(75) باب في صفة جهنم
2098 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : نَارُ بَنِي آدَمَ الَّتِي يُوقِدُونَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً ، قَالَ : فإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا.(2/173)
2099 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّهُ قَالَ : أَتُرَوْنَهَا حَمْرَاءَ مثل نَارِكُمْ هَذِهِ ، التي توقدن ، إنها لأشد سوادا من القار.(2/173)
(76) باب الترغيب في الصدقة
2100 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ أَبِي الْحُبَابِ ، عن أبي هريرة ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلاَ يَقْبَلُ اللَّهُ إِلَّا طَيِّبًا ، كأنما يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ.(2/174)
2101 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ إسحاق بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يَقُولُ : كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ أَنْصَارِيٍّ بِالْمَدِينَةِ مَالًا ، وَكَانَ أَحَبَّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ ، قَالَ أَنَسٌ : فَلَمَّا نْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ : لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ، قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ في كتابه : لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ، وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ تعالى ، فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : بخ بَخْ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ فِيهِا ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ : أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَسَمَهَا فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ.(2/174)
2102 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : أَعْطُوا السَّائِلَ وَإِنْ جَاءَ عَلَى فَرَسٍ.(2/175)
2103 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُعَاذٍ الأَشْهَلِيِّ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ جَدَّتِهِ ، أَنَّهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : يَا نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ لا تَحْقِرَنَّ إِحْدَاكُنَّ لِجَارَتِهَا ، وَلَوْ كُرَاعَ شَاةٍ مُحْرَقَةً.(2/175)
2104 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْد بْن أسلم ، عَنْ ابْن بُجَيْد الأَنْصَارِيّ ، عَنْ جدته ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : رُدُّوا السَّائِلَ وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقٍ.(2/176)
2105- أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَةَ , زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّ مِسْكِينًا سَأَلَهَا ، وَهِيَ صَائِمَةٌ ، وَلَيْسَ فِي بَيْتِهَا إِلاَّ رَغِيفٌ ، فَقَالَتْ لِمَوْلاَتهَا : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ ، فَقَالَتْ : لَيْسَ لَكِ مَا تُفْطِرِينَ عَلَيْهِ ، فَقَالَتْ : أَعْطِيهِ إِيَّاهُ ، قَالَتْ : فَمَّا أَمْسَيْنَا ,حتى أَهْدَى لَنَا أَهْلُ بَيْتٍ أَوْ إِنْسَانٌ مَا كَانَ يُهْدِي لَنَا شَاةً وَكَفَتهَا ، فَدَعَتْنِي عَائِشَةُ - رضي الله عنها - , فَقَالَتْ : كُلِي مِنْ هَذَا ، هَذَا خَيْرٌ مِنْ قُرْصِكِ.(2/176)
2106- أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أنه بَلَغَه أَنَّ مِسْكِينًا اسْتَطْعَمَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِنَبٌ ، فَقَالَتْ لإِنْسَانٍ : خُذْ حَبَّةً ، فَأَعْطِهِ إِيَّاهَا ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَعْجَبُ ، فَقَالَتْ كَمْ تَرَى فِي هَذِهِ الْحَبَّةِ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ ؟.(2/176)
(77) باب التعفف عن المسألة
2107 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ نَاسًا مِنْ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم فَأَعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى إذا نَفِدَ مَا عِنْدَهُ ، قَالَ : مَا يَكُونُ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ، وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً هُوَ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ مِنَ الصَّبْرِ.(2/177)
2108 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَهُوَ يَذْكُرُ الصَّدَقَةَ وَالتَّعَفُّفَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ : الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى ، وَالْيَدُ الْعُلْيَا الْمُنْفِقَةُ ، وَالسُّفْلَى السَّائِلَةُ.(2/177)
2109 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِعَطَاءٍ فَرَدَّهُ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : لِمَ رَدَدْتَهُ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَيْسَ أَخْبَرْتَنَا أَنَّ خَيْرًا لِأَحَدِنَا أَنْ لا يَأْخُذَ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّمَا ذَلِكَ عَنِ الْمَسْأَلَةِ ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ رْزُقُكَهُ اللَّهُ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : فوَالَّذِي بعثك بالحق لا أَسْأَلُ أَحَدًا شَيْئًا وَلاَ يَأْتِينِي شَيْءٌ عنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ إِلَّا أَخَذْتُهُ.(2/178)
2110 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ رَجُلًا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَيَسْأَلَهُ أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ.(2/178)
2111 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي أَسَدٍ ، قَالَ : نَزَلْتُ أَنَا وَأَهْلِي بِبَقِيعِ الْغَرْقَدِ ، فَقَالَ لِي أَهْلِي : اذْهَبْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فسله شَيْئًا نَأْكُلُهُ وَجَعَلُوا يَذْكُرُونَ مِنْ حَاجَتِهِمْ ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم فَوَجَدْتُ عِنْدَهُ رَجُلًا يَسْأَلُهُ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَقُولُ : لا أَجِدُ مَا أُعْطِيكَ ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ مُغْضَبٌ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَعَمْرِي إِنَّكَ لَتُعْطِي مَنْ شِئْتَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّهُ لَيَغْضَبُ عَلَيَّ أَنْ لا أَجِدَ مَا أُعْطِيهِ ، مَنْ سَأَلَ مِنْكُمْ وَلَهُ أُوقِيَّةٌ أَوْ عَدْلُهَا فَقَدْ سَأَلَ إِلْحَافًا ، قَالَ الأَسَدِيُّ : فَقُلْتُ : لَلَقْحَتُنَا خَيْرٌ مِنْ أُوقِيَّةٍ.
قَالَ مَالِك : وَالْأُوقِيَّةُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
فَرَجَعْتُ فَلَمْ أَسْأَلْهُ ، فَقُدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بَعْدَ ذَلِكَ شَعِيرٍ وَزَبِيبٍ فَقَسَمَ لَنَا مِنْهُ ، حَتَّى أَغْنَانَا اللَّهُ.(2/179)
2112 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ الْعَلاَءَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ عَبْدٌ تبارك وتعالى إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ.
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَدْرِي أَيُرْفَعُ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ لاَ.(2/179)
2113 - حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزناد ، عَنْ الأعرج ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أن رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ ، إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ.(2/180)
(78) باب ما يكره من الصدقة
2114 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لاَ تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لآلِ مُحَمَّدٍ صَلى الله عَلَيه وَسَلم , إِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ.(2/180)
2115 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ سَأَلَهُ إِبِلًا مِنَ الصَّدَقَةِ ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ، وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ أَنْ تَحْمَرَّ عَيْنَاهُ ، ثُمَّ قَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ يَسْأَلُنِي مَا لا يَصْلُحُ لِي وَلاَ لَهُ ، فَإِنْ مَنَعْتُهُ كَرِهْتُ الْمَنْعَ ، وَإِنْ أَعْطَيْتُهُ ، أَعْطَيْتُهُ مَا لا يَصْلُحُ لِي وَلاَ لَهُ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لا أَسْأَلُكَ مِنْهَا شَيْئًا أَبَدًا.(2/180)
2116 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ لي عَبْدُ اللهِ بْنُ الأََرْقَمِ : دْلُلْنِي عَلَى بَعِيرٍ مِنَ الْمَطَايَا أَسْتَحْمِلُ عَلَيْهِ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقُلْتُ : نَعَمْ جَمَلاً مِنَ الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ لي عَبْدُ اللهِ بْنُ الأََرْقَمِ : أَتُحِبُّ لو أَنَّ رَجُلاً بَادِنًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ غَسَلَ لَكَ مَا تَحْتَ إِزَارِهِ وَرُفْغَهِ ، ثُمَّ أَعْطَاكَهُ فَشَرِبْتَهُ ؟ قَالَ : فَغَضِبْ ، وَقُال : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ ، أَتَقُولُ لِي مِثْلَ هَذَا ؟ فَقَالَ لي عَبْدُ اللهِ بْنُ الأََرْقَمِ : إِنَّمَا الصَّدَقَةُ أَوْسَاخُ النَّاسِ يَغْسِلُونَهَا عَنْهُمْ.(2/181)
2117- أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , عنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ أنه أَوْصَى ابْنَهُ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ جَالِسِ الْعُلَمَاءَ ، وَزَاحِمْهُمْ بِرُكْبَتَيْكَ ، فَإِنَّ اللَّهَ تبارك و تَعَالَى يُحْيِي الْقُلُوبَ بِنُورِ الْحِكْمَةِ ، كَمَا يُحْيِي الأََرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ السَّمَاءِ.(2/181)
2118 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ؛ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ ارْتَبَطَ بِسِلْسلَةٍ ربوط ، والربوط الثقيلة ، بِضْعَةَ عَشَرَ لَيْلَةً ، حَتَّى ذَهَبَ سَمْعُهُ ، فَمَا كَادَ يَسْمَعُ حَتَّى كَادَ يَذْهَبُ بَصَرُهُ ، فَكَانَتِ ابْنَتُهُ تَحُلُّهُ إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَأَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ حَتَّى يَفْرغ ، ثُمَّ يُؤْتَى بِهِ فَتَرْبِطَهُ كَمَا كَانَ فَتُعِيدُهُ.(2/181)
2119 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْد الله بْن دينار ، عَنْ عَبْد الله بْن عُمَر أن رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ لأصحاب الحجر : لا تدخلوا عَلَى هَؤُلاَءِ القوم المعذبين ، إلا أن تكونوا باكين ، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم.(2/182)
2120 - وَبِهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن عُمَر ، أَنَّهُ قَالَ : مَفَاتِيُح الْغَيْبِ خَمْسٌ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّه ، لا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّه ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلَّا اللَّه ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ إِلَّا اللَّه ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّه.(2/182)
2121 - وبه عَنْ ابن عُمَر ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم : كلكم راعٍ وكلكم مسئول عَنْ رعيته ، فالأمير الّذي عَلَى الناس راعٍ عليهم وهو مسئول عنهم ، والرجل راعٍ عَلَى أهل بيته وهو مسئول عنهم وامرأة الرجل راعية عَلَى بيت زوجها وولدها وهي مسئولة عنهم ، وعبد الرجل راعٍ عَلَى مال سيده وهو مسئول عَنْ رعيته.(2/182)
2122 - حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي النضر ، عَنْ زرعة بْن عَبْد الرحمن بْن جرهدٍ ، عَنْ أبيه ، عَنْ جَدّه وكان من أصحاب الصفة ، قَالَ : جلس عندنا رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم وفخذي منكشفة ، فَقَالَ : خمر عليك إزارك ، إن الفخذ عورة.(2/183)
2123 - حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ امْرَأَةً ، كَانَتْ عِنْدَهَا عَائِشَةُ وَمَعَهَا نِسْوَةٌ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : وَاللَّهِ لأَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَمَا زَنَيْتُ وَمَا سَرَقْتُ - فَأُتِيَتْ فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ لَهَا أَنْتِ الْمُتَأَلِّيَةُ لَتَدْخُلِنَّ الْجَنَّةَ , كَيْفَ وَأَنْتِ تَبْخَلِينَ بِمَا لاَ يُغْنِيكِ وَتَكَلَّمِينَ بمَا لاَ يَعْنِيكِ ، فَلَمَّا أَصْبَحَتِ الْمَرْأَةُ دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فَأَخْبَرَتْهَا بِمَا رَأَتْ فَقَالَتْ : اجْمَعِي النِّسْوَةَ اللاَّتِي كُنَّ عِنْدَكِ حِينَ قُلْتِ مَا قُلْتِ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ عائشة فَجِئْنَ فَحَدَّثَتْهُنَّ بِمَا رَأَتْ فِي الْمَنَامِ.(2/183)
2124 - حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ إِسْحَاق بْن عَبْد الله بْن أَبِي طلحة ، عَنْ أنس بْن مالكٍ ، قَالَ : كنت أمشي مَعَ رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية ، فإذا أعرابي فجبذه جبذة شديدة حتى نظرت إِلى صفحتي عنق رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم قد أثر حاشية الثوب من شدة جبذته ، ثُمَّ قَالَ : يا مُحَمَّد مر لي من مال الله الّذي عندك ، قَالَ : فالتفت إِلَيْهِ رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، ثُمَّ أمر لَهُ بعطاءٍ.
آخر كتاب الجامع(2/184)
كتاب الضحايا
(1) ما يتقى من الضحايا
2125 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ فَيْرُوزٍ ، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم سُئِلَ : مَاذَا يُتَّقَى مِنَ الضَّحَايَا ؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ ، وَقَالَ : أَرْبَعًا وَكَانَ الْبَرَاءُ يُشِيرُ بِيَدِهِ ، وَيَقُولُ : يَدِي أَقْصَرُ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا ، وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا ، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لا تُنْقِي.(2/185)
2126 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَتَّقِي مِنَ الضَّحَايَا وَالْبُدْنِ الَّتِي لَمْ تُسِنَّ , وَالَّتِي نَقَصَ مِنْ خَلْقِهَا.(2/185)
2127 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عنَّ ابْنَ عُمَرَ ضَحَّى مَرَّةً بِالْمَدِينَةِ ، قَالَ نَافِعٌ : فَأَمَرَنِي ابْنَ عُمَرَ أَنْ أَشْتَرِيَ لَهُ كَبْشًا فَحِيلاً أَقْرَنَ ، ثُمَّ أَذْبَحَهُ يَوْمَ الأََضْحَى فِي مُصَلَّى النَّاسِ , قَالَ نَافِعٌ : فَفَعَلْتُ ، ثُمَّ حُمِلَ إِلَيه قال : فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ كَبْشُه ، وَكَانَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدِ الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ.(2/186)
2128 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، قَالَ نَافِعٌ : وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ يَقُولُ : لَيْسَ حِلاَقُ الرَّأْسِ بِوَاجِبٍ عَلَى مَنْ ضَحَّى ، إذا لم يحج وَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ.(2/186)
(2) باب ما يجزئ عنه البدنة من العدد في الضحايا
2129 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ، عَنْ جَابِرِ ، قَالَ : نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بالْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.(2/186)
2130 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيِّ , أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ بَدَنَةٍ جَعَلَتْهَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا , فَقَالَ سَعِيدٌ بن المسيب : الْبُدْنُ مِنَ الإِبِلِ وَمَحِلُّ الْبُدْنِ الْبَيْتُ الْعَتِيقُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ سَمَّتْ مَكَانًا مِنَ الأَرْضِ فَلْتَنْحَرْهَا حَيْثُ سَمَّتْ , فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَدَنَةً فَبَقَرَةٌ , فَإِنْ لَمْ تَجِدْ بَقَرَةً فَعَشْرٌ مِنَ الْغَنَمِ قَالَ : ثُمَّ جِئْتُ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ فسألته, فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَعِيدٌ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : فَإِنْ لَمْ تَجد بَقَرَةٌ فَسَبْعٌ مِنَ الْغَنَمِ , قَالَ : ثُمَّ جِئْتُ خَارِجَةَ بْنَ زَيْدٍ بن ثابت , فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَالِمٌ . ثُمَّ جِئْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ , فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ سَالِمٌ.(2/186)
2131 - قَالَ مَالِكٌ : إن أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْبَدَنَةِ , وَالْبَقَرَةِ , وَالشَّاةِ ، أَنَّ الرَّجُلَ يَنْحَرُ عَنْهُ ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْبَدَنَةَ , أوَيَذْبَحُ الْبَقَرَةَ , أوَالشَّاةَ الْوَاحِدَةَ هُوَ يَمْلِكُهَا ، وَيَذْبَحُهَا وَيَشْرَكُهُمْ فِيهَا ،
قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الرُجل الْبَدَنَةَ وِ الْبَقَرَةَ ثم يَشْتَرِكُ فِيهَا هو وجماعة من الناس فِي النُّسُكِ وَالضَّحَايَا , ويُخْرِجُ الرجل مِنْهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ ثَمَنِهَا , وَيكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ لَحْمِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُكْرَهُ , وَإِنَّمَا سَمِعْنَا الْحَدِيثَ : أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَكُ فِي شئ من ذلك, وَإِنَّمَا يَكُونُ ذلك عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ الْوَاحِدِ.(2/187)
2132 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ صَيَّادٍ ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَسَارٍ أَخْبَرَهُ , أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الأََنْصَارِيَّ أَخْبَرَهُ قَالَ : كُنَّا نُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ ، وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، ثُمَّ تَبَاهَى النَّاسُ بَعْدُ , فَصَارَتْ مُبَاهَاةً.(2/187)
(3) باب في ذبح الضحية قبل انصراف الإمام
2133 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَوْمَ الأَضْحَى ، فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى ، قَالَ أَبُو بُرْدَةَ : لا أَجِدُ إِلَّا جَذَعًا ، فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : فَإِنْ لَمْ تَجِدْ إِلَّا جَذَعًا ، فَاذْبَحْه.(2/188)
2134 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ ، أَنَّ عُوَيْمِرَ بْنَ أَشْقَرَ ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ يَوْمَ الأَضْحَى ، وَأَنَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : فَأَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى.(2/188)
(4) باب ادخار لحوم الأضحى
2135 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنه أخبره ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثَ أَيَّامٍ ، ثُمَّ قَالَ : بَعْدُ كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَزَوَّدُوا.(2/189)
2136 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ بن عبد الله بن عمر ، أَنَّهُ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ ، فقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَتْ : صَدَقَ ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ ، تَقُولُ : دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الأَضْحَى فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : ادَّخِرُوا لِثَلاَثٍ وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ ، قَالَتْ عمرة : قالت عائشة : فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : لَقَدْ كَانَوا يَنْتَفِعُونَ من ضَحَايَاهُمْ وَيَحمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الأَسْقِيَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : وَمَا ذَلِكَ ، أَوْ كَمَا قَالَ : قَالُوا يا رسول الله : نَهَيْتَ عَنْ إمساك لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ فَكُلُوا ، وَتَصَدَّقُوا ، وَادَّخِرُوا.(2/189)
2137 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فقرب إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا ، فَقَالَ : انْظُرُوا أَنْ لا يَكُونَ هَذَا مِنْ لُحُومِ الأَضْحَى ، فَقَالُوا : هُوَ مِنْهَا ، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : أَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْهَا ؟ ، فَقَالُوا : إِنَّهُ كَانَ فيها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بَعْدَكَ أَمْرٌ فَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فَأُخْبِرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : قد نَهَيْتُكُمْ عَنْ إدخار لُحُومِ الأَضْاحَى بَعْدَ ثَلاَثٍ فَكُلُوا ، وَادَّخِرُوا ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ الانْتِبَاذِ ، فَانْتَبِذُوا ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ، فَزُورُوهَا وَلاَ تَقُولُوا هُجْرًا .(2/190)
(5) جامع ما جاء في الضحايا
2138 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْن عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : الأََضْحَى يَوْمَانِ بَعْدَ يَوْمِ الأََضْحَى.(2/191)
2139 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ يُضَحِّي عَمَّا فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ.(2/191)
2140 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ , أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَبَيحِة نَصَارَى الْعَرَبِ ؟ قَالَ : لاَ بَأْسَ بِهَا ، وَتَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.(2/191)
(6) باب التسمية على الذبيحة
2141 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَأْتُونَنَا بِلُحْومَ ، لاَ نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا اللَّهَ عَلَيْهَا أَمْ لا ؟ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : سَمُّوا اللَّهَ عَلَيْهَا ثُمَّ كُلُوا.
قَالَ مَالِك : وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلاَمِ.(2/191)
2142 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ الَّذِي يَنْسَى أَنْ يُسَمَّيَ الله عَلَى ذَبِيحَتِهِ ، فَقَالَ : يُسَمِّي الله وَيَأْكُلُ ، وَلاَ بَأْسَ عَلَيْهِ.(2/192)
2143 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَيَّاشِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ الْمَخْزُومِيَّ أَمَرَ غُلاَمًا لَهُ أَنْ يَذْبَحَ شاة ، فَقالَ حين أَرَادَ أَنْ يَذْبَحَ ، سَمِّ اللَّهَ ، فَقَالَ الْغُلاَمُ : قَدْ سَمَّيْتُ الله ، فَقَالَ : سَمِّ اللَّهَ ، فقَالَ : قَدْ سَمَّيْتُ اللَّهَ ، قَالَ : وَيْلك سَمِّ اللَّهَ فقال : وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُهَا أَبَدًا.(2/192)
(7) باب ذكاة ما في بطن الذبيحة
2144 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا نُحِرَتِ النَّاقَةُ , فَذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِهَا في ذَكَاتُهَا ، إِذَا كَانَ قَدْ تَمَّ خَلْقُهُ ، وَنَبَتَ شَعَرُهُ ، فَإِذَا أخَرَجَ مِنْ بَطْنِها ذُبِحَ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ مِنْ جَوْفِهِ.(2/192)
2145 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْط ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : ذَكَاةُ مَا فِي بَطْنِ الذَّبِيحَةِ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ , إِذَا كَانَ قَدْ نَبَتَ شَعَرُهُ وَتَمَّ خَلْقُهُ.(2/193)
(8) باب ما يجوز به الذكاة على حال الضرورة
2146 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِثم مِنْ بَنِي حَارِثَةَ ، كَانَ يَرْعَى لِقْحَةً لَهُ بِأُحُدٍ فَأَصَابَهَا الْمَوْتُ ، فَذَكَّاهَا بِشِظَاظٍ فَسُألَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ فَكُلُوهَا.(2/193)
2147 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ مولى ابن عمر ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ سَعْدٍ ، أَوْ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أنه أخبره ، أَنَّ جَارِيَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لَه بِسَلْعٍ ، فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا ، فَأَدْرَكَتْهَا ، فَذَبحتْهَا بِحَجَرٍ فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ : لا بَأْسَ بِهَا فَكُلُوهَا.(2/193)
2148 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ أن , أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ : كل مَا أفَرَى الأََوْدَاجَ فَكُلُه.(2/193)
2149 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَا ذُبِحَ بِهِ إِذَا بَضَعَ , فَلاَ بَأْسَ إِذَا اضْطُر إِلَيْهِ.(2/194)
(9) باب ذكاة ما أصاب المعلماتُ
2150 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أن ابْنِ عُمَرَ ؛ كَانَ يَقُولُ فِي الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ : كُلْ مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ إِنْ قَتَلَ ، أو لَمْ يَقْتُلْ.
2151 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ,قال أخبرني من سَمِعَ نَافِعًا يَقُولُ : قَالَ ابْنُ عُمَرَ :كل إِنْ أَكَلَ , وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ.(2/194)
2152 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ إِذَا أخذ ثم أكل؟ فَقَالَ سَعْدٌ : كُلْ وَإِنْ لَمْ يترك إِلاَّ بَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ.(2/194)
2153 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ : إِذَا أَصَاد الرَّجُلُ الصَّيْدَ , فَأَعَانَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ رمى أَوْ كَلْبٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ ، لَمْ يُؤْكَلْ ذَلِكَ الصَّيْدُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ سَهْمُ الرَّامِي قَدْ بَلَغَ مَقَاتِلَ الصَّيْدِ.(2/195)
2154 - قَالَ : مَالِكٌ ؛ إنَّهُ سَمِعَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الْبَازِ ، وَالْعُقَابِ ، وَالصَّقْرِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ من الطير : أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُعَلَّمًا يَفْقَهُ كَمَا يفْقَهُ الْكِلاَبُ الْمُعَلَّمَةُ , إنه لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ مَا قَتَلَتْ مِمَّا اصَادَتْ ، إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَى إِرْسَالِهَا.(2/195)
2155 - قَالَ مَالِك : وإنه سَمِعْ بعض أهل يَقُولُ :إنه لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ الصَّيْدِ وَإِنْ غَابَ مَصْرَعُهُ عن صاحبه ، إِذَا وَجَدْ فيهِ أَثَرًا مِنْ كَلْبِه ، أَوْ كَانَ فيهِ سَهْمُه ، مَا لَمْ يَبِتْ , فَإِن بَاتَ , يُكْرَهُ أَكْلُهُ.(2/195)
2156 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ , الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ , أن كُلُّ شَيْءٍ نَالُهُ الإِنْسَانُ من الصيد بِيَدِهِ أَوْ سِلاَحِهِ , فَأَنْفَذَهُ وَ قَتلَه ،فإنه لابأس بأكله يقَولَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} قَالَ : فَكُلُّ شَيْءٍ نَالُهُ الرجل بِيَدِهِ أَوْ بِسِلاَحِهِ , فَأَنْفَذَهُ حتى يبَلَغَ مَقَاتِلَهُ ,فلابأس بأكله .(2/195)
2157 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يَتَخَلَّصُ الصَّيْدَ مِنْ مَخَالِيبِ الْبَازِي ، أَوْ مِنَ فِي الْكَلْبِ , ثُمَّ يَتَرَبَّصُ بِهِ فَيَمُوتُ , أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ أيضاً إذا قُدِرَ عَلَى ذَبْحِهِ وَهُوَ فِي مَخَالِيبِ الْبَاز , أَوْ فِي الْكَلْبِ , فَتْرُكُهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى ذَبْحِهِ , حَتَّى يَقْتُلَهُ الْبَازِي , أَوِ الْكَلْبُ , فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.(2/196)
2158 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا الَّذِي يَرْمِي الصَّيْدَ فَيَنَالُهُ وَهُوَ حَيٌّ ، فَيُفَرِّطُ فِي ذَبْحِهِ حَتَّى يَمُوتَ , فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ.(2/196)
2159 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا أَرْسَلَ كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ الضَّارِيَ , فَصَادَ أَوْ قَتَلَ , فإِنَّ أَكْلُ ذَلِكَ الصَّيْدِ حَلاَلٌ ، وَإِنْ لَمْ يُدرك الْمُسْلِمُ ذَكِّاتهِ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ يَذْبَحُ بِشَفْرَةِ الْمَجُوسِيِّ ، أَوْ يَرْمِي بِقَوْسِهِ , فَيَقْتُلُ بِهَا , فذَبِيحَتُهُ ذَلِكَ وصَيْدُهُ حَلاَلٌ أَكْلِهِ , قَالَ مَالِكٌ : وَإِن أَرْسَلَ الْمَجُوسِيُّ كَلْبَ الْمُسْلِمِ الضَّارِيَ عَلَى صَيْدٍ , فَأَخَذَهُ ، فَإِنَّهُ لاَ يُؤْكَلُ ذَلِكَ الصَّيْدُ إِلاَّ أَنْ يُذَكَّيه المسلم ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مَثَلُ قَوْسِ الْمُسْلِمِ ، وَنَبْلِهِ , يَأْخُذُهَا الْمَجُوسِيُّ فَيَرْمِي بِهَا الصَّيْدَ فَيَقْتُلُهُ ، فَلاَ يَحِلُّ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.(2/196)
(10) باب في صيد البحر
2160 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ سَعْدٍ الْجَارِيِّ ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , أَنَّهُ قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْحِيتَانِ تأكلُ بَعْضُهَا بَعْضًا , أَوْ تَمُوتُ صَرَدًا ؟ فَقَالَ لَيْسَ بِهَا بَأْسٌ ، قَالَ سَعْدٌ : ثُمَّ سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ , فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.(2/197)
2161 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ ، فَنَهَاهُ عَنْ أَكْلِهِ.
ثُمَّ انْقَلَبَ عَبْدُ اللهِ فَنظر في الْمُصْحَفِ ، فَقَرَأَ : {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} قَالَ نَافِعٌ : فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ : إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَكْلِهِ.(2/197)
2162 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْجَارِ قَدِمُوا , فَسَأَلُوا مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ عَمَّا لَفَظَ الْبَحْرُ ؟ فَقَالَ : لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ ، وَقَالَ : اذْهَبُوا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَإلى أَبِي هُرَيْرَةَ ، فَاسْأَلُوهُمَا , ثُمَّ ائْتُونِي , فَأَخْبِرُونِي بمَا يَقُولاَنِ ؟ فَأَتَوْهُمَا , فَسَأَلُوهُمَا ، فَقَالاَ : لاَ بَأْسَ بِهِ , فَأَتَوْا مَرْوَانَ بن الحكم فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : قَدْ قُلْتُ لَكُمْ.(2/198)
2163 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَكْلِ الْحِيتَانِ إن يَصِدُهَا الْمَجُوسِيُّ , لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ للْبَحْرِ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ , الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.(2/198)
2164 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا أُكِلَ ذَلِكَ مَيْتًا , فَلاَ يَضُرُّهُ مَنْ صَادَهُ.(2/198)
(11) باب ما يكره من الذبائح
2165 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَام ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ رُجلاً أَحَدَّ شَّفْرَةً ، وَقَدْ أَخَذَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ، وَقاَلَ : أَتُعَذِّبُ الرُّوحَ ، أَلا فَعَلْتَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَأْخُذَهَا.(2/198)
2166 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ , مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ شَاةٍ ذُبِحَتْ ، فَتَحَرَّكَ بَعْضُهَا ، فَأَمَرَهُ بأْكُلَهَا ,قال أبو مرة : ثُمَّ سَأَلَت زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ زيد : إِنَّ الْمَيْتَ لَيتَحَرَّكُ , وَنَهَاهُ عَنْ أكلها.(2/199)
2167 - وَسُئِلَ مالِكٌ عَنْ شَاةٍ تَرَدَّتْ فَكُسِرَتْ ، فَأَدْرَكَهَا صَاحِبُهَا وهي تتحرك فَذَبَحَهَا ، فَسَالَ الدَّمُ وَلَمْ تَتَحَرَّكْ ,
قَالَ مالِكٍ :أرى أن يَأْكُلْهَا إِذا ذَبَحَهَا وَنَفَسُهَا تجْرِي وَهِيَ تَطْرِفُ ,.(2/199)
2168 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ مولى ابن عمر ، أَنَّهُ قَالَ : رَمَيْتُ طَيرَيْنِ وَأَنَا بِالْجُرْفِ , فَأَصَبْتُهُمَا ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَمَاتَ ، فَطَرَحَهُ ابْنُ عُمَرَ ، وَأَمَّا الآخَرُ , فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ يُذَكِّيهِ بِقَدُومٍ , فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُذَكِّيَهُ , فَطَرَحَهُ أَيْضًا.(2/199)
2169 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , عنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أنه كَانَ يَكْرَهُ مَا قَتَلَ الْمِعْرَاضُ وَالْبُنْدُقَةُ.(2/199)
2170 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , عنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أنه كَانَ يَنهى أَنْ تُقْتَلَ الإِنْسِيَّةُ ، بِمَا يُقْتَلُ بِهِ الصَّيْدُ مِنَ الرَّمْيِ وَأَشْبَاهِ ذلك مما ينال به الصيد .(2/199)
2171 - قَالَ مَالِكٌ ، وَلاَ أَرَى بِمَا أُصِيبَ بِالْمِعْرَاضِ إِذَا خَسَقَ بَأْسًا.(2/200)
(12) باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع
2172 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنَ مَا سَمِعَت فِي أكل الدواب الْخَيْلِ , وَالْبِغَالِ , وَالْحَمِيرِ ، أَنَّهَا لاَ تُؤْكَلُ ، لأَنَّ اللَّهَ - عز وجل - قَالَ : {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} وَقَالَ فِي الأََنْعَامِ : {لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} وَقَالَ : {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأََنْعَامِ} ، {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}.(2/200)
2173 - قَالَ مالك : إِنَّ الْقَانِعَ هُوَ الْفَقِيرُ ، وَإنَّ الْمُعْتَرّ هُوَ الزَّائِرُ.(2/200)
2174 - قَالَ مَالِكٌ : فَذَكَرَ اللَّهُ تبارك وتعالى الْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِلرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ ، وَذَكَرَ الأََنْعَامَ لِلرُّكُوبِ وَالأََكْلِ.
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.(2/201)
2175 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ إِسْماَعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ ، عَنْ عَبِيدَةَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، حَرَامٌ.(2/201)
2176 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلاَنِيِّ ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، نهى عن أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ .(2/201)
(13) باب ما جاء في المضطر إلى الميتة
2177 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ ، إنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهَا ، حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدُ مِنْهَا ، فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا.(2/202)
2178 - قال : وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ رَّجُلِ يُضْطَرُّ إِلَى الْمَيْتَةِ , أَيَأْكُلُ , وَهُوَ يَجِدُ ثَمَراً ، أَوْ زَرْعًا أَوْ غَنَمًا لْقَوْمِ بِمَكَانِهِ ذَلِكَ ؟ فقَالَ : إِنْ ظَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ أَوِ الْغَنَمِ يُصَدِّقُونَهُ بِضَرُورَتِهِ ، حَتَّى لاَ يُعَدُّ سَارِقًا تُقْطَعَ يَدُهُ ، رَأَيْتُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ أَيِّ ذَلِكَ وَجَدَ مَا يَرُدُّ به جُوعَهُ ، وَلاَ يَحْمِلُ شَيْئًا ، وَذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْكُلَ الْمَيْتَةَ ، فإِنْ خَشِيَ أَنْ لاَ يُصَدِّقُوهُ ، وَأَنْ يَعُدُّوهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ سَارِقًا، فَإِنَّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ أجوز لَهُ عِنْدِي ، وَلَهُ فِي أَكْلِ الْمَيْتَةِ عَلَى هَذَه الْمنزلة سَعَةٌ ، مَعَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَعْدُوَ عَادٍ مِمَّنْ لَمْ يُضْطَرَّ إِلَى الْمَيْتَةِ يُرِيدُ اسْتِجَازَةَ أَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَزُرُوعِهِمْ وَثِمَارِهِمْ بِذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي نَرَى وَالله أَعْلَمُ.(2/202)
(14) باب ما جاء في مسك الميتة
2179 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَالَ : مَرَّ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَيِّتَةٍ ، كَانَ أُعْطِيتها مَوْلاَةٌ لِمَيْمُونَةَ ، فَقَالَ : هَلاَّ انْتَفَعْتُمْ بِجِلْدَهَا ؟ قَالُوا : يَا رَسُول اللهِ إِنَّهَا مَيْتَةٌ ، قَالَ : إِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهَا.(2/203)
2180 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنِ ابْنِ وَعْلَةَ الْمِصْرِيِّ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : إِذَا دُبِغَ الْإِهَابُ ، فَقَدْ طَهُرَ.(2/203)
2181 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ أبيه ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَمَرَ أَنْ يُسْتَمْتَعَ بِجُلُودِ الْمَيْتَةِ إِذَا دُبِغَتْ.(2/203)
2182 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ كَعْبِ الأََحْبَارِ ، أَنَّ رَجُلاً نَزَعَ نَعْلَيْهِ ، فَقَالَ : لِمَ خَلَعْتَ نَعْلَيْكَ ؟ لَعَلَّكَ تَأَوَّلْتَ هَذِهِ الآيَةَ : {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} ثُمَّ قَالَ كَعْبٌ : تَدْرِي مَا كَانَتْا نَعْلاَ مُوسَى ؟.
قَالَ مَالِكٌ : فلاَ أَدْرِي مَا أَجَابَهُ ، فَقَالَ كَعْبٌ : كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ مَيِّتٍ.(2/204)
(15) باب العقيقة
2183 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي ضَمْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ : أن رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم سئل عَنِ الْعَقِيقَةِ ، فَقَالَ : لا أُحِبُّ الْعُقُوقَ ، فكَأَنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ الاسْمَ ، وَقَالَ : مَنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ ، فَأَحَبَّ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ ، فَلْيَفْعَلْ.(2/204)
2184 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّهُ عُقَّ عَنْ الْحَسَنِ والْحُسَيْنِ ابْنَيْ عَلِيِّ.(2/205)
2185 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بن علي ، عَنْ أَبِيهِ , أَنَّهُ قَالَ : وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ ، وَزَيْنَبَ , وَأُمِّ كُلْثُومٍ ، فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتةِ فِضَّةً.(2/205)
2186 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ ، أَنَّهُ قَالَ : وَزَنَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ , فَتَصَدَّقَتْ بِزِنَتِهِ فِضَّةً.(2/205)
(16) باب العمل في العقيقة
2187 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ نَافِعٍ ، عنَّ ابْنَ عُمَرَ أنه قال : لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِهِ يَسْأَلُهُ عَقِيقَةً ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا ، وَكَانَ يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ بِشَاةٍ شَاةٍ , عَنِ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ.(2/205)
2188 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ , أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ أَنه يسْتَحَبُّ الْعَقِيقَةَ ولَوْ بِعُصْفُورٍ.(2/206)
2189 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّ أَبَاهُ كَانَ يَعُقُّ عَنْ ولده الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ بِشَاةٍ شَاةٍ.(2/206)
2190 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الذي لااختلاف فيه عِنْدَنَا فِي الْعَقِيقَةِ , أَنَّ مَنْ عَقَّ , فَإِنَّمَا يَعُقُّ عَنْ وَلَدِهِ ,عن الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ ، بِشَاةٍ شَاةٍ وَلَيْسَتِ الْعَقِيقَةُ بِوَاجِبَةٍ ، وَلَكِنَّهَا يُسْتَحَبُّ الْعَمَلُ بِهَا ، وَهِيَ مِنَ الأََمْرِ الَّذِي لااختلاف فيه ولَمْ يَزَلْ النَّاسُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فَمَنْ عَقَّ عَنْ وَلَدِهِ ، فَإِنَّهِا بِمَنْزِلَةِ النُّسُكِ وَالضَّحَايَا , لاَ يَجُوزُ فِيهَا عَرَجاءُ , وَلاَ مَكْسُورَةٌ ،وَلاَ عَجْفَاءُ , وَلاَ مَرِيضَةٌ ، ولا عوراء وَلاَ يُبَاعُ مِنْ لَحْمِهَا شَيْءٌ ، وَلاَ من جِلْدُهَا , وَتُكْسَرُ عِظَامُهَا ، وَيَأْكُلُ أَهْلُهَا مِنْ لَحْمِهَا ، وَيَتَصَدَّقُونَ مِنْهَا ، وَلاَ يُمَسُّ الصَّبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْ دَمِهَا.(2/206)
كتاب النذور والأيمان
(1)باب ما يجب فيه النذور وقضاء الحي عن الميت
2191 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم فَقَالَ : إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ وَلَمْ تَقْضِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : اقْضِهِ عَنْهَا.(2/207)
2192 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَمَّتِهِ , أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ عَنْ جَدَّتِهِ , أَنَّهَا كَانَتْ جَعَلَتْ عَلَى نَفْسِهَا مَشْيًا إِلَى مَسْجِدِ قُبَاءٍ , فَمَاتَتْ وَلَمْ تَقْضِهِ ، فَأَفْتَى عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ ابْنَهَا أَنْ يمْشِيَ عَنْهَا.(2/207)
2193 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، قَالَ : قُلْتُ لِرَجُلٍ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ حَدِيثُ السِّنِّ : ليس عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللهِ ، وَلايَقُولْ نَذْرُ مَشْيٍ ، فَقَالَ لِي رَجُلٌ : هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ هَذَا الْجِرْوَ ، لِجِرْوِ قِثَّاءٍ فِي يَدِهِ ، وَتَقُولُ : عَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللهِ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَفلْتُ , ثُمَّ مَكَثْتُ حيناً حَتَّى عَقَلْتُ ، فَقِيلَ لِي : إِنَّ عَلَيْكَ مَشْيًا إلى بيت الله ، فَجِئْتُ ابْنَ الْمُسَيَّبِ , فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : عَلَيْكَ مَشْيٌ , فَمَشَيْتُ.(2/208)
(2) باب من نذر مشيا إلى البيت فعجز ماذا يفعل
2194 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ اللَّيْثِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ جَدَّةٍ لِي عَلَيْهَا مَشْيٌ إِلَى البَيْتِ اللهِ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ عَجَزَتْ ، فَأَرْسَلَتْ مَوْلًى لَهَا يَسْأَلُ ابْنَ عُمَرَ , فَخَرَجْتُ مَعَهُ ، فَسَأَلَته ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ : مُرْهَا فَلْتَرْكَبْ , ثُمَّ تَمْشِي مِنْ حَيْثُ عَجَزَتْ.
قَالَ مَالِكٌ : وَنَرَى عَلَيْهَا مَعَ ذَلِكَ الْفِدَاءَ.
2195 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ , وَأَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَا يَقُولاَنِ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ.(2/208)
2196 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ عَلَيَّ مَشْيٌ , فَأَصَابَتْنِي خَاصِرَةٌ ، فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ مَكَّةَ ، ثم سَأَلْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرَهُ فَقَالُوا : عَلَيْكَ هَدْيٌ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ , سَأَلْتُ , فَأَمَرُونِي أَنْ أَمْشِيَ من حَيْثُ عَجَزْتُ ، فَمَشَيْتُ مَرَّةً أُخْرَى.(2/209)
2197 -قال مَالِك : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ يَقُولُ عَلَيَّ مَشْيٌ , أَنَّهُ إِذَا عَجَزَ رَكِبَ ، ثُمَّ عَادَ فَمَشَيَ مِنْ حَيْثُ عَجَزَ ، فَإِنْ كَانَ لاَ يَسْتَطِيعُ الْمَشْيَ , فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لْيَرْكَبْ ، وَعَلَيْهِ هَدْيُ بَدَنَةٍ أَوْ بَقَرَةٍ أَوْ شَاةٍ ، وإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ هِيَ.(2/209)
2198 - قال :وسئل مالكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَقُولُ لِرَّجُلِ : أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللهِ ، فَقَالَ : إِنْ نَوَى أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ الْمَشَقَّةَ ، وَتَعَبَ لنَفْسِهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَلْيَمْشِ عَلَى رِجْلَيْهِ ، وَلْيُهْدِ ، فإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوَى شَيْئًا ، فَلْيَحْجُجْ وَلْيَرْكَبْ به مَعَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ : أَنَا أَحْمِلُكَ إِلَى بَيْتِ اللهِ ، فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحُجَّ مَعَهُ , فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ.(2/209)
2199 -قال : وسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الذي يَحْلِفُ بِنُذُورٍ مُسَمَّاةٍ , مَشْيًا إِلَى بَيْتِ اللهِ ، أَنْ لاَ يُكَلِّمَ أَخَاهُ أَوْ أَبَاهُ بِكَذَا وَكَذَا ، نَذْرًا لِشَيْءٍ لاَ يَقْوَى عَلَيْهِ ، وَلَوْ تَكَلَّفَ ذَلِكَ كُلَّ عَامٍ , لَعُرِفَ أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ عُمْرُهُ مَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ , فَقِيلَ لَمالك : هَلْ يُجْزِئهِ مِنْ ذَلِكَ نَذْرٌ وَاحِدٌ أَوْ نُذُورٌ ؟ فَقَالَ : مَا أَعْلَمُهُ يُجْزِئُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الْوَفَاءُ بِمَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ من ذلك ، فَلْيَمْشِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنَ الزَّمَانِ ، وَلْيَتَقَرَّبْ إِلَى اللهِ بِمَا اسْتَطَاعَ مِنَ خَيْرِ.(2/210)
(3) باب العمل في المشي
2200 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّه سَمِعْ بعض أَهْلِ الْعِلْمِ يقول : فِي الرَّجُلِ يَحْلِفُ بِالْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللهِ ، أَوِ الْمَرْأَةِ ، فَيَحْنَثُ أَوْ تَحْنَثُ ، إنَّهُ إِنْ مَشَى الذي حَنس مِنْهُمَا فِي عُمْرَةٍ , فَإِنَّهُ يَمْشِي حَتَّى يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَإِذَا سَعَى فَقَدْ فَرَغَ ، وَأَنَّهُ لو جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ المَشْي فِي الْحَجِّ ،فعليه أن يَمْشِي حَتَّى يَأْتِيَ مَكَّةَ ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْمَنَاسِكِ كُلِّهَا ، وَلاَ يَزَالُ مَاشِيًا حَتَّى يُفِيضَ.
قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَكُونُ مَشْيٌ إِلاَّ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ.(2/210)
(4) باب ما يجب فيه الكفارات من الأيمان
2201- أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا ، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ.(2/211)
2202 -قال : مَالِك : في الرجل يَقُولُ عَلَيَّ نَذْرٌ ، وَلا يُسَمِّ شَيْئًا : إِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ.
قَالَ : وأَمَّا التَّوْكِيدُ , فَإنه يحَلِفُ الإِنْسَانِ فِي الشَّيْءِ ، يُرَدِّدُ فِيهِ الأََيْمَانَ يَمِينًا بَعْدَ يَمِينٍ ، كَقَوْلِهِ : وَاللَّهِ لاَ أَنْقُصُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا ، ويَحْلِفُ بِذَلِكَ مِرَارًا ، ثَلاَثًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ : فَكَفَّارَةُ ذَلِكَ وَاحِدَةٌ ، مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.
قَالَ مَالِكٌ : وإِنْ حَلَفَ رَجُلٌ فَقَالَ : وَاللَّهِ لاَ آكُلُ هَذَا الطَّعَامَ ، وَلاَ أَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ ، وَلاَ أَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ ، فَكَانَ هَذَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ،قال : وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَقَوْلِ الرَّجُلِ لاِمْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَّالقُ ، إِنْ كَسَوْتُكِ هَذَا الثَّوْبَ ، وَلاأَذِنْتُ لَكِ إِلَى الْمَسْجِدِ , يَكُونُ ذَلِكَ مُتَتَابِعًا فِي كَلاَمٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ حَنِثَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الطَّلاَقُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيمَا فَعَلَ حِنْثٌ ، وإِنَّمَا الْحِنْثُ فِي ذَلِكَ حِنْثٌ وَاحِدٌ.(2/211)
2203 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي نَذْرِ الْمَرْأَةِ ، إِنَّهُ جَائِزٌ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا ، يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي جَسَدِهَا ، حَتَّى تَقْضِيَهُ.(2/212)
(5) باب العمل في كفارة اليمين
2204 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ فَوَكَّدَهَا ، ثُمَّ حَنِثَ ، فَعَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ ، أَوْ كِسْوَةُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، وَمَنْ حَلَفَ بِيَمِينٍ , فَلَمْ يُؤَكِّدْهَا ، فحَنِثَ , فَعَلَيْهِ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ , فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ.(2/212)
2205 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , أَنَّهُ قَالَ : أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَهُمْ إِذَا أَعْطَوْا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ، أَعْطَوْا مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ بِالْمُدِّ الأََصْغَرِ ، وَرَأَوْا ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُمْ.(2/212)
2206 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ , بِإِطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ , وَكَانَ يَعْتِقُ الْمِرَارَ إِذَا وَكَّدَ الْيَمِينَ.(2/213)
2207 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الَّذِي يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ بِالْكِسْوَةِ ، أَنَّهُ إِنْ كَسَا الرِّجَالَ ، كَسَاهُمْ ثَوْبًا ثَوْبًا ، وَإِنْ كَسَا النِّسَاءَ كَسَاهُنَّ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ ، دِرْعًا وَخِمَارًا لكل امرأة منهن ، وَذَلِكَ أَدْنَى مَا يُجْزِئ كُلاًّهما فِي صَلاَتِهِ ، الرجل يُجْزِئُهُ الثوب الْوَاحِدُ ، وَالْمَرْأَةُ لاَ يُجْزِئُهَا إِلاَّ ثَوْبَانِ ، دِرْعٌ وَخِمَارٌ.(2/213)
(6) باب ما يجب على من قال : مالي في سبيل الله أو في رتاج الكعبة
2208 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عُثمَانَ بْنِ حَفْص بْنِ عُمَرَ بْنِ خَلْدةَ ، عَنْ ابْنِ شهِاب ، أَنَّ أَبَا لُبَابَة بْنَ عَبْدِ المْنُذِرِ ، حيِنَ تَابَ اللهُ علَيْهِ ، قَالَ لرَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي التَّي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ وَأُجَاوِرُكَ ، وَأَنْخَلِعُ مِنْ مَالي صدَقَةً إِلى اللهِ وَإلَى رَسُولِهِ ، فَقَال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يجُزْيِكَ مِنْ ذَلكِ الثُّلُثُ.(2/213)
2209 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَجَبِيِّ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ عَائِشَةَ, أَنَّهَا قالت من قَالَ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ ، فإنما كَفِّارُتهُ كَفِّارُة يَمِينَ.(2/214)
2210 - وسئل مَالِكٌ عن رجل قال لرجل كل مَالِي فِي سَبِيلِ اللهِ ، قَالَ : يَجْعَلُ ثُلُثَ مَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَذَلِكَ لِلَّذِي كان من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَمْرِ أَبِي لُبَابَةَ.(2/214)
(7) باب ما يجب فيه الكفارة من الأيمان
2211 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : مَنْ قَالَ : وَاللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ لَمْ يَفْعَلِ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ، لَمْ يَحْنَثْ.(2/214)
2212 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الثُّنْيَا في اليمين أَنَّهَا لِصَاحِبِهَا ، مَا لَمْ يَقْطَعْ كَلاَمَهُ ، وَمَا كَانَ نَسَقًا ، يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، قَبْلَ أَنْ يَسْكُتَ ، فَإِذَا سَكَتَ وَقَطَعَ كَلاَمَهُ ، فَلاَ ثُنْيَا لَهُ.(2/214)
2213 - وقَالَ مَالِكٌ فِي رَّجُلِ يَقُولُ : كَفَرَت بِاللَّهِ ، أَوْ أَشْرَكَت بِاللَّهِ ،قال : لَيْسَ له كَفَّارَةٌ ، وَلَيْسَ بِكَافِرٍ ، وَلاَ مُشْرِكٍ , حَتَّى يَكُونَ قَلْبُهُ مُضْمِرًا عَلَى الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ ، وَلْيَسْتَغْفِرِ ربه، وَلاَ يَعُودْ لشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.(2/215)
(8) باب ما لا يجب من النذور في معصية الله
2214 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ ، وعن ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ ، عَنْ النبي صَلى الله عَلَيه وَسَلم وَأَحَدُهُمَا يَزِيدُ فِي الْحَدِيثِ عَلَى صَاحِبِهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم رَأَى رَجُلًا قَائِمًا فِي الشَّمْسِ ، فَقَالَ : مَا بَالُ هَذَا ؟ ، فَقَالُوا : نَذَرَ أَنْ لا يَسْتَظِلَّ وَلاَ يتكلم ، وَلاَ يَجْلِسَ وَأن يَصُومَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ، وَلْيَجْلِسْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيُتِمَّ صِيَامَهُ.
قَالَ مَالِك : وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ النبي صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَمَرَهُ بِكَفَّارَةٍ.(2/215)
2215 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ،قال سمعت الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : أَتَتِ امْرَأَةٌ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَتْ : إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ ابْنِي ، قَالَ : لاَ تَنْحَرِي ابْنَكِ ، كَفِّرِي عَنْ يَمِينِكِ ، فَقَالَ شَيْخٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ جالس : كَيْفَ يَكُونُ فِي هَذَا كَفَّارَةٌ ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ اللَّهَ تبارك وتَعَالَى يقَولَ : {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ منكم مِنْ نِسَائِهِمْ} فجَعَلَ فِيهِا مِنَ الْكَفَّارَةِ مَا قَدْ رَأَيْتَ.(2/215)
2216 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الأَيْلِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قالت : قال رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ.(2/216)
2217 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَثَلُ مَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ : مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ، أَنْ يَنْذِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى بَيْتِ الله ، أَوْ أَنْ يَصُومَ ، أَوْ أَنْ يُصَلِّيَ ، أَوْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الأََشْيَاءِ الَّتِي هِيَ لله طَاعَة ، فَإِذَا هُوَ حَلَفَ أَنْ لاَ يُكَلِّمَ فُلاَنًا ، وَلاَ يَدْخُلَ بَيْتَ فُلاَنٍ ، أَوْ أَشْبَاهَ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ ، فَهَذَا إِذَا حَنِثَ صَاحِبُهُ قَضَى مَا كَانَ لله فِيهِ طَاعَةٌ ، وَكَانَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ.(2/216)
2218 - قال مَالِك : قَوْلِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ومَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلاَ يَعْصِهِ ، أَنْ يَنْذِرَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْشِيَ إِلَى الشَّامِ ، أَوْ إِلَى مِصْرَ ، وأَشْبَاهَ ذَلِكَ , مِمَّا لَيْسَ لِلَّهِ تبارك وتعالى فيه طَاعَةٍ ، إِنْ كَلَّمَ فُلاَنًا ،فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِنْ هُوَ كَلَّمَهُ ، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الأََشْيَاءِ طَاعَةٌ ، وَإِنَّمَا يُوَفَّى لِلَّهِ بِكل نذز لَهُ فِيهِ طَاعَةٌ من مشي إلى بيت الله أو صيام أو صدقة أوصلاة أو أشباه ذلك فكل ما كان لله فيه طاعة فهو واجب .(2/217)
(9) باب اللغو في الأيمان
2219 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قالُت : لَغْوُ الْيَمِينِ لاَ وَاللَّهِ ، وبَلَى وَاللَّهِ.(2/217)
2220 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي هَذَا ، أَنَّ اللَّغْوَ حَلِفُ الإِنْسَانِ عَلَى الشَّيْءِ ، يَسْتَيْقِنُ أَنَّهُ كَذَلِكَ ، ثُمَّ يُوجَدُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، فَهُذا اللَّغْوُ.(2/217)
2221 - قَالَ مَالِكٌ : وَعَقْدُ الْيَمِينِ ، أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ أَنْ لاَ يَبِيعَ ثَوْبَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، ثُمَّ يَبِيعَهُ بِذَلِكَ ، أَوْ يَحْلِفَ لَيَضْرِبَنَّ غُلاَمَهُ ، ثُمَّ لاَ يَضْرِبُهُ ، وَنَحْوَ هَذَا ، فَهَذَا الَّذِي يُكَفِّرُ صَاحِبُهُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَلَيْسَ فِي اللَّغْوِ كَفَّارَةٌ.(2/218)
2222 - قَالَ مَالِكٌ : فَالَّذِي يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ آثِمٌ ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْكَذِبِ ، وَهُوَ يَعْلَمُ ، لِيُرْضِيَ بِهِ أَحَدًا ، أَوْ لِيَقْطَعَ بِهِ مَالاً ، أَوْ لِيَعْتَذِرَ بِهِ إِلَى مُعْتَذَرٍ ، فَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ.(2/218)
(10) جامع الأيمان
2223 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَدْرَكَ عُمَرَ وَهُوَ يَسِيرُ فِي رَكْبٍ ، وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ ، فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ.(2/218)
2224 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ : لأَنْ أَحْلِفَ فَآثَمَ أَحَبّ إِلَّي مِنْ أَنْ أُضَاهِيَ.(2/219)
2225 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : لاَ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ.(2/219)
كتاب العقل
2226 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ : أَنَّ فِي النَّفْسِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ جَدَعًا مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النفس ، وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ ، وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الْإِبِلِ ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ من الإبل ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ.(2/221)
(1) باب دية العمد في القتل
2227 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ وربيعة كَانَا يَقُولُان : دِيَةِ الْعَمْدِ إِذَا قُبِلَتْ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً.(2/222)
2228 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، أَنَّهُ أُتِيَ بِمَجْنُونٍ قد قَتَلَ رَجُلاً ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ ، أَنِ اعْقِلْهُ وَلاَ تُقِدْ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى المَجْنُونٍ قَوَدٌ.(2/222)
2229 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَوَدٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ ، إِلاَّ أَنَّ الْعَبْدَ إِنْ قَتَلَ الْحُرَّ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ.(2/223)
2230 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ إِذَا قَتَلاَ جَمِيعًا عَمْدًا , أَنَّ عَلَى الْكَبِيرِ أَنْ يُقْتَلَ ، وَعَلَى الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ.(2/223)
2231 - قَالَ : وَكَذَلِكَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ يَقْتُلاَنِ الْعَبْدَ عَمْدًا , فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ ، وَيَكُونُ عَلَى الْحُرِّ نِصْفُ ثَمَنِ الَعْبدِ.(2/223)
(2) باب دية الخطأ في القتل
2232 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ ، وَعن سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ أَجْرَى فَرَسًا ، فَوَطِئَ عَلَى إِصْبَعِ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ ، فَنُزِف مِنْهَ ، فَمَاتَ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِلَّذِينَ ادُّعِيَ عَلَيْهِمْ : أَتَحْلِفُونَ بِاللَّهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا مَاتَ مِنْهَا ؟ فَأَبَوْا أن يحلفوا وَتَحَرَّجُوا من الأيمان ، فَقَالَ لِلآخَرِينَ : أَتَحْلِفُونَ أَنْتُمْ ؟ فَقالوْا : لا، فَقَضَى عُمَرُ بِشَطْرِ الدِّيَةِ عَلَى السَّعْدِيِّينَ.(2/223)
2233 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عن ابْنَ شِهَابٍ ، وَعن رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وبلغه عن سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أنهم كَانُوا يَقُولُونَ : دِيَةُ الْخَطَإِ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ ، وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ ذَكَور ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً.(2/224)
2234 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ سَائِبَةً كان أَعْتَقَهُ بَعْضُ الْحاجِ ،فكان يلعب هو و ابْنَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَائِذٍ ، فَقَتَلَ السائبة ابن العائذي فَجَاءَ الْعَائِذِيُّ أَبُو الْمَقْتُولِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، يَطْلُبُ دِيَةَ ابْنِهِ ، فَقَالَ عُمَرُ : لاَ دِيَةَ لَهُ ، فَقَالَ الْعَائِذِيُّ : أَرَأَيْتَ لَوْ قَتَلَهُ ابْنِي ؟ قَالَ عُمَرُ : إِذًا تُخْرِجُونَ دِيَتَهُ ، فَقَالَ الْعَائِذِيُّ : هُوَ إِذًا مثل كَالأََرْقَمِ , إِنْ يُتْرَكْ يَلْقَمْ ، وَإِنْ يُقْتَلْ يَنْقَمْ.(2/224)
2235 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ قَوَدَ بَيْنَ الصِّبْيَانِ ، وَإِنَّ عَمْدَهُمْ خَطَأٌ ، مَا لَمْ يجِبْ عَلَيْهِمُ الْحُدُودُ ، وَبْلُغُوا الْحُلُمَ ، قال : وقَتْلَ الصَّبِيِّ ، لاَ يَكُونُ إِلاَّ خَطَأً ، فلَوْ أَنَّ صَبِيًّا وَكَبِيرًا قَتَلاَ رَجُلاً حُرًّا خَطَأً ، كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ.(2/224)
2236 - قَالَ : وَمَنْ قَتَلَ خَطَأً ، فَإِنَّمَا هو مَالٌ لاَ قَوَدَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَغَيْرِهِ مِنْ مَالِهِ , ويُقْضَى فيهِ دَيْنُهُ ، وَيجُوزُ فِيهِ وَصِيَّتُهُ في ثلثه ، فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ , تَكُونُ الدِّيَةُ قَدْرَ ثُلُثِهِ ، ثُمَّ عُفِيَ عَنْ دِيَتِهِ ، وَأَوْصَى بِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌه غَيْرُ دِيَتِهِ , جَازَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثُ , إِذَا عُفِيَ عَنْهُ .(2/225)
(3) باب ما جاء في عقل العظام
2237 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّهُ كان يقول : كُلُّ نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنَ الأََعْضَاءِ ، فَفِيهَا ثُلُثُ عَقْلِ ذَلِكَ الْعُضْوِ.(2/225)
2238 - وَقَالَ مَالِكٌ : وَلَيْسَ عِنْدَنَا فِي نَافِذَةٍ فِي عُضْوٍ مِنَ أعْضَاءِ الْجَسَدِ أَمْر مُجْتَمَع عَلَيْهِ ، ليس في ذلك إلا الاِجْتِهَادَ.(2/225)
2239 - قَالَ : وَلاَ أَرَى اللَّحْيَ الأََسْفَلَ , وَالأََنْفَ مِنَ الرَّأْسِ فِي جِرَاحِهِمَا , لأَنَّهُمَا عَظْمَانِ مُنْفَرِدَانِ , وَالرَّأْسُ بَعْدَهُمَا عَظْمٌ وَاحِدٌ.(2/225)
2240 - قال مالك : الأََمْرَ عِنْدَنَا أَنَّهُ مَنْ كُسِرَ عَظْمٌ مِنَ الجسد من الإِنْسَانِ يَدٌاً أَوْ رِجْلٌاً أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْجَسَدِ خَطَأً ، فَبَرَأَ وَصَحَّ وَعَادَ كهَيْئَتِهِ ، فَلَيْسَ فِيهِ عَقْلٌ ، فَإِنْ نَقَصَ أَوْ كَانَ فِيهِ عَثَلٌ , فَفِيهِ مِنْ عَقْلِهِ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ.
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ مِمَّا جَاءَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلٌ مُسَمًّى ، فَبِحِسَابِ مَا فَرَضَ فِيهِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَا لَمْ يَأْتِ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْلٌ مُسَمًّى ، وَلَمْ تَمْضِ فِيهِ سُنَّةٌ ، وَلاَ عَقْلٌ مُسَمًّى ، فَإِنَّهُ يُجْتَهَدُ فِيهِ.
وَ الْجِرَاحِ فِي الْجَسَدِ إِذَا كَانَتْ خَطَأً ليس في شئ منها عَقْلٌ , إِذَا بَرَأَ الْجُرْحُ ، وَكان كهَيْئَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْنٌ ، فَإِنَّهُ يُجْتَهَدُ فِيهِ , إِلاَّ الْجَائِفَةَ ، فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَ دِيَةِ النَّفْسِ.
قَالَ : وَلَيْسَ فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ عَقْلٌ ، وَهِيَ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ.(2/226)
2241 - وقَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الطَّبِيبَ إِذَا خَتَنَ ، فَقَطَعَ الْحَشَفَةَ إِنَّ عَلَيْهِ الْعَقْلَ ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْخَطَإِ الَّذِي تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ ، وَأَنَّ كُلَّ مَا أَخْطَأَ بِهِ الطَّبِيبُ أَوْ تَعَدَّى إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ ، فَفِيهِ الْعَقْلُ.(2/226)
2242 - قَالَ مَالِكٌ : الْخَطَأُ لاَ يُعْقَلُ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ وَيَصِحَّ ، وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/226)
(4) باب ما جاء في عقل المرأة
2243 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : تُعَقِلُ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ الدِّيَةِ , إِصْبَعُهَا كَإِصْبَعِهِ ، وَسِنُّهَا كَسِنِّهِ ، وَمُوضِحَتُهَا كَمُوضِحَتِهِ ، وَمُنَقِّلَتُهَا كَمُنَقِّلَتِهِ.(2/227)
2244 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، وَبَلَغَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولاَنِ مِثْلَ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي الْمَرْأَةِ : أَنَّهَا تُعَاقِلُ الرَّجُلَ إِلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ ، فَإِذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ , كَانَتْ إِلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ.
2245 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهَا تُعَاقِلُهُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ ، وَمَا دُونَ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ من الجراح عَقْلُهَا فِي ذَلِكَ كله كعقله ،فَإِذَا بَلَغَتْ جراحها الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَأَشْبَاهِهِا مِمَّا يَكُونُ فِيهِ ثُلُثُ الدِّيَةِ فَصَاعِدًا ، كَانَ عَقْلُهَا فِي ذَلِكَ على النِّصْفَ مِنْ عَقْلِ الرَّجُلِ.(2/227)
2246 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : مَضَتِ السُّنَّةُ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَصَابَ امْرَأَتَهُ بِجُرْحٍ , أَنَّ يعَقْلَها وَلاَ يُقَادُ مِنْهُ.(2/228)
2247 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخَطَإِ ، أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ , فَيُصِيبَهَا مِنْ ضَرْبِهِ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ , كضْرِبُهَا بِسَوْطٍ ، فَيَفْقَأُ عَيْنَهَا ، أوَنَحْوَ ذَلِكَ.(2/228)
2248 - قَالَ مَالِكٌ : وقد تكون الْمَرْأَةِ لَهَا زَوْجٌ وَوَلَدٌ مِنْ غَيْرِ عَصَبَتِهَا وَلاَ قَوْمِهَا , فَلَيْسَ عَلَى زَوْجِهَا إِذَا كَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ أُخْرَى مِنْ عَقْلِها شَيْءٌ ، وَلاَ عَلَى وَلَدِهَا إِذَا كَانُوا مِنْ غَيْرِ قَوْمِهَا ، وَلاَ عَلَى إِخْوَتِهَا مِنْ أُمِّهَا مِنْ غَيْرِ عَصَبَتِهَا وَلاَ قَوْمِهَا , فَهَؤُلاَءِ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهَا ، وَالْعَصَبَةُ عَلَيْهِمُ الْعَقْلُ , مُنْذُ زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى اليوم ، وَكَذَلِكَ مَوَالِي الْمَرْأَةِ , مِيرَاثُهُمْ لِوَلَدِ الْمَرْأَةِ ، وَإِنْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ قَبِيلَتِهَا ، وَعَقْلُ الْمَوَالِي عَلَى قَبِيلَتِهَا.(2/228)
(5) باب عقل جنين المرأة
2249 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ امْرَأَتَيْنِ مِنْ هُذَيْلٍ رَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَطَرَحَتْ جَنِينَهَا ، فَقَضَى بهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ.(2/229)
2250 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَضَى فِي الْجَنِينِ يُقْتَلُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ بِغُرَّةٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ ، فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ : كَيْفَ أَغْرَمُ مَا لا أَكَلْ وَلاَ شرب وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَلْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ.(2/229)
2251 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الْغُرَّةُ تُقَوَّمُ خَمْسِينَ دِينَارًا ، أَوْ سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ ، أَوْ سِتَّةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ ، فَدِيَةُ جَنِينِ المرأة الْحُرَّةِ , عُشْرُ دِيَتِهَا ، وَالْعُشْرُ خَمْسُونَ دِينَارًا ، أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ.(2/230)
2252 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا يُخَالِفُ أَنَّ الْجَنِينَ لاَ تَكُونُ فِيهِ الْغُرَّةُ حَتَّى يُزَايِلَ أُمِّهِ ، وَيَسْقُطُ مِنْ بَطْنِهَا مَيِّتًا.(2/230)
2253 - قَالَ مَالِكٌ : سَمِعْتُ أَنَّهُ إِذَا خَرَجَ الْجَنِينُ حَيًّا ، ثُمَّ مَاتَ , أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ كَامِلَةً.(2/230)
2254 - قَالَ : وَلاَ حَيَاةَ لِلْجَنِينِ إِلاَّ بِالاسْتِهْلاَلِ ، فَإِذَا خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ فَاسْتَهَلَّ ، ثُمَّ مَاتَ , فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، قَالَ : وَنَرَى أَنَّ فِي جَنِينِ الأََمَةِ عُشْرَ ثَمَنِ أُمِّهِ.(2/230)
2255 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا قَتَلَتِ الْمَرْأَةُ رَجُلاً عَمْدًا أَوِ امْرَأَةً ، وَالَّتِي قَتَلَتْ حَامِلٌ , لَمْ يُقَدْ مِنْهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ، وَإِنْ قُتِلَتِ الْمَرْأَةُ وَهِيَ حَامِلٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً , فَلَيْسَ عَلَى مَنْ قَتَلَهَا فِي جَنِينِهَا دِيَةٌ وإِنْ قُتِلَتْ عَمْدًا , قُتِلَ الَّذِي قَتَلَهَا ، وَلَيْسَ فِي جَنِينِهَا دِيَةٌ ، وَإِنْ قُتِلَتْ خَطَأً , فَعَلَى عَاقِلَةِ قَاتِلِهَا دِيَتُهَا ، وَلَيْسَ فِي جَنِينِهَا دِيَةٌ.(2/230)
2256 - وسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ جَنِينِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ يُطْرَحُ مِنْ بَطن أمِه ؟ قَالَ : أَرَى فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ.(2/231)
(6) باب ما يجب فيه الدية كاملة من الجراح سوى القتل
2257 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، فَإِذَا قُطِعَتِ السُّفْلَى ، فَفِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ...(2/231)
2258 - قَالَ مَالِكٌ : ولم أزل أسمع أَنَّ فِي كُلِّ زَوْجٍ مِنَ الإِنْسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً ، وَأَنَّ فِي اللِّسَانِ الدِّيَةَ كَامِلَةً ، وَأَنَّ فِي الأَُذُنَيْنِ الدِّيَةَ كَامِلَةً إِذَا ذَهَبَ سَمْعُهُا اصْطُلِمَتَا ، أَوْ لَمْ تُصْطَلَمَا ، وَفِي ذَكَرِ الرَّجُلِ الدِّيَةُ كَامِلَةً ، وَفِي الأَُنْثَيَيْنِ الدِّيَةُ كَامِلَةً...(2/231)
2259 - قَالَ مَالِكٌ ؛ إِنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ فِي ثَدْيَيِ الْمَرْأَةِ الدِّيَةَ كَامِلَةً.
2260 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَخَفُّ ذَلِكَ إلى الْحَاجِبَانِ ، وَثَدْيَا الرَّجُلِ...(2/232)
2261 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أُصِيبَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَكْثَرُ مِنْ دِيَتِهِ ، فَذَلِكَ لَهُ إِذَا أُصِيبَتْ يَدَاهُ وَرِجْلاَهُ وَعَيْنَاهُ ، فَلَهُ ثَلاَثُ دِيَاتٍ...(2/232)
(7) باب ما جاء في دية عين الأعور
2262 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الرَّجُلِ الأََعْوَرِ يَفْقَأُ عَيْنَ الصَّحِيحِ ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ : إِنْ أَحَبَّ الصَّحِيحُ أَنْ يَسْتَقِيدَ ، فَلَهُ الْقَوَدُ ، وَإِنْ أَحَبَّ ، فَلَهُ الدِّيَةُ , أَلْفُ دِينَارٍ , أَوِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ...(2/232)
2263 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : فِي عَيْنِ الأََعْوَرِ الصَّحِيحَةِ إِذَا فُقِئَتْ عَمْدًا : فَإِن أَحَبَّ اسْتَقَادَ ، وَإِنْ أَحَبَّ أَخَذَ الْعَقْلَ.
2264 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , مِثْلُ ذَلِكَ...(2/232)
2265 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا فُقِئَتْ عَيْنِ الأََعْوَرِ خَطَأً ففِيهَا الدِّيَةَ كَامِلَةً...(2/233)
(8) باب دية العين القائمة واليد الشلاء
2266 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَ يَقُولُ : فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ إِذَا طْفِئَتْ مِائَةُ دِينَارٍ...(2/233)
2267 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ ، إِذَا طْفِئَتْ ، أوَ الْيَدِ الشَّلاَّءِ إِذَا قُطِعَتْ : إِنَّهُ لَيْسَ فِيهما إِلاَّ الاِجْتِهَادُ ، لَيْسَ فِي ذَلِكَ عَقْلٌ مُسَمًّى...(2/233)
2268 - قال : وسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ شَتَرِ الْعَيْنِ ، وَحِجَاجِ الْعَيْنِ ، فَقَالَ : لَيْسَ فِي ذَلِكَ إِلاَّ الاِجْتِهَادُ , إِلاَّ أَنْ يَنْقُصَ نظرُ الْعَيْنِ ، فَيَكُونُ لَهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَيْنِ.....(2/233)
(9) باب ما جاء في عقل الموضحة
2269 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَذْكُرُ , أَنَّ الْمُوضِحَةَ فِي الْوَجْهِ مِثْلُ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ ، إِلاَّ أَنْ تَعِيبَ , فَيُزَادُ فِي عَقْلِهَا ، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ نِصْفِ عَقْلِ الْمُوضِحَةِ فِي الرَّأْسِ ، فَيَكُونُ فِيهَا خَمْسَ وَسَبْعُينَ دِينَارًا.......(2/234)
2270 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا : أَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ مِنَ الشِّجَاجِ عَقْلٌ ، حَتَّى تَبْلُغَ الْمُوضِحَةَ ، وَإِنَّمَا الْعَقْلُ فِي الْمُوضِحَةِ فَمَا فَوْقَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى إِلَى الْمُوضِحَةِ فِي كِتَابِهِ , فَجَعَلَ فِيهَا خَمْسًا مِنَ الإِبِلِ ، وَلَمْ يقْضِ الأََئِمَّةُ عندنا فِي الْقَدِيمِ ، وَالْحَدِيثِ , فِيمَا دُونَ الْمُوضِحَةِ بِعَقْلٍ.....(2/234)
(10) باب دية المنقلة
2271 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَقَادَ مِنَ الْمُنَقِّلَةِ...(2/234)
2272 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ فِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشَرَةَ فَرِيضَةً.
وَالْمُنَقِّلَةُ الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُهَا مِنَ الْرأس ، وَلاَ تَخْرِقُ إِلَى الدِّمَاغِ ، وَهِيَ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ وَفِي الْوَجْهِ ، وَلَيْسَ فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ شئ ، وَهِيَ مِثْلُ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ...(2/235)
(11) باب عقل المأمومة والجائفة
2273 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لَيْسَ فِي الْمَأْمُومَةِ قَوَدٌ...(2/235)
2274 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ لَيْسَ فِيهِمَا قَوَدٌ...(2/235)
2275 - قَالَ مَالِكٌ : وَعَقْلُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ...(2/235)
2276 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْمَأْمُومَةُ مَا خَرَقَ الْعَظْمَ إِلَى الدِّمَاغِ ، وَلاَ تَكُونُ الْمَأْمُومَةُ إِلاَّ فِي الرَّأْسِ ، وَمَا يَصِلُ إِلَى الدِّمَاغِ إِذَا خَرَقَ ...(2/235)
2277 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا : أَنَّ الْمَأْمُومَةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ لاَ تَكُونُ إِلاَّ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ ، فَمَا كَانَ فِي الْجَسَدِ , فَلَيْسَ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ الاِجْتِهَادُ...(2/236)
(12) باب عقل الأصابع
2278 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ : كَمْ فِي إِصْبَعِ الْمَرْأَةِ ؟ قَالَ : عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ , فَقُلْتُ : كَمْ فِي إِصْبَعَيْنِ ؟ قَالَ : عِشْرُونَ مِنَ الإِبِلِ ، قُلْتُ : كَمْ فِي ثَلاَثٍة أصابع ؟ قَالَ : ثَلاَثُونَ مِنَ الإِبِلِ , فَقُلْتُ : كَمْ فِي أَرْبَعٍ أصابع ؟ قَالَ : عِشْرُونَ مِنَ الإِبِلِ , قُلْتُ : حِينَ عَظُمَ جُرْحُهَا ، وَاشْتَدَّتْ مُصِيبَتُهَا ، نَقَصَ عَقْلُهَا ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : بَلْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ ، أَوْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ ، فَقَالَ سَعِيدٌ : هِيَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي...(2/236)
2279 - قَالَ مَالِكٌ : حِسَابُ عقل أصَابِعِ الرجل ثَلاَثَةٌ وَثَلاَثُونَ دِينَارًا ، وَثُلُثُ فِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ ، وَهِيَ مِنَ الإِبِلِ ثَلاَثُ فَرَائِضَ وَثُلُثُ ...(2/236)
2280 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا إِذَا قُطِعَتْ أَصَابِعِ الْكَفِّ فَقَدْ تَمَّ عَقْلُهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ خَمْسَ أََصَابِعٍ إِذَا قُطِعَتْ كَانَ عَقْلُهَا عَقْلَ الْكَفِّ ، خَمْسِون مِنَ الإِبِلِ ، فِي كُلِّ إِصْبَعٍ عَشَرَ مِنَ الإِبِلِ.....(2/237)
(13) باب عقل الأسنان
2281 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ جُنْدُبٍ ، عَنْ أَسْلَمَ , مَوْلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضِّرْسِ بِجَمَلٍ ، وَفِي التَّرْقُوَةِ بِجَمَلٍ ، وَفِي الضِّلَعِ بِجَمَلٍ.....(2/237)
2282 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عن سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أنه سمعه يَقُولُ : قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي الأََضْرَاسِ بِبَعِيرٍ بَعِيرٍ ، وَقَضَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي الأََضْرَاسِ بِخَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ ...(2/237)
2283 - قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ : فَالدِّيَةُ تَنْقُصُ فِي قَضَاءِ عُمَرَ ، وَتَزِيدُ فِي قَضَاءِ مُعَاوِيَةَ ، ولَوْ كُنْتُ أَنَا لَجَعَلْتُ فِي الأََضْرَاسِ بَعِيرَيْنِ بَعِيرَيْنِ ، فَتِلْكَ الدِّيَةُ سَوَاءٌ...(2/237)
2284 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ بَعَثَهُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ : مَاذَا فِي الأضِّرْاسِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ : فِيهِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ ، قَالَ : فَرَدَّنِي مَرْوَانُ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ , فَقَالَ : أَتَجْعَلُ مُقَدَّمَ الْفَمِ مِثْلَ الأََضْرَاسِ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ : لَوْ لَمْ يعْتَبِرْ ذَلِكَ إِلاَّ بِالأََصَابِعِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ...(2/238)
2285 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الأََسْنَانِ ، وَلاَ يُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ.(2/238)
2286 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا أُصِيبَتِ السِّنُّ فَاسْوَدَّتْ , فَفِيهَا عَقْلُهَا.(2/238)
2287 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا : في مُقَدَّمَ الْفَمِ وَالأََضْرَاسِ عَقْلُهَا سَوَاءٌ.......(2/238)
(14) باب ما جاء في شجاج العبد
2288 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ,عنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أنهما كَانَا يَقُولاَنِ : فِي مُوضِحَةِ الْعَبْدِ نِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِهِ...(2/239)
2289 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي فِي الْعَبْدِ يُصَابُ بِجِرَحِ , أَنَّ عَلَى مَنْ جَرَحَهُ قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ...(2/239)
2290 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : فِي مُوضِحَةِ الْعَبْدِ نِصْفَ عُشْرِ ثَمَنِهِ ، وَفِي المُنَقِّلَهِ عُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ مِنْ ثَمَنِهِ ، وَفِي الجَائِفَة والمَأْمُومَة فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ ثَمَنِهِ ، وَفِيمَا سِوَى هَذِهِ الْخِصَالِ الأََرْبَعِة مِمَّا يُصَابُ بِهِ الْعَبْدُ قدر مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهِ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أن يَصِحُّ الْعَبْدُ كَمْ بَيْنَ قِيمَةِ الْعَبْدِ اليوم بَعْدَ أَنْ أَصَابَهُ هذا ، وَقِيمَتِهِ صَحِيحًا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهُ هَذَا ، ثُمَّ يَغْرَمُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ...(2/239)
2291 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَبْدِ إِذَا كُسِرَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ ، ثُمَّ صَحَّ كَسْرُهُ , فَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ شَيْءٌ ، فَإِنْ أَصَابَ كَسْرَهُ ذَلِكَ نَقْصٌ أَوْ عَثَلٌ , كَانَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ...(2/240)
(15) باب القصاص في المماليك
2292 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْمَمَالِيكِ ، كَهَيْئَةِ قِصَاصِ الأََحْرَارِ , نَفْسُ الأََمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ ، وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ ، فَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا متعَمْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ ، فَإِنْ شَاءَ قَتَلَ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ ، فَإِنْ أَخَذَ الْعَقْلَ أَخَذَ قِيمَةَ عَبْدِهِ ، وَإِنْ شَاءَ أرَبُّاب الْعَبْدِ الْقَاتِلِ أَنْ يُعْطِوا ثَمَنَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَعَلَوا ، وَإِنْ شَاؤا أَسْلَمَوا عَبْدَهُم ، فَإِذَا سْلَمَوا عبدهم فَلَيْسَ عَلَيْهِم غَيْرُ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لِأرَبِّاب الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ إِذَا أَخَذَوا الْعَبْدَ الْقَاتِلَ ، وَرَضِوا بِهِ أَنْ يَقْتُلَوه ، وَذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ الْعَبِيدِ فِي قَطْعِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْعقلِ...(2/240)
2293 - قَالَ مَالِكٌ : فِي عَبْدِ جْرَحُ يَهُودِياً أَوِ نَّصْرَانِياً :إِنْ شَاءَ سَيِّدَ الْعَبْدِ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ مَا أَصَابَ عبده ، أَوْ يُسْلِمَهُ ، فَيُبَاعُ , فَيُعْطِي الْيَهُودِيَّ أَوِ النَّصْرَانِيَّ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ أَوْ الثَمَنَ كُلَّهُ إِذا أَحَاطَ بِثَمَنِهِ ، وَلاَ يُعْطِي الْيَهُودِيَّ وَلاَ النَّصْرَانِيَّ عَبْدًا مُسْلِمًا...(2/240)
(16) باب ما جاء في دية أهل الكتاب
2294 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى , أَنَّ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وِ النَّصْرَانِيِّ إِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا مِثْلُ نِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ...(2/241)
2295 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ أنه كَانَ يَقُولُ : دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمِئَةِ دِرْهَمٍ.....(2/241)
2296- قَالَ مَالِكٌ : وَجِرَاحُ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي دِيَاتِهِمْ عَلَى حِسَابِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِينَ فِي دِيَاتِهِمُ الْمُوضِحَةُ نِصْفُ عُشْرِ دِيَة الذمي ، وَالْمَأْمُومَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ ، وَالْجَائِفَةُ ثُلُثُ دِيَتِهِ , فَعَلَى حِسَابِ ذَلِكَ جِرَاحَهُمْ كُلُّهَا.....(2/241)
2297 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ...(2/241)
(17) باب ما يوجب العقل في مال الرجال خاصة
2298 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَوَدٌ فِي شَيْءٍ ، إِلاَّ أَنَّ الْعَبْدَ إِذا قَتَلَ الْحُرَّ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ.....(2/242)
2299 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّهُ قَالَ : مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لاَ تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ ، إِلاَّ أَنْ يَشَاء ذَلِكَ.
2300 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , مِثْلَ ذَلِكَ.......(2/242)
2301 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ : عن ابْنَ شِهَابٍ أنه قَالَ : مَضَتِ السُّنَّةُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ حِينَ يَعْفُو وْلِي الْمَقْتُولِ ، أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً , إِلاَّ أَنْ تُعِينَهُ الْعَاقِلَةُ عَنْ طِيبِ نْفُسٍ مِنْهَا.....(2/242)
2302 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قال : لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَقْلٌ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ ، إِنَّمَا عَلَيْهِمْ عَقْلُ قَتْلِ الْخَطَإِ...(2/243)
2303 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا فِيمَنْ قُبِلَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ ، أَوْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ ، فإِنَّمَا عَقْلُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ أَوِ الْجَارِحِ ، إِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ أخذ منه ، وإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ , لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهُ شَيْءٌ إِلاَّ أَنْ يَشَاؤُا...(2/243)
2304 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ أَحَدًا أَصَابَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عَمْدًا ، أَوْ خَطَأً ، وَعَلَى ذَلِكَ رَأْيُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ عِنْدَنَا ، قال وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا ضَمَّنَ الْعَاقِلَةَ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ شَيْئًا ، وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ ذَلِكَ , أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقول : {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} قال : وتَفْسِيرُ ذَلِكَ ، أَنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْعَقْلِ , فَلْيَتْبَعْهُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَلْيُؤَدِّ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ...(2/243)
2305 - وقَالَ : فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لاَ مَالَ لَهُ ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي لاَ مَالَ لَهَا ، إِذَا جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً دُونَ الثُّلُثِ , فهوضَامِنٌ عَلَى الصَّبِيِّ وِ الْمَرْأَةِ خَاصَّةً , إِنْ كَانَ لَهُمَا مَالٌ أُخِذَ مِنْ أموالهما ، وَإِلاَّ فَجِنَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ عَلَيْهِ , لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهُ شَيْءٌ...(2/244)
2306 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قُتِلَ عمداً كَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ يُقْتَلُ ، وَلاَ تَحْمِلُ العَاقِلَةُ ثمن الْعَبْدِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، فإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الَّذِي يصَيبَهُ فِي مَالِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ ، إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الدِّيَةَ أَوْ أَكْثَرَمن ذَلِكَ، لأَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ مِنَ السِّلَعِ.(2/244)
(18) باب العمل في الدية
2307 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَوَّمَ الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى ، فَجَعَلَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
2308 - قَالَ مَالِكٌ : وأَهْلُ الذَّهَبِ : أَهْلُ الشَّامِ ، وَأَهْلُ مِصْرَ ، وَأَهْلُ الْوَرِقِ : أَهْلُ الْعِرَاقِ.(2/244)
2309 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَّ الدِّيَةَ تُقْطَعُ فِي ثَلاَثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعِ
قَالَ مَالِكٌ : وَالثَّلاَثُ أَحَبُّ إِلَيَّ.(2/245)
2310 - قَالَ مَالِكٌ : والأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ لاَ يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فِي الدِّيَةِ الإِبِلُ ، وَلاَ مِنْ أَهْلِ الْعَمُودِ الذَّهَبُ ، وَلاَ الْوَرِقُ ، وَلاَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ الْوَرِقُ ، وَلاَ مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ الذَّهَبُ.(2/245)
(19) ميراث العقل والتغليظ فيه
2311 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - نَشَدَ النَّاسَ بِمِنًى : أنْ كل من كَانَ عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الدِّيَةِ أَنْ يُخْبِرَنِي ؟ فَقَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ ، فَقَالَ : كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَنْ وَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَته ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : ادْخُلِ الْخِبَاءَ حَتَّى آتِيَكَ ، فَلَمَّا نَزَلَ عُمَرُ أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ ، فَقَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.(2/245)
2312 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، قَالَ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : وَكَانَ قَتْلُ أَشْيَمَ خَطَأً.(2/245)
2313 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي مُذلِجٍ يُقَالُ لَهُ قَتَادَةُ حَذَفَ ابْنَهُ بِالسَّيْفِ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنُزِيَ فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ ، فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : اعْدُدْ عَلَى قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْكَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عليْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلاَثِينَ حِقَّةً وَثَلاَثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً ، ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ ؟ قَالَ : هَأَنَذَا ، قَالَ : خُذْهَا ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ.(2/246)
2314 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ،أنهما سُئِلاَ : أَتُغَلَّظُ الدِّيَةُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ؟ فَقَالاَ : لاَ ، وَلَكِنْ يُزَادُ فِيهَا لِلْحُرْمَةِ ، فَقِيلَ لِسَعِيدٍ : هَلْ يُزَادُ فِي الْجِرَاحِ كَمَا يُزَادُ فِي النَّفْسِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ.(2/246)
2315 - قَالَ مَالِكٌ : أُرَاهُمَا أَرَادَا مِثْلَ الَّذِي صَنَعَ عُمَرُ فِي قْتلِ الْمُدْلِجِيِّ حِينَ أَصَابَ ابْنَهُ.(2/247)
2316 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ , يُقَالُ لَهُ : أُحَيْحَةُ بْنُ الْجُلاَحِ ، كَانَ لَهُ عَمٌّ صَغِيرٌ , هُوَ أَصْغَرُ مِنْ أُحَيْحَةَ ، وَكَانَ عِنْدَ أَخْوَالِهِ ، فَأَخَذَهُ أُحَيْحَةُ , فَقَتَلَهُ ليرثه ، فَقَالَ أَخْوَالُهُ : كُنَّا أَهْلَ ثُمِّهِ وَرُمِّهِ , حَتَّى إِذَا اسْتَوَى عَلَى عُمَمِهِ ، غَلَبَنَا حَقُّ امْرِئٍ فِي عَمِّهِ.
قال يحيى : قَالَ عُرْوَةُ : فَلِذَلِكَ لاَ يَرِثُ قَاتِلٌ مَنْ مقَتَولَ.(2/247)
2317 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُعِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ : أَنَّ قَاتِلَ الْعَمْدِ لاَ يَرِثُ مِنْ دِيَةِ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا ، وَلاَ مِنْ مَالِهِ ، وَأَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ خَطَأً لاَ يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَنْ يَرِثَ مِنْ مَالِهِ.
2318 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَحَبُّ إِليَّ أَنْ يَرِثَ مِنْ مَالِهِ ، لأَنَّهُ لاَ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّ يكون قَتَلَهُ لِيَرِثَهُ ، وَلِيَأْخُذَ مَالَهُ , وَلاَ يَرِثُ مِنْ دِيَتِهِ شيئاً.(2/247)
(20) باب قتل الغيلة
2319 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَتَلَ نَفَرًا , خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً بِرَجُلٍ وَاحِدٍ , قَتَلُوهُ قَتْلَ غِيلَةٍ , وَقَالَ عُمَرُ : لَوْ تَمَالأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ جَمِيعًا.(2/248)
2320 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَجُلاً قَتْلَ غِيلَةٍ ، عَلَى غَيْرِ ثَائِرَةٍ وَلاَ عَدَاوَةٍ ، فإنه يُقْتَلُ بِهِ ، وَلَيْسَ لِوُلاَةِ الْمَقْتُولِ ، أَنْ يَعْفُوا عَنْهُ ، وَذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ يَقْتُلُ بِهِ الْقَاتِلُ ، وَذَلِكَ أَحَبُّ الأَمْرِ إِلَيَّ.(2/248)
(21) باب ما يجب فيه العمد
2321 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حُسَيْنٍ , مَوْلَى عَائِشَةَ بِنْتِ قُدَامَةَ ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَقَادَ وَلِيَّ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ قَتَلَهُ بِعَصًا , فَقَتَلَهُ وَلِيُّهُ بِعَصاهُ.(2/248)
2322 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا ضَرَبَ الرَّجُلَ بِعَصًا أَوْ رَمَاهُ بِحَجَرٍ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا , فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ من الْعَمْدُ , وَفِيهِ الْقِصَاصُ.(2/249)
2323 - قَالَ مَالِكٌ : قَتْلُ الْعَمْدِ عِنْدَنَا : أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَيَضْرِبَهُ حَتَّى تَفِيظَ نَفْسُهُ ، وَمِنَ الْعَمْدِ أَيْضًا أَنْ يَضْرِبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الثائِرَةِ يكُونُ بَيْنَهُمَا , ثُمَّ يَنْصَرِفُ عَنْهُ وَهُوَ حَيٌّ , فَيُنْزَى فِي ضَرْبِهِ فَيَمُوتُ , فَيكُونُ فِي ذَلِكَ الْقَسَامَةُ.(2/249)
2324 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ يُقْتَلُ الرَّجُلاَنِ الْحُرَّانِ والثَّلاَثَةُ بِالرَّجُلِ الْحُرِّ ، وَالْمَرْأَتَانِ بِالْمَرْأَةِ الْحُرِّةِ ، وَالإِمِاءُ وَالْعَبِيدُ كَذَلِكَ ، إِذَا كَانَ قَتْلُ الْعَمْدِ.(2/249)
(22) باب القصاص في القتل
2325 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الآيَةِ ,في قَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ } فهؤلاء الذكور وَالأَُنْثَى بِالأَُنْثَى أَنَّ الْقِصَاصَ يَكُونُ بَيْنَ الإِنَاثِ كَهيئته بَيْنَ الذُّكُورِ ، وَالْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ تُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ كَمَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ ، وَالأََمَةُ تُقْتَلُ بِالأََمَةِ كَمَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ ، وَالْقِصَاصُ يَكُونُ بَيْنَ النِّسَاءِ , كَمَا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ ، وَالْقِصَاصُ أَيْضًا يَكُونُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأََنْفَ بِالأََنْفِ وَالأَُذُنَ بِالأَُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} فَذَكَرَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ، فَنَفْسُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ بِنَفْسِ الرَّجُلِ الْحُرِّ ، وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ.(2/250)
2326 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُمْسِكُ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ فَيَمُوتُ مَكَانَهُ : قال : إِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ قُتِلاَ بِهِ جَمِيعًا ، وَإِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ الضَّرْبَ مِمَّا يَضْرِبُ بِهِ النَّاسُ , لاَ يَرَى أَنَّهُ عَمَدَ لِقَتْلِهِ ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْضارب ، وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ ، وَيُسْجَنُ سَنَةً لأَنَّهُ أَمْسَكَهُ ، وَلاَ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ.(2/251)
2327 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا ، وْ يَفْقَأُ عَيْنَهُ عَمْدًا ، فَيُقْتَلُ الْقَاتِلُ , أَوْ تُفْقَأُ عَيْنُ الْفَاقِئِ ، من قَبْلَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ : قال : لَيْسَ عَلَيْهِ دِيَةٌ وَلاَ قِصَاصٌ ، وَإِنَّمَا كَانَ حَقُّ الَّذِي قُتِلَ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي قد ذَهَبَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَقْتُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا ، ثُمَّ يَمُوتُ الْقَاتِلُ , ولاَ يَكُونُ لِطالبِ الدَّمِ إِذَا مَاتَ الْقَاتِلُ شَيْءٌ من دِيَةٌ وَلاَ غَيْرُهَا , وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}.
قَالَ : فَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي قَتَلَهُ ، فَإِذَا هَلَكَ قَاتِلُهُ , فَلَيْسَ لَهُ قِصَاصٌ وَلاَ دِيَةٌ.(2/251)
2328 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قَوَدٌ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ ، وَالْعَبْدُ يُقْتَلُ بِالْحُرِّ إِذَا قَتَلَهُ عَمْدًا ، وَلاَ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا , وَهُوَ أَحْب مَا سَمِعْتُ إلي .(2/252)
(23) باب القصاص من السكران
2329 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛عن يحيى بن سعيد أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ , أَنَّهُ أُتِيَ بِسَكْرَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلاً ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ : أَنِ اقْتُلْهُ بِهِ.(2/252)
2330 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ , وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلاَ عَنْ طَلاَقِ السَّكْرَانِ ؟ فَقَالاَ : إِذَا طَلَّقَ السَّكْرَانُ جَازَ طَلاَقُهُ ، وَإِنْ قَتَلَ , قُتِلَ .
قَالَ مَالِكٌ : ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/252)
(24) باب العفو في قتل العمد
2331 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ أَدْرَكَ مَنْ يَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا أَوْصَى بأَنْ يُعْفَى عَنْ قَاتِلِهِ إِذَا قَتَلَ عَمْدًا : إِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ ، وَأَنَّهُ أَوْلَى بِدَمِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ أَوْلِيَائِهِ مِنْ بَعْدِهِ.(2/253)
2332 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَّجُلِ يَعْفُو عَنْ قَتْلِ الْعَمْدِ بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقَّهُ ، وَيَجِبَ لَهُ : إِنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْقَاتِلِ عَقْلٌ يَلْزَمُهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي عَفَا عَنْهُ اشْتَرَطَه عِنْدَ عَفْوِهِ عَنْهُ.(2/253)
2333 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الرجل عَمْدًا ، وَلِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ ، فَعَفَا الْبَنُونَ وَأَبَى الْبَنَاتُ أَنْ يَعْفُونَ ، فَعَفْوُ الْبَنِينَ جَائِزٌ عَن الْبَنَاتِ ، وَلاَ أَمْرَ لِلْبَنَاتِ مَعَ الْبَنِينَ فِي الْقِيَامِ في الدَّمِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ فإن قبل البنون الدية فهي موروثة على كتاب الله - عز وجل - .(2/253)
2334-قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَاتِلِ عَمْدًا إِذَا عُفِيَ عَنْهُ : أَنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةَ وَيُسْجَنُ سَنَةً.(2/253)
(25) باب القصاص في الجراح
2335 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , عنَّ عبد الله بن أَبَي بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أن أباه أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ أَقَادَ مِنْ كَسْرِ الْفَخِذِ.(2/254)
2336 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ مَنْ كَسَرَ يَدًا ، أَوْ رِجْلاً عَمْدًا , أَنَّهُ يُقَادُ مِنْهُ ، وَلاَ يَعْقِلُ.
وَلاَ يُقَادُ أحد مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يصح ، فَهوالقَودُ ، وَإِنْ زَادَ جُرْحُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ , فَلَيْسَ عَلَى الْمَجْرُوحِ الأََوَّلِ الْمُسْتَقِيدِ شَيْءٌ ، وَإِنْ بَرَأَ جُرْحُ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ ، وَمثلَّ الْمَجْرُوحُ الأََوَّلُ ، أَوْ بَرَأَتْ جِرَاحُهُ ، وَبِهَا عَيْبٌ أَوْ نَقْصٌ أَوْ عَثَلٌ ، فَإِنَّ الْمُسْتَقَادَ مِنْهُ لاَ يَكْسِرُ الثَّانِيَةَ ، وَلاَ يُقَادُ بِجُرْحِهِ ، وَلَكِنَّهُ يُعْقَلُ لَهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ جراح برأ الأََوَّلِ أَوْ فَسَدَ مِنْهَا ،
قَالَ مَالِكٌ : وَالْجِرَاحُ فِي الْجَسَدِ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ.(2/254)
2337 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا عَمَدَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ ، فَفَقَأَ عَيْنَهَا ، أَوْ كَسَرَ يَدَهَا ، أَوْ قَطَعَ إِصْبَعَهَا ، أَوْ أَشْبَاهَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا لِذَلِكَ ، فَإِنَّهَا تُقَادُ مِنْهُ ، وإِنَّ كان هو أَصَابَها بجرح عَلَى وَجْهِ الخطأ ذهب يعاقبها فَأصِاب مَا لَمْ يُرِدْ ، فإنه يعقل ما أصاب منها وَلاَ يُقَادُ مِنْهُ.(2/254)
(26) جامع العقل والجراح
2338 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَالَ : جَرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ ، وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ.
قَالَ : وَتَفْسِيرُ الْجُبَارِ أَنَّهُ لا دِيَةَ فِيهِ ، وَالْعَجْمَاءُ : الْبَهِيمَةُ.(2/255)
2339 - قَالَ مَالِكٌ : قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ بِالْعَقْلِ.(2/255)
2340 - قَالَ مَالِكٌ : الْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ أَحْرَى أَنْ يَغْرَمُوا مِنَ الَّذِي أَجْرَى فَرَسَهُ.(2/255)
2341 - وَقَالَ : والْقَائِدُ وَالسَّائِقُ وَالرَّاكِبُ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتِ الدَّابَّةُ ,, إِلاَّ أَنْ تَرْمَحَ الدَّابَّةُ من غير أن يفعل بها شئ تَرْمَحَ مِنْهُ.(2/256)
2342 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الَّذِي يَحْفِرُ الْبِئْرَ عَلَى الطَّرِيقِ ، أَوْ يَرْبِطُ الدَّابَّةَ ، أَوْ يَصْنَعُ أَشْبَاهَ هَذَا عَلَى طَرِيقِ الْناس ، أَوصَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْنَعَ, فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ من ذَلِكَ مِنْ جَرْحٍ ، أَوْ غَيْرِهِ , ومَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ عَقْلُهُ دُونَ الثُلُثِ , فَهُوَ فِي مَالِهِ ، وَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا ، فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ ، وَمَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فيمَّا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَصْنَعَهُ عَلَى طَرِيقِ الْناس , فَلاَ ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَلاَ غُرْمَ , مِنْ ذَلِكَ : الْبِئْرُ يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ لِلْمَطَرِ , أوَالدَّابَّةُ يَنْزِلُ عَنْهَا الرَّجُلُ لِحَاجَةِ , فَيَقِفُهَا عَلَى الطَّرِيقِ ، فَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ فِي هَذَا غُرْمٌ.(2/256)
2343 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَنْزِلُ فِي الْبِئْرِ ، فَيُدْرِكُهُ رَجُلٌ آخَرُ فِي أَثَرِهِ ، فَيَجْبِذُ الأََسْفَلُ الأََعْلَى ، فَيَخِرَّانِ فِي الْبِئْرِ , فَيَهْلِكَانِ جَمِيعًا ,قال : عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي جَذَبَهُ الدِّيَةَ.(2/256)
2344 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الصَّبِيِّ الحر يَأْمُرُهُ الرَّجُلُ أن يَنْزِلُ له فِي الْبِئْرِ أَوْ يَرْقَى النَّخْلَةِ ، فَيَهْلِكُ فِي ذَلِكَ , أَنَّ الَّذِي أَمَرَهُ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَهُ مِنْ هَلاَكٍ أَوْ غَيْرِهِ.(2/257)
2345 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ عَقْلٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْقِلُوهُ مَعَ الْعَاقِلَةِ فِيمَا تَعْقِلُهُ الْعَاقِلَةُ مِنَ الدِّيَاتِ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى مَنْ بَلَغَ الْحُلُمَ مِنَ الرِّجَالِ.(2/257)
2346 - قَالَ مَالِكٌ : وعَقْلِ الْمَوَالِي ، تُلْزَمُهُ الْعَاقِلَةُ إِنْ شَاؤُوا ، وَإِنْ أَبَوْا كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ ، أَوْ مُقْطَعِينَ ، وَقَدْ تَعَاقَلَ النَّاسُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَزَمَانِ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ دِيوَانٌ ، وَإِنَّمَا كَانَ الدِّيوَانُ فِي زَمَانِ عُمَرَ فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَعْقِلَ عَنْهُ غَيْرُ قَوْمِهِ وَمَوَالِيهِ ، لأَنَّ الْوَلاَءَ لاَ يَنْتَقِلُ ، وَلأَنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : الولاء لمن أعتق.
قَالَ : وَالْوَلاَءُ نَسَبٌ ثَابِتٌ.(2/257)
2347 - قَالَ مَالِكٌ : فِيمَا أُصِيبَ مِنَ الْبَهَائِمِ : أَنَّ عَلَى مَنْ أَصَابَ مِنْهَا شَيْئًا قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا.(2/257)
2348 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَّجُلِ يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ , فَيُصِيبُ حَدًّا مِنَ الْحُدُودِ , أَنَّهُ لاَ يُؤْخَذُ بِهِ ، لأَنَّ الْقَتْلَ يَكفي من ذَلِكَ كُلِّهِ إِلاَّ الْفِرْيَةَ ، فَإِنَّهَا تَثْبُتُ عَلَى مَنْ قِيلَتْ لَهُ , يُقَالُ لَهُ : مَا لَكَ لَمْ تَجْلِدْ مَنِ افْتَرَى عَلَيْكَ ، فَأَرَى أَنْ يُجْلَدَ الْمَقْتُولُ الْحَدَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْتَلَ ، ثُمَّ يُقْتَلَ ،قال : وَلاَ أَرَى أَنْ يُقَادَ مِنْهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ , لأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ.(2/258)
2349 - قَالَ مَالِكٌ : والأََمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَتِيلَ إِذَا وُجِدَ بَيْنَ ظَهْرَيْ قَوْمٍ فِي قَرْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ دَارًا ، وَلاَ مَكَانًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ الْقَتِيلُ ، ثُمَّ يُلْقَى عَلَى بَابِ قَوْمٍ يريد أن يُلَطَّخُهم بِهِ , فلو أن الناس أخذوا بهذا ثم شاء رجل أن يقتل قتيلاً ثم يلقيه على باب قوم يريد أن يُلَطَّخُهم بِهِ فيؤخذوا به إلا فعل فَلَيْسَ يُؤَخَذُ أَحَدٌ لمِثْلِ هذا.(2/258)
2350 - قَالَ مَالِكٌ : فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ ، اقْتَتَلُوا فَانْكَشَفُوا ، وَبَيْنَهُمْ قَتِيلٌ أَوْ جَرِيحٌ ، لاَ يُدْرَون مَنْ قتله ،
قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنَ مَا سُمِعَت فِي ذَلِكَ ، أَنَّ في ذلك الْعَقْلَ ، وَأَنَّ عَقْلَهُ عَلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ نَازَعُوهُ ،قال : وَإِنْ كَانَ الْقَتِيلُ أَوِالْمجَرِوحُ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيقَيْنِ , فَعَقْلُهُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا.(2/258)
2351 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ فِي ذِكرِ الْخَصِيِّ ، وَلاَ فِي لِسَانِ الأَخْرَسِ ، عَقْلٌ مُسَمًّى ، إِنَّمَا هُوَ حُكْمٌ يُجْتَهَدُ فِيهِ.(2/258)
كتاب القسامة
(1) باب القسامة في الدم
2352 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ أَبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ هو ورِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ : أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ وَمُحَيِّصَةَ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمَا ، فَأُتِيَ مُحَيِّصَةُ ، فَأُخْبِرَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ قَدْ قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ ، أَوْ عَيْنٍ ، فَأَتَى يَهُودَ ، فَقَالَ : أَنْتُمْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُوهُ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ، فَأَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ ، فَذَكَرَ لَهُمْ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ ، وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ ، أَخُوهُ الْمَقْتُولُ ، فَذَهَبَ مُحَيِّصَةُ لِيَتَكَلَّمَ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم لِمُحَيِّصَةَ : كَبِّرْ كَبِّرْ ، يُرِيدُ السِّنَّ ، فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِمَّا أَنْ تدُوا صَاحِبَكُمْ ، وَإِمَّا أَنْ تؤْذِنُوا بِحَرْبٍ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم فِي ذَلِكَ ، فَكَتَبُوا : إِنَّا وَاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ ؟ فَقَالُوا : لاَ ، قَالَ : فَتَحْلِفُ لَكُمْ يَهُودُ ؟ قَالُوا : لَيْسُوا بِمُسْلِمِينَ ، فَوَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم مِنْ عِنْدِهِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِمِئَةِ نَاقَةٍ حَتَّى أُدْخِلَتْ عَلَيْهِمْ فِي الدَّارَ.
قَالَ سَهْلٌ : لَقَدْ رَكَضَتْنِي مِنْهَا نَاقَةٌ حَمْرَاءُ.(2/259)
2353 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ الأَنْصَارِيَّ ، وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ ، فَقَدِمَ مُحَيِّصَةُ فَأَتَى هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ وهو أخو المقتول إِلَى النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ لِمَكَانِهِ مِنْ أَخِيهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : كَبِّرْ كَبِّرْ ، فَتَكَلَّمَ محيصة وحُوَيِّصَةُ فَذَكَرَا له شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ قَاتِلِكُمْ ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَحْضُرْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : فَتُبْرِئُكُمْ الْيَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ ؟.(2/260)
2354 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ : فذكر بُشَيْرٌ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم وَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ.(2/261)
(2) باب ما يوجب القسامة في الدم
2355 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الذي أدركت الناس عَلَيْهِ فِي الْقَسَامَةِ ، وَالَّذِي اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الأََئِمَّةُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ : أَنْ يَبْدَأَ الْمُدَّعُونَ فِي الْقَسَامَةِ ، وَأَنَّ الْقَسَامَةَ لاَ تَجِبُ إِلاَّ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ ، إِمَّا أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ : دَمِي عِنْدَ فُلاَنٍ ، أَوْ يَأْتِيَ وُلاَةُ الدَّمِ بِلَوْثٍ مِنْ بَيِّنَةٍ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً عَلَى الَّذِي يُدَّعَى عَلَيْهِ الدَّمُ ، فَهَذَا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ لِلْمُدَّعِينَ الدَّمَ عَلَى مَنِ ادَّعَوْهُ عَلَيْهِم ، وَلاَ يجِبُ الْقَسَامَةُ عِنْدَنَا إِلاَّ بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأمريْنِ.(2/261)
(3) باب العمل في القسامة
2356 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ، وَالَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُبَدَّئِينَ في الْقَسَامَةِ بالأيمان أَهْلُ الدَّمِ ، الَّذِينَ يَدَّعُونَهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ.(2/262)
2357 - قالَ مَالِكٌ : وَقَدْ بَدَّأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَارِثِيِّينَ فِي صَاحِبِهِمِ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ.(2/262)
2358 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعُونَ اسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ ، وَقَتَلُوا مَنْ حَلَفُوا عَلَيْهِ ، وَلاَ يُقْتَلُ فِي الْقَسَامَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ ، لاَ يُقْتَلُ فِيهَا اثْنَانِ ، ويَحْلِفُ مِنْ وُلاَةِ الدَّمِ خَمْسُونَ رَجُلاً خَمْسِينَ يَمِينًا ، فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ أَوْ قَلَّ عَدَدُهُمْ ، رُدَّتِ الأََيْمَانُ عَلَيْهِمْ ، إِلاَّ أَنْ يَنْكُلَ أَحَدٌ مِنْ وُلاَةِ الْمَقْتُولِ ، ووُلاَةِ الدَّمِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمُ الْعَفْوُ عَنْهُ ، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدٌ مِنْ ولاته ، فَلاَ سَبِيلَ إِلَى الدَّمِ إِذَا نَكَلَ واحَدٌ مِنْهُمْ.
وَإِنَّمَا تُرَدُّد الأََيْمَانُ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ , إِذَا نَكَلَ مَّنْ لاَ يَجُوزُ لَهُ عَفْوٌ ، فَإِذا نَكَلَ أَحَدٌ مِنْ وُلاَةِ الدَّمِ الَّذِينَ يَجُوزُ لَهُمُ الْعَفْوُ عَنِ الدَّمِ ، وَفإِنْ نكَل وَاحِد ، فَالأََيْمَانَ لاَ تُرَدُّد عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْ وُلاَةِ الدَّمِ ، إِذَا نَكَلَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَنِ الأََيْمَانِ ، وَلَكِنِ الأََيْمَانُ إِذَا كَانَ كذَلِكَ فإنما تُرَدُّد الأيمان عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ الدم ، فَيَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ رَجُلاً خَمْسِينَ يَمِينًا ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغُوا خَمْسِينَ رَجُلاً , رُدَّتِ الخَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى مَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَداً يحلف إِلاَّ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ الدم , حَلَفَ هُوَ خَمْسِينَ يَمِينًا .(2/262)
2359 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ الْقَسَامَةِ فِي الدَّمِ وَالأََيْمَانِ فِي الْحُقُوقِ ، أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَايَنَ الرَّجُلَ اسْتَثْبَتَ عَلَيْهِ فِي حَقِّهِ ، وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَرَادَ قَتْلَ الرَّجُلِ لَمْ يَقْتُلْهُ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنَّمَا يَبتغي بذلك الْخَلْوَةَ ، قَالَ : فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْقَسَامَةُ إِلاَّ فِيمَا تَثْبُتُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ ، وَلَوْ عُمِلَ فِيهَا كَمَا يُعْمَلُ فِي الْحُقُوقِ هَلَكَتِ الدِّمَاءُ ، وَاجْتَرَأَ النَّاسُ عَلَيْهَا إِذَا عَرَفُوا الْقَضَاءَ فِيهَا ، وَلَكِنْ إِنَّمَا جُعِلَتِ الْقَسَامَةُ إِلَى وُلاَةِ الْمَقْتُولِ ، يُبَدَّؤُونَ بِهَا، لِتكُفَّ النَّاسُ عَنِ الدَّمِاء وتكون القسامة حجراً فيما بينهم ، وَلِيَحْذَرَ الْقَاتِلُ أَنْ يُؤْخَذَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِقَوْلِ الْمَقْتُولِ ، وَاللَّوَثُ مِنَ الشَّهَادَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قاطعة ، فَيَكُونُ مَعَ ذَلِكَ الْقَسَامَةُ.
2360 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْقَسَامَةُ تَكون إِلَى عَصَبَةِ الْمَقْتُولِ ، وَهُمْ وُلاَةُ الدَّمِ , الَّذِينَ يَقْسِمُونَ عَلَيْهِ , وَيُقْتَلُون بِقَسَامَتِهِمْ.(2/263)
(4) باب القسامة في العمد
2361 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ لاَ يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ إلا الرجال ، فإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ وُلاَةٌ إِلاَّ النِّسَاءُ , فَلَيْسَ لِلنِّسَاءِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ قَسَامَةٌ وَلاَ عَفْوٌ.(2/264)
2362 - وسئل مَالِكٌ : عن المقتول عَمْدًا : تقوم عَصَبَتةُ و مَوَالِيهِ ، ويقَولُون : نَحْنُ نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا , فَقال ذَلِكَ لَهُمْ.
فقيل : لو أنْ النِّسَاءُ أَرَدَن أَنْ يَعْفُونَ قال : لَيْسَ ذَلِكَ لَهُنَّ الْعَصَبَةُ وَالْمَوَالِي أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُنَّ ، لأَنَّهُمْ هُمِ الَّذِينَ اسْتَحَقُّوا الدَّمَ وَحَلَفُوا عَلَيْهِ.
فإِنْ عَفَتِ الْعَصَبَةُ وِ الْمَوَالِي بَعْدَ أَنْ يَسْتَحِقُّوا الدَّمَ وَأَبَى النِّسَاءُ ، وَقُلْنَ : لاَ نَدَعُ قَاتِلَ صَاحِبِنَا ، فَهُنَّ أَحَقُّ بِذَلِكَ ،فيقتل به قاتله لأَنَّ مَنْ أَخَذَ الْقَوَدَ , أَحَقُّ مِمَّنْ تَرَكَهُ مِنَ النِّسَاءِ ، وَالْعَصَبَةِ إِذَا ثَبَتَ الدَّمُ وَوَجَبَ الْقَتْلُ.(2/264)
2363 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يُقْسِمُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ مِنَ الْمُدَّعِينَ إِلاَّ اثْنَانِ فَصَاعِدًا ، تُرَدَّدُ الأََيْمَانُ عَلَيْهِمَا حَتَّى يَحْلِفَا خَمْسِينَ يَمِينًا ، ثُمَّ قَدِ اسْتَحَقَّا الدَّمَ , وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/264)
2364 - قَالَ : وَإِذَا ضَرَبَ النَّفَرُ الرَّجُلَ حَتَّى يَمُوتَ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ , قُتِلُوا بِهِ جَمِيعًا ،قال : فَإِنْ هُوَ مَاتَ بَعْدَ ضَرْبِهِمْ كَانَتِ الْقَسَامَةُ ، وَإِذَا كَانَتِ الْقَسَامَةُ لَمْ تَكُنْ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَلَمْ يُقْتَلْ غَيْرُهُ ، وَلَمْ نَعْلَمْ قَسَامَةً قَطُّ إِلاَّ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ.(2/265)
(5) باب القسامة في الخطأ
2365 - قَالَ مَالِكٌ : فِي قَتْلِ الْخَطَإِ ، يُقْسِمُ الَّذِينَ يَدَّعُونَ الدَّمَ ، وَيَسْتَحِقُّونَهُ بِقَسَامَتِهِمْ , يَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا , تَكُونُ عَلَى قَسْمِ مَوَارِيثِهِمْ مِنَ الدِّيَةِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الأََيْمَانِ كُسُرٌ إِذَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمْ , نُظِرَ إِلَى الَّذِين يَكُونُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ تِلْكَ اليْمَينِ إِذَا قُسِمَتْ , فَيجْبَرُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ وَرَثَةٌ إِلاَّ النِّسَاءُ ، فَإِنَّهُنَّ يَحْلِفْنَ وَيَأْخُذْنَ الدِّيَةَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ إِلاَّ رَجُلٌ وَاحِدٌ , حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَأَخَذَ الدِّيَةَ ، وَإِنَّمَا تكُونُ الدية فِي قَتْلِ الْخَطَإِ ، وَلاَ تكُونُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ.(2/265)
2366 - وَقَالَ مَالِكٌ : فِي الْقَوْمِ لَهُمُ الْعَدَدُ يُتَّهَمُونَ بِالدَّمِ فَيَرُدُّ وُلاَةُ الْمَقْتُولِ الأََيْمَانَ عَلَيْهِمْ ، وَهُمْ نَفَرٌ لَهُمْ عَدَدٌ , قال : يَحْلِفُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَنْ نَفْسِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا ، وَلاَ يقْطَعُ عَلَيْهِمْ الأََيْمَانُ بِقَدْرِ عَدَدِهِمْ ، وَلاَ يَبْرَئهم دُونَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ عَنْ نَفْسِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا.
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.(2/265)
(6) باب الميراث في القسامة
2367 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا قَبِلَ وُلاَةُ الدَّمِ الدِّيَةَ ، فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ عَلَى كِتَابِ اللهِ - عز وجل - ، يَرِثُهَا بَنَاتُ الْمَيِّتِ وَأَخَوَاتُهُ ، وَمَنْ يَرِثُهُ مِنَ النِّسَاءِ ، فَإِنْ لَمْ تحْرِزِ النِّسَاءُ مِيرَاثَهُ , كَانَ مَا بَقِيَ مِنْ ميراثه لأَوْلَى النَّاسِ بِمِيرَاثِهِ مَعَ النِّسَاءِ.(2/266)
2368 - قَالَ : فإِن قَامَ بَعْضُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ الَّذِي يُقْتَلُ خَطَأً ، يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الدِّيَةِ بِقَدْرِ حَقِّهِ مِنْهَا ، وَأَصْحَابُهُ غَيَبٌ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ ، وَلَمْ يَسْتَحِقَّ مِنَ الدِّيَةِ شَيْئًا , قَلَّ وَلاَ كَثُرَ , دُونَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْقَسَامَةَ , يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا ، فَإِذَا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا ، اسْتَحَقَّ حِقهُ مِنَ الدِّيَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الدَّية لاَ تثْبُتُ إِلاَّ بِخَمْسِينَ يَمِينًا ، وَلاَ تَثْبُتُ الدِّيَةُ حَتَّى يَثْبُتَ الدَّمُ ، فَإِنْ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْوَرَثَةِ ، حَلَفَ مِنَ الْخَمْسِينَ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ ، وَأَخَذَ حَقَّهُ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ الْوَرَثَةُ حُقُوقَهُمْ ، إِنْ جَاءَ أَخٌ لأُمٍّ , فَلَهُ السُّدُسُ , وَعَلَيْهِ مِنَ الأيمان السُّدُسُ ، فَمَنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ حَقَّهُ ، وَمَنْ نَكَلَ بَطَلَ حَقُّهُ منها ، فإِنْ كَانَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ , حَلَفَ الَّذِينَ حَضَرُوا على قدر مواريثه من الدية ، وإِنْ جَاءَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ حَلَفَ ,وإذا بَلَغَ الصَّبِيُّ الْحُلُمَ حَلَفَ ، يَحْلِفُونَ عَلَى قَدْرِ حُقُوقِهِمْ مِنَ الدِّيَةِ , بقَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهَا.
قَالَ : وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.(2/266)
(7) باب القسامة في العبيد
2369 -قال : قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَبِيدِ إنما هم مال من الأموال : فإِذَا أُصِيبَ الْعَبْدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ، ثُمَّ جَاءَ سَيِّدُهُ بِشَاهِدٍ واحد, يحَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ يَمِينًا وَاحِدَاً ، ثُمَّ كَانَ لَهُ قِيمَةُ عَبْدِهِ ، وَلَيْسَ فِي الْعَبِيدِ قَسَامَةٌ فِي عَمْدٍ وَلاَ خَطَإٍ ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ ذَلِكَ.(2/267)
2370 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ قَتَلَ عَبْدُ عَبْدًا عَمْدًا ، لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ قَسَامَةٌ وَلاَ يَمِينٌ ، وَلاَ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ سَيِّدُهُ , إِلاَّ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ , أَوْ شَاهِدٍ فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ.
وَهَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.
آخر كتاب القسامة(2/267)
كتاب الشفعة
2371- أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قال : الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ ، فَإِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.(2/269)
2372 - وقَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مَعَ قَوْمٍ فِي أَرْضٍ بِحَيَوَانٍ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ , أَوْ مَا أَشْبَهَ مِنَ الْعُرُوضِ ، فَجَاءَ الشَّرِيكُ يَأْخُذُ الشُفْعَة بَعْدَ ذَلِكَ ، فَوَجَدَ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ قَدْ هَلَكَا ، وَلم يَعْلَمْ أَحَدٌ قِيمَتِهِ ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي : قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ مِائَةُ دِينَارٍ ، وَيَقُولُ صَاحِبُ الشُّفْعَةِ : بَلْ قِيمَتُهُمَا خَمْسُونَ دِينَارًا.(2/269)
2373 - قَالَ مَالِكٌ : يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّ قِيمَةَ مَا اشْتَرَى بِهِ مِائَةُ دِينَارٍ ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ المستشفع أَنْ يَأْخُذَ أَخَذَ وإن شاء تْرُكَ , إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالبَيِّنَةٍ ، أَنَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ دُونَ مَا اشْتَرِي به.(2/269)
2374 - قَالَ مَالِكٌ : ومَنْ وَهَبَ شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَأَثَابَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا ، فَإِنَّ الشُّرَكَاءَ يَأْخُذُونَهَا بِالشُّفْعَةِ ، وَيَدْفَعُونَ إِلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةَ مَثُوبَتِهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ.(2/270)
2375 - وقَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا فِي أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ.
2376 - قَالَ : إِنْ كَانَ مَلِيًّا ، فَلَهُ الشُّفْعَةُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ إِلَى الأََجَلِ ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا ، فَإِذَا جَاءَهُمْ بمَلِيٍّ ثِقَةٍ , مِثْلِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ ، فَذَلِكَ لَهُ.(2/270)
2377 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ تَقْطَعُ الشُفْعَةَ على الْغَائِبِ غَيْبَتُهُ ، وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ ، فلَيْسَ لِذَلِكَ عِنْدَنَا حَدٌّ ولاوقت تُقْطَعُ إِلَيْهِ الشُّفْعَةُ.(2/270)
2378 - وقَالَ فِي رَّجُلِ يُوَرِّثُ الأََرْضَ نَفَرًا مِنْ وَلَدِهِ فيكون بينهم ، ثُمَّ يُولَدُ لأَحَدِ النَّفَرِ ولد, ثُمَّ يَهْلِكُ الأََبُ ، فَيَبِيعُ أَحَدُ وَلَدِ الْمَيِّتِ قال : إخَوة الْبَائِعِ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ مِنْ عُمُومَتِهِ شُرَكَاءِ أَبِيهِ.(2/270)
(1) باب الشفعة بين الشركاء
2379 - قَالَ مَالِكٌ : الشُّفْعَةُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ ، يَأْخُذُ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حصِتهِ ، إِنْ كَانَ قَلِيلاً فَقَلِيلاً ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَكثيرٌ، وَذَلِكَ إِذَا تَشَاحُّوا فِيهَا.(2/271)
2380 - فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الرَجُلٌ مِنْ الرَجُلٍ مِنْ شُرَكَائِهِ ، فَيَقُولُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ : أَنَا آخُذُ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ حِصَّتِي ، وَيَقُولُ الآخر إِنْ شِئْتَ أَنْ تَأْخُذَ الشُّفْعَةَ كُلَّهَا أَوتسْلَمْهَا فَإِنْ أَخَذَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِلاَّ فَلاَ شَيْءَ لَهُ فِيهَا.(2/271)
(2) باب العمرى في الشفعة
2381 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَّجُلِ يَشْتَرِي الأََرْضَ , فَيَعْمُرُهَا بِأصْلِ يَضَعُهُ فِيهَا ، أَوِ بِئْرِ يَحْفِرُهَا ، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا ، فَيُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِالشُّفْعَةِ قال ، لاَ شُفْعَةَ فِيهَا ، إِلاَّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا عَمَرَ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ , كَانَ أَحَقَّ بِشُفْعَتِهِ ، وَإِلاَّ فَلاَ حَقَّ لَهُ فِيهَا.(2/271)
2382 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ أَرْضٍ أَوْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّ صَاحِبَ الشُّفْعَةِ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ ، اسْتَقَالَه بيعه ، فَأَقَالَهُ ، قَالَ : لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، وَالشَّفِيعُ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ.(2/272)
(3) باب الشفعة فيمن اشترى شِقصًا
2383 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ , وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلاَ ، هَلْ فِي الشُّفْعَةِ مِنْ سُنَّةٍ ؟ فَقَالاَ : نَعَمْ الشُّفْعَةُ فِي الدُّورِ وَالأَرضِينَ ، وَلاَ تَكُونُ الشُّفْعَةُ إِلاَّ بَيْنَ الْقَوْمِ شُرَكَاء.(2/272)
2384 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى شِقْصًا فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ ، وَحَيَوَان وَعُرُض فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَطَلَبَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فِي الدَّارِ وِ الأََرْضِ ، فَقَالَ الْمُشْتَرِي : خُذْ مَا اشْتَرَيْتُ جَمِيعًا ، فَإِنِّي إِنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ جَمِيعًا.(2/272)
2385 - قَالَ : بَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بما يصيبها ، بِحِصَّتِهَا مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ , يُقَامُ كُلُّ شَيْءٍ مما اشْتَرَى عَلَى ، عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ، ثُمَّ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ بِالَّذِي يُصِيبُهَا مِنَ الْقِيمَةِ مِنْ رَأْسِ الثَّمَنِ.(2/272)
2386 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، فَسَلَّمَ بَعْضُ مَنْ لَهُ فِيهَا الشُّفْعَةُ لِلْبَائِعِ ، فأَبَى بَعْضُهُمْ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ الشُفْعَة : قال مَنْ أَبَى أَنْ يُسَلِّمَ , يَأْخُذُ الشُّفْعَةِ كُلِّهَا ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَيَتْرُكَ مَا بَقِيَ.(2/273)
2387 - قَالَ مَالِكٌ : فِي نَفَرٍ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ ، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ ، وَشُرَكَاؤُهُ غُيَّبٌ كُلُّهُمْ إِلاَّ رَجُلٌ واحدٌ ، فَعُرِضَ عَلَى الْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَتْرُكَ ، فَقَالَ : أَنَا آخُذُ بِحِصَّتِي , وَأَتْرُكُ حِصَة شُرَكَائِي حَتَّى يَقْدَمُوا ، فَإِنْ أَخَذُوا فَذَلِكَ ، وَإِنْ تَرَكُوا أَخَذْتُ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ.
2388 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لَهُ إِلاَّ أَنْ يَأْخُذَ بذَلِكَ كُلَّهُ ، فَإِنْ جَاءَ شُرَكَاؤُهُ ، أَخَذُوا مِنْهُ , إِنْ شَاؤُا أَوْ تَرَكُوا إِنْ شَاؤُا ، فَإِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ هَذَا فَلَمْ يَقْبَلْهُ ، فَلاَ أَرَى لَهُ شُفْعَةً.(2/273)
2389 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ وَهَبَ شِقْصًا فِي دَارٍ مُشْتَرَكَة ، فَلَمْ يُثَبْ فِيهَا شَيْئًا ، وَلَمْ يَطْلُبْهُ ، فَأَرَادَ شَرِيكُهُ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَتِهَا ، قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، مَا لَمْ يُثَبْ ، فَإِنْ أُثِيبَ ، فَهُوَ لِلشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الثَّوَابِ.(2/273)
(4) باب مالم يقع فيه الشفعة
2390 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن محمد بن عمرو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : إِذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ فِي الأََرْضِ ، فَلاَ شُفْعَةَ فِيهَا ، وَلاَ شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ , وَلاَ فِي فَحْلِ النَّخْلِ.(2/274)
2391 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ شُفْعَةَ فِي طَرِيقٍ ، وَلاَ عَرْصَةِ دَارٍ ، وَإِنْ صَلُحَ فِيهَا الْقَسْمُ.(2/274)
2392 - وقَالَ : فِي رَجُلٍ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ، عَلَى أَنَّهُ فِيهَا بِالْخِيَارِ ، فَأَرَادَ شُرَكَاءُ الْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ , قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الْمُشْتَرِي ،قال : لاأرى ذَلِكَ لَهُمْ ، حَتَّى يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي ، وَيَثْبُتَ لَهُ الْبَيْعُ ، فَإِذَا وَجَبَ لَهُ بَيْعُهم , فَلَهُمُ الشُّفْعَةُ.(2/274)
2393 - وقَالَ فِي رَّجُلِ يَشْتَرِي أَرْضًا فَتَمْكُثُ فِي يَدَيْهِ حِينًا ، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيُدْرِكُ فِيهَا حَقًّا بِمِيرَاثٍ : إِنَّ لَهُ شُّفْعَتةَ إِذا ثَبَتَ حَقُّهُ ، و مَا أَغَلَّتِ الأََرْضُ مِنْ غَلَّةٍ , فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي الأََوَّلِ ، يَوْمِ يَثْبُتُ حَقُّ الآخَرِ ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ضَمِنَهَا لَوْ هَلَكَ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ غِرَاسٍ ، أَوْ ذَهَبَ بِهِ سَيْلٌ ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ ، وْ هَلَكَ الشُّهُودُ ، وْ مَاتَ الْبَائِعُ أَوِ الْمُشْتَرِي ، أَوْ هُمَا حَيَّانِ ، فَنُسِيَ أَصْلُ الْبَيْعِ وَالاِشْتِرَاءِ لِطُولِ الزَّمَانِ ،قال :لا أرى الشُّفْعَةَ منْقَطِعُة ، وَيَأْخُذُ حَقَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ ، فإِنْ كَانَ أَمْرُ ذلك عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ فِي حَدَاثَةِ الْعَهْدِ وَقُرْبِهِ ، وَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْمبَتاعَ غَيَّبَ الثَّمَنَ وَأَخْفَاهُ لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ حَقَّ صَاحِبِ الشُّفْعَةِ ، قُوِّمَتِ الأََرْضُ عَلَى قَدْرِ مَا يُرَى من ثَمَنُهَا ، فَيَصِيرُ ثَمَنُهَا إِلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا زَادَ فِي الأََرْضِ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ غِرَاسٍ أَوْ عِمَارَةٍ ، فَيَكُونُ عَلَى قدر مَا يَكُونُ عَلَيْهِ مَنِ ابْتَياعَ الأََرْضَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ , فيما بَنَى فِيهَا أَوْ غَرَسَ ،فَيَكُونُ عَلَى مَا يَكُونُ عَلَيْهِ ثُمَّ يأَخَذَهَا صَاحِبُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ.(2/275)
2394 - قَالَ مَالِكٌ : الشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِي مَالِ الْمَيِّتِ , كَمَا هِيَ فِي مَالِ الْحَيِّ ، فَإِنْ خَشِيَ أَهْلُ الْمَيِّتِ أَنْ يَنْكَسِرَ مَالُ الْمَيِّتِ ، قَسَمُوهُ , ثُمَّ بَاعُوهُ , فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيهِ شُفْعَةٌ.(2/275)
2395 - وقَالَ : مَنِ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شُفْعَةٌ لِنَاسٍ حُضُورٍ ، فَلْيَرْفَعْهُمْ إِلَى السُّلْطَانِ ، فَإِنْ تَرَكَهُمْ فَلَمْ يَرْفَعْهم إِلَى السُّلْطَانِ ، وَقَدْ عَلِمُوا بِاشْتِرَائِهِ ، فَتَرَكُوا ذَلِكَ حَتَّى طَالَ زَمَانُهُ , ثُمَّ جَاؤُوا يَطْلُبُونَ بشُفْعَتَهُمْ ، فَلاَ أَرَى ذَلِكَ لَهُمْ.(2/276)
2396 - قَالَ : وَلاَ شُفْعَةَ عِنْدَنَا فِي عَبْدٍ وَلاَ وَلِيدَةٍ ، وَلاَ شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ ، وَلاَ ثَوْبٍ , وَلاَ بِئْرٍ لَيْسَ لَهَا بَيَاضٌ ، وإِنَّمَا الشُّفْعَةُ فِيمَا يَقَسِمُ وَيقَعُ فِيهِ الْحُدُودُ مِنَ الأََرْضِ ، فَأَمَّا مَا لاَ يَصْلُحُ فِيهِ الْقَسْمُ , فَلاَ شُفْعَةَ فِيهِ.(2/276)
كتاب المساقاة
2397 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قِرَاءةً ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ للِيَهُودِ حين افتتح خَيْبَرَ : أُقِرُّكُمْ على مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ ، عَلَى أَنَّ الثَّمَرَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ، قَالَ : وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، ثُمَّ يَقُولُ : إِنْ شِئْتُمْ فَلَكُمْ ، وَإِنْ شِئْتُمْ فَلِيَ ، فَكَانُوا يَأْخُذُونَهُ.(2/277)
2398 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ ، فَيَخْرُصُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهُودِ ، قَالَ : فَجَمَعُوا لَهُ حُلِيًّا مِنْ حُلِيِّ نِسَائِهِمْ ، فَقَالُوا : هَذَا لَكَ ، وَخَفِّفْ عَنَّا ، وَتَجَاوَزْ فِي الْقَسْمِ ، قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ : يَا مَعْشَرَ يَهُودِ ، وَاللَّهِ إِنَّكُمْ لَمِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَيَّ ، وَمَا ذَاكَ بِحَامِلِي عَلَى أَنْ أَحِيفَ عَلَيْكُمْ ، فَأَمَّا الذي عَرَضْتُمْ مِنَ الرِّشْوَةِ ، فَإِنَّهَا سُحْتٌ وَإِنَّا لا نَأْكُلُهَا ، فَقَالُوا : بِهَذَا قَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.(2/277)
2399 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا سَاقَى الرَّجُلُ النَّخْلَ ، فِيهَا الْبَيَاضُ ، فَمَا ازْدَرَعَ الرَّجُلُ الدَّاخِلُ فِي الْبَيَاضِ , فَهُوَ لَهُ ، وَإِنِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الأََرْضِ أَنَّ ذلك بينهما فذلك جائز إذا كان ذلك تبعاً للنخل وإن اشترط صاحب الأرض أنه يَزْرَعُ فِي الْبَيَاضِ ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّ الرَّجُلَ الدَّاخِلَ يَسْقِي لِرَبِّ الأََرْضَ ، فَذَلِكَ زِيَادَةٌ ازْدَادَهَا عَلَيْهِ.(2/278)
2400 - وَإِنِ اشْتَرَطَ الزَّرْعَ بَيْنَهُمَا ، فَإني أرى ذلك يجوز إِذَا كَانَتِ الْمَؤُونَةُ كُلُّهَا عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْمَالِ : الْبَذْرُ , وَالسَّقْيُ , وَالْعِلاَجُ كُلُّهُ ، فَإِنِ اشْتَرَطَ الدَّاخِلُ فِي الْمَالِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ ، أَنَّ الْبَذْرَ عَلَيْكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ ، لأَنَّهُ قَدِ اشْتَرَطَ زِيَادَةً ازْدَادَهَا عَلَيْهِ ، فلا خير فيه وَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى أَنَّ على الدَّاخِلَ فِي الْمَالِ : الْمَؤُونَةَ كُلَّهَا ، وَلاَ يَكُونُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْهَا شَيْءٌ ، فَهَذَا وَجْهُ الْمُسَاقَاةِ الْمَعْرُوفُ.(2/278)
2401 - وقَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَيْنِ تَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ , فَيَنْقَطِعُ مَاؤُهَا ، فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ ، وَيَقُولُ الآخَرُ : لاَ أَجِدُ مَا أَعْمَلُ بِهِ ،قال : يُقَالُ لِلَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْعَيْنِ : اعْمَلْ في العين وَأَنْفِقْ ، وَيَكُونُ لَكَ الْمَاءُ كُلُّهُ ، فيسْقِي بِهِ , حَتَّى يَأْتِيَ شريكه بِنِصْفِ مَاله الذي أَنْفَقْ ، يأَخَذَ حِصَّتَهُ مِنَ الْمَاءِ ، وَإِنَّمَا أُعْطِيَ الأََوَّلُ الْمَاءَ كُلَّهُ ، لأَنَّهُ أَنْفَقَ فيه ، وَلَوْ لَمْ يُدْرِكْ شَيْئًافيما يعَمَلِهِ ، لَمْ يَعْلَقِ الآخَرَ شَيْءٌ مِنَ نَّفَقَتةِ .(2/278)
2402 - قَالَ : وَإِذَا كَانَتِ النَّفَقَةُ ، وَالْمَؤُونَةُ كُلُّهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّاخِلِ فِي الْحائط شَيْءٌ ، إِلاَّ أَنَّ يَعْمَلُ بِيَدِهِ ، فإِنَّمَا هُوَ أَجِيرٌ بِبَعْضِ الثَّمَرِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي كَمْ إِجَارَتُهُ ؟ إِذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا يَعْرِفُهُ ، وَيَعْمَلُ عَلَيْهِ , لاَ يَدْرِي أَيَقِلُّ ذَلِكَ أَمْ يَكْثُرُ ؟ وإنما المساقاة أن تكون النَّفَقَةُ ، وَالْمَؤُونَةُ كُلُّهَا عَلَى الداخل في الْحَائِطِ.(2/279)
2403 - قَالَ مَالِكٌ : فكُلُّ مُسَاقٍ , أَوْ مُقَارِضٍ, فَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنَ الْمَالِ وَلاَ مِنَ النَّخْلِ شَيْئًا دُونَ صَاحِبِهِ ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ يَصِيرُ أَجِيرًا بِذَلِكَ ، يَقُولُ : أُسَاقِيكَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ فِي كَذَا وَكَذَا نَخْلَةً تَسْقِيهَا ، وَتَأْبُرُهَا ، وليس لك من ثمرها شئ وَأُقَارِضُكَ على كَذَا وَكَذَا مِنَ الْمَالِ ، عَلَى أَنْ تَعْمَلَ لِي بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ , لَيْسَتْ مِمَّا أُقَارِضُكَ عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي ، وَلاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/279)
2404 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ فِي الْمُسَاقَاةِ الَّتِي يَجُوزُ لصاحب الأرض أَنْ يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُسَاقِي : شَدُّ الْحِظَارِ ، وَخَمُّ الْعَيْنِ , وَسَرْوُ الشَّرَبِ ، وَإِبَّارُ النَّخْلِ ، وَقَطْعُ الْجَرِيدِ ، وَجَداد الثَّمَرِ , وما أَشْبَهُهُ ، عَلَى أَنَّ لِلْمُسَاقِي شَطْرَ الثَّمَرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، أَوْ أَكْثَرَ مما يتَرَاضَيَان عَلَيْهِ , قال : فلاينبغي لصَاحِبَ الأََصْلِ يَشْتَرِطُ على من ساقاه عَمَلاً جَدِيداً ، يُحْدِثُهُ مِنْ بِئْرٍ يَحْفِرُهَا ، أَوْ عَيْنٍ يَرْفَعُهَا ، أَوْ غِرَاسٍ يَغْرِسُهُ ، يَأْتِي بِه مِنْ عِنْدِهِ ، أَوْ ضَفِيرَةٍ يَبْنِيهَا ، تَعْظُمُ نَفَقَتُهُ فِيهَا، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِرَجُلٍ مِنَ النَّاسِ : ابْنِ لِي هَاهُنَا بَيْتًا ، أَوِ احْفِرْ لِي بِئْرًا ، أَوْ أَجْرِ لِي عَيْنًا ، أَوِ اعْمَلْ لِي عَمَلاً , بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي هَذَا , قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ ثَمَرُ الْحَائِطِ ، وَيَجوز بَيْعُهُ ، فَهَذَا بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذلك.(2/280)
2405 - قَالَ : فَأَمَّا إِذَا طَابَ الثَّمَرُ ، وَحَلَّ بَيْعُهُ ، ثُمَّ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ : اعْمَلْ لِي بَعْضَ هَذِهِ الأََعْمَالِ ، بِنِصْفِ ثَمَرِ حَائِطِي فإِنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مَعْرُوفٍ ، قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ ، قَالَ : فَأَمَّا الْمُسَاقَي ، فَإِنَّهُ إِذا لَمْ يَكُنْ لِلْحَائِطِ ثَمَرٌ ، وْقَلَّ ثَمَرُهُ , أَوْ فَسَدَ ، فَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ ذَلِكَ ، وَأَرى الأََجِيرَ لاَ يُسْتَأْجَرُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مَعْرُوفٍ مَعْلُومٍ ، لاَ يجُوزُ الإِجَارَةُ إِلاَّ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا الإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنَ الْبُيُوعِ ، إِنَّمَا يَشْتَرِي مِنْهُ عَمَلَهُ ، وَلاَ يَصْلُحُ ذَلِكَ إِذَا دَخَلَهُ الْغَرَرُ ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.(2/280)
2406 - وَقَالَ مَالِكٌ : الْمُسَاقَاةِ فِي أَصْلِ كُلِّ نَخْلٍ ، أَوْ كَرْمٍ , أَوْ زَيْتُونٍ , أَوْ تِينٍ , أَوْ رُمَّانٍ , أَوْ فِرْسِكٍ ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ ، جَائِزٌ ، وَالْمُسَاقَاةُ أَيْضًا فِي الزَّرْعِ إِذَا خَرَجَ وَاسْتَقَلَّ ، فَعَجَزَ صَاحِبُهُ عَنْ سَقْيِهِ وَعَمَلِهِ وَعِلاَجِهِ ، فَالْمُسَاقَاةُ أَيْضًا جَائِزَةٌ.(2/281)
2407 - قَالَ مَالِكٌ : لاَيساقى فِي شَيْءٍ مِنَ الأَُصُلِ مِمَّا يحِلُّ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ ، إِذَا كَانَ فِيهِ ثَمَرٌ قَدْ بَدَا صَلاَحُهُ وَ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ ، وَإِنَّمَا المُسَاقَاةُ فيمَا قد حَلَّ بَيْعُهُ مِنَ الثِّمَارِ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا سَاقَى صَاحِبَ الأََصْلِ ثَمَرًا قَدْ بَدَا صَلاَحُهُ ، عَلَى أَنْ يَكْفِيَهُ إِيَّاهُ وَيَجُدهُ لَهُ ، وإنما بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ وَ الدَّنَانِيرِ يُعْطِيهِ إِيَّاهَا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْمُسَاقَاةِ ، إِنَّمَا الْمُسَاقَاةُ مَا بَيْنَ أَنْ يَجُد النَّخْلَ إِلَى أَنْ يَطِيبَ الثَّمَرُ وَيَحِلَّ بَيْعُهُ.(2/281)
2408 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ سَاقَى ثَمَرًا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَيَحِلَّ بَيْعُهُ ، فَتِلْكَ الْمُسَاقَاةُ بِعَيْنِهَا جَائِزَةٌ.(2/281)
2409 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تُسَاقَى الأََرْضُ الْبَيْضَاءُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَحِلُّ لِصَاحِبِهَا كِرَاهَا بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأََثْمَانِ الْمَعْلُومَةِ.(2/281)
2410 - فَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ الْبَيْضَاءَ بِالثُّلُثِ أَوِ الرُّبُعِ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وذَلِكَ مِمَّا يَدْخُلُهُ الْغَرَرُ , لأَنَّ الزَّرْعَ يَقِلُّ مَرَّةً وَيَكْثُرُ مَرَّةً ، وَرُبَّمَا هَلَكَ رَأْسًا ، فَيَكُونُ صَاحِبُ الأََرْضِ قَدْ تَرَكَ كِرَاءً مَعْلُومًا , يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ بِهِ أَرْضَهُ ، وَأَخَذَ غَرَرًا لاَ يَدْرِي أَيَتِمُّ أَمْ لاَ ؟ فَهَذَا مَكْرُوهٌ , وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ , مَثَلُ رَجُلٍ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِسَفَرٍ بِشَيْءٍ سماه ، ثُمَّ يقَولَ الَّذِي اسْتَأْجَرَ الأََجِيرَ : هَلْ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ عُشْرَ مَا أَرْبَحُ فِي سَفَرِي هَذَا أجَرَةً لَكَ ؟ فقَالَ مَالِكٌ : لاَ يَحِلُّ ذلك وَلاَ يَنْبَغِي لِرَجُلٍ أَنْ يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ وَلاَ أَرْضَهُ ولاَ سَفِينَتَهُ , إِلاَّ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ لاَ يَزُولُ إِلَى غَيْرِهِ.(2/282)
2411 - وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُسَاقَاةِ فِي النَّخْلِ وَالأََرْضِ الْبَيْضَاءِ , في أَنَّ صَاحِبَ النَّخْلِ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَهَا , حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ ، وَصَاحِبُ الأََرْضِ يُكْرِيهَا وَهِيَ أَرْضٌ بَيْضَاءُ لاَ شَيْءَ فِيهَا.(2/282)
2412 - وَ ذلك الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي النَّخْلِ أَيْضًا : إِنَّهَا تُسَاقِي في السِّنِينَ الثَّلاَثَ وَالأََرْبَعَ وَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَأَكْثَرَ.(2/282)
2413 - قَالَ : وَذَلِكَ الأَمْرُ الَّذِي سَمِعْتُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ مِثْلُ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ ، يَجُوزُ فِيهِ المسَاقَاة السِّنِينَ بمِثْلُ مَا يَجُوزُ فِي النَّخْلِ.(2/282)
2414- قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُسَاقِاة : إِنَّهُ لاَ يَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي سَاقَاهُ شَيْئًا يَزْدَادُهُ مِنْ ذَهَبٍ وَلاَ وَرِقٍ ، وَلاَ طَعَامٍ ، وَلاَ شَيْئًا مِنَ الأََشْيَاءِ ، لاَ يَصْلُحُ ذَلِكَ ، وَالْمُقَارِضُ في ذلك بِمَنْزِلَتهما، إِذَا دَخَلَتِ الزِّيَادَات فِي الْمُسَاقَاةِ ,وِ الْمُقَارَضَةِ صَارَتْ إِجَرَةً ، وَمَا دَخَلَتْهُ الإِجَارَةُ فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ الإِجَارَةُ بِأَمْرٍ غَرَرٍ ، لاَ يَدْرِي أَيَكُونُ أَمْ لاَ ، أَوْ يَقِلُّ أَوْ يَكْثُرُ فهذا الأمر مكروه عندنا.(2/283)
2415 - قَالَ مَالِكٌ فِي الأََرْضَ يُسَاقِيها الرَّجُلَ فِيهَا النَّخْلُ أوَالْكَرْمُ ,ومَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ , يكُونُ فِيهَ أرْضُ بَيْضَاءُ.(2/283)
2416 - قَالَ :فإِذَا كَانَ الْبَيَاضُ تَبَعًا لِلأََصْلِ ، وَكَانَ الأََصْلُ أَعْظَمَ ذَلِكَ وَأَكْثَرُهُ ، فَلاَ بَأْسَ بذَلِكَ وذلك أَنْ يَكُونَ النَّخْلُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَيَكُونَ الْبَيَاضُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ ،فإن كان ذلك كذلك جازت المساقاة وَذَلِكَ أَنَّ الْبَيَاضَ حِينَئِذٍ يكون تَبَعٌ لِلأََصْلِ.(2/283)
2417 -قال : فإِذَا كَانَتِ الأََرْضُ الْبَيْضَاءُ فِيهَا الأصل من النَخْلٌ وْ الكَرْمٌ أَوْ مَا أشْبِهُ ذَلِكَ مِنَ الأَُصُولِ فَيكَونَ الأََصْلُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ ، وَيكون الْبَيَاضُ الثُّلُثَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، فإن ذَلِكَ الْكِرَاءُ ,جَائزَ وَلم يقع فِيهِ الْمُسَاقَاةُ ، وَذَلِكَ أَمْرِ النَّاسِ على أَنْهم يُسَاقُون الأََصْلَ وَفِيهِ الْبَيَاضُ , وَيكون البياض وَفِيهَ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ مِنَ الأََصْلِ ,ومثل ذلك أنه يُبَتاعَ الْمُصْحَفُ وَفِيهِ الشئ من الْحِلْيَ مِنَ الْفضة والسيف ،وفيه مثل ذلك من الفضة وَلَمْ يزَلْ على ذلك بُيُوعُ النَّاسُ بينهم يَبيعُونهَا وَيَبْتَاعُونَهَا جائزة بينهم ، لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ وقت مَوْقُوفٌ ، إِذَا هُوَ بَلَغَ ذلك كَانَ حَرَامًا ، أَوْ قَصُرَ عَنْهُ كَانَ حَلاَلاً ، فكان الَّذِي عَمِلَ بِهِ النَّاسُ وَجَازُ بَيْنَهُمْ ، فإنَّهُ إِذَا كَانَ تبعاً لصاحبه حل بَيْعُهُ وجَازَ.(2/283)
2418 - قَالَ مالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْقَصَبِ وَالْمُوازَنَةِ جَائِزٌ ، وَذَلِكَ لِطُولِ زَمَانِهِ ، وَلاَ يَصْلُحُ الْمُسَاقَاةُ فِيهِمَا لأَنَّ بَيْعِهُمَا حَلاَلٌ ، فَإِذَا سَاقَى ذَلِكَ صَاحِبُهُ ، كَانَ قَدْ تَركَ الثَّمَنَ الْمَعْلُومَ الَّذِي يَحِلُّ بَيْعُهُ ، وَأَخَذَ نِصْفَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ ، فَذَلِكَ غَرَرٌ ، لاَ يَدْرِي أَيَقِلُّ ذَلِكَ أَمْ يَكْثُرُ.(2/284)
(1) باب الشرط في الرفيق
2419 - قَالَ مَالِكٌ : فِي عمَّلِ الرَّقِيقِ فِي الْمُسَاقَاةِ ، يَشْتَرِطُهُمُ الْمُسَاقِي عَلَى صَاحِبِ الأََرْضِ : إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، لأَنَّهُمْ عُمَّالُ الْمَالِ ، وهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ ، لاَ مَنْفَعَةَ فِيهِمْ لِلدَّاخِلِ في المال , إِلاَّ أَنَّ يخِفُّف به عَنْهُ الْمَؤُونَةُ ، وَلو لَمْ يَكُونُوا فِي الْمَالِ اشْتَدَّتْ مَؤُونَتُهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسَاقَاةِ فِي الْعَيْنِ وَالنَّضْحِ ، وَلانجِدَ أَحَدًا يُسَاقِي فِي أَرْضَيْنِ سَوَاءٍ فِي الأََصْلِ وَالْمَنْفَعَةِ ، إِحْدَاهُمَا بِعَيْنٍ وَافيةٍ غَزِيرَةٍ ، وَالأَُخْرَى تنَضْحٍ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ الْعَيْنِ ، وَشِدَّةِ مُؤْنَةِ النَّضْحِ.(2/284)
2420 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لِلْمُسَاقِي أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ الْعين فِي غَيْرِهِ ، ولا بعمال النضح في غيره وَلاَ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي سَاقَاهُ.(2/285)
2421 - قَالَ مَالِكٌ : فلاَ يَجُوزُ لِلمسَاقَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ رَقِيقًا يَعْمَلُ بِهِمْ فِي الْحَائِطِ ، لَيْسُوا فِيهِ حِينَ سَاقَاهُ إِيَّاهُ ,وَلاَ يَنْبَغِي لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الَّذِي دَخَلَ فِي مَالِهِ بِمُسَاقَاةٍ ، بأَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَقِيقِ الْمَالِ أَحَدًا يُخْرِجُهُ مِنَ الْمَالِ ، وَإِنَّمَا مُسَاقَاةُ الْمَالِ عَلَى حَالِهِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِا ,فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ رَقِيقِه أَحَدًا أَوْ يُدْخِلَ فِيهِ أَحَدًا ، فَلْيَفْعَلْ ذَلِكَ قَبْلَ الْمُسَاقَاةِ ، ثُمَّ يُسَاقِي على ذَلِكَ إِنْ شَاءَ.(2/285)
2422 - قَالَ : وَنَفَقَةُ الرَّقِيقِ عَلَى الْمُسَاقَي ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَرِطَ نفقتهم عَلَى رَبِّ الْمَالِ.(2/285)
2423 - قَالَ : وَمَنْ مَاتَ مِنَ الرَّقِيقِ أَوْ غَابَ ، فَعَلَى صاحب الْمَالِ أَنْ يُخْلِفَهُ.(2/285)
(2) باب كراء الأرض
2424 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ تَكَارَى أرْضًا ، فَلَمْ تَزَلْ بيَدَيْهِ حَتَّى مَاتَ ، قَالَ ابْنُهُ : فَمَا كُنْتُ أُرَاهَا إِلاَّ له مِنْ طُولِ مَا مَكَثَتْ بيَدَيْهِ ، حَتَّى ذَكَرَهَا لَنَا عِنْدَ مَوْتِهِ ، وأَمَرَنَا بِقَضَاءِ شَيْءٍ بقي عَلَيْهِ مِنْ كِرَاهَا من ذَهَبٍ أَوْ فضة.(2/286)
2425 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ ، أنه سأل رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عن كراء الأرض ، فقال : نهى رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم عَنْ كِرَي الأرض قال : فقَلت : بالذهب والورق ؟ قَالَ : أَمَّا بَالْوَرِقِ والذهب فَلاَ بَأْسَ بِهِ.(2/286)
2426 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ عن ابْنُ شِهَابٍ أنه قال : سَأَلْتُ سَالم بن عبد الله عَنِ كْرَاءِ الأََرْضِ بِالذَّهَبِ وَالفضة ؟ فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِهِ ، فَقُلْتُ : أَرَأَيْتَ الْحَدِيثَ الَّذِي يُذْكَرُ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ ؟ فَقَالَ : أَكْثَرَ رَافِعٌ بن خديج , وَلَوْ كَانَت لِي أرض أَكْرَيْتُهَا.
2427 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ , عَنْ أَبِيهِ ، مِثْلُ ذَلِكَ.(2/287)
2428 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ أَكْرَى أَرْضَهُ بِمِئَةِ صَاعٍ مِنْ الثَّمَرِ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، فَكَرِهَ ذَلِكَ.
آخر كتاب المساقاة(2/287)
كتاب القراض
2429 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ , قَالَ : خَرَجَ عَبْدُ اللهِ , وَعُبَيْدُ اللهِ , ابْنَا عُمَرَ فِي جَيْشٍ إِلَى الْعِرَاقِ , فَلَمَّا قَفَلاَ مَرَّا عَلَى أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، فَرَحَّبَ بِهِمَا وَسَهَّلَ ، وَهُوَ أَمِيرُ الْبَصْرَةِ ، فقَالَ : لَوْ أَقْدِرُ لَكُمَا عَلَى أَمْرٍ أَنْفَعُكُمَا لَفَعَلْتُ ، ثُمَّ قَالَ : بَلَى هَاهُنَا مَالٌ مِنْ مَالِ اللهِ ، أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بِهِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَأُسْلِفُكُمَاهُ , فَتَبْتَاعَانِ بِهِ مِنْ مَتَاعِ الْعِرَاقِ ، ثُمَّ تَبِيعَانِهِ بِالْمَدِينَةِ ، فَتُؤَدِّيَانِ رَأْسَ الْمَالِ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَكُمَا ، فَقَالاَ : وَدِدْنَا ، وَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْمَالَ ، فَلَمَّا قَدِمَا على عُمَرَ , قَالَ : أَكُلُّ الْجَيْشِ أَسْلَفَهُ كمَا أَسْلَفَكُمَا ؟ فقَالاَ : لاَ ، قَالَ أَدِّيَا الْمَالَ وَرِبْحَهُ ، قال : فَأَمَّا عَبْدُ اللهِ , فَسَكَتَ ، وَأَمَّا عُبَيْدُ اللهِ , فَقَالَ : مَا يَنْبَغِي لَكَ هذا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , هَذَا , لَوْ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ لَضَمِنَّاهُ ؟ فَقَالَ : أَدِّيَاهُ ، فَسَكَتَ عَبْدُ اللهِ ، وَرَاجَعَهُ عُبَيْدُ اللهِ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَاءِ عُمَرَ بن الخطاب : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , لَوْ جَعَلْتَهُ قِرَاضًا ؟ قَالَ : قَدْ جَعَلْتُهُ قِرَاضًا ، فَأَخَذَ عُمَرُ رَأْسَ الْمَالِ وَنِصْفَ رِبْحِهِ ، وَأَخَذَ عَبْدُ اللهِ , وَعُبَيْدُ اللهِ , نِصْفَ رِبْحِ ذلك الْمَالِ.(2/289)
(1) باب العمل في القراض
2430 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يعقوب ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّه عمل في مَال لعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ , عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا.(2/290)
2431 - قَالَ مَالِكٌ : وَجْهُ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ الْجَائِزِ بين الناس أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ الْمَالَ مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ، وَنَفَقَةُ الْعَامِلِ فِي الْمَالِ ، طَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ وسَفَرِهِ ، وَمَا يُصْلِحُهُ بِالْمَعْرُوفِ ، بِقَدْرِ الْمَالِ.(2/290)
2432 - قَالَ مَالِكٌ : ولاَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَشْتَرِطَ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا لِنَفْسِهِ ، دُونَ الْعَامِلِ ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْعَامِلِ أَنْ يَشْتَرِطَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ دُونَ صَاحِبِهِ ، وَلاَينبغي أن يَكُونُ مَعَ الْقِرَاضِ بَيْعٌ ، وَلاَ كِرَاءٌ ، وَلاَ سَلَفٌ ، وَلاَ مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ ، إِلاَّ أَنْ يُعِينَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ ، عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا ، وَلاَ يَنْبَغِي لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ زِيَادَةً ذَهَبٍ وَلاَ ورق وَلاَ طَعَامٍ ، وَلاَ شَيْءٍ يَزْيدُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، قَالَ : فَإِنْ دَخَلَ الْقِرَاضَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، صَارَ أجَرَةً ، وَ الإِجَارَةُ لاَ تَصْلُحُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ ثَابِتٍ.(2/290)
2433 - قال مالك : وَلاَ يَنْبَغِي لِلَّذِي أَخَذَ الْمَالَ أَنْ يَشْتَرِطَ مَعَ أَخْذِهِ إياه ، أَنْ يُكَافِئَه ، وَلاَ يُوَلِّيَ مِنْ سِلْعَتِهِ أَحَدًا ، وَلاَ يَتَوَلَّى لِنَفْسِهِ شَيْئًا ، فَإِذَا فَرَغ الْعاملُ ، وَاجتمع المالفصار عيناً عَزْلُ رَأْسِ الْمَالِ ، ثُمَّ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِ رِبْحٌ ، وْ دَخَلَتْهُ وَضِيعَةٌ ، لَمْ يَلْحَقِ الْعَامِلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ، مِمَّا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ ، مِنَ الْوَضِيعَةِ ، وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فِي مَالِهِ.(2/291)
(2) باب ما لا يجوز من الزيادة في القراض
2434 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْئًا مِنَ الرِّبْحِ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنبغي ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ نِصْفَ الرِّبْحِ لَهُ ، وَنِصْفَهُ لِصَاحِبِهِ , أَوْ ثُلُثَهُ أَوْثلثيه أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ حَلاَلٌ لا بأس به , وَهُوَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ المعروف الجائز بينهم.
فإِنِ اشْتَرَطَ أَنَّ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَاحِدًا ومَا فَوْقَهُ خَالِصًا دُونَ صَاحِبِهِ ، وَمَا بَقِيَ مِنَ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قِرَاضُ الْمُسْلِمِينَ.(2/291)
2435 - قَالَ مَالِكٌ : في رجل دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، اشْتَرِطَ عَلَيْهِ فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ الزَّكَاةَ فإن ذلك لايجوز،وذَلِكَ أنَّ صاحب الْمَالِ قَدِ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ فَضْلاً مِنَ الرِّبْحِ بمَا يسَقَطَ عَنْهُ مِنْ حِصَّته الزَّكَاةِ ، الَّتِي تُصِيبُهُ في حِصَّتِهِ.(2/292)
(3) باب ما لا يجوز من القراض في العروض
2436 - قَالَ مَالِكٌ : الأمر عندنا إنه لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا بعرض من العروض وذلك أنَّ الْمُقَارَضَةَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ : إِمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ ربُ الْعَرْضِ ، خُذْ هَذَا الْعَرْضَ فَبِعْهُ ، فَمَا خَرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ فَبِعْ بِهِ وَاشْتَرِ، عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ ، فَقَدِ اشْتَرَطَ ربُ الْمَالِ فَضْلاً مِنْ بَيْعِ سِلْعَتِهِ ، وَمَا يَكْفِي مِنْ مَؤُونَتِهَا , أَوْ يَقُولَ : اشْتَرِ بِهَذِهِ السِّلْعَةِ وَبِعْ ،ثم إِذَا فَرَغْتَ , فَابْتَعْ لِي مِثْلَ سلعتي الَّتي دَفَعْتُ إِلَيْكَ ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ , فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ , وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْسلعة أَنْ يَدْفَعَهُا حين يدفعها فِي زَمَنٍ هُوَ فِيهِ نَافِقٌة ، كَثِيرُة الثَّمَنِ ، ثُمَّ يَرُدَّهُا حِينَ يَرُدُّهُا الذي أخذها وَقَدْ رَخُصَت ، يَشْتَرِيَهُا بِثُلُثِ ثَمَنِهِا ، أَوْ أَدنى ، فَيَكُونُ الْعَامِلُ قَدْ رَبِحَ نِصْفَ مَا يفضل مِنْ ثَمَنِها فِي حِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ ، أَوْ يَأْخُذَها الذي يأخذها فِي زَمَانٍ هي فِيهِ قَلِيلٌة الثَمَنُ، فَيَعْمَلُ فِيهِا حَتَّى يَكْثُرَ الْمَالُ فِي يَدَيْهِ ، ثُمَّ تغْلُو أوَيَكثر ثَمَنُهُا حِتى يَرُدُّهُا ، فَيَشْتَرِيهِا بِكُلِّ مَا فِي يَدَهِ ، فَيَذْهَبُ عَناءه بَاطِلاً ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ ، فَإِنْ جُهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يَمْضِيَ , نُظِرَ إِلَى قَدْرِ أَجْرِة الَّذِي دُفِعَ إِلَيْهِ الْعرضُ ، فِي بَيْعِهِ إِيَّاهُ ، وَتقاضيه فَيُعْطَاهُ ، ثُمَّ يَكُونُ الْمَالُ قِرَاضًا مِنْ يَوْمَ نَضَّ ، وَاجْتَمَعَ عَيْنًا ، وَيُرَدُّ إِلَى قِرَاضٍ مِثْلِهِ.(2/292)
2437 - قالَ مَالِكٌ : ولاَ يَنبغي للْقِرَاضُ أن يَكُونُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُرُوضِ ،ولا يكون إِلاَّ فِي الذَّهَبِ وِ الْوَرِقِ ، وَمِنَ الْبُيُوعِ مَا يَجُوزُ إِذَا تَفَاوَتَ أَمْرُهُ ، وَتَفَاحَشَ رَدُّهُ ، فَأَمَّا الرِّبَا , فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ فِيهِ إِلاَّ الرَّدُّ أَبَدًا ، لاَ يَجُوزُ فيه قَلِيلٌ ، وَلاَ كَثِيرٌ ، ممَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ ، وذلك أنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ : {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا } إلى قوله وَلاَ تُظْلَمُونَ.(2/293)
(4) باب الشرط في القراض
2438 - قَالَ مَالِكٌ : الأمر عندنا فِيمن دَفَعَ إِلَى الرَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشَترَطَ أَنْه لاَ يشْتَرِيَ من مَالِه إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا ,لسلعة يسميها له أَوْ يَنْهَاهُ عن أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً يسْمِيهَاله , أو اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَه أَنْ لاَ يَبتاع حَيَوَانًا أَوْ سِلْعَةً يسْمِيهَا له ، إنه لاَ بَأْسَ بِه ، وَمَنِ اشْتَرَطَ عَلَى مَنْ قَارَضَه أَنْ لاَ يَشْتَرِيَ إِلاَّ سِلْعَةَ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاخير فيه ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تلك السِّلْعَةُ الَّتِي أَمَرَ بها كَثِيرَةً مَوْجُودَةً لاَ تُخْلِفُ فِي شِتَاءٍ وَلاَ صَيْفٍ , فَإن ذلك لاَ بَأْسَ به.(2/293)
2439 - قَالَ مَالِكٌ : ولاَ يَنبغي لرب الْمَالَ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ عليه أَنَّكَ لاَ تَرُدُّهُ إِلَيَّ سِنِينَ ، لأَجَلٍ يُسَمِّيَانِهِ ، لأَنَّ الْقِرَاضَ لاَ يَكُونُ إِلَى أَجَلٍ ، وَلَكِنْ يَدْفَعُ رَبُّ الْمَالِ مَالَهُ إِلَى الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ ، فَإِنْ بَدَا لأَحَدِهِمَا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ ، وَالْمَالُ قد اشْتَرِى بِهِ عرضاً لم يكن ذَلِكَ لَهُ ، حَتَّى يُبَاعَ الْمَتَاعُ ، وَيَصِيرَ عَيْنًا ، فَإِنْ بَدَا لِلْعَامِلِ أَنْ يَرُدَّهُ ، وَهُوَ عَرْضٌ ،فليس ذَلِكَ لَهُ ، حَتَّى يَبِيعَهُ ، ويَرُدَّهُ عَيْنًا كَمَا أَخَذَهُ.(2/294)
2440 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي لِمَنْ دُفِعَ إِلَيْهِ مَالٌ قِرَاضًا أَنْ يَشْتَرِطَ فِيهِ مُكَافَأَةً ، وَلاَ يَتَوَلَّى لِنَفْسِهِ مِنَ السِّلَعِ الَّذِي يَبْتَاعُ شَيْئًا ، وَلاَ يَشْتَرِطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَبْدًا بِعَيْنِهِ ، وَلاَ يَجُوزُ هَذَا وَلاَ أَشْبَاهُهُ فِي الْقِرَاضِ ، وَلاَ يَجُوزُ مَعَ الْقِرَاضِ شَرْطٌ وَلاَ بَيْعٌ وَلاَ كِرَاءٌ وَلاَ مِرْفَقٌ وَلاَ سَلَفٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ دُونَ صَاحِبِهِ.(2/294)
2441 - قَالَ مَالِكٌ : فلاَ بَأْسَ أَنْ يُعِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بغير شرط عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، إِذَا صَحَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا.(2/294)
2442 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ رَبُّ الْمَالِ مِمَّنْ قَارَضَهُ بَعْضَ مَا يَشْتَرِي مِنَ السِّلَعِ , إِذَا كَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ.(2/294)
2443 - قَالَ مَالِكٌ :ولاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقَارِضُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ غُلاَمًا يُعِينُهُ فِي الْمَالِ ، لاَ يُعِينُهُ فِي غَيْرِهِ.(2/295)
2444 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ ضمان المال إنْ ذلك لاَ يَجُوزُ لصاحب المال أن يشترط ،لأنه لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْقِرَاضِ.(2/295)
(5) باب السلف في القراض
2445 - قَالَ مَالِكٌ : الأمر عندنا فِيمن اسْتلَفَ من رَجُلٍ مَالاً ، ثُمَّ سَأَلَ صاحب الْمَالَ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا ,إن ذَلِكَ لاَيجوز ولا يصلح حَتَّى يَقْبِضَ صاحب الْمَالَ مَالَهُ ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ دْفَعَهُ إِلَيْهِ قِرَاضًا وْ إِنْ شَاءَ أَمْسِكَهُ.(2/295)
2446 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، وَاسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ سَلَفًا ، أَوِ اسْلَفَه أَوْ أَبْضَعَ مَعَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِضَاعَةً يَبِيعُهَا لَهُ ، أَوْدَنَانِيرَ يَشْتَرِي لَهُ بِهَا سِلْعَةً , إِنْه إن كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ إِنَّمَا أَبْضَعَ مَعَ المقارض ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ معه مَالُهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَعَلَهُ ، لإِخَاءٍ بَيْنَهُمَا ومودة ، وْ لِيَسَارَةِ مَؤُونَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِ ،وإنه يصنع ذلك لغيره وَلَوْ أَبَى ذَلِكَ لَمْ يَنْزِعْ مَالَهُ مِنْهُ ،فذلك جائز لابأس به وْإن كَانَ الْعَامِلُ إِنَّمَا اسْتَسْلَفَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ ، وْ حَمَلَ لَهُ بِضَاعَتَهُ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَالُهُ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَلَوْ أَبَى عَلَيْهِ لَمْ يَرْدُدْ عَلَيْهِ مَالَهُ ،فإذاكَانَ ذَلِكَ بينْهُمَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ والصحبة ، لَمْ يَكُنْ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْقِرَاضِ ، جَائِزٌ ذَلِكَ ، فإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ شَرْطٌ ، وْ خِيفَ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْعَامِلُ لِصَاحِبِ الْمَالِ ، لِيُقِرَّ مَالَهُ عنده ، أَوْ صَانَعَه صَاحِبُ الْمَالِ ، ليُمْسِكَ الْعَامِلُ مَالَهُ ، وَلاَ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ ، فَأرى ذَلِكَ مما لاَ يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ ، وَهُوَ مِمَّا نْهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ.(2/296)
2447 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ ، وَسَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَيْهِ سَلَفًا ، قَالَ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ ، حَتَّى يَقْبِضَ مِنْهُ مَالَهُ ، ثُمَّ يُسَلِّفَهُ إِيَّاهُ إِنْ شَاءَ ، أَوْ يُمْسِكَهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَصَ فِيهِ ، فَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَهُ عَنْهُ ، عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ مَا نَقَصَ مِنْهُ ، فَذَلِكَ مَكْرُوهٌ , وَلاَ يَجُوزُ وَلاَ يَصْلُحُ.(2/296)
(6) باب الدين في القراض
2448 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا , فِيمن دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ، ثُمَّ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدَيْنٍ ، فَرَبِحَ فِي الْمَالِ ، ثُمَّ هَلَكَ العامل ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ ،إِنْ وَرَثَتُهُ إنْ أَرَادَوا أن يَقْبِضُوا الْمَالَ ، وَهُمْ عَلَى شَرْطِ أَبِيهِمْ ، فَذَلِكَ لَهُمْ ، إِذَا كَانُوا أُمَنَاءَ عَلَى ذَلِكَ ، وإِنْ هم لم يَقْبضُوا ذلك وَخَلَّوْا بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَهُ ، لَمْ يُكَلَّفُوا أَنْ يَتَقْاضُوهُ ، وَلاَ شَيْءَ فيه ، إِذَا أَسْلَمُوهُ إِلَى رَبِّ الْمَالِ ، فَإِنِ اقْتَضَوْهُ ، فَلَهُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرْطِ الذي لأَبِيهِمْ , هُمْ فِيهِ بِمَنْزِلَته إذا كانوا أمناء على ذلك وإِنْ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ ،كانَّ علَيهُمْ أَنْ يَأْتُوا بِأَمِينٍ ، يَقْبضِ ذَلِكَ الْمَالَ ، فَإِن لم يفعلوا وخلو بين صاحب الْمَالِ وبين اقْتَضَائه ،فاقتضى المال كله وَرِّبْحِه فذَلِكَ جائز ولا شئ لهِمْ فيه.(2/297)
2449 - قَالَ مَالِكٌ : في رَجُلٍ كَانَ له عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُقِرَّهُ عِنْدَهُ قِرَاضًا ، فقال : لا أحب ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ مَالَهُ منه، ثُمَّ يُقَارِضُهُ بَعْدُ إن شاء أَوْ يُمْسِكُه ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ قد أَعْسَرَ بِمَالِهِ ، فَصاحب الدين يُحب أَنْ يُؤَخِّرَ عنه , عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِيهِ.(2/297)
2450 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فعْمَلُ فِيهِ ، فَإن مَا بَاعَ بِهِ مِنْ دَيْنٍ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وهو له لاَزِمٌ , إِذا بَاعَ بِدَيْنٍ .(2/298)
2451 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَخَذَ من رجل مَالاً قِرَاضًا ، فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً ، وَ عَلَيْهِ دَيْنٌ للناس ، فَطَلَبَهُ غُرَمَاؤُهُ ، فَأَدْرَكُوهُ بِبَلَدٍ غَائِبٍ عَنْ صَاحِبِه ، وَفِي يَدَيْهِ عَرْضٌ مُرَبَّحٌه بَيِّنٌ فَضْلُهُ ، فَأَرَادُ غُرَمَاؤُهُ أَنْ يُبَيعَ لَهُمُ تلك الْعَرْضُ , فَيَأْخُذُوا حِصَّتَهُم مِنَ الرِّبْحِ ،إنهم لاَ يُأخَذُون مِنْ الرِبْحِ شَيئاً , حَتَّى يَحْضُرَ صَاحِبُ الْمَالِ , فَيَأْخُذَ رأس مَالَهُ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.(2/298)
(7) باب النفقة في القراض
2452 - قَالَ مَالِكٌ :الأمر عندنا فِيمن دَفَعَ إِلَى الرَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْمَالُ كَثِيرًا يَحْمِلُ النَّفَقَةَ ، فَشَخَصَ فِيهِ الْعَامِلُ ، إِنَّ العامل يَأْكُلَ وَيَكْتَسِيَ بِالْمَعْرُوفِ بقَدْرِ الْمَالِ ،وَلَيْسَ لِلْعامل أَنْ يَسْتَنْفِقَ مِنَ الْمَالِ ، أوَ يَكْتَسِيَ مَا كَانَ مُقِيمًا فِي أَهْلِهِ , إِنَّمَا النَّفَقَةُ للعامل إِذَا شَخَصَ من أهله في الْمَالِ ، وَكَانَ الْمَالُ يَحْمِلُ النَّفَقَةَ , فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا يَتَّجِرُ فِي الْمَالِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فيهِ ، فَلاَ نَفَقَةَ لَهُ في الْمَالِ وَلاَ كِسْوَةَ ،وإنْما لِلْعامل أن يَسْتَأْجِرَ مِنَ الْمَالِ إذا كان كثيراً لايقوى عليه بعض من يكفيه بعض مؤونته ، وَمن الأعمال أعمال لا يعملها الذي يأخذ المال ولَيْسَ مثله يعملها فله أن يستأجر من المال إذا كان كثيراً لايقوى عليه و لا ينبغي للعامل أن يتولى منه شيئاً ، وَلاَ يُكَافِئُ فِيهِ أَحَدًا ، فَأَمَّا أنِ يجْتَمَعَ هُوَ وَقَوْمٌ فَيأتون بِطَعَامٍ ، وَيأتي بِطَعَامٍ ، فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ له وَاسِعًا إن شاء الله ، إِن لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ ، بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِه ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْه ، فَإِنْ حَلَّلَهُ ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُحَلِّلَهُ ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَافِئَهُ بِمِثْلِه ، إِذا كَانَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ.(2/298)
2453 - قَالَ مَالِكٌ ، فِي رَجُلٍ خَرَجَ بِمَالٍ قِرَاضًا ، وَمَالٍ لِنَفْسِهِ ، إِنَّ النَّفَقَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ بِالْحِصَصِ.(2/299)
(8) باب المحاسبة في القراض
2454 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، يعَمِلَ فِيهِ , فَرَبِحَ ، ثم أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنَ الرِّبْحِ ، وَصَاحِبُ الْمَالِ غَائِبٌ ، إنه لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْهُ, إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ ، وَإِنْه إن أَخَذَ شَيْئًا من ذلك فَهُوَ ضَامِنٌ ، يُحْسَبَ مَعَ الْمَالِ إِذَا اقْتَسَمَا.(2/299)
2455 - قَالَ مَالِكٌ : ولاَ يَجُوزُ لِلْمُتَقَارِضَيْنِ أَنْ وَيَتَفَاصَلاَ , وَالْمَالُ غَائِبٌ عَنْهُمَا ، حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ , ويَسْتَوْفِي رب الْمَالِ مَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ عَلَى شَرْطِهِمَا.(2/299)
2456 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَاتَجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ ، ثُمَّ عَزَلَ برَأْسَ الْمَالِ ، ثم قَسَمَ الرِّبْحَ ، فَأَخَذَ حِصَّتَهُ ، وَطَرَحَ حِصَّةَ صَاحِبِ الْمَالِ ، بِحَضْرَةِ شُهَودَ يشْهَدَهُمْ عَلَى ذَلِكَ ،إن ذلك لاَ يجُوزُ إِلاَّ بِحَضْرَةِ صَاحِبِ الْمَالِ ، وَأرى إِنْ كَانَ أَخَذَ شَيْئًا أن يرَدَّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ صَاحِبُ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الربح عَلَى شَرْطِهِمَا.(2/300)
2457 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا يعَمِلَ فِيهِ ، ثم جَاءَهُ بمال, فَقَالَ : هَذِهِ حِصَّتُكَ مِنَ الرِّبْحِ ، وَقَدْ أَخَذْتُ لِنَفْسِي مِثْلَهُ ، وَرَأْسُ مَالِكَ وَافِرٌ عِنْدِي , فقَالَ : لاَ أُحِبُّ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَالُ كُلُّهُ ، ويُحَاسِبَهُ ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُ وَافِرٌ ، وَيَصِلَ إِلَيْهِ , ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا ، ثُمَّ إِنْ شَاءَ رُدُّه على قراضه ، إن شاء أمسكه ، وَإِنَّمَا يَجِبُ حُضُورُ الْمَالِ ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ نَقَصَ منهِ ، وهُوَ يُحِبُّ أَنْ لاَ يُنْزَعَ مِنْهُ , وَأَنْ يُقِرَّهُ فِي عندِهِ.(2/300)
(9) باب التعدي في القراض
2458 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَعَمِلَ فِيهِ , فَرَبِحَ ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ رِبْحِ الْمَالِ جَارِيَةً ، فَوَطِئَهَا ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ ، ثُمَّ نَقَصَ الْمَالُ ,إِنْه إن كَانَ لَهُ مَالٌ ، أُخِذَتْ قِيمَةُ الْجَارِيَةِ مِنْ مَالِهِ ، فَأوفى بِهِ الْمَالُ ، وما كَانَ بَعْدَ وَفَاءِ الْمَالِ ، فَهُوَ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِهِمَا.(2/300)
2459 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَتَعَدَّى ، فَاشْتَرَى سِلْعَةً ، وَزَادَ فِي ثَمَنِهَا مِنْ عِنْدِهِ , إن صَاحِبُ الْمَالِ بِالْخِيَارِ ، إِنْ بِيعَتِ السِّلْعَةُ بِرِبْحٍ أَوْ نقصان ، أَوْ لَمْ تُبَعْ ، إِنْ شَاءَ صاحب المال أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ أَخَذَهَا , وَقَضَاهُ مَا أَسْلَفَهُ فِيهَا ، وَإِنْ أَبَى كَانَ الْمُقَارَضُ شَرِيكًا لَهُ بِحِصَّتِهِ مِنَ النَّمَاءِ وَالنُّقْصَانِ ، بِحِسَابِ مَا زَادَ الْعَامِلُ فِيهَ مِنْ عِنْدِهِ.(2/301)
2460 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَخَذَ مَالاً قِرَاضًا مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى رَجُلٍ ، فَعَمِلَ فِيهِ قِرَاضًا بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ : إِنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ ، وإِنْه إن نَقَصَ في المال فَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ ، وَإِنْ رَبِحَ فَهوعلى ما كان بينهما ووصفا أول مرة .(2/301)
2461- قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ مقارض تَعَدَّى فَاستَسَلَّفَ مِمَّا فِي يَدَهِ مَالاً ، فَابْتَاعَ بِهِ سِلْعَةً , قَالَ : إِنْ رَبِحَ فيها فَالرِّبْحُ بينهما عَلَى شَرْطِهِمَا فِي الْقِرَاضِ ، فإِنْ نَقَصَ , فَهُوَ ضَامِنٌ لِلنُّقْصَانِ.(2/301)
2462- قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا , فَاسْتَسْلَفَ مِنْهُ العامل مَالاً , فاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِنَفْسِهِ : إِنَّ صَاحِبَ الْمَالِ بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ شَرِكَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى نحو قِرَاضِهَما , وَإِنْ شَاءَ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَما , فأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ أي ذَلِكَ شَاءَ فَعَلَ.(2/301)
(10) باب العمل في القراض
2463 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دفع إلى رَجُلٍ مَالاً فَعَمِلَ فِيهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ صَاحِبُ الْمَالِ عَنْ مَالِهِ ، فَقَالَ : هُوَ عِنْدِي وَافِرٌ ، فَلَمَّا آخَذَهُ ، قَالَ : هَلَكَ مِنْهُ كَذَا وَكَذَا لِمَالٍ سَمِّاهِ ، وَإِنَّمَا قُلْتُ لَكَ هوعندي , لِتَقرُهُ عِنْدِي ، فإنه لاَ يَنْتَفِعُ بِإِنْكَارِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ ، وَإنه يُؤْخَذُ بِما أقْرَ به عَلَى نَفْسِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى هَلاَكِ الْمَالِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ قَوْلُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ في ذلك بِأَمْرٍ يعْرُفٍ به قوله أُخِذَ بِما أقْرَ به على نفسه ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ إِنْكَارُهُ بعد إقراره.
وَكَذَلِكَ أَيْضًا قَولَه : قد رَبِحْتُ فِي الْمَالِ كَذَا وَكَذَا لشئ يسميه ، ثم سَأَلَهُ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ مَالَهُ وَرِبْحَهُ ، فَقَالَ : مَا رَبِحْتُ فِيهِ شَيْئًا , وَمَا قُلْتُ لك ذَلِكَ إِلاَّ لتُقِرَّهُ عندِي ، فَإن ذَلِكَ لاَ يَنْفَعُهُ ، وَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ على نفسه ، إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ فيهِ قَوْلُهُ ، فَلاَ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ.(2/302)
2464 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا , فَهَلَكَ بَعْضُهُ ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ، ثُمَّ عَمِلَ فِيهِ فَرَبِحَ ، فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْمَالِ بَقِيَّةَ الْمَالِ بَعْدَ ذلك الَّذِي هَلَكَ مِنْهُ ، قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ , إنه لاَ يُقْبَلُ منه قَوْلُهُ ، وَيُوفي رَأْسُ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ ،حتى إذا وفى اقْتَسِمَا مَا بَقِيَ من الْمَالِ عَلَى شَرْطِهِمَا في الْقِرَاضِ.(2/302)
2465 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا ، فَاشْتَرَى بِهِ سلعة ، ثم حَمَلَهُا إِلَى بَلَدِ آخر ، فَبَارَت عَلَيْهِ ، وَخَافَ النُّقْصَانَ إِنْ بَاعَهُا ، فَتَكَارَى عَلَيْهِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ ، فَبَاعَها بِنُقْصَانٍ ، فَاغْتَرَقَ الْكِرَاءُ أَصْلَ الْمَالِ كُلَّهُ , إِنْ كَانَ فِيمَا بَاعَ وَفَاءٌ لِلْكِرَاءِ ، فَكسَبِيلُ ذَلِكَ ، وَإِنْ بَقِيَ مِنَ الْكِرَاءِ شَيْءٌ بَعْدَ ذهاب الْمَالِ , كَانَ عَلَى الْعَامِلِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ العامل ، وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتِّجَارَةِ فِي مَالِهِ ، فَلَيْسَ لِلْمُقَارَضِ أَنْ يَتْبَعَهُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ.(2/303)
2466 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا , فَعمل فِيهِ ثم قَالَ الْعَامِلُ : عاملتُكَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ : عاملتُكَ عَلَى الثُّلُثَ ,إن الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ ، وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَمِينُ ، إِذَا كَانَ مَا قَالَ عمل مِثْلِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعامل عَلَيْهِ النَّاسُ ، وَإِنْه إن جَاءَ بِأَمْرٍ يُسْتَنْكَرُ ولَيْسَ عَلَى مِثْلِ ذلك يَتَعامل النَّاسُ على قدر قراضهما وشرطهما ، لَمْ يُصَدَّقْ , وَرُدَّ إِلَى عمل مِثْلِهِ.(2/303)
2467 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دفع إلى رَجُل مِالاً قِرَاضًا , فَاشْتَرَى بِهَ سِلْعَةً ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَدْفَعَ إِلَى رَبِّ السِّلْعَةِ الْمِال ، فَوَجَدَهَ قَدْ سُرِقَ ، فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ : بِعِ السِّلْعَةَ ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ كَانَ لِي ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا نُقْصَانٌ كَانَ عَلَيْكَ ، لأَنَّكَ أَنْتَ ضَيَّعْتَ ، وَقَالَ الْمُقَارَضُ : بَلْ عَلَيْكَ وَفَاءُ حَقِّ هَذَا ، إِنَّمَا ابتعتُهَا بِمَالِكَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي , قَالَ مَالِكٌ : يَلْزَمُ الْعَامِلَ أَدَاءُ ثَمَنِهَا إِلَى الْبَائِعِ ، وَيُقَالُ لِربِ الْمَالِ : إِنْ شِئْتَ أَن تدفع الْثمِن إِلَى الْمُقَارَضِ ، وَتكون السِّلْعَةُ بَيْنَكُمَا ، وَإِنْ شِئْتَ فَابْرَأْ مِنَ السِّلْعَةِ ، فَإِنْ دَفَعَ الْثمن إِلَى الْعَامِلِ , كَانَ قِرَاضًا عَلَى سُنَّةِ الْقِرَاضِ الأََوَّلِ ، وَإِنْ أَبَى , كَانَ لِلْعَامِلِ , وَكَانَ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا.(2/304)
2468 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُقَارِضَيْنِ إِذَا تَفَاصَلاَ , فَبَقِيَ عندِ الْعَامِلِ مِنَ الْربح الَّذِي يَعْمَلُ فِيهِ خَلَقُ قِرْبَةِ أَوْ ثَّوْبِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ,إن كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَانَ تَافِهًا ، لاَ خَطْبَ لَهُ ، فَهُوَ لِلْعَامِلِ ، وَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا أَفْتَى بِرَدِّ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أمروه مِنْ ذَلِكَ بالَّذِي لَهُ ثَمَنٌ.(2/304)
2469 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إِلَى رَجُلٍ مَالاً قِرَاضًا فَاشترى بِهِ سِلْعَةً ، فَقَالَ لَهُ ربُ الْمَالِ : بِعْهَا ، وَقَالَ الْمَقارض : لاَ أَرَى وَجْهَ بَيْعٍ ، واخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ ، فقَالَ : لاَ يُنْظَرُ في ذلك إِلَى قَوْلِهما ، وَيُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ ، فَإِنْ رَأَوْا وَجْهَ بَيْعٍ بِيعَتْ عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ رَأَوْا أَوْجُهَ إِمْسَاكٍ أَمْسِكَتْ.(2/304)
كتاب البيوع
(1) باب ما يكره من البيوع
2470 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّه قال : نَهَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْعُرْبَانِ.
2471 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِيمَا نُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ أَوْ يَتَكَارَى الكراء ، ثُمَّ يَقُولُ لِلَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ , أَوْ تَكَارَى مِنْهُ :أنا أُعْطِيكَ دِينَارًا ، أَوْ دِرْهَمًا ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ ، عَلَى أَنِّي إِنْ أَخَذْتُ السِّلْعَةَ أَوْ رَكِبْتُ مَا تَكَارَيْتُ مِنْكَ ، فَالَّذِي أَعْطَيْتُكَ هُوَ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ , أَوْ مِنْ كِرَاءِ الدَّابَّةِ ، وَإِنْ تَرَكْتُ السِّلْعَةِ , أَوْ الكِرَاءَ ، فَمَا أَعْطَيْتُكَ فهولَكَ بَاطِلٌ بِغَيْرِ شَيْءٍ.(2/305)
2472 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يَبْتَاعَ الْعَبْدَ الْفَصِيحَ التَّاجِرَ، بِالأََعْبُدِ مِنَ الْحَبَشَةِ أَوْ مِنْ جِنْسٍ مِنَ الأََجْنَاسِ ، لَيْسُوا مِثْلَهُ فِي الْفَصَاحَةِ ، وَلاَ فِي التِّجَارَةِ ، وَالنَّفَاذِ وَالْمَعْرِفَةِ فلاَ بَأْسَ بِهَذَا , أَنْ يشْتَرِيَ مِنْهُ الْعَبْدَ بِالْعَبْدَيْنِ ، أَوْ بِالأََعْبُدِ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ، إِن اخْتَلَفَ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُم ، فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهم بَعْضًا حَتَّى يَتَقَارَبَ ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهُمْ.
2473 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْ ذَلِكَ ، قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ , إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ.(2/306)
2474 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِينٌ الأمة ، إِذَا بِيعَتْ , لأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى ؟ أَحَسَنٌ أَمْ قَبِيحٌ ؟ أَوْ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ ؟ أَوْ حَيٌّ أَوْ مَيْتٌ ؟ وَذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا.(2/306)
2475 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الْعَبْدَ أَوِ الْأمةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَنْدَمُ الْبَائِعُ , فَيَسْأَلُ الْمُبْتَاعَ أَنْ يُقِيلَهُ في العبد أو الجارية بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ ، وَيَمْحُو عَنْهُ الْمِال الَّذي لَهُ , قَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، وَلو نَدِمَ الْمُبْتَاعُ ، فَسَأَلَ الْبَائِعَ أَنْ يُقِيلَهُ فِي الْجَارِيَةِ أَوِ الْعَبْدِ , وَيَزِيدَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ الأََجَلِ الَّذِي اشْتَرَى إِلَيْهِ الْعَبْدَ أَوِ الْجارية ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَنْبَغِي ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ , لأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ بَاعَ مِائَةَ دِينَارٍ إِلَى سَنَةٍ ، قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ المائة دينار بجارية ، وَبِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا , أَوْ إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنَ السَّنَةٍ ، فَيدَخَلَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ إِلَى أَجَلٍ.(2/306)
2476 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مِنَ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ ، إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الأََجَلِ الَّذِي بَاعَهَا إِلَيْهِ ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ ، أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا إِلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ , يَبِيعُهَا بِثَلاَثِينَ دِينَارًا إِلَى شَهْرٍ ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا بِسِتِّينَ دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ ، أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ ، فَصَارَ إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا ، أوَأَعْطَاهُ صَاحِبُهُ ثَلاَثِينَ دِينَارًا إِلَى شَهْرٍ , بِسِتِّينَ دِينَارًا إِلَى سَنَةٍ أَوْ إِلَى نِصْفِ سَنَةٍ , وهَذَا لاَ يَنْبَغِي ، وَهَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ.(2/307)
(2) باب في مال المملوك
2477 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَنْ بَاعَ عَبْدًا ، وَلَهُ مَالٌ ، فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.(2/307)
2478 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ الْمُبْتَاعَ إِذَا اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ , فَهُوَ لَهُ نَقْدًا كَانَ أَوْ دَيْنًا ، أَوْ عَرْضًا يُعْلَمُ أَوْ لاَ يُعْلَمُ ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مِنَ الْمَالِ أَكْثَرُ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ ، كَانَ ثَمَنُهُ نَقْدًا أَوْ أَوْ عَرْضًا ، وَذَلِكَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لايجب عَلَى سَيِّدِهِ فِيهِ زَكَاةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْعَبْدِ جَارِيَةٌ اسْتَحَلَّ فَرْجَهَا ، بِمِلْكِهِ إِيَّاهَا ، وَإِنْ اعَتَقَ الْعَبْدُ أَوْ كَاتَبَ تَبِعَهُ مَالُهُ ، وَإِنْ أَفْلَسَ أَخَذَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ ، وَلَمْ يُتَّبَعْ سَيِّدُهُ بِشَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ.(2/308)
(3) باب العهد في الرقيق
2479 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ ، أَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ , وَهِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ كَانَا يَذْكُرَانِ فِي خُطْبَتِهِمَا عُهْدَةَ الرَّقِيقِ فِي الأََيَّامِ الثَّلاَثَةِ ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَى الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ ، وَعُهْدَةَ السَّنَةِ ، وَيأْمُرَانِ بِذَلِكَ.(2/308)
2480 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ مَالِكٌ :وعلى ذلك العمل عندنافيمن باع بغير البراءة أن مَا أَصَابَ الْعَبْدُ أَوِ الْوَلِيدَةُ فِي الأََيَّامِ الثَّلاَثَةِ ، مِنْ حِينِ يُشْتَرَيَانِ حَتَّى تَنْقَضِيَ الأََيَّامُ الثَّلاَثَةُ ، فَهُوَ مِنَ الْبَائِعِ ، ثم عُهْدَةَ السَّنَةِ مِنَ الْجُنُونِ ، وَالْجُذَامِ , وَالْبَرَصِ ، فَإِذَا مَضَتِ السَّنَةُ , فَقَدْ بَرِئَ الْبَائِعُ مِنَ الْعُهْدَةِ كُلِّهَا.(2/308)
2481 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ ، أَوْ غَيْرِهِمْ بِالْبَرَاءَةِ ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ، وَلاَ عُهْدَةَ عَلَيْهِ , إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا عليه ، وَلاَ عُهْدَةَ عِنْدَنَا إِلاَّ فِي الرَّقِيقِ.(2/309)
(4) باب العيب في الرقيق
2482 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ بَاعَ غُلاَمًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَبَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ , فَقَالَ الَّذِي ابْتَاعَهُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ : بِالْعبد دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ لِي ، فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : بَاعَنِي عَبْدًا ، وَبِهِ دَاءٌ لَمْ يُسَمِّهِ لِي ، وَقَالَ عَبْدُ اللهِ : بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ ، فَقَضَى عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ ، وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ ، فَأَبَى عَبْدُ اللهِ أَنْ يَحْلِفَ ، وَارْتَجَعَ الْعَبْدَ ، فَبَاعَهُ عَبْدُ اللهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ.(2/309)
2483 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أنه مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أَوْ حَيَوَانًا بِالْبَرَاءَةِ ، فَقَدْ بَرِئَ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فِيمَا بَاعَ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَلِمَ فِي ذَلِكَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ عَيْبًا فَكَتَمَهُ ، لَمْ ينْفَعْهُ تَبْرِئَتُهُ ، وَكَانَ مَا بَاعَ مَرْدُودًا عَلَيْهِ.(2/310)
2484 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ مَنِ ابْتَاعَ وَلِيدَةً فَحَمَلَتْ ، أَوْ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ ، وَكُلَّ أَمْرٍ دَخَلَهُ الْفَوَاتُ حَتَّى لاَ يُسْتَطَيعَ رَدُّهُ ، ثم قَامَتِ الْبَيِّنَةُ على أنه كَانَ بِهِ عَيْبٌ عِنْدَ الَّذِي بَاعَهُ ، أَوْ عُلِمَ ذَلِكَ بِاعْتِرَافٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنَّ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ تقَوَّمُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ ، فَيُرَدُّ مِنَ الثَّمَنِ قَدْرُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا , وَقِيمَتِهِ وَبِهِ ذَلِكَ الْعَيْبُ.(2/310)
2485 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ ، ثُمَّ يَظْهَرُ مِنْهُ عَلَى عَيْبٍ يُرَدُّ مِنْهُ ، وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ آخَرُ : إِنَّهُ إِذَا كَانَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ مُفْسِدًا ، مِثْلُ الْقَطْعِ أَوِ الْعَوَرِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ ، فَإِنَّ الَّذِي اشْتَرَى الْعَبْدَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ، بِقَدْرِ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ بِالْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ ، وُضِعَ عَنْهُ ، فإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَغْرَمَ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ عِنْدَهُ ، و يَرُدُّعليه ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ عِنْدَ الَّذِي اشْتَرَاهُ ، أُقِيمَ الْعَبْدُ وَبِهِ الْعَيْبُ الَّذِي كَانَ بِهِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ ، فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهُ ؟ فَإِنْ كَانَ ثمن الْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ عَيْبٍ ، مِائَةَ دِينَارٍ ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ وَبِهِ الْعَيْبُ ، ثَمَانُونَ دِينَارًا , وُضِعَ عَنِ الْمُشْتَرِي مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ يَوْمَ اشْتُرِيَ الْعَبْدُ.(2/310)
2486 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنْ رَدَّ وَلِيدَةً مِنْ عَيْبٍ وَجَدَهُ بِهَا ، وَقَدْ أَصَابَهَا : إِنْ كَانَتْ بِكْرًا , فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا , فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي إِصَابَتِهِ إِيَّاهَا شَيْءٌ ، لأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهَا.(2/311)
2487 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْجَارِيَةِ تُبَاعُ بِالْجَارِيتَيْنِ ، فيُوجَدُ بِإِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ عَيْبٌ تُرَدُّ مِنْهُ ، أنه تُقَامُ الْجَارِيَةُ الَّتِي ابتيعت فيه بالْجَارِيَتَيْنِ , فَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُهَا ؟ ثُمَّ تُقَامُ الْجَارِيتَانِ بِغَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي وُجِدَ بِإِحْدَاهُمَا ، تُقَامَانِ صَحِيحَتَيْنِ سَالِمَتَيْنِ ، ثُمَّ يُقْسَمُ ثَمَنُ الْجَارِيَةِ الَّتِي ابِتيعَتْ بِالْجَارِيتَيْنِ عَلَيْهِمَا ، بِقَدْرِ ثَمَنِهِمَا ، حَتَّى يَقَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حِصَّتُهَا مِنْ ذَلِكَ ، عَلَى الْمُرْتَفِعَةِ بِقَدْرِ ارْتِفَاعِهَا ، وَعَلَى الأَُخْرَى بِقَدْرِهَا ، ثُمَّ ترد الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ , بما وَقَعَ عَلَيْهَا مِنْ القيمةِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ قِيمَةُ الْجَارِيَتَيْنِ عَلَيْهِ يَوْمَ قَبْضِهِمَا.(2/311)
2488 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الْعَبْدَ , فَيُؤَاجِرُهُ بِالإِجَارَةِ الْعَظِيمَةِ ، أَوِ الْقَلِيلَةِ ، ثُمَّ يَجِدُ بِهِا عَيْبًا يُرَدُّ مِنْهُ : إِنَّهُ يَرُدُّهُ بِذَلِكَ الْعَيْبِ ، وَتَكُونُ الإِجَارَةله بالضمان ،
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ من الناس بِبَلَدِنَا ، وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً اشترى عَبْدًا ، فَبَنَى لَهُ دَارًا , قِيمَةُ بِنَائِهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ أَضْعَافًا ، ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا يُرَدُّ مِنْهُ ، رَدَّهُ ، وَلاَ يُحْسَبُ لِلْعَبْدِ عَلَيْهِ إِجَارَةٌ فِيمَا عَمِلَ لَهُ ، إِذَ آجَرَهُ مِنْ غَيْرِهِ ، لأَنَّهُ ضَامِناً لَهُ ، وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/312)
2489 - قَالَ مَالِكٌ :فِيمَنِ ابْتَاعَ رَقِيقًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَوَجَدَ فِي ذَلِكَ الرَّقِيقِ عَبْدًا مَسْرُوقًا ، أَوْ وَجَدَ بِعَبْدٍ مِنْهُمْ عَيْبًا ، إِنَّهُ يُنْظَرُ فِيمَا وُجِدَ منهم مَسْرُوقًا ، أَوْ وَجَدَ بِهِ العَيْب , فَإِنْ كَانَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ ، أَوْ أَكْثَرَهُ ثَمَنًا ، أَوْ مِنْ أَجْلِهِ اشْتَرَى , وَهُوَ الَّذِي فِيهِ الْفَضْلُ لَوْ سَلِمَ فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، كَانَ ذَلِكَ الْبَيْعُ مَرْدُودًا كُلُّهُ ،
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ أَوْوُجِدَ مَسْرُوقًا مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ , فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْهُ ، لَيْسَ هُوَ وَجْهَ ذَلِكَ الرَّقِيقِ ، وَلاَ مِنْ أَجْلِهِ اشْتُرِيَ ، وَلاَ فِيهِ الْفَضْلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ ، رُدَّ الَّذِي وُجِدَ بِهِ الْعَيْبُ ، أَوْ وُجِدَ مَسْرُوقًا بِعَيْنِهِ ، بِقَدْرِ قِيمَتِهِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ أُولَئِكَ الرَّقِيقَ.(2/312)
(5) باب ما يفعل في الوليدة إذا بيعت والشرط فيها
2490 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا ابْتَاعَ أَحَدُكُمُ الْجَارِيَةَ ، فَلْيَأْخُذْ بِنَاصِيَتِهَا ، وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ.(2/313)
2491 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَخْبَرَهُ , أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعَودٍ اشترى جَارِيَةً مِنِ امْرَأَتِهِ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةِ ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِا أَنَّك إِنْ بِعْتَهَا فَهِيَ لِي بِالثَّمَنِ الَّذِي بِيتَعُهَا بِهِ ، فَسَتفتى في ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضوان الله عليه - فَقَالَ : لاَ يقْرَبْهَا وَفِيهَا شَرْطٌ لأَحَدٍ.(2/313)
2492 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أن عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : لاَ يَطَأُ الرَّجُلُ وَلِيدَةً ، إِلاَّ وَلِيدَةً إِنْ شَاءَ بَاعَهَا ، وَإِنْ شَاءَ وَهَبَهَا ، وَإِنْ شَاءَ صَنَعَ بِهَا مَا شَاءَ.(2/313)
2493 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً عَلَى شَرْطِ أَنَّهُ لاَ يَبِيعَهَا , أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الشُّرطِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا ، وَلاَ يَهَبَهَا ، فَإِذَا كَانَ لاَ يَمْلِكُ هذَا مِنْهَا ، فَلَمْ يَمْلِكُهَا مِلْكًا تَامًّا , لأَنَّهُ قَدِ اسْتُثْنِيَ عَلَيْهِ فِيهَا مَا مَلَكَهُ بِيَدِ غَيْرِهِ ، فَإِذَا دَخَلَ هَذَا الشَّرْطُ ، لَمْ يَصْلُحْ ، وَكَانَ بَيْعًا مَكْرُوهًا.(2/314)
(6) باب في النهي أن يطأ الرجل وليدة لها زوج
2494- أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَامِرٍ أَهْدَى لِعُثْمَانَ جَارِيَةً ، وَلَهَا زَوْجٌ ، اشتراهَا بِالْبَصْرَةِ ، فَقَالَ عُثْمَانُ : لاَ أَقْرَبُهَا حَتَّى يُفَارِقَهَا زَوْجُهَا ، فَأَرْضَى عبد الله بْنُ عَامِرٍ زَوْجَهَا , فَفَارَقَهَا.(2/314)
2495 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنْ بَاعَ نَخْلًا وقَدْ أُبِّرَتْ ، فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَه الْمُبْتَاعُ .(2/314)
2496 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ أَوْ زَرْعِهِ ، وَقدْ بَدَا صَلاَحُهُ ، فَالزَّكَاةُ عَلَى الْبائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ.(2/315)
2497 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ ، أَوْ أَصْلَ أَرْضَهِ ، قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ ، فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْمُبْتَاعِ ، وَإِنْ بَاعَ الأَصْلَ بَعْدَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُ الثَّمَرِ أَوِ الزَّرْعِ ، فَالصَّدَقَةُ عَلَى الْبائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ.(2/315)
(7) باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها
2498 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهَا ، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ .(2/315)
2499 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ ، فَقِيلَ , وَمَا تُزْهِيَ ؟ قَالَ : حِينَ تَحْمَرُّ ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرَأَيْتَ إِذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ , فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ ؟.(2/316)
2500 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تَنْجُوَ مِنَ الْعَاهَةِ.(2/316)
2501 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.(2/316)
2502 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.(2/316)
2503 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّهُ كَانَ لاَ يَبِيعُ ثِمَارَهُ حَتَّى تَطْلُعَ الثُّرَيَّا.(2/317)
2504 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الْبِطِّيخِ ، وَالْقِثَّاءِ ، وَالْخِرْبِزِ ، إِنَّ بَيْعَهُ إِذَا بَدَا صَلاَحُهُ حَلاَلٌ جَائِزٌ ، ثُمَّ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا نْبُتُ حَتَّى تنْقَطِعَ ثَمَرُتهُ ، وَيَهْلِكَ , وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ يُؤَقَّتُ ، وَذَلِكَ أَنَّ وَقْتَهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ ، وَرُبَّمَا دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ ، فَقَطَعَتْ ثَمَرَتَهُ ، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ ذَلِكَ ، فَإِن دَخَلَتْهُ الْعَاهَةُ بِجَائِحَةٍ تَبْلُغُ الثُّلُثَ أو أكثر من ذلك فَصَاعِدًا , كَانَ ذَلِكَ مَوْضُوعًا عَنِ الَّذِي ابْتَاعَهُ.(2/317)
(8) باب في بيع العرية
2505 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا من التمر.(2/317)
2506 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ، أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ.
يَشُكُّ دَاوُدُ ، قَالَ : خَمْسَةِ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ.(2/318)
2507 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا تُبَاعُ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ ، يُتَحَرَّى ذَلِكَ ، وَيُخْرَصُ فِي رُؤُوسِ النَّخْلِ وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِيهِ , لأَنَّهُ أُنْزِلَ بِمَنْزِلَةِ التَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ ، وَلَوْ كَانَ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِهِ مِنَ الْبُيُوعِ , مَا أَشْرَكَ أَحَدٌ أَحَدًا فِي طَعَامِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ ، وَلاَ أَقَالَهُ مِنْهُ ، وَلاَ وَلاَّهُ أحد أَحَدًا , حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُبْتَاعُ.(2/318)
(9) باب الجائحة في بيع الثمر
2508 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ سَمِعَهَا تَقُولُ : ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَمَرَ حَائِطٍ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَعَالَجَهُ وَقَامَ فِيهِ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ النُّقْصَانُ ، فَسَأَلَ رَبَّ الْحَائِطِ أَنْ يَضَعَ عنه أَوْ يُقِيلَهُ ، فَحَلَفَ أَنْ لا يَفْعَلَ ، فَذَهَبَتْ أُمُّ الْمُشْتَرِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : تَأَلَّى أَنْ لا يَفْعَلَ خَيْرًا ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَبُّ الْحَائِطِ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هُوَ لَه.(2/319)
2509 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَضَى بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ العمل عِنْدَنَا.
وَالْجَائِحَةُ الَّتِي تُوضَعُ عَنِ الْمُشْتَرِي : الثُّلُثُ فَصَاعِدًا.(2/319)
(10) باب ما جاء في الثنيا
2510 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ رَبِيعَةَ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ كَانَ يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ , وَيَسْتَثْنِي مِنْهُ.(2/320)
2511 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بن مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ جَدَّهُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ ، يُقَالُ لَهُ : أفْرَاقُ ، بِأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ ، وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثمْرًا.(2/320)
2512 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ أُمَّهُ عَمْرَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَتْ تَبِيعُ ثِمَارَهَا , وَتَسْتَثْنِي مِنْهَا.(2/320)
2513 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَاعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ ، فلَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ثُلُثِ الثَّمَرِ ، لاَ يُجَاوِزُ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ دُونَ ذلك , فَلاَ بَأْسَ بِه .(2/320)
2514 - قَالَ مَالِكٌ : وأَمَّا الرَّجُلُ الذي يَبِيعُ ثَمَرَ حَائِطِهِ ، وَيَسْتَثْنِي مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلاَتٍ يَخْتَارُهَا ، وَيُسَمِّي عَدَدَهَا ، فَليس بِذَلِكَ بَأْس ، لأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إِنَّمَا اسْتَثْنَى شَيْئًا مِنْ حَائِطِه بعينه ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ شَيْءٌ احْتَبَسَهُ مِنْ حَائِطِهِ ، وَأَمْسَكَهُ لَمْ يَبِعْهُ ، وَبَاعَ مِنْ حَائِطِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ.(2/321)
(11) باب ما يكره من بيع التمر بالتمر متفاضلاً
2515 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، فَقِيلَ يا رسول الله : فإِنَّ عَامِلَكَ عَلَى خَيْبَرَ يَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : ادْعُوهُ لِي فَدُعِيَ لَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : تَأْخُذُ الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ ؟ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لا يَبِيعُونِي الْجَنِيبَ بِالْجَمْعِ صَاعًا بِصَاعٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.(2/321)
2516 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ المجيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ ، فَجَاءَهُ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا ؟ فَقَالَ : لا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ ، وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلاَثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : لا تَفْعَلْ بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا.(2/322)
2517 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ مولى الأسود بن سفيان ، أَنَّ زَيْدًا أَبَا عَيَّاشٍ أَخْبَرَهُ ، أَنَّهُ سَأَلَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنِ الْبَيْضَاءِ بِالسُّلْتِ ، فَقَالَ : أَيَّتُهُمَا أَفْضَلُ ؟ فقَالَ : الْبَيْضَاءُ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ ، وَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يُسْأَلُ عَنْ شراء التَّمْرِ بِالرُّطَبِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ.(2/323)
(12) باب المحاقلة والمزابنة
2518 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُزَابَنَةُ : بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا ، وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً.(2/323)
2519 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ أنه أخبره ، أنه سمع أبا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، يقول : نهى رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم عَنِ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةُ : اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَالْمُحَاقَلَةُ : كِرَاءُ الأَرْضِ بالطعام.(2/324)
2520 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنِ بيع الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةُ : اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَالْمُحَاقَلَةُ : اشْتِرَاءُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ ، وَاسْتِكْرَاءُ الأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ.(2/324)
2521 - قَالَ مَالِكٌ : قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنِ اسْتِكْرَاءِ الأََرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.(2/324)
2522 - قَالَ مَالِكٌ : وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُزَابَنَةِ ، وَتَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ : كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْجِزَافِ الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ ، وَلاَ وَزْنُهُ ، وَلاَ عَدَدُهُ ، أَنَّ يباع بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ ، فذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : يَكُونُ لَهُ الطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ الَّذِي لاَ يُعْلَمُ كَيْلُهُ مِنَ الْحِنْطَةِ وِ التَّمْرِ وْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأََطْعِمَةِ ، أَوْ يكُونُ لِلرَّجُلِ السِّلْعَةُ مِنَ الْخبطَ وِ النَّوَى وِ الْقَصبِ أَوِ الْعُصْفُرِ ، أَوِ الْكُرْسُفِ ، أَوِ الْكَتَّانِ أَوِ الْغزِّل , أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ السِّلَعِ ، لاَ يُعْلَمُ كَيْلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلاَ وَزْنُهُ وَلاَ عَدَدُهُ ، فَيَقُولُ الرَّجُلُ لِرَبِّ تِلْكَ السِّلْعَةِ : كِلْ سِلْعَتَكَ ، أَوْ مُرْ مَنْ يَكِيلُهَا ، أَوْ زِنْ مِنْ ذَلِكَ مَا كان يُوزَنُ ، أَوْ اعْدُدْ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ يُعَدُّ ، فَمَا نَقَصَ مِنْ كَذَا وَكَذَا صَاعًا , لِتَسْمِيَةٍ يُسَمِّيهَا , أَوْ وَزْنِ كَذَا وَكَذَا رِطْلاً ، أَوْ عَدَدِ كَذَا وَكَذَا ، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ، فَعَلَيَّ غُرْمُهُ , حَتَّى أُوفِيَكَ تِلْكَ التَّسْمِيَةَ ، ومَا زَادَ عَلَى ذلْكَ فَهُوَ لِي ، أَضْمَنُ مَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ،الكيل أو الوزن أو العدد عَلَى أَنْ يَكُونَ لِي مَا زَادَ , فَلَيْسَ ذَلِكَ ببَيْع ، وَلَكِنَّهُ الْغَرَرُ وَ الْمُخَاطَرَةُ وَالْقِمَارُ يَدْخُلُ هَذَا , ثم يَشْتَرِي مِنْهُ شَيْئًا بِشَيْءٍ آخر ، وَلَكِنَّهُ ضَمِنَ لَهُ مَا سُمِّيَ مِنْ ذَلِكَ الْكَيْلِ أَوِ الْوَزْنِ أَوِ الْعَدَدِ ، عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ تِلْكَ السِّلْعَةُ نَقَصَتْ مِنْ تِلْكَ التَّسْمِيَةِ ، أَخَذَ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ من ذلك بغَيْرِ شئ أعطاه إياه ،فَإِنْ زادت تِلْكَ السِّلْعَ على تِلْكَ التَّسْمِيَةِ أخذ الرجل من مال رب السلعة مالاً بغير ثمن أخرجه فأخذ مال الرجل باطلاً بغير ثمن وَلاَ هِبَةٍ طَيِّبَةٍ بِهَا نَفْسُهُ ، فَهَذَا يُشْبِهُ الْقِمَارَ , وَمَا كَانَ مِثْلُ هَذَا مِنَ الأََشْيَاءِ , فَذَلِكَ يَدْخُلُهُ.(2/325)
2523 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : لَهُ الثَّوْبُ أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثَوْبِكَ هَذَا كَذَا وَكَذَا ظِهَارَةَ قَلَنْسُوَةٍ ، قَدْرُ كُلِّ ظِهَارَةٍ كَذَا وَكَذَا ، لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ ، ومَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ , فَعَلَيَّ غُرْمُهُ ، وَمَا زَادَ على ذلك فَهو لِي ، أَوْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : أَضْمَنُ لَكَ مِنْ ثِيَابِكَ هَذِهِ كَذَا وَكَذَا قَمِيصًا ، ذَرْعُ كُلِّ قَمِيصٍ وصفته كَذَا وَكَذَا ، فَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ , فَعَلَيَّ غُرْمُهُ ،حتى أوفكه وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهو لِي ، أَوْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْجُلُودُ مِنْ جُلُودِ الإِبِلِ أَوِ الْبَقَرِ : أُقَطِّعُ جُلُودَكَ هَذِهِ نِعَالاً عَلَى إِمَامٍ يُرِيهِ إِيَّاهُ ، فَمَا نَقَصَ مِنْ مِائَةِ زَوْجٍ , فَعَلَيَّ غُرْمُهُ ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي بِمَا ضَمِنْتُ لَكَ ، وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ ، أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ له حَبُّ الْبَانِ : اعْصُرْ حَبَّكَ هَذَا ، فَمَا نَقَصَ مِنْ مئة رِطْل ، فَعَلَيَّ غر مه ، وَمَا زَادَ فَهُوَ لِي ، فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ الأََشْيَاءِ أَوْ ضَارَعَهُ مِنَ الْمُزَابَنَةِ الَّتِي لاَ تَصْلُحُ وَلاَ تَجُوزُ ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ لَهُ الْخَبَطُ وِ النَّوَى أَوِ الْعُصْفُرُ أَوِ الْكُرْسُفُ أَوِ الْكَتَّانُ أَوِ الْقَصبُ : أَبْتَاعُ مِنْكَ هَذَا الْخَبَطَ بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ خَبَطٍ مِثْلَ خَبَطِهِ ، و هَذَا النَوًى بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ نَوًى مِثْلِهِ ، وَالْعُصْفُرِمِثْلَ ذَلِكَ وَالْكُرْسُفِ ، وَالْكَتَّانِ وَالْقَصبِ أيضاً مثل ذلك , فَهَذَا كُلُّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَا وَصَفْنَا مِنَ الْمُزَابَنَةِ.(2/326)
(13) جامع بيع الثمار
2524 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى ثَمَرًا مِنْ نَخْلٍ مُسَمَّاةٍ , أَوْ حَائِطٍ مُسَمًّى ، أَوْ لَبَنًا مِنْ غَنَمٍ مُسَمَّاةٍ , فلاَ بَأْسَ بِه ، إِذَا كَانَ يُؤْخَذُ عَاجِلاً يَشْرَعُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِهِ عِنْدَ دَفْعِهِ الثَّمَنَ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَاوِيَةِ زَيْتٍ يَبْتَاعُ مِنْهَا رَجُلٌ بِدِينَارٍ أَوْ بِدِينَارَيْنِ ، وَيُعْطِيهِ ذَهَبَهُ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَكِيلَه مِنْهَا ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ ، فَإِنِ انْشَقَّتِ الرَّاوِيَةُ , فَذَهَبَ زَيْتُهَا ، فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إِلاَّ ذَهَبُهُ ، وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ.(2/327)
2525 -و قَالَ مَالِكٌ : وَأَمَّا كُلُّ شَيْءٍ كَانَ حَاضِرًا أشْتَرَى عَلَى وَجْهِهِ مِثْلُ اللَّبَنِ إِذَا حُلِبَ ، وَالرُّطَبِ يُسْتَجْنَى ، فَيَأْخُذُ الْمُبْتَاعُ يَوْمًا بِيَوْمٍ ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، فَإِنْ فَنِيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى , رَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ مِنْ ذَهَبِهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ لَهُ ، أَوْ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي سِلْعَةً ، بِمَا بَقِيَ لَهُ , يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهَا ، وَلاَ يُفَارِقُهُا حَتَّى يَأْخُذَهَا ، فَإِنْ فَارَقَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ , لأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ ، وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ ، فَإِنْ وَقَعَ فِي بَيْعِهِمَا أَجَلٌ , فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ , لاخير فيه وَلاَ يَحِلُّ فِيهِ تَأْخِيرٌ ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلاَّ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ فإن اشترى شيئاً إِلَى أَجَلٍ فلا يصلح أن يسلف فيها إلى أجل معلوم يَضْمَنُ ذَلِكَ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ ، وَلاَ يُسَمَّى ذَلِكَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ ، وَلاَ فِي غَنَمٍ بِأَعْيَانِهَا.(2/327)
2526 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِنَ الرَّجُلِ الْحَائِطَ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنَ النَّخْلِ الْعَجْوَةِ وَالْكَبِيسِ وَالْعَذْقِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ ، فَيَسْتَثْنِي مِنْهَا ثَمَرَ النَّخْلَةِ أَوِ النَّخَلاَتِ يَخْتَارُهَا مِنْ نَخْلِهِ ؟ فَقَالَ : ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ , لأَنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ تَرَكَ ثَمَرَ النَّخْلَةِ مِنَ الْعَجْوَةِ ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا , وَأَخَذَ مَكَانَهَا ثَمَرَ نَخْلَةٍ مِنَ الْكَبِيسِ ، وَمَكِيلَةُ ثَمَرِهَا عَشَرَةُ آصُعٍ ، وإِنْ أَخَذَ الْعَجْوَةَ أخذ الَّذي فِيهَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، وَيرَد فِيهَ عَشْرَةُ آصُعٍ مِنَ الْكَبِيسِ , فَكَأَنَّهُ أخذ الْعَجْوَةَ بِالْكَبِيسِ مُتَفَاضِلاً ، فذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بَيْنَ يَدَيْهِ الصُبَرٌة مِنَ التَّمْرِ , قَدْ صَبَّرَ الْعَجْوَةَ ، فَجَعَلَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، اثْنَيْ عَشَرَ صَاعًا و الْكَبِيسِ عَشَرَةَ آصُعٍ ، فَأَعْطَى صَاحِبَ التَّمْرِ دِينَارًا عَلَى أَنَّهُ يَخْتَارُ , فَيَأْخُذُ من أَيَّ تِلْكَ الصُّبَرِ ماشَاءَ ، وَقَدْ وَجَبَ لَهُ الْبَيْعُ فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ.(2/328)
2527 - وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الرُّطَبَ مِنْ صَاحِبِ الْحَائِطِ , فَيُسْلِفُهُ الدِّينَارَ ، مَاذَا لَهُ إِذَا ذَهَبَ رُطَبُ ذَلِكَ الْحَائِطِ ؟ فقَالَ : يُحَاسِبُ صَاحِبَ الْحَائِطِ , فيَأْخُذُ مِنْهُ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ ، إِنْ كَانَ أَخَذَ ثُلُثَيْ دِينَارٍ رُطَبًا , أَخَذَ الثُلُثَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ أَخَذَ ثَلاَثَةَ أَرْبَاعِ دِينَارِهِ رُطَبًا ، أَخَذَ الرُّبُعَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ بَيْنَهُمَا ، فَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِينَارِهِ من عِنْدَ صَاحِبِ الْحَائِطِ مَا بَدَا لَهُ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً سِوَى التَّمْرِ , أَخَذَهَا بِمَا فَضَلَ لَهُ ، فَإِنْ أَخَذَ تَمْرًا أَوْ سِلْعَةً أُخْرَى , فَلاَ تفَارِقْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ مِنْهُ.(2/329)
2528 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُكْرِيَ الرَّجُلُ رَاحِلَتَهُ بِعَيْنِهَا , أَوْ يُؤَاجِرَه غُلاَمَهُ التاجر أو الْخَيَّاطَ أَوِ الْعَامَّلَ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأََعْمَالِ ، أَوْ يُكْرِيَ مَسْكَنَهُ ، أوَيَتَسْلِفَ إِجَارَةَ ذَلِكَ الْغُلاَمِ ، أَوْ كِرَاءَ تِلْكَ الرَّاحِلَةِ أو العبد أَوْ الْمَسْكَنِ ، ثُمَّ يَحْدُثُ فِي ذَلِكَ حَدَثٌ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، فَيَرُدُّ رَبُّ الرَّاحِلَةِ إِجَارَةِ الْعَبْدِ ، أَوْ كِرَاءِ الراحلة أو الْمَسْكَنِ الَّذِي أسَلَّفَهُ بمَا بَقِيَ مِنْ كِرَي الرَّاحِلَةِ ، أوَ إِجَارَةَ الْغُلاَمِ ، يُحَاسِبُ صَاحِبَهُ بِمَا اسْتَوْفَى مِنْ ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ اسْتَوْفَى نِصْفَ حَقِّهِ , رَدَّ إليه النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ عِليهُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ من ذلك, فَعلى حِسَابِ ذَلِكَ , يَرُدُّ إِلَيْهِ مَا بَقِيَ لَهُ.(2/329)
2529 - وقَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَصْلُحُ السْلِفُ فِي شَيْءٍ مِثل هَذَا بِعَيْنِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسَلِّفُ مَا سَلَّفَ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ ، ويَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ أَوِ الْمَسْكَنَ , أَوْ يَبْدَأُ فِيمَا اشْتَرَى مِنَ ذلك ، فَيَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ دَفْعِهِ الذَّهَبَ إِلَى صَاحِبِهِ ، ولاَ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلاَ أَجَلٌ.(2/330)
2530 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : أُسَلِّفُكَ فِي رَاحِلَتِكَ فُلاَنَةَ أَرْكَبُهَا فِي الْحَجِّ ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَجَلٌ مِنَ الزَّمَانِ ، أَوْ يَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْعَبْدِ أَوِ الْمَسْكَنِ ، فَإِنَّهُ إِذَا صَنَعَ ذَلِكَ , كَانَ إِنَّمَا يُسَلِّفُهُ ذَهَبًا ، عَلَى أَنَّهُ إِنْ وَجَدَ تِلْكَ الرَّاحِلَةَ صَحِيحَةً ميسرة لِذَلِكَ الأََجَلِ الَّذِي يسَمَّى لَهُ ، فَهِيَ لَهُ بِذَلِكَ الْكِرَى ، وَإِنْ حَدَثَ بِهَا حَدَثٌ مِنْ مَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ رَدَّ عَلَيْهِ ذَهَبَهُ ، وَكَانَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ عِنْدَهُ.(2/330)
2531 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الْقَبْضُ , مَنْ قَبَضَ مَا اسْتَأْجَرَ أَوِ اسْتَكْرَى , فَقَدْ خَرَجَ أمر مِنَ الْغَرَرِ وَالسَّلَفِ الَّذِي كْرَهُ ، وَأَخَذَ أَجرًا مَعْلُومًا.(2/330)
2532- قَالَ مَاِلكٌ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوِ الْوَلِيدَةَ فَيَقْبِضَهُمَا ، وَيَنْقُدَ أَثْمَانَهُمَا ، فَإِنْ حَدَثَ بِهِمَا حَدَثٌ مِنْ عُهْدَةِ السَّنَةِ ، أَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ , وَبِهَذَا مَضَتِ السُّنَّةُ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ.(2/331)
2533 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اسْتَأْجَرَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ ، أَوْ تَكَارَى منه رَاحِلَته بِعَيْنِهَا إِلَى أَجَلٍ ، يَقْبِضُ الْعَبْدَ أَوِ الرَّاحِلَةَ إِلَى ذَلِكَ الأََجَلِ ، فَقَدْ عَمِلَ بِمَا لاَ يَصْلُحُ ، لاَ هُوَ قَبَضَ مَا اسْتَكْرَى أَوِ اسْتَأْجَرَ ، وَلاَ هُوَ سَلَّفَ فِي دَيْنٍ يَكُونُ له ضَامِنًا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.(2/331)
(14) باب بيع الفاكهة
2534 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ مَنِ ابْتَاعَ مِنَ الْفَاكِهَةِ مِنْ رَطْبِهَا أَوْ يَابِسِهَا ، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ ، وَلاَ يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِلاَّ يَدًا بِيَدٍ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا يَيْبَسُ ، فَيَصِيرُ فَاكِهَةً يَابِسَةً يدَّخَرُه ، وَيؤْكَلُ ، فَلاَ يُؤخذ بَعْضُهُا بِبَعْضٍ إِلاَّ يَدًا بِيَدٍ ، مِثْلاً بِمِثْلٍ , إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبْتَاعَ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ يَصْلُحُ إِلَى أَجَلٍ ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِمَّا لاَ يَيْبَسُ وَلاَ يُدَّخَرُ ، وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ رَطْبًا كَهَيْئَةِ الْبِطِّيخِ وَالْقِثَّاءِ وَالْخِرْبِزِ ، وَالأَُتْرُجِّ ، وَمَا كَانَ مِثْلَهُ ، إِنْ يَبِسَ لَمْ يَكُنْ فَاكِهَةً بَعْدَ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ هُوَ مِثْلُ مَا يُدَّخَرُ ، فيَكُونُ فَاكِهَةً ، قَالَ : فَأَرَاهُ حَقِيقًا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَينِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِن دْخُلْ فِي شَيْءٌ مِنَ ذلك الأََجَلِ , فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ.(2/331)
2535 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اشْتَرَى شَيْئًا مِنَ الْفَاكِهَةِ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ ، فِي رُطَبٍ ، أَوْ عِنَبٍ ، أَوْ فِي شَيْءٍ مِنَ الثِّمَارِ ، فَإِنَّمَا يَسْتَوْفِي ذَلِكَ عَنْدَ انْقِضَائِهِ ، كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا اشْتَرَى مِنْهَا ، مِمَّا ابْتَاعَ بَعْدَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ ، وَمَا بَقِيَ لَهُ مِنَ الثَّمَنِ رَدَّهُ إِلَيْهِ الْبَائِعُ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ كَهَيْئَةِ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ مِنْ صَبْرِةِ الرَّجُلِ الْمَوْضُوعَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، أَوْ مِنْ زَبِيبِهِ الَّذِي فِي جِرَارِهِ فَيَبِيعُهُ مِنْهُ ، ثُمَّ يُصَابُ ذَلِكَ الشَّيْءُ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ ، أَوْ يُكَالُ فَيَنْقُصُ كَيْلُهُ عَمَّا بَاعَهُ بِهِ مِنَ الثَّمَنِ ، فَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِي بِطَعَامٍ سِوَى ذَلِكَ ، وَمَا أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ الْمُبْتَاعِ كَانَ بِحِصَّتِهِ مِنَ الثَّمَن ، وَمَا بَقِيَ رَدَّهُ البَائِعُ بِحِسَابِهِ مِنَ الثَّمَن ، وَإِنَّمَا السِّلْعَةُ فِي الشَّيْءِ الْمَضْمُونِ عَلَى مَنْ بَاعَهُ مَا كَانَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي يُسْلَفُ فِيهَا إِلَى أَجَلٍ ، فَهِيَ ضَامِنَةٌ عَلَى أَصْحَابِهَا حَتَّى يُوفُوهَا مَنِ ابْتَاعَهَا مِنْهُمْ.(2/332)
(15) باب ما جاء في بيع الذهب بالذهب والورق بالورق
2536 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم السَّعْدَيْنِ يوم حنين أَنْ يَبِيعَا آنِيَةً مِنَ الْمَغَانِمِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ، فَبَاعَا كُلَّ ثَلاَثَةٍ وزنًا بِأَرْبَعَةٍ عَيْنًا ، أَوْ كُلَّ أَرْبَعَةٍ عينًا بِثَلاَثَةٍ وزنًا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَرْبَيْتُمَا فَرُدَّا.(2/333)
2537 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي تَمِيمٍ ، عن سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ ، لا فَضْلَ بَيْنَهُمَا .(2/333)
2538 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهَا شَيْئًا غَائِبًا بِنَاجِزٍ.(2/333)
2539 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ جَدِّهِ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَامِرٍ ، عن عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ تَبِتاعُوا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ ، وَلاَ الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ.(2/334)
2540 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ أطوف مَعَ عبد الله بن عمر ، فَجَاءَهُ صَائِغٌ ، فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، إِنِّي أَصُوغُ الذَّهَبَ ثُمَّ أَبِيعُ الشَّيْءَ مِنْ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ فَأَسْتَفْضِلُ في ذَلِكَ قَدْرَ عَمَلِ يَدِي ، فَنَهَاهُ ، فَجَعَلَ الصَّائِغُ يُرَدِّدُ عَلَيْهِ الْمَسْأَلَةَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ يَنْهَاهُ ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ إِلَى دابته يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَهَا ، ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ ، لا فَضْلَ بَيْنَهُمَا ، هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا صَلى الله عَلَيه وَسَلم إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ.(2/334)
2541 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَاعَ سِقَايَةً مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا ، فَقَالَ له أَبُو الدَّرْدَاءِ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَنْهَى عَنْ مِثْلِ هَذَا ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : مَا أَرَى بهَذَا بَأْسًا فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ : مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ مُعَاوِيَةَ ، أُخْبِرُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم وَيُخْبِرُنِي عَنْ رَأْيِهِ ، لا أُسَاكِنُكَ بِأَرْضٍ أَنْتَ بِهَا ، ثُمَّ قَدِمَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ : لا تبع ذَلِكَ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ أو وَزْنًا بِوَزْنٍ.(2/335)
2542 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ عُمَرَ ، قَالَ : لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا الذَّهَبِ بالْوَرِقَ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ ، وَالْآخَرُ نَاجِزٌ ، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ إلى بَيْتَهُ ، فَلاَ تُنْظِرْهُ ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ وَالرَّمَاءُ من الرِّبَا.(2/335)
2543 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رحمة الله عليه - ، قَالَ : لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَلاَ تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَلاَ تَبِيعُوا شَيْئًا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ ، وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ فَلاَ تُنْظِرْهُ ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ الرَّمَاءَ وَالرَّمَاءُ هُوَ الرِّبَا.(2/336)
2544 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , أَنَّهُ قَالَ : قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - : الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ ، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ ، وَالصَّاعُ بِالصَّاعِ ، وَلاَ يُبَاعُ كَالِئٌ بِنَاجِزٍ.(2/336)
2545 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عن سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَه يَقُولُ : لاَ رِبًا إِلاَّ فِي ورق أو ذَهَبٍ ، أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ.(2/336)
2546 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ الذَّهَبَ بِالْورق وَالْورق بِالذَّهَبِ ، جِزَافًا , إِذَا كَانَ تِبْرًا أَوْ حَلْيًا قَدْ صِيغَ ، فَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الْمَعْدُودَةُ ، وَالدَّنَانِيرُ الْمَعْدُودَةُ ، فَليس يَنْبَغِي لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ جِزَافًا ، فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ الْغَرَرُ حِينَ يُتْرَكُ عَدُّداً ، وَيُشْتَرَى جِزَافًا , وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بُيُوعِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَمَّا مَا كَانَ يُوزَنُ مِنَ التِّبْرِ وَالْحَلْيِ ، فَلاَ بَأْسَ بأَنْ يُبَتاعَ ذَلِكَ جِزَافًا ، وَإِنَّمَا ابْتِيَاعُ ذَلِكَ جِزَافًا , كَهَيْئَةِ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الأََطْعِمَةِ الَّتِي تُبَاعُ جِزَافًا ، وَمِثْلُهَا يُكَالُ , فَلَيْسَ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ جِزَافًا بَأْسٌ.(2/337)
2547 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى مُصْحَفًا أَوْ سَيْفًا أَوْ خَاتَمًا ، وَفِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ , فَأما مَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ مما فِيهِ الذَّهَبُ بِالذهب , فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إِلَى قِيمَتِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الذَّهَبِ الثُّلُثَ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، ولم يزل ذلك من أمر الناس عندنا ، وَمَا اشْتُرِيَ مِنْ ذَلِكَ بِالْوَرِقِ مِمَّا فِيهِ الْوَرِقُ ، نُظِرَ إِلَى قِيمَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ ذَلِكَ الثُّلُثَيْنِ ، وَقِيمَةُ مَا فِيهِ مِنَ الْوَرِقِ الثُّلُثَ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَلَمْ يَزَلْ أَمْرِ النَّاسِ على ذَلِكَ إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ فإن دخل في شئ من ذلك الأجل فلا خير فيه .(2/337)
2548 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : قَطْعُ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ مِنَ الْفَسَادِ فِي الأََرْضِ.(2/337)
(16) باب ما جاء في الصرف
2549 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيِّ أنه أخبره ، أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، قَالَ : فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَتَرَاوَضْنَا حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي فأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ ، وقَالَ : حَتَّى يَأْتِيَ خَازِنِي مِنْ الْغَابَةِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ ، فَقَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ لا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ عمر : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ.(2/338)
2550 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا اصْطَرَفَ الرَّجُلُ الدَرَاهِمَ ، فوَجَدَ فِيهَا زَائِفًا ، فَأَرَادَ رَدَّهُ , انْتَقَضَ صَرْفُ ذَلِكَ الدِّنَانيرِ ، وَرَدَّ إِلَيْهِ وَرِقَهُ ، وَأَخَذَ دِينَارَهُ ، وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا ، إِلاَّ هَاءَ وَهَاءَ , وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - : وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى أَنْ يَلِجَ بَيْتَهُ ، فَلاَ تُنْظِرْهُ , فَهُوَ إِذَا رَدَّ إلَيْهِ دِرْهَمًا مِنْ صَرْفٍ بَعْدَ أَنْ يُفَارِقَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ ,وِ الشَّيْءِ الْمُسْتَأْخِرِ ، فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ ، وَانْتَقَضَ الصَّرْفُ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , أَنْ لاَ يُبَاعَ الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ ، وَالطَّعَامُ عَاجِلاً بِآجِلٍ ، ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَأْخِيرٌ ، وَلاَ نَظِرَةٌ , وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَةً أَصْنَافُهُ.(2/338)
(17) باب المراطلة
2551 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ ، أَنَّهُ رَأَى سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُرَاطِلُ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ ، فَيُفْرِغُ ذَهَبَهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ ، وَيُفْرِغُ صَاحِبُهُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ الأَُخْرَى ، فَإِذَا اعْتَدَلَ لِسَانُ الْمِيزَانِ أَخَذَ وَأَعْطَى.(2/339)
2552 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ ، وِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ مُرَاطَلَةً , أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، أَنْ يَؤخُذَ في الميزان أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا ، بعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدًا بِيَدٍ ، إِذَا كَانَ وَزْنُ الذَّهَبَيْنِ سَوَاءً عَيْنًا بِعَيْنٍ ، وَإِنْ تَفَاضَلَ ذلك في الْعَدَدُ ، وَالدَّرَاهِمُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ.(2/339)
2553- قَالَ مَالِكٌ : ومَنْ رَاطَلَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ ، أَوْ وَرِقًا بِوَرِقٍ ، فَكَانَ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ فَضْلُ مِثْقَالٍ ، فَأَعْطَى صَاحِبَهُ قِيمَتَهُ مِنَ الْوَرِقِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَ ، فَلاَ يَأْخُذُهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ قَبِيحٌ ، وَذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا ، لأَنَّهُ إِذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ ، حَتَّى كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَلَى حِدَتِهِ ، جَازَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ذلك الْمِثْقَالَ بِقِيمَتِهِ مِرَارًا ، لأَنْ يُجِوزَ ذَلِكَ الْبَيْعَ فيما بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ ، وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ الْمِثْقَالَ مُفْرَدًا ، لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ ولَمْ يَأْخُذْهُ بِعُشْرِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ ، لأَنْه يُجَوِّزَ لَهُ الْبَيْعَ به ، فَذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ الْحَرَامِ ، وَالأََمْرُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ.(2/340)
2554- قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُرَاطِلُ الرَّجُلَ ، فيُعْطِيهِ الذَّهَبَ الْعُتُيقَ الْجِيَادَ ، وَيَجْعَلُ مَعَهَا تِبْر ذَهَب غَيْرَ جَيِّدَ ، وَيَأْخُذُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَهَبًا كُوفِيَّةً مُقَطَّعَةً ، وَتِلْكَ الْكُوفِيَّةُ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ ، فَيَتَبَايَعَانِ ذَلِكَ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ.(2/340)
2555 - وَتَفْسِيرُ مَا يكُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّ صَاحِبَ الذَّهَبِ الْجِيَادِ أَخَذَ فَضْلَ عُيُونِ ذَهَبِهِ فِي التِّبْرِ الَّذِي طَرَحَ مَعَ ذَهَبِهِ ، وَلَوْلاَ فَضْلُ ذَهَبِهِ عَلَى ذَهَبِ صَاحِبِهِ لَمْ يُرَاطِلْهُ صَاحِبُهُ بِتِبْرِهِ ذَلِكَ إِلَى ذَهَبِهِ الْكُوفِيَّةِ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ , كَرَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ ثَلاَثَةَ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ عَجْوَةٍ ، بِصَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ الكَبِيسٍ ، فَقِالَ لَهُ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ ، فَجَعَلَ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ ، وَصَاعًا مِنْ حَشَفٍ ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ البَيْعَ ، فَذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْعَجْوَةِ يُعْطِيَهُ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ بِصَاعٍ مِنْ الحَشَفٍ ، وَلَكِنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ لِفَضْلِ الْكَبِيسِ ، وْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : بِعْنِي ثَلاَثَةَ آصُعٍ حنطة بَيْضَاءِ بِصَاعَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ ، فَيَقُولُ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ , إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، فَيَجْعَلُ صَاعَيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ ، وَصَاعًا مِنْ شَعِيرٍ ،بثلاثة آصع من حنطة بيضاء يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ الْبَيْعَ فِيمَا بَيْنَهُمَا ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهُ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ , وصَاعين مِنْ حنطة شامية بثلاثة آصع من حِنْطَةٍ بَيْضَاءَ ، لَوْ كَانَ ذَلِكَ الصَّاعُ مُفْرَدًا ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ , لِفَضْلِ الشَّامِيَّةِ عَلَى الْبَيْضَاءِ ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ ، وَهُوَ مِثْلُ الذي وَصَفْنَا مِنَ التِّبْرِ.(2/341)
2556 - قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ كُلِّهِ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ , إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يُجْعَلَ مَعَ الصِّنْفِ الْجَيِّدِ مِنْهُ , الْمَرْغُوبِ فِيهِ , الشَّيْءُ الرَّدِيءُ الْمَسْخُوطُ ، لِيُجَازَ بِذَلِكَ الْبَيْعُ ، وَلِيُسْتَحَلَّ بِذَلِكَ مَا نُهِيَ عَنْهُ ، مِنَ الأََمْرِ الَّذِي لاَ يَصْلُحُ إِذَا جُعِلَ ذَلِكَ مَعَ الصِّنْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ صَاحِبُ ذَلِكَ , أَنْ يُدْرِكَ بِذَلِكَ فَضْلَ جَوْدَةِ مَتاعه ، فَيُعْطِي الشَّيْءَ الَّذِي لَوْ أَعْطَاهُ وَحْدَهُ ، لَمْ يَقْبَلْهُ صَاحِبُهُ , عَلَى سِلْعَتِهِ ، فَهَذَا لاَ يَنْبَغِي.(2/341)
2557 - قَاَل مَاِلكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي لِشَيْءٍ مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالطَّعَامِ , أَنْ يَدْخُلَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُ الطَّعَامِ الرَّدِيءِ أَنْ يَبِيعَهُ من غَيْرِهِ ، فَلْيَبِعْهُ عَلَى حِدَتِهِ ، وَلاَ يَجْعَلُ مَعَ ذَلِكَ شَيْئًا ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.(2/342)
(18) باب العينة وما أشبهها
2558 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِيعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ.(2/342)
2559 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا ، فَلاَ يَبِيعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ.(2/343)
2560 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَبْتَاعُ الطَّعَامَ ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأْمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي ابْتَعْنَاهُ فِيهِ إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ قَبْلَ أَنْ نَبِيعَهُ.(2/343)
2561 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ ابْتَاعَ طَعَامًا أَمَرَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رحمة الله عليه- لِلنَّاسِ ، فَبَاعَ حَكِيمٌ طَّعَامَاً قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ ، فسمع بذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَرَدَّهُ عمر ، وَقَالَ : لا تَبِعْ طَعَامًا ابْتَعْتَهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ.(2/343)
2562 - قَالَ مَالِكٌ : بَلَغَني ، أَنَّ صُكُوكًا خَرَجَتْ لِلنَّاسِ فِي زَمَانِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ مِنْ طَعَامِ الْجَارِ ، فَتَبَايَعَ النَّاسُ تِلْكَ الصُّكُوكَ بَيْنَهُمْ , قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا ، فَدَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، وَرَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ ، فَقَالاَ له : أَتُحِلُّ بَيْعَ الرِّبَا يَا مَرْوَانُ ؟ فَقَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ ، وَمَا ذَاكَ ؟ قَالاَ : هَذِهِ الصُّكُوكُ تَبَايَعَهَا النَّاسُ ، ثُمَّ يبَيعُونهَا ، قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفُوهَا ، فَبَعَثَ مَرْوَانُ الْحَرَسَ يَتْبَعُونَهَا ، يَنْزِعُونَهَا مِنْ أَيْدِي النَّاسِ ، وَيَرُدُّونَهَا إِلَى أَهْلِهَا.(2/344)
2563 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَمِيلَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : إِنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ مِنَ الأََرْزَاقِ الَّتِي يعْطَى النَّاسُ بِالْجَارِ , مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ أُرِيدُ أَنْ أَبِيعَ الطَّعَامَ الْمَضْمُونَ عَلَيَّ إِلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ سَعِيدٌ : أَتُرِيدُ أَنْ تُوَفِّيَهُمْ مِنْ تِلْكَ الأََرْزَاقِ الَّتِي ابْتَعْتَ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ.(2/344)
2564 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ رَجُلاً أَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ ، فَذَهَبَ بِهِ الرَّجُلُ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَهُ الطَّعَامَ إِلَى السُّوقِ ، فَجَعَلَ يُرِيهِ الصُّبَرَ , وَيَقُولُ لَهُ : مِنْ أَيِّهَا تُحِبُّ أَنْ أَبْتَاعَ لَكَ ؟ فَقَالَ الْمُبْتَاعُ : تَبِيعُنِي مَا لَيْسَ عِنْدَكَ ؟ فَأَتَيَا عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ , فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لِلْمُبْتَاعِ : لاَ تَبْتَعْ مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ، وَقَالَ لِلْبَائِعِ : لاَ تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ.(2/344)
2565 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَلَغَنِي أَنَّ أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : ابْتَعْ هَذَا الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ ، أَبْتَاعَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , فَكَرِهَهُ وَنَهَى عَنْهُ.(2/345)
2566 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ : أَنَّ مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بُرًّا أَوْ شَعِيرًا ، أَوْ سُلْتًا أَوْ ذُرَةً ، أَوْ دُخْنًا أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحُبُوبِ الْقِطْنِيَّةِ ، مِمَّا يجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ شَيْئًا مِنَ الأَُدُمِ كُلِّهَا : السَّمْنِ , وَ الزَّيْتِ , وَالْعَسَلِ ، وَالْخَلِّ , وَالشِّيرَقِ ، وَاللَّبَنِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الأَُدْمِ ، فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ لاَ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، حَتَّى يَقْبِضَهُ وَيَسْتَوْفِيَهُ.(2/345)
(19) باب ما يكره من بيع الطعام إلى أجل
2567 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ يَنْهَيَانِ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ تَمْرًا , قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ.(2/345)
2568 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ فَرْقَدٍ ، أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنِ الرَّجُلِ يَبِيعُ الطَّعَامَ مِنَ الرَّجُلِ بِالذَهَبٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ تَمْرًا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَاه عَنْهُ.
2569 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ,مِثْلِ ذَلِكَ.(2/346)
2570 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا نَهَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ , وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ,وَابْنُ شِهَابٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ , أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ حِنْطَةً بِذَهَبٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِي بِالذَّهَبِ تَمْرًا , قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ مِنْ بَيْعِهِ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ الْحِنْطَةَ ، فَأَمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالذَّهَبِ الَّتِي بَاعَ بِهَا الْحِنْطَةَ إِلَى أَجَلٍ تَمْرًا ، مِنْ غَيْرِ بَيعِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ , قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الذَّهَبَ ، وَيُحِيلَ الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ بالثمْن عَلَى غَرِيمِهِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ الْحِنْطَةَ بِالذَّهَبِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهِ فِي ثَمَن التَّمْرِ , فَلاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَقَدْ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ , فَلَمْ يَرَ بِهِ بَأْسًا.(2/346)
(20) باب السلف في الطعام
2571 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّهُ قَالَ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي الطَّعَامِ الْمَوْصُوفِ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، مَا لَمْ يَكُنْ فِي زَرْعٍ لَمْ يَبْدُو صَلاَحُهُ ، أَوْ تَمْرٍ لَمْ يَبْدُو صَلاَحُهُ.(2/347)
2572 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ سَلَّفَ فِي طَعَامٍ بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَحَلَّ الطعام , فَلَمْ يَجِدِ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَفَاءً بمَّا ابْتَاعَ مِنْهُ ، فَأَقَالَهُ , فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ إِلاَّذَهَبَهُ أَوْ وَرِقَهُ أَوِ الثَّمَنَ الَّذِي دَفَعَه بِعَيْنِهِ ، و لاَ يَشْتَرِي مِنْهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ شَيْئًا حَتَّى يَقْبِضَهُ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا أَخَذَ غَيْرَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ ، أَوْ صَرَفَهُ فِي شئ غَيْرِ الطَّعَامِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ ، فَهُوَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى , وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ، فَإِنْ نَدِمَ الْمُشْتَرِي ، فَقَالَ لِلْبَائِعِ : أَقِلْنِي وَأُنْظِرُكَ بِالثَّمَنِ الَّذِي دَفَعْتُ إِلَيْكَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا دخلَّ الطَّعَامُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ، أَخَّرَ عَنْهُ حَقَّهُ عَلَى أَنْ يُقِيلَهُ , فَكَانَ ذَلِكَ بَيْعَ الطَّعَامِ إِلَى أَجَلٍ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.(2/347)
2573 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ حِينَ حَلَّ الأََجَلُ ، وَكَرِهَ الطَّعَامَ , أَخَذَ بِهِ دِنَانير إِلَى أَجَلٍ ، فلَيْسَ ذَلِكَ بِالإِقَالَةِ ، وَإِنَّمَا الإِقَالَةُ مَا لَمْ يَزْدَدْ فِيهِ الْبَائِعُ والْمُشْتَرِي ، فَإِذَا وَقَعَتْ الزِّيَادَةُ بِنَسِيئَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، أَوْ بِشَيْءٍ يَزْدَادُهُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ ، أَوْ بِشَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ أَحَدُهُمَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالإِقَالَةِ ، وَإِنَّمَا تَصِيرُ الإِقَالَةُ إِذَا فَعَلاَ ذَلِكَ بَيْعًا ، وَإِنَّمَا أُرْخِصَ فِي الإِقَالَةِ وَالشِّرْكِ ، وَالتَّوْلِيَةِ مَا لَمْ يَدْخُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الزِيَادَةٌ وْ الْنُّقْصَانُ ، أَوْ نَّظِرَةُ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ أَوْ نَظِرَةٌ , صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ , وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ.(2/348)
2574 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ أَرَادَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ الَّذِي وَاصَفَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَحِلِّ الأَجَلِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ، فَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ إِلاَّ بَعْضَ مَا سَلَفَهُ فِيهِ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَوْفِي مَا وَجَدَهُ بِسِعْرِهِ وَيُقِيلَهُ مِمَّا لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ ، وَيَأْخُذَ مِنْهُ حِسَابَ ذَلِكَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَ إِلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وَهُوَ مِمَّا نَهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ ، وَهُوَ يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ.(2/348)
2575 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ بَيْنَ النَّاس لاَنْطَلَقَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فَسَلَّفَهُ في الطَّعَامِ وَزَادَهُ فِي السِّلْعَةِ لأَنْ يَزِيدَهْ الْبَائِعُ فِي السِّعْرِ وَالْمُبْتَاعُ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الْبَائِعِ الَّذِي بَاعَهُ مِنَ الطَّعَامِ مَا بَاعَهُ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُ وَفَاءٌ بِمَا سَلَّفَهُ فِيهِ ، فَإِذَا حَلَّ الأَجَلُ ، أَخَذَ مِنْهُ مَا وَجَدَ عِنْدَهُ مِنَ الطَّعَامِ بَخْسًا مِنَ الثَّمَنِ ، وَأَقَالَهُ مِمَّا لَمْ يَجِدْ عِنْدَهُ ، فَصَارَ ذَلِكَ بَيْعًا وَسَلَفًا ، وَصَارَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً بَيْنَ النَّاسِ ، مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ.(2/349)
2576 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ سَلَّفَ فِي حِنْطَةٍ شَامِيَّةٍ ، فَلاَ بَأْسَ بأَنْ يَأْخُذَ مَحْمُولَةً بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ , وَكَذَلِكَ كل صِنْفٍ مِنَ الأََصْنَافِ ، فَلاَ بَأْسَ بأَنْ يَأْخُذَ خَيْرًا مِمَّا سَلَّفَ فِيهِ أَوْ أَدْنَى بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ.
2577 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : إنْ سَلِّفَ الرَّجُلُ فِي حِنْطَةٍ مَحْمُولَةٍ ، فَلاَ بَأْسَ بأَنْ يَأْخُذَ شَعِيرًا أَوْ شَامِيَّةً ، وَإِنْ سَلَّفَ فِي تَمْرٍ عَجْوَةٍ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ صَيْحَانِيًّا أَوْ جَمْعًا ، وَإِنْ سَلَّفَ فِي زَبِيبٍ أَحْمَرَ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَسْوَدَ , إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ بَعْدَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، إِذَا كَانَتْ مَكِيلَةُ ذَلِكَ سَوَاءً.(2/349)
(21) باب بيع الطعام بالطعام لا فضل بينهما
2578 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ؛ أَنَّهُ قال : بَلَغَني ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ قَالَ : فَنِيَ عَلَفُ حِمَارِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ , فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ طعاماً، فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا ، وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ مِثْلَهُ.(2/350)
2579 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ مولى عبد الله بن عمر ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ , أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأََسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ , فَنِيَ عَلَفُ دَابَّتِهِ ، فَقَالَ لِغُلاَمِهِ : خُذْ مِنْ حِنْطَةِ أَهْلِكَ طَعَامًا ، فَابْتَعْ بِهَا شَعِيرًا , وَلاَ تَأْخُذْ إِلاَّ بمِثْلَهُ.
2580 - قَالَ مَالِكٌ : وبَلَغَني عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنِ ابْنِ مُعَيْقِيبٍ الدَّوْسِيِّ , مِثْلُ ذَلِكَ.(2/350)
2581 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ تُبَاعَ الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ ، وَلاَ التَّمْرُ بِالتَّمْرِ ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ ، وَلاَ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ ، وَلاَ الْحِنْطَةُ بِالزَّبِيبِ ، وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ كُلِّهِ , إِلاَّ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ شَئ مِنْ الأََجَلُ لَمْ يَصْلُحْ ، وَكَانَ حَرَامًا.(2/350)
2582 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ وَالأَُدْمِ ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ : اثْنَانِ بِوَاحِدٍ ، لاَ يُبَاعُ مُدُّ حِنْطَةٍ بِمُدَّيْ حِنْطَةٍ ، وَلاَ مُدُّ تَمْرٍ بِمُدَّيْ تَمْرٍ ، وَلاَ مُدُّ زَبِيبٍ بِمُدَّيْ زَبِيبٍ ، وَلاَ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالأَُدْمِ كُلِّهَ ، إِذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ ، إِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْوَرِقِ بِالْوَرِقِ ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ , وَلاَ يَحِلُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ الْفَضْلُ ، وَلاَ يَحِلُّ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَيَدًا بِيَدٍ.(2/351)
2583 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا اخْتَلَفَ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مَّا يُؤْكَلُ أَوْ يُشْرَبُ ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَينِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، يُأخَذَ صَاعاً مِنْ حِنْطَةٍ بِصَاعَيْنِ مِنْ تَمْرٍ ، فَإِذَا كَانَ الصِّنْفَانِ مِنْ هَذَا مُخْتَلِفَيْنِ ، فَلاَ بَأْسَ بِه اثْنَانِ بِوَاحِدٍ وْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ فِي شئ من الأََجَلُ فَلاَ يَحِلُّ.(2/351)
2584 - وَلاَ تَحِلُّ صُبْرَةُ الْحِنْطَةِ ، بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ ، وَلاَ بَأْسَ بِصُبْرَةِ الْحِنْطَةِ ، بِصُبْرَةِ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لاَ بَأْسَ أَنْ يشْتَرَى الْحِنْطَةُ بِالتَّمْرِ جِزَافًا.(2/351)
2585 - قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الطَّعَامِ وَالأَُدْمِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُ ، فَلاَ بَأْسَ بأَنْ يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ جِزَافًا يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَهُ الأََجَلُ فَلاَ خَيْرَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا اشْتِرَاءُ ذَلِكَ جِزَافًا كَاشْتِرَاءِ بَعْضِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ جِزَافًا , وَذَلِكَ أَنَّكَ تَشْتَرِي الْحِنْطَةَ بِالْوَرِقِ جِزَافًا ، وَالتَّمْرَ بِالذَّهَبِ جِزَافًا , فَهَذَا حَلاَلٌ لاَ بَأْسَ بِهِ.(2/352)
2586 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ صَبَّرَ صُبْرَةَ طَعَامٍ ، قَدْ عَلِمَ كَيْلَهَا ، ثُمَّ بَاعَهَا جِزَافًا , وَكَتَمَ الْمُشْتَرِيَ كَيْلَهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، وإِنْ أَحَبَّ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ الطَّعَامَ عَلَى الْبَائِعِ , رَدَّهُ لمَا كَتَمَهُ وَغَرَّهُ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَلِمَ الْبَائِعُ عَدَدَهُ أوَكَيْلَهُ مِنَ الطَّعَامِ ، أوَغَيْرِهِ ، ثُمَّ بَاعَهُ جِزَافًا ، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُشْتَرِي بذَلِكَ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ رَدَّهُ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ.(2/352)
2587 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ خَيْرَ فِي الْخُبْزِ قُرْصٍ بِقُرْصَيْنِ ، وَلاَ عَظِيمٍ بِصَغِيرٍ ، إِذَا كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ أَكْبَرَ مِنْ بَعْضٍ ، وأَمَّا إِذَا كَانَ يُتَحَرَّى أَنْ يَكُونَ مِثْلاً بِمِثْلٍ , فَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ كان لاَ يُوزَنْ.(2/352)
2588 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَصْلُحُ مُدُّ زُبْدٍ وَمُدُّ لَبَنٍ ، بِمُدَّيْ زُبْدٍ ، وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي وَصَفْنَا مِنَ التَّمْرِ الَّذِي يُبَتاعُ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ , وَصَاعًا مِنْ حَشَفٍ بِثَلاَثَةِ آصُعٍ مِنْ عَجْوَةٍ ، حِينَ قَيلَ لِصَاحِبِهِ : إِنَّ صَاعَيْنِ مِنْ كَبِيسٍ بِثَلاَثَةِ آصُعٍ مِنَ عَجْوَةٍ ، لاَ يَصْلُحُ , فَجعَلَ ذَلِكَ لِيُجِيزَ بَيْعَهُ ، وَإِنَّمَا جَعَلَ صَاحِبُ الزبد اللَّبَنَ مَعَ زُبْدِهِ , لِيَأْخُذَ فَضْلَ زُبْدِهِ عَلَى زُبْدِ صَاحِبِهِ , حِينَ أَدْخَلَ مَعَهُ اللَّبَنَ.(2/353)
2589 - قَالَ مَالِكٌ : وَالدَّقِيقُ بِالْحِنْطَةِ , مِثْلاً بِمِثْلٍ لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَذَلِكَ لأَنَّهُ خْلَصَ الدَّقِيقَ فَبَاعَهُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَلَوْ جَعَلَ نِصْفَ الْمُدِّ مِنْ حِنْطَةٍ ، وَنِصْفَ المد مِنْ دَقِيقٍ , فَبَاعَه بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ ، كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الَّذِي وَصَفْنَا لاَ يَصْلُحُ ذلك ، لأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ فَضْلَ حِنْطَتِهِ الْجَيِّدَةِ , حِينَ جَعَلَ مَعَهَا الدَّقِيقَ.(2/353)
(22) جامع بيع الطعام
2590 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، أَنَّ رجلاً سَأَلَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أَبْتَاعُ الطَّعَامَ مِنَ الصُّكُوكِ يَكُونُ بِالْجَارِ ، فَرُبَّمَا ابْتَعْتُ مِنْهُ بِدِينَارٍ وَنِصْفِ دِرْهَمٍ , فَأُعْطِي بِالنِّصْفِ الدرهم طَعَامًا ، فَقَالَ : لاَ , وَلَكِنْ أَعْطِ أَنْتَ دِرْهَمًا ، وَخُذْ بَقِيَّتَهُ طَعَامًا.(2/353)
2591 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ قال : لاَ تَبِيعُوا الْحَنطة فِي سُنْبُلِهِ حَتَّى تبْيَضَّ.(2/354)
2592 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا بِسِعْرٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَلَمَّا حَلَّ الأََجَلُ ، قَالَ الَّذِي عَندهِ الطَّعَامُ لِغريمهِ : لَيْسَ عِنْدِي طَعَامٌ ، فَبِعْنِي الطَّعَامَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ ، فَيَقُولُ صَاحِبُ الطَّعَامِ : هَذَا لاَ يَصْلُحُ , قَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُسْتَوْفَى ، فَيَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : فَبِعْنِي طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ حَتَّى أَقْضِيَكَهُ ، فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ , لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ طَعَامًا ثُمَّ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ , فَيَصِيرُ الذَّهَبُ الَّذِي أَعْطَاهُ ثَمَنَ الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَيَصِيرُ الطَّعَامُ الَّذِي أَعْطَاهُ مُحَلِّلاً فِيمَا بَيْنَهُمَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَعَلاَهُ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى.(2/354)
2593 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ كان لَهُ عَلَى رَجُلٍ طَعَامٌ ، وَلِغَرِيمِهِ عَلَى آخر طَعَامٌ مِثْلُ ذَلِكَ الطَّعَامِ ، فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ لِغَرِيمِهِ : أُحِيلُكَ عَلَى غَرِيمٍ لِي عَلَيْهِ طعام مِثْلُ طَّعَامِك الَّذِي لَكَ عَلَيَّ , بِطَعَامِكَ الَّذِي لَكَ عَلَيَّ.(2/354)
2594 - قَالَ : إِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ , ابْتَاعَهُ ، فَأَرَادَ أَنْ يُحِيلَ غَرِيمَهُ بِطَعَامٍ ابْتَاعَهُ ، إِنَّ لاَ يَصْلُحُ ، وَذَلِكَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى ، وإِنْ كَانَ الطَّعَامُ سَلَفًا وكان حَالاًّ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُحِيلَ بِهِ غَرِيمَهُ ، لأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِبَيْعٍ ، وَلاَ يَحِلُّ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى , لِنَهْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ ، وإنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ لأَنَّهم أَنْزَلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ ، وَلَمْ يُنْزِلُوهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ ، وَذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ يُسَلِّفُ الدَّرَاهِمَ النُّقَّصَ ، فَيُقْضَى دَرَاهِمَ وَازِنَةً فِيهَا فَضْلٌ ، فَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَتجُوزُ , وَلَوِ اشْتَرَى مِنْهُ دَرَاهِمَ نُقَّصًا بدراهم وَازِنَةٍ ، لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ له ، وَلَوِ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ حِينَ أَسْلَفَهُ وَازِنَةً ، وَإِنَّمَا أَعْطَاهُ نُقَّصًا لَمْ يَحِلَّ لَهُ.(2/355)
2595 - وَمِمَّا أشْبِهُ ذَلِكَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ ، وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ ، وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ ذَلِكَ , أَنَّ الْمُزَابَنَةِ بَيْعٌ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَالتِّجَارَةِ ، وَأَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لاَ مُكَايَسَةَ فِيهِ.(2/355)
2596 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ الرَجُلٌ طَعَامًا بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْ بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ ، عَلَى أَنْ يُعْطَى بِذَلِكَ طَعَام إِلَى أَجَلٍ ، وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبْتَاعَ الرَّجُلُ طَعَامًا بِكِسْرٍ مِنْ دِرْهَمٍ إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ يُعْطَى دِرْهَمًا , وَيَأْخُذُ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ ، لأَنَّهُ أَعْطَى الْكِسْرَ الَّذِي عَلَيْهِ فِضَّةً ، وَأَخَذَ بِبَقِيَّةِ دِرْهَمِهِ سِلْعَةً ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ عِنْدَ الرَّجُلِ دِرْهَمًا ، يَأْخُذُ مِنْهُ بِرُبُعٍ أَوْ بِثُلُثٍ أَوْكِسْرٍ مَعْلُومٍ , سِلْعَةً بسِعْرٌ مَعْلُومٌ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ بسِعْرٌ مَعْلُومٌ ، فقَالَ الرَّجُلُ : آخُذُ مِنْكَ بِسِعْرِ كُلِّ يَوْمٍ ، فَهَذَا لاَ يَحِلُّ , لأَنَّهُ غَرَرٌ , يَقِلُّ مَرَّةً ، وَيَكْثُرُ مَرَّةً ، وَلَمْ يَفْتَرِقَا عَلَى بَيْعٍ مَعْلُومٍ.(2/355)
2597 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ بَاعَ طَعَامًا جِزَافًا , وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا ، إِلاَّ مَا كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ ، وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَمَا دُونَهُ ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، صَارَ ذَلِكَ إِلَى الْمُزَابَنَةِ ، وَإِلَى مَا يُكْرَهُ ، فَهذا لاَ يَنْبَغِي قال مالك : ولا ينبغي أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ أن يكَونَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ إِلاَّ الثُّلُثَ ، فَمَا دُونَهُ ، وَهَذَا الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.(2/356)
(23) باب ما جاء في الحكرة
2598 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا ، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا ، فَيَحْتَكرونَهُ عَلَيْنَا ، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِه كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ , فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ.(2/356)
2599 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يُوسُفَ ، عَنْ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ , وَهُوَ يَبِيعُ زَبِيبًا لَهُ بِالسُّوقِ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إِمَّا أَنْ تَزِيدَ فِي السِّعْرِ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْفَعَ مِنْ سُوقِنَا.(2/357)
2600 - قال أبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : مَالِكٌ ؛ إنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْحُكْرَةِ.(2/357)
(24) باب في بيع الحيوان
2601- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَب ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ زَيْد بْن أسلم ، أن رَسُول اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : إذا ابتاع أحدكم بعيرًا ، فليأخذ بذروة سنامه ، وليتعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان.(2/357)
2602 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ حَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه - ، بَاعَ جَمَلاً لَهُ , يقال له : عُصَفِير, بِعِشْرِينَ بَعِيرًا إِلَى أَجَلٍ.(2/357)
2603 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ اشْتَرَى رَاحِلَةً بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مَضْمُونَةٍ عَلَيْهِ , يُوفِيهَا صَاحِبَهَا بِالرَّبَذَةِ.(2/358)
2604 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَقَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.(2/358)
2605 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ بِالْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ , وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ ، الْجَمَلُ بِالْجَمَلِ يَدًا بِيَدٍ ، وَالدَّرَاهِمُ إِلَى أَجَلٍ وَلاَ خَيْرَ فِي الْجَمَلِ بِالْجَمَلِ مِثْلِهِ ، وَزِيَادَةِ دَرَاهِمَ ، الدَّرَاهِمُ نَقْدًا ، وَالْجَمَلُ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ أَخَّرْتَ االدَّرَاهِمَ وَالْجَمَلَ ، فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ.(2/358)
2606 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بأَنْ يَبْتَاعَ الْبَعِيرَ النَّجِيبَ بِالْبَعِيرَيْنِ ، وبالأََبْعِرَةِ مِنَ الْحَمُولَةِ مِنْ حَاشِيَةِ الإِبِلِ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ نَعَمٍ وَاحِدَةٍ ، فَلاَ بَأْسَ بأَنْ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِذَا اخْتَلَفَتْ فَبَانَ اخْتِلاَفُهَا ، وَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضًا ، وَاخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا ، أَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ ، فَلاَ يأخَذُ مِنْهَا اثْنينِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.(2/358)
2607 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنْ يُؤْخَذَ الْبَعِيرُ بِالْبَعِيرَيْنِ , لَيْسَ بَيْنَهُمَا تَفَاضُلٌ فِي نَجَابَةٍ وَلاَ رِحْلَةٍ , فَإِذَا كَانَ هَذَا عَلَى مَا وَصَفْتُ ، فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهُ اثْنَينِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ من الحيوان إلى أجل مسمى مِن قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ مِنْهُ , إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.(2/359)
2608 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَيَوَانِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى , فَوَصَفَهُ ، وَحَلاَّهُ ، وَنَقَدَ ثَمَنَهُ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَهُوَ لاَزِمٌ لِلْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ عَلَى مَا وَصَفَا وَحَلَّيَا ، وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ الْجَائِزِ بَيْنَهُمْ ، الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.(2/359)
(25) باب مالا يجوز من بيع الحيوان
2609 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النبي صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ وَكَانَ بَيْعًا يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ، كَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إِلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ، ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا.(2/359)
2610 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , أَنَّهُ قَالَ : لاَ رِبًا فِي الْحَيَوَانِ ، وَإِنَّمَا نُهِيَ عنَ الْحَيَوَانِ عَنْ ثَلاَثَ : الْمَضَامِينِ , وَالْمَلاَقِيحِ , وَحَبَلِ الْحَبَلَةِ ، قال : فَالْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ إِنَاثِ الإِبِلِ ، وَالْمَلاَقِيحُ : مَا فِي ظُهُورِ الْجِمَالِ.
وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ بيع كان أهل الجاهلية يتبابيعونه كان الرجل منهم يبتاع الجذور إلى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تنتج التي في بطنها .(2/360)
2611 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِعَيْنِهِ , إِذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَآهُ وَرَضِيَهُ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَهُ لاَ قَرِيبًا وَلاَ بَعِيدًا.
2612 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ ، لأَنَّ الْبَائِعَ يَنْتَفِعُ بِالثَّمَنِ ، وَلاَ يُدْرَى هَلْ تُوجَدُ تِلْكَ السِّلْعَةُ عَلَى مَا رَآهَا الْمُبْتَاعُ أَمْ لاَ توجد ؟ فَلِذَلِكَ كُرِهَ ذَلِكَ ، وَلاَ بَأْسَ بِهِ ، إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا مَضْمُونًا.(2/360)
(26) باب بيع الحيوان باللحم
2613 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.(2/361)
2614 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : كان مِنْ مَيْسِرِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ , بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ.(2/361)
2615 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ , أَنَّهُ قال كانَ ينُهى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.(2/361)
2616 - قَالَ مَالِكٌ : قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَرَأَيْتَ رَجُلاً اشْتَرَى شَارِفًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا ، فَلاَ خَيْرَ فِي ذَلِكَ.(2/361)
2617 - قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : وَكان مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ النَّاسِ يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ.
2618 - قَالَ مَالِكٌ : قَالَ أَبُو الزِّنَادِ : وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ , فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ , وَهِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ ويَنْهَوا عَنْ ذَلِكَ.(2/362)
(27) باب بيع اللحم باللحم
2619 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي لَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ لحوم الوحش ، أَنَّهُ لاَ يُشْتَرَى بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ ، وَزْنًا بِوَزْنٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، قال مالك : وَلاَ بَأْسَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُوزَنْ ، إِذَا كان مِثْلاً بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ.(2/362)
2620 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِلَحْمِ الْحِيتَانِ ، بِلَحْمِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْوُحُوشِ كُلِّهَا ، اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ , أوَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِنْ دَخَلَ ذَلِكَ الأََجَلُ , فَلاَ خَيْرَ فِيهِ.(2/362)
2621 - قَالَ مَالِكٌ : وَأَرَى لُحُومَ الطَّيْرِ كُلَّهَا مُخَالِفَةً لِلُحُومِ الأََنْعَامِ ، وَالْحِيتَانِ ، فَلاَ أَرَى بَأْسًا أَنْ يُشْتَرَى بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلاً يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَشَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَجَلٍ.(2/363)
(28) باب في ثمن الكلب
2622 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ.(2/363)
2623 - قَالَ مَالِكٌ : وإنما كْرَهُ بيع الْكَلابِ الضّوَارِي وَغَيْرهاِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ.(2/363)
(29) باب السلف وبيع العروض بعضها ببعض
2624 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ.(2/363)
2625 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ هذا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : آخُذُ سِلْعَتَكَ بِكَذَا وَكَذَا ، عَلَى أَنْ تُسْلِفَنِي كَذَا وَكَذَا ، فَإِنْ عَقَدَا بَيْعَهُمَا عَلَى هَذَا , فَهُوَ بيع غَيْرُ جَائِزٍ ، فَإِنْ تَرَكَ الَّذِي اشْتَرَطَ السَّلَفَ ، مَا اشْتَرَطَ مِنْهُ , كَانَ بَيْعاً جَائِزًا.(2/364)
2626- قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُشْتَرَى الثَّوْبُ مِنَ الْكَتَّانِ وَالشَّطَوِيِّ وَالْقَصَبِيِّ بِالأََثْوَابِ مِنَ التوني اوَالْقَسِّيِّ والدبيقي وَالْهَرَوِيِّ وَالْمَرْوِيِّ بِالْمَلاَحِفِ الْيَمَانِيَّةِ ، وَالشَّقَائِقِ ، أَوَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ , الْوَاحِدُ بِالاثْنَيْنِ والثَّلاَث يَدًا بِيَدٍ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ , فَإِنْ دَخَلتَ فِيه نَسِيئَةٌ , فَلاَ خَيْرَ فِيهِ , وَلاَ يَصْلُحُ حَتَّى يَخْتَلِفَ فَيَبِينَ اخْتِلاَفُهُ ، فَإِن أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَسْمَاؤُهُ ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْهَرَوِيِّ ، بِالثَّوْبِ مِنَ الْمَرْوِيِّ أَوِ من الهروي إِلَى أَجَلٍ ، أَوْ يَأْخُذَ الثَّوْبَيْنِ مِنَ الْفُروي بِالثَّوْبِ مِنَ الشَّطَوِيِّ فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الأََصْنَافُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ , فَلاَ يُشْتَرَى مِنْهَا اثْنَينِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.(2/364)
2627 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ بَأْسَ بأَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْتَ مِنْهَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ ، مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْهُ , إِذَا انْتَقَدْتَ ثَمَنَهُ.(2/365)
(30) باب ما جاء في السلف في العروض
2628 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ , وَرَجُلٌ يَسْأَلُهُ عَنْ رَجُلٍ يسَلَّفَ فِي سَبَائِبَ فَأَرَادَ بَيْعَهَا قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تِلْكَ الْوَرِقُ بِالْوَرِقِ , وَكَرِهَ ذَلِكَ.(2/365)
2629 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ فِيمَا يرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنَّهُ أَرَادَ بِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ ، وَلَوْ أَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ , لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْساً.(2/365)
2630 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا ، فِيمَنْ سَلَّفَ فِي رَقِيقٍ وما أشبهه ، أَوْ عُرُضَ ، فَإِذَا كَانَ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَوْصُوفًا ، فَسَلَّفَ فِيهِ إِلَى أَجَلٍ ، فَحَلَّ الأََجَلُ ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لاَ يَبِيعُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ مِنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ ، بِأَكْثَرَ مِنَ الَّذِي سَلَّف فِيهِ ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مَا سَلَّفَهُ من ذَلِكَ فإنهُ إِذَا فَعَلَهُ فَهذاَ الرِّبَا ، وصَارَ الْمُشْتَرِي إِنْ أَعْطَى الَّذِي بَاعَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ، فَانْتَفَعهاَ ، فَلَمَّا حَلَّتْ عَلَيْهِ السِّلْعَةُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي , بَاعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا سَلَّفَهُ فِيهَا ، فَصَارَ إن رجع إليه مَا سَلَّفَهُ وَزَادَهُ مِنْ عِنْدِهِ.(2/365)
2631 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ ، إِذَا كَانَ مَوْصُوفًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، ثُمَّ حَلَّ الأََجَلُ ، فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنَ الْبَائِعِ ، قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ الأََجَلُ وَبَعْدَ مَا يَحِلُّ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ ، وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، بَالِغًا مَا بَلَغَ ذَلِكَ الْعَرْضُ ، إِلاَّ الطَّعَامَ , فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ بِيعَهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ ، وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَ تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهاِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ , بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، أَوْ عَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ ، يَقْبِضُ ذَلِكَ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، فلا بأس به لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَ ذَلِكَ قَبُحَ ، وَدَخَلَهُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النهي على الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ , وَالْكَالِئُ بِالْكَالِئِ : أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ دَيْنًا لَهُ عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ له عَلَى رَجُلٍ آخَرَ.(2/366)
2632 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنْ سَلَّفَ فِي سِلْعَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَتِلْكَ السِّلْعَةُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ ، وَلاَ يُشْرَبُ , فَإِنَّ اللْمُشْتَرِيَ أن يَبِيعُهَا مِمَّنْ شَاءَ ، بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْهُ ، فإنه لاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا مِنْهُ ، إِلاَّ بِعَرْضٍ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ , وَإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ لَمْ تَحِلَّ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ صَاحِبِهَا بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهَا ، بَيِّنٍ خِلاَفُهُ يَقْبِضُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.(2/366)
2633 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ سَلَّفَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ , فِي أَرْبَعَةِ أَثْوَابٍ مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَلَمَّا حَلَّ الأََجَلُ ، تَقَاضَاها صَاحِبَهَا , فَلَمْ يَجِدْهَا عِنْدَهُ ، وَوَجَدَ عِنْدَهُ ثِيَابًا دُونَهَا مِنْ صِنْفِهَا ، فَقَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الأََثْوَابُ : أُعْطِيكَ بِهَا ثَمَانِيَةَ أَثْوَابٍ مِنْ ثِيَابِي هَذِهِ ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا أَخَذَ تِلْكَ الأََثْوَابَ الَّتِي يُعْطِيهِ قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا ، قَالَ مَالِكٌ : فَإِذا دَخَلَ ذَلِكَ الأََجَلُ ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَحِلِّ الأََجَلِ ، فَإِنَّهُ لاَ يَصْلُحُ إلا أَنْ يعطيه ثِيَابًا لَيْسَتْ مِنْ صِنْفِ الثِّيَابِ الَّتِي سَلَّفَهُ فِيهَا.(2/367)
(31) باب بيع النحاس والحديد
2634 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا أنه لابأس بأن يشترى مِمَّا يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالورق , مِنَ النُّحَاسِ , وَالشَّبَهِ , وَالرَّصَاصِ , وَالآنُكِ ، وَالْحَدِيدِ ، وَالْقَضْبِ , والكتان , وَالتِّينِ ، وَالْكُرْسُفِ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، مِمَّا يُوزَنُ ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صِنْفٍ منه اثْنَينِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ رِطْلُ حَدِيدٍ بِرِطْلَيْن حَدِيدٍ , وَرِطْلُ صُفْرٍ بِرِطْلَيْن صُفْرٍ.(2/367)
2635 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ خَيْرَ فِيهِ اثْنَينِ بِوَاحِدٍ مِنْ صِنْفٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ مِنْ ذَلِكَ ، فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ يُؤْخَذَ اثْنَانِ منه بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنْ كَانَ الصِّنْفُ مِنْهُ يُشْبِهُ الصِّنْفَ الآخَرَ ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي الاِسْمِ مِثْلُ الرَّصَاصِ , وَالآنُكِ , وَالصُّفْرِ , وَالشَّبَهِ , فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ.(2/368)
2636 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَا اشْتَرَيْتَ مِنْ تلك الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي ابتعتهُ مِنْهُ ، إِذَا قَبَضْتَ ثَمَنَهُ ، أَو كُنْتَ اشْتَرَيْتَهُ كَيْلاً أَوْ وَزْنًا ، فَإِنِ اشْتَرَيْتَهُ جِزَافًا , فَبِعْهُ مِنْ غَيْرِ الَّذِي اشْتَرَيْتَهُ ، بِنَقْدٍ أَوْ إِلَى أَجَلٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَهُ مِنْكَ إِذَا اشْتَرَيْتَهُ جِزَافًا ، وَلاَ يَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْكَ , إِذَا اشْتَرَيْتَهُ كيلاً أَو وَزْنًا حَتَّى تَزِنَهُ وَتَسْتَوْفِيَهُ ، وَهَذَا أَحَسن مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي هَذِهِ الأََشْيَاءِ كُلِّهَا ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلَيْهِ أَمْرُ النَّاسِ عِنْدَنَا.(2/368)
2637 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا لاَ يُؤْكَلُ وَلاَ يُشْرَبُ مِثْلُ : النَّوَى , والْعُصْفُرِ , وَالْخَبَطِ , وَالْكَتَمِ , وَمَا أشْبِهُ ذَلِكَ ، أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ ، لاَ يُؤْخَذُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ فَبَانَ اخْتِلاَفُهُمَا ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ إِلَى أَجَلٍ ، وَمَا اشْتُرِيَت مِنْ هَذِهِ الأشياء كُلِّهَا ، فَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبَاعَ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى , إِذَا قَبَضَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِها الَّذِي اشْتَرَيت مِنْهُ.(2/369)
2638 - قَالَ مَالِكٌ : وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ مِنَ الأََصْنَافِ كُلِّهَا ، وَإِنْ كَانَتِ الْحَصْبَاءَ وَالْقَصَّةَ ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا ، وَكل وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ , وَزِيَادَةُ شَيْءٍ مِنَ الأََشْيَاءِ إِلَى أَجَلٍ فَهُوَ رِبًا.(2/369)
(32) باب النهي عن بيعتين في بيعة
2639 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِرَجُلٍ : ابْتَعْ لِي هَذَا الْبَعِيرَ بِنَقْدٍ ، حَتَّى أَبْتَاعَهُ مِنْكَ إِلَى أَجَلٍ ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , فَكَرِهَهُ وَنَهَى عَنْهُ.(2/369)
2640 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.(2/369)
2641 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ وَنَهَى عَنْهُ.(2/370)
2642 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشترى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا ، أَوْ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، قَدْ وَجَبَتْ لِلْمُشْتَرِي بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ ، إِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي ذَلِكَ , لأَنَّهُ إِذا أَخَّرَ الْعَشَرَةَ , كَانَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ ، وَإِنْ نَقَدَ الْعَشَرَةَ كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَى بِهَا الْخَمْسَةَ عَشَرَ إِلَى أَجَلٍ.(2/370)
2643 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِدِنَانيرٍ نَقْدًا ، أَوْ أشباه ذلك مَوْصُوفَةٍ إِلَى أَجَلٍ ، قَدْ وَجَبَ له الْبَيْعُ بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ ، إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، لاَ يَنْبَغِي , لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ، وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.(2/370)
2644 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ قَالَ لِرَجُلٍ : أَشْتَرِي مِنْكَ الْعَجْوَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا , أَوِ صَّيْحَانِياًَّ عَشَرَةَ آصُعٍ ، أَوِ الْحِنْطَةَ الْمَحْمُولَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا ، أَوِ الشَّامِيَّةَ عَشَرَةَ أصُوعٍ بِدِينَارٍ ، قَدْ وَجَبَتْ لِه إِحْدَاهُمَا ، إِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ لاَ يَحِلُّ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهُ عَشَرَةَ آصُعٍ صَيْحَانِي , فَهُوَ يَدَعُهَا ، وَيَأْخُذُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْعَجْوَةِ ، ويدع خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنَ الْمَحْمُولَةِ , وَيَأْخُذُ عَشَرَةَ آصُعٍ مِنَ الشَّامِيَّةِ ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ ولاَ يَحِلُّ ، وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ، وَهُوَ أَيْضًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ أَنْ يُبَاعَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ مِنَ الطَّعَامِ.(2/371)
(33) باب بيع الغرر والمخاطرة
2645 - قَالَ مَالِكٌ : الشيء مِنَ الْغَرَرِ وَالْمُخَاطَرَةِ , أَنْ يَعْمِدَ الرَّجُلُ قَدْ ضَلَّتْ دَابَّتُهُ ، أَوْ أَبَقَ غُلاَمُهُ ، وَثَمَنُ الشَّيْءِ مِنْ ذَلِكَ خَمْسُونَ دِينَارًا ، فَيَقُولُ له الرَجُلٌ : أَنَا آخُذُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ، فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُبْتَاعُ ذَهَبَ مِنَ الْبَائِعِ بثَلاَثينَ دِينَارًا ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ ذَهَبَ الْبَائِعُ مِنَ الْمُبْتَاعِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا عَيْبٌ آخَرُ , أنَّ تِلْكَ الضَّالَّةَ ، إِنْ وُجِدَتْ ، لَمْ يُدْرَ أنَقَصَتْ أَمْ أَزَادَت ْ، أَمْ مَا حَدَثَ بِهَا مِنَ الْعُيُوبِ , فَهَذَا أَعْظَمُ الْمُخَاطَرَة.(2/371)
2646 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا :أن من اشْتِرَى مَا فِي بُطُونِ الإِنَاثِ مِنَ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ أَنَّه امُخَاطَرَةِ، لاَ يُدْرَى أَيَخْرُجُ أَمْ لاَ يَخْرُجُ ؟ فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يُدْرَ أَيَكُونُ حَسَنًا أَمْ قَبِيحًا ؟ أَمْ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا ؟ أَمْ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى ؟ وَذَلِكَ متَفَضَلُ كُلُّهُ، إِنْ كَانَ عَلَى كَذَا , فَقِيمَتُهُ كَذَا .(2/372)
2647 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي بَيْعُ الإِنَاثِ ، وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بُطُونِهَا ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ : ثَمَنُ شَاتِي هذه الْغَزِيرَةِ ثَلاَثَةُ دَنَانِيرَ , فَهِيَ لَكَ بِدِينَارَيْنِ ، وَلِي مَا فِي بَطْنِهَا ، فَهَو مَكْرُوهٌ , لأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ.(2/372)
2648 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَحِلُّ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ ، وَلاَ الْجُلْجُلاَنِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلاَنِ ، وَلاَ الزُّبْدِ بِالسَّمْنِ ، لأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ ، أنَّ الَّذِي اشْتَرِي الْحَبَّ وَمَا يشْبَهَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ ، لاَ يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ ؟ فَهَذَا مُخَاطَرَةٌ وَغَرَرٌ ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا , اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ , وذَلِكَ مخاطرة ، لأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ ، وَلاَ بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ , لأَنَّ الْبَانَ الْمُطَيَّبَ الذي قَدْ طُيِّبَ وَنُشَّ , قد تَحَوَّلَ عَنْ حَالِ السَّلِيخَةِ.(2/372)
2649 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ , عَلَى أَنَّهُ لاَ نُقْصَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ ، إِنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ غَيْرُ جَائِزٍ , وَهُوَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهُ كَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِرِبْحٍ ، إِنْ كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ ، إِنْ بَاعَ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ بِنُقْصَانٍ , فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَذَهَبَ عَنَاؤُهُ بَاطِلاً ، قَالَ مَالِكٌ : فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ , وَلِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا أُجْرَةٌ بِقْدَرِ مَا يعَالَجَ مِنْ ذَلِكَ ، وَمَا كَانَ فِي تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ نُقْصَانٍ أَوْ رِبْحٍ , فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إِذَا فَاتَتِ السِّلْعَةُ وَبِيعَتْ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ , فُسِخَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا.(2/373)
2650 - قَالَ مَالِكٌ : وأَمَّا أَنْ يَبِيعَ الرَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً ويَبُتُّ بَهَا ، ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي ، فَيَقُولُ لِلْبَائِعِ : ضَعْ عَنِّي , فَأْبَى الْبَائِعُ ، يَقُولُ : بِعْ وَلاَ نُقْصَانَ عَلَيْكَ ، فَهَذَا لاَ بَأْسَ بِهِ ، لأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُخَاطَرَةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَضَعَهُ لَهُ ، لَيْسَ عَلَى ذَلِكَ عَقَدَ ببَيْعَهُمَا ، وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي أمر الناس عَلَيْهِ.(2/373)
(34) باب الملامسة والمنابذة
2651 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا يَبِيعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ.(2/374)
2652 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ ، عَنِ الأََعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُلاَمَسَةُ : أَنْ يَلْمِسَ الرَّجُلُ الثَّوْبَ ، وَلاَ يَنْشُرُهُ ، وَلاَ يَتَبَيَّنُ مَا فِيهِ ، أَوْ يَبْتَاعَهُ لَيْلاً ، وَهولاَ يَعْلَمُ مَا فِيهِ.(2/374)
2653- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد ، عَنِ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَة ، أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنِ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.
وَالْمُنَابَذَةُ : أَنْ يَنْبِذَ الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ ثَوْبَهُ وَيَنْبِذَ إِلَيْهِ الآخر ثَوْبَهُ عَلَى غَيْرِ تَأَمُّلٍ مِنْهُمَا ، وَيَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا : هَذَا بِهَذَا ، فَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ.(2/375)
2654 - قَالَ مَالِكٌ : السَّاجِ الْمُدْرَجِ فِي جِرَابِهِ ، وِ الثَّوْبِ الْقُبْطِيِّ الْمُدْرَجِ فِي طَيِّهِ ، لاَ يَجُوزُ بَيْعُهُمَا ، حَتَّى يُنْشَرَا ، وَيُنْظَرَ إِلَى مَا فِي أَجْوَافِهِمَا ، وَذَلِكَ أَنَّ بَيْعَهُمَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ ، وَهُوَ مِنَ الْمُلاَمَسَةِ.(2/375)
2655 - قَالَ مَالِكٌ : وَبَيْعُ الأََعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ ، مُخَالِفٌ لِبَيْعِ السَّاجِ فِي جِرَابِهِ ، وَالثَّوْبِ فِي طَيِّهِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ الأََمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ ، وَمَعْرِفَةُ ذَلِكَ فِي صُدُورِ النَّاسِ ، وَمَا مَضَى مِنْ عَمَلِ الْمَاضِينَ فِيهِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مِنْ بُيُوعِ النَّاسِ الْجَائِزَةِ بَيْنَهُمِ , الَّتِي لاَ يَرَوْنَ بِهَا بَأْسًا ، بَيْعَ الأََعْدَالِ عَلَى الْبَرْنَامَجِ ولاينَشْرٍونها ،لأن ذلك لاَ يُرَادُ بِهِ بيع الْغَرَرُ ، وَلَيْسَ يُشْبِهُ الْمُلاَمَسَةَ.(2/376)
(35) باب بيع المرابحة
2656 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْبَزِّ يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ ، ثُمَّ يُقْدَمُ بِهِ بَلَدًا آخَرَ ، فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً , إِنَّهُ لاَ يَحْسِبُ فِيهِ أَجْرَ السَّمَاسِرَةِ ، وَلاَ أَجْرَ الطَّيِّ ، وَلاَ الشَّدِّ ، وَلاَ النَّفَقَةَ ، وَلاَ كِرَاءَ بَيْتٍ ، فَأَمَّا كِرَاءُ الْبَزِّ ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ ، وَلاَ يُحْسَبُ فِيهِ الرِبْحٌ ، و يُعْلِمَ الْبَائِعُ مَنْ يُسَاوِمُهُ بِذَلِكَ كُلِّهِ ، فَإِنْ أرَبَّحُوهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ الْعِلْمِ , فَلاَ بَأْسَ بِهِ.(2/376)
2657 - قَالَ مَالِكٌ : وأَمَّا الْقِصَارَةُ ، وَالْخِيَاطَةُ ، وَالصِّبَاغُ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَزِّ , يُحْسَبُ فِي البْز ، فَإِنْ بَاعَ الْبَزَّ ، وَلَمْ يُسم شَيْئًا مِمَّا سَمَّيْتُ , فإِنَّهُ لاَ يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ ، قال : فَإِنْ فَاتَ الْبَزُّ ، فَإِنَّ يُحْسَبُ الْكِرَاءَ ، وَلاَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ رِبْحٌ ، وإِنْ لَمْ يَفُتِ الْبَزُّ , فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ بَيْنَهُمَا ، إِلاَّ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يَجُوزُ بَيْنَهُمَا.(2/376)
2658 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَّجُلِ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ بِالذَّهَبِ وْ بِالْوَرِقِ ، وَالصَّرْفُ يَوْمَ اشْتَرَاهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ ، فَيَقْدَمُ بِهِ بَلَدًا آخر فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً ، أَوْ يَبِيعُهُ حَيْثُ اشْتَرَاهُ مُرَابَحَةً عَلَى صَرْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي بَاعَهُ فِيهِ ، وإِنْ كَانَ ابْتَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ، وَبَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ، أَوِ ابْتَاعَهُ بِدَنَانِيرَ ، وَبَاعَهُ بِدَرَاهِمَ ، فكَانَ الْمَتَاعُ لَمْ يَفُتْ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ أَخَذَهُ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ، فَإِنْ فَاتَ الْمَتَاعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الَّذِي بْاعَهُ بِهِ الْبَائِعُ ، وَيُحْسَبُ الْبَائِعِ الرِّبْحُ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ بِهِ , عَلَى مَا رَبَّحَهُ الْمُبْتَاعُ.(2/377)
2659 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، الْعَشَرَةِ بأَحَدَ عَشَرَ ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ , إِنَّهَا قَامَتْ بِتِسْعِينَ دِينَارًا ، وَقَدْ فَاتَتِ السِّلْعَةُ , خُيِّرَ الْبَائِعُ ، فَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ ، إِلاَّ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ بِهِ الْبَيْعُ أَوَّلَ يَوْمٍ ، فَلاَ يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مِائَةُ وَعَشْرَةُ دَنَانِيرَ ، وَإِنْ أَحَبَّ ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنَ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنَ الْقِيمَةِ , فَيُخَيَّرُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ , أوَفِي رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ , وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا.(2/377)
2660 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً مُرَابَحَةً عشرة بأحد عشرة، فَقَالَ : قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةِ دِينَارٍ ، ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا ، خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَى الْبَائِعَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يَوْمَ قَبَضَهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَعْطَاه الثَّمَنَ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ عَلَى مَا رَبَّحَهُ بحِسَابِه، بَالِغًا مَا بَلَغَ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُنَقِّصَ رَبَّ السِّلْعَةِ مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ رَضِيَ بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا جَاءَ رَبُّ السِّلْعَةِ يَطْلُبُ الْفَضْلَ لنفسه , فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ فِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الْبَائِعِ ، بِأَنْ يَضَعَ عنه مِنَ الثَّمَنِ الَّذِي بِهِ ابْتَاعَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ.(2/378)
(36) باب ما جاء في البيع على البرنامج
2661 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْقَوْمِ يَشْتَرُونَ السِّلْعَةَ الْبَزَّ ، أَوِ الرَّقِيقَ ، فَيَسْمَعُ بِهِ الرَّجُلُ , فَيَقُولُ للِرَجُلٍ مِنْهُمُ : الْبَزُّ الَّذِي اشْتَرَيْتَ مِنْ فُلاَنٍ ، قَدْ بَلَغَنِي صِفَتُهُ وَأَمْرُهُ ، فَهَلْ لَكَ أَنْ أُرْبِحَكَ فِي نَصِيبِكَ كَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : نَعَمْ , فَيُرْبِحُهُ ، فيَكُونُ شَرِيكًا لِلْقَوْمِ مَكَانَهُ ، فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِ رَآهُ قَبِيحًا وَاسْتَغْلاَهُ.
فَذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُ ، وَلاَ خِيَارَ لَهُ فِيهِ ، إِن كَانَ ابْتَاعَهُ عَلَى البَرْنَامَجٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.(2/378)
2662 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْدَمُ لَهُ أَصْنَافٌ مِنَ الْبَزِّ ، فتحْضُرُهُ السُّوَّامُ ، وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمْ بَرْنَامَجَهُ ، وَيَقُولُ : فِي كُلِّ عَدْلٍ كَذَا وَكَذَا مِلْحَفَةً بَصْرِيَّةً ، وَكَذَا وَكَذَا رَيْطَةً سَابِرِيَّةً , ذَرْعُهَا كَذَا وَكَذَا ، وَيُسَمِّي أَصْنَاف الْبَزِّ بِأَجْنَاسِهِ ، فيَقُولُ : اشْتَرُوا مِنِّي عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ ، فَيَشْتَرُونَ الأََعْدَالَ عَلَى مَا وَصَفَ لَهُمْ , ثُمَّ يَفْتَحُونَ , فَيَسْتَغْلُونَهَا وَيَنْدَمُونَ , إن ذَلِكَ لاَزِمٌ لَهُمْ إِذَا كَانَ مُوَافِقًا لِلْبَرْنَامَجِ الَّذِي بَاعَهُمْ عَلَيْهِ.
2663 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عَلَيْهِ عِنْدَنَا والَّذِي لَمْ يَزَلْ النَّاسُ يُجِيزُونَهُ بَيْنَهُمْ ، إِذَا كَانَ الْمَتَاعُ مُوَافِقًا لِلْبَرْنَامَجِ .(2/379)
(37) باب ما جاء في بيع الخيار في اختلاف البيعتين
2664 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ عَلَى صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ.(2/379)
2665 - قَالَ مَالِكٌ : وبَلَغَنى ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يُحَدِّثُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَيُّمَا بَيِّعَيْنِ تَبَايَعَا ، فَالْقَوْلُ مَا قَالَ الْبَائِعُ , أَوْ يَتَرَادَّانِ.(2/380)
2666 - قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً ، فَقَالَ الْبَائِعُ عِنْدَ مُوَجَبَةِ الْبَيْعِ : أَبِيعُكَ أَنْ أَسْتَشِيرَ فُلاَنًا ، فَإِنْ رَضِيَ , فَقَدْ جَازَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ كَرِهَ فَلاَ بَيْعَ بَيْنَنَا ، فَيَتَبَايَعَانِ عَلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ يَنْدَمُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْبَائِعُ : إِنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ لاَزِمٌ لَهُمَا ، عَلَى مَا وَصَفَا ، وَلاَ خِيَارَ فيه لِلْمُبْتَاعِ ، وَهُوَ لاَزِمٌ لَهُ ، وإِنْ أَحَبَّ الَّذِي اشْتَرَطَ لَهُ الْخِيَارَ أَنْ يُجِيزَ أَجَازَهُ.(2/380)
2667 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ ، فَيَخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ ، فَيَقُولُ الْبَائِعُ : بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، وَيَقُولُ الْمُبْتَاعُ : ابْتَعْتُهَا مِنْكَ بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ ، إِنَّهُ يُقَالُ لِلْبَائِعِ : إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِي الْمُشْتَرِي مَا قَالَ ، وَإِنْ شِئْتَ فَاحْلِفْ بِاللَّهِ مَا بِعْتَ إِلاَّ بِمَا قُلْتَ ، فَإِنْ حَلَفَ , قِيلَ لِلْمُشْتَرِي : إِمَّا أَنْ تَأْخُذَ السِّلْعَةَ بِمَا قَالَ الْبَائِعُ ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ بِاللَّهِ مَا اشْتَرَيْتَهَا إِلاَّ بِمَا قُلْتَ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِنْهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ عَلَى صَاحِبِهِ.(2/380)
(38) باب الربا في الدين
2668 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدٍ أَبِي صَالِحٍ , مَوْلَى السَّفَّاحِ , أَنَّهُ قَالَ : بِعْتُ بَزًّا لِي مِنْ أَهْلِ السوق , إِلَى أَجَلٍ ، ثُمَّ أَرَدْتُ الْخُرُوجَ إِلَى الْكُوفَةِ , فَعَرَضُوا عَلَيَّ أَنْ أَضَعَ عَنْهُمْ ، وَيَنْقُدُونِي , فَسَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَقَالَ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَ هَذَا وَلاَ تُوكِلَهُ.(2/381)
2669 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَفْصِ بن عمر بْنِ خَلْدَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أبيه ؛ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ دَّيْنُ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ عَنْهُ صَاحِبُ الْحَقِّ ، وَيُعَجِّلُهُ الآخَرُ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , وَنَهَى عَنْهُ.(2/381)
2670 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , أَنَّهُ قَالَ : كَانَ الرِّبَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الْحَقُّ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا حَلَّ الحق ، قَالَ : أَتَقْضِي أَو تُرْبِي ؟ فَإِنْ قَضَاه أَخَذَ منه، وَإِلاَّ زَادَهُ فِي حَقِّهِ ، وَأَخَّرَ عَنْهُ الأََجَلِ.(2/381)
2671 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ الْمَكْرُوهُ والَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا : أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ الدَّيْنُ إِلَى أَجَلٍ ، فَيَضَعُ عَنْهُ الطَّالِبُ ، وَيُعَجِّلُهُ الْمَطْلُوبُ ، وَذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُؤَخِّرُ دَيْنَهُ بَعْدَ مَحِلِّهِ عَنْ غَرِيمِهِ ، وَيَزِيدُهُ الْغَرِيمُ فِي حَقِّهِ ، فَهَذَا الرِّبَا بِعَيْنِهِ لاَ شَكَّ فِيهِ.(2/382)
2672 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ تكُونُ لَهُ عَلَى الرَّجُلِ مِائَةُ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِذَا حَلَّتْ ، قَالَ لَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : بِعْنِي سِلْعَةً يَكُونُ ثَمَنُهَا نَقْدًا مِائَةَ دِينَارٍ ، بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ديناراً إِلَى أَجَلٍ ، إن هَذَا لاَ يَصْلُحُ ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ.(2/382)
2673 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا كُرِهَ , لأَنَّهُ إِنَّمَا يُعْطِيهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ بِعَيْنِهِ ، وَيُؤَخِّرُ عَنْهُ الْمِائَةُ الأَُولَى إِلَى أجَلِ الَّذِي ذَكَرَ لَهُ آخِرَ مَرَّةٍ ، وَيَزْدَادُ خَمْسِينَ دِينَارًا فِي تَأْخِيرِهِ عَنْهُ ، فَهَذَا مَكْرُوهٌ ، لاَ يَصْلُحُ ، وَهُوَ أَيْضًا يُشْبِهُ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ، إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا حَلَّتْ دُيُونُهُمْ ، قَالُوا لِلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ : إِمَّا أَنْ تَقْضِيَ ، وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ ، فَإِنْ قَضَى أَخَذُوا ، وَإِلاَّ زَادُوهُمْ فِي حُقُوقِهِمْ , وَزَادُوهُمْ فِي الأََجَلِ.(2/382)
(39) باب جامع الدين
2674- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ،قال : حدثنَا مَالِكٍ بن أنس ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ.(2/383)
2675 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُوسَى بْنِ مَيْسَرَةَ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَسْأَلُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ : إِنِّي رَجُلٌ أَبِيعُ بِالدَّيْنِ ، فَقَالَ : لاَ تَبِتعْ إِلاَّ مَا آوَيْتَ إِلَى رَحْلِكَ.(2/383)
2676 - قَالَ مَالِكٌ فِي الَّرجل يَشْتَرِي السِّلْعَةَ مِنَ الرَّجُلِ عَلَى أَنْ يُوَفِّيَهُ تِلْكَ السِّلْعَةَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى , إِمَّا لِسُوقٍ يَرْجُو نَفَاقَهُ , وَإِمَّا لِحَاجَةٍ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ الَّذِي اشْتَرَطَ عَلَيْهِ , ثُمَّ يُخْلِفُهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الأََجَلِ , فَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي رَدَّ تِلْكَ السِّلْعَةِ عَلَى الْبَائِعِ : إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي , وَإِنَّ ذلك لاَزِمٌ لَهُ , وَلَوْ أَنَّ الْبَائِعَ جَاءَ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ قَبْلَ مَحِلِّ الأََجَلِ , لَمْ يُكْرَهِ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهَا.(2/384)
2677 - قَالَ مَالِكٌ الَّذِي يَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَكْتَالُهُ ، ثُمَّ يَأْتِيهِ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ ، فَيُخْبِرُ الَّذِي يَأْتِيهِ , أَنَّهُ قَدِ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ وَاسْتَوْفَاهُ ، فَيُرِيدُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُصَدِّقَهُ ، وَيَأْخُذَهُ بِمكَيْلِهِ : إنَّهُ مَا بِيعَ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إِلَى أَجَلٍ ، فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ , حَتَّى يَكْتَالَهُ الْمُشْتَرِي الآخَرُ لِنَفْسِهِ ويستوفيه ، وَإِنَّمَا كُرِهَ الَّذِي إِلَى أَجَلٍ أنَّهُ يكون ذَرِيعَةٌ إِلَى الرِّبَا ، أوَيُخَافُ أَنْ يُدَان ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ في غَيْرِ كَيْلٍ ، وَلاَ وَزْنٍ ، فَإِذا كَانَ إِلَى أَجَلٍ , فَهُوَ مَكْرُوهٌ , لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا.(2/384)
2678 - قَالَ مَالِكٌ : ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى غَائِبٍ ، وَلاَ حَاضِرٍ , إِلاَّ بِإِقْرَارٍ مِنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ ، وَلاَ عَلَى مَيِّتٍ ، وَلو عَلِمَ الَّذِي ما تَرَكَ الْمَيِّتُ ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَ ذَلِكَ غَرَرٌ
وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ : أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ ، أَوْ غَائِبٍ , لم يُدْرَى الغائب أحي أم ميت فلذلك كره اشتراء ما عليه وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ من اشتراء الذي على الميت أنه لايدرى مَا يَلْحَقُ الْمَيِّتَ مِنَ الدَّيْنِ الَّذِي لاَ يُعْلَمْ ، فَإِنْ لَحِقَ الْمَيِّتَ دَيْنٌ , ذَهَبَ الثَّمَنُ الَّذِي أَعْطَى الْمُبْتَاعُ بَاطِلاً.
وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا عَيْبٌ آخَرُ : أَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئًا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ لَهُ ، , وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ ذَهَبَ ثَمَنُهُ بَاطِلاً , فَهَذَا غَرَرٌ ولاَ يَصْلُحُ.(2/384)
2679 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا فُرِقَ بَيْنَ أَنْ لاَ يَبِيعَ الرَّجُلُ إِلاَّ مَا عِنْدَهُ ، وَأَنْ يُسَلِّفَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ لَيْسَ عِنْدَهُ أَصْلُهُ ، أَنَّ صَاحِبَ الْعِينَةِ ، إِنَّمَا يَحْمِلُ ذَهَبَهُ الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَبْيعَ بِهَا ، فَيَقُولُ هَذِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، فَمَاذا تُرِيدُ أَنْ أَشْتَرِيَ لَكَ بِهَا ؟ فَكَأَنَّهُ يَبِيعُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا إِلَى أَجَلٍ ، فَلِهَذَا كُرِهَ هَذَا ، وَإِنَّمَا تِلْكَ الدُّخْلَةُ وَالدُّلْسَةُ.(2/385)
(40) باب ما جاء في الشرك والتولية والثنيا
2680 - قَالَ مَالِكٌ : الأمر عندنا فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْبَزَّ الْمُصَنَّفَ ، وَيَسْتَثْنِي ثِيَابًا بِرُقُومِهَا ، إِنَّهُ إِنِ اشْتَرَطَ أَنْ يَخْتَارَ مِنْ ذَلِكَ الرَّقْمَ ، فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْه لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُ حِينَ اسْتَثْنَى ، فَإِنِّي أَرَاهُ شَرِيكًا فِي عَدَدِ الْبَزِّ الَّذِي اثتثنى مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ يَكُونُ رَقْمُهُمَا سَوَاءً , وَبَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فِي الثَّمَنِ.(2/385)
2681 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ بَأْسَ بِالشِّرْكِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ ، قَبَضَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ رِبْحٌ ، وَلاَ وَضِيعَةٌ ، وَلاَ تَأْخِيرٌ ، فَإِنْ دَخَلَه رِبْحٌ أَوْ تَأْخِيرٌ أَوْوَضِيعَةٌ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، صَارَ بَيْعًا يُحِلُّهُ مَا يُحِلُّ الْبَيْعَ ، وَيُحَرِّمُهُ مَا يُحَرِّمُ الْبَيْعَ ، وَلَيْسَ بِشِرْكٍ وَلاَ تَوْلِيَةٍ وَلاَ إِقَالَةٍ.(2/386)
2682 - قَالَ مَالِكٌ : مَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً بَزًّا أَوْ رَقِيقًا ، فَبَث بِهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ أَنْ يُشَرِّكَهُ , فَفَعَلَ ، وَنَقَدَ الثَّمَنَ صَاحِبَ السِّلْعَةِ جَمِيعًا ، ثُمَّ أَدْرَكَ السِّلْعَةَ شَيْءٌ فنْزِعُهَا مِنْ أَيْدِيهِمَ ، فَإِنَّ الْمُشَرَّكَ يَأْخُذُ مِنِ الَّذِي أَشْرَكَهُ الثَّمَنَ ، الَّذِي أَشْرَكَ بَهُ وَيَطْلُبُ المشرك بيعه الَّذِي بَاعَهُ السِّلْعَةَ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْشَرِّيكُ عَلَى الَّذِي أَشْرَكَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ ، وَعِنْدَ مُبَايَعَةِ الْبَائِعِ الأََوَّلِ ، وَقَبْلَ أَنْ يَتَفَاوَتَ ذَلِكَ , أَنَّ عُهْدَتَكَ عَلَى الَّذِي ابْتَعْتُ مِنْهُ ، فإِنْ تَفَاوَتَ ذَلِكَ ، وَفَاتَ الْبَائِعَ الأََوَّلَ , فَشَرْطُ الآخَرِ بَاطِلٌ , وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ.(2/386)
2683 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : اشْتَرِ هَذِهِ السِّلْعَةَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ ، وَانْقُدْ عَنِّي , وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، حِينَ قَالَ : انْقُدْ عَنِّي وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ سَلَفٌ يُسْلِفُهُ إِيَّاهُ ، ، وَلَوْ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ هَلَكَتْ ، أَوْ فَاتَتْ ، أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ شَرِيكِهِ مَا نَقَدَ عَنْهُ , فَهَذَا مِنَ السَّلَفِ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً.(2/386)
2684 - قَالَ مَالِكٌ : وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ سِلْعَةً ، فَوَجَبَتْ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ رَجُلٌ : أَشْرِكْنِي بِنِصْفِ هَذِهِ السِّلْعَةِ ، وَأَنَا أَبِيعُهَا لَكَ جَمِيعًا ، كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ ، وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ , أَنَّ هَذَا بَيْعٌ جَدِيدٌ ، بَاعَهُ نِصْفَ السِّلْعَةِ ، عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ النِّصْفَ الآخَرَ.(2/387)
(41) باب تقليس الغريم
2685 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ دَلاَفٍ الْمُزَنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ ، فَيُغْالِي بِهَا ، ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ , فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ ، فَأَفْلَسَ , فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - ، فَقَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، أَيُّهَا النَّاسُ ، فَإِنَّ الأَُسَيْفِعَ ، أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ ، أَنْ يُقَالَ : سَبَقَ الْحَاجَّ , أَلاَ وَإِنَّهُ دَانَ مُعْرِضًا ، فَأَصْبَحَ قَدْرِينَ بِهِ ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ , فَلْيَأْتِنَا بِالْغَدَاةِ ، نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ غرمائه ، وَإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ , فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ وَآخِرَهُ حَرْبٌ.(2/387)
2686 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا ، فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ، فإِنْ مَاتَ المشتري ، فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ.(2/388)
2687- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ رَّجُلُ مَالَهُ بِعَيْنِهِ ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ.(2/388)
2688 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا , فَأَفْلَسَ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا وَجَدَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ بِعَيْنِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ بَاعَ بَعْضَهُ ، وَفَرَّقَهُ , فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْغُرَمَاءِ ، لاَ يَمْنَعُهُ مَا فَرَّقَ الْمُبْتَاعُ مِنْهُ ، أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ بِعَيْنِهِ ، فَإِنِ اقْتَضَى مِنْ ثَمَنِ الْمُبْتَاعِ شَيْئًا , فَأَحَبَّ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَ مَا وَجَدَ مِنْ مَتَاعِهِ ، وَهو يَكُونَ فِيمَا لَمْ يَجِدْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَذَلِكَ لَهُ.(2/388)
2689 - قَالَ مَالِكٌ : وَمَنِ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنَ السِّلَعِ غَزْلاً أَوْ مَتَاعًا أَوْ بُقْعَةً مِنَ أرْضِ , ثُمَّ أَحْدَثَ فِي ذَلِكَ الْمُشْتَرِي عَمَلاً بَنَى الْبُقْعَةَ دَارًا ، أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ ثَوْبًا ، ثُمَّ أَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَ ذَلِكَ ، فَقَالَ رَبُّ الْبُقْعَةِ : أَنَا آخُذُ الْبُقْعَةَ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبُنْيَانِ ، فإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ ، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الْبُقْعَةُ وَمَا فِيهَا ، مِمَّا أَصْلَحَ الْمُشْتَرِي , ثُمَّ يُنْظَرُكَمْ ثَمَنُ الْبُنْيَانِ مِنْ بعد الْبُقْعَةِ ثُمَّ يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ ، بِقَدْرِ حِصَّتِهِ , لِلْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حِصَّةِ الْبُنْيَانِ.
وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، فَيكُونُ قِيمَةُ الْبُقْعَةِ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَقِيمَةُ الْبُنْيَانِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْبُقْعَةِ الثُّلُثُ ، وَيَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ الثُّلُثَانِ.
2690 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْغَزْلُ وَغَيْرُهُ مِمَّا أَشْبَهَهُ ، إِذَا دَخَلَهُ هَذَا ، فهَذَا الْعَمَلُ فِيهِ.(2/389)
2691 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا مَن ابِتاعَ مِنَ السِّلَعِ الَّتِي لَمْ يُحْدِثْ فِيهَا الْمُبْتَاعُ شَيْئًا ، إِلاَّ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ نَفَقَتْ ، وَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا ، فَصَاحِبُهَا يَرْغَبُ فِيهَا ، وَالْغُرَمَاءُ يُرِيدُونَ إِمْسَاكَهَا ، فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يُخَيَّرُونَ في أَنْ يُعْطُوا رَبَّ السِّلْعَةِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ ، وَلاَ يُنَقِّصُونهُ شَيْئًا ، وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمُوا إِلَيْهِ سِلْعَتَهُ ، فإِنْ كَانَتِ السِّلْعَةُ قَدْ نَقَصَ ثَمَنُهَا ، فَالَّذِي بَاعَهَا بِالْخِيَارِ , إِنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ ، وَلاَ تِبَاعَةَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ غَرِيمًا مِنَ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ بِحَقِّهِ ، وَلاَ يَأْخُذُ سِلْعَتَهُ , فَذَلِكَ لَهُ.(2/389)
2692 - قَالَ مَالِكٌ فِيمَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً أَوْ دَابَّةً , فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي ، فَإِنَّ الْجَارِيَةَ أَوِ الدَّابَّةَ وَوَلَدَهَا لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَرْغَبَ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ , فَيُعْطُونَهُ حَقَّهُ كَامِلاً ، وَيُمْسِكُونَ ذَلِكَ.(2/390)
(24) باب ما يجوز من السلف
2693 -حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بَكْرًا ، فَجَاءَتْهُ إِبِلٌ مِنَ الصَّدَقَةِ ، قَالَ أَبُو رَافِعٍ : فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَنْ أَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ ، فَقُلْتُ : لَمْ أَجِدْ فِي الْإِبِلِ إِلَّا جَمَلًا خِيَارًا رَبَاعِيًا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَعْطِهِ إِيَّاهُ فَإِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً.(2/390)
2694 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ , أَنَّهُ قَالَ : اسْتَسْلَفَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ مِنْ رَجُلٍ دَرَاهِمَ ، ثُمَّ قَضَاهُ دَرَاهِمَ خَيْرًا مِنْهَا ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , هَذِهِ خَيْرٌ مِنْ دَرَاهِمِي الَّتِي أَسْلَفْتُكَ ، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ : قَدْ عَلِمْتُ ذلك , وَلَكِنْ نَفْسِي بِذَلِكَ طَيِّبَةٌ.(2/391)
2695 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِأَنْ يُقْتضَي مَنْ أُسْلِفَ شَيْئًا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْوَرِقِ أَوِ الطَّعَامِ أَوِ الْحَيَوَانِ خيراً مِمَّا أَسْلَفَهُ ذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَن شَرْطٍ مِنْهُمَا أَوْ وَأْيٍ أَوْ عَدَةٍ ،فإن كان ذلك على شرط أَوْ وَأْيٍ أَوْ عَدَةٍ فإن ذَلِكَ مَكْرُوهٌ ، لاَ خَيْرَ فِيهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى جَمَلاً خِيَارًا رَبَاعِيًا مَكَانَ بَكْرٍ اسْتَسْلَفَهُ ، وَأَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ اسْتَسْلَفَ دَرَاهِمَ , فَقَضَى خَيْرًا مِنْهَا ، فَإِذا كَانَ ذَلِكَ عَن طِيبِ نَفْسٍ مِنَ الْمُسْتَسْلِفِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى وَأْيٍ وَلاَ شَرْطٍ وَلاَ عَدَةٍ , كَانَ ذَلِكَ حَلاَلاً لاَ بَأْسَ بِهِ.(2/391)
(43) باب ما لا يجوز من السلف
2696 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ فِي رَجُلٍ أَسْتسلَفَ من رَجُل طَعَامًا , عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إِيَّاهُ ببَلَدٍ آخَرَ ، فَكَرِهَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَقَالَ : فَأَيْنَ الْحَمْلُ ؟.(2/392)
2697 - قَالَ مَالِكٌ : بَلَغَني , أَنَّ رَجُلاً أَتَى عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ , إِنِّي أَسْلَفْتُ رَجُلاً ، وَاشْتَرَطْتُ عَلَيْهِ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتُهُ ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ : فَذَلِكَ الرِّبَا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بن عمر : السَّلَفُ عَلَى ثَلاَثَةِ وُجُوهٍ : سَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللهِ - عز وجل - ، فَلَكَ وَجْهُ اللهِ ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ صَاحِبِكَ ، فَلَكَ وَجْهُ صَاحِبِكَ ، وَسَلَفٌ تُسْلِفُهُ لِتَأْخُذَ خَبِيثًا بِطَيِّبٍ ، قَالَ : فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ؟ قَالَ : أَرَى أَنْ تَشُقَّ الصَّحِيفَةَ ، فَإِنْ أَعْطَاكَ مِثْلَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ قَبِلْتَهُ ، وَإِنْ أَعْطَاكَ دُونَ الَّذِي أَسْلَفْتَهُ , فَأَخَذْتَ أُجِرْتَ ، وَإِنْ أَعْطَاكَ أَفْضَلَ مِمَّا أَسْلَفْتَهُ طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ ، فَذَلِكَ شُكْرٌ شَكَرَهُ , وَلَكَ أَجْرُ مَا أَنْظَرْتَهُ.(2/392)
2698 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا فَلاَ يَشْتَرِطْ إِلاَّ قَضَاءَهُ.(2/393)
2699- قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ بَلَغَني ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قال : مَنْ أَسْلَفَ سَلَفًا اشْتَرِطْ أَفْضَلَ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَتْ قَبْضَةً مِنْ عَلَفٍ فَهُوَ رِبًا.(2/393)
2700 -قال أبو مصعب : قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّه مَنِ اسْلَفَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِصِفَةٍ وَتَحْلِيَةٍ مَعْروفةٍ , فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ , وَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ , إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْوَلاَئِدِ , فَإِنَّهُ يُخَافُ فِي ذَلِكَ الذَّرِيعَةُ إِلَى إِحْلاَلِ مَا لاَ يَحِلُّ ولاَ يَصْلُحُ , وَتَفْسِيرُ مَا كُرِهَ مِنْ ذَلِكَ , يَسْتَسْلِفَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ فَيُصِيبُهَا مَا بَدَا لَهُ , ثُمَّ يَرُدُّهَا إِلَى صَاحِبِهَا بِعَيْنِهَا , فَذَلِكَ لاَيَحِلُّ وَلاَ يَصْلُحُ , وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ يَنْهَوْنَ عَنْهُ , وَلاَ يُرَخِّصُونَ فِيهِ لأَحَدٍ.(2/393)
(44) باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة
2701 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ عبد الله بْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لا يَبِيعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلاَ تَلَقَّوُا السَّلْعَةَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا الأَسْوَاق.(2/393)
2702 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ لِلْبَيْعِ ، وَلاَ يَبِيعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَلاَ تَنَاجَشُوا ، وَلاَ يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ، وَلاَ تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ ، ومَنِ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ.(2/394)
2703 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذلك من قَوْلِ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِيمَا نُرَى , وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، لاَ يَبِيعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ , أَنَّهُ إِنَّمَا نَهَى أَنْ يَسُومَ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ ، إِذَا رَكَنَ الْبَائِعُ إِلَى السَّائِمِ , وَجَعَلَ يَشْتَرِطُ وَزْنَ الذَّهَبِ ، وَيَتَبَرَّأُ مِنَ الْعُيُوبِ ، وَمَا أَشْبَهَ هَذَا مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ , أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَرَادَ مُبَايَعَةَ السَّائِمِ , فَهَذَا الَّذِي نَهَى عَنْهُ.(2/394)
2704 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ بَأْسَ بِالسَّوْمِ بِالسِّلْعَةِ تُوقَفُ لِلْبَيْعِ ، فَيَسُومُ بِهَا غَيْرُ وَاحِدٍ.
وَلَوْ تَرَكَ السَّوْمَ بها عِنْدَ أَوَّلِ مَنْ يَسُومُ بِهَا , أُخِذَتْ بِشِبْهِ الْبَاطِلِ مِنَ الثَّمَنِ ، وَلَمْ يَزَلِ الأََمْرُ عَلَى هَذَا عِنْدَنَا.(2/395)
(45) جامع البيوع
2705 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ ابن عمر ، أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْدَعُ فِي الْبُيُوعِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِذَا بَايَعْتَ ، فَقُلْ : لا خِلاَبَةَ قَالَ : فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا بَايَعَ ، يَقُولُ : لا خِلاَبَةَ.(2/395)
2706 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : إِذَا جِئْتَ أَرْضًا يُوفُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ , فَأَطِلِ الْمُقَامَ بِهَا ، وَإِذَا جِئْتَ أَرْضًا يُنَقِّصُونَ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ، فَأَقْلِلِ الْمُقَامَ بِهَا.(2/395)
2707 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , أَنَّهُ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ : أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِنْ بَاعَ سَمْحًا ، إِنِ ابْتَاعَ سَمْحًا، إِنْ قَضَى سَمْحًا، إِنِ اقْتَضَى.(2/396)
2708 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الإِبِلَ وِ الْغَنَمَ ، أَوِ الْبَزَّ أَوِ الرَّقِيقَ أَوْ شَيْئًا مِنَ الْعُرُوضِ جِزَافًا : فإِنَّهُ لاَ يَكُونُ الْجِزَافُ فِيمَّا يُعَدُّ عَدًّا.(2/396)
2709 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُعْطِي الرَّجُلَ السِّلْعَةَ يَبِيعُهَا ، وَقَدْ قَوَّمَهَا صَاحِبُهَا قِيمَةً ، فَقَالَ : إِنْ بِعْتَهَا بِهَذَا الثَّمَنِ الَّذِي أَمَرْتُكَ بِهِ فَلَكَ دِينَارٌ ، أَوْ شَيْءٌ يُسَمِّيهِ لَهُ يَتَرَاضَيَانِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَبِعْهَا فَلَيْسَ لَكَ شَيْءٌ ، إِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ ، إِذَا سَمَّى ثَمَنًا يَبِيعُهَا بِهِ ، وَسَمَّى أَجْرًا مَعْلُومًا إِن بَاعَ أَخَذَ ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ فَلاَ شَيْءَ لَهُ.(2/396)
2710 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجُلُ يَقُولَ لِلرَّجُلِ : إِنْ قَدَرْتَ عَلَى غُلاَمِي الآبِقِ , أَوْ جِئْتَ بِجَمَلِي الشَّارِدِ , فَلَكَ كَذَا وَكَذَا ، فَهَذَا مِنْ بَابِ الْجُعْلِ ، فلَوْ كَانَ مِنْ بَابِ الأ جَرَةِ لَمْ يَصْلُحْ.(2/396)
2711 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرَّجُلُ يُعْطِي الرجل السِّلْعَةَ ، فَيُقَولُ : بِعْهَا وَلَكَ فِي كَذَا وَكَذَا دِينَارٍ لِشَيْءٍ يُسَمِّيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَصْلُحُ ، لأَنَّهُ كُلَّمَا نَقَصَ دِينَارٌ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ , نَقَصَ مِنْ حَقِّهِ الَّذِي سَمَّاه لَهُ ، فَهَذَا غَرَرٌ لاَ يَدْرِي كَمْ جَعَلَ لَهُ.(2/397)
2712 - قَالَ مَالِكٌ : إنَّهُ سَأَلَ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنِ الرَّجُلِ يَتَكَارَى الدَّابَّةَ ، ثُمَّ يُكْرِيهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا تَكَارَاهَا بِهِ ، قَالَ : لاَ بَأْسَ بِذَلِكَ.(2/397)
2713- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنِ النَّجْشِ.(2/397)
2714- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابن شهاب ، عَنْ عُبَيْد الله بن عَبْدِ الَّلهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍٍ ، أن رَسُول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم سئل عَنْ فأرةٍ سقطت في سمنٍ ، فماتت ، فَقَالَ : خُذُوهَا وَمَا حَوْلَهَا مِنَ السَّمْنِ فَاطْرَحُوهُ.
آخر كتاب البيوع(2/398)
كتاب العتق
(1) باب القضاء فيمن أعتق شركاً له في مملوك
2715 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ مولى عبد الله بن عمر ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ ، فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ ، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، وَأعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ ، وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ.(2/399)
82716 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يُعْتِقُ سَيِّدُهُ ، ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ أَوْ نِصْفَهُ ، أَوْ سَهْمًا مِنَ أسْهُمِ عْندَ مَوْتِهِ ، أَنَّهُ لاَ يَعْتِقُ مِنْهُ إِلاَّ مَا أَعْتَقَ سَيِّدُهُ , وَسَمَّاه ، وَذَلِكَ أَنَّ عَتَاقَةَ ذَلِكَ الشِّقْصِ ، إِنَّمَا وَجَبَتْ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَيِّتِ ، وَأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ مُخَيَّرًا مَا عَاشَ , فَلَمَّا وَقَعَ الْعِتْقُ لِلْعَبْدِ ، لَمْ يَكُنْ لِلْمُعتق إِلاَّ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَمْ يَعْتِقْ مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ ، لَيْسُوا هُمُ ابْتَدَؤُوا الْعَتَاقَةَ ، وَليس لَهُمُ الْوَلاَءُ , وَإِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَ ، وَثْبِتَ لَهُ الْوَلاَءُ ، ولم يُحْمَلُ ذَلِكَ فِي مَالِ غَيْرِهِ , إِلاَّ أَنْ يُوصِيَ بِأَنْ يَعْتِقَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَزِمٌ لِوَرَثَتِهِ ، وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَأْبَوْا ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَهُوَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، لأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ.(2/399)
2717 - قَالَ مَالِكٌ : من أَعْتَقَ ثُلُثَ عَبْدِ ، فَبَتَّ عِتْقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ عَتَقَ عَلَيْهِ كُلُّهُ فِي ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، لأَنَّ ذلك الَّذِي يُعْتِقُ ثُلُثَ عَبْدِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ، لَوْ عَاشَ رَجَعَ فِيهِ ، وَلَمْ يَعقد عِتْقُهُ ، وَأَنَّ الَّذِي بِتُّ سَيِّدُهُ ثُلُثِهِ فِي مَرَضِهِ ، يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّهُ إِنْ عَاشَ ، وَإِنْ مَاتَ كان فِي ثُلُثِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ أَمْرَ الْمَيِّتِ جَائِزٌ فِي ثُلُثِهِ ، كَمَا أَمْرَ الصَّحِيحِ جَائِزٌ فِي مَالِهِ.(2/400)
2718 - وقَالَ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فَبَتَّ عِتْقَهُ ، حَتَّى تَجُوزَ شَهَادَتُهُ وَتَثبتَ حُرْمَتُهُ , وَيَثْبُتَ مِيرَاثُهُ ، فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا اشْتَرِطُ عَلَى عَبْدِهِ وَلاَ يَجعل عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الرِّقِّ ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ , أقيم عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَبد ، ثم أَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ ، وأَعَتَقَ ِ الْعَبْدُ عَلَيْه.(2/400)
2719 - قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ إِذَا كَانَ الْعَبْدُ لَهُ خَالِصًا أَحَقُّ بِاسْتِكْمَالِ عَتَاقَتِهِ ، لاَ يَخْالِطُهَا شَيْءٍ مِنَ الرِّقِّ.(2/401)
(2) باب القضاء فيمن أعتق رقيقا له عند موته لا يملك غيرهم
2720 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، أَنَّ رَجُلًا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَعْتَقَ أعبدًا لَهُ سِتَّةً عِنْدَ مَوْتِهِ ، فَأَسْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم بَيْنَهُمْ ، فَأَعْتَقَ ثُلُثَ ذلك الرقيق.(2/401)
2721 - قَالَ مَالِك : بَلَغَنِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الرَّجُلِ مَالٌ غَيْرُهُمْ(2/401)
2722 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ رَجُلاً فِي زمانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، أَعْتَقَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ ، فَأَمَرَ أَبَانُ بذلكَ الرَّقِيقِ , فَقُسِموا أَثْلاَثًا ، فأَسْهَمَ بينهم عَلَى أَيِّهِمْ يَخْرُجُ سَهْمُ الْمَيِّتِ فخَرَجَ السَّهْمُ عَلَى أَحَدِ الأََثْلاَثِ , فَعُتِقُوا.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.(2/401)
(3) باب القضاء في مال العبد
2723 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنِ شِهَابٍ يَقُولُ : مَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ.(2/402)
2724 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ : وأَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أعتق تَبِعَهُ مَالُهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ عَقْدَ كِتَابَتهِ هُوَ عَقْدُ الْوَلاَءِ ، إِذَا تَمَّ ذَلِكَ , وَلَيْسَ مَالُ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ مَا كَانَ لَهُمَا مِنْ وَلَدٍ , وإِنَّمَا ولدُهُمَا بِمَنْزِلَةِ رِقَابِهِمَا , لَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ أَمْوَالِهِمَا , لأَنَّ السُّنَّةَ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ , وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ يتَبِعَهُ مَالُهُ وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ .
2725 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ الْعَبْدَ وَالْمُكَاتَبَ إِذَا أَفْلَسَا , أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمَا وَأُمَّهَاتُ أَوْلاَدِهِمَا ، وَلَمْ يؤْخَذْ أَوْلاَدُهُمَا , لأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِأَمْوَالَهُمَا.
2726 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا بِيعَ وَاشْتَرَطَ الَّذِي ابْتَاعَهُ مَالَهُ ، لَمْ يَدْخُلْ وَلَدُهُ فِي مَالِهِ.
2727 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَرَحَ أُخِذَ هُوَ وَمَالُهُ , وَلَمْ يُؤْخَذْ وَلَدُهُ.(2/402)
(4) جامع القضاء في العتاقة
2728 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ؛ أَنَّ عُمَرَ قَالَ : أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا ، فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهَا وَلاَ يَهَبُهَا ، وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا ماعاش ، فَإن مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ.(2/403)
2729 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُمَرَ أَتَتْهُ وَلِيدَةٌ قَدْ ضَرَبَهَا سَيِّدُهَا بِنَارٍ أَوْ أَصَابَهَا بِهَا , فَأَعْتَقَهَا.
قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الذي لا اختلاف فيه عِنْدَنَا : أَنَّهُ لاَ يجُوزُ عَتَاقَةُ الرَجُلٍ , وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ ، وَأَنَّهُ لاَ يجُوزُ عَتَاقَةُ الْغُلاَمِ , حَتَّى يَحْتَلِمَ أَوْ يَبْلُغَ مَا يبْلَغَ الْحلمِ , ولاَ يَجُوزُ عَتَاقَةُ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فِي مَالِهِ ، وَإِنْ بَلَغَ الْحُلُمَ حَتَّى يَلِيَ مَالَهُ.(2/403)
(5) باب ما يجوز من العتق في الرقاب
2730 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ أُسَامَةَ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ ، أَنَّهُ قَالَ : أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ جَارِيَةً لِي كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا لِي ، فَجِئْتُهَا ففُقِدَتْ شَاةٌ مِنَ الْغَنَمِ ، فَسَأَلْتُهَا عَنْهَا ، فَقَالَتْ : قتلها الذِّئْبُ فَأَسِفْتُ عَلَيْهَا ، وَكُنْتُ مِنْ بَنِي آدَمَ ، فَلَطَمْتُ وَجْهَهَا ، وَعَلَيَّ رَقَبَةٌ ، أَفَأُعْتِقُهَا ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَيْنَ اللَّهُ ؟ فَقَالَتْ : فِي السَّمَاءِ قَالَ : مَنْ أَنَا ؟ قالت : أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ : أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ.
قَالَ عُمَر : يا رَسُول اللَّه ، أشياء كُنَّا نصنعها فِي الْجَاهِلِيَّة ، كُنَّا نأتي الكهان ، فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : لا تأتوا الكهان.
قَالَ : وكنا نتطير ، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّمَا ذَلِكَ شيء يجده أحدكم فِي نفسه ، فلا يضرنكم.(2/404)
2731 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم في جَارِيَةٍ لَهُ سَوْدَاءَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ عَلَيَّ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً ، أفأعتق هذه ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَتَشْهَدِينَ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ : أَتَشْهَدِينَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ : أَتُوقِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : فَأَعْتِقْهَا إذًا.(2/405)
2732 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ ، أَنَّهُ سَألَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ الرَّجُلِ يكُونُ عَلَيْهِ الرَقَبَةٌ ، هَلْ يُعْتِقُ فِيهَا ابْنَ الزِنًا ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : نَعَمْ ، ذَلِكَ يُجْزِئُهُ.
2733 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ مِثْلُ ذَلِكَ.(2/405)
(6) باب ما لا يجوز في العتق في الرقاب الواجبة
2734 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الرَّقَبَةِ الْوَاجِبَةِ أَتُشْتَرَى بِشَرْطٍ ؟ فَقَالَ : لاَ.(2/406)
2735 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ ، أَنَّهُ لاَ يَشْتَرِيهَا الَّذِي يشتريها بِشَرْطٍ عَلَى أَنهْ يُعْتِقَهَا ، لأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ , فَلَيْسَتْ بِرَقَبَةٍ تَامَّةٍ لِلَّذِي يشتريها لأنه يوضع عنه من ثمنها للذي يَشْتَرِطُ مِنْ عِتْقِهَا.
2736 - وَلاَ بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرجل الرَّقَبَةَ فِي التَّطَوُّعِ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ يُعْتِقَهَا.(2/406)
2737 - قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ ، أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ فِيهَا يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ ، وأنه َلاَ يُعْتَقُ فِيهَا مُكَاتَبٌ ، وَلاَ مُدَبَّرٌ , وَلاَ أُمُّ وَلَدٍ ، وَلاَ مُعْتَقٌ إِلَى سِنِينَ ، وَلاَ أَعْمَى ، وَلاَ بَأْسَ بأَنْ يُعْتَقَ النَّصْرَانِيُّ وَالْيَهُودِيُّ وَالْمَجُوسِيُّ تَطَوُّعًا ، لأَنَّ اللَّهَ عزوجل يقول : {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} فَالْمَنُّ : الْعَتَاق.(2/406)
2738 - وَأَمَّا الرِّقَابُ الْوَاجِبَةُ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ تارك وتعالى فِي كِتَابِه ، فَإِنَّهُ لاَ يُعْتَقُ فِيهَا إِلاَّ رَقَبَةٌ مُؤْمِنَةٌ.(2/407)
2739 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ إِطْعَامِ الْمَسَاكِينِ فِي الْكَفَّارَاتِ , لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُطْعَمَ فِي الكفارات إِلاَّ الْمُسْلِمينَ ، وَلاَ يُطْعَمُ فِيهَا أَحَدٌ عَلَى غَيْرِ دِينِ الإِسْلاَمِ.(2/407)
(7) باب العتق عن الميت
2740 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ ، أَنَّ أُمَّهُ أَرَادَتْ أَنْ تُوصِيَ ، ثُمَّ أَخَّرَتْ ذَلِكَ إِلَى أَنْ تُصْبِحَ ، فَهَلَكَتْ ، وَقَدْ كَانَتْ هَمَّتْ بِأَنْ تُعْتِقَ ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ : فَقُلْتُ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ : أَيَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بن محمد : إِنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ ، قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : إِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ ، فَهَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أُعْتِقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : نَعَمْ.(2/407)
2741 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , قَالَ : تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصديق رحمة الله عليه فِي نَوْمٍ نَامَهُ , فَأَعْتَقَتْ عَنْهُ عَائِشَةُ , أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رِقَابًا.(2/408)
(8) باب فضل الرقاب وما يجوز منها
2742 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم سُئِلَ عَنْ الرِّقَابِ ، أَيُّهَا أَفْضَلُ ؟ فَقَالَ : أَغْلاَهَا ثَمَنًا ، وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا.(2/408)
2743 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ أَعْتَقَ ابن الزِنًا وَأُمَّهُ.(2/408)
(9) باب الولاء لمن أعتق
2744 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : جاءتني بَرِيرَةُ ، فَقَالَتْ : إِنِّي كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ ، فَأَعِينِينِي قَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ عَدَدْتُهَا ، وَيَكُونَ لِي وَلاَؤُكِ ، قال : فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إِلَى أَهْلِهَا ، فَقَالَتْ لَهُمْ ذَلِكَ ، فَأَبَوْا عَلَيْهَا ، فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم جَالِسٌ ، فَقَالَتْ : إِنِّي قَدْ عَرَضْتُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَأَبَوْا إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلاَءُ لَهُمْ ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَسَأَلَهَا ، فَأَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاَءَ ، فَإِنَّ الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ قالت عَائِشَةُ : ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم فِي النَّاسِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ ، فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل ؟ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ ، قَضَاءُ اللَّهِ تبارك وتعالى أَحَقُّ ، وَشَرْطُ اللَّهِ عز وجل أَوْثَقُ ، وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.(2/409)
2745 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عبد الله بن عمر ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَرَادَتْ أَنْ تَشْتَرِيَ جَارِيَةً تُعْتِقُهَا ، فَقَالَ أَهْلُهَا : نَبِيعُكِهَا عَلَى أَنَّ وَلاَءَهَا لَنَا ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقَالَ : لا يَمْنَعَنَّكِ ذَلِكَ ، فَإِنَّ الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.(2/409)
2746 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ : إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَأُعْتِقَكِ ، فَعَلْتُ ويكون لي ولاؤك ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ بَرِيرَةُ لِأَهْلِهَا ، فَقَالُوا : لا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الولاء لَنَا.
قَالَ مَالِكٌ : قَالَ يَحْيَى : قَالَتْ عَمْرَةُ : إِنَّ عَائِشَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لاَ يَمْنَعكِ ذَلِكَ ، فَاشْتَرِيهَا فَأَعْتِقِيهَا ، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.(2/410)
2747 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ ابن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ وَعَنْ هِبَتِهِ.(2/410)
2748 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَبْدِ يَبْتَاعُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ , عَلَى أَن يُوَالِي مَنْ شَاءَ : إِنَّ ذَلِكَ لاَ يَجُوزُ , وَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَذِنَ لِمَوْلاَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ ، جَازَ ذَلِكَ له ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ , وَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ , وَعَنْ هِبَتِهِ , فَإِذَا جَازَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يأذن لَهُ ، أن يشترط ذلك أَوْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُوَالِيَ مَنْ شَاءَ ، فَتِلْكَ الْهِبَةُ.(2/410)
(10) باب جر الأب الولاء إذا أعتق
2749 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ اشْتَرَى عَبْدًا ، فَأَعْتَقَهُ ، وَلِذَلِكَ الْعَبْدِ بَنُونَ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، فَلَمَّا أَعْتَقَهُ قَالَ الزُّبَيْرُ : هُمْ مَوَالِيَّ ، وَقَالَ : مَوَالِي أُمِّهِمْ ، هُمْ مَوَالِينَا ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَقَضَى عُثْمَانُ لِلزُّبَيْرِ بِوَلاَئِهِمْ.(2/411)
2750 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلَدٌ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، لِمَنْ وَلاَؤُهُ ؟ فَقَالَ سَعِيدٌ : إِنْ مَاتَ أَبُوهُمْ وَهُوَ عَبْدٌ لَمْ يُعْتَقْ , فَوَلاَؤُهُمْ لِمَوَالِي أُمِّهِمْ.
2751 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، مِثْلَ حَدِيثِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.(2/411)
2752 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ إذَا وَلَدَتْ مِنْ الْعَبْدِ ، ثُمَّ عُتِقَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَجُرُّ وَلاَءَ وَلَدِهِ إِلَى مَنْ أَعْتَقَهُ.(2/411)
2753 - قَالَ وَمَثَلُ ذَلِكَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ مِنَ الْمَوَالِي يُنْسَبُ إِلَى مَوَالِي أُمِّهِ ، فينسبون فَيَكُونُونَ مَوَالِيَهُ ، إِنْ مَاتَ وَرِثُوهُ ، وَإِنْ جَرَّ جَرِيرَةً ، عَقَلُوا عَنْهُ ، وينسب إليهم فَإِنِ اعْتَرَفَ بِهِ أَبُوهُ لحِقَ بِهِ الولد , وكَانَ وَلاَؤُهُ إِلَى مَوَالِي أَبِيهِ ، وَكَانَ مِيرَاثُهُ لَهُمْ , وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ ، وَيُجْلَدُ أَبُوهُ الْحَدَّ.(2/412)
2754 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُلاَعِنَةُ مِنَ الْعَرَبِ , إِذَا اعْتَرَفَ زَوْجُهَا الَّذِي لاَعَنَهَا بِوَلَدِهَا ، كَانَ بهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، إِلاَّ أَنَّ بَقِيَّةَ مِيرَاثِهِ ، بَعْدَ مِيرَاثِ أُمِّهِ وَإِخْوَانِهِ لأُمِّهِ ، لِجماعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَا لَمْ يُلْحَقْ بِأَبِيهِ , قالَ وَإِنَّمَا وَرَّثَ وَلَدُ الْمُلاَعَنَةِ الْمُوَالاَةَ مَوَالِيَ أُمِّهِ , قَبْلَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ أَبُوهُ ، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَلاَ عَصَبَةٌ ، فَلَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ صَارَ إِلَى عَصَبَتِهِ.(2/412)
2755 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي وَلَدِ الْعَبْدِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، وَأَبُو الْعَبْدِ حُرٌّ : أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الْعَبْدِ يَجُرُّ وَلاَءَ وَلَدِ ابْنِهِ الأََحْرَارِ مِنِ امْرَأَةٍ حُرَّةٍ ، وَيَرِثُهُمْ مَا دَامَ أَبُوهُمْ عَبْدًا ، فَإِذا عَتَقَ أَبُوهُمْ , رَجَعَ الْوَلاَءُ إِلَى مَوَالِيهِ ، وَإِنْ مَاتَ وَهُوَ عَبْدٌ , كَانَ الْمِيرَاثُ وَالْوَلاَءُ لِلْجَدِّ ، وَلَوْ أَنَّ الْعَبْدُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ حُرَّانِ , فَمَاتَ أَحَدُهُمَا , وَأَبُوهُ عَبْدٌ ، جَرَّ الْجَدُّ أَبُو الأََبِ ، الْوَلاَءَ.(2/412)
2756 - وَقَالَ فِي الأََمَةِ تُعْتَقُ وَهِيَ حَامِلٌ , وَزَوْجُهَا مَمْلُوكٌ , ثُمَّ يَعْتِقُ زَوْجُهَا , قَبْلَ أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا أَوْ بَعْدَ مَا وَضَعَت : إِنَّ وَلاَءَ مَا فِي بَطْنِهَا لِلَّذِي أَعْتَقَ أُمَّهُ ، لأَنَّ ذَلِكَ الْوَلَدَ قَدْ كَانَ أَصَابَهُ الرِّقُّ قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ أُمُّهُ ، وَلَيْسَ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتَاقَةِ , لأَنَّ الَّذِي تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ بَعْدَ الْعَتقِ إِذَا أُعْتِقَ أَبُوهُ جَرَّ وَلاَءَهُ.(2/413)
2757 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبْدِ يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ أَنْ يُعْتِقَ عَبْدًا لَهُ , فَيَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ : إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ ، وَلاَ يَرْجِعُ وَلاَؤُهُ إِلَى سَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ.(2/413)
(11) باب ميراث الولاء
2758 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ , أَنَّ الْعَاصِيَ بْنَ هِشَامٍ هَلَكَ ، وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً ، ابنَانِ لأُمٍّ ، وَرَجُلٌ لِعَلَّةٍ ، فَهَلَكَ أَحَدُ اللَّذَيْنِ لأُمٍّ ، وَتَرَكَ مَالاً وَمَوَالِيَ , فَوَرِثَهُ أَخُوهُ الذي لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، مَالَهُ وَوَلاَءَ مَوَالِيهِ ، ثُمَّ هَلَكَ الَّذِي وَرِثَ الْمَالَ وَوَلاَءَ الْمَوَالِي ، وَتَرَكَ ابْنَهُ وَأَخَاهُ لأَبِيهِ ، فَقَالَ ابْنُهُ : قَدْ أَحْرَزْتُ مَا كَانَ أَبِي أَحْرَزَ مِنَ الْمَالِ وَوَلاَءِ الْمَوَالِي ، فَقَالَ أَخُوهُ : لَيْسَ كَذَلِكَ , إِنَّمَا أَحْرَزْتَ الْمَالَ , وَأَمَّا وَلاَءُ الْمَوَالِي ، فَلاَ ، أَرَأَيْتَ لَوْ هَلَكَ أَخِي الْيَوْمَ , أَلَسْتُ أَرِثُهُ ؟ فَاخْتَصَمَا إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ , فَقَضَى لأَخِيهِ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.(2/413)
2759 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْر ، أَن أباه أَخْبَرَهُ , أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، فَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ جُهَيْنَةَ , وَنَفَرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ , وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ جُهَيْنَةَ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ , يُقَالُ لَهُ : إِبْرَاهِيمُ بْنُ كُلَيْبٍ ، فَمَاتَتِ الْمَرْأَةُ , وَتَرَكَتْ مَالاً وَمَوَالِيَ , فَوَرِثَهَا زَوْجُهَا وَابْنُهَا ، ثُمَّ مَاتَ ابْنُهَا ، فَقَالَ وَرَثَتُهُ : لَنَا وَلاَءُ الْمَوَالِي ، قَدْ كَانَ ابْنُهَا أَحْرَزَهُ ، فَقَالَ الْجُهَنِيُّونَ : لَيْسَ كَذَلِكَ , إِنَّمَا هُمْ مَوَالِي صَاحِبَتِنَا ، فَإِذَا مَاتَ وَلَدُهَا فَلَنَا وَلاَؤُهُمْ ، وَنَحْنُ نَرِثُهُمْ ، فَقَضَى أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ لِلْجُهَنِيِّينَ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.(2/414)
2760 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ فِي رَجُلٍ هَلَكَ وَتَرَكَ بَنِينَ لَهُ ثَلاَثَةً ، وَتَرَكَ مَوَالِيَ أَعْتَقَهُمْ مِن عَتَاقَةً ، ثُمَّ إِنَّ الرَّجُلَيْنِ مِنْ بَنِيهِ هَلَكَا ، وَتَرَكَا وَلَدًا ، فَقَالَ سَعِيدُ : يَرِثُ ولاء الْمَوَالِيَ الْبَاقِي مِنَ الثَّلاَثَةِ ، فَإِذَا هَلَكَ ، فَوَلَدُهُ وَوَلَدُ إِخْوَتِهِ فِي الْمَوَالِي ، شَرَعاً ، سَوَاءٌ.(2/414)
(12) ميراث السائبة وولاؤه
2761 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ وَلاَءِ السَّائِبَةِ ؟ فَقَالَ : يُوَالِي مَنْ شَاءَ , فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَالِي أَحَدًا , فَمِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلُهُ عَلَيْهِمْ.(2/415)
2762 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيز أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا ، فَتُوفِّي.
قَالَ إِسْمَاعِيلُ : فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : أَنْ آخُذَ مَالَهُ ، فَأَجْعَلُهُ فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.(2/415)
2763 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي السَّائِبَةِ : أَنَّهُ لاَ يُوَالِي أَحَدًا ، وَأَنَّ وَلاَءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَقْلَهُ عَلَيْهِمْ.(2/415)
(13) باب ولاء من أعتق اليهودي والنصراني
2764 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ يُسْلِمُ عَبْدُ أَحَدِهِمَا ، فَيُعْتِقُهُ قَبْلَ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِك: إِنَّ وَلاَءَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْيَهُودِيُّ , وَالنَّصْرَانِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ ، لَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ أَبَدًا ، وَلَكِنْ إِذَا أَعْتَقَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا وَهوَ عَلَى دِينِهِمَا ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الْيَهُودِيُّ أَوِ النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ ، ثُمَّ أَسْلَمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ ، رَجَعَ إِلَيْهِ الْوَلاَءُ ، لأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ الْوَلاَءُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ ، وَإِنْ كَانَ لِلْيَهُودِيِّ , أَوِ النَّصْرَانِيِّ وَلَدٌ مُسْلِمٌ ، وَرِثَ مَوَالِيَ أَبِيهِ الْيَهُودِيِّ , أَوِ النَّصْرَانِيِّ ، إِذَا أَسْلَمَ الْمَوْلَى الْمُعْتَقُ ، قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ الَّذِي أَعْتَقَهُ ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَقُ حِينَ أُعْتِقَه سَيِدَه مُسْلِمًا ، لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ , الْيَهُودِيِّ وَلا النَّصْرَانِيِّ الْمُسْلِمَيْنِ مِنْ وَلاَءِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ شَيْءٌ ، لأَنَّهُ لَيْسَ لِلْيَهُودِيِّ , وَلاَ لِلنَّصْرَانِيِّ وَلاَءٌ ، وَوَلاَءُ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذا أعتقه اليهودي أو النصراني لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.(2/416)
كتاب المدبر
(1) القضاء في ولد المدبر
2765 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنْ دَبَّرَ جَارِيَةً لَهُ ، فَوَلَدَتْ أَوْلاَدًا بَعْدَ تَدْبِيرِهِ إِيَّاهَا ، ثُمَّ مَاتَتِ الْجَارِيَةُ قَبْلَ الَّذِي دَبَّرَهَا : إِنَّ وَلَدَهَا بِمَنْزِلَتِهَا ، قَدْ ثَبَتَ لَهُمْ مِنَ الشَّرْطِ مِثْلُ الَّذِي ثَبَتَ لَهَا ، وَلاَ يَضُرُّهُمْ هَلاَكُ أُمِّهِمْ ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِيَ دَبَّرَهَا فَقَدْ عَتَقُوا ، فِي ثُلُثِهِ.(2/417)
2766 - قَالَ مَالِكٌ : كُلُّ ذَاتِ رَحِمٍ فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا ، إِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا ، فَوَلَدُهَا أَحْرَارٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً , أَوْ مُكَاتَبَةً , أَوْ مُعْتَقَةً إِلَى سِنِينَ ، أَوْ بَعْضَهَا حُرًّا , أَوْ مُخْدَمَةً , أَوْ مَرْهُونَةً , أَوْ أُمَّ وَلَدٍ , فَوَلَدُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَلَى مِثلِ حَالِ أُمِّهِ ، يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهَا وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا.(2/417)
2767 - قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرَةٍ دُبِّرَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا : إِنَّ وَلَدَهَا على مثل حالها ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ أَعْتَقَ جَارِيَةً لَهُ وَهِيَ حَامِلٌ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِحَمْلِهَا.
قَالَ : وَالسُّنَّةُ فِيهَا : أَنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَيَعْتِقونَ بِعِتْقِهَا.(2/417)
2768 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً ابْتَاعَ جَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ ، إِنَ مَا فِي بَطْنِهَا للمبتاع ، اشْتَرَطَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ , وَلاَ يَحِلُّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا فِي بَطْنِهَا ، لأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ ، يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَلاَ يَدْرِي أَيَصِلُ إِلَيْه ذَلِكَ أَمْ لاَ ، وَإِنَّمَا استثناء ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ ، فَذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَهُ ، لأَنَّهُ غَرَرٌ.(2/418)
2769 - قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ ابْتَاعَ أَحَدُهُمَا وليدة ، فَوَطِئَهَا ، فَحَمَلَتْ مِنْهُ فَوَلَدَتْ ، إن كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ ، يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهِ ، وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهِ ، فَإِن أُعْتِقَ هُوَ ، فَإِنَّمَا أُمُّ وَلَدِهِ مَالٌ مِنْ مَالِهِ ، تُسَلَّمُ إِلَيْهِ إِذَا أُعْتِقَ ، وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، وَبَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ مَمْلُوكٌ ، فَإِنَّ أُمَّ وَلَدِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ مِنَ الرِّقِّ.(2/418)
(2) جامع المدبر
2770 - قَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ قَالَ لِسَيِّدِهِ : عَجِّلْني الْعِتْقَ ، وَأُعْطِيكَ خَمْسِينَ دِينَارًا مُنَجَّمَةً فَقَالَ سَيِّدُهُ : نَعَمْ ، أَنْتَ حُرٌّ ، وَعَلَيْكَ خَمْسُونَ دِينَارًا ، تُؤَدِّي إِلَيَّ كُلَّ عَامٍ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ ، فَرَضِيَ بِذَلِكَ الْعَبْدُ ، ثُمَّ هَلَكَ سَّيِّدهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِيَوْمين أَوْ ثَلاَثَةٍ إنه قد ثبت لَهُ الْعِتْقُ ، وكَانَتِ الْخَمْسُونَ دِينَارًا دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ ، وَثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ ، وَمِيرَاثُهُ , وَحُدُودُهُ ، وَلاَ يَضَعُ عَنْهُ مَوْتُ سَيِّدِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ.(2/418)
2771 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ غلاماً لَهُ ، فَمَاتَ وَلَهُ مَالٌ غَائِبٌ وَمَالٌ حَاضِرٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ مَا يَعتق بهِ الْمُدَبَّرُ ، لإنه يُوقَفُ الْمُدَبَّرُ بِمَالِهِ ، وَما جْمَعُ من خَرَاجُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنَ الْمَالِ الْغَائِبِ ، وإِنْ كَانَ فِيمَا تَرَكَ سَيِّدُهُ ، ومَّا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ ، عَتَقَ بِمَالِهِ ، وَبِمَا جُمِعَ مِنْ خَرَاجِهِ , وإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيمَا تَرَكَ مَا يَحْمِلُهُ الثلث ، أعَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ ما يحمل الثُّلُثِ ، وَتُرِكَ مَالُهُ فِي يَدَيْهِ.(2/419)
(3) باب الوصية في المدبر
2772 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ كُلَّ عَتَاقَةٍ أَعْتَقَهَا رَجُلٌ ، فِي وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ : أَنَّهُ يَرُدُّهَا مَتَى ما شَاءَ ، وَيُغَيِّرُهَا مَتَى ما شَاءَ ، مَا لَمْ يَكُنْ تَدْبِيرًا ، فَإِذَا دَبَّرَ ، فَلاَ سَبِيلَ لَهُ إِلَى مَا دَبَّرَ.(2/419)
2773 - قَالَ : فكُلُّ وَلَدٍ وَلَدَتْهُ أَمَةٌ ، أُوصِيَ بِعِتْقِهَا وَلَمْ تُدَبَّرْ ، فَإِنَّ وَلَدَهَا لاَ يَعْتِقُونَ مَعَهَا إِذَا أعَتَقَتْ ، وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا يُغَيِّرُ وَصِيَّتَهُ إِنْ شَاءَ ، وَيَرُدُّهَا إذا شَاءَ ، وَلَمْ تَثْبُتْ لَهَا عَتَاقَةٌ ، وَإِنَّمَا هِيَ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ قَالَ : إِنْ بَقِيَتْ عِنْدِي فُلاَنَةُ حَتَّى أَمُوتَ ، فَهِيَ حُرَّةٌ لِجَارِيَتِهِ.
2774 - قَالَ : فَإِنْ أَدْرَكَتْ ذَلِكَ ، كَانَ لَهَا ، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهَا وَوَلَدَهَا , لأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ وَلَدَهَا فِي شَيْءٍ مِمَّا جَعَلَ لَهَا.
قَالَ : فَالْوَصِيَّةُ فِي الْعَتَاقَةِ مُخَالِفَةٌ لِلتَّدْبِيرِ ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ ، مَا مَضَى مِنَ السُّنَّةِ.(2/419)
2775 - قَالَ : وَلَوْ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِمَنْزِلَةِ التَّدْبِيرِ ، كَانَ المُوصٍي لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ ، وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ ، وَقَدْكَانَ حَبَسَ عَنهِ مِنْ مَالِهِ مَا لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ.(2/420)
2776 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ دَبَّرَ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا ، فِي صِحَّتِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ , قَالَ مالك: إِذا كَانَ دَبَّرَ بَعْضَهُمْ قَبْلَ بَعْضٍ , بُدِئَ بِالأََوَّلِ فَالأََوَّلِ ، حَتَّى يَبْلُغَ ثُّلُثَه ، وَإِنْ كَانَ دَبَّرَجَمِيعًا فِي مَرَضِهِ ، فَقَالَ : فُلاَنٌ حُرٌّ ، وَفُلاَنٌ حُرٌّ ، عن دبر مني ، إِنْ حَدَثَ بِي حَدَثُ فِي مَرَضِي هَذَا ، قال : فإِنَّمَا لَهُمُ منها الثُّلُثُ ، ثم تقْيمُ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ ، ثُمَّ يَعْتِقُ مِنْهُمُ الثُّلُثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ ، وَلاَ يُبَدَّأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَبْلَ صَاحِبِهِ , إِذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَرَضِهِ.(2/420)
2777 - وقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ دَبَّرَ غُلاَمه ، فَهَلَكَ سَّيِّدُه وَليس لَهُ غير الْعَبْدُ ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ ,فإنه يُعْتَقُ ثُلُثُ العبد الْمُدَبَّرِ ، وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدَهِ.(2/421)
2778 - وقَالَ مَالِكٌ فِي مُدَبَّرٍ كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ , فَمَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرَهُ , فإنه يُعْتَقُ ثُلُثُهُ ، وَيُوضَعُ عَنْهُ ثُلُثُ كِتَابَتِهِ ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ ثُلُثَاهَا.(2/421)
2779 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدٍ لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ ، فَبَتَّ عِتْقَه ، وَقَدْ كَانَ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ قَبْلَ ذَلِكَ ، إنه يُبَدَّأُ بِالْمُدَبَّرِ قَبْلَ الَّذِي أَعْتَقَهُ نصفه في مَرِضٌه فيثبت عتقه ، فَإِنْ كان في ثُّلُثِه فَضْلَ يحمل عتقه عَتَقَ عليه في ثُّلُثِه ، وإلا أَعْتَقَ مِنْهُ ما حمل الثُّلُثِ .(2/421)
(4) باب مس الرجل وليدته إذا دبرها
2780 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عنَّ ابْنَ عُمَرَ أنه دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ , فَكَانَ يَطَؤُهُمَا وَهُمَا مُدَبَّرَتَانِ.(2/421)
2781 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ كَانَ يَقُولُ : إِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ , فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلاَ يَهَبَهَا , وَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا.(2/421)
(5) باب ما جاء في بيع المدبر
2782 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أنها أعتقت جارية لهاعن دبر منها ثم إن عائشة مرضت بعد ذلك ما شاء الله فدخل عليها سندي فقال : أنك مطبوبة . فقالت : من طبني ؟ قال : امرأة من نعتها كذا وكذا فوصفها وقال : في حجرها صبي قد بال فقالت عائشة : ادعوا لي فلانة لجارية لها تخدمها" فوجدوها في بيت جيران لها في حجرها صبي قد بال فقالت : حتى أغسل بول هذا الصبي فغسلته ثم جاءت فقالت لها عائشة : أسحرتيني ؟ فقالت : نعم . فقالت : لم ؟ قالت : احببت العتق . فقالت عائشة : احببت العتق فوالله لا تعتقي أبدا " فأمرت عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسىء ملكتها . قالت : ثم ابتع لي بثمنها رقبة حتى أعتقها . ففعل قالت عمرة : فلبثت عائشة ما شاء الله من الزمان ثم أنها رأت في النوم اغتسلي من ثلاثة آبار يمد بعضها بعضا فإنك تشفين قالت عمرة : فدخل على عائشة إسماعيل بن عبد الله بن أبي بكر وعبد الرحمان بن سعد بن زرارة فذكرت لهما عائشة التي رأت فانطلقا إلى قناة فوجدا آباراً ثلاثاً يمد بعضها بعضا فاستقوا من كل بئر منها ثلاث شجب حتى ملؤا الشجب من جميعهن ثم أتوا به عائشة فاغتسلت به ، فشفيت.(2/422)
2783 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ : أَنَّ صَاحِبَهُ لاَ يَبِيعُهُ ، وَلاَ يُحَوِّلُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهُ عليهِ ، وَأَنَّهُ إِنْ رَهِقَ سَيِّدَهُ دَيْنٌ ، فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى بَيْعِهِ ، مَا عَاشَ سَيِّدُهُ ، فَإِنْ سَيِّدُهُ هلك وَلاَ دَيْنَ عَلَيْهِ , فَهُوَ فِي ثُلُثِهِ ، لأَنَّهُ اسْتَثْنَى عَلَيْهِ خدمته مَا عَاشَ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهُ حَيَاتَهُ ، ثُمَّ يُعْتِقَهُ عَلَى وَرَثَتِهِ ، إِذَا مَاتَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ ، وَلاَ مَالَ غَيْرُهُ لَهُ ، عَتَقَ ثُلُثُهُ ، وَكَانَ ثُلُثَاهُ للِوَرَثَتِهِ ، وإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِالْمُدَبَّرِ ، بِيعَ فِي دَيْنِهِ ، لأَنَّهُ إِنَّمَا يَعْتِقُ فِي ثُّلُثِه ، فَإِنْ كَانَ يُحِيطُ بِنِصْفِ الْمدِبر بِيعَ نِصْفُهُ ، ثُمَّ أعَتَقَ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ.(2/423)
2784 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ ، وَلاَ يَجُوزُ لأَحَدٍ أَنْ يَشْتَرِيَهُ , إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِيَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ , فَيَكُونُ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ ، أَوْ يُعْطِيَ أَحَدٌ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ مَالاً ، وَيُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ ، فَذَلِكَ جائز لَهُ أَيْضًا.(2/423)
2785 - قَالَ مَالِكٌ : ولاَ يَجُوزُ بَيْعُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ ، لأَنَّهُ غَرَرٌ , لاَ يُدْرَى كَمْ يَعِيشُ سَيِّدُهُ , فَذَلِكَ غَرَرٌ لاَ يَصْلُحُ.(2/423)
2786 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ كَانَ لَهُ مُدَبَّرٌ ، فَاشْتَرَى الْمُدَبَّرُ جَارِيَةً ، فَوَطَأَهَا فَحَمَلَتْ لَهُ مِنْهُ ، وَوَلَدَتْ لَهُ.
قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَبِيعَ وَلَدَهُ ، لأَنَّ وَلَدَ الْمُدَبِّرَ مِنْ جَارِيَتِهِ بِمَنْزِلَتِهِ ، يُرِقُّونَ بِرِقِّهِ ، وَيُعْتَقُونَ بِعِتْقِهِ.(2/424)
2787 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ، فَيُدَبِّرُ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ : إِنَّهُمَا يَتَقَاوَمَانِهِ ، وإِنِ اشْتَرَاهُ الَّذِي دَبَّرَهُ , كَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهِ انْتَقَضَ تَدْبِيرُهُ , إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ الرِّقُّ أَنْ يُعْطِيَهُ شَرِيكَهُ الَّذِي دَبَّرَهُ بِقِيمَتِهِ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ مُدَبَّرًا كُلَّهُ.(2/424)
2788 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ نَصْرَانِيٍّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا , فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ , إنه يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَه ، وَيُخَارَجُ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيِّ ، وَيدفع ما قبض من خراجه إلى سيده النصراني ولاَ يُبَاعُ عَلَيْهِ , حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهُ ، فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيُّ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ بيع فقُضِيَ به دَيْنُهُ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي مَالِهِ مَا يَحْمِلُ الدَّيْنَ ، فَيَعْتِقُ مُدَبَّرُه في ثلثه .(2/424)
(6) باب جراح المدبر
2789 -حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , عن عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّه قَضَى فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ , أَنَّ سَيِّدِهِ يُسَلِّمَ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ ، فَيَخْتَدِمُهُ الْمَجْرُوحُ وَيُقَاصُّهُ بِجِرَاحِهِ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ ، فَإِنْ أَدَّى قَبْلَ أَنْ يَهْلِكَ سَيِّدُهُ , رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ.(2/425)
2790 - قَالَ مَالِكٌ : وَالأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ ، ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُهُ , وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ : أَنَّهُ يُعْتَقُ ثُلُثُ المدبر ، ثُمَّ يُقْسَمُ عَقْلُ الْجَرْحِ أَثْلاَثًا ، فَيَكُونُ ثُلُثُ الْعَقْلِ عَلَى الثُّلُثِ الَّذِي أعَتَقَ مِنْهُ ، وَيَكُونُ ثُلُثَاهُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ اللَّذَيْنِ بِأَيْدِي الْوَرَثَةِ , فإِنْ شَاؤُوا أَسْلَمُوا الَّذِي لَهُمْ فيهُ إِلَى صَاحِبِ الْجَرْحِ , وَإِنْ شَاؤُوا عقلوا ثُلُثَيِ الْعَقْلِ ، وَأَمْسَكُوا نَصِيبَهُمْ مِنَ الْعَبْدِ , وَذَلِكَ , أَنَّ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ إِنَّمَا كَانَتْ جِنَايَتُهُ مِنَ الْعَبْدِ ، وَلَمْ يكُنْ دَيْنًا عَلَى سَّيِّدِه ، ولَمْ يَكُنْ الَّذِي أَحْدَثَ الْعَبْدُ بِالَّذِي يُبْطِلُ مَا صَنَعَ سَّيِّدُه مِنْ عِتْقِهِ وَتَدْبِيرِهِ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ دَيْنٌ مَعَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ ، بِيعَ مِنَ الْعبدَ بِقَدْرِ عَقْلِ الْجَرْحِ ، وَقَدْرِ الدَّيْنِ ، ثُمَّ بَدَّأُ بِالْعَقْلِ الَّذِي كَانَ فِي جِنَايَةِ الْعَبْدِ ، فَقْضَى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ، ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ ، وَذَلِكَ أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ أَوْلَى مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ ،ودين سيده أولى من التدبير الذي إنما هو وصية وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَتَرَكَ مُدَبَّرًا , قِيمَتُهُ خَمْسُونَ وَمِائَةُ دِينَارٍ ، وَكَانَ الْعَبْدُ قَدْ شَجَّ رَجُلاً حُرًّا , مُوضِحَةً فيهَا خَمْسُونَ دِينَارًا ، وَكَانَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مِنَ الدَّيْنِ خَمْسُونَ دِينَارًا.(2/425)
2791 - قَالَ مَالِكٌ : يُبْدَأُ بِالْخَمْسِينَ دِينَارًا الَّتِي فِي الشَّجَّةِ , فَيعطى مِنْ ثَمَنِ الْعَبْدِ ، ثُمَّ يُقْضَى دَيْنُ سَيِّدِهِ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْعَبْدِ ، فَيَعْتِقُ ثُلُثُهُ ، وَيَبْقَى ثُلُثَاهُ لِلْوَرَثَةِ ، فَالْعَقْلُ أَوْجَبُ فِي رَقَبَة العبد مِنْ دَيْنِ سَيِّدِهِ ، وَدَيْنُ سَيِّدِهِ أَوْجَبُ مِنَ التَّدْبِيرِ ، الَّذِي إِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ شَيْءٌ مِنَ تَّدْبِيرِ العبد ، وَعَلَى سَيِّدِه دَيْنٌ لَمْ يُقْضَ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَصِيَّةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقَولَ فِي كِتَابِهِ : {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.
فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ مَا يَعْتِقُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ عَتَقَ ، وَكَانَ عَقْلُ جِنَايَتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ ، يُتَّبَعُ بِهِ من بَعْدَ عِتْقِهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْلُ الدِّيَةَ كَامِلَةً , وَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ.(2/426)
2792 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ , فَأَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ إِلَى صاحب الجْرُحِ ، ثُمَّ هَلَكَ سَيِّدُ المدبر ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ محيط بالعبد , وَلَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرَهُ ، فَقَالَ الْوَرَثَةُ : نَحْنُ نُسَلِّمُهُ إِلَى صَاحِبِ الْجُرْحِ ، وَقَالَ الغريم : أَنَا أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ ,فإِذَا زَادَ الْغَرِيمُ شَيْئًا , فَهُوَ أَوْلَى بِهِ , وَيُحَطُّ عَنِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ قَدْرُ مَا زَادَ الْغَرِيمُ عَلَى دِيَةِ الْجَرْحِ ، وإِنْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا , لَمْ يَأْخُذِ الْعَبْدَ.(2/426)
2793 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِذَا جَرَحَ الْمُدَبَّرُ رَجُلاً , ثُمَّ أَسْلَمَهُ سَيِّدُهُ إِلَى الْمَجْرُوحِ ، فَاخْتَدَمَهُ وَقَاصَّهُ بِجِرَاحَةٍ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ ، فَإِنْ هَلَكَ سَيِّدُ الْمُدَبَّرُ ، وَتَرَكَ مَالاً يُعْتَقُ فِيهِ عُتِقَ ، وَكَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةِ الْجُرْحِ دَيْنًا يُطْلَبُ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ سَيِّدُ الْمُدَبَّرِ مَا يُعْتَقُ فِيهِ الْمُدَبَّرُ ، وَكَانَ عَلَى سَيِّدِهِ دَيْنٌ رُدَّ مَمْلُوكًا ، وَبُدِئَ بِأَهْلِ الْجُرْحِ ، فَأُعْطُوا مِنَ الْعَبْدِ بِقَدْرِ دِيَةِ جُرْحِهِمْ مِنَ الْعَبْدِ ، ثُمَّ أُعْطِيَ أَهْلُ الدَّيْنِ دَيْنَهُمْ ، ثُمَّ عُتِقَ مِنَ الْمُدَبَّرِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ بَعْدَ دِيَةِ الْجُرْحِ وَالدَّيْنِ ، وَكَانَ لِلْوَرَثَةِ الثُّلُثَانِ ، لأَنَّ الْمُدَبَّرُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، لاَ يَعْدُو الثُّلُثَ.(2/427)
2794 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَبَّرِ إِذَا جَرَحَ وَلَهُ مَالٌ فَأَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَفدِيَهُ : أَخَذَ الْمَجْرُوحَ مَالَ الْمُدَبَّرِ فِي دِيَةِ جُرْحِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ رجع الْمُدَبَّرَ إِلَى سَيِّدِهِ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ وَفَاءٌ ، اسْتَعْمَلَ الْمُدَبَّرَ بِمَا بَقِيَ مِنْ دِيَةِ جُرْحِهِ.(2/427)
(7) جراح أم الولد
2795 - قَالَ مَالِكٌ فِي أُمِّ الْوَلَدِ تَجْرَحُ : إِنَّ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ عَلَى سَيِّدِهَا فِي مَالِهِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَقْلُ ذَلِكَ الْجَرْحِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ أُمِّ وَلَدِهِ ، فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهَا أَنْ يُخْرِجَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ أَوِ الْوَلِيدَةِ ، إِذَا سَلَمَ وَلِيدَتَه أَوْ غُلاَمَهُ ، بِجُرْحٍ أَصَابَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَثُرَ الْعَقْلُ ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ سَيِّدُ أُمِّ الْوَلَدِ أَنْ يُسَلِّمَهَا ، لِمَا مَضَى فِي ذَلِكَ مِنَ السُّنَّةِ ، فَإِنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ قِيمَتَهَا , كَأَنَّهُ أَسْلَمَهَا ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.(2/428)
كتاب المكاتب
2796 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ : الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ , مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.(2/429)
2797 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ كَانَا يَقُولاَنِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ , مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.(2/429)
2798 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ ، وَتَرَكَ مَالاً هو أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَلَهُ وَلَدٌ وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ من جاريته ، أَوْ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ , وَرِثُوا مَا بَقِيَ مِنَ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ.(2/429)
2799 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ الْمَكِّيِّ ، أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لاِبْنِ الْمُتَوَكِّلِ , هَلَكَ بِمَكَّةَ , وَتَرَكَ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ ، وَدُيُونًا لِلنَّاسِ ، وَتَرَكَ ابْنَة لهُ ، فَأَشْكَلَ عَلَى عَامِلِ مَكَّةَ الْقَضَاءُ فِيهِ ، فَكَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ الْمَلِكِ : أَنِ ابْدَأْ بِدُيُونِ النَّاسِ فاقضها , ثُمَّ اقْضِ مَا بَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ ، ثُمَّ اقْسِمْ مَا بَقِيَ مِنْ بَيْنَ ابْنَتِهِ وَمَوْاليه.(2/429)
2800 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يُكَاتِبَهُ إِذَا سَأَلَهُ ذَلِكَ , وَلَمْ أَسْمَعْ بأَحَدٍ مِنَ الأََئِمَّةِ أَكْرَهَ أَحَدَاً عَلَى أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ ، وَقَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ إِذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ , فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} يَتْلُو هَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ : {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} , {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأََرْضِِ}.
قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا أَذِنَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى فِيهِ لِلنَّاسِ , وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلى الناس ولا يلزمه أحد وقد سمعت بعض أهل العلم يقول : إنما ذلك الخير الذي قال الله القوة على الكتابة والأداء.(2/430)
2801 - قَالَ مَالِكٌ : وسَمِعْتُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُون فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل فِي كِتَابِهِ : {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ} أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلاَمَهُ , ثُمَّ يَضَعُ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا مُسَمًّى.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ قال وَعَلَى ذَلِكَ عَمَلَ النَّاسِ.(2/430)
2802 - وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَاتَبَ عَبداً لَهُ عَلَى خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ خَمْسَةَ آلاَفِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ.(2/431)
2803 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : فِيِ الْمُكَاتَبَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ وَتَبِعَهُ مَالُهُ ، وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ , إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ ، فَإِنْ هَلَكَ , وَتَرَكَ مَالاً وولداً كانوا معه في كِتَابَتِهِ فإنهم يرثون مابقي من ماله بَعْدَ قَضَاءِ كِتَابَتِهِ، وولده اللذين وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ بمنزلة ولده اللذين كاتب عليهم فيما ترك بعد قضاء كتابته {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ}.(2/431)
2804 - قال مالك : وإن كاتب الْمُكَاتَبِ , وَلَهُ جَارِيَةٌ بِهَا حمَلٌ مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ , هُوَ وَلاَ سَيِّدُهُ الذي كَاَتبهِ : فَإِنَّهُ لاَ يَتْبَعُهُ الْوَلَدُ ، لأَنَّهُ لَمْ يَدَخَلَ فِي كِتَابَتِهِ ، وَهُوَ لِسَيِّدِهِ ، فَأَمَّا الْجَارِيَةُ , فَإِنَّهَا لِلْمُكَاتَبِ , لأَنَّهَا مِنْ مَالِهِ.(2/431)
2805 - قَالَ مَالِكٌ : فِي مُكَاتَب وَرِثَهُ رَجُلٍ مِنِ امْرَأَتِهِ هُوَ وَابْنُهَا : وَإِنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ كِتَابَتَهُ ، اقْتَسَمَا مِيرَاثَهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ تبارك وتعالى , فَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ ثُمَّ مَاتَ ، فَمِيرَاثُهُ لاِبْنِ الْمَرْأَةِ ، لَيْسَ لِلزَّوْجِ مِنْ مِيرَاثِهِ شَيْءٌ.(2/432)
2806 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ , إنه يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ إِنَّمَا أَرَادَ الْمُحَابَاةَ لِعَبْدِهِ ، وَعُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُ ، فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى وَجْهِ الرَّغْبَةِ وَطَلَبِ الْمَالِ ، وَابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَالْعَوْنِ عَلَى كِتَابَتِهِ , فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.(2/432)
2807 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ جَهَلَ فَوَطِئَ مُكَاتَبَةً لَهُ : إِنَّهَا إِنْ حَمَلَتْ فَهِيَ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ ، وَإِنْ شَاءَتْ قَرَّتْ عَلَى كِتَابَتِهَا , وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ , فَهِيَ عَلَى كِتَابَتِهَا.(2/432)
2808 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَطََأَ الرَّجُلُ مُكَاتَبَتَهُ.(2/432)
2809 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ : إِنَّ أَحَدَهُمَا لاَ يُكَاتِبُ نَصِيبَهُ ، أَذِنَ لَهُ في ذَلِكَ صَاحِبُهُ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ له ، إِلاَّ أَنْ يُكَاتِبَاهُ جَمِيعًا ، لأَنَّ ذَلِكَ يَعْقِدُ لَهُ عِتَاقةً ولأن ذلك يَصِيرُ إِذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا كَاتَبَ عَلَيْهِ ، أَنْ يَعْتِقَ نِصْفُهُ ، فَلاَ يَكُونُ عَلَى الَّذِي كَاتَبَهُ أَنْ يَسْتَتِمَّ عِتْقَهُ , فَذَلِكَ خِلاَفٌ لِمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ , قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعبد.(2/432)
2810 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمُكَاتَبُ فَاقْتَسَمَهُ هُوَ وَشَرِيكُهُ ، عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا , وَتَبطُل كِتَابَتُهُ ، وَكَانَ عَبْدًا لَهُمَا عَلَى حَالِهِ الأَُولَ ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يكون بين الرَّجُلَيْنِ في كِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَيُنْظِرُ أَحَدُهُمَا بحقه , وَيَشِحُّ الآخَرُ , فَيَقْتَضِي بَعْضَ حَقِّهِ ، ثُمَّ يُفْلِسُ الْغَرِيمُ , فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى أَنْ يَزيد شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ.(2/433)
2811 - قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ , فَأَنْظَرَهُ أَحَدُهُمَا بِحَقِّهِ الَّذِي عَلَيْهِ , وَأَبَى الآخَرُ أَنْ يُنْظِرَهُ : فَاقْتَضَى الَّذِي أَبَى أَنْ يُنْظِرَهُ بَعْضَ حَقِّهِ ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً , لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ مِنْ كِتَابَتِهِ , فإنهما يَتَحَاصَّانِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُم عَلَيْهِ ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَإِنْ تَرَكَ الْمُكَاتَبُ فَضْلاً عَنْ كِتَابَتِهِ ، أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَقِيَ له مِنَ الْكِتَابَةِ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوَاءِ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ , وَقَدِ اقْتَضَى الَّذِي لَمْ يُنْظِرْهُ أَكْثَرَ مِمَّا اقْتَضَى صَاحِبُهُ ، كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَلم يَرُدُّ عَلَى صَاحِبِهِ فَضْلَ مَا اقْتَضَى ، لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي كان لَهُ عليه بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، فَإِنْ كان وَضَعَ عَنْهُ أَحَدُهُمَا الَّذِي لَهُ عليه , ثُمَّ اقْتَضَى صَاحِبُهُ بَعْضَ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ , ثُمَّ عَجَزَ المكاتب , وَهُوَ بَيْنَهُمَا , وَلاَ يَرُدُّ الَّذِي اقْتَضَى عَلَى صَاحِبِهِ شَيْئًا , لأَنَّهُ إِنَّمَا كان اقْتَضَى الَّذِي كان لَهُ ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يكون بين الرَجُلَيْنِ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ ، فَيُنْظِرُهُ أَحَدُهُمَا بحقه وَيَشِحُّ الآخَرُ , فَيَقْتَضِي بَعْضَ حَقِّهِ ، ثُمَّ يُفْلِسُ الْغَرِيمُ , فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي اقْتَضَى أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَ.(2/433)
(1) الحمالة في الكتابة
2812 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْعَبِيدَ إِذَا كَاتَبوا جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً , فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ ، فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمْ : قَدْ عَجَزْتُ ، وَأَلْقَى بِيَدَيْهِ ، فَإِنَّ لأَصْحَابِهِ أَنْ يَسْتَعْمِلُوهُ مَا يُطِيقُ مِنَ الْعَمَلِ ، حَتَّى يَعْتِقَ بِعِتْقِهِمْ ، أَوْ يَرِقَّ بِرِقِّهِمْ إِنْ رَقُّوا.(2/434)
2813 - قَالَ مَالِكٌ : الأمر عِنْدَنَا : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ ، لَمْ يَنْبَغِ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ لَهُ أحد بِكِتَابَةِ عَبْدِهِ وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ عَجَزَ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ حَمَّلَ رَجُلٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، ثُمَّ اتَّبَعَ ذَلِكَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ , قِبَلَ الَّذِي حَمَّلَ لَهُ , أَخَذَ مَالَهُ بَاطِلاً ، لاَ هُوَ ابْتَاعَ الْمُكَاتَبَ , فَيَكُونَ مَا أُخِذَ مِنْهُ في شَيْءٍ هُوَ لَهُ ، وَلاَ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ , فَيَكُونَ فِي ثَمَنِ حُريَةٍ ثَبَتَتْ لَهُ , وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ ، فيكونَ عَبْدًا مَمْلُوكًا ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ ، فَيُتَحَمَّلُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ بِهَا ، إِنَّمَا هوَ شَيْءٌ ، إِنْ أَدَّاهُ الْمُكَاتَبُ عَتَقَ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ , لَمْ يُحَاصَّ سَيِّدُهُْ غُرَمَاء بِكِتَابَتِهِ ، وَكَانَ غُرَمَاؤه أَوْلَى بِمَالِهِ مِنْ سَيِّدِهِ ، وَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، كَانَ مَمْلُوكًا لِسَيِّدِهِ ، وَكَانَتْ دُيُونُ النَّاسِ فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ ، لاَ يَدْخُلُونَ مَعَ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ رَقَبَتِهِ.(2/434)
2814 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَاتَبَ قَوْمٌ جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً ، لاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ يَتَوَارَثُونَ بِهَا ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ ، لاَ يَعْتِقُ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ , حَتَّى يُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ كُلَّهَا ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِمْ ، أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ كَاتَبَ مَعَهُ مما فَضْلِ الْمَالِ شَيْءٌ ، وَيَتْبَعُهُمُ سَّيِّدُ العبد بِحِصَصِهِمِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْكِتَابَةِ الَّتِي قُضِيَتْ مِنْ مَالِ الْهَالِكِ , لأَنَّ الْهَالِكَ إِنَّمَا كَانَ حَمِيلاً عَنْهُمْ , فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا مَا عَتَقُوا بِهِ مِنْ مَالِهِ ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الْهَالِكِ وَلَدٌ أحرار لَمْ يَرِثْوهُ , لأَنَّه لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى مَاتَ.(2/435)
2815 - فَالْمُكَاتَبُ إِذَا مَاتَ وَلَهُ مَالٌ ، وَتَرَكَ عَلَيْهِ بَقِيَّةً مِنْ كِتَابَتِهِ ، لَمْ يُؤَدِّهَا وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوهُ ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ وَلَدُهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ الَّذِي إذَا مَاتُوا وَرِثَهُمْ ، وَإِذَا مَاتَ وَرِثُوهُ.(2/435)
(2) القطاعة في الكتابة
2816 - قال أبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ كَانَتْ تُقَاطِعُ مُكَاتَبِيهَا بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ.(2/436)
2817 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي مُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ شَّرِيكَيْنِ ، إِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يُقَاطِعَهُ عَلَى حِصَّتِهِ ، إِلاَّ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ وَمَالَهُ بَيْنَهُمَا ، لاَ يَجُوزُ لأَحَدِهِمَا أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ دون شريكه إِلاَّ بِإِذْنهِ , وَلَوْ قَاطَعَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ , ثُمَّ جَازَ ذَلِكَ ، ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَلَهُ مَالٌ ، أَوْ عَجَزَ , لَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَاطَعَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ , وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ شيئاً مَما قَاطَعَهُ عَلَيْهِ ولم َيَرْجِعَ حَقَّهُ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَكِنْ مَنْ قَاطَعَ مُكَاتَبًا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ , ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ , فَإِنْ أَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ مِنَ الْقِطَاعَةِ , وَيَكُونُ عَلَى حصتِهِ في رَقَبَةِ العبد , كَانَ ذَلِكَ لَهُ , وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً اسْتَوْفَى الَّذِي بَقِيَتْ لَهُم الْكِتَابَةُ حَقوقَّهمُ من المال ثم الَّذِي بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِكاءِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَ فِي الْمُكَاتَبِ , وَإِنْ قاطعه أَحَدُهُمَا وَتَمَسَكَ الآخر بِالْكِتَابَةِ , ثُمَّ عَجَزَ العَبد , قِيلَ لِلَّذِي قَاطَعَهُ : إِنْ شِئْتَ أَنْ تَرُدَّ عَلَى صَاحِبِكَ نِصْفَ الَّذِي أَخَذْتَ منه , وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا نصفينِ , فَإِنْ أَبَيْتَ فَجَمِيعُ الْعَبْدِ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ خَالِصًا.(2/436)
2818 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ , فَيُقَاطِعُهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ يَقْبَض الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ مِثْلَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَب ُأنه بَيْنَهُمَا نصفين , لأَنَّهُ إِنَّمَا اقْتَضَى الَّذِي كان لَهُ عَلَيْهِ , فَإِنِ اقْتَضَى أَقَلَّ مِمَّا أَخَذَ الَّذِي قَاطَعَهُ , ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ , فَأَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ الذي يَفَضَّلَهُ بِهِ ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، فَذَلِكَ لَهُ , وَإِنْ أَبَى , فَجَمِيعُ الْعَبْدِ الذي تمسك بالكتابة خالصاً , وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً ، فَأَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ شطر مايفضل بِهِ عليه ، وَيَكُونُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا ، فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ أخذ الَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ مِثْلَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ ، أَوْ أَفْضَلَ , فَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا لأَنَّهُ إِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ.
بِالرِّقِّ حِصَّةُ صَاحِبِهِ الَّذِي قَاطَعَ عَلَيْهِ.(2/437)
2819 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ , فَيُقَاطِعُ أَحَدُهُمَا المكاتب عَلَى نِصْفِ حَقِّهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، ثُمَّ يَقتضي الَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ أَقَلَّ مِمَّا قَاطَعَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ , ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ.
قَالَ مَالِكٌ : فإِنْ أَحَبَّ الَّذِي قَاطَعَ أَنْ يَرُدَّ عَلَى صَاحِبِهِ نِصْفَ مَا يفَضَّلَهُ بِهِ ، ويكونَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ , فَإِنْ أَبَى أَنْ يَرُدَّ فَلِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالرِّقِّ حِصَّةُ صَاحِبِهِ الَّذِي قَاطَعَ عَلَيْهِ.(2/437)
2820 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّ يَكُونُ الْعَبْدَ بَيْنَهُمَا شَطْرَيْنِ ، فَيُكَاتِبَانِهِ جَمِيعًا ، ثُمَّ يُقَاطِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى نِصْفِ حَقِّهِ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ ، وَذَلِكَ الرُّبُعُ مِنْ جَمِيعِ الْعَبْدِ ، ثُمَّ يَعْجِزُ الْمُكَاتَبُ , فَيُقَالُ لِلَّذِي قَاطَعَهُ : إِنْ شِئْتَ فَارْدُدْ عَلَى صَاحِبِكَ نِصْفَ مَا أخذت ، وَيَكُونُ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا شَطْرَيْنِ , فَإِنْ أَبَى كَانَ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِالْكِتَابَةِ رُبُعُ صَاحِبِهِ الَّذِي قَاطَعَ الْمُكَاتَبَ عَلَيْهِ خَالِصًا ، وَكَانَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ ، فَذَلِكَ ثَلاَثَةُ أَرْبَاعِ الْعَبْدِ ، فَكَانَ لِلَّذِي قَاطَعَ رُبُعُ الْعَبْدِ ، لأَنَّهُ أَبَى أَنْ يَرُدَّ ثَمَنَ نصفه الَّذِي قَاطَعهَ عَلَيْهِ.(2/438)
2821 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُهُ سَيِّدُهُ فَيَعْتِقُ ، وَيَكْتُبُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كتابتِهِ دَيْنًا عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْونٌ لِلنَّاسِ , فَإِنَّ سَيِّد العبد لاَ يُحَاصُّ غُرَمَاءَهُ بِالَّذِي له عَلَيْهِ مِنْ قَطَاعَتِهِ , والغرماء يبدون عَلَيْهِ.(2/438)
2822 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ ، فَيَعْتِقُ وَيَصِيرُ لاَ شَيْءَ لَهُ ، لأَنَّ أَهْلَ دينه أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ سَيِّدِهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِجَائِزٍ لَهُ.(2/438)
2823 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ ، ثُمَّ يُقَاطِعُهُ بِالذَّهَبِ , فَيَضَعُ عَنْهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنَ المْكَاتبَةِ ، عَلَى أَنْ يُعَجِّلهَ مَا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ , أَنَّهُ لَيْسَ بِذَلِكَ بَأْسٌ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ مَنْ كَرِهَهُ ، لأَنَّهُ أَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ يَكُونُ على الرَّجُلٍِ ، فَيَضَعُ عَنْهُ وَيَنْقُدُهُ ، لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الدَّيْنِ , وإِنَّمَا كَانَتْ قَطَاعَةُ الْمُكَاتَبِ سَيِّدَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مَالاً ، فِي أَنْ يَعَجَّلهَ الْعِتْقَ فَيَجِبُ لَهُ الْمِيرَاثُ ، وَالشَّهَادَةُ ، وَالْحُدُودُ ، وَتَثْبُتُ لَهُ حُرْمَةُ الْعَتَاقَةِ ، وَلَمْ يَشْتَرِ منه دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ ، وَلاَ ذَهَبًا بِذَهَبٍ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ هذا , مَثَلُ رَجُلٍ قَالَ لِغُلاَمِهِ : ائْتِنِي بِكَذَا وَكَذَا دِينَارًا وَأَنْتَ حُرٌّ , ثم وَضَعَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : إِنْ جِئْتَنِي بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ، فَأَنْتَ حُرٌّ , فَلَيْسَ هَذَا بدين ثَابِتٍ ، وَلَوْ كَانَ دَيْنًا ثَابِتًا , حَاصَّ بِهِ السَّيِّدُ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ إِن مَاتَ أَوْ أَفْلَسَ , دَخَلَ مَعَهُمْ فِي مَالِ مُكَاتَبِهِ.(2/439)
(3) جراح المكاتب
2824 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : إن أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ إذا جْرَحُ جَرْحًا يَقَعُ عليه فِيهِ عَقْلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِنْ قَوِيَ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ الْجَرْحِ مَعَ كِتَابَتِهِ ، أَدَّاهُ ، وَكَانَ عَلَى كِتَابَتِهِ ، وَإِنْ هو لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ , فَقَدْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ ، وَذَلِكَ , أَنَّهُ يَنْبَغِي له أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ، وكذلك حقوق الناس أيضاً فهي تبدأ على الكتابة فَإِنْ عَجَزَ المكاتب عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ , فَعَلَ وَأَمْسَكَ غُلاَمَهُ , وَصَارَ عَبْدًا مَمْلُوكًا ، وَإِنْ أحب أَنْ يُسَلِّمه إلى الْمَجْرُوحِ أَسْلَمَهُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.(2/439)
2825 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْقَوْمِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا , فَيَجْرَحُ أَحَدُهُمْ جَرْحًا يكون فِيهِ عَقْلٌ ، قِيلَ لَهُ وَلِلَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ , أَدُّوا عَقْلَ هذَا الْجَرْحِ ، فَإِنْ أَدَّوْه ثَبَتُوا عَلَى كِتَابَتِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدُّوه فَقَدْ عَجَزُوا عن كتابتهم ، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُمْ , فَإِنْ شَاءَ أَدَّى عَقْلَ ذَلِكَ الْجَرْحِ , وَرَجَعُوا عَبِيدًا جَمِيعًا , وَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ الْجَارِحَ وَحْدَهُ , وَرَجَعَ الآخَرُونَ عَبِيدًا جَمِيعًا , بِعَجْزِهِمْ عَنْ أَدَاءِ عَقْلِ ذَلِكَ الْجَرْحِ الَّذِي جَرَحَ صَاحِبُهُمْ...(2/440)
2826 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا أُصِيبَ بِجَرْحٍ يَكُونُ لَهُ فِيهِ عَقْلٌ ، أَوْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِه الَّذِينَ مَعَهُ فِي الكِتَابَة ، فَإِنَّ عَقْلَهُمْ عَقْلُ الْعَبِيدِ فِي قِيمَتِهِمْ ، وَأَنَّ مَا وجب لَهُمْ مِنْ عَقْلِهِمْ يُدْفَعُ إِلَى سَيِّدِهِمِ الَّذِي لَهُ الْكِتَابَةُ ، وَيُحْاسَبُ الْمُكَاتَبِ فِي آخِرِ كِتَابَتِهِ ، ويُوضَعُ عَنْهُ مَا أَخَذَ سَيِّدُهُ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ ألفى درهم .(2/440)
2827 - وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنَّهُ كَأَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ ، وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ سَيِّدُهُ من دِيَةُ جَرْحِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ , فَإنه إِذَا أَدَّى إِلَيه أَلْفَيْ دِرْهَمٍ , فَهُوَ حُرٌّ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ , وَكَانَ الَّذِي أَخَذَ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ أَلْفَى دِرْهَمٍ , فَقَدْ عَتَقَ ، وَإِنْ كَانَ دية الجَرْحِ أَكْثَرَ مِن الذي بَقِيَ عَلَيه من كَتابِته , كان للْمُكَاتَبِ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ , وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يُدْفَعَ إِلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ مِنْ دِيَةِ جَرْحِهِ ، فَيَأْكُلَهُ ، وَيَسْتَهْلِكَهُ ، فَإِنْ عَجَزَ , رَجَعَ إِلَى سَيِّدِهِ أَعْوَرَ أَوْ مَقْطُوعَ الْيَدِ أَوْ مَعْضُوبَ الْجَسَدِ ، وَإِنَّمَا كَاتَبَهُ عَلَى مَالِهِ وَكَسْبِهِ ، وَلَمْ يُكَاتِبْهُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ دية مَا أُصِيبَ مِنْ وَلَدِهِ ، أوَ أصيب من جَسَدِهِ , فَيَسْتَهْلِكَهُ.(2/440)
(4) بيع المكاتب
2828 - قَالَ مَالِكٌ : إِنَّ أَحْسَنَ مَا سُمِعَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مُكَاتَبَ الرَّجُلِ : أَنَّهُ لاَ يَبِيعُهُ إِذَا كَانَ كَاتَبَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ , إِلاَّ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ يُعَجِّلُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، لأَنَّهُ إِذَا أَخَّرَهُ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ , وَقَدْ نُهِيَ عَنِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ.(2/441)
2829 - قَالَ مالك : وَإِنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ سَيِّدُهُ بِعَرْضٍ مِنَ الْعُرُوضِ مِنَ الإِبِلِ وِ الْبَقَرِ وِ الْغَنَمِ وِ الرَّقِيقِ ، فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِي بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ مُخَالِفٍ لِلْعُرُوضِ الَّذي كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ عَلَيْهَا , يُعَجِّلُه إياه وَلاَ يُؤَخِّرُهُ.(2/441)
2830 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ : أَنَّهُ إِذَا بِيعَ كَانَ أَحَقَّ بِاشْتِرَاءِ كِتَابَتِهِ مِمَّنِ اشْتَرَاهَا , إِذَا قَوِيَ على أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَى سَيِّدِهِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ اشْتِرَاءَهُ نَفْسَهُ عَتَاقَةٌ , وَأَنَّ الْعَتَاقَةَ تُبَدَّأُ عَلَى مَا كَانَ مَعَهَا مِنَ الْوَصَايَا , وَإِنْ بَاعَ بَعْضُ مَنْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبَ نَصِيبَهُ مِنْ المكاتب , فَبَاعَ نِصْفَ الْمُكَاتَبِ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ سَهْمًا مِنْ أَسْهُمِ الْمُكَاتَبِ , فَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ فِيمَا بِيعَ مِنْهُ شُفْعَةٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْقَطَاعَةِ , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ بَعْضَ مَنْ كَاتَبَهُ إِلاَّ بِإِذْنِ شُرَكَائِهِ ، فإنَّ مَا بِيعَ مِنْهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ تَامَّةٌ ، وَأَنَّ مَالَهُ مَحْجُوزٌ عَنْهُ ، وَإنَّ اشْتِرَى بَعْضَهُ فإنه يُخَافُ عَلَيْهِ الْعَجْزُ بمَا يَذْهَبُ مِنْ مَالِهِ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ كَامِلاً ، إِلاَّ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ مَنْ بَقِيَ لَهُ فِيهِ كِتَابَةٌ , فَإِنْ أَذِنُوا كَانَ أَحَقَّ بِمَا بِيعَ مِنْهُ.(2/442)
2831 - قَالَ مَالِكٌ : لاَ يَحِلُّ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ غَرَرٌ , إِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَطَلَ مَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ مَاتَ وْ أَفْلَسَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ النَّاسِ , لَمْ يَأْخُذِ الَّذِي اشْتَرَى نَجْمَهُ مَعَ غُرَمَائِهِ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا الَّذِي اشْترَى نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ سَيِّدِ الْمُكَاتَبِ , لأن سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ يُحَاصُّ بِكِتَابَةِ غُلاَمِهِ عن مال الْمُكَاتَبِ ، وَكَذَلِكَ الْخَرَاجُ أَيْضًا يَجْتَمِعُ لَهُ عَلَى غُلاَمِهِ ، فَلاَ يُحَاصُّ بِمَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْخَرَاجِ غُرَمَاءَ غُلاَمِهِ.(2/442)
2832 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ ، فَأَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَشْتَرِي مَا عَلَيْهِ ، وَأَرَادَ سَيِّدُهُ أَنْ يَبِيعَ كِتَابَتَهُ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَخَّر فَلاَ بَأْسَ بِهِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلاَ يَبْتَاعُ كِتَابَتَهُ إِلاَّ بِشَيْءٍ مُخَالِفٍ لِمَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ يَبِيعُ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ بِعَرْضٍ يُعَجِّلُهُ وَلاَ يُؤَخِّرُهُ ، وَيَبْتَاعُ الْعُرُوضَ بِشَيْءٍ مُخَالِفٍ لَهُ مِنَ النَّقْدِ أَوِ الْعَرْضِ.(2/443)
2833 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَهْلِكُ , وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدٍ وَوَلَدًا لَهُ صِغَارًا مِنْهَا , أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ، فَلاَ تقْوَى هي ولا هم عَلَى السَّعْيِ , وَيُخَافُ عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ عَنْ كِتَابَتِهِمْ ، قَالَ مالك : تُبَاعُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ ، إِذَا كَانَ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ جَمِيعُ ما عليهم من كِتَابَتِهِمْ , كَانَتْ أُمَّهُمْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ , ويُؤَدَّى عَنْهُمْ وَيَعْتِقُونَ , لأَنَّ أَبَاهُمْ كَانَ لاَ يَمْنَعُ بَيْعَهَا , إِذَا خَافَ الْعَجْزَ عَنْ كِتَابَتِهِ ، فَهَؤُلاَءِ إِذَا خِيفَ عَلَيْهِمُ الْعَجْزُ , بِيعَتْ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ , فَيُؤَدَّى عَنْهُمْ كَانَتْ أُمَّهُمْ أَوْ غَيْرَ أُمِّهِمْ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهَا مَا يُؤَدَّى عَنْهُمْ , وَلَمْ تَقْوَ هِيَ وَلاَ هُمْ عَلَى السَّعْيِ , رَجَعُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ جَمِيعًا.(2/443)
2834 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا فِي الَّرجل يَبْتَاعُ كِتَابَةَ الْمُكَاتَبِ , ثُمَّ يَهْلِكُ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ : أَنَّهُ يَرِثُهُ الَّذِي اشْتَرَى كِتَابَتَهُ ، وَإِنْ عَجَزَ فَلَهُ رَقَبَتُهُ ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ إِلَى الَّذِي اشْتَرَاهَا وَعَتَقَ , فَوَلاَؤُهُ لِلَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ , ولَيْسَ للمشْتَرَي مِنْ وَلاَئِهِ شَيْءٌ.(2/443)
2835 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ ، سُئِلاَ عَنْ رَجُلٍ كَاتَبَ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى بَنِيهِ ثُمَّ مَاتَ المكاتب ، هَلْ يَسْعَى بَنُو الْمُكَاتَبِ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ أَمْ هُمْ عَبِيدٌ ؟ فَقَالاَ : بَلْ يَسْعَوْنَ فِي كِتَابَةِ أَبِيهِمْ , وَلاَ يُوضَعُ عَنْهُمْ لِمَوْتِ أَبِيهِمْ شَيْءٌ.
2836 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ كَانُوا صِغَارًا لاَ يُستطيعونَ السَّعْيَ ، لَمْ يُنْتَظَرْ بِهِمْ أَنْ يَكْبَرُوا ، وَكَانُوا رَقِيقًا لِسَيِّدِهِمْ.(2/444)
2837 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ مَالاً لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ لِلْكِتَابَته ، وَيَتْرُكُ وَلَدًا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَأُمَّ وَلَدٍ ، فَأَرَادَتْ أُمُّ الوَلَدِ أَنْ تَسْعَى : إِنَّهُ يُدْفَعُ إِلَيْهَا مَالُ الميت, إِن كَانَ يرى أنها مَأْمُونَةً عَلَى ذَلِكَ , قَوِيَّةً عَلَى السَّعْيِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً وَلاَقَوِيَّةً عَلَى ذلك ، لَمْ تُعْطَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ ، وَرَجَعَتْ هِيَ وَوَلَدُها للْمُكَاتَبِ رَقِيقًا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ.(2/444)
2838 - وَإِنْ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ ، وَتَرَكَ أُمَّ وَلَدٍ ، وَتَرَكَ مَالاً ، فَإِنَّ مَالَهُ وَأُمَّ وَلَدِهِ لِسَيِّدِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالاً غَيْرِ أُمَّ وَلَدِهِ كَانَتْ أَمَةً لِسَيِّدِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ لَهَا السَّعْيُّ.(2/444)
2839 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَاتَبَ نفر جَمِيعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً ، لاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ ,فبَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ فَإن عَجَزَ بَعْضُهُمْ عن السَعَى وسعى بَعْضُهُمْ حَتَّى يؤدوا جَمِيع ما عليهم من الكتابة فيعَتَقُون جميعاً، فَإِنَّ الَّذِينَ سَعَوْا يَرْجِعُونَ عَلَى الَّذِينَ لم يسعوا بِحِصَّةِ مَا أَدَّوْا عَنْهُمْ من الكتابة , لأَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلاَءُ عَنْ بَعْضٍ .(2/445)
(5) عتق المكاتب
2840 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عن رَبِيعَةَ بْنَ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَغَيْرَهُ يَذْكُرُانَ , أَنَّ مُكَاتَبًا كَانَ لِلْفُرَافِصَةِ بْنِ عُمَيْرٍ الْحَنَفِيِّ , وَأَنَّهُ عَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، فَأَبَى الْفُرَافِصَةُ , فَأَتَى الْمُكَاتَبُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ , وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ , فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ , فَدَعَا مَرْوَانُ الْفُرَافِصَةَ , فَقَالَ لَهُ ، فَأَبَى الْفُرَافِصَةَ , فَأَمَرَ مَرْوَانُ بِذَلِكَ الْمَالِ أَنْ يُقْبَضَ مِنَ الْمُكَاتَبِ , فَيُوضَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ ، وَقَالَ لِلْمُكَاتَبِ : اذْهَبْ فَقَدْ عَتَقْتَ ، فَلَمَّا رَأَى الْفُرَافِصَةُ ذَلِكَ قَبَضَ الْمَالَ.(2/445)
2841 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا دفع مَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِهِ قَبْلَ مَحِلِّهَا ، كان ذَلِكَ لَهُ ، وَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَذَلِكَ أَنَّهُ يَضَعُ عَنِ الْمُكَاتَبِ كُلَّ شَرْطٍ وْ خِدْمَةٍ وْ سَفَرٍ ، لأَنَّهُ لاَ تَتِمُّ عَتَاقَةُ رَجُلٍ وَعَلَيْهِ بَقِيَّةٌ مِنْ رِقٍّ ، وَلاَ تَتِمُّ حُرْمَتُهُ , وَلاَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ , وَلاَ مِيرَاثُهُ , وَلاَ أَشْبَاهُ هَذَا مِنْ أَمْرِهِ ،وعليه بقية من رق وَلاَ يَنْبَغِي لِسَيِّدِهِ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ في كتابته خِدْمَةً بَعْدَ عَتَاقَهِ ،وَهَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/445)
2842 - قَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ مَرِضَ مَرَضًا شَدِيدًا , فَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ نُجُومَهُ كُلَّهَا إِلَى سَيِّدِهِ , لأَنْ يَرِثَهُ وَرَثَةٌ لَهُ أَحْرَارٌ ، وَلَيْسَ مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَدٌ لَهُ , إن ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ , لأَنَّهُ تَتِمُّ بِذَلِكَ حُرْمَتُهُ , وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ , وَيَجُوزُ اعْتِرَافُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِ النَّاسِ ، وَتَجُوزُ وَصِيَّتُهُ , وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ فَرَّ مِنِّي بِمَالِهِ.(2/446)
(6) ميراث المكاتب
2843 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سُئِلَ عَنْ مُكَاتَبٍ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ ، فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، ثم مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً كَثِيرًا ، فَقَالَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ : يُأخذ الَّذِي تَمَسَكَ بِكِتَابَتِهِ الَّذِي بَقِيَ لَهُ عليه ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مَا بَقِيَ بِالسَّوِيَّةِ.(2/446)
2844 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ فَعَتَقَ ، فَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِمَنْ كَاتَبَهُ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يموت الْمُكَاتَبُ مِنْ وَلَدٍ وْ عَصَبَةٍ.
وَهَذَا أَيْضًا فِي كُلِّ مَنْ أُعْتِقَ ، فَإِنَّمَا مِيرَاثُهُ إلى أقْرَبِ النَّاسِ بمَّنْ أَعْتَقَهُ مِنْ وَلَدٍ أَوْ عَصَبَةٍ مِنَ الرِّجَالِ يَوْمَ يَمُوتُ الْمُعْتَقُ .(2/446)
2845 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ يُكَاتِبُ رَقِيقًا لَهُ جَمِيعًا ، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَهُمْ ، يَتَوَارَثُونَ بِهَا ، فَإِنَّهًمْ حُمَلاَءُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، لاَ يُعْتَقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ دُونَ أَحَدٍ حَتَّى يُؤَدُّوا الْكِتَابَةَ جَمِيعًا ، فَإِنْ هَلَكَ بَعْضُهُمْ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِمْ أَدَّى عَنْهُمْ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمْ ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ لِسَيِّدِهِ ، وَكَانَ مَا أَدَّى عَنْهُمْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ دَيْنًا لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ عَلَيْهِمْ يَتْبَعُهُمْ بِهِ ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ عَجَزُوا عَنِ السَّعْي ، فَسَعَى وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُعْتَقُوا بِسَعْيِهِ ، كَانَ مَا أَدَّى عَنْهُمْ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهِمْ يَتْبَعُهُمْ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّي كِتَابَتَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوهُ لأَنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى مَاتَ.(2/447)
2846 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْمُكَاتَبُ إِذَا هَلَكَ وَتَرَكَ فَضَلاً عَنْ كِتَابَتِهِ وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوهُ ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ بَنُوهُ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ الَّذِينَ إِذَا مَاتُوا وَرِثَهُمْ ، وَإِذَا مَاتَ وَرِثُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، لأَنَّ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ.(2/447)
2847 - قَالَ مَالِكٌ : الإِخْوَةُ بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ إِذَا كُانوا جَمِيعًا في كِتَابَةً وَاحِدَةً , إِذَا لَمْ يَكُنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَدٌ كَاتَبَ عَلَيْهِمْ , أَم وُلِدُ فِي كِتَابَتِهِ , ثُمَّ هَلَكَ أَحَدُهُمْ وَتَرَكَ مَالاً أُدِّيَ عَنْهُمْ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ كِتَابَتِهِمْ وَعَتَقُوا ، وَكَانَ فَضْلُ الْمَالِ لِوَلَدِهِ دُونَ إِخْوَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.(2/447)
(7) الشرط في المكاتب
2848 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ سَفَرًا أَوْ خِدْمَةً أَوْ ضَحِيَّةً : إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مسَمَّى بِاسْمِهِ , ثُمَّ قَوِيَ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَدَاءِ نُجُومِهِ كُلِّهَا قَبْلَ مَحِلِّهَا ، قَالَ : فإِذَا أَدَّى نُجُومَهُ كُلَّهَا وَعَلَيْهِ هَذَا الشَّرْطُ , عَتَقَ , فَثبتتْ حُرْمَتُهُ , وَنُظِرَ إِلَى مَا شَرَطَ عَلَيْهِ مِنْ عمل أوخِدْمَةٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، مِمَّا يُعَالِجُهُ بِنَفْسِهِ ، فَذَلِكَ مَوْضُوعٌ عَنْهُ , لَيْسَ لِسَيِّدِهِ فِيهِ شَيْءٌ , وَمَا كَانَ مِنْ ضَحِيَّةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ شَيْءٍ يُؤَدِّيهِ ، فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ , قَوَّمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ , فَدْفَعُهُ مَعَ نُجُومِهِ , وَلاَ يَعْتِقُ , حَتَّى يَدْفَعَ ذَلِكَ مَعَ نُجُومِهِ.(2/448)
2849 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُكَاتَبَ بِمَنْزِلَةِ عَبْدٍ عْتَقَهُ سَيِّدُهُ بَعْدَ خِدْمَته عَشْرِ سِنِينَ ، فَإِذَا هَلَكَ سَيِّدُهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ قَبْلَ عَشْرِ سِنِينَ ، فَإِنَّ مَا بَقِيَ مِنْ خِدْمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ , وَكَانَ وَلاَؤُهُ لمن عَقَدَ عِتْقَهُ وَلِوَلَدِهِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ عَصَبَته.(2/448)
2850 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَّجُلِ يَشْتَرِطُ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّه لاَ يسَافِرُ وَلاَ ينْكِحُ وَلاَ يخْرُجُ مِنْ أَرْضِه إِلاَّ بِإِذْنِه , فَإِنْ فَعَلْتَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِي , فَمَحْوُ كِتَابَتِكَ بِيَدِي.(2/448)
2851 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ مَحْوُ كِتَابَتِهِ بِيَدِهِ وإِنْ فَعَلَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، فلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَى السُّلْطَانِ , وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَنْكِحَ وَلاَ يُسَافِرَ وَلاَ يَخْرُجَ مِنْ أَرْضِ سَيِّدِهِ ، إِلاَّ بِإِذْنِهِ , اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ , وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ , وَلَهُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ , فَيَنْطَلِقُ فَيَتزوج الْمَرْأَةَ , فَيُصْدِقُهَا الصَّدَاقَ الَّذِي يُجْحِفُ بِمَالِهِ , وَيَكُونُ فِيهِ عَجْزُهُ , فَيَرْجِعُ إِلَى سَيِّدِهِ عَبْدًا لاَ مَالَ لَهُ ، أَوْ يُسَافِرُ فَتَحِلُّ نُجُومُهُ , فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ , وَلاَ عَلَى ذَلِكَ كَاتَبَهُ ، وَذَلِكَ بِيَدِ سَيِّدِهِ , إِنْ شَاءَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ , وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُ ذلك كله .(2/449)
(8) ولاء المكاتب
2852 - قَالَ مَالِكٌ : في الْمُكَاتَبَ يعْتَقَ عَبْدَهُ , إِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ ، إِلاَّ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وإِنْ أَجَازَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ لَهُ , ثُمَّ أعَتَقَ الْمُكَاتَبُ كَانَ وَلاَؤُهُ لِلْمُكَاتَبِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ كَانَ وَلاَؤه لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ , وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُعْتَقَ كان ولاء الْمُعْتَقُ الأَول لسَيِّدُ الْمُكَاتَبِ وإن مات المعتق قبل أن يعتق المكاتب ورثه سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ الأول .(2/449)
2853 - وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَوْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدًا , فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ الآخَرُ قَبْلَ سَيِّدِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ , كان وَلاَءَهُ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ الأََوَّل , مَا لَمْ يَعْتِقِ الْمُكَاتَبُ ُالَّذِي كَاتَبَهُ ، فَإذا عَتَقَ الَّذِي كَاتَبَهُ , رَجَعَ وَلاَءُ مُكَاتَبِهِ الَّذِي كَانَ عَتَقَ قَبْلَهُ إليه ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ الأََوَّلُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ , أَوْ عَجَزَ عَنْ كِتَابَتِهِ , وَلَهُ وَلَدٌ أَحْرَارٌ لَمْ يَرِثُوا وَلاَءَ مُكَاتَبِ أَبِيهِمْ , لأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لأَبِيهِمُ وَلاَءُ ، وَلاَ يَكُونُ لَهُ الْوَلاَءُ حَتَّى يَعْتِقَ.(2/450)
2854 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ , فَيَتْرُكُ أَحَدُهُمَا لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ , ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ مَالاً فإن صاحب الكتابة الَّذِي لَمْ يَتْرُكْ لَهُ من حقه شيئاً يقبض مَا بَقِيَ لَهُ من كتابته ، ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ مابقي من مَالَ المكاتب بينهما كَهَيْئَتِهِ لَوْ مَاتَ عَبْدًا , لأَنَّ الَّذِي صَنَعَ لَيْسَ بِعَتَاقَةٍ ، وَإِنَّمَا تَرَكَ له مَا كَانَ عَلَيْهِ.
2855 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا مَاتَ وَتَرَكَ مُكَاتَبًا , وَتَرَكَ بَنِينَ رِجَالاً وَنِسَاءً ، ثُمَّ أَعْتَقَ أَحَدُ الْبَنِينَ نَصِيبَهُ مِنَ الْمُكَاتَبِ , إِنَّ ذَلِكَ لاَ يُثْبِتُ لَهُ مِنَ الْوَلاَءِ شَيْئًا , وَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً لَثَبَتَ الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ مِنْهُمْ مِنْ رِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ.(2/450)
2856 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّهُمْ إِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ منهم من رجالهم ونسائهم لَمْ يُقَوَّمْ عَلَى من أعْتَقَ نَصِيبَهُ مَا بَقِيَ مِنَ الْمُكَاتَبِ , فَلَوْ كَانَتْ عَتَاقَةً قُوِّمَ عَلَيْهِ , حَتَّى يَعْتِقَ فِي مَالِهِ , كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ , قُوِّمَ عَلَيْهِ ما بقي ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ.
2857 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ، أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مُكَاتَبٍ , لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ وَلَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ ، لكَانَ الْوَلاَءُ لَهُ دُونَ شُرَكَائِهِ.
2858 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنَّ مِنْ سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ التي لااختلاف فيها : أَنَّ الْوَلاَءَ لِمَنْ عَقَدَ الْكِتَابَةَ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِمَنْ وَرِثَ سَيِّدَ الْمُكَاتَبِ مِنَ النِّسَاءِ مِنْ وَلاَءِ الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ ، وَإِنْ أَعْتَقْ بعضهم نَصِيبَهُ , إِنَّمَا وَلاَؤُهُ لذكُورِ ولد سَيِّدِ الْمُكَاتَب أو عصبته من الرجال.(2/451)
(9) مالا يجوز من عتق الكاتب
2859 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا كَانَ الْقَوْمُ جَمِيعًا فِي الكِتَابَةٍ الوَاحِدَةٍ ، لَمْ يُعْتِقْ سَيِّدُهُمْ أَحَدًا مِنْهُمْ بغير مُؤَامَرَةِ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَرِضًا مِنْهُمْ ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا , فَلَيْسَ مُؤَامَرَتُهُمْ بِشَيْءٍ ، وَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.(2/451)
2860 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا كَانَ يَسْعَى عَلَى جَمِيعِ الْقَوْمِ , وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ كِتَابَتَهُمْ ويَتِمَّ بِهِ عَتَاقَتُهُمْ , فَيَعْمِدُ السَّيِّدُ إِلَى الَّذِي يُؤَدِّي عَنْهُمْ ، وَفيِهِ نَجَاتُهُمْ مِنَ الرِّقِّ ، فَيُعْتِقُهُ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ عَجْزًا لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ , وَإِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ الْفَضْلَ وَالزِّيَادَةَ لِنَفْسِهِ , فَلاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ , وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ , فَهَذَا أَشَدُّ الضَّرَرِ.(2/452)
2861 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْعَبِيدِ يُكَاتَبُونَ جَمِيعًا كتابة واحدة فيريد سَيِّدِهِمْ أَنْ يُعْتِقَ بعضهم إنه إن أحب أن يعتق صغيراً أوكبيراً فَانِياً لاَ يُؤَدِّي وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا , وَلَيْسَ عِنْدَه عَوْنٌ وَلاَ قُوَّةٌ فِي كِتَابَتِهِمْ , فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ.(2/452)
(10) جامع عتق المكاتب
2862 - قَالَ مَالِكٌ فِي رجُلِ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ ، ثُمَّ يَمُوتُ الْمُكَاتَبُ وَيَتْرُكُ أُمَّ وَلَدٍ ، وَقَدْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ بَقِيَّةٌ , ولا ولد له ويَتْرُكُ وَفَاءً بِمَا عَلَيْهِ : فإنَّ أُمَّ وَلَدِهِ أَمَةٌ مَمْلُوكَةٌ حِينَ لَمْ يُعْتَقِ الْمُكَاتَبُ حَين مَاتَ ، وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَيُعْتَقُوا, بِأَدَاءِ مَا بَقِيَ عليه , فَتُعْتَقُ أُمُّ وَلَدِ أَبِيهِمْ بِعِتْقِهِمْ.(2/452)
2863 - قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُ عَبْدًا لَهُ وَ يَتَصَدَّقُ بِبَعْضِ مَالِهِ , وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ الْمُكَاتَبُ إنه يَنْفُذُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ , وَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَ الْمُكَاتَبُ , فَرَدَّ ذَلِكَ وَلَمْ يُجِزْهُ , فَإِنَّهُ إِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَذَلِكَ فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ ذَلِكَ الْعَبْدَ , وَلاَ يُخْرِجَ تِلْكَ الصَّدَقَةَ إِلاَّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ طَائِعًا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ.(2/453)
(11) الوصية في المكاتب
2864 - قَالَ مَالِكٌ : أَحْسَنَ مَا سَمِعْتُ فِي الْمُكَاتَبِ يُعْتِقُهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ : أَنَّ الْمُكَاتَبَ يُقَامُ عَلَيه ما بقي من كتابته فَإِنْ كَانَتِ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ , وُضِعَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ ، وَلَمْ يُنْظَرْ إِلَى عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي عَلَيْهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ لَمْ يَغْرَمْ قَاتِلُهُ إِلاَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَتْلِهِ , وَلَوْ جُرِحَ لَمْ يَغْرَمْ جَارِحُهُ إِلاَّ دِيَةَ جَرْحِهِ ويقوم يَوْمَ جَرَحَهُ ، وَلاَ يُنْظَرُ فِي شَيْءٍ مما كُوتِبَ عَلَيْهِ مِنَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ، لأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ , وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ , لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ إِلاَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ ، فَصَارَتْ وَصِيَّةً أَوْصَى بِهَا.
2865 - وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ , أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ , وَلَمْ يَبْقَ عليه مِنْ كِتَابَتِهِ إِلاَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، فَأَوْصَى سَيِّدُهُ لَهُ بِالْمِائَةِ دِرْهَمٍ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهِ ، حُسِبَتْ لَهُ فِي ثُلُثِ سَيِّدِهِ , فَصَارَ حُرًّا بِهَا.(2/453)
2866 - قَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْداً لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ : إِنَّهُ يُقَوَّمُ عَبْدًا ، فَإِنْ كَانَ فِي ثُلُثِهِ سَعَةٌ لِثَمَنِ الْعَبْدِ جَازَ ذَلِك لَهُ.
2867 - وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ يَكُونَ الْعَبْدِ قِيمَته أَلْفَ دِينَارٍ ، فَيُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ عَلَى مِائَتَيْ دِينَارٍ عِنْدَ مَوْتِهِ , فَيَكُونُ ثُلُثُ سَيِّدِهِ أَلْفَ دِينَارٍ ، فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُ ، وَإِنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ أَوْصَى لَهُ بِهَا فِي ثُلُثِهِ , قال فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِوَصَايَا ، وَلَيْسَ فِي الثُّلُثِ فَضْلٌ عَنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ ، بُدِئَ بِالْمُكَاتَبِ ، لأَنَّ الْكِتَابَةَ عَتَاقَةٌ ، وَالْعَتَاقَةُ تُبَدَّأُ عَلَى الْوَصَايَا ، ثُمَّ تُحملُ الْوَصَايَا فِي كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ فيبيعُونَهُ بِهَا , وَتخَيَّرُ وَرَثَةُ الْمُوصِي ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ كَامِلَةً , وَتَكُونُ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ لَهُمْ ، فَذَلِكَ لَهُمْ , وَإِنْ أَبَوْا وَأَسْلَمُوا الْمُكَاتَبَ وَمَا عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا ، فَذَلِكَ لَهُمْ , لأَنَّ الثُّلُثَ صَارَ فِي الْمُكَاتَبِ , وَلأَنَّ كُلَّ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا أَحَدٌ , وَقَالَ وَرَثتَةُ : الَّذِي أَوْصَى بِهِ صَاحِبُنَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ ، وَقَدْ أَخَذَ مَا لَيْسَ لَهُ ، فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يُخَيَّرُونَ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : قَدْ أَوْصَى صَاحِبُكُمْ بِمَا قَدْ عَلِمْتُمْ ، فَإِنْ أَحْبَبْتُمْ أَنْ تُنَفِّذُوا ذَلِكَ لأَهْلِهِ عَلَى مَا أَوْصَى بِهِ الْمَيِّتُ , وَإِلاَّ فَأَسْلِمُوا لأَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ كُلِّهِ فَإِنْ أَسْلَمواَ الْوَرَثَةُ الْمُكَاتَبَ إِلَى أَهْلِ الْوَصَايَا ، كَانَ لأَهْلِ الْوَصَايَا مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ , فَإِنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابَةِ , أَخَذُوا ذَلِكَ على وَصَايَاهُمْ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمْ , فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ عَبْدًا لهم لاَ يَرْجِعُ إِلَى أَهْلِ الْمِيرَاثِ , لأَنَّهُمْ تَرَكُوهُ حِينَ خُيِّرُوا ، لأَنَّ أَهْلَ الْوَصَايَا حِينَ أُسْلِمَ إِلَيْهِمْ ضَمِنُوهُ , فَلَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَلَى الْوَرَثَةِ شَيْءٌ , وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ كِتَابَتَهُ وَتَرَكَ مَالاً هُوَ أَكْثَرُ مِمَّا بقي عَلَيْهِ ، فَمَالُهُ لأَهْلِ الْوَصَايَا ، وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا عَلَيْهِ , عَتَقَ , وَرَجَعَ وَلاَؤُهُ إِلَى عَصَبَتهِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ لأَهْلِ الْوَصَايَا مِنْ وَلاَئِهِ شَيْءٌ.(2/454)
2868 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرجل يَكُونُ له على مكاتبه عَشَرَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ , فَيَضَعُ عَنْهُ عِنْدَ مَوْتِهِ من كتابته أَلْفَ دِرْهَمٍ , فإنه يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ فَيُنْظَرُ كَمْ قِيمَتُهُ ؟ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ , فَالَّذِي وُضِعَ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ ، وَذَلِكَ من الْقِيمَةِ مِائَةُ دِرْهَمٍ ، وَهُوَ عُشْرُ الْقِيمَةِ , فَيُوضَعُ عَنْهُ عُشْرُ الْكِتَابَةِ , فَيَصِيرُ ذَلِكَ إِلَى عُشْرِ الْقِيمَةِ نَقْدًا ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كَهَيْئَتِهِ لَوْ وُضِعَ عَنْهُ جَمِيعُ مَا عَلَيْهِ , فإن فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُحْسَبْ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ , إِلاَّ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي وُضِعَ عَنْهُ نِصْفُ الْكِتَابَةِ , حُسِبَت فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ نِصْفُ الْقِيمَةِ ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ , فعَلَى حِسَابِ هَذَا .(2/455)
2869 - قَالَ مَالِكٌ : وإِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ ِأَلْفاًَ مِنْ عَشَرَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ , وَلَمْ يُسَمِّ أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ ولا مِنْ آخِرِهَا ، وُضِعَ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ عُشْرُهُ.(2/455)
2870 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَنْ مُكَاتَبِهِ عِنْدَ الموت أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ أَوَّلِ كِتَابَتِهِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا ، قُوِّمتَ الُكتَابة قِيمَةَ النَّقْدِ , ثُمَّ قُسِمَتْ تِلْكَ الْقِيمَةُ , ثم جُعِلَ لِتِلْكَ الأََلْفِ الَّتِي مِنْ أَوَّلِ ْكِتَابَتهِ حِصَّتُهَا مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ بِقَدْرِ قُرْبِهَا مِنَ الأََجَلِ وَفَضْلِهَا ، ثُمَّ الأََلْفُ الَّتِي تَلِيها بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا ، ثُمَّ الأََلْفُ الَّتِي تَلِيهَا بِقَدْرِ فَضْلِهَا أَيْضًا , حَتَّى يُؤْتَى عَلَى آخِرِهَا , يَفْضُلُ كُلُّ أَلْفٍ بِقَدْرِ مَوْضِعِهَا من الكتابة فِي تَعْجِيلِ الأََجَلِ أوَتَأْخِيرِهِ ؛ لأَنَّ مَا اسْتَأْخَرَ مِنْ ذَلِكَ أَقَلَّ فِي الْقِيمَةِ , ثُمَّ يُوضَعُ فِي ثُلُثِ الْمَيِّتِ قَدْرُ مَا أَصَابَ تِلْكَ الأََلْفَ مِنَ الْقِيمَةِ عَلَى قدر تَفَاضُلِ ذَلِكَ , إِنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، فَهُوَ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ.(2/456)
2871 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَأَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ آخَرَ ، وَلَيْسَ فِي ثُلثِهِ سَعَةٌ إِلاَّ لِعَتْقِ أَحَدِهِمَا ، قَالَ : يُبَدَّأُ الْمُعْتَقُ عَلَى الْمُكَاتَبِ.(2/456)
2872 - وقَالَ مَالِكٌ فِي رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبُعِ مُكَاتَبٍ لَهُ وَأَعْتَقَ رُبُعَهُ ، ثم هَلَكَ السيد , ثُمَّ هَلَكَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالاً أَكْثَرَ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ.(2/456)
2873 - قَالَ مَالِكٌ : يُعْطَى وَرَثَةُ السَّيِّدِ وَالَّذِي أَوْصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ , بقدر حقهما ممَا بَقِيَ لَهُمْ عَلَى الْمُكَاتَبِ , ثُمَّ يَقْتَسِمانَ مَا فَضَلَ , فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِرُبُعِ الْمُكَاتَبِ ثُلُثُ مَا فَضَلَ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابتهِ , وَلِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ الثُّلُثَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ , مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ , وَإِنَّمَا يُورَثُ بِالرِّقِّ.(2/457)
2874 - وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُكَاتَبٍ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ قَالَ مالك : إِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ , وُوضَعُ عَنْهُ مِنَ الْمكَاتبَةِ قَدْرُ ذَلِكَ وتفسير ماكره من ذلك ، أنْ يكَونَ عَلَى الْمُكَاتَبِ خَمْسَةُ آلاَفِ دِرْهَمٍ , وقِيمَتُهُ أَلْفا دِرْهَمٍ نَقْدًا ، وَيَكُونُ ثُلُثُ الْمَيِّتِ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، فيعَتَقَ نِصْفُهُ وَيُوضَعُ عَنْهُ شَطْرُ الْكِتَابَةِ.(2/457)
2875 - قَالَ مَالِكٌ : فِي رَجُلٍ قَالَ فِي وَصِيَّتِهِ : غُلاَمِي فُلاَنٌ حُرٌّ , وَكَاتِبُوا فُلاَنًا , قال مالك : يُبَدَّأُ بالْعَتَاقَةُ عَلَى الْكِتَابَةِ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الثُّلثِ شَيْءٌ عَلَى الْعَتَاقةِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ ، فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يُمْضُوا لِلْمُكَاتَبِ مَا كَاتَبَهُ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ ، وَإلاَّ عُتِقَ مِنَ الْعَبْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنَ الثُّلُثِ مَا حَمَلَ مِنْهُ ِبَقِيَّةُ الثُّلُثِ.(2/457)
2876 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أسَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ حَفْصَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَتْ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا ، وَقَدْ كَانَتْ دَبَّرَتْهَا ، فَأَمَرَتْ بِهَا , فَقُتِلَتْ.(2/458)
كتاب الأقضية
(1) باب الترغيب في (القضاء) بالحق
2877- حَدَّثَنَا أبو مصعب قال : حدثنا مَالِك بن أنس ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مثلكم ، وَإِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ ، فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فَأَقْضِيَ لَهُ عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ ، فَلاَ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ.(2/459)
2878 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ اخْتَصَمَ إِلَيْهِ مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ ، فَرَأَى أَنَّ الْحَقَّ لِلْيَهُودِيِّ ، فَقَضَى لَهُ عمر ، فَقَالَ لَهُ الْيَهُودِيُّ : وَاللَّهِ لَقَدْ قَضَيْتَ بِالْحَقِّ ، فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ، ثُمَّ قَالَ : مَا يُدْرِيكَ ؟ قَالَ الْيَهُودِيُّ : إِنَّا نَجِدُ , أَنَّهُ لَيْسَ قَاضٍ يَقْضِي بِالْحَقِّ ، إِلاَّ كَانَ عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ ، وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ ، يُسَدِّدَانِهِ , وَيُوَفِّقَانِهِ لِلْحَقِّ , مَا دَامَ مَعَ الْحَقِّ ، فَإِذَا تَرَكَ الْحَقَّ عَرَجَا وَتَرَكَاهُ.(2/459)
(2) القضاء في الأدعياء
2879 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، أَنَّهَا قَالَتْ : كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إِلَيْكَ ، قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ ، أَخَذَهُ سَعْدٌ بن أبي وقاص ، وَقَالَ : ابْنُ أَخِي ، قَدْ كَانَ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ ، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ ، فَقَالَ : أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ابْنُ أَخِي ، قَدْ عَهِدَ إِلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ : أَخِي ، وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي ، وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ، ثُمَّ قَالَ رسول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم لِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ : احْتَجِبِي مِنْهُ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ ، فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ .(2/460)
(3) القضاء في أمهات الأولاد
2880 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس : عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَؤُونَ وَلاَئِدَهُمْ ، ثُمَّ يَعْزِلُونَهُنَّ ، لاَ تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا ، إِلاَّ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا ، فَاعْزِلُوا بَعْدُ ، أَوِ اتْرُكُوا.(2/461)
2881 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَطَؤُونَ وَلاَئِدَهُمْ ، ثُمَّ يَدَعُونَهُنَّ يَخْرُجْنَ , لاَ تَأْتِينِي وَلِيدَةٌ يَعْتَرِفُ سَيِّدُهَا , أَنْ قَدْ أَلَمَّ بِهَا , إِلاَّ قَدْ أَلْحَقْتُ بِهِ وَلَدَهَا , فَأَمْسِكُوهُنَّ بَعْدُ , أَوْ أَرْسِلُوهُنَّ.(2/461)
(4) جناية العبد وجناية أم الولد
2882 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي جِنَايَةِ الْعَبِيدِ ، أَنَّ كُلَّ مَا أَصَابَوا مِنْ جُرْحٍ جَرَحَوا بِهِ إِنْسَانًا ، أَوْ شَيْءٍ اخْتَلَسَوه ، أَوْ حَرِيسَةٍ احْتَرَسَوهَا ، أَوْ ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ , جَذَّهُ أَوْ أَفْسَدَهُ , أَوْ سَرِقَةٍ سَرَقَوهَا لاَ قَطْعَ فِيهَا ، أنَّ ذَلِكَ فِي رَقَابَهم ، لاَ يَعْدُو رَّقَابَهم ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ , فَإِنْ شَاءَ سَادُاتهم أَنْ يُعْطِوا مَا أَخَذَوا ، أَوْ أَفْسَدَوا أَوْ عَقْلَ مَا جَرَحَوا ، أَعْطَوا ذلك , وَإِنْ شَاؤوا أَنْ يُسْلِمَوا رقابهم ، فلَيْسَ عَلَيْهِم شَيْءٌ سَادُاتهم فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ، إلا ما كان من أُمِّ الْوَلَدِ فإِن جِنَايَتها , ضَامِنَة على سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَ وَبَيْنَ قِيمَتِهَا , مالَيْسَ عليهُ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا.(2/461)
2883 - وقال مَالِك : الأََمْرُالمجتمع عليه عِنْدَنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ إِذَا جَنَتْ جِنَايَةً , أن ذلك على سَيِّدُهَا مَا بَيْنَهَ وَبَيْنَ قِيمَتِهَا , وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا , وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَضمن مِنْ جِنَايَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا.(2/462)
2884 - قال مَالِك : مَنِ اسْتَعَار عَبْدًا بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ فِي شَيْءٍ لَهُ بَالٌ ، أوَلِمِثْلِهِ إِجَارَةٌ , فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ الْعَبْدَ منْ شَيْءٍ ، فإِنْ سَلِمَ الْعَبْدُ ، فَطَلَبَ سَيِّدُهُ إِجَارَة مَا عَمِلَ عبده ، فَذَلِكَ لِسَيِّدِهِ ، وَذلك الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/462)
2885 -قال مَالِك : الأمر عندنا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَعْضُهُ حُرًّا وَبَعْضُهُ مُسْتَرَقًّا ، إِنَّهُ يُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا إلا على وجه الإصلاح ، وَلَكِنَّهُ يَأْكُلُ وَيَكْتَسِي بِالْمَعْرُوفِ , فَإِذَا هَلَكَ فَمَالُهُ لِلَّذِي بَقِيَ لَهُ فِيهِ رِّقُّ.(2/462)
2886 - وَقَالَ مَالِكٌ : فِيمَا يُصِيبُ الْعَبْدُ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ، أَنَّهُ إِذَا أُدْركَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهِ الْمقَاسِمُ فَهُوَ رَدٌّ عَلَى أَهْلِهِ ، وَأَمَّا مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْمُقَاسَمَةُ , فَلاَ يُرَدُّ عَلَى أَحَدٍ وَقَدْ مَضَى فِي الْمُقَاسَمَةِ.(2/463)
2887 - قال مَالِك : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ الْوَالِدَ يُحَاسِبُ وَلَدَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ يَكُونُ لِلْوَلَدِ مَالٌ ، نَاضًّا أَوْ عَرْض , إِنْ أَرَادَ الْوَالِدُ ذَلِكَ.(2/463)
(5) إلحاق الولد بأبيه
2888 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْهَادِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بن أَبِي أُمَيَّةَ , أَنَّ امْرَأَةً هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، فَاعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ حِينَ حَلَّتْ ، فَمَكَثَتْ عِنْدَ زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَنِصْفَاً ، ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا تَمامًّا ، فَجَاءَ زَوْجُهَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَعمر ، فَدَعَا عُمَرُ نِسْوَةً مِنْ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ قُدَمَاءَ ، فَسَأَلَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ : أَنَا أُخْبِرُكَ عَنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ , هَلَكَ عَنْهَا زَوْجُهَا حِينَ حَمَلَتْ ، فَهَرِقَتْ الدِّمَاءُ ، فَحَشَّ وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا ، فَلَمَّا أَصَابَهَا زَوْجُهَا الَّذِي نَكَحَت ، وَأَصَابَ الْوَلَدَ الْمَاءُ , تَحَرَّكَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا ، وَكَبِرَ , فَصَدَّقَهَا عُمَرُ , وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ لهما : أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمَا إِلاَّ خَيْرٌ , وَأَلْحَقَ الْوَلَدَ بِالأََوَّلِ.(2/463)
2889 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - كَانَ يُلِيطُ أَوْلاَدَ الْجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الإِسْلاَمِ ،قال سليمان فَأَتَى رَجُلاَنِ كِلاَهُمَا يَدَّعِي وَلَدَ امْرَأَةٍ ، فَدَعَا عُمَرُ قَائِفًا , فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا ، فَقَالَ الْقَائِفُ : لَقَدِ اشْتَرَكَا فِيهِ , فَضَرَبَهُ عُمَرُ بِالدِّرَّةِ ،قال :ما يدريك ؟ ثُمَّ دَعَا الْمَرْأَةَ ، فَقَالَ : أَخْبِرِينِي خَبَرَكِ ؟ فَقَالَتْ : كَانَ هَذَا لأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ يَأْتِيها، وَهِيَ فِي الإِبِلٍ لأَهْلِهَا ، فَلاَ يُفَارِقُهَا حَتَّى يَظُنَّ وَتَظُنَّ أَنَّ قَدِ اسْتَمَرَّ بِهَا حَملٌ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهَا ، فَهَرِقَتْ الدِمَاءٌ ، ثُمَّ خَلَفَ هَذَا ، تَعْنِي الآخَرَ ، ولاَ أَدْرِي مِنْ أَيِّهِمَا هُوَ ؟ قَالَ : فَكَبَّرَ الْقَائِفُ , فَقَالَ عُمَرُ لِلْغُلاَمِ : وَالِ أَيَّهُمَا شِئْتَ.(2/464)
2890- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابن شهاب ، عَنْ سعيد بْن المسيب ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أن رجلًا من أهل البادية جاء إِلى النَّبِيّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقَالَ : إن امرأتي ولدت غلامًا أسود ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : هل لك من إبلٍ ؟ قَالَ : نعم ، قَالَ : ما ألوانها ؟ قَالَ : حمر ، قَالَ : فهل فيها من أورق ؟ قَالَ : نعم ، قَالَ : أنى ترى ذَلِكَ ؟ قَالَ : نزعه عرقٌ ، قَالَ : فلعل هذا نزعة عرقٌ.(2/464)
(6) ميراث الولد المستلحق
2891 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ بَنُونَ ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمْ : قَدْ أَقَرَّ أَبِي بأَنَّ فُلاَنًا ابْنُهُ : إِنَّ ذَلِكَ النَّسَبَ لاَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ ، وَلاَ يَجُوزُ إِقْرَارُ الَّذِي أَقَرَّ , إِلاَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ ، يُعْطَى الَّذِي شَهِدَ لَهُ قَدْرَ مَا يُصِيبُهُ مِنَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ.
قَالَ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ : أَنْ يَهْلِكَ الرَّجُلُ ، وَيَتْرُكَ ابْنَيْنِ لَهُ ، وَيَتْرُكَ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلاَثَمِائَةِ دِينَارٍ ، ثُمَّ يَشْهَدُ أَحَدُهُمَا , أَنَّ أَبَاهُ الْهَالِكَ أَقَرَّ بأَنَّ فُلاَنًا ابْنُهُ ، فَيَكُونُ عَلَى الَّذِي شَهِدَ أن يعطي الَّذِي اسْتُلْحِقَ ، مِائَةُ دِينَارٍ ، فذَلِكَ نِصْفُ مِيرَاثِ الْمُسْتَلْحَقِ ، لَوْ لَحِقَ ، وَلَوْ أَقَرَّ لَهُ الآخَرُ , أَخَذَ الْمِائَةَ دينار الأَُخْرَى ، فَاسْتَكْمَلَ ميراثه وَثَبَتَ نَسَبُهُ ، وَهُذا أَيْضًا بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ تُقِرُّ بِدَّيْنِ عَلَى أَبِيهَا أَوْ زَوْجِهَا ، وَيُنْكِرُ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ ، فَعَلَيْهَا أَنْ تَدْفَعَ للَّذِي أَقَرَّتْ لَهُ بِالدَّيْنِ , قَدْرَ الَّذِي يُصِيبُهَا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ ، لَوْ ثَبَتَ عَلَى الْوَرَثَةِ إِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَرِثَتِ الثُّمُنَ ، دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ ثُمُنَ دَيْنِهِ ، وَإِنْ كَانَتِ ابْنَةً وَرِثَتِ نِّصْفَ ماله ، دَفَعَتْ إِلَى الْغَرِيمِ نِصْفَ حقهِ ، عَلَى حِسَابِ هَذَا يَدْفَعُ إِلَيْهِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ مِنَ النِّسَاءِ.(2/465)
2892 - قَالَ : وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ عَلَى مِثْلِ مَا شَهِدَتْ عليهِ الْمَرْأَةُ , أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى أَبِيهِ دَيْنًا ، أُحْلِفَ صَاحِبُ الحق مَعَ شَهَادَته ، وَأُعْطِيَ حَقَّهُ ، وَلَيْسَ ذَلك بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ ، لأَنَّ الرَّجُلَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ، وَيَكُونُ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ اليمين مَعَ شَاهِدِهِ ، يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ حَقَّهُ كُلَّهُ ، فَإِنْ هو لَمْ يَحْلِفْ أَخَذَ مِنْ مِيرَاثِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ ، بمقَدْارَ الذي يُصِيبُهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ ، لأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقِّهِ ، وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ ، فجَازَ عَلَيْهِ إِقْرَارُهُ.(2/466)
(7) العمل في عمارة الموات
2893 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً ، فَهِيَ لَهُ ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ.
قَالَ مَالِك : وَالْعِرْقُ الظَّالِمُ : كُلُّ مَا احْتُفِرَ أَوْ غُرِسَ أَوْ أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ.(2/466)
2894 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، قَالَ : مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً ، فَهِيَ لَهُ.(2/466)
(8) القضاء في المرفق
2895 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ.(2/467)
2896 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عبد الرحمن الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا يَمْنَعُ أَحَدُكُمْ جَارَهُ أن يغرز خشبته فِي جِدَارِهِ ، قال : ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ ، أما وَاللَّهِ لَأَرْمِيَنَّ بِهَا بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ.(2/467)
2897 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ , أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ خَلِيفَةَ , سَاقَ خَلِيجًا لَهُ مِنَ الْعُرَيْضِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَمُرَّ فِي أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، فَأَبَى مُحَمَّدٌ ، فَقَالَ الضَّحَّاكُ : لِمَ تَمْنَعُنِي ؟ وَهُوَ لَكَ مَنْفَعَةٌ تَشْرَبُ منهِ أَوَّلاً وَآخِرًا ، وَلاَ يَضُرُّكَ ، فَأَبَى مُحَمَّدٌ ، فَكَلَّمَ الضَّحَّاكُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , فَدَعَا عُمَرُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ , فَأَمَرَهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُ ، فَقَالَ: لاَ ، فَقَالَ عُمَرُ :لمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ لِمَ تَمْنَعُ أَخَاكَ مَا يَنْفَعُهُ ، وَهُوَ لَكَ منفِعٌة ، تَشرب بِهِ أَوَّلاً وَآخِرًا ، وَلاَ يَضُرُّكَ ؟ فَقَالَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ : لاَ وَاللَّهِ ، فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه - : وَاللَّهِ لَيَمُرَّنَّ بِهِ ، وَلَوْ عَلَى بَطْنِكَ ، فَأَمَرَ عُمَرُ أَنْ يَمُرَّ بِهِ ، فَفَعَلَ الضَّحَّاكُ.(2/467)
2898 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : كَانَ فِي حَائِطِ جَدِّهِ رَبِيعٌ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، فَأَرَادَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنْ يُحَوِّلَهُ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ الْحَائِطِ , هِيَ أَقْرَبُ إِلَى أَرْضِهِ ، فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الْحَائِطِ , فَكَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , فَقَضَى لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِتَحْوِيلِهِ.(2/468)
(9) القضاء في المياه
2899 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : فِي سَيْلِ مَهْزُورٍ , وَمُذَيْنِبٍ يُمْسَكُ حَتَّى الْكَعْبَيْنِ ، ثُمَّ يُرْسِلُ الأََعْلَى عَلَى الأََسْفَلِ.(2/468)
2900 - حدثنَاأَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ الأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا يُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ.(2/469)
2901 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا يُمْنَعُ نَقْعُ بِئْرٍ.(2/469)
(10) القضاء في القسم
2902 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ الدِّيلِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ قُسِمَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَأَيُّمَا دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَدْرَكَهَا الإِسْلاَمُ لَمْ تُقْسَمْ , فَهِيَ عَلَى قَسْمِ الإِسْلاَمِ.(2/469)
2903 - قال مالِك : فِيمَنْ هَلَكَ ، وَتَرَكَ أَمْوَالاً بِالْعَالِيَةِ ، وَالسَّافِلَةِ : إِنَّ الْبَعْلَ لاَ يُقْسَمُ مَعَ النَّضْحِ ، إِلاَّبرْضَى أَهْلُهُ بِذَلِكَ ، وَإِنَّ الْبَعْلَ يُقْسَمُ مَعَ الْعَيْونِ إِذَا كَانَ يُشْبِهُهَا ، وَأَنَّ الأََمْوَالَ إِذَا كَانَتْ بِأَرْضٍ وَاحِدَةٍ ، الَّذِي بَيْنَهُمَا مُتَقَارِبٌ ، فَإِنَّهُ يُقَامُ كُلُّ مَالٍ مِنْهَا ثُمَّ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ ، وَالْمَسَاكِنُ وَالدُّورُ بِهَذِا الْمَنْزِلَ.(2/470)
(11) القضاء في الضواري والحراسة
2904 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةَ ، أَنَّ نَاقَةً لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ دَخَلَتْ حَائِطَاً ، فَأَفْسَدَتْ فِيهِ ، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ ، وَأَنَّ مَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا.(2/470)
2905 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ ، أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ بن أبي بلتعة سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ , فَانْتَحَرُوهَا ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ :إني أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ ، وَاللَّهِ لأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ : كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ ؟ قَالَ: أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ ، قَالَ عُمَرُ : أَعْطِهِ ثَمَانَمِائَةِ دِرْهَمٍ.(2/470)
2906 - قَالَ مَالِكٌ : لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى تَضْعِيفِ الْقِيمَةِ.(2/471)
(12) القضاء فيما أصيب من البهائم
2907 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَا أُصِيبَ مِنَ الْبَهَائِمِ : أَنَّ عَلَى مَنْ أَصَابَها قَدْرَ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا.(2/471)
2908 - قال مَالِك : فِي الْجَمَلِ يَصُولُ عَلَى الرَّجُلِ ، فَيَخَافُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَيَقْتُلُهُ ، إِنَّهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهُ ، وَصَالَ عَلَيْهِ ، فَلاَ غُرْمَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ إِلاَّ مَقَالَتُهُ ، فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْجَمَلِ.(2/471)
(13) القضاء في المستكرهة
2909 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَضَى فِي امْرَأَةٍ أُصِيبَتْ مُسْتَكْرَهَةً , صَدَاقِهَا عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ .(2/471)
2910 - وقال مَالِك : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَغْتَصِبُ الْمَرْأَةَ , بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ، إِنَّهَا إِنْ كَانَتْ حُرَّةً , فَعَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً , فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا ، وَلاَ عُقُوبَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمُغْتَصَبَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُغْتَصِبُ عَبْدًا ، فَذَلِكَ غرم عَلَى سَيِّدِهِ ، إِلاَّ أَنْ يُسَلِّمَهُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَكْثَرَمِنَ ذَلِكَ.(2/471)
(14) القضاء باليمين مع الشاهد
2911- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ :حَدَّثَنَا مَالِكٌ: عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.(2/472)
2912 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَهُوَ عَامِلٌه عَلَى الْكُوفَةِ : أَنِ اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ.(2/472)
2913 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ سُئِلاَ : هَلْ يُقْضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، فَقَالاَ : نَعَمْ.(2/472)
2914 - قَالَ مَالِكٌ : مَضَتِ السُّنَّةُ فِي الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، يَحْلِفُ صَاحِبُ الْحَقِّ مَعَ شَاهِدِهِ ، وَيَسْتَحِقُّ حَقَّهُ ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، أُستحْلِفَ الْمَطْلُوبُ ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الْحَقُّ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَقُّ لِصَاحِبِهِ.(2/472)
2915 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ خَاصَّةً ، وَلاَ يَقَعُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحُدُودِ ، وَلاَ فِي النِكَاحٍ , وَلاَ فِي الطَلاَقٍ ، وَلاَ فِي العَتَاقَةٍ , وَلاَ فِي السَرِقَةٍ ، وَلاَ فِي الفِرْيَةٍ ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّ الْعَتَاقَةَ مِنَ الأََمْوَالِ ، فَقَدْ أَخْطَأَ ، ولَيْسَ كمَا قَالَ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى مَا قَالَ ، يحَلَفَ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدِهِ ، إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ يشهد له أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ ، وَأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ عَلَى مَالٍ مِنَ الأََمْوَالِ ادَّعَاهُ ، أحَلَفَ مَعَ الشَاهِدِ , وَاسْتَحَقَّ حَقَّهُ كَمَا يَحْلِفُ الْحُرُّ.(2/473)
2916 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ عِنْدَنَا : أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا جَاءَ بِشَاهِدٍ يشهد له عَلَى عَتَاقَة , اسْتُحْلِفَ السَيِّدُ مَا أَعْتَقَهُ , وَبَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ.(2/473)
2917 - قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا السُّنَّةُ فِي الطَّلاَقِ ، إِذَا جَاءَتِ الْمَرْأَةُ بِشَاهِدٍ واحد على أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ، أُستحْلِفَ زَوْجُهَا مَا طَلَّقَهَا ، فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِا الطَّلاَقُ.(2/473)
2918 - قَالَ مَالِكٌ : والسُنَّةُ في الطَّلاَقِ وَالْعَتَاقَ فِي الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ سنة وَاحِدَةٌ ، وإِنَّمَا يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى زَوْجِ الْمَرْأَةِ ، وَعَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، وَإِنَّمَا الْعَتَاقَةُ حَدٌّ مِنَ الْحُدُودِ ، لاَ يجُوزُ فِيهَا شَهَادَةُ النِّسَاءِ ، فإِذَا أعَتَقَ الْعَبْدُ سيده ثَبَتَتْ حُرْمَتُهُ ، جازت شهادته وَوَقَعَتْ لَهُ الْحُدُودُ ، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ زَنَى وَقَدْ أُحْصِنَ رُجِمَ ، وَإِنْ قَتَلَ قُتِلَ ، وَثَبَتَ لَهُ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ يُوَارِثُهُ ، فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ فَقَالَ : إنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ عَبْدَهُ ، وَجَاءَ رَجُلٌ يَطْلُبُ سَيِّدَ الْعَبْدِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى سيد العبد ، يشَهِدَ لَهُ عَلَى حَقِّهِ ذَلِكَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُثْبِتُ الْحَقَّ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، حَتَّى يرَدَّ بِذلك عَتَاقَة العبد ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِه مَالٌ غَيْرُه ، يُرِيدُ أَنْ يُجِيزَ بِذَلِكَ شَهَادَةَ النِّسَاءِ فِي الْعَتَاقَةِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ كمَا قَالَ ، وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ مثل الرَّجُلُ يَعْتِقُ عَبْدَهُ ، ثُمَّ يَأْتِي طَالِبُ الْحَقِّ عَلَى سَيِّدِ العبد بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، فَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ ، ويحِقُّ حَقَّهُ ، وَيثبت ويرَدُّ بِذَلِكَ عَتَاقَةُ الْعَبْدِ ، أَوْ يَأْتِي الرَّجُلُ قَدْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِ الْعَبْدِ مُخَالَطَةٌ وَمُلاَبَسَةٌ ، فَيَزْعُمُ أَنَّ لَهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ مَالاً ، فَيُقَالُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ : احْلِفْ مَا عَلَيْكَ مَا ادَّعَاه ، فَإِنْ نَكَلَ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، حُلِّفَ طالبُ الْحَقِّ ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ يَرُدُّ عَتَاقَةَ الْعَبْدِ ، إِذَا ثَبَتَ الْحق عَلَى سَيِّدِهِ.(2/474)
2919 - قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يَنْكِحُ الأََمَةَ ، فَتَكُونُ امْرَأَتَهُ ، فَيَأْتِي سَيِّدُ الأََمَةِ إِلَى زوجها فَيَقُولُ : ابْتَعْتَ مِنِّي جَارِيَة فُلاَنَةَ بنت فُلاَنٌ بِكَذَا وَكَذَا دِينَا ، فَيُنْكِرُ ذَلِكَ زَوْجُها ، فَيَأْتِي سَيِّدُها بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ، فَيَشْهَدُونَ عَلَى مَا قَالَ ، فَيَثْبُتُ بَيْعُهُ ، وَيَحِقُّ حَقُّهُ ، وَتَحْرُمُ الأََمَةُ عَلَى زَوْجِهَا ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِرَاقًا بَيْنَهُ وبين امرأته ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الطَّلاَقِ.(2/474)
2920 - قَالَ : وَمِثل ذَلِكَ الرَّجُلُ يَفْتَرِي عَلَى الرَّجُلِ ، فَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَيَأْتِي الرجل برَجُلٌ وَامْرَأَتَينِ , فَيَشْهَدُونَ أَنَّ الَّرجل المفْتُرِيَ عَلَيْهِ مَمْلُوكٌ ، فَيَبطل ذَلِكَ الْحَق عَلى الْمُفْتَرِي بَعْدَ وَقَوعَ الحد عَلَيْهِ ، وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ لاَ تَجُوزُ فِي الْفِرْيَةِ.(2/475)
2921 - وقَالَ مَالِكٌ : وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْقَضَاءُ ، وَمَا مَضَت فيه السُّنَّةِ ، أَنَّ امَرْأَتَيْنِ تَشْهَدَانِ عَلَى اسْتِهْلاَلِ الصَّبِيِّ ، فَيَجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثُهُ حَتَّى يَرِثَ ، وَيَكُونُ مَالُهُ لِمَنْ ورِثُهُ ، وإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ ، وَلَيْسَ مَعَ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ شَهِدَتَا ، رَجُلٌ وَلاَ يَمِينٌ ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي الأََمْوَالِ الْعِظَامِ ، مِنَ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالرِّبَاعِ وَالْحَوَائِطِ وَالرَّقِيقِ وَمَا أشبه ذَلِكَ مِنَ الأََمْوَالِ ، وَلَوْ شَهِدَتِ امْرَأَتَانِ عَلَى دِرْهَمٍ وَاحِدٍ ، أَوْ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ ، لَمْ تَقْطَعْ شَهَادَتُهُمَا شَيْئًا ، وَلايجوز إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمَا شَاهِدٌ أَوْ يَمِينٌ.(2/475)
2922 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : لاَ تَكُونُ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ، وَيَحْتَجُّ بِقَوْلِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، وَقَوْلُهُ الْحَقُّ : { فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} يَقُولُ : فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ , فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَلاَ يُحَلَّفُ مَعَ شَاهِدِهِ ويحتج بقول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى .
ومِنَ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ ، يُقَالَ : أَرَأَيْتَ رَجُلاً ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالاً , أَلَيْسَ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا ذَلِكَ الْحَقُّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ عَنْهُ ، وَإِنْ أبى أن يحلف ونَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ حُلِّفَ طالبُ الْحَقِّ أنَّ حَقَّهُ بحَقٌّ ، وَثَبَتَ حَقُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ، فَهَذَا مَا لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ ، وَلاَ بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ، فَبِأَيِّ شَيْءٍ أَخَذَ هَذَا ؟ أَوْ فِي كِتَابِ اللهِ وَجَدَهُ ؟ فَإِذَا أَقَرَّ بِهَذَا , فَلْيُقْرِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ،فإنَّهُ يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ مَا مَضَت مِنَ السُّنَّةِ ، وَلَكِنِ الْمَرْءُ قَدْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ وَمَوْضعَ الْحُجَّةِ ، فَهَذَا بَيَانُ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ .(2/475)
2923 - قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَهْلِكُ وَلَهُ دَيْنٌ ، وله عَلَيْهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ ، وَعَلَيْهِ لِلنَّاسِ دَيْونٌ ، فَيَأْبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يَحْلِفُوا عَلَى حُقُوقِهِمْ مَعَ شَاهِدِهِمْ ، قَالَ : فَإِنَّ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ وَيَأْخُذُونَ حُقُوقَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ فَضْلٌ لَمْ يَكُنْ لْوَرَثَته أَنْ يَحْلِفُوا ولم يكن لهم شَيْءٌ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الأََيْمَانَ عُرِضَتْ عَلَيْهِمْ من قَبْلُ ، فَتَرَكُوهَا ، إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا : لَمْ نكن نَعْلَمْ أن لِصَاحِبِنَا فَضْلاً ، وَيُعْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَرَكُوا الأََيْمَانَ لذَلِكَ ، فَإِنِّ عْلَمُ أَنَّهُمْ إِنَّمَا تَرَكُوا الأََيْمَانَ لذَلِكَ رَأَيت أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا مَا بَقِيَ من دَيْنِهِ.(2/476)
(15) القضاء في الدعوى
2924 -حدثنا أبو مصعب قراءة قَالَ : حدثنا مَالِكٌ : عَنْ جَمِيلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُؤَذِّنِ ، أَنَّهُ كَانَ يَحْضُرُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ إذ كان عاملاً في المدينة وَهُوَ يَقْضِي بَيْنَ النَّاسِ ، فَإِذَا جَاءَهُ الرَّجُلُ يَدَّعِي عَلَى الرَّجُلِ حَقًّا , نَظَرَ ، فَإِنْ كَانَتْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلاَبَسَةٌ , أَحْلَفَ الَّذِي ادُّعِيَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لَمْ يُحَلِّفْهُ.(2/477)
2925 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّهُ مَنِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَعْوَى ، نُظِرَ , فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةٌ أَوْ مُلاَبَسَةٌ , أُحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ ذَلِكَ الْحَقُّ ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ ، وَرَدَّ الْيَمِينَ ، حَلَفَ طَالِبُ الْحَقِّ ، وَأَخَذَ حَقَّهُ.(2/477)
(16) باب القضاء في شهادة الصبيان
2926 -حدثنا أبو مصعب قَالَ : حدثنا مَالِكٌ بن أنس عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَقْضِي بِشَهَادَةِ الصِّبْيَانِ , فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ.(2/477)
2927 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ تَجُوزُ فِيمَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْجِرَاحِ ، وَلاَ تَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِمْ.
قَالَ : وَإِنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ الصبيان في الْجِرَاحِ وَحْدَهَا ، ولاَ تَجُوزُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ ، قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا ، أَوْ يُخَتبُؤوا وْ يُعَلَّمُوا ، فَإِنِ افْتَرَقُوا فَلاَ شَهَادَةَ لَهُمْ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَشْهَدُوا الْعُدُولَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ ، قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقُوا.(2/478)
(17) باب اليمين على المنبر والحنث بها
2928 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ هَاشِمِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السلمي ، أَنَّ النبي صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي هذا بيمين آثِمة ، تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.(2/478)
2929 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ كَعْبٍ ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ، وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ قال : وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ , قَالَهَا ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.(2/478)
(18) جامع اليمين
2930 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ , عن أَبَي غَطَفَانَ بْنَ طَرِيفٍ الْمُرِّيَّ قُللُ : اخْتَصَمَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ , وَابْنُ مُطِيعٍ ، إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ فِي دَارٍ، فَقَضَى مَرْوَانُ بن الحكم بِالْيَمِينِ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَقَالَ زَيْدُ : أَحْلِفُ لَهُ مَكَانِي ، فَقَالَ مَرْوَانُ : لاَ , إِلاَّ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ ، فَجَعَلَ زَيْدُ يَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهُ لَحَقٌّ ، وَيَأْبَى أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، فَجَعَلَ مَرْوَانُ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ : لاَ أَرَى أَنْ يُحَلَّفَ عَلَى الْمِنْبَرِ أَحَدٌ عَلَى أَقَلَّ من ثَلاَثَةُ دَرَاهِمَ.(2/479)
(19) الشهادات
2931 - حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حدثنا مالك ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ ، الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا ، أَوْ يُخْبِرُ بها قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا.(2/480)
2932 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ رَجُلٌ، فَقَالَ : قَدْ جِئْتُكَ لأَمْرٍ ، مَا لَهُ رَأْسٌ ، وَلاَ ذَنَبٌ ، فَقَالَ عُمَرُ : ومَا هُوَ ؟ قَالَ : شَهَادَاتُ الزُّورِ قد ظَهَرَتْ بِأَرْضِنَا ، قَالَ : وَ قَدْ كَانَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ،قَالَ عُمَرُ بْنِ الْخَطَّابِ : وَاللَّهِ لاَ يُؤْسَرُ رَجُلٌ فِي الإِسْلاَمِ بِغَيْرِ الْعُدُولِ.(2/480)
2933 - قَالَ مَالِكٌ : إنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : لاَ تَجُوزُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلاَ ظَنِينٍ.(2/481)
(20) شهادة المحدود
2934 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَغَيْرِهِ ، أَنَّهُمْ سُئِلُوا : عَنْ رَجُلٍ جُلِدَ الْحَدَّ أَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ ؟ فَقَالُوا : نَعَمْ ، إِذَا ظَهَرَتْ مِنْهُ التَّوْبَةُ.
2935 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يُسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ مِثْلَ قَولَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ.(2/481)
2936 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، وَقد قال اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} قَرَأَ إِلَى آخِرِ الآيَتَيْنِ.(2/481)
2837 - قَالَ مَالِكٌ : فَإِذَا تَابَ الَّذِي يُجْلَدُ الحد وَأَصْلَحَ ، جَازَتَ شَهَادَتُهُ عَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ.(2/481)
كتاب النحل والعطية
(1) باب ما لا يجوز من النحل والعطية
2938 - حدثنَا أبو مصعب قراءة قال : حدثنا مالك ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، يحدثانه ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ ، إِنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَقَالَ : إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا كَانَ لِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَ هَذَا ؟ فَقَالَ : لا فقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : فَأرجِعْهُ.(2/483)
2939 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ , عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أَنَّهَا قَالَتْ : إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رحمة الله عليه - كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ , قَالَ : وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ ، وَلاَ أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْكِ بَعْدِي ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا ، فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ ، وَإِنَّمَا هُو أَخَوَاكِ ، وَأُخْتَاكِ ، فَاقْسِمُاهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ تبارك وتعالى ، قَالَتْ عَائِشَةُ :وَاللَّهِ يَا أَبَه ، لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْتُهُ ، إِنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ ، فَمَنِ الأَُخْرَى ؟ فَقَالَ : ذُو بَطْنِ بِنْتِ خَارِجَةَ ، أُرَاهَا جَارِيَةً.(2/483)
2940 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ : مَا بَالُ رِجَالٍ يَنْحَلُونَ أَبْنَاءَهُمْ نُحْلاً ، ثُمَّ يُمْسِكُونَهَا , فَإِنْ مَاتَ ابْنُ أَحَدِهِمْ ، قَالَ : مَا لِي بِيَدِي لَمْ أُعْطِهِ أَحَدًا ، وَإِنْ مَاتَ هُوَ ، قَالَ : هُوَ لاِبْنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ ، مَنْ نَحَلَ نِحْلَةً ، فَلَمْ يَحُزْهَا الَّذِي نُحِلَهَا ، حَتَّى يكُونَ إِنْ مَاتَ لِوَرَثَتِهِ ، فَهِيَ بَاطِلٌ.(2/484)
(2) باب ما يجوز من النحل للِصِّغَارِ
2941 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ : مَنْ نَحَلَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ أَنْ يَحُوزَ نُحْلَهُ , فَأَعْلَنَ بها ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَهِيَ جَائِزَةٌ ، وَإِنْ وَلِيَهَا أَبُوهُ.(2/484)
2942 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّه مَنْ نَحَلَ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا وَهُوَ يَلِيهِ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا , ثُمَّ هَلَكَ وَهُوَ يَلِيهِ ، فإِنَّهُ ليس لِلابْنِ شَيْءَ مِنْها , إِلاَّ أَنْ يَكُونَ عَزَلَهَا بِعَيْنِهَا ، وْ دَفَعَهَا إِلَى رَجُلٍ وَضَعَهَا لاِبْنِهِ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ , فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ لابْنِهِ.(2/485)
2943 - وَإِنْ كَانَ النَّحْلُ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً أَوْ شَيْئًا مَعْلُومًا مَعْرُوفًا ، ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَيْهِ ، وَأَعْلَنَ بِهِ ثُمَّ مَاتَ الأَبُ ، وَهُوَ يَلِي ابْنَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لأَبِيهِ.(2/485)
(3) ما يجوز من العطية
2944 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فيمَنْ أَعْطَى عَطِيَّته لايريد ثوابها وأشهد عليها ، ثُمَّ أراد أن يمسكها فليس ذلك له وإذا قام عليها صاحبها أخذهاومن أَعْطَى عْطِيَة ثم جحد الذي أَعْطَى ثم جاء المعطي بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ أعطاهُ ذَلِكَ عَرْضًا كَانَ ذلك أَوْ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا أَوْ حَيَوَانًا ، أُحْلِفَ الَّذِي أُعْطِيَ مَعَ شَاهِدِهِ ، فَإِنْ أَبَى الَّذِي يعْطِيَ أَنْ يَحْلِفَ ، حُلِّفَ الْمُعْطِي ، فإِنْ أَبَى المعطي أَنْ يَحْلِفَ، أَدَّى إِلَى الْمُعْطَى مَا ادَّعَى عَلَيْهِ ، إِذَا كَانَ لَهُ شَاهِدٌ.(2/485)
2945 - قَالَ مَالِكٌ : مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً لَمْ يُرِيدُ ثَوَابَهَا ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا ، فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ لِلَّذِي أُعْطِيَهَا , إِلاَّ أَنْ يَمُوتَ الْمُعْطِي قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الَّذِي أُعْطِيَهَا.(2/486)
2946 - وَقَالَ مَالِكٌ : كل مَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً لم يُرِدُ ثَوَابَهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُعْطَى ، فَوَرَثَتُهُ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُعْطِي ، قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعْطَى عَطِيَّتَهُ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ أُعْطِيَ عَطَاءً لَمْ يَقْبِضْهُ.(2/486)
(4) باب الهبة
2947 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ أَبِي غَطَفَانَ بْنِ طَرِيفٍ الْمُرِّيِّ ، عن مروان بن الحكم أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رحمة الله عليه - قَالَ : مَنْ وَهَبَ هِبَةً لِصِلَةِ رَحِمٍ ، أَوْ عَلَى وَجْهِ صَدَقَةٍ ، فَإِنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِيهَا ، وَمَنْ وَهَبَ هِبَةً يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِهَا الثَّوَابَ ، فَهُوَ عَلَى هِبَتِهِ , يَرْجِعُ فِيهَا إِن لَمْ يُرْضَ مِنْهَا.(2/486)
2948 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْهِبَةَ إِذَا تَغَيَّرَتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِلثَّوَابِ ، بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ ، فَإِنَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ , أَنْ يُعْطِيَ الواهب قِيمَتَهَا ، يَوْمَ قَبَضَهَا.(2/486)
(5) باب الاعتصار في الصدقة
2949- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زياد بْن سعدٍ ، عَنْ ابن شهابٍ ، أن عُمَر بْن الخطاب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، قَالَ : لولا أني ذكرت صدقتي لرسول الله صَلى الله عَلَيه وَسَلم أو نحو هذا لرددتها.(2/487)
2950 - قال مَالِك : الأََمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، أَنَّ كُلَّ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ بِصَدَقَةٍ وْ كَانَ الاِبْن فِي حَجْرِ أَبِيهِ , وأَشْهَدَ عَلَى صَدَقَتِهِ ، فَلَيْسَ لَلإنسان أَنْ يَعْتَصِرَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، لأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ فِي الصَّدَقَةِ.(2/487)
2951 - قال مَالِك : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ نَحَلَ وَلَدَهُ نُحْلاً ، أَوْ أَعْطَاهُ عَطَاءً لَيْسَ بِصَدَقَةٍ : أَنْه إِنَّ أراد أن يَعْتَصِرَ ذَلِكَ إن شاء ، مَا لَمْ يَسْتَحْدِثِ الْوَلَدُ فيه دَيْنًا يُدَايِنُهُ بِهِ النَّاسُ ، وَيَأْمَنُونَهُ عَلَيْهِ ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْعَطَاءِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ ، فَلَيْسَ لأَبِيهِ أَنْ يَعْتَصِرَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ، بَعْدَ أَنْ يكُونَ عَلَيْهِ دُّيُونُ.(2/487)
2952 - قَالَ مَالِكٌ : أَوْ يُعْطِي الرَّجُلُ ابْنَهُ أَوِ ابْنَتَهُ الْمَالَ ، فَينْكِحُ الْمَرْأَةُ أو الإبن ، إِنَّمَا نْكِحُتَهُ لِغِنَاهُ ، وَلِلْمَالِ الَّذِي أَعْطَاهُ أَبُوهُ ، ثم يُرِيدُ الأََبُ أَنْ يَعْتَصِرَ ذَلِكَ ، أَوْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ قَدْ نَحَلَهَا أَبُوهَا النُّحْلَ ، إِنَّمَا يَتَزَوَّجُهَا , وَيَرْفَعُ فِي صِدَاقِهَا لِغِنَاهَا وَمَالِهَا ، وَلمَا أَعْطَاهَا ، ثُمَّ يَقُولُ الأََبُ : أَنَا أَعْتَصِرُ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ لَلأب أَنْ يَعْتَصِرَ مِنِ ابْنِهِ أوَ ابْنَتِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ، إِذَا كَانَ عَلَى مَا وَصَفْتُ .(2/488)
(6) باب العمرى
2953 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : أَيُّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ ، فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا ، لا تَرْجِعُ إِلَى الَّذِي أَعْطَاهَا ، لِأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ.(2/488)
2954 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ , أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولاً الدِّمَشْقِيَّ يَسْأَلُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ الْعُمْرَى وَمَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهَا ؟ فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ : مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلاَّ وَهُمْ عَلَى شُرُوطِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَفِيمَا أُعْطُوا.
2955 - قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى هَذَا الأََمْرُ عِنْدَنَا : أَنَّ الْعُمْرَى تَرْجِعُ إِلَى مَنْ أَعْمَرَهَا.(2/489)
2956 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ وَرِثَ حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ دَارَهَا ، قَالَ : وَقد كَانَتْ حَفْصَةُ قَدْ أَسْكَنَتْ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ , مَا عَاشَتْ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ بِنْتُ زَيْدٍ ، قَبَضَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الْمَسْكَنَ ، وَرَأَى أَنَّ الْمَسْكَنَ لَهُ.(2/489)
كتاب الرهون
(1) باب ما لا يجوز من غلق الرهن
2957 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا يَغْلَقُ الرَّهْنُ.
2958 - قَالَ مَالِكٌ : وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا يرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّهْنَ بِالشَّيْءِ ، وَفِي الرَّهْنِ فَضْلٌ عَمَّا ارُتهِنَ بِهِ ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ : إِنْ جِئْتُكَ بِحَقِّكَ ، إِلَى أَجَلٍ يُسَمِّيهِ لَهُ ، وَإِلاَّ فَالرَّهْنُ لَكَ بِمَا فِيهِ.
فَهَذَا لاَ يَصْلُحُ وَلاَ يَحِلُّ ، وَهَذَا الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ ، وَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ بِما فيهِ بَعْدَ الأََجَلِ ، فَهُوَ لَهُ .(2/491)
(2) القضاء في الحوائط والحيوان
2959 - قال مَالِك : فِيمَنْ رَهَنَ حَائِطًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَيَكُونُ ثَمَرُ الْحَائِطِ قَبْلَ ذَلِكَ الأََجَلِ : إِنَّ الثَّمَرَ لَيْسَ بِرَهْنٍ مَعَ الأََصْلِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَه الْمُرْتَهِنُ فِي رَهْنِهِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ارْتَهَنَ الجَارِيَةً وَهِيَ حَامِلٌ ، أَوْ حَمَلَتْ بَعْدَ ارْتِهَانِهِ إِيَّاهَا , إِنَّ وَلَدَهَا مَعَهَا.(2/491)
2960 - وَفُرِقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَبَيْنَ وَلَدِ الْجَارِيَةِ ، لأَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ , فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ ، إِلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ.(2/492)
2961 - قَالَ مَالِكٌ : وَذلك الأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا ، أَنَّ مَنْ بَاعَ وَلِيدَةً ، أَوْ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ ، فِي بَطْنِهَا جَنِينٌ ، أَنَّ ذَلِكَ الْجَنِينَ لِلْمُشْتَرِي ، اشْتَرَطَهُ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ ، ولَيْسَ في النَّخْلُ مِثْلَ الْحَيَوَانِ ، وَلَيْسَ الثَّمَرُ مِثْلَ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ : أَنَّ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ , أَنْ يَرْتهَنَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخْلِ ، وَلاَ يَرْتهَنُ الأصلَ ، وَلَيْسَ يَرْتهَنُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ جَنِينًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ مِنَ الرَّقِيقِ ، وَلاَ مِنَ الدَّوَابِّ.(2/492)
(3) باب القضاء في الرهن يكون بين الرجلين
2962 - قال مَالِك : فِي الرَّجُلَيْنِ يَكُونُ لَهُمَا الرَهْنٌ بَيْنَهُمَا ، فَيَقُومُ أَحَدُهُمَا فيبَيْعِ رَهْنِهِ ، وَقَدْ كَانَ الآخَرُ أَنْظَرَ بحَقِّهِ سَنَةً ، إِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُقْسَمَ وَلاَ يَنْقُصَ حَقُّ الَّذِي أَنْظَرَ برهنه ، بِيعَ لَهُ نِصْفُ الرَّهْنِ الَّذِي بَيْنَهُمَا ، فَأُوفِيَ حَقَّهُ ، فإِنْ خِيفَ أَنْ يَنْقُصَ من حَقُّهُ ، بِيعَ الرَّهْنُ كُلُّهُ ، فَأُعْطِيَ الَّذِي قَامَ ،مِنْ ذَلِكَ بحَقَّهُ ، وإِنْ طَابَتْ نَفْسُ الَّذِي أَنْظَرَ بِحَقِّهِ دْفَعَ الثَّمَنِ إِلَى الرَّاهِنِ ، وَإِلاَّ حُلِّفَ الْمُرْتَهِنُ بالله ، مَا أَنْظَرَتهُ إِلاَّ لِيُوقِفَ في رَهْنِي عَلَى هَيْئَتِهِ ، ثُمَّ يُعْطَى حَقَّهُ.(2/492)
2963 - قال مَالِك : فِي الْعَبْدِ يَرْهَنُهُ سَيِّدُهُ ، وَلِلْعَبْدِ مَالٌ : إِنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَيْسَ بِرَهْنٍ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرِطَهُ الْمُرْتَهِنُ.(2/493)
(4) القضاء في الرهن يهلك من الحيوان
2964- قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الَّذِي لاَ خْلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا فِي الرَّهْنِ : أَنَّه مَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ يُعْرَفُ هَلاَكُهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ أَرْضٍ ، أَوْ دَارٍ ،أو متاع أو ما أشبه ذلك فَهَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ فلا ضمان عليه ، وما كان مما لايعُلِمَ هَلاَكُهُ من حلي أو متاع أو ما أشبه ذلك ، فَلاَ يُعْلَمُ هَلاَكُهُ إِلاَّ بِقَوْلِهِ ، فَهُوَ مِنَ الْمُرْتَهِنِ ، وَهُوَ لِقِيمَتِهِ ضَامِنٌ ، يُقَالُ لَهُ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ ، أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ ، وَتَسْمِيَةِ مَالِهِ فِيهِ ، ثُمَّ يُقَوِّمُهُ أَهْلُ الْبَصَرِ بِذَلِكَ ، فَإِذا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَمَّا سَمَّى فِيهِ الْمُرْتَهِنُ ، أَخَذَهُ الرَّاهِنُ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى فيه ، أُحْلِفَ الرَّاهِنُ ويبَطَلَ عَنْهُ الْفَضْلُ بعد قِيمَةِ الرَّهْنِ ، وَإِنْ أَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يَحْلِفَ ، أُعْطِيَ الْمُرْتَهِنُ مَا فَضَلَ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ ، فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ : لاَ عِلْمَ لِي بِقِيمَةِ ، حُلِّفَ الرَّاهِنُ عَلَى صِفَةِ ، وَكَانَ إِذَا جَاءَ بِأمْرِ لاَ يُسْتَنْكَرُ.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ إِذَا قَبَضَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ ، وَلَمْ يَضَعْهُ عَلَى يَدَيْ غَيْرِهِ.(2/493)
(5) جامع القضاء في الرهن
2965 - قال مَالِك : فِيمَنِ ارْتَهَنَ مَتَاعًا , ثم هَلَكَ الْرهن عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ ، فأَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ بِتَسْمِيَةِ الْحَقِّ ، فاجْتَمَعَا عَلَى الحق ، وَتَدَاعَيَا فِي الرَّهْنِ ، فَقَالَ الرَّاهِنُ : قِيمَتُهُ عِشْرُونَ دِينَارًا ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ : قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَالْحَقُّ الَّذِي لِلرَّجُلِ عِشْرُونَ دِينَارًا , يُقَالُ لِلَّذِي بِيَدِهِ الرَّهْنُ : صِفْهُ ، فَإِذَا وَصَفَهُ ، أُحْلِفَ عَلَى صِّفَته وماله فيه ، فَإِنْ كَانَ ذلك أَكْثَرَ مِمَّا فيهِ ، قِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ : ارْدُدْ إِلَى الرَّاهِنِ بَقِيَّةَ حَقِّهِ ، فإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَخَذَ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَّةَ حَقِّهِ مِنَ الرَّاهِنِ ، وَإِنْ كَانَ قَدْرِ حَقِّهِ ، فَهوله بِمَا فِيهِ.(2/494)
2966 - قال مالك : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا فِي الرَّجُلَيْنِ يَخْتَلِفَانِ فِي الرَّهْنِ ، يَرْهَنُهُ أَحَدُهُمَا عند صَاحِبَهُ ، فَيَقُولُ الرَّاهِنُ : رَهَنْتُكَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، وَيَقُولُ الْمُرْتَهِنُ : ارْتَهَنْتُهُ مِنْكَ بِعِشْرِينَ دِينَارًا ، وَالرَّهْنُ ظَاهِرٌ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ ، قَالَ : يُحَلَّفُ الْمُرْتَهِنُ حَتَّى يُحِيطَ بالرَّهْنِ كله ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرهن ، لاَ زِيَادَةَ فِيهِ وَلاَ نُقْصَانَ ، أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ بِحَقِّهِ ، وَكَانَ أَوْلَى بِذلك لِقَبْضِهِ الرَّهْنَ وَحِيَازَتِهِ إِيَّاهُ ، إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ الراَّهْنِ أَنْ يُعْطِيَهُ الَّذِي حُلِّفَ عَلَيْهِ ، وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ فإِنْ كَانَ الحق أكثر من قيمة الرَّهْنُ أُحْلِفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي سَمَّى ، ثُمَّ يُقَالُ لِلرَّاهِنِ : إِمَّا أَنْ تُعْطِيَهُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ ، وَإِمَّا أَنْ تَحْلِفَ بالله عَلَى الَّذِي قُلْتَ ، وَيَبْطُلُ عَنْكَ مَا زَادَ عَلَى الرَّهْنِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ عَنْهُ مازاد على الرهن ، مَما حَلَفَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ ما حلف عليه صاحبه.(2/494)
2967 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ ، وَتَنَاكَرَا الْحَقَّ ، فَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ : كَانَ لِي فِيهِ عِشْرُونَ دِينَارًا ، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ : لَمْ يَكُنْ لي فِيهِ إِلاَّ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ الَّذِي لَهُ الْحَقُّ : قِيمَةُ الرَّهْنِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، وَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ : قِيمَة الرهن عِشْرُونَ دِينَارًا ، قِيلَ لِلَّذِي لَهُ الْحَقُّ : صِفْ الرهن الذي كان بيدك ، فَإِذَا وَصَفَهُ , أُحْلِفَ عَلَى صِفَتِهِ ، ثُمَّ أَقيمَ على قدر صفته فإن كانت صفته قدر مايدعي فيه أُحْلِفَ مَا ادَّعَى , وَإِنْ كَانَتْ صفته أقل مما ادعى فيه أحلف الذي ادعى ماله ثُمَّ يقَاصَّهُ بِمَا بَلَغَ الرَّهْنُ , ثُمَّ يحْلِفَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ عَلَى الْفَضْلِ الَّذِي بَقِيَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، بَعْدَ قيمةِ الرَّهْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّه صَارَ مُدَّعِيًا عَلَيه ، فَإِنْ حَلَفَ بَطَلَ عَنْهُ بَقِيَّةُ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا بَقِيَ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بعد قِيمَةِ الرَّهْن .(2/495)
(6) باب القضاء فيما يدفع إلى الغسال
2968 - قال مالك : فِيمَنْ دَفَعَ إِلَى الصباغ ثَوْبًا يَصْبُغُهُ ، فَقَالَ صَاحِبُ الثَّوْبِ : لَمْ آمُرْكَ بِهَذَا الصِّبْغِ ؟ وَقَالَ الْصباغ : بَلْ أَنْتَ أَمَرْتَنِي بِذَلِكَ ، إِنَّ الْغَسَّالَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ ، وَالْخَيَّاطُ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَالصّبَاغُ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَيَحْلِفُونَ في ذَلِكَ ، إِلاَّ أَنْ يَأْتُوا بِأَمْرٍ لاَ يُسْتَعْمَلُونَ مِثْلِهِ ، فَلاَ يَجُوزُ قَوْلَهُمْ فِي ذَلِكَ ، فيَحْلِفْ صَاحِبُ الثَّوْبِ ، فَإِنْ َأَبَى حُلِّفَ الصَّبَّاغُ.(2/496)
2969 - قَالَ مالك : فِي الغسال يُدْفَعُ إِلَيْهِ الثَّوْبُ فَيُخْطِئُ بِه إِلَى آخَرَ , فيَلْبَسَهُ الَّذِي أَعْطَاهُ إِيَّاهُ قال لاَ يغُرْمَ الَّذِي لَبِسَهُ شيئاً ، وَيَغْرَمُ الْغَسَّالُ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ ، وَذَلِكَ إِذَا لَبِسَ الثَّوْبَ الَّذِي أعطاه إياه عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ ، أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ، فَإِنْ لَبِسَهُ وَهُوَ يَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ ثَوْبَهُ , فَهُوَ لَهُ ضَامِنٌ.(2/496)
(7) باب القضاء في الرجل يحيل للرجل بدين له على آخر
2970 - قال مالك : فِي الرَّجُلِ يُحِيلُ الرَّجُلَ عَلَى رَجُلِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ ، إنَّهُ إِنْ أَفْلَسَ الَّذِي أُحِيلَ عَلَيْهِ ، أَوْ مَاتَ , فَلَمْ يَدَعْ وَفَاءً ، فَلَيْسَ لِلْمُحْتَالِ عَلَى الَّذِي أَحَالَهُ شَيْءٌ ، وَهذا الأمر عندنا , وأَنَّهُ لاَ يَرْجِعُ عَلَى غَرِيمِهِ الأََوَّلِ.(2/497)
2971 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا الرَّجُلُ يحيلُ لَهُ الرَّجُلُ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ ، ثُمَّ يَهْلِكُ الحميلُ ، أَوْ يُفْلِسُ ، فَإِنَّ الَّذِي حُمِّلَ لَهُ ، يَرْجِعُ عَلَى غَرِيمِهِ الأََوَّلِ.(2/497)
(8) باب القضاء فيمن باع ثوبا وبه عيب
2972 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا بَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا وَبِهِ عَيْبٌ مِنْ خرْقٍ أَوْ غَيْرِهِ , قَدْ عَلِمَهُ فَيشُهِدَ له بِذَلِكَ ، وَأَقَرَّ بِهِ ، فَأَحْدَثَ فِيهِ الَّذِي ابْتَاعَهُ حَدَثًا مِنْ تَقْطِيعٍ الثَّوْبِ ، ثُمَّ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ بِالْعَيْبِ ، فَهُوَ رَدٌّ عَلَى الْبَائِعِ.(2/497)
2973- وتفسير ذلك أَنَّ الرجل يَبِيعُ الثَّوْبَ فِيهِ خَرْقٌ أَوْ عَوَارٌ ، قَدْ عَلِمَ بِهِ صَاحِبُهُ الَّذِي بَاعَهُ ، فَقَطَعَهُ الَّذِي ابْتَاعَهُ ، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبِهِ ، فَهُوَ رَدٌّ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي بَاعَهُ ، وَليْسَ عَلَى الَّذِي ابْتَاعَهُ غُرْمٌ.(2/497)
2974 - قَالَ مَالِكٌ : وَإِنِ ابْتَاعَ رَجُلٌ ثَوْبًا فيه خَرْقٍ أَوْ عَوَارٍ ، فَزَعَمَ الَّذِي بَاعَهُ , أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ ، وَقَدْ قَطَعَ الثَّوْبَ الَّذِي ابْتَاعَهُ ، أَوْ صَبَغَهُ ، فَإن الْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ أَنْ يُوضَعَ عَنْهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ الخَرْقُ أَوِ الْعَوَارُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَيُمْسِكُ الثَّوْبَ ، فَعَلَ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَغْرَمَ قدر مَا نَقَصَ التَّقْطِيعُ أَوِ الصِّبْغُ مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَيَرُدُّهُ ، فَعَلَ هُوَ فِي ذَلِكَ بِالْخِيَارِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ صَبَغَ الثَّوْبَ بصِبْغٍ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ ، فَالْمُبْتَاعُ بِالْخِيَارِ ، إِنْ شَاءَ وَضَعَ قَدْرُ مَا نَقَصَ الخرق مِنْ ثَمَنِ الثَّوْبِ ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا لِلَّذِي بَاعَهُ فَعَلَ ، وَيُنْظَرُ كَمْ ثَمَنُ الثَّوْبِ , وَفِيهِ الْخرق أَوِ الْعَوَارُ ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَثَمَنُ مَا زيدَ فِيهِ بصِّبْغٍ يزيد في ثمنه فالمبتاع بالخيار إن شاء وضع عنه من الصبغ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ ، كَانَا شَرِيكَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، وَعَلَى حِسَابِ هَذَا يَكُونُ مَا زَادَ الصِّبْغُ فِي الثَّوْبِ.(2/498)
(9) باب اللقطة
2975 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ ، فَقَالَ : اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا ، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا ، وَإِلَّا فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ فَضَالَّةُ : الْغَنَمِ ؟ قَالَ : لَكَ أَوْ لِأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ فَضَالَّةُ : الْإِبِلِ ؟ قَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا ؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.(2/498)
2976 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَدْرٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ نَزَلَ مَنْزِلَ قَوْمٍ بِطَرِيقِ الشَّامِ , وَوَجَدَ صُرَّةً فِيهَا ثَمَانُونَ دِينَارًا ، فَذَكَرَهَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : عَرِّفْهَا عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ ، وَاذْكُرْهَا لِمنِ يقدم من الشَّامِ , فَإِذَا مَضَتِ سَّنَةُ , فَشَأْنَكَ بِهَا.(2/499)
2977 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ , أَنَّ رَجُلاً وَجَدَ لُقَطَةً , فَجَاءَ بها إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ ، فَقَالَ : إِنِّي وَجَدْتُ لُقَطَةً فَمَاذَا تَرَى فِيهَا ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ : عَرِّفْهَا ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ , قَالَ : زِدْ ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، قَالَ : لاَ آمُرُكَ أَنْ تَأْكُلَهَا , لَوْ شِئْتَ لَمْ تَأْخُذْهَا.(2/499)
(10) باب استهلاك اللقطة
2978 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الْعَبْدِ يَجِدُ اللُّقَطَةَ فَيَسْتَهْلِكُهَا ، قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ الأََجَلَ الَّذِي أُجِّلَ فِي اللُّقَطَةِ , وَهو سَنَةٌ ، أَنَّهَا فِي رَقَبَة العبدِ ، إِمَّا أَنْ يُعْطِيَ سَيِّدُهُ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ غُلاَمُهُ ، وَإِمَّا يُسَلِّمَ إِلَيْهِمْ غُلاَمَهُ ، فَإِنْ أَمْسَكَهَا حَتَّى يَأْتِيَ الأََجَلُ الَّذِي فِي اللُّقَطَةِ ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا ، كَانَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ ، يُتْبَعُ بِهاِ ، وَلَمْ يَكُنْ فِي رَقَبَتِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَيِّدِهِ منهَا شَيْءٌ.(2/500)
(11) باب ضوال الإبل
2979 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ الأََنْصَارِيَّ حدثه ، أَنَّهُ وَجَدَ بَعِيرًا ضالاً بِالْحَرَّةِ , فَعرفَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أَنْ يُعَرِّفَهُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَقَالَ لَهُ : فإِنَّهُ قَدْ شَغَلَنِي عَنْ ضَيْعَتِي ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَرْسِلْهُ حَيْثُ وَجَدْتَهُ.(2/500)
2980 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ قال : مَنْ أَخَذَ ضَالَّةً , فَهُوَ ضَالٌّ.(2/501)
2981 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ شِهَابٍ يَقُولُ : كَانَتْ ضَوَالُّ الإِبِلِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِبِلاً مُؤَبَّلَةً تتَنَاتَجُ ، لاَ يَمَسُّهَا أَحَدٌ ، حَتَّى إِذَا كَانَ زَمَانُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، أَمَرَ بمَعْرفتِهَا وتعريفها ، ثُمَّ تُبَاعُ ، فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا ، أُعْطِيَ ثَمَنَهَا.(2/501)
(12) باب القضاء فيمن وجد مع امرأته رجلا
2982- حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : أَرَأَيْتَ لو وَجَدْتُ مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا ، أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : نَعَمْ.(2/501)
2983 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الشَّامِ , يُقَالُ لَهُ : ابْنُ خَيْبَرِيٍّ ، وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلاً , فَقَتَلَهُ , أَوْ قَتَلَهَا ، فَأَشْكَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ الْقَضَاءُ فِيهِ ، فَكَتَبَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ إِلَى أَبِي مُوسَى الأََشْعَرِيِّ ، يَسْأَلُ لَهُ عَنْ ذَلِكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : إِنَّ هَذَا شَّيْءَ مَا هُوَ بِأَرْضِي ، عَزَمْتُ عَلَيْكَ لَتُخْبِرَنِّي ، فَقَالَُ أَبُو مُوسَى الأشعري : كَتَبَ إِلَيَّ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فَقَالَ عَلِيٌّ : أَنَا أَبُو حَسَنٍ ، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِأَرْبَعِ شُهَدَاءَ , فَلْيُعْطَ بِرُمَّتِهِ.(2/502)
(13) باب القضاء في السحرة
2984 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أسَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ , عن حَفْصَةَ ، زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا فَأَمَرَتْ بِهَا , فَقُتِلَتْ.(2/502)
2985 - قَالَ مَالِكٌ : في السَّاحِرُ إذا سحر نفسه قتل وذلك السِّحْرَ الَّذِي ذكر اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ : {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ} فإني أَرَى عليه القتل ، إِذَا عَمِلَ هُوَ نَفْسُهُ.(2/502)
(14) باب القضاء فيمن ارتد بعد إسلامه
2986 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِّيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِي مُوسَى ، فَسَأَلَهُ عَنِ النَّاسِ ، فَأَخْبَرَهُ ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ كَانَ فِيكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ ، قَالَ : فَمَا فَعَلْتُمْ بِهِ ؟ قَالَ : قَرَّبْنَاهُ , فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ ، فَقَالَ : هلاَ حَبَسْتُمُوهُ ثَلاَثًا ، وَأَطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيفًا ، وَاسْتَتَبْتُمُوهُ , لَعَلَّهُ يَتُوبُ ، أو يُرَاجِعُ أَمْرَ اللهِ ؟ اللَّهُمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ ، وَلَمْ آمُرْ ، وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي.(2/503)
2987 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَنْ غَيَّرَ دِينَهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ.
قَالَ مَالِك : وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ، مِثْلُ الزَّنَادِقَةِ وَأَشْبَاهِهِمْ ، فَإِنَّ أُولَئِكَ ، إِذَا ظُهِرَ عَلَيْهِمْ يقُتِلُون ، وَلا يُسْتَتَابُون ، لأَنَّهُ لاَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُمْ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُسِرُّونَ الْكُفْرَ , وَيُعْلِنُونَ الإِسْلاَمَ ، فَلاَ أَرَى أَنْ يُسْتَتَابَ هَؤُلاَءِ ، وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ وَلَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ ، فِيمَا يُرَى , وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، أنه مَنْ خَرَجَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ إِلَى النَّصْرَانِيَّةِ ، وَلاَ مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ ، وَلاَ مَنْ تغَيِّرُ عن دِينَهُ مِنْ أَهْلِ الأََدْيَانِ كُلِّهَا ، إِلاَّ الإِسْلاَمَ , وَمَنْ خَرَجَ مِنَ الإِسْلاَمِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَأَظْهَرَ ذَلِكَ ، فإن ذلك يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، وذلك أنه لو أن قوما جماعة كانوا على ذلك ، رأيت أن يدعوا إلى الإسلام ويستتابوا ، فإن تابوا قبل ذلك منهم ، وإن لم يتوبوا قتلوا.
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/504)
كتاب الوصايا
(1) باب الأمر بالوصية وتغيرها
2988 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابن عمر ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ ، إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ.(2/505)
2989 - قَالَ مَالِكٌ : الأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الْمُوصِيَ إِذَا أَوْصَى فِي صِحَّتِهِ ، أَوْ مَرَضِهِ بِوَصِيَّةٍ فِيهَا عَتَاقَةُ رَقِيقٍ مِنْ رَقِيقِهِ ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ , فَإِنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَدَا لَهُ , يَصْنَعُ مَا شَاءَ حَتَّى يَمُوتَ , فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يترك تِلْكَ الْوَصِيَّةَ ويترك غيرها فَعَلَ , إِلاَّ أَنْ يُدَبِّرَ مَمْلُوكًا , فَإِنْ دَبَّرَه فَلاَ سَبِيلَ له إِلَى مَا دَبَّرَ فإن لم يكن فيه تدبير فله أن يغيرها ماعدا التدبير , وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ , إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ.(2/505)
2990 - قَالَ مَالِكٌ : ولَوْ كَانَ الْمُوصِي لاَ يَقْدِرُ عَلَى تَغْيِيرِ وَصِيَّتِهِ ، وَ مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الْعَتَاقَةِ ، كَانَ كُلُّ من أوصى قَدْ حَبَسَ مَالَهُ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ مِنَ الْعَتَاقَةِ وَغَيْرِهَا ، وَقَدْ يُوصِي الرَّجُلُ فِي صِحَّتِهِ وَعِنْدَ سَفَرِهِ.
2991 - قَالَ مَالِكٌ : فَالأََمْرُ الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ عِنْدَنَا، أَنَّهُ يُغَيِّرُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ ما عدا التَّدْبِيرِ.(2/506)
(2) باب جواز وصية الصغير والضعيف والسفيه
2992 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ محمد بن حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عنَّ عَمْرَو بْنَ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيَّ , أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - : إِنَّ هَاهُنَا غُلاَم يَفَاع لَمْ يَحْتَلِمْ مِنْ غَسَّانَ ، وَوَارِثُتهُ بِالشَّامِ ، وَهُوَ ذُو مَالٍ ، وَلَيْسَ لَهُ هَاهُنَا إِلاَّ بْنَت عَمٍّ لَهُ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : فَلْيُوصِ لَهَا ، وأَوْصَى لَهَا بِمَالٍ , يُقَالَ لَهُ : بِئْرُ جُشَمٍ ، قَالَ عَمْرُو بْنُ سُلَيْمٍ : فَبِيعَت ذَلِكَ الْمَالُ بِثَلاَثِينَ أَلْفاً ، وَبْنَت عَمِّهِ الَّتِي أَوْصَى لَهَا أُمُّ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ.(2/506)
2993 - حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ , أَنَّ غُلاَمًا مِنْ غَسَّانَ ، حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ ، وَوَارِثُتهُ بِالشَّامِ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رحمة الله عليه - , فَقِيلَ : إِنَّ فُلاَنًا يَمُوتُ أَفَيُوصِي ؟ فقَالَ عمر : نعم فَلْيُوصِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بْن مُحَمَّدٍ : وَكَانَ الْغُلاَمُ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ أَوِ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً ، فَأَوْصَى بمال له يقال له : بِئْرِ جُشَمٍ , فَبَاعَهَا أَهْلُهَا بِثَلاَثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.(2/507)
2994 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا : أَنَّ الضَّعِيفَ فِي عَقْلِهِ ، وَالسَّفِيهَ ، وَالْمُصَابَ الَّذِي يُفِيقُ أَحْيَانًا ، تَجُوزُ وَصَايَاهُ ، إِذَا كَانَ مَعَهُمْ مِا يعرف من عُقُولِهِمْ ، مَا يَعْرِفُونَ به مَا يُوصُونَ بِهِ ، فَأَمَّا مَنْ لَيْسَ مَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يَعْرِفُ بِهِ مَا يُوصِي ، وَكَانَ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ ، فَلاَ وَصِيَّةَ لَهُ.(2/507)
(3) باب الوصية في الثلث لا يتعدى
2995 -حَدَّثَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، عَنْ أَبِيهِ سعد بن أبي وقاص ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، بَلَغَ بِي مِنَ الْوَجَعِ مَا تَرَى ، وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلاَ يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي ، فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ : لا قُلْتُ : فَبشَّطْرُه ؟ قَالَ : لا ثُمَّ قَالَ : الثُّلُثُ ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أو كبير ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا أُجِرْتَ بها حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي امْرَأَتِكَ قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي ؟ فَقَالَ : إِنَّكَ إن تُخَلَّفَ ، فَتَعْمَلَ عَمَلًا صَالِحًا تبتغي به وجه الله ، إِلَّا ازْدَدْتَ بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً ، فلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ وَيُضَرَّ بِكَ آخَرُونَ ، اللَّهُمَّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ ، وَلاَ تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ ، لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ ، يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ.(2/508)
2996 - حدَّثنِا أَبُو مُصْعَبٍ ، قال : حدثنا مَالكٍ ، عَنْ عُثمْانَ بْنِ حَفْص بْنِ خَلْدةَ ، عَنْ ابْنِ شهِاب ، أَنَّ أَبَا لبُاَبَة بْنَ عَبْدَ المْنُذِرِ ، حيِنَ تاَبَ اللهُ علَيْهِ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، أَهْجُرُ دَارَ قَوْمِي التَّي أَصَبْتُ فِيهَا الذَّنْبَ ، وَأُجَاوِرُكَ ، وَأَنخْلِعُ مِنْ مَالي صدَقَة إِلى اللهِ تبارك وتعالى ، وَإلَى رَسُولِهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ؟ فَقَال رَسُولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يجُزئكَ مِنْ ذَلكِ الثُّلُثُ.(2/508)
2997- قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يُوصِي بِثُلُثِ مَالِهِ ، وَيَقُولُ : غُلاَمِي فلان يَخْدُمُ فُلاَنًا لإنسان آخر يسميه ما عَاشَ ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ ، فَيُوجَدُ الْعَبْدُ ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ ، قَالَ : فَإِنَّ خِدْمَةَ الْعَبْدِ تُقَوَّمُ ، ثُمَّ يَتَحَاصَّانِ ، يُحَاصُّ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ بِثُلُثِهِ ، وَيُحَاصُّ الَّذِي أُوصِيَ لَهُ بِخِدْمَةِ الْغلام ، ثم تقُوِّمَ خِدْمَةِ الْغلام ، فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ ، أَوْ إِجَارَتِهِ ، بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، فَإِذَا مَاتَ الَّذِي جُعِلَتْ لَهُ خِدْمَةُ الْعَبْدِ مَا عَاشَ ، أعَتَقَ الْعَبْدُ.(2/509)
2998 - قال مَالِك : فِي الَّذِي يُوصِي فِي ثُلُثِهِ , فَيَقُولُ : لِفُلاَنٍ كَذَا , وَلِفُلاَنٍ كَذَا , يُسَمِّي مَالاً , فَيَقُولُ وَرَثَتُهُ : إنه قَدْ زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ : إِنَّ الْوَرَثَةَ يُخَيَّرُونَ فيقال لهم إما أَنْ يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا وَصَايَاهُمْ , وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ مَالِ الْمَيِّتِ , وَبَيْنَ أَنْ يَسِلمُوا لأَهْلِ الْوَصَايَا ثُلُثَ مَالِ الْمَيِّتِ , ويُسَلِّمُوا إِلَيْهِمْ ثُلُثَهُ , فَتَكُونُ حُقُوقُهُمْ فِيهِ إِنْ زاد ونقص بَالِغًا مَا بَلَغَ ولابد لأهل الميراث من إحدى الخصلتين إما أن يُعْطُوا أَهْلَ الْوَصَايَا ما سماه الْمَيِّتِ , وَإما أَنْ يَعطوه ثُلُثَ مَا لِلْمَيِّتِ بَالِغًا مَا بَلَغَ.(2/509)
(4) باب صدقة الحي عن الميت
2999 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : خَرَجَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَعَ النبي صَلى الله عَلَيه وَسَلم فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ ، وحَضَرَتْ أُمَّهُ الْوَفَاةُ بِالْمَدِينَةِ ، فَقِيلَ لَهَا : أَوْصِي قَالَتْ : فِيمَ أُوصِي ؟ إِنَّمَا الْمَالُ مَالُ سَعْدٍ فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْدَمَ سَعْدٌ ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعْدُ ذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ يَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : نَعَمْ ، فَقَالَ سَعْدٌ : حَائِطُ كَذَا وَكَذَا صَدَقَةٌ عَنْهَا ، لِحَائِطٍ سَمَّاهُ.(2/510)
3000 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ , ، أَنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُهَا ، وَأُرَاهَا لَوْ تَكَلَّمَتْ ، تَصَدَّقَتْ ، أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ.(2/510)
3001 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأََنْصَارِ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ تَصَدَّقَ عَن أَبَوَيْهِ بِصَدَقَةٍ ، فَهَلَكَا , فَوَرِثَ ابْنُهُمَا الْمَالَ ، وَهُوَ نَخْلٌ ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قَدْ أُجِرْتَ فِي صَدَقَتِكَ ، وَخُذْهَا بِمِيرَاثِكَ.(2/510)
(5) باب أمرالحامل والمريض والذي يحضر القتال
3002 - قَالَ مَالِكٌ :إن أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي المرأة الْحَامِلِ وَفِي قَضَايَاهَا فِي مَالِهَا وَمَا يَجُوزُ لَهَا من مالها ، أَنَّ الْحَامِلَ كَالْمَرِيضِ ، فَإِذَا كَانَ الْمَرَضُ الْخَفِيفُ ، غَيْرُ الْمَخُوفِ عَلَى صَاحِبِهِ ، فَإِنَّ لصَاحِبَهُ أن يَصْنَعُ فِي مَالِهِ مَا أراد ، وَإِن كَانَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ عَلَى صاحبه ، لَمْ يَجُزْ لِصَاحِبِهِ شَيْءٌ إِلاَّ فِي ثُلُثِهِ ,وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ أَوَّلُ حَمْلِهَا بِشْرٌ وَسُرُورٌ ، وَلَيْسَ بِمَرَضٍ وَلاَ خَوْفٍ ، لأَنَّ اللَّهَ جل ذكره قَالَ فِي كِتَابِهِ : {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} وَقَالَ الله تبارك وتعالى : { فلما تغشاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.(2/511)
3003 - قَالَ مَالِكٌ : فَالْمَرْأَةُ الْحَامِلُ إِذَا أَثْقَلَتْ , لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ في مالها إِلاَّ فِي ثُلُثِهَا , فَأَوَّلُ الإِتْمَامِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، لأن اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لمن أراد} وَقَالَ : {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} فأول الإتمام سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ لِلْحَامِلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمَ حَمَلَتْ , لَمْ يَجُزْ لَهَا قَضَاءٌ فِي مَالِهَا , إِلاَّ فِي ثُلُثِهَا.(2/511)
3004 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الرَّجُلِ يَحْضُرُ الْقِتَالَ : إِنَّهُ إِذَا زَحَفَ فِي الصَّفِّ لِلْقِتَالِ ، لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي مَالِهِ بشَئ ، إِلاَّ فِي الثُّلُثِ ، وَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ وَالْمَرِيضِ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ , إذا كَانَ على تِلْكَ الْحَالِ.(2/512)
(6) باب الوصية للوارث
3005 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : إن هَذِهِ الآيَةِ مَنْسُوخَةٌ ، قَالُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأََقْرَبِينَ} نَسَخَهَا مَا أنَزَلَ الله تبارك وتعالى مِنْ تسْمَيةِ الْفَرَائِضِ , فِي كِتَابِ اللهِ .(2/512)
3006 - قَالَ مَالِكٌ : السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ عِنْدَنَا الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا : أَنَّهُ لاَ يجُوزُ للِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ، إِلاَّ أَنْ يُجِيزَوا وَرَثَةُ الْمَيِّتِ ذَلِكَ, فإنَّهُ إِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ، وَأَبَى بَعْضٌهم ، جَازَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ أَبَى ، أَخَذَ حَقَّهُ مِنْ ذَلِكَ.(2/512)
3007 - قَالَ مَالِكٌ : فِي الْمَرِيضِ الَّذِي يُوصِي فَيَسْتَأْذِنُ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ : لَيْسَ لَهُ في مَالِهِ إِلاَّ الثُلُثُ ، فَيَأْذَنُونَ لَهُ أَنْ يُوصِيَ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا فِي شئ من ذَلِكَ ، وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَهُمْ ، صَنَعَ كُلُّ وَارِثٍ مثل ذَلِكَ , حتى إِذَا هَلَكَ الْمُوصِي ، أَخَذُوا ذَلِكَ لأَنْفُسِهِمْ , وَمَنَعُوهُ الْوَصِيَّةَ فِي ثُلُثِهِ ، وَمَا أُذِنَ لَهُ فِي مَالِهِ.(2/513)
3008 - قَالَ مَالِكٌ : فَأَمَّا منْ اسْتَأْذِنَ وَرَثَتَهُ فِي وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا لِوَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ ، فَيَأْذَنُونَ لَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَلْزَمُهُمْ ، وَلِوَرَثَتِهِ أَنْ يَرُجعوا في ذَلِكَ إِنْ شَاءوا ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ صَحِيحًا , كَانَ أَحَقَّ بِجَمِيعِ مَالِهِ ، يَصْنَعُ فِيهِ مَا شَاءَ , إِنْ أحب أَنْ يَخْرُجَ مِنْه فَيَتَصَدَّقُ بِهِ ، أَوْ يُعْطِيهِ مَنْ شَاءَ فعل , وَإِنَّمَا يَكُونُ اسْتِئْذَانُهُ جَائِزًا عَلَى وَرَثَتَهُ ، إِذَا أَذِنُوا لَهُ حِينَ يُحْجَبُ عَنْهُ مَالُهُ ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ شَيْءٌ إِلاَّ فِي ثُلُثِهِ ، وَحِينَ هُمْ أَحَقُّ بِثُلُثَيْ مَالِهِ مِنْهُ ، فَذَلِكَ حِينَ يَجُوزُ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُمْ وَمَا أَذِنُوا بِهِ ، فَإِنْ شاء بَعْضُ وَرَثَتِهِ أَنْ يَهَبَ لَهُ مِيرَاثَهُ حِينَ تَحْضُرُهُ الْوَفَاةُ فَفْعَلُ ، ثُمَّ لم يَقْصر فِيهِ الْميت شَيْئًا ، فَإِنَّهُ رَدٌّ عَلَى الذي وَهَبَهُ له , يَرْجِعُ فيْهِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاةِ الَّذِي أُعْطَاهُ.(2/513)
3009 - قَالَ مَالِكٌ : ومَنْ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ , فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْطَى أحد وَرَثَتِهِ شَيْئًا في حياته فلَمْ يَقْبِضْهُ , فَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِوزُ ذَلِكَ , فَإِنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ مِيرَاثًا بين جميع الْوَرَثَةِ عَلَى كِتَابِ اللهِ -جل وعز - , لأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَقَعَ شَيئاً مِنْ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ , وَلاَ يُحَاصُّ أَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.(2/514)
(7) باب من استهلك شيئا من الحيوان
3010 - قَالَ مَالِكٌ : فِيمَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ : فعَلَيْهِ قِيمَتَهُ من الثمن ، لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِمِثْلِهِ ، وَلاَ يَكُونُ عليه أَنْ يُعْطِيَ صَاحِبَهُ ، مثل مَا اسْتَهْلَكَ ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتَهْلَكَهُ الْقِيمَةُ أَعْدَلُ , ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُمَا من الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ.(2/514)
3011 - قَالَ مَالِكٌ : وأما مَنِ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّعَامِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ , فَإِنَّمَا يَرُدُّ إلَى صَاحِبِهِ مِثْلَ طَعَامِهِ بِمَكِيلَتِهِ ومِنْ صِنْفِهِ ، بِمَنْزِلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ،وإِنَّمَا يَؤدُّى مِنَ الذَّهَبِ الذَّهَبَ ، وَمِنَ الْفِضَّةِ الْفِضَّةَ ، وَلَيْسَ الْحَيَوَانُ بِمَنْزِلَةِ الطعام فِي ذَلِكَ ، فَرَقَ بَيْنَ ذَلِكَ السُّنَّةُ ، وَالْعَمَلُ الْمَعْمُولُ بِهِ.(2/514)
3012 - قَالَ مَالِكٌ : إِذَا اسْتُوْدِعَ الرَّجُلُ مَالاً , فَبْاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ ، لأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ ، حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَى صَاحِبِهِ.(2/514)
(8) الكرى والتعدي
3013 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَتَكْارِى الدَّابَّةَ إِلَى الْمَكَانِ الْمُسَمَّى ، ثُمَّ يَتَعَدَّى ذَلِكَ وَيَتَقَدَّمُ , قَالَ : فَإِنَّ رَبَّ الدَّابَّةِ مُخَيَّرٌ ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ كِرَى دَابَّتِهِ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي تُعُدِّيَ بِهَا إِلَيْهِ ، أُعْطِاه ذَلِكَ رب الدابة ، وَقْبِضُ دَابَّتَهُ ، وَلَهُ الْكِرَى الأََوَّلُ ، وَإِنْ أَحَبَّ رَبُّ الدَّابَّةِ ، فَلَهُ قِيمَةُ دَابَّتِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي تَعَدَّى مِنْهُ ، وَلَهُ الْكِرَى ، إِذا كَانَ اسْتَكْرَأها الْبَدْأَةَ ، وإِنْ كَانَ إنما تَكْارَاهَا ذَاهِبًا وَرَاجِعًا ، ثُمَّ تَعَدَّى حِينَ بَلَغَ الْبَلَدَ الَّذِي تَكْارَى إِلَيْهِ ، فَإِنَّمَا لِرَبِّ الدَّابَّةِ نِصْفُ الْكِرَى الأََوَّلِ ، وَذَلِكَ أَنَّ الْكِرَى نِصْفُهُ فِي الْبَدْاءةِ ، وَنِصْفُهُ فِي الرَّجْوعَ ، فَيتَعَدَّى الْمُتَعَدِّي بِالدَّابَّةِ ، ولَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إِلاَّ نِصْفُ الْكِرَى الأََوَّلِ ، وَلَوْ أَنَّ الدَّابَّةَ هَلَكَتْ حِينَ بَلَغَ بِهَا الْبَلَدَ الَّذِي تَكْارَاها إِلَيْهِ ، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُتَكْارِي ضَمَانٌ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُتكْارِي ، إِلاَّ نِصْفُ الْكِرَاءِ فإذا تعدى المتكاري المكان الذي تكرى إليه الدابة فإن أحب صاحب الدابة أن يضمن دابته يوم تعدى بها وله الكراء إلى المكان الذي تعدى منه وإن أحب رب الدابة أن يأخذ كرى ما تعدى الْمُتَكْارِي و يأخذ دابته فذلك له .
و ذَلِكَ الأَمْرُ عندنا في أَهْلِ التَّعَدِّي وَالْخِلاَفِ ، ولِمَا أَخَذُوا عَلَيْهِ الدَّوَاب.(2/515)
3014 - قَالَ : وَكَذَلِكَ أَيْضًا مَنْ أَخَذَ مَالاً قِرَاضًا مِنْ صَاحِبِهِ ، فَقَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ : لاَ تَشْتَرِ بِهِ حَيَوَانًا , وَلاَ كَذَا وَلاكَذَا من السِلَع , لِسِلَعٍ يَنْهَاهُ عَنْهَا ، وَكْرَهُ أَنْ يَضَعَ مَالَهُ فِيهَا ، فَيَشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ ما قد نُهِيَ عَنْهُ ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يَضْمَنَ الْمَالَ ، وَيَذْهَبَ بِرِبْحِ صَاحِبِهِ ، فَإِذَا صَنَعَ ذَلِكَ فَرَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي السِّلْعَةِ عَلَى مَا شَرَطَا بَيْنَهُمَا في الرِّبْحِ ، فَعَلَ ، وَإِنْ كره ، فَلَهُ رَأْسُ مَالِهِ ضَامِنًا عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَتَعَدَّى.(2/516)
3015 - وَكَذَلِكَ أَيْضًا الرَّجُلُ يُبْضِعُ مَعَهُ بِضَاعَةً عيناً، فَيَأْمُرُهُ صَاحِبُ الْبضاعة أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بها سِلْعَةً بِاسْمِهَا ، فَيُخَالِفُ , فَيَشْتَرِي بِبِضَاعَتِهِ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، وَيَتَعَدَّى ذَلِكَ ، فَيكونَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ بِالْخِيَارِ ، إِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ مَا اشْتُرِيَ بِمَالِهِ ، أَخَذَهُ ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ رَأْسِ ضَامِنًا مَالِهِ على الْمُستبْضِعُ مَعَهُ ، فَذَلِكَ لَهُ.(2/516)
(9) جامع الأقضية
3016 -قال أَبُو مُصْعَبٍ : قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ قَالَ : سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ يَقُولُ : كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ امْرَأَةٌ مِنَ الأََنْصَارِ , فَوَلَدَتْ لَهُ عَاصِمَ بْنَ عُمَرَ ، ثُمَّ إِنَّهُ فَارَقَهَا ، فَركب عُمَرُ يوماً إلى قُبَاءً , فَوَجَدَ ابْنَهُ يَلْعَبُ بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ , فَأَخَذَ بِعَضُدِهِ , فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الدَّابَّةِ ، فَأَدْرَكَتْهُ جَدَّةُ الْغُلاَمِ ، فَنَازَعَتْهُ إِيَّاهُ ، فأقبلا حَتَّى أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ - رضي الله عنه - , فَقَالَ عُمَرُ : ابْنِي ، وَقَالَتِ الْمَرْأَةُ : ابْنِي ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : خَلِّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ، فَمَا رَاجَعَهُ عُمَرُ الْكَلاَمَ.(2/517)
3017 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ عِنْدَ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، وإنه قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم يَسْتمَعُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنْ فَتَحَ اللَّهُ لكم الطَّائِفَ غَدًا ، فَأَنَا أَدُلُّكَ عَلَى بنت غَيْلاَنَ ، فَإِنَّهَا تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : لا يَدْخُلَنَّ هَؤُلاَءِ عَلَيْكُمْ.(2/517)
3018 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ , أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ , أَوْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَضَى أَحَدُهُمَا فِي أَمةٍ غَرَّتْ رَجُلاً بِنَفْسِهَا ، وَذَكَرَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَتَزَوَّجَهَا ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلاَدًا ، فَقَضَى أَنْ يَفْدِيَ وَلَدَهُ بِمِثْلِهِمْ.
قَالَ مَالِكٌ : وَتَلْكَ الْقِيمَةُ عِنْدِي.(2/517)
3019 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ أَبِي سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقُولُ في خْطُبُته : لاَ تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ ، فَإِنَّكم مَتَى كَلَّفْتُمُوهَ الكسب سَرَقَ ولاَ تُكَلِّفُوا الأََمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ ، الْكَسْبَ ، فَإِنَّكُمْ مَتَى كَلَّفْتُمُوهَا الكسب ، كَسَبَتْ بِفَرْجِهَا ، ، وَعِفُّوا إِذْ أَعَفَّكُمُ اللَّهُ ، وَعَلَيْكُمْ مِنَ الْمَطَاعِمِ مَا طَابَ مِنْهَا.(2/518)
3020 - حدثنَا أبو مصعب قَالَ : حدثنا مَالِكٌ : عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ سُنَيْنٍ أَبِي جَمِيلَةَ , رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ ، أَنَّهُ وَجَدَ مَنْبُوذًا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - ، قَالَ : فَجِئْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَخْذِ هَذِهِ النَّسَمَةِ ؟ فَقَالَ : وَجَدْتُهَا ضَائِعَةً , فَأَخَذْتُهَا ، فَقَالَ عَرِيفُهُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ ، فَقَالَ :كَذَلِكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ عُمَرُ : اذْهَبْ , فَهُوَ حُرٌّ , وَلَكَ وَلاَؤُهُ , وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.(2/518)
3021 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ المجتمع عليه عِنْدَنَا فِي الْمَنْبُوذِ , أَنَّهُ حُرٌّ , وَوَلاَؤهُ لِلْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ.(2/518)
3022 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ : أَنْ هَلُمَّ إِلَى الأََرْضِ الْمُقَدَّسَةِ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ : إِنَّ الأََرْضَ لاَ تُقَدِّسُ أَحَدًا ، وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ الإِنْسَانَ عَمَلُهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ جُعِلْتَ طَبِيبًا , فَإِنْ كُنْتَ تُبْرِئُ فَنَعِمَّا لَكَ ، وَإِنْ كُنْتَ مُتَطَبِّبًا , فَاحْذَرْ أَنْ تَقْتُلَ إِنْسَانًا فَتَدْخُلَ النَّارَ , فَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ , إِذَا قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ , ثُمَّ أَدْبَرَا عَنْهُ نَظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ متطبب :والله ارْجِعَا إِلَيَّ أَعِيدَا عَلَيَّ قِصَّتَكُمَا.(2/519)
3023 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا فِي الرَّجُلِ يَبْتَاعُ السِّلْعَةَ مِنَ الْحَيَوَانِ أَوِ الثِّيَابِ أَوِ الْعُرُوضِ : فَيُوجَدُ غَيْرَ جَائِزٍ فَيَقُولُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ ، أرْدُدْ إِلَيَّ سِلْعَتِي.(2/519)
3024 - قَالَ مَالِكٌ : فَلَيْسَ لِصَاحِبِ السِّلْعَةِ إِلاَّ قِيمَتُهَا يَوْمَ قُبِضَها , وَلَيْسَ يَوْمَ يَرُدُّ ، وَذَلِكَ أَنَّ المشتري ضَمِنَهَا يَوْمَ قَبَضَهَا ، فَمَا كَانَ فِيهَا مِنْ نُقْصَانٍ بَعْدَ ذَلِكَ اليوم ، فهو على المشتري ، وبِذَلِكَ كَانَ نِمَاؤُهَا وَزِيَادَتُهَا لَهُ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ يَشتري السِّلْعَةَ فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ نَافِقَةٌ مَرْغُوبٌ فِيهَا , ثُمَّ يَرُدُّهَا فِي زَمَانٍ هِيَ فِيهِ سَاقِطَةٌ لاَ يُرِيدُهَا أَحَدٌ , ويَشتري الرَّجُلُ مِنَ الرَّجُلِ السِّلْعَةَ , بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ، ثم يُمْسِكُهَا وَثَمَنُهَا ذَلِكَ ، ثُمَّ يَرُدُّهَا إليه, وَإِنَّمَا ثَمَنُهَا دِينَارٌ , ولَيْسَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ مِنْ مَالِ الرَّجُلِ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ , وْ يَقْبِضُهَا وقيمتها دِينَارٍ ، وْ يُمْسِكُهَا وَثَمَنُهَا ذلك ، ثُمَّ يَرُدُّهَا وَقِيمَتُهَا عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ، فَلَيْسَ عَلَى الَّذِي قَبَضَهَا أَنْ يَغْرَمَ لِصَاحِبِهَا مِنْ مَالِهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ ، ليس عَلَيْهِ قِيمَةُ مَا قَبَضَ يَوْمَ قَبْضِهِ.(2/519)
3025 - وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ السَّارِقَ إِذَا سَرَقَ السِّرقةَ , فَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى ثَمَنِهَا يَوْمَ سَرَقَهَا ، فَإِنْ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ , وَإِنِ اسْتَأْخَرَ قَطْعُهُ إِمَّا فِي سِجْنٍ حْبَسُ فِيهِ ليُنْظَرَ فِي أمرهِ , وَإِمَّا هْرُبَ السَّارِقُ , حتى يُوجَدُ بَعْدَ ذَلِكَ , فَلَيْسَ اسْتِئْخَارُ قَطْعِهِ بِالَّذِي يَضَعُ عَنْهُ حَدًّا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ سَرَقَها , فإِنْ رَخُصَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلاَ بِالَّذِي يُوجِبُ عَلَيْهِ قَطْعًا لَمْ يَكُنْ وَجَبَ عَلَيْهِ يَوْمَ سرقها , إِنْ غَلَتْ السِّلْعَةُ.(2/520)
كتاب الفرئض
3026 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فِي فَرَائِضِ الْمَوَارِيثِ : أَنَّ مِيرَاثَ الْوَلَدِ مِنْ وَالِدِهِمْ ، إِذَا تُوُفِّيَ الأََبُ أَوِ الأَُمُّ ، وَتَرَكَا وَلَدًا رِجَالاً وَنِسَاءً ، فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ , {فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ} فَإِنْ شَرِكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، وَكَانَ فِيهِمْ ذَكَرٌ بُدِئَ بِفَرِيضَةِ مَنْ شَرِكَهُمْ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ ، عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ ، وَمَنْزِلَةُ وَلَدِ الأََبْنَاءِ الذُّكُورِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ دُونَهُمْ وَلَدٌ كَمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ ، سَوَاءٌ ذُكُورُهُمْ كَذُكُورِهِمْ ، وَإِنَاثُهُمْ كَإِنَاثِهِمْ ، يَرِثُونَ كَمَا يَرِثُونَ ، وَيَحْجُبُونَ كَمَا يَحْجُبُونَ ، فَإِنِ اجْتَمَعَ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ ، وَوَلَدُ الاِبْنِ ، وَكَانَ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ ، فَإِنَّهُ لاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنْ وَلَدِ الاِبْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَلَدِ لِلصُّلْبِ ذَكَرٌ ، وَكَانَتَا اثْنَتَيْنِ , فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لِلصُّلْبِ ، فَلاَ مِيرَاثَ لِبَنَاتِ الاِبْنِ مَعَهُنَّ ، فإِنْ لم يكُنَ في الولد للصلب ذَكَرٌ ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ ، أَوْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُنَّ ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأََبْنَاءِ ، فَضْلاً إِنْ فَضَلَ به ، فَيَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ , فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ لِلصُّلْبِ إِلاَّ ابْنَةً وَاحِدَةً ، فَلَهَا النِّصْفُ ، وَلاِبْنَةِ ابْنِهِ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ بَنَاتِ الأََبْنَاءِ ، مِمَّنْ هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ ، السُّدُسُ ، فَإِنْ كَانَ مَعَ بَنَاتِ الاِبْنِ ذَكَرٌ ، هُوَ مِنَ الْمُتَوَفَّى بِمَنْزِلَتِهِنَّ ، فَلاَ فَرِيضَةَ وَلاَ سُدُسَ لَهُنَّ ، وَ إِنْ فَضَلَ فَضْلٌ بَعْدَ فَرَائِضِ أَهْلِ الْفَرَائِضِ ، فإنَ ذَلِكَ الْفَضْلُ لِذَكر الذَّكَرِ ، وَلِمَنْ هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَمَنْ فَوْقَهُ مِنْ بَنَاتِ الأََبْنَاءِ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، وَلَيْسَ لِمَنْ هُوَ أَطْرَفُ مِنْهُمْ شَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ , فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ} قراءة الآية إلى قوله {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}.(2/521)
(1) ميراث الزوج والزوجة
3027 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : وَمِيرَاثُ الرَّجُلِ في امْرَأَتِهِ ، إِذَا لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا فللزوج النِّصْفُ ، فَإِنْ تَرَكَتْ وَلَدًا ، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَلِزَوْجِهَا الرُّبُعُ ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ.
فمِيرَاثُ الْمَرْأَةِ مِنْ زَوْجِهَا ، إِذَا لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ ، الرُّبُعُ ، فَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا ، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ , ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَلاِمْرَأَتِهِ الثُّمُنُ ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ } قراءة إلى قوله {تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.(2/522)
(2) ميراث الأب والأم من ولدهما
3028 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ مِيرَاثَ الأََبِ مِنِ ابْنِهِ أَوِ ابْنَتِهِ ، إِنْ تَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا ، أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ذَكَرًا ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأََبِ السُّدُسُ فَرِيضَةً ، فَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا , وَلاَ وَلَدَاً ابْنٍ ذَكَرًا ، فَإِنَّهُ يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَ الأََبَ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ ، فَمَا فَوْقَهُ فُرِضَ لِلأََبِ السُّدُسُ ، فَرِيضَةً.
وَمِيرَاثُ الأَُمِّ مِنْ وَلَدِهَا ، إِذَا تُوُفِّيَ ابْنُهَا أَوِ ابْنَتُهَا ، فَتَرَكَ الْمُتَوَفَّى وَلَدًا أَوْ وَلَدَ ابْنٍ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، أَوْ تَرَكَ مِنَ الإِخْوَةِ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا ، ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إِنَاثًا ، مِنْ أَبٍ وَأُمٍّ ، أَوْ مِنْ أَبٍ أَوْ مِنْ أُمٍّ ، فَللأم السُّدُسُ .
فَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى ، وَلَدًا وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ ، وَلاَ اثْنَيْنِ مِنَ الإِخْوَةِ فَصَاعِدًا ، فَإِنَّ لِلأَُمِّ الثُّلُثَ كَامِلاً إِلاَّ فِي فَرِيضَتَيْنِ فَقَطْ.
وَإِحْدَى الْفَرِيضَتَيْنِ : أَنْ يُتَوَفَّى رَجُلٌ وَيَتْرُكَ امْرَأَتَهُ وَأَبَوَيْن ، فَيكون لاِمْرَأَتِهِ الرُّبُعُ ، وَلأُمِّهِ الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ ، وَهُوَ الرُّبُعُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ولأبيه ما بقي .
وَالأَُخْرَى : أَنْ تُتَوَفَّى امْرَأَةٌ ، وَتَتْرُكَ زَوْجَهَا وَأَبَوَيْهَا ، فَلِزَوْجِهَا النِّصْفُ ، وَلأُمِّهَا الثُّلُثُ مِمَّا بَقِيَ ، وَهُوَ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وللأب ما بقي .
وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} قراءة إلى قوله {يوصي بها أو دين }.
فَمَضَتِ السُّنَّةُ أَنَّ الإِخْوَةَ اثْنَانِ فَصَاعِدًا.(2/523)
(3) ميراث الإخوة للأم
3029 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأَُمِّ يَرِثُونَ مَعَ الْأب ، لاَ مَعَ الْجَدِّ , أَبِي الأََبِ شَيْئًا ، وَأَنَّهُمْ يَرِثُونَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ , يُفْرَضُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ السُّدُسُ ، ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَإِنْ كَانَوا اثْنَيْنِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ، فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ ، يَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ الذكر فيهم والأنثى سَّوَاءِ ،وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} ، فَالذَّكَرُ وَالأَُنْثَى فِي هَذَا بِمَنْزِلَة سَوَاء.(2/524)
(4) ميراث الإخوة للأب والأم
3030 - قَالَ مَالِكٌ بن أنس : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا الذي لااختلاف فيه : أَنَّ الإِخْوَةَ لِلأََبِ وَالأَُمِّ لاَ يَرِثُونَ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ شَيْئًا ، وَلاَ مَعَ وَلَدِ الاِبْنِ الذَّكَرِ وَلاَ مَعَ الأََبِ دِنْيَا شَيْئًا ، وَإنهُمْ يَرِثُونَ مَعَ الْبَنَاتِ ، وَبَنَاتِ الأََبْنَاءِ ، مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى جَدًّا أَبَا أَبٍ ، فمَا فَضَلَ مِنَ الْمَالِ يَكُونُونَ عَصَبَةً ، بِمَنْ كَانَ لَهُ أَصْلُ فَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ , كَانَ لِلإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، يَقْسِمُونَهُ بَيْنَهُمْ عَلَى كِتَابِ اللهِ - عز وجل - , ذُكْوراً كَانُوا أَوْ إِنَاثًا ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ.
وَإِنْ لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أَبًا وَلاَ جَدًّا أَبَا أَبٍ ، وَلاَ وَلَدًا ، وَلاَ وَلَدَ ابْنٍ , ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأَُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ النِّصْفُ ، وإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مِنَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ ذَكَرٌ من أب وأم , فَلاَ فَرِيضَةَ لأَحَدٍ مِنَ الأََخَوَاتِ ، وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَيُبْدَأُ بِمَنْ شَرِكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ذلك كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ والأخوات لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، لِلذَّكَرِ منهم مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ ، لَمْ يَفضل لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ فَاشْتَرَكُوا مَعَ بَنِي الأَُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ :أن تتُوُفِّى امْرَأَةٌ وتتَرَكَ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَإِخْوَتَهَا لأُمِّهَا , وَإِخْوَتَهَا لأُبِيهَا وَأَمِّهَا، فَإنَ لِزَوْجِهَا النِّصْفُ ، وَلأُمِّهَا السُّدُسُ ، وَلإِخْوَتِهَا لأُمِّهَا الثُّلُثُ ، لَمْ يَفْضُلْ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَيَشْتَرِكُ بَنُو الأََبِ وَالأَُمِّ فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ مَعَ بَنِي الأَُمِّ فِي ثُلُثِهِمْ ، فَيَكُونُ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيين ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى للأُمِّ ، وَإِنَّمَا وَرِثُوا بِالأَُمِّ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقَولَ فِي كِتَابِهِ : {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} قراءة إلى قوله {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} فَلِذَلِكَ شُرِّكُوا فِي هَذِهِ الْفَرِيضَةِ ، لأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ إِخْوَةُ الْمُتَوَفَّى لِلأُمِّ.(2/525)
(5) ميراث الإِخْوة للأب
3031 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا : أَنَّ مِيرَاثَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أَحَدٌ مِنْ بَنِي الأََبِ وَالأَُمِّ ، بمَنْزِلَةِ الإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، سَوَاءٌ ، ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ ، إِلاَّ أَنَّهُمْ لاَ يُشَرَّكُونَ مَعَ بَنِي الأَُمِّ فِي الْفَرِيضَةِ الَّتِي شَرَّكَهُمْ فِيهَا بَنُو الأََبِ وَالأَُمِّ ، لأَنَّهُمْ خَرَجُوا مِنْ وِلاَدَةِ الأَُمِّ الَّتِي جَمَعَتْ أُولَئِكَ.
فَإِنِ اجْتَمَعَت الإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَالإِخْوَةُ لِلأََبِ ، فَكَانَ من بَنِي الأََبِ وَالأَُمِّ ذَكَرٌ ، فإنه لاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنْ الإخوة للأََبِ ، وَإِنْ لَمْ تكُنْ الإخوة للأََبِ وَالأَُمِّ إِلاَّ امْرَأَةً وَاحِدَةً ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ البنات ، لاَ ذَكَرَ مَعَهُنَّ , فَإِنَّهُ يُفْرَضُ لِلأَُخْتِ الْوَاحِدَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ النِّصْفُ ، وَيُفْرَضُ لِلأََخَوَاتِ لِلأََبِ السُّدُسُ ، تَتِمَّةَ الثُّلُثَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ ذَكَرٌ ، فَلاَ فَرِيضَةَ لَهُنَّ ، وَيُبْدَأُ بِأَهْلِ الْفَرَائِضِ الْمُسَمَّاةِ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَات لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وفَإِنْ كَانَ مع الأَخَوَاتِ لِلأََبِ امْرَأَتَانِ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الأب والأم ، فُرِضَ لَهُنَّ الثُّلُثَانِ ، وَلاَ مِيرَاثَ مَعَهُنَّ لِلأََخَوَاتِ لِلأََبِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ أَخٌ لأَبٍ ، بُدِئَ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، فَأُعْطُوا فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَضْلٌ ، كَانَ بَيْنَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ والأخوات، للذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، فإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ ، وَلِبَنِي الأَُمِّ ، مَعَ بَنِي الأََبِ وَالأَُمِّ ، وَمَعَ بَنِي الأََبِ ، لِلْوَاحِدِ السُّدُسُ ، وَلِلاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا الثُّلُثُ : الذَّكَرِ و الأَُنْثَى فيهم سواء ، هُمْ فِيه بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ.(2/526)
(6) ميراث الجد
3032 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ , أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ كَتَبَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْجَدِّ , فَكَتَبَ إِلَيْهِ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ : إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنِ الْجَدِّ ، وَاللَّهُ تبارك وتعالى أَعْلَمُ ، وَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ يَقْضِي فِيهِ إِلاَّ الأَُمَرَاءُ ، يَعْنِي الْخُلَفَاءَ ، وَقَدْ حَضَرْتُ الْخَلِيفَتَيْنِ قَبْلَكَ يُعْطِيَانِهِ النِّصْفَ مَعَ الأََخِ الْوَاحِدِ ، وَالثُّلُثَ مَعَ الاِثْنَيْنِ ، فَإِنْ كَثُرَ الإِخْوَةُ لَمْ يُنَقِّصُاهُ مِنَ الثُّلُثِ.(2/527)
3033 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رحمة الله عليه - فَرَضَ لِلْجَدِّ الَّذِي يَفْرِضُ لَهُ النَّاسُ الْيَوْمَ.(2/528)
3034 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , قَالَ : فَرَضَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ , وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ , وَزَيْدُ - رحمة الله عليهم - لِلْجَدِّ الثُّلُثَ مَعَ الإِخْوَة.(2/528)
3035 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ الْجَدَّ أَبَا الأََبِ ، لاَ يَرِثُ مَعَ الأََبِ دِنْيَا شَيْئًا ، وَهُوَ يُفْرَضُ لَهُ مَعَ الْوَلَدِ الذَّكَرِ ، وَمَعَ ابْنِ الاِبْنِ الذَّكَرِ ، السُّدُسُ فَرِيضَةً ، و فِيمَا سِوَى ذَلِكَ ، مَا لَمْ يَتْرُكِ الْمُتَوَفَّى أُخًا أَوْ أُخْتًا لأَبِيهِ ، يُبَدَّأُ بِأَحَدٍ إِنْ شَرَّكَهُ من أهل الفرائض بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ , فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَإِنْ فَضَلَ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ كَانَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنَ الْمَالِ السُّدُسُ فَمَا فَوْقَهُ , فُرِضَ لِه السُّدُسُ فَرِيضَةً.(2/528)
3036 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْجَدُّ ، وَالإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ , إِذَا شَرَّكَهُمْ أَحَدٌ بِفَرِيضَةٍ مُسَمَّاةٍ ، فإنه يُبَدَّأُ بِمَنْ شَرَّكَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْفَرَائِضِ ، فَيُعْطَوْنَ فَرَائِضَهُمْ ، فَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْجَدِّ وَالإِخْوَةِ مِنْ شَيْءٍ ، فَإِنَّهُ يُنْظَرُ ، أَيُّه أَفْضَلُ لِحَظِّ الْجَدِّ الثُّلُثُ فمَّا بَقِيَ لَهُ وَلِلإِخْوَةِ ، أَوْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ مِنَ الإِخْوَةِ ، فِيمَا حْصُلُ لَهُ وَلَهُمْ ،فإنه يُقَاسِمُهُمْ بِمِثْلِ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ ، أَوِ السُّدُسُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ ، فأَيُّ ذَلِكَ كَانَ أَفْضَلَ لِحَظِّ الْجَدِّ ، أُعْطِيَهُ الْجَدُّ ، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ لِلإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، إِلاَّ فِي فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ ، يكُونُ قِسْمَهُمْ فِيهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَتِلْكَ الْفَرِيضَةُ : امْرَأَةٌ تُوُفِّيَتْ ، وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا ، وَأُمَّهَا ، وَجَدَّهَا وَأُخْتَهَا لأُمِّهَا وَأَبِيهَا ، ، فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ، وَلِلأَُمِّ الثُّلُثُ ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ ، وَيقال لِلأَُخْتِ بالنِّصْفُ ، ثُمَّ يُجْمَعُ سُدُسُ الْجَدِّ , وَنِصْفُ الأَُخْتِ , فَيُقْسَمُ أَثْلاَثًا ، لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، فَيَكُونُ لِلْجَدِّ ثُلُثَاهُ ، وَلِلأَُخْتِ ثُلُثُهُ.(2/529)
3037 - قَالَ : وَمِيرَاثُ الإِخْوَةِ لِلأََبِ مَعَ الْجَدِّ , إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ إِخْوَةٌ للأَبٍ وَالأُمٍّ ، كَمِيرَاثِ الإِخْوَةِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، سَوَاءٌ ذَكَرُهُمْ كَذَكَرِهِمْ ، وَأُنْثَاهُمْ كَأُنْثَاهُمْ ، فَإِن اجْتَمَعَ الإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَالإِخْوَةُ لِلأََبِ ، فَإِنَّ الإِخْوَةَ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، يُعَادُّونَ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهِمْ لأَبِيهِمْ ، فَيَمْنَعُونَهُ بِهِمْ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ بِعَدَدِهِمْ ، وَلاَ يُعَادُّونَهُ بِالإِخْوَةِ لِلأَُمِّ ، لأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْجَدِّ غَيْرُهُمْ ، لَمْ يَرِثُوا مَعَهُ شَيْئًا ، وَكَانَ الْمَالُ كُلُّهُ لِلْجَدِّ فَمَا حَصَلَ لِلإِخْوَةِ للأََبِ وَالأَُمِّ ،فهو لهم خاصة دُونَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، إِلاَّ أَنْ يَكُونَ الإِخْوَةُ لِلأََبِ وَالأَُمِّ امْرَأَةً وَاحِدَةً ، فَإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً وَاحِدَةً ، فَإِنَّهَا تُعَادُّ الْجَدَّ بِإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا ، مَا كَانُوا فَمَا حَصَلَ لَهُمْ وَلَهَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ لَهَا دُونَهُمْ ، مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ فَرِيضَتَهَا ، وَفَرِيضَتُهَا النِّصْفُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ ، فَإِنْ كَانَ فِيمَا يُحَازُ لَهَا وَلإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا فَضْلٌ عَنْ نِصْفِ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ ، فَهُوَ لإِخْوَتِهَا لأَبِيهَا , لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأَُنْثَيَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ لهم شَيْءٌ ، فَلاَ شَيْءَ لَهُمْ.(2/529)
(7) ميراث الجدة
3038 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ إسحاق بْنِ خَرَشَةَ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ ، أَنَّهُ قَالَ : جَاءَتِ الْجَدَّةُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ، فَقَالَ : مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ ، وَمَا عَلِمْتُ لَكِ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، فَارْجِعِي حَتَّى أَسْأَلَ النَّاسَ ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم أَعْطَاهَا السُّدُسَ ، فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ غَيْرُكَ ؟ فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيُّ ، فَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ ، فَأَنْفَذَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ السدس ، ثُمَّ جَاءَتِ الْجَدَّةُ الْأُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا ، فَقَالَ لَهَا : مَا لَكِ فِي كِتَابِ اللَّهِ شَيْءٌ ، وَمَا كَانَ الْقَضَاءُ الَّذِي قُضِيَ بِهِ لِغَيْرِكِ ، وَمَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ السُّدُسُ ، فَإِنْ اجْتَمَعْتُمَا فيه فَهُوَ بَيْنَكُمَا ، وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا.(2/530)
3039 - أَخْبَرَنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ , أَنَّهُ قَالَ : أَتَتِ الْجَدَّتَانِ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه - , فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ السُّدُسَ لِلَّتِي مِنْ قِبَلِ الأَُمِّ ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأََنْصَارِ : أَمَا إِنَّكَ تَتْرُكُ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ وَهُوَ حَيٌّ كَانَ إِيَّاهَا يَرِثُ ، فَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ السُّدُسَ بَيْنَهُمَا.(2/531)
3040 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ ؛ أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ , قَالَ : فَرَضَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ لِلْجَدِّ الثُّلُثَ مَعَ الإِخْوَةِ.(2/531)
3041 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ بن قيس ، أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ كَانَ لاَ يَفْرِضُ إِلاَّ لِلْجَدَّتَيْنِ.(2/531)
3042 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الأَُمِّ لاَ تَرِثُ مَعَ الأَُمِّ دِنْيَا شَيْئًا ، وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً ، وَأَنَّ الْجَدَّةَ أُمَّ الأََبِ لاَ تَرِثُ مَعَ الأَُمِّ ، وَلاَ مَعَ الأََبِ شَيْئًا ، وَهِيَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهَا السُّدُسُ فَرِيضَةً ، فَإِن اجْتَمَعَتِ الْجَدَّتَانِ أُمُّ الأََبِ ، وَأُمُّ الأَُمِّ ، وَلَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى دُونَهُمَا أَبٌ وَلاَ أُمٌّ , قَالَ مَالِكٌ : فَإِنِّي سَمِعْتُ أَنَّ أُمَّ الأَُمِّ ، إِنْ كَانَتْ أَقْعَدَهُمَا ، فلَهَا السُّدُسُ ، دُونَ أُمِّ الأََبِ ، وَإِنْ كَانَتْ أُمُّ الأََبِ أَقْعَدَهُمَا ، أَوْ كَانَتَا فِي الْقُعْدَدِ بِمَنْزِلَةٍ سَوَاءٍ , فَإِنَّ السُّدُسَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا ، نِصْفَين.(2/532)
3043 - قَالَ مَالِكٌ : وَلاَ مِيرَاثَ لأَحَدٍ مِنَ الْجَدَّاتِ ، إِلاَّ الْجَدَّتَيْنِ ، لأَنَّهُ بَلَغَنِي ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَّثَ الْجَدَّةَ ، وسَأَلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ ذَلِكَ ، حَتَّى أَتَاهُ الثَّبَتُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ وَرَّثَ الْجَدَّةَ ، فَأَنْفَذَهُ لَهَا , ثُمَّ أَتَتِ الْجَدَّةُ الأَُخْرَى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - , فَقَالَ : مَا أَنَا بِزَائِدٍ فِي الْفَرَائِضِ شَيْئًا ،ولكن هو ذلك السدس فَإِنِ اجْتَمَعْتُمَا فِيهِ ، فَهُوَ بَيْنَكُمَا , وَأَيَّتُكُمَا خَلَتْ بِهِ فَهُوَ لَهَا.
3044 - قَالَ مَالِكٌ : ثُمَّ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا وَرَّثَ غَيْرَ جَدَّتَيْنِ ، مُنْذُ كَانَ الإِسْلاَمُ إِلَى الْيَوْمِ.(2/532)
(8) ميراث الكلالة
3045 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم عَنِ الْكَلاَلَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم : يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْآيَةُ الَّتِي أُنْزِلَتْ فِي الصَّيْفِ ، في آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ.(2/533)
3046 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ الْكَلاَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ : فَأَمَّا الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا : {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوِ امْرَأَةٌ } قراءة إلى قوله {فِي الثُّلُثِ}.(2/533)
3047 - قَالَ مَالِكٌ : فَهَذِهِ الْكَلاَلَةُ الَّتِي لاَ يَرِثُ مع وَلَدٌ وَلاَ مع وَلِدٌ ولد ولا مع أب ولا جد
قَالَ مَالِكٌ : وَأَمَّا الآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ , الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيهَا : {يَسْتَفْتُونَكَ}
قِرَاءَةً إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.(2/533)
3048 - قَالَ مَالِكٌ : فَهَذِهِ الْكَلاَلَةُ الَّتِي يكُونُ الإِخْوَةُ فِيهَا عَصَبَةً ، إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ , فَيَورِثُونَ مَعَ الْجَدِّ فِي الْكَلاَلَةِ ، فَالْجَدُّ يَرِثُ مَعَ الإِخْوَةِ ، لأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَرِثُ مَعَ ذُكُرِ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى السُّدُسَ ، وَ لاَ ترِثُ الإِخْوَةُ مَعَهم شَيْئًا ، فكَيْفَ لاَ يَكُونُ كَأَحَدِهِمْ , وَهُوَ يَأْخُذُ السُّدُسَ مَعَ وَلَدِ الْمُتَوَفَّى ؟وكَيْفَ لاَ يَأْخُذُ مَعَ الإِخْوَةِ , وَبَنُو الأَُمِّ يَأْخُذُونَ مَعَهُمُ الثُّلُثَ ؟ فَالْجَدُّ هُوَ الَّذِي يحَجَبَ الإِخْوَةَ لِلأَُمِّ ، وَمَنَعَهُمْ لمَكَانُهُ الْمِيرَاثَ ، فَهُوَ أَوْلَى بِالَّذِي كَانَ لَهُمْ , لأَنَّهُمْ سَقَطُوا مِنْ أَجْلِهِ ، وَلَوْ أَنَّ الْجَدَّ لَمْ يَأْخُذْ ذَلِكَ الثُّلُثَ ، أَخَذَهُ بَنُو الأَُمِّ , فَإِنَّمَا أَخَذَ مَا لَمْ يَكُنْ يَرْجِعُ إِلَى الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، وَكَانَ الإِخْوَةُ لِلأَُمِّ أَوْلَى بِذَلِكَ الثُّلُثِ مِنَ الإِخْوَةِ لِلأََبِ ، وَكَانَ الْجَدُّ هُوَ أَوْلَى بِه مِنَ الإِخْوَةِ لِلأَُمِّ.(2/534)
(9) ميراث العمة
3049 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَنْظَلَةَ الزُّرَقِيّ ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَوْلًى لِقُرَيْشٍ كَانَ قَدِيمًا ، يُقَالُ لَهُ : ابْنُ مِرْسَى , أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , فَلَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ ، قَالَ : يَا يَرْفَا هَلُمَّ ذَلِكَ الْكِتَابَ ، لِكِتَابٍ كَتَبَهُ فِي شَأْنِ الْعَمَّةِ ، يسْأَلَ عَنْهَ وَنَسْتَخْبِرْ فِيهَ ، فَأَتَاهُ يَرْفَا ، فَدَعَا بِتَوْرٍ أَوْ قَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ ، فَمَحَا ذَلِكَ الْكِتَابَ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ , لَوْ رَضِيَكِ اللَّهُ أَقَرَّكِ.(2/534)
3050 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ كَثِيرًا ما يَقُولُ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ : عَجَبًا لِلْعَمَّةِ تُورَثُ وَلاَ تَرِثُ.(2/535)
(10) ميراث من جُهل أمره بالقتل وغير ذلك
3051 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَائِهِمْ : أَنَّهُ لَمْ يَتَوَارَثْ مَنْ قُتِلَ يَوْمَ الْجَمَلِ ، وَيَوْمَ صِفِّينَ ، وَيَوْمَ الْحَرَّةِ ، ثُمَّ كَانَ يَوْمَ قُدَيْدٍ , فَلَمْ يُوَرَّثْ أَحَدٌ مِمِنْ قتل منهم من صَاحِبِهِ شَيْئًا , إِلاَّ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ قَبْلَ صَاحِبِهِ.(2/535)
3052 - قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ عندنا الَّذِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ ، وَلاَ يشَكَّ فيه أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، قَالَ مَالِكٌ : وَكَذَلِكَ الْعَمَلُ فِي كُلِّ مُتَوَارِثَيْنِ هَلَكَا بِغَرَقٍ أَوْ قَتْلٍ أو هدم أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْتِ ، إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ ، , لَمْ يَورِثْ واحَدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ شَيْئًا ، وَكَانَ مِيرَاثُهُما لِمَنْ بَقِيَ مِنْ ذريتِهِمَا ، يَرِثُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَرَثَتُهُ مِنَ الأََحْيَاءِ.(2/535)
3053 - قَالَ : ولاَ يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ أَحَدٌ أَحَدًا إِلاَّ بِيَقِينِ مِنَ الْعِلْمِ ، وَالشُّهَاة ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ يَهْلَكُ هُوَ وَمَوْلاَهُ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبُوهُ ، فَيَقُولُ بَنُو الرَّجُلِ الْعَرَبِيِّ : قَدْ وَرِثَهُ أَبُونَا ، فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ أَنْ يَرِثُوهُ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ شَهَادَةٍ ، أنَّهُ مَاتَ قَبْلَهُ ، وَإِنَّمَا يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ مِنَ الأََحْيَاءِ.(2/536)
3054 - قَالَ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا الأََخَوَانِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، يَمُوتَانِ وَلأَحَدِهِمَا وَلَدٌ , وَالآخَرُ لاَ وَلَدَ لَهُ , وَلَهُمَا أَخٌ لأَبِيهِمَا ، فَلاَ يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ : فَمِيرَاثُ الَّذِي لاَ وَلَدَ لَهُ ، لأَخِيهِ لأَبِيهِ ، وَلَيْسَ لِبَنِي أَخِيهِ لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، شَيْءٌ.(2/536)
3055 - قَالَ مَالِكٌ : وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا : أَنْ تَهْلَكَ الْعَمَّةُ وَابْنُ أَخِيهَا ، أَوِ ابْنَةُ الأََخِ وَعَمُّهَا ، فَلاَ يُعْلَمُ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا مَاتَ قَبْلُ ، لَمْ يَرِثِ الْعَمُّ مِنِ ابْنَةِ أَخِيهِ شَيْئًا ، وَلاَ يَرِثُ ابْنُ الأََخِ مِنْ عَمَّتِهِ شَيْئًا.(2/536)
(11) ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا
3056 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ بن أنس ؛ أَنَّهُ بَلَغَهُ ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وسليمان بن يسار سئلا عن وَلَدِ الْمُلاَعَنَةِ وَوَلَدِ الزِّنَا من يرثه فقالا : ترِثَ أُمُّهُ حَقَّهَا فِي كِتَابِ اللهِ تبارك وتعالى ، وَإِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ ، وَيَرِثُ مابَقِيَّ من ماله ، مَوَالِي أُمِّهِ ، إِنْ كَانَتْ مَوْلاَةً ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَبِيَّةً , وَرِثَتْ حَقَّهَا ، وَوَرِثَ إِخْوَتُهُ لأُمِّهِ حُقُوقَهُمْ ، وَورث مَا بَقِيَ من ماله الْمُسْلِمِون .
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا.(2/537)
(12) ميراث ولاية العصبة
3057 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ عِنْدَنَا ، فِي وِلاَيَةِ الْعَصَبَةِ : أَنَّ الأََخَ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنَ الأََخِ لِلأََبِ ، وَالأََخُ من الأََبِ ، أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِنْ ابَنِ الأََخِ لِلأََبِ ، وَابَنُ الأََخِ لِلأََبِ ، أَوْلَى مِنْ العم أخِي الأََبِ ، لِلأََبِ وَالأَُمِّ وَالْعَمُّ أَخُو الأََبِ لِلأََبِ والأم ، أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ ، وَابْنِ وَالْعَمُّ أَخُو الأََبِ لِلأََبِ ، أَوْلَى مِنْ بَنِي الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ ، وَابْنُ الْعَمِّ لِلأََبِ ، أَوْلَى مِنْ عَمِّ الأََبِ أَخِي أَبِي الأََبِ لِلأََبِ وَالأَُمِّ.(2/537)
3058 - قَالَ مَالِكٌ :كُلُّ شَيْءٍ سُئِلْتَ عَنْهُ مِنْ مِيرَاثِ الْعَصَبَةِ , فَإِنَّهُ عَلَى نَحْوِ هَذَا النسب : ينْسُبِ الْمُتَوَفَّى وَمَنْ يُنَازِعُ فِي الوِلاَيَة مِنْ العَصَبَتِهِ ، فَإِنْ وَجَدْتَ أَحَدًا مِنْهُمْ يَلْقَى الْمُتَوَفَّى إِلَى أَبٍ لاَ يَلْقَاهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَى أَبٍ دُونَهُ ، فَاجْعَلْ مِيرَاثَهُ لِلَّذِي يَلْقَاهُ إِلَى الأََبِ الأََدْنَى ، دُونَ مَنْ يَلْقَاهُ إِلَى فَوْقِ ذَلِكَ ، فَإِنْ كان يلقاه إلى أب فوقه فاجعل ميراثه للذي يلقاه إلى الأب الأدنى دون من يلقاه إلى من فوق ذلك فإذا وَجَدْتَهُمْ كُلَّهُمْ يَلْقَوْنَهُ إِلَى أَبٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمْ جَمِيعًا ، فَانْظُرْ أَقْعَدَهُمْ فِي النَّسَبِ ، فَإِنْ كَانَ أَبٍ فَقَطْ ، فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ لَهُ دُونَ الأََطْرَفِ ، وَفإِنْ كَانَوا بْنَو أَبٍ وَأُمٍّ ، ووَجَدْتَهُمْ مُسْتَوِينَ مِنْ عَدَدِ الآبَاءِ إِلَى عَدَدٍ وَاحِدٍ ، حَتَّى يَلْقَوْا نَسَبَ الْمُتَوَفَّى جَمِيعًا ، وَكَانُوا كُلُّهُمْ بَنِي أَبٍ وَأُمٍّ ، أَوْ بَنِي أَبٍ جَمِيعًا ، فَاجْعَلِ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمْ بالسَوَية ، فإِنْ كَانَ وَالِدُ بَعْضِهِمْ أَخَا لوَالِدِ الْمُتَوَفَّى لأََبِيه وَأمِّه ، وَكَانَ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ , إِنَّمَا هُم أَخُوة والد الْمُتَوَفَّى لأَبِيهِ فَقَطْ ، فَإِنَّ الْمِيرَاثَ لِبَنِي أَخِي الْمُتَوَفَّى لأَبِيهِ وَأُمِّهِ ، دُونَ بَنِي الأََخِ لِلأََبِ
قَالَ مَالِكٌ : وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يقَولَ فِي كِتَابِهِ : {وَأُولُو الأََرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.(2/538)
3059 - قَالَ مَالِكٌ : وَالْجَدُّ أَبُو الأََبِ أَوْلَى مِنَ الْعَمِّ أَخِي الأََبِ لِلأََبِ , وَالأَُمِّ بِالْمِيرَاثِ ، وَابْنُ الأََخِ أَوْلَى مِنَ الْجَدِّ بِوَلاَءِ الْمَوَالِي.(2/538)
(13) من لا ميراث له
3060 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّ ابْنَ الأََخِ لِلأَُمِّ ، وَالْجَدَّ أَبَا الأَُمِّ ، وَالْعَمَّ أَخَا الأََبِ لِلأَُمِّ ، وَالْخَالَ ، وَالْجَدَّةَ أُمَّ أَبِي الأَُمِّ ، وَابْنَةَ الأََخِ لِلأََبِ ، وَالْعَمَّةَ ، وَالْخَالَةَ ، لاَ يَرِثُونَ بِأَرْحَامِهِمْ شَيْئًا.
وَإِنَّهُ لاَ تَرِثُ امْرَأَةٌ ، هِيَ أَبْعَدُ نَسَبًا مِنَ الْمُتَوَفَّى ، مِمَّنْ سُمِّيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ ، بِأرَحِامِهَم شَيْئًا ، وَإِنَّهُ لاَ يَرِثُ أَحَدٌ مِنَ النِّسَاءِ شَيْئًا ، إِلاَّ حَيْثُ سُمِّى اللَّهُ فِي كِتَابِهِ : مِيرَاثَ الأَُمِّ مِنْ وَلَدِهَا ، وَمِيرَاثَ الْبَنَاتِ مِنْ أَبِيهِنَّ ، وَمِيرَاثَ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجِهَا ، وَمِيرَاثَ الأََخَوَاتِ لِلأََبِ ، وَمِيرَاثَ الأََخَوَاتِ لِلأَُمِّ ، وَوَرِثَتِ الْجَدَّةُ بِالَّذِي جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا ، وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مَنْ أَعْتَقَتْ هِيَ نَفْسُهَا أو أعتقه مولاها ، لأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ : {فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}.(2/539)
(14) ميراث أهل المِلل
3061 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ قراءة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بن أبي طالب ، عَنْ عُمَرَو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلى الله عَلَيه وَسَلم ، قَالَ : لا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ.(2/539)
3062 - حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , أَنَّهُ أَخْبَرَهُ : إِنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ ، قَالَ : فَمن أجل ذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا مِنَ الشِّعْبِ.(2/540)
3063-حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْن سَعِيد ، عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب ، أَن عُمَر بْن الخَطَّاب ، رَحْمَةُ اللَّه عَلَيْه ، قَالَ : لا نَرِثُ أَهْلَ المِلَلِ وَلاَ يَرِثُونَا.(2/540)
3064 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأََشْعَثِ أَخْبَرَهُ : أَنَّ عَمَّةً لَهُ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً تُوُفِّيَتْ ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الأََشْعَثِ ذَكَرَ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَقَالَ : مَنْ يَرِثُهَا ؟ فَقَالَ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا ، ثُمَّ أَتَى عثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَسَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ : أَنِي نَسِيتُ مَا قَالَ لَكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَرِثُهَا أَهْلُ دِينِهَا.(2/540)
3065 -حدثنَا أَبُو مُصْعَبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّ نَصْرَانِيًّا كان أَعْتَقَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فهَلَكَ ، فَأَمَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ : بأَنْ أَجْعَلَ مَا ترك فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ.(2/541)
3066 - قَالَ مَالِكٌ : عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ , أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ : أَبَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنَ الأََعَاجِمِ , إِلاَّ أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ.(2/541)
3067 - قَالَ مَالِكٌ : وَعَلَى ذَلِكَ الأََمْرُ عِنْدَنَا ، أَنْه لا يُوَرِّثَ أَحَدًا مِنَ الأََعَاجِمِ , مِنَ أَحَدًا من الأََعَاجِمِ شيئاً إِلاَّ أَحَدًا وُلِدَ فِي الْعَرَبِ ، إِلا أن تكون امْرَأَةٌ جَاءَتِ حَامِلاً مِنْ أَرْضِ الْعَدُوِّ ، فَوَضَعَتْ فِي الْعَرَبِ ، فَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ ، وَتَرِثُهُ إِنْ مَاتَ , مِيرَاثَهَا فِي كِتَابِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى .(2/541)
3068 - قَالَ مَالِكٌ : الأََمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، وَالسُّنَّةُ الَّتِي لاَ اخْتِلاَفَ فِيهَا ، وَالَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا : أَنَّهُ لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ بِقَرَابَةٍ ، وَلاَ وَلاَءٍ ، وَلاَ رَحِمٍ ، وَلاَ يَحْجُبُ أَحَدًا مِيرَاثِهِ وكذلك كل من لايرث إذا لم يكن دونه وارث فإنه لاَ يَحْجُبُ أَحَدًا عن مِيرَاثِهِ .(2/541)
3069 - وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ وَلَدًا ذَكَرًا ، أَوْ أُنْثَى ، أَوْ ابْن ابُنٍ ذَكَرًا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَرِثْ كَلاَلَة ، فَإِنْ تَرَكَ ابْنَةً أَوْ ابْنَتَيْنِ ، فَإِنَّ الابْنَتَيْنِ لَيْسَ بِكَلاَلَةٍ ، وَلَكِنِ الَّذِي وَرثَ مَعَهَا كَلاَلَةٍ إِذَا كَانَ عَصَبَة مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ ، أَوْ وَلَد وَلَدٍ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي الْجَدِّ ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ : لَمْ يُوَرَّثْ كَلاَلَة ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ هُوَ كَلاَلَةٌ ، لأَنَّ الإِخْوَةَ لِلأَبِ يَورِثُونَ مَعَ الجَدِّ.
تمت بالخير(2/542)