K
اللهم صل على سيدنا محمد وآله
الحمد لله الذي خلق فسوى ، وأسعد وأشقى ، وحلل وحرم ، وقدر فهدى ، وقضى فأمضى ، فلا ناقض لما حكم وأبرم ، ووهب فأغنى ، وأعطى فأقنى ، وأتحف وأكرم ، ومنّ وتطوّل ، وأنعم وتفضّل ، ومن بركة إنعامه بركة عاشوراء المحرم ، جعله موسماً لاجتهاد العبّاد ، ومغنماً لاكتساب الزهّاد ، ومعلماً لقبول توبات العباد ، فالعمل فيه أجره معظم ، فطوبى لمن كان فيه من القانتين ، وفوزاً لمن لمن أقلع فيه فكان من التائبين ، لأنه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على آخرين ، فسبحانه ما أوسع عفوه ، وأسبغ فضله ، وأحلم ، نحمده على ما أولى من العطايا ، ونشكره على ما أسبغ من الهدايا التي منها دخول الأوقات الفاضلة على البرايا ليفيض من بركاتها على من يشاء ويعلم ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد الأحد المعبود ، الواجد الماجد ذو الكرم والجود ، الخالق الرازق المدبر لهذا الوجود ، حكمته بالغة تبهر العقول فيما دبّر وأحكم ، ونشهد أن سيدنا محمداً عبده الذي أوضح الدلالة ورسوله الذي بلغ الرسالة ونبيه المنقذ من الضلالة ، الخاتم للأنبياء السابق المقدم صلى الله عليه وعلى آله ذوي الشرف الأنيق ، وعلى أصحابه أولى الصدق والتصديق ، وعلى التابعين لهم بإحسان من كل فريق ، ما دارت مواسم الخيرات التي ببركتها نفوز وننعم ، وسلّم تسليماً ، أما بعد :(1/1)
فقد روينا في صحيحي البخاري ومسلم وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجة من حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ( قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله - عز وجل - بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى - عليه السلام - ، قال : فأنا أحق بموسى منكم فصامه - صلى الله عليه وسلم - وأمر بصيامه ) (1) .
هذا الحديث فيه فوائد سَنيّة وأحكام سُنيّة ، منها :
أن قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المشار إليه كان من سفر الهجرة من مكة الشريفة إلى المدينة المشرفة .
__________
(1) أخرجه البخاري في عدة مواضع أولها في كتاب الصوم : باب صيام يوم عاشوراء ( 4/287 – 2004 فتح ) ومسلم في الصوم ( 8/9 نووي ) والنسائي في الكبرى كتاب الصيام : باب بدء صيام يوم عاشوراء (2/156 –2835 ) كلهم من طريق سفيان عن عبدالله بن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما به . وأخرجه ابن ماجه في كتاب الصيام من سننه : باب صيام يوم عاشوراء ( 1/552 –1734 ) من طريق أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما به . قال الحافظ في الفتح (4/290) والمحفوظ أنه عند أيوب بواسطة .أهـ . ويعني بذلك أن أيوب يرويه بواسطة عبدالله بن سعيد كما عند البخاري ومسلم ولهذا قال المزي في الأطراف ( المحفوظ حديث أيوب وأحال على رواية البخاري ومسلم ).
وأخرجه البخاري في مناقب الأنصار : باب إتيان اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - ( 7/321 –3943 فتح ) ومسلم في الصوم ( 8/9 نووي ) وأبو داود في كتاب الصوم من سننه : باب في صوم يوم عاشوراء ( 2/817 –2444 ) والنسائي في الكبرى كتاب الصيام : باب بدء صيام يوم عاشوراء (2/156 –2834 ) كلهم من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما به .(1/2)
وظاهر الحديث قبول خبر اليهود مع أنه غير مقبول ، فيحتمل والله أعلم أنه أوحي إليه بصدقهم فيما قالوه من نجاة بني إسرائيل من عدوهم في يوم عاشوراء ، وصيام موسى عليه الصلاة والسلام ذلك اليوم ، أو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبره بذلك من أسلم من علماء اليهود كابن سلام وأمثاله والله تعالى أعلم .
وقول ابن عباس رضي الله عنهما ( فصامه وأمر بصيامه ) دليل للإمام أبي حنيفة رحمة الله عليه على أن صيام عاشوراء كان واجباً قبل فريضة صوم رمضان .
واختلف أصحاب الإمام الشافعي رحمة الله عليهم في حكم صيامه أول الإسلام على وجهين ، أشهرهما أنه لم يزل سنة من حين شرع ولم يكن واجباً قط في هذه الأمة ولكنه متأكد الاستحباب ، والدليل عليه ما أخرجه مسلم في صحيحه عن معاوية رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لهذا اليوم : ( هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم ، فمن أحب منكم أن يصومه فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر ) . هذا الحديث كله مرفوع كما هو ظاهر فيما رواه النسائي من حديث حميد عن عبدالرحمن بن عوف سمعت معاوية رضي الله تعالى عنه يوم عاشوراء وهو على المنبر يقول : يا أهل المدينة أين علماؤكم ؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في مثل هذا اليوم : ( إني صائم فمن شاء أن يصوم فليصم ) (1)
__________
(1) أخرجه مسلم في الصوم ( 8/8 نووي ) والنسائي في الكبرى كتاب الصيام : باب بدء صيام يوم عاشوراء (2/161 –2854 ) ، بل وأخرجه أيضاً البخاري في كتاب الصوم : باب صيام يوم عاشوراء (4/287 – 2004 فتح )كلهم من حديث حميد بن عبدارحمن عن معاوية - رضي الله عنه - به .
وأخرجه أيضاً النسائي في الكبرى كتاب الصيام : باب بدء صيام يوم عاشوراء (2/161 –2856 ) من طريق السائب بن يزيد الكندي عن معاوية - رضي الله عنه - به وهو خطأ قال النسائي بعده : هذا خطأ والنعمان بن راشد كثير الخطأ عن الزهري ، قال المزي في الأطراف ( 8/439 ) الصواب حديث الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن معاوية .(1/3)
.
وقال الإمام أبو بكر عبدالله ابن الإمام أبي داود السجستاني : حدثنا إبراهيم بن مروان الطاطري حدثنا أبي حدثنا خالد يعني ابن يزيد حدثني العلاء عن مكحول عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما أنه كان يحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا حضر رمضان قال : ( إنا رأينا هلال شعبان يوم كذا وكذا ، والصيام يوم كذا وكذا ، قال : وكان إذا كان يوم عاشوراء قال : اليوم عاشوراء ، وإنا صائمون ، فمن شاء أن يصوم فليصم ومن شاء أن يفطر فليفطر ) (1)
__________
(1) إسناده ضعيف . للانقطاع بين مكحول ومعاوية .
تراجم الرجال :
إبراهيم بن مروان بن محمد الطاطري ( بمهملتين الثانية مفتوحة بعدها راء خفيفة ) قال الحافظ في التقريب : صدوق أخرج له أبو داواد .
مروان بن محمد بن حسان الأسدي الدمشقي الطاطري ( بمهملتين مفتوحتين ) قال الحافظ في التقريب: ثقة أخرج له مسلم والأربعة .
خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري ( بضم الميم وبالراء ) أبو هاشم الدمشقي قاضي البلقاء . قال الحافظ في التقريب : ثقة ، أخرج له أبو داود في المراسيل والنسائي وابن ماجه .
العلاء بن الحارث بن عبدالوارث الحضرمي ، أبو وهب الدمشقي ، قال الحافظ في التقريب : صدوق فقيه لكن رمي وقد اختلط ، أخرج له مسلم والأربعة .
مكحول الشامي ، أبو عبدالله ، قال الحافظ في التقريب : ثقة فقيه كثير الإرسال ، مشهور ، أخرج له مسلم والأربعة .
قال أبو حاتم : مكحول لم يسمع من معاوية ، ودخل على واثلة بن الأسقع . ( المراسيل لابن أبي حاتم : 892 ) .
والحديث أخرجه دون موضع الشاهد لعاشوراء ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 2/529 ) من طريق خالد بن يزيد عن العلاء عن مكحول به بلفظ ( أن معاوية كان إذا حضر شهر رمضان قال : أما هلال شعبان يوم كذا وكذا ، ونحن متقدمون ، فمن احب أن يتقدم فعل ، ثم قال معاوية : هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حضر رمضان قال كما قلت ) ثم قال : هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومكحول لم يسمع معاوية وما صح أنه سمع من صحابي سوى ثلاثة انس وواثلة وأبو ثعلبة الخشني ، واما خالد بن يزيد فقال احمد : ليس بشيء وقال النسائي : ليس بثقة . وفي الصحيح لا تقدموا الشهر بيوم او يومين .
وأخرجه أيضاً دون موضع الشاهد ابن ماجه في الصيام : باب صيام يوم الشك ( 1/527 –1647 ) و الطبراني في الكبير (19/375 –880 ) من طريق مروان بن محمد الطاطري ثنا الهيثم بن محمد عن العلاء ابن الحارث ثنا القاسم أبو عبد الرحمن أنه سمع معاوية يقول : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقوم على المنبر قبل رمضان بيوم ويقول : إن الصيام يوم كذا وكذا ، ونحن متقدمون ، فمن أحب أن يتقدم فليتقدم ، ومن أحب أن يترك فليترك ). قال في الزوائد : إسناده صحيح ورجاله موثقون ، لكن قيل إن القاسم أبا عبدالرحمن لم يسمع من أحد من الصحابة سوى أبي أمامة ، قاله المزي في التهذيب والذهبي في الكاشف .
وأخرجه دون موضع الشاهد أبو داود في سننه في الصوم : باب في التقدم ( 2/298 – 2329 ) ومن طريقه البيهقي في سننه الكبرى ( 2/210 ) من طريق الوليد بن مسلم ثنا عبد الله بن العلاء عن أبي الأزهر المغيرة بن فروة قال : قام معاوية في الناس بدير مسحل الذي على باب حمص فقال : يا أيها الناس إنا قد رأينا الهلال يوم كذا وكذا ، وأنا متقدم بالصيام فمن أحب أن يفعله فليفعله ، قال : فقام إليه مالك بن هبيرة السبئي فقال : يا معاوية أشيء سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم شيء من رأيك ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( صوموا الشهر وسره ) . وانظر صحيحي أبي داود وابن ماجه .(1/4)
.
وحكى القاضي عياض رحمة الله عليه عن بعض السلف أنهم كانوا يقولون : كان صوم عاشوراء فرضاً وهو باق على فرضيته لم ينسخ وانقرض القائلون بهذا ، وحصل الإجماع على أنه ليس بفرض وإنما هو مستحب ، انتهى (1) .
وذكر الإمام أبو بكر البيهقي رحمة الله عليه أن الأصح أن عاشوراء لم يكن صيامه واجباً لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أمرهم بالأمساك عن الأكل فيه لم يأمرهم بالقضاء ولو كان واجباً لأمرهم بالقضاء .
وحكى الإمام أبو زكريا النووي رحمة الله عليه الاتفاق على أن صوم يوم عاشوراء اليوم سنة ليس بواجب .
وقال عبدالصمد بن النعمان ثنا عبدالصمد بن حبيب عن أبيه عن شبيل عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوم من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء ، فقال : ( ما هذا ؟ قالوا هذا يوم نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق وغرّق فيه فرعون ، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى عليهما الصلاة والسلام شكراً لله - عز وجل - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا أحق بموسى ونوح وأحق بصوم هذا اليوم فأمر أصحابه بالصوم ) . وخرجه الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله عليه في مسنده بنحوه .
وعاشوراء المذكور هو : اليوم العاشر وهو المشهور ، وبه قال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، ومالك بن أنس ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهوية ، والجمهور .
قال يحي بن محمد بن صاعد الحافظ ثنا محمد بن يحي بن الأزدي ثنا هشام ابن سفيان ثنا عبدالله بن عبيدالله عن أبي الشعثاء قال : قالت عكناء أو قال : عتكاء ابنة أبي صفرة أخت المهلب رضي الله تعالى عنها : ( إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بصوم عاشوراء ، وقال : عاشوراء يوم العاشر ) . وخرجه أبو عبدالله أبن مندة في كتاب المعرفة ، وهو غريب .
__________
(1) انظر شرح النووي على مسلم ( 8/5 ) .(1/5)
وجاء عن محمد بن سيرين أنه قال : كانوا لا يختلفون أنه اليوم العاشر إلا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فإنه قال : إنه اليوم التاسع .
وهذا مشهور عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، قال كامل بن طلحة ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : يوم عاشوراء هو اليوم التاسع .
وجاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً من طريق علي بن بكار قال : ثنا أبو أمية ابن يعلى عن سعيد المقبري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : عاشوراء يوم التاسع . خرجه أبو نعيم الأصبهاني في كتاب حلية الأولياء .
وقال مسلم في صحيحه : وثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح عن حاجب بن عمر عن الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو متوسد رداءه في زمزم فقلت له : أخبرني عن صوم عاشوراء ، فقال : إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح يوم التاسع صائماً ، قلت : هكذا كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يصومه ؟ قال : نعم . ورواه محمد ابن يونس الكديمي فقال : حدثنا يحي بن كثير ثنا حاجب بن عمر أبو خشينة عن الحكم بن الأعرج قال : رأيت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما متوسداً رداءه عند زمزم فسألته عن يوم عاشوراء فقال : إذا رأيت هلال المحرم فعد تسعة أيام وأصبح تاسعها صائماً فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصوم يوم التاسع .
وقال أبو خليفة : ثنا أبو الوليد ثنا حاجب فذكره .
وقال مسدد ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا حاجب بن عمر فذكره .
ورواه مسلم أيضاً في صحيحه مختصراً من طريق معاوية بن عمرو حدثني الحكم بن الأعرج .(1/6)
وقيل إن قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما على عادة العرب في تسميتهم أوراد الإبل فإنهم يحسبون يوم الورد في الإظماء فيسمون اليوم الخامس من أيام الورد ربعاً ، وكذلك إلى التسع والعشر فيكون عاشوراء على هذا هو اليوم التاسع .
وقول الجمهور هو المشهور ، حدث عمر بن محمد بن واقد الأسلمي عن عبدالحميد بن جعفر عن محمد بن يحي بن حبان عن يوسف بن عبدالله بن سلام عن أبيه رضي الله تعالى عنه قال : كانت اليهود تصوم اليوم العاشر من المحرم ، فلما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة قال : ما هذا اليوم ، قالوا : صامه موسى عليه الصلاة والسلام فنحن نصومه ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( نحن أحق بموسى منكم فصام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العاشر وأمر بصيامه ) وكان عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه يصوم يوم العاشر حتى مات .
وهذا اليوم هو الذي جاء الترغيب في صومه والعزم على التوبة في يومه.
صح عن أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال : ( يكفر السنة الماضية ) . خرجه مسلم وفي بعض ألفاظه قال : ( وصيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله تعالى أن يكفر السنة التي قبله ) .
وحدث سفيان بن عيينة عن داود بن شابور عن أبي قزعة عن أبي الخليل عن أبي حرملة عن أبي قتادة يعني الأنصاري رضي الله تعالى عنه يبلغ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( صوم عاشوراء يعدل صيام سنة ) .
وقال علي بن يزيد الصدائي ثنا محمد بن عبدالله عن أبي الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صوم يوم عاشوراء يعدل سنة) وله شاهد من حديث قتادة بن النعمان وأبي سعيد الخدري وغيرهما رضي الله تعالى عنهم .
وقال إياس بن خالد الجهني من بني مرة بن عبيد ثنا أبو إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن صوم عاشوراء عدل ألف يوم .(1/7)
وجاء عن حبيب بن أبي حبيب وهو حبيب بن محمد أخبرني أبي حدثني إبراهيم الصائغ عن ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام يوم عاشوراء كتب له عبادة سبعين سنة بصيامها وقيامها ) وذكر الحديث .
وحدث إسماعيل بن عباس عن مقاتل بن سليمان عن محمد بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبدالله بن سلام رضي الله تعالى عنه قال : من صام يوم عاشوراء فكأنما صام الدهر كله ، وهو صوم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .
وجاء عن عمر بن صهبان عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبدالله عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام عاشوراء غفر له ) .
وقال سفيان بن زياد البلدي ثنا عبدالله بن أبي علاج ثنا هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي عن ابن غنم عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الخير يفرغ في ليلة الأضحى وليلة الفطر وليلة النصف من شعبان وليلة عاشوراء ) .
وحدث عبدالله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن كريب بن سعد سمعت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يقول : إن الله - عز وجل - لا يشكر يوم القيامة إلا عن صيام رمضان ويوم الزينة يعني يوم عاشوراء .
وقال عبدالله بن وهب أخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرو بن الوليد بن عبده عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما قال : من صام يوم الزينة يعني يوم عاشوراء أدرك ما فاته من صيام السنة ، ومن تصدق يومئذ أدرك ما فاته من صدقة السنة .
[ وتفاصيل هذا ما جاء الحث النبوي فيه على الصوم ]
قال جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده . الحديث .(1/8)
وصح عن الرُبيّع بنت معوذ رضي الله تعالى عنها قالت : أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة ، من كان أصبح صائماً فليتم صومه ، ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه ، فكنا بعد نصومه ونصوّم صبياننا الصغار منهم إن شاء الله ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه عند الإفطار .
وقال عفان بن مسلم ثنا وهيب ثنا عبدالرحمن بن حرملة عن يحي بن هند عن هند بن حارثة ـ وكان هند من أصحاب الحديبية ـ وأخوه الذي بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر قومه بصيام يوم عاشوراء وهو أسماء بن حارثة فحدث يحي بن هند قال أسماء بن حارثة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه قال : مر قومك بأن يصوموا هذا اليوم ، قال : فإن وجدتهم قد طعموا ؟ قال : فليتموا آخر يومهم .
وثبت عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان يوم عاشوراء يوم تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه في الجاهلية فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صامه وأمر الناس بصيامه ، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه . رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
وقد جاء ذكر السبب في صيام أهل الجاهلية يوم عاشوراء
فيما روى عن دلهم بن صالح قال : قلت لعكرمة : عاشوراء ما أمره ؟ قال : أذنبت قريش في الجاهلية ذنباً فتعاظم في صدورهم ، فسألوا ما توبتهم ؟ قيل : صوم عاشوراء .(1/9)
وصح عن عبيدالله بن أبي يزيد عن ابن عباس عنها الله تعالى عنهما قال : ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء وهذا الشهر يعني شهر رمضان . خرجاه في الصحيحين . ولفظ مسلم قال : ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يوماً يطلب فضله على الأيام مثل هذا اليوم ولا شهراً إلا هذا الشهر يعني رمضان .
وقال عبدالأعلى بن حماد النرسي ثنا عبدالجبار بن الورد سمعت أبي مليكة سمعت عبيدالله بن أبي يزيد قال : قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان أو يوم عاشوراء ) . وخرجه الطبراني في معجمه الأوسط .
وقال هشام بن عمار ثنا شعيب بن إسحاق عن سعيد بن أبي عروبة عن يحي بن أبي كثير عن عبيدالله بن أبي يزيد سمعت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول : ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحرى صيام صيام يوم إلا عاشوراء ويوم عرفة .(1/10)
وقال مسلم بن إبراهيم حدثتنا عُلية ابنت الكميت العتكية سمعت أمي أمينة أنها أتت واسط زمن الحجاج تطلب عطاؤه قالت : فقالت : ثمّ مولاة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال لها أمة الله بعث إليها الحجاج فجيء بها ، قالت : وكانت أمها خادماً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقال لها رزينة ، قالت أمينة : قلت لأمة الله : أسمعت أمكي تذكر في صوم عاشوراء شيئاً ؟ قالت : نعم حدثتني أمي رزينة أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعظمه حتى إن كان ليدعو بصبيانه وصبيان فاطمة المراضيع عليهم السلام في ذلك اليوم فيتفل في أفواههم ، يقول لأمهاتهم لا ترضعينهم إلى الليل وكان ريقه - صلى الله عليه وسلم - يجزيهم. ورواه الحارث ابن أبي أسامة قال حدثنا عبدالعزيز بن أبان عن عليلة بنت الكميت الازدية قالت حدثتني أمي عن أمة الله عن رزينة خادمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو مراضعه ومراضع فاطمة عليهم السلام يوم عاشوراء فينفث في افواههم ، ويقول : لا تسقوهم شيئاً الى الليل .
وفي هذا أن بعض المراضع في زمن النبوة كانوا لا يرضعون في يوم عاشوراء .
وجاءت الرواية بصيام الطير والوحش يوم عاشوراء من ذلك ما يروى عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً أن الصرد (1) أول طير صام يوم عاشوراء .
__________
(1) جاء في هامش المخطوط التعريف بالصرد وفيه : الصرد ذكر أن كنيته أبو كثير ، وهو فوق العصفور وهو أبقع ضخم الرأس نصفه أبيض ونصفه أسود ، ضخم المنقار وله برش عظيمة أصابعه ، يكون في الشجر لا يقدر عليه أحد ، وهو شرير النفس شديد القفز ، غذاؤه من اللحم ، وله صفير مختلف يصفر لكل طائر يريده فيدعوه إلى التقرب منه فإذا اجتمعوا إليه شد على بعضهم(1/11)
وقال أحمد بن سنان ثنا عبدالرحمن بن مهدي عن عبيدالله بن النضر عن [ابنه] (1) عن قيس بن عباد قال : بلغني أن الوحش كانت تصوم يوم عاشوراء . تابعه محمد بن بشار عن ابن مهدي .
وحدث به يحي بن أبي طالب أبا يعقوب بن الحضرمي أنا عبيدالله بن النضر حدثني أبي عن جدي عن قيس يعني ابن سعد بن عبادة أنه بلغه أن الوحش تصوم يوم عاشوراء .
كذا نسب قيساً والصواب إن شاء الله تعالى رواية ابن مهدي فهو قيس ابن عباد المنقري ، وكذلك رواه أبو موسى المديني عن قيس بن عباد قوله .
وروي أن رجلاً أتى البادية في يوم عاشوراء فرأى قوماً يذبحون ذبائح فسألهم عن ذلك فأخبروه أن الوحوش صائمة ، وقالوا : اذهب بنا نرك فذهبوا به إلى روضة فأوقفوه ، قال : فلما كان بعد العصر جاءت الوحوش من كل وجه فأحاطت بالروضة رافعة رؤسها ليس شيء منها يأكل حتى إذا غابت الشمس أسرعت جميعها فأكلت . رواها أبو موسى المديني .
وروي عن فتح بن شخرف رحمة الله تعالى عليه قال : كنت أفت للنمل الخبز كل يوم ، فلما كان يوم عاشوراء لم يأكلوه .
وذكر أبو الحسن علي بن عمر بن محمد القزويني الزاهد رحمة الله تعالى أن يوم عاشوراء تصومه النمل .
وقال أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة في تاريخه ثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن الأسود قال : ما رأيت أحداً أمر بصوم عاشوراء من علي بن أبي طالب وأبي موسى يعني الأشعري رضي الله تعالى عنهما وممن روى عنه صيام يوم عاشوراء من الصحابة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبدالرحمن بن عوف وأبي موسى الأشعري وقيس بن سعد بن عبادة وعبدالله بن عباس وغيرهم رضي الله تعالى عنهم ، وممن بعدهم علي بن الحسين زين العابدين وسعيد بن جبير وطاوس والزهري وأبو إسحاق السبيعي وخلق .
__________
(1) كذا في المخطوط والصواب ( أبيه ) .(1/12)
ويستحب أن يصام مع عاشوراء اليوم الذي قبله وهو تاسوعاء ، وممن قال باستحباب صيامهما الشافعي وأصحابه وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية وآخرون .
واستحباب صيامهما معاً لفوائد ، منها : الخروج من الخلاف فعند ابن عباس والضحاك بن مزاحم أن عاشوراء هو التاسع .
ومنها : مخالفة اليهود فإنهم يصومون عاشوراء فقط ، وجاء الأمر بذلك قال محمد بن سليمان لوين الحافظ ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن داود ابن علي عن أبيه عن جده (1) ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود صوموا قبله يوماً أو بعده يوماً ) . خرجه الإمام أحمد في مسنده فقال : ثنا هشيم ثنا ابن أبي ليلى فذكره . ورواه موسى بن سفيان قال حدثنا عبدالله بن الجهم أنا عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى فذكره مسنداً .
وروى الإمام أحمد أيضاً في مسنده قال ثنا عبدالرزاق ومحمد بن بكر قالا أنا ابن جريج قال وأخبرني يعني عطاء أنه سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول في يوم عاشوراء : خالفوا اليهود صوموا التاسع والعاشر . هذا الموقوف أشبه بالصواب والله تعالى أعلم .
__________
(1) خط فوق ابن عباس في المخطوط كلمة ( عن ) ، وأظنه استدراك من بعض النساخ وهو خطأ فإن جد داود هو ابن عباس .(1/13)
ومنها : فعل ما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه يفعله ، لأنه قد ثبت عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم يعظمه اليهود والنصارى ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع ) قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وفي بعض طرقه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ) . خرجهما في صحيحه (1) .
وجاءت الرواية بصيام النبي - صلى الله عليه وسلم - تاسوعاء ، قال أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي ثنا أبو الوليد ثنا حاجب بن عمر ثنا الحكم بن الأعرج قال : انتهيت إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنه وهو متوسد رداءه عند زمزم فجلست إليه ، ونعم الجليس كان ، فسألته عن عاشوراء فاستوى جالساً وقال : عن أي بالها تسأل ؟ قال : قلت : عن صيامه أي يوم نصومه قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد ثم أصبح من تاسعه صائما ، قال : قلت : أكذلك كان يصوم محمد - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم . خرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
وقيل معنى حديث كان يصومه : لو عاش - صلى الله عليه وسلم - ، وبهذا الجمع بين الحديث وبين قوله - صلى الله عليه وسلم - ( فإذا كان العام المقبل صمنا التاسع ) .
ومن فوائد صيام تاسوعاء مع عاشوراء : الاحتياط في صومه حذراً من الغلط في حساب الأيام ولهذا والله أعلم كان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يصوم التاسع والعاشر والحادي عشر من المحرم خشية فوات عاشوراء ، وكان أبو إسحاق السبيعي يصوم كذلك ويقول : إنما فعلت ذلك خشية أن يفوتني .
__________
(1) كذا في الأصل المخطوط ، ولعله سقط منه لفظ ( مسلم ) .(1/14)
وقال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل سمعت أبي يقول : رأيت عبدالرحمن بن مهدي في النوم ، فقلت : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي وقربني وأدناني ورفع منزلتي ، فقلت : بماذا ؟ قال : بمواظبتي على يوم عاشوراء ويوم قبله ويوم بعده . يعني صيام ذلك .
ومنها : أن الأعمال الصالحة إذا وقع فعلها في وقت وقت شريف تضاعف أجرها ، لأن من صام يوماً في سبيل الله باعد النار عن وجهه سبعين خريفاً ، فإذا وقع صيام اليوم في وقت شريف كانت المباعدة عن النار أعظم .
ومن الوقت الشريف الذي يضاعف فيه أجور الأعمال الصالحة شهر الله المحرم ، خرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) وخرجه أبو داود والترمذي والنسائي . ورواه ابن ماجه دون ذكر الصلاة .
وخرج الطبراني في معجمه الصغير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام يوم عرفة كان له كفارة سنتين ، ومن صام يوماً من المحرم فله بكل يوم ثلاثين يوماً ) . وخرجه أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين في كتابه فضايل عاشوراء من طريق سلام بن سليم الطويل عن حمزة يعني الزيات عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من صام يوماً من المحرم فله ثلاثون يوماً ) . وكذلك خرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه ثواب الأعمال ولفظه ( من صام يوماً من المحرم فله بكل يوم ثلاثين يوماً ) .(1/15)
وجاء من حديث النعمان بن سعيد عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه أنه أتاه رجل فقال : ياأمير المؤمنين أي شهر أصوم بعد رمضان؟ قال : لقد سألت عن شيء ما سمعت رجلاً يُسأل عنه بعد رجل سأل عن عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن كنت صائماً شهراً بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله الأصم ، وفيه يوم تيب فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين .
وقال إسحاق بن بهلول ثنا إسحاق بن الطباع عن سلام الطويل عن زيد العمي عن الحسن قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن حملة العرش يعرفون حرمة عاشوراء ويعظمونه .
وكان في هذا اليوم الشريف حوادث
منها : استواء سفينة نوح عليه الصلاة والسلام على الجودي ونجاته ومن معه فيها من الغرق كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
وروى أبو حفص عمر بن أحمد بن شاهين من طريق المحاربي عن عثمان ابن مطر عن عبدالغفور بن عبدالعزيز عن عبدالعزيز بن سعيد عن أبيه رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن نوحاً عليه الصلاة والسلام هبط من السفينة على الجودي في يوم عاشوراء فصام يوماً وأمر من معه بصيامه شكراً .
ومن طريق سلام بن أبي مطيع عن زيد يعني العمي عن معاوية يعني بن قرة أن نوحاً - عليه السلام - صام ومن معه في السفينة يوم عاشوراء .
ومن الحوادث : نجاة بني إسرائيل من عدوهم فرعون يوم عاشوراء كما سبق في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره .
وهو يوم الزينة ، حدث القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في قوله { موعدكم يوم الزينة } قال : يوم عاشوراء . خرجه ابن شاهين .
وخرج أيضاً من طريق أبي أسامة عبدالله بن أسامة الكلبي قال ثنا عون بن سلاّم ثنا قيس عن الأعمش عن بعض أصحابه في قوله تعالى { موعدكم يوم الزينة } قال : يوم عاشوراء .(1/16)
وذكر مقاتل بن سليمان وغيره أن يوم عاشوراء الذي نجّى الله تعالى فيه بني إسرائيل [ من الغرق وكان يوم الإثنين ] (1) .
وحدث أبو صالح الهذيل بن حبيب الأزدي عن مقاتل بن سليمان في قوله تعالى { هل أتاك حديث الجنود } فرعون وثمود ، قال : قد عرفت ما فعل الله تعالى بقوم فرعون حيث ساروا في طلب موسى وبني إسرائيل وكانوا خمسة ألاف ألف وخمسمائة ألف فساقهم الله - عز وجل - بأجالهم إلى البحر فغرقهم أجمعين ، فمن ذا الذي يعصمني فيهم وفي هلاك فرعون وقومه آية عظيمة ، لأن فرعون الذي بعث إليه موسى عليه الصلاة والسلام لم يكن في الفراعنة أعتى منه ولا أشد غلظة ولا أطول عمراً ، واسمه الوليد بن مصعب ، لما جمع السحرة لميقات يوم معلوم وهو يوم عيدهم يوم السبت لثمان خلون من المحرم ، قال مقاتل : كانوا اثنين وسبعين ساحراً اثنان منهم من أهل فارس وبقيتهم من بني إسرائيل ، ولما أن ألقى موسى عليه الصلاة والسلام عصاه بعد أن سحر الساحرون أعين الناس صارت العصا حية عظيمة سدت الأفق برأسها وحلقت ذنبها في قبة لفرعون ، وكان طول القبة فيما ذكره مقاتل سبعين ذراعاً في السماء ثم إن الحية فتحت فاها فجعلت تلقم جميع كل شيء ألقوه من سحرهم ثم أخذها موسى عليه الصلاة والسلام فإذا هي عصا كما كانت ، فألقى السحرة ساجدين لله - عز وجل - ، قالوا : آمنا برب العالمين ، فقطعهم فرعون وصلبهم من يومه .
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : كانوا أول النهار سحرة وآخر النهار شهداء رضي الله تعالى عنهم .
__________
(1) ما بين القوسين تصحيح من هامش المخطوط .(1/17)
قال الله - عز وجل - { وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي – يعني بني إسرائيل – ليلاً إنكم متبعون } أي يتبعكم فرعون وقومه فأمر جبريل عليه الصلاة والسلام أن يجتمع كل أربعة أبيات من بني إسرائيل في بيت ويُعلّم على تلك الأبواب بدماء الجداء (1) فإن الله - عز وجل - يبعث الملائكة إلى أهل مصر فمن لم يروا على بابه دماً دخلوا بيته فقتلوا أبكارهم من أنفسهم وأنعامهم فيشغلهم دفنهم إذا أصبحوا عن طلب موسى عليه الصلاة والسلام ففعلوا واستعاروا حليّ أهل مصر وساروا في ليلتهم قبل البحر وهارون - عليه السلام - على المقدمة وموسى - عليه السلام - على الساقة فأصبح فرعون من غد يوم الأحد وقد قتلت الملائكة أبكارهم فشغلوا بدفنهم ثم جمع الجموع فساروا يوم الإثنين ضحى في طلب موسى - عليه السلام - وأصحابه وهامان على مقدمة فرعون في ألفي ألف على الخيل الخضر ليس فيها ماذيانة ، وفرعون في أكثر من ألفي ألف وخمسمائة ألف مقاتل ، فلما ترآى الجمعان جمع موسى عليه الصلاة والسلام وجمع فرعون ، وعاين بعضهم بعضاً ، قال أصحاب موسى - عليه السلام - : إنا لمدركون ، البحر أمامنا وفرعون وراءنا ، فقال موسى : كلا لا يدركوننا إن ربي معي سيهديني الطريق .
وقال أبو بكر عبدالله بن أبي داود السجستاني في تفسيره ثنا محمد بن عباد ثنا أبو بكر بن سليمان عن محمد بن إسحاق قال : فأوحى الله - عز وجل - فيما ذكر لي إلى البحر أن إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له . قال: فبات البحر يضرب بعضه بعضاً فرقاً من الله تعالى وانتظاراً لما أمره به ، وأوحى الله إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه بها وفيها سلطان الله الذي أعطاه فانفرق .
__________
(1) جمع جدي وهو : ولد الضأن . وانظر مزيد من التفصيل في الدر المنثور عند تفسير الآية .(1/18)
وقال مقاتل بن سليمان : فلما انتهى موسى - عليه السلام - إلى البحر أوحى الله - عز وجل - إليه أن اضرب بعصاك البحر ، فضربه لأربع ساعات من النهار فانفلق اثنا عشر طريقاً يابساً ، كل طريق طوله فرسخان وعرضه فرسخان ، وقام الماء عن يمين الطريق وعلى يساره كالجبل العظيم ، فذلك قوله تعالى { فانفلق فكان كل فلق كالطود العظيم } يعني : كالجبلين المقبلين ، كل واحد منهما على الآخر وفيها طاقات من طريق إلى طريق لينظر بعضهم إلى بعض إذا ساروا ، فسلك كل سبط من بني إسرائيل في طريق لا يخالطهم أحد من غيرهم وكانوا اثني عشر سبطاً ، فقطعوا البحر وهو نهر النيل بين إيلة ومصر ، وخرجوا منه نصف النهار لساعتين فتلك ست ساعات من النهار يوم الإثنين يوم عاشوراء من المحرم ، وأتبعهم فرعون وسلكوا مسلك بني إسرائيل فأغرقهم الله في تسع ساعات مضت من نهار عاشوراء ، ثم أوحى الله - عز وجل - إلى البحر فألقى فرعون على الساحل في عشر ساعات وبقي من النهار ساعتان فصام موسى اليوم العاشر شكراً لله - عز وجل - حين أنجاه وأغرق عدوه فمن ثم تصومه اليهود .(1/19)
وقال أبو بكر بن أبي داود في تفسيره ثنا محمد بن عباد ثنا بكر بن سليمان عن ابن إسحاق حدثني محمد بن كعب القرظي عن عبدالله بن شداد بن الهادي الليثي قال : حُدثت أنه لما دخلت بنو إسرائيل فلم يبق منهم أحد أقبل يعني فرعون وهو على حصان له من الخيل حتى وقف على شفير البحر وهو قائم على حاله فهاب الحصان أن يتقدم فعرض له جبريل على فرس أنثى وديق فقربها منه فشمها الفحل فلما شمها قدّمها فتقدم معها الحصان عليه فرعون ، فلما رأى جند فرعون أن فرعون قد دخل دخلوا معه ، قال : وجبريل أمامه يتبعه فرعون وميكائيل على فرس من خلف القوم يشجرهم على فرسه ذلك ، ويقول : الحقوا بصاحبكم ، قال : حتى إذا فصل جبريل من البحر ليس أمامه أحد ووقف ميكائيل على ناحيته الأخرى ليس خلفه أحد أطبق عليهم البحر ونادى فرعون لما رأى من سلطان الله ما رأى وقدرته وعرف ذلك وخذلته نفسه نادى آمنت ، يقول الله - عز وجل - { فاليوم ننجيك ببدنك } فكان يقول : لئن لم يخرجه الله ببدنه حتى يعرفوه لشك فيه بعض الناس .
ومن رواية أسباط عن السدي في خبر قال فيه : فقال جبريل : يا محمد ما أبغضت أحداً من الخلق ما أبغضت رجلين أما أحدهما فمن الجن حين أبى أن يسجد لآدم عليه الصلاة والسلام ، وأما الآخر فهو فرعون حين قال : أنا ربكم الأعلى ، ولو رأيتني يا محمد وأنا آخذ مقل البحر فأدخله في فيّ فرعون مخافة أن يقول كلمة يرحمه الله بها .
وقالت بنو إسرائيل لم يغرق فرعون والآن يدركنا فيقتلنا فدعا الله موسى فخرج في ستمائة ألف وعشرين ألفاً عليهم الحديد فأخذته بنو إسرائيل يمثلون به .
ومن الحوادث في يوم عاشوراء : مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي رضي الله تعالى عنهما كان يوم عاشوراء في يوم الجمعة بعد العصر سنة إحدى وستين من الهجرة بكربلاء من العراق وهو ابن ست وخمسين سنة .(1/20)
كان قد كاتبه خلق من أهل الكوفة وبايعوه على أن يسير إليهم وينصروه فلما فعل تفرقوا عنه وخذلوه وتمكن منه الأشقياء فقتلوه وقُتِل معه – نفسي لهم الفداء – جماعة من إخوته وأولاده وأقاربه عليهم السلام ، قيل : عدتهم ثلاثة وعشرين رجلاً ، فمن إخوته لأبيه محمد الأصغر وهو غير ابن الحنفية ، وأبو بكر ، وعتيق ، وعبدالله ، وعثمان ، والعباس ، وجعفر ، بنو علي بن أبي طالب .
ومن أولاد الحسين : ابنه علي الأكبر وهو غير زين العابدين ، وابنه الآخر عبدالله ، وولد أخيه القاسم وأبو بكر ابنا الحسين بن علي ، ومحمد وعون ولدا عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، وجعفر ، وعبدالله ، وعبدالرحمن بنو عقيل بن أبي طالب ، وولدا أخيهم عبدالله وعبدالرحمن ابنا مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، وكان أبوهما مسلم قتل قبل مقتل هؤلاء بالكوفة صبراً في آخر سنة ستين ، وقتل مع هؤلاء عليهم السلام آخرون ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
خرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن عبدالله بن نُجي عن أبيه أنه سار مع علي رضي الله تعالى عنه وكان صاحب مطهرته فلما حاذى نينوى وهو منطلق إلى صفين نادى علي رضي الله تعالى عنه : اصبر أبا عبدالله اصبر أبا عبدالله بشط الفرات ، قلت : وما ذا ؟ قال : دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت : يا نبي الله أغضبك أحد ، ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : بلى ، قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات ، قال لي : هل لك أن أشمك تربته ، قلت: نعم ، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عينيّ أن فاضتا .(1/21)
وقال عبد بن حميد في مسنده أنا عبدالرزاق أنا عبدالله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال : قالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نائماً في بيتي فجاء حسين رضي الله تعالى عنه يدرج ، قالت فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه ، قالت : ثم غفلت في شيء فدبّ فدخل فقعد على بطنه ، قالت فسمعت نحيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت ، فقلت : يا رسول الله ما علمت به ، فقال : إنما جاءني جبريل - عليه السلام - وهو على بطني قاعد ، قال : أتحبه ؟ فقلت : نعم ، قال : إن أمتك تقتله ، ألا أريك التربة التي يقتل بها ، قال : قلت : بلى ، قال : فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة ، قالت : وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ، ويقول : ياليت شعري من يقتلك بعدي .
وقال الإمام أحمد في مسنده ثنا مؤمل ثنا عمارة بن زاذان ثنا ثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه أن ملك القطر استأذن أن يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأذن له فقال لأم سلمة املكي علينا الباب لا يدخل أحد ، قال : وجاء الحسين رضي الله تعالى عنه فمنعته ، فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى منكبه وعلى عاتقه ، قال : فقال الملك للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أتحبه ؟ قال : نعم ، قال : إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل به ، فضرب بيده فجاء بطينة حمراء ، فأخذتها أم سلمة فصرتها في خمارها ، قال ثابت : بلغنا أنها كربلاء .
وروي عن جعفر بن معبد عن عمه حميد بن عبدالرحمن البصري قال : قالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في بيتي فدخلت عليه وعنده الحسين رضي الله تعالى عنه وهو يبكي ، فقلت له : ما يبكيك يا رسول الله ؟ قال : أخبرني جبريل - عليه السلام - أن الأمة ستقتله فأرنا شيئاً من تربته .(1/22)
وروى أبو الشيخ عبدالله بن محمد الأصبهاني في كتاب الفتن من حديث عبدالرحمن بن محمد بن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن جده عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت : جاء جبريل - عليه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليه الحسن والحسين رضي الله عنهما فقال : إن أمتك تقتله بعدك – يعني – الحسين ، ثم قال : ألا أريك من تربة مقتله ، فجاء بحصيات فجعلهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قارورة ، فلما كان ليلة قتل الحسين رضوان الله تعالى عليه ، قالت أم سلمة رضي الله تعالى عنها : سمعت قائلاً يقول :
ألا أيها القاتلون جهلاً حسينا
قد لعنتم على لسان ابن داود ... ابشروا بالعذاب والتنكيل
وموسى وحامل الإنجيل
قالت : فبكيت ، ففتحت القارورة فإذا فيها دم .
وعن أبي خالد الأحمر قال ثنا رزين قال حدثنتي سلمى أنها قالت : دخلت على أم سلمة رضي الله تعالى عنها وهي تبكي فقلت ما يبكيك ؟ قالت : رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب فقلت : ما بالك يا رسول الله ؟ قال : شهدت قتل الحسين آنفاً .
وحدث حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس رضي الله تعالى عنها الله تعالى عنهما قال رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنصف النهار أشعث أغبر وبيده قارورة فيها دم ، فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ما هذا ؟ قال : هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل منذ اليوم ألتقطه فأحصي ذلك اليوم فوجدوه قتل يومئذ .
وروى أبو شيبة العبسي عن عيسى بن الحارث الكندي قال : لما قتل الحسين رضوان الله تعالى عليه مكثنا أياماً سبعة إذا صلينا العصر نظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا إلى الكواكب يضرب بعضها بعضاً .
وروى علي بن مدرك عن جده الأسود بن قيس قال : احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين رضي الله تعالى عنه ستة أشهر نرى فيها كالدم .(1/23)
وروى سليمان بن حرب عن حماد عن هشام بن حسان عن ابن سيرين قال : تعلم هذه الحمرة في الأفق مم ؟ هو من يوم قتل الحسين رضوان الله تعالى عنه .
وحدث جرير بن عبدالحميد عن يزيد بن أبي زياد قال قتل الحسين رضي الله تعالى عنه ولي أربع عشرة سنة وصار الورس الذي في عسكرهم رمادا واحمرت آفاق السماء ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها النيران .
وقال ابن عيينة حدثتني جدتي قالت : لقد رأيت الورس عادت رمادا ولقد رأيت اللحم كأن فيه النار حين قتل الحسين .
وقال حماد بن زيد حدثني جميل بن مرة قال : أصابوا إبلا في عسكر الحسين رضي الله تعالى عنه يوم قتل ، فنحروها وطبخوها فصارت مثل العلقم .
وقال الوليد بن عبدالملك للزهري : تعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين رضي الله تعالى عنه ؟ فقال الزهري : بلغني أنه لم يقلب حجر إلا وجد تحته دم عبيط .
وقال ابن جريج عن ابن شهاب قال : لما قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما أمطرت السماء دماً .
وقال جعفر بن سليمان حدثتني أم سالم خالتي قالت : لما قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما مطرنا مطراً على البيوت والحيطان كالدم ، فبلغني أنه كان بالبصرة والكوفة وبالشام وبخرسان حتى كنا لا نشك أنه سينزل عذاب .
وروى الحافظ أبو محمد عبدالعزيز الكتاني الحافظ عن أسد بن القاسم الحلبي قال : رأى جدي صالح بن الشحام بحلب - وكان صالحاً ديّناً - في النوم كلباَ أسود وهو يلهث عطشاً ولسانه قد خرج على صدره ، فقلت: هذا كلب عطشان دعني أسقه ماء أدخل فيه الجنة ، وهممت لأفعل فإذا بهاتف يهتف من ورائه وهو يقول : يا صالح لا تسقه هذا قاتل الحسين بن علي أعذبه بالعطش إلى يوم القيامة .(1/24)
وقال قرة بن خالد ثنا أبو رجاء العطاردي قال : كان لنا جار من بلهجيم فقدم الكوفة فقال : ما ترون هذا الفاسق ابن الفاسق قتله الله يعني الحسين رضي الله تعالى عنه ، قال أبو رجاء : فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره ، وأنا رأيته .
وروينا من حديث زحر بن حصن ثنا إسماعيل بن داود من بني أسد حدثني أبي عن مولى لبني سلامة قال :كنا في ضيعتنا بالنهرين ونحن نتحدث بالليل فقلنا ما أحد ممن أعان على قتل الحسين رضي الله تعالى عنه خرج من الدنيا حتى تصيبه بلية ومعنا رجل من طي ، فقال الطائي : فأنا ممن أعان على قتل الحسين فما أصابني إلا خير ، قال : وعشي السراج ، فقام الطائي يصلحه فعلقت النار بشباحته فمر يعدو نحو الفرات فرمى بنفسه في الماء فأتبعناه فجعل إذا انغمس في الماء زفرت النار على الماء وإذا ظهر أخذته حتى قتلته .
وقال أبو عبدالله طاهر بن محمد بن أحمد الحدادي : سمعت بعض مشايخي يحكي أن رجلاً ممن قتل الحسين رضي الله تعالى عنه ، قال : ما أكثر ما يكذب أهل العراق ، إنهم يقولون : إنه لم يشهد قتل الحسين أحد إلا أصيب ببلاء ، وإني شهدته فما أصابني شيء وكان ضيفاً عند قوم فقام ليصلح السراج تعلقت به شراره فاشتعل ناراً ومات على المكان .(1/25)
وقال أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة الأطرابلسي أنا أبو عبدالرحمن أحمد بن أحمد بن العلاء الباهلي أخو هلال بن العلاء بالرقة ثنا عبيد بن حماد ثنا عطاء بن مسلم عن ابن السدي عن أبيه قال : كنا غلمة نبيع البز في رستاق كربلاء قال : فنزلنا برجل من طي ، قال : فقُرّب إلينا العشاء ، قال : فتذاكرنا قتلة الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فقلنا : ما بقي أحد ممن قد شهد قتله إلا وقد أماته الله تبارك وتعالى ميتة سوء أو بقتلة سوء ، قال : ما أكذبكم يا أهل الكوفة تزعمون أنه ما بقي أحد ممن شهد قتل الحسين بن علي إلا وقد أماته الله ميتة سوء أو بقتلة سوء وإني لمن شهد قتل الحسين بن علي وما بها أكثر مالاً مني ، فرفعنا أيدينا عن الطعام ، قال : وكان السراج يوقد بالنفط ، قال : فذهب ليطفي أو قال : ليخرج الفتيلة بأصبعه ، قال : فأخذت النار بأصبعه ، قال : فمدها إلى فيه فأخذت النار بلحيته فحضر إلى الماء حتى ألقى نفسه فيه ، قال : فرأيته يتوقد فيه حتى صار حممة .
وروى هذه القصة عمر بن شبة النميري قال ثنا عبيد بن خيار أخبرني عطاء بن مسلم قال : قال السدي أتيت كربلاء أبيع البز بها وذكر القصة بنحوها .
وقال منصور بن عمار حدثني أبو محمد الهلالي قال شرك منا رجلان في دم الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما ، فأما أحدهما : فابتلي بالعطش فكان لو شرب راوية من ماء ما روي ، وأما الآخر : فابتلي بطول ذكره فكان إذا ركب الفرس يلويه في عنقه كأنه حبل .
وروي عن عطاء بن مسلم عن أبي جناب الكلبي قال : أتيت كربلاء فقلت لرجل من أشراف العرب بها بلغني أنكم تسمعون نوح الجن ، فقال : ما تلقى أحداً إلا أخبرك أنه سمع ذلك ، قلت : فأخبرني ما سمعت أنت ؟ قال : سمعتهم يقولون :
مسح الرسول جبينه
أبواه من عليا قريش ... فله بريق في الخدود
وجده خير الجدود(1/26)
وقال أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا محمد بن الجنيد ثنا أبو سعيد الثعلبي ثنا يحي بن يمان أخبرني إمام مسجد بني سليم قال : غزا أشياخ لنا الروم فوجدوا في كنيسة من كنايسهم :
أترجو أمة قتلت حسينا ... شفاعة جده يوم الحساب
فقالوا : منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة ؟ قالوا : قبل أن يخرج نبيكم - صلى الله عليه وسلم - بستمائة عام .
وقال أبو بكر محمد بن أبي علي أحمد الهمداني الحافظ ثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم ثنا مسدد بن أبي يوسف القلوسي بحران وبمصر ثنا أحمد بن محمد بن يزيد الرياحي ثنا منصور بن عمار عن ابن لهيعة عن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين رضي الله تعالى عنهما بعث برأسه إلى يزيد فنزلوا في أول مرحلة فجعلوا يشربون ويتحيون بالرأس فبينما هم كذلك إذ خرجت عليهم كف من الحائط ومعها قلم حديد كتبت سطراً بدم :
أترجو أمة قتلت حسينا ... شفاعة جده يوم الحساب
فهربوا وتركوا الرأس .
ولما وصل خبر هذه المحنة إلى المدينة صارت أفئدة المؤمنين حزينة وبكت كل عين لهذا المصاب وبقي كل مؤمن في شدة حزن واكتئاب .
حدث عمار الذهلي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام أن حُرَم الحسين وعياله عليهم السلام بعد مقتله جُهّزوا وحُملوا إلى المدينة الشريفة ، قال أبو جعفر : فلما دخلوها خرجت امرأة من بنات عبدالمطلب ناشرة شعرها ، واضعة كمها على رأسها وهي تبكي ، وتقول :
ماذا تقولون إن قال النبي لكم
بعترتي وبأصلي (1) بعد مفتقدي
ما كان هذا جزاي إذ نصحت لكم ... ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم
منهم أسارى وقتلى ضرحوا بدم
أن تخلفوني بشرٍ في ذوي رحم
وقد جاء أن هذه المرأة ابنت عقيل بن أبي طالب فيما قاله ابن الكلبي .
__________
(1) كذا في المخطوط ، وفي بعض المراجع ( وبأهلي ) ، انظر مثلاً البيان والتعريف ( )(1/27)
وروي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اشتد غضب الله على اليهود اشتد غضب الله على النصارى اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي بعدي .
وقد تغالا الرافضة قبحهم الله في حزنهم لهذه المصيبة واتخذوا يوم عاشوراء مأتماً لمقتل الحسين رضي الله تعالى عنه ، فيقيمون في مثل هذا اليوم العزاء ، ويطيلون النوح والبكاء ، ويظهرون الحزن والكآبة ، ويفعلون فعل غير أهل الإصابة ، ويتعدون إلى سب بعض الصحابة ، وهذا عمل القوم الضلاّل المستوجبين من الله الخزي والنكال ، ولو كان ذلك جائزاً بين المسلمين لكان أحق بالمأتم اليوم الذي قبض فيه محمد سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم .
قال الشيخ الإمام شيخ الإسلام أبو محمد عبدالقادر الجيلي رحمة الله عليه: وقد طعن قوم على من صام هذا اليوم العظيم وما ورد فيه من التعظيم وزعموا أنه لا يجوز صيامه لأنه يوم قتل الحسين بن علي رضي الله تعالى عنهما فيه وقالوا : ينبغي أن تكون المصيبة فيه عامة لجميع الناس ، ثم قال الشيخ عبدالقادر رحمة الله تعالى عليه : وهذا القائل خاطر ومذهبه قبيح فاسد ، لأن الله تبارك وتعالى لما اختار لسبط نبيه رضي الله تعالى عنه الشهادة في أشرف الأيام وأعظمها وأجلها وأرفعها عنده منزلة ليزيده بذلك رفعة في درجاته وكرامة مضافة إلى كرامته ويبلغه منازل الخلفاء الراشدين الشهداء بالشهادة ، قال : ولو جاز أن يتخذ يوم موته يوم مصيبة لكان يوم الإثنين أولى بذلك إذ قبض الله - عز وجل - نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيه ، وفقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم من فقد غيره ، وقد اتفق المسلمون على شرف يوم الإثنين وفضيلة صومه وأنه تعرض فيه وفي الخميس أعمال العباد ، فكذلك يوم عاشوراء لا يتخذ يوم مصيبة ، انتهى .(1/28)
وكان الغلاة من الناصبة قبحهم الله يكيدون الرافضة في مثل هذا اليوم بإظهار الفرح والسرور ، ويحصل بينهم ما لا يعبر عنه من القتال والشرور ، وكان يضع كل من الفريقين من الحديث ما ينصر به مذهبه الخبيث ، كحديث من اغتسل يوم عاشوراء ومن اكتحل وأشباه ذلك .
قال أبو طالب محمد بن علي العشاري ثنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشري ثنا أحمد بن سلمان الحنبلي ثنا إبراهيم الحربي ثنا شريح بن النعمان ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه مرفوعاً : إن الله - عز وجل - افترض على بني إسرائيل صوم يوم في السنة وهو يوم عاشوراء ، وهو اليوم العاشر من المحرم فصوموه ووسعوا على أهليكم فيه وذكر الحديث مطولاً .
وفيه ( ومن أحيا ليلة عاشوراء فكأنما عبد الله مثل عبادة أهل السماوات السبع ) وفيه ( ومن صلى ، ومن اغتسل ، ومن اكتحل ، ومن مرّ يده على رأس يتيم ) وفي آخر الحديث ( ومن عاد مريضاً يوم عاشوراء فكأنما عاد مرضى ولد آدم كلهم ) . وهذا حديث موضوع قبح الله من وضعه وافتراه فلقد تبوأ بيتاً في جهنم يصير مأواه ، ولا تحل روايته إلا لهتك حاله وإظهار المتهم من بين رجاله ، ورجال الحديث ثقات إلا النوشري المذكور وهو أحمد بن منصور بن محمد بن حاتم فإني أتهمه به والله تعالى أعلم .
وأما أحاديث التوسعة على العيال في هذا اليوم فجاءت من طرق :
منها ما رواه إبراهيم بن فهد ثنا عبدالله بن عبدالجليل أبو عمرو ثنا هيصم بن الشداخ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله رضي الله تعالى عنه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته ) .(1/29)
وقال أبو أحمد ابن عدي ثنا الحسن بن علي الأهوازي ثنا معمر بن سهل ثنا حجاج بن نصير ثنا محمد بن ذكوان عن يعلى بن حكيم عن سليمان ابن أبي عبدالله عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( من أوسع على أهله وعياله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنته ) وخرجه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه ثواب الأعمال من طريق معمر ابن سهل وغيره عن حجاج بن نصير به .
وحدث محمد بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب الجعفري حدثني عبدالله بن سلمة بن أسلم الجهني ثم الربعي عن محمد بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله تعالى عليه سنته كلها ) . حدث به أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي في معجمه فقال : حدثنا محمد بن صالح الأنطاكي كليجة ثنا محمد هو ابن إسماعيل الجعفري ثنا عبدالله بن سلمة الجهني عن ابن أبي صعصعة عن أبيه عن أبيه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله تعالى عليه سنته ) .
وروى الحافظ أبو بكر أحمد بن على الخطيب بإسناد فيه مجهولون عن خطاب بن أسلم من أهل أبيوزد ثنا هلال بن خالد عن مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( من كان ذا جدة وميسرة فوسع على نفسه وعياله – يعني يوم عاشوراء – وسع الله تعالى عليه الخيرات إلى رأس السنة المستقبلة ) .(1/30)
وقال يونس بن عبدالأعلى ثنا سفيان بن عيينة عن جعفر الأحمر الكوفي عن إبراهيم بن محمد المنتشر – وكان من أفضل من رأينا بالكوفة في زمانه – أنه بلغه أن من وسع على عياله يوم عاشوراء أوسع الله تعالى عليه سائر سنته . قال سفيان : فجربنا ذلك من خمسين سنة فلم نر إلا سعة .
ومن الحوادث في هذا اليوم : أنه تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين ، كما ذكر في حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وغيره .
وفي قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث ويتوب فيه على قوم آخرين ، وفيما جاء عن ابن منبه قال : أوحى الله - عز وجل - إلى موسى عليه الصلاة والسلام : مر قومك يتقربون إلىّ في هذه الأيام في أول شهر الله المحرم ، فإذا كان اليوم العاشر فليخرجوا إلىّ أغفر لهم ، ففي ذلك إشارة إلى أن التوبة تقبل في هذا اليوم من التائبين ، وتقال فيه عثرات النادمين ممن استقال إلى الله من ذنبه ، وعقد التوبة الخالصة مع ربه ، وتقرب إليه بالأعمال الصالحات فهو سبحانه يضاعف لمن يتقيه أجور الطاعات وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات .
روي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله - عز وجل - : أنا مع عبدي حين يذكرني وأنا عند ظنه بي إن خيراً فخير وإن غير ذلك فغير ذلك ، وإذا ذكرني خالياً ذكرته خالياً وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ولإستبشار الله - عز وجل - بتوبة أحدكم أفضل من استبشار أحدكم بضالته عليها زاده ومتاعه وما يصلحه ) .
وجاء عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (إذا تاب العبد من ذنوبه أنسى الله حفظته ذنوبه وأنسى جوارحه ومعالمه من الأرض ، ويلقى الله تعالى يوم القيامة وليس عليه شاهد من الله بذنب) .(1/31)
وروي عن وهب بن منبه رحمة الله تعالى عليه قال : وجدت في آخر زبر داود - عليه السلام - ثلاثين سطراً منها : يا داود اسمع مني ، والحق أقول : من لقيني وهو يحبني أدخلته الجنة ، يا داود : اسمع مني ، والحق أقول : من لقيني وهو يخاف عذابي لم أعذبه ، يا داود : اسمع مني ، والحق أقول : من لقيني وهو مستحي مني معاصيه أنسيت حفظته ذنوبه .
وقال الحافظ أبو الشيخ عبدالله بن محمد الأصبهاني حدثني الوليد بن أبان أنشدنا أبو بكر إسحاق بن إبراهيم بن شاذان لأحمد بن روح رحمه الله تعالى ، قلت : وجعلت لأبياته ختاماً أربعة أبيات نظاماً :
جلالك يامهيمن لا يبيد
وحكمك نافذ في كل شيء
إذا ناجاك مضطر غريق
إليك شكوت مضطراً كروبي
أجبت نداءه فكشفت عنه
وكم من والهٍ غرِق كئيب
وذي جهل وسوآت وقبح
أجبتهم مغيثاً يا مليكي
أجيب السائلين ولا أبالي
فيا رباً ليس له شريك
تفضل منة بالعفو عنا
وصل على المعظم في البرايا
صلاة بالسلام عليه تأتي ... وملكك دائم أبداً جديد
فليس يكون إلا ما تريد
وقال مؤملاً أنت الحميد
وضري إنك البر الودود
عظيم الكرب يا من لا يبيد
ومضطر به جهد شديد
دعاك فقال إني لا أعود
وقلت لديّ لا يشقى مريد
وعندي كل ما طلبوا عتيد
ولا ضد ولا أحد شديد
فلا مولى سواك به يجود
رسولك أحمد أنت الحميد
دواماً كلما فصلت تعود
آخر اللفظ المكرم بفضل عاشوراء المحرم ، ولله الحمد حمداً كثيراً وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم .
علقه مؤلفه محمد بن أبي بكر عبدالله بن محمد عفا الله عنهم بكرمه ، وكان الفراغ من هذا التأليف اللطيف على يد كاتبه عبداللطيف بن عبدالقادر الشهير بابن زايد لطف الله به وغفر له ولواديه وللمسلمين أجمعين ، يوم الخميس ثاني عشر من شهر الله المحرم عام ثمان وعشرين وتسعمائة من الهجرة على ساكنها السلام والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين(1/32)
اعتنى به وضبط نصه وخرج بعض أحاديثه
الفقير : أبو عبدالرحمن الأثري علي مجممي(1/33)