لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام (124)
المسائل الست الكرام
المتعلقة بجمع أحاديث الإحرام والبيت الحرام
وتفضيل البلد الحرام على المدينة المنورة على ساكنها الصلاة والسلام
تصنيف الإمام العلامة
مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي
(1132هـ)
رحمه الله تعالى
اعتنى بها
نظام بن محمد صالح يعقوبي
دار البشائر الإسلامية
الطبعة الأولى
1430 هـ - 2009 م(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لمن بيده الهداية والتوفيق، والصلاة والسلام على رسوله الهادي لأقوم الطريق، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا للفقراء عند الضيق، كالحميم الصديق، لا سيما مع ما حازوا من العز والجاه كعمر وعثمان وعلي وأبي بكرٍ الصديق.
أما بعد:
فقد استخرت الله سبحانه سائلاً عفوه وغفرانه في تلخيص بعض مسائل كرام، تتعلق بجمع أحاديث الإحرام والبيت الحرام، وبيان تفضيل البلد الحرام، وبيان مضاعفة الحسنات والسيئات في ذلك المقام، وتفضيل الطواف على الصلاة هناك في حق الغريب من الأنام، وفي الجمع بين أخبار وآثار يدق فهمها على كثير من ذوي الأفهام.
فأقول راجياً الطول والإنعام، من الملك العلام:(1/23)
المسألة الأولى في الإحرام
وهو ثلاثة أقسام:
تمتعٌ؛ فإفرادٌ، فقران.
التمتع: هو أن يحرم بالعمرة ثم بعد فراغه منها يحرم بالحج.
والإفراد: أن يحرم بالحج فقط.
والقران: أن يحرم بالحج والعمرة معاً.
ولا خلاف بين الأئمة في جواز كل من هذه الثلاثة. وإنما اختلفوا في الأفضل منها:
فقالت الحنابلة: التمتع أفضل.
وقالت الحنفية - على الأصح عندهم: القران أفضل.
وقالت الشافعية والمالكية: الإفراد أفضل.(1/24)
وقد اختلفت الروايات في إحرام النبي عليه السلام في حجة الوداع: هل كان إفراداً أو قراناً أو تمتعاً؟
فعن عائشة رضي الله عنها: (أن رسول الله عليه السلام أفرد الحج). رواه مسلمٌ والأربعة.
وعن جابرٍ: (أن رسول الله عليه السلام أفرد الحج). رواه ابن ماجه.
وعن ابن عمر قال: (أهللنا مع رسول الله عليه السلام بالحج مفرداً). رواه في ((جامع الأصول)).
وعن أنسٍ قال:(خرجنا مع رسول الله عليه السلام إلى مكة؛ فسمعته يقول: ((لبيك عمرةً وحجةً)).
رواه مسلمٌ، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.(1/25)
وعن ابن عباسٍ قال: (أخبرني أبو طلحة أن رسول الله عليه السلام قرن الحج والعمرة). رواه ابن ماجه.
وعن ابن عباسٍ قال: (تمتع رسول الله عليه السلام وأبو بكر وعمر وعثمان). رواه الترمذي.
وفي ((جامع الأصول))، عن ابن عمر قال: (تمتع رسول الله عليه السلام في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج .. .. ) الحديث.
وفي كل واحدٍ رواياتٌ كثيرةٌ، وهي متعارضةٌ في الظاهر.
قال الطيبي في ((شرح المشكاة)):
وقد طعن فيها طائفةٌ من الفئة الزائغة عن منهج الحق؛ فقالوا: اتفقتم أيها الرواة على أن نبيكم عليه السلام لم يحج من المدينة غير حجةٍ واحدةٍ، ثم رويتم أنه كان مفرداً، ورويتم أنه كان قارناً، ورويتم أنه كان متمتعاً؛ وصفة هذه الأنساك متباينة، وأحكامها مختلفةٌ، وتزعمون أن كل هذه الروايات مقبولةٌ لصحة أسانيدها، وعدالة رواتها!(1/26)
فأجاب عن ذلك جمعٌ من العلماء شكر الله سعيهم؛ وقد اخترنا من ذلك جواباً عن الإمام الشافعي؛ وثمرته: أن من المعلوم في لغة العرب، جواز إضافة الفعل إلى الآمر؛ كجواز إضافته إلى الفاعل له؛ كقولك: بنى فلانٌ داراً؛ إذا أمر ببنائها؛ وضرب الأمير فلاناً؛ إذا أمر بضربه. ومن هذا الباب: رجم رسول الله عليه السلام ماعزاً.
وكان أصحاب رسول الله عليه السلام منهم المفرد والقارن والمتمتع، يضاف كل ذلك إليه عليه السلام.
وأجاب الخطابي بأنه يحتمل أن يكون بعضهم سمعه يقول: ((لبيك بحجةٍ)) وخفي عليه ((وعمرة))، فقال: كان عليه السلام مفرداً، ولم يحكِ إلا ماسمع، وسمعه آخر يقول: ((لبيك بحجةٍ وعمرةٍ))؛ فقال: كان عليه السلام قارناً. ولا ننكر الزيادات في الأخبار؛ كما لا تنكر في الشهادات.
وفي ((البحر العميق في فضائل البيت العتيق)): طريق الجمع بين الأحاديث عند جماعةٍ من محققي العلماء والمحدثين؛ أن سيدنا رسول الله عليه السلام أفرد الحج في أول الإحرام؛ ثم أتاه من ربه [آتٍ] بوادي العقيق؛ كما ثبت في الصحيح؛ فقال: ((صل في هذا الوادي المبارك ركعتين، وقل: عمرةٌ في حجةٍ))؛ فقرن رسول الله عليه السلام.
فمن روى أنه أفرد الحج اعتمد أول الإحرام، ومن روى أنه كان قارناً اعتمد آخر الإحرام، ومن روى أنه كان متمتعاً فهو محمولٌ على أنه عليه السلام تمتع بالعمرة في أشهر الحج وفعلها مع الحج، وهذا معنى القران. أو: على أنه عليه السلام أمر بذلك؛ كما مر.
وللعلماء في ذلك جواباتٌ أخر، والله أعلم.(1/27)
تنبيه : اختلف العلماء في عدد حجات النبي عليه السلام.
فعن قتادة قال: (سألت أنساً كم حج النبي عليه السلام؟ قال: حجةً واحدةً، واعتمر أربع عمر) رواه البخاري، ومسلمٌ، وأبو داود، والترمذي.
وعن أبي إسحاق، أنه سأل زيد بن أرقم؛ فقال: (حج بعدما هاجر حجةً واحدةً). قال أبو إسحاق: (وبمكة أخرى -يعني قبل الهجرة-) رواه مسلم.
وفي غير مسلم: (قبل الهجرة حجتان).
قال القرطبي: لا خلاف أن النبي عليه السلام لم يحج بعد الهجرة إلا حجة الوداع؛ وأما قبل الهجرة، فاختلف فيه: هل حج واحدةً -كما قال أبو إسحاق السبيعي- أو حجتين، كما قال غيره؟ انتهى.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن النبي عليه السلام حج ثلاث حجج: حجتين قبل ما هاجر، وحجةً بعدما هاجر، قرن معها عمرةً. رواه الترمذي، وابن ماجه، والدراقطني، والحاكم، وصححه على شرط مسلم.(1/28)
وقال ابن حزمٍ: حج رسول الله عليه السلام واعتمر قبل النبوة وبعدها، قبل الهجرة حججاً وعمراً لا يعرف عددها. ولعل كلام ابن حزمٍ هذا هو المرضي عندهم.
فائدة: حج إمامنا أحمد رضي الله عنه خمس حجاتٍ: ثلاث حججٍ ماشياً، [و] اثنتين راكباً، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهماً.
وحج علي بن شعيبٍ السقا ستاً وستين حجةً على قدميه من نيسابور.
وحج أبو عبد الله المغربي سبعاً وتسعين حجةً، وعاش مائةً وعشرين سنةً.
وأخرج الدينوري في ((المجالسة))، عن أبي إسحاق: أن عمرو بن ميمون الأودي حج مائة حجةً.(1/29)
المسألة الثانية في البيت الحرام
قال الله تعالى:
{إن أول بيتٍ وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين}.
قال ابن عباس في قوله تعالى: {إن أول بيتٍ وضع للناس}: هو الكعبة، وضعها الله تعالى في الأرض قبالة البيت المعمور.
وعن ابن عمر وابن عباسٍ: خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركانٍ قبل أن يخلق الدنيا بألفي عام؛ ثم دحيت الأرض من تحت البيت.
وورد:
أن الله تعالى بعث ملائكةً، فقال: ابنوا لي بيتاً بمثال البيت المعمور وقدره؛ فبنوا؛ فأمر الله عز وجل من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بالبيت؛ كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور. رواه ابن الجوزي عن علي بن الحسين رضي الله عنهما.(1/30)
وعن ابن عمرو مرفوعاً: بعث الله جبريل إلى آدم وحواء؛ فقال لهما: ابنيا لي بيتاً؛ فخط جبريل؛ فجعل آدم يحفر وحواء تنقل التراب حتى أجابه الماء؛ فنودي من تحته: حسبك يا آدم. فلما بناه، أوحى الله تعالى إليه أن يطوف به.
وقيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيتٍ.
ثم تناسخت القرون، حتى رفع إبراهيم القواعد منه. أخرجه البيهقي في ((الدلائل)).
وورد:
أنه لما أهبط آدم من الجنة، قال الله: يا آدم! ابن لي بيتاً بحذاء بيتي الذي في السماء، تتعبد فيه أنت وولدك؛ كما تتعبد ملائكتي حول عرشي.
وهبطت الملائكة فحفرت، حتى بلغ الأرض السابعة؛ فقذفت فيه الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض.
وهبط آدم معه ياقوتةٌ حمراء محفورةٌ، لها أربعة أركان بيضٍ، فوضعها على الأساس؛ فلم تزل الياقوتة كذلك حتى رفعها الله تعالى إلى السماء، وبقيت قواعده.
وبنى بنو آدم من بعدها مكانها بيتاً بالطين والحجارة؛ فلم يزل معموراً يعمرونه، ومن بعدهم، حتى زمن نوح عليه السلام وكان الغرق؛ فخفي مكانه.(1/31)
فلما بعث الله إبراهيم عليه السلام طلب الأساس -أساس الملائكة- ليبني عليه؛ فضرب جبريل عليه السلام بجناحه الأرض فأبرز عن أساسٍ ثابتٍ على الأرض السفلى.
وعن وهبٍ: أن خيمة آدم، وهي الياقوتة، لم تزل في مكانها، حتى قبض الله آدم؛ ثم رفعها؛ فبنى بنو آدم موضعها شيئاً من الحجارة؛ فلم يزل معموراً حتى كان زمن الغرق.
والحاصل في وجه الجمع بين هذه الأخبار:
أن الله تعالى خلق الكعبة بنفسه، ثم انهدمت بمشيئته بتقادم الزمان.
ثم بنتها الملائكة وكان تحجها؛ لما روى ابن عباسٍ -وغيره-: أنه لما حج آدم، لقيته الملائكة فقالوا: بر حجك يا آدم! لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام.
ثم بناه آدم.
ثم بناه بنو آدم.
ثم بناه إبراهيم.
ثم بنته العمالقة.
ثم بنته جرهم.(1/32)
ثم بناه قصي، وهو أول من سقف الكعبة. وروى الطبراني عن أبي سعيدٍ الخدري: أن أول من جدد الكعبة بعد كلابٍ بن مرة: قصي. انتهى.(1/33)
ثم بنت قريشٌ وحضرهم في بنائه عليه السلام، ووضع الحجر الأسود بيده الشريفة.
ثم بناه عبد الله بن الزبير.
ثم هدم بعضه الحجاج، فهو اليوم على حكم ما بناه ابن الزبير، ما عدا جدار الحجر؛ فإنه من بناء الحجاج.
وتفاصيل ذكر بنائه معلومةٌ؛ فلا تليق بهذه المقدمة، والله أعلم.(1/34)
المسألة الثالثة في الحجر الأسود
فعن ابن عباسٍ قال: قال رسول الله عليه السلام: ((الحجر الأسود ياقوتةٌ من ياقوت الجنة، وإنما سودته خطايا المشركين، يبعث يوم القيامة مثل أحدٍ يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا)) رواه ابن خزيمة.
وعن أنس قال: قال رسول الله عليه السلام: ((الحجر الأسود من حجارة الجنة)). رواه ابن الجوزي والطبراني.
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه السلام: ((الحجر الأسود من الجنة، وكان أشد بياضاً من الثلج حتى سودته خطايا أهل الشرك)) رواه أحمد، وابن عدي في ((الكامل))، والبيهقي.
وعن عثمان بن ساج قال: حدثني زهيرٌ أنه بلغه أن الحجر من رضراض ياقوت الجنة، وكان أبيض يتلألأ؛ فسوده أرجاس المشركين؛(1/35)
وسيعود إلى ما كان عليه، وهو يوم القيامة مثل جبل أبي قبيس في العظم، له عينان ولسانٌ وشفتان، يشهد لمن استلمه بحق)) رواه الأزرقي.
وعن علي بن أبي طالبٍ قال: كنت طائفاً مع النبي عليه السلام ببيت الله الحرام؛ فقلت: فداك أمي وأبي، ما هذا الحجر؟ قال: ((تلك جوهرةٌ كانت في الجنة، أهبطها الله إلى الدنيا؛ لها شعاع كشعاع الشمس؛ فاشتد سوادها، وتغير لونها لما مسته أيدي المشركين)) رواه أبو الليث السمرقندي في ((تنبيه الغافلين)).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه السلام: ((نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضاً من اللبن، فسودته خطايا بني آدم)) رواه الترمذي، وقال: حديثٌ حسن صحيح.
قال ابن الجوزي: وقد اعترض الملحدون على هذا الحديث، فقالوا: ما سودته خطايا المشركين؛ فينبغي أن يبيضه توحيد المسلمين.
فأجاب عنه ابن قتيبة؛ فقال: لو شاء الله لكان ذلك، ثم قال: أما علمت -أيها المعترض- أن السواد يصبغ ولا ينصبغ، والبياض ينصبغ ولا يصبغ. انتهى.
قال ابن الجوزي: والذي أراه من الجواب: أن بقاء أثر الخطايا باقيةٌ -وهو السواد- أبلغ في باب العبرة والعظة؛ لتعلم أن الخطايا إذا أثرت(1/36)
في الحجر؛ فتأثيرها في القلوب أعظم؛ فوجب لذلك أن تجتنب. انتهى.
وقال السهيلي: والحكمة في كونه سودته خطايا بني آدم دون غيره من بناء الكعبة، أن العهد الذي فيه هو الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيد الله، وكل مولود يولد على الفطرة، وقلبه في غاية البياض؛ لأن فيه ذلك العهد؛ ثم يسود بالذنوب، فكذلك الحجر الذي فيه ذلك العهد المأخوذ عليه؛ فلما تناسبا أثرت فيه الخطايا كما أثرت في بني آدم. انتهى.
وهذه العلة غير مطردةٍ في المقام.
قال المولى المحدث الكازروني في ((منسكه)): وقيل: سود الحجر الحريق مرتين: قبل الإسلام وبعده. وقد روي أنه رؤي قبل الحريق أبيض يتلألأ، يتراءى الإنسان فيه وجهه. انتهى.
وعن نوفل بن معاوية الديلمي قال: رأيت المقام في عهد عبد المطلب مثل المهاة.
والمهاة خرزةٌ بيضاء، ذكره في ((البحر العميق)).
وهذا كله مخالفة لظاهر الحديث.(1/37)
والحاصل في وجه الجمع بين هذا والأحاديث الواردة في ذهاب بياض الحجر الأسود.
أن لما أنزله الله من الجنة طمس نوره؛ لحديث ابن عمر رفعه: ((أن الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة، طمس الله تعالى نورهما، ولو لم يطمس نورهما؛ لأضاء ما بين المشرق والمغرب)). رواه أحمد وغيره.
وقد ذكروا أن إضاءته كانت إلى حد الحرم، لما روي أن إبراهيم عليه السلام لما بنى البيت وجاء له جبريل بالحجر الأسود، فوضعه في موضعه هذا، فأنار من سائر الجهات؛ لأنه من ياقوت الجنة؛ فجعل الله الحرم إلى حيث انتهى ذلك النور.
ثم غير إلى لون المقام لما مسه من الرجس والذنوب.
ثم اشتد سواده بعد الحريق، حتى صار إلى ما هو عليه الآن.
فشدة سواده من الحريق؛ لأنه أصابه مرتين؛ في الجاهلية والإسلام.
فأما حريقه في الجاهلية:
فإنه ذهبت امرأةٌ في زمن قريش تجمر الكعبة؛ فطارت شرارةٌ في أستار الكعبة؛ فاحترقت الكعبة، واحترق الركن الأسود، وتوهنت الكعبة. وهذا هو الذي حمل قريشاً على هدمها وبنائها.(1/38)
وأما حريقه في الإسلام:
ففي أيام ابن الزبير حين حاصره الحصين بن نمير الكندي، فاحترقت، واحترق الركن الأسود؛ فانفلق بثلاث فلقٍ؛ فشده ابن الزبير بالفضة، وانفلقت منه فلقةٌ لم يشدها من أعلاه، موضعها بينٌ في أعلى الركن.
وكذا يقال في وجه الجمع بين ما جاء من الأحاديث من أن الحجر من ياقوت الجنة.
وفي آخر: أنه من أحجار الجنة.
وفي آخر: أنه مروةٌ من مرو الجنة.
بأنه لا تعارض؛ لصحة الروايات في أن أحجار الجنة جواهر، والمرو نوعٌ من الجوهر.
وكذا يقال في وجه الجمع بين ما روي من أن الحجر يأتي يوم القيامة مثل أبي قبيس؛ وورد أعظم من أبي قبيس؛ وورد يأتي مثل أحدٍ، بأن الغرض تشبيهه بشيءٍ عظيمٍ؛ ولعله يكون في الحقيقة مثل أحدٍ، لما قيل إنه إلى الأرض السابعة.
ورواية: ((أعظم من أبي قبيس)) مشعرةٌ به. والله سبحانه أعلم.(1/39)
المسألة الرابعة في تفضيل البلد الحرام على المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام
وقد جاء في ذلك عدة أحاديث:
فعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله عليه السلام: ((صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في هذا)).
رواه أحمد، والبزار، وابن خزيمة، برجال الصحيح.
زاد ابن خزيمة: يعني مسجد المدينة.
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه السلام: ((صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره من المساجد، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في(1/40)
مسجدي هذا بمائة ألف صلاة))، رواه أحمد، والبزار، وابن حبان في صحيحه.
وصح عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: صلاةٌ في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاةٍ في مسجد النبي عليه السلام.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه السلام: ((فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره بمائة ألف صلاة؛ وفي مسجدي بألف صلاةٍ، وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة)).
ووردت أحاديث أخر أضربنا عنها خوف الإطالة
إذا علمت هذا؛ فاعلم وفقك الله تعالى: أن تفضيل الصلاة في المسجد الحرام، يستلزم تفضيل مكة على المدينة المنورة؛ وبه قال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد، وجمهور العلماء؛ مستدلين بذلك؛ وبأن الله تعالى ذكر المسجد الحرام في عدة مواضع من كتابه على سبيل التعظيم صريحاً، ولم يذكر مسجد المدينة كذلك.
وخالف في ذلك الإمام مالكٌ رحمه الله تعالى؛ فقال: المدينة أفضل؛ لما روي أن النبي عليه السلام لما خرج من مكة متوجهاً إلى المدينة قال: ((إلهي! إن أهل مكة أخرجوني من أحب البقاع إلي؛ فأنزلني أحب البقاع إليك)).(1/41)
وقد أنزله بالمدينة؛ ومحبوب الله أفضل من محبوب النبي عليه السلام؛ ولهذا اختار صلى الله عليه وسلم المقام فيها إلى أن مات ودفن بها.
قلت: فكانت المدينة أفضل لهذا المعنى:
بجيرانها تعلو الديار وترخص ...
لكن الجواب عن هذا سهل، وهو:
أن ذلك خاص بالبقعة الشريفة التي أنزل فيها للقبر، وضمت أعضاءه الشريفة، وتلك البقعة لا شك أنه أفضل من الكعبة، وأفضل من العرش، والكرسي، واللوح، والقلم، والجنة، وبها افتخرت الأرض على السماء.
وهذا ليس محلاًّ للنزاع.
وإنما النزاع في تفضيل الحرمين الشريفين، والبلدين النيرين؛ فكيف يقول الإمام مالكٌ رحمه الله تعالى في تفاوت الصلاة في المسجدين؟ وبماذا يجيب على الأحاديث الواردة في ذلك؟
ومع ذلك، فطينته صلى الله عليه وسلم من الكعبة، لما روى الزبير بن بكار أن جبريل أخذ التراب الذي خلق منه النبي صلى الله عليه وسلم من تراب الكعبة.
قال ابن عباسٍ: أصل طينته من سرة الأرض بمكة.(1/42)
فإن قيل: مدفن الشخص مكان طينته؛ لما روى ابن عبد البر موقوفاً: (أن المرء يدفن في البقعة التي أخذ منها ترابه عندما خلق). وهو صلى الله عليه وسلم دفن بالمدينة الشريفة؟
فالجواب: ما نقله العلماء: أن الماء لما تموج عند وقوع الطوفان، ألقى تلك الطينة إلى ذلك الموضع من المدينة الشريفة.
وعن ابن عباس: أنه صلى الله عليه وسلم قال في حق مكة: ((ما أطيبك من بلدةٍ وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك، ما سكنت غيرك))، رواه الترمذي، وابن حبان، والحاكم.
وعن عبد الله بن عدي قال: رأيت النبي عليه السلام على راحلته واقفاً يقول: ((والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلي، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت)). رواه أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، وصححه الترمذي. وقال ابن حزم: إنه في غاية الصحة.
ورواه أبو هريرة أيضاً.(1/43)
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله عليه السلام لما أخرج من مكة: ((أما والله إني لأخرج منك، وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها علي؛ ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت)).
وفي تفسير البيضاوي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن مخرج الدابة؛ فقال: ((من أعظم المساجد حرمةً على الله تعالى -يعني المسجد الحرام-)).
قلت:
فثبت بهذا أن المسجد الحرام أعظم المساجد، وأن مكة محبوب الله أيضاً؛ لما في حديث ابن عباسٍ من قوله: ((إنك أحب البلاد إلى الله))؛ مع ما ورد من مضاعفة الصلاة في المسجد الحرام، على ما مر.
بل: ولا خصوصية في المضاعفة للصلاة؛ إذ جميع حسنات الحرم تتضاعف كالصلاة؟؛ وارتضاه أئمتنا! لحديث ابن عباسٍ الذي رواه الحاكم وصححه، وفيه: أن كل حسنة من حسنات الحرم بمائة ألف حسنة.(1/44)
وقال الحسن البصري في ((رسالته)): ما أعلم على وجه الأرض بلداً يرفع الله الحسنة فيه بمائة ألفٍ إلا مكة؛ فمن صلى فيها صلاةً كتب له مائة ألف صلاة، ومن صام فيها يوماً كتب له صوم مائة ألف يوم، ومن تصدق فيها بدرهم كتب له بمائة ألف درهم، ومن ختم فيها القرآن مرةً واحدةً كتب الله تعالى له مائة ألف ختمة بغيرها، وكذلك من سبح الله تعالى تسبيحةً واحدةً أو هلل أو استغفر؛ فكل واحدةٍ من ذلك بمائة ألف، وكل أعمال البر فيها كل واحدة بمائة ألف انتهى.
فثبت بما قررناه أن مكة أفضل من المدينة وهو مذهب الجمهور خلافاً للإمام مالك رضي الله عنه، والله سبحانه وتعالى أعلم.(1/45)
المسألة الخامسة في مضاعفة السيئات كالحسنات في البلد الحرام
اعلم -وفقك الله تعالى- أنه لا خصوصية لمضاعفة الحسنات بالبلد الحرام؛ بل السيئات كذلك؛ فقد علم من الشريعة الغراء والملة الزهراء، تضاعف الذنب في شرائف الأزمان والأحوال؛ فكذا في شرائف الأمكنة.
ألا ترى ما يترتب على الرفث في رمضان؟
وفي مدة الإحرام؟
وما يترتب من تغليظ دية الخطأ في الحرم والإحرام والشهر الحرام؟ فيجب مع اجتماع كلها في قتل الخطأ ديتان.
وانظر إلى قول الله تعالى لنساء نبيه: {من يأت منكن بفاحشةٍ مبينةٍ يضاعف لها العذاب ضعفين}.
فتأمل كيف صارت معصيتهن إن وقعت ضعفين لشرفهن، وقد قال تعالى في أجرهن: {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقاً كريماً}.
فكل مكانٍ أو زمانٍ فيه الشرف أكثر؛ فالمعصية فيه أفظع وأشنع؛ لأن الشامة السوداء في البياض أظهر!(1/46)
ألا ترى إلى قولهم: ((حسنات الأبرار سيئات المقربين))؟
ونحن لا نتوقف أن الزنا بمحراب المسجد أفظع منه في السوق ونحوه!
وممن قال بتضعيف السيئات بالزمان والمكان الفاضل أئمتنا الحنابلة، وعليه الفتوى.
قال عمر رضي الله عنه: ((خطيئة أصيبها بمكة أعز علي من سبعين خطيئةً في غيرها)).(1/47)
وقال في رواية البيهقي: ((والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدةً بمكة)).
وقال ابن مسعود: ما من بلد يؤاخذ العبد فيه بالهم قبل العمل(1/48)
إلا بمكة، وتلا: {ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلم نذقه من عذابٍ أليمٍ}.
قال إمامنا أحمد: لو أن رجلاً بعدن، هم أن يقتل عند البيت، أذاقه الله من العذاب الأليم.
وعن أبي يعلى بن أمية مرفوعاً: ((احتكار الطعام في الحرم إلحادٌ)). رواه أبو داود.
وعن ابن عمر مرفوعاً: ((احتكار الطعام بمكة إلحاد)). رواه الطبراني في الأوسط.
واختلفوا في معنى تضعيف السيئات في الحرم؛ فقيل: كمضاعفة الحسنات؛ لما قال مجاهدٌ: أن السيئة تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنة. فظاهر كلامه أن السيئة تبلغ في التضعيف مبلغ الحسنة وهو مائة ألف.
ويدل لذلك: ما رواه صاحب ((الاختيار في شرح المختار)): أن في الحديث أن الحسنة تضاعف فيها إلى مائة ألف، والسيئة كذلك.(1/49)
وما رواه الأزرق عن ابن جريج أنه قال: بلغني أن الخطيئة بمكة بمائة خطيئة، والحسنة على نحو ذلك، يعني: تستوي مضاعفة الحسنة والسيئة فيه، كذا ورد.
قال بعضهم: والأظهر في قول مجاهد أن التشبيه في مطلق المضاعفة؛ ألا ترى إلى قول عمر: ((أعظم من سبعين خطيئة، وعشر خطيئات، واثنتي عشرة خطيئة))؟
وأيضاً فقواعد الشريعة في باب المضاعفة المحققة مقتضيةٌ أن السيئة عشر الحسنة؛ فإذا كانت الحسنة بمائة ألفٍ كانت السيئة بعشرة آلاف.
ولا دلالة في قول ابن جريج على المساواة؛ لأن المائة في عبارته كنايةٌ عن التكثير، وليس المراد حقيقة مفهوم العدد؛ لصحة الأحاديث في أن الحسنات في مكة بمائة ألف؛ وكذلك لا دلالة في الحديث الذي رواه صاحب ((الاختيار))؛ لجواز أن يكون قوله كذلك عائداً إلى التضعيف فقط.
وسئل الإمام أحمد رضي الله عنه: هل تكتب السيئة أكثر من واحدةٍ؟ قال: لا، إلا بمكة؛ لتعظيمها.
قال بعض المحققين: قول مجاهد وأحمد بن حنبل، تبعاً لابن عباس وابن مسعود في تضعيف السيئات، إنما أرادوا مضاعفتها في الكيفية، دون الكمية. انتهى.(1/50)
وهذا القول لا نزاع فيه؛ للاتفاق عليه، بل الصواب أنهم يقولون بتضعيفها في الكمية والمقدار، على ما مر؛ وبذلك يفتي أئمتنا.
قال ابن جماعة وغيره: وأكثر أهل العلم على أن السيئة لا تضاعف بمكة؛ لقوله تعالى: {ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها} انتهى.
لكن القائلين بهذا يقولون: إنها تعظم ولا تتعدد.
فإن قيل: هل لكون السيئة الواحدة وهي مغلظةٌ فائدةٌ مع كونها تعظم بقدر التعدد، ويلزم منه أنهما حينئذٍ على حد سواء؟
قلنا: نعم! له فائدةٌ؛ لأنه ورد أنه من زادت حسناته على سيئاته في العدد، دخل الجنة؛ ومن زادت سيئاته على حسناته في العدد، دخل النار.
ومن استوى حسناته وسيئاته، كان من أهل الأعراف. والله أعلم.
وبالجملة: فالقائلون بهذا يقولون إن الذنب بمكة يربو على الذنب فيما عداها من البلدان، وعلى كلا القولين؛ فهو حري بأن يورث المقت، والعياذ بالله؛ لأن المعصية في حرم السلطان وفناء بيته ليس كالمعصية فيما يبعد عن تلك المحال، لأن المنابذة لأحكام السلطان هناك أظهر، وقد جعل الله مكة حرمه، وجعل بيته فيها؛ ولله المثل الأعلى.
فنسأله سبحانه أن يوفقنا للطاعة في سائر الأحوال، والأمكنة، والزمان. ونعوذ به من المقت والمعصية والخذلان؛ آمين.(1/51)
حكاية
عن علقمة بن مرثد قال: بينما رجل يطوف بالبيت؛ إذ بدت له ساعد امرأةٍ؛ فوضع ساعده على ساعدها يتلذذ به؛ فالتصق ساعداهما، فأتيا بعض الشيوخ؛ فقال له: ارجع إلى المكان الذي فعلت فيه؛ فعاهد رب البيت أن لا تعود، ففعل فخلي عنه.
وحكى أبو بشر عن ابن أبي نجيح: أن رجلاً وامرأةً حجا من الشام؛ فقبلها وهما يطوفان، فمسخا حجرين، فلم يزالا في المسجد الحرام حتى جاء الله بالإسلام؛ فأخرجا.
والحكايات في هذا المعنى كثيرةٌ لا تليق بهذه المقدمة، وفي هذا كفاية ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
وقد كان في زمن الجاهلية تعجل العقوبة لمن فعل سيئةً واستحل شيئاً مما حرم لينتهوا؛ فلما بعث الله محمداً عليه السلام توعدهم فيما انتهكوا مما حرم بالساعة؛ فقال: {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}.
فأخر العقاب إلى يوم القيامة، والله تعالى أعلم.(1/52)
المسألة السادسة في تفضيل الطواف على الصلاة في حق الغريب
اعلم -وفقك الله تعالى- أنه قد ورد في فضل الطواف عدة أحاديث أضربنا عنها خوف الإطالة؛ وقد ذكرناها في غير هذه المقدمة.
والحاصل:
أن الأئمة قد اختلفوا: هل الأفضل بمكة الطواف أو الصلاة؟
فمنهم من قال: إن الصلاة أفضل؛ واستدل بعموم الأحاديث الصحيحة التي مرت سابقاً بأن كل صلاةٍ في المسجد الحرام بمائة ألف.
ومنهم من قال: إن الطواف أفضل.
والصواب: التفصيل؛ وهو الذي عليه جمهور العلماء.
وهو أن الطواف للغريب أفضل، والصلاة لغيره أفضل.(1/53)
لحديث عمر بن الخطاب: (كان أحب الأعمال إلى النبي عليه السلام إذا قدم مكة الطواف بالبيت). أخرجه الفاكهي وأبو ذر الهروي.
وحديث عائشة: إن أول شيءٍ بدأ به النبي عليه السلام حين قدم مكة، أنه توضأ ثم طاف. أخرجه الشيخان.
قال في ((البحر العميق)): ((أفضل الأعمال بمكة للغرباء الطواف؛ لأنه مخصوصٌ ببقعة البيت دون غيرها من أقطار الأرض؛ فليغتنم تحصيله ولا يرجح على الاشتغال به هنالك غيره)).
وقال في ((شرح الطحاوي)): إن صلاة التطوع لأهل مكة أفضل من طواف التطوع، بخلاف الغرباء؛ لأن الغرباء يفوتهم الطواف، ولا تفوتهم الصلاة، وأهل مكة لا يفوتهم الأمران.
وعن ابن عباسٍ أنه كان يقول: ((أما أهل مكة؛ فالصلاة لهم أفضل؛ وأما أهل الأقطار؛ فالطواف لهم أفضل)).
وتابعه على ذلك سعيد بن جبير، وعطاء، ومجاهد. أخرجه البغوي في ((شرح السنة)).(1/54)
وأخرج الموفق -من أصحابنا- في ((المغني)) عن ابن عباس أنه قال: الطواف لكم يا أهل العراق أفضل، والصلاة لأهل مكة أفضل.
والأخبار الدالة على تفضيل الطواف للغرباء كثيرةٌ، والله أعلم.(1/55)
خاتمة
ذكر بعض العلماء أن الكعبة منذ خلقها الله ما خلت عن طائف يطوف بها من جن أو إنسٍ أو ملكٍ.
قال بعض السلف:
((خرجت يوماً في هاجرةٍ ذات سموم؛ فقلت: إن خلت الكعبة عن طائفٍ في حين فهذا الحين، ورأيت المطاف خالياً؛ فدنوت؛ فرأيت حيةً عظيمةً رافعةً رأسها تطوف حول الكعبة)). ذكره ابن الصلاح في ((منسكه)).
وحكى لي بعض أصحابنا أنه قال:
خرجت لأطوف في بعض الليالي وأنا مجاورٌ بمكة وقد نامت الأعين، ظاناً أنه ليس أحدٌ يطوف حينئذٍ؛ وإذا بكلبٍ أسود يطوف؛ ففزعت منه ونهرته؛ فلم ينتهر؛ فجاء ووقف عند الحجر وعيناه كشهب النار؛ ففرقت منه وتركت الطواف ومضيت متعجباً.
وعن ابن عباس قال:
((إن الله تعالى وجه السفينة إلى مكة المشرفة فدارت بالبيت(1/56)
أربعين يوماً؛ ثم وجهها الله [إلى] الجودي؛ فاستقرت عليه)). رواه ابن الجوزي.
ويروى:
((أن سفينة نوح عليه السلام طافت بالأرض كلها في ستة أشهرٍ، لا تستقر على شيءٍ حتى أتت الحرم؛ فلم تدخله؛ ودارت بالحرم أسبوعاً)). كذا ذكره الثعلبي في ((العرائس)).
نسأله سبحانه أن يزوجنا من العرائس الحسان، المقصورات في الخيام، في دار السلام، وأن يتوفانا على الإسلام، بمحمدٍ عليه السلام.
آمين. آمين.
قال مؤلفه الفقير الحقير مرعي بن يوسف الحنبلي: فرغت من وضع هذه المقدمة نهار الجمعة المبارك بالجامع الأزهر، آخر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين بعد الألف. والله سبحانه الموفق والمعين.(1/57)