحرقة
__________
1 في الأصل: أبو حصين، وهو خطأ، والتصويب من "لتقاسيم" 2/لوحة 183.(11/56)
مِنْ جُهَيْنَةَ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ، فَهَزَمْنَاهُمْ قَالَ: وَلَحِقْتُ أنا ورجل منالأنصاري رَجُلًا مِنْهُمْ، فَلَمَّا غَشِينَاهُ، قَالَ: لَا إِلَهَ إلا الله، فكف عنهالأنصاري، وطعنته برمحي، فقتلته، فلما قدمنا، بلغ ذلكالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "يَا أُسَامَةُ قَتَلْتُهُ بَعْدَمَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ"!! قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَ متعوذا، فقال: "طعنته بعدما قال لا إلهإلا اللَّهُ"!! فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم1 [2: 69]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. حصين: هو ابن عبد الرحمن الواسطي، من صغار التعابعين، وأبو ظبيان: حصين بن حندب.
وأخرجه أحمد 5/200، والبخاري "4269" في المغازي: باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أٍسامةبن زيد إلى الحرقات من جهينة و"6872" في الديات: باب قول الله تعالى {ومن أحياها....} ، مسلم "96" "159" في الإيمان: باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، والواحدي في "اسباب النزول" ص117 من طريق هشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/44 من طريق منصور بن أبي الأسود، عن حصين، به.
وأخرجه مسلم "96" "158"، وأبو داود "2643" في الجهاد: باب على ما يقاتل المشركون، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 1/44 من طريق الأعمش عن أبي ظبيان، به.
وأخرجه الذهبي في "السنن" 2/505 من طريق يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن أسامة بن محمد بن أسامة، عن أبيه، عن جده أسامة بن زيد.
وقوله "غشيناه" أي: أدركناه والحقناه كأنهم أتوه من فوقه.=(11/57)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحرقة: بطن من جهينة، قال ابن الكلبي: سموا بذلك لوقعة كانت بينهم وبين بني مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان، فأحرقوهم بالسهام لكثرة من قتلوا منهم. وهذه السرية يقال لها: سرية غالب بن عبيد الله اليثي، وكانت في رمضان سنة سبع فيما ذكره ابن سعد 2/119عن شيخه، وكذا ذكره ابن إسحاق في المغازي "وانظر ابن هشام 4/271" حدثني شيخ من أسلم عن رجال من قومه، قالوا: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبي ثم الليثي إلى أرض بني مرة، وبها مرداس بن نهيك حليف لهم من بني الحرقة، فتله أسامة بن زيد. وانظر "الفتح "12/203.
وقوله "إنما قال متعوذاً" أي: أنه لم يكن قاصداً بكلمة التوحيد الإيمان، بل كان غرضه التعوذ من القتل، وفي رواية الأعمش "أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا"، قال النووي في "شرح مسلم"2/104: الفاعل في قوله "أقالها": هو القل، ومعناه أنك كلفت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وأما القلب، فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان، وقال: "أفلا شققت عن قلبه لتنظر: هل قالها القلب واعتقدها وكانت فيه أم لم تكن فيه، بل جرت على اللسان فحسب، يعنى وأنت لست بقادر على هذا فاقتصر على اللسان فحسب ولا تطلب غيره. وفيه دليل على ترتب الأحاكم على الأسباب الظاهرة دون الباطنة.
وقوله "حتى تمنيت أن لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم" يريد أن اسلامه كان ذلك اليوم، الإسلام يجب ماقبله، فتمنى أن يكون ذلك الوقت أول دخوله في الإسلام، ليأمن من جريرة تلك الفعلة، ولم يرد أنه تمنى أن لايكون مسلماً قبل ذلك، قال القرطبي: وفيه إشعار بأنه كان استصغر ما سبق له قبل ذلك من عمل صالح في مقابلة هذه الفعلة لما سمع من الإنكار الشديد، وإنما أورد ذلك على سبيل المبالغة، ويبين ذلك أن في بعض طرقه في رواية الأعمش "حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ". وكانت هذه القصة سبب حلف اسامة أن لا يقاتل مسلماً بعد ذلك، ومن ثم تخلف عن على في الجمل وصفين، وكان سعد بن أبي وقاص يقول: لا أقاتل مسلماً حتى يقاتله اسامة.(11/58)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ جَوَازِ قَتْلِ الْحَرْبِيِّ إِذَا أَتَى بِبَعْضِ أَمَارَاتِ الْإِسْلَامِ
4752 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ إسرائيل، عن سماك، عن عكرمةعن بن عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ على نفر منأصحاب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ غنم، فسلم عليهم فقالوا: ما سلمعليكم إِلَّا لِيَتَعَوَّذَ مِنْكُمْ، فَعَدَوْا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غنمه فأتوا بهارسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ يأيها {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا} [النساء: 94] آلى آخر الآية1 [3: 59] .
__________
1 حديث صحيح، سماك، وإن كان في روايته عن عكرمة اضطراب، قد توبع، وباقي رجاله على شرط الشيخين: إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي.
وأخرجه أحمد 1/229 و324، والترمذي "3030" في التفسير: باب ومن سورة النساء والطبراني "11731"والحاكم 2/235، والبيهقي 9/115 من طرق عن إسرائيل بهذا الإسناد، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم.
وأخرجه البخاري "4591" في تفسير سورة النساء: باب {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} ، ومسلم"3025" في أول تفسير، وأبو داود =(11/59)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وفي الحروف والقراءات، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 5/94، والطبري "10214" و"10215" و"10216"، والواحدي ص115، والبيهقي 9/115 من طرق عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء عن ابن عباس قال: لقى ناس من المسلمين رجلا في غنيمة له، فقال: السلام عليكم، فأخذوه فقتلوه، وأخذوا تلك الغنيمة، فنزلت: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً} .
واخرج البزار "2202" من طريق حبيب بن أبي عمرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد بن الأسود، فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا، وبقى رجل له مال كثير لم يبرح، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، فأهوى إليه المقداد، فقتله، فقال له رجل من أصحابه: أقتلت رجلاً يشهد أن لا إله إلا الله، لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يارسول الله، إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله، فقتله المقداد، فقال: "أدع لي المقداد. يامقداد، أقتلت رجلا يقول: لا إله إلا الله، فكيف لك بلا إله إلا الله غداً؟ " قال: فأنزل الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقداد: "كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار، فأظهر إيمانه فقتلته، وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة من قبل".
قال الحافظ في "الفتح" 8/107: وهذه القصة يمكن الجمع بينها وبين التي قبلها، ويستفاد منها تسمية القاتل.
وورد في سبب النزول هذه الآية عن غير ابن عباس شيء آخر، فروى ابن إسحاق في "المغازي" 4/275، واخرجه من طريقه أحمد 6/11، والطبري "10212" و"10213"، وابن أبي شيبة 14/547ن وابن الجارود "777"، والبيهقي في "دلائل النبوة" 4/306 عن يزيد بن عبد الله بن قسيط، =(11/60)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَذَانَ إِذَا سُمِعَ فِيَ مَوْضِعٍ مِنْ دُورِ الْحَرْبِ حَرُمَ قِتَالُهُمْ
4753 - أَخْبَرَنَا الحسن بن سفيان، قالك حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بن سلمة، عن ثابتعن أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُغِيرُ عِنْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَيَتَسَمَّعُ، فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ، وَإِلَّا أَغَارَ، قَالَ: فَاسْتَمَعَ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ: "الْفِطْرَةُ" فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ: "خَرَجَ من النار"1. [5: 3]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم
أخرجه ابن أبي شيبة 14/461، والطيالسي "2034"، والدارمي 2/217، ومسلم "382" في الصلاة: باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار كفر إذا سمع فيهم الأذان، وأبو داود "2634"في الجهاد: باب في دعاء المشركين، والترمذي "1618" في السير: باب ما جاء في وصيته صلى الله عليه وسلم في القتال، وأبو يعلى"3307"، والطحاوي 3/208، وأوبو عوانة 1/335و335 - 336و336، والبيهقي 9/107 - 108 من طريق حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وانظر الحديث رقم "4745".(11/61)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ إِنْشَاؤُهُ السَّرِيَّةَ بِالْغَدْوَاتِ
4754 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن التجنيد، قال: حدثنا قتيبة بنسعيد، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَعْلَى بْنُ عطاء، عن عمارة بن حديدعن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "اللهم بارك لأمتيفي بُكُورِهَا" قَالَ: وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جيشا بعثهم في أولالنهار، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، وَكَانَ يَبْعَثُ تِجَارَتَهُ في أول النهار، فأثرى وأصاب مالا1. [5: 3]
__________
1 إسناده ضعيف، عمارة بن حديد لم يوثقه غير المؤلف 5/241، وقال ابن المديني: لا أعلم أحداً روى عنه غير أبي يعلى بن عطاء، وقال أوبو زرعة: لا يعرف، وقال حاتم: مجهول.
وأخرجه أحمد 3/417 و431 و4/390، وابن أبي شيبة 12/516، وسعيد بن منصور "2382"، وأبو داود "2606" في الجهاد: باب في الإبتكار في السفر، والترمذي "1212" في البيوع: باب ما جاء في التبكير في التجارة، وابن ماجه "2236" في التجارات: باب ما يرجى من البركة في البكور، والبغوي في "الجعديات" 2557"، والطبراني "7276"، وأبو محمد البغوي في "شرح السنة" "2673" من طريق هشيم، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حديث حسن! وأنظر ما بعده.(11/62)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ إِنْشَاؤُهُ الْحَرْبَ وَابْتِدَاؤُهُ الْأُمُورَ فِي الْأَسْبَابِ بِالْغَدْوَاتِ تَبَرُّكًا بِدُعَاءِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ
4755 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبراهيم، قال: حدثناشعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حديدعن صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اللهم بارك لأمت فيبكورها" قَالَ: فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بعث سرية بعث بها من أولالنهار وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلًا تَاجِرًا، فَكَانَ يَبْعَثُ غِلْمَانَهُ من أول النهار، فكثر ماله وأثرى1 [5: 12]
__________
1 إسناده ضعيف، وهومكرر ما قبله.
وأخرجه الطيالسي "1246"، وأحمد 3/ 416 و432 و4/384 و390 و391، والدارمي 2/214، وأبو القاسم البغوي في "الجعديات" "2557"، والبيهقي 9/151/152، والبغوي "26773" من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني "7277"من طريق نعمان بن ثابت، عن يعلى بن عطاء، به.
قلت: لقوله "اللهم بارك لأمتي في بكورها" شواهد تقوية: منها عن على عند عبد الله بن أحمد في زوائده على"المسند" 1/153 - 154و154 و155 و156، وابن أبي شيبة 12/517، وإسناده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن إسحاق.=(11/63)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ إِنْشَاؤُهُ بِالْحَرْبِ لِمُقَاتَلَةِ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِالْغَدْوَات
4756 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، قَالَ لِلْهُرْمُزَانِ: أَمَا إِذَا فُتَّنِي بِنَفْسِكَ فَانْصَحْ لِي، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ، فَأَمَّنَهُ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: نَعَمْ إِنَّ فَارِسَ الْيَوْمَ رَأْسٌ وَجَنَاحَانِ، قَالَ: فَأَيْنَ الرَّأْسُ؟ قَالَ: بِنَهَاوَنْدَ مَعَ بَنْذَاذِقَانَ، فَإِنَّ (1) مَعَهُ أَسَاوِرَةَ كِسْرَى، وَأَهْلَ أَصْفَهَانَ، قَالَ: فَأَيْنَ الْجَنَاحَانِ، فَذَكَرَ الْهُرْمُزَانُ مَكَانًا نَسِيتُهُ، فَقَالَ الْهُرْمُزَانُ: فَاقْطَعِ الْجَنَاحَيْنِ تُوهِنُ الرَّأْسَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، بَلْ أَعْمِدُ إِلَى
__________
= وعن ابن عمر عند ابن ماجه (2238) ، والطبراني (13390) ، وفي إسناديهما ضعف.
وعن ابن عباس عند الطبراني (12966) ، وعن ابن مسعود عنده أيضًا (10490) ، وعن كعب بن مالك عنده كذلك 19/ (156) ، وعن بريدة، وأنس، وجابر، وعبد الله بن سلام، وعمران بن حصين، والنواس بن سمعان. وكلها ضعاف، لكن بمجموعها يصح الحديث.
(1) في الأصل: بنذاذ فإن، والمثبت من " التقاسيم " 4/140، وفي " فتح الباري " 6/265: سماه مبارك بن فضالة في روايته بندار، وكذا في " شرح العيني على البخاري " 15/84.(11/64)
الرَّأْسِ فَيَقْطَعُهُ اللَّهُ، وَإِذَا قَطَعَهُ اللَّهُ عَنِّي انْفَضَّ عَنِّي الْجَنَاحَانِ، فَأَرَادَ عُمَرُ أَنْ يَسِيرَ إِلَيْهِ بِنَفْسِهِ، فَقَالُوا: نُذَكِّرُكَ اللَّهَ (1) يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَسِيرَ بِنَفْسِكَ إِلَى الْعَجَمِ، فَإِنْ أَصَبْتَ بِهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ نِظَامٌ، وَلَكِنِ ابْعَثِ الْجُنُودَ، قَالَ: فَبَعَثَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ، وَبَعَثَ فِيهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبَعَثَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، وَكَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنْ سِرْ بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَكَتَبَ إِلَى حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، أَنْ سِرْ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، حَتَّى تَجْتَمِعُوا جَمِيعًا (2) بِنَهَاوَنْدَ، فَإِذَا اجْتَمَعْتُمْ، فَأَمِيرُكُمُ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيُّ، قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعُوا بِنَهَاوَنْدَ جَمِيعًا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ بَنْذَاذِقَانَ الْعِلْجَ (3) : أَنْ أَرْسِلُوا إِلَيْنَا يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ رَجُلًا مِنْكُمْ نُكَلِّمُهُ، فَاخْتَارَ النَّاسُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، قَالَ أَبِي: فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، أَشْعَرُ أَعْوَرُ، فَأَتَاهُ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْنَا سَأَلْنَاهُ، فَقَالَ لَنَا: إِنِّي وَجَدْتُ الْعِلْجَ قَدِ اسْتَشَارَ أَصْحَابَهُ فِي أَيِّ شَيْءٍ تَأْذَنُونَ لِهَذَا الْعَرَبِيِّ أَبِشَارَتِنَا (4) وَبَهْجَتِنَا وَمُلْكِنَا أَوْ نَتَقَشَّفُ لَهُ، فَنَزْهَدُهُ عَمَّا فِي أَيْدِينَا؟، فَقَالُوا: بَلْ نَأْذَنُ لَهُ بِأَفْضَلِ مَا يَكُونُ مِنَ الشَّارَةِ
__________
(1) لفظ الجلالة لم يرد في الأصل " والتقاسيم "، وأثبت من " الموارد " (1712) و" تاريخ الطبري " 4/117.
(2) سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم ".
(3) العلج: هو الرجل من كفار العجم.
(4) الشارة: الحُسن، والجمال، والهيئة، واللباس والزينة.(11/65)
وَالْعُدَّةِ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُمْ (1) رَأَيْتُ تِلْكَ الْحِرَابَ، وَالدَّرَقَ يَلْتَمِعُ مِنْهُ الْبَصَرُ، وَرَأَيْتُهُمْ قِيَامًا عَلَى رَأْسِهِ، وَإِذَا هُوَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ التَّاجُ، فَمَضَيْتُ كَمَا أَنَا، وَنَكَسْتُ رَأْسِي لِأَقْعُدَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ، قَالَ: فَدُفِعْتُ وَنُهِرْتُ، فَقُلْتُ إِنَّ الرُّسُلَ لَا يُفْعَلُ بِهِمْ هَذَا، فَقَالُوا لِي: إِنَّمَا أَنْتَ كَلْبٌ أَتَقْعُدُ مَعَ الْمَلِكِ؟، فَقُلْتُ: لَأَنَا (2) أَشْرَفُ فِي قَوْمِي مِنْ هَذَا فِيكُمْ، قَالَ: فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، فَتُرْجِمَ لِي قَوْلُهُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْعَرَبِ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَطْوَلَ النَّاسِ جُوعًا، وَأَعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً، وَأَقْذَرَ النَّاسِ قَذَرًا، وَأَبْعَدَ النَّاسِ دَارًا، وَأَبْعَدَهُ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ، وَمَا كَانَ مَنَعَنِي أَنْ آمُرَ هَؤُلَاءِ الْأَسَاوِرَةَ حَوْلِي، أَنْ يَنْتَظِمُوكُمْ بِالنُّشَّابِ، إِلَّا تَنَجُّسًا بِجِيَفِكُمْ لِأَنَّكُمْ أَرْجَاسٌ، فَإِنْ تَذْهَبُوا نُخَلِّي عَنْكُمْ، وَإِنْ تَأْبَوْا نُرِكُمْ مَصَارِعَكُمْ، قَالَ الْمُغِيرَةُ: فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ مَا أَخْطَأْتَ مِنْ صِفَتِنَا وَنَعْتِنَا شَيْئًا، إِنْ كُنَّا لَأَبْعَدَ النَّاسِ دَارًا وَأَشَدَّ النَّاسِ جُوعًا وَأَعْظَمَ النَّاسِ شَقَاءً وَأَبْعَدَ النَّاسِ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْنَا رَسُولًا، فَوَعَدَنَا النَّصْرَ فِي الدُّنْيَا وَالْجَنَّةَ فِي الْآخِرَةِ،
__________
(1) في الأصل: رأيتهم، والمثبت من " التقاسيم ".
(2) في الأصل: لا أنا، والمثبت من " التقاسيم ".(11/66)
فَلَمْ نَزَلْ نَتَعَرَّفُ (1) مِنْ رَبِّنَا مُذْ جَاءَنَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفَلْجُ، (2) وَالنَّصْرُ، حَتَّى أَتَيْنَاكُمْ، وَإِنَّا وَاللَّهِ نَرَى لَكُمْ مُلْكًا وَعَيْشًا لَا نَرْجِعُ إِلَى ذَلِكَ الشَّقَاءِ أَبَدًا، حَتَّى نَغْلِبَكُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيكُمْ، أَوْ نُقْتَلَ فِي أَرْضِكُمْ، فَقَالَ: أَمَّا الْأَعْوَرُ، فَقَدْ صَدَقَكُمُ الَّذِي فِي نَفْسِهِ، فَقُمْتُ مِنْ عِنْدِهِ، وَقَدْ وَاللَّهِ أَرْعَبْتُ الْعِلْجَ جَهْدِي، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا الْعِلْجُ إِمَّا أَنْ تَعْبُرُوا إِلَيْنَا بِنَهَاوَنْدَ، وَإِمَّا أَنْ نَعْبُرَ إِلَيْكُمْ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: اعْبُرُوا، فَعَبَرْنَا قَالَ أَبِي: فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ، إِنَّ الْعُلُوجَ يَجِيئُونَ، كَأَنَّهُمْ جِبَالُ الْحَدِيدِ، وَقَدْ تَوَاثَقُوا أَنْ لَا يَفِرُّوا مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ قُرِنَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، حَتَّى كَانَ سَبْعَةٌ فِي قِرَانٍ، وَأَلْقَوْا حَسَكَ (3) الْحَدِيدِ خَلْفَهُمْ، وَقَالُوا: مَنْ فَرَّ مِنَّا عَقَرَهُ (4) حَسَكُ الْحَدِيدِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ حِينَ رَأَى كَثْرَتَهُمْ: لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ فَشَلًا، (5) إِنَّ عَدُوَّنَا يُتْرَكُونَ أَنْ يَتَتَامُّوا، فَلَا يَعْجَلُوا أَمَا، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ الْأَمْرَ إِلَيَّ لَقَدْ أَعْجَلْتُهُمْ بِهِ،
__________
(1) في الأصل: نتقرب، والتصويب من " التقاسيم ".
(2) الفَلْج: الظفر والفوز.
(3) هو عشب يضرب إلى الصفرة، وله شوك يُسمى الحسك أيضاً مدحرج، لا يكاد أحد يمشي عليه إلا مَن في رجليه خف أو نعل، والحسك: ما يعمل على مثاله، وهو من آلات العسكر، قال ابن سيده: الحسك من أدوات الحرب، ربما أُخذ من حديد فألقي حول العسكر، وربما أخذ من خشب فنصب حوله.
(4) أي: جرحه.
(5) في الأصل: " قتيلاً " والمثبت من الطبري.(11/67)
قَالَ: وَكَانَ النُّعْمَانُ رَجُلًا بَكَّاءً، فَقَالَ: قَدْ كَانَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا يُشْهِدُكَ أَمْثَالَهَا فَلَا يُخْزِيكَ (1) وَلَا يُعَرِّي (2) مَوْقِفَكَ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا مَنَعَنِي أَنْ أُنَاجِزَهُمْ، (3) إِلَّا لِشَيْءٍ شَهِدْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4) كَانَ إِذْ غَزَا فَلَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ لَمْ يُعَجِّلْ حَتَّى تَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ وَتَهُبَّ الْأَرْوَاحُ، وَيَطِيبَ الْقِتَالُ، ثُمَّ قَالَ النُّعْمَانُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَقَرَّ عَيْنِي الْيَوْمَ بِفَتْحٍ يَكُونُ فِيهِ عِزُّ الْإِسْلَامِ، وَأَهْلِهِ وَذُلُّ الْكُفْرِ وَأَهْلِهِ، ثُمَّ اخْتِمْ لِي عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ بِالشَّهَادَةِ، ثُمَّ قَالَ: أَمِّنُوا يَرْحَمُكُمُ اللَّهُ، فَأَمَّنَا وَبَكَى وَبَكَيْنَا، ثُمَّ قَالَ النُّعْمَانُ: إِنِّي هَازٌّ لِوَائِي فَتَيَسَّرُوا لِلسَّلَاحِ، ثُمَّ هَازُّهُ الثَّانِيَةَ، فَكُونُوا مُتَيَسِّرِينَ لِقِتَالِ عَدُوِّكُمْ بِإِزَائِهِمْ، فَإِذَا هَزَزْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَلْيَحْمِلْ كُلُّ قَوْمٍ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ، قَالَ: فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَهَبَّتِ الْأَرْوَاحُ كَبَّرَ وَكَبَّرْنَا، وَقَالَ رِيحُ الْفَتْحِ وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَسْتَجِيبَ اللَّهُ لِي وَأَنْ يَفْتَحَ عَلَيْنَا فَهَزَّ اللِّوَاءَ فَتَيَسَّرُوا، ثُمَّ هَزَّهُ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ هَزَّهُ الثَّالِثَةَ، فَحَمَلْنَا جَمِيعًا كُلُّ قَوْمٍ عَلَى مَنْ يَلِيهِمْ، وَقَالَ النُّعْمَانُ: إِنْ أَنَا أُصِبْتُ فَعَلَى النَّاسِ حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، فَإِنْ أُصِيبَ حُذَيْفَةُ، فَفُلَانٌ، فَإِنْ أُصِيبَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ،
_________
(1) في الطبري: يحزنك.
(2) في الأصل: يعدي، والمثبت من " التقاسيم "، وفي الطبري: يعيبك.
(3) أي: أقاتلهم.
(4) قوله " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ": سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم ".(11/68)
حَتَّى عَدَّ سَبْعَةً آخِرُهُمُ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، قَالَ أَبِي: فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَحَدًا، يُحِبُّ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ، حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يَظْفِرَ وَثَبَتُوا لَنَا، فَلَمْ نَسْمَعْ إِلَّا وَقَعَ الْحَدِيدُ عَلَى الْحَدِيدِ، (1) حَتَّى أُصِيبَ فِي الْمُسْلِمِينَ مُصَابَةٌ عَظِيمَةٌ، فَلَمَّا رَأَوْا صَبْرَنَا وَرَأَوْنَا لَا نُرِيدُ أَنْ نَرْجِعَ انْهَزَمُوا، فَجَعَلَ يَقَعُ الرَّجُلُ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ سَبْعَةٌ فِي قِرَانٍ، فَيُقْتَلُونَ جَمِيعًا، وَجَعَلَ يَعْقِرُهُمْ حَسَكُ الْحَدِيدِ خَلْفَهُمْ، فَقَالَ النُّعْمَانُ: قَدِّمُوا اللِّوَاءَ فَجَعَلْنَا نُقَدِّمُ اللِّوَاءَ فَنَقْتُلُهُمْ وَنَضْرِبُهُمْ، فَلَمَّا رَأَى النُّعْمَانُ، أَنَّ اللَّهَ قَدِ اسْتَجَابَ لَهُ وَرَأَى الْفَتْحَ جَاءَتْهُ نُشَّابَةٌ، فَأَصَابَتْ خَاصِرَتَهُ فَقَتَلَتْهُ، فَجَاءَ أَخُوهُ مَعْقِلُ بْنُ مُقَرِّنٍ فَسَجَّى (2) عَلَيْهِ ثَوْبًا وَأَخَذَ اللِّوَاءَ فَتَقَدَّمَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: تَقَدَّمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَجَعَلْنَا نَتَقَدَّمُ فَنَهْزِمُهُمْ وَنَقْتُلُهُمْ، فَلَمَّا فَرَغْنَا وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، قَالُوا: أَيْنَ الْأَمِيرُ؟، فَقَالَ مَعْقِلٌ: هَذَا أَمِيرُكُمْ قَدْ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ بِالْفَتْحِ وَخَتَمَ لَهُ بِالشَّهَادَةِ، فَبَايَعَ النَّاسُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ، قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ يَدْعُو اللَّهَ، وَيَنْتَظِرُ مِثْلَ صَيْحَةِ الْحُبْلَى، فَكَتَبَ حُذَيْفَةُ، إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ مَعَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ قَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، بِفَتْحٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَأَذَلَّ فِيهِ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ، وَقَالَ: النُّعْمَانُ
__________
(1) " على الحديد: سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم ".
(2) أي: مدّ عليه ثوباً.(11/69)
بَعَثَكَ؟، قَالَ: احْتَسِبِ النُّعْمَانَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَبَكَى عُمَرُ وَاسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: وَمَنْ وَيْحَكَ، فَقَالَ: فُلَانٌ، وَفُلَانٌ، وَفُلَانٌ، حَتَّى عَدَّ نَاسًا ثُمَّ قَالَ وَآخَرِينَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَعْرِفُهُمْ، فَقَالَ: عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَبْكِي لَا يَضُرُّهُمْ، أَنْ لَا يَعْرِفَهُمْ عُمَرُ لَكِنَّ اللَّهَ يَعْرِفُهُمْ (1) . [5: 3]
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قِتَالُهُ الْأَعْدَاءَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ إِذَا فَاتَ ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ
4757 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
__________
(1) إسناده قوي، محمد بن خلف ومبارك بن فضالة: صدوقان، وقد روى لهما أصحاب السنن، وقد توبعا، وباقي رجاله على شرط البخاري.
وأخرجه بطوله الطبري في " تاريخه " 4/117-120 عن الربيع بن سليمان، عن أسد بن موسي، عن مبارك بن فضالة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة 13/8-12 عن عفان، عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ معقل بن يسار ... وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه بأخصر مما هنا البخاري (3159) في الجزية والموادعة: باب الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب، و (7530) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {يا أيها الرسول بلِّغ ما أنزل إليك من ربك} ، من طريق سعيد بن عبيد الله الثقفي، عن بكر بن عبد الله المزني وزياد بن جبير بن حية، عن جبير بن حية....
وأخرجه مختصرًا خليفة بن خياط في " تاريخه " ص 148-149 من طريق موسى بن إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، عن علقمة بن عبد الله المزني، عن معقل بن يسار. وانظر الحديث الآتي.(11/70)
قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَفَّانُ، قَالَا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ، أَنَّهُ قَالَ: «شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَانَ عِنْدَ الْقِتَالِ، فَلَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَهُ إِلَى أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ وَيَنْزِلَ النَّصْرُ» (1) [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح. رجاله رجال مسلم غير علقمة بن عبد الله، فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 368-369، والترمذي (1613) في السير: باب ما جاء في الساعة التي يستحب فيها القتال، عن عفان بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/ 368-369، وأحمد 5/444-445، وخليفة بن خياط في " تاريخه " ص 148-149، وأبو داود (2655) في الجهاد: باب في أي وقت يستحب اللقاء، والترمذي (1613) ، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 9/32، والحاكم 2/116، والبيهقي 9/153 من طرق عن حماد بن سلمة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (1612) من طريق قتادة، عن النعمان بن مقرن، بلفظ: غزوتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا طلع الفجر، أمسك حتى تطلُع الشمس، فإذا طلعت، قاتل، فإذا انتصف النهارُ، أمسك حتى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس، قاتل حتى العصر، ثم أمسك حتى يصلي العصر، ثم يُقاتل، قال: وكان يقال عند ذلك: تهيج رياحُ النصر، ويدعو المؤمنون لجيوشهم في صلاتهم. قال الترمذي: وقتادة لم يدرك النعمان بن مقرن.(11/71)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى قِتَالِ الْأَعْدَاءِ إِذَا عَزَمَ عَلَى ذَلِكَ
4758 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا صَلَّى أَيَّامَ حُنَيْنٍ هَمَسَ شَيْئًا، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ تَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ، قَالَ أَقُولُ: «اللَّهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ، وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَبِكَ أُقَاتِلُ» (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة فمن رجال مسلم.
وأخرجه البيهقي 9/153 من طريق سليمان بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي 2/216، وأحمد 4/332 و 333، والطبراني (7318) ، والبيهقي 9/153 من طرق عن حماد بن سلمة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9751) ، ومن طريقه الترمذي (3340) فى التفسير: باب ومن سورة البروج، والطبراني (7319) عن معمر، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا صلى الفجر هَمَس -والهمس في قول بعضهم: يحرِّك شفتيه كأنه يتكلم بشيء- فقيل له: يا نبيَّ الله، إنك إذا صليت العصر همستَ ... ولم يذكر قوله " أقول: اللهم بك أحاول ... ".
وأخرجه النسائي في " اليوم والليلة " (614) ، والبيهقي 9/153 من طريق سليمان بن المغيرة.(11/72)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا أَرَادَ مُوَاقَعَةَ الْأَعْدَاءِ أَنْ يُحْيِيَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ فَإِذَا أَصْبَحَ وَاقَعَهَا
4759 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو الْجَهْمِ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا أَصْبَحَ بِبَدْرٍ مِنَ الْغَدِ أَحْيَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ كُلَّهَا وَهُوَ مُسَافِرٌ» (1) [5: 3]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا أَرَادَ مُوَاقَعَةَ أَهْلِ بَلَدٍ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ أَنْ يُعَبِّئَ (2) الْكَتَائِبَ حَتَّى تَكُونَ مُوَاقَعَتُهُ إِيَّاهُمْ عَلَى غَيْرِ غِرَّةٍ
4760 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ،
__________
(1) إسناده حسن، رجاله رجال الشيخين غير حارثة بن مضرب، فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة، والأزرق بن علي ذكره المؤلف في " الثقات " وقال: يُغرب، وروى عنه أبو يعلى، وابن أبي عاصم، وعبد الله بن أحمد، وأبو زرعة وغيرهم، وأخرج له الحاكم في " المستدرك "، وقد اعتمد الشيخان رواية يوسف بن أبي إسحاق -وهو يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق- عن جده.
وأخرجه النسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 7/358 عن محمد بن المثني، عن محمد، عن شعبة، عن أبي إسحاق.
(2) في الأصل: يعين، والتصويب من " التقاسيم " 4/لوحة 176.(11/73)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ: وَفَدَتْ وفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ فِي رَمَضَانَ أَنَا فِيهِمْ وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَكَانَ بَعْضُنَا يَصْنَعُ لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا عَلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ: لَوْ صَنَعْتُ طَعَامًا، ثُمَّ دَعَوْتُهُمْ إِلَى رَحْلِي فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ، فَصُنِعَ، ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِيِّ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ: سَبَقْتَنِي، قَالَ: فَدَعَوْتُهُمْ إِلَى رَحْلِي، إِذْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَلَا أُحَامِلُكُمْ أَوْ أُحَادِثُكُمْ، إِنِّي أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ حَتَّى يُدْرِكَ الطَّعَامُ، فَذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى أَحَدِ الْجَنَبَتَيْنِ (1) وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْيُسْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ، (2) فَأَخَذُوا الْوَادِيَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَتِهِ وَقَدْ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا (3) وَأَتْبَاعًا لَهَا، فَقَالُوا: نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ، كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا مَا سَأَلُوا، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَآنِي، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، اهْتِفْ بِالْأَنْصَارِ، فَلَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ» فَهَتَفَ بِهِمْ، فَجَاءُوا، فَأَحَاطُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا تَرَوْنَ إِلَى
__________
(1) مفردها جَنَبَة، ومثلها الجَنْب والجانب، وهو شق الإنسان، وجَنَبتا الوادي: ناحيتاه وكذلك جانباه، وجاء في مصادر التخريج: المجنِّبَتين، وهي من الجيش: الميمنة والميسرة.
(2) الحُسَّر: هم الذين لا دروع لهم.
(3) فى الأصل: أو، والمثبت من " التقاسيم " 4/لوحة 177.(11/74)
أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ، وَأَتْبَاعِهِمْ» ، وَضَرَبَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مِمَّا يَلِي الْخِنْصَرَ وَسَطَ الْيُسْرَى، وَقَالَ: «احْصُدُوهُمْ حَصْدًا حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا» ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَانْطَلَقْنَا، فَمَا يَشَاءُ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَّا قَتَلَهُ، وَمَا يُوَجِّهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَيْنَا شَيْئًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ» ، فَأَغْلَقُوا أَبْوَابَهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اسْتَلَمَ الْحَجَرَ، وَطَافَ بِالْبَيْتِ وَفِي يَدِهِ قَوْسٌ، وَهُوَ آخِذٌ الْقَوْسَ، وَكَانَ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ صَنَمٌ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْعَنُ فِي جَنْبِهِ بِالْقَوْسِ، وَيَقُولُ: «جَاءَ الْحَقُّ، وَزَهَقَ الْبَاطِلُ» ، فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا حَيْثُ يَنْظُرُ إِلَى الْبَيْتِ، فَجَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَهُ، وَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَذْكُرُ مَا شَاءَ أَنْ يَذْكُرُهُ وَالْأَنْصَارُ تَحْتَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ لِبَعْضٍ أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَكَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا إِذَا نَزَلَ الْوَحْيُ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنَّا يَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَلْ (1) يَطْرِقُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا قُضِيَ الْوَحْيُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، قُلْتُمْ: أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ» ، قَالُوا: قَدْ قُلْنَا ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا إِنِّي
__________
(1) في الأصل: ثم، والمثبت من " التقاسيم ".(11/75)
عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمُ، الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ» ، فأَقْبَلُوا يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا ضَنًّا (1) بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ، قَالَ: «وَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ» (2) [5: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ، أَنَّ فَتْحَ مَكَّةَ كَانَ عَنْوَةً لَا صُلْحًا»
ذِكْرُ مَا يَدْعُو الْمَرْءُ بِهِ إِذَا عَزَمَ الْغَزْوَ أَوِ الْتِقَاءَ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ
4761 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا غَزَا، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَنْتَ
__________
(1) أي: بخلاً به وشحاً أن يشاركنا فيه غيرنا.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه الطيالسي (2424) ، وأحمد 2/538، وابن أبي شيبة 14/471-473 ومسلم (1780) (84) (85) في الجهاد والسير: باب فتح مكة، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 10/134، وأبو داود (1872) مختصراً في المناسك: باب في رفع اليد إذا رأى البيت، والبيهقي 9/117-118 من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (1780) (86) ، والنسائي في " الكبري "، وأبو داود (3023) في الخراج والإمارة: باب ما جاء في خبر مكة، والبيهقي 9/118 من طريقين عن ثابت، به.(11/76)
عَضُدِي، وَأَنْتَ نَصِيرِي، وَبِكَ أُقَاتِلُ» (1) [5: 12]
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ اخْتِيَالِ الْمَرْءِ بِفَرَسِهِ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ إِذْ هُوَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا
4762 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، وَمُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مِنَ الْغَيْرَةِ مَا يُبْغِضُ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنَ الْخُيَلَاءِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُحِبُّ اللَّهُ الْغَيْرَةُ فِي الدِّينِ، وَالْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُ اللَّهُ الْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ دِينِهِ، (2) وَالْخُيَلَاءُ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أبو داود (2632) في الجهاد: باب ما يُدعى عند اللقاء، والترمذي (3584) في الدعوات: باب في الدعاء إذا غزا، عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، ومعنى قوله: عضدي، يعني: عوني.
وأخرجه أحمد 3/ 184 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (204) من طريق أزهر بن القاسم، كلاهما عن المثنى بن سعيد، به.
وفي الباب عن صُهيب عند أحمد 6/16.
(2) كذا الأصل " والتقاسيم " 1/لوحة 120، وفي " الموارد " (1666) ومصادر التخريج " فالغيرة التي يحب الله الغيرة في الرِّيبة، والغيرة التي يبغض الله في غير ريبة ".(11/77)
اخْتِيَالُ الرَّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ الْقِتَالِ، وَعِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَالِاخْتِيَالُ الَّذِي يُبْغِضُ اللَّهُ الِاخْتِيَالُ فِي الْبَاطِلِ» (1) [1: 2]
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمُجَاهِدِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْخِدَاعَ فِي حَرْبِه
4763 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، بِعَسْكَرٍ مُكْرَمٍ، قَالَ:
__________
(1) حديث حسن لغيره، ابن جابر بن عتيك قال المزي في " تهذيب الكمال ": إن لم يكن عبد الرحمن بن جابر بن عتيك، فهو أخ له. قلت: أياً كان فهو مجهول، وباقي رجاله ثقات. عبد الرحمن بن إبراهيم: هو الملقب بدُحيم، والوليد: هو ابن مسلم، ومحمد بن إبراهيم: هو التيمي.
وأخرجه الطبراني (1775) ، والبيهقي 7/308 من طريقين عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الدارمي 2/149، والنسائي 5/78 في الزكاة: باب الاختيال في الصدقة، وسعيد بن منصور (2548) ، والطبراني (1774) ، والبيهقي 7/308 من طرق عن الأوزاعي، به إلا أنه سقط ابن جابر عند سعيد بن منصور.
وأخرجه أحمد 5/445 و 446، وأبو داود (2659) في الجهاد: باب في الخيلاء في الحرب والطبراني (2772) و (2773) و (2776) و (2777) ، والبيهقي في " السنن " 9/156، وفي " الأسماء والصفات " 2/264-265 من طرق عن يحيى بن أبي كثير، به.
وله شاهد يتقوى به من حديث عقبة بن عامر الجهني عند أحمد 4/154 وفيه عبد الله بن زيد الأزرق وهو مقبول في المتابعات، وباقي رجاله ثقات.
وفي الباب عن أبي هريرة مختصراً عند ابن ماجه (1996) ، وفي سنده أبو شهم، قال الحافظ في " التقريب ": كذا وقع والصواب أبو سلمة وهو ابن عبد الرحمن. قلت: وعلى هذا فرجاله ثقات.(11/78)
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْحَرْبُ خَدْعَةٌ» (1) [4: 16]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم. محمد بن معمر: هو ابن ربعي القيسي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد.
وأخرجه أحمد 3/297 عن حجاج، عن ابن جريج، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (1698) ، والحميدي (1237) ، وأبن أبي شيبة 12/530، وأحمد 3/308، والبخاري (3030) في الجهاد: باب الحرب خدعة، ومسلم (1739) في الجهاد: باب جواز الخداع في الحرب، وأبو داود (2636) في الجهاد: باب المكر في الحرب، والترمذي (1675) في الجهاد: باب في الرخصة في الكذب، وأبو يعلي (1826) و (1968) و (2121) ، والبيهقي 7/40 و 9/150، والبغوي (2690) من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر.
وقوله " خدعة "، قال الخطابي في " معالم السنن " 2/269: معناه إباحة الخداع في الحرب وان كان محظوراً فى غيرها من الأمور، وهذا الحرف يُروى على ثلاثة أوجه: خَدْعة بفتح الخاء وسكون الدال، وخُدْعة بضم الخاء وسكون الدال، وخُدَعة الخاء مضمومة والدال منصوبة، وأصوبها خَدْعة. قلت (القائل الخطابي) : معنى الخدعة أنها هي مرة واحدة أي: إذا خُدِع المقاتل مرة واحدة لم يكن له إقالة، ومن قال: خُدْعة، أراد الاسم كما يقال هذه لعبة، ومن قال: خُدَعة بفتح الدال، كان معناه أنها تخدع الرجال وتمنيهم، ثم لا تفي لهم كما يقال: رجل لُعَبة، إذا كان كثير التلعب بالأشياء.(11/79)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ شِدَّةِ حَمْلِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ
4764 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ بَيْنَنَا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ قَاصًّا يَقُصُّ عِنْدَ أَبْوَابِ كِنْدَةَ، وَيَزْعُمُ أَنَّ آيَةَ الدُّخَانِ تَجِيءُ، فَتَأْخُذُ بِأَنْفَاسِ الْكُفَّارِ، وَيَأْخُذُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ كَهَيْئَةِ الزُّكَامِ، فَجَلَسَ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ غَضْبَانُ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ، فَمَنْ عَلِمَ مِنْكُمْ شَيْئًا فَلْيَقُلْ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلْيَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنَّهُ أَعْلَمُ لِأَحَدِكُمْ، أَنْ يَقُولَ لِمَا لَا يَعْلَمُ، اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: 86] ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا رَأَى مِنَ النَّاسِ إِدْبَارًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ سَبْعًا كَسَبْعِ يُوسُفَ» ، فَأَخَذَتْهُمْ سَنَةٌ حَتَّى أَكَلُوا الْمَيْتَةَ وَالْجُلُودَ وَيَنْظُرُ أَحَدُهُمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَرَى كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ، فَجَاءَهُ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ جِئْتَ تَأْمُرُ بِطَاعَةِ اللَّهِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَإِنَّ قَوْمَكَ قَدْ هَلَكُوا مِنْ جُوعٍ، فَادْعُ اللَّهَ لَهُمْ، قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ ... يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ} [الدخان:10-16] ، فَالْبَطْشَةُ يَوْمُ بَدْرٍ وَقَدْ مَضَى آيَةُ(11/80)
الدُّخَانِ، وَالْبَطْشَةِ وَاللِّزَامِ وَالرُّومِ (1) . [5: 3]
__________
(1) تحرفت في الأصل إلى: اللزوم، والتصويب من " التقاسيم " 4/لوحة 167.
إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو المعروف بابن راهويه، وجرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو الضحي: هو مسلم بن صبيح.
وأخرجه مسلم (2798) (39) في صفات المنافقين: باب الدخان، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (1007) في الاستقاء: باب دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلها عليهم سنين كسني يوسف "، والطبري في " تفسيره " 25/112 من طرق عن جرير، به.
وأخرجه أحمد 1/441، والبخاري (4824) في تفسير سورة الدخان: باب {ثم تولوا عنه وقالوا معلَّم مجنون} ، والترمذي (3254) في التفسير: باب ومن سورة الدخان، من طريق شعبة، والبخاري (1020) في الاستسقاء: باب إذا استشفع المشركون بالمسلمين عند القحط، و (4774) في تفسير سورة الروم، والبغوي في " تفسيره " 4/149، من طريق محمد بن كثير، عن سفيان، والبيهقي في " السنن " 3/352، وفي " دلائل النبوة " 2/326 من طريق أسباط بن نصر، ثلاثتهم عن منصور، به.
وأخرجه أحمد 1/380-381 و 431 و 441، والبخاري (1020) ، و (4693) في تفسير سورة يوسف: باب {وراودته التي هو في بيتها} ، و (4774) ، و (4809) في تفسير سورة ص: باب {وما أنا من المتكلفين} ، و (4821) في تفسير سورة الدخان: باب {يغشي الناس هذا عذاب أليم} ، و (4822) : باب {ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون} و (4823) و (4824) ، ومسلم (2798) (40) ، والترمذي (3254) ، والطبري 25/111 و112، والبغوي في " تفسيره " 4/149 من طرق عن الأعمش، عن أبي الضحي، به. =(11/81)
ذِكْرُ مَا يَسْتَعِينُ الْمَرْءُ بِهِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ الْكَفَرَةِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ
4765 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ،
__________
= وأخرج البخاري (4767) في تفسير سورة الفرقان: باب {فسوف يكون لزاماً} ، و (4820) في تفسير سورة الدخان: باب {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين} ، ومسلم (2798) (41) ، والطبري 25/112، والبيهقي في " الدلائل " 2/327 من طرق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ ابن مسعود قال: خمس قد مَضَين: الدخان، والقمر، والروم، والبطشة، واللزام {فسوف يكون لزاماً} .
وجاء في البخاري ومسلم وغيرهما بعد تلاوة الآيات من سورة الدخان، ومنها الآية {إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون} : قال (أي: ابن مسعود) : أفيكشف عذاب الآخرة؟ قال النووي في " شرح مسلم " 17/141-142: هذا استفهام إنكار على مَن يقول: إن الدخان يكون يوم القيامة كما صرح به في الرواية الثانية (يعني عند مسلم) فقال ابن مسعود: هذا قول باطل، لأن الله تعالى قال: {إنا كاشفوا العذاب قليلاً إنكم عائدون} ، ومعلوم أن كشف العذاب ثم عودهم لا يكون في الآخرة، إنما هو في الدنيا.
واللزام: المراد به قوله سبحانه {فسوف يكون لزاماً} أي: يكون عذابهم لازماً، قالوا: وهو ما جرى عليهم يوم بدر من القتل والأسر، وهى البطشة الكبرى.
والروم: أي آية الروم، وهى قوله تعالى: {غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون} ، وقد مضت غلبة الروم على فارس يوم الحديبية.(11/82)
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ إِذَا أَصَابَ قَوْمًا، قَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا نَجْعَلُكَ فِي نُحُورِهِمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ شُرُورِهِمْ» (1) [5: 12]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَنْصِرَ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَنْدَ قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُسْلِمِينَ قِلَّة
4766 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عِيَاضٍ الْأَشْعَرِيِّ، قَالَ: «شَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ، وَعَلَيْهَا خَمْسَةُ
__________
(1) إسناده صحيح، إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل، كذا ذكره المؤلف هنا، وفي " الثقات " 8/116: إسحاق بن إبراهيم بن كامجر بن أبي إسرائيل! وفي " تهذيب الكمال " 2/398: إسحاق بن أبي إسرائيل، واسمه إبراهيم بن كامجر المروزي، روى له أبو داود والنسائي والبخاري في " الأدب المفرد "، ووثقه ابن معين والدارقطني وأبو القاسم البغوي وغيرهم، ولا يلتفت إلى تضعيف من ضعفه لمسألة الوقف على أنه قد توبع، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 4/414-415، وأبو داود (1537) في الصلاة: باب ما يقول إذا خاف قوماً، والنسائي في " اليوم والليلة " (601) ، وفي " الكبري " كما في " التحفة " 6/465، والحاكم 2/142، والبيهقي 5/253 من طرق عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 4/414، والبيهقي 5/253 من طريقين عن عمران، عن قتادة، به.(11/83)
أُمَرَاءَ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَشُرَحْبِيلُ ابْنُ حَسَنَةَ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَعِيَاضٌ، (1) - وَلَيْسَ عِيَاضٌ صَاحِبَ الْحَدِيثِ الَّذِي يُحَدِّثُ سِمَاكٌ عَنْهُ -، قَالَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ قِتَالٌ فَعَلَيْكُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ:» فَكَتَبْنَا إِلَيْهِ، أَنْ قَدْ جَاشَ (2) إِلَيْنَا الْمَوْتُ، وَاسْتَمْدَدْنَاهُ، فَكَتَبَ إِلَيْنَا أَنَّهُ قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكُمْ تَسْتَمِدُّونِي، وَإِنِّي أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا هُوَ أَعَزُّ نَصْرًا وَأَحْصَنُ جُنْدًا اللَّهُ فَاسْتَنْصِرُوهُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نُصِرَ (3) بِأَقَلَّ مِنْ عَدَدِكُمْ، فَإِذَا أَتَاكُمْ كِتَابِي، فَقَاتِلُوهُمْ وَلَا تُرَاجِعُونِي، قَالَ: فَقَاتَلْنَاهُمْ (4) فَهَزَمْنَاهُمْ، وَقَتَلْنَاهُمْ أَرْبَعَ فَرَاسِخَ وَأَصَبْنَا أَمْوَالًا فَتَشَاوَرُوا فَأَشَارَ عَلَيْهِمْ عِيَاضٌ عَنْ (5) كُلِّ رَأْسٍ عَشْرَةٌ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَنْ يُرَاهِنُنِي؟، فَقَالَ شَابٌّ:
__________
(1) هو عياض بن غَنْم بن زهير الفِهري ذكره ابن سعد في " الطبقات " 7/398 فقال أسلم قديماً قبل الحديبية، وشهد الْحُدَيْبِيَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان رجلا صالحاً سمحاً، وكان مع أبي عبيدة بن الجراح بالشام، مات بالشام سنة عشرين في خلافة عمر. قلت: وكانت معركة اليرموك سنة خمس عشرة بعد فتح دمشق. وانظر " سير أعلام النبلاء " 2/354-355.
(2) أي: تدفق وفاض وامتد.
(3) في الأصل: نصرنا، والمثبت من " التقاسيم " 4/ لوحة 157.
(4) في الأصل: فقتلناهم، والمثبت من " التقاسيم ".
(5) في الأصل: من، والمثبت من " التقاسيم ".(11/84)
أَنَا إِنْ لَمْ تَغْضَبْ، قَالَ: «فَسَبَقَهُ، (1) فَرَأَيْتُ عَقِيصَتَيْ (2) أَبِي عُبَيْدَةَ تَنْقُزَانِ، (3) وَهُوَ خَلْفَهُ عَلَى فَرَسٍ عَرَبِيٍّ» (4) . [5: 3]
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِانْتِصَارِ بِضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ عِنْدَ قِيَامِ الْحَرْبِ عَلَى سَاقٍ
4767 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا حِبَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَرْطَأَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «ابْغُوا لِي ضُعَفَاءَكُمْ، فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ، وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ» (5) . [1: 2]
__________
(1) سقطت من الأصل، واستدركت من مصادر التخريج.
(2) العَقيصة: هي الخُصْلة من الشعر، تُلوى، ثم تُعقد حتى يبقى فيها التواء ثم تُرسل.
(3) يريد تهتزان من شدة الجري، وأصل النقز: القفز والوثوب.
(4) إسناده حسن على شرط مسلم، سماك بن حرب صدوق لا يرقى إلى رتبة الصحيح، وعياض الأشعري مختلف في صحبته، والراجح أنه تابعي.
محمد: هو ابن جعفر المعروف بغُندر.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/34-35، وأحمد 1/49 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وكره الهيثمي في " المجمع " 6/213 وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(5) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير زيد بن أرطاة فقد روى له أبو داود والترمذي والنسائي، وهو ثقة. حبان: هو ابن موسى بن سَوَّار السُّلمي، وعبد الله: هو ابن المبارك. =(11/85)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِانْتِصَارِ لِلْمُسْلِمِينَ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ
4768 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِيهِ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِيهِ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِي عَلَى
__________
= وأخرجه أحمد 5/198، والترمذي (1702) في الجهاد: باب ما جاء فى الاستفتاح بصعاليك المسلمين، والحاكم 2/145 من طرق عن عبد الله بن المبارك بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرج النسائي 6/45 وأبو نعيم في " الحلية " 5/26 من طريقين عن طلحة بن مصرف، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ ظن أن له فضلاً على من دونه مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم " وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه البخاري في " صحيحه " (2896) في الجهاد: باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، عن سليمان بن حرب، عن محمد بن طلحة، عن طلحة، عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله عنه أن له فضلاً على من دونه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هل تنصرون إلا بضعفائكم ".
وقوله " ابغوا لي " أي: اطلبوا لى، ولفظ غير المصنف " ابغوني ".(11/86)
النَّاسِ زَمَانٌ يَغْزُو فِيهِ فِئَامٌ مِنَ النَّاسِ، فَيُقَالُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ صَحِبَ أَصْحَابَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيُقَالُ: نَعَمْ، فَيُفْتَحُ لَهُمْ» (1) . [3: 9]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَدْعُوَ أَنْصَارَهُ إِذَا حَزَبَهُ أَمْر
4769 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، (2) قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ،
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير إبراهيم بن بشار الرمادي، فروى له أبو داود والترمذي، وهو حافظ. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 3/7، والبخاري (2897) في الجهاد: باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، و (3594) في الأنبياء: باب علامات النبوة والإسلام، و (3649) في فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: باب فضائل أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسلم (2532) (208) في فضائل الصحابة: باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، والبغوي (3864) من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2532) (209) عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، عن أبيه، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
والفئام: هي الجماعة.
(2) تصحف في الأصل و " التقاسيم " إلى: حبان، بالباء، والتصويب من " المشتبه " 1/131 وغيره. وقوله " بن يحيى " في نسبه لم يرد في " الثقات " ولا في " الجرح والتعديل " ولا في " المشتبه ".(11/87)
وَغَطَفَانُ بِذَرَارِيِّهِمْ وَنَعَمِهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَشْرَةُ آلَافٍ، وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ، حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ قَالَ: فَنَادَى يَوْمَئِذٍ نِدَاءَيْنِ، لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ» ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَى يَسَارِهِ، وَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ» ، فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ، قَالَ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ فَنَزَلَ، وَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ، وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِذَا كَانَ فِي الشِّدَّةِ، فَنَحْنُ وَيُعْطِي الْغَنِيمَةَ غَيْرَنَا، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، وَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي؟» ، فَسَكَتُوا، فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ، وَتَذْهَبُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى بُيُوتِكُمْ؟» ، قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَضِينَا، قَالَ: «لَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا، وَسَلَكَتِ الْأَنْصَارُ شِعْبًا، لَأَخَذْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ» (1) . [5: 3]
__________
(1) حديث صحيح، موسي بن محمد بن يحيى بن حَيّان ذكره المؤلف في " الثقات " 9/161 وقال: من أهل البصرة، كنيته أبو عمران، يروي عن يحيى القطان والعراقيين، حدثنا عنه أبو يعلى، ربما خالف. وقال ابن أبي حاتم 8/161: ترك أبو زرعة حديثه، قلت: وقد توبع عليه، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان البصري.
وأخرجه البخاري (4337) في المغازي: باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان، ومسلم (1059) (135) في الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم =(11/88)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= على الإسلام وتصبر من قوي إيمانه، من طرق عن معاذ بن معاذ، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/522، وأحمد 3/279-280، والبخاري (4333) من طريقين عن ابن عون، به.
وأخرجه عبد الرزاق (19908) ، والبخاري (3147) في فرض الخمس: باب ما كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، و (4331) ، و (5860) في اللباس: باب القبة الحمراء من أدم، و (7441) في التوحيد: باب قوله تعالى: [وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة} ، ومسلم (1059) (132) ، وأبو يعلى (3594) من طرق عن الزهري، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/169 و 249، والبخاري (4332) ، و (3778) في مناقب الأنصار: باب مناقب الأنصار، ومسلم (1059) (134) ، وأبو يعلى (3229) ، وأبو نعيم في " الحلية " 3/84، والبيهقى 6/337-338 من طريق شعبة عن أبي التياح، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/172 و 275، والبخاري (4334) ، ومسلم (1059) (133) ، والترمذي (3901) في المناقب: باب فضل الأنصار وأبو يعلى (3002) من طريق شعبة، عن قتادة عن أنس.
وأخرجه أحمد 13/157-158، ومسلم (1059) (136) من طريق معتمر بن سليمان التيمي، عن أبيه، عن السميط السدوسي، عن أنس.
وأخرجه احمد 3/188 و 201 من طريقين عن حميد، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/246 عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس.
وأخرجه الحميدي (1201) من طريق علي بن زيد بن جدعان، عن أنس.(11/89)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَرِّضَ النَّاسَ عَلَى الْقِتَالِ وَيُشَجِّعَهُمْ عِنْدَ ورُودِ الْفُتُورِ عَلَيْهِمْ فِيهِ
4770 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ قَيْسٍ، قَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَيْنٍ؟، قَالَ الْبَرَاءُ: لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَفِرَّ إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً، فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ آخِذٌ بِلِجَامِهَا، وَهُوَ يَقُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ..... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ» (1) [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي، وأبو إسحاق: هو السبيعي.
وأخرجه البخاري (4316) في المغازي: باب قول الله تعالى {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم} ، عن أبي الوليد، به.
وأخرجه الطيالسي (707) ، وأحمد 4/281، والبخاري (2864) في الجهاد: باب من قاد دابة غيره في الحرب، و (4317) ، ومسلم (1776) (80) في الجهاد والسير: باب في غزوة حنين، وأبو يعلى (1727) ، والطبري في " تفسيره "، (16580) ، والبيهقي فى " الدلائل " 5/133 من طريق شعبة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/521-522 و 522 و 12/507، والطيالسي (707) ، وأحمد 4/280 و289 و 304، والبخاري (2874) في الجهاد: باب بغلة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ البيضاء و (2930) : باب من صفَّ أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته فاستنصر، و (3042) : باب من =(11/90)
ذِكْرُ الْبَيَانِ، بِأَنَّ الثَّبَاتَ فِي الْحَرْبِ عِنْدَ انْهِزَامِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّه
4771 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بْنِ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ظَبْيَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ، رَجُلٌ أَتَى قَوْمًا، فَسَأَلَهُمْ بِاللَّهِ، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمْ، وَبَيْنَهُ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ، (1) فَأَعْطَاهُ سِرًّا لَا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ، إِلَّا اللَّهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ، وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ نَزَلُوا، فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ، فَقَامَ يَتَمَلَّقُنِي، وَيَتْلُو آيَاتِي، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ، فَلَقُوا الْعَدُوَّ، فَهُزِمُوا، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ، حَتَّى يُقْتَلَ، أَوْ يُفْتَحَ لَهُمْ» (2) . [1: 2]
__________
= قال: خُذها وأنا ابن فلان، و (4315) في المغازي، ومسلم (1776) (78) و (79) و (80) ، والترمذي (1688) في الجهاد: باب ما جاء في الثبات عند القتال، والطبري (16581) ، والبيهقي في " السنن " 7/43 و 9/154 و155، وفي " الدلائل " 1/177 و 5/133، والبغوي (2706) ، وفي "تفسيره" 2/278 من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به.
(1) جملة " فتخلف رجل بأعقابهم " سقطت من الأصل، وأُثبتت من مصادر التخريج، والحديث المتقدم برقم (3349) .
(2) حديث صحيح، عمر بن شبة صدوق روى له ابن ماجه، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير زيد بن ظبيان فقد ذكره المؤلف في " الثقات " 4/249، وأخرج هو وابن خزيمة حديثه في " الصحيح ". وهو مكرر الحديث رقم (3349) و (3350) .
وقوله " يتملَّقُني " أي: يتودد إلي، من الملَق، وهو الوُدّ واللطف الشديد.(11/91)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّصَبُّرِ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
4772 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ النَّضْرِ تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، وَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَرَانِي اللَّهُ قِتَالًا لَيَرَيَنَّ مَا أَصْنَعُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْبَلَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَقُولُ: أَيْنَ أَيْنَ؟ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ، دُونَ أُحُدٍ، قَالَ: فَحَمَلَ، فَقَاتَلَ، فَقُتِلَ فَقَالَ سَعْدٌ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَطَقْتُ، مَا أَطَاقَ، فَقَالَتْ أُخْتُهُ: وَاللَّهِ مَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِحُسْنِ (1) بَنَانِهِ، فَوُجِدَ فِيهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ جِرَاحَةً ضَرْبَةُ سَيْفٍ، وَرَمْيَةُ سَهْمٍ، وَطَعْنَةُ رُمْحٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا، مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ، وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23] ، قَالَ حَمَّادٌ: «وَقَرَأْتُ فِي مُصْحَفِ أَبِي، وَمِنْهُمْ مَنْ بَدَّلَ تَبْدِيلًا» (2) . [3: 64]
__________
(1) في " الفتح " 6/23: في رواية ثابت " فقالت عمتي الربيّع بن النضر أخته: فما عرفت أخي إلا ببنانه "، زاد النسائي من هذا الوجه " وكان حسن البنان ".
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 3/253، والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " =(11/92)
ذِكْرُ الْعَدَدِ، الَّذِي بِهِ يُبَاحُ الْفِرَارُ مِنَ الْعَدُوِّ
4773 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلَ الْوَاحِدُ عَشْرَةً، فَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَوَضَعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ، إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ الْوَاحِدُ رَجُلَيْنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: 65] ، إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، ثُمَّ قَالَ: {لَوْلَا
__________
= 1/135، والطبري في " تفسيره " 21/146-147 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (2044) ، وأحمد 3/194، ومسلم (1903) في الإمارة: باب ثبوت الجنة للشهيد، والترمذي (3200) في التفسير: باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي في " الكبري "، والواحدي في " أسباب النزول " ص 237-238 من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/395، وأحمد 3/201، والبخاري (2805) في الجهاد: باب قول الله عز وجل {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عليه} و (4048) في المغازي: باب غزوة أحدٍ، والترمذي (3201) ، والطبري 1/147، والبيهقي 9/43-44، والبغوي في " تفسيره " 3/520 من طريق حميد، عن أنس.
وأخرجه مختصراً البخاري (4783) في تفسير سورة الأحزاب: باب {فمنهم من قضى نَحْبَه ومنهم من ينتظر} ، والواحدي ص 238 من طريق ثمامة، عن أنس.(11/93)
كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] ، يَعْنِي غَنَائِمَ بَدْرٍ لَوْلَا أَنِّي لَا أُعَذِّبُ مَنْ عَصَانِي، حَتَّى أَتَقَدَّمَ إِلَيْه (1) . [3/64]
__________
(1) إسناده قوي، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وباقي رجاله من رجال الصحيح. عطاء: هو ابن أبي رباح.
وأخرجه الطبري في " تفسيره " (16271) ، والطبراني (11396) من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (9525) ، والطبري (16270) من طريق ابن جريج، والبخاري (4652) في التفسير: باب {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال} ، والطبراني (11211) ، والبيهقي 9/76 من طريق سفيان بن عيينة، والطبري (16277) من طريق إبراهيم بن زيد، ثلاثتهم عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس.
وأخرجه البخاري (4653) : باب {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً} ، وأبو داود (2646) في الجهاد: باب في التولي يوم الزحف، والطبري (16280) ، والبيهقي 9/76 من طريق جرير بن حازم، عن الزبير بن خرِّيت، عن عكرمة، عن ابن عباس.
وأخرجه الطبري (16277) من طريق أبي معبد، عن ابن عباس.
وأخرجه أيضاً (16272) من طريق علي، عن ابن عباس.
وأخرجه (16273) مطولاً من طريق محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4/102 و103 وزاد نسبته إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في " الشعب " والنحاس في " ناسخه " وإسحاق بن راهويه في " مسنده " والطبراني في " الأوسط ".(11/94)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُرِيَ مِنْ نَفْسِهِ الْجَلَدَ عِنْدَ فَتَوْرِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ قِتَالِ أَعْدَاءِ اللَّهِ
4774 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا نَعْلَمُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ الَّذِينَ جَيَّشُوا (1) لَنَا، فَاسْتَقْبَلْنَا وَادِيَ حُنَيْنٍ، فِي عَمَايَةِ (2) الصُّبْحِ، وَهُوَ وَادِي (3) أَجْوَفُ، مِنْ أَوْدِيَةِ تِهَامَةَ، إِنَّمَا يَنْحَدِرُونَ فِيهِ انْحِدَارًا، قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنَّ النَّاسَ لَيُتَابِعُونَ، لَا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ، إِذْ فَجِئَهُمُ (4) الْكَتَائِبُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَلَمْ يَنْتَظِرِ النَّاسُ أَنِ انْهَزَمُوا رَاجِعِينَ، قَالَ: وَانْحَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ الْيَمِينِ، وَقَالَ: «أَيْنَ (5) أَيُّهَا النَّاسُ؟، أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، وَكَانَ أَمَامَ هَوَازِنَ رَجُلٌ ضَخْمٌ، عَلَى جَمَلٍ (6) أَحْمَرَ، فِي يَدِه
__________
(1) في الأصل. جيبوا، والتصويب من " التقاسيم " 4/144، وفي " مسند أبى يعلى ": خبَّؤوا.
(2) في الأصل و " التقاسيم ": غيابة، والمثبت من " مسند أبى يعلى "، وعَماية الصبح: بقية ظلمة الليل.
(3) كذا الأصل، والجادة " وادٍ "، وما هنا له وجه.
(4) وفي " التقاسيم ": فجأهم، وكلاهما صواب.
(5) سقطت من الأصل، واستدركت من " التقاسيم ".
(6) قوله " على جمل " سقط من الأصل، وأستدرك من " التقاسيم ".(11/95)
رَايَةٌ سَوْدَاءُ، إِذَا أُدْرِكَ طَعَنَ بِهَا، وَإِذَا فَاتَهُ شَيْءٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، دَفَعَهَا مِنْ خَلْفِهِ، فَرَصَدَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَرَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كِلَاهُمَا يُرِيدُهُ، قَالَ فَضَرَبَ عَلِيٌّ عُرْقُوبَيِ الْجَمَلِ، فَوَقَعَ عَلَى عَجُزِهِ، وَضَرَبَ الْأَنْصَارِيُّ سَاقَهُ، فَطَرَحَ قَدَمَهُ بِنِصْفِ سَاقِهِ، فَوَقَعَ، وَاقْتَتَلَ النَّاسُ، حَتَّى كَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَكَانَ أَخُو صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ لِأُمِّهِ، قَالَ أَلَا بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ، وَكَانَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا (1) فِي الْمُدَّةِ، الَّتِي ضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ صَفْوَانُ: اسْكُتْ فَضَّ اللَّهُ فَاكَ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَلِيَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَلِيَنِي رَجُلٌ مِنْ هَوَازِنَ (2) [5: 3]
__________
(1) فى الأصل و " التقاسيم ": مشرك، وهو خطأ، والمثبت من " أبي يعلى ".
(2) إسناده حسن، جعفر بن مهران السباك، قال الذهبي: موثق وله ما ينكر. وقد توبع في هذا الحديث، وذكره المؤلف في " ثقاته " 8/160-161، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين غير محمد بن إسحاق فروى له مسلم متابعة، وهو صدوق وقد صرح بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى البصري السامي. وهو في " مسند أبي يعلى " (1862) و (1863) ، و " سيرة ابن هشام " 4/86.
وأخرجه أحمد 3/376، والبزار (1834) من طريقين عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 6/180 فقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورواه البزار باختصار، وفيه ابن إسحاق وقد صرح بالسماع في رواية أبي يعلى، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. وانظر " السيرة النبوية " لابن كثير 3/618-619.(11/96)
ذِكْرُ تَرَجُّلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَغْلَتِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ عِنْدَ تُوَلِّي الْمُسْلِمِينَ عَنْهُ
4775 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ، فَتَرَجَّلَ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا أَمْكَنَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الْأَعْدَاءِ أَنْ يُقِيمَ بِتِلْكَ الْعَرْصَةِ ثَلَاثًا إِذَا لَمْ يَكُنْ يَخَافُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِيه
4776 - أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرَّكِينَ، بِدِمَشْقَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا غَلَبَ قَوْمًا، أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا» (2) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق، وهو السبيعي.
وأخرجه أبو داود (2658) في الجهاد: باب في الرجل يترجل عند اللقاء، وأبو يعلي (1678) عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد وانظر الحديث (4770) .
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سعيد: هو ابن أبي عروبة.
وأخرجه أبو داود (2695) في الجهاد: باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم، عن محمد بن المثني، بهذا الإسناد. =(11/97)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ إِذَا أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْ دِيَارِ أَعْدَائِهِ أَوْ أَمْوَالِهِمْ أَنْ يُقِيمَ بِتِلْكَ الْعَرْصَةِ ثَلَاثًا
4777 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ خَالِدٍ الْبِرْتِيُّ، بِبَغْدَادَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، (1) عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا غَلَبَ قَوْمًا أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا، أَوْ قَالَ ثَلَاثَ لَيَالٍ» (2) [5: 9]
__________
= وأخرجه أحمد 4/29، والدارمي 2/222، والترمذي (1551) في السير: باب في البيات والغارات، والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " 3/246، وابن الجارود (1067) ، والطبراني (4702) ، والبيهقي 9/62 من طرق عن معاذ بن معاذ به، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه الطبراني (4701) مطولاً، و (4702) من طريقين عن عبد الأعلى، عن سعيد بن أبي عروبة، به. وعبد الأعلى سمع من سعيد قبل الاختلاط.
وأخرجه أحمد 4/29 عن عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي عروبة، به. وعبد الوهاب أيضاً سمع من سعيد قبل الاختلاط. وانظر الحديثين الآتيين.
والعَرْصة: الساحة الواسعة بين الدور ليس فيها بناء، والمراد به:
موضع الحرب. قال ابن الجوزي -فيما نقله الحافظ عنه في " الفتح " 6/181-: إنما كان يقيم ليظهر تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام، وقلة الاحتفال، فكأنه يقول: من كانت فيه قوة منكم فليرجع إلينا.
(1) تحرف في الأصل إلى: شعبة، والتصويب من " التقاسيم " 5/لوحة 164.
(2) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير علي بن المديني فمن رجال البخاري. وهو مكرر ما قبله.(11/98)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِذَا أَمْكَنَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الْأَعْدَاءِ أَنْ يَأْمُرَ بِجِيَفِهِمْ فَتُطْرَحَ فِي قَلِيبٍ ثُمَّ يُخَاطِبُهُمْ بِمَا فِيهِ الِاعْتِبَارُ، لِلْأَحْيَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
4778 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: ذَكَرَ لَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ أَبِي طَلْحَةَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَ يَوْمَ بَدْرٍ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا مِنْ صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، فَقُذِفُوا فِي طَويٍّ مِنْ أَطْوَاءِ بَدْرٍ، وَكَانَ إِذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ، أَحَبَّ أَنْ يُقِيمَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ، أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ، فَشُدَّ عَلَيْهَا فَرَحَلَهَا، ثُمَّ مَشَى وَتَبِعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: مَا نَرَاهُ يَنْطَلِقُ إِلَّا لِبَعْضِ حَاجَتِهِ، حَتَّى قَامَ عَلَى شَفَةَ الرَّكِيِّ، فَجَعَلَ يُنَادِيهِمْ، بِأَسْمَائِهِمْ، وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، يَا فُلَانُ بْنَ فُلَانٍ، أَيَسُرُّكُمْ أَنَّكُمْ أَطَعْتُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّا قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا تَكَلَّمَ مِنْ أَجْسَادٍ، لَا أَرْوَاحَ لَهَا؟، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ» ، قَالَ قَتَادَةُ: أَحْيَاهُمُ اللَّهُ، حَتَّى أَسْمَعَهُمْ تَوْبِيخًا، وَتَصْغِيرًا، وَنِقْمَةً، وَحَسْرَةً، وَتَنَدُّمًا (1) [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن محمد بن عرعرة، فمن رجال مسلم، وروح بن عبادة سمع من سعيد بن =(11/99)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبي عروبة قبل الاختلاط.
وأخرجه أحمد 4/29، والبخاري (3976) في المغازي: باب دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على كفار قريش، و (3065) في الجهاد: باب من غلب العدو وأقام في عرصتهم ثلاثاً، ومسلم (2875) في الجنة وصفة نعيمها، وأبو داود (2695) في الجهاد: باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم، من طريق روح بن عبادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2875) ، والطبراني (4701) من طريقين عن عبد الأعلى، عن سعيد، به. وانظر الحديثين السابقين.
والطوي: هي البئر التي طويت وبنيت بالحجارة لتثبت ولا تنهار، وشَفَة الرَّكِي: طرف البئر.
قلت: وقد أنكرت السيدة عائشة رضي الله عنها سماع الموتى كما في " الصحيحين " عن عروة، عن عائشة أنها قالت: ما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنهم ليسمعون الآن ما أقول " إنما قال: " ليعلمون الآن ما كنت أقول لهم: إنه حق " ثم قرأت قوله تعالى {إنك لا تسمع الموتى} ، {وما أنت بمسمع من في القبور} .
قال الحافظ ابن رجب في " أهوال القبور " ص 76: وقد وافق عائشة على نفي سماع الموتى كلام الأحياء طائفةٌ من العلماء، ورجحه القاضي أبو يعلى من أكابر أصحابنا في كتابه " الجامع الكبير "، واحتجوا بما احتجت به، وأجابوا عن حديث قليب بدر بما أجابت به عائشة رضي الله عنها، وبأنه يجوز أن يكون ذلك معجز مختصة بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيره وهو سماع الموتى لكلامه.
وقال ابن عطيهّ فيما نقله عنه القرطبي 13/232: فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - في أن رد الله إليهم إدراكاً سمعوا به مقاله، ولولا إخبار رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بقي من الكفرة، وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين. وانظر " روح المعاني " 21/55-58.(11/100)
ذِكْرُ جَوَازِ حِصَارِ الْمَرْءِ قُرَى الْمُشْرِكِينَ وَدُورِهِمْ مَعَ إِبَاحَةِ قُفُولِهِمْ عَنْهُمْ بِغَيْرِ فَتْح
4779 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ: إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ أَصْحَابُهُ: نَرْجِعُ، وَلَمْ نَفْتَحْ؟، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ» ، فَغَدَوْا عَلَيْهِ، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا» ، فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) . [5: 10]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وأبو العباس: هو السائب بن فروخ.
وأخرجه مسلم (1778) في الجهاد والسير: باب غزوة الطائف، من طريق زهير بن حرب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي (706) ، وابن أبي شيبة، 14/507، وسعيد بن منصور (2863) ، وأحمد 2/11، والبخاري (4325) في المغازي. باب غزوة الطائف، و (6086) في الأدب. باب التبسم والضحك، و (7480) في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة، ومسلم (1778) ، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 5/418، والبيهقي في " السنن " 9/43، وفي " دلائل النبوة " 5/165 و 167 من طريق سفيان بن عيينة، به. وقد تحرف في المطبوع من البخاري مع " الفتح " 13/448 " عن أبي العباس " إلى " عن ابن عباس "، وسقطت من الحميدي.
واختلفوا في اسم الصحابي، فمنهم من ذكر عبد الله بن عمر، وآخرون =(11/101)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ذكروا عبد الله بن عمرو، وفي رواية أحمد " عبد الله بن عمر، قيل لسفيان: ابن عمرو. قال: لا، ابن عُمر "، ورواية ابن أبي شيبة " عن عبد الله بن عمرو، وقال مرة: عن ابن عمر " ولم يعينه البيهقي والنسائي في إحدى روايتيه.
قال الحافظ في " الفتح " 8/44-45: في رواية الكشميهني " عبد الله بن عمرو " بفتح العين وسكون الميم، وكذا وقع في رواية النسفي والأصيلي، وقرىء على ابن زيد المروزي كذلك فرده بضم العين، وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه وقال: الصواب عبد الله بن عمر بن الخطاب، والأول هو الصواب في رواية علي بن المديني، وكذلك الحميدي وغيرهما من حفاظ أصحاب ابن عيينة، وكذا أخرجه الطبراني من رواية إبراهيم بن يسار، وهو ممن لازم ابن عيينة جدّاً، والذي قال عن ابن عيينة " عبد الله بن عمرو " هم الذين سمعوا منه متأخراً كما نبه عليه الحاكم، وقد بالغ الحميدي في إيضاح ذلك، فقال في " مسنده " في روايته لهذا الحديث عن سفيان: " عبد الله بن عمر بن الخطاب " وأخرجه البيهقي في " الدلائل " من طريق عثمان الدارمي، عن علي بن المديني قال. حدثنا به سفيان غير مرة يقول: لعبد الله بن عمر بن الخطاب " لم يقل: " عبد الله بن عمرو بن العاص ". وأخرجه ابن أبي شيبة عن ابن عيينة، فقال: " عبد الله بن عمرو " كذا رواه عنه مسلم. وأخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عنه، فزاد: قال أبو بكر: سمعت ابن عيينة مرة أخرى يحدث به عن ابن عمر. وقال المفضل العلائي عن يحيى بن معين: أبو العباس عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر في الطائف، الصحيح ابن عمر.
وقال النووي في " شرح مسلم " 12/123: هكذا هو في نسخ " صحيح مسلم ". عن عبد الله بن عمرو، وهو ابن عمرو بن العاص، قال القاضي: كذا هو في رواية الجلودي وأكثر أهل الأصول عن ابن ماهان. قال: وقال لنا القاضي الشهيد أبو علي. صوابه ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، =(11/102)
ذِكْرُ الْعَلَامَةِ، الَّتِي بِهَا يُفَرَّقُ بَيْنَ السَّبْيِ، وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ إِذَا ظَفَرَ بِهِمْ
4780 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: «عُرِضْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ قُرَيْظَةَ، فَشَكَّوْا فِيَّ، فَقِيلَ لِي: هَلْ أَنْبَتَّ، فَفَتَّشُونِي، فَوَجَدُونِي لَمْ أُنْبِتْ، فَخُلِّيَ سَبِيلِي» (1) . [5: 3]
__________
= كذا ذكره البخاري، وكذا صوَّبه الدارقطني، وذكره أبو مسعود الدمشقي في " الأطراف " عن ابن عمر بن الخطاب مضافاً إلى البخاري ومسلم، وذكره الحميدي في " الجمع بين الصحيحين " في مسند ابن عمر.
ومما يزيل الإبهام في هذه الروايات رواية أحمد الصريحة الواضحة المؤكدة أنه ابن عمر.
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيه، فقد روى له أصحاب السنن، وهشيم صرح بالتحديث عند أحمد، ثم هو متابع، وعبد الملك بن عمير صرح بالتحديث عند المؤلف في (4782) ، وغيره.
وأخرجه أحمد 4/383، و 5/311-312، والطبراني 17/ (438) ، من طريق هشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (1284) ، وابن سعد 2/76-77، والطبراني 17/ (429) و (430) ، والنسائي 8/92 في قطع يد السارق: باب حد البلوغ وذكر السن الذي إذا بلغها الرجل والمرأة أقيم عليهما الحد، وابن الجارود (1045) ، والحاكم 2/123، والبيهقي 6/58 من طريق شعبة، والطبراني 17/ (435) ، والحاكم 3/35، والبيهقي 6/58 من طريق حماد بن سلمة، وعبد الرزاق (18742) ، ومن طريقه الطبراني 17/ (431) عن معمر، والطبراني 17/ (434) ، من طريق زهير، و (436) من طريق يزيد بن عطاء =(11/103)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ مَنْ أَنْبَتَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْإِغْضَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ يُنْبِتْ
4781 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: كُنْتُ، فِيمَنْ حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَشَكَّوْا فِيَّ أَمِنَ الذُّرِّيَّةِ، أَنَا أَمْ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْظُرُوا، فَإِنْ كَانَ أَنْبَتَ الشَّعْرَ، فَاقْتُلُوهُ، وَإِلَّا فَلَا تَقْتُلُوهُ» (1) . [1: 78]
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ فِي اسْتِبْقَاءِ مَنْ لَمْ يُنْبِتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إِذَا عَزَمَ الْإِمَامُ عَلَى قَتْلِهِمْ
4782 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ،
__________
= وعلي بن صالح، و (437) من طريق شريك، سبعتهم عن عبد الملك، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وسيأتي من طرق أخرى برقم (4781) و (4782) و (4783) و (4788) .
وأخرجه الحميدي (889) ، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 7/1298 والطبراني 17/ (439) ، والحاكم 2/123، و 4/389، والبيهقي 6 /58 من طريق ابن جريج، وسفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عطية. قال الحاكم في موضع: صار الحديث بمتابعة مجاهد صحيحاً على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال في موضع آخر: هذا حديث غريب صحيح ولم يخرجاه ووافقه الذهبي فيها.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وهو بمعنى ما قبله، وسيأتي برقم (4782) و (4783) و (4788) .(11/104)
سَمِعَ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيَّ، يَقُولُ: «كُنْتُ، فِيمَنْ حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَلَمْ يَجِدُونِي أَنْبَتُّ، فَاسْتُبْقِيتُ فَهَا أَنَا ذَا» (1) . [4: 50]
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي بِهِ فَرَّقَ بَيْنَ السَّبْيِ وَالْمُقَاتِلَةِ
4783 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: «كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدٌ، فَجِيءَ بِي، وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ سَيَقْتُلُنِي، فَكَشَفُوا عَنْ عَانَتِي، فَوَجَدُونِي لَمْ أُنْبِتْ، فَجَعَلُونِي فِي السَّبْيِ» (2) . [3: 8]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. إسحاق بن إبراهيم: هو المعروف بابن راهويه.
وأخرجه الحميدي (888) ، وعبد الرزاق (18743) ، وابن أبي شيبة 12/539-540، وأحمد 4/310 و383 و5/312، وأبو داود (4404) في الحدود: باب في الغلام يصيب الحد، والترمذي (1584) في السير: باب ما جاء في النزول على الحكم والنسائي 6/155 فى الطلاق: باب متى يقع طلاق الصبي، وابن ماجه (2541) و (2542) في الحدود: باب من لا يجب عليه الحد، وابن سعد 2/76-77، والطبراني 17/ (428) و (432) ، والحاكم 4/390، والبيهقي 6/58 و 9/63 من طريق سفيان، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وانظر الحديث رقم (4780) و (4781) و (4783) و (4788) .
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عوانة: هو وضاح اليشكري. وأخرجه النسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 7/298 من طريق قتيبة بن سعيد بهذا الإسناد. =(11/105)
ذِكْرُ عَدَدِ الْقَوْمِ، الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ قُرَيْظَةَ
4784 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَطَعُوا أَكْحَلَهُ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّارِ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَتَرَكَهُ، فَنَزَفَ الدَّمُ فَحَسَمَهُ أُخْرَى، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي، حَتَّى تَقَرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ، فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً، حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ تُقْتَلُ رِجَالُهُمْ، وَتُسْتَحْيَى نِسَاؤُهُمْ، وَذَرَارِيُّهُمْ، فَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ، (1) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَصَبْتَ حُكْمَ اللَّهِ فِيهِمْ، وَكَانُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمْ، انْفَتَقَ عِرْقُهُ، فَمَاتَ» (2) [3: 8]
__________
= وأخرجه أبو داود (4405) ، والطبراني 17/ (433) ، والبيهقي 9/63 من طريقين عن أبي عوانة، به. وانظر الحديث رقم (4780) و (4781) و (4782) و (4788) .
(1) لفظ غير المصنف: يستعين بهن المسلمون.
(2) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد -وهو ابنُ خالد بن يزيد بن موهَب- فروى له أصحاب السنن، وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 3/350، والدارمي 2/238، والترمذي (1582) في السير: باب ما جاء في النزول على الحكم، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 2/341، وابن سعد 3/429، من طرق عن الليث، بهذا الإسناد، ورواية ابن سعد مختصرة، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. =(11/106)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ قَتْلِ نِسَاءِ أَهْلِ الْحَرْبِ فِي الْقَصْد
4785 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَأَى فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، امْرَأَةً مَقْتُولَةً، فَنَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ» (1) . [2: 14]
ذِكْرُ الْبَيَانِ، بِأَنَّ النِّسَاءَ، وَالصِّبْيَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، إِنَّمَا زُجِرَ عَنْ قَتْلِهِمْ، فِي الْقَصْدِ، دُونَ الْبَيَاتِ، وَغَشْمِ الْغَارَةِ (2)
4786 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال:
__________
= وأخرجه مختصراً أحمد 3/312 و 386، ومسلم (2208) في السلام: باب لكل داء دواء من طريق زهير بن معاوية، والطيالسي (1745) ، وأبو داود (3866) في الطب: باب في الكي، وابن سعد 3/429 من طريق حماد بن سلمة، وابن ماجه (3494) في الطب: باب من اكتوي، من طريق سفيان، ثلاثتهم عن أبي الزبير، به. وصححه الحاكم 4/417 على شرط مسلم.
وأخرجه مختصراً أيضاً أحمد 3/303 عن هشيم، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ.
والأكحل: عرق في اليد، فإذا قُطع في اليد لم يرقأ الدم. وحَسَمه، أى: كواه ليقطع دمه، وأصل الحسم القطع.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر الحديث رقم (135) .
(2) غشم الغارة: هي الغارة التي تلحق الأذي بالمذنب والبريء، والغشم: الظلم، والغشوم الذي يخبط الناس ويأخذ كل ما قدر عليه، والأصل فيه من: =(11/107)
حَدَّثَنِي الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئِلَ عَنِ الذَّرَارِيِّ مِنْ دُورِ الْمُشْرِكِينَ يُبَيَّتُونَ، وَفِيهِمُ النِّسَاءُ، وَالصِّبْيَانُ فَقَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ» (1) . [2: 14]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ خَبَرَ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ مَنْسُوخٌ نَسَخَهُ خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ
4787 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ، قَالَ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ أَوْلَادِ الْمُشْرِكِينَ، أَنْ نَقْتُلَهُمْ مَعَهُمْ، قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ، ثُمَّ نَهَى عَنْهُمْ، يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا حِمَى إِلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» ، قَالَ فَصِدْتُ لَهُ حِمَارَ وَحْشٍ بِالْأَبْوَاءِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّ ذَلِكَ، فَعَرَفَ ذَلِكَ فِي
__________
= غشم الحاطب، وهو أن يحتطب ليلاً، فيقطع كل ما قدر عليه بلا نظر ولا فكر، وأنشدوا:
وقلتُ تجهَّزْ فاغْشِمِ الناس سائلاً ... كما يَغْشِمُ الشَّجْراء بالليلِ حاطبُ
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبيد الله بن عبد الله: هو ابن عتبة بن موسى الهذلي. وقد تقدم تخريجه برقم (136) .(11/108)
وَجْهِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ» (1) [2: 14]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ إِذَا قَاتَلُوا، قُوتِلُوا
4788 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَطِيَّةَ الْقُرَظِيِّ، قَالَ: «كُنْتُ فِيمَنْ حَكَمَ فِيهِمْ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَشَكُّوا فِيَّ أَمِنَ الذُّرِّيَّةِ، أَنَا أَمْ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ، فَنَظَرُوا إِلَى عَانَتِي، فَلَمْ يَجِدُوهَا نَبَتَتْ، فَأُلْقِيتُ فِي الذُّرِّيَّةِ، وَلَمْ أُقْتَلْ» (2) . [3: 35]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «لَمَّا جَعَلَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُقْتَلَ، وَبَيْنَ مَنْ يُسْتَبْقَى مِنَ السَّبْيِ الْإِنْبَاتَ، ثُمَّ أَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ أَنْبَتَ صَحَّ، أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ، أَنَّ مَنْ أَنْبَتَ، كَانَ بَالِغًا يَجُوزُ، أَنْ يُقَاتَلَ، وَلَمَّا صَحَّ مَا وَصَفْتُ مِنَ الْعِلَّةِ، كَانَ فِيهَا الدَّلِيلُ، عَلَى أَنَّ الصِّبْيَانَ، وَالنِّسَاءَ مِنْ دُورِ الْحَرْبِ، إِذَا قَاتِلُوا، قُوتِلُوا إِذِ الْعِلَّةُ، الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا رُفِعَ عَنْهُمُ الْقَتْلُ، عُدِمَتْ فِيهِمْ، وَهِيَ مُجَانَبَةُ الْقِتَالِ» .
__________
(1) إسناده حسن، محمد بن عمرو -وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ- صدوق روى له البخاري مقروناً ومسلم تابعة، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. أبو عمار: هو الحسين بن حريث. وهو حديث صحيح، وقد تقدم تخريجه برقم (136) .
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين، غير صحابيه فروى له أصحاب السنن. وقد تقدم تخريجه برقم (4780) و (4781) و (4782) و (4783) .(11/109)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِذَا قَاتَلُوا قُوتِلُوا
4789 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ جَدِّهِ رِيَاحِ (1) بْنِ الرَّبِيعِ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ وَعَلَى مُقَدِّمَةِ النَّاسِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مَقْتُولَةٌ عَلَى الطَّرِيقِ، فَجَعَلُوا يَتَعَجَّبُونَ مِنْ خَلْقِهَا قَدْ أَصَابَتْهَا الْمُقَدِّمَةُ، فَأَتَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:» هَاهْ مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ «، ثُمَّ قَالَ:» أَدْرِكْ خَالِدًا، فَلَا تَقْتُلُوا ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا» (2) . [2: 14]
__________
(1) قال الحافظ في " تهذيب التهذيب " 3/233: جزم ابن حبان، وابن عبد البر، وأبو نعيم أنه بالياء المثناة من تحت، وصحح الباوردي والعسكري والحازمي أنه بالياء المثناة أيضاً، وقال البخاري: قال بعضهم، رباح -يعني بالموحدة- ولم يثبت، وقال الدارقطني: ليس في الصحابة أحد يقال له: رباح إلا هذا على اختلاف فيه، وأما عبد الغني الأزدي، فذكره بالباء الموحدة (رباح) والله أعلم. وقال ابن الأثير في " أسد الغابة " 2/202: رباح، بالباء الموحدة، وقيل: بالياء تحتها نقطتان، والأول أكثر.
قلت: ورباح هذا: هو أخو حنظلة بن الربيع الكاتب الأُسيدي، وهو من أهل المدينة نزل البصرة، وسيرد الحديث عند المؤلف (4791) برواية المرقع عن حنظلة.
(2) إسناده صحيح، رجال ثقات رجال الصحيح غير المرقع وجده رياح، فقد روى لهما أصحاب السنن. سعيد بن عبد الجبار: هو الكرابيسي، وأبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان. وهو في " مسند أبي يعلى " (1546) . =(11/110)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُقْتَلُونَ إِذَا قَاتَلُوا
4790 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:
__________
= وأخرجه سعيد بن منصور (2623) ، وأحمد 3/388 و 4/346، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 3/166، وابن ماجه (2842) في الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، والطحاوي 3/221 و222، والطبراني (4619) و (4620) ، والبيهقي 9/91 من طرق عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/488 و 4/178 و 178-179 و 346، والطبراني (4618) من طريقين عن أبي الزناد، به.
وأخرجه أبو داود (2669) في الجهاد: باب في قتل النساء، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 3/166، والطبراني (4621) و (4622) والبيهقي 9/82 من طريقين عن المرقع بن صيفي، به.
وهاه: وعيد، قال في " اللسان ": هَهْ: كلمة تذكُّرٍ، وتكون بمعنى التحذير أيضاً ولا يصرَّف منه فعل لثقله على اللسان، وقبحه في المنطق، إلا أن يضطر شاعر، قال الليث: هَهْ: تذكرة في حال، وتحذير في حال، فإذا مددتها وقلتَ: هاه، كانت وعيداً.
والذرية: اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى، والمراد بها هنا: النساء، والعسيف: الأجير والشيخ الفاني والعبد.(11/111)
«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ ظَلَمَ مِنَ الْأَرْضِ شِبْرًا، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» (1) [2: 14]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَثْبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الشَّهَادَةَ لِلْمَقْتُولِ، دُونَ مَالِهِ، وَأَبَاحَ قِتَالَ قَاتِلِهِ، وَالْخَبَرُ عَلَى الْعُمُومِ، فَلَمَّا كَانَ قِتَالُ الْمَرْءِ مَعَ الْمُسْلِمِ الْمُحَرَّمِ دَمُهُ، عِنْدَ أَخْذِ مَالِهِ جَائِزًا كَانَ قِتَالُ مِثْلِهِ مَعَ الْمَرْءِ الَّذِي لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ دَمُهُ، وَلَا مَالُهُ صَبِيًّا كَانَ، أَوْ بَالِغًا امْرَأَةً كَانَتْ، أَوْ عَبْدًا أَوْلَى أَنْ يَكُونَ جَائِزًا.
4791 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بَحْرَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْمُرَقَّعِ بْنِ صَيْفِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ، فَمَرَّ بِامْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ وَالنَّاسُ عَلَيْهَا، فَقَالَ: «مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ، أَدْرِكْ خَالِدًا، فَقُلْ لَهُ: لَا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً، وَلَا عَسِيفًا» (2) . [2: 14]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الصحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الجبار بن العلاء، فمن رجال مسلم، وطلحة بن عبد الله بن عوف، فمن رجال البخاري. سفيان: هو ابن عيينة، وقد تقدم تخريجه برقم (3194) و (3195) .
(2) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المرقع بن صيفي وحنظلة الكاتب فروى لهما أصحاب السنن. عبد الرحمن: هو ابن مهدي، وسفيان: هو الثوري. =(11/112)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ الْمُرَقَّعُ بْنُ صَيْفِيٍّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ وَسَمِعَهُ مِنْ جَدِّهِ، وَجَدُّهُ رِيَاحُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَهُمَا مَحْفُوظَانِ»
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ، لِلصِّبْيَانِ تَلَقِّي الْغَزَاةِ عِنْدَ قُفُولِهِمْ مِنْ غَزَاتِهِمْ
4792 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: «أَذْكُرُ أَنِّي خَرَجْتُ مَعَ الصِّبْيَانِ، نَتَلَقَّى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَقْدَمَهُ مِنْ تَبُوكَ، إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ» (1) . [4: 50]
__________
= وأخرجه النسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 3/86 من طريقين عن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (9382) ، وابن أبي شيبة 12/382، وأحمد 4/178، وابن ماجه (2842) في الجهاد: باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3/222، والطبراني (3489) من طريق سفيان، به.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. سفيان: هو ابن عيينة.
وأخرجه أحمد 3/449، والبخاري (3083) في الجهاد: باب استقبال الغزاة، و (4426) و (4427) في المغازي: باب كِتَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كسرى وقيصر، والترمذي (1718) في الجهاد: باب ما جاء في تلقي الغائب إذا قدم، وأبو داود (2779) في الجهاد: باب في التلقي، والطبراني (6653) ، والبيهقي 9/175، والبغوي (2760) من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وقوله " مقدمه من تبوك ": أنكر الداوودي هذا وتبعه ابن القيم، وقال: =(11/113)
غَزْوَةُ بَدْرٍ
4793 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، قَالَ أَخْبَرَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ رَبَّهُ: «اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِنِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ، مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدُ فِي الْأَرْضِ» ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَاذَا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، وَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبِهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ، فَاسْتَجَابَ لَكُمْ، أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] ، فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَة.
__________
= ثنية الوداع من جهة مكة لا من جهة تبوك، بل هي مقابلها كالمشرق والمغرب، قال: إلا أن يكون هناك ثنية أخرى في تلك الجهة، والثنية: ما ارتفع في الأرض، وقيل: الطريق في الجبل. قال الحافظ: قلت: لا يمنع كونها من جهة الحجاز أن يكون خروج المسافر إلى الشام من جهتها، وهذا واضح كما في دخول مكة من ثنية والخروج منها من أخرى، وينتهي كلاهما إلى طريق واحدة.(11/114)
قَالَ أَبُو زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، يَوْمَئِذٍ يَشُدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ، إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ، فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ فَوْقَهُ، يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ، إِذْ نَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ خَرَّ، مُسْتَلْقِيًا، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَإِذْا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ وَشُقَّ وَجْهُهُ كَضَرْبَةِ سَوْطٍ، فَاخْضَرَّ ذَاكَ أَجْمَعُ، فَجَاءَ الْأَنْصَارِيُّ، فَحَدَّثَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ» ، فَقَتَلُوا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ، وَأَسَرُوا سَبْعِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا أَسَرُوا الْأُسَارَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعَلِيٍّ، وَعُمَرَ: «مَا تَرَوْنَ فِي هَؤُلَاءِ الْأُسَارَى؟» ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هُمْ بَنُو الْعَمِّ، وَالْعَشِيرَةِ أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً، تَكُونُ لَنَا قُوَّةً عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُمُ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا تَرَى يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟» ، قُلْتُ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنَا، فَنَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، فَتُمَكِّنَ عَلِيًّا، مِنْ عَقِيلٍ، فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَنِي مِنْ فُلَانٍ، فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ نَسِيبٍ كَانَ لِعُمَرَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءَ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ، وَصَنَادِيدُهَا، فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جِئْتُ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، قَاعِدَانِ يَبْكِيَانِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي مِنْ أَيِّ شَيْءٍ تَبْكِي أَنْتَ، وَصَاحِبُكَ، فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ(11/115)
الْفِدَاءَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67-69] ، فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ» (1) . [5: 9]
__________
(1) إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار وهو صدوق وأبي زميل -وهو سماك بن الوليد الحنفي- فمن رجال مسلم، وهو ثقة. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب.
وأخرجه البيهقي في " السنن " 6/321، وفي " الدلائل " 3/51-52 من طريق أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (1763) في الجهاد: باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم، ومن طريقه البغوي مختصراً في " التفسير " 2/235 عن أبي خيثمة زهير بن حرب، به.
وأخرجه الترمذي (3081) في التفسير: باب ومن تفسير سورة الأنفال، والطبري في " جامع البيان " (16294) من طريق محمد بن بشار، وأبو نعيم في " الدلائل " (408) من طريق محمد بن المثنى، كلاهما عن عمر بن يونس، به قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه من حديث عمر إلا من حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل.
وأخرجه احمد 1/30، وابن أبي شيبة 14/365-368، وأبو داود (2690) في الجهاد: باب في فداء الأسير بالمال، من طريق أبي نوح قراد، ومسلم (1763) ، والطبري (15734) من طريق ابن المبارك، كلاهما، عن عكرمة بن عمار، به. ورواية أبي داود والطبري مختصرة.
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4/28-29، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي عوانة، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
وقوله " أَقدِمْ حيزوم ": ضبط " أقدم " بهمزة قطع مفتوحة وبكسر الدال من الإقدام، قالوا: وهي كلمة زجر للفرس معلومة في كلامهم، وضبط بضم =(11/116)
ذِكْرُ مُبَادَرَةِ الْأَنْصَارِ، فِي الْإِعْطَاءِ لِمُفَادَاةِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
4794 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَمِّهِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: ائْذَنْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا الْعَبَّاسِ فِدَاءَهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ دِرْهَمًا» (1) . [5: 9]
__________
= الدال وبهمزة وصل مضمومة من التقدم، وحيزوم: اسم فرس الملك، وهو منادى لحذف حرف النداء، أي: يا حيزوم.
والخطم: الأثر على الأنف، وقوله: {حتى يُثْخِنَ في الأرض} أي: يكثر القتل والقهر في العدو.
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة، فمن رجال البخاري، وإسماعيل بن أبي أويس قد تُوبع.
وهو في " صحيح البخاري " (2537) في العتق: باب إذا أسر أخو الرجل أو عمه هل يُفادى إذا كان مشركاً؟ و (3048) في الجهاد: باب فداء المشركين، عن إسماعيل بن أبي أويس، بهذا الإسناد، ومن هذه الطريق أخرجه البيهقي 6/205 و 322.
وأخرجه البخاري (4018) في المغازي: باب شهود الملائكة بدراً، والحاكم 3/323 من طريق إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة، به.(11/117)
ذِكْرُ تَخْيِيرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ بَيْنَ الْفِدَاءِ وَالْقَتْل
4795 - أَخْبَرَنَا حَاجِبُ بْنُ أَرَّكِينَ الْحَافِظُ، بِدِمَشْقَ قَالَ: حَدَّثَنَا رِزْقُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هَبَطَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ: «خَيِّرْهُمْ، يَعْنِي أَصْحَابَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي الْأُسَارَى إِنْ شَاءُوا الْقَتْلَ، وَإِنْ شَاءُوا الْفِدَاءَ، عَلَى أَنْ يُقْتَلَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ مِنْهُمْ عِدَّتُهُمْ» ، قَالُوا: «الْفِدَاءُ، وَيُقْتَلُ مِنَّا عِدَّتُهُمْ» (1) . [5: 9]
__________
(1) إسناده قوي، لكن في متنه غرابة شديدة، رجاله ثقات رجال الصحيح غير رزق بن موسي، فروى له النسائي وابن ماجه، وفيه كلام ينزله عن رتبة الصحة، وقد توبع. أبو داود الحفري: هو عمر بن سعد، وعبيدة: هو ابن عمرو السلماني.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/368-369، والترمذي (1567) في السير: باب ما جاء في قتل الأسارى والفداء، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 7/431 من طرق عن أبى داود الحفري، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال ابن كثير في " تفسيره " 4/33 بعد أن نسبه للترمذي والنسائي وابن حبان: وهذا حديث غريب.
وأخرجه الحاكم 2/140، والبيهقي في " السنن " 6/321، وفي " الدلائل " 3/139-140 من طريق ابن عون عن محمد بن سيرين، به.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. =(11/118)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن سعد 2/22 من طريق هشام بن حسان، وابن أبي شيبة 14/368، والطبري (16303) من طريق أشعث، و (16305) من طريق ابن عون، وعبد الرزاق (9402) من طريق أيوب، أربعتهم عن ابن سرين، عن عبيدة مرسلاً.
قال التوربشتي -فيما نقله عنه العلامة علي القاري فى " شرح المشكاة " 4/251-: هذا الحديث مشكل جداً لمخالفته ما يدل على ظاهرِ التنزيل، ولما صحَّ من الأحاديث في أمر أسارى بدر أن أخذ الفداء كان رأياً رأوه، فعُوتبوا عليه، ولو كان هناك تخيير بوحي سماوي، لم تتوجه المعاتبةُ عليه، وقد قال الله تعالى: {ما كانَ لنبيٍّ أن يكون له أَسْرى} إلى قوله: {لَمسَّكم فيما أخذتُم عذابٌ عظيم} وأظهر لهم شأنَ العاقبة بقتل سبعينَ منهم بعد غزوةِ أحد عند نزول قولِه تعالى: {أَوَلمَّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها} وممن نُقل عنه هذا التأويل من الصحابة عليٌّ رضي الله عنه، فلعلَّ عليّاً ذكر هبوطَ جبريل في شأن نزولُ هذه الآية وبيانها، فاشتبه الأمرُ فيه على بعض الرواة، ومما جرَّأنا على هذا التقدير سوى ما ذكرناه: هو أن الحديثَ تفرد به يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن سفيان من بين أصحابه، فلم يروه غيره، والسمع قد يُخطىء، والنسيان كثيراً ما يطرأ على الإنسان، ثم إن الحديث روي عنه متصلاً وروي عن غيره مرسلاً، فكان ذلك مما يمنع القول لظاهره.
قال الطيبي: أقول -وبالله التوفيق-: لا منافاة بين الحديث والآية، وذلك أن التخيير في الحديث وارد على سبيل الاختبار والامتحان، ولله أن يمتحن عباده بما شاء، امتحن الله تعالى أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله تعالي: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ ... } الآيتين وامتحن الناس بتعليم السحر في قوله تعالى: {وما يُعلِّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة} ، وامتحن الناس بالمَكلين، وجعل المحنة في الكفر والإيمان بأن يقل العامل تعلّم السحر فيكفر، ويؤمن بترك تعلمه، ولعل الله تعالى امتحن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه بين أمرين: القتل =(11/119)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ عِدَّةَ أَهْلِ بَدْرٍ كَانَتْ عِدَّةَ أَصْحَابِ طَالُوتَ سَوَاءً
4796 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: «كُنَّا نَتَحَدَّثُ أَنَّ أَصْحَابَ بَدْرٍ كَانُوا ثَلَاثَ مِائَةٍ،
__________
= والفداء، وأنزل جبريل عليه السلام بذلك: هل هم يختارون ما فيه رضا الله تعالى من قتل أعدائه، أم يؤثرون العاجلةَ مِن قبول الفداء، فلما اختاروا الثاني عوقبوا بقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حتى يُثْخِنَ في الأرض} .
قلت بعون الله (القائل علي القاري) : إن هذا الجوابَ غيرُ مقبول، لأنه معلول ومدخول، فإنه إذا صح التخييرُ، لم يجز العتابُ والتعبير، فضلاً عن العذاب والتعزير، وأما ما ذكره من تخيير أمهات المؤمنين، فليس فيما أنهن لو اخترن الدنيا، لعُذِّبْنَ في العقبى، ولا في الأولى، وغايتُه أنهن يُحرمن من مصاحبة المصطفى، لِفساد اختيارهن الأدنى بالأعلى، وأما قضيةُ الملكين، وقضية تعليم السحر، فنعم امتحان من الله وابتلاء، لكن ليس فيه تخييرٌ لأحد، ولهذا قال المفسرون في قوله تعالى: {من شاء فيؤمن ومن شاء فليكفر} : إنه أمر تهديد لا تخيير، وأما قولُه " أم يؤثرون الأعراض العاجلة من قبول الفدية، فلما اختاروه عوقبوا بقوله {ما كان لنبي} الآيه " فلا يخفى ما فيه من الجرأة العظيمة، والجناية الجسيمة، فإنهم ما اختاروا الفدية إلا للتقوية على الكفار، وللشفقة على الرحم، ولرجاء أنّهم يؤمنون، أو في أصلابهم مَن يؤمن، ولا شك أن هذا وقع منهم اجتهاداً وافق رأيه - صلى الله عليه وسلم -، غايتُه أن اجتهادَ عمر وقع أصوبَ عنده تعالى، فيكون مِن موافقات عمر رضي الله عنه ...(11/120)
وَبِضْعَةَ عَشَرَ عَلَى عِدَّةِ أَصْحَابِ طَالُوتَ الَّذِينَ جَازُوا مَعَهُ النَّهْرَ، وَمَا جَازَ مَعَهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ» (1) . [5: 9]
ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4797 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ كَتَبَ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ يَذْكُرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ غَزْوَهُمْ، فَدَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا الْكِتَابُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا، فَأَخَذَ كِتَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا، فَقَالَ: «يَا حَاطِبُ أَفَعَلْتَ؟» ، قَالَ: نَعَمْ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْهُ غِشًّا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا نِفَاقًا، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ سَيُظْهِرُ رَسُولَهُ، وَيُتِمُّ أَمْرَهُ غَيْرَ أَنِّي كُنْتُ غَرِيبًا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ، فَكَانَتْ أَهْلِي مَعَهُمْ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَّخِذَهَا عِنْدَهُمْ يَدًا، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَلَا أَضْرِبُ رَأْسَ
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري (3959) في المغازي: باب عدة أصحاب بدر، عن محمد بن كثير العبدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/383، وابن سعد 2/19، والبخاري (3959) ، وابن ماجه (2828) في الجهاد: باب السرايا، من طرق عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/382 و383، والبخاري (3957) و (3958) ، والترمذي (1598) في السير: باب ما جاء في عدة أصحاب بدر، وابن سعد 2/19 و 20 من طرق عن أبي إسحاق السبيعي، به.(11/121)
هَذَا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَقْتُلُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ» ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ " (1) . [3: 9]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد -وهو ابنُ خالد بن يزيد بن موهب- فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه أحمد 3/350، وأبو يعلى (2265) من طرق عن الليث، بهذا الإسناد. وذكره الهيثمي في " المجمع " 9/303 وقال: رواه أبو يعلى وأحمد، ورجال أحمد رجال الصحيح.
وفي الباب عن علي عند مسلم (2494) ، والبخاري (3007) و (3081) و (3983) و (4274) و (4890) و (6259) و (6939) ، وأبي داود (2650) و (2651) ، والترمذي (3302) ، والحميدي (49) ، وأحمد 1/79، والطبري 28/58، وأبى يعلى (394) و (395) و (396) و (397) و (398) .
وعن عمر عند الحاكم 4/77 والبزار (2695) .
وعن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه حاطب عند الطبراني في " الكبير " (3066) ، والحاكم 3/301-302.
وقوله "اعملوا ما شئتم "، زاد البخاري وغيره من حديث علي " فقد غفرت لكم ": قال القرطبي المحدّث، فيما نقله عنه الحافظ في " الفتح " 8/503-504: وقد ظهر لي أن هذا الخطاب خطابُ إكرام وتشريف تضمن أن هؤلاء حصلت لهم حالةٌ غفرت بها ذنوبُهم السالفة، وتأهَّلوا أن يُغفر لهم ما يُستأنف من الذنوب اللاحقة، ولا يلزمُ من وجود الصلاحية للشيء وقوعُه، وقد أظهر الله صدقَ رسولِه في كل من أخبر عنه بشيء من ذلك، فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة إلى أن فارقوا الدنيا، ولو قد صدر شيءٌ من أحدهم، لبادر إلى التوبة، ولازم الطريقَ المثلى، ويعلم ذلك من أحوالهم بالقطع من اطلع على سيرهم.
قال الحافظ: ويحتمل أن يكونَ المرادُ بقوله " فقد غفرت لكم " أي: =(11/122)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ ذُنُوبَ أَهْلِ بَدْرٍ الَّتِي عَمِلُوهَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ غَفَرَهَا اللَّهُ لَهُمْ بِفَضْلِهِ وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ مِنْهُمْ
4798 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ عَمِيَ، فَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ تَعَالَ فَاخْطُطْ فِي دَارِي مَسْجِدًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ قَوْمُهُ، وَبَقِيَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْنَ فُلَانٌ؟» ، فَغَمَزَهُ بَعْضُ الْقَوْمِ إِنَّهُ، وَإِنَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟» ، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنَّهُ كَذَا، وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ:» اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ، فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» (1) . [3: 9]
__________
= ذنوبكم تقع مغفورة، لا أن المراد أنه لا يصدر منهم ذنب، وقد شهد مسطحٌ بدراً، ووقع في حقِّ عائشة ... فكان الله لكرامتهم عليه بشرَّهم على لسان نبيه أنهم مغفور لهم ولو وقع مهم ما وقع.
(1) إسنادهُ حسن، عاصم -وهو ابن أبي النجود- روى له الشيخان مقروناً، وهو صدوق، وباقي رجاله على شرط الصحيح. أبو نصر التمار: هو عبد الملك بن عبد العزيز القشيري.
وأخرج القسم الأول من الحديث ابن ماجه (755) في المساجد: باب المساجد في الدور، من طريق أبى عامر، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرج القسم الثاني منه: ابن أبي شيبة 12/155 و 14/385، =(11/123)
ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا عَمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ
4799 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ عَبْدًا لِحَاطِبٍ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَشْكُو حَاطِبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَيَدْخُلُ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَذَبْتَ إِنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا، إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ» (1) . [3: 9]
__________
= وأبو داود (4654) في السنة: باب في الخلفاء، والحاكم 4/77-78 من طريق يزيد بن هارون، وأبو داود (4654) عن موسى بن إسماعيل، كلاهما عن حماد بن سلمة، به. وصححه الحاكم، ولفظ رواية يزيد بن هارون: " إن الله تبارك وتعال اطلّع إلى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غفرت لكم ".
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم، وقد روى له البخاري مقروناً.
وأخرجه مسلم (2195) في فضائل الصحابة: باب من فضائل أهل بدر، والنسائي في " فضائل الصحابة " (191) ، وفي التفسير كما في " التحفة " 2/339، والترمذي (3864) ، في المناقب: باب رقم (59) ، عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/349، وابن أبي شيبة 12/155، ومسلم (2195) ، والطبراني في " الكبير " (3064) ، والحاكم 3/301 من طرق عن الليث، به.
وأخرجه احمد 3/325 عن حجاج، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، به.
والحديبية، بتخفيف الباء: اسم بئر سمي المكان بها، وهي قرية قريبة من مكة أكثرها في الحرم، وهى على تسعة أميال من مكة.(11/124)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ نَفْيَ دُخُولِ النَّارِ عَمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ إِنَّمَا هُوَ سِوَى الْوُرُودِ
4800 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ أُمِّ مُبَشِّرٍ امْرَأَةِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ رَجُلٌ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْحُدَيْبِيَةَ» ، فَقَالَتْ حَفْصَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ قَدْ قَالَ اللَّهُ {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] ؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَهْ {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} » (1) . [3: 9]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي سفيان -وهو طلحة بن نافع الواسطي- وأم مبشر، فروى لهما مسلم. ابن إدريس: هو عبد الله.
وأخرجه أحمد 6/362، والطبري في " جامع البيان " 16/112، والطبراني 25/ (266) من طريق ابن إدريس، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبري 16/112 من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به.
وأخرجه أحمد 6/420، ومسلم (2496) في فضائل الصحابة: باب فضائل أصحاب الشجرة، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 13/104، والطبراني 25/ (269) من طريق حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابر، عن أم مبشر، ولفظه " لا يدخل النار -إن شاء الله- أحد من أصحاب الشجرة الذين بايعوا تحتها ... ".
وأخرجه أحمد 6/285، وابن ماجه (4281) في الزهد: باب ذكر البعث، والطبري 16/112، والطبراني 23/ (358) و (363) ، والبغوي في =(11/125)
ذِكْرُ وَصْفِ الْحُدَيْبِيَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبْلُ
4801 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: تَعُدُّونَ أَنْتُمْ الْفَتْحَ، فَتْحَ مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ فَتْحًا، وَنَحْنُ نَعُدُّ الْفَتْحَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ، فَنَزَحْنَاهَا، فَلَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَاهَا، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِهَا، ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ، فَتَوَضَّأَ، وَتَمَضْمَضَ، وَدَعَا، ثُمَّ صَبَّهُ فِيهَا، فَتَرَكْنَاهَا غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَصْدَرَتْنَا مَا شِئْنَا نَحْنُ وَرِكَابَنَا (1) . [3: 9]
__________
= " تفسيره " 3/207 من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عن أم مبشر، عن حفصة.
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عثمان العجلي فمن رجال البخاري.
وأخرجه البخاري (4150) في المغازي: باب غزوة الحديبية، ومن طريقه البغوي (3801) عن عبيد الله بن موسي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/290، والبخاري (3577) في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، وأبو نعيم في " الدلائل " (318) ، والبيهقي 9/223 من طرق عن إسرائيل، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 14/435، والبخاري (4151) ، وأبو يعلى (1655) ، ومختصراً ابن أبي شيبة أيضًا 14/451، وابن سعد 2/98 من طرق عن أبي إسحاق، به، ولفظ الجميع " أربع عشرة مئة " بلا واو، كما صوبه المؤلف فيما بعد.(11/126)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَكَذَا حَدَّثَنَا الشَّيْخُ، فَقَالَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِائَةً، وَإِنَّمَا هُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، بِلَا وَاوٍ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْحُدَيْبِيَةِ كَانُوا أَلْفًا، وَأَرْبَعَ مِائَةٍ» .
ذِكْرُ الْبَيَانِ، بِأَنَّ شُهُودَ الْحُدَيْبِيَةِ إِنَّمَا كَانَ الْبَيْعَةَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ
4802 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» (1) . [3: 9]
ذِكْرُ الْعَدَدِ الَّذِي كَانَ مَعَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الشَّجَرَةِ مِنْ أَصْحَابِهِ
4803 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَال:
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح غير يزيد -وهو ابنُ خالد بن يزيد بن موهب- فروى له أصحاب السنن، وهو ثقة.
وأخرجه أبو داود (4653) في السنة: باب في الخلفاء، عن يزيد بن موهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/350، وأبو داود (4653) ، والترمذي (3860) في المناقب: باب في فضل من بايع تحت الشجرة، من طرق عن الليث، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(11/127)
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: «كُنَّا يَوْمَ الشَّجَرَةِ أَلْفًا وَثَلَاثَ مِائَةٍ وَكَانَتْ أَسْلَمُ يَوْمَئِذٍ ثُمْنَ الْمُهَاجِرِينَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ» (1) . [3: 9]
***
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. بندار: هو محمد بن بشار.
وأخرجه البخاري (4155) تعليقاً عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن شعبة، بهذا الإسناد، ووصله مسلم (1857) في الإمارة: باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه، به.
وعلقه البخاري (4155) عن محمد بن بشار، عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، وهو فى " مسند الطيالسي " (820) ، ومن طريقه أخرجه مسلم (1857) ، وابن سعد 2/98.
وأخرجه مسلم (1857) من طريق النضر بن شميل، عن شعبة، به.(11/128)
14- بَابُ الْغَنَائِمِ وَقِسْمَتِهَا
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ فُتُوحِ الدُّنْيَا عَلَيْهِمْ
4804 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالرِّيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ جَبَّرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ آدَمَ فِيهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا، فَقَالَ: «إِنَّكُمْ مَفْتُوحُونَ، (1) وَمَنْصُورُونَ، وَمُصِيبُونَ، فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ الزَّمَانَ مِنْكُمْ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ، وَلْيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيَنْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» (2) . [3: 69]
__________
(1) في الترمذي وغيره: مفتوح لكم.
(2) مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ الأصبهاني لم يرو عن غير أبيه شيئاً، ولا يعرف بجرح ولا تعديل، مترجم في " الجرح والتعديل " 8/53، وأبوه عصام ترجمه المؤلف في " ثقاته " 8/520 فقال عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَجْلَانَ مَوْلَى مُرَّةَ الطيب من أهل الكوفة، سكن أصبهان، ولقب عصام جَبَّر، يروي عن الثوري ومالك بن مغول، روى عنه ابنه محمد بن عصام، يتفرد ويخالف، =(11/129)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وكان صدوقاً، حديثه عند الأصبهانين، وذكره ابن أبي حاتم 7/26، وأبو نعيم في " تاريخ أصبهان " 2/138 فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وقد توبعا وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود اختلف في سماعه من أبيه، وهو ثقة، وسماك حسن الحديث سفيان: هو الثوري.
وأخرجه أحمد 1/401، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة "
7/75 من طريقين عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (337) ، والترمذي (2257) في الفتن: باب 70، وأحمد 1/436، والقضاعي في " مسند الشهاب " (561) ، والبيهقي 10/94 من طريق شعبه، وأحمد 1/389 و 436، والبيهقي 3/180 من طريق عبد الرحمن المسعوي، كلاهما عن سماك، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرج الطرف الأخير منه " من كذب ... " ابن أبي شيبة 8/859، وابن ماجه (30) في المقدمة: باب التغليظ في تعمد الكذب، من طريق شريك، عن سماك، به.
وأخرجه أيضاً مختصراً: أحمد 1/402، والترمذي (2659) في العلم: باب ما جاء في تعظيم الكذب على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والطحاوي في " شرح مشكل الآثار " (391) ، والقضاعي (547) من طريق عاصم بن بهدلة، عن زر، عن ابن مسعود.
وأخرجه مختصراً كذلك: الطحاوي (418) ، والطبراني في " الكبير " (10074) ، والقضاعي (560) من طريق عمرو بن شرحبيل، والطبراني (10315) ، من طريق مسروق كلاهما عن عبد الله بن مسعود.(11/130)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}
4805 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، بِمَنْبِجَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى قَتَادَةَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ، فَاسْتَدْبَرْتُ، حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً، فَقَطَعْتُ مِنْهُ الدِّرْعَ، قَالَ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ، فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ لَهُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟، فَقَالَ أَمْرُ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ رَجَعُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ، عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ مَنْ يَشْهَدُ لِي؟، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ، عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ؟» ، فَاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَاهَا اللَّهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَيَّ أَسَدٌ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ رَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ(11/131)
سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ» ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ مِنْهُ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ (1) . [1: 21]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في الموطأ " 2/454-455 في الجهاد: باب ما جاء في السلب في النفل.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري (2100) في البيوع: باب بيع السلاح في الفتنة وغيرها -مختصراً-، و (3142) في فرض الخمس: باب من لم يخمس الأسلاب، و (4321) في المغازي: باب قول الله تعالى: {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً} ، ومسلم (1751) في الجهاد: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، وأبو داود (2717) في الجهاد: باب في السلب يعطى القاتل، والترمذي (1562) مختصراً في السير: باب ما جاء فيمن قتل قتيلاً فله سلبه، وابن الجارود (1076) ، والبيهقي 6/306، والبغوي (2724) .
وأخرجه البخاري (4322) تعليقاً عن الليث، ووصله (7170) في الأحكام: باب الشهادة تكون عند الحاكم، ومسلم (1751) عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، عن يحيى بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (1751) ، وأحمد مختصراً 5/295، وسعيد بن منصور (2696) من طريق هشيم وعبد الرزاق (9476) ، وابن ماجه (2837) في الجهاد: باب المبارزة والسلب، من طريق سفيان بن عيينة مختصراً، وأحمد 5/306 من طريق ابن إسحاق، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، به. وقد سقط من السند عند أحمد 5/306 " عمر بن كثير بن أفلح ".
وأخرجه أحمد 5/306 من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبى بكر عن أبي قتادة. وانظر الحديث رقم (4837) و (4836) من حديث أنس.
وقوله " حبل عاتقه ": حبل العاتق: عرق أو عصب عند موضع الرداء من =......(11/132)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= المنكب، أو ما بين العنق والمنكب، والسلب: ما يوجد مع المحارب من ملبوس وغيره.
وقوله " لاها الله إذاً " قال الخطابي: والصواب " لاها الله ذا " بغير ألف في الذال، ومعناه في كلامهم: لا والله، يجعلون الهاء مكان الواو، ومعناه: لا والله يكون ذا. قلت: نقل الحافظ في " الفتح " 7/633-636 عن القرطبي والطيبي وغيرهما تصويب الرواية وتوجيهها، فراجعه.
وقوله " لا يعمد ": أي: لا يقصد، والمخرف: البستان، سمي بذلك، لأنه يخترف منه الثمر، أي: يجتنى، وتأثلته: اقتنيته وتأصلته، وأثلة كل شيء نقصد.
قال البغوي: وفي الحديث دليل على أن كل مسلم قتل مشركاً في القتال يستحق سلبه من بين سائر الغانمين، وأن السلب لا يُخمس قَلَّ ذلك أم كثر، وسواء نادي الإمام بذلك أو لم يُناد وسواء كان القاتل بَارَزَ المقتولَ أو لم يُبارزه، وهذا قول جماعة من أهل العلم من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن بعدهم أن جميعَ سلب المقتول لقاتله، وإن لم يكن الإمامُ نادى به، ولا يُخمس عند كثير منهم، وإليه ذهب الأوزاعيُّ، والشافعي، وأبو ثور غير أن الشافعيَّ يشرط أن يكونَ الكافر المقتول مقبلاً على القتال، فأما بعد ما ولى ظهرَهُ منهزماً إذا قتله، أو أجهز على جريح عجز عن القتال، فلا يستحق سلَبه إلا أن يكون القاتلُ هو الذي هزمه أو أثخنه.
وقال بعضهم. يُخمس السلبُ، فخمسه لأهل الخمس، والباقي للقاتل، روي ذلك عن عمر، وهو قول آخر للشافعي ... وقال ابن إسحاق: السلب للقاتل إلا أن يكون كثيراً فرأى الإمام أن يخرج منه الخمسُ، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فله ذلك.
وذهب قوم إلى أنه إذا نادي الإمامُ: أن من قتل قتيلاً، فله سلبه، فيكون له على وجه التنفيل، فأما إذا لم يكن سبق لنداء، فلا يستحق، وهو قولُ مالك والثوري وأصحاب الرأي، وقال أحمد: إنما يستحق السلب من قتل قرنه في المبارزة دون من لم يُبارز.(11/133)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «هَذَا الْخَبَرُ دَالٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ جَلَّ وَعَلَا،: {فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: 41] أَرَادَ بِذَلِكَ بَعْضَ الْخُمُسِ، إِذِ السَّلَبُ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَلَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْخُمُسِ، بِحُكْمِ الْمُبَيِّنِ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، مُرَادُهُ مِنْ كِتَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا آيَةَ الْأَنْفَالِ
4806 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ سُودِ الرُّءُوسِ قَبْلَكُمْ، كَانَتْ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ نَارٌ فَتَأْكُلُهَا، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ وَقَعَ النَّاسُ فِي الْغَنَائِمِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ، فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: 68] » (1) . [3: 64]
__________
(1) إسناده على شرط الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميد.
وأخرجه الترمذي (3085) في التفسير: باب ومن سورة الأنفال، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 9/383، والطبري في " تفسيره " (16301) ، والبيهقي 6/290-291 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش.
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4/108 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وانظر الحديثين الآتيين.(11/134)
ذِكْرُ تَحْلِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْغَنَائِمَ لِأُمَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4807 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ غَزَا بِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ بَنَى دَارًا لَمْ يَسْكُنْهَا، أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الرُّجُوعِ، قَالَ: فَلَقِيَ الْعَدُوَّ عَنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا مَأْمُورَةٌ، وَإِنِّي مَأْمُورٌ، فَاحْبِسْهَا عَلَيَّ، حَتَّى تَقْضِيَ بَيْنِي، وَبَيْنَهُمْ فَحَبَسَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ فَجَمَعُوا الْغَنَائِمَ، فَلَمْ تَأْكُلْهَا النَّارُ، وَكَانُوا إِذَا غَنِمُوا غَنِيمَةً بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهَا النَّارَ، فَأَكَلَتْهَا، فَقَالَ لَهُمْ نَبِيِّهُمْ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيَأْتِنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلْيُبَايِعْنِي، فَأَتَوْهُ فَبَايَعُوهُ فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ مِنْهُمْ بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّكُمَا غَلَلْتُمَا، فَقَالَا: أَجَلْ صُورَةُ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَاءَا بِهَا، فَأَلْقَيَاهَا فِي الْغَنَائِمِ، فَبَعَثَ اللَّهُ النَّارَ فَأَكَلَتْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ: «إِنَّ اللَّهَ أَطْعَمَنَا الْغَنَائِمَ رَحْمَةً رَحِمَنَا بِهَا، وَتَخْفِيفًا خَفَّفَهُ عَنَّا لِمَا عَلِمَ مِنْ ضَعْفَنَا» (1)
__________
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الرحمن بن إبراهيم -وهو الملقب بدُحَيم- فمن رجال البخاري.
وأخرجه النسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 10/5 عن أبي قدامة السرخسي، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرج الحاكم 2/139 من طريق مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ =......(11/135)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «سَمِعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ مِنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ بِمَكَّةَ» [3: 5]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغَنَائِمَ لَمْ تَحِلَّ لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ خَلَا هَذِهِ الْأُمَّةِ
4808 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ،
__________
= عُمَرَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إن نبياً مِن الأنبياء قاتل أهلَ مدينة، حتى إذا كاد أن يفتتحها خشي أن تغرب الشمس، فقال لها: أيتها الشمس، إنك مأمورة وأنا مأمور بحُرمَتي عليك إلاّ رَكدتِ ساعةً من النهار، قال: فحبسها الله حتى افتتحها، وكانوا إذا أصابوا الغنائم قرَّبوها في القربان، فجات النار، فأكلتها، فلما أصابوا، وضعوا القربان، فلم تجىء النار تأكلُه، فقالوا: يا نبي الله، ما لنا لا تُقبل قرباننا؟ قال: فيكم غلول، قالوا: وكيف لنا أن نعلم مَنْ عنده الغلول؟ قال: وهم اثنا عشر سِبطاً، قال: يبايعني رأس كل سبط منكم، فبايعه رأس كل سبط، قال: فلزقت كفُّ النبي بكف رجل منهم، فقال له: عندك الغلول، فقال: كيف لي أن أعلم عند أي سبط هو، قال: تدعو سبطك، فتبايعهم رجلاً رجلاً، قال:
ففعل، فلزقت كفه بكف رجل منهم، قال: عندك الغلول، قال: نعم عندي الغلول، قال: وما هو؟ قال: رأس ثور من ذهب أعجبني فغللته، فجاء به، فوضعه في الغنائم، فجاءت النار فأكلته. فقال كعب: صدق الله ورسوله، هكذا والله في كتاب الله، يعني في التوراة ثم قال: يا أبا هريرة، أحدَّثكم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أيَّ نبي كان؟ قال: لا، قال كعب: هو يُوشَع بن نون، قال:
فحدثكم أي قرية هي؟ قال: لا، قال: هي مدينة أريحا. قال الحاكم: هذا حديث غريب صحيح ولم يخرجاه. وانظر الحديث السابق والآتي.(11/136)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ نَاكَحَ امْرَأَةً وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَا رَفَعَ بِنَاءً وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُفَهَا وَلَا اشْتَرَى غَنَمًا وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلَادَهَا فَغَزَا، فَدَنَا إِلَى الدَّيْرِ حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ، أَوْ قَرُبَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ، وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعُوا مَا غَنِمُوا، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ لِتَأْكُلَهُ، فَأَبَتِ النَّارُ أَنْ تَطْعَمَهُ، فَقَالَ: فِيكُمْ غُلُولٌ، فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَبَايَعَهُ، فَلَصِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ، فَبَايَعَتْهُ قَبِيلَتُهُ، فَلَصِقَتْ بِيَدِهِ يَدُ رَجُلَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَقَالَ فِيكُمُ الْغُلُولُ، فَأَخْرَجُوا مِثْلَ رَأْسِ الْبَقَرَةِ، مِنْ ذَهَبٍ، فَوَضَعُوهُ فِي الْمَالِ، وَهُوَ بِالصَّعِيدِ، فَأَقْبَلَتِ النَّارُ، فَأَكَلَتْهُ فَلَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلَنَا، وَذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ رَأَى ضَعْفَنَا فَطَيَّبَهَا لَنَا» (1) [3: 5]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في " صحيفة همام " (124) .
وهو في " مصنف عبد الرزاق " (9492) ، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/318، ومسلم (1747) في الجهاد: باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة، والبيهقي 6/390.
وأخرجه البخاري (3124) في فرض الخمس: باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " أحلت لكم الغنائم "، و (5157) مختصراً في النكاح: باب من أحب البناء قبل الغزو، ومسلم (1747) من طريق ابن المبارك، عن معمر، بهذا الإسناد. وانظر الحديثين السابقين.(11/137)
ذِكْرُ وَصْفِ مَا يُعْمَلُ فِي الْغَنَائِمِ إِذَا غَنَمِهَا الْمُسْلِمُونَ
4809 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَصَابَ مَغْنَمًا أَمَرَ بِلَالًا، فَنَادَى فِي النَّاسِ، فَيَجِيءُ النَّاسُ بِغَنَائِمِهِمْ، فَيُخَمِّسُهُ، وَيُقَسِّمُهُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ، فَقَالَ: أَمَا سَمِعْتَ بِلَالًا يُنَادِي ثَلَاثًا؟، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْ أَنْتَ الَّذِي يَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ» (1) [5: 3]
__________
(1) إسناده حسن، محمد بن عبد الرحمن بن سهم، ذكره المؤلف في " الثقات " 9/87 فقال: يروي عن ابن المبارك وأبي إسحاق الفَزَاري، حدثنا عنه عمرو بن سعيد بن سنان وغيره من شيوخنا، ربما أخطأ، قلت: وقد توبع، وعامر بن عبد الواحد: صدوق، وقد روى له مسلم، وباقي رجال ثقات.
أبو إسحاق الفزاري: هو إبراهيم بن محمد بن الحارث بن أسماء. وسيرد عند المؤلف برقم (4858) .
وأخرجه أبو داود (2712) في الجهاد: باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رَحْلَه، والحاكم 2/127، والبيهقي 6/293 و 324 و9/102، من طريق أبي صالح محبوب بن موسي، عن أبي إسحاق الفزاري، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 2/213 عن عتاب بن زياد، عن عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن شوذب، به.(11/138)
ذِكْرُ وَصْفِ السُّهْمَانِ الَّتِي يُسْهَمُ بِهَا مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْغَنَائِمِ
4810 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لِلْفَرَسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّجُلِ سَهْمٌ» (1) [5: 3]
ذِكْرُ تَفْصِيلِ اللَّهِ، الْحُكْمَ الْمَذْكُورَ فِي خَبَرِ سُلَيْمِ بْنِ أَخْضَرَ هَذَا
4811 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم. رجاله ثقات رجال الشيخين غير سُليم بن أخضر فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 2/62 و 72، ومسلم (1762) في الجهاد: باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين، والترمذي (1554) في السير: باب في سهم الخيل، والبيهقي 6/325 من طرق عن سُليم، بهذا الإسناد.
وأخرجه سعيد بن منصور في " سننه " (2760) و (2762) ، وأحمد 2/2، والدارمي 2/225-226، والبخاري (2863) في الجهاد: باب سهام الفرس، و (4228) في المغازي: باب غزوة خيبر، ومسلم (1762) ، وأبو داود (2733) في الجهاد: باب في سهمان الخيل، وابن ماجه (2854) في الجهاد: باب قسمة الغنائم، وابن أبي شيبة 12/396-397، وابن الجارود (1084) ، والدارقطني 4/102 و 104 و 106 و107، والبيهقي 6/324-325 و325، والبغوي (2722) من طرق عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9320) ، والبيهقي 6/325 من طريق عبد الله بن عمر العمري، عن نافع به. وانظر الحديثين الآتيين.(11/139)
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ أَسْهَمَ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ، سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمًا لِلرَّجُلِ» (1) [5: 3]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْفَرَسَ لَا يُسْهَمُ لَهُ إِلَّا كَمَا يُسْهَمُ لِصَاحِبِه
4812 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا» (2) . [5: 36]
__________
(1) إسناده قوي، عبد الله بن الوليد -وهو ابن ميمون العدني- روى له أصحاب السنن والبخاري تعليقاً، وهو صدوق وقد توبع، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه الدارقطني 4/102 من طريق علي بن الحسن بن أبي عيسى، عن عبد الله بن الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/80، والدارمي 2/226، والبيهقي /325 من طرق عن سفيان، به. وانظر الحديثين السابق والآتي.
وفي الحديث دليل على أن للراجل سهماً، وللفارس ثلاثة أسهم، سهماً له، وسهمين لأجل فرسه، وهذا قول أكثر أهل العلم مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيرهم، وإليه ذهب الثوري والأوزاعي ومالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو يوسف ومحمد، وذهب أبو حنيفة إلى أن للفارس سهمين. انظر " شرح السنة " 11/101-102.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبدة الضبي وشيخه سُليم، فمن رجال مسلم. =(11/140)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْمَعْرَكَةَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ أَنْ يُسْهِمَ مَعَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ لُحُوقُهُ بِهِمْ عَلَى غَيْرِ بُعْدٍ
4813 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: «قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَمَا فُتِحَتْ خَيْبَرُ بِثَلَاثٍ فَأَسْهَمَ لَنَا، وَلَمْ يُسْهِمْ لِأَحَدٍ، لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ غَيْرَنَا» (1) .
__________
= وأخرجه الترمذي (1554) في السير: باب في سهم الخيل، عن أحمد بن عبدة الضبي، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن صحيح. وانظر الحديثين السابقين.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عمر -وهو ابن محمد بن أبان، لقبه مشكدانة- فمن رجال مسلم، وهو ثقة.
بريد: هو ابن عبد الله بن أبي بردة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/410، وأحمد 4/405-406، والبخاري (4233) في المغازي: باب غزوة خيبر، والترمذي (1559) في السير: باب ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم، والبيهقي 6/333 من طرق عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري مطولاً ومختصراً (3136) في فرض الخمس: باب (15) ، و (3876) في مناقب الأنصار: باب هجرة الحبشة، و (4230) ، ومسلم مطولاً (225) في فضائل الصحابة: باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس وأهل سفينتهم، وأبو داود (2725) في الجهاد: باب فيمن جاء بعد الغنيمة لا سهم له، وابن الجارود (1089) ، والبيهقي 6/333، والبغوي مطولاً (2721) من طريق أبي أسامة عن بريد بن عبد الله، به.(11/141)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ أَبِي مُوسَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
4814 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو عَنْ إِسْهَامِ مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ وَالْقِتَالَ، فَقَالَ: «لَا يُسْهَمُونَ أَلَا تَرَى الطَّائِفَتَيْنِ تَدْخُلَانِ مِنْ دَرْبِ وَاحِدٍ، أَوْ دَرْبَيْنِ، مُخْتَلِفَيْنِ، فَتَغْنَمُ إِحْدَاهُمَا، وَلَا تَغْنَمُ الْأُخْرَى، وَإِحْدَاهُمَا قُوَّةٌ لِلْأُخْرَى، فَلَا تُشْرِكُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى، غَنِمَا جَمِيعًا أَوْ غَنِمَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ، مَضَى الْأَمْرُ فِيهِمْ»
قَالَ الْوَلِيدُ: فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَذْكُرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ عَلَيْهَا أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَقْسِمْ لَهُمْ فَغَضِبَ أَبَانُ وَنَالَ مِنْهُ، قَالَ وَحَمَلَ عَلَيْهِ بِرُمْحِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَهْلًا يَا أَبَانُ، وَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ شَيْئًا. (1) . [5: 39]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير سعيد بن العزيز، فمن رجال مسلم.
وأخرجه البيهقي 6/334 من طريق علي بن بحر القطان، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد. =(11/142)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْجَيْشُ إِذَا فَتَحَ مَوْضِعًا مِنْ مَوَاضِعِ أَعْدَاءِ اللَّهِ لَحِقَ بِهِمْ جَيْشٌ آخَرُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ فَتْحِهِمِ يَجِبُ أَنْ تُقْسَمَ الْغَنَائِمُ بَيْنَ الْجَيْشِ الَّذِي كَانَ الْفَتْحُ لَهُمْ، فَيُسْهَمُ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمٌ لَهُ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ، وَلَا يُسْهَمُ لِمَنْ أَتَى بَعْدَ الْفَتْحِ مِمَّا غَنِمُوا شَيْئًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَيْشُ الَّذِي لَحِقَ بِالْجَيْشِ الْأَوَّلِ، كَانُوا مَدَدًا لَهُمْ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانُوا كَأَنَّهُمَا جَيْشٌ وَاحِدٌ، أَصْلُهُمْ وَاحِدٌ، وَيَكُونُ مَدَدُهُمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهِمْ، فَحِينَئِذٍ يُسْهَمُ لَهُمْ كُلِّهِمْ، وَأَمَّا إِسْهَامُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِلْأَشْعَرِيِّينَ بَعْدَمَا فَتَحَ خَيْبَرَ كَانَ ذَلِكَ مِنْ خُمْسٍ خَمَّسَهُ الَّذِي فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، لِيَسْتَمِيلَ بِذَلِكَ قُلُوبَهُمْ، لَا أَنَّهُمْ أُعْطُوا مِنْ مَغَانِمِ خَيْبَرَ حَيْثُ لَمْ يَشْهَدُوا فَتْحَه
__________
= وأخرجه البخاري (4238) في المغازي: باب غزوة خيبر، تعليقاً عن الزبيدي، عن الزهري عن عنبسة بن سعيد، عن أبي هريرة. ووصله سعيد بن منصور (2793) ومن طريقه أبو داود (2723) في الجهاد: باب فيمن جاء بعد الغنيمة لا سهم له، وابن الجارود (1088) ، والبيهقي 6/334 عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن الوليد الزبيدي، بهذا الإسناد. وقال البيهقي: قال محمد بن يحيي الذهلي: الحديثان محفوظان حديث عنبسة من حديث الزبيدي، وحديث سعيد بن المسيب من حديث سعيد بن عبد العزيز.
وأخرجه الطيالسي (2591) عن أبي عتبة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عن عنبسة بن سعيد قال: حدثني من سمع أبا هريرة يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث أبان....(11/143)
ذِكْرُ الْبَيَانِ، بِأَنَّ مَنْ كَانَ مَدَدًا لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ أَدْرَبَ دَرْبَ الْعَدُوِّ مِنْهُمْ وَلَمْ يَشْهَدِ الْمَعْرَكَةَ لَا يُسْهَمُ لَهُمْ كَمَا يُسْهَمُ لِمَنْ حَضَرَهَا
4815 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ سِهَامِ مَنْ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ وَالْقِتَالَ مِنَ الْمَدَدِ، فَقَالَ: «لَا يُسْهَمُونَ أَلَا تَرَى إِلَى الطَّائِفَتَيْنِ تَدْخُلَانِ مِنْ دَرْبِ وَاحِدٍ، أَوْ دَرْبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَتَغْنَمُ إِحْدَاهُمَا وَلَا تَغْنَمُ الْأُخْرَى وَإِحْدَاهُمَا قُوَّةٌ لِلْأُخْرَى، فَلَا تُشْرِكُ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى غَنِمَا جَمِيعًا أَوْ غَنِمَ أَحَدُهُمَا بِذَلِكَ مَضَى الْأَمْرُ فِيهِمْ»
قَالَ الْوَلِيدُ، فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَذْكُرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً، قِبَلَ نَجْدٍ عَلَيْهَا أَبَانُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ، فَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَا تَقْسِمْ لَهُمْ، فَقَالَ: فَغَضِبَ أَبَانُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا أَبَانُ» ، وَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ شَيْئًا (1) . [5: 32]
__________
(1) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.(11/144)
ذِكْرُ خَبَرٍ وَهِمَ فِي تَأْوِيلِهِ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَتَبَحَّرْ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ وَلَا طَلَبَهُ مِنْ مَظَانِّه
4816 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ التَّاجِرُ، بِمَرْوٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَتَاهُ الْفَيْءُ قَسَمَهُ فِي يَوْمِهِ، فَأَعْطَى الْآهِلَ حَظَّيْنِ وَأَعْطَى الْعَزَبَ حَظًّا» (1) . [5: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا أَتَاهُ الْفَيْءُ كَانَ يَقْسِمُهُ مِنْ يَوْمِهِ، ثُمَّ يُعْطِي الْآهِلَ حَظَّيْنِ وَالْعَزَبَ حَظًّا مِنْ خُمْسٍ خَمَّسَهُ لِأَنَّهُ كَانَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي الْفَيْءِ عَلَى الْعُزُوبَةِ وَالتَّأَهُّلِ» .
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/348، وأحمد 6/29، وأبو داود (2953) في الخراج والإمارة: باب في قسم الفيء، من طرق عن ابن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/25-26، وأبو داود (2953) ، والطبراني في " الكبير " 18/ (81) ، وابن الجارود (1112) ، والبيهقي 6/346 من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، والطبراني 18/ (80) و (81) ، والحاكم 2/140-141، والبيهقي 6/346 من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع كلاهما عن صفوان به، وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي.(11/145)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اسْتِمَالَةُ قُلُوبِ رَعِيَّتِهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ غَنَائِمَهُمْ أَوْ خُمْسًا (1) خَمَّسَهُ إِذَا أَحَبَّ ذَلِكَ
4817 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، قَالَ: ادْخُلْ، فَادْعُهُ لِي، قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، وَقَالَ: «قَدْ خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ» ، قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَضِيَ مَخْرَمَةُ» (2) . [5: 3]
__________
(1) في الأصل: خمس.
(2) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد -وهو ابنُ خالد بن يزيد بن موهب- فروى له أصحاب السنن، وهو ثقة. ابن أبي مليكة: هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.
وأخرجه أبو داود (4028) في اللباس: باب ما جاء في الأقبية، عن يزيد بن موهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (992) في الهبة: باب كيف يقبض العبد والمتاع، و (5800) في اللباس: باب القباء وفروج حرير، ومسلم (1058) في الزكاة: باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة، وأبو داود (4028) ، والترمذي (2818) في الأدب: باب رقم (53) ، والنسائي 8/205 في الزينة: باب لبس الأقبية، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، به. وأخرجه البخاري تعليقاً (3127) و (5862) عن الليث، به. =(11/146)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا الْخَبَرَ مِنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ
4818 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ، فَقَالَ: ادْخُلْ، فَادْعُهُ لِي، قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ فَقَالَ: «قَدْ خَبَّأْتُ هَذَا لَكَ» ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَضِيَ مَخْرَمَةُ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ لُزُومُ الْعَدْلِ بِالْقِسْمَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَالَهُمْ وَتَرْكُ الْإِغْضَاءِ عَمَّنِ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِيهِ
4819 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ،
__________
= وأخرجه البخاري (2657 في الشهادات: باب شهادة الأعمى، و (3127) في فرض الخمس: باب قسمة الإمام ما يقدم عليه، و (6132) في الأدب: باب المداراة مع الناس، ومسلم (1058) من طريق أيوب السختياني، عن ابن أبي مليكة، به. وانظر الحديث الآتي.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله: هو ابن المبارك. وهو مكرر ما قبله.(11/147)
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقْبِضُ لِلنَّاسِ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ يَوْمَ حُنَيْنٍ يُعْطِيهِمْ، فَقَالَ إِنْسَانٌ مِنَ النَّاسِ: اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلَكَ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ فَمَنْ يَعْدِلُ لَقَدْ خِبْتُ وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ» قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَضْرِبُ عُنُقَهُ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعَاذَ اللَّهِ، أَنْ يَتَحَدَّثَ النَّاسُ، أَنِّي أَقْتُلُ أَصْحَابِي، إِنَّ هَذَا وَأَصْحَابًا لَهُ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ» (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم وأبو الزبير صرح بالتحديث عند مسلم فانتفت شبهة تدليسه. عبد الله بن نافع: هو الصائغ، ويحيى بن سعيد: هو ابن قيس الأنصاري.
وأخرجه النسائي في " فضائل القرآن " (113) من طريق ابن وهب، عن مالك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/353 و 354، ومسلم (1063) في الزكاة: باب ذكر الخوارج وصفاتهم، والنسائي في " فضائل القرآن " (112) من طرق عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه أحمد 3/354-355، ومسلم (1063) ، وابن ماجه (172) في المقدمة: باب في ذكر الخوارج، والبيهقي في " الدلائل " 5/185-186 من طرق عن أبي الزبير، به.
وأخرجه البخاري مختصراً (3138) في فرض الخمس: باب إذا بعث الإمام رسولاً في حاجة، والبيهقي في " الدلائل " 5/186 من طريق قرة بن خالد، عن عمرو بن دينار، عن جابر.
وقوله: " لا يجاوز حناجرهم " أي: لا تفقهه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه، ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق، أو أنه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل. =(11/148)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَحَمُّلُ مَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مِنْ رَعِيَّتِهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فِيهِمِ اقْتِدَاءً بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
4820 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الشَّرْقِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَمْلَاهُ عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ النَّاسُ مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَهُ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ، فَاضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، حَتَّى خُطِفَ رِدَاؤُهُ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَوَقَفَ فَقَالَ: «رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي، أَتَخْشَوْنَ عَلَيَّ الْبُخْلَ، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا، لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا جَبَانًا، وَلَا كَذَّابًا» (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن يحيى الذُّهلي وعمر بن محمد بن جبير، فمن رجال البخاري.
وهو في " مصنف عبد الرزاق " (9497) ، ومن طريقه أخرجه البغوي (3689) .
وأخرجه أحمد 4/82، والبخاري (3148) في فرض الخمس: باب ما كان يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس، من طريق صالح بن كيسان، و (2821) في الجهاد: باب الشجاعة في الحرب والجبن، والمزي في " تهذيب الكمال " ص 1023 في ترجمة عمر بن محمد، من طريق شعيب بن أبي حمزة، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند البيهقي 7/17 و 9/102.(11/149)
ذِكْرُ مَا يَعْدِلُ الْبَعِيرُ، فِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ مِنَ الشَّاءِ
4821 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، بِبُسْتَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ الْكُرْدِيُّ بَصْرِيٌّ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، عَنْ جَدِّهِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَجْعَلُ فِي قَسْمِ الْغَنَائِمِ عَشْرًا مِنَ الشَّاءِ بِبَعِيرٍ» ، قَالَ شُعْبَةُ: وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، وَقَالَ غُنْدَرٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ سُفْيَانَ (1) . [5: 3]
__________
= وقوله: " اضطروه إلى سمرة " أي. ألجؤوه إلى شجرة من شجر البادية ذات شوك. و " العِضاه " -بكسر المهملة-: هو شجر ذو شوك.
وقوله: " حتى خطف رداؤه ": كذا الأصل وفي " المصنف " ومصادر التخريج: فخطفت رداءه.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبد الله بن الحكم، فمن رجال مسلم. غُندر: لقب محمد بن جعفر.
وأخرجه النسائي 7/221 في الضحايا: باب ما تجزئ عنه البدنة في الضحايا، عن أحمد بن عبد الله بن الحكم، بهذا الإسناد. وفيه قول شعبة.
وأخرجه أحمد 3/264، ومسلم (1968) (23) في الأضاحي: باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، من طريق غندر، عن شعبة، عن سعيد بن مسروق، به مطولاً. وفي أحمد قول محمد بن جعفر غندر، وشعبة.
وأخرجه البخاري (2507) في الشركة: باب من عدل عشرة من الغنم بجزور في القَسْم، ومسلم (1968) (20) ، والترمذي (1492) في الأحكام =(11/150)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَدَنَةَ تَقُومُ عَنْ عَشْرَةٍ إِذَا نُحِرَتْ»
ذِكْرُ مَا خَصَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا صَفِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخْذِ الصَّفِيِّ مِنَ الْغَنَائِمِ لِنَفْسِهِ خَارِجًا مِنْ خُمْسِ الْخُمُسِ
4822 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ،
__________
= والفوائد: باب ما جل في البعير والبقر إذا ندَّ فصار وحشياً يُرمى بسهم أم لا، و (1600) في السير: باب ما جاء في كراهية النهبة، وابن ماجه (3137) في الأضاحي: باب كم تجزيء من الغنم عن البدنة، من طرق عن سفيان الثوري، به مطولاً.
وأخرجه البخاري (2488) في الشركة: باب قسمة الغنم، و (3075) في الجهاد: باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، و (5498) في الذبائح والصيد، باب التسمية على الذبيحة، والنسائي 7/191-192 في الصيد والذبائح: باب الإنسية تستوحش، وابن ماجه (3137) ، من طريقي أبي عوانة وزائدة عن سعيد بن مسروق، به مطولاً.
وأخرجه البخاري (5543) في الذبائح: باب إذا أصاب قوم غنيمة، وأبو داود (2821) في الأضاحي: باب في الذبيحة بالمروة، والترمذي (1492) و (1600) ، والبيهقي 9/247 من طريق أبي الأحوص و 9/247 من طريق حسان بن إبراهيم الكرماني، كلاهما عن سعيد مسروق، عن عباية بن رفاعة، عن أبيه، عن جده، رافع بن خديج مطولاً.(11/151)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفِيِّ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ يَحْبِسُ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُمْسَ خُمُسِهِ وَخُمْسَ الْغَنَائِمِ جَمِيعًا
4823 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ، بِحِمْصَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَفَاطِمَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ تَطْلُبُ صَدَقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمْسِ خَيْبَرَ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو أحمد الزبيري: هو محمد بن عبد الله بن الزبير.
وأخرجه أبو داود في الخراج: باب ما جاء في سهم الصفي، عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في " الكبير " 24/ (175) ، والحاكم 3/39 من طريقين عن أبي أحمد الزبيري، به. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الحاكم 2/128، والبيهقي 6/304 من طريق أبي حذيفة وأبي نعيم، عن سفيان، به.
والصفي: ما كان يصطفيه رئيس الجيش من الغنائم لنفسه يأخذه خارجاً عن القسمة.(11/152)
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا نُوَرَّثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى الْمَأْكَلِ» ، وَإِنِّي وَاللَّهِ، لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ حَالِهَا، الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ، أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا، فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ، عَلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْ ذَلِكَ، فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ، حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ، فَصَلَّى عَلَيْهَا عَلِيٌّ، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ فَاطِمَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، انْصَرَفَتْ وجُوهُ النَّاسِ عَنْ عَلِيٍّ، حَتَّى أَنْكَرَهُمْ، فَضَرَعَ عَلِيٌّ عِنْدَ ذَلِكَ إِلَى مُصَالَحَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَمُبَايَعَتِهِ وَلَمْ يَكُنْ بَايَعَ تِلْكَ الْأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، أَنِ ائْتِنَا وَلَا يَأْتِنَا مَعَكَ أَحَدٌ، وَكَرِهَ عَلِيٌّ أَنْ يَشْهَدَهُمَ عُمَرُ، لِمَا يَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ عُمَرَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ: وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا عَسَى أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَاللَّهِ لَآتِيَنَّهُمْ، فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا يَا أَبَا بَكْرٍ فَضِيلَتَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ اللَّهُ، وَإِنَّا لَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالْأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لَنَا حَقًّا، وَذَكَرَ قَرَابَتَهُمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَقَّهُمْ، فَلَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ، حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي(11/153)
بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ، فَإِنِّي لَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَإِنِّي لَمْ أَكُنْ لِأَتْرُكَ فِيهَا أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِيهَا إِلَّا صَنَعْتُهُ، قَالَ عَلِيٌّ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ، فَلَمَّا أَنْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ صَلَاةَ الظُّهْرِ ارْتَقَى عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ، وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ، فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةٌ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَلَا إِنْكَارُ فَضِيلَتِهِ الَّتِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهَا وَلَكِنَّا كُنَّا نَرَى لَنَا فِي الْأَمْرِ نَصِيبًا وَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ، وَقَالُوا لِعَلِيٍّ: أَصَبْتَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ، قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي وأبيه، فروى لهما أصحاب السنن، وهما ثقتان.
وأخرجه أبو داود (2969) في الخراج والإمارة: باب صفايا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن عمرو بن عثمان بن سعيد، بهذا الإسناد مختصراً.
وأخرجه البخارى (3711) و (3712) في فضائل الصحابة: باب مناقب قرابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبيهقي 6/300 من طريق أبي اليمان، والنسائي 7/132 في قسم الفيء، من طريق أبي إسحاق الفزاري، كلاهما عن شعيب بن أبي حمزة، به مختصراً.
وأخرجه بطوله البخارى (4240) و (4241) في المغازي: باب غزوة خبر، ومسلم (1759) (52) في الجهاد والسير: باب قول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا نُورَثُ ما تركنا فهو صدقة "، وأخرجه مختصراً أحمد 1/9 -10، وأبو داود =(11/154)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ الْقِسْمَةُ فِي ذَوِي الْقُرْبَى مِنَ السَّهْمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
4824 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هُرْمُزَ، أَنَّ نَجْدَةَ الْحَرُورِيَّ خَرَجَ فِي فِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى لِمَنْ هُوَ؟ فَقَالَ: «هُوَ لِأَقْرِبَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ عَرَضَ عَلَيْنَا مِنْهُ عَرْضًا رَأَيْنَاهُ دُونَ حَقِّنَا، فَرَدَدْنَا عَلَيْهِ وَأَبَيْنَا أَنْ نَقْبَلَهُ، فَكَان
__________
= (2968) ، والبيهقي 10/142-143 من طرق عن اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ الأيلي، عن الزهري، به.
وأخرجه مختصراً أحمد 1/10، والمروزي في "مسند أبي بكر" (38) ، والبخاري (4035) و (4036) في المغازي: باب حديث بني النضير، و (6725) و (6726) في الفرائض: باب قول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا نُورَثُ ما تركنا صدقة "، ومسلم (1759) (53) ، والبيهقي 6/300 من طريق معمر، والبخاري (3092) و (3093) في فرض الخمس: باب فرض الخمس، ومسلم (1759) (54) ، وأبو داود (970) ، والبيهقى 6/300-301 من طريق صالح، كلاهما عن الزهري، به.
وقوله " فضرع علي "، يقال: ضرع إليه يضرع ضَرَعاً وضراعة: خضع وذلَّ، فهو ضارع من قوم ضرعة.
وقال القرطبي: من تأمل ما دار بين أبي بكر وعلي من المعاتبة ومن الاعتذار، وما تضمن ذلك من الإنصاف، عرف أن بعضهم ان يعترف بفضلِ الآخر، وأن قلوبَهم كانت متفقةً على الاحترام والمحبة، وإن كان الطبع البشري قد يغلب أحياناً، لكن الديانة ترد ذلك، والله الموفق.(11/155)
عَرَضَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُعِينَ نَاكِحَهُمْ، وَأَنْ يَقْضِيَ عَنْ (1) غَارِمِهِمْ وَأَنْ يُعْطِيَ فَقِيرَهُمْ وَأَبَى أَنْ يَزِيدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ» (2) . [5: 3]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَا غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ يُخَمَّسُ خَلَا مَا يُؤْكَلُ مِنْهَا لِقُوتِهِم
4825 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ،
__________
(1) سقطت من الأصل، واستدركت من " مسند أبي يعلى " (2739) و " مسند أحمد " 1/320 وغيرهما.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يزيد بن هرمز، فمن رجال مسلم. أبو خيثمةْ: هو زهير بن حرب، وعثمان بن عمر: هو ابن فارس العبدي، وهو في " مسند أبي يعلى " (2739) .
وأخرجه أحمد 1/320، والنسائي 7/128-129 في قسم الفيء، من طريق عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (2982) في الخراج والإمارة: باب في بيان مواضع قسم الخمس وسهم ذي القربى، والبيهقي 6/344 من طريقين عن يونس بن يزيد، به.
وأخرجه النسائي 7/128، وأبو يعلى (2550) ، والطحاوي 3/235، والبيهقي 3/253، من طريقين عن الزهري، به.
وأخرجه الشافعي 2/122-123، وأحمد 1/308، ومسلم (1812) (137) و (138) في الجهاد: باب النساء الغازيات يرضخ لهن ولا يسهم، والنسائي 7/129، وأبو يعلى (2550) ، والبيهقي 6/345، والبغوي (2723) من طريق أبي جعفر محمد بن علي، وأحمد 1/248 و 294، والطحاوي 3/235، والبيهقى 6/332 من طريق قيس بن سعد، كلاهما عن يزيد، به. =(11/156)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَّهَ جَيْشًا فَغَنِمُوا طَعَامًا وَعَسَلًا، فَلَمْ يُخَمِّسْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ مَا أَبَاحَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَخْذَ الْخُمُسِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَنَائِمِ الْمُشْرِكِينَ
4826 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا، قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا قَرْيَةٍ عَصَتِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِنَّ خُمُسَهَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، ثُمَّ هِيَ لَكُمْ» (2) . [4: 34]
__________
= وأخرجه أحمد 1/224، وأبو يعلى (2630) من طريق عطاء بن أبي رباح، عن أبي عباس.
(1) حديث صحيح، ابن أبي السري -وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن- قد توبع، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. عبد الله بن عمر: هو ابن حفص بن عاصم.
وأخرجه أبو داود (2701) في الجهاد: باب في إباحة الطعام في أرض العدو، والطبراني في " الكبير " 12/ (13372) ، والبيهقي 9/59 من طريق إبراهيم بن حمزة الزبيري، عن أنس بن عياض، عن عبيد الله، بهذا الاسناد.
وأحرجه البيهقي 9/59-60 من طريق عثمان بن الحكم الجذامي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ مرسلاً.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهو في " مسند أحمد " 2/317، ومن طريقه أخرجه مسلم (1756) =(11/157)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ خُمْسِ الْخُمُسِ
4827 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ، بِالْأُبُلَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَعْطَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبَا سُفْيَانَ بْنَ الْحَارِثِ، مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ التَّمِيمِيَّ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى الْعَبَّاسَ بْنَ مِرْدَاسٍ دُونَ ذَلِكَ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ
جَعَلْتَ نَهْبِي وَنَهْبَ الْعَبِيـ ... ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ، وَالْأَقْرَعِ (1) [5: 3]
__________
= في الجهاد: باب حكم الفيء، وأبو داود (3036) في الخراج: باب في إيقاف أرض السواد وأرض العنوة.
وأخرجه مسلم (1756) من طريق محمد بن رافع، والبيهقي 6/318، والبغوي (2719) من طريق أحمد بن يوسف السلمي كلاهما عن عبد الرزاق، به.
وأخرجه البيهقي 9/119 من طريق قراد أبي نوح، عن المُرَجَّى بن رجاء، عن أبي سلمة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هريرة.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبدة وعمر بن سعيد بن مسروق، فمن رجال مسلم، سفيان: هو ابن عيينة. =(11/158)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجَلِهَا كَانَ يُعْطِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ مَا وَصَفْنَا
4828 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ: «لَقَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَإِنَّهُ لَمِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ فَمَا زَارَ يُعْطِينِي حَتَّى إِنَّهُ لَأَحَبُّ الْخَلْقِ إِلَيَّ» (1) . [5: 3]
__________
= وأخرجه مسلم (1060) (138) في الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، والبيهقي في " السنن " 7/17، عن أحمد بن عبدة الضبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي (412) ، ومسلم (1060) (137) و (138) ، والبيهقي في " السنن " 7/17، وفي " الدلائل " 5/178 من طرق عن سفيان بن عيينه، به. وليس فيها كلها ذكر لأبي سفيان بن الحارث، بل زاد بعضهم فيه: صفوان بن أمية، وعلقمة بن عُلاثة، ومالك بن عوف.
(1) حديث صحيح، مسروق بن المرزبان روى عنه جمع، وذكره المؤلف في " الثقات "، وقال صالح بن محمد: صدوق، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه، قلت: وقد توبع، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 3/401 و 6 /465، والترمذي (666) في الزكاة: باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم، من طريقين عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وقد سقط من إسناد أحمد في المطبوع من " المسند " 3/401: " عن ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري " واستدرك من 6/465.
وأخرجه مسلم (2313) في الفضائل: باب ما سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيئاً قطُّ فقال: لا، والبيهقي 7/19 من طريق ابن وهب، عن يونس بن يزيد، به.(11/159)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إِعْطَاءُ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ خُمْسِ خُمُسِهِ وَإِنْ أُسْمِعَ فِي ذَلِكَ مَا يَكْرَهُ
4829 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا فِي الْقِسْمَةِ، فَأَعْطَى الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ، وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِثْلَ ذَلِكَ، وآثرَ نَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ» ، فَقَالَ رَجُلٌ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ، مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، فَقُلْتُ: لَأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «فَمَنْ يَعْدِلُ، إِذَا لَمْ يَعْدِلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ثُمَّ، قَالَ: «يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى، قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» ، فَقُلْتُ: لَا جَرَمَ لَا أَرْفَعُ إِلَيْهِ بَعْدَهَا حَدِيثًا (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. جرير: هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وأبو وائل هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه مسلم (1062) (140) في الزكاة: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3150) في فرض الخمس: باب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس، و (4336) في المغازي: باب غزوة الطائف، ومسلم (1062) (140) من طريق جرير، به.
وأخرجه أحمد 1/411 و 441، والبخاري (3405) في الأنبياء: باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، و (4335) ، و (6059) في =(11/160)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مِنْ فَكِّ رَقَبَةِ مَنْ تَحَمَّلَ بِحَمَالَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ خُمْسِ خُمُسِهِ
4830 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ النَّرْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ رِئَابٍ، عَنْ كِنَانَةَ بْنِ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلَالِيِّ، قَالَ تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً عَنْ قَوْمِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً عَنْ قَوْمِي، فَأَعِنِّي فِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ نَحْمِلُهُ عَنْكَ» ، قَالَ هِيَ لَكَ، فِي إِبِلِ الصَّدَقَةِ، إِذَا جَاءَتْ، ثُمَّ قَالَ: «يَا قَبِيصَةُ بْنَ مُخَارِقٍ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ، إِلَّا لِإِحْدَى ثَلَاثٍ رَجُلٍ، تَحَمَّلَ حَمَالَةً عَنْ قَوْمِهِ إِرَادَةَ الْإِصْلَاحِ، فَسَأَلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَ أُمْنِيَّتَهُ أَمْسَكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَشَهِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ، مِنْ ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ، حَتَّى إِذَا أَصَابَ قِوَامًا، أَوْ سِدَادًا أَمْسَكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَسَأَلَ حَتَّى إِذَا أَصَابَ قِوَامًا، أَوْ سِدَادًا (1) أَمْسَكَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ يَا قَبِيصَةُ
__________
= الأدب: باب من أخبر صاحبه بما يقال فيه، و (6100) : باب الصبر في الأذي، و (6291) في الاستئذان: باب إذا كانوا أكثر من ثلاثة فلا بأس بالمسارة والمناجاة، و (6336) في الدعوات: باب قول الله تبارك وتعالى: (وصَلَّ عليهم) ومسلم (1062) (141) والبغوي (3671) ، من طريق الأعمش، عن أبي وائل، به.
(1) من قوله: " أمسك ورجل أصابته جائحة " إلى هنا سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم " 4/133.(11/161)
مِنَ الْمَسْأَلَةِ سُحْتٌ» ، قَالَهَا ثَلَاثًا (1) . [5: 3]
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسْهِمَ الْمَمَالِيكَ مِنْ خُمْسِ خُمُسِهِ إِذَا شَهِدُوا الْحَرْبَ وَالْقِتَال
4831 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ قَالَ: شَهِدْتُ حُنَيْنًا وَأَنَا عَبْدٌ مَمْلُوكٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَهْمِي، فَأَعْطَانِي سَيْفًا، وَقَالَ: «تَقَلَّدْهُ» ، وَأَعْطَانِي مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاع (2) . [4: 11]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر الحديث رقم (3395) و (3396) .
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ومحمد بن زيد: هو ابن مهاجر بن قنفذ.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/406، والدارمي 2/226، وابن الجارود (1087) من طرق عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (1215) ، وعبد الرزاق (9454) ، وابن أبي شيبة 12/406، وابن سعد 2/114، وأحمد 5/223، وأبو داود (2730) في الجهاد: باب في المرأة والعبد يحذيان من الغنيمة، والترمذي (1557) في السير: باب هل يُسهم للعبد، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 8/208، وابن ماجه (3855) في الجهاد: باب العبيد والنساء يشهدون مع المسلمين، والطبراني 17/ (131) و (132) و (133) ، والحاكم 2/131، والبيهقي 9/31 من طرق عن محمد بن زيد، به، ورواية الجميع غير الحاكم: " خيبر " بدل " حنين "، وخرثي المتاع: رديئه.(11/162)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ مِنْ خُمُسِهِ أَصْحَابَ السَّرَايَا فَضْلًا عَلَى حِصَصِهِمْ مِنَ الْغَنِيمَةِ
4832 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا بُرْدُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ بَعْثًا وَكُنْتُ فِيهِمْ، فَغَنِمْنَا، فَأَصَابَنِي مِنَ الْقَسَمِ ثِنْتَا عَشْرَةَ نَاقَةً، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَّلَنَا بَعْدَ ذَلِكَ نَاقَةً، نَاقَةً» (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده قوي، برد بن سنان روى له البخاري في " الأدب المفرد " وأصحاب السنن، ووثقه ابن معين، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: صدوق، وقال النسائي: لا بأس به، وقال علي بن المديني: ضعيف، وقد توبع، وباقي رجاله على شرط الشيخين.
وأخرجه الطبراني 12/ (13426) من طريق إسماعيل بن عياش، عن برد بن سنان، بهذا الإسناد.
وأخرجه من طرق عن نافع: عبد الرزاق (9335) و (9336) ، وأحمد 2/10 و55 و 62 و 80، والبخاري (4338) في المغازي: باب السرية التي قبل نجد، ومسلم (1749) (37) في الجهاد والسير: باب الأنفال، وأبو داود (2741) و (2742) و (2743) و (2745) في الجهاد: باب في نفل السرية تخرج من العسكر، وابن الجارود (1074) ، والطبراني 12/ (13426) ، والبيهقي 6/312 و 312-313، وسعيد بن منصور (2704) .
وأخرجه البيهقي 6/313 من طريق عبد الله بن رجاء، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، بلفظ: " بعثنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سرية فبلغت سهماننا كذا وكذا ونفلنا رسول الله...." وانظر الحديثين الآتيين.(11/163)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ خُمْسِ الْخُمُسِ سِوَى سُهْمَانِهِمُ الَّتِي قُسِمَتْ عَلَيْهِمْ مِمَّا غَنِمُوا
4833 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرًا، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا، بَعِيرًا» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ تَرْكِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الْفِعْلَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ
4834 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فِيهِمُ ابْنُ
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وهو في " الموطأ " 2/450 في الجهاد: باب جامع النفل في الغزو، ولفظه: " ... فكان سهمانهم اثني عشر بعيراً أو أحدَ عشر بعيراً، ونُفِّلوا بعيراً " ومن طريقه أخرجه أحمد 2/62 و 112 والدارمي 2/228، والبخاري (3134) في فرض الخمس: باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومسلم (1749) (35) ، وأبو داود (2744) ، والبيهقي 6/312، والبغوي (2726) . وانظر الحديث السابق والآتي.(11/164)
عُمَرَ، وَإِنَّ سُهْمَانَهُمْ بَلَغَتِ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، ثُمَّ نُفِّلُوا سِوَى ذَلِكَ بَعِيرًا، بَعِيرًا، فَلَمْ يُغَيِّرْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ السَّرِيَّةَ إِذَا خَرَجَتْ عِنْدَ الْبَعْثِ الشَّدِيدِ فِي الْبَدْأَةِ وَالرَّجْعَةِ شَيْئًا مَعْلُومًا مِنْ خُمْسِ خُمُسِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاه
4835 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، بِبَيْرُوتَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْرٍ النَّحَّاسُ عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ مُوسَى، يَذْكُرَانِ النَّفَلَ فَقَالَ عَمْرٌو: «لَا نَفْلَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَقَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: «شَغَلَكَ أَكْلُ الزَّبِيبِ بِالطَّائِفِ» ، حَدَّثَنَا مَكْحُولٌ عَنْ زِيَادِ بْنِ جَارِيَةَ اللَّخْمِيِّ، (2)
عَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَفَّلَ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ بَعْدَ الْخُمُسِ» (3) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه مسلم (1749) (36) ، وأبو داود (2744) ، والبيهقي 6/312 من طرق عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد. وانظر الحديثين السابقين.
(2) في " التهذيب " و " ثقات المؤلف " وغيرهما: التميمي.
(3) إسناده حسن. ضمرة: هو ابن ربيعة الفلسطيني، وسليمان بن موسي: هو الأشدق، ومكحول: هو الشامي.
وأخرجه الطبراني (3529) من طريق محمد بن أبي السري، عن ضمرة بهذا الإسناد. =(11/165)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ بِأَنَّ سَلَبَ الْقَتِيلِ يَكُونُ لِقَاتِلِهِ
4836 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ،
__________
= وأخرجه ابن ماجه (2853) في الجهاد: باب النفل، من طريق أبى الحسين زيد بن الحباب، عن رجاء، به.
وأخرجه أحمد 4/160، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3/239، والطبراني (3528) و (3530) ، والبيهقي 6/313 من طرق عن سليمان بن موسى، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9331) و (9333) ، وأحمد 4/159 و 159- 160 و 160 وأبو داود (2748) و (2749) و (2750) في الجهاد: باب فيمن قال الخمس قبل النفل، وابن ماجه (2851) ، وسعيد بن منصور (2701) و (2702) ، وابن الجارود (1078) و (1079) ، والطحاوي 3/240، والطبراني (3518) و (3519) و (3520) و (3521) و (3522) و (3523) و (3524) و (3525) و (3526) و (3527) و (3531) ، والبيهقي 6/313 و 314، والحاكم 2/133 من طرق عن مكحول، به.
وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطبراني (3532) من طريق عطية بن قيس، عن زياد بن جارية، به.
وقوله. " في البدأة ... وفي الرجعة " أي ابتداء الغزو، وذلك لأن نهضت سرية من العسكر، وابتدروا إلى العدو في أول الغزو، فغنموا، فكان يعطيهم الربع، وإن فعل طائفة مثل ذلك حين رجوع العسكر، كان يعطيهم الثلث، لضعف الظهر والقوة والفتور والشوق إلى الأوطان، فزاد لذلك.(11/166)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: «مَنْ قَتَلَ كَافِرًا، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ضَرَبْتُ رَجُلًا عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، فَأُجْهِضْتُ عَنْهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَخَذْتُهَا، فَأَرْضِهِ مِنْهَا وَأَعْطِنِيهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُسْأَلُ شَيْئًا، أَلَا أَعْطَاهُ، أَوْ سَكَتَ، فَسَكَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: وَاللَّهِ لَا يُفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ، وَيُعْطِيكَهَا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: «صَدَقَ عُمَرُ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ سَلَبَ الْقَتِيلِ إِنَّمَا يَكُونُ لِلْقَاتِلِ إِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ
4837 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ السُّلَمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَامَ حُنَيْنٍ، فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. عبد الله: هو ابن المبارك. وانظر الحديث رقم (4838) و (4841) .
وقوله: " فأجهضت عنه " أي: أعجلت عنه.(11/167)
فَاسْتَدْبَرْتُ لَهُ، حَتَّى أَتَيْتُ مِنْ وَرَائِهِ، فَضَرَبْتُهُ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ ضَرْبَةً فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ فِيهَا رِيحَ الْمَوْتِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي، فَلَحِقْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ النَّاسِ؟، فَقَالَ: أَمْرُ اللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ النَّاسَ قَدْ رَجَعُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي؟، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ، عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَلَهُ سَلَبُهُ» ، فَقُمْتُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي، ثُمَّ جَلَسْتُ، ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ الثَّالِثَةَ، فَقُمْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ» ، قَالَ: فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: صَدَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَلَبُ ذَلِكَ الْقَتِيلِ عِنْدِي، فَأَرْضِهِ مِنِّي، فَقَالَ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: لَاهَا اللَّهِ، إِذًا يَعْمِدُ (1) إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ، وَعَنْ رَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ» ، فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: فَأَعْطَانِيهِ، فَبِعْتُ الدِّرْعَ، فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلَمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَام (2) . [5: 3]
__________
(1) كذا الأصل و " التقاسيم " 4 /لوحة 159 " إذاً يعمد " بحذف " لا "، ولو ثبتت هذه الرواية لكان هو الوجه، انظر " الفتح " 7/634، لكن جميع الموارد التي خرجت الحديث ومنها رواية " الموطأ " عند البغوي من طريق أحمد بن أبي بكر " إذا لا يعمد " بإثبات " لا " غير أبي داود فقد وافق المصنف في روايته.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر الحديث رقم (4805) .(11/168)
ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَأْخُذْ أَبُو قَتَادَةَ فِي الِابْتِدَاءِ سَلَبَ قَتِيلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
4838 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ، قَالَ: إِنَّ هَوَازِنَ، جَاءَتْ يَوْمَ حُنَيْنٍ بِالشَّاءِ، وَالْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، فَجَعَلُوهَا صَفَّيْنِ لِيُكْثِرُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَالْتَقَى الْمُسْلِمُونَ، وَالْمُشْرِكُونَ فَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، فَهَزَمَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ وَلَمْ نَضْرِبْ بِسَيْفٍ وَلَمْ نَطْعَنْ بِرُمْحٍ» ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: «مَنْ قَتَلَ كَافِرًا فَلَهُ سَلَبُهُ» ، فَقَتَلَ أَبُو طَلْحَةَ يَوْمَئِذٍ عِشْرِينَ رَجُلًا، وَأَخَذَ أَسْلَابَهُمْ فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ضَرَبْتُ رَجُلًا عَلَى حَبْلِ الْعَاتِقِ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، فَأُعْجِلْتُ عَنْهُ أَنْ آخُذَهَا، فَانْظُرْ مَعَ مَنْ هِيَ فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَخَذْتُهَا، فَأَرْضِهِ مِنِّي وَأَعْطِنِيهَا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، أَوْ سَكَتَ، فَقَالَ عُمَرُ: لَا يُفِيئُهَا اللَّهُ عَلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِهِ، وَيُعْطِيكَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: صَدَقَ عُمَرُ، وَلَقِيَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ، وَمَعَهَا خِنْجَرٌ، فَقَالَ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا مَعَكِ؟، قَالَتْ: أَرَدْتُ إِنْ دَنَا مِنِّي بَعْضُ الْمُشْرِكِينَ، أَنْ أَبْعَجَ بِهِ بَطْنَهُ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَسْمَعُ مَا تَقُولُ(11/169)
أُمُّ سُلَيْمٍ؟، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ (1) ، أَقْتُلُ بِهَا الطُّلَقَاءَ انْهَزَمُوا بِكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ إِنَّ اللَّهَ قَدْ كَفَى وَأَحْسَنَ» (2) . [5: 3]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ سَلَبَ قَاتِلِ عَيْنِ الْمُشْرِكِينَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَتَلَهُ إِيَّاهُ فِي الْمَعْرَكَةَ
4839 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، بِبَيْرُوتَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ،
__________
(1) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل و " التقاسيم " 4/لوحة 160، واستدرك من ابن أبي شيبة 14/531-532 -واللفظ له- وغيره.
(2) إسناده صحيح، عبد الواحد بن غياث روى له أبو داود وهو صدوق، وقد توبع، وباقي رجاله ثقات على شرط الصحيح.
وأخرجه الطيالسي (2079) ، وأحمد 3/114 و 190 و 279 وابن أبي شيبة 14/524 و530، ومسلم (1809) في الجهاد: باب غزوة النساء مع الرجال، وأبو داود (2718) في الجهاد: باب في السلب يعطى القاتل، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3/227، والحاكم 3/353، والبيهقى 6/306 من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد مطولاً ومختصراً، وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي.
وقد تقدم القسم الثاني من حديث أبي قتادة برقم (4805) . وانظر الحديث (4836) و (4841) .
والطلقاء: قال النووي في " شرح مسلم " 12/189: هم الذين أسلموا من أهل مكة يوم الفتح سموا بذلك، لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منَّ عليهم وأطلقهم، وكان في إسلامهم ضعف، فاعتقدت أم سليم أنهم منافقون وأنهم استحقوا القتل بانهزامهم وغيرها وقولها " انهزموا بك " الباء في " بك " هنا بمعنى " عن "، أي: انهزموا عنك، على حد قوله تعالي: {فاسأل به خبيراً} أي: عنه.(11/170)
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَامَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُخْبِرَ أَنَّهُ عَيْنٌ لِلْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَهُ، فَلَهُ سَلَبُهُ» (1) . [5: 3]
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ الْمُسْلِمَيْنِ إِذَا اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ قَتِيلٍ كَانَ الْخِيَارُ إِلَى الْإِمَامِ فِي إِعْطَاءِ أَحَدِهِمَا سَلَبَهُ دُونَ الْآخَر
4840 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، عَنْ يُوسُفَ بْنِ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ،
__________
(1) إسناده قوي. عبد الرحمن بن محمد بن سلام، ومحمد بن ربيعة الكلابي: حديثها عند أصحاب السنن، وهما صدوقان، وقد توبعا. ومن فوقهما ثقات من رجال الشيخين. أبو عُميس: هو عتبة بن عبد الله المسعودي.
وأخرجه أحمد 4/50-51، والبخاري (3051) في الجهاد: باب الحربي إذا دخل دار الإسلام بغير أمان، وأبو داود (2653) في الجهاد: باب في الجاسوس المستأمن، والنسائي في " الكبري " كما في " التحفة " 4/37، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3/227، والطبراني 7/ (6272) ، والبيهقي 6/307 و 9/147 من طريقي أبي نعيم وجعفر بن عون، كلاهما عن أبي العميس، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/45، وابن ماجه (2836) في الجهاد: باب المبارزة والسلب، من طريق وكيع، عن أبي العميس (وزاد ابن ماجه: وعكرمة) ، عن إياس، عن أبيه بلفظ: بارزت رجلاً فقتلته، فنفَّلني رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلَبَه.
وأخرجه الطبراني (627) من طريق عتبة بن عبد الله، عن إياس، به. وانظر الحديث رقم (4843) .(11/171)
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ بَيْنَ الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي فَإِذَا أَنَا بَيْنَ غُلَامَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ، إِذْ غَمَزَنِي أَحَدُهُمَا، فَقَالَ أَيْ عَمِّ، هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، وَمَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ، يَا بْنَ أَخِي، فَقَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ، يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ رَأَيْتُهُ لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ، حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ، مِنَّا، قَالَ: فَأَعْجَبَنِي قَوْلُهُ، قَالَ: فَغَمَزَنِي الْآخَرُ، وَقَالَ مِثْلَهَا، فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ رَأَيْتُ أَبَا جَهْلٍ يَجُولُ بَيْنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ لَهُمَا: هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي تَسَلَانِي عَنْهُ، فَابْتَدَرَاهُ، فَضَرَبَاهُ بِسَيْفِهِمَا فَقَتَلَاهُ، ثُمَّ أَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَاهُ بِمَا صَنَعَا، فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ؟» ، فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ، فَقَالَ: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَكُمَا؟» ، قُلْنَا: لَا، قَالَ فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كِلَاكُمَا قَتَلَهُ» ، ثُمَّ قَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، قَالَ، وَالرَّجُلَانِ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ. (1) . [5: 3]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. يحيى بن يحيى: هو التميمى، ويوسف بن الماجشون: هو يوسف بن يعقوب بن أبي سلمة الماجشون.
وأخرجه مسلم (1752) في الجهاد: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، والبيهقي 6/306 من طريق يحيى بن يحيى التميمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/192-193، والبخاري (3141) في فرض الخمس: باب من لم يخمس الأسلاب، و (3964) في المغازي: باب قتل =(11/172)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «هَذَا خَبَرٌ أَوْهَمَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّتِنَا، أَنَّ سَلَبَ الْقَتِيلِ، إِذَا اشْتَرَكَ النَّفْسَانِ فِي قَتْلِهِ، يَكُونُ خِيَارُهُ إِلَى الْإِمَامِ، بِأَنْ يُعْطِيَهُ أَحَدَ الْقَاتِلَيْنِ، مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَكُنَّا نَقُولُ بِهِ مُدَّةً، ثُمَّ تَدَبَّرْنَا، فَإِذَا هَذِهِ الْقِصَّةُ كَانَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَحِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ حُكْمُ سَلَبِ الْقَتِيلِ لِقَاتِلِهِ، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ، كَذَلِكَ كَانَ الْخِيَارُ إِلَى الْإِمَامِ، أَنْ يُعْطِيَ ذَلِكَ أَيَّمَا شَاءَ مِنَ الْقَاتِلَيْنِ، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَلَبِ أَبِي جَهْلٍ حَيْثُ أَعْطَاهُ مُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ، وَكَانَ هُوَ، وَمُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ قَاتِلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:» مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ «، فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَيَوْمُ حُنَيْنٍ بَعْدَ بَدْرٍ، بِسَبْعِ سِنِينَ، فَذَلِكَ مَا وَصَفْتُ عَلَى أَنَّ الْقَاتِلَيْنِ، إِذَا اشْتَرَكَا فِي قَتِيلٍ كَانَ السَّلَبُ لَهُمَا مَعًا» (1) .
__________
= أبي جهل، والطحاوي 3/227-228، والبيهقي 6/305 و 306 من طرق عن يوسف بن الماجشون، به.
وأخرجه البخاري (988) في المغازي: باب رقم (10) ، عن يعقوب بن محمد، عن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد بن عوف، عن أبيه، عن جده، عن عبد الرحمن.
وقوله " لَا يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الْأَعْجَلُ منا " أي: لا يفارق شخصي شخصه حتى يموت أحدنا، وهو الأقرب أجلاً.
وقوله " لم أنشَبْ " أي: لم ألبث.
(1) وقال النووي في " شرح مسلم " 12/63: اختلف العلماء في معنى هذا الحديث، فقال أصحابنا: اشترك هذان الرجلان في جراحته، لكن معاذ بن عمرو بن الجموح ثخنه أولاً، فاستحق السلب، وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " كلا كما قتله " تطييباً لقلب الآخر من حيث أن له مشاركة في قتله، والا فالقتل =(11/173)
ذِكْرُ لَفْظَةٍ أَوْهَمَتِ الْمُتَبَحِّرَ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يُضَادُّ الْخَبَرَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُمَا
4841 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْرُوقُ بْنُ الْمَرْزُبَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْإِفْرِيقِيِّ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ حُنَيْنٍ: «مَنْ تَفَرَّدَ بِدَمٍ فَلَهُ سَلَبُهُ» ، قَالَ فَجَاءَ أَبُو طَلْحَةَ بِسَلَبٍ وَاحِدٍ وَعِشْرِينَ نَفْسًا (1) . [5: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «قَوْلُهُ مَنْ تَفَرَّدَ بِدَمٍ، فَلَهُ سَلَبُهُ، وَمَنْ
__________
= الشرعي الذي يتعلق به استحقاق السلب وهو الإثخان وإخراجه عن كونه ممتنعاً إنما وجد من معاذ بن عمرو بن الجموح، فلهذا قضى له بالسلب، قالوا: وإنما أخد السيفين ليستدل بهما على حقيقة كيفية قتلهما، فعلم أن ابن الجموح أثخنه، ثم شاركه الثاني بعد ذلك وبعد استحقاقه السلب، فلم يكن له حق في السلب، هذا مذهب أصحابنا في معنى هذا الحديث، وقال أصحاب مالك: إنما أعطاه لأحدهما، لأن الإمام مخير في السلب يفعل فيه ما شاء.
(1) إسناده حسن، مسروق بن المرزبان روى له ابن ماجه، وهو صدوق صاحب أوهام، وأبو أيوب الإفريقي -واسمه عبد الله بن علي الأزرق- روى له أبو داود والترمذي، وهو صدوق يخطىء، وقد توبعا، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. ابن أبي زائدة: هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة.
وأخرجه البيهقي 6/307 من طريق يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، كلاهما عن أبي أيوب الإفريقي، بهذا الإسناد. وقد تقدم مطولاً في الحديث رقم (4836) و (4838) .(11/174)
قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ مَنْ قَتَلَ وَحْدَهُ، فَلَهُ سَلَبُ الْمَقْتُولِ، إِذَا كَانَ مُنْفَرِدًا بِدَمِهِ، وَإِذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي قَتْلِ وَاحِدٍ كَانَ السَّلَبُ بَيْنَهُمْ، لِأَنَّ الْعِلَّةَ، الَّتِي هِيَ مَوْجُودَةٍ فِي قَاتِلٍ وَاحِدٍ، وُجِدَتْ فِي الْقَاتِلِينَ، إِذَا اشْتَرَكُوا فِي دَمٍ، وَاسْتَوَى حُكْمُهُمْ، وَحُكْمُ الْمُنْفَرِدُ فِيمَا وَصَفْنَا»
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ السَّلَبَ لِلْقَاتِلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ
4842 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ مَدَدِيًّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ (1) رَافَقَهُمْ، وَأَنَّ رُومِيًّا كَانَ يَسْمُو عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَيُغْرِي عَلَيْهِمْ فَتَلَطَّفَ الْمَدَدِيُّ، فَقَعَدَ تَحْتَ صَخْرَةٍ، فَلَمَّا مَرَّ بِهِ عَرْقَبَ فَرَسَهُ، وَخَرَّ الرُّومِيُّ لِقَفَاهُ، وَعَلَاهُ الْمَدَدِيُّ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلَهُ، وَأَقْبَلَ بِسَرْجِهِ، وَلِجَامِهِ، وَسَيْفِهِ، وَمِنْطَقَتِهِ، وَسِلَاحِهِ، فَذَهَبَا بِالذَّهَبِ وَالْجَوْهَرِ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَأَخَذَ خَالِدٌ مِنْهُ طَائِفَةً وَنَفَّلَهُ بَقِيَّتَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا خَالِدُ، مَا هَذَا؟ أَمَا تَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَفَّلَ السَّلَبَ كُلَّهُ لِلْقَاتِلِ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي اسْتَكْثَرْتُهُ، فَقُلْتُ: أَمَا لَعَمْرِ اللَّهِ لَأُعَرِّفَنَّهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا
__________
(1) كذا في الأصل و " التقاسيم " 4/لوحة 162، وهو خطأ، والصواب أنه في غزوة مؤتة كما جاء في الموارد التي خرجت الحديث. وفي " سنن سعيد بن منصور " 2/304، وأحمد 6/26 " طرف الشام ".(11/175)
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخْبَرَتْهُ خَبَرَهُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى الْمَدَدِيِّ بَقِيَّةَ سَلَبِهِ، فَوَلَّى خَالِدٌ لِيَفْعَلَ، فَقُلْتُ لَهُ: فَكَيْفَ رَأَيْتَ يَا خَالِدُ أَلَمْ أَفِ لَكَ بِمَا وَعَدْتُكَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ، وَقَالَ: «يَا خَالِدُ لَا تُعْطِهِ وَأَقْبِلْ عَلَيَّ» ، فَقَالَ: «هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُوا لِي أُمَرَائِي؟، لَكُمْ صَفْوَةُ أَمْرِهِمْ، وَعَلَيْهِمْ كَدَرُهُ» (1) .
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير عمرو بن عثمان -وهو ابن سعيد القرشي- فروى له أصحاب السنن، وهو ثقة. والوليد بن مسلم قد صرح بالتحديث عند مسلم وغيره.
وأخرجه أحمد 6/27-28، ومسلم (1753) (44) في الجهاد والسير: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، وأبو داود (2719) فى الجهاد: باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى والفرس والسلاح في السلب، والطحاوي في " شرح معاني الآثار " 3/231، والبيهقي 6/310، والبغوي (2725) من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه سعيد بن منصور 2/304، وأحمد 6/26 من طريقين عن صفوان، به.
وأخرجه مسلم (1753) (43) من طريق معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، به.
وأخرجه أحمد 6/28 ومن طريقه أبو داود (2720) ، والبيهقي 6/310، وأخرجه الطحاوي 3/231 من طريق دحيم، كلاهما عن الوليد بن مسلم، عن ثور، عن خالد بن معدان، عن جبير بن نفير، عن عوف بن مالك.
و" المددي ": هو رجل من المدد الذين جاؤوا يَمُدُّون مُؤْتَةَ ويُساعدونهم. و " يُغري عليهم " أي: يُهيج الكفرة على المسلمين، ويحثهم على قتالهم، وفى بعض النسخ في مصادر التخريج " يفري " بالفاء، أي: =(11/176)
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَا خَالِدُ لَا تُعْطِهِ» أَرَادَ بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، ثُمَّ أَمَرَهُ، فَأَعْطَاه. [5: 3]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ سَلَبَ الْقَتِيلِ يَكُونُ لِلْقَاتِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ مُنَابِذًا أَوْ مُوَلِّيًا
4843 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ حَدَّثَنِي إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوَازِنَ، فَبَيْنَا نَحْنُ قُعُودٌ نَتَضَحَّى إِذَا رَجُلٌ عَلَى جَمَلٍ أَحْمَرَ، فَانْتَزَعَ طَلَقًا مِنْ حَقْوِ الْبَعِيرِ فَقَيَّدَ بِهِ بَعِيرَهُ، ثُمَّ جَاءَ حَتَّى قَعَدَ مَعَنَا يَتَغَدَّى فَنَظَرَ فِي وجُوهِ الْقَوْمِ، فَإِذَا ظَهْرُهُمْ فِيهِ رِقَّةٌ، وَأَكْثَرُهُمْ مُشَاةٌ، فَلَمَّا نَظَرَ فِي وجُوهِ الْقَوْمِ، خَرَجَ يَعْدُو حَتَّى أَتَى بَعِيرَهُ، فَقَعَدَ عَلَيْهِ يُرْكِضُهُ، وَهُوَ طَلِيعَةٌ لِلْكُفَّارِ، فَاتَّبَعَهُ رَجُلٌ مِنَّا مِنْ أَسْلَمَ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ وَرْقَاءَ، قَالَ إِيَاسٌ: قَالَ أَبِي، فَاتَّبَعْتُهُ أَعْدُو وَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي، فَضَرَبْتُ رَأْسَهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِنَاقَتِهِ أَقُودُهَا عَلَيْهَا سَلَبُهُ، فَاسْتَقْبَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاسِ، فَقَالَ: مَنْ قَتَلَ الرَّجُلَ؟، قَالَ ابْنُ الْأَكْوَعِ، قُلْتُ: أَنَا قَالَ: لَكَ سَلَبُهُ أَجْمَعُ " (1) . [1: 21]
__________
= يبالغُ في النكاية والقتل. و " عرقَبَ فرسَه " أي: قطع عرقوب فرسه، وهو عصب غليظ في رجل الدابة، و " المِنْطَقَة ": كل ما شدَّ به وسطه.
(1) إسناده حسن على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عكرمة بن عمار فمن رجال مسلم، وهو صدوق. =(11/177)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «هَذَا النَّوْعُ لَوِ اسْتَقْصَيْنَا فِيهِ، لَدَخَلَ فِيهِ أَكْثَرُ السُّنَنِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يُبَيِّنُ عَنْ مُرَادٍ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنَ الْكِتَابِ قَوْلًا، وَفِعْلًا، وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَيْهِ، الْغُنْيَةُ لِمَنْ تَدَبَّرَ الْقَصْدَ فِيهِ» [1: 21]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ السَّلَبَ لَا يُخَمَّسُ
4844 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ،
__________
= وأخرجه الطبراني 7/ (6241) من طريق أبي خليفة الفضل بى الحباب الجمحي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (2654) في الجهاد: باب في الجاسوس المستأمن، والبيهقي 6/307 من طريقين عن أبي الوليد الطيالسي، به.
وأخرجه أحمد 4/46 و 49-50 و 51، ومسلم (1754) في الجهاد: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، وأبو داود (2654) ، والطحاوي 3/227، والطبراني 7/ (6241) ، والبيهقي 6/307 من طرق عن عكرمة بن عمار، به. وانظر الحديث رقم (4839) .
وقوله: " نتضحَّى " أى: نتغَذَّى، وهو مأخوذ من الضحاء، وهو بعد امتداد النهار وفوق الضحى، وقوله: " انتزع طلقاً من حقو البعير " الطَّلَق: العقال من جلد، والحَِقْو: هو مَشَدُّ الإزار من الجَنْب، و " ظهرهم " أراد به الإبل، أي: المراكب، و " الطليعة ": هو الذى يُبْعَثُ لمطالعة خبر العدو، و" ورقاء " أي: في لونها سواد كالغبرة و " اخترطت سيفي " أي: سللته.(11/178)
عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ» (1) . [4: 3]
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِمَنْ أَخَذَ الْعَدُوُّ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ ظَفَرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ أَخَذَهُ إِذَا عَرَفَهُ بِعَيْنِهِ دُونَ أَنْ يَكُونَ فِي سَائِرِ الْغَنَائِمِ
4845 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «ذَهَبَتْ فَرَسٌ لَهُ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ فَرَدَّ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ: «وَأَبَقَ عَبْدٌ لَهُ فَلَحِقَ بِالرُّومِ، فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (2) . [4: 50]
__________
(1) حديث صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير عمرو بن عثمان- وهو ابن سعيد القرشي- ولا تضر عنعنة الوليد بن مسلم، فقد توبع.
وأخرجه سعيد بن منصور (2698) ، ومن طريقه أبو داود (2721) في الجهاد: باب في السلب لا يخمس، والبيهقي 6/310، عن إسماعيل بن عياش، وأحمد 6/26، وابن الجارود (1077) من طريق أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، كلاهما عن صفوان، عن عبد الرحمن بن جُبير، عن أبيه، عن عوف بن مالك وخالد بن الوليد.
السَّلَب: هو ما يأخذُه أحد القِرنَين في الحرب من قِرنه مما يكون عليه ومعه من سلاح وثياب ودابة وغيرها، وهو فعل، بمعني مفعول، أي: مسلوب.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن عمر: هو ابن حفص العمري. =(11/179)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ وَطْءِ الْحَامِلِ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا
4846 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَهَى عَامَ خَيْبَرَ، أَنْ تُوطَأَ الْحَبَالَى مِنَ السَّبْيِ، حَتَّى يَضَعْنَ» (1) . [2: 5]
__________
= وأخرجه البيهقي 9/110 من طريق الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.
وعلقه البخاري (3067) في الجهاد: باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم، ومن طريقه البغوي (2734) عن عبد الله بن نمير، به، ووصله أبو داود (2699) في الجهاد: باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة، وابن ماجه (2847) في الجهاد: باب ما أحرز العدو ثم ظهر عليه المسلمون، وابن الجارود (1068) من طرق عن عبد الله بن نمير، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 12/445، والبخاري (3068) ، وأبو داود (2698) ، والبيهقي 9/110 من طرق عن عبيد الله بن عمر، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9352) و (9353) ، وسعيد بن منصور (2797) ، والبخاري (3069) ، والبيهقي 9/110-111 من طرق عن نافع.
وأخرجه مالك 2/452 في الجهاد: باب ما يرد قبل أن يقع القسم مما أصاب العدو، عن ابن عمر بلاغاً.
(1) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير أسامة بن زيد -وهو الليثي- فروى له مسلم نسخة لابن وهب عنه في الشواهد أو مقروناً، وهو صدوق حسن الحديث. أبو إدريس الخولاني: هو عائذ الله بن عبد الله. =(11/180)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
***
__________
= وفي الباب عن ابن عباس عند النسائي 7/301، وأورده الهيثمي في " المجمع " 5/4 وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.
وعن رويفع بن ثابت الأنصاري عند أبي داود (2158) و (2159) ، والترمذي (1131) ، وأحمد 4/108 و 109.
وعن أبي سعيد الخدري عند أبي داود (2157) ، والدارمي 2/171، وأحمد 3/62 و 87، والدارقطني 4/112، والحاكم 2/195، والبيهقي 7/449 بلفظ: " لا توطأ حامل حتى تَضَعَ، ولا غير ذات حمل حتى تَحيض حيضة ".
وعن العرباض بن سارية عند الترمذي (1564) ، وقال: والعمل على هذا عند أهل العلم، وهو في " المستدرك " 2/135، وسنده حسن في الشواهد.
وعن أبي أمامة عند الطبراني، قال الهيثمي في " المجمع " 4/300 رجاله رجال الصحيح.
وعن مكحول مرسلاً عند سعيد بن منصور (2815) ، ورجاله ثقات.(11/181)
15 - بَابُ الْغُلُول
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَغُلَّ الْمَرْءُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ تَافِهًا
4847 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا يُعَارٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهُ، حَمْحَمَةٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُولُ لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ» .(11/182)
لَا أُلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفَيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفُقُ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُولُ: لَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ (1) . [2: 66]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وجرير: هو ابن عبد الحميد، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير، مختلف في اسمه.
وأخرجه مسلم (1831) في الإمارة: باب تحريم الغلول، عن أبي خيثمة، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
وقوله: " لا ألفين " أي: لا أجدن أحدكم على هذه الصفة، ومعناه: لا تعملوا عملاً أجدكم بسببه على هذه الصفة.
وقوله: " صامت ": هو الذهب والفضة، أو ما لا روح له من أصناف المال، يقال: ماله صامت ولا ناطق، فالناطق: الحيوان كالإبل والغنم وغيرها.
وقوله: " رقاع تخفق " أي: تضطرب وتلمع إذا حركتها الرياح، وأراد بها الثياب التي يغلها الغال مما يختطفه من الغنائم، كما فسره المصنف في الحديث التالي، وابن الجوزي، وقال الحميدي كما في " الفتح " 6/186، وابن الأثير في " النهاية " 2/251، و " جامع الأصول " 2/717: المراد بها: ما عليه من الحقوق المكتوبة في الرقاع، واستبعده ابن الجوزي، لأن الحديث سبق لذكر الغلول الحسي، فحمله على الثياب أنسب.
ومعنى الحديث: أن كل شيء يغله الغال يجيء يوم القيامة حاملاً له ليفتضح به على رؤوس الأشهاد، سواء كان المغلول حيواناً، أو إنساناً أو ثياباً، أو ذهباً، أو فضة، وهذا تفسير لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَة} .(11/183)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْغُلُولِ إِذِ الْغَالُّ يَأْتِي بِمَا غَلَّ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِه
4848 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ أَبُو حَيَّانَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَوْمٍ، فَذَكَرَ الْغُلُولَ فَعَظَّمَ مِنْ أَمْرِهِ، ثُمَّ قَالَ:
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ، لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، فَيَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا يُعَارٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ لَهَا حَمْحَمَةٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ
وَلَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، عَلَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ.(11/184)
لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، يَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَغِثْنِي، فَأَقُولَ لَا أَمْلِكُ لَكَ شَيْئًا، قَدْ أَبْلَغْتُكَ» (1) .
«الرِّقَاعُ أَرَادَ ثِيَابًا» قَالَهُ أَبُو حَاتِم. [2: 91]
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ النَّارِ لِلْغَالِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4849 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ الْحَنَفِيُّ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ نَفَرٌ يَوْمَ خَيْبَرَ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، وَفُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى ذَكَرُوا رَجُلًا، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي عَبَاءَةٍ غَلَّهَا، أَوْ بُرْدَةٍ غَلَّهَا» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ، فَنَادِ فِي النَّاسِ، أَنَّهُ
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو مكرر ما قبله.
وأخرجه مسلم (1831) في الإمارة: باب غلظ تحريم الغلول، عن أبي خيثمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/426، وابن أبي شيبة 12/492-493، والبخاري (3073) في الجهاد: باب الغلول وقول الله عز وجل: {ومن يَغْلُلْ يأتِ بما غَلَّ يوم القيامة} ، ومسلم (1831) ، والطبري في " جامع البيان " (8155) و (8156) و (8157) ، والبيهقي 9/101 من طرق عن أبي حيان يحيى بن سعيد التيمي، به.(11/185)
لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةُ إِلَّا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ» ، قَالَ فَخَرَجْتُ، فَنَادَيْتُ فِي النَّاس (1) . [2: 109]
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ انْتِفَاعِ الْمَرْءِ بِالْغَنَائِمِ عَلَى سَبِيلِ الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ فِيهِ
4850 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سُلَيْمٍ التُّجِيبِيِّ، عَنْ حَنَشِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّبَائِيِّ، عَنْ رُوَيْفِعِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ عَامَ خَيْبَرَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَسْقِيَنَّ مَاءَهُ وَلَدَ غَيْرِهِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَأْخُذَنَّ دَابَّةً مِنَ الْمَغَانِمِ فَيَرْكَبَهَا حَتَّى إِذَا أَعْجَفَهَا رَدَّهَا فِي الْمَغَانِمِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَلْبَسْ ثَوْبًا مِنَ الْمَغَانِمِ حَتَّى إِذَا أَخْلَقَهُ رَدَّهُ فِي الْمَغَانِمِ» (2) . [2: 109]
__________
(1) إسناده حسن على شرط مسلم. أبو زميل: هو سماك بن الوليد.
وأخرجه الدارمي 2/230-231 عن أبي الوليد الطيالسي، بها الإسناد.
وأخرجه الترمذي (1574) في السير: باب ما جاء في الغلول، والبيهقي 9/101 من طريقين عن عكرمة بن عمار، به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب. وانظر (4857) .
(2) إسناده حسن. ربيعة بن سليم التجيبي، ويقال: أبو مرزوق التجيبي، روى عنه جمع، وذكره المؤلف في " الثقات "، واضطرب رأي الحافظ فيه، فذكره =(11/186)
ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْجِنَانِ عَنِ الشَّهِيدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا كَانَ قَدْ غَلَّ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغُلُولُ شَيْئًا يَسِيرًا
4851 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ
__________
= في الأسماء فقال: مقبول، وذكره في " الكنى "، فقال: ثقة، وباقي رجاله ثقات من رجال الصحيح. أبو الطاهر: هو أحمد بن عمرو بن عبد الله بن السرح القرشي المصري، ويحيى بن أيوب: هو الغافقي المصري.
وأخرجه الطحاوي 3/251، والبيهقي 9/62 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (1131) في النكاح: باب ما جاء في الرجل يشتري الجارية وهي حامل، عن عمر بن حفص الشيباني، حدثنا عبد الله بن وهب، حدثنا يحيى بن أيوب، عن ربيعة بن سليم، عن بُسر بن عبيد الله، عن رويفع بن ثابت، فذكره مختصراً. وقال: هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجه عن رويفع بن ثابت.
وأخرجه مطولاً ومختصراً أحمد 4/108 و108-109، وسعيد بن منصور (2722) ، وابن أبي شيبة 12/222-223، و 14/465 والدارمي 2/230، وابن سعد في الطبقات 2/114-115، وأبو داود في "سننه" (2158) و (2159) في النكاح: باب في وطء النساء و (2708) في الجهاد: باب في الرجل يتتفع من الغنيمة بشيء، والطحاوي 3/251، والطبراني في " الكبير " (4482) و (4483) و (4484) و (4485) و (4486) و (4489) من طرق عن أبي مرزوق ربيعة بن سليم، به. وجاء عند بعضهم: " عام خيبر "، وعند آخرين: " عام حنين؟ ".
وأخرجه أحمد 4/108، والطبراني (4488) من طرق عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن حنش، به.(11/187)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَامَ خَيْبَرَ فَلَمْ نَغْنَمْ ذَهَبًا وَلَا فِضَّةً إِلَّا الْأَمْوَالَ وَالثِّيَابَ، وَالْمَتَاعَ، فَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَحْوَ وَادِي الْقُرَى، وَكَانَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ وَهَبَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدًا أَسْوَدَ، يُقَالُ لَهُ مِدْعَمٌ، فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِوَادِي الْقُرَى، فَبَيْنَمَا مِدْعَمٌ يَحُطُّ رَحْلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ سَهْمٌ عَائِرٌ، فَأَصَابَهُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ النَّاسُ هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا، وَالَّذِي (1) نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ، مِنَ الْمَغَانِمِ لَمْ تُصِبْهَا الْمَقَاسِمُ لَتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا» ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ النَّاسُ جَاءَ رَجُلٌ بِ شِرَاكٍ، أَوْ شِرَاكَيْنِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شِرَاكٌ مِنْ نَارٍ، أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ» (2) . [2: 109]
__________
(1) في الأصل: " والتي "، وهو تحريف، والمثبت من " التقاسيم " 2/لوحة 232.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الغيث مولى مطيع: اسمه سالم، وهو في " الموطأ " 2/459 في الجهاد: باب ما جاء في الغلول.
ومن طريق مالك أخرجه البخاري (4234) في المغازي: باب غزوة خيبر، و (6077) في الأيمان والنذور: باب هل يدخل في الأيمان والنذور الأرض والغنم والزروع والأمتعة، وسلم (115) في الإيمان: باب غلظ تحريم الغلول، وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، وأبو داود (2711) في الجهاد: باب في تعظيم الغلول، والنسائي 7/24 في الأيمان والنذور: باب هل تدخل الأرضون في المال إذا نذر، والبيهقي 9/100، والبغوي في " شرح السنة " (2828) ، وفي " معالم التنزيل " 1/367، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (115) عن قتيبة بن سعيد، عن الدراوردي، عن ثور بن يزيد، به. وانظر ما بعده. =(11/188)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ بِدَوْسٍ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خَارِجٌ نَحْوَ خَيْبَرَ وَعَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعُ بْنُ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيُّ اسْتَخْلَفَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى أَبُو هُرَيْرَةَ، مَعَ سِبَاعٍ، وَسَمِعَهُ يَقْرَأُ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [المطففين: 1] ، ثُمَّ لَحِقَ بِالْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَشَهِدَ خَيْبَرَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» (1) .
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِرَاكًا مِنْ نَارٍ أَرَادَ بِهِ أَنَّكَ إِنْ لَمْ تَرُدَّهُمَا عُذِّبْتَ بِمِثْلِهِمَا، فِي النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا
4852 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ،
__________
= وقوله: " سهم عائر " يعني لا يُدرى مَنْ رماه، وهو الجائر عن قصده، ومنه عار الفرس: إذا ذهب على وجهه كأنه منفلت، والشملة: كساء يشتمل به الرجل.
(1) أراد المصنف رحمه الله بقوله هذا أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يخرج مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما خرج إلى خيبر، وإنما لحق به بعد ذلك، ونقل الحافظ المزي في " الأطراف " 9/459، والحافظ ابن حجر في " الفتح " 7/488 عن الدارقطني، عن موسي بن هارون أنه قال: وَهِمَ ثور في هذا الحديث، لأن أبا هريرة لم يخرج مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خيبر، وإنما قدم بعد خروجهم، وقدم عليهم خيبر بعد أن فتحت.
وقال الحافظ ابن حجر: وكأن محمد بن إسحاق صاحب " المغازي " استشعر بوهم ثور بن زيد في هذه اللفظة، فروى الحديث بدونها، وأشار إلى الحديث التالي عند المصنف.
قلت: وحديث قدوم أبي هريرة الْمَدِينَةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ، أخرجه أحمد 2/345-346، وسيأتي عند المصنف برقم (7112) . وانظر " دلائل النبوة " للبيهقي 4/198.(11/189)
قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنْ سَالِمٍ، مَوْلَى ابْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أَهْدَى رِفَاعَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامًا، فَخَرَجَ بِهِ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ، فَأَتَى الْغُلَامَ سَهْمٌ غَرْبٌ فَقَتَلَهُ فَقُلْنَا هَنِيئًا لَهُ الْجَنَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، الشَّمْلَةُ (1) لَتَحْتَرِقُ عَلَيْهِ الْآنَ فِي النَّارِ غَلَّهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ خَيْبَرَ» ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ يَوْمَئِذٍ شِرَاكَيْنِ، قَالَ: «يُعَدَّدُ (2) لَكَ مِثْلُهُمَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ " (3) . [2: 109]
ذِكْرُ تَرْكِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ مَاتَ وَقَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4853 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ
__________
(1) لفظ ابن أبي شيبة: " إن شملته "، وعند الحاكم: إن الشملة.
(2) عند ابن أبي شيبة والحاكم: يُقَدُّ.
(3) إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن إسحاق وهو مدلس، وقد صرح بالتحديث عند الحاكم، فانتفت شبهة تدليسه. ابن فضيل: هو محمد. وهو في " مصنف ابن أبي شيبة " 12/495.
وأخرجه الحاكم 3/40 من طريق يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حدثنا يزيد بن خصيفة، به. وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي! وذكره الحافظ ابن حجر في " الفتح " 4/488، وزاد نسبته إلى ابن منده.(11/190)
عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ يَوْمَ خَيْبَرَ، فَذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَتَغَيَّرَتْ وجُوهُ الْقَوْمِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَفَتَحْنَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ الْيَهُودِ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ (1) . [2: 109]
__________
(1) حديث صحيح. وأخرجه أبو داود (2710) في الجهاد: باب في تعظيم الغلول، والحاكم 2/127، وعنه البيهقي في " دلائل النبوة " 4/255 من طريق مسدد، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرطهما، ووافقه الذهبي!.
وأخرجه النسائي 4/64 في الجنائز: باب الصلاة على من غَلَّ، عن عبيد الله بن سعيد، عن يحيى القطان، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9501) و (9502) ، وأحمد 5/192، والحميدي (815) ، وأبو بكر وابن أبي شيبة 12/491-492، وأبو داود (2710) ، وابن الجارود (1081) ، والحاكم 2/127، والبيهقي في " السنن " 9/101، وفي " الدلائل " 4/255، والبغوي في " شرح السنة " (2729) ، وفي " التفسير " 1/367، والطبراني في " الكبير " (5174) و (5175) و (5176) و (5180) و (5181) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
وأخرجه أحمد 4/114، وابن ماجه (2848) في الجهاد: باب الغلول: والطبراني (5177) و (5178) و (5179) من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني.
وأخرجه مالك في " الموطأ " 2/458 في الجهاد: باب ما جاء في الغلول، عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أن زيد بن خالد الجهني ... =(11/191)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَرْكَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ عَلَى الْغَالِّ وَعَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ فَتْحِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى صَفِيِّهِ الْمُصْطَفَى الْفُتُوحَ
4854 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، بِعَسْقَلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً (1) صَلَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا قَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ» ، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ» (2) . [2: 109]
__________
= قال الزرقاني في " شرح الموطأ " 3/30: قال ابن عبد البر: كذا ليحيى، وهو غلط سقط عنه شيخ محمد، وهو في رواية غيره إلا أنهم اختلفوا، فقال القعنبي، وابن القاسم، وأبو مصعب، ومعن بن عيسى، وسعيد بن عفير: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنِ أبي عمرة، وقال ابن وهب، ومصعب الزبيري: عن ابن أبي عمرة واسمه عبد الرحمن الأنصاري البخاري، يقال: ولد فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ابن أبي حاتم: ليست له صحبة.
(1) قوله: " فإن حُدث أنه ترك وفاءً " سقط من الأصل، واستدرك من " التقاسيم " 2/لوحة 233.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حرملة، فمن رجال مسلم. يونس: هو ابن يزيد الأيلي. وقد تقدم تخريجه برقم (3063) وسيأتي برقم (5054) .(11/192)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْغَالَّ يَكُونُ غُلُولُهُ فِي الْقِيَامَةِ عَارًا عَلَيْهِ
4855 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ أَبُو عَمْرٍو الْعَدْلُ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَكْحُولٍ الدِّمَشْقِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ فَلَقِيَ الْعَدُوَّ، فَلَمَّا هَزَمَهُمُ اللَّهُ اتَّبَعَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُونَهُمْ وَأَحْدَقَتْ طَائِفَةٌ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتَوْلَتْ طَائِفَةٌ عَلَى الْعَسْكَرِ، وَالنَّهْبِ، فَلَمَّا كَفَى اللَّهُ الْعَدُوَّ، وَرَجَعَ الَّذِينَ طَلَبُوهُمْ، قَالُوا: لَنَا النَّفْلُ نَحْنُ طَلَبْنَا الْعَدُوَّ وَبِنَا نَفَاهُمُ اللَّهُ وَهَزَمَهُمْ، وَقَالَ الَّذِينَ أَحْدَقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَاللَّهِ مَا أَنْتُمْ أَحَقَّ بِهِ مِنَّا، هُوَ لَنَا نَحْنُ أَحْدَقْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِأَنْ لَا يَنَالَ الْعَدُوُّ مِنْهُ غِرَّةً، قَالَ الَّذِينَ اسْتَوْلَوْا عَلَى الْعَسْكَرِ، وَالنَّهْبِ وَاللَّهِ مَا أَنْتُمْ بِأَحَقَّ مِنَّا هُوَ لَنَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ} [الأنفال: 1] الْآيَةَ، فَقَسَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَفِّلُهُمْ، إِذَا خَرَجُوا بَادِينَ الرُّبُعَ، وَيُنَفِّلُهُمْ إِذَا قَفَلُوا الثُّلُثَ، وَقَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَبَرَةً مِنْ جَنْبٍ بَعِيرٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، قَدْرَ هَذِهِ إِلَّا الْخُمُسِ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فَأَدُّوا الْخَيْطَ، وَالْمَخِيطَ، وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُولَ، فَإِنَّه(11/193)
عَارٌ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُذْهِبُ اللَّهُ بِهِ الْهَمَّ وَالْغَمَّ» قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ الْأَنْفَالَ، وَيَقُولُ: «لِيَرُدَّ قَوِيُّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ» (1) . [3: 10]
__________
(1) إسناده حسن. عبد الرحمن بن الحارث بن عياش، وسليمان بن موسى -وهو الأشدق- فيهما كلام ينزلهما عن رتبة الصحيح، وباقي السند ثقات.
أبو سلام: هو الأسود الحبشي، واسمه ممطور الأعرج، وقد تحرفت نسبته في الأصل و " التقاسيم " إلى: الباهلي. وأبو أسامة: هو صدي بن عجلان، صحابي مشهور، سكن الشام، ومات بها سنة 86 هـ، روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعن جماعة من الصحابة.
وأخرجه بأخصر ما هنا: الحاكم 2/135، وعنه البيهقي 6/292 عن دعلج بن أحمد السجستاني، حدثنا عبد العزيز بن معاوية البصري، حدثنا محمد بن جهضم، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي!.
وأخرجه مختصراً أحمد 5/318 و 319 و 319-320 و 322 و323 و324، والترمذي (1561) في السير: باب في النفل، وحسنه، والنسائي 7/131 في قسم الفيء: باب رقم (6) ، وابن ماجه (2852) في الجهاد: باب النفل، والطبري في " جامع البيان " (15654) ، والبيهقي 9/20-21 و57 من طرق عن عبد الرحمن بن الحارث، به.
وأخرجه عبد الرزاق (9334) ، وأحمد 5/319 و322-323، والدارمى 2/229 و 230، والطبري (15655) ، والحاكم 2/136 و 326، والبيهقي 6/292، من طرق عن عبد الرحمن بن الحارث، عن سليمان بن موسى، عن مكحول، عن أبي أمامة، عن عبادة. ولم يذكر أبا سلام الباهلي.
وأخرجه أحمد 4/315 و 316 و 330 من طريقين عن عبادة بن الصامت. وانظر " المسند " 5/316 و318 و 326 و 330، وابن ماجه =(11/194)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ الرِّبَاطِ عِنْدَ اسْتِحْلَالِ الْغَزَاةِ الْغَنَائِمَ
4856 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَيْرُوتَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَعْلَبَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي وَهْبٍ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ النُّدَّرِ السُّلَمِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَاطَ غَزْوُكُمْ وَكَثُرَتِ الْعَزَائِمُ وَاسْتُحِلَّتِ الْغَنَائِمُ فَخَيْرُ جِهَادِكُمُ الرِّبَاطُ» (1) . [3: 69]
__________
= (2850) .
(1) إسناده ضعيف. سويد بن عبد العزيز -هو ابن نمير الدمشقي السلمي- ضعفه أحمد، والنسائي، والترمذي، وأبو أحمد الحاكم وغيرهم، وقال دُحيم: ثقة، وكانت له أحاديث يغلط فيها، وقال البزار: ليس بالحافظ، ولا يحتج به إذا انفرد، وضعفه المصنف في " المجروحين " 1/350-351، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال: والذي عندي في سويد بن عبد العزيز تنكب ما خالف الثقات من حديثه، والاعتبار بما روى ممَّا لم يخالف الأثبات والاحتجاج بما وافق الثقات، وهو ممن أستخير الله عز وجل فيه، لأنه يقرب من الثقات، وباقي السند ثقات. أبو وهب: هو عبيد الله بن عبيد الكلاعي.
وأخرجه الطبراني في " الكبير " 17/ (334) ، والخطب في " تاريخه " 12/135 من طريقين عن سويد بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 5/290 وقال: رواه الطبراني، وفيه سويد بن عبد العزيز، وهو متروك.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 1/45 وزاد نسبته لابن منده، والديلمي. ونسبه المنذري في " الترغيب والترهيب " 2/247 إلى المصنف.
وقوله: " إذا انتاط غزوكم "، وروي: " انتاطت " قال الزمخشري =(11/195)
ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَنِ الْغَالِّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
4857 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ حَدَّثَنِي سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرٍ (1) أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فُلَانٌ شَهِيدٌ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالُوا: فُلَانٌ شَهِيدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا، أَوْ عَبَاءَةٍ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ، فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ» ، قَالَ فَخَرَجْتُ، فَنَادَيْتُ أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ (2) .
__________
= في " الفائق " 1/378 انتاطت: بعدت، افتعلت من نياط المفازة، وهو بعدها، كأنها نيطت بأخرى، والعزائم: عزمات الأمراء على الناس في الغزو إلى الأقطار البعيدة وأخذهم به.
وقوله: " واستحلت الغنائم " أي: لم تقسم على الغانمين.
(1) في الأصل و " التقاسيم " 5/لوحة 165: " يوم حنين "، والمثبت من " المسند " و" صحيح مسلم "، و " مصنف ابن أبي شيبة " ومن الرواية المتقدمة عند المصنف برقم (4849) .
(2) إسناده حسن، وقد تقدم برقم (4849) .
وأخرجه أحمد 1/30، وابن أبي شيبة 14/465-466، ومسلم (114) في الإيمان: باب غلظ تحريم الغلول وأنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، من طريق هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.(11/196)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ بِالطَّاعَةَ وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ يُنْفَى عَنْهُ اسْمُ الْإِيمَانِ بِالْمَعْصِيَةِ، إِذَا ارْتَكَبَهَا لَا الْإِيمَانُ كُلُّهُ، كَمَا أَنَّ الطَّاعَةَ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ أَتَى بِهَا اسْمُ الْإِيمَانِ، لَا الْإِيمَانُ كُلُّهُ.
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ أَخْذِ الْغُلُولِ عَمَّنْ غَلَّ، إِذَا أَتَى بِهِ بَعْدَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ لِتَكُونَ عُقُوبَةً لَهُ وَأَدَبًا لِمَا يَسْتَقْبِلُهُ مِنَ الْأُمُورِ
4858 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْمٍ الْأَنْطَاكِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ، قَالَ حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصَابَ مَغْنَمًا أَمَرَ بِلَالًا، فَنَادَى فِي النَّاسِ ثَلَاثَةً فَيَجِيءُ النَّاسُ بِغَنَائِمِهِمْ فَيُخَمِّسُهَا وَيَقْسِمُهَا، فَأَتَاهُ رَجُلٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِزِمَامٍ مِنْ شَعْرٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا فِيمَا كُنَّا أَصَبْنَا فِي الْغَنِيمَةِ، قَالَ: مَا سَمِعْتَ بِلَالًا نَادَى ثَلَاثًا قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَمَا مَنَعَكَ أَنْ تَجِيءَ بِهِ؟، فَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُنْ أَنْتَ الَّذِي تَجِيءُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَنْ أَقْبَلَهُ مِنْكَ» (1) . [5: 4]
*** [5: 3]
__________
(1) إسناده حسن، وقد تقدم برقم (4809) .(11/197)
16 - بَابُ الْفِدَاءِ وَفَكِّ الْأَسْرَى
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اسْتِعْمَالُ الْمُفَادَاةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الْأَعْدَاءِ إِذَا رَأَى ذَلِكَ لَهُمْ صَلَاحًا
4859 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: أَسَرَتْ ثَقِيفٌ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَسَرَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ، فَمَرَّ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُوثَقٌ، فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «عَلَامَ أُحْبَسُ؟» ، فَقَالَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكَ، ثُمَّ مَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَاهُ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ الْأَسِيرُ إِنِّي مُسْلِمٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قُلْتَهَا، وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَكَ، أَفْلَحْتَ كُلَّ الْفَلَاحِ» ، ثُمَّ مَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَاهُ أَيْضًا، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ حَاجَتُكَ، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَاهُ بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ(11/198)
كَانَتْ ثَقِيفٌ أَسَرَتْهُمَا (1) . [5: 3]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «قَوْلُ الْأَسِيرِ إِنِّي مُسْلِمٌ وَتَرْكُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُ، كَانَ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلِمَ مِنْهُ بِإِعْلَامِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ إِيَّاهُ، أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي قَوْلِهِ، فَلَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ فِي أَسْرِهِ، كَمَا كَانَ يَقْبَلُ مِثْلَهُ مِنْ مِثْلِهِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ أَسِيرًا، فَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدِ انْقَطَعَ الْوَحْيُ، فَإِذَا قَالَ الْحَرْبِيُّ إِنِّي مُسْلِمٌ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَرُفِعَ عَنْهُ السَّيْفَ سَوَاءٌ كَانَ أَسِيرًا أَوْ مُحَارِبًا (2) .
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير هناد بن السري، فمن رجال مسلم. أبو قلابة: هو عبد الله بن زيد الجرمي.
وأخرجه عبد الرزاق (9395) ، ومن طريقه الطبراني 18/ (453) عن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الشافعي 2/121، وأحمد 4/430 و433-434، والحميدي (829) ، ومسلم (1641) في النذور: باب لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد، وأبو داود (3316) في الأيمان والنذور: باب في النذر فيما لا يملك، والنسائي في " الكبرى " كما في " التحفة " 8/202، والبيهقي في " السنن " 9/72، وفي " دلائل النبوة " 4/188-189، وابن الجارود في " المنتقى " (933) من طرق عن أيوب، به.
(2) وقال الإمام النووي في " شرح مسلم " 11/100 تعليقاً على قوله: " لو قلتها وأنت تملك أمرك ": معناه: لو قلت كلمة الإسلام قبل الأسر حين كنت مالك أمرك أفلحت كل الفلاح، لأنه لا يجوز أسرك لو أسلمت قبل الأسر، فكنت فزت بالإسلام وبالسلامة من الأسر، ومن اغتنام مالك، وأما إذا أسلمت بعد الأسر فيسقط الخيار في قتلك، ويبقى الخيار بين الاسترقاق، والمن والفداء.(11/199)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَفُكَّ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَيْدِي الْمُشْرِكِينَ إِذَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
4860 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبِي بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَزَوْنَا فَزَارَةَ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَاءِ، أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَرَّسْنَا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الصُّبْحَ، أَمَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بِشَنِّ الْغَارَةِ، فَقَتَلْنَا عَلَى الْمَاءِ مَنْ قَتَلْنَا، قَالَ سَلَمَةُ: فَنَظَرْتُ إِلَى عُنُقِ مِنَ النَّاسِ فِيهِ الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَأَنَا أَعْدُو فِي آثَارِهِمْ، فَخَشِيتُ أَنْ يَسْبِقُونِي إِلَى الْجَبَلِ، فَرَمَيْتُ بِسَهْمٍ، فَوَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَبَلِ فَقَامُوا، فَجِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، حَتَّى أَتَيْتُ الْمَاءَ، وَفِيهِمُ امْرَأَةٌ مِنْ فَزَارَةَ عَلَيْهَا قَشْعٌ مِنْ آدَمَ مَعَهَا بِنْتٌ لَهَا، مِنْ أَحْسَنِ الْعَرَبِ، فَنَفَّلَنِي أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا فَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ بِتُّ وَلَمْ أَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا، فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «هَبْ لِي الْمَرْأَةَ» ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَنِي، ثُمَّ لَقِيَنِي مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ، فَقَالَ: «يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، فَهِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي أَيْدِيهِمْ أَسْرَى مِنَ(11/200)
الْمُسْلِمِينَ، فَفَدَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَكَّهُمْ بِهَا (1) . [5: 8]
***
__________
(1) إسناده حسن على شرط مسلم، في عكرمة بن عمار كلام ينزله عن رتبة الصحيح.
وأخرجه الطبراني (6237) عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 9/129 من طريق الأسفاطي العباس بن الفضل، عن أبى الوليد، به.
وأخرجه أحمد 4/46 و 51، ومسلم (1755) في الجهاد والسير: باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى، وأبو داود (2697) في الجهاد: باب الرخصة في المدركين يفرق بينهم، وابن ماجه (2846) في الجهاد: باب فداء الأسارى، والطبراني (6237) من طرق عن عكرمة بن عمار، به.
" التعريس ": النزول آخر الليل، و " شَنَّ الغارة " فَرَّقها، و " قاموا " أي: وقفوا، وفي التنزيل: {وإذا أظلم عليهم قاموا} و " لله أبوك " كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها، مثل قولهم: لله درُّك، فإن الإضافة إلى العظيم تشريف، فإذا وجد من الوليد ما يحمد، يقال: لله أبوك حيث أتى بمثلك.
قال النووي في " شرح مسلم " 12/68-69: فيه جواز استيهاب الإمام أهل جيشه بعض ما غنموه، ليفادي به مسلماً، أو يصرفه في مصالح المسلمين، أو يتألف به مَنْ في تألفه مصلحة، كما فعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا، وفي غنائم حنين.(11/201)
17 - بَابُ الْهِجْرَةِ
4861 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ صَالِحِ بْنِ بَشِيرِ بْنِ فُدَيْكٍ، أَنَّ فُدَيْكًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا فُدَيْكُ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَاهْجُرِ السُّوءَ وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمَكَ حَيْثُ شِئْتَ» (1) . [1: 8]
__________
(1) هشام بن عمر صدوق وقد توبع، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير صالح بن بشير بن فديك، فلم يُوثِّقهُ غير المؤلِّف 4/374، ولم يَروِ عنه غيرُ الزهري انظر " التاريخ الكبير " 4/273، و " الجرح والتعديل " 4/395، وفُديك قال البخاري في " التاريخ " 7/135: هو صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعد في أهل الحجار، ثم ذكر حديثه هذا من طريق الأوزاعي ومحمد بن الوليد الزبيدي، كلاهما عن الزهري ... ، وذكر ابن أبي حاتم 7/89 نحوه، وقال البغوي: سكن المدينة، وذكره المؤلف في " ثقاته " 3/334. وقال ابن السكن: يقال: إن فديكاً وابنه بشيراً جميعاً صحباً النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انظر " الإصابة " 3/195. =(11/202)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِمِ الصَّلَاةَ» أَمْرُ فَرْضٍ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لَا الْكَلِّ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاهْجُرِ السُّوءَ» فَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ فِي كُلِّ الْأَحْوَلِ، لِئَلَّا يَرْتَكِبُوا سُوءًا بِأَنْفُسِهِمْ مِنَ الْمَعَاصِي، وَبِغَيْرِهِمْ مِمَّا لَا يَرْضَى اللَّهُ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاسْكُنْ مِنْ أَرْضِ قَوْمَكَ حَيْثُ شِئْتَ» أَمْرُ إِبَاحَةٍ مُرَادُهُ الْإِعْلَامُ، بِأَنَّ تَارِكَ السُّوءِ عَلَى مَا وَصَفْنَا لَا ضَيْرَ عَلَيْهِ، أَيَّ مَوْضِعٍ سَكَنَ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدِ الْمَوَاضِعَ الشَّرِيفَةَ.
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ هِجْرَةٍ لَيْسَ فِيهَا (1) التَّحَوُّلُ مِنْ دَارِ الْكُفْرِ إِلَى دَارِ الْمُسْلِمِينَ
4862 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ، قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ، قَال
__________
= وأخرجه البيهقي 9/17 من طريق إسحاق بن عيسى، عن يحيى بن حمزة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 18/ (862) ، والبيهقي 9/17 من طريقين عن فديك بن سليمان، عن الأوزاعي، عن الزهري، به.
وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " 5/255 وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " و " الكبير " باختصار، ورجاله ثقات إلا أن صالح بن بشير أرسله ولم يقل " عن فديك ".
(1) " فيها " لم ترد في الأصل، واستدركت من " التقاسيم " 3/268.(11/203)
حَدَّثَنِي فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالْمُؤْمِنِ، مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَأَنْفُسِهِمْ، وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ، وَيَدِهِ، وَالْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ» (1) . [3: 66]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله كلهم ثقات. عبد الله: هو ابن المبارك، وأبو هانىء الخولاني: هو حميد بن لاحق.
وأخرجه أحمد 6/21 عن علي بن إسحاق عن عبد الله، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 1/10-11 من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث، وسعيد بن أبي مريم كلاهما عن الليث، به. وقال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وأقره الذهبي!.
وأخرجه الطبراني في " الكبير " 18/796 من طريق عبد الله بن صالح، عن الليث به.
وأخرجه أحمد 6/22 من طريق رشدين بن سعد، والبزار (1143) من طريق ابن وهب، كلاهما عن أبي هانىء الخولاني، به.
وأخرجه مختصراً ابن ماجه (3934) من طريق ابن وهب، به. وقال البوصيري في " مصباح الزجاجة " ورقة 245: إسناده صحيح.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 3/268، وقال: رواه البزار والطبراني فى " الكبير " باختصار، ورجال البزار ثقات. وانظر (4706) .
وله شاهد صحيح من حديث أنس عند المؤلف، وقد تقدم برقم (510) .
ونزيد فيه هنا: وأخرجه أحمد 3/154، والبزار (21) ، وأبو يعلى (4187) من طرق عن أنس.(11/204)
ذِكْرُ الْإِخْبَارُ عَنْ تَفْضِيلِ الْهِجْرَةِ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ تَبَايُنِ نِيَّاتِهِمْ فِيهَا
4863 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ سَلْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِصَامِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي كَثِيرٍ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «الْهِجْرَةُ هِجْرَتَانِ، فَأَمَّا هِجْرَةُ الْبَادِي يُجِيبُ (1) إِذَا دُعِيَ وَيُطِيعُ إِذَا أُمِرَ، وَأَمَّا (2) هِجْرَةُ الْحَاضِرِ، فَهِيَ أَشَدُّهُمَا بَلِيَّةً، وَأَعْظَمُهُمَا (3) أَجْرًا» (4) . [3: 66]
__________
(1) " يجيب " كذا جاء في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 268 بحذف الفاء، وحق جواب " أما " أن تصحبه الفاء وقد خولفت هذه القاعدة في هذا الحديث، وفي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند البخاري (2168) : " أَمَا بَعْدُ، مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا ليست في كتاب الله "، وقوله فيه أيضاً (1555) : " أما موسى كأني أنظر إليه إذ انحدر في الوادى "، وقول البراء بن عازب رضي الله عنه فيه أيضاً (3042) : أما رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يولّ يومئذ.
(2) في الأصل. فأما، والمثبت من " التقاسيم ".
(3) في الأصل: وأعظمها، والمثبت من " التقاسيم ".
(4) حديث صحيح، محمد بن عصام بن يزيد وأبوه تقدمت ترجمتها في تخريج الحديث (4568) ، وقد توبعا، ومن فوقهما ثقات من رجال الصحيح غير أبي كثير الزبيدي، فقد روى له أصحاب السنن، ووثقه النسائي والعجلي والمؤلف.
وأخرجه النسائي 7/144 في البيعة: باب هجرة البادي، من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة، بهذا الإسناد.
وسيجيء ضمن حديث مطول عند المصنف برقم (5176) .(11/205)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ انْقِطَاعِ الْهِجْرَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ
4864 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِ أَخِي يَعْلَى ابْنِ مُنْيَةَ، حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ يَعْلَى ابْنَ مُنْيَةَ قَالَ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَايَعَ أَبِي عَلَى الْهِجْرَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلْ أُبَايِعُهُ عَلَى الْجِهَادِ، قَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ» (1) . [3: 10]
ذِكْرُ الْوَقْتِ الَّذِي انْقَطَعَ فِيهِ الْهِجْرَةُ
4865 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ طَاوُسٍ،
__________
(1) إسناده ضعيف، عبد الرحمن بن أخي يعلى لَمْ يُوَثِّقْهُ غيرُ المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير الزهري، وقال الإمام الذهبي: لا يعرف، وأبوه تفرد بالرواية عنه ولده عمرو، وقال أبو حاتم: لا يعرف، وذكره المؤلف في " الثقات ".
وأخرجه أحمد 4/223، والنسائي 7/141 في البيعة: باب البيعة على الجهاد وفي " الكبري " كما في " التحفة " 9/116 من طريقين عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/223 و223-224، والنسائي 7/145: باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، وفي " الكبري " والطحاوي في " مشكل الآثار " 3/253، والطبراني في " الكبير " 22/ (664) و (665) ، والحاكم 3/424، والبيهقي 9/16 من طرق عن ابن شهاب، به.(11/206)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: «لَا هِجْرَةَ وَلَكِنَّهَا جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِذَا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا» (1) . [3: 9]
ذِكْرُ خَبَرٍ يُعَارَضُ فِي الظَّاهِرِ مَا وَصَفْنَا
4866 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَيْرِيزٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَقْدَانِ الْقُرَشِيِّ - وَكَانَ مُسْتَرْضِعًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّعْدِيِّ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَنْقَطِعُ الْهِجْرَةُ مَا قُوتِلَ الْكُفَّارُ» (2) . [3: 9]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد تقدم برقم (4592) .
(2) إسناده صحيح. عمرو بن عثمان: هو الحمصي، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ووثقه النسائي وأبو داود والمؤلف، ومسلمة بن القاسم، قال أبو حاتم: صدوق، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين غير عبد الله بن العلاء بن زبر، فمن رجال البخاري.
وأخرجه أحمد 5/270، والطحاوي في " المشكل " 3/258، والبيهقي 9/17-18 من طرق عن يحيى بن حمزة، عن عطاء الخراساني، عن ابن محيريز، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 7/146 في البيعة: باب ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة، وفي السير كما في " التحفة " 6/402، والطحاوي 3/258 من طريقين عن الوليد، عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن واقد السعدي.
وأخرجه النسائي 7/146، وفي " الكبري " كما في التحفة " 6/402 =(11/207)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من طريقين عن عبد الله بن العلاء، عن بسر بن عبيد الله، عن أبى إدريس الخولاني، عن حسان بن عبد الله الضمري، عن عبد الله السعدي.
وأخرجه أحمد 1/192 عن الحكم بن نافع، عن إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر، عن ابن السعدي.
وأخرجه النسائي في السير كما في " التحفة " 8/356 عن شعيب بن شعيب بن إسحاق وأحمد بن يوسف، كلاهما عن أبي المغيرة، عن الوليد بن سليمان، عن بسر بن عبيد الله، عن عبد الله بن محيريز، عن عبد الله بن السعدي، عن محمد بن حبيب المصري، به.
قال الحافظ المزي في " تحفة الأشراف " 6/402-403: وتابعه (أي تابع الوليد بن سليمان) نعيم بن حماد عن الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان، ورواه عطاء بن أبي مسلم الخراساني، عن عبد الله بن محيريز، عن عبد الله السعدي، عن النبى، ولم يذكر " محمد بن حبيب ". وكذلك رواه ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن مالك بن يخامر، عن عبد الله بن السعدي، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يذكر " محمد بن حبيب " غير الوليد بن سليمان بن أبي السائب، وهو وهم. قال أبو الحسن ابن جوصا: سمعت محمد بن عوف يقول: لم يقل أحد فى هذا الحديث " عن محمد بن حبيب " غير أبي المغيرة، ولم يصنع شيئاً، شُبِّهَ عليه، وسمعت أبا زرعة ومحموداً -يعني ابن خالد- ينكران ذكر " محمد بن حبيب " في هذا الحديث. وقال محمود: لعله اسم رجل سمع في كتاب أبي المغيرة فشبَّه عليه. وقال أبو زرعة: الحديث صحيح مثبت عن عبد الله بن السعدي، كذا رواه الثقات الأثبات، منهم مالك بن يخامر وأبو إدريس الخولاني وعبد الله بن محيريز وغيرهم، ومحمد بن حبيب زيادة لا أصل له. هكذا قالا، ونسبه الوهم في ذلك إلى أبي المغيرة لا يستقيم مع متابعة نعيم بن حماد له كما تقدم، وإنما نسبه ذلك إلي الوليد بن سليمان بن أبي السائب أولى، والله أعلم.(11/208)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: «هَذَا هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّعْدِيِّ بْنِ (1) وَقْدَانَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ، وَأُمُّهُ ابْنَةُ الْحَجَّاجِ بْنِ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ» (2) .
ذِكْرُ وَصْفِ الْهِجْرَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي أَمْلَيْنَاهَا فِيمَا قَبْلُ
4867 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، وَسَأَلْتُهُ عَنِ انْقِطَاعِ فَضِيلَةِ الْهِجْرَةِ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَسَأَلَهَا عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَتْ: «لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ، أَوْ قَالَتْ بَعْدَ الْيَوْمِ، إِنَّمَا كَانَ النَّاسُ يَفِرُّونَ بِدِينِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَنْ يُفْتَنُوا، وَقَدْ أَفْشَى اللَّهُ الْإِسْلَامَ،
__________
(1) كذا في الأصل و " التقاسيم " و " الثقات " 3/240 وجاء في " أسد الغابة " 3/261: عبد الله بن السعدي اختلف في اسم أبيه، فقيل: قدامة، وقيل: وقدان، وقيل: عمرو بن وقدان، وهو الصوابُ إن شاء الله، وفي " التهذيب ": عبد الله بن السعدى، واسمه عمرو، وقيل: قدامة، وقيل: عبد الله بن وقدان، وفي " الإصابة " 2/310: عبد الله بن السعدي، واسم السعدي: وقدان، وقيل: قدامة وقيل: عمرو بن وقدان.
(2) قال ابن عساكر فيما نقله عنه الحافظ في " الإصابة ": لا أراه محفوظاً، وقد قال الواقدى: إنه مات سنة سبع وخمسين.(11/209)
فَحَيْثُ شَاءَ الْعَبْدُ عَبَدَ رَبَّهُ (1) . [3: 9]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ قَصْدِهِ نَوَالُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ
4868 - أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَسَّانَ السَّامِيُّ بِالْبَصْرَةِ، حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عمرو بن عثمان فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه البخاري (3080) في الجهاد: باب لا هجرة بعد الفتح، و (3900) في مناقب الأنصار: باب هجرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه إلى المدينة، و (4312) في المغازي: باب مقام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمكة زمن الفتح، والطحاوي في " مشكل الآثار " 3/254، والبيهقي 9/17 من طرق عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3080) ، والبيهقي 9/17 من طريقين عن ابن جريج، عن عطاء، به.
وأخرجه مسلم (1864) في الإمارة: باب المبايعة بعد فتح مكة على الإسلام والجهاد والخير ... ، وأبو يعلى (4952) من طريق عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن عطاء، عن عائشة قالت: سئل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الهجرة فقال: " لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية، واذا استنفرتم فانفروا ".(11/210)
الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (1) . [3: 9]
***
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الصلت بن مسعود، فمن رجال مسلم. وقد تقدم برقم (388) و (389) .(11/211)
18 - بَابُ الْمُوَادَعَةِ، وَالْمُهَادَنَةِ
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْإِمَامِ مُصَالَحَةَ الْأَعْدَاءِ إِذَا عَلِمَ بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفًا عَنْ قِتَالِهِمْ
4869 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا حَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْتِ صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَنْ أَنْ يَدْخُلَهَا، وَيُقِيمُ بِهَا ثَلَاثًا، وَلَا يَدْخُلُهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ السَّيْفِ وَقِرَابِهِ وَلَا يَخْرُجُ مَعَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ دَخَلَ مَعَهُ وَلَا يَمْنَعُ أَحَدًا يَمْكُثُ فِيهَا، مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «اكْتُبِ الشَّرْطَ بَيْنَنَا هَذَا، مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ بَايَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «امْحُهُ وَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا أَمْحُوهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «امْحُهُ، وَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا أَمْحُوهُ، فَقَال(11/212)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَرِنِي مَكَانَهُ، حَتَّى أَمْحُوَهُ، فَمَحَاهُ، وَكَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، فَلَمَّا كَانَ آخِرَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ، قَالُوا لِعَلِيٍّ قَدْ مَضَى شَرْطُ صَاحِبِكَ، فَمُرْهُ، فَلْيَخْرُجْ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ نَعَمْ " (1) . [4: 11]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، فقد أخرجا لأبي إسحاق من رواية زكريا بن أبي زائدة عنه.
وأخرجه مسلم (1783) (92) في الجهاد والسير: باب صلح الحديبية، عن إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن جناب المصيصي، كلاهما عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/289 و 291، والطيالسي (713) ، والبخاري (2698) في الصلح: باب كيف يكتب هذا ما صالح فلان بن فلان، ومسلم (1783) (90) و (91) ، وأبو داود (1832) في المناسك: باب المحرم يحمل السلاح، وأبو يعلي (1713) من طريق شعبة، وأخرجه أحمد 4/302، والبخاري (2700) ، والبيهقي 9/226، والبغوي (2749) من طريق سفيان الثوري، وأخرجه البخاري (3184) في الجزية والموادعة: باب المصالحة على ثلاثة أيام، من طريق يوسف بن إسحاق،، وأخرجه أبو يعلى (1703) من طريق شريك، أربعتهم (شعبة وسفيان ويوسف بن إسحاق وشريك) عن أبي إسحاق، به. وسيرد عند المصنف برقم (4873) .
قال الإمام البغوي في " شرح السنة " 11/160: قد جاء في تفسير الجلبان في الحديث، قال: فسألته ما جُلبان السلاح؟ قال: القِراب بما فيها، إنما شرط هذا ليكون أمارة للسلم، فلا يُظن أنهم يدخلونها قهراً، قال الأزهري: القِراب: غمد السيف، والجلبان: شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغموداً، ويطرح فيه الراكب سوطه، وأداته، ويعلّقه من آخرة الرحل، أو واسطته. قال شِمر: كان اشتقاقه من الجُلبة: وهي الجلدة التي =(11/213)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُمْ فِي الشَّرْطِ، وَلَا يَخْرُجُ مَعَهُ أَحَدٌ، مِمَّنْ دَخَلَ مَعَهُ، أَرَادُوا بِهِ عَلَى كُرْهٍ مِنْهُمْ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ لَا يُخْرِجَ أَحَدًا، مِمَّنْ دَخَلَ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ أَصْلًا
ذِكْرُ الشَّرْطِ الثَّانِي الَّذِي كَانَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ بَيْنَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَهْلِ مَكَّةَ
4870 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ لِعَلِيٍّ: «اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو لَا نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ: «اكْتُبْ هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَاتَّبَعْنَاكَ وَلَمْ نُكَذِّبْكَ اكْتُبْ بِنَسَبِكَ مِنْ أَبِيكِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ:
__________
= تُجعل على القتب، والجلدة التى تغشي التميمة، لأنها كالغشاء للقراب.
قال الخطابي: أكثر المحدثين يرويه " جُْلُبَّان " بضم اللام مشددة الباء، وزعم بعض أهل اللغة أنه إنما سمي بذلك لخفائه قال: ويحتمل أن يكون جلبان ساكنة اللام غير مشددة الباء جمع جُلبٍ، وقد يُروى: " إلا بجلب السلاح " وجُلب السلاح نفسه كجُلب الرجل، إنما هو خشب الرحل واحناؤه من غير أغشيته، كأنه أراد نفس السلاح، وهو السيف خاصة من غير أن يكون معه أدوات الحرب، ليكون علامة الأمن.(11/214)
اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، فَكَتَبَ: مَنْ أَتَى مِنْكُمْ رَدَدْنَاهُ عَلَيْكُمْ وَمَنْ أَتَى مِنَّا تَرَكْنَاهُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نُعْطِيهِمْ هَذَا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَاهُمْ مِنَّا، فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، وَمَنْ أَتَانَا مِنْهُمْ، فَرَدَدْنَاهُ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ، فَرَجًا، وَمَخْرَجًا» (1) . [4: 11]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا وَقَعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ لَا يَحِلُّ نَقْضُهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِعْلَامِ أَوِ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ
4871 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ، وَبَيْنَ الرُّومِ عَقْدٌ، وَكَانَ يَسِيرُ نَحْوَ بِلَادِهِمْ وَهُوَ يُرِيدُ إِذَا انْقَضَى الْعَقْدُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ يَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا غَدْرَ، فَإِذَا هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ، فَلَا يَحُلُّ عُقْدَةٌ، حَتَّى يَمْضِيَ أَمَدُهَا، أَوْ يُنْبَذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ» (2) . [3: 43]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أبو يعلى (3323) ، والبيهقي 9/226 من طريق هدبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/268، ومسلم (1784) في الجهاد: باب صلح الحديبية، عن عفان، عن حماد، به.
(2) إسناده صحيح. محمد بن يزيد: هو الكلاعي مولى خولان الواسطي، وأبو الفيض: هو موسي بن أيوب الحمصي. =(11/215)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ اسْتِعْمَالُ الْمُهَادَنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْدَاءِ اللَّهِ إِذَا رَأَى بِالْمُسْلِمِينَ ضَعْفًا يَعْجِزُونَ عَنْهُمْ
4872 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ بْنِ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَمَرْوَانِ بْنِ الْحَكَمِ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثُهُ حَدِيثُ صَاحِبِهِ، قَالَا: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ، قَلَّدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْعَرَ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَبَعَثَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَيْنًا لَهُ رَجُلًا مِنْ خُزَاعَةَ يَجِيئُهُ، بِخَبَرِ
__________
= وأخرجه أحمد 4/111 و113 و 385-386، والطيالسي (1155) ، والترمذي (1580) في السير: باب ما جاء في الغدر، وأبو داود (2759) في الجهاد: باب في الإمام يكون بينه وبين العدو عهد فيسير إليه، والنسائي في السير كما في " التحفة " 8/160، والبيهقي 9/231 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد، قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وما بين المعكوفتين لم يرد في الأصل و " التقاسيم " 3/لوحة 189، وأثبتت من أبي داود وغيره، ولفظه عندهم " من كان بينه وبين قوم عهد ... ".
والأمد: الغاية، ومعنى قوله " أو ينبذ إليهم على سواء " أي يعلمهم أنه يريد أن يغزوهم، وأن الصلح الذي كان بينهم قد ارتفع فيكون الفريقان في ذلك على السواء.(11/216)
قُرَيْشٍ، وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ (1) بِغَدِيرِ الْأَشْطَاطِ، قَرِيبًا مِنْ عُسْفَانَ، أَتَاهُ عَيْنُهُ الْخُزَاعِيُّ، فَقَالَ: إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ، قَدْ جَمَعُوا لَكَ الْأَحَابِيشَ، وَجَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا كَثِيرَةً وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ، عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشِيرُوا عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ نَمِيلَ إِلَى ذَرَارِيِّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَنُصِيبَهُمْ، فَإِنْ قَعَدُوا قَعَدُوا مَوْتُورِينَ مَحْزُونِينَ، وَإِنْ نَجَوْا يَكُونُوا (2) عُنُقًا قَطَعَهَا اللَّهُ أَمْ تَرَوْنَ، أَنْ نَؤُمَّ الْبَيْتَ، فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ؟» ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّمَا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ وَلَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ وَلَكِنْ مَنْ حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ قَاتَلْنَاهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَرُوحُوا إِذَا» قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ، وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ مُشَاوَرَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ فِي حَدِيثِهِمَا فَرَاحُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ (3) فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً، فَخُذُوا ذَات
__________
(1) جملة " حتى إذا كان " لم ترد في الأصل، واستدركت من " التقاسيم " 4/ لوحة 167.
(2) في الأصل " يكونون "، والمثبت من " التقاسيم ".
(3) الغميم، بفتح المعجمة، وحكى عياض فيها التصغير، قال الحافظ في " الفتح " 5/394: قال المحب الطبري: يظهر أن المراد كراع الغميم، =(11/217)
الْيَمِينِ، فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَتَّى إِذَا هُوَ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَأَقْبَلَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ، الَّتِي يَهْبِطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا (1) فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهَا، بَرَكَتْ رَاحِلَتُهُ» ، فَقَالَ النَّاسُ حَلَّ، حَلَّ فَأَلَحَّتْ، فَقَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، وَمَا ذَلِكَ لَهَا بِخُلُقٍ، وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ» ، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً، يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ، إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، ثُمَّ زَجَرَهَا، فَوَثَبَتْ بِهِ» ، قَالَ: فَعَدَلَ عَنْهُمْ، حَتَّى نَزَلَ بِأَقْصَى الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى ثَمَدٍ قَلِيلِ الْمَاءِ، إِنَّمَا يَتَبَرَّضُهُ النَّاسُ تَبَرُّضًا، فَلَمْ يَلْبَثْ بِالنَّاسِ، أَنْ نَزَحُوهُ (2) فَشُكِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَطَشُ، فَانْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهُ فِيهِ، قَالَ: فَمَا زَالَ يَجِيشُ لَهُمْ بِالرِّيِّ، حَتَّى صَدَرُوا عَنْهُ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ جَاءَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيُّ، فِي نَفَرٍ مِنْ
__________
= وهو موضع بين مكة والمدينة. قال الحافظ: وسياق الحديث ظاهر في أنه كان قريباً من الحديبية، فهو غير كراع الغميم الي وقع ذكره في الصيام وهو الذي بين مكة والمدينة، وأما الغميم هذا فقال ابن حبيب: (وكذا قال نصر فيما نقله ياقوت في " معجم البلدان " 4/214) : هو قريب من المدينة بين رابغ والجحفة، وقد وقع في شعر جرير والشماخ بصيغة التصغير، والله أعلم.
(1) " منها " لم ترد في الأصل و " التقاسيم "، وأثبتت من " المصنف " والبخاري.
(2) في البخاري و " المصنف ": فلم يُلبِّثْهُ الناس حتى نزحوه.(11/218)
قَوْمِهِ مِنْ خُزَاعَةَ، وَكَانَتْ عَيْبَةَ نُصْحِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ أَهْلِ تِهَامَةَ، فَقَالَ إِنِّي تَرَكْتُ كَعْبَ بْنَ لُؤَيٍّ، وَعَامِرَ بْنَ لُؤَيٍّ، نَزَلُوا أَعْدَادَ مِيَاهِ الْحُدَيْبِيَةِ مَعَهُمُ الْعُوذُ الْمَطَافِيلُ، وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ، وَصَادُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَجِئْ لِقِتَالِ أَحَدٍ، وَلَكِنَّا جِئْنَا مُعْتَمِرِينَ، فَإِنَّ قُرَيْشًا، قَدْ نَهِكَتْهُمُ الْحَرْبُ، وَأَضَرَّتْ بِهِمْ، فَإِنْ شَاءُوا مَادَدْتُهُمْ مُدَّةً، وَيَخْلُوا بَيْنِي، وَبَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ ظَهَرْنَا (1) وَشَاءُوا أَنْ يَدْخُلُوا فِيمَا دَخَلَ، فِيهِ النَّاسُ، فَعَلُوا وَقَدْ جَمُّوا (2) وَإِنْ هُمْ أَبَوْا، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا، حَتَّى تَنْفَرِدَ (3) سَالِفَتِي، أَوْ لَيُبْدِيَنَّ (4) اللَّهُ أَمْرَهُ» ، قَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ سَأُبَلِّغُهُمْ، مَا تَقُولُ، فَانْطَلَقَ، حَتَّى أَتَى قُرَيْشًا، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ، وَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ قَوْلًا، فَإِنْ شِئْتُمْ أَنْ نَعْرِضَهُ عَلَيْكُمْ، فَعَلْنَا، فَقَالَ: سُفَهَاؤُهُمْ لَا حَاجَةَ لَنَا فِي أَنْ تُخْبِرُونَا عَنْهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ ذُو الرَّأْيِ: هَاتِ مَا سَمِعْتَهُ، يَقُولُ: قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ كَذَا، وَكَذَا، فَأَخْبَرْتُهُمْ (5) بِمَا قَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
__________
(1) فِي " التقاسيم ": " فإن أظهرنا الله "، وفي البخاري " فإن أظهر ".
(2) في البخاري و " المصنف ": إلا فقد جموا.
(3) فى الأصل و " التقاسيم ": تنفد، والمثبت من البخاري.
(4) في " المصنف " والبخاري: لينفذن.
(5) في " التقاسيم ": فأخبرهم، وفي البخاري: فحدثهم.(11/219)
فَقَامَ عِنْدَ ذَلِكَ أَبُو مَسْعُودٍ، عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، فَقَالَ: يَا قَوْمُ أَلَسْتُمْ بِالْوَلَدِ؟، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَلَسْتُ بِالْوَالِدِ، قَالُوا: بَلَى قَالَ: فَهَلْ تَتَّهِمُونِي، قَالُوا: لَا، قَالَ: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ عُكَاظٍ، فَلَمَّا بَلَّحُوا (1) عَلَيَّ جِئْتُكُمْ بِأَهْلِي، وَوَلَدِي، وَمَنْ أَطَاعَنِي قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا امْرُؤٌ عَرَضَ عَلَيْكُمْ، خُطَّةَ رُشْدٍ، فَاقْبَلُوهَا، وَدَعُونِي آتِهِ، قَالُوا: ائْتِهِ، فَأَتَاهُ قَالَ: فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَحْوًا مِنْ قَوْلِهِ، لِبُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ، فَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ: ذَلِكَ يَا مُحَمَّدُ أَرَأَيْتَ إِنِ اسْتَأْصَلْتَ قَوْمَكَ، هَلْ سَمِعْتَ أَحَدًا (2) مِنَ الْعَرَبِ اجْتَاحَ أَصْلَهُ قَبْلَكَ، وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى، فَوَاللَّهِ إِنِّي أَرَى (3) وُجُوهًا، وَأَرَى أَشْوَابًا (4) مِنَ النَّاسِ خُلَقَاءَ أَنْ يَفِرُّوا وَيَدَعُوكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: امْصُصْ بِبَظْرِ اللَّاتِ أَنَحْنُ نَفِرُّ وَنَدَعُهُ، فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: مَنْ هَذَا، قَالُوا: أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ، فَقَالَ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلَا يَدٌ كَانَتْ لَكَ عِنْدِي لَمْ أَجْزِكَ بِهَا لَأَجَبْتُكَ،
__________
(1) في الأصل: فلجوا، والمثبت من " التقاسيم " " والبخاري.
(2) في " التقاسيم " والبخاري: بأحد.
(3) في " التقاسيم " و " المصنف " والبخاري: لأرى.
(4) في الأصل و " التقاسيم ": شؤوناً، والمثبت من " المصنف " والبخاري.(11/220)
وَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ أَخَذَ بِلِحْيَتِهِ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الثَّقَفِيُّ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ ال سَّيْفُ، وَالْمِغْفَرُ، فَكُلَّمَا أَهْوَى عُرْوَةُ بِيَدِهِ، إِلَى لِحْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ضَرَبَ يَدَهُ بِنَعْلِ السَّيْفِ، وَقَالَ: أَخِّرْ يَدَكَ عَنْ لِحْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَفَعَ عُرْوَةُ رَأْسَهُ، وَقَالَ مَنْ هَذَا؟، فَقَالُوا: الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الثَّقَفِيُّ، فَقَالَ: أَيْ غُدَرُ، أَوَلَسْتُ أَسْعَى فِي غَدْرَتِكَ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ صَحِبَ قَوْمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَتَلَهُمْ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ جَاءَ، فَأَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا الْإِسْلَامُ، فَأَقْبَلَ، وَأَمَّا الْمَالُ، فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ عُرْوَةَ جَعَلَ يَرْمُقُ صَحَابَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِعَيْنِهِ، (1) فَوَاللَّهِ مَا يَتَنَخَّمُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُخَامَةً، إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ، وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ انْقَادُوا لِأَمْرِهِ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ، تَعْظِيمًا لَهُ، فَرَجَعَ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَيْ قَوْمُ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ إِلَى الْمُلُوكِ، وَوَفَدْتُ إِلَى (2) كِسْرَى، وَقَيْصَرَ، وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ، يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ، مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَوَاللَّهِ إِنْ يَتَنَخَّمْ نُخَامَةً إِلَّا وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَدَلَكَ بِهَا
__________
(1) في " المصنف " والبخاري: بعينيه.
(2) في " التقاسيم " و " المصنف " والبخاري: على.(11/221)
وَجْهَهُ، وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمُ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ اقْتَتَلُوا عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذْ تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ، تَعْظِيمًا لَهُ، وَإِنَّهُ قَدْ عَرَضَ عَلَيْكُمْ خُطَّةَ رُشْدٍ، فَقَبَلَوهَا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ دَعُونِي آتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا فُلَانٌ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْبُدْنَ، فَابْعَثُوهَا لَهُ» ، قَالَ فَبُعِثَتْ، وَاسْتَقْبَلَهُ (1) الْقَوْمُ يُلَبُّونَ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، لَا يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ، أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: رَأَيْتُ الْبُدْنَ، قَدْ قُلِّدَتْ، وَأُشْعِرَتْ، فَمَا أَرَى أَنْ يُصَدُّوا عَنِ الْبَيْتِ، فَقَامَ (2) رَجُلٌ مِنْهُمْ، يُقَالُ لَهُ مِكْرَزٌ، فَقَالَ دَعُونِي آتِهِ، فَقَالُوا: (3) ائْتِهِ، فَلَمَّا أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا مِكْرَزٌ، وَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ» ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا هُوَ يُكَلِّمُهُ، إِذْ جَاءَهُ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ مَعْمَرٌ، فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا سُهَيْلٌ، قَدْ سَهَّلَ اللَّهُ لَكُمْ أَمْرَكُمْ» ، قَالَ مَعْمَرٌ فِي حَدِيثِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ فَلَمَّا جَاءَ سُهَيْلٌ، قَالَ هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا، فَدَعَا الْكَاتِبُ، فَقَالَ: «اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» ، فَقَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا
__________
(1) في الأصل و " التقاسيم ": فاستقبل، والمثبت من " المصنف ".
(2) في الأصل: فقال، والمثبت من " التقاسيم " و " المصنف " والبخاري.
(3) في الأصل: فقال، والتصحيح من " التقاسيم " والبخاري.(11/222)
الرَّحْمَنُ، فَلَا أَدْرِي وَاللَّهِ مَا هُوَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبْ هَذَا، مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، مَا صَدَدْنَاكَ عَنِ الْبَيْتِ، وَلَا قَاتَلْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ» ، قَالَ الزُّهْرِيُّ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ، إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا، وَقَالَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمِسْوَرِ، وَمَرْوَانَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا، وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَطُوفُ بِهِ» ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، إِنَّهُ (1) لَا يَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ، أَنَّا أَخَذْنَا ضَغْطَةً، وَلَكِنْ لَكَ (2) مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَكَتَبَ فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو: عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ، أَوْ يُرِيدُ دِينَكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا، فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ، فِي قُيُودِهِ، قَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ، حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو يَا مُحَمَّدُ هَذَا أَوَّلُ مَنْ نُقَاضِيكَ عَلَيْهِ، أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نُمْضِ (3) الْكِتَابَ بَعْدُ» ،
__________
(1) في " المصنف " والبخاري: ذلك.
(2) في " المصنف " والبخاري: والله.
(3) في " المصنف " والبخاري: لم نقض.(11/223)
فَقَالَ وَاللَّهِ لَا أُصَالِحُكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَجِزْهُ لِي» ، فَقَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ، قَالَ: فَافْعَلْ قَالَ: مَا أَنَا بِفَاعِلٍ، قَالَ مِكْرَزٌ: بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ، فَقَالَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: يَا مَعْشَرُ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا، أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا قَدْ لَقِيتُ، وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَاللَّهِ مَا شَكَكْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، إِلَّا يَوْمَئِذٍ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ أَلَسْتَ رَسُولَ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ؟، قَالَ: «بَلَى» ، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، إِذَا قَالَ: «إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَلَسْتُ أَعْصِي رَبِّي، وَهُوَ نَاصِرِيٌّ» ، قُلْتُ: أَوَ لَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ، فَنَطُوفُ بِهِ؟، قَالَ: «بَلَى» ، فَخَبَّرْتُكَ (1) أَنَّكَ تَأْتِيَهِ الْعَامَ، قَالَ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ تَأْتِيَهِ، فَتَطُوفُ بِهِ، قَالَ: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا، قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: أَوَ لَسْنَا عَلَى الْحَقِّ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ، قَالَ: بَلَى، قُلْتُ: فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، إِذَا قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ، وَهُوَ نَاصِرُهُ، فَاسْتَمْسَكَ بِغَرْزِهِ، حَتَّى تَمُوتَ، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، قُلْتُ: أَوَ لَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا، أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ، وَنَطُوفُ بِهِ؟، قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَأَخْبَرَكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ، قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَإِنَّكَ آتِيَهِ، وَتَطُوفُ بِهِ، قَالَ
__________
(1) في " التقاسيم " والبخاري: فأخبرتك.(11/224)
عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: فَعَمِلْتُ فِي ذَلِكَ أَعْمَالًا، يَعْنِي فِي نَقْضِ الصَّحِيفَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنَ الْكِتَابِ، أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: «انْحَرُوا (1) الْهَدْيَ، وَاحْلِقُوا» ، قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا قَامَ رَجُلٌ، مِنْهُمْ رَجَاءَ، أَنْ يُحْدِثَ اللَّهُ أَمْرًا، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ مِنْهُمْ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ: «مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ» ، (2) قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَوَ تُحِبُّ ذَاكَ اخْرُجْ، وَلَا تُكَلِّمَنَّ أَحَدًا، مِنْهُمْ كَلِمَةً، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُو حَالِقَكَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ، وَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ، حَتَّى نَحَرَ، بُدْنَهُ، ثُمَّ دَعَا حَالِقَهُ، فَحَلَقَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ النَّاسُ جَعَلَ بَعْضُهُمْ، يُحَلِّقُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ نِسْوَةٌ مُؤْمِنَاتٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} [الممتحنة: 10] إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: فَطَلَّقَ عُمَرُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا لَهُ فِي الشِّرْكِ، فَتَزَوَّجَ إِحْدَاهُمَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَالْأُخْرَى صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَالَ: رَجَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى الْمَدِينَةِ، فَجَاءَهُ أَبُو بَصِيرٍ، رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَهُوَ مُسْلِمٌ، فَأَرْسَلُوا فِي طَلَبِهِ رَجُلَيْنِ، وَقَالُوا: الْعَهْدُ الَّذِي جَعَلْتَ لَنَا، فَدَفَعَهُ إِلَى الرَّجُلَيْنِ، فَخَرَجَا، (3) حَتَّى بَلَغَا بِهِ ذَا الْحُلَيْفَةِ،
__________
(1) فى الأصل: اتخذوا، والمثبت من " التقاسيم " والبخاري.
(2) في " المصنف " والبخاري: فذكر لها ما لقي من الناس.
(3) " فخرجا " سقطت من الأصل و " التقاسيم " وأثبتت من " المصنف " والبخاري.(11/225)