فَقُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَا يعني بذلك قال ضيق الأزر. [3: 66](2/129)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ ارْتِكَابِ الْمَرْءِ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا مِنْهُ فِي الْخَلَاءِ كَمَا قَدْ لَا يَرْتَكِبُ مِثْلَهُ فِي الْمَلَاءِ
403 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا شعبة عن زياد بن علاقةذكر الزَّجْرِ عَنِ ارْتِكَابِ الْمَرْءِ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَا مِنْهُ فِي الْخَلَاءِ كَمَا قَدْ لَا يَرْتَكِبُ مِثْلَهُ فِي الْمَلَاءِ
[403] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتُرَ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ(2/129)
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا كَرِهَ اللَّهُ مِنْكَ شَيْئًا فَلَا تَفْعَلْهُ إِذَا خَلَوْتَ" 1. [2: 3]
__________
1 إسناده ضعيف، مؤمل بن إسماعيل سيئ الحفظ، وأورده السيوطي في "الجامع الكبير": ونسبه إلى ابن حبان والباوردي، ورمز له بالضعيف.(2/130)
ذِكْرُ نَفْيِ وُجُودِ الثَّوَابِ عَلَى الْأَعْمَالِ فِي الْعُقْبَى لِمَنْ أَشْرَكَ بِاللَّهِ فِي عَمَلِهِ
404 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ زِيَادِ بْنِ مِينَاءَ
عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ أَبِي فَضَالَةَ الأنصاري2 وكان من
__________
2 في "الإصابة" 4/76: أبو سعد بن فضالة الأنصاري، ويقال: ابن أبي فضالة، ويقال: أبو سعيد بن فضالة بن أبي فضالة ذكره ابن سعد في طبقة أهل الخندق، وقال ابن السكن: لا يعرف.
وأخرج الترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم من طريق عبد المجيد بن جعفر، عن أبيه، عن زياد بن ميناء، عن أبي سعد بن فضالة وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
قال علي بن المديني: سنده صالح. وقع عند الأكثر بسكون العين، وبه جزم أبو أحمد الحاكم، وقال: له صحبة لا أحفظ له اسماً ولا نسباً، وفي ابن ماجة بالوجهين، وفي الترمذي زيادة الياء، وقال الإمام الذهبي في "التجريد": أبو سعد بن أبي فضالة له حديث متصل في "الكنى" لأبي أحمد، ثم قال: أبو سعيد بن فضالة، ويقال أبو سعد، أخرج له الترمذي في الرياء، كذا، وجعله اثنين مع أن الحديث الذي أخرجه الحاكم أبو أحمد هو الذي أخرجه الترمذي بعينه، ورأيته في الترمذي كما في "الكنى" للحاكم: أبو سعد بسكون العين، وكذا ذكره البغوي في "الكنى" فقال: أبو سعد بن أبي فضالة الأنصاري، سكن المدينة، ثم ساق حديثه بسنده إلى زياد بن ميناء، عن أبي سعيد بن أبي فضالة، وكان من الصحابة، قال: سمعت ... ، وكذا أخرجه ابن أبي خيثمة عن يحيى بن معين، عن محمد بن بكر، عن عبد المجيد ...(2/130)
الصَّحَابَةِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ نَادَى مُنَادٍ مَنْ كَانَ أَشْرَكَ فِي عَمَلِهِ لِلَّهِ أَحَدًا فَلْيَطْلُبْ ثَوَابَهُ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّ الله أغنى الشركاء عن الشرك" 1. [2:109]
__________
1 إسناده حسن، زياد بن ميناء ذكره المؤلف في "الثقات" 4/258، وروى عنه أكثر من واحد، وقال ابن المديني في حديثه هذا: سنده صالح. وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 3/466 و4/215 عن محمد بن بكر البُرساني، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي "3154" في التفسير: باب ومن سورة الكهف، وابن ماجة "4203" في الزهد: باب الرياء والسمعة، والطبراني في "الكبير" 22/"778" من طريق بن بشار وإسحاق بن منصور الكوسج وهارون بن عبد الله الحمال، والدولاني في "الكنى" 1/35 من طريق إسحاق بن بهرام، كلهم عن محمد بن بكر البرساني، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث بن بكر البرساني. وقال علي بن المديني فيما نقله الحافظ في "الإصابة" 4/86: سنده صالح.
وسيورده المؤلف في باب إخباره صلى الله عليه وسلم من البعث وأحوال الناس في ذلك اليوم.
وفي الباب عن أبي هريرة تقدم برقم "395". فانظره.(2/131)
ذِكْرُ وَصْفِ إِشْرَاكِ الْمَرْءِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي عَمَلِهِ
405 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدُّورِيُّ1 بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالنَّصْرِ وَالسَّنَاءِ وَالتَّمْكِينِ فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نصيب" 2. [2: 109]
__________
1 وعلى هامش الأصل: البزوري خ.
2 إسناده حسن. الربيع بن أنس هو البكري صدوق له أوهام، وباقي رجال السند ثقات، واسم أبي العالية: رُفيع بن مهران الرِّباحي، وهو ثقة أخرج حديثه الجماعة.
وأخرجه أحمد في "المسند" 5/134، وفي "الزهد" ص 41، 42 عن عبد الرحمن بن مهدي، وابنه عبد الله في زيادات المسند 5/134 عن عبد الواحد بن غياث، والبغوي في "شرح السُّنة" "4144" من طريق حرمي بن حفص، ثلاثتهم عن عبد العزيز بن مسلم القسملي السراج، بهاذ الإسناد.
وأخرجه أحمد وابنه عبد الله 5/134، والبغوي في "شرح السُّنة" "4145"، والحاكم 4/311 و318، من طرق عن سفيان الثوري، عن الإسناد. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. والربيع سقط من إسناد مطبوع البغوي.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" 5/134 من طريق سفيان، عن أيوب، عن أبي العالية، به.(2/132)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ نَفْيِ الثَّوَابِ فِي الْعُقْبَى عَنْ مَنْ رَاءَى وَسَمَّعَ فِي أَعْمَالِهِ فِي الدُّنْيَا
406 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الْمُلَائِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ قَالَ
سَمِعْتُ جُنْدُبًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا غَيْرَهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَنَوْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ سَمَّعَ يُسَمِّعُ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ راءى يرائي1 الله به" 2. [2: 109]
__________
1 قال أهل اللغة إذا كان الشرط ماضياً والجزاء مضارعاً، جاز جزم الجزاء ورفعه وكلاهما حسن، واستشهدوا بقول زهير بن أبي سلمى المزني:
وإن أتاهُ خَلِيلٌ يوم مَسْغَبةٍ ... يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وقال الكوفيون والمبرد: هو على إضمار الفاء، أي: إن أتاه فيقول، وهو عند سيبويه على التقديم والتأخير، أي: يقول.. إن أتاه خليل يوم مسغبة فيكون جواب الشرط على ما ذهب إليه محذوفاً والمذكور دال عليه، انظر: "المقتضب" 2/70، و"الكتاب" 1/510، و"شرح شواهد المغني" 6/291 للبغدادي.
ورواية البخاري ومسلم "من يرائي يرائي الله به" قال الحافظ: وقد ثبتت الياء في آخر كل منهما، أما الأولى فللإشباع، وأما الثانية، فكذلك، أو التقدير: فإنه يرائي به الله.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، الملائي هو أبو نعيم الفضل بن دكين، وجندب هو ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم "2987" في الزهد والرقائق: باب من أشرك في عمله غير الله، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد. =
= وأخرجه البخاري "6499" في الرقاق: باب الرياء والسمعة، ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "4134" عن أبي نعيم الملائي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/313 عن وكيع وعبد الرحمن بن مهدي، والبخاري "6499" أيضاً من طريق يحيى القطان، ومسلم "2987" "48" من طريق وكيع، وابن ماجة "4207" في الزهد: باب الرياء والسمعة، من طريق محمد بن عبد الوهاب، كلهم عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "7152"، ومسلم "2987" أيضاً من طريق سفيان، عن الوليد بن حرب، عن سلمة بن كهيل، به.
وأخرجه البخاري "7152" في الأحكام: باب من شاقَّ شق الله عليه، عن إسحاق الواسطي، عن خالد بن عبد الله الطحان، عن الحريري، عن طريف أبي تميمة، عن جندب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من سمَّع سمَّعَ الله به يوم القيامة، ومن شاقَّ شقَّ الله عليه يوم القيامة".
وفي الباب عن ابن عباس سيرد بعده "407".
قوله: "من سمَّع" يعني: من عمل عملاً على غير إخلاص، يقصد أن يراه الناس ويسمعوه.
قوله: "سمَّع الله به" يعني: يجازيه على ذلك بأن يفضحه، فيبدو عليه ما كان يُسره من ذلك.
وقوله: "يرائي الله به" أي يطلعهم على أنه فعل ذلك لهم لا لوجهه.
وقيل: معنى "سمَّع الله به" شَهَرَهُ أو ملأ أسماع الناس بسوء الثناء عليه في ذلك في الدنيا أو في القيامة، بما ينطوي عليه من خبث السريرة.
ورواية البخاري "7152" مُصَرَّحة بوقوع ذلك في الآخرة، ولفظها: "من سَمَّع الله به يوم القيامة".
قال الحافظ: ورد في عدة أحاديث التصريح بوقوع ذلك في الآخرة، فهو المعتمد، فعند أحمد 5/270، والدارمي 2/309 من حديث أبي هند الداري رفعه: "من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به يوم القيامة، وسمع به" وللطبراني 18/56 "101" من حديث عوف بن مالك نحوه، وله 20/ 119 "237" من حديث معاذ مرفوعاً: "ما من عبد يقوم في الدنيا مقام سمعة ورياء إلا سمع الله به على رؤوس الخلائق يوم القيامة".(2/133)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ جُنْدُبٌ
407 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَبُو الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ سَمَّعَ يُسَمِّعُ اللَّهُ بِهِ ومن راءى يرائي الله به" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في "صحيحه" برقم "2976" في الزهد والرقائق: باب من أشرك في عمله غير الله.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/301 من طريق جعفر بن محمد الصائغ، عن عمر بن حفص، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن جندب بن عبد الله البجلي تقدم قبله "406".
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 2/162 و195 و 212 و223، 224، وأبي نعيم في "الحلية" 4/123، 124 و5/99، والبغوي في "شرح السُّن’" "4138".
وعن أبي سعيد الخدري عند الترمذي "2381".
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث عند أحمد 5/45.(2/135)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ رَاءَى فِي عَمَلِهِ يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ مِنْ أَوَّلِ مَنْ يَدْخُلُ النَّارَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا
408 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَنْبَأَنَا حيوة بن شريح قال حدثني
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في "صحيحه" برقم "2976" في الزهد والرقائق: باب من أشرك في عمله غير الله.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/301 من طريق جعفر بن محمد الصائغ، عن عمر بن حفص، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن جندب بن عبد الله البجلي تقدم قبله "406".
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند أحمد 2/162 و195 و 212 و223، 224، وأبي نعيم في "الحلية" 4/123، 124 و5/99، والبغوي في "شرح السُّن’" "4138".
وعن أبي سعيد الخدري عند الترمذي "2381".
وعن أبي بكرة نفيع بن الحارث عند أحمد 5/45.(2/135)
الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ أَبُو عُثْمَانَ الْمَدَنِيُّ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ فقَالَ مَنْ هَذَا قَالُوا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا قُلْتُ لَهُ أَنْشُدُكَ بِحَقِّي لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عقلته وعلمته
فقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَفْعَلُ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وَعَلِمْتُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً فَمَكَثَ قَلِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ فقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رسول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى فَمَكَثَ كَذَلِكَ ثُمَّ أَفَاقَ فَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ فقَالَ أَفْعَلُ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ وَاشْتَدَّ بِهِ طَوِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ فقَالَ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ
فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى للقارىء أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ(2/136)
لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أن يقال فلان قارىء فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ.
وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ لَهُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بل إنما أردت أن يقال فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ.
وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقَالُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أردت أن يقال فلان جريء فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُكْبَتِي فقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تسعر بهم النار يوم القيامة" 1.
__________
1 إسناده صحيح. الوليد بن أبي الوليد، من رجال مسلم، وترجمه ابن أبي حاتم: 9/19، 20 ونقل توثيقه عن أبي زرعة، ووثقه الإمام الذهبي في "الكاشف": 3/243، وذكره المؤلف في "الثقات" 5/494 و7/552، وقد وهم الحافظ في "التقريب" فوصفه بقوله: لين الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الترمذي "2382" في الزهد: باب ما جاء في الرياء والسمعة، عن سويد بن نصر، والبغوي في "شرح السُّنة" "4143" من طريق إبراهيم بن عبد الله الخلال، كلاهما عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
= وأخرجه مسلم "1905" في الإمارة: باب من قاتل للرياء والسمعة استحق النار، والنسائي 6/23 في الجهاد: باب من قاتل ليقال فلان جرئ، من طريق خالد بن الحارث، ومسلم "1905" أيضاً من طريق الحجاج بن محمد، والبيهقي في "السُّنن" 9/168 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، ثلاثتهم عن ابن جريج، عن يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار، عن ناتل أهل الشام "وهو ابن قيس"ن عن أبي هريرة.(2/137)
قَالَ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا الْخَبَرِ.
قَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْوَلِيدُ وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ قَالَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَحَدَّثَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فقَالَ مُعَاوِيَةُ قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ مِثْلُ هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ وَقُلْنَا قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ فقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16] .
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ أَلْفَاظُ الْوَعِيدِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ كُلُّهَا مَقْرُونَةٌ بِشَرْطٍ وَهُوَ إِلَّا أَنْ يَتَفَضَّلَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى مُرْتَكِبِ تِلْكَ الْخِصَالِ بِالْعَفْوِ وَغُفْرَانِ تِلْكَ الْخِصَالِ دُونَ(2/138)
الْعُقُوبَةِ عَلَيْهَا وَكُلُّ مَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَنِ مِنْ أَلْفَاظِ الْوَعْدِ1 مَقْرُونَةٌ بِشَرْطٍ وَهُوَ إِلَّا أَنْ يَرْتَكِبَ عَامِلُهَا مَا يَسْتَوْجِبُ بِهِ الْعُقُوبَةَ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ حَتَّى يُعَاقَبَ إِنْ لَمْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِالْعَفْوِ ثُمَّ يُعْطَى ذَلِكَ الثَّوَابَ الَّذِي وُعِدَ بِهِ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ. [2: 109]
__________
1 تحرفت في "الإحسان" إلى "الوعيد"، والمثبت من "التقاسيم والأنواع" 2/لوحة 260.(2/139)
4- بَابُ حَقِّ الْوَالِدَيْنِ
409 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ بِبَغْدَادَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ أَبَانَ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ جَدِّهِ قَالَ صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَلَمَّا رَقِيَ عَتَبَةً قَالَ آمِينَ ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً أُخْرَى فقَالَ آمِينَ ثُمَّ رَقِيَ عَتَبَةً ثَالِثَةً فقَالَ آمِينَ ثُمَّ قَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فقَالَ يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْتُ آمِينَ قَالَ وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْتُ آمِينَ فقَالَ وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ آمِينَ فَقُلْتُ آمين" 1.
__________
1 حديث صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف، عمران بن أبان هو الواسطي، قال الحافظ في "التقريب": ضعيف، روى له النسائي، وقال ابن عدي في "الضعفاء" 5/1744: لم أر في حديثه منكراً.
ومالك بن الحسن، قال العقيلي: فيه نظر، وقال الذهبي: منكر الحديث، وقال ابن عدي في "الضعفاء" 6/2378- بعد أن أورد حديثه هذا وأربعة أحاديث أخرى من طريق عمران الواسطي عنه: هذه الأحاديث
= بهذا الإسناد عن مالك بن الحسن هذا لا يرويها عن مالك إلا عمران بن أبان الواسطي، وعمران بن أبان لا يأس به، وأظن أن البلاء فيه من مالك بن الحسن هذا، فإن هذا الإسناد بهذا الحديث لا يتابعه عليها أحد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 19/291 من طريق عبيد العجلي، عن الحسن بن علي الحلواني بهذا الإسناد، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/166 عن الطبراني وقال: وفيه عمران بن أبان، وثقه ابن حبان، وضعفه غير واحد، وبقية رجاله ثقات، وقد أخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه من هذا الطريق.
وأخرجه ابن عدي في "الضعفاء" 6/2378 من طريق الحسن بن أبي يحيى بن السكن، عن عمران بن أبان، بهذا الإسناد.
لكن للحديث شواهد يصح بها، منها حديث كعب بن عجرة عند إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي "19"، والطبراني في الكبير 19/ 144، والحاكم 4/153، 154، وفي سنده إسحاق بن كعب بن عجرة ذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان: مجهول الحال، ومع ذلك فقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/116: رجاله ثقات.
ومنها حديث أبي هريرة عند إسماعيل القاضي "16" وإسناده صحيح، والترمذي "3559" وحسنه.
ومنها حديث أنس بن مالك عند إسماعيل القاضي "15".
وفي الباب عن غير هؤلاء انظر "المجمع" 10/164-167.(2/140)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ قَدِ اسْتَحَبَّ لَهُ تَرْكُ الِانْتِظَارِ لِنَفْسِهِ وَلَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ الْمَرْءُ مِمَّنْ يُتَأَسى بِفِعْلِهِ وَذَاكَ أَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَالَ لَهُ جِبْرِيلُ مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ بَادَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ قال(2/141)
آمِينَ وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَدْرَكَ وَالِدَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَدَخَلَ النَّارَ أَبْعَدَهُ اللَّهُ فَلَمَّا قَالَ لَهُ وَمَنْ ذُكِرْتَ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ فَلَمْ يُبَادِرْ إِلَى قَوْلِهِ آمِينَ عِنْدَ وُجُودِ حَظِّ النَّفْسِ فِيهِ حَتَّى قَالَ جِبْرِيلُ قُلْ آمِينَ قَالَ قُلْتُ آمِينَ أَرَادَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّأَسِّي بِهِ فِي تَرْكِ الِانْتِصَارِ لِلنَّفْسِ بِالنَّفْسِ إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا هُوَ نَاصِرُ أَوْلِيَائِهِ فِي الدَّارَيْنِ وَإِنْ كَرِهُوا نُصْرَةَ الْأَنْفُسِ فِي الدُّنْيَا". [3: 20](2/142)
ذِكْرُ خَبَرٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّ مَالَ الِابْنِ يَكُونُ لِلْأَبِ
410 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ التَّاجِرُ بِمَرْوَ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ عَطَاءٍ
عن عائشة رضى الله تعالى عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَاصِمُ أَبَاهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أنت ومالك لأبيك" 1.
__________
1 حديث صحيح، عبد الله بن كيسان هو المروزي أبو مجاهد، قال الحافظ: صدوق يخطئ كثيراً. وباقي رجاله ثقات، وسيرد عند المؤلف برقم "4262". وأخرجه أبو القاسم الحامض في "حديثه" كما في "المنتقى منه" 2/8/1 حدثنا إبراهيم بن راشد، حدثنا أبو عاصم، عن عثمان بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، ورجاله ثقات غير الأسود والد عثمان لم نقف له على ترجمة. وقد صحح الحديث عبد الحق الإشبيلي كما في "خلاصة البدر المنير" ورقة 123م2 لابن الملقن.
وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 2/179 و204 و214، وأبي داود "2291"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/158، وابن ماجة "2292"، وابن الجارود "995"، وسنده حسن.
وآخر من حديث جابر عند ابن ماجة "2291"، والطحاوي 4/158، وفي مشكل الآثار 2/230، وإسناده صحيح على شرط البخاري كما قال البوصيري في مصباح الزجاجة ورقة 141.
وثالث من حديث ابن مسعود، عند الطبراني في "الكبير" "10091" و"الأوسط" 1/141/1، والصغير ص2، وسنده حسن في الشواهد.
ورابع من حديث عبد الله بن عمر عند البزار "1260".
وخامس من حديث سمرة عنده أيضاً "1260" والطبراني في "الأوسط" وأبي يعلى كما في "نصب الراية" 3/339ولعائشة رضي الله عنها حديث آخر بلفظ: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولد الرجل من كسبه" سيورده المؤلف في باب النفقة برقم "4255" و"4257"، ويرد تخريجه هناك.(2/142)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنْ مُعَامَلَتِهِ أَبَاهُ بِمَا يُعَامِلُ بِهِ الْأَجْنَبِيِّينَ وَأَمَرِ بِبِرِّهِ وَالرِّفْقِ بِهِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ مَعًا إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ مَالُهُ فقَالَ لَهُ أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ لَا أَنَّ مَالَ الِابْنِ يَمْلِكُهُ الْأَبُ1 فِي حَيَاتِهِ عَنْ غَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الِابْنِ به. [3: 42]
__________
1 في حاشية الأصل: في نسخة: "أبوه".(2/143)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي يَسُبُّ الْمَرْءُ وَالِدَيْهِ بِهِ
411 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمنذكر الزَّجْرِ عَنِ السَّبَبِ الَّذِي يَسُبُّ الْمَرْءُ وَالِدَيْهِ بِهِ
[411] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ(2/143)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم " من الْكَبَائِرِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قِيلَ وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَتَعَرَّضُ لِلنَّاسِ فَيَسُبُّ والديه" 1. [2: 109]
__________
1 حديث صحيح، الحسين بن حسن لم أتبينه، ويحيى بن زكريا ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. سعد بن إبراهيم: هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وحميد بن عبد الرحمن: هو ابن عوف الزهري.
وأخرجه أحمد 2/164عن وكيع، عن مسعر بن كدام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/216، والبخاري "5973" في الأدب: باب لا يسب الرجل والديه، وأبو داود "5141" في الأدب: باب في بر الوالدين، من طريق إبراهيم بن سعد بن إبراهيم، وأحمد 2/214 من طريق حماد بن سلمة، وأحمد 2/164، ومسلم "90" في الإيمان: باب بيان الكبائر وأكبرها، والبخاري في "الأدب المفرد" "27" من طريق سفيان الثوري، ومسلم "90" أيضاً، والترمذي "1902" في البر والصلة: باب ما جاء في عقوق الوالدين، وأبو نعيم في "الحلية" 3/172 من طريق ابن الهاد، كلهم عن سعد بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وسيرد بعده من طريق شعبة، عن سعد بن إبراهيم، به. فانظره.
قال النووي: فيه دليل على أن من تسبب في شيء جاز أن ينسب إليه ذلك الشيء، وإنما جعل هذا عقوقاً لكونه يحصل منه ما يتأذى به الوالد تأذياً ليس بالهين، وفيه قطع الذرائع، فيؤخذ منه النهي عن بيع العصير ممن يتخذ الخمر، والسلاح ممن يقطع الطريق، ونحو ذلك، والله أعلم. "شرح مسلم" 2/88.(2/144)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ وَهَمَ فِيهِ مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ
412 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنذكر الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ وَهَمَ فِيهِ مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ
[412] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن(2/144)
شار قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَسُبَّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ وَكَيْفَ يَسُبُّ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ قَالَ يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه" 1. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه مسلم "90" في الإيمان: باب بيان الكبائر وأكبرها، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "2269"، ومن طريقه أبو عوانة 1/55 عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/195، وأبو عوانة 1/55، عن حجاج، والبغوي في "شرح السُّنة" "3427" من طريق علي بن الجعد، كلاهما عن شعبة، به.
وتقدم قبله من طريق مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، به، فانظر تخريجه ثمت.(2/145)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَرْغَبَ الْمَرْءُ عَنْ آبَائِهِ إِذِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ الْكُفْرِ
413 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَرْغَبَ الْمَرْءُ عَنْ آبَائِهِ إِذِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ ضَرْبٌ مِنَ الْكُفْرِ
[413] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:(2/145)
حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ انْقَلَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِلَى مَنْزِلِهِ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فقَالَ إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا.
قَالَ عُمَرُ إِنِّي قَائِمٌ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ وَأُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ أَمْرَهُمْ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقُلْتُ لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ وَإِنَّ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ إِذَا أَقَمْتَ فِي النَّاسِ فَيَطِيرُوا بِمَقَالَتِكَ وَلَا يَضَعُوهَا مَوَاضِعَهَا أَمْهِلْ حَتَّى تَقْدُمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ فَتَخْلُصَ بِعُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ وَتَقُولُ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا وَيَعُونَ مَقَالَتَكَ وَيَضَعُونَهَا مَوَاضِعَهَا.
فقَالَ عُمَرُ لَئِنْ قَدِمْتَ الْمَدِينَةَ سَالِمًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَأَ تَكَلَّمَنَّ فِي أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ.
فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ عَجَّلْتُ الرَّوَاحَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ سَبَقَنِي فَجَلَسَ إِلَى رُكْنِ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ وَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ تَمَسُّ رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ طَلَعَ عُمَرُ فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ أَمَا إِنَّهُ سَيَقُولُ الْيَوْمَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ قَالَ وَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ فَجَلَسَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ:(2/146)
أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجْلِي فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ لَمْ يَعْقِلْهَا فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأَ بِهَا وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَأَخَافُ إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ مَا نَجْدُ آيَةَ الرَّجْمِ في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزله اللَّهُ وَالرَّجْمُ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ حَمْلٌ أَوِ اعْتِرَافٌ وَايْمُ اللَّهِ لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَكَتَبْتُهَا.
أَلَا وَإِنَّا كُنَّا نَقْرَأُ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى بْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ ورسوله" 1.
__________
1 قال ابن التين: والنكتة في إيراد عمر هذه القصة هنا أنه خشي عليهم الغلو، يعني خشي على من لاقوة له في الفهم أن يظن بشخص استحقاقه الخلافة، فيقوم في ذلك مع أن المذكور لا يستحق فيطريه بما ليس فيه، فيدخل في النهي، ويحتمل أن تكون المناسبة أن الذي وقع منه في مدح أبي بكر ليس من الإطراء المنهي عنه، ومن ثم قال: ليس فيكم مثل أبي بكر. ثم ذكر الحافظُ ابنُ حجر مناسبة إيراد عمر قصة الرجم، والزجر عن الرغبة عن الآباء للقصة التي خطب بسببها، وهي قول القائل: لو مات عمر لبايعت فلاناً. انظر كلامه في "الفتح" 12/149.(2/147)
أَلَا وَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانًا قَالَ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ بَايَعْتُ فُلَانًا فَمَنْ بَايَعَ امْرَأً مِنْ غَيْرِ مَشُورَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ لَا بَيْعَةَ لَهُ وَلَا لِلَّذِي بَايَعَهُ فَلَا يَغْتَرَّنَّ أَحَدٌ فَيَقُولُ إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً أَلَا وَإِنَّهَا كَانَتْ فَلْتَةً إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا1 وَلَيْسَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ2 أَلَا وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِنَا يَوْمَ تَوَفَّى اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
إِنَّ الْمُهَاجِرِينَ اجْتَمَعُوا إِلَى أَبِي بَكْرٍ وَتَخَلَّفَ عَنَّا الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنَ الْأَنْصَارِ نَنْظُرُ مَا صَنَعُوا فَخَرَجْنَا نَؤُمُّهُمْ فَلَقِيَنَا رَجُلَانِ صَالِحَانِ مِنْهُمْ فَقَالَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْتُ نُرِيدُ إِخْوَانَنَا مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ فلا عليكم أن لا تأتوهم اقضوا
__________
1 قال ابن الأثير: أراد بالفلتة الفجأة، ومثل هذه البيعة جديرة بأن تكون مهيجة للشر والفتنة، فعصم الله من ذلك ووقى. والفتلية: كل شيء فعل من غير روية، وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر. وسيذكر المؤلف إنها سميت فتلة، لأن ابتداءها كان من غير ملأ، والشيء الذي يكون من غير ملأ يقال له: الفتلة. انظر تعليق المؤلف عقب الرواية الآتية بعد هذه.
2 قال الخطابي فيما نقله عنه الحافظ: يريد أن السابق منكم الذي لا يلحق في الفضل لا يصل إلى منزلة أبي بكر، فلا يطمع أحد أن يقع له مثل ما وقع لأبي بكر من المبايعة له أولاً في الملأ اليسير، ثم اجتماع الناس عليه، وعدم اختلافهم عليه لما تحققوا من استحقاقه، فلم يحتاجوا في أمره إلى نظر ولا إلى مشاورة أخرى، وليس غيره في ذلك مثله.(2/148)
أَمَرَكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَأْتِيَهُمْ فَجِئْنَاهُمْ فَإِذَا هُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَإِذَا رَجُلٌ مُزَّمِّلٌ بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالُوا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ قُلْتُ مَا لَهُ قَالُوا وَجِعٌ فَلَمَّا جَلَسْنَا قَامَ خَطِيبُهُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَقَدْ دَفَّتْ إِلَيْنَا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ1 مِنْكُمْ دَافَّةٌ2 وَإِذَا هُمْ قَدْ أَرَادُوا أَنْ يَخْتَصُّوا بِالْأَمْرِ وَيُخْرِجُونَا مِنْ أَصْلِنَا.
قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا سَكَتَ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَقَدْ كُنْتُ زَوَّرْتُ3 مَقَالَةً قَدْ أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْهُ بَعْضَ الْحَدِّ4 وَكَانَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَقَالَ اجْلِسْ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ فَتَكَلَّمَ فَوَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِمَّا زَوَّرْتُهُ فِي مَقَالَتِي إِلَّا قَالَ مِثْلَهُ فِي بَدِيهَتِهِ أو أفضل،
__________
1 في هامش الأصل ما نصه: صوابه "المهاجرين" وهي كذلك في البخاري.
2 الدافَّة: قوم من الأعراب يردون المصر. "النهاية".
3 زورت: بزاي ثم راء أي: هيأت وحسنت: قال الحافظ: وفي رواية مالك: "روَّيت" براء وواو ثقيلة ثم تحتانية ساكنة من الروية ضد البديهة، ويؤيده قول عمر بعد: "فما ترك كلمة" وفي رواية مالك " ما ترك من كلمة أعجبتني في رويتي إلا قالها في بديهته".
4 الحدُّ كالحِدَّة: ما يعتري الإنسان من الغضب والنزق.(2/149)
فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَمَا ذَكَرْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَلَنْ يَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَنَسَبَا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيَّهُمَا شِئْتُمْ وَأَخَذَ بِيَدِي وَيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ وَهُوَ جَالِسٌ بَيْنَنَا فَلَمْ أَكْرَهُ شَيْئًا مِنْ مَقَالَتِهِ غَيْرَهَا كَانَ وَاللَّهِ لِأَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي فِي أَمْرٍ لَا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أَنْ أُؤَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ فقَالَ فَتَى الْأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا1 الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ2 مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ فَكَثُرَ اللَّغَطُ وَخَشِيتُ الِاخْتِلَافَ فَقُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَهَا فَبَايَعْتُهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدٍ فقَالَ قَائِلٌ قَتَلْتُمْ سَعْدًا فَقُلْتُ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَلَمْ نجد شيئا
__________
1 قال يعقوب: عنى بالجذيل ها هنا الأصل من الشجرة تحتك به الإبل فتشفي به، أي: قد جربتني الأمور، ولي رأي وعلم يشتفى بهما، كما تشتفي هذه الإبل الجربي بهذا الجذل، وصغره على جهة المدح، وقيل: الجذل هنا: العود الذي ينصب للإبل الجربي، وكذلك قال أبو ذؤيب أو ابنه شهاب:
رِجَلٌ برتنا الحربُ حتَّى كأننا
جذال حِكَاكٍ لوَّحتها الدَّواجِنُ
والمعنيان متقاربان. "لسان العرب".
2 العذيق: تصغير عذق: وهي النخلة بحملها، قال يعقوب: الرجيب هنا: إرفاد النخلة من جانب ليمنعها من السقوط، أي: إن لي عشيرة تعضدني وتمنعني وترفدني. "لسان العرب".(2/150)
هُوَ أَفْضَلَ مِنْ مُبَايَعَةِ أَبِي بَكْرٍ خَشِيتُ إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً فَإِمَّا أَنْ نُبَايِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونُ فَسَادًا وَاخْتِلَافًا فَبَايَعْنَا أبا بكر جميعا ورضينا به"1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه بطوله ابن أبي شيبة 14/563- 567 عن عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، عن عبد الملك بن أبي بكر، والبخاري "6830" في الحدود: باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت، عن عبد العزيز بن عبد الله، عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد. وسيرد بعده من طريق مالك، عن الزهري.
وأخرجه مختصراً ابن أبي شيبة 14/563 عن غندر، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن عبيد الله بن عبد الله، بهذا الإسناد.
وقسم حديث الرجم أخرجه أبو داود "4418" في الحدود: باب في الرجم، عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن هُشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "13329"، ومن طريقه الترمذي "1432" في الحدود: باب ما جاء في تحقيق الرجم، وأحمد 1/47، عن معمر، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/75، 76، والبخاري "6829" في الحدود: باب الاعتراف بالزنا، ومسلم "1691" في الحدود: باب رجم الثيب في الزنى، والبيهقي في "السُّنن" 8/21 من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن الزهري، بهذا الإسناد.
وقوله: "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم" سيورده المؤلف في كتاب التاريخ: باب بدء الخلق، برقم "6218".
وقوله: "لا ترغبوا عن آبائكم، فإن من رغب عن أبيه فقد كفر" سيورده المؤلف برقم "1466" من حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.(2/151)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَوْلُ عُمَرَ قَتَلَ اللَّهُ سعدا يريد به في سبيل الله1. [2: 43]
__________
1 لكن رواية مالك التالية، وهي: "وقلت وأنا مغضب: قتل الله سعداً فإنه صاحب فتنة وشر" ترد ما ذهب إليه المؤلف، ولذا إليه المؤلف، ولذا قال الحافظ في شرح الحديث: فيه جواز الدعاء على من يخشى في بقائه فتنة.(2/152)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الرَّغْبَةِ عَنِ الْآبَاءِ إِذْ رَغْبَةُ الْمَرْءِ عَنْ أَبِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْكُفْرِ
414 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بِنَسَا وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِالْمَوْصِلِ وَالْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ بِالْبَصْرَةِ وَاللَّفْظُ لِلْحَسَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ بن أَخِي جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يقرىء عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا يَجِدُ مِنَ الْأَقْشَعْرِيرَةِ مَا يَجِدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجِئْتُ أَلْتَمِسُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَوْمًا فَلَمْ أَجِدْهُ فَانْتَظَرْتُهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى رَجَعَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِي لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا آنِفًا قَالَ لِعُمَرَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمِنًى فِي آخر حجة حجها عمر بن الخطاب فذكرذكر الزَّجْرِ عَنِ الرَّغْبَةِ عَنِ الْآبَاءِ إِذْ رَغْبَةُ الْمَرْءِ عَنْ أَبِيهِ ضَرْبٌ مِنَ الْكُفْرِ
[414] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بِنَسَا وَأَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِالْمَوْصِلِ وَالْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ بِالْبَصْرَةِ وَاللَّفْظُ لِلْحَسَنِ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ بن أَخِي جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا عَمِّي جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ
أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يقرىء عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ فَلَمْ أَرَ رَجُلًا يَجِدُ مِنَ الْأَقْشَعْرِيرَةِ مَا يَجِدُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَجِئْتُ أَلْتَمِسُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَوْمًا فَلَمْ أَجِدْهُ فَانْتَظَرْتُهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى رَجَعَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِي لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا آنِفًا قَالَ لِعُمَرَ كَذَا وَكَذَا وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمِنًى فِي آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ(2/152)
عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا أَتَى إِلَى عُمَرَ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ وَاللَّهِ لَوْ مَاتَ عُمَرُ لَقَدْ بَايَعْتُ فُلَانًا قَالَ عُمَرُ حِينَ بَلَغَهُ ذَلِكَ إِنِّي لَقَائِمٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الْعَشِيَّةَ فِي النَّاسِ فَمُحَذِّرُهُمْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَغْتَصِبُونَ الْأُمَّةَ أَمَرَهُمْ. فقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فقلت يا أمير الؤمنين لَا تَفْعَلْ ذَلِكَ يَوْمَكَ هَذَا فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ وَغَوْغَاءَهُمْ وَإِنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ فَأَخْشَى إِنْ قُلْتَ فِيهِمُ الْيَوْمَ مَقَالًا أَنْ يَطِيرُوا بِهَا وَلَا يَعُوهَا وَلَا يَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا أَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ فَإِنَّهَا دَارُ الْهِجْرَةِ وَالسُّنَّةِ وَتَخْلُصَ لِعُلَمَاءِ النَّاسِ وَأَشْرَافِهِمْ فَتَقُولُ مَا قُلْتَ مُتَمَكِّنًا فَيَعُوا1 مَقَالَتَكَ وَيَضَعُوهَا عَلَى مَوَاضِعِهَا.
قَالَ عُمَرُ وَاللَّهِ لَئِنْ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ صَالِحًا لَأُكَلِّمَنَّ بِهَا النَّاسَ في أول مقام أقومه.
قال بن عَبَّاسٍ فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فِي عَقِبِ ذِي الْحِجَّةِ وَجَاءَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ هَجَّرْتُ صَكَّةَ الْأَعْمَى2 لِمَا أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَجَدْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ فَجَلَسَ إِلَى رُكْنٍ جَانِبَ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ فَجَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ تَمَسُّ
__________
1 في مسند أحمد: فيعون مقالتك ويضعونها.
2 في رواية المسند: فقلت لمالك: وما صكة الأعمى؟ قال: إنه لا يبالي أي ساعة خرج، ولا يعرف الحرَّ والبرد ونحو هذا.(2/153)
رُكْبَتِي رُكْبَتَهُ فَلَمْ يَنْشَبْ عُمَرُ أَنْ خَرَجَ فَأَقْبَلَ يَؤُمُّ الْمِنْبَرَ فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَعُمَرُ مُقْبِلٌ وَاللَّهِ لَيَقُولَنَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ الْيَوْمَ مَقَالَةً لَمْ يَقُلْهَا أَحَدٌ قَبْلَهُ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَقَالَ مَا عَسَى أَنْ يَقُولَ مَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ فَلَمَّا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَلَمَّا أَنْ سَكَتَ قَامَ عُمَرُ فَتَشَهَّدَ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَائِلٌ لَكُمْ مَقَالَةً قَدْ قُدِّرَ لِي أَنْ أَقُولَهَا لَعَلَّهَا بَيْنَ يَدَيْ أَجْلِي فَمَنْ عَقَلَهَا وَوَعَاهَا فَلْيُحَدِّثْ بِهَا حَيْثُ انْتَهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَمَنْ خَشِيَ أَنْ لَا يَعِيَهَا فَلَا أُحِلُّ لَهُ أَنْ يَكْذِبَ عَلَيَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةُ الرَّجْمِ فَقَرَأْنَاهَا وَعَقَلْنَاهَا وَوَعَيْنَاهَا وَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ وَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَيَتْرُكَ فَرِيضَةً أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَإِنَّ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ أَوْ كَانَ الْحَبَلُ أَوِ الِاعْتِرَافُ.
ثُمَّ إِنَّا قَدْ كُنَّا نَقْرَأُ أَنْ "لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَإِنَّ كُفْرًا بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ".
ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال "لا تطروني كما أطري بْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ".
ثُمَّ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ فُلَانًا مِنْكُمْ يَقُولُ وَاللَّهِ لَوْ قَدْ مَاتَ عُمَرُ(2/154)
لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرءاً1 أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فَلْتَةً فَتَمَّتْ فَإِنَّهَا قَدْ كَانَتْ كَذَلِكَ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا وَلَيْسَ فِيكُمْ مَنْ تُقْطَعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ مِثْلَ أَبِي بَكْرٍ وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ خَيْرِنَا حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ وَمَنْ مَعَهُمَا تَخَلَّفُوا عَنَّا وَتَخَلَّفَتِ الْأَنْصَارُ عَنَّا بِأَسْرِهَا وَاجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ وَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَيْنَا نَحْنُ فِي مَنْزِلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ اخْرُجْ إلي يا بن الْخَطَّابِ فَقُلْتُ إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّا مَشَاغِيلُ عَنْكَ فقَالَ إِنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْكَ فِيهِ إِنَّ الْأَنْصَارَ قَدِ اجْتَمَعُوا فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَأَدْرِكُوهُمْ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثُوا أَمْرًا فَيَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ فِيهِ حَرْبٌ فَقُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا هَؤُلَاءِ مِنَ الْأَنْصَارِ فَانْطَلَقْنَا نَؤُمُّهُمْ فَلَقِيَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ بِيَدِهِ فَمَشَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى إِذَا دَنَوْنَا مِنْهُمْ لَقِينَا رجلان صالحان فذكرا الذي صنع القوم وقالا أَيْنَ تُرِيدُونَ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ فَقُلْتُ نُرِيدُ إِخْوَانَنَا مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارِ قَالَا لَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَقْرَبُوهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ اقْضُوا أَمَرَكُمْ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَنَأْتِيَنَّهُمْ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى أَتَيْنَاهُمْ فَإِذَا هُمْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَإِذَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ رَجُلٌ مُزَّمِّلٌ فَقُلْتُ مَنْ هَذَا قالوا سعد بن عبادة
__________
1 في رواية "المسند": فلا يغترن امرؤ.(2/155)
قُلْتُ فَمَا لَهُ قَالُوا هُوَ وَجِعٌ فَلَمَّا جَلَسْنَا تَكَلَّمَ خَطِيبُ الْأَنْصَارِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَكَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَأَنْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ رَهْطٌ مِنَّا وَقَدْ دَفَّتْ دَافَّةٌ مِنْ قَوْمِكُمْ قَالَ عُمَرُ وَإِذَا هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْتَزِلُونَا مِنْ أَصْلِنَا وَيَحُطُّوا بِنَا1 مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا قَضَى مَقَالَتَهُ أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ وَكُنْتُ قَدْ زَوَّرْتُ مَقَالَةً أَعْجَبَتْنِي أُرِيدُ أَنْ أَقُومَ بِهَا بَيْنَ يَدَيْ أَبِي بَكْرٍ وَكُنْتُ أُدَارِي مِنْ أَبِي بَكْرٍ بَعْضَ الْحِدَّةِ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى رِسْلِكَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُغْضِبَهُ فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ كَانَ أَحْلَمَ مِنِّي وَأَوْقَرَ وَاللَّهِ مَا تَرَكَ مِنْ كَلِمَةٍ أَعْجَبَتْنِي فِي تَزْوِيرِي إِلَّا تَكَلَّمَ بِمِثْلِهَا أَوْ أَفْضَلَ فِي بَدِيهَتِهِ حَتَّى سَكَتَ فَتَشَهَّدَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا الْأَنْصَارُ فَمَا ذَكَرْتُمْ فِيكُمْ مِنْ خَيْرٍ فَأَنْتُمْ أَهْلُهُ وَلَنْ تَعْرِفَ الْعَرَبُ هَذَا الْأَمْرَ إِلَّا لِهَذَا الْحَيِّ مِنْ قُرَيْشٍ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ نَسَبًا وَدَارًا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَبَايِعُوا أَيُّهُمَا شِئْتُمْ فَأَخَذَ بِيَدِي وَبِيَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ فَلَمْ أَكْرَهْ مِنْ مَقَالَتِهِ غَيْرَهَا كَانَ وَاللَّهِ أَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي لَا يُقَرِّبُنِي ذَلِكَ إِلَى إِثْمٍ أحب إلي من أن
__________
1 كذا الأصل: وعلى هامشه: يحطبوننا خ، ورواية البخاري: يحضنونا، أي: يخرجونا، يقال: حضنت الرجل عن هذا الأمر حضناً وحضانة: إذا نحيته عنه، واستبددت به، وانفردت به دونه، كأنه جعله في حضن منه، أي: جانباً، وقوله: أن يختزلونا، أي: يريدون أن يقتطونا ويذهبوا بنا منفردين.(2/156)
أُؤَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ إِلَّا أَنْ تَغَيَّرَ نَفْسِي عِنْدَ الْمَوْتِ فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ مَقَالَتَهُ قَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ1 مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ قَالَ عُمَرُ فكثر اللغظ وَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ حَتَّى أَشْفَقْتُ الِاخْتِلَافَ قُلْتُ ابْسُطْ يَدَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَبَسَطَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَنَزَوْنَا عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فقَالَ قَائِلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَتَلْتُمْ سَعْدًا قَالَ عُمَرُ فَقُلْتُ وَأَنَا مُغْضَبٌ قَتَلَ اللَّهُ سَعْدًا فَإِنَّهُ صَاحِبُ فِتْنَةٍ وَشَرٍّ وَإِنَّا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا فِيمَا حَضَرَ مِنْ أَمْرِنَا أَمْرٌ أَقْوَى مِنْ بَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ فَخَشِينَا إِنْ فَارَقْنَا الْقَوْمَ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ بَيْعَةٌ أَنْ يُحْدِثُوا بَعْدَنَا بَيْعَةً فَإِمَّا أَنْ نُبَايِعَهُمْ عَلَى مَا لَا نَرْضَى وَإِمَّا أَنْ نُخَالِفَهُمْ فَيَكُونُ فَسَادًا2 فَلَا يَغْتَرَّنَّ امْرٌؤٌ أَنْ يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فَتَمَّتْ فَقَدْ كَانَتْ فَلْتَةً وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا أَلَا وَإِنَّهُ لَيْسَ فِيكُمُ الْيَوْمَ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ.
قَالَ مَالِكٌ أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الرَّجُلَيْنِ الْأَنْصَارِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ لَقِيَا الْمُهَاجِرِينَ هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ وَزَعَمَ مَالِكٌ أَنَّ الزُّهْرِيَّ سمع سعيد بن
__________
1 في رواية "المسند" فقلت لمالك: ما معنى أنا جذيلها المحكاك، وعذيقها المرجَّب، قال: كأنه يقول: أنا داهيتها.
2 في رواية المسند زيادة هنا وهي: "فمن بايع أميراً عن غير مشورة المسلمين، فلا بيعة له، ولا بيعة للذي بايعه تَغِرَّة أن يقتلا".(2/157)
الْمُسَيِّبِ يَزْعُمُ أَنَّ الَّذِي قَالَ يَوْمَئِذٍ أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لَهُ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رضى الله تعالى عَنْهُ قَوْلُ عُمَرَ إِنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَتْ فَلْتَةً وَلَكِنَّ اللَّهَ وَقَى شَرَّهَا يُرِيدُ أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ مَلَأٍ وَالشَّيْءُ الَّذِي يَكُونُ عَنْ غَيْرِ مَلَأٍ يُقَالُ لَهُ الْفَلْتَةُ وَقَدْ يُتَوَقَّعُ فِيمَا لَا يَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْمَلَأُ الشَّرُّ فقَالَ وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا يُرِيدُ الشَّرَّ الْمُتَوَقَّعَ فِي الْفَلَتَاتِ لَا أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ كَانَ فِيهَا شر. [1/101]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو عند مالك مختصراً في "الموطأ" 2/823 في الحدود: باب ما جاء في الرجم، ومن طريقه أخرجه أحمد بطوله 1/55 بنحو منه، وبزيادات لم ترد عند ابن حبان، وذكر الحافظ ابن حجر أن الدارقطني رواه في الغرائب، ورواه ابن إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ الزهري، به. كما في سيرة ابن هشام: 4/657، 660. وانظر الحديث السابق.(2/158)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَمَّنِ ادَّعَى أَبَا غَيْرَ أَبِيهِ
415 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ:
لَمَّا ادُّعِيَ زِيَادٌ2 لَقِيتُ أَبَا بَكْرَةَ فقلت ما هذا الذي
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو عند مالك مختصراً في "الموطأ" 2/823 في الحدود: باب ما جاء في الرجم، ومن طريقه أخرجه أحمد بطوله 1/55 بنحو منه، وبزيادات لم ترد عند ابن حبان، وذكر الحافظ ابن حجر أن الدارقطني رواه في الغرائب، ورواه ابن إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ الزهري، به. كما في سيرة ابن هشام: 4/657، 660. وانظر الحديث السابق.
2 هو زياد بن سمية، وهي أمه، كانت أمةً للحارث بن كلدة زوجها لمولى عبيد، فأتت بزياد على فراشه وهم بالطائف قبل أن يسلم أهل الطائف، فلما كان في خلافة عمر سمع أبو سفيان بن حرب كلام زياد عند عمر،
= وكان بليغاً. فأعجبه، فقال: إني لأعرف من وضعه في أمه، ولو شئت لسميته، ولكن أخاف من عمر، فلما ولي معاوية الخلافة، كان زياد على فارس من قبل علي، فأراد مداراته، فأطمعه في أن يلحقه بأبي سفيان، فأصغى زياد إلى ذلك، فجرت في ذلك خطوب إلى أن ادعاه معاوية، وأمره على البصرة، ثم على الكوفة وأكرمه، وسار زياد سيرته المشهورة، وسياسته المذكورة، فكان كثير من الصحابة والتابعين ينكرون ذلك على معاوية محتجين بحديث "الولد للفراش ... " وإنما خص أبو عثمان أبا بكرة بالإنكار، لأن زياداً كان أخاه من أمه. انظر "الفتح" 12/54.(2/158)
صَنَعْتُمْ إِنِّي سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقُولُ سَمِعَ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال "من ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ" فقَالَ أَبُو بَكْرَةَ وَأَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"1. [3: 19]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، خالد هو ابن مهران الحذاء، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي.
وأخرجه أحمد 5/46، ومسلم "63" "114" في الإيمان: باب بيان حال إيمان من رغب عن أبيه وهو يعلم، عن عمرو الناقد، والبيهقي في "السُّنن" 7/403 من طريق عمرو بن عون، ثلاثتهم عن هُشيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/169 عن هشام، وأبو عوانة 1/30 من طريق إسماعيل بن علية، كلاهما عن خالد بن الحذاء، بهذا الإسناد.
وسيرد بعده من طريق خالد الواسطي، عن خالد الحذاء، به، ويخرج هناك.
وأخرجه الطيالسي "199" عن ثابت أبي زيد وسلام بن سليم، وأحمد 1/174 و179 و5/38، وأبو عوانة 2/30 من طريق إسماعيل بن علية، وأحمد 1/174، والبخاري "4326" و"4327" في المغازي: باب غزوة الطائف، وأبو عوانة 1/29، والدارمي 2/244و 343، والبغوي في "شرح السُّنة" "2376"، من طريق شعبة، وأحمد 1/174، وأبو عوانة 1/28 من طريق سفيان، ومسلم "63" "115"، وابن ماجة "2610" في الحدود: باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه، وأبو عوانة 1/29 من طريق أبي معاوية ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وأبو داود "5113" في الأدب: باب في الرجل ينتمي إلى غير مواليه، من طريق زهير، كلهم عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، به.
وأخرجه الطيالسي "885" عن طريق عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن أبي بكرة.(2/159)
ذِكْرُ تَحْرِيمِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْجَنَّةَ عَلَى الْمُنْتَمِي إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ فِي الْإِسْلَامِ
416 - أَخْبَرَنَا شَبَابُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ قَالَ أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " مَنِ ادَّعَى أَبًا فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ" قَالَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرَةَ قَالَ وَأَنَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم"1. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهب بن بقية من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات على شرطهما، خالد الأول هو ابن عبد الله الواسطي الطحان، وخالد الثاني هو ابن مهران الحذاء.
وأخرجه البخاري "6766، 6767" في الفرائض: باب من ادعى إلى غير أبيه، والبيهقي في "السُّنن" 7/403، من طريق مسدد، عن خالد الواسطي، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.
وفي الباب عن ابن عباس في الحديث التالي.
وعن علي عند أحمد 1/181 و126، والبخاري "6755"، ومسلم "1370". وعن أبي ذر عند البخاري "3508" في المناقب، ومسلم "61"، والبيهقي 7/403.
وعن أنس بن مالك عند أبي داود "5115" وسنده صحيح.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطيالسي "2274"، وأحمد 2/171 و194، وابن ماجة "6211"، أورده الهيثمي في "المجمع" 1/98، وقال: ورجال أحمد رجال الصحيح.
وعن أبي أمامة الباهلي عند الطيالسي "1127"، وأحمد 5/267 وعن عمرو بن خارجة الخشني عند أحمد 4/187 و 238 و239.
وعن جابر أورده الهيثمي 8/149، وقال: رواه أبو يعلى، وفيه عمران القطان، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره.(2/160)
ذِكْرُ إِيجَابِ لَعْنَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَمَلَائِكَتِهِ عَلَى الْفَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُمَا
417 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حدثنا أبو خثيمة قَالَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سعيد بن جبير
عن بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ والملائكة والناس أجمين" 1. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الله بن عثمان بن خثيم من رجال مسلم، وباقي السند على شرطهما.
وأخرجه أحمد 1/328 عن عفان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجة "2609" في الحدود: باب من ادعى إلى غير أبيه، عن أبي بشر بكر بن خلف، عن ابن أبي الضيف، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، به.
وأخرجه أحمد 1/318 عن أبي النضر، عن عبد الحميد، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس.
وتقدم قبله من حديث سعد بن أبي وقاص وأبي بكرة، فانظره.(2/161)
ذِكْرُ وَصْفِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ لِمَنْ تُوُفِّيَ أَبَوَاهُ فِي حَيَاتِهِ
418 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أُسَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ السَّاعِدِيِّ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَأَنَا عِنْدَهُ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَوَيَّ قَدْ هَلَكَا فَهَلْ بَقِيَ لِي بَعْدَ مَوْتِهِمَا مِنْ بِرِّهِمَا شَيْءٌ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "نَعَمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمَا وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُمَا وَإِنْفَاذُ عُهُودِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا وَصِلَةُ رَحِمِهِمَا الَّتِي لَا رَحِمَ لَكَ إِلَّا مِنْ قِبَلِهِمَا" قَالَ الرَّجُلُ مَا أَكْثَرَ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَطْيَبَهُ قَالَ "فَاعْمَلْ به" 1. [1: 2]
__________
1 علي بن عبيد مجهول، لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه سوى ابنه أسيد، وباقي رجاله ثقات. حبان: هو ابن موسى، وعبد الله: هو ابن المبارك. وعبد الرحمن بن سليمان: هو ابنُ الغسيل. ومع ذلك فقد صححه الحاكم 4/154، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 3/497، 498 عن يونس بن محمد، وأبو داود "5142" في الأدب: باب في بر الوالدين، وابن ماجة "3664" في الأدب: باب صل من كان أبوك يصل، من طريق عبد الله بن إدريس، والبخاري في "الأدب المفرد" "35" عن أبي نعيم، والطبراني في "المعجم الكبير" 19/"592" من طريق أبي نعيم ومحمد بن عبد الواهب الحارثي ويحيى الحماني، والبيهقي في "السُّنن" 4/28 من طريق شبابة بن سوار، كلهم عن عبد الرحمن بن سليمان، بهذا الإسناد.(2/162)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ إِدْخَالَ الْمَرْءِ السُّرُورَ عَلَى وَالِدَيْهِ فِي أَسْبَابِهِ يَقُومُ مَقَامَ جِهَادِ النَّفْلِ
419 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ الْحَافِظُ السَّرَّادُ بِتُسْتُرَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا بن جُرَيْجٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ جَاءَ رجل فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُبَايِعَكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ فقَالَ "ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح، عطاء بن السائب اختلط بأخرة، إلا أن رواية سفيان الثوري عنه قديمة قبل اختلاطه، وكذا حماد بن سلمة.
وأخرجه الحميدي "584"، وأحمد 2/198، وعبد الرزاق "9285" ومن طريقه أحمد 2/160، ثلاثتهم عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "2528" في الجهاد: باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان، والبخاري في "الأدب المفرد" "19"، والبيهقي في "السُّنن" 9/26 من طريق محمد بن كثير، والبخاري في "الأدب المفرد" "13"، عن أبي نعيم، والحاكم 4/152 من طريق أبي نعيم وأبي عاصم وأبي حذيفة، والبغوي في "شرح السنُّة" "2639" من طريق أبي أحمد الزبيري، كلهم عن سفيان، به.
وأخرجه أحمد 2/194 عن إسماعيل ابن علية، وأحمد 2/204، والحاكم 4/153 من طريق شعبة، والنسائي 7/143 في البيعة: باب البيعة على الهجرة من طريق حماد بن زيد، وابن ماجة "2782" في الجهاد: باب الرجل يغزو وله أبوان من طريق المحاربي، أربعتهم عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد. وشعبة وحماد بن زيد سمعا من عطاء قبل الاختلاط.(2/163)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُؤْثِرَ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى الْجِهَادِ النَّفْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
420 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ وَهُوَ السَّائِبُ بْنُ فَرُّوخٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أُجَاهِدُ فقَالَ "لَكَ أَبَوَانِ" قَالَ نَعَمْ قَالَ "ففيهما فجاهد" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح.
وأخرجه البخاري "5972" في الأدب: باب لا يجاهد إلا بإذن الأبوين، وأبو داود "2529" في الجهاد: باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان، كلاهما عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "9284" عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأورده المؤلف برقم "318" من طريق شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، بهذا الإسناد، وتقدم تخريجه هناك، فانظره.(2/164)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مُجَاهَدَةَ الْمَرْءِ فِي بِرِّ وَالِدَيْهِ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي بِرِّهِمَا
421 - حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا قَالَ يا رسول الله أتأذنذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ مُجَاهَدَةَ الْمَرْءِ فِي بِرِّ وَالِدَيْهِ هُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي بِرِّهِمَا
[421] حَدَّثَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا يعلى بن عطاء عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَأْذَنُ(2/164)
لِي فِي الْجِهَادِ؟ قَالَ "أَلَكَ وَالِدَانِ" قَالَ نعم قال "اذهب فبرهما" فذهب وهو يحمل الركاب1. [1:2]
__________
1 إسناده حسن في الشواهد، عطاء والد يعلى، هو العامري الطائفي، لم يوثقه غير المؤلف، وقال ابن القطان: مجهول الحال، لم يرو عنه غير ابنه يعلى، وتبعه الذهبي في "الميزان"، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 2/197 عن بهز، عن شعبة، بهذا الإسناد. وهذا الحديث مع العنوان كتب في حاشية الأصل بخط دقيق، وقد أذهب التصوير بعض الكلمات في العنوان، واستدركتها من "التقاسيم" 1/لوحة 100.(2/165)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ جِهَادِ التَّطَوُّعِ
422 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ حدثنا أبو الطاهر بن السرح حدثنا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي هَاجَرْتُ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَدْ هَجَّرْتَ الشِّرْكَ وَلَكِنَّهُ الْجِهَادُ هَلْ لَكَ أَحَدٌ بِالْيَمَنِ" قَالَ أَبَوَايَ2 قَالَ "أَذِنَا لَكَ" قَالَ لَا قَالَ "ارْجِعْ فَاسْتَأْذِنْهُمَا فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِدْ وَإِلَّا فبرهما" 3. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن في الشواهد، عطاء والد يعلى، هو العامري الطائفي، لم يوثقه غير المؤلف، وقال ابن القطان: مجهول الحال، لم يرو عنه غير ابنه يعلى، وتبعه الذهبي في "الميزان"، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 2/197 عن بهز، عن شعبة، بهذا الإسناد. وهذا الحديث مع العنوان كتب في حاشية الأصل بخط دقيق، وقد أذهب التصوير بعض الكلمات في العنوان، واستدركتها من "التقاسيم" 1/لوحة 100.
2 في الأصل: أبوين، والمثبت من "سُنن" أبي داود وغيره.
3 إسناده ضعيف لضعف دراج أبي السمح في روايته عن أبي الهيثم.
وأخرجه أبو داود "2530" في الجهاد: باب في الرجل يغزو وأبواه = كارهان، عن سعيد بن منصور، والحاكم 2/103، 104 ومن طريقه البيهقي في "السُّنن" 9/26 من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، كلاهما عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم، فتعقبه الذهبي، وقال: دراج واه.
وأخرجه أحمد 3/75، 76 عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، بهذا الإسناد. قال الهيثمي في "المجمع" 8/137، 138: إسناده حسن. كذا قال، وقد علمت أن دراجاً في روايته عن أبي الهيثم ضعيف. لكن يشهد له الحديث "420"و"421" و"423"، فيتقوى بها.(2/165)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى جِهَادِ التَّطَوُّعِ
423 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ1 بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُهُ عَلَى الْهِجْرَةِ وَقَدْ أَسْلَمَ وَقَالَ قَدْ تَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ "قَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا" وَأَبَى أَنْ يخرج معه"2. [5: 28]
__________
1 في الأصل: "شعبة"، وهو خطأ.
2 رجاله ثقات، إلا أن رواية مسعر عن عطاء بعد الاختلاط، لكن رواه شعبة وحماد بن زيد وغيرهما عنه، وهم سمعوا منه قبل الاختلاط فالحديث صحيح، انظر "419".(2/166)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْمُبَالَغَةِ لِلْمَرْءِ فِي بِرِّ وَالِدِهِ رَجَاءَ اللُّحُوقِ بِالْبَرَرَةِ فِيهِ
424 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدٌ وَأَبُو عَوَانَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فيشتريه فيعتقه" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح. خالد هو الواسطي الطحان.
وأخرجه الطيالسي "2405" عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/230 و376 و 445، ومسلم "1510" في العتق: باب فضل عتق الوالد، وأبو داود "5137" في الأدب: باب في بر الوالدين، والبخاري في "الأدب المفرد" "10"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/109، والبيهقي في "السُّنن" 10/189 من طرق عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/539، ومن طريقه مسلم "1510"، وابن ماجة "3659" في الأدب: باب بر الوالدين، والبغوي في "شرح السنُّة" "2425"، وأخرجه الترمذي "1906" في البر: باب ما جاء في حق الوالدين، عن أحمد بن محمد بن موسى، والبيهقي في "السُّنن" 10/189 من طريق عبد الرحيم بن منيب، ثلاثتهم عن جرير بن عبد المجيد، عن سهيل بن أبي صالح، به.
قوله: "فيعتقه": لم يرد به أنَّ إنشاء الإعتاق شرط، بل أراد به أن الشراء يخلصه عن الرق.(2/167)
ذِكْرُ رَجَاءِ دُخُولِ الْجِنَّانِ لِلْمَرْءِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي بِرِّ الْوَالِدِ
425 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أبو خثيمة قال حدثناذكر رَجَاءِ دُخُولِ الْجِنَّانِ لِلْمَرْءِ بِالْمُبَالَغَةِ فِي بِرِّ الْوَالِدِ
[425] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خثيمة قال حدثنا(2/167)
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ
أَنَّ رَجُلًا أَتَى أَبَا الدَّرْدَاءِ فقَالَ إِنَّ أَبِي لَمْ يَزَلْ بِي حَتَّى تَزَوَّجْتُ وَإِنَّهُ الْآنَ يَأْمُرُنِي بِطَلَاقِهَا قَالَ مَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تَعُقَّ وَالِدَكَ وَلَا أَنَا بِالَّذِي آمُرُكَ أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَتَكَ غَيْرَ أَنَّكَ إِنْ شِئْتَ حَدَّثْتُكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ "الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَحَافِظْ عَلَى ذَلِكَ إِنْ شِئْتَ أَوْ دَعْ" قَالَ فَأَحْسِبُ عَطَاءً قَالَ فَطَلَّقَهَا"1. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح، أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وإسماعيل بن إبراهيم: هو ابن مقسم الأسدي مولاهم أبو بشر البصري المعروف بابن علية، وسماعه من عطاء، وإن كان بعد الاختلاط: فقد تابعه شعبة وسفيان وحماد بن زيد في روايته عنه، وهم ممن سمع منه قبل الاختلاط.
فقد أخرجه أحمد 5/196، وابن ماجة "2089" في الطلاق: باب الرجل يأمره أبوه بطلاق امرأتهن عن محمد بن بشار، والحاكم 4/152 من طريق خالد بن الحارث، ثلاثتهم عن شعبة، عن عطاء بن السائب، بهذا الإسناد، وفيه "أن رجلاً أمره أبوه أو أمه أو كلاهما أن يطلق.." شك شعبة.
وأخرجه من غير قصة الطلاق: الطيالسي "981"، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة" "3422" عن شعبة، عن عطاء، به.
وأخرجه الحميدي "395"، ومن طريقه الحاكم 4/152، وأخرجه الترمذي "1900" في البر: باب ما جاء في الفضل في رضا الوالدين، من طريق سفيان، عن عطاء بن السائب، به، وعندهما: وربما قال سفيان: إن أمي، وربما قال: إن أمي أو أبي.
وأخرجه أحمد 6/445، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/158
من طريق سفيان الثوري، عن عطاء، به. وفيه أن أمّه أمرته بطلاق زوجته.
وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" "3421" من طريق حماد بن زيد، عن عطاء، به، وفيه أن أمَّه أمرته بطلاق زوجته.
وأخرجه من غير قصة الطلاق ابن أبي شيبة 8/540 عن محمد بن فضيل، وأحمد 6/451، وابن ماجة "3663" في الأدب: باب بر الوالدين، من طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن عطاء، به.
وأخرجه أحمد 5/197، 198 عن حسين بن محمد، عن شريك، عن عطاء، به.(2/168)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ طَلَاقِ الْمَرْءِ امْرَأَتَهُ بِأَمْرِ أَبِيهِ إِذَا لَمْ يُفْسِدْ ذَلِكَ عَلَيْهِ دِينَهُ وَلَا كَانَ فِيهِ قَطِيعَةُ رَحِمٍ
426 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ وعمر بن علي عن بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ خَالِهِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ:
تَزَوَّجَ أَبِي امْرَأَةً وَكَرِهَهَا عُمَرُ فَأَمَرَهُ بِطَلَاقِهَا فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ "أطع أباك" 1.
__________
1 إسناده صحيح. رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحارث بن عبد الرحمن، فقد روى له الأربعة، وهو صدوق. المقدمي: هو محمد بن أبي بكر بن علي بن عطاء بن مقدم، وعمر بن علي: هو ابن عطاء بن مقدم، وابن أبي ذئب: هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة.
وأخرجه أحمد 2/20، وأبو داود "5138" في الأدب: باب في بر الوالدين، عن مسدد، وابن ماجة "2088" في الطلاق: باب الرجل يأمره أبوه بطلاق امرأته، عن محمد بن بشار، ثلاثتهم عن يحيى القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1822"، ومن طريقه البيهقي في "السُّنن" 7/322 عن ابن أبي ذئب، بهذا الإسناد. = وأخرجه أحمد 2/42 و53 و157، والترمذي "1189" في الطلاق: باب ما جاء في الرجل يسأله أبوه أن يطلق زوجته، والحاكم 2/197 و4/152، 153، من طريق عن ابن أبي ذئب، به. وقال الترمذي: هذا حديث صحيح. وصححه الحاكم والذهبي.(2/169)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أمر بن عُمَرَ بِطَلَاقِهَا طَاعَةً لِأَبِيهِ
427 - أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ حَدَّثَنَا علي بن الجعد أنبأنا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَتْ تَحْتِي امْرَأَةٌ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا وَكَانَ أَبِي يَكْرَهُهَا فَأَمَرَنِي بِطَلَاقِهَا فَأَبَيْتُ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا عَبْدَ اللَّهِ طلقها" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح، وهو في "مسند ابن الجعد" "2859"، وهو مكرر ما قبله.(2/170)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ بِرِّ الْمَرْءِ وَالِدَهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ سَخَطُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
428 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي شَبِيبُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بن سَلُولَ وَهُوَ فِي ظِلِّ أَجَمَةٍ "فقَالَ قَدْ غبر علينا بن أَبِي كَبْشَةَ" فقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عبد الله والذيذكر اسْتِحْبَابِ بِرِّ الْمَرْءِ وَالِدَهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا فِيمَا لَا يَكُونُ فِيهِ سَخَطُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
[428] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي شَبِيبُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي بن سَلُولَ وَهُوَ فِي ظِلِّ أَجَمَةٍ "فقَالَ قَدْ غبر علينا بن أَبِي كَبْشَةَ" فقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالَّذِي(2/170)
أَكْرَمَكَ وَالَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ لَئِنْ شِئْتَ لَآتِيَنَّكَ بِرَأْسِهِ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا وَلَكِنْ بِرَّ أَبَاكَ وَأَحْسِنْ صحبته" 1.
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ أَبُو كَبْشَةَ هَذَا وَالِدُ أُمِّ أُمِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَاسْتَحْسَنَ دِينَ النَّصَارَى فَرَجَعَ إِلَى قُرَيْشٍ وَأَظْهَرَهُ فَعَاتَبَتْهُ قُرَيْشٌ حَيْثُ جَاءَ بِدِينٍ غَيْرِ دِينِهِمْ فَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَيِّرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَنْسِبُهُ إِلَيْهِ يَعْنُونَ بِهِ أَنَّهُ جَاءَ بِدَيْنٍ غَيْرِ دِينِهِمْ كَمَا جَاءَ أَبُو كَبْشَةَ بِدَيْنٍ غَيْرِ دِينَهِمْ2.
__________
1 شبيب بن سعيد هو الحبطي أبو سعيد التميمي، قال ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" 4/1346: حدث عنه ابن وهب بالمناكير وحدث شبيب عن يونس، عن الزهري، نسخة الزهري أحاديث مستقيمة ... ثم قال: وأرجو أن لا يتعمد الكذب.
وأخرجه البزار "2708" عن محمد بن بشار وأبي موسى، عن عمرو بن خليفة، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد، وقال: لا نعلم رواه عن محمد بن عمرو إلا عمرو بن خليفة، وهو ثقة. قال الهيثمي في "المجمع" 9/318: ورجاله ثقات.
2 قال الحافظ في "الفتح" 1/40: أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وسلم، وعادة العرب إذا انتقصت نسبت إلى جد غامض، قال أبو الحسن النسابة الجرجاني: هو جد وهب جد النبي صلى الله عليه وسلم لأمه، وهذا فيه نظر: لأن وهباً جد النبي صلى الله عليه وسلم اسم أمه عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال ولم يقل أحد من أهل النسب: إن الأوقص يكنى أبا كبشة، وقيل: هو جد عبد المطلب لأمه، وفيه نظر أيضاً، لأن أم عبد المطلب سلمى بنت عمرو بن زيد الخزرجي، ولم يقل أحد من أهل النسب: إن عمرو بن زيد يكنى أبا كبشة، ولكن ذكر ابن حبيب في "المجتبى" جماعة من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم من قبل أبيه، ومن قبل أمه، كل واحد منهم يكنى أبا كبشة، وقيل: هو أبوه من الرضاعة، واسمه الحارث بن عبد العزى، قاله أبو الفتح الأزدي وابن ماكولا، وذكر يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، عن أبيه، عن رجال من قومه، أنه أسلم، وكانت له بنت تسمى كبشة يكنى بها، وقال ابن قتيبة، والخطابي، هو رجل من خزاعة، خالف قريشاً في عبادة الأوثان، فعبد الشعرى، فنسبوه إليه للإشراك في مطلق المخالفة، وكذا قاله الزبير، واسمه: وجز بن عامر بن غالب.(2/171)
ذِكْرُ رَجَاءِ تَمَكُّنِ الْمَرْءِ مِنْ رِضَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِرِضَاءِ وَالِدِهِ عَنْهُ
429 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ1 يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رِضَاءُ اللَّهِ فِي رِضَاءِ الْوَالِدِ وَسَخَطُ اللَّهِ في سخط الوالد" 2. [1: 2]
__________
1 تحرفت "عن" في الأصل إلى "ابن".
2 يعلى ابن عطاء هو العامري، ويقال: الليثي الطائفي، ثقة من رجال مسلم، ووالده عطاء ذكره المصنف في الثقات، وروى عن أوس بن أبي أوس، وابن عمرو بن العاص، وابن عباس، وغيرهم، قال ابن القطان: مجهول الحال، ما روى عنه غير أبنه يعلى. وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" "3424" من طريق الحسن بن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي "1899" في البر والصلة: باب ما جاء من الفضل في رضا الوالدين، عن أبي حفص عمر بن علي، عن خالد بن الحارث، بهذا الإسناد.= وأخرجه أبو الشيخ في "الفوائد" ورقة 81/2، وابن عساكر في "تاريخه" 4/76/1، من طريق أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري، والحاكم 4/151، 152 من طريق عبد الرحمن بن مهدي، كلاهما عن شعبة، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي مع أنه قال في "الميزان" في عطاء والد يعلى: لا يعرف.
وأخرجه الترمذي "1899" أيضاً من طريق محمد بن جعفر، والبخاري في "الأدب المفرد" "2" من طريق آدم، والبغوي في "شرح السنُّة" "3423" من طريق النضر بن شميل، ثلاثتهم عن شعبة، به، موقوفاً على عبد الله بن عمرو، لم يرفعه، قال الترمذي: وهذا أصح، وقال: هكذا روى أصحاب شعبة، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو موقوفاً، ولا نعلم أحداً رفعه غير خالد بن الحارث، عن شعبة. كذا قال الترمذي، ويرد عليه أنه تابع خالداً على رفعه عبدُ الرحمن بن مهدي عند الحاكم وأبو إسحاق الفزاري عند أبي الشيخ وابن عساكر، كما تقدم، فهؤلاء الثلاثة ثقات أثبات محتج بهم في الصحيحين قد اتفقوا على رواية الحديث عن شعبة مرفوعاً.
وفي الباب عن ابن عمر عند البزار "1865". قال الهيثمي 8/136: فيه عصمة بن محمد، وهو متروك.(2/172)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَصِلَ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ رَجَاءَ الْمُبَالَغَةِ فِي بِرِّهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ
430 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ قَالَ أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ عن عبد الله بن دينار
عن بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يصل الرجل أهل ود أبيه" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير الوليد بن أبي الوليد فمن رجال مسلم، ووثقه أبو زرعة كما في "الجرح والتعديل" 9/20، وذكره المصنف في "الثقات"، وقد توبع عليه كما يأتي في الحديث الذي بعده. وحبان: هو ابن موسى. وعبد الله: هو ابن المبارك.
وأخرجه الترمذي "1903" في البر والصلة: باب ما جاء في إكرام صديق الوالد، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/97، والبخاري في "الأدب المفرد" "41" عن عبد الله بن يزيد، عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2552" في البر والصلة: باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، عن طريق سعيد بن أيوب، عن الوليد بن أبي الوليد، بهذا الإسناد.
وسيرد بعده من طريق ابن الهاد، عن عبد الله بن دينار، به. فانظره.(2/173)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي الْوَلِيدِ
431 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ عَنْ عبد الله بن دينار
عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ أَبَرَّ الْبِرِّ أَنْ يَصِلَ الرَّجُلُ أَهْلَ وُدِّ أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يُوَلِّيَ" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أحمد 2/88، وأبو داود "5143" في الأدب: باب في بر الوالدين، عن أحمد بن منيع، كلاهما عن أبي النصر هاشم بن القاسم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/91 عن أبي نوح، و2/111 عن إسحاق بن عيسى، ومسلم "2552" "13" في البر والصلة: باب فضل صلة أصدقاء الأب والأم ونحوهما، والبغوي في "شرح السنُّة" "3445" من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد، كلهم عن الليث بن سعد، به.
وأخرجه مسلم "2552" "12" من طريق ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، عَنْ يزيد ابن الهاد، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق حيوة بن شريح، عن الوليد بن أبي الوليد، عن عبد الله بن دينار. فانظره.(2/174)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بِرَّ الْمَرْءِ بِإخْوَانِ أَبِيهِ وَصِلَتَهُ إِيَّاهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ وَصْلِهِ رَحِمَهُ فِي قَبْرِهِ
432 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْمٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَتَانِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فقَالَ أَتَدْرِي لِمَ أَتَيْتُكَ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصِلَ أَبَاهُ فِي قَبْرِهِ فَلْيَصِلْ إِخْوَانَ أَبِيهِ بَعْدَهُ" وَإِنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَبِي عُمَرَ وَبَيْنَ أَبِيكَ إِخَاءٌ وَوُدٌّ فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَصِلَ ذاك"1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، ونسبه ابن حجر في "المطالب العالية" "2518" إلى أبي يعلى.(2/175)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِيثَارِ الْمَرْءِ أُمَّهُ بِالْبِرِّ عَلَى أَبِيهِ
433 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قال "أمك"،ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ إِيثَارِ الْمَرْءِ أُمَّهُ بِالْبِرِّ عَلَى أَبِيهِ
[433] أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ قال "أمك"،(2/175)
قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ "أُمُّكَ" قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ "أَبُوكَ" 1.
قَالَ فَيَرَوْنَ أَنَّ لِلْأُمِّ ثلثي البر.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير إبراهيم بن بشار الرمادي، وهو حافظ روى له أبو داود والترمذي، وقد توبع. سفيان: هو ابن عيينة، وأبو زرعة: هو ابن عمرو بن جرير البجلي.
وأخرجه ابن ماجة "3658" في الأدب: باب بر الوالدين، عن أبي بكر محمد بن ميمون المكي، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/541، ومن طريقه مسلم "2548" "3" في البر والصلة: باب بر الوالدين وأنهما أحق به، وابن ماجة "2706" في الوصايا: باب النهي عن الإمساك في الحياة والتبذير عند الموت، وأخرجه أحمد 2/391 عن أسود بن عامر، والبغوي في "شرح السنُّة" "3416" عن طريق عبد الغفار بن الحكم، ثلاثتهم عن شريك، عن عمارة بن القعقاع، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2548" "2" من طريق ابن فضيل، عن أبيه، عن عمارة، به.
وأخرجه أحمد 2/327، 328، ومسلم "2548" "3" و"4"، والبخاري في "الأدب المفرد" "5"، والبيهقي في "السُّنن" 8/2، من طرق عن عبد الله بن شبرمة، عن أبي زرعة، به.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "6" من طريق يحيى بن أيوب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة: أتى رجل نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ما تأمرني؟ قال: "بر أمك"، ثم عاد، فقال: "بر أمك"، ثم عاد، فقال: "بر أمك"، ثم عاد الرابعة، فقال: "بر أباك".
وسيرد بعده من طريق جرير، عن عمارة بن القعقاع، به.
وفي الباب عن معاوية بن حيدة القشيري عند أحمد 5/3 و5، والبخاري في "الأدب المفرد" "3"، وأبي داود "5139" في الأدب: باب في بر الوالدين، والترمذي "1897" في البر: باب ما جاء في بر الوالدين، والبيهقي في "السُّنن" 4/179 و8/2، والبغوي في "شرج السُّنة" "3417". وصححه الحاكم 3/642 و4/150، ووافقه الذهبي قلت: وقد وقع تكرار الأم ثلاثاً عند جميع من أخرجه إلا في رواية المؤلف وابن ماجة "3658" وأحمد 2/391، ومقتضاه أن يكون للأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر.(2/176)
ذِكْرُ إيثَارِ الْمَرْءِ الْمُبَالَغَةَ فِي بِرِّ وَالِدَتِهِ عَلَى بِرِّ وَالِدِهِ مَا لَمْ تُطَالِبُهُ بِإِثْمٍ
434 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَنْبَأَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صُحْبَتِي قَالَ "أُمُّكَ" فقَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ "أُمُّكَ" قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ "أُمُّكَ" قَالَ ثُمَّ مَنْ قَالَ "أبوك" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري "5971" في الأدب: باب من أحق الناس بحسن الصحبة، ومسلم "2548" في البر والصلة: باب بر الوالدين وأنهما أحق به، عن قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب، عن جرير، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق سفيان، عن عمارة بن القعقاع، به، فانظره.(2/177)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ بِرِّ الْمَرْءِ خَالَتَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَالِدَانِ
435 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ بِنَسَا قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ
عن بن عُمَرَ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا كَبِيرًا فَهَلْ لِي مِنْ توبة فقال لهذكر اسْتِحْبَابِ بِرِّ الْمَرْءِ خَالَتَهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَالِدَانِ
[435] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ بِنَسَا قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ
عَنِ بن عُمَرَ قَالَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا كَبِيرًا فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ فقَالَ لَهُ(2/177)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَلَكَ وَالِدَانِ" قَالَ لَا قَالَ "فَلَكَ خَالَةٌ" قَالَ نعم قال "فبرها إذا" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو معاوية: هو محمد بن خازم.
وأبو بكر بن حفص هو ابن عمر بن سعد بن أبي وقاص، واسمه عبد الله، مشهور بكنيته، روى له الجماعة.
وأخرجه أحمد 2/13، 14، والترمذي "1905" في البر والصلة: باب ما جاء في بر الخالة، عن أبي كريب، والحاكم 4/155 من طريق سهل بن عثمان العسكري، ثلاثتهم عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وقد سقط الحديث من مطبوعة إبراهيم عطوة عوض.
وأخرجه الترمذي "1906" من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن سوقة، عن أبي بكر بن حفص، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ولم يذكر فيه عن ابن عمر، وقال الترمذي: وهذا أصح من حديث أبي معاوية.(2/178)
5- بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَقَطْعِهَا
ذِكْرُ حَثِّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ أُمَّتَهُ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ
436 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال في مرضه "أرحامكم أرحامكم" 1. [5: 48]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولم ينسبه السيوطي في "الجامع الكبير" لغير ابن حبان.(2/179)
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِلْوَاصِلِ رَحِمَهُ إِذَا قَرَنَهُ بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ
437 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ
أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فقَالَ يا رسول الله أخبرني بأمر يدخلنيذكر إِيجَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِلْوَاصِلِ رَحِمَهُ إِذَا قَرَنَهُ بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ
[437] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ
أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا عَرَضَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ يُدْخِلُنِي(2/179)
الْجَنَّةَ وَيُنْجِينِي مِنَ النَّارِ قَالَ فَنَظَرَ إِلَى وُجُوهِ أَصْحَابِهِ وَكَفَّ عَنْ نَاقَتِهِ وَقَالَ "لَقَدْ وُفِّقَ أَوْ هُدِيَ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ شَيْئًا1 وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ دَعِ الناقة" 2. [1: 2]
__________
1 في المسند والبخاري ومسلم وغيرهم: "تعبد الله لا تشرك به شيئاً".
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه أحمد 5/417 عن يحيى القطان، والبخاري في "الأدب المفرد" "49"، والبغوي في "شرح السنُّة" "8" من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، ومسلم "13" في الإيمان: باب الإيمان الذي يدخل به الجنة وأن من تمسك بما أمر به دخل الجنة، من طريق ابن نمير، ثلاثتهم عن عمرو بن عثمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "13""14" عن ابن أبي شيبة ويحيى بن يحيى التميمي، عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن موسى بن طلحة، به.
وسيورده المؤلف في أول باب فضل الزكاة من طريق شعبة، عن محمد بن عثمان بن عبد الله بن موهب، عن موسى بن طلحةن به. ويرد تخريجه بهذا الإسناد في موضعه هناك.
وقوله: "وتصل الرحم" قال الحافظ: أي تواسي ذوي القرابة في الخيرات، وقال النووي: معناه أن تحسن إلى أقاربك ذوي رحمك بما تيسر حسب حالك وحالهم من إنفاق أو سلام أو زيارة أو طاعة أو غير ذلك. وخص هذه الخصلة من بين خلال الخير نظزاً إلى حال السائل كأنه كان لا يصل رحمه، فأمره به، لأنه المهم بالنسبة إليه، ويؤخذ منه تخصيص بعض الأعمال بالحض عليها، بحسب حال المخاطب، وافتقاره للتنبيه عليها أكثر مما سواها إما لمشقتها عليه، وإما لتسهيله في أمرها.(2/180)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ طِيبِ الْعَيْشِ فِي الْأَمْنِ وَكَثْرَةِ الْبَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ لِلْوَاصِلِ رَحِمَهُ
438 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَقِيلٍ عن بن شهابذكر إِثْبَاتِ طِيبِ الْعَيْشِ فِي الْأَمْنِ وَكَثْرَةِ الْبَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ لِلْوَاصِلِ رَحِمَهُ
[438] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ الْجَحْدَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَقِيلٍ عَنِ بن شهاب(2/180)
أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم " من أحب أن ينشأ لَهُ فِي أَجَلِهِ وَيُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ فليصل رحمه" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير كامل بن طلحة الجحدري، فقد وثقه المؤلف وأحمد والدارقطني، وقال أبو حاتم وغيره: لا بأس به.
وأخرجه البخاري "5986" في الأدب: باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، والبيهقي في "السُّنن" 7/27 من طريق يحيى بن بكير، والبخاري في "الأدب المفرد" "56"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3429" من طريق عبد الله بن صالح، ومسلم "2557" في البر والصلة: باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها من طريق شعيب بن الليث، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/229و 266 من طريقين عن حزم بن أبي حزم، عن ميمون بن سياه، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/156 من طريق مسلم بن خالد، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي المقرئ، عن أنس.
وسيورده المؤلف بعده من طريق يونس، عن الزهري، به، فانظره.(2/181)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ طِيبَ الْعَيْشِ فِي الْأَمْنِ وَكَثْرَةِ الْبَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ لِلْوَاصِلِ رَحِمَهُ إِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا قَرَنَهُ بِتَقْوَى اللَّهِ
439 - أَخْبَرَنَا بن ناجية بحران حدثنا هشام بن القاسم الحراني حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "من أحب أن يبسطذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ طِيبَ الْعَيْشِ فِي الْأَمْنِ وَكَثْرَةِ الْبَرَكَةِ فِي الرِّزْقِ لِلْوَاصِلِ رَحِمَهُ إِنَّمَا يَكُونُ ذلك إذا قرنه بتقوى الله
[439] أخبرنا بن ناجية بحران حدثنا هشام بن القاسم الحراني حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ(2/181)
لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ فليتق الله وليصل رحمه" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير هاشم بن القاسم، فقد روى له ابن ماجة، ووثقه المؤلف، وقال ابن أبي حاتم: كتب إلي وإلى أبي ببعض حديثه، محله الصدق. وقد توبع.
وأخرجه مسلم "2557" في البر والصلة: باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، عن حرملة بن يحيى، وأبو داود "1693" في الزكاة: باب في صلة الرحم، عن أحمد بن صالح ويعقوب بن كعب، ثلاثتهم عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2067" في البيوع: باب من أحب البسط في الرزق، عن محمد بن أبي يعقوب الكرماني، عن حسان، عن يونس، به.
وتقدم قبله من طريق عقيل، الزهري، به، فانظره.
قال الحافظ: قال العلماء: معنى البسط في الرزق البركة فيه، وفي العمر حصول القوة في الجسد، لأن صلة أقاربه صدقة، والصدقة تربي المال، وتزيد فيه، فينمو بها ويزكوا، أو المعنى أنه يكتب مقيداً بشرط، كأن يقال: إن وصل رحمه فله كذا، وإلا فكذا، أو المعنى بقاء ذكره الجميل بعد الموت. انظر "الفتح" 4/303 و10/416.(2/182)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا خَبَرَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ
440 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَعْجَلَ الطاعةذكر الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا خَبَرَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ
[440] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ أَبِي مُسْلِمٍ الْجَرْمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَعْجَلَ الطَّاعَةِ(2/182)
ثَوَابًا صِلَةُ الرَّحِمِ حَتَّى إِنَّ أَهْلَ الْبَيْتِ لِيَكُونُوا1 فَجَرَةً فَتَنْمُو أَمْوَالُهُمْ وَيَكْثُرُ عَدَدُهُمْ إِذَا تَوَاصَلُوا وَمَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يَتَوَاصَلَونَ فَيَحْتَاجُونَ" 2. [1: 2]
__________
1 كذا الأصل: والجادة: "ليكونون" كما في "مكارم الأخلاق" ص: 45 للخرائطي لأن الفعل مرفوع، ويجوز حذف النون تخفيفاً في الشعر والنثر بغير ناصب ولا جازم تشبيهاً لها بالضمة، ومن ذلك قول الشاعر:
أبيت أسري تَدْلُكِي
وجْهَكَ بالعنبرِ والمِسْكِ الذكي
وفي صحيح مسلم 17/207 بشرح النووي قول عمر: يا رسول الله، كيف يسمعوا وأنى يجيبوا، وقد جيفوا؟ قال النووي في شرحه: هكذا هو في عامة النسخ المعتمدة من غير نون، وهي لغة صحيحة، وإن كانت قليلة الاستعمال، وانظر "خزانة الأدب" 3/525 للبغدادي.
2 مسلم هو ابن عبد الرحمن أبي مسلم الجرمي، وثقه المؤلف 9/158، والخطيب 13/100، أما ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، كما في "الجرح والتعديل" 8/188، وباقي رجال الإسناد ثقات، إلا أن فيه عنعنة الحسن وهو البصري.
وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 45 من طريق ابن علاثة، عن هشام بن حسان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبيه مرفوعاً بلفظ: "إن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونون فجاراً تنمى أموالهم، ويكثر عددهم إذا وصلوا أرحامهم".
وأخرجه عبد الرزاق "20231" عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير -قال: لا أعلمه إلا رفعه - قال: ثلاث من كن فيه راى وبالهن قبل موته: من قطع رحماً أمر الله بها أن توصل، ومن حلف على يمين فاجرة ليقطع بها مال امرئ مسلم، ومن دعا دعوة يتكثر بها فإنه لا يزداد إلا قلة، وما من طاعة الله شيء أعجل ثواباً من صلة الرحم، ومن معصية الله شيء أعجل عقوبة من قطيعة الرحم، وإن القوم ليتواصلون وهم فجرة، فتكثر أموالهم، ويكثر عددهم، وإنهم ليتقاطعون، فتقل أموالهم، ويقل عددهم، واليمين الفاجرة تدع الدار بَلاقِع.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/151، 152، وقال: رواه الطبراني عن شيخه عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الأنطاكي، ولم أعرفه، وباقي رجال الإسناد ثقات. وقد ذكر الهيثمي في أوله زيادة سترد عندنا برقم "455" و"456".
وله شاهد آخر من حديث أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط" 1/155/2 من "زوائد المعجمين" من طريق أحمد بن عقال، عن أبي جعفر النفيلي، عن أبي الدهماء البصري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، فالحديث صحيح.(2/183)
ذِكْرُ تَعَوُّذِ الرَّحِمِ بِالْبَارِي جَلَّ وَعَلَا عِنْدَ خَلْقِهِ إِيَّاهَا مِنَ الْقَطِيعَةِ وإخْبَارِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهَا بِوَصْلِ مَنْ وَصَلَهَا وَقَطْعِ مَنْ قَطَعَهَا
441 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّي سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحِمَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِينَ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَهُوَ لَكِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُذكر تَعَوُّذِ الرَّحِمِ بِالْبَارِي جَلَّ وَعَلَا عِنْدَ خَلْقِهِ إِيَّاهَا مِنَ الْقَطِيعَةِ وإخْبَارِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهَا بِوَصْلِ مَنْ وَصَلَهَا وَقَطْعِ مَنْ قَطَعَهَا
[441] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي مُزَرِّدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَمِّي سَعِيدَ بْنَ يَسَارٍ أَبَا الْحُبَابِ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الرَّحِمَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَامَتِ الرَّحِمُ فَقَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِينَ مِنَ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى قَالَ فَهُوَ لَكِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ(2/184)
اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} 1 [محمد:23] . [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري "4832" في التفسير سورة محمد: باب {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} ، و "5987" في الأدب: باب من وصل وصله الله، عن بشر بن محمد، والبيهقي في "السُّنن" 7/26 من طريق عبدان، كلاهما عن عبد الله - وهو ابن المبارك- بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/330، والبخاري "4831" في تفسير سورة محمد، و"7502" في التوحيد: باب قول الله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ، وفي "الأدب المفرد" "50"، ومسلم "2554" في البر والصلة: باب صلة الرحم، والبغوي في "شرح السنُّة" "3431"، والحاكم 4/162، من طرق عن معاوية، به.(2/185)
ذِكْرُ تَشَكِّي الرَّحِمِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ قَطَعَهَا وَأَسَاءَ إِلَيْهَا
442 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَقُولُ يَا رَبِّ إِنِّي قُطِعْتُ إِنِّي أُسِيءَ إِلَيَّ فَيُجِيبُهَا رَبُّهَا أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ وَأَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ" 2. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وأخرجه البخاري "4832" في التفسير سورة محمد: باب {وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} ، و "5987" في الأدب: باب من وصل وصله الله، عن بشر بن محمد، والبيهقي في "السُّنن" 7/26 من طريق عبدان، كلاهما عن عبد الله - وهو ابن المبارك- بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/330، والبخاري "4831" في تفسير سورة محمد، و"7502" في التوحيد: باب قول الله تعالى {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ، وفي "الأدب المفرد" "50"، ومسلم "2554" في البر والصلة: باب صلة الرحم، والبغوي في "شرح السنُّة" "3431"، والحاكم 4/162، من طرق عن معاوية، به.
2 إسناده حسن، وهو حديث صحيح، محمد بن عبد الجبار، نقل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/15 عن أبيه قوله: شيخ، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن ابي شيبة 8/538، وأحمد 2/295 و383 و406
= و455 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "5988" في الأدب: باب من وصل وصله الله، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة" "3434" عن خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، عن عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، بلفظ: "الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته".
وفي الباب عن أم سلمة عند ابن أبي شيبة 8/538، ونسبه الهيثمي في "المجمع" 8/150 إلى الطبراني، وقال: وفيه موسى بن عبيدة الزبذي، وهو ضعيف.
وعن عائشة عند ابن أبي شيبة 8/536، والبيهقي في "السُّنن" 7/26، والحاكم في "المستدرك" 4/158، 159، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عند الحاكم 4/159، وصححه ووافقه الذهبي، والبغوي "3435".
قوله: "شجنة من الرحمن" هي بضم الشين وكسرها، ومن قولهم: شجر متشجن: إذا التف بعضه ببعض، ويقال: الحديث ذو شجون: يراد تمسك بعضه ببعض، فقوله: "شجنة" أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، أو المعنى: أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها، فالقاطع من رحمة الله.(2/185)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ أَرَادَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنِ اسْمِ الرَّحْمَنِ
443 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَدَّادٍ اللَّيْثِيِّ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّحِمُ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ أَرَادَ أَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنِ اسْمِ الرَّحْمَنِ
[443] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَدَّادٍ اللَّيْثِيِّ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم:(2/186)
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا الرَّحْمَنُ خَلَقْتُ الرَّحِمَ وَشَقَقْتُ لَهَا اسْمًا مِنِ اسْمِي فَمَنْ وصلها وصلته ومن قطعها بتته"1. [1: 2]
__________
1 ردَّاد الليثي- ويقال: أبو الردَّاد، وهو أصوب كما قال الحافظ في "التقريب"- وإن لن يوثقه غير المؤلف، ولم يرو عنه سوى أبي سلمة، قد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين، فهو صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق "20234"، ومن طريقه أحمد 1/194، وأبو داود "1695" في الزكاة: باب في صلة الرحم، والحاكم 4/157، عن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/194، والبخاري في "الأدب المفرد" "53"، والحاكم 4/158 من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/535، 536، والحميدي "65"، وأحمد 1/194، وأبو داود "1694" في الزكاة: باب في صلة الرحم، والترمذي "1907" في البر والصلة: باب ما جاء في قطيعة الرحم، والحاكم 4/158، والبغوي في "شرح السنُّة" "3432" من طريق سفيان بن عيينة، والحاكم 4/158 من طريق سفيان بن حسين، كلاهما عن الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن عبد الرحمن بن عوف عاد أبا الرداد، قال يعني عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال الترمذي: حديث سفيان عن الزهري حديث صحيح، وروى معمر هذا الحديث عن الزهري، عن أبي سلمة، عن رداد الليثي، عن عبد الرحمن بن عوف، قال محمد "يعني البخاري": وحديث معمر خطأ. كذا قال الترمذي، مع أن أبا سلمة بن عبد الرحمن، قيل: لم يسمع من أبيه عبد الرحمن بن عوف.
وأخرجه أحمد في "المسند" "1659" و"1687" "طبعة المرحوم أحمد شاكر"، والحاكم 4/157 من طريق يزيد بن هارون، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ، أن أباه حدثه، أنه دخل على عبد الرحمن بن عوف وهو مريض، فقال له عبد الرحمن: وصلتك رحم، إن النبي صلى الله عليه وسلم قال ... وإسناده صحيح،= وانظر ما علقه العلامة أحمد شاكر على هذا الإسناد في "المسند" رقم "1659".
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أحمد 2/498، والحاكم 4/157 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.(2/187)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَشَكِّي الرَّحِمِ الَّذِي وَصَفْنَا قَبْلُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ لَا فِي الدُّنْيَا
444 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم " إِنَّ الرَّحِمَ شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تَقُولُ أَيْ رَبِّ إِنِّي ظُلِمْتُ إِنِّي أُسِيءَ إِلَيَّ إِنِّي قُطِعْتُ قَالَ فَيُجِيبُهَا رَبُّهَا أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ وأصل من وصلك" 1. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح، وهو مكرر "442".(2/188)
ذِكْرُ وَصْفِ الْوَاصِلِ رَحِمَهُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَاصِلِ
445 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ فِطْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذِكْرُ وَصْفِ الْوَاصِلِ رَحِمَهُ الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْوَاصِلِ
[445] أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ فِطْرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(2/188)
الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافىء وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ الَّذِي إِذَا انْقَطَعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري غير فِطْر - وهو ابن خليفة - فقد روى له البخاري مقروناً، وهو ثقة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/539، وأحمد 2/193 عن يزيد بن هارون، وأحمد 2/163 عن يعلى بن عبيد، و 2/193 عن وكيع، والبيهقي في "السُّنن" 7/27 من طريق أبي نعيم، كلهم عن فطر بن خليفة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "5991" في الأدب: باب ليس الواصل بالمكافئ، وفي "الأدب المفرد" "68"، وأبو داود "1697" في الزكاة: باب في صلة الرحم، والترمذي "1908" في البر والصلة: باب ما جاء في صلة الرحم، من طريقين عن سفيان، عن الأعمش والحسن بن عمرو وبشير أبي إسماعيل وفطر بن خليفة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/190 عن عبد الرزاق، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن مجاهد، به.
2 في "الإحسان" و"التقاسيم" 1/لوحة 210، و"موارد الظمآن" "2044": "عن أيوب بن بشير بن سعد"، "بن" محرفة عن "عن"، و"سعد" محرفة عن "سعيد"، والصواب ما أثبته كما صرح بذلك المؤلف في "الثقات" 4/26 في ترجمة أيوب بن بشير المعاوي قال: "وربما يروي عن سعيد الأعشى" وهو ما ورد في رواية الترمذي "1916" من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد، وصرح به المزي في "تهذيب الكمال" 3/455 "طبعة مؤسسة الرسالة".(2/189)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ فِي الْأَخَوَاتِ وَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ
446 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ الرَّمَادِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَعِيدٍ2 الأعشى
__________
2 في "الإحسان" و"التقاسيم" 1/لوحة 210، و"موارد الظمآن" "2044": "عن أيوب بن بشير بن سعد"، "بن" محرفة عن "عن"، و"سعد" محرفة عن "سعيد"، والصواب ما أثبته كما صرح بذلك المؤلف في "الثقات" 4/26 في ترجمة أيوب بن بشير المعاوي قال: "وربما يروي عن سعيد الأعشى" وهو ما ورد في رواية الترمذي "1916" من طريق سفيان، عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد، وصرح به المزي في "تهذيب الكمال" 3/455 "طبعة مؤسسة الرسالة".(2/189)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ أَوْ ثَلَاثُ أَخَوَاتٍ أَوِ ابْنَتَانِ أَوْ أُخْتَانِ فَأَحْسَنَ صُحْبَتَهُنَّ وَاتَّقَى اللَّهَ فيهن دخل الجنة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده ضعيف لاضطرابه، وجهالة سعيد الأعشى، وهو سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل الأعشى، فإنه لم يوثقه غير ابن حبان في "الثقات" 6/351، وأيوب بن بشير هو ابن سعد بن النعمان المعاوي له رؤية، من رجال أبي داود والنسائي.
وأخرجه الترمذي "1916" في البر والصلة: باب ما جاء في النفقة على البنات والأخوات، من طريق عبد الله بن المبارك، عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وهذا الحديث مختلف في إسناده، فروي بالإسناد الذي ساقه المؤلف والترمذي.
وروي من طريق سهيل بن أبي صالح، عن سعيد الأعشى، عن أيوب بن بشير، عن أبي سعيد الخدري، أخرجه ابن أبي شيبة 8/552، وأحمد 3/42و 97، وأبو داود "5147" و"5148" في الأدب: باب فضل من يعول يتيماً، والبخاري في "الأدب المفرد" "79".
وروي من طريق سهيل ابن أبي صالح، عن سعيد الأعشى، عن أبي سعيد الخدري، أخرجه الترمذي "1912" في البر والصلة: باب ما جاء في النفقة على النبات والأخوات. وقال: "وقد زادوا في هذا الإسناد رجلاً" يقصد أيوب بن بشير، كما تقدم. وانظر "تهذيب الكمال" 3/455 "طبعة مؤسسة الرسالة".
ومتن الحديث صحيح، ففي الباب عن أنس في الحديث التالي.
وعن عائشة سيرد برقم "2939".
وعن ابن عباس سيرد برقم "2945".
وعن جابر عند ابن أبي شيبة 8/550، وأحمد 3/303، والبخاري في "الأدب المفرد" "78"، وأبي يعلى 2/591، والبزار "1908"،
= وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/157، وقال رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" بنحوه، وزاد: "ويزوجهن" من طرق، وإسناد أحمد جيد.
وعن أبي هريرة عند ابن أبي شيبة 8/553، وأحمد 2/335، وصححه الحاكم 4/176.
وعن عقبة بن عامر عند أحمد 4/154، والبخاري في "الأدب المفرد" "76"، وابن ماجة "3669" في الأدب: باب بر الوالدين والإحسان إلى البنات.
وعن أم سلمة عند الطيالسي "1614".(2/190)
ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي بِصُحْبَتِهِ إِيَّاهُنَّ يُعْطَى هَذَا الْأَجْرَ لَهُ بِهَا
447 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ عَالَ ابنتين أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كهاتين وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها" 1.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، إبراهيم بن الحسن العلاف- وهو الباهلي- ثقة. المقدمي: هو محمد بن أبي بكر.
وأخرجه أحمد 3/147، 148 عن يونس، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/551 عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن الرقاشي، عن أنس.
وأخرج أبو يعلى في "مسنده" 170/1 من طريق شيبان، حدثنا محمد بن زياد البرجمي، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " من كن له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، فاتقى الله فيهن، وأقام عليهن، كان معي في الجنة هكذا" وأومأ بالسباحه والوسطى.
ومحمد بن زياد البرجمي وثقه ابن حبان وابن عدي، وباقي رجاله رجال الشيخين.
وأخرج ابن أبي شيبة 8/552، ومسلم "2631" في البر والصلة: باب فضل الإحسان إلى البنات، والترمذي "1914" في البر والصلة: باب ما جاء في النفقة على البنات والأخوات، والبغوي في "شرح السنُّة" "1682"، والحاكم في "المستدرك" 4/177 من طريق محمد بن عبد العزيز الراسبي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا" وضم أصبعيه ووقع عند ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم والبغوي: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أنس، قال الترمذي: والصحيح هو عبيد الله بن أبي بكر بن أنس. قلت: أبو بكر بن عبيد الله بن أنس، مجهول، ومع أنه هو الذي وقع عند الحاكم فقد صحح إسناده، ووافقه الذهبي، وأما عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، فثقة أخرج حديثه الجماعة.
وأورده الهيثمي بنحوه في "مجمع الزوائد" 8/157، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، ورجال أحدهما رجال صحيح. ذِكْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي بِصُحْبَتِهِ إِيَّاهُنَّ يُعْطَى هَذَا الْأَجْرَ لَهُ بِهَا
[447] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَلَّافُ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ عَالَ ابنتين أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى يَبِنَّ أَوْ يَمُوتَ عَنْهُنَّ كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كهاتين وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها" 1.
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، إبراهيم بن الحسن العلاف- وهو الباهلي- ثقة. المقدمي: هو محمد بن أبي بكر.
وأخرجه أحمد 3/147، 148 عن يونس، عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/551 عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن الرقاشي، عن أنس.
وأخرج أبو يعلى في "مسنده" 170/1 من طريق شيبان، حدثنا محمد بن زياد البرجمي، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: " من كن له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، فاتقى الله فيهن، وأقام عليهن، كان معي في الجنة هكذا" وأومأ بالسباحه والوسطى.
ومحمد بن زياد البرجمي وثقه ابن حبان وابن عدي، وباقي رجاله رجال الشيخين.
وأخرج ابن أبي شيبة 8/552، ومسلم "2631" في البر والصلة: باب فضل الإحسان إلى البنات، والترمذي "1914" في البر والصلة: باب ما جاء في النفقة على البنات والأخوات، والبغوي في "شرح السنُّة" "1682"، والحاكم في "المستدرك" 4/177 من طريق محمد بن عبد العزيز الراسبي، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو هكذا" وضم أصبعيه ووقع عند ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم والبغوي: عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أنس، قال الترمذي: والصحيح هو عبيد الله بن أبي بكر بن أنس. قلت: أبو بكر بن عبيد الله بن أنس، مجهول، ومع أنه هو الذي وقع عند الحاكم فقد صحح إسناده، ووافقه الذهبي، وأما عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، فثقة أخرج حديثه الجماعة.
وأورده الهيثمي بنحوه في "مجمع الزوائد" 8/157، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" بإسنادين، ورجال أحدهما رجال صحيح.(2/191)
وَالْحَدِيثُ عَلَى لَفْظِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ الْعَلَّافِ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كُنْتُ أَنَا وَهُوَ فِي الْجَنَّةِ كَهَاتَيْنِ" أَرَادَ بِهِ فِي الدُّخُولِ وَالسَّبْقِ لَا أَنَّ مَرْتَبَةَ مَنْ عَالَ ابْنَتَيْنِ أَوْ أُخْتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ كَمَرْتَبَةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سواء. [1: 2](2/192)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى الْأَوْلَادِ قَدْ يُرْتَجَى بِهِ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ
448 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بن مضر عن بن الْهَادِ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى بن عَيَّاشٍ حَدَّثَهُ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سمعته يحدث عمر بن عبد العزيزذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى الْأَوْلَادِ قَدْ يُرْتَجَى بِهِ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ وَدُخُولُ الْجَنَّةِ
[448] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مضر عن بن الْهَادِ أَنَّ زِيَادَ بْنَ أَبِي زِيَادٍ مَوْلَى بن عَيَّاشٍ حَدَّثَهُ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ(2/192)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتَاهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي حَنَانُهَا فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا الْجَنَّةَ وأعتقها بها من النار" 1.
__________
1 إسناده صحيح، إن ثبت سماع عراك بن مالك من عائشة، ففي "المراسيل"ص 162، و"جامع التحصيل" ص 288 عن الإمام أحمد أنه لم يسمع منها، وقال العلائي بعد أن أورد هذا الخبر من "صحيح" مسلم عن عراك، عن عائشة: والظاهر أن ذلك على قاعدته المعروفة، أي: في الاكتفاء بالمعاصرة التي يمكن معها السماع في الرواية بالعنعة دون ملاقاة الراوي لمن عنعن عنه. وفي "سير أعلام النبلاء" 5/63، 64 قال الذهبي في ترجمة عراك بن مالك: وروى عن عائشة، فقيل: لم يسمع منها. وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين غير زياد فهو من رجال مسلم. ابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله بن أسامة.
وأخرجه أحمد 6/92، ومسلم "2630" في البر والصلة: باب فضل الإحسان إلى البنات، كلاهما عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجة "3668" في الأدب: باب بر والوالدين والإحسان إلى البنات، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن بشر، عن مسعر، عن سعد بن إبراهيم، عن الحسن، عن صعصعة عم الأحنف، قال: دخلت على عائشة امرأة معها ابنتان ... فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما عَجَبُكِ؟ لقد دخلت به الجنة".
وسيورده المؤلف برقم "2939" من طريق عروة عن عائشة، بلفظ "من ابتلي بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار" ويرد تخريجه هناك.(2/193)
ذِكْرُ وَصِيَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِلَةِ الرَّحِمِ وَإِنْ قُطِعَتْ
449 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَصْبَهَانِيُّ بِالْكَرْخِ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَزِيدَ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ شَيْبَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِصَالٍ مِنَ الْخَيْرِ أَوْصَانِي بِأَنْ لَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي وَأَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي وَأَوْصَانِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ وَأَوْصَانِي أَنْ أَصِلَ رَحِمِي وَإِنْ أَدْبَرَتْ وَأَوْصَانِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ وَأَوْصَانِي أَنْ أَقُولَ الْحَقَّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا وَأَوْصَانِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنَّهَا كنز من كنوز الجنة"1.
__________
1 حديث صحيح، إسماعيل بن يزيد صاحب المسند والتفسير، وكان يذكر بالزهد والعبادة، كثير الغرائب والفوائد، وقال أبو حاتم: صدوق. وباقي رجال الإسناد ثقات على شرط مسلم، أبو داود هو الطيالسي. وأخرجه أحمد 5/159، والطبراني في "الصغير" ص 268، من طرق عفان بن مسلم، والبيهقي في "السُّنن" 10/91 من طريق يزيد بن عمر بن جنزة المدائني، كلاهما عن سلام أبي المنذر المقرئ البصري، عن محمد بن واسع، بهذا الإسناد، وهذا سند حسن من أجل سلام، فإنه صدوق يهم كما في "التقريب".
وأخرجه البيهقي 10/91 أيضاً من طريق هشام بن حسان والحسن بن دينار، عن محمد بن واسع، به.
وأخرجه البزار "3309"، والطبراني في "الكبير" "1648"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/159، 160 من طريق محمد بن حرب النشائي
= الواسطي، عن يحيى بن أبي زكريا الغساني أبي مروان عن إسماعيل بن أبي خالد، عن بديل بن ميسرة، عن عبد الله بن الصامت، به.
ويحيى بن أبي زكريا ضعفه أبو داود، وقال ابن معين: لا أعرف حاله، وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور. وأخرج له البخاري في "صحيحه" متابعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/232، والطبراني في "الكبير" "1649" من طريق محمد بن بشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر الشعبي- وربما قال إسماعيل: عن بعض أصحابنا - عن أبي ذر. قال الهيثمي في "المجمع" 3/9: رجاله ثقات، إلا أن الشعبي لم أجد له سماعاً من أبي ذكر.
وأخرجه أحمد 5/173 من طريق عمر مولى غفرة، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي ذر. وعمر مولى غفرة ضعيف.
وأورده الهيثمي أيضاً في "المجمع" 8/154، ونسبه إلى الطبراني في "الصغير" و"الكبير" والبزار، وقال: ورجال الطبراني رجال الصحيح غير سلام أبي المنذر، وهو ثقة، وأورده أيضاً 10/263 ونسبه إلى أحمد والطبراني في "الأوسط" بنحوه، وقال: وأحد إسنادي أحمد ثقات. وانظر "361" المتقدم.(2/194)
ذِكْرُ مَعُونَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْوَاصِلَ رَحِمَهُ إِذَا قَطَعَتْهُ
450 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لئن كانذكر مَعُونَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْوَاصِلَ رَحِمَهُ إِذَا قَطَعَتْهُ
[450] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى رَجُلٌ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَئِنْ كان(2/195)
كَمَا تَقُولُ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظُهَيْرٌ مَا دُمْتَ عَلَى ذلك" 1.
المل: رماد يكون فيه الشطبة2. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب، والعلاء هو ابن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي.
وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" "3436" من طريق ابن أبي أويس، عن عبد العزير بن محمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/412 من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم القاص، 2/484 من طريق زهير بن محمد التميمي، والبخاري في "الأدب المفرد" "52" من طريق ابن أبي حازم، كلهم عن العلاء، بهذا الإسناد.
سيرد بعده من طريق شعبة، عن العلاء، به. فانظره.
قوله: "تُسِفُّهم المل" أي تسفي في وجههم المل، من السفوف والمَلّ: الرماد. قال ابن الأثير: أي تجعل وجوههم كلون الرماد. وقال البغوي: قال الزهري: أصل المَلَّة: التربة المحماة تدفن فيها الخبزة.
وقال القُتْبي: المَلُّ: الجمر، ويقال للرماد الحار أيضاً: المَل، فالمَلَّة موضع الخبزة، يقول: إذا لم يشكروك، فإن عطاءك إياهم حرام عليهم، ونار في بطوبهم.
2 في "الإحسان": الشطيبة، والمثبت من "الأنواع والتقاسيم" 1/لوحة 271.(2/196)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ
451 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ليذكر الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ الدَّرَاوَرْدِيُّ
[451] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لي(2/196)
قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَئِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ لَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ الله ظهير ما دمت على ذلك" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، بندار هو محمد بن بشار، ومحمد هو ابن جعفر غندر، وأخرجه مسلم "2558" في البر والصلة: باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، عن بندار محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/300 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عبد الرحمن، به، فانظره.(2/197)
ذِكْرُ الْإبَاحَةِ لِلْمَرْأَةِ وَصْلَ رَحِمِهَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِذَا طَمِعَ فِي إِسْلَامِهَا
452 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
قَالَ سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ تَقُولُ قَدِمَتْ أُمِّي مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي هُدْنَةِ قُرَيْشٍ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي أَتَتْ رَاغِبَةً أَفَأَصِلُهَا فقَالَ لَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "نعم صليها" 2. [4: 28]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، بندار هو محمد بن بشار، ومحمد هو ابن جعفر غندر، وأخرجه مسلم "2558" في البر والصلة: باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، عن بندار محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/300 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به، فانظره.
2 إسناده حسن، محمد بن وهب بن أبي كريمة: روى له النسائي، وهو صدوق، وباقي رجاله ثقات على شرط مسلم. أبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد بن سماك الحراني.
= وأخرجه الطيالسي "1643" عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وأحمد 6/347 من طريق عبد الله بن عقيل وابن نمير، والبخاري "2620" في الهبة: باب الهدية للمشركين، من طريق أبي أسامة، و"3183" في الجزية والموادعة: باب 18، من طريق هاشم بن إسماعيل، ومسلم "1003" في الزكاة: باب فضل النفقة والصدقة على الاقربين والزوج والأولاد والوالدين ولو كانوا مشركين، من طريق عبد الله بن إدريس وأبي أسامة، وأبو داود "1668" في الزكاة: باب الصدقة على أهل الذمة، من طريق عيسى بن يونس، كلهم عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/355 من طريق حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أسماء، ليس فيه عن عروة.
وأخرجه أحمد 6/344 عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أسماء.
وسيرد بعده من طريق سفيان، عن هشام بن عروة، به. فانظره.(2/197)
ذِكْرُ الْإبَاحَةِ لِلْمَرْءِ صِلَةَ قَرَابَتِهِ مِنَ أَهْلِ الشِّرْكِ إِذَا طَمِعَ فِي إِسْلَامِهِمْ
453 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ السَّلْمَسِينِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ مَاهَانَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ أَسْمَاءَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُمٍّ لَهَا مُشْرِكَةٍ قَالَتْ جاءتني راغبة راهبة1 أصلها قال "نعم" 2. [4: 36]
__________
1 في "صحيح" مسلم من رواية عبد الله بن إدريس، عن هشام بن عروة، به: "راغبة أو راهبة" على الشك. ونقل النووي عن القاض قوله: الصحيح راغبة بلاشك.
2 مصعب بن ماهان سَيِّئ الحفظ، وباقي رجاله ثقات، وهو حسن لغيره، يتقوى بما قبله. وأخرجه الشافعي في "مسنده" ص 100، ومن طريقه البيهقي في "السُّنن" 4/191، والبغوي في "شرح السنُّة" "3425"، وأخرجه أحمد 6/344، والحميدي "318" ومن طريقه البخاري "5978" في الأدب: باب صلة الوالد المشرك، والبيهقي 4/191، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي 4/191 من طريق سعدان، عن سفيان، به.
وقولها: "راغبة" قيل: معناه: راغبة عن الإسلام وكارهة له، وقيل: معناه: طامعة فيما أعطيتها حريصة عليه. وفي رواية أبي داود: "قدمت علي أمي راغبة في عهد قريش وهي راغمة مشركة" فالأول راغبة بالباء، أي طامعة طالبة صلتي، والثانية بالميم معناه: كارهة للإسلام ساخطته.
وفيه جواز صلة القريب المشرك. انظر "شرح مسلم" للنووي 7/89.(2/198)
ذِكْرُ نَفْيِ دُخُولِ الْجَنَّةِ عَنِ الْقَاطِعِ رَحِمَهُ
454 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا يَدْخُلَ الْجَنَّةَ قَاطَعٌ" 1. لَيْسَ هَذَا في "الموطأ". [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه مسلم "2556" "19" في البر والصلة: باب صلة الرحم وتحريم قطعها، عن عبد الله بن محمد بن أسماء، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "20328" ومن طريقه أحمد 4/84، والبيهقي في "السُّنن" 7/27، والبغوي في "شرح السنُّة" "3437" عن معمر، وأحمد 4/80، ومسلم "2556"، وأبو داود "1696" في الزكاة: باب في صلة الرحم، والترمذي "1909" في البر والصلة: باب ما جاء في صلة الرحم، والبيهقي 7/27 من طريق سفيان بن عيينة، وأحمد 4/83 من طريق سفيان بن حسين، ثلاثتهم عن الزهري، بهذا الإسناد. قال سفيان بن عيينة: يعني قاطع رحم.
وأخرجه البخاري "5984" في الأدب: باب إثم القاطع، وفي "الأدب المفرد" "64" من طريق الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، به.(2/199)
ذِكْرُ مَا يُتَوَقَّعُ مِنْ تَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ لِلْقَاطِعِ رَحِمَهُ فِي الدُّنْيَا
455 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْغَطَفَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ من البغي وقطيعة الرحم" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح، وعبد الوارث هو ابن عبيد الله العتكي، ووالد عيينة هو عبد الرحمن بن جوشن الغطفاني.
وأخرجه ابن ماجة "4211" في الزهد: باب البغي، عن الحسين بن الحسن المروزي، والحاكم 2/356 من طريق عبدان، كلاهما عن ابن المبارك، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطيالسي "880" عن عيينة بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/36 عن وكيع ويحيى بن القطان، وأحمد 5/38، وأبو داود "4902" في الأدب: باب في النهي عن البغي، والترمذي "2511" في صفة القيامة، وابن ماجة "4211"، والحاكم 2/162 من طريق إسماعيل ابن علية، والبيهقي في "السُّنن" 10/234 من طريق وكيع، ثلاثتهم عن عيينة بن عبد الرحمن، به.
وسيورده المؤلف بعده من طريق شعبة، عن عيينة، به، فانظره.
وأنظر الحديث المتقدم برقم "440" مع تخريجه.(2/200)
ذِكْرُ تَعْجِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْعُقُوبَةَ لِلْقَاطِعِ رَحِمَهُ فِي الدُّنْيَا
456 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَا مِنْ ذَنْبٍ أَحْرَى أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ والبغي" 1. [2: 109]
__________
1 إسناده صحيح، وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" "3438" من طريق أبي القاسم البغوي، عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "67" من طريق آدم، والحاكم في "المستدرك" 4/163 من طريق يونس، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق ابن المبارك، عن عيينة، به، فانظره.
وانظر الحديث المتقدم برقم "440" مع تخريجه.(2/201)
6- بَابُ الرَّحْمَةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَرْحَمَ أَطْفَالَ1 الْمُسْلِمِينَ رَجَاءَ رَحْمَةَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهُ
457 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبْصَرَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فقَالَ إِنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ لَا يَرْحَمُ لا يرحم" 2.
__________
1 سقطت من الأصل، واستدركت من "التقاسيم" 1/571.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، سفيان هو ابن عيينة.
وأخرجه مسلم "2318" في الفضائل: باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه، وأبو داود "5218" في الأدب: باب في قبلة الرجل ولده، والترمذي "1911" في البر والصلة: باب ما جاء في رحمة الوالد، من طرق عن سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "5997" في الأدب: باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، وفي "الأدب المفرد" "91"، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة" "3446" عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، به.
= وسيورده المؤلف برقم "5578" في باب الحظر والإباحة من طريق معمر، عن الزهري، به. وبرقم "6947" في مناقب الصحابة، من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، به. فانظره.
وفي الباب عن جرير بن عبد الله سيرد برقم "465".
وعن جابر عند ابن أبي شيبة 8/529.
وعن ابن عمر عند البزار "1952" أورده الهيثمي في "المجمع" 8/187، وقال: رواه البزار والطبراني، وفيه عطية، وقد وثق على ضعفه،
وبقية رجال البزار رجال الصحيح.
وعن عمران بن الحصين عند البزار "1953"، أورده الهيثمي في "المجمع" 8/187، وقال: رواه البزار، وفيه من لم أعرفه.
وعن أبي سعيد الخدري عند البخاري في "الأدب المفرد" "95"، أورده الهيثمي في "المجمع" 8/186، وقال: رواه أحمد وفيه عطية -أي العوفي- وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وعن ابن مسعود أورده الهيثمي في "المجمع" 8/187، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وإسناده حسن.(2/202)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ تَوْقِيرِ الْكَبِيرِ أَوْ رَحْمَةِ الصِّغَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
458 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ المنكر" 1. [2: 61ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ تَوْقِيرِ الْكَبِيرِ أَوْ رَحْمَةِ الصِّغَارِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
[458] أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنِ بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ المنكر" 1. [2: 61(2/203)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ اسْتِعْمَالُ التَّعَطُّفِ عَلَى صِغَارِ أَوْلَادِ آدَمَ
459 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سليمان عن ثابتذكر مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ اسْتِعْمَالُ التَّعَطُّفِ عَلَى صِغَارِ أَوْلَادِ آدَمَ
[459] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَابِتٍ(2/205)
عَنْ أَنَسٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَزُورُ الْأَنْصَارَ وَيُسَلِّمُ عَلَى صِبْيَانِهِمْ ويمسح رؤوسهم" 1.
5 -
__________
1 إسناده صحيح، وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/291 عن إبراهيم بن محمد بن يحيى وإبراهيم بن عبد الله، عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي "2696" في الاستئذان: باب ما جاء في التسليم على الصبيان، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "329"، وفي "فضائل الصحابة" "244"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3306" من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البزار "2007" عن محمد بن عبد الملك، عن جعفر بن سليمان، بهذا الإسناد. قال الهيثمي في "المجمع" 8/34: ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه البخاري "6247" في الاستئذان: باب التسليم على الصبيان، ومسلم "2168" "149 و"15" في السلام: باب استحباب السلام على الصبيان، والترمذي "2696"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "330"، والدارمي 2/276، والبغوي في "شرح السنُّة" "3305"، من طريق سيار أبي الحكم، ومسلم "2482" في فضائل الصحابة: باب فضائل أنس، من طريق حماد بن سلمة، وأبوداود "5202" في الأدب: باب في السلام على الصبيان، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "331"، من طريق سليمان بن المغيرة، ثلاثتهم عن ثابت البناني، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبوداود "5203"، من طريق خالد بن الحارث، والبغوي "3307" من طريق مروان بن معاوية الفزاري، كلاهما عن حميد الطويل، عن أنس بنحوه.(2/206)
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِلْمُتَكَفِّلِ الْأَيْتَامَ إِذَا عَدَلَ فِي أُمُورِهِمْ وَتَجَنَّبَ الْحَيْفَ
460 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بن معروف قال حدثنا بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هكذا وأشار بالسبابة والوسطى" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، ابن أبي حازم: هو عبد العزيز.
وأخرجه البخاري "5304" في الطلاق: باب اللعان، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة" "3454" عن عمرو بن زرارة، و"6005" في الأدب: باب فضل من يعول يتيماً، وفي "الأدب المفرد" "135"، والبيهقي في "السُّنن" 6/283 من طريق عبد الله بن عبد الوهاب، وأبو داود "5150" في الأدب: باب فيمن ضم اليتيم، عن محمد بن الصباح، والترمذي "1918" في البر: باب ما جاء في رحمة اليتيم وكفالته، عن عبد الله بن عمران، كلهم عن ابن أبي حازم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/333 عن سعيد بن منصور، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي هريرة عند مسلم "2983" في الزهد: باب إلى الأرملة، وابن ماجة "3679" في الأدب: باب حق اليتيم، والبخاري في "الأدب المفرد" "137"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3455".
وعن أبي أمامة عند أحمد 5/250 و265، والبغوي في "شرح السنُّة" "3456"، أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/160، وضعفه بعلي بن يزيد الألهاني.(2/207)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا أَرَادَ بِهِ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ لَا أَنَّ كَافِلَ الْيَتِيمِ تَكُونُ مَرْتَبَتُهُ مَعَ مَرْتَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ واحدة. [1: 2](2/208)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِنَّمَا يَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ
461 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ الْبَاهِلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَسُولُ امْرَأَةٍ مِنْ بَنَاتِهِ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْسَلَتْ إِلَيْكَ ابْنَتُكَ أَنْ تَأْتِيَهَا فَإِنَّ صَبِيًّا لَهَا فِي الْمَوْتِ فقَالَ " ائْتِهَا فَقُلْ لَهَا إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى فَلْتَصْبِرْ وَلْتَحْتَسِبْ قَالَ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ رَجَعَ فقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا تُقْسِمُ عَلَيْكَ إِلَّا جِئْتَهَا فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْنَا مَعَهُ رَهْطٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَدَخَلْنَا فَرُفِعَ إِلَيْهِ الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ فِي صَدْرِهِ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ فقَالَ لَهُ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرحماء" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين، غير أبي بكر بن خلاد- وهو محمد - فمن رجال مسلم. أبو عثمان: هو عبد الرحمن بن مل النهدي.
= وأخرجه أحمد 5/204 و206، والبخاري "1284" في الجنائز: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه"، و"5655" في المرضى: باب عيادة الصبيان، و "6602" في القدر: باب وكان أمر الله قدراً مقدرواً، و "6655" في الأيمان والنذور: باب قول الله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} ، و "7377" في التوحيد: باب قول الله تبارك وتعال: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} ن و"7448" في التوحيد: باب ما جاء في قول الله تعالى: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} ، ومسلم "923" في الجنائز: باب البكاء على الميت، وأبو داود "3125" في الجنائز: باب الأمر بالاحتساب والصبر عند نزول المصيبة، وابن ماجة "1588" في الجنائز: باب ما جاء في البكاء على الميت، والبيهقي في "السُّنن" 4/68، والبغوي في "شرح السّنة" "1527"، من طرق عن عاصم الأحول، بهذا الإسناد.
وسيورده المؤلف من حديث ابن عباس برقم "2914" في الجنائز.(2/208)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الرَّحْمَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي السُّعَدَاءِ
462 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ كَتَبَ إِلَيَّ مَنْصُورٌ وَقَرَأْتُهُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لَهُ أَقُولُ حَدَّثَنِي فقَالَ أَلَيْسَ إِذَا قَرَأْتُهُ عَلَيَّ فَقَدْ حَدَّثْتُكَ بِهِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ يَقُولُ "إِنَّ الرَّحْمَةَ لَا تنزع إلا من شقي" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن، أيو عثمان مولى المغيرة بن شعبة، وثقه ابن حبان، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين، منصور هو ابن المعتمر.
وأخرجه أبو داود "4942" في الأدب: باب في الرحمة، عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "2529"، ومن طريقه الترمذي "1924" في البر والصلة: باب ما جاء في رحمة المسلمين، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/301 عن محمد بن جعفر، و2/461 عن عبد الرحمن بن مهدي، والبخاري في "الأدب المفرد" "374" عن آدم، وأبو داود "4942" أيضاً عن حفص بن عمر، والبيهقي في "السُّنن" 8/161 من طريق يحيى القطان، والبغوي في "شرح السنُّة" "3450" من طريق مسلم بن إبراهيم، كلهم عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد 2/442 عن عمار بن محمد وهو ابن أخت سفيان الثوري، و2/539 من طريق أبي معاوية، والحاكم 4/248، والقضاعي في "مسند الشهاب" "772" من طريق جرير، ثلاثتهم عن منصور، به.
وسيعيد المؤلف برقم "466" من طريق معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن منصور، به.(2/209)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَرْحَمَ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ رَجَاءَ رَحْمَةَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهُ
463 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أَبْصَرَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فقَالَ إِنَّ لِي عَشْرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ فقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ لَا يَرْحَمْ لا يرحم" 1. [مضروب عليه]
__________
1 تقدم برقم "457".(2/210)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ تَوْقِيرِ الْكَبِيرِ أَوْ رحمة الصغير مِنَ الْمُسْلِمِينَ
464 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أبي بشير عن عكرمة
عن بن عَبَّاسٍ رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرِ الْكَبِيرَ وَيَرْحَمِ الصَّغِيرَ وَيَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَ عَنِ المنكر" 1. [مضروب عليه]
__________
1 سقط من إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وتقدم برقم "449".(2/211)
ذِكْرُ نَفْيِ رَحْمَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَمَّنْ لَمْ يَرْحَمِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا
465 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا ظَبْيَانَ قَالَ
سَمِعْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ لَا يرحمه الله" 2. [2: 109]
__________
1 سقط من إسناده ليث بن أبي سليم وهو ضعيف، وتقدم برقم "449".
2 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير أحمد بن المقدام فمن رجال البخاري، سليمان هو ابن مهران الأعمش، وأبو ظبيان: هو حصين بن جندب الجنبي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "2495" من طريق الحكم بن عبد الله البخلي، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني أيضاً "2491" و" 2494" من طريقين عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه البخاري "7376" في التوحيد: باب قول الله تبارك وتعالى: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} ، ومسلم "2319" في الفضائل: باب رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه، والطبراني في "الكبير" "2492" و"2493"، والبيهقي في "السُّنن" 8/161 من طرق عن الأعمش، عن زيد بن وهب وأبي ظبيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني "2497" من طريق أبي إسحاق، عن أبي ظبيان، به.
وأخرجه أحمد 4/362، والبخاري "6013" في الأدب: باب رحمة الناس والبهائم، والطبراني "2297" و "2298" و"2299" و"2300" و"2301"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3449" من طرق عن الأعمش، عن زيد بن وهب، عن جرير، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/528، والحميدي "802"، والطبراني "2238" و"2239" و"2240" و"2241" و"2242" و"2243" من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير.
وأخرجه الحميدي "803"، ومسلم "2319"أيضاً، والطبراني "2504"، والبيهقي في "السُّنن" 9/41، والقضاعي في "مسند الشهاب" "894" من طريق عمرو بن دينار، عن نافع بن جبير بن مطعم، عن جرير.
وأخرجه الطيالسي "661"، وأحمد 4/361، والطبراني "2489" من طريق شعبة، والطبراني "2488" من طريق إسرائيل، كلاهما عن إبي إسحاق، عن أبيه، عن جرير.
وأخرجه أحمد 4/366، والطبراني "2485" من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن عبد الله بن عميرة، عن جرير.
وأخرجه الطبراني "2387" و"2388" و"2389" و"2390" من طرق عن عبيد الله بن جرير، عن أبيه.
وأخرجه الطبراني "2487" من طريق عامر بن سعد البجلي، عن جرير.
وسيرد برقم "467" من طريق زياد بن علاقة، عن جرير.(2/211)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لا تنزع إلا من الأشقياء
466 - أخبرنا بْنُ قَحْطَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لَا تُنْزَعُ الرَّحْمَةُ إِلَّا مِنْ شقي" 1. [2: 109]
__________
1 إسناده حسن، رجاله رجال مسلم غير أبي عثمان- وهو التبان - وقد وثقه المؤلف. والد المعتمر: هو سليمان بن طرخان التيمي.
وتقدم برقم "462" من طريق شعبة، عن منصور، به، فانظره.(2/213)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْيِ رَحْمَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْعُقْبَى عَمَّنْ لَا يَرْحَمُ عِبَادَهُ فِي الدُّنْيَا
467 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ
عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ لَا يَرْحَمِ النَّاسَ لَا يرحمه الله" 2.
__________
2 إسناده حسن، محمد بن وهب صدوق، وباقي رجاله ثقات رجال مسلم.
أبو عبد الرحيم هو خالد بن أبي يزيد بن سماك بن رستم الحراني.
وأخرجه الطيالسي "662" عن قيس، عن زياد بن علاقة، به.
وتقدم برقم "465" من طريق أبي ظبيان، عن جرير، به، فانظر تخريجه ثمت.(2/213)
7- بَابُ حُسْنِ الْخُلُقِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْمُلَايَنَةِ لِلنَّاسِ فِي الْقَوْلِ مَعَ بَسْطِ الْوَجْهِ لَهُمْ
468 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّغُولِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قهزاد حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا فَإنْ لَمْ تجد فلاين الناس ووجهك إليهم منبسط" 1. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح، أبو عامر الخزاز مع كونه من رجال مسلم مختلف فيه، وقد وصفه الحافظ في "التقريب" بكثرة الخطأ، وباقي رجاله ثقات، أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي.
وأخرجه أحمد 5/173 عن روح، والترمذي "1833" في الأطعمة: باب ما جاء في إكثار ماء المرقة، من طريق إسرائيل، كلاهما عن أبي عامر الخزاز، بهذا الإسناد.
وسيورده برقم "523" من طريق عثمان بن عمر، عن الخزاز، به.
وفي الباب عن أبي جري الهجيمي سيرد برقم "521" و"522".
وعن أبي ذر بمعناه سيرد برقم "474".(2/214)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا كَانَ هَيِّنًا لَيِّنًا قَرِيبًا سَهْلًا قَدْ يُرْجَى لَهُ النَّجَاةُ مِنَ النَّارِ بِهَا
469 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْدِيِّ
عن بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّمَا يُحَرَّمُ عَلَى النَّارِ كُلُّ هَيِّنٍ لين قريب سهل" 1. [1: 2]
__________
1 عبد الله بن عمرو الأودي لم يرو له سوى موسى بن عقبة، وحَسَّنَ الترمذي حديثه هذا، وذكره المؤلف في "الثقات"، وباق رجال الإسناد ثقات.
وأخرجه الترمذي "2488" في صفة القيامة، عن هَنّاد، والبغوي في "شرح السنُّة" "3505" من طريق عثمان بن أبي شيبة، كلاهما عن عبدة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني "10562" من طريق اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، به.
وأخرجه أحمد 1/415 من طريق سعيد بن عبد الرحمن الجمحي، عن موسى بن عقبة، به.
وللحديث شواهد يتقوى بها ويصح.
منها عن معيقيب عند الخرائطي: 23، والطبراني في الكبير: 20/ 352، والأوسط "166" مجمع البحرين، وفي سنده أبو أمية بن يعلى الثقفي، وهو ضعيف كما قال الهيثمي في "المجمع" 4/75.
ومنها عن أبي هريرة عند الطبراني في "الأوسط"، والعقيلي في "الضعفاء" ص: 444، وفي سنده من لا يعرف.
ومنها عن أنس عند الطبراني في الأوسط، وفي سنده الحارث ابن عبيدة وهو ضعيف، وانظر "مجمع الزوائد" 4/75.
وفي "المسند" 4/126، وابن ماجة "43"، والحاكم 1/96 عن العرباض بن سارية في خبر مطول، وفيه ... "فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما انقيد انقاد" وإسناده قوي. وقد صححه المؤلف.(2/215)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ
470 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ بِالصُّغْدِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيِّ
عن بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ تُحَرَّمُ عَلَيْهِ النَّارُ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ عَلَى كل هين لين قريب سهل" 1. [1: 2]
__________
1 صحيح بشواهده، وأخرجه الطبراني في "الكبير" "10562" عن محمد بن زريق المصري، عن عيسى بن حماد، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، به، فانظره.(2/216)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ الصَّدَقَةَ لِلْمُدَارِي أَهْلَ زَمَانِهِ مِنْ غَيْرِ ارْتِكَابِ مَا يَكْرَهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيهَا
471 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ ومحمد بن الحسن بن قيبة وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ فِي آخَرِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا الْمُسَيِّبُ بْنُ وَاضِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مداراة الناس صدقة" 2.
__________
2 إسناده ضعيف، المسيب بن واضح: قال أبو حاتم: صدوق يخطىء كثيراً، فإذا قيل له لم يقبل. وقال ابن عدي في "الكامل" 6/2383- 2385 - بعد أن ساق له عدة أحاديث تستنكر ليس هذا منها -: والمسيب بن واضح له حديث كثير عن شيوخه، وعامة ما خالف فيه الناس هو ما ذكرته لا يتعمده، بل كان يشبه عليه، وهو لا بأس به. وقد قال الدارقطني فيه "ضعيف" في أماكن من "سننه". ويوسف بن أسباط وثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال البخاري: كان قد دفن كتبه، فكان لا يجيء بحديثه كما ينبغي، وقال ابن عدي في "الكامل" 7/2616: هو عندي من أهل الصدق، إلا أنه لما عدم كتبه كان يحمل على حفظه فيغلط، ويشتبه عليه، ولا يتعمد الكذب. وقال ابن حبان في "الثقات" 7/638: مستقيم الحديث ربما أخطأ، من خيار أهل زمانه، من عباد أهل الشام وقرائهم. وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن عدي 4/2614، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" "327"، وأبو نعيم في "الحلية" 8/246، والقضاعي في "مسند الشهاب" "91" و"92"، من طرق كثيرة عن المسيب بن واضح، بهذا الإسناد. قال ابن عدي: وهذا يعرف بالمسيب بن واضح، عن يوسف، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد، وقد سرقه منه جماعة ضعفاء، رووه عن يوسف، ولا يرويه غير يوسف عن الثوري.
وأخرجه ابن عدي 2/746، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/9، والخطيب في "تاريخ بغداد" 8/58 من طريق الحسين بن عبد الرحمن الاحتياطي، عن يوسف بن أسباط، به، ونقل الخطيب عن أبي بكر المروذي، قال: سألت أحمد بن حنبل عن الاحتياطي، قلت: تعرفه؟ قال: يقال له حسين، أعرفه بالتخليط. وقال ابن عدي: يسرق الحديث، منكر عن الثقات، ثم قال: هذا الحديث حديث المسيب بن واضح عن يوسف بن أسباط، سرقه منه الاحتياطي وغيره من الضعفاء.
وأخرجه ابن عدي 4/2613 من طريق يوسف بن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن جابر، ثم نقل ابن عدي عن حماد قوله: يوسف بن محمد بن المنكدر متروك الحديث.
وأورده الحافظ في "الفتح" 10/528 ونسبه لابن عدي والطبراني في "الأوسط"، وقال: في سنده يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه،
وأخرجه ابن أبي عاصم في "آداب الحكماء" بسند أحسن من هذا. وانظر "مجمع الزوائد" 8/17.
وأخرجه ابن عدي 3/904 من طريق أبي الأخيل خالد بن عمرو الحمصي، عن سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وقال: أبو الأخيل روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس، وكان جعفر الفريابي يقول: رأيت أبا الأخيل هذا بحمص، ولم أكتب عنه، لأنه كان يكذب.(2/216)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ الْمُدَارَاةُ الَّتِي تَكُونُ صَدَقَةً لِلْمُدَارِي هِيَ تَخَلُّقُ الْإِنْسَانِ الْأَشْيَاءَ الْمُسْتَحْسَنَةَ مَعَ مَنْ يُدْفَعُ إِلَى عِشْرَتِهِ مَا لَمْ يَشُبْهَا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَالْمُدَاهَنَةُ هِيَ اسْتِعْمَالُ الْمَرْءِ الْخِصَالَ الَّتِي تُسْتَحْسَنُ مِنْهُ فِي الْعِشْرَةِ وَقَدْ يَشُوبُهَا مَا يَكْرَهُ الله جل وعلا1. [1: 2]
__________
1 نقل السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص: 377 كلام ابن حبان هذا.
وقال ابن بطال -كما في الفتح 10/528-: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس، ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة، وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة، فغلظ، لأن المداراة مندوب إليها، والمداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان، وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق، وإظهار الرضى بما هو فيه من غير إنكار عليه، والمداراة: هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإغلاظ عليه حتى لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه ونحو ذلك. وانظر "فتح الباري" 10/427 - 529 في الأدب: باب المداراة مع الناس.(2/218)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الصَّدَقَةَ لِلْمَرْءِ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ يُكَلِّمُ بِهَا أَخَاهُ الْمُسْلِمَ
472 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ قال حدثنا بن الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ خطوة تخطوها إلى المسجد صدقة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد 2/312 عن يحيى بن آدم، وابن خزيمة في "صحيحه" "1494" عن الحسين، والبيهقي في "السُّنن" 3/229 من طريق ابن مهدي، والقضاعي في "مسند الشهاب" "93" من طريق الحسن بن عيسى، وأحمد 2/374، خمستهم عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/316، والبخاري "2891" في الجهاد: باب فضل من حمل متاع صاحبه في السفر، و "2989" باب من أخذ بالركاب ونحوه، ومسلم "1009" في الزكاة: باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، والبيهقي في "السُّنن" 4/187، 188، والبغوي في "شرح السنُّة" "1645" من طريق عبد الرزاق، عن معمر، به.
وأخرجه أحمد 2/350 من طريق ابن لهيعة، وابن خزيمة "1493" من طريق عمرو بن الحارث، كلاهما عن أبي يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة، عن أبي هريرة.
وسيورده المصنف ضمن حديث مطول، أوله: "كل سلامى من الناس عليه صدقة كل يوم" في باب ما يكون له حكم الصدقة، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، بهذا الإسناد.(2/219)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَلَامَ الطَّيِّبَ لِلْمُسْلِمِ يَقُومُ مَقَامَ الْبَذْلِ لِمَالِهِ عِنْدَ عَدَمِهِ
473 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحِلِّ بْنِ خَلِيفَةَ
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فبكلمة طيبة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/ "220"، وابن السني في "عمل اليوم والليلة" "322" عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 17/"220"أيضاً عن علي بن عبد العزيز، عن حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1039" عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/256 عن ابن مهدي وابن جعفر، والنسائي 5/75 في الزكاة: باب القليل من الصدقة، من طريق خالد الواسطي، ثلاثتهم عن شعبة، به.
وأخرجه الطيالسي "1039"، وابن أبي شيبة 3/110، وأحمد 4/258 و259 و377، والبخاري "1417" في الزكاة: باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، ومسلم "1016" في الزكاة: باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، والطبراني في "الكبير" 17/"207"و"208" و"209" و"210" و"211" و"212" و"213"و"214" من طرق عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن معقل، عن عدي.
= وأخرجه الطبراني 17/"215" من طريق عبد العزيز بن رفيع، عن عبد الله بن معقل، عن عدي.
وأخرجه الطيالسي "1037"، والطبراني 17/ "239" من طريق أبي عوانة، عن عبد الله بن عمير، عن غير واحد حديه عن عدي.
وأخرجه أحمد 4/378، 379، والطبراني 17/" 237" من طريق شعبة، عن سماك بن حرب، عن عباد بن حبيش، عن عدي. وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/235 وقال: رجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش، وهو ثقة، وكذا قال في "المجمع" 6/208.
وسيورده المؤلف برقم "666" و"2804" من طريق خيثمة، عن عدي، ويرد تخريجه برقم "2804"فانظره.
وفي الباب عن أبي بكر عند البزار "933"، وعن أنس عنده "944"، وعن النعمان بن بشير عنده "935"، وعن عائشة عنده "936"، وعن أبي هريرة عنده "937". وانظر "مجمع الزوائد" 3/105 و106.(2/220)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الصَّدَقَةَ لِلْمُسْلِمِ بِتَبَسُّمِهِ فِي وَجْهِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ
474 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو زُمَيْلٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ" 1.
__________
1 عند الله بن الرومي هو ابن محمد اليمامي، نزيل بغداد من رجال مسلم، ومرثد هو ابن عبد الله الزَِّمّاني، قال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وذكره المؤلف في "الثقات"، وقال العجلي: تابعي ثقة. ومرثد والد مالك لم يوثقه غير المؤلف، وقال الذهبي: ليس بمعروف، ما روى عنه سوى ولده مالك. وأخرجه الترمذي مطولاً "1956" في البر: باب ما جاء في صنائع المعروف، عن عباس بن عبد االعظيم العنبري، عن النضر بن محمد، بهذا الإسناد. وقال: حديث حسن غريب.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "891" من طريق عبد الله بن رجاء، عن عكرمة بن عمار، به، مطولاً.
وللحديث طريق آخر عند أحمد 5/168 يتقوى، به.
وسيورده المؤلف برقم "529" مطولاً من طريق أبي داود السنحي، عن النضر بن محمد، به.(2/221)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ أَبُو زُمَيْلٍ هَذَا هُوَ سِمَاكُ بْنُ الْوَلِيدِ الْحَنَفِيُّ يَمَانِيٌّ ثِقَةٌ وَالنَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ1 مَرْوَزِيٌّ صَاحِبُ الرَّأْيِ وَكَانَا فِي زَمَنٍ واحد2. [1: 2]
__________
1 في "الإحسان" و"التقاسيم": الجرشي وهو خطأ. ويغلب على الظن أنه من النساخ، فإن المؤلف ترجم لكليهما في كتاب "الثقات" 7/535 فنسب الأول إلى الجرشي، واقتصر في الثاني على نسبته إلى "المروزي"! وما أثبتناه من كونه "قرشياً" بالولاء هو من "التهذيب" وفروعه.
2 وكلاهما من رجال "التهذيب" الأول ثقة من رجال الشيخين، والثاني أخرج حديثه الترمذي والنسائي، وقال الحافظ في "التقريب" صدوق ربما يهم.(2/222)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ تَشْبِيهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ بِالنَّخْلَةِ وَالْخَبِيثَةَ بِالْحَنْظَلِ
475 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سلمة عن شعيب بن الحبحابذكر الْإِخْبَارِ عَنْ تَشْبِيهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ بِالنَّخْلَةِ وَالْخَبِيثَةَ بِالْحَنْظَلِ
[475] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا غَسَّانُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ(2/222)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعِ جَزْءٍ فقَالَ: {مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} فقَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [ابراهيم:26] قال هي الحنظلة"1.
__________
1 إسناده حسن. غسان بن الربيع ذكره ابن حبان في "الثقات" 9/2، وقال: أبو محمد الكوفي سكن الموصل، يروي عن الليث بن سعد وحماد بن سلمة والناس. حدثنا عنه أبو يعلى بالموصل.
وقد تابعه عليه النضر بن شميل عند الطبراني في تفسيره "20678"، وموسى بن إسماعيل عند ابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 4/413، وغيرهما.
وأخرجه البزار من طريق أبي زيد سعيد بن الربيع، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أنس أحسبه رفعه، قال: مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة، قال: هي النخلة، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة، قال: هي الشريان: شجر الحنظل، ورواه الطبري "20674" و"20675" و"20676" من ثلاث طرق موقوفاً على أنس.
وأخرجه الترمذي "3119" في التفسير: باب ومن سورة إبراهيم عليه السلام، عن عبد بن حميد، عن أبي الوليد الطيالسي، عن حماد بن سلمة، به. وصححه الحاكم 2/352، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي بعد أن أخرج الرواية المرفوعة: حدثنا قتيبة، حدثنا أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبيه، عن أنس بن مالك، نحوه بمعناه، ولم يرفعه، ولم يذكر قول أبي العالية، وهذا أصح من حديث حماد بن سلمة، وروى غير واحدٍ مثل هذا موقوفاً ولا يعلم أحد رفعه غير حماد بن سلمة، وراه معمر، وحماد بن زيد، وغير واحد، ولم يرفعوه، حدثنا أحمد بن عبدة الضبي، حدثنا حماد بن زيد، عن شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك نحو حديث عبد الله بن أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب ولم يرفعه.(2/223)
قَالَ شُعَيْبٌ فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ أَبَا الْعَالِيَةِ فقَالَ كَذَلِكَ كُنَّا نَسْمَعُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ الله تعالى عَنْهُ قَوْلُ أَنَسٍ إِنَّهُ أُتِيَ بِقِنَاعِ جَزْءٍ أَرَادَ بِهِ طَبَقَ رُطَبٍ لِأَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ يسمون الطبق القناع والرطب الجزء"1. [3: 66]
__________
1 قال ابن الأثير في "النهاية" "جزأ": وفيه "أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعِ جَزْءٍ". قال الخطابي: زعم راويه أنه اسم الرطب عند أهل المدينة، فإن كان صحيحاً، فكأنهم سموه بذلك للاجتزاء به عن الطعام، والمحفوظ بقناع جرو بالراء وهو القثاء الصغار، وقد تقدم في جرو.(2/224)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ التُّقَى وَحُسْنَ الْخُلُقِ
476 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ الْكَرْخِيُّ بِبَلَدِ الْمَوْصِلِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا بن إِدْرِيسَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ الْجَنَّةَ قَالَ "تَقْوَى اللَّهِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ" قِيلَ فَمَا أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ قَالَ "الْأَجْوَفَانِ الفم والفرج" 2.
__________
1 قال ابن الأثير في "النهاية" "جزأ": وفيه "أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِقِنَاعِ جَزْءٍ". قال الخطابي: زعم راويه أنه اسم الرطب عند أهل المدينة، فإن كان صحيحاً، فكأنهم سموه بذلك للاجتزاء به عن الطعام، والمحفوظ بقناع جرو بالراء وهو القثاء الصغار، وقد تقدم في جرو.
2 ابن إدريس: هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي، وجده يزيد وثقه المؤلف والعجلي، وروى عنه جماعة، وباقي رجاله ثقات، فالسند حسن.
وأخرجه الترمذي "2004" في البر والصلة: باب ما جاء في حسن الخلق، عن أبي كريب محمد بن العلاء، والحاكم 4/324 من طريق سهل بن عثمان، كلاهما عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث صحيح غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن ماجة "4246" في الزهد: باب ذكر الذنوب، من طريق هارون بن إسحاق وعبد الله بن سعيد، والبغوي في "شرح السنُّة" "3498" من طريق أحمد بن عبد الله بن حكيم، ثلاثتهم عن ابن إدريس قال: سمعت أبي وعمي يذكران عن جدي ... بهذا الإسناد. وعم ابن إدريس هو داود بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي أبو يزيد، ضعفه الحافظ في "التقريب" لكنه متابع بأخيه إدريس.
وأخرجه أحمد 2/291 و 392 من طريق المسعودي، و2/442 عن محمد بن عبيد، والبغوي في "شرح السنُّة" "3497" من طريق أبي نعيم، ثلاثتهم عن داود بن يزيد عم عبد الله بن إدريس، عن أبيه يزيد جد ابن إدريس، بهذا الإسناد. ولفظ "عن أبيه" سقط من إسناد أحمد 2/291، فوقع فيه: عن داود بن يزيد، عن أبي هريرة.(2/224)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه بن إِدْرِيسَ هَذَا اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ1 الزَّعَافِرِيُّ الْأَوْدِيُّ مِنْ ثِقَاتِ الْكُوفَةِ وَمُتْقِنِيهِمْ وَلَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ بِالْكُوفَةِ من لا يشرب2 غيره. [1: 2]
__________
1 في الأصل يزيد بن عميرة وهو خطأ، والتصويب من "الثقات" للمؤلف: 5/542، ومن "التهذيب" وفروعه.
2 انظر المسألة مفصلة في حاشية "نصب الراية" 4/302 - 304.(2/225)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا
477 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لم يكنذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ مَنْ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا
[477] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ(2/225)
فَاحِشًا وَلَا مُتَفَاحِشًا وَكَانَ يَقُولُ "خِيَارُكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أخلاقا" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو وائل هو شقيق بن سلمة. وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "271"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3666" من طريق محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/514، وأحمد 2/161 و193، ومسلم "2321" في الفضائل: باب كثرة حيائه صلى الله عليه وسلم، والبيهقي في "السُّنن" 10/192، من طريق أبي معاوية ووكيع، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/189، والطيالسي "2246"، والبخاري "3559" في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، و" 3759" باب مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، و"6029" في الأدب: باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، و"6035" في الأدب: باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، والترمذي "1975" في البر والصلة: باب ما جاء في الفحش والتفحش، عن طريق شعبة، عن أبي وائل، بهذا الإسناد.
وسيعيده المؤلف في آخر باب صفته صلى الله عليه وسلم.(2/226)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُسْنَ الْخُلُقِ مِنْ أَفْضَلِ مَا أُعْطِيَ الْمَرْءُ فِي الدُّنْيَا
478 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مِسْعَرٍ وَالثَّوْرِيُّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَفْضَلُ مَا أُعْطِيَ الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ قال: "حسن الخلق" 2. [1: 2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين، غير هناد فمن رجال مسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/514 عن وكيع، بهذا الإسناد. وأخرجه الطبراني في "الكبير" "470" من طريق ابن أبي شيبة، عن وكيع، عن الثوري، به.
وأخرجه أيضاً "475" من طريق عبد الله بن إدريس، عن مسعر، به، و "468" من طريق مسدد، عن الثوري، به.
وأخرجه الطيالسي "1233"، وأحمد 4/278، والطبراني "463" و"464" و"466" و"469" و"475" و"479" و"480" و"481" و"482" من طرق عن زياد بن علاقة، بهذا الإسناد. قال الهيثمي قي "المجمع" 8/24: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وسيورده المؤلف برقم "486" من طريق عثمان بن حكيم، عن زياد بن علاقة، به، فانظره.(2/226)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ أَكْمَلِ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا مَنْ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا
479 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبراهيم قال أخبرنا بن إِدْرِيسَ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَكْمَلُ المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن من أجل محمد بن عمرو وهو ابنُ عَلقمه الليثيِّ، فإنه صدوق له أوهام، وباقي رجاله على شرط الشيخين.
وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 115 عن الفريابي، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/250 عن عبد الله بن إدريس، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 8/515، وفي "الإيمان" "17" عن حفص بن غياث، وفي "المصنف" 11/27، وفي "الإيمان" "18" عن محمد بن بشر، وأحمد 2/472، ومن طريقه أبو داود 4682"
= في السُّنة: باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه، عن يحيى بن سعيد، والترمذي "1162" في الرضاع: باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، من طريق عبدة بن سليمان، والبغوي في "شرح السنُّة" "3495"، وأبو نعيم في "الحلية" 9/ 248، من طريق يعلى بن عبيد، والحاكم في "المستدرك" 1/3 من طريق عبد الوهاب، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1291" من طريق حفص بن عياث، كلهم عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 8/516 و11/27، 28، وفي "الإيمان" "20"، وأحمد 2/527، والدارمي 2/323، والحاكم 1/3 من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح لم يخرج في "الصحيحين" وهو صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 10/192 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن يحيى بن أيوب، عن ابن عجلان، بالإسناد السابق.
وسيورده المؤلف في باب معاشرة الزوجين بزيادة: "وخياركم خياركم لنسائهم".
وفي الباب عن عائشة عند ابن أبي شيبة 8/515 و11/27، وأحمد 6/47 و99، والترمذي "2612" في الإيمان: باب ما جاء في استكمال الإيمان وزيادته ونقصانه، والحاكم في "المستدرك" 1/53، وقال: رواته ثقات على شرط الشيخين، قال الذهبي: فيه انقطاع.
وعن جابر عند ابن أبي شيبة في "الإيمان" "8".
وعن عمرو بن عبسة عند أحمد 4/385.
وعن عبادة بن الصامت عند أحمد 5/318، 319.(2/227)
ذِكْرُ رَجَاءِ نَوَالِ الْمَرْءِ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ لَيْلَهُ الصَّائِمِ نَهَارَهُ
480 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قال حدثنا سليمان بنذكر رَجَاءِ نَوَالِ الْمَرْءِ بِحُسْنِ الْخُلُقِ دَرَجَةَ الْقَائِمِ لَيْلَهُ الصَّائِمِ نَهَارَهُ
[480] أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ(2/228)
بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِخُلُقِهِ درجة الصائم القائم" 1.
1 -
__________
1 حديث صحيح، خالد بن مخلد فيه ضعف، وقد توبع، وباقي رجاله على شرطهما، غير المطلب وهو صدوق، إلا أن في سماعه من عائشة خلافاً، قال أبو حاتم فيما نقله عنه ابنه في "المراسيل" ص128: وروايته عن عائشة مرسلة لم يدركها. وقال أبو زرعة: نرجو أن يكون سمع منها.
وأخرجه أحمد 6/94 و90 من طريق عبد الله بن أسامة، و6/133، وأبو داود "4798" في الأدب: باب في حسن الخلق، والبغوي في "شرح السنُّة" "3501" من طريق يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندري، وأحمد 6/187 من طريق زهير، والحاكم 1م60، والبغوي "3500" من طريق ابن الهاد، كلهم عن عمرو بن أبي عمرو، بهذا الإسناد.
وله شاهد حسن من حديث أبي هريرة عند البخاري في "الأدب المفرد" برقم "284"، وصححه الحاكم 1/60 من طريق آخر عنه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وآخر من حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد 2/220 من طريق عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن ابن حجيرة الأكبر، عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله عز وجل لكرم ضريبته، وحسن خلقه". وهذا سند صحيح، لأن عبد الله بن المبارك سماعه من ابن لهيعة قديم قبل أن يسوء حفظه. وهو في "المسند" 2/117، و"مكارم الأخلاق" ص: 9 و60 من طريق ابن الهيعة.
وثالث من حديث أبي أمامة عند البغوي في "شرح السّنة" "3499" وفي سنده عفير بن معدان، وهو ضعيف، وباقي رجاله ثقات، فهو حسن في الشواهد.(2/229)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْخُلُقَ الْحَسَنَ مِنْ أَثْقَلِ مَا يَجِدُ الْمَرْءُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
481 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ وَشُعَيْبُ بْنُ مُحْرِزٍ وَالْحَوْضِيُّ قَالُوا حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ أَبِي بَزَّةَ عَنْ عَطَاءٍ الْكَيْخَارَانِيِّ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي الْمِيزَانِ الْخُلُقُ الْحَسَنُ" 1.
__________
1 إسناد محمد بن كثير صحيح على شرط الشيخين غير عطاء، وهو ثقة، وشعيب بن محرز قال الذهبي: صدوق، والحوضي -وهو عمر بن حفص -ثقة ثبت من رجال البخاري.
وأخرجه أبو داود "4799" في الأدب: باب في حسن الخلق، عن محمد بن كثير، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/516 عن أبي أسامة، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/446 و448، والبخاري في "الأدب المفرد" "270" من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه الترمذي "2003" في البر والصلة: باب ما جاء في حسن الخلق، عن أبي كريب، عن قبيصة بن الليث الكوفي، عن مطرف، وأحمد 6/442 عن أبي عامر العقدي، عن إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، كلاهما عن عطاء، به، ولفظ الترمذي: "ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة".
وأخرجه عبد الرزاق "20157"، وأحمد 6/451، والترمذي "2002"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3496"، والبزار "1975"، من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، عن أم الدرداء، به، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.(2/230)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ عَطَاءٌ هَذَا هُوَ عَطَاءُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ1 وَكَيْخَارَانَ مَوْضِعٌ بِالْيَمَنِ.
وَأُمُّ الدَّرْدَاءِ هِيَ الصُّغْرَى وَاسْمُهَا هُجَيْمَةُ2 بِنْتُ حُيَيٍّ الْأَوْصَابِيَّةُ وَالْكُبْرَى خَيْرَةُ3 بِنْتُ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَنْصَارِيَّةُ لَهَا صُحْبَةٌ. [1: 2]
__________
1 كذا ذكره هنا، وقال في "الثقات" 7/252: عطاء بن يعقوب الكيخاراني من أهل اليمن مولى ابن سباع، وهو ما قاله البخاري في "تاريخه" 6/467، وأبو حاتم فيما نقله ابنه في "الجرح والتعديل" 6/338، وقال غيرهم: عطاء بن نافع الكيخاراني، كذلك ذكره المزي في "تهذيب الكمال"، وقال: وليس بعطاء بن يعقوب مولى ابن سباع المدني، فرق بينهما أحمد بن حنبل وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج وغيرهم، وجعلهما البخاري واحداً، وتابعه على ذلك أبو حاتم الرازي وغيره، وذلك معدود في أوهامه.
2 هو قول الإمامين يحيى بن معين، وأحمد، وقال غيرهما: جهيمة، وهي ثقة فقيهة ماتت سنة إحدى وثمانين، روى لها الجماعة. انظر ترجمتها في "سير أعلام النبلاء" 4/277.
3 في الأصل "كريمة" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه كما في "الاستيعاب" 4/447، و"أسد الغابة" 7/327، و"الإصابة" 4/275. وقال أبو عمر: كانت أم الدرداء الكبرى من فضلى النساء وعقلائهن، وذوات الرأي فيهن مع العبادة والنسك، توفيت قبل أبي الدرداء، وذلك بالشام في خلافة عثمان وكانت حفظت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن زوجها، روى لها جماعة من التابعين، منهم ميمون بن مهران، وصفوان بن عبد الله، وزيد بن أسلم.(2/231)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ أَحَبِّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ وَأَقْرَبِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ مَنْ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا
482 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بن خالدذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ أَحَبِّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ وَأَقْرَبِهِمْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ مَنْ كَانَ أَحْسَنَ خُلُقًا
[482] أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ(2/231)
قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ مَكْحُولٍ
عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِلَى اللَّهِ وأقربكم مني أحسانكم أَخْلَاقًا وَإِنَّ أَبْغَضَكُمْ إِلَى اللَّهِ وَأَبْعَدَكُمْ مِنِّي الثرثارون المتفيهقون المتشدقون" 1. [1: 2]
__________
1 رجاله ثقات على شرط مسلم، إلا أن مكحولاً لم يسمع من أبي ثعلبة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/515 عن حفص بن غياث، وأحمد 4/193 عن محمد بن عدي، وأحمد 4/194، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 3/97 و5/188، والبغوي في "شرح السنُّة" "3395"، من طريق يزيد بن هارون، ثلاثتهم عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد.
وأوره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/21: وقال: رواه أحمد، والطبراني، ورجاله رجال الصحيح، وكذا قال المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/261.
وله شاهد عن جابر عند الترمذي "2018"، والخطيب في "تاريخ بغداد" 4/63 وسنده حسن، وآخر من حديث أبي هريرة عند الطبراني في "معجمه الصغير"، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" وسنده حسن أيضاً، وثالث عن ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" "10423" فالحديث صحيح بهذه الشواهد.
والثرثار: هو الكثير الكلام، والمتفيهقون: هم الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم مأخوذ من الفهق، وهو الامتلاء والاتساع، والمتشدقون: المتوسعون في الكلام من غير احتياط واحتراز، وقيل: أراد بالمتشدق: المستهزئ بالناس يلويشدقه بهم وعليهم.(2/232)
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سُلَيْمَانَ السَّعْدِيُّ الْمَرْوَزِيُّ بِمَرْوَ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عبد اللَّهِ الْعَتَكِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كَرَمُ الْمَرْءِ دِينُهُ وَمُرُوءَتُهُ عَقْلُهُ وحسبه خلقه" 1.
__________
1 إسناده ضعيف، مسلم بن خالد الزنجي سيِّئ الحفظ.
وأخرجه أحمد 2/365 عن حسين بن محمد، والحاكم 1/123، والبيهقي في "السُّنن" 7/136، من طريق القعنبي، و10/195 من طريق يونس بن محمد المؤدب، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" "1"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "190" من طريق عبد الله بن رجاء، كلهم عن مسلم الزنجي، بهذا الإسناد. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فتعقبه الذهبي بقوله: بل مسلم "يعني الزنجي" ضعيف، وما خَرَّج له.
وأخرجه البزار "3607" عن محمد بن بشار، عن معدي بن سليمان، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حسب المرء ماله، وكرمه تقواه" أو قال: "الحسب المال، والكرم التقوى".
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/251، وقال: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" والبزار. ولم يتكلم الهيثمي عليه. وأخرجه ابن أبي شيبة 8/520، والبيهقي في "السُّنن" 10/195، من قول عمر موقوفاً بلفظ "حسب الرجل دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله".
وفي الباب عن سمرة بن جندب بلفظ "الحسب المال، والكرم التقوى" عند الترمذي "3271" في التفسير: باب ومن سورة الحجرات، وابن ماجة "4219" في الزهد، وأبي الشيخ في "أخلاق النبي" "4"، والبيهقي 7/135، 136، والبغوي في "شرح السنُّة" "3545" من طريق سلام بن أبي مطيع، عن قتادة عن الحسن، عن سمرة، ورجاله ثقات، إلا أن سلام بن أبي مطيع قالوا: في روايته ضعف، والحسن مدلس، وقد عنعن، لكن متن الحديث صحيح لشواهده، ولذا حَسَّنهُ الترمذي، وصححه الحاكم 2/163، وأقره الذهبي.
وانظر الحديث الوارد برقم "699" و"700".(2/233)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ تَحْسِينِ الْخُلُقِ عِنْدَ طُولِ عُمُرِهِ
484 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ قَالَ حدثني بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَطْوَلُكُمْ أَعْمَارًا وَأَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا" 1. [3: 53]
__________
1 رجاله ثقات رجال مسلم، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق. وأخرجه ابن أبي شيبة 13/254، 255، والبزار "1971" من طريق جعفر بن عون، بهذا الإسناد. قال الهيثمي في "المجمع" 8/22: رواه البزار، وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس.
وأخرجه أحمد 2/235 و403 من طريقين عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.
وسيورده المؤلف برقم "2981" من طريق عبد الأعلى، عن ابن إسحاق، به.
وله شاهد من حديث جابر عند الحاكم 1/339 وصححه ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، فالحديث صحيح.(2/234)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ كَانَ فِي الْقِيَامَةِ مِمَّنْ قَرُبَ مَجْلِسُهُ مِنَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
485 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي مَجْلِسٍ "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُهَا قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَحْسَنُكُمْ أَخْلَاقًا" 1. [م3: 53]
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عبد الله بن عمرو، وثقه المؤلف، قاسم بن أبي شيبة: هو قاسم بن يحيى بن عطاء الهلالي.
وأخرجه أحمد 2/217، 218 عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، بهذا الإسناد، لكن وقع فيه: عن عمرو بن شعيب، عن أبيه محمد بن عبد الله، سقط لفظ "عن" قبل كلمة محمد، ووقع خطأ مطبعي طريف عجيب، فقد جاء نصُّه هكذا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس خف: ألا أحدثكم ... فأقحمت كلمة "خف" في متن الحديث، وهي إشارة وضعت في الأصل الخطي، فوق كلمة ألا رمزاً إلى تخفيفها. نبه إلى ذلك العلامة المرحوم أحمد شاكر في تعليقه على هذا الحديث في "المسند" برقم "7035".
وأخرجه أحمد 2/185 عن يونس وأبي سلمة الخزاعي، والبخاري في "الأدب المفرد" "272" عن عبد الله بن صالح، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 5 من طريق يونس بن محمد، كلهم عن الليث، عن يزيد ابن الهاد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم ... وإسناد أحمد والخرائطي صحيح، وإسناد البخاري فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال الحافظ في "التقريب": صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة، لكنه متابع.
وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" 3/258 وقال: رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه"، وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/21 وقال: رواه أحمد وإسناده جيد، وله في "الصحيح": "وإن من أحبكم إليّ أحسنكم خلقاً" فقط.
قلت: الرواية المختصرة التي ذكرها الهيثمي تقدمت هنا برقم "477" بلفظ: "خياركم أحاسنكم أخلاقاً" فانظر تخريجها ثمت.(2/235)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ فِي الدُّنْيَا كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
486 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ عَلَى رؤوسنا الرَّخَمَ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَّا مُتَكَلِّمٌ إِذْ جَاءَهُ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي كَذَا أَفْتِنَا فِي كَذَا فقَالَ " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْكُمُ الْحَرَجَ إِلَّا امْرَأً اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ قَالُوا أَفَنَتَدَاوَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ قَالُوا وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْهَرَمُ قَالُوا فَأَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلى الله يا رسول الله قال: ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ فِي الدُّنْيَا كَانَ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
[486] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّ عَلَى رؤوسنا الرَّخَمَ مَا يَتَكَلَّمُ مِنَّا مُتَكَلِّمٌ إِذْ جَاءَهُ نَاسٌ مِنَ الْأَعْرَابِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنَا فِي كَذَا أَفْتِنَا فِي كَذَا فقَالَ " أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ وَضَعَ عَنْكُمُ الْحَرَجَ إِلَّا امْرَأً اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ قَالُوا أَفَنَتَدَاوَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ قَالُوا وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْهَرَمُ قَالُوا فَأَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:(2/236)
"أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا" 1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح، على شرط مسلم غير صحابيه أسامة بن شريك، وهو صحابي يعد من أهل الكوفة، وهو من بني ثعلبة بن يربوع، لا يعرف عنه راوٍ غير زياد بن علاقة. عيسى بن يونس هو ابن أبي إسحاق.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "471" عن محمد بن عمرو بن خالد الخراني، عن أبيه، عن عيسى بن يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1232"، وأحمد 4/278، وابن ماجة "3436" في الطب: باب ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء، والبغوي في "شرح السنُّة" "3226"، والطبراني في الكبير "463" و"464" و"465" و"466" و"467" و"469" و"472" و"479" و"480" و"482" و"483" و"484"، وفي الصغير: 1/202 -203، والخطيب في "تاريخ بغداد" 9/197 من طرق عن زياد بن علاقة، بهذا الإسناد، ورواه الحاكم: 4/399- 400، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، فقد رواه عشرة من أئمة المسلمين وثقاتهم عن زياد بن علاقة، ووافقه الإمام الذهبي. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 213: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وسيعيده المؤلف في أول كتاب الطب من طريق سفيان الثوري، عن زياد بن علاقة، به.
قوله: "اقترض من عرض أخيه"، أي: نال منه وعابه، وقطعه بالغيبة، وأصل القرض: القطع. وقوله: حرج، من باب تعب: ضاق، وحرج الرجل: أثم.
وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" 4/13-14، -بعد أن أورد حديث أسامة بن شريك هذا، وحديث جابر عند مسلم "2204": "لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله"، وحديث أبي هريرة المتفق عليه: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء" وغيرها -: فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات وإبطال قول من أنكرها ... ثم قال: وفي الأحاديث الصحيحة الأمر بالتداوي، وأنه لا ينافي التوكل، كما لا ينافيه دفع داء الجوع والعطش والحر والبرد بأضدادها، بل لا تتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التي نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقدح في نفس التوكل كما يقدح في الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن معطلها أن تركها أقوى في التوكل، فإن تركها عجزاً ينافي التوكل الذي حقيقته اعتماد القلب على الله في حصول ما ينفع العبد في دينه ودنياه، ودفع ما يضره في دينه ودنياه، ولابد مع هذا الاعتماد مباشرة الأسباب، وإلا كان معطلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبد عجزه توكلاً، ولا توكله عجزاً ... وانظر تمام كلامه فإنه غاية في النفاسة.(2/237)
8- بَابُ الْعَفْوِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْعَفْوِ وَتَرْكِ الْمُجَازَاةِ عَلَى الشَّرِّ بِالشَّرِّ
487 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ
حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أُصِيبَ مِنَ الْأَنْصَارِ أَرْبَعَةٌ وَسَبْعُونَ وَمِنْهُمْ سِتَّةٌ فِيهِمْ حَمْزَةُ فَمَثَّلُوا بِهِمْ فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ لَئِنْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ يَوْمًا لَنُرْبِيَنَّ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل:126] فقَالَ رَجُلٌ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "كفوا عن القوم غير أربعة" 1. [3: 64]
__________
1 إسناده حسن من أجل الربيع بن أنس، فقد وصفه الحافظ في "التقريب" بأنه صدوق له أوهام، وأخرجه الحاكم 2/358، 359 من طريق محمد بن عبد السلام، عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد، وصححه، ووافقه الذهبي. وتحرف عنده "عن الفضل" إلى "بن الفضل". وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" 5/135 عن أبي صالح هدية بن عبد الوهاب المروزي، والترمذي "3128" في التفسير: باب ومن سورة النحل، والنسائي في الكبرى في "التحفة" 1/13 عن أبي عمار الحسين بن حريث المروزي، كلاهما عن الفضل بن موسى، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وأخرجه عبد الله بن أحمد 5/135 من طريق أبي تميلة، والبيهقي في "دلائل النبوة" 3/289 من طريق عبد الله بن عثمان، كلاهما عن عيسى بن عبيد، بهذا الإسناد.(2/239)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَنْتَقِمَ لِنَفْسِهِ مِنْ أَحَدٍ اعْتَرَضَ عَلَيْهَا أَوْ آذَاهَا
488 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ خَادِمًا قَطُّ وَلَا ضَرَبَ امْرَأَةً لَهُ قَطُّ وَلَا ضَرَبَ بِيَدِهِ شَيْئًا قَطُّ إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمُهُ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ فَإِنْ كَانَ لِلَّهِ انْتَقَمَ لَهُ وَلَا عَرَضَ لَهُ أَمْرَانِ إِلَّا أَخَذَ بِالَّذِي هُوَ أَيْسَرُ حَتَّى يَكُونَ إِثْمًا فَإِذَا كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ الناس منه"1. [5: 47]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو معاوية: هو محمد بن خازم، وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 10/192 من طريق أحمد بن سلمة، عن هناد بن السري، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 6/229، ومسلم "2328" "79" في الفضائل: باب مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختباره من المباح أسهله، والبيهقي في "السُّنن" 10/192، من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/31، 32 و281، ومسلم "2327" و"2328"، والترمذي في "الشمائل" "341"، والدارمي 2/147، من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك 3/95، 96 في باب ما جاء في حسن الخلق، ومن طريقه أخرجه أحمد 6/115، 116 و 181، 182، 262، والبخاري "3560" في المناقب: باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، و"6126" في الأدب: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا"، وفي كتابه "الأدب المفرد" "274"، وأبو داود "4785" في الأدب: باب التجاوز في الأمر، والبيهقي في "السُّنن" 7/41، والبغوي في "شرح السنُّة" "3703" عن الزهري، عن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/114 و130و 223و232، والبخاري "6786" في الحدود: باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله، و"6853" باب كم التعزير والأدب، وأبو داود "4786" في الأدب، والترمذي في "الشمائل" "342" من طرق عن الزهري، عن عروة، به.(2/240)
9-بَابُ إِفْشَاءِ السَّلَامِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ
489 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطعام تدخلوا الجنان" 1.
__________
1 حديث صحيح رجاله ثقات، إلا أن عطاء بن السائب اختلط بأخرة، والراوي عنه هنا- وهو جرير - وفي المصادر الآتية سمع منه بعد اختلاطه.
وأخرجه الدارمي 2م109، وأبو نعيم في "الحلية" 2/287 من طريقين عن جرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "981"، وابن أبي شيبة 8/624، ومن طريقه ابن ماجة "3694" في الأدب: باب إفشاء السلام، من طريق محمد بن فضيل، وأحمد 2/170 عن عبد الوارث وأبي عوانة، والترمذي "1855" في الأطعمة، عن أبي الأحوص، ثلاثتهم عن عطاء، بهذا الإسناد. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وفي الباب عن أبي هريرة سيرد برقم "508".
وعن أبي مالك الأشعري سيرد برقم "509".
وعن علي عند ابن أبي شيبة 8/625، وأحمد 1/156، والترمذي "1985".
وعن عبد الله بن سلام عند ابن أبي شيبة 8/624، وأحمد 5/415، وابن سعد في "الطبقات" 1/235، وابن نصر في "قيام الليل" ص 17، والترمذي "2485" في صفة القيامة، وابن ماجة "1334" في الإقامة: باب ما جاء في قيام الليل، و"3251" في الصيد: باب إطعام الطعام، والدارمي 1/340، والبغوي في "شرح السنُّة" "926"، ولفظه: "يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام" قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم 3/13 و4/160، ووافقه الذهبي. وهو كما قالوا.(2/242)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ" لَفْظَةٌ يَشْتَمِلُ اسْتِعْمَالُهَا عَلَى شُعَبٍ كَثِيرَةٍ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُخَاطَبِينَ فِيهَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِهَذَا الْوَصْفِ فِيمَا قَبْلُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَفْشُوا السَّلَامَ" لَفْظَةٌ أُطْلِقَتْ عَلَى الْعُمُومِ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ لِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا اسْتَعْمَلَ ذَلِكَ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ ضَاقَ بِهِ الْأَمْرُ وَخَرَجَ إِلَى مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَتَكَلَّفَ إلْزَامَ الْفَرَائِضِ بِالرَّدِّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا كَانَ الرَّدُّ هُوَ الْفَرْضُ صَارَ عَلَى الْكِفَايَةِ كَانَ ابْتِدَاءُ السَّلَامِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ تَخْصِيصٌ فَرْضٌ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَوْلُهُ "أَطْعِمُوا الطَّعَامَ" أَمْرٌ نُدِبَ إِلَى اسْتِعْمَالِهِ وَحُثَّ عَلَيْهِ قصدا لطلب الثواب. [1: 7](2/243)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ كَلَامُهُ وَبَذَلَ سَلَامَهُ
490 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ الْمِقْدَامِ عن أبيه شريحذكر إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسَّنَ كَلَامُهُ وَبَذَلَ سَلَامَهُ
[490] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ الْمِقْدَامِ عَنْ أبيه شريح(2/243)
عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ لِيَ الْجَنَّةَ قَالَ "عَلَيْكَ بحسن الكلام وبذل السلام" 1.
1 -
__________
1 إسناده قوي، رجاله ثقات غير يزيد بن المقدام، فهو صدوق، وهانئ هو ابن يزيد المذحجي رضي الله عنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 8/519، والبخاري في "الأدب المفرد" "811"، وفي "خلق أفعال العباد" ص 49، والطبراني في "الكبير" 22/"470"، من طرق عن يزيد بن المقدام، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1/23، ووافقه الذهبي، ولفظه "عليك بحسن الكلام وبذل الطعام".
وأخرجه الطيالسي في "الكبير" 22/"467" و"468"، وفي "مكارم الأخلاق" "158" من طريق قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، به.
وأخرجه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" ص 23، والطبراني في "الكبير" 22/"469"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1140" من طريق أحمد بن حنبل قال: أعطاني ابن الأشجعي كتباً عن أبيه، فكان فيها عن سفيان، عن المقدام بن شريح، به.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/29 وعزاه للطبراني، وقال: وفيه أبو عبيدة بن عبيد الله الأشجعي، روى عنه أحمد بن حنبل وغيره، ولم يضعفه أحد، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وسيورده المؤلف مطولاً برقم "504".(2/244)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ السَّلَامَةِ فِي إِفْشَاءِ السَّلَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
491 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ قِنَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النهمي عن عبد الرحمن بن عوسجةذكر إِثْبَاتِ السَّلَامَةِ فِي إِفْشَاءِ السَّلَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
[491] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ قِنَانِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّهْمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ(2/244)
عَنِ الْبَرَاءِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "أفشوا السلام تسلموا" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن، قنان بن عبد الله وثقه ابن ابن معين والمؤلف 7/344، وقال النسائي: ليس بالقوي، ونسبته النهمي إلى نهم: بطن من همدان، ضبطها السمعاني بكسر النون، وضبطها الحافظ ابن حجر بفتحها، وتحرفت في "الثقات" إلى التميمي، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 4/286، والبخاري في "الأدب المفرد" "787"، وأبو يعلى "1687"، وأبو نعيم في "أخباب أصبهان" 1/277من طريق أبي معاوية، بهذا الإسناد، بزيادة: "والأشرة شر".
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "979" عن مسدد، عن عبد الواحد، عن قنان، به.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/29، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجاله ثقات، وقال البوصيري: رواه ابن منيع بإسناد صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/624 عن علي بن مسهر، عن الشيباني، وأحمد 4/299 عن يحيى بن آدم، عن سفيان، كلاهما عن أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي، عن معاوية بن سويد بن مقرن، عن البراء بن عازب قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإفشاء السلام.(2/245)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الْمُصَافَحَةِ لِلْمُسْلِمِينَ عِنْدَ السَّلَامِ
492 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ
قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَكَانَتِ الْمُصَافَحَةُ عَلَى عهد رسول الله قَالَ نَعَمْ2.قَالَ قَتَادَةُ وَكَانَ الْحَسَنُ يُصَافِحُ.
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، همام هو ابن يحيى العوذي.
وأخرجه البخاري "6263" في الاستئذان: باب المصافحة، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة""3325" عن عمرو بن عاصم، والترمذي "2729" في الاستئذان: باب ما جاء في المصافحة، من طريق ابن المبارك، والبيهقي في "السُّنن" 7/99 من طريق عبد الملك بن إبراهيم، ثلاثتهم عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/619 عن وكيع، عن شعبة، عن قتادة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/619 عن أبي خالد الأحمر، عن حنظلة السدوسي، عن أنس قال: قلنا: يا رسول الله أيصافح بعضنا بعضا؟ قال: "نعم".(2/245)
ذِكْرُ كِتْبَةِ الْحَسَنَاتِ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِتَمَامِهِ
493 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قال حدثنا محمد بن جعفر يعني بن أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ التَّيْمِيِّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ فقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " فقَالَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرَ فقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فقَالَ عِشْرُونَ حَسَنَةً فَمَرَّ رَجُلٌ آخَرَ فقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فقَالَ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَوْشَكَ مَا نَسِيَ صَاحِبُكُمْ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى المجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلسذكر كِتْبَةِ الْحَسَنَاتِ لِمَنْ سَلَّمَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ بِتَمَامِهِ
[493] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمَذَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ قَالَ حدثنا محمد بن جعفر يعني بن أَبِي كَثِيرٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ التَّيْمِيِّ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ فقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " فقَالَ عَشْرُ حَسَنَاتٍ ثُمَّ مَرَّ رَجُلٌ آخَرَ فقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فقَالَ عِشْرُونَ حَسَنَةً فَمَرَّ رَجُلٌ آخَرَ فقَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فقَالَ ثَلَاثُونَ حَسَنَةً فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمَجْلِسِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَوْشَكَ مَا نَسِيَ صَاحِبُكُمْ إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ(2/246)
فَلْيَجْلِسْ فَإِنْ قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ من الآخرة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح، وهو عند البخاري في "الأدب المفرد" "986".
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" "368" عن زكريا بن يحيى، عن أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طهمان، عن يعقوب بن زيد، به.
وسيرد بعد "494" و"495" و"496" من ثلاث طرق عن ابن عجلان، عن المقبري، به، مختصراً.(2/247)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ لِمَنْ أَتَى نَادِي قَوْمٍ فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ واسْتِعْمَالِ مِثْلِهِ عِنْدَ الْقِيَامِ
494 - أَخْبَرَنَا بن قتيبة حدثنا يزيد بن وهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ فَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنَ الآخرة" 2. [1: 67]
__________
2 إسناده حسن، ففي ابن عجلان- واسمه محمد- كلام يسير لا ينزل عن رتبة الحسن، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحميدي "1162" عن سفيان، وأحمد 2/287 عن قران بن تمام، و2/439 عن يحيى بن سعيد، والترمذي "2706" في الاستئذان: باب ما جاء في التسليم عند القيام وعند القعود، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "369" من طريق الليث بن سعد، والبخاري في "الأدب المفرد" "1007"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3328" من طريق أبي عاصم، والبخاري في "الأدب المفرد" "1008" من طريق سيمان بن بلال، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/139 من طريق أبي عاصم وأبي غسان وابن جريج والوليد بن مسلم، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "369" أيضاً من طريق جريج، كلهم عن محمد بن عجلان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "1007"أيضاً من طريق صفوان بن عيسى، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "370" من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان" 1/131 من طريق شعبة، عن بكر بن وائل، عن سعيد المقبري، به، مختصراً.
وذكره السيوطي في "الجامع الكبير والصغير"، وزاد نسبته إلى الحاكم.
وسيرد بعده "495" من طريق بشر بن المفضل، و"496" من طريق روح بن القاسم، كلاهما عن ابن عجلان، بهذا الإسناد.(2/247)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ لِلْمَرْءِ عِنْدَ الِانْتِهَاءِ إِلَى نَادِي قَوْمٍ مَعَ اسْتِعْمَالِهِ مِثْلَهُ عِنْدَ رُجُوعِهِ عَنْهُمْ
495 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ فَلْيُسَلِّمْ وَإِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فليست الأولى بأحق من الآخرة" 1. [1: 78]
__________
1 إسناده حسن، وأخرجه أحمد 2/230، ومن طريقه أبو داود "5208" في الأدب: باب في السلام إذا قام من المجلس، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "5208" أيضاً عن مسدد، عن بشر بن المفضل، به. وانظر ما قبله.(2/248)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالسَّلَامِ لِمَنْ أَتَى نَادِي قَوْمٍ واسْتِعْمَالِ مِثْلِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنْهُ بِالصَّلَاةِ
496 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ عن روح بن القاسم عن بْنِ عَجْلَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى مَجْلِسٍ فَلْيُسَلِّمْ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يَجْلِسَ فَلْيَجْلِسْ ثُمَّ إِذَا قَامَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتِ الْأُولَى بِأَحَقَّ من الآخرة" 1.
قال أبو عاصم2 وأخبرناه بن عجلان [1: 95]
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عبد الرحيم هو المعروف بصاعقة، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" "371" عن محمد بن عبد الرحيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" 2/139 عن أحمد بن شعيب، عن محمد بن عبد الرحيم، به.
وانظر "493" و"494" و"495".
2 في الأصل: حاتم، تحريف وتصويب من "التقاسيم" 1/598.(2/249)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِابْتِدَاءِ السَّلَامِ لِلْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي
497 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بن عيسى المصري حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "ليسلمذكر الْأَمْرِ بِابْتِدَاءِ السَّلَامِ لِلْقَلِيلِ عَلَى الْكَثِيرِ وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالرَّاكِبِ عَلَى الْمَاشِي
[497] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عيسى المصري حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ
عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لِيُسَلِّمِ(2/249)
الْفَارِسُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ على الكثير" 1. [1: 78]
__________
1 إسناده جيد، أحمد بن عيسى هو ابن حسان المصري يعرف بابن التستري، صدوق من رجال الشيخين، وعمرو بن مالك هو أبو علي الجنبي، وحميد بن هانئ هو الخولاني المصري من رجال مسلم، قال أبو حاتم: صالح، وقال النسائي: ليس به بأس، وقال الدارقطني: لا بأس به ثقة، وقال ابن عبد البر: هو عندهم صالح الحديث لا بأس به، وذكره المؤلف في الثقات 4/149.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "996" عن أصبغ، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/19، والبخاري في "الأدب المفرد" "998"، والدارمي 2/276 عن أبي عبد الرحمن المقرئ عن حيوة بن شريح، عن حميد بن هانئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/19، والترمذي "2705" في الاستئذان: باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي، والبخاري في "الأدب المفرد" "999" من طريق عبد الله بن المبارك، عن حيوة بن شريح، عن حميد بن هانئ، به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وأخرجه أحمد 6/20 عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن أبي هانئ حميد، به.
وفي الباب عن جابر في الحديث التاليز
وعن أبي هريرة عند عبد الرزاق "19445"، وأحمد 2/304، والبخاري "6231" في الاستئذان: باب تسليم القليل على الكثير، و"6232" باب تسليم الراكب على الماشي، و"6233" باب يسلم الماشي على القاعد، و"6234" باب يسلم الصغير على الكبير، وفي "الأدب المفرد" "993" و"995"، ومسلم "2160" في السلام: باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير، وأبو داود "6198" و"5199" في الأدب، والترمذي "2703" و"2704" في الاستئذان، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/83 و301، والبيهقي في "السُّنن" 9/203، والبغوي في "شرح السنُّة" "3303".
وعبد الرحمن بن شبل عند عبد الرزاق "19444"، وأحمد 3/444، والبخاري في "الأدب المفرد" "992".(2/250)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَاشِيَيْنِ إِذَا بَدَأَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالسَّلَامِ كَانَ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
498 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ
عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لِيُسَلِّمِ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى القاعد والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل" 1. [1: 2]
__________
1 رجاله ثقات رجال مسلم، إلا أن أبا الزبير قد عنعن، وهو مدلس، ومحمد بن معمر: هو ابن ربعي القيسي، وأبو عاصم: هو الضحاك بن مخلد النبيل.
وأخرجه البزار "2006" عن محمد بن معمر، بهذا الإسناد. وعن عمرو بن علي، عن أبي عاصم، به. قال الهيثمي في "المجمع" 8/36: ورجاله رجال الصحيح.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "983" عن محمد بن سلام، عن مخلد بن يزيد، عن ابن جريج، به. وانظر ما قبله.(2/251)
ذِكْرُ تَضَمُّنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا دُخُولَ الْجَنَّةِ لِلْمُسَلِّمِ عَلَى أَهْلِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ عَلَيْهِمْ إِنْ مَاتَ وَكِفَايَتَهُ وَرِزْقَهُ إِنْ عَاشَ
499 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ بِصَيْدَا قَالَ حدثناذكر تَضَمُّنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا دُخُولَ الْجَنَّةِ لِلْمُسَلِّمِ عَلَى أَهْلِهِ عِنْدَ دُخُولِهِ عَلَيْهِمْ إِنْ مَاتَ وَكِفَايَتَهُ وَرِزْقَهُ إِنْ عَاشَ
[499] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ بِصَيْدَا قَالَ حَدَّثَنَا(2/251)
هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي الْعَاتِكَةِ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمُحَارِبِيُّ
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ1 عَلَى اللَّهِ إِنْ عَاشَ رُزِقَ وَكُفِيَ وَإِنْ مَاتَ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مَنْ دَخَلَ بَيْتَهُ فَسَلَّمَ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ وَمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ" 2.
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ لَمْ يَطْعَمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى ثَمَانِيَة عشر سَنَةً مِنْ طَيِّبَاتِ الدُّنْيَا شَيْئًا غَيْرَ الْحَسْوِ3 عند إفطاره. [1: 2]
__________
1 أي: مضمون على حد قوله تعالى: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} أي: مرضية، أو ذو ضمان، قال النووي في "الأذكار": معنى ضامن صاحب الضمان، والضمان: الرعاية للشيء كما يقال: تامر ولابن، أي صاحب تمر ولبن.
2 عثمان بن أبي العاتكة هو الأزدي ضعفوه في رويته عن علي بن يزيد الألهاني، وأما روايته عن غيره فهو مقارب يكتب حديثه للاعتبار، وقد توبع عليه كما يأتي فالحديث صحيح.
وأخرجه أبو داود "2494" في الجهاد: باب فضل الغزو في البحر، عن عبد السلام بن عتيق، والحاكم في "المستدرك" 2/73، ومن طريقه البيهقي في "السُّنن" 9/166 من طريق سماك بن عبد الصمد، كلاهما عن أبي مسهر عبد الأعلى بن مسهر، عن إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، عن الأوزاعي، عن سليمان بن حبيب، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، وأقره الذهبي. وفي الباب عن معاذ بن جبل تقدم برقم "372".
وعن أبي هريرة عند أبي نعيم في "الحلية" 9/251.
3 الحَسْو كالحسا: المرق ونحوه، وطعام رقيق يصنع من الدقيق والماء.(2/252)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مُبَادَرَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ
500 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "لا تُبَادِرُوا أَهْلَ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي طريق فاضطروهم إلى أضيقه" 1. [2: 3]
501 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْخَطِيبُ بِالْأَهْوَازِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تبدؤوا
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح، وأخرجه عبد الرزاق "19457" ومن طريقه أحمد 2/266، والبغوي في "شرح السنُّة" "3310" عن معمر، وأحمد 2/225و444، ومسلم "2167" في السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، والبخاري في "الأدب المفرد" "111"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/341، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 7/140، 142، والبيهقي في "السُّنن" 9/203، من طريق سفيان، وأحمد 2/263 من طريق زهير، ومسلم "2167"، والترمذي "1602" في السير: باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب و"2700" في الاستئذان: باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة، من طريق عبد العزيز الدراوردي، والبخاري في "الأدب المفرد" "1103" من طريق وهيب، ومسلم "2167"، والبيهقي في "السُّنن" 9/203، من طريق جرير بن عبد الحميد، والطحاوي في "شرح الآثار" 4/341 من طريق أبي بكر بن عياش وشريك ويحيى بن أيوب، كلهم عن سهيل بن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وسيرد بعده من طريق شعبة، عن سهيل، به فانظره.(2/253)
أَهْلِ الْكِتَابِ بِالسَّلَامِ وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِهِ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه الطيالسي "2424" عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/436 و459، ومسلم "2167" في السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وأبو داود "5205" في الأدب: باب في السلام على أهل الذمة، والطحاوي في "شرج معاني الآثار" 4/341 من طرق عن شعبة، به.
وتقدم قبله من طريق أبي عوانة، عن سهيل، به، فانظره.
قال القرطبي في "المفهم" 3/179أ: إنما نُهي عن ذلك لأن الابتداء بالسلام إكرامٌ، والكافر ليس أهلاً لذلك، فالذي يُناسبهم الإعراضُ عنهم وتركُ الالتفات إليهم. وقوله: "وإذا لقيتُم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه" أي: لا تتنحوا لهم عن الطريق الضيِّق إكراماً لهم واحتراماً، وعلى هذا فتكون هذه الجملة مناسبة للجملة الأولى في المعنى والعطف، وليس معنى ذلك أنّا إذا لقيناهم في طريقٍ أنّا نُلجئهم إلى حرفِه حتى يضيق عليهم، لأن ذلك أذى منّا لهم من غير سبب، وقد نهينا عن أذاهم.(2/254)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ رَدِّ السَّلَامِ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ
502 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بن دينار
أنه سمع بْنَ عُمَرَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الْيَهُودَ إِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ إِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمُ السَّامُ عَلَيْكَ فَقُلْ وَعَلَيْكَ" 2. [4: 3]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، يحيى بن أيوب من رجال مسلم، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
= وأخرجه مسلم "2164" في السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، عن يحيى بن أيوب المقابري، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2164" أيضاً، والترمذي "1603" في السير: باب ما جاء في التسليم على أهل الكتاب، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "378" من طرق عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/630، 631، وأحمد 2/19، والبخاري "6928" في المرتدين: باب إذا عرض الذمي أو غيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح، ومسلم "2164" "9"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "379" و"380"، والبهقي في "السُّنن" 9/203، والبغوي في "شرح السنُّة" "3112"، من طريق سفيان، وأبو داود "5206" في الأدب: باب السلام على أهل الذمة، من طريق عبد العزيز بن مسلم القسملي، وأخرجه مالك 3/132 في باب ما جاء في السلام على اليهودي والنصراني، ومن طريقه البخاري "6257" في الاستئذان: باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام، و"6928" أيضاً، وفي "الأدب المفرد" "1106"، والبيهقي 9/203، والبغوي "3311"، ثلاثتهم "سفيان والقسملي ومالك" عن عبد الله بن دينار، به.
وفي الباب عن أنس في الحديث التالي.
وعن عائشة عند ابن أبي شيبة 8/630، والبخاري "2935" في الجهاد: باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، و"6024" في الأدب: باب الرفق في الأمر كله، "6030" باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً، و"6256" في الاستئذان: باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام، و"6395" في الدعوات: باب الدعاء على المشركين، و"6401" باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يستجاب لنا في اليهود ولا يستجاب لهم فينا"، وفي "الأدب المفرد" "311"، ومسلم "2165" في السلام، وابن ماجة "3698" في الأدب: باب رد السلام على أهل الذمة، والبيهقي في "السُّنن" 9/203، والبغوي في "شرح السنُّة" "3313" و"3314"، وسيرد بعض حديث عائشة هذا وهو: "إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله" برقم "547".
وعن أبي عبد الرحمن الجهني عند ابن أبي شيبة 8/630، وأحمد 4/233، وابن ماجة "3699"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 4/341.
وعن أبي بصرة الغفاري عند ابن أبي شيبة 8/631، وأحمد 6/398، والبخاري في "الأدب المفرد" "1102"، والطبراني في "الكبير" "2162".(2/254)
ذِكْرُ وَصَفِ رَدِّ السَّلَامِ لِلْمَرْءِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ إِذَا سَلَّمُوا عَلَيْهِ
503 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَهُودِيًّا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فقَالَ "السَّامُ عَلَيْكُمْ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَدْرُونَ مَا قَالَ قَالُوا نَعَمْ سَلَّمَ عَلَيْنَا قَالَ لَا إِنَّمَا قَالَ السَّامُ عَلَيْكُمْ أَيْ تُسَامُونَ دِينَكُمْ فَإِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكتاب فقولوا وعليك" 1. [1: 78]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، فإن يزيد بن زريع سمع من سعيد بن أبي عروبة قديماً قبل الاختلاط.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/630، ومن طريقه ابن ماجة "3697" في الأدب: باب رد السلام على أهل الذمة، عن عبدة بن سليمان ومحمد بن بشر، عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2163" "7" في السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وأبو داود "5207" في الأدب: باب في السلام على أهل الذمة، من طريق شعبة، والترمذي "3301" في التفسير: باب ومن سورة
= المجادلة، من طريق شيبان، والبخاري في "الأدب المفرد" "1105" من طريق همام، ثلاثتهم عن قتادة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "2069" ومن طريقه النسائي في "عمل اليوم والليلة" "385"، وأخرجه البخاري "6926" في المرتدين: باب إذا عرض الذمي أو غيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم، من طريق ابن المبارك، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "386" من طريق عيسى، و"387" من طريق خالد، كلهم عن شعبة، عن هشام بن زيد بن أنس، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/99، والبخاري "6258" في الاستئذان: باب كيف الرد على أهل الذمة، عن عثمان بن أبي شيبة، ومسلم "2163" "6"، عن يحيى بن يحيى وإسماعيل بن سالم، أربعتهم عن هشيم، عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس، عن جده أنس.(2/256)
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِلْمَرْءِ بِطِيبِ الْكَلَامِ وَإِطْعَامِ الطعام
504 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ بْنِ هَانِئٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ هانئ عن بن هَانِئٍ أَنَّ هَانِئًا لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ فَسَمِعَهُمْ يُكَنُّونَ هَانِئًا أَبَا الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ قَالَ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَضُوا بِي حَكَمًا فَأَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَحَسَنٌ فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ قَالَ شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ قَالَ فَأَيُّهُمْ أَكْبَرُ قَالَ شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ فَدَعَا لَهُ وَلِوَلَدِهِ فَلَمَّا أَرَادَ الْقَوْمُ الرُّجُوعَ إلىذكر إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِلْمَرْءِ بِطِيبِ الْكَلَامِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ
[504] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ بْنِ هَانِئٍ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ هانئ عن بن هَانِئٍ أَنَّ هَانِئًا لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْمِهِ فَسَمِعَهُمْ يُكَنُّونَ هَانِئًا أَبَا الْحَكَمِ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فَلِمَ تُكَنَّى أَبَا الْحَكَمِ قَالَ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ رَضُوا بِي حَكَمًا فَأَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فقَالَ إِنَّ ذَلِكَ لَحَسَنٌ فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ قَالَ شُرَيْحٌ وَعَبْدُ اللَّهِ وَمُسْلِمٌ قَالَ فَأَيُّهُمْ أَكْبَرُ قَالَ شُرَيْحٌ قَالَ فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ فَدَعَا لَهُ وَلِوَلَدِهِ فَلَمَّا أَرَادَ الْقَوْمُ الرُّجُوعَ إلى(2/257)
بِلَادِهِمْ أَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْضًا حَيْثُ أَحَبَّ فِي بِلَادِهِ قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ لِيَ الْجَنَّةَ قَالَ طِيبُ الْكَلَامِ وَبَذْلُ السَّلَامِ وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده جيد، يزيد بن المقدام صدوق، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وباقي رجاله رجال الصحيح غير صحابيه فمن رجال أبي داود والنسائي، وهو بتمامه في "الأدب المفرد" للبخاري "811" من طريق أحمد بن يعقوب، عن يزيد بن المقدام، بهذا الإسناد.
وقوله: أخبرني بشيء يوجب لي الجنة ... تقدم برقم "490" من طريق قتيبة بن سعيد، عن يزيد بن المقدام، به.(2/258)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ وَإِفْشَاءَ السَّلَامِ مِنَ الْإِسْلَامِ
505 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ "تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ" 2. [0: 00]
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو الخير: هو مَرْثد بن عبد الله اليزني. وأخرجه البخاري في صحيحه "12" في الإيمان: باب إطعام الطعام من الإسلام، و"28": باب إفشاء السلام من الإسلام و"6236" في الاستئذان: باب السلام للمعرفة وغير المعرفة، وفي "الأدب المفرد" "1013"، ومسلم "39" في الإيمان: باب بيان تفاضل الإسلام، والنسائي 8/107 في الإيمان: باب أي الإسلام خير، وأحمد 2/169، وأبو داود "5194" في الأدب: باب في إفشاء السلام، وابن ماجة "3253" في الأطعمة: باب إطعام الطعام، وأبو نعيم في الحلية 1/287، والخطيب في "تاريخه" 8/169، والبغوي في "شرح السنُّة" "3302"، من طرق عن الليث، بهذا الإسناد.(2/258)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ إِطْعَامَ الطَّعَامِ من الإيمان
506 - أخبرنا محمد بن أحمد بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ أَبِي مُزَاحِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِي1 جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فليقل خيرا أو ليسكت" 2.
__________
1 كذا الأصل، والجادة حذف الياء، وما هنا له وجه في العربية.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشخين غير المنصور بن أبي مزاحم فمن رجال مسلم.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/546، والبخاري "6018" في الأدب: باب مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يؤذ جاره، ومسلم "47" "75" في الإيمان: باب الحث على إكرام الجار والضيف، وابن مندة في "الإيمان" "300" من طرق عن أبي الأحوص، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/463، والبخاري "6136" في الأدب: باب إكرام الضيف، وابن مندة "299" من طريق سفيان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "47" "76"، وابن مندة "301" من طريق الأعمش، عن أبي صالح، به.
وأخرجه أحمد 2/433 عن يحيى، عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة.
= وأخرجه ابن مندة "298" من طريق ميسرة، عن أبي حازم، عن أبي هريرة.
وأخرجه البزار بأطول مما هنا "2031" من طريق محمد بن كثير الملائي، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن أبي هريرة، قال الهيثمي في "المجمع" 8/75: رواه البزار، وفيه محمد بن كثير، وهو ضعيف جداً. وقال: هو في الصحيح، وفي هذا زيادة.
وأخرجه ابن أبي الدنيا بن رباح، في "مكارم الأخلاق" "323" من طريق كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، عن أبي هريرة.
وسيورده المؤلف برقم "516" من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وفي الباب عن أبي شريح، سيورده المؤلف في باب الضيافة.
وعن أبي أيوب الأنصاري في كتاب الحظر والإباحة.
وعن ابن عباس عند البزار "1926"، قال الهيثمي 8/176: في بعض رجاله ضعف، وقد وثقوا.
وعن أنس عند البزار "1927"، قال الهيثمي 8/176/ فيه محمد بن ثابت البناني، وهو ضعيف.
وعن زيد بن خالد الجهني عند البزار "1925"، قال الهيثمي 8/176: رواه البزار والطبراني، ورجال البزار رجال الصحيح.(2/259)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَبُو الْأَحْوَصِ سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمٍ وَأَبُو حُصَيْنٍ عُثْمَانُ بْنُ عَاصِمٍ وَأَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَبْدُ اللَّهِ بن عمرو الدوسي.1 [0: 00]
__________
1 هذا أحد الأقوال في اسمه واسم أبيه، وثمة أقوال أخرى، انظرها في "التقريب".(2/260)
ذِكْرُ رَجَاءِ دُخُولِ الْجِنَانِ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَفْشَى السَّلَامَ مَعَ عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ
507 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أبيهذكر رَجَاءِ دُخُولِ الْجِنَانِ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَأَفْشَى السَّلَامَ مَعَ عِبَادَةِ الرَّحْمَنِ
[507] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِيهِ(2/260)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اعْبُدُوا الرَّحْمَنَ وَأَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ تَدْخُلُوا الْجِنَانَ" 1. [1:]
__________
1 حديث صحيح بشاهده، وهو مكرر "489".(2/261)
ذِكْرُ إِيجَابِ دُخُولِ الْجَنَّةِ لِمَنْ أَفْشَى السَّلَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَقَرَنَهُمَا بِسَائِرِ الْعِبَادَاتِ
508 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مَيْمُونَةَ2
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ إِذَا عَمِلْتُهُ أَوْ عَمِلْتُ بِهِ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ قَالَ "أَفْشِ السَّلَامَ وَأَطْعِمِ الطَّعَامَ وَصِلِ الْأَرْحَامَ وَقُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلِ الجنة بسلام" 3. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح بشاهده، وهو مكرر "489".
2 في "الإحسان" و"التقاسيم": عطاء بن أبي ميمونة وهو تحريف، وأبو ميمونة هذا هو الأبّار تابعي ثقة، وثقه النسائي والعجلي، وقال ابن معين: صالح، مترجم في تاريخ البخاري: 9/74، و"الجرح والتعديل" 9/447، و"التهذيب"12/253.
3 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي ميمونة، وهو ثقة.
أبو عامر: هو عبد الملك بن عمرو العقدي، وهمام: هو ابن يحيى العوذي.
وأخرجه أحمد 2/295 عن يزيد بن هارون، و2/323 و493 عن عفان وعبد الصمد، ثلاثتهم عن همام، بهذا الإسناد. ومن طريق يزيد بن هارون عن همام، به، أخرجه الحاكم 4/129 و160 وصححه ووافقه الذهبي.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 5/16 وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، خلا أبا ميمونة، وهو ثقة.(2/261)
ذِكْرُ وَصْفِ الْغُرَفِ الَّتِي أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وَدَامَ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَأَفْشَى السَّلَامَ
509 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ بن مُعَانِقٍ
عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ وأفشى السلام وصلى بالليل والناس نيام" 1.
__________
1 إسناده قوي، وابن معانق-واسمه عبد الله كما سيذكره المؤلف - ذكره المؤلف في الثقات 5/36، ووثقه العجلي ص؛ 280، وروى عنه غير واحد، وباقي رجاله ثقات.
وأبو مالك الأشعري اسمه الحارث بن الحارث الأشعري، عداده في أهل الشام وفي الصحابة أبو مالك اثنان غير هاذ.
وهو في مصنف عبد الرزاق "20883"، ومن طريقه أخرجه أحمد 5/343، والطبراني في الكبير "3466"، والبيهقي في "السُّنن" 4/300، 301، والبغوي في "شرح السنُّة" "927".
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/254 رواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات.
وروى أحمد 2/173 من طريق ابن لهيعة، والحاكم 1/321 من طريق ابن وهب، كلاهما عَنْ حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفاً يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها".
قال أبو مالك الأشعري: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وبات قانتاً والناس نيام"، وصححه، ووافقه الذهبي. وانظر الحديث المتقدم برقم "489".(2/262)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه بن مُعَانِقٍ هَذَا اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَانِقٍ الأشعري(2/263)
10- بَابُ الْجَارِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ مُجَانَبَةَ الرَّجُلِ أَذَى جِيرَانِهِ مِنَ الْإِيمَانِ
510 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ وَحُمَيْدٍ وَذَكَرَ الصُّوفِيُّ1 آخَرَ مَعَهُمَا
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال "الْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ وَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَاجَرَ السُّوءَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عبد لا يأمن جاره بوائقه" 2.
__________
1 هو لقب أحمد بن الحسن بن عبد الجبار شيخ ابن حبان في هذا الحديث.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أحمد 3/154، والحاكم في "المستدرك" 1/11، من طريق الحسن بن موسى الأشيب، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم على شرط مسلم، وأقره الذهبي.
وقوله: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَبْدٌ لَا يَأْمَنُ جَارُهُ بوائقه" أخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "341" عن أبي نصر التمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً "342" عن عمرو الناقد، عن زيد بن الحباب، عن علي بن مسعدة الباهلي، عن قتادة، عن أنس.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/547 من طريق محمد بن إسحاق، والحاكم في "المستدرك" 4/165 من طريق سعيد بن أبي أيوب، كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس، بلفظ: "ما هو بمؤمن من لم يأمن جاره بوائقه".
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 2/288 و336 و372، 373، والبخاري "6016" في الأدب: باب إثم من لا يامن جاره بوائقه، ومسلم "46" في الإيمان: باب بيان تحريم إيذاء الجار، ولفظه عند مسلم: "لا يدخل الجنة من يأمن جاره بوائقه".
وعن أبي شريح الكعبي عند البخاري "6016" أيضاً، وأحمد 4/31 و6/385.
وعن ابن مسعود عند أحمد 1/387.
وقوله: "المؤمن من أمنه الناس، والمسلم من ... إلخ تقدم من حديث أبي هريرة برقم "180". ومن حديث عبد الله بن عمرو برقم "196".(2/264)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا عَظَّمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مِنْ حَقِّ الْجِوَارِ
511 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ بِحَرَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَتْهُ
أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ" 1. [3: 20]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير أحمد بن سليمان - وهو ابن عبد الملك الرهاوي- فقد روى له النسائي، وهو ثقة حافظ. وأخرجه أحمد 6/238، وابن أبي شيبة 8/545 ومن طريقه مسلم "2624" في البر: باب الوصية بالجار والإحسان إليه، وابن ماجة "3673" في الأدب: باب حق الجوار، كلاهما عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 7/27 من طريق الحسن بن مكرم، عن يزيد بن هارون، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/545 ومن طريقه مسلم "2624"، وابن ماجة "3673" عن غبدة بن سليمان، والبخاري "6014" في الأدب: باب الوصاة بالجار، وفي "الأدب المفرد" "101"، والبيهقي في "السُّنن" 6/275، من طريق مالك، ومسلم "2624" من طريق مالك والليث بن سعد، والترمذي "1942" في البر: باب ما جاء في حق الجوار، وابن ماجة "3673" أيضاً من طريق الليث بن سعد، وأبو داود "5151" في الأدب: باب في حق الجوار، من طريق حماد، والبخاري في "الأدب المفرد" "106" من طريق عبد الوهاب الثقفي، كلهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.
وأخرجه أحمد 6/52 عن يحيى القطان، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن رجل، عن عمرة، به، والرجل هو أبو بكر بن محمد.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "321" من طريق سعيد بن أبي هلال، عن أبي بكر بن حزم، به.
وأخرجه مسلم "2624" أيضاً من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.
وأخرجه أحمد 6/91 و125 و187، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "319"، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 3/307 من طريق زبيد، عن مجاهد، عن عائشة.
وفي الباب عن أبي هريرة في الحديث التالي.
وعن ابن عمر عند البخاري "6015" في الأدب: باب الوصاة بالجار، وفي "الأدب المفرد" "104"، ومسلم "2625"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3487".
وعن عبد الله بن عمرو عند ابن أبي شيبة 8/546، وأحمد 2/160، وأبي داود "5152"، والترمذي "1943"، وأبي نعيم في "الحلية" 6/306.
وعن رجل من الأنصار عند أحمد 5/32.
وعن أنس عند البزار "1899"، قال الهيثمي في "المجمع" 8/165: فيه محمد بن ثابت بن أسلم، وهو ضعيف.
وعن جابر عند البزار "1897"، قال الهيثمي في "المجمع" 8/165: فيه الفضل بن مبشر، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات.
وعن ابن عباس في "التاريخ الكبير" 5/223.(2/265)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ الْإِحْسَانَ إِلَى الْجِيرَانِ رَجَاءَ دُخُولِ الْجِنَانِ بِهِ
512 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي غَيْلَانَ بِبَغْدَادَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ" 1.
__________
1 إسناده حسن، وهو حديث صحيح. داود بن فراهيج مختلف فيه، وثقه يحيى القطان وابن شاهين، والمؤلف 4/216، ونقل ابن عدي بسنده عن يحيى القطان، قال: وثقه شعبة وسفيان وضعَّفه النسائي، وجاء عن يحيى القطان أن شعبة صنفه، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال العجلي: لا بأس به، وقال ابن عدي: لا أرى بمقدارنا يرويه بأساً، وضعفه ابن معين في رواية عباس، وقال: ليس به بأس في رواية عثمان بن سعيد، وروى السباحي عن أحمد تضعيفه، وقال حنبل بن إسحاق عن أحمد: مدني صالح الحديث، وباقي رجاله ثقات على شرط الصحيح. وهو في "الجعديات" "1646".
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/949 عن عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" "3488" من طريق أبي القاسم البغوي، عن علي بن الجعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/546، 547، والبزار "1898" من طريق غندر محمد بن جعفر، وأحمد 2/514 عن روحن و2/259 عن عبد الواحد، كلاهما عن شعبة، بهذا الإسناد.
= وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/165، وقال: رواه البزار، وفيه داود بن فراهيج، وهو ثقة، وفيه ضعف.
وأخرجه أحمد 2/ 305 من طريق أبي قطن، و2/445، وابن ماجة "3674" في الأدب: باب حق الجوار، من طريق وكيع، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 3/306 من طريق أبي نعيم، ثلاثتهم عن يونس بن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن أبي هريرة. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 227: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. رواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق داود بن فراهيج، عن أبي هريرة، به.
وله شاهد في "الصحيحين" وغيرهما من حديث عائشة "وهو الحديث المتقدم" وأبي شريح، ورواه البخاري من حديث عبد الله بن عمر، ورواه الترمذي في "الجامع" من حديث عبد الله بن عمرو.(2/267)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِإكْثَارِ الْمَاءِ فِي مَرَقَتِهِ وَالْغَرْفِ لِجِيرَانِهِ بَعْدَهُ
513 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم "إذا طَبَخْتَ قِدْرًا فَأَكْثِرْ مَرَقَتَهَا فَإِنَّهُ أَوْسَعُ لِلْأَهْلِ والجيران" 1. [1: 67]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو عمران الجوني: هو عبد الملك بن حبيب الأزدي، وأخرجه 5/156 عن بهز، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "139"، وأحمد 5/149، والبخاري في "الأدب المفرد" "114"، ومسلم "2625" "142" في البر والصلة: باب الوصية بالجار، من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد العمي، عن أبي عمران الجوني، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 7/357 من طريق سفيان الثوري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي ذر.
وسيرد بعده "514" من طريق شعبة، و"523" من طريق أبي عامر الخزار، كلاهما عن أبي عمران الجوني، به.
وفي الباب عن جابر عند البزار "1091": أورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/165، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه عبيد الله بن سعيد قائد الأعمش، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله ثقات.(2/268)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ غَرْفَ الْمَرْءِ مِنْ مَرَقَتِهِ لِجِيرَانِهِ إِنَّمَا يَغْرِفُ لَهُمْ مِنْ غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا تَقْتِيرٍ
514 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ فَاحْسُهُمْ مِنْهَا بمعروف" 1. [1: 67]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير عبد الله بن الصامت، فهو من رجال مسلم، ومحمد شيخ محمد بن بشار فيه هو ابن جعفر المعروف بغندر، وأبو عمران هو الجوني، واسمه عبد الملك بن حبيب. وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 3/88 من طريق أحمد بن سلمة، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/161 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "450"عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/161 عن حجاج، والبخاري في "الأدب المفرد" "113" من طريق ابن المبارك، ومسلم "2625" "143" في البر والصلة، من طريق ابن إدريس، والدارمي 2/108 من طريق أبي نعيم، والبغوي في "شرح السنُّة" "391" من طريق شبابة بن سوار، كلهم عن شعبة، به. وأخرجه أحمد 5/171 عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن شعبة، عن قتادة، عن أبي عمران الجوني، به، ففي إسناده هذا زيادة قتادة بين شعبة والجوني. وانظر "513" و"523".
وسيعيده المؤلف برقم "1718" وأوله: أوصاني خليلي بثلاث ... وبرقم "5944" من طريق شعبة، به.(2/269)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ مَنْعِ الْمَرْءِ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ الْخَشَبَةَ عَلَى حَائِطِهِ
515 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدُكُمْ جاره أن يغرز خشبة على جداره" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير محمد بن رمح فمن رجال مسلم. وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 6/157، من طريق يونس بن المؤدب، وأبو نعيم في "الحلية" 3/378 من طريق شعيب بن يحيى، كلاهما عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وهو عند مالك في "الموطأ" 2/745 في الأقضية: باب القضاء في المرفق، ومن طريقه أخرجه أحمد 4/463، والبخاري "2463" في المظالم: باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في الجدار، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/269، والبيهقي في "السُّنن" 6/68 و157، والبغوي في "شرح السنُّة" "2174".
وأخرجه أحمد 2/396 من طريق أبي أويس، والشافعي 2/193، والحميدي "1076"، وأحمد 2/240، ومسلم "1609"، وأبو داود "3634" في الأقضية: باب أبواب من القضاء، والترمذي "1353" في الأحكام: باب ما جاء في الرجل يضع على حائط جداره خشية، وابن ماجة "2335" في الأحكام: باب الرجل يضع خشبة على جدار جاره، والبيهقي في "السُّنن" 6/68 من طريق سفيان بن عيينة، وعبد الرزاق ومن طريقه البيهقي 6/68 عن معمر، ثلاثتهم عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/396 من طريق عبد الله بن الفضل وأبي الزناد، والبيهقي في "السُّنن" 6/68 من طريق صالح بن كيسان، ثلاثتهم عن الأعرج، به.
وأخرجه الحميدي "1077"، وأحمد 2/ 230 و327، والبخاري "5627"في الأشربة: باب الشرب من فم السقاء، والبيهقي في "السُّنن" 6/69 من طريق أيوب، والبيهقي 6/68 من طريق خالد الحذاء، كلاهما عن عكرمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 3/378 من طريقين عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وحميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/447 عن وكيع، عن منصور بن دينار، عن أبي عكرمة المخزومي، عن أبي هريرة. وأداة الكنية في أبي عكرمة وهم فيما قاله الحافظ في "تعجيل المنفعة" ص 507.
وفي الباب عن ابن عباس عند أحمد 1/255 و317، والبيهقي في "السُّنن" 6/69.
وعن مجمع بن جارية ورجال من الأنصار عند أحمد 3/479، 480، وابن ماجة "2336"، والطبراني في "الكبير" 19/"1087"، والبيهقي 6/69 و157.(2/270)
قَالَ ابْنُ رُمْحٍ سَمِعْتُ اللَّيْثَ يَقُولُ هَذَا أَوَّلُ مَا لِمَالِكٍ عِنْدَنَا وَآخِرُهُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي قَوْلِ اللَّيْثِ هَذَا أَوَّلُ مَا لِمَالِكٍ عِنْدَنَا وَآخِرَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الذي رواه قراد1 عن الليث عن
__________
1 قراد: لقب، واسمه عبد الرحمن بن غزوان الخزاعي، ويقال: الضبي ترجمه المؤلف في "الثقات" 8/375، وهو ثقة له أفراد لا يتابع عليها كما
= قال الدارقطني. وخبر عائشة هذا ذكره أبو أحمد الحاكم في "الكنى" فقال: "أخبرني أبو جعفر محمد بن رشدين سألت أحمد بن صالح، عن حديث قراد، عن الليث، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لي مماليك أضربهم، فقال أحمد: هذا باطل مما وضع الناس، وليس كل الناس يضبط هذه الأشياء، إنما روى هذا الليث أظنه قال: عن زياد بن العجلان منقطع. قيل لأحمد: روى ذلك الرجل يعني أحمد بن حنبل عن قراد، فقال: لم يكن يعرف حديث الليث-أي: ابن صالح- وإن كان له فضل وعلم.
وقال الدارقطني في "غرائب مالك": حدثنا أبو بكر النيسابوري، حدثنا العباس بن محمد، حدثنا أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان قراد، حدثنا الليث بن سعد، عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جلس بين يديه فقال: يا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني، ويخونونني، ويعصوني، وأضريهم وأسبهم، فكيف أنا منهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يحسب ما خانوك، وعصوك، وكذبوك، وعقابك إياهم، فإن كان دون ذنوبهم، كان فضلاً لك، وإن كان فوق ذنوبهم اقتص لهم منك، فجعل الرجل يبكي، فقال: أما تقرأ: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} فقال: يا رسول الله: ما أجد خيراً من فراقهم، أشهدك أنهم أحرار.
قال الدارقطني: قال لنا أبو بكر: ليس هذا حديث مالك، وأخطأ فيه قراد، والصواب عن الليث ما حدثنا به بحر بن نصر من كتابه، حدثنا ابن وهب، أخبرني الليث، عن زياد بن عجلان، عن زياد مولى ابن عياش، قال: أتى رجل، فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره، قال الدارقطني: لم يروه عن مالك عن الزهري غير قراد، عن الليث، وليس بمحفوظ، وساقه الدارقطني من عدة طرق غير هذه عن قراد كذلك.
وذكره الإمام الذهبي في "الميزان" 2/581 ونسبه لمعجم أبي سعيد بن الأعرابي من طريق عباس الدوري، عن قراد، به.
والحديث في "مسند أحمد" 6/280، 281، والترمذي "3165" من طريق قراد عبد الرحمن بن غزوان، عن الليث بن سعد، به.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 4/319، وزاد نسبته لابن جرير في "تهذيبه" وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في "شعب الإيمان" وذكره ابن كثير في "تفسيره" 5/340، عن الإمام أحمد، وسكت عنه، ولم يبين العلة.
قلت: ولقراد حديث منكر غير هذا عند الترمذي "3624" من حديث أبي موسى الأشعري في قصة سفره صلى الله عليه وسلم إلى الشام مع عمه أبي طالب قبل النبوةن واجتماعه ببحيرا الراهب، وقد فصل القول في خبر سفره مع عمه أبي طالب إلى الشام مؤرخ الإسلام الإمام الذهبي في السيرة النبوية ص: 27- 28، فراجعه فإنه غاية في النفاسة. وانظر تهذيب التهذيب 6/249، وسير أعلام النبلاء: 9/518 -519، والبداية والنهاية 2/285 لابن كثير(2/271)
مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قِصَّةُ الْمَمَالِيكِ خَبَرٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ. [2: 3](2/273)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَذَى الْجِيرَانِ إِذْ تَرْكُهُ مِنْ فَعَالِ الْمُؤْمِنِينَ
516 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ ومن كان يؤمن بالله واليومذكر الزَّجْرِ عَنْ أَذَى الْجِيرَانِ إِذْ تَرْكُهُ مِنْ فَعَالِ الْمُؤْمِنِينَ
[516] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يُؤْذِ جَارَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ(2/273)
الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خيرا أو ليصمت" 1. [2: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد 2/267، وأبو داود "5154" في الأدب: باب في حق الجوار، والترمذي "2500" في صفة القيامة، من طريقين عن معمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "2347"، وأحمد 2/267، 269 و463، والبخاري "6475" في الرقاق: باب حفظ اللسان، ومسلم "47" "74" في الإيمان: باب الحث على إكرام الجار والضيف، والبيهقي في "السُّنن" 8/164، والبغوي في "شرح السنُّة" "4121" من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
وتقدم برقم "506" من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة. فانظر تخريجه ثمت.(2/274)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ أَجْرَ مَوْؤُودَةٍ لَوِ اسْتَحْيَاهَا فِي قَبْرِهَا
517 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَشِيطٍ الوعلاني عن كعب بن علقمة2
__________
2 هو كعب بن علقمة بن كعب بن عدي التنوخي أبو عبد الحميد المصري، ولجده صحبة رأى عبد الله بن الحارث بن جزء، وروى عن أبي تميم الجيشاني، وسعيد بن المسيِّب، وعبد الرحمن جبير، وعبد الرحمن بن شماسة مرثد بن عبد الله المزني وكثير بن الهيثم وجماعة، وروى عنه حيوة بن شريح، وسعيد بن أبي أيوب وعمرو بن الحارث، والليث بن سعد، وابن الهيعة وآخرون. وثقه المؤلف، وروى له مسلم في "صحيحه"، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق. قال ابن يونس: مات سنة 127هـ فيما يقال، وقال يحيى بن بكير: مات سنة 130 انظر "التهذيب" وفروعه.(2/274)
عَنْ دُخَيْنٍ أَبِي الْهَيْثَمِ كَاتِبِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قُلْتُ لِعُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ إِنَّ لَنَا جِيرَانًا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَأَنَا دَاعٍ الشُّرْطَ لِيَأْخُذُوهُمْ فقَالَ عُقْبَةُ وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ وَلَكِنْ عِظْهُمْ وَهَدِّدْهُمْ قَالَ إِنِّي نَهَيْتُهُمْ فَلَمْ يَنْتَهُوا وَإِنِّي دَاعٍ الشُّرْطَ لِيَأْخُذُوهُمْ فقَالَ عُقْبَةُ وَيْحَكَ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ مؤمن فكأنما استحيى موؤودة في قبرها" 1. [1: 2]
__________
1 دُخَيْن كنيتُهُ أبو الهيثم عند المؤلف، وعند الفسوي في تاريخه: 2/505، والدولابي في "الكنى" 2/156، وقد وصفوه بأنه كاتب عقبة، وأنه سمع منه وهو ثقة من رجال التهذيب إلا أنهم كنوه أبا ليلى. وباقي رجاله ثقات، وأخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه 2/503 من طريق أبي الوليد بهذا الإسناد، وهو في سُنن البيهقي 8/331 من طريق يعقوب بن سفيان، به.
ورواه البخاري في الأدب المفرد "758"، والطيالسي "1005"، وأبو داود "4891"، والنسائي في الكبرى كما في "التحفة" 7/307، والبيهقي في السُّنن 8/331، كلهم من طريق إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن أبي الهيثم مولى عقبة، عن عقبة، ورواه الحاكم: 4/384، وسمى أبا الهيثم كثيراً، وكذلك سماه في "التهذيب" وفروعه، وصححه، ووافقه الذهبي مع أن الأخير قال في "الميزان" 4/583، و"المغني" 2/813 عن أبي الهيثم هذا: لا يعرف.
ورواه أحمد 4/153، وأبو داود "4892" من طريق إبراهيم بن نشيط، عن كعب بن علقمة، عن أبي الهيثم، عن دخين كاتب عقبة، عن عقبة. قال المزني في "تهذيب الكمال": أبو الهيثم المصري مولى عقبة بن عامر الجهني اسمه كثير، روى عن دخين الحجري، عن عقبة بن عامر الجهني اسمه كثير، روى عن دخين الحجري، عن عقبة بن عامر حديث: "من رأى عورة فسترها"، وقيل: عن عقبة بن عامر نفسه، وليس بينهما أحد، وأخرجه أحمد 4/147 و158 من طريق ابن لهيعة، عن كعب بن علقمة، عن مولى لعقبة بن عامر يقال له: أبو كثير، عن عقبة.
وروى الحميدي في مسنده "384" من طريق سفيانن حدثنا ابن جريج، قال: سمعت أبا سعد الأعمى يحدث عن عطاء بن أبي رباح، قال: خرج أبو أيوب إلى عقبة بن عامر وهو بمصر يسأله عن حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من ستر مؤمناً في الدنيا على خزيه، ستره الله يوم القيامة" فقال أبو أيوب: صدقت ... وأبو سعد الأعمى مجهول، وباقي رجاله ثقات، وهو في "المسند" 4/153 مختصراً.
وللحديث شاهد من حديث مسلمة بن مخلد عند الخطيب في "الرحلة" 121-122 وفيه انقطاع. ووصله الطبراني في الأوسط، وفيه أبو سنان القسملي عيسى بن سنان كما في "المجمع" 1/134 قال الحافظ في "التقريب": لين الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وآخر عن شهاب رجل من الصحابة كان ينزل مصر عند الطبراني "7231"، والضياء المقدسي في "المختارة" كما في الجامع الصغير، فيتقوى الحديث بهما ويصح.
وفي الباب عن أبي هريرة بلفظ: "من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة"سيرد برقم "534".
وعن ابن عمر سيرد برقم "533"
وعن ابن عباس عند ابن ماجة "2546".(2/275)
خيرهم لجاره" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح رجاله رجال صحيح غير شراحبيل بن شريك، فقد روى له أبو داود والترمذي وهو ثقة، أبو عبد الرحمن الحبلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.
وأخرجه الترمذي "1944" في البر والصلة: باب ما جاء في حق الجوار، عن أحمد بن محمد، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "329" عن ابن جميل، والحاكم في "المستدرك" 1/164 من طريق عبدان، ثلاثتهم عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد. وسقط من إسناد الحاكم "أبو عبد الرحمن الحبلي"، وتحرف عنده شريك إلى مسلم.
وأخرجه أحمد 2/167، و168، والبخاري في "الأدب المفرد" "115"، والدارمي 2/215 من طريق عبد الرحمن المقرئ، عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/167، 168، والدارمي 2/215 أيضاً من طريق ابن لهيعة، عن شرحبيل بن شريك، به.
وسيرد بعده من طريق هاشم بن القاسم، عن ابن المبارك، به.(2/277)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ خَيْرِ الْأَصْحَابِ وَخَيْرِ الْجِيرَانِ
519 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا هاشم بن القاسم حدثنا بن الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "خَيْرُ الْأَصْحَابِ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرُهُمْ لِصَاحِبِهِ وَخَيْرُ الْجِيرَانِ عند الله خيرهم لجاره" 2.
__________
2 إسناده صحيح. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وهاشم بن القاسم هو ابن مسلم الليثي. وتقدم قبله من طريق حبان بن موسى، عن ابن المبارك، به. فانظره.(2/277)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّصَبُّرِ عِنْدَ أَذَى الْجِيرَانِ إِيَّاهُ
520 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأحمر عن بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ جَارًا لَهُ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " اصْبِرْ ثُمَّ قَالَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ اطْرَحْ مَتَاعَكَ فِي الطَّرِيقِ فَفَعَلَ قَالَ فَجَعَلَ النَّاسُ يَمُرُّونَ بِهِ وَيَقُولُونَ مَا لَكَ فَيَقُولُ آذَاهُ جَارُهُ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ لَعَنَهُ اللَّهُ فَجَاءَهُ جَارُهُ فقَالَ رُدَّ مَتَاعَكَ لَا وَاللَّهِ لَا أوذيك أبدا" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده قوي ابن عجلان: هو محمد، وأبو خالد الأحمر: هو سليمان بن حبان، وأخرجه أبو داود "5153" في الأدب: باب في حق الجوار، من طريق الربيع بن نافع، عن أبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "124" عن علي بن المديني، والحاكم 4/165 من طريق أبي بكرة القاضي، كلاهما عن صفوان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، به. وصححه الحاكم ووافقه الذهبيز
وله شاهد من حديث أبي جحيفة عند البخاري في "الأدب المفرد" "125"، والبزار "1903"، وفي إسناده سيِّئ الحفظ ومجهول ومع ذلك فقد صححه الحاكم 4/166، ووافقه الذهبي. وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/170، وقال: رواه الطبراني والبزار.. وفيه أبو عمر المنبهي، تفرد عنه شريك، وبقية رجاله ثقات.
وآخر من حديث عبد الله بن سلام عند ابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "325".(2/278)
11- فَصْلٌ مِنَ الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ
521 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الطَّاحِيُّ الْعَابِدُ بِالْبَصْرَةِ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ قُرَّةَ بْنِ مُوسَى الْهُجَيْمِيِّ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ جابر الْهُجَيْمِيِّ
[عَنْ سُلَيْمِ بْنِ جَابِرٍ الهُجَيْمي] 1قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُحْتَبٌ فِي بُرْدَةٍ لَهُ وَإِنَّ هُدْبَهَا لَعَلَى قَدَمَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ "عَلَيْكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَقِي وَتُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَلَا يُحِبُّهَا اللَّهُ وَإِنِ امْرُؤٌ عَيَّرَكَ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ فِيكَ فَلَا تُعَيِّرْهُ بِشَيْءٍ تَعْلَمُهُ مِنْهُ دَعْهُ يَكُونُ وَبَالُهُ عَلَيْهِ وَأَجْرُهُ لَكَ وَلَا تَسُبَّنَّ شَيْئًا قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعْدَهُ دَابَّةً ولا إنسانا 2 ".
__________
1 سقط من الأصل، واستدرك من "التقاسيم" 1/لوحة 342.
2 حديث صحيح، قرة بن موسى الهجيمي أبو الهيثم لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف 5/320، ولم يَروِ عنه قرة بن خالد، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين غير أن صحابيه سليم بن جابر -ويقال: جابر بن سليم أيضاً، ويكنى أبا جري- لم يرويا له ولا أحدهما.
= وأخرجه الطيالسي "1208"، والبخاري في "الأدب المفرد" "1182" من طريق وهب بن جرير، كلاهما عن قرة بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/64 عن عفان، عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عن عبيدة أبي خداش الهجيمي، عن أبي تميمة الهجيمي قال: أتيت رسول الله.. فقد سقط من هذا الإسناد صحابيه جابر بن سليم جد أبي تميمة، وعبيدة بن خداش لم يرو عنه إلا يونس بن عبيد بن دينار، ولم يوثقه غير المؤلف.
وأورده البخاري في "التاريخ الكبير" 2/206 من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، عن يونس بن عبيد، عن عبيدة، عن جابر بن سليم. ليس في إسناده أبو تميمة بين عبيدة وجابر.
وأخرجه أبو داود "4084" في اللباس: باب ما جاء في إسبال الإزار، عن مسدد، عن يحيى القطان، عن أبي غفار المثنى بن سعد الطائي، عن أبي تميمة الهجيمي، عن جابر بن سليم، وهذا سند قوي.
وأخرجه أحمد 5/63 عن هشيم، عن يونس بن عبيد، عن عبد ربه الهجيمي، عن جابر بن سليم.
وأخرجه أحمد 5/64 عن عفان، عن وهيب، عن خالد الحذاء، عن أبي تميمة الهجيمي، عن رجل من بلهجيم، قال: قلت: يا رسول الله.. فأوصني، قال: "لا تسبن أحداً، ولا تزهدن في المعروف ولو أن تلقى أخاك وأنت منسبط إليه ...
وإلى قوله "وإن هدبها لعلى قدميه" أخرجه أبو داود "4075" في اللباس: باب في الهدب، عن عبيد الله بن محمد القرشي، عن حماد بن سلمة، عن يونس بن عبيد، عن عبيدة أبي خداش الهجيمي، عن أبي تميمة الهجيمي، عن جابر.
وسيرد الحديث بعده من طريق سلام بن مسكين، عن عقيل بن طلحة، عن جابر بن سليم، فانظره.(2/279)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "عَلَيْكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ" أَمْرٌ فُرِضَ عَلَى الْمُخَاطَبِينَ كُلِّهِمْ أَنْ يَتَّقُوا اللَّهَ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ وإفْرَاغُ الْمَرْءِ الدَّلْوَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي مِنْ إِنَائِهِ وَبَسْطُهُ وَجْهَهُ عِنْدَ مُكَالَمَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ فِعْلَانِ قُصِدَ بِالْأَمْرِ بِهِمَا النَّدْبُ وَالْإِرْشَادُ قَصْدًا لِطَلَبِ الثواب. [1: 9]
522 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا سَلَامُ بْنُ مِسْكِينٍ عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبُو جُرَيٍّ الْهُجَيْمِيُّ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ فَعَلِّمْنَا شَيْئًا يَنْفَعُنَا اللَّهُ بِهِ فقَالَ "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِي وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ إِلَيْهِ مُنْبَسِطٌ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ فَإِنَّهُ مِنَ الْمَخِيلَةِ وَلَا يُحِبُّهَا اللَّهُ وَإِنِ امْرُؤٌ شَتَمَكَ بِمَا يَعْلَمُ فِيكَ فَلَا تَشْتُمْهُ بِمَا تَعْلَمُ فِيهِ فَإِنَّ أَجْرَهُ لَكَ وَوَبَالَهُ عَلَى مَنْ قاله" 1.
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عقيل بن طلحة فمن رجال أبي داود والنسائي وابن ماجة، وهو ثقة، أبو جري هو سليم بن جابر، ويقال: جابر بن سليم. وأخرجه أحمد 5/63 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/63 عن عبد الصمد بن عبد الوارث، والبغوي في "شرح السنُّة" "3504" من طريق علي بن الجعد، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/206 من طريق موسى بن إسماعيل، ثلاثتهم عن سلام بن مسكين، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق قرة بن موسى الهجيمي، عن جابر بن سليم أبي جري، به. فانظره.(2/281)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْأَمْرُ بِتَرْكِ اسْتِحْقَارِ الْمَعْرُوفِ أَمْرٌ قُصِدَ بِهِ الْإِرْشَادُ وَالزَّجْرُ عَنْ إِسْبَالِ الْإِزَارِ زَجْرُ حَتْمٍ لِعِلَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَهِيَ الْخُيَلَاءُ فَمَتَى عُدِمَتِ الْخُيَلَاءُ لَمْ يَكُنْ بِإسْبَالِ الْإِزَارِ بَأْسٌ1 وَالزَّجْرُ عَنِ الشَّتِيمَةِ إِذَا شُوتِمَ الْمَرْءُ زَجْرٌ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَبْلَهُ وَبَعْدَهُ وإن لم يشتم. [2: 2]
__________
= الكبير" 2/206 من طريق موسى بن إسماعيل، ثلاثتهم عن سلام بن مسكين، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق قرة بن موسى الهجيمي، عن جابر بن سليم أبي جري، به. فانظره.
1 في "الإحسان": بأساً، وهو خطأ والتصويب من "التقاسيم والأنواع" 2/لوحة 109.(2/282)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ طَلَاقَةَ وَجْهِ الْمَرْءِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمَعْرُوفِ
523 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْخَطِيبُ بِالْأَهْوَازِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هَوْذَةَ بْنِ خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ فَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَاغْرِفْ لجيرانك منها" 2. [1: 2]
__________
2 حديث صحيح، عبد الملك بن هوذة ذكره المؤلف في "ثقاته" 8/387، وقال: يروي عن أبيه، روى عنه حاتم بن الليث الجوهري، وصالح بن رستم مع كونه من رجال مسلم مختلف فيه، وباقي رجاله على شرط مسلم. وأخرجه مسلم "2626" في البر والصلة: باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء، عن أبي غسان المسمعي، وابن ماجة "3362" في الأطعمة: باب من طبخ فليكثر ماءه، عن محمد بن بشار، والبغوي في "شرح السنُّة" "1689" من طريق يزيد بن سنان، ثلاثتهم عن عثمان بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي "1833" في الأطعمة: باب ما جاء في إكثار ماء المرقة، من طريق إسرائيل، عن صالح بن رستم أبي عامر الخزاز، بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد روى شعبة عن أبي عمران الجوني.
قلت: ومن طريق شعبة تقدم برقم "514"، وتقدم برقم "315" من طريق حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجوني، به. وورد تخريج كل في موضعه. وانظر أيضاً "468".(2/282)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ تَعْقِيبَ الْإِسَاءَةِ بِالْإحْسَانِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ فِي أَسْبَابِهِ
524 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ قَالَ حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ حَرْمَلَةَ بْنِ عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ أَرَادَ سَفَرًا فقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ "اعْبُدِ اللَّهَ لَا تُشْرِكْ بِهِ شَيْئًا قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ إِذَا أَسَأْتَ فَأَحْسِنْ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ اسْتَقِمْ وليحسن خلقك" 1.
__________
1 قول ابن حبان في سنده: "المقبري" غلط، نبّه عليه الحافظ العراقي كما في هامش أصل "موارد الظمآن" وليس الراوي لهذا الحديث المقبري، وإنما هو سعيد بن أبي سعيد المهري، يُكنى أبا السميط، يرويه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو في ترجمته. رواه الخطيب في "المتفق والمفترق"، وقد جاء على الصواب عند غير المؤلف ممن خرّجه، وسعيد بن أبي سعيد المهري: ذكره البخاري في "تاريخه" 3/474، وابن أبي حاتم 4/32 فلم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلاً، وترجم له المصنف في "الثقات" 6/336، فقال: يروي عن أبيه، وإسحاق مولى زائدة، روى عنه أسامة بن زيد، وحرملة بن عمران، وأبوه من رجال "التهذيب"، يعرف بكنية، روى عنه جمع، وخرج له مسلم في "صحيحه"، وذكره المؤلف في "الثقات"، ووثّقه الإمام الذهبي في "الكاشف"، وباقي السند رجاله ثقات فالسند حسن.
وأخرجه الحاكم 1/54 و4/244، والطبراني في "الكبير" 20/58، وفي "الأوسط" ورقة 233، والدولابي في "الكنى والأسماء" 1/202 من طرق عن حرملة بن عمران التجيبي أن أبا السميط سعيد بن أبي سعيد المهري، حدّثه عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، بهذا الإسناد. وصحّحه الحاكم في الموضعين، ووافقه الذهبي! وقال الطبراني في "الأوسط": لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن المهري إلا حرملة بن عمران.(2/283)
ذِكْرُ الْعَلَامَةِ الَّتِي يَسْتَدِلُّ الْمَرْءُ بِهَا عَلَى إِحْسَانِهِ
525 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو قُدَيْدٍ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى أَكُونُ مُحْسِنًا قَالَ "إِذَا قَالَ جِيرَانُكَ أَنْتَ مُحْسِنٌ فَأَنْتَ مُحْسِنٌ وَإِذَا قَالُوا إنك مسيء فأنت مسيء" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين غير عبد الله بن فضالة، وهو ثقة.
أبو وائل هو شقيق بن سلمة، وعبد الله هو ابن مسعود.
وأخرجه أحمد 1/402، وابن ماجة "4223" في الزهد: باب الثناء الحسن، والطبراني في "الكبير" "10433"، والبيهقي في "السُّنن" 10/125، وأبو نعيم في "الحلية" 5/43، والبغوي في "شرح السنُّة" "3490" من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد. وصححه البوصيري في "الزوائد" ورقة 268.
واقتصر الهيثمي في "المجمع" 10/217 على نسبته إلى الطبراني، وقال: ورجاله رجال الصحيح. ثم لم ينسبه لأحمد.(2/284)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَسْتَدِلُّ بِهِ الْمَرْءُ عَلَى إِحْسَانِهِ وَمَسَاوِئِهِ
526 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ لِي أَنْ أَعْلَمَ إِذَا أَحْسَنْتُ وَإِذَا أَسَأْتُ قَالَ "إِذَا سَمِعْتَ جِيرَانَكَ يَقُولُونَ قَدْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنْتَ وَإِذَا سَمِعْتَهُمْ يَقُولُونَ قَدْ أَسَأْتَ فَقَدْ أسأت" 1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير محمد بن عبد الأعلى فمن رجال مسلم، وهو مكرر ما قبله.(2/285)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ مَنْ رُجِيَ خَيْرُهُ وَأُمِنَ شَرُّهُ
527 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ فقَالَ رَجُلٌ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلَا يؤمن شره" 2. [1: 2]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "1247" من طريق الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/378، والترمذي "2263" في الفتن، عن قتيبة بن سعيد، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1246" من طريق ضرار بن صرد، كلاهما عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، بهذا الإسناد، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وضرار بن صرد ضعيف لكنه متابع بقتيبة.
وأخرجه أحمد 2/368 من طريق هيثم بن خارجة، عن حفص بن ميسرة الصنعاني، عن العلاء، به، وهذا إسناد صحيح.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/183 مع أنه ليس من شرطه، وقال: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح.
وفي الباب عن جابر عند القضاعي في "مسند الشهاب" "1248".(2/285)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ خَيْرِ النَّاسِ وَشَرِّهِمْ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِهِ
528 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ عَلَى نَاسٍ جُلُوسٍ فقَالَ "أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ قَالَ فَسَكَتُوا قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فقَالَ رَجُلٌ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنَا بِخَيْرِنَا مِنْ شَرِّنَا قَالَ خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ وَشَرُّكُمْ مَنْ لَا يرجى خيره ولا يؤمن شره" 1. [3: 66]
__________
1 هو مكرر ما قبله.(2/286)
ذِكْرُ بَيَانِ الصَّدَقَةِ لِلْمَرْءِ بِإرْشَادِ الضَّالِّ وَهِدَايَةِ غَيْرِ الْبَصِيرِ
529 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ نَوْفَلٍ بِمَرْوَ بِقَرْيَةِ سِنْجَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أبيهذكر بَيَانِ الصَّدَقَةِ لِلْمَرْءِ بِإرْشَادِ الضَّالِّ وَهِدَايَةِ غَيْرِ الْبَصِيرِ
[529] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ نَوْفَلٍ بِمَرْوَ بِقَرْيَةِ سِنْجَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّنْجِيُّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ أَبِيهِ(2/286)
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ لَكَ وَأَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرْشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرْضِ الضَّلَالَةِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ الْبَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الْحَجَرَ وَالشَّوْكَةَ وَالْعَظْمَ عَنِ الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفْرَاغُكَ مِنْ دَلْوِكَ فِي دَلْوِ أخيك لك صدقة" 1.
__________
1 حديث صحيح، وقد تقدم برقم "474" من طريق عبد الله الرومي، عن النضر بن محمد، به، وتقدم تخريجه هناك. قال الترمذي: وفي الباب عن ابن مسعود وجابر وحذيفة وعائشة وأبي هريرة.(2/287)
ذِكْرُ إِجَازَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الصِّرَاطِ مَنْ كَانَ وُصْلَةً لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي تَفْرِيجِ كُرْبَةٍ
530 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ وَجَمَاعَةٌ قَالُوا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ الْغَسَّانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ عُرْوَةَ بْنِ رُوَيْمٍ اللَّخْمِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مَنْ كَانَ وُصْلَةً لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ إِلَى ذِي سُلْطَانٍ فِي مَبْلَغِ بِرٍّ أَوْ تَيْسِيرِ عُسْرٍ أَجَازَهُ اللَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ يَوْمَ الْقِيَامَةَ عِنْدَ دَحْضِ الْأَقْدَامِ" 2. لَفْظُ الْخَبَرِ لِابْنِ قُتَيْبَةَ قاله الشيخ.
__________
2 إسناده ضعيف جداً، إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني، وثقه ابن حبان 8/79، فقال الذهبي في "الميزان": إبراهيم بن هشام أحد المتروكين الذين مشاهم ابن حبان، فلم يُصِب، وأقره ابن حجر في "اللسان" 6/258. وكذبه أبو زرعة وأبو حاتم.
وأخرجه الطبراني في "الصغير" 1م161 عن داود بن السرح الرميلي، والقضاعي في "مسند الشهاب" "530" من طريق محمد بن الفيض الغساني، و"531" من طريق أحمد بن إبراهيم بن هشام، و"532" من طريق جعفر الفريابي، كلهم عن إبراهيم بن هشام الغساني، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 8/191، وقال: رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، وفيه إبراهيم بن هشام الغساني، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه أبو حاتم وغيره.
وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" ص 824، وزاد نسبته إلى الخرائطي في "مكارم الأخلاق"، وابن عساكر.
وفي الباب عن ابن عمر عند ابن حبان في "الثقات" 8/409، 410، والبيهقي في "السُّنن" 8/167 من طريق العباس بن الوليد بن مرثدن عن أبيه، عن عبد الوهاب بن هشام بن الغاز، عن أبيه هشام، عن نافع، عن ابن عمر. وعبد الوهاب بن هشام بن الغاز، قال أبو حاتم: كان يكذب. ومع ذلك ذكره ابن حبان في "ثقاته" 8/409، 410، قال ابن حجر في "اللسان" 4/93: وهذه مباينة عظيمة من أبي حاتم "يعني ابن حبان".(2/287)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ بِالتَّشَفُّعِ إِلَى مَنْ بِيَدِهِ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ
531 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ أَبُو عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عن بن أبي بردة عن أبيه1
__________
1 كذا عندنا، وهو ما ورد عند أحمد 4/400و 413، وأبي داود "5131"، وجاء عند أحمد أيضاً والبخاري وغيرهما: "عن جده" بدل "عن أبيه".
وابن أبي بردة هو بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بن أبي موسى الأشعري، وسيذكره المؤلف.(2/288)
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنِّي أُوتَى فَأُسْأَلُ وَيُطْلَبُ إِلَيَّ الْحَاجَةُ وَأَنْتُمْ عِنْدِي فَاشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ أو ما شاء" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أحمد بن عبدة الضبي فمن رجال مسلم، وقد صرح المقدمي بالتحديث، فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "620" من طريق عمر بن شبة، عن عمر بن علي المقدمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "5131" في الأدب: باب في الشفاعة، عن مسدد، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/400 عن وكيع، و4/413 عن محمد بن عبيد، كلاهما عن ابن أبي بردة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/409، والبخاري "6027" في الأدب: باب تعاون المؤمنين بعضهم بعضاً، وأبو داود "5133"، والنسائي 5/77، 78 في الزكاة: باب الشفاعة في الصدقة، من طرق عن سفيان الثوري، عن ابن أبي بردة، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى.
وأخرجه البخاري "1432" في الزكاة: باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها، ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب" "619" من طريق عبد الواحد بن زياد، والبخاري "6028" في الأدب: باب قول الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا} ،
و" 7476" في التوحيد: باب في المشيئة والإرادة، والترمذي "2672" في العلم: باب ما جاء الدال على الخير كفاعله، والبيهقي في "السُّنن" 8/167، والقضاعي "621" من طريق أبي أسامة، ومسلم "2627" في البر والصلة: باب استحباب الشفاعة فيما ليس بحرام، من طريق ابن مسهر وابن غياث، كلهم عن بريد، عن جده أبي بردة، عن أبي موسى.(2/289)
قال الشيخ بن أَبِي بُرْدَةَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَرَادَ بِهِ بن بن أَبِي بُرْدَةَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَهُوَ بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أبي موسى الأشعري. [1: 67](2/290)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ بَذْلِ الْمَجْهُودِ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ
532 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أبو عاصم عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ
جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ "لَدَغَتْ رَجُلًا مِنَّا عَقْرَبٌ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْقِيهِ فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ" 1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي الزبير فمن رجال مسلم، وأخرج له البخاري مقروناً، وصرح ابن جريج هو وأبو الزبير بالسماع، وأبو عاصم: اسمه الضحاك بن مخلد.
وأخرجه أحمد 3/283، ومسلم "2199" في السلام: باب استحباب الرقية من العين والنملة والحمة والنظرة، والبيهقي في "السُّنن" 9/348 من طريق روح بن عبادة، عن ابن جريج، بهذا الإسناد. وهو في "مكارم الأخلاق" للخرائطي ص 90.
وأخرجه أحمد 3/334 من طريق الليث بن سعد، و3/393 من طريق ابن الهيعة، كلاهما عن أبي الزبير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/302، ومسلم "2199" "62" و"63" من طريق وكيع وجرير وأبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جابر. وفي الحديث استحباب الرقى بما كان معناه مفهوماً مشروعاً كالتعوذ بالقرآن وأسماء الله تعالى، والرقى الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم، والأدعية المنضبطة بقيود الشريعة. وأما الرقى بألفاظ غير عربية مما لا تعرف له ترجمة ولا يمكن الوقوف عليه، فلا يجوز استعماله، كما صرح به الخطابي والبيهقي وغيرهما من أهل العلم، ومثله في عدم الجواز "الحجب" التي يكتبها المرتزقة، وفيها رموز وحروف مقطعة لا يدرى معناها، وهي على الأغلب مما وضعه أعداء الإسلام لتشويه حقيقة الإسلام وحجبه عن الجهلة من أبنائه. فقد جاء في رواية لمسلم وأحمد 3/202 و315 من طريق أبي سفيان، عن جابر قال: كان لي خال يرقي من العقرب، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، قال: فأتاه، فقال: يا رسول الله إنك قد نهيت عن الرقى، وأنا أرقي من العقرب، فقال: من استطاع ... ، وفي رواية أخرى من هذا الوجه: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى، فجاء آل عمرو بن حزم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا يا رسول الله إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب، وإنك نهيت عن الرقى، قال: فعرضوها عليه، فقال: ما أرى بأساً، من استطاع ... ولابن ماجة "3515" فقال لهم: اعرضوا علي، فعرضوها عليه، فقال: لا بأس بهذه، هذه مواثيق، ففي هذه الروايات لم يُبح لهم صلى الله عليه وسلم الرقية إلا بعد أن اطلع على صفتها، ووقف على حقيقتها، وعلم أنها مما توافق الشرع ولا تخالفه.(2/290)
كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ الله يوم القيامة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، ليث: هو ابن سعد، وعُقيل -بضم العين- هو ابن خالد بن عَقيل -بفتح العين - الأيلي.
وأخرجه مسلم "2580" في البر والصلة: باب تحريم الظلم، وأبو داود "4893" في الأدب: باب المؤاخاة، والترمذي "1426" في الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم، والبغوي في "شرح السنُّة" "3518"، من طريق قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/91 عن حجاج، والبخاري "2442" في المظالم: باب لا يطلم المسلم المسلم ولا يسلمه، و"6951" في الإكراه: باب يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه إذا خاف عليه القتل أو نحوه، والبيهقي في "السُّنن" 6/94 و8/330 من طريق يحيى بن بكير، كلاهما عن ليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وقوله "المسلم أخو المسلم ... " في الباب عن أبي هريرة عند مسلم "2564" في البر والصلة: باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره، والبغوي في "شرح السنُّة" "3549".(2/292)
ذِكْرُ تَفْرِيجِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْكَرْبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّنْ كَانَ يُفَرِّجُ الْكَرْبَ فِي الدُّنْيَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ
534 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ وَأَبِي سُورَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "من سَتَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا والآخرة ومن فرج عن مسلمذكر تَفْرِيجِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْكَرْبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّنْ كَانَ يُفَرِّجُ الْكَرْبَ فِي الدُّنْيَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ
[534] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ بِعُكْبَرَا قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ وَأَبِي سُورَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَنْ سَتَرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ(2/292)
كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كان العبد في عون أخيه" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو سورة هذا الذي قرنه بمحمد بن واسع لم أتبينه.
وأخرجه أحمد 2/252، ومسلم "2699" في الذكر والدعاء: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، وأبو داود "4946" في الأدب: باب في المعونة للمسلم، وابن ماجة "225" في المقدمة: باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، والبغوي في "شرح السنُّة" "127"، من طريق أبي معاوية وجرير وابن نمير، والترمذي "1425" في الحدود: باب ما جاء في الستر على المسلم، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/17 من طريق أبي عوانة، ومسلم "2699" أيضاً، والترمذي "2945" في القراءات، من طريق أبي أسامة، وأبو نعيم في "الحلية" 8/119 من طريق فضيل بن عياض، كلهم عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "4946" أيضاً، والترمذي "1425" في الحدود، و"1930" في البر والصلة: باب ما جاء في السترة على المسلم من طريق أسباط بن محمد، عن الأعمش قال: حدثت عن أبي صالح، به، قال الترمذي: وكأن هذا أصح من الحديث الأول. يعني الذي رواه أبو معاوية وأبو عوانة وغير واحد ممن ذكر آنفاً، عن الأعمش، عن أبي صالحن ولم يذكروا فيه: حديث عن أبي صالح.
وأخرجه أحمد 2/500 من طريق حزم، عن محمد بن واسع، عن بعض أصحابه، عن أبي صالح، به.
وأخرجه أحمد 2/514 من طريق هشام، عن محمد بن المنكدر، عن أبي صالح، به.(2/293)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ الْإقْبَالُ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالْقِيَامُ بِأُمُورِهِمْ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ مِثْلِهِ مَوْجُودًا مِنْهُ فِي غَيْرِهِمْ
535 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن عمرذكر مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ الْإقْبَالُ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَالْقِيَامُ بِأُمُورِهِمْ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ مِثْلِهِ مَوْجُودًا مِنْهُ فِي غَيْرِهِمْ
[535] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ(2/293)
الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قالت أنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} في بن أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى قَالَتْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرْشِدْنِي قَالَتْ وَعِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ عُظَمَاءِ الْمُشْرِكِينَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرِضُ عَنْهُ وَيُقْبِلُ عَلَى الْآخَرِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَا فُلَانُ أَتَرَى بِمَا أَقُولُ بأسا فيقول لا فنزلت: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} 1. [5: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن عمر الجعفي فهو من رجال مسلم.
وأخرجه الترمذي "3331" في التفسير: باب ومن سورة عبس، والحاكم 2/514 من طريق سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، عن أبيه، عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حديث غريب، وقال: وروى بعضهم هذا الحديث عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أنزل على ابن أم مكتوم، ولم يذكر فيه عن عائشة. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، فقد أرسله جماعة عن هشام بن عروة.
قلت: رواه مرسلاً مالك في "الموطأ" 1/207، وصوب الإمام الذهبي كونه مرسلاً. وانظر "الدر المنثور" 6/314.(2/294)
ذِكْرُ رَجَاءِ الْغُفْرَانِ لِمَنْ نَحَّى الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ
536 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ عن سمي عن أبي صالحذكر رَجَاءِ الْغُفْرَانِ لِمَنْ نَحَّى الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ
[536] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ(2/294)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَذَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَجَلُّ مِنْ أَنْ يشكر عبيده
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وسُمَي: هو مولى أبي بكر عبد الرحمن المخزومي. وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" "384" و"4146" من طريق أحمد بن أبي بكر، عن مالك، بهذا الإسناد.
وهو عند مالك في "الموطأ" 1/131 باب ما جاء في العتمة والصبح، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/533، والبخاري "652" في الأذان: باب فضل التهجير إلى الظهر، و"2472" في المظالم: باب من أخذ الغصن وما يؤذي الناس في الطريق فرمى به، ومسلم "1914" في الإمارة: باب بيان الشهداء، و4/2021 "1914" أيضاً في البر والصلة: باب ما جاء في إماطة الأذى عن الطريق. وعندهم "فأخره" بدل "فأخذه" وهو الوارد في الروايات التالية.
وأخرجه ابن ماجة "3682" في الأدب: باب إماطة الأذى عن الطريق، من طريق ابن نمير، عن الأعمش، عن أبي صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "1134"، وأحمد 2/286 و341 و404 من طرق عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/485 عن عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر العقدي، عن زهير، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الجهني، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وسيورده برقم "540" من طريق زيد بن أسلم، عن أبي صالح، به، وبرقم "538" من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي هريرة، وبرقم "539" من طريق عبد الرحمن بن حجيرة، عن أبي هريرة.(2/295)
إذ هو البادىء بِالْإحْسَانِ إِلَيْهِمْ وَالْمُتَفَضِّلُ بِإتْمَامِهَا عَلَيْهِمْ وَلَكِنَّ رِضَا اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِعَمَلِ الْعَبْدِ عَنْهُ يَكُونُ شُكْرًا مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى ذَلِكَ الفعل. [1: 2](2/296)
ذِكْرُ رَجَاءِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ نَحَّى الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ
537 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ" 1. [3: 6]
__________
1 هو مكرر ما قبله.(2/296)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي نَحَّى غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا غَيْرَهُ
538 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْكَتَّانِيُّ بِالْأُبُلَّةِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ من الخير إلا غصن شوك كانذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي نَحَّى غُصْنَ الشَّوْكِ عَنِ الطَّرِيقِ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا غَيْرَهُ
[538] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ الْكَتَّانِيُّ بِالْأُبُلَّةِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا غُصْنُ شَوْكٍ كَانَ(2/296)
عَلَى الطَّرِيقِ كَانَ يُؤْذِي النَّاسَ فَعَزَلَهُ فَغُفِرَ له" 1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. رجاله ثقات رجال الشيخين غير الحسن بن محمد بن الصباح، فمن رجال البخاري أبو معاوية. هو الضرير- واسمه محمد بن خازم- ثقة، من أحفظ الناس لحديث الأعمش، روى له جماعة.
وأخرجه أحمد 2/286 عن حماد بن أسامة، و2/439 عن ابن نمير، كلاهما عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، به. فانظر تخريجه ثمت.(2/297)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ لِذَلِكَ الْفِعْلِ
539 - أخبرنا بن قتيبة حدثنا بحر بن نصر أخبرنا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ دَرَّاجًا أَبَا السمح حدثه عن بن حُجَيْرَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "غُفِرَ لِرَجُلٍ أَخَذَ غُصْنَ شَوْكٍ عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ ذَنْبُهُ ما تقدم من ذنبه وما تأخر" 2. [3: 6]
__________
2 إسناده حسن، وعمرو بن الحارث هو ابن يعقوب الأنصاري مولاهم المصري، ثقة فقيه، روى له الجماعة، وابن حجيرة: اسمه عبد الرحمن. وانظر ما قبله.(2/297)
ذِكْرُ رَجَاءِ الْغُفْرَانِ لِمَنْ أَمَاطَ الْأَذَى عَنِ الْأَشْجَارِ وَالْحِيطَانِ إِذَا تَأَذَّى الْمُسْلِمُونَ بِهِ
540 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ بن عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صالحذكر رَجَاءِ الْغُفْرَانِ لِمَنْ أَمَاطَ الْأَذَى عَنِ الْأَشْجَارِ وَالْحِيطَانِ إِذَا تَأَذَّى الْمُسْلِمُونَ بِهِ
[540] أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ بن عَجْلَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ(2/297)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الطَّرِيقِ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ فَأَلْقَاهُ وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ يُرِيدُ بِهِ سِوَى الإسلام. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن على شرط مسلم، غير ابن عجلان - وهو محمد - فقد أخرج له مسلم متابعة، وهو صدوق.
وأخرجه أبو داود "5245" في الأدب: باب في إماطة الأذى عن الطريق، عن عيسى بن حماد، بهذا الإسناد.
وتقدم برقم "537" و"537" من طريق أبي صالح، وبرقم "538" من طريق عروة، وبرقم "539" من طريق ابن حجيرة، ثلاثتهم عن أبي هريرة.
2 العنوان وشيخ ابن حبان مطموس في "الإحسان"، واستدرك من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 278.(2/298)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْمَرْءِ أَنْ يُمِيطَ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ إِذْ هُوَ مِنَ الْإِيمَانِ
541 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ2 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَمْعَةَ عَنْ أَبِي الْوَازِعِ
عَنْ أَبِي بَرْزَةَ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عمل
__________
2 العنوان وشيخ ابن حبان مطموس في "الإحسان"، واستدرك من "التقاسيم والأنواع" 1/لوحة 278.(2/298)
أَنْتَفِعُ بِهِ قَالَ "نَحِّ الْأَذَى عَنْ طَرِيقِ المسلمين" 1.
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ أَبَانُ بْنُ صَمْعَةَ هَذَا وَالِدُ عُتْبَةَ الْغُلَامِ2 وَأَبُو الْوَازِعِ اسْمُهُ جَابِرُ بْنُ عَمْرٍو وأبو برزة اسمه نضلة بن عبيد. [1: 2]
__________
1 أبان بن صمعة ثقة، إلا أنه اختلط لَمَّا كبر، وباقي رجاله ثقات على شرط مسلم. وهو في مصنف ابن أبي شيبة 9/28، ومن طريقه أخرجه ابن ماجة "3681" في الأدب: باب إماطة الأذى عن الطريق.
وأخرجه ابن ماجة "3681" أيضاً عن علي بن محمد، عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2618" "131" في البر والصلة: باب فضل إزالة الأذى عن الطريق، من طريق يحيى بن سعيد، عن أبان بن صمعة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أيضاً "2618" "132" من طريق أبي بكر بن شعيب بن الحبحاب، عن أبي الوازع، به.
وصححه الضياء في "المختارة".
2 في "تهذيب الكمال"2/12 صدره بصيغة التمريض.(2/299)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ لِمَنْ سقى كل ذات كبد حرى
542 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ قَالَ حَدَّثَنَا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ
أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الضَّالَّةُ تردذكر إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأَجْرَ لِمَنْ سَقَى كل ذات كبد حرى
[542] أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ قَالَ حَدَّثَنَا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ
أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ جُعْشُمٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الضَّالَّةُ ترد(2/299)
عَلَى حَوْضِي فَهَلْ فِيهَا أَجْرٌ إِنْ سَقَيْتُهَا قَالَ "اسْقِهَا فَإِنَّ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ حرى أجر" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، حرملة: هو ابن يحيى بن عبد الله بن حرملة بن عمران التجيبي المصري، ويونس: هو ابن يزيد الأيلي، وابن شهاب: هو محمد بن مسلم الزهري، ومحمود بن الربيع صحابي صغير، وجل روايته عن الصحابة.
وأخرجه أحمد 4/175، وابن ماجة "3686" في الأدب: باب فضل صدقة الماء، من طريق محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك بن جعشم، عن أبيه، عن عمه سراقة.
وسنده حسن في الشواهد. وعبارة "عن عمه" تحرفت في مطبوع ابن ماجة إلى "عن جده". وجاءت على الصواب في "الزوائد" الورقة 328.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "6598" من طريق الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك بن جعشم، عن عمه سراقة.
وأخرجه الطبراني "6600"، والحاكم 3/619 من طريق يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه كعب بن مالك، عن سراقة. وقوله: "عن عبد الله" لعل الصواب "عن عبد الرحمن".
وأخرجه عبد الرزاق "19692"، ومن طريقه أحمد 4/175، والطبراني "6587"، والبيهقي في "السُّنن" 4/186 عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن سراقة.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "112" من طريق سفيان، عن الزهري، عن ابن سراقة أو غيره، عن سراقة.
وقوله: "إن في كل كبد حَرّى أجر" قال في "النهاية": الحَرّى: فَعْلى من الحر، وهي تأنيث حَرّان، وهما للمبالغة، يريد أنها لشدة حَرِّها قد عطشت ويبست من العطش، والمعنى أنَّ في سقي كل ذي كبد حَرَّى أجراً. وقيل: أراد بالكبد الحَرَّى حياة صاحبها، لأنه إنما تكون كبده حَرّى إذا كان فيه حياة، يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان، ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر "في كل كبد حارَّة أجر". وقوله: "أجر" كذا في الأصل و"التقاسيم" 1/لوحة 231، والجادة "أجراً"، وما هنا له وجه في العربية.
وفي الباب عن أبي هريرة سيرد برقم "544".
وعن عبد الله بن عمرو عند أحمد 2/222، والقضاعي في "مسند الشهاب" "114"، وذكره الهيثمي في "المجمع" 3/131، وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.(2/300)
ذِكْرُ رَجَاءِ دُخُولِ الْجِنَانِ لِمَنْ سَقَى ذَوَاتَ الْأَرْبَعِ إِذَا كَانَتْ عَطْشَى
543 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ قَالَ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم وزيد عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال "دَنَا رَجُلٌ إِلَى بِئْرٍ فَنَزَلَ فَشَرِبَ مِنْهَا وَعَلَى الْبِئْرِ كَلْبٌ يَلْهَثُ فَرَحِمَهُ فَنَزَعَ إِحْدَى خُفَّيْهِ فَغَرَفَ لَهُ فَسَقَاهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فأدخله الجنة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الصحيح غير ابن عجلان، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق.
وأخرجه البخاري "173" في الوضوء: باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان، من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، بهذا الإسناد.
وسيرد بعده من طريق مالك، عن سمي، عن أبي صالح، به.(2/301)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ قَدْ يُرْجَى بِهِ تَكْفَيرُ الْخَطَايَا فِي الْعُقْبَى
544 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ بمنبجذكر الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْإِحْسَانَ إِلَى ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ قَدْ يُرْجَى بِهِ تَكْفَيرُ الْخَطَايَا فِي الْعُقْبَى
[544] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ بمنبج(2/301)
وَالْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَا أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْعَطَشُ فَوَجَدَ بِئْرًا فَنَزَلَ فِيهَا فَشَرِبَ ثُمَّ خَرَجَ فَإِذَا كَلْبٌ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ الْعَطَشِ فقَالَ الرَّجُلُ لَقَدْ بَلَغَ هَذَا الْكَلْبُ مِنَ الْعَطَشِ مِثْلَ الَّذِي بَلَغَ بِي فَنَزَلَ الْبِئْرَ فَمَلَأَ خُفَّهُ مَاءً ثُمَّ أَمْسَكَهُ بِفِيهِ حَتَّى رَقِيَ فَسَقَى الْكَلْبَ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا فِي الْبَهَائِمِ لَأَجْرًا فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ" 1.
3 -
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البغوي في "شرح السنُّة" من طريق أحمد بن أبي بكر، بهذا الإسناد. وهو عند مالك في "الموطأ" 2/929-930 باب جامع ما جاء في الطعام والشراب، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/375 و517، والبخاري "2363" في المساقاة: باب فضل سقي الماء، و"2466" في المظالم: باب الآبار التي على الطريق، و"6009" في الأدب: باب رحمة الناس والبهائم، وفي "الأدب المفرد" "378"، ومسلم "2244" في السلام: باب فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، وأبو داود "2550" في الجهاد: باب ما يؤمر به من القيام على الدواب البهائم، والبيهقي في "السُّنن" 4/185 و8/14، والقضاعي في "مسند الشهاب" "113".(2/302)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ تَعَاهُدِ الْمَرْءِ ذَوَاتَ الْأَرْبَعِ بِالْإحْسَانِ إِلَيْهَا
545 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بن المدينيذكر الزَّجْرِ عَنْ تَرْكِ تَعَاهُدِ الْمَرْءِ ذَوَاتَ الْأَرْبَعِ بِالْإحْسَانِ إِلَيْهَا
[545] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ(2/302)
قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ السَّلُولِيُّ
أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ الْأَنْصَارِيَّ أَنَّ عُيَيْنَةَ وَالْأَقْرَعَ سَأَلَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَأَمَرَ مُعَاوِيَةَ أَنْ يَكْتُبَ بِهِ لَهُمَا فَفَعَلَ وَخَتَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ بِدَفْعِهِ إِلَيْهِمَا فَأَمَّا عُيَيْنَةُ فقَالَ مَا فِيهِ فقَالَ فِيهِ مَا أُمِرْتُ بِهِ فَقَبَّلَهُ وَعَقَدَهُ فِي عِمَامَتِهِ وَأَمَّا الْأَقْرَعُ فقَالَ أَحْمِلُ صَحِيفَةً لَا أَدْرِي مَا فِيهَا كَصَحِيفَةِ الْمُتَلَمِّسِ1 فَأَخْبَرَ مُعَاوِيَةُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِمَا فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حاجته فمر ببعير مناخ على الباب الْمَسْجِدِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَهُوَ عَلَى حَالِهِ فقَالَ "أَيْنَ صَاحِبُ هَذَا الْبَعِيرِ" فَابْتُغِيَ فَلَمْ يُوجَدْ فقال
__________
1 قولهم: "صحيفة المتلمس" يضرب مثلاً للشيء يغر، يكون ظاهره خيراً وباطنه شراً، وذاك أن المتلمس -وهو جرير بن عبد المسيح الضبعي، شاعر جاهلي مشهور-هجا هو وطرفة بن العبد عَمرو بن هند ملك الحيرة، فكتب لهما كتابين إلى عامله في البحرين، أوهمهما أنه كتب لهما بجوائز، وهو إنما كتب إليه بقتلهما، فأما المتلمس ففضَّ الكتاب، وعرف ما فيه، فألقى كتابه في الماء، وقال لطَرَفة: أطعني وألق كتابك، فأبى طرفة، ومضى بكتابه، وأوصل الصحيفة، ففُصد من الأكحلين، فنزف حتى مات، فقال المتلمس:
من مُبْلغُ الشُعراءِ عن أَخَويهمُ ... بَبَأً فتَصْدُقُهُم بداك الأنفُسُ
أودى الذي عَلِقَ الصحيفةَ منهما ... ونَجَا حِذار خِبَائِه المُتَلَمِّسُ
انظر "جمهرة الأمثال" للعسكري 1/579-582، و"مجمع الأمثال" للميداني 1/399-401.(2/303)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اتَّقُوا اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهَائِمِ ارْكَبُوهَا صِحَاحًا وَكُلُوهَا سِمَانًا كَالْمُتَسَخِّطِ آنِفًا إِنَّهُ مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ الله تعالى عَنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ" أَرَادَ بِهِ عَلَى دَائِمِ الْأَوْقَاتِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ارْكَبُوهَا صِحَاحًا" كَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّاقَةَ الْعَجْفَاءَ الضَّعِيفَةَ يَجِبُ أن ينتكب رُكُوبُهَا إِلَى أَنْ تَصِحَّ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَكُلُوهَا سِمَانًا" دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّاقَةَ الْمَهْزُولَةَ الَّتِي لَا نِقْيَ لَهَا يستحب ترك نحرها إلى أن تسمن. [2: 49]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري غير صحابيه، فقد روى له أبو داود والنسائي.
وأخرجه أحمد 4/180، 181 عن علي بن المديني، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "1629" في الزكاة: باب من يعطى من الصدقة، عن عبد الله بن محمد النفيلي، عن مسكين، عن محمد بن المهاجر، عن ربيعة بن يزيد، بهذا الإسناد. وهو إسناد قوي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "5620" من طريق عمر بن عبد الواحد بن جابر، عن ربيعة بن يزيد، به. وسيعيده المؤلف برقم "3385".(2/304)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْإِحْسَانِ إِلَى ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ رَجَاءَ النَّجَاةِ فِي الْعُقْبَى بِهِ
546 - أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيُّ بِحَلَبَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ" 1.
أَخْبَرْنَاهُ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فِي عَقِبِهِ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله عن سعيد المقبري عن
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الأعلى: هو ابن عبد الأعلى البصري السامي. وأخرجه البخاري "3318" في بدء الخلق: باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ومسلم "2242" في السلام: باب تحريم قتل الهرة، و4/2022 في البر والصلة: باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي، كلاهما عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2336" في المساقاة: باب فضل سقي الماء، وفي "الأدب المفرد" "379"، ومسلم "2242" أيضاً، والدارمي 2/330، 331، والبيهقي في "السُّنن" 5/214 و8/13 من طريق مالك، والبخاري "3482" في أحاديث الأنبياء: باب 54، ومسلم "2242" في السلام، و 4/2022 في البر والصلة، من طريق جويرية بن أسماء، كلاهما عن نافع، بهذا الإسناد.
وخشاش الأرض: هوامُّها وحشراتها، الواحدة: خشاشة. وفي رواية: "من خشيشها" وهي بمعناه، قاله ابنُ الأثير في "النهاية".(2/305)
أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بمثله"1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرطهما، وأخرجه البخاري "3318" في بدء الخلق: باب إذا وقع الذباب في إناء أحدكم، ومسلم "2242" في السلام: باب تحريم قتل الهرة، و4/2044 في البر والصلة: باب تحريم تعذيب الهرة ونحوها من الحيوان الذي لا يؤذي، كلاهما عن نصر بن علي الجهضمي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/261 من طريق أبي سلمة، و2/457و 467 و479 من طريق محمد بن زياد، و2/501 من طريق موسى بن سيار، والأعرج و2/507 من طريق ابن سيرين، و2/269، ومسلم "2619" 4/2110 في التوبة: باب سعة رحمة الله تعالى، وابن ماجة "4256" في الزهد: باب ذكر التوبة، والبغوي في "شرح السنُّة" "4184"، من طريق حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وأحمد 2/317، ومسلم "2619" في البر والصلة: باب تحريم تعذيب الهرة وغيرها من الحيوان الذي لا يؤذي، والبيهقي في "السُّنن" 8/14 من طريق همام بن منبه، والبغوي "1670" من طريق عروة، كلهم عن أبي هريرة، به.(2/306)
12- بَابُ الرِّفْقِ
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الرِّفْقِ لِلْمَرْءِ فِي الْأُمُورِ إِذِ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا يُحِبُّهُ
547 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ الْحِزَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يحب الرفق في الأمر كله" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير إبراهيم بن المنذر الحزامي فمن رجال البخاري، معن بن عيسى: هو ابن يحيى الأشجعي، ثقة ثبت مأمون، وهو -فيما قاله أبو حاتم- أثبت أصحاب مالك وأتقنهم.
وأخرجه الطبراني في "الصغير" 1/154، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1063" من طريق سلمة بن العيار، وأبي مصعب، وعبد الأعلى بن مسهر، عن مالك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/85، وابن ماجة "3689" في الأدب: باب في الرفق، من طريق محمد بن مصعب والوليد بن مسلم، والدارمي 2/323 عن محمد بن يوسف، كلاهما عن الأوزاعي، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "19460" ومن طريقه أحمد 6/199، ومسلم "2165" في السلام: باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "383"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3314" عن معمر، وأخرجه البخاري "6024" في الأدب: باب الرفق في الأمر كله، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "382" من طريق صالح بن كيسان، والبخاري "6256" في الاستئذان: باب كيف الرد على أهل الذمة بالسلام، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "384" من طريق شعيب، والبخاري "6395" في الدعوات: باب الدعاء على المشركين، من طريق معمر، و"6927" في استتبابة المرتدين: باب إذا عَرَّض الذمي أو غيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح، ومسلم "2165"أيضاً، والترمذي "2710" في الاستئذان: باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" "381"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1065" من طريق ابن عيينة، كلهم عن الزهري، بهذا الإسناد.
وانظر التعليق على الحديث المتقدم برقم "502".(2/307)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ مَا رَوَى مَالِكٌ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ وَرَوَى الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَرْبَعَةَ أحاديث. [1: 2](2/308)
ذِكْرُ الِاسْتِدْلَالِ عَلَى حِرْمَانِ الْخَيْرِ فِيمَنْ عَدِمَ الرِّفْقَ فِي أُمُورِهِ
548 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هلال
عن جرير عم النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَنْ يحرم الرفق يحرم الخير" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم يحيى بن سعيد: هو القطان وأخرجه أحمد 4/362 عن يحي القطان بهذا الإسناد. وأخرجه مسلم "2592" "74" في البر والصلة: باب فضل الرفق، عن محمد بن المثنى، عن يحيى القطان، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/510، وأحمد 4/366، والبخاري في "الأدب المفرد" "463"، ومسلم "2592" "75"، وأبو داود "4809" في الأدب: باب في الرفق، وابن ماجة "3687" في الأدب: باب الرفق، والطبراني في "الكبير" "2449" و"2450" "2451" و"2452" و"2453"، من طرق عن الأعمش، عن تميم بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/511، و511، 512، ومسلم "2592" "76"، والطبراني في "الكبير" "2454" و"2455" من طرق عن محمد بن أبي إسماعيل، عن عبد الرحمن بن هلال، بهذا الإسناد.(2/308)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعِينُ عَلَى الرِّفْقِ بِأَنْ يُعْطِي عَلَيْهِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ
549 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بعسكر مكرم قال حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَفْصٍ الْأُبُلِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يعطي على العنف" 1. [1: 2]
__________
1 حديث صحيح، أبو بكر بن عياش ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه ابن ماجة "3688" في الأدب: باب في الرفق، عن إسماعيل بن حفص الأيلي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 8/306 من طريق الحسين بن علي الأيلي، عن الأعمش، به.
وأخرجه البزار "1964" عن أحمد بن منصور بن سيار، عن عبد الله بن سلمة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ الزهري، عن عروة، عن أبي هريرة. قال الهيثمي في "المجمع" 8/18: فيه عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني، وهو ضعيف.
قلت: يتقوى الحديث بطريقيه، ويشهد له حديث عائشة "547" المتقدم، والآتي برقم "552".
وحديثُ عبد الله بن مغفل عند ابن أبي شيبة 8/512، وأحمد 4/78، والبخاري في "الأدب المفرد" "472"، وأبي داود "4807" في الأدب: باب في الرفق، والدارمي 2/323.
وحديث علي بن أبي طالب عند أحمد 1/112، والبخاري في "التاريخ الكبير" 1/308، والبزار "1960"، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 1/336. قال الهيثمي في "المجمع" 8/18: رواه أحمد أبو يعلى والبزار، وأبو خليفة لم يضعفه أحد، وبقية رجاله ثقات.
وحديث أنس عند الطبراني في "الصغير" 1/81، 82، والبزار "1961" و"1962". قال الهيثمي في "المجمع" 8/18: وأحد إسنادي البزار ثقات.
وحديث ابن عباس في "أخبار أصبهان" 2/254.
وحديث خالد بن معدان عند ابن أبي شيبة 8/512، أورده الهيثمي في "المجمع" 8/18، 19، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.
وحديث جرير بن عبد الله عند الطبراني في "الكبير" "2273".قال الهيثمي في "المجمع" 8/18: ورجاله ثقات.(2/309)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرِّفْقَ مِمَّا يُزَيِّنُ الْأَشْيَاءَ وَضِدَّهُ يُشِينُهَا
550 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يبدو إلى هذهذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الرِّفْقَ مِمَّا يُزَيِّنُ الْأَشْيَاءَ وَضِدَّهُ يُشِينُهَا
[550] أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَرِيكٌ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْدُو إِلَى هَذِهِ(2/310)
التِّلَاعِ1 وَقَالَ لِي "يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ الرِّفْقَ لَمْ يَكُنْ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا زَانَهُ ولا نزع من شيء إلا شانه" 2. [1: 2]
__________
1 في غريب الحديث 4/2: قال الأصمعي: أما التلاع فإنها مجاري أعلى الأرض إلى بطون الأودية، واحدتها تلعة، وكان أبو عبيد يقول: التلعة قد تكون ما ارتفع من الأرض، وتكون ما انحدر، وهذا عنده من الأضداد.
2 حديث صحيح، شريك النخعي وإن كان سَيِّئ الحفظ قد تابعه عليه غير واحد، كما سيأتي.
وأخرجه أبو داود "2478" في الجهاد: باب ما جاء في الهجرة وسكنى البدو، و"4808" في الأدب: باب في الرفق، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 8/510، ومن طريقه أبو داود "2478" و"4808" أيضاً، وأخرجه أحمد 6/85 و206 و222، من طرق عن شريك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/112 من طريق إسماعيل، و6/125 و171 ومسلم "2594" "78" و"79" في البر والصلة: باب فضل الرفق، والبخاري في "الأدب المفرد" "469" و"475"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3493"، من طريق شعبة، والبزار "1966" من طريق رقبة بن مصقلة، ثلاثتهم عن المقدام بن شريح، بهذا الإسناد. وفي رواية مسلم بيان السبب الذي قيل من أجله الحديث، وهو أن عائشة ركبت بعيراً، فكان فيه صعوبة، فجعلت تردده، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليك بالرفق.
وقولها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو إلى التلاع" أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "580" عن محمد بن الصباح، عن شريك، به.(2/311)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِلُزُومِ الرِّفْقِ فِي الْأَشْيَاءِ إِذْ دَوَامُهُ عَلَيْهِ زِينَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
551 - أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ قَالَ حدثناذكر الْأَمْرِ بِلُزُومِ الرِّفْقِ فِي الْأَشْيَاءِ إِذْ دَوَامُهُ عَلَيْهِ زِينَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
[551] أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ قَالَ حَدَّثَنَا(2/311)
نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ الْبَذَشِيُّ الْقُومِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ وَلَا كَانَ الْفُحْشُ فِي شَيْءٍ قط إلا شانه" 1 [1: 89]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير نوح بن حبيب، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة.
وأخرجه عبد الرزاق "20145"، ومن طريقه البخاري في "الأدب المفرد" "601"، والترمذي "1974" في البر والصلة: باب ما جاء في الفحش والتفحش، وابن ماجة "4185" في الزهد: باب الحياء، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "77"، البغوي في "شرح السنُّة" "3596" عن معمر، عن ثابت، عن أنس، وعندهم "ما كان الحياء ... " بدل "الرفق".
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" "466" عن أحمد بن عبيد الله الغداني، عن كثير بن أبي كثير، عن ثابت، عن أنس.
وأخرجه البزار "1963" عن سهل بن بحر، عن معلى بن أسد، عن كثير بن حبيب الليثي، عن ثابت، عن أنس،. قال الهيثمي في "المجمع" 8/18: فيه كثير بن حبيب، وثقه ابن أبي حاتم، وفيه لين: وبقية رجاله ثقات.(2/312)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ الرفق في جميع أسبابه
552 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا بن وهب قال أخبرني حيوة عن بن الْهَادِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ يحبذكر مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ الرِّفْقِ في جميع أسبابه
[552] أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا بن وهب قال أخبرني حيوة عن بن الْهَادِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ يحب(2/312)
الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سواه" 1. [3: 68]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. ابن الهاد: هو يزيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ الليثي، وأخرجه مسلم "2593" في البر والصلة: باب فضل الرفق، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة" "3492"، عن حرملة بن يحيى، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أبي هريرة تقدم برقم "549"، فانظره، وذكرت أحاديث الباب ثمت.(2/313)
ذِكْرُ دُعَاءِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ رَفَقَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي أُمُورِهِمْ مَعَ دُعَائِهِ عَلَى مَنِ اسْتَعْمَلَ ضِدَّهُ فِيهِمْ
553 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بن يحيى قال حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ قَالَ:
أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ فَقَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا "اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمَرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ به" 2. [5: 12]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أحمد 6/93 عن هارون بن معروف، ومسلم "1828" في الإمارة: باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية، ومن طريقه البغوي في "شرح السنُّة" "2471" عن هارون بن سعيد الأيلي، وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 10/136 من طريق هارون بن سعيد الأيلي، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/257 و258، ومسلم "1828" أيضاً، والبيهقي في "السُّنن" 9/43 من طريق جرير بن حازم، عن حرملة بن عمران، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 6/62 عن وكيع، عن جعفر بن برقان، عن عبد الله البهي، عن عائشة.
وأخرجه أحمد 6/260 عن محمد بن ربيعة، عن جعفر بن برقان، عن عبد الله المديني، وغيره، عن عائشة.(2/313)
13- بَابُ الصُّحْبَةِ وَالْمُجَالَسَةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ لَا يَصْحَبَ إِلَّا الصَّالِحِينَ وَلَا يُنْفِقْ إِلَّا عَلَيْهِمْ
554 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا حِبَّانُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ غَيْلَانَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ حَدَّثَهُ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ "لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يأكل طعامك إلا تقي" 1. [1: 63]
__________
1 إسناده حسن، الوليد بن قيس هو التجيبي المصري، ذكره المؤلف في "الثقات" 5/491، ووثقه العجلي ص 465، وروى عنه غير واحد، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الطيالسي "2213" عن عبد الله بن المبارك، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/38، وأبو داود "4832" في الأدب: باب مَنْ يؤمر أن يجالس، والترمذي "2395" في الزهد: باب ما جاء في صحبة المؤمن، والبغوي في "شرح السنُّة" "3484" من طرق عن ابن المبارك، به.
وأخرجه الدارمي 2/103، والحاكم في "المستدرك" 4/128 من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ، عن حيوة ابن شريح. بهذا الإسناد.
وسيعيده المؤلف برقم "555" و"560".(2/314)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَصْحَبَ الْمَرْءُ إِلَّا الصَّالِحِينَ وَيُؤْكِلْ1 طَعَامَهُ إِلَّا إِيَّاهُمْ
555 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الدُّولَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بن الْمُبَارَكِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ غَيْلَانَ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ قَيْسٍ2
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَا تَصْحَبْ إِلَّا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي" 3.] 2: 23]
__________
1 في "الإحسان": "ويأكل"، والتصويب من "التقاسيم والأنواع" 2/لوحة 114.
2 في الأصل و"التقاسيم" 2/لوحة 114: ابن أبي الوليد.
3 إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله.(2/315)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَرْءِ الصَّالِحِينَ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي اللُّحُوقِ بِأَعْمَالِهِمْ يَبْلُغُهُ فِي الْجَنَّةِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ
556 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الصامتذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَرْءِ الصَّالِحِينَ وَإِنْ كَانَ مُقَصِّرًا فِي اللُّحُوقِ بِأَعْمَالِهِمْ يَبْلُغُهُ فِي الْجَنَّةِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ
[556] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ هِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ(2/315)
عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْمَلَ كَعَمَلِهِمْ قَالَ "إِنَّكَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قَالَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ مَعَ من أحببت" 1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد 5/156 و166، وأبو داود "5126" في الأدب: باب إخبار الرجل بمحبته إياه، والدارمي 2/321، 322، والبخاري في "الأدب المفرد" "351" من طريق سليمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن أنس تقدم برقم "8"، وسيرد برقم "563" و"564" و"565".
وعن أبي موسى سيرد برقم "557".
وعن صفوان بن عسال سيرد برقم "562".
وعن ابن مسعود عند الطيالسي "253"، وأحمد 4/405، والبخاري "6168" و"6169" في الأدب: باب علامة الحب في الله، ومسلم "2640" في البر والصلة: باب المرء مع أحب.
وعن علي عند البزار "3596"، أورده الهيثمي في "المجمع" 10/280، ونسبه إلى البزار، وقال: فيه مسلم بن كيسان الملائي، وهو ضعيف.(2/316)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ خِطَابَ هَذَا الْخَبَرَ قُصِدَ بِهِ التَّخْصِيصُ دُونَ الْعُمُومِ
557 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل فقال: ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ خِطَابَ هَذَا الْخَبَرَ قُصِدَ بِهِ التَّخْصِيصُ دُونَ الْعُمُومِ
[557] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فقَالَ:(2/316)
يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ رَجُلًا يُحِبُّ الْقَوْمَ وَلَمَّا يَلْحَقْ بِهِمْ قَالَ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أحب" 1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله ثقات رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري.
وأخرجه أحمد 4/405 عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2641" في البر والصلة: باب المرء مع من أحب، عن أبي بكر بن أبي شيبة وأبي كريب، كلاهما عن أبي معاوية، به.
وأخرجه أحمد 4/395 و405 من طريق سفيان الثوري، و4/398، والبخاري "6170" في الأدب: باب علامة الحب في الله، من طريق ابن عيينة، وأحمد 4/392، ومسلم "2641"، والبغوي في "شرح السنُّة" "3478" من طريق محمد بن عبيد، ثلاثتهم عن الأعمش، بهذا الإسناد.(2/317)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ التَّبَرُّكُ بِالصَّالِحِينَ وَأَشْبَاهِهِمْ
558 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلًا بِالْجِعْرَانَةِ2 بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَعَهُ بِلَالٌ فَأَتَى
__________
2 الجعرانة: بكسر الجيم، وسكون العين المهملة، وتخفيف الراء، وقد تكسر العين وتشدد الراء مع كسر العين، وأما الجيم فمكسورة بلا خلاف، قال المرتضى في شرح القاموس: واقتصر على التخفيف في البارع، ونقله جماعة عن الأصمعي، وهو مضبوط كذلك في "المحكم" وقال الإمام الشافعي فيما نقله عنه صاحب العباب: المحدثون يخطئون في تشديدها، وكذلك قال الخطابي، وقال عياض: الجعرانة أصحاب الحديث يقولونه بكسر العين وتشديد الراء، وبعض أهل الإتقان والأدب يقولونه بتخفيفها، ويخطئون غيره، وكلاهما صواب مسموع، حكى القاضي إسماعيل بن إسحاق، عن علي بن المديني أن أهل المدينة يقولونه فيها وفي الحديبية بالتثقيل، وأهل العراق يخففونهما، ومذهب الأصمعي في الجعرانة التخفيف، وحكى أنه سمع من العرب من يثقلها.
والجعرانة بين الطائف ومكة على سعبة أميال من مكة، نزلها النبي صلى الله عليه وسلم لما قسم غنائم هوازن مرجعه من غزوة حنين، وأحرم منها بعمرة في ذي القعدة.(2/317)
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ فقَالَ أَلَا تُنْجِزُ لِي يَا مُحَمَّدُ مَا وَعَدْتَنِي فقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَبْشِرْ فقَالَ لَهُ الْأَعْرَابِيُّ لَقَدْ أَكْثَرْتَ عَلَيَّ مِنَ الْبُشْرَى قَالَ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي مُوسَى وَبِلَالٍ كَهَيْئَةِ الْغَضْبَانِ فقَالَ إِنَّ هَذَا قَدْ رَدَّ الْبُشْرَى فَاقْبَلَا أَنْتُمَا فَقَالَا قَبْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ1 ثُمَّ قَالَ لَهُمَا اشْرَبَا مِنْهُ وَأَفْرِغَا عَلَى وُجُوهِكُمَا أَوْ نُحُورِكُمَا فَأَخَذَا الْقَدَحَ فَفَعَلَا مَا أَمَرَهُمَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَادَتْنَا أُمُّ سَلَمَةَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ أَنْ أَفْضِلَا لِأُمِّكُمَا فِي إِنَائِكُمَا فَأَفْضَلَا لها منه طائفة" 2. [5: 9]
__________
1 زاد في رواية البخاري ومسلم: "فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه".
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو كريب هو محمد بن العلاء، وأبو أسامة هو حماد بن أسامة.
وأخرجه البخاري "4328" في المغازي: باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان، ومسلم "2497" في فضائل الصحابة: باب من فضائل أبي موسى الأشعري، كلاهما عن أبي كريب، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري مختصراً برقم "196" في الوضوء: باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة، عن أبي كريب، به.(2/318)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ التَّبَرُّكِ لِلْمَرْءِ بِعِشْرَةِ مَشَايِخِ أَهْلِ الدِّينِ وَالْعَقْلِ
559 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا بن الْمُبَارَكِ بِدَرْبِ الرُّومِ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عكرمة
عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "البركة مع أكابركم" 1.
__________
1 إسناده صحيح، عمرو بن عثمان: هو ابن سعيد بن كثير القرشي، وثقه النسائي وأبو داود والمؤلف ومسلمة بن القاسم، وقال أبو حاتم صدوق. ومن فوقه من رجال الشيخين وقد صرح الوليد بن مسلم بالتحديث.
وأخرجه الخطيب في "تاريخه" 11/165، والقضاعي في "مسند الشهاب" "36" من طريق عيسى بن عبد الله بن سليمان، والقضاعي "37" من طريق الخطاب بن عثمان، كلاهما عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد، وانظر "سير أعلام النبلاء"للذهبي 8/410.
وأخرجه الحاكم 1/62، وأبو نعيم في "الحلية" 8/171، 172 من طريق عبيد الله بن موسى، عن ابن المبارك، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم وأقره الذهبي.
وفي الباب عن أبي أمامة عند الطبراني "7895" ولفظه: "اشرب فإن البركة في أكابرنا فمن لم يرحم صغيرنا، ويجل كبيرنا، فليس منا".
وفي سنده علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف، وعن أنس عند البزار والطبراني في الأوسط بلفظ: "الخير في أكابرهم"، قال الهيثمي 8/15: وفي إسناد البزار نعيم بن حماد، وثقه جماعة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
قال المناوي في شرح الحديث: البركة مع أكابرهم المجربين للأمور، المحافظين على تكثير الأجور، فجالسوهم لتقتدوا برأيهم، وتهتدوا بهديهم، أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه، فيجب إجلالهم حفظاً لحرمة ما منحهم الحق سبحانه، وقال شارح الشهاب: هذا حث على طلب البركة في الأمور، والتبحبح في الحاجات بمراجعة الأكابر، لما خصوا به من سبق الوجود، وتجربة الأمور، وسالف عبادة المعبود، قال تعالى: {قَالَ كَبِيرُهُمْ} وكان في يد المصطفى صلى الله عليه وسلم سواك فأراد أن يعطيه بعض من حضر، فقال جبريل: كبر كبر، فأعطاه الأكبر، وقد يكون الكبير في العلم أو الدين، فيقدم على من هو أسن منه.(2/319)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه لم يحدث بن الْمُبَارَكِ هَذَا الْحَدِيثَ بِخُرَاسَانَ إِنَّمَا حَدَّثَ بِهِ بِدَرْبِ الرُّومِ فَسَمِعَ مِنْهُ أَهْلُ الشَّامِ وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي كُتُبِ ابْنِ الْمُبَارَكِ مَرْفُوعًا. [1: 2](2/320)
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُؤْثِرَ بِطَعَامِهِ وَصَحِبْتِهِ الْأَتْقِيَاءَ وَأَهْلَ الْفَضْلِ
560 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قال حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ سَمِعْتُ حَيْوَةَ بْنَ شُرَيْحٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ غَيْلَانَ أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ التُّجِيبِيَّ حَدَّثَهُ
أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "لَا تُصَاحِبْ إِلَّا مُؤْمِنًا وَلَا يأكل طعامك إلا تقي" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده حسن، وقد تقدم برقم "554" و"555".(2/320)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الدِّينِ دُونَ أَضْدَادِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
561 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بردةذكر الْأَمْرِ بِمُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ وَأَهْلِ الدِّينِ دُونَ أَضْدَادِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
[561] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ(2/320)
عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَمَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَحَامِلِ الْمِسْكِ وَنَافِخِ الْكِيرِ فَحَامِلُ الْمِسْكِ إِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً وَنَافِخُ الْكِيرِ إِمَّا أَنْ يُحْرِقَ ثِيَابَكَ وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ المقايسات في الدين. [1: 89]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، بريد هو ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. وأخرجه البخاري "5534" في الذبائح: باب المسك، ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "3483"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1380"، وأخرجه مسلم "2628" في البر والصلة: باب استحباب مجالسة الصالحين، كلاهما عن أبي كريب محمد بن العلاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2101" في البيوع: باب في العطار وبيع المسك، من طريق عبد الواحد بن زياد، عن بريد، بهذا الإسناد.
وسيورده المؤلف برقم "579" من طريق سفيان بن عيينة، عن يريد، به، ويريد تخريجه هناك.
وأخرجه الطيالسي "515" عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن أبي موسى موقوفاً لم يرفعه.
وأخرجه أحمد 4/408 من طريق عاصم الأحول، عن أبي كبشة، عن أبي موسى.
وفي الباب عن أنس عند أبي داود "4829" في الأدب: باب يؤمر أن يجالس، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1381"، وهو ضمن حديث طويل أوله: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن.." سيرد برقم "770" و"771".(2/321)
كتاب الرقائق
باب الحياء
ذكر الحديث "إذا لم تستحي فاصنع ما شئت"
...
7- كِتَابُ الرَّقَائِقِ
1- بَابُ الْحَيَاءِ
607 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيٍّ
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" 1. مَا سَمِعَ الْقَعْنَبِيُّ مِنْ شُعْبَةَ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ قَالَهُ الشيخ.
__________
1 إسناده صحيح، على شرط الشيخين. أبو خليفة: هو الفضل بن الحباب.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند" 5/273، والطبراني 17/651، والقضاعي "1156". عن أبي خليفة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "4797" في الأدب: باب في الحياء، والطبراني 17/651، والقضاعي "1153" من طرق عن القعنبي عبد الله بن مسلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "621"، وأحمد 4/121 و122، البخاري "3484" في أحاديث الأنبياء، وفي "الأدب المفرد" "1316"، وأبو نعيم في "الحلية" 4/370، والبيهقي في "السُّنن" 10/192، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "83" من طريق شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/121 و122 و5/273، وأبو نعيم في "الحلية" 4/370 من طريق سفيان الثوري، والبخاري "3483" في أحاديث الأنبياء، وفي "الأدب المفرد" "597" ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" =(2/371)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "3597" من طريق زهير، وابن ماجة "4183" في الزهد: باب الحياء من طريق جرير، وأبو نعيم في "الحلية" 8/124 من طريق فضيل بن عياض، كلهم عن منصور، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "20149" عن معمر، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن أبي مسعود.
وفي الباب عن حذيفة عند أحمد 5/383 و405، وأبي نعيم في "الحلية" 4/371، وفي "أخبار أصبهان" 2/78، والخطيب في "تاريخ بغداد" 12/135، 136، وإسناده صحيح على شرط مسلم.
قال الخطابي في "معالم السُّنن" 4/109": معنى قوله: "النبوة الأولى، أن الحياء لم يزل أمره ثابتاً واستعماله واجباً منذ زمان النبوة الأولى، وأنه ما من نبي إلا وقد ندب إلى الحياء، وحث عليه، وأنه لم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم، ولم يبدل فيما بدل منها، وذلك أنه أمر قد علم صوابه، وبان فضله، واتفقت العقول على حسنه، وما كان هذا صفته لم يجز عليه النسخ والتبديل.
وقوله: "فافعل ما شئت" فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يكون معناه الخبر، وإن كان لفظه الأمر، كأنه يقول: إذا لم يمنعك الحياء فعلت ما شئت أي ما تدعوك إليه نفسك من القبيح، وإلى نحو من هذا ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام رحمة الله عليه.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: معناه الوعيد، كقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} [فصلت: 40] .
وقال أبو إسحاق المروزي فقيه الشافعية: معناه: أن ينظر، فإذا كان الشيء الذي يريد أن يفعله مما لا يستحي منه فليفعله، يريد أن ما يستحي منه فلا يفعله.(2/372)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ الْحَيَاءِ عِنْدَ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُ ارْتِكَابَ مَا زُجِرَ عَنْهُ
608 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أبو سلمةذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ الْحَيَاءِ عِنْدَ تَزْيِينِ الشَّيْطَانِ لَهُ ارْتِكَابَ مَا زُجِرَ عَنْهُ
[608] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ(2/372)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ في النار" 1.
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو حسن الحديث، لكن الحديث صحيح، فقد تابعه عليه سعيد بن أبي هلال في الرواية التالية، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "الإيمان" ص 13، وأحمد 2/501، والترمذي "2009" في البر والصلة: باب ما جاء في الحياء، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "75"، وابن وهب في "الجامع" "73"، والحاكم في "المستدرك" 1/52، 53 من طرق عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن ابن عمر في الحديث برقم "610".
وعن أبي بكرة عند البخاري في "الأدب المفرد" "1314"، وابن ماجة "4184" في الزهد: باب الحياء، والطبراني في "الصغير" 2/115، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "72"، وأبي نعيم في "الحلية" 3/60، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/237، 238، وصححه الحاكم 1/52 على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وعن عمران بن الحصين عند الطبراني في "الصغير" 2/11، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "76"، وأبي نعيم في "الحلية" 3/59، 60.
وعن أبي أمامة عند الحاكم في "المستدرك" 1/52، وصححه ووافقه الذهبي.
والبذاء: الفحش في القول. والجفاء: غلط الطبع، وفي الحديث: "من بدا جفا" أي من سكن البادية غلظ طبعه لقلة مخالطة الناس.(2/373)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
609 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَنْ حَمَّادِ بن زيد قال حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الْحَيَاءُ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ في النار" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير سليمان بن داود، فمن رجال مسلم.
وتقدم قبله من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، بهذا الإسناد.(2/374)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَيَاءَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ الْإِيمَانِ إِذِ الْإِيمَانُ شُعَبٌ لِأَجْزَاءٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ
610 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا بن أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "دَعْهُ فإن الحياء من الإيمان" 2.
__________
2 حديث صحيح، ابن أبي السري: هو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن الهاشمي مولاهم العسقلاني صدوق إلا أن له أوهاما كثيرة، وقد توبع عليه كما يأتي. وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وهو عند عبد الرزاق في "المصنف" "20146"، ومن طريقه أخرجه مسلم "36" في الإيمان: باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، وابن منده في "الإيمان" "175".
وأخرجه مالك 3/98 في باب ما جاء في الحياء، ومن طريقه أحمد 2/56، والبخاري "24" في الإيمان: باب الحياء من الإيمان، وفي "الأدب المفرد" "602"، وأبو داود "4795" في الأدب: باب في الحياء، والنسائي 8/121 في الإيمان: باب الحياء، وابن منده في "الإيمان" "176" عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي "625"، وأحمد 2/9، ومسلم "36" أيضاً، والترمذي "2615" في الإيمان: باب ما جاء أن الحياء من الإيمان، وابن ماجة "58" في المقدمة، وابن منده "174"، من طريق سفيان بن عيينة، والبخاري"6118" في الأدب: باب الحياء، وفي "الأدب المفرد" "602"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" "73"، والبغوي في "شرح السُّنة" "3594"، وابن منده "176" من طريق عبد العزيز الماجشون، وابن منده "176" من طريق شعيب بن أبي حمزة، والطبراني في "الصغير" 1/263 من طريق قرة بن عبد الرحمن، أربعتهم عن الزهري، به.
وقال البغوي في "شرح السُّنة" 13/173: الحياء محمود وهو من الإيمان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الحياء يمنع الرجل من عدة معاصٍ كالمؤمن يمنعه إيمانه عن المعاصي خوفاً من الله عز وجل، وفي صحيح مسلم "37" عن عمران بن الحصين، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخير"، قال: وأما الحياء في التعلم والبحث عن أمر الدين، فمذموم، قالت عائشة فيما رواه مسلم "332": نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين، وقال مجاهد فيما علقه البخاري 1/202 في العلم: باب الحياء في العلم: لا يتعلم العلم مستحٍ.(2/374)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ دَعْهُ لَفْظَةُ زَجْرٍ يُرَادُ بها ابتداء أمر مستأنف.(2/375)
2- بَابُ التَّوْبَةِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ
611 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ وَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فدل على رجل فقال إنه قتل مائة فَهَلْ لَهُ تَوْبَةٌ قَالَ نَعَمْ مَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ائْتِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا نَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَنَا تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُ مَلَكٌ فِي صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا2- بَابُ التَّوْبَةِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ النَّدَمَ تَوْبَةٌ
[611] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ فقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ وَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ فدل على رجل فقال إنه قتل مائة فَهَلْ لَهُ تَوْبَةٌ قَالَ نَعَمْ مَنْ يَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ائْتِ أَرْضَ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا نَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سُوءٍ فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ جَاءَنَا تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ فَأَتَاهُ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ فقَالَ قِيسُوا(2/376)
مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ أَيُّهُمَا كَانَ أَقْرَبَ فَهِيَ لَهُ فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أراد فقبضته بها ملائكة الرحمة" 1. [0: 00]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. معاذ بن هشام: هو ابن أبي عبد الله الدستوائي البصري، وأبو الصديق: هو بكر بن عمرو، وقيل: ابن قيس الناجي البصري.
وأخرجه مسلم "2766" "46" في التوبة: باب قبول توبة القائل وإن كثر قتله، عن محمد بن بشار، ومحمد بن المثنى، عن معاذ بن هشام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/20 و72، وابن ماجة "2622" في الديات: باب هل لقاتل مؤمن توبة، من طريق يزيد بن هارون وعفان، عن همام بن يحيى، عن قتادة، بهذا الإسناد.
وسيرد برقم "615" من طريق شعبة، عن قتادة، به. ويخرج هناك.(2/377)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُصَرِّحِ بِصِحَّةِ مَا أَسْنَدَ لِلنَّاسِ خبر أبي سعيد الذي ذكرناه
612 - أخبرنا بن نَاجِيَةَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْتَامٍ حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا مَالِكُ بن مغول عن منصور عن خيثمة
عن بن مَسْعُودٍ قَالَ قِيلَ لَهُ أَنْتَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ "النَّدَمُ توبة" قال نعم2. [1: 2]
__________
2 رجاله على انقطاعه رجال الصحيح، خيثمة بن عبد الرحمن ذكر أحمد في "العلل" 1م9، وأبو حاتم فيما نقله ابنه في "المراسيل"ص 54، 55 أنه لم يسمع من عبد الله بن مسعود شيئاً، روى عن الأسود، عن عبد الله.
وسيورده المؤلف برقم "614" من طريق يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، بهذا الإسناد.
وله طريق آخر موصول يصح به أخرجه ابن أبي شيبة 9/361 و362، والحميدي "105"، وأحمد "3568" و"4124"، وابن ماجة "4252" في الزهد: باب ذكر التوبة، والبغوي في "شرح السُّنة" "1307"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "13" و"14"، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 3/135 و136 و362، والحاكم في "المستدرك"4/243، والبيهقي في "السنن" 10/154 من طريق سفيان بن عيينة وسفيان الثوري، عن عبد الكريم الجزري، وأبو نعيم في "الحلية" 8/312 من طريق عمر بن سعيد، عن عبد الكريم الجزري، وأحمد "4014" و"4016" من طريق خصيف، كلاهما عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل، عن ابن مسعود، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. =(2/377)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أحمد في "المسند" "4012"، والطبراني في "الصغير" 1/33 من طريقين، عن عبد الكريم الجزري، عن زياد بن الجراح، عن عبد الله بن معقل، عن ابن مسعود. وهذا إسناد صحيح إن كان محفوظاً، فإن زياد بن الجراح ثقة، وقد رواه جماعة عن عبد الكريم، عن زياد بن أبي مريم، منهم السفيانان، وكذلك رواه خصيف عن زياد بن أبي مريم وخالفهم جماعة، فرووه عن عبد الكريم، عن زياد بن الجراح، والراجح أنه عن زياد بن أبي مريم لأن رواة ذلك أكثر وأحفظ، وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري 3/373- 375، وتاريخ يحيى بن معين 177، و "تهذيب التهذيب" 3/384- 385، وتعليق العلامة أحمد شاكر على الحديث "3568" في "مسند" أحمد.
وفي الباب عن أنس في الحديث التالي.
وعن عائشة عند أحمد 6/264 ولفظه "فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار" وإسناده صحيح.
وعن وائل بن حجر عند الطبراني 22/41 وفي سنده إسماعيل بن عمرو البجلي.
وعن أبي سعد الأنصاري عند الطبراني أيضاً 22/306،
وأبي نعيم 10/398، وابن مندة في المعرفة 2/145/1، قال الهيثمي في "المجمع" 10/199: وفيه من لم أعرفه.
وعن أبي هريرة عند الطبراني في "الصغير" 1/69، وانظر "مجمع الزوائد" 10/198-199.(2/378)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
613 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا مَحْفُوظُ بْنُ أَبِي تَوْبَةَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ السهمي حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ سَمِعْتُ حُمَيْدًا الطَّوِيلَ يَقُولُ:
قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "الندم توبة"؟ قال نعم1. [1: 2]
614 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ أَخْبَرَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مغول عن منصور عن خيثمة
__________
1 إسناده ضعيف لضعف محفوظ ابن أبي توبة، وباقي رجاله رجال الصحيح
وأخرجه الحاكم 4/243 من طريق عثمان بن سعيد الدارمي، عن عثمان بن صالح السهمي، بهذا الإسناد، وصححه فتعقبه الذهبي بقوله: هذا من مناكير يحيى.
وأخرجه البزار "3239" عن عمرو بن مالك، عن عبد الله بن وهب، بهذا الإسناد، وقال: لا نعلمه يروى عن أنس إلا من هذا الوجه، ولا رواه عن حميد إلا يحيى، وعمرو حدث عن ابن وهب بأحاديث ذكر أنه سمعها بالحجاز، وأنكر أصحاب الحديث أن يكون حدث بها إلا بالشام أو بالمصر.
قال الهيثمي في "المجمع" 10/199: رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الرواسي، وضعفه غير واحد، ووثقه ابن حبان، وقال: يغرب ويخطئ. وباقي رجاله رجال الصحيح.
وهذا الحديث على ضعفه شاهد لحديث ابن مسعود المتقدم.(2/379)
عن بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "الندم توبة" 1. [1: 2]
__________
1 المسيب بن واضح، قال أبو حاتم: صدوق يخطئ كثيراً، وقال ابن عدي: كان النسائي حسن الرأي فيه، ثم ساق له عدة أحاديث تستنكر، ثم قال: أرجو أن باقي حديثه مستقيم، وهو ممن يكتب حديثه، وضعفه الدراقطني. ويوسف بن أسباط: وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال البخاري: كان قد دفن كتبه، فكان لا يجيء بحديثه كم ينبغي. وخيثمة بن عبد الرحمن لم يسمع من ابن مسعود شيئاً. فالإسناد ضعيف.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/251 من طريق المسيب بن واضح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/405 من طريق حسام بن مصك، عن منصور، به.
وتقدم برقم "612" من طريق مخلد بن يزيد الحراني، عن مالك بن مغول، به. وذكرت في تخريجه هناك طريقاً آخر موصولاً يصح به، فانظره.(2/380)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ النَّدَمِ وَالتَّأَسُّفِ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ رَجَاءَ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَهُ بِهِ
615 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشار حدثنا بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ وَجَعَلَ يَسْأَلُ فقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قرية كذا وكذا فأدركه الموتذكر مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ النَّدَمِ وَالتَّأَسُّفِ عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ رَجَاءَ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَهُ بِهِ
[615] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حدثنا بن أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِنْسَانًا ثُمَّ خَرَجَ يَسْأَلُ فَأَتَى رَاهِبًا فَسَأَلَهُ هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ قَالَ لَا فَقَتَلَهُ وَجَعَلَ يَسْأَلُ فقَالَ لَهُ رَجُلٌ ائْتِ قَرْيَةَ كَذَا وَكَذَا فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ(2/380)
فَمَاتَ فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى هَذِهِ تَقَرَّبِي وَإِلَى هَذِهِ تباعدي أقرب إلى هذه بشبر فغفر له" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري "3470" في أحاديث الأنبياء، ومسلم "2766" "48" في التوبة: باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتله عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2766" "47" عن عبيد الله بن معاذ العنبري، عن أبيه، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وقد تقدم برقم "611" من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به، فانظره.(2/381)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ التَّوْبَةِ وَالْإِنَابَةِ عِنْدَ السَّهْوِ وَالْخَطَأِ
616 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ2 بْنُ أَبِي أَيُّوبَ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ اللَّيْثِيِّ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ وَمَثَلُ الْإِيمَانِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِي آخِيَّتِهِ يَجُولُ ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى آخِيَّتِهِ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَسْهُو ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى الْإِيمَانِ فَأَطْعِمُوا طعامكم الأتقياء وولوا معروفكم المؤمنين" 3. [3: 28]
__________
2 تحرف في الأصل إلى شعبة.
3 إسناده ضعيف، أبو سليمان الليثي: قال الحافظ في ترجمته في "تعجيل المنفعة" ص 492: قال علي بن المديني: مجهول، وذكره أبو أحمد الحاكم فيمن لا يعرف اسمه، وذكره ابن حبان في "الثقات" لم يزد على =(2/381)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ذكر شيخه والراوي عنه. وقال أبو نعيم في "الحلية" 8/179: أبو سليمان الليثي، قيل: اسمه عمران بن عمران. وعبد الله بن الوليد: هو ابن قيس التجيبي المصري. قال الحافظ في "التقريب": لين الحديث. وباقي رجاله ثقات. عبد الله هو ابن المبارك، والحديث عنده في "الزهد" "73"، ومن طريقه أخرجه أحمد 3/55، والبغوي في "شرح السُّنة" "3485"، وأبو نعيم في "الحلية" 8/179. قال أبو نعيمك هذا لا يعرف إلا من حديث أبي سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو يعلى "1106" و"1332" من طريقين عن أبي عبد الرحمن المقرئ عبد الله بن يزيد، عن سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد.
وقد تحرف أبو سليمان الليثي في "1332" إلى التيمي.
وقسمة الأول إلى قوله "ثم يرجع إلى الإيمان "أخرجه أحمد 3/38 عن أبي المقرئ، عن سعيد بن أيوبي أيوب، بهذ الإسناد.
وقسمه الأخير وهو "أطعموا طعامكم الأتقياء وأولوا معروفكم المؤمنين" أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "713" و"714" من طريق المقرئ، عن سعيد بن أبي أيوب، بهذا الإسناد. لكن سقط سعيد من إسناد "713". قال الحافظ في "تعجيل المنفعة": وقال أبو الفضل بن طاهر في الكلام على أحاديث الشهاب: حديث غريب، لا يذكر إلا بهذا الإسناد.
وأورده بتمامه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/201، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجالهما رجال الصحيح غير أبي سليمان الليثي وعبد الله بن الوليد التميمي- "كذا فيه والصواب التجيبي" - وكلاهما ثقة، كذا قال مع أن الأول مجهول، والثاني لين كما تقدم.
وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/737، وزاد نسبته إلى البيهقي في "الشعب" والضياء المقدسي.
وله شاهد يتقوى به من حديث ابن عمر عند الرامهرمزي في "أمثال الحديث" ص 84 من طريق قتادة بن وسيم -أو رستم - الطائي، حدثنا عبيد آدم العسقلاني، حدثنا أبي، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمن والإيمان كمثل الفرس في آخيته، يجول ما يجول، ثم يرجع إلى آخيته، وكذلك المؤمن يقترف ما يقترف، ثم يرجع إلى الإيمان، فأطعموا طعامكم الأبرار، وخصوا بمعروفكم المؤمنين" وقتادة بن وسيم أو رستم مجهول، وباقي رجاله ثقات. ومع ذلك فقد أورده السيوطي في "الجامع الكبير" 2/740 عن الرامهرمزي، وصحح إسناده.
والآخيّة بالمد والتشديد، قال ابن الأثير: حبيل أو عويد يعرض في الحائط، ويدفن طرفاه فيه، ويصير وسطه كالعروة، وتشد فيها الدابة، وجمعها الأواخيّ مشدداً والأخايا على غير قياس، ومعنى الحديث: أنه يبعد من ربه بالذنوب، وأصل إيمانه ثابت.(2/382)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ التَّوْبَةِ فِي أَوْقَاتِهِ وَأَسْبَابِهِ
617 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "اللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْتَيْقِظُ عَلَى بَعِيرِهِ أضله بأرض فلاة" 1. [3: 67]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري "6309" في الدعوات: باب التوبة، ومسلم "2747" "8" في التوبة: باب في الحيض على التوبة، كلاهما عن هدبة بن خالد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "6309" أيضاً عن إسحاق، ومسلم "2747" عن أحمد الدارمي، كلاهما عن حبان بن هلال، عن همام، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/312 من طريق عمر بن إبراهيم، عن قتادة، به.
"1303" من طريق إسحاق بن أبي طلحة، عن أنس.
وفي الباب عن ابن مسعود في الحديث التالي.
وعن أبي هريرة سيرد برقم "621".
وعن النعمان بن بشير عند مسلم "2745".
وعن البراء بن عازب عند مسلم "2746".(2/383)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْبَعِيرِ الضَّالِّ الَّذِي تُمَثَّلُ هَذِهِ الْقِصَّةُ بِهِ
618 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنْ رَجُلٍ بِأَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلَكَةٍ وَمَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ فَأَضَلَّهَا فَخَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِي فَأَمُوتُ فِيهِ فَرَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَضَلَّهَا فِيهِ فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ غَلَبَتْهُ عَيْنُهُ فَاسْتَيْقَظَ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَ رَأْسِهِ عَلَيْهَا زَادُهُ وَمَا يُصْلِحُهُ فَاللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ من هذا الرجل" 1. [3: 67]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد 1/383 عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وعلقه البخاري "6308" في الدعوات: باب التوبة، عن أبي معاوية، به. وعن شعبة وأبي مسلم، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 4/129 من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "6308"، ومسلم "2744" "3" و"4" في التوبة: باب في الحض على التوبة والفرح بها، والترمذي "2498" في صفة القيامة، وأبو نعيم في "الحلية" 4/129، والبغوي في "شرح السُّنة" "1301" و "1302" من طرق عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ الحارث بن سويد، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 1/383، والبخاري "6308" تعليقاً، من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يزيد النخعي، عن ابن مسعود.
والدَّوِّيَّة: اسم للمفازة الملساء التي يُسمع فيها الدوي، وهو الصوت.(2/384)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ لُزُومِ التَّوْبَةِ فِي جَمِيعِ أَسْبَابِهِ
619 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَدِيٍّ بِنَسَا قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ "يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَّالَمُوا يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا الَّذِي أَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا أُبَالِي" فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ وَكَانَ أَبُو إِدْرِيسَ إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جثا على ركبتيه1. [3: 68]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم غير حميد بن زنجويه، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة. أبو مسهر: هو عبد الأعلى بن مسهر الغساني.
وأخرجه مسلم "2577" في البر والصلة، والبخاري في "الأدب المفرد" "490"، وأبو نعيم في "الحلية" 5/125، 126، والحاكم في "المستدرك" 4/241، من طرق عن أبي مسهر، بهذا الإسناد. وليس هو من شرط الحاكم، لذا قال الذهبي: هو في مسلم.
وأخرجه مسلم "2577" أيضاً من طريق مروان بن محمد الدمشقي، عن سعيد بن عبد العزيز، به. وأخرجه الطيالسي "463"، وأحمد 5/160، ومسلم "2577" أيضاً، من طريق همام، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيُّ، عن أبي ذر.
وأخرجه عبد الرزاق "20272" عَنْ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي ذر.
وأخرجه الترمذي "2495" في صفة القيامة، وابن ماجة "4257" في الزهد: باب ذكر التوبة، من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر.
وقد أورد الإمام النووي هذا الحديث في آخر كتابه "الأذكار" بإسناده، وقال: رجال إسناده مني إلى أبي ذر- رضي الله عنه- كلهم دمشقيون، ودخل أبو ذر-رضي الله عنه- دمشق، فاجتمع في هذا الحديث جمل من الفوائد، منها صحة إسناده ومتنه وعلوه وتسلسله بالدمشقيين رضي الله عنهم، وبارك فيهم. ولشيخ الإسلام شرح جليل لهذا الحديث طبع مفرداً وضمن الرسائل المنيرية.(2/385)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ عَلَيْهِ إِذَا تَخَلَّى لُزُومُ الْبُكَاءِ عَلَى مَا ارْتَكَبَ مِنَ الْحَوْبَاتِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا عَنْهَا مُجِدًّا فِي إِتْيَانِ ضِدِّهَا
620 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ النَّخَعِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ
عَنْ عَطَاءٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَزُورَنَا فقَالَ أَقُولُ يَا أُمَّهْ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا قَالَ فَقَالَتْ دَعُونَا مِنْ رَطَانَتِكُمْ هَذِهِ قال بن عمير أخبرينا بأعجب شيء رأيته منذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ عَلَيْهِ إِذَا تَخَلَّى لُزُومُ الْبُكَاءِ عَلَى مَا ارْتَكَبَ مِنَ الْحَوْبَاتِ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا عَنْهَا مُجِدًّا فِي إِتْيَانِ ضِدِّهَا
[620] أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ النَّخَعِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ
عَنْ عَطَاءٍ قَالَ دَخَلْتُ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَزُورَنَا فقَالَ أَقُولُ يَا أُمَّهْ كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا قَالَ فَقَالَتْ دَعُونَا مِنْ رَطَانَتِكُمْ هَذِهِ قَالَ بن عُمَيْرٍ أَخْبِرِينَا بِأَعْجَبِ شَيْءٍ رَأَيْتِهِ مِنْ(2/386)
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فَسَكَتَتْ ثُمَّ قَالَتْ لَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي قَالَ "يَا عَائِشَةُ ذَرِينِي أَتَعَبَّدُ اللَّيْلَةَ لِرَبِّي" قُلْتُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ قُرْبَكَ وَأُحِبُّ مَا سَرَّكَ قَالَتْ فَقَامَ فَتَطَهَّرَ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي قَالَتْ فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ حِجْرَهُ قَالَتْ ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ لِحْيَتَهُ قَالَتْ ثُمَّ بَكَى فَلَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى بَلَّ الْأَرْضَ فَجَاءَ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَلَمَّا رَآهُ يَبْكِي قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ تَبْكِي وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ قَالَ "أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا لَقَدْ نَزَلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ آيَةٌ وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهَا وَلَمْ يَتَفَكَّرْ فِيهَا: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 1 الآية كلها [آل عمران: 190] .
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 186 عن الفريابي، عن عثمان بن أبي شيبة، بهذا الإسناد.
وله طريق أخرى عن عطاء عند أبي الشيخ ص 190، 191 وفيه أبو جناب الكلبي يحيى بن أبي حية، ضعفوه لكثرة تدليسهن لكن صرح بالتحديث هنا، فانتفت شبهة تدليسه.(2/387)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَقَعُ بِمَرْضَاةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ تَوْبَةِ عَبْدِهِ عَمَّا قَارَفَ مِنَ الْمَأْثَمِ
621 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَجْلَانَ مَوْلَى الْمُشْمَعِلِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ذَكَرُوا الْفَرَحَ عِنْدَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلمذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا يَقَعُ بِمَرْضَاةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ تَوْبَةِ عَبْدِهِ عَمَّا قَارَفَ مِنَ الْمَأْثَمِ
[621] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حدثنا بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عَجْلَانَ مَوْلَى الْمُشْمَعِلِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ذَكَرُوا الْفَرَحَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(2/387)
فَذَكَرُوا الضَّالَّةَ يَجِدُهَا الرَّجُلُ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الضَّالَّةِ يَجِدُهَا الرَّجُلُ بِأَرْضِ الفلاة" 1. [3: 28]
__________
1 إسناده جيد، عجلان مولى المشمعل، قال النسائي لا بأس به، وذكره المؤلف في "الثقات"، وباقي رجاله ثقات على شرط الشيخين.
وأخرجه عبد الرزاق "20587" ومن طريقه أحمد 2م316، ومسلم "2675" في التوبة: باب في الحض على التوبة، والبغوي في "شرح السُّنة" "1300" عن معمر بن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/500 من طريق موسى بن يسار، و2/500 و534، ومسلم "2675" "1" من طريق أبي صالح، ومسلم "2675" "2"، والترمذي "3538" في الدعوات: باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله لعباده، وابن ماجة "4247" في الزهد: باب ذكر التوبة من طريق الأعرج، ثلاثتهم عن أبي هريرة.
وفي الباب عن أنس تقدم برقم "618".
وعن ابن مسعود تقدم برقم "619".(2/388)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ تَوْبَةَ الْمَرْءِ بَعْدَ مُوَاقَعَتِهِ الذَّنْبَ فِي كُلِّ وَقْتٍ تُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ
622 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فقَالَ أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا أَوْ قَالَ عَمِلْتُ عَمَلًا فَاغْفِرْ لِي فقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِي عَمِلَ ذَنْبًا فعلم أن له ربا يغفرذكر الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ تَوْبَةَ الْمَرْءِ بَعْدَ مُوَاقَعَتِهِ الذَّنْبَ فِي كُلِّ وَقْتٍ تُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْإِصْرَارِ عَلَى الذَّنْبِ
[622] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ أَخْبَرَنَا هَمَّامٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فقَالَ أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ ذَنْبًا أَوْ قَالَ عَمِلْتُ عَمَلًا فَاغْفِرْ لِي فقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِي عَمِلَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ(2/388)
الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ أَوْ قَالَ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ قَالَ رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي فقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فقَالَ رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا فَاغْفِرْ لِي فقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فليعمل ما شاء" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجالُه ثِقاتٌ رجال الشيخين غيرَ الحسن بن محمد بن الصباح فمن رجال البخاري. همام: هو ابن يحيى بن دينار العَوَذَي.
وأخرجه أحمد 2/296 عن يزيد بن هارون، بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم 4/242 على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 2/405و 492 عن عفان، والبخاري "7507" في التوحيد: باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} من طريق عمرو بن عاصم، ومسلم "2758" "30" في التوبة: باب قبول التوبة من الذنوب، والبيهقي في "السُّنن" 10/188 من طريق أبي الوليد الطيالسي، ثلاثتهم عن همام، بهذا الإسناد.
وسيرد برقم "625" من طريق حماد بن سلمة، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، به.(2/389)
ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْتَائِبِ الْمُسْتَغْفِرِ لِذَنْبِهِ إِذَا عَقِبَ اسْتِغْفَارَهُ صَلَاةٌ
623 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بن الحكم الفزاريذكر مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْتَائِبِ الْمُسْتَغْفِرِ لِذَنْبِهِ إِذَا عَقِبَ اسْتِغْفَارَهُ صَلَاةٌ
[623] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بْنِ الحكم الفزاري(2/389)
عَنْ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِمَا شَاءَ أَنْ يَنْفَعَنِي حَتَّى حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ إِذَا حَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ اسْتَحْلَفْتُهُ فَإِنْ حَلَفَ صَدَّقْتُهُ وَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ وَصَدَّقَ أَبُو بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ "مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِذَلِكَ الذَّنْبِ إِلَّا غفر الله له" 1. [00: 00]
__________
1 إسناده حسن من أجل أسماء بن الحكم الفزاري، وباقي رجاله ثقات على شرط البخاري. أبو عوانة: هو وضاح اليشكري.
وأخرجه أبو داود "1521" في الصلاة: باب في الاستغفار، عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "2" عن أبي عوانة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/10 عن أبي كامل، والترمذي "406" في الصلاة: باب ما جاء في الصلاة عند التوبة و"3006" في التفسير: باب ومن سورة آل عمران، عن قتيبة بن سعيد، والمروزي في "مسند أبي بكر" "11" من طريق عبد الواحد بن غياث، والبغوي في "شرح السُّنة" "1015" من طريق عفان بن مسلم، كلهم عن أبي عوانة، به.
وأخرجه الحميدي "1" عن سفيان بن عيينة، عن مسعر بن كدام، عن عثمان بن المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1"، وأحمد 1/8، 9، والمروزي في "مسند أبي بكر" "10"، والطبري "7853" في الإقامة: باب ما جاء في أن الصلاة كفارة، والمروزي في "مسند أبي بكر" "9"، والطبري "7854" من طريق سفيان الثوري ومسعر بن كدام، ثلاثتهم عن عثمان بن المغيرة، به.
وأخرجه الحميدي "5"، والطبري "7855" من طريق سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أخيه عبد الله بن سعيد، عن جده أبي سعيد المقبري، عن علي بن أبي طالب، به.
وحسنه الترمذي وابن عدي، وجود إسناده ابن حجر في "تهذيب التهذيب" في ترجمة أسماء بن الحكم، قال الترمذي: ولا نعرف لأسماء بن الحكم حديثاً غير هذا.(2/390)
ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا ذُنُوبَ التَّائِبِ الْمُسْتَغْفِرِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمِ اسْتِغْفَارَهُ صَلَاةٌ [624] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ بِطَرَسُوسَ فِي آخَرِينَ قَالَا حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ وَائِلِ بْنِ دَاوُدَ عَنِ ابْنِهِ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ أَوْ سَعِيدٍ أَوْ كِلَاهُمَا شَكَّ حَامِدٌ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: "يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّهَ وَتُوبِي فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ثُمَّ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ" 1.
مَا رَوَى وَائِلٌ عَنِ ابْنِهِ إِلَّا ثلاثة أحاديث قاله الشيخ. [00: 00]
__________
1 إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6/264 من طريق سفيان بن عيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَائِشَةُ إِنْ كُنْتِ أَلْمَمْتِ بِذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرِي الله، فإن التوبة من الذنب الندم والاستغفار".
وهو جزء من حديث الإفك المطول سيورده المؤلف في مناقب الصحابة برقم "7068" تحت عنوان: ذِكْرُ إِنْزَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْآيَ فِي براءة عائشة رضي الله عنها قذفت به. ويرد تخريجه هناك.(2/391)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى التَّائِبِ الْمُعَاوِدِ لِذَنْبِهِ بِمَغْفِرَةٍ كُلَّمَا تَابَ وَعَادَ يَغْفِرُ
625 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأعلى بن حماد عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: "أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فقَالَ أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ فقَالَ أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَيَأْخُذُ بِالذُّنُوبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فقَالَ أَيْ رَبِّ أَذْنَبْتُ فقَالَ أَذْنَبَ عَبْدِي وَعَلِمَ أَنَّ رَبَّهُ يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ" 1.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُ قَوْلُهُ "اعْمَلْ مَا شِئْتَ" لَفْظَةُ تَهْدِيدٍ أُعْقِبَتْ بِوَعْدٍ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ "اعْمَلْ مَا شِئْتَ" أَيْ لَا تَعْصِ وَقَوْلُهُ قَدْ غَفَرْتُ لَكَ يريد إذا تبت.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم "2758" في التوبة: باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب والتوبة، عن عبد الأعلى بن حماد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/492 عن بهز، عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وتقدم برقم "622" من طريق هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طلحة، به، فانظره.(2/392)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَغْفِرُ ذُنُوبَ التَّائِبِ كُلَّمَا أَنَابَ مَا لَمْ يَقَعِ الْحِجَابُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِالْإِشْرَاكِ بِهِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ
626 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عُتْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا بن ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ أُسَامَةَ بن سلمان قا
حَدَّثَنَا أَبُو ذَرٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الْحِجَابُ" قِيلَ وَمَا يَقَعُ الْحِجَابُ قَالَ "أَنْ تَمُوتَ النَّفْسُ وَهِيَ مشركة" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده ضعيف، أسامة بن سلمان ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 2/384، ولم ينقل فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره المؤلف في "الثقات" 4/45، وقال: عداده في أهل الشام، يروي عن أبي ذر وابن مسعود، روى عنه عمر بن نعيم من حديث مكحول، منهم من قال: عن مكحول، عن أسامة بن سلمان، عن أبي ذر، ومنهم من قال: عن مكحول، عن عمر بن نعيم، عن أسامة بن سلمان-قلت: الطريق الثاني هذا سيرد في الرواية التالية - وقال الحافظ في "اللسان" 1/324: ذكره الذهبي في "الضعفاء" فقال: تفرد عنه عمر بن نعيم. وباقي رجاله ثقات غير عبد الرحمن بن ثوبان، فهو حسن الحديث.
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" 2/21، قال: قال لنا عاصم بن علي: حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان، به. وانظر الإسناد الآخر في الرواية التالية.(2/393)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَكْحُولًا سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ عُمَرَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أُسَامَةَ كَمَا سَمِعَهُ مِنْ أُسَامَةَ سَوَاءً
627 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ محمد حدثنا عمرو بن عثمان حدثناذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ مَكْحُولًا سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ مِنْ عُمَرَ بْنِ نُعَيْمٍ عَنْ أُسَامَةَ كَمَا سَمِعَهُ مِنْ أُسَامَةَ سَوَاءً
[627] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا(2/393)
أبي حدثنا بن ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نُعَيْمٍ حَدَّثَهُمْ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ سَلْمَانَ
أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ لِعَبْدِهِ مَا لَمْ يَقَعِ الْحِجَابُ" قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا وُقُوعُ الْحِجَابِ قَالَ "أن تموت النفس وهي مشركة" 1. [1:2]
__________
1 إسناده ضعيف لجهالة عمر بن نعيم وشيخه أسامة بن سلمان، ومع هذا صححه الحاكم 4/257، ووافقه الذهبي.
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" "3527"، وأحمد 5/174، والبزار "3242" من طرق عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/174 من طريق عصام بن خالد، والبزار "3241" من طريق أبي داود، كلاهما عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن عمر بن نعيم، عن أبي ذر. ليس بينهما أسامة بن سلمان، فهذا الإسناد منقطع.
وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/198، وقال: رواه أحمد والبزار، وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثقه جماعة، وضعفه آخرون، وبقية رجالهما ثقات، وأحد إسنادي البزار فيه إبراهيم بن هانئ، وهو ضعيف. قلت: لم يشر إلى انقطاع إسناده.
وذكره السيوطي في "الجامع الكبير" 1/186، وزاد نسبته إلى الضياء المقدسي.(2/394)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى التَّائِبِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ كُلَّمَا أَنَابَ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ حَالَةَ الْمَنِيَّةِ بِهِ
628 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قال حدثنا بن ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُبَيْرِ بن نفيرذكر تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى التَّائِبِ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ كُلَّمَا أَنَابَ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ حَالَةَ الْمَنِيَّةِ بِهِ
[628] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ حدثنا بن ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ جُبَيْرِ بن نفير(2/394)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" 1.
[00: 00]
__________
1 إسناده حسن من أجل ابن ثوبان، وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي، وباقي رجاله ثقات.
وهو في "مسند" علي بن الجعد "3529"، ومن طريقه أخرجه البغوي في "شرح السُّنة" "1306".
وأخرجه أحمد 2/132، وأبو نعيم في "الحلية" 5/190 من طريق علي بن عياش وعصام بن خالد، وأحمد 2/153 عن أبي داود الطيالسي، والترمذي "3537" في الدعوات: باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله لعباده، من طريق علي بن عياش وأبي عامر العقدي، وابن ماجة "4253" في الزهد: باب ذكر التوبة من طريق الوليد بن مسلم، والحاكم 4/257 من طريق عاصم بن علي، كلهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، بهذا الإسناد. وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي.
ووقع في سُنن ابن ماجة: "عبد الله بن عمرو" وهو وهم إنما هو عبد الله بن عمر، نبه عليه المزي في "تحفة الأشراف" 7/328، ونقله عنه البوصيري في "الزوائد" ورقة 270، وابن كثير في تفسيره 2/3 وقوله: "ما لم يغرغر" بغينين معجمتين الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة وبراء مكررة، قال ابن الأثير: إي ما لم تبلغ روحه حلقومه، فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض، والغرغرة: أن يجعل المشروب في الفم ويردد إلى أصل الحلق ولا يبلغ.
وفي الباب عن عبادة بن الصامت عند الطبري "8858"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1085" وإسناده منقطع.
وعن رجل من الصحابة عند أحمد 3/425، وسنده ضعيف.(2/395)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَوْبَةَ التَّائِبِ إِنَّمَا تُقْبَلُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا لَا بَعْدَهَا
629 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ الله عليه" 1. [00: 00]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الله بن رجاء- وهو المكي- فمن رجال مسلم. وهشام هو: ابن حسان.
وأخرجه أحمد 2/427 و495 و506 و507، ومسلم "2703" في الذكر: باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه، والبغوي في "شرح السُّنة" "1299" من طرق عن هشام بن حسان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/275، والطبري "14220" من طريق عبد الرزاق، عن مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأخرجه أحمد 2/395 من طريق هوذة، عن عوف، عن ابن سيرين، به.
وله طرق أخرى عن أبي هريرة عند الطبري "14203" و"14209" و"14210"و"14212" و"14219" و"14225".
وفي الباب عن صفوان بن عسال المرادي عند الطبري "14206" و"14207" و"14208" و"14216" و"14218" وأحمد 4/240 وأبي داود الطيالسي "160" وابن ماجة "4070" والترمذي "3536".(2/396)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمُسْلِمِ التَّائِبِ إِذَا خَرَجَ مِنَ الدُّنْيَا بِهِمَا بِإدْخَالِ النَّارِ فِي الْقِيَامَةِ مَكَانَهُ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا
630 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَسَعِيدَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا بُرْدَةَ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ
عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَمُوتُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ إِلَّا أَدْخَلَ اللَّهُ مَكَانَهُ النَّارَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا" قَالَ فَاسْتَحْلَفَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَلَفَ
فَلَمْ يُحَدِّثْنِي سَعِيدٌ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ على عون قوله"1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عون بن عبد الله فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم "2767" "50" في التوبة: باب قبول توبة القاتل وإن كثر قتلهن عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإسناد. ومن طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن همام، به.
وأخرجه الطيالسي "499" عن همام، عن سعيد بن أبي بردة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2767" "49" عن ابن أبي شيبة، عن أبي أسامة، =(2/397)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، به، ولفظه: "إذا كان يوم القيامة دفع الله عز وجل إلى كل مسلم يهودياً أو نصرانياً، فيقول: هذا فكاكك من النار".
وأخرجه مسلم "2767" "51" من طريق غيلان بن جرير، عن أبي بردة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، ويضعها على اليهود والنصارى".
قال النووي: ومعنى هذا الحديث ما جاء في حديث أبي هريرة: لكل أحد منزل في الجنة ومنزل في النار، فالمؤمن إذا دخل الجنة خلفه الكافر في النار لاستحقاقه ذلك بكفره. ومعنى "فكاكك من النار" أنك كنت معرضاً لدخول النار، وهذا فكاكك لأن الله تعالى قدر لها عدداً يملؤها، فإذا دخلها الكافر بكفرهم وذنوبهم صاروا في معنى الفكاك للمسلمين، وأما رواية "يجيء يوم القيامة ناس من المسلمين بذنوب ... " فمعناه أن الله تعالى يغفر تلك الذنوب للمسلمين ويسقطها عنهم، ويضع على اليهود والنصارى مثلها بكفرهم وذنوبهم، فيدخلهم النار بأعمالهم لا بذنوب المسلمين. "شرح مسلم" 18/85.(2/398)
3- بَابُ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ تَعَالَى
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ مِنْ حُسْنِ الْعِبَادَةِ
631 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ عَنْ شُتَيْرِ بْنِ نَهَارٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " حُسْنُ الظَّنِّ مِنْ حُسْنِ العبادة" 1. [00: 00]
__________
1 في "التهذيب": شتير بن نهار، عن أبي هريرة حسن الظن من العبادة، وعنه محمد بن واسع فيما قاله حماد بن سلمة، وقال غيره: عن محمد بن واسع، عن سمير بن نهار، قال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/201: قال لي محمد بن بشار: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: ليس أحد يقول: شتير بن نهار إلا حماد بن سلمة: في تسميته "شتيراً" أبو نضرة المنذر بن مالك العبدي التابعي الثقة زميل شتير وبلدته، وهو القائل فيه: وكان من أوائل من حدث في هذا المسجد -يعني مسجد البصرة-وترجمه البخاري، وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره المؤلف في "الثقات" 4/370، فقال: يروي عن أبي هريرة في حسن الظن، روى عنه محمد بن واسع، وقال الذهبي في "الميزان" 2/234: نكرة، وقد انفرد الحافظ في "التقريب" بقوله فيه: صدوق، وباقي رجال السند ثقات. وانظر "توضيح المشتبه" "2/الورقة 108/م" و"تبصير المنتبه" 2/775".
وأخرجه أحمد 2/297 و304 و407 و491، وأبو داود "4993" في الأدب: باب في حسن الظن، من طرق عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/359، والترمذي "3604" في الدعوات، من طريق صدقة بن موسى، عن محمد بن واسع، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 4/241 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وهو وهم منهما، فإن شتيراً -وهو ابن نهار، كما صرح في "مسند أبي داود"- راوي هذا الحديث لا يعرف، فضلاً عن كونه من رجال مسلم، وقد التبس عليهما بشتير بن شكل، ذاك الذي خرج له مسلم.(2/399)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِالْمَعْبُودِ جَلَّ وَعَلَا قَدْ يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ
632 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَخْرُجُ رَجُلَانِ مِنَ النَّارِ فَيُعْرَضَانِ عَلَى اللَّهِ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِهِمَا إلى النار فليلتفت أَحَدُهُمَا فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا كَانَ هَذَا رَجَائِي قَالَ وَمَا كَانَ رَجَاؤُكَ قَالَ كَانَ رَجَائِي إِذْ1 أَخْرَجْتَنِي مِنْهَا أَنْ لَا تُعِيدَنِي فيرحمه الله فيدخله الجنة" 2. [00: 00]
__________
1 في الأصل: إذا.
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم. وأخرجه مسلم "192" في الإيمان: باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، وابن مندة في "الإيمان" "860"، وأبو نعيم في "الحلية" 2/315 و6/253، والبغوي في "شرح السُّنة" "4362" من طرق عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني وأبي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "يخرج قوم من النار-قال أبو عمران: أربعة، وقال ثابت: رجلان-فيعرضون على ربهم ... ".
وفي الباب عن أبي هريرة عند الترمذي "2599" في صفة جهنم، والبغوي في "شرح السُّنة" "4363" من طريق ابن المبارك، عن رشدين بن سعد، عن ابن أنعم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة. وهذا إسناد ضعيف لضعف رشدين بن سعد، وشيخُه ابن أنعم- وهو الإفريقي- ضعيف أيضاً.(2/400)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ الثِّقَةِ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِحُسْنِ الظَّنِّ فِي أَحْوَالِهِ بِهِ
633 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ قَالَ حَدَّثَنَا حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ
عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فليظن بي ما شاء" 1. [3: 68]
__________
1 إسناده صحيح، حيان أبو النضر وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح، ولم ترد له ترجمة في "التعجيل" مع أنه من شرطه.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" "909" ومن طريقه الدارمي 2/305، والطبراني في "الكبير" 22/"210، والدولابي في "الكنى" 2/137، 138، وأخرجه أحمد 3/491 عن الوليد بن مسلم، و4/106، والطبراني 22/"210" من طريق أبي المغيرة، ثلاثتهم عن هشام بن الغاز، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 3/491 عن الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ العزيز، عن حيان أبي النضر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/491، والطبراني 22/"211" من طريق الوليد بن مسلم، عن الوليد بن سليمان بن أبي السائب، عن حيان أبي النضر، به.
وسيرد بعده من طريق صدقة بن خالد، عن هشام بن الغاز، به، وبرقم "641" من طريق يزيد بن عبيدة، عن حيان أبي النضر، به.
وفي الباب عن جابر سيرد برقم "636" و"637" و"638".
وعن أبي هريرة سيرد برقم "639".
وعن أنس عند أحمد 3/210و277، وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/319، وقال: رواه أحمد وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام.(2/401)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ سُوءِ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ كَثُرَتْ حَيَاتُهُ فِي الدُّنْيَا
634 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ الْغَازِ قَالَ حَدَّثَنِي حَيَّانُ أَبُو النَّضْرِ قَالَ
سَمِعْتُ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يُحَدِّثُ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي مَا شاء" 1. [3: 68]
__________
1 حديث صحيح، وهو مكرر ما قبله.(2/402)
ذِكْرُ إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ مَا أَمَّلَ وَرَجَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
635 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ بِجُرْجَانَ وَإِسْحَاقُ بنذكر إِعْطَاءِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ مَا أَمَّلَ وَرَجَا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
[635] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ الدِّمَشْقِيُّ بِجُرْجَانَ وَإِسْحَاقُ بْنُ(2/402)
إِبْرَاهِيمَ قَالَا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بن الغاز قال حدثنا حيان بن أبو النضر قال
سمعت واثلة بن الأسقع يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَنِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي ما شاء" 1. [00: 00]
__________
1 حديث صحيح، وهو مكرر ما قبله.(2/403)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمُسْلِمِ بِحُسْنِ الظَّنِّ بِمَعْبُودِهِ مَعَ قِلَّةِ التَّقْصِيرِ فِي الطَّاعَاتِ
636 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ2 عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ "لَا يَمُوتَنَّ أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن" 3. [1: 94]
__________
2 سقط من الأصل، واستدرك من مصادر التخريج.
3 إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو سفيان: هو طلحة بن نافع الواسطي، روى له البخاري مقروناً، واحتج به الباقون، وحديثه عن جابر صحيفة، وروى عنه الأعمش أحاديث مستقيمة، وباقي السند على شرطهما.
وأخرجه أحمد 3/293 عن يحيى بن آدم، و2/330 عن عبد الرزاق، كلاهما عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي "1779"، ومسلم "2877" "81" في الجنة وصفة نعيمها: باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت، وأبو داود "3113" في الجنائز: باب ما يستحب من حسن الظن بالله تعالى عند الموت، وابن ماجة "4167" في الزهد: باب التوكل واليقين، وأبو نعيم في "الحلية" 5/78، والبيهقي في "السُّنن" 3/378، والبغوي في "شرح السُّنة" "1455" من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه أحمد 3/325 و334 و390، ومسلم "2877" "82"، والبيهقي في "السُّنن" 3/378 من طريق أبي الزبير، عن جابر. وانظر "637" و"638".(2/403)
ذِكْرُ الْحَثِّ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ
637 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ قَالَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ
سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ "مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَمُوتَ إِلَّا وظنه بالله حسن فليفعل" 1.
__________
1 إسناده حسن، جعفر بن مهران السباك، ذكره المؤلف في "الثقات" 8/160، 161، وروى عنه جمع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/121 من طريق سعد بن زنبور، عن الفضيل بن عياض، بهذا الإسناد. وانظر "636" و"638".(2/404)
ذِكْرُ حَثِّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِمَعْبُودِهِمْ جَلَّ وَعَلَا
638 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولذكر حَثِّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِمَعْبُودِهِمْ جَلَّ وَعَلَا
[638] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ(2/404)
قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وهو يحسن الظن بالله جل وعلا" 1. [5: 4]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في "صحيحه" "2877" في الجنة وصفة نعيمها: باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، بهذا الإسناد.(2/405)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يُعْطِي مَنْ ظَنَّ مَا ظَنَّ إِنْ خَيْرًا فَخَيْرٌ وَإِنْ شَرًّا فَشَرٌّ
639 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَذَكَرَ بن سَلْمٍ آخَرَ مَعَهُ أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُمْ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فله" 2.
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه أحمد 2/391 عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن أبي يونس، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/445 و539، ومسلم "2675" "19" في الذكر والدعاء: باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله، والترمذي "2388" في الزهد: باب ما جاء في حسن الظن بالله تعالى، من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد الأصم، عن أبي هريرة، بلفظ "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إذا دعاني".
وأخرجه أحمد 2/315، والبغوي في "شرح السُّنة" "1252" من طريق همام، والبخاري "7505" في التوحيد: باب {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} من طريق الأعرج، كلاهما عن أبي هريرة.
وسيورده المؤلف برقم "811" و"812" من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة، به، فانظره.(2/405)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ أَبُو يُونُسَ هَذَا اسْمُهُ سليم بن جبير تابعي1. [0: 00]
__________
1 وهو ثقة من رجال مسلم.(2/406)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ الَّذِي وَصَفْنَاهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَقْرُونًا بِالْخَوْفِ مِنْهُ جَلَّ وَعَلَا
640 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا قَالَ: "وَعِزَّتِي لَا أَجْمَعُ عَلَى عَبْدِي خَوْفَيْنِ وَأَمْنَيْنِ إِذَا خَافَنِي فِي الدُّنْيَا أَمَّنْتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِذَا أَمِنَنِي فِي الدُّنْيَا أخفته يوم القيامة" 2. [1: 2]
__________
2 إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات، وله شاهد مرسل بسند صحيح عند ابن المبارك في "الزهد" برقم "157" من طريق عوف عن الحسن ... ورواه موصولاً يحيى بن صاعد في زوائد الزهد "158" من طريق محمد بن يحيى بن ميمون، أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء بإسناد ابن حبان، ومحمد بن يحيى بن ميمون مجهول، لكنه متابع عند ابن حبان، ولم تقع للشيخ الألباني هذه المتابعة، فضعف المسند في "صحيحته" "742" لجهالة محمد بن يحيى، وقواه بمرسل الحسن البصري. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/308 مرسلاً عن الحسن، ومسنداً عن أبي هريرة، وقال: رواهما البزار "3232" و"3233" عن شيخه محمد بن يحيى بن ميمون، ولم أعرفه، وبقية رجال المرسل رجال الصحيح، وكذلك رجال المسند غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث.(2/406)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ أَحْسَنَ بِالْمَعْبُودِ كَانَ لَهُ عِنْدَ ظَنِّهِ وَمَنْ أَسَاءَ بِهِ الظَّنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ
641 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُهَاجِرِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ حَيَّانَ أَبِي النَّضْرِ قَالَ خَرَجْتُ عَائِدًا لِيَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ
فَلَقِيتُ وَاثِلَةَ بْنَ الْأَسْقَعِ وَهُوَ يُرِيدُ عِيَادَتَهُ فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى وَاثِلَةَ بَسَطَ يَدَهُ وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْهِ فَأَقْبَلَ وَاثِلَةُ حَتَّى جَلَسَ فَأَخَذَ يَزِيدُ بِكَفَّيْ وَاثِلَةَ فَجَعَلَهُمَا عَلَى وَجْهِهِ فقَالَ لَهُ وَاثِلَةُ كَيْفَ ظَنُّكَ بِاللَّهِ قَالَ ظَنِّي بِاللَّهِ وَاللَّهِ حَسَنٌ قَالَ فَأَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي إِنْ ظَنَّ خَيْرًا وإن ظن شرا" 1. [1: 95]
__________
1 إسناده صحيح، وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/"209" من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، عن محمد بن مهاجر، بهذا الإسناد. دون ذكر قصة عيادة يزيد بن الأسود.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 22/"215"، وفي "الأوسط" "104" كما في "مجمع البحرين"، من طريق عمرو بن واقد، عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، عَنْ واثلة بن الأسقع.
وتقدم برقم "633" و"634" و"635" من طريق هشام بن الغاز، عن حيان أبي النضر، به. فانظره.(2/407)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ عَلَى مَنْ يَسْتَوْجِبُ مِنْهُ أَنْوَاعَ النِّقَمِ
642 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بن مسرهدذكر الْإِخْبَارِ عَنْ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِأَنْوَاعِ النِّعَمِ عَلَى مَنْ يَسْتَوْجِبُ مِنْهُ أَنْوَاعَ النِّقَمِ
[642] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ(2/407)
عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وهو في ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، أبو عبد الرحمن السلمي: هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي المقرئ، ثقة ثبت.
وأخرجه البخاري "6099" في الأدب: باب الصبر في الأذى، عن مسدد بن مُسَرْهَد، والنسائي في النعوت في "الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" 6/424 عن عمرو بن علي، كلاهما عن يحيى القطان، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، به، بزيادة سفيان بين القطان والأعمش.
وأخرجه أحمد 4/395 و401 و405، والبخاري "7378" في التوحيد: باب قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} ، ومسلم "2804" في صفات المنافقين: باب لا أحد أصبر على أذى من الله عز وجل، والنسائي في التفسير من "الكبرى" كما في "التحفة" 6/424، من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد.
قال الحافظ في "الفتح" 13/361: من أسمائه الحسنى سبحانه وتعالى: الصبور، ومعناه الذي لا يعامل العصاة بالعقوبة، وهو قريب من معنى الحليم، والحليم أبلغ في السلامة من العقوبة. والمراد بالأذى أذى رسله وصالحي عباده، لاستحالة تعلق أذى المخلوقين به، لكونه صفة نقص، وهو منزه عن كل نقص، ولا يؤخر النقمة قهراً بل تفضلاً، وتكذيب الرسل في نفي الصحابة والولد عن الله أذى لهم، فأضيف الأذى لله تعالى للمبالغة في الإنكار عليهم والاستعظام لمقالتهم، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} فإن معناه: يؤذون أولياء الله وأولياء رسوله، فأقيم المضاف مقام المضاف إليه.(2/408)
باب الخوف والتقوى
ذكر الحديث"وها أنا رسول الله والله ما أدري ما يصنع بي"
...
4- بَابُ الْخَوْفِ وَالتَّقْوَى
643 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ1 أَنَّ أَبَا النَّضْرِ حَدَّثَهُ2
أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ لَمَّا قُبِرَ قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ3 طِبْتَ أَبَا السَّائِبِ فِي الْجَنَّةِ فَسَمِعَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: " مَنْ هَذِهِ" فَقَالَتْ أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: "وَمَا يُدْرِيكِ" قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَجَلْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مَا رَأَيْنَاهُ إِلَّا خَيْرًا وَهَا أَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِي" 4.
__________
1 هو عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري عالم الديار المصرية ومحدثها؛ ومفتيها مع الليث بن سعد. قال ابن وهب: سمعت من ثلاث مئة وسبعين شيخاً، فما رأيت أحداً أحفظ من عمرو بن الحارث.
2 جملة "أن أبا النضر حدثه" سقطت من "الإحسان" وأثبتها من "الأنواع والتقاسيم" 3/لوحة 60 نسخة فيض الله.
3 هي أم خارجة بن زيد، الراوي عنها كما ورد مصرحاً بذلك عند أحمد 6/436.
4 إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6/436 عن يونس بن محمد، عن لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي النضر، عن خارجة بن زيد، عن أمه أم العلاء، بهذا الإسناد. =(2/409)
قَالَ عَمْرٌو وَسَمِعَهُ أَبُو النَّضْرِ مِنْ1 خَارِجَةَ بن زيد عن أبيه2. [3: 15]
__________
= وأخرجه عبد الرزاق "20422" ومن طريقه أحمد 6/436، والطبراني في "الكبير" 25/"337" عن معمر، وأخرجه أحمد 6/436، والبخاري "3929" في مناقب الأنصار: باب مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، والطبراني 25/"338" من طريق إبراهيم بن سعد، والبخاري "1243" في الجنائز: باب الدخول على الميت بعد الموت، و "7003" في التعبير: باب رؤيا النساء، من طريق عقيل، و"2687" في النساء، من طريق شعيب، و"7018" في التعبير: باب العين الجارية في المنام، وابن سعد في "الطبقات" 3/398 من طريق معمر، والطبراني 25/"339" من طريق عمرو بن دينار، كلهم عن الزهري، عن خارجة بن زيد، عن أمه أم العلاء، به.
وفي الباب عن زيد بن ثابت ذكره المؤلف إثر هذا الحديث.
وعن ابن عباس. انظر "مجمع الزوائد" 9/302.
1 في "الإحسان": بن، وهو خطأ، والتصويب من "الأنواع والتقاسيم".
2 وأخرجه الطبراني في "الكبير" "4879" من طريق ابن لهيعة، عن أبي النضر، عن خارجة بن زيد، عن أبيه ... وفي "المسند" 6/436: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، عن أبي النضر، عن خارجة بن زيد، عن أمه.
وأبو النضر هذا: هو سالم ابن أبي أمية التيمي المدني، وفي "الفتح" 7/265 تعليقاً على قوله "أم العلاء": هي والدة خارجة بن زيد بن ثابت الراوي عنها، وقد روى سالم أبو النضر هذا الحديث عن خارجة بن زيد عن أمه نحوه ولم يسم هذه، فكأن اسمها كنيتها، وهي بنت الحارث بن ثابت بن خارجة الأنصارية الخزرجية، وفي "الإصابة" 4/478: وقد جاء الحديث من طريق يزيد بن أبي حبيب، عن سالم أبي النضر، عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أمه ... أخرجه أحمد الطبراني، وهذا ظاهر في أن أم العلاء هي والدة خارجة المذكور، فلا يلزم من كونه أبهمها في رواية الزهري أن تكون أخرى، فقد يبهم الإنسان نفسه فضلاً عن أمه.(2/410)
644 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سِمَاكٌ
سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أُنْذِرُكُمُ النَّارَ أُنْذِرُكُمُ النَّارَ أُنْذِرُكُمُ النَّارَ" حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَقَامِي هَذَا وَهُوَ بِالْكُوفَةِ سَمِعَهُ أَهْلُ السُّوقِ حَتَّى وَقَعَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ عَلَى عاتقه على رجليه1. [3: 79]
__________
1 إسناده حسن من أجل سماك- وهو ابن حرب الذهلي البكري الكوفي - وأخرجه أحمد في "المسند" 4/268 و272، والدارمي 2/330 من طرق عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "الزهد" ص 29 من طريق أبي الأحوص، عن سماك، به.
وسيعيده المؤلف برقم "667".(2/411)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الِانْتِسَابَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَنْتَفِعُ الْمُنْتَسِبُ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ
645 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقَدْامِ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَأْخُذُ رَجُلٌ بِيَدِ أَبِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ فَيُنَادَى أَلَا إنذكر الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الِانْتِسَابَ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَنْتَفِعُ الْمُنْتَسِبُ إِلَيْهِمْ إِلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ
[645] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقَدْامِ الْعِجْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَأْخُذُ رَجُلٌ بِيَدِ أَبِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرِيدُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ فَيُنَادَى أَلَا إِنَّ(2/411)
الْجَنَّةَ لَا يَدْخُلُهَا مُشْرِكٌ قَالَ فَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أَبِي قَالَ فَيُحَوَّلُ فِي صُورَةٍ قَبِيحَةٍ وَرِيحٍ مُنْتِنَةٍ فَيَتْرُكُهُ" 1.
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ قَالَ وَلَمْ يَزِدْهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ.
3 -
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري. أحمد بن المقدام من شرط البخاري، ومن فوقه على شرطهما. وقد أورده المؤلف برقم "252".(2/412)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوْلَادَ فَاطِمَةَ لَا يَضُرُّهُمُ ارْتِكَابُ الْحَوْبَاتِ فِي الدنيا رضى الله تعالى عَنْهَا وَعَنْ بَعْلِهَا وَعَنْ وَلَدِهَا وَقَدْ فَعَلَ
646 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ حَدَّثَنَا حَكِيمُ بْنُ سَيْفٍ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214] جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا فقَالَ "يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا" وَلِبَنِي عَبْدِ مَنَافٍ مِثْلَ ذَلِكَ وَلِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ "يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْقِذِي نَفْسَكِ مِنَ النَّارِ فَإِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكِ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إلا أن لك رحما سأبلها ببلالها" 2.
__________
2 إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير حكيم بن سيف الرقي، فقد روى له أبو داود والنسائي، وهو صدوق. وأخرجه الترمذي "3185" في التفسير: باب ومن سورة الشعراء، من طريق زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو الرقي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/333 من طريق مسعر، و360 من طريق زائدة، و361 من طريق شيبان، و519 من طريق أبي عوانة، ومسلم "204" في الإيمان: باب في قوله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، والنسائي 6/248 في الوصايا: باب إذا أوصى لعشيرته الأقربين، من طريق جرير، والترمذي "3184" أيضاً من طريق شعيب بن صفوان، كلهم عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي 6/248 من طريق معاوية بن إسحاق، عن موسى بن طلحة، بهذا الإسناد. =(2/412)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقوله: "إلا أن لك رحماً سأبلها ببلالها" وافق المصنفَ عليها الترمذي، ورواية الجميع: "غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها" ومعنى أبلُّها ببلالها، أي: أصلها، يقال: بلَّ الرحم: إذا وصلها، وفي الحديث الحسن: "بلُّوا أرحامكم ولو بالسَّلام" أي: صلوها وندوها، وقد أطلقوا على الإعطاء: الندى، وقالوا في البخيل: ما تندى كفه بخير، فشبهت قطيعة الرحم بالحرارة، ووصلها بالماء الذي يطفئ ببردة الحرارة. وقال الطيبي: شبه الرحم بالأرض التي إذا وقع عليها الماء وسقاها حق سقيها أزهرت ورئيت فيها النضارة،
فأثمرت المحبة والصفاء، وإذا تركت بغير سقي حتى يبست وبطلت منفعتها فلا تثمر إلا البغضاء والجفاء.
وأخرجه البخاري "2743" في الوصايا: باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب، و" 4771" في التفسير: باب وأنذر عشيرتك الأقربين، ومسلم "206" "351"، والنسائي 6/248، 249، والبيهقي في "السُّنن" 6/280، والبغوي في "شرح السُّنة" "3744" من طريق شعيب ويونس، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزل الله {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قال: "يا معشر قريش- أو كلمة نحوها- اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا صفية عمة
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أغني عنك من الله شيئاً، ويا فاطمة بنت محمد، سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئاً". وأخرجه أحمد 2/350 من طريق ابن لهيعة، و2/398، والبخاري "3527" في المناقب: باب من انتسب إلى آبائه في الإسلام والجاهلية، ومسلم "206" "352" من طريق أبي الزناد، كلاهما عن الأعرج، عن أبي هريرة. وفي الباب عن عائشة عند مسلم "205"، والترمذي "3184"، والنسائي 6/250، والبيهقي في "السُّنن" 6/280، 281، والبغوي في "شرح السُّنة" "3743".(2/413)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ هَذَا مَنْسُوخٌ إِنَّ1 فِيهِ أَنَّهُ لَا يَشْفَعُ لِأَحَدٍ واخْتِيَارُ الشَّفَاعَةِ كَانَتْ بالمدينة بعده. [5: 45]
__________
1 كذا الأصل، ولعل الصواب: إذ.(2/414)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الْمُتَّقُونَ دُونَ أَقْرِبَائِهِ إِذَا كَانُوا فَجَرَّةً
647 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَشِيطٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ رُهَيْمٍ بَغْدَادِيٌّ ثِقَةٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنِي رَاشِدُ2 بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ السَّكُونِيِّ
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِيهِ مُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ رَاحِلَتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "يَا مُعَاذُ إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي
__________
1 كذا الأصل، ولعل الصواب: إذ.
2 تحرف في الأصل إلى "واسع".(2/414)
وَقَبْرِي" فَبَكَى مُعَاذٌ خَشَعًا لِفِرَاقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فقَالَ: "إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِي وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي الْمُتَّقُونَ مَنْ كَانُوا حَيْثُ كَانُوا اللَّهُمَّ إِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ فَسَادَ مَا أَصْلَحْتَ وَايْمُ اللَّهِ لَيَكْفَؤُونَ أُمَّتِي عَنْ دِينِهَا كَمَا يُكْفَأُ الإناء في البطحاء" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده قوي، عاصم بن حميد السكوني ذكره المؤلف في "الثقات"، وقال الدارقطني: ثقة، وأبو المغيرة: هو عبد القدوس بن الحجاج الخولاني.
وأخرجه أحمد 5/235، والطبراني في "الكبير" 20/"241" عن أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، كلاهما عن أبي المغيرة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/235، والطبراني في "الكبير" 20/"242"، والبيهقي في "السُّنن" 10/86 من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع، عن صفوان بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/22، وقال: رواه أحمد بإسنادين، ورجال الإسنادين رجال الصحيح غير راشد بن سعد وعاصم بن حميد، وهما ثقتان. وأورده الهيثمي أيضاً 10/231، 232، واقتصر في نسبته على الطبراني، وقال: إسناده جيد.
وأخرج البخاري "5990" في الأدب؛ ومسلم "215" في الإيمان، وأحمد 4/203 من حديث عمرو بن العاص قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، جهاراً غير سر- يقول: "إن آل أبي - قال عمرو "هو عمرو بن عباس شيخ البخاري في هذا الحديث" في كتاب محمد بن جعفر "هو شيخ عمرو" بياض - ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله وصالحو المؤمنين" قال البخاري: زاد عنبسة بن عبد الواحد، عن بيان بن قيس؛ عن عمرو بن العاص: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، "ولكن لهم رحم أبلها ببلالها" وعنبسة: هو ابن عبد الواحد بن أمية بن عبد الله بن سعيد بن العاص بن أمية- وهو سعيد بن العاص بن أمية وهو موثق عندهم، وماله في البخاري سوى هذا
الموضع المعلق، وقد وصله البخاري في كتاب البر والصلة، فقال: حدثنا محمد بن عبد الواحد بن عنسبة، حدثنا جدي.. فذكره.(2/415)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنِ اتَّقَى اللَّهَ مِمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِ كَانَ هُوَ الْكَرِيمُ دُونَ النَّسِيبِ الَّذِي يُقَارِفُ مَا حُظِرَ عَلَيْهِ
648 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي مَعْشَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ قَالَ: "أَتْقَاهُمْ" قَالُوا لَسْنَا عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ قَالَ: "فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونَنِي خِيَارُكُمْ1 خِيَارُكُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذا فقهوا" 2. [3: 65]
__________
1 لفظ البخاري ومسلم وأحمد "خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام" وفي رواية لهم "خيارهم في الجاهلية، خيارهم في الإسلام".
2 إسناده صحيح على شرط البخاري، فإن محمد بن سنان- وهو الباهلي- من رجال البخاري، ومن فوقه على شرطهما.
وأخرجه البخاري "3374" في أحاديث الأنبياء: باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} من طريق المعتمر بن سليمان،
و" 3383"باب قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} ، و "4689" في التفسير: باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} من طريق أبي أسامة وعبيدة بن سليمان، ثلاثتهم عن عبيد الله بن عمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "3353" في الأنبياء: باب {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} عن علي بن عبد الله المديني، و"3490" في المناقب: باب قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى..} عن محمد بن =(2/416)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بشار، كلاهما عن يحيى القطان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال البخاري عقب "3353": قال أبو أسامة ومعتمر: عن عبيد الله، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقال الحافظ ابن حجر: يعني أنهما خالفا يحيى القطان في الإسناد، فلم يقولا فيه: عن سعيد، عن أبيه.
وجاء في هامش أصل "الإحسان" تعليقاً على هذا الحديث، وهو لغير المصنف، ما نصه: أخرجه البخاري من طريق جماعة ليس فيهم يحيى القطان، فقال: عن عبيد الله بن عمر، عن سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، فأدخلوا بين سعيد وأبي هريرة أبا سعيد.
وأخرجه عبد الرزاق "20641" عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلاً. ليس فيه أبو هريرة.
وتقدم الحديث برقم "92" من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة. فانظره.
ومعادن العرب: قال ابنُ الأثير في "النهاية" 3/192: أي أصولها التي ينسبون إليها. قال الحافظ: ويحتمل أن يريد بقوله: "خياركم" جمع خير، ويحتمل أن يريد أفعل للتفضيل تقول في الواحد: خير، وأخير، والأفضل من جمع بين الشرف في الجاهلية والشرف في الإسلام وأضاف إليهما التفقه في الدين، وكان شرفهم في الجاهلية بالخصال المحمودة من جهة ملائمة الطبع ومنافرته خصوصاً بالانتساب إلى الآباء المتصفين بذلك، ثم الشرف في الإسلام بالخصال المحمودة شرعاً. انظر "الفتح" 6، 414-415.(2/417)
ذِكْرُ رَجَاءِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ خَوْفِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى حَالَةِ الرَّجَاءِ
649 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بن عبد الغافرذكر رَجَاءِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ خَوْفِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى حَالَةِ الرَّجَاءِ
[649] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ(2/417)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ النَّاسِ رَجُلٌ رَغَسَهُ اللَّهُ مَالًا وَوَلَدًا1 فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ جَمَعَ بَنِيهِ فقَالَ أَيَّ أَبٍ كُنْتُ لَكُمْ قَالُوا خَيْرَ أَبٍ فقَالَ إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا ابْتَأَرَ عِنْدَ اللَّهِ خير قَطُّ وَإِنَّ رَبَّهُ يُعَذِّبُهُ فَإِذَا أَنَا مِتُّ فأحرقوني ثم اسحوقني ثُمَّ اذْرُونِي فِي رِيحٍ عَاصِفٍ قَالَ اللَّهُ كُنْ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ قَالَ مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ قَالَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ يَلْقَاهُ غَيْرَ أَنْ غُفِرَ له" 2.
__________
1 أي: أكثر له منهما، وبارك له فيهما. والرَّغْسُ: السِّعَة في النعمة، والبركة والنماء. قاله ابن الأثير في "النهاية".
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري "3478" في الأنبياء: باب 54، ومسلم "2757" "28" في التوبة: باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، عن محمد بن المثنى، كلاهما عن أبي الوليد الطيالسي، بهذا الإسناد.
وعلقه البخاري عقب "3478" و"6481" عن معاذ، عن شعبة، عن قتادة، به، ووصله مسلم "2757" "27" عن عبيد الله بن معاذ، عن معاذ، به.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 6/132 من طريق مطر الوراق، عن عقبة بن عبد الغافر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/13 و17 من طريق معاوية بن هشام، عن شيبان أبي معاوية، عن فراس بن يحيى الهمداني، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد. وسيرد بعده من طريق سليمان التيمي، عن قتادة، به، فانظره.
وقوله: "ما ابتأر خيراً" أي: ما قدم. وسيرد شرحها في الرواية التالية.(2/418)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ خَوْفَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِذَا غَلَبَ عَلَى الْمَرْءِ قَدْ يُرْجَى لَهُ النَّجَاةُ فِي الْقِيَامَةِ
650 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَانَ رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ لَمْ يَبْتَئِرْ1 عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا قَطُّ قَالَ لِبَنِيهِ عِنْدَ الْمَوْتِ يَا بَنِيَّ أَيَّ أَبٍ كنت لكم قالوا خير أب قال
__________
1 قال البخاري: فَسَّرها قتادة: لم يدخر. قال الحافظ ابن حجر: كذا وقع هنا: "يبتئر" بفتح أوله، وسكون الموحدة، وفتح المثناة، بعدها تحتانية مهموزة، ثم راء مهملة، وتفسير قتادة صحيح، وأصله من البئيرة بمعنى الذخيرة والخبيئة، قال أهل اللغة: بأرت الشيء وابتأرته أبأره وأبتئره إذا خبأته، ووقع في رواية ابن السكن "لم يأتبر" بتقديم الهمزة على الموحدة، حكاه عياض، وهما صحيحان بمعنى، والأول أشهر، ومعناه: لم يقدم خيراً، كما جاء مفسراً في الحديث، ووقع في التوحيد [برقم 7508] وفي رواية أبي ذر: "لم يبتئر" أو "لم يبتئر" بالشك في الزاي أو الراء، وفي رواية الجرجاني بنون بدل الموحدة والزاي، قال: وكلاهما غير صحيح، وفي بعض الروايات في غير البخاري "ينتهز" بالهاء بدل الهمزة وبالزاي، و "يمتئر" بالميم بدل الموحدة وبالراء أيضاً. قال: وكلاهما صحيح أيضاً كالأولين. انظر "فتح الباري" 11/314.(2/419)
فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَاحْرَقُونِي واسْحَقُونِي فَإِذَا كَانَ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ فَذُرُّونِي قَالَ فَمَاتَ فَفُعِلَ بِهِ ذَلِكَ فقَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ كَأَسْرَعِ مِنْ طَرْفَةِ الْعَيْنِ فقَالَ اللَّهُ يَا عَبْدِي مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ فقَالَ مَخَافَتُكَ أَيْ رَبِّ قَالَ فَمَا تَلَافَاهُ أَنْ غُفِرَ لَهُ" 1.
قَالَ الْمُعْتَمِرُ قَالَ أَبِي فَحَدَّثْتُ هَذَا الْحَدِيثَ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ قَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ وَزَادَ فِيهِ "وَذُرُّونِي فِي الْبَحْرِ". [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، صالح بن حاتم بن وردان روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره المؤلف في "الثقات" 8/318، وقال ابنُ قانع: صالح، واحتج به مسلم، ومن فوقه على شرطهما.
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" "559" من طريق صالح بن حاتم، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "6481" في الرقاق: باب الخوف من الله، و"7508" في التوحيد: باب {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ، ومسلم "2757" "28" في التوبة: باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، من طرق عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق أبي عوانة، عن قتادة، به، فانظره.
وفي الباب عن حذيفة في الحديث التالي.
وعن أبي هريرة عند مالك في "الموطأ" 1/240 في الجنائز: باب جامع الجنائز، والبخاري "3481" في أحاديث الأنبياء، و"7506" في التوحيد: باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ} ، ومسلم "2757" في التوبة: باب في سعة رحمة الله تعالى، والبغوي في "شرح السُّنة" "4183" و"4184".
وعن معاوية بن حيدة القشيري عند الدارمي 2/330.(2/420)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَ يَنْبِشُ الْقُبُورَ فِي الدُّنْيَا
651 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ
عَنْ حُذَيْفَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "تُوُفِّيَ رَجُلٌ كَانَ نَبَّاشًا فقَالَ لِوَلَدِهِ احْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي فَذُرُّونِي فِي الرِّيحِ فَسُئِلَ مَا صَنَعْتَ قَالَ مَخَافَتُكَ يَا رب قال فغفر له" 1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه البخاري "3479" في أحاديث الأنبياء، عن مسدد بن مسرهد وموسى بن إسماعيل، عن أبي عوانة، عن عبد الملك بن عمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "6480" في الرقاق: باب الخوف من الله، والنسائي 4/113 في الجنائز: باب أرواح المؤمنين، من طريق جرير، وأنو نعيم في "الحلية" 8/124 من طريق فضيل بن عياض، كلاهما عن منصور، عن ربعي بن حراش، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من حديث أبي سعيد الخدري.(2/421)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْغَفْلَةِ وَلُزُومِ الِانْتِبَاهِ لِوِرْدِ هَوْلِ الْمَطْلَعِ
652 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأعمش عن أبي صالحذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْغَفْلَةِ وَلُزُومِ الِانْتِبَاهِ لِوِرْدِ هَوْلِ الْمَطْلَعِ
[652] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ(2/421)
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ} [مريم:39] قال: "في الدنيا" 1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وأخرجه أحمد 3/9، ومسلم "2849" في الجنة وصفة نعيمها: باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، والطبري في "التفسير" 16/87 من طريق أبي معاوية ومحمد بن خازم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/9 عن محمد بن عبيد، والبخاري "4730" في التفسير: باب {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ} ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "4366" من طريق حفص بن غياث، والترمذي "3156" في التفسير: باب ومن سورة مريم، من طريق أبي المغيرة، والطبري 16/88 من طريق أسباط بن محمد، كلهم عن الأعمش، بهذا الإسناد.(2/422)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْخِصَالِ الَّتِي يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ تَفَقُّدُهَا مِنْ نَفْسِهِ حَذَرَ إِيجَابِ النَّارِ لَهُ بِارْتِكَابِ بَعْضِهَا
653 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ2 بْنُ عُمَرَ الْحَوْضِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ حَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ أَخُو مُطَرِّفٍ قَالَ وَحَدَّثَنِي رَجُلَانِ آخَرَانِ أَنَّ مُطَرِّفًا حَدَّثَهُمْ
أَنَّ عِيَاضَ بْنَ حِمَارٍ حَدَّثَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا إِنَّ كُلَّ مَا أَنْحَلْتُهُ3 عَبْدِي حَلَالٌ وَإِنِّي خلقت عبادي
__________
2 تحرف في الأصل إلى جعفر.
3 أنحلته: أعطيته، وقال النووي في شرح مسلم 8/197: وفي الكلام حذف، أي: قال الله تعالى كل مال أعطيته عبداً من عبادي، فهو له حلال، والمراد إنكار ما حرموا على أنفسهم من السائبة والوصيلة والبحيرة والحامي
وغير ذلك، وأنها لم تصر حراماً بتحريمهم، وكل مال ملكه العبد، فهو له حلال حتى يتعلق به حق.(2/422)
حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ1 وَإِنَّهُ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ2 عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ فَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سلطان وَإِنَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ غَيْرَ بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِيَ بِكَ وَأُنْزِلَ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ3 تَقْرَؤُهُ يَقْظَانَ وَنَائِمًا وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَمَرَنِي أَنْ أُخْبِرَ4 قُرَيْشًا فَقُلْتُ إِذًا يَثْلَغُوا رأسي5 فيتركوه خبزة قال
__________
1 أي: مسلمين، وهذا من أبين الأدلة على أن الخلق جميعاً مفطورون على الإسلام، كما قال الحق تبارك وتعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} وقد اتفق أهل العلم بالتأويل على أن المراد بقوله تعالى: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} الإسلام. وانظر "زاد الميسر" 6/300، 302 وتعليقاً عليه.
2 أي استخَفَّتْهم، فجالوا معهم في الضلال. يقال: جال واجتال: إذا ذهب وجاء، ومنه الجَوَلان في الحرب، واجتال الشيء إذا ذهب به وساقه.
والجائل: الزائل عن مكانه. وروى بالحاء المهملة. قاله ابن الأثير في "النهاية".
3 أي: هو محفوظ في الصدور، لا يتطرق إليه الذهاب، بل ينقى على مر الأزمان.
4 وفي رواية للطبراني "995" "إن الله أمرني أن آتي قريشاً" وفيه أيضاً "997": "وأمرني أن آتيهم فأبين لهم الذي جعلهم عليه" وله رواية لثالثة "992": "وإن الله أوحى إليّ أن أغزو قريشاً" ولمسلم والطيالسي والمصنف: "وإن الله أمرني أن أحرق قريشاً".
5 الثلغ: الشدخ، وقيل: هو ضربك الشيء الرطب بالشيء اليابس حتى ينشدخ.(2/423)
فَاسْتَخْرِجْهُمْ كَمَا اسْتَخْرَجُوكَ وَاغْزُهُمْ يَسْتَغْزُوكَ1 وَأَنْفِقْ يُنْفَقْ عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةً أَمْثَالَهُمْ2 وَقَاتِلْ بِمَنْ أَطَاعَكَ مَنْ عَصَاكَ وَقَالَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ إِمَامٌ مُقْسِطٌ مُصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رقيق القلب لكل ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَرَجُلٌ عَفِيفٌ فَقِيرٌ مُصَّدِّقٌ3 وقال أَصْحَابُ النَّارِ خَمْسَةٌ رَجُلٌ جَائِرٌ4 لَا يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ5 وَرَجُلٌ لَا يُمْسِي وَلَا يُصْبِحُ إِلَّا وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَالضَّعِيفُ6 الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعٌ لَا يَبْغُونَ7 أَهْلًا وَلَا مَالًا" فقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ8 أَمِنَ الْمَوَالِي هُوَ أَوْ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ: "هُوَ التَّابِعَةُ9 يَكُونُ للرجل فيصيب من حرمته
__________
1 في مسلم وأحمد والمصنف: "واغزهم نُغْرِكَ" أي: نعينك، وعند الطيالسي: "واغْزُهُمْ كما يغزونك".
2 في مسلم: "نبعث خمسة مثله"، وفي المصنف: "وابعث جيشاً نمددك بخمسة أمثالهم" وفي الطيالسي: "نبعث خمسة أمثاله".
3 في مسلم: "عفيف متعفف ذو عيال".
4 في مسلم وأحمد: "خائن".
5 زاد مسلم وغيره: إلا خانه.
6 في مسلم وغيره، زيادة: "لا زَبْرَ له" أي: لا عقل له يزبره.
7 في مسلم: لا يتبعون، وفي المسند والطيالسي والمصنف وإحدى نسخ مسلم: لا يتبغون.
8 هو مطرف بن عبد الله بن الشخير، والقائل له قتادة، كما بينت رواية مسلم.
9 هو المولى، والهاء للمبالغة، وفي رواية أحمد 2/266: هو التابعة يكون للرجل يصيب من خدمه سفاحاً غير نكاح.(2/424)
سِفَاحًا غَيْرَ نِكَاحٍ وَالشِّنْظِيرُ الْفَاحِشُ وَذَكَرَ الْبُخْلَ والكذب1. [3: 68]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله ثقات رجا الصحيح غير العلاء بن زياد، فقد روى له النسائي وابن ماجة، وهو ثقة.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 17/"992" عن أبي خليفة الفضل بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 17/"992" أيضاً على علي بن عبد العزيز وأبي مسلم الكشي ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، ثلاثتهم عن حفص بن عمر الحوضي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/266، والطبراني 17/ "993" من طريقين عن همام بن يحيى، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "1088"، والطيالسي "1079"، وأحمد 4/162 و266، ومسلم "2865" "63" و"64" في الجنة وصفة نعيمها: باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار، والطبراني في "الكبير" 17/"987" و"994"، والبيهقي في "السُّنن" 9/60 من طرق عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني 17/"995" من طريق أبي قلابة، عن أبي العلاء مطرف، عن عياض، به.
وأخرجه أيضاً 17/"997" من طريق ثور بن يزيد، عن يحيى بن جابر، عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدي، عن عياض، به.
وسيرد بعده من طريق الحسن، عن مطرف، به. فانظره.(2/425)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ
654 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ الْأَثْرَمِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مطرف بن عبد اللهذكر الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ قَتَادَةُ بْنُ دِعَامَةَ
[654] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ عَوْفٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ الْأَثْرَمِ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ(2/425)
عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ "إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا وَإِنَّهُ قَالَ لِي إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّ كُلَّ مَا أَنْحَلْتُ عِبَادِي فَهُوَ لَهُمْ حَلَالٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ أَتَتْهُمْ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا وَإِنَّ اللَّهَ أَتَى أَهْلَ الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَنِي فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَإِنَّهُ قَالَ لِي قَدْ أَنْزَلْتُ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ فَاقْرَأْهُ نَائِمًا وَيَقْظَانَ وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُخْبِرَ قُرَيْشًا وَإِنِّي قُلْتُ أَيْ رَبِّ إذا يثغلوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً وَإِنَّهُ قَالَ لِي اسْتَخْرِجْهُمْ كما استخرجوك واغزهم يستغزونك وأنفق عَلَيْكَ وَابْعَثْ جَيْشًا نَبْعَثْ خَمْسَةَ أَمْثَالِهِ وَقَاتِلْ بمن أطاعك من عصاك" 1. [3: 68]
__________
1 إسناده حسن، المعلى بن مهدي روى عنه جمع، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 8/335، فقال: سألت أبي عنه، فقال: شيخ موصلى أدركته، ولم أسمع منه، يحدث أحياناً بالحديث المنكر. وذكره المؤلف في "الثقات" 9/182، 183، وقال الإمام الذهبي: صدوق في نفسه.
وحكيم بن الأثرم كذا ورد في الأصل زيادة "بن" بين حكيم والأثرم، والصواب أنه حكيم الأثرم كما ورد في تهذيب الكمال وفروعه، ونقل المزي عن محمد بن يحيى الذهلي قال: قلت لعلي ابن المديني: حكيم الأثرم من هو؟ قال: أعيانا هذا، وفي رواية قال: لا أدري من أين هو. ونقل مغلطاي عن ثقات ابن خلفون قول ابن المديني: حكيم الأثرم لا أدري ابن من هو، وهو ثقة. أما ابن حبان فقد سمى أباه حكيماً، فقال في "الثقات" 6/215: حكيم الأثرم يروي عن الحسن وأبي تميمة الهجيمي، عداده في أهل البصرة، روى عنه حماد بن سلمة وعوف الأعرابي. وقال الذهبي في "الكاشف": فيه لين. وباقي رجاله ثقات. أبو شهاب هو موسى بن نافع الحنَّاط، والحسن هو البصري.
وأخرجه أحمد 4/266، والطبراني في "الكبير" 17/"996" من طرق عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ عياض، به. فانظره.(2/426)
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ مُجَانَبَةِ أَفْعَالٍ يُتَوَقَّعُ لِمُرْتَكِبِهَا الْعُقُوبَةُ فِي الْعُقْبَى بِهَا
655 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَحْمَدَ أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَخْبَرَنَا عَوْفٌ عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَقُولُ "هَلْ رَأَى أَحَدٌ مِنْ رُؤْيَا" فَيَقُصُّ عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُصَّ وَإِنَّهُ قَالَ لَنَا ذَاتَ غَدَاةٍ: "إِنَّهُ أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ وَإِنَّهُمَا ابْتَعَثَانِي وَإِنَّهُمَا قَالَا لِي انْطَلِقْ وَإِنِّي انْطَلَقْتُ مَعَهُمَا حَتَّى أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ بِهَا رَأْسَهُ فَتُدَهْدِهَهُ الصَّخْرَةُ1 هَا هُنَا فَيَقُومُ إِلَى الْحَجَرِ فَيَأْخُذُهُ فما يرجع إليه أحسبه قال
__________
1 في البخاري، والمسند الطبراني، فيتدهده الحجر هاهنا. وقال الحافظ: وفي رواية الكشميهني: فيتدأدأ بهمزتين بدل الهاءين، وفي رواية النسفي، وكذا هو في رواية جرير بن حازم: فيتدهدأ بهاء ثم همزة، وكل بمعنى، والمراد أنه دفعه من علو إلى أسفل، وتدهده: إذا انحط، والهمزة تبدل من الهاء كثيراً، وتدأدأ: تدحرج، وهو بمعناه.(2/427)
حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا هَذَانِ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفَاهُ وَإِذَا آخَرُ عَلَيْهِ بِكَلُّوبٍ1 مِنْ حَدِيدٍ فَإِذَا هُوَ يَأْتِيَ أَحَدَ شِقَّيْ وَجْهِهِ فَيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إِلَى قَفَاهُ وَمِنْخَرَهُ إِلَى قَفَاهُ2 وَعَيْنَهُ إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إِلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْجَانِبِ الْأَوَّلِ فَمَا يَفْرُغُ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِبِ حَتَّى يَصِحَّ الْجَانِبُ الْأَوَّلُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى قَالَ قُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ ما هذان قالا انطلق انطلق فانطلقت معها فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْل بِنَاءِ التَّنُّورِ3 قَالَ عَوْفٌ أحسب أنه قال فإذا فيه لغظ وَأَصْوَاتٌ فَاطَّلَعْنَا فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ وَإِذَا بِنَهْرٍ لَهِيبٍ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ تَضَوْضَوْا4 قَالَ قُلْتُ مَا هَؤُلَاءِ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا
__________
1 الكَلُّوب: بفتح الكاف وضم اللام المشددة، وجاء الضم في الكاف، ويقال: الكلاب، والجمع كلاليب، وهو حديدة معوجة الرأس ينشل بها الشيء أو يُعَلَّق.
2 أي يُشَقِّقُه ويُقَطِّعُهُ. والشدقُ جانب الفم، جمعه أشداق.
3 في البخاري زيادة: أعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته ناراً، وفي "المسند" تتوقد تحته نار.
4 أي ضَجُّوا واستغاثوا وصاحوا، وفي البخاري وغيره: ضوضوا: قال الحافظ: بغير همزة للأكثر، وحكي الهمز، أي: رفعوا أصواتهم مختلطة، ومنهم من سهل الهمزة. انظر "فتح الباري" 12/442.(2/428)
عَلَى نَهَرٍ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ أَحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ وَإِذَا فِي النَّهَرِ رَجُلٌ يَسْبَحُ وَإِذَا عِنْدَ شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ عِنْدَهُ حِجَارَةً كَثِيرَةً وَإِذَا ذَلِكَ السَّابِحُ يَسْبَحُ مَا يَسْبَحُ ثُمَّ يَأْتِي ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي جَمَعَ الْحِجَارَةَ فَيَفْغَرُ1 لَهُ فَاهُ فَيُلْقِمُهُ حَجَرًا قَالَ قُلْتُ مَا هَؤُلَاءِ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ قَالَ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ كَرِيهِ الْمَرْآةِ2 كَأَكْرَهِ مَا أَنْتَ رَاءٍ رَجُلًا مَرْآهُ فَإِذَا هُوَ عِنْدَ نَارٍ يَحُشُّهَا3 وَيَسْعَى حَوْلَهَا قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَذَا قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا فَأَتَيْنَا عَلَى رَوْضَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ نَوْرِ الرَّبِيعِ وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَيِ4 الرَّوْضَةِ رَجُلٌ قَائِمٌ طَوِيلٌ لَا أَكَادُ أَرَى رَأْسَهُ طولا في السماء ورأى حَوْلَ الرَّجُلِ مِنْ أَكْثَرِ وِلْدَانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ وَأَحْسَنَهُ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا مَا هَؤُلَاءِ قَالَا لِي انْطَلِقِ انْطَلِقْ فَانْطَلَقْنَا وَأَتَيْنَا دَوْحَةً عَظِيمَةً لَمْ أَرَ دَوْحَةً قَطُّ أَعْظَمَ مِنْهَا وَلَا أَحْسَنَ قَالَا لِي ارْقَ فِيهَا قَالَ فَارْتَقَيْنَا فيها فانتهينا إلى
__________
1 بفتح أوله، وسكون الفاء، وفتح الغين، بعدها راء، أي: يفتحه.
2 المرآة، بفتح الميم وسكون الراء، وهمزة ممدودة بعدها هاء تأنيث، أي كريه المنظر، وأصلها المرأية تحركت الياء وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفاً، ووزنها مفعلة بفتح الميم، قال ابن الأثير: يقال: فلان كريه المرآة، أي قبيح المنظر، ويقال: امرأة حسنة المرآة والمرأى، أي حسنة المنظر، وفلان حسن في مرآة العين، أي: في المنظر.
3 يحشها بفتح الياء وضم الحاء وتشديد الشين، أي: يحركها لتتقد، يقال: حشيت النار أحشها حشاً: إذا أوقدتها، وجمعت الحطب إليها، وحكى في "المطالع" بضم أوله من الإحشاش.
4 أي وسطها يقال: قعدت بين ظهري القوم وظهرانيهم.(2/429)
مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَأَتَيْنَا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فقلنا ما منها رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالَ قَالَا لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهَرِ فَإِذَا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأَنَّ مَاءَهُ الْمَحْضُ1 فِي الْبَيَاضِ فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا وَقَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ وَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَ قَالَا لِي هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ فَسَمَا بَصَرِي صُعُدًا فَإِذَا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبَابَةِ2 الْبَيْضَاءِ قَالَ قَالَا لِي هَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَ قُلْتُ لَهُمَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكُمَا ذَرَانِي أَدْخُلْهُ قَالَ قَالَا لِي أَمَّا الْآنَ فَلَا وَأَنْتَ دَاخِلُهُ قَالَ فَإِنِّي رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا فَمَا هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ قَالَ قَالَا لِي أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ.
أَمَّا الرَّجُلُ الْأَوَّلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُثْلَغُ رَأْسُهُ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ وَيَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ وَمِنْخَرُهُ إِلَى قَفَاهُ فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ فَتَبْلُغُ الْآفَاقَ.
__________
1 المحض: اللبن الخالص غير مشوب بشيء، حلواً كان أو حامضاً، وقد بين وجه التشبيه بقوله "في البياض"، قال الطيبي: كأنهم سموا اللبن بالصفة، ثم استعمل في كل صاف، قال: ويحتمل أن يراد بالماء المذكور عفو الله عنهم، كما في الحديث: "أغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد". "الفتح" 12/444.
2 هي السحابة البيضاء.(2/430)
وَأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي فِي النَّهَرِ فَيَلْتَقِمُ الْحِجَارَةَ فَإِنَّهُ آكِلُ الرِّبَا.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الْكَرِيهُ الْمَرْآةِ الَّذِي عِنْدَ النَّارِ يَحُشُّهَا فَإِنَّهُ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ.
وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ فَإِنَّهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَمَّا الْوِلْدَانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ وُلِدَ عَلَى الْفِطْرَةِ. قَالَ فقَالَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَأَوْلَادُ الْمُشْرِكِينَ.
وَأَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم" 1. [3: 3]
__________
1 إسناده صحيح، عيسى بن أحمد روى له الترمذي والنسائي، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 5/8، 9 عن محمد بن جعفر، والبخاري "7047" في التعبير: باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح. من طريق إسماعيل ابن علية، والطبراني في "الكبير" "6984" من طريق هوذة بن خليفة، و"6985" من طريق شعبة، أربعتهم عن عوف بن أبي جميلة الأعرابي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد5/14، والبخاري "1386" في الجنائز، والطبراني في "الكبير" "6986" و"6990"، والبغوي في "شرح السُّنة" "2053" من طرق عن أبي رجاء العطاردي، به. وأخرجه مختصراً: البخاري "1143" في التهجد، و"2085" في البيوع، و"2791" في الجهاد، و"3236" في بدء الخلق، و"3354" في الأنبياء، و"4674" في التفسير، و"6096" في الأدب، ومسلم "2275" في الرؤيا، والترمذي "2295" في الرؤيا، والطبراني "6987" و"6988" و"6989"، والبيهقي في "السُّنن" 2/187، و5/275 من طريق أبي رجاء العطاردي، به.(2/431)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَجْعَلَ لِنَفْسِهِ مَحَجَّتَيْنِ يَرْكَبُهُمَا إِحْدَاهُمَا الرَّجَاءُ وَالْأُخْرَى الْخَوْفُ
656 - أَخْبَرَنَا حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ الْبَلْخِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَوْ يَعْلَمُ الْمُؤْمِنُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا طَمِعَ بِجَنَّتِهِ أَحَدٌ وَلَوْ يَعْلَمُ الْكَافِرُ مَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرَّحْمَةِ مَا قَنَطَ مِنْ جَنَّتِهِ أحد" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه مسلم "2755" في التوبة: باب في سعة رحمة الله، عن يحيى بن أيوب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/397، ومسلم "2755" أيضاً من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به. وتقدم برقم "345" من طريق عبد العزيز بن محمد، عن العلاء، به. فانظره.(2/432)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ تَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْءُ مُجْتَهِدًا فِي إِتْيَانِهَا
657 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ فُضَيْلِ بن عياض عن هشام عن محمدذكر الْإِخْبَارِ عَنْ تَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى الطَّاعَاتِ وَإِنْ كَانَ الْمَرْءُ مُجْتَهِدًا فِي إِتْيَانِهَا
[657] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ(2/432)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ يُؤَاخِذُنِي اللَّهُ وَابْنَ مَرْيَمَ بِمَا جَنَتْ هَاتَانِ يَعْنِي الْإِبْهَامَ وَالَّتِي تَلِيهَا لَعَذَّبَنَا ثُمَّ لَمْ يَظْلِمْنَا شَيْئًا" 1. [3: 10]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، محمد بن إسحاق: هو الحافظ الإمام الثقة شيخ خراسان أبو العباس السراج، وباقي رجال السند ثقات على شرطهما غير عبد الله بن عمر- وهو ابن محمد بن أبان- فمن رجال مسلم. محمد هو ابن سيرين. هشام هو ابن حسان.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/132 عن إبراهيم بن محمد بن يحيى، عن محمد بن إسحاق الثقفي، بهذا الإسناد. ومن ثلاث طرق عن عبد الله بن عمر بن أبان، به.
وسيعيده المؤلف برقم "659" من طريق موسى بن عبد الرحمن المسروقي، عن حسين الجعفري، به.
وأخرجه البزار "3448" عن أبي بكر، عن محمد بن عبد الملك بن زنجويه، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، به. بزيادة في أوله، وهي: "لن ينجي أحداً عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمة وفضل، ولو يؤاخذني أنا وعيسى مما جنى هذين لأوبقنا" وأشار بالسبابة والوسطى. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/356، وقال: هو في الصحيح من غير قوله: ولو يؤاخذني ... رواه البزار والطبراني في "الأوسط" إلا أنه قال: "ولو يؤاخذني بما جنى هؤلاء لأوبقني"، وشيخ البزار أبو بكر لم أعرفه، وكأنه وراق ابن أبي الدنيا، فإنه روى عن محمد بن عبد الملك بن زنجويه، وشيخ الطبراني إبراهيم بن معاوية بن ذكوان بن أبي سفيان القيصراني لم أجد من ترجمه، وبقية رجالهما رجال الصحيح غير محمد بن عبد الملك بن زنجويه، وهو ثقة.
قلت: وقوله: "لن ينجي أحداً عمله ... " تقدم برقم "348"، وسيرد برقم "660" من حديث أبي هريرة.(2/433)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قِلَّةِ الْأَمْنِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ نَعُوذُ بِهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُشَمِّرًا فِي أَسْبَابِ الطَّاعَاتِ جَهَدَهُ
658 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ
أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ يَوْمُ رِيحٍ أَوْ غَيْمٍ عُرِفَ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ فَإِذَا مَطَرَتْ سُرَّ بِهِ وَذَهَبَ ذَلِكَ عَنْهُ فَسُئِلَ فقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ عَذَابًا سُلِّطَ عَلَى أُمَّتِي" 1. [3: 65]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه في "صحيحه" "899" في الاستسقاء: باب التعوذ عند رؤية الريح والغيم والفرح بالمطر، والبيهقي في "السُّنن" 3/361 من طريق عبد الله بن مسلمة القعنبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "3206" في بدء الخلق: باب ما جاء في قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} ومسلم "899" "15"، والترمذي "3257" في التفسير: باب ومن سورة الأحقاف، وابن ماجة "3891" من طريق ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح، به.
وأخرجه أحمد 6/66، والبخاري "4829" في التفسير: باب {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، ومسلم "899" "16"، وأبو داود "5098" في الأدب: باب ما يقول إذا هاجت الريح، من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي النضر، عن سليمان بن يسار، عن عائشة.
وفي الباب عن أنس سيرد برقم "664".(2/434)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْءِ الرُّجُوعَ بِاللَّوْمِ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا قَصَّرَ فِي الطَّاعَاتِ وَإِنْ كَانَ سَعْيُهُ فِيهَا كَثِيرًا
659 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عياض عن هشام بن حسان عن بْنِ سِيرِينَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ أَنَّ اللَّهَ يُؤَاخِذُنِي وَعِيسَى بِذُنُوبِنَا لَعَذَّبَنَا وَلَا يَظْلِمُنَا شيئا قال وأشار بالسبابة والتي تليه ا" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح، محمد بن المسيب: هو الحافظ البارع الجوال الزاهد القدوة أبو عبد الله محمد بن المسيب بن إسحاق بن عبد الله النيسابوري الإسفنجي المتوفى سنة 315 وترجم في تذكرة الحافظ 3/789، 890، وموسى بن عبد الرحمن روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة، ومن فوقه من رجال الشيخين. وهو مكرر "657".(2/435)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى مَوْجُودِ الطَّاعَاتِ دُونَ التَّسَلُّقِ بِالِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ فِي الْأَحْوَالِ
660 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عمله ولكن سددوا وقاربوا" قالوا ولا أنتذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الِاتِّكَالِ عَلَى مَوْجُودِ الطَّاعَاتِ دُونَ التَّسَلُّقِ بِالِاضْطِرَارِ إِلَيْهِ فِي الْأَحْوَالِ
[660] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُنْجِيهِ عَمَلُهُ وَلَكِنْ سَدِّدُوا وَقَارِبُوا" قَالُوا وَلَا أَنْتَ(2/435)
يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "وَلَا أَنَا إِلَّا أن يتغمدني بمغفرة وفضل" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو في "مصنف" عبد الرزاق "20562"، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/319، والبغوي في "شرح السُّنة" "4193".
وأورده المؤلف برقم "348" من طريق بسر بن سعيد، عن أبي هريرة، فانظر تخريجه هناك.(2/436)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ اسْتِحْقَارِهِ الْيَسِيرَ مِنَ الطَّاعَاتِ وَالْقَلِيلَ مِنَ الْجِنَايَاتِ
661 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ أَخْبَرَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ والنار مثل ذلك" 2.
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وأبو وائل: هو شقيق بن سلمة.
وأخرجه أحمد 1/442 عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/387 عن ابن نمير، و1/442، والبخاري "6488" في الرقاق: باب الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، والبغوي في "شرح السُّنة" "4174" من طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه أحمد 1/413 و442، والبخاري "6488" أيضاً، والبيهقي في "السُّنن" 3/368 من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن أبي وائل، به.(2/436)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ النَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ دُونَ الاعتماد على يومه
662 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ قَالَ حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بن المسيبذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ النَّظَرِ فِي الْعَوَاقِبِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ دُونَ الِاعْتِمَادِ على يومه
[662] أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ قَالَ حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ(2/436)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كثيرا" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح، يزيد بن موهب روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/453 عن حجاج بن محمد، والبخاري "6485" في الرقاق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً" عن يحيى بن بكير، كلاهما عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، بهذا الإسناد.
وتقدم برقم "113" و"358" من طريق الربيع بن مسلم، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة، وورد تخريجه من طرقه برقم "113".
وفي الباب عن أنس سيورده المؤلف برقم "5773" في باب المزاح والضحك.
وعن عائشة عند أحمد 6/81 و164، والبخاري "6631" في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي ذر عند أحمد 5/173، وابن ماجة "4190" في الزهد: باب الحزن والبكاء، والترمذي "2313" في الزهد: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ... " والبيهقي 7/52، والبغوي في "شرح السُّنة" "4172".
وعن أبي الدرداء موقوفاً عند ابن أبي شيبة 13/312.(2/437)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ عِنْدَمَا جَرَى مِنْهُ مِنْ مُقَارَفَةِ الْمَأْثَمِ حِينَ يُزَيِّنُ الشَّيْطَانُ لَهُ ارْتِكَابَ مِثْلِهَا
663 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ المعافى بن أبي حنظلة العابدذكر الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ عِنْدَمَا جَرَى مِنْهُ مِنْ مُقَارَفَةِ الْمَأْثَمِ حِينَ يُزَيِّنُ الشَّيْطَانُ لَهُ ارْتِكَابَ مِثْلِهَا
[663] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِعَسْقَلَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى بْنِ أَبِي حَنْظَلَةَ الْعَابِدُ(2/437)
بِصَيْدَاءَ فِي آخَرِينَ قَالُوا حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْرَقُ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أَدَّى عَنِ الزُّهْرِيِّ سَبْعَةَ آلَافِ دِينَارٍ دَيْنًا كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ لِلزُّهْرِيِّ لَا تَعُودَنَّ تَدَّانُ فقَالَ الزُّهْرِيُّ كَيْفَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَدْ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ" 1. لَفْظُ الْخَبَرِ لِعُمَرَ بن سعيد سنان.
__________
1 إسناده صحيح، هشام بن خالد الأزرق: صدوق، روى له أبو داود وابن ماجه، ومن فوقه من رجال الصحيح.
وأخرجه أبو الشيخ في "الأمثال" "9"، وأبو نعيم في "الحلية" 6/127 من طريقين عن هشام بن خالد الأزرق، بهذا الإسناد، بلفظ "لا يلسع"
وأخرجه أحمد 2/379، والبخاري "6133" في الأدب، ومسلم "2998" في الزهد والرقائق، كلاهما في باب لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، وأبو داود "4862" في الأدب: باب في الحذر من الناس، والبيهقي في "السُّنن" 10/129، وفي "الآداب" "582"، والبغوي في "شرح السُّنة" "3507" عن قتيبة بن سعيد، وابن ماجة "3982" في الفتن: باب العزلة عن محمد بن الحارث المصري، والدارمي 2/319 عن عبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، بهذا الإسناد.
وأخرجه البيهقي في "السُّنن" 6/320 من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وفي الباب عن ابن عمر الطيالسي "1813". وفسر الطيالسي الحديث بقوله: أي لا يعاقب على ذنبه في الدنيا فيعاقبه عليه في الآخرة.
وقوله: "لا يلدغ" قال الخطابي: هذا يُروى على وجهين:
أحدهما: بضم الغين، على مذهب الخبر، ومعناه أن المؤمن الممدوح هو الكيس الحازم الذي لا يؤتى من ناحية الغفلة، فيخدع مرة بعد أخرى وهو لا يفطن بذلك ولا يشعر به. وقيل: إنه أراد به الخداع في أمر الآخرة دون أمر الدنيا.
والوجه الآخر؛ أن تكون الرواية بكسر الغين على مذهب النهي، يقول: لا يخدعن المؤمن، ولا يُؤْتَيَنَّ من ناحية الغفلة، فيقع في مكروه أو شر وهو لا يشعر، وليكن متيقظاً حذراً، وهذا قد يصلح أن يكون في أمر الدنيا والآخرة معاً. والله أعلم.(2/438)
ذِكْرُ مَا يُعْرَفُ فِي وَجْهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيَاحِ قَبْلَ الْمَطَرِ
664 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ الْمَقَابِرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ عرف ذلك في وجهه" 1. [5: 12]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يحيى بن أيوب، فمن رجال مسلم.
وأخرجه البخاري "1034" في الاستسقاء: باب إذا هبت الريح، والبيهقي في "السُّنن" 3/360 من طريق سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر، عن حميد الطويل، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عائشة تقدم برقم "658".(2/439)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ وَخَلَا بِالطَّاعَاتِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ حَالَةُ الْخَوْفِ عَلَيْهِ غَالِبَةً لِئَلَّا يُعْجَبَ بِهَا وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا فِي نَفْسِهِ تَقِيًّا فِي دِينِهِ
665 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ الْعَدَوِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عن مطرف بن عبد الله بن الشخيرذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَهَجَّدَ بِاللَّيْلِ وَخَلَا بِالطَّاعَاتِ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ حَالَةُ الْخَوْفِ عَلَيْهِ غَالِبَةً لِئَلَّا يُعْجَبَ بِهَا وَإِنْ كَانَ فَاضِلًا فِي نَفْسِهِ تَقِيًّا فِي دِينِهِ
[665] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ الْعَدَوِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ(2/439)
عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي وبصدره أزيز كأزيز المرجل1. [5: 47]
__________
1 إسناده صحيح، حوثرة بن أشرس: روى عنه أبو حاتم وأبو زرعة فيما ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 3/283، وقال ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 109: روى عنه عبد الله بن أحمد، ومسلم بن الحجاج خارج "الصحيح" وأبو يعلى وغيرهم. وذكره المؤلف في "الثقات" 8/215، وقد تابعه غير واحد من الثقات كما يأتي، وباقي رجاله ثقات على شرط الصحيح.
وأخرجه أحمد 4م25 عن عبد الرحمن بن مهدي، و4/26 عن عفان، و4/25، وأبو داود "904" في الصلاة: باب البكاء في الصلاة، والحاكم 1م264، والبيهقي في "السُّنن" 2/251 من طريق يزيد بن هارون، والنسائي 3/13 في السهو: باب البكاء في الصلاة، والترمذي في "الشمائل" "315"، والبيهقي في "السُّنن" 2/251، والبغوي في "شرح السُّنة" "729" من طريق ابن المبارك، وابن خزيمة في "صحيحه" "900" من طريق عبد الصمد، كلهم عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وسيورده المؤلف برقم "753" من طريق يزيد بن هارون، عن حماد، بهذا الإسناد.(2/440)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَوَاجَدَ عِنْدَ وَعْظٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ
666 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: "اتَّقُوا النَّارَ " ثُمَّ أَعْرَضَ وأشاح ثم قال "اتقوا النار" ثم أعرضذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا تَوَاجَدَ عِنْدَ وَعْظٍ كَانَ لَهُ ذَلِكَ
[666] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ خَيْثَمَةَ
عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: "اتَّقُوا النَّارَ " ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ ثُمَّ قَالَ "اتَّقُوا النَّارَ" ثُمَّ أَعْرَضَ(2/440)
وأشاح حتى رؤينا أَنَّهُ يَرَاهَا ثُمَّ قَالَ اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيْبَةٍ" 1.
667 - أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْعَطَّارُ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا سِمَاكٌ
سَمِعَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُنْذِرُكُمُ النَّارَ أُنْذِرُكُمُ النَّارَ أُنْذِرُكُمُ النَّارَ" حَتَّى لَوْ كَانَ فِي مَقَامِي هَذَا وَهُوَ بِالْكُوفَةِ سَمِعَهُ أَهْلُ السُّوقِ حَتَّى وَقَعَتْ خَمِيصَةٌ كَانَتْ على عاتقه على رجليه2.
__________
1 كتب في الأصل عقب الحديث مكان الرقم عبارة: "نُقل إلى الجامع"، وسيورده المؤلف مع عنوانه في باب صلاة الجمعة برقم "2804"، وأورد تخريجه هناك، فانظره.
2 إسناده حسن، وهو مكرر "644".(2/441)
باب الفقر والزهد والقناعة
مدخل
...
5- بَابُ الْفَقْرِ وَالزُّهْدِ وَالْقَنَاعَةِ
668 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ سَمُرَةَ بْنِ سَهْمٍ قَالَ نَزَلْتُ عَلَى أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَهُوَ مَطْعُونٌ فَأَتَاهُ مُعَاوِيَةُ يَعُودُهُ فَبَكَى أَبُو هَاشِمٍ فقَالَ مُعَاوِيَةُ مَا يُبْكِيكَ أَيْ خَالِ أَوَجَعٌ أَمْ عَلَى الدُّنْيَا فَقَدْ ذَهَبَ صَفْوُهَا فقَالَ عَلَى كُلٍّ لَا وَلَكِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيَّ عَهْدًا وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ تَبِعْتُهُ قَالَ "إِنَّكَ لَعَلَّكَ أَنْ تُدْرِكَ أَمْوَالًا تُقَسَّمُ بَيْنَ أَقْوَامٍ وَإِنَّمَا يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ خَادِمٌ وَمَرْكَبٌ فِي سبيل الله" فأدركت وجمعت 1. [1: 63]
__________
1 إسناده ضعيف، أبو هاشم: هو أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس القرشي، يكنى أبا سفيان العبشمي، أخو أبي حذيفة بن عتبة لأبيه، وأخو مصعب بن عمير العبدري لأمه، وخال معاوية بن أبي سفيان، اختلف اسمه، فقيل مهشم، وقيل: خالد، وبه جزم النسائي، وقيل اسمه كنيته، وقيل: هشيم، وقيل: هشام، وقيل شيبة، قال ابن السكن: أسلم يوم فتح مكة ونزل الشام إلى أن مات في خلافة عثمان، وقال الحاكم: زمن معاوية، وقال ابن مندة: روى عنه أبو هريرة، وسمرة بن سهم، وأبو وائل، وقال ابن مندة: الصحيح أن أبا وائل روى عن سمرة عنه، وفي "التهذيب" =(2/442)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
لوحة 1653: روى حديثه أبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي، عن سمرة بن سهم رجل من قومه، عنه، وقيل: عن أبي وائل، عن أبي هاشم ليس بينهما أحد.
وسمرة بن سهم: قال ابن المديني: مجهول لا أعلم روى عنه غير أبي وائل، وقال الإمام الذهبي في "الميزان" 2/234: تابعي لا يعرف، فلا حجة فيمن ليس بمعروف العدالة ولا انتفت عنه الجهالة. وذكره المؤلف في "الثقات" 8/340. وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه النسائي 8/218، 219 في الزينة: باب اتخاذ الخادم والمركب، عن محمد بن قدامة، وابن ماجة "4103" في الزهد: باب الزهد في الدنيا، عن محمد بن الصباح، كلاهما عن جرير بن عبد الحميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/443 عن أبي معاوية، و3/444، والترمذي "2327"في الزهد، من طريق سفيان، كلاهما عن الأعمش ومنصور، عن أبي وائل، عن أبي هاشم، ليس بينهما سمرة بن سهم. وهو ما أخرجه الحاكم 3/638 من طريق سفيان، عن منصور، بالإسناد المذكور، ولم يصححه لا هو ولا الذهبي، وذكره الحافظ في "الإصابة" 4/201 في ترجمة أبي هاشم، ونسبه للترمذي وغيره، وصحح إسناده.
قال الترمذي: وقد روى زائدة وعبيدة بن حميد، عن منصور، عن أبي وائل عن سمرة بن سهم قال: دخل معاوية على أبي هاشم، فذكره نحوه.(2/443)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِذَا أَحَبَّ عَبْدَهُ حَمَاهُ الدُّنْيَا
669 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الزُّرَقِيُّ بِطَرَسُوسَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عن محمود بن لبيدذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِذَا أَحَبَّ عَبْدَهُ حَمَاهُ الدُّنْيَا
[669] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الزُّرَقِيُّ بِطَرَسُوسَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ(2/443)
عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يحمي سقيمه الماء" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في "الزهد" ص 17 عن أبي موسى محمد بن المثنى، والحاكم 4/207 من طريق عبد العزيز بن معاوية البصري، و4/309 من طريق علي بن الحسين الهلالي، ثلاثتهم عن محمد بن جهضم، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي "2036" في الطب: باب ما جاء في الحمية، من طريق إسحاق بن محمد الفروي، عن إسماعيل بن جعفر، بهذا الإسناد، وقال: حديث حسن غريب.
وأخرجه أحمد في "الزهد" ص 17 من طريق سليمان بن بلال، والترمذي عقب "2036" من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن عمرو بن أبي عمرو، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمد بن لبيد، عن النبي مرسلاً. لم يذكر فيه قتادة بن النعمان.(2/444)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ مَنْ صَارَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الزَّائِلَةِ
670 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَيْرُوتَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ الْجُمَحِيُّ قَالَ
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص يحدث عنذكر الْإِخْبَارِ عَنْ مَنْ صَارَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الزَّائِلَةِ
[670] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَيْرُوتَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلَمَةَ الْجُمَحِيُّ قَالَ
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يُحَدِّثُ عَنِ(2/444)
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا فصبر عليه" 1. [3: 66]
__________
1 حديث صحيح، عبد الرحمن بن سلمة الجمحي "وكان في الأصل: الحجري، وهو تحريف": ترجم له البخاري في "تاريخه" 5/290، وابن أبي حاتم 5/240، 241، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً، روى عنه سعيد بن عبد العزيز، وخالد بن محمد الثقفي، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه يعقوب الفسوي في "تاريخه" 2/523، وأبو نعيم في "الحلية" 6/129 من طريق يحيى بن صالح الدمياطي، عن سعيد بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "المسند" 2/168و 172، وفي "الزهد" ص 14، ومسلم "1054" في الزكاة: باب في الكفاف القناعة، والترمذي "2348" في الزهد: باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه، والبيهقي في "السُّنن" 4/196، والبغوي في "شرح السُّنة" "4043" من طريق شرحبيل بن شريك، وأحمد 2/173، وابن ماجة "4138" في الزهد: باب القناعة، من طريق عبيد الله بن أبي جعفر وأبي هانئ حميد بن هانئ الخولاني، ثلاثتهم عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو. وعندهم "وقنعه الله بما آتاه".
وفي الباب عن فضالة بن عبيد سيرد برقم "705".(2/445)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّنْ طَيَّبَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَيْشَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا
671 - أَخْبَرَنَا مَكْحُولٌ بِبَيْرُوتَ وَابْنُ سَلْمٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِئِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عن أم الدرداءذكر الْإِخْبَارِ عَمَّنْ طَيَّبَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَيْشَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا
[671] أَخْبَرَنَا مَكْحُولٌ بِبَيْرُوتَ وَابْنُ سَلْمٍ وَابْنُ قُتَيْبَةَ قَالُوا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَانِئِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ(2/445)
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَصْبَحَ مُعَافًى فِي بَدَنِهِ آمِنًا فِي سِرْبِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يومه فكأنما حيزت له الدنيا" 1. [3: 66]
__________
1 سنده ضعيف جداً، عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن ابن أخي إبراهيم بن أبي عبلة، ترجمه ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/194، فقال: روى عن أبيه وعن حمزة، روى عنه محمد بن عبد الله بن محمد بن مخلد الهروي، عن أبيه، عن إبراهيم بن أبي عبلة أحاديث بواطيل، سمعت أبي يقول: قدمت الرملة، فذكر لي أن في بعض القرى هذا الشيخ، وسألت عنه، فقيل: هو شيخ يكذب، فلم أخرج إليه، ولم أسمع منه. وقال الإمام الذهبي في "الميزان" و"المغني": متهم بالكذب، ومع ذلك فقد ذكره المؤلف في "الثقات" 8/357.
وأبوه هانئ بن عبد الرحمن ذكره المؤلف في "الثقات" 7/583، 584 وقال: ربما أغرب. وباقي رجال الإسناد ثقات.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 5/249 من طريق عبد الله بن هانئ، بهذا الإسناد. ونسبه الهيثمي في "المجمع" 10/289 إلى الطبراني، وقال: ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم.
ويشهد له حديث عبيد الله بن محصن عند الترمذي "2346" في الزهد، وابن ماجة "4141" في الزهد، والخطيب في "تاريخه" 3/463 من طريق سلمة بن عبيد الله بن محصن، عن أبيه عبيد الله بن محصن. وسلمة مجهول.
وحديث عمر فيما ذكره الهيثمي في "المجمع" 10/289، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه أبو بكر الداهري، وهو ضعيف.
وحديث ابن عمر ذكره الهيثمي أيضاً 10/289، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه علي بن عابس، وهو ضعيف. قلت: ومع ضعفه يكتب حديثه ويعتبر به كما قال الدارقطني، وحديثه هذا من هذا القبيل، فإنه شاهد لحديث عبيد الله بن محصن، فيتقوى به، ويحسن.
و"آمناً في سربه" أي: في نفسه، وقيل: في أهله.(2/446)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَرْكِ الْأَشْيَاءِ مِنَ الْفُضُولِ الَّتِي تُذَكِّرُ الدُّنْيَا وَتُرَغِّبُ النَّاسَ فِيهَا
672 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عَزْرَةَ هو بن سَعْدٍ الْأَعْوَرُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ لَنَا قِرَامٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَعُلِّقَتْ عَلَى بَابِي فَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ فقَالَ: "انْزِعِيهِ فَإِنَّهُ يُذَكِّرُنِي الدُّنْيَا" 1. [1: 95]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، عزرة جاء في مسلم والنسائي والترمذي غير منسوب، ونسبه صاحب "التحفة" 11/405، فقال: هو ابن عبد الرحمن الخزاعي، وفي "التهذيب": عزرة بن عبد الرحمن بن زرارة الخزاعي الكوفي الأعور، وفي "ثقات" المؤلف 7/299، 300: عزرة بن دينار الأعور يروي عن المكيين، روى عنه سليمان التيمي، وداود بن أبي هند، وقرة بن خالد، وقد قيل: إنه عزرة بن سعد الأعور.
وأخرجه الترمذي "2468" في صفة القيامة، عن هناد، عن أبي معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2107" "88" في اللباس والزينة: باب تحريم تصوير صورة الحيوان، من طريق إسماعيل بن علية، والنسائي 8/213 في الزينة: باب التصاوير، من طريق يزيد بن زريع، كلاهما عن داود بن أبي هند، بهذا الإسناد.
وفي رواية مسلم: كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الداخل إذا دخله استقبله، فقال لي رسول الله: "حولي هذا، فإني كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا" وفي أخرى "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" قالت عائشة: فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفاً، فلم يعب ذلك علي. ولغيره: أتسترين الجدار بستر فيه تصاوير؟! ولابن سعد 8/469: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، من سفر، فاشتريت له نمطاً فيه صورة، فسترت به على سهوة بيتي، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت كراهية الشر في وجهه، ثم جبذه، فقال: "أتسترون الجدار"، ولأحمد 6/247، وفيه: فطرحته، فقطعته مرفقتين، فقد رأيته متكئاً على إحداهما وفيها صورة.(2/447)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ مُجَانَبَةِ الْفُضُولِ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
673 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا يزيد بن موهب قال حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ وَالثَّالِثُ للضيف والرابع للشيطان" 1. [3: 52]
__________
1 إسناده صحيح، يزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب، ثقة، روى له أصحاب السُّنن، ومن فوقه من رجال الصحيح، أبو هانئ: هو حميد بن هانئ الخولاني، وأبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري.
وأخرجه أبو داود "4141" في اللباس: باب في الفرش، عن يزيد بن موهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2084" في اللباس: باب كراهية ما زاد على الحاجة من الفراش واللباس، عن أبي الطاهر بن السرح، والنسائي 6/135 في النكاح: باب الفرش، عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/293 و324 عن أبي عبد الرحمن المقرئ، عن حيوة بن شريح، عن أبي هانئ، بهذا الإسناد. وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" "762"، ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "3127" عن حيوة، عن أبي هانئ عن أبي عبد الرحمن الحبلي، قال: قال رسول الله لجابر ... قال البغوي: هكذا رواه ابن المبارك مرسلاً.(2/448)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الْفُضُولِ فِي قُوَّتِهِ رَجَاءَ النَّجَاةِ فِي الْعُقْبَى مِمَّا يُعَاقِبُ عَلَيْهِ أَكَلَةُ السُّحْتِ
674 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ
عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال: "ما من وعاء ملأ بن آدم وعاء شرا من بطن حسب بن آدَمَ أَكَلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه الحاكم 4/121 من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 20/"645" من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" "603"، وأحمد 4/132، والترمذي "2380" في الزهد: باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل، والطبراني في "الكبير" 20/"644"، والبغوي في "شرح السُّنة" "4048"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1340" و"1341" من طريق أبي سلمة الحمصي سليمان بن سليم وحبيب بن صالح، عن يحيى بن جابر، بهذا الإسناد. قال الترمذي: حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجة "3349" في الأطعمة: باب الاقتصاد في الأكل وكراهة الشبع، عن هشام بن عبد الملك، عن محمد بن حرب، عن أمه، عن أمها، عن المقدام.(2/449)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ أَصْحَابَ الْجَدِّ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا يُحْبَسُونَ فِي الْقِيَامَةِ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ مُدَّةً
675 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ يَدْخُلُهَا الْمَسَاكِينُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ وَإِذَا أَصْحَابُ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ وَنَظَرْتُ إِلَى النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ من يدخلها النساء" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن مل.
وأخرجه مسلم "2736" في الذكر والدعاء: باب أكثر أهل الجنة الفقراء وأكثر أهل النار النساء، عن محمد بن عبد الأعلى، عن معتمر بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "20611" ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "4064" عن معمر، وأحمد 5/205، والبخاري "5196" في النكاح، و" 6547" في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، من طريق ابن علية، وأحمد في "المسند" 5/209 عن يحيى القطان، وفي "الزهد" ص 32 من طريق حماد بن سلمة، ومسلم "2736" أيضاً من طريق حماد ومعاذ العنبري وجرير ويزيد بن زريع، والطبراني في "الكبير" "421" من طريق أبي جعفر الرازي، والخطيب في "تاريخه" 5/149 من طريق أبي عبد الله الأنصاري، كلهم عن سليمان التيمي، بهذا الإسناد. وفي الباب عن عمران بن الحصين وابن عباس عند البخاري "3241" و"5198" و"6449" و"6546"، والترمذي "2602" و"2603". ورواه مسلم "2737" عن ابن عباس.(2/450)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ قَرَنَ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ سَعِيدَ بْنَ زيد وأنا أهابه. [3: 78](2/451)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى فُقَرَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الصَّابِرِينَ عَلَى مَا أُوتُوا بِإدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِمُدَدٍ مَعْلُومَةٍ
676 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الأغنياء بنصف يوم خمس مائة سنة" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة الليثي، روى له البخاري مقرونا، ومسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي السند ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه ابن أبي شيبة 13/246 ومن طريقه ابن ماجة "4122" في الزهد: باب منزلة الفقراء، عن محمد بن بشر، وأحمد 2/296 و451 عن يزيد، و2/343 عن حماد بن سلمة، والترمذي "2353" في الزهد: باب ما جاء أن فقراء المهاجرين يدخلون الجنة قبل أغنيائهم، وأبو نعيم في "الحلية" 7/91 و8/250 من طريق سفيان الثوري "2354" من طريق المحاربي، وأبو نعيم في "الحلية" 8/212 من طريق محمد بن السماك، كلهم عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/513، وأبو نعيم في "الحلية" 8/307 من طريق أبي صالح، وأحمد 2/519 من طريق شتير بن نهار، وأبو نعيم في "الحلية" 7/99، 100 من طريق أبي حازم، ثلاثتهم عن أبي هريرة.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو في الحديث التالي.
وعن أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/63 و96، وأبي داود "3666"، والترمذي "2352"، وابن ماجة "4123"، والبغوي في "شرج السُّنة" 14/191، 192.
وعن أنس عند الترمذي "2352".
وعن جابر عند الترمذي "2355".
وعن ابن عمر عند ابن أبي شيبة 13/244، وابن ماجة "4124".(2/451)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ بِإدْخَالِهِمُ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِمُدَدٍ مَعْلُومَةٍ
677 - أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ بَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ وَحَلْقَةُ مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَسَطَ الْمَسْجِدِ جُلُوسٌ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ نِصْفَ النَّهَارِ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِمْ فَجَلَسَ مَعَهُمْ فَلَمَّا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ إِلَيْهِمْ قُمْتُ إِلَيْهِ فَأَدْرَكْتُ مِنْ حَدِيثِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "بَشِّرْ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ أَنَّهُمْ لَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بأربعين عاما" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه الدارمي 2/339 عن عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، بهذا الإسناد وانظر ما بعده.(2/452)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يُرِدْ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْيًا عَمَّا وَرَاءَهُ
678 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ يَقُولُ
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ فُقَرَاءَ الْمُهَاجِرِينَ يَسْبِقُونَ الْأَغْنِيَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسَبْعِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ خريفا" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، عبد الله بن يزيد هو أبو عبد الرحمن المقرئ، وحيوة: هو ابن شريح، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ. وانظر ما قبله.(2/453)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ مِنْ حُطَامِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الشَّيْءَ الْكَثِيرَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ فَقِيرٌ كَمَا أَنَّ مَنْ مُنِعَ مِنْ حُطَامِهَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَهُ غَنِيٌّ
679 - أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّيلِيُّ بِأَنْطَاكِيَّةَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ" 2.
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير يونس بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" (1208) من طريق يحي بن بكير، عن مالك، بهذا الإسناد. =(2/453)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الحميدي "1063"، وأحمد 2/243، ومسلم "1051" في الزكاة: باب ليس الغنى عن كثرة العرض، وابن ماجة "4137" في الزهد: باب القناعة، من طريق سفيان بن عيينة، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1211" من طريق ابن أبي الزناد، كلاهما عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/389، 390، والبخاري "6446" في الرقاق: باب الغنى غنى النفس، والترمذي "2373" في الزهد: باب ما جاء أن الغنى عنى النفس، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1207" من طريق أبي حصين، والقضاعي "1210" من طريق الأعمش، كلاهما عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد في "المسند" 2/443 و539 و540، وفي "الزهد" ص 25، وأبو نعيم في "الحلية" 4/99 من طريق جعفر بن برقان، عن يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/315، والبغوي في "شرح السُّنة" "4040" من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/261 و438 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
والعَرَض بفتحتين: متاع الدنيا وحطامها. وغنى النفس: أن لا يكون لها استشراف إلى ما في أيدي الناس.
وفي الباب عن أنس عند البزار "3617"، أورده الهيثمي في "المجمع" 10/237، وقال: رواه الطبراني في "الأوسط" وأبو يعلى، ورجال الطبراني رجال الصحيح. ولم ينسبه للبزار.(2/454)
ذِكْرُ وَصْفِ الْغِنَى الَّذِي وَصَفْنَاهُ قَبْلُ
680 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ من عند مروان نصف النهار قالذكر وَصْفِ الْغِنَى الَّذِي وَصَفْنَاهُ قَبْلُ
[680] أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عُمَرَ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
خَرَجَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ نِصْفَ النَّهَارِ قَالَ(2/454)
قُلْتُ مَا بَعَثَ إِلَيْهِ هَذِهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ فَسَأَلْتُهُ فقَالَ سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْنَاهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ غَيْرَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الأمر ولزوم الجماع فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَمَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا نِيَّتَهُ فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة" 1.
__________
1 إسناده صحيح، أبو داود: سليمان بن داود الطيالسي. وأورده المؤلف برقم "67"، وتقدم تخريجه هناك، وأزيد هنا على ما سيق.
وأخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث" برقم "24" من طريق يونس بن حبيب، عن أبي داود، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "الزهد" ص 42، وابن أبي عاصم في "السُّنة" "94"، والخطيب في "الفقيه والمتفقه" 2/71 من طريق يحيى القطان، والطحاوي في "مشكل الآثار" 2/232 من طريق حجاج بن محمد، والطبراني في "المعجم الكبير" "4891" من طريق عمرو بن مرزوق، ثلاثتهم عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني "4924" من طريق يحيى بن عباد، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، مختصراً، و"4925" من طريق محمد بن وهب، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، به.
وفي الباب عن ابن مسعود، وجبير بن مطعم، وأبي الدرداء، وأنس، وقد تقدمت، وعن النعمان بن بشير عند الرامهرمزي "11"، والحاكم 1/88. وعن أبي سعيد الخدري عند الرامهرمزي "5"، وأبي نعيم في "الحلية" 5/105
وعن ابن عمر عند الخطيب في الكفاية ص 190.
وعن معاذ عند أبي نعيم في "الحلية" 9/308.
وعن بشير بن سعد عند الطبراني في الكبير "1225".
وعن ابن عباس عند الرامهرمزي "9".
وعن أبي هريرة عند الخطيب في تاريخه 4/337، وغيرهم انظر "المجمع" 1/138.(2/455)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَعْضَ الْفُقَرَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ قَدْ يَكُونُونَ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضِ الْأَغْنِيَاءِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ
681 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُسْهِرٍ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحَرِّ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ قَالَ: "انْظُرْ أَرْفَعَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فِي عَيْنَيْكَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا رَجُلٌ فِي حُلَّةٍ جَالِسٌ يُحَدِّثُ قَوْمًا فَقُلْتُ هَذَا قَالَ: "انْظُرْ أَوْضَعَ رَجُلٍ فِي الْمَسْجِدِ فِي عَيْنَيْكَ" قَالَ فَنَظَرْتُ فَإِذَا رُوَيْجِلٌ مِسْكِينٌ فِي ثَوْبٍ لَهُ خَلْقٍ قُلْتُ هَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ قَرَارِ الأرض مثل هذا" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أحمد في "المسند" 5/157، وفي "الزهد" ص 36 من طرق عن الأعمش، بهذا الإسناد. وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" 8/115 من طريق الْأَعْمَشُ، عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ أَبِي ذر.
وأخرجه البزار "3630" من طريق الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي ذر.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/265، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" بأسانيد، ورجال أحمد وأحد إسنادي البزار والطبراني رجال الصحيح. وأورده أيضاً 10/258، وقال: رواه أحمد بأسانيد، ورجالها رجال الصحيح.(2/456)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ
682 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّفَّةِ مَا عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ رِدَاءٌ إِلَّا إِزَارٌ أَوْ كِسَاءٌ مُتَوَشِّحًا به قد عقده خلفه" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو حازم هو سلمان الأشجعي.
وأخرجه البخاري "442" في الصلاة: باب نوم الرجال في المسجد، والبيهقي في "السُّنن" 2/241، والبغوي في "شرح السُّنة" "4081" من طريق محمد بن فضيل، وأحمد في "الزهد" ص 13 عن وكيع، كلاهما عن الفضيل بن غزوان، بهذا الإسناد.
والصفة موضع مظلل من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وأهل الصفة من فقراء المهاجرين وهم كما وصفهم أبو هريرة-رضي الله عنه- وهو منهم في الصحيح "6452": "أضياف الإسلام، لا يأوون على أهل ولا مال، ولا أحد، إذا أتته صلى الله عليه وسلم، صدقة بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئاً، وإذا أتته هدية، أرسل إليهم، وأصاب منها، وأشركهم فيها" وفي حديث =(2/457)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
طلحة بن عمرو عند أحمد وابن حبان والحاكم: كان الرجل إذا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان بالمدينة عريف نزل عليه، فإذا لم يكن له عريف نزل مع أصحاب الصفة، وفي مرسل يزيد بن عبد الله بن قسيط عند ابن سعد: كان أهل الصفة ناساً فقراء لا منازل لهم، فكانوا ينامون في المسجد لا مأوى لهم غيره ...
وكانوا في غضون ذلك ما بين طالب للقرآن والسُّنة كأبي هريرة -رضي الله عنه- فإنه قصر نفسه على ذلك، وكان معهم من يقضي نهاره بذكر الله وعبادته وتلاوة القرآن، فإذا غزا رسول الله غزوا، وإذا أقام أقاموا معه حتى فتح الله على رسوله، وعلى المؤمنين، فغادروا الصفة، وصاروا إلى ما صار إليه غيرهم ممن كان ذا أهل ومال وطلب للمعاش واتخاذ المسكن.
وعلق الحافظ ابن حجر في "الفتح" على قول أبي هريرة "رأيت سبعين من أهل الصفة" فقال: وهذا يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء هم الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم، في عزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضاً، لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة، وقد اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وأبو نعيم، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر، وفي بعض ما ذكروه اعتراض ومناقشة.(2/458)
ذِكْرُ مَا كَانَ طَعَامُ الْقَوْمِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الْأَغْلَبِ فِي أَحْوَالِهِمْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ بِهِمْ
683 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ1 بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ قَالَ
سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ مَا كان طعامنا على عهد
__________
1 وقع في الأصل: "أبو الفضل"، وهو سهو من الناسخ.(2/458)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا الأسودان التمر والماء"1. [5: 47]
__________
1 داود بن فراهيج، مختلف فيه، لكنه متابع، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 2/298 و405 و458، والبزار "3677" من أربع طرق عن شعبة، بهذا الإسناد. وسيعيده برقم "5776".
وأخرجه الترمذي "3357" في التفسير: باب ومن سورة التكاثر من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: لما نزلت هذه الآية {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} قال الناس: يا رسول الله، عن أي النعيم نسأل؟ وإنما هما الأسودان، والعدو حاضر، وسيوفنا على عواتقنا. قال: "إن ذلك سيكون".
وأخرجه أحمد 2م354، 355 من طريق الحسن البصري، عن أبي هريرة. والحسن لم يسمع أبا هريرة.
وأخرجه مالك 3/116 في جامع ما جاء الطعام والشراب عن محمد بن عمرو بن حلحلة، عن حميد بن مالك بن خثيم قال: كنت جالساً فنزلوا عنده. قال حميد: فقال أبو هريرة: أذهب إلى أمي، فقل: إنَّ أبنك يقرئك السلام، ويقول: أطعمينا شيئاً. قال: فوضَعَتْ له ثلاثة أقراص في صفحة، وشيئاً من زيت وملح، ثم وضعتها على رأسي، وحملتها إليهم، فلما وضعتها بين أيديهم كبَّر أبو هريرة، وقال: الحمد لله الذي أشبعنا من الخبز بعد أن لم يكن طعامنا إلا الأسودين الماء والتمر.
وفي الباب عن عائشة سيرد برقم "729".
وعن قرة عند أحمد في "المسند" 4/19، وفي "الزهد" ص 10، والبزار "3680"، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/321، وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في "الأوسط" و "الكبير"، ورجال أحمد رجال الصحيح غير بسطام بن مسلم، وهو ثقة.
والأسودان: التمر والماء، أما التمر فأسود، وهو الغالب على تمر المدينة، فأضيف الماء إليه، ونُعت بِنَعْتِهِ إتباعاً، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان، فيسميان معاً باسم الأشهر منهما، كالقمرين والعمرين.(2/459)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا كَانَ فِي أَصْحَابِهِ مَا وَصَفْنَاهُ
684 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَمِّي حدثنا أبي عن بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّا كُنَّا نَشْبَعُ مِنَ التَّمْرِ فَقَدْ كَذَبَكُمْ فَلَمَّا افْتَتَحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ أصبنا شيئا من التمر والودك"1. [5: 47]
__________
1 إسناده قوي، فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث، وعبد الله بن سعد بن إبراهيم، هو ابن سعد بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وعمه هو يعقوب بن إبراهيم.
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص277 من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن أبي معشر، عن النخعي، عن الأسود قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أم المؤمنين، خَبِّريني عن عيشكم عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قالت: تسألونا عن عيشنا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذه الحبة السمراء ثلاثة أيام ليس بينهن جوع، ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا التمر، حتى فتح الله علينا قريظة والنضير.
وانظر حديث عائشة أيضاً الآتي برقم "729".(2/460)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَةَ لِلْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ عَلَى مَا أُوتِيَ مِنْ فَقْرِهِ بِمَا مُنِعَ مِنْ حُطَامِ هَذِهِ الزَّائِلَةِ
685 - أَخْبَرَنَا بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بنذكر كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَةَ لِلْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ عَلَى مَا أُوتِيَ مِنْ فَقْرِهِ بِمَا منع من حطام هذه الزائلة
[685] أخبرنا بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بن(2/460)
وَهْبٍ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ أَتَرَى كَثْرَةَ الْمَالِ هُوَ الْغِنَى" قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَتَرَى قِلَّةَ الْمَالِ هُوَ الْفَقْرُ" قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى الْقَلْبِ وَالْفَقْرُ فَقْرُ الْقَلْبِ" ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ فقَالَ: "هَلْ تَعْرِفُ فُلَانًا" قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَكَيْفَ تَرَاهُ وَتَرَاهُ؟ " قُلْتُ إِذَا سَأَلَ أُعْطِيَ وَإِذَا حَضَرَ أُدْخِلَ ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فقَالَ: "هَلْ تَعْرِفُ فُلَانًا" قُلْتُ لَا وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَمَا زَالَ يُحَلِّيهِ وَيَنْعَتُهُ حَتَّى عَرَفْتُهُ فَقُلْتُ قَدْ عَرَفْتُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: "فَكَيْفَ تَرَاهُ أَوْ تَرَاهُ" قُلْتُ رَجُلٌ مِسْكِينٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فقَالَ: " هُوَ خَيْرٌ مِنْ طِلَاعِ الْأَرْضِ مِنَ الْآخَرِ" قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا يُعْطَى مِنْ بَعْضِ مَا يُعْطَى الْآخَرُ فقَالَ: "إِذَا أُعْطِيَ خَيْرًا فَهُوَ أَهْلُهُ وَإِنْ صُرِفَ عَنْهُ فقد أعطي حسنة" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وقد مضى بأخصر مما هنا برقم "681" من طريق آخر عن أبي ذر. وطلاع الأرض: ملؤها.
ورواه بأخصر مما هنا النسائي في الكبرى في الرقائق كما في "التحفة" 9/157 من طريق عبد الرحمن بن محمد بن سلام، عن حجاج بن محمد، عن اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ بهذا الإسناد.(2/461)
ذِكْرُ بَعْضِ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا فُضِّلَ بَعْضُ الْفُقَرَاءِ عَلَى بَعْضِ الْأَغْنِيَاءِ
686 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ خُلَيْدٍ الْعَصَرِيِّ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إِلَّا وَبِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَنْفَقَ فَأَعْقِبْهُ خَلَفًا وَمَنْ أَمْسَكَ فَأَعْقِبْهُ تلفا" 1. [3: 9]
__________
1 إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، خليد العصري: هو خليد بن عبد الله.
وأخرجه الطيالسي "979"، والحاكم 2/444، 445، وأبو نعيم في "الحلية" 2/233 من طريق هشام الدستوائي، وأحمد في "المسند" 5/97، وفي "الزهد" ص 26 من طريق همام، والقضاعي في "مسند الشهاب" "810" من طريق سلام بن مسكين، ثلاثتهم عن قتادة، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 2/122، وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وسيعيده المؤلف برقم "3330".
وفي الباب عن أبي هريرة سيورده المؤلف برقم "3334".
وعن أبي سعيد الخدري عند البزار "3424"، أورده الهيثمي في "المجمع" 10/336، وقال: رواه البزار، وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي، وهو ضعيف جداً.(2/462)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ الدُّنْيَا سِجْنًا لِمَنْ أَطَاعَهُ وَمَخْرَفًا لِمَنْ عَصَاهُ
687 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ قالذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا جَعَلَ الدُّنْيَا سِجْنًا لِمَنْ أَطَاعَهُ وَمَخْرَفًا لِمَنْ عَصَاهُ
[687] أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ قَالَ(2/462)
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدُّنْيَا سجن المؤمن وجنة الكافر" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه في "صحيحه" "2956" في الزهد الرقائق، والترمذي "2324" في الزهد: باب ما جاء أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، كلاهما عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي في "شرح السُّنة" "4105" من طريق هشام بن عمار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "المسند" 2/323 و485، وفي "الزهد" ص 37 من طريق زهير، وفي "المسند" 2/389 من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم القاص، وابن ماجة "4113" في الزهد: باب مثل الدنيا، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، وأبو نعيم في "الحلية" 6/350 من طريق مالك، والبغوي في "شرح السُّنة" "4104" من طريق روح بن القاسم، خمستهم عن العلاء، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أحمد "6855"، وأبي نعيم في "الحلية" 8/177 و185، والبغوي في "شرح السُّنة" "4106"، والحاكم في "المستدرك" 4/315. أورده الهيثمي في "المجمع" 10/288، 289 وقال: رواه أحمد والطبراني باختصار، ورجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن جنادة، وهو ثقة.
وعن ابن عمر عند البزاز "3654"، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/340، والخطيب في "تاريخ بغداد" 6/401، والقضاعي في "مسند الشهاب" "145"، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/289، وقال: رواه البزار بسندين أحدهما ضعيف، والآخر فيه جماعة لم أعرفهم.
وعن سلمان الفارسي عند الطبراني في "الكبير" "6183"، والحاكم 3/603. أورده الهيثمي في "المجمع" 10/289، وقال: رواه الطبراني وفيه سعيد بن محمد الوراق، وهو متروك. وكذلك رواه البزار. وصححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله: الوراق تركه الدارقطني وغيره.(2/463)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الدُّنْيَا إِنَّمَا جُعِلَتْ سِجْنًا لِلْمُسْلِمِينَ لِيَسْتَوْفُوا بِتَرْكِ مَا يَشْتَهُونَ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْجِنَانِ فِي الْعُقْبَى
688 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الدُّنْيَا سِجْنُ الْمُؤْمِنِ وجنة الكافر" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وهو مكرر ما قبله. القعنبي: هو عبد الله بن مسلمة.(2/464)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ أَسْبَابَ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ يَجْرِي عَلَيْهَا التَّغَيُّرُ وَالِانْتِقَالُ فِي الْحَالِ بَعْدَ الْحَالِ
689 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ بْنُ صُبَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مَيْسَرَةَ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قوله: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} قَالَ: "مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا وَيُفَرِّجَ كربا ويرفع قوما ويضع آخرين" 2. [3: 66]
__________
2 وزير بن صبيح، روى عنه غير واحد، وقال دحيم: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره المؤلف في الثقات، وقال: ربما أخطأ، وقال أبو نعيم الأصبهاني: كان يعد من الأبدال، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن ماجة "202" في المقدمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وابن أبي عاصم رقم "301"، وابن عساكر في تاريخ دمشق 2/2 و15/126/1، من طريق هشام بن عمار بهذا الإسناد. وقال البوصيري =(2/464)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
في "مصباح الزجاجة" ورقة 14: هذا إسناد حسن لتقاصر الوزير عن درجة الحفظ والإتقان ... ثم نقل ما تقدم، وقال: روى البخاري هذا الحديث 8/620 تعليقاً في تفسير سورة الرحمن ...
قال الحافظ ابن حجر: وصله المصنف في التاريخ، وابن حبان في الصحيح، وابن ماجة، وابن أبي عاصم، والطبراني عن أبي الدرداء مرفوعاً، وأخرجه البيهقي في "الشعب" من طريق أم الدرداء، عن أبي الدرداء موقوفاً، ونسبه البوصيري إلى أبي يعلى حديثاً ابن أبان الكوفي، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء موقوفاً ... وللمرفوع شاهد آخر، عن ابن عمر، أخرجه البزار "2268" وفي سنده محمد بن عبد الرحمن البيلماني، قال في "التقريب" ضعيف واتهمه ابن عدي والمؤلف، وآخر عن عبد الله بن منيب، أخرجه البزار "2266"، وابن جرير في تفسيره 27/79، وفي سنده عمرو بن بكر السكسكي وهو متروك.
وأخرجه ابن عساكر 17/286/2 من طريق الوليد بن شجاع، وهشام بن عمار، قالا حدثنا الوزير بن صبيح، وأخرجه البزار برقم "2267" من طريق عبد الله بن أحمد، عن صفوان بن صالح، عن الوزير بن صبيح به.(2/465)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ مَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا هُوَ الْمِحَنُ وَالْبَلَايَا فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ
690 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِبَيْرُوتَ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزِيدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا بن جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ رَبٍّ يَقُولُ
سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقول: "لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا بَلَاءٌ وَفِتْنَةٌ" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده قوي، وابن جابر: هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي الشامي الداراني، روى له الستة، وأبو عبد رب مختلف في اسمه، وهو دمشقي زاهد، ذكره المؤلف في "الثقات"، وروى عن غير واحد، وروى عنه جمع.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" "596"، ومن طريقه أحمد 4/94، والطبراني 9/86، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1175"، والرامهرمزي في "الأمثال" "59"، وأخرجه ابن ماجة "4035" في الفتن: باب شدة الزمان، وابن أبي عاصم في "الزهد" "146" من طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن ابن جابر، بهذا الإسناد. قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" 4/190: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات.
وسيعيده المؤلف برقم "2899" من طريق بشر بن بكر، عن ابن جابر، به.
وتقدمت تتمة الحديث وهي قوله: "وإنما مثل أحدكم مثل الوعاء ... " برقم "339" من طريق الوليد بن مسلم، وبرقم "392" من طريق صدقة بن جابر، كلاهما عن ابن جابر، بهذا الإسناد، فانظرهما.(2/465)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قِلَّةِ الِاغْتِرَارِ بِمَنْ أُوتِيَ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةَ الزَّائِلَةَ
691 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ قال حدثنا بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَمَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ "سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ وَمَاذَا فُتِحَ مِنَ الْخَزَائِنِ أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَرِ فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يوم القيامة" 1. [3: 6]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الصحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين، غير عمر بن أبي عمر العدني، واسمه مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، فمن رجال مسلم، وغير هند فمن رواة البخاري، وهي هند بنت الحارث الفراسية، ويقال: القرشية.
وأخرجه أحمد 6/297، والبخاري "115" في العلم، و"1126" في التهجد، و"5844" في اللباس، و "6218" في الأدب، و"7069" في الفتن، والترمذي "2196" في الفتن من طرق عن الزهري، بهذا الإسناد.
ورواه مالك في "الموطأ" 2/913 باب ما يكره للنساء لبسه من الثياب، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ الزُهْرِيِّ، مرسلاً.(2/466)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اغْتِرَارِ الْمَرْءِ بِمَا أُوتِيَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مِنَ النِّسَاءِ وَالنِّعَمِ
692 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ1 اللَّهِ بْنُ مُعَاذِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ2 قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ
عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "قُمْتُ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ وَإِذَا أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ وَأَصْحَابُ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إِلَى النَّارِ وَنَظَرْتُ إِلَى النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ" 3.
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ قَرَنَ عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ فِي هَذَا الْخَبَرِ المعتمر معتمر بن سليمان. [2: 55]
__________
1 وقع في "الأصل": عبد الله، والصواب ما أثبتُه.
2 تحرفت في الأصل إلى التميمي.
3 هو مكرر "675".(2/467)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ تَعْزُفَ نَفْسُهُ عَمَّا يُؤَدِّي إِلَى اللَّذَّاتِ مِنْ هَذِهِ الْفَانِيَةِ الْغَرَّارَةِ وَإِنْ أُبِيحَ لَهُ ارْتِكَابُهَا حَذَرَ الْوُقُوعِ فِي الْمَحْذُورِ مِنْهَا
693 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ قال
سمع بن عمر صوت زمارة راعي قَالَ فَجَعَلَ إِصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ وَعَدَلَ عَنِ الطَّرِيقِ وَجَعَلَ يَقُولُ يَا نَافِعُ أَتَسْمَعُ فَأَقُولُ نَعَمْ فَلَمَّا قُلْتُ لَا رَاجَعَ الطَّرِيقَ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله"1. [5: 47]
__________
1 رجاله ثقات رجال الصحيح، غير سليمان بن موسى - وهو الأشدق- فقد روى له مسلم في المقدمة والأربعة، قال النسائي: ليس بالقوي، وقال البخاري: عنده مناكير، وفي "التقريب": صدوق فقيه، في حديثه بعض لين، وخولط قبل موته بقليل.
وأخرجه أحمد 2/8 و38، وأبو داود"4924 " في الأدب: باب كراهية الغناء والزمر، عن أحمد بن عبيد الله الغدائي، كلاهما عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "4925" عن محمود بن خالد بن يزيد السلمي، عن أبيه، عن مطعم بن المقدام، عن نافع، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود "4926" عن أحمد بن إبراهيم، عن عبد الله بن جعفر الرقي، عن أبي المليح، عن ميمون، عن نافع، به، وهذا إسناد صحيح، أبو المليح: هو الحسن بن عمرو الفزاري الرقي، وميمون هو ابن مهران.(2/468)
ذكر الإخبار عما يجب على المؤمن من حِفْظِ نَفْسِهِ عَمَّا لَا يُقَرِّبُهُ إِلَى بَارِئِهِ جَلَّ وَعَلَا دُونَ نَوَالِهِ شَيْئًا مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ
694 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَانِيُّ1 قَالَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا إِنَّ الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ أَهْلَكَا مَنْ كَانَ قبلكم وهما مهلكاكم" 2. [3: 66]
__________
1 الرياني بتخفيف الياء: نسبة إلى ريان وهي إحدى قرى نسا، ومحمد هذا مترجم في "الاستدراك" لابن نقطة ورقة 203، وقال: توفي سنة 313.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/245، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وإسناده حسن
وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" "10069"، والبزار "3613"، وفي سنده يحيى بن المنذر، وهو ضعيف.(2/469)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَذُودَ نَفْسَهُ مِنْ هَذِهِ الْغَرَّارَةِ الزَّائِلَةِ بِبَذْلِ مَا يَمْلِكُ مِنْهَا لِغَيْرِهِ
695 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خالد حدثنا همام عن قتاد
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ بِقِنَاعٍ فِيهِ رُطَبٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقْبِضُ الْقَبْضَةَ فَيَبْعَثُ بها إلى بعضذكر مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَذُودَ نَفْسَهُ مِنْ هَذِهِ الْغَرَّارَةِ الزَّائِلَةِ بِبَذْلِ مَا يَمْلِكُ مِنْهَا لِغَيْرِهِ
[695] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خالد حدثنا همام عن قتاد
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ بَعَثَتْ بِقِنَاعٍ فِيهِ رُطَبٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَعَلَ يَقْبِضُ الْقَبْضَةَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى بَعْضِ(2/469)
أَزْوَاجِهِ ثُمَّ يَقْبِضُ الْقَبْضَةَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى أَزْوَاجِهِ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا وَإِنَّهُ لَيَشْتَهِيهِ فَعَلَ ذلك غير مرة وإنه ليشتهيه1. [5: 47]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه 3/125 و269 من طريقين عن همام، بهذا الإسناد.
والقناع: الطبق الذي يؤكل عليه. "النهاية".(2/470)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ رِعَايَةُ عِيَالِهِ بِذَبِّهِمْ عَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُخَافُ عَلَيْهِمْ مُتَعَقَّبُهَا
696 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَلَّى الْأَدَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قُعَيْسٍ عن نافع
عن بن عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ فِي غَزَاةٍ كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ بِفَاطِمَةَ وَإِذَا قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ كَانَ أَوَّلُ عَهْدِهِ بِفَاطِمَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ خَرَجَ لِغَزْوِ تَبُوكَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ فَبَسَطَتْ فِي بَيْتِهَا بِسَاطًا وَعَلَّقَتْ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا وَصَبَغَتْ مِقْنَعَتَهَا بِزَعْفَرَانٍ فَلَمَّا قَدِمَ أَبُوهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَى مَا أَحْدَثَتْ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرْسَلَتْ إِلَى بِلَالٍ فَقَالَتْ يَا بِلَالُ اذْهَبْ إِلَى أَبِي فَسَلْهُ مَا يَرُدُّهُ عَنْ بَابِي فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي رَأَيْتُهَا أَحْدَثَتْ ثَمَّ شَيْئًا" فَأَخْبَرَهَا فَهَتَكَتِ السِّتْرَ وَرَفَعَتِ الْبِسَاطَ وَأَلْقَتْ مَا عَلَيْهَا وَلَبِسَتْ أطمارهاذكر مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ رِعَايَةُ عِيَالِهِ بِذَبِّهِمْ عَنِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي يُخَافُ عَلَيْهِمْ مُتَعَقَّبُهَا
[696] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَلَّى الْأَدَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قُعَيْسٍ عَنْ نافع
عن بن عُمَرَ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَرَجَ فِي غَزَاةٍ كَانَ آخِرُ عَهْدِهِ بِفَاطِمَةَ وَإِذَا قَدِمَ مِنْ غَزَاةٍ كَانَ أَوَّلُ عَهْدِهِ بِفَاطِمَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ خَرَجَ لِغَزْوِ تَبُوكَ وَمَعَهُ عَلِيٌّ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ فَبَسَطَتْ فِي بَيْتِهَا بِسَاطًا وَعَلَّقَتْ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا وَصَبَغَتْ مِقْنَعَتَهَا بِزَعْفَرَانٍ فَلَمَّا قَدِمَ أَبُوهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَى مَا أَحْدَثَتْ رَجَعَ فَجَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرْسَلَتْ إِلَى بِلَالٍ فَقَالَتْ يَا بِلَالُ اذْهَبْ إِلَى أَبِي فَسَلْهُ مَا يَرُدُّهُ عَنْ بَابِي فَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي رَأَيْتُهَا أَحْدَثَتْ ثَمَّ شَيْئًا" فَأَخْبَرَهَا فَهَتَكَتِ السِّتْرَ وَرَفَعَتِ الْبِسَاطَ وَأَلْقَتْ مَا عَلَيْهَا وَلَبِسَتْ أطمارها(2/470)
فَأَتَاهُ بِلَالٌ فَأَخْبَرَهُ فَأَتَاهُ فَاعْتَنَقَهَا وَقَالَ: "هَكَذَا كوني فداك أبي وأمي" 1. [5: 8]
__________
1 إسناده ضعيف، إبراهيم بن قعيس هو إبراهيم بن إسماعيل قعيس، ويقال له: إبراهيم قعيس، مولى بني هاشم، ضعفه أبو حاتم، وذكره البخاري فلم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" 6/21، 22، وقال: كنيته أبو إسماعيل، يروي عن نافع وأبي وائل، روى عنه العلاء بن المسيب وسليمان التيمي.
وأخرجه أحمد 2/21، وأبو داود "4149" و"4150" في اللباس: باب في اتخاذ الستور، من طريقين عن فضيل بن غزوان، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة، فوجد على بابها ستراً، فلم يدخل عليها، قال: وقلما كان يدخل إلا بدأ بها، قال: فجاء علي فرآها مهتمة، فقال: مالك؟ فقالت: جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يدخل علي، فأتاه علي، فقال: يا رسول الله، إن فاطمة اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، قال: "وما أنا والدنيا، وما أنا والرقم؟! " قال: فذهب إلى فاطمة، فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: فقل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما تأمرني به؟ فقال: "قل لها ترسل به إلى بني فلان". لفظ أحمد، وهذا سند صحيح على شرط الشيخين.(2/471)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ الْوَصْفِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
698 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الأعمش عن مجاهد
عن بن عُمَرَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي أَوْ قَالَ بِمَنْكِبَيَّ فقَالَ: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سبيل" قال فكان بن عمر يقول إذا أصبحت فلا تنتظرذكر الْإِخْبَارِ عَنِ الْوَصْفِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْءُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
[698] أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطُّفَاوِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عن مجاهد
عن بن عُمَرَ قَالَ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْكِبِي أَوْ قَالَ بِمَنْكِبَيَّ فقَالَ: "كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أَوْ عَابِرُ سبيل" قال فكان بن عُمَرَ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحْتَ فَلَا تَنْتَظِرُ(2/471)
الْمَسَاءَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَلَا تَنْتَظِرُ الصَّبَّاحَ وَخُذْ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك1.
__________
1 محمد عبد الرحمن الطُّفَاوي من شيوخ الإمام أحمد، وثقه ابن المديني، وقال أبو حاتم: صدوق إلا أنه يهم أحياناً، وقال ابن معين: لا بأس به، وقال أبو زرعة: منكر الحديث، وأورد له ابن عدي عدة أحاديث، وقال: إنه لا بأس به، وله في البخاري ثلاثة أحاديث ليس فيها شيء مما استنكره ابن عدي، هذا أحدها، وذكر الحافظ في "المقدمة" ص 441 أن له متابعاً عند الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" من طريق مالك بن سعير، عن الأعمش. وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري "6416" في الرقاق: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "كن في الدنيا كأنك غريب ... " والبيهقي في "السُّنن" 3/369، من طريق علي بن عبد الله المديني، حدثنا محمد بن عبد الرحمن أبو المنذر الطفاوي، عن سليمان الأعمش، قال: حدثني مجاهد عن عبد الله بن عمر ... قال الحافظ: أنكر العقيلي هذه اللفظة وهي "حدثني مجاهد" وقال: إنما رواه الأعمش بصيغة: "عن مجاهد"، كذلك رواه أصحاب الأعمش عنه، وكذا أصحاب الطفاوي عنه، وتفرد ابن المديني بالتصريح، قال: ولم يسمعه الأعمش من مجاهد، وإنما سمعه من ليث بن أبي سليم عنه، فدلسه، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" من طريق الحسن بن قزعة ... عن الأعمش، عن مجاهد بالعنعنة، وأخرجه ابن حبان في "روضة العقلاء" ص148، 149 من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي، عن الطفاوي بالعنعنة أيضاً، وقال: قد مكثت مدة أظن أن الأعمش دلسه عن مجاهد، وإنما سمعه من ليث حتى رأيت على بن المديني رواه عن الطفاوي فصرح بالتحديث يشير إلى رواية البخاري المتقدمة، وأخرجه الطبراني في "الكبير" "13470" من طريقين عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي، حدثنا الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عمر ...
وأخرجه أحمد 2/24، والترمذي "2333" من طريق سفيان الثوري، وأحمد 3/41 عن أبي معاوية، والترمذي "2333" أيضاً، وابن ماجة "4114" من طريق حماد بن زيد، ثلاثتهم عن ليث، عن مجاهد، به. وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 3/1093 من طريق حماد بن شعيب، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، به. قال الحافظ: وليث، وأبو يحيى ضعيفان، والعمدة على طريق الأعمش، وللحديث طريق أخرى يتقوى بها عند أحمد 2/132، والنسائي في الرقائق: من الكبرى كما في "تحفة الأشراف" 5/481، وأبي نعيم 6/115 من طريق الأوزاعي، أخبرني عبدة بن أبي لبابة، عن عبد الله بن عمر مرفوعاً بلفظ: "اعبد الله كأنك تراه، وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل" وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، وابن أبي لبابة رأى ابن عمر ولقيه في الشام كما في "التهذيب" و"المراسيل" شص 136.(2/472)
وَقَالَ إِسْحَاقُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ مَا سَأَلَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ. [3: 66](2/473)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ أَحْسَابِ أَهْلِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
699 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ قَالَ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سُوَيْدٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أحساب أهل الدنيا المال" 1. [3: 66]
__________
1 سويد بن نصر بن سويد المروزي ثقة روى له الترمذي والنسائي، وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم، إلا أن علي بن الحسين بن واقد صدوق يهم، وأبوه الحسين ثقة له أوهام، فالسند حسن.
وأخرجه أحمد 5/361 عن علي بن الحسين بن شقيق، والنسائي 6/64 في النكاح: باب الحسب من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح، كلاهما عن الحسين بن واقد، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم 2/163، ووافقه الذهبي.
وسيرد بعده من طريق زيد بن الحباب، عن الحسين بن واقد، به، فانظره.(2/473)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَابُ أَهْلِ الدُّنْيَا الْمَالُ أَرَادَ بِهِ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ عِنْدَهُمْ
700 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ أَحْسَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّذِي يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ لهذا المال" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده على شرط مسلم، إلا أن الحسين بن واقد ثقة له أوهام، فالسند حسن، وأخرجه أحمد 5/353، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/318، والحاكم في "المستدرك" 2/163 من طريق زيد بن الحباب، بهذا الإسناد. وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وتقدم قبله من طريق عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ أَبِيهِ الحسين بن واقد، به، فانظره.
وأوردت أحاديث الباب في التعليق على الحديث المتقدم برقم "483" من حديث أبي هريرة "كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه" فانظره.(2/474)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَؤُولُ مُتَعَقِّبُ أَمْوَالِ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ أَحْسَابُهُمْ إِلَيْهِ
701 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بشارذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا يَؤُولُ مُتَعَقِّبُ أَمْوَالِ أَهْلِ الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ أَحْسَابُهُمْ إِلَيْهِ
[701] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ(2/474)
قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَهُوَ غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر:1] قَالَ: "يَقُولُ بن آدَمَ مَا لِي مَا لِي وَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ أَوْ تصدقت فأمضيت" 1.
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير صحابيه أبي مطرف عبد الله بن الشخير، فمن رجال مسلم.
وأخرجه مسلم "2958" في الزهد والرقائق، عن محمد بن بشار، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد في "المسند" 4/24، وفي "الزهد" ص 17، ومسلم "2958" عن ابن المثنى، كلاهما عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابنُ المبارك في "الزهد" "497"، وأحمد "4/24، والترمذي "2342" في الزهد، و"3354" في التفسير: باب ومن سورة التكاثر، والنسائي 6/238 في الوصايا: باب الكراهية في تأخير الوصية، والبيهقي في "السُّنن" 4/61، وأبو نعيم في "الحلية" 6/281، والبغوي في "شرح السُّنة" "4055"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1217" عن طرق عن شعبة، به.
وأخرجه الطيالسي "1148"، وأحمد 4/24، ومسلم "2958"، وأبو نعيم في الحلية 6/281، والخطيب في "تاريخ بغداد" 1/359 من طريق هشام الدستوائي، وأحمد 4/26، ومسلم "2958" من طريق سعيد بن أبي عروبة، وأحمد في "المسند" 4/26، وفي "الزهد" ص 40، ومسلم "2958" من طريق همام، وأبو نعيم في "الحلية" 6/281 من طريق أبان بن يزيد، كلهم عن قتادة، به. وصححه الحاكم 2/533، 534 و4/322، 323. وسيعيده المؤلف برقم "3327" في باب صدقة التطوع من طريق الدستوائي، عن قتادة.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" 6/386، وزاد نسبته لسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه.
وفي الباب عن أبي هريرة سيورده المؤلف برقم "3328".(2/475)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَ مُتَعَقَّبَ طَعَامِ بن آدَمَ فِي الدُّنْيَا مَثَلًا لَهَا
702 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بِسْطَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عُتَيٍّ1
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إن مطعم بن آدَمَ ضُرِبَ لِلدُّنْيَا مَثَلًا بِمَا خَرَجَ مِنِ بن آدَمَ وَإِنْ قَزَّحَهُ وَمَلَّحَهُ فَانْظُرْ مَا يَصِيرُ إليه" 2. [3: 66]
__________
1 تحرف في "الإحسان" إلى "يحيى" والتصويب من "التقاسيم والأنواع" 3/لوحة 300.
2 حديث صحيح، أبو حذيفة: اسمه موسى بن مسعود النهدي وهو مع كونه من شيوخ البخاري في صحيحه سيئ الحفظ، لكن تابعه إسماعيل بن علية وغيره عند ابن أبي الدنيا في الجوع 4/2/9 وباقي رجاله ثقات، وأخرجه الطبراني "531"، والبيهقي في الزهد الكبير "414"، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند 5/136 وأبو نعيم في "الحلية" 1/254، من طريق أبي حذيفة بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" برقم "493" و"494" و" 495" من طرق عن يونس بن عبيد، به. وله شاهد عن الضحاك بن سفيان الكلابي عند أحمد 3/452 وفي سنده علي بن زيد وهو ضعيف.
وآخر من حديث سلمان عند ابن المبارك في "الزهد" "491" والطبراني "6119" وابن أبي الدنيا في الجوع من طريق سفيان، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان، عن سلمان -وهذا إسناد صحيح، فالحديث يصح به، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/288، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح.(2/476)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَا ارْتَفَعَ مِنْ هَذِهِ الأشياء لا بد لَهُ أَنْ يَتَّضِعَ لِأَنَّهَا قَذِرَةٌ خُلِقَتْ لِلْفَنَاءِ
703 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حُمَيْدٍ
عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَتْ نَاقَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَضْبَاءُ لَا تُسْبَقُ كُلَّمَا سَابَقُوهَا سَبَقَتْ فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ عَلَى قَعُودٍ فسبقها فَسَبَقَهَا فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى رَأَى ذَلِكَ فِي وُجُوهِهِمْ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حَقٌّ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يَرْتَفِعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْقَذِرَةِ إِلَّا وَضَعَهَا الله" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي خالد الأحمر- وهو سليمان بن حيان الأزدي- فقد روى له البخاري ثلاثة أحاديث كلها مما توبع عليه، واحتج به مسلم.
وأخرجه البخاري "6501" في الرقائق: باب التواضع، عن محمد بن سلام، عن مروان بن معاوية الفزاري وأبي خالد الأحمر، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/103 من طريق ابن أبي عدي، والبخاري "2871" في الجهاد: باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم من طريق أبي إسحاق =(2/477)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الفزاري، و"2872" و"6501" أيضاً، وأبو داود "4803" في الأدب: باب في كراهية الرفعة في الأمور، من طريق زهير بن معاوية، والنسائي 6/227 في الخيل: باب السبق من طريق خالد، و6/228 باب الجنب، من طريق شعبة، والبيهقي في "السُّنن" 10/16، 17 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، و10/25 من طريق عبد الله بن بكر السهمي، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 153 ومن طريقه البغوي في "شرح السُّنة" "2652" من طريق معاذ بن معاذ العنبري، وأبو الشيخ أيضاً ص 153 من طريق سهل بن يوسف، كلهم عن حميد الطويل، بهذا الإسناد. وعندهم "الدنيا" بدل "القذرة".
وأخرجه أحمد 3/253، وأبو داود "4802"، والبغوي في "شرح السُّنة" "2651" من طريق حماد، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1009" من طريق سفيان بن حسين، كلاهما عن ثابت، عن أنس.
وفي الباب عن أبي هريرة أخرجه البزار "3694" عن أحمد بن الربيع، عن معن بن عيسى، عن مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: كانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء، لا تسبق، فجاء أعرابي ... إلخ. قال البزار: لا نعلم رفعه إلا مالك، ولا عنه إلا معن. قال معن: كان مالك لا يسنده، فخرج علينا يوماً نشيطاً، فحدثنا به عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/254، 255، وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير شيخ البزار أحمد بن الربيع، فإني لم أعرفه.
والقَعُود من الإبل: ما أمكن أن يُركب، وأدناه أن يكون له سنتان، ثم هو قعود إلى أن يثني، فيدخل في السنة السادسة، ثم هو جمل. "النهاية".(2/478)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقْنِعَ نَفْسَهُ عَنْ فُضُولِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ بِتَذَكُّرِهَا عَاقِبَةَ الْخَيْرِ وَأَهْلِهِ
704 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي الْمَاضِي بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أبيهذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقْنِعَ نَفْسَهُ عَنْ فُضُولِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ بِتَذَكُّرِهَا عَاقِبَةَ الْخَيْرِ وَأَهْلِهِ
[704] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سفيان حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وَهْبٍ أَخْبَرَنِي الْمَاضِي بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ(2/478)
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيرٌ مُشَبَّكٌ بِالْبَرْدِيِّ عَلَيْهِ كِسَاءٌ أَسْوَدُ قَدْ حَشَوْنَاهُ بِالْبَرْدِيِّ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ عَلَيْهِ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَائِمٌ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُمَا اسْتَوَى جَالِسًا فَنَظَرَا فَإِذَا أَثَرُ السَّرِيرِ فِي جَنْبِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَبَكَيَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يُؤْذِيكَ خُشُونَةُ مَا نَرَى مِنْ سَرِيرِكَ وَفِرَاشِكَ وَهَذَا كِسْرَى وَقَيْصَرُ عَلَى فُرُشِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ فقَالَ: "لَا تَقُولَا هَذَا فَإِنَّ فِرَاشَ كِسْرَى وَقَيْصَرَ فِي النَّارِ وَإِنَّ فِرَاشِي وَسَرِيرِي هذا عاقبته إلى الجنة" 1. [5: 47]
__________
1 الماضي بن محمد: هو ابن مسعود الغافقي، ثم التيمي، أبو مسعود المصري، كاتب المصاحف، ذكره المؤلف في الثقات، وقال مسلمة: كان ثقة، وقال أبو حاتم: لا أعرفه، وقال ابن يونس: توفي سنة ثلاث وثمانين ومئة، فيما قيل، وكان يضعف، وقال ابن عدي: منكر الحديث، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه، وفي "التقريب": ضعيف. وباقي رجاله ثقات رجال الصحيح.
والبردي: نبات مائي يتخذون من أعواده بيوتاً، ويشيدون منها الزوارق، يفتلون من أليافه الحبال، وينسحبون منها النعال، ويستخرجون منه بعد ذلك ورقاً.
وله شاهد من حديث أنس عند أحمد 3/139، 140.
وآخر بنحوه من حديث ابن عباس، عن عمر بن الخطاب، في حديث إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الطويل ... وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من أزواجه أن لا يدخل عليهن شهراً، أو اعتزل عنهن في غرفة، فدخل عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو مضطجع على حصير، فجلس، فأدني صلى الله عليه وسلم =(2/479)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إزاره وليس عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جنبه، صلى الله عليه وسلم، فنظر عمر ببصره في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجد فيها سوى قبضة من الشعير نحو الصاع، ومثلها قرظاً "وهو ورق السلم يدبغ به" في ناحية الغرفة، وإهاب معلق، فابتدرت عيناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ " فقال: يا نبي الله ما لي لا أبكي، وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزانتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أو في شك أنت يا ابن الخطاب، أما ترضى أن تكون لهم في الدنيا ولنا في الآخرة، أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا". انظر الحديث بطوله ورواياته في "المسند" 1/33- 34، والبخاري "2468" في المظالم، و"5191" في النكاح، ومسلم "1479" في الطلاق، والترمذي "3315"، والنسائي 4/137- 138 في الصوم، و "جامع الأصول" 2/400-410 الطبعة الدمشقية.(2/480)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِاقْتِنَاعِ لِلْمَرْءِ بِمَا أُوتِيَ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ
705 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَابِدُ الطَّاحِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الْجَهْضَمِيُّ قال أخبرنا المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ
سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يَقُولُ إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ وَكَانَ عيشه كفافا وقنعه الله به" 1. [1: 2]
__________
1 إسناده صحيح، المقرئ: هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد، وأبو هانئ: هو حميد بن هانئ الخولاني، وأبو علي الجنبي: هو عمرو بن مالك.
وأخرجه أحمد 6/19، والترمذي "2349" في الزهد: باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه، والطبراني في "الكبير" 18/"786"، والحاكم في "المستدرك" 1/34، 35 من طريق المقرئ بهذا الإسناد.
قال الترمذي: حسن صحيح. وصحَّحه الحاكم على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي مع أن أبا علي الجنبي لم يخرج له مسلم، وهو من رجال أصحاب السُّنن، وهو ثقة.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" "553" ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب" "616" عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" 18/787، والقضاعي "617" من طريق عبد الله بن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص تقدم برقم "670".(2/480)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّخَلِّي عَنِ الدُّنْيَا وَالِاقْتِنَاعِ مِنْهَا بِمَا يُقِيمُ أَوَدَ الْمُسَافِرِ فِي رِحْلَتِهِ
706 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بن موهب الرملي حدثنا بن وَهْبٍ عَنْ أَبِي هَانِئٍ أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيُّ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
أَنَّ سَلْمَانَ الْخَيْرَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ عَرَفُوا مِنْهُ بَعْضَ الْجَزَعِ قَالُوا مَا يُجْزِعُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ كَانَتْ لَكَ سَابِقَةٌ فِي الْخَيْرِ شَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَغَازِيَ حَسَنَةً وَفُتُوحًا عِظَامًا قَالَ يُجْزِعُنِي أَنَّ حَبِيبَنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ فَارَقَنَا عَهِدَ إِلَيْنَا قَالَ: "لِيَكْفِ الْيَوْمَ مِنْكُمْ كَزَادِ الرَّاكِبِ" فَهَذَا الَّذِي أَجْزَعَنِي فَجُمِعَ مَالُ سَلْمَانَ فَكَانَ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دينارا"1.
__________
1 إسناده صحيح، عامر بن عبد الله ترجمه المؤلف في "الثقات" 5/187، فقال: عامر بن عبد الله بن قيس التميمي العنبري، كنيته أبو عبد الله، من عباد أهل البصرة وزهادهم، رأى جماعة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، روى =(2/481)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ عَامِرٌ هَذَا هُوَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ قَيْسٍ وَسَلْمَانُ الْخَيْرُ هُوَ سَلْمَانُ الفارسي1. [1: 63]
__________
= عنه الحسن وابن سيرين، وأهل البصرة. وهو مترجم في "السيرة" 4/15، 19. وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "182" من طريق أحمد بن صالح، وأبو نعيم في "الحلية" 1/197 من طريق حرملة بن يحيى، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الإسناد. قال أبو نعيم: كذا قال عامر بن عبد الله: "ديناراً" واتفق الباقون على "بضعة عشر درهماً". قلت: رواية الطبراني: خمسة عشر درهماً.
وأخرجه ابن ماجة "4104" في الزهد: باب الزهد في الدنيا، والطبراني في "الكبير" "6069"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/197 من طريق عبد الرزاق، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس قال: دخلت على سلمان، فرأيت بيته رثاً، فقلت له: لم تبكي؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى أن يكون زادك في الدنيا كزاد الراكب. وإسناده على شرط مسلم، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/254، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير الحسن بن يحيى بن الجعد، وهو ثقة.
وأخرجه عبد الرزاق "20632"، وأحمد 5/438، وأبو نعيم في "الحلية" 1/196 من طريق الحسن البصري، عن سلمان.
وأخرجه الطبراني "6160"، وأبو نعيم في "الحلية" 1/196 و2/237، والقضاعي في "مسند الشهاب" "728"، من طريق مورق العجلي، وأبو نعيم 1/196، والقضاعي "718" من طريق سعيد بن المسيب، كلاهما أن سعد بن أبي وقاص وابن مسعود دخلا على سلمان ...
وأخرجه أحمد في "الزهد" ص 190، وأبو نعيم في "الحلية" 1/195 من طريق الأعمش، عن أبي سفيان، عن أشياخه، أن سعد بن أبي وقاص دخل على سلمان يعوده، فبكى سلمان..وصححه الحاكم 4/317.
1 انظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" 1/505-508.(2/482)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قِلَّةِ التَّلَهُّفِ عِنْدَ فَوْتِهِ الْبُغْيَةَ فِي غَدْوِهِ
707 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ فَنَزَلَتْ عليه {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} فَأَخَذْتُهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ رَطْبٌ بِهَا فَمَا أَدْرِي بِأَيِّهَا خَتَمَ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُوِنٍَ} [المرسلات: 50] أَوْ {إِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ} [المرسلات: 48] فَسَبَقَتْنَا حَيَّةٌ فَدَخَلَتْ فِي جُحْرٍ فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وقيتم شرها كما وقيت شركم" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده حسن، عاصم: هو ابن أبي النجود حسن الحديث، وسفيان: هو ابن عيينة، وزر: هو ابن حبيش.
وأخرجه أحمد 1/377، وعبد الرزاق "8389" ومن طريقه الطبراني في "الكبير" "10154"، كلاهما عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/453 عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن عاصم، به.
وأخرجه الطبراني "10153" من طريق الأعمش، عن أبي رزين، عن زر، به.
وأخرجه أحمد 1/462 من طريق الأعمش، عن أبي رزين، عن ابن مسعود.
وسيرد بعده من طريق الأسود، عن ابن مسعود. فانظره.
قوله: "وإنَّ فاه رطب بها" أي: لم يجف ريقه بها.(2/483)
708 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَدِيٍّ بِنَسَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْجُعْفِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ عَنِ الْأَسْوَدِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَارٍ فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً} فَإِنَّهُ لَيَتْلُوهَا وَإِنِّي لَأَتَلَقَّاهَا مِنْ فِيهِ وَإِنَّ فَاهُ لَرَطْبٌ بِهَا إِذْ وَثَبَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْتُلُوهَا" فَابْتَدَرْنَاهَا فَذَهَبَتْ فقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَقَدْ وُقِيَتْ شَرَّكُمْ كَمَا وُقِيتُمْ شَرَّهَا" 1. [4: 5]
__________
1 إسناده صحيح، وهو في "صحيح" البخاري "1830" في جزاء الصيد: باب ما يقتل المحرم من الدواب، و "4934" في التفسير: باب {هَذَا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ} .
وأخرجه مسلم "2234" في السلام: باب قتل الحيات وغيرها، عن عمر بن حفص بن غياث، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2235" عن أبي كريب، والنسائي 5/208 في الحج: باب قتل الحية في الحرم، من طريق يحيى بن آدم، والطبراني في "الكبير" "10149" من طريق سهل بن عثمان، ثلاثتهم عن حفص بن غياث، بهذا الإسناد. ومن طريق أبي كريب عن حفص، به، أخرجه الحاكم 1/453 بلفظ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ محرماً أن يقتل حية في الحرم بمنى. قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه هكذا، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري "4931" في التفسير: باب سورة المرسلات، ومسلم "2234" من طريق أبي معاوية، والطبراني "10148" من طريق زيد بن أبي أنيسة، ثلاثتهم عن الأعمش، بهذا الإسناد. وعلقه البخاري "4931" أيضاً، عن أبي معاوية عن الأعمش، به. وخالف جريراً وأبا معاوية وحفصاً وزيداً: إسرائيل في الإسناد التالي.
فأخرجه أحمد 1/422، والبخاري "3317" في بدء الخلق: باب إذا وقع الذباب ... ، و4931" من طريق يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. ومن طريقه أيضاً عن إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.
فإسرائيل يقول: عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة. وحفص بن غياث وأبو معاوية وجرير يقولون: عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، كما تقدم.
قال البخاري "4931": وتابعه أسود بن عامر، عن إسرائيل، يعني تابع يحيى بن آدم عن إسرائيل في الطريق السابق، ووصله عن أسود أحمد 1/428.
وأخرجه أحمد 1/458 من طريق إبراهيم بن سعد، والطبراني في "الكبير" "10155" من طريق عبد الأعلى، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، به. وعن ابن إسحاق، بهذا الإسناد علقه البخاري =(2/484)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
"4931".
وأخرجه الطبراني "10156" من طريق جابر، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، به.
وأخرجه الطبراني "10150" من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.
وأخرجه البخاري "4930" من طريق إسرائيل، والطبراني في "الكبير" "10159" من طريق ورقاء، و"10160" من طريق شيبان، ثلاثتهم عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله.
وأخرجه الطبراني "10158" من طريق يحيى بن حماد، عن أبي عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله. وعن يحيى بن حماد بهذا الإسناد علقه البخاري "4931".
وأخرجه الطبراني "10151" من طريق حفص بن غياث، و"10152" من طريق المسعودي، كلاهما عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود.
وأخرجه أحمد 1/385، والنسائي 5/209 في الحج: باب قتل الحيات، والطبراني "10157"، وأبو نعيم في "الحلية" 4/207 من طريق ابن جريج، عن أبي الزبير، عن مجاهد، عن أبي عبيدة، عن ابن مسعود.(2/485)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْإِمْعَانَ فِي الدُّنْيَا يَضُرُّ فِي الْعُقْبَى كَمَا أَنَّ الْإِمْعَانَ فِي طَلَبِ الْآخِرَةِ يَضُرُّ فِي فُضُولِ الدُّنْيَا
709 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنِ الْمُطَّلِبِ
عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يفنى" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده ضعيف لانقطاعه، المطلب وهو ابن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث المخزومي-لم يدرك أبا موسى الأشعري-. قال أبو حاتم في روايته عن عائشة: مرسلة، ولم يدركها، وقال في روايته عن جابر: يشبه أنه أدركه، وقال في روايته عن غيره من الصحابة: مرسلة.
وأخرجه البغوي في "شرح السُّنة" "438"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "418" من طريق محمد بن خلاد الإسكندري، عن يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/412، والحاكم في "المستدرك" 4/308، والبيهقي في "السُّنن" 3/370 من طريق الداوردي، والبغوي في "شرح السُّنة" "4038"، والحاكم 4/319 من طريق إسماعيل بن جعفر، كلاهما عن عمرو بن أبي عمرو، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم، فردَّه الذهبي بقوله: فيه انقطاع.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/249، وزاد نسبته إلى البزار والطبراني، وقال: رجالهم ثقات، وكون رجاله ثقات لا يعني صحة الحديث، فإنه لا بد من شرط آخر، وهو اتصال السند، وهو هنا مفقود.(2/486)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ اتِّخَاذِ الضَّيَاعِ إِذِ اتِّخَاذُهَا يُرَغِّبُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا
710 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْأَخْرَمِ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا" 1.
__________
1 المغيرة بن سعد بن الأخرم لم يوثقه غير المؤلف والعجلي، وأبوه سعد بن الأخرم مختلف في صحبته، وقد ذكره البخاري وأبو حاتم في التابعين، ثم هو لا يعرف، ولم يرو عنه غير ابنه المغيرة، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي، وصححه الحاكم 4/322، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الطيالسي "379"، وأحمد في "المسند" 1/377 و426، وفي "الزهد" ص 37، والترمذي "2328" في الزهد، وأبو الشيخ في "طبقات المحدثين بأصبهان" الورقة "150"، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/116، والبغوي في "شرح السُّنة" "4035"، ويحيى بن آدم في "الجرح والتعديل" "1254"، والخطيب في "تاريخ بعداد" 1/18 من طريق شمر بن عطية، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/439، وابن الجعد "1466"، من طريق شعبة، عن أبي التياح، عن ابن الأخرم رجل من طيئ، عن ابن مسعود، وأحمد 1/439 أيضاً، والطيالسي "380" من طريق شعبة، عن أبي حمزة، عن رجل من طيئ، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التبقر في الأهل والمال. وقد أفاض الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 478، 479 في تحقيق إسناده، ونقله عنه بحروفه أحمد شاكر في تحقيق "مسند أحمد" "4181" وعلَّق عليه، فراجعه، فهو نفيس.
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" "1355" من طريق أبي حمزة، سمعت رجلاً من طيئ، يحدث عن أبيه، عن عبد الله مرفوعاً.
قال شعبة: قلت لأبي التياح: ما التبقر؟ قال: الكثرة.
وفي الباب عن ابن عمر عند المحاملي في "الأمالي" 69/2، وفي سنده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف لسوء حفظه.(2/487)
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَبِالْمَدِينَةِ وَمَا بِالْمَدِينَةِ وَبِرَاذَانَ وما براذان1. [2: 23]
__________
1 راذان: قرية بنواحي المدينة، قاله ياقوت، وقال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" ص 479 معنى الحديث: أن ابن مسعود حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التوسع، وعن اتخاذ الضيع، ثم لما فرغ الحديث استدل على نفسه، وأشار إلى أنه اتخذ ضيعتين، إحداهما بالمدينة، والأخرى براذان، واتخذ أهلين: أهلاً بالكوفة، وأهلاً براذان، وراذان برداء مهملة وذال معجمة خفيفة: مكان خارج الكوفة، وقال الطيبي كما في شرح المشكاة 5/ 29: المعنى: لا تتوغلوا في اتخاذ الضيعة، فتلهوا بها عن ذكر الله.
والضيعة: العقار والأرض المغلة.(2/488)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَ الْمَرْءِ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا
711 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ بن عجلان عن الأعرجذكر الْأَمْرِ بِالنَّظَرِ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَ الْمَرْءِ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا
[711] أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ أَخْبَرَنَا الليث بن سعد عن بن عَجْلَانَ عَنِ الْأَعْرَجِ(2/488)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْخَلْقِ أَوِ الرِّزْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ مِمَّنْ فضل هو عليه" 1. [1: 78]
__________
1 إسناده حسن من أجل ابن عجلان، فقد روى له مسلم متابعة، وهو صدوق، وباقي رجاله على شرط الشيخين.
وسيورده المؤلف برقم "714" من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، به، ويخرج هناك.
وسيورده أيضاً بعده "712" من طريق همام بن منبه، و" 713" من طريق أبي صالح، كلاهما عن أبي هريرة.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" 1/257.(2/489)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ دُونَ مَنْ فَوْقَهُ فِيهِمَا
712 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا نَظَرَ أَحَدُكُمْ إِلَى مَنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ مِمَّنْ فُضِّلَ هو عليه" 2. [1: 78]
__________
2 حديث صحيح، ابن أبي السرح: صدوق له أوهام، وقد توبع، ومن فوقه ثقات على شرط الشيخين.
وهو في "مصنف" عبد الرزاق "714"، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/314، ومسلم "2963" في الزهد، والبغوي في "شرح السُّنة" "4099".(2/489)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَنْظُرَ الْمَرْءُ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ فِي أَسْبَابِ الدُّنْيَا
713 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ وَانْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَرُدُّوا نِعْمَةَ الله" 1. [2: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط البخاري، رجاله رجال الشيخين غير مسدد، فمن رجال البخاري.
وأخرجه أحمد في "المسند" 2/254 و482، وفي "الزهد" ص 25، ومسلم "2963" "9" في الزهد، والترمذي "2513" في صفة القيامة، وابن ماجة "4142" في الزهد: باب القناعة، والبغوي في "شرح السُّنة" "4101" من طرق عن معاوية ووكيع، عن الأعمش، بهذا الإسناد.
وعندهم: "لا تزدروا" بدل "لا تردوا" وهو من الازدراء: وهو الاحتقار والانتقاص والعيب. وانظر ما بعده.(2/490)
ذِكْرُ وَصْفِ الْفَوْقِ الَّذِي فِي خَبَرِ أَبِي صَالِحٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
714 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَحْرٍ الْبَزَّارُ قَالَ حدثنا بن أبي عمرو الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: "إذا رأىذكر وَصْفِ الْفَوْقِ الَّذِي فِي خَبَرِ أَبِي صَالِحٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
[714] أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بَحْرٍ الْبَزَّارُ قَالَ حدثنا بن أبي عمرو الْعَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا رَأَى(2/490)
أَحَدُكُمْ مَنْ فَوْقَهُ فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ" 1. [2: 43]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير ابن أبي عمر -وهو محمد بن يحيى العدني- فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 2/243، والبغوي في "شرح السُّنة" "4100" من طريق سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "6490" في الرقاق: باب لينظر إلى من هو أسفل منه، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن أبي الزناد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم "2963" "8" في الزهد والرقائق، عن يحيى بن يحيى وقتيبة بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد، به.
وانظر "711" و"712" و"713".
قال الحافظ في "الفتح" 11/323: وقد وقع في نسخة عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رفعه، قال: خصلتان من كانتا فيه كتبه الله شاكراً صابراً، من نظر في دنياه إلى من هو دونه فحمد الله على ما فضله به عليه، ومن نظر في دينه إلى من هو فوقه فاقتدى به"، وأما من نظر في دنياه إلى من هو فوقه، فأسف على ما فاته فإنه لا يكتب شاكراً ولا صابراً.(2/491)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ وَهُوَ صِفْرُ الْيَدَيْنِ مِمَّا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ مِمَّا فِي عُنُقِهِ
715 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ بن عَجْلَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ اشْتَدَّ وَجَعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعندهذكر مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ وَهُوَ صِفْرُ الْيَدَيْنِ مِمَّا يُحَاسَبُ عَلَيْهِ مِمَّا فِي عُنُقِهِ
[715] أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ بن عَجْلَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ اشْتَدَّ وَجَعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعنده(2/491)
سَبْعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ تِسْعَةٌ فقَالَ: "يَا عَائِشَةُ مَا فَعَلَتْ تِلْكَ الذَّهَبُ" فَقُلْتُ هِيَ عِنْدِي قَالَ: "تَصَدَّقِي بِهَا" قَالَتْ فَشُغِلْتُ بِهِ ثُمَّ قَالَ: "يَا عَائِشَةُ مَا فَعَلَتْ تِلْكَ الذَّهَبُ" فَقُلْتُ هِيَ عِنْدِي فقَالَ: "ائْتِنِي بِهَا" قَالَتْ فَجِئْتُ بِهَا فَوَضَعَهَا فِي كَفِّهِ ثُمَّ قَالَ: "مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ أَنْ لَوْ لَقِيَ اللَّهَ وَهَذِهِ عِنْدَهُ مَا ظَنُّ مُحَمَّدٍ أَنْ لَوْ لقي الله وهذه عنده" 1. [5: 48]
__________
1 إسناده حسن، ابن عجلان صدوق، روى له مسلم متابعة، وباقي رجاله على شرط الصحيح.
وأخرجه أحمد 6/49 و182 من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/239، 240، وقال: رواه أحمد بأسانيد، ورجال أحدها رجال الصحيح.(2/492)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ ذَمِّهِ نَفْسَهُ عَنْ شَهَوَاتِهَا وَاحْتِمَالِهِ الْمَكَارِهَ فِي مَرْضَاةِ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا
716 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ الْقَيْسِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ وَحُمَيْدٌ
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وحفت النار بالشهوات"2. [3: 10]
__________
2 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم.
وأخرجه أحمد 3/153 عن حسن بن موسى، و3/254 عن غسان بن الربيع، و3/284، والبغوي في "شرح السُّنة" "4114" من طريق عفان، ومسلم "2822" في الجنة وصفة نعيمها، عن القعنبي، والترمذي "2559" في صفة الجنة: باب ما جاء حفت الجنة بالمكاره، من طريق عمرو بن عاصم، والدارمي 2/339 من طريق سليمان بن حرب، كلهم عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد.
وسيورده برقم "718" من طريق أبي نصر التمار، عن حماد، به.
وفي الباب عن أبي هريرة سيورده برقم "719".(2/492)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الشَّدِيدَ الَّذِي غَلَبَ نَفْسَهُ عِنْدَ الشَّهَوَاتِ وَالْوَسَاوِسِ لَا مَنْ غَلَبَ النَّاسَ بِلِسَانِهِ
717 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ليس الشديد من غلب إنما الشديد من غلب نفسه" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. هَنَّاد من جاله، ومن فوقه على شرطهما. أبو الأحوص: هو سلام بن سليم.
وأخرجه الطيالسي "2525"، والبغوي في "شرح السُّنة" "3582" من طريق مسدد، كلاهما عن أبي الأحوص، بهذا الإسناد.
وأخرجه مالك 3/98، 99 باب جاء في الغضب، ومن طريقه أحمد 2/236، والبخاري "6114" في الأدب: باب الحذر من الغضب، ومسلم "2609" في البر: باب فضل من يملك نفسه عند الغضب، والبغوي في "شرح السُّنة" "3581"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1212"، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة.
وأخرجه عبد الرزاق "20287" ومن طريقه أحمد 2/268، ومسلم "2609" "108"، والبيهقي في "السُّنن" 10/235 عن معمر، ومسلم "2609" "108" من طريق شعيب والزبيدي، ثلاثتهم عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة.(2/493)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ الِاحْتِرَازِ مِنَ النَّارِ مُجَانَبَةَ الشَّهَوَاتِ فِي الدُّنْيَا
718 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ التَّمَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ النَّارُ بالشهوات" 1. [3: 79]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو نصر التمار: هو عبد الملك بن عبد العزيز القشيري.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "568" من طريق عبد الله بن محمد البغوي، عن أبي نصر التمار، بهذا الإسناد.
وتقدم برقم "716" من طريق هدبة بن خالد القيسي، عن حماد، به. فانظره.(2/494)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
719 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَرْوَزِيُّ بِالْبَصْرَةِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شَبَابَةُ قَالَ حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره" 2.
__________
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو الزناد: هو عبد الله بن ذكوان.
والأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز.
وأخرجه مسلم "2823" في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، عن زهير بن حرب، عن شبابة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/260 عن علي بن حفص، عن ورقاء، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "6487"في الرقاق: باب حجبت النار بالشهوات، عن إسماعيل بن أبي أويس، عن مالك، عن أبي الزناد، به. وفيه "حجبت" بدل "حفت".
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "567" من طريق مالك، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/380 عن قتيبة بن سعيد، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن يحيى بن النضر، عن أبي هريرة.
وأخرجه أبو داود "4744" في السُّنة: باب في خلق الجنة والنار، والترمذي "2560" في صفة الجنة: باب ما جاء حُفّت الجنة بالمكاره وحفت النارُ بالشهوات، والنسائي 7/3 في الأيمان والنذور: باب الحلف بعزة الله تعالى، والبغوي في "شرح السُّنة" "4115" من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به مطولاً.
وفي الباب عن أنس تقدم برقم "716" و"718".(2/494)
6- بَابُ الْوَرَعِ وَالتَّوَكُّلِ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ لِلْمَرْءِ اسْتِعْمَالَ التَّوَرُّعِ فِي أَسْبَابِهِ دُونَ التَّعَلُّقِ بِالتَّأَوِيلِ وَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ
720 - أَخْبَرَنَا بن قتيبة حدثنا بن أَبِي السَّرِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ عَقَارًا فَوَجَدَ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ فِي عَقَارِهِ جَرَّةَ ذَهَبٍ فقَالَ لَهُ الَّذِي اشْتَرَى الْعَقَارَ خُذْ ذَهَبَكَ عَنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُ مِنْكَ أَرْضًا وَلَمْ أَبْتَعْ مِنْكَ ذَهَبًا وَقَالَ الَّذِي بَاعَ الْأَرْضَ إِنَّمَا بِعْتُكَ الْأَرْضَ وَمَا فِيهَا قَالَ فَتَحَاكَمَا إِلَى رَجُلٍ فقَالَ الَّذِي تَحَاكَمَا إِلَيْهِ أَلَكُمَا وَلَدٌ فقَالَ أَحَدُهُمَا غُلَامٌ وقَالَ الْآخَرُ جَارِيَةٌ فقَالَ أَنْكِحُوا الْغُلَامَ الْجَارِيَةَ وَأَنْفِقُوا عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَتَصَدَّقَا" 1. [1: 6]
__________
1 حديث صحيح، ابن أبي السرح متابع، ومن فوقه من رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/316، والبخاري "3472" في أحاديث الأنبياء، ومسلم "1721" في الأقضية: باب استحباب إصلاح الحاكم بين المتخاصمين، والبغوي في "شرح السُّنة" "2412" من طريق عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن ماجة "2511" في اللفظة: باب من أصاب ركازاً، من طريق سليمان بن حيان، عن أبيه، عن أبي هريرة.(2/496)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ حَالَةِ مَنْ يَتَوَرَّعُ عن الشبهات في الدنيا
721 - أخبرنا محمد بْنُ عُمَيْرِ بْنِ يُوسُفَ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا يزيد بن زريع حدثنا بن عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيَّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ وَرُبَّمَا قَالَ مُتَشَابِهَةٌ وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ فِي ذَلِكَ مَثَلًا إِنَّ اللَّهَ حَمَى حِمًى وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمَهُ وَإِنَّهُ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُخَالِطَ الْحِمَى وَرُبَّمَا قَالَ مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يَرْتَعَ وَإِنَّ مَنْ خَالَطَ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أن يجسر" 1. [3: 28]
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. ابن عون: هو عبد الله بن عون بن أرطبان، والشعبي: هو عامر بن شراحيل.
وأخرجه النسائي 8/327 في الأشربة: باب الحث على ترك الشبهات، عن حميد بن مسعدة، عن يزيد بن زريع، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2051" في البيوع: باب الحلال بين والحرام بين وبينهما شبهات، وأبو داود "3329" في البيوع: باب في اجتناب الشبهات، والنسائي 7/241 في البيوع: باب اجتناب الشبهات، وأبو نعيم في "الحلية" 4/270 و326، وابن المستوفى في "تاريخ إربل" 1/147 و204 من طرق عن عبد الله بن عون، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/270، والبخاري "52" في الإيمان: باب فضل =(2/497)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من استبرأ لدينه، ومسلم "1599" في المساقاة: باب أخذ الحلال وترك الشبهات، وأبو داود "3330"، وابن ماجة "3984" في الفتن: باب الوقوف عند الشبهات، والدارمي 2/245، والبيهقي في "السُّنن" 5/64، وأبو نعيم في "الحلية" 4/336، والبغوي في "شرح السُّنة" "2031" من طريق زكريا بن أبي زائدة، وأحمد 4/269 و271، والترمذي "1205" في البيوع: باب ما جاء في ترك الشبهات، من طريق مجالد، وأحمد 4/271، والبخاري "2051" في البيوع: باب الحلال بين والحرام بين، ومسلم "1599"، والبيهقي في "السُّنن" 5/264 من طريق أبي فروة الهمداني عروة بن الحارث، وأحمد 4/267 من طريق عاصم، ومسلم "1599" من طريق عون بن عبد الله ومطرق وعبد الرحمن بن سعيد، كلهم عن الشعبي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/267 من طريق خيثمة، وأبو نعيم في "الحلية" 5/105 من طريق عبد الملك بن عمير، كلاهما عن النعمان بن بشير، به.
وفي الباب عن جابر عند الخطيب في "تاريخ بغداد" 9/70.(2/498)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَمَّا يُرِيبُ الْمَرْءَ مِنْ أَسْبَابِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
722 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ
قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ أَحَدٌ قَالَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يريبك" قال " الخير طمأنينة والشر ريبة".ذِكْرُ الزَّجْرِ عَمَّا يُرِيبُ الْمَرْءَ مِنْ أَسْبَابِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ
[722] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ التِّرْمِذِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ قَالَ
قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حَدِّثْنِي بِشَيْءٍ حَفِظْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَدِّثْكَ بِهِ أَحَدٌ قَالَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ "دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ" قَالَ " الْخَيْرُ طُمَأْنِينَةٌ وَالشَّرُّ رِيبَةٌ".(2/498)
وَأُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَأَخَذْتُ تَمْرَةً فَأَلْقَيْتُهَا فِي فِي فَأَخَذَهَا بِلُعَابِهَا حَتَّى أَعَادَهَا فِي التَّمْرِ فَقِيلَ لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ هَذِهِ التَّمْرَةِ مِنْ هَذَا الصَّبِيِّ فقَالَ: "إِنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا يَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ"
وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: "اللَّهُمَّ اهْدِنَا فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنَا فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنَا فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لَنَا فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنَا شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ إِنَّهُ لا يذل من واليت تباركت وتعاليت" 1. [2: 23]
__________
1 حديث صحيح، مؤمل بن إسماعيل وإن كان سيِّئ الحفظ فقد تابعه غير واحد، وباقي رجاله ثقات. أبو الحوراء: هو ربيعة بن شيبان.
وأخرجه بتمامه أحمد 1/200 عن يحيى القطان ومحمد بن جعفر، عن شعبة، به.
وأخرجه بتمامه عبد الرزاق "4984" ومن طريقه الطبراني في "الكبير" "2711" من طريق الحسن بن عمارة، والطبراني "2708"، وأبو نعيم في "الحلية" 8/264 من طريق الحسن بن عبيد الله، كلاهما عن بريد بن أبي مريم، بهذا الإسناد.
والقسم الأول وهو قوله: "دع ما يريبك إلى ما يريبك فإن الصدق طمأنينة والشر ريبة" أخرجه الطيالسي "1178"، والترمذي "2518" في صفة القيامة، والحاكم في "المستدرك" 2/13و4/99 من طريق شعبة، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وقوله "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" دون تتمته أخرجه النسائي 8/327 في الأشربة: باب الحث على ترك الشبهات، والدارمي 2/245، والبغوي في "شرح السُّنة" "2032"، من طريق شعبة، به.
وفي الباب عن ابن عمر عند الطبراني في "الصغير" 1/102، وأبي الشيخ في "الأمثال" "40"، وأبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/243، وفي "الحلية" 6/352، والخطيب في "تاريخ بغداد" 2/220 و387 و6/386، والقضاعي في "مسند الشهاب" "645".
وقوله "الصدق طمأنينة والشر ريبة" أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "275" من طريق شعبة، به. بلفظ "والكذب" بدل "والشر".
والقسمان الثاني والثالث سيردان برقم "945" من طريق غندر، عن شعبة، به، ويرد تخريجه هناك.(2/499)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ لَا يَعْتَاضَ عَنْ أَسْبَابِ الْآخِرَةِ بِشَيْءٍ مِنْ حُطَامِ هَذِهِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الزَّائِلَةِ عِنْدَ حُدُوثِ حَالَةٍ بِهِ
723 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى حَدَّثَنَا محمد بن يزيد1 الرفاعي حدثنا بن فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَمْرٍو2 عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيًّا فَأَكْرَمَهُ فقَالَ لَهُ ائْتِنَا فَأَتَاهُ فقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "سَلْ حَاجَتَكَ" قَالَ نَاقَةٌ نَرْكَبُهَا وَأَعْنُزٌ يَحْلِبُهَا أَهْلِي فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَعَجَزْتُمْ أَنْ تَكُونُوا مِثْلَ عَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ" قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا عَجُوزُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ "إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا سَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ ضَلُّوا الطَّرِيقَ فقَالَ مَا هَذَا فقَالَ عُلَمَاؤُهُمْ إِنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَخَذَ عَلَيْنَا مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ أَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ مِصْرَ حَتَّى نَنْقُلَ عِظَامَهُ مَعَنَا قَالَ فَمَنْ يَعْلَمُ مَوْضِعَ قبره قال
__________
1 تحرف في الأصل إلى "زيد".
2 في الأصل "عمر" وهو خطأ.(2/500)
عَجُوزٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ فَبَعَثَ إِلَيْهَا فَأَتَتْهُ فقَالَ دُلِّينِي عَلَى قَبْرِ يُوسُفَ قَالَتْ حَتَّى تُعْطِيَنِي حُكْمِي قَالَ وَمَا حُكْمُكِ قَالَتْ أَكُونُ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ فَكَرِهَ أَنْ يُعْطِيَهَا ذَلِكَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا حُكْمَهَا فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ إِلَى بُحَيْرَةٍ مَوْضِعِ مُسْتَنْقَعِ مَاءٍ فَقَالَتْ أَنْضِبُوا هَذَا الْمَاءَ فَأَنْضَبُوهُ فَقَالَتْ احْتَفِرُوا فَاحْتَفَرُوا فَاسْتَخْرَجُوا عِظَامَ يُوسُفَ فَلَمَّا أَقَلُّوهَا إِلَى الْأَرْضِ وإذا الطريق مثل ضوء النهار" 1. [3: 6]
__________
1 محمد بن يزيد الرفاعي وإن خرج له مسلم مختلف فيه، وقال في "التقريب": ليس بقوي، وقد توبع، ومن فوقه من رجال الصحيح.
يونس بن عمرو: هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وابن فُضَيْلٍ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ.
وهو في "مسند" أبي يعلى ورقة 339/أ.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 2/571، 572 من طريق أحمد بن عمران الأحمسي، وابن أبي حاتم -فيما ذكره ابن كثير في تفسير قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} [الشعراء:52]- من طريق عبد الله بن عمر بن أبان، كلاهما عن ابن فضيل، بهذا الإسناد. قال ابن كثير: هذا حديث غريب جداً، والأقرب أنه موقوف.
وأخرجه الحاكم 2/404، 405 من طريق أبي نعيم، عن يونس بن عمرو، بهذا الإسناد. وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" 5/87، 88، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، والفريابي.(2/501)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ عَلَى الْمَرْءِ عِنْدَ الْعُدْمِ1 النَّظَرَ إِلَى مَا ادُّخِرَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ دُونَ التَّلَهُّفِ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْ بُغْيَتِهِ
724 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قال حدثنا المقرىء قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ حُمَيْدُ بْنُ هَانِئٍ أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْجَنْبِيَّ حَدَّثَهُ
أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ يُحَدِّثُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى بِالنَّاسِ يَخِرُّ رِجَالٌ مِنْ قَامَتِهِمْ فِي الصَّلَاةِ لِمَا بِهِمْ مِنَ الْحَاجَةِ وَهُمْ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ حَتَّى يَقُولَ الْأَعْرَابُ إِنَّ هَؤُلَاءِ لَمَجَانِينَ فَإِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ: "لَوْ تَعْلَمُونَ مَا لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ لَأَحْبَبْتُمْ أَنْ تَزْدَادُوا فَاقَةً وَحَاجَةً" 2. قَالَ فَضَالَةُ وَأَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومئذ.
__________
1 في "الإحسان": العدو، وهو خطأ، والتصحيح من "الأنواع والتقاسيم" 3/لوحة 321.
2 إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح غير أبي علي الجنبي- وهو عمرو بن مالك- فقد روى له أصحاب السُّنن، وهو ثقة. والمقرئ هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد.
وأخرجه أحمد 6/18 عن أبي عبد الرحمن المقرئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي "2368" في الزهد: باب ما جاء في معيشة النبي صلى الله عليه وسلم من طريق عباس الدوري، والطبراني في "الكبير" 18/"798" عن هارون بن ملول، وأبو نعيم في "الحلية" 2/17 من طريق بشر بن موسى، ثلاثتهم عن المقرئ، به، قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
وأخرجه الطبراني 18/" 799" من طريق ابن وهب، و18/"800" من طريق ابن لهيعة، كلاهما عن أبي هانئ الخولاني، به.(2/502)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ الِاتِّكَالِ عَلَى تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي أَسْبَابِ دُنْيَاهُ دُونَ التَّأَسُّفِ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنْهَا
725 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ حدثنا بْنُ أَبِي السَّرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ وَالْيَدُ الْأُخْرَى الْقَبْضُ يرفع ويخفض وعرشه على الماء" 1.
__________
1 حديث صحيح، ابن أبي السري متابع، ومن فوقه على شرطهما، وهو في "مصنف" عبد الرزاق، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/313، والبخاري "7419" في التوحيد: باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، ومسلم "993" "37" في الزكاة: باب الحث على النفقة وتبشير المنفق بالخلف، والبغوي في "شرح السُّنة" "1656"، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 395، 396.
وأخرجه أحمد 2/242و 500، والبخاري "4684" في التفسير: باب {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} ، و" 411" في التوحيد: باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} ، ومسلم "993" "36"، والترمذي "3045" في التفسير: باب ومن سورة المائدة، وابن ماجة "197" في المقدمة:(2/503)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ هَذِهِ أَخْبَارٌ أُطْلِقَتْ مِنْ هَذَا النَّوْعِ تُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّ أَصْحَابَ الْحَدِيثِ مُشَبِّهَةٌ عَائِذٌ بِاللَّهِ أَنْ يَخْطُرَ ذَلِكَ بِبَالِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَلَكِنْ أَطْلَقَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ بِأَلْفَاظِ التَّمْثِيلِ لِصِفَاتِهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ دون تكييف صفات الله جل
__________
= باب فيما أنكرت الجهمية، من طريق أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
قوله: "ملأى" - وفي رواية مسلم "ملآن" ووجهها بعضهم بإرادة اليمين، فإنها تُذَكَّر وتُؤَنََثُ، وكذلك الكف- والمراد من قوله "ملأى" أو "ملآن" لازمه، وهو أنه سبحانه وتعالى في غاية الغنى، وعنده من الرزق ما لا نهاية له في علم الخلائق.
قوله: "لا يغيضها" بالغين المعجمة والضاد المعجمة، أي: لا ينقصها. و"سحاء" بمهملتين مثقلاً ممدوداً، على وزن فعلاء، صفة لليد، أي دائمة الصب والهطل بالعطاء، ويُروى "سحاً" بالتنوين على المصدر، فكأنها لشدة امتلائها تفيض أبداً.
قال ابن الأثير: واليمينُ ها هنا كنايةٌ عن محل عطائه، ووصفها بالامتلاء لكثرة منافعها، فجعلها كالعين الثرة التي لا يغيضها الاستقاء، ولا ينقصها الامتياح، وخَصَّ اليمين لأنها في الأكثر مظنة العطاء على طريق المجاز والاتساع.
وقوله: "واليد الأخرى القبض"، رواية مسلم "وبيده الأخرى القبض": قال النووي: ضبطوه بوجهين، أحدهما: "الفيض" بالفاء والياء المثناة تحت، والثاني: "القبض" بالقاف والباء الموحدة، وذكره القاضي أنه بالقاف، وهو الموجود لأكثر الرواة، قال: وهو الأشهر والمعروف.
قال: ومعنى القبض: الموت. انظر "شرح صحيح مسلم" 7/81، و"فتح الباري" 13/395.(2/504)
رَبُّنَا عَنْ أَنْ يُشَبَّهَ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ أَوْ يُكَيَّفَ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِهِ إِذْ لَيْسَ كمثله شيء. [3: 67](2/505)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي جَمِيعِ أَسْبَابِهِ
726 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْأَشْعَثِ بِسَمَرْقَنْدَ وَيَعْقُوبُ بْنُ يُوسُفَ بِبُخَارَى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ حَيَّانَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "دَخَلَتْ أُمَّةٌ الْجَنَّةَ بِقَضِّها وَقَضِيضِهَا كَانُوا لَا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون" 1. [3: 6]
__________
1 إسناده ضعيف، لضعف محمد بن عيسى بن حيان المدائني، قال الدارقطني والحاكم: متروك، وقال اللالكائي: ضعيف، وانفرد البرقاني بتوثيقه. انظر "الميزان" 3/678، و"اللسان" 5/333، و"تاريخ بغداد" 2/398.
لكن يشهد له حديث ابن عباس في البخاري "5752" في الطب: باب من لم يرق، ومسلم "220" في الإيمان، وحديث عمران بن حصين عند مسلم "218".
وانظر شرح الحديث في "فتح الباري" 10/211، و11/408- 410.(2/505)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَسْلِيمِ الْأَشْيَاءِ إِلَى بَارِئِهِ جَلَّ وَعَلَا
727 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عن وهب بن خالد عن بن الديلمي قال: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَسْلِيمِ الْأَشْيَاءِ إِلَى بَارِئِهِ جَلَّ وَعَلَا
[727] أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عن وهب بن خالد عن بن الديلمي قال:(2/505)
أَتَيْتُ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَقُلْتُ لَهُ وَقَعَ فِي نَفْسِي شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَحَدِّثْنِي بِشَيْءٍ لَعَلَّهُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ قَلْبِي فقَالَ إِنَّ اللَّهَ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ عَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أخطئك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَلَوْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا لَدَخَلْتَ النَّارَ.
قَالَ ثُمَّ أَتَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ ثُمَّ أَتَيْتُ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ فقَالَ مِثْلَ قَوْلِهِ ثُمَّ أَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَحَدَّثَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ذَلِكَ1. [3: 66]
__________
1 إسناده قوي، وهو موقوف من حديث أبي بن كعب وابن مسعود وحذيفة بن اليمان، ومرفوع من حديث زيد بن ثابت، أبو سنان: هو سعيد بن سنان الشيباني البرجمي، وابن الديلمي: هو أبو بسر عبد الله بن فيروز.
وأخرجه أبو داود "4699" في السُّنة: باب في القدر، عن محمد بن كثير العبدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/182 عن يحيى القطان، عن سفيان الثوري، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/189 عن قران بن تمام، و 5/185، وابن ماجه "77" في المقدمة: باب في القدر، وابن أبي عاصم في "السُّنة" "245"، والبيهقي في "السُّنن" 10/204 من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، كلاهما عن أبي سنان، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "4940" من طريق إسحاق بن سليمان الرازي، عن أبي سنان، عن وهب بن خالد، عن ابن الديلمي، عن زيد بن ثابت.
وأخرجه الآجري في "الشريعة" ص 187 من طريق أبي صالح، حدثني معاوية بن صالح، أن أبا الزاهرية: حدثه عن كثير بن مرة، عن ابن الديلمي، عن زيد بن ثابت.(2/506)
ذكر الإخبار عما يجب على المؤمن من السُّكُونِ تَحْتَ الْحُكْمِ وَقِلَّةِ الِاضْطِرَابِ عِنْدَ وُرُودِ ضِدِّ الْمُرَادِ
728 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَاصِمٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجِبْتُ لِلْمُؤْمِنِ لَا يَقْضِي اللَّهُ لَهُ شَيْئًا إلا كان خيرا له" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده جيد، ثعلبة بن عاصم هو أبو بحر مولى لأنس، ويقال: ثعلبة بن الحكم، وقيل: ابن مالك، روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: صالح، وذكره المؤلف في "الثقات" 4/99. وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 5/24 عن نوح بن حبيب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/117 و184، من طريق القاسم بن شريح، وأبو يعلى في "مسنده" 198/ب، والقضاعي في "مسند الشهاب" "596"، والذهبي في "السير" 15/342 من طريق الحسن بن عبيد الله، كلاهما عن ثعلبة بن عاصم، بهذا الإسناد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/209، 210، وقال: رواه أحمد وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات، وأحد أسانيد أبي يعلى رجاله رجال الصحيح، غير أبي بحر ثعلبة، وهو ثقة.
وفي الباب عن صهيب سيرد برقم "2896".
وعن سعد بن أبي وقاص عند الطيالسي "211"، وأحمد 1/173 و177 و182، والبغوي في "شرح السُّنة" "1540"، والبيهقي في "السُّنن" 3/375، 376. وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/209، وقال: رواه أحمد بأسانيد والطبراني في "الأوسط" والبزار، وأسانيد أحمد رجالها رجال الصحيح، وكذلك بعض أسانيد البزار.(2/507)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ وَإِنْ كَانَ مُجِدًّا فِي الطَّاعَاتِ إِذَا وَرَدَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ الضِّيقِ وَالْمَنْعِ يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِي قَلْبُهُ عِنْدَهَا مَعَ حَالَةِ الْوُسْعِ وَالْإِعْطَاءِ
729 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لَقَدْ كَانَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرَوْنَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مَا يَسْتَوْقِدُونَ فِيهِ بِنَارٍ مَا هُوَ إِلَّا الْمَاءُ وَالتَّمْرُ وَكَانَ حَوْلَنَا أَهْلُ دُورٍ مِنَ الْأَنْصَارِ لَهُمْ دَوَاجِنُ فِي حَوَائِطِهِمْ فَكَانَ أَهْلُ كُلِّ دَارٍ يَبْعَثُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِغَزِيرِ شَاتِهِمْ فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَلِكَ اللبن"1. [5: 27]
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، الوليد بن شجاع من جال مسلم، ومن فوقه على شرطهما.
وأخرجه عبد الرزاق "20625"، وابن أبي شيبة 13/361، وأحمد 6/108، والبخاري "6458" في الرقاق: باب كيف كان عيش النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتخليهم عن الدنيا، ومسلم "2972" في الزهد والرقائق، وابن ماجة "4144" في الزهد: باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 274 و2078 من طرق عن هشام بن عروة، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "2567" في الهبة، و"6459" في الرقاق، ومسلم "2972" في الزهد والرقائق، من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 274 من طريق هشام بن سعد، كلاهما عن أبي حازم، عن يزيد بن رومان، عن عروة، به.
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 273، 274 من طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن أبي حازم، عن عروة، به. =(2/508)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
=وأخرجه أحمد 6/182 و237، وابن ماجة "4145" في الزهد: باب معيشة آل محمد صلى الله عليه وسلم وتخليهم عن الدنيا من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة.
وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي" ص 274، 275 من طريق القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن عائشة.
وأخرج البخاري "5383" في الأطعمة: باب من أكل حتى شبع، و"5442" باب الرطب والتمر، ومسلم "2975" في الزهد، من طرق عن منصور بن صفية، عن أمه، عن عائشة، قالت: توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شبعنا من الأسودين التمر والماء.
وأخرجه مسلم من طريق آخر بلفظ: وما شبعنا من الأسودين.
وانظر الحديث المتقدم برقم "684".(2/509)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ قَطْعِ الْقَلْبِ عَنِ الْخَلَائِقِ بِجَمِيعِ الْعَلَائِقِ فِي أَحْوَالِهِ وَأَسْبَابِهِ
730 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا المقرىء عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "لَوْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمُ اللَّهُ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خماصا وتعود بطانا" 1. [3: 66]
__________
1 إسناده جيد، بكر بن عمرو: هو المعافري المصري، قال أبو حاتم: شيخ، وذكره المؤلف في "الثقات" 6/103، وقال أحمد: يروى له، وقال الدارقطني: يعتبر به، وروى له البخاري حديثاً واحداً متابعة، واحتج به الباقون سوى ابن ماجة، وباقي رجاله ثقات على شرط الصحيح. أبو تميم الجيشاني: هو عبد الله بن مالك بن الأسحم الرعيني، وأصله من اليمن، وهاجر زمن عمر، وشهد فتح مصر، ومات قديماً. والمقرئ هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد.
وهو في "مسند" أبي يعلى ورقة 17/2.
وأخرجه أحمد 1/30، والحاكم في "المستدرك" 4/318، وأبو نعيم في "الحلية" 10/69 من طريق المقرئ، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" "559"، ومن طريقه الترمذي "2344" في الزهد: باب في التوكل على الله، وأبو نعيم في "الحلية" 10/69، والبغوي في "شرح السُّنة" "4108"، والقضاعي في "مسند الشهاب" "1444" عن حيوة بن شريح، بهذا الإسناد.
وأخرجه القضاعي في "مسند الشهاب" "1445" من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن بكر بن عمرو، بهذا الإسناد.
وابن وهب روى عن ابن لهيعة قديماً قبل احتراق كتبه.
وأخرجه أحمد 1/52، وابن ماجة "4164" في الزهد: باب التوكل واليقين من طريق ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن ابن هبيرة، به.
وفي الباب عن ابن عمر عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/297.(2/509)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ الْمَرْءَ يَجِبُ عَلَيْهِ مَعَ تَوَكُّلِ الْقَلْبِ الِاحْتِرَازِ بِالْأَعْضَاءِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَهُ
731 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرْسِلُ نَاقَتِي وَأَتَوَكَّلُ؟ قال: "اعقلها وتوكل" 1.
__________
1 حديث حسن، يعقوب بن عبد الله: هو يعقوب بن عمرو بن عبد الله، ذكره المؤلف في "الثقات" 7/640، وروى عنه اثنان، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 3/623، والقضاعي في "مسند الشهاب" "633" من طريقين عن حاتم بن إسماعيل، بهذا الإسناد، بلفظ، "قيدها وتوكل"، قال الذهبي: سنده جيد.
وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/303، وقال: رواه الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير يعقوب بن عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري، وهو ثقة. وأورده أيضاً 10/291، وقال: رواه الطبراني بإسنادين، وفي أحدهما عمرو بن عبد الله بن أمية الضمري، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.
وفي الباب عن أنس عند الترمذي "2517" في صفة القيامة، و5/762 في آخر كتابه "العلل" الملحق بسننه، والبيهقي في "التوكل" ص 12، وسنده ضعيف، فيه المغيرة بن أبي قرة السدوسي، قال الحافظ: مستور. ونقل الترمذي عن يحيى القطان قوله: وهذا عندي حديث منكر. ثم قال الترمذي: وهذا حديث غريب من حديث أنس، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عمرو بن أمية الضمري، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا(2/510)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عَنْهُ يَعْقُوبُ هَذَا هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضمري من أهل الحجاز مشهور مأمون. [3: 65](2/511)
المجلد الثالث
تابع كتاب الرقائق
باب قراءة القران
مدخل
...
7- بَابُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ
732 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ
عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ فإذا اختلفتم فيه فقوموا عنه"1
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير خلف بن هشام، فمن رجال مسلم، وهو في "مسند أبي يعلى" "1519"، وسيورده المؤلف برقم "759".
وأخرجه البخاري "5060" في فضائل القرآن، والطبراني "1673"، والبغوي في "شرح السنة" "1224"، من طريق أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي، حدثنا حماد بن زيد بهذا الإسناد، وأبو عمران الجوني: اسمه عبد الملك.
وأخرجه أحمد 4/312، والبخاري "5061" و "7364" من طريق عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سلام بن أبي مطيع، عن أبي عمران الجوني به.
وأخرجه البخاري "7365"، ومسلم "2667" "4"، من طريق عبد الصمد، والدارمي 2/442 عن يزيد بن هارون، كلاهما عن همام، عن أبي عمران الجوني، به.
وأخرجه الدارمي 2/441 من طريق أبي النعمان، حدثنا هارون الأعور، عن أبي عمران، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/528، والدارمي 2/442، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل، عن أبي قدامة، عن أبي عمران، به.
وأخرجه مسلم "2667" من طريق الحارث بن عبيد، عن أبي عمران، ومن طريق أبان عن أبي عمران، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "1674" و"1675" من طريق هارون النحوي، والحجاج بن الفرافصة، عن أبي عمران، به.
ومعنى الحديث: اقرؤوا القرآن ما اجتمعت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم في فهم معانيه، فتفرقوا لئلا يتمادى بكم الاختلاف إلى الشر، قال القاضي عياض فيما نقله عنه ابن حجر في " الفتح" 9/101: يحتمل أن يكون النهي خاصاً بزمنه صلى اللَّه عليه وسلم لئلا يكون ذلك سبباً لنزول ما يسؤوهم كما في قوله تعالى {لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} ويحتمل أن يكون المعنى: اقرؤوا والزموا الائتلاف على ما دل عليه وقاد إليه، فإذا وقع الاختلاف أو عرض عارض شبهة تقتضي المنازعة الداعية إلى الافتراق، فاتركوا القراءة وتمسكوا بالمحكم الموجب للألفة، وأعرضوا عن المتشابه المؤدي إلى الفرقة، وهو كقوله صلى اللَّه عليه وسلم: "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فاحذروه".
وقال المناوي في "فيض القدير" 2/63: اقرؤوا القرآن وداوموا على قراءته ما ائتلفت، أي: ما اجتمعت عليه قلوبكم، أي: ما دامت قلوبكم تألف القرآن. يعني: اقرؤوه على نشاط منكم وخواطركم مجموعة، فإذا اختلفتم فيه بأن مللتم، أو صارت قلوبكم في فكرة شيء سوى قراءتكم، وحصلت القراءة بألسنتكم مع غيبة قلوبكم، فلا تفهمون ما تقرؤون، فقوموا عنه، أي: اتركوه إلى وقت تعودون في محبة قراءته إلى الحالة الأولى، فإنه أعظم من أن يقرأه أحد من غير حضور قلب ونقل عن الزمخشري قوله: ولا يجوز توجيهه بالنهي عن المناظرة والمباحثة فإنه سد لباب الاجتهاد، وإطفاء لنور العلم، وصد عما تواطأت العقود والآثار الصحيحة على ارتضائه والحث عليه، ولم يزل الموثوق بهم من علماء الأمة يستنبطون معاني التنزيل، ويستثيرون دقائقه، ويغوصون على لطائفه، وهو ذو الوجوه، فيعود ذلك تسجيلاً له ببعد الغور؛ واستحكام دليل الإعجاز؛ ومن ثم تكاثرت الأقاويل، واتسم كل من المجتهدين بمذهب في التأويل. وقال المناوي: وبه يعرف أنه لا اتجاه لزعم تخصيص النهي بزمن المصطفى صلى اللَّه عليه وسلم لئلا ينزل ما يسوؤهم.(3/5)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمَرْءِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ جَمِيعًا بِهَا
733 - أخبرنا بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنذكر الْبَيَانِ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمَرْءِ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ جَمِيعًا بِهَا
[733] أَخْبَرَنَا بْنِ خُزَيْمَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ(3/6)
عَبْدِ الرَّحِيمِ"1"، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ"2" قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي يَخْفِضُ صَوْتَهُ، وَمَرَّ بِعُمَرَ يُصَلِّي رَافِعًا صَوْتَهُ. قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَا عِنْدَ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "يَا أَبَا بَكْرٍ مَرَرْتُ بِكَ وَأَنْتَ تُصَلِّي تَخْفِضُ مِنْ صَوْتِكَ". قَالَ: قَدْ أَسْمَعْتُ مَنْ نَاجَيْتُ، قَالَ: "وَمَرَرْتُ بِكَ يَا عُمَرُ، وَأَنْتَ تَرْفَعُ صَوْتَكَ" قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوقِظُ الْوَسْنَانَ، وَأَحْتَسِبُ بِهِ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: "ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكَ شَيْئًا"، وَقَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِعُمَرَ: "اخْفِضْ مِنْ صوتك شيئاً ""3".
__________
1 زاد في صحيح ابن خزيمة: صاحب السابري، والسابري: نسبة إلى نوع من الثياب يقال لها: السابرية، كما في "الأنساب" 7/3، وقد أشكلت هذه النسبة على الأعظمي محقق صحيح ابن خزيمة، فعلق عليها بقوله: كذا في الأصل.
ومحمد بن عبد الرحيم هذا مترجم في "تذكرة الحفاظ" 2/553، وهو حافظ كبير يلقب بصاعقة.
2 نسبة إلى سَيْلَحين: قرية من سواد بغداد. قال ياقوت: والعامة تقول سالحين وصالحين، وكلاهما خطأ.
3 إسناده صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن عبد الرحيم، فمن رجال البخاري وهو في صحيح ابن خزيمة "1161"، وأخرجه أبو داود "1329" في الصلاة: باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، عن الحسن بن الصباح، والترمذي "447" في الصلاة: باب ما جاء في قراءة الليل، عن محمود بن غيلان، والحاكم 1/310 من طريق جعفر بن محمد بن شاكر، ثلاثتهم عن يحيى بن إسحاق، بهذا الإسناد، وصحّحه الحاكم على شرط مسلم وواقعه الذهبي.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وإنما أسنده يحيى بن إسحاق عن حماد بن س سلمة، وأكثر الناس إنما رووا هذا الحديث عن ثابت عن عبد اللَّه بن رباح مرسلاً.
قلت: هذا التعليل غير مؤثر في صحة الحديث، لأن يحيى ثقة وقد وصل الحديث، والوصل من الثقة زيادة يجب قبولها. وله شاهد بنحوه من حديث أبي هريرة عند أبي داود "1330" وسنده حسن، وآخر من حديث علي رضي اللَّه عنه عند أحمد 1/ 109، ورجاله ثقات.(3/7)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمَرْءِ الْقُرْآنَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ تَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ قِرَاءَتِهِ بِحَيْثُ يُسْمَعُ صَوْتُهُ
734 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حدثنا بن وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ بَحِيرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "الْجَاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالْجَاهِرِ بِالصَّدَقَةِ، وَالْمُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالْمُسِرِّ بالصدقة""1".
__________
1 إسناده حسن، من أجل معاوية بن صالح، وأخرجه النسائي 5/80 في الزكاة: باب المُسِرِّ بالصدقة، عن محمد بن سلمة، عن ابن وهب بهذا الإسناد. وبحير بن سَعْد تصحف في مطبوعة "سنن النسائي" إلى يحيى بن سعيد، وسعد تصحف إلى سعيد أيضاً في مطبوعة "تهذيب التهذيب" و "التقريب" طبعة عبد الوهاب عبد اللطيف.
وأخرجه أحمد 4/151 و 158 عن حماد بن خالد، عن معاوية بن صالح، به.
وأخرجه الطبراني في " الكبير" 1/3347 من طريق عبد اللَّه بن صالح، عن معاوية بن صالح به.
وأخرجه أبو داود "1333" في الصلاة: باب في رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل، والترمذي "2919" في فضائل القرآن، والطبراني 17/ 334 من طرق عن إسماعيل بن عياش، عن بحير بن سعد، به، وإسماعيل بن عياش: صدوق في روايته عن أهل بلده، وهذا منها، فالسند قوي.
وأخرجه أحمد 4/201، والطبراني 17/334 من طريقين عن الهيثم بن حميد، عن زيد بن واقد، عن سليمان بن موسى الدمشقي، عن كثير بن مرة، عن عقبة بن عامر، وسنده حسن، وهو في سنن النسائي 3/225، من طريق زيد بن واقد، عن كثير بن مرة عن عقبة بإسقاط سليمان بن موسى، وقد تحرف فيه "زيد" إلى "يزيد".
وفي الباب عن معاذ بن جبل، صححه الحاكم 1/555 ووافقه الذهبي.(3/8)
ذِكْرُ أَمْرِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أُمَّتِهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ
735 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عليَّ". قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي". فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41] نظرت إليه فإذا عيناه تهراقان"1""2".
1 في البخاري: تذران، وفي مسلم: فرأيت دموعه تسيل، وفي الترمذي: تهملان.
2 إسناده صحيح، عبد الغفار بن عبد اللَّه ذكره ابن حبان في "الثقات"، وترجمه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً، وقد توبع عليه كما سيأتي، وباقي رجال الإسناد ثقات، إبراهيم هو النخعي، وعَبيدة -بفتح العين- هو ابن عمرو السلماني المرادي، وهو في "مسند أبي يعلى" "5069".
وأخرجه مسلم "800" في صلاة المسافرين: باب فضل استماع القرآن، والطبراني "8461"، من طريق هناد بن السري ومنجاب بن الحارث التميمي، كلاهما عن علي بن مسهر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/1563، وأحمد 1/380 و 433، والبخاري "4582" في التفسير: باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} و "5049" في فضائل القرآن: باب من أحب أن يستمع القرآن من غيره، و "5050" باب قول المقرئ للقارئ: حسبك، و "5055" و "5056" باب البكاء عند قراءة القرآن، ومسلم "800" في صلاة المسافرين، وأبو داود "3668" في العلم: باب في القصص، والترمذي "3028" في التفسير: باب ومن سورة النساء، وفي "الشمائل" برقم "316"، والبيهقي 10/231، والبغوي في "شرح السنة" "1220"، والطبراني "8460"، و "8461" وأبو يعلى "5228" من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه مسلم "800" "248" من طريق عمرو بن مرة، والطبراني "8462" من طريق إبراهيم بن مهاجر، كلاهما عن إبراهيم، به.
وأخرجه الطبراني "8463" و "8467" من طريق الأعمش، ومغيرة عَنْ إِبْرَاهِيمَ؛ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وأخرجه الطبراني "8464" وأبو نعيم في "الحلية" 7/203 من طريق عمرو بن مرزوق، والطبراني "8465" من طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر، عن إبراهيم النخعي عن علقمة وأخرجه الحميدي "101" عن سفيان، عن المسعودي، عن القاسم، عن عبد اللَّه بن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 564، والطبراني "8459" عن حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ، به.
وأخرجه أحمد 1/374، والطبراني "8466" من طريق هشيم، عن مغيرة بن مقسم، عن أبي رزين مسعود بن مالك، عن ابن مسعود.
وأخرجه أبو يعلى "5150" من طريق هلال بن يساف، عن أبي حيان عن عبد اللَّه وصححه الحاكم 3/319 ووافقه الذهبي، من حديث عمرو بن حريث، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لابن مسعود: اقرأ..
وصححه الحاكم 3/319 ووافقه الذهبي، من حديث عمرو بن حريث، أن الني صلى اللَّه عليه وسلم قال لابن مسعود: اقرأ..
وانظر "فتح الباري" 9/94 و 99.ذِكْرُ أَمْرِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أُمَّتِهِ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ
[735] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ عليَّ". قَالَ: قُلْتُ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَإِنَّمَا أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي". فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء:41] نظرت إليه فإذا عيناه تهراقان"1""2".
1 في البخاري: تذران، وفي مسلم: فرأيت دموعه تسيل، وفي الترمذي: تهملان.
2 إسناده صحيح، عبد الغفار بن عبد اللَّه ذكره ابن حبان في "الثقات"، وترجمه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً، وقد توبع عليه كما سيأتي، وباقي رجال الإسناد ثقات، إبراهيم هو النخعي، وعَبيدة -بفتح العين- هو ابن عمرو السلماني المرادي، وهو في "مسند أبي يعلى" "5069".
وأخرجه مسلم "800" في صلاة المسافرين: باب فضل استماع القرآن، والطبراني "8461"، من طريق هناد بن السري ومنجاب بن الحارث التميمي، كلاهما عن علي بن مسهر، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/1563، وأحمد 1/380 و 433، والبخاري "4582" في التفسير: باب {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً} و "5049" في فضائل القرآن: باب من أحب أن يستمع القرآن من غيره، و "5050" باب قول المقرئ للقارئ: حسبك، و "5055" و "5056" باب البكاء عند قراءة القرآن، ومسلم "800" في صلاة المسافرين، وأبو داود "3668" في العلم: باب في القصص، والترمذي "3028" في التفسير: باب ومن سورة النساء، وفي "الشمائل" برقم "316"، والبيهقي 10/231، والبغوي في "شرح السنة" "1220"، والطبراني "8460"، و "8461" وأبو يعلى "5228" من طرق عن الأعمش، به. وأخرجه مسلم "800" "248" من طريق عمرو بن مرة، والطبراني "8462" من طريق إبراهيم بن مهاجر، كلاهما عن إبراهيم، به.
وأخرجه الطبراني "8463" و "8467" من طريق الأعمش، ومغيرة عَنْ إِبْرَاهِيمَ؛ عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وأخرجه الطبراني "8464" وأبو نعيم في "الحلية" 7/203 من طريق عمرو بن مرزوق، والطبراني "8465" من طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن شعبة، عن إبراهيم بن المهاجر، عن إبراهيم النخعي عن علقمة وأخرجه الحميدي "101" عن سفيان، عن المسعودي، عن القاسم، عن عبد اللَّه بن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/ 564، والطبراني "8459" عن حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ مَسْعُودٍ، به.
وأخرجه أحمد 1/374، والطبراني "8466" من طريق هشيم، عن مغيرة بن مقسم، عن أبي رزين مسعود بن مالك، عن ابن مسعود.
وأخرجه أبو يعلى "5150" من طريق هلال بن يساف، عن أبي حيان عن عبد اللَّه وصححه الحاكم 3/319 ووافقه الذهبي، من حديث عمرو بن حريث، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لابن مسعود: اقرأ..
وصححه الحاكم 3/319 ووافقه الذهبي، من حديث عمرو بن حريث، أن الني صلى اللَّه عليه وسلم قال لابن مسعود: اقرأ..
وانظر "فتح الباري" 9/94 و 99.(3/9)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِأَخْذِ الْقُرْآنِ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَرَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ
736 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَوْدُودٍ بِحَرَّانَ، قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ"1"، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ"2" أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الْأَجْدَعِ، قَالَ:
سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: لَمْ أَزَلْ أحب عبد الله بن
__________
1 في الأصل: مسلمة وهو تحريف، ومحمد بن سلمة هذا حراني ثقة من رجال مسلم.
2 في الأصل: يزيد، وهو تحريف، وهو من رجال "التهذيب" روى له الجماعة.(3/10)
مَسْعُودٍ مُنْذُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "اقرؤوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وأبي بن كعب" (1) .
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن أبي يزيد الحراني وأخرجه الطيالسي 2/4، وأحمد 2/195، والبخاري "3758" في فضائل الصحابة: باب مناقب سالم مولى أبي حذيفة، و "3806" باب مناقب معاذ بن جبل، و "3808" باب مناقب أبي بن كعب، و"4999" في فضائل القرآن: باب القراء من أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وسلم، ومسلم "2464" "118" في فضائل الصحابة: باب من فضائل عبد اللَّه بن مسعود، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" 1/176، والفسوي في "المعرفة والتاريخ" 2/537 من طريق عمرو بن مرة، عن إبراهيم النخعي، عن مسروق، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 2/4، وابن أبي شيبة 10/518، وأحمد 2/163 و 175 و 190 و 191، والبخاري "3760" في فضائل الصحابة: باب مناقب عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه، ومسلم "2464"، والترمذي "3810" في المناقب: باب مناقب عبد اللَّه بن مسعود، والطبراني "8410" و "8411" و "8412"، من طريق الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عن مسروق، به.
رفي الباب عن عبد اللَّه بن مسعود أخرجه البزار "2703"، والحاكم 5/225، وصححه، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في "المجمع" 9/311، وقال: رجاله ثقات.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح" 9/48: الظاهر أنه أمر بالأخذ عنهم في الوقت الذي صدر فيه ذلك القول، ولا يلزم من ذلك أن لا يكون أحد في ذلك الوقت شاركهم في حفظ القرآن. بل كان الذين يحفظون مثل الذي حفظوه وأزيد منهم جماعة من الصحابة، وقد تقدم في غزوة بئر معونة أن الذين قتلوا بها من الصحابة كان يقال لهم القراء، وكانوا سبعين رجلاً.(3/11)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا أُبِيحَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ
737 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ آيَةً وَقَرَأْتُهَا عَلَى غَيْرِ قِرَاءَتِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يا رسول الله، أقرأتنيذكر الْإِخْبَارِ عَمَّا أُبِيحَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ
[737] أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَرَأَ رَجُلٌ آيَةً وَقَرَأْتُهَا عَلَى غَيْرِ قِرَاءَتِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقلت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرَأْتَنِي(3/11)
آيَةَ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ"، قَالَ الرَّجُلُ: أَقْرَأْتَنِي كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: "نَعَمْ؛ إِنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ أَتَيَانِي، فَجَلَسَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ يَمِينِي، وَمِيكَائِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ يَسَارِي، فَقَالَ جِبْرِيلُ: يَا مُحَمَّدُ، اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ: اسْتَزِدْهُ، فَقُلْتُ: زِدْنِي، فَقَالَ: اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ مِيكَائِيلُ: اسْتَزِدْهُ. حَتَّى بَلَغَ سَبْعَةَ أَحْرُفٍ، وَقَالَ: اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، كل شاف كاف""1".
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين، أبو خيثمة: هو زهير بن حرب بن شداد النسائي، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/517 عن يزيد بن هارون بهذا الإسناد مختصراً.
وأخرجه أحمد 5/122 عن يحيى بن سعيد القطان، والنسائي 2/154 في الصلاة: باب جامع ما جاء في القرآن، والطبري في تفسيره رقم "26) من طريق يحيى بن أيوب الغافقي، والطبري "27" من طريق حماد بن سلمة، ثلاثتهم عن حميد الطويل، بهذا الإسناد. وانظر ما بعده.
وقوله: " اقرأه على سبعة أحرف" قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 9/23: قيل ليس المراد بالسبعة حقيقة العدد، بل المراد التسهيل والتيسير، ولفظ السبعة يطلق على إرادة الكثرة في الآحاد كما يطلق السبعين في العشرات والسبع مئة في المئين، ولا يراد العدد المعين، وإلى هذا جنح عياض ومن تبعه، وذكر القرطبي عن ابن حبان أنه بلغ الاختلاف في معنى الأحرف السبعة إلى خمسة وثلاثين قولاً، ولم يذكر القرطبي منها سوى خمسة، وقال المنذري: أكثرها غير مختار، ولم أقف على كلام ابن حبان في هذا بعد تتبعي مظانه من صحيحه، وسأذكر ما انتهى إلي من أقوال العلماء في ذلك مع بيان المقبول منها والمردود..... ثم شرع يذكرها، انظر "الفتح" 9/26- 38. والأقرب من هذه الأقوال إلى الصحة قول من يقول: إن المراد به سبع لغات، والسر في إنزاله على سبع لغات تسهيله على الناس لقوله تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} فلو كان تعالى أنزله على حرف واحد لانعكس المقصود، وقد اختلف السلف في الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن: هل هي مجموعة في المصحف الذي بأيدي الناس اليوم أو ليس فيها إلا حرف واحد منها، مال أبو بكر بن الباقلاني إلى الأول، وصرح الطبري وجماعة بالثاني، قال أبو شامة: وهو المعتمد، وانظر "مشكل الآثار" 4/181- 194، وتفسير الطبري 1/46- 65.(3/12)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ كَانَ مُصِيبًا
738 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مِهْرَانَ السَّبَّاكُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ"1"، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ بِأَضَاةِ بَنِي غِفَارَ فَقَالَ: "يَا محمد، إن الله يأمرك أن تقرىء أُمَّتَكَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، أَوْ مَعُونَتَهُ وَمُعَافَاتَهُ، سَلْ لَهُمُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يُطِيقُوا ذَلِكَ. فَانْطَلَقَ، ثُمَّ رَجَعَ فقال: إن الله يأمرك أن تقرىء أُمَّتَكَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَقَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، أَوْ مَعُونَتَهُ وَمُعَافَاتَهُ، سَلْ لَهُمُ التَّخْفِيفَ فَإِنَّهُمْ لَنْ يُطِيقُوا ذَلِكَ، فَانْطَلَقَ ثم رجع، فقال: إن الله يأمرك أن تقرىء أُمَّتَكَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، قَالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، أَوْ مَعُونَتَهُ وَمُعَافَاتَهُ، سَلْ لَهُمُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّهُمْ لَنْ يُطِيقُوا ذَاكَ، قَالَ: فَانْطَلَقَ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنَّ تَقْرَأَ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَمَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْهَا فَهُوَ كَمَا قرأ""2".
1:20
__________
1 تحرف في الأصل إلى عيينة.
2 جعفر بن مهران: ذكره ابن حبان في "الثقات" وروى عنه جماعة، وقد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه عبد اللَّه بن أحمد في زيادات "المسند" 5/128 "وزيد في المطبوع: حدثني أبي وهو خطأ"، ومن طريقه الطبراني برقم "535" عن جعفر بن مهران بهذا الإسناد، وأخرجه الطبري برقم "34" من طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، عن أبيه، به.
وأخرجه أيضاً "46" من طريق أبي معمر عبد اللَّه بن عمرو بن أبي الحجاج، حدثنا عبد الوارث، به.
وأخرجه الطيالسي 2/7، 8، وأحمد 5/ 127 و 128، ومسلم "821" في صلاة المسافرين: باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف، وأبو داود "1478" في الصلاة: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، والنسائي 2/152 في الصلاة: باب جامع ما جاء في القرآن، والطبري رقم "35" و "36" و "37" من طرق عن شعبة، عن الحكم، به.
والأضاة بوزن الحصاة: الماء المستنقع من سيل أو غيره، ويقال: هو غدير صغير، وبنو غفار: قبيلة من كنانة، وأضاة بني غفار: موضع قريب من مكة فوق سرف قرب التناضب.
1 إسناده حسن، رجاله ثقات رجال الشيخين غير عاصم -وهو ابن أبي النجود- فقد روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعه، وهو صدوق حسن الحديث، وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 10/518. وأخرجه أحمد 5/132 عن حسين بن علي الجعفي بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 2/8 عن حماد بن سلمة، والترمذي "2944" في القراءات، من طريق شيبان، كلاهما عن عاصم، به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.(3/13)
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ
739 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمَيَّةٍ، مِنْهُمُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ، وَالْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي، قَالَ: مُرْهُمْ فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف""1".
1:20ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ
[739] أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ زَائِدَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: لَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جِبْرِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أُمَّةٍ أُمَيَّةٍ، مِنْهُمُ الْغُلَامُ وَالْجَارِيَةُ، وَالْعَجُوزُ وَالشَّيْخُ الْفَانِي، قَالَ: مُرْهُمْ فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرف""1".
1:20(3/14)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى صَفِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ سَأَلَ بِهَا التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِهِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِدَعْوَةٍ مُسْتَجَابَةٍ
740 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا محمد بن عبيد، ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى صَفِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكُلِّ مَسْأَلَةٍ سَأَلَ بِهَا التَّخْفِيفَ عَنْ أُمَّتِهِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِدَعْوَةٍ مُسْتَجَابَةٍ
[740] أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ،(3/14)
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَى"1" الصَّلَاةَ دَخَلَا"2" جَمِيعًا، عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْآخَرُ قِرَاءَةً سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،: "اقْرَأْ" فقرآ [فَقَالَ:] "3" "أَحْسَنْتُمَا" أَوْ قَالَ "أَصَبْتُمَا". قَالَ: فَلَمَّا قَالَ لَهُمَا الَّذِي قَالَ، كَبُرَ"4" عَلَيَّ، فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غَشِيَنِي، ضَرَبَ فِي صَدْرِي"5" فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَبِّي فَرَقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أُبَيُّ إِنَّ رَبِّي أَرْسَلَ إِلَيَّ: أَنِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي مَرَّتَيْنِ، فَرَدَّ عليَّ: أَنِ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ وَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُهَا مَسْأَلَتُهُ"6" يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي. ثُمَّ أَخَّرْتُ الثَّانِيَةَ إِلَى يوم يرغب إلي فيه
__________
1 في صحيح مسلم وغيره: قضينا.
2 في صحيح مسلم: دَخلنا.
3 سقطت من الأصل.
4 في مسلم: "فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية "، وفي الطبري: فوقع....
5 في مسلم والطبري زيادة: ففضتُ عرقاً.
6 في مسلم والطبري: رددتُكَها مسألة تسألنيها.(3/15)
الخلق حتى أبرهم"1"""2".
741 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ:
سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، فَقَرَأَ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ"3"، ثُمَّ أَمْهَلْتُ"4" حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ"5" بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اقْرَأْ" فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هكذا أنزلت". ثم قال
__________
1 أبرهم، بفتح الهاء بلا ألف: لغة في إبراهيم، وفي الطبري ومسلم وأحمد والبغوي: إبراهيم.
2 إسناده صحيح على شرط الشيخين. أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، ومحمد بن عُبيد: هو الطنافسي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/516 ومن طريقه مسلم "820" عن محمد بن بشر، وأحمد 5/127 عن يحيى بن سعيد، وابنه عبد اللَّه 5/128- 129 من طريق خالد بن عبد اللَّه، ومسلم "820" في صلاة المسافرين: باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف، ومن طريقه البغوي في "شرح السنة" "1227" من طريق عبد اللَّه بن نمير، والطبري "30" من طريق عبد اللَّه بن نمير، ومحمد ين فضيل، ووكيع؛ كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد، بهذا الإسناد.
3 في رواية البخاري وغيره: فكدت أساوره، أي: كدت أواثبه وأبطش به، قال النابغة:
فبت كأني ساورتني ضئيلة
من الرقش في أنيابها السم ناقع4 في الموطأ "أمهلته" وفي رواية للبخاري والطبري: فتصبرتُ حتى سلم، ولأحمد: فَنَظِرْتُ حتى سلم، أي: انتظرت.
5 يُقال: لَبَبْتُ الرجل وَلَبَّبْتُهُ: إذا جعلت في عنقه ثوباً أو غيره وجررتَه به. انظر "النهاية".(3/16)
لِي: "اقْرَأْ". فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: " هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَؤُوا ما تيسر منه""1 ".
1:41
__________
1 إسناده صحيح على شرط الشيخين. وهو في " الموطأ" 1/ 206 في القرآن: باب ما جاء في القرآن. ومن طريق مالك أخرجه الشافعي 2/ 453، وأحمد 1/40، والبخاري "2419" في الخصومات: باب كلام الخصوم بعضهم في بعض، ومسلم "818" في صلاة المسافرين: باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف، والنسائي 2/151 في الصلاة: باب جامع ما جاء في القرآن، والبغوي في "شرح السنة" "1226".
وأخرجه عبد الرزاق "20369" عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عبد الرحمن بن عبد القاري والمسور بن مخرمة، عن عمر، به، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 1/40 و 42، 43، ومسلم "818" "271" في صلاة المسافرين، والترمذي "2943" في القراءات: باب ما جاء أنزل القرآن على سبعة أحرف، والبغوي في "شرح السنة" "1226" 4/ 503.
وأخرجه أحمد 1/24، والنسائي 2/150 من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، به.
وأخرجه مسلم "818" "271" عن حرملة بن يحيى، والنسائي 2/151، والطبري 1/13 عن يونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري، به.
وأخرجه الطيالسي 2/5 عن فليح بن سليمان الخزاعي، وابن أبي شيبة 10/517، 518 من طريق عبد الرحمن بن عبد العزيز، والبخاري "4992" في فضائل القرآن: باب أنزل القرآن على سبعة أحرف، و "7550" في التوحيد: باب {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} من طريق عقيل، و "5041" في فضائل القرآن: باب من لم ير بأساً أن يقول سورة البقرة وسورة كذا وكذا، من طريق شعيب، و "6936" في المرتدين: باب ما جاء في المتأولين، معلقاً من طريق يونس بن يزيد، كلهم عن الزهري، به.(3/17)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى أَحْرُفٍ مَعْلُومَةٍ
742 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت، قال: ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ عَلَى أَحْرُفٍ مَعْلُومَةٍ
[742] أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصامت، قال:(3/17)
قَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سبعة أحرف""1". 1:66
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير حماد بن سلمة، فمن رجال مسلم وأبو الوليد هو: هشام بن عبد الملك الطيالسي.
وأخرجه الطبري 1/15 عن محمد بن مرزوق، عن أبي الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/114 عن عفان بن مسلم، عن حماد بن سلمة، به. وانظر الأحاديث الخمسة قبله.(3/18)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ بَعْضِ الْقَصْدِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
743 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ"
حَكِيمًا، عَلِيمًا، غَفُورًا، رَحِيمًا. "1" قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، أَدْرَجَهُ فِي الْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ إِلَى سَبْعَةِ أحرف فقط.
__________
1 إسناده حسن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، روى له البخاري مقرونا ومسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات من رجال الشيخين.
وأخرجه الطبري 1/12، والبزار "2313" من طريق عبدة بق سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/516، وأحمد 2/332 عن محمد بن بشر، عن محمد بن عمرو، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/440 عن ابن نمير، والطبري 1/11 من طريق أسباط بن محمد، والبزار "2313" من طريق عيسى بن يونس، كلهم عن محمد بن عمرو، به وأورده الهيثمي في "المجمع" 7/153، وقال: رواه البزار، وفيه محمد بن عمر وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح. وأخرجه أحمد 2/300، والطبري "7"، عن أنس بن عياض، عن أبي حازم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، بلفظ "أنزل القرآن على سبعة أحرف، فالمراء في القرآن كفر، فما عرفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه".
وأورده الهيثمي في " المجمع" 7/151، وقال: رواه أحمد بإسنادين، ورجال أحدهما رجال الصحيح، ورواه البزار بنحوه.(3/18)
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ شَنَّعَ بِهِ بَعْضُ الْمُعَطِّلَةِ عَلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ حَيْثُ حُرِمُوا التَّوْفِيقَ لِإِدْرَاكِ مَعْنَاهُ
744 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدًا قَالَ:
سَمِعْتُ أَنَسًا قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"1"، وَكَانَ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ، عُدَّ فِينَا، ذُو شَأْنٍ، وَكَانَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُمْلِ عليه {غَفُوراً رَحِيماً} فَيَكْتُبُ "عَفُوًّا غَفُورًا"، فَيَقُولُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبْ" وَيُمْلِي عَلَيْهِ {عَلِيماً حَكِيماً} ، فَيَكْتُبُ "سَمِيعًا بَصِيرًا" فَيَقُولُ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اكْتُبْ أَيَّهُمَا شِئْتَ"" 2". قَالَ فَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنْ كُنْتُ لَأَكْتُبُ مَا شِئْتُ. فَمَاتَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "إِنَّ الْأَرْضَ لَنْ تَقْبَلَهُ". قَالَ"3": فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: فَأَتَيْتُ تِلْكَ الْأَرْضَ الَّتِي مَاتَ فِيهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ
__________
1 في "صحيح" البخاري: كان رجل نصرانياً فأسلم. وفي "صحيح" مسلم: كان منا رجل من بني النجار.
2 من قوله: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُمل، إلى هنا لم يرد في البخاري ولا في مسلم.
3 يعني أنس رضي اللَّه عنه.(3/19)
أَنَّ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا قَالَ، فَوَجَدْتُهُ مَنْبُوذًا، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ هَذَا؟ فَقَالُوا: دَفَنَّاهُ فَلَمْ تَقْبَلْهُ الأرض"1) . 5:33
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم، وأخرجه أحمد 3/120، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" رقم "54" من طريق يزيد بن هارون، وأحمد 3/121، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/240 من طريق عبد اللَّه بن بكر السهمي، كلاهما عن حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "3617" في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/245 عن عفان، عن حماد، ومسلم "2781" في صفات المنافقين وأحكامهم، عن محمد بن رافع، عن أبي النضر، عن سليمان بن المغيرة، كلاهما عن ثابت، عن أنس.
وانظر ما كتبه الإمام الطحاوي في الإجابة عن الإشكال الذي تضمنه هذا الحديث في "مشكل الآثار" 4/241.(3/20)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْبَعْضِ الْآخَرِ لِقَصْدِ النَّعْتِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
745 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ، قَالَ حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، عَنْ عَقِيلِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ
عَنِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "كَانَ الْكِتَابُ الْأَوَّلُ يَنْزِلُ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَعَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَنَزَلَ الْقُرْآنُ مِنْ سَبْعَةِ أَبْوَابٍ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ: زَاجِرٌ، وَآمِرٌ، وَحَلَالٌ، وَحَرَامٌ، وَمُحْكَمٌ، وَمُتَشَابِهٌ، وَأَمْثَالٌ، فَأَحِلُّوا حَلَالَهُ، وَحَرِّمُوا حَرَامَهُ، وَافْعَلُوا مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، وَانْتَهُوا عَمَّا نُهِيتُمْ عَنْهُ، وَاعْتَبِرُوا بِأَمْثَالِهِ، وَاعْمَلُوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا:
__________
1 إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين غير محمد بن عبد الأعلى، فمن رجال مسلم، وأخرجه أحمد 3/120، والبيهقي في "إثبات عذاب القبر" رقم "54" من طريق يزيد بن هارون، وأحمد 3/121، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/240 من طريق عبد اللَّه بن بكر السهمي، كلاهما عن حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري "3617" في المناقب: باب علامات النبوة في الإسلام، عن أبي معمر، عن عبد الوارث، عن عبد العزيز، عن أنس.
وأخرجه أحمد 3/245 عن عفان، عن حماد، ومسلم "2781" في صفات المنافقين وأحكامهم، عن محمد بن رافع، عن أبي النضر، عن سليمان بن المغيرة، كلاهما عن ثابت، عن أنس.
وانظر ما كتبه الإمام الطحاوي في الإجابة عن الإشكال الذي تضمنه هذا الحديث في "مشكل الآثار" 4/241.(3/20)
آمنا به كل من عند ربنا"" 1". 3:66
__________
1 رجال ثقات، إلا أنه منقطع، أبو سلمة بن عبد الرحمن لم يدرك عبد اللَّه بن مسعود، قال الحافظ في " الفتح" 9/29: قال ابن عبد البر: هذا حديث لا يثبت، لأنه من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود، ولم يلق ابن مسعود. ثم قال: وصححه ابن حبان والحاكم 1/553، وفي تصحيحه نظر، لانقطاعه بين أبي سلمة وابن مسعود. وقد أخرجه البيهقي من وجه آخر عن الزهري عن أبي سلمة مرسلاً، وقال: هذا مرسل جيد.
وأخرجه الطبري في التفسير "67" عن يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" لوحة 62 ب، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/184 من طريق حيوة بن شريح، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" "8296" من طريق عمار بن مطر، حدثنا ليث بن سعد، عن الزهري، عن سلمة بن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم قال لعبد اللَّه بن مسعود: إن الكتب ... وعمار بن مطر قال الذهبي في "الميزان" 3/169: هالك، وثقه بعضهم، ومنهم من وصفه بالحفظ، وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث، وقال العقيلي: يحدث عن الثقات بمناكير، ووصفه الهيثمي في " المجمع" 7/153 بأنه ضعيف جداً.
وأخرجه أحمد 1/445، وابن أبي داود في "المصاحف" ص18 من طريقين، عن زهير، عن أبي همام، عن عثمان بن حسان، عن فلفلة الجعفي، عن ابن مسعود.
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد" 7/152: وفيه عثمان بن حسان ذكره ابن أبي حاتم، فلم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات.
ونسبه المزي في "الأطراف" 7/133 إلى النسائي في "سننه الكبرى" من طريق سفيان، عن أبي همام الوليد بن قيس، عن القاسم بن حسان، عن فلفلة، به. وفي "الجرح والتعديل" 7/148: عثمان بن حسان العامري، ويقال: القاسم بن حسان. وبعثمان اشبه، روى عن فلفلة الجعفي، روى عنه أبو همام الوليد بن قيس، سمعت أبي يقول ذلك.(3/21)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنْ لَا حَرَجَ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَقْرَأَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ
746 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قال: حدثنا أبي، عن الأعمش، عنذكر الْبَيَانِ بِأَنْ لَا حَرَجَ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يَقْرَأَ بِمَا شَاءَ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ
[746] أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامٍ بِالْأُبُلَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ(3/21)
عَاصِمٍ عَنْ زِرٍّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خِلَافَ مَا قَرَأَ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُنَاجِي عَلِيًّا، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقْرَؤُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ"1". 1:41
__________
1 إسناده حسن عاصم -وهو ابن أبي النجود- روى له البخاري ومسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطبري في "التفسير" "13" عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/419 و421 والطبري "13" من طريقين عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، به.
وأخرجه أحمد 1/421 من طريق عفان، عن عاصم، به.(3/22)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْعَتْبِ عَلَى مَنْ قَرَأَ بِحَرْفٍ مِنَ الْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ
747 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْخَطِيبُ بِالْأَهْوَازِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامِرُ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُورَةَ الرَّحْمَنِ، فَخَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ عَشِيَّةً، فَجَلَسَ إِلَيَّ رَهْطٌ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ: اقْرَأْ عليَّ. فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ أَحْرُفًا لَا أَقْرَؤُهَا، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ؟ فَقَالَ: أَقْرَأَنِي رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فانطلقنا
__________
1 إسناده حسن عاصم -وهو ابن أبي النجود- روى له البخاري ومسلم متابعة، وهو صدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين. وأخرجه الطبري في "التفسير" "13" عن سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/419 و421 والطبري "13" من طريقين عن أبي بكر بن عياش، عن عاصم، به.
وأخرجه أحمد 1/421 من طريق عفان، عن عاصم، به.(3/22)
حَتَّى وَقَفْنَا عَلَى النَّبِيِّ؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: اخْتَلَفْنَا فِي قِرَاءَتِنَا. فَإِذَا وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيهِ تَغَيُّرٌ، وَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ حِينَ ذَكَرْتُ الِاخْتِلَافَ، فَقَالَ: "إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ قَبْلَكُمْ بِالِاخْتِلَافِ" فَأَمَرَ عَلِيًّا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَأْمُرُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْكُمْ كَمَا عُلِّمَ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ قَبْلَكُمُ الِاخْتِلَافُ، قَالَ فَانْطَلَقْنَا وَكُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَقْرَأُ حرفا لا يقرأ صاحبه"1". 1: 41
__________
1 إسناده حسن. معمر بن سهل ترجمه ابن حبان في "ثقاته" 9/196، فقال: شيخ متقن يغرب، وعامر بن مدرك ذكره ابن حبان في "ثقاته" 8/501، وقال: ربما أخطأ، وروى عنه غير واحد، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم 2/223- 224 عن أبي العباس المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد اللَّه بن موسى، أخبرنا إسرائيل بهذا الإسناد، وصححه هو والذهبي، وهو حسن فقط. وانظر ما قبله.
وأخرجه مختصراً الطيالسي "387"، وابن أبي شيبة 10/529، وأحمد 1/393، و411، 412، والبخاري "2410" في الخصومات: باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، و "3476" في أحاديث الأنبياء، و "5062" في فضائل القرآن: باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، والبغوي في "شرح السنة" "1229"، من طرق عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن ابن مسعود انه سمع رجلاً يقرأ آية سمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده، فانطلقتُ به إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: " كلاكما محسن، فاقرآ. أكبر علمي قال: فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم" لفظ البخاري، وقوله: أكبر علمي، الشك من شعبة. كما هو مبين في روايتي أحمد.(3/23)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُرَجِّعَ فِي قِرَاءَتِهِ إِذَا صَحَّتْ نِيَّتُهُ فِيهِ
748 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ حَبِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ معاوية بن قرة
__________
1 إسناده حسن. معمر بن سهل ترجمه ابن حبان في "ثقاته" 9/196، فقال: شيخ متقن يغرب، وعامر بن مدرك ذكره ابن حبان في "ثقاته" 8/501، وقال: ربما أخطأ، وروى عنه غير واحد، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم 2/223- 224 عن أبي العباس المحبوبي، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبيد اللَّه بن موسى، أخبرنا إسرائيل بهذا الإسناد، وصححه هو والذهبي، وهو حسن فقط. وانظر ما قبله.
وأخرجه مختصراً الطيالسي "387"، وابن أبي شيبة 10/529، وأحمد 1/393، و411، 412، والبخاري "2410" في الخصومات: باب ما يذكر في الإشخاص والخصومة بين المسلم واليهود، و "3476" في أحاديث الأنبياء، و "5062" في فضائل القرآن: باب اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، والبغوي في "شرح السنة" "1229"، من طرق عن شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن ابن مسعود انه سمع رجلاً يقرأ آية سمع النبي صلى اللَّه عليه وسلم قرأ خلافها، فأخذت بيده، فانطلقتُ به إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم، فقال: " كلاكما محسن، فاقرآ. أكبر علمي قال: فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم" لفظ البخاري، وقوله: أكبر علمي، الشك من شعبة. كما هو مبين في روايتي أحمد.(3/23)
أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُغَفَّلِ يَقُولُ: قَرَأَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَامَ الْفَتْحِ فَرَجَّعَ فِي قِرَاءَتِهِ"1".
قَالَ مُعَاوِيَةُ: لَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عليَّ، لحكيتُ قراءته. 4:1
__________
1 إسناده صحيح، نوح بن حبيب روى له أبو داود والنسائي، وهو ثقة، ومن فوقه ثقات من رجال الشيخين. وأخرجه أحمد 5/54، ومسلم "794" "237" في صلاة المسافرين: باب ذِكْرُ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سورة الفتح يوم فتح مكة، من طريق وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي 2/3، وأحمد 4/85، 86 عن ابن إدريس، و 5/ 56 عن محمد بن جعفر وبهز، والبخاري "4281" في المغازي: باب أين ركز النبي صلى اللَّه عليه وسلم الراية يوم الفتح، و "4835" في التفسير: باب {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} ، عن مسلم بن إبراهيم، و "5034" في فضائل القرآن: باب القراءة على الدابة، عن حجاج بن منهال، و "5047" باب الترجيع، عن آدم بن أبي إياس، و "7540" في التوحيد: باب ذكر النبي صلى اللَّه عليه وسلم وروايته عن ربِّه، عن أحمد بن أبي سريج، عن شبابة، ومسلم "794" "238" عن محمد بن المثنى ومحمد بن بشار، عن محمد بن جعفر، و "794" "239" عن يحيى بن حبيب الحارثي، عن خالد بن الحارث، وعن عبيد اللَّه بن معاذ، عن أبيه، وأبو داود "1467" في الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، عن حفص بن عمر، والترمذي في "الشمائل" برقم 312 من طريق أبي داود الطيالسي، والبيهقي 2/53 من طريق آدم بن أبي إياس، كلهم عن شعبة، بهذا الإسناد. ومن طريق البخاري "5047" أخرجه البغوي في "شرح السنة" "1215".
قال الحافظ: الترجيع في الحديث يحتمل أمرين، أحدهما أن ذلك حدث من هزّ الناقة، والآخر أنه أشبع المد في موضعه فحدث ذلك، وهذا الثاني أشبه بالسياق، وقد ثبت الترجيع في غير هذا الموضع، فأخرج الترمذي و ... من حديث أم هانئ "كنت أسمع صوت النبي صلى اللَّه عليه وسلم وهو يقرأ وأنا نائمة على فراش يُرَجِّع القرآن"، والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل. وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: معنى الترجيع تحسين التلاوة، لا ترجيع الغناء، لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة، انتهى. وفي الحديث إجازة القراءة بالترجيع والألحان الملذذة للقلوب بحسن الصوت. انظر "فتح الباري" 9/92 و 13/515.(3/24)
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَحْسِينِ الْمَرْءِ صَوْتَهُ بِالْقُرْآنِ
749 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْعَابِدُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ
عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بأصواتكم"" 1". 1:2
__________
1 إسناده صحيح، عبد الرحمن بن عوسجة روى له أصحاب السنن، وهو ثقة، وباقي السند من رجال الشيخين غير محمد بن عثمان العجلي، فمن رجال البخاري. وأخرجه الدارمي 2/474 في فضائل القرآن: باب التغني بالقرآن عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق "4175" عن سفيان الثوري، عن منصور والأعمش، به، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 4/296.
وأخرجه عبد الرزاق "4176" عن معمر، عن منصور، به.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/ 571 و 572 من طرق عن منصور، به.
وأخرجه الطيالسي 2/3، وابنُ أبي شيبة 2/521 و 10/462، وأحمد 4/283 و285 و304، وأبو داود "1468" في الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، والنسائي 2/179، 180 في الصلاة: باب تزيين القرآن بالصوت، وابن ماجة "1342" في إقامة الصلاة: باب في حسن الصوت بالقرآن، والحاكم في "المستدرك" 1/ 572- 575، وأبو نعيم في "الحلية" 5/27 والبيهقي في "السنن" 2/53، من طرق عن طلحة بن مصرف، به.
وعلقه البخاري 13/518 في التوحيد: باب قول النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة".
وأخرجه موصولاً في كتابه "خلق أفعال العباد" ص 49 من طريق جرير، عن منصور، به. وص 48 و 49 من طريق الأعمش وشعبة، عن طلحة، به.
وفي الباب عن أبي هريرة سيأتي بعده. وعن ابن عباس، قال الهيثمي في "المجمع" 75/170: رواه الطبراني بإسنادين، وفي أحدهما عبد الله بن خراش، وثقه ابن حبان، وقال: ربما أخطأ، ووثقه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح. وقال الحافظ في "الفتح": أخرجه الدارقطني في "الأفراد" بسند حسن. وعن عبد الرحمن بن عوف عند البزار "2329" بسند ضعيف، وعن عائشة عند أبي نعيم في "الحلية" 7/139. وعن ابن مسعود، قال الحافظ: وقع لنا في الأول من "فوائد" عثمان بن السماك، ولكنه موقوف.(3/25)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذِهِ اللَّفْظَةُ مِنْ أَلْفَاظِ الْأَضْدَادِ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ لَا زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ""1".
__________
1 أي: أن الزينة للصوت لا للقرآن، فهو على القلب كعرضت الإبل على الحوض وأدخلت القلنسوة في رأسي، قال ابن الأثير في "النهاية" 2/325: "زينوا القرآن بأصواتكم" قيل: هو مقلوب: أي: زينوا أصواتكم بالقرآن، والمعنى: الهجوا بقراءته وتزينوا به، وليس ذلك على تطريب القول والتحزين، كقوله: ليس منا من لم يتغن بالقرآن، أي: يلهج بتلاوته كما يلهج سائر الناس بالغناء والطرب، هكذا قال الهروي والخطابي ومن تقدمهما، وقال آخرون: لا حاجة إلى القلب، وإنما معناه الحث على الترتيل الذي أمر به في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً} فكأن الزينة للمرتل لا للقرآن، كما يقال: ويل للشعر من رواية السوء، فهو راجع إلى الراوي لا للشعر، فكأنه تنبيه للمقصر في الرواية على ما يعاب عليه من اللحن والتصحيف وسوء الأداء، وحث لغيره على التوقي من ذلك، فكذلك قوله: "زينوا القرآن" يدل على ما يزين به من الترتيل والتدبر ومراعاة الإعراب.
وقيل: أراد بالقرآن القراءة، فهو مصدر يقرا قراءة وقرآناً، أي: زينوا قراءتكم القرآن بأصواتكم، ويشهد لصحة هذا وأن القلب لا وجه له حديث أبي موسى أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم استمع إلى قراءته، فقال: لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود، فقال: لو علمت أنك تستمع لحبرته لك تحبيراً، أي: حسنت قراءته وزينتها.
قلت: ومما يؤيد تأييداً لا شبهة فيه أن الحديث على بابه وليس للقلب وجه فيه ما أخرجه الدارمي 2/474، والحاكم 1/575 من حديث البراء مرفوعاً "زينوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً" وسنده قوي، وما أخرجه ابن سعد في "الطبقات" 6/90 وابن نصر في "قيام الليل" ص 58 من طريق سعيد بن زربي، حدثنا حماد عن إبراهيم، عن علقمة بن قيس، قال: كنت رجلاً قد أعطاني اللَّه حسن صوت في القرآن، فكان عبد اللَّه يستقرئني، ويقول: اقرأ فداك أبي وأمي، فإني سمعت النبي صلى اللَّه عليه وسلم يقول: "حسن الصوت تزيين للقرآن" وسعيد بن زربي منكر الحديث، وباقي رجاله ثقات.(3/26)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْسَجَةَ عَنِ الْبَرَاءِ
750 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بُجَيْرٍ"1" الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ""2".
ذِكْرُ إِبَاحَةِ تَحْزِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ إِذِ اللَّهُ أَذِنَ فِي ذَلِكَ
751 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبِجَ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ الزُّهْرِيِّ ثُمَّ سَمِعْتُهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ ""3".
__________
1 تحرف في الأصل إلى "مجير".
2 إسناده صحيح. سهل: ثقة من رجال، ومن فوق البخاري على شرطهما وقد أشار الحافظ في "الفتح" 13/519 إلى هذه الرواية، ونسبها لابن حبان، وزاد نسبته الحافظ السيوطي في "الجامع الكبير" 539 لأبي نصر السجزي في "الإبانة" وانظر ما قبله.
3 إسناده صحيح، حامد بن يحيى: ثقة روى له أبو داود، ومن فوقه من رجال الشيخين. وأخرجه الحميدي "949"، والبخاري "5024" في فضائل القرآن: باب من لم يتغن بالقرآن، عن علي بن عبد اللَّه، ومسلم "792" "232" في صلاة المسافرين: باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، عن عمرو الناقد وزهير بن حرب، والنسائي 2/180 في الافتتاح: باب تزيين القرآن بالصوت، عن قتيبة، والدارمي 1/350 في الصلاة عن محمد بن أحمد، كلهم عن سفيان، عن الزهري، بهذا الإسناد.(3/27)
وأخرجه عبد الرزاق "4166" عن معمر، عن الزهري، به، ومن طريقه أخرجه أحمد 2/271، والبيهقي في "السنن" 2/54.
وأخرجه عبد الرزاق "4167"، والبغوي في "شرح السنة " "1218" من طريق أبي عاصم، كلاهما عن ابن جريج، عن الزهري، به، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/285.
وأخرجه البخاري "5023" في فضائل القرآن: باب من لم يتغن بالقرآن، و "7482" في التوحيد: باب قول اللَّه تعالى: {وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} عن يحيى بن بكير، والدارمي 2/472 باب التغني بالقرآن، عن عبد اللَّه بن صالح، كلاهما عن الليث، عن عقيل، عن الزهري، بلا.
وأخرجه مسلم "792" "232" في صلاة المسافرين: باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن، عن حرملة بن يحيى، عن ابن وهب، والدارمي 2/472 عن عبد اللَّه بن صالح، عن الليث، كلاهما عن يونس، عن الزهري، به.
وأخرجه البخاري "7544" في التوحيد: باب قول النبي صلى اللَّه عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة" عن إبراهيم بن حمزة، والنسائي 3/180 عن محمد بن زنبور المكي، كلاهما عن ابن أبي حازم، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّه بْنِ الْهَادِ، عَنْ محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن أبي سلمة، به.
وأخرجه مسلم "792" "233" في صلاة المسافرين، والبيهقي في "السنن" 2/54، عن بشر بن الحكم، عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي سلمة، به.
وأخرجه مسلم "792" "233" عن ابن أخي ابن وهب، وأبو داود "1473" في الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، عن سليمان بن داود المهري، كلاهما عن عبد اللَّه بن وهب، عن عمر بن مالك وحيوة بن شريح، عن يزيد بن الهاد، بالإسناد المذكور.
وأخرجه مسلم "792" "234" من طريق الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلمة، به.
وفي رواية محمد بن إبراهيم ويحيى بن أبي كثير زيادة: "يجهر به". وجعلها بعضهم تفسيراً لقوله: "يتغنى" انظر" الفتح" 9/69.
وأخرجه عبد الرزاق "4168" عن ابن جريج، و"4169"، وابن أبي شيبة 10/464، عن ابن عيينة، كلاهما عن عمرو بن دينار، عن أبي سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلاً. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/522 عن وكيع، عَنْ عَبْدُ اللَّه بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عن أبي سلمة، مرسلاً أيضاً وانظر الحديث الآتي.
قال الحافظ في " الفتح" 9/72: "والذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب، فإن لم يكن حسناً فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث، وقد أخرج ذلك عنه أبو داود بإسناد صحيح. قلت: هو عنده برقم "1471" من حديث أبي لبابة، ولفظه: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن". وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص عند ابن أبي شيبة 2/522، و 10/ 464، وأبي داود "1469"، والدارمي 1/349 و 2/471، وعن ابن عباس عند البزار "2332"، وعن عائشة عند البزار "2333"، وعن عبد اللَّه بن الزبير عند البزار "2335"، وانظر "مجمع الزوائد" 7/170.(3/28)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ" يُرِيدُ يَتَحَزَّنُ بِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْغُنْيَةِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْغُنْيَةِ لَقَالَ: يَتَغَانَى بِهِ، وَلَمْ يَقُلْ: يَتَغَنَّى بِهِ"1"، وَلَيْسَ التَّحَزُّنُ بِالْقُرْآنِ نَقَاءَ الْجِرْمِ"2"، وَطِيبَ الصَّوْتِ وَطَاعَةَ اللَّهَوَاتِ بِأَنْوَاعِ النَّغَمِ بِوِفَاقِ الْوِقَاعِ، وَلَكِنَّ التَّحَزُّنَ بِالْقُرْآنِ هُوَ أَنْ يُقَارِنَهُ شَيْئَانِ: الْأَسَفُ وَالتَّلَهُّفُ: الْأَسَفُ عَلَى مَا وَقَعَ مِنَ التَّقْصِيرِ، وَالتَّلَهُّفُ عَلَى مَا يُؤْمَلُ مِنَ التَّوْقِيرِ، فَإِذَا تَأَلَّمَ الْقَلْبُ وَتَوَجَّعَ، وَتَحَزَّنَ الصَّوْتُ وَرَجَّعَ، بدر الجفن
__________
1 هذا قول الشافعي رحمه اللَّه يرد به على سفيان بن عيينة تأويله التغني بالاستغناء نقله عنه الطبري كما في " الفتح" 9/70، والبغوي في "شرح السنة" 4/487.
وفي تفسير "يتغنى" أقوال أحدها: تحسين الصوت، والثاني: الاستغناء والثالث: التحزن، والرابع: التشاغل به تقول العرب: تغنى بالمكان: أقام به، والخامس، المراد به التلذذ والاستجلاء له كما يستلذ أهل الطرب بالغناء، فأطلق عليه تغنياً من حيث إنه يفعل عنده ما يفعل عند الغناء، والسادس: أن يجعله هجيراه كما يجعل المسافر والفارغ هجيراه الغناء، قال ابن الأعرابي: كانت العرب إذا ركبت الإبل تتغنى، وإذا جلست في أفنيتها وفي أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن- أحب النبي صلى اللَّه عليه وسلم أن يكون هجيراهم القراءة مكان التغني.
2 الجرم، بكسر الجيم: الحلق.(3/29)
بِالدِّمُوعِ، وَالْقَلْبَ بِاللُّمُوعِ، فَحِينَئِذٍ يَسْتَلِذُّ الْمُتَهَجِّدُ بِالْمُنَاجَاةِ، وَيَفِرُّ مِنَ الْخَلْقِ إِلَى وَكْرِ الْخَلَوَاتِ، رَجَاءَ غُفْرَانِ السَّالِفِ مِنَ الذُّنُوبِ، وَالتَّجَاوُزِ عَنِ الْجِنَايَاتِ والعيوب، فنسأل الله التوفيق له.(3/30)
ذِكْرُ اسْتِمَاعِ اللَّهِ إِلَى الْمُتَحَزِّنِ بِصَوْتِهِ بِالْقُرْآنِ
752 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ
حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ كَأَذَنِهِ لِلَّذِي يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ"1. 1: 2
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ: "مَا أَذِنَ اللَّهُ" يُرِيدُ: مَا اسْتَمَعَ اللَّهُ لِشَيْءٍ "كَأَذَنِهِ": كَاسْتِمَاعِهِ: لِلَّذِي يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ، يَجْهَرُ بِهِ"، يُرِيدُ: يَتَحَزَّنُ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا نَعْتَهُ
__________
1 إسناده حسن، محمد بن عمر وصدوق حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه ابن أبي شيبة 2/522 عن محمد بن بشر، وأحمد 2/450، والدارمي 1/ 349 و 2/473
عن يزيد بن هارون، ومسلم "792" "234" في صلاة المسافرين، والبغوي في "شرخ السنة" "1217" من طريق إسماعيل بن جعفر، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو بن علقمة، بهذا الإسناد. وتقدم قبله من طريق الزهري عن أبي سلمة، به. فانظره.(3/30)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا خَبَرَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
753 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ مُطَرِّفِ بن عبد الله بن الشخيرذكر الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى صِحَّةِ مَا تَأَوَّلْنَا خَبَرَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
[753] أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ(3/30)
عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَفِي صَدْرِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنَ الْبُكَاءِ (1) . [1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ التَّحَزُّنَ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيهِ بِالْقُرْآنِ وَاسْتَمَعَ إِلَيْهِ هُوَ التَّحَزُّنُ بِالصَّوْتِ مَعَ بِدَايَتِهِ وَنِهَايَتِهِ، لِأَنَّ بَدَاءَتَهُ هُوَ الْعَزْمُ الصَّحِيحُ عَلَى الِانْقِلَاعِ عَنِ الْمَزْجُورَاتِ، وَنِهَايَتُهُ وُفُورُ التَّشْمِيرِ فِي أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، فَإِذَا اشْتَمَلَ التَّحَزُّنُ عَلَى الْبِدَايَةِ الَّتِي وَصَفْتُهَا، وَالنِّهَايَةُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا، صَارَ الْمُتَحَزِّنُ بِالْقُرْآنِ كَأَنَّهُ قَذَفَ بِنَفْسِهِ فِي مِقْلَاعِ الْقُرْبَةِ إِلَى مَوْلَاهُ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَيْءٍ دُونَهُ.
ذِكْرُ اسْتِمَاعِ اللَّهِ إِلَى مَنْ ذَكَرْنَا نَعْتَهُ أَشَدَّ مِنَ اسْتِمَاعِ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ
754 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ، عَنْ مَيْسَرَةَ مَوْلَى فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَشَدُّ أَذَنَا إِلَى الرَّجُلِ الْحَسَنِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ، مِنْ صَاحِبِ الْقَيْنَةِ إِلَى قَيْنَتِهِ» (2) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (665) .
(2) ميسرة مولى فضالة، دمشقي، روى عن مولاه وأبي الدرداء، وأورده أبو زرعة الدمشقي في الطبقة العليا التي تلي الصحابة، وذكره المؤلف في " الثقات "، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 6/19 و20، وابن ماجة (1340) في الإِمامة: باب في حسن الصوت بالقرآن، والطبراني في "الكبير" 18/301 (772) ، والبخاري في "تاريخه =(3/31)
ذِكْرُ مَا يُقْرَأُ بِهِ الْقُرْآنُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ
755 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ أَبِي عَمْرٍو الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّ الْوَلِيدَ بْنَ قَيْسٍ التُّجِيبِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَكُونُ خَلْفٌ بَعْدَ سِتِّينَ سَنَةً أَضَاعُوا الصَّلَاةَ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ، فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا، ثُمَّ يَكُونُ خَلْفٌ يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يَعْدُو تَرَاقِيَهُمْ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ثَلَاثَةٌ: مُؤْمِنٌ، وَمُنَافِقٌ، وَفَاجِرٌ» (2) . قَالَ بَشِيرٌ: فَقُلْتُ لِلْوَلِيدِ: مَا هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ؟، قَالَ: الْمُنَافِقُ كَافِرٌ بِهِ، وَالْفَاجِرُ يَتَأَكَّلُ بِهِ، وَالْمُؤْمِنُ يُؤْمِنُ بِهِ.
__________
= الكبير" 7/124، والبيهقي 10/230، من طرق عن الوليد بن مسلم، بهذا الإِسناد. وقال البوصيري في " الزوائد " ورقة 87 عن إسناد ابن ماجة: هذا إسناد حسن لقصور درجة ميسرة مولى فضالة وراشد بن سعيد عن درجة أهل الحفظ والضبط.
وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1/570-571 من طريق الوليد بن مسلم، به، إلا أنه أسقط من السند ميسرة، مولى فضالة، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ورده عليه الذهبي بقوله: بل هو منقطع.
(1) هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المكي المقرىء، وقد تحرف في الأصل إلى المقبري.
(2) الوليد بن قيس التجيبي، روى عنه غير واحد، ووثقه المؤلف والعجلي، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أحمد 3/38 عن أبي عبد الرحمن المقرىء، بهذا الإِسناد، ومن طريق المقرىء صححه الحاكم 2/374 ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 4/277، وزاد نسبته لابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن مردويه، والبيهقي في " شعب الإِيمان ".(3/32)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنِ اقْتِصَارِ الْمَرْءِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ كُلِّهِ فِي كُلِّ سَبْعٍ
756 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ (1) بْنُ فَضَالَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ (2) بْنِ (3) صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَمَعْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ فِي لَيْلَةٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «اقْرَأْهُ فِي كُلِّ شَهْرٍ» ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَمِنْ شَبَابِي، فَقَالَ: «اقْرَأْهُ فِي كُلِّ عِشْرِينَ» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَمِنْ شَبَابِي، قَالَ: «اقْرَأْهُ فِي عَشْرٍ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَمِنْ شَبَابِي، قَالَ: «اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ» ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَمِنْ شَبَابِي، فَأَبَى (4) .
__________
(1) تحرف في " الإِحسان " إلى الفضل، والتصحيح من " الأنواع والتقاسيم ".
(2) تحرف في " الإِحسان " إلى سليم، والتصحيح من " الأنواع والتقاسيم " 3/لوحة 235.
(3) تحرف في " الإِحسان " و" الأنواع والتقاسيم " إلى " عن " وقد جاء على الصواب في " ثقات المؤلف " 5/522، وفي الرواية الآتية في " الإحسان ".
(4) ابن جريج مدلس، وقد عنعن، لكنه صرح في الرواية الآتية بالسماع، فانتفت شبهة تدليسه، ويحى بن حكيم بن صفوان ذكره المؤلف في " الثقات " وترجمه ابن أبي حاتم 9/134 فلم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً.
وأخرجه عبد الرزاق (5956) عن ابن جريج، به، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أحمد 2/199.
وأخرجه أحمد 2/163، وابن ماجة (1346) في إقامة الصلاة: باب في كم يستحب يختم القرآن، من طريق يحى بن سعيد، عن ابن جريج، به. =(3/33)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ أَنْ يَخْتِمَهُ فِي سَبْعٍ لَا فِيمَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ
757 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ:
__________
= وأخرجه مطولاً -ذكر فيه عبد الله أيضاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بيَّن له أفضل الصوم، ونهاه عن صوم الدهر- أحمد 2/158، والبخاري (5052) في فضائل القرآن: باب في كم يقرأ القرآن، ومسلم (1159) (182) في الصيام: باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، والنسائي 4/210، والبيهقي في " السنن " 2/396، من طرق عن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه مختصراً أحمد 2/162، والبخاري (1978) في الصوم: باب صوم يوم وإفطار يوم، و (5054) في فضائل القرآن: باب في كم يقرأ القرآن، ومسلم (1159) (184) ، والنسائي 4/214، من طرق عن عبد الله بن عمرو.
وأخرجه بنحوه عبد الرزاق (5957) ، وأبو داود (1388) و (1389) في الصلاة: باب في كم يقرأ القرآن، والترمذي (2926) في القراءات، والدارمي 2/471 باب في ختم القرآن، من طرق عن عبد الله بن عمرو.
وقد اختلفت هذه الروايات في كم يختم القرآن، فمنها ما هو في سبع، كما هي رواية المؤلف والبخاري برقم (5054) وفيها: قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فاقرأه في سبع ولا تزد على ذلك ". ومنها ما هو في خمس كما في رواية الترمذي والدارمي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اختمه في خمس " قلت: إني أطيق. قال: "لا". ومنها ما هو في ثلاث كما في رواية البخاري برقم (1978) ، وفيها: قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: " في ثلاث ". وفي الحديث الآتي برقم (758) قال عليه الصلاة والسلام: " لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث ".
قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر، استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة. انظر " فتح الباري " 9/96، 97.(3/34)
سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمِ بْنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: حَفِظْتُ الْقُرْآنَ فَقَرَأْتُ بِهِ فِي لَيْلَةٍ، فَقَالَ لَهُ (1) رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ: «اقْرَأْهُ فِي عَشْرٍ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ: «اقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ» ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي، قَالَ: فَأَبَى (2) . [1: 78]
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يُخْتَمَ الْقُرْآنُ فِي أَقَلِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إِذِ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ يَكُونُ أَقْرَبَ إِلَى التَّدَبُّرِ وَالتَّفَهُّمِ
758 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَفْقَهُ مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ» (3) .
__________
(1) في الأصل: سأله.
(2) إسناده كسابقه.
(3) سعيد: هو ابن أبي عروبة، روى له الجماعة، وكان من أثبت الناس في قتادة.
وأخرجه أبو داود (1394) في الصلاة: باب تحزيب القرآن، والدارمي 1/350 في الصلاة: باب في كم يختم القرآن، عن محمد بن المنهال، بهذا الإِسناد، لكن ورد عند الدارمي " شعبة " بدل " قتادة ".
وأخرجه أحمد 2/195، والترمذي (2949) في القراءات، وابن ماجة (1347) في إقامة الصلاة: باب في كم يستحب يختم القرآن، من طرق عن شعبة، عن قتادة، به، ولفظه: " لم يفقه ... ". =(3/35)
759 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اقْرَؤُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلَفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فَإِذَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ فَقُومُوا عَنْهُ» (1) .
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ أَنْ يُرِيدَ بِقِرَاءَتِهِ اللَّهَ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ دُونَ تَعْجِيلِ الثَّوَابِ فِي الدُّنْيَا
760 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَذَكَرَ ابْنُ سَلْمٍ، آخَرَ مَعَهُ، عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ، عَنْ وَفَاءِ بْنِ شُرَيْحٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَنَحْنُ نَقْتَرِئُ، فَقَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، كِتَابُ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَفِيكُمُ الْأَحْمَرُ، وَفِيكُمُ الْأَسْوَدُ، اقْرَؤُوهُ قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَهُ أَقْوَامٌ يُقَوِّمُونَهُ كَمَا يُقَوَّمُ أَلْسِنَتُهُمْ (2) ، يَتَعَجَّلُ [أَحَدُهُمْ] أَجْرَه ُ (3) وَلَا يَتَأَجَّلُهُ» (4) . [1: 78]
__________
= وأخرجه أحمد 2/164 و189، وأبو داود (1390) في الصلاة: باب في كم يقرأ القرآن، من طريق همام، عن قتادة، به.
وأخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ (5958) عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " من قرأه فيما دون ثلاث لم يفهمه ".
وأخرجه الدارمي 2/471 باب في ختم القرآن، عن عبد الله بن عمرو قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن لا أقرأ القرآن في أقل من ثلاث. وانظر الحديث المتقدم برقم (756) .
(1) إسناده صحيح، وهو مكرر الحديث رقم (732) .
(2) صوابه السهم، وسيبينه المؤلف قريباً.
(3) في الأصل: بتعجيل آخره، وهو تصحيف.
(4) حديث صحيح، وفاء بن شريح ذكره المؤلف في " الثقات "، وروى عنه اثنان، =(3/36)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَذَا وَقَعَ السَّمَاعُ، وَإِنَّمَا هُوَ السَّهْمُ
__________
= وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (831) في الصلاة: باب ما يجزىء الأمي والأعجمي من القراءة، عن أحمد بن صالح، عن ابن وهب بهذا الإسناد إلا أنه بين الراوي الآخر، وهو ابن لهيعة، وهو في " معجم الطبراني " (6024) من طريق أحمد ابن صالح، به.
وأخرجه أحمد 5/338 عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، به، ومن طريق أحمد أخرجه الطيالسي 2/2.
وأخرجه ابن المبارك في " الزهد " (813) ، والطبراني (6021) و (6022) من طريق موسى بن عبيدة الربذي، عن أخيه عبد الله بن عبيدة، عن سهل بن سعد. وموسى ضعيف.
وأخرجه أحمد 3/146 و155 من طريق حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا بكر ابن سوادة، عن وفاء الخولاني، عن أنس بن مالك، وله شاهد من حديث جابر يتقوى به عند أبي داود (830) من طريق وهب بن بقية، عن خالد بن عبد الله الواسطي، عن حميد الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر. وهذا سند صحيح على شرط مسلم.
وأخرجه أحمد 3/397 من طريق خلف بن الوليد عن خالد به، وهو في " المسند " أيضاً 3/357 من طريق عبد الوهاب بن عطاء، أنبأنا أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر وهذا سند حسن من أجل أسامة، ولفظ حديثه: "اقرؤوا القرآن، وابتغوا به الله عز وجل من قبل أن يأتي قوم يقيمونه إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه" والقدح: السهم الذي يرمى به، يتعجلونه: يطلبون بقراءته العاجلة من عرض الدنيا والرفعة فيها، ولا يتأجلونه، أي: لا يريدون به الآجلة، وهو جزاء الآخرة، وهذا الحديث من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - لوقوع ما أخبر به، فأكثر قراء زماننا يتنوقون في الأداء، ويجيدون التلاوة، ويلتمسون به المال والرفعة، والله المستعان.
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " 10/480 من طريق وكيع عن سفيان، عن محمد بن المنكدر مرسلاً.(3/37)
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنْ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ
761 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقُولُ (1) أَحَدُكُمْ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ نَسِيَ، وَلَكِنَّهُ نُسِّيَ» (2) . [2: 43]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِاسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ، وَالتَّعَاهُدِ عَلَيْهِ حَذَرَ نِسْيَانِهِ وَتَفَلُّتِهِ
762 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ بِفَمِّ الصِّلْحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ،
__________
(1) كذا في " الأنواع والتقاسيم " 2/لوحة 137، و" الإِحسان "، وفي مسلم وأحمد: لا يقل على الجادة، وفي رواية عبد الرزاق وابن أبي عاصم: لا يقولن.
(2) رجاله رجال الصحيح، غير شيخ ابن حبان وهو ثقة، وسيورده المؤلف بعده من طريق أبي وائل شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مسعود ويخرج هناك. وقوله: كيت وكيت، قال القرطبي: يعبر بهما عن الجمل الكثيرة، والحديث الطويل، ومثلها ذيت وذيت، وفي " الصحاح " يقال: كان من الأمر كيت وكيت بالفتح، وكِيت وكيت بالكسر، أي: كذا وكذا، والتاء فيهما هاء في الأصل، فصارت تاء في الوصل.
وقد ضبطوا " نسي " بالتثقيل والتخفيف كما في " الفتح " 9/80، قال القرطبي: معنى التثقيل: أنه عوقب بوقوع النسيان عليه لتفريطه في معاهدته واستذكاره، ومعنى التخفيف: أن الرجل ترك غير ملتفت إليه، وهو كقوله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} أي: تركهم في العذاب، أو تركهم من الرحمة.
(3) في "الإِحسان ": محمد بن سواد، وهو تحريف، صوابه من "الأنواع والتقاسيم" 1/لوحة 94.(3/38)
عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهَا، وَبِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، مَا نَسِيَ وَلَكِنْ نُسِّيَ» (1) .
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة 2/500 في الصلوات، عن وكيع، عن الأعمش، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/477، وأحمد 1/382، ومسلم (790) (229) في صلاة المسافرين: باب الأمر بتعهد القرآن، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (725) ، من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به.
وأخرجه البيهقي في " السنن " 2/395 من طريق ابن نمير عن الأعمش، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5967) ، والطيالسي 2/4، وابن أبي شيبة 10/478، وأحمد 1/417 و423 و429 و438 و463، والبخاري (5032) في فضائل القرآن: باب استذكار القرآن وتعاهده، و (5039) باب نسيان القرآن، ومسلم (790) (228) ، والترمذي (2942) في القراءات: باب ومن سورة الحج، والنسائي 2/154، 155 في الافتتاح: باب جامع ما جاء في القرآن، وفي " عمل اليوم والليلة " برقم (726) و (727) و (728) ، والدارمي 2/308 و439، والبيهقي في " السنن " 2/395، والبغوي في " شرح السنة " (1222) ، من طرق عن منصور، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5969) ومن طريقه أحمد 1/449 عن ابن جريج، ومسلم (790) (230) من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (724) ، وابن أبي عاصم في " السنة " (422) من طريق محمد بن جحادة، كلاهما عن عبدة بن أبي لبابة، عن أبي وائل، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5968) عن معمر، وأحمد 1/463 عن عفان، عن حماد ابن زيد، كلاهما عن عاصم بن بهدلة، عن أبي وائل، به.
وأخرجه الحاكم 1/553 من طريق عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود. وصححه، ووافقه الذهبي. =(3/39)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَمْ يُسْنِدْ سَعِيدٌ عَنِ الْأَعْمَشِ غَيْرَ هَذَا.
__________
= وفي الباب عن أبي موسى الأشعري عند مسلم (791) في صلاة المسافرين: باب فضائل القرآن وما يتعلق به.
وقوله: " أشد تَفَصِّياً " أي: تفلتاً وتخلصاً، يقال: تَفَصَّيْتُ من الأمر تَفَصِّياً: إذا خرجت منه وتخلصت، وقوله: "من عُقُلها" بضمتين، ويجوز سكون القاف، جمعُ عِقال، بكسر أوله، وهو الحبل الذي يشد في ركبة البعير، شبه من يتفلت منه القرآن بالناقة التي تفلتت من عقالها، إذ من شأن الإِبل تطلب التفلُّت ما أمكنها، فمتى لم يتعاهدها برباطها تفلتت، فكذلك حافظ القرآن، إن لم يتعاهده تفلَّت، بل هو أشد في ذلك. انظر " الفتح " 9/79-83.
وقال الحافظ في " الفتح " 9/80-81: واختلف في متعلق الذم من قوله: " بئس " على أوجه: الأول: قيل: هو على نسبة الإِنسان إلى نفسه النسيان وهو لا صنع له فيه، فإذا نسبه إلى نفسه، أوهم أنه انفرد بفعله، فكان ينبغي أن يقول: أنسيت، أو نُسِّيت بالتثقيل على البناء للمجهول فيهما، أي: إن الله هو الذي أنساني كما قال: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} وقال: {أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} ، وبهذا الوجه جزم ابن بطال، فقال: أراد أن يجري على ألسن العباد نسبة الأفعال إلى خالقها، لما في ذلك من الإِقرار له بالعبودية والاستسلام لقدرته، وذلك أولى من نسبة الأفعال إلى مكتسبها مع أن نسبتها إلى مكتسبها جائز بدليل الكتاب والسنة. ثم ذكر الحديث الآتي في " باب نسيان القرآن " قال: وقد أضاف موسى عليه السلام النسيان مرة إلى نفسه، ومرة إلى الشيطان فقال: {فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ} ولكل إضافة منها معنى صحيح، فالإِضافة إلى الله بمعنى أنه خالق الأفعال كلها، وإلى النفس لأن الإنسان هو المكتسب لها، وإلى الشيطان بمعنى الوسوسة. اهـ. ووقع له ذهول فيما نسبه لموسى، وإنما هو كلام فتاه. وقال القاضي: ثبت أن النبي نسب النسيان إلى نفسه يعني كما سيأتي في " باب نسيان القرآن " وكذا نسبه يوشع إلى نفسه حيث قال: {نَسِيتُ الْحُوتَ} وموسى إلى نفسه حيث قال: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ} وقد سبق قول الصحابة {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} مساق المدح، قال تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم - {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} فالذي يظهر أن ذلك ليس متعلق الذم، وجنح إلى اختيار الوجه الثاني وهو كالأول، لكن سبب الذم ما فيه من الإِشعار بعدم الاعتناء بالقرآن، إذ لا يقع النسيان إلا بترك التعاهد وكثرة الغفلة، فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره، فإذا قال =(3/40)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِاسْتِذْكَارِ الْقُرْآنِ بِالتَّعَاهُدِ عَلَى قِرَاءَتِهِ
763 - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِبُسْتَ وَعُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَسَنُ (1) بْنُ قَزَعَةَ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَلَهُوَ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ مِنْ عُقُلِهَا، وَبِئْسَمَا لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَقُولَ: نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ هُوَ نُسِّيَ» (2) . [1: 67]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مَعَ الْفِعْلِ لَا قَبْلَهُ
ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُوَاظِبَ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِصَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ
764 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ،
__________
= الإِنسان: نسيت الآية الفلانية فكأنه شهد على نفسه بالتفريط فيكون معلق الذم ترك الاستذكار والتعاهد، لأنه يورث النسيان.... وقال عياض: أولى ما يتأول عليه: ذم الحال لا ذم القول، أي: بئس الحال حال من حفظه، ثم غفل عنه حتى نسيه. وقال النووي: الكراهة فيه للتنزيه.
(1) تحرف في " الإحسان " إلى حسين وكذلك هو في " الأنواع والتقاسيم " 1/482، إلا أنه رمج.
(2) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله. =(3/41)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَاحِبِ الْقُرْآنِ كَصَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا أَمْسَكَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُوَاظِبَ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالْمُقَصِّرَ فِيهَا بِالْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ
765 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ،
__________
(1) إسناده صحيح، وأحمد بن أبي بكر: هو أبو مصعب الزهري العوفي قاضي المدينة، وأحد شيوخ أهلها، لازم مالكاً وروى عنه موطأه، وفي روايته للموطأ زيادة نحو مئة حديث على سائر الروايات الأخر، ومن طريقه أخرجه البغوي في " شرح السنة " (1221) . والحديث في " الموطأ " 1/202 برواية يحيى بن يحيى وهي المطبوعة المتداولة، وص 135 برواية القعنبي، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/64 و112، والبخاري (5031) في فضائل القرآن: باب استذكار القرآن وتعاهده، ومسلم (789) (226) في صلاة المسافرين: باب الأمر بتعهد القرآن، والنسائي 2/154 في الافتتاح: باب جامع ما جاء في القرآن، والبيهقي في " السنن " 2/395.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/500 و10/476، وأحمد 2/17 و23 و30، ومسلم (789) (227) من طرق عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5971) و (6032) عن معمر، عن أيوب، عن نافع، به، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مسلم (789) (227) ، وابن ماجه (3783) في الأدب: باب ثواب القرآن.
وأخرجه مسلم (789) (227) من طريق موسى بن عقبة، عن نافع، به.
وأخرجه عبد الرزاق (5972) عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر.
والإِبل المُعَقّلة: المشدودة بالعِقال، والتشديد فيه للتكثير، وخصّ الإبل بالذكر لأنها أشد الحيوان الإِنسي نفوراً، وفي تحصيلها بعد استمكان نفورها صعوبة.(3/42)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلَ صَاحِبِ الْقُرْآنِ مَثَلُ صَاحِبِ الْإِبِلِ الْمُعَقَّلَةِ، إِنْ عَاهَدَ عَلَيْهَا عَقَلَهَا، وَإِنْ أَطْلَقَهَا ذَهَبَتْ» (1) . [3: 28]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ آخِرَ مَنْزِلَةِ الْقَارِئِ فِي الْجَنَّةِ تَكُونُ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي الدُّنْيَا
766 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْكَلَاعِيُّ بِحِمْصَ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اقْرَأْ [وَارْقَ] وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي دَارِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ كُنْتَ تَقْرَؤُهَا» (2) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.
(2) إسناده حسن، وابن مهدي: هو عبد الرحمن، وعاصم: هو ابن بهدلة، وهو ابن أبي النجود، وزر: هو ابن حبيش.
وأخرجه أحمد 2/192، والترمذي (2914) في فضائل القرآن، من طريق عبد الرحمن بن مهدي، بهذا الإِسناد.
وأخرجه ابنُ أبي شيبة 10/498، وأبو داود (1464) في الصلاة: باب استحباب الترتيل في القراءة، والترمذي (2914) في فضائل القرآن، والبيهقي في " السنن " 2/53، والبغوي في " شرح السنة " (1178) من طرق عن سفيان الثوري به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم 1/552-553 ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/498 عن أبي أسامة، عن زائدة، عن عاصم، به.
وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد 3/40 وابن ماجة (3780) ، وفي سنده عطية العوفي وهو ضعيف، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/498، وأحمد 2/471، من طريق وكيع، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أو أبي هريرة، قال: يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اقرأ وارق، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها. قال الهيثمي في " المجمع " 7/162: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. =(3/43)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمَاهِرِ بِالْقُرْآنِ بِكَوْنِهِ مَعَ السَّفَرَةِ، وَعَلَى مَنْ يَصْعُبُ عَلَيْهِ قِرَاءَتُهُ بِتَضْعِيفِ الْأَجْرِ لَهُ
767 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ (1) الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ، مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَؤُهُ وَهُوَ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ لَهُ أَجْرَانِ» (2) . [1: 2]
__________
= وقوله: " وارق " زيادة من أحمد، أمر من الرقي، وفي رواية أبي داود والترمذي: " وارتق " أمر من الارتقاء، ووقع في " المصنف " و" المستدرك ": وارقه.
(1) لفظة " مثل " لم ترد إلا عند المصنف، والبخاري، قال ابن التين: معناه: كأنه مع السفرة فيما يستحقه من الثواب، قال الحافظ: أراد بذلك تصحيح التركيب وإلا فظاهره أنه لا ربط بين المبتدأ الذي هو مثل والخبر الذي مع السفرة، فكأنه قال: المثل بمعنى الشبيه، فيصير كأنه قال: شبيه الذي، يحفظ كائن مع السفرة، فكيف به، وقال الخطابي: كأنه قال: " صفته وهو حافظ له كأنه مع السفرة " ... والرواية بحذف المثل -وهي عند الباقين- على الجادة.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/490 ومن طريقه مسلم (798) في صلاة المسافرين: باب فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه، وأخرجه أحمد 6/192، كلاهما (ابن أبى شيبة وأحمد) عن وكيع، به.
وأخرجه الطيالسي 2/2، 3، وأحمد 6/48 و239، وأبو داود (1454) في الصلاة: باب في ثواب قراءة القرآن، والترمذي (2904) في فضائل القرآن: باب ما جاء في فضل قارىء القرآن، والدارمي 2/444 في فضائل القرآن: باب فضل من يقرأ القرآن ويشتد عليه، والبغوي (1174) ، من طرق عن هشام الدستوائي، به.
وأخرجه أحمد 6/94 و98 و110 و170 و266، والبخاري (4937) في التفسير: باب سورة عبس، ومسلم (798) في صلاة المسافرين، وأبو داود =(3/44)
ذِكْرُ حُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ بِالْقَوْمِ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، مَعَ الْبَيَانِ بِأَنَّ الرَّحْمَةَ تَشْمَلُهُمْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ
768 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَدِيٍّ أَبُو عَمْرٍو بِنَسَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ فِي مَسْجِدٍ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ» (1) . [1: 2]
__________
= (1454) ، والترمذي (2904) ، وابن ماجه (3779) في الأدب: باب ثواب القرآن، والدارمي 2/444، والبغوي (1173) ، والبيهقي في " السنن " 2/395، من طرق عن قتادة، به.
قوله: " وهو ماهر به "، قال النووي: " الماهر: الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه وإتقانه "، ووقع في رواية البخاري: " وهو حافظ له ".
وقوله: " مع السفرة ": قال ابنُ التين: معناه كأنه مع السفرة فيما يستحقه من الثواب. والسفرة: هم الملائكة سموا سفرة، لأنهم ينزلون بوحي الله وما يقع به الصلاح بين الناس، كالسفير الذي يصلح بين القوم، يقال: سفرت بين القوم، أي: أصلحت بينهم، ومنه قوله تعالى: {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ، ويقال: السفرة: الكتبة، واحدهم: سافر.
وقوله: " له أجران " قال ابن التين: اختلف هل له ضعف أجر الذي يقرأ القرآن حافظاً، أو يضاعف له أجره وأجر الأول أعظم؟ قال: وهذا أظهر. ولمن رجح الأول أن يقول: الأجر على قدر المشقة. انظر " فتح الباري " 8/693.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 2/252 و407، ومسلم (2699) في الذكر والدعاء: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، وأبو داود (1455) =(3/45)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ نُزُولِ السَّكِينَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْمَرْءِ الْقُرْآنَ
769 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ، يَقُولُ: إِنَّ رَجُلًا كَانَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْكَهْفِ وَدَابَّتُهُ مُوثَقَةٌ، فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ، تَرَى مِثْلَ الضَّبَابَةِ أَوِ الْغَمَامَةِ قَدْ غَشِيَتْهُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: «اقْرَأْ يَا فُلَانُ، تِلْكَ السَّكِينَةُ أُنْزِلَتْ عِنْدَ الْقُرْآنِ، أَوْ لِلْقُرْآنِ» (1) . [1: 2]
__________
= في الصلاة: باب في ثواب قراءة القرآن، والترمذي (2945) في القراءات، وابن ماجه (225) في المقدمة: باب فضل العلماء، من طريقين عن الأعمش، به.
وأخرجه أحمد 2/447، ومسلم (2700) من طريقين عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وأبي سعيد الخدري، دون قوله: " وَمَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نسبه ".
وجملة " من أبطأ به عمله.. " أخرجها أبو داود (3643) في العلم: باب الحث على طلب العلم، من طريق الأعمش بهذا الإسناد، وأخرجها الدارمي 1/101 عن ابن عباس.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الطيالسي 2/3، وأحمد 4/281 و284، والبخاري (3614) في المناقب: باب علامات النبوة في الإِسلام، ومسلم (795) (241) في صلاة المسافرين: باب نزول السكينة لقراءة القرآن، والترمذي (2885) في فضائل القرآن: باب ما جاء في فضل سورة الكهف، من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد 4/293 و298، والبخاري (4839) في التفسير: باب {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ} ، و (5011) في فضائل القرآن: باب فضل الكهف، ومسلم (795) (240) ، والبغوي (1206) من طرق عن أبي إسحاق، به.
قوله: " إن رجلاً كان يقرأ "، قيل: هو أسيد بن حضير، كما في حديثه نفسه عند البخاري برقم (5018) باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن، وسيورده المؤلف هنا برقم (779) ، لكن فيه أنه كان يقرأ سورة البقرة، وفي هذا أنه كان يقرأ سورة الكهف. وقد وقع قريب منه لثابت بن قيس بن شماس، لكن في سورة البقرة أيضاً، فيحتمل أن يكون قرأ سورة البقرة وسورة الكهف جميعاً =(3/46)
ذِكْرُ مَثَلِ الْمُؤْمِنِ وَالْفَاجِرِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ
770 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْفَاجِرِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا» (1) . [1: 2]
__________
= أو من كل منهما. قاله الحافظ في " الفتح " 9/57.
وقوله: " فجعلت تنفر " بنون وفاء ومهملة، وقد وقع في رواية لمسلم: " تنقز " بقاف وزاي، أي تثب، قال النووي: ووقع في بعض نسخ بلادنا في الثالثة: " تنفز " بالفاء والزاي، وحكاه القاضي عياض عن بعضهم وغلّطه. وقد ظن الحافظ ابن حجر أن عياضاً خطَّأ رواية " تنقز " بقاف وزاي، وهو غلط، بل خطأ رواية " تنفز " بفاء وزاي كما ذكر النووي. انظر " شرح صحيح مسلم " 6/82، و" مشارق الأنوار " 2/22، و" فتح الباري " 9/57.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الطيالسي 2/2، وابن أبي شيبة 10/529، 530، وأحمد 4/403، 404، والبخاري (5020) في فضائل القرآن: باب فضل القرآن على سائر الكلام، و (7560) في التوحيد: باب قراءة الفاجر والمنافق، ومسلم (797) في صلاة المسافرين: باب فضيلة حافظ القرآن، من طريق همام، به.
وأخرجه عبد الرزاق (20933) ، وأحمد 4/408، والبخاري (5059) في فضائل القرآن: باب إثم من راءى بقراءة القرآن أو تأكل به، و (5427) في الأطعمة: باب ذكر الطعام، ومسلم (797) ، وأبو داود (4830) في الأدب: باب من يؤمر أن يجالس، والترمذي (2865) في الأمثال: باب ما جاء في مثل المؤمن القارىء للقرآن وغير القارىء، والنسائي 8/124، 125 في الإِيمان: =(3/47)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَنْ وَصْفِ الْمُؤْمِنِ، وَالْفَاجِرِ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ
771 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ، أَوِ الْفَاجِرِ، الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ، أَوِ الْفَاجِرِ،
__________
= مثل الذي يقرأ القرآن من مؤمن ومنافق، وفي " فضائل القرآن " (106) و (107) ، وابن ماجة (214) في المقدمة: باب فضل من تعلم القرآن وعلّمه، والدارمي 2/442، 443 في فضائل القرآن: باب مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن، والبغوي في " شرح السنة " برقم (1175) ، والرامهرمزي في " الأمثال " (87) ؛ من طرق عن قتادة، به.
وأخرجه النسائي في فضائل القرآن في " الكبرى " كما في " التحفة " 6/407 عن عبيد الله بن سعيد، عن يحيى بن سعيد، عن أنس، به.
قال الطيبي رحمه الله: اعلم أن هذا التشبيه والتمثيل في الحقيقة وصف لموصوف اشتمل على معقول صرف لا يبرزه عن مكنونه إلا تصويره بالمحسوس بالمشاهدة، ثم إن كلام الله تعالى المجيد له تأثير في باطن العبد وظاهره، وإن العباد متفاوتون في ذلك، فمنهم من له النصيب الأوفر من ذلك التأثير وهو المؤمن القارىء، ومنهم من لا نصيب له البتة وهو المنافق الحقيقي، ومنهم من تأثر ظاهره دون باطنه وهو المرائي، أو بالعكس وهو المؤمن الذي لم يقرأه، وإبراز هذه المعاني وتصويرها في المحسوسات ما هو مذكور في الحديث، ولم نجد ما يوافقها ويلائمها أقرب ولا أحسن ولا أجمع من ذلك، لأن المشبهات والمشبه بها واردة على التقسيم الحاضر، لأن الناس إما مؤمن أو غير مؤمن، والثاني: إما منافق صرف أو ملحق به، والأول: إما مواظب على القراءة أو غير مواظب عليها، فعلى هذا قس الأثمار المشبه بها.(3/48)
الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ وَلَا رِيحَ لَهَا» (1) . [3: 82]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ يَرْتَفِعُ بِهِ أَقْوَامٌ وَيَتَّضِعُ بِهِ آخَرُونَ عَلَى حَسَبِ نِيَّاتِهِمْ فِي قِرَاءَتِهِمْ
772 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ تَلَقَّى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ إِلَى عُسْفَانَ وَكَانَ نَافِعٌ عَامِلًا لِعُمَرَ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ، قَالَ: ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟، قَالَ: رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي، قَالَ عُمَرُ: اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى؟، فَقَالَ لَهُ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيَرْفَعُ بِهَذَا الْقُرْآنِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» (2) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي 8/124 في الإيمان: باب مثل الذي يقرأ القرآن من مؤمن ومنافق، عن عمرو بن علي، عن يزيد بن زريع، به.
وأخرجه أحمد 4/397 عن روح، عن سعيد بن أبي عروبة، به.
وأخرجه أبو داود (4829) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن أبان، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - ولم يذكر أبا موسى. وانظر ما قبله.
(2) ابن أبي السري، وهو محمد بن المتوكل صدوق، إلا أنه سيِّىء الحفظ، وباقي رجاله ثقات. ومتن الحديث صحيح.
أخرجه أحمد 1/35 من طريق عبد الرزاق، به.
وأخرجه مسلم (817) في صلاة المسافرين: باب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه، وابن ماجة (218) في المقدمة: باب فضل من تعلم القرآن وعلمه، والدارمي 2/443 في فضائل القرآن: باب إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً، والبغوي برقم (1184) ، من طريقين عن الزهري، به.(3/49)
ذِكْرُ مَا أَمَرَ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بِقِرَاءَتِهِ ابْتِدَاءً
773 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا أَبُو هَمَّامٍ الْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّ عَيَّاشَ بْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عِيسَى بْنِ هِلَالٍ الصَّدَفِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرِئْنِي الْقُرْآنَ، قَالَ: «اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ الر» ، قَالَ الرَّجُلُ: كَبُرَ سِنِّي، وَثَقُلَ لِسَانِي، وَغَلُظَ قَلْبِي، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْرَأْ ثَلَاثًا مِنْ ذَوَاتِ حم» ، فَقَالَ الرَّجُلُ مِثْلَ ذَلِكَ (1) : وَلَكِنْ أَقْرِئْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ سُورَةً جَامِعَةً، فَأَقْرَأَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ} [الزلزلة: 1] حَتَّى بَلَغَ: {مَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8] ، قَالَ الرَّجُلُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِي أَنْ لَا أَزِيدَ عَلَيْهَا حَتَّى أَلْقَى اللَّهَ، وَلَكِنْ أَخْبِرْنِي بِمَا عَلَيَّ مِنَ الْعَمَلِ أَعْمَلْ مَا أَطَقْتُ الْعَمَلَ، قَالَ: «الصَّلَوَاتُ الْخُمْسُ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَحَجُّ الْبَيْتِ، وَأَدِّ زَكَاةَ مَالِكَ، وَمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ» (2) .
__________
(1) زاد أحمد وأبو داود والحاكم: " فقال اقرأ ثلاثاً من المسبحات، فقال مثل مقالته، فقال الرجل.... " والمسبحات: السور التي أولها سبَّح وُيسَبِّح، وهي الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن وسبح اسم ربك الأعلى.
(2) إسناده صحيح، عيسى بن هلال الصدفي، روى عنه غير واحد، وذكره المؤلف =(3/50)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مِنْ أَفْضَلِ الْقُرْآنِ
774 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ آدَمَ غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَعْنِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَنَزَلَ، فَمَشَى رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى جَانِبِهِ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ الْقُرْآنِ» ؟، قَالَ: فَتَلَا عَلَيْهِ: « {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] » (1) . [1: 2]
__________
= في الثقات، وأورده الفسوي في تاريخه 2/515-516 في ثقات التابعين من أهل مصر، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 2/169، وأبو داود (1399) في الصلاة: باب تحزيب القرآن، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (716) ، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" ص 258-259 من طريق عبد الله بن يزيد المقرىء، عن سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عباس، بهذا الإِسناد.
وصححه الحاكم 2/532 على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله: بل صحيح، أي: أنه ليس على شرطهما، وهو كما قال، فإن عياش بن عباس روى له مسلم فقط، وعيسى بن هلال لم يرو له واحد منهما.
وقوله: من ذوات الر، أي: من السور التي تبدأ بهذه الأحرف الثلاثة التي تقرأ مقطعة (ألف لام را) وفي القرآن منها خمس سور " يونس، وهود، ويوسف، وإبراهيم، والحجر " وقوله: من ذوات حم، أي: من السور التي تبدأ بهذين الحرفين (حا ميم) ، وهي في القرآن سبع سور: " غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف ".
(1) أحمد بن آدم ذكره المؤلف في " الثقات " 8/30، فقال: أحمد بن آدم الجرجاني، كنيته أبو عبد الله يعرف بغندر يروي عن أبي عاصم، ويزيد بن هارون، والبصريين، مات سنة خمس ومئتين أو قبلها أو بعدها بقليل، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (723) ، من طريق عُبيد الله بن عبد الكريم، عن علي بن عبد الحميد المَعْني، به.
وصححه الحاكم 1/560، ووافقه الذهبي، من طريق الحسين بن حسن بن =(3/51)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَفْضَلِ الْقُرْآنِ» ، أَرَادَ بِهِ: بِأَفْضَلِ الْقُرْآنِ لَكَ، لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ بَعْضٍ، لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَفَاوُتُ التَّفَاضُلِ (1) .
__________
= أيوب، عن أبي حاتم الرازي، عن علي بن عبد الحميد المعني، به.
ويشهد له حديث أبي هريرة عن أبي بن كعب، الوارد بعد هذا الحديث، وحديث أبي سعيد بن المعلى الوارد برقم (777) ، وحديث عبد الله بن جابر عند أحمد 4/177.
(1) هذا الذي انتهى إليه المؤلف هو مذهب الأشعري، وأبي بكر بن الطيب، وابن أبي زيد، والداوودي، وأبي الحسن القابسي وغير واحد من أهل السنة، وذهب طوائف من السلف والخلف إلى أن بعض كلام الله أفضل من بعض كما نطقت به النصوص النبوية، فقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - عن الفاتحة أنه لم ينزل في الكتب الثلاثة مثلها، وأخبر عن سورة الإِخلاص أنها تعدل ثلث القرآن، وعدلها لثلثه يمنع مساواتها لمقدارها في الحروف، وجعل آية الكرسي أعظم آية في القرآن، وقد قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فأخبر أنه يأتي بخير منها أو مثلها، وهذا بيان من الله لكون تلك الآية قد يأتي بمثلها تارة أو خير منها أخرى، فدل ذلك على أن الآيات تتماثل تارة وتتفاضل أخرى.
والقرآن كلام الله، والكلام يشرف بالمتكلم به سواء كان خبراً أو أمراً، فالخبر يشرف بشرف المخبر، وبشرف المخبر عنه، والأمر يشرف بشرف الآمر، وبشرف المأمور به، فالقرآن وإن كان كله مشتركاً، فإن الله تكلم به، لكن منه ما أخبر به عن نفسه، ومنه ما أخبر به عن خلقه، ومنه ما أمرهم به، فمنه ما أمرهم فيه بالإيمان، ونهاهم فيه عن الشرك، ومنه ما أمرهم فيه بكتابة الدين، ونهاهم فيه عن الربا، ومعلوم أن ما أخبر به عن نفسه كـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} أعظم مما أخبر به عن خلقه كـ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} وما أمر فيه بالإِيمان وما نهى فيه عن الشرك أعظم مما أمر فيه بكتابة الدين ونهى فيه عن الربا. ولشيخ الإِسلام رحمه الله في ترجيح هذا القول وتقويته كتاب أسماه " جواب أهل العلم والإِيمان أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن " وهو مطبوع على حدة، ومدرج في الفتاوى في المجلد (17) من ص 5 إلى ص 206، وقد أفاد فيه وأجاد، وذكر فيه من الحجج الواضحات، والأدلة النيرات ما يثلج الصدر، ويطمئن الفؤاد كدأبه رحمه الله في أكثر ما يتعرض له من مسائل وبحوث.(3/52)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ مَقْسُومَةٌ بَيْنَ الْقَارِئِ وَبَيْنَ رَبِّهِ
775 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى عَبْدَانُ بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، وَعِدَّةٌ، قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، مِثْلُ أُمِّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَهِيَ مَقْسُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ» (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، أبو اسامة: هو حماد بن أسامة بن زيد القرشي الكوفي.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات " المسند " 5/114 عن أبي بكر بن أبي شيبة، بهذا الإِسناد.
وأخرجه عبد الله بنُ أحمد أيضاً 5/114 عن محمد بن عبد الله بن نمير وأبي معمر، كلاهما عن أبي أسامة، به.
وصححه ابن خزيمة برقم (500) عن محمد بن معمر بن ربعي القيسي، وبرقم (501) عن حوثرة بن محمد، كلاهما عن أبي أسامة، به.
وصحَّحه الحاكم 1/557 على شرطِ مُسلمٍ، ووافقه الذهبي، من طريق الحسن بن علي بن عفان العامري، عن أبي أسامة، به.
وأخرجه الترمذي (3125) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الحجر، والنسائي 2/139 في الافتتاح: باب تأويل قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} من طريق الفضل بن موسى، عن عبد الحميد بن جعفر، به.
وأخرجه الترمذي أيضاً (3125) عن قتيبة، عن عبد العزيز بن محمد، عن العلاء ابن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج على أُبَي وهو يصلي، فذكر نحوه بمعناه. ثم قال الترمذي: حديث عبد العزيز بن محمد أطول =(3/53)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَعْنَى هَذِهِ اللَّفْظَةِ «مَا فِي التَّوْرَاةِ، وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ، مِثْلُ أُمِّ الْقُرْآنِ» ، أَنَّ اللَّهَ لَا يُعْطِي لِقَارِئِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِنَ الثَّوَابِ مَا يُعْطِي لِقَارِئِ أُمِّ الْقُرْآنِ، إِذِ اللَّهُ بِفَضْلِهِ فَضَّلَ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْأُمَمِ، وَأَعْطَاهَا الْفَضْلَ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِ اللَّهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى غَيْرَهَا مِنَ الْفَضْلِ عَلَى قِرَاءَةِ كَلَامِهِ، وَهُوَ فَضْلٌ مِنْهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ، وَعَدْلٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهَا.
ذِكْرُ كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ
776 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَوْدُودٍ أَبُو عَرُوبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، فَهِيَ خِدَاجٌ، فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ» .
، قَالَ:، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنِّي أَحْيَانًا أَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ، قَالَ: فَغَمَزَ ذِرَاعِي ثُمَّ، قَالَ: يَا فَارِسِيُّ، اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: قُسِمَتِ الصَّلَاةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عِبَادِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَنِصْفُهَا لِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، إِذَا، قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ، قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا، قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] يَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى
__________
= وأتم، وهذا أصح من حديث عبد الحميد بن جعفر. هكذا روى غير واحد عن العلاء بن عبد الرحمن. وانظر ما بعده.(3/54)
عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: (مَلِكِ (1) يَوْمِ الدِّينِ) ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، وَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، يَقُولُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، وَمَا بَقِيَ فَلِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7] ، فَهَذَا لِعَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ " (2) . [1: 2]
__________
(1) وعلى هامش نسخة " الإحسان ": مالك: خ. وهي قراءة عاصم والكسائي، وقرأ الباقون "ملك" بغير ألف. " حجة القراءات " ص 77.
(2) ابنِ ثَوبان: واسمُه عبد الرحمن بن ثابت العنسي الدمشقي - فيه ضعف خفيف، فهو ممن يكتب حديثه للمتابعة، وقد توبع عليه.
وأخرجه أحمد 2/241 و457 و478، ومسلم (395) (38) في الصلاة: باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، والترمذي (2953) في تفسير القرآن: باب ومن سورة فاتحة الكتاب، وابن ماجة (3784) في الأدب: باب ثواب القرآن، من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، به. وصححه ابن خزيمة (490) بنحوه.
وأخرجه مسلم (395) (41) ، والترمذي (2953) من طريق أبي أويس، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه وأبي السائب مولى هشام بن زهرة وكانا جليسين لأبي هريرة، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه مالك 1/84 في الصلاة: باب القراءة خلف الإِمام فيما لا يجهر فيه بالقراءة، ومن طريقه: عبد الرزاق (2768) ، وأحمد 2/460، ومسلم (395) (39) ، وأبو داود (821) في الصلاة: باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب، والنسائي 2/135، 136 في الافتتاح: باب ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب، والبغوي (578) ، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به، وصححه ابن خزيمة (502) .
وأخرجه عبد الرزاق (2767) ، ومن طريقه: أحمد 2/285، ومسلم (395) (40) ، وأخرجه ابن أبي شيبة 1/360، ومن طريقه ابن ماجة (838) في إقامة الصلاة: باب القراءة خلف الإِمام، وأخرجه أحمد 2/250 و487، كلهم من طريق ابن جريج، عن العلاء، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، وصححه ابن خزيمة (489) . =(3/55)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو الْمُغِيرَةِ: عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخَوْلَانِيُّ.
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي الَّتِي (1) أُوتِيَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
777 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ، فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ أُجِبْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي، فَقَالَ: " أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] ؟ " ثُمَّ، قَالَ: " أَلَا أُعَلِّمُكَ سُورَةً هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ؟ " فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَالْقُرْآنُ الَّذِي أُوتِيتُهُ " (2) . [1: 21]
__________
= والخِداج: النقصان، مصدر خَدَج، وصفها بالمصدر نفسه مبالغة، أو هي على حذف المضاف: أي ذات خداج.
(1) في " الإِحسان " و" الأنواع والتقاسيم " 1/لوحة 364: الذي.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (4474) في التفسحر: باب ما جاء في فاتحة الكتاب، عن مُسَدَّد، به.
وأخرجه أحمد 4/211، والبخاري (5006) في فضائل القرآن: باب فضل فاتحة الكتاب، عن علي بن عبد الله، كلاهما عن يحيى بن سعيد، به.
وأخرجه الطيالسي 2/9، وأحمد 3/450، والبخاري (4647) في التفسير: باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ ... } و (4703) باب {وَلَقَدْ =(3/56)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هِيَ أَعْظَمُ سُورَةٍ "، أَرَادَ بِهِ فِي الْأَجْرِ، لَا أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ (1) .
وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْمُعَلَّى اسْمُهُ: رَافِعُ بْنُ الْمُعَلَّى بْنِ لَوْذَانَ بْنِ حَارِثَةَ مَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ.
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَارِئَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَآخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ يُعْطَى مَا يَسْأَلُ فِي قِرَاءَتِهِ
778 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ رُزَيْقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَمَا جِبْرِيلُ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ: لَقَدْ فُتِحَ بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ مَا فُتِحَ قَطُّ، فَأَتَاهُ مَلَكٌ، فَقَالَ لَهُ: أَبْشِرْ بِسُورَتَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُعْطَهُمَا نَبِيٌّ كَانَ قَبْلَكَ: فَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، لَنْ تَقْرَأَ مِنْهَا حَرْفًا إِلَّا أُعْطِيتَهُ (2) . [1: 2]
__________
= آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} وأبو داود (1458) في الصلاة: باب فاتحة الكتاب، والنسائي 2/139 في الافتتاح: باب تأويل قول الله عزّ وجلّ: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} ، وفي " فضائل القرآن " (35) ، وابن ماجة (3785) في الأدب: باب ثواب القرآن، والطبراني 22/303، والبيهقي 2/368، والدولابي 1/34، من طرق عن شعبة، به.
(1) تقدم ص 52 انتقاد هذا الذي انتهى إليه المؤلف، فراجعه.
(2) إسناده حسن، معاوية بن هشام -وإن خرج له مسلم- فيه كلام ينزل فيه عن رتبة الصحة، وقد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات.
وصححه الحاكم في " المستدرك " 1/558-559 من طريق أحمد بن خازم، عن =(3/57)
ذِكْرُ نُزُولِ الْمَلَائِكَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ
779 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ، أَنَّهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَمَا أَنَا أَقْرَأُ اللَّيْلَةَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ إِذْ سَمِعْتُ وَجْبَةً مِنْ خَلْفِي، فَظَنَنْتُ أَنَّ فَرَسِي انْطَلَقَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأْ يَا أَبَا عَتِيكٍ "، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا مِثْلُ الْمِصْبَاحِ مُدَلًّى بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: " اقْرَأْ يَا أَبَا عَتِيكٍ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْضِيَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ نَزَلَتْ لِقِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ مَضَيْتَ لَرَأَيْتَ الْعَجَائِبَ " (1) . [1: 2]
__________
= أبي غرزة، عن عثمان بن أبي شيبة، به، ووافقه الذهبي.
وأخرجه مسلم (806) في صلاة المسافرين: باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، والنسائي 2/138 في الافتتاح: باب فضل فاتحة الكتاب، وفي " عمل اليوم والليلة " برقم (722) ، والطبراني في " الكبير " (12255) ، والبغوي (1200) ، من طرق عن أبي الأحوص، عن عمار بن رُزَيق، بهذا الإِسناد، وفيه عندهم " أبشر بنورين " بدل " بسورتين ".
(1) رجاله رجال الصحيح، غير شيخ ابن حبان وهو ثقة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى كان عمره عند وفاة أٍسيد بن حضير أكثر من عشر سنوات، وهو أهل للتحمل.
وأخرجه الطبراني في الكبير (566) عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن هدبة بن خالد، بهذا الإِسناد، وأخرجه الحاكم 1/554 من طريق عفان بن مسلم وموسى بن إسماعيل، كلاهما عن حماد بن سلمة، بهذا الإِسناد، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، ونسبه الحافظ في " الفتح " 9/63 إلى " فضائل القرآن " لأبي عبيد.
وأخرجه أحمد 3/81، ومسلم (796) في صلاة المسافرين: باب نزول السكينة لقراءة القرآن، من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن يزيد بن الْهَادِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أبي سعيد الخدري، عن أسيد، به. وذكر =(3/58)
ذِكْرُ تَمْثِيلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ مِنَ الْقُرْآنِ بِالسَّنَامِ مِنَ الْبَعِيرِ
780 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا الْأَزْرَقُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ جَهْمٍ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَدَنِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهَا فِي بَيْتِهِ لَيْلًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَ لَيَالٍ، وَمَنْ قَرَأَهَا نَهَارًا لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ " (2) . [1: 2]
__________
= الحافظ أن النسائي أخرجه أيضاً من هذا الطريق.
وعلقه البخاري (5018) في فضائل القرآن: باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن، عن الليث، حدثني يزيد بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أسيد بن حضير ... وقال: قال ابن الهاد: وحدثني هذا الحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري، عن أسيد بن حضير، قال الحافظ: ووصله أبو عبيد في " فضائل القرآن " عن يحيى بن بكير، عن الليث بالإِسنادين جميعاً.
ومحمد بن إبراهيم التيمي من صغار التابعين، ولم يدرك أسيد بن حضير، فروايته عنه منقطعة لكن الاعتماد في وصل الحديث المذكور على الإِسناد الثاني، قال الإسماعيلي: محمد بن إبراهيم عن أسيد بن حضير مرسل وعبد الله بن خباب عن أبي سعيد متصل. وانظر الحديث المتقدم برقم (769) .
ورواية أحمد ومسلم: قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأتَ لأصبحتْ يراها الناس، ما تستتر منهم " ورواية البخاري: " تلك الملائكة دنت لصوتك، ولو قرأتَ لأصبحتْ ينظر الناس إليها، لا تتوارى منهم ".
(1) في الأصل: المزني، وهو تصحيف.
(2) إسناده ضعيف لضعف خالد بن سعيد، أورده العقيلي في " الضعفاء " 2/6 وقال: لا يتابع على حديثه، ثم أورد له هذا الحديث من طريق أحمد بن محمد بن إبراهيم، عن الأزرق بن علي بهذا الإسناد، ونقله عنه الإمام الذهبي في =(3/59)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمْ يَدْخُلِ الشَّيْطَانُ بَيْتَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ "، أَرَادَ بِهِ مَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ دُونَ غَيْرِهِمْ.
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ تَكْفِيَانِ لِمَنْ قَرَأَهُمَا
781 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: لَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ فِي الطَّوَافِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ، فَحَدَّثَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ " (1) . [1: 2]
__________
= " الميزان " 1/631، وابن حجر في " اللسان " 2/376، وزاد الأخير: وذكره ابن حبان في " الثقات "، وهو خالد بن سعيد بن مريم التيمي الذي أخرج له (د ق) ، وقال في " تهذيب التهذيب " 3/95: وقال ابن المديني: لا نعرفه، وساق له العقيلي خبرا استنكره، وجهله ابن القطان.
وأخرجه الطبراني في " الكبير " (5864) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل والحسين بن إسحاق التستري، كلاهما عن الأزرق بن علي بهذا الإِسناد إلا أنه تحرف فيه خالد بن سعيد إلى سعيد بن خالد، وأورده الهيثمي في " المجمع " 6/312 عن الطبراني، وقال: وفيه سعيد بن خالد وهو ضعيف، كذا قال، وقد علمت أن الصواب خالد بن سعيد.
(1) إسناده صحيح. سفيان: هو ابن عيينة، ومنصور: هو ابن المعتمر، وإبراهيم: هو النخعي.
وأخرجه أحمد 4/122، والبخاري (5009) في فضائل القرآن: باب فضل سورة البقرة، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (718) ، والبغوي في " شرح السنة " (1199) ، من طرق عن سفيان، به.
وأخرجه البخاري (5051) في فضائل القرآن: باب في كم يقرأ القرآن، من طريق سفيان أيضاً به، لكن فيه: عن عبد الرحمن بن يزيد أخبره علقمة عن أبي مسعود، ولقيته وهو يطوف بالبيت.
وأخرجه الطيالسي 2/10، وأحمد 4/121، ومسلم (807) (255) في صلاة =(3/60)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ آخِرَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ إِذَا قُرِئَ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ، أَمِنَ أَهْلُ الدَّارِ دُخُولَ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ
782 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا الْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْمِيُّ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ،
__________
= المسافرين: باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة، وأبو داود (1397) في الصلاة: باب تحزيب القرآن، والترمذي (2881) في فضائل القرآن: باب ما جاء في آخر سورة البقرة، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (719) ، وابن ماجة (1369) في إقامة الصلاة: باب ما جاء فيما يرجى أن يكفي من قيام الليل، والدارمي 1/349 في الصلاة: باب مَنْ قَرَأَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، و2/450 في فضائل القرآن: باب فضل أول سورة البقرة وآية الكرسي، من طرق عن منصور، به.
وأخرجه البخاري (5008) في فضائل القرآن: باب فضل سورة البقرة، ومسلم (808) ، من طريق الأعمش، عن إبراهيم، به.
وأخرجه أحمد 4/121، ومسلم (808) (256) ، والنسائي في عمل اليوم والليلة " برقم (720) ، وابن ماجة (1368) ، من طرق عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن أبي مسعود.
وأخرجه الطيالسي 2/10، والبخاري (5040) في فضائل القرآن: باب من لم ير بأساً أن يقول سورة البقرة، ومسلم (808) ، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (721) ، من طريق الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة وعبد الرحمن، عن أبي مسعود.
وأخرجه أحمد 4/118 من طريق المسيب بن رافع، عن علقمة، عن أبي مسعود.
وقوله: " كفتاه " قال الحافظ: " أي: أجزأتا عنه من قيام الليل بالقرآن، وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقاً، سواء كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل: معناه أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملتا عليه من الإِيمان والأعمال إجمالاً، وقيل: معناه كفتاه كل سوء، وقيل: كفتاه شر الشيطان. وقيل: دفعتا عنه شر الإِنس والجن، وقيل: معناه كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، قال النووي: وقيل: من الآفات، ويحتمل من الجميع " " فتح الباري " 9/56.(3/61)
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " الْآيَتَانِ (1) خُتِمَ بِهِمَا سُورَةُ الْبَقَرَةِ لَا تُقْرَآنِ فِي دَارٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَيَقْرَبُهَا شَيْطَانٌ " (2) . [1: 2]
ذِكْرُ فِرَارِ الشَّيْطَانِ مِنَ الْبَيْتِ إِذَا قُرِئَ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ
783 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا تَتَّخِذُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، صَلُّوا فِيهَا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لِيَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ يَسْمَعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ تُقْرَأُ فِيهِ " (3) . [1: 2]
__________
(1) في الأصل: الآيتين، والمثبت من " موارد الظمآن ".
(2) إسناده صحيح، وأبو قلابة: هو عبد الله بن زيد بن عمرو أو عامر الجرمي البصري.
وأخرجه أحمد 4/274، والترمذي (2882) في فضائل القرآن: باب ما جاء في آخر سورة البقرة، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (967) ، والدارمي 2/449، والبغوي في " شرح السنة " برقم (1201) ، من طرق عن حماد بن سلمة، به، وصححه الحاكم 1/562 و2/260، ووافقه الذهبي.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (966) من طريق ريحان بن سعيد، عن عباد بن منصور، عن أيوب السختياني، عن أبي قلابة، عن أبي صالح الحارثي، عن النعمان بن بشير.
وأخرجه الطبراني في الكبير (7146) من طريق عبد الله بن أحمد، عن هدبة بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن أشعث بن عبد الرحمن، عن أبي قلابة، عن أبي أساء، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -: " إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام وأنزل فيه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان ".
(3) إسناده حسن، من أجل سُهيل بن أبي صالح، وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث. =(3/62)
ذِكْرُ الِاحْتِرَازِ مِنَ الشَّيَاطِينِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُمْ بِقِرَاءَةِ آيَةِ الْكُرْسِيِّ
784 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ كَانَ لَهُمْ جَرِينٌ فِيهِ تَمْرٌ، وَكَانَ مِمَّا يَتَعَاهَدُهُ فَيَجِدُهُ يَنْقُصُ، فَحَرَسَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَإِذَا هُوَ بِدَابَّةٍ كَهَيْئَةِ الْغُلَامِ الْمُحْتَلِمِ، قَالَ: فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ السَّلَامَ، فَقُلْتُ: مَا أَنْتَ، جِنٌّ أَمْ إِنْسٌ؟، فَقَالَ: جِنٌّ، فَقُلْتُ: نَاوِلْنِي يَدَكَ، فَإِذَا يَدُ كَلْبٍ وَشَعْرُ كَلْبٍ، فَقُلْتُ: هَكَذَا خُلِقَ الْجِنُّ، فَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنُّ أَنَّهُ مَا فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنِّي، فَقُلْتُ: مَا يَحْمِلُكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ رَجُلٌ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنْ طَعَامِكَ، قُلْتُ: فَمَا الَّذِي يَحْرِزُنَا مِنْكُمْ؟، فَقَالَ:
__________
= وأخرجه أحمد 2/337 عن عبد الصمد، به.
وأخرجه أحمد 2/284 و378 و388، ومسلم (780) في صلاة المسافرين: باب استحباب صلاة النافلة في بيته وجوازها في المسجد، والترمذي (2877) في فضائل القرآن: باب ما جاء في فضل سورة البقرة وآية الكرسي، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (965) ، والبغوي في " شرح السنة " برقم (1192) ، من طرق عن سهيل بن أبي صالح، به.
ورواية مسلم والنسائي: " إن الشيطان ينفر.. ".
وفي الباب عن عبد الله بن مسعود عند النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (963) ، والبغوي في " شرح السنة " برقم (1194) .
وأخرجه موقوفاً على عبد الله بن مسعود: النسائي برقم (964) ، والدارمي 2/447، وصححه الحاكم 2/259، 260، ووافقه الذهبي.
وقوله: " لا تتخذوا بيوتكم مقابر " أي خالية عن الذكر والطاعة، فتكون كالمقابر، وتكونون كالموتى فيها.(3/63)
هَذِهِ الْآيَةُ، آيَةُ الْكُرْسِيِّ، قَالَ: فَتَرَكْتُهُ. وَغَدَا أَبِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صَدَقَ الْخَبِيثُ " (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده قوي.
وأخرجه البيهقي في " دلائل النبوة " 7/108، 109 من طريق العباس بن الوليد بن مزيد، عن أبيه الوليد، عن الأوزاعي، به.
وأخرجه البغوي في " شرح السنة " (1197) من طريق أبي أيوب الدمشقي عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، به.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (960) من طريق عبد الحميد ابن سعيد، عن مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، به. قال المزني كما في " تحفة الأشراف " 1/38: كذا قال: ابن أبي بن كعب، ولم يسمه.
وأخرجه أبو يعلى في " مسنده الكبير " كما في " النكت الظراف " 1/38، من طريق أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن مبشر بن إسماعيل، عن الأوزاعي، به، لكن قال: عن عبد الله بن أبي بن كعب.
وأخرجه أبو نعيم في " دلائل النبوة " 2/765، من طريق الهقل بن زياد، عن الأوزاعي، به.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (961) عن أبي داود الحراني، عن معاذ بن هانىء، عن حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، حدثني محمد بن أبي بن كعب قال: كان لجدي ... ففي هذه الرواية والروايات التالية زيادة " الحضرمي بن لاحق ".
وأخرجه الطبراني في " الكبير " برقم (514) من طريق العباس بن الفضل الأسفاطي، عن موسى بن إسماعيل، عن أبان بن يزيد، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن محمد بن أبي بن كعب، عن أبيه. وذكر الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/117، 118 رواية الطبراني، وقال: ورجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم 1/562 من طريق أبي داود الطيالسي، عن حرب بن شداد، عن يحيى بن أبي كثير، عن الحضرمي بن لاحق، عن محمد بن عمرو بن أبي بن كعب، عن جده أبي بن كعب، وصححه، ووافقه الذهبي، ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في " الدلائل " 7/109. =(3/64)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اسْمُ ابْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ هُوَ الطُّفَيْلُ بْنُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
ذِكْرُ الِاعْتِصَامِ مِنَ الدَّجَّالِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِ بِقِرَاءَةِ عَشْرِ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ
785 - أَخْبَرَنَا أَبُو صَخْرَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِبَغْدَادَ بَيْنَ السُّورَيْنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيِّ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: "مَنْ قَرَأَ عَشْرَ
__________
= وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (962) ، عن إبراهيم بن يعقوب، عن الحسن بْنُ مُوسَى، عَنْ شَيْبَانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أبي كثير، عن الحضري بن لاحق، عن محمد -قال: وكان أُبي بن كعب جد محمد- قال: كان لأُبي جُرن ...
وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 1/322، وزاد نسبته إلى أبي الشيخ في "العظمة".
والجرين: موضع تجفيف التَّمْر، وهو له كالبيدر للحنطة، وُيجمع على جُرُن بضمتين.
وللحديث شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (2311) في الوكالة، و (3275) في بدء الخلق، و (5010) في فضائل القرآن، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (958) و (959) ، والبغوي في "شرح السنة" برقم (1196) ، والبيهقي في " دلائل النبوة " 7/107، 108، ومن حديث أبي أيوب الأنصاري عند الترمذي برقم (2880) ، وأبي نعيم في " دلائل النبوة " 2/766، ومن حديث معاذ بن جبل عند الطبراني 20/51 و101 و161-162، وأبي نعيم 2/767، ومن حديث أبي أسيد الساعدي عند الطبراني 19/263-264، ومن حديث بريدة بن الحصيب عند البيهقي 7/111.(3/65)
آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ" (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْآيَ الَّتِي يَعْتَصِمُ الْمَرْءُ بِقِرَاءَتِهَا مِنَ الدَّجَّالِ هِيَ آخِرُ سُورَةِ الْكَهْفِ
786 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ " (2) .
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6/449 عن روح، عن سعيد بن أبي عروبة، بهذا الإِسناد ولفظه " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ".
وأخرجه أحمد 5/196 و6/449، ومسلم (809) في صلاة المسافرين: باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، وأبو داود (4323) في الملاحم: باب خروج الدجال، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (951) ، والبغوي في " شرح السنة " (1204) ، من طرق عن قتادة، به، وصححه الحاكم 2/368، ووافقه الذهبي، ولفظ الجميع: " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف ... ".
(2) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6/446 من طريق محمد بن جعفر، وحجاج عن شعبة، به، وأخرجه مسلم (809) من طريقين عن محمد بن جعفر، عن شعبة، وقال عقبها: وقال همام من أول الكهف كما قال هشام. ينزع في ذلك إلى ترجيح روايتهما على رواية شعبة، وهو الأشبه بالصواب، لا سيما وقد وافقهما سعيد بن أبي عروبة وشيبان بن عبد الرحمن.
وقد أخرجه الترمذي (2886) من طريق محمد بن جعفر به، ولفظه: " من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف ... ".
وأخرجه النسائي في الكبرى كما في " تحفة الأشراف " 8/233 في فضائل القرآن وفي اليوم والليلة عن عمرو بن علي عن غندر، به، وقال: " من قرأ عشر آيات من الكهف " وقال في اليوم والليلة " العشر الأواخر " وفي فضائل القرآن واليوم =(3/66)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالْإِكْثَارِ مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ
787 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ (1) : أَحَدَّثَكُمْ شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبَّاسٍ (2) الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ سُورَةً فِي الْقُرْآنِ ثَلَاثُونَ آيَةً تَسْتَغْفِرُ لِصَاحِبِهَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: 1] ؟ فَأَقَرَّ بِهِ أَبُو أُسَامَةَ وَقَالَ: نَعَمْ (3) . [1: 80]
__________
= والليلة عن أحمد بن سليمان عن عفان، عن همام، به: " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف " وفي اليوم والليلة عن إبراهيم بن الحسن، عن حجاج بن محمد، عن شعبة نحوه.
(1) واسمه حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي، روى له الجماعة، وتحرف في الأصل إلى " أمامة ".
(2) تصحف في الأصل إلى " عياش ".
(3) إسناده حسن، عباس الجشمي: يقال: اسم أبيه عبد الله، روى عن عثمان وأبي هريرة، وعنه: قتادة، وسعيد الجريري، وذكره المؤلف في الثقات، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (710) عن إسحاق بن إبراهيم، به.
وأخرجه ابن ماجة (3786) في الأدب: باب ثواب القرآن، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي أسامة، به.
وأخرجه أحمد 2/299 و321، وأبو داود (1400) في الصلاة: باب في عدد الآي، والترمذي (2891) في فضائل القرآن: باب ما جاء في فضل سورة الملك، من طرق عن شعبة، به.
وصححه الحاكم 1/565 من طريق أحمد بن حنبل، ووافقه الذهبي.
وصححه أيضاً 2/497 من طريق أبي داود الطيالسي، عن عمران القطان، عن قتادة، به. =(3/67)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَسْتَغْفِرُ
__________
= وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي (2890) وفي سنده يحيى بن عمرو بن مالك النكري وهو ضعيف. وعن أنس، عند الطبراني في " الصغير " 1/176، من طريق سليمان بن داود بن يحيى الطبيب البصري، حدثنا شيبان بن فروخ الأبلي، حدثنا سلام بن مسكين، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " سورة من القرآن ما هي إلا ثلاثون آية خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة وهي سورة تبارك ".
وزاد الهيثمي نسبته إلى الطبراني في " الأوسط " وقال: ورجاله رجال الصحيح، وعن ابن مسعود مرفوعاً " سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر " أخرجه أبو الشيخ في " طبقات المحدثين بأصبهان " الورقة 133 وسنده حسن. وأخرجه موقوفاً على ابن مسعود، الطبراني في "الكبير" (10254) من طريق عبد العزيز بن أبي حازم، عن سهيل ابن أبي صالح، عن عرفجة بن عبد الواحد، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: " كنا نسميها في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المانعة، وإنها في كتاب الله، من قرأ بها في كل ليلة، فقد أكثر وأطيب " وذكره الهيثمي في " المجمع " 7/127، وقال: رجاله ثقات.
وأخرجه عبد الرزاق في " المصنف " (6025) ومن طريقه الطبراني (8651) عن سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن ابن مسعود قال: يؤتى الرجل في قبره، فتؤتى رجلاه، فتقولان: ليس لكم على ما قبلنا سبيل، قد كان يقرأ علينا سورة الملك، ثم يؤتى جوفه، يقول: ليس لكم علي سبيل، كان قد أوعى في سورة الملك، ثم يؤتى رأسه، فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل، كان يقرأ بي سورة الملك. قال ابن مسعود: " فهي المانعة تمنع عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة، فقد أكثر وأطيب ". وهذا سنده حسن، وصححه الحاكم 2/468، ووافقه الذهبي.
وأخرجه عبد الرزاق (6024) ومن طريقه الطبراني (8650) عن معمر، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود قال: " مات رجل فجاءته ملائكة العذاب، فجلسوا عند رأسه فقال: لا سبيل لكم إليه قد كان يقرأ سورة الملك، فجلسوا عند رجليه، فقال: لا سبيل لكم إليه، قد كان يقوم علينا بسورة الملك، فجلسوا عند بطنه، فقال: لا سبيل لكم عليه إنه أوعى في سورة الملك فسميت المانعة " مثل هذا لا يقال من قبل الرأي، فيكون له حكم الرفع.(3/68)
لِصَاحِبِهَا"، أَرَادَ بِهِ ثَوَابَ قِرَاءَتِهَا، فَأَطْلَقَ الِاسْمَ عَلَى مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَهُوَ الثَّوَابُ، كَمَا يُطْلَقُ اسْمُ السُّورَةِ نَفْسِهَا عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ أَبِي أُمَامَةَ (1) أَرَادَ بِهِ ثَوَابَ الْقُرْآنِ، وَثَوَابَ الْبَقَرَةِ، وَآلِ عِمْرَانَ، إِذِ الْعَرَبُ تُطْلِقُ فِي لُغَتِهَا اسْمَ مَا تَوَّلَدَ مِنَ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ.
ذِكْرُ اسْتِغْفَارِ ثَوَابِ قِرَاءَةِ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ لِمَنْ قَرَأَهُ
788 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ، عَنْ عَبَّاسٍ الْجُشَمِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " سُورَةٌ فِي الْقُرْآنِ، ثَلَاثُونَ آيَةً، تَسْتَغْفِرُ لِصَاحِبِهَا حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ: تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ " (2) . [1: 2]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِقِرَاءَةِ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مَضْجَعَهُ
790 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَلِّمْنِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا أَوَيْتُ إِلَى فِرَاشِي، قَالَ: " اقْرَأْ {قُلْ
__________
(1) تحرف في الأصل إلى أبي أمامة.
(2) إسناده حسن، وهو مكرر ما قبله.(3/69)
يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: 1] " (1) .
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمَرَ بِهَذَا الْفِعْلِ
790 - أَخْبَرَنَا الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " هَلْ لَكَ فِي رَبِيبَةٍ يَكْفُلُهَا رَبِيبٌ " (2) ؟، قَالَ: ثُمَّ جَاءَ فَسَأَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: تَرَكْتُهَا عِنْدَ أُمِّهَا (2) ، قَالَ: " فَمَجِيءٌ مَا جَاءَ بِكَ؟ "، قَالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي شَيْئًا أَقُولُهُ عِنْدَ مَنَامِي، قَالَ: " اقْرَأْ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الْكَافِرُونَ: 1] ، [ثُمَّ] نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا، فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ " (4) .
__________
(1) رجاله ثقات، وأبو عبد الرحيم: اسمه خالد بن يزيد، ويقال: ابن أبي يزيد الحراني من رجال مسلم. وأخرجه أحمد 5/456، والترمذي (3403) في الدعوات، من طريق يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق السبِيعي، بهذا الإِسناد.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (802) ، من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، عن أبيه، قال: أتى ظئر زيد بن ثابت إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَسَأَلَهُ أن يعلمه..
(2) في " المسند " و" المستدرك " قال: دفع إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنة أم سلمة وقال: إنما أنت ظئري، وانظر " النكت الظراف " 9/64.
(3) أي: من الرضاعة.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه أبو داود (5055) في الأدب: باب ما يقول عند النوم، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (801) ، وفي " الكبرى " كما في " تحفة الأشراف " 9/63، والدارمي 2/459، والحاكم 2/538، من طرق عن زهير بن معاوية، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6/405، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، وابن الأنباري في " المصاحف "، وابن مردويه، والبيهقي في " شعب الإِيمان ". =(3/70)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى قَارِئِ سُورَةِ الْإِخْلَاصِ بِإِعْطَائِهِ أَجْرَ قِرَاءَةِ ثُلُثِ الْقُرْآنِ
791 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَابِدُ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يُرَدِّدُهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَالُّهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ " (1) . [1: 2]
__________
= وأخرجه الترمذي (3403) في الدعوات، من طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن رجل أن فروة ... وهذا إسناد منقطع.
وصححه الحاكم 1/565 من طريق مالك بن إسماعيل، عن إسرائيل، عن فروة، به، ووافقه الذهبي. وانظر ما قبله.
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1/208 في القرآن: باب ما جاء في {قل هو الله أحد} ، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 3/35، والبخاري (5013) في فضائل القرآن: باب فضل {قل هو الله أحد} ، و (6643) في الأيمان والنذور: باب كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -، و (7374) في التوحيد: باب ما جاء فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، وأبو داود (1461) في الصلاة: باب في سورة الصمد، والنسائي 2/171 في الافتتاح: باب الفضل في قراءة {قل هو الله أحد} ، وفي " عمل اليوم والليلة " برقم (698) ، والبغوي في "شرح السنة" برقم (1209) .
قال البخاري: زاد إسماعيل بن جعفر، عن مالك، عن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري: أخبرني أخي قتادة بن النعمان أن رجلاً قام في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -..، وهو بهذه الرواية عند البخاري (5014) و (7374) . وقتادة بن النعمان أخو أبي سعيد لأمه.
وفي الباب عن ابن مسعود وأبي بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم، انظر =(3/71)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَرَبَ فِي لُغَتِهَا تَنْسِبُ الْفِعْلَ إِلَى الْفِعْلِ نَفْسِهِ كَمَا تَنْسِبُهُ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْأَمْرِ سَوَاءٌ
792 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا حَوْثَرَةُ بْنُ أَشْرَسَ، حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حُبُّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ " (1) . [1: 2]
__________
= " عمل اليوم والليلة " للنسائي من رقم (673) - (705) ، والدارمي 2/460-461.
قوله: " أن رجلاً سمع رجلاً يقرأ "، قال الحافظ: القارىء هو قتادة بن النعمان، أخرج أحمد من طريق أبي الهيثم عن أبي سعيد قال: بات قتادة بن النعمان يقرأ من الليل كله قل هو الله أحد، لا يزيد عليها ... " الحديث. والذي سمعه لعله أبو سعيد راوي الحديث لأنه أخوه لأمه، وكانا متجاورين، وبذلك جزم ابن عبد البر، فكأنه أبهم نفسه وأخاه.
قوله: " يتقالّها ": بتشديد اللام، وأصله يتقاللها، أي يعتقد أنها قليلة.
وقوله: " إنها لتعدل ثلث القرآن " قال الحافظ: حمله بعض العلماء على ظاهره، فقال: هي ثلث باعتبار معاني القرآن، لأنه أحكام وأخبار وتوحيد، وقد اشتملت على القسم الثالث، فكانت ثلثاً بهذا الاعتبار، ويستأنس لهذا بما أخرجه أبو عبيدة من حديث أبي الدرداء قال: جزّأ النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل قل هو الله أحد جزءاً من أجزاء القرآن ". وقال القرطبي في " المفهم ": اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال لم يوجدا في غيرها من السور، وهما: الأحد، الصمد، لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة، الموصوفة بجميع أوصاف الكمال. انظر " فتح الباري " 9/59-62، و13/357.
(1) حوثرة بن أشرس ذكره المؤلف في " الثقات " 8/215، وروى عن جماعة، وروى عنه عبد الله بن أحمد، ومسلم بن الحجاج خارج الصحيح، وأبو يعلى وغيرهم، وقد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات، ومبارك بن فضالة قد صرح بالتحديث في =(3/72)
ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَحَبَّةِ اللَّهِ لِمُحِبِّي سُورَةِ الْإِخْلَاصِ
793 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، أَنَّ أَبَا الرِّجَالِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَهُ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، فَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلَاتِهِمْ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " سَلُوهُ لِأَيِّ شَيْءٍ صَنَعَ هَذَا "؟ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: أَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ " (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ حُبَّ الْمَرْءِ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ بِالْمُدَاوَمَةِ عَلَى قِرَاءَتِهَا يُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ
794 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا
__________
= رواية المسند 3/150، والدارمي فانتفت شبهة تدليسه.
وأخرجه أحمد 3/141 و150، والترمذي (2901) في فضائل القرآن: باب ما جاء في سورة الإِخلاص، والدارمي 2/460، 461 في فضائل القرآن: باب في فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، والبغوي في " شرح السنة " برقم (1210) ، من طرق عن المبارك بن فضالة، به. وسيرد برقم (794) من طريق عبيد الله بن عمر، عن ثابت البناني، عن أنس.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (7375) في التوحيد: باب ما جاء فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأشار إليه في فضائل القرآن: باب فضل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فقال: فيه عمرةُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم -، وأخرجه مسلم (813) في صلاة المسافرين، والنسائي 2/171 في الافتتاح: الفضل في قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، من طرق عن ابن وهب، به.(3/73)
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَلْزَمُ قِرَاءَةَ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] فِي الصَّلَاةِ مَعَ كُلِّ سُورَةٍ، وَهُوَ يَؤُمُّ بِأَصْحَابِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّهَا، قَالَ: " حُبُّهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ " (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَارِئَ لَا يَقْرَأُ شَيْئًا أَبْلَغَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
795 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ
__________
(1) عبد العزيز بن محمد هو الدراوردي: صدوق إلا أن حديثة عن عبيد الله بن عمر منكر فيما قاله النسائي، وقال أحمد بن حنبل: إذا حدث من كتابه، فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس وهم، وكان يقرأ من كتبهم فيخطىء، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر يرويها عن عبيد الله بن عمر، وباقي رجاله ثقات.
وقد علقه البخاري (774) في الأذان: باب الجمع بين السورتين في الركعة، فقال: وقال عُبَيْدِ اللَّهِ بنُ عُمَرَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنس.. وأخرجه الترمذي (2901) في فضائل القرآن: باب ما جاء في سورة الإِخلاص، عن البخاري، عن إسماعيل بن أبي أويس، والبيهقي 2/61 في السنن، من طريق محرز بن سلمة، كلاهما عن عبد العزيز أبن محمد الدراوردي بهذا الإِسناد، وقال الترمذي: حسن غريب صحيح من حديث عبيد الله، عن ثابت، وقال: وقد روى مبارك بن فضالة، عن ثابت، فذكر طرفاً وهو الحديث المتقدم برقم (792) عند المؤلف قال الحافظ في " الفتح " 2/257-258: وذكر الطبراني في " الأوسط " أن الدراوردي تفرد عن عبيد الله، وذكر الدارقطني في " العلل " أن حماد بن سلمة خالف عبيد الله في إسناده، فرواه عن ثابت، عن حبيب بن سبيعة مرسلاً، قال: وهو أشبه بالصواب، وإنما رجحه، لأن حماد بن سلمة تقدم في حديث ثابت، لكن عبيد الله بن عمر حافظ حجة، وقد وافقه مبارك في إسناده، فيحتمل أن يكون لثابت فيه شيخان.(3/74)
عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: تَبِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ رَاكِبٌ، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرِئْنِي مِنْ سُورَةِ هُودٍ وَمِنْ سُورَةِ يُوسُفَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكَ لَنْ تَقْرَأَ شَيْئًا أَبْلَغَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 4/159، والنسائي 2/158 في الافتتاح: باب الفضل في قراءة المعوذتين، و8/254 في الاستعاذة، والبغوي في " شرح السنة " (1213) ، من طرق عن ليث بن سعد، به.
وأخرجه أحمد 4/149 من طريق ليث، به، لكن بزيادة هاشم بين يزيد وأسلم.
وأخرجه أحمد 4/155، والدارمي 2/461، 462، من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد، عن حيوة وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، به. وإسناده صحيح، ابن لهيعة متابع.
وصححه الحاكم 2/540، ووافقه الذهبي، من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب، به.
وأخرجه الطبراني 17/286 من طريق ليث، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عقبة.
وأخرجه أحمد 4/144 و150 و152، ومسلم (814) (265) في صلاة المسافرين: باب فضل قراءة المعوذتين، والترمذي (2902) في فضائل القرآن: باب ما جاء في المعوذتين، والنسائي 8/254 في الاستعاذة، وفي فضائل القرآن في " الكبرى " كما في تحفة الأشراف 7/315، والدارمي 2/462، والبيهقي في " السنن " 2/394، من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن حازم، عن عقبة.
وأخرجه أحمد 4/149، 150 و153، وأبو داود (1462) في الصلاة: باب في المعوذتين، والنسائي 8/252 في الاستعاذة، والبيهقي 2/394، من طريق معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن القاسم مولى معاوية، عن عقبة.
وأخرجه أحمد 4/151، ومسلم (814) (264) ، والنسائي 2/158، من طريقي أبي عوانة وجرير، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم، عن عقبة، بلفظ: =(3/75)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْقَارِئَ لَا يَقْرَأُ شَيْئًا يُشْبِهُ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ
796 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ الْبَزَّارُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، حَدَّثَنَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَدَّادُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو طَلْحَةَ الرَّاسِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْرَأْ يَا جَابِرُ "، قَالَ: قُلْتُ: مَا أَقْرَأُ بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ؟، قَالَ: " {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} ، فَقَرَأْتُهُمَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " اقْرَأْ بِهِمَا، وَلَنْ تَقْرَأَ بِمِثْلِهِمَا (1) . [1: 2]
__________
= " ألم تر آيات أنزلت الليلة لم يُر مثلهن قط؟ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وَقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ".
وأخرجه أحمد 4/201 من طريق الليث، عن حسين بن أبي حكيم، والترمذي (2903) من طريق ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، كلاهما عن عُلَيّ بن رباح، عن عقبة، بلفظ: " أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة ".
وأخرجه أحمد 4/144 و146 و148 و149 و151، والنسائي 8/251- 254 في الاستعاذة، وفي " عمل اليوم والليلة " برقم (889) ، والدارمي 2/264، والبيهقي 2/394، 395، من طرق عن عقبة، به.
وقد أورد الحافظ ابن كثير في " تفسيره ": تفسير سورتي المعوذتين الطرق الكثيرة لحديث عقبة، وقال: فهذه طرق عن عقبة كالمتواترة عنه، تفيد القطع عند كثير من المحققين في الحديث.
(1) شداد بن سعيد: صدوق يخطىء، فحديثه حسن، والجريري: هو سعيد بن إياس، ثقة روى له الجماعة إلا أنه اختلط قبل موته بثلاث سنين، وبقية رجاله ثقات، أبو نضرة: هو المنذر بن مالك العبدي. ويشهد له حديث عقبة المتقدم برقم (795) فيتقوى به.
وأخرجه النسائي في الاستعاذة 8/254 عن عمرو بن علي بن بحر، بهذا الإسناد.(3/76)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ قِرَاءَةُ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فِي أَسْبَابِهِ
797 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قُلْتُ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ لَا يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، فَقَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قَالَ لِي جِبْرِيلُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} فَقُلْتُهَا، وَقَالَ لِي: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} فَقُلْتُهَا " فَنَحْنُ نَقُولُ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده حسن من أجل عاصم بن أبي النجود، وقد تابعه عليه عبدة بن أبي لبابة كما سيرد، فهو صحيح.
وأخرجه أحمد 5/129 عن عفان، عن حماد بن سلمة، بهذا الإِسناد.
وأخرجه الحميدي (374) ومن طريقه البيهقي 2/394، وأحمد 5/130، والبخاري (4977) في التفسير: باب سورة قل أعوذ برب الناس، من طريق سفيان، حدثنا عبدة بن أبي لبابة، وعاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، قال: قلت لأُبَيّ: إن أخاك يحكهما من المصحف، فلم ينكر. قيل لسفيان: ابن مسعود! قال: نعم. وليسا في مصحف ابن مسعود، كان يَرَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعَوِّذُ بهما الحسن والحسين، ولم يسمعه يقرؤهما في شيء من صلاته، فظن أنهما عوذتان، وأصر على ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه. لفظ أحمد.
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 8/742، 743: قال البزار: ولم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قرأهما في الصلاة.
قلت: (القائل ابن حجر) : هو في " صحيح مسلم " عن عقبة بن عامر وزاد فيه ابن حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر " فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل " وأخرج أحمد 5/79 من طريق أبي العلاء بن الشخير، عن رجل من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرأه المعوذتين، وقال له: " إذا أنت صليت، فاقرأ بهما " وإسناده صحيح، ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين.
وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الانتصار، وتبعه عياض وغيره ما حكي عن ابن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن، وإنما أنكر =(3/77)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ، وَهُوَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا
798 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ إِحْدَانَا، فَيَتْلُو الْقُرْآنَ وَهِيَ حَائِضٌ» (1) . [4: 1]
__________
= إثباتهما في المصحف، فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إِنْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أذن في كتابته فيه، وكأنه لم يبلغه الإِذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه، وليس جحداً لكونهما قرآناً.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأم منصور اسمها صفية بنت شيبة بنت عثمان بن أبي طلحة، روى لها الجماعة. وقد تحرفت في " الأصل " إلى " أبيه " وصححت في الهامش.
وأخرجه عبد الرزاق (1252) ، والحميدي برقم (169) ، وأحمد 6/148 و190 و204، والبخاري (7549) في التوحيد: باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " الماهر بالقرآن مع سفرة الكرام البررة "، وأبو داود (260) في الطهارة: باب في مؤاكلة الحائض ومجامعتها، والنسائي 1/147 في الطهارة: باب في الذي قرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض، و1/191 في الحيض: باب الرجل يقرأ القرآن ورأسه في حجر امرأته وهي حائض، وابن ماجة (634) في الطهارة: باب الحائض تتناول الشيء من المسجد، وأبو عوانة 1/313، من طرق، عن سفيان، به.
وأخرجه أحمد 6/117 و135 و158 و258، والبخاري (297) في الحيض: باب قراءة الرجل في حجر امرأته وهي حائض، ومسلم (301) في الحيض: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، والبيهقي في " السنن " 1/312، والبغوي في " شرح السنة " برقم (319) من طرق علي بن عاصم وزهير بن معاوية وداود بن عبد الرحمن المكي، عن منصور بن عبد الرحمن، به.
وأخرجه أحمد 6/68، 69 و72، من طريق ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
وفي الحديث جواز ملامسة الحائض، وأن ذاتها وثيابها على الطهارة، ما لم تلحق شيئاً منها نجاسة، وفيه جواز القراءة بقرب محل النجاسة. انظر " فتح الباري " 1/402.(3/78)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِغَيْرِ الْمُتَطَهِّرِ أَنْ يَقْرَأَ كِتَابَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا
799 - أَخْبَرَنَا أَبُو قُرَيْشٍ مُحَمَّدُ بْنُ جُمُعَةَ الْأَصَمُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ شُعْبَةَ، وَمِسْعَرٍ، وَذَكَرَ أَبُو قُرَيْشٍ آخَرَ مَعَهُمَا، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْجُبُهُ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَا خَلَا الْجَنَابَةَ» (1) . [4: 1]
__________
(1) عبد الله بن سَلِمة، بكسر اللام، هو المرادي الكوفي، روى له أصحاب " السنن "، ووثقه المؤلف والعجلي ص 258، ويعقوب بن شيبة، وقال شعبة عن عمرو بن مرة: كان عبدُ الله بن سَلِمَة يحدثنا فكان قد كبر، فكنا نعرف وننكر. وقال الحافظ في " التقريب ": صدوق تغير حفظه. وانظر تتمة التعليق. وباقي رجال الإِسناد ثقات.
وأخرجه الحميدي (57) ، والطيالسي 1/59، وأحمد 1/83 و84 و107 و124، وأبو داود (229) في الطهارة: باب في الجنب يقرأ القرآن، والنسائي 1/144 في الطهارة: باب حجب الجنب من قراءة القرآن، وابن ماجة (594) في الطهارة: باب ما جاء في قراءة القران على غير طهارة، والطحاوي 1/87، وابن الجارود في " المنتقى " (94) ، والدارقطني 1/119، والبيهقي في " السنن " 1/88، 89، والبغوي في " شرح السنة " (273) ، وصححه ابن خزيمة برقم (208) ، والحاكم 4/107، ووافقه الذهبي، من طرق عن شعبة بهذا الإِسناد. قال شعبة: هذا الحديث ثلث رأس مالي. وقال: لا أروي أحسن منه عن عمرو بن مرة. وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 1/408: والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة.
وأخرجه أبن أبي شيبة 1/101، 102، والترمذي (146) في الطهارة: باب ما جاء في الرجل يقرأ القرآن على كل حال ما لم يكن جنباً، والنسائي 1/144، من طرق عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، به. قال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الحميدي (57) ، وأبن أبي شيبة 1/102، وأحمد 1/134، =(3/79)
800 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، وَشُعْبَةَ، وَذَكَرَ ابْنُ قُتَيْبَةَ آخَرَ مَعَهُمَا، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَحْجُبُهُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُبًا» (1) . [5: 31]
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
801 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ:
__________
= والترمذي (146) ، وابن عدي في " الكامل في الضعفاء " 4/1487، من طرق عن محمد بن أبي ليلى، عن عمرو بن مرة، به. قال ابن عدي: وقد روى عبد الله بن سلمة عن علي وعن حذيفة وعن غيرهما غير هذا الحديث، وأرجو أنه لا بأس به.
وقد توبع عبد الله بن سلمة في معنى حديثه هذا عن علي، فأخرج أحمد 1/110 عن عائذ بن حبيب، عن عامر بن السِّمْط، عن أبي الغريف قال: أتى علي رضي الله عنه بوَضُوء، فمضمض.... ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - توضأ، ثم قرأ شيئاً من القرآن، ثم قال: " هذا لمن ليس بجنب، فأما الجنب فلا ولا آية ". ونسبه الهيثمي في " مجمع الزوائد " 1/276 إلى أبي يعلى، وقال: ورجاله موثقون. وأبو الغريف: هو عبيد الله بن خليفة الهمداني، المرادي، وثقه ابنُ حبان، وكان على شرطة علي.
ورواه الدارقطني في " سننه " 1/118، من طريق يزيد بن هارون، حدثنا عامر بن السمط، حدثنا أبو الغريف، عن علي موقوفاً عليه، وقال: هو صحيح عن علي. وكذلك رواه موقوفاً: شريك بن عبد الله القاضي عند ابن أبي شيبة 1/102، والحسن بن حي وخالد بن عبد الله عند البيهقي 1/89 و90، ثلاثتهم عن عامر بن السِّمْط، به.
(1) هو مكرر ما قبله، ومن طريق مسعر وشعبة أخرجه الحميدي برقم (57) والآخر عنده هو ابن أبي ليلى.(3/80)
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عُرْوَةَ،
عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى أَحْيَانِهِ» (1) . [5: 31]
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِخَبَرِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
802 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ خَالِدِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنِ الْبَهِيِّ (2) ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى أَحْيَانِهِ» (3) . [4: 1]
__________
(1) إسناده قوي إن كان سمعه خالد بن سلمة من عروة، فقد ذكر في "التهذيب" أنه روى عن عروة، إلا أن غير ابن حبان ممن أخرج هذا الحديث ذكروا في السند بينه وبين عروة عبد الله البهي، وذكره المؤلف في السند الآتي بعده، فانظر تخريجه عنده.
(2) هو عبد الله البهي، وقد تحرف في الأصل إلى الزهري.
(3) إسناده قوي على شرط مسلم، وأخرجه أحمد 6/70 و153، ومسلم (372) في الحيض: باب ذكر الله تعالى في حال الجنابة وغيرها، وأبو داود (18) في الطهارة.
باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر، والترمذي (3384) في الدعاء: باب ما جاء أن دعوة المسلم مستجابة، وابن ماجة (302) في الطهارة: باب ذكر الله عز وجل على الخلاء، وأبو عوانة "صحيحه" 1/217، والبيهقي في "السنن" 1/90، والبغوي في "شرح السنة" برقم (274) ، من طرق عن يحيى بن زكريا، به.
وأخرجه أحمد 6/278 من طريق الوليد، حدثنا زكريا بن أبي زائدة، به وصححه ابن خزيمة برقم (207) من طريق أبي كريب محمد بن العلاء وعلي بن مسلم، قالا. حدثنا ابن أبي زائدة، عن خالد بن سلمة، به. =(3/81)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُ عَائِشَةَ: يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى أَحْيَانِهِ، أَرَادَتْ بِهِ الذِّكْرَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْقُرْآنِ، إِذِ الْقُرْآنُ يَجُوزُ أَنْ يُسَمَّى الَّذِي ذَكَرَ، وَقَدْ كَانَ لَا يَقْرَؤُهُ وَهُوَ جُنُبٌ، وَكَانَ يَقْرَؤُهُ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ غَيْرَ طَلَبَةِ الْعِلْمِ مِنْ مَظَانِّهِ أَنَّهُ مُضَادُّ لِلْخَبَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
803 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، وَخَالِدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ النَّضْرِ،، قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ الْحُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ
عَنِ الْمُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ، أَوْ، قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ» (1) [4: 1]
__________
= وعلقه البخاري 1/ 407 فىِ الحيض: باب تقضي الحائض المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، و 2/114 في الأذان: باب هل يتتبع المؤذن فاه ها هنا وها هنا وهل يلتفت في الأذان؟.
قال البغوي: " والأحسن أن يتطهر لذكر الله تعالى، فإن لم يجد ماء تيمم " واستدل البغوي على ذلك بالحديث التالي.
(1) إسناده صحيح، وعبد الأعلى: وهو ابن عبد الأعلى البصري السامي ثقة روى له الجماعة، وقد سمع من سعيد قبل اختلاطه، والحسن هو البصري، وانما تضر عنعنتة ويعل الحديث بها إذا روى عن الصحابة، أما عن التابعين، فلا تضر، وقد علمت ذلك بالتتبع، وسيد هو ابن أبي عروبة، وهو في صحيح ابن خزيمة برقم (206) .
وأخرجه أبو داود (17) في الطهارة: باب أيَرُدُّ السلام وهو يبول، عن =(3/82)
وَكَانَ الْحَسَنُ بِهِ يَأْخُذُ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ» ، أَرَادَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَضْلَ، لِأَنَّ الذِّكْرَ عَلَى الطَّهَارَةِ أَفْضَلُ، لَا أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُهُ لِنَفْيِ جَوَازِهِ
__________
= محمد بن المثني، بهذا الإسناد.
وصححه الحاكم 1/167، ووافقه الذهبي، من طريق عبد الأعلى، عن شعبة، عن قتادة، به.
وأخرجه أحمد 4/345 و 5/80، والنسائي 1/37 في الطهارة: باب رد السلام بعد الوضوء، وابن ماجة (350) في الطهارة. باب الرجل يُسَلَّم عليه وهو يبول، والبيهقي في "السنن" 1/90، والطبراني 20/229 (781) ، من طرق عن سعيد به.
وأخرجه الدارمي 2/278 من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، به أخرجه ابن أبي شيبة 8/623 مختصراً من طريق الحسن، عن المهاجر، به.
وفي الباب عن ابن عمر عند الطيالسي (1851) ، وابن أبي شيبة 8/623، ومسلم (370) في الحيض: باب التيمم، وأبي داود (16) ، والترمذي (90) ، والنسائي 1/36.
قال الخطابي في "معالم السنن" 1/18: وفي هذا دلالة على أن السلام الذي يحيي به الناس بعضهم بعضاً اسمٌ من أسماء الله عز وجل، وقد روي في ذلك حديث حدثناه محمد بن هاشم، حدثنا الدبري، عن عبد الرزاق، حدثنا بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. "إن السلام اسم أسماء الله فأفشوه بينكم".(3/83)
8- بَابُ الْأَذْكَارِ
804 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: أَخَذَ الْقَوْمُ فِي عَقَبَةٍ أَوْ ثَنِيَّةٍ، فَكُلَّمَا عَلَاهَا رَجُلٌ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَغْلَةٍ يَعْرِضُهَا فِي الْجَبَلِ (1) ، فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا» ، ثُمَّ، قَالَ: «يَا أَبَا مُوسَى، أَوْ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ، أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟» ، قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (2) . 2: 59
__________
(1) في " المسند ": الخيل
(2) إسناده صحيح، وأبو عثمان: هو عبد الله بن مل، وأخرجه أحمد 4/407 من طريق يحيي القطان، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2704) (45) في الذكر والدعاء: باب استحباب خفض الصوت بالذكر، وأبو داود (1527) في الصلاة: باب في الاستغفار، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" برقم (537) ، من طرق عن يزيد بن زريع، عن سليمان التيمي، به.
وأخرجه أحمد 4/402، والبخاري (6610) في القدر: باب لا حول ولا قوة =(3/84)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا» ، لَفْظَةُ إِعْلَامٍ عَنْ هَذَا الشَّيْءِ، مُرَادُهَا الزَّجْرُ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالدُّعَاءِ
ذِكْرُ خَبَرٍ قَدْ يُوهِمُ عَالِمًا مِنَ النَّاسِ أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ غَيْرُ جَائِزَةٍ
805 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ جَعْفَرِ
__________
= إلا بالله، ومسلم (2704) (46) من طرق عن خالد الحذاء، عن أبي عثمان النهدي، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " 10/376، وأحمد 4/403 و 417، 418، والبخاري (4205) في المغازي: باب غزوة خيبر، ومسلم (2704) في الذكر والدعاء، وأبو داود (1528) في الصلاة، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (538) ، وابن ماجة (3824) في الأدب: باب ما جاء في لا حول ولا قوة إلا بالله، من طرق عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، به.
وأخرجه البخاري (6384) في الدعوات. باب الدعاء إذا علا عقبة، و (7386) في التوحيد: باب (وكان الله سميعاً بصيراً) ، ومسلم (2704) ، من طرق عن حماد بن زيد، عن أيوب السختياني، عن أبي عثمان النهدي، به.
وأخرجه أحمد 4/402، 403، ومسلم (2704) (47) من طريقين عن عثمان ابن غياث، عن أبي عثمان، به.
وأخرجه أحمد 4/418، 419، وأبو داود (1526) في الصلاة، من طريق الجريري، عن أبي عثمان، به.
وأخرجه الترمذي (3461) في الدعوات: باب ما جاء في فضل التسبيح والتكبير، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (552) ، كلاهما من طريق محمد بن بشار، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز العطار، حدثنا أبو نعامة السعدي، عن أبي عثمان، به.
وفي الباب عن أبي ذر سيرد برقم (820) ، وعن أبي هريرة عند عبد الرزاق (20547) ، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " برقم (13) و (358) ، وعن معاذ ابن جبل عند النسائي (357) .(3/85)
ابْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أَبِي الْجُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ، فَقَالَ أَبُو الْجُهَيْمِ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ الْجَمَلِ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ، فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ السَّلَامَ (1) . 5: 31
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَصَفْنَاهُ
806 - أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ النَّضْرِ الْقُرَشِيُّ بِالْبَصْرَةِ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ حُضَيْنِ بْنِ الْمُنْذِرِ، عَنْ مُهَاجِرِ بْنِ قُنْفُذٍ، أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَبُولُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَوَضَّأَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ، فَقَالَ: «إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طُهْرٍ، أَوْ، قَالَ: عَلَى طَهَارَةٍ» (2) .
__________
(1) إسناده صحيح، عمير: هو ابن عبد الله الهلالي أبو عبد الله المدني، من رجال "التهذيب"، وأخرجه النسائي 1/165 في الطهارة: باب التيمم في الحضر، عن الربيع بن سليمان، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (329) في الطهارة: باب التيمم في الحضر، عن عبد الملك بن شعيب بن الليث، عن أبيه شعيب، به.
وأخرجه البخاري (337) في التيمم: باب التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء، والبيهقي فى "السنن" 1/205 عن يحيي بن بكير، عن الليث بن سعد، بهذا الإسناد وأخرجه مسلم (369) تعليقاً في الحيض: باب التيمم، فقال: وروى الليث بن سعد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 4/169 عن حسن بن موسي، عن ابن لهيعة، عن عبد الرحمن بن هرمز، به.
(2) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (803) .(3/86)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ بَيَانٌ وَاضِحٌ أَنَّ كَرَاهِيَةَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرَ اللَّهِ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ، كَانَ ذَلِكَ لِأَنَّ الذِّكْرَ عَلَى طَهَارَةٍ أَفْضَلُ، لَا أَنَّ ذِكْرَ الْمَرْءِ رَبَّهُ عَلَى غَيْرِ الطَّهَارَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى أَحْيَانِهِ
ذِكْرُ أَسَامِي اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا اللَّاتِي يَدْخُلُ مُحْصِيهَا الْجَنَّةَ
807 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بِعَسْكَرِ مُكْرَمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ الْمَعْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدَةً (1) ، مَنْ أَحْصَاهَا (2) دَخَلَ الْجَنَّةَ» (3) . [1: 2]
__________
(1) كذا الأصل واحدة بالتأنيث، وهي رواية للبخاري (6410) في الدعوات، وقال ابن مالك أنث باعتبار معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة وعلى هامش الأصل ما نصه: واحداً (خ) وهي الجادة، ورواها كذلك البخاري في التوحيد.
(2) قال البغوي في "شرح السنة" 5/31: من أحصاها: قيل: أراد عدها أي لا يقتصر على بعضها، لكى يدعو الله بها كلها، ويثني عليه بجميعها:
وقل: معناه عرفها وعقل معانيها، وآمن بها، ويقال: فلان وحصاة وأصاة إذا كان عاقلاً مميزاً.
وفي بعض الروايات [هي للبخاري (6410) ومسلم (2677) ] : "من حفظها دخل الجنة" وقوله (وأحصى كل شيء عدداً) أي: علم عدد كل شيء.
وقل: من أحصاها، أي: أطاقها، كقوله سبحانه (علم أن لن تحصوه) أي. تطيقوه، يقول. من أطاق القيام بحق هذه الأسامي والعمل بمقتضاها، وهو أن يعتبر معانيها، فيلزم نفسه بواجبها، كأنه إذا قال: الرزاق، وثق بالرزق، وإذا قال: الضار النافع؛ علم أن الخير والشر منه، وعلى هذا سائر الأسماء.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه الترمذي (3506) في الدعوات، عن يوسف بن حماد، به. =(3/87)
ذِكْرُ تَفْصِيلِ (1) الْأَسَامِي الَّتِي يُدْخِلُ اللَّهُ مُحْصِيهَا الْجَنَّةَ
808 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ فَيَّاضٍ بِدِمَشْقَ وَاللَّفْظُ لِلْحَسَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً
__________
= وأخرجه أحمد 2/427 و 499 من طرق عن هشام بن حسان، به.
وأخرجه الحاكم 1/17، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 7، من طريق الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُفْيَانَ النسوي، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، حدثنا أيوب السختياني وَهِشَامُ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به، لكن فيه سرد أسماء الله الحسنى، وصححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بأن عبد العزيز بن الحصين، ضعيف وهو ما قاله البيهقي أيضاً.
وأخرجه أحمد 2/267، ومسلم (2677) (6) في الذكر والدعاء: باب في أسماء الله تعالى وفضل من أحصاها، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 4، من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، به.
وأخرجه أحمد 2/516 من طريق روح، عن ابن عون، عن ابن سيرين، به.
وأخرجه أحمد 2/267 و 314، ومسلم (2677) (6) ، والبيهقي فى
" الأسماء والصفات " ص 4، والبغوي (1256) من طريق عبد الرزاق (19656) ، عن
معمر، عن همام، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/503، وابن ماجة (3860) في الدعاء. باب أسماء الله عز وجل، من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه الترمذي (3506) في الدعوات، عن يوسف بن حماد، عن عبد الأعلى، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.
وأورده المؤلف بعده من طريق أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبى هريرة. ويرد تخريجه عنده.
(1) على هامش الأصل ما نصه: الأسماء (خ) .(3/88)
وَتِسْعِينَ اسْمًا، مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، إِنَّهُ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ، مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ؛ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، الْمَلِكُ، الْقُدُّوسُ، السَّلَامُ، الْمُؤْمِنُ، الْمُهَيْمِنُ، الْعَزِيزُ، الْجَبَّارُ، الْمُتَكَبِّرُ، الْخَالِقُ، الْبَارِئُ، الْمُصَوِّرُ، الْغَفَّارُ، الْقَهَّارُ، الْوَهَّابُ، الرَّزَّاقُ، الْفَتَّاحُ، الْعَلِيمُ، الْقَابِضُ، الْبَاسِطُ، الْخَافِضُ، الرَّافِعُ، الْمُعِزُّ، الْمُذِلُّ، السَّمِيعُ، الْبَصِيرُ، الْحَكَمُ، الْعَدْلُ، اللَّطِيفُ، الْخَبِيرُ، الْحَلِيمُ، الْعَظِيمُ، الْغَفُورُ، الشَّكُورُ، الْعَلِيُّ، الْكَبِيرُ، الْحَفِيظُ، الْمُقِيتُ، الْحَسِيبُ، الْجَلِيلُ، الْكَرِيمُ، الرَّقِيبُ، الْوَاسِعُ، الْحَكِيمُ، الْوَدُودُ، الْمَجِيدُ، الْمُجِيبُ، الْبَاعِثُ، الشَّهِيدُ، الْحَقُّ، الْوَكِيلُ، الْقَوِيُّ، الْمَتِينُ، الْوَلِيُّ، الْحَمِيدُ، الْمُحْصِي، الْمُبْدِئُ، الْمُعِيدُ، الْمُحْيِي، الْمُمِيتُ، الْحَيُّ، الْقَيُّومُ، الْوَاجِدُ، الْمَاجِدُ، الْوَاحِدُ، الْأَحَدُ، الصَّمَدُ، الْقَادِرُ، الْمُقْتَدِرُ، الْمُقَدِّمُ، الْمُؤَخِّرُ، الْأَوَّلُ، الْآخِرُ، الظَّاهِرُ، الْبَاطِنُ، الْمُتَعَالِ، الْبَرُّ، التَّوَّابُ، الْمُنْتَقِمُ، الْعَفُوُّ، الرَّؤُوفُ، مَالِكُ الْمُلْكِ، ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، الْمُقْسِطُ، الْمَانِعُ، الْغَنِيُّ، الْمُغْنِي، الْجَامِعُ، الضَّارُّ، النَّافِعُ، النُّورُ، الْهَادِي، الْبَدِيعُ، الْبَاقِي، الْوَارِثُ، الرَّشِيدُ، الصَّبُورُ» (1) . [1: 2]
__________
(1) رجاله ثقات صفوان بن صالح والوليد بن مسلم: كلاهما صرح بالتحديث إلا انه أعل بالاضطراب واحتمال ان يكون التعيين مدرجا من بعض الرواة، وبالوقف.
قال الترمذي بعد أن أخرجه فى " سننه " (3507) . وقد روي هذا الحديث من غير وجه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا نعلم في كثير من الروايات ذكر =(3/89)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأسماء إلا في هذا الحديث وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر فيه الأسماء، وليس له إسناد صحيح.
قال الحافظ ابن حجر في "شرح المشكاة" فيما نقله عنه ابن علان في "الفتوحات الربانية" 3/221: اختلف الحفاظ في أن سرد الأسماء هل هو موقوف على الراوي أو مرفوع، ورجح الأول، وأن تعدادها مدرج من كلام الراوي.
وقال ابن كثير في "تفسيره" 3/516 طبعة الشعب: والذي عول عليه جماعة من الحفاظ أن سرد الأسماء في هذا الحديث، مدرج فيه، وإنما ذلك كما رواه الوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد أنه بلغه عن غير واحد من أهل العلم أنهم قالوا ذلك، أي. أنهم جمعوها من القرآن كما ورد عن جعفر بن محمد، وسفيان بن عيينة، وأبي زيد اللغوي.
وقال البيهقي في " الأسماء والصفات " ص 8 ويحتمل أن يكون التفسير وقع من بعض الرواة، وكذلك في حديث الوليد بن مسلم ولهذا الاحتمال ترك البخاري ومسلم إخراج حديث الوليد في الصحيح.
وقال الداوودي. لم يثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه عين الأسماء المذكورة في الحديث.
وقال البغوي في "شرح السنة " 5/35. يحتمل أن يكون ذكر هذه الأسامي في بعض الرواة وجميع هذه الأسامي في كتاب الله، وفي أحاديث الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصاً أو دلالة ومع كل ما تقدم فقد حسنه الإمام النووي في الأذكار ص 54-55 وصححه الحاكم 1/16، وقال: "هذا حديث خرجناه فى الصحيحين بأسانيد صحيحة دون ذكر الأسامي فيه والعلة فيه عندهما أن الوليد بن مسلم تفرد بسياقه لطوله، ولم يذكر الأسامي غيره، وليس هذا بعلة، فإني لا أعلم اختلافاً بين أئمة الحديث أن الوليد بن مسلم أوثق وأحفظ وأعلم وأجل من أبي اليمان، وبشر بن شعيب، وعلي بن عياش، وأقرانهم، من أصحاب شعيب" يشير إلى أن بشراً وعلياً وأبا اليمان رووه عن شعيب بدون سياق الأسماء وتعقبه الحافظ فى " الفتح " 11/215 بعد نقل كلامه هذا بقوله. "وليست العلة عند الشيخين تفرد الوليد فقط، بل الاختلاف فيه، والاضطراب، وتدليسه، واحتمال الإدراج ثم قال الحافظ 11/216 ورواية الوليد عن شعيب هي أقرب الطرق إلي الصحة قال الإمام البغوي: ولله عز وجل أسماء سوي هذه الأسامي أتي بها الكتاب والسنة منها الرب والمولي والنصير والفاطر والمحيط والجميل والصادق والقديم والوتر والحنان والمنان والشافي والكفيل وذو الطول وذو الفضل وذو العرش وذو =(3/90)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ صَوْتَهُ
809 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ حَدَّثَهُ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ، وَخَيْرُ الرِّزْقِ، أَوِ الْعَيْشِ، مَا يَكْفِي» (1) . [1: 2]
__________
= المعارج، وغيرها، وتخصيص بعضهن بالذكر لكونها أشهر الأسماء.
وأخرجه الترمذي (3507) في الدعوات، والبغوي (1257) ؛ من طريق إبراهيم بن يعقوب الجوزاني، والبيهقي في " الأسماء والصفات " من طريق جعفر بن محمد الفريابي، كلاهما عن صفوان بن صالح بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1/16 وسكت عنه الذهبي.
وأخرجه بدون سياق الأسماء البخاري (2736) في الشروط: باب ما يجوز من الاشتراط، و (7392) في التوحيد، إن لله مئة اسم إلا واحدة، من طريق أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، به.
وأحمد 2/258 من طريق محمد، عن أبي الزناد، به.
والحمدي (1130) ، والبخاري (6410) في الدعوات، باب لله مئة اسم غير واحدة، ومسلم (2677) (5) في الذكر والدعاء باب أسماء الله تعالى، والترمذي (3508) في الدعوات، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص4، كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، به دون سرد الأسماء.
وأخرجه ابن ماجة (3861) في الدعاء باب أسماء الله عز وجل، من طريق هشام بن عمار، عن عبد الملك بن محمد الصنعاني، عن زهير بن محمد، عن موسي بن عقبة عن الأعرج، عن أبي هريرة، وفيه سرد الأسماء وهذا إسناد ضعيف لضعف عبد الملك بن محمد. انظر الدر المنثور 3/147-149، تفسير قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) .
(1) إسناده ضعيف، محمد بن عبد الرحمن بن أبى لبيبه، ضعفه ابن معين، =(3/91)
الشَّكُّ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي نَفْسِهِ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِهِ بِحَيْثُ يَسْمَعُ النَّاسُ
810 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَلِيلٍ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ: يَا ابْنَ آدَمَ اذْكُرْنِي فِي نَفْسِكَ أَذْكُرْكَ فِي نَفْسِي، اذْكُرْنِي فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ أَذْكُرْكَ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ» (1) . [3: 20]
__________
= والدراقطني، ثم هو لم يدرك سعدا فيما قاله أبو حاتم، وأبو زرعة كما فى " المراسيل " ص 184.
وأخرجه أحمد 1/172 عن وكيع، و1/180 عن يحيى بن سعيد، وا/178 عن عثمان بن عمر، كلهم عن أسامة بن زيد الليثي، بهذا الإسناد.
وللجملة الأخيرة منه شاهد بلفظ "خير الرزق الكفاف" عند وكيع في الزهد من طريق مبارك بن فضالة عن الحسن....، وأخرجه أحمد في "الزهد" عن زياد بن جبير مرسلاً.
(1) إسناده حسن على شرط مسلم، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/309، وأحمد 2/405 عن عفان، عن حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عن الأغر، عن أبي هريرة، وعطاء بن السائب ثقة إلا أنه اختلط، وحماد بن سلمة سمع منه قل الاختلاط وبعده، والطريق الآتية تقويه.(3/92)
ذِكْرُ ذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي مَلَكُوتِهِ مَنْ ذَكَرَهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ عِبَادِهِ، مَعَ ذِكْرِهِ إِيَّاهُمْ فِي الْمُقَرَّبِينَ مِنْ مَلَائِكَتِهِ عِنْدَ ذِكْرِهِمْ إِيَّاهُ فِي خَلْقِهِ
811 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَحْطَبَةَ بْنِ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي (1) ، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً» (2) . [1: 2]
__________
(1) قَالَ الكرماني 25/118: إن ظن أني أعفو عنه وأغفر له، فله ذلك وإن ظن العقوبة والمؤاخذة فكذلك وفيه إشارة إلي ترجيح جانب الرجاء على الخوف قال الحافظ: وكأنه أخذه من جهة التسوية فإن العاقل إذا سمع ذلك لا يعدل إلي ظن إيقاع الوعيد -وهو جانب الخوف- لأنه لا يختاره لنفسه، بل يعدل إلي ظن وقوع الوعد وهو جانب الرجاء، وهو كما قال أهل التحقيق مقيد بالمحتضر، ويؤيد ذلك حديث "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بالله عزّ وجلّ" وهو عند مسلم (2877) من حديث جابر.
وقال القرطبي فى "المفهم" قيل: معني ظن عبدي بي: ظن الإجابة عند الدعاء، وظن القبول عند التوبة وظن المغفرة عند الاستغفار وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها تمسكاً بصدق وعده قال: ويؤيده قوله فى الحديث: "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة" قال: ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد فى القيام بما عليه موقناً بأن الله يقبله ويغفر له لأنه وعد بذلك وهو لا يخلف الميعاد فإن اعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها وأنها لا تنفعه فهذا هو اليأس من رحمة الله وهو من الكبائر ومن مات على ذلك وُكِلَ إلي ما ظن كما فى بعض طرق الحديث المذكور "فليظن بي عبدي ما شاء" قال: وأما ظن المغفرة مع الإصرار فذلك محض الجهل والعزة.
(2) إسناده صحيح وأخرجه مسلم (2675) في الذكر والدعاء. باب الحث على ذكر =(3/93)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اللَّهُ أَجَلُّ وَأَعْلَى مِنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهَذِهِ أَلْفَاظٌ خَرَجَتْ مِنْ أَلْفَاظِ التَّعَارُفِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ مِمَّا بَيْنَهُمْ، وَمَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي نَفْسِهِ بِنُطْقٍ أَوْ عَمَلٍ يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى رَبِّهِ، ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي مَلَكُوتِهِ بِالْمَغْفِرَةِ لَهُ تَفَضُّلًا وَجُودًا، وَمَنْ ذَكَرَ رَبَّهُ فِي مَلَأٍ مِنْ عِبَادِهِ، ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي مَلَائِكَتِهِ الْمُقَرَّبِينَ بِالْمَغْفِرَةِ لَهُ، وَقَبُولِ مَا أَتَى عَبْدُهُ مِنْ ذِكْرِهِ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَى الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا بِقَدْرِ شِبْرٍ مِنَ الطَّاعَاتِ، كَانَ وُجُودُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ مِنَ الرَّبِّ مِنْهُ لَهُ أَقْرَبَ بِذِرَاعٍ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَى مَوْلَاهُ جَلَّ وَعَلَا بِقَدْرِ ذِرَاعٍ مِنَ الطَّاعَاتِ كَانَتِ الْمَغْفِرَةُ مِنْهُ لَهُ أَقْرَبَ بِبَاعٍ، وَمَنْ أَتَى فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ بِالسُّرْعَةِ كَالْمَشْيِ، أَتَتْهُ أَنْوَاعُ الْوَسَائِلِ وَوُجُودُ الرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِالسُّرْعَةِ كَالْهَرْوَلَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ (1) .
__________
= الله تعالى، عن قتيبة بن سعيد وزهير بن حرب، عن جرير، وبه.
وأخرجه أحمد 2/251 و413، والبخاري (7405) في التوحيد: باب قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} ، ومسلم (2675) (21) في الذكر: باب فضل الذكر، والترمذي (3603) في الدعوات: باب في حسن الظن بالله عزّ وجلّ، وابن ماجة (3822) في الأدب: باب فضل العمل، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 7، والبغوي في "شرح السنة" برقم (1251) ، من طرق عن الأعمش، به.
وأخرجه أحمد 2/516 و 517، و 524 و 534، 535، ومسلم (2675) في الوية: باب في الحض على التوبة، والبخاري في "خلق أفعال العباد" ص 85 من طريق زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي هريرة.
وقوله: "إذا تقرب [عبدي] مني شبراً.. الخ"، تقدم برقم (376) من حديث أنس عن أبي هريرة، وقوله: " أنا عند ظن عبدي بي " تقدم من حديث أبي هريرة برقم (639) ، ومن حديث واثلة بن الأسقع برقم (633) و (634) و (635) و (641) .
(1) انظر "فتح الباري" 13/513 - 514.(3/94)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ ذِكْرَ الْعَبْدِ جَلَّ وَعَلَا فِي نَفْسِهِ يَذْكُرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ بِالْمَغْفِرَةِ فِي مَلَكُوتِهِ
812 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: عَبْدِي عِنْدَ ظَنِّهِ بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي، إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٌ مِنْهُ وَأَطْيَبُ» (1) . [3: 67]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ جَلَّ وَعَلَا: إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، يُرِيدُ بِهِ: إِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ بِالدَّوَامِ عَلَى الْمَعْرِفَةِ الَّتِي وَهَبْتُهَا لَهُ، وَجَعَلْتُهُ أَهْلًا لَهَا، ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، يُرِيدُ بِهِ: فِي مَلَكُوتِي بِقَبُولِ تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ مِنْهُ مَعَ غُفْرَانِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الذُّنُوبِ، ثُمَّ، قَالَ: وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ، يُرِيدُ بِهِ: وَإِنْ ذَكَرَنِي بِلِسَانِهِ، يُرِيدُ بِهِ الْإِقْرَارَ الَّذِي هُوَ عَلَامَةُ تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ فِي مَلَأٍ مِنَ النَّاسِ لِيَعْلَمُوا إِسْلَامَهُ، ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ، يُرِيدُ بِهِ: ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ فِي الْجَنَّةِ، بِمَا أَتَى مِنَ الْإِحْسَانِ فِي الدُّنْيَا الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ إِلَى أَنِ اسْتَوْجَبَ بِهِ التَّمَكُّنَ مِنَ الْجِنَانِ.
ذِكْرُ مُبَاهَاةِ نَوْعٍ أَخَرَّ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا مَلَائِكَتَهُ بِذَاكِرِهِ إِذَا قَرَنَ مَعَ الذِّكْرِ التَّفَكُّرَ
813 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد 2/480 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد وانظر ما قبله.(3/95)
نَعَامَةَ السَّعْدِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: خَرَجَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مَا يُجْلِسُكُمْ؟ قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ، قَالَ: آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَلِكَ، قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: «مَا يُجْلِسُكُمْ؟» قَالُوا: جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ عَلَيْنَا بِهِ، قَالَ: «آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ؟» قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَلِكَ، قَالَ: «أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ، وَلَكِنْ جِبْرِيلُ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ لِلْمَرْءِ دَوَامَ ذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَسْبَابِ
814 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ قَيْسٍ الْكِنْدِيَّ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيَّانِ إِلَى النَّبِيِّ
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه الطيالسي 1/249، وابن أبي شيبة 10/305، وأحمد 4/92، ومسلم (2701) في الذكر: باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، والترمذي (3379) في الدعاء: باب ما جاء في القوم يجلسون فيذكرون الله عز وجل ما لهم من الفضل، والنسائي 8/249 في أدب القضاة: باب كيف يستحلف الحاكم، من طرق عن مرحوم بن عبد العزيز، بهذا الإسناد.
وقوله. " يباهي بكم الملائكة " معناه: يظهر فضلكم لهم، ويُريهم حسن عملكم ويثني عليكم عندهم انظر "شرح صحيح مسلم" للنووي.(3/96)
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِأَمْرٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ، قَالَ: «لَا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ رَجَاءِ سُرْعَةِ الْمَغْفِرَةِ لِذَاكِرِ اللَّهِ إِذَا تَحَرَّكَتْ بِهِ شَفَتَاهُ
815 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جُوصَا أَبُو الْحَسَنِ بِدِمَشْقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ مُحَمَّدٍ النَّحَّاسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُوَيْدٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ كَرِيمَةَ بِنْتِ الْحَسْحَاسِ، قَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ يُحَدِّثُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَنِي وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ» (2) . [1: 2]
__________
(1) إسناده قوي، معاوية بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له مسلم، وقد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات، ويزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد ابن عبد الله بن موهب الرملي.
وأخرجه أحمد 4/190 عن عبد الرحمن بن مهدي وابن أبي شيبة 10/301، والترمذي (3375) في الدعاء: باب ما جاء فضل الذكر، وابن ماجة (3793) فى الأدب: باب فضل الذكر، من طريق زيد بن الحباب، كلاهما عن معاوية بن صالح، به، وصحيحه الحاكم (1) /495، وأقره الذهبي.
وأخرجه أحمد 4/188 من طريق علي بن عياش، عن حسان بن نوح، عن عمرو بن قيس، به، وهذا سند صحيح وفي الباب عن معاذ، سيرد برقم (818) .
(2) أيوب بن سويد هو الرملي، أحاديثه من غير رواية ابنه أكثرها مستقيمة وهذا مها، وقد توبع عليه،: وباقي رجاله ثقات. وأخرجه أحمد 2/540 عن يزيد بن عبد ربه، عن الوليد بن مسلم، وعن علي بن إسحاق، عن عبد الله، كلاهما =(3/97)
ذِكْرُ مَا يُكْرِمُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا بِهِ فِي الْقِيَامَةِ مَنْ ذَكَرَهُ فِي دَارِ الدُّنْيَا
816 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ أَبِي السَّمْحِ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا: سَيَعْلَمُ أَهْلُ الْجَمْعِ الْيَوْمَ مَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ» ، فَقِيلَ: مَنْ أَهْلُ الْكَرَمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: «أَهْلُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ فِي الْمَسَاجِدِ» (1) . [1: 2]
__________
= عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ: عَنْ إسماعيل بن عبيد الله، بهذا الإِسناد والحسحاس بمهملات، تصحف في "المسند" إلى الخشخاش بمعجمات.
وأخرجه أحمد 2/540، وابن ماجة (3792) في الأدب: باب فصل الذكر، من طريق محمد بن مصعب وأبي المغيرة، والبغوي في "شرح السنة" (1242) من طريق يحيي بن عبد الله، والحاكم 1/496 من طريق بشر بن بكر، كلهم عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أم الدرداء، عن أبي هريرة. وصحيحه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وعلقه البخاري 13/499 في التوحيد -بصيغة الجزم- باب قول الله تعالى (لا تحرك به لسانك) ، ووصله في "خلق أفعال العباد" ص 87 من طريق الحميدي، عن الوليد، عن ابن جابر والأوزاعي، قالا: حدثنا إسماعيل بن عبيد الله عن كريمة، عن أبي هريرة، به. وقوله "أنا مع عبدي" قال ابن بطال. أي معه بالحفظ والكلاءة.
(1) إسناده ضعيف دراج أبو السمح حديثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيه ضعف فيما نقله ابن عدي عن الإمام أحمد، وأبو طاهر هو أحمد بن عمرو بن السَّرْح المصري وأخرجه أحمد 3/68 عن سريج، عن ابى وهب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/76 عن الحسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج: به.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/76 وقال: "رواه أحمد بإسنادين أحدهما حسن، وأبو يعلى كذلك" كذا قال مع أن كلا السندين ضعيف، الأول فيه دراج، والثاني فيه دراج وابن لهيعة.(3/98)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِهْتَارِ (1) لِلْمَرْءِ بِذِكْرِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَلَا
817 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ أَبَا السَّمْحِ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللَّهِ حَتَّى يَقُولُوا: مَجْنُونٌ» (2) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُدَاوَمَةَ لِلْمَرْءِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ مِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
818 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَكْحُولٌ بِبَيْرُوتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَعْلَبَكَيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، عَنِ ابْنِ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ،
__________
(1) الاستهتار بالشيء: الولوع به، والإفراط فيه، فلا يتحدث بغيره، ولا يفعل غيره.
وفي حديث أبي هريرة عند الترمذي (3596) "سبق المُفَرِّدُون، قالوا: يا رسول الله، وما المفردون؟ قال المُسْتَهتَرون بذكر الله" وانظر الحديث رقم (858) .
(2) إسناده ضعيف لضعف دراج في روايته عن أبي الهيثم، وأخرجه أحمد 3/68 عن سريج، عن ابن وهب، بهذا الإسناد، وهو في "المنتخب من مسند عبد بن حميد" 102/1، وتاريخ ابن عساكر 6/29/2 من طريق دراج، به، وصححه الحاكم 1/499 من طريق أبي الطاهر وغيره به. وقد سقط الحديث من تلخيص الذهبي المطبوع، والمرجح أنه لا يوافقه على التصحيح، فإنه يتعقبه في غير ما حديث من الأحاديث التي يرويها بهذا السند، فقول عن دراج: إنه كثير المناكير، وقد ساق له في "ميزان الإعتدال " أحاديث منكرة. وعد هذا منها.
وأخرجه أحمد 3/71، عن حسن بن موسي، عن ابن لهيعة، عن أبي السمح دراج، به.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/75-76 وقال. رواه أحمد، وأبو يعلى وفيه دراج، وقد ضعفه جماعة، وبقية رجال أحد إسنادي أحمد ثقات.(3/99)
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟، قَالَ: «أَنْ تَمُوتَ وَلِسَانُكَ رَطْبٌ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ نَفْيِ الْمَرْءِ عَنْ دَارِهِ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ لِلشَّيْطَانِ بِذِكْرِهِ رَبَّهُ عِنْدَ دُخُولِهِ وَابْتِدَائِهِ
819 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيِّ بْنِ بَحْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ
__________
(1) الوليد -وهو ابن مسلم- مدلس، وقد عنعن، وابن ثوبان: هو محمد بن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، صدوق يخطىء، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه ابن السنى فى عمل " اليوم والليلة " رقم (2) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن ثوبان بهذا الإسناد، وأخرجه الطبراني في " الكبير " 20/107 (212) من طريق إدريس بن عبد الكريم المقرىء، حدثنا عاصم بن علي، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت في ثوبان، عن أبيه به، وأخرجه أيضاً 20/93 (181) و108 و (213) من طريق أحمد بن أبي يحيى الحضرمي المصري، حدثنا محمد بن أيوب بن عافية بن أيوب، حدثنا جدي عافية بن أيوب، حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أبيه، عن معاذ، وأخرجه أيضاً 20/106 (208) من طريق محمد بن إبراهيم بن عامر النحوي الصوري، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، حدثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن جبير بن نفير أن مالك بن يخامر حدثهم أن معاذ بن جبل ...
قال الهيثمي فى "مجمع الزوائد " 10/74: "رواه الطبراني بأسانيد، وفي هذه الطريق خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، ضعفه جماعة، ووثقه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله ثقات ورواه البزار من غير طريقه، وإسناده حسن" ويشهد له حديث عبد الله بن بسر المتقدم برقم (814) فيتقوى به ويصح.(3/100)
بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: لَا مَبِيتَ لَكُمْ وَلَا عَشَاءَ، وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ، قَالَ الشَّيْطَانُ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ، قَالَ: أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ اسْتِحْسَانِ (2) الْإِكْثَارِ لِلْمَرْءِ مِنَ التَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِاللَّهِ جَلَّ وَعَلَا، إِذْ هُوَ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ
820 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ بَرَكَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الْأَوْدِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟» قُلْتُ: بَلَى يَا
__________
(1) إسناده صحيح، فقد صرح ابن جريج بالتحديث عند المؤلف وغيره، وصرح أبو الزبير بالسماع في رواية لمسلم، فانتفت شبهة تدليسه. وأخرجه مسلم (2018) في الأشربة. باب آداب الطعام والشراب، وأبو داود (3765) في الأطعمة باب التسمية على الطعام، وابن ماجة (3887) في الدعاء باب مايدعو به إذا دخل بيته، من طرق، عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/383، ومسلم (2018) من طريق روح بن عادة عن ابن جريج، به.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (178) من طريق يوسف بن سعيد، عن حجاج، عن ابن جريج، به
وأخرجه أحمد 3/346 عن موسي بن داود، عن ابن لهيعة، عن أبي الزبير، وقوله. "أدركتم المبيت والعشاء" معناه: قال الشيطان ذلك لإِخوانه وأعوانه ورفقته.
(2) في هامش الاصل: استحباب خ.(3/101)
رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (1) . [1: 2]
__________
(1) إبراهيم بن بشار. وهو الرمادي ثقة حافظ إلا أن له أوهاماً، وقد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه الحمدي (130) ، وأحمد 5/150، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (14) من طريق ابن المقرىء، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/145 و 157، وابن ماجة (3825) فى الأدب: باب ما جاء فى لا حول ولا قوة إلا بالله، من طريق الأعمش، وأحمد 5/156، والبغوي فى " شرح السنة " (1284) من طريق سفيان، كلاهما عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي ذر.
وأخرجه أحمد 5/157 عن يعلى بن عبيد، عن الأعمش، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي ذر.
وأخرجه أحمد 5/179 عن يزيد، عن المسعودي، عن أبي عمرو الشامي، عن عبيد بن الخشخاش، عن أبي ذر.
وأخرجه الطبراني (1642) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني إسماعيل ابن عبد الله بن خالد بن سعيد بن أبى مريم، عن أبيه، عن جده، عن نعيم بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب أنه سمع أبا زينب مولى حازم الطفاوي يقول: سمعت أبا در يقول:
وأخرجه عن أبي ذر أيضاً إسحاق بن راهويه كما في "المطالب العالية" 3/261.
وفي الباب عن أبي موسي الأشعري وهو الحديث المتقدم برقم (804) ، وعن أبي هريرة عند النسائي في عمل اليوم والليلة (13) و (358) ، وعبد الرزاق (20547) ، وعن معاذ عند النسائي (357) ، وعن أبي أيوب الأنصاري، وزيد بن ثابت وانظر "المطالب العالية" 3/113 و261، 262 و"مجمع الزوائد" 10/97- 99. قال البغوي: الحول: الحيلة، وقيل: الحول: الحركة، يقول: لا حركة ولا استطاعة إلا بمشيئة الله، وقيل: معناه الدفع والمنع.
وفي "المطالب العالية" 3/262 مما أخرجه أبو يعلى من حديث ابن مسعود قال. كنت عند النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوماً، فقلت. لا حول ولا قوة إلا بالله. قال: " هل تدري ما تفسيرها؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال. " لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله هكذا أخبرني به جبريل =(3/102)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ كُلَّمَا كَثُرَ تَبَرِّيهِ مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِبَارِئِهِ كَثُرَ غِرَاسُهُ فِي الْجِنَانِ
821 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو صَخْرٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَخْبَرَهُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِجِبْرِيلَ: مَنْ مَعَكَ يَا جِبْرِيلُ؟، قَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ أَنْ يُكْثِرُوا غِرَاسَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ، وَأَرْضُهَا وَاسِعَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِبْرَاهِيمَ: «وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟» ، قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ (1) . [1: 2]
__________
= عليه السلام". وأورده الهيثمي في " المجمع" 10/99، وقال رواه البزار بإسنادين أحدهما منقطع وفيه عبد الله بن خراش، والغالب عليه الضعف، والآخر متصل حسن.
(1) عبد الله بن عبد الرحمن لم يوثقه غير المؤلف، وباقي رجاله ثقات، والمقرىء: هو عبد الله بن يزيد العدوي أبو عبد الرحمن، وأبو صخر: هو حميد بن زياد المدني.
وأخرجه أحمد 5/418 عن أبي عبد الرحمن المقرىء، بهذا الإسناد، وحسنه المنذري في " الترغيب والترهيب " 2/445 وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/97 وقال رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد رجال الصحيح، غير عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمر، وهو ثقة، لم يتكلم فيه أحد، ووثقه ابن حبان وزاد المنذري نسبته الى ابن أبي الدنيا. =(3/103)
ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي يُهْدَى الْقَائِلُ بِهِ وَيُكْفَى وَيُوقَى إِذَا، قَالَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ
822 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ، فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: حَسْبُكَ قَدْ كُفِيتَ وَهُدِيتَ وَوُقِيتَ؛ فَيَلْقَى الشَّيْطَانُ شَيْطَانًا آخَرَ فَيَقُولُ لَهُ: كَيْفَ * لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ كُفِيَ وَهُدِيَ وَوُقِيَ» (1) . [1: 2]
__________
= وله شاهد من حديث ابن عمر عند الطبراني فى " الكبير " (13354) ، وآخر من
حديث أبي هريرة عند أحمد 2/333، والترمذي (3601) وفي كليهما ضعف فيتقوى
بهما حديث الباب ويصح.
(1) رجاله ثقات، إلا أن ابن جريج مدلس، وقد عنعن عند الجميع، وقال الحافظ - فيما نقله ابن علان 1/335-: "رجاله رجال الصحيح، ولذا صحيحه ابن حبان، لكن خفيت عليه علته، قال البخاري: لا أعرف لابن جريج عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طلحة الراوي عن أنس إلا هذا، ولا أعرف له منه سماعا. قال الدارقطني. ورواه عبد المجيد بن عبد العزيز عن ابن جريج قال. حُدثت عن إسحاق: وعبد المجيد أثبت الناس في إسحاق". وانظر ما يأتي.
وأخرجه أبو داود (5095) في الأدب: باب ما يقول إذا خرج من بيته، عن إبراهيم بن الحسن الخثعمي، والنسائي فى "اليوم والليلة" (89) عن عبد الله بن محمد بن تميم، كلاهما عن حجاج بن محمد، بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (3426) فى الدعوات باب ما يقول إذا خرج من بيته، عن سعيد بن يحيي بن سعيد الأموي، عن أبيه، عن ابن جريج، به، وحسنه، وذكر له الحافظ في "أمالي الأذكار" فيما ذكره ابن علان 1/336 شاهداً قوي الإسناد إلا أنه مرسل عن عون بن عبد الله بن عتبة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "إذا خرج الرجل من بيته، فقال بسم الله حسبي الله، توكلت على الله، قال الملك: كفيت وهديت ووقيت" وفى الباب عند ابن ماجة (3886) من حديث أبي هريرة =(3/104)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِمَنِ انْتَظَرَ النَّفْخَ فِي الصُّورِ أَنْ يَقُولَ: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
823 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْبُخَارِيِّ بِبَغْدَادَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الصُّوَرِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ، وَحَنَى جَبْهَتَهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ أَنْ يَنْفُخَ؟» ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا نَقُولُ يَوْمَئِذٍ؟، قَالَ: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ» (1) .
__________
= مرفوعاً أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذا خرج الرجل من باب بيته (أو من باب داره) كان معه ملكان موكلان به، فإذا قال: بسم الله، قالا. هُديت، وإذا قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قالا: وقيت، وإذا قال: توكلت على الله، قالا: كفيت، قال: فيلقاه قريناه فيقولان: ماذا تريدان من رجل قد هدي وكفي ووقي". وفي سنده هارون بن هارون بن عبد الله وهو ضعيف ورواه من طريق آخر بنحوه ابن ماجه (3885) ، والبخاري في "الأدب المفرد" (1197) ، والحاكم 1/519، وفي سنده عبد الله بن حسين وهو ضعيف.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيحين، وهو في "مسند أبي يعلى" (1084) ، وأخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب " الأهوال " فيما ذكره ابن كثير في "النهاية" 1/244 من طريق عثمان بن أبي شيبة بهذا الإسناد، وأخرجه الحاكم 4/559 من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي يحيى التيمي (وهو ضعيف لكنه متابع عليه) عن الأعمش، به.
وأخرجه الحميدي (754) ، وأحمد 3/7 و 73، والترمذي (2431) في صفة القيامة: باب ما جاء في شأن الصور، و (3243) في التفسير. باب ومن سورة الزمر، وابن المبارك فى "الزهد" (1597) ، وأبو نعيم في "الحلية" 5/105 و7/130 و 312 من طرق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد، وقال الترمذي: حديث حسن، أي لغيره، فإن عطية العوفي، ضعيف، إلا أنه قد توبع عليه كما تقدم.
وأخرجه أحمد 1/326، والحاكم 4/559 من طريق مطرف، وأحمد 4/374 من
طريق خالد بن طهمان، كلاهما عن عطية، عن ابن عباس. =(3/105)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ نَحْوِهِ، قَالَ: «قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا» . [1: 104]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْأَشْيَاءَ النَّامِيَةَ الَّتِي لَا رُوحَ فِيهَا تُسَبِّحُ مَا دَامَتْ رَطْبَةً
824 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحِيمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا نَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَرَرْنَا عَلَى قَبْرَيْنِ، فَقَامَ، فَقُمْنَا مَعَهُ، فَجَعَلَ لَوْنُهُ يَتَغَيَّرُ حَتَّى رَعَدَ كُمُّ قَمِيصِهِ، فَقُلْنَا: مَا لَكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟، قَالَ: «مَا تَسْمَعُونَ مَا أَسْمَعُ؟» قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟، قَالَ: «هَذَانِ رَجُلَانِ يُعَذَّبَانِ فِي قُبُورِهِمَا عَذَابًا شَدِيدًا فِي ذَنْبٍ هَيِّنٍ» ، قُلْنَا: مِمَّ ذَلِكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟، قَالَ: «كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَسْتَنْزِهُ مِنَ الْبَوْلِ، وَكَانَ الْآخَرُ يُؤْذِي النَّاسَ بِلِسَانِهِ، وَيَمْشِي بَيْنَهُمْ بِالنَّمِيمَةِ» فَدَعَا بِجَرِيدَتَيْنِ مِنْ جَرَائِدِ النَّخْلِ، فَجَعَلَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، قُلْنَا: وَهَلْ يَنْفَعُهُمَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: «نَعَمْ، يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا دَامَا رَطْبَتَيْنِ» (1) . [5: 9]
__________
= وأخرجه الطبراني (5072) من طريق خالد بن طهمان عن عطية، عن زيد بن أرقم.
وفى الباب عن أنس عند الخطيب في "تاريخه" 5/153، والضياء المقدسي فى "المختارة" ورقة 27/1، وعن جابر عند أبي نعيم في " الحلية " 3/189.
(1) إسناده صحيح. أبو عروبة -وهو الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني- ثقة =(3/106)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حافظ مترجم في "تذكرة الحفاظ" 2/774، ومحمد بن وهب بن أبي كريمة، قال النسائي: لا بأس به، وقال مسلمة: صدوق، وذكره المؤلف في "الثقات" وهو من رجال "التهذيب"، ومحمد بن سلمة -وهو ابن عبد الله الباهلي الحراني- وثقه النسائي وابن سعد، والعجلي والمؤلف، وأخرج له مسلم في صحيحه اثني عشر حديثاً، وأبو عبد الرحيم: هو خالد بن يزيد، ويقال: ابن أبي يزيد الأموي مولاهم الحراني وثقه ابن معين، وأبو القاسم البغوي، وقال أحمد وأبو حاتم: لا بأس به، وذكره المؤلف في الثقات، وقال: حسن الحديث، متقن فيه وهو من رجال مسلم، وزيد بن أبي أنيسة ثقة روى له الجماعة، والمنهال بن عمرو وثقه ابن معين والنسائي والعجلي وقال الدارقطني. صدوق، وأخرج له البخاري في صحيحه، وعبد الله بن الحارث: هو الأنصاري نسيب ابن سيرين وختنة روى له الجماعة.
وللبيهقي في "عذاب القبر" ص 87 (123) من طريق محمد بن إسحاق، حدثنا محمد بن بكر الحضرمي، حدثنا عند الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن عبد العزيز بن صالح أن الحسناء حدثته عن أبي هريرة عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مر بقبرين، فأخذ سعفة أو جريدة فشقها فجحل أحدهما على أحد القبرين، والثقة الأخرى علي القبر الآخر -قال ابن وهب: أرى سئل عن فعلته- فقال رسول الله: رجل كان لا يتقي من البول، وامرأة كانت تمشي بين الناس بالنميمة، فانتظر بهما العذاب الى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي شيبة 3/376، وأحمد 2/441، والبيهقي في عذاب القبر ص 88 (123) من طريق محمد بن عبيد، حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال. مر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قبر، فوقف عليه، فقال إيتوني بجريدتين، فجعل أحدهما عند رأسه والأخرى عند رجليه، فقيل له: يا رسول الله أينفعه ذلك؟ فقال: "لعله يخفف عنة بعض عذاب القبر ما بقيت فيه ندوة" وهذا سند جيد.
وفى الباب عن ابن عباس عند: ابن أبي شيبة 3/376، 377، وأحمد 1/225، والبخاري (216) و (218) و (1361) و (1378) و (6052) و (6055) ، ومسلم (292) ، وأبي داود (20) ، والترمذي (70) ، والنسائي 1/28- 30 و 4/116، وابن ماجة (347) ، وعن أي بكرة نفيع بن الحارث عند ابن أبي شيبة 3/376، وأحمد 5/35 و 39، وابن ماجة (349) ، والبيهقي في "عذاب القبر" ص88، وعن أبى عند أحمد والطبراني في "الأوسط" والبيهقي في =(3/107)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِحَطِّ الْخَطَايَا، وَكَتْبِهِ الْحَسَنَاتِ عَلَى مُسَبِّحِهِ
825 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْتَسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ» ؟ فَسَأَلَهُ نَاسٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: وَكَيْفَ يَكْتَسِبُ أَحَدُنَا (1) يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ؟، قَالَ: «يُسَبِّحُ اللَّهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ حَسَنَةٍ، وَيَحُطُّ (2) عَنْهُ أَلْفَ سَيِّئَةٍ» (3) . [1: 2]
__________
= عذاب القبر ص 89، وعن أبي أمامة عند أحمد 5/266 وانظر "مجمع الزوائد" 1/207-209.
(1) في هامش الأصل: أحد خ.
(2) في جميع روايات مسلم "أو يحط" ورواه الباقون و"يحط" مثل رواية المؤلف، قال البرقاني: رواه شعبة وأبو عوانة ويحيى القطان "ويحط" ورواية هؤلاء الثلاثة الأئمة الحفاظ حجة على رواية غيرهم.
قلت: لكن رواية يحيي القطان عند أحمد 1/180 أو يحط، قال أحمد: وقال ابن نمير أيضاً: أو يحط، ويعلى أيضاً أو يحط.
(3) إسناده صحيح. وأخرجه أحمد 1/185، ومسلم (2698) في الذكر والدعاء. باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، من طريق عبد الله بن نمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي (80) من طريق سفيان، وابن أبي شبية 10/294، من طريق مروان بن معاوية، وأحمد 1/174، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (152) من طريق شعبة، وأحمد 1/180، والترمذي (3463) في الدعوات، من طريق يحيى القطان، وأحمد 1/185، والبغوي (1266) ، من طريق يعلى بن عبيد، كلهم عن موسي الجهني، به. قال الترمذي. هذا حديث حسن صحيح.(3/108)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا بِالْأَمْرِ بِغَرْسِ النَّخِيلِ (1) فِي الْجِنَانِ لِمَنْ سَبَّحَهُ مُعَظِّمًا لَهُ بِهِ
826 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، غُرِسَتْ لَهُ بِهِ نَخْلَةٌ فِي الْجَنَّةِ» (2) . [1: 2]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ تَفَرَّدَ بِهِ حَجَّاجٌ الصَّوَّافُ
827 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ السَّعْدِيُّ بِمَرْوَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ
__________
(1) في هامش الأصل: النخل خ.
(2) رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أبا الزبير فمن رجال مسلم وقد عنعن، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/290، والبغوي (126) ، والترمذي (3464) في الدعوات، من طرق عن روح بن عبادة، بهذا الإسناد. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث أبي الزبير، عن جابر.
وأخرجه النساني في "عمل اليوم والليلة" (827) ، والحاكم 1/501 و512، من طريق حماد بن سلمة، عن حجاج الصواف، به. بلفظ " سبحان الله العظيم "، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وأورده الحاكم شاهداً لحديث أبي هريرة عنده 1/512.
وله شاهد موقوف عن عبد الله بن عمرو عند ابن أبي شيبة 10/296 و 300، وفيه انقطاع، واخر مرفوع عن معاذ بن سهل عند أحمد 3/440 وسنده ضعيف، فيتقوى بهما الحديث ويصح.(3/109)
الْعَظِيمِ، غُرِسَ لَهُ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ عَدَدَ خَلْقِ اللَّهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ
828 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ كُرَيْبًا يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ، قَالَتْ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُسَبِّحُ، ثُمَّ انْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ رَجَعَ مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالَ: «مَا زِلْتِ قَاعِدَةً؟» ، قَالَتْ: قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «أَلَا أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ لَوْ عُدِلْنَ بِهِنَّ عَدَلَتْهُنَّ، أَوْ لَوْ وُزِنَّ بِهِنَّ وَزَنَتْهُنَّ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ زِنَةَ عَرْشِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ رِضَا نَفْسِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ سُبْحَانَ اللَّهِ مِدَادَ كَلِمَاتِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» (2) [1: 104]
__________
(1) مؤمل بن إسماعيل: سيِّىء الحفظ، وباقي رجاله ثقات وأخرجه الترمذي (3465) في الدعوات، عن محمد بن رافع، حدثنا المؤمل، بهذا الإسناد. وتقدم قبله من طريق حجاج الصواف، عن أبي الزبير، به. فانظر تخريجه ثمت.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 6/325 و 429، 430، والترمذي (3555) في
الدعوات، والنسائي 3/77 في السهو: باب نوع آخر من التسبيح، وفي "عمل اليوم والليلة" (163) و (164) من طريقين عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2726) في الذكر والدعاء. باب التسبيح أول النهار وعند النوم، وابن ماجة (3808) في الأدب. باب فصل التسبيح، من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن محمد بن بشر، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (165) ، من طريق محمود بن غيلان، عن أبي أسامة، كلاهما عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به. =(3/110)
ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَا سَلَفَ مِنْ ذُنُوبِ الْمَرْءِ بِالتَّسْبِيحِ، وَالتَّحْمِيدِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ
829 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ بِمَنْبَجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ التَّسْبِيحِ الَّذِي يَكُونُ لِلْمَرْءِ أَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِهِ رَبِّهِ بِاللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ، وَالنَّهَارِ مَعَ اللَّيْلِ
830 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
__________
= وأخرجه أحمد 1/353 من طريق يزيد، عن المسعودي، عن محمد بن عبد الرحمن، به.
وسيرد برقم (832) من طريق سفيان بن عيينة، عن محمد بن عبد الرحمن.
قوله "ومداد كلماته": المداد بمعنى المدد، أي قدر ما يوازيها في الكثرة والعدد.
(1) إسناده صحيح، وهو في "شرح السنة" (1262) من رواية أحمد بن أبي بكر، عن مالك، وهو في "الموطأ" 1/209-210 برواية يحيى بن يحيى، باب ما جاء في ذكر الله تعالى. ومن طريق مالك أخرجه ابن أبي شيبة 10/290، وأحمد 2/302 و515، والبخاري (6405) في الدعوات: باب فضل التسبيح، ومسلم (2691) في الذكر: باب فضل التهليل والتسبيح، والترمذي (3466) في الدعوات، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (826) ، وابن ماجة (3812) في الأدب. باب فضل التسبيح.
وسيورده المؤلف برقم (859) من طريق حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن أبي هريرة.(3/111)
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ: «مَاذَا تَقُولُ يَا أَبَا أُمَامَةَ؟» ، قَالَ: أَذْكُرُ رَبِّي، قَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَكْثَرَ أَوْ أَفْضَلَ مِنْ ذِكْرِكَ اللَّيْلَ مَعَ النَّهَارِ وَالنَّهَارَ مَعَ اللَّيْلِ؟ أَنْ تَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ مَا فِي الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ، وَتَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ التَّسْبِيحِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا، وَيَثْقُلُ مِيزَانُ الْمَرْءِ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ
831 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
__________
(1) إسناده حسن، من أجل ابن عجلان وهو محمد، ويحيي بن أيوب: هو الغافقي، وابن أبي مريم هو: سعيد بن الحكم الجمحي المصري.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (166) من طريق إبراهيم بن يعقوب، عن ابن أبي مريم، به.
وأخرجه أحمد 5/249 عن أبي الوليد الطيالسي، عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِي أمامة. وصححه الحاكم 1/513 على شرط الشيخين، ووافقه الذهبيُّ، وهو كما قالا.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (7930) وفي سنده ليث بن أبي سليم وهو سيِّىء الحفظ، وأخرجه أيضاً برقم (8122) ، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/93، وقال: رواه الطبراني من طريقين، وإسناد أحدهما حسن.(3/112)
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ التَّسْبِيحِ الَّذِي يُعْطِي اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْمَرْءَ بِهِ زِنَةَ السَّمَاوَاتِ ثَوَابًا
832 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ كُرَيْبٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَجُوَيْرِيَةُ جَالِسَةٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَرَجَعَ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ،
__________
(1) إسناده صحيح، أبو زرعة هو ابن عمرو، تحرف في مطبوع الترمذي إلى "عن عمرو" وأخرجه ابن أبي شيبة 10/288، 289، وأحمد 2/232، والبخاري (6406) في الدعوات: باب فضل التسبيح، و (6682) في الإيمان والنذور: باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى، و (7563) في التوحيد: باب قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} ومسلم (2694) في الذكر: باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، والبغوي (1264) ، والترمذي (3467) في الدعوات، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (830) ، وابن ماجة (3806) في الأدب: باب فضل التسبيح، والبيهقي "الأسماء والصفات" ص 499 من طرق عن محمد بن فضيل، بهذا الاسناد، وقد تفرد به محمد بن فضيل وشيخه وشيخ شيخه وصحابيه، فهو غريب، ومن الطرائف أن البخاري رحمه الله افتتح كتابه بحديث غريب وهو "إنما الأعمال بالنيات"، وختمه بغريب. وهو هذا الحديث، وفيه رد على من ادعى أن الشيخين ما خرجا إلا لمن روى عنه اثنان فصاعداً. وسيعيده المؤلف برقم (841) .(3/113)
فَقَالَ: «لَنْ تَزَالِي جَالِسَةً بَعْدِي؟» ، قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: «لَقَدْ قُلْتُ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِهِنَّ لَوَزَنَتْهُنَّ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ» (1) . [1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: جُوَيْرِيَةُ هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) .
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْإِكْثَارِ لِلْمَرْءِ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا رَجَاءَ ثِقَلِ الْمِيزَانِ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ
833 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
__________
(1) عبد الحميد بن العلاء: لم أقف له على ترجمة، وقد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 1/258 عن أسود بن عامر، ومسلم (2726) (79) في الذكر والدعاء: باب التسبيح أول النهار وعند النوم، عن قتيبة بن سعد، وعمرو الناقد، وابى أبي عمر، وأبو داود (1503) في الصلاة. باب التسبيح بالحصي، عن داود بن أميه، والنَّسَائي في "عمل اليوم والليلة" (161) عن ابن المقرىء محمد بن عبد الله بن يزيد، والبغوي في "شرح السنة" (1297) من طريق علي بن المديني، كلهم عن سفيان، بهذا الاسناد. وقد تقدم برقم (828) من طريق شعبة عن محمد بن عبد الرحمن.
(2) هذا خطأ بَيِّن من المؤلف رحمه الله، فجويرية هذه: هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعة المصطلقية، سبيت يوم غزوة المريسيع، وهي غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة، فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تطلب منه إعانة في فكاك نفسها، فقال لها: أوخير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: أقضي عنك كتابتك وأتزوجك، فأسلمت، وتزوج بها وأطلق لها الأسارى من قومها.
قالت عائشة: فما أعلم امرأة كانت أعظم على قومها بركة منها. أخرجه أحمد 6/277 بسند قوي. وفي صحيح مسلم (2140) كانت جويرية اسمها برة، فحوَّل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمها جويرية، توفيت سنة (50) ، وقيل سنة (56) انظر ترجمتها في "سير أعلام النبلاء" 2/261 رقم الترجمة (39) .(3/114)
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ زَبْرٍ، وَابْنُ جَابِرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَّامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلْمَى رَاعِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقِيتُهُ بِالْكُوفَةِ فِي مَسْجِدِهَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «بَخٍ بَخٍ وَأَشَارَ بِيَدِهِ بِخَمْسٍ مَا أَثْقَلَهُنَّ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَالْوَلَدُ الصَّالِحُ يُتَوَفَّى لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فَيَحْتَسِبُهُ» (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، غير شيخ ابن حبان وهو ثقة، والوليد - وهو ابن مسلم- قد صرح بالتحديث، فانتفت شبهه تدليسه، وابن جابر هو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وأبو سلام هو: ممطور الحبشي وأبو سلمى. يقال: اسمه حريث، يعد في الشاميين.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (167) ، والدولابي في "الأسماء والكنى" 1/36، وابن سعد في "الطبقات" 6/58، وابن أبي عاصم في "السنة" 2/363، والطبراني في "الكبير" 22/348 من طرق عن الوليد بن مسلم، به، وصححه الحاكم 1/511، وأقره الذهبي. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/88، وقال: رواه الطبراني من طريقين، ورجال أحدهما ثقات.
وأخرجه أحمد 3/443 و 4/237 عن عفان بن مسلم، عن أبان العطار، عن يحيي ابن أبي كثير، عن زيد عن أبي سلام عن مولى لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال ... وأخرجه أحمد 5/366 عن يزيد، عن هشام الدستوائي، عن يحيي بن أبي كثير، عن أبي سلام، أن رجلًا حدثه، أنه سمع النبي.... قال الهيثمي: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. "المجمع" 10/88.
وأخرجه البزار 4/9 من طريق العباس بن عبد العظيم الباشاني، عن عبيد الله الدمشقي، عن عبد الله بن العلاء بن زبر، عن أبي سلام، عن ثوبان، عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال البزار: واسناده حسن. ونقله الهيثمي، وقال: إلا أن شيخه العباس بن عبد العظيم لم أعرفه، والصحابي الذي لم يسم -يعني في رواية أحمد- هو ثوبان إن شاء الله. ورواه الطبراني في " الأوسط " من حديث سفينة، =(3/115)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ قَوْلَ الْإِنْسَانِ بِمَا وَصَفْنَا يَكُونُ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَهُ
834 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ بْنِ إِسْحَاقَ بِأَرْغِيَانَ بِقَرْيَةِ سَبَنْجَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ أَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ أَحَبِّ الْكَرَمِ إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
835 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَبَّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا
__________
= ورجاله رجال الصحيح انظر "المجمع" 10/88، 89، و "تحفة الأشراف" للمزي 9/220.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/295 من حديث أبي الدرداء.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/288 عن أبي معاوية، به.
وأخرجه مسلم (2695) في الذكر: باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، والترمذي (3597) في الدعوات: باب في العفو والعافية، عن أبي كريب، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (835) عن أحمد بن حرب، والبغوي (1277) من طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، كلهم عن أبي معاوية، به.(3/116)
إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (1) . [1: 104]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مِنْ خَيْرِ الْكَلِمَاتِ لَا يَضُرُّ الْمَرْءُ بِأَيِّهِنَّ بَدَأَ
836 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَارِسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (2) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُ الْكَلَامِ أَرْبَعٌ، لَا يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (3) . [1: 104]
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (846) عن محمد بن قدامة، عن جرير، به.
وأخرجه أحمد 5/10 و 21، وسلم (2137) في الأدب: باب كراهية التسمية بالأسماء القبيحة، والطبراني (6791) ، والبغوي (1276) من طرق عن زهير، عن منصور، بهذا الإسناد
وسيورده المصنف برقم (839) من رواية هلال بن يساف، عن سمرة، دون واسطة الربيع بن عميلة، فيكون هلال سمع الحديث من الربيع، ثم سمعه من سمرة، ورواه من الطريقين، وهو من المزيد في متصل الأسانيد.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (845) عن مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ عُمَارَةَ بن عمير، عن الربيع بن عميلة، به.
وعلقه البخاري 11/566 فى الإيمان والنذور: باب إذا قال: والله لا أتكلم اليوم فصلى، أو قرأ أو سَبَّح.. فقال وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أفضلُ الكلام أربع ...
(2) في " الأحسان " بين عن وقال بياض، واستدرك من " الأنواع والتقاسيم " 1 /لوحة 652.
(3) إسناده صحيح، وأبو حمزة هو: محمد بن ميمون السكري. =(3/117)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ عَدَدَ مَا خَلَقَ اللَّهُ وَمَا هُوَ خَالِقُهُ
837 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ حَدَّثَهُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهَا، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى امْرَأَةٍ فِي يَدِهَا نَوًى أَوْ حَصًى تُسَبِّحُ، فَقَالَ: «أَلَا أُخْبِرُكِ بِمَا هُوَ أَيْسَرُ عَلَيْكِ مِنْ هَذَا وَأَفْضَلُ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مِثْلَ ذَلِكَ» (1) . [1: 104]
__________
= وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (841) عن مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، به.
وأخرجه أحمد 4/36 عن وكيع، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (842) عن علي بن المنذر، عن ابن فضيل، كلاهما (وكيع وابن فضيل) عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وأخرجه النسائي (840) من طريق ضرار بن مرة، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وذكره السيوطي في " الجامع الكبير " 2/518 وزاد نسبتة لابن النجار والديلمي في "مسند الفردوس".
(1) رجاله رجال الصحيح، وسعيد بن أبي هلال أدرك عائشة بنت سعد فإنها توفيت سنة سبع عشرة ومئة، وهو ولد سنة (70) ونشأ بالمدينة وتوفي سنة 135 أو 33، وقال المؤلف: (149 هـ) ، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 1/547-548 من طريق حرملة بهذا الإسناد، وصححه هو والذهبي، وأخرجه أبو داود (1500) في الصلاة. باب التسبيح بالحصي، والترمذي (3568) في الدعوات: باب في دعاء =(3/118)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْعَبْدِ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكَذَلِكَ التَّكْبِيرُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّهْلِيلُ
838 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَاصِلٌ مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَقِيلٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالْأَجْرِ، يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَمْوَالِهِمْ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَولَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ مَا تَتَصَدَّقُونَ بِهِ، كُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِمَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ» (1) . [1: 2]
__________
= النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتعوّذه دبر كل صلاة، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" كما في "التحفة" 3/325، والبغوي (1279) ، من طرق عن ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هلال، عن خزيمة، عن عائشة بنت سعد، عن أبيها وحسنه الترمذي مع أن خزيمة لم يوثقه غير المؤلف.
وقد حسن الحديث أيضًا الحافظ ابن حجر في "أمالي الأذكار" فيما نقله عنه ابن علان 1/245. وفي الباب عن صفية عند الترمذي (3554) والطبراني 74/24-75، والحاكم 1/547 وفي سنده ضعف.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه في " صحيحه " (720) في صلاة المسافرين: باب استحباب صلاة الضحي، و (1006) في الزكاة: باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف، عن عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، بهذا الإسناد.
أخرجه أحمد 5/167 و 168 من طرق: عن مهدي بن ميمون به. =(3/119)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَا وَصَفْنَا مِنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ مِنْ أَفْضَلِ الْكَلَامِ لَا حَرَجَ عَلَى الْمَرْءِ (1) بِأَيِّهِنَّ بَدَأَ
839 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الْكَلَامِ أَرْبَعٌ، لَا تُبَالِي بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ» (2) . [1: 2]
__________
= وأخرجه أبو داود (5243) و (5244) في الأدب: باب في إماطة الأذى عن الطريق من طرق عن واصل، به، وفي الباب عن أبي هريرة عند البخاري (843) في الأذان. باب صفة الصلاة، و (6329) في الدعوات. باب الدعاء بعد الصلاة، ومسلم (595) في المساجد. باب استحباب الذكر بعد الصلاة والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (146) ،
وعن أبي الدرداء عند النسائي (147) و (148) و (149) و (150) و (151) والدثور: جمع دَثْر وهو المال الكثير ويقع على الواحد والاثنين والجميع. "النهاية".
وانظر " جامع العلوم والحكم " للحافظ ابن رجب الحنبلي ص220 وما بعدها.
(1) على هامش الأصل: "المؤمن" خ.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه الطيالسي (899) ، وأحمد 5/11، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (847) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن سلمة بن كهيل به.
وأخرجه أحمد 5/20، وابن ماجة (3811) في الأدب: باب فصل التسبيح، من طريقين عن سفيان، عن سلمة بن كهيل، به.
وتقدم برقم (835) من رواية هلال بن يساف، عن الربيع بن عميلة، عن سمرة، وذكر هناك أنه من المزيد في متصل الأسانيد.(3/120)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا مَعَ التَّبَرِّي مِنَ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ إِلَّا بِاللَّهِ مَعَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ
840 - أَخْبَرَنَا ابْنُ سَلْمٍ، حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ دَرَّاجٍ، عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اسْتَكْثِرُوا مِنَ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ» ، قِيلَ: وَمَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: «التَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالتَّسْبِيحُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَقْرِينِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِلَى التَّسْبِيحِ إِذْ هُوَ مِمَّا يُثْقِلُ الْمِيزَانَ فِي الْقِيَامَةِ
841 - أَخْبَرَنَا عَزُّوزُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَابِدُ بِطَرَسُوسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ،
__________
(1) إسناده ضعف، دراج في رواية عن أبي الهيثم ضعيف، وأخرجه الطبري 15/255 عن يونس، والحاكم 1/512 من طريق أحمد بن عيسي المصري، كلاهما عن ابن وهب، بهذا الاسناد. وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأورده السيوطي في "الدر" 4/224 وزاد نسبته لسعيد بن منصور وأبي يعلى وابن أبي حاتم، وابن مردويه.
وأخرجه أحمد 3/75 عن حسن بن موسى، عن ابن لهيعة، عن دراج، به.
وإسناده ضعيف كسابقه، لكن يشهد له ما أخرجه الطبري 15/255 قال: وجدتُ في كتابي عن الحسن بن الصباح البزار، عن أبي نصر التمار، عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله، والله أكبر، من الباقيات الصالحات". اسناده حسن.
وله شواهد أخر انظرها في " الدر المنثور " 4/224-225.(3/121)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ» (1) . [1: 104]
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ عَقْدِ الْمَرْءِ التَّسْبِيحَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّقْدِيسَ بِالْأَنَامِلِ إِذْ هُنَّ مَسْؤُولَاتٌ وَمُسْتَنْطَقَاتٌ
842 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ هَانِئَ بْنَ عُثْمَانَ، عَنْ أُمِّهِ حُمَيْضَةَ بِنْتِ يَاسِرٍ، عَنْ جَدَّتِهَا يَسِيرَةَ، وَكَانَتْ إِحْدَى الْمُهَاجِرَاتِ، قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُنَّ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ، وَاعْقِدْنَ (2) بِالْأَنَامِلِ، فَإِنَّهُنَّ مَسْؤُولَاتٌ وَمُسْتَنْطَقَاتٌ» (3) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (831)
(2) في الأصل: واعقدهن، والمثبت من مصادر التخريج.
(3) هو في " المصنف " لابن أبي شيبة 10/289، وأخرجه أحمد 6/370-371، وابن سعد في الطبقات 8/310، والترمذي (3583) ، والطبراني في "الكبير" 25/73 (181) من طرق عن محمد بن بشر بهذا الإسناد وأخرجه أبو داود (1501) ، والطبراني 25/74 من طريق مسدّد، عن عبد الله بن داود، عن هانىء بن عثمان، به، وهانئ بن عثمان لم يوثقه غير المؤلف، ولا يعرف بغير هذا الحديث، وكذا حميضة بنت ياسر شيخته، فيه، ومع ذلك فقد صححه الذهبي فى المختصر مع أن الحاكم 1/547 سكت عنه، وحسنه النووي فى " الأذكار "، والحافظ ابن حجر في "أمالي الأذكار" فيما ذكره ابن علان 1/247.
ويُسَيْرَة -ويقال. أُسيرة- ذكروها في الصحابة وكنوها أم ياسر، وأوردها ابن سعد "الطبقات" 8/310 فىِ النساء الغرائب من غير الأنصار، وقال المؤلف وابن مندة وأبو نعيم وابن عبد البر: كانت من المهاجرات، وليس لها فى الكتب الستة غير هذا الحديث.(3/122)
ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَمَلَ (1) الَّذِي وَصَفْنَاهُ
843 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ (2) بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتَرَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ الْعِجْلِيُّ، حَدَّثَنَا عَثَّامُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْقِدُ التَّسْبِيحَ بِيَدِهِ» (3) . [1: 2]
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى حَامِدِهِ بِإِعْطَائِهِ مِلْءَ الْمِيزَانِ ثَوَابًا فِي الْقِيَامَةِ
844 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، قَالَ: حَدَّثَنِي
__________
(1) في هامش الأصل " الفعل " خ
(2) في الأصل: محمد، وهو خطأ، راجع المقدمة بحث شيوخ المؤلف.
(3) حديث صحيح، رجاله ثقات، ققد تابع شعبة الأعمش في روايته عن عطاء عند
الحاكم والبيهقي، وهو ممن سمع من عطاء قل الاختلاط.
وأخرجه أبو داود (1502) في الصلاة: باب التسبيح بالحصى، والترمذي (3411) في الدعوات، و (3486) باب ما جاء فى عقد التسبيح باليد، والنسائي 3/79 في السهو: باب عقد التسبيح، والحاكم 1/547، والبيهقي 2/253، والبغوي (1268) ، من طرق عن عثام بن علي، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحاكم 1/547 من طريق عفان، والبيهقي في "السنن" 2/253 من طريق آدم بن أبي إياس، كلاهما عن شعبة، عن عطاء، به.
وصححه الذهبي في "المختصر".
وأخرجه مطولاً أحمد في " المسند " 2/160، 161 و 204، 205، وأبو داود (506) في الأدب: باب في التسبيح عند النوم، والترمذي (3410) في الدعوات، والنسائي 3/74 في السهو: باب عدد التسبيح بعد التسليم، من طرق عن عطاء، به.(3/123)
مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ أَخِيهِ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي سَلَّامٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ (1) ، أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الْأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ (2) شَطْرُ الْإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ، وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالصَّلَاةُ نُورٌ، وَالزَّكَاةُ بُرْهَانٌ، وَالصَّدَقَةُ ضِيَاءٌ (3) ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا، أَوْ مُوبِقُهَا» (4) . [1: 2]
__________
(1) في الأصل: غانم، وهو تحريف
(2) في مسلم وأحمد: " الطهور شطر الإيمان " وفي الترمذي: "الوضوء".
(3) في مسلم وأحمد والترمذي: " والصدقة برهان والصبر ضياء "، وفي ابن ماجة:
"والزكاة برهان والصبر ضياء" وقال الحافظ ابن رجب في "شرح الأربعين" ص200. في أكثر نسخ مسلم، والصبر ضياء "، وفي بعضها. " والصيام ضياء".
(4) إسناده صحيح، وأبو سلام هو: ممطور الحبشي
من تابعي أهل الشام، وأخرجه ابن ماجة (280) في الطهارة: باب الوضوء شطر الإيمان،
عن عبد الرحمن بن ابن ابراهيم دُحيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة " (169) من طريق عيسي بن مساور،
عن محمد بن شعيب بن شابور بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/342 و 343، ومسلم (223) في الطهارة: باب فضل الوضوء والترمذي (3517) في الدعوات، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (168) ، من طرق عن أبان بن يزيد، عن يحيي بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري لكن سقط زيد من سند أحمد 5/342.
وأخرجه أحمد 5/244 من طريق يحيى بن ميمون العطار، عن يحيى بن أبي كثير، بالإسناد المتقدم.
وانظر في شرح الحديث "جامع العلوم والحكم " ص 200-209.(3/124)
ذِكْرُ وَصْفِ الْحَمْدِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا الَّذِي يُكْتَبُ لِلْحَامِدِ رَبِّهِ بِهِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ كَأَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ
845 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حَفْصٍ ابْنِ أَخِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَلْقَةِ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ» ، فَلَمَّا جَلَسَ، قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ قُلْتَ؟» فَرَدَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا، قَالَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدِ ابْتَدَرَهَا عَشَرَةُ أَمْلَاكٍ كُلُّهُمْ حَرِيصٌ عَلَى أَنْ يَكْتُبُوهَا، فَمَا دَرَوْا كَيْفَ يَكْتُبُونَهَا، فَرَجَعُوهُ إِلَى ذِي الْعِزَّةِ جَلَّ ذِكْرُهُ، فَقَالَ: اكْتُبُوهَا كَمَا، قَالَ عَبْدِي» (1) . [1: 2]
__________
(1) رجاله ثقات، إلا أن خلف بن خليفة اختلط بآخرة، وقد أخرج له مسلم من رواية قتيبة عنه وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة " (341) عن قتيبة بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/158 عن حسين بن محمد، عن خلف بن خليفة، به.
وأخرجه أحمد 3/167، ومسلم (600) في المساجد: باب ما يقال بين تكبيرة
الإِحرام والقراءة، والنسائي 2/132، 133 في الافتتاحِ، من طرق عن حَمَّادُ بْنُ
سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، وَثَابِتٍ، وَحُمَيْدٍ، عن أنس أن رجلاً جاء فدخل الصف، وقد
حفزه النفس، فقال: (زاد أحمد "حين قام في الصلاة") الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا
طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ، قَالَ: "أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ
بِالْكَلِمَاتِ؟ " فأرمَّ القوم، فقال: " أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأساً"، فقال
رجل: جئت وقد حفزني النفس فقلتها، فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لقد رأيت اثني عشر ملكاً
يبتدرونها أيهم يرفعها". =(3/125)
قَالَ الشَّيْخُ: مَعْنَى «قَالَ عَبْدِي» فِي الْحَقِيقَةِ: أَنِّي قَبِلْتُهُ.
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ أَفْضَلِ الدُّعَاءِ، وَالتَّهْلِيلَ لَهُ مِنْ أَفْضَلِ الذِّكْرِ
846 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَنْصَارِيُّ، مِنْ وَلَدِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ طَلْحَةَ بْنَ خِرَاشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «أَفْضَلُ الذِّكْرِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ» (1) . [1: 2]
__________
= وأخرجه أحمد 3/106 و 188 من طرق عن حميد، عن أنس، وزاد فيه. ثم قال. "إذا جاء أحدكم إلى الصلاة، فليمش على هينته، فليصل ما أدرك، وليقض ما سبقه".
وأخرجه أحمد 3/191 من طريق بهز بن أسد، عن همام، عن قتادة، عن أنس، وفيه: جاء رجل والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة، فقال: الحمد لله ...
وفي الباب عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ وَقَالَ: "سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ"، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال " من المتكلم آنفا؟ " فَقَالَ الرَّجُلُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقد رأيت بضعاً وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أول" أخرجه مالك 1/211 و 212، والبخاري (799) في الأذان: باب 126، وأبو داود (770) و (773) في الصلاة: باب ما تستفتح به الصلاة من الدعاء، والترمذي (404) في الصلاة: باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة، والنسائي 2/145 في الافتتاح. باب قول المأموم إذا عطس خلف الامام.
(1) إسناده حسن، وأخرجه الترمذي (3383) في الدعوات. باب ما جاء أن دعوة =(3/126)
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ الْمُسْلِمِ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا عَلَى مَا هَدَاهُ لِلْإِسْلَامِ إِذَا رَأَى غَيْرَ الْإِسْلَامِ، أَوْ قَبْرَهُ
847 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ سُرَيْجٍ النَّقَّالُ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِقُبُورِنَا وَقُبُورِكُمْ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَخْبِرُوهُمْ أَنَّهُمْ فِي النَّارِ» (2) . [1: 83]
__________
= المسلم مستجابة، والنسائي في "عمل اليوم والليلة " (831) ، والحاكم 1/503 وصححه ووافقه الذهبي، عن يحيي بن حبيب بن عربي، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، لا يعرف إلا من حديث موسي بن إبراهيم" وهو صدوق يخطىء كما في "التقريب"، فمثله يكون حديثه حسناً.
وأخرجه ابن ماجة (3800) في الأدب: باب فضل الحامدين، وابن أبي الدنيا في "الشكر" ص 37، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 105، وفي "شعب الإيمان" 2/1/128 والخرائطي في " فضيلة الشكر " ص 35، والبغوي (1269) ، والحاكم 1/498، عن طرق عن موسي ابن ابراهيم الأنصاري، به.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(1) تصحفت في الأصل إلى " البقال ".
(2) إسناده ضعيف جداً، الحارث بن سريج قال ابن معين. ليس شيء، وقال النسائي. ليس بثقة، وقال ابن عدي: ضعيف يسرق الحديث، وشيخه يحيي بن اليمان كثير الخطأ. وأخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" برقم (599) بن طريق أبي بعلى، عن الحارث بن سريج، به ويغني عنه حديث سعد بن أبي وقاص عند البزار 1/64، 65، والطبراني (326) ، وابن السني (600) ، والبيهقي في "دلائل النبوة" 1/191، 192، والضياء في "المختارة" 1/333، من طرق عن إبراهيم بن سعد، عن الزهري: عن عامر بن سعد، عن أبيه، قال جاء أعرابي الى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان فأين هو؟ قال: "في النار"، فكأن الأعرابي وجد من ذلك، فقال: يا =(3/127)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَرَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ الْمُسْلِمَ إِذَا مَرَّ بِقَبْرِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ، أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا عَلَى هِدَايَتِهِ إِيَّاهُ الْإِسْلَامَ، بِلَفْظِ الْأَمْرِ بِالْإِخْبَارِ إِيَّاهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يُخَاطَبَ مَنْ قَدْ بَلِيَ بِمَا لَا يَقْبَلُ عَنِ الْمُخَاطِبِ بِمَا يُخَاطِبُهُ بِهِ
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الْحَمْدِ لِلَّهِ عَلَى عِصْمَتِهِ إِيَّاهُ عَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِ مَنْ حَادَ عَنْهُ
848 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي السَّرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كَذَّبَنِي عَبْدِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، تَكْذِيبِي أَنْ يَقُولَ: أَنَّى يُعِيدُنَا كَمَا بَدَأْنَا، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ (1) يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَإِنِّي الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» (2) . [3: 68]
__________
= رسول الله فأين أبوك؟ قال. " حيثما مررت بقبر كافر فبشّره بالنار "، قال: فأسلم الأعرابي بعد، فقال: لقد كلفني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعباً ما مررت بقبر كافر إلاَّ بشرته بالنار. وهذا سند صحيح.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 1/117، 118 وقال: رواه البزار، والطبراني في الكبير، ورجاله رجال الصحيح.
(1) كذا وقع هنا وفي البخاري بحذف الفاء في جواب "أما"، وفي رواية الأعرج عند البخاري. فأما تكذيبه إياي، فقوله لن يعيدني.
(2) ابن أبي السري: -وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن بن حسان الهاشمي =(3/128)
ذِكْرُ وَصْفِ التَّهْلِيلِ الَّذِي يُعْطِي اللَّهُ مَنْ هَلَّلَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ ثَوَابَ عِتْقِ رَقَبَةٍ
849 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، كَانَتْ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ عَمَلًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ» (1) . [1: 2]
__________
= مولاهم أبو عبد الله العسقلاني- صدوق له أوهام كثيرة إلا أنه قد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أحمد 2/317، والبخاري (4975) في التفسير: باب قوله تعالى:
(الله الصمد) من طريق إسحاق بن منصور، والبيهقي في "الأسماء والصفات" ص 506، من طريق أحمد بن يوسف السلمي، ثلاثتهم عن عبد الرزاق، بهذا الإسناد.
وأخرجه البخاري (3193) في بدء الخلق، و (4974) في التفسير، والنسائي 4/112 في الجنائز: باب أرواح المؤمنين، من طرق عن أبي الزناد، بن الأعرج، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/350 بن حسن بن موسي، عن ابن لهيعة، عن أبي يونس، عن أبي هريرة.
(1) إسناده صحيح، وهو في "الموطأ" 1/209 في القرآن: باب ما جاء في ذكر الله تبارك وتعالى، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/302 و375، والبخاري (3293) في بدء الخلق: باب صفة إبليس، و (6403) في الدعوات: باب فضل التهليل، ومسلم (2691) في الذكر والدعاء: باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، والترمذي (3468) في الدعوات، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (25) ، وابن =(3/129)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يُعْطِي الْمُهَلِّلَ لَهُ بِمَا وَصَفْنَا ثَوَابَ رَقَبَةٍ لَوْ أَعْتَقَهَا إِذَا أَضَافَ الْحَيَاةَ وَالْمَمَاتَ فِيهِ (1) إِلَى الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا
850 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ نَافِلَةُ (2) الْحَسَنِ بْنِ عِيسَى، قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّهُ، قَالَ: سَمِعْتُ زُبَيْدًا الْإِيَامِيَّ (3) يُحَدِّثُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مَرَّاتٍ، كَانَ كَعَدْلِ رَقَبَةٍ أَوْ نَسَمَةٍ» (4) .
[1: 2]
__________
= ماجة (3798) في الأدب: باب فضل لا إله إلا الله، والبغوي (1272) .
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (26) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عن سمي، بهذا الإسناد مع اختلاف في لفظه.
(1) في هامش الأصل. فيها خ.
(2) النافلة: ولد الولد.
(3) في "تهذيب التهذيب" اليامي، ويقال: الإيامي.
(4) إسناده قوي، شيبان بن أبي شيبة: هو ابن فروخ الحبطي الأُبُلي، صدوق من رجال مسلم وباقي رجاله ثقات من رجال الستة خلا عبد الرحمن بن عوسجة وهو ثقة، لكى لم يخرج له الشيخان.
وأخرجه أحمد 4/285 عن عفان، عن محمد بن طلحة، عن طلحة بن مصرف، بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد 4/285 عن عفان، و 4/304 عن يحيي ومحمد بن جعفر، ثلاثتم عن شعبة، عن طلحة، به وإسناده صحيح.
وأخرجه أحمد 4/286، 287 عن أبي معاوية، عن قَنَان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عوسجة، به. وهذا إسناد حسن. =(3/130)
ذِكْرُ الْكَلِمَاتِ الَّتِي إِذَا، قَالَهَا الْمَرْءُ الْمُسْلِمُ صَدَّقَهُ رَبُّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَيْهَا
851 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا لَا شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِيَ الْمُلْكُ وَلِيَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، صَدَّقَهُ رَبُّهُ، وَقَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا،
__________
= ولم يرد في روايات أحمد لفظ " يحيي ويميت " وأخرجه الحاكم 1 /501 من طريق الحسن بن عطية، عن محمد بن طلحة بن مصرف، عن أبيه، به ولم يذكر فيه أيضاً لفظ " يحيي ويميت " وصححه الحاكم، وتَعَقُّبُ الذهبيِّ بأن الحسن بن عطية ضعفه الأزدي ليس بشيء، فإنه صدوق كما قال أبو حاتم، وقد توبع عليه.
ولفظ " يحيي ويميت " ثابت من حديث أبي أيوب عند أحمد 5/420 ولفظه بتمامه "من قال حين يصبح. لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ، كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكن له كعشر رقاب، وكن له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عملاً يقهرهن، فإن قال حين يمسي، فمثل ذلك".(3/131)
وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي» (1) . [1: 104]
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الْإِحْرَازِ بِذِكْرِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي أَسْبَابِهِ دُونَ الِاتِّكَالِ عَلَى قَضَاءِ اللَّهِ فِيهَا
852 - أَخْبَرَنَا ابْنُ الْجُنَيْدِ بِبُسْتَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ» (2) . [1: 2]
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه الترمذي (3430) في الدعوات: باب ما يقول العبد إذا مرض، والنسائي في "عمل اليوم والليلة " (30) و (31) و (348) ، وابن ماجة (3794) في الأدب. باب فضل لا إله إلا الله، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (943) من طرق عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقد رواه شعبة عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ أَبِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وأبي سعيد بنحو هذا الحديث بمعناه ولم يرفعه شعبة، حدثنا بذلك بندار، حدثنا محمد بن جعفر، عن شعبة بهذا. قلت. ومن طريق بندار هذا أخرجه النسائي أيضاً في "عمل اليوم والليلة" (32) . وشعبة روى عن أبي إسحاق قبل الاختلاط، ولا يضر وقفه، فإنه ليس للرأي فيه مجال، فيكون له حكم الرفع، وقد تابع أبا إسحاق على رفعه أبو جعفر الفراء عند عبد بن حميد (945) بسندٍ رجاله ثقات، فيتقوى الحديث بهذه المتابعة، ويصح.
(2) إسناده صحيح، وأبو مودود هو: عبد العزيز بن أبي سليمان الهذلي، مولاهم المدني وثقه المؤلف، وابن معين، وأحمد، وأبو داود، وابن المديني، وقول الحافظ في "التقريب": مقبول وهمٌ منه، وربما يكون من الطبع، فإن النسخة المتداولة بتحقيق =(3/132)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الذِّكْرِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا فِي الْأَحْوَالِ حَذَرَ أَنْ يَكُونَ الْمَوَاضِعُ عَلَيْهِ تِرَةً فِي الْقِيَامَةِ
853 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً، وَمَا مَشَى أَحَدٌ مَمْشًى لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً، وَمَا أَوَى أَحَدٌ إِلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِ تِرَةً» (1) . [1: 2]
__________
= الأستاذ عبد الوهاب عبد اللطيف يحشو فيها التحريف والسقط، فليحذر طالب العلم من الاعتماد عليها.
وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند 1/72، وأبو داود (5089) في الأدب باب ما يقول إذا أصبح، والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/171 والبغوي (1326) ، من طرق عن أبي ضمرة أنس بن عياض، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابو داود (5088) في الأدب، عن عبد الله بن مسلمة، عن أبي مودود عمن سمع أبان بن عثمان، به.
وأخرجه أبو داود الطيالسي ص 14 رقم (79) من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبان، به، ومن طريق أبي داود أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (660) ، والترمذي (3388) في الدعوات: باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح واذا أمسى، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (346) ، وابن ماجة (3869) في الأدب: باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح واذا أمسى.
وأخرجه أحمد 1/62 و 66، والحاكم 1/514 من طرق عن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبان، به. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وسيرد أيضاً برقم (862) .
(1) حديث صحيح، رجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة الوليد وهو مدلس، وأخرجه أبو داود (4856) في الأدب: باب كراهية إن يقوم الرجل من مجلسه ولا يذكر الله، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (404) عن قتية بن سعيد، عن الليث، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، به. =(3/133)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه أبو داود (5059) في الأدب. باب ما يقول عند النوم، عن حامد بن يحيى، عن أبي عاصم، عن ابن عجلان، عن سعيد المقبري، به.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (405) عن سويد بن نصر، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه أحمد 2/432 من طريق يحيى القطان وروح، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (406) من طريق يحيى القطان، كلاهما عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة، به.
وأورده الهيثمي في " المجمع " 10/80 وقال. رواه أحمد، وابو إسحاق مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل لم يوثقه أحد، ولم يجرحه، وبقية رجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح قلت وأبو إسحاق مولى عبد الله بن الحارث، ذكره المزي في " تهذيب الكمال " في الكنى، وذكره قبل ذلك فيمن اسمه إسحاق غير منسوب لكنه رجح أن الصواب أبو إسحاق، وقال الحافظ ابن حجر. ووقع في بعض النسخ من النسائي: عن أبي إسحاق، والثابت في رواية حمزة الحافظ إسحاق بغير أداة كنية، وكذا عند أحمد وأبي داود والطبراني في الدعاء وإسحاق المذكور ما عرفت من حاله شيئاً. انظر "تهذيب الكمال" 2/501، 502، و"تهذيب التهذيب" 1/258، و"النكت الظراف" 10/425.
وصححه الحاكم 1/550 ووافقه الذهبي، لكن تحرف فيه إسحاق مولى عبد الله بن الحارث إلى إسحاق بن عبد الله بن الحارث.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (407) عن أحمد بن حرب، عن قاسم بن يزيد، عن ابن أبي ذئب، عن إسحاق عن أبي هريرة قال المزي: وهو وهم. يعني بإسقاط المقبري انظر "تحفة الأشراف" 10/426.
وأخرجه أحمد 2/446 و 481 و 484، والترمذي (3380) في الدعاء: باب في القوم يجلسون ولا يذكرون الله، واسماعيل القاضي في " فضل الصلاة على النبي " (54) ، وأبو نعيم في الحلية " 8/130، والبيهقي في " السنن " 3/210، والبغوي في " شرح السنة " (1254) ، من طرق عن سفيان، عن صالح مولي التوأمة عن أبي هريرة. وسفيان ممن سمع من صالح بعد الاختلاط، لكن تابعه عليه ابن أبي ذئب عند أحمد 2/453، وزياد بن سعد عنده أيضاً 2/495، وهما من سمع من صالح قبل الاختلاط، فالسند صحيح. وصححه الحاكم 1/496، فتعقبه الذهبي بقوله: "صالح ضعيف" لكن تقدم ذكر رواية من سمع منه=(3/134)
ذِكْرُ تَمْثِيلِ الْمُصْطَفَى الْمَوْضِعَ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِيهِ، وَالْمَوْضِعَ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ
854 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ، وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ» (1) . [1: 2]
__________
= قبل الاختلاط.
وتقدم برقم (590) من طريق سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة، فانظر تخريجه هناك.
والتِّرةُ: النقص، يقال: وَتَره يَتِرهُ تِرَةً، إذا نقصه، وقيل: التِّرةُ هنا التبعة.
وقال الترمذي: ومعنى قوله: "تره" يعني حسرة وندامة.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6407) في الدعوات باب فضل ذكر الله عز وجل، ومسلم (779) في صلاة المسافرين: باب استحباب صلاة النافلة في بيته، وجوازها في المسجد، عن محمد بن العلاء أبي كريب، بهذا الإسناد، ولفظ البخاري. " مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت".
قال الحافظ في " الفتح " 11/210. وقد أخرجه مسلم عن أبي كريب -وهو محمد بن العلاء- شيخ البخاري، فيه بسنده المذكور بلفظ "مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت" وكذا أخرجه الإسماعيلى وابن حبان في صحيحه جميعاً عن أبي يعلى عن أبي كريب، وكذا أخرجه أبو عوانة
عن أحمد بن عبد الحميد والإسماعيلي أيضاً عن الحسن بن سفيان، عن عبد الله بن براد، وعن القاسم بن زكريا، عن يوسف بن موسي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وموسي بن عند الرحمن المسروقي، والقاسم بن دينار، كلهم عن أبي أسامة، فتوارد هؤلاء على هذا اللفظ يدل على أنه هو الذي حدث به بريد بن عبد الله شيخ أبي أسامة، وانفراد البخاري باللفظ المذكور دون بقية أصحاب أبي كريب، وأبي أسامة يشير بأنه رواه من حفظه أو تجوز في روايته =(3/135)
ذِكْرُ حُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ بِالْقَوْمِ يَجْتَمِعُونَ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ مَعَ نُزُولِ السَّكِينَةِ عَلَيْهِمْ
855 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ، قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ،
__________
= بالمعنى الذي وقع له، وهو أن الذي يوصف بالحياة وبالموت هو الساكن لا السكن، وأن إطلاق الحي والميت في وصف البيت إنما يراد به ساكن البيت، فشبه الذاكر بالحي الذي ظاهره متزين بنور الحياة وباطنه بنور المعرفة، وغير الذاكر بالبيت الذي ظاهره عاطل وباطنه باطل وقيل موقع التشبية بالحي والميت لما في الحي من النفع لمن يُواليه، والضر لمن يعاديه، وليس ذلك في الميتِ، والمراد لذكر الله هو الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها، والإكثار منها مثل سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وحسبي الله ونعم الوكيل والاستغفار ونحو ذلك، والدعاء بخيري الدنيا والآخرة.
قال الحافظ: ويطلق ذكر الله أيضاً ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه، كتلاوة القرآن، وقراءة الحديث، ومدارسه العلم والتنفل بالصلاة.
ثم الذكر يقع تارة باللسان، ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط أن لا يقصد به غير معناه وإن إنضاف إلى النطق الذكر بالقلب، فهو أكمل، إن انضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى، ونفي النقائص عنه ازداد كمالاً، فإن وقع ذلك في عمل صالح مهما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالاً، فإن صحيح التوجه، وأخلص لله تعالي في ذلك، فهو أبلغ الكمال.
وقال الفخر الرازي المراد بذكر اللسان الألفاظ الدالة على التسبيح والتحميد والتمجيد، والذكر بالقلب التفكر في أدلة الذات والصفات، وفي أدلة التكاليف من الأمر والنهي حتى يطلع أحكامها، وفي أسرار مخلوقات الله والذكر بالجوارح هو أن تصير مستغرقة في الطاعات ومن ثم سمى الله الصلاة ذكراً، فقال (فاسعوا إلي ذكر الله) .(3/136)
إِلَّا حَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ إِثْبَاتِ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْقَوْمِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ مَعَ سُؤَالِهِمْ إِيَّاهُ الْجَنَّةَ وَتَعَوُّذِهِمْ بِهِ مِنَ النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا
856 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ الرَّيَّانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فُضُلًا (2) عَنْ كُتَّابِ (3) النَّاسِ، يَمْشُونَ فِي الطُّرُقِ،
__________
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الأحوص: سلام بن سليم قديم السماع من أبي إسحاق، أخرج الشيخان من روايته عنه، وقد توبع عليه أيضاً.
وأخرجه أحمد 2/447 من طريق إسرائيل، ومسلم (2700) في الذكر. باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن، من طريق شعبة، والترمذي (3378) في الدعاء. باب ما جاء في القوم يجلسون فيذكرون الله عز وجل ما لهم من الفضل، من طريق سفيان، كلهم عن أبي إسحاق، بهذا الإسناد وتقدم بنحوه برقم (768) من طريق الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(2) قال الإِمام النووي في شرح مسلم 17/14 ضبطوه على أوجه، أحدها -وهو ارجحها وأشهرها في بلادنا- "فُضُلاً" بضم الفاء والضاد والثانية: بضم الفاء، واسكان الضاد، ورجحها بعضهم، وادعى أنها أكثر وأصوب، والثالثة بفتح الفاء واسكان الضاد، قال القاضي عياض: هكذا الرواية عند جمهور شيوخنا في البخاري ومسلم، والرابعة "فُضُل" بضم الفاء والضاد ورفع اللام على أنه خبر مبتدأ محذوف، والخامسة " فضلاء " بالمد جمع فاضل.
قال العلماء: معناه على جميع الروايات أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق، فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصودهم حلق الذكر.
(3) بضم الكاف، وتشديد التاء المثناة: جمع كاتب، والمراد بهم. الكرام الكاتبون وغيرهم المرتبون مع الناس.(3/137)
يَلْتَمِسُونَ الذِّكْرَ، فَإِذَا رَأَوْا أَقْوَامًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَاتِكُمْ، فَيَحُفُّونَ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ جَلَّ وَعَلَا، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ، فَيَقُولُ: عِبَادِي مَا يَقُولُونَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ، يُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا أَشَدَّ تَسْبِيحًا وَتَمْجِيدًا وَتَكْبِيرًا وَتَحْمِيدًا، فَيَقُولُ: مَاذَا يَسْأَلُونَ؟ فَيَقُولُونَ: يَسْأَلُونَكَ يَا رَبِّ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ لَهُمْ: هَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ قَدْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ طَلَبًا وَأَشَدَّ حِرْصًا، فَيَقُولُ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ فَيَقُولُونَ: يَتَعَوَّذُونَ بِكَ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: كَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ قَدْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ تَعَوُّذًا، فَيَقُولُ: فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ» (1) . [1: 2]
__________
(1) محمد بن عبد ربه ذكره المؤلف في "الثقات" 9/107، ووصفه بقوله: يخطىء ويخالف، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين، وأشار الحافظ إلى رواية ابن حبان هذه في " الفتح " 11/211.
وأخرجه أحمد 2/251، والترمذي (3600) في الدعوات باب ما جاء أن لله ملائكة سياحين في الأرض، من طريق أبي معاوية عن الأعمش، به، وقال الترمذي: حسن صحيح: عندهما. " أبي هريرة أو أبي سعيد "، على الشك، وجعل أحمد الشك من الأعمش، وكذا قال ابن أبي الدنيا عن إسحاق بن إسماعيل، عن أبي معاوية، وكذا أخرجه الاسماعيلي من رواية عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أو عن أبي سعيد، وقال: شك سليمان يعني الأعمش.
وسيورده المصنف بعده من طريق جرير، عن الأعمش، به وأخرجه أحمد 2/358 و 382، ومسلم (2689) في الذكر. باب فضل مجالس الذكر، من طرق عن وهيب، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، به. وأخرجه =(3/138)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ مَنْ جَالَسَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ يُسْعِدُهُ اللَّهُ بِمُجَالَسَتِهِ إِيَّاهُمْ
857 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فُضُلًا عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ، يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَ بِهِمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ، فَيَقُولُ: مَا يَقُولُ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: يُكَبِّرُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا لَكَ أَشَدَّ عِبَادَةً وَأَكْثَرَ تَسْبِيحًا وَتَحْمِيدًا وَتَمْجِيدًا، فَيَقُولُ: وَمَا يَسْأَلُونِي؟، قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: فَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا عَلَيْهَا أَشَدَّ حِرْصًا وَأَشَدَّ طَلَبًا، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً، فَيَقُولُ: وَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ فَيَقُولُونَ: مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: وَهَلْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا؟ فَيَقُولُونَ: لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا مِنْهَا أَشَدَّ فِرَارًا، وَأَشَدَّ هَرَبًا، وَأَشَدَّ خَوْفًا، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، قَالَ:، فَقَالَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ: إِنَّ
__________
= الحاكم 1/495 وقال. حديث صحيح، تفرد بإخراجه مسلم مختصراً، ووافقه الذهبي.(3/139)
فِيهِمْ فُلَانًا لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: فَهُمُ الْجُلَسَاءُ لَا يَشْقَى جَلِيسُهُمْ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ سِبَاقِ (2) الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ فِي الْقِيَامَةِ أَهْلَ الطَّاعَاتِ إِلَى الْجَنَّةِ
858 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: جُمْدَانَ، فَقَالَ: «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْمُفَرِّدُونَ؟، قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ» (3) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه البخاري (6408) في الدعوات. باب فضل
ذكر الله، عن قتيبة بن سعيد، عن جرير بهذا الإسناد.
وتقدم قبله من طريق الفضيل بن عياض، عن الأعمش، به، فانظره.
(2) في الأصل: سياق.
(3) إسناده صحيح، على شرط مسلم، وأخرجه مسلم (2676) في الذكر: باب الحث على ذكر الله، عن امية بن بسطام العيشي، بهذا الاسناد.
وأخرجه أحمد 2/323، والحاكم 1/495، ومن طريقه البيهقي في "شعب الايمان" 1/314 من طريق أبي عامر العقدي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقَة، قال: سمعت أبا هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سبق المفردون " قالوا: يا رسول الله ومَنِ المفرِّدُون؟ قال: "الذين يهترون في ذكر الله عز وجل" وإسناده صحيح على شرط مسلم. =(3/140)
ذِكْرُ مَغْفِرَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَا قُدِّمَ مِنْ ذُنُوبِ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، بِعَدَدٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ الصَّبَّاحِ وَالْمَسَاءِ
859 - أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، مِائَةَ مَرَّةٍ، وَإِذَا أَمْسَى مِائَةَ مَرَّةٍ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ» (1) . [1: 2]
__________
= وأخرجه الترمذي (3596) في الدعوات: باب في العفو والعاقبة، عن أبي كريب، عن أبي معاوية، عن عمر بن راشد، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سلمة، عن أبي هريرة، ولفظه. "المفردون: المستهترون في ذكر الله، يضع الذكر عنهم أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافاً" وقال: حديث حسن غريب، مع أن عمر بن راشد متفق على ضعفه، وقد خالف علي بن المبارك سنداً ومتناً، وهذا ما دعا البيهقي إلى القول: إن الاسناد الأول أصح.
والمفردون: بفتح الفاء وكسر الراء المشددة، قال النووي: هكذا نقله القاضي عن متقني شيوخهم، وذكر غيره أنه روي بتخفيفها وإسكان الفاء. وقال ابنُ الأثير: يقال: فرد برأيه وفرَّد وأفرد واستفرد، بمعنى: انفرد. وقيل: فرَّد الرجلُ إذا تفقه، واعتزل الناس، وخلا بمراعاة الأمر والنهي وقيل: المفردون: هم الهرمى الذي هلك أقرانهم من الناس، فبقوا يذكرون الله تعالى. ويهترون: يولعون، يقال. أهتر فلان بكذا واستهتر، فهو مهتر به، ومستهتر. أي مولع به لا يتحدث بغيره، ولا يفعل غيره انظر "النهاية"، و "شرح مسلم" 17/4.
(1) إسناده قوي، وأخرجه الحاكم 1/518 من طريق أبي النصر عمر بن محمد النصري عن حماد بن سلمة، به. وصححه ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 2/371 من طريق محمد بن الصباح، عن إسماعيل بن زكريا، عن سهيل، به. وقد تقدم برقم (829) من طريق مالك بن أنس، عن سمي، عن أبي صالح، عن أبي هريرة.(3/141)
ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي إِذَا قَالَهُ الْإِنْسَانُ حِينَ يُصْبِحُ لَمْ يُوَافِ فِي الْقِيَامَةِ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا وَافَى
860 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ الضَّرِيرُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ سُمَيٍّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَإِذَا أَمْسَى كَذَلِكَ، لَمْ يُوَافِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ بِمِثْلِ مَا وَافَى» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي إِذَا، قَالَهُ الْمَرْءُ عِنْدَ الصَّبَاحِ كَانَ مُؤَدِّيًا لِشُكْرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ
861 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَوْهَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَهُوَ رَبِيعَةُ الرَّأْيِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (2) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ قَالَ
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه أبوداود (5091) في الأدب: باب ماذا يقول إذا أصبح، عن محمد بن المنهال الضرير، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2692) في الذكر والدعاء: باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، والترمذي (3469) في الدعوات، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (568) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ الأموي، عن عبد العزيز بن المختار، عن سهيل بن أبي صالح، به.
وتقدم عند المؤلف من طرق أخرى برقم (829) و (859) .
(2) في "الفتوحات الربانية" 3/107. وفي "الحرز" رواه أبو داود والنسائي عن عبد الله ابن غنام، وابنُ حبان والنسائي عن ابن عباس، وقال الحافظ بعد تخريجه عن =(3/142)
حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ، أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ، فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ» (1) . [1: 2]
__________
= يحيي بن صالح، عَنْ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَنْبَسَةَ، عَنِ ابْنِ غنام: حديث حسن أخرجه النسائي في "الكبرى"، والفريابي في " الذكر" وأخرجه أبو داود وسمى ابن غنام كما ذكر الشيخ (يريد النووي) ورواه جماعة عن عبد الله بن وهب، عن سليمان بن بلال بسنده، لكن قال: عن عبد الله بن عباس، أخرجه كذلك النسائي والمعمري (حسن بن علي ابن شبيب) ، وابن حبان في " صحيحه " من طرق عن عبد الله بن وهب، ووافق ابن وهب سعيد بن أبي مريم عند الطبراني في "الدعاء" قال أبو نعيم في "المعرفة": من قال فيه ابن عباس، فقد صحف وقال ابن عساكر في "الأطراف": هو خطأ، وقد وافق ابن وهب في رواية له الأكثر، فقال: ابن غنام، أخرجه الطبراني من رواية أحمد بن صالح، عن ابن وهب بهذا وفي "الاصابة " 2/349 في ترجمة عبد الله بن غنام. وله حديث في سنن أبي داود
والنسائي في القول عند الصباح، وقد صحفه بعضهم فقال: ابن عباس، وأخرج النسائي الاختلاف فيه، وجزم أبو نعيم بأن من قال في ابن عباس فقد صحف، وانظر "تحفة الأشراف" و "النكت الظراف" 6/403-404، وابن غنام: هو عبد الله بن غنام بن أوس بن مالك بن عامر بن بياضة الأنصاري البياضي، له صحبة، يعد في أهل الحجاز.
(1) عبد الله بن عنبسة وثقه المؤلف، وروى عنه اثنان وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أبو داود (5073) في الأدب: باب ماذا يقول إذا أصبح، عن أحمد بن صالح، عن يحيي بن حسان واسماعيل بن أبي أويس، والنسائي في "اليوم والليلة" (7) من طريق عمرو بن منصور، عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، والبغوي في "شرح السنة" (1328) من طريق إسماعيل بن أبي أويس، ثلاثتهم عن سليمان بن بلال، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن عبد الله بن عنبسة، عن عبد الله بن غنام البياضي، به، وقد تقدم قول الحافظ: حديث حسن.(3/143)
ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي يَحْتَرِزُ الْمَرْءُ بِهِ مِنْ فَاجِئَةِ الْبَلَاءِ حَتَّى يُمْسِيَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الصَّبَّاحِ، وَحَتَّى يُصْبِحَ إِذَا قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمَسَاءِ
862 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ (1) بْنُ عِيسَى، يَعْنِي الْبِسْطَامِيَّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ أَبِي مَوْدُودٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي لَمْ تَفْجَأْهُ فَاجِئَةُ بَلَاءٍ حَتَّى يُصْبِحَ» . [1: 2]
وَقَدْ كَانَ أَصَابَهُ الْفَالِجُ فَقِيلَ لَهُ: أَيْنَ مَا كُنْتَ تُحَدِّثُنَا بِهِ؟، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حِينَ أَرَادَ بِي مَا أَرَادَ أَنْسَانِيهَا (2) .
ذِكْرُ إِيجَابِ الْجَنَّةِ لِمَنْ قَالَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَقَرَنَهُ بِرِضَاهُ بِالْإِسْلَامِ وَالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
863 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ التُّجِيبِيُّ، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
__________
(1) في "الأصل": الحسن، وهو تحريف.
(2) إسناده صحيح، وأبو مودود: هو عبد العزيز بن أبي سليمان الهذلي مولاهم، وقد تقدم برقم (853) من طريق قتيبة: عن أنس بن عياض، به.(3/144)
مَنْ قَالَ: رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» (1) .
[1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو هَانِئٍ اسْمُهُ: حُمَيْدُ بْنُ
__________
(1) إسناده قوي، رجاله ثقات رجال مسلم غير أبي علي الجنبي الهمداني، وهو ثقة روى له أصحاب السنن. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/241، عن زيد بن الحباب، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (1529) في الصلاة باب في الاستغفار، من طريق محمد ابن رافع، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (5) من طريق أحمد بن سليمان، كلاهما عن زيد بن الحباب، بهذا الاسناد. وصححه الحاكم 1/518 ووافقه الذهبي.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (6) من طريق عبد الله بن وهب، عن أبي هانيء، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي سعيد.
وأخرجه مطولاً أحمد 3/14 من طريق يحيي بن إسحاق، عن ابن لهيعة، عن خالد ابن أبي عمران، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن أبي سعيد، وهذا سند حسن بما قبله.
وفي الباب عن ثوبان عند الترمذي (3389) في الدعاء باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى. وعن خادم النبي عند أحمد 4/337، وأبي داود (5072) في الأدب: باب ماذا يقول إذا أصبح، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (4) ، وابن أبي شيبة 10/240، 241، ومن طريقه ابن ماجة (3870) في الدعاء: باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، والبغوي في "شرح السنة" (1324) من طرق عن أبي عقيل، عن سابق بن ناجية، عن أبي سلام، أنه كان في مسجد حمص فمرَّ به رجل فقالوا: هذا خدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقام إليه فقال: حدثني بحديث سمعتة من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يتداوله بينك وبينه الرجال قال: سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول. "من قال إذا أصبح وإذا أمسى: رضيت بالله تعالى رباً، وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً، إلا كان حقاً على الله أن يرضيه" وسنده حسن في الشواهد وصححه الحاكم 1/518 ووافقه الذهبي. لكن وقع عند ابن أبي شيبة وابن ماجة:
عن أبي سلام خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والصواب: عن أبي سلام، عن خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما نبه عليه المزي في تحقة الأشراف 9/220 وفي " التهذيب " ووقع في "المستدرك": سمعت أبا عقيل يحدث عن أبي سلام سابق بن ناجية والصواب: يحدث عن سابق بن ناجية، عن أبي سلام.(3/145)
هَانِئٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَأَبُو عَلِيٍّ الْهَمْدَانِيُّ اسْمُهُ: عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ الْجَنْبِيُّ (1) مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ فِلَسْطِينَ
ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي إِذَا قَالَهُ الْمَرْءُ عِنْدَ الْكَرْبِ يُرْتَجَى لَهُ زَوَالُهَا عَنْهُ
864 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ بْنِ الْبِرِنْدِ، حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ حَرْبٍ أَبُو بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْخَزَّازُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ أَهْلَ بَيْتِهِ، فَقَالَ: «إِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ غَمٌّ أَوْ كَرْبٌ، فَلْيَقُلِ: اللَّهُ اللَّهُ رَبِّي، لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (2) . [1: 2]
__________
(1) تحرف في الأصل إلى "التجيبي" والجَنْبي بفتح الجيم وسكون النون وفي آخرها الباء المنقوطة بواحدة: نسبة إلى جنب قبيلة من اليمن.
(2) إسناده ضعيف، عتاب بن حرب ضعفه غير واحد كما فى "اللسان" 4/127- 128، وشيخه ابو عامر الخزاز كثير الخطأ. وأورده الطبراني في " الأوسط " فيما ذكره الهيثمي في "المجمع" 10/137، والسيوطي في " الجامع الصغير " قال المناوي: رمز المؤلف -يريد السيوطي- بحسنه مع أن فيه محمد به موسي البربري، قال في " الميزان " عن الدارقطني: غير قوي، وفي " اللسان " ما أحد جمع من العلم ما جمع وكان لا يحفظ إلا حديثين. انتهى، لكن له شواهد.
ومن شواهده حديث أسماء بنت عميس عند ابن أبي شيبة 10/197، وأحمد 6/369، وأبي داود (1525) في الصلاة: باب في الاستغفار، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، كما في "تحفة الاشراف" 11/260، وابن ماجة (3882) في الدعاء باب الدعاء عند الكرب، قالت: علّمني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كلماتٍ أقولُهن عند الكرب" الله، الله ربي لا أشرك به شيئا، وسنده حسن، وحديث ابن عباس عند الطبراني في "الكبير" (12788) وفي سنده صالح بن عبد الله أبو يحيى وهو ضعيف، فالحديث صحيح بهذه الشواهد.(3/146)
اسْمُ أَبِي عَامِرٍ الْخَزَّازُ: صَالِحُ بْنُ رُسْتُمَ رُوِيَ لَهُ أَرْبَعُونَ حَدِيثًا، مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالتَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا مَعَ التَّحْمِيدِ لِمَنْ أَصَابَتْهُ شِدَّةٌ أَوْ كَرْبٌ
865 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ: لَقَّنَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَأَمَرَنِي إِنْ أَصَابَنِي كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَقُولُهُنَّ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ، سُبْحَانَهُ وَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ» (1) . [1: 104]
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه أحمد 1/94 من طريق يونس، عن الليث، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (630) و (631) ، والحاكم 1/508 وصححه ووافقه الذهبي من طريقين عن ابن عجلان، به.
وأخرجه أحمد 1/91 من طريق أسامة بن زيد، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (629) من طريق أبان بن صالح، كلاهما عن محمد بن كعب، به.
وفي الباب عن ابن عباس عند ابن أبي شيبة 10/196، والبخاري (6345) في الدعوات. باب الدعاء عند الكرب، ومسلم (2730) في الذكر. باب دعاء الكرب، والترمذي (3435) في الدعوات: باب ما جاء ما يقول عند الكرب، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَ يَقُولُ عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله الا الله رب السماوات ورب الأرض، ورب العرش الكريم".(3/147)
9- بَابُ الْأَدْعِيَةِ
866 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِخَبَرٍ غَرِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نُسَيْرٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَسْأَلُ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ» (1) .
__________
(1) قطن بن نسير، وصفه الحافظ في "التقريب" بقوله: صدوق يخطىء، وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 7/138: سئل أبو زرعة عنه، فرأيتة يحمل عليه، ثم ذكر أنه روى أحاديث عن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ مما أنكر عليه. وقال ابن عدي حدثنا القواريري، حدثنا جعفر، عن ثابت بحديث. "ليسأل أحدكم من ربه حاجته كلُها ... " فقال رجل القواريري: إن شيخنا يحدث به عن جعفر، عن ثابت، عن أنس، فقال القواريري: باطل، قال بن عدي. وهو كما قال. وأخرجه الترمذي (3612) آخر كتاب الدعوات (وقد سقط من مطبوعة إبراهيم عطوة عوض) من طريق أبي داود سليمان ابن الأشعث السجزي، حدثنا قطن البصري بهذا الإسناد، وقال: هذا حديث غريب وروى غير واحد هذا الحديث عن جعفر بن سليمان، عن ثابت البناني، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يذكروا فيه عن أنس ثم أورده من طريق صالح بن عبد الله، عن جعفر بن سليمان، عن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: هذا أصح من حديث =(3/148)
867 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ (1) ، عَنْ أَبِي نَوْفَلِ بْنِ أَبِي عَقْرَبَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الْجَوَامِعُ مِنَ الدُّعَاءِ (2) . [5: 12]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَبُو نَوْفَلٍ: اسْمُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي عَقْرَبَ (3) مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ.
ذِكْرُ مَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْمَرْءِ فِي جَوَامِعِ دُعَائِهِ وَبَيَانِ أَحْوَالِهِ لَهُ
868 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، مَوْلَى ثَقِيفٍ، حَدَّثَنَا
__________
= قطن، عن جعفر بن سليمان. ورواه البزار في "مسنده" رقم (3135) عن سليمان بن عبد الله الغيلاني، عن سيار بن حاتم، عن جعفر، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَ قَالَ: لم يروه عن ثابت سوى جعفر. وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد، 10/150 وقال: ورجاله رجال الصحيح، غير سيار بن حاتم وهو وهو ثقة، وسيعيده المصنف برقم (894) و (895) .
(1) تحرف في الأصل الى سنان.
(2) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو الوليد: هو هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري الحافظ الحجة.
وأخرجه أبوداود الطيالسي (1491) ، وأحمد 6/148 و 189 عن عبد الرحمن بن مهدي، وأبو داود (1482) في الصلاة: باب الدعاء، من طريق يزيد بن هارون، ثلاثتهم عن الأسود بن شيبان، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1/538 ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن أبي شيبة 10/199 من طريق الأسود بن شيبان، عن ابن نوفل، عن ابن أبي عدي، عن عائشة. والجوامع من الدعاء: هي التي تجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة، أو تجمع الثناء على الله تعالى وآداب المسألة.
(3) وقيل: مسلم بن أبي عقرب، وقيل: عمرو بن مسلم وسماه شعبة: معاوية بن =(3/149)
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرَجُلٍ: «مَا تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ؟» ، فَقَالَ: أَتَشَهَّدُ ثُمَّ أَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ.
أَنَا وَاللَّهِ مَا أُحْسِنُ دَنْدَنَتَكَ وَلَا دَنْدَنَةَ مُعَاذٍ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوْلَهَا نُدَنْدِنُ» (1) . [3: 15]
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْأَلَ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا جَوَامِعَ الْخَيْرِ وَيَتَعَوَّذَ بِهِ مِنْ جَوَامِعِ الشَّرِّ
869 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، مَا لَا أُحْصِي مِنْ مَرَّةٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حمادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا أَنْ تَقُولَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلَهُ وَآجِلَهُ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمُ،
__________
= عمرو. انظر " تهذيب التهذيب " 12/260.
(1) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأبو صالح. هو ذكوان السمان الزيات المدني، وأخرجه ابن ماجة (910) في الإقامة: باب ما يقال في التشهد والصلاة، و (3847) في الدعاء: باب الجوامع من الدعاء، عن يوسف بن موسى القطان، عن جرير، بهذا الإسناد، وقال البوصيري في "الزوائد" ورقة 60/1: إسناده صحيح ورجاله ثقات وأشار إلى رواية ابى حبان هذه.
وأخرجه أحمد 3/474 عن معاوية بن عمرو، وأبو داود (792) في الصلاة: باب في تخفيف الصلاة من طريق حسين بن علي، كلاهما عن زائدة عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: ما أحسن دندنتك، أي: مسألتك الخفية، أو كلامك الخفي، والدندنة: أن يتكلم الرجل بكلام تسمع نغمته ولا يفهم وهو أرفع من الهينمة قليلاً، والضمير في "حولها" للجنة أي حول تحصيلها، أو للنار، أي: حول التعوذ من النار. انظر "النهاية" 2/137.(3/150)
وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ عَاجِلَهُ وَآجِلَهُ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ، وَأَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا» (1) .
[1: 104]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ دُعَاءَ الْمَرْءِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا مِنْ أَكْرَمِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ
870 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، أَخِي الْحَسَنِ،
__________
(1) رجاله ثقات، ويغلب على الظن أن الصواب إثبات جبر بن حبيب في السند بن الجريري وأم كلثوم، لأن البخاري رواه في "الأدب المفرد" من طريق الجريري، عن جبر بن حبيب، عن أم كلثوم، عن عائشة، ولأن أحمد وابن ماجه روياه من طريق حماد بن سلمة، أخبرني جبر بن حبيب، عن أم كلثوم، عن عائشة، ولأن الحاكم رواه من طريق شعبة، عن جبر بن حبيب، عن أم كلثوم، عن عائشة، ولأن كتب الرجال لم تذكر أن الجريري يروي عن أم كلثوم مباشرة، انما بواسطة جبر بن حبيب، لكن لا يستبعد أن يكون الجريري أدرك أم كلثوم، فقد ولدت في سنة 13 هـ، وتوفي الحريري سنة 144 هـ.
وأخرجه أحمد 6/134، وابن أبي شيبة 10/264، ومن طريقه ابن ماجة (3846) في الدعاء: باب الجوامع من الدعاء، كلاهما عن عفان، عن حماد بن سلمة، أخبرني جبر بن حبيب، عن أم كلثوم، عن عائشة، وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد (96) عن الصلت بن محمد، عن مهدي بن ميمون، عن الحريري، عن جبر بن حبيب، عن أم كلثوم، به.
وصححه الحاكم 1/521-522 ووافقه الذهبي من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن جبر بن حبيب، عن أم كلثوم، عن عائشة.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" ورقة (209) /1 من طريق إبراهيم، عن حماد، عن جبر بن حبيب وسعيد الجريري، عن أم كلثوم، عن عائشة.(3/151)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الدُّعَاءِ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ رَجَاءِ النَّجَاةِ مِنَ الْآفَاتِ لِمَنْ دَامَ عَلَى الدُّعَاءِ فِي أَوْقَاتِهِ
871 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ زُهَيْرٍ الْجُرْجَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ (2) عَنْ ثَابِتٍ،
__________
(1) إسناده حسن، عمران القطان: وهو ابن داوَر، ويكنى أبا العوام: صدوق يهم، فهو حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (712) عن عمرو بن مرزوق، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" 1/253 بترتيب الساعاتي، ومن طريقه أحمد 2/362، والترمذي (3370) في الدعوات باب ما جاء في فضل الدعاء، وابن ماجة (3829) في الدعاء: باب فضل الدعاء، عن عمران القطان، به، وصححه الحاكم 1/490 ووافقه الذهبي.
وأخرجه الترمذي (3370) أيضاً، من طريق ابن مهدي، عن عمران، به.
(2) هذا وهم من المؤلف رحمه الله، فليس عمر بن محمد هو ابن زيد الثقة كما توهم، وإنَّما هو عمر بن محمد بن صهبان الضعيف كما ورد مصرحاً به عند أبي نعيم في "أخبار أصبهان" 2/232 ومما يقوي أنه عمر بن محمد بن صهبان أنهم ذكروا في ترجمته ثابت بن زيد من شيوخه، ومعلى بن أسد من الرواة عنه بينما لم يذكروا ذلك في ترجمة عمر بن محمد بن زيد، وبسبب هذا الوهم أدرج هذا الحديث في صحيحه، واغتر به الضياء المقدسي، فأورده في الأحادث المختارة 500/1 وقد ذكر الحديث العقيلي في "الضعفاء" 3/188 في ترجمة عمر بن محمد، وقال: عمر بن محمد لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" 5/1674 في ترجمته وقال: وعمر بن صهبان عامة أحاديثه مما لا يتابعه الثقات عليه، والغلبة على حديثه المناكير.
ورواه الحاكم في "المستدرك" 1/493-494 من طريق معلى بن أسد العمي، حدثني عمرو بن محمد الأسلمي، عن ثابت البناني عن أنس.. =(3/152)
عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَهْلِكَ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ» (1) [1: 2]
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى الدُّعَاءِ وَالْبِرِّ
872 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ (2) ، عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ، وَلَا يُرَدُّ الْقَدْرُ إِلَّا بِالدُّعَاءِ، وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلَّا الْبِرُّ» (3) . [3: 42]
__________
= كذا قال: "عمرو" وهو خطأ صوابه "عمر" وعمر بن محمد بن صهبان أسلمي، وصححه الحاكم فتعقبه الذهبي بقوله: لا أعرف عمراً تعبت عليه.
فالتبس عليه بسب زيادة الواو في أصل الحاكم، وقد ترجمه رحمه الله في "الميزان" 3/207 فقال: عمر بن صهبان الأسلمي المدني، ويقال: عمر بن محمد بن صهبان أبو جعفر الأسلمي.. قال أحمد لم يكن بشىء، وقال يحيي بن معين: لا يساوي فلساً، وقال البخاري: هو منكر الحديث، وقال أبو حاتم والدارقطني: متروك الحديث.
وقال المؤلف في " المجروحين " 2/81: عمر بن محمد بن صهبان الأسلمي من أهل المدينة خال إبراهيم بن أبي يحيي. . . كان ممن يروي عن الثقات المعضلات التي إذا سمعها مَنِ الحديث صناعتُه لم يشك أنها معمولة.
(1) إسناده ضعيف لضعف عمر بن محمد بن صهبان كما تقدم.
(2) عبد الله بن أبي الجعد: ذكره المؤلف في "الثقات" 5/20، وروى عنه اثنان، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
(3) أبو خيثمة: هو زهير بن حرب، وأخرجه ابن أبي شيبة 10/441-442، وأحمد 5/277 و 280 و 282، وابن ماجة (90) في المقدمة: باب في القدر، و (4022) في الفتن،. والطحاوي في "مشكل الآثار" 4/169، والطبراني في "الكبير" (1442) =(3/153)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْخَبَرِ لَمْ يُرِدْ بِهِ عُمُومَهُ، وَذَاكَ أَنَّ الذَّنْبَ لَا يَحْرِمُ الرِّزْقَ الَّذِي رُزِقَ الْعَبْدُ، بَلْ يُكَدِّرِ عَلَيْهِ صَفَاءَهُ إِذَا فَكَرَّ فِي تَعْقِيبِ الْحَالَةِ فِيهِ.
وَدَوَامُ الْمَرْءِ عَلَى الدُّعَاءِ يُطَيِّبُ لَهُ وُرُودَ الْقَضَاءِ، فَكَأَنَّهُ رَدَّهُ لِقِلَّةِ حِسِّهِ بِأَلَمِهِ، وَالْبِرُّ يُطَيِّبُ الْعَيْشَ حَتَّى كَأَنَّهُ يُزَادُ فِي عُمْرِهِ بِطِيبِ عَيْشِهِ، وَقِلَّةِ تَعَذُّرِ ذَلِكَ فِي الْأَحْوَالِ
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا دَعَا اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بِنِيَّةٍ صَحِيحَةٍ وَعَمَلٍ مُخْلِصٍ قَدْ يُسْتَجَابُ لَهُ دُعَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَسْؤُولُ مُعْجِزَةً
873 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صُهَيْبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ مَلِكٌ فِيمَنْ
__________
= وأبو نعيم في "أخبار أصبهان " 2/60، والبغوي في "شرح السنة" (3418) ، والحاكم 1/493، والقضاعي في "مسنده" (831) من طرق، عن سفيان بهذا الإسناد. وقال البوصيري في "الزوائد" ورقة 8/1: وسألت شيخنا أبا الفضل العراقي رحمه الله عن هذا الحديث، فقال: هذا حديث حسن.
وفي الباب عن سلمان عند الترمذي (2139) في القدر: باب ما جاء لا يرد القدر إلاَّ الدعاء، والطحاوي في " مشكل الآثار " 4/169، والشهاب القضاعي (832) و (833) ، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب ولعلَّ تحسينه من أجل شاهده المتقدم، وإلاَّ ففي سنده أبو مودود، وفيه لين كما في "التقريب".
وعن ابن عمر، عند الترمذي (548) في الدعوات: باب فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بلفظ: "إنَّ الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء" قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي، وهو ضعيف في الحديث.(3/154)
كَانَ قَبْلَكُمْ لَهُ سَاحِرٌ (1) ، فَلَمَّا كَبِرَ، قَالَ لِلْمَلِكِ: إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ، فَابْعَثْ إِلَيَّ غُلَامًا أُعَلِّمُهُ السِّحْرَ، فَبَعَثَ لَهُ غُلَامًا يُعَلِّمُهُ، فَكَانَ فِي طَرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ (2) رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ وَأَعْجَبَهُ، فَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ (3) ضَرَبَهُ، وَإِذَا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ السَّاحِرِ قَعَدَ إِلَى الرَّاهِبِ وَسَمِعَ كَلَامَهُ، فَإِذَا أَتَى أَهْلَهُ ضَرَبُوهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِبِ، فَقَالَ لَهُ: إِذَا خَشِيتَ السَّاحِرَ فَقُلْ: حَبَسَنِي أَهْلِي، وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحِرُ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسْتِ النَّاسَ، فَقَالَ: الْيَوْمَ أَعْلَمُ: الرَّاهِبُ أَفْضَلُ أَمِ السَّاحِرُ؟ فَأَخَذَ حَجَرًا ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّةَ حَتَّى يَمْضِيَ النَّاسُ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا، وَمَضَى النَّاسُ، فَأَتَى الرَّاهِبَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: أَيْ بُنَيَّ، أَنْتَ الْيَوْمَ أَفْضَلُ مِنِّي (4) ، وَإِنَّكَ سَتُبْتَلَى، فَإِنِ ابْتُلِيتَ فَلَا تَدُلَّ عَلَيَّ، فَكَانَ الْغُلَامُ يُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ، وَيُدَاوِي (5) سَائِرَ الْأَدْوَاءِ، فَسَمِعَ جَلِيسٌ لِلْمَلِكِ (6) ، كَانَ قَدْ عَمِيَ، فَأَتَى الْغُلَامَ بِهَدَايَا كَثِيرَةٍ، فَقَالَ: مَا هَاهُنَا لَكَ أَجْمَعُ إِنْ أَنْتَ شَفَيْتَنِي، قَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فإِنْ آمَنْتَ
__________
(1) في مسلم وكان له ساحر
(2) في الأصل: بياض مكان كلمة "سلك".
(3) زاد مسلم. مرَّ بالراهب، وقعد إليه، إذا أتى الساحر.
(4) زاد مسلم بعده " قد بلغ من أمرك ما أري "
(5) رواية مسلم: يداوي الناس من سائر الأدواء.
(6) في " الإحسان " الملك، والتصويب من "الأنواع والتقاسيم" 2/لوحة 325.(3/155)
بِاللَّهِ دَعَوْتُ اللَّهَ فَشَفَاكَ، فَآمَنَ بِاللَّهِ فَشَفَاهُ اللَّهُ، فَأَتَى الْمَلِكَ يَمْشِي يَجْلِسُ (1) إِلَيْهِ كَمَا كَانَ يَجْلِسُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: فُلَانُ مَنْ رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ؟، قَالَ: رَبِّي، قَالَ: وَلَكَ رَبٌّ غَيْرِي؟، قَالَ: رَبِّي وَرَبُّكَ وَاحِدٌ (2) ، فَلَمْ يَزَلْ (3) يُعَذِّبْهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَامِ، فَجِيءَ بِالْغُلَامِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: أَيْ بُنَيَّ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَتَفْعَلُ وَتَفْعَلُ؟، قَالَ: إِنِّي لَا أَشْفِي أَحَدًا، إِنَّمَا يَشْفِي اللَّهُ، فَأَخَذَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبْهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِبِ، فَجِيءَ بِالرَّاهِبِ، فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبِي، فَدَعَا بِالْمِنْشَارِ، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشُقَّ بِهِ (4) حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِجَلِيسِ الْمَلِكِ، فَقِيلَ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ، فَأَبِي، فَوَضَعَ الْمِنْشَارَ فِي مَفْرِقِ رَأْسِهِ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ، ثُمَّ جِيءَ بِالْغُلَامِ فَقِيلَ لَهُ: ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ فَأَبِي، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا، فَاصْعَدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذُرْوَتَهُ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاطْرَحُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الْجَبَلَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَرَجَفَ بِهِمُ الْجَبَلُ، فَسَقَطُوا، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟، قَالَ كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَدَفَعَهُ إِلَى قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اذْهَبُوا بِهِ، فَاحْمِلُوهُ فِي قُرْقُورٍ (5) ، فَوَسِّطُوا بِهِ
__________
(1) في مسلم. فأتى الملك، فجلس إليه.
(2) في مسلم " الله "
(3) زاد مسلم: فأخذه.
(4) في مسلم: فشقَّه.
(5) القرقور: السفينة. وفي الأصل. قرقر.(3/156)
الْبَحْرَ، فَلَجِّجُوا بِهِ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ، وَإِلَّا فَاقْذِفُوهُ، فَذَهَبُوا بِهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْتَ، فَانْكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفِينَةُ (1) ، وَجَاءَ يَمْشِي إِلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: مَا فَعَلَ أَصْحَابُكَ؟، قَالَ: كَفَانِيهِمُ اللَّهُ، فَقَالَ لِلْمَلِكِ: وَإِنَّكَ لَسْتَ بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ، قَالَ: وَمَا هُوَ؟، قَالَ: تَجْمَعُ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، وَتَصْلُبُنِي عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِكَ (2) ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، ثُمَّ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ ارْمِنِي، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتَنِي، فَجَمَعَ النَّاسَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ صَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ فِي كَبِدِ قَوْسِهِ، ثُمَّ، قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ رَبِّ الْغُلَامِ، ثُمَّ رَمَاهُ، فَوَقَعَ السَّهْمُ فِي صُدْغِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي مَوْضِعِ السَّهْمِ فَمَاتَ، فَقَالَ النَّاسُ: آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَامِ، ثَلَاثًا، فَأُتِيَ الْمَلِكُ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ، قَدْ وَاللَّهِ نَزَلَ بِكَ حَذَرُكَ، قَدْ آمَنَ النَّاسُ، فَأَمَرَ بِالْأُخْدُودِ بِأَفْوَاهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ، وَأَضْرَمَ النِّيرَانَ وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْ دِينِهِ فَأَحْمُوهُ (3) ، فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءَتِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا صَبِيٌّ لَهَا، فَتَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَعَ فِيهَا، فَقَالَ لَهَا الْغُلَامُ: يَا أُمَّهِ اصْبِرِي، فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ» (4) . [3: 6]
__________
(1) زاد مسلم: فغرقوا.
(2) في مسلم: من كنانتي.
(3) زاد مسلم: فيها.
(4) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (3005) في الزهد: باب قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام، عن هدية بن خالد، بهذا الإسناد. =(3/157)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ تُسْتَجَابُ لَهُ لَا مَحَالَةَ، وَإِنْ أَتَى عَلَيْهَا الْبُرْهَةُ مِنَ الدَّهْرِ
874 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا فَرَجُ بْنُ رَوَاحَةَ الْمَنْبِجِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدٌ (1) الطَّائِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُدِلَّةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، وَتُفْتَحُ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاوَاتِ، وَيَقُولُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ» (2) . [1: 87]
__________
= وانظر " فتح الباري " 8/698، وتفسير ابن كثير 4/494.
وأخرجه عبد الرزاق (9751) ومن طريقه الترمذي (3340) والطبراني (7319) عن معمر، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ صهيب.
وأخرجه أحمد 6/17، 18، والطبراني في " الكبير " (7320) ، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 4/198 من طرق عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد.
(1) في "الإحسان": سعيد، وهو خطأ، والتصويب من "الأنواع" 1/لوحة 560.
(2) أبو المدلة لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير سعد الطائي، وقال الذهبي في "الميزان" 4/571. لا يكاد يعرف.
وأخرجه أحمد 2/304-305 عن أبي كامل وأبي النضر، عن زهير بن معاوية، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/445، وابن ماجة (1752) في الصيام: باب الصائم لا ترد دعوته، من طريق وكيع، والترمذي (3598) في الدعوات: باب في العفو والعافية، من طريق عبد الله بن نمير، والبغوي في " شرح السنة " (139) من طريق عُبيد الله بن موسي، ثلاثتهم عن سعدان الجهني، عن أبي مجاهد سعد الطائي، به. وقال الترمذي. هذا حديث حسن.
وفي الباب ما يعضده ويقويه عن خزيمة بن ثابت مرفوعاً، بلفظ "اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تحمل علي الغمام، يقول الله جلَّ جلاله. وعزتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حين" أخرجه الطبراني في "الكبير" (3718) ، والبخاري في =(3/158)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو الْمُدِلَّةِ اسْمُهُ: عُبَيْدُ اللَّهِ (1) مَدِينِيٌّ، ثِقَةٌ
875 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ
__________
= "تاريخه الكبير" 1/186، والدولابي في "الأسماء والكنى" 2/123 ولا بأس بإسناده في المتابعات كما قال المنذري في " الترغيب والترهيب " 3/187-188. وأخرج ابن معين في "تاريخه" 4/458 ومن طريقه الدولابي في " الكنى " 2/73، والقضاعي في " مسند الشهاب " (960) من طريق ابن عفير، عن يحيي بن أيوب، عن أبي عبد العفار عبد الرحمن بن عيسي، عن أنس بن مالك مرفوعاً: " إياكم ودعوة المظلوم، وإن كان كافراً، فإنَّه ليس لها حجاب دون الله ".
وعن ابن عمر عند الحاكم 1/29 بلفظ " اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرار " وصححه، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
وعن أنس بن مالك عند أحمد 3/153، وأبي يعلى 160/1، ومن طريقهما الضياء في "الأحاديث المختارة" بلفظ: "اتقوا دعوة المظلوم، وان كان كافراً، فإنه ليس دونها حجاب" وسنده حسن في الشواهد.
وعن ابن عباس مرفوعاً بلفظ "واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجه أحمد 1/233، والبخاري (1496) و (2448) و (4347) ، ومسلم (19) ، وأبو داود (1584) ، والترمذي (625) ، والنسائي 5/2-4 و5/55، وابن ماجة (1783) .
وعن أبي هريرة عند الطيالسي (2330) ، وأحمد 2/367، وابن أبي شيبة 10/275، والخطيب في "تاريخه" 2/271-272 والشهاب " مسنده " (315) بلفظ: "دعوة المظلوم مستجابة"، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه".
وفي سنده أبو معشر، وهو ضعيف لسوء حفظه، لكن حديثة يصلح للمتابعة، وهذا منه، ولذا حسنه الهيثمي في "المجمع" 10/151، وابن حجر في " الفتح " 3/281 وانظر ما بعده.
(1) وقال غيره: هو أخو أبي الحباب سعيد بن يسار، حكاه البخاري في تاريخه 9/74 عن خلاد بن يحيي، عن سعدان الجهني، عن سعد الطائي، عن أبي مدلة أخي سعيد بن يسار وقال الليث بن سعد: أبو مرثد، ولا يصح.(3/159)
مَوْهَبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ (1) سُوَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ» (2) . [1: 87]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ» أَمْرٌ بِاتِّقَاءِ دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ، مُرَادُهُ الزَّجْرَ عَمَّا تَوَلَّدَ ذَلِكَ الدُّعَاءُ مِنْهُ، وَهُوَ الظُّلْمُ، فَزَجَرَ عَنِ الشَّيْءِ بِالْأَمْرِ بِمُجَانَبَةِ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ.
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّعَاءِ رَفْعُ الْيَدَيْنِ
876 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ الْعُصْفُرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ رَبَّكُمْ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا» (3) . [3: 67]
__________
(1) تحرفت في "الإحسان" إلى " عن "، والتصويب من "الأنواع" 1/لوحة 560.
(2) إسناده صحيح، معروف بن سويد، وثقه المؤلف، وروى عنه جمع، وباقي رجاله ثقات، ويزيد بن موهب: هو يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الهمداني الرملي. وانظر ما قبله.
(3) حديث قوي، جعفر بن ميمون فيه خلاف، وحديثه يصلح للمتابعة، وهذا منها، وباقي رجاله ثقات ابن أبي عدي: هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي البصري، وابو عثمان النهدي: هو عبد الرحمن بن ملّ.
وأخرجة الترمذي (3556) في الدعوات، وحسنه: عن محمد بن بشار وابن ماجه =(3/160)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا
877 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ صَالِحٍ الْأَنْطَاكِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ» (1) [5: 12]
__________
= (3865) في الدعاء: باب رفع اليدين في الدعاء، عن بكر بن خلف، كلاهما عن ابن أبي عدي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (1488) في الصلاة: باب الدعاء ومن طريقه البيهقي في "الأسماء والصفات" ص 90، من طريق عيسي بن يونس. والطبراني (6148) من طريق أبي أسامة، كلاهما عن جعفر بن ميمون، به.
وأخرجه البغوي في "شرح السنة" (1385) من طريق أبي حاتم محمد بن إدريس، حدثنا الأنصاري، حدثني أبو المعلى، حدثنا أبو عثمان النهدي، قال سمعت سلمان الفارسي يقول: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
وسيرد من طريق سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي برقم (880) .
وله شاهد عن أنس عند الحاكم 1/497-498، وفي سنده عامر بن يساف، يكتب حديثه للمتابعة، وله طريق أخرى عند البغوي (1386) ، وفيها أبان بن أبي عياش، وهو متروك، فلا يفرح بها.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 3/209 عن سليمان بن داود، و3/216 عن عبد الصمد، و3/259 عن أسود بن عامر، وابنُ أبي شيبة 10/379 ومن طريقه مسلم (895) في الاستسقاء: باب رفع اليدين في الدعاء في الاستسقاء، عن يحيى بن أبي بكير، أربعتهم عن شعبة، بهذا الإسناد.
وعلقه البخاري (1030) في الاستسقاء باب رفع الناس أيديهم مع الامام في الاستسقاء، و (6341) في الدعوات: باب رفع الأيدي في الدعاء. قال الحافظ: وصله أبو نعيم في المستخرج. وانظر "تغليق التعليق" 2/393، 394، و 5/146.
وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد 2/370. وفي مشروعية رفع اليدين أحاديث =(3/161)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ يَجِبُ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بِهِمَا رَأْسَهُ
878 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ، وَعُمَرُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ، أَنَّهُ: «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ قَرِيبًا مِنَ الزَّوْرَاءِ يَدْعُو رَافِعًا كَفَّيْهِ قِبَلَ وَجْهِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ» (1) [5: 12]
__________
= كثيرة، أفردها المنذري في جزء سرد منها النووي في "الأزكار" وفي "شرح المهذب" جملة، وعقد لها البخاري أيضاً في " الأدب المفرد "، ص 214-216 باباً ذكر فيه عدة أحاديث. وانظر "الفتح" 11/142-143.
(1) إسناده صحيح، وابن الهاد هو يزيد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ.
وأخرجه أحمد 5/223 عن هارون بن معروف، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (1168) في الصلاة: باب رفع اليدين في الاستسقاء، عن محمد بن سلمة المرادي عن ابن وهب، به.
وأخرجه أحمد 5/223، والترمذي (557) في الصلاة: باب ما جاء في صلاة الاستسقاء، والنسائي 3/159 في صلاة الاستسقاء. باب كيف يرفع، عن قتيبة ابن سعيد، عن الليث بن سعد، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عمير مولى آبي اللحم "أنه رأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند أحجار الزيت يستسقي، وهو مقنع بكفيه يدعو"، وصححه الحاكم 1/535، ووافقه الذهبي، وقد أخطأ أحد رواته في إسناده، إذ جعل الرواية عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عمير مباشرة مع أن الصواب أن يزيد رواه عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عمير كما في رواية المؤلف وأحمد وأبي داود وفيه خطأ آخر، وهو أنه زاد في رواية الترمذي والنسائي بعد عمير مولى آبي اللحم عن آبي اللحم، ولم ترد هذه الزيادة عند أحمد.
في " التهذيب " 11/339 في ترجمة يزيد بن الهاد، روي عن عمير مولى آبي =(3/162)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ بَاطِنَ الْكَفَّيْنِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلدَّاعِي قِبَلَ وَجْهِهِ إِذَا دَعَا
879 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُمَيْرٍ، مَوْلَى أَبِي اللَّحْمِ، أَنَّهُ: «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَسْقِي عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ قَرِيبًا مِنَ الزَّوْرَاءِ، قَائِمًا يَدْعُو يَسْتَسْقِي، رَافِعًا كَفَّيْهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِمَا رَأْسَهُ، مُقْبِلًا بِبَاطِنِ كَفِّهِ إِلَى وَجْهِهِ» (1) [5: 12]
ذِكْرُ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لِلرَّافِعِ يَدَيْهِ إِلَى بَارِئِهِ جَلَّ وَعَلَا
880 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ بِتُسْتَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَمِيلُ بْنُ الْحَسَنِ الْعَتَكِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْعَبْدِ أَنْ يَرْفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ فَيَرُدَّهُمَا خَائِبَتَيْنِ» (2) . [1: 2]
__________
= اللحم، وله صحبة، والصحيح أن بينهما محمد بن إبراهيم التيمي.
وأحجار الزيت: موضع بالمدينة من الحرة وهو موضع صلاة الاستسقاء، سمي بذلك لسواد أحجاره، كأنها طليت بالزيت.
(1) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله.
(2) إسناده جيد وأخرجه الطبراني (6130) من طريق العباس بن حمدان الحنفي، عن جميل بن الحسن، به.
وأخرجه أحمد 5/438 عن يزيد بن هارون، عن محمد بن الزبرقان، به وصححه الحاكم 1/497، ووافقه الذهبي، وجود إسناده الحافظ في " الفتح " 11/143. وتقدم برقم (876) من طريق جعفر بن ميمون عن أبي عثمان.(3/163)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءَ مَنْ رَفَعَ إِلَيْهِ يَدَيْهِ إِذَا لَمْ يَدْعُ بِمَعْصِيَةٍ أَوْ يَسْتَعْجِلِ الْإِجَابَةَ، فَيَتْرُكُ الدُّعَاءَ
881 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟، قَالَ: « [يَقُولُ: يَا رَبِّ قَدْ دَعَوتُ و] قَدْ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي، فَيَنْحَسِرُ (1) عِنْدَ ذَلِكَ، فَيَتْرُكُ الدُّعَاءَ» (2) . [1: 2]
ذِكْرُ وَصْفِ الْإِشَارَةِ لِلْمَرْءِ بِإِصْبَعِهِ عِنْدَ إِرَادَتِهِ الدُّعَاءَ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا
882 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
__________
(1) في مسلم: "فيستحسر"، يقال: حسر، واستحسر: إذا أعيا وانقطع عن الشيء، والمراد هنا: انه ينقطع عن الدعاء، ومنه قوله تعالى (لا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون) ، أي: لا ينقطعون عنها.
(2) إسناده قوي على شرط مسلم، معاوية بن صالح صدوق له أوهام، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (2735) (92) في الذكر. باب بيان أنه يستجاب للداعي ما لم يعجل، والبخاري في الأدب المفرد برقم (655) والبيهقي في " السنن " 3/353، من طريق ابن وهب بهذا الإسناد.
وأخرجه البغوي في " شرح السنة " (1390) من طريق عبد الله بن صالح، عن معاوية بن صالح، به. وسيعيده المؤلف من طريق ابن وهب برقم (976) .
وسيورده المؤلف أيضاً من طريق مالك برقم (975) ويأتي تخريجه عنده.(3/164)
شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ (1) ، أَنَّهُ رَأَى بِشْرَ بْنَ مَرْوَانَ رَافِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ: «قَبَّحَ اللَّهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ، لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ كَذَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ للسّبْحَهِ» (2) (3) [5: 12]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا أَرَادَ الْإِشَارَةَ فِي الدُّعَاءِ يَجِبُ أَنْ يُشِيرَ بِالسَّبَّابَةِ الْيُمْنَى بَعْدَ أَنْ يَحْنِيَهَا قَلِيلًا
883 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذُبَابٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِرًا يَدَيْهِ يَدْعُو عَلَى مِنْبَرٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَكِنْ رَأَيْتُهُ يَقُولُ هَكَذَا»
__________
(1) تحرف في الأصل إلى دويبة.
(2) في رواية أحمد والنسائي. " السبابة "، ولمسلم " المسبحة ".
(3) إسناده صحيح، وهو في مصنف ابن أبي شيبة 2/147-148، ومن طريقه أخرجه مسلم (874) في الجمعة: باب تخفيف الصلاة والخطبة.
وأخرجه أحمد 4/135، والنسائي 3/108 في الجمعة: باب الإشارة فى الخطبة، وفي الكبرى كما في "التحفة" 7/486، والدارمي 1/366 في الصلاة: باب كيف يشير الأمام في الخطبة، من طرق عن سفيان، عن حصين، به.
وأخرجه أحمد 4/136 من طريق زهير، و 4/261 من طريق ابن فضيل، وأبو داود (1104) في الصلاة: باب رفع اليدين على المنبر، من طريق زائدة، والدارمي 1/366 من طريق أبي زبيد، جميعهم عن حصين، به.(3/165)
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى يُقَوِّسُهَا (1) . [5: 12]
ذِكْرُ الزَّجْرِ عَنِ الْإِشَارَةِ فِي الدُّعَاءِ بِالْأُصْبُعَيْنِ
884 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ أَبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ رَجُلًا يَدْعُو بِأُصْبُعَيْهِ جَمِيعًا فَنَهَاهُ وَقَالَ بِإِحْدَاهُمَا، بِالْيُمْنَى (2) . [2: 24]
__________
(1) حديث صحيح بشواهده، عبد الرحمن بن معاوية: هو ابن الحويرث الأنصاري الزرقي، سيِّىء الحفظ، وباقي رجاله ثقات وابن أبي ذباب هو: عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن سعد، وهو في مسند أبي يعلى الورقة 353، وأخرجه أبو داود (1105) في الصلاة: باب رفع اليدين على المنبر، والطبراني في "الكبير" (6023) من طريق مسدد، عن بشر بن المفضل، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/337 من طريق ربعي بن إبراهيم، عن عبد الرحمن بن إسحاق، به. وصححه الحاكم 1/536، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/167، واقتصر في نسبتة إلى أحمد، وأعله بعبد الرحمن بن إسحاق ويشهد له حديث عمارة بن رُوَيبة (882) المتقدم، وحديث أبي هريرة (884) الآتي.
(2) إسناده صحيح رجاله رجال الصحيح، خلا شيخ ابن حبان، فإنه ثقة، وعبد الله ابن عمر هو ابن محمد بن أبان الأموي الكوفي الملقب بمشكدانة.
وأخرجه الترمذي (3557) في الدعوات، والنسائي 3/38 في السهو: باب النهي عن الإِشارة بأصبعين، عن محمد بن بشار، عن صفوان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة: أن رجلاً كأن يدعو بأصبعيه، فقال رسول اللًه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أحِّد، أحِّد"، وإسناده حسن، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، وهو في، "المستدرك" 1/536.
وهذا الرجل هو سعد كما صرح به أبو هريرة عند ابن أبي شيبة 10/381 من =(3/166)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: أَضْمَرَ فِيهِ أَنَّ الْإِشَارَةَ بِالْأُصْبُعَيْنِ لِيَكُونَ إِلَى الِاثْنَيْنِ، وَالْقَوْمُ عَهْدُهُمْ كَانَ قَرِيبًا بِعِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ، فَمِنْ أَجْلِهِمَا أَمَرَ بِالْإِشَارَةِ بِأُصْبُعٍ وَاحِدٍ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِخَارَةِ إِذَا أَرَادَ الْمَرْءُ أَمْرًا قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَيْهِ
885 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْرًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لِلْأَمْرِ الَّذِي يُرِيدُ خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعِيشَتِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي وَأَعِنِّي عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لِلْأَمْرِ الَّذِي يُرِيدُ شَرًّا لِي فِي دِينِي وَمَعِيشَتِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، ثُمَّ اقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ أَيْنَمَا كَانَ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» (1) . [1: 104]
__________
= طريق حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَبْصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سعداً وهو يدعو بأصبعيه، فقال "يا سعد أحِّد أحِّد"..
ومن حديث سعد بن أبي وقاص اخرجه أبو داود (1499) في الصلاة: باب الدعاء، والنسائي 3/38 في السهو: باب النهي عن الإشارة بأصبعين، وصححه الحاكم 1/536 ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.
(1) إسناده حسن، عيسى بن عبد الله بن مالك، وثقه المؤلف، وروي عنه جمع، =(3/167)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِصِحَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ
886 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ طِلْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُفَضَّلِ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَمْرًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَذَا وَكَذَا خَيْرًا لِي فِي دِينِي، وَخَيْرًا لِي فِي مَعِيشَتِي، وَخَيْرًا لِي فِي عَاقِبَةِ أَمْرِي، فَاقْدُرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ خَيْرًا لِي، فَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ مَا كَانَ، وَرَضِّنِي بِقَدَرِكَ» (1) . [1: 104]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو الْمُفَضَّلِ اسْمُهُ: شِبْلُ بْنُ
__________
= وباقي رجاله ثقات، وأخرجه البزار (3185) 4/56 من طريق عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، عن يعقوب بن إبراهيم بهذا الإِسناد.
وأورده السيوطي في " الجامع الكبير " 1/38، وزاد نسبته الى أبي يعلى، والبيهقي في الشعب، والضياء في المختارة.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/281 وقال: " رواه أبو يعلى، ورجاله موثقون، ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه " وما عزاه الهيثمي للبزار.
ويشهد له حديث أبي هريرة وحديث جابر الآتيان.
(1) الحسين بن إدريس الأنصاري حافظ ثقة مترجم في "تذكرة الحفاظ " 2/695، وحمزة بن طلبة ذكره المؤلف في "الثقات" 8/209 فقال: هو حمزة بن محمد الذي يقال له ابن طلبة من أهل هراة، يروي عن يزيد هارون، وعبد الرزاق، حدَّثنا عنه محمد بن عبد الرحمن السامي وغيره. وشبل بن العلاء، قال ابن عدي في "الكامل" 4/1367: روى أحاديث مناكير، وأحاديثه غير محفوظة، وذكره =(3/168)
الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مُسْتَقِيمُ الْأَمْرِ فِي الْحَدِيثِ
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِدُعَاءِ الِاسْتِخَارَةِ لِمَنْ أَرَادَ أَمْرًا إِنَّمَا أُمِرَ بِذَلِكَ بَعْدَ رُكُوعِ رَكْعَتَيْنِ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ
887 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ، يَقُولُ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ يُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي, فقدره لي ويسره لي وبارك فيه وإن كان شرا لي في ديني ومعادي ومعاشي وعاقبة أمري
__________
= المؤلف فى "الثقات" 6/452، وقالْ روى عنه ابن أبي فديك نسخة مستقيمة، حدَّثنا بها الفضل بن محمد العطار بأنطاكيه، حدثنا أحمد بن الوليد بن برد، عنه، كنيته أبو المفضل، وباقي رجاله ثقات. فهو حسن في الشواهد، وهذا منها، وأورده السيوطي في "الجامع الكبير" 1/38 وزاد نسبته إلى المخلص في "أماليه" وابن النجار، وفي الباب عن أبي أيوب عند الحاكم 1/314 وقال: ورواته ثقات، ووافقه الذهبي. وعن ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" (10012) و (10052) ، والأوسط ص 97، والصغير 1/190، وذكره الهيثمي في " المجمع " 10/187: وقال: رواه البزار بأسانيد، والطبراني في الثلاثة، وأكثر أسانيد البزار حسنة، وعن ابن عمر عند الطبراني في "الأوسط"، قال الهيثمي 2/280-281. وفيه من لم أجد له ترجمة.(3/169)
فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَقَدِّرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ وَرَضِّنِي بِهِ» (1) . [1: 104]
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (1162) في التهجد: باب ما جاء فى التطوع مثني مثني، والترمذي (480) في الصلاة: باب ما جاء في صلاة الاستخارة، والنسائي 6/80 في النكاح: باب كيف الاستخارة، وفي "عمل اليوم والليلة" (498) ، عن قتية بن سعيد بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/344، والبخاري (6382) في الدعوات: باب الدعاء عند الاستخارة، و (7390) في التوحيد: باب (قل هو القادر) وفي الأدب المفرد (293) وأبو داود (1538) في الصلاة، وابن ماجة (1383) في الاقامة: باب ما جاء في صلاة الاستخارة، والبيهقي في السنن 3/52، وفي "الأسماء والصفات" عن 124، 125، من طُرُق عن عبد الرحمن، به وعبد الرحمن بن أبي الموالي: وثقه ابن معين، وأبو داود، والترمذي والنسائي وغيرهم، وقال الترمذي فى حديثه هذا: صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي، وهو شيخ مدني ثقة، وقد روى عنه غير واحد من الأئمة، وقال البزار: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإسناد، وقال الدارقطني في " الأفراد ". هو غريب تفرد به عبد الرحمن، وهو صحيح وقال أبو أحمد بن عدي في "الكامل" -بعد أن نقل عن الامام أحمد أنه سئل عن عبد الرحمن، فقال: لا بأس به، روى حديثاً منكراً في الاستخارة-. عبد الرحمن مستقيم الحديث، والذي أنكر عليه في الاستخارة رواه غير واحد من الصحابة. قال الحافظ ابن حجر في "أمالي الأذكار" فيما نقله عنه ابن علان 3/345: وكأنه فهم من قول أحمد إنه منكر تضعيفه وهو المتبادر، لكن اصطلاح أحمد إطلاق هذا اللفظ على الفرد المطلق، ولو كان راوته ثقة، وقد جاء عنه فذلك ي حديث "الأعمال بالنيات"، فقال في رواية محمد بن إبراهيم التيمي: روى حديثاً منكراً، ووصف محمداً مع ذلك بالثقة، وقد نقل ابن الصلاح مثل هذا عن البرزنجي، وأشار ابن عدي أن الحديث جاء له شاهد أو أكثر، وقد سمى الترمذي من الصحابة الذين رووه اثنين، فقال: وفي الباب عن ابن مسعود وأبي أيوب، زاد شيخنا -يعني الحافظ العراقي في شرحه- عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة، وأبي سعيد....
قال الحافظ في "الفتح" 11/187: واختلف في ماذا يفعل المستخير بعد الاستخارة، فقال ابن عبد السلام: يفعل ما اتفق وقال النووي في " الأذكار ". =(3/170)
ذِكْرُ مَا يَقُولُ الْمَرْءُ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ أَوَّلَ مَا يَرَاهُ
888 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْ عَمِّهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا نُحِبُّ وَتَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ» (1) . [5: 12]
__________
= يفعل بعد الاستخارة ما ينشرح به صدره، قال الحافظ: والمعتمد أنه لا يفعل ما ينشرح به صدره مما كان له فيه هوى قوي قبل الاستخارة، وإلى ذلك الإشارة بقوله في آخر حديث أبي سعيد. " ولا حول ولا قوة إلا بالله ".
(1) حديث صحيح لغيره، عبد الرحمن بن عثمان: قال الذهبي: مقل، ضعفه أبو حاتم الرازي، وأما ابن حبان، فذكره في الثقات، وأبوه عثمان بن إبراهيم روى عنه غير واحد، ووثقه المؤلف، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، روى عنه ابنه أحاديث منكرة، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه الدارمي 2/3، 4 في الصوم، والطبراني (1330) عن طريق سعيد بن سليمان الواسطي بهذا الإسناد، وسقط من سند الطبراني المطبوع عبد الرحمن بن عثمان.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/139، وقال: " رواه الطبراني، وفيه عثمان بن إبراهيم الحاطبي، وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات ".
وله شاهد من حديث طلحة بن عبيد الله عند أحمد 1/162، والترمذي (3451) في الدعوات: باب ما يقول عند رؤية الهلال، والحاكم 4/285، وأبي يعلى 1/191، وابن السني (635) ، والدارمي 2/4، وابن أبي عاصم في السنة (376) ، والبغوي (1335) ، وسنده ضعيف، لكنه حسن في الشواهد. وآخر من حديث قتادة عند أبي داود (5092) في الأدب: باب ما يقول الرجل إذا رأى الهلال، والبغوي (1336) . وثالث من حديث رافع عند الطبراني، وإسناده حسن ورابع من حديث عبادة بن الصامت عند الطبراني. وخامس من حديث أنس عند الطبراني في الأوسط، فالحديث صحيح، انظر "مجمع الزوائد" =(3/171)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ الْإِكْثَارِ فِي السُّؤَالِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي دُعَائِهِ، وَتَرْكِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْهُ
889 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا سَأَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيُكْثِرْ، فَإِنَّهُ يَسْأَلُ رَبَّهُ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ دُعَاءَ الْمَرْءِ رَبَّهُ فِي الْأَحْوَالِ مِنَ الْعِبَادَةِ الَّتِي يَتَقَرَّبُ بِهَا إِلَى اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا
890 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ ذَرٍّ، عَنْ يُسَيْعٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ» ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (2) . [غافر: 60] . [1: 2]
__________
= 10/139، وانظر "مصنف" ابن أبي شيبة 10/401.
(1) إسناده صحيح على شرط الشيخين، وأبو أحمد الزبيري، اسمه: محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر الأسدي، وقد تابعه عليه عبد الله بن موسي -وهو من رجال الشيخين- عبد عبد بن حميد في "المنتخب" من المسند ورقة 193/1،
بلفظ: "إذا تمنى أحدكم فليستكثر، فإنما يسأل ربه عز وجل" وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/150 وقال: "رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح" وانظر حديث أبي هريرة الآتي برقم (896) .
(2) إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين غير يسيع ويقال: أسيع بن معدان =(3/172)
ذِكْرُ الشَّيْءِ الَّذِي إِذَا دَعَا الْمَرْءُ بِهِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَجَابَهُ
891 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ اللَّهَ بِالِاسْمِ الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» (1) . [1: 2]
__________
= الحضرمي، وهو ثقة، وأبو خيثمة. هو زهير بن حرب، وجرير هو ابن عبد الحميد، ومنصور: هو ابن المعتمر، وذر هو: ابن عبد الله المُرهبي.
وأخرجه أحمد 4/267، والترمذي (3247) في التفسير: باب ومن سورة غافر، والحاكم 1/490، 491، وصححه ووافقه الذهبي، والبغوي في " شرح السنة " (1384) ، من طريق سفيان عن منصور، بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه الطيالسي (801) ، وأبو داود (1479) في الصلاة: باب الدعاء، والبخاري في الأدب المفرد (714) ، من طريق شعبة، عن منصور، به، وصححه الحاكم 1/491، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/200، وأحمد 4/267 و 271 و 276، والترمذي (3372) في الدعوات: باب ما جاء في فضل الدعاء، وابن ماجة (3828) في الدعاء: باب فضل الدعاء، والطبري في " التفسير " 24/78، والنسائي في الكبرى 9/30 كما في " التحفة "، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " 8/120، من طرق عن الأعمش، عن ذر، به.
(1) إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال البخاري، وأخرجه أبو داود (1493) في الصلاة: باب الدعاء، عن مسدد بن مسرهد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 5/350 عن يحيى القطان، به ووقع فيه: "يحيى بن عبد الله بن بريدة" بزيادة "يحيي بن" وهو غلط. =(3/173)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ دُعَاءَ الْمَرْءِ بِمَا وَصَفْنَا إِنَّمَا هُوَ دُعَاؤُهُ بِاسْمِ اللَّهِ الْأَعْظَمِ لَا يَخِيبُ مَنْ سَأَلَ رَبَّهُ بِهِ892 - أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ السِّكِّينِ الْبَلَدِيُّ بِوَاسِطَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ الرَّهَاوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا رَجُلٌ يُصَلِّي يَدْعُو، يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ» ، وَإِذَا رَجُلٌ يَقْرَأ فِي جَانِب المَسْجِدِ، فَقَال رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: «لَقَد أُعِطَي مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِير آل دَاوُد» وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بن قَيسٍ قَالَ فَقُلتُ لَهُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ أُخْبِرُهُ؟ فَقَالَ: «أَخْبِرْهُ» ، فَأَخْبَرْتُ أَبَا مُوسى فَقَالَ: لَنْ تَزَالَ لِي صَدِيقاً (1) . 1: 2]
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة 10/271، وابن ماجة (3857) في الدعاء. باب اسم الله الأعظم من طريق وكيع، والبغوي (1260) من طريق الحجاج بن نصير، كلاهما عن مالك بن مغول، به.
وأخرجه مطولاً أحمد 5/349 من طريق عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، به.
وأخرجه مطولاً البغوي في " شرح السنة " (1259) من طريق عثمان بن عمر، عن عمرو بن مرزوق، عن مالك بن مغول، به. وصححه الحاكم 1/504، وأقره الذهبي. وسيرد بعده مطولاً من طريق زيد بن الحباب، عن مالك بن مغول، به.
(1) إسناده صحيح، وهو مطول ما قبله، وأخرجه الترمذي مختصراً (3475) في الدعوات: باب جامع الدعوات عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ جعفر بن محمد =(3/174)
قَالَ زَيْدُ بن الحباب: فَحَدَّثت بِهِ زُهَير بن مُعَاوِيَة فَقَالَ: سَمِعتُ أَبَا إِسْحَاق السَّبِيعي يُحَدِّث بِهَذَا الحَدِيث عَنْ مَالِك بن مِغْوَل.
ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا سَأَلَ الْمَرْءُ رَبَّهُ أَعْطَاهُ مَا سَأَلَ
893 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ مَوْلَى ثَقِيفٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ ابْنُ أَخِي أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فِي الْحَلْقَةِ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَكَعَ سَجَدَ وَتَشَهَّدَ، دَعَا، فَقَالَ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيَّامُ (1) ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ
__________
= ابن عمران الثعلبي، عن زيد بن الحباب، بهذا الإِسناد. قال الترمذي بعده. وروى شريك هذا الحديث عن أبي إسحاق، عن ابن بريدة، عن أبيه، وانما أخذه أبو إسحاق الهمداني عن مالك بن مغول، وانما دلَّسه. قلت: ومن رواية شريك أخرجه الحاكم في "المستدرك" 1/504، وصححه، ووافقه الذهبى.
(1) كذا الأصل، وعند غير المصنف " يا قيوم " وكلاهما بمعنى، قال الزجاج: القيُّوم والقيَّام في صفة الله وأسمائه الحسنى: القائم بتدبير خلقه في إنشائهم ورزقهم، وعلمه بأمكنتهم، وقال الخطابي: القيوم: هو القائم الدائم بلا زوال، وزنه فيعُول من القيام، وهو نعت للمبالغة للقيام على الشيء، ويقال. هو القائم على كل شيء بالرعاية، يقال: قمت بالشيء، إذا وليته بالرعاية والمصلحة.
وقال ابن الجوزي في "زاد المسير" 1/302 بتحقيقنا: وفي القيوم ثلاث لغات، وبه قرأ الجمهور. والقيام، وبها قرأ عمر بن الخطاب، وابن مسعود، وابن أبي عبلة، والأعمش. والقيم، وبه قرأ أبو رزين وعلقمة.(3/175)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتَدْرُونَ بِمَا دَعَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ دَعَا بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» (1) . [1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: حَفْصٌ هَذَا: هُوَ حَفْصُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخُو إِسْحَاقَ بْنِ أَخِي أَنَسٍ لِأُمِّهِ (2) .
__________
(1) خلف بن خليفة: هو ابن صاعد الأشجعي الكوفي: صدوق إلا أنه اختلط بأخرة، لكنه قد توبع عليه، وباقي رجاله ثقات. وأخرجه النسائي 3/52 في السهو: باب الدعاء بعد الذكر، عن قتية بن سعيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/158 و245، وأبو داود (1495) في الصلاة: باب الدعاء، والبخاري في الأدب المفرد (705) ، والبغوي في "شرح السنة" (1258) من طرق عن خلف ابن خليفة، به، وصححه الحاكم 1/503-504 ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/272، وأحمد 3/120، وابن ماجة (3858) فى الدعاء: باب اسم الله الأعظم، من طريق وكيع، عن ابي خزيمة عن أنس بن سيرين، عن أنس بن مالك، وهذا إسناد صحيح.
وأخرجه أحمد 3/265 من طريق إسحاق بن إبراهيم الرازي، عن سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن عبد العزيز بن مسلم، عن عاصم، عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة، عن أنس، وهذا سند حسن في الشواهد.
وأخرجه الترمذي (3544) في الدعوات: باب خلق الله مئة رحمة، من طريق يونس بن محمد، عن سعيد بن زربي، عن عاصم الأحول، وثابت، عن أنس.
وهذا إسناد ضعيف لضعف سعيد بن زربي.
(2) ومثله في " الثقات " 4/151، وفي " تهذيب التهذيب " 2/421: حفص ابن أخي أنس بن مالك أبو عمر المدني، قيل: هو ابن عبد الله أو عبيد الله بن أبي طلحة، وقيل: ابن عمر بن عبد الله أو عبيد الله بن أبي طلحة، وقيل: محمد بن عبد الله ... روى له أحمد في "مسنده" عدة أحاديث من رواية خلف بن خليفة، عنه، عن أنس، قال في بعضها: عن حفص بن عمر، وقال في بعضها: عن حفص ابن أخي أنس، فيترجح أن اسم أبيه عمر.(3/176)
ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ تَفْوِيضِ الْمَرْءِ لِلْأُمُورِ كُلِّهَا إِلَى بَارِئِهِ مَعَ سُؤَالِهِ إِيَّاهُ الدِّقَّ وَالْجِلَّ مِنْ أَسْبَابِهِ
894 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا قَطَنُ بْنُ نَسِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَسْأَلَ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا، حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ» (1) . [1: 2]
895 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى بِخَبَرٍ غَرِيبٍ، قَالَ: [حَدَّثَنَا] قَطَنُ بْنُ نَسِيرٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا، حَتَّى شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ» (2) . [1: 2]
ذِكْرُ الْعِلَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا أَمَرَ بِهَذَا الْأَمْرِ
896 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِي مَالِكٌ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيُعْظِمِ الرَّغْبَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَاظَمُ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ» (3) . [1: 2]
__________
(1) هو مكرر الحديث (866) ، فانظر تخريجه هناك.
(2) هو مكرر ما قبله.
(3) إسناده صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أحمد 2/457، 458 من طريق شعبة، ومسلم (2679) في الذكر: باب العزم بالدعاء، والبغوي في "شرح السنة" (1303) ، من طريق إسماعيل بن جعفر، والبخاري في الأدب المفرد (607) من طريق عبد =(3/177)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ دُعَاءَ الْمَرْءِ بِأَوْثَقِ عَمَلِهِ قَدْ يُرْجَى لَهُ إِجَابَةُ ذَلِكَ الدُّعَاءِ
897 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «خَرَجَ ثَلَاثَةٌ يَتَمَاشَوْنَ، فَأَصَابَهُمْ مَطَرٌ، فَدَخَلُوا كَهْفَ جَبَلٍ، فَانْحَطَّ عَلَيْهِمْ حَجَرٌ فَسَدَّ عَلَيْهِمُ الطَّرِيقَ، فَقَالُوا: ادْعُوا اللَّهَ بِأَوْثَقِ أَعْمَالِكُمْ.
فَقَالَ وَاحِدٌ مِنْهُمُ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، وَأَنِّي رُحْتُ يَوْمًا فَحَلَبْتُ لَهُمَا، فَأَتَيْتُهُمَا وَهُمَا نَائِمَانِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَكَرِهْتُ أَنْ أَسْقِيَ وَلَدِي، وَصِبْيَتِي عِنْدَ رِجْلَيَّ يَتَضَاغَوْنَ، فَقُمْتُ قَائِمًا حَتَّى انْفَجَرَ الصُّبْحُ فَسَقَيْتُهُمَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ فَافْرُجْ عَنَّا وَأَرِنَا السَّمَاءَ قَالَ: فَانْفَرَجَ فُرْجَةٌ فَرَأَوَا السَّمَاء.
__________
= العزيز بن أبي حازم ثلاثتهم عن العلاء، بهذا الإسناد.
وفي الباب عن عائشة موقوفًا عند ابن أبي شيبة 10/274 ولفظه: إذا تمنى أحدكم فليكثر فإنما يسأل ربه. وأخرجه البغوي عن عائشة مرفوعاً في "شرح السنة" (1403) وأورده الهيثمي في " المجمع " 10/150 عن عائشة مرفوعاً، وقال: رواه الطبراني في " الأوسط " ورجاله رجال الصحيح. وعن أبي سعيد موقوفاً عند ابن أبي شيبة 10/274 بلفظ: إذا سألتم الله فارفعوا في المسألة، فإن ما عند الله لستم منفديه.
وانظر الحديث الوارد برقم (977) .(3/178)
وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ وَكُنْتُ أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ وَأَنِّي سَأَلْتُهَا نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَا حَتَّى تَأْتِيَنِي بِمِئَةِ دِينَارٍ فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا فَأَتَيْتُهَا فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلاَّ بِحَقِّهِ فَتَرَكْتُهَا اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ فَافْرُجْ عَنَّا وَأَرِنَا السَّمَاءَ قَالَ: فَزَالَتْ قِطْعَةٌ مِنَ الْحَجَرِ وَرَأَوَا السَّمَاءَ.
وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنِّي اسْتَعْمَلْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنَ الأَرُزِّ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ أَعْطَيْتُهُ فَلَمْ يَأْخُذْ أَجْرَهُ وَتَسَخَّطَهُ فَأَخَذْتُ الْفَرَقَ فَزَرَعْتُهُ حَتَّى صَارَ مِنْ ذَلِكَ بَقَرًا وَغَنَمًا فَأَتَانِي بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ يَا عَبْدَ اللهِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَظْلِمْنِي أَجْرِيَ فَقُلْتُ خُذْ هَذِهِ الْبَقَرَ وَرَاعِيهَا فَقَالَ اتَّقِ اللَّهَ، وَلاَ تَهْزَأْ بِي قُلْتُ مَا أَهْزَأُ بِكَ فَهُوَ لَكَ وَلَوْ شِئْتُ لَمْ أُعْطِهِ إِلاَّ الْفَرَقَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ رَجَاءَ رَحْمَتِكَ وَخَشْيَةَ عَذَابِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فَزَالَ الْحَجَرُ وَخَرَجُوا (1) . [3: 6]
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (2215) في البيوع: باب إذا اشترى شيئاً لغيره بغير إذنه فرضي، عن يعقوب بن إبراهيم، ومسلم (2743) في الذكر: باب قصة أصحاب الغار الثلاثة، عن إسحاق بن منصور وعبد بن حميد، ثلاثتهم عن أبي عاصم، بهذا الإِسناد.
وأخرجه البخاري (2333) في الحرث والزراعة: باب إذا زرع بمال قوم بغير إذنهم، عن إبراهيم بن المنذر، ومسلم (274) في الذكر والدعاء، عن محمد ابن إسحاق المسيبى، كلاهما عن أبي ضمرة أنس بن عياض، عن موسي بن عقبة به.
وأخرجه البخاري (3465) في أحاديث الأنبياء: باب حديث الغار و (5974) =(3/179)
ذِكْرُ سُؤَالِ الْعَبْدِ رَبَّهُ أَنْ لَا يُضِلَّهُ بَعْدَ إِذْ مَنَّ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ لَهُ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ
898 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِشْكَابٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الْحُسَيْنِ (1) يَعْنِي الْمُعَلِّمَ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ (2) ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ (3) ،
__________
= في الأدب: باب إجابة دعاء من بَرَّ والديه، والبغوي في "شرح السنة " (3420) ، من طريقين عن نافع، به.
وأخرجه أحمد 2/116، والبخاري (2272) في الإِجارة: باب من استأجر أجيراً فترك أجره، ومسلم (2743) في الذكر والدعاء، من طريقين عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ ابْنِ عمر، به.
وفي الباب عن أبي هريرة سيرد برقم (971) .
وعن النعمان بن بشير عند أحمد 2/274، والبزار (3178) و (3179) و (3180) ، أورده الهيثمي في " المجمع " 8/142، وقال. رواه أحمد والطبراني في " الأوسط " و " الكبير " والبزار بنحوه من طرق، ورجال أحمد ثقات ثم أورد الهيثمي رواية أخرى عن النعمان بن بشير، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ ابن حجر: وعن النعمان بن بشير من ثلاثة أوجه حسان، أحدها عند البزار وأحمد، وكلها عند الطبراني.
وعن أنس عند أحمد 3/142، 143، والبزار (1868) ، والطبراني في " الدعاء " (200) ، قال الهيثمي. رواه أحمد مرفوعاً، ورواه أبو يعلى، وكلاهما رجاله رجال الصحيح. " المجمع " 8/140 ولم يعزه إلى البزار.
وعن علي عند البزار (1867) ، أورده الهيثمي، وقال: ورجاله ثقات.
قال الحافظ: و [عن] عقمة بن عامر، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وابن أبي أوفى، بأسانيد ضعيفة، وقد استوعب طرقه ابو عوانة في " صحيحه " والطبراني في الدعاء. انظر "الفتح " 6/510، 511.
ويتضاغون. يصوتون باكين من الجوع. والخاتم: كناية عن البكارة والفرق: إناء يسع ثلاثة آصع.
(1) في الأصل: أبو الحسين وهو تحريف.
(2) في الأصل: بريد، وهو تحريف.
(3) تحرف في الأصل إلي معمر.(3/180)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، أَعُوذُ بِكَ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنَّ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ الدُّعَاءِ قَبْلَ هِدَايَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ لِلْإِسْلَامِ وَبَعْدَهُ
899 - أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُبَارَكِ الْعَابِدُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ رِبْعِيٍّ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ خَيْرٌ لِقَوْمِهِ مِنْكَ، كَانَ يُطْعِمُهُمُ الْكَبِدَ وَالسَّنَامَ، وَأَنْتَ تَنْحَرُهُمْ، فَقَالَ لَهُ: مَا شَاءَ اللَّهُ (2) ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْصَرِفَ، قَالَ: مَا أَقُولُ؟، قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لِي عَلَى أَرْشَدِ (3) أَمْرِي» فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَتَيْتُكَ فَقُلْتُ: عَلِّمْنِي، فَقُلْتَ: «اللَّهُمَّ
__________
(1) إسناده صحيح. وأخرجه أحمد 1/302 عن عبد الصمد بن عبد الوارث، بهذا الإسناد وأخرجه البخاري (7383) في التوحيد باب قول الله تعالى: (وهو العزيز الحكيم) ، مختصراً، ومسلم (2717) في الذكر والدعاء: باب التعوذ من شر ما عمل، عن حجاج بن الشاعر، والنسائي في الكبرى كما في " التحفة " 5/269 عن عثمان بن عبد الله، ثلاثتهم عن أبي معمر عبد الله بن عمرو المنقري، عن عبد الوارث، بهذا الإسناد.
(2) زاد أحمد وغيره " أن يقول له ".
(3) في الأصل "رشد"، وما أثبتُّه هو عند الجميع.(3/181)
قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لِي عَلَى أَرْشَدِ (1) أَمْرِي، فَمَا أَقُولُ الْآنَ حِينَ أَسْلَمْتُ؟، قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ قِنِي شَرَّ نَفْسِي، وَاعْزِمْ لِي عَلَى أَرْشَدِ (2) أَمْرِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَخْطَأْتُ، وَمَا عَمَدْتُ (2) ، وَمَا جَهِلْتُ» (3) . [1: 104]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ سُؤَالَ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا الزِّيَادَةَ لَهُ فِي الْهُدَى وَالتَّقْوَى
900 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ
__________
(1) في الأصل " رشد " وما أثبته هو عند الجميع.
(2) زاد أحمد وغيره: وما علمت.
(3) إسناده صحيح، وهو في " المستدرك " 1/510 من طريق أحمد بن حازم، عن عبيد الله بن موسى، بهذا الإسناد. وصححه، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد 4/444 عن حسين، عن شيبان، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/272-213 من طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن منصور، به.
وأخرجه الترمذي (3483) في الدعوات، والطبراني 18/174، والبخاري في التاريخ 3/1 من طرق عن أبي معاوية، عن شبيب بن شيبة، عن الحسن البصري، عن عمران بن حصين، بنحوه. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وانظر الطبراني 18/103 و 115 و 185-186 و 238.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/172، وقال: " رواه أحمد، والبزار، والطبراني بنحوه، ورجالهم رجال الصحيح، غير عون العقيلي، وهو ثقة ".
وقوله: " وما جهلت " معناه: ما علمته جاهلاً بقصدي إليه مع معرفتي وجنايتي على نفسي بدخولي فيه، وعملي إياه. انظر "مشكل الآثار" 3/213-214 للإمام أبي جعفر الطحاوي.(3/182)
إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى، وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ، وَالْغِنَى» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا الْهِدَايَةَ لِأَرْشَدِ أُمُورِهِ
901 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وامْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ (2) ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي [ذَنْبِي] (3) وَخَطَايَايَ وَعَمْدِي» (4) ، وَقَالَ الْآخَرُ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَهْدِيكَ لِأَرْشَدِ أُمُورِي، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي» (5) . [5: 12]
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 1/411، و 416 و 437، ومسلم (2721) في الذكر والدعاء: باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل، والترمذي (3489) في الدعوات، والبخاري في "الأدب المفرد" (، 67) ، من طرق عن شعبة، بهذ الإسناد.
وأخرجه مسلم (2721) ، وابن ماجة (3832) في الدعاء: باب دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من طرق عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أبي إسحاق، به.
(2) كذا الأصل، وفي المسند والمجمع: من قيس.
(3) سقط من الأصل، واستدرك من مسند أحمد.
(4) في الرواية الثانية للمسند: " اللهم، اغفر لي ذنبي.: خطئي وعمدي " بلا واو، وهي كذلك في "مجمع الزوائد ".
(5) إسناده صحيح، وحماد بن سلمة سمع من سعيد الجريري قبل أن يختلط، وأخرجه أحمد 4/21 و217، والطبراني في "الكبير" (8369) من طريقين عن حماد بن سلمة، بهذا الإِسناد، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/177، وقال: رواه أحمد، والطبرانى ... ورجالهما رجال الصحيح.(3/183)
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا صَرْفَ قَلْبِهِ إِلَى طَاعَتِهِ
902 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حِبَّانُ (1) بْنُ مُوسَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ ابْنِ آدَمَ (2) مُلْقًى بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يَصْرِفُهُ (3) كَيْفَ يَشَاءُ» ثُمَّ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اصْرِفْ قُلُوبَنَا إِلَى طَاعَتِكَ» (4) . [5: 12]
__________
(1) تحرف في الأصل إلى " حسان ".
(2) في أحمد ومسلم وغيرهما: إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين.
(3) في الاصل: يصرف.
(4) إسناده صحيح، عبد الله: هو ابن يزيد المقرئ أو عبد الرحمن، وأبو هانىء الخولاني: هو حميد بن هانىء الخولاني المصري، وأبو عبد الرحمن الحُبُلي: هو عبد الله بن يزيد المعافري المصري تابعي ثقة، وهو أحد العشرة الذين ابتعثهم عمر بن عبد العزيز ليفقهوا أهل إفريقة، ويعلموهم أمر دينهم.
وأخرجه أحمد 2/168، ومسلم (2654) في القدر: باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء، وأبو بكر الآجري في " تنزيه الشريعة " ص 316، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 147، وابنُ أَبِي عاصم في "السنة" 1/100 من طرقٍ عن عبد الله بن يزيد المقرىء، به. وأخرجه النسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 6/351 من طريق ابن المبارك عن حيوة، به.
وأخرجه أحمد 2/173 من طريق يحيي بن غيلان، عن رشدين، عن أبي هانىء الخولاني، به.
وفي الباب عن النواس بن سمعان عند الآجري ص 317، والبيهقي ص 148، والحاكم 1/525 وصححه، ووافقه الذهبي، وعن أم سلمة وأنس وعائشة عند الآجري ص 317-318.(3/184)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ صَلَاةَ الدَّاعِي رَبَّهُ عَلَى صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دُعَائِهِ تَكُونُ لَهُ صَدَقَةً عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا
903 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ دَرَّاجًا حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَا الْهَيْثَمَ حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ صَدَقَةٌ، فَلْيَقُلْ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَصَلِّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، فَإِنَّهَا زَكَاةٌ»
وَقَالَ: «لَا يَشْبَعُ الْمُؤْمِنُ خَيْرًا حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الْجَنَّةُ» (1) . [1: 2]
حَطُّ الْخَطَايَا عَنِ الْمُصَلِّي عَلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَا
904 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَلِيلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيُّ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ
__________
(1) إسناده ضعيف، لضعف دراج في روايته عن أبي الهيثم، وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (640) من طريق يحيى بن سليمان، عن ابن وهب، به دون قوله: "لا يشبع المؤمن ... ".
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/167 دون قوله " لا يشبع ... "، وقال: "رواه أبو يعلى، وإسناده حسن ".
وله شاهد من حديث أبي هريرة عند ابن أبي شيبة 2/517 بلفظ " صلوا علي فإن الصلاة علي زكاة لكم ".
وأخرج القسم الثاني منه: الترمذي (2686) في العلم: باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، عن عمر بن حفص الشيباني البصري، عن عبد الله بن وهب، به إسناده ضعيف لضعف درّاج كما سبق، ومع ذلك فقد حسنه الترمذي.(3/185)
بُرَيْدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرَ صَلَوَاتٍ، وَحَطَّ عَنْهُ عَشْرَ خَطِيئَاتٍ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَاتِ لِمَنْ صَلَّى عَلَى صَفِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً
905 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ،
__________
(1) إسناده صحيح، وأخرجه ابن أبي شيبة 2/517، وأحمد 3/102 و261، والبخاري في " الأدب المفرد " (643) ، والنسائي 3/50 في السهو: باب الفضل في الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي "عمل اليوم والليلة" (62) و (362) و (363) ، من طرق عن يونس بن أبي إسحاق، بهذا الإسناد، وفي بعض الروايات زيادة: " ورفعت له عشر درجات ". وصححه الحاكم 1/550، ووافقه الذهبي.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (63) من طريق عن يونس، عن بُريد، عن الحسن، عن أنس.
وفي الباب عن أبي هريرة في الروايتين التاليتين، وعن أبي طلحة سيرد برقم (915) ، وعن عبد الله بن عمرو عند مسلم (384) في الصلاة. باب استحباب القول مثل قول المؤذن، والترمذي (3614) في المناقب: باب في فضل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنسائي 2/25 في الأذان: باب الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الأذان، وفي "عمل اليوم والليلة " (45) ، وعن عمير بن نيار الأنصاري عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (64) وعن أبي بردة بن نيار عند النسائي (65) والبزار (3160) وعن عبد الرحمن بن عوف عند ابن أبي شيبة 2/518، وعن عامر بن ربيعة عند البزار (3161) .(3/186)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً وَاحِدَةً، كُتِبَ لَهُ بِهَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمُصَلِّي عَلَى صَفِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً بِمَغْفِرَتِهِ عَشْرِ مِرَارٍ
906 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى عَنْ (2) إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» (3) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وخالد بن عبد الله: هو ابن عبد الرحمن بن يزيد الطحان الواسطي المزني، وأخرجه إسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رقم (11) من طريق بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إسحاق، به.
وبهذا اللفظ أخرجه أحمد 2/262 من طريق أبي كامل، عن حماد، عن سهيل عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. قَالَ الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/160. ورجاله رجال الصحيح. وانظر ما يأتي.
(2) في الأصل: موسى بن إسماعيل، وهو تحريف.
(3) صحيح، وأخرجه أحمد 2/372 و375، ومسلم (408) في الصلاة: باب الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد التشهد، وأبو داود (1530) في الصلاة: باب في الاستغفار، والترمذي (485) في الصلاة: باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنسائي 3/50 في السهو: باب الفضل في الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والدارمي 2/317 في الرقاق: باب في فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبخاري فىِ "الأدب المفرد" (645) من طرق عن إسماعيل بن جعفر، به.
وأخرجه أحمد 2/485 من طريق زهير وأبي عامر، واسماعيل القاضي في "فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " برقم (9) من طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن العلاء، به.(3/187)
ذِكْرُ رَجَاءِ دُخُولِ الْجِنَانِ الْمُصَلِّي عَلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِهِ مَعَ خَوْفِ دُخُولِ النِّيرَانِ عِنْدَ إِغْضَائِهِ عَنْهُ كُلَّمَا ذَكَرَهُ
907 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: «آمِينَ آمِينَ آمِينَ» قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ حِينَ صَعِدْتَ الْمِنْبَرَ قُلْتَ: آمِينَ آمِينَ آمِينَ، قَالَ: «إِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي، فَقَالَ: مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ وَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَمْ يَبَرَّهُمَا، فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ، وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ، قُلْ: آمِينَ، فَقُلْتُ: آمِينَ» (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي المدني، قال الحافظ في " التقريب ": صدوق له أوهام، وباقي رجاله ثقات. أبو معمر هو: إسماعيل بن إبراهيم بن معمر الهذلي.
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (646) من طريق محمد بن عبد الله، واسماعيل القاضي (18) من طريق أبي ثابت، كلاهما عن ابن أبي حازم، عن كثير، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وأخرجه البزار (3169) ، وصححه ابن خزيمة (1888) من طريق سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، بالإسناد المذكور. وورد بعده من طريق المقبري، عن أبي هريرة.
وفي الباب عن كعب بن عجرة، وأنس بن مالك، عند إسماعيل القاضي رقم (15) و (19) ، وعن جابر بن عبد الله عند البخاري في "الأدب المفرد" (644) ، وعن عمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن سمرة، وعبد الله =(3/188)
ذِكْرُ خَبَرٍ ثَانٍ يُصَرِّحُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ
908 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ عِنْدَ الْكِبَرِ، فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ شَهْرُ رَمَضَانَ، ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ نَفْيِ الْبُخْلِ عَنِ الْمُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
909 - أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ بِسَنْجَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ،
__________
= ابن الحارث بن جزء، عند البزار (3164) و (3165) و (3166) و (3167) ، وعن غيرهم. انظر "المجمع" 10/164-167.
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، عبد الرحمن بن إسحاق: هو ابن عبد الله بن الحارث بن كنانة المدني، وأخرجه إسماعيل القاضي برقم (16) من طريق مسدد عن بشر بن المفضل بهذا الإسناد، وأخرجه الحاكم 1/549، شاهداً لحديث الحسين بن علي الآتي بعده.
وأخرجه أحمد 2/254، والترمذي (3545) في الدعوات: باب قَوْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رَغِمَ أنف رجل " عن أحمد بن إبراهيم الدورقي، عن ربعي بن إبراهيم بن علية، عن عبد الرحمن بن إسحاق، بهذا الإسناد.
وقوله. " رغم أنف رجل أدرك أبويه عند الكبر.. " أخرجه مسلم (2551) في البر والصلة: باب رغم أنف ... من طريق سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أبي هريرة.(3/189)
عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ الْبَخِيلَ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ» (1) . [1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: هَذَا أَشْبَهُ شَيْءٍ رُوِيَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَكَانَ الْحُسَيْنُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَيْثُ قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ إِلَّا شَهْرًا، وَذَلِكَ أَنَّهُ وُلِدَ لِلَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَابْنُ سِتِّ سِنِينَ وَأَشْهُرٍ إِذَا كَانَتْ لُغَتُهُ الْعَرَبِيَّةَ يَحْفَظُ الشَّيْءَ بَعْدَ الشَّيْءِ
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ صَلَاةَ مَنْ صَلَّى عَلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُمَّتِهِ تُعْرَضُ عَلَيْهِ فِي قَبْرِهِ
910 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ،
__________
(1) إسناده قوي، رجاله ثقات رجال مسلم ما عدا عبد الله بن علي، وقد روى عنه جمع، ووثقه المؤلف.
وأخرجه الترمذي (3546) في الدعوات، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (56) من طرق عن أبي عامر العقدي، به.
وأخرجه أحمد 1/201، والنسائي في "الكبرى" كما في "التحفة" 3/66، وفي " عمل اليوم والليلة " (55) ، وابن السني في عمل اليوم والليلة (384) ، وأبو يعلى (6776) ، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي (32) من طرق عن سليمان بن بلال بهذا الإسناد، وقال الترمذي: حسن صحيح، وصححه الحاكم 1/549، ووافقه الذهبي، وقد تابع سليمان بن بلال إسماعيل بن جعفر عند إسماعيل القاضي (35) ، وتابعه أيضاً علِيه عبد الله بن جعفر بن نجيح.
قال الحافظ: ولا يقصر عن درجة الحسن. "الفتح" 11/168.
وله شاهد من حديث أنس عند النسائي فيما ذكره الفيروزآبادي في الرد على المعترضين ورقة 39/1، وآخر صحيح عن الحسن مرسلاً عند إسماعيل القاضي (38) .(3/190)
قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» ، قَالُوا: وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرَمْتَ؟، فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَامَنَا» (1) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، حسين بن علي هو: الجعفي، وهو في صحيح ابن خزيمة برقم (1733) .
وأخرجه أحمد 4/8، وابن أبي شيبة 2/516 ومن طريقه ابن ماجة (1085) في الإقامة: باب فضل الجمعة، عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (1047) في الصلاة: باب تفريع أبواب الجمعة، عن هارون ابن عبد الله، و (1531) في الصلاة: باب في الاستغفار، عن الحسن بن علي، والنسائي 3/91-92 في السهو باب إكثار الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الجمعة، عن إسحاق بن منصور، والدارمي 1/361، والطبراني في " الكبير " (589) ، من طريق عثمان بن أبي شيبة، والبيهقي 3/248 من طريق أحمد بن عبد الحميد الحارثي، إسماعيل القاضي (22) من طريق علي بن عبد الله، كلهم عن حسين بن علي الجعفي، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1/278، ووافقه الذهبي، وصححه النووي في " الأذكار ".
وله شاهد من حديث أبي الدرداء وأبي أمامة كما في " جلاء الأفهام " ص 39 وفي كليهما ضعف إلا أنهما يصلحان للشواهد ... وقوله: أرَمْت على وزن ضَرَبْتَ، أي: بليت، وأصله أرممت، فحذفت إحدي الميمين كأحست في أحسسته.(3/191)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ فِي الْقِيَامَةِ يَكُونُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ أَكْثَرَ صَلَاةً عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا
911 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً» (1) . [1: 2]
__________
(1) موسي بن يعقوب الزمعي سيِّىء الحفظ، وعبد الله بن كيسان لم يوثقه غير المؤلف، وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" 5/177، والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " رقم (63) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، به.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" 6/2342 من طريق الحسين بن إسماعيل، عن عمرو بن معمر العمري، عن خالد بن مخلد، به.
وقد روي الحديث أيضاً عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عبد الله بن مسعود بلا واسطة، وهو ما أخرجه الترمذي (484) في الصلاة: باب ما جاء في فضل الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن محمد بن بشار، والبخاري في، "تاريخه الكبير" 5/177 من طريق محمد بن المثنى، كلاهما عن محمد بن خالد بن عثمة، عن موسي بن يعقوب، عن عبد الله بن كيسان، عن عبد الله بن شداد، عن ابن مسعود. ومن طريق الترمذي أخرجه البغوي في " شرح السنة " (686) .
وأورده البخاري في " تاريخه الكبير" 5/177 عن ابراهيم بن المنذر، عن عباس بن أبي شملة، عن موسي الزمعي، عن عبد الله بن كيسان، عن عتبة بن عبد الله، عن ابن مسعود.
وذكر البخاري أيضاً متابعاً لموسي الزمعي، فأورده عن محمد بن عبادة، عن يعقوب، عن قاسم بن أبي زياد، عن عبد الله بن كيسان عن سعيد المقبري، عن عتبة بن عبد الله، عن ابن مسعود.
وله شاهد عند البيهقي في سننه 3/249، وفي "حياة الأنبياء" (11) ، عن أبي أمامة، بلفظ: "صلاة أمي تعرض علي في كل يوم جمعة، فمن كان أكثرهم =(3/192)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقِيَامَةِ يَكُونُ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ، إِذْ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَوْمٌ أَكْثَرَ صَلَاةٍ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ (1) .
ذِكْرُ الْأَخْبَارِ الْمُفَسِّرَةِ لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
912 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: قَالَ لِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: أَلَا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً؟ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَرَفْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟، قَالَ: «قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ؛ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ» (2) . [1: 12]
__________
= علي صلاة، كان أقربهم مني منزلة"، قال المنذري في " الترغيب والترهيب " 3/303: رواه البيهقي بإسناد حسن، إلا أن مكحولاً قيل: لم يسمع من أبي أمامة. وقال الحافظ في " الفتح " 11/167: لا بأس بسنده.
(1) وقال أبو نعيم فيما نقله عنه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " ص 35: وهذه منقبة شريفة يختص بها رواة الآثار ونقلتها؛ لأنه لا يعرف لعصابة من العلماء من الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أكثر مما يعرف لهذه العصابة نسخاً وذكراً.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه ابن ماجة (904) في إقامة الصلاة: باب الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من طريق علي بن محمد، عن وكيع، بهذا الإسناد.
أخرجه مسلم (406) (67) في الصلاة: باب الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد(3/193)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= التشهد، من طريق زهير بن حرب وأبي كريب، عن وكيع، عن شعبة ومسعر، به. وليس في حديث مسعر: " ألا أهدي لكم هدية ".
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/507 من طريق وكيع، عن مسعر، عن الحكم، به.
وأخرجه أحمد 4/241، والبخاري (6357) في الدعوات، ومسلم (406) (66) ، وأبو داود (976) و (977) في الصلاة، والنسائي 3/48 في السهو: باب كيف الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي "عمل اليوم والليلة" (54) ، وابن ماجة (904) ، والدارمي 1/309 في الصلاة، من طرق عن شعبة، به.
وأخرجه عبد الرزاق (3105) ، وأحمد 4/241 و243، والبخاري (4797) في التفسير: باب (إن الله وملائكته يصلون على النبي) ، ومسلم (406) (68) ، وأبو داود (978) ، والترمذي (483) في الصلاة، والنسائي 3/47، والطبري في "التفسير" 22/43، من طرق عن الحكم، به.
وأخرجه الحميدي (711) و (712) ، وأحمد 4/244، والبخاري (3370) في الأنبياء، وأبو عوانة 2/231، 232، و233، والشافعي 1/92، واسماعيل القاضي (56) و (57) و (58) ، والطبراني في " الكبير " 19/116 و 123 و124 و 125 و 126 و 127 و 128 و 129 و 130 و 131 و 132، والبيهقي في "السنن" 2/147-148، وابن الجارود (206) والطيالسي (1061) ، والطبراني في الصغير ص 193، والطحاوي في "مشكل الآثار" 3/72، وابن أبي شيبة 2/507، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (359) ، والبغوي (681) ، من طرق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، به.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند البخاري (4798) في التفسير، وعن أبي حميد الساعدي عند البخاري (6360) في الدعوات، وعن أبي مسعود الأنصاري عند مسلم (405) في الصلاة، وعن أبي هريرة عند النسائي في " عمل اليوم والليلة "، (47) ، وعن طلحة عند النسائي في السنن 3/48، وعن عقبة بن خارجة عند النسائي 3/49، وفي " عمل اليوم والليلة " (53) ، وعن عقبة بن عمرو عند ابن أبي شيبة 2/507، 508، وعن الحسن عند ابن أبي شيبة 2/508.(3/194)
ذِكْرُ كِتْبَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَاتِ لِمَنْ صَلَّى عَلَى صَفِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً
913 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ مَرَّةً وَاحِدَةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ» (1) . [1: 12]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ سَلَامَ الْمُسَلِّمِ عَلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْلُغُ إِيَّاهُ ذَلِكَ فِي قَبْرِهِ
914 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ زَاذَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» (2) . [1: 2]
__________
(1) إسناده صحيح، وهو مكرر (905) .
(2) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، وعبد الله بن السائب هو الشيباني الكندي.
وأخرجه أحمد 1/441، والنسائي 3/43 في السهو، من طريق وكيع، به.
وأخرجه عبد الرزاق (3116) ، وابن أبي شيبة 2/517، وأحمد 1/387 و452، والنسائي 3/43، وفي "عمل اليوم والليلة " (66) ، والدارمي 2/317 في الرقاق: باب في فضل الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبزار 1/295، وأبو يعلى 241/1/2 وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" 2/205، والطبراني في "الكبير" (10528) و (10529) و (10530) ، وإسماعيل القاضي (21) ، والبغوي في "شرح السنة" (687) ، كلهم من طريق سفيان الثوري به. وصححه الحاكم 2/421، ووافقه الذهبي، وصححه أيضاً ابن القيم في "جلاء الأفهام" ص 24.(3/195)
ذِكْرُ تَفَضُّلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَلَى الْمُسَلِّمِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً وَاحِدَةً بِأَمْنِهِ مِنَ النَّارِ عَشْرَ مَرَّاتٍ (1) نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا
915 - أَخْبَرَنَا أَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ، غُلَامُ طَالُوتَ بْنِ عَبَّادٍ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُوسَى الْحَادِي، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مَسْرُورٌ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَكَ جَاءَنِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَمَا تَرْضَى أَنْ لَا يُصَلِّي عَلَيْكَ عَبْدٌ مِنْ عِبَادِي صَلَاةً إِلَّا صَلَّيْتُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، وَلَا يُسَلِّمُ عَلَيْكَ تَسْلِيمَةً إِلَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا؟ قُلْتُ: بَلَى أَيْ رَبِّ» (2) . [1: 2]
__________
(1) في هامش الأصل: مرارخ.
(2) إسناده ضعيف. عمر بن موسى الحادي البصري، ويقال: عمر بن سليمان الحادي، قال الذهبي في " الميزان " 3/202 و 226: ضعفه ابن عدي وابن نقطة، ووثقه ابن حبان. وسليمان مولى الحسن ترجمه ابن أبي حاتم 4/152، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلاً، وذكره المؤلف في الثقات، وقال النسائي: ليس بمشهور، وباقي رجاله ثقات وأخرجه ابن أبي شيبة 2/516، وأحمد 4/29- 30 كلاهما عن عفان، والنسائى 3/50 في السهو: باب الفضل في الصلاة على النبي، وفي "عمل اليوم والليلة" (60) ، من طريق ابن المبارك، والدارمي 2/317 في الرقاق: باب في فضل الصلاة على النبي، من طريق سليمان بن حرب، ثلاثتهم عن حماد بن سلمة، بهذ الإسناد. وصححه الحاكم 2/420، ووافقه الذهبي. وللحديث طريقان آخران عند إسماعيل القاضي رقم (1) و (2) ، وشاهدان من حديث أنس وعمر يصح بهما.
وله شاهد من حديث عبد الرحمن بن عوف عند الحاكم 1/550، وصححه، ووافقه الذهبي.(3/196)
ذِكْرُ الْإِبَاحَةِ لِلْمَرْءِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ ضِدَّ قَوْلِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فَقَطْ
916 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (1) ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَادَتْهُ امْرَأَتِي فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ» (2) . [4: 1]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ
917 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَصَدَّقَ إِلَيْهِ أَهْلُ بَيْتٍ بِصَدَقَةٍ صَلَّى عَلَيْهِمْ، قَالَ: فَتَصَدَّقَ أَبِي إِلَيْهِ بِصَدَقَةٍ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» (3) . [4: 1]
__________
(1) تحرف في الأصل إلى شقيق.
(2) إسناده صحيح، رجاله رجال الشيخين ما عدا نبيح، وهو ابن عبد الله العنزي الكوفي، ووثقه العجلي ص 448، وابن حبان 5/484 وغيرهما. وأخرجه ابن أبي شيبة 2/519، وأحمد 3/303 عن وكيع، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (423) عن عبد الاعلى بن واصل، عن يحيي بن آدم، عن سفيان، به. وسيعيده المؤلف من طريق سفيان مطولاً برقم (984) .
وسيرد برقم (918) من طريق أبي عوانة عن الأسود بن قيس، به. ويأتى تخريجه هناك.
(3) إسناده صحيح، وهو في مسند أبي داود الطيالسي (819) ، ومن طريقه أخرجه أبو =(3/197)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ بِلَفْظِ الصَّلَاةِ إِلَّا لِآلِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
918 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ نُبَيْحٍ الْعَنَزِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكِ وَعَلَى زَوْجِكِ» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ مِنَ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِي ثُلُثِ اللَّيْلِ الْآخِرِ
919 - أَخْبَرَنَا الْقَطَّانُ بِالرَّقَّةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ أَبِي الْعِشْرِينَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:
__________
= نعيم في "حلية الأولياء" 5/96.
وأخرجه عبد الرزاق (6957) ، وأحمد 4/353 و 355 و 381 و 388، والبخاري (1497) في الزكاة: باب صلاة الإمام ودعاؤه لصاحب الصدقة، و (4166) في المغازي: باب غزوة الحديبية، و (6332) في الدعوات: باب قوله تعالى: (وصل عليهم) ، و (6359) باب هل يصلى على غير النبي، ومسلم (1078) في الزكاة. باب الدعاء لمن أتى بصدقة، وأبو داود (1590) في الزكاة، والنسائي 5/31 في الزكاة، وأبو نعيم في "الحلية" 5/96، والبيهقي في "السنن" 2/152 و 4/157، من طرق عن شعبة، به.
(1) إسناده صحيح، وأخرجه أحمد 3/198، وإسماعيل القاضي (77) ، وأبو داود (1533) في الصلاة: باب الصلاة على غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والدارمي 1/24 في المقدمة. باب ما أكرم بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بركة طعامه، والبيهقي في " السنن " 2/153 من طرق عن أبي عوانة بهذا الإسناد. ورواية أحمد والدارمي مطولة. وقد تقدم برقم (916) من طريق سفيان عن الأسود بن قيس، به.(3/198)
حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: مَنْ ذَا الَّذِي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَدْعُونِي أَسْتَجِيبُ لَهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَرْزِقُنِي أَرْزُقُهُ؟ مَنْ ذَا الَّذِي يَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرُ لَهُ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ» (1) . [3: 67]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ رَجَاءَ الْمَرْءِ اسْتِحْبَابَهُ الدُّعَاءِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ إِنَّمَا هُوَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ سُنَّتِهِ
920 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ الطَّائِيُّ بِمَنْبَجَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْأَغَرِّ، وَعَنْ (2) أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا
__________
(1) إسناده حسن، وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (497) من طريق هشام بن عمار بهذا الإسناد، وأخرجه مسلم (758) (170) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، والنسائي في "عمل اليوم والليلة " (478) عن إسحاق بن منصور، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 129 من طريق محمد بن يحيى، كلاهما عن أبي المغيرة، قال: حدثنا الأوزاعي، به، إلا أنه لم يذكر الاسترزاق.
وأخرجه أحمد 2/504، والدارمي 1/346، وابن أبي عاصم (495) و (496) ، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 129 من طرق، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبي هريرة.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (477) من طريق سفيان، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/258 من طريق هشام، عن يحيي، عن أبي جعفر، عن أبي هريرة.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة " (479) من طريق إبراهيم بن سعد، عن الزهري، عن أبي سلمة، به، مختصراً. وانظر ما بعده.
(2) في الأصل " عن " بإسقاط الواو قبلها، وهو غلط، فالحديث من طريق أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة جميعاً، عن أبي هريرة، كما هو في مصادر التخريج.(3/199)
جَلَّ وَعَلَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي أَغْفِرُ لَهُ؟» (1) . 3: 67]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: صِفَاتُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا لَا تُكَيَّفُ، وَلَا تُقَاسُ إِلَى صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، فَكَمَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا مُتَكَلِّمٌ مِنْ غَيْرِ آلَةٍ بَأَسْنَانٍ وَلَهَوَاتٍ وَلِسَانٍ وَشَفَةٍ كَالْمَخْلُوقِينَ، جَلَّ رَبُّنَا وَتَعَالَى عَنْ مِثْلِ هَذَا وَأَشْبَاهِهِ، وَلَمْ يَجُزْ
__________
(1) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " 1/214 في القرآن: باب ما جاء في الدعاء، ومن طريق مالك أخرجه أحمد 2/487، والبخاري (1145) في التهجد: باب الدعاء والصلاة في آخر الليل، و (6321) في الدعوات. باب الدعاء نصف الليل، و (7494) في التوحيد. باب قوله تعالى: (يريدون أن يبدلوا كلام الله) ، ومسلم (758) في صلاة المسافرين: باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل، وأبو داود (1315) في الصلاة: باب أي الليل أفضل، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 127، وابن أبي عاصم في "السنة" (492) ، وأبو القاسم اللالكائي في " شرح السنة " 3/435 و 436، والبيهقي في سننه 3/2، وفي " الأسماء والصفات " ص 449.
وأخرجه أحمد 2/267، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (480) وابن ماجة (1366) في الإقامة: باب ما جاء في أي ساعات الليل أفضل، من طريقين عن الزهري بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 2/282 و 419، ومسلم (87) (169) ، والترمذي (446) فى الصلاة: باب ما جاء في نزول الرب تعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة، وابنُ خزيمة في "التوحيد" ص 130، من طريقين عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وأخرجه مسلم (758) (171) ، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 131 من طريق سعد بن سعيد، عن سعيد ابن مرجانة، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/433، والنسائي "عمل اليوم والليلة" (483) من طريقين عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
وأخرجه النسائي (484) ، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 130، من طريق عبيد الله، عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة. =(3/200)
أَنْ يُقَاسَ كَلَامُهُ إِلَى كَلَامِنَا، لِأَنَّ كَلَامَ الْمَخْلُوقِينَ لَا يُوجَدُ إِلَّا بِآلَاتٍ، وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا يَتَكَلَّمُ كَمَا شَاءَ بِلَا آلَةٍ، كَذَلِكَ يَنْزِلُ بِلَا آلَةٍ، وَلَا تَحَرُّكٍ، وَلَا انْتِقَالٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَكَذَلِكَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ، فَكَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُ يُبْصِرُ كَبَصَرِنَا بِالْأَشْفَارِ وَالْحَدَقِ وَالْبَيَاضِ، بَلْ يُبْصِرُ كَيْفَ يَشَاءُ بِلَا آلَةٍ، وَيَسْمَعُ مِنْ غَيْرِ أُذُنَيْنِ، وَسِمَاخَيْنِ، وَالْتِوَاءٍ، وَغَضَارِيفَ فِيهَا، بَلْ يَسْمَعُ كَيْفَ يَشَاءُ بِلَا آلَةٍ، وَكَذَلِكَ يَنْزِلُ كَيْفَ يَشَاءُ بِلَا آلَةٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَاسَ نُزُولُهُ إِلَى نُزُولِ الْمَخْلُوقِينَ، كَمَا يُكَيَّفُ نُزُولُهُمْ، جَلَّ رَبُّنَا وَتَقَدَّسَ مِنْ أَنْ تُشَبَّهَ صِفَاتُهُ بِشَيْءٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ.
ذِكْرُ خَبَرٍ وَاحِدٍ أَوْهَمَ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُضَادُّ الْخَبَرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا
921 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ،
__________
= وأخرجه النسائي أيضاً (485) من طريق سعيد المقبري، عن عطاء مولى أم حبيبة، عن أبي هريرة.
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري عند مسلم (758) (172) ، والطيالسي (2232) و (2385) ، وابن أبي عاصم (500) و (501) ، وأحمد 2/383 و 3/34 و 43 و 94، وابن خزيمة في " التوحيد " ص 126، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 450.
وعن جبير بن مطعم عند الدارمي 1/347، وأحمد 4/81، والآجري في "الشريعة" ص 312، وابن خزيمة في "التوحيد" ص 133، والبيهقي في " الأسماء والصفات " ص 451، وسنده صحيح.
وعن رفاعة بن عرابة الجهني عند أحمد 4/16، والدارمي 1/347، وابن ماجة (1367) ، وابن خزيمة ص 132، والآجري ص 310، وسنده صحيح أيضاً.
وعن علي بن أبي طالب عند الدارمي 1/348، وأحمد 1/120 وسنده قوي. وعن ابن مسعود عند أحمد 1/388 و 403 و 446، والآجري ص 312، وابن خزيمة ص 134، وسنده صحيح.(3/201)
قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ،
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَعَنْ (1) أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُمْهِلُ حَتَّى إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، نَزَلَ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ جَلَّ وَعَلَا: هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ؟ هَلْ مِنْ دَاعٍ؟ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ» (2) . [3: 67]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فِي خَبَرِ مَالِكٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ حَتَّى يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، وَفِي خَبَرِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَغَرِّ أَنَّهُ يَنْزِلُ حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نُزُولُهُ فِي بَعْضِ اللَّيَالِي حَتَّى يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، وَفِي بَعْضِهَا حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَوَّلُ، حَتَّى لَا يَكُونَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ تَهَاتُرٌ وَلَا تَضَادٌّ.
ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي إِذَا دَعَا الْمَرْءُ رَبَّهُ بِهَا أُعْطِيَ إِحْدَاهُنَّ
922 - حَدَّثَنَا ابْنُ سَلْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، فَإِنِّي مُعْطِيكَ إِحْدَاهُنَّ،
__________
(1) في " الإحسان ": " عن " بلا واو، والمثبت من " الأنواع " 3/لوحة 331.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (758) (172) في صلاة المسافرين، من طرق عن جرير، بهذا الإسناد. وانظر ما قبله.(3/202)
قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَعْجِيلَ عَافِيَتِكَ، أَوْ صَبْرًا عَلَى بَلِيَّتِكَ، أَوْ خُرُوجًا مِنَ الدُّنْيَا إِلَى رَحْمَتِكَ» (1) . [1: 2]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَغْفَرَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا
923 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ أَنْ يَدْعُوَ ثَلَاثًا، وَيَسْتَغْفِرَ ثَلَاثًا» (2) . [5: 12]
__________
(1) إسناده ضعيف، عمرو بن أبي سلمة: هو التنيسي الدمشقي، وثقه ابن سعد ويونس، وأثنى عليه أحمد إلا أنه روى عن زهير بن محمد أحاديث بواطيل، وضعفه يحيي بن معين والساجي، وقال العقيلي: في حديثه وهم، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وزهير بن محمد: قال الحافظ فى " التقريب ": هو التميمي الخراساني سكن الشام ثم الحجاز، رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها وهذا الحديث من رواية أهل الشام عنه.
(2) إسناده صحيح. واسرائيل -وهو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي- ثبت في أبي إسحاق، فقد قال عيسى بن يونس: سمعت إسرائيل بن يونس يقول: كنت أحفظ حديث ابي إسحاق، كما أحفظ السورة من القرآن. وقد احتج الشيخان بأحاديث من روايته عن أبي إسحاق.
وأخرجه أحمد 1/394 و 397، وأبو داود (241) في الصلاة: باب فى الاستغفار، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (457) ، والطبراني (10317) من طرق عن إسرائيل بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1 /397 من طريق أبي سعيد عن إسرائيل، عن أبى إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود.(3/203)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ بِاسْتِغْفَارِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ لِعَدَدٍ لَمْ يَكُنْ يَزِيدُ عَلَيْهِ
924 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَتُوبُ فِي الْيَوْمِ سَبْعِينَ مَرَّةً» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَكُنْ بِعَدَدٍ لَمْ يَزِدْهُ عَلَيْهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
925 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً» (2) . [5: 12]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال مسلم، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (432) ، من طريق أبي الأشعث أحمد بن المقدام، عن معتمر بن سيمان بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (433) ، والبزار (3246) من طريق محمد بن المثنى، عن عبد الله بن رجاء، عن عمران، عن قتادة، به.
وأخرجه البزار (3245) من طريق عن شعبة، عن قتادة، به.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/208، وقال: "رواه أبو يعلى، والبزار، وأحد إسنادي أبي يعلى، رجاله رجال الصحيح". وانظر ما بعده.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة " (436) من طريق يونس ابن عبد الأعلى، عن ابن وهب، بهذا الإسناد. =(3/204)
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ هَذَا الْعَدَدَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَكُنِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتَصِرُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَزِيدَ عَلَيْهِ
926 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ (1) عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا ذَرِبَ اللِّسَانِ عَلَى أَهْلِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُدْخِلَنِي لِسَانِي النَّارَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الِاسْتِغْفَارِ؟ إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» (2) . [5: 12]
__________
= وأخرجه أحمد 2/282 و 341، والبخاري (6307) في الدعوات: باب استغفار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليوم والليلة، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (435) ، والبغوي (1285) ، من طرق عن الزهري، به.
وأخرجه أحمد 2/450، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (434) ، وابن أبي شيبة 10/297، ومن طريقه ابن ماجة (3815) في الأدب: باب الاستغفار، والبغوي (1286) ، من طرق عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، به ولفظه: "إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مئة مرة".
وأخرجه من طرق عن أبي هريرة النسائي في " عمل اليوم والليلة " (437) و (439) .
(1) عبيد الله بن أبي المغيرة، لَمْ يُوَثِّقْهُ غير المؤلِّف، ولم يَروِ عنه غير أبي إسحاق، وقد اختلف فيه، فقيل: عبيد بن عمرو ابن المغيرة، ويقال. المغيرة بن أبي عبيد البجلي، ويقال: الخارفي ويقال غير ذلك انظر تخريج الحديث في التعليق الآتي و" تحفة الأشراف " 3/50 والتهذيب وفروعه.
(2) إسناده ضعيف، لجهالة عبيد الله بن أبي المغيرة.
وأخرجه أحمد 5/397، ومن طريقه الحاكم 1/511، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (451) عن عمرو بن علي، كلاهما (أحمد وعمرو) عن عبد الرحمن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن عند أبي المغيرة، به. (في "المسند" عبيد بن المغيرة) .
وأخرجه أحمد 5/402 من طريق وكيع، والحاكم 2/457 من طريق محمد بن =(3/205)
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي بُرْدَةَ، فَقَالَ: وَأَتُوبُ.
ذِكْرُ وَصْفِ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي كَانَ يَسْتَغْفِرُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَدَدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
927 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: رُبَّمَا أَعُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: «رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ
__________
= القاسم الأسدي، كلاهما عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق (تحرف فى المستدرك إلى ابن إسحاق) ، عن عبيد بن المغيرة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/297، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (450) من طريق أبي الأحوص، و (452) من طريق سفيان، وابن ماجة (3817) فى الأدب: باب الاستغفار، من طريق أبي بكر بن عياش، كلهم عن أبي إسحاق، عن أبي المغيرة، به.
وأخرجه النسائي (453) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم، عن عمر بن حفص، عن أبيه، عن أبي خالد الدالاني، عن أبي إسحاق، عن أبي المغيرة عُبيد البجلي نحوه.
وأخرجه الدارمي 2/302 في الرقاق: باب في الاستغفار، من طريق محمد بن يوسف، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبيد الله بن عمرو أبي المغيرة، به.
وأخرجه أحمد 5/396، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (449) من طريق محمد بن جعفر غندر، والحاكم 1/510 من طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن شعبة، عن أبي إسحاق قال: سمعت الوليد أبا المغيرة، أو المغيرة أبا الوليد يحدث عن حذيفة نحوه، وفيه "لأستغفر في اليوم والليلة أو في اليوم" قال الحاكم: وقد أتى شعبة بالإسناد والمتن بالشك، وحفظه سفيان بن سعيد، فأتى به بلا شك في الإسناد والمتن.
وخالف سعيد بن عامر فرواه عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن نذير، عن حذيفة، كما عند النسائي في " عمل اليوم والليلة " (448) .(3/206)
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ إِبَاحَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى دُونِ مَا وَصَفْنَا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ
928 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ (2) بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْمُهَاجِرِ (3) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ (4) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: أَسْتَغْفِرُ
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال مسلم، وابن أبي عمر وهو: الحافظ المسند أبو عبد الله مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ المجاور بمكة، صنف "المسند" وعُمِّرَ دهراً، وحج سبعين حجة، وصار شيخ الحرم في زمانه، وكان صالحاً عابداً لا يفتر عن الطواف، روى عنه مسلم والترمذي وابن ماجة، وتوفي في آخر سنة ثلاث وأربعين ومئتين. ترجمه المؤلف في "الثقات" 9/98.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/297، وأحمد 2/21، والبخاري في "الأدب المفرد" (618) ، والبغوي (1289) ، من طريق ابن نمير، وأبو داود (1516) في الصلاة: باب في الاستغفار، من طريق أبي أسامة، والترمذي (3434) في الدعوات. باب ما يقول إذا قام من المجلس، من طريق المحاربي، وابن ماجة (3814) في الأدب، من طريق أبي أسامة والمحاربىِ، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (458) من طريق أبي بكر الحنفي، كلهم عن مالك بن مغول، عن محمد بن سوقة، به.
وأخرجه أحمد 2/67، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (459) من طريق زهير عن أبي إسحاق، عن مجاهد، عن ابن عمر، به.
وأخرجه النسائي (460) من طريق شعبه، عن يونس بن خباب، عن أبي الفضل، عن ابن عمر، به.
(2) في الأصل: أبو الوليد، وهو تحريف.
(3) تحرف في الأصل إلى: إسماعيل بن عبد الله بن المهاجر.
(4) تحرف في الأصل إلى: الحسن.(3/207)
اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) . [5: 12]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَانَ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَغْفِرُ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا فِي الْأَحْوَالِ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَاهُ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وَلِاسْتِغْفَارِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا بَعَثَهُ مُعَلِّمًا لِخَلْقِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا، فَكَانَ يُعَلِّمُ أُمَّتَهُ الِاسْتِغْفَارَ وَالدَّوَامَ عَلَيْهِ، لِمَا عَلِمَ مِنْ مُقَارَفَتِهَا الْمَآثِمَ فِي الْأَحَايِينِ بِاسْتِعْمَالِ الِاسْتِغْفَارِ، وَالْمَعْنَى الثَّانِي: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِنَفْسِهِ عَنْ تَقْصِيرِ الطَّاعَاتِ لَا الذُّنُوبِ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا عَصَمَهُ مِنْ بَيْنِ خَلْقِهِ، وَاسْتَجَابَ لَهُ دُعَاءَهُ عَلَى شَيْطَانِهِ حَتَّى أَسْلَمَ، وَذَاكَ أَنَّ مِنْ خُلُقِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَتَى بِطَاعَةٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ دَاوَمَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقْطَعْهَا، فَرُبَّمَا شُغِلَ بِطَاعَةٍ عَنْ طَاعَةٍ حَتَّى فَاتَتْهُ إِحْدَاهُمَا، كَمَا شُغِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ بِوَفْدِ تَمِيمٍ، حَيْثُ كَانَ يَقْسِمُ فِيهِمْ وَيَحْمِلُهُمْ حَتَّى فَاتَتْهُ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ، فَصَلَّاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ، ثُمَّ دَاوَمَ عَلَيْهِمَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِيمَا بَعْدُ، فَكَانَ اسْتِغْفَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَقْصِيرِ طَاعَةٍ أَنْ أَخَّرَهَا عَنْ وَقْتِهَا مِنَ النَّوَافِلِ لِاشْتِغَالِهِ بِمِثْلِهَا مِنَ الطَّاعَاتِ الَّتِي كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْلَى مِنْ تِلْكَ الَّتِي كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهَا، لَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ مِنْ ذُنُوبٍ يَرْتَكِبُهَا
__________
(1) رجاله ثقات، إلا أن الوليد بن مسلم مدلس، فقد عنعن، وأخرجه النسائي فى "عمل اليوم والليلة" (454) من طريق محمد بن المثني، عن الوليد بن مسلم، بهذا الإسناد وله شواهد كثيرة تقدم بعضها.(3/208)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِغْفَارِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا لِلْمَرْءِ عَمَّا ارْتَكَبَهُ مِنَ الْحَوْبَاتِ
929 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، أَخْبَرَنِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ يُقَالُ لَهُ: الْأَغَرُّ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُحَدِّثُ ابْنَ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ» (1) . [1: 104]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ» يُرِيدُ بِهِ: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «فَإِنِّي أَتُوبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ» ، وَكَانَ اسْتِغْفَارُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِتَقْصِيرِهِ فِي الطَّاعَاتِ الَّتِي وَظَّفَهَا عَلَى نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مِنْ أَخْلَاقِهِ إِذَا
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، وأبو بردة. هو ابن أبي موسى الأشعري، وقد اختلف في اسمه، فقيل: الحارث، وقيل: عامر، وقيل: اسمه كنيته، روى له الستة.
وأخرجه الطبراني (882) عن محمد بن محمد التمار وعثمان بن عمر الضبي قالا: حدثنا أبو الوليد، بهذا الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/298، ومن طريقه مسلم (2702) (42) في الذكر والدعاء: باب استحباب الاستغفار عن غندر، وأحمد 4/260 عن وهب، والبخاري في "الأدب المفرد" (621) عن حفص، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (446) من طريق عبد الرحمن، و (447) من طريق محمد بن جعفر، والبغوي (1288) من طريق وبن جرير، كلهم عن شعبة بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي (445) ، والطبراني (883) و (884) من طريقين عن عمرو في مرة، به.
وأخرجه الطبراني (887) من طريق حميد بن هلال، عن أبي بردة، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/299، والنسائي (444) ، والطبراني (885) و (886) من طريقين عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ رجل من المهاجرين.(3/209)
عَمِلَ خَيْرًا أَنْ يُثْبِتَهُ فَيَدُومَ عَلَيْهِ، فَرُبَّمَا اشْتَغَلَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ عَنْ ذَلِكَ الْخَيْرِ الَّذِي كَانَ يُوَاظِبُ عَلَيْهِ بِخَيْرٍ آخَرَ، مِثْلُ اشْتِغَالِهِ بِوَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ وَالْقِسْمَةِ فِيهِمْ عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ الظُّهْرِ، فَلَمَّا صَلَّى الْعَصْرَ أَعَادَهُمَا، فَكَانَ اسْتِغْفَارُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّقْصِيرِ فِي خَيْرٍ اشْتَغَلَ عَنْهُ بِخَيْرٍ ثَانٍ عَلَى حَسَبِ مَا وَصَفْنَا
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَعْقِيبِ الِاسْتِغْفَارِ كُلَّ عَثْرَةٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَرْءُ مُشَمِّرًا فِي أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ
930 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ وَرْدَانَ بِمِصْرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنِ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ، [عَنْ أَبِي صَالِحٍ] ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ، فَإِنْ هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ صُقِلَتْ، فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا، فَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ فِيهِ، فَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} » (1) [المطففين: 14] . [3: 65]
__________
(1) إسناده حسن من أجل محمد بن عجلان، وأخرجه الترمذي (3334) في التفسير: باب ومن سورة ويل للمطففين، والنسائي في " عمل اليوم والليلة " (418) ، وفى المسى كما في "تحفة الأشراف" 9/443، عن قتيبة بن سعيد، عن الليث، به. وقال الترمذي: حسن صحيح.
وأخرجه ابن ماجة (4244) في الزهد: باب ذكر الذنوب، والطبري 30/98، والحاكم 2/517، من طرق عن محمد بن عجلان، به، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي. ونقل المناوي في الفيض عن الذهبي في "المهذب" قوله: إسناده صالح. =(3/210)
ذِكْرُ لَفْظٍ لَمْ يَعْرِفْ مَعْنَاهُ جَمَاعَةٌ لَمْ يُحْكِمُوا صِنَاعَةَ الْعِلْمِ
931 - أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ حِسَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ، عَنِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ، وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ» (1) . [1: 104]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي» ، يُرِيدُ بِهِ: يَرِدُ عَلَيْهِ الْكَرْبُ مِنْ ضِيقِ الصَّدْرِ مِمَّا كَانَ يَتَفَكَّرُ فِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمْرِ اشْتِغَالِهِ كَانَ بِطَاعَةٍ عَنْ طَاعَةٍ، أَوِ اهْتِمَامِهِ بِمَا لَمْ يَعْلَمْ مِنَ الْأَحْكَامِ قَبْلَ نُزُولِهَا، كَأَنَّهُ كَانَ يَعُدُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَدَمَ عِلْمِهِ بِمَكَّةَ بِمَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ قَبْلَ إِنْزَالِ اللَّهِ إِيَّاهَا بِالْمَدِينَةِ ذَنْبًا، فَكَانَ يُغَانُ عَلَى قَلْبِهِ لِذَلِكَ، حَتَّى كَانَ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، لَا أَنَّهُ كَانَ يُغَانُ عَلَى قَلْبِهِ مِنْ ذَنْبٍ يُذْنِبُهُ، كَأُمَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
= وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 6/325، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في " شعب الإيمان".
والراد كالرَّيْن، شيء يعلو على القلب كالغشاء الرقيق حتى يسود ويظلم، ويقال: ران على قلبه الذنب يرين ريْناً: إذا غشَّي على قلبه.
(1) إسناده صحيح، على شرط مسلم، وأخرجه أحمد 4/260، ومسلم (2702) (41) في الذكر والدعاء: باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه، وأبو داود (1515) في الصلاة: باب في الاستغفار، والبغوي (1287) ، من طرق عن حماد بن زيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في " عمل اليوم والليلة "، (442) ، والطبراني (888) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، به.
وأخرجه الطبراني (889) من طريق هشام بن حسان، عنه ثابت البناني، به.(3/211)
ذِكْرُ سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي يَسْتَغْفِرُ الْمَرْءُ رَبَّهُ لِمَا قَارَفَ مِنَ الْمَأْثَمِ (1)
932 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ بَشِيرِ (2) بْنِ كَعْبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، أَصْبَحْتُ عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، وَأَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذُنُوبِي، فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ» (3) . [1: 104]
__________
(1) تحرف في " الإحسان " إلى " الأمم " وما أثبتناه من "الأنواع والتقاسيم" 1/لوحة 659.
(2) في " الإِحسان " بسر وهو تحريف، والتصويب من " الأنواع " 1/لوحة 659.
(3) إسناده صحيح، رجاله رجال البخاري. وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 10/296، ومن طريقه أخرجه الطبراني (7174) .
وأخرجه الحاكم 2/458 من طريق الحسن بن علي بن عفان العامري، عن أبي أسامة، بهذا الإسناد، وصححه، وأقره الذهبي.
وأخرجه أحمد 4/122 و 124 و 125، والبخاري (6306) في الدعوات: باب أفضل الاستغفار، و (6323) باب ما يقول إذا أصبح، وفي " الأدب المفرد " (617) والنسائي 8/279، 280 في الاستعاذة: باب الاستعاذة من شر ما صنع، وفي " عمل اليوم والليلة " (19) و (464) و (580) ، والطبراني (7172) و (7173) ، والبغوي (1308) ، من طرق عن حسين بن ذكوان المعلم، بهذا الإسناد.
وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (465) و (581) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن بريدة، عن نفر صحبوا شداداً، عنه.
وأخرجه الترمذي (3393) في الدعوات، عن الحسين بن حريث عن =(3/212)
ذِكْرُ سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ الَّذِي يَدْخُلُ قَائِلُهُ بِهِ الْجَنَّةَ إِذَا كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْهُ
933 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحِيرِيُّ أَبُو عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، [وَأَنَا] عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِالنِّعْمَةِ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، فَإِن قَالَهَا بَعْدَمَا يُصْبِحُ مُوقِنًا بِهَا ثُمَّ مَاتَ، كَانَ مِنْ أَهْلِ
__________
= عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ كَثِيرِ بن زيد، عن عثمان بن ربيعة، عن شداد، وحسنه. قال الحافظ في "النكت الظراف" 4/145 " خالفه زيد بن الحباب، فقال. عن كثيِر بن زيد، حدثني المغيرة بن سعيد بن نوفل، عن شداد بن أوس به، أخرجه جعفر الفريابي في كتاب "الذكر" له عن أبي بكر وعثمان ابن أبي شيبة، عنه " قلت: والطبراني (7189) .
وسيرد برقم (1035) من طريق ابن بريدة، عن أبيه، ويخرج هناك، فانظره.
وفي الباب عن جابر عند النسائي في "عمل اليوم والليلة" (467) و (468) .
وقوله: "أنا على عهدك ووعدك" قال البغوي في " شرح السنة " 5/94: يريد على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان بك، وإخلاص الطاعة لك، وقد يكون معناه: إني مقيم على ما عهدت إلي من أمرك، ومتمسك به، ومُتَنَجِّزٌ وعدك في المثوبة والأجر عليه، واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه: الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب من حقه عز وجل. وقوله. "أبوء بنعمتك" معناه: الاعتراف بالنعمة، وكذلك قوله. " أبوء بذنبي " معناه: الإقرار به، وفيه معنى ليس في الأول، تقول العرب: باء فلان بذنبه: إذا احتمله لا يستطيع دفعه، وأصل البواء: اللزوم، معناه: أقر به، وألزم نفسي، يقال: أباء الإمام فلاناً بفلان: إذا ألزمه دمه، وقتله به، ومنه قوله سبحانه وتعالى: (فباؤوا بغضب) أي: لزمهم ورجعوا به.(3/213)
الْجَنَّةِ، وَإِنْ، قَالَهَا بَعْدَمَا يُمْسِي مُوقِنًا بِهَا، كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» (1) [1: 2]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: سَمِعَ هَذَا الْخَبَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، وَسَمِعَهُ مِنْ بَشِيرِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ.
فَالطَّرِيقَانِ جَمِيعًا مَحْفُوظَانِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْأَلَ حِفْظَ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا إِيَّاهُ بِالْإِسْلَامِ فِي أَحْوَالِهِ
934 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ بِخَبَرٍ غَرِيبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ (3) وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَلَاءُ بْنُ رُؤْبَةَ التَّمِيمِيُّ هُوَ الْحِمْصِيُّ، عَنْ هَاشِمِ (4) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ ذَلِكَ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَأْمُرَ لَهُ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ شِئْتَ أَمَرْتُ لَكَ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَّمْتُكَ كَلِمَاتٍ هِيَ خَيْرٌ لَكَ؟» ، قَالَ: عَلِّمْنِيهُنَّ، وَمُرْ لِي بِوَسْقٍ، فَإِنِّي ذُو حَاجَةٍ إِلَيْهِ، فَقَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ احْفَظْنِي
__________
(1) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله، وأخرجه أحمد 4/122، والنسائي في "عمل اليوم والليلة " (580) ، من طريق يحيى القطان، بهذا الإسناد.
(2) سيرد عند المصنف برقم (1035) وسيخرج هناك، فانظره.
(3) سقطت من " الإحسان " لفظة " ابن" واستدركت من " الأنواع والتقاسيم " 1/لوحة 656.
(4) تحرف في " الإحسان " ابن هشام، والتصويب من " الأنواع ".(3/214)
بِالْإِسْلَامِ قَاعِدًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ قَائِمًا، وَاحْفَظْنِي بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا، وَلَا تُطِعْ فِيَّ عَدُوًّا حَاسِدًا (1) ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، وَأَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي هُوَ بِيَدِكَ كُلِّهِ» (2) . [1: 104]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: تُوُفِّيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَهَاشِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِاكْتِنَازِ سُؤَالِ الْمَرْءِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا الثَّبَاتَ عَلَى الْأَمْرِ وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ عِنْدَ اكْتِنَازِ النَّاسِ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ
935 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُعَافَى الْعَابِدُ بِصَيْدَا وَلَمْ يَشْرَبِ الْمَاءَ فِي الدُّنْيَا ثَمَانَ (3) عَشْرَةَ سَنَةً، وَيَتِّخَذُ كُلَّ لَيْلَةٍ حَسْوًا فَيَحْسُوهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ (4) بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ مُسْلِمِ بْنِ مِشْكَمٍ (5) ، قَالَ:
__________
(1) في "الإحسان": حاسد، والتصوب من "الأنواع".
(2) العلاء بن رؤية، ويقال له: المعلى ترجمه الفسوي في تابعي أهل المدينة من مصر ممن روى عنهم الزهري، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً، وكذا شيخه هاشم بن عبد الله مترجم في " الجرح والتعديل " 9/104، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه يعقوب بن سفيان في تاريخه 1/403 من طريق أصبغ، عن ابن وهب بهذا الإسناد. وللمرفوع منه شاهد من حديث ابن مسعود عند الحاكم 1/525 من طريق عبد الله بن صالح، عن اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ أَبِي الصهباء، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخاري، وتعقبه الذهبي، ققال: أبو الصهباء لم يخرج له البخاري.
(3) في الأصل: ثمانية.
(4) تحرف في "الإحسان" إلى هاشم، والتصويب من "الأنواع" 1/لوحة 658.
(5) تحرف في " الإِحسان " إلى مسلم، والتصويب من " الأنواع ".(3/215)
خَرَجْتُ مَعَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، فَنَزَلْنَا مَرْجَ الصُّفَّرِ (1) ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِالسُّفْرَةِ (2) نَعْبَثْ بِهَا، فَكَانَ الْقَوْمُ يَحْفَظُونَهَا مِنْهُ، فَقَالَ: يَا بَنِي أَخِي، لَا تَحْفَظُوهَا عَنِّي، وَلَكِنِ احْفَظُوا (3) مِنِّي مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا اكْتَنَزَ النَّاسُ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ، فَاكْتَنِزُوا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» (4) . [1: 104]
__________
(1) مرج الصُّفَّر: موضع بضواحي دمشق من جهة الشمال كانت به وقعة للمسلمين مع الروم بعد وقعة أجنادين بعشرين يوماً، وكان ذلك قبل وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لأربعة أيام. انظر الطبري 3/391 و 404 و 406 و 410.
(2) في "المسند" الشفرة.
(3) في "الإحسان": احفظوها، والمثبت من "الأنواع".
(4) سويد بن عبد العزيز: لين الحديث، وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد 4/123 من طريق روح، عن الأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: كان شداد بن أوس ... ، ورجاله ثقات إلا أن حسان بن عطية لم يدرك شدادا.
وأخرجه أحمد 4/125، والترمذي (3407) ، والطبراني في الكبير (7175) و (7176) و (7177) من طرق عن سعيد الجريري، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، عَنْ الحنظلي أو عن رجل من بني حنظلة، عن شداد بن أوس.
ورواه الطبراني (7178) ، وقال. عن رجل من بني مجاشع.
وأخرجه الطبراني (7179) من طريق الجريري، عن أبي العلاء، عن رجلين من بني حنظلة، عن شداد بن أوس.
وأخرجه النسائي 3/54 في السهو: باب نوع آخر من الدعاء، والطبراني (7176) و (7180) من طريق الجريري، عن أبي العلاء، عن شداد.
وصححه الحاكم 1/508 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، من طريق عمر بن يونس بن القاسم اليمامي، عن عكرمة بن عمار، قال: سمعت شداداً أبا عمار، يحدث عن شداد بن أوس ...(3/216)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِمَسْأَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فِي دُعَائِهِ
936 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الزُّرَقِيُّ بِطَرَسُوسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ صَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ: «مَا كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُ؟» ، قَالَ: كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبَنِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، لَا تَسْتَطِيعُهُ (1) ، أَوْ لَا تُطِيقُهُ، قُلِ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (2) [1: 104]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَا سَمِعَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ إِلَّا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ
__________
(1) في "الإحسان" لا تستطعه، وهو خطأ، والتصويب من "الأنواع والتقاسيم" 1/لوحة 658.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة" (1053) عن محمد بن المثنى، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2688) عن عاصم بن النضر، عن خالد بن الحارث، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/261، وأحمد 3/107، والبخاري في " الأدب المفرد " (727) و (728) ، ومسلم (2688) في الذكر: باب كراهية الدعاء بتعجيل العقوبة، والترمذي (3487) في الدعوات. باب من جاء في عقد التسبيح، والطبري 2/300، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (1053) ، والبغوي (1383) ، من طرق عن حميد، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 3/288، ومسلم (2688) (24) في الذكر طريق عفان عن حماد، عن ثابت، به.
وسيرد من طرق أخري مع تخريجها في الروايات الآتية بالأرقام: (937) و (938) (939) و (940) .(3/217)
حَدِيثًا، وَالْأُخَرُ سَمِعَهَا مِنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ (1) .
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ سُؤَالُ الْبَارِي جَلَّ وَعَلَا الْحَسَنَةَ لَهُ فِي دَارَيْهِ
937 - أَخْبَرَنَا أَبُو عَرُوبَةَ بِحَرَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (2) [5: 12]
قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِقَتَادَةَ، فَقَالَ: كَانَ أَنَسٌ يَدْعُو بِهِ.
ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الدُّعَاءَ الَّذِي وَصَفْنَاهُ كَانَ مِنْ أَكْثَرِ مَا يَدْعُو بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْوَالِهِ
938 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَجَّاجِ السَّامِيُّ،
__________
(1) قَالَ الحافظ العلائي في "جامع التحصيل" ص 201-202: وقال مؤمل بن إسماعيل: عامة ما يرويه حميد عن أنس سمعه من ثابت البناني عنه، وقال أبو عبيدة الحداد عن شعبة: لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثاً، والباقي سمعها من ثابت، أو ثبته فيها ثابت. قلت: فعلى هذا، فما دلسه حميد عن أنس صحيح، لأن الواسطة بينهما -وهو ثابت- ثقة.
(2) إسناده صحيح، وهو في مسند الطيالسي برقم (2036) ، ومن طريقه أخرجه أحمد 3/209 و277، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (1054) ، والبغوي في "شرح السنة" (1382) .
وأخرجه أحمد 3/208 عن روح، والبخاري في " الأدب المفرد " (677) عن عمرو بن مرزوق، ومسلم (2690) (27) عن عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، كلهم عن شعبة، به وانظر ما بعده.(3/218)
قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ادْعُ اللَّهَ لَنَا، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، قَالُوا: زِدْنَا، فَأَعَادَهَا؛ قَالُوا: زِدْنَا، فَأَعَادَهَا؛ فَقَالُوا: زِدْنَا، فَقَالَ: مَا تُرِيدُونَ؟ سَأَلْتُ لَكُمْ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»
قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَ بِهَا: «اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ إِلَّا خَبَرَ التَّزَعْفُرِ
939 - أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَزَّازُ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكَرْمَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْرٍ (2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَخْبِرْنِي عَنْ دُعَاءٍ كَانَ يَدْعُو بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» فَلَقِيتُ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: أَكْثَرُ
__________
(1) إسناده صحيح، والقسم الثاني أخرجه ابن أبي شيبة 10/248 عن يزيد بن هارون، وأحمد 3/247، والبغوي (1381) عن عفان، كلاهما عن حماد، بهذا الإسناد. وانظر ما مضى.
وقسمه الأول أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (633) عن موسي، عن عمر بن عبد الله الرومي، عن أبيه، عن أنس.
(2) في الأصل: بكر وهو تحريف.(3/219)
دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا: «رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (1) . [5: 12]
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَزِيدَ فِي الدُّعَاءِ الَّذِي وَصَفْنَاهُ الْإِقْرَارَ بِالرُّبُوبِيَّةِ لِلَّهِ جَلَّ وَعَلَا
940 - أَخْبَرَنَا أَبُو خَلِيفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، قَالَ: سَأَلَ قَتَادَةُ أَنَسًا: (2) أَيُّ دَعْوَةٍ أَكْثَرُ مَا يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: أَكْثَرُ دَعْوَةٍ يَدْعُو بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (3) . [5: 12]
__________
(1) صحيح، عبد الله بن أبي يعقوب، وثقه المؤلف، وتابعه عليه غير واحد، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه مسلم (2690) (26) في الذكر والدعاء: باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة..، عن زهير بن حرب، وأبو داود (1519) في الصلاة: باب في الاستغفار، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (1056) عن زياد بن أيوب، كلاهما عن إسماعيل بن علية، بهذا الإسناد، ولفظه أن عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ قَالَ: سَأَلَ قَتَادَةُ أنساً: أيُّ دعوة كان يدعو بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَمَا في الرواية التالية.
(2) سقط لفظ "أنس" من الأصل، واستدرك من سن أبي داود.
(3) إسناده صحيح، وأخرجه البخاري (6389) في الدعوات: باب قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ربنا آتنا في الدنيا حسنه، وفي " الأدب المفرد " (682) ، وأبو داود (1519) في الصلاة، كلاهما عن مسدد، بهذا الإسناد. لكن قوله: سأل قتادة أنساً.. لم يرد عند البخاري.
وأخرجه البخاري (4522) في التفسير. باب (ومنهم من يقول ربنا آتنا فى الدنيا حسنة) عن أبي معمر، عن عبد الوارث، به ولم يرد عنده قوله: سأل قتادة أنساً.
وبلفظ المؤلف أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي من طريق زهير بن حرب =(3/220)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ مَكْرُوهٌ لَهُ أَنْ يَدْعُو بِضِدِّ مَا وَصَفْنَا مِنَ الدُّعَاءِ
941 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: عَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ جَهِدَ حَتَّى صَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كُنْتَ دَعَوْتَ اللَّهَ بِشَيْءٍ؟» ، قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَوْ لَا تُطِيقُهُ، فَهَلَّا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ؟» قَالَ: فَدَعَا اللَّهُ فَشَفَاهُ (2) . [5: 12]
ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ سُؤَالِ الْبَارِي تَعَالَى الثَّبَاتَ وَالِاسْتِقَامَةَ عَلَى مَا يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ بِفَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا بِذَلِكَ
942 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الصَّيْرَفِيُّ بِالْبَصْرَةِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ (3) بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ
__________
= وزياد بن أيوب، عن إسماعيل بن علية، عن عبد العزيز بن صهيب، كما تقدم فى تخريج الحديث السابق. وانظر الطرق الأخرى في الروايات المتقدمة.
(1) بزيغ: بفتح الباء الموحدة وكسر الزاي، وقد تحرف في الأصل إلى "زريع".
(2) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (936) من طريق خالد بن الحارث، عن حميد، به.
(3) وهيب بالتصغير ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم البصري، ثقة، ثبت، روي له الستة، وقد تحرف في "الإحسان" إلي "وهب" والتصويب من "الأنواع" 3/لوحة 251.(3/221)
لِي قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ، قَالَ: «قُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ» (1) . [3: 65]
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّمَلُّقِ إِلَى الْبَارِي فِي ثَبَاتِ قَلْبِهِ لَهُ عَلَى مَا يُحِبُّ مِنْ طَاعَتِهِ
943 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي عَوْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو ثَوْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
__________
(1) العباس بن الوليد القرشي ترجمه المؤلف في الثقات " 8/510، فقال: عباس بن الوليد بن حماد القرشي أبو الفضل من أهل البصرة يروي عن يحيى بن سعيد والبصريين حدثنا عنه الحسن بن سفيان، والبصريون، وهو ابن أخي عبد الأعلى النرسي. وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 6/214: سئل أبي عنه، فقال: شيخ يكتب حديثه، وكان علي بن المديني يتكلم فيه. وباقي رجاله ثقات، رجال الصحيحين وأخرجه أحمد 3/413، ومسلم (38) في الايمان: باب جامع أوصاف الاسلام من طرق عن هشام بن عروة بهذا الإسناد.
وأخرجه الترمذي (2410) ، وأبو داود الطيالسي (1231) ، وابن ماجة (3972) ، والطبراني (6396) و (6397) ، وأحمد 3/413، والنسائي في الرقائق كما في "التحفة" 4/20 من طرق عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن ماعز -وبعض الرواة يقول: عبد الرحمن بن ماعز- عن سفيان بن عبد الله ... ومحمد بن عبد الرحمن لا يعرف يجرح ولا تعديل، ولم يرو عنه غير الزهري، وباقي رجاله ثقات، والطريق السابقة تشهد له.
وأخرجه أحمد 3/413 و 4/384، 385، والطبراني (6398) ، والنسائي فى التفسير كما في "التحفة" 4/20 من طريقى عن يعلى بن عطاء، عن عبد الله بن سفيان الثقفي، عن أبيه، وهذا إسناد صحيح. وانظر شرح هذا الحديث في "جامع العُلوم والحكم" ص 191-194.(3/222)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ، ثَبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ» قَالَ: «وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ قَوْمًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (1) . [3: 67]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيحين ما خلا أبا ثور -واسمه إبراهيم بن خالد بن أبي اليمان الكلبي الفقيه صاحب الشافعي، وهو ثقه، واسم أبي إدريس عائذ الله في عبد الله الخولاني.
وأخرجه أحمد 4/182، والآجري في الشريعة ص 317 و 386 عن الوليد بن مسلم، والنسائي في النعوت من الكبرى كما في "التحفة" 9/61 من طريق ابن المبارك، وابن ماجة (199) في القمة: باب فيما أنكرت الجهمية، وابن أبي عاصم في السنة (219) ، والبغوي في " شرح السنة " (89) من طريق صدقة بن خالد، والحاكم 1/525 من طريق بشر بن بكر، و 2/289 من طريق ابن شابور، كلهم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، بهذا الإسناد، وصرح الوليد بن مسلم بسماعه من عبد الرحمن، فانتفت شبهة تدليسه، وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ورقة 14/2: إسناده صحيح وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وفي الباب عن عبد الله بن عمرو تقدم برقم (902) .
وعن أنس عند الترمذي (2140) في القدر: باب ما جاء أن القلوب بين أصبعي الرحمن، وحسنه، وابن ماجة (2834) ، وابن أبي عاصم (225) ، والآجري ص 317.
وعن عائشة عند أحمد 6/91 و 251، وابن أبي عاصم (224) ، والآجري ص 317.
وعن أم سلمة عند أحمد 6/294 و 302، وابن أبي عاصم (223) ، والآجري ص 316.
وعن سبْرة بن الفاكه عند ابن أبي عاصم (220) .
وعن أبي هريرة عنده (229) .(3/223)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ أُطْلِقَتْ بِأَلْفَاظِ التَّمْثِيلِ وَالتَّشْبِيهِ عَلَى حَسَبِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ دُونَ الْحُكْمِ عَلَى ظَوَاهِرِهَا
944 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بِنَسَا، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ، مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي.
وَيَقُولُ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي؟ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا (1) اسْتَسْقَاكَ فَلَمْ تَسْقِهِ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ لَوَجِدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي.
يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمَنِي، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ عَبْدِي فُلَانًا اسْتَطْعَمَكَ فَلَمْ تُطْعِمْهُ، أَمَا لَوْ أَنَّكَ أَطْعَمْتَهُ لَوَجِدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي» (2) .
__________
(1) في الأصل "فلان".
(2) إسناده صحيح، وقد تقدم برقم (269) .(3/224)
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسُؤَالِ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْهِدَايَةَ وَالْعَافِيَةَ وَالْوِلَايَةَ فِيمَنْ رُزِقَ إِيَّاهَا
945 - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْهَمْدَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ بُرَيْدَ (1) بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ السَّعْدِيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: أَذْكُرُ أَنِّي أَخَذْتُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلْتُهَا فِي فِيَّ، فَانْتَزَعَهَا بِلُعَابِهَا، فَطَرَحَهَا فِي التَّمْرِ، وَكَانَ يُعَلِّمُنَا هَذَا الدُّعَاءَ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ» ، قَالَ شُعْبَةُ وَأَظُنُّهُ قَالَ: «تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ» (2) .
[1: 104]
__________
(1) تصحف في الأصل إلى "يزيد".
(2) إسناده صحيح، ومحمد: هو ابن جعفر الهذلي مولاهم البصري الملقب بغندر، وأخرجه أحمد 1/200 عن محمد بن جعفر، بهذا الإسناد.
وأخرجه الطيالسي (1177) و (1179) عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/200 عن يحيى بن سعيد، والدارمي 1/373 في الصلاة: باب الدعاء في القنوت، عن عثمان بن عمر، كلاهما عن شعبة بهذ الإسناد.
وأخرجه عبد الرزاق (4984) ، والطبراني (2711) من طريق الحسن بن عمارة، عن بُريد، به.
وأخرج القسم الأول أيضاً الطبراني (2710) من طريق عفان، عن شعبة، به.
وأخرجه أحمد 1/200، والطبرانى (2714) ، عن أبي أحمد الزبيري، عن العلاء بن صالح، عن بُريد، به.
وأخرج القسم الثاني الطبراني (2707) من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة، بهذا الإسناد.
وأخرجه أبو داود (1425) في الصلاة: باب القنوت في الوتر، والترمذي =(3/225)
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبُو الْحَوْرَاءِ رَبِيعَةُ بْنُ شَيْبَانَ السَّعْدِيُّ، وَأَبُو الْجَوْزَاءِ (1) اسْمُهُ: أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُمَا جَمِيعًا تَابِعِيَّانِ بَصْرِيَّانِ
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسُؤَالِ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ وَالْهِدَايَةَ وَالرِّزْقَ
946 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُوسَى الْجُهَنِيُّ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنِي كَلَامًا أَقُولُهُ، قَالَ: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
__________
= (464) في الصلاة: باب ما جاء في القنوت في الوتر، والنسائي 3/248 في قيام الليل: باب الدعاء في الوتر، والدارمي 1/373، والطبراني (2705) ، والبغوي (640) ، من طرق عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق السبيعي، عن بريد، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة 2/300، وأحمد 1/200، وابن ماجة (1178) في الإقامة: باب ما جاء في القنوت في الوتر، والدارمي 1/373، والبيهقي في السنن 2/209، والطبراني (2701) و (2702) و (2703) و (2704) و (2706) ، وابن الجارود (273) ، من طرق عن أبي إسحاق، عن بُريد، به.
وأخرجه أحمد 1/199، والطبراني (2712) وابن الجارود (272) ، وابن نصر ص 135 كما في " مختصر قيام الليل " عن وكيع، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ بُريد، به.
وأخرجه النسائي 3/248 عن محمد بن سلمة، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الله بن سالم، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ علي عن الحسن بن علي به، وصححه الحاكم 3/172، وانظر الطبراني (2713) .
(1) تصحف في الأصل إلى الحوراء بالحاء المهملة. وكلاهما ثقة من رجال التهذيب والأول -أعني ربيعة بن شيبان-: هو راوي حديث القنوت.(3/226)
وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» ، قَالَ: هَؤُلَاءِ لِرَبِّي، فَمَا لِي؟، قَالَ: «قُلِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي» (1) . [1: 104]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كُلُّ مَا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ: اللَّهُمَّ اهْدِنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى، وَمَا يُشْبِهُهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ إِنَّمَا أُرِيدَ بِهَا الثَّبَاتُ عَلَى الْهُدَى وَالزِّيَادَةُ فِيهِ، إِذْ مُحَالٌ أَنْ يُؤْمِنَ الْمُؤْمِنُ بِسُؤَالِ الزِّيَادَةِ وَقَدْ هَدَاهُ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ سُؤَالُ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا الْمَعُونَةَ وَالنَّصْرَ وَالْهِدَايَةَ
947 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ الْحَنَفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «رَبِّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنَصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي، وَلَا
__________
(1) إسناده صحيح، موسى الجهني: هو موسى بن عبد الله، ويقال: ابن عبد الرحمن الجهني أبو سلمة الكوفي ثقة عابد من رجال مسلم، وأخرجه أحمد 1/185 عن عبد الله بن نمير ويعلى بن عبيد، بهذا الإسناد.
وأخرجه مسلم (2696) في الذكر والدعاء: باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن ابن نمير، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/180 عن يحيي بن سعيد، ومسلم (2696) من طريق على بن مسهر، كلاهما عن موسي الجهني، به.(3/227)
تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرِ الْهُدَى لِي، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَاكِرًا، لَكَ ذَاكِرًا، لَكَ أَوَّاهًا، لَكَ مِطْوَاعًا، لَكَ مُخْبِتًا أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي» (1) . [5: 12]
__________
(1) إسناده صحيح، رجاله رجال الصحيح، غير طليق بن قيس، وهو ثقة، سفيان: هو الثوري، وعبد الله بن الحارث. هو الزبيدي المعروف بالمكتب، وأخرجه أبو داود (1510) في الصلاة: باب ما يقول الرجل إذا سلَّم، عن محمد ابن كثير العبدي، بهذا الإسناد، وصححه الحاكم 1/519-520 ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/280، وأحمد 1/227، والترمذي (3551) في الدعوات: باب في دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والنسائي في، "عمل اليوم والليلة" (607) ، وابن ماجة (3830) في الدعاء: باب دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والبخاري في "الأدب. المفرد" (664) و (665) ، والبغوي في " شرح السنة " (1375) ، من طرق عن سفيان، به، وهو في السنة (384) لابن أبي عاصم من طريق سفيان مختصراً، وانظر الحديث بعده. قال الطيبي: المكر: الخداع، وهو من الله تعالى إيقاع بلائه بأعدائه من حيث لا يشعرون، وقوله: "ولا تمكر على" أي: ولا تمكر لأعدائي، وقوله: " إليك مخبتاً " من الخبت: وهو المطمئن من الأرض قال الله تعالى. (وأخبتوا إلى ربهم) أي: اطمأنوا إلى ذكره أو سكنت نفوسهم إلى أمره، وقال سبحانه {وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} أي: خافت، فالمخبت: هو الواقف بين الخوف والرجاء، وقيل: خاشعاً من الإخبات: وهو الخشوع والتواضع. والأواه: كثير التأوه والبكاء، أي. اجعلني حزيناً متوجعاً على التفريط، ومنه قوله تعالى {لأواه حليم} والحوبة: الزلة والخطيئة، وقوله: " واسلل سخيمة قلبي " أي: غله وحقده وحسده ونحوها مما ينشأ من الصدر ويسكن في القلب من مساوىء الأخلاق، وسلها: إخراجها، وتنقية القلب منها، من: سل السيف: إذا أخرجه من الغمد "بذل المجهود" 7/365-366.(3/228)
ذِكْرُ الْخَبَرِ الْمُدْحِضِ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ لَمْ يَسْمَعْهُ عَمْرُو (1) بْنُ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ
948 - أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو (1ههه) ابْنُ مُرَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمُعَلِّمُ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلِيقُ بْنُ قَيْسٍ الْحَنَفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو، فَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلَا تَنَصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلَا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَاهْدِنِي وَيَسِّرْ لِيَ الْهُدَى، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا، لَكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ اقْبَلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي» (2) . [5: 12]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَبُو صَالِحٍ (3) مَا حَدَّثَنَا عَنْهُ أَبُو يَعْلَى إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ.
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا الْعَافِيَةَ فِي أُمُورِهِ كُلِّهَا
949 - سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمٍ (4) بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ
__________
(1) تحرف في الأصل الى "عمر" بغير واو.
(2) إسناده صحيح، وهو مكرر ما قبله، وأخرجه أحمد 1/227، وأبو داود (1511) ، والنسائي (607) ، من طريق يحيي القطان، بهذا الإسناد.
(3) هو من رجال التهذيب، وورى عنه جمع، وذكره المؤلف في الثقات.
(4) تحرف في الأصل إلى مسلم، وقد جاء على الصواب في الحديث (927) .(3/229)
يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ عَمَّارٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلْبَسٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ:
سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ أَرْطَاةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَافِيَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ» (1) .
وَأَخْبَرَنَاهُ الصُّوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بِإِسْنَادِهِ وَقَالَ: «عَاقِبَتَنَا» بِالْقَافِ. [5: 12]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسُؤَالِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْعَافِيَةَ، إِذْ هِيَ خَيْرُ مَا يُعْطَى الْمَرْءُ بَعْدَ التَّوْحِيدِ
950 - أَخْبَرَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ الْحَارِثِ السَّهْمِيَّ،
__________
(1) أيوب بن ميسرة بن حلبس، روى عنه ابنه محمد وغيره، وذكره المؤلف في الثقات، وكان عامل عمر بن عبد العزيز على ديوانه، وباقي رجاله ثقات.
وأخرجه أحمد 4/181، والطبراني (1196) عن الهيثم بن خارجة، عن محمد ابن أيوب، به. وأخرجه الطبراني (1197) من طريق هيثم بن خارجة، عن عثمان ابن علاق، عن يزيد بن عبيدة، عن مولى لآل بسر، عن بسر بن أرطاة، وزاد. وقال. من كان ذلك دعاءه مات قبل أن يصيبه البلاء. وأخرجه الطبراني (1198) والحاكم في "المستدرك" 3/591 من طريق محمد بن المبارك الصوري، عن إبراهيم بن أبي شيبان، عن يزيد بن عبيدة بن أبي المهاجر، عن يزيد مولى بسر، عن بسر.
وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/178، وقال " رواه أحمد، والطبراني، ورجال أحمد، وأحد أسانيد الطبراني ثقات ".(3/230)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ، عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْيَوْمَ عَامَ أَوَّلٍ يَقُولُ، ثُمَّ اسْتَعْبَرَ أَبُو بَكْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَبَكَى، ثُمَّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «لَنْ تُؤْتَوْا شَيْئًا بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ، فَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ» (1) . [1: 104]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِتَقْرِينِ الْعَفْوِ إِلَى الْعَافِيَةِ عِنْدَ سُؤَالِهِ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا لِمَنْ سَأَلَهَا
951 - أَخْبَرَنَا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْجُمَحِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ
__________
(1) عبد الملك بن الحارث السهمي، مترجم في " تاريخ البخاري الكبير " 5/409، و" الجرح والتعديل " 5/409، ولا يعرف بجرح ولا تعديل إلا أن المؤلف ذكره في " الثقات " 5/117 وباقي رجاله ثقات، وأخرجه أحمد في "المسند" (10) عن ابي عبد الرحمن المقرىء عن حيوة بن شريح بهذا الإسناد، وقد التبس أمر عبد الملك هذا على العلامة أحمد شاكر، فظنه عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام الثْقة الذي روى له الجماعة.
وأخرجه النسائي في و "عمل اليوم والليلة" (886) عن محمد بن رافع، عن حسين بن علي عن زائدة بن قدامة، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن أبي بكر. وإسناده حسن من أجل عاصم.
وأخرجه النسائي (887) عن محمد بن رافع أيضاً بالإسناد المذكور، لكن عن أبي صالح، عن أبي بكر بدون واسطة أبي هريرة.
وأخرجه النسائي (888) عن محمد بن علي بن الحسين بن شقيق، عن أبيه، عن أبي حمزة السكري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عن أبي بكر وهذا إسناد صحيح.
وسيورده المؤلف مطولاً برقم (952) من طريق أوسط بن عامر البجلي، عن أبي بكر. ويخرج من طريقه هناك.(3/231)
إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَهْضَمٍ مُوسَى بْنُ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَسْأَلُ اللَّهَ؟، قَالَ: «سَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ» ، ثُمَّ، قَالَ: مَا أَسْأَلُ اللَّهَ؟ قَالَ: «سَلِ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ» (1) . [1: 104]
ذِكْرُ الْأَمْرِ بِسُؤَالِ الْعَبْدِ رَبَّهُ جَلَّ وَعَلَا الْيَقِينَ بَعْدَ الْمُعَافَاةِ
952 - أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ سُلَيْمِ (2) بْنِ عَامِرٍ الْكَلَاعِيِّ، عَنْ أَوْسَطَ بْنِ عَامِرٍ الْبَجَلِيِّ،
__________
(1) رجاله ثقات، إلا أن موسي بن سالم -وهو مولى آل العباس- على صدقه لم يدرك ابن عباس.
وأخرجه الحاكم 1/529 عن طريق مسدد، عن عبد الواحد بن زياد، عَنْ هِلَالِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمه: "أكثر الدعاء بالعافية"، وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي، كذا قالا؛ مع أن هلال بن خباب لم يخرج له البخاري، وإنما روى له أصحاب السنن، وهو صدوق إلا أنه تغير بأخرة.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/206 عن ابن فضيل، وأحمد 1/209، ومن طريقه الطيالسي 1/257، عن حسين بن علي، عن زائدة، والبخاري في "الأدب المفرد" (726) عن فروة، عن عبيدة، والترمذي (3514) في الدعوات، عن أحمد بن منيع، حدثنا عبيدة بن حميد، كلهم عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل، عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، علمني شيئاً أسأله الله، قال: "سل الله العافية"، فمكثت أياماً ثم جئت، فقلت: يا رسول الله، علمني شيئاً أسأله الله، فقال لى: "يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة"، قال الترمذي: هذا حديث صحيح.
(2) تحرف في الأصل إلى "سلمان".(3/232)
قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ يَخْطُبُ النَّاسَ وَقَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ أَوَّلٍ فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، سَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِثْلَ الْيَقِينِ بَعْدَ الْمُعَافَاةِ، وَلَا أَشَدَّ مِنَ الرِّيبَةِ بَعْدَ الْكُفْرِ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ» (1) . أَرَادَ بِهِ مُرْتَكِبَهُمَا لَا نَفْسَهُمَا. [1: 104]
__________
(1) إسناده قوي، وأخرجه النسائي في "عمل اليوم والليلة " (883) عن إسحاق بن إبراهيم، بهذا الإسناد.
وأخرجه أحمد 1/8 عن عبد الرحمن بن مهدى، بهذا الإسناد.
وأخرجه الحميدي (2) ، والنسائي (881) ، وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (94) من طريق الوليد بن مسلم، والنسائي (880) عن يحيي بن عثمان، عن عمر بن عبد الواحد، كلاهما عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ سليم بن عامر، به.
وأخرجه الحميدي (7) عن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي، وأحمد 1/3 عن محمد بن جعفر، و 1/5 عن هاشم، و 1/7 عن روح، والنسائي (882) عن على بن الحسين، عن أمية بن خالد، وأبو بكر المروزي (92) عن أحمد بن علي، عن علي بن الجعد، و (93) عن أحمد بن علي، عن أبي خيثمة، عن وهب بن جرير، و (95) عن أحمد بن على، عن عبيد الله بن عمر القواريري، عن غندر، وابن ماجة (3849) في الدعاء، عن أبي بكر وعلي بن محمد، عن عبيد بن سعيد، كلهم عن شعبة، عن يزيد بن خُمير، عن سليم بن عامر، به.
وصححه الحاكم 1/529 من طريق بشر بن بكر، عن سليم بن عامر، به، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي في " المجمع ". 10/173: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير أوسط، وهو ثقة.
وأخرجه البخاري في " الأدب المفرد " (724) عن آدم، عن شعبة، عن سويد ابن حجير عن سُليم، به.
وأخرجه النسائي (879) من طريق لقمان بن عامر، عن أوسط، به. =(3/233)
ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَسْتَعْمِلُهُ ... (1)
953 - أَخْبَرَنَا السَّخْتِيَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ (2) ، حَدَّثَنَا ابْنُ ثَوْبَانَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ، قَالَ: سَمِعْتُ جُنَادَةَ بْنَ أَبِي أُمَيَّةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ يُحَدِّثُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّ جِبْرِيلَ رَقَاهُ وَهُوَ يُوعَكُ، فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ كُلِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ وَسَمٍّ، وَاللَّهُ يَشْفِيكَ» (3) .
ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ جَلَّ وَعَلَا التَّفَضُّلَ عَلَيْهِ بِمَغْفِرَةِ أَنْوَاعِ ذُنُوبِهِ
954 - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة 10/205 عن يحيى بن أبي كثير، وأحمد 1/3، وأبو بكر المروزي (47) ، والترمذي (3558) في الدعوات، من طريق أبي عامر العقدي، والبغوي في " شرح السنة " (1377) من طريق يحيى بن أبي بكير، كلهم عن زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن معاذ بن رفاعة، عن أبيه، عن أبي بكر. وسنده حسن.
وأخرجه أحمد 1/9، ومن طريقه النسائي (885) عن بهز بن أسد، عن سليم بن حبان، عن قتادة عن حميد بن عبد الرحمن، عن عمر، عن أبي بكر.
وأخرجه أحمد 1/8 عن وكيع، و 1/11 عن سفيان، كلاهما عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عن أبي بكر.
وأخرجه النسائي (884) من طريق جبير بن نفير، عن أبي بكر.
وأخرجه ابن أبي شيبة 10/205 من طريق يحيى بن جعدة، عن أبي بكر.
وتقدم برقم (950) من طريق أبي هريرة، عن أبي بكر.
(1) في الأصل: طمس قدر سبع كلمات لم أتبينها.
(2) تحرف في الأصل إلى "الحارث".
(3) ابن ثوبان: هو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان العنسي، قال الحافظ في =(3/234)