لغير الامام احمد ورجال الطريقين ثقات (1) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابن ابي الزناد عن عبد الرحمن ابن الحارث عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير الخ (غريبه) (2) الأمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد (3) أصل التغمية السنر والتغطية أي ازدحموا عليه حتى ستروه عن أعين الناس والظاهر والله أعلم انهم كانوا يطلبون شيئا من أموال الغنيمة زيادة عن حقهم (4) أي دنوا منه وقاربوه (5) اي قفز مسرعا (6) قال الطبري ان قيل كيف يتفق ذلك وهو صلى الله عليه وسلم معصوم في حالتي الرضا والغضب ؟ فعن ذلك أجوبة (منها) أنه علهي السلام انما يغضب لمخالفة الشرع فغضبه هو لله سبحان وتعالى وله ان يؤدب على ذلك مما يرى من سب أو لعن أو جلد أو دعاء اهـ (7) قال الطبري كأنه صلى الله عليه وسلم خاف ان يصدر عنه شيء في حال غضبه من تلك الأمورفدعا ربه إن وقع منه شيء لغير مستحقيه أن يعوضه مغفرة ورفع درجة فأجابه تعالى لذلك ووعده الصدق وعن هذا عبر عليه السلام بقوله شارطت ربي وبقوله شرطي على ربي (يعني كما في رواية مسلم) وإلا فليس لأحد ان يشترط على الله شيئا ولا يجب عليه سبحانه لأحد حق (تخريجه) اخرج الجزء الاخير منه (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا ابو معاوية وابن نمير المعنى قالا ثنا الاعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) جاء عند مسلم قلت يا رسول الله من اصاب من الخير شيئا ما اصابه هذان (قال الطبري) هذا الكلام من السهل الممتنع ومعناه ان هذين الرجلين ما اصابا مثك خيرا وان غيرهما قد اصابه لكن في تنزيله على هذا المعنى صعوبة ويتضح بمعرفة الاعراب فمن موصولة مبتدء واصاب صلتها وخبره محذوف والتقدير الذي اصاب منك شيئا من الخير ففائز واما الرجلين فلم يصيباه (تخريجه) (م وغيره) (10) (سنده) حدثنا ابو نعيم ثنا الوليد يعني ابن جميع ثنا ابو الطفيل عن حذيفة ((1/53)
يعني ابن اليمان) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) هكذا جاء في الاصل (فبلغه ان في الماء قلة الذي يرده) فقوله الذي يرده يصح ان يكون صفة الماء فيكون هكذا فبلغه ان
@@@326
قصة خال ابو السوار مع النبي صلى الله عليه وسلم وضربه اياه بعسيب
ان لا يسبقني الى الماء احد فأتى الماء وقد سبقه قوم فلعنهم (1) (عن أبي السوار) (2) عن خاله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه فاتبعته معهم (3) قال ففجئني القوم يسعون (4) قال وأبقى القوم (5) قال فأتى على رسول الله فضربني ضربة إما بعسيب (6) أو قضيب أو سواك أو شيء كان معه قال فوالله ما أوجعني قال فبت بليلة (7) قال وقلت ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشيء علمه الله في قال وحدثتني نفسي ان آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اصبحت قال فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال انك راح لا تكسرن قرن رعيتك (8) قال فلما صلينا الغداة أو قال صبحنا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ان اناسا بيتبعوني واني لا يعجبني ان يتبعوني اللهم فمن ضربت أو سببت فاجعلها له كفارة وأجرا أو قال مغفرة ورحمة أو كما قال (عن عبد الله ابن عثمان بن خثيم) (9) قال دخلت على أبي الطفيل فوجدته طيب النفس فقلت لاغتنمن ذلك منه فقلت يا أبا الطفيل النفر الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ؟ بينهم (10) من هم فهم أن يخبرني بهم فقالت له امرأته سودة مه (11) يا أبا الطفيل أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إنما أنا بشر فايما عبد من المؤمنين (12) دعوت عليه دعوة فاجعلها له زكاة ورحمة(1/54)
في الماء الذي يرده قلة (1) هؤلاء القوم كانوا من المنافقين كما يستفاد ذلك من روايات أخرى والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن محمد بن السكن عن بكر بن بكار ولم ار من ترجمها اهـ (قلت) غفل الحافظ الهيثمي عن عزوه للامام احمد ورجاله عند الامام احمد وثقا ومعروفون (2) (سنده) حدثنا عارم ثنا معتمر بن سلمان عن أبيه ثنا السميط عن أبي السوار حدثه أبو السوار عن خاله الخ (قلت) لم أقف على اسم خاله ومع ذلك فهو صحابي وجهالة الصحابي لا تضر (3) الظاهر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ذاهبا لأمر لا ينبغي ان يكون معه احد أو يكون معه بعض افراد قليلين فاتبعه جمهرة من الناس فأغضبه ذلك والله اعلم (4) أي يسرعون في المسير (5) هكذا بالأصل (قال وابقى القوم) ومعناه غير ظاهر فربما سقط شيء من الناسخ أو الطابع كفوله وابقى بعض القوم أو وبقى بعض القوم أو نحو ذلك والله أعلم (6) العسيب جريدة من النخل وهي السعفة بفتح العين المهملة مما لم ينبت عليه الخوص جمعه عسب بضمتين والقضيب العصا (7) يعني مشغول الفكر (8) معناه الرفق بالرعية وعدم العنف (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله كلهم ثقات (9) (سنده) حدثنا ابراهيم بن خالد ثنا رباح بن زيد حدثني عمر بن حبيب عن عبد الله بن عثمان بن حثيم الخ (غريبه) (10) أي من هم (بينهم) بفتح الموحدة وتشديد الياء التحتية مكسورة وسكون النون هي أمر من البيان وجاء في مجمع الزوائد بلفظ (من هم سمهم من هم) (11) اسم فعل أمر بمعنى أكف (12) جاء عند مسلم من حديث انس بلفظ (فأيما احد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله ثقات اهـ (قال النووي) رحمه الله هذه الاحاديث (يعني احاديث الباب) مبنية ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء أي بصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وهذه(1/55)
الرواية المذكورة آخرا (يعني قوله عند مسلم) (ايما احد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل الخ) تبين المراد بباقي الروايات المطلقة وانه انما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة
@@@327
نهى النبي عن لعن الابل وعدم مصاحبته لما وقع عليه اللعن
(باب ما جاء في لعن الابل والديكة) (عن أبي برزة) (1) قال كانت راحلة أو ناقة أو بعير عليها بعض متاع القوم وعليها جارية فأخذوا بين جبلين (2) فتضايق بهم الطريق فأبصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت حل حل (3) اللهم العنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم من صاحب هذه الجارية ؟ لاتصحبنا راحلة أو ناقة أو بعير عليها من لعنه الله تبارك وتعالى (عن عمران بن حصين) (5) قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره وامرأة من الانصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذوا ما عليها (6) ودعوها فإنها ملعونة قال عمران فكأني انظر اليها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد يعني الناقة (عن أبي هريرة) (7) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر يسير فلعن رجل ناقة فقال اين صاحب الناقة ؟ فقال الرجل أنا قال اخرها فقد أجبت فيها (8)(1/56)
ونحو ذلك اذا لم يكن أهلا للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه وكان مسلما ولا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ولم يكن ذلك لهم رحمة (فإن قيل) كيف يدعو على من ليس هو أهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك (فالجواب) ما أجاب به العلماء ومختصره وجهان أحدهما ان المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الامر ولكنه في الظاهر مستوجب له فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاق لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر والله يتول السرائر (والثاني) ان ما وقع من سبه ودعائه ونحوه وليس بمقصود بل هو مما جرت عادة العرب في وصل كلامها يلانية كقوله تربت يمينك وعقرى وحلقى لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف صلى الله عليه وسلم ان يصادف شيء من ذلك اجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب اليه في ان يحصل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا واجرا وانما كان يقع منه ذلك في النادر والشاذ من الأزمان ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا صلى الله عليه وسلم (باب) (1) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي بن سليمان عن ابي عثمان عن ابي برزة (يعني الاسلمي) الخ (غريبه) (2) أي فأخذوا يسيرون بين جبلين (3) حل كلمة زجر للابل واستحثاث يقال حل حل باسكان اللام فيهما (قال القاضي) ويقال أيضا حل حل بكسر اللام فيهما بالتنوين وبغير تنوين قاله النووي (4) جاء في رواية عند مسلم (لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله) قال النووي انما قال هذا زجرا لها ولغيرها وكان قد سبق نهيها ونهى غيرها عن اللعن فعوقبت بارسال الناقة والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق وأما بيعها وذبحها وركوبها في غير مصاحبته صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من التصرفات التي كانت جائزة قبل هذا النهي فهي باقية على الجواز لأن الشرع انما ورد بالنهي عن المصاحبة فبقى الباقي كما كان (تخريجه) (م) (5) ((1/57)
سنده) حدثنا اسماعيل ثنا أيوب عن ابي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (6) أي ما على الناقة (ودعوها) أي اتركوها تسير وحدها لا تصاحبنا في الطريق وفي رواية لمسلم (فقال خذوا ما عليها وأعروها) بقطع الهمزة وضم الراء يقال أعريته وعريته اعراء وتعرية (قال النووي) والمراد هنا القاء ما عليها من المتاع ورحلها وآتها (تخريجه) (م د) (7) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت ابي يحدث عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) معناه ان الله عز وجل قد استجاب دعاءه عليها فصارت ملعونة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده المنذري وقال رواه أحمد
328@@@
النهي عن سب الديكة وما جاء في ذلك
(عن أبي الجوزاء) (1) عن عائشة رضي الله عنها انها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلعنت بعيرا لها فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد وقال لا يصحبني شيء ملعون (وفي رواية) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تركبيه (عن زيد بن خالد الجهني) (2) لعن رجل ديكا صاح عند النبي صلى الله عليه وسلمفقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلعنه فإنه يدعو إلى الصلاة (باب ما جاء في الترهيب من سب المسلم وقتاله وان إثم ذلك على البادئ مالم يعتد المظلوم) (حدثنا يحيى عن شعبة) (3) حدثني زبيد عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سباب المسلم فسوق (4) وقتاله كفر قال قلت لأبي وائل انت سمعت من عبد الله قال نعم (قر) (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم أخاه فسوق وقتله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه (6) (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستبان (8) ما قالا فعلى البادئ مالم يعتد المظلوم (9)(1/58)
باسناد جيد (1) (سنده) حدثنا عارم ثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصحيح غير عمرو بن مالك البكري وهو ثقة (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا انه قال فإنه يدعو للصلاة ورواه النسائي مسندا ومرسلا اهـ (قلت) لفظ ابى داود فإنه يوقظ للصلاة وسند حديث الباب جيد (باب) (3) (حدثنا يحيى عن شعبة الخ) (غريبه) (4) أي مسقط للعدالة والمروة (وقتاله) أي مقاتله كفر (قال العلماء) لما كان القتال اشد من السباب لافضائه الى ازهاق الروح عبر عنه بلفظ اشق من لفظ الفسق وهو الكفر ولم يرد حقيقته التي هي الخروج من المة واطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمدا على ما تقرر من القواعد أو أراد ان كان مستحلا أو ان قتال المؤمن من شأن الكافر (تخريجه) (ق مذ نس جه) (5) (قر) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد قرأت على ابي حدثك علي بن عاصم قال حدثنا ابراهيم الهجري عن أبي الاحوص عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (6) أي كما حرم قتله حرم أخذ ماله بغير حق كما في الحديث المشهور(وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) فإذا قاتله فقد كفر ذلك الحق فإن حمل الكفر على ظاهره تعين تأويله والله اعلم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للطبراني فقط عن ابن مسعود ورمز له بعلامة الصحة وقال شارحه المناوي رمز المصنف لصحته وهو كما قال قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) في اسناده عند الامام احمد ابراهيم بن مسلم العبدي الهجري بفتح الهاء والجيم قال في الخلاصة ضعفه النسائي وغيره قال وقال ابن عدي انما انكروا عليه كثرة روايته عن أبي الاحوص عن عبد الله وعامتها مستقيمة اهـ (7) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي(1/59)
عن شعبة عن العلاء ومحمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) اي المتشاتمان وهما اللذان سب كل منهما الآخر (وقوله ما قالا) أي اثم قولهما على البادي لأنه المتسبب في ذلك (9) بأن جاوز الحد كأن اكثر المظلوم شتم البادئ وايذاءه فيكون الاثم عليهما كل بحسبه البادي لكونه تسبب والمظلوم لكونه تجاوز الحد واعتدى
(م 42 – الفتح الرباني – ج 19)
329@@@
الترهيب من سب المسلم وقتاله
(وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمشين (2) أحدكم الى اخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع (3) في يده فيقع في حفرة من نار(عن عياض بن حمار) (4) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله رجل من قومي يشتمني وهو دوني على بأمور أن انتصر منه ؟ قال المستبان شيطانان (5) يتهاذيان ويتكاذبان (وفي لفظ) يتكاذبان ويتهاتران (6) (وعنه أيضا) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اثم المستبين ما قالا على البادي (8) حتى يعتدي المظلوم أو الا ان يعتدي المظلوم (عن أبي ذر) (9) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه (10) إن لم يكن صاحبه كذلك (عن النعمان بن مقرن) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سب جل رجلا عنده قال فجعل الرجل المسبوب يقول عليك السلام(1/60)
والله أعلم (تخريجه) (م د مذ) والبخاري في الأدب المفرد (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمشين أحدكم الخ (غريبه) (2) وقع عند مسلم بلفظ (لا يشير) بدل لا يمشين قال النووي هكذا هو في جميع النسخ لا يشير بالياء بعد الشين وهو صحيح وهو نهي بلفظ الخبر كقوله تعالى (لا تضار والدة) وقد قدمنا مرات ان هذا ابلغ من لفظ النهي (3) بكسر الزاي بعدها عين مهملة (قال النووي) ضبطناه بالعين المهملة وكذا نقله القاضي عن جميع روايات مسلم وكذا هو في نسخ بلادنا ومعناه يرمي في يده ويحقق ضربته ورميته وروى في غير مسلم بالغين المعجمة وهو بمعنى الاغراء أي يحمل على تحقيق الضرب ويزين ذلك (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا سعيد عن قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار الخ (قلت) حمار بكسر الحاء المهملة (غريبه) (5) أي كل منهما يتسقط صاحبه وينتقصه ويكيد له كما يفعل الشيطان (6) قال في النهاية أي يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر الباطل والسقط من الكلام وفيه كما قال الامام الغزالي انه لا يجوز مقابلة السب بالسب وكذا سائر المعاصي وانما القصاص والغرامة على ما ورد به الشرع وقال قوم تجوز المقابلة بما لا كذب فيه ونهيه عن التعبير بمثله نهى تنزيه والافضل تركه لكنه لا يعصي (تخريجه) (طل) والبخاري في الأدب قال الزين العراقي اسناده صحيح وقال الهيثمي رجال احمد رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا همام قال عفان في حديثه ثنا قتادة عن يزيد عن مطرف عن عياض بن حمار أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) معناه أثم قول المستبين على البادي الخ وقد تقدم الكلام على ذلك في شرح حديث ابي هريرة قبل حديثين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب طس) ورجال احمد رجال(1/61)
الصحيحين (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثني حصين قال قال ابن بريدة حدثني يحيى بن يعمرأن أبا الاسود حدثه عن أبي ذر الخ (غريبه) أي الرمية المفهومة من المقام ان لم يكن المرمي فاسقا أو كافرا فيكون الرامي هو الفاسق أو الكافر وظاهره غير مراد فلا يصير الرامي كما وصف المرمي لأن مذهب أهل الحق لا يكفر مؤمنا بالوزر وهو مؤول بارتداد نقيصته ورجوع معصيته (تخريجه) (ق وغيرهما) (11) (سنده) حدثنا اسود بن عامر انا
330@@@
النهي عن سب الأموات وسب الدهر
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن ملكا بينكما يذب عنك كلما يشتمك هذا قال له بل أنت وأنت احق به (1) واذا قال له عليك السلام قال لا بل لك انت احق به (2) (عن عبد الله ابن سلمة) (3) قال قال عمار بن ياسر لما هجانا المشركون شكونا ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قولوا لهم كما يقولون لكم قال فلقد رأيتنا نعلمه إماء أهل المدينة (عن المغيرة بن شعبة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء (باب ما جاء في النهي عن سب الدهر والريح والديكة) (عن ابي هريرة) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر (6) ولا يقولن احدكم للعنب الكرم فإن الكرم هو الرجل المسلم (7) (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يؤذيني ابن آدم (9) يقول يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإن شئت قبضتهما (ز) (عن ابي بن كعب) (10) عن(1/62)
أبو بكر عن الأعمش عن أبي خالد الوالي عن النعمان بن مقرن الخ (غريبه) (1) معناه كلما يتلفظ الساب بكلمة سب قال له الملك بل أنت وأنت احق به (2) معناه اذا قال المسبوب للساب عليك السلام قال له الملك لا بل أنت يعني أنت الذي عليك السلام وأنت احق به (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي خالد الوالي وهو ثقة (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا شريك عن محمد بن عبد الله المرادي عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) ورجالهم ثقات (4) (عن المغيرة بن شعبة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن سب الاموات من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 49 رقم 244 وتقدم هناك أحاديث كثيرة في النهي عن سب الاموات فارجع اليه (باب) (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أيوب عن ابن سيرين عن ابي هريرة (غريبه) (6) قال في النهاية (لا تسبو الدهر فإن الدهر هو الله وفي رواية فإن الله هو الدهر) كان من شأن العرب ان تذم الدهر وتسبه عند النوازل والحوادث ويقولون أبادهم الدهر واصابتهم قوارع الدهر وحوادثه ويكثرون ذكره بذلك في أشعارهم وذكر الله عنهم في كتابه العزيز فقال (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) والدهر اسم للزمان الطويل ومدة الحياة الدنيا فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذم الدهر وسبه أي لا تسبوا فاعل هذه الاشياء فإنكم اذا سببتموه وقع السب على الله تعالى لأنه الفعال لما يريد لا الدهر فيكون تقدير الرواية الأولى فإن جالب الحوادث ومنزلها هو الله لا غير فوضع الدهر موضع جالب الحوادث لاشتهار الدهر عندهم بذلك وتقدير الرواية الثانية فان الله هو جالب للحوادث لا غيره الجالب ردا لاعتقادهم ان جالبها الدهر (7) شرح هذه الجملة تقدم في الباب الأول من الترهيب من خصال من المناهي معدودة في هذا(1/63)
الجزء صحيفة 180 رقم 91 (تخريجه) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) نقل الحافظ في الفتح عن القرطبي قال معناه يخاطبني في القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي والله منزه عن أن يصل اليه الاذى وانما هذا من التوسع في الكلام والمراد ان من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله عز وجل (تخريجه) (ق د وغيرهم) (10) (ز) (سنده) (قال عبد الله بن الامام احمد) حدثني ابو موسى محمد بن المثنى حدثنا اسباط بن محمد
331@@@
قوله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة
النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح (وفي رواية فإنها من روح الله) فإذا رأيتم منها ما تكرهون (1) فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح ومن خير ما فيها ومن خير ما ارسلت به ونعوذ بك من شر هذه الريح ومن شر ما فيها ومن شر ما أرسلت به (حدثنا يزيد) (2) بن عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة ثنا صالح بن سفيان (3) وأبو النضر قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة (4) قال أبي قال ابو النضر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الديك وقال إنه يؤذن (5) بالصلاة (باب ما جاء في النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه والوسم فيه) (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا ضرب احدكم فليجتنب الوجه ولا تقل قبح (7) الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله تعالى خلق آدم على صورته (8)(1/64)
القرشي حدثنا الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (1) أي ريحا تكرهونها لشدة حرارتها أو برودتها أو تأذيتم لشدة هبوبها فقولوا الخ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح وللامام احمد ايضا عن ابي هريرة مرفوعا لا تسبوا الريح فإنها من روح الله تعالى تأتي بالرحمة والعذاب ولكن سلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها ورواه أيضا ابن ماجه ورجاله ثقات (2) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (3) هذا الحديث سمعه الامام احمد مرتين مرة من يزيد بن عبد العزيز بن عبد الله ومرة من أبي النضر عن عبد العزيز بن عبد الله ايضا (غريبه) (4) ليس في معنى دعاء الديك الى الصلاة انه يقول بصراحة صلوا أو حانت الصلاة بل معناه ان العادة جرت بأنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال فطرة فطره الله عليها فيذكر الناس بصراخه الصلاة ولا تجوز الصلاة بصراخه من غير دلالة سواء وهذه رواية يزيد أما رواية أبي النضر فقد قال عبد الله ابن الامام احمد قال ابي قال ابو النضر (يعني في روايته نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) (5) أي يدل على مواقيت الصلاة كما صرح بذلك في بعض الروايات والله أعلم (تخريجه) (د) قال النووي في الاذكار ورياض الصالحين اسناده صحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) بفتح القاف والياء مخففة قال في النهاية يقال قبحت فلانا (يعني بتشديد الموحدة) قلت له قبحك الله (يعني بتخفيفها) من القبح وهو الابعاد اهـ وقال أبو زيد قبح الله فلانا قبحا وقبوحا أي اقصاه وباعده من كل خير (8) هو ظاهر في عود الضمير على آدم أي خلقه تاما مستويا وقيل الضمير لله عز وجل لما في بعض الطرق على صورة الرحمن أي على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك وان كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء وجاء في رواية البخاري بعد قوله على صورته (طوله(1/65)
ستون ذراعا) (قال التوربتشي) وأهل الحق في ذلك على طبقتين (احداهما) المتنزهون عن التأويل مع نفي التشبيه واحالة العلم الى علم الله تعالى الذي احاط بكل شيء علما وهذا اسلم الطريقتين (والطبقة الأخرى) يرون الاضافة فيها اضافة تكريم وتشريف وذلك ان الله تعالى خلق آدم على صورة لم يشاكلها شيء من الصور في الجمال والكمال وكثرة ما احتوت عليه من الفوائد الجليلة (وقال الطيبي) تأويل الخطابي في هذا المقام حسن يجب المصير اليه لأن قوله طوله بيان لقوله على صورته كأنه قيل خلق آدم على ما عرف من صورته
332@@@
النهي عن الوسم والضرب في الوجه
(عن جابر بن عبد الله) (1) قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسم (2) في الوجه والضرب في الوجه (وعنه أيضا) (3) قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بحمار قد وسم في وجهه يدخن (4) منخراه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل هذا (زاد في روية لعن الله الذي وسمه) لا يسمن أحد الوجه ولا يضربن أحد الوجه (عن سالم عن أبيه) (5) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضرب الصور (6) يعني الوجه (وعنه من طريق ثان) (7) عن عبد الله بن عمر انه كان يكره العلم (8) في الصور وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه (عن أبي هريرة) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قاتل أحدكم أخاه (10) فليجتنب الوجه (عن أبي سعيد الخدري) (11) عن النبي(1/66)
الحسنة وهيئته من الجمال والكمال وطول القامة وانما خص الطول منها لأنه لم يكن متعارفا بين الناس (وقال القرطبي) كأن من رواه على صورة الرحمن أورده بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك وقوله ستون ذراعا يحتمل ان يريد بذراع نفسه أو الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين الأول أظهر لأن ذراع كل أحد ربعه فلو كان بالذراع المعهود كانت يده قصيرة في جنب طول جسده والله أعلم (تخريجه) (خز هق) والبخاري في الأدب المفرد والخطيب في تاريخ بغداد وسنده صحيح (1) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن جريج اخبرني ابو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول نهانا الخ (غريبه) (2) الوسم بفتح الواو وسكون المهملة يقال وسمه يسمه سمة ووسما اذا اثر فيه بكى وذلك انهم كانوا يسمون ابل الصدقة أي يعلمون عليها بالكي وهو يدل على تحريم وسم الحيوان في وجهه وهو معنى النهي حقيقة ويؤيد ذلك المعنى الوارد في الحديث الآتي فإنه صلى الله عليه وسلم لا يلعن إلا من فعل محرما وكذلك ضرب الوجه (قال النووي) وأما الضرب في الوجه فمنهي عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي والحمير والخيل والابل والبغال والغنم وغيرها لكنه في الآدمي أشد لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف يظهر فيه أثر الضرب وربما شأنه وربما آذى بعض الحواس قال وأما الوسم في الوجه فمنهي عنه بالاجماع واما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا لكن يستحب في نعم الصدقة والجزية ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه (تخريجه) (م مذ) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا الثوري عن ابي الزبير عن جابر بن عبد الله قال مر النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) قال في النهاية اصل الدخن أن يكون في لون الدابة كدورة الى سواد والمعنى أن ذلك يغير لون منخريه ويشوه خلقته (تخريجه) (م د) (5) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا حنظلة عن سالم عن ابيه (يعني عبد الله بن عمر) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) فسر(1/67)
الصور بالوجه يعني من كل شيء وتقدم الكلام على ذلك آنفا (7) (سنده) حدثنا عبد الله بن الحارث حدثني حنظلة عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر الخ (8) العلم بالتحريك الوسم والصور هنا الوجه كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث ابن عمر ومعناه جاء في حديث جابر المتقدم عند الامام احمد ومسلم وغيرهما وسنده صحيح (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) المراد من القتل هنا الضرب وبه ورد وتقدم النهي عن ضرب الوجه والحكمة في ذلك (تخريجه) (ق وغيرهما) (11) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا سفيان عن الاعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا قاتل احدكم أخاه فليجتنب الوجه (تخريجه) أورده
333@@@
كتاب التوبة والترغيب فيها
مثله (فصل منه في النهي عن الكسع ولطم خدود الدواب والخدم وحد الضرب) (عن جابر بن عبد الله) (1) قال كسع (2) رجل من المهاجرين رجلا من الانصار فقال الانصاري يا للانصار (3) وقال المهاجري يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ما بال دعوى الجاهلية (4) دعوا الكسعة فإنها منتنة (5) (عن المقدام بن معد يكرب) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن لطم خدود الدواب وقال ان الله عز وجل قد جعل لكم عصيا وسياطا
(71) (كتاب التوبة)
((1/68)
باب في الأمر بالتوبة وفرح الله عز وجل بها لعبده المؤمن) (عن أبي بردة) (7) قال سمعت الاغر رجلا من جهينة يحدث ابن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس توبوا الى ربكم فإني أتوب اليه في اليوم مائة مرة (عن أبي هريرة) (8) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله اني لاستغفر الله وأتوب اليه في اليوم أكثر من سبعين مرة (عن أبي بردة) (9) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس توبوا الى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله واستغفره في كل يوم مائة مرة فقلت له اللهم اني استغفركم اللهم اني اتوب اليك اثنتان أم واحدة (11) فقال هو ذاك أو نحو هذا (وعنه من طريق ثان) (12)(1/69)
الهيثمي وقال رواه احمد والبزار بنحوه وفيه عطية العوفي ضعفه جماعة ووثقه ابن معين وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يؤيده حديث أبي هريرة الذي قبله (1) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا سعيد يعني ابن زيد عن عمرو بن دينار حدثني جابر بن عبد الله قال الخ (غريبه) (2) أي ضرب دبره بيده (3) بفتح اللام للاستغاثة (4) معناه أنهم كانوا يقولون ذلك في الجاهلية (5) أي اتركوها فإنها مذمومة في الشرع مجتنبة مكروهة كما يجتنب الشيء النتن (تخريجه) (ق مذ) (6) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا بقية بن الوليد عن أرطأة بن المنذر عن بعض اشياخ الجند عن المقدام بن معد يكرب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه راو لم يسم وبقية (يعني ابن الوليد) مدلس (باب) (7) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة قال ثنا عمرو بن مرة قال سمعت أبا بردة قال سمعت الأغر (يعني المزني) الخ (تخريجه) (م طل) (8) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من حلف باسم من اسماء الله عز وجل الخ من كتاب اليمين والنذر في الجزء الرابع عشر صحيفة 168 رقم 14 (9) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا يونس عن حميد بن هلال عن أبي بردة عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) الظاهر ان هذا الرجل هو الاغر المزني كما جاء في الحديث الاول من احاديث الباب والله أعلم (11) معناه ان السائل يقول اذا قلت هذه الجملة وهي اللهم اني استغفرك الخ تحسب مرتين أو مرة ؟ فقال هو ذاك والظاهر انه يريد مرة واحدة لأنه لم يذكر لفظ الاستغفار إلا مرة وكذلك التوبة وهذا أحوط أما السائل فيحتمل انه ابو بردة يسأل الصحابي ويحتمل انه الصحابي يسأل النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (12) (سنده) حدثنا معتمر قال سمعت ايوب قال وحدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال ثنا
334@@@
فرح الله عز وجل بتوبة عبده المؤمن(1/70)
عن رجل من المهاجرين مثله وفيه بعد قوله مائة مرة أو أكثر من مائة مرة (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المؤمن اذا اذنب كانت نكتة سوداء (2) في قلبه فإن تاب ونزع (3) واستغفر صقل قلبه وان زاد زادت حتى يعلو قلبه ذاك الرين (4) الذي ذكر الله عز وجل في القرآن (كلا بل وان على قلوبهم ما كانوا يكسبون) (عن الحرث بن سويد) (5) قال حدثنا عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) حديثين احدهما عن نفسه والآخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال عبد الله ان المؤمن يرى ذنوبه كأنه في اصل جبل يخاف ان يقع عليه وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال له هكذا فطار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أفرح بتوبة أحدكم من رجل خرج بأرض دوية (6) مهلكه معه راحلته عليها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه فأضلها فخرج في طلبها حتى اذا ادركه الموت فلم يجدها قال ارجع الى مكاني الذي اضللتها فيه فأموت فيه قال فأتى مكانه فغلبته عينه فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه (7) (عن النعمان بن بشير) (8) نحوه وفيه فإذا هو بها تجر خطامها فما هو بأشد بها فرحا من الله بتوبة عبده اذا تاب (9) (عن ابي هريرة) (10) قال قال رسول الله(1/71)
أيوب المعنى عن حميد بن هلال عن أبي بردة عن رجل من المهاجرين يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس توبوا الى الله واستغفروه فإني اتوب إلى الله واستغفره في كل يوم مائة مرة أو أكثر من مائة مرة (تخريجه) لم أقف عليه من هذا الوجه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا صفوان بن عيسى انا محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن ابي صالح عن ابي هريرة الخ (غريبه) (2) أي اثر قليل كالنقطة شبه الوسخ في المرآة والسيف ونحوهما (قال القارئ) أي كقطرة مداد تقطر في القرطاس (3) أي نزع نفسه عن ارتكاب المعاصي (وقوله صقل قلبه) بالبناء للمفعول أي نظف وانجلى (وإن زاد) أي عاد إلى الذنب (زادت) أي انتشرت (4) أصل الران والرين الغشاوة وهو كالصدى على الشيء الصقيل (تخريجه) (نس مذ جه) وابن جرير قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (5) (سنده) حدثنا ابو معاوية حدثنا الاعمش عن ابراهيم التيمي عن الحارث بن سويد الخ (غريبه) (6) بفتح الدال المهملة وتشديد الواو مكسورة وتشديد الياء مفتوحة (قال في النهاية) الدو الصحراء والدوية منسوبة اليها وقد تبدل من احدى الواوين الف فيقال داوية على غير قياس نحو طائي في النسب الى طي (مهلكة) بفتح الميم واللام أي موضع الهلاك أو الهلاك نفسه وتفتح لامها وتكسر وهما أيضا المفازة اهـ ونقل الحافظ في الفتح أن في بعض نسخ البخاري بضم الميم وكسر اللام من الرباعي أي تهلك هي من يحصل فيها (7) زاد مسلم في رواية له ثم قال اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة الفرح (تخريجه) (ق نس مذ) (8) (سنده) حدثنا حسن وبهز المعنى قالا ثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير قال أظنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سافر رجل بأرض تنوفة قال حسن في حديثه يعني فلاة فقال تحت شجرة ومعه راحلته وعليها سقاؤه وطعامه فاستيقظ فلم يرها ثم علا شرفا فلم يرها ثم التفت فإذا هو بها تجر خطامها الخ (غريبه) ((1/72)
9) جاء بعد قوله اذا تاب قال بهز عبده اذا تاب اليه قال بهز قال حماد اظنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م ك) وفي آخره عنده مسلم قال سماك فزعم الشعبي ان النعمان رفع هذا الحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم واما أنا فلم اسمعه (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن
335@@@
قوله صلى الله عليه وسلم ان الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار الخ(1/73)
الله صلى الله عليه وسلم أيفرح أحدكم براحلته اذا ضلت منه ثم وجدها ؟ قالوا نعم يا رسول الله قال والذي نفس محمد بيده لله أشد فرحا بتوبة عبده اذا تاب من أحدكم براحلته اذا وجدها (عن ابي موسى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلمان الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها (2) (عن أبي ذر) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك وتعالى يقول يا عبادي كلكم مذنب الا من عافيت فاستغفروني اغفر لكم ومن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاتسغفرني بقدرتي غفرت له ولا أبالي وكلكم ظال الا من هديت فسلوني الهدى أهدكم وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم ولو أن حيكم وميتكم وأولاكم واخراكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب اتقى عبد من عبادي لم يزيدوا في ملكي جناح بعوضة ولو أن حيكم وميتكم وأولا كم وأخراكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فسأل كل سائل منهم ما بلغت أمنيته وأعطيت كل سائل ما سأل لم ينقصني الا كما لو مر أحدكم على شفه البحر فغمس ابرة ثم انتزعها (4) وذلك لأني جواد ما جد واجد افعل ما اشاء عطائي كلامي وعذابي كلامي (5) إذا اردت شيئا فإنما أقول له كن فيكون (وعنه أيضا) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل يقول يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ويا عبدي ان لقيتي بقراب الارض خطيئة ما لم تشرك بي لقيتك بقرابها مغفرة الحديث نحو ما تقدم (وعنه أيضا) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه عز وجل اني حرمت الظلم على نفسي(1/74)
همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر احاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايفرح احدكم الخ (تخريجه) (م مذ) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا شعبة وابن جعفر انا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى الاشعري قال ابن جعفر في حديثه سمعت ابا عبيدة يحدث عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) معناه ان باب التوبة مفتوح الى ان تطلع الشمس من مغربها لا تنفع التوبة حينئذ قال تعالى (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) وفسرت في هذه الآية بطلوع الشمس من مغربها (تخريجه) (م طل) (3) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا موسى يعني ابن المسيب الثقفي عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري عن أبي ذر الخ (غريبه) (4) هذا تمثيل للتقريب إلى الافهام وليس على حقيقته فكيف والبحر محدود ومتناه وينفد وما عنده سبحانه غير محدود ولا متناه ولا ينفد (5) فسر في الحديث بأنه سبحانه وتعالى اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون (تخريجه) (جه) ورواه مسلم من وجه آخر بمعناه وتقدم مثله في باب عظمة الله تعالى وكبريائه من كتاب التوحيد في الجزء الاول صحيفة 42 رقم 14 (6) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا عبد الحميد ثنا شهر حدثني ابن غنم ان ابا ذر حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل الخ (غريبه) (7) بقيته وقال ابو ذر ان الله عز وجل يقول يا عبادي كلكم مذنب الا من انا عافيته فكذر نحوه الا انه قال ذلك بأني جواد واجد ماجد إنما عطائي كلام (تخريجه) (جه) (8) هذا الحديث
336@@@
كلام العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل يمهل حتى يذهب ثلث الليل ثم ينزل(1/75)
وعلى عبادي ألا فلا تظالموا كل بني آدم يخطئ بالليل والنهار ثم يستغفرني فأغفر له ولا أبالي فذكر نحو ما تقدم (عن أبي اسحاق) (1) عن الأغر قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما انهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الله عز وجل يمهل حتى يذهب ثلث الليل ثم ينزل (2) فيقول هل من سائل (3) هل من تائب هل من مستغفر هل من مذنب قال فقال له رجل حتى يطلع الفجر قال نعم (عن أنس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ابن آدم خطاء فخير الخطائين التوابون ولو ان لابن آدم واديين من مال لا ابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب (زاد في رواية) ويتوب الله على من تاب (ز) (عن محمد بن الحنيفة عن أبيه) (5)(1/76)
تقدم تاما بسنده وشرحه وتخريجه في باب عظمة الله تعالى المشار اليه سابقا في الطريق الثانية من حديث رقم 14 صحيفة 42 في الجزء الأول وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره (1) (سنده) حدثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن أبي اسحاق عن الأغر الخ (غريبه) (2) النزول بالنسبة لله عز وجل لا كنزول المخلوقين لأنه تعالى ليس كمثله شيء قال النووي رحمه الله هذا الحديث من احاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء ومختصرهما ان احدهما هو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين انه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى وان ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق (والثاني) مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن مالك والاوزاعي انها تناول على ما يليق بها بحسب مواطنها فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين (أحدهما) تأويل مالك بن أنس وغيره ومعناه تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال فعل السلطان كذا إذا فعله اتباعه بأمره (والثاني) انه على الاستعارة ومعناه الاقبال على الداعين بالاجابة واللطف والله اعلم اهـ (قلت) مذهب السلف اسلم وهو مذهبي (3) يعني فاستجيب له كما صرح بذلك عند مسلم وكذلك قوله (هل من تائب) يعني فأتوب عليه وجاء عند مسلم بلفظ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا يزيد بن الحباب قال أخبرني علي بن مسعدة الباهلي عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (تخريجه) أورده المنذري بدون قوله ولو ان لابن آدم الخ وقال رواه (مذ جه ك) كلهم من حديث علي بن مسعدة وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة وقال الحاكم صحيح الاسناد اهـ (قلت) علي بن مسعدة قال في الخلاصة وثقه أبو داود الطيالسي وقال أبو(1/77)
حاتم لا بأس به وقال النسائي ليس بالقوي وفي التهذيب قال النسائي لا بأس به اهـ أما قوله ولو ان لابن آدم الخ الحديث فتقدم حديثا مستقلا في باب الترهيب من الحرص على المال صحيفة 247 رقم 142 في هذا الجزء (5) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد حدثني عبد الأعلى بن حماد الترسي حدثنا داود بن عبد الرحمن حدثنا ابو عبد الله مسلمة الرازي عن أبي عمر والبجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحنفية عن أبيه (يعني علي بن أبي طالب
(م 43 – الفتح الرباني – ج 19)
337@@@
بيان الوقت الذي تقبل فيه التوبة(1/78)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يحب العبد المؤمن المفتن (1) التواب (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم اني لاستغفر الله عز وجل وأتوب اليه كل يوم مائة مرة (عن حذيفة) (3) قال كان في لساني ذرب (4) على أهلي لم أعده إلى غيرهم (5) (وفي رواية وكان ذلك لا يعدوهم الى غيرهم) فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال أين انت من الاستغفار يا حذيفة اني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة وأتوب اليه قال فذكرته لابي بردة بن أبي موسى (يعني الاشعري) فحدثني عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اني لاستغفرالله كل يوم وليلة مائة مرة وأتوب اليه (باب ما جاء في حد الوقت الذي تقبل فيه التوب) (حدثنا عفان) (6) قال ثنا شعبة قال ابراهيم بن ميمون أخبرني قال سمعت رجلا من بني الحرث قال سمعت رجلا منا يقال له أيوب (7) قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول من تاب قبل موته عاما (8) تيب عليه ومن تاب قبل موته بشهر تيب عليه حتى قال يوما حتى قال ساعة حتى قال فواقا (9) قال قال الرجل أرأيت ان كان مشركا اسلم قال انما احدثكم كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (عن ابن عمر) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله يقبل توبة عبده مالم يفرغر (11) (عن أبي هريرة) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها قبل منه(1/79)
رضي الله عنه) الخ (غريبه) (1) بضم الميم وفتح الفاء وتشديد التاء الفوقية مفتوحة الذي يفتن ويمتحن بالذنوب (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام احمد وفي اسناده ابو عبد الله مسلمة الرازي قال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به ونقل المناوي عن الزين العراقي انه قال سنده ضعيف (2) (سنده) حدثنا يزيد قال انا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) رواه البخاري الا انه قال اكثر من سبعين مرة (3) (سنده) حدثنا ابو احمد ثنا اسرائيل عن ابي اسحاق عن ابي المغيرة عن حذيفة (يعني ابن اليمان) الخ (غريبه) (4) الذرب بالتحريك فساد اللسان وبذاؤه اراد سلاطة لسانه وفساد منطقه من قولهم ذرب لسانه اذا كان حاد اللسان لا يبالي ما يقول (5) معناه ان لسانه حاد على أهله فقط لا يتعداهم إلى غيرهم من الناس (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد واخرجه ابن ماجه بدون ذكر حديث ابي موسى وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه في اسناده ابو المغيرة البجلي مضطرب الحديث عن حذيفة قاله الذهبي في الكاشف اهـ (قلت) يعضده حديث أبي هريرة الذي قبله وما تقدم في هذا المعنى من أحاديث الباب (باب) (6) (حدثنا عفان الخ) (غريبه) (7) أيوب تابعي لم يعرف نسبه (8) أي بعام (9) أي قدر فواق ناقة وهو ما بين الحلبتين من الراحة وتضم فاؤه وتفتح (نه) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات (10) (سنده) حدثنا سليمان بن داود اخبرنا عبد الرحمن بن ثابت حدثني ابي عن مكحول عن جبير بن نفير عن ابن عمر الخ قلت (يعني عبد الله بن عمر بن الخطاب) (غريبه) (11) من الغرغرة أي مالم تبلغ الروح الى الحلقوم يعني مالم يتيقن بالموت فإن التوبة بعد التيقن بالموت لم يعتد بها (تخريجه) (مذ جه حب ك هب) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (12) (سنده) حدثنا عبد الرزاق
338@@@(1/80)
كيفية التوبة وما يفعل من اراد ان يتوب
(وعنه من طريق ثان) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تاب قبل طلوع الشمس من مغربها تاب الله عليه (عن عبد الرحمن بن البيلماني) (2) قال اجتمع اربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احدهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بيوم فقال الثاني انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم قال وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بنصف يوم فقال الثالث انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم قال وانا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بضحوة قال الرابع أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال نعم قال وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله يقبل توبة العبد مالم يفرغر بنفسه (وعنه من طريق ثان) (3) عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه (عن أبي ذر) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله يقبل توبة عبده أو يغفر لعبده مالم يقع الحجاب قالوا يا رسول الله وما الحجاب ؟ قال ان تموت النفس وهي مشركة (5) (باب ما جاء في كيفية التوبة وما يفعل من اراد أن يتوب) (حدثنا وكيع) قال حدثنا مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن علي بن ربيعة الوالي عن اسماء بن الحكم الفزاري عن علي رضي الله عنه قال كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه واذا حدثني عنه غيري استحلفته فإذا حلف لي صدقته وان ابا بكر حدثني وصدق ابو بكر انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء قال مسعر ويصلي وقال سفيان ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له (ومن طريق ثان عن علي أيضا) (6) قال(1/81)
كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
عن أبي عروة معمر (يعني ابن راشد) عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (1) (سنده) حدثنا ابو معاوية عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن ابي هريرة الخ (تخريجه) (م هب) والطبراني في التفسير والطبراني في الاوسط (2) (سنده) حدثنا حسين بن محمد انا محمد بن مطرف عن زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه بمعناه لا يختلف عنه إلا في بعض الالفاظ المعنى واحد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات إلا انه اختلف في عبد الرحمن بن البيلماني ففي الخلاصة قال ابو حاتم لين ووثقه ابن حبان وقال الحافظ عبد العظيم لا يحتج به اهـ (قلت) يعضده أحاديث الباب (4) (سنده) حدثنا سليمان بن داود ابو داود ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان حدثني ابي عن مكحول بن أبي نعيم حدثه عن اسامة بن سلمان ان أبا ذر حدثهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) يعني كأنها حجبت بالموت عن الايمان (تخريجه) (طل ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة قال سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن اسماء من بني فزارة قال قال علي كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا
339@@@
قوله صلى الله عليه وسلم كفارة الذنب الندامة(1/82)
حديثا فذكر نحوه وفيه ثم يستغفر الله تعالى لذلك الذنب الا غفر له وقرأ هاتين الآيتين (ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) (والذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية) (عن عبد الله بن معقل بن مقرن) (1) قال دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود فقال أنت (2) سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الندم توبة قال نعم وقال مرة سمعته يقول الندم توبة (عن ابن عباس) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة الذنب الندامة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم تذنبوا لجاء الله عز وجل يقوم يذنبون ليغفر لهم (قر) (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التوبة من الذنب أن يتوب منه ثم لا يعود فيه (عن عائشة) (5) رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة ان كنت الممت بذنب فاستغفري الله فإن التوبة من الذنب(1/83)
نفعني الله بما شاء ان ينفعني منه وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد بطريقيه ثم قال وهكذا رواه علي بن المدني والحميدي وابو بكر بن أبي شيبة وأهل السنن وابن حبان في صحيحه والبزار والدارقطني من طرق عن عثمان بن المغيرة به وقال الترمذي هو حديث حسن (قال الحافظ ابن كثير) وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خليفة النبي صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنهما ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما في الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه انه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين عن سيد الأولين والآخرين ورسول ورب العالمين كما دل عليه الكتاب المبين من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين اهـ (قلت) حديث عثمان الذي اشار اليه الحافظ ابن كثير رواه أيضا الامام احمد وتقدم ف باب فضل الوضوء والمشي إلى المساجد والصلاة بهذا الوضوء في الجزء الأول صحيفة 308 رقم 198 (1) (سنده) حدثنا سفيان عن عبد الكريم قال اخبرني زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل بن مقرن الخ (غريبه) (2) فقال يعني معقل بن مقرن والد عبد الله يستفهم من عبد الله ابن مسعود (تخريجه) (جه ك) وأبو نعيم والحميدي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك الحمراني قال حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري قال سمعت ابي يحدث عن ابي الجوزاء عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني باختصار قوله كفارة الذنب الندامة في الكبير والأوسط والبزار وفيه يحيى بن عمرو بن(1/84)
مالك النكري وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) النكري بضم النون المشددة وسكون الكاف (4) (قر) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد قرأت على أبي حدثنا علي بن عاصم قال اخبرنا الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد واسناده ضعيف (5) (سنده) حدثنا محمد بن يزيد يعني الواسطي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال في الصحيح طرف من أوله رواه احمد ورجاله
340@@@
كلام العلماء في وجوب التوبة فورا
الندم والاستغفار (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كانت عنده مظلمة من أخيه من عرضه أو ماله فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ (2) حين لا يكون دينار ولا درهم وان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له أخذ من سيئات صاحبه فجعلت عليه (3) (باب ما جاء في عدم قنوط المذنب من المغفرة لكثرة ذنوبه ما دام موحدا) (عن أبي الزبير) (4) قال قلنا لجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أكنتم تعدون الذنوب شركا ؟ قال معاذ الله(1/85)
رجال الصحيح غير محمد بن يزيد الواسطي وهو ثقة (1) (سنده) حدثنا يزيد انا ابن ابي ذئب عن المقبري عن ابي هريرة الخ (غريبه) (2) يعني قبل أن يؤخذ منه كما في رواية اخرى يريد قبل ان يؤخذ من حسناته لصاحب الحق اذا كان له عمل صالح فإن لم يكن له عمل صالح أخذ من سيئات صاحب الحق فضمت الى سيئاته (3) جاء في الاصل بعد هذا قال عبد الله يعني ابن الامام احمد حدثني ابي قال وقال ببغداد (قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم وحدثناه روح باسناده ومعناه وقال من قبل ان يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم) (تخريجه) (طل) ورجاله ثقات (قال النووي رحمه الله) أصل التوبة في اللغة الرجوع يقال تاب وثاب بالمثلثة وآب بمعنى رجع والمراد بالتوبة هنا الرجوع عن الذنب ولها ثلاثة أركان الاقلاع والندم على فعل تلك المعصية والعزم على انه لا يعود اليها ابدا فإن كانت المعصية لحق آدمي فلها ركن رابع وهو التحلل من صاحب ذلك الحق واصلها الندم وهو ركنها الاعظم واتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة وانها واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة والتوبة من مهمات الاسلام وقواعده المتأكدة ووجوبها عند أهل السنة بالشرع وعند المعتزلة بالعقل ولا يجب على الله قبولها بالشرع والاجماع خلافا لهم واذا تاب من ذنب ثم ذكره هل يجب تجديد الندم فيه خلاف لأصحابنا وغيرهم من أهل السنة قال ابن الانباري يجب وقال امام الحرمين لا يجب وتصح التوبة من ذنب وان كان مصرا على ذنب آخر واذا تاب توبة صحيحه بشروطها ثم عاود ذلك الذنب كتب عليه ذلك الذنب الثاني ولم تبطل توبته هذا مذهب أهل السنة في المسألتين وخالفت المعتزلة فيهما قال اصحابنا ولو تكررت التوبة ومعاودة الذنب صحت ثم توبة الكافر من كفره مقطوع بقبولها وما سواها من أنواع التوبة هل قبولها مقطوع به أم مظنون ؟ فيه خلاف لأهل السنة واختار امام الحرمين انه مظنون وهو الاصح والله اعلم ((1/86)
باب) (4) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابن ابي الزناد عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تباشر المرأة المرأة في الثوب الواحد ولا يباشر الرجل الرجل في الثوب الواحد قال فقلنا لجابر كنتم تعدون الذنوب شركا قال معاذ الله (تخريجه) أخرج الجزء الأول منه الخاص بكفر تارك الصلاة الامام احمد ومسلم والأربعة إلا النسائي وتقدم في باب حجة من كفر تارك الصلاة من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 231 رقم 79 وتقدم الكلام عليه هناك وأخرج الجزء الثاني منه المختص بالمباشر (طس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وتقدم في باب النهي عن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة من أبواب حد الزنا من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 77 رقم 308 وهو حديث صحيح صححه
341@@@
ما جاء في عدم قنوط المذنب من المغفرة لكثرة ذنوبه
((1/87)
عن أنس بن مالك) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفسي بيده أو والذي نفس محمد بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم والذي نفس محمد بيده أو والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم (عن أبي هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم (عن أبي أيوب الانصاري) (3) انه قال حين حضرته الوفاة قد كنت كتمت عنكم شيئا (4) سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أنكم تذنبون لخلق الله تبارك وتعالى قوما يذنبون فيغفر لهم (عن ابي هريرة) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا أذنب ذنبا فقال رب اني اذنبت ذنبا أو قال عملت عملا ذنبا فاغفره فقال عز وجل عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال رب اني عملت ذنبا فاغفره فقال تبارك وتعالى علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال رب اني عملت ذنبا فاغفره فقال علم عبدي ان له رب يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء (6) (عن الأسود بن سريع) (7)(1/88)
الحاكم وأقره الذهبي وفي قول جابر رد على من ذهب الى تكفير المسلم بارتكاب الذنوب (قال النووي) رحمه الله واعلم ان مذهب اهل الحق انه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والبدع وأن جحد ما يعلم من دين الاسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالاسلام أو نشأ ببادية بعيده ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك فإن استمر حكم بكفره والله اعلم (1) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان حدثنا ابو عبيدة يعني عبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي حدثني اخشم السدوسي قال دخلت على أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (قلت) أخشم جاء في المسند بالميم بعد الشين المعجمة وجاء في تعجيل المنفعة اخشن بالنون بدل الميم ذكره ابن حبان في الثقات (تخريجه) لم اقف عليه من حديث انس بهذا السياق لغير الامام احمد ورجاله ثقات وروى الترمذي الشرط الأول منه وقال هذا حديث حسن غريب (2) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في أوصاف الجنة من كتاب القيامة ان شاء الله تعالى (3) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى حدثني ليث حدثني محمد بن قيس انا قاص عمر بن عبد العزيز عن ابي صرمة عن أبي ايوب الانصاري الخ (غريبه) (4) انما كتمه او لا مخافة اتكالهم على سعة رحمة الله تعالى وانهماكهم في المعاصي وانما حدث به عند وفاته لئلا يكون كاتما للعلم وربما لم يكن احد يحفظه غيره فتعين عليه أداؤه (تخريجه) (م مذ) (5) (سنده) حدثنا يزيد انا همام عن يحيى عن اسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة عن عبد الرحمن بن ابي عمرة عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) قال الحافظ المنذري قوله فليعمل ما شاء معناه والله اعلم انه ما دام كلما اذنب ذنبا استغفر الله وتاب منه ولم يعد اليه بدليل قوله ثم أصاب ذنبا آخر (فليفعل ما شاء) اذا كان هذا دأبه لأنه كلما اذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره لا(1/89)
انه يذنب الذنب فيستغفر منه بلسانه من غير اقلاع ثم يعاوده فإن هذه توبة الكذابين اهـ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه البخاري ومسلم (7) (سنده) حدثنا محمد بن مصعب ثنا سلام
342@@@
قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم اكمل المائة
ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى بأسير فقال اللهم اني اتوب اليك ولا اتوب الى محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم عرف الحق لأهله (فصل منه في قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم أكمل المائة) (1) (حدثنا يزيد) (2) أنبأنا همام بن يحيى ثنا قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لا أحدثكم الا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته أذناي ووعاه قلبي إن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا (3) ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل (4) على رجل فأتاه فقال اني قتلت تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة ؟ قال بعد قتل تسعة وتسعين نفسا ؟ قال فانتضى سيفه فقتله به فأكمل به مائة ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل (5) فأتاه فقال اني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة ؟ فقال ومن يحول بينك وبين التوبة أخرج من القرية الخبيثة التي انت فيها الى القرية الصالحة كذا وكذا (6) فاعبد ربك فيها قال فخرج الى القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق قال فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب (7)(1/90)
ابن مسكين والمبارك عن الحسن عن الاسود بن سريع الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه محمد بن مصعب وثقه احمد وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح (فصل منه) (1) قال النووي ان رجلا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم قتل المائة ثم أفتاه العالم بأن له توبة هذا مذهب أهل العلم واجماعهم على صحة توبة القاتل عمدا ولم يخالف احد منهم إلا من ابن عباس وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة لا أنه يعتقد بطلان توبته وهذا الحديث ظاهر فيه وهو وان كان شرعا لمن قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف فليس موضع الخلاف وانما موضعه اذا لم يرد شرعنا بموافقته وتقريره فإن ورد كان شرعا لنا بلا شك وهذا قد ورد شرعنا به وهو قوله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون) إلى قوله إلا من تاب الآية (وأما) قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) فالصواب في معناها أن جزاءه جهنم وقد يجازي به وقد يجازي بغيره وقد لا يجازي بل يعفى عنه فإن قتل عمدا مستحلا له بغير حق ولا تأويل فهو كافر مرتد يخلد به في جهنم بالاجماع وان كان غير مستحيل بل معتقدا تحريمه فهو فاسق عاص مرتكب كبيرة جزاؤه جهنم خالدا فيها لكن يفضل الله تعالى ثم اخبر انه لا يخلد من مات موحدا فيها فلا يخلد هذا ولكن قد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلا وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر العصاة الموحدين ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد في النار فهذا هو الصواب في معنى الآية اهـ (2) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (3) جاء عند مسلم عن أبي سعيد أيضا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا (وعند البخاري بلفظ كان في بني اسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين نفسا الخ) (4) فدل بضم الدال المهملة مبني للمجهول وجاء عند مسلم (فدل على راهب فأتاه الخ) (5) جاء عند مسلم فدل على رجل عالم الخ (6) جاء عند مسلم (انطلق إلى أرض(1/91)
كذا وكذا فإن فيها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع الى ارضك فإنها أرض سوء) قال العلماء في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب والأخدان المساعدين له على ذلك ومقاطعتهم ماداموا على حالهم وان يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين ومن يقتدي بهم وبنتفع بصحبتهم وتتأكد بذلك توبته (7) زاد مسلم فقالت
343@@@
ما جاء في أن رحمة الله تعالى سبقت غضبه(1/92)
قال فقال ابليس فأنا أولى به أنه لم يعصني ساعة قط (1) قال فقالت ملائكة الرحمة إنه خرج تائبا قال همام فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع (2) قال فبعث الله عز وجل ملكا فاختصموا اليه (3) ثم رجع الى حديث قتادة قال فقال انظروا أي القريتين كان أقرب اليه فالحقوه بأهلها قال قتادة فحدثنا الحسن قال لما عزف الموت احتفز بنفسه (4) فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة وباعد عنه القرية الخبيثة (5) فألحقوه بأهل القرية الصالحة (أبواب ما جاء في رحمة الله عز وجل لعباده الموحدين) (باب في أن رحمة الله تعالى سبقت غضبه) (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل كتب كتابا بيده لنفسه (7) قبل أن يخلق السموت والأرض فوضعه تحت عرشه فيه رحمتي سبقت غضبي (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ الله من الخلق كتب على عرشه رحمتي سبقت غضبي (وعنه من طريق ثالث) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي (وفي لفظ) غلبت غضبي (10) (ومن طريق رابع) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الخلق كتب بيده على نفسه ان رحمتي غلبت غضبي (باب ما جاء في أن الرحمة التي أودعها الله في قلوب خلقه جزء من مائة من رحمته لخلقه) (حدثنا روح ومحمد بن جعفر) (12) قالا ثنا عوف عن الحسن قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم(1/93)
ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب انه لم يعمل خيرا قط (1) قول ابليس لم يرد في رواية الشيخين (2) هذا سند آخر للحديث (3) جاء عند مسلم فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فالى ايتهما كان ادنى فهو له فقاسوا فوجدوه ادنى إلى الأرض التي اراد فقبضته ملائكة الرحمة (4) الحفز الحث والاقبال أي استعجل كأنه يريد القيام والتقرب من القرية الصالحة وعند مسلم فقال الحسن ذكر لنا انه لما اتاه الموت ناء بصدره أي نهض (قال النووي) وأما قياس الملائكة ما بين القريتين وحكم الملك الذي جعلوه بينهم بذلك فهو محمول على أن الله تعالى أمرهم عند اشتباه امره عليهم واختلافهم فيه ان يحكموا رجلا ممن يمر بهم فمر الملك في صورة رجل فحكم بذلك (5) جاء في رواية عند مسلم فأوحى الله إلى هذه ان تباعدي والى هذه أن تقربي (وله في رواية أخرى) فكان الى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها (تخريجه) (ق جه) (باب) (6) (سنده) حدثنا محمد بن سابق ثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) أي موجبا إياه على نفسه بمقتضى وعده قال تعالى (كتب ربكم على نفسه الرحمة) (8) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) (سنده) حدثنا يزيد انا محمد بن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق الخ (10) قال في النهاية هو اشارة إلى سعة الرحمة وشمولها الخلق كما يقال غلب على فلان الكرم اذا كان هو أكثر خصاله وإلا فرحمة الله وغضبه لا يوصف بغلبة إحداهما على الأخرى وانما هو سبيل المجاز للمبالغة (11) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت أبي عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الخلق الخ (تخريجه) (ق جه) (باب) (12) ((1/94)
حدثنا روح ومحمد بن جعفر قال ثنا عوف الخ)
344@@@
قوله صلى الله عليه وسلم لله عز وجل مائة رحمة الخ
قال لله عز وجل مائة رحمة وأنه قسم رحمة واحدة بين أهل الأرض فوسعتهم إلى آجالهم (1) وذخر تسعة وتسعين رحمة لأوليائه والله عز وجل قابض تلك الرحمة التي قسمها بين أهل الأرض إلى التسعة والتسعين فيكملها مائة رحمة لأوليائه يوم القيامة قال محمد (2) في حديثه وحدثني بهذا الحديث محمد بن سيرين وخلاص كلاهما عن أبي هريرة (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك (عن جندب البجلي) (4) قال جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى راحلته فأطلق عقالها ثم نادى اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا (5) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتقولون هذا أضل أم بعيره ؟ الم تسمعوا ما قال ؟ قالوا بلى قال لقد حظرت (6) رحمة الله واسعة ان الله خلق مائة حمة فأنزل الله رحمة واحدة يتعاطف بها الخلائق جنها وانسها وبهائمها وعنهد تسع وتسعون أتقولون هو أضل أم بعيره ؟ (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم لله مائة رحمة انزل منها رحمة واحدة بين الانس والجن والهوام فبها يتعاطون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على أولادها وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة يرحم بها عباده (8) (عن سلمان) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل خلق مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق فيها تعطف الوحوش على أولادها وأخر تسعة وتسعين إلى
((1/95)
غريبه) (1) أي الى انتهاء آجالهم في الدنيا (وذخر) أي ادخر تسعة وتسعين الخ (2) يعني ابن جعفر أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث (3) هذا السند جعل الحديث متصلا (تخريجه) أخرجه الحاكم بسند محمد بن جعفر المتصل وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ انما اتفقا على حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وسليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان مختصرا ثم أخرجه مسلم من حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أكمل الحديثين اهـ (قلت) وأقره الذهبي ورواه أيضا ابن ماجه عن أبي هريرة فذكر معناه (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا أبي انا الجريري عن أبي عبد الله الجثمي ثنا جندب قال جاء اعرابي الخ (غريبه) (5) انما قال الاعرابي ذلك لأنه من سكان البوادي الذين عندهم جفاء ولا علم عندهم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أضل أم بعيره مبالغة في الجهل (6) بفتح الحاء المهملة والظاء المعجمة أي منعت وضيقت (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال احمد رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجثمي ولم يضعفه أحد ورواه أبو داود باختصار (7) (سنده) حدثنا يحيى عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) أي عباده المؤمنين كما تقدم في الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وقال تفرد باخراجه مسلم فرواه من حديث سليمان هو ابن طرخان وداود بن أبي هند كلاهما عن أبي عثمان واسمه عبد الرحمن ابن مل عن سلمان هو الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم به اهـ (قلت) حديث سلمان الذي اشار اليه الحافظ بن كثير رواه ايضا الامام احمد وهو الآتي بعد هذا (9) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان عن أبي
(م 44 – الفتح الرباني – 19)
345@@@
قوله صلى الله عليه وسلم لو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة(1/96)
يوم القيامة (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة (2) ما طمع في الجنة أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة (3) ما قنط من الجنة أحد خلق الله مائة رحمة فوضع رحمة واحدة بين خلقه يتراحمون بها وعند الله تسعة وتسعون (4) رحمة (باب قوله صلى الله عليه وسلم لا ينجي أحدكم عمله) (عن أبي هريرة) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ينجي أحدكم عمله (6) قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا إلا ان يتغمدني الله منه برحمة (7) فسددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد (8) تبلغوا (وعنه من طريق ثان) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس أحد منكم ينجيه عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله ؟ قال ولا أنا الا ان يتغمدني ربي منه بمغفرة ورحمة ولا انا الا ان يتغمدني ربي منه بمغفرة ورحمة مرتين أو ثلاثا (وعنه من طريق ثالث بنحوه وفيه) (10) وقال رسول الله(1/97)
عثمان عن سلمان (يعني الفارسي) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م) (1) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي من غير التفات إلى الرحمة (3) أي من غير التفات إلى العقوبة (4) يعني ادخرها لعباده المؤمنين يوم القيامة كما تقدم في الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (ق مذ) (باب) (5) (سنده) حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) يدل بظاهره على أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته وهو معارض لقوله تعالى (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون – وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) ونحوهما من الآيات (قال النووي رحمه الله) لا معارضة بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال وثم التوفيق للاعمال والهداية للاخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله فيصبح انه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الاحاديث ويصح انه دخل بالاعمال أي بسببها وهي من الرحمة والله أعلم (7) اي يلبسنيها ويغمدني بها ومنه أغمدت السيف وغمدته اذا جعلته في غمده وسترته به ومعنى (سددوا وقاربوا) اي اطلبوا السداد واعملوا به وان عجزتم عنه فقاربوا أي اقربوا منه والسداد الصواب وهو بين الافراط والتفريط فلا تغلوا ولا تقصروا (واغدوا) من الغدو وهو سير أول النهار (وروحوا) من الرواح وهو السير آخر النهار (وشيء من الدلجة) بضم الدال المهملة مشددة وسكون اللام وهو السير بالليل يقال ادلج بتخفيف المهملة اذا سار من أول الليل وادلج بتشديدها اذا سار من آخر الليل والاسم الدلجة والدلجة بالضم والفتح (والمعنى) إذا اردتم السفر لجهاد أو غيره فبكروا فإن في البكور بركة ونشاطا فإن منعكم شيء عن التبكير فسافروا في آخر النهار عند انتهاء شدة الحر مع زمن من الليل لأن الأرض تطوى بالليل كما جاء في حديث جابر وتقدم في باب فضل السفر من أبواب(1/98)
صلاة السفر في الجزء الخامس صحيفة 56 رقم 1158 (8) معناه التوسيط في كل شيء حتى في العبادة فإن الإفراط يوجب السآمة والتفريط يوجب الحسرة والندامة وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول اذا فعلتم ما آمرتكم به (تبلغوا) أي تبلغوا ما تريدون من الراحة في الدنيا والثواب في الآخرة والله اعلم (9) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن محمد عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (10) (سنده) حدثنا وهب بن جرير ثنا ابي قال سمعت محمد بن سيرين قال ثنا ابو هريرة
346@@@
قوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة لاله(1/99)
صلى الله عليه وسلم بيده هكذا وأشار وهب (1) يقبضها ويبسطها (عن ابي سعيد الخدري) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله قلنا يا رسول الله ولا أنت ؟ قال ولا انا إلا أن يتغمدني الله برحمته وقال بيده فوق رأسه (3) (عن ضمضم بن جوس اليمامي) (4) قال قال لي ابو هريرة رضي الله عنه يا يماني لا تقولن لرجل والله لا يغفر لك أو لا يدخلك الله الجنة أبدا قلت يا أبا هريرة إن هذه الكلمة يقولها احدنا لأخيه وصاحبه اذا غضب قال فلا تقلها فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كان في بني اسرائيل رجلان كان احدهما مجتهدا في العبادة وكان الآخر مسرفا على نفسه فكانا متآخيين فكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب فيقول يا هذا اقصر فيقول خلني وربي أبعثت علي رقيبا ؟ قال إلى ان رآه يوما على ذنب استعظمه فقال له ويحك اقصر قال خلني وربي ابعثت علي رقيبا ؟ قال فقال والله لا يغفر لك أو لا يدخلك الله الجنة ابدا قال احدها (5) قال فبعث الله اليهما ملكا فقبض أرواحهما واجتمعا (6) فقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر أكنت بي عالما ؟ أكنت على ما في يدي خازنا ؟ اذهبوا به إلى النار قال فوالذي نفس أبي القاسم بيده (7) لتكلم بالكلمة أو بقت دنياه وآخرته (باب ما جاء في عدم قنوط الموحدين من رحمة الله تعالى وفيه بشرى للامة المحمدية) (عن ابي رزين) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ضحك (9) ربنا(1/100)
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامنكم احد يدخله عمله الجنة ولا ينجيه من النار قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا إلا أن يتغمدني ربي برحمة منه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا الخ (1) وهب شيخ الامام احمد الذي روى عنه هذا الحديث (تخريجه) (ق وغيرهما) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثني فضيل بن مرزوق مولى بني عنز عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (3) أي اشار بيده فوق رأسه اشارة إلى ان الرحمة نعمه من مفرقه الى قدمه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد باسناد حسن ورواه البزار من حديث أبي موسى والطبراني ايضا من حديث أسامة بن شريك والبزار ايضا من حديث شريك بن طارق باسناد جيد (4) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا عكرمة بن عمار عن ضمضم بن جوس اليمامي قال قال لي ابو هريرة الخ (غريبه) (5) يعني احد الكلمتين وأو للشك من الراوي (6) يعني عند الله عز وجل يوم القيامة (7) القائل فوالذي نفس أبى القاسم بيده هو أبو هريرة يقول ان الرجل تكلم بكلمة وهي قوله (والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الجنة أبدا) هذه الكلمة (أو بقيت دنياه وآخرته) اي اهلكتهما ومعنى ذلك انه خسر أعماله الصالحة في الدنيا وكان مصيره في الآخرة الى النار نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (د) ورجاله ثقات (باب) (8) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال انا حماد بن سلمة عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه ابي رزين الخ (غريبه) (9) قال الامام السندي رحمه الله في حاشيته على ابن ماجه ما نصه (قوله ضحك) كفرح (ربنا) بالرفع فاعل ضحك قيل الضحك من الله الرضا وارادة الخير وقيل بسط الرحمة بالاقبال وبالاحسان أو بمعنى امر ملائكته بالضحك واذن لهم فيه كما يقال السلطان قتله إذا أمر بقتله قال ابن حبان في صحيحه هو من نسبة الفعل الى الآمر وهو في كلام العرب كثير (قلت) والتحقيق ما أشار اليه بعض المحققين ان الضحك وامثاله مما هو من قبيل
347@@@(1/101)
ذب الحافظ عن حديث العباس بن مرداس في مغفرة الله لجميع الامة غداة المزدلفة
من قنوط عباده (1) وقرب غيره (2) قال قلت يا رسول الله أو يضحك الرب عز وجل ؟ قال نعم قال لن نعدم من رب يضحك خيرا (ز) (حدثني ابراهيم بن الحجاج) (3) الناجي قال ثنا عبد القاهر بن السرى قال حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرادس عن أبيه ان أباه العباس بن مرادس حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لامته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضهم بعضا فقال يا رب انك قادر ان تغفر للظالم وتثيب للمظلوم خيرا من مظلمته فلم يكن في تلك العشية إلا ذا يعني فلم يجبه تلك العشية شيئا كما في بعض(1/102)
الانفعال اذا نسب الى الله تعالى يراد به غايته وقيل بل المراد به ايجاد الانفعال في الغير فالمراد هاهنا الاضحاك (ومذهب أهل التحقيق) انه صفة سمعية يلزم اثباتها مع نفي التشبيه وكما التنزيه كما اشار الى ذلك مالك وقد سئل عن الاستواء فقال الاستواء معلوم والكيف غير معلوم والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة (قلت) وهذا مذهبي (1) القنوط كالجلوس وهو اليأس ولعل المراد هاهنا هو الحاجة والفقر أي يرضى عنهم ويقبل بالاحسان اذا نظر الى فقرهم وفاقتهم وذلتهم وحقارتهم وضعفهم وإلا فالقنوط من رحمته يوجب الغضب لا الرضا قال تعالى (لا تقنطوا من رحمة الله) وقال (لا تيأسوا من روح الله : أنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون) إلا أن يقال ذلك هو القنوط بالنظر غلى كرمه واحسانه مثل ان لا يرى له كرما واحسانا أو يرى قليلا فليقنط كذلك فهذا هو الكفر والنهي عنه أشد النهي وأما القنوط بالنظر إلى أعماله وقبائحه فهو مما يوجب للعبد تواضعا وخشوعا وانكسارا فيوجب الرضا ويجلب الاحسان والاقبال من الله تعالى ومنشأ هذا القنوط هو الغيبة عن صالح الاعمال واستعظام المعاصي الى العاية وكل منهما مطلوب ومحبوب ولعل هذا سبب مغفرة ذنوب من أقر أهله بإحراقه بعد الموت حين أيس من المغفرة فليتأمل (2) قال الامام السندي ضبط بكسر المعجمة ففتح ياء بمعنى فقير الحال وهو اسم من قولك غيرت الشيء فتغير حاله من القوة إلى الضعف ومن الحياة الى الموت وهذه الاحوال مما تجلب الرحمة لا محالة في الشاهد فكيف لا تكون اسبابا عادية لجلبها من أرحم الراحمين سهل ذكره وثناؤه والأقرب ان الغير بمعنى تغير الحال وتحويله وبه تشعر عبارة القاموس والنهاية والضمير لله والمعنى انه تعالى يضحك من ان العبد يصير مأيوسا من الخير بأدنى شر وقع عليه مع قرب تغيير الله عز وجل الحال من شر إلى خير ومن مرض إلى عافية ومن بلاء ومحنة إلى سرور وفرحة لكن الضحك على هذا لا يمكن تفسيره(1/103)
بالرضا (وقوله لن نعدم) من عدم كعلم اذا فقده يريد ان الرب الذي من صفاته الضحك لا نفقد خيره بل كلما احتجنا الى خير وجدناه فانا اذا اظهرنا الفاقة لديه يضحك فيعطي والله أعلم (تخريجه) (جه طب طل قط) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه وكيع ذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجاله احتج بهم مسلم اهـ (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (3) (ز) (حدثني ابراهيم بن الحجاج الخ) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد وقد ذكره الحافظ بسنده ومتنه في كتابه القول المسدد في الذب عن المسند للامام احمد ثم قال أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق المسند ايضا ونقل عن ابن حبان انه قال كنانه منكر الحديث جدا ولا أدري التخليط منه أو من أبيه قلت وحديث العباس بن مرادس هذا قد اخرجه ابو داود في السنن في أواخر كتاب الادب منه في باب
348@@@
بقية كلام الحافظ في الذب عن حديث العباس بن مرداس
الروايات فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم فقال بعض أصحابه يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك ؟ قال تبسمت من عدو الله ابليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعوى بالثبور والويل ويحثوا التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع جزعه(1/104)
قول اضحك الله سنك قال حدثنا عيسى بن ابراهيم وسمعته من أبي الوليد وانا لحديث عيسى احفظ قالا اخبرنا عبد القاهر بن السرى يعني السلمي ثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس عن ابيه عن جده قال ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابو بكر وعمر اضحك الله سنك وساق الحديث انتهى كلام ابي داود ولم يذكر في الباب غيره وسكت عليه فهو صالح عند (واخرجه ابن ماجه) في كتاب الحج قال ثنا ايوب بن محمد الهاشمي حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرادس السلمي ان اباه اخبره عن ابيه نحو سياق ابراهيم بن الحجاج وقال في آخره فأضحكني ما رأيت من جزعه انتهى (واخرجه الطبراني) من طريق أبي الوليد وعيسى بن ابراهيم بتمامه (واخرجه ايضا) من طريق ابوب بن محمد به واما اعلال ابن الجوزي له تبعا لابن حبان بكنانة فلم يصب ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في ذلك فإن ابن حبان تناقض كلامه فيه فقال في الضعفاء ما نقله عنه ابن الجوزي وذكره في كتاب الثقات في التابعين (وقال) ابن منذه في تاريخه يقال ان له رواية وعبد الله بن كنانة اكثر ما يقع في الروايات مبهما وقد سمى في رواية ابن ماجه وغيرها ولم ار فيه كلاما إلا أن البخاري ذكر الحديث المذكور وقال لم يصح اهـ ولا يلزم من كون الحديث لم يصح ان يكون موضوعا (وقد وجدت له شاهدا قويا) اخرجه أبو جعفر بن جرير في التفسير من سورة البقرة من طريق عبد العزيز بن ابي داود عن نافع عن ابن عمر فساق حديثا فيه المعنى المقصود من حديث العباس بن مرداس وهو غفران جميع الذنوب لمن شهد الموقف وليس فيه قول ابي بكر وعمر وقد اوسعت الكلام عليه في مكان غير هذا واورد ابن الجوزي الطريق المذكور ايضا واعلها ببشار بن بكير الحنفي راويها عن عبد العزيز فقال انه مجهول قلت ولم اجد للمتقدمين فيه كلاما وقد تابعه عبد الرحيم بن هانئ الغساني فرواه عن عبد العزيز نحوه وهو عند الحسن بن سفيان في مسنده والحديث(1/105)
على هذا قوي لأن عبد الله بن كنانة لم يتهم بالكذب وقد روى حديثه من وجه آخر وليس ما رواه شاذا فهو على شرط الحسن عند الترمذي وقد اخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في الاحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين والله الموفق (ثم وجدت له طريقا أخرى) من مخرج آخر بلفظ آخر وفيه المعنى المقصود وهو عموم المغفرة لمن شهد الموقف اخرجه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه اخرجه الطبراني في معجمه عن اسحق بن ابراهيم الدبري عنه عن معمر عن من سمع قتادة يقول حدثنا خلاس ابن عمرو عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ايها الناس ان الله عز وجل قد تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم الا (التبعات فيما بينكم ووهب سيئاتكم لمحسنكم واعطى محسنكم ما سأل فاذهبوا باسم الله فلما كان يجمع قال ان الله قد غفر لصالحكم وشفع صالحيكم في طالحيكم ينزل المغفرة فيعممها ثم يفرق المغفرة في الارض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده وابليس وجنوده على جبل عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم فإن انزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل فيقول كيف استفز بهم حقبا من الدهر
349@@@
فرح النبي صلى الله عليه وسلم بنزول قوله تعالى يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
((1/106)
عن عمرو بن مالك الجنبي) (1) أن فضالة بن عبادة وعبادة بن الصامت حدثاه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا كان يوم القيامة وفرغ الله من قضاء الخلق فيبقى رجلان فيؤمر بهما الى النار فيلتفت احدهما فيقول الجبار تعالى ردوه فيردونه قال له لم التفت ؟ قال ان كنت ارجو ان تدخلني الجنة قال فيؤمر له الى الجنة فيقول لقد اعطاني الله عز وجل حتى اني لو اطعمت اهل الجنة ما نقص ذلك ما عندي شيئا قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ذكره يرى السرور في وجهه (عن ثوبان) (2) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب ان لي الدنيا وما فيها بهذه الآية (يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم) فقال رجل يا رسول الله فمن أشرك ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال الا من اشرك ثلاث مرات(1/107)
ثم جاءت المغفرة فعمتهم يتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور رجاله ثقات اثبات معروفون إلا الواسطة الذي بين معمر وقتادة ومعمر قد سمع من قتادة غير هذا ولكن بين هنا انه لم يسمعه إلا بواسطة لكن اذا انضمت هذه الطريق الى حديث بن عمر عرف ان لحديث عباس بن مرداس اصلا (ثم وجدت لاصل الحديث طريقا اخرى) اخرجها ابن منده في الصحابة من طريق ابن ابي فديك عن صالح بن عبد الله بن صالح عن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده زيد قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال أيها الناس ان الله قد تطول عليكم في يومكم هذا فوهب سيئكم لمحسنكم واعطى محسنكم ما سأل وغفر لكم ما كان منكم وفي رواية هذا الحديث من لا يعرف حاله الا ان كثرة الطرق اذا اختلفت المخارج تزيد المتن قوة والله اعلم اهـ كلام الحافظ (1) (سند) حدثنا يعمر بن بشر ثنا عبد الله بن المبارك انا رشدين بن سعد حدثني أبو هايئ الخولاني عن عمرو بن مالك الجنبي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله وثقوا على ضعفه في بعضهم (2) (عن ثوبان الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم في تفسير سورة الزمر من كتاب التفسير وفضائل القرآن في الجزء الثامن عشر صحيفة 260 رقم 412 وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة ولأختتم الجزء بهذه الآية الكريم المبشرة التي فرح بنزولها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت احب اليه من الدنيا وما فيها جعلنا الله تعالى ممن تقبل عملهم وغفر ذنوبهم واباح لهم النظر إلى وجهه الكريم آمين أمين أمين
وإلى هنا قد انتهى الجزء التاسع عشر من كتاب الفتح الرباني مع مختصر شرحه بلوغ
الأماني ووافق تمام طبعه غاية المحرم سنة 1376 هـ ويليه الجزء العشرون
وأوله كتاب خلق العالم من قسم التاريخ نسأل الله الاعانة على التمام
وحسن الختام وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين(1/108)
وامام المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبع
هداهم إلى يوم الدين والحمد لله
رب العالمين(1/109)
@@@ -1-
الفتح الرباني
الترتيب مسند الإمام أحمد ابن حنبل الشيباني
مع مختصر الشرح
بلوغ الأماني
من أسرار الفتح الرباني
كلاهما تأليف أفقر العباد وأحوجهم إلى الله
أحمد عبد الرحمن البنا
الشهير بالساعاتي
خادم السنة السنية بعطف الرسام رقم 5 شارع المعز لدين الله (الغورية سابقا) بمصر
الجزء الرابع عشر
وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلى الصحيفة وبلوغ الأماني في أدناه مفصولا بينهما بجدول
"تنبيه" للحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب أسماء (القول المسدد، في الذب عن مسند الإمام أحمد) أدرجناه جميعه ضمن الشرح موزعا على كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه إليه
دار إحياء التراث العربي
الطبعة الأولى - الثانية
@@@ -2-
بسم الله رحمن الرحيم
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أيده الله بنصره في أحرج الأوقات، وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا وصبروا حتى انتشر الدين والعلم في معظم الآفاق والجهات، وسلم تسليما كثيرا،(أما بعد) فقد أراد الله عز وجل وله الحمد والمنة آن
بسم الله الرحمن الرحيم
(بيان من المؤلف على من سبق اشتراكهم في الفتح الرباني مع شرحه بلوغ الأماني)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن تبع هداه (أما بعد) فهذا شرح(1/1)
لطيف مختصر من شرحي الكبير المسمى (بلوغ الأماني. من أسرار الفتح الرباني) ذكرت فيه مالا بد للطالب منه، مبتدئا بسند الحديث: ثم شرح غريبة مع ضبط ما خفي من ألفاظه، وتوضيح ما استغلق من معانيه، ثم تخرجه مع بيان درجته من القوة والضعف، تاركا ذكر الأحكام والزوائد (أما الأحكام) فيمكن للقارئ معرفتها من الحديث إن كان عالما، فإن كان مبتدئا فليرجع إلى كتابي (القول الحسن شرح بدائع المنن) فقد ذكرت فيه ما يستفاد من أحاديث بدائع المنن من الأحكام، مع ذكر مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم من الصحابة والتابعين، ففيه تبصرة للمبتدئ وتذكرة للمنتهي، وقد تم طبعه والحمد لله في جزءين كبيرين وأصبح ميسورا لكل طالب، وهو كالمفتاح للفتح الرباني، لأن نظام ترتيبهما واحد نفع الله بهما المسلمين (وأما الزوائد) فلا حاجة إليها لأن مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى جمع بين دفتيه كل ما في الكتب الستة أن لم يكن باللفظ فبالمعنى كما قال بعض السلف، ويزيد عنها مثلها تقريبا، وكل ما فيه جاء في كتابي الفتح الرباني فلا ضرورة للزوائد (هذا) وما دعاني إلى اختصار الشرح المذكور إلا الضرورة القصوى لجملة أسباب (منها) أنا كنا نأمل أن يتحسن الحال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ويرجع كل شيء إلى ما كان عليه كما حصل في الحرب العالمية الأولى، ولكن خاب الأمل، فقد استمر الغلاء بنسبة خمسة أضعاف ما كان عليه قبل الحرب وهذه أل نسبة، بل زاد في بعض الأشياء إلى ستة أضعاف وهكذا إلى عشرة، ومن ذلك ورق الطبع، كذلك زادت أجرة العمال بنسبة الغلاء (ومنها) طول الكتاب وأنه لو طبع مع شرحه الكبير كما سبق في الأجزاء التي طبعت لمبلغ أربعين جزءا، وكان في ظني أنه لا يزيد عن ثلاثين جزءا، ولكن الخبراء بفن الطباعة قد روه بأربعين جزءا على الأقل، ويؤيد تقديرهم هذا أننا طبعنا ثلاثة عشر جزءا وصلنا فيها إلى نهاية الحج فقط.(1/2)
وهذا القدر لا يزيد عن ربع الكتاب، إذا كان كذلك فأين المال الذي يكفي للإنفاق على طبعه مع
@@@ -3-
بيان الأسباب التي دعت إلى الشرح
استأنف الطبع في إتمام كتابي (الفتح الرباني) بعد هذه الفترة الطويلة التي قاسي الناس فيها أهوالا وشدة من الغلاء وسوء الحال من أيام الحرب العالمية الثانية إلى الآن: لم نره شدة مثلها من قبل حتى ضعف الأمل في استئناف طبعه: خصوصا بعد ما انتهيت من طبع كتابي بدائع المنن في ترتيب مسند الشافعي والسنن مع شرحه القول الحسن، فقد تحملت في طبعه مشاق لا يعلمها إلا الله عز وجل بالنسبة لغلاء الورق يوما بعد يوم، ولا زال الغلاء مستمرا إلى الآن: ولا يعلم نهاية.(1/3)
الغلاء المستمر؟ بل أين العمر الذي يتسع لذلك حتى النهاية وأنا في نهاية الحلقة السابعة من عمري، لا مال ولا آمال، فكان هذا من دواعي الاختصار (ومنها) أني لما وجدت الغلاء مستمرا تركت التفكير في طبعه ووصيت ولدي حسن البنا غفر الله له بإتمام طبع الكتاب بعد وفاتي إذا لم يتيسر لي إتمام طبعه في حياتي، وكنت مطمئنا بهذه الوصية لعلمي أنه خير من ينفذها لما جبل عليه من حب الخير ونشر العلم: خصوصا وأنه يعلم مقدار ما قاسيته في تأليف الكتاب. فكان جوابه، سيطبع في حياتك إن شاء الله تعالى لا في حياتي، ولم أدر ما خبأه لي القدر، فقد فوجئت باستشهاد في سبيل دعوة الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، إن لله ما أخذ، وله ما له ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، لقد استشهد حسن البنا في سبيل الدعوة إلى الله والرجوع إلى أحكام الله، فعم المصاب لم يكن مصابي أنا وحدي بل مصاب العالم الإسلامي أجمع، لأن الكل يعرف من هو أحسن البنا، تغمدك الله يا ولدي برحمته، وأسكنك فسيح جنته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وجزاك عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وألحقنا بك على الإيمان آمين (عند ذلك) يئست من طبع الكتاب على يد غيري، ولا طاقة لي بذلك، فاشتد كربي وضاق صدري، وحينئذ تذكرت شيئا آخر، و هو مناشدة قادة العلماء و على رأسهم فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر وقتئذ الشيخ مأمون الشناوي غفر الله لي و له: فكتبت إليه خطابا مسجلا بالبريد بشراء شيء من النسخ المطبوعة و توزيعها على مكتبات المعاهد الدينية بالقاهرة و مدن القطر المصري، و نشر الدعاية لهذا الكتاب في المحيط الأزهري بين العلماء و الطلبة، و إرسال شيء منه إلى الأقطار الإسلامية مع البعثات الأزهرية، و بذلك يحصل التعاون الذي ينبغي لكل مسلم فعله، التعاون على البر و التقوى الذي أمر الله به في كتابه، لو حصل ذلك لانتفع الناس بالكتاب و انتفعت بإنفاق(1/4)
ثمنه على طبع سائره، و لكن و يا للأسف جعلت أنتظر الجواب أكثر من سنة فلم يستجب لي حتى لحق بربه رحمه الله. فكان هذا من أسباب الاختصار (و في الوقت ) الذي كتبت فيه إلى شيخ الأزهر كتبت خطابا موجها مسجلا أيضا لحضرة وزير مالية الحكومة العربية السعودية أثناء تشريفه مصر منذ عامين تقريبا بشأن شراء مائتي نسخة مما تم طبعه من الجزء الأول لغاية الثالث عشر: و أن يخاطب بذلك جلالة الملك عبد العزيز آل سعود لما عرف عن جلالته من حب الخير ونشر كتب العلم خصوصا كتب السنة، و جعلت أنتظر الجواب فلم يصلني جواب للآن: فكان هذا أيضا من أسباب الاختصار (و منها) أن بعض العلماء الصالحين.
@@@- 4-
بيان الأسباب التي دعت إلى اختصار الشرح
ذلك إلى الله تعالى، و رغما عن ذلك كله فقد أراد الله عز وجل أن يظهر الجزء الرابع عشر من الفتح الرباني و نستأنف طبعه في هذه الأوقات العصيبة، الأمر الذي لم يكن في الحسبان، و لكن إرادة الله عز و جل فوق كل إرادة (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) سبحانك ربي لا أحصي ثناء عليك فلك الحمد و لك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك، أنت العليم بدقائق الأمور، و ما تخفي الصدور، أسالك أن تيسر لي طبع جميع الكتاب، و أن تنفع به(1/5)
المتواضعين المحبين للسنة المغرمين بالكتاب. الذين ليسو من ذوي الهيئات و لا من أرباب التشريفات الحوا علي في طبع ما بقي من الكتاب فأخبرتهم بكل ما تقدم، فاقترحوا علي أن أطبع الفتح الرباني مجردا عن الشرح . قالوا بذلك يتوفر ثلاثة أرباعه النفقة. و تكون قد خدمت مسند الإمام أحمد الذي هو أجمع كتاب في أصول السنة المعتبرة بطبع ترتيبه لينتفع به أهل العلم و غيرهم، و لو لم يطبع إلا هذا الترتيب الذي لم يسبق له مثيل لكان في ذلك أعظم خدمة للناس، و بغير هذه الطريقة لا يمكن طبعه فتكون قد أضعت المتن و الشرح معا، و ما لا يدرك كله لا يترك كله، فارتاح ضميري لهذا الاقتراح إلا انه عز عليا أن اترك الشرح الذي بذلت فيه مجهودا أكثر من مجهودي في ترتيب المسند. و لكن الله عز وجل ألهمني حلا وسطا، و هو أني أختصر الشرح بالصفة المتقدمة و انشرح صدري لذلك: ففيه توفير أكثر من نصف النفقة و عدم ضياع كل مجهودي في الشرح و انتهى الأمر على الاختصار.
(و من ثم ) أخذت أعمل في اختصار الشرح و لم أفكر في طبعه الآن و لم يخطر ذلك على بال، و بينما أنا مجد في عملي إذ حظر لدي أحد الأصدقاء المخلصين: و العلماء الصوفيين الداعيين إلى الله عز و جل اشترى نسخة من بدائع المنن، ثم قال لي لماذا طبعت بدائع المنن و لم تطبع الجزء الرابع عشر و الخامس عشر من الفتح الرباني بدله؟ فقلت مهلا يا أخي فإني ما طبعت بدائع المنن إلا و جعله وسيلة للإنفاق على طبع الفتح الرباني ثم ذكرت له كل ما تقدم و ما شرعت فيه من الاختصار، فوافق عليه و بدت علائم الأسف على وجهه ثم انصرف، و بع يومين حضر معه رجلين صالحين أحدهما تاجر و الثاني مهندس و أخبرني أنه اتفق معهما و آخرين على مساعدتي بإعطائي شيئا من المال قرضة أستعين به على طبع(1/6)
الكتاب: ثم دفعه إلي فعلا بالمجلس و قال أن هذا المبلغ لا يرد إلا بعد طبع الكتاب و توزيعه: فشكرت لهم هذا الصنيع ودعوت الله أن يبارك لهم في مالهم وأولادهم وأن يكثر من أمثالهم: فكان هذا المال سببا في شراء الورق، أما أجرة الطبع فستكون إن شاء الله تعالى مما يباع من بدائع المنن ومن المطبوع من الفتح الرباني: وقد عودني الله عز وجل الإعانة في مآزق فله الحمد والمنة: وقد أرسلت الأصول إلى المطبعة وشرع العمال في جمع الملزمة الأولى نسأل الله عز وجل الإعانة على التمام وحسن الختام.
21 جمادى الثانية سنة 1370هـ المؤلف
@@@ -5-
اعتذار المؤلف عن ضبط المنن بالشكل الكامل وبيان رموز تختص بالشرح
المسلمين على يوم المآب، وإليكم أيها الإخوان هذا الجزء الرابع عشر مفتتحا بكتاب الجهاد كما وعدنا في نهاية الجزء الثالث عشر وإن لم يكن مضبوطا بالشكل الكامل كسابقه: فإن نفقة الشكل وحده تضاعف أجرة الطبع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد رأينا معظم الكتب عارية عن الشكل في مصر والهند وغيرهما، على أني لم أترك الشكل الضروري لبعض الألفاظ: فقد أثبت بعضه بالحركات في المتن وبعضه بالحروف في الشرح، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب
"رموز واصطلاحات تختص بالشرح"(1/7)
(خ) للبخاري في صحيحه (م ) لمسلم (ق) لهما (د) لأبي داود (مذ) لترمذي (نس) للنسائي (جه) لابن ماجه (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (ك) للحاكم في المستدرك (حب) لابن حبان في صحيحه (خز) لابن خزيمة في صحيحه (بز)للبرزاني في مسنده (طب)للطبراني في معجمه الكبير (طس)له في الأوسط (طص) له في الصغير (ص) لسعيد بن منصور في سننه (ش) لابن أبي شيبة في مصنف (عب) لعبد الرازق في الجامع (عل) لأبي يعلى في مسنده (قط) للدار قطني في سننه (حل) لأبي نعيم في الحلية (هق) للبيهقي في السنن الكبرى (لك) للإمام مالك في الموطأ (فع) للإمام الشافعي في مسنده وسننه فإن اتفق مالك والشافعي على إخراج حديث قلت أخرجه الإمامان (مي) للدارمي في مسنده (طح) للطحاوي في معاني الآثار . وهؤلاء هم أصحاب الأصول والتخريج رحمهم الله (أما الشرح) وأصحاب كتب الرجال والغريب ونحوهم فإليك ما يختص بهم (نه) للحافظ ابن الأثير في كتابة النهاية في غريب الحديث (خلاصة)للحافظ الخزروجي في كتابه خلاصة تذهيب الكمال في أسماء لرجال: ثم إذا قلت قال الحافظ وأطلقت: فمرادي به الحافظ بن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري (وإذا قلت) قال النووي، فالمراد به شرح مسلم، وإذا قلت قال المنذر : فالمراد به الحافظ كي الدين عبد العظيم بن عبد القوى صاحب كتاب الترغيب والترهيب ومختصر أبي داود (وإذا قلت) أل الهيثمي، فالمراد به الحافظ علي ابن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد (وإذا قلت) ل الشوكاني، فالمراد في كتابه نيل الأوطار، (وإذا أشرت إلى الشرح الكبير) فالمراد به شرحي بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني (وإذا قلت بدائع المنن) فالمراد به كتابي بدائع المنن في جمع وترتيب سند الشافعي والسنن (وإذا قلت القول الحسن) فالمراد به شرحي على بدائع المنن والله الموفق.
@@@ -6-
الترغيب في الجهاد في سبيل الله وبيان فضله(1/8)
"كتاب الجهاد"
(أبواب فضل الجهاد والرباط والمجاهدين) (باب فضل الجهاد والترغيب فيه)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سأل رجل رسول الله (ص) أي الأعمال أفضل؟ قال الإيمان بالله، قال ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله، قال ثم ماذا؟ قال حج مبرور (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله تعالى: وجهاد في سبيله (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه قال رسول الله (ص) والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المؤمنين (وفي لفظ على أمتي) ما قعدت خلف سريته تغزو في سبيل الله، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي (وعنه أيضا) قال جاء رجل إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله علمني عملا يعدل الجهاد؟ قال لا أجده، قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدا فتقوم لا تفتر، وتصوم لا تفطر؟ قال لا أستطيع، قال: قال أبو هريرة إن فرس المجاهد يستن في طوله فيكتب له حسنات وعنه أيضا قال قالوا يا رسول الله أخبرنا بعمل يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال لا تطيقونه مرتين أو ثلاثا، قال قالوا أخبرنا فلعلنا نطيقه؟ قال مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد إلى أهله (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في(1/9)
باب (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال سأل رجل الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر الخ (تخريجه) (ق نس جه)عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر أحاديث: منها قال قال رسول الله (ص) الخ (تخريجه ) (ق لك نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا محمد بن جحادة أن أبا حصين حدثه أن ذكر أن حدثه أن أبا هريرة حدثه قال جاء رجل الخ (غريبه) أي يجري ويمرح بنشاط (في طوله) بكسر الطاء المهملة وفتح الواو وهو الحبل الذي يشد به الدابة ويمسك طرفه ويرسل في المرعى (تخريجه) (خ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا سهيلا عن أبيه عن أبي هريرة قال قلوا يا رسول الله الخ (غريبة) بفتح أوله وضم التاء يبينهما فاء ساكنة من باب قعد أي لا ينقطع ولا تنكسر حدته (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معمر ثنا عبد الله أنا سفيان عن زيد
@@@ -7-
وجوب الجهاد في سبيل الله وبيان فضله(1/10)
سبيل الله عز وجل (عن أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها (عن جابر ابن عبد الله) رضي الله عنهما قالوا يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ قال من عقر جواده وأهريق دمه(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) قفلة كغزوة (عن عائشة) رضي الله عنها أن مكاتبا لها دخل عليها ببقية مكاتبه فقالت له أنت غير داخل على غير مرتك هذه فعليك بالجهاد في سبيل الله: فإني سمعت رسول الله (ص) يقول ما خالط قلب امرئ مسلم رهج في سبيل الله إلا حرام الله عليه النار (باب وجوب الجهاد والحث عليه) (عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل، ثم قرأ (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) جاهدوا المشركين(1/11)
العمي عن أبي إياس عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (عل والديلمي) قال الهيثمي وفي إسناده زيد العمي وثقه أحمد وغيره، وضعفه أبو زراعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا بن سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني شر حبيل بن شريك المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلى قال سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول الخ (تخريجه) (م نس د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الحارث ثنا الضحاك بن عثمان عن أبي الحكم بن مينا عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق نس وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي سعيد عن جابر الخ (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق حدثني ليث بن سعد حدثني حبوة ابن شريح عن ابن شفي الأصبحي عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو الخ (غريبه) القفلة هي المرة من القفول وهو الرجوع من السفر، والمراد هنا الرجوع من سفر الغزو كالذهاب إليه في الثواب (تخريجه) (د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبي اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) الرهج بفتحتين الغبار أو المراد غبار القتال في سبيل الله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان ح وعبد الرحمن ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر الخ (تخريجه)( م نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد
@@@ -8-
الحث على الجهاد وأنه عمود الإسلام وذروة سنامه(1/12)
بأموالهم وأنفسهم وألسنتهم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ص) يوم فتح مكة لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية: وإن استنفرتم فانفروا (عن معاذ ابن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال الجهاد عموما الإسلام وذروة سنامه (عن أبي إسحاق) قال قلت للبراء بن عازب رضي الله عنه الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال لا، لأن الله عز وجل بعث رسوله (ص) فقال (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) إنما ذاك في النفقة (عن عمرو بن مرداس) قال أتيت الشام إتية فإذا رجل غليظ الشفتين أو قال ضخم الشفتين الأنف إذا به بين يديه سلاح : فسألوه وهو يقول يا أيها الناس خذوا من هذا السلاح واستصلحوه وجاهدوا في سبيل الله عز وجل، قال رسول الله(ص) قلت من هذا؟ قالوا بلال رضي الله عنه (عن عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها قالت يا رسول الله ألا نخرج نجاهد معكم؟ قال لا، جهادكن الحج المبرور، وهو لكن جهاد (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال : قال رسول الله(ص) عليكم بالجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى فإنه باب من أبواب الجنة (باب ما جاء في فضل الرباط والحرس في سبيل الله تعالى) (عن مصعب بن ثابت) بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه.(1/13)
أنا حماد عن عبد الحميد عن أنس (تخريجه) (د نس حب) وصححه النسائي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زياد بن عبد الله قال ثنا منصور عن مجاهد عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر حدثني عطية بن قيس عن معاذ ابن جبل أن رسول الله (ص) الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وأخرجه الحاكم مطولا وفيه أن النبي (ص) قال لمعاذ رأس الأمر الإسلام، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروة سنامه فالجهاد وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان ابن داود الهاشمي قال أنا أبو بكر عن أبي إسحاق الخ (غريبة) يعني الإلقاء باليد إلى التهلكة هو ترك النفقة في الجهاد في سبيل الله وفي سبل الخير لقوله تعالى(وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (تخريجه) (مذك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي الورد بن ثمامة عن عمرو بن مرداس الخ (تخريجه) رواه البخاري في تاريخه وابن حبان وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا حسين ثنا يزيد يعني ابن عطاء عن حبيب يعني ابن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين الخ (تخريجه) (خ نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية (يعني ابن عمرو) ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن ابن عياش عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت الخ (تخريجه) (طب طس ك) وصححه الحاكم واقره الذهبي (باب) (سنده)
@@@ -9-
فضل الرباط في سبيل الله عز وجل وهو الحرس(1/14)
عنهما قال : قال عثمان بن عفان رضي الله عن وهو يخطب على منبره إني محدثكم حديثا سمعته من رسول الله(ص) ما كان يمنعني أن أحدثكم إلا الضن عليكم، وإني سمعت رسول الله (ص) يقول حرس ليلة في سبيل الله تعالى أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها (عن أبي صالح) مولى عثمان بن عفان قال سمعت عثمان رضي الله عنه بمنى يقول يا أيها الناس إني أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله (ص) يقول رباط يوم في سبيل الله تعالى أفضل من ألف فيما سواه فليرابط امرؤ كيف شاء هل بلغت؟ قالوا نعم قال اللهم اشهد (عن عبد الله ابن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال رباط يوم خير من صيام شهر وقيامه (عن ابن أبي زكريا الخزاعي) عن سلمان الخير (يعني الفارسي) رضي الله عنه أنه سمعه وهو يحدث شر حبيل بن السمط وهو مرابط على الساحل يقول سمعت النبي (ص) يقول من رابط يوما أو ليلة كان له صيام كصيام شهر للقاعد، ومن مات مرابطا في سبيل الله أجرى الله أجره الذي كان يعمل أجر صلاته وصيامه ونفقته، ووقي من فتان القبر وأمن من الفزع الأكبر (وعنه من طريق ثان) عن سلمان أيضا أنه سمع رسول الله(ص) يقول رباط يوم وليلة في سبيل الله كصيام شهر وقيامه (زاد في رواية صائما لا يفطر، وقائما لا يفتر) وإن مات جرى عليه أجر المرابط حتى يبعث ويؤمن الفتان (فضالة بن عبيد) رضي الله عنه(1/15)
.حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا كهمس عن مصعب بن ثابت الخ (غريبة) الضن بكسر الضاد المعجمة مشددة أي البخل، والمعنى أن عثمان رضي الله عنه كان يبخل بتبليغ هذا الحديث لأصحابه خشية فراقهم، ولكن لما كان تبليغ العلم مطلوبا شرعا آثر تبليغ ما سمعه من رسول الله (ص) وإن كان فيه مفارقة الأصحاب (تخريجه) (مذ جه طب هق ك) وصححه وأقره الذهبي، وقال الحافظ إسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا ابن الهيعة ثنا زهرة بن معبد عن أبي صالح الخ (غريبة) الرباط بكسر ففتح مخففا: ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين (تخريجه)(نس مذ ك) وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بنم عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا ابن أبي جعفر عن أبان بن صالح عن ابن أبي زكريا الخزاعي الخ (غريبة) أي يكون أجره مستمرا إلى يوم القيامة كما يستفاد من الطريق الثانية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن أبي زكريا الخزاعي عن سلمان أيضا أنه سمع رسول الله (ص) (تخريجه) (م نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا ابن مالك ابن المبارك عن حيوة (م2 الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -10-
فضل الرباط في سبيل الله عز وجل وهو الحرس(1/16)
عن رسول الله (ص) قال من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة (قال حيوة) يقول رباط أو حج أو نحو ذلك (عن إسحاق بن عبد الله) عن أم الدرداء ترفع الحديث قالي من رابط في شيء من سواحل المسلمين ثلاث أيام أجزأت عنه رباط سنة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) من مات مرابطا وقي فتنة القبر وأمن من الفزع الأكبر وغدق عليه ريح برزقه من الجنة وكتب له أجر الرابط إلى يوم القيامة (عن سهل بن معاذ) عن أبيه رضي الله عبه عن رسول الله (ص) انه قال من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله تبارك وتعالى متطوعا لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم: فإن الله تبارك وتعالى يقول (وإن منكم إلا واردها) (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر، قال وسمعت رسول الله(ص) يقول.(1/17)
ابن شريح قال أخبرني أبو هانئ الخولاني أن عمرو بن مالك الجني أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يحدث عن رسول الله (ص) الخ (غريبة) معناه إن كان مرابطا بعث مرابطا، وإن كان حاجا بعث محرما ملبيا (تخريجه) ولفظه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله (ص) قال كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر، قال المنذري وأخرجه الترمذي وقال حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن عيسى قال ثنا إسماعيل ابن عياش عن محمد بن عمرو بن طلحة الدؤلى عن إسحاق بن عبد الله الخ (غريبة) معناه أن الله عز وجل يضاعف له فيها الحسنات إلى مائة وعشرين ضعفا، فيكون اليوم الواحد كثواب مائة وعشرين يوما، وذلك بإخلاص النية وصدق العزيمة (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود قال ثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أنه يرزق في الجنة كالشهداء (تخريجه)(جه حب) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجة إسناده صحيح (قلت) ليس في إسناده عند ابن ماجة ابن لهيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ذبان وثنا يحيى بن غيلان ثنا رشيدين عن سهل بن معاذ عن أبيه رضي الله عنه الخ (غريبة) أي لا يكرهه على ذلك سلطان أو أمير بل خرج طائعا مختارا ابتغاء مرضاة الله تعالى (تخريجه) رواه الإمام أحمد هما بإسنادين أحدهما فيه ابن لهيعة والثاني فيه رشيدين وكلاهما متكلم فيه : وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وفي أحد إسنادي أحمد ابن لهيعة وهو أحسن حالا من رشيدين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال أخبرني أبو هاني الخولاني أن عمرو بن مالك الجني أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد رضي الله عنه
@@@ -11-(1/18)
فضل المرابط في سبيل الله عز وجل
المجاهد من جاهد عن نفسه لله أو قال في الله عز وجل (وعن عقبة بن عامر) رضي الله عنه عن النبي (ص) مثله (عن أبي ريحانة) رضي الله عنه قال كنا في غزوة فأتينا ذات ليلة إلى شرف فبتنا عليه فأصابنا برد شديد حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها ويلقى عليه الحجفة يعني الترس، فلما رأى ذلك رسول الله (ص) من الناس نادى من يحرسنا الليلة وادعوا له بدعاء يكون فيه فضل؟ فقال رجل من الأنصار أنا يا رسول الله، فقال أدنه، فدنا فقال من أنت فتسمى له الأنصاري ففتح رسول الله (ص) بالدعاء فأكثر منه، قال أبو ريحانة فلما سمعت ما دعى به رسول الله (ص) قلت أنا رجل آخر، فقال أدنه، فدنوت، فقال من أنت؟ فقلت أنا أبو ريحانة، فدعا هو دون ما دعا للأنصاري، ثم قال حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، أو قال حرمت النار على عين أخرى ثالثة لم يسمعها محمد بن سيرين (باب ما جاء في فضل المجاهدين في سبيل الله) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) خرج عليهم وهم جلوس فقال ألا أحدثكم بخير الناس منزلة؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال رجل ممسك برأس فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل، أفأ خبركم بالذي يليه؟ قالوا نعم يا رسول الله، قال امرؤ معتزلة في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس، أفأ خبركم بشر الناس منزلة؟ قالوا نعم، قال الذي يسأل بالله ولا يعطى به (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله(ص) يوم خطب الناس بتبوك، ما في(1/19)
قال سمعت رسول الله (ص) الخ (تخريجه) (د مذ) وقال حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا ابن لهيعة ثنا مشرح (بوزن منبر) قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله(ص) يقول فذكر نحو الحديث المتقدم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن ا هـ (فائدة) قال الحافظ ابن كثير إذا قال ابن لهيعة في حديثه حدثنا فحديثه حسن، وقد قال في هذا الحديث حدثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب قال حدثني عبد الرحمن بن شريح قال سمعت محمد بت سمير الرعيني يقول سمعت أبا عامرا التجيني: قال أبي وقال غيره الجني يعني غير زيد أبو علي الجني يقول سمعت أبا ريحانة يقول كنا مع رسول الله (ص) الخ(قلت) ومعنى قوله قال أبي الخ. أن غير زيد بن الحباب روى هذا الحديث فقال في رواته سمعت أبا علي للجني يدل أبي عامر التجيني (غريبة) أي مكان مرتفع وهو أحد رجال السند (تخريجه) (طب طس ك) وصححه الحاكم: وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات.
باب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب عن عطاء بن يسار مرسلا (سنده)
@@@ -12-
مباهاة الله عز وجل ملائكته بالمجاهدين في سبيل الله(1/20)
الناس مثل رجل آخذ برأس فرسه يجاهد في سبيل الله عز وجل ويجتنب شرور الناس، ومثل آخر باد في نعمة يقري ضيفه ويعطي حقه (عن مالك ابن يخامر) أن معاذ ابن جبل رضي الله عنه حدثهم أن رسول الله (ص)يقول من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة (وفي لفظ) وفواق ناقة قدر ما تدر لبنها لمن حلبها، ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقا ثم مات أو قتل فله أجر شهيد، ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغذ ما كانت : لونها كالزعفران وريحها كالمسك، ومن جرح جرحا في سبيل الله فعليه طابع الشهداء (عن ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي قال عجب ربنا عز وجل من رجلين، رجل ثار عن وطائه ولحافه بين أهله وحيه إلى صلاته، فيقول ربنا يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ومن بين حيه وأهله إلى صلاته رغبة فيها عندي وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله عز وجل فانهزموا فعلم ما عليه من القرار وماله من الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عنيد وشفقة مما عندي، فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه (عن النعمان ابن البشير) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله حتى يرجع متى يرجع (عن عمروا بن عبسة) قال سمعت رسول الله(ص)(1/21)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حبيب ابن شهاب حدثني أبي قال سمعت ابن عباس يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريج قال سليمان بن موسى ثنا مالك ابن يخامر الخ (غريبة) النكبة المصيبة والجمع نكبات مثل سجدة وسجدات، والمراد هنا ما يصيب الإنسان من الحوادث التي فيها جراح من غير العدو كوقوعه من على دابته، أو وقوع سلاح عليه أو نحو ذلك معناه أكثر دما بفتح الباء الموحدة الخاتم يختم به على الشيء يعني ليعلم أنه شهيد (تخريجه) (د مذ) وقال حديث حسن صحيح: وأخرجه أيضا الحاكم وقال صحيح على شرطهما (قلت) وأقره الذهبي (سنده) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح عفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان أنا عطاء بن السائب عن مرة الهمداني عن ابن مسعود الخ(غريبة) أي خوفا من شدة العقاب (تخريجه) (د ك) وحسنه الحافظ السيوطي وصححه الحاكم وأقره الذهبي(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سماك عن النعمان بن بشير الخ(تخريجه) (بز طب) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا جرير عن سليم يعني ابن عامر أن شرحبيل بن السمط قال لعمرو بن
@@@ - 13-
من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار(1/22)
يقول من رمى بسهم في سبيل الله، فبلغ فأصاب أو أخطأ كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل (عن شرحبيل بن السمط) أنه قال لكعب بن مرة رضي الله عنه يا كعب بن مرة حدثنا عن رسول الله (ص) واحذر، قال سمعت رسول الله (ص) يقول ارموا أهل صنع من بلغ العدو بسهم رفعه الله به درجة، قال فقال عبد الرحمن ابن أبي النحام يا رسول الله وما الدرجة؟ قال فقال رسول الله (ص) أما إنها ليست بعتبة أمك، ولكنها بين الدرجتين مائة عام (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي (ص) فيما يحكى عن ربه تبارك وتعالى. قال أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له أن أرجعه بما أصاب من أجر وغنيمة، وإن قبضته أن غفر له وأرحمه وأدخله الجنة (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنها قال سمعت رسول الله (ص) يقول. من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام من النار (عن عمرو بن عبسة) السلمى رضي الله عنه عن النبي (ص) قال من قاتل في سبيل الله عز وجل فواق ناقة حرم الله على وجهه النار (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله(1/23)
عبسة حدثنا حديثا ليس فيه ترديد ولا نسيان قال عمرو سمعت رسول الله(ص) يقول من أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار عضوا بعضو، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة: ومن رمى بسهم في سبيل الله الخ (تخريجه) (ك والأربعة) وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه أيضا الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو ابن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط الخ (غريبة) بضم الصاد المهملة وفتحها أي يا أهل الصناعة لأنهم كانوا يتقنون صنعة السيوف والسهام وكانوا يحسنون الرمي فخاطبهم النبي (ص) بذلك تشجيعا لهم معناه ليس ارتفاع الدرجة العالية من الدرجة السافلة مثل ارتفاع درجة بيتكم (تخريجه) (نس حب) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبيس ثنا روح ثنا حماد ابن سلمة عن يونس عن الحسن عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ص مذ) وقال حسن صحيح غريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن الربيع ثنا ابن مبارك عن عتبة بن أبي الحكم عن حصين عن أبي المصبح عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه)(حب عل) وسنده جيد وله شاهد من حديث أبي عبس عند (خ مذ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن ابن عبسة الخ (غريبة) بضم الفاء وفتحها أي قدر ما تدر لبنها لمن حلبها (تخريجه) لم أقف عليه الإمام أحمد وفيه عبد العزيز بن عبد العزيز بن عبيد الله ضعيف ولكن حسنة الحافظ السيوطي والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس الخ
@@@ -14-
ما أعده الله للمجاهدين في فضل الكرامة(1/24)
ص لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قده يعني سوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو طلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ولطاب ما بينهما ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها (عن سهل بن سعد الساعدي) رضي الله عنه عن النبي (ص) نحوه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلا من أصحاب النبي (ص) مر بشعب فيه عين عذبة قال فأعجبته يعني طيب الشعب فقال لو أقمت هاهنا وخلوت: ثم قال لا حتى أسال النبي (ص) فسأله، فقال مقام أحدكم يعني في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة، أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة؟ جاهدوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة(وعنه أيضا) عن النبي (ص) قال لا يلج النار أحد بكى من خشية الله عز وجل حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري امرئ أبدا (وفي لفظ) ف منخري مسلم أبدا (عن أبي صالح) عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) لا يجتمع في النار من قتل كافرا ثم سدد بعده (ومن طريق ثاني) عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي (قال لا يجتمع الكافر وقاتله من المسلمين في النار أبدا (عب أبي بكر بن عبد الله بن قيس) قال سمعت أبي "يعني أبنا موسى الأشعري" وهو العدو يقول(1/25)
(غريبة) ألقاب وألقيب بمعنى القدر يقال بيني وبينه قاب رمح وقاب قوس أي مقدارهما لفظ البخاري لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا أي ذكية طيبة أي خمارها التي تغطى به رأسها (تخريجه)(ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عصام بن خالد وأبو النضر قالا ثنا العطاف ابن خالد عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال سمعت رسول الله (ص) يقول غدوة في سبيل الله خير من الدنيا و ما فيها، وروحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، (تخريجه) (خ مذ حه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا هشم بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي ذباب عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد وأبو عبد الرحمن قال يزيد أنا المسعودي عن محمد مولى آل طلحة عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (نس مذ ك هق) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد عن سهيل عن أبي صالح عن أبيه الخ (غريبة) أي لازم الاستقامة وطاعة الله عز وجل بعد قتله إلى أن مات (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه الخ (تخريجه) (م نس هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني
@@@ -15-
أبواب الجنة تحت ضلال السيوف(1/26)
سمعت رسول الله (ص) يقول أن أبواب الجنة تحت ضلال السيوف، قال فقام رجل من القوم رث الهيئة، فقال يا أبا موسى أنت سمعت هذا من رسول الله (ص)؟ قال نعم. قال فرجع إلى أصحابه، فقال أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه فضرب به حتى قتل (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه يرفع الحديث إلى النبي (ص) قال: قال رسول الله (ص) لا يجمع الله في جوف رجل غبار في سبيل الله ودخان نار جهنم، ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرم الله سائر جسده على النار، ومن صام يوما في سبيل الله باعد الله عنه النار مسيرة ألف سنة للراكب المستعجل، ومن جرح جراحة في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء وله نور يوم القيامة: لونها مثل لون الزعفران وريحها مثل ريح المسك، يعرفه بها الأولون والآخرون: يقولون فلان عليه طابع الشهداء، ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة(عن أبي المصبح الأوزاعي) حدثهم قال بينهما نسير في درب قلمية إذ نادى الأمير مالك بن عبد الله الخثعمي رجلا يقود فرسه في عراض الجبل يا أبا عبد الله ألا تركب؟ قال إني سمعت رسول الله (ص) يقول من اغبرت قدماه في سبيل الله عز وجل ساعة من نهار فهما حرام على النار ( عن مالك بن عبد الله الخثعمي) قال : قال رسول الله (ص) من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار (عن سهل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) أنه أمر أصحابه(1/27)
أبي ثنا بهز ثنا جعفر بن سليمان ثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الخ (غريبة) بفتح الجيم وإسكان الفاء وبالنون يعني غمد سيفه الذي يوضع فيه: وإنما فعل ذلك لأنه عزم على الاستماتة في القتال وعدم الرجوع ورغبة في الجنة، ولذلك ودع أصحابه رضي الله عنه (تخريجه) (م مذ ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد قال ثنا أبو يعقوب يعني إسحاق بن عثمان الكلابي قال سمعت خالد بن دريك يحدث عن أبي الدرداء الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن خالد بن ديريك لم يدرك أبا الدرداء(قلت) وكذلك قال المنذري إلا أنه قال وقيل سمع منه والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن جابر أن أبن المصبح الأوزاعي حدثهم قال بينما نسير الخ (غريبة) المصبح بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة مشددة (وقوله الأوزاعي) هكذا بالأصل وجاء في الترغيب والترهيب للمندزي المقراني بكسر الميم وسكون القاف بدل الأوزاعي وكذلك جاء في التقريب والله أعلم هو جابر بن عبد الله كما صرح بذلك في رواية ابن جبان (تخريجه) (طب عل حب) ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن عبد الله الشعبي عن ليث بن المتوكل عن مالك بن عبد الله الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني
@@@ -16-
المبالغة في فضل المجاهدين في سبيل الله عز وجل(1/28)
بالغزو وأن رجلا تخلف وقال لأهله أتخلف حتى أصلي مع رسول الله (ص) الظهر ثم أسلم عليه وأودعه فيدعو لي بدعوة تكون شافعة يوم القيامة، فلما صلى النبي (ص) أقبل الرجل مسلما عليه فقال له رسول الله (ص) أتدري بكم سبقك أصحابك؟ قال نعم سبقوني بغدوتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد سبقوك بأبعد ما بين المشرقين والمغربين في الفضيلة (وعنه أيضا عن أبيه) عن النبي (ص) أن امرأة أتته فقالت يا رسول الله انطلق زوجي غازيا وكنت أقتدي بصلاته إذا صلى وبفعله كله، فأخبرني بعمل يبلغني عمله حتى يرجه، فقال لها أتستطيعين أن تقومي ولا تقعدي؟ وتصومي ولا تفطري؟ وتذكري الله تبارك وتعالى ولا تفتري حتى يرجع؟ قالت ما أطيق هذا يا رسول الله، فقال والذي نفسي بيده لو طوقتيه ما بلغت العشر من عمله حتى يرجع (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال بعث رسول الله (ص) ابن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة: فقال فقدم أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع النبي (ص) الجمعة ثم ألحقهم، قال فلما رآه (ص) قال ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال أردت أن أصلي معك الجمعة، قال فقال رسول الله (ص) لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم (عن جبير ابن النفير) أن سلمة بن النفيل أخبرهم أنه أتى النبي (ص) فقال إني سئمت الخيل وألقيت السلاح ووضعت الحرب أوزارها. قلت لأقاتل، فقال النبي (ص) الآن جاء القتال، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس: يزيغ الله قلوب أقوام فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك، ألا إن عقر دار المؤمنين الشام، والخيل معقود بنواصيها الخير.(1/29)
أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ذبان ثنا سهل عن أبيه يعني معاذ بن أنس الجهني (غريبة) يعني مشرق الشتاء ومشرق الصيف والمغربين كذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ذبان بن فايد وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشيدين عن ذبان عن سهل عن أبيه الخ (غريبة) بضم التاء الفوقية أي لا تنقطعي عن الذكر (تخريجه) (طب) وأورده المنذري وقال رواه أحمد من رواية رشيدين بن سعد وهو ثقة عنده ولا بأس بحديثه في المتابعات والرقائق اهـ (قلت) وفيه ذبان بن فايد وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة كما قال الهيثمي لكن لهذا الحديث في الصحيحين وغيرهما شواهد تعضده وقد تقدمت (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي نافع قال ثنا إسماعيل بن عياش عن إبراهيم ابن سليمان عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد
@@@ - 17-
رؤيا النبي (ص) في فضل المجاهدين في البحر(1/30)
إلى يوم القيامة (باب فضل المجاهدين في البحر)(عن أنس بن مالك) عن أم حرام رضي الله عنهما أنها قالت، بينا رسول الله (ص) قائلا في بيتي إذا استيقظ وهو يضحك، فقلت بأبي وأمي أنت ما يضحكك؟ فقال عرض على ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر كالملوك على الأسرة فقلت ادع الله أن يجعلني منهم، قال اللهم اجعلها منهم، ثم نام أيضا فاستيقظ وهو يضحك، فقلت بأبي وأمي ما يضحكك؟ قال عرض على الناس من أمتي يركبون هذا البحر كالملوك على الأسرة، فقلت ادع الله أن يجعلني منهم، فقال أنت من الأولين فغزت مع عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان زوجها فوقصتها بغلة شبهاء فوقعت فماتت (عن عبد الله) بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري قال سمعت أنس بن مالك يقول اتكأ رسول الله (ص) عند ابنة ملحان قال فرفع رأسه فضحك، فقالت مم ضحكت يا رسول الله ؟ فقال من أناس من أمتي يركبون هذا البحر الأخضر غزاة في سبيل الله: مثلهم كمثل الملول على الأسرة، قالت ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم، فقال الله اجعلها منهم، فنكحت عبادة بن الصامت قال فركبت في البحر مع ابنها قرظة حتى هي قفلت ركبت دابة لها بالساحل.(1/31)
ورجاله كلهم ثقات ولهم شواهد كثير عند الشيخين وغيرهما تعضده (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا حماد يعني ابن سلمة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس بن مالك الخ (غريبة) بفتح الحاء المهملة هي بنت ملحان بكسر الميم وسكون اللام أخت أم سليم كما صرح بذلك في رواية أبي داود وهي خالة أنس بن مالك أي نائما في بيتها وقت القيلولة لأنها كانت محرما له كما ذكره النووي وغيره أي البحر الأخضر كما صرح بذلك في رواية أنس من مسنده وستأتي بعد هذا (وهو بحر الإسكندرية) قال الحافظ موقع التشبيه أنهم فيما هم فيه من النعيم الذي أثيبوا به على جهادهم مثل ملوك الدنيا على أسرتهم: والتشبيه بالمحسوسات أبلغ في نفس السامع اهـ زاد في رواية عند البخاري ولست من الآخرين، وفيه دلالة على أن رؤياه الثانية غير الأولى وأنه عرض فيها غير الأولين تزوجها عبادة بعد قصة الرؤيا وقبل الغزو كما يستفاد من رواية مسلم (فتزوجها عبادة بن الصامت بعد فغزا في البحر فحملها معه، فلما جاءت قربت لها بغلة فركبتها فصرعتها فاندلقت عنقها) وهذا معنى قوله قنا فوقصتها لأن الوقص بفتح الواو وكسر العنق (تخريجه) (ق لك.د وغيرهم) وهذا الحديث جاء عند الإمام أحمد في مسند أم حرام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري الخ(غريبة) هي أم حرام المذكورة في الحديث السابق، وهذا الحديث من مسند أنس: والذي قبله من مسند أم حرام أي رجعت من الغزو (وقوله بالساحل) أي ساحل الشام، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية (م3- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -18-
رؤيا النبي (ص) في فضل المجاهدين في البحر(1/32)
فوقصت بها فسقطت فماتت (عن زيد بن أسلم) عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت نام رسول الله (ص) ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت تضحك مني يا رسول الله؟ قال لا ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم مثل الملوك على الأسرة، فقالت ثم نام استيقظ أيضا يضحك فقلت تضحك يا رسول الله مني قال لا: ولكن من قوم يخرجون غزاة في البحر فيرجعون قليلة غنائمهم مغفورا لهم : قالت ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها: قال فأخبرني عطاء بن يسار قال فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم معنا فماتت بأرض الروم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال بينما رسول الله (ص) في بيت بعض نسائه إذ وضع رأسه فنام فضحك في منامه، فلما استيقظ قالت له امرأة من نسائه لقد ضحكت في منامك، فما أحكك؟ قال أعجب من ناس من أمتي يركبون هذا البحر حول العدو يجاهدون في سبيل الله فذكر لهم خيرا كثيرا(1/33)
البخاري من طريق الليث بلفظ، فخرجت مع زوجها عبادة غازيا ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما انصرفوا من غزوهم قافلين نزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت، فهو صريح في أن أم حرام ماتت بساحل الشام، وحكى الحافظ عن هشام بن عمار قال رأيت قبرها بساحل حمص (تخريجه)(خ وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار الخ (غريبة) لم يصرح باسم المرأة في هذه الرواية والظاهر أنها غير إم حرام التي مر ذكرها، وأن هذه قصة أخرى غير تلك، لأن عطاه ذكرانها حدثته (قال الحافظ) وهو يصغر عن إدراك إم حرام وعن أن يغزو في سنة ثمان وعشرين بل وفي سنة ثلاث وثلاثين، لأن مولده على ما جزم به عمرو بن علي وغيره كان في سنة تسع عشرة، وعلى هذا فقد تعددت القصة اهـ (قلت) جاء في سنن أبي داود عن عطاء بن يسار عن أخت سليم الرميصاء قالت نام النبي(ص) فذكر الحديث: وقد صرح فيه باسمها وأنها الرميصاء أخت أم سليم، قال الحافظ لعلها أختها أم عبد الله بنت ملحان، فيحتمل أن تكون هي صاحبة القصة التي ذكرها عطاء بن يسار، وتكون تأخرت حتى أدركها عطاء والله أعلم ثبت في حديث أم حرام عند الشيخين أن أمير الغزوة كان معاوية، وفي هذه القصة أن أميرها كان المنذر بن الزبير وهذا أيضا دليل على تعدد القصة تقدم أن أم حرام ماتت بساحل الشام ودفنت هناك بساحل حمص وهذه ماتت بأرض الروم قاله الحافظ، وعلى هذا فقد تعددت القصة لأم حرام ولأختها أم عبد الله فلعل إحداهما دفنت بساحل قبرص والأخرى بساحل حمص والله أعلم (تخريجه) (مذ نس) بألفاظ مختلفة وقال الترمذي حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي إسحاق حدثني محمد بن ثابت العبدي عن جبلة بن عطية عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس الخ(غريبة) أي أجرا عظيما وثوابا جزيلا وهذه قصة ثالثة وقعت في بيت بعض نساء النبي (ص) غير قصة أم حرام وقصة أختها(1/34)
الرميصاء، لا مانع من تعدد القصة على هذا النحو لأهمية الغزو في البحر والله أعلم
@@@ -19-
يثاب المجاهد على قدر نيته
(باب إخلاص النية في الجهاد، وما جاء في أخذ الأجرة عليه) (عن عبد الله بن عتيك) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقوا من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله عز وجل ثم قال بأصابعه هؤلاء الثلاث، الوسطى والسبابة والإبهام فجمعهن، وقال وأين المجاهدون فخر عن دابته ومات فقد وقع أجره على الله تعالى، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله تعالى أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله عز وجل، والله أنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله (ص) (فمات فقد وقع أجره على الله تعالى) ومن مات قعصا فقد استوجب المآب (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه الله و أطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله، وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى الإمام وأفسد(1/35)
(تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وعزاه للإمام أحمد فقط وقال فيه محمد بن ثابت العبدي وثقه ابن معين في رواية وكذلك النسائي وبقية رجاله ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن عتيك أحد بني سلمة عن أبيه عبد الله بن عتيك الخ (غريبة) القول هنا بمعنى الفعل أي أشار بأصابعه الخ، والظاهر والله أعلم أن معنى الإشارة بالثلاثة الأصابع النفس والسلاح والفرس القائل وأين المجاهدون هو الرجل الذي خرج من بيته مجاهدا يعني أنه يستفهم عن مكان المجاهدين ليلتحق بهم فخر عن دابته قبل الوصول إليهم فمات فهذا يكتب له ثواب المجاهد لنيته وإخلاصه الحتف بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة من فوق الهلاك، والمراد به هنا الموت على فراشه من غير قتل بل كان مع المجاهدين فمات كذلك لعله يعني قوله (ص) (أو مات حتف أنفه) هذه الجملة التي بين دائرتين وهي قوله (فمات فقد وقع أجره على الله) جاءت في الأصل في هذا الموضع في الحديث ولا معنى لها فيه، والظاهر أنها كررت من الناسخ: ويؤيد ما ذكرنا أن الحافظ ابن كثير أتى بهذا الحديث نفسه في تفسيره عاريا منها، وكذلك الحاكم في المستدرك والله أعلم القعص بتقديم القاف على العين أن يضرب الإنسان فيموت: يقال قعصته إذا قتلته قتلا سريعا (وقوله فقد استوجب المآب) معناه حسن المرجع بعد الموت، وفي بعض الروايات فقد استوجب الجنة (تخريجه) (طب) والبخاري في التاريخ والحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا حيوة بن شريح ويزيد ابن عبد ربه قالا ثنا بقية وهو ابن الوليد حدثني بجيرة بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي بحيرة عن معاذ بن جبل الخ (غريبة) أي الناقة العزيزة عليه المختارة عنده وقيل نفسه (وياسر الشريك) أي أخذ باليسر والسهولة مع الرفيق نفعا بالمعونة أي بأن لم(1/36)
يتجاوز الحد المشروع في نحو قتل ونهب وتخريب نبهه بضه النون وسكون الباء الموحدة وفتح الهاء الأولى أي يقظته وانتباهه من نومه
@@@ -20-
حكم من أخذ الأجرة على الجهاد
في الأرض فإنه لم يرجع بالكفاف(عن عبادة بن الصامت)رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من غزا في سبيل الله وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي(ص) فقال يا رسول الله رأيت الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟ قال فقال رسول الله (ص) من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرض الدنيا فقال رسول الله(ص)لا أجر له ، ثم عاد الثالثة فقال رسول الله(ص)لا أجر له (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي عنهما قال سمعت النبي (ص) يقول من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الأخرى ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال شهدنا رسول الله (ص)يوم خيبر فقال لرجل يعني يدعي الإسلام هذا من أهل النار، فلما حضر القاتل قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة: فقيل يا رسول الله أن الرجل الذي قد قلت له إنه من أهل النار(1/37)
فإنه المراد بالكفاف هنا الثواب أي لم يرجع بخير أو بثواب يغنيه يوم القيامة(تخريجه)(د مذ هق ك)وصححه الحاكم وأقره الذهبي(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جده عبادة بن الصامت الخ (غريبة) بكسر العين المهملة هو ما يربط به ركبة البعير، والمعنى أن من غزا الأجل شيء من الغنيمة ولو تافها كعقال البعير فليس له إلا ما نوى(تخريجه)(نس ك حب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي(سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن أبي موسى الخ(تخريجه)(ق والأربعة)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عياش عن بكيرة بن عبد الله بن الأشج عن ابن مكرزعن أبي هريرة الخ(تخريجه)(د حب ك)وصححه الحاكم وأقره الذهبي(سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي يزيد أنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عياش عن بكيرة بن عبد الله بن الأشج عن ابن مكرز عن أبي هريرة الخ(تخريجه)(د حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي(سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة وابن العاص يقول سمعت النبي(ص) الخ(غريبة)أي من الآخرة أي يستوفوه كاملا في الآخرة(تخريجه)(م د نس جه) (سنده)حدثنا عبد الله حدثني
أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن عباس ابن المسيب عن أبي هريرة الخ(غريبة)أي لأنه منافق غير مؤمن وقد أعلمه الله عز وجل
@@@ -21-
إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر(1/38)
قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات، فقال النبي(ص)إلى النار:فكاد بعض الناس أن يرتاب : فبينما هم على ذلك إذ قيل فإنه لم يمت ولكن به جراح شديدة، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي(ص)بذلك فقال الله أكبر أشهد أن لا أني عبد الله ورسوله ثم أمر بلالا فنادى في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، إن الله يؤيد هذا الذين بالرجل الفاجر(عن سهل بن سعد)الساعدي رضي الله عنه قال كان مع رسول الله(ص)رجل في بعض مغازيه فأبلى بلاء حسنا، فعجب المسلمون من بلائه : فقال النبي(ص)أما إنه من أهل النار قلنا في سبيل الله مع رسول الله، الله ورسوله أعلم، قال فخرج الرجل فلما اشتد به الجراح وضع ذبابة سيفه بين ثدييه ثم اتكأ عليه فأتى رسول الله(ص)فقيل له الرجل الذي قلت له ما قلت قد رأيته يتضرب والسيف والسيف بين أضعافه: فقال النبي (ص) إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يبدو للناس وإنه لمن أهل النار، وإنه ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل الجنة(زاد في رواية)وإنما الأعمال بالخواتيم(عن يعلى بن أمية)رضي الله عنه قال كان النبي(ص)يبعثني في سرايا فبعثني ذات يوم في سرية وكان رجل يركب ثقلي فقلت له ارحل فإن النبي(ص)قد بعثني في سرية : فقال ما أنا بخارج معك: قلت ولم؟ قال حتى تجعل لي ثلاثة دنانير، فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي(ص)فقال له ليس من غزاة هذه ومن دنياه(1/39)
بحال الرجل عن طريق الوحي(وما ينطق عن الهوى)إنما كبر(ص)ونشهد شكرا لله على إظهار صدقة ودفع الريبة عن بعض الناس الفاجر له معان كثيرة والمراد هنا الكافر، والمعنى أن الله عز وجل يقوي الدين ويشيد أركانه ويرفع شأنه بمؤازرة الرجل الكافر ومظاهرته لأهل الدين ورجال اليقين وليس منهم في شيء والله أعلم(سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الرحمن يعني ابن عبد الله بن دينار عن أبي حازم عن سهل بن سعد الخ(غريبة)أي يضرب ويتحرك(وقوله والسيف بين أضعافه)أي عظامه وهو جمع ضعف بالكسر، قال في القاموس أضعاف الكتاب أي أثناء سطوره وحواشيه، ومن الجسد أعضاؤه أو عظامه، الواحدة ضعف بالكسر اهـ(تخريجه)(ق وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الهيثم بن خارجة قال ثنا بشير ابن طلحة أبو نصر الحضرمي أو الخشنى عن خالد بن دريك عن يعلى بن أمية الخ(غريبة)بضم أوله ثم راء مفتوحة بعدها كاف مشددة مكسورة قال في القاموس ركبه تركيبا وضع على بعض فتركب وتراكب(والثقل)محركة متاع المسافر وحشمه وكل شيء نفيس مصون اهـ ومعناه أن رجلا كان يعاونني في وضع أمتعتي وتحميلها على البعير بفتح الحاء المهملة يقال رحل البعير شد على ظهره
@@@ -22-
من جاهد لأجل حطام الدنيا فحظه ما أخذ منها(1/40)
ومن آخرته إلا ثلاثة الدنانير (عن أيوب) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول أنها ستفتح عليكم الأمصار، وسيضربون عليكم بعوثا ينكر الرجل منكم البعث فيتخلص من قومه ويعرض نفسه على القبائل، يقول من أكفيه بعث كذا وكذا: ألا وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه (عن رويفع بن ثابت) أنه غزا مع رسول الله (ص) قال وكان أحدنا يأخذ الناقة على النصف مما يغنم حتى أن لأحدنا القدح وللآخر النصل والريش (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) للغازي أجره: وللجاعل أجره وأجر الغازي (باب فضل إعانة المجاهد وتجهيزه وخلفه في أهله والنفقة في سبيل الله عز وجل) (عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه قال: قال رسول(1/41)
الرجل وبابه قطع، ومعناه أنه يأمره بالخروج وشد الرحل على البعير يعني أنه لا ثواب له عند الله في الآخرة ولا شيء له في الدنيا من الغنيمة إلا ثلاثة الدنانير التي اختارها لنفسه (تخريجه) (د) وسنده جد وسكت عنه أبو داود والمنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا محمد بن حرب حدثني أبو سلمة عن يحيى بن جابر قال سمعت ابن أخي أيوب الأنصاري يذكر عن أبي أيوب الخ (غريبة) معنى الحديث إذا بلغ الإسلام في كل ناحية يحتاج الإمام وامراؤه أن يرسلوا إلى ناحية بعثا أي طائفة من كل قبيلة لجهاد الكفار في تلك الناحية حتى لا يغلبوا على من فيها من المسلمين (وقوله ينكر الرجل منكم البعث) أي لا يرضى بالخروج معه ويتخلص من قومه بأي حيلة ثم يذهب يعرض نفسه على غير قومه ممن طلبوا إلى الغزو ليكون عوضا عن أحدهم بالأجرة، فإن من فعل ذلك كان خروجه للدنيا لا دين: ولهذا قال وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه، أي لا يكون في سبيل الله من دمه شيء بل في سبيل ما أخذه من الأجر والله أعلم (تخريجه) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق من كتابه قال أنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت الخ(غريبة) معناه أن الرجلين كانا يقتسمان السهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه بكسر فسكون أي خشبة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام وبقية رجاله ثقات (ينده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ليث حدثني حيوة يعني ابن شريح عن ابن شفي الأصبحي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) معنى الحديث أن للغازي أجره الذي شرط له الجاعل أي المستأجر من المال أو نحوه وليس له اجر المجاهد في سبيل الله، ولا يخفى أن الجهاد بالنفس أفضل امن أمكنه ذلك والله اعلم (تخريجه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه(1/42)
الحافظ السيوطي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك عن عطاء
@@@ -23-
من جهز غازيا أو خلفه في أهله له مثل أجره
الله (ص) من جهز غازيا أو خلفه في أهله كتب له مثل أجره إلا أنه لا يقص من أجر الغازي شيء (عن بسعر بن سعيد) حدثني ابن خالد الجهني أن رسول الله (ص) قال من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا (معاذ بن جيل) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من جهز غازيا أو خلفه في أهله بخير فإنه معنا ( عن أبي ذر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله عز وجل إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده، قلت وكيف ذاك؟ قال إن كانت رجالا فرجلين وإن كانت إبلا فبعيرين، وإن كانت بقرا فبقرتين (عن عمر بن الخطاب ) رصي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول من أظل رأس غاز أظله الله يوم القيامة، ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت : قال : قال يونس أو يرجع، ومن بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له بيتا في الجنة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن فتى من الأنصار (وفي لفظ من أسلم) قال يا رسول الله إني أريد الجهاد وليس لي مال أتجهز به، فقال اذهب إلى فلان الأنصاري فإنه قد كان تجهز ومرض فقال أن رسول الله (ص) يقرئك السلام ويقول لك ادفع إلى ما تجهزت به، فقال له ذلك، فقال يا فلانة ادفعي إليه ما جهزتني ولا تحبسي(1/43)
عن زيد بن خالد الجهني عن النبي (ص) قال من فطر صائما كتب له مثل أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ومن جهز غازيا الخ(تخريجه) (نس جه حب خز) وسنده جيد (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حمد حرب ثنا يحيى حدثني أبو سلمة حدثني يسر بن سعيد الخ (تخريجه) (ق، والثلاثة، وغيرهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا أبو بكر ابن أبي مريم عن يحيى بن جابر عن رجل عن معاذ بن جبل الخ (تخريجه)(طب) وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وفيه أيضا رجل لم يسم ويؤيده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن عن صعصعة بن معاوية قال أتيت أبا ذر قلت ما مالك؟ قال مالي عملي، قلت حدثني، قال نعم، قال رسول الله (ص) ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما، قلت حدثني قال نعم، قال رسول الله (ص) ما من مسلم ينفق من كل مال له الخ (تخريجه)(نس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال في الصحيحين من حديث أبي هريرة نحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة الخزاعي أنبأنا ليث ويونس ثنا ليث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد الله يعني ابن سراقة عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) معناه أن يونس زاد في رواته بعد قوله أو يموت زاد (أو يرجع) (تخريجه)(جه عل بز هق حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله
@@@ -24-
فضل الصدقة في سبيل الله وإعانة المجاهدين(1/44)
عنه شيئا فإنك والله إن حبست عنه شيئا لا يبارك الله لك فيه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) بعث إلى بني لحيان ليخرج من كل رجلين رجل، ثم قال للقاعد أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مث3ل نصف أجر الخارج(عن أبي هريرة)رضي الله عنه قال :قال أبو القاسم (ص) لو كان أحد عندي ذهبا لسرني أن أنفقه في سبيل الله وأن لا يأتي عليه ثلاثة وعندي منه دينار ولا درهم إلا شيء أرصده في دين يكون على (عن أبي مسعود الأنصاري) رضي الله عنه أن رجلا تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله فقال رسول الله (ص) لتأتين يوم القيامة بسبعمائة ناقة مخطومة (عن أبي الدرداء) عن ابن الحنظلية رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله (ص) إن المنفق على الخيل في سبيل الله كباسط يديه بالصدقة لا يقبضها (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما حدث عن رسول الله (ص) أنه أراد الغزو فقال يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم قوما ليس(1/45)
حدثني أبي ثنا روح وعفان المعنى قالا ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن الخ (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو عن يزيد بن أبي الحبيب عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (م.د.وغيرهما)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن موسى ابن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) بضم الهزة وكسر الصاد المهملة أي أعده وأحفظه الأداء دين لأنه مقدم على الصدقة: وما بقى بعد الدين ونفقته الخاصة ينفقه في سبيل الله، هذا ما كان عليه النبي (ص) وخاصة أصحابه رضي الله عنهم (تخريجه) (خ) ومسلم بمعناه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا عمرو الشيباني عن أبي مسعود الخ(غريبة) أي فيها خطام وهو الحبل الذي يقاد به البعير، وأما الذي يجعل في الأنف دقيقا فهو الزمام، ووصفها بطونها مخطومة لأن الإبل لا يوضع فيها الخطام إلا إذا قويت واشتدت وصارت صالحة لحل الأثقال وغيرها (تخريجه
(م .د وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك ابن عمرو وأبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشر التغلبي قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء قال كان بدمشق رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له ابن الحنظلية وكان رجلا متوحد أقلما يجالس الناس: إنما هو في صلاته فإذا فرغ فإنما يسبح ويكبر حتى يأتي أهله: فمر بنا يوما ونحن عند أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، فذكر بهذا السند أحاديث ستأتي في مواضعها (منها) قال رسول الله (ص)إن المنفق على الخبل الخ (تخريجه)(د) وابن سعد في الطبقات وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة ثنا الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر الخ (غريبة)
@@@ -25-
فضل نساء المجاهدين على القاعدين- ووعيد من خان المجاهد في أهله(1/46)
لهم مال ولا عشيرة فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة فما لأحد من ظهر جملة إلا عقبة كعقبة أحدهم، قال فضممت اثنين أو ثلاثة إلي وما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم (عن رويفع بن ثابت) الأنصاري رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله (ص) قال وكان أحدنا يأخذ الناقة على النصف مما يغنم حتى إن لأحدنا القدح وللآخر النصل والريش (باب في حرمة نساء المجاهدين ووعيد من خان المجاهد في أهله) (عن ابن بريدة) عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) فضل نساء المجاهدين على القاعدين في الحرمة كفضل أمهاتهم وما من قاعد يخلف مجاهدا في أهله فخبب في أهله (وفي لفظ فيخون فيها) إلا وقف له يوم القيامة فقيل له إن هذا خانك في أهلك فخذ من عمله ما شئت: قال فما ظنكم (باب وعيد من ترك الجهاد في سبيل الله عز) (عن ابن عمر) رضي الله عنه قال سمعت(1/47)
العقبة بضم العين المهملة وسكون القاف ركوب جماعة مركبا واحدا على التعاقب واحدا بعد واحد سواء في ذلك المالك للجمل وغيره، وذلك لقلة الظهر، وفي هذا إعانة للمجاهد الفقير الذي لا يملك ظهرا: وهذا موضع الدلالة من الحديث ومناسبته للترجمة (تخريجه)(د ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن اسحاق في كتابه قال أنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت الخ (غريبة) المعنى أن المجاهد الذي لا يملك ظهرا كان يأخذ الناقة أو البعير من مالكه على أن يعطيه نصف نصيبه من الغنيمة القدح بكسر القاف وسكون الدال المهملة خشب السهم، ويقال للسهم أول ما يقطع قطع بكسر القاف: ثم ينحت ويبري فيسمى قدحا، ثم براش ويركب نصله فيسمى سهما (والنصل)بفتح فسكون حديدة السهم والربح والسيف ما لم يكن له مقبض والريش بكسر الراء من السهم يركب في النصل: يقال راش السهم بريشه ريشا إذا ركب عليه الريش وريشت السهم الزقت عليه الريش فهو مريش كبيع: والمعنى أنه كان يقتسم الرجلان السهم فيقع لأحدهما نصله وريشه وللآخر قدحه (تخريجه)(د نس هق) قال في المرقاة سنده حسن (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية عن ليث عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه الخ (غريبة) قال النووي هذا في شيئين (أحدهما) تحريم التعرض لهن بريبة من نظر محرم وخلوة وحديث محرم وغير ذلك (والثاني) في برهن والإحسان إليهن وقضاء حوائجهن التي لا يترتب عليها مفسدة، ولا يتوصل بها إلى ريبة ونحوها اهـ أي يفسد المرأة على زوجها بخيانة ونحوها معناه أن الملائكة توقف الخائن عن المرور على الصراط بأمر الله عز وجل ثم تقول للمجاهد إن هذا خانك الخ في رواية للنسائي فقال ما ظنكم؟ ترون بدع له من حسناته شيئا (تخريجه) (م د نس) (باب (سنده ) حدثنا عبد الله أبي ثنا الأسود بن عامر أنا(1/48)
أبو بكر عن الأعمش
(م4- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -26-
وعيد من ترك الجهاد في سبيل الله – وحكم من تخلف عنه العذر
رسول الله (ص) يقول إذا يعني ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم بغزو دينهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال من مات ولم يغزو لم يحدث نفسه بغزو مات على شعبه نفاق(وعنه أيضا) قال سمعت رسول الله (ص) يقول لثوبان كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه؟ قال ثوبان بأبي وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال لا، أنتم يومئذ كثير، ولكم يلقى في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال حبكم الدنيا وكراهيتكم للقتال (باب في حكم من تخلف عن القتال لعذر) (عن أنس) رضي الله عنه قال لما رجع رسول الله (ص) من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال إن بالمدينة لقوما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم فيه، قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال و هم بالمدينة حبسهم العذر(1/49)
عن عطاء بن أبي ابن عمر الخ (غريبة) بفتح الضاد المعجمة والنون المشددة أي بخلوا بالدينار والدرهم فلم ينفقوها في وجوه الخير بكسر العين المهملة ثم ياء تحتية ساكنة ثم نون، قال الجوهري العينة بالكسر السلف اهـ قال الرافعي وبيع العينة أن بيع شيئا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر اهـ هو كناية عن أشغلهم بالزرع وإهمالهم أمر الجهاد في سبيل الله أي حتى يرجعوا عن ارتكاب هذه الخصال المذمومة (تخريجه) (د طب) ورجال الإمام أحمد ثقات وصححه ابن القطان أيضا، وللحديث شواهد وطرق مختلفة تعضده والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم حدثنا ابن مبارك عن وهيب أخبرني عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م د ك)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر المدائي أنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه بن عبد الله عن شبيل بن عوف عن أبي هريرة الخ (غريبة) تداعي الأسهم اجتماعها ودعاء بعضها بعضا حتى تصير العرب بين الأمم كقصعة بين الأكلة محاطا بها من كل جانب: وقد تحقق ذلك الآن ووقع المسلمون فيما حذرهم منه رسول الله (ص) فصاروا غنيمة للأجانب أعني الكفار، فكل جولة أخذت نصيبها منهم تسخرهم كيف شاءت: وذلك بسبب حبهم الدنيا وتركهم للقتال والاستعداد له فلا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) (د) وفي إسناده من لا يعرف (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي ثنا حميد عن أنس الخ (غريبة) أي في ثوابه، وفي رواية لابن حبان وأبي عوانة من حديث جابر إلا شركوكم في الأجر بدل قوله إلا كانوا معكم جاء في رواية لمسلم من حديث جابر بلفظ حبسهم المرض، وكأنه محمول على الأغلب وقد يكون عذر المرض مثله (تخريجه) (خ د) و(م حب) وأبو عوانة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
@@@ -27-(1/50)
فضل الشهداء في سبيل الله وما أعده الله عز وجل لهم من الكرامة
(أبوب فضل الشهادة والشهداء)(باب فضل الشهادة في سبيل الله عز وجل) (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال يؤتى بالرجل من أهل الجنة يوم القيامة فيقول الله عز وجل يا ابن آدم كيف وجدت منزلك؟ فيقول يا رب خير منزل، فيقول سل وثمنه، فيقول ما أسأل وأتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا فاقتل في سبيلك عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة (عن عبد الرحمن ابن أبي عميرة) الأزدي رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال ما من الناس نفس مسلم يقبضها الله عز وجل تحب أن تعود إليكم وأن لها الدنيا وما فيها غير الشهيد (وقال ابن أبي عميرة) قال رسول الله (ص) لأن أقتل في سبيل الله أحب إلى من أن يكون لي المدر والوبر (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يخرج منها وأن له ما على الأرض من شيء غير الشهيد يحب أن يخرج فيقتل لما يرى من الكرامة أو معناه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) انتدب الله عز وجل لمن خرج في سبيل الله لا يخرج إلا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا برسولي فهو على ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون دم وريحه(1/51)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح قال ثنا بقية قال حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الخ (غريبة) لفظ اللساني أحب إلى من أن يكون لي أهل الوبر والمدر وأهل الوبر هم سكان البوادي من الأعراب الذين لا يأوون إلى جدار: لأن بيوتهم من وبر الإبل، وأهل المدر أهل القرى والأمصار، والمدر محركا هو الطين الصلب المتحجر: والمراد والله أعلم أن يكون لي هؤلاء عبيدا فأعتقهم أو ملك ما يمتلكون (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد بإسناد حسن والنسائي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عمرو بن الهشيم أبو قطن ثنا شعبة عن قتادة عن أنس الخ (غريبة) يعني أو معنى لفظ الكرامة كالفضل مثلا، وإنما قال ذلك الراوي لأنه يشك هل سمعه بلفظ الكرامة أو بلفظ آخر فيه معنى الكرامة (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة معناه تكفل كما جاء في رواية للبخاري بفتح الهمزة من رجع وأن مصدرية والأصل بان أرجعه أي يرجعه إلى بلده الكلم بفتح الكاف وسكون ألام الجرح ويقال رجل كليم أي جريح ) (وقوله يكلم) بضم أوله مبني للمفعول أي يجرح (تخريجه) (ق لك. والثلاثة وغيرهم)
@@@ - 28-
أرواح الشهداء في طير خضر تأكل من ثمر الجنة(1/52)
ريح مسك، والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكنني لا أجد سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم فيختلفون بعدي، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزوا فأقتل (عن جابر ابن عبد الله) رضي الله عنه قال: قال رجل يوم أحد لرسول الله (ص) إن قتلت فأين أنا؟ قال الجنة؟ فألقى تمرات كن في يده، فقاتل حتى قتل (وقال غير عمرو) وتخلى من طعام الدنيا (باب ما جاء في فضل الشهداء)(عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) الشهداء على بارق نهر باب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا (عن ابن كعب بن مالك) عن أبيه رضي الله عنه يبلغ به النبي (ص) يعني أن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة، وقرئ على سفيان نسمة تعلق في ثمرة أو شجرة الجنة (عن أبي هريرة )رضي الله عنه قال وعدنا رسول الله (ص) في غزوة الهند فإن استشهدت كنت من خير الشهداء وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحررة(1/53)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو سمعت جابرا يقول قال رجل يوم أحد الخ (غريبة) هذه الجملة وهي قوله (وتخلى عن طعام الدنيا) ليست عند مسلم ولا النسائي (تخريجه) (م نس وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد الأنصاري عن ابن عباس الخ (غريبة) أي جانب نهر، قال العلماء هذا في شهداء عليهم ذنوب منعتهم من دخول الجنة مع السابقين، فلا ينافي ما ورد من أن أرواح الشهداء في أجواف طيور تسرح في الجنة لأن ذاك في حق من ذنوب عليهم (تخريجه) (طب طس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي: وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن ابن كعب ابن مالك الخ (غريبة) بضم اللام من باب قتل أي تأكل وهو في الأصل للإبل إذا أكلت العضاة يقال علقت تعلق علوقا فنقل الطير (نه) (تخريجه)(لك نس مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم عن سيار عن جبر بن عبيدة عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن النبي (ص) وعد المؤمنين بغزوهم الهند بعد وفاته، وفي رواية النسائي قال أبو هريرة فغن أدركتها أنفق فيها ومالي، فإن أقتل كنت من أفضل الشهداء: وإنما قال ذلك لأنه واثق من نفسه أنه يجاهد امتثالا لأمر الله ولإعلاء كلمة الله ، ومن كانت هذه نيته كان من أفضل الشهداء هكذا في الأصل المحررة بزيادة هاء في آخره، وفي النهاية المحرر أي المعتق اهـ قلت وعند النسائي بغير هاء: فإن صح لفظ الهاء فيكون معناه المعتقة رقبته من النار والله أعلم (تخريجه)(نس) وسنده جيد
@@@ -29-
تخفيف ألم القتل على الشهيد ورضا الله عز وجل عنه(1/54)
(وعنه أيضا) أن رسول الله (ص) قال ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم مس القرصة (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله (ص) كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تتفجر دما اللون لون الدم والعرف عرف المسك قال الإمام احمد يعني العرف الريح (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله (ص)يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، قالوا كيف يا رسول الله؟ قال يقتل هذا فيلج الجنة: ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد في سبيل الله فيستشهد (طلحة بن عبيد الله) قال خرجنا مع رسول الله قبور إخواننا (عن البراء بن عازب)(1/55)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا صفوان أنا ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (نس جه حب مى مذ) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) كل كلم الخ (تخريجه) (ق. وغيرها) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بالسند المتقدم عن أبي هريرة قال:قال أبو هريرة رضي الله عنه يضحك الله الخ (غريبة) الضحك من الله عز وجل هنا معناه الرضا عن هذين الرجلين: وليس كالضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح والطرب: فهذا غير جائز على الله تعالى تنزه الله عن ذلك (تخريجه) (ق نس)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عبد الله حدثني محمد بن معن الغفاري أخبرني داود بن خالد بن دينار أنه مر هو ورجل يقال له أبو يوسف من بني تيم على ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: قال له أبو يوسف إنا لنجد عند غيرك من الحديث مالا نجده عندك، فقال أما إن عندي حديثا كثيرا ولكن ربيعة بن الهدير قال وكان يلزم طلحة بن عبيد الله إنه لم يسمع طلحة يحدث عن رسول الله (ص) حديثا قط غير حديث واحد، قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن قلت له وما هو؟ قال: قال لي طلحة خرجنا مع رسول الله (ص) الخ (غريبة) بإضافة حرة إلى واقم والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء مفتوحة الأرض ذات الحجارة والسود وأرض بظاهر المدينة بها حجارة سود (وواقم) بكسر القاف أطام بضم أوله وثانية من آطام المدينة وإليه ينسب الحرة (وآطام المدينة) ابنيتها المرتفعة كالحصون (نه) بتخفيف الياء التحتية أي بحيث ينعطف الوادي وهو منحناه أيضا ومحانى الوادي معاطفه يعني الذين ماتوا بغير جهاد أي الذين ماتوا مجاهدين في سبيل الله ولذلك خصهم النبي (ص) بالأخوة لما لهم من الفضل والكرامة عند الله (تخريجه)(د) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح(1/56)
(سنده)
@@@ -30-
ما أعده الله عز وجل للشهداء في الجنة
رضي الله عنه قال جاء رجل على النبي (ص) من الأنصار مقنع في الحديد فقال يا رسول الله أسلم أو أقاتل؟ فقال لا بل أسلم ثم قاتل، فاسلم ثم قاتل فقتل: فقال رسول الله (ص) هذا عمل قليلا وأجر كثيرا (عن نعيم بن هماز الغطفاني) رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي (ص) أي الشهداء أفضل؟ قال الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولائك ينطلقون في الغرف العلي من الجنة ويضحك إليهم ربهم، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه(عن المقدام بن معد يكرب) الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) إن للشهيد عند الله ست خصال، أن يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر (وفي لفظ يوم الفزع الأكبر) ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه (عن قيس الجذامي رجل كانت له صحبة قال: قال النبي (ص) يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه: يكفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ويحلى حلة الإيمان (عن عبادة بن الصامت)رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله تبارك وتعالى(1/57)
حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء يقول جاء رجل الخ (غريبه) جاء هذا الرجل النبي (ص) كافرا قبل أن يسلم (وقوله مقنع في الحديد) بفتح القاف والنون المشددة أي مغشى بالحديد معطى وجهه يريد القتال مع النبي (ص) والإسلام (تخريجه) (ق) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن نعيم بن همار الخ(غريبة) تقدم أن ضحك الله عز وجل لعبده كناية عن الرضا عنه والإحسان إليه، وأما الضحك بالمعنى المعروف فغنه من صفات الخلق والله عز وجل منزه عن ذلك (تخريجه) (طب عل ) وقال الهيثمي رجال أحمد وأبو يعلى ثقات (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى والحكم بن نافع قالا ثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب الخ (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن يحيى الدمشقي قال ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كثير بن مرة عن قيس الجذامي الخ (تخريجه) أخرجه ابن سعد وسنده جيد (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر وروح وعبد الرزاق قالوا أنا ابن جريج قال وقال سليمان بن موسى أيضا ثنا بن مرة أن عبادة بن الصامت حدثهم أن
@@@ -31-
يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين(1/58)
خير تحب أن ترجع غليكم إلا المقتول (وفي لفظ القتيل) في سبيل الله فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال ذكر الشهيد عند النبي(ص) قال لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتان كأنهما ظئران أظلتا أو أضلتا فصيليهما ببراح من الأرض: يبد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها (باب ما جاء فيمن استشهد في سبيل الله عز وجل وعليه دين) (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه قال قام رسول الله (ص) يخطب الناس فذكر الأيمان بالله والجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال عند الله، قال فقام رجل فقال رسول الله (ص) رأيت أن قتلت في سبيل الله وأنا صابر محتسب مقبل غير مدبر كفر الله عني خطاياي؟ قال نعم، قال كيف قلت؟ قال فرد عليه القول كما قال، قال نعم، قال فكيف قلت؟ قال فرد عليه القول أيضا يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله صارا محتسبا مقبلا غير مدبر كفر الله عني الخطايا؟ قاتل نعم إلا الدين قال فإن جبريل عليه السلام سار بي بذلك (عن عبد الله بن أبي قتادة) أن أباه كان يحدث أن رجلا سأل النبي (ص) فقال يا رسول الله أرأيت عن قلت في سبيل الله مقبلا غير مدبر كفر الله خطاياي؟ فقال رسول
الله (ص إن قلت في سبيل الله مقبلا غير مدبر كفر الله عنك خطاياك إلا الدين: كذلك(1/59)
رسول الله (ص) قال ما على الأرض الخ (تخريجه) (نس) و رجاله من رجال الصحيحين و أخرجه أيضا (طب) بزيادة لما يرى من ثواب الله له (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي محمد بن عدى عن هلال بن أبي شهر بن حوشب عن أبي هريرة الخ (غريبة) الظئر بكسر الظاء المرضعة غير ولدها، و يقع على الذكر و الأنثى (و قوله أظلتا أو أضلتا أو الشك من الراوي يشك هل اللفظ أظلنا بالظاء المعجمة أو بالضاد المعجمة فعلى الأول معناه أن زوجتيه من الحور العين يبتدرانه و يجنوان عليه و يظلانه كما تحنو الناقة المرضع على فصيلها أي ولدها (و على الثاني) معناه أن النبي (ص) شبه بدارهما إليه باللهفة والحثو والشوق كبدار الناقة المرضع إلى فصيلها الذي أضلته أي غاب عنها، ويؤيد الأخير قوله ببراح من الأرض (والبراح) بفتح الموحدة وبالحاء المهملة هي الأرض المتسعة لا زرع فيها ولا شجر (تخريجه) (جه) وفي إسناد هلال بن أبي زينب مجهول (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر ثنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري أخبرني عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي هريرة الخ (غريبة) لعل الجواب منه (ص) بقوله نعم في المرة الأولى والثانية من غير استثناء كان بالاجتهاد: ثم لمل أخبره جبريل بما أخبر استعاد النبي (ص) من السائل سؤال ثم أخبره بأن استثناء الدين ليس هو من جهته، وإنما هو بأمر الله عز وجل على لسان جبريل عليه السلام(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا يحيى بن سعيد أن سعيد بن أبي سعيد المقبري أخبره أن عبد الله
@@@ -32-
أنواع الشهداء ودرجاتهم باعتبار نياتهم
قال جبريل عليه السلام (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما عن النبي (ص) نحوه وفيه فلما ولي دعاه فقال إلا أن يكون عليك دين ليس له عندك وفاء (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين(1/60)
(باب أنواع الشهداء في سبيل الله ودرجاتهم باعتبار نسيانهم) (عن عتبة بن عبد السلمى) رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي (ص) قال: قال رسول الله (ص) القتلى ثلاثة رجل مؤمن قاتل بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقى العدو قاتلهم حتى يقتل فذلك الشهيد المفتخر في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة، ورجل مؤمن قرف على نفسه من الذنوب والخطايا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل محيت ذنوبه وخطاياه، إن السيف محاء الخطايا وأدخل من أي أبواب الجنة شاء فان قاتل لها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب وبعضها أفضل من بعض، ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل في سبيل الله حتى يقتل فإن ذلك في النار السيف لا يمحو النفاق (عن أبي يزيد الخولاني) أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمه رسول الله (ص) يقول الشهداء ثلاثة، رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى(1/61)
ابن أبي قتادة أخبره أن أباه كان يحدث أن رجلا الخ (تخريجه)(م فع نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال أرأيت إن جاهدت في سبيل الله بنفسي ومالي حتى أقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أأدخل الجنة؟ قال نعم، فلما ولي دعا الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لا أعرفه وبعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان حدثني المفضل حدثني عياش بن عباس عن عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمر الخ (تخريجه) (م.وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا أبو إسحاق يعني الفزاري عن صفوان يعني بن عمرو عن أبي المقنى عن عتبة بن عبد السلمى الخ(غريبه) هكذا بالأصل المفتخر من الفخر، وجاء عند الدارمي الممتحن بيمين، وكذلك جاء في النهاية و يقال محنت الفضة إذا صفيتها وخلصتها بالنار، والظاهر أن لفظ المفتخر هنا رفع فيه تصحيف من الناسخ فإن كان صحيحا فمعناه المفتخر يوم القيامة بما أعطاه الله من الكرامة وعلو الدرجة، والأول أقرب والله أعلم بقاف وراء مفتوحتين بعدهما فاء يقال قرف الذنب إذا عمله و قارف الذنب وغيره إذا دانا هو لاصقه وقرفه بكذا أي أضافه أليه واتهمه به، والمعنى أن عليه ذنوبا ارتكبها (تخريجه)(مي طب حب هق) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا ابن لهيعة
@@@ -33-
أنواع الشهداء ودرجاتهم باعتبار نياتهم(1/62)
قتل فذلك الذي يرفع عليه أعناقهم يوم القيامة ورفع رسول الله (ص) رأسه حتى وقعت قلنسوته أو قلنسوة عمر ورجل مؤمن جيد الأيمان لقي العدو فكأنما يضرب جلده بشوك الطلح أتاه سهم غرب فقتله هو في الدرجة الثانية، ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الثالثة (وعنه من طريق ثان) قال سمعت فضالة بن عبيد يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله (ص) يقول الشهداء أربعة (فذكر الثلاثة المتقدمة ثم قال)والرابع مؤمن أسرف على نفسه إسرافا كثيرا لقي العدو فصدق الله حتى قتل، فذلك في الدرجة الرابعة (عن إبراهيم بن عبيد) بن رفاعة أن أبا محمد أخبره وكان من أصحاب ابن مسعود رضي الله تبارك وتعالى عنه حدثه عن رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم أنمه ذكر عنده الشهداء : فقال إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش، ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته(1/63)
قال سمت عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني الخ (غريبة) القلنسوة بفتحتين فسكون فضم أي طاقيته أي جبان ليس عنده جرأة على القتال والطلح بفتح فسكون شجر عظيم له شوك أي بينما هو في حالة الفزع والخوف من العدو أتاه سهم غريب بتنوين سهم وغرب: وبالإضافة أيضا وبسكون الراء وفتحها في كليهما: وهو الذي لا يدري رامية ولا من أين جاء لم يصف إيمانه في هذه الدرجة بالجودة لأجل العمل السيئ الذي ارتكبه: وهو الذي جعله في الدرجة الثالثة، ولكنه في منزلة الشهداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني قال سمعت فضالة بن عبيد الخ (غريبة) أي مرتكب للخطايا ليس له عمل صالح فهو شهيد تكفر الشهادة عنه كل سيئة إلا الدين: وتقدم الكلام عليه، وإنما نال تلك الدرجة لصدق نيته (تخريجه)(هق مذ) وقال هذا الحديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن دينار قال سمعت محمدا (يعني البخاري) يقول قد روى سعيد بن أبي أيوب هذا ليس به بأس اهـ (قلت) خولان بفتح الخاء وسكون الواو اسم قبيلة باليمن، منها أبو يزيد الخولاني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إبراهيم ابن عبيد بن رفاعة الخ (غريبة) بضمتين جمع فراش أي الذين يألفون النوم على الفراش، يعني فهم وإن تبسطوا بالنوم والراحة لكنهم اشتغلوا بجهاد النفس والشيطان الذي هو الجهاد الأكبر عن مجاهدة الكفار الذي هو الجهاد الأصغر: فهؤلاء شهداء أيضا وإن ماتوا على فرشهم، وهذا محمول على عدم تعين الجهاد عليهم في النفير العام معناه إن كان لا علاء كلمة الله وجل فهو شهيد، وإن كان رياء أو لغنيمة ونحو ذلك فله ما نوى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه (5- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -34-
فضل القراء الذين استشهدوا في سرية بئر معونة(1/64)
(عن ابن مسعود) رضي الله عنه قال إياكم أن تقولوا مات فلان شهيد أو قتل فلان شهيد، فإن الرجل يقاتل ليغنم، ويقاتل ليذكر،ويقاتل ليرى مكانه، فإن كنتم شاهدين لا محالة فاشهدوا للرهط الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقتلوا فقالوا اللهم بلغ نبينا (ص) عنا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال تقولون لمن قتل في مغازيكم أو مات قتل فلان شهيدا ومات فلان شهيدا ولعله يكون قد أوقر عجز دابته أودف راحلته ذهبا وفضة يبتغي التجارة، فلا تقولوا إذا كم ولكن قولوا كما قال النبي أو كما قال محمد (ص) من قتل أو مات في سبيل الله فهو في الجنة
(باب جامع الشهداء وأنواعهم غير المجاهدين في سبيل الله عز وجل) (عن سعيد بن زيد) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد(1/65)
أحمد هكذا (يعني عن ابراهيم عن عبيد بن رفاعة أن أبا محمد الخ) قال ولم أره ذكر ابن مسعود : وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، والظاهر أنه مرسل ورجاله ثقات اهـ سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد أنا عطاء بن السائب عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) هم جماعة من القراء قتلوا في سرية بئر معونة، وسيأتي تفصيل خبرهم في تلك السرية من أبواب الغزوات، وجاء ذكرهم أيضا في حديث أنس عند الشيخين والإمام أحمد: وتقدم في الباب الأول من أبواب القنوت صحيفة 296 في الجزء الثالث فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وأخرج الشيخان وغيرهما منه قصة الرهط هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وتخريجه في أبواب الصداق من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى(غريبة) من الوقر بكسر الواو وهو الحمل ، يقال أوقر دابته وقرا بالكسر أي حملها حملا (وقوله أودف راحلته) أو للشك من الزاوي ودف بفتح الدال المهملة وراحلته مضاف إليه: ودف كل شيء جانبه، والمراد هنا عجز رحل دابته أو جانبه وغرضه بذلك التجارة لا الجهاد، فهذا لا يقال له شهيد إذا قتل أو مات والله أعلم(1/66)
(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بنم ياسر بن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن يزيد الخ (غريبة ) أي بسبب المدافعة عن ماله سواء كان حيوانا أو إنسانا (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا أي ثواب كثواب شهيد مع ما بين الثوابين من التفاوت ، وذلك لأنه محق في القتال ومظلوم بأخذ ماله بغير حق (فائدة) شهيد الآخرة هو كل من ذكر في هذا الباب، وشهيد الدنيا والآخرة هو من قتل في حرب الكفار لسبب من أسباب القتال، والفرق بينهما أن شهيد الحرب لا تجري عليه أحكام الدنيا فلا يغسل ولا يصلي عليه بعكس شهيد الآخرة أي بسبب الدفع عن بضع حليلته أو قريبته أو جارته أو نحو ذلك أي في نصرة دين الله والذب عنه أي في الدفع عن نفسه
@@@ -35-
ذكر أنواع الشهداء غير المجاهدين في سبيل الله عز وجل(1/67)
(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من أريد ماله بغير حق فقتل دونه فهو شهيد (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه قال إني سمعت رسول الله (ص) يقول نعم الميتة أن يموت الرجل دون حقه (عن سعد بن ابراهيم) أنه سمه رجلا من بني مخزوم يحدث عن عمه أن معاوية أراد أن يأخذ أرضا لعبد الله بنم عمرو يقال لها الوهط فأمر مواليه فلبسوا آلتهم وأرادوا القتال، قال فأتيته فقلت ماذا؟ فقال إني سمعت رسول الله (ص) ما من مسلم يظلم بمظلمة فيقتل إلا قتل شهيدا (عن حميد بن عبد الرحمن) الحميري أن رجلا يقال له حممة كان من أصحاب محمد (ص) خرج إلى أصبهان غازيا في خلافة عمر رضي الله عنه، فقال اللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك: فإن حممة صادقا فاعزم له صدقة، وإن كان كاذبا فاعزم عليه وإن كره، اللهم لا ترد حممة من سفره هذا ، قال فأخذه الموت (وف لفظ البطن) فمات بأصبهان، قال فقام أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال يا أيها الناس إنا والله ما سمعنا فيما سمعناه من نبيكم (ص) وما بلغ علمنا إلا أن حممة شهيد(1/68)
إن كان مظلوما غير مرتكب لثأر، وعليه أن يستعمل الحكمة في الدفع في كل هذه الأمور (تخريجه) (حب ك والثلاثة) وصححه الترمذي، وأخرج الشيخان منه من قتل دون ماله فهو شهيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن الحسن عن خاله ابراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (الثلاثة) وصححه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حسن عن ابراهيم بن المهاجر عن أبي بكر يعني ابن حفص فذكر قصة قال سعد إني سمعت رسول الله (ص) الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورحاله رجال الصحيح إلا أن أبا بكر بن حفص لم يسمع من سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم الخ (غريبة) أصل الوهط الموضع المطمئن من الأرض جمعه وهاط، و به سميت ارض عبد الله بن عمرو بن العاص وكانت بالطائف، وقيل الوهط قرية بالطائف كانت أرض عبد الله بن عمرو بها وكان فيها كرم له : ولا بد أن يكون معاوية له شبهة في أخذها: وكان عبد الله يرى أنها ملكة وأن معاوية يريد اغتصابها: ولذلك أمر عبد الله ، مواليه فلبسوا آلة الحرب لقتال معاوية لأنه يرى جواز مقاتلة المغتصب: ولذلك استدل بالحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده من لم يسم، ويؤيده حديثه المذكور قبل الحديث السابق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عوانة ثنا داود بن عبد الله الأودي ذلك أي لأنه مات بمرض البطن وغازيا في سبيل الله. (تخريجه) (د ش) وسنده جيد
@@@ - 36-
ذكر أنواع الشهداء غير المجاهدين في سبيل الله عز وجل(1/69)
(عن أبي إسحاق) قال مات لرجل صالح فأخرج بجنازته فلما رجعنا تلقانا خالد بن عرفطة وسليمان بن صرد رضي الله عنهما وكلاهما له صحبة: فقالا سبقتمونا بهذا الرجل الصالح فذكروا أنه كان به بطن وأنهم خشوا عليه الحر، قال فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال أما سمعت رسول الله (ص) يقول، من قتله بطنه لم يعذب في قبره (عن حفصة) قالت سألت أنس ابن مالك رضي الله عنه بما مات ابن أبي عمرة؟ فقالوا بالطاعون، فقال قال رسول الله (ص) الطاعون شهادة لكل مسلم (عن عرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا عز وجل في الذين يتوفون من الطاعون، فيقول الشهداء:إخواننا قتلوا كما قتلنا، ويقول المتوفون على فرشهم إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا على فرشنا: فيقول الرب عز وجل انظروا إلى جراحهم، فان أشبهت جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم (عن عتبة بن عبد السلمى) رضي الله عنه عن النبي (ص) مثله (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال الميت من ذات الجنب شهيد (عن محمد بن زياد) الألهاني قال ذكر عند أبي عتبة(1/70)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قران (بضم القاف وتشديد الراء يعني بن تمام الأسدي) ثنا سعيد الشيباني أبو سنان عن أبي إسحاق الخ (غريبة) أي مات بمرض بطنه كالاستسقاء و الإسهال و نحو ذلك زاد في زاوية أخرى من طريق ثان للإمام أحمد أيضا (قال بلى) يعني نعم، قال العلماء و إذا لم يعذب في قبره في غيره : لأنه أول منازل الآخرة، فإن كان سهلا فما بعده أسهل و إلا فعكسه تخرجه (نس حب مذ) و قال هذا حديث حسن الغريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا ثابت عاصم عن حفصة (يعني بنت سيرين الخ) (تخرجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح يعني ابن يزيد الحضرمي و يزيد عبد ربه قالا ثنا بقية قال حدثني بحيرة بن سعيد عن خالد بن معدان عن ابن أبي بلال عن عرباض بن سارية الخ (تخرجه) (نس) و سنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن عتبة بن عبد السلمى الخ حديث العرباض المتقدم أتم و أكمل إلا إنه زاد في حديث عتبة، فيقال انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما كريح المسك فهم شهداء فيجدونهم كذلك (تخريجه) (طب) بإسناد لا باس به و يؤيده الذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا وهب بن عبد الله عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) قال في الفردوس ذات الجنب الدبيلة قرحة قبيحة تثقب البطن (تخرجه) (طب) و سنده حسن لأن ابن الهيعة قال حدثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد
@@@ -37-
الطاعون والغرق والحرق والبطن والنفساء شهادة(1/71)
الخولاذي الشهداء فذكروا المبطنون و المطعون و النفيساء، فغضب أبو عتبة و قال حدثنا أصحاب نبينا (ص) أنه قال أن شهداء الله تعالى في الأرض أمناء الله في الأرض في خلقه قتلوا أو ماتوا (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال أتاني رسول الله (ص) و أنا مريض في ناس من الأنصار يعودني، فقال هل تدرون ما الشهيد ؟ فسكتوا فقال هل تدرون ما الشهيد ؟ فسكتوا، قال هل تدرون ما الشهيد؟ فقلت لامرأتي أسنديني فأسندتني فقلت من أسلم ثم هاجر ثم قتل في سبيل الله فهو شهيد فقال رسول الله (ص) إن شهداء أمتي إذا لقليل القتل في سبيل الله شهادة و البطن شهادة، و الغرق شهادة، و النفساء شهادة، (عن راشد بن جيش) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) دخل على عبادة بن الصامت يعوده في مرضه فقال رسول الله (ص) أتعلمون من الشهيد من أمتي فأرم القوم فقال عبادة ساندوني فأسندوه فقال يا رسول الله الصابر المحتسب فقال رسول الله (ص) إن شهداء أمتي إذا لقليل، القتل في سبيل الله عز و جل شهادة، و الطاعون شهادة و الغرق شهادة و البطن شهادة، و الغرق شهادة و البطن شهادة و النفساء يجرها ولدها بسرره، إلى الجنة قال وزاد أبو العوام سادن، بيت المقدس و الحرق و السبل.(1/72)
ابن زياد الألهاني الخ (غريبة) يستفاد منه أن من اتصف بالأمانة في أي شيء ائتمن عليه يكون من شهداء الآخرة و إن ماتت على فراشه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد و أورده الهيثمي و قال رواه أحمد و رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا المعافى مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة الصامت الخ (غريبة) يعني إذا اقتصرت الشهادة على من قتل في سبيل الله فالشهداء قليلون : ثم ذكر (ص) الشهداء فقال القتل في سبيل الله شهادة الخ، أي المرأة التي تموت بسبب الولادة (تخرجه) (بز طب) و فيه المغيرة بن زيادة، قال الهيثمي وثقة جماعة و ضعفه آخرون، و بقية رجاله ثقات (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال حدثنا محمد بن بكر قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مسلم بن يسار عن أبي الأشعث الصنعاني عن راشد بن جيش الخ، (غريبة) براء مفتوحة بعدها مشددة مفتوحة أيضا أي سكتوا و لم يجيبوا أرم فهو مرم و يروي فأزم بالزاي المفتوحة و تخفيف المم و هو بمعناه لأن الأزم الإمساك عن الطعام و الكلام (نه) أي الصابر على الجهاد المحتسب فيه كما يستفاد من حديثه المتقدم بفتح السين المهملة بعدها راء مفتوحة هو حبل السرة الذي تقطعه القابلة من موضوع السرة فما بقى مع المولود بعد القطع له السرة بضم السين المهملة: و ما زاد عن ذلك يقال له سرر بفتح أوله و ثانية، و يقال له أيضا السر بضم السين المهملة (و قوله وزاد فيها) أي في رواية أخرى من هذا الحديث (أبو العوام) لم يذكر أبو العوام هذا في سند حديث الباب، و لعله روي هذه الزيادة من طريق أخرى أي خادم بيت المقدس و متولي فتح أبوابه و إغلاقها بفتح الحاء المهملة و كسر الراء الذي
@@@ -38-
المطعون والخار عن دابته والمجنوب شهداء(1/73)
(عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه عاد رسول الله (ص) عبد الله بن رواحه رضي الله عنه فما تحوز له عن فراشه، فقال من شهداء أمتي؟ قالوا قتل المسلم شهادة، قال أن شهداء أمتي إذا لقليل، قتل المسلم شهادة: و الطاعون شهادة، و البطن، و الغرق و المرأة يقتلها ولدها جمعاء (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا الذي يقاتل في سبيل الله حتى يقتل، قال أن الشهيد في أمتي إذا لقليل، القتيل في سبيل الله شهيد، و الطعين في سبيل الله شهيد، و الغريق في سبيل الله شهيد، و الخار عن دابته في سبيل الله شهيد، و المجنوب في سبيل الله شهيد، قال محمد المجنوب صاحب الجنب (زاد في رواية) و البطن شهادة و النفساء شهادة (و عن صفوان ابن أمية) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال الطاعون شهادة، و الغرق شهادة، و النفساء شهادة
يموت بحرق النار (و السيل) بفتح السين المهملة المشددة بعدها ياء تحتية ساكنة و هو المطر الغزير الذي يسيل على الأرض و يجري، و المراد الذي يغرق في ماء السيل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد و أورده الهيثمي و قال رواه أحمد و رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثني أبو بكر بن حفص ابن المصبح أو أبي المصبح عن ابن السمط عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) أي ما تنحى و لا تحول قال في النهاية و إنما لم تمنح له عن صدر فراشه لأن السنة في ترك ذلك أهـ (قلت ) الظاهر أنه لم يتنح عن فراشه للنبي (ص) لشدة مرضه فقد جاء في رواية الطبراني ما يؤيد عن ذلك،(1/74)
و لم يمت ابن رواحه في هذا المرض : فقد ثبت أنه استشهد في سرية مؤتة و سيأتي تفصيل ذلك في محله إن شاء الله تعالى هكذا جاء في هذه الرواية جمعاء و سيأتي في حديث جابر بن عتيك (و المرأة تموت بجمع شهيد) و كذلك في كل الروايات و في كتب اللغة قال في النهاية المرأة تموت بجمع أي تموت و في بطنها ولد : و قيل التي تموت بكرا، و الجمع بالضم المجموع كالذخر بمعنى المذخور و كسر الكسائي الجيم، و المعنى أنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة (و منه الحديث الآخر) إنما امرأة ماتت بجمع لم تطمث دخلت الجنة، وهذا يريد به البكر اهـ (تخريجه)(طب) وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وأحمد بنحوه ورجالها ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد يعني ابن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرضي عن عمر بن الحاكم بن ثوبان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي الذي مات بالطاعون (وقوله في سبيل الله) هذا القيد ليس بلازم لأنه ورد مطلقا بدون قيد من رواية أبي هريرة أيضا وغيره عند الشيخين وغيرهما : وكذا يقال فيما بعده أي الذي وقع عن دابته فمات أي الذي مات بمرض الجنب وتقدم تفسيره ومحمد هو ابن إسحاق أحد رجال السند (تخريجه)(م جه) ما عدا الخار عن دابته وصاحب الجنب (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد بن
@@@ -39-
أنواع الشهداء وأن النبي (ص) مات شهيدا(1/75)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله عز وجل(عن جابر بن عتيك) أن عبد الله بن ثابت لما مات قالت ابنته والله إن كنت لأرجوا أن تكون شهيدا، أما إنك قد كنت قضيت جهازك فقال رسول الله (ص) إن الله أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ قالوا قتل في سبيل الله، فقال رسول الله (ص) الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله، المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة (باب في أن النبي (ص) مات شهيدا)(1/76)
(عن عبد الله) قال لأن أحلف تسعا أن رسول الله (ص) قتل قتلا أحب إلى من أن أحلف واحدة أنه (ص) لم يقتل: وذلك بأن الله جعله نبيا واتخذه شهيدا، قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم يعني النخعي فقال كانوا يرون أن اليهود سموه (ص) وأبا بكر رضي الله عنه هارون قال أخبرنا سليمان يعني التيمي عن أبي عثمان يعني النهدي عن عامر يعني ابن مالك صفوان ابن أمية عن النبي (ص) قال الطاعون شهادة والغرق شهادة والبطن شهادة والنفساء شهادة (تخريجه)(نس) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا مالك بن أنس عن سمى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي من مات من وقوع نحو الحائط والصخرة أو في بئر يحفرها أي الذي يموت تحت شيء من ذلك (تخريجه) (ق لك مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا مالك عن عبد الله بن عبد الله ابن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك فهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره أن عبد الله بن ثابت الخ بكسر الجيم وفتحها ما تحتاج إليه في سفرك للغزو والخطاب لأبيها تقدم في حديث أبي هريرة أن الشهداء خمسة ولا منافاة لاحتمال أنه (ص) أعلم بالأقل ثم علم زيادة على ذلك فذكرها في وقت آخر ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك: لأنه ورد أكثر من سبعة تقدم تفسيره وضبطه في شرح حديث عبادة بن الصامت(تخريجه) (لك دنس ك حب هق) وقال النووي هو صحيح بلا خلاف وان كان البخاري ومسلم لم يخرجاه (باب) هو ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الرازق أنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله الخ (غريبة) يعني مقتولا بالسم الذي وضعته له اليهودية في الطعام في غزوة خيبر، وسيأتي تفصيل ذلك في الغزوة المذكورة في أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى لعله يعني قصة الشاة المتقدمة فقد روى البيهقي أن رسول الله (ص) أكل مع أصحابه فلما ظهر له أن(1/77)
الطعام مسموم احتجم على الكاهل وأمر أصحابه فاحتجموا ومات بعضهم، فيحتمل أن أبا بكر رضي الله عنه كان ممن أكلوا ثم احتجموا عاشوا، ويحتمل أن اليهود سموه في قصة أخرى
@@@ -40-
حكم من أراد الجهاد وله أبوان
(عن عبد الرحمن) بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أن أم مبشر وكانت قد صلت إلى القبلتين مع رسول الله (ص) دخلت على رسول الله (ص) في وجعه الذي قبض فيه فقالت بأبي وأمي يا رسول الله ما تتهم بنفسك فإني لا أتهم غيره هذا أوان قطع أبهري (باب من أراد الجهاد وله أبوان)(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال هاجر رجل إلى رسول الله (ص) هجرت الشرك ولكنه الجهاد، هل باليمين أبواك؟ قال نعم، قال أدنى لك؟ قال لا ، فقال له رسول الله (ص)ارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن فعلا وإلا فبرهما (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله (ص) تحت هذه الشجرة إذ أقبل رجل من هذا الشعب فسلم على رسول الله (ص) ثم قال يا رسول الله إني قد أردت الجهاد معك ابتغى بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال هل من أبويك أحد حي؟ قال نعم يا رسول الله كلاهما، قال فارجع أبرر أبويك (وفي لفظ ففيهما فجاهد) قال فولى راجعا من حيث جاء (عن معاوية بن جاهمة) جاء إلى رسول الله (ص) فقال رسول الله(1/78)
والله أعلم (تخريجه)(ك) وصححه وأقره الذهبي وعقب هذا الحديث بأثر مسند إلى الشعبي قال والله لقد سم رسول الله وسم أبو بكر الصديق وقتل عمر بن الخطاط صبرا وقتل عثمان بن عفان صبرا وقتل علي بن أبي طالب صبرا وسم الحسن بن علي وقتل الحسين بن علي صبرا رضي الله عنهم فما نرجو بعدهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح (يعني ابن زيد) ثنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله الخ (غريبة) أي ما الذي تظنه في سبب مرضك تعني الطعام المسموم الذي أكله ابنها مع النبي(ص) كما صرح بذلك في رواية أبي داود (وأنا لا أتهم غيره) فيه تقرير لما فهمته أم البشر وأنه (ص) مات بسبب السم قال أهل اللغة الأبهر بفتح الهمزة وسكون الموحدة وفتح الهاء هو عرق مستبطن القلب، قيل وهو النياط الذي علق به القلب فإذا انقطع مات صاحبه وقيل غير ذلك (تخريجه) (د ك) وسنده جيد ويؤيد ما رواه البخاري عن عائشة قالت كان النبي (ص) يقول في مرضه الذي مات فيه، يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (تخريجه)(د) وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن ناعم مولى أم سلمة عن عبد الله بن عمرو قال حججت معه حتى إذا كنا ببعض طرق مكة رأيته تيمم فنظر حتى إذا استبانت جلس تحتها ثم قال رأيت رسول الله (ص) تحت هذه الشجرة الخ (تخريجه)(خ والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله
@@@ - 41-
لا يجوز الاستعانة بالمشركين في الجهاد(1/79)
أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال هل لك من أم؟ قال نعم، فقال ألزمها فأن الجنة عند رجليها ثم الثانية ثم الثالثة في مقاعد شتى كمثل هذا القول (باب ما جاء في الاستعانة بالمشركين في الجهاد) (عن خبيب بن عبد الرحمن) عن أبيه عن جده قال أتيت رسول الله (ص) وهو يريد غزوا أنا ورجل من قومي ولم نسلم فقلنا أنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم، قال أو أسلمتما؟ قلنا لا، قال فلا نستعين بالمشركين على المشركين، قال فأسلمنا وشهدنا معه فقتلت رجلا وشحك هذا الوشاح فأقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار (عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله (ص) خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الجمرة، فقال إني أردت أن أتبعك وأصيب معك، قال تؤمن بالله عز وجل ورسوله قال لا ، قال ارجع فإن نستعين بمشرك، قال ثم لحقه عند الشجرة ففرح بذلك أصحاب رسول الله (ص) وكان له قوة وجلة فقال جئت لأتبعك وأصيب معك قال تؤمن بالله ورسوله؟ ! قال لا ، قال ارجع فلن أستعين بمشرك، قال ثم لحقه حين ظهر على البيداء فقال له مثل ذلك، قال(1/80)
حدثني أبي ثنا روح قال أنا ابن جريج قال أخبرني محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه طلحة بن عبد الله عن معاوية بن جاهمة الخ (غريبة) يريد والله أعلم أن نثيبه من الجنة لا يصل إليه إلا برضاها بحيث كأنه لها وهي قاعدة عليه فلا يصل إليه من جهتها (وقوله ثم الثانية ثم الثالثة في مقاعد شتى الخ) يريد انه كرر على النبي (ص) هذا القول في مواضع متعددة كما جاء مبينا في رواية ابن ماجة: ففيها أنه أتاه من جانب فذكر له قصته، ثم أتاه من الجانب الآخر، ثم أتاه من أمامه وفي كل مرة يقول مثل القول الأول (تخريجه) (نس جه هق) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنه المستلم بن سعيد عن عباد ثنا خبيب بن عبد الرحمن الخ (غريبة ) هو خبيب بن يساف أو إساف وكان أوسيا جاء إلى النبي (ص) مع رجل من الأوس يريدان مساعدته في غزوة بدر لأنه (ص) كان معه جماعة من الأوس في هذه الغزوة مسلمين فأراد مجاملة قومها المسلمين وإن كانا مشركين، فلم يقبل منهما النبي (ص) إلا إذا أسلما ذكر الواقدي أن الذي ضربه هو أمية بن خلف ويقال إنه هو الذي قتل أمية أي ضربك هذه الضربة في موضع الوشاح وهو ما بين العاتق والكشح (تخريجه) (هق طب) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن فضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) الظاهر أن الرجل هو خبيب بن يساف المذكور في الحديث السابق (تخريجه)(م. وغيره )
(6- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -42-
مشاورة الإمام رؤساء الجيش ونصحه لهم(1/81)
تؤمن بالله ورسوله؟ قال نعم، قال فخرج به (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله (ص ) قال لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا خواتيمكم عربيا (عن ذي مخبر) رضي الله عنه رجل من أصحاب النبي (ص) قال سمعت النبي (ص) يقول سيصالحكم الروم صلحا آمنا ثم تغزون أنتم وهم غزوا فتنصرون وتسلمون وتغنمون الحديث (باب ما جاء في مشاورة الإمام رؤساء الجيش ونصحه ورفقه بهم وأخذهم بما عليهم) (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال: قال لما سار رسول الله (ص) إلى بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه ، ثم استشارهم فأشار عليه عمر رضي الله عنه فسكت، فقال رجل من الأنصار إنما يريدكن، فقالوا يا رسول الله والله لا نكون كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون) ولكن والله لو ضربت أكباد الإبل حتى تبلغ برك الغمام لكنا معك ( عن الحسن) قاتل مرض معقل بن يسار مرضا ثقل فيه فأتاه ابن زياد يعوده فقال أبيس محدثك حديثا سمعته من رسول الله (ص ) يقول من استرعى رعيته فلم يحطم بنصحه لم يجد ريح الجنة، وريحها يوجد من مسيرة مائة عام، قال ابن زياد ألا كنت حدثني بهذا(1/82)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا العوام ثنا الأزهر بن راشد عن أنس الخ (غريبة) الظاهر انه (ص) نهى عن الاستضاءة بنار المشركين لئلا يمتنوا على المسلمين بذلك وقد شرفهم الله وأعزهم بالإسلام، فلا ينبغي أن يكون للمشركين عليهم منة وفضل (وقوله ولا تنقشوا خواتيمكم عربيا) أي على خواتيمكم كما جاء في بعض الروايات، قال في القاموس أي لا تنقشوا محمد مثل ما كان ينقش على خاتمه وهو (محمد رسول الله) لأنه كان علامة له في ذلك الوقت يختم به كتبه (تخريجه) (نس) وفي إسناده أزهر بن راشد ضعيف وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن خالد بن معدان عن ذي مخبر الخ (مخبر بوزن منبر) (غريبة) ليس هذا آخر الحديث، وهذا طرف منه أتيت به لمناسبة الترجمة: وسيأتي بتمامه في باب المعاهدة والصلح (تخريجه) (د جه) وسكت عنه أبو داود أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس الخ بفتح الموحدة وكسرها وسكون الراء (والغماد) بغين معجمة مكسورة ويجوز ضمها موضع من وراء مكة بخمس ليال من ناحية الساحل وقيل بثمان، وقيل موضع في أقاصي هجر، وقيل مدينة بالحبشة، وقيل الرواية هنا أقصى معمور الأرض كما هو أحد معانيه في القاموس لأنه أتم امتثال أمره وإتباعه. (ص) (تخريجه)(م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن الحسن الخ (الحسن) هو ابن أبي الحسن البصري (غريبة) هو عبد الله بن زياد
@@@ -43-
وعيد من لم يعدل بين رعيته ووجوب طاعته الجيش لأميرهم(1/83)
قبل الآن، قال والآن لولا الذي أنت عليه لم أحدثك به (وفي لفظ) لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبدا رعية فيموت يوم يموت وهو لها غاش إلا حرم الله عليه الجنة (وفي لفظ) من رواية أبي الأسود عن معقل أيضا قال: قال رسول الله (ص ) أيما راع استرعى رعية فغشها فهو في النار(وفي لفظ) عن بنت معقل عن أبيها قال سمعت رسول الله (ص ) يقول ليس من والى أمة قلت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبه الله على وجهه في النار (عن سهل بن معاذ) الجهني عن أبيه رضي الله عنه قال نزلنا على حصن سمان بأرض الروم مع عبد الله بن عبد الملك فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق فقال معاذ أيها الناس أنا غزونا مع رسول الله (ص ) غزوة كذا وكذا فضيق الناس الطريق، فبعث النبي (ص) مناديا فنادى من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له (باب لزوم طاعة الجيش لأميرهم ما لم يأمر بمعصية وكراهة تفرقهم عند النزول) (عن عتبة بن عبد) رضي الله عنه قال أمر رسول الله (ص ) بالقتال فرمى رجل من أصحابه بسهم، فقال رسول الله (ص ) أوجب هذا: وقالوا حين أمرهم بالقتال إذا يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما من المقاتلين (عن ثوبان مولى رسول الله (ص )) قال: قال
أميرة البصرة في زمن معاوية ويزيد أي لولا الذي أنت عليه من ظلم الناس وسفك دمائهم وخشي الموت في هذا المرض فأكون قد كتمت علما علمته من رسول الله (ص ) لولا ذلك لم أحدثك به، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية الإسماعيلي من الوجه الذي أخرجه مسلم بلفظ (لولا أني ميت ما حدثتك) فكأنه كان يخشى بطشه، فلما نزل به الموت أراد أن يكف بعض شره عن المسلمين والله أعلم غش الراعي للرعية هو عدم(1/84)
نصحهم ، ونصحهم توجيههم إلى ما فيه الخير لهم من أمور الدنيا والآخرة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل ابن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد اللخمي عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) الراد والله أعلم بتضييق المنازل وقطع الطريق: هو عدم النظام في النزول والسير والتزاحم في ذلك، لأنه يضايق الضعفاء ويفوت بعض المصالح أي فلا جهاد له كاملا أو لا أجر له في جهاده وفيه مبالغة في الزجر والتنفير من ذلك (تخريجه) (د مذ) وفي إسناده إسماعيل ابن عياش فيه مقال: وسهل بن معاذ ضعيف كما قال المنذري والله أعلم (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عصام بن خالد ثنا أبو عبد الله الحسن بن أيوب حدثني عبد الله بن ناسج الحضرمي قال حدثني عتبة بن عبد الله الخ (غريبة) أي فعلا يوجب له الجنة (تخريجه) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق
@@@ -44-
وجوب طاعة الأمير إلا في معصية الله عز وجل(1/85)
رسول الله (ص ) في مسيرة له إنا مدجلون فلا بد لجن مصعب ولا مضعف فأدلج رجل على ناقة صعبة فسقط فاندلقت فخذه فمات فأمر رسول الله (ص ) بالصلاة عليه ثم أمر مناديا ينادي في الناس، إن الجنة لا تحل لعاص ثلاث مرات(عن أبي ثعلبة الخشنى) رضي الله عنه قال كان الناس إذا نزل رسول الله (ص ) منزلا فعسكر تفرقوا عنه في الشعاب والأودية ، فقال رسول الله (ص ) إنما ذلكم الشيطان، قال فكانوا بعد ذلك إذا نزلوا منزلا انضم بعضهم إلى بعض حتى أنك لتقول لو بسطت عليهم كساء لعمهم أو نحو ذلك (عن على رضي الله عنه قال) بعث رسول الله (ص ) سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، قال فلما خرجوا قال وجد عليهم في شيء فقال أليس قد أمركم، رسول الله (ص ) أن تطيعوني؟ قال قلوا بلى، قال فقال اجمعوا حطبا ثم عاد بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها قال فهم القوم أن يدخلوها : فال فقال لهم شاب منهم إنما فررتم إلى رسول الله (ص ) من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي (ص) فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوا : قال فرجعوا إلى النبي (ص) فأخبروه، فقال لهم لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف(1/86)
ابن عيسى وأبو اليمان، وهذا حديث إسحاق قالا ثنا إسماعيل بن عياش عن راشد بن داود الأملوكي عن أبلي أسماء الرحي عن ثوبان الخ(غريبة) من أدلج إدلاجا مثل أكرم إكراما سار الليل كله فهو مدلج، فإن خرج آخر الليل فقد أدلج بالتشديد(وقوله مصعب ولا مضعف) بضم الميم وكسر العين فيهما المصعب هو من كان بعيره صعبا غير منقاد ولا ذلول، يقال أصعب الرجل فهو مصعب والمضعف من كانت دابته الظاهر أنه (ص) لم يصل عليه لكونه مات لمخالفة أمر النبي (ص) (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن بحر قال ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الله يعني ابن (العلاء بن زبير) أنه سمع مسلم بن مشكم (بوزن منبر) يقول ثنا أبو ثعلبة الخشني (بضم الخاء وفتح المعجمة) الخ (غريبة) لفظ (فقال رسول الله (ص )) سقط من الأصل وهو ثابت عند الحاكم وأبي داود فأثبته هنا، لأن الكلام لا يستقيم بدونه (تخريجه)(د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي الخ (غريبة) جاء في بعض الروايات عند غير الإمام أحمد زيادة (وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فعصوه في شيء ) قيل إنه لم يقصد النار حقيقة، وإنما أشار بذلك إلى أن طاعة الأمير واجبة، ومن ترك الواجب دخل النار، فإذا شق عليكم دخول هذه النار فكيف بالنار الكبرى، وكان في قصده أنه لو رأى منهم الجد في دخولها لمنعم قال الداودي يرد تلك النار لأنهم يموتون بتحريقها فلا يخرجون منها أحياء، قال وليس المراد بالنار نار جهنم ولا أنهم يخلدون فيها، لأنه قد يثبت في حديث الشفاعة أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من
@@@ -45-
وجوب طاعة الجيش لأميرهم إلا في معصية الله عز وجل(1/87)
(وفي لفظ) فقال (يعني النبي (ص) ) للذين أرادوا أن يدخلوها لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة: وقال الآخرين قولا حسنا، وقال لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف (وفي لفظ) لا طاعة لبشر في معصية الله (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال بعث رسول الله (ص ) علقمة بن مجزز رضي الله عنه على بعث أنا فيهم حتى انتهينا إلى رأس غزاتنا أو كنا ببعض أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي وكان من أصحاب بدر، وكانت فيه دعابة يعني مزاحا، وكنت ممن رجع معه فنزلنا ببعض الطريق، قال وأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم أو يصطلحون، قال فقال لهم أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا بلى، قال أعزم عليكم بحقي وطاعتي لما توثبتم في هذه النار، فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون قال احبسوا أنفسكم، فإنما كنت أضحك معكم فكروا ذلك للنبي (ص) بعد أن قدموا، فقال النبي (ص) من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه (عن بشير بن عاصم الليثي) عن عقبة بن مالك رضي الله عنه وكان من رهطه قال بعث رسول الله (ص) سرية فسلحت رجلا سيفا، قال فلما رجع قال ما رأيت مثل مالا منا رسول الله (ص)، قال أعجزتم إذ بعثت رجلا فلم يمض لأمري أن تجعلوا مكانه من يمضي لأمري(1/88)
إيمانا أي فيما يقره الشرع(تخريجه) (ق د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن عمرو عن عمرو بن الحكم بن ثوبان أن أبا سعيد قال بعث رسول الله (ص) الخ (غريبة) هو بجيم وزايين الأولى مشددة مكسورة بفتح الهمزة وتشديد الميم مفتوحة من التأمير أي كطعام ونحوه (وقوله أو يصطلحون) أي يتقون البرد بالنار يقال احتجز الرجل بازاره شده في وسطه، وإنما فعلوا ذلك استعدادا للوثوب في النار هذا تقييد لما أطلق في الأحاديث المطلقة القاضية بطاعة أولى الأمر على العموم: القاضية بالصبر على ما يقع من الأمير مما يكره والوعيد على مفارقة الجماعة (تخريجه)(جه ك بز حب)وصححاه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا سليمان بن المغيرة القيسي قال حدثنا حميد بن هلال قال حدثني بشير بن عاصم الليثي عن عقبة بن مالك الخ أي من قومه والمعنى أن عقبة بن مالك كان من قوم بشير بن عاصم بفتح اللام مشددة وسكون الحاء المهملة وضم تاء الفاعل كذا جاء مضبوطا في النهاية، قال في حديث عقبة بن مالك بعث رسول الله (ص) سيرية فسلحت رجلا منهم سيفا أي جعلته سلاحه: والسلاح ما أعددته للحرب من آلة الحديد مما يقاتل به: والسيف وجده يسمى سلاحا يقال سلحته (بفتح اللام مخففة) أسلحته بفتح اللام أيضا إذا عطيته سلاحا وإن شدد فللتكثير، وتسلح إذا لبس السلاح اهـ جاء عند الحاكم فلما رجعنا إلى رسول الله (ص) لامنا (من اللوم) وقال أعجزتم الخ: وفي هذا الحديث غموض يحتاج إلى بيان ولم قف على من شرحه، وهذا الحديث بنصه في سنن أبي داود ولم يتعرض له الخطابي ولا المنذري
@@@ -46-
الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ووصية الإمام لأمير الجيش(1/89)
(باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ووصية الإمام لأمير الجيش) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال ما قاتل رسول الله (ص) قوما حتى يدعوهم (عن سهل بن سعد الساعدي) رصي الله عنه أن رسول الله (ص) قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله، قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله يشتكي عينيه، قال فأرسلوا إليه فأتى به فبصق رسول الله (ص) في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال أنفذ على رأسك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (عن بريدة الأسلمي) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا وقال اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله (وفي لفظ) اغزوا ولا تغلوا ولا تغدوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام فإن هم(1/90)
ولا ابن القيم بكلمة ، فالله أعلم بمراد رسول الله (ص) (تخريجه)(د ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي باب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حفص بن غياث ثنا حجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني يعدوهم إلى الاسلام (تخريجه) (ك) وأورده الهيثمي وقال أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم أخبرني سهل بن سعد الخ (غريبة) أي يخوضون وزنا ومعنى ويموجون فيمن يدفعها اليه، يقال وقع الناس في دوكة بفتح الدال المهملة وضمها أي في خوض واختلاط فيه معجزة للنبي(ص) ومنقبة لعلي رضي الله عنه المراد من المثلية المذكروة أن يتصفوا بوصف الاسلام في النطق بالشهادتين بضم الفاء أي امض سالما، والساحة الناحية وقضاء بين دور الحي أي خير لك من ملك جماعة من الإبل الحمر وكانت من أنفس أموال العرب (تخريجه) (ق مذ وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان بن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه (بريده الأسلمي) الخ (غريبه) بضم الغين المعجمة أي لا تخونوا في الغنيمة (ولا تمثلوا) أي لا تقطعوا الأنف والأذن ونحو ذلك بقصد التشويه (ولا تغدروا) بكسر الدال وضمها وهو ضد
@@@ -47-
الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ووصية الإمام لأمير الجيش(1/91)
أجابوك فأقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم إن هم فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم فاعلموا أنهم يكونون كالأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية: فإن أجابوا فأقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن الله ثم قاتلهم(وعنه من طريق ثان بنحوه)وزاد وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيك فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن أجعل لهم ذمتك أبيك وذمم أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله ، وان حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري حكم الله فيهم أم لا، قال عبد الرحمن هذا أو نحوه (عن أبي البختري)قال حاصر سليمان الفارسي قصرا من قصور فارس فقال له أصحابه يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم؟ قال لا حتى أدعوهم كما كان يدعوهم رسول الله (ص) قال فأتاهم فكلمهم ، قال أنا رجل فارسي وأنا منكم والعرب يطيعوني فاختاروا إحدى ثلاث: أما أن تسلموا وإما أن تعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإما إن ننابذكم فنقاتلكم، قالوا لا نسلم ولا نعطي الجزية ولكنا ننابذكم، فرجع سليمان إلى أصحابه فقالوا ألا تنهد إليهم؟ قال لا، فدعاهم ثلاثة أيام فلم يقبلوا فقاتلهم ففتحها(وعنه من طريق ثان)أن سلمان الفارسي حاصر قصرا من قصور(1/92)
الوفاء(ولا تقتلوا وليدا) يعني صبيا لم يبلغ الحلم فيه ترغيب الكفار بعد إجابتهم وإسلامهم إلى الهجرة إلى ديار المسلمين لأن الوقوف بالبادية ربما كان سببا لعدم معرفة الشريعة لقلة من فيها من أهل العلم(سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه بنحو الحديث المتقدم وزاد وإذا حاصرت أهل حصن الخ الذمة هنا معناها عقد الصلح والمهادنة: وإنما نهى عن ذلك لئلا ينقض الذمة من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض من لا تمييز له من الجيش فيكون ذلك أشد، لأن نقض ذمة الله ورسوله اشد من نقض ذمة أمير الجيش أو ذمة جميع الجيش وإن كان نقض الكل محرما بضم التاء الفوقية وبعدها خاء معجمة ثم فاء مكسورة وراء يقال اخفرت الرجل إذا انقضت عهده: وخفرت بمعنى أمنته وحميته عبد الرحمن هو الذي روى عنه الامام أحمد هذا الطريق من حيث الباب، وروى الطريق الأولى عن وكيع وما عداهما سند الطريقين وأحد(تخريجه) (م مذ جه) وللبزار مثله من حديث ابن عباس (سنده حدثنا عبد الله أبي ثنا على ابن عاصم عن عطاء بن السائب عن أبي البختري الخ(غريبة)هو بمعنى تنهض وزنا ومعنى، قال في النهاية نهد القوم إلى عدوهم أي إذا صمدوا له وشرعوا في قتاله: ومنه حديث ابن عمر أنه دخل المسجد فنهد الناس يسألونه أي نهضوا(سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد
@@@ -48-
تخيير الكفار بين الإسلام أو القتال أو دفع الجزية(1/93)
فارس فقال لأصحابه دهوني حتى أفعل ما رأيت رسول الله (ص) يفعل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني امرؤ منكم، وإن الله رزقني الإسلام وقد ترون طاعة العرب، فإن أنتم أسلمتم وهاجرتم إلينا فأنتم بمنزلتنا يجري عليكم ما يجري علينا، وإن أنتم أسلمتم وأقمتم في دياركم فأنت بمنزلة الأعراب يجري لكم ما يجري لهم، ويجري عليكم ما جرى عليهم، فان أبيتم وأقررتم بالجزية فلكم ما لأهل الجزية وعليكم ما على أهل الجزية ، عرض عليهم ذلك ثلاثة أيام ثم قال لأصحابه أنهدوا إليهم ففتحها (عن ابن عون) قال كتبت إلى نافع أساله ما أقعد ابن عمر عن الغزو أو عن القوم إذا غزوا؟ وبما يدعون العدو قبل أن يقاتلوهم؟ وهل يحمل الرجل إذا كان في الكتيبة بغير إذن إمامه؟ فكتب إلي إن ابن عمر كان يغزو وولده ويحمل على الظهر، وكان يقول إن أفضل العمل بعد الصلاة الجهاد في سبيل الله تعالى، وما أقعد ابن عمر عن الغزو إلا وصايات لعمر وصبيان صغار وضعية كثيرة، وقد أغار رسول الله )ص* على بني المصطلق وهم غارون يسقون على نعمهم فقتل مقاتلهم وثبي سباياهم وأصحاب جويرية بنت الحارث، قال فحدثني بهذا الحديث ابن عمر وكان في ذلك الجيش، وإنما كانوا يدعون أول الإسلام. وأما الرجل فلا يحمل على الكتيبة إلا بإذن إمامه (باب جواز الخداع في الحرب بالتورية والكتمان وإرسال الجواسيس ونحو ذلك) (ز علي رضي الله عنه) قال إن الله عز وجل سمى الحرب على لسان نبيكم (ص) خدعة (زاد في رواية زحموية) على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم(1/94)
عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن سلمان الفارسي حاصر قصر الخ يعني بمنزلة المهاجرين (وقوله يجري عليكم ما يجري علينا) يعني من اخذ نصيبنا في الفيء والغنيمة ونحو ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد رحمه الله وسند الطريق الأولى حسن وسند الطريق الثانية صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن عون قال كتبت إلى نافع الخ (غريبة) قال في المصباح الضيعة العقار والجمع ضياع مثل كلبة وكلاب، والضيعة الحرفة والصناعة، ومنه كل رجل وضيعته اهـ (قلت) هذا محمول على ما إذا لم يتعين الجهاد، وإلا فلا يتركه ابن عمر ولا يوصى بتركه عمر رضي الله عنهما بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف وهو بطن شهير من خزاعة (وقوله وهم غازون) بغين معجمة وتشديد الراء جمع غار بالتشديد أي غافلون، والمراد بذلك الأخذ على غرة أي غفلة أي أخذها في السبي (تخريجه) (ق د . وغيرهم).
(باب) (ز سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن جعفر الوركاني وإسماعيل بن موسى السدي وحدثنا زكريا بن يحيى زحموية قالوا أنبأنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن ذي حدان عن علي الخ (غريبة) فيه لغات، وقد روى بهن جميعا، وأفصحها فتح الخاء المعجمة مع سكون الدال المهملة، أي تنقضي بخدعة، والخدع إظهار أمر وإضمار خلافه وذلك سائغ في الحروب لأنه من
@@@ -49-
جواز الخداع في الحرب وعدم تسرب الأخبار للعدو(1/95)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى الحرب خدعة (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحرب خدعة (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنه تعالى قال : قال رسول الله (ص) الحرب خدعة (عن كعب بن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كان غزوة تبوك فغزاها رسول الله (ص) في حر شديد استقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل غزوا عدو كثير فحلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي الذي يريد (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال اشتد الأمر يوم الخندق(1/96)
المستثنى الجائز المخصوص من المحرم غلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فليس بالجائز (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام أحمد علي مسند أبيه، ولذا رمزت له بحرف زاي في أوله كما أشرت إلى ذلك في المقدمة: ولم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام أحمد: وهو ضعيف ويؤيده ما بعده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا صفوان ابن عمرو عن عمرو بن جابر عن أنس الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي إسناده عمرو ابن جابر قال في التقريب ضعيف شيعي (قلت) يؤيده ما قبله وما بعده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج عن ابن جرير أخبرني أبو الزبير عن جابر الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال أنا يونس عن الزهري قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله بن كعب قال سمعت كعب بن مالك يقول كان رسول الله (ص) الخ (غريبة) بتشديد الراء أي سترها وكني عنها بغيرها، ويستعمل في إظهار شيء مع إرادة غيره تبوك اسم موضع من بادية الشام قريب من مدين الذي بعث الله إليهم شعيبا والمشهور في تبوك منع الصرف للعلمية والتأنيث، وكانت هذه الغزوة في رجب سنة تسع من الهجرة بفتح الميم والفاء والزاي: البرية التي بين المدينة وتبوك، سميت مفازا تفاؤلا بالفوز وإلا فهي مهلكة كما قالوا للديغ سليم قال الزركشي والحافظ والدماميني وغيرهم بالجيم وتشديد اللام، زاد الحافظ قال ويجوز تحفيظها: ومعناه أظهر للمسلمين أمرهم أي ليكونوا على أهبة يلاقون بها عدوهم ويستعدون لذلك ، والأهبة العدة، والجمع أهب مثل غرفة وغرف، ومعنى الحديث أنه (ص) كان يورى في غالب غزواته إلا غزوة تبوك فإنه أخبرهم بها ليستعدوا لها، فإنها كانت بعيدة الشقة وعرة(1/97)
المسالك في زمن حر شديد والعدو أكثر عددا منهم لهذا لم يكتم خبرها عنهم (تخريجه) (ق.د وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد قال هشام وحدثت به وهب بن كيسان فقال أشهد على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حدثني قال اشتد الأمر يوم الخندق الخ
(م7- الفتح الرباني – ج 14)
@@@ -50-
إرسال الجواسيس لمعرفة أخبار العدو وترتيب السرايا والجيوش
فقال رسول الله (ص) إلا رجل يأتينا بخبر بني قريظة؟ فانطلق الزبير فجاء بخبرهم، ثم اشتد الأمر أيضا فذكر ثلاث مرات فقال رسول الله (ص) إن لكل نبي حواريا وإن الزبير حواري (عن ثابت عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال بعث رسول الله (ص) بسيسة عينا لا أدري ما استثنى بعض نسائه فحدثه الحديث قال رسول الله (ص) فتكلم فقال إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا، فجعل رجال يستأذنونه في ظهر لهم في علو المدينة قال لا إلا من كان ظهره حاضرا، فانطلق رسول الله (ص) وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر (باب ترتيب السرايا والجيوش واتخاذ الرايات وألوانها) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلة (عن الحارث بن حسان) البكري رضي الله عنه قال قدمنا المدينة فإذا رسول الله (ص) على(1/98)
(غريبة) الظاهر أن النبي (ص) انتدب من يأتي بني قريظة وفي كل مرة يجيبه الزبير كما يدل على ذلك رواية مسلم حواري الرجل صفوته وخاصته وناصره ومعينه في الشدائد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا سليمان عن ثابت عن أنس الخ (غريبة) بضم الموحدة وفتح المهملة بعدها ياء ساكنة ثم سين مهملة مفتوحة، هو ابن عمرو ويقال ابن بشر (وقوله عينا) يعني جاسوسا يعني غير أنس الخ القائل لا أدري هو ثابت يشك هل استثنى أنس بعض نساء النبي ( ص) في قوله وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله (ص) أم لا يريد أن بسيسة حدث النبي (ص) بما فعلت غير أبي الحديث وسيأتي بثمامة في باب غزوة بدر من أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى (تخريجه) (م د: وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت يونس يحدث عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس الخ (غريبة ) المراد بالصحابة هنا صحابة السفر وهم الجماعة يصطحب بعضهم بعضا في السفر السرايا جمع سرية بوزن عطية وهي القطعة من الجيش تنفصل عنه ثم تعود إليه، وقيل هي قطعة من الخيل زهاء أربعمائة : كذا قال إبراهيم الحربي، وسميت سرية لأنها تسري ليلا على خفية ظاهرة إن هذا الجيش خير من غيره من الجيوش سواء كان أقل منه أم أكثر، ولكن الأكثر إذا بلغ إلى اثني عشر ألفا لم من قلة: وليس بخير من أربعة آلاف وإن كانت تغلب من قلة كما يدل على ذلك مفهوم العدد (تخريجه) (د مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه الترمذي: وذكر أنه في أكثر الروايات عن الزهري عن النبي (ص) مرسلا (سنده) حدثنا عبد الله
@@@ -51-
اتخاذ الرايات في الحرب وما جاء في تشييع الغازي واستقباله(1/99)
المنبر وبلال قائم بين يديه متقاعدا بين يدي رسول الله (ص) وإذا رايات سود وسألت ما هذه الرايات؟ فقالوا عمرو بن العاص قدم منن غزاة (وعنه في رواية أخرى) قال دخلت المسجد فإذا هو غاص بالناس وإذا راية سوداء تخفق، فقلت ما شأن الناس اليوم؟ قالوا هذا رسول الله (ص) يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها (عن يونس بن عبيد) مولى محمد بن القاسم قال بعثني محمد بن القاسم إلى البراءة بن عازب رضي الله عنه أسأله عن راية رسول الله (ص) ما كانت؟ قال كانت سوداء مربعة من نمرة (باب تشجيع الغازي واستقباله ووصية الإمام له) (عن سهل بن معاذ) بن أنس الجهي عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله (ص) أنه قال لأن أشيع مجاهدا في سبيل الله فأكفه على راحلة غدوة أروحة أحب إلى الدنيا وما فيها (عن السائب بن يزيد) رضي الله عنه قال خرجت مع الصبيان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله (ص) من غزوة تبوك، وقال سفيان مرة أذكر مقدم النبي (ص) لما قدم النبي (ص) من تبوك (عن صفوان بن عسال) المرادي رضي الله عنه قال بعثنا(1/100)
حدثني أبي ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا عاصم بن أبي الفزر عن الحارث بن حسان البكري الخ الراية ما يعقد في الرمح ويترك حتى تصفقه الرياح يحملها رئيس الجيش جاءت هذه الرواية الأولى أنهم قالوا إن عمرو بن العاص قدم من غزاة، وفي هذه الرواية أنهم قالوا إن النبي (ص) يريد أن يبعث عمرو ابن العاص وجها، وظاهرا هذا التعارض، ويمكن الجمع بينهما بأن عمر أقدم من غزاة ثم أراد النبي (ص) أن يبعثه إلى غزاة أخرى فسمع حسان الرواية الأولى من بعض الناس، والرواية الثانية من آخرين والله أعلم (تخريجه) (نس مذ جه ) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبلي ثنا يحيى بن زكريا ثنا أبو يعقوب الثقفي حدثني يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم الخ (غريبة ) بفتح النون والراء ميم مكسورة هي ثوب حبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة والراء قال قي القاموس النمرة بالضم النكتة من أي لون كان والأنمرة ما فيه نمرة بيضاء وأخرى سوداء والنمرة الحبرة وشملة فيها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف يلبسها الأعراب اهـ (تخريجه) (د مذ جه) وسنده حسن (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) بكسر الفاء أي الخدمة وأعينه في حوائجه بفتح الغين المعجمة أي في الذهاب أو الإياب (تخريجه) (جه ك) وفي إسناده ابن لهيعة وشيخه زبان بن فايد وكلاهما فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن زيد الخ (غريبة) سفيان هو ابن عيينة أحد رجال السند: يعني أنه قال في رواية أخرى أذكر مقدم النبي(ص) (تخريجه)(د مذ) وصححه : وللبخاري نحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال
@@@ -52-
تشييع الغازي ووصية الإمام لقائد الجيش(1/101)
رسول الله (ص) في سرية فقال سيروا باسم الله في سبيل الله تقاتلون أعداء الله ولا تغلوا ولا تقاتلوا وليدا: وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن يمسح على خفيه إذا أدخل رجليه على طهور، وللمقيم يوم وليلة (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مشى معهم رسول الله (ص) إلى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال انطلقوا على اسم الله ، وقال اللهم أعنهم يعني النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف (وعنه أيضا) قال كان رسول الله (ص) إذا بعث جيوشه قال اخرجوا بسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال نهى رسول الله (ص) أن يتعاطى السيف مسلولا(1/102)
أنا زهير عن أبي روق الهمداني أن أبا الغريف حدثهم قال: قال صفوان بعثنا رسول الله (ص) الخ (غريبة) بضم المعجمة وتقدم الكلام عليها في شرح حديث بريدة في باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال: وما يختص بالمسح على الخفين تقدم الكلام عليه في أبواب المسح على الخفين في الجزء الثاني (تخريجه) (جه) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) البقيع من الأرض المكان المتسع ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها ، وبقيع الغرقد موضع بظهر المدينة فيه قبور أهلها كان به شجر الغرقد فذهب وبقى اسمه (نه) يعني إلى قتل كعب بن الأشرف اليهودي وسيأتي الكلام على قصته في الباب الأول من حوادث السنة الثالثة بعد الهجرة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (بز طب) ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ألبي ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال أخبرني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله (ص) الخ (غريبة) أصحاب الصوامع هم الرهبان الذين يتعبدون فيها، والصوامع جمع صومعة : وهي مكان العبادة مثل المسجد عند المسلمين (تخريجه) (عل بز طب طس) وعند الطبراني في الأوسط قال (ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا شيخا) قال الهيثمي وفي رجال البزاز إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقة الإمام أحمد وضعفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله (ص) إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبة) إنما نهى النبي (ص) عن تعاطي السيف مسلولا يعني خارجا عن غمده لئلا يصيب إنسانا عند تناوله،(1/103)
والسنة أن يناوله داخل غمده (غربة) (ق د مذ ك)
@@@ -53-
استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى
(باب استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى والخدمة لا الجهاد) (عن حشرج بن زياد) الأشجي عن جدته أم أبيه رضي الله عنهما أنها قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة خيبر وأنا سادسة ست نسوة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن معه نساءا فأرسل إلينا (وفي لفظ فدعانا قالت فرأينا في وجه الغضب) فقال ما أخرجكن؟ وبأمر من خرجتن؟ فقلنا خرجنا نتناول السهام ونسقي الناس السويق ومعنا ما داوى به ونغزل الشعر ونعين به في سبيل الله، قال قمن فانصرفن، قالت فلما فتح الله عليه خيبر أخرج لنا سهام كسهام الرجل والقتلى إلى المدينة (عن أم عطية) رضي الله عنها قالت غزوت مع رسول الله (ص سبع غزوات أداوي المرضى وأقوم على جراحاتهم فاخلفهم في رحالهم أصنع لهم الطعام(عن محمد بن إسحاق
قال حدثني محمد بن سحيم عن أمية بنت أبي الصلت عن امرأة من بني غفار وقد سماها لي قالت أتيت رسول الله (ص) في نسوة من بني غفار فقلنا له يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك إلى وجهك هذا وهو يسير إلى خيبر فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا، فقال على بركة الله، قالت فخرجنا معه وكنت جارية حديثة فأردفني رسول الله (ص) على حقيبة رحله قالت فوالله لنزل رسول الله (ص)(1/104)
وصححه الحافظ) (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الرحمن بن عبد الوارث ثنا رافع بن سلمة الأشجعي حدثني حشرج بن زياد الأشجي عن جدته الخ: وجدته هذه هي أم زياد الأشجية من الصحابيات (غريبة) السويق بكسر الواو: شراب يصنع من الحنطة والشعير المراد بالسهام هنا الرضخ وهو العطية من الغنيمة كما يستفاد من الحديث الآتي بعد حديثين، لا أنه جعل نصيب المرأة كنصيب الرجل كما يتبادر من ظاهر اللفظ (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود ، وفي إسناده رجل مجهول وهو حشرج، قاله الحافظ في التخليص، وقال الخطابي إسناده ضعيف لا تقوم به حجة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن المفضل عن خالد بن ذكران عن الربيع بنت معوذ الخ، الربيع بفتح الباء الموحدة بعدها ياء تحتية مشددة مكسورة (ومعوذ) بتشديد الواو مكسورة وبعدها ذال معجمة(تخريجه)(خ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق قال ثنا هشام عن حفصة عن أم عطية الخ (تخريجه) (م جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق الخ (غريبة) الظاهر والله أعلم أن هذه المرأة هي أم زياد الأشجعية جدة حشرج بن زياد التي ذكر حديثها أول الباب تعني حديثة السن مراهقة الحقيبة التي تجعل في مؤخر القتب، والمراد أنه (ص) أردفها خلفه على
@@@ -54-
استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى(1/105)
إلى الصبح فأناخ ونزلت عن حقيبة رحله وإذا بها فكانت أول حيضتها، قالت فتقبضت إلى الناقة واستحييت، فلما رأى رسول الله (ص) ما بي ورأى الدم قال مالك لعلك نفست؟ قالت نعم، قال فأصلحي من نفسك وخذي إناءا من ماء فاطرحي فيه ملحا ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم ثم عودي لمركبك، قالت فلما فتح رسول الله (ص) خيبر رضخ لنا من الفيء وأخذ هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وجعلها بيده في عنقي، فو الله لا تفارقني أبدا قال وكانت في عنقها حتى ماتت، ثم أوصت أن تدفن معها، فكانت لا تظهر من حيضة إلا جعلت في طهورها ملحا وأوصت أن يجعل في غسلها حين ماتت (عن حميد) يعني ابن هلال قال كان رجل من الطفاوة طريقه علينا فأتى على الحي فحدثهم، قال قدمت المدينة في عيرها فبعنا بياعتنا ثم قلت لأنطلقن إلى هذا الرجل فلآتين من بعدي بخبره، قال فانتهيت إلى رسول الله (ص) فإذا هو يريني بيتنا: قال إن امرأة كانت فيه فخرجت في سرية من المسلمين وتركت اثني عشر عنزا لها وصيصتها كانت تنسج بها، قال ففقدت عنزا من غنمها وصيصتها فقالت يا رب إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه: وإني قد فقدت عنزا من غنمي وصيصتي وإني أنشدك عنزي وصيصتي، قال فجعل رسول الله (ص) يذكر مناشدتها لربها تبارك وتعالى، قال رسول الله (ص) فأصبحت عنزها ومثلها، وهاتيك فاتها فاسألها إن شأت، قال قلت بل أصدقك (باب الأوقات التي يستحب فيها الخروج إلى الغزو والنهوض إلى القتال وترتيب الصفوف وشعار المسلمين) (عن كعب بن مالك) رضي الله عنه قال لقمان كان رسول(1/106)
مؤخرة الرحل أي وثبت فزعا مما رأت، قال في القاموس تقبض منه اشمأز وإليه وثب بفتح أوله وكسر ثانيه أي حضت الرضخ العطية القليلة،وقد احتج به القائلون بأن المرأة لا يسهم لها وهم الجمهور بفتح الطاء أي الماء الذي تطهر به (تخريجه) لم أقف على من أخرجه بهذا السياق غير الإمام أحمد وفي إسناده محمد بن سحيم لم أقف على من ترجمه، وأمية بنت أبي الصلت، قال الحافظ في التقريب لا يعرف حالها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن حميد الخ (غريبة) بضم الطاء المهملة مشددة بعدها فاء، قال القاموس حي من قيس عيلان العنز بسكون النون أنثى المعز (والصيصة) هنا معناها الصنارة التي يغزل بها وينسج (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك قال: لقمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ وعناه أن النبي (ص) كان إذا أراد سفرا تحرى الخروج إليه يوم الخميس، وقلما كان يخرج إلى سفر في غيره، وكونه
@@@ -55-
الأوقات التي يستحب فيها الخروج إلى الغزو(1/107)
الله (ص) يخرج إذا أراد سفر إلا يوم الخميس (وعنه أيضا) أن النبي (ص) خرج يوم الخميس في غزوة تبوك (ز عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (ص) اللهم بارك لأمتي في بكورها (عن عمارة بن حديد ) البجلي عن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال اللهم بارك لأمتي في بكورها، قال فكان رسول الله (ص) إذا بعث سرية بعثها أول النهار، كان صخر رجلا تاجرا، وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضع ماله (عن عبد الله بن أبي أوفى) رضي الله عنه قال كان الني (ص) يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس (عن نعقل بن يسار) رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه استعمل النعمان بن مقرن فذكر الحديث قال النعمان ولكني(1/108)
(ص) كان يحب الخروج يوم الخميس لا يستلزم المواظبة عليه لقيام مانع كما يشير إلى ذلك التعبير بقوله قلما (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن النبي (ص) الخ (غريبة) زاد البخاري وكان يحب أن يخرج يوم الخميس (تخريجه) (ق.وغيرهما) ز (سنده) حدثنا عبد الله ثنا روح بن عبد المؤمن ثنا عبد الواحد بن زياد وحدثني عمرو الناقد ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن ابن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي بن أبي طالب الخ (غريبة) معناه العمل في أول النهار، وهذا لا يمنع جواز العمل في غير وقت البكور، وإنما خص البكور بالبركة لأنه وقت النشاط (تخريجه) لم أقف عليه من حديث على الغير عبد الله بن الإمام أحمد، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد الواسطي ضعفه الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يعلى ابن عطاء عن عمارة بن حديد الخ (تخريجه) (د مذ جه) وفي إسناده عمارة بن حديد البجلي بفتح الموحدة والجيم وثقه ابن حبان وقال أبو حاتم مجهول، و قال الحافظ حديث (بورك لأمتي في بكورها) أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وقال ابن حبان من حديث صخر الغامدي بالغين المعجمة، وقد اعتنى بعض الحفاظ بجمع طرقه فبلغ عدد من جاء عنه من الصحابة نحو العشرين نفسا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى بن عقبة عن أبي النضر عن عبيد الله بن معمر عن عبد الله بن أبي أوفى الخ (تخريجه) أورده الهشيمي وقال رواه أحمد والطبراني من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة وهي ضعيفة (سنده) حدثنا عبد الله ثنا عبد الرحمن وبهز قالا ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني قال بهز قال أنا عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني عن معقل (بوزن مسجد) بن يسار الخ(غريبة) هكذا في الأصل بلفظ (وذكر الحديث) وليس من اختصاري ولم يتقدمه في الأصل حديث في هذا(1/109)
المعنى، ولعل عمر رضي الله عنه ذكر للنعمان حديث البكور فقال
@@@ -56-
ترتيب الصفوف في الحرب واتخاذ الشعار وقتال الرجل تحت لواء قومه
شهدت رسول الله (ص) فكان إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى نزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر (وعن أبي أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال صففنا يوم بدر فبدرت
منا بادرة أمام الصف، فنظر إليهم النبي (ص) فقال معي معي (عن عقبة بن المغيرة) معك؟ قال قاتل تحت لواء قومك فإن رسول الله (ص) كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله (ص) إنكم ستلقون العدو إذا وإن شعاركم هم لا ينصرون (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال كان شعارنا ليلة بيتنا فيها هو ازن مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه أمره علينا رسول الله (ص)(1/110)
النعمان ولكني شهدت رسول الله (ص) الخ (تخريجه) (د) ورواه البخاري بزيادة (انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران حدثهم أنه سمع أبا أيوب يقول صففنا يوم بدر الخ (غريبة) أي تقدم بعض القوم أمام الصف (وقوله معي معي) أي لا تتقدموا عن الصف وكونوا معي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، والصحيح أن أبا أيوب لم يشهد بدرا والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أب ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية قال حدثنا عقبة بن المغيرة الخ (غريبة) بفتح القاف وسكون الراء أي قرن حيوان اصطحبه معه بسرج دابته ليبول فيه إذا لم يمكنه النزول عن الدابة لمانع كما يستفاد ذلك من رواية الحاكم وستأتي (تخريجه) (عل بز طب ك) ولفظه عند الحاكم من طريق عقبة بن المغيرة الشيباني قال حدثني إسحاق الشيباني عن أبيه عن مخارق بن سلم، قال كنت أساير عمارا يوم الجمل ومعه قرن مستمطة بسرجه يبول فيه إذا بال، فلما حضر القتال قال يا مخارق ائت راية رسول الله (ص) كان يستحب أن يقاتل الرجل تحت راية قومه، قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت ) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا أجلح عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبة) الشعار هو العلامة في الحرب يقال نادوا بشعارهم أو جعلوا لأنفسهم شعارا، والمراد أنهم جعلوا العلامة بينهم لمعرفة بعضهم في ظلمة الليل هو التكلم بلفظ الشعار عند هجوم العدو عليهم واختار رسول الله (ص) أن يكون شعارهم لفظ (هم لا ينصرون) لما فيه من التفاؤل بعدم انتصار الخصم مع حصول الغرض بالشعار والله أعلم ()(1/111)
(تخريجه )(نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال كان شعارنا الخ
@@@ -57-
استحباب الخيلاء في الحرب
أمت أمت وقلت بيدي ليلة إذ سبعة أهل أبيات (باب استحباب الخيلاء في الحرب والنهي عن تمني لقاء العدو والاغتراء بكثرة الجند)(عن محمد بن إبراهيم) أن ابن جابر ابن عتيك حدثه عن أبيه قال: قال رسول الله (ص) إن من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله ومن الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فالغيرة التي يحب الله الغيرة في الريبة والغيرة التي يبغض الله الغيرة في غيبة ريبة، والخيلاء التي يحب الله ، اختيار العبد بنفسه لله عند القتال واختياله بالصدفة، والخبلاء التي يبغض الله، الخيلاء في المفخر والكبر أو كالذي قال رسول الله (ص) (عن قيس بن بشر التغلبي) قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء رضي الله عنه قال كان بدمشق رجل من أصحاب النبي (ص) يقال له ابن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا فلما قلما يجالس الناس، إنما هو في صلاة، ف‘فإذا فرغ فغنما يسبح ويكبر حتى يأتي أهله: فمر بنا يوما ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال بعث رسول الله (ص) فقال لرجل إلى جنبه لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل فلان فطعن فقال خذها وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى في قوله؟ قال ما أراه الأبطل أجره،فسمع ذلك آخر فقال ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا حتى سمع النبي(ص) فقال سبحان، لا بأس أن يحمد ويؤجر (وفي لفظ(1/112)
(غريبة) أمر بالموت وفيه التفاؤل بموت الخصم(تخريجه) (د نس جه ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا الحجاج بن أبي عثمان ثنا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم الخ (غريبة) مثال ذلك أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منتهم فعلا محرما، فإن، فإن الغيرة ونحوه ما يحب الله، وفي الحديث الصحيح (ما أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الزنا ) مثال ذلك أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها وكذلك سائر محارمه، فإن هذا مما يبغضه الله تعالى،لأن ما أحله الله تعالى يجب علينا الرضا به، فإن لم نرض به كان ذلك من آثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا اختيال الرجل بنفسه عند القتال من الخيلاء الذي يحبه الله، لما في ذلك من الترهيب لأعداء الله(وقوله واختياله بالصدقة) أي مما يحبه الله فأنه ربما كان من أحباب الاحتكثار منها والترغيب فيها متى حسنت منه النية و أمن الرياء مثال ذلك أن يذكر ماله من الحسب والنسب وكثرة المال والجاه والشجاعة والكرم لمجرد الافتخار ثم يحصل منه الاختيار عند ذلك (تخريجه)(د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشر الخ (غريبة) أي يجب الوحدة والعزلة أي قل لنا كلمة
(م8- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -58-
النهي عن تمني لقاء العدو وعدم الاغترار بكثرة الجنود(1/113)
يحمد ويؤجر) قال فرأيت أبا الدرداء سر بذلك وجعل يرفع رأسه إليه ويقول آنت سمعت من رسول الله (ص)؟ فيقول نعم، فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه (عن أبيس حيان) قال سمعت شيخا بالمدينة يحدث أنم عبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنه كتب إلى عبيد الله إذا أراد أن يغزو الحرورية فقلت لكاتبه وكان لي صديقا أنسخه لي ففعل، إن رسول الله (ص) كان يقول لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله عز وجل العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف قال فنظر إذا زالت الشمس نهد إلى عدوه ثم قال اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) انه قال تمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاصبروا (وفي لفظ) فإنكم لا تدرون ما يكون في ذلك (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) عن صهيب رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) إذا صلى همس شيئا لا أفهمه ولا يخبرنا به قال أفطنتم لي؟ قلنا نعم، قال إني ذكرت نبيا من الأنبياء أعطى جنودا من قومه فقال من يكافئ هؤلاء؟ ومن يقوم لهؤلاء أو غيرها من الكلام فأوحى إليه أن أختر لقومك إحدى ثلاث، إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم، أو الجوع، أو الموت، فاستشار قومه في ذلك، فقالوا أنت نبي الله نكل ذلك إليك خرلنا، فقال إلى الصلاة وكانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة فصلى(1/114)
فكلمة مفعول لفعل محذوف للحديث بقية عن معنى الباب ستأتي في مواضعها، وسيأتي الحديث بطوله في باب مناقب سهل بن الحنظلية من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه)(د) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (عن أبي حيان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هو ابن إبراهيم ثنا أبو حيان قال سمعت شيخا الخ (غريبة) هكذا بالأصل (كتب إلى عبيد الله) وهو خطأ وصوابه كتب إلى عمر بن عبيد الله كما في البخاري وغيره يعني الخوارج نسبة إلى حوراء الذين قاتلهم علي رضي الله عنه هو من المجاز البليغ لأن ظل الشيء لما كان ملازما له وكان ثواب الجهاد الجنة كان في ظلال السيوف المشهورة فوق الرءوس في الجهاد تحتها الجنة، أي ملازمها استحقاق ذلك، ومثله (الجنة تحت أقدام الأمهات) أي نهض وبرز (تخريجه) (ق د ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبة) معناه أنه أعجبه كثرتهم وفهم أنه لا يقدر أحد على مقاومتهم بكسر الزاي فيهما فالأولى بمعنى الخوف، والثانية بمعنى الالتجاء، والمعنى وكانوا إذا خافوا
@@@ -59-
النهي عن الإغارة على من عنده شعار الإسلام(1/115)
ما شاء الله، ثم قال أي رب أما عدو من غيرهم فلا، أو الجوع فلا، ولكن الموت، فسلط عليهم الموت فمات منهم سبعون ألفا، فهمسي الذي ترون،أني أقول اللهم بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بالله (باب الكف وقت الإغارة عمن عنده شعار الإسلام) (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) يغير عند طلوع الفجر فيستمع، فإذا سمع أذانا أمسك وإلا أغار، قال فتسمع ذات يوم فسمع رجلا يقول الله أكبر. الله أكبر، فقال على الفطرة، فقال أشهد أن لا إله إلا الله ، فقال خرجت من النار (عن عصام المزني) رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي (ص) قال كان النبي (ص) إذا بعث السرية يقول (وفي لفظ قال ابن عصام عن أبيه بعثنا رسول الله (ص) في سرية فقال) إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا (باب الكف عن المحارب إذا عرف بالإسلام ووعيد قاتله وعذر من خطأ في قتله لعدم فهم كلامه) (عن أبي العلا) قال حدثني رجل من الحي أن عمران ابن حصين رضي الله عنه حدثه أن عبيسا أو ابن عبيس في ناس من بني جشم أتوه فقال له أحدهم ألا تقاتل حتى لا تكون فتنة؟ قال لعلي قد قاتلت حتى لم تكن فتنة، قال ألا أحدثكم ما قال رسول الله (ص) ولا أراه ينفعكم فأنصتوا، قال: قال رسول الله (ص) اغزوا بني فلان مع فلان قال فصفت الرجال وكانت النساء من وراء الرجال، ثم لما رجعوا قال رجل يا نبي الله(1/116)
من شيء التجئوا إلى الصلاة، وهذا معمول به في شرعنا قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) أي بمعونتك أسطو على الأعداء وأقرهم، والصلاة الحملة والوثبة (تخريجه)(م مذ مي)(باب ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس الخ يعني دين الإسلام، وفيه أن التكبير من الأمور المختصة بأهل الإسلام، وأنه يصح الاستدلال به على ‘سلام أهل قرية سمع منهم ذلك هذا نظير قوله (ص) من قال لا اله إلا الله دخل الجنة، وهي مطلقة مقيدة بعدم المانع جمعا بين الأدلة، وتقدم الكلام على ذلك في باب نعيم الموحدين وثوابهم من كتاب التوحيد في الجزء الأول(تخريجه) (م مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال ذكره عبد الملك بن نوفل بن مساحق قال سفيان وجده بدري عن رجل من مزينة يقال له ابن عصام عن أبيه وكان من أصحاب النبي (ص) الخ (تخريجه) (جه مي مذ) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، وهو من رواية ابن عصام عن أبيه، قيل اسمه عبد الله ، وقيل اسمه عبد الرحمن اهـ قال الحافظ في التقريب لا يعرف حاله قيل اسمه عبد الرحمن اهـ(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عارم ثنا معتمر ابن سليمان عن أبيه قال وحدثني السميط للشيباني عن أبي العلاء الخ (غريبة) أي آتوا عمران ابن حصين الظاهر أنه قال لهم ذلك لكونه يعلم أو يظن أنهم لا يقاتلون كفارا أي يخدمن المقاتلين بتضميد جرح أو مناولة نبل أو صنع طعام أو نحو ذلك
@@@ -60-
التشديد في قتل العدو إذا اعترف بالإسلام(1/117)
استغفر لي غفر الله لك، قال هل أحدثت؟ قال لما هزم القوم وجدت رجلا بين القوم والنساء فقال إني مسلم أو قال أسلمت فقتلته، قال تعوذ بذلك حين غشيه الرمح، قال هل شققت عن قلبه تنظر إليه؟ فقال لا والله ما فعلت، فلم يستغفر له أو كما قال، أو قال في حديثه قال رسول الله (ص) اغزوا بني فلان مع فلان فانطلق رجل من لحمى معهم فلما رجع إلى نبي الله (ص) قال يا نبي الله استغفر لي غفر الله لك، قال وهل أحدثت؟ قال لما هزم القوم أدركت رجلين بين القوم والنساء فقالا أسلمنا فقتلتهما، فقال رسول الله (ص) عما أقاتل الناس إلا على الإسلام؟ والله لا أستغفر لك أو كما قال ، فمات بعد فدفنته عشيرته فأصبح قد نبذته الأرض، ثم دفنوه وحرسوه ثانية فنبذته الأرض ثالثة،فلما رأوا ذلك ألقوه أو كما قال (عن حميد بن هلال) قال جمع بيني وبين بشر بن عاصم صبحا فبرز رجل من أهل الماء فحمل عليه رجل من المسلمين، فقال أني مسلم فقتله، فلما قدموا أخبروا النبي (ص) بذلك فقام رسوا الله (ص) خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال المسلم يقتل الرجل وهو يقول إني مسلم، فقال الرجل إنما قالها متعوذا فصرف رسول الله (ص) وجهه ومد يده اليمنى (وفي لفظ فأقبل عليه رسول الله (ص) تعرف المساءة في وجهه) وقال أبي الله علي من قتل(1/118)
يعني هل أذنبت ذنبا يوجب الاستغفار؟ أي لأنه لم يقل إني مسلم إلا خوفا من القتل الظاهر أن النبي لم يستغفر له لأنه علم بطريق الوحي سوء نيته أي من أقاربي في هذه الرواية قال أدركت رجلين وفي الرواية الأولى قال رجلا، والظاهر أن هذا من اختلاف الرواة والله أعلم أي بعد وفاة النبي (ص) إنما نبذته الأرض لغضب الله عز وجل عليه وليعتبر به غيره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده رجل لم يسم فلا يحتج به،(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال الخ (غريبة) أي أتوا يقال غشيه أغشاه من باب تعب أتيته والاسم الغشيان بالكسر يعني ما أراد بها الإسلام وإنما أراد بها التحصن من القتل (وقوله فصرف رسول الله (ص) وجهه، وفي الرواية الأخرى فأقبل عليه رسول الله (ص)) معناه أنه (ص ) صرف عنه وجهه من فعله، ثم أقبل عليه غاضبا مشيرا بيده اليمنى إليه قائلا أبى الله من قتل مسلما وكرر هذه الجملة ثلاث مرات للتأكيد، والظاهر والله أعلم أن قوله أبى الله على من قتل مسلما يعني أن يغفر له: فقد جاء عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله (ص) يقول (كل ذنب عسى الله أن يغفره الرجل يموت مشركا أو يقتل مؤمنا متعمدا رواه (د حب- ك)) وقال
@@@ -61-
النهي عن قتل رسول العدو(1/119)
مسلما ثلاث مرات(عن سالم بن عبد الله) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال بعث النبي (ص) خالد ابن الوليد إلى بني أحسبه قال جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا وجعل خالد بهم أسرا وقتلا، قال ودفع إلى كل رجل منا أسيرا حتى إذا أصبح يوما أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره، قال فقدموا على النبي(ص) فذكروا له صنيع خالد، فقال النبي (ص) اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين (باب النهي عن قتل رسول العدو وعدم جواز قتل المشرك غدرا أو أخذ ماله) (عن أبي وائل) عن ابن معين السعدي قال خرجت أسقي فرسا في السحر فمررت بمسجد بني حنيفة وهم يقولون إن مسيلمة رسول الله، فأتيت عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) فأخبرته فبعث الشرطة فجاءوا بهم،فاستتابهم فتابوا فخلى سبيلهم وضرب عنق عبد الله بن النواحة، فقالوا آخذت قوما في أمر واحد فقتلت بعضهم وتركت بعضهم؟ قال أني سمعت رسول الله (ص) وقدم عليه هذا وابن أثال بن حجر فقال أتشهد أني رسول الله؟ فقالا نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال النبي (ص) آمنت بالله ورسوله ولو كنت قاتلا وفدا لقتلتكما قال فلذلك قتله (وعنه من طريق ثان) قال : قال عبد الله حيث قتل ابن النواحة هذا وابن أثال كانا أتيا النبي (ص) رسولين لمسيلمة الكذاب، فقال لهما رسول الله (ص) أتشهدان أني رسول الله؟ قالا نشهد أن مسيلمة رسول الله ، فقال لو كنت قاتلا(1/120)
صحيح الإسناد (تخريجه) (نس حب) والبغوي وسنده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله الخ (غريبة)أي ظنه، وقد جاء في رواية البخاري بني جزيمة بالتحقيق بدون ظن أي دخلنا في دين الصابئة، وكان أهل الجاهلية سيمون من أسلم صابئا وكأنهم قالوا أسلمنا، والصابئي في الأصل الخارج من دين إلى دين كما في القاموس أنكر النبي (ص) على خالد عدم التثبت في أمرهم وأنه لم يتئد حتى يقف على المراد من قولهم: وفهم خالد أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى دخولهم في دين الله عز وجل ففعل ما فعل، ولذلك تبرأ النبي(ص) من فعله ولم يتبرأ منه، وهكذا ينبغي أن يقال لمن فعل ما يخالف الشرع ولاسيما إذا كان خطأ، وقد عذر النبي (ص) خالدا في اجتهاده ولذا لم يقتض منه (تخريجه)(خ. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي أنبأن أبو بكر بن عياض ثنا عاصم عن أبي وائل الخ (غريبة) على وزن غرفة هم الجند والجمع شرط مثل غرف ورطب بضم الهمزة ولم يصرح باسمه في الطريقين وسيأتي ذكرا بن أثال في باب سرية محمد بن مسلمة قبل نجد من أبواب الغزوات مصرحا باسمه بلفظ (ثمامة بن أثال) وترجمة الحافظ في الإصابة بأنه ثمامة بن أثال بن النعمان وجاء في هذا الحديث (ابن أثال بن جحر فيكون هذا غير ذلك والله أعلم) (سنده ) حدثنا عبد الله
@@@ -62-
النهي عن قتل المشرك غدرا ماله(1/121)
رسولا لضريت أعناقكما، قال فجرت سنة أن لا يقتل الرسول، فأما ابن أثال فكفاه الله عز وجل وأما هذا فلم يزل ذلك فيه حتى أمكن الله منه الآن (عن الحارثة بن مضرب) قال: قال عبد الله (يعني ابن مسعود) لابن النواحة سمعت رسول الله (ص) يقول: لولا أنك رسول لقتلتك، فأما اليوم فلست برسول يا خرشة قم فاضرب عنقه، قال فقام إليه فضرب عنقه (عن نعيم بن مسعود) قال: قال رسول الله (ص) يقول حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب قال للرسولين فما تقولان أنتما، قالا نقول كما قال، فقال رسول الله (ص لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما (عن عروة عن أبيه) عن المغيرة بن شعبة أنه صحب قوما من المشركين فوجد منهم غفلة فقتلهم وأخذ أموالهم، فجاء بها إلى النبي (ص) فأبى رسول الله (ص) أن يقبلها
(باب جواز تبييت الكفار وإن أدى إلى قتل ذراريهم تبعا)
(ز عن ابن عباس)رضي الله عنه أن الصعب بن جثامة قال: قلت يا رسول الله الدر من دور المشركين نصبها للغارة فنصيب الولدان تحت بطون الخيل ولا نشعر فقال إنهم منهم(1/122)
حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا المسعودي حدثني عاصم عن أبي وائل قال: قال عبد الله الخ إن كان ثمامة ابن أثال بن النعمان فإنه أسلم وحسن إسلامه، وإن كان غيره فيحتمل أنه أسلم أو قتل أو مات، وهذا معنى قوله فكففناه الله (تخريجه) أخرجه الطريق الأولى منه (د نس. ك) باختصار ،وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وأبو يعلى مطولا وإسنادهم حسن (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب الخ (ومضرب) بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء مكسورة (تخريجه) (د نس) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي قال ثنا سلمة بن الفضل الأنصاري قال ثنا محمد بن إسحاق قال حدثني سعد ابن طارق الأشجيعي وهو أبو مالك عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي عن أبيه نعيم بن مسعود الخ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا هشام عن عروة عن أبيه الخ (غريبة) يحتمل أنه (ص) لم يقبل ذلك لقوله (ص) (من قتل قتيلا فله سلبه) ويحتمل أن هؤلاء المشركين ليسوا محاربين ولا أصحاب عهد ففي قتلهم على هذه الصورة شبه غدر، فلم يقبل رسول الله (ص) من المغيرة أموالهم زجرا له عن حصول مثل ذلك مرة أخرى والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (ز سنده) حدثنا عبد الله حدثني داود بن عمرو أبو سليمان الضبي قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني القرية أو المحل (وقوله نصبها للغارة) أي نغير عليها ليلا أي من المشركين في جواز القتل في تلك الحالة، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق ليقصد إليهم، بل المراد إذا
@@@ -63-
جواز تبييت الكفار وإن أدى إلى قتل ذراريهم تبعا(1/123)
(عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال بيتنا هو ازن مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أكمره علينا النبي (ص) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما عن الصعب ابن جثامة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قيل له لو أن خيلا أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين؟ قال هم من آباءهم (عن المهلب بن أبي صفرة) عن رجل من أصحاب النبي (ص) عن النبي (ص) قال ما أراهم الليلة إلا سيبيتونكم، فان فعلوا فشعاركم حم لا ينصرون (عن الصعب بن جثامة) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول لا حمى إلا لله ولرسوله، وسئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال هم منهم، ثم يقول الزهري ثم نهى عن ذلك بعد
(باب الكف عن قصد النساء والصبيان والرهبان والشيخ الفاني بالقتل)(1/124)
لم يكن الوصول إلى المشركين إلا بوطئ الذرية فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم، وأما قصدهم بالقتل فقد نهى عنه، وبذلك يجمع بين هذا الحديث وأمثاله وبين أحاديث النهي الآتية (تخريجه) (ق وجه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الأكوع الخ (غريبة) تبييت العدو وهو أن يقصد في الليل من غير أن يشعر فيؤخذ بغتة وهو البيات يعني الإغارة بالليل (تخريجه) (دم د نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جرير قال أخبرني عمرو بن دينار أن ابن شهاب أخبره عن عبيد الله حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن المهلب الخ (غريبة) هذا الرجل هو البراء بن عازب كما صرح بذلك في رواية للحاكم يريد أبا سفيان وقومه كما جاء صريحا في رواية للحاكم الشعار في الأصل العلامة التي تنصب ليعرف الرجل بها رفقة، والمراد أنهم جعلوا هذا اللفظ علامة بينهم ليعرف بعضهم بعضا في ظلمة الليل عند هجوم العدو عليهم (تخريجه) (نس مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال مربي رسول الله (ص) وأنا بالأبواء أو بودان، فأهديت له من لحم حمار وحش وهو محرم فرده على ، فلما رأى في وجهي الكراهة قال إنه ليس بنا رد عليك ولكنا حرم، وسمعته يقول لا حمى إلا لله ولرسوله الحديث، وهذا الجزء من الحديث تقدم في باب تحريم صيد البر على المحرم في الجزء الحادي عشر (غريبة) لفظ أبي داود وقال الزهري ثم نهى رسول الله (ص) عن قتل النساء والصبيان، وكأن الزهري أشار بذلك إلى نسخ حديث الصعب اهـ (قلت) تقدم الجمع بين حديث الصعب وأحاديث النهي في شرح الحديث الأول من
@@@-64-
النهي عن قصد قتل النساء والصبيان والإجراء والخدم(1/125)
(عن ابن عمر رضي الله عنهما) أن رسول الله (ص) رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فنهى عن قتل النمساء والصبيان(عن رباح بن الربيع) أخي حنظلة الكاتب رضي الله عنه أنه أخبره أنه خرج مع رسول الله (ص) في غزوة غزاها وعلى مقدمته خالد بن الوليد رضي الله عنه، فمر رباح وأصحاب رسول الله (ص) على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون إليها ويتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله (ص) على راحلته، فانفرجوا عنها، فوقف عليها رسول الله (ص) فقال ما كانت هذه لتقاتل، فقال لأحدهم الحق خالدا فقل له لا تقتلون ذرية ولا عسيفا (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رجلا أخذ امرأة فنازعته قائم سيفه فقتلها، فمر عليها النبي(ص) فأخبر بأمرها فنهى عن قتل النساء (عن أيوب) قال سمعت رجلا منا يحدث عن أبيه، قال بعث رسول الله (ص)سرية كنت فيها، فنهانا أن نقتل العسفاء و والو صفاء (عن الأسود بن سريع) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله (ص) وغزوت معه فأصبحت ظهر ظهرا فقتل الناس يومئذ حتى قتلوا الولدان، وقال مرة الذرية، فبلغ ذلك رسول الله (ص) ، فقال ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية فقال رجل يا رسول الله إنما هم أولاد المشركين، فقال ألا إن خياركم أبناء المشركين ثم قال ألا لا تقتلوا ذرية ألا(1/126)
أحاديث الباب (تخريجه) (ق مذ جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد قال حدثنا المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع الخ(غريبة) أي أنها ما قاتلت حتى تقتل، ومفهومه أن المرأة إذا قاتلت تقتل: وفيه خلاف عند الأئمة العسيف هو الأجير، والظاهر أنه الأجير على حفظ الدواب ونحو ذلك لا الأجير على القتال، وقيل هو الشيخ الفاني ، وقيل العبد والله أعلم (تخريجه) (د نس جه حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا منه أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني وسباها كما في بعض الروايات (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال النبي (ص) مر بامرأة يوم الخندق مقتولة فقال من قتل هذه قال أنا يا رسول الله: قال نازعتني سيفي فسكت، وفي إسنادهما الحجاج بن ارطاة مدلس (سنده) عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب قال سمعت رجلا الخ (غريبة) العسفاء الأجراء والو صفاء العبيد والإماء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسمى حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال أنا يونس عن الحسن عن الأسود ابن سريع الخ(غريبة) معناه أن خيار الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم من أبناء المشركين
@@@ -65-
الأمر بقتل شيوخ المشركين والنهي عن قتل صبيانهم ورهبانهم في الحرب(1/127)
لا تقتلوا ذرية، قال كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها فأبواها يهودانها أو ينصرانها (وعنه من طريق ثان ) أن رسول الله (ص) بعث سرية يوم حنين فقاتلوا المشركين فأفضى بهم القتل إلى الذرية ، فلما جاءوا قال رسول الله (ص) ما حملكم على قتل الذرية؟ قالوا يا رسول الله إنما كانوا أولاد المشركين، قال وهل خياركم إلا أولاد المشركين، والذي نفس محمد بيده ما من نسمة تولد إلا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان رسول الله (ص) إذا بعث جيوشه قال اخرجوا باسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) اقتلوا شيوخ المشركين واستجيبوا شرخهم ، قال عبد الله سألت أبي عن تفسير هذا الحديث (اقتلوا شيوخ المشركين) قال يقول الشيخ لا يكاد أن يسلم والشاب أي كأنه أقرب إلى الإسلام(1/128)
أي الفطرة الله التي فطر الناس عليها: أي الخلقة التي خلقهم عليها من الاستعداد بقبول الدين: وقوله حتى يعرب بضم الياء التحتية من أعرب: والأعراب معناه الإبانة والتوضيح وذلك إلى سن التمييز: فإنه حينئذ يعلمه أبواه دين اليهودية أو النصرانية أي جعلهما الله سببا لما قضاه من دخوله في غير دين الإسلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يونس ثنا أبان عن قتادة عن الحسن عن الأسود بن سريع الخ أظهر في هذه الرواية أن الواقعة كانت في غزوة حنين (تخريجه) (عل طب طس هق) ورجاله رجال الصحيح (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال أخبرني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) تقدم الشكر ذلك في باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتل من حديث بريدة أصحاب الصوامع هم من انقطعوا للعبادة من الكفار كالرهبان والصوامع جمع صومعة، وهي مكان العبادة كالمسجد للمسلمين (تخريجه) (عل طب طس بز) إلا أن الطبراني قال في الأوسط ولا تفتلوا وليدا ولا امرأة ولا شيخا: قال الهيثمي وفي رجال البزار إبراهيم ابن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقه أحمد وضعفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح اهـ (قلت) ابن أبي حبيبة في رجال الإمام أحمد أيضا : لكن حديث بريدة المشار إليه أيضا يعضده، ويعضده أيضا حديث صفوان بن عسال الآتي في الباب التالي والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ثنا الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ(غريبة) جمع شيخ وهرم من بلغ سن الأربعين أي رجال الأقوياء أهل النجدة والبأس : لا الهرمى الذين لا قوة ولا رأى أي واستبقوا شرخهم بفتح الشين والخاء المعجمتين بينهما راء ساكنة مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع، وقيل هو جمع شارخ كشارب أي الأطفال المراهقين الذين لم يبلغوا الحلم (وقوله (م9- الفتح الرباني- ج 4)
@@@-66-
النهي عن المثلة والحرق وقطع الشجر إلا لحاجة ومصلحة(1/129)
من الشيخ قال الشرخ الشباب (باب النهي عن المثلة والحرق وقطع الشجر وهدم العمران إلا لحاجة ومصلحة ) (عن ثوبان) مولى رسول الله (ص) أنه سمع رسول الله (ص) يقول من قتل صغيرا أو كبيرا أو أحرق نخلا أو قطع شجرة مثمرة أو ذبح شاة لإرهابها لم يرجع كفافا (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال ما قام فينا رسول الله (ص) خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة ، قال: قال ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه(عن المغيرة بن شعبة) رشي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قطع نخل بني النصير وحرق (عن أسامة بن زيد) رضي الله عنهما أن النبي (ص) كان وجهه وجهة فقبض النبي (ص) فسأله أبو بكر رضي الله عنه ما الذي عهد إليك؟ قال عهد إلى أن أغير على أبني صباحا ثم أحرق(1/130)
قال عبد) يعني ابن الإمام أحمد رحمهما الله معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله أن الشيخ لا يرجى منه الإسلام بخلاف الشاب الصغير فإنه أقرب إلى الإسلام من الشيخ (تخريجه) (د مذ) حديث حسن صحيح غريب (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق من كتابة ثنا ابن لهيعة ثنا شيخ عن ثوبان الخ(غريبة) المراد بالصغير هنا من لم يبلغ الحلم: والكبير الشيخ الفاني كما يستفاد من أحاديث الباب السابق أي لأجل أهابها أي جلدها لا للانتفاع بلحمها (وقوله لم يسترجع كفاف) أي لم يرجع لا ثواب له ولا عقاب عليه، بل يرجع مثقلا بالذنوب لما ارتكبه من المخالفة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده راو لم يسم وابن لهيعة تكلم فيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن عبد الله الأنصاري ثنا صالح بن رستم الخزاز حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) المثلة بضم الميم تشويه الخلقة بقطع بعض الأعضاء : يقال مثلت بالقتيل مثله من بابي ضرب وقتل إذا قطعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه،والاسم المثلة: ومنه الحديث (نهي أن يمثل بالدواب) أي تنصب فترمي أو تقطع أطرافها وهي حية معناه وإن من المثلة التي يتناولها النهي أن ينذر الرجل أن يخرم أنف نفسه، فإذا فعل ذلك فالنذر باطل ولا يصح الوفاء به (تخريجه )(ك) وسنده لا بأس به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني سلمة بن نوفل عن رجل من ولد المغيرة ابن شعبة الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غربية ) بتشديد الراء أي لأنه رأى في ذلك مصلحة (تخريجه) (ق. وغيرهما ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن المثنى حدثني صالح بن الأخضر حدثني الزهري عن عروة عن أسامة الخ(غريبة) بضم الهمزة وسكون الموحدة مقصورة اسم قرية، قال من
@@@ -67-(1/131)
إرسال النبي (ص) بعض الصحابة إلى خثعم وأبنى وتحريق معبودهم بالنار
(وعنه من طريق ثان) قال بعثني رسول الله (ص) إلى قرية يقال لها أبنى فقال ائتها صباحا ثم حرق ( عن قيس بن أبي حازم) قال : قال لي جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال لي رسول الله (ص) ألا تريحني من ذي الخلصة؟ وكان بيتا في خثعم يسمى كعبة اليمانية فنفرت إليه في سبعين ومائة فارس من أحمس قال فأتاها فحرقها بالنار، وبعث جرير بشريا إلى رسول الله (ص) فقال والذي بعثني بالحق ما أتيتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب فبرك رسول الله (ص) على خيل أحمس ورجالها خمس مرات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله (ص) في بعث فقال إن وجدتم فلانا وفلانا لرجلين من قريش فاحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله (ص) حين أردنا الخروج كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار إن النار لا يعذب بها إلا الله عز وجل فإن وجدتموهما فاقتلوهما (عن حمزة بن عمرو) الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله (ص) بعثه ورهطا معه إلى رجل من عذرة فقال إن(1/132)
قدامة في المغنى هي قرية من أرض الكرك في أطراف الشام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة بن زيد قال بعثني رسول الله (ص) الخ (تخريجه)(د جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري : فهو صالح للاحتجاج به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا إسماعيل عن قيس الخ (غريبة) بفتح المعجمة والآم المهملة : قال في القاموس وذو الخصلة محركة وبضمتين: بيت كان يدعى الكعبة اليمانية لخثعم كان فيه صنم اسمه الخلصة على وزن: أحمد قال الحافظ هم رهط ينسبون إلى أحمس بن الغوث من أنمار اهـ وفي البخاري بعد قوله ابن أحمس: قال وكانوا أصحاب خيل: قال وكنت لا أثبت على الخيل فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا فانطلق إليه فكسرها وحرقها بالجيم الموحدة وهو كناية عن نزع زينتها وذهاب بهجتها: أو أنها صارت سوداء كالجمل الأجرب المطلي بالقطران لما أصابها من التحريق (وقوله فبرك الخ) بتشديد الراء أي دعا لهم ولخيلهم بالبركة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني هاشم ابن القاسم ثنا ليث يعني ابن سعد حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) هما هبار بن الأسود ونافع بن عبد قيس: أما هبار فقد أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه وأما الآخر فلم يعثر له على خبر هذا خبر بمعنى النهي الصريح في الحديث التالي أو الظاهر أنه (ص) عدل عن التحريق إلى القتل بوحي أو اجتهاد والله أعلم (تخريجه) (خ د مذ مى) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج قال أخبرني زياد يعني ابن سعد أن أبا الزناد قال أخبرني حنظلة بن علي عن حمزة بن عمرو صاحب النبي (ص) حدثه أن رسول الله (ص) الخ (غريبة) بضم العين ولم أقف على اسم هذا الرجل ولا على قصته (تخريجه) (د ص)
@@@ -68-(1/133)
النهي عن قتل أحد بالنار أو تعذيبه بها وتحريم الفرار من الزحف
قدرتهم على فلان فأرقوه بالنار، فانطلقوا حتى تواروا منه ناداهم أو أرسل في أثرهم فردوهم ثم قال إن أنتم قدرتم عليه فاقتلوه ولا تحرقوه بالنار فإنما يعذب بالنار رب النار
(باب تحريم الفرار من الزحف إلا المتحيز إلى فئة وإن بعدت)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) خمس ليس لهن كفارة الشرك بالله عز وجل وقتل النفس بغير حق بهت نؤمن أن الفرار يوم الزحف أو يمين صابرة يقتطع بها ما لا بغير حق (عن أيوب ) رضي الله عنه أن رسول الله (ص)قال من جاء يعبد الله لا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويأتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر فإن له الجنة، وسألوه ما الكبائر؟ قال الاشرك بالله وقتل النفس المسلمة وفرار يوم الزحف (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قال كنت في سرية من سرايا رسول الله (ص)(1/134)
وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا زكريا بن عدي أنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عن أبي هريرة الخ (غريبة ) أي ليس لها كفارة توجب المغفرة لمرتكبها من غير جنسها كصيام أو صدقة أو عتق، وهذا لا ينافي أن لها كفارة أخرى (فكفارة الشرك بالله) يعني الكفر: التوبة والندم والرجوع إلى الايمان: وخص الشرك بالذكر لغلبته إذ ذاك (وكفارة قتل النفس) يعني عمدا بغير حق: التوبة والندم وبذل نفسه بإقامة الحد عليه (أما بهت المؤمن) فهو بفتح الباء الموحدة وسكون الهاء: ومعناه قوله عليه مالم يفعله وافتراء الكذب عليه: وكفارة ذلك التوبة والندم والتحلل من صاحبه (وأما الفرار يوم الزحف) وهو المقصود من ترجمة الباب ، وهو الهرب من القتال عند زحف العدو حبا في الحياة وكراهة في الموت: فكفارته التوبة والندم والرجوع إلى القتال أي لازمة حابسة، أي ألزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم:فإن حلفها قاصدا أخذ مال غيره بغير حق فكفارتها التوبة والندم ورد المال إلى صاحبه والتحلل منه، وبغير ما ذكر لا تنفع كفارة لهذه الخصال ، وهذا يدل على التشديد في أمرها وأنها من الكبائر (تخريجه) أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ والديلمي في مسند الفردوس وفي إسناده بقية بن الوليد في كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدقني أبي ثنا المقرئ ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان ثنا أبورهم السمعي أن أبا أيوب حدثه أن رسول الله (ص) الخ(غريبة) الكبائر جمع كبيرة وهي الفعلة القبيحة من الذنوب المنهى عنها شرعا لعظم أمرها، كالإشراك بالله الخ، وليست الكبائر محصورة في هذه الثلاث بل كثيرة جدا: فمنها الزنا وشرب الخمر والربا وعقوق الوالدين والغيبة والنميمة وغير ذلك كثير نجانا الله منها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده بقية بن الوليد المذكور في الذي قبله وله شواهد صحيحة تؤيده(1/135)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا زهير ثنا يزيد ين أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
@@@ -69-
الرخصة في الفرار من الزحف لمصلحة واستحباب الإقامة بوضع النصر ثلاثا
فحاص الناس حيصة وكنت فيمن حاص، فقلنا كيف نصنع وقد فردنا من الزحف وبنا بالغضب، ثم قلنا لو دخلنا المدينة فبتنا، ثم قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله (ص) فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا، فأتيناه قبل صلاة الغداة فخرج فقال من القوم؟ قال فقلنا نحن الفرارون، قال لا بل أنتم العكارون: أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين (وفي لفظ أنا فئة كل مسلم) قال فأتيناه حتى قبلنا يده (باب استحباب الإقامة بموضع النصر ثلاثا) (عن أبي طلحة) رضي الله عنه أن النبي (ص) كان إذا قاتل قوما فهزمهم أقام بالعرصة ثلاثا وفي لفظ لما فرغ رسول الله (ص) من أهل بدر أقام بالعرصة ثلاثا (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله (ص) كان إذا غلب قوما أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثا(وفي لفظ ثلاث ليال) (أبواب قسم الغنائم والفيء) (باب حل الغنيمة من خصوصياته (ص) وأمته وذكر أحكام تتعلق بالغنيمة قبل قسمتها) (في حديث جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما قال(1/136)
عن عبد الله بن عمر الخ(غريبة) أي جال الناس جولة يطلبون الفرار من العدو، والمحيص الهرب: يقال حاص الرجل إذا حاد عن طريقه أو انصرف عن جهته إلى جهة أخرى، والظاهر أن ابن عمرو ومن معه لم يقصدوا الفرار نهائيا بل اتقاءا لفتك العدو بهم قم يعودون : ويؤيد ذلك قوله (ص) لهم (بل أنتم العكارون ) قال الخطابي يريد أنتم العائدون إلى القتال والعاطفون عليه: يقال عكرت على الشيء (بفتح الكاف) إذا عطفت عليه وانصرفت إليه بعد الذهاب عنه أي ملجؤهم وناصرهم يمهد بذلك عذرهم وهو تأويل قوله تعالى (أو متحيزا إلى فئة) والله أعلم فيه جواز تقبيل يد الفاضل الذي ترجى بركته (تخريجه)(فع د مذ جه) وحسنه الترمذي (باب )(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة الخ (غريبة ) العرصة بفتح المهملة وسكون الراء بعدها صاد مهملة مفتوحة وهي البقعة الواسعة بغير بناء من دار أو غيرها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ قال ثنا سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة الخ قيل الحكمة في ذلك إظهار تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام وقلة الاحتفال بالعدو: وكأنه يقول من كانت فيه قوة منكم فليرجع إلينا (تخريجه) (ق د مذ) الغنائم جمع غنيمة وهو ما أصيب من أموال أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، والفيء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولإجهاد، واصل الفيء الرجوع، يقال فاء يفيء فيئه كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم (باب ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول باب اشتراط دخول الوقت للتيمم في الجزء الثاني، وإنما ذكرت منه هنا ما يناسب الترجمة وهو قوله (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ) ومعناه أنه (ص) أحل له التصرف في الغنيمة وقسمتها بمعرفة بخلاف الأمم فإنهم كانوا على
@@@ -70-
حل الغنيمة للمحاربين من خصوصيات النبي (ص) وأمته(1/137)
قال رسول الله (ص) وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) لم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس قبلكم ، كانت تنزل النار من السماء فتأكلها لأن يوم بدر أسرع الناس في الغنائم فأنزل الله عز وجل لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم : فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا (عن أبي لبيد) قال غزونا مع عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه كابل قال فأصاب الناس غنيمة فانتهبوها فأمر عبد الرحمن بن سمرة مناديا ينادي فنادى فاجتمع الناس فقال سمعت رسول الله (ص) يقول من انتهب فليس منا ردوها فردوها فقسم بينهم بالسوية (عن عبادة بن الصامت) أنه أخبر معاوية رضي الله عنهما حين سأله عن الرجل الذي سأل النبي (ص) عقالا قبل أن يقسم فقال النبي (ص) اتركه حتى يقسم، وقال عتاب حتى نقسم ثم إن شئت أعطيناك عقالا وان شئت أعطيناك مرارا (عن حنش الصنعاني) قال غزوت مع رويفع بن ثابت(1/138)
ضربين : منهم من لم يؤذن له الجهاد فلم يكن له مغانم ، ومنهم من أذن فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئا لم يحل لهم أكله وجاءت نار فأحرقته إلا الذرية (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني بني آدم هذا تعليل لحل الغنائم للأمة المحمدية، فكأنه قال وأحلت لكم لأن يوم بدر الخ المعنى لولا حكم من الله سبق أن يعذب أحدا على العمل بالاجتهاد (لمسكم) أي لنا لكم وأصابكم (فيما أخذتم) من غنائم الحرب وفدية الأسرى (عذاب عظيم) ثم أحل لهم الغنائم ومنها الفداء بقوله عز وجل (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) (تخريجه) (مذ) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبلي ثنا عفان ثنا جرير بن حازم ثنا يعلى بن حكيم عن أبي لبيد الخ (غريبة) بفتح الكاف وضم الموحدة: قال في القاموس كابل كامل من ثاغور طخاراسان من النهي بوزن بشرى: وهو أخذ مالا يجوز أخذه قهرا جهرا: والمعنى أنهم أخذوا من الغنيمة قبل أن تقسم أي ليس على سنتنا وطريقتنا (تخريجه) (د) في باب النهي وسنده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذري (سنده) حدثنا عبيد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن حيوة،وعتاب قال ثنا عبد الله أنا حيوة عن عمرو بن مالك المعافري أن رجلا من قومه أخبره أنه حضر ذلك عام المضيق أن عبادة بن الصامت رضي عنه أخبر معاوية الخ (غريبة) أي شيئا من الغنيمة ولو قليلا قبل أن تقسم، ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه في مانعي الصدقة والله لو منعوني عقالا أي شيئا قليلا هو أحد رجال السند (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن
@@@ -71-
النهي عن اخذ شيء من غنيمة حتى تقسم وعن إتيان الحبال من السبايا(1/139)
الأنصاري رضي الله عنه قرية من قرى المغرب يقال لها جربة فقام فينا خطيبا فقال يا أيها الناس إني لا أقول فيكم إلا كما سمعت من رسول الله (ص) يقول ، قام فينا يوم حنين فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبالى من السبايا، وأن يصيب امرأة ثيبا من السبى حتى يستبرأها يعني إذا استراها، وأن يبيع مغنما حتى يقسم وأن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، وأن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم: وعن بيع الثمرة حتى تحرز من كل عام ، وإن يصلي الرجل حتى يحتزم (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) عن أبيه قال شهدت مع رسول الله (ص) فتح خيبر فلما انهزموا وقعنا في رحالهم فأخذ الناس ما وجدوا من خرثى فلم يكن أسرع من أن فارت القدور(1/140)
أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني الخ (غريبة) بفتح الجيم وسكون الراء ، قال في القاموس والجربة بالفتح قرية بالمغرب فسر في الحديث بإتيان الحبالي الحبالى من السبايا، يعني لا يطأ أمة ابن لهما وهذا غير جائز، ولأنه أيضا يوجب الشك في الجنين هل هو من السابي أو ممن كان قبله معناه أنه يحرم بيع شيء من الغنيمة قبل قسمتها لأن بيعه قبل القسمة من الغلول المحرم أي أهزلها أي صار خلقا لا يصلح للبس (تخريجه) (د حب مى طح) وحسن الحافظ إسناده وقال في بلوغ المرام رواته ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة عن زيد بن عمير عن مولى لقريش عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه حتى ينجوا من العاهة كما صرح بذلك في بعض الروايات وذلك بأن تنضج ويظهر صلاحها أي يشد ثوبه عليه بحزام، وإنما أمر بذلك لأنهم كانوا قلما يتسرولون، ومن لم يكن عليه سراويل وكان عليه إزار وكان جيبه واسعا ولم يشد وسطه ربما انكشفت عورته فتبطل صلاته (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أبي هريرة وفي إسناده راو لم يسم وله شواهد تعضده، وفيه أنه لا يجوز بيع شيء من الغنيمة قبل القسمة لأنها حق مشترك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنوسة عن قيس بن مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبة) بضم الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر المثلثة: قال: في القاموس الخرثي بالضم أثاث البيت أو أردأ المتاع والغنائم اهـ والظاهر أنهم أخذوا مع ذلك شيئا من الغنم فطبخوه كما يدل على ذلك سياق الحديث وهو قوله (فأمر رسول الله (ص) بالقدور فأكفتت) ويؤيده ما رواه الامام أحمد أيضا بسنده رجاله رجال الصحيح عن رجل من بني ليث قال أسرني أصحاب رسول الله (ص) فكنت معهم فأصابوا غنما فانتبهوها فطبخوها، قال سمعت رسول الله (ص) يقول إن النهي أو النهبة لا تصلح فأكفئوا القدور: وسيأتي في باب تحريم الغلول والنهي
@@@ -72-(1/141)
سبب نزول قوله تعالى (يسألونك عن الأنفال)
قال فأمر رسول الله (ص) بالقدور فأكفئت وقسم بيننا فجعل لكل عشرة شاة (عن عبد الله ابن مغفل) رضي الله عنه قال كنا محاصرين قصر خيبر فألقى إلينا رجل جرابا فيه شحم فذهبت آخذه فرأيت النبي (ص) فاستحييت (وعنه من طريق ثان) قال دلي جراب من شحم خيبر قال فالتزمته قلت لا أعطي أحدا منه شيئا: قال فالتفت فإذا رسول الله (ص) يتبسم قال بهز إلى (باب سبب نزول قول الله عز وجل يسألونك عن الأنفال الآية وتقسيم الغنيمة على السواء بين كل عامل عمل في الموقعة قدر جهده)
(عن أبي أمامة الباهلي) قال سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه الأنفال؟ فقال فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النقل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله (ص) بين المسلمين عن بواء يقول على السواء(1/142)
وعنى كفئ القدور كبها وافرغ ما فيها قال القرطبي المأمور بأكفائه إنما هو المرق عقوبة الذين تعجلوا، وأما نفس اللحم فلم يتلف بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم لأجل النهي عن إضاعة المال اهـ (قلت) وعلى قول القرطبي يحمل قوله في هذا الحديث (وقسم بيننا الخ) أنه (ص) قسم بينهم اللحم المطبوخ بعد رده إلى المغانم: فكان لكل عشرة شاة والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار النهبة وإكفاء القدور، وكذلك أبو يعلى: ورجال أحمد رجال الصحيح (قلت) ورواه أيضا الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي (سنده) حثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل الخ (غريبة) الجراب بكسر الجيم معروف وهو وعاء من جلد، والجمع جرب مثل كتاب وكتب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى بن سعيد وبهز قالا ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال قال ثنا عبد الله بن مغفل الخ أي اعتنقه وضمه إلى صدره أي لما رآه من حرصه على أخذه (وقوله قال بهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء أحد الراوين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث معناه أن بهزازاد في رواته لفظ إلى بعد قوله يبتسم: وهذا موضع الدلالة من الحديث حيث إبتسم إليه النبي (ص) ولم ينكر فعله، وجاء في رواية أبي داود (هو لك) وكأنه (ص) عرف شدة حاجته إليه فسوغ له الاستئثار به والله أعلم (باب) الأنفال جمع نفل بالتحريك، قال في القاموس النفل محركة الغنيمة والنهبة والجمع أنفال ونفال اهـ والنفل بالسكون الزيادة على الواجب وهو التطوع وولد الولد نافلة لأنه زيادة على الولد والغنيمة نافلة: لأنها زيادة فيما أحل الله لهذه الأمة مما كان محرما على غيرها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة الخ (غريبة) أي لأن بعضهم أراد أن يختص بالعطية(1/143)
دون غيره كما يستفاد من حديث الذي بعده بفتح الموحدة والواو بعدها همزة ممدودة وهو السواء
@@@ -73-
سبب نزول قوله تعالى (يسألونك عن الأنفال- الآية)
(عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي (ص) فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون فأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله (ص) لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض: قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله (ص) لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله (ص) وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) فقسمها رسول الله (ص) على فواق بين المسلمين، قال وكان رسول الله (ص) إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم(1/144)
كما فسره الراوي والمعنى أنه (ص) سوى بينهم في القسمة ولم يخص أحدا بشيء دون الآخر (تخريجه) رواه محمد بن إسحاق في سيرته، وزاد فكان ذلك تقوى الله وطاعته ورسوله وصلاح ذات البين يريد قوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن عياش ابن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت الخ ( غريبة) أي يجمعونه، فقوله بعده ويجمعونه عطف مرادف بكسر الغين المعجمة أي غفلة (قوله وفاء الناس الخ) أي رجعوا بضم الفاء وفتحها أي قسمها بسرعة في قدر فواق ناقة، والفواق ما بين حلبتي الناقة، وقيل أراد التفضيل في الغنيمة كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائمهم وبلائهم، قال القرطبي رحمه الله وكان هذا قبل أن ينزل (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن الله خمسة) الآية يعني أنه (ص) كان إذا أغار على العدو وانفردت سرية من جملة الجيش بالإيقاع بطائفة من العدو: فما غنموا كان لهم فيه الربع بعد إخراج الخمس، ويشركهم سائر المعسكر في ثلاثة أرباعه معناه أنهم إذا قفلوا من الغزوة راجعين فارتد جماعة منهم إلى العدو فأوقعوا به كان لهم مما غنموا الثلث، وإنما كان لهم الثلث في هذه المرة لما لحقهم من الكلال والتعب كما يستفاد من لفظ الحديث (وقوله وكان يكره الأنفال) أي التطلع إليها والاستئثار بها ، والأفضل أن يرد قوى المؤمنين أي الذي له نفل على الضعيف يعني الذي لا نفل له (تخريجه)(مذ جه حب) وقال الترمذي هذا حديث صحيح اهـ (قلت )وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد ثقات (قلت ) ورواه أيضا الحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي
(و 10- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -74-
بيان أن خمس الغنيمة لله ولرسوله(1/145)
(عن سعد بن مالك) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله الرجل يكون حامية القوم يكون سهمه وسهم غيره سواء؟ قال ثكلتك أمك ابن أم سعد وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول أبغوني ضعفاءكم فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم
(باب فرض خمس الغنيمة لله ولرسوله وما جاء في تقسيمه)
(عن المقدام بن معد يكرب) الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء ولحارث بن معاوية الكندي رضي الله عنه فتذاكروا حديث رسول الله (ص) ، فقال أبو الدرداء لعبادة ياعبادة كلمات رسول الله (ص) في غزوة كذا في شأن الأخماس، فقال عبادة إن رسول الله (ص) صلى بهم في غزوتهم إلى بعير من المقسم فلما سلم قام رسول الله (ص) فتناول وبرة بين أنملته فقال إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر الحديث(1/146)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن سعد بن مالك الخ (غريبة) بالحاء المهملة: قال في القاموس والحامية الرجل يحمي أصحابه، والجماعة أيضا حامية وهو على حامية القوم أي آخر من يحميهم في مضيهم اهـ بكسر الكاف أي فقدتك: والثكل بضم المثلثة فقد الولد وامرأة ثاكل وثكلى ورجل ثاكل وثكلان كأنه دعا عليه بالموت، وليس معناه مراد هنا لأنه من الألفاظ التي تجري على السنة العرب ولا يراد بها الدعاء، كقوله تربت يداك، وقاتلك الله ، ونحو ذلك قال ابن بطال تأويل الحديث أن الضعفاء اشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعليق بزخرف الدنيا (تخريجه) (نس وأبو نعيم في الحلية) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن إسحاق ثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر حدثني زيد بن أرطاة عن جبير بن نفير عن أي الدرداء الخ (غريبة) أي اطلبوا إلى ضعفائكم جاء في رواية للنسائي بلفظ (إنما تنصر هذه الأمة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم (تخريجه) (د نس مذ ك) وصححه الترمذي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن عثمان أبو زكريا البصري الحربي ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله عن أبي سلام عن المقدام بن معد يكرب الخ (غريبة) أي من الغنيمة قبل أن تقسم أي شعرة من البعير ليس هذا مستثنى من المستثنى السابق، وإنما هو بيان له، فكأنه قال لا نصيبي معكم وهو الخمس (وقوله مردود عليكم) يعني على ذي قرباه واليتامى والمساكين وابن السبيل الخيط معلوم والخيط بوزن منبر الإبرة ليس هذا آخر الحديث: وبقيته لا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم
@@@ -75-
كيف كان رسول الله (ص) يصنع بخمس(1/147)
(عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال رأيت المغانم تجزء خمسة أجزاء يسهم عليها فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو له يتخير (عن أبي الزبير) قال سئل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بالخمس؟ قال كان يحمل الرجل منه في سبيل الله ثم الرجل ثم الرجل(عن جبير بن مطعم) رضي الله عنه قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان بن عفان فقلت يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وصفك الله عز وجل، به منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وترتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة قال إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما هم بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد قال ثم شبك بين أصابعه (وعنه من طريق ثان) أنه جاء وعثمان بن عفان(1/148)
وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله تبارك وتعالى به الغم والهم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف اهـ (قلت) له شواهد صحيحة تعضده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) أي يأخذ النبي (ص) خمسا ويقسم الأربعة الأخماس على المجاهدين أي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا الحجاج ثنا أبو الزبير قال سئل جابر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير ابن مطعم الخ (غريبة) أي لأن عثمان من بني عبد شمس، وجبير بن مطعم من بني نوفل: وعبد شمس ونوفل وهاشم والمطلب وسواء، الجميع بنو عبد مناف، فهذا معنى قولهما وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة أي في الانتساب إلى عبد مناف ، وجاء في الطريق الثانية وقرابتنا مثل قرابتهم بين النبي (ص) العلة في كونه اختص بني هاشم وبني المطلب بالعطية لأنهم أيدوه ونصروه في الجاهلية والإسلام أما بنو عبد شمس ونوفل فقد انحازوا عن بني هاشم وحاربوهم، وذكر الزبير بن بكار في النسب أنه كان يقال لهاشم والمطلب البدران، ولعبد شمس ونوفل الأبهران، وهذا يدل على أن بين هاشم والمطلب ائتلافا سري في أولادهما من بعدهما ، ولهذا لما كتبت قريش الصحيفة بينهم وبين بني هاشم وحصروهم في الشعب دخل بنو عبد المطلب مع بني هاشم . ولم يدخل بنو نوفل وبنو شمس والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله(1/149)
حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثني عبد الله بن المبارك عن يونس بن زيد
@@@-76-
تعيين أقارب النبي (ص) الذين لهم سهم في الخمس
رضي الله عنهما يكلمان رسول الله (ص) فيما قسم من خمس حنين بين بني هاشم وبني المطلب فقالا يا رسول الله قسمت لإخواننا بني المطلب بن عبد مناف ولم تعطنا شيئا وقرابتنا مثل قرابتهم؟ فقال رسول الله (ص) إنما أرى هاشما والمطلب شيئا واحدا، قال جبير ولم يقسم رسول الله (ص) لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس كما قسم لبني هاشم وبني المطلب (وعنه أيضا) أن رسول الله (ص) لم يقسم لعبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئا كما كان يقسم لبني هاشم وبني المطلب، أن أبا بكر كان يقسم الخمس نحو قسم رسول الله (ص) غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله (ص) كما كان رسول الله (ص)يعطيهم وكان عمر رضي الله عنه يعطيهم وعثمان من بعده منه (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) قال سمعت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه يقول اجتمعت أنا وفاطمة والعباس وزيد بن حارثة رضي الله عنهم عند رسول الله (ص) فقال العباس يا رسول الله كبر سني ورق عظمي وكثرت مؤنتي ، فإن رأيت يا رسول الله أن تأمر لي بكذا وكذا وسيقا من الطعام فافعل : فقال رسول الله (ص) نفعل ذلك. ثم قال زيد بن حارثة يا رسول الله كنت أعطيتني أرضا كانت معيشتي منها ثم قبضتها فإن رأيت أن تردها على فافعل، فقال رسول الله (ص) نفعل ذلك، قال فقلت أنا يا رسول الله إن رأيت أن تنوليني هذا الحق الذي جعله الله لنا في كتابه من هذا الخمس فأقسمه في حياتك كيلا ينازعنيه أحد بعدك(1/150)
عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب قال حدثني جبير بن مطعم أنه جاء وعثمان الخ ذكر في هذه الطريق أنهما جاءا يكلمان رسول الله (ص) فيما قسم من خمس حنين، وفي الطريق الأولى أنهما جاءا يكلمانه لما قسم سهم القربى من خيبر، والظاهر أنهما واقعتان (تخريجه) (خ د ني) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال ثنا جبير بن مطعم أن رسول الله (ص) الخ الظاهر أن أبا بكر رضي الله عنه كان يعطي بعضهم أكثر من بعض على حسب الحاجة معناه أن عمر وعثمان رضي الله عنهما كانا يعطيانهم لأكله كما يستفاد من قوله (منه) ويؤيده ما سيأتي في حديث ابن عباس حيث قال (وكان عمر عرض علينا منه شيئا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه أبينا أن نقبله) والظاهر أن بعضهم رده كابن عباس وبعضهم قبله وسيأتي شرحه هناك والله أعلم (تخريجه) (د) سنده جيد، وأورد البخاري الشطر الأول منه وقال الحافظ في قوله (وأن أبا بكر) مدرجة من كلام الزهري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا هاشم بن البريد عن حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله قاضي الري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ الوسق بفتح الواو وسكون المهملة وهو ستون صاعا بصاع النبي (ص) والصاع أربعة أمداد: وقيل إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما القائل
@@@ -77-
كيف كان يقسم الخمس بعد وفاة النبي (ص)(1/151)
فقال رسول الله (ص) نفعل ذلك، فولانية عمر رضي الله عنه فقسمته في حياته حتى كانت آخر سنة من سنى عمر رضي الله عنه فإنه أتاه مال كثير (عن يزيد بن هرمز) إن نجدة الحروري حين خرج من فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لمن تراه؟ قال هو لنا لقربى رسول الله (ص) قسمه رسول الله (ص) لهم، وقد كان عمر عرض علينا منه شيئا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه وأبينا أنم نقبله وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم وأن يعطى فقيرهم وأبى أن يزيدهم على ذلك(1/152)
(فقلت أنا) هو علي رضي الله عنه هذا ينافي ما تقدم في الحديث السابق من أن أبا بكر رضي الله عنه هو الذي كان يقسم ثم عمر من بعده، ولا منافاة لاحتمال أن القسمة نسبت إليهما لأمرهما عليا بذلك : ونسبت إلى على لأنه كان يقسم بنفسه حسب أمرها والله أعلم (تخريجه) أخرجه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضا قال (سمعت عليا يقول ولأني رسول الله ص خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله ص أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ) و قال هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه (قلت) و أقره الذهبي (سنده ) حثنا عبد الله حدثنا عثمان بن عمر حدثنا عن الزهري عن يزيد بن هرمز الخ (غريبه) حر و راء بالمد و القصر، موضع قريب من الكوفة نسب إليه طائفة من الخوارج، كان أول مجتمعهم و تحكيمهم فيها، و هم أحد الخوارج الذين بقاتلهم علي رضي الله عنه جاء في البداية و النهاية للحافظ ابن كثير ما ملخصه أن جماعة من الخوارج التقوا حول ابن الزبير رضي الله عنه، فسألوه عن ذلك فأطنب في مدحه بما يعرفه فيه، فساءهم ذلك و تفرقوا و قصدوا بلاد العراق و خسران، و هناك نشروا مبادئهم و مذاهبهم الفاسدة ، فالظاهر أن نجدة كتب إلى ابن العباس في ذلك الحين و الله اعلم قال العلامة السندى في حاشيته على النسائي لعله مبنى على أن عمر رضي الله عنه رآهم مصارف فيجوز الصرف إلى بعض كما في الزكاة عند الجمهور، وهو مذهب مالك ها هنا. و المختار من مذهب الحنفية الخيار للأمام، إن شاء قسم بينهم بما يرى، و إن شاء أعطى بعضا دون بعض حسب ما تقتضيه المصلحة، و ابن العباس رآهم مستحقين لخمس الخمس كما يقول الشافعي ها هنا و في الزكاة، فقال ابن العباس بناء على ذلك أنه عرض دون حقهم و الله أعلم أي يمده بالصداق و نحو ذلك من لوازم النكاح، و الظاهر أن عمر رضي الله عنه رأى أنهم غير محتاجين إذا ذاك إلا لهذا المقدار فأنى عليهم غيره مراعيا في ذلك المصلحة، لاسيما و قد ورد أن الصحابة رضي(1/153)
الله عنهم أجتمع ريهم على جعل سهم النبي ص و سهم ذي القربى في الخيل و العدة في سبيل الله فكان في ذلك خلافة أبي بكر و عمر: رواء
@@@ -78-
تقسيم أربعة أخماس الغنيمة على المحاربين و ما جاء في الصف
(باب ما جاء في الصفى الذي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم )
(عن يزيد بن عبد الله بن الشخير) قال كنا بهذا المربد بالبصرة قال فجاء أعرابي معه قطعة أديم أو قطعة جراب هذا الكتاب كتبه النبي ص، قال أبو العلاء فأخذته فقرأته على القوم فإذا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد رسول الله (ص) لبني زهير ابن أقيش إنكم إن أقمتم الصلاة وأديتم الزكاة وأعطيتم من المغانم الخمس وسهم النبي (ص) والصفى فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله، قال قلنا ما سمعت من رسول الله (ص)؟ قال سمعته يقول صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر (باب تقسيم أربعة أخماس الغنيمة وما يعطى الفارس والراجل، ومن يرضخ له منها كالمرأة والمملوك)
(عن أبي عمرة عن أبيه) رضي الله عنه قال أتينا رسول الله (ص) ونحن أربعة نفر ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا سهما وأعطى الفرس سهمين (عن المنذر بن الزبير) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير سهما وأمه سهما وفرسه سهمين(1/154)
النسائي والحاكم وسكت عنه الحاكم والذهبي (تخريجه) (م د نس) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا قرة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير الخ (غريبة) بوزن منبر الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم، والذي يجعل فيه التمر ليجف يعني قطعة جلد لفظ أبي داود إنكم إن شهدتم أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمتم الصلاة الخ بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء بعدها ياء تحتية مشددة هو ما كان يأخذه النبي (ص) ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل أن تقسم، ويقال له أيضا الصفية والجمع الصفايا : ويؤيد هذا التفسير ما روى عن عامر الشعبي قال (كان للنبي (ص سهم يدعى الصيفي إن شاء أمة وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس) رواه أبو داود مرسلا (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت كانت صفية من الصفي (د وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححه هذا لجملة المختصة بالصيام تقدم شرحها في شرح حديث رقم 22 صحيفة 224 في باب فضل صيام رمضان من كتاب الصيام في الجزء التاسع (تخريجه) (د نس حب ) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (باب(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن المقرى ثنا المسعودي قال حدثني أبو عمرة عن أبيه الخ (غريبة) هذا الحديث رواه أبو عمرة عن أبيه واسم أبيه عمرو بن محصن ذكره صاحب المنتقى (تخريجه) (د) وفي إسناده المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود: فيه مقال وقد استشهد به البخاري، ورواه أبو داود أيضا من طريق أخرى عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة وزاد (فكان للفارس ثلاثة أسهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب ثنا عبد الله ثنا بلج (بوزن عمرو) ابن محمد عن المنذر بن الزبير الخ (غريبة) هي بنت عبد المطلب رضي الله
@@@ -79-
ما يعطى للفارس والراجل ومن يرضخ له من الغنيمة(1/155)
(عن ابن عمر رضي الله عنهما) أن رسول الله (ص) جعل يوم خيبر للفرس سهمين وللرجل سهما وقال أبو معاوية أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له وسهمين لفرسه (عن مجمع بن جارية) الأنصاري رضي الله عنه قال قسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية ، فقسمها رسول الله (ص) على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس ، فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان رسول الله (ص)يعطي المرأة والمملوك من الغنائم ما يصيب الجيش (وفي رواية) دون ما يصيب الجيش (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي (ص) في غزوة(1/156)
عنها، وظاهره أن المرأة يسهم لها كما يسهم للرجل ليس كذلك، فإن ما أخذته صيفية كان سهم ذوي القربى كما دل على ذلك رواية النسائي من حديث المنذر بن الزبير أيضا عن أبيه قال (ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للزبير أربعة أسهم ، سهم للزبير وسهم لذي القربى لصفية أم الزبير، رضي الله عنهما وسهمين للفرس) (تخريجه) (فع نس) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي من كتابه ثنا هشيم بن بشير عن عبد الله، وأبو معاوية أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق د فع) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أب ثنا إسحاق بن عيسى قال ثنا مجمع بن يعقوب قال سمعت أبي يقول عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع (بوزن مبشر) بن جارية الخ (غريبة) ظاهره أن النبي (ص) أعطى الفارس سهمين سهم له وسهم لفرسه، وأعطى الراجل سهما، وهذا يخالف ما قبله خصوصا حديث ابن عمر المتفق على صحته وسيأتي الكلام على ذلك (تخريجه) أخرجه أبو داود، وقال حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه (يعني حديث ابن عمر الذي قبله) قال وارى الوهم في حديث مجمع أنه قال ثلاثمائة فارس، وإنما كانوا مائتي فارس، وقال الإمام الشافعي مجمع بن يعقوب (يعني أد رجال الحديث ) شيخ لا يعرف وقال البيهقي والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف فيه، ففي رواية جابر وأهل المغازي أنهم كانوا ألفا وأربعمائة وهم أهل الحديبية ، وفي رواية ابن عباس وصالح ابن كيسان ويسير بن يسار أن الخيل مئتا فارس، وكان للفرس سهمان و ولصاحبه سهم ولكل راجل سهم اهـ (قلت) وعلى فرض صحته فيمكن تأويله بأن المراد أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به كما أشار إلى ذلك الحافظ والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا أبو النضر عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن ابن عباس الخ (غريبة ) ظاهر هذه للرواية أنه كان يعطيهم مثل ما يعطي أفراد(1/157)
الجيش المحارب، وهي مخالفة لكل الروايات ، والصحيح: والظاهر والله أعمل أن لفظ (دون ) سقط من الرواية الأولى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده صحيح وسيأتي حديث ابن عباس الذي كتبه إلى نجدة الحروري أخرجه (م د مذ) (سنده)
@@@ -80-
بيان أن من قتل قتيلا فله سلبه ومن يرضخ من الغنيمة
قال وفينا مملوكين فلا يقسم لهم (وعن امرأة من بني غفار) قالت لما فتح رسول الله (ص) خيبر رضخ لنا من الفيء الحديث (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) وقد كتبت إليه نجدة الحروري يسأله عن خمس خصال منها هل كان رسول الله (ص) يغزوا بالنساء معه فكتب إليه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يغزو بالنساء معه فيداوين المرضى ولم يكن يضرب لهن بسهم ولكنه كان يحذيهن من الغنيمة (عن عمير مولى آبي اللحم) قال شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله (ص) فأمر بي فقلدت سيفا فإذا أنا أجره فأخبرني أني مملوك فأمر لي بشيء من خرثى المتاع
(باب أن السلب للقاتل وأنه غير مخموس) (عن أبي قتادة) رضي الله عنه قال رأيت رجلان يقتتلان مسلم ومشرك، وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم فأتيته فضربت يده فقطعتهما واعتنقني بيده الأخرى ، فوالله ما أرسلني حتى وجدت ريح الموت، فلولا أن الدم نزفه لقتلني فسقط فضربته فقتلته وأجهضني عنه القتال ومر به رجل من أهل مكة فسلبه فلما فرغنا ووضعت الحرب أوزارها قال رسول الله (ص) من قتل قتيلا فسلبه له ، قال قلت يا رسول الله قد قتلت قتيلا وأسلب فأجهضني عنه القتال فلا أدري من(1/158)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن رجل عن فضاله بن عبيد الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم الرضخ العطية وهذا جزء من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب استصحاب النساء في الغزو لمصلحة تقدم الكلام على نجدة الحروري في شرح آخر حديث من باب فرض خمس الغنيمة وهذا طرف من حديث طويل سيأتي تاما بسنده وتخريجه في آخر باب مناقب ابن عباس من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى قال في القاموس الحذوة بالكسر العطية (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا بشر بن المفضل عن محمد بن زيد حدثني عمير مولى آبي اللحم الخ (غريبة ) آبي اللحم اسم فاعل من أبي يابي فهو آبي قال أبو داود قال أبو عبيد كان حرم اللحم على نفسه فسمى آبي اللحم أي لعدم معرفته بفنون القتال ومسك السيف لأنهم ملوك والمماليك لا شأن لهم بالقتال بضم المعجمة وكسر المثلثة بينهما راء ساكنة ، قال في النهاية الخرثي أثاث البيت ومتاعه ومنه حديث عمير مولى آبي اللحم فأمر لي بشيء من خرثي المتاع اهـ (تخريجه) (د مذ جه ك ) وصححه الترمذي والحاكم (باب ) (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدثه عن أبي قتادة قال أبي وحدثني ابن إسحاق عن يحيى ابن سعيد عن نافع الأقرع أبي محمد مولى بني غفار عن أبي قتادة، قال: قال أبو قتادة رأيت رجلان الخ (غريبة) أي منعه عن أخذ سلبه اشتغاله بقتال غيره أي أخذ سلبه مبنى للمجهول أي أخذ سلبه لاشتغالي بالقتال
@@@ -81-
من قتل أكثر من واحد فله سلب الجميع(1/159)
استلبه فقال رجل من أهل مكة صدق يا رسول الله، أنا سلبته فأرضه عني من سلبه، قال فقال أبو بكر تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله عز وجل تقاسمه سلبه، أردد عليه سلب قتيله: قال رسول الله (ص) صدق فأردد عليه سلب قتيله، قال أبو قتادة أخذته منه فاشتريت بثمنه مخرفا بالمدينة وإنه لأول مال اعتقدته (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) يوم حنين من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، قال فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله (ص) قال يوم حنين من قتل كافرا فله سلبه، قال فقتل أبو طلحة عشرين (عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير) عن أبيه جبير عن عوف بن مالك الأشجعي قال غزونا غزوة إلى طرف الشام فأمشر علينا خالدا ابن الوليد، قال فانضم إلينا رجل من أمداد حمير فأوى إلى رحلنا ليس معه شيء إلا سيف ليس معه سلاح غيره؟ فنحر رجل من المسلمين جزورا فلم يحتل حتى أخذ من جلده كهيئة(1/160)
أي بأن يأخذ شيئا من سلبه ويترك لي شيئا، يدل على ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه على سبيل الإنكار (تقاسمه سلبه) بفتح الميم والراء، قال النووى وهذا هو المشهور، والمراد بالحرف هنا البستان، وقيل السكة من النخل تكون صفين يحرف من أيها شاء أي يجتني ، يقال اخترف الثمر إذا جناه وقيل غير ذلك اهـ هكذا بالأصل وهو غير ظاهر المعنى فيحتمل أنه محرف عن اقتنيه، لأنه ورد عند الشيخين بلفظ، فإنه لأول مال تأثله في الإسلام، ومعناه اقتنيه وتأصله ، وأثلة الشيء أصله والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثنا أيوب الإفريقي عن إسحاق بن عبيد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) هو أبو طلحة الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس بن مالك رضي الله عنهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن حماد يعني ابن سلمة ثنا إسحاق بن عبد الله عن أنس أن رسول الله (ص) الخ في الطريق الأولى قال جاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا، وفي هذه قال فقتل أبو طلحة عشرين، وظاهره التنافي، ولا منافاة لاحتمال أن أنسا لم يطلع إلا على قتل عشرين فقط والواقع أن أبا طلحة قتل أحد وعشرين وآتى بسلبهم فأخبر أنس بما رأى والله أعلم (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال حدثني عبد الرحمن بن جبير الخ (غريبة) هذه الغزوة هي غزوة مؤتة كما صرح بذلك في رواية عند مسلم وكانت سنة ثمان من الهجرة، ومؤتة بضم الميم وسكون الهمزة قرية معروفة في طرف الشام عند الكرك قاله النووي في رواية لمسلم مددى من اليمن، قال في النهاية الأمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمددون المسلمين في الجهاد، ومددى
(م11- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -82-
من قتل قتيلا فله سلبه مهما عظم السلب(1/161)
المجن حتى بسطه على الأرض ثم وقد عليه حتى جف فجعل له ممسكا كهيئة الترس فقضي أن لقينا عدونا فيهم أخلاط من الروم والعرب من قضاعة فقاتلونا قتالا شديدا: وفي القوم رجل من الروم على فرس له أشقر وسرج مذهب ومنطقه ملطخة ذهبا وسيف مثل فجعل يحمل على القوم ويغرى بهم فلم يزل ذلك المددى يحتال لذلك الرومي حتى مر به فاستقفاه فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع، ثم أتبعه ضربا بالسيف حتى قتله، فلما فتح الله الفتح أقبل يسأل للسلب وقد شهد له الناس بأنه قاتله فأعطاه خالد بعض سلبه وأمسك سائره، فلما رجع إلى رحل عوف ذكره فقال أما تعلم أن رسول الله (ص) قضى بالسلب للقاتل؟ قال بلى، ، قال فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله؟ قال خالد استكثرته له، قال عوف لئن رأيت وجه رسول الله (ص) لأذكرن ذلك له، فلما قدم المدينة بعثه عوف فاستعدي إلى النبي (ص) فدعا خالدا و عوف قاعدا، فقال رسول الله (ص) ما يمنعك يا خالد أن تدفع إلى هذا سلب قتيله؟ قال استكثرته له يا رسول الله ، فقال ادفعه إليه: قال فمر بعوف فجر عوف بردائه وقال هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله (ص) فسمعه رسول الله (ص) فاستغضب فقال لا تعطه يا خالد، هل أنتم(1/162)
منسول إيه اهـ بكسر الميم وفتح الجيم وهو الفرس الذي ينقى به المحارب: والميم فيه زائدة لأنه من الجنة بضم الجيم أي السترة لأنه يوارى حامله أي يستره، والمعنى أن هذا الحميري لم يكن معه سلاح سوى السيف فاحتال حتى عمل لنفسه مجنا من جلد البعير يتقى به ضربات العدو أي مقبضا والمقبض وزان مسجد وفتح الباء لغة هو حيث يقبض باليد (قوله فقضى) بضم القاف مبني للمفعول أي قضى الله عز وجل الشقرة من الألوان حمرة تعلوا بياضا في الأسنان، وحمرة صافية في الخيل قاله ابن فارس المنطقة بكسر الميم ما يسميه الناس حياصة، والمنطق بدون هاء هو ما يشد به الوسط فوق الثياب يغري بالغين المعجمة مبني للمجهول من الإغراء أي يولع بهم أي تتبع أثره أي ذكر لعوف ما حصل بينه وبين خالدا لم يعطه السلب جميعه أي اشتكى خالدا إلى النبي (ص) وطلب منه النصرة، يقال استعديت الأمير على الظالم طلبت منه النصرة فأعداني عليه أي أعانني ونصرني يعني مر خالد بعوف كما صرح بذلك في رواية مسلم فجر عوف برداء خالد وقال هل أنجزت لك الخ يريد التعريض بخالد والتهكم عليه أي أغضبه كلام عوف فقال لا تعطه يا خالد: وهذا الحديث قد يتشكل من حيث أن القاتل قد استحق السلب فكيف يمنعه إياه؟ وأجاب النووي رحمه الله عن ذلك بوجهين (أحدهما) لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخره تعزيزا له ولعرف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه وانتهاكا حرمة الوالي ومن والاه (الوجه الثاني) لعله استقطاب قلب صاحبه فتركه صاحبه باختياره وجعله للمسلمين، وكان المقصود بذلك استطابة قلب خالد رضي الله عنه للمصلحة
@@@ -83-
جواز قتل الجاسوس وأخذ من قتله جميع سلبه
تاركي وأمراني؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل اشترى إبلا وغنما فعداها ثم تخير سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صفوة الماء وتركت كدره، فصفوه لكم وكدره عليهم(1/163)
(عن إياس بن سلمة) بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله (ص) هوازن وغطفان فبينما نحن كذلك إذ جاء رجل على جمل أحمر فانتزع شيئا من حقب البعير فقيد به البعير ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغذى، قال فنظر في القوم فإذا ظهرهم فيه قلة وأكثرهم مشاة، فلما نظر إلى القوم خرج يعدوا قال فأتى بعيره فقعد عليه قال فخرج يركضه وهو طليعة للطفار فاتبعه رجل منا أسلم على ناقة له ورقاء، قال إياس قال أبي فأتبعه اعدوا على رجل قال ورأس الناقة عند ورك الحمار قال ولحقنه فكنت عند ورك الناقة وتقدمت حتى عند ورك الجمل ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فقلت له الخ، فلما وضع الجمل ركبته إلى الأرض اخترطت سيفي فضربت رأسه فنذر ثم جئت براحلته أقودها فاستقبلني رسول الله (ص) مع الناس، قال من قتل هذا الرجل؟ قالوا سلمة بن الأكوع: فقال رسول الله (ص) له سلبه أجمع (عن أبي قتادة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من أقام البينة على قتيل فله سلبه (وعنه أيضا) أنه قتل رجلا من الكفار فنفله رسول الله (ص) سلبه ودرعه فباعه بخمس أواق(1/164)
في إكرام الأمراء اهـ المعنى أن الرعية يأخذون صفوة الأمور فتصلهم أعطياتهم بغير نكد، وتبتلى الولاة بمقاسات الأمور وجمع الأموال من وجوهها وصرفها في وجوهها وحفظ الرعية والشفقة عليهم والذب عنهم وإنصاف بعضهم من بعض، فإذا قصر الولاة في شيء من ذلك توجه عليهم اللوم والعتاب دون الناس (تخريجه) (م د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز بن أسد قال ثنا عكرمة بن عماد قال ثنا إياس بن سلمة الخ (غريبة بفتح الحاء المهملة، والقاف حبل يشد به رحل البعير إلى بطنه كي لا يتقدم إلى كاهله وهو غير الحزام، والشيء الذي انتزعه فقيد به البعير هو عقال من جلد كما يدل على ذلك رواية مسلم أي مسرعا إلى بعيره أي يضربه برجله ليسرع في المسير (وقوله وهو طليعة) أي جاسوس أي في لونها سواد كالغبرة أي سقط (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبي محمد الجليس كان لأبي قتادة قال ثنا أبو قتادة الخ (غريبة ) مفهومه أنه إذا لم يقم البينة لم تقبل دعواه ، وفيه خلاف بين العلماء انظر صحيفة 115 116 في الجزء الثاني من القول الحسن شرح بدائع المنن (تخريجه) (ق) من حديث طويل (بلفظ من قتل قتيلا عليه بينة فله سلبه ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي قتادة الأنصاري أنه قتل رجلا من الكفار الخ (غريبة ) جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء التحتية اسم لأربعين درهما من الفضة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد
@@@-84-
جواز تنفيل بعض الجيش زيادة عن استحقاقه في الغنيمة لشدة بأسه(1/165)
(عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي (ص) مر على أبي قتادة وهو عند رجل قد قتله فقال دعوة وسلبه (عن عوف بن مالك) الأشجعي وخالد بن الوليد رضي الله عنهما أن النبي (ص) لم بخمس السلب (باب جواز تنفيل بعض الجيش لبأسه أو تحمله مكروها دونهم ) (عن سلمة ابن الأكوع) رضي الله عنه وذكر قصة إغارة عبد الرحمن الفزاري على سرح رسول الله (ص) واستنقاذه منه قال فلما أصبحنا قال رسول الله (ص) خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة فأعطاني رسول الله (ص) سهم الراجل والفارس جميعا ( عن سعيد بن مالك) رضي الله عنه قال يا رسول الله قد شفاني الله من المشركين فهب لي هذا السيف ، قال أن هذا السيف ليس لك ولا لي ضعه، قلت فوضعته ثم رجعت قلت عسى أن يعطى هذا السيف اليوم من لم يبل بلائي قال فإذا رجل يدعوني من ورائي، قال قلت قد أنزل الله في شيئا؟ قال كنت سألتني السيف وليس هو لي وأنه قد وهب لي فهو لك، قال وأنزلت هذه الآية (يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال )
وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عتاب قال أنا عبد الله أنا سفيان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح غير عتاب بن زياد وهو ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان بن عمرو قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الخ (تخريجه) (د حب طب) وأورده الحافظ في التخليص وقال هو ثابت في صحيح مسلم في حديث طويل فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد بن الوليد(1/166)
(باب) هذه طرف من حديث طويل رواه (ق د) وغيرهما سيأتي بتمامه في غزوة ذي قرد (بفتحتين) من أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى (غريبة) السرح بوزن السرج: قال في القاموس السرح المال السائم اهـ وفسرها ابن سعد بأنها كانت عشرين لقحة رسول الله (ص) ترعى وكان الراعي لها ابن أبي ذر وامرأته: فأغار المشركون فقتلوا الرجل وأسروا المرأة: وكان من سلمة ما سيأتي في الغزوة المشار إليها، واللقحة بكسر اللام وبالفتح أيضا مع سكون القاف الناقة الحلوب أي تخليصه من عبد الرحمن المذكور وإرجاعه إلى مكانه ، والذي خلصه هو سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه هذا موضع الدلالة من الحديث حيث نفله رسول الله (ص) سهم الفارس أيضا مع أنه راجلا لأن النبي (ص) رآه يستحق ذلك لما قاسى في هذه القصة من الأهوال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنبأنا أبو بكر عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك( ابن أبي وقاص ) الخ (غريبة) كان هذا السيف لسعيد بن العاص فقتله سعد بن أبي وقاص يوم بدر وأتى بسيفه إلى النبي (ص) وطلب منه أن يهبه له الخ ما جاء في هذا الحديث (تخريجه) (مذ نس) ومسلم مطولا بنحوه و (دك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت ) وأقره الذهبي
@@@-85-
جواز تنفيل بعض الجيش إذا استقل بمعركة دونه(1/167)
لله والرسول) (باب تنفيل سيرية الجيش عليه واشتراكهما في الغنيمة) (عن حبيب بن مسلمة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) نفل الربع بعد الخمس في بدأته،ـ ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته (وعنه من طريق ثان) قال شهدت رسول الله (ص) نفل الربع بعد الخمس في البدأة والثلث في الرجعة، قال أبو عبد الرحمن سمعت أبي يقول: ليس في الشام رجل أصح حديثا من سعيد بن عبد العزيز يعني التنوخي (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن النبي (ص) نفل في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث (وعنه أيضا) قال كان رسول الله (ص)إذا أغار في أرض العدو نفل الربع : وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال بعثنا نبي الله (ص) في سرية بلغت سهماننا(1/168)
(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد وهو خالد وهو الخياط عن معوية يعني ابن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة الخ (غريبة ) قال الخطابي البدأة إنما هي ابتداء سفر الغزو إذا نهضت سرية من جملة العسكر فأوقعت بطائفة العدو فما غنموا كان لهم منه الربع ، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه، فإن قفلوا من الغزاة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية كان لهم مما غنموا الثلث ، لأن نهوضهم بعد القفل أشق والخطر فيه أعظم اهـ (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا أبو المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز ثنا سليمان بن موسى عن زياد ابن جارية عن حبيب بم مسلمة قال شهدت رسول الله (ص) الخ (غريبة ) يعني عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله لأن كنية أبو عبد الرحمن هو أحد رجال الطريق الثانية من هذا الحديث (تخريجه) (د جه) وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام الأعرج عن أبي أمامه عن عبادة بن الصامت الخ (تخريجه (جه مذ) وقال حديث عبادة حديث حسن هذا طرف من حديث حسن هذا طرف من حديث طويل تقدم تاما بسنده وشرحه وتخريجه في باب سبب نزول قول الله عز وجل (يسألونك عن الأنفال الآية)صحيفة 73 رقم 232 (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) جاء في رواية لمسلم فأصبنا إبلا وغنما ، وجاء عند أبي داود بلفظ بعثنا رسول الله (ص) في جيش قبل نجد وانبعثت سرية من الجيش فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرا ، ونفل أهل السرية بعير ا بعيرا فكانت سهمانهم ثلاثة عشر ثلاثة عشر، ومعناه أنه بلغ نصيب كل واحد من رجال الجيش اثني عشر بعيرا ، وكل واحد من رجال السرية ثلاثة عشر بعيرا بعد الخمس : كما صرح بذلك وفي بعض الروايات
@@@ -86-(1/169)
تعريف الفيء ولمن يصرف
اثني عشر بعيرا ونقلنا رسول الله (ص) بعيرا بعيرا (عن أبي موسى الأشعري ) رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه كان ينفل في مغازيه (باب مصرف الفيء) (عن عوف بن مالك الأشجعي ) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) إذا جاءه فيء قسمه من يومه فأعطى الأهل حظين ، وأعطى العزب حظا واحدا، فدعينا وكنت أدعي قبل عمار بن ياسر ، فدعيت فأعطاني حظين وكان لي أهل، ثم دعا بعمار بن ياسر فأعطى حظا واحدا فبقية قطعة سلسة من ذهب ، فجعل النبي (ص) يرفعها بطرف عصاه فتسقط ، ثم رفعها وهو يقول كيف أنته يوم يكثر لكم من هذا (عن عمر ابن الخطاب ) رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله (ص) خالصة وكان ينفق على أهله منها نفقة سنة (وفي لفظ قوت سنة) وما بقي
والله أعلم (تخريجه ) (ق. وغيرهم ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن النبي (ص) الخ (غريبة) معناه أنه (ص) كان ينفل من يستحق النفل على قدر بلائه وتعبه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفيه عبد العزيز بن عبيد الله الحمصي وهو ضعيف اهـ (قلت) يؤيده أحاديث الباب والله أعلم.(1/170)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال ثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي الخ (غريبة) الفيء هو ما أصابه المسلمون من أموال الكفار بغير ايجاف خيل ولا ركاب بأن صالحوهم على مال يؤدونه وكذلك الجزية وما أخذ من أموالهم إذا دخلوا دار الإسلام للتجارة أو يموت أحد منهم في دار الإسلام ولا وارث له فهذا كله فيء ، ومال الفيء كان خالصا لرسول الله (ص) في مدة حياته أي المتزوج (وقوله حظين ) يعني نصيبين نصيبا له لزوجته (والعزب) بفتح العين المهملة والزاي وهو من لا زوج له وإنما أعطاه حظا واحدا لكونه فردا الظاهر أنه (ص) قال ذلك يحذرهم من الفتنة بالدنيا والاغترار بزينتها (تخريجه) (د) بدون ذكر السلسلة أعني إلى قوله فأعطى حظا واحدا وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان عن عمرو ومعمر عن الزهري عن مالك بن أو ابن الحدثان عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) بكسر الجيم أي مما لم يسرع المسلمون المسير إله ولم يقاتلوا عليه الأعداء بخيل ولا ركاب (بكسر الراء ) وهي الإبل التي تحمل القوم ، وإنما خرجوا إليه من المدينة مشاة لم يركب إلا رسول الله (ص) ولم يقطعوا إليها شقة ولا نالوا مشقة أي يتصرف فيها بما يراه لنفسه ولمن ذكرهم الله عز وجل معه وهم ذو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل
@@@ -87-
تقسيم عمر رضي الله عنه للفيء بعد وفاة النبي (ص)(1/171)
جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل (عن أنس بن أوس) بن الحدثان قال كان عمر يحلف على إيمان ثلاث يقول والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد وما أنا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله (ص) فالرجل وبلائه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغنائه في الإسلام، والرجل وحاجته ، والله لئن بقيت لهم ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال يوم الجابية وهو يخطب الناس: أن الله عز وجل جعلني خازنا لهذا المال وقاسمه له، ثم قال بل الله يقسمه وأنا بادئ بأهل النبي (ص) ، ثم أشرفهم ففرض عنها لأزواج النبي (ص) عشرة آلاف إلا جورية وصفية وميمونة ، فقالت عائشة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا فعدل بينهن عمر ، ثم قال إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأولين فإنا أخرجنا من ديارنا ظلما وعدوانا، ثم أشرفهم، ففرض لأصحاب(1/172)
وتقسيم ذلك موكول إليه الكراع بضم الكاف والمراد به هنا جماعة الخيل (تخريجه) (ق. والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن ميسر (بوزن محمد) أبو سعد الصاغاني ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عمر بن عطاء عن مالك بن أوس الخ (غريبة)يعني مال الفيء وتقدم تفسيره في شرح الحديث الأول من الباب معناه أن الرجل يأخذه على قدر ما فعاله الممدوحة في الإسلام (والرجل وقدمه) أي يأخذ على قدر تقدمه وسبقه في الإسلام وهكذا يريد أنه لا بد أن يأخذ كل ذي حق حقه وان كان بعيدا بجبل صنعاء باليمين (تخريجه) (د) وفي إسناده محمد بن ميسر ضعيف ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن إسحاق ثنا عبد الله يعني ابن مبارك قال أنا سعيد بن يزيد وهو أبو شجاع قال سمعت الحارث بن يزيد الحضرمي يحدث عن علي ابن رباح عن باشر بن سمرة اليزني قال سمعت عمر بن الخطاب يقول في يوم الجابية الخ (الجابية) قرية معروفة بجنب نوى على ثلاثة أميال منها من جانب الشمال ، وإلى هذه القرية ينسب باب الجابية أحد أبواب دمشق (غريبة) يشير إلى مال جاء من جزية أهل البحرين وكان النبي (ص) صالحهم على ذلك وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي كما سيأتي في باب الجزية من حديث عمر ابن عوف وتقدم في تعريف الفيء أول الباب أن الجزية من الفيء أيضا جاء في رواية للبزار (اثني عشر ألفا لكل امرأة إلا صفية وجويرية ففرض لكل واحدة ستة آلاف فا بين أن يأخذنها ، فقال إنما فرضت لهن بالهجرة ، فقلن ما فرضت لهن بالهجرة إنما فرضت لهن لمكانهن من رسول الله (ص) ولنا مثل مكانهن، فأبصر فجعلهن سواء
@@@ -88-
قصة جابر بن عبد الله مع أبي بكر رضي الله عنهم في طلب نصيبه من الفئ(1/173)
بدر خمسة آلاف، ولمن كان شهد بدرا من الأنصار أربعة آلاف، ولمن شهد أحدا ثلاثة آلاف، قال ومن أسرع في الهجرة أسرع بع العطاء، ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به العطاء: فلا يلومن رجل إلا مناخ راحلته (عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) لو جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، قال فلما جاء مال البحرين بعد وفاة رسول الله (ص) قال أبو بكر رضي الله عنه من كان له عند رسول الله (ص) دين أو عدة فليأتنا ، قال فجئت، فقلت إن رسول الله (ص) قال لو قد جاء مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا ثلاثا قال فخذ، قال فأخذت، قال بعض من سمعه فوجدتها خمسمائة فأخذت ، ثم أتيته فلم يعطني ثم أتيته فلم يعطني، ثم أتيته الثالثة فلم يعطني، فقلت إما أن تعطيني وإما أن تبخل عني ، قال أقلت تبخل عني؟ وأي داء أدواء من البخل؟ ما سألتني مرة إلا وقد أردت أن أعطيك (عن عروة عن عائشة ) رضي الله عنها أنم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بظبية(1/174)
يعني لمن شهد بدرا من المهاجرين بضم الميم موضع الإناخة وهو كناية عن تأخره في شد راحلته وإناختها للهجرة: وللحديث بقية وسيأتي بتمامه في باب خطب عمر من أبواب خلافته رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد : وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال سمع ابن المكندر جابرا يقول قال رسول الله (ص) لو جاء مال البحرين الخ (غريبة ) في رواية للبزار ثلاث مرات ملء كفيه فبينت ما أبهم هنا الظاهر أن هذه الجملة وهي قوله (قال بعض من سمعه فوجدتها خمسمائة) من قول سفيان الراوي عن ابن المكندر، ومعناه أنه روى هذا الحديث مرة أخرى عن غيره ولذلك قال : قال بعض من سمعه يعني من سمع هذا الحديث من جابر غير ابن المكندر (فوجدتها خمسمائة) أما ابن مكندر فلم يقل في حديثه هذه الجملة والله أعلم معناه أن جابرا أتى أبا بكر رضي الله عنهما بعد هذه الواقعة ثلاث مرات كلما أتاه مال من الفيء يطلب حقه منه، فكان أبو بطر رضي الله عنه يعده ثم يجده غيره أجوج منه فلا يعطيه، فقال جابرا بعد المرة الثالثة (إما أن تعطيني أو تبخل عني ) أي تمنع عني فلا تعدني بالعطاء أي أنصفني بالبخل يا جابر وأي مرض أشد من مرض البخل؟ ثم ذكر له أنه ما من مرة سأله إلا وهو يريد إعطاءه ولكنه كان يعطي من هو أشد حاجة منه، لاسيما وأمر الفيء موكول للإمام يعطي من يشاء ويمنع من يشاء مراعيا في ذلك المصلحة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمرو أنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) بفتح المعجمة والمراد هنا جراب صغير غليه شعر ، وقليل هي شبه الخريطة والكيس (والخرز) بفتحتين الذي ينظم الواحدة خرزة وهو ما يجعله النساء عقودا في أعناقهن
@@@ -89-(1/175)
طريقة أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في تقسيم الفيء وذكر منقبة للأنصار
فيها خرز ، فقسم للحرة والأمة (وفي لفظ فقسم بين الحرة والأمة سواء) قالت عائشة وكان أبي يقسم للحر والعبد (باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم)
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله أموال هوازن فطفق رسول الله (ص) يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل كل رجل، فقالوا يغفر الله لرسول الله ، يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس فحدث رسول الله صلى الله عله وسلم بمقاتلتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من آدم ولم يدع أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله (ص)، فقال ما حديث بلغني عنكم؟ فقالت الأنصار أما ذوو رأينا فلم يقولوا شيئا، وأما ناس حديثه ؟أسنانهم فقالوا كذا وكذا اللذي قالوا، فقال النبي (ص) أني لأعطي رجالا حدثاء عهد بكفر أتألفهم أو قال استأ لفهم ، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون برسول الله (ص) إلى رحالكم ؟ فوا لله لما تنقبون به خير مما ينقلبون به، قالوا أجل يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم رسول الله (ص) إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني فرطكم على الحوض، قال أنس رضي الله عنه فلم نصبر (حدثنا عفان ) ثنا جرير بن حازم قال سمعت الحسن ثنا عمرو بن تغلب رضي الله عنه أن رسول الله (ص) أتاه شيء فأعطاه ناسا وترك ناسا، وقال جرير أعطى رجالا وترك رجالا، قال فبلغه عن الذين ترك أنهم عتبوا وقالوا ، قال فصعد المنبر(1/176)
قال الخطابي المشهور عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه انه سوى بين الناس ولم يفضل بالسابقة وأعطى الأحرار والعبيد، وعن عمر رضي الله عنه أنه فضل بالسابقة والقدم وأسقط العبيد، ثم رد على بن أبي طالب رضي الله عنه الأمر إلى التسوية بعد: ومال الشافعي إلى التسوية وشبه بقسم الميراث اهـ (تخريجه) (د) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال الزهري قال أخبرني أنس بن مالك أن ناسا الخ (غريبه) بفتح أوله وثانيه وبضمهما أيضا وهو القياس مثل بريد وبرد، وهو الجلد المدبوغ أي العقلاني المحنكون بفتحات أي الاستثمار بالمشترك أي يستأثر عليكم ويفضل عليكم غيركم بغير حق الفرط بفتحتين التقدم في طلب الماء يهيئ الدلال يقال فرط يفرط كضرب يضرب أي متقدمكم إلى الحوض: ومنه يقال للطفل اللهم اجعله فرطا أي أجرا متقدما (تخريجه) (ق. وغيرهما) هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه أيضا في الجمعة عن محمد بن معمر، وفي الخمس عن محمد بن إسماعيل، وفي التوحيد عن أبي النعمان ، وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في المؤلفة قلوبهم من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 60 رقم 102 فرجع إليه إن شأت
(م12- الفتح الرباني- ج 14 )
@@@ -90-
ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم ومنقبة لعمر بن تغلب(1/177)
فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال إني أعطي ناسا: وأعطي رجالا وأدع رجالا، قال عفان. قال ذي وذي: والذي أدع أحد إلى من الذي أعطى: أعطى أناسا لما في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل قوما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير ومنهم عمرو بن تغلب، قال وكنت جالسا تلقاء وجه رسول الله (ص) فقال ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم (باب مايهدى للأمير والعامل أ يأخذ من مباحات دار الحرب (عن أبي حميد الساعدي) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) هدايا العمال غلول (من عاصم بن كليب ) قال حدثني أبو الجورية قال أصبت جرة حمراء فيها دنانير في إمارة معاوية رضي الله في أرض الروم ، قال وعلينا رجل من أصحاب رسول الله (ص) من بني سليم يقال له معن ابن يزبد: قال فأتيت بها فقسمها بين المسلمين فأعطاني مثل ما أعطى رجلا منهم، ثم قال لولا أني سمعت رسول الله (ص) ورأيته يفعله، سمعت رسول الله (ص) يقول لا نفل إلا بعد الخمس إذا لأعطيتك، قال ثم أخذ يعرض على نصيبه فأبيت عليه قلت ما أنا بأحق به منك (باب تحريم الغلول والتشديد فيه وتحريق رحل الغال وما جاء في النهي) (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) غزا نبي مع الأنبياء فقال لقومه لا يبتغي رجل ملك بضع امرأة(1/178)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى ابن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي الخ (غريبة) المراد بالعمال كل من تولى عملا كعمال الزكاة وأمراء الجيش ونحو ذلك (وقوله غلول) بضم المعجمة واللام أي خيانة (تخريجه) (طب) وفي إسناده إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيف في الحجازيين، لكن يشهد له ما رواه (ق د حم) من حديث أبي حميد أيضا وتقدم في باب الغلول في الصدقة من كتاب الزكاة صحيفة 125 رقم 85 في الجزء التاسع (سنده) حدثنا أبي ثنا عفان قال أبو عوانة قال ثنا عاصم بن كليب الخ (غريبة) اسمه حطان بكسر أوله وتشديد المهملة (بن خفاف) بضم أوله وفتح الفاء مخففة : قال في الخلاصة وثقة أحمد تقدم الكلام على ذلك في شرح حديث عبادة بن الصامت في باب تنفيل سرية الجيش عليه الخ (تخريجه) (د) وفي إسناده عاصم بن كليب فيه خلاف : وقد أخرجه الطحاوي وصححه من حديث معن ابن يزيد قال سمعت النبي (ص) يقول لا نفل إلا بعد الخمس
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام ابن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر أحاديث منها قال: قال رسول الله (ص) الخ (غريبة ) لم يصرح باسم ذلك النبي والظاهر أنه يوشع بن نون عليه وعلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه ورد أن الشمس حبست ليوشع ولنبينا (ص) البضع بضم الموحدة فرج المرأة
@@@ -91-
تحريم الغلول وقصة نبي من الأنبياء في ذلك(1/179)
وهو يريد أن يبنى بها ولم يبن، ولا أحد قد بنا بنيانا ولما يرفع سقفها، ولا أحد قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها فغزا فدنا من القرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك: فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعم، فقال فيكم غلول فليبا من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول فلتبا يعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، قال فلصق يد رجلين أو ثلاثة بيده فقال فيكم الغلول، أنتم غللتم، فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا: ذلك لأن الله عز وجل رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا (وعنه أيضا) قال قام فينا رسول الله (ص) يوما فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم الألفين يجيء أحدكم(1/180)
والمعنى انه ملك بالعقد عليها وينتظر الدخول يعني أنه أتم البنيان وينتظر رفع السقف بكسر اللام جمع خلفه بكسر اللام أيضا وهي الحامل من الإبل بكسر الواو أي وضع حملها وإنما لم يقبل معه هؤلاء لأن الجهاد منآهم الأمور التي لا يزاولها إلا فارغ البال، وهؤلاء مشغولون بما يضعف عزمهم ويفوت كمال بذل وسعهم فيه معناه أنها مأمورة بالسير وهو مأمور بفتح القرية في بقية هذا اليوم فلو بقيت على سيرها لم يتسع الوقت لفتح القرية: لذلك دعا الله عز وجل أن يحبسها فاستجاب الله دعاءه وحبسها قال النووي رحمه الله هذه كانت عادة الأنبياء عليهم السلام في الغنائم أن يجمعوها فتجيء نار من السماء فتأكلها فيكون ذلك علامة لقبولها وعدم الغلول، فلما جاءت في هذه المرة وأبت أن تأكلها علم أن قسم غلولا، فلما ردوه جاءت فأكلتها، وكذلك كان أمر قربانهم إذا تقبل جاءت نار من السماء فأكلته يعني على وجه الأرض معناه انه (ص) لما قام بالدعوة لم يتبعه أولا إلا فقراء الناس ومن لا جاه لهم، فأحل لهم الغنائم ليتقوا بها على أعدائهم الذين أكثر منهم عددا وعدة، وقد تم لهم ذلك فقويت شوكة الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا وبقى هذا الحكم إلى يوم القيامة فضلا من الله عز وجل ورحمة بهذه الأمة فله الحمد والمنة (تخريجه) (م) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أبو حيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جبير عن أبي هريرة الخ (غريبة) هكذا بالأصل ألفين بلام القسم وضم الهمزة وكسر الفاء أي لأجدن، وجاء عند الشيخين (لا ألفين) بلفظ النفي المؤكد، قال الحافظ والمراد به النهي، قال و كذا عند الحموي والمستملي ، لكن روى بفتح الهمزة والقاف من اللقا وكذا لبعض رواه مسلم والمعنى قريب، قال و منهم من حذف الألف على أن على أن اللام للقسم وفي توجيه تكلف، والمعروف أنه بلفظ النفي المراد به النهي وهو وان كان من نهي المرء نفسه فليس المراد ظاهره، وإنما المراد من يخاطبه عن(1/181)
ذلك وهو أبلغ اهـ قال النووي وعناه لا تعملوا عملا أجدكم
@@@ -92-
التغليظ في الغلول ووعيد من غل
يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين يجيء أحدكم يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني. فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين يجيء أحدكم يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين يجيء أحدكم يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني،فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي (ص) فقالوا فلان شهيد فلان شهيد حتى مروا على رجل، فقالوا فلان شهيد، فقال رسول الله (ص) كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة(1/182)
بسببه على هذه الصفحة الرغاء بضم الراء بالغين المعجمة والمد هو صوت الإبل وذوات الخف بضم المثلثة وبالغين المعجمة والمد هو صوت الغنم بحاءين منهملتين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة ثم ميم مفتوحة قبل الهاء وهو صوت الفرس عند العلف وهو دون الصهيل أي من بني آدم والظاهر أنه أراد بالنفس ما يغله من الرقيق من امرأة أوصى بكسر الراء جمع رقعة وهي ما تكتب فيه الحقوق (وتخفق) بكسر الفاء أي تتحرك وتضطرب إذا حركتها وقيل معناه تلمع والمراد بها الثياب قاله ابن الجوزي الصامت الذهب والفضة يريد أنها ليس لها صوت كغيرها ، وإنما كان كذلك لأن مجيئهما على رقبته ظاهرين للناس فيه دلالة على أنه غلهما من الغنيمة، وهكذا كل من غل شيئا لا بد أن يأتنى به يوم القيامة محمولا على رقبته ليفتضح على رءوس الأشهاد معنى قوله (ص) لكل واحد ممن تقدم ذكرهم في هذا الحديث (لا أملك لك شيئا) أي من المغفرة لأن الشفاعة أمرها إلى الله (وقوله قد بلغتك) أي فليس لك عذر بعد الإبلاغ وكأنه (ص) ابرز هذا الوعيد في مقام الزجر والتغليظ، وإلا فهو في القيامة صاحب الشفاعة في مذنبي الأمة قاله الحافظ (تخريجه) (أخرجه الشيخان. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا عكرمة يعني ابن عمار حدثني سماك الحنفي أبو زميل قال حدثني عبد الله حدثني بن عباس حدثني عمر بن الخطاب الحديث (غريبة) قوله (ص) كلا هو رد لقولهم في هذا الحديث إنه شهيد فقال (ص) كلا إني رأيته في النار في بردة غلها (والبردة) بضم الباء كساء مخطط وهي الشملة والنمرة وقال أبو عبيد هو كساء أسود فيه صور وجمعها برد بفتح الراء (والعبادة) معروفة وهي ، ويقال فيها أيضا عناية بالياء قاله ابن السكيت وغيره رحمهم الله تعالى
@@@ -93-
التغليظ في الغلول ووعيد من غل(1/183)
ثم قال رسول الله (ص) يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، قال فخرجت فناديت ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (عن صالح بن محمد بن زائدة) عن سالم بن عبد الله أنه كان مع سلمة بن عبد الملك في أرض الروم فوجد في متاع رجل غلول فسأله سالم بن عبد الله فقال حدثني عبد الله عن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه قال وأحبسه قال واضربوه، قال فأخرج متاعه في السوق قال فوجد فيه مصحفا فسأله سالما فقال بعه وتصدق بثمنه (عن سالم بن أبي الجعد) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وكان على رحل وقال مرة على ثقل النبي (ص) رجل يقال كركرة فمات فقال هو في النار فنظروا فإذا عليه عباءة قد غلها (وقال مرة) أو كساء قد كلا إني رأيت عليه عباءة غلها يوم كذا وكذا (عن عبد الله بن عمرو ) بن العاص رضي الله عنهما قال كان رسول الله (ص) إذا أراد أن يقسم غنيمة أمر بلالا رضي الله عنه فنادى ثلاثا(1/184)
معناه أنه لا يحكم بدخول الجنة لأول وهلة إلا للمؤمنين المخلصين في إيمانهم ( تخريجه) (م لك مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا صالح بن محمد ابن زائدة عن سالم بن عبد الله الخ (غريبة) أي أحرقوا متاعه كما صرح بذلك في رواية لأبي داود ، وقد أخذ بظاهره طائفة من العلماء، منهم الإمام أحمد، وحمله الجمهور على التغليط لأنه لم يثبت أنه (ص) أمر بفتح متاع أحد ممن وجد الغلول منهم في وقته (تخريجه) (د مذ ك هق) وقال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدار قطني أنكروا هذا الحديث على صالح بن محمد قال وهذا حديث لم يتابع عليه ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله (ص) والمحفوظ أن سالما أمر بذلك وصحح أبو داود وقفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن عمرو عن سالم ابن أبي الجعد الخ (غريبة) بمثلثه وقاف مفتوحتين العيال وما ثقل من الأمتعة اختلف في ضبطه فذكر القاضي عياض أنه يقال بفتح الكافين وبكسرهما، وقال النووي وإنما اختلف في كافه الأولى، وأما الثانية فمكسورة اتفاقا اهـ قال الواقدي أنه كان أسود يمسك دابة رسول الله (ص) عند القتال أي يعذب على معصية أن لم يعف الله عنه (تخريجه)(خ. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا الحكم بن عطية ثنا أبو الخميس عن أنس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفيه أبو المخيسر وهو مجهول (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله يعني ابن مبارك أنا عبد الله بن شوذب قال حدثني أبي قال حدثني عامر بن عبد الواحد عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن عمر الخ (غريبة) يعني من كان
@@@ -94-
التحذير من الغلول وأنه عار وشنار على صاحبه يوم القيامة(1/185)
فأتى رجل بزمام من شعر إلى النبي (ص) بعد أن قسم الغنيمة فقال يا رسول الله هذه من غنيمة كنت أصبتها، قال أما سمعت بلالا ينادي ثلاثا؟ قال نعم، قال فما منعك أن تأتني به فاعتل له فقال النبي (ص) أني لن أقبله حتى أنت الذي توافيني به يوم القيامة (عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه أن رجلا من المسلمين توفى بخيبر وأنه ذكر لرسول الله (ص) فقال صلوا على صاحبكم، قال فتغيرت وجوه القوم لذلك، فلما رأى الذي بهم قال أن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين (عن العرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) كان يأخذ الوبرة من قصة من فيء الله عز وجل فيقول مالي من هذا الأمثل ما لأحدكم إلا الخمس وهو مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فما فوقها وإياكم والغلول فإنه عار وشنار على صاحبه يوم القيامة(1/186)
عنده شيء من الغنائم فليأت به النبي (ص) ليضعه في الغنيمة قبل أن تقسم قال أهل اللغة الزمام في الأصل الخيط الذي يشد في البرة يعني الحلقة التي تكون في أنف البعير ثم يشد إليه المقصود ثم سمى به المقصود نفسه وهو المراد هنا أي فاعتذر إليه كما صرح بذلك في رواية أبي داود، والظاهر أن الرجل لم يصدق في اعتذاره ولذلك لم يقبله النبي صلى الله عليه وسلم وعلم سوء نية الرجل فتركه وما غل حتى يؤتى به يوم القيامة (تخريجه) (أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأظنهما لم يخرجاه (قلت ) وأقره الذهب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ويزيد قال ثنا يحيى بن سعيد بن محمد بن يحيى عن ابن أبي عمرة أنه سمع أنه سمع زيد بن خالد الجهني، قال يزيد أن أبا عمرة مولى زيد بن خالد الجهني أنه سمع زيد خالد الجهني يحدث أن رجلا من المسلمين الخ (غريب ) أي لعدم صلاة النبي (ص) عليه لا ولعدم علمهم بحقيقية الحال الخرز بفتحتين هو ما يثقب من الجواهر وغيرها ويجعله النساء عقودا في أعناقهن، والظاهر أن هذا الخرز كان زهيد القيمة لقوله في الحديث ما يساوي درهمين، وفي هذا تعظيم أمر الغلول وأنه لا فرق بين قليله وكثيرة (تخريجه) (لك فع د نس جه) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم ثنا وهب أبو خالد قال حدثتني أمك حبيبة بنت العرباض عن أبيها أن رسول الله (ص) كان يأخذ الوبرة الخ (غريبة) القصة بضم القاف الخصلة من الشعر، والمعنى أنه (ص) كان يأخذ الوبرة بفتح الواو والموحدة أي الشعرة من خصلة الشعر (من فيء الله) يعني إبل الغنيمة أي فإنه لي أعمل فيه برأيي (وهو مردود فيكم) أي باجتهادي (وقوله فادوا الخيط والمخيط) الخيط واحد الخيوط المعروفة (والمخيط) بوزن منبر يعني الإبرة ومن باب إلى ما فوقهما أي احذروا الغلول (فإنه عار) أي(1/187)
شين أو سبة في الدنيا بفتح الشين المعجمة والنون الخفيفة وفي بعض الروايات (نار وشنار) قال ابن عبد البر
@@@ -95-
النهي عن الغلول والأمر بالجهاد والحث على إقامة حدود الله
(عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال لا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة ، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدودو الله في الحضر والسفر وجاهدوا فيس سبيل الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله تبارك وتعالى به من الهم والغم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سمعت النبي (ص) يقول إياكم والخيل المنفلة فإنها إن تلق تفر ، وإن تغنم تغلل (عن سماك بن حرب) قال سمعت رجلا من بني ليث قال أسرني فارس من أصحاب النبي (ص) فكنت معه فأصابوا غنما فانتهبوها فطبخوها قال فسمعت رسول الله (ص) يقول أن النهي أو النهبة لا تصلح فأكفئوا القدور (أبواب المن والفدا في حق الأسرى وأحكام(1/188)
الشنار لفظة جامعة لمعنى النار والعار يريد أو الغلول شين وعار ومنقصة في الدنيا ونار في الآخرة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد و (بز طب) وفيه أم حبيبة بنت العرباض لم أجد من وثقها ولا جرحها هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في أول باب فرض الخمس فارجع إليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة حدثنا زيد بن أبي حبيب بن عقبة عن أبي الورد قال إسحاق المديني عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي إياكم وأصحاب الخيل الخ فمعناه التحذير من أصحاب الخيل لا من نفس الخيل ، وأورده هذا الحديث صاحب النهاية من رواية أبي الدرداء بلفظ (إياكم والخيل المنفلة التي إن لقيت فرت وإن غمت غلت) ثم قال كأنه من النفل الغنيمة أي الذين قصدهم من الغزو الغنيمة والمال دون غيره أو من النفل وهم المطوعة المتبرعون بالغزو الذين لا اسم لهم في الديوان فلا يقاتلون قتال من له سهم، هكذا جاء في كتاب أبي موسى من حديث أبي الدرداء والذي جاء في مسند أحمد من رواية أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال إياكم والخيل المنفلة فإنها إن تلق تفر وإن تغنم تغلل ولعلها حديثان اهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده بن لهيعة قال الهيثمي حديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقاة وعزاه للإمام أحمد فقط (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب الخ (غريبة) أي قبل قسمتها أو للشك من الراوي يشك هل قال النبي كحبلى أو النهبة كغرفة وكلا اللفظين جاءت به الأحاديث، وهو اسم للمندوب من الغنيمة أو غيرها : لكن المراد هنا الغنيمة (وقوله لا تصلح) معناه لا تحل كما صرح بذلك في رواية أخرى لأن الناهب إنما يأخذ على قدر قوته لا على قدر استحقاقه فيؤدي إلى أن يأخذ بعضهم فوق حظه ويبخس بعضهم حظه، وإنما لهم سهام معلومة للفرس سهمان وللراجل سهم، فإذا انتهبوا الغنيمة بطلت الغنيمة وفاتت التسوية هو(1/189)
الكناية عن إراقة ما فيها ، وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث ابن ليلى في خرباب حل الغنيمة من خصوصياته (ص) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي قال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح
@@@ -96-
إسلام هوازن والمن على وفدهم بأسراهم
تتعلق بهم (باب في المن على وفود هوازن بأسراهم) ( عن عروة بن الزبير) أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله (ص) قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوا أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم: فقال لهم رسول الله (ص) معي من ترون، وأحب الحديث إلى أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال ، وقد كنت إستأنيت بكم وكان أنظرهم رسول الله (ص) بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف فلما تبين لهم أن رسول الله (ص) غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا فإنا نختار سبينا فقام رسول الله (ص) في المسلمين فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنا إخوانكم قد جاءوا تائبين وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم ،فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل ، ومن أحب منكم أنم يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله عز وجل علينا فليفعل، فقال الناس قد طيبنا ذلك رسول الله (ص)، فقال لهم رسول الله (ص) إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفائكم أمركم فجمع الناس فكلمهم عرفائهم ثم رجعوا إلى رسول الله (ص) فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا هذا الذي بلغني عن سبي هوازن (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قالا أعطى رسول الله (ص) جارية من سبي هوازن فوهبها لي فبعثت بها إلى أخواله من بني جمح ليصلحوا لي منها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها(1/190)
(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يعقوب ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال وزعنا عروة بن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله (ص) الخ (غريبة) هم الذين حاربوا النبي (ص) في غزوة حنين ونصره الله عليهم بعد هزيمة المسلمين وسيأتي تفصيل ذلك في أبواب الغزوات إنشاء الله تعالى بكسر همزة إما ونصب السبي والمال من الأناة أي انتظرت مجيئكم وأخرت قسمة السبي فأبطأتم علي البضع بكسر الموحدة هو من ثلاث إلى تسع، فإذا أضيفت إليه العشرة المذكورة كانت مدة الانتظار ما بين ثلاث عشر ليلة إلى تسع عشرة ليلة (وقوله قفل) أي رجع بضم أوله وفتح المهملة وكسر التحتية المشددة أي يعطى عن طيب نفس بلا عوض أي نصيبه(وقوله يفيء ) بضم أوله من أفاء ومعناه من أول ما يرجع الله إلينا من مال الكفار من خراج أو غنيمة أو غير ذلك ، ولم يرد الفيء الاصطلاحي وحده فيه ما كان عليه (ص) من شدة الورع حيث لم يقنع بظاهر الحال حتى يتحقق رضا جميعهم جمع عريف وهو الرئيس الذي يدور عليهم أمر الرعية ويتعرف أحوالهم، والمقصود هنا أن رئيس كل قبيلة يعبر عن قبيلته هذه الجملة من كلام ابن شهاب وهو الزهري أحد رجال السند (تخريجه) (ق د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن
@@@ -97-
قصة أسر العباس عم النبي (ص) وفديته(1/191)
قال فخرجت من المسجد حين فرغت ، فإذا الناس يشتدون ، فقلت ما شأنكم؟ قالوا رد رسول الله (ص) أبنائنا ونساءنا ، قال قلت تلك صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها ، فذهبوا فأخذوها (باب في أسر العباس رضي الله عنه وفديته وفيه معجزة للنبي (ص)) (عن ابن عباس ) رضي عنهما قال كان الذي أسر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أبا اليسر بن عمرو وهو كعب بن عمرو أحد بني سلمة رضي الله عنه، فقال له رسول الله (ص) كيف أسرته يا أبا اليسر ، قال لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد : هيئته كذا هيئته كذا، قال فقال رسول الله (ص) لقد أعانك عليه ملك كريم ، وقال للعباس يا عباس؟ افد نفسك وابن أخيك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن جحدم أحد بني الحارث ابن فهر، قال فأبى وقال إني قد كنت مسلما قبل ذلك وإنما إستكرهوني، قال الله أعلم بشأنك إن يك ما تدعي حقا فالله يجزيك بذلك، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فاقد نفسك ، وكان رسول الله (ص) قد أخذ منه عشرين أوقية ذهب ، فقال يا رسول الله احسبها لي من فدائي، قال لا ذاك شيء أعطاناه الله منك، قال فإنه ليس لي مال ، قال فأين المال الذي وضعته بمكة حيث خرجت عند أم الفضل وليس معكما أحد غيركما فقلت إن أصبت في سفري هذا فالفضل كذا ولقثم كذا ولعبد الله كذا ، قال فو الذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد من الناس غيري وغيرها: وإني لأعلم أنك رسول الله(عن أبي إسحاق) عن البراء بن عازب أو غيره، قال جاء(1/192)
عبد الله بن عمر الخ (غريبة) أي يعدون ويهرولون (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحد وسنده جيد (باب) (سنده ) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يزيد قال : قال محمد يعني ابن إسحاق حدثني من سمع عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) إنما سأل النبي (ص) أبا اليسر كيفية أسر العباس لأن العباس كان قويا مهيبا وأبا اليسر كان ضعيفا صغير الجسم ذميم الخلق ،وقد جاء توضيح ذلك في حديث رواه (طب بز) من حيث أبي اليسر أنه قيل للعباس وكان جسيما كطيف أسرك أبو اليسر وهو ذميم (أي قيح المنظر صغير الجسم) ولو شئت لجعلته في كفك ؟ فقال ما هو إلا أن لقيته فظهر في عيني أعظم من الخندمة(بوزن المرحمة) (جبل من جبال مكة) الظاهر أنها أخذت منه في الغنيمة، ولذا أجابه الني (ص) بقوله ذاك شيء أعطاناه الله منك في هذا معجزة للنبي (ص) حيث أطلعه الله عز وجل على هذه القصة التي لم يعلم بها أحد إلا الله عز وجل (تخريجه) رواه ابن إسحاق في سيرته وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات: وهو من مراسيل الصحابة : لأن ابن عباس لم يشهد ذلك بل كان صغيرا مع أمه بمكة فكأنه رواه عن أبيه أو غيره(سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا بهز ثنا شعبة ثنا أبوأ حمد ثنا سفيان عن أبي اسحاء عن البراء بن عازب الخ (غريبة)
(م 13 – الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -98-
تاريخ إسلام العباس رصي الله عنه وفدية أبي وداعة صبيرة(1/193)
رجل من الأنصار بالعباس قد أسره، فقال العباس يا رسول الله ليس هذا أسرني ، أسرني رجل من القوم أنزع من هيئته كذا وكذا، فقال رسول الله (ص) للرجل لقد آزرك الله بملك كريم (باب فيمن افتدى أباه بأربعة آلاف درهم) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال: قال محمد يعني ابن إسحاق فحدثني حسين بن عبد الله بن عباس عن عكرمة قال: قال أبو رافع مولى رسول الله (ص) كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا فأسلمت وأسلت أم الفضل وكان العباس قد أسلم ولكنه كان يهاب قومه وكان يكتم إسلامه، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكذلك كانوا صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاءنا الرجل الخبر كتبه الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة فذكر الحديث ومن هذا الموضع في كتاب يعقوب مرسل ليس فيه إسناد، وقال فيه أخو بني سالم بن عوف قال و كان في أسارى (بضم الهمزة) أبو وداعة بن صبيرة السهمي، فقال رسول الله (ص) إن له بمكة أبنا كيسا تاجرا إذا مال لكأنكم به قد جائني في فداء أبيه وقد قالت قريش لا تعجلوا بفداء أساراكم لا يتأرب عليكم محمد وأصحابه:فقال المطلب بن أبي وداعة صدقته فافعلوا، وأقبل من الليل فقدم المدينة وأخذ أباه بأربعة آلاف درهم فانطلق به وقدم مكرز بن حفص ابن الأحنف في فداء سهيل بن عمرو وكان الذي أسره مالك بن الدخشن أخو بني مالك بن عوف(1/194)
هو أبو اليسر المتقدم ذكره في الحديث السابق الأنزع بوزن أحمد الذي ينحسر شعر مقدم رأسه مما فوق الجبين والنزعتان (بفتحات) عن جانبي الرأس مما لا شعر عليه بمد الهمزة أي أعانك ونصرك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب ) يعني في أول الأمر ثم أتى إلى رسول الله (ص) فأعتقه كان إسلامهم ذلك قبل غزوة بدر يعني خبر انتصار النبي (ص) على كفار قريش في غزوة بدر (وقوله كبته) أي خيب ظنه وأذله بالحزن على قتل من قتل وأسر ومن أسر من المشركين يعني قوله الآتي (وكان في أسارى أبو وداعة الخ ) الظاهر والله أعلم أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث مرة أخرى عن شيخه يعقوب بن إبراهيم بن سعد من كتابه مسند إلى قوله (وجدنا في أنفسنا قوة) ثم ذكر يعقوب بقيته مرسلة بدون ذكر الصحابي وجاء في رواته (أخو بني سالم بن عوف) بدل قوله في آخره حديث الباب (أخو بني مالك بن عوف) والله أعلم هو المطلب بن أبي وداعة كما سيأتي في الحديث (وقوله كيسا) بفتح الكاف والسكون التحتية أي عاقلا فطنا أي يتشدد ويتعدى في طلب الفدية إنما قال ذلك مجاراة لهم فقط ولكنه عزم على فداء أبيه ولذلك انسل من الليل أي خرج إلى المدينة ليلا مختفيا بوزن منبر وقيل بفتح الميم بالدال المهملة المضمومة ثم خاء معجمة ساكنة ثم شين معجمة مضمومة ثم نون ، ويقال بالميم بدل النون ويقال الدخيشن والدخيشم بالميم مصغرا فيهما شهد بدرا مع رسول الله (ص)
@@@ -99-
قصة رعية السحيمي الذي رقع دلوه بكتاب النبي صلى الله عله وسلم(1/195)
(باب قصة رعية السحيمي وأسر ولده وأخذ ماله والمن عليه بعد إسلامه برد ولده إليه) حدثنا محمد بن بكي ثنا إسرائيل ثنا إسحاق عن الشعبي (عن رعية السحيمي) رضي الله عنه قال كتب إليه رسول الله (ص) في أديم أحمر فأخذ كتاب رسول الله (ص) فرقع به دلوه، فبعث رسول الله (ص) سرية فلم يدعوا له رائحة ولا سارحة ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه، وانفلت عريانا على فرس له ليس عليه قشرة حتى ينتهي إلى ابنته وهي متزوجة في بني هلال وقد أسلمت وأسلم أهلها وكان مجلس القوم بفناء بيتها فدار حتى دخل عليها من وراء البيت قال فلما رأته ألقت عليه ثوبا، قالت مالك؟ قال كل الشر نزل بأبيك، ما ترك له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال إلا وقد أخذ، قالت دعيت إلى الإسلام؟ قال أين بعلك؟ قالت في الإبل، قال فأتاه فقال مالك؟ قال كل الشر نزل به ما تركت له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال إلا وقد أخذ، وأنا أريد محمدا أبا دره قبل أن يقسم أهلي ومالي، قال فخذ راحلتي برحلها قال لا حاجة لي فيها، قال فأخذ قعودا الراعي وزوده إداوة من ماء قال وعليه ثوب إذا غطى به وجهة خرجت أسته وإذا غطى أسته وإذا خرج وجهه وهو يكره أن يعرف حتى انتهى إلى المدينة فعقل راحلته، ثم أتى رسول الله (ص) فكان بحذائه حيث يصلي، فلما صلى رسول الله (ص) الفجر قال يا رسول الله أبسط يديك فلأبايعك ، فبسطها فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله (ص) قال ففعل النبي (ص) ذلك ثلاثا قبضها إليه ويفعله قال من أنت؟ قال رعية السحيمي، قال فتناول رسول الله (ص) عضده ثم رفعه ثم قال يا معشر المسلمين هذا رعية السحيمي الذي كتبت إليه فأخذ كتابي فرقع به دلوه، فأخذ يتضرع إليه،، قلت يا رسول الله أهلي(1/196)
وهو الذي أرسله النبي (ص) ليحرق مسجد الضرار هو ومعن بن عدي فأحرقاه رضي الله عنهما (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي بلفظه كما هنا، وقال رواه أحمد هكذا باختصار وبعضه مرسل ورجال غير المرسل ثقات (باب ) (غريبة) بكسر أوله كإبرة ويقال بضم أوله على وزن رقية بتشديد الياء(والسحيمي) بضم السين وفتح المهملتين الأديم الجلد المدبوغ أي كتب إليه في ذلك الأديم يدعوه إلى الإسلام فلم يحفل به بل أخذ الكتاب فرقع به دلوه يعني من المواشي القشر بكسر القاف اللباس، والمعنى أنه انفلت عريانا ليس عليه لباس بكسر الفاء وهو المتسع أمام الدار ويجمع الفناء على أفنية أي لم يدخل من الباب خجلا أن يراه الناس على تلك الحالة الأست العجز ويراد به حلقه الدبر إنما قبض رسول الله (ص) ذلك لأنه أغضبه بما فعل بكتابه فأراد (ص) أن يظهر للناس ما آل إليه أمره وكيف
@@@ -100-
أسر أبي زوج العاص زوج زينب بنت رسول الله (ص) وفديته
ومالي قال أما مالك فقد قسم، وأما أهلك فقد قدرت عليه منهم ، فخرج فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها، فرجع إلى رسول الله (ص) فقال هذا ابني، فقال يا بلال اخرج معه فسله أبوك هذا؟ فإن قال نعم فادفعه إليه، فخرج بلال إليه فقال أبوك هذا؟ قال نعم، فرجع إلى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله ما رأيت أحدا استعبر إلى صاحبه فقال ذاك جفاء الأعراب (ومن طريق ثان) عن أبي عمرو الشيباني بنحوه مختصرا في آخره قال سفيان يرون أنه أسلم قبل أن يغار عليه (باب فداء أبي العاص زوج زينب بنت رسول الله (ص))(عن عائشة زوج النبي) (ص) قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، بعثت زينب بنت رسول الله (ص) في فداء أبي العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها ، قالت فلما رآها رسول الله (ص) رق لها رقة شديدة وقال إن رأيتم(1/197)
انتقم الله منه أي ما رأيت أحدا منهما بكى عند رؤية صاحبه كما يحصل عادة في مثل هذا الموقف فقال النبي (ص) (ذاك جفاء الأعراب) يعني سكان البوادي غلاظ الطباع ليس عندهم رقة أهل الحضر (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا معاوية بن عمر ثنا أبو إسحاق عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عمرو الشيباني قال جاء رعية السحيمي إلى النبي (ص) فقال أغير على ولدي ومالي فذكر نحو ما تقدم في الحديث السابق هكذا قال سفيان أحد رجال السند فإن صح هذا القول فتكون الإرادة حصلت قبل علمهم بإسلامه والله أعلم (تخريجه) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: قال الحافظ في الإصابة قال ابن السكن روى حديثه يعني حديث رعية السحيمي بإسناد صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عبادة بن عبد العزي بن عبد شمس ابن أمية ختن رسول الله (ص) وزوج ابنته زينب رضي الله عنها، قال ابن هشام وكان الذي أسره خراش بكسر أوله ابن الصمة بكسر الصاد وفته الميم المشددتين أحد بني حدرام، قال ابن إسحاق وكان أبوا العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة، وكانت أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد زوج النبي (ص) وكانت خديجة هي التي سألت رسول الله (ص) أن يزوجه بابنتها زينب وكان لا يخالفها، وذلك قبل الوحي، وكان (ص) قد زوج ابنته رقية أو أم كلثوم من عتبة بن أبي لهب : فلما جاء الوحي قال أبو لهب اشغلوا محمدا بنفسه: وأمر ابنه عتبة فطلق ابنة رسول الله (ص) قبل الدخول فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه: ومشوا إلى أبي العاص فقالوا فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأي امرأة، من قريش شئت، قال لا والله إذا لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأة من قريش: وكان رسول الله (ص) يثني عليه في صهره فيما بلغني اهـ قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: الحديث بذلك في الثناء عليه في صهره ثابت في الصحيح أي لأنها ذكرته بخديجة أولى أزواجه وأم أولاده التي كان(1/198)
@@@ -101-
من افتدى أولاد الأنصار الكئابة
أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فقالوا نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوه عليها الذي لها (باب في فداء جلين من المسلمين برجل من المشركين ومن افتدى بتعليم أولاد الأنصار الكتابة وكراهة قبول الفدية على تسليم جثث العدو)
(عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي (ص) فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل (عن ابن عباس) رضي الله عنهما: قال كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم غلام يبكي إلى والده، فقال ما شأنك؟ قال ضربني معلمي، قال الخبيث يطلب بذحل بدر، والله لا تأتيه أبدا (وعنه أيضا) قال قتل المسلمون يوم الخندق رجلا من المشركين فأعطوا بحيفة مالا ، فقال رسول الله (ص) ادفعوا إليهم جيفتهم فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية فلم يقبل منهم شيئا(وعنه من طريق ثان) قال أصيب يوم(1/199)
يحبها حبا شديدا ذكر ابن إسحاق أن النبي (ص ) اشترط على أبي العاص أن يخلي سبيل زينب يعني أن تهاجر إلى المدينة فوفى أبو العاص بذلك(قلت)بقيت زينب على ذمة أبلي العاص إلى أن حرم الله المسلمات على المشركين عام الحديبية سنة ست من الهجرة: ثم أسلم بعد ذلك أبو العاص فردها إليه رسول الله (ص) بنكاحه الأول، وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب السيرة النبوية في أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى (تخريجه) أخرجه ابن إسحاق في سيرته وسنده جيد (باب )(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا اسماعيل أنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ (غريبة)لهذا الرجل قصة ستأتي في باب أن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه (وعقيل) بضم العين المهملة كذا في المشارق (تخريجه) (مذ . هب) وصححه الترمذي: وأخرجه أيضا مسلم مطولا كما سيأتي في الباب المشار إليه آنفا والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم قال: قال داود ثنا عكرمة عن ابن عباس الخ (غربية ) الذحل بفتح الذال المعجمة والحاء المهملة وبجمع على أذحال كسبب وأسباب، ويسكن فيجمع على ذحول كفلس وفلوس، ومناه الحقد، وطلب بذحلح أي بثأره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده على بن عاصم فيه كلام لكن وثقه الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نصر بن باب قال ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن العباس أنه قال قتل المسلمون الخ(غريبة) قيل هو عمرو بن عبد ود على ما ذكره ابن إسحاق حكاية عن البيهقي، وقيل هو نوفل بن عبد الله المخزومي علة ما ذكره موسى بن عقبة وابن جرير (قلت) يحتمل أن المشركين طلبوا جثة الرجلين أحدهما تلو الآخر لأنهما من صناديدهم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمهته أنا منه ثنا علي بن مسهر
@@@ -102-
قصة فداء أسرى بدر وما نزل من القرآن بسببه(1/200)
الخندق رجل من المشركين وطلبوا إلى النبي (ص) أن يجنوه فقال لا ولا كرامة لكم، قالوا فإنا نجعل لك على ذلك جعلا قال وذلك أخبث وأخبث (باب في فداء أسرى بدر وما نزل من القرآن لسببه) (عن ابن عباس) حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لما كان يوم بدر، قال نظر النبي (ص) إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي (ص) القبلة، ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال اللهم أين ما وعدتني، اللهم أنجز ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا، قال ، قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه، ثم يا نبي الله كفاك مناشدة ربك فإنه سينجز لك ما وعك ، وأنزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلا، وأسر منهم سبعون رجلا ، فاستشار رسول الله (ص) أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنهم(1/201)
عن أبن ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال أصيب يوم الخندق الخ أي يدفنوه ويستروه وقد جاء في الحديث (ولى دفن رسول الله (ص) وإجنانه على والعباس) أي دفنه وستره، ويقال للقبر الجنن (بالتحريك) ويجمع على أجنانه (نه) (تخريجه) (هق مذ) وفي الطريق الأولى الحجاج بن أرطاة وفي الثانية ابن أبي ليلى اختلف فيهما (باب)(سنده) عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نوح قراد أنبأنا عكرمة بن عمار ثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر الخ (غريبة) قال في النهاية كل ما زاد على عقد فهو نيف بالتشديد وقد يخفف حتى يبلغ العقد الثاني اهـ يعني ما زاد على العشرة يقال له نيف حتى يبلغ العشرين: وما زاد على العشرين يقال له نيف حتى يبلغ الثلاثين: وهكذا وجاء في رواية لمسلم أنهم كانوا ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا يعني قوله تعالى (واد يعدكم الله إحدى الطائفتين) وهي إما العير وإما الجيش، والعير قد ذهبت فكان على ثقة من حصول الأخرى، ولكن سأل تعجيل ذلك من غير أذى يلحق المسلمين (وقوله إن تهلك) قال النووي ضبطوه بفتح التاء وضمها فعلى الفتح. العصابة بالرفع فاعل، وعلى الضم بالنصب مفعول والعصابة الجماعة اهـ أي طلبك من ربك أي تطلبون منه الغوث بالنصر عليهم (وقوله ممدكم ) أي مرسل إليكم مددا لكم (مردفين أي متتابعين بعضهم في إثر بعض، وفي سورة آل عمران (بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) ثم قال (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة لآلاف من الملائكة مسومين) أي معلمين من التسويم وهو إظهار سيما الشيء، قال الربيع بن أنس البكري أو الحنفي أمد الله المسلمين بألف يعني أولا وهو الذي في سورة الأنفال، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم لما صبروا واتقوا صاروا خمسة آلاف كما قال الله تعالى (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فوركم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف الآية
@@@ -103-
استشارة النبي (ص) أصحابه في أسرى بدر(1/202)
فقال أبو بكر يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار ، وعسى الله أن يهديهم فيكونون لنا عضدا، فقال رسول الله (ص)ما ترى؟ يا بن الخطاب؟ قال قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر: ولكني أرى أن تملكني من فلان قريبا لعمر فاضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه ، حتى يعلم الله أن ليست في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فخذ منهم الفداء، فلما آن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وهما يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما قال : فقال النبي (ص) الذي عرض على أصحابك من الفداء لقد
عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة وأنزل الله عز وجل (ما كان للنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض – إلى قوله- لولا كتابا من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء ثم أحل لهم الغنائم ، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا فيما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي (ص) وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله تعالى (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثلها ) الآية يأخذكم الفداء(عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) يوم بدر من استطعتم أن تأسروا من بني عبد المطلب فإنهم خرجوا كرها (عن محمد بن جبير(1/203)
لفظ مسلم فقال النبي (ص) أبكى للذي عرض على أصحابك من أخذ الفداء أي يبالغ في قتل المشركين وأسرهم قال ابن عباس لولا قضاء من الله سبق في اللوح المحفوظ بأنه يحل لكم الغنائم (لمسكم) أي لنا لكم وأصابكم (فيما أخذتم) من الفداء (عذاب عظيم ) لفظ عذاب عظيم ليس موجودا في الحديث وربما حذف للعلم به أي من أصحاب النبي (ص) الذين قبلوا الفداء في الأسرى يدر هي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل سبعين من المسلمين (قد أصبتم مثليها) يعنى يوم بدر فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا وأسروا سبعين أسيرا وبقيت الآية(قلتم أنى هذا) أي من أين جرى علينا هذا القتل والهزيمة ونحن مسلمون ورسول الله فينا (قل هو من عند أنفسكم ) أي باختياركم أخذ الفداء (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبة) لم يذكر جواب الشرط وتقديره فأسروا أو فافعلوا يعني الأسر ولا تقتلواهم فإنهم خرجوا لقتالنا مكرهين لا تختارين (تخريجه)
@@@ -104-
لا يجوز قتل الأسير إلا إذا احتلم أو أنبت
ابن مطعم ) عن أبيه عن النبي (ص) قال لو كان المطعم بن عدي حيا فكلمني في هؤلاء النتنين أطلقتهم يعني أسارى بدر (باب النهي عن قتل الأسير ما لم يحتلم أو ينبت، وعن قتل أسير غيره، وعن التفريق بين الوالدة وولدها وعن وطئ الحبالى من الأسرى : وعن قتل الأسير صبرا) (عن عطية القرظي) رضي الله عنه قال عرضنا على النبي (ص ) يوم قريضة فكان من أنت قتل ولم ينبت خلي سبيله، فكن ممن لم ينبت فخلى سبيلي (عن كثير ابن السائب) قال حدثني ابنا قريظة أنهم عرضوا على النبي (ص) زمن قريظة فمن كان منهم محتلما أو نبتت عانته قتل ومن لا ترك (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعاطى أحدكم أسير أخيه فيقتله(1/204)
لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير الخ (غريبة) جمع نتن بفتح فكسر والمراد بهم أسارى بدر وصفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك كما وصفهم الله عز وجل بالنجس (وقوله أطلقتم ) أي لتركتكم له كما صرح بذلك في رواية البخاري، ومعناه لتركتكم له بغير فداء، وإنما قال ذلك (ص) لأن المطعم ابن عدي كان له يد عند النبي (ص) وهو أنه (ص) دخل في جواره لما رجع من الطائف فأراد أنم يكافئه بها، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة وكذلك الفاكهي بإسناد حسن مرسل، وفيه أن المطعم أمر أولاده الأربعة فلبسوا السلاح وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة فبلغ ذلك قريشا فقالوا له أنت الرجل لا تخفر ذمتك، وقيل أن اليد كانت له أنه كان من أشد من سعي في نقض الصحيفة التي كتبتها في قطيعة بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب(تخريجه) (خ د. وغيرهم)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عطية القرظي يقول عرضنا الخ (غريبة) أراد شعر العانة فجعله علامة للبلوغ وليس ذلك حدا عند أكثر أهل العلم إلا في أهل الشرك لأنهم لا يوقفوا على بلوغهم من جهة السن ولا يمكن الرجوع إلى قولهم للتهمة في دفع القتل وأداء الجزية ، وقال الإمام أحمد الإنبات حد معتبر تقام به الحدود على من أنبت من المسلمين ، ويحكى مثله عن الإمام مالك رحمهما الله (تخريجه) (فع حب بز مي ك مذ) وقال الترمذي حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد ابن سلمة عن أبي حفص الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن كثير بن السائب الخ (غريبة) أحدهما عطية القرظي راوي الحديث الأول والثاني لم أقف على اسمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ، وفي إسناده أبو حفص الخطمي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أن بقية ابن(1/205)
الوليد عن إسحاق ابن ثعلبة عن مكحول عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) نما نهى النبي (ص) عن ذلك لأنه افتيات على حق الغير ، ولأنه ربما كان بإبقائه مصلحة
@@@ -105-
النهي عن التفريق بين المرأة وولدها من السبيي
(عن أبي عبد الرحمن الحبلى) قال كنا في البحر وعلينا عبد الرحمن بن قيس الفرازي ومعنا أبو أيوب الأنصاري فمر بصاحب المقاسم و قد أقام السبى فإذا امرأة تبكي، فقال ما شان هذه؟ قالوا فرقوا بينها و بين ولدها قال فاخذ بيد ولدها حتى وضعه في يدها، فانطلق صاحب المقاسم إلى عبد الله ابن قيس فاخبره فأرسل إلى أبي أيوب فقال ما حملك على ما صنعت؟ قال سمعت رسول الله (ص)يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بين وبين الأحبة يوم القيامة (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود) رضي الله عنه قال رسول الله (ص)يؤتى بالسبي فيعطي أهل البيت جميعا كراهية أن يفرق بينهم (عن رويفع بن ثابت) الأنصاري رضي الله عنه قال قام فينا (يعني رسول الله (ص)) يوم حنين فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماؤه زرع غيره (وفي لفظ ولد غيره) يعني إتيان الحبالى من السبايا، وإن يصيب امرأة ثيبا حتى يستبرئها يعني إذا اشتراها وأن يبيع مغنما حتى يقسم الحديث(1/206)
لصاحبه، ولأن القتل وعدمه من خلق الإمام (تخريجه) رواه سعيد بن منصور في سننه وفي إسناده بقية بن الوليد تكلم فيه بعضهم، وإسحاق بن ثعلبة، قال أبو حاتم مجهول، وقال ابن عدي روى عن مكحول عن سمرة أحاديث مسندة لا يرويها غيره، وأحاديث كلها غير محفوظة، قال الحافظ له عند أحمد منها حديثان ولم يسمع مكحول من سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا حيى بن عبد الله المعفاري عن أبي عبد الرحمن الحبلى الخ (قلت) الحبلى بضم الحاء المهملة والباء الموجدة ويجوز فتحها عند سيبوويه (غريبة) الظاهر إن ذلك كان في إحدى غزوات بلاد الرم زمن معاوية، لأنهم غزوها في زمنه غير مرة، وتوفي أبو أيوب الأنصاري في إحداها بعد ذلك ودفن بالقسطنطينية وعلى قبره مزار معناه أن أبا أيوب رضي الله عنه مر بمن وكل إليه قسمة المغانم (وقد أقام السبي) أي قسمه وقومه يعني في القسمة بمعنى أنها صارت لغير من صار إليه ابنها أي بما يزيل الملك بنحو هبة أو بيع نحو ذلك هذا يفيد حرمة التفريق بين الوالدة وولدها مطلقا: وللعلماء كلام في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (تخريجه)(مذ ك مى) وقال الترمذي حسن غريب (قلت) وفي إسناده حيى بن عبد الله تكلم فيه بعضهم، وصحح حديثه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله الخ (غريبة) أي يضعهم في بيت واحد، هذا فيمن كان بينهم قرابة بحيث يصعب عليهم الفراق (تخريجه) (جه) وفي إسناده جابر الجعفي ضعيف هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب قسم الغنائم والفيء(غريبة ) هو كناية عن وطئ الحامل، والمراد بالماء هنا المنى: وبالزرع ولد الغير كما في اللفظ الآخر يقال للإنسان ثيب إذا تزوج، ويستوي في الثيب الذكر والأنثى (وقوله حتى يستبرئها)
(م 14- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -106-(1/207)
النهي عن وطئ الأمة حتى تستبرأ بحيضه وعن وطء الحبالى** السبايا حتى يضعن
(وعنه أيضا) قال نهى رسول الله (ص)إن توطأ الأمة حتى تحيض وعن الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) ليس منا من وطئ حبلى (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه أن النبي (ص) رأى امرأة مجحا على باب فساط أو طرف فسطاط فقال (ص) هل صاحبها يلم بها؟ قالوا نعم، قال لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يستخدمه وهو(1/208)
يعني بحيضة إذا لم تكن حاملا كما يستفاد ذلك من الحديث التالي، فإن كانت حاملا فلا يطؤها حتى تضع ومفهومه أن البكر لا تستبرأ، وهو كذلك عند جمهور العلماء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حنش الصناعي عن رويفع بن ثابت، قال ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حنش الصناعي عن رويفع بن ثابت، قال نهى رسول الله (ص) الخ (غريبة) معناه أنه لا يطأ أمة ثيبا سباها أو اشتراها حتى يستبرئها بحيضة، فإن كانت حاملا فلا يطؤها حتى تضع، فإن وطئها وهي حامل حرم الله بالإجماع (تخريجه) أخرجه هو والذي قبله (د مذ مى طب هق) وحسنه الترمذي : وأخرجه أيضا ابن حبان وصححه والبزار وحسنه وفيه اختلاف في الألفاظ عند بعضهم والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أب ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا منه ثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبة) أي ليس من أهل سنتنا أو طريقتنا الإسلامية (وقوله من وطئ حبلى) وهو عام في كل حبلى من الغير سواء أكانت من السبايا أم من الحرائر، وليس المراد هنا النهي عن وطئ حليلته الحبلى كما قد يتوهم، فأنها خرجت من هذا العموم بأدلة أخرى (تخريجه) (طب) وحسنه الحافظ السيوطي، وقال الهيثمي فيه الحجاج بن أرطاة مدلس وبقية رجاله الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة بن يزيد بن خمير عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي الدرداء الخ (غريبة) المجح بميم مضمومة ثم جيم مكسورة ثم حاء مهملة، هي الحامل التي قربت ولادتها بضم الفاء وكسرها وسكون السين المهملة وفيه لغات، وهو نحو بيت الشعر بفتح العين المهلة كالخيمة ونحوها أي يطؤها وهي حامل؟ وكانت من السبايا معناه قد تضع حملها لستة أشهر حيث يحتمل يكون الولد له ويتوارثان، وعلى تقدير كونه من غير السابي لا يتوارثان هو ولا السابي لعدم القرابة، بل له(1/209)
استخدامه لأنه مملوكه، فتقدير الحديث أنه قد يستلحقه ويجعله ابنا له ويورثه مع أنه لا يحل توريثه لكونه ليس منه ولا يحل توارثه ومزاحمته لباقي الورثة، وقد يستخدمه استخدام العبيد ويجعله عبدا يتملكه، مع أنه لا يحل له ذلك لكونه منه إذا وضعته لمدة محتملة كونه من كل واحد منهما، فيجب عليه الامتناع من وطئها خوفا من هذا المحظور، فهذا هو الظاهر في معنى الحديث قاله النووي (تخريجه) (م د مى)
@@@ -107-
النهي عن قتل صبرا وعن قتل الأسير إذا أسلم
لا يحل له (عن عبيد بن تعلى) قال غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتى بأربعة إعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا بالنيل فبلغ ذلك أبا أيوب رضي الله عنه فقال سمعت رسول الله (ص) ينهى عن قتل الصبر (باب الأسير يدعى الإسلام قبل الأسر وله شاهد وفضل من يسلم من الأسرى) (عن أبي عبيدة) عن عبد الله (يعني ابن مسعود) رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر (يعني وجئ بالأسارى) قال رسول الله (ص) لا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق. قال عبد الله فقلت يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الإسلام، قال فسكت قال فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع على حجارة من السماء في ذلك اليوم حتى قال رسول الله (ص) إلا سهيل بن بيضاء (عن أبي هريرة)(1/210)
وأخرجه أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده جاء في الأصل عن أبي يعلى وهو تصحيف وصوابه عن عبيد بن تعلى بكسر التاء المثناة وسكون العين المهملة بعدها لام مكسورة وهو عبيد بن تعلى الطائي الفلسطيني، وقد وقع التصحيف كثيرا في هذا الاسم: انظر خلاصة تذهيب الكمال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير عن عبيد بن تعلى الخ (غريبة الظاهر أن هذه الغزوة كانت إلى بلاد الروم أعني القسطنطينية وكانت سنة أربع وأربعين وكان عبد الرحمن بن خالد أميرا على الجيش: ثبت ذلك في كتب المغازى الشهيرة جمع علج بكسر العين المهملة وسكون، اللام وهو الرجل القوي الضخم والرجل من كفار العجم جمعه اعلاج وعلوج القتل صبرا هو أن يمسك من ذوات الروح شيئ حيا ثم يرمى بشيء حتى يموت، وكل من أن النبي (ص قتل بعض الأسرى بالسيف كأسارى بني قريظة وبعض أسارى بدر كعقبة بن أبي معيط والنضر بن أنس وغير ذلك، زاد أبو داود فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب (تخريجه )وسنده جيد (باب )(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة الخ (غريبة) أي قال عبد الله بن مسعود فما رأيتني في يوم أخوف الخ، وإنما خاف ابن مسعود من سكوته (ص) لأنه ظن أن سكوته كان من أجل غضبه عليه لكونه تكلم فيما لا يعنيه: ولذلك لم يطمئن إلا بعد موافقة النبي (ص) على رأيه ليس هذا آخر الحديث وهو مختصر من حديث طويل سيأتي بتمامه في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى: وإنما ذكرت هذا الجزء منه لمناسبة الترجمة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه اهـ يعني أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود راوي الحديث (سنده )حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد عن محمد بن زياد وعفان ثنا حماد أنا محمد ابن زياد قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت أبا القاسم(1/211)
صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة)
@@@ -108-
معنى قوله صلى الله عليه وسلم عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل
رضي الله عنه قال سمعت أبا القاسم (ص يقول عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل (عن أبي أمامة) رضي الله عنه قال استضحك رسول الله (ص) يوما فقيل له يا رسول الله ما أضحكك ؟ قال قوم يساقون إلى الجنة مقرنين في السلاسل (عن العباس بن سهل ) بن سعد الساعدي عن أبيه رضي الله عنه قال كنت مع النبي (ص ) بالخندق فأخذ الكرزين فحفر به فصادف حجزا فضحك، قيل ما يضحك يا رسول الله؟ قال ضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنة
(باب أن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه وجواز استرقاق العرب)(1/212)
التعجب المعروف عند البشر معناه استعظام الشيء لمعظم موقعه وخفاء سببه وذلك مستحيل على الله عز وجل فإذا أطلق عليه جل شأنه فالمراد أنه رضي منهم ذلك واستحسن فعلهم وعظم شأنهم ظاهره أنهم يجرون إليها كرها وهم مقيدون بالسلاسل، وليس كذلك، قال القاضي عياض معناه أن الله عز وجل عظم شأن قوم يؤخذون عنوة في السلاسل فيدخلون في الإسلام قهرا فيصيرون من أهل الجنة ، وقيل أراد بالسلاسل ما يرادون به من به قتل الأنفس وسبي الأزواج والأولاد وخراب الديار وجميع ما يلحقهم إلى الدخول في الدين الذي هو سبب دخول الجنة فأقيم السبب مقام المسبب (تخريجه) (خ د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا الأعمش عن حسين الخراساني عن أبي غالب عن أبي أمامة الخ (غريبة) بضم المثناة وسكون المعجمة وكسر المهملة أي أضحكه شيء لا نعلمه عبر هنا بقوله يساقون وفي حديث أبي هريرة بلفظ يقادون والقود غير السوق، قال الخليل القود أن يكون الرجل أمام الدابة آخذ بقيادها، والسوق أن يكون خلفها اهـ (قلت) وعلى هذا يلزم التنافي بين العبارتين، ويجمع بينهما باحتمال الأمرين معا أو بعضهم يقادون وبعضهم يساقون والله أعلم (تخريجه) أورد الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني واحد إسنادي أحمد رجاله الصحيح اهـ (قلت) هو ماذكرته هنا،والإسناد الآخر فيه شيخ لم يسم ولذلك لم أذكره اكتفاءا بأصح الطريقين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا العباس بن الفضيل يعني ابن سليمان ثنا محمد بن أبي يحيى عن العباس بن سهل (غريبة) أي حينما كانوا يحفرون الخندق حوالي المدينة في غزوة الأحزاب، ويقال لها غزوة الخندق أيضا (وقوله فأخذ الكرزين) بكسر الكاف والزاي بينهما راء ساكنة أي الفأس والجمع كرازين يعني أسارى جمع نكل بكسر النون وسكون الكاف وهو القيد، فمعنى النكول القيود، ويجمع أيضا على أنكال كحمل وأحمال (تخريجه) أورده الهيثم وقال رواه أحمد والطبراني، إلا أنه قال يؤتى بهم إلى(1/213)
الجنة في كبول الحديد، وفي رواية عنده يساقون إلى الجنة وهم كارهون، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن أبي يحي الأسلمي وهو ثقة (باب)
@@@ -109-
قصة أسير بني عقيل ومفاداته برجلين من أسرى المسلمين
(عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله (ص) وأسر أصحاب رسول الله (ص) رجلا من بني عقيل وأصيب معه العضباء فأتى عليه رسول الله (ص) وهو في الوثائق ، فقال يا محمد يا محمد، قال ما شأنك فقال بم أخذتني، بم أخذت سابقة الحاج أعظاما لذلك؟ فقال أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف، ثم انصرف عنه فقال يا محمد يا محمد وكان رسول الله (ص) رحيما رفيقا فأتاه فقال ما شأنك؟ قال إني مسلم، قال لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ثم انصرف عنه فناداه يا محمد يا محمد ، فأتاه فقال ما شأنك؟ فقال إني جائع فأطعمني وظمآن فأسقني، قال هذه حاجتك قال ففدى بالرجل (عن عروة بن الزبير) عن عائشة رضي الله عنها قالت لما قسم رسول الله (ص) سبايا بني الملصق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أولا بن عم له وكاتبه على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لات يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله (ص) تستعينه في كتابتها قالت فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها(1/214)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل عن أيوب عن قلابة عن أبي المهلب عن عمران ابن حصين الخ (غريبة ) بضم العين المهملة وفتح القاف بخلاف عقيل الهاشمي فإنه بفتح المهملة وكسر القاف اسم ناقته أي أسرت معه ، ثم صارت بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الناقة وكانت من النوق العظيمة التي تسبق قافلة الحجاج (وقوله إعظاما لذلك ) الظاهر إنه من كلام الراوي يريد أن الرجل قال بم أخذتني بم أخذت سابقة الحاج إعظاما لهذا الأمر وإكبارا له الجريرة الجناية : قال في النهاية ومعنى ذلك أن ثقيفا لما نقضوا الموادعة التي بينهم وبين رسول الله (ص) ولم ينكر عليهم بنو عقيل صاروا مثلهم في نقض العهد قال النووي معناه لو قلت كلمة الإسلام لكنت فزت بالإسلام وبالسلامة من الأسر ومن اغتنام مالك، وأما إذا أسلمت بعد الأسر فيسقط الخيار في قتلك ويبقى الخيار بين الاسترقاق والمن والفداء أي من الطعام والشراب حاضرة يؤتى إليك بها الساعة (وقوله ففدى بالرجلين) هكذا في رواية مسلم أيضا، وفي رواية أبي داود ففودي الرجل بعد بالرجلين أي المسلمين اللذين أسرتهما ثقيف، وليس هذا آخر الحديث، وسيأتي بتمامه في باب لا وفاء لنذر في معصية الله من أبواب النذر (تخريجه (م د . وغيرهما ) ( سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن إسحاق قال حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير عن عائشة الخ (غريبة) بكسر اللام ويقال لها غزوة المريسيع بضم الميم وفتح الراء وسكون الياء التحتية وكسر السين المهملة وكانت سنة خمس على الصحيح من الأقوال بضم الميم وفتح الراء وسكون الياء التحتية الجمال وهذا البناء للمبالغة في الملاحة إنما كرهتها عائشة غيرة منها لأنها توقعت أن رسول الله (ص)
@@@ -110-
قصة اسر جويرية بنت الحارث وزواج النبي صلى الله عليه وسلم بها(1/215)
وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت، فدخلت عليه فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له ،فكاتبته على نفسي فجئتك على كتابتي قال فهل لك من خير من ذلك؟ قالت ما هو يا رسول الله؟ قال اقضي كتابتك وأتزوجك، قالت نعم يا رسول الله، قال قد فعلت قالت وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله (ص) تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس أصاهر رسول الله (ص) فأرسلوا ما بأيديهم، قالت فلقدا أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها (عن أبي رافع) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مستندا إلى ابن العباس وعنده ابن عمر وسعيد بن زيد رضي الله عنهم فقال اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئا ولم استخلف من بعدي أحدا: وأنه من أدرك وفاتى من سبي العرب فهو حر من مال الله عز وجل الحديث
(باب ما يفعله بالجاسوس إذا كان مسلما أو حربيا أو ذميا)
(عن علي رضي الله عنه) قال بعثني رسول الله (ص) والزبير والمقداد فقال انطلقوا(1/216)
إذا رآها تزوجها وقد حصل ما توقته روى الواقدي أنه كاتبها على تسع أوراق من الذهب بالضم على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي هم أصهار الخ وبالنصب بتقدير أرسلوا أو أعتقوا أصهار رسول الله (ص)أي اعتقوا ما بأيديهم من السبي إكراما لجويرية لأنها صارت من أمهات المؤمنين بالإضافة أي مائة طائفة كل واحدة منهن أهل بيت من بني المصطلق، وروى أنهم كانوا أكثر من سمعمائة (تخريجه) (د ك هق) وسنده جيد وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنان حماد بن سلمة عن علي رضي الله عنه في ميراثه ولم يقل فيه شيئا أي ما يمتلكه عمر من الرقيق الذين هم من سبي العرب: قال ذلك رضي الله عنه بعد ما طعن وهو على فراش الموت وهذا موضع الدلالة من الحديث حيث قد أثبت رقهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه على بن زيد وحديثه حسن وفيه ضعف (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو قال أخبرني حسين بن محمد بن علي أخبرني عبيد الله بن أبي رافع، وقال مرة أن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله (ص) الخ (غريبة) سبب بعثهم ذكره محمد بن إسحاق في السيرة قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من علما ثنا قال لما أجمع رسول الله (ص) السير إلى مكة (يعني لغزوة الفتح) كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله (ص) من الأمر في المسير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم
@@@ -111-
قصة حاطب بن أبي بلتعة وإرساله كتابا إلى كفار قريش يحذرهم من المسلمين(1/217)
حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظيعة، فقلنا أخرجي الكتاب، قالت ما معي من كتاب، قلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، قال فأخرجت الكتاب من عقاصها فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله (ص) فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله (ص) فقال رسول الله (ص)يا حاطب ما هذا؟ قال لا تعجل علي إني كنت أمرء ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله (ص) إنه قد صدقكم، فقال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا: وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل(1/218)
غيره أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب وجعل لها جعلا على أن تبلغه لقريش فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به ، وأتى رسول الله (ص)الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال أدركا امرأة قد كتبت معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم ، فخرجنا حتى أدركاها فذكر نحو حديث الباب ذكر ياقوت مائة وثلاثين روضة في بلاد العرب منها روضة خاخ، وهو موضع بين مكة والمدينة وهو بخاءين معجمتين بينهما ألف (و قوله ظعينة) بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة: وهي في الأصل المرأة ما دامت في الهودج: ثم جعلت المرأة المسافرة ظعينة سواء سافرت أم أقامت أصله تتعادى أي تجري حذفت إحدى التائية تخفيفا (وفي رواية أخرى للإمام أحمد أيضا) قال فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله (ص) تسيير على بعير لها: قال وكان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله (ص) فقلنا لها أين الكتاب الذي معك؟ قالت ما معي كتاب، فأنخنا بها بعير ها فابتغينا في رحلها فلم نجد فيه شيئا|، فقال صاحباي ما نرى معها كتابا، فقلت لقد علمتما ما كذب رسول الله (ص) ثم حلفت والذي أحلف به لئن لم تخرجي الكتاب لأجر دنك فأهوت إلى حجرتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة الحديث هو بكسر العين المهملة جمع عقيصة، وهي الشعر المضفور، وهذا ينافي ما في الرواية الأخرى للإمام أمد المتقدمة آنفا بلفظ فأهوت إلى حجرتها فأخرجت الصحيفة، ويقال في الجمع بينهما إن عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجرتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجرتها والله أعلم (الحجزة) بضم الحاء المهملة موضع شد الإزار أي بالحلف فقد (ولم أكن من أنفسها) بضم الفاء أي لم أكن من نفس قريش وأقربائهم إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله (ص) لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من ينسب إلى النفاق وظن أن من خالف رسول الله (ص) فيما أمر به(1/219)
استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك، ولهذا استأذن رسول الله (ص) في قتله وأطلق عليه منافقا لكونه
@@@ -112-
جواز قتل جاسوس العدو وإعطاء سلبه لقاتله
بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم (وفي لفظ) فقد وجبت لكم الجنة : فاغر ورقت عينا عمر رضي الله عنه و قال الله ورسوله أعلم (عن إياس بن سلمة) بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه قال نزل رسول الله (ص) منزلا فجاء عين المشركين و رسول الله (ص) وأصحابه يتصبحون فدعوه إلى طعامهم، فلما فرغ الرجل على راحلته وذهب مسرعا لينذر أصحابه قال فأدركته فأنخت راحلته وضربت عنقه فغنمني رسول الله (ص)سلبه (عن حارثة بن مضرب عن فرات بن حيان) أن النبي (ص) أمر بقتله وكان عينا لأبي سفيان وحليفا فمر بحلقه الأنصار فقال إني مسلم، قالوا يا رسول الله أنه يزعم أنه مسلم فقال أن منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان (باب أن الكافر إذا خرج إلينا مسلما فهو حر) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال رسول الله (ص) يعتق من جاءه من العبيد قبل مواليهم إذا أسلموا، وقد أعتق يوم الطائف رجلين (وعنه من طريق ثان) قال(1/220)
أبطن خلاف ما أظهره وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر أرشد إلى علة ترك قتله بأنه شهد بدرا الخ (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن يزيد قال ثنا عكرمة بن عمار قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع الخ (غريبة) كان ذلك في غزوة هوازن وغطفان كما صرح بذلك في حديث له تقدم في باب السلب للقاتل (وقوله فجاء عين المشركين) بإضافة عين إلى المشركين لأنه منهم أي جاسوس، وسمى الجاسوس عينا لأن عمله بعينه أو لشدة اهتمامه بالرؤية واستغراقه فيها كأن جميع بدنه صار عينا الاصطباح هنا أكل الصبوح وهو الغذاء، وفي حديثه السابق المشار إليه ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغذى قال فنظر في القوم فإذا ظهرهم فيه قلة وأكثرهم مشاة في رواية البخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم اطلبوه واقتلوه (تخريجه) (خ د وغيرهما) (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا بشر بن السري، قال أبو عبد الرحمن وحدثني أبو خيثمة ثنا بشر بن السري ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب الخ (غريبة) كان ذلك في غزوة الخندق فلما شعر به النبي (ص) أمر بقتله فقال إني مسلم: ثم أسلم وحسن إسلامه وهاجر إلى النبي (ص) ولم يزل يغزو معه إلى أن قبض النبي (ص) فنزل الكوفة وأقام بها رضي الله عنه يعني بعد أن أمر النبي (ص) بقتله كما في حديث الباب إنما قال ذلك رسول الله (ص) بعد أن علم صدق نية الرجل وإخلاصه بطريق الإلهام أو الوحي، وفي ذلك منقبة لفرات بن حيان رضي الله عنه (تخريجه) (د) وسنده عند الإمام أحمد جيد (باب ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبة) لم يسمعها وقد صرح في الطريق الثانية بأن أحدهما أبو بكرة وسيأتي الكلام عليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا
@@@-113-(1/221)
إذا التجأ عبد المحارب إلى المسلمين فهو حر- وإذا أسلم الحربي قبل القدرة عليه أحرز أمواله
حاصر رسول الله (ص) أهل الطائف فخرج إليه عبدان فأعتقهما أحدهما أبو بكرة وكان رسول الله (ص) يعتق العبيد إذا خرجوا إليه (وعنه من طريق ثالث) قال :قال رسول الله (ص) يوم الطائف من خرج إلينا من العبيد فهو حر، فخرج عبيد من العبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله (ص) (عنه من طريق رابع) قال أعتق رسول الله (ص) يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين (باب أن الحربي إذا أسلم قبل القدرة عليه أحرز أمواله وحكم الأرضين المغنومة) (عن صخر بن عيلة ) رضي الله عنه أن قوما من بني سليم فروا عن أرضهم فأخذتها فأسلموا فخاصموني فيها إلى النبي (ص) فردها عليهم وقال إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه (عن سليمان بن بريدة) عن أبيه بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) لهم ما أسلموا عليه من أرضهم ورقيقهم وماشيتهم وليس عليهم فيه إلا الصدفة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) أيما قرية(1/222)
عبد القدوس بن بكر بن خنيس ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال حاصر رسول الله (ص) الخ اسمه نفيع بن الحارث وكان مولى الحارث بن كلدة الثقفي فتدلى من حصن الطائف ببكرة فكنى أبا بكرة لذلك، أخرج لذلك الطبراني بسنده لا بأس به من حديث أبي بكرة قاله الحافظ أي إذا خرجوا إليه مسلمين (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا نصر بن باب عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) الخ جاء في صحيح البخاري أن أبا بكرة نزل إلى النبي (ص) ثالثة ثلاثة وعشرين من الطائف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا حجاج الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال أعتق الخ (تخريجه) (طب ش) وفي جميع طرقة عند الإمام أحمد الحجاج ابن أرطاة وهو ثقة لكنه مدلس، ورجال الطبراني رجال الصحيح (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أبن بن عبد الله البجلي حدثني عمومتي عن جدهم صخر بن عيلة الخ (عيلة) بفتح المهملة وسكون التحتية، ويقال أن عيلة اسم أمه: واسم أبيه عبد الله ابن ربيعة بن عمرو بن عامر بن أسلم بن أحمس البجلي الأحمسي قاله الحافظ في الإصابة (تخريجه) (د) بمعناه وقال فيه (فقال يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزو أموالهم ودمائهم) وفي سنده عند الإمام أحمد من لم يسم: وسنده عند أبي داود جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا موسى بن أعين عن ليث عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة الخ (غريبة) يعني أهل الذمة كما سيأتي تفسير ذلك في رواية البزار والطبراني (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط إلا أنهما قالا قال رسول الله (ص) في أهل الذمة (لهم ما أسلموا عليه) وفيه ليث بن سليم وقد وثق ولكنه مدلس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص)
(م 15- الفتح الرباني- ج 14 )
@@@ -114-(1/223)
بيان حكم الأرضين المغنومة وتقسيمها
أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم (عن زيد بن أسلم) عن أبيه قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول لئن عشت إلى هذا العام المقبل لا يفتح للناس قرية إلا قسمتها بينهم كما قسم رسول الله (ص) خيبر (عن بشير بن يسار) عن رجال من أصحاب النبي (ص) أدركهم يذكرون أن رسول الله (ص) حين ظهر على خيبر وصارت لرسول الله (ص) والمسلمين ضعف عن عملها فدفعوها إلى اليهود ويقومون عليها وينفقون عليها على أن لهم نصف ما خرج منها: فقسمها رسول الله (ص) على ستة وثلاثين سهما، جمع كل سهم مائة سهم، فجعل نصف ذلك كله للمسلمين وكان في ذلك النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله (ص) معها، وجعل النصف الآخر لمن ينزل عليه من الوفود والأمور ونوئب الناس (عن سفيان بن وهب) الخولاني قال لما افتتحنا مصر بغير عهد قام الزبير بن العوام رضي الله عنه فقال يا عمرو بن العاص أقسمها(1/224)
فذكر أحاديث، منها قال رسول الله (ص) أيما قرية الخ (غريبة) معناه إذا أتيتم قرية من قرى الكفار فدخلتموها بغير حرب بل صالحتم أهلها على مال (فسهمكم فبها) يعني ما أخذتم منهم يكون فيئا مصرفه جميع المسلمين (وأيما قرية عصت الله ورسوله) فحاربتموها وأخذتم من أهلها مالا (فإن خمسة لله ورسوله) ويقسم الباقي بينكم قسمة الغنيمة، وهذا معنى قوله ثم هي لكم (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال ثنا هشام يعني ابن سعد عن زيد بن أسلم الخ (غريبة) سيأتي بيان قسمة خيبر في الحديث التالي وهو قوله فقسمها رسول الله (ص) على ستة وثلاثين سهما الخ (تخريجه)(خ. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل قال حدثنا يحيى بن سعيد عن بشيرا بن يسار الخ (بشير) بضم أوله وفتح المعجمة (غريبة) أي غلب أهل خيبر وقهرهم ونصره الله عليهم يستفاد من هذا أن نصف خيبر فتح عنوة، والنصف الآخر فتح صلحا، فقسم رسول الله (ص) وهو الخمس، وجعل خراح النصف الآخر الذي فتح صلحا وقفا على مصالح المسلمين الخاصة والعامة، ويؤيد ذلك ما تقدم في حديث أبي هريرة، ويردون البلاد: واحدهم وافد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاء وانتجاع وغير ذلك (نه) (والنوائب) جمع نائبة وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عتاب ثنا عبد الله قال أخبرنا عبد الله بن عقبة وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة حدثني يزيد بن أبي حبيب عمن سمع عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول لما افتتحنا مصر الخ
@@@ -115-
تحريم الدم بالأمان وإنه لا يقتل مؤمن بكافر(1/225)
فقال عمرو لا أقسمها فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله (ص) خيبر ، قال عمرو والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إلى عمر رضي الله عنه، فكتب إليه عمر أن أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة (أبواب الأمان والصلح والمهادنة)
(باب تحريم الدم بالأمان وصحته من الواحد ذكرا كان أم أنثى) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال يوم فتح مكة من أغلق بابه فهو آمن ، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن (عن علي رضي الله عنه) عن النبي (ص) قال المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم هم يد على من سواهم ألا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال ذمة المسلمين واحدة يسعى(1/226)
(غريبة) الزبير كان يرى أنها فتحت عنوة فتقسم، وعمرو كان يرى أنها فتحت صلحا فلا تقسم وأن ذلك خاص بأمير المؤمنين وكتب إليه في ذلك حبل الحبلة بفتح الموحدة فيهما، والحبلة جمع حابل ككتبة وكاتب، وهي المرأة الحبلى، والمراد حتى يغزو ولد الجنين الذي في بطن أمه، أي ولد الولد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم، وفيه أيضا ابن لهيعة فيه كلام (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة الخ (غريبة) إنما قال (ص) ذلك إظهارا لشرف أبي سفيان بعد إسلامه: زاد مسلم (ومن ألقى السلاح فهو آمن) (تخريجه) (م. د وغيرهما) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الفصل الثاني من مناقب عللا رضي الله عنه في أبواب منقبه من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى (غريبة) أب تتساوى في القصاض والديات، والكفؤ النظير والمساوي، ومنه الكفاءة في النكاح، والمراد أنه لا فرق بين الشريف والوضيع في الدم بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من المفاضلة وعدم المساواة الذمة معناها العهد والأمان والضمان والحرمة والحق، وسمى المعاهد ذميا لدخوله في عهد المسلمين وأمانهم، والمعنى إذا أعطى المسلم أمانا أو عهدا للكافر المحارب جاز ذلك على جميع المسلمين: وظاهره سواء أكان المعطي (بكسر الطاء المهملة) رجلا أو امرأة حرا أو عبدا لإطلاق لفظ المؤمن ، وفي رواية (المسلمون) بدل (المؤمنون) وقد أجاز عمر أمان عبد على جميع الجيش، وأجارت أم هاني، رجلين من أهل مكة فقال لها النبي (ص) قد أجرنا من أجرت وسيأتي أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضا هو الرجل المحارب الذي أعطاه المسلمون عهدا بالأمان لا يجوز قتله في مدة الأمان إلا إذا نقض العهد (تخريجه) (ق د نس مذ ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معوية قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي(1/227)
صالح عن أبي هريرة عن النبي (ص )، قال من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا، والمدينة حرام فمن
@@@ -116-
صحة الأمان من الواحد سواء كان ذكرا أو أنثى
بها أدناهم ، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا (لا يزيد بن عبد الله) بن الشخير أن النبي (ص) كتب لبني زهير بن أقيس بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله (ص) لبني زهير بن أقيش إنكم آمنون بأمان الله وأمان رسوله الحديث (عن أبي أمامه) رضي الله عنه قال أجار رجل من المسلمين رجلا وعلى الجيش أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، فقال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله عنهما لا تجره وقال أبو عبيدة يجيره، سمعت رسول الله (ص) يقول يجير على المسلمين أحدهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال يجير على أمتي أدناهم (عن أبي مرة) مولى فأخته أم هاني بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من إحمائي فأدخلتهما بيتا وأغلقت عليهما بابا فجاء أين أمي علي بن أبي طالب فتفلت عليهما بالسيف، قالت فأتيت النبي (ص) فلم أجده ووجدت فاطمة، فكانت(1/228)
أحدث بها أو آوى محدثا فعلية لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا ، وذمة المسلمين واحدة الخ (غريبة) العدل الفدية وقيل الفريضة (والصرف)التوبة وقيل النافلة (تخريجه) (م. وغيره) هذا مختصر من حديث طويل تقدم سنده وشرحه في باب ما جاء في الصفى الذي كان لرسول الله (ص) رقم 242 صحيفة 78(غريبة ) لفظ أبي داود أنكم إن شهدتم أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمتم الصلاة الخ (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن عمر ثنا إسرائيل عن الحجاج بن أرطاة عن الوليد بن أبي مالك عن القاسم عن أبي أمامه الحديث (تخريجه) (ش) وفي إسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام، ويؤيده حديث أبي هريرة الآتي بعده، وروى نحوه الإمام أحمد أيضا عن أبي أمامه من مسنده (أي مسند أبي أمامه) قال سمعت رسول الله (ص) يقول : يجير على المسلمين بعضهم ورواه الطبراني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الخزاعي قال ثنا سليمان بن بدال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (د ك عل) ولفظ أبي يعلى يجير على المسلمين أدناه وسنده جيد وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا وكيع قال ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي مرة الخ (غريبة) لم تصرح هنا باسم أحد منهما، وفي البخاري قال أبو العباس بن سريج هما جعدة بن هبيرة ورجل آخر من بني مخزوم ، وكانا فيمن قاتل خالد بن الوليد ولم يقبلا الأمان فأجارتهما أم هانئ وكانا من أحمائها (أي أقارب زوجها) إنما نسبته إلى أمها مع أنه شقيقها تأكيدا لحرمة القرابة والمشاركة في البطن كما قال هارون لموسى (يا بن آدم لا تأخذ بلحيتي) أي تعرض لهما بالسيف ولم يقبل جواري لهما
@@@ -117-
الوفاء بالعهد والتشديد في الغدر(1/229)
أشد من زوجها، قالت فجاء النبي (ص) وعليه أثر الغبار فأخبرته فقال يا أم هانئ قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت (باب الوفاء بالعهد وعدم الغدر بمن عنده أمان)
(عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبى حسيل فأخذنا كفار قريش فقالوا إنكم تريدون محمدا؟ قلنا ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصر فن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله (ص) فأخبرناه الخبر فقال انصرفنا ففي بعهدهم ونستعين الله عليهم (عن سليم ابن عامر) قال كان معاوية رضي الله عنه يسير بأرض الروم وكان بينهم وبينه أمد فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر إن رسول الله (ص) قال من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها حتى ينقضى أمدها أو ينبذ إليهم على سواء، فبلغ ذلك معاوية فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة رضي الله تبارك وتعالى عنه(1/230)
أي غبار السفر (تخريجه) (ق والأربعة) وله طرق كثيرة والألفاظ مختلفة (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع ثنا أبو الطفيل ثنا حذيفة بن اليمان الخ (غريبة ) حسيل بحاء مضمومة ثم سين مفتوحة مهملتين ثم ياء تحتية ثم لام، ويقال له أيضا حسل بكسر الحاء وإسكان السين وهو والد حد ضيفة، واليمان لقب لحسيل أفاده النووي إنما قالا ذلك تقية والحقيقة أنهما كان يريدان النبي (ص) ، وفيه جواز الكذب في الحرب أي ولا نقاتل مع النبي (ص) ضد المشركين في غزوة بدر إنما أمرهم النبي (ص) بالانصراف لئلا يشيع عنه وعن أصحابه نقض العهد وإن كان في مثل هذه القضية لا يلزمهم الوفاء لأنه يترتب عليه ترك الجهاد في سبيل الله (تخريجه) (م وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي الفيض عن سليم بن عامر الخ (غريبة) أي عهد إلى وقت مهود (وقوله فأراد أن يدنو منهم ) معناه أنه أراد أن يكون قريبا من بلادهم في مدة العهد قبل انقضائه حتى إذا انقض عليهم وغزاهم بدون مشقة ولا كلفة كبيرة أي ليكن منكم وفاء لا غدر يريد أنه لا يجوز السير إليهم قبل انقضاء المدة لأن ذلك يعد غدرا إلا إذا عليم منهم الخيانة فله حينئذ أن يسير أليهم على غفلة منهم استعار عقدة الحبل لما يقع بين المسلمين من المعاهدة ونهي عن حلها أي نقضها وشدها أي تأكيدها بشيء لم يقع التصالح عليه بل الواجب الوفاء بها على الصفقة التي كان وقوعها عليها بلا زيادة ولا نقصان النبذ في أصل اللغة الطرح أي أطرح عهدهم (ومعنى على سواء) أي أعلمهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم حتى تكون أنت وهم في العلم بنقض العهد سواء (تخريجه) (د نس مذ حب) وقال الترمذي
@@@ -118-
لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له(1/231)
(عن عمرو بن الحارث) أن بكير بن عبد الله حدثه عن الحسن بن علي بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال بعثتني قريش إلى النبي (ص) قال فلما رأيت النبي (ص) وقع في قلبي الإسلام فقلت يا رسول الله لا أرجع إليهم، قال إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد، ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع، قال بكير وأخبرني الحسن أنم أبا رافع كان قبطيا (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال، ما خطبنا رسول الله (ص) إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له (عن أبلي بكرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من قتل نفسا معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يجد ريحها(1/232)
هذا حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث الخ (غريبة) الظاهر أن قريشا بعثته برسالة إلى النبي (ص) ليأتيهم بجوابها كما يدل على ذلك سياق الحديث بالخاء المعجمة والسين المهملة بينهما مثناة تحتية لا انقض العهد يقال خاس بعهده أو بوعده إذا أخلفه، قال الطيبي المراد بالعهد هنا العادة الجارية المتعارفة بين الناس من أن الرسل لا يتعرض لهم بمكروه (وقوله ولا احبس ) بالحاء المهملة بعدها موحدة ( والبرد) بضم الموحدة والراء جمع بريد وهو الرسول، وإنما لم يحبسه (ص) لاقتضاء الرسالة جوابا على وفق مدعاهم بلسان من استأمنوه إنما أمره (ص) بالرجوع لأنه كما حمل تبليغ الجواب لزمه القيام بكلا الأمرين فيصير برفض بعض ما لزمه موسوما بسمة الغدر، وكان نبي الله (ص) أبعد الناس عن قبول ذلك يعني الإسلام فارجع، وزاد أبو داود بعد قوله فارجع (قال فذهبت ثم أتيت النبي (ص) فأسلمت) (تخريجه) (د نس) وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) جملة القول في هذا الحديث إن الأمانة والعهد يرجعان إلى طاعة الله عز وجل في أداء حقوقه وحقوق عباده كأنه لا إيمان ولا دين لمن لا يفي بعهد ميثاقه ولا يؤدي أمانته بعد حملها، وهي التكاليف من أمر ونهي والله أعلم (تخريجه) (حب) قال البيهقي سنده قوي ، وأخرجه أيضا أبو يعلى والبغوي والبيهقي في الشعب عن أنس أيضا قال قلما خطبنا رسول الله (ص) إلا قال ذلك، قال العلائى فيه أبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسي وثقه الجمهور وتكلم فيه البخاري والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا وكيع ثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحكم بن الأعرج عن الأشعث بن ثرملة عن أبي بكرة الخ (غريبة) أي بغير حق شرعي يوجب القتل قبل انتهاء مدة المعاهدة (وقوله حرم الله عليه الجنة) أي ما دام(1/233)
ملطخا بذنبه ذلك فإذا طهر بالنار صار إلى الجنة (تخريجه) (د نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي ، وأخرج نحوه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: وسيأتي في باب تحريم قتل المعاهد من كتاب
@@@ -119-
لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده
(عن عمرو بن شعيب ) عن أبيه عن جده أن النبي (ص) قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده (عن ابن عمر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) عند حجرة عائشة يقول ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامة (وعن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه عن النبي (ص) نحوه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه قال لكل غادر لواء ويقال هذه غدرة فلان
(باب موادعة المشركين ومصالحتهم بالمال وعيره)
(عن عمر ابن الخطاب) رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى(1/234)
القتل والجنايات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا خليفة بن خياط عن عمرو ابن شعيب الخ (تخريجه) (د مذ جه) وسنده جيد ، وأخرج البخاري نحوه من حديث على رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن زيد عن بشر بن حرب سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله (ص) الخ (غريبة) الغادر هو تارك الوفاء وناقص العهد ينصب الله له يركز لأجل فضحه وكشف عيبه لواء أي علما قائما بقدر غدره (قال النووي) كانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة لغدرة الغادر لتشهيره بذلك فيه تحريم الغدر مطلقا والتغليظ فيه إذا كان من صاحب الولاية العامة لأن غدرة يتعدى ضرره إلى خلق كثير : قال النووي والمشهوران هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا المستمر ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله (ص) لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته، إلا ولا غادر أعظم من غدرة أمير عامة (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد ثنا شعبة عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما) وروى الإمام أحمد ومسلم مثله عن أبي سعيد بزيادة (عند أسته) بعد قوله (يعرف به) والمراد بالأست هنا العجز أو حلقة الدبر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود أنا شعبة عن الأعمش سمع أبا وائل يحدث عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) أي زيادة على فضيحته بنصب اللواء، يقال هذه غدرة فلان باسمه ليعرفه الناس وينتبهوا إليه مبالغة في فضيحته نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أخرجه أبو داود الطياليسي في مسنده وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) الإجلاء الإخراج عن المال والوطن على وجه الإزعاج والكراهة ، وإنما أجلاهم عمر رضي الله عنه من أرض الحجاز لما(1/235)
وجد
@@@ -120-
إخراج اليهود من جزيرة العرب- وما جاء في الشروط مع الكفار
أرض الحجاز وكان رسول الله (ص) لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله تعالى ولرسوله (ص) والمسلمين فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله (ص) أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله (ص) نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحا
(باب فيما يجوز من الشروط مع الكفار ومدة المهادنة وغير ذلك) (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال لما صالح رسول الله (ص) أهل الحديبية كتب علي رضي الله عنه كتابا بينهم وقال فكتب محمد رسول الله، فقال المشركون لا تكتب محمد رسول الله ، ولو كنت رسول الله لم نقاتلك، قال فقال لعلي امحه، فقال ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول الله (ص) بيده، قال وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام ولا يدخلوها إلا بجلبان السيوف : فسألت ما جلبان السيوف؟ قال القراب بما فيه ( وعنه طريق ثان) قال وادع رسول الله(1/236)
منهم من الغدر وسوء النية، فمن غدرهم أنهم ألقوا ابن عمر رضي الله عنهما من فوق بيت ففدعوا يديه، (الفدع) بالتحريك زيغ بين القدم وبين عظم الساق وكذلك في اليد (يعني زيغا في الكف بينها وبين الساعد) أن تزول المفاصل عن أماكنها، ورجل أفدع بين الفدع (نه) في رواية أخرى نقركم ما أقركم بفتح التاء وسكون الياء التحتية ممدودا بلدة صغيرة في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق (وأريحا) بالفتح ثم الكسر وياء تحتية ساكنة ثم حاء مهملة مقصورا، هي مدينة الجبار ينفي الغور من أرض الأردن بالشام، بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الراء بن عازب الخ (غريبة) هكذا في الأصل (ما أنا بالذي أمحاه) ومثله عند مسلم (قال النووي) هكذا هو في جميع النسخ بالذي أمحاه وهي لغة في أمحوه، وهذا الذي فعله علي من باب الأدب المستحب لأنه لم يفهم من النبي (ص) تحتيم محو على بنفسه ولهذا لم ينكر عليه، ولو حتم محوه بنفسه لم يجز لعلى تركه ولما أقره النبي (ص) على المخالفة يعني مكة من العام المقبل كما صرح بذلك في الطريق الثانية بضم الجيم وسكون اللام (وقوله فسألت ما جلبان السيوف) القائل هو شعبة أحد رجال السند والمسئول أبو إسحاق شيخه، وقد فسر أبو إسحاق الجلبان بالقراب بكسر القاف وهو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا سفيان عن أبي إسحاق الجلبان بالقراب بكسر القاف وهو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن البراء ابن عازب قال وادع الخ (غريبة) الموادعة معناها المسالمة على ترك الحرب والأذى ، يقال توادع الفريقان(1/237)
إذا أعطى كل واحد منهما الآخر عهدا أن لا يغزوه، وحقيقة الموادعة
@@@-221-
ذكر شيء من صلح الحديبية
(ص) المشركين يوم الحديبية على ثلاث، من أتاهم من عند النبي (ص) لن يردوه، ومن أتى إلينا منهم ردوه إليهم، وعلى أن يجيء النبي (ص) من العام المقبل وأصحابه فيدخلون مكة معتمرين فلا يقيمون إلا ثلاثا ولا يدخلون إلا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن قريشا صالحوا النبي (ص) فيهم سهيل بن عمرو فقال النبي (ص) لعلي أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل أما بسم الله الرحمن الرحيم فلا ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن أكتب ما نعرفه باسمك اللهم، فقال أكتب من محمد رسول الله ، قالوا لو علمنا أنك رسول الله لا تبعناك ولكن أكتب باسمك واسم أبيه، فقال النبي أكتب من محمد بن عبد الله واشترطوا على النبي (ص) أن من جاء منكم لم نرده عليكم/ ومن جاء منا رددتموه علينا، فقال يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال نعم إنه من ذهب منا إليكم فأبعده الله (عن ذي مخمر) رجل من أصحاب النبي (ص) قال سمعت النبي (ص) يقول سيصالحكم الروم صلحا آمنا ثم تغزون أنتم وهم عدوا فتنصرون وتسلمون(1/238)
المتركة أي أن يدع كل واحد من الفريقين ما هو فيه إنما قبل النبي (ص) هذه الشروط التي ظاهرها غبن المسلمين لأن الله عز وجل أطلعه أن فيها مصلحة وإن الله ناصره لا محالة، ولذلك لما عارض عمر كما في حديث المسور ومروان (وسيأتي إن شاء الله تعالى في صلح الحديبية ) قال له النبي (ص) يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله عز وجل (تخريجه)(ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبة) قال العلماء وافقهم النبي (ص) في ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وأنه كتب باسمك اللهم، وكذا وافقهم في محمد بن عبد الله وترك كتابة رسول الله ، وكذا وافقهم في رد من جاء منهم ألينا دون من ذهب منا إليهم، وإنما وافقهم في هذه الأمور المصلحة الحاصلة بالصلح، علم ذلك (ص) بطريق الوحي كما تقدم، وجاء في حديث طويل عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم عن الإمام أحمد أيضا وسيأتي بطوله في صلح الحديبية أن سهيل بن عمرة قال أكتب هذا ما أصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو وعلي وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى رسول الله (ص) بغير إذن وليه رده إليهم، ومن أتى قريشا ممن مع رسول الله (ص) لم يرده عليه الخ بين النبي (ص) الحكمة في ذلك فقال من ذهب منا إليهم فأبعده الله أي لأنه لا خير فيه، زاد مسلم (ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا: ثم كان كما قال (ص) فجعل الله الذين جاءوا للنبي (ص) وردهم إليهم فرجا ومخرجا، وهذا من معجزاته (ص)(تخريجه)(ق. وغيرهما) بوزن منبر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن خالد بن معدان عن ذي مخمر الخ (غريبة) أي ذا أمكن فالصيغة للنسبة، أو جعل آمنا على النسبة المجازية (وقوله ثم تغزون أنتم
(م 16- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -122-
الدليل على أخذ الجزية من المجوس(1/239)
وتغنمون ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيرفع رجل من النصرانية صليبا فيقول غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدقه فعند ذلك تغدر الروم ويجتمعون للملحمة وقال روح مرة وتسلمون وتغنمون وتقيمون ثم تنصرفون
(باب أخذ الجزية من الكفار) وقوله عز وجل (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (عن بجالة التميمي) قال لم يرد عمر أن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (ص) أخذها من مجوس هجر (عن عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه قال لما خرج المجوسي من عند رسول الله (ص) سألته فأخبرني أن النبي (ص) خيره بين الجزية(1/240)
وهم عدوا: أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم، أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم بالانفراد والأول أظهر والله أعلم بفتح الميم وسكون الراء آخره جيم الموضع الذي ترعى فيه الدواب (والتلول) بوزن الغلول كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل عبر بالصليب عن دين النصارى قصدا لإبطال الصلح أو لمجرد الإ‘فتخار وإيقاع المسلمين في الغيظ أي يضربه فيهشمه، قال في القاموس دقه كسره أو ضربه فهشمه فاندلق هو موضع القتال ويطلق على القتال والفتنة أيضا (وقوله وقال روح) بفتح الراء وسكون الواو هو أحد مشايخ الإمام أحمد الذي روى عنه هذا الحديث، يعني أنه أنه قال في مرة أخرى وتقيمون الخ بزيادة تقيمون التي تقيمون التي لم يذكرها في الرواية الأولى والله أعلم (تخريجه)(د جه) وسنده جيد (باب) الجزية من جزأت الشيء إذا قسمته ثم سهلت الهمزة، وقيل من الجزاء أي لأنها جزاء تركهم ببلاد الاسلام أو من الإجزاء لأنها تكفي من توضع عليه في عصمة دمه بقية الآية) ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتو الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد) أي حال كونهم منقادين أو بأيديهم لا يوكلون بها (وهم صاغرون) أي أذلاء منقادون لحكم الاسلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جرير أخبرني عمرو بن دينار عن بجالة التميمي الخ (غريبة)إنما لم يرد عمر أخذها من المجوس عملا بظاهر الآية لأنها تختص بأهل الكتاب ولم يكن بلغه عن النبي شيء في غيرهم، فلما بلغه من عبد الرحمن بن عوف أن النبي (ص) أخذها من مجوس هجر أمر بأخذها من المجوس قال في القاموس هجر محركة بلد باليمين بينه وبين عثر يوم وليلة مذكر مصروف وقد يؤنث ويمنع، واسم لجميع البحرين، وقرية كانت قرب المدينة ينسب إليها التلال، وتنسب إلى هجر اليمين (تخريجه)(خ د مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني(1/241)
سليمان بن موسى بن موسى عن عبد الرحمن بن عوف الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده
@@@ -123-
تؤخذ الجزية من المجوس كما تؤخذ من أهل الكتاب
والقتل فاختار الجزية (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مرض أبو طالب فأتته قريش وأتاه رسول الله (ص) يعوده وعنده رأسه مقعد رجل فقام أبو جهل فقعد فيه، فقالوا إن ابن أخيك يقع في آلهتنا، قال ما شأن قومك يشكونك؟ قال يا عم أريدهم على كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدي العجم إليهم الجزية: قال كما هي؟ قال لا إله إلا الله فقاموا فقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا، قال ونزل (ص والقرآن ذي الذكر) فقرأ حتى بلغ (أن هذا الشيء عجاب) (عن عروة بن الزبير) أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف وهو حليف بني عامر بن لئي وكان شهد بدرا مع رسول الله (ص) أخبره أن رسول الله (ص) بعث أبا عبيدة ابن الراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله (ص) هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدومه فوافت صلاة الفجر مع رسول الله (ص) حين رآهم فقال أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء وجاء بشيء قالوا أجل يا رسول الله قال أبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم(1/242)
الهيثمي وقال رواه أحمد، وسليمان بن موسى لم يدرك عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن سفيان حدثني سليمان يعني الأعمش عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) أي مع محمد رسول الله كما يستفاد من روايات أخرى أي كيف يحملنا محمد على ترك الآلهة المتعددة إلى إله واحد، وكيف يسمع الخلق كلهم أنه واحد، وهذا من فرط جهلهم وتكبرهم وعنادهم جاء في الأصل بعد قوله أن هذا لشيء عجاب) قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) قال أبي وثنا أبو أسامة ثنا الأعمش ثنا عباد فذكر نحوه، وقال أبي قال الأشجعي يحيى بن عباد اهـ يعني بدل قوله في السند يحيى بن عمارة (قال في التقريب) يحيى بن عمارة ويقال ابن عباد اهـ (تخريجه)(نس مذ ك) وصححه الترمذي والحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي صالح قال ابن شهاب أخبرني عروة ابن الزبير أن المسور بن مخرمة الخ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث حيث كان أهل البحرين إذ ذاك مجوسا، وقد استدل به على أن الجزية تؤخذ من المجوس كما تؤخذ من أهل الكتاب أي سألوه بالإشارة قال الأخفش (أجل) في المعنى مثل نعم، لكن نعم يحسن أن تقال جواب الاستفهام، وأجل أحسن من نعم في التصديق من التأميل وهو أمر معناه الإخبار بحصول المقصود، وفيه البشرى من الإمام لأتباعه وتوسيع أملهم منه بحذف الإحدى التاءين تخفيفا وأصله فتتنافسوها من التنافس وهو الرغبة في الشيء والانفراد به
@@@-124-
أخذ الجزية من أهل الكتاب وليس على مسلم جزية
كما ألهتهم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله (ص) لا تصلح قبلتان في أرض، وليس على مسلم جزية (عن أبي أمية) رجل من بني تغلب أنه سمع النبي (ص) يقول ليس على المسلمين عشور إنما العشور على اليهود والنصارى
(أبواب السبق والرمي)(1/243)
(باب مشروعية السبق وآدابه وما يجوز المسابقة عليه بعوض) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) لا سبق إلا في خف او حافر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال سبق رسول الله (ص) بين الخيل فأرسل ما ضمر منهما من
وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه رواية الشيخين (وتهلكهم كما أهلكتهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة) أي لا يستقيم دينان بأرض واحدة على سبيل المعادلة، فعلى المسلم أن لا يقيم بين أظهر الكفار وإن لا يجلب لنفسه الصغار بقبول الجزية لهم، والذي يخالف الإسلام إنما يمكن من الإقامة في بلاد الإسلام بقبول الجزية، فيكون قبلته موضوعة لا مرفوعة معادلة قال أبو داود عقب إخراج هذا الحديث: حدثنا محمد بن كثير قال سئل سفيان عن تفسير هذا (يعني قوله وليس على المسلم جزية) فقال إذا أسلم فلا جزية اهـ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده موثقون، قال المنذري وأخرجه الترمذي وذكر أنه روى عن أبي ظبيان عن النبي (ص) مرسلا اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن حرب بن هلال الثقفي عن أبي أمية الخ (غريبة)هي جمع عشر وهو واحد من عشرة، أي ليس عليهم غير الجزية (تخريجه) قال البخاري في التاريخ ؟اضطرب الرواة فيه (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أبرنا محمد بن عمر عن الحكم مولى الليثين عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتحتين ويروي بسكون الموحدة: قال في النهاية السبق بفتح الباء ما يجعل من المال هنا على المسابقة وبالسكون مصدر سبقت أسبق سبقا، وقال الخطابي الرواية الصحيحة بفتح الباء اهـ أي إلا في ذي خف كالإبل والفيل أو ذي حافر كالخيل والحمير زاد أبو داود (أو نصل) يعني الرمي بالسهام ونحوها والمعنى لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة وهي الإبل والخيل والسهام، وقد الحق بها الفقهاء ما(1/244)
كان بمعناها (تخريجه)(حب. والأربعة) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) بضم الضاد المعجمة وكسر الميم المشددة، قال الحافظ السيوطي الإضمار أن تعلف الفرس حتى تسمن وتقوى ثم يقلل علفها بقدر القوت وتدخل بيتا وتغشى بالجلال حتى تحمي وتعرق فإذا جف عرقها خف لحمها
@@@-125-
تضمير الخيل للسباق وما يجوز المسابقة عليه بعوض
الحيفاء أنو الحفياء إلى ثنية الوداع، وأرسل ما لم يضمر منها من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، قال عبد الله فكنت فارسا يومئذ فسبقت الناس طفف بي الفرس مسجد بني زريق (وعنه أيضا) قال سبق النبي (ص) بين الخيل وأعطى السابق (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله (ص) سبق الخيل وفضل القرح في الغاية (عن أبي لبيد) لمازة بن زبار قال أرسلت الخيل زمن الحجاج فقلنا لو أتينا الرهان قال فأتيناه(1/245)
وقويت على الجري اهـ قيل يفعل ذلك أربعين يوما، والجلال جمع جل وهو الفرس كالثوب للإنسان يلبسه إياه ليقيه البرد أو للشك من الراوي والحيفاء بحاء مهملة وفاء ساكنة، وبالمد والقصر مكان خارج المدينة، قال اللحازمي في المؤتلف ويقال فيها أيضا الحيفاء بتقديم الياء على الفاء والمشهور المعروف في كتب الحديث وغيرها الحيفاء اه وفي صحيح البخاري قال سفيان (يعني الثوري) بين الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن ثنية الوداع إلى المسجد بني زريق ميل (والثنية) بفتح المثلثة وكسر النون وتشديد التحتية أعلى الجبل أو الطريق فيه (والوداع) بفتح الواو، والمراد هنا مكان خارج المدينة سمي بذلك لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليه بتقديم الزاي المضمومة على الراء، أخره قاف مصغرا، قبيلة من الأنصار وأضيف إليهم لصلاتهم فيه، فالإضافة تعريف لا ملك بطاء مهملة مفتوحة ثم فاءين أولاهما مشددة، أي وثب إلى المسجد وكان جداره قصيرا، وهذا بعد مجاوزته لغاية وهي المسجد (تخريجه) (ق. والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قراد أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال سبق النبي (ص) الخ (غريبة)بفتح السين المهملة وتشديد الموحدة بعدها قاف أي أمر أو أباح المسابقة أي أعطاه جعلا في نظير سبقه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (ص) الخ أي جعل شيئا مرهونا يعطيه للسابق كما تقدم في الطريق الأولى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد باسنا دين رجال أحدهما ثقات اهـ (قلت) هو هذا، وأخرجه أيضا ابن أبي عاصم في حديث نافع عن ابن عمر وقوى إسناده الحافظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عقبة أبو مسعود المجلد ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) بضم القاف وتشديد الراء مفتوحة جمع قارح، وهو الذي دخل في السنة الخامسة من الخيل (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود(1/246)
والمنذري وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا سعيد ابن زيد ثنا الزبير بن خريث ثنا أبو لبيد لمازة بن زبان الخ (لمازة) بكسر اللام وتخفيف الميم وبالزاي (ابن زبار) بفتح الزاي وتثقيل الموحدة وآخره راء الأزدي الجهضمي أبو لبيد البصري صدوق روى عن عمر وعلى وعنه الزبير بن الخريت ويعلى بن حكيم وغيرهما وثقه ابن سعد وابن حبان (غريبة) أي مكان السبق
@@@-126-
جواز أخذ الرهان على السياق المشروع
ثم قلنا لو أتينا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه فسألناه هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله (ص) قال فأتياه فسألناه فقال نعم، لقد راهن على فرس له يقال له سبحة فسبق الناس فهش لذلك وأعجبه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن العضباء كانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها الأعرابي فكأن ذلك اشتد على أصحاب رسول الله (ص) أن حقا على الله عز وجل أن لا يرفع شيئا من هذه الدنيال إلا وضعه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس به، ومن أدخل فرسا بين فرسين قد أمن أن يسبق فهو قمار (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال لا جلب(1/247)
جاء في رواية الدارمي أكان رسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يراهن؟ قال نعم: الحديث بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها حاء مهملة، هو من قولهم فرس سباح إذا كان حسن مد اليدين في الجري (وقوله فهش) بهاء ثم شين معجمه أي تبتسم وارتاح لذلكـ، يقال هش الرجل هشاشة إذا تبسم وارتاح من بابي تعب وضرب (تخريجه) (مى قط هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد قال أنا ثابت عن أنس الخ (غريبة) هو اسم ناقة كانت لرسول الله (ص) وهو علم لها منقول من قولهم ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن ولم تكن مشقوقة الأذن، وقيل كانت مشقوقة والأول أكثر، وقال الزمخشري هو منقول من قولهم ناقة عضباء وهي القصيرة اليد بفتح القاف وهو ما استحق الركوب من الإبل: وقال الجوهري هو البكر حتى يركب وأقل ذلك أن يكون ابن سنتين إلى أن يدخل في السادسة يسمى جملا فيه التزهيد في الدنيا للإشارة إلى أن كل شيء منها لا يرتفع إلا اتضع: وفيه حسن خلق النبي(ص) وتواضعه: وفيه جواز المسابقة على الإبل كالخيل (تخريجه)( خ نس وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن أدخل فرسا بين فرسين يريد المسابقة معهما وكانت هذه المسابقة على رهان أي جعل من صاحبي الفرسين المذكورين ويحتمل أن يكون سابقا أو مسبوقا (فلا بأس به) أي لا بأس بالدخول وأخذ الرهان إن سبق فرسه أي إذا علم أن فرسه سابق غير مسبوق لمزية يعرفها فيه (فهو قمار) أي لا يجوز له أخذ الرهان لأنه قمار (تخريجه) (د جه ك هق) وصححه الحاكم وابن حزم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قراد أبو نوح أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) الجلب محرك جمع جلبة وهي الأصوات وأجلب عليه صاح به واستحثه والمراد به في سباق الخيل أن يأتي برجل يجلب(1/248)
على فرسه أي
@@@-127-
ما جاء في المسابقة على الأقدام
ولا جنب ولا شغار في الإسلام (عن عمران بن حصين) أن رسول الله (ص) قال لا جلب ولا جنب ولا شغار (باب ما جاء في المسابقة على الأقدام) (عن عبد الله بن الحارث) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يصف عبد الله وعبيد الله من بني العباس ثم يقول من سبق إلى فله كذا وكذا قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم (عن عائشة) رضي الله عنها قالت سابقني النبي (ص) فسبقه فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني فقال هذه بتلك (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه في قصة رجوعهم من غزوة ذي قرد إلى المدينة قال فلما كان بيننا وبينها (يعني المدينة) قريبا من ضحوة وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي هل من مسابق ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله (ص) مردفي، قلت له أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا قال لا، ألا رسول الله (ص) قال قلت يا رسول الله بأبي أنت(1/249)
يصيح به ويزجره حثا له على الجري حتى يسبق (ولا جنب) محرك أيضا وهو في السباق أن يجنب فرسا إلى فرسه الضي يسابق عليه فإذا فتر المركوب تحول إليه بشين مكسورة وغين معجمتين هو نكاح معروف في الجاهلية كان الرجل يزوج ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق، وسيأتي الكلام عليه في بابه في كتابه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن عمر لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات، يشهد له حديث عمران بن حصين الآتي بعده(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي قزعة عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (تخريجه) أخرجه الثلاثة وابن حبان وصححه (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبة) يعني ابني عمه العباس وهما صغيران يريد بذلك ملاطفتهما وتشجيعهما على الجري فيه استحباب ملاطفة الصغير وتقبيله لا سيما إذا كان من الأقارب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه يزيد بن أبي زياد وفيه لين، وقال أبو داود لا أعلم أحدا ترك حديثه وغيره أحب إلى منه، وروى له مسلم مقرونا والبخاري تعليقا وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) كان ذلك في ابتداء أمرها وهي صغيره قبل أن يغشاها اللحم فيه ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها وجواز مسابقتها بقصد المزح والملاعبة وإدخال السرور عليها، وهذا من مكارم أخلاقه (ص) (تخريجه)(د نس جه) وصححه الحافظ العراقي هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في باب غزوة ذي قرد من كتاب السيرة النبوية وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره (غريبة) بفتح القاف والراء وبالدال المهملة وهو ماء
@@@-128-
الحث على الرمي بالسهام والتدريب على آلات الحرب(1/250)
وأمي خلتى فلا سابق الرجل؟ قال إن شئت ، قلت اذهب إليك، فظفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني ربطت عليها شرفا أو شرفين يعني استبقيت نفسي ثم إني عدت حتى ألحقه فاصك بين كتفيه بيدي قلت سبقتك والله أو كلمة نحوها، قال فضحك وقال أنا أظن حتى قدمنا المدينة
(باب الرمي بالسهام وفضله والحث عليه واللعب بالحراب ونحو ذلك)
(عن سلمة بن الاكوع) رضي الله عنه قال خرج رسول الله (ص) على قوم من أسلم وهم يتناضلون في السوق فقال ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع بني فلان لأحد الفريقين فأمسكوا أيديهم فقال ارموا: قالوا يا رسول الله كيف نرمي وأنت مع بني فلان قال ارموا وأنا معكم كلكم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مر النبي (ص) ينفر يرمون فقال رميا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله عز وجل
على نحو يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان بفتحات إليك اسم فعل أمر بعنى تنح والمعنى إذهب إلى المسابقة وتنح عن راحلته (وقوله فطفر) بفتح الطاء المهملة والفاء أي وثب وقفز حبست نفسي عن الجري الشديد (والشرف) بفتح الشين المعجمة والراء ما ارتفع من الأرض (وقوله استبقيت نفسي) بفتح الفاء أي لئلا ينقطع من شدة الجري حتى هنا للتعليل بمعنى كي والحق منصوب بأن مضمرة بعدها (وقوله فاصك) مضارع بمعنى الماضي أي فصككته بين كتفيه أي أظن ذلك حذف مفعول للعلم به والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه)(م وغيره)(1/251)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن زيد بن أبي عبيد قال حدثني سلمة بن الأكوع الخ (غريبة) بالضاد المعجمة أي يترامون والتناضل الترامي للسبق (وقوله في السوق) بضم السين المهملة وهو معروف، وقيل اسم موضع ذكره الطيبي يعني إسماعيل ابن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام لأنهم من العرب، فقد روى ابن سعد بسنده عن علي بن رياح قال قال رسول الله (ص) كل العرب من ولد إسماعيل بكسر اللام، ووقع في رواية عروة عروة عند البخاري وأنا مع جماعتكم، والمراد بالمعية معية القصد (تخريجه) (خ قط) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه الإمام أحمد ورجاله ثقات(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وسريج قالا ثنا ابن وهب أخبرني عمر بن الحارث عن أبي علي عن عقبة بن عامر الخ (غريبة) هكذا جاء عند الإمام أحمد ومسلم ستفتح عليكم أرضون، ولكن جاء في المشكاة
@@@ -129-
القوة لمواجهة العدو هي الاستعداد لآلات الحرب والتدريب عليها
فلا يعجز أحدكم أن يلهو بسهمه (وعنه أيضا) قال سمعت رسول الله (ص) يقول وهو على المنبر (وأعدوا لهم ما |استطعتم من قوة ) ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي (عن عبه الله بن الأزرق) عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله (ص) إن الله عز وجل يدخل الثلاثة بالسهم الواحد الجنة، صانعة يحتسب في صنعته الخير، والممد به، والرامي به، وقال ارموا واركبوا، وإن ترموا أحب إلى من أن تركبوا وإن كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمية الرجل بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته امرأته، فإنهن من الحق ومن نسي الرمي بعد ما علمه فقد كفر الذي علمه (زاد في رواية) قال فتوفى عقبة وله بضع(1/252)
بلفظ (ستفتح عليكم الروم) بدل أرضون وعزاه لمسلم، والمعنى أن النبي (ص) يحثهم على الرمي والتدريب عليه لأن أهل ذاك المن كان غالب حربهم بالرمي (وقوله ويكفيكم الله ) يعني شرهم وينصركم عليهم بكسر الجيم على المشهور وبفتحها في لغة، والمعنى فلا يعجز أحدكم من الشغل بالسهم بل ينبغي أن يهتموا بشأنه بأن يتعلموا ويتمرنوا على ذلك (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وسريج قال ثنا ابن وهب قال سريج عن عمرو بن الحارث عن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله (ص) يقول الخ (غريبة) كرر هذه الجملة ثلاث مرات للتأكيد والترغيب في تعلمه وإعداد آلاته، قال القرطبي إثما فسر القوة بالرمي وإن كانت القوة تظهر بإعداد غيره من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو وأسهل مؤنة (تخريجه)(م.وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا هشام عن يحيى بن كثير قال ثنا أبو سلام عن عبد الله الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) أي يصنعه بدون أجرة إن كان غنيا عنها فإن كان غنيا عنها: فإن كان فقيرا وصنعه بأجرة يتعفف بها عن سؤال الناس: أو يعول بها قرابته مع صلاح النية فهو ملحق بالمحتسب بضم الميم الأولى وكسر الثانية وتشديد المهملة أي الذي يعطيه للمجاهد ويجهزه به من ماله إمدادا له وتقوية ويؤيد ذلك ما جاء في رواية أخرى للإمام أحمد والبيهقي بلفظ (والذي يجهز به في سبيل الله) بدل قوله هنا والممد به أي أجمعوا بين الرمي والركوب أو تعلموا بالرمي والركوب بتأديب الفرس وتمرين ركوبه، لأن في الرمي نكاية العدو في كل موطن يقوم فيه القتال، بخلاف الخيل فإنها لا تقاتل إلا في المواطن التي يمكن فيها الجولان أي لا خير فيه أي وإن كانت على صورة اللهو فهي طاعات مقربة إلى الله عز وجل مع ما يترتب على ذلك من النفع الديني معناه على صورة اللهو فهي(1/253)
طاعات مقربة إلى الله عز وجل مع ما يترتب على ذلك من النفع الديني معناه أن علم الرمي نعمة أنعم الله بها على عبده، فإذا نسيه بعد ما علمه فقد كفر هذه النعمة أي جحدها، وهو تعليل لجواب الشرط المقدر وتقديره فليس منا كما في رواية، أو فقد عصى لأنها نعمة كفرها ، وأصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه
(م17- الفتح الرباني- ج14)
@@@ -130-
وجوب اتخاذ مصانع لآلات الحرب كل زمن بما يليق به لقوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة)
وستون أو بضع وسبعون قوسا مع كل قوس قرن ونبل وأوصى بهن في سبيل الله (عن خالد ابن زيد) قال كان عقبة بن عامر يأتيني فيقول أخرج بنا نرمي فأبطأت عليه ذات يوم أو تثاقلت فقال سمعت رسول الله (ص) يقول إن الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاث الجنة، فذكر نحو الحديث المتقدم، وفي آخره ومن علمه الله الرمي فتركه رغبة عنه فنعمة كفرها (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال بيننا الحبشة يلعبون عند رسول الله (ص) بحرابهم دخل عمر فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر(1/254)
القرن بالتحريك جعبة من جلود تشقق ويجعل فيها الشاب أي السهام العربية وهي النبل (بفتح النون) (تخريجه)(مي ك. والأربعة) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق ابن عيسى قال ثنا يحي حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد أن أبا سلام حدثه قال حدثني خالد بن زيد الخ (غريبة) أي كراهة فيه ( وقوله فنعمة كفرها) تقدم الكلام عليه في الحديث السابق (تخريجه) (حب. والأربعة) وفي إسناده عند الإمام أحمد وعند بعضهم أيضا خالد بن زيد فيه مقال وبقية رجاله ثقات، ويعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي في المسجد كما صرح بذلك في رواية للبخاري، وإنما جاز ذلك فيه لأنه من منافع الدين أو كان ذلك في ابتداء الأمر الحصباء بالمد صغار الحصى، والمعنى أن عمر رضي الله عنه رماهم بالحصباء لعدم علمه بالحكمة فظنه أنه من اللهو الباطل (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي أحاديث هذا الباب دلالة على مشروعية الرمي بالسهام واللعب بالحراب وفضل ذلك والحث عليه والاعتناء بتعلمه والتدريب عليه وعدم إهماله، وأن من أهمل ذلك أو تعلمه وتركه كان على غير هدى رسول الله (ص) ويعد عاصيا، ومثل الرمي استعمال سائر أنواع السلاح وصنعها، وكذا المسابقة بالخيل كما تقدم في بابه، والمراد بهذا كله التمرن على القتال في سبيل الله والتدريب عليه والاستعداد له ورياضة الأعضاء بذلك، لأن الله عز وجل يقول (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وقد فسر النبي (ص) القوة بالرمي فقال (ص) (إلا أن القوة الرمي) قالها ثلاثا للتأكيد وشدة الاعتناء بشأنه، وإن كان المراد بالرمي في زمنه (ص) الرمي بالسهام لكن يدخل في معناه ما استحدث الآن: من الرمي بالبنادق والمدافع والقنابل ونحوها وكل ما يحدث من آلات القتال في كل زمان ومكان: لأن الآية تدل على وجوب صنع الآلات الحربية مطلقا في كل زمان: ففي(1/255)
زماننا هذا يكون الاستعداد بصنع المدافع والدبابات والطائرات والسفن الحربية المدرعة والغواصات : وتدل |أيضا على وجوب تعلم العلوم والفنون والصناعات التي يتوقف عليها ذلك: وما أصابنا التأخر والانحطاط إلا بإهمال هذه المهمات ومخالفة بارئ الأرض والسماوات: فلعلنا نتعظ بما يفعله الأجانب من التفنن في صنع آلات الحرب والمسابقة في ذلك فنفيق من سبتنا، ونستيقظ من نومنا، ونعمل بكتابنا وسنة رسولنا
@@@ -131-
مدح الخيل وفضل اقتناءها للجهاد في سبيل الله عز وجل
( أبواب ما جاء الخيل وفضل اقتناءها للجهاد وما يستحب ويكره منها وغير ذلك)
(باب في مدح الخيل وفضل اقتناءها للجهاد في سبيل الله عز وجل )(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سئل رسول الله (ص) عن الخيل فقال الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة : وهي لرجل أجر، وهي لرجل ستر ، وهي رجل وزر، فأما الذي هي له أجر، الذي يتخذها ويحبسها في سبيل الله فما غيبت في بطونها فهو له أجر: وإن استنت منه شرفا أو شرفين كان له في كل خطوة خطاها أجر، ولو عرض له نهر فسقاها منه كان له بكل قطرة غيبته في بطونها أجر، حتى ذكر الأجر في أروائها وأبوابها الحديث (وعنه أيضا) قال : قال رسول الله (ص) من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا لموعده كان شبعا وريه وبوله وروثه حسنات في ميزانه يوم القيامة (عن أسماء بنت يزيد) رضي الله عنها أن رسول الله (ص) قال الخيل في نواصيها الخير معقود أبدا إلى يوم القيامة، فمن ربطها عدة في سبيل الله وأنفق عليها احتسابا في سبيل الله فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها وأبو لها فلاح في موازينه يوم القيامة، ومن ربطها رياء أو سمعة وفرحا ومرحا فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها(1/256)
(ص) ونستعد للمستقبل، والله نسأل أن يوفق ولاة أمورنا لما فيه الخير للإسلام والمسلمين آمين (باب) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب افتراض الزكاة صحيفة 193 رقم 12 من كتاب الزكاة في الجزء الثامن (غريبة) يعني من العلف والماء معنى استنت أي جرت والشرف بفتح الشين المعجمة والراء هو العالي من الأرض جاء في رواية لمسلم (وكتب له عدد أروائها وأبوا لها حسنات) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا إبراهيم ثنا ابن مبارك عن طلحة عن أبي سعيد سمعت سعيد المقبري يحدق أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) لفظ الرفس يطلق على الذكر والأنثى من الخيل واحتباسه وقفة للجهاد (وقوله إيمانا بالله) أي ابتغاء مرضاة الله وامتثالا لأمره حيث قال (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل الآية) أي بالموعود به في قوله تعالى(وما تنفقوا بشيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) أي ثواب ذلك لا أن الأرواث بعينها توزن، قال الحافظ وفيه أن المرء يؤجر بنيته كما يؤجر العامل وأنه لا بأس بذكر الشيء المستقذر بلفظه للحاجة لذلك (تخريجه)(خ نس. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا النضر ثنا عبد الحميد حدثني شهر بم حوشب قال حدثني أسماء بنت يزيد الخ (غريب) أي أعدها للجهاد ، وأصله من الربط ، ومنه الرباط وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداده الأهبة لذلك أي عدد جزئيات هذه الأشياء حسنات في موازينه نصب للتعليل أي لأجل الرياء والسمعة وهو إظهار الطاعة ليقال إنه ربطها في سبيل الله وباطنه بخلاف ذلك (وفرحا) أي مما يقال عنه ، والمرح مثل الفرح وزنا ومعنى( وقوله فإن شبعها وجوعها الخ) أي عدد جزئيات هذه الأشياء
@@@ -132-
قوله صلى الله عليه وسلم الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(1/257)
وأرواثها وأبوالها خسران في موازينه يوم القيامة (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: قال النبي(ص) الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (عن ابن سعيد الخدري ) رضي الله عنه عن النبي (ص) مثله (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص)الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها فامسحوا بنواصيها وادعوا لها بالبركة وقلدوها ، ولا تقلدواها بالأوتار، وقال علي ولا تقلدواها الأوتار(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) البركة في نواصي الخيل (عن جرير بن عبد الله) رضي الله عنه قال رأيت رسول(1/258)
سيئات في موازينه يوم القيامة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب تكلم فيه ، لكن حسنه المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) معناه أن الخير ملازم لها كأنه معقود فيها: والمراد بالناصية الشعر المسترسل من مقدم الفرس: وقد يكنى بالناصية عن جميع ذات الفرس: يقال فلان مبارك الناصية أي ذاته (تخريجه) (ق لك فع نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان عن خراش عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) قال الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (تخريجه) (بز) وفيه عطية العوفي ضعيف لكن بعضده يعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق وعلي بن إسحاق قالا حدثنا ابن المبارك عن عتبة، وقال علي أنبأنا عتبة بن أبي حكيم حدثني حصين بن حرملة عن أبي مصبح عن جابر الخ (غريبة ) بتشديد النون مفتوحة وسكون التحتية هو بلوغ المقصود، يقال نال من عدوه من باب قهم نيلا بلغ منه مقصوده ونال مطلوبه أي قلدوها طلب العدو والدفاع عن المسلمين (ولا تقلدوها بالأوتار) يدفع عنها العين والأذى فتكون كالعودة لها، فناداهم وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذا، وقال بعضهم إنما نهى عن تقليدها الأوتار لئلا تختنق بها عند شدة الركض يعني ابن إسحاق أحد الراوين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، قال في روايته ولا تقلدوها الأوتار، بدون باء، وقال غيره بالأوتار بالباء الموحدة (تخريجه) (طس) قال الهيثمي ورواه أحمد أتم منه ورجاله ثقات (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال سمعت أبا التياح يزيد بن حميد يحدث أنه سمع أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) أي النمو والزيادة (في نواصي الخيل) أي تنزل في نواصيها كما جاء مصرحا بذلك في بعض الروايات، وذلك لأنها(1/259)
بها يحصل الجهاد الذي فيه إعلاء كلمة الله وسعادة الدارين، وقد يراد بالبركة هنا ما يكون من نسلها والكسب عليها والمغانم والأجور (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم
@@@ -133-
قوله صلى الله عليه وسلم ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وإعجازها
الله (ص) يفتل عرف فرس بإصبعيه وهو يقول الخيل المعقود بنواصيها الخير، الأجر والمغنم إلى يوم القيامة (عن معقل بن يسار) رضي الله عنه قال لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل: ثم قال اللهم اغفرا لا، بل النساء
(باب في الصفات الممدوحة والمذمومة منها)(عن عيسى بن علي) عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله (ص) أن يمن الخيل في شقرها (عن أبي وهب) الجشمي رضي الله عنه وكانت له صحبة قال:قال رسول الله (ص) ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأعجازها أو قال وأكفاها وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار، وعليكم بكل كميت أغر(1/260)
أنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو عن جرير بن عبه الله الخ (غريبة) عرف الدابة بضم العين المهملة هو الشعر النابت في محدب رقبتها أي أعلاها، وهو الفرس والبغل والحمار، ويكون الثواب في الآخرة ، والمغنم ما يغنمه المجاهد عن عدوه في الدنيا (تخريجه) (م نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قالا ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن رجل هو الحسن أن شاء الله عن معقل بن يسار الخ (غريبة) بفتح العين المعجمة، مصدر غفر من باب ضرب ، وغفر أنا والقائل (اللهم غفرا) معقل بن يسار، لأنه لما أخبر أنه لم يكن شيء أحب إلى رسول الله (ص) من الخيل تذكر أن النساء كانت أحب إليه منها فاستغفر الله من هذا الخطأ وتداركه بقوله لا : بل النساء، يعني كانت أحب إليه من الخيل، وقد جاء معنى ذلك صريحا في حديث أنس عند النسائي بلفظ (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله (ص) بعد النساء من الخيل) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات (باب ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا شيبان عن عيسى بن علي الخ (يعني ابن عبد لله بن عباس الهاشمي ) الخ (غريبة معناه أن بركة الخيل في شقرها، والشقرة من الألوان حمرة تعلوا بياضا في الإنسان، وحمرة صافية ي الخيل يحمر معها العرف والذنب فإن أسود فهو الكميت (تخريجه )(د مذ ) وحسنه الترمذي والحافظ السيوطي وصححه وغيرهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا محمد بن مهاجر يعني أخا عمرو بن مهاجر قال حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة قال: قال رسول الله (ص)تسمو بأسماء الأنبياء: وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن: وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة: وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها الخ: وهذا الجزء الأول من الحديث تقدم في باب أحب الأسماء إلى الله رقم 24 صحيفة 137 من كتاب العقيقة في الجزء الثالث عشر (غريبة) بالتصغير هو(1/261)
الذي لونه بين السواد والحمرة، وقيل الكميت كالأشقر أحمر الذيل والناصية والعرف، والكميت أسودها: ويقال الكميت أشد الخيل جلودا وأصلها حوافر (والأغر)
@@@ -134-
الصفات الممدوحة من الخيل
محجل أو أشقر أغر محجل، أو أدهم أغر محجل (وعنه من طريق ثان) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه ، قال محمد ولا أدري بالكميت بدأ أو بالأدهم، قال و سألوه لم فضل الأشقر ؟ قال لأن رسول الله (ص) بعث سرية فكان أول من جاء بالفتح صاحب الأشقر (عن أبي قتادة) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال: خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم محجل الثلاث مطلق اليمين ، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يكره الشكال من الخيل
(باب في استحباب تكثير نسلها وفضل ذلك والنهي عن اختصاصها وكراهة إنزاء الحمر عليها) (عن أبي عامر الهوزني) عن أبي كبشة الأنماري (بفتح الهمزة) أنه أتاه ، فقال
هو ما كان له غرة في جبهته بيضاء فوق الدرهم (وقوله محجل) بتقديم المهملة على الجيم وهو الذي في قوائمه بياض (وقوله أو أدهم) يعني السواد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا محمد بن المهاجر ثنا عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي (في الأصل عن أبي وهب الكلاعي وهو اختصار وصوابه الجشمي كما في الطريق الأولى وأيده الحافظ) قال قال رسول الله (ص) الخ هذا اختصار من الأصل (وقوله قال محمد) يعني ابن المهاجر راوي الحديث عن عقيل بن شبيب يشك هل ذكر عقيل الكميت أولا أو الأدهم المسئول عقيل بن شبيب، والقائل وسألوه محمد بن المهاجر، والسائل مبهم، وقد صرح في رواية أبي داود(1/262)
بأن السائل محمد بن مهاجر (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال حسن في حديثه ثنا يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن أبي قتادة الخ (غريبة) تقدم أنه شديد السواد (والأقرح) هو الذي في جبهته قرحة، وهي بياض يسير في وسطها (والأرثم ) هو الذي في شفته العليا بياض من التحجيل بتقديم المهملة على الجيم: قال في النهاية هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين لأنها موضع الاحجال وهي الخلاخيل والقيود، ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معهما رجل أو رجلان أي غير محجلها أي على هذه الصفة وهذا اللون من الخيل (تخريجه) (جه مذ) وقال هذا حديث حسن غريب صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني سلم بن عبد الرحمن عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة) هو أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى أو يده اليمنى ورجله اليسرى كما صرح بذلك في رواية لمسلم وأبي داود، قال القاضي عياض قال العلماء وكره لأنه على صورة المشكول وقيل يحتمل أن يكون قد جرب ذلك الجنس فلم تكن فيه نجابة (تخريجه) (م.د) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا محمد بن حرب قال ثنا الزبيدي
@@@ -135-
استحباب تكثير نسل الخيل والنهي عن اختصائها وكراهة انزاء الحمر عليها(1/263)
أطرقني من فرسك فإني سمعت رسول الله (ص) يقول من أطرق فعقب له الفرس كان له كأجر سبعين حمل عليها في سبيل الله (عن علي) رضي الله عنه قال، أهدي رسول الله (ص) بغل أو بغلة، فقلت ما هذا؟ قال بغل أو بغلة، قلت ومن أي شيء هو؟ قال يحمل الحمار على الفرس فيخرج منهما هذا، قلت أفلا نحمل فلانا على فلانة ؟ قال لا، إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون ( عن دحية الكلبي) رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، ألا أحمل لك حمارا على فرس فينتج لك بغلا فتركبها؟ قال إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون (عن علي) رضي الله عنه قال : نهانا رسول الله (ص) أن ننزي حمارا على فرس (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن إخصاء الخيل(1/264)
عن راشد بن سعد عن أبي عامر الهموزني الخ (قلت) الهوزني بفتح الهاء والزاي بينهما و أو ساكنة (غريبة) إطراق الفحل إعارته للضرائب، واستعارته لذلك، فمعنى أطرقني من فرسك أي أعرني فرسك للضرائب، ومن زائدة أو للإشارة إلى أن المطلوب بعض الرفس وهو ماءه والله أعلم معناه من أعار فرسه مسلما للضرائب فعقب له الفرس أي نتج له هذا الضراب فرسا كما صرح في ذلك في رواية الطبراني كان له الخ: وإنما كان له هذا الأجر لأن الفرس الناتج سيعقب أفراسا كثيرة وهو السبب في ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن سالم بن أبي الجعد عن علي ابن علقمة عن علي بن أبي طالب الخ (غريبة) أي أفلا نحمل الحمار المسمى بكذا على الفرس المسماة بكذا وكان يسمون الدواب أي الذين لا يعلمون ما هو الأولى والأنسب بالحكمة لأن في ذلك تعطيل منافع الخيل وهي أفضل من البغال: إذ عليها يجاهد العدو وبها تحرر الغنائم ولحمها يؤكل وليس كذلك البغال (تخريجه)(د نس) وسنده جيد (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا عمر من آل حذيفة عن الشعبي عن دحية الكلبي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنه قال عن الشعبي أنم دحية (مرسل) وهو عند أحمد عن الشعبي عن دحية ورجال أحمد رجال أحمد رجال الصحيح خلا عمر بن حسيل من آل حذيفة ووثقة ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عثمان الثقفي عن سالم بن أبي الجعد عن علي الخ (غريبة) أي نحمله عليها للنسل: يقال نزوت على الشيء النزو نزوا إذا وثبت عليه وقد يكون في الأجسام والمعاني (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر الخ (غريبة) يقال خصيت الفحل أخصيه(1/265)
خصاءا بالكسر والمد إذا سللت خصيبة تثنية
@@@ -136-
فضل إكرام الخيل والإنفاق عليها وتضميرها
والبهائم، وقال ابن عمر فيها نماء الخلق
(باب فيما جاء في إكرامها وعلفها وتضميرها وكراهة جزما طال من شعرها)
(عن شر حبيل بن مسلم الخولاني) أن روح بن زنباع زار تميما الدراري رضي الله عنه فوجده ينقى شعيرا لفرسه قال وحوله أهله، فقال له روح أما كان في هؤلاء من يكفيك؟ قال تميم بلى، ولكني سمعت رسول الله (ص) يقول: ما من امرئ ينقى لفرسه شعيرا ثم يعلفه عليه إلا كتب الله له بكل حبة حسنة (عن أبي الدرداء) عن سهيل بن الحنظلية رضي الله عنهما قال : قال لنا رسول الله (ص) إن المنفق على الخيل في سبيل الله كباسط يديه بالصدقة لا يقبضها (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي (ص) كان يضمر الخيل (عن عتبة بن عبد السلمى) رضي الله عنه، قال نهى رسول الله (ص) عن جزأ عراف الخيل ونتف أذ1نابها، وجز نواصيها، وقال أما أذنابها فإنها مذابها، وأما أعرافها فإنها(1/266)
خصية وهي البيضة والرجل خصي والجمع خصيان أي في وجودها على الفطرة زيادة النسل وهو مطلوب ، وفي الاخصاء تقليلة وهو مذموم (تخريجهع) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وفيه عبد الله بن نافع وهو ضعيف (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا إسماعيل بن عياش قال حدثني شر حبيل بن مسلم الخولاني الخ (تخريجه) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وفي إسناده إسماعيل بن عياش وشر حبيل بن مسلم فيهما خلاف، بعضهم وثقهما ضعفهما، ورواه أيضا ابن ماجة من طريق آخر عن تميم أيضا، وفي إسناده محمد بن عقبة عن أبيه عن جده وهم مجهولون والجد لم يسم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمر وأبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشير التغلبي قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء عن أبي الدرداء فذكر أحاديث منها هذا لا الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام أنا ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) أراد بالإضمار هنا التضمير وهو أن يعلف الفرس حتى يسمن، ثم يقلل علفه ويدخله بيتا كنا ويجلل ليعرق ويجف عرقه فيخف لحمه فيقوى على الجري، وقد تقدم نحو هذا في الباب الأول من أبواب السبق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الحارث حدثني ثور بن يزيد عن رجل من بني سليم عن عتبة ابن عبد السلمى الخ (غريبة) أي عن قطع أعراف الخيل، والأعراف جمع عرف بضم العين المهملة وسكون الراء وهو الشعر النابت فوق عنق الفرس جمع ذنب بفتحتين أي إزالة شعر ذنبها (والنواصي) جمع ناصية وهو الشعر المسترسل من مقدم الرأس أي الذي تحمي وتدفع به عن
@@@ -137-
بيان أن الخيل تقتني لثلاثة أمور(1/267)
إدفاؤها، وأما نواصيها فإن الخير معقود فيها (زاد في رواية) ونواصيها معقود بها الخير إلى يوم القيامة (باب قوله صلى الله عليه وسلم الخيل ثلاثة)
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: الخيل ثلاثة، ففرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشيطان، فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله فعلفه وروثه وبوله وذكر ما شاء الله ، وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه، وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها فهي تستر من فقر (عن أبي عمرو الشيباني) عن رجل من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الخيل ثلاثة فرس يربطه الرجل في سبيل الله عز وجل فثمنه أجر وركوبه أجر وعاريته أجر وعلفه أجر، وفرس يغالق عليه الرجل ويراهن: فثمنه وزر وعلفه وزر، وفرس البطنة فعسى أن يكون سدادا من الفقر إن شاء الله تعالى (باب ما جاء في دعاء الخيل)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج وهاشم قلا ثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي شماسه أن معاوية بن حديج مر على أبي ذر رضي الله عنه وهو قائم على فرس له، فسأله ما تعالج من(1/268)
نفسها الذباب ونحوه جمع دفئ بكسر المهملة وسكون الفاء بعدها همزة، والمعنى أن وجود أعرافها سبب في إدفاءها ودفع البرد عنها (تخريجه) (د) وفي إسناده رجل لم يسم، وفي الرواية الثانية إنقطاع ورواه كذلك أبو داود (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحجاج أنبأنا شريك عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) يعني يكون مقدار روثه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة كما تقدم في حديث أبي هريرة في الباب الأول وتقدم شرحه هناك أي على الرسوم أهل الجاهلية وطرائقهم وذلك أن يتواضعا بينهما جعلا يستحقه السابق منهما، كذا ذكره الزمخشري أي يطلب ما في بطنها يعني النتاج (وقوله فهي تستر من فقر) أي تحول بينه وبين الفقر بانتفاعه بثمن نتاجها كما يحول الستر بين الشيء وبين الناظرين (تخريجه) لم أقف عليع لغي الامام أحمد وأورده المنذري، وقال رواه أحمد بإسناد حسن (قلت) ووثق الحافظ الهيثمي رواته والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة قال ثنا الركين بن الربيع بن عميلة عن أبي عمرو الشيباني الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل عن عبد الله بن مسعود راوي الحديث السابق لتوافق الحديثين في السياق سندا ومتنا والله أعلم أي يراهن عليه والمغالق جمع مغلق بوزن منبر وهي سهام الميسر (وقوله ويراهن) عطف تفسير كأنه كره الرهان في الخيل إذا كان على رسم الجاهلية(نه) أي التي تتخذ لما ينتج من بطنها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده المنذري والهيثمي،وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (غريبة) أوله حاء مهملة مضمومة مصغرا
(م 18- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -138-
دعاء الخيل وما تقوله بلسان الحال وما جاء في الإبل(1/269)
فرسك هذا؟ فقال إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته، قال وما دعاء البهيمة من البهائم؟ قال والذي نفسي بيده، ما من فرس إلا يدعو كل سحر فيقول اللهم أنت خولتني عبدا من عبادك وجعلت رزقي بيده فاجعلني أحب إليه من أهله وماله وولده، قال أبي ووافقه عمرو بن الحارث عن أبي شماسه (ومن طريق ثان) قال حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر يدعو بدعوتين يقول، اللهم خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب أهله وماله إليه أو أحب أهله وماله إليه ، قال أبو عبد الرحمن قال أبي خالفه عمرو بن الحارث، فقال عن يزيد عن عبد الرحمن بن شماسة وقال الليث عن أبي شماسة أيضا
(باب ما جاء في الإبل)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نعم الإبل الثلاثون يحمل على نجيبها وتعار أداتها وتمنح(1/270)
من التخويل بمعنى التمليك القائل قال أبي هو عبد الله بن الامام أحمد رحمهما الله تعالى يريد أن عمرو ابن الحارث وافق يزيد بن أبي حبيب في قوله عن أبي شماسة، وأبو شماسة غير معروف، والمعروف عبد الرحمن ابن شماسة كما سيأتي في آخر الطريق الثانية أو للشك من الراوي يشك هل قال من أحب الخ؟ أو قال أحب بدون من كنية عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى (وقوله خلفه عمرو بن الحارث) يعني أن عمرو بن الحارث خالف ابن جعفر، فقال في روايته عن يزيد عن عبد الرحمن بن شماسة، وقال الليث في روايته (يعني الطريق الأولى) عن أبي شماسة، هذا معنى كلامه (تخريجه) لم أقف على سياق الطريق الأولى لغير الإمام أحمد وهي موقوفة على أبي ذر، وأخرج الطريق الثانية النسائي مرفوعة كل رواها الإمام أحمد سندا ومتنا عدا ما حكاه عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه في آخر الحديث من الخلاف وسنده جيد، ومع هذا فرواية عمرو بن الحارث التي أشار إليها الإمام أحمد لم تذكر في المسند ولا عند النسائي والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبيد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن محمد بن شريك قال ثنا عظاء عن أبي هريرة الخ (غريبة) الظاهر أن هذا العدد لا مفهوم له وإنما خصه النبي (ص) بالمدح لتوفر الخصال الآتية فيه، فإن من ملك هذا العدد من الإبل لا يبخل بمنح بعضها ولا بإعارة فحلها ودلوها كما في رواية، ولا يجعل شيء منها للحمل عليه في سبيل الله كما صرح بذلك في رواية أخرى عند الإمام أحمد ومسلم، وهذا مما يدل على فضل الإبل واقتنائها (وقوله وتعار أداتها ) أي أداة شربها كالدلو ونحوه (وفي رواية لمسلم والإمام أحمد أيضا) (وإعارة دلوها)
@@@-139-
فضل الإبل والنهي عن تقليدها الأوتار(1/271)
غزيرتها وحلبها يوم وردها في أعطانها (عن أبي بشير الأنصاري) رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله (ص) في بعض أسفارة فأرسل رسول الله (ص) رسولا لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر ولا قلادة إلا قطعت، قال إسماعيل قال وأحسبه قال والناس في صيامهم
(كتاب العتق) (باب فضل العتق والحث عليه)
(عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول أيما رجل مسلم أعتق رجلا فإن الله عز وجل جاعل وفاء كل عظم من عظامه عظما من عظام محرره من النار، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فإن مسلمة فإن الله عز وجل جاعل وفاء كل عظم من عظامها عظما محررها من النار (وعنه من طريق ثان قال سمعت رسول الله (ص) يقول(1/272)
وإعارة فحلها) وتقدمت في باب وجوب الزكاة في الجزء الثامن أي تعار ذات اللبن منها الرجل فقير ينتفع بلبنها ووبرها زمانا ثم يردها (وقوله وحلبها) بفتح الحاء المهملة والام يقال حلبت الناقة والشاة احلبها بفتح اللام (وقوله يوم وردها) يعني يوم ورودها على الماء للشرب، ففيه رفق بالماشية وبالمساكين الذين يحضرون إلى موضع الحلب ليواسوا (وقوله في إعطانها ) جمع عطن كسبب وأسباب والعطن للإبل المناخ والمبرك ولا يكون إلا حول الماء (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ والسياق لغير الإمام أحمد: ومعناه عند الشيخين وغيرهما وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح إسماعيل عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه كان مع رسول الله (ص) الخ (غريبة) بضم أوله وفتح القاف مبنى للمجهول، والقلادة ما يوضع حول العنق (وقوله من وتر) أي من وتر القوس ونحوه (وقوله ولا قلادة) الخ هو من عطف العام على الخاص وبهذا جزم المهلب إسماعيل هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث (وقوله أحسبه) أي أظنه، قيل إنما نهاهم لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليدها بالأوتار يدفع عنها العين فأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف قدرا، وقيل إنما أمرهم بقطعها لأنهم كانوا يعقلون فيها الأجراس والله أعلم (تخريجه) (ق د نس) (باب) اسمه عمرو بن عبسة وهذه كنيته (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمي قال حاصرنا مع النبي (ص) حصن الطائف فسمعت رسول الله (ص) يقول من بلغ بسهم فله درجة في الجنة، قال فبلغت يومئذ ستة عشر سهما، فسمعت رسول الله (ص) يقول من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو عدل محرر، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة، وأيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما الخ (غريبة) معناه لأن الله عز وجل ضمن(1/273)
لمن أعتق رقيقا مسلما أن يخلص ويعتق بكل عظم من عظام الرقيق ما يقابله من عظام معتقة من النار، ومثل ذلك يقال في المرأة التي اعتقلت امرأة مسلمة (سنده) حدثنا
@@@ -140-
فضل العتق وقوله (ص) من أعتق مسلمة كانت فكاكه من النار
من أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار عضوا بعضو (عن سعيد بن مرجانة) أنه قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله (ص) من أعتق رقبة مؤمنة أعتق رقبة مؤمنة أتعق الله بكل إرب منها إربا منه النار، حتى أنه ليعتق باليد اليد وبالرجل الرجل وبالفرج الفرج، قال فقال على بن الحسين أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال سعيد نعم، قال علي بن الحسين لغلام له أفره (أي أنشط) غلمانه أدع لي مطرفا، فلما قام بين يديه قال اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى(عن الغريف الديلمي) قال أتينا واثلة بن الأسقع الليثي رضي الله عنه فقلنا حدثنا بحديث سمعته من رسول الله (ص) فقال أتينا النبي (ص) في صاحب لنا قد أوجب فقال أعتقوا عنه يعتق الله عز وجل بكل عضو عضوا منه من النار (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه، أن النبي (ص) قال فليعتق رقبة يفد الله بكل عضو منها عضوا منه النار (عن الحكيم بن(1/274)
عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا جرير عن سليم يعني ابن عامر أن شر حبيل بن السمط قال لعمرو ابن عبسة حدثنا حديثا ليس فيه ترديد ولا نسيان، قال عمرو سمعت رسول الله (ص) الخ بفتح الفاء وكسرها لغة أي كانت خلاصة من النار ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ومن شاب سيبة ولد إسماعيل (تخريجه) (د نس)و سنده جيد، وللإمام أحمد مثل الطريق الثانية عن عقبة بن عامر الجهني، ورواه أيضا أبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إبراهيم قال ثنا عبد الله يعني ابن سعيد بن أبي هند عن إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير عن سعيد بن مرجانة الخ (غريبة) سعيد هو ابن عبد الله (ومرجانة) بفتح الميم أمه طالب رضي الله عنهم (وقوله ادع لي مطرفا) بضم أوله وفتح ثانية وتشديد الراء مكسورة يعني العبد الذي أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم فلم يبعده إياه بل أعتقه عندما سمع الحديث من سعيد بن مرجانة (تخريجه) (ق نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق قال ثنا حمزة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عيلة عن الغريف الديلمي الخ (الغريف بغين معجمة مفتوحة وآخره فاء هو ابن عياش بتحتانية ومعجمه) (غريبة)معناه فعل فعلا استحق به النار، ويقال هذا اللفظ أيضا لمن فعل فعلا استحق به الجنة أتي من العتق بفتح التاء (عضوا منه ) أي من المعتق بكسر التاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عارم بن الفضل قال ثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن أبي عيلة عن الغريف بن عياش عن وائل بن الأسقع قال أتى النبي (ص) نفر من بني سليم فقالوا أن صاحبا لنا قد أوجب قال فليعتق رقبة الخ (تخريجه) (د نس ك) وقال صحيح على شرط الشيخين (قلت) وأقره الذهبي، وللإمام أحمد أيضا عن أبي موسى عن النبي (ص) قال من أعتق
@@@ -141-
أفضل رقبة يعتقها الرجل أعزها لديه وأغلاها ثمنها(1/275)
حزام) رضي الله عنه قال أعتقت في الجاهلية أربعين محررا فقال رسول الله (ص) أسلمت على ما سبق لك من خير (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله تعالى وجهاد في سبيل، قلت يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟
قال أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا، قلت فإن لم أجد؟ قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق، وقال فإن لم أستطع ، قال كف أذاك عن الناس فإنها صدقة تصدق بها عن نفسك (عن سعيد مولى أبي بكر) رضي الله عنهما وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي (ص) وكان النبي (ص) يعجبه خدمته ، فقال يا أبا بكر أعتق سعدا، فقال يا رسول الله ما لنا ما هن غيره، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتك الرجال، قال أبو داود يعني السبي(1/276)
رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرئ على سفيان سمعت هشاما عن أبيه عن حكيم بن حزام الخ (غريبة) المحرر الذي جعل من العبيد حرا فاعتق، يقال حر العبد يحر حرارا قال القاضي عياض معناه ببركة ما سبق لك من خير هداك الله تعالى إلى الإسلام، وأن من ظهر منه خير في أول أمره فهو دليل على سعادة آخره وحسن عاقبته (تخريجه) (ق. وغيرهما) وتقدم نحوه بأطول من هذا في باب كون الإسلام يجب ما قبله من كتاب الإيمان في الجزء الأول (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر الخ (غريبة) أي أحسنها وأكرمها من الصنعة والمراد بها هنا ما به معاش الرجل، فيدخل فيه الحرفة والتجارة ونحوهما أي صانعا لم يتم كسبه لعياله (وقله أو تصنع لا خرق) الأخرق الأحمق ومن لا يحسن العمل والتصرف في الأمور وهو المراد هنا لمقابلته بالصانع ؟أصلها تتصدق حذفت إحدى التاءين تخفيفا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ثنا محمد يعني ابن إسحاق عن بكير بن كانوا محتاجين إلى الجارية، وفيه أن صلة الرحم أفضل من العتق (تخريجه) (ق. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا سليمان بن داود ثنا عامر الخزاز عن الحسن عن سعيد مولى أبي بكر الخ (غريبة) بكسر الهاء أي خادم هو سليمان أبو داود الطيالسي صاحب المسند المشهور بمسند الطيالسي : رتبه أبو داود على مسانيد الصحابة كمسند الإمام أحمد وهو أحد مشايخ الإمام أحمد قد وفقني الله تعالى لترتيبه على أبوا الفقه كما رتبت مسند الإمام أحمد وأسميته (منحه المعبود، في ترتيب
@@@ -142-
فضل عتق الرقبة المسلمة لا سيما إذا كانت من أصل عربي(1/277)
(عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مكن أعتق رقبة مؤمنة فهي فداؤه من النار ( عن مالك بن عمرو القشري) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أعتق رقبة مسلمة فهي فدائه من النار قاتل عفان مكان كل عظم من عظام محرره بعظم من عظامه، ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله : ومن ضم يتيما من بين أبوين مسلمين قال عفان إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة (عن ابن معقل عن عائشة ) رضي الله عنها أنها كان عليها رقبة من ولد إسماعيل فجاء سبي من اليمن من خولان فأرادت أن تعتق منهم (قالت) فنهاني الني (ص ) ثم جاء سبى(1/278)
مسند الطيالسي أبي داود) فلله الحمد على هذا التوفيق فقول أبي داود (يعني السبى) معناه أتتك رجال السبى فخذ منها بدله وأعتق هذا لأنه من أفضل من أفضل العبيد وهكذا كان النبي (ص) والصحابة يعتقون أفضل عبيدهم تقربا إلى الله عز وجل ورغبة في كثرة الثواب، ولهذا لما سأل أبو ذر النبي (ص) أي الرقاب أفضل قال أنفسها وأغلاها ثمنا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روى ابن ماجة طرفا منه: ورواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن قيس عن معاذ بن جبل الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان في حديثه أنا علي بن زيد عن زرارة بن أوفى عن مالك بن عمر الخ (غريبة ) هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث أي بسبب عقوقه وإساءته (فأبعده الله) يعني عن رحمته نعوذ بالله من ذلك: وفي هذا غاية التغليظ والتشنيع على من عق والديه أي حتى يكبر ويمكنه التكسب والاستغناء عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وحسنه المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا مسعر عن عبيد بن حنين بن حسن عن ابن معقل الخ (غريبة) معناه أنها نذرت أن تعتق رقبة من العرب الذين هم من ذرية إسماعيل عليه السلام إنما نهاها النبي(1/279)
(ص) عن العتق من هذا السبي على ما يظهر لأمرين (الأول) أن هذا السبي لم يكن من ولد إسماعيل الذي عينته عائشة في نذرها (الثاني) أن العتق من ولد إسماعيل أفضل من غيرهم لما فيه من تحريرهم فأحب (ص) أن تفعل الأفضل ولذلك لما جاء سبي مضر وهو من ولد إسماعيل بقينا أمرها بالعتق منه كما في آخر الحديث والله أعلم (تخريجه) (طب ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (قال الحافظ) وفيه الرد على من نسب جميع اليمن إلى بني إسماعيل لتفرقته (ص) بين خولان وهم من اليمن وبين بني العنبر وهم من
@@@ -143-
قصة الجارية العجمية التي أعتقها سيدها
من مضر من بني العنبر فأمرها النبي (ص) أن تعتق منهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي (ص) بجارية سوداء أعجمية فقال يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة، فقال لها من أنا؟ فأشارت بإصبعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء، أي أنت رسول الله فقال أعتقها (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدى إذا شبع(1/280)
مضر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن عون عن أخيه عبيد الله ابن عبد الله عتبة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي لا تفهم اللغة العربية تعني في السماء كما صرح بذلك في بعض الروايات، قال ابن عبد البر هو على حد قوله تعالى (أأمنتم من في السماء) (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال الباجي لعلها تريد وصفه بالعلة، وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله وشرفه ورفعته اهـ (قلت) وقدم كثر كلام بعض العلماء في تأويل هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث والآيات فأخرجوها عن ظاهرها وتكفلوا تأويلها، ومذهبي في ذلك وأمثاله السلف الصالح رحمهم الله تعالى، نؤمن به كما جاء من غير تأويل، ونكل حقيقة علمه إلى الله عز وجل المنزه عن التشبيه والتمثيل (تخريجه) (د ك) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط إلا أنه قال من ربك فأشارت برأسها إلى السماء فقالت الله اهـ (قلت) ورجاله كلهم ثقات إلا أن المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة اختلط في آخر عمره، قال أبو حاتم تغير قبل موته بسنة أو سنتين اهـ (قلت) ولهذا الحديث طريق أخرى عند الإمام احمد قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء وقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة اعتقها، فقال لها رسول الله (ص) أتشهدين أنلا إله إلا الله ؟ قالت نعم، قال أتشهدين أني رسول الله؟ قالت نعم، قال أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال أعتقها (قال الشوكاني) وهذا إسناد رجاله أئمة وجهالة الصحابي لا تضر كما تقرر في الأصول (قلت)و روى نحوه (م حم د نس . والإمامان) من حديث معاوية بن الحكم السلمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي عن أبي الدرداء الخ (غريبة) جاء عند البيهقي مثل الذي يتصدق عند موته أو يعتق الخ(1/281)
ومعنى عند الموت أي عند تحقق نزول الموت به كإصابة في مقتل أو مرض شديد لا يرجى شفاءه أو قارب الاحتضار سبه تأخير الصدفة أو العتق عن أوانه ثم تداركه بمن تفرد بالأكل واستأثر لنفسه ثم إذا شبع يؤثر به غيره، وإنما يحمد إذا كان عن إيثار لغيره على نفسه قال تعالى
@@@ -144-
ما جاء في عتق ولد الزنا
(عن ميمونة بنت سعد) مولاة النبي (ص) قالت سئل رسول الله (ص) عن ولد الزنا قال لا خير فيه ، نعلان أجاهد بهما في سبيل الله أحب إلي من اعتق ولد زنا
(باب ما جاء في الإحسان إلى الموالى والوصية بهم والنهي عن ضربهم)
(عن أبي بكر الصديق) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا منان ولا سيء الملكة، وأول من يدخل الجنة المملوك إذا أطاع(1/282)
(ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ولأن أفضل بذل المال إنما يكون عند الطمع في الدنيا والحرص على المال، والرقيق يعتبر من مال الإنسان، فإذا تصدق به أو أعتق في هذه الحالة يكون مؤثرا لآخرته على دنياه صادرا فعله عن قلب سليم ونية صالحة، وعبر بقوله يهدي ولم يقل يتصدق إشارة إلى نقص ثوابه، لأن الهدية عادة تكون لغير المحتاج، أما الصدقة فلا تكون إلا للمحتاج فثوابها أعظم (تخريجه) (د مذ نس هق ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الحافظ إسناده حسن وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن وأبو نعيم قالا ثنا إسرائيل عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضني عن ميمونة بنت سعد الخ (غريبة) إنما ذمة النبي (ص لأنه خلق من ماء الزاني والزانية وهو ماء خبيث، وقد روى (العرق دساس) رواه البيهقي عن ابن عباس في حديث أوله (الناس معادن والعرق دساس ) فلا يؤمن أن يؤثر ذلك الخبثفيه ويذهب في عروقه فيحمله على الشر ويدعوه إلى الخبث، وقد قال تعالى في قصة مريم (ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمك بغيا) لعل ذلك لأن الغالب عليه الشر عادة كما تقدم فالإحسان إليه قليل الأجر كالإحسان إلى غير أهله (تخريجه) (جه) وفي إسناده أبو الضني بكسر الضاد وتشديد النون قال البخاري مجهول وقال الذهبي لا يعرف وخبره لا يصح (قلت) له شاهد من حديث أبي هريرة موقوفا عليه بلفظ (لأن أمتع بسوط في سبيل الله عز وجل أحب إلى من أن أعتق ولد زنية)(د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا صدقة بن موسى عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر الصديق الخ (غريبة) أي مع السابقين من غير عذاب أولا يدخلها حتى يعاقب بما إحترمحه، وكذا يقال فيما بعده(وقوله خب) بمعجمة مفتوحة وباء موحدة: وهو الخداع المكار الخبيث الذي يفسد بين المسلمين بالخدع وقد تكسر خاؤه، وأما المصدر فبالكسر كذا في(1/283)
النهاية المنان هو الذي يمن بفتح الميم واللام أي سوء الصنيع إلى مماليكه (وقال الطيبي) مراده أن سوء الملكة يدل على سوء الخلق وهو شؤم، والشؤم يورث الخذلان والعذاب بالنيران (تخريجه) (مذ عل) وأورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن (قلت) وفي إسناده فرقد السبخي لين الحديث ووثقه ابن معين وتكلم
@@@ -145-
الإحسان إلى الموالى ووعيد من أساء إليهم بغير حق
الله وأطاع سيده (وعنه أيضا)قال :قال رسول الله (ص) لا يدخل الجنة سيء الملكة فقال رجل يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأيتاما؟ قال بلب، فأكرموهم كرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون، قالوا فما ينفعنا في الدنيا يا رسول الله ؟ قال فرس صالح ترتبطه عليه في سبيل الله، ومملوك يكفيك فإذا صلى فهو أخوك: فإذا صلى فهو أخوك (عن عبد الله) يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليبدأ به فليطعمه أو ليجلسه معه فإنه ولي حره ودخانه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال:قال رسول الله (ص) إذا أصلح خادم أحدكم له طعاما فكفاه حره وبرده فليجلس معه فإن أبى فليتناوله أكلة في يده (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه كان الطعام مشفوها قليلا فليضع في يده أكلة أو أكلتين(1/284)
فيه غير واحد (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا إسحاق بن سليمان قال سمعت المغيرة ابن مسلم أبا سلمة عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر الخ (غريبة) أي يكفيك ما تحتاج إليه أنت وفرسك (وقوله فإذا صلى فهو أخوك) يعني في الدين فينبغي إكرامه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روى الترمذي وغيره طرفا منه ، رواه أحمد وأبو يعلى وفيه فرقد السبخي وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عمار بن محمد عن الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله الخ (غريبة) الخادم يطلق على الذكر والأنثى: وهو أعلم من الحر والعبد هذا الأمر محمول على الندب ويؤيده ما سيأتي في الحديث التالي أي مشقة حره ودخانه عند الطبخ (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن مسعود لغير الإمام أحمد وفي إسناده إبراهيم الهجري بفتح الهاء والجيم لين الحديث (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي فإن أبي المخدوم أن يجلس الخادم ليأكل معه (فليتناوله أكلة) بضم الهمزة أي لقمة، والعلة في إعطائه اللقمة أنه ولى علاجه وتحمل مشقة حره ودخانه عند الطبخ، وإن لم يطبخ فقد تعلقت به نفسه بشم رائحته ونظره إليه: وهذا يؤيد ما تقدم من أن الأمر بإجلاسه معه للندب، قال الشافعي بعد أن ذكر الحديث: : هذا عندنا على وجهين (الأول)أن إجلاسه معه أفضل، فإن لم يفعل فليس بواجب (الثاني) أم يكون الخيار إلى السيد بين أن يجلسه أو يناوله ويكون اختيارا غير حتم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا داود ابن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله (ص)إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاء به قد ولى حره ودخانه فليقعده معه فليأكل، فإن كان الطعام الخ بالشين المعجمة والفاء، المشفوه القليل، وأصله الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل، وقيل أراد فإن كان مكثورا عليه أي
(م19-الفتح الرباني-ج14)
@@@ -146-(1/285)
الوصية بإطعام الموالي وكسوتهم وعدم تكليفهم مالا يطيقون
(عن أبي الزبير) أنه سأل جابرا عن خادم الرجل إذا كفاه المشقة والحر؟ فقال أمرنا النبي (ص) أن ندعوه، فإن كره أحدنا أن يطعم معه فليطعمه أكلة في يده (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال للملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل مالا يطيق (عن عبد الرحمن بن يزيد) عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال في حجة الوداع أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون، فإن جاءوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم (عن أبي ذر) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال إخزانكم جعلهم الله لكم قنية تحت أيدكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه وليلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليلعنه عليه (وعنه من طريق ثان) عن النبي (ص) قال من لامكم من خدمكم(1/286)
كثرت أكلته (نه) (تخريجه) ( ق فع د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الصغير بنحوه وإسناده حسن اهـ (قلت) وحسنه أيضا الحافظ حدثنا عبد اللع حدثني أبي ثنا هارون عن ابن وهب ثنا عمر وأن بكيرا حدثه عن العجلان مولى فاطمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م هق الإمامان ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن عاصم يعني ابن عبيد الله عن عبد الرحمن بن يزيد الخ (غريبة) بالنصب أي الزموا الوصية بهم والإحسان إليهم وكرره لمزيد التأكيد ظاهره أنه يجب على السيد إطعام مملوكه مما يأكل وكسوته مما يلبس وهو محمول على الندب: والقرينة الصارفة إليه الإجماع على أنه لا يجب على السيد ذلك، حكاه ابن المنذر، وقال الواجب عند جميع أهل العلم إطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله تلك البلد وكذلك الإدام والكسوة: وللسيد ؟أن يستأثر لا بالنفيس من ذلكم وإن كان الأفضل المشاركة أي كتقصير في الخدمة أو الخيانة في البيت أو نحو ذلك أي لا تعذبوهم بالضرب ونحوه (تخريجه) (طب) وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن واصل عن المعرور عن أبي ذر الخ (غريبة) منصوب بفعل محذوف أي احفظوا إخوانكم، وفي تخصيص الإخوان بالذكر إشعار بعلة المواساة وأن ذلك مندوب لأنه وارد على منهج التعطف والتلطف ومعاملتهم بالشفقة والمسامحة وغير ذلك من ضروب الإحسان وهو غير واجب (وقوله جعلهم الله لكم قنية) بكسر القاف وتضم أي ملكا (تحت أيديكم) أي قرتكم فاليد الحسية كناية عن اليد الحكمية أي ما يشق عليه ولا يطيقه أي فليساعده بنفسه أو بغيره ومثل المملوك الخادم والأجير والدابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن مورق العجلي عن أبي ذر عن النبي (ص)(1/287)
الخ
@@@ -147-
النهي عن ضرب المملوك وتعذيبه بغير ذنب وعن قول المملوك لسيده ربى
فأطعموهم مما تأكلون وأكسوهم مما تلبسون ، ومن لا يلائمكم من خدمكم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله عز وجل (عن أبي هريرة ) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص)لا يقل أحدكم اسق ربك أطعم ربك وضيء ربك ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاتي وغلامي (وعنه من طريق ثان ) عن النبي (ص) لا يقولون أحدكم عبدي وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله ، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا حسن بن موسى وعفان قالا ثنا حماد بمن سلمة قال عفان أنا أبو غالب عن أبي أمامه رضي الله عنه من رسول الله (ص) أقبل من خيبر ومعه غلامان وهب أحدهما لعلي بن أبي طالب وقال لا تضربه فإني قد نهيت عن ضرب أهل الصلاة وقد رأيته يصلي، قال عفان في حديثه أنا أبو غالب عن أبي أمامه أن النبي (ص) أقبل من خيبر ومعه غلامان فقال علي يا رسول أخذ منا ، فقال خذ أيهما شئت، قال أي وافق طباعكم وأعجبكم سيره وخدمته (تخريجه) (ق د مذ جه) ولهذا الحديث سبب رواه الإمام أحمد من طريق آخر فقال ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور بن السويد، قال حجاج سمعت المعرور قال رأيت أبا ذر وعليه حلة: قال الحجاج بالربذة وعلى غلامه مثله، قال حجاج مرة أخرى فسألته عن ذلك فذكر له، فقال له النبي (ص) إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم (أي خدمكم) جعلهم الله تحت أيديكم فذكر نحو الطريق الأولى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر أحاديث منها قال رسول الله (ص)لا يقل أحدكم الخ (غريبة) بهمزة وصل ويجوز قطعها مكسورة ويجوز فتحها، تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج : ويستعمل ثلاثيا باعيا ورباعيا: أمر من سقاه يسقيه: وفيه نهى الرجل(1/288)
أن يقول لمملوك غيره اسق ربك أطعم ربك: وفيه نهى المملوك نفسه أن يخاطب سيده أو يخبر عنه بلفظ ربى، وفيه أيضا نهى السيد أن يخاطب مملوكه أيخبر عنه بلفظ عبدي: والسبب في النهي عن ذلك أن حقيقة معنى هذه الألفاظ لا تكون إلا لله عز وجل كما أشار إلى ذلك في الطريق الثانية بقوله كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله (سنده) حدثنا عبد الله حثني أبي ثنا عبد الرحمن قال حدثني زهير عن العلاء عن أبيه عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) الخ (تخريجه) (ق د وغيرهم) (غريبة) في الأصل أبو طالب وهو خطأ وصوابه أبو غالب: قال الحافظ في التقريب أبو غالب صاحب أبي أمامه بصري نزل أصبهان قيل اسمه حزور: وقيل سعيد بن الحزور: وقيل نافع صدوق ويخطيء من الخامسة اهـ هذا يؤيد ما قلنا من أمن الصواب أبو غالب معناه
@@@ -148-
جواز ضرب المملوك وتأديبه بقدر ذنبه: فإن زاد أقتص الله منه يوم القيامة
خرلى قال خذ هذا ولا تضربه فإني قد رأيته يصلي مقبلنا من خيبر وإني قد نهيت ، وأعطى أبا ذر غلاما وقال استوص به معروفا فأعتقه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل الغلام؟ قال يا رسول الله أمرتني أن أستوصي به معروفا فأعتقته...
(باب جواز ضرب المملوك على قدر ذنبه والتشديد فيما زاد على ذلك)(1/289)
(عن عائشة) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحاب جلس بين يديه، فقاليا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأسهم فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله (ص) بحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك، وعقابك إياهم إن كان دون ذ1نوبهم كان فضلا عليهم، وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل الذي بقى قبلك، فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله (ص) ويهتف، فقال رسول الله (ص)ماله يقرأ كتاب الله (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) فقال الرجل يا رسول الله ما أجد شيئا خيرا من فراق هؤلاء يعني عبيده، إني أشهدكم أنهم أحرارا كلهم (عن أبي مسعود) رضي الله
أعطني خادما أو هب لنا خادما (وقوله خرلى) بكسر الخاء المعجمة أي إخترلى بضم الميم وفتح الباء الموحدة اسم زمان من أقبل يقبل أي وقت قدومنا من خيبر هكذا بالأصل بدون ذكر المنهى عنه، ولعله حذف للعلم به مما قبله وهو قوله (نهيت عن ضرب أهل الصلاة) بصيغى الماضي والمعنى أن أبا ذر رضي الله عنه لم يجد معروفا يسديه إليه أفضل من العتق فأعتقه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ومدار الحديث علي أبي غالب وهو ثقة وقد ضعف اهـ(1/290)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نوح قراد قال أنا ليث بن سعد عن مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي (ص)، وعن بعض شيوخه إن زيادا مولى عبد الله بن عباد بن أبي ربيعة حدثهم عمن حدثه عن النبي (ص) أن رجلا من أصحاب رسول الله (ص) الخ (غريبة) معناه أضربهم على قدر ما خانوك الخ أي يصيح ويدعوا (تخريجه) (مذ) وسنده الأول عند الإمام أحمد في غاية الجودة وأورده الحافظ المنذري وقال رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان، وقد روى أحمد بن حنبل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن غزوان اهـ قال الحافظ المنذري وإسناد أحمد والترمذي متصلان ورواتهما ثقات، عبد الرحمن بن غزوان هو المعبر عنه في سند حديث الباب بأبي نوح قراد فأبو نوح كنيته وقراد لقيه وعبد الرحمن بن غزوان هو المعبر عنه في سند حديث الباب بأبي نوح قراد فأبو نوح كنيته وقراد لقيه وعبد الرحمن اسمه كما يستفاد من التقريب (سنده)
@@@ -149-
من لطم مملوكه بغير ذنب فكفارته عتقه(1/291)
عنه قال بينا أنا أضرب مملوكا لي إذا برجل ينادي من خلفي: اعلم يا أبا مسعود اعلم يا أبا مسعود، فالتفت فإذا رسول الله (ص)، فقال والله لله أقدر عليه منك على هذا ، قال فحلفت لا أضرب مملوكا لي أبدا (وعنه من طريق ثان) أنه كان يضرب غلاما، فقال له النبي(ص) والله لله أقدر عليك منك عليه، رضي الله عنهما أنه دعا غلاما له فأعتقه، فقال مالي من أجره مثل هذا : لشيء رفعه من الأرض، سمعت رسول الله (ص)يقول: من لطم غلامه فكفارته عتقه (عن معاوية بن الحكم السلمي) رضي الله عنه في حديث له قال كانت لي جارية ترعى غنما في قبل أحد والجوانية فأطلعتها (وفي لفظ فأطلعت عليها) ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة ، فأتيت النبي فعظم ذلك علي، قلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها، فأتيته بها، فقال لها أين الله؟ فقالت في السماء قال من أنا؟ قالت أنت رسول الله (ص)، قال أعتقها فإنها مؤمنة(1/292)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الخ (غريبة) أبو مسعود اسمه عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الخ لفظ مسلم قلت يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال أما لو لم تفعل للضحتك النار أو لمستك النار (تخريجه) (م. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن فراي عن أبي صالح عن زادان عن ابن عمر الخ معناه أنه ليس له في إعتاقه أجر المعتق تبرعا، وغنما عتقه كفارة لضربه لأنه سمع رسول الله (ص) يقول من لطم غلامه الخ في رواية لمسلم (من ضرب غلاما له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه) وهذه الرواية تبين أن المراد بحديث الباب من ضربه بلا ذنب ولا على سبيل التعليم و الأدب (تخريجه) (م د) (غريبة) يضم السين المهملة مشددة وفتح اللام تقدم الحديث المشار إليه بسنده في باب النهي عن الكلام في الصلاة رقم 800 صحيفة 73 من الجزء الرابع، وهذا طرف منه لم يذكر هناك بفتح القاف والموحدة وهو الكلأ في الواضع من الأرض، والمعنى أنها ترعى غنما في الكلأ النابت فيس جبل أحد (والجوانية) بفتح الجيم وتشديد الواو بعد الألف نون مكسورة ثم ياء مشددة، قال النووي هكذا ضبطناه، قال والجوانية بقرب أحد موضع في شمال المدينة أي أغضب وهو بمد الهمزة وفتح السين المهملة (وقوله فصككتها) أي لطمتها، واللطم الضرب على الوجه بباطن الراحة، وقيل اللطم ضرب الخد ببسط اليد بتشديد الظاء المعجمة مفتوحة يريد أنه أغلظ عليه في اللوم تقدم الكلام عليه في شرح حديث أبي هريرة في آخر باب فضل العتق والحث عليه(تخريجه) (م فع د وغيرهما)
@@@ -150-
تحريم الضرب على الوجه لما له من الحرمة(1/293)
وقال مرة هي مؤمنة فأعتقها (عن معاوية بن سويد بن مقرن) قال لطمت مولى لنا، ثم جئت وأبي في الظهر فصليت معه، فلما سلم أخذ بيدي، فقال اقتد منه فعفا، ثم أنشأ يحدث: قال كنا ولد مقرن على عهد رسول الله (ص) سبعة ليس لنا الأخادم واحدة فلطمها أحدنا، فبلغ النبي (ص) فقال أعتقوها، فقالوا ليس لنا خادم غيرها، قال فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها (ومن طريق ثان) عن محمد بن المنكدر قال سمعت أبا شعبة يحدث عن سويد بن مقرن أن رجلا لطم جارية لآل سويد بن مقرن، فقال له سويد أما علمت أن الصورة محرمة؟ لقد رأيتني سابع سبعة مع إخوتي وما لنا إلا خادم واحد فلطمه أحدنا، فأمرنا النبي صلى الله عليه وعلى لآله وصحبه وسلم أن نعتقه
(باب عقاب من مثل بعبده أو رماه بالزنا وهو برئ)
(عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما زنباعا أبا روح وجد غلاما له مع جارية له، فجدع أنفه وجبه، فأتى النبي (ص) فقال(1/294)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا سفيان عن سلمة عن معاوية بن سويد الخ (غريبة) يعني في صلاة الظهر فصليت معه، وعند مسلم فصليت خلف أبي أمر من القود وهو القصاص، أي اقتص منه كما صرح بذلك في رواية أبي داود ، وجاء هذا اللفظ في الأصل اتئذ منه بتاء مثناة ثم همزة ثم ذال معجمة ولا معنى له و هو تحريف من الناسخ ، قال النووي وليس القصاص واجبا في اللطمة ونحوها، وإنما واجبه التعزير لكنه تبرع فأمكنه من القصاص فيها، وهو محمول على تطييب نفس المولى المضروب، وفيه الرفق بالموالى واستعمال التواضع لم يقل واحد بالتذكير لأن لفظ خادم بلا هاء يطلق على الجارية كما يطلق على الرجل والخادم في الواقع كانت أنثى ولا يقال خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة رواية أبي داود فليعتقوها بدل فليخلوا سبيلها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن المنكدر الخ يعني صورة الوجه وقوله محرمة أي لها حرمة فلا يجوز لطمها فإن كان ولا بد فليضرب على غير الوجه قال العلماء العتق هنا ليس على الوجوب عند أهل العلم وإنما هو على الترغيب ورجاء كفارة اللطم له، ويدل على ذلك أنه (ص) لما أمر بالعتق في الطريق الأولى قالوا ليس لنا خادم غيرها قال فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها، فلو كان واجيبا الأمر بعتقها في الحال والله أعلم (تخريجه) (م د مذ)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أخبرني معمر أن ابن جريج أخبره عن عمرو بن شعيب عن أبيه الخ (غريبة ) بكسر أوله وسكون ثانيه هو ابن روح الجذامي أسم هذا الغلام سندر (بوزن منبر) كما صرح بح به في الطريق الثانية وكنيته أبو الأسود ورزق ولدان
@@@ -151-
عقاب من مثل بمملوكه رماه بالزنا وهو بريء(1/295)
من فعل هذا بك؟ قال زنباع، فدعاه النبي (ص)، فقال ما حملك على هذا؟ فقال كان من أمره كذا وكذا، فقال (ص) للعبد اذهب فأنت حر، فقال يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال مولى الله ورسوله، فأوصى به رسول الله (ص) المسلمين، قال فلما قبض رسول الله (ص) جاء على أبي بكر رضي الله عنه، فقال وصية رسول الله (ص) قال نعم تجري عليك النفقة وعلة عيالك: فأجراها عليه حتى قبض أبو بكر، فلما استخلف عمر رضي الله عنه جاءه، فقال وصية رسول الله (ص) قال نعم أين تريد؟ قال مصر، فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه أرضا يأكلها (وعنه من طريق ثان) عن أبيه عن جده عن رسول الله (ص) قال: مثل به أو حرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله، قال فأتى برجل قد خصني يقال له سندر فأعتقه، ثم أتى أبا بكر بعد وفاة رسول الله (ص) ، فصنع إليه خيرا، ثم أتى عمر بعد أبي بكر فصنع إليه خيرا، ثم أراد أن يخرج إلى مصر، فكتب له عمر إلى عمرو بنم العاص أن أصنع به خيرا أو احفظ وصية رسول الله (ص) فيه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال حدثنا أبو القاسم نبي التوبة (ص) قال من قذف مملوكه وهو بريء مما قال له يقام عليه يعني الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول من زنى(1/296)
قبيل الحصاء أحدهما عبد الله والثاني مسروح، قال البخاري في التاريخ سندر أبو الأسود له صحبة، وذكر سعيد بن عفير عن سماك بن نعيم عن عثمان بن يزيد الجريري أنه أدرك مسروح بن سندر الذي جدعه زنباع، وعمر سندر إلى زمان عبد الملك بن مروان كذا في الإصابة هكذا في الأصل (يأكلها) أي يأكل منها وفي رواية بن منده ثم أتى عمر فقال إن شأت أن تقيم عندي أجريت عليك مالا، فنظر أي المواضع أحب إليك فأكتب لك فأكتب لك، فاختار مصر، فلما قدم على عمرو أقطعه أرضا واسعة ودارا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معمر بن سليمان الرقي ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عمن جده الخ (تخريجه) أورد الهيثمي الطريق الثانية منه وقال رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس ولكنه ثقة (قلت) الحجاج لم يأت في سنده الطريق الأولى وسندها جيد ورواه أيضا ابن منده كما في الإصابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن سعيد عن فضيل بن غزوان قال ثنا ابن أبي نعم قال حدثني أبو هريرة قال حدثنا أبو القاسم الخ (غريبة) قال القاضي عياض سمى بذلك لأنه (ص) بعث بقبول التوبة بالقول والاعتقاد وكانت توبة من قبلنا بقتل أنفسهم، قال ويحتمل أن يكون المراد بالتوبة الإيمان والرجوع عن الكفر إلى الإسلام: واصل التوبة الرجوع أي رماه بالزنا (تخريجه) (ق. والثلاثة ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الحمصي عن أبي طالب عن أبي ذر الخ (غريبة) بتشديد النون أي رماها بالزنا لا لأنه زنى بها في الواقع وإلا
@@@ -152-
استحباب العفو عن المملوك وثوابه إذا أطاع الله وأطاع سيده
أمة لم يرها تزنى جلده الله يوم القيامة بسوط من نار(1/297)
(باب في العفو عن المملوك إذا استحق العقوبة ) (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما أن رجلا أتى رسول الله (ص) ، فقال يا رسول الله إن لي خادما يسيء ويظلم، أفأ ضربه؟ قال تعفو عنه كل يوم سبعين مرة (وعنه من طريق ثان) قال جاء رجل إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله كم يعفى عن المملوك؟ قال فصمت عنه، ثم أعاد فصمت عنه، ثم أعاد فقال يعفى عنه كل يوم سبعين مرة (باب ثواب العبد إذا أطاع الله تعالى وأطاع سيده ووعيده إذا خالف) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) إذا العبد أدى حق الله وحق مواليه كان له أجران، قال فحدثتها كعبا، قال كعب ليس عليه حساب ولا على مؤمن مزهد (وعنه أيضا) أن رسول الله (ص)قال: للعبد المصلح المملوك أجران، والذين نفس أبي هريرة لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت(1/298)
لم يكن لقوله لم يرها تزني فائدة أي في الموقف على رءوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية جزاءا وفاقا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وحسنه الحافظ السيوطي وفي إسناده عبيد الله بن أبي جعفر ثقة، لكن حكى الذهبي عن الإمام أحمد أنه قال ليس بالقوى (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب ثنا أبو هانيء عن عباس الحجري عن عبد الله بن عمر الخ (غريبة) هذا العفو ليس بواجب بل هو على سبيل الاستحباب ومن مكارم الأخلاق، ومن أراد أن يعفو الله عنه فليعف عمن ظلمه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى يعني ابن داود ثنا ابن لهيعة عن حميد بن هاني عن عباس ابن جليد الحجري عن ابن عمر قال جاء رجل الخ (تخريجه) (د مذ) وقال حسن غريب وقال المنذري هو حديث فيه نظر: وقال الهيثمي رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (باب ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) المزهد بضم الميم وإسكان الزاي ومعناه قليل المال، والمراد بهذا الكلام أن العبد إذا أدى حق الله تعالى وحق مواليه فليس عليه حساب لكثرة أجره وعدم معصيته، وهذا الذي قاله كعب يحتمل أنه حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا قاله النووي (تخريجه) (ق د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) المصلح هو الناصح لسيده القائم بعبادة ربه المتوجهة عليه كما تقدم فيه أن المملوك لا جهاد عليه ولا حج لأنه غير مستطيع (وقوله وبر أمي) يريد القيام بمصلحتها في النفقة والمؤن والخدمة ونحو ذلك مما لا يمكن فعله من الرقيق (زاد مسلم) قال وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه
@@@ -153-
مضاعفة الأجر للملوك إذا أطاع الله وأطاع سيده وعقابه إذا عصى الله(1/299)
أن أموت وأنا مملوك (وعنه أيضا) أن رسول الله (ص) قال، إذا أطاع العبد ربه وسيده فله أجران، فلما أعتق أبو رافع بكى، فقيل له ما يبكيك؟ قال العبد إذا أحسن عبادة ربه تبارك وتعالى ونصح لسيده كان له أجره مرتين (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له أمة فعلمها ف؟ألأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها وأعتقها فتزوجها فله أجران، وعبد أدى حق الله وحق مواليه، ورجل من أهل الكتاب آمن بما جاء به عيسى وما جاء به محمد (ص) فله أجران (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) نعما للعبد أن يتوفاه الله يحسن عبادة ربه وطاعة سيده نعما له ونعما له (وعنه من طريق ثان ) عن النبي (ص) نعم ما للمملوك أن يتوفى يحسن عبادة الله وصحابة سيده نعما له (باب وعيد العبد إذا نقص من صلاته أو تولى غير مواليه أو سرق أو أبق) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه ذكر عن النبي (ص) أن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإن نقصت منها شيئا، فيقول يا رب سلطت على مليكا شغلني(1/300)
لصحبتها ، قال النووي والمراد به حج التطوع لأن برها فرض فقدم على التطوع، ومذهبنا مذهبه مالك أن للأب والأم منع الولد من حجة التطوع دون حجة الفرض (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد أنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال إذا أطاع العبد ربه الخ (غريبة) يعني أجر طاعة سيده ،وهذا لا يقتضي تفضيل الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله ومحمد بي عبيد قال ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق.د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن صالح الثوري عن الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) يعني فله أجران وإن لم تذكر هذه الجملة ولكنها تؤخذ من سياق الحديث (تخريجه) (ق. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام عن أبي هريرة الخ (غريبة ) بكسر النون والعين المهملة وتشديد الميم المفتوحة، أي نعم ما للعبد أدمغت الميم في الميم أي له مسرة وقرة عين جزاء إحسان عبادة ربه وطاعة سيده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث، منها نعم ما للملوك الخ (تخريجه) (م مذ) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر قال ثنا المبارك عن الحسن
(م 20 – الفتح الرباني- ج 14 )
@@@ -154-
عقاب المملوك إذا سرق ووعيده إذا تولى غير مواليه أو أبق(1/301)
عن صلاتي، فيقول قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك فهلا سرقت لنفسك من عملك أو عمله قال فيتخذ اللع عليه الحجة (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن النبي (ص) قال من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرق عبد أحدكم فليبعه ولو بنش (وعنه من طريق ثان) عن النبي (ص) قال إذا أبق العبد والمرة إذا سرق فبعه ولو بنش، والنش نصف أو قية(1/302)
عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي من وقت عملك الخاص بنفسك كوقت الأكل والخلاء والنوم ونحو ذلك (أو عمله) يعني الوقت الذي تعمل له فيه فتترك شيئا منه خلسة لأداء الصلاة، فإن ذلك جائز إذا لم يصرح السيد بذلك ثم تعوضه له في وقت آخر إن أمكن (تخريجه) لم أقف عليه لغي الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا يعقوب ابن محمد بن طحلاء ثنا خالد بن أبي حيبان عن جابر الخ (غريبة) أي اتخذ غيرهم وليا يرثه ويعقل عنه أي أهمل حدود الله وأوامره ونواهيه وتركها بالكلية، وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق الدابة تمسك به فأستعير للإيمان: أي ما يشد به على نفسه عن عرى الإيمان (تخريجه) أخرجه أيضا الضياء المقدسي وصححه الحافظ السيوطي، قال الهيثمي فيه خالد بن حين (بالياء التحتية) وثقه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه مسلم بمعناه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) العدل الفدية وقيل الفريضة، والصرف التوبة، وقيل النافلة أوليس هذا آخر الحديث وتقدم بتمامه في باب تحريم الدم بالأمان من كتاب الجهاد رقم 322 صحيفة 115 من هذا الجزء (تخريجه) (م. وغيره) وقد جاء هذا الحديث عند الإمام أحمد موقوفا على أبي هريرة وهو مرفوع عند مسلم وجاء مرفوعا عند الإمام أحمد والشيخين والثلاثة من حديث علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا أو عوانة عن عمر بن ؟أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) جاء في رواية (إذا سرق المملوك) بدل عبد أحدكم، وعلى كل حال فالمراد به العبد القن الذي ليس فيه شائبة حرية: وسواء كان المسروق قليلا أو كثيرا النش بفتح النون بعدها شين معجمة، وهو نصف أوقية كما في الطريق الثانية، وهو عشرون درهما باعتبار أن الأوقية كانت أربعين درهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان(1/303)
حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال إذا أبق العبد الخ (غريبة) يقال آبق العبد بفتح الباء الموحدة يأبق بكسرها وفتحها أباقا إذا هرب وتأبق إذا استتر وقيل احتبس (تخريجه)
@@@ -155-
من عتق عبد بشرط- وعتق العبد إذا ملكه ذو رحم محرم له
(عن جرير عبد الله ) عن النبي (ص) قال إذا أبق العبد فلحق بالعدو فمات فهو كافر
(أبواب أحكام العتق)
(باب من أعتق عبدا أزو شرط عليه خدمة: وحكم من ملك ذا رحم محرم أو أعتق ما لم يملك) (عن سفينة أبي عبد الرحمن) قال أعتقني أم سلمة رضي الله عنهما واشترطت على أن أخدم النبي (ص) ما عاش (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه رفعه قال من ملك ذا رحم فهو حر (وعنه بالسند الأول) عن النبي (ص) قال من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن(1/304)
(د نس) وحسنه الحافظ السيوطي، قال المناوي ولعله لتقوية بتعدد طرقه وإلا ففيه عمر بن أبي سلمة قال النسائي غير قوي، وفي المنار سنده ضعيف اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي ابن إبراهيم ثنا داود يعني ابن يزيد الأودي عن عامر عن جرير الخ (غريبة) قيل إذ ذلك كفر في حق المستحل، وقيل المراد كفر النعمة وحق الإسلام، وقيل إنه فعل كفعل الكفار، وقيل إنه كافر حقيقة والله أعلم (تخريجه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن سلمة ثنا سعيد بن جمهان عن سفينة أبي عبد الرحمن الخ (تخريجه) (نس جه) وأخرجه أيضا (د ك) بزيادة فقلت لو لم تشترطي على ما فارقت رسول الله (ص) ما عشت فأعتقني واشترطت علي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بمن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة رفعه الخ (غريبة) قيده في الرواية الثانية بأن يكون محرما وأصل الرحم موضع تكوين الولد استعمل للقرابة، ويقع على كل من بينك وبينه نسب، ويطلق في الفرائض على الأقارب من جهة النساء بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الراء المخففة وكسر الميم الأخيرة، وكان القياس أن يكون بالنصب لأنه صفة ذا لا نعت زحم، ولعله من باب جر كقوله (جحر ضب خرب) بكسر الباب الموحدة، والمحرم هو من لا يحل نكاحه من الأقارب (وقوله فهو عتيق) فعيل بعنى مفعول أي معتوق، ومعناه أنه يعتق عليه بسبب ملكه (تخريجه) (د مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وصححه أيضا الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف ثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح أوله أي لا يكافئ ولد والده بما له من الحقوق عليه إلا أن يشتريه فيعتقه، وظاهره أنه لا يعتق بمجرد الشراء بل لا بد من العتق، وبه قالت الظاهرية وخلفهم الجمهور فقالوا أنه يعتق بنفس الشراء محتجين بحديث سمرة المتقدم(1/305)
وتحقيق المقام مذكور في شرحنا الكبير بلوغ الأماني (تخريجه) (م والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله
@@@ -156-
إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرا غرم حق شريكه وعتق العبد
النبي (ص) قال ليس على رجل طلاق فيما لا يملك ولا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك
(باب حكم من أعتق شركا له في عبد أو كان يملك عبدا فأعتق بعضه)
(عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركا له في عبد فكان له ما يبلغ ثمن العبد فإنه يقوم قيمة عدل فيعطى شركاءه حقهم وعتق عليه العبد إلا فقد أعتق ما أعتق (وعنه من طريق ثان) قال رسول الله (ص) من أعتق نصيبا له في إنسان أو مملوك كلف عتق بقيته فإن لم يكن له مال يعتقه به فقد جاز ما عتق (عن سالم عن أبيه) يبلغ به النبي (ص) إذا كان العبد بين إثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرا قوم عليه قيمة لا وكس ولا شطط ثم يعتق(1/306)
حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وعبد الله بن بكر قلا قال ثنا سعيد عن مطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) أي لا يقع عليه طلاق قبل نكاح لأن الطلاق فرع ملك المتعة، وكذلك لا يصح منع عتاق قبل ملك الرقبة: ولا ينعقد البيع قبل ملك السلعة: والعلماء في ذلك خلاف ذكرته في الشرح الكبير المشار إليه آنفا (تخريجه) (د مذ جه بز هق) وقال البيهقي هو أصح شيء في هذا الباب وأشهر: وقال الترمذي حديث حسن وهو أحسن شيء روى في هذا الباب (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا إسحاق بن عيسى أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) بكسر المعجمة وسكون الراء أي نصيبا له في عبد سواء كان قليلا أو كثيرا أي فكان للذي أعتق مال يبلغ ثمن العبد أي قيمة بقية وهو ما يسع نصيب الشريك، وقد جاء صريحا في رواية النسائي بلفظ (وله مال يبلغ قيمة انصباء شركائه فإنه يضمن لشركائه أنصباءهم ويعتق العبد) (وقوله فإنه يقوم) بضم أوله وتشديد الواو المفتوحة مبنى للمفعول أي يقوم الباقي قيمة عدل بأن لا يزاد على قيمته ولا ينقص عنها بفتح أوله وثانيه ولا يبنى للمفعول إلا إذا كان بهمزة التعدية فيقال أعتق أي وإن لم يكن له مال بأن كان معسرا (فقد أعتق ما أعتق) بالبناء للمفعول في الأول وللفاعل في الثاني يعني فقد صار الجزء الذي أعتقه حرا والباقي رقيقا للشكاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أنا يزيد أنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله (ص) من أعتق نصيبا الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال في إنسان أو قال في مملوك يعني ويدفع للشركاء قيمة نصيبهم فيه كما تقدم وبذلك يكون المملوك حرا (تخريجه) (ق قط هق. والأربعة) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن سالم عن أبيه الخ، أبو سالم هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (غريبة) بفتح الواو وسكون الكاف بعدها سين مهملة أي لا نقص (والشطط) بشين معجمة ثم طاء مهملة مكررة(1/307)
وهو الجور بالزيادة على قيمة
@@@ -157-
من أعتق نصيبه في عبد وكان معسرا سعى العبد في تخليص نفسه بما أعتق به
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له شقص في مملوك فأعتق نصفه فعليه خلاصه إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعى العبد في ثمنه رقبته غير مشقوق (وعنه من طريق ثان مرفوعا) عن أعتق شقصا له في عبد فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه (وعنه أيضا) أن رجلا أعتق شقصا من مملوك فأجاز النبي (ص) عتقه وغرمه بقية ثمنه (عن أبي المليح عن أبيه) أن رجلا من هذيل أعتق شقيصا له من مملوك، فقال رسول الله (ص) هو حر كله ،: ليس لله تبارك وتعالى شريك (حدثنا عبد الله) حدثني أبي حدثنا عبد الرازق حدثنا معمر بن حوشب حدثني إسماعيل بن أمية عن أبيه عن جده قال كان لهم غلام يقال له طهران أو ذكوان فأعتق جده، فجاء العبد إلى النبي (ص)، فقال(1/308)
من قولهم شطنى فلان إذا شق عليك وظلمك حقك (تخريجه) (خ. وغيره) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك (بفتح النون وكسر الهاء) عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر الشين المعجمة وسكون القاف وفي بعض الروايات شقيص (بفتح الشين وكسر القاف) والشقص مثل النصف والنصيف وهو القليل من كل شيء، وقيل هو النصيب قليلا أو كثيرا أي نصف المملوك على تقدير أن له النصف فيه أي فعليه خلاص من الرق بأن يدفع قيمة النصف الباقي لشريكه أن كان من ذوي اليسار ليتم حرية المملوك قال العلماء معنى الاستسعاء في هذا الحديث أن العبد يكلف الاكتساب والكلب حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر، فإذا دفعها إليه عتق، هكذا فسره جمهور القائلين بالاستعساء ، وقال بعضهم هو أن يخدم الذي لم يعتق بقدر ماله فيه الرق، فإن كان له النصف مثلا خدمة نصف اليوم وهو حر في بقيته: وإن كان له الثلث خدمة ثلث اليوم وهكذا، وعلى هذا تتفق الأحاديث والله أعلم أي لا يكلف ما يشق عليه من جهة سيده المذكور فلا يكلفه من الخدمة فوق حصته (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن ناهيك عن أبي هريرة عن النبي ( ص) قال من أعتق شقصا الخ (تخريجه) (ق د مذ جه وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير عن نهيك عن أبي هريرة أن رجلا أعتق شقصا الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل كان موسرا ولذا ألزمه النبي (ص) بقيمة نصيب شريكه في المملوك (تخريجه)(د) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه الخ (تخريجه) (د نس) ورجاله رجال الصحيح (غريبة) أبوه أمية
@@@ -158-
من قال لعبده أنت حر بعد موتي فاحتاج فله بيعه وسد حاجته(1/309)
النبي (ص) تعتق في عتقك وترق في رقك قال وكان يخدم سيده حتى مات ، قال عبد الرازق وكان معمر يعني ابن حوشب رجلا صالحا (عن سعيد بن المسيب) قال حفظنا عن ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أعتق شقصا له في مملوك ضمن بقيته (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قضى أنه من أعتق شركا له في مملوك فعليه جواز عتقه إن كان له مال
(باب ما جاء في التدابير وجواز بيع المدبر لحاجة) (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن رجلا من الأنصار يقال له مذكور (وفي لفظ أبو مذكور) أعتق غلاما له غلاما له يقال له يعقوب عن دبر لم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال من يشتريه من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام (زاد في رواية ختن عمر بن الخطاب) بثمانمائة درهم فدفعهما إليه، وقال إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، وإن كان(1/310)
المذكور وجده عمرو بن سعيد بن العاص معناه أنك تصير حرا بمقدار ما فيك من الحرية: وتصير رقيقا تخدم سيدك الذي لم يعتقك بمقدار ما فيك من الرق يحتمل أنه كان يخدم سيده على الجوام متبرعا بالمقدار الذي فيه من الحرية لسيده، ويحتمل أنه كان يخدمه بمقدار ما فيه من الرق حتى مات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل لأن عمرو بن سعيد لم يدرك النبي (ص) كما حققه الحافظ في الإصابة ، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد زهز مرسل ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال ثنا حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن سعيد ابن المسيب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) تعضده أحاديث الباب هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وتخريجه في باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله (ص) من كتاب الأرضية والأحكام ومعناه يستفاد مما تقدم والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبة) المحفوظ في معظم الروايات أبو مذكرو هو يعقوب القبطي كما يستفاد من الطريق الثنية (وقوله عن دبر) بضم الدال المهملة والباء الموحدة هو العتق في دبر الحياة كأن يقول السيد لعبد أنت حر بعد موتي أو إذا مت فأنت حر: وسمي السيد مدبر بصيغة أي الفاعل لأنه دبر أمر دنياه باستخدام ذلك المدبر واسترقاقه: ودبر أمر آخرته بإعتاقه وتحصيل أجر العتق بضم النون مصغرا والنحام بفتح النون وتشديد الحاء المهملة المفتوحة صفة له ووصف بالنحام لأن النبي (ص) قال دخلت الجنة فسمعت نحمة نعيم فيها، والنحمة السلعة ختن الرجل بالتحريك أبو زوجته والأختان من قبل المرأة ، والإحماء من قبل الرجل، والصهر يجمعهما أي لا مال له ولا كسب يقع موقعا من كفايته كان هنا تامة بمعنى وجد وفضلا مفعول (وقوله
@@@ -159-(1/311)
قصة عائشة رضي الله عنها مع جاريتها التي علقت على موتها
فضلا فعلى عياله، وإن كان فضلا فعلى ذوي قرابته أو قال على ذوي رحمه وإن كان فضلا فها هنا وها هنا (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه، فقال عمرو قال جابر غلام قبطي ومات عام الأول زاد فيها أبو الزبير يقال له يعقوب(وعنه أيضا) أن رجلا دبر عبدا له وعليه دين فباعه النبي (ص) في دين مولاه (وعنه من طريق ثان) أن النبي (ص ) باع المدبر
(عن عمرة) قالت اشتكت عائشة فطال شكواها، فقدم إنسان المدينة يتطبب فذهب بنو أخيها يسألونه عن وجعها، فقال والله إنكم تنعتون نعت امرأة مطبوبة، قال هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها، قالت نعم أردت أن تموتي فأعتق، قال وكانت مدبرة قالت بيعوها في أشد العرب ملكة واجعلوا ثمنها في مثلها(1/312)
فعلى عياله) أي الذين يعولوهم وتلزمه نفقتهم أو للشك من الراوي والمراد الجميع من أصوله وفروعه وذوي رحمه، يقدم الأقرب فالأقرب والأحوج هو كناية عن الإنفاق في وجوه الخير المعبر عنه في رواية باليمين والشمال (قال النووي) إن الابتداء في النفقة على هذا الترتيب، وأن الحقوق إذا تزاحمت قدم الآكد فالآكد وأن الأفضل في صدقة التطوع في تنويعها في جهات البر والمصلحة اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جرير أنا عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول اعتق رجل على عهد رسول الله (ص) غلاما له ليس له مال غيره على دبر منه فقال رسول الله (ص) من يبتاعه مني؟ فقال نعيم بن عبد الله أنا أبتاعه، فقال عمرو قال جابر غلام قبطي الخ هو ابن دينار أحد رجال السند يعني في إمارة ابن الزبير كما صرح بذلك في رواية عند مسلم أي في روايته، وأبو الزبير لم يذكر في رجال هذه الرواية وإنما ذكر في سند الطريق الأولى وتقدمت زيادته فيها (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر أن رجلا دبر عبد الله الخ (غريبة) زاد النسائي وكان محتاجا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي (ص) باع المدبر فسره العلماء بالمدبر الذي على سيده دين أو باعه لحاجة ضرورية كالنفقة ونحوها كما يستفاد ذلك من الطريق الأولى (تخريجه) (خ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا يحيى عن ابن أخي عمرة ولا أدري هذا أو غيره عن عمرة الخ (غريبة ) أي مرضت أي يعاني الطب ولا يعرفه معرفة جيدة أي تصفوه صفة امرأة مطبوبة أي مسحورة، كني بالطب عن السحر تفاؤلا بالبر كما كنوا بالسليم عن اللديغ هذا جواب عن سؤال لم يذكر في الحديث، وكأن عائشة سألتها هل قول الطبيب صحيح؟ فقالت نعم أردت أن تموتي فأعتق، وإنما فعلت ذلك لأن عائشة رضي الله(1/313)
عنها دبرت عتقها بعد موتها فاستعجلت الجارية وأرادت أن تقتلها لتعتق، فكان الإحسان إليها سببا في إساءتها لسيدتها، وهذا لا يصدر إلا من النفس
@@@ -160-
تفسير قوله (ص) أيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد
(باب ما جاء في المكاتب ) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أوقيات فهو رقيق (وعنه من طريق ثان) أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق فهو عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد (عن أم سلمة) زوج النبي(ص) ذكرت أن النبي (ص) قال إذا كان لأحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فليتحجب منه (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المكاتب يودي ما أعتق منه بحساب الحر وما أرق منه(1/314)
الخبيثة ولذلك أمرت عائشة بيعها في أشد العرب ملكة (بفتحات) أي للأعراب الذين لا يحسنون إلى المماليك (تخريجه) (هق والأمامان) مالك في الموطأ والشافعي في مسنده: وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (باب ) أي هذا باب ما ورد من الأحاديث في حكم المكاتب بفتح التاء المثناة من فوق: وهو المملوك الذي كاتبه سيده على مال يؤديه إليه منجما أي مقسطا فإذا صار حرا والاسم الكتابة (سنده)حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي مملوك فيشمل الأمة أيضا (وكوتب) مبنى للمفعول أي كاتبه سيده على مائة أوقية مثلا، والأوقية الهمزة بضم الهمزة وتشديد الياء التحتية اسم لأربعين درهما في ذلك الزمن أي مملوك لسيده حتى يؤدي ما بقي عليه من الكتابة ولو كان الباقي درهما كما صرح بذلك رواية لأبي داود من حديث عمرو بن شعيب مرفوعا بلفظ (المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم) وهذا مذهب الجمهور ونقل عن علي رضي الله عنه أنه يعتق منه بقدر ما أدى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا عباس الجزري ثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي (ص) قال أيما عبد الحديث، وفي آخره بعد قوله فهو عبد هذه الجملة (كذا قال عبد الصمد عباس الجزري كان في النسخة عباس الجويري فأصلحه أبي كما قال عبد الصمد الجزري) اهـ (قلت) هو في سنن أبي داود والمستدرك للحاكم عباس الجريري والله أعلم (تخريجه) (د مذ جه ك) وصحح إسناده الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا سفيان بن عيينه عن الزهري عن نسبهان عن أم سلمة الخ (غريبة) ظاهر الأمر الوجوب ، معناه إذا كان معه المكاتب من المال ما في بما عليه من مال الكتابة فيجب على مولاته أن تحتجب منه وإن لم يكن قد سلمها المال المذكور وهو يقتضي أن يصير حرا أيضا: لكن قيل إنه محمول على الندب (انظر أحكام المكاتب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 135- 136 في الجزء الثاني) (تخريجه)(1/315)
(فع د مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) بضم أوله
@@@ -161-
كلام العلماء في حكم المكاتب- وما جاء في أم الولد
بحساب العبد (عن علي) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: يودي المكاتب بقدر ما أدى (باب ما جاء في أم الولد) (عن ابن عباس) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال أيما امرأة ولدت من سيدها فهي متعلقة عن دبر منه أو قال من بعده وربما قالهما جميعا (عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما قال: كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي (ص) فينا حي لا يرى بذلك بأسا (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن الخطاب بن(1/316)
وتخفيف الدال المهملة مفتوحة بلفظ المجهول من ودى يدى دية، أي يؤدي الجاني عليه من ديته أو أرشه لما كان منه حرا بحساب دية الحر وأرشه، ولما كان منه عبدا بحساب دية العبد وأرشه (قال الخطابي) أجمع عامة الفقهاء على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم في جنايته والجناية عليه، ولم يذهب إلى هذا الحديث من العلماء فيما بلغنا إلا إبراهيم النخعي، وقد روى في ذلك أيضا شيء عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وإذا صح الحديث وجب القول به إذا لم يكن منسوخا أو معارضا بما هو أولى منه والله أعلم (تخريجه) (د نس مذ) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله ثقات: رواه النسائي مرسلا ومسندا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن عكرمة عن علي الخ (تخريجه) (هق) وسنده جيد وقال أبو داود رواه وهيب عن أيوب عن عكرمة عن علي عن النبي (ص) وأرسله حماد بن زيد وإسماعيل عن أيوب عن عكرمة عن النبي (ص) وجعله إسماعيل ابن علية من قول عكرمة (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شريك عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) أي وطئها فحملت ثم وضعت وادعاه سواء أكان ذكرا أم أنثى وهي التي يقال لها أم ولد أي في دبر حياته يعني بعد موته أو للشك من الراوي أي من بعد حياته أي وربما قال عن دبر منه بعده فيكون قوله من بعده تفسيرا لقوله منه والله أعلم (تخريجه) (جه ك هق) وله طرق وفي إسناده الحسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف جدا، وقد رجح جماعة وقفه على عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر أنه سمعه يقول كنا نبيع سرارينا الخ (غريبة) رواية ابن ماجة لا نرى بالنون بدل الياء التحتية، ورواه ابن أبي شيبة بالياء كرواية الإمام أحمد وهذا الحديث والذي بعده يعارضان حديث ابن عباس الذي قبلهما، ويجمع بين ذلك بأن جواز بيع أمهات الأولاد كان في العصر الأول ثم نهى النبي (ص)(1/317)
عن ذلك في آخر حياته ولم يشتهر ذلك إلا بعد وفاه كما يستفاد ذلك من حديث آخر عن جابر قال (كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا) رواه (د جه هق حب) (تخريجه) ()فع جه ش هق سنده صحيح ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر
(م21-الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -162-
خلاف الصحابة في بيع أم الولد هل يجوز أم لا؟ وكلام العلماء في ذلك
صالح عن أمه) قالت حدثتني سلامة بنت معقل قالت كنت للحباب بن عمرو ولي منه غلام، فقالت امرأة الآن تبايعن في دينه فأتيت رسول الله (ص) فذكرت ذلك له ، فقال رسول الله (ص) من صاحب تركة الحباب بن عمرة؟ فقالوا أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو فدعاه رسول الله (ص) ، فقال لا تبيعوها وأعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قد جائني فاتوني أعوضكم ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول الله (ص) ، فقال قوم أم الولد مملوكة لولا ذلك لم يعوضهم رسول الله (ص) منها، وقال بعضهم هي حرة قد أعتقها رسول الله (ص) ففي كان الاختلاف(باب ما جاء في ولاة المعتق ولمن يكون ) (عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتبتك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا إن شاءت إن تحتسب عليك فلتفعل وليكن(1/318)
ثنا شعبة عن زيد أبي الحواري قال سمعت أبا الصديق يحدث عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده زيد أبو الحواري بفتح المهملة العمي بفتح العين المهملة البصري قاضى هراة ضعفه أبو حاتم والنسائي وابن عدي، وقال الإمام أحمد والدر قطني صالح، ومعناه كالذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم الرازي قال ثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن الخطاب بن صالح عن أمه الحديث (غريبة) لفظ أبي داود قالت قدم بي عمي في الجاهلية فباعى من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك فقالت امرأته الآن والله تباعين في دينه الخ لفظ أبي داود قالت فأعتقوني وقدم على رسول الله (ص) رقيق فعوضهم مني غلاما، (وقولها ففي كان الاختلاف) تعني اختلاف الصحابة بعد وفاة النبي (ص) انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 139 في الجزء الثاني (تخريجه) (د هق طب) قال المنذري في إسناده محمد بن إسحاق (يعني أنه ثقة لكنه مدلس وقد عنعن) وقال الخطابي إسناده ليس بذاك وذكر البيهقي أنه أحسن شيء روى فيه عن النبي (ص) قال هذا بعد أن ذكر أحاديث في أسانيدها مقال (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى قال حدثني ليث قال حدثني ابن شهاب عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) بفتح الباء الموحدة وبراءين بينهما تحتية بوزن جميلة وكانت لناس من الأنصار كما وقع عند أبي نعيم، وقيل لناس من بني هلال قاله ابن عبد البر المراد بالأهل هنا السادة والأهل في الأصل الآل، وفي الشرع من تلزمك نفقته ظاهر أن عائشة رضي الله عنها طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال الكتابة ولم يقع ذلك إذ لو قع لكان اللوم على عائشة بطلبها ولاء من أعتقه غيرها، وقد رواه أبو أسامة بلفظ يزيل الإشكال
@@@ -163-
ما جاء في ولاء المعتق ولمن يكون؟(1/319)
لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول الله (ص) فقال رسول الله (ص) إبتاعي فأعتقني فإنما الولاء لمن أعتق، قالت ثم قام رسول الله (ص) فقال ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله عز وجل، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله عز وجل فليس له وأن شرط مائة مرة، شرط الله عز وجل أحق وأوثق (وعنه أيضا عن عائشة) رضي الله عنها أن بريرة أتتها تستعينها وكانت مكاتبة، فقالت لها عائشة أيبيعك أهلك؟ فأتت أهلها فذكرت ذلك لهم، فقالوا لا إلا أن تشترط لنا ولاؤها، فقال النبي (ص) اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن عائشة أرادت أن تشتري بريرة فأبى أهلها أن يبيعوها إلا أن يكون لهم ولاءها، فذكرت ذلك عائشة للنبي (ص) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعطى الثمن.(1/320)
فقال (أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت) وكذلك وقع عند الإمامين من تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها، إذ العتق فرع ثبوت الملك، ويؤيده قول النبي (ص) (إبتاعي فأعتقي) (والمراد بالولاء هنا) ولاء العتق، وهو ميراث يستحقه المرء بسبب عتق شخص في ملكه، يعني إذا مات المعتق (بفتح التاء الفوقية) ورثه معتقة، وكانت العرب تبيع الولاء وتهبه فنهى النبي (ص) عنه بقوله(الولاء لحمه النسب لا يباع ولا يوهب) (ك هق) عن ابن عمر والطبراني عن عبد الله بن أبي أوفى وصححه الحافظ السيوطي، وحيث أنه كالنسب فلا يزول بالإزالة أي ما شأنهم وقوله (يشترطون شروطا ليست في كتاب الله) أي ليست في حكمه ولا على موجب قضاء كتابه لأن كتاب الله تعالى أمر بإطاعة الرسول (ص) وأعلم أن سنته بيان له: وقد جعل الرسول (ص ) الولاء مائة مرة توكيدا فالشرط باطل، وإنما حمل ذلك على التوكيد لأن الدليل قد دل على بطلان جميع الشروط التي ليست في كتاب الله فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة فإنها لو زاد عليها كان الحكم كذلك أي أحق وأوثق بالعمل به، يريد صلى الله عليه وسلم ما أظهره وبينه بقوله (إنما الولاء لمن أعتق) (تخريجه) (ق والإمامان وغيرهم ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) هذه الرواية تبين أن المراد بقولها في الرواية السابقة (أن أقضي عنك كتبك) شراءها بقيمة كتابها ثم تعتقها (تخريجه) (ق. وغيرهما) ولم يذكر البخاري لفظ فأعتقيها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد عن همام عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق والإمامان وأبو داود والنسائي) لكن قال مسلم فيه عن عائشة جعله من مسندها
@@@ -164-
النهي عن الحلف بغي الله عز وجل
(كتاب اليمين والنذر)
(باب في أن اليمين لا تكون إلا بالله عز وجل والنهي عن الحلف بالآباء)(1/321)
(عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي (ص) قال من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله عز وجل وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم (عن سعد بن عبيدة) قال كنت مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلا في حلقة أخرى وهو يقول لا وأبي، فرماه ابن عمر بالحصى وقال إنها كانت يمين عمر فنهاه النبي (ص) عنها وقال أنها شرك (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه فنهاه النبي (ص) وقال من حلف بشيء دون الله تعالى فقد أشرك، وقال الآخر وهو شرك (عن عمر رضي الله عنه) أنه قال لا وأبي فقال رسول الله (ص) أنه من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (عن سالم عن أبيه) أن النبي (ص) سمع عمر وهو يقول وأبي فقال رسول الله (ص) إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فإذا حلف(1/322)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيد بن أبي قرة ثنا سليمان يعني ابن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبة) أي من كان مريدا للحلف فلا يحلف إلا بالله عز وجل ، أي بأسمائه وصفاته وماعدا ذلك يكره الحلف به سواء في ذلك النبي (ص) والكعبة والملائكة ونحو ذلك وجه النهي أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والعظمة مختصة بالله تعالى حقيقة فلا يضاهي به غيره، وأما الله عز وجل فله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه وأنشد في هذا المعنى: (ويقبح من سواك الشيء عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا ) (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة الخ (غريبة) معناه أن من حلف بأبيه أو بشيء دون اسم الله عز وجل أو صفة من صفاته فقد أشرك كما صرح بذلك في الطريق الثانية (قال الحافظ) والتعبير بقوله فقد كفر أو أشرك للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك، وقد تمسك به من قال بتحريم ذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبيه والأعمش ومنصور عن سعد بنم عبيدة عن ابن عمر قال كان عمر يحلف وأبي فنهاه النبي(ص) الخ معناه أن بعض الرواة قال فقد أشرك وبعضهم قال وهو شرك (تخريجه) (د ك حب مذ ) وقال هذا حديث حسن ولفظه مختلف والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل ثنا سعيد بن مسروق عن سعد ابن عبيدة عن ابن عمر عن عمر الخ (غريبة) هو اسم فعل أمر بمعنى انكفف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما الخ
@@@ -165-
النهي عن الحلف بالآباء والطواغيت(1/323)
أحدكم فليحلف بالله أو ليصمت قال عمر فما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا (عن عمر رضي الله عنه بنحوه) وفيه: قال عمر فو الله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله (ص) نهى عنها ولا تكلمت بها ذاكرا ولا آثرا (وعنه أيضا) قال كنت مع النبي (ص) في غزاة فحلفت لا وأبي فهتف بي رجل من خلفي فقال لا تحلفوا بآبائكم فإذا هو النبي (ص) (عن عبد الرحمن بن سمرة) عن النبي (ص) قال لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت وقال يريد والطواغي (باب ما جاء في الحلف بالكعب) (عن سعد بن عبيده) قال كنت جالسا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فجئت سعيد بن المسيب وتركت عنده(1/324)
(غريبة) بضم الميم أي يسكت عن الحلف بغير الله وظاهره أن اليمين بالله عز وجل مباحة، لأن أقل مراتب الأمر الإباحة، وإليه ذهب الأكثر وهو الصحيح نقلا، لأن النبي(ص) حلف كثيرا وأمره الله به حيث قال (قل إي وربي إنه لحق) ونظرا لأنه تعظيم لله تعالى (بمد الهمزة وكسر المثلثة أي حاكيا عن غيري أي ما حلفت بأبي عامدا ولا حاكيا من غيري، واستشكل بأن الحاكي لا يسمى حالفا، وأجيب بأن العامل محذوف أي ولا ذكرتها آثرا عن غيري، أو ضمن حلفت معنى تكلمت، أو معناه يرجع إلى التفاخر بالآباء فكأنه قال ما حلفت بآبائي بن شعيب بن أبيس حمزة قال حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فو الله الخ (تخريجه)(ق. والأربعة. وغيرهم ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله الزبيري ثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه قال كنت مع النبي (ص) الخ (غريبة) أي صاح(تخريجه) (ش) سنده عن الإمام أحمد جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا هشام عن ابن عون عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة الخ(غريبة) هو جمع طاغوت وهو الصنم، ويطلق على الشيطان أيضا، ويكون الطاغوت واحدا وجمعا ومذكرا ومؤنثا قال تعالى (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) وقال تعالى (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) معناه أن يزيد بن هارون أحد الرواة قال في روايته (والطواغي) والطواغي هي الأصنام كما قال أهل اللغة واحدها طاغية، ومنه هذه طاغية دوس أي صنمهم ومعبودهم سمى باسم المصدر لطغيان الكفار بعبادته لأنه سبب طغيانهم وكفرهم، وعلى هذا فقوله (والطواغي) عطف تفسير على الطواغيت لأنه معناه والله أعلم (تخريجه) (م نس جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور(1/325)
عن سعد بن عبيدة قال كنت جاسا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الخ (غريبة) يعني عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
@@@ -166-
النهي عن الحلف بالكعبة وأن المشيئة لا تكون إلا الله عز وجل
رجلا من كنده فجاء الكندي مروعا (أي خائفا) فقلت ما وراءك؟ قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال أحلف بالكعبة؟ فقال احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه فقال له النبي (ص) لا تحلف بابيك فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك (عن قتيلة بنت صيفي) الجهنية رضي الله عنها قالت أتى حبر من الأحبار رسول الله (ص) فقال يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون قال سبحان الله وما ذاك قال تقولون إذا حلفتم والكعبة قالت فأمهل رسول الله (ص) شيئا ثم قالت إنه قد قال فمن قال ما شاء الله فليفصل
لفظ الترمذي فقد كفر أو أشرك، وفي بعض نسخ الترمذي فقد كفر وأشرك بواو العطف(1/326)
(تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن وتفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله فقد كفر أو أشرك على التغليظ اهـ (قلت) في إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم، وإنما حسنه الترمذي لأنه رواه عن سعد عن عبيدة عن ابن عمر وقد ثبت سماع سعد بن عبيدة من ابن عمر من طريق وكيع عن الأعمش، وتقدم في الحديث الثاني من الباب السابق، ورواه أيضا الحاكم في المستدرك عن عبيدة عن ابن عمر وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا يحيى المسعودي قال حدثني معبد بن خالد عن عبد الله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي الخ (قتيلة) بضم القاف ثم تاء مثناة فوق مفتوحة ثم ياء تحتية ساكنة صحابية، قال أبو عمر كانت من المهاجرات الأول، وروى عنها عبد الله بن يسار (غريبة) بفتح الحاء المهملة وكسرها هو العالم جمعه أحبار، وكان يقال لابن عباس الحبر لعلمه وسعته، والمراد هنا عالم من علماء اليهود جاء في رواية النسائي (إن يهوديا أتي النبي (ص)) فقال يا محمد إنكم تنددون "أي تجعلون لله أندادا " وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت)( وقوله هنا لولا أنكم تشركون) أي تجعلون لله شركاء فقال النبي (ص) (سبحان الله) أي أنزه الله عن أن يكون له شريك، فمعنى سبحانه التقديس والتنزيه، وتكون أيضا بمعنى التعجب فكأنه يتعجب من قول اليهودي إنهم يشركون بالله أي تقسمون بها مع أن القسم لا يكون إلا باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، فكأنهم لما أقسموا بالكعبة جعلوا لله شريكا فيما هو مختص به أي آخر الجواب عن اليهودي شيئا من الزمن (ثم قالت) يعني (إنه قد قال) تعني رسول الله (ص) (فمن حلف فليحلف برب الكعبة) يعني يقول ورب الكعبة لا يقول والكعبة أي مماثلا بفتح التاء المثناة من فوق يعني أنهم يشركون النبي (ص) في مشيئته فيقولون ما شاء الله وشاء محمد، وقد جاء ذلك صريحا في حديث حذيفة بن اليمان
@@@ -167-(1/327)
كلام العلماء في حكم من حلف باللات والعزى ومن قال لصاحبه تعال أقامرك
بينهما ثم شئت (باب من حلف باللات والعزى ومن قال لصاحبه تعال أقامرك ) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من حلف فقال في حلفه واللات فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق بشيء (عن مصعب بن سعد) عن أبيه رضي الله عنه قال حلفت باللات والعزى فقال أصحابي قد قلت هجرا فأتيت النبي (ص) فقلت إن العهد كان قريبا وإني حلفت باللات والعزى فقال رسول الله (ص) قال لا إله إلا الله وحده ثلاثا ثم انفث عن يسارك ثلاثا
وتقدم في الباب الأول رقم 38 من الجزء الأول في كتاب التوحيد فارجع إليه أي يفصل بينهما بلفظ ثم، فيقول ما شاء الله ثم شئت (تخريجه) (نس طب) وابن سعد وصححه النسائي وأخرجه أيضا (ك) في المستدرك وصححه وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبة) هو اسم صنم اتخذوه إلاها يعبدونه اشتقوا له إسما من أسماء الله تعالى فقالوا من الله اللات يعنون مؤنثة منه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، وحكى عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أبي أنس أنهم قرءوا اللات بتشديد(1/328)
التاء وفسروه بأنه كان رجلا يلث للحجيج في الجاهلية السويق فلما مات عكفوا على قبره فعبدوا إنما أمره النبي(ص) أن يقول لا اله إلا الله لأنه تعاطى تعظيم صورة الأصنام حين حلف بها: فقوله لا اله إلا الله ينافي تعظيم الأصنام: وفيه رجوع إلى الله عز وجل واعتراف له بالوحدانية، وللعلماء كلام منهما أن يغلب على صاحبه في فعل أو قول ليأخذ مالا جعلاه للغالب : وهذا حرام بالإجماع، إلا أنه استثنى منه سباق الخيل بالكيفية التي تقدمت في بابه (وقوله بشيء) (تخريجه)(ق نس . وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه الخ (مصعب) أبوه سعد بن أبي أبي وقاص الصحابي أحد العشرة المبشرين بالجنة (غريبة) أي بلا قصد بل على طريق جري العادة بينهم لأنهم كانوا قريبي عهد بالجاهلية بدليل قوله إن العهد كان قريبا، واللات تقد الكلام عليه (والعزى) مشتقة من العزيز قال بن جرير كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف كانت قريش يعظمونها كما قال أبو سفيان يوم أحد. لنا العزي ولا العزى فقال رسول الله (ص) قولوا الله مولانا ولا مولا لكم بضم فسكون هو القبيح من الكلام زاد النسائي لا شريك له، وإنما أمره بذلك استدراكا لما فاته من تعظيم الله تعالى في محله ونفيا من تعظيم الأصنام صورة، وأما من قصد الحلف بالأصنام تعظيما لها فهو كافر نعوذ بالله من ذلك أي إتفل كما صرح بذلك في رواية
@@@ -168-
حكم من حلف بملة سوى الإسلام(1/329)
وتعوذ ولا تعد (باب من حلف بملة سوى الإسلام ومن قال أنه برئ من الإسلام) (عن ثابت بن الضحاك) الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من حلف بملة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال (عن ابن بريدة عن أبيه) قال: قال رسول اله (ص) من حلف أنه بريئ من الإسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما (باب من حلف باسم من أسماء الله عز وجل أو صفة من صفاته) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه سمع رسول اله (ص)قال والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة (عن ابن عمر رضي الله عنهما) قال كانت(1/330)
النسائي ولفظه (وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات واتفل عن يسارك ثلاث مرات ولا تعدله) (تخريجه)(نس جه) وسنده حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا هشام ويزيد قال أنا هشام قال حدثني يحيى عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك أن النبي (ص) قال لعن المؤمن كقتله: ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به في الآخرة، وليس على رجل مسلم نذر فيما لا يملك، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله، ومن حلف بملة سوى الإسلام الخ (غريبة) الملة بكسر الميم وتشديد اللام الدين والشريعة، وهي نظرة في سياق الشرط فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية ونحوهم زاد مسلم وابن ماجة متعمدا: وظاهره أنه في اليمين على الماضي إذ الكذب حال اليمين يظهر فيه: ويمكن أن يقال كاذبا حال المقدرة: أي مقدار كذبه فينطبق على اليمين في المستقبل (فهو كما قال) ظاهره أنه يصير كافرا بضعفه في دينه وخروجه عن الكمال فيه (قال القاضي عياض) يستفاد من ذلك أن الحالف متعمدا إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كاذب في التعظيم لها احتمل (تخريجه) (ق نس مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب من كتابه حدثني حسين (بن واقد) حدثني ابن بريدة عن أبيه الخ (غريبة) قال الحافظ يحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم كأنه قال فهو مستحق مثل عقاب ما قال، ونظيره (من ترك الصلاة فقد كفر) أي استوجب عقوبة من كفر، وقال ابن المنذر ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر بل المراد أنه كاذب كذب المعظم لتلك الجهة أي فيما علق عليه البراءة (فلن يرجع إلى الإسلام سالما) أي من اللوم لأنه بقوله هذا خرج عن الحد الكمال والله أعلم (تخريجه) (نس جه) وصححه النسائي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث حيث أقسم (ص) باسم الله، وفيه(1/331)
استحباب كثرة الاستغفار والتوبة كل يوم وإن لم يذنب (تخريجه) (خ وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع
@@@ -169-
كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم
يمين النبي (ص) التي يحلف عليها: لا ومقلب القلوب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كنا مع رسول اله (ص) في المسجد، فلما قمنا معه، فجاء أعرابي فقال أعطني يا محمد، قال فقال لا وأستغفر الله، فجذبه فخدشه قال فهموا به، قال دعوه، قال ثم أعطاه، قال وكانت يمينه أن يقول لا وأستغفر الله (وفي حديث عبد الله بن مسعود) قال: قام فينا رسول اله (ص)فقال والذي لا اله إلا غيره لا يحل دم رجل مسلم الحديث (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول اله (ص) والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه(1/332)
ثنا سفيان عن موسى قال وكيع نرى أنه ابن عقبة عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبة) المراد باليمين المحلوف به: وقوله عليها بمعنى بها لا نفي الكلام السابق، ومقلب القلوب هو المقيم به، والمراد بتقلب القلوب تقلب أحوالها لا ذواتها، وفيه جواز تسمية الله عز وجل بما ثبت من صفاته على وجه يليق به، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الحديث جواز تسمية الله عز وجل بما ثبت من صفاته على وجه يليق به ، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الحديث جواز الحلف بأفعال الله تعالى إذا وصف بها ولم يدرك اسمه تعالى والله أعلم، قال الراغب تقليب القلوب والأبصار صرفها عن رأي إلى رأي ، قال ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة (تخريجه) (خ والأربعة وغيرهم) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب القرشي عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول اله (ص) في المسجد الخ (غريبة) قال الطبي الوجه في معناه أن يقال أن الواو في قوله واستغفر الله للعطف وهو يقتضي معطوفا عليه محذوفا والقرينة لفظ- لا- لأنها لا يخلوا إما أن تكون توطئة للقسم كما في لا أقسم ، أورد للكلام السابق وإنشاء، وعلى كلا التقديرين المعنى لا أقسم بالله وأستغفر الله، ويؤيده ما قال المظهر من قوله إذا حلف رسول اله (ص) يمين اللغو كان يقول وأستغفر الله عقبة تداركا لما جرى على لسانه من غير قصد وإن كان الأمر على خلاف ذلك، وذلك وإن لم يكن يمينا لكنه مشابه من حيث أنه أكد الكلام فلذلك سماه يمينا والله أعلم (تخريجه) (د جه) وسنده جيد سيأتي حديث عبد الله بن مسعود بطوله وسنده وسرحه في باب ما يبيح دم المسلم من كتاب القتل والجنايات وهو حديث صحيح رواه (م. والثلاثة) هذا موضع الدلالة من الحديث حديث أبي هريرة تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب الإيمان بالنبي (ص) من كتاب الأيمان رقم 71 صحيفة 101 من الجزء الأول وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره هذا موضع الدلالة من(1/333)
الحديث، والواو فيه للقسم والذي مبتدأ، وهو صفة لموصوف لم يذكر: تقديره والله الذي (وقوله نفس محمد) مبتدأ ثاني (بيده) من المتشابه المفوض علمه إلى الله عز وجل على طريقة السلف وهي أسلم
(م 22- الفتح الرباني ج 14)
@@@ -170-
الحلف بعزة الله عز وجل وصفاته
الأمة الحديث (وعنه أيضا) من حديث طويل في قصة آخر رجل يخرج من النار، قال ويبقى رجل يقبل بوجهه إلى النار، فيقول أي رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار، فلا يزال يدعو حتى يقول فلعلى إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره، فيقول لا ، وعزتك لا أسألك غيره الحديث (وجاء في حديث الإفك) أن النبي (ص) قام فاستعذر من عبد الله بن أبي ، فقام أسيد بن حضير، فقال لسعد بن عبادة رضي الله عنهما لعمر الله لنقتلنه الحديث (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) أمر أسامة على قوم فطعن الناس في إمارته، فقال أن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وإيم الله إن كان لخليقا للإمارة الحديث (باب) الاستثناء في اليمين والتورية والرجوع إلى النية) (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع (عن ابن عمر)(1/334)
سيأتي هذا الحديث بطوله وسنده وشرحه في باب صفة النار من كتاب القيامة إن شاء الله تعالى، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما (غريبة) أي سمني وكل مسموم وقشيب ومقشب: والمراد هنا الريح الكريهة التي يتأذى منها الذكاء شدة وهج النار يقال ذكيت النار (بالتشديد)إذا أتمت إشعالها ورفعتها، وذكت النار (بالتخفيف) أي اشتعلت هذا موضع الدلالة من الحديث ومعنى العزة القدرة والعظمة وهي صفة من صفات الذات، وذكر النبي (ص) ذلك مقررا له دليل على جواز الحلف به والله أعلم سيأتي حديث الإفك بتمامه وسنده وشرحه في غزوة بني المصطلق من أبواب الغزوات، وفي مناقب عائشة من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما هذا موضع الدلالة من الحديث وهو بفتح العين وسكون الميم العمر (بضم العين) قال في النهاية ولا يقال في القسم إلا بالفتح، وقال الراغب العمر بالضم والفتح واحد عمرك. وقال أبو القاسم الزجاجي العمر الحياة: فمنت قال لعمر الله فكأنه قال أحلف ببقاء الله واللام للتوكيد والخبر محذوف أي ما أقسم به، ومن ثم قالت المالكية والحنفية تنعقد بها اليمين لأنم بقاء الله تعالى ممن صفة ذاته اهـ (قلت) وللأئمة خلاف في ذلك ذكرته في الشرح الكبير حديث ابن عمر سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب مناقب أسامة بن زيد من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث لأن هذه الكلمة من الألفاظ القسم وفيها لغات كثيرة وتفتح همزتها وتكسر، وهمزتها وصل وقد تنقطع،وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول هي اسم موضوع للقسم، وحكى أبو عبيدة أن أصلحا يمين الله، وتجمع على أيمن، فيقال وأيمن الله، ومن ذهب إلى ذلك إلى جعل همزتها همزة قطه، وذهب المبرد إلى أنها عوض من واو القسم وأن معنى قوله واسم الله، والله لأفعلن، ونقل عن ابن عباس أن يمين الله من(1/335)
أسماء الله
…
@@@ -171-
الاستثناء في الينين ومن قال إن شاء الله لم يحنث
رضي الله عنهما قال أيوب لا أعلمه إلا عن النبي (ص) قال من حلف فاستثنى فهو بالخيار إنشاء أن يمضي على يمينه، وإن شاء أن يرجع غير حنث أو قال غير حرج (وعنه من طريق ثنا) عن النبي (ص) قال : إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فهو بالخيار إن شاء فليمض وإن شاء فليترك (عن ابن عمر) رضي اله عنه عنهما يبلغ به النبي (ص) من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث (عن سويد بن حنظلة) رضي الله عنه قال خرجنا نريد رسول الله (ص) ومعنا وائل بن جحر، فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا(1/336)
ومنه قول امرئ القيس، فقلت يمين الله أبرح قاعدا. ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي. ومن ثم قالت المالكية والحنفية إنه يمين: وعند الشافعية أن نوى اليمين انعقدت: وإن نوى غير اليمين لم تنعقد يمينا: وإن أطلق فوجهان لا تنعقد إلا أن نوى، وعن الإمام أحمد روايتان أصحهما الانعقاد والله سبحانه وتعالى أعلم(غريبة) هو ابن أبي تميمة ثقة ثبت حجة قاله الحافظ في التقريب (وقوله لا أعلمه إلا عن النبي (ص)) يريد أن هذا الحديث مرفوع إلى النبي (ص) يعني بقوله إن شاء الله كما صرح بذلك في الطريق الثانية بكسر المهملة وسكون النون أي من غير حنث في يمينه سواء فعل المحلوف عليه أو لم يفعل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان وهيب ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي (ص) الخ (تخريجه) (د مذ نس جه) وحسنه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر يبلغ به النبي (ص) الخ (تخريجه) (د فع نس مذ جه) وحسنه الترمذي وقد اختلف في رفعه ووقفه ورواه الحاكم أيضا في المستدرك من طريق كثير بن فرقد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه هكذا (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة الخ: وقال في آخره بعد قوله لم يحنث (قال عبد الرزاق وهو اختصره يعني معمرا) اهـ (قلت) سيأتي الحديث بطوله غير مختصر في ذكر نبي الله سليمان بن داود من كتاب أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى (غريبة) أي سواء فعل المحلوف عليه أو تركه، وفيه دلالة على أن التقييد بمشيئة الله تعالى مانع من انعقاد اليمين أو يحل انعقادها: وللعلماء كلام في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (أنظر القول الحسن شرح بدائع المنن ص 142 جزء ثان ) (تخريجه) (خ وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا إسرائيل بن يونس ابن أبي إسحاق قال ثنا إبراهيم بن عبد الأعلى(1/337)
عن جدته عن أبيها سويد بن حنظله الخ (غريبة) الحرج معناه الإثم والضيق، يقال تحرج فلان إذا فعلا يحرج به (من الحرج) وهو الإثم والفسق.
@@@ -172-
التورية في اليمين والتغليظ في الإيمان الكاذبة
وحلفت أنه أخي فخلى عنه فأتينا رسول الله (ص) فذكرت ذلك له، فقال أنت كنت أبرهم وأصدقهم صدقت صدقت، المسلم أخو المسلم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) يمينك على ما يصدقك به صاحبك (وفي لفظ) (بما يصدقك به صاحبك)
(باب التغليظ في اليمين الفاجرة وتعظيمها على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن عبد الله بن مسعود) رصي الله عنه عن النبي (ص) قال من حلف على يمين يقتطع بها مال مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وقرأ علينا رسول الله (ص) مصداقه من كتاب الله (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أو لائك لأخلاق لهم في الآخرة)
…(1/338)
والمعنى إنهم امتنعوا عن الحلف خوفا من الوقوع في الإثم يعني أخوة الإسلام ويشترك في ذلك الحر والعبد، ويبر الحالف إن هذا المسلم أخوه ولا سيما إذا كان في ذلك قربة: وهي منع الإيذاء عن أخيه المسلم في حديث الباب، ولهذا استحسن النبي (ص) منه ذلك وقال أنت كنت أبرهم وأصدقهم ولذا قيل إن المعاريض المندوحة، قال الجوهري المعاريض هي خلاف التصريح: وهي التورية بالشيء عن الشيء، والمندوحة السعة (تخريجه) (د جه) ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أنا هشيم بن بشير أنا عبد الله بن صالح ذكوان عن أبيه عن أبي هريرة الخ(غريبة أي حلفك وهو مبتدأ خبره قوله (على ما يصدقك به صاحبك) أي خصمك ومدعيك ومحاورك كذا في المرقاة، لكن جاء في رواية مسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا (اليمين علة نية المستحلف) وهو يفيد أن الاعتبار بقصد المحلف من غير فرق بين أن يكون المحلف هو الحاكم أو الغريم: وبين أن يكون المحلف ظالما أو مظلوما صادقا أو كاذبا، وقيل هو مقيد بصدق المحلف فيما ادعاه، أما لو كان كاذبا كان الاعتبار بنية الحالف (وقال ابن الملك ) في شرحه يعني من استحلف غيره على شيء ونوى الحالف في حلفه غير ذلك الشيء سواء كان متبرعا في يمينه أو بقضاء يعتبر فيه نية المستحلف لا نية الحالف وتوريته، وهذا إذا استحلفه القاضي بالله، وأما إذا استحلفه بالطلاق فيعتبر فيه نية الحالف لأن القاضي ليس له إلزام الحالف بالطلاق اهـ (تخريجه) (م د مذ جه قط) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن جامع عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) يفتعل من القطع كأنه قطعة عن صاحبه أو أخذ قطعة من ماله بسبب الحلف المذكور (وقوله مال مسلم) قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك حكمه حكم المسلم في ذلك أي يعامله معاملة المغضوب عليهم مصداق الشيء ما يصدقه أي يستبدلون (بعهد الله) إليهم في الإيمان بالنبي (ص) وأداء الأمانة (وإيمانهم) حلفهم به(1/339)
تعالى كاذبين أي متاعا من متاع الدنيا الزائل سواء كان قليلا أو كثيرا، وعبر بالقليل لأنه مهما كثر فهو قليل بالنسبة لمتاع الآخرة أي
@@@ -173-
التغليظ في الإيمان الكاذبة ووعيد من حلف كاذبا
ولا يكلمهم الله (وعنه من طريق ثان وزاد) قال فخرج الأشعث بن قيس يقرؤها قال في أنزلت هذه الآية، إن رجلا ادعى ركيالي فاختصمنا إلى رسول الله (ص) ، فقال شاهداك أو يمينه فقلت أما إنه إن حلف حلف فاجرا، فقال النبي (ص) من حلف على يمينه فقلت أما إنه إن حلف حلف فاجرا، فقال النبي(ص) من حلف على يمين صبرا يستحق بها مالا لقي الله وهو عليه غضبان (عن عدي بن عميرة) الكندي قال خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عابس رجلا من حضر موت إلى رسول الله (ص) في أرض، فقضى على الحضرمي بالبنية فلم تكن له بينة، فقضى على امرئ القيس باليمين، فقال رسول الله (ص) من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان، قال رجاء وتلا رسول الله (ص) (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) فقال امرؤ القيس ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ قال الجنة، قال فاشهد أني قد تركتها له كلها (عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه قال اختصم رجلان إلى النبي (ص) فذكر نحوه(1/340)
لا نصيب لهم من الكرامة في الآخرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي ثنا منصور عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال من حلف على يمين صبرا يستحق بها مالا وهو فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان، وإن تصديقها لفي القرآن (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخر الآية قال فخرج الأشعث بن قيس الخ بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء التحتية، ويقال ركية بالتأنيث وهي البئر: والمعنى أن الرجل إدعى البئر له قال النووي معناه لك ما يشهد به شاهداك أو يمينك أي كاذبا يمين الصبر هي التي ألزم بها الحالف عند حاكم ونحوه وأصل الصبر هو الحبس والإمساك (تخريجه) (ق. فع والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن جرير بن حازم قال ثنا عدي بن عدي قال أخبرني رجاء بن حيوة والعرس ابن عمرة عن أبيه عدى الخ (قلت) الضمير في قوله عن أبيه عدى يرجع إلى عدى بن عميرة الصحابي والدي (عدي) بن عدي ، والمعنى أنهما حدثنا عدي بن عدي عن أبيه عدي بن عميرة (غريبة) هو ابن حيوه أحد رجال السند في رواية أخرى فنزلت (ظعن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخرها (تخريجه) (نس قط) ورجاله كلهم ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله أبي ثنا حسين بن علي عن جعفر بن رقان عن ثابت بن الحجاج عن أبي موسى الأشعري قال اختصم رجلان إلى النبي (ص) في أرض أحدهما من أهل حضر موت قال فجعل يحلف أحدهما، قال فضج الآخر وقال أنه إذا يذهب بأرضي، فقال (يعني النبي (ص)) إن هو اقتطعها بيمينه ظلما كان ممن لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم، قال وورع الآخر فردها (تخريجه) (بز
@@@ -174-
وعيد من حلف عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذبا(1/341)
(عن أبي هريرة) رضي عنه قال: قال رسول الله (ص)اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب (وفي لفظ للبركة) (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال من حلف على يمين كاذبة مصبورة متعمدا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار (عن أبي سود) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: اليمين الفاجرة يقتطع بها الرجل مال المسلم تعتقم الرحم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد أو أمة يحلف عند هذا المنبر على آثمة ولو على سواك رطب إلا وجبت له نار(1/342)
عل طب طس) وحسن الهيثمي إسناده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن العلاء، وابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الميم والفاء بينهما نون ساكنة من نفق البيع إذا راج ضد كسد (للسلعة) بكسر السين المهملة المتاع وما يتجر به (وقوله ممحقة) بفتح الميم والحاء المهملة بينهما ميم ساكنة من المحق أي مذهبة للكسب أي البركة كما صرح بذلك في اللفظ الآخر: وهو لابن جعفر أحد رجال السند، وجاء كذلك في رواية الشيخين (تخريجه) (ق د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا هشام عن محمد عن عمران بن حصين الخ (غريبة) أي ألزم بها وحبس عليها من جهة الحاكم، وقيل لها مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور كأنه إنما صبر من أجلها، أي حبس فوصفت بالصبر وأضيفت إليه مجازا أي فلينزل خارا بوجهه منزله من النار، يقال بوأه الله منزلا أي أسكنه إياه وتبوأت منزلا أي اتخذته ، والمباءة المنزل (نه) (تخريجه) (د طب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى ابن آدم ثنا ابن المبارك عن معمر عن شيخ من بني تميم عن أبي سود (بضم السين المهملة وسكون الواو) التميمي الخ، ولم يقع لأبي سود في مسند الإمام أحمد إلا هذا الحديث (غريبة) أي الكاذبة يريد أنها تقطع الصلة والمعروف بين الناس: ويجوز أن يحمل على ظاهره (نه) (تخريجه) (طب) وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات: وأخرجه أيضا البغوي وابن منده وابن السكن عن معمر بإسناده الإمام أحمد، قاله الحافظ في الإصابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري من أهل المدينة قال سمعت أبا سلمة يقول سمعت أبا هريرة يقول أشهد الخ (غريبة) يعني منبر النبي (ص) وإنما خص المنبر لزيادة حرمته ولأنه في أشرف بقعة من الأرض فقد ورد (مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي) رواه (ق. والإمام أحمد)(1/343)
(وقوله آثمة) أي كاذبة والمراد إثم صاحبها بكذبة ذكر السواك الرطب مبالغة في أن اليمين الكاذبة توجب لصاحبها النار ولو كانت على شيء تافه (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال
@@@ -175-
قصة الرجل الذي حلف كاذبا وغفر الله له
(عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلف أحد على منبري كاذبا (زاد في رواية يستحق بها مسلم) إلا تبوأ مقعده من النار (باب من حلف كاذبا وغفر الله له) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رجلين اختصما إلى النبي (ص) فسأل النبي (ص) المدعي البينة فلم يكن له بينة، فاستحلف المطلوب فحلف بالله الذي لا اله إلا هو، فقال رسول الله (ص) إنك قد فعلت (وفي لفظ قد حلفت) ولكن غفر الله لك بإخلاصك قول لا اله إلا الله (وعنه من طريق ثان) قال اختصم إلى الني (ص) رجلان، فوقت اليمين على أحدهما، فحلف بالله الذي لا اله إلا هو ماله عنده شيء، قال فنزل جبريل عليه السلام على النبي (ص)، فقال كاذب، إن له عنده حقه، فأمره أن يعطيه حقه، وكفارة يمينه معرفة أن لا إله إلا الله أو شهادته (عن ابن عمر رضي الله عنهما) عن النبي (ص) نحوه (بابا الأمر بإبرار المقسم والرخصة في ترك للعذر ومن كذب بصره وصدق الحالف) (عن مجاهد) قال كان رجل من المهاجرين(1/344)
الهيثمي رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق حدثني مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص قال سمعت عبد الله بن نسطاس يحدث عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (دك) والإمامان وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس الخ (غريبة) يريد أنه ما فعل المخلوف عليه، فقال له النبي (ص) قد فعلت (وفي لفظ قد حلفت) يعني كاذبا وقد علم ذلك بالوحي كما في الطريق الثانية معناه أن الله عز وجل غفر لهذا الرجل ذنب الحلف به كاذبا لأنه علم منه الإخلاص في التوحيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى الأعرج عن ابن عباس قال اختصم الخ أي المدعى عليه لأن المدعى عجز عن الإتيان بالبينة هذا يفيد أنه (ص) ألزمه بالدعوى وبطلان يمينه بمقتضى الوحي ويدل على أنه (ص) كان أحيانا يقضي بالوحي أيضا أو للشك من الراوي قال أبو داود ويراه من هذا الحديث أنه (ص) لم يأمره بالكفارة (تخريجه) (د نس هق) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا حماد يعني ابن سلمة قال أخبرنا ثابت عن عبد الله بن عمران رسول الله (ص) قال لرجل فعلت كذا وكذا؟ قال لا والذي لا اله إلا هو ما فعلت، قال فقال له جبريل عليه السلام قد فعل، ولكن غفر له بقول لا اله إلا الله، قال حماد لم يسمع هذا من ابن عمر. بينهما رجل. يعني ثابتا (تخريجه) (هق) وهو ضعيف لانقطاعه كما صرح بذلك حماد في آخر الحديث، قال البيهقي وروى من وجه آخر مرسلا (باب) (سنده) عبد الله
@@@ -176-
الأمر بإبرار القسم(1/345)
يقال له عبد الرحمن بن صفوان، وكان له بلاء في الإسلام حسن، وكان صديقا للعباس، فلما كان يوم فتح مكة جاء بأبيه إلى رسل الله صلى الله عيه وسلم فقال يا رسول الله بايعه على الهجرة فأبى وقال إنها لا هجرة فانطلق إلى العباس وهو في السقاية، فقال يا أبا الفضل أتيت رسول الله (ص) بأبي يبايعه على الهجرة فأبى، قال فقام العباس معه وما عليه رداء، قال فقال يا رسول الله قد غرفت ما بيني وبين فلان وأتاك بأبيه لتبايعه على الهجرة فأبيت، فقال رسول الله (ص) إنها لا هجرة: فقال العباس أقسمت عليك أن لتبايعنه، قال فبسط رسول الله (ص) يده قال، فقال له هات أبررت قسم عمي ولا هجرة (عن عائشة رضي الله عنها) قالت أهدت إليها امرأة تمرا في طبق فأكلت بعضا وبقى بعض، فقالت أقسمت عليك إلا أكلت بقيته ، فقال رسول الله (ص) أبريها فإن الإثم على المحنث (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع قال فذكر ما أمرهم من عيادة المريض وإتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام وإبرار المقسم الحديث (عن ابن عباس) رضي الله عنهما في حديث رؤيا أعبرها (أي فسرها) أبو بكر رضي الله عنه(1/346)
حدثني أبي ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد الخ (غريبة) يعني على الهجرة من مكة إلى المدينة: وهذا يشعر بأن أباه لم يهاجر معه ولم يسلم إلا حين فتح مكة يعني بعد فتح مكة كما صرح بذلك في بعض الروايات لصيرورتها إسلام: أوالي المدينة من أي موضع كان لظهور عزة الإسلام، وكانت الهجرة قبل ذلك واجبة على كل مسلم، فلما فتحت مكة انتفى وجوب الهجرة إلى المدينة، وأما الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ونحوها فهي واجبة على الدوام أي في مكان سقاية الحاج يسقي الناس معناه لم ينتظر أن يلبس رداءه لشدة اهتمامه بأمر صاحبه أي بايعه إبرارا لقسم عمه العباس ولكن لم يأذن له بالهجرة، وفيه أن قول القائل أقسمت أقسمت عليك قسم في حقه والله أعلم (تخريجه) (جه خز) وأبو نعيم وابن نعيم وابن السكن كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد وفيه كلام: أخرج له مسلم في المتابعات وضعفه الجمهور (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب قال ثنا معوية بن صالح قال أخبرني أبو الزاهرية عن عائشة الخ (غريبة) بضم الميم وكسر النون بينهما حاء مهلمة ساكنة اسم فاعل ، أي أبريها في قسمها بأكل ما حلفت عليه فإن الإثم على المتسبب في الحنث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب السباعيات من كتاب الأدب والحكم والمواعظ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث ومعنى إبرار المقسم أن يفعل ما أراد الحالف ليصير بذلك بارا إذا لم يكن فيه محظور شرعا وإلا فلا (تخريجه) (ق: وغيرهما) هذا طرف من الحديث طويل
@@@ -177-
الرخصة في ترك إبرار المقسم- ومن كذب بصره وصدق الحالف(1/347)
أمام النبي (ص)، ثم قال بعد تعبيرها أصبت يا رسول؟ قال أصبت وأخطأت قال أقسمت يا رسول الله لتخبرني فقال لا تقسم (وعنه أيضا) أن أبا بكر رضي الله عنه أقسم على النبي (ص)،فقال له النبي (ص) لا تقسم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) رأى عيسى بن مريم عليه السلام رجلا يسرق، فقال له عيسى سرقت؟ قال كلا والذي لا إله إلا هو، قال عيسى آمنت بالله وكذبت عيني
(باب من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص) من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكن عن يمينه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها(1/348)
سيأتي بسنده وطوله وشرحه في الباب الخامس من كتاب تعبير الرؤيا إن شاء الله تعالى (غريبة) لفظ البخاري فأخبرني يا رسول اله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ فقال أصبت بعضا وأخطأت بعضا، قال فوا لله لتحدثني بالذين أخطأت، قال لا تقسم، وسيأتي إيضاح ذلك في شرح الحديث في الباب المشار إليه آنفا لأن المراد هنا ما يناسب الترجمة فقط، وهوان أبا بكر رضي الله عنه أقسم ولم يبر النبي (ص) قسمه مع أنه (ص) حض على إبرار القسم، وقد جمع العلماء بين ذلك بأن البر وعدمه يوران مع المصلحة وجودا وعما أي لا تحلف (تخريجه) (ق د مي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عبيه الله عن ابن عباس أن أبا بكر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد ويعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر أحاديث (منها) قال: قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) أي آمنت بأنه بأنه عظيم ينبغي تصديق من حلف به (وكذبت عيني) أي فإن العين قد تخطئ فيمكن تصديق الحالف بتخطئتها، فمقتضى تعظيمه تعالى أن يصدق الحالف به تخطئة البصر (جه) ورجاله من رجال الصحيحين (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى، قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم بن موسى ثنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر والخ (غريبة) سمى المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين كأن يحلف أن لا يكلم والده مثلا أو ولده فإن فيه قطع الرحم يعني كلام والده أو ولده مثلا أي الذي يكون فعله خيرا من المضي في اليمين المذكرة (وليكفر عن يمينه) أي يؤد الكفارة وفيهع ندب الحنث إذا كان خيرا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير، وفيه مسلم ابن خالد الزنجي وثقة ابن حبان وغيره وضعفه أحمد وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني (م 23- الفتح الرباني- ج(1/349)
14)
@@@ -178-
من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه
فكفارتها تركها (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي (ص) مثله (عن أبي الأحوص) عن أبيه (مالك بن نضلة رضي الله عنه) أنه قال للنبي (ص) إلا ما تدعو قال إلى الله والرحم ، قلت يأتني الرجل من بنى عمى فأحلف أن لا أعطيه شيئا، ثم أعطيه ثم أعطيه، قال فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير، أرأيت لو كان لك عبدان أحدهما يطيعك ولا يخونك ولا يكذبك، ولا يكذبك، والآخر يخونك ويكذبك، قال قلت لا بل الذي لا يخونني ولا يكذبني ويصدقني الحديث أحب إلى، قال كذا كم أنتم عند ربكم عز وجل (عن عبد الرحمن بن سمرة) رضي الله عنه قال:قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن بن سمرة إذا آليت على يمين فرأيت غيرها منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك(1/350)
أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أدراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) يستفاد منه أن كفارتها ترك العمل بمقتضاها إذا كان الترك خيرا، قال أبو داود والأحاديث كلها عن النبي (ص) (وليكفر عن يمينه) إلا ما لا يعبأ به (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أبي سعيد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام، لكن أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا خليفة بن خياط حدثني عمرو بن شعيب عن أبه عن جده أن رسول الله (ص) قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها (تخريجه) (د جه) رواه أبو داود مطولا وسنده عند الامام أحمد وأبي داود جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان بن عيينة مرتين قال ثنا أبو الزعراء عمرو بن عمرو عن عمه أبي الأحوص عن أبيه فذكر حديثا سيأتي قي باب النهي عن قتل الحيوان والإنسان صبرا الخ من كتاب القتل والجنايات: وفيه أنه قال للنبي (ص) إلى ما تدعو إلى آخره (غريبة) أي إلى توحيد الله عز وجل وعبادته وصلة الرحم لفظ النسائي قال قلت يا رسول الله أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ثم يحتاج إلى فيأتيني فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله الخ، وهذا واضح المعنى يعني أيهما أحب إليك، والظاهر أن هذه الجملة أو نحوها سقط من النسخ أو حذفت للعلم بها ب\مما بعدها والله أعلم (تخريجه) (نس جه) مختصرا ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور عن يونس عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (وله حديث آخر من طريق عفان وأسود سيأتي في باب النهي عن طلب الإمارة من كتاب الخلافة والإمارة لتعلقه بها) وزاد عبد الله لبن الامام أحمد في آخره: فقال: قال أبي اتفق عفان وأسود في حديثهما فقال (فكفر عن يمينك ثم أئت الذي هو خير) وقال وأبو الأشهب عن الحسن في هذا الحديث فبدأ بالكفارة (قلت) وهو صريح في(1/351)
تقديم الكفارة على الحنث واللائمة خلاف في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (غريبة) بمد الهمزة أي حلفت وقد صرح بذلك في رواية أبي داود (وقوله على يمين) أي محلوف عليه (تخريجه)
@@@ -179-
قصة أبي موسى الأشعري مع الرجل الذي لم يأكل الدجاج
(عن عدي بن حاتم الطائي) قال: قال رسول الله (ص) من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت هو خير وليكفر عن يمينه (وعنه من طريق ثان بنحوه، وفيه وليترك يمينه بدل وليكفر عن يمينه (عن تميم بن طرقة) قال سمعت عدي بن حاتم وأتاه رجل يسأله مائة درهم، فقال تسألني مائة درهم وأنا ابن حاتم؟ والله لأعطيك، ثم قال لو لا أي سمعت رسول الله (ص) يقول من حلف على يمين ثم رأي غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير (عن زهدم الجرمي) قال كنا عند أبي موسى فقدم في طعامه لحم دجاج، وفي القوم رجل من بني تيم الله أحمر كأنه مولى فلم يدن، قال له أبو موسى ادن فإني قد رأيت رسول الله (ص) يأكل منه، قال إني رأيته يأكل شيئا فقدرته فحلفت أن لا أطعمه أبدا، فقال ادن أخبرك عن ذلك، إني أتيت النبي (ص) في رهط من الأشعريين نستحمله وهو يقسم نعما من نعم الصدقة، قال أيوب أحسبه قال وهو غضبان، فقال لا والله(1/352)
(ق. د نس وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي يحدث عن عدي بن حتم الطائي الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة أخبرني عبد العزيز بن رفيع قال سمعت تميم بن طرفة الطائي يحدث عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله (ص) من حلف على يمين فرأى غيرهما خيرا منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه (غريبة) ظاهر هذه الرواية أن ترك اليمين وإتيان الذي هو خير هو الكفارة وليس كذلك، بل المراد بالترك الحنث أي فليحنث بها ثم ليكفر أخذا من الطريق الأولى الموافقة لجميع الروايات والله أعلم(تخريجه)(م نس) بطريقيه، وأخرج الطريق الأولى (جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ثنا سماك عن تميم ابن طرفة الخ (غريبة) معناه كيف تسألني مائة درهم فقط وأنا ابن حاتم يعني حاتم الطائي الجواد المشهور بالكرم، فكأنه استقل ما سأله ولذلك غضب وحلف أن لا يعطيه جواب لولا محذوف في هذه الرواية وكذلك في رواية عند مسلم: وتقديره ما أعطيتك ثم أعطاه (زاد في رواية لمسلم) ولك أربعمائة في عطائي (تخريجه) (م نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عبد الله بن قيس اسم قبيلة ويقال لها أيضا تيم اللات قال الداودي يعني أنه من سبي الروم (وقوله قلم يدن) أي ليقرب من الطعام ليأكل منه أي من جنس الدجاج بكسر الذال المعجمة أي كرهته، وحكى الحافظ رواية يأكل قذرا: يعني أنه رأى الدجاج بكسر الذال المعجمة أي كرهته، وحكى الحافظ رواية يأكل قذرا: يعني أن رأى الدجاج يأكل قذرا الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين، والرهط عشيرة الرجل وأهله (وقوله نستحمله) أي نطلب منه ما يحملنا وأثقالنا لغزوة العسرة يعني تبوك بفتح النون والعين فيهما (وقوله قال أيوب) هو
@@@ -180-
قصة الأشعريين مع النبي (ص) حين حلف لا يحملهم ثم حملهم(1/353)
ما أحملكم وما عندي ما أحملكم، فانطلقنا فأتى رسول الله (ص) بنهب إبل، فقال أين هؤلاء الأشعريون، فأمر لنا بخمس ذود غر الذري فاندفعنا فقلت لأصحابي أتينا رسول الله (ص) نستحمله فحلف أن لا يحملنا، ثم أرسل إلينا فحملنا فقلت نسى رسول الله (ص) يمينه: والله لئن تغفلنا رسول الله (ص) يمينه لا نفلح أبدا، ارجعوا بنا إلى رسول الله (ص) فلنذكره بيمينه، فرجعنا إليه فقلنا يا رسول الله أتيناك نستحملك فحلفت أن لا تحملنا ثم حملتنا، فعرفنا، أو ظننا أنك نسيت يمينك، فقال (ص) انطلقوا فإنما حملكم الله عز وجل وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرهما خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها (وعنه من طريق ثان) (بنحوه وفيه) إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني، أو قال إني كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن أبا موسى استحمل النبي (ص) فوافق منه شغلا فقال والله لا أحملكم فذكر نحوه مختصرا (عن ألبي هريرة)(1/354)
السختاني أحد رجال السند أحسبه قال أي أظن القاسم التميمي قال وهو أي النبي (ص) بفتح النون وسكون الهاء بعدها موحدة أي غنيمة،وأصله ما يؤخذ اختطافا بحسب السبق إليه على غير تسوية بين الآخذين الذي بفتح الذال المعجمة وسكون الواو من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة فهو كما قال النووي من إضافة الشيء إلى نفسه، والمراد خمس إبل من الذوذ لا خمس أذواذ (وقوله غر الذري) صفة لذود أي بيض الأسنمة والذري بضم الذال وكسرها وفتح الراء المخففة جمع بكسر الذال وضمها، وذروة كل شيء أعلاه، والمراد هنا الأسنمة أي سرنا مسرعين والدفع السير بسرعة بسكون اللام أي أخذنا منه ما أعطانا في حالة غفلته عن يمينه من غير أن نذكره بها لا نفلح الخ بسكون اللام والجزم قال المازري معناه أن الله أعطاني ما حملتكم عليه ولولا ذلك لم يكن عندي ما حملنكم عليه فيه بيان صيغة الاستثناء بالمشيئة أي حلالا بالكفارة عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد حدثني عجلان ابن جرير عن أبي بردة بن ؟أبي موسى عن أبيه قال أتيت رسول الله (ص) في رهط من الأشعريين نستحمله فذكر نحو الطريق الأولى بدون قصة الدجاج (تخريجه) (ق د نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حميد عن أنس أن أبا موسى استحمل النبي (ص) فوافق منه شغلا قال والله لا أحملكم فلما قف دعاه فقال حلفت لا تحملنا قال وأنا أحلف لا حملتكم فحملهم، ورواه الامام أحمد أيضا بلفظ آخر قال حدثنا يحيى بن سعيد ثنا حماد عن حميد قال سمعت إنسا أن أبا موسى قال استحملنا رسول الله (ص) فحلف لا يحملنا تم حملنا، قلت يا رسول الله إنك حلفت لا تحملنا، قال وأنا أحلف لا حملتكم (يعني إنما حملكم الله عز وجل) كما في حديث أبي موسى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح (سنده)
@@@ -181-
لا يمين في قطيعة رحم ولا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله عز وجل(1/355)
رضي الله عنه أن رسول الله قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير (وعنه أيضا) قال: قال أبو القاسم (ص) إذا استلجج أحدكم باليمين في أهله فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله (ص) والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله عز وجل
(باب اليمين في قطيعة الرحم ومالا يملك) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله (ص) لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله عز وجل، ولا يمين في قطيعة رحم (وعنه أيضا عن أبيه عن جده) قال قال رسول الله (ص) لا نذر لابن آدم(1/356)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أسامة الخزاعي قال أنا مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م مذ) (تنبيه) لم يأت في المسند ولا في كثير من الكتب السنة بيان كفارة اليمين إكتفاء بما في كتاب الله عز وجل، وقد بينت ذلك في كتابي القول الحسن شرح بدائع المنن مع ذكر مذاهب الأئمة الأربعة في ذلك صحيفة 144-145- في الجزء الثاني فارجع إليه والله الموفق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن همام قال سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم (ص) الخ (غريبة) من اللجاج وهو اللغة الإصرار على الشيء بهمزة ممدودة وثاء مثلثة مفتوحة أي أكثر إثما مما يتوهم أن عليه إثما في الحنث مع أنه لا إثم عليه فقال (ص) الإثم عليه اللجاج أكثر لو ثبت الإثم المعنى أن الرجل إذا حلف يمينا تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه كالحلف على أن لا يكلمهم ولا يصل إليهم ويكون الحنث ليس بمعصية، فينبغي له أن يخنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام بن منيه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (ص) فذكر أحاديث منها قال: قال رسول الله (ص) الخ بفتح اللام وهو لام القسم (ويلج) بفتح الياء التحتية واللام وتشديد الجيم من اللجام وتقدم تفسيره أي على تقدير الحنث، يعني أن من حلف على شيء يرى أن غيره خير منه يجب عليه أي يحنث ويكفر لأن الإثم أكثر في الإقامة على ذلك الحلف: قاله ابن مالك (تخريجه) (ق. والإمامان وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) مفهومه أنه لا نذر في معصية وهو كذلك بل ورد بهذا اللفظ، وسيأتي في أبواب النذر ومعناه أنه لا يصح الوفاء به بالاتفاق وهل يكفر عنه أم لا؟ فيه خلاف في المذاهب ذكرته في الشرح الكبير في أبواب النذر، ويقال(1/357)
مثل ذلك في قوله (ولا يمين في قطيعة رحم) أي لا يجوز الوفاء بها ولا العمل بمقتضاها وفيه خلاف أيضا في الكفارة وعدمها (تخريجه) (د هق) وسنده حسن
@@@-182-
من لا نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ولا وفاء لنذر في معصية
قيما لا يملك، ولا عتق لابن آدم فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك، ولا يمين فيما لا يملك
(أبواب النذر)
(باب النذر في طاعة الله عز وجل وجوب الوفاء به سواء في الجاهلية والإسلام)
(هن عائشة رضي الله عنها) عن النبي (ص) قال من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ومن نذر أن يعصه (عن علي رضي الله عنه) قال جاء رجل إلى النبي(ص) فقال إني قد نذرت أن أنحر ناقتي وكيت وكيت قال أما ناقتك فأنحرها وأما كيت وكيت فمن الشيطان (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له فأوف بنذرك(1/358)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله (ص) لا نذر لابن آدم الخ (غريبة) أي لا يجب إلزام هذا اليمين إنما عليه الكفارة عند الجمهور (تخريجه) (د نس هق ك) بألفاظ مختلفة وسنده عند الإمام أحمد حسن (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة الخ (غريبة) معنى الحديث أن من نذر طاعة الله عز وجل وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كانت الطاعة مستحبة في الأصل صارت واجبة بالنذر، ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء به، لأن النذر مفهومه الشرعي ايجاب قربة، وذا إنما يتحقق في الطاعة، والحديث صريح في الأمر بالوفاء بالنذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن الوفاء إذا كان في معصية، وهل يجب في الثاني كفرة يمين أولا؟ فيه خلاف عند الأئمة (تخريجه)(خ طح. والأربعة) زاد الطحاوي وليكفر عن يمينه، قال ابن القطان عندي شك في رفع الزيادة (قلت) سيأتي في الباب التالي من حديث عائشة مرفوعا (لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا إسرائيل عن جابر عن محمد بن علي عن أبيه عن علي الخ (غريبة) هو كناية عن الأمر نحو كذا وكذا الظاهر أن رجلا خلط في نذره فنذر طاعة وهي ذبح الناقة لله عز وجل، ونذر معصية أو شيئا لا ينبغي ذكره فعبر عنه بكيت وكيت: ولذلك نسبه للشيطان والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه شعبة والثوري (سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن عمر رضي الله عنه الخ (غريبة) أي الحال التي كنت عليها قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين وغير ذلك تمسك به من قال بصحة نذر الكافر: ومن منع وهو الصحيح يحمل الحديث على أنه (ص لم يأمره بالاعتكاف إلا تشبيها بما(1/359)
نذر لا عين
@@@ -183-
ما جاء فيمن نذر طاعة الجاهلية
(عن عمرو بن شعيب) عن ابنة كردم عن أبيها أنه سأل رسول الله (ص) فقال إني نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلي، فقال إن كان على جمع من جمع الجاهلية أو على عيد من أعياد الجاهلية أو على وثن فلا، وإن كان على غير ذلك فاقض نذرك، قال يا رسول الله إن على أم هذه الجارية مشيا أفأمشي (وفي رواية أفأمشي) عنها؟ قال نعم (عن عبد الله بن يزيد ابن مقسم) قال حدثني عمتي سارة بنت مقسم عن ميمونة بنت كردم إن أباها قال للنبي (ص) إني نذرت أن أذبح عددا من الغنم قال لا أعلمه إلا قال خمسين شاة على رأس بوانة فقال رسول الله (ص) هل عليها من هذه الأوثان شيء؟ قال لا، قال فأوف لله بما نذرت له، قالت فجمعها أبي فجعل يذبحها وانفلتت منه شاة فطليها وهو يقول اللهم أوف بنذري حتى أخذها فذبحها (عن كردم بن سفيان) رضي الله عنه أنه سأل رسول الله (ص) عن نذر الجاهلية، فقال له النبي (ص) ألوثن أو لنصب؟ قال لا ولكن لله تبارك(1/360)
ما نذر، وتسميته بالنذر من مجاز التشبيه أو من مجاز الحذف، قال أبو الحسن القابسي لم يأمره الشارع على جعة الإيجاب، وإنما هو على جهة الرأي، وقيل أراد (ص) أن يعلمه أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء (تخريجه) (ق فع طح هق) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا ابن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ابنة كردم الخ (وكردم) بوزن جعفر واسم بنته ميمونة كما صرح بذلك في الحديث التالي وهي من صغار الصحابة (غريبة) الجمع هنا اسم لجماعة الناس ويجمع على جموع، والمعنى إن كان المراد بنحر الإبل توزيعها على الناس الذين كانوا يجتمعون في الجاهلية أيام فراغهم للهو واللعب أو أيام أعيادهم أو تقربا لصنم فلا وفاء لذلك: لأنهم ما كانوا يجتمعون إلا على الميسر وشرب الخمر ونحوه، وإن كان على غير ذلك مما لم يحرمه الإسلام فاقض نذرك لم يذكر المشي إلى أين ولعله إلى قربة من القرب التي أقرها الإسلام كالمشي إلى البيت الحرام أو إلى مسجد قباء ونحو ذلك والله أعلم يعني أفتمشي الجارية عن أمها (تخريجه) (دج) بمعناه ورجاله ثقات هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده طوله في باب تزويج من لم تولد من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (غريبة) في الحديث السابق أنه نذر إبلا، وفي هذا أنه نذر غنما: ويجمع بينهما بأنه تكرر نذره، فمرة نذر إبلا ومرة نذر غنما والله أعلم بضم الموحدة هي هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، وقيل إنها بفتح الباء (تخريجه)(د جه) وفي إسناده سارة بنت مقسم قال الحافظ في التقريب لا تعرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبو الحويرث حفص عن ولد عثمان بن أبي العاص قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب عن ميمونة بنت كردم عن أبيها كردم بن سفيان الخ (غريبة) الوثن كل من ماله جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة
@@@ -184-(1/361)
قصة الجارية التي نذرت أن تضرب عند النبي (ص) بالدف فرحا بنصره
وتعالى، قال فأوف لله تبارك وتعالى ما جعلت له، انحر على بوانة وأوف بنذرك (عن عبد الله ابن بريدة ) عن أبيه أن أمة سوداء أتت رسول الله (ص) ورجع من بعض مغازيه، فقالت إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف، قال إن كنت فعلت فافعلي، وأن لم تفعلي فلا تفعلي:فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر قال فجعلت دفها خلفها وهي مقنعة، فقال رسول الله (ص) إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس هاهنا ودخل هؤلاء، فلما أن دخلت فعلت ما فعلت (باب لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم)
(عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كانت العضباء لرجل من بني عقيل وكانت من سوابق الحاج فأسر الرجل وأخذت العضباء معه الحديث (وفيه) حبس رسول الله(1/362)
الآدمي تعمل وتنصب وتعبد، والنصب بضمتين حجر ينصب ويعبد من دون الله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لا يعرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب ثنا حسين (يعني ابن واقد) حدثني عبد الله بن بريدة الخ (غريبة) الدف بضم المهملة نوعان دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار له صوت يطرب لحلاوة نغمته، وهذا لا إشكال في تحريمه وهو الذي يستعمله الناس في أفراحهم، وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه ولا سلاسل، وطوله إلى أربعة أشبار، وهو المراد هنا لأنه المعهود حينئذ الفرق بالتحريك الخوف والفزع من باب تعب أي يخاف منه ويفزع (تخريجه) (د هق) ورجاله ثقات، قال البيهقي رحمه الله يشبه أن يكون (ص) ورجوعه سالما، لا لأنه يجب بالنذر والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ، وفي آخر الحديث (قال وهيب يعني ابن خالد وكانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، وزاد حماد بن سلمة فيه وكانت العضباء داجنا) أي تألف الناس ولا تنفر منهم ويألفونها (لا تمنع من حوض ولا نبت، قال عفان مجرسة) بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الراء مفتوحة أي مجربة مدربة في الركوب والسير، والمجرس من الناس الذي قد جرب الأمور وخبرها (معودة) بفتح الميم وضم المهملة أي مسنة، وفي القاموس المعود المسن من الإبل والشاء (غريبة) الحديث له بقية وهي: قال فمز به رسول الله (ص) وهو في وثاق و رسول الله (ص) على حمار عليه قطيفة فقال يا محمد تأخذوني وتأخذوا سابقة الحاج(يعني الناقة كانت تسبق قوافل الحج) قال فقال رسول الله (ص) أخذك بحيرة حفائك ثقيف، قال وقد كانت ثقيف أسروا رجلين من أصحاب النبي (ص) وقال فيما قال وإني مسلم، قال فقال رسول الله (ص) لو قلتها وأنت تملك أمرك أفحت كل الفلاح، قال ومضى رسول الله
@@@ - 185-(1/363)
قصة المرأة التي نذرت أن تنحر ناقة النبي صلى الله عليه وسلم
صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله قال ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة فذهبوا بها وكانت العضباء فيه، قال وأسروا إمرة من المسلمين ، قال فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم قال فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما نوموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء فأتت على ناقة ذلول مجرسة فركبتها ثم وجهتها قبل المدينة قال ونذرت إن الله عز وجل أنجاها عليها لتنحرهنها، قال فلما قدمت المدينة عرفت الناقة فقيل ناقة رسول الله (ص) قال فأخبر النبي (ص) بنذرها أو أتته فأخبرته، فقال رسول الله (ص) بئسها جزتها أو بئسها جزيتها في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا يونس قال نبئت أن المسور بن مخرمة جاء إلى الحسن فقال إن غلاما لي آبق فنذرت إن أنا عايناته أن أقطع يده فقد جاء فهو الآن بالجسر، قال فقال الحسن لا تقطع يده، وحدثته أن رجلا قال لعمران بن حصين رضي الله عنه إن عبدا لي آبق وإني نذرت إن أنا عاينته أن أقطع يده، قال فلا تقطع يده فإن رسول الله (ص) كان يؤم فينا أو قال يقوم فينا فيأمرنا بالصدقة وينهانا
(ص) قال فقال يا محمد إني جائع فأطعمني وإني ظمآن فأسقني، قال فقال رسول الله (ص) هذه حاجته: ثم فدى بالرجلين وحبس رسول الله (ص) العضباء اله. وتقدم شرح قصة هذا الرجل في شرح حديث رقم 3.8 قي باب إن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه من كتاب الجهاد أي اختارها لنفسه وأعدها لرحيله السرح والسارح والسارحة سواء الماشية قيل امرأة أبي ذر قاله أبو داود في آخر الحديث أي ينيخزها أمام بيوتها لترتاح بفتح النون والواو المشذدة مبالغة في نانمو (نه) أي صوت ذلك البعير يقال رغا يرغو رغاءا أي سهلة الانقياد(1/364)
(مجرسة) تقدم ضبطه وتفسيره أي بئس نذرها الذي نذرته، وهو إن الله تبارك وتعالى أنجاها الخ ظاهره يدل على أن من نذر معصية كشرب الخمر ونحو ذلك فنذره باطل لا ينعقد ولا يلزمه كفاره يمين ولا غيرها، وفي ذلك خلاف بين الأئمة (وقوله ولا فيها لا يملك ابن آدم) قال العلماء هو محمول على ما ذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه: كقوله إن شفي الله مريضي فله أن أعتق عبد فلان أو أتصدق بثوبه أو بداره أو نحو ذلك، فأما إذا التزم في الذمة شيئا لا يملكه فيصح نذره، مثال قال أن شفى الله مريضي فله عتق رقبة: وهو في ذلك الجال لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره. وإن شفى المريض ثبت العتق في ذمته قاله النووي (تخريجه) (م فع د مذ) مطولا كما هنا وأخرجه (نس جه) مختصرا بدون قصة المرأة (حدثنا عبد الله) (غريبة) هو الحسن بن أبي الحسن البصري المشهور أي هرب وكان مملوكا له أو للشك من الراوي والظاهر يقوم فينا يعني خطيبا كما (م 24- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -186-
قوله صلى الله عليه وسلم لا نذر فيما لا تملكون- ولا نذر في معصية لله عز وجل
عن المثلة (عن هياج بن عمران البرجمي) أن غلاما لا بيه أبق فجعل لله تبارك وتعالى عليه إن قدر عليه أن يقطع يده، قال فقدر عليه، قال فبعثني إلى عمران بن حصين رضي الله عنه، قال فقال إقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله (ص)كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة: فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه، قال وبعثني إلى سمرة فقال أقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله (ص)كان سحث في خطبته على الصدقة بينها وينهى هن المثلة فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه (عن عمرو بن شعيب) عن أبي عن جده عن النبي (ص قال لا طلاق فيما لا تملكون ولا نذر فيما لا تكون، ولا نذر في معصية الله عز وجل (عن عائشة رضي الله عنها) أن النبي (ص قال لا نذر في معصية الله عز وجل(1/365)
يستفاد ذلك من الحديث التالي(تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده لم يسم، وهذا الحديث من رواية الأكابر عن الأصاغر لأن المسور من الصحابة والحسن من التابعين وحديث النهي عن المثلة ثابت في الصحيحين وغيرهما من عدة طرق عن جمع من الصحابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان المعنى قال ثنا همام عن قتادة عن الحسن فقال عفان إن الحسن حدثهم عن هياج بن عمران البرجمي الخ (قلت) هكذا جاء في المسند (عن هياج بن عمران البرجمي ) والظاهر إن هذه النسبة خطأ لأن البرجمي (بضم الموحدة والجيم بينها راء ساكنة ) هو هياج بن بسطام التميمي أبو خالد الهروي كما في التقريب وغيره من كتب الرجال: يروى عن حميد الطويل وخالد الحذاء وعنه داود بن المحبر كذا في الخلاصة وهو ضعيف، وأما راوي حديث الباب فهو هياج بن عمران بن الفصيل (بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة) البصري، قال في الخلاصة روى عن سمرة بن جندب، وروى عنه الحسن البصري وثقه ابن سعد بكسر الراء يقال ""أقرئ فلانا السلام وأقرأ عليه السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده أي عن نذره وإنما عبر عنه باليمين لاستوائهما في الكفارة، وسيأتي في الباب التالي عن عقبة بن عامر مرفوعا (إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين) والظاهر أن قوله فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه مدرجة من قول الصحابي في المرتين والله أعلم يعني ابن جندب الصحابي رضي الله عنه: فهذا الحديث مروى بهذا اللفظ عن إثنين من الصحابة عمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما (تخريجه) (د) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي لا ينعقد ولا يصح قبل النكاح: وفي المسألة خلاف سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى وتقدم شرح بقية الحديث في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (يز هق والأربعة) وقال الترمذي حديث حسن وهو أحسن شيء في(1/366)
هذا الباب وكذلك قال البيهقي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان (يعني ابن عمر) قال ثنا يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ تقدم شرحه في شرح الحديث
@@@ -187-
حديث لا نذر في معصية وكفارة يمين وكلام العلماء فيه
وكفارته كفارة يمين (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا ثنا ابن جريج، وقال سليمان بن موسى قال جابر قال النبي (ص لا وفاء لنذر في معصية الله عز وجل (وبالسند المتقدم قالا أخبرنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا بن عبد الله رضي الله عنهما يقول لا وفاء لنذر في معصية الله عز وجل ولم يرفعاه (عن ثابت ابن الضحاك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) ليس على رجل نذر فيما لا يملك (عن عمران بن حصين)(1/367)
الأول من أحاديث الباب (تخريجه لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة، وأخرجه (قط هق طح والأربعة ورواية أخرى للإمام أحمد من طريق الزهري من أبي سلمة عن عائشة، وأعله الحفاظ بأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة وإنما سمعه من سليمان ابن أرقم وسليمان متروك، وأورده الحافظ في التلخيص من عدة طرق عن عائشة وغيرها من الصحابة لكنها لم تخل من قال، قال وله طريق آخر لرواه أبو داود من حديث كريب عن ابن عباس وإسناده حسن ، فيه طلحة ابن يحيى وهو مختلف فيه، وقال أبو داود موقوفا يعني وهو أصح، ومن الغريب أن الحافظ لم يأت برواية الإمام أحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة: والزهري سماعة من عروة في الصحيحين وغيرهما: وهذه الرواية من أصح الروايات: فكأن الحافظ لم يطع عليها، وقال النووي في الروضة (حديث لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين) ضعيف باتفاق المحدثين: قال الحافظ قد صححه الطحاوي وأبو علي بن السكن فأين الاتفاق اهـ (قلت) وكأن النووي رحمه الله لم يطلع أيضا على رواية الإمام أحمد التي هي من أصح الروايات والكمال لله وحده، قال الخطابي لو صح هذا الحديث لكان القول به واجبا (قلت) صح الحديث واحتج به الإمام أحمد وإسحاق والله أعلم (حدثنا عبد الله)(غريبة) هو الأموي أبو أيوب الدمشقي الأشدق الفقيه روى عن جابر مرسلا، وعنه ابن جريج الأوزاعي وغيرهما وثقه دحمو ابن معين: وقال ابن عدي تفرد بأحاديث وهو عندي ثبت صدوق، وقال النسائي ليس بالقوى وقال أبو حاتم محله الصدق في حديثه بعض الإضطراب (خلاصة) معناه أن عبد الرازاق ومحمد بن بكر لم يرفعا الرواية الثانية إلى النبي (ص) بل أوقفها علة جابر كما هو ظاهر الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، والرواية الأولى مرفوعة، لكن قيل أن سليمان بن موسى لم يسمع من جابر، والرواية الثانية موقوفة ورجالها رجال الصحيح، ومع هذا فالحديث له شواهد من أحاديث الباب(1/368)
تعضده والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حرب ثنا يحيى قال حدثني أبو قلابة قال حدثني ثابت بن الضحاك الأنصاري وكان ممن بايع تحت الشجرة أن رسول الله (ص) قال من حلف على يمين بملة سوى الإسلام كاذبا فهو فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد الله بن المثنى ثنا صالح بن
@@@ -188-
لا يجب وفاء النذر فيه مثلة (بضم الميم وفتح اللام)
رضي الله عنه قال ما قام فينا رسول الله (ص) خطيبا إلا أرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة قال وقال ألا إن المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه، ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل يحج ماشيا فليلهد هديا وليركب
(باب من نذر نذرا مباحا ؟أو غير مشروع أو لا يطيقه وكفارة ذلك)
(عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال جاءت امرأة إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية، قال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، لتخرج راكبة ولتكفر عن يبمينها (وعنه أيضا) أن عقبة بن عامر رضي الله عنه سأل النبي (ص) فقال إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت وشكى إليه ضعفها، فقال النبي (ص) إن الله غني عن نذر أختك فلتركب ولتهد بدنة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي (ص) أدرك شيخا يمشي(1/369)
رستم أبو عامر الخزار حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) المثلة بضم الميم وسكون المثلثة كخرم أنف الرجل أو قطعه أو قطع أذن أو يد أو رجل، بل كان ما يشوه الإنسان أو يلحق يبه ضررا يقال له مثلة: ولذلك نهى الشارع عن فعله معناه أن من نذر أن يحج ماشيا ولم يطق ذلك فليركب وعليه دم لأنه أدخل نقصا في الواجب لعدم وفائه بما يلزمه، وهو أرجه القولين عن الشافعية: وبه قال جماعة: والقول الثاني لا دم عليه بل يستحب قاله النووي (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثني عبد الله حثني أبي ثنا أبو كامل ثنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس الخ (غريبة) سمى النذر يمينا لكونه عقدة لله تعالى بالتزام شيء، والحالف عقد يمينه بالله تعالى ملتزما لشيء فأشبهه أحدهما الآخر من هذه الجهة، وإصلاح من هذا ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا وسيأتي بلفظ (إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين ) ويستفاد منه أن ما يصح كفارة لليمين يصح كفارة للنذر، وعلى هذا فمعنى قوله (ولتكفر عن يمينها) أي نذرها بما يصح كفارة لليمين والله أعلم (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز أنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) في رواية لأبي داود (فأمرها النبي (ص) أن تركب وتهدي هديا) وظاهر رواية أبي داود أن البقرة تجزيء وكذلك الشاة لأن الهدي يجوز بأحدهما وإنما خص البدنة هنا بالذكر لكونها أفضل من غيرها، والهدى مطلقا أفضل من الصدقة والصوم لأن المشي غالبا كما يكون إلا في حج أو عمرة، وأفضل القربات بمكة إراقة الدم إحسانا لفقراء الحرم والموسم (تخريجه) (ق وغيرهم) إلا أن الشيخين لم يذكرا فيه الهدى، قال القرطبي زيادة الأمر بالهدى رواتها ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان أنبأنا(1/370)
إسماعيل أخبرني عمرو عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة
@@@ 189-
حكم من نذر أن يحج ماشيا وكلام في ذلك
بين أبنيه متوكئا عليها، فقال النبي (ص) ما شأن هذا الشيخ؟ فقال ابناه يا رسول الله كان عليه نذر، فقال اركب أيها الشيخ فإن الله عز وجل غني عنك وعن نذرك (وعن أنس ابن مالك) رضي الله عنه بنحوه، وفيه قال رسول الله (ص) إن الله عز وجل لغني أن يعذب هذا نفسه (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه أنه قال إن أختي نذرت أن تمشي إلى بيت الله عز وجل فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت النبي صلى الله عله وسلم فقال لتمش ولتركب قال وكان أبو الخير لا يفارق عقبة (وعنه أيضا) أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة فسأل النبي (ص) فقال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام (وعنه من )(1/371)
الخ (غريبة) قال نووي هذا محمول على العاجز عن المشي فله الركوب وعليه دم (تخريجه) (م جه) (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن عدي عن حميد عن أنس بن مالك قال رأى رسول الله (ص) رجلا يهادي بين أبنية قال ما هذا؟ قالوا نذر أنم يمشي فقال رسول الله (ص)إن الله عز وجل الخ (غريبة) زاد في رواية للنسائي من حديث أنس (وأمره أن يركب) وتقدم في حديث أبي هريرة (فقال اركب أيها الشيخ) وراية للنسائي من حديث أنس (ذر أن يمشي إلا بيت أبي هريرة) (تخريجه) (ق. والثلاثة) وهذا الحديث من ثلاثيات الإمام أحمد، أي ليس بينه وبين النبي (ص) إلا ثلاثة رجال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج أخبرني سعيد بن أبي، أيوب أن يزيد بن أبي حبيب أخبره أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال إن أختي نذرت الخ (غريبو) تقدم في حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما أن النبي (ص) أمر الناذر أن يركب جزما، وهنا أمر أخت عقبة أن تمشي وأن تركب لأن الناذر في حديثي أبي هريرة وأنس كان شيخا ظاهرا العجز، وأنت وأخت عقبة لم توصف بالعجز فكأنه أمرها أن تمشي إن قدرت وتركب إن عجزت يريد أن أبا الخير راوي الحديث عن عقبة كان ملازما له لا يفارقه: وهذا يستدعي صحة النقل وسماع أبي الخير عن عقبة ، والقائل ذلك هو يزيد بن أبي حبيب راوي الحديث عن أبي الخير، وفي تذكرة الحفاظ للذهبي أن أبا الخير كان مفتي أهل مصر في زمانه (تخريجه (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر عن أبي سعيد الرعي عن عبد الله بن مالك اليحصي عن عقبة بن عامر أن أخته الخ (غريبة) أي غير ساترة رأسها بالخمار وهو ما يلف على رأس المرأة ورقبتها لسترهما قال الخطابي إنما أمره إياها بالاختمار فلأن النذر لم ينعقد فيه لأن ذلك معصية والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار، وأما نذرها المشي حافية(1/372)
فالمشي قد يصح فيه النذر وعلى صاحبه أن يمشي ما قدر عليه، فإذا عجز ركب وأهدى هديا، وقد يحتمل أن تكون أخت عقبة كانت
@@@ -190-
من نذر أن يحج حافيا أو مقرونا برجل
طريق ثان) أن أخته نضرت في ابن لها لتحجن حافية بغير خمار فبلغ ذلك رسول الله (ص) فقال تحج راكبة مختمرة ولتصم (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) أدرك رجلين وهما مقترنان يمشيان إلى البيت فقال رسول الله (ص) ما بال القران قلا يا رسول الله نذرنا أن نمشي إلى البيت مقترنين، فقال رسول الله (ص) ليس هذا نذرا فقطع قرانهما، قال سريج في حديثه إنما النذر ما ابتغى به وجه الله عز وجل (عن رجل من أهل البادية) عن أبيه عن جده أنه حج مع ذي قرابة له مقترنا به فرآه النبي (ص) فقال ما هذا قال(1/373)
عاجزة عن المشي بل قد روى ذلك من رواية ابن عباس وقد ذكر أبو داود اهـ وتقدم في الحديث الثاني من أحاديث الباب أنه (ص) قال (فلتركب ولتهد بدنه) وفي رواية أبي داود (ولتهد هديا فكيف الجمع بينهما وبين رواية الصيام؟ جمع الخطابي بين ذلك بقوله (فأما قوله فلتصم ثلاثة أيام) فإن الصيام بدل من الهدي، خيرت فيه كما خير قاتل الصيد أن يفديه بمثله إذا كان له مثل، وإن شاء قومه وأخرجه إلى المساكين، وإن شاء صام بدل كل مدمن الطعام يوما وذلك قوله سبحانه وتعالى( أو عدل ذلك صياما) اهـ قال السندي في حاشية ابن ماجة (وأما الأمر بالصوم ) فمن على أن كفارة النذر بمعصية كفارة اليمين وقيل عجزت عن الهدي فأمرها بالصوم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن أبي سعيد جعل القتباني عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت في ابن لها الخ (وقوله لا ي ابن لها) يشبه أن يكون ابنها مرض فنذرت أن شفا الله ابني لأحجن حافية الخ أو نحو ذلك والله أعلم (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حسن صحيح، قال المنذري وفي إسناده عبيد الله بن زحر وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة اهـ (قلت وفي إسناد الطريق الثانية ابن لهيعة، قال الحافظ ابن كثير إذا قال حدثنا فحديثه حسن (قلت) قد قال حدثنا فهو حسن والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسين بن محمد وسريج قالا حدثنا ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي ربط أحدهما نفسه بالآخرة كما يدل على ذلك حديث ابن عباس عند البخاري والإمام أحمد وتقدم في باب طواف أهل مكة من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 65 أن النبي (ص) مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده بإنسان يسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك فقطعه النبي (ص) بيده ثم قال قده بيده، وقد ذكرت للحافظ كل هناك فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد،(1/374)
وقال الحافظ رواه أحمد والفاكهي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا ابن عون ثنا رجل من أهل البادية الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم ويعضده الحديث الذي قبله
@@@ -191-
من نذر أن يقف في الشمس ولا يقعد ولا يتكلم
إنه نذر فأمر بالقرآن أن يقطع (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله (ص) نظر إلى أعرابي قائما في الشمس وهو يخطب فقال ما شأنك؟ فقال نذرت يا رسول الله أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ، فقال رسول الله (ص) ليس هذا نذرا، إنما النذر ما ابتغي به وجه الله عز وجل (عن ابن طاوس) عن أبيه عن أب إسرائيل رضي الله عنه قال دخل النبي (ص) المسجد وأبو إسرائيل يصلي، فقيل للنبي (ص) هودا يا رسول الله لا يقعد ولا يكلم الناس ولا يستظل وهو يريد الصيام، فقال النبي (ص) ليقعد وليكلم الناس وليستظل وليصم
(باب قوله (ص) لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين)
(عن محمد بن الزبير) حدثني أبي أن رجلا حدثه أنه سأل عمران بن حصين رضي الله عنه عن رجل نذر أن لا يشهد الصلاة في مسجد فقال عمران سمعت رسول الله (ص) يقول لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين (عن عقبة ابن عامر) رضي الله عنه قال سمعت(1/375)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) يعني حتى تفرغ من خطبتك كما صرح بذلك في رواية الطبراني (وقوله ليس هذا نذرا) أي ليس فعلك هذا محبوبا عند الشارع حتى تجعله نذرا، بل هو أقرب إلى معصية منه إلى الطاعة، لأن فيه إيذاء للنفس: لا سيما وقد صرح في رواية الطبراني بأن هذا اليوم كان شديد الحر يعني أن النذر الذي يلزم شرعا ما كان بفعل شيء يتقرب به إلى الله عز وجل (تخريجه) (هق طب) وقال الحافظ في التلخيص رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بهذا وفيه قصة الرجل الذي نذر أن يقوم في الشمس: ورواه أبو داود بلفظ لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله: ورواه البيهقي من وجه آخر برواية أحمد في قصة أخرى اهـ (قلت) وسكت عنه الحافظ وسنده حديث الباب جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جرير ومحمد ابن بكر قال أخبرني ابن جرير قال أخبرني ابن طاوس عن أبيه الخ (غريبة) إنما أقره النبي (ص) على الصيام فقط لأهله قربة بخلاف البرواقي، والظاهر أنه (ص) علم منه أن الصوم لا يشق عليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (أنظر حديث رقم 1220 في كتاب بدائع المنن) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن الزبير الخ (غريبة) هكذا عند الإمام أحمد (في مسجد) وجاء في رواية النسائي (في مسجد قومه) والظاهر أن لفظ قومه سقط نمن الناسخ في رواية الإمام أحمد معناه لا وفاء لنذر يحمل عليه الغضب من العزم على ترك فعل الخير أو العزم على فعل المعصية (تخريجه) (نس ك هق) وفي إسناده رجل لم يسم وفيه أيضا محمد بن الزبير قال النسائي ضعيف لا يقوم بمثله حجة وقد اختلف عليه فيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد
@@@ -192-(1/376)
حديث لا نذر في غضب وكفار ة يمين- وحكم من نذر الصدقة بكل ماله
رسول الله (ص) يقول إنما النذر يمين كفارته كفارة اليمين (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كفارة النذر كفارة اليمين
(باب ما يذكر فيمن نذر الصدقة بماله كله) (عن كعب بن مالك) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله تعالى وإلى رسوله، قال رسول الله (ص) أمسك بعض مالك فهو خير لك، قال فقلت إني أمسك سهمي الذي بخيبر(عن الحسين بن السائب) بن أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه لمل تاب الله عليه(1/377)
مولى بني هاشم قال ثنا بن لهيعة قال ثنا كعب بن علقمة قال سمعت عبد الرحمن بن الرحمن بن شماسة يقول أتينا أبا الخير فقال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله (ص) الخ (غريبة) تقدم الكلام على تسمية النذر يمين في شرح الحديث الأول من الباب السابق فارجع إليه (سنده) حدثا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر بن عياش قال حدثني محمد مولى المغيرة بن شعبة قال حدثني كعب بن علقمة عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله (ص) الخ زاد الترمذي وابن ماجة (إذا لم يسمى) أي لم يعينه الناذر بأن قال إني نذرت نذرا أو على نذر ولم يعين أنه صوم مثلا أو غيره، وكفارة اليمين بسطت الكلام عليها في كتابي (القول الحسن شرح بدائع المنن) صحيفة 144- 145 في الجزء الثاني مع ذكر مذاهب الأئمة فيها فارجع إليه (تخريجه) لم أقف على من أخرج الطريق الأولى بلفظ رواية الإمام أحمد وأخرج الطريق الثانية بلفظها (م د نس) ورواه (مذ جه) بلفظ (كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين) فزاد لفظ (إذا لم يسم) وصححها الترمذي والله أعلم باب هذا طرف من حديث طويل جدا سيأتي بسنده وطوله في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى، وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة الترجمة وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (غريبة) بنون وخاء معجمة أي أعرى من مالي كما يعري الإنسان إذا خلع ثوبه، وجاء في رواية أبي داود (قلت يا رسول الله إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى خيبر) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من تصدق بعشر ماله الخ صحيفة 183 رقم 233 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع فارجع إليه ففيه كلام نفيس ويستفاد من حديثي الباب أن من نذر الصدقة بماله كله يجزئه التصدق بثل ماله وحديثا الباب وإن لم يكن فيهما تصريح بالنذر فإنهما يطابقان الترجمة من حيث أن كعب بن مالك جعل من توبته انخلاعه من ماله صدقة إلى الله ورسوله وفي(1/378)
الانخلاع معنى الالتزام، والنذر معناه في الشرع التزام المكلف شيئا لم يكن عليه منجزا أو معلقا (وقد اختلف العلماء) فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله فقالت الحنفية يتصدق بجميع أمواله الزكوية استحبابا، ولهم قول آخر أنه يتصدق بجميع ما يملكه، وبه قالت الشافعية، وقالت المالكية يتصدق
@@@ -193-
ما جاء في أن النذر لا يرد شيئا من القدر
قال يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي واساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله، فقال رسول لله (ص) يجزيء عنك الثلث (باب النهي النذر وأنه لا يرد شيئا من القدر) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال: قال الله عز وجل لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه ولكنه شيء استخرج به من البخيل يؤتيني عليه مالا يؤتيني على البخل (وعنه أيضا) أن النبي (ص) نهي عن النذر وقال أنه لا يقدم شيئا ولكنه يستخرج به من البخيل (وعنه من طريق ثان) عن النبي (ص) قال لا تنذروا(1/379)
بثلث جميع أمواله الزكوية وغيرها، وعن الإمام أحمد روايتان إحداهما يتصدق بجميع أمواله، والأخرى يرجع في ذلك إلى ما يراه من مال والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن النذر لا يفيد ابن آدم ولا يدرك بسببه شيئا لم يقدره الله عز وجل المعنى أن البخيل لا تطاوعه نفسه بإدراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفي أولا فليلتزمه في مقابلة ما سيحصل له ويعقله على جلب نفع أو دفع ضر، وذلك لا يسوق إليه خيرا لم يقدر له، ولا يرد عنه شرا قضى عليه، ولكن النذر قد يوافق القدر فيخرج من البخيل ما لو لاه لم يكن يريد أن يخرجه أي يعطيني على ذلك الأمر الذي سببه نذر كالشفاء مثلا ما لا يعطيني عليه من قبل النذر (وفي رواية ابن ماجة) فييسر عليه ما لم يكن ييسر عليه من قبل ذلك (وفي رواية مسلم) فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرجه وهي أوضح الروايات (تخريجه) (ق. نس مذ. جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي (ص) الخ (غريبة) أي ولا يؤخره كما في رواية للبخاري من حديث ابن عمر، ومعناه لا يقدم شيئا من القدر الله تعالى ومشيئته ولا يؤخره، قال القاضي عياض عادة الناس تعليق النذر على حصول المنافع ودفع المضار فنهى عنه، فإن ذلك فعل البخلاء: إذا السخي إذا أراد أن يتقرب إلى الله عز وجل استعجل فيه وأتى بالمال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن الزهري عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال لا تنذروا الخ(غريبة) بفتح أوله وضم الذال وكسرها من بابي ضرب وقتل (فإن النذر لا يرد) أي لا يدفع شيئا من القدر، قال ابن الملك هذا التعليل يدل على أن النذر المنهى عنه ما يقصد به تحصيل غرض أو دفع مكروه على ظن أن النذر يرد من القدر شيئا، وليس مطلق النذر منهيا عنه، إذ لو كان(1/380)
كذلك لما لزم الوفاء به ، وقد أجمعوا على لزومه لأن غير البخيل يعطي باختياره بلا واسطة النذر، والبخيل إنما يعطي بواسطة النذر الموجب عليه اهـ (تخريجه) (ق نس مذ جه وغيرهم)
(م25- الفتح الرباني- ج 14)
@@@-194-
ما يفعل مكن نذر صوم يوم معين فصادف يوم العيد
فإن النذر لا يرد شيئا من القدر، وإنما يستخرج به من البخيل (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي (ص) مثله (باب من نذر صوم يوم معين فصادف يوم عيد) (عن زياد بن جبير) قال رأيت رجلا جاء إلى ابن عمر فسأله فقال أنه نذر أن يصوم كل يوم الأربعاء: فأتى ذلك على يوم أضحى أو نحر فقال ابن عمر أمر الله بوفاء النذر ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحر
(باب أن من نذر الصلاة في المسجد الأقصى أجزأه أن يصلي في مسجد مكة أو المدينة) (عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف) وعن رجال من ال،صار من أصحاب النبي (ص) أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي (ص) يوم الفتح والنبي (ص) في مجلس قريب من المقام فسلم على النبي (ص) ثم قال يا نبي الله إني نذرت لئن فتح الله للنبي (ص) والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس، وأني وجدت رجلا من أهل الشام هاهنا في قريش مقبلا معي ومدبرا، فقال النبي (ص) هاهنا فصل ، فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات، كل ذلك يقول النبي (ص)(1/381)
(سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن عبد الله بن مرة عن ابن عمر قال نهى رسول الله (ص) عن النذر وقال أنه لا يرد من القدر شيئا إنما يستخرج به من البخيل (تخريجه)(ق د نس جه)(باب)(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشم أنا يونس عن زياد بن جبير الخ (غريبة) يريد أنه صادف يوم عيد الأضحى، وأو للشك من الراوي يشك في اللفظ هل قال يوم الأضحى أو قال يوم نحر، والمعنى واحد إذ يوم الأضحى هو يوم النحر والمراد بهما يوم العيد هذا الجواب يشعر بالتوقف عن الجزم في المسألة، قال العلماء توقف ابن عمر عن الجزم بجوابه لتعارض الأدلة عنده وهذا من تورعه، ويحتمل أنه يشير للسائل بأن الاحتياط لك القضاء، فتجمع بين أمر الله عز وجل وهو قوله تعالى (وليوفوا نذورهم) فيصوم يوما مكان يوم النذر، وبين أمر رسول الله (ص) وهو أمره بترك صوم يومي العيدين فيترك صوم يوم العيد (قال النووي رحمه الله ) أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين (يعني عيد الفطر وعيد الأضحى) بكل حال سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، أو نذر صومهما متعمدا لعينهما، قال الشافعي والجمهور لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما، وقال أبو حنيفة ينعقد ويلزمه قضاؤهما، قال فإن صامهما أجزأه وخالف الناس كلهم اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني يوسف بن الحكم ابن أبي سنان أن حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن حنة أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن ابن عوف الخ (غريبة ) يعني مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لعله يريد بذلك مرافقته في السفر فيسهل عليه يعني في المسجد الحرام وإنما أمره النبي (ص) بذلك لما ثبت أن
@@@-195-
من نذر الصلاة في المسجد الأقصى أجزأه أن يصلي بمسجد مكة أو المدينة(1/382)
هاهنا فصل، ثم قال الرابعة مقالته هذه فقال النبي(ص) اذهب فصل فيه، فو الذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضى عنك كل صلاة في بيت المقدس (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما عن النبي (ص) نحوه (عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد) عن ابن عباس أنه قال إن امرأة اشتكت شكوى فقالت لئن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس فبرأت فتجهزت تريدا الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي (ص) تسلم عليها فأخبرتها ذلك، فقالت
فكلي ما صنعت وصلى في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإني سمعت رسول الله (ص) يقول صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة
(باب قضاء المنذورات عن الميت)
(عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله تعالى أنجاها أن تصوم شهرا: فأنجاها الله عز وجل فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى النبي (ص) فذكرت له ذلك فقال صومي (وعنه أيضا) أن سعد بن عبادة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال اقضه عنها(1/383)
الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه رواه الإمام أحمد وأبو داود وسيأتي من حديث جابر في فضل المساجد الثلاثة من كتاب الفضائل وصححه الحافظ إسناده أي لما تقدم من فضل الصلاة في مسجد مكة (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال حدثنا ليث يعني ابن سعد قال ثنا نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد الخ (غريبة) أي مرضت مرضا ما أي كلي الزاد الذي صنعتيه لأجل السفر ولا تسافري أي في مسجد النبي (ص) بالمدينة، وقد استدلت ميمونة رضي الله عنها بهذا الحديث لتمنعها من السفر إلى بيت المقدس وتكبد المشقة فإن الصلاة في مسجد النبي (ص) أفضل من الصلاة في بيت المقدس يعني المسجد الحرام لما تقدم من أن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) في بعض الروايات عن ابن عباس أيضا جاءت امرأة فقالت إن أختي ماتت فذكرت الحديث أي صومي عنها (تخريجه) (نس) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد بلفظ آخر وتقدم في الجزء العاشر رقم 182 صحيفة 136 في باب قضاء الصوم عن الميت فارجع إليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا الزهري
@@@ -196-
ما جاء في قضاء المنذورات عن الميت- ومقدمة كتاب الأذكار
(عن سعد بن عبادة) رضي الله عنه أنه أتي النبي (ص) فقال إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال أعتق عن أمك (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي (ص) فسأله عن ذلك، فقال أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضية؟ قال نعم، قال فاقضوا لله عز وجل فهو أحق بالوفاء
كتاب الأذكار والدعوات(1/384)
عن عبيد الله عن ابن عباس أن سعد بن عبادة الخ (قلت) ولم يعين في الحديث النذر المذكور فقيل كان صياما، وقيل كان عتقا وقيل صدقة، وقيل نذرا مطلقا أو معينا عند سعد والله أعلم (تخريجه) (ق لك د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا سليمان بن كثير أبو داود عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة الخ (غريبة) الظاهر أن نذر أم سعد كان عتقا لقوله أفيجزيء عنها أن أعتق عنها فيكون هذا الحديث مبينا لما أبهم في الحديث مبينا لما أبهم في الحديث الذي قبله (قال الحافظ) ويستحمل أن تكون نذرت نذرا مطلقا غير معين فيكون في الحديث حجة لمن أفتى في النذر المطلق بكفارة يمين، والعتق أعلى كفارات الأيمان فلذلك أمره أن يعتق عنها اهـ والله أعلم (تخريجه) (نس لك) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس الخ (غريبة) لم تسم هذه المرأة في رواية البخاري (فأتى رجل) قال القسطلاني هو عقبة بن عامر الجهني اهـ، فعلم من ذلك أن المرأة المذكورة هي أخت عقبة بن عامر استدل به على أن حق الله عز وجل مقدم على دين الآدمي وهو أحد أقوال الشافعية، وقيل بالعكس وقيل هما سواء، والجمهور على أنه إذا اجتمع حق الله عز وجل وحق العباد يقدم حق العباد، وأجابوا عن هذا الحديث بأن إذا كنت تراعي حق الناس فلأن تراعي حق الله كان أولى، ولا دخل فيه للتقديم والتأخير إذ ليس معناه أحق بالتقديم والله أعلم (تخريجه) (خ وغيره) (كتاب الأذكار والدعوات والصلاة على النبي (ص)) المراد بالذكر هنا الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات، وهي سبحان الله، والحمد لله ولا اله إلا الله ، والله أكبر وما يتلحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار ونحو ذلك والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضا ويراد به(1/385)
المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه: كتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومدارسة العلم والتنقل بالصلاة، ثم الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط أن لا يقصد به غير معناه، وإن إنضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل، فإن إنضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائض عنه ازداد كمالا، فإن وقع ذلك في عمل صالح مهما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالا، فإن صحح التوبة وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال قاله الحافظ (وقال
@@@-197-
ما جاء في فضل الذكر مطلقا- وشرح حديث كل أمر ذي بال الخ
(باب ما جاء في فضل الذكر مطلقا والاجتماع عليه)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع (عن معاذ بن جبل) رضي(1/386)
النووي في الأذكار أعلم أن فضيلة الذكر منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كذا قال سعيد بن جبير وغيره من العلماء، وقال عطاء رحمه الله مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه هذا اهـ (تنبيه) اعلم هداني الله وإياك لطاعته أن ما جاء في هذا الكتاب (أعني كتاب الأذكار والدعوات) ليس كل ما جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى من الأذكار ، فقد جاء فيه أذكار كثيرة وضعتها في كتب أخرى لتعلقها بها كأذكار الوضوء والصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك ليسهل تناولها على الطالب، وما ليس له تعلق بكتب مخصوصة جعلته مستقلا في هذا الكتاب مرتبا على الأبواب لتسييره على الطلاب فتنبه لذلك والله الموفق (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن آدم ثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال كل كلام أو كل أمر والمشهور في الرواية الأخيرة، وهو أعم من الكلام لأنه قد يكون فعلا، ولذا جاء بلفظ (كل أمر) في أكثر الروايات، قال ابن البنكي رجمه الله والحق أن بينهما عموم وخصوص من وجه، فالكلام قد يكون أمرا وقد يكون نهيا وقد يكون خبرا: والأمر قد يكون فعلا وقد يكون قولا اهـ (وقوله ذي بال) أي حال شريف محترم ومهتم به شرعا كما يفيده التوين المشعر بالتعظيم (والبال أيضا القلب كأن الأمر ملك قلب صاحبه لاشتغاله به جاء في أكثر الروايات (لا يبدأ) ولم أقف على رواية (لا يفتتح) لغير الإمام أحمد (وقوله بذكر الله) هكذا في المسند، وعند أبي داود وابن ماجة البيهقي (بالحمد لله) ولأبي داود والرهاوي في الأربعين (بسم الله الرحمن الرحيم) وعنه البغوي (بحمد الله) وأعم الجميع رواية الإمام أحمد (بذر الله) فهي شاملة لكل ما ورد في هذا الباب لأنه(1/387)
لا يخرج عن ذكر الله عز وجل أو للشك من الراوي، وأبتر، وأقطع بمعنى واحد (وفي رواية فهو أجذم) ومعنى الجميع أي ناقص غير معتد به شرعا وقليل البركة (تخريجه) (د هق قط حب) بألفاظ مختلفة وكلهم رووه عن أبي هريرة: وفي إسناد الجميع قره بن عبد الرحمن فيه كلام، وأخرج له مسلم مقرونا بغيره: وصححه بعض الحفاظ وحسنه بعضهم، وبعضهم ضعفه، وألف فيه السخاوي جزءا وقال النجم رواه عبد القادر الرهاوي بلفظ (كل أمر ذي بال لا يبتدأ به بحمد الله والصلاة على فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى ثنا عبد العزيز يعني ابن أبلي سلمة عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أنه بلغه عن
@@@-198-
هل الذكر أفضل أم الجهاد؟ وكلام العلماء في ذلك
الله عنه أنه قال: قال رسول الله (ص) ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، وقال معاذ قال رسول الله (ص) ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم غدا فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا بلى يا رسول الله، قال ذكر الله عز وجل (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص)ألا |أنبئكم بخير أعمالكم فذكر مثله (حدثنا عبد الله)
حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد هو يشك يعني الأعمش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله وملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى(1/388)
معاذ بن جبل أنه قال :قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) أي أكثرها ثوابا عند الله عز وجل يستفاد من هذا الحديث أن الذكر أفضل الأعمال وخيرها على العموم، وقد استشكل بعض أهل العلم تفضيل الذكر على الجهاد مع ورود الأدلة الصحيصة أنه أفضل الأعمال، وقد أجاب العلماء بأجوبة كثيرة، أظهرها أن ما ورد من الأحاديث المشتملة على تفضيل بعض الأعمال على بعض آخر، وما ورد منها مما يدل على تفضيل البعض المفضل عليه باختلاف الأشخاص والأحوال، فمن كان مطيقا للجهاد وقوي الأثر فيه لأفضل أعماله الجهاد، ومن كان كثير المال فأفضل أعماله الجهاد، ومن كان كثير المال فأفضل أعماله الصدقة، ومن كان غير متصف بأحد الصفحتين المذكورتين فأفضل أعماله الذكر والصلاة ونحو ذلك، وتقدم مثل هذا الجمع في غير موضع فتدبر (تخريجه)(ك) أخرج الحاكم الجزء الأول منه موقوفا على معاذ، والجزء الثاني مرفوعا عن أبي الدرداء بسند واحد عن زياد بن أبي زياد وأبي بحرية عن أبي الدرداء، وأبو بحرية اسمه عبد الله بن قيس سمع من أبي الدرداء، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال المنذري رواه أحمد من حديث معاذ بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعا وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش لم يدرك معاذا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي بن سعيد عن عبد الله بن سعيد عن زياد بن أبي زياد عن أبي بحرية عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله (ص) ألا أنبئكم بخير أعمالكم قال مكى وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا وذاك ما هو يا رسول الله؟ قال ذكر الله عز وجل (تخريجه) (مذ جه ك طب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه المنذري والهيثمي وهو يؤيد حديث معاذ المتقدم (حدثنا عبد الله الخ) (غريبة) معناه أن الأعمش يشك(1/389)
هل قال أبو صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، ورواية الشيخين عن أبي صالح عن أبي هريرة بغير الشك أي يسيرون في الأرض ويطوفون بها فقد جاء عند مسلم بلفظ(ملائكة سيارة) وعند البخاري
@@@ -199-
فضل الاجتماع على الذكر والتفاف الملائكة حول المجتمعين وما أعد الله لهم من الثواب العظيم
بغيتكم فيجيئون فيحفون بهم إلى السماء الدنيا فيقول الله أي شيء تركتم عبادي يصنعون؟ فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك، فيقول هل رأوني؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأوني؟ فيقولون لو رأوك لكانوا أشد تحميدا وتمجيدا وذكرا، فيقول فأي شيء يطلبون؟ فيقولون الجنة، فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اشد عليها حرصا وأشد لها طلبا، قال فيقول ومن أي شيء يتعوذون؟ فيقولون من النار فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اِد منها هربا وأشد منها خوفا، قال فيقول إني أشهدكم أني قد غفرت لهم ، قال فيقولون فإن فيهم فلانا الخطاء لم يردهم إنما جاء لحاجة، فيقول هم القوم لا يشقى بهم جليسهم (عن أنس بنم مالك) رضي الله عنه قال، قال رسول الله (ص) قال الله تعالى يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملاء ذكرته(1/390)
(ملائكة يطوفون في الطريق) (وقوله فضلا عن كتاب الناس) قال القاضي عياض بفتح الفاء وإسكان الضاد هكذا الرواية عند جمهور شيوخنا في البخاري ومسلم، قال العلماء معناه أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصود حلق الذكر اهـ (وقوله عن كتاب الناس) بضم الكاف وتشديد التاء الفوقية يعني كتبة أعمال الناس من الملائكة، وهذا التصريح يفيد أن السياحيين غير الكتبة ويؤيد ما قاله العلماء (وقوله هلموا) أي أقبلوا وتعالوا إلى حاجتكم بفتح الياء التحتية وضم الحاء المهملة أي يطوفون بهم ويدورون حولهم بعضهم فوق بعض من مجلس الذكر إلى السماء الدنيا، ويؤيد هذا ما في رواية مسلم (وحف بعضهم بعضا فوق بعض من مجلس الذكر إلى السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال فيسألهم الله تعالى الخ) إن قيل كيف يسأل الله عز وجل ملائكته عن حال الذاكرين وهو أعلم بهم منهم (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) (فالجواب) أن المراد بهذا السؤال وما بعده من الأسئلة إظهار شرف الذاكرين في عالم الملائكة زاد مسلم فأعيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا يعني كثير الخطأ والذنوب (وقوله لم يردهم) أي لم يأت إليهم لأجل الذكر معهم إنما جاء لحاجة فجلس معهم تعريف الخبر يدل على الكمال أي هم القوم كل القوم الكاملون فيما هم فيه من السعادة فيكون قوله (لا يشقى بهم جليسهم) استئنافا فالبيان الموجب ، وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قيل يسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل، لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في الحصول المراد (تخريجه) (ق مذ حب طب بز) بألفاظ متقاربة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن أنس بن ما تلك الخ (غريبة) تطلق النفس في اللغة على معان ، منها الدم ومنها نفس الحيوان وهذان مستحيلان على الله عز وجل، وقد ورد في كتابه(1/391)
جل شأنه إطلاق النفس عليه التي
@@@ -200-
قول الله تعالى في الحديث القدسي يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي الخ
في ملاء من الملائكة أو في ملاء خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول، قال قتادة فالله تعالى ؟أسرع بالمغفرة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: رسول الله (ص) يقول الله عز وجل أنا مع عبدي حين يذكرني (وفي لفظ أنا عند حسن ظنه عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني) فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي الحديث (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يذكر الله عز وجل(1/392)
من معانيها الذات والله تعالى له ذات حقيقية، وهو المراد بقوله في الحديث (في نفسي) ومنها الغيب، وهو أحد الأقوال في قوله عز وجل(تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) قال ابن عباس تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك، والمراد بذكر الله تعالى لعبده في نفسه إثباته بما لا يطلع عليه أحد من خلقه وعبر عن ذلك بالذكر مشاكلة، فهو كقوله تعالى (فاذكروني أذكركم) الآية والمراد بذكر العبد ربه في نفسه الذكر الشفاهي على جهة السر دون الجهر والله أعلم بفتح الميم واللام مهموز أي في جماعة جهرا هم الملأ الأعلى لا يلزم من ذلك تفضيل الملائكة على بني آدم لاحتمال أن يكون المراد بالملأ الذين هم خير من ملأ الذاكرين الأنبياء والشهداء فلم ينحصر ذلك في الملائكة بكسر الشين المعجمة أي مقدار شبر (وقوله دنوت منك ذراعا) بكسر الذال المعجمة أي بقدر ذراع أي بقدر باع وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره قال النووي وهذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره، قال ومعناه من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زادت، فإن أتاني يمشي أتيته هرولة، أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه والله أعلم (تخريجه) (خ. والطيالسي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية وابن نمير قالا حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) قال العلماء هي معنية خصوصية أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية والإعانة فهي غير المعية المعلومة من قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) فإن معناها المعية بالعلم والإحاطة هذا اللفظ لابن نمير (بضم النون وفتح الميم مصغرا) اسمه عبد الله: وهو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، يعني أنه زاد في روايته (أنا عند ظن عبدي بي) وقد جاءت هذه الزيادة عند الشيخين أيضا، ومعناه إرجاء(1/393)
وتأميل العفو، وتقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب حسن الظن بالله في الجزء السابع صحيفة 39 من كتاب الجنائز فارجع إليه الحديث بقيته= وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملاء هم خير منهم، وإن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلى ذراعا اقتربت إليه باعا فإن أتاني يمشي أتيته هرولة، وتقدم شرحه في الحديث السابق (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا
@@@-201-
فضل الذكر في المساجد وثواب الذاكرين
على كل أحيانه (عن الأغر أبي مسلم) قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما
شهدا لي على رسول الله (ص) أنه قال وأنا أشهد عليهما ما قعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفت بهم الملائكة وتنزلت عليهم السكينة وتغشتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده، ومن أبطأ بع عمله لم يسرع به نسبه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العباد أفضل؟ قال الذاكرون الله كثيرا، قال قلت يا رسول الله ومن الغازي؟ قال لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة(1/394)
عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة المخزومي عن البهي عن عروة عن عائشة اله (غريبة)معناه أن النبي (ص) كان يذكر الله تعالى بقلبه ولسانه بالذكر الثابت عنه تسبيح وتهليل و تكبير وغير ذلك (على كل أحيانه) أي في كل أوقاته متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضطجعا وراكبا وماشيا ومسافر ومقيما، فكأن ذكر الله عز وجل يجري مع أنفاسه إلا في حالة الجماع وقضاء الحاجة فيكره الذكر حينئذ باللسان كما ذهب إليه الجمهور، ويستثني من ذلك أيضا تلاوة القرآن للجنب، لحديث علي رضي الله عنه (أن رسول الله (ص) لم يكن بجعبته عن القرآن شيء ليس الجنابة) رواه الأربعة والإمام أحمد وتقدم في باب حجة من قال الجنب لا يقرأ القرآن رقم 435صحيفة 120 من كتاب الطهارة في الجزء الثاني وتقدم الكلام عليه هناك (تخريجه) (م د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم الخ (غريبة) جملة (وأنا أشهد عليهما) معترضة بين القول ومقولة، ولم تأت هذه الجملة في رواية مسلم أي بأي ذكر كان من تسبيح أو تهليل أو تكبير أو تلاوة قرآن أو مدارسة علم أو نحو ذلك (وقوله إلا حفت بهم الملائكة) أي أحاطت بهم أي الطمأنينة والوقار (وتخشتهم الرحمة) أي عمتهم (وذكرهم الله) مباهاة وافتخارا (فيمن عنده) من الملائكة (تخريجه) (م مذ جه) (عن أبي هريرة) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب الترغيب في إعانة المسلم وتفريج كربه الخ في قسم الترغيب إن شاء الله تعالى معناه أن من قصر في الأعمال الصالحة اتكالا على أنه ابن الحسين مثلا لا يلحقه نسبة إلى الحسين بدرجة العاملين، فقد وعد الله عز وجل الطائع بالجنة وغن كان عبدا حبشيا: وأوعد العاصي بالنار وإن كان شريفا قرشيا (إن أكرمكم عند الله أتقاكم (تخريجه)(م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة(1/395)
ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (غريبة) تقدم الكلام على معنى هذا
(م 26- الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -202-
فضل الاجتماع على الذكر وتبديل سيئات الذاكرين حسنات
(عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله عز وجل خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات (عن سهل بن معاذ) بن أني الجهني عن أبيه قال : قال رسول الله(ص) يفضل الذكر على النفقة في سبيل الله تعالى بسبعمائة ألف ضعف (وفي لفظ بسبعمائة ضعف) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة ، وما من(1/396)
التفضيل في شرح حديث معاذ الثاني من أحاديث الباب (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث دراج اهـ (قلت) يعني دراج السهمي فيه كلام وضعفه الدار قطني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن شهر بن حوشب عن أبي ظبية عن معاذ ابن جبل الخ (غريبة) ظاهر قوله يبيت إن ذا خاص بنوم الليل (وقوله على ذكر الله) يعني أي ذكر كان من قراءة وتسبيح ونحوه (وقوله طاهرا) يفيد اشتراط الطهر من الحديثين والخبث، أي متوضئا، فقد روى البيهقي أن الأرواح يعرج بها في منامها فتؤمر بالسجود عند العرش، فمن بات طاهرا سجد عند العرش: ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا عنه وفيه ندب الوضوء للنوم بفتح التاء المثناة بعدها عين مهملة مفتوحة وبعد الألف راء مشددة مفتوحة: ومعناه يستيقظ من النوم، وأصل التعار السهر والتقلب على الفراش ليلا مع كلام، كذا في القاموس(وقوله من الليل) يفيد أي وقت كان جاء في الأصل بعد هذه الجملة- قال حسن في حديثه قال ثابت البناني فقدم علينا هاهنا فحدث بهذا الحديث عن معاذ قال أبو سلمة أظنه أعنى أبا ظبية اهـ وعند أبي داود قال ثابت البناني قدم علينا أبو ظبية فحدثنا بهذا الحديث عن معاذ بن جبل (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وحسنه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ميمون المرئي (بفتح الميم والراء وكسر الهمزة) ثنا ميمون بن سياه (بكسر المهملة بعدها باء تحتية) عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (عل بز طس) وفي إسناده ميمون المرئي: قال الهيثمي وثقه جماعة وفيه ضعف وبقية رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا لهيعة عن خير بن نعيم الحضرمي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال ثنا سعيد عن(1/397)
إسحاق عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر التاء الفوقية وفتح الراء مخففة هي النقص، وقيل التبعة، والتاء عوض عن الواو كعدة
@@@ -203-
فضل الإكثار من الذكر وقوله (ص) أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون
رجل يمشي طريقا فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة، وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله إلا كان عليه ترة (عن عبد الله بن بسر) رضي الله عنه قال أتى النبي(ص) أعرابيان فقال أحدهما من خير الرجال يا محمد؟ قال النبي (ص) من طال عمره وحسن عمله، وقال الآخر إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع، قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل (عن سهل بن معاذ) بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله (ص) أن رجلا سأله فقال أي الجهاد أفضل أجرا؟ قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، قال فأي الصائمين أعظم أجرا؟ قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، ثم ذكر لنا الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك رسول الله (ص) يقول أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا فقال أبو بكر رضي الله عنه يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير، فقال رسول الله (ص) أجل (عن أب سعيد الخدري) أن رسول الله(ص) قال أثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون(1/398)
جاء في الأصل بعد هذه الجملة قال أبي ثنا روح قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن إسحاق مولى عبد الله بن الحارث ولم يقل إذا أوى إلى فراشه (تخريجه) (د نس حب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي عياش ثنا حسان بن نوح عن عمرو بن قيس عن عبد الله بن بسر (بضم الموحدة وسكون المهملة) الخ (غريبة) يريد أن شعب الإسلام وخصاله الفاضلة الدالة على صدق إسلام فاعلها تعددت وبلغت حد الكثرة التي عجزنا عن العمل بجميعها وتحيرنا في اختيار الأفضل منها لجهلنا بذلك: فدلنا على باب جامع من الشرائع يكون عمله قليلا وأجره كثيرا نتمسك بع ونواظب عليه معناه داوم على الذكر باللسان والجنان في سائر الأحوال حتى أنه لا يزال لسانك رطبا الخ، وهذا يختلف بإختلاف الناس وأحوالهم وقوة إيمانهم وطاقتهم، وهو يفيد الحث على كثرة الذكر وعدم الغفلة عنه قال تعالى(يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) الآية (تخريجه) (مذ جه ك حب ش) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) معناه أي المجاهدين أفضل كما يدل على ذلك سياق الحديث أي نعم، وقد استدل بهذا على أن أفضل عباد الله أكثرهم له ذكرا وأن كل عمل يصحبه الذكر يكون أفضل من غيره العاري عن الذكر (تخريجه) (د طب) وفيه ابن لهيعة وزبان (بفتح الزاي وتشديد الموحدة) ابن فايد كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (غريبة) أي حتى يقول الغافلون عن الذكر: أو حتى يقول الذين لا رغبة لهم في الذكر، أو المنافقون، ويدخل المنافقون في هذا دخولا أوليا، وقد استدل بهذا الحديث على جواز الجهر
@@@-204-
بيان أن حلق الذكر رياض الجنة(1/399)
(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه قال:/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق المفردون، قالوا ومن المفردون؟ قال الذين يهترون في ذكر الله
(باب ما جاء في فضل حلق الذكر ومجالسه في المساجد)
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر
بالذكر، ويؤيده حديث (من ذكرني في ملأ) وتقدم في الباب السابق، ويمكن أن يكون سبب نسبتهم الجنون إليه ما يرونه من إدامة واشتغاله بطاعة الله عز وجل، وكثيرا ما يرى من لا شغل له بالطاعات أو من هو مشتغل بمعاصي الله يظهر السخرية بأهل الطاعات والاستهزاء بهم، لأنه قد طبع على قلبه وصار في عداد المخذولين، وقد حصل مثل ذلك لرسول الله (ص) فاستهزأ به الكفار ونسبوه إلى الجنون: فأبره الله مما قالوا ونصره عليهم أذاهم وكف أذاهم عنه قال تعالى (إن كفيناك المستهزئين) الآية (تخريجه) حب عل طب ك هب) وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفي إسناده دراج ضعفه جمع وبقية رجال أحمد ثقات اهـ (قلت) صححه الحافظ في أماليه، وصححه السيوطي في الجامع الصغير، وذلك لأنه دراجا غير متفق على ضعفه فقد وثقه جماعة من الحفاظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي يعني ابن المبارك عن يحيى يعني ابن أبي كثير عن ابن يعقوب قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) بتشديد الراء وتخفيفها مكسورة، قال النووي والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد اهـ وعناه المنفردون المعتزلون عن الناس بذكر الله وعبادته بضم أوله وسكون ثانية وفتح التاء المثناة فوق ومعناه الذين يولعون بذكر الله ولا يتحدثون بغير، قاله جمع من العلماء، وجاء في رواية لمسلم قالوا وما المفردون؟ قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي ورواه مسلم من حديث أبي هريرة(1/400)
أيضا (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا محمد حدثني أبي عن أنس بن مالك الخ (غريبة) جمع روضة وهو الموضع المشتمل على النبات المعجب (بضم الميم وكسر الجيم) بالزهور الرتع هو الأكل والشرب في خصب وسعة، وأراد برياض الجنة ذكر الله عز وجل وشبه الخوض فيه بالرتع بكسر الحاء المهملة وفتح اللام جمع حلقه كقصعة وقصع، وهي الجماعة من الناس مستعدون كحلقة الباب وغيره (ومعنى الحديث) إذا مررتم بحلق الذكر فادخلوا فيها لتنالوا الأجر العظيم والفوز بجنات النعيم، ففيه الحث على الذكر ومشاركة أهله فيه، وإطلاق الذكر هنا يشمل ما يذكر بالله عز وجل من قراءة قرآن ومدارسة علم وتسبيح وتهليل ونحو ذلك، ولا سيما وقد فسرت رياض الجنة في حديث ابن عباس بمجالس العلم رواه الطبراني، وفسرت في حديث أبي هريرة بالمساجد رواه الترمذي، وفسرت في الحديث
@@@ -205-
فضل حلق الذكر في المساجد ومباهات الله عز وجل بهم الملائكة
(عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل، قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذاك، قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله (ص) خرج على حلقة من أصحابه، فقال ما أجلسكم؟ قالوا نذكر الله عز وجل ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن علينا بك، قال آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال أما إني أستحلفكم تهمة لكم، وإنه أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة (وعنه أيضا أن رسول الله (ص) قال يقول الرب عز وجل يوم القيامة سيعلم أهل الجمع من أهمل الكرم، فقيل ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال مجالس الذكر في المساجد(1/401)
الباب بحلق الذكر، ولا مانع من إرادة الكل وأنه إنما ذكر في كل حديث بعضا، لأنه خرج جوابا عن سؤال معين، فرأى أن الأولى بحال السائل هنا حلق الذكر، وثم مجالس العلم والله أعلم (تخريجه) (مذ) البيهقي في شعب الإيمان،و قال الترمذي حسن غريب، وقال المناوي شواهده ترتقي إلى الصحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر قال حدثني مرحوم بن عبد العزيز قال حدثني أبو نعامة السعدي عن أبي عثمان النهدي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) بالمد والجر وما هذه نافية، قال السيد جمال الدين قيل الصواب بالجر لقول المحقق الشريف في حاشيته همزة الاستفهام وقعت بدلا عن حرف القسم ويجب الجر معها اهـ قال النووي هي بفتح الهاء وإسكانها (يعني مع ضم التاء الفوقية) من الوهم والتاء بدل من الواو، واتهمته به إذا ظننت به ذلك (وقوله وما كان لأحد بمنزلتي من رسول الله (ص) الخ) يريد أنه كان له منزلة عند رسول الله (ص)لكونه كان محرما لأم حبيبة أخته إحدى أمهات المؤمنين، ولكونه كان من كتبة الوحي، وما كان أحد بهذه المنزلة أقل حديثا منه عن رسول الله (ص) أصل البهاء الحسن والجمال وفلان يباهي بماله أي يفخر، والمعنى أن الله عز وجل يظهر فضل الذاكرين لملائكته ويريهم حسن عملهم ويثني عليهم عندهم (تخريجه)(م نس مذ) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (ص) قال يقول الرب عز وجل الخ(غريبة) جاء في رواية سيعلم أهل الجمع اليوم الخ، والمراد بأهل الخلائق المجتمعون يوم القيامة (وقوله من أهل الكرم) يعني أهل الكرامة الذين يكرمهم الله عز وجل في ذلك اليوم على رؤوس الملأ ويخصهم بمزيد نعمه وإحسانه يعني أصحاب مجالس الذكر في المساجد وخص المساجد بالذكر لكونها محل العبادة: والذكر من أفضل العبادات فهو فيها أفضل منه في غيرها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال(1/402)
رواه أحمد بإسنا دين وأحدهما حسن وأبو يعلى كذلك اهـ (قلت)
@@@ -206-
استحباب الذكر في الخفاء إذا خاف على نفسه الرياء أو التشويش على مصل
(باب ما جاء في الذكر الخفي) (عن سعد بن مالك) قال: قال رسول الله (ص) خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي (عن أبي موسى الأشعري) قال كنا مع رسول الله (ص) فقال أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذين تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله(1/403)
الاسناد الحسن الذي أشار إليه الحافظ الهيثمي هو ما ذكرناه، والثاني فيه ابن لهيعة بدل عمرو بن الحارث ورواه أيضا (حب هق) (باب) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا وكيع أسامة بن زيد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن سعد بن مالك الخ، (غريبة) فيه أن الإسرار بالذكر أفضل من الجهر به، ولكن تقدم ما يفيد الجهر بالذكر كحديث (أكثر واذكر الله حتى يقولوا مجنون) وحديث (وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) وقد جمع العلماء بين أحاديث السر والجهر وبأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فقد يكون الجهر أفضل إذا أمن الرياء وكان في الجهر تذكير للغافلين: وقد يكون الإسرار أفضل إذا خشي الرياء أو التشويش على نحو مصل والله أعلم أي ما يقنع به ويرضى على الوجه المطلوب شرعا، وإلا فلا يملأ عين ابن آدم إلا التراب (تخريجه) (عل) وفي إسناده ابن أبي لبيبة (بفتح اللام وكسر الموحدة الأولى وفتح الثانية) وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أبو محمد ثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) الشرف بفتح الشين المعجمة والراء العلو والمكان العالي (وقوله ولا نعلوا شرفا) معناه أنهم كانوا يجهرون بالتكبير في أثناء صعودهم إلى المكان المرتفع وعند استوائهم عليه وعند هبوطهم إلى المكان المنخفض بهمزة وصل وبفتح الموحدة معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه، وأنتم تدعون الله تعالى وهو سميع بصير أقرب إليكم من حبل الوريد، وهو معكم بالعلم والإحاطة أينما كنتم ، وهذا يدل عل خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه: وتقدمت الاشارة إلى ذلك في شرح الحديث السابق قال العلماء معنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنز أنفس أموالكم معناه لا حول عن معصية الله(1/404)
إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، قال النووي حكى هذا عن ابن مسعود (قلت) جاء عند البزار بسند حسن عن ابن مسعود عن النبي (ص) لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله: وقال أهل اللغة الحول الحركة والحيلة، أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرهما)
@@@-207-
فضل أسماء الله الحسنى وأن من أحصاها دخل الجنة
(باب ما جاء فضل أسماء الله الحسنى ) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) إن تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة أنه وتر يحب الوتر (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها كلها دخل الجنة(1/405)
(باب) قال القرطبي في تفسيره سمى الله سبحانه أسماءه الحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وأفضاله، والحسنى مؤنث الأحسن كالكبرى تأنيث الأكبر اهـ باختصار حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد (يعني ابن هارون) أنا محمد (يعني ابن سيرين) عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ(غريبة) اسما بالنصب على التمييز (مائة) بدل من تسعة وتسعين (وغير) منصوب على الاستثناء (قال العلماء) والحكمة في قوله مائة غير واحد بعد قوله تسعة وتسعين أن يتقرر ذلك في نفس السامع جمعا بين جهتي الإجمال والتفصيل أو دفعا للتصحيف الخطي لاشتباه تسعة بسبعة وسبعين جاء في رواية البخاري بلفظ (لا يحفظها أحد عن ظهر قلبه إلا دخل الجنة) وهذا اللفظ مفسر لما جاء هنا بلفظ (أحصاها) والحفظ يستلزم التكرار أي تكرار مجموعها، وقيل معنى أحصاها الاعتبار بمعانيها والعمل بها (وقوله دخل الجنة) أي كان جزاءه دخول الجنة، وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقا لوقوعه وتنبيها على أنه وإن لم يقع فهو في حكم الواقع لأنه كائن لا محالة بكسر الواو وفتحها أي فرد، ومعناه في حق الله عز وجل أنه الواحد الأحد الذي لا نظير له في ذاته (وقوله يحب الوتر) أي من شيء: أو كل وتر شرعه وأثاب عليه لأنه أدعى إلى معاني التوحيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن هشام ويزيد يعني ابن هارون قال أنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق) وأخرج الطريق الثانية (ق مذ جه) (هذا) ولم يأت في مسند الامام أحمد ولا عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي حديث فيه تعيين الأسماء التسعة والتسعين مسرودة مفصلة وذلك لأن ما ورد مفصلا فيه اختلاف واضطراب، حتى قال بعض العلماء إن تعيين الأسماء مدرج من بعض الرواة (قال الداودي) لم يئبت أن النبي (ص) عين الأسماء المذكورة (وقال أبو الحسن القابسي) أسماء الله تعالى وصفاته لا تعلم(1/406)
إلا بالتوفيق من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ولا يدخل فيها القياس (يعني أن كل اسم ورد في هذه الأصول وجب إطلاقه في صفة تعالى، وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه في وصفه وإن صح معناه) قال ولم يقع في الكتاب ذكر عدد معين، وثبت في السنة أنها تسعة وتسعون: فأخرج بعض الناس من الكتاب تسعة وتسعين اسما والله أعلم بما أخرج من ذلك، لأن بعضها ليست أسماء يعني صريحة اهـ (واختلف العلماء) في هذا العدد هل المراد به حصر الأسماء الحسنى في التسعة والتسعين أو أنها أكثر من ذلك ولكن اختصت هذه بأن من أحصاها دخل الجنة؟ فذهب الجمهور إلى الثاني
@@@ -208-
كلام العلماء في عدد أسماء الله الحسنى وأصح ما ورد في ذلك
(أبواب ما جاء في فضل صيغ مخصوصة) (باب فضل لا إله إلا الله) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال الإيمان أربعة وستون بابا(1/407)
ونقل النووي اتفاق العلماء عليه، فقال ليس في الحديث حصر أسماء الله تعالى وليس معناه أنه ليس معناه أنه ليس له اسم غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه الأسماء اهـ (قلت) ويؤيد ذلك ما جاء عند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود وسيأتي في الدعوات (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) وعند الإمام مالك عن كعب الأحبار في دعاء وأسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم (وممن ذكر هذه الأسماء) من المحدثين في كتبهم (مذ جه حب خز ك) والبيهقي في شعب الإيمان وأصحها ما رواه الترمذي، قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوز جاني حدثني صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) فذكرها، ثم قال آخر الحديث هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان ابن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي (ص) ولا نعلم ذكر الأسماء في شيء من الروايات له إسناد صحيح إلا هذا الحديث، وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي (ص) ذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح اهـ (قلت) يشير الترمذي رحمه الله تعالى إلى أن أوجود الأحاديث التي ذكرت فيها الأسماء هو الذي أثبته في كتابه بسنده المذكور (قال الحافظ)رواية الوليد عن شعيب (يعني سند الترمذي) هي أقرب الطرق إلى الصحة وعليها عول غالب من شرح الأسماء الحسنى اهـ (قلت) وحسنه النووي في الأذكار، أما قول الترمذي ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح فلا يقدح فيه بعد قوله وهو ثقة عند أهل الحديث، ومع هذا فقد قال الحافظ لم ينفرد به صفوان، فقد أخرجه البيهقي من طريق موسى بن(1/408)
أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضا اهـ والله أعلم (باب) (عن أبي هريرة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن عمارة بن غزرية عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي ثمراته وفروعه فأطلق الإيمان: وهو الإقرار والتصديق على هذه الأبواب مجازا لكونها من حقوقه ولوازمه (وقوله أربعة وستون بابا) هكذا جاء في هذه الرواية عند الإمام أحمد والترمذي، وجاء في رواية للبخاري (بضع وستون شعبة) بدل (أربعة وستون بابا) ومعناها في الروايتين الخصال (والبضع) بفتح الموحدة وكسرها من ثلاث إلى تسع على الأصح، والشعبة بضم الشين المعجمة الخصلة، وأصلها الطائفة من الشيء والغصن من الشجرة، قال الكرماني شبه الإيمان بشجرة
@@@ -209-
أصل الإيمان وأفضل شعبة قول لا إله إلا الله
أرفعها وأعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قالت يا رسول الله أوصى، قال إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها، قال قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا اله إلا الله؟ قال هي أفضل الحسنات (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال تمنيت أن أكون سألت النبي (ص) ماذا ينجينا مما يلقى الشيطان في أنفسنا، فقال أبو بكر رضي الله عنه قد سألته عن ذلك، فقال ينجيكم من ذلك أن تقولوا(1/409)
ذات أغصان وشعب كما شبه حديث (بني الإسلام على خمس) بخباء ذي أعمدة وأطناب اهـ والمراد التكثير لا حصر على حد قوله تعالى (أن تستغفر لهم سبعين مرة) أي أو أكثر من ذلك أي أفضل هذه الأبواب وهي المعبر عنها بالشعب في بعض الروايات، وهي الخصال كما تقدم: أفضلها هذا الذكر، فوضع القول موضع الذكر لا موضع الشهادة فإنها من أصله لا من شعبه، والتصديق القلبي خارج عنهما إجماعا ، قال القاضي عياض وقد نبه (ص) على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد والذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعد صحته (وأدناها) ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم، وبقي بين هذين الطريقين أعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن وشدة التتبع لأمكنه، وقد فعل ذلك بعض من تقدم، وفي الحكم (بضم الحاء المهملة وسكون الكاف) بأن ذلك مراد النبي (ص) صعوبة ، ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها ولا يقدح جهل ذلك في الإيمان، إذ أصول الإيمان وفزوعه معلومة محققة، والإيمان بأنها هذا العدد واجب في الجملة اهـ والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن أشياخه عن أبي ذر الخ (غريبة) أي فإنها تمحها، قال القاضي عياض صغائر الذنوب مكفرات بما يتبعها من الحسنات وكذا ما خفي من الكبائر لعموم قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقوله (ص) (أتبع السيئة الحسنة تمحها) أما ما ظهر منها وتحقق عند الحاكم فلا يسقط إلا بالتوبة اهـ (قلت) التوبة الصحيحة تكفر الذنب مطلقا سواء كان كبيرا أو صغيرا ظاهرا أو خافيا إلا إذا كان فيه حد وبلغ الإمام فلا بد من إقامة الحد عليه، أو كان حقا لآدمي فلا بد من إرضائه متى أمكن ذلك والله أعلم يعني أمن الحسنات محوا للسيئات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، قال الهيثمي ورجاله ثقات إلا أن شمر بن عطية حدث به عن أشياخه عن أبي ذر ولم يسم أحدا منهم (عن عثمان بن عفان)(1/410)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد العزيز بن محمد وسعيد ابن سلمة بن أبي الحسام عن عمرو عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم أن عثمان رضي الله عنه قال تمنيت أن أكون الخ (غريبة) يعني من الوساوس والأمور المذمومة شرعا
(م 27- الفتح الرباني- ج 14)
@@@-210-
من لقن عند الموت لا اله إلا الله دخل الجنة
ما أمرت به عمي أن يقوله فلم يقله (وعنه أيضا) قال توفى الله عز وجل نبيه (ص) قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر ، قال أبو بكر قد سألته عن ذلك، قال فقمت إليه فقلت له بأبي أنت وأمي أنت أحق بها، قال أبو بكر قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الأمر؟ فقال رسول الله (ص) من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها على فهي له نجاة (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا اله إلا الله (عن زادان أبي عمر) قال حدثني من سمع النبي (ص) يقول من لقن عند الموت لا اله إلا الله دخل الجنة (عن أبي الأسود الديلي) عن أبي ذر رضي الله عنه قال أتيت رسول الله (ص) وعليه ثوب أبيض فإذا هو نائم، ثم أتيته أحدثه فإذا هو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فجلس(1/411)
يريد كلمة لا اله إلا الله ، فقد ثبت عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة وسيأتي في تفسير سورة القصص من كتاب تفسير القرآن أن النبي (ص) قال لعمه (يعني أبا طالب عند احتضاره) قل لا اله الله أشهد لك بها يوم القيامة، قال : لولا أن تعيرني قريش يقولون أنتما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، فأزل الله عز وجل (إنك لا تهدي من أحببت) فهذه الرواية مفسرة بما أبهم هنا والأحاديث يفسر بعضها بعضا هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب تأثير وفاة النبي (ص) على أصحابه من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى يعني نجاة بني آدم من وساوس الشيطان وما يلقيه في أنفسهم من أنواع الشر ويؤيد ذلك بل يفسره قوله في الطريق ألأولى (مذ ينجينا مما يلقي الشيطان في أنفسنا الخ) يعني لا إله إلا الله كما تقدم، في هذا الحديث والذي قبله دلالة على أن كلمة لا إله غلا اله أعظم الحسنات محوا للسيئات: وأنها تحفظ قائلها من وساوس الشيطان وتضمن له حسن الخاتمة إذا قالها عند الموت (تخريجه ) (طس عل بز) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد أيضا من حديث أبي هيريرة هذا الحديث أعني حديث أبي سعيد وحديث زاد ذالك والذي بعده تقدما في باب ما جاء في المحتضر وتلقينه كلمة التوحيد من كتاب الجنائز من الجزء السابع وتقدم الكلام عليها سندا وشرحا وتخريجا ، وإنما أثبتهما هنا للاستدلال بهما على فضل كلمة التوحيد أنها تنفه قائلها في الصحة و عند الموت (ومنعى قوله موتاكم ) أي من حضره الموت وقرب منه، وسمى ميتا باعتبار متا يؤول عليه مجازا فهو من قبيل قوله (ص) (من قتل قتيلا فله سلبه) الديلي بكسر المهملة ويقال الدؤلي بالضم بعدها همزة مفتوحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنى عبد الصمد حدثني أبي ثنى حسين عن ابن بريدة أن يحيى بن يعمر (بوزن جعفر ) حدثه أن أبا الأسود الديلي حدثه أن أبا ذر قال أتيت رسول الله (ص) الخ(1/412)
(غريبة) قال الكرماني فائدة ذكر الثوب والنوم تقرير التثبت والاتقان فيما يرويه في آذان السامعين ليتمكن في
@@@-211-
ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة
إليه ،فقال ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق ، قلت وإن زنى وإن سرق ؟ قال وإن زنى وإن سرق ثلاثا ،ثم قال في الرابعة على رغم أنف رأبي ذر، قال فخرج أبو ذر بجر ردائه وهو يقول وإن رغم أنف أبي ذر، قال فكان أبو ذر يحدث بهذا بعد ويقول وإن رغم أنف أبي ذر (عن تميم الداري) رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) من قال لا اله إلا الله واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد عشر مرات كتب له أربعون ألف حسنة (عن عبد الله بن عمرو) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه، فقال إني قاصر عليكما الوصية، آمركما باثنين وأنها كما عن اثنتين، أنها كما عن الشرك والكبر، آمركما بلا اله إلا الله: فإن السماوات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان ووضعت لا اله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح(1/413)
قلوبهم يعني موحدا لا يشرك بالله شيئا كما في رواية أخرى أي لأن الكبيرة عند أهل السنة لا تسلب اسم الإيمان ولا تحبط الطاعة ولا تخلد صاحبها في النار بل عاقبته أن يدخل الجنة ، وفيه رد على المبتدعة من الخوارج ومن المعتزلة الذين يدعون وجوب خلود من مات مرتكبا للكبائر من غير توبة هو من رغم إذا لصق بالرغام وهو التراب، ويستعمل مجازا بمعنى كره أو ذل إطلاقا لاسم السبب على المسبب، وتكرير النبي (ص) لانكاره استعظامه وتحجيره واسعا فإن رحمة الله تعالى واسعة (قال العلماء) ظاهر الحديث أن من مات مسلما دخل الجنة قبل النار أو بعدها، وهذا في حقوق الله تعالى باتفاق أهل السنة، أما حقوق العباد فلا بد من ردها عند الأكثر أو أن الله تعالى يرضى صاحب الحق بما شاء، وان من مات مصرا على الذنب من غير توبة فمذهب أهل السنة انه في مشيئة الله إن شاء عفا عنه لا يسئل عما يفعل اهـ (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى يعني الطباع قال حدثني ليث بن سعد قال حدثني الخليل بن مرة عن الأزهر بن عبد الله عن تميم الداري الخ (غريبة) الصمد هو السيد الذي انتهى إليه أي بقصد (تخريجه) (مذ) وفيه الخليل بن مرة ضعيف هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده في باب تحريم لبس الحرير على الرجال من كتاب اللباس وقد اقتصرت على هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة (غريبة) أي بقول لا اله إلا الله مع اعتقاد معناها وهو أنه عز وجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في ملكه ولا رب سواه بكسر الكاف لاستدارتها وكل شيء مستدير كفة بالكسر كما أن كل شيء مستطيل كفة بالضم أي لعظم قدرها وعلو شأنها وكثرة ثوابها
@@@ -212-
لو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا اله الله لقصمتها(1/414)
لو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليها لقصمتها، وآمركما بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء (عن ثابت حدثنا رجل من الشام وكان يتبع عبد الله بن عمرو بن العاص ويسمع، قال كنت معه فلقي نوفا، فقال نوف ذكر لنا أن الله تعالى قال لملائكته ادعوا لي عبادي، قالوا يا رب كيف والسماوات السبع دونهم والعرش فوق ذلك؟ قال إنهم ؟إذا قالوا لا إله إلا الله استجابوا (وعنه أيضا ) عن أبي أيوب أن نوفا وعبد الله بن عمرو ابن العاص: اجتمعا فقال نوف لو أن السموات والأرض وما فيهما وضع في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في الكفة(1/415)
الأولى بالفاء والثانية بالقاف، قال في النهاية القصم بالقاف كسر الشيء وإبانته، وبالفاء كسره من غير إبانة اهـ(قلت فقوله أو للشك من الراوي، والمعنى أن السماوات والأرض لو جعلتها حائلا بين كلمة التوحيد وبين العرش لكسرتهما حتى تخلص إلى الله عز وجل، ويؤيد ذلك ما سيأتي في الحديث التالي بلفظ (ولو أن السماوات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد فقال رجل لا اله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله وبحمده) وببركته يرزق الله كل شيء،ـ ومصداق ذلك في قوله تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده الآية) (تخريجه) (ش هق بز ك) وصححه الحاكم ورجاله البزار ثقات: وقال الهيثمي ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن ثابت حدثنا رجل من الشام الخ (غريبة) هو أبو أيوب الآتي ذكره في الحديث التالي وسيأتي الكلام عليه بفتح النون وسكون الواو ابن فضالة بفتح الفاء الحميري البكالي بكسر الموحدة وتخفيف الكاف الشامي ابن امرأة كعب الأحبار: روى عن علي وثوبان: وروى عنه سعيد ابن جبير وأبو إسحاق وغيرهم له ذكر في الصحيحين (خلاصة) ليس هذا آخر الحديث وله بقية لا تعلق لها بالباب، وهي كما جاء في الأصل بعد قوله (استجابوا) قال يقول له عبد الله بن عمرو صلينا مع رسول الله (ص) يسرع كأني أنظر إلى رفعه إزاره ليكون أحب له في المشي، فانتهى إلينا فقال ألا أبشروا: ها ذاك ربكم أمر باب السماء الوسطى أو قال بباب السماء ففتح ففاخر بكم الملائكة قال انظروا إلى عبادي أدوا حقا من حقي ثم هم ينتظرون أداء حق آخر يؤدونه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي سنده انقطاع لأن نوفا قال ذكر لنا ولم يصرح باسم من روى عنه، لكن يؤيده الحديث الذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان يعني ابن سلمة عن ثابت عن أيوب الخ (غريبة) قال الذهبي في ميزان الاعتدال أبو أيوب الأزدي المراغي اسمه بن مالك وقيل(1/416)
حبيب بن مالك عن عبد الله بن عمرو، وعنه قتادة وثابت وثقفه النسائي
@@@ -213-
من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة
الأخرى لرجحت بهن، ولو أن السماوات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد، فقال رجل لا اله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله عز وجل (عن كثير بن مرة) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال لنا معاذ في مرضه قد سمعت رسول الله (ص) شيئا كنت أكتمكوه سمعت رسول الله (ص) يقول من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة
(باب الأصل في الاجتماع على الذكر بقول لا اله إلا الله)
(عن يعلى بن شداد) قال حدثني أبي شداد بن أوس وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال كنا عند النبي (ص) فقال هل فيكم غريب؟ يعني أهل الكتاب، فقلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب وقال ارفعوا أيديكم وقولوا لا اله إلا الله، فرفعنا أيدنا ساعة، ثم وضع رسول الله (ص) يده ثم قال الحمد لله الذي بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وإنك(1/417)
ليس هذا آخر الحديث وبقيته كما في الأصل بعد قوله (حتى تنتهي إلى الله عز وجل) فقال عبد الله بن عمرو صلينا مع رسول الله (ص) المغرب فذكر حديثا تقدم رقم 33 في باب انتظار الصلاة صحيفة 208 في الجزء الثاني (تخريجه) (جه) وقال البوصري في زوائد ابن ماجة هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات وأورد هي المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه ابن ماجة عن أبي أيوب عنه (يعني عن عبد الحميد يعني ابن جعفر ثنا صالح يعني ابن أبي غريب عن كثير بن مرة الخ (غريبة) إنما كتمه مدة حياته خوفا من اتكال الناس على ذلك، وأخبر بذلك عند موته خشية كتمان العلم، وقد جاء معنى ذلك عند البخاري من حديث معاذ مرفوعا (ما من حد يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله (ص) صدقا من قلبه إلا حرم الله على النار، قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال إذا يتكلوا، وأخبر بها معاذ عند موته تأثما)أي خوفا من الإثم بالكتمان العلم أي مع الاعتراف للنبي (ص) بالرسالة كما يستفاد من رواية البخاري المذكرة آنفا (وقوله وجبت له الجنة) أي وجب له دخول الجنة وصار حتما لا بد منه (قال القاضي عياض) يجوز في حديث من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه وإن كان قبل مخلطا (أي له أعمال صالحة وأعمال سيئة) فيكون سببا لرحمة الله تعالى إياه ونجاته رأسا من النار وتحريم عليها وفضل الله واسع (تخريجه) (د ك) وقال الصحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال التاج السبكي حديث صحيح وأخرجه الشيخان بلفظ آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن راشد ين داود عن يعلى بن شداد الخ (غريبة) أي من اليهود أو النصارى يعني كلمة التوحيد وهي (لا اله إلا الله) (وقوله وأمرتني بها) أي يقولها وتبليغ الناس أن يقولوها أيضا (ووعدتني عليها الجنة) أي لكل من يقولها مخلصا وفيه(1/418)
دلالة على استحباب رفع اليد عند قول
@@@ -214-
قوله (ص) أسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله إلا الله خالصة من قبل نفسه
لا تخلف الميعاد، ثم قال أبشروا فإن الله عز وجل قد غفر لكم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) جددوا إيمانكم،قيل يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا؟ قال أكثروا من قوله لا اله إلا الله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعة يوم القيامة؟ فقال النبي (ص) لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا اله إلا الله خالصة من قبل نفسه(1/419)
لا اله إلا الله وجواز قولها جماعة، والظاهر أن هذا أصل اجتماع الناس على الذكر بقول لا اله إلا الله والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني وغيره وأورده الهيثمي أيضا وقال رواه أحمد وفيه راشد بن داود وقد وثقه غير واحد وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات اهـ قلت رواه الحاكم في المستدرك وقال الذهبي راشد ضعفه الدار قطني وغيره ووثقه دحيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود يعني الطياليسي ثنا صدقة بن موسى السلمي الدقيقي ثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال: قال ربكم عز وجل لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمسي بالنهار، ولما أسمعتهم صوت الرعد: وقال رسول الله (ص) إن حسن الظن بالله عز وجل من حسن عبادة الله، وقال الله (ص) جددوا إيمانكم الخ (غريبة) معناه أن المداومة على قول لا إله إلا الله والإكثار منها تجدد الإيمان في القلب، وتملؤه نورا وتزيد يقينا وتفتح له أسرارا يدركها أهل البصائر ولا ينكرها الأكل ملحد جائر (تخريجه) (طب هق ك) وأورده المنذري وقال إسناد أحمد حسن اهـ وكذلك الهيثمي وقال رجال أحمد ثقات وكذلك قال البيهقي، وفيه دلالة على أن هذه الكلمة الشريفة لما كانت محصلة للإسلام ابتداء تكون مجددة له ومحصلة لمثل الثواب السابق، وكلما أكثر من ذكرها ازداد قوة في الإيمان وكثرة في الثواب وفضل الله واسع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان أنبأنا إسماعيل أخبرني عمرو عن سعيد عن أبي هريرة الخ(غريبة) أي أحظاهم وأولادهم بضم اللام وفتحها على حد قراءتي (وحسبوا أن لا تكون) بالرفع والنصب لوقوع أن بعد الظن، واللام في لقد جواب القسم المحذوف: أي والله لقد ظننت أو للتأكيد برفع أول صفة لأحد أو بدل منه أي أقدم منك، من الإقدام وهو الجرأة أو بالنصب على الحال، أي لغا يسألني أحد سابقا لك، ولا يضر كونه(1/420)
نكرة لأنها في سياق النفي كقولهم ما كان أحد مثلك أي مع قوله محمد الله (ص) واكتفى بالجزء الأول عن كلمتي الشهادة لأنه صار شعارا لمجموعها (وقوله خالصة) يعني كلمة لا اله إلا الله وقيد القول بالإخلاص ليخرج المنافق فإنه يقول بلسانه ولا يعتقد بقلبه: والإخلاص في التوحيد تصفيته من التشريك في الألوهية وموطنه القلب لا وعاء له سواه، ولذلك جاء في رواية البخاري خالصا من قلبه يعني القول (وقوله من قبل نفسه)
@@@ -215-
فضل لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الخ
(باب ما جاء في قول لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الخ)
(عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال:قال رسول الله (ص) من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة في يوم لم يسبقه أحد كان قبله ولا يدركه أحد بعده إلا بأفضل من علمه (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من منح منحة ورق أو منحة لبن أو هدى زقاقا فهو كعتاق نسمة، ومن قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهو كعتاق نسمة الحديث (عن عمرو بن شعيب)عن أبيه عن جده قال كان أكثر دعاء رسول الله (ص) يوم عرفة لا اله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير(1/421)
أي لا يحمله على قول لا اله إلا الله رياء أو نحوه، ولما كان كل أحد يحصل له سعد بشفاعته (ص) فإنه يشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كما صح في حق أبي طالب، ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد دخولها: وفي بعضهم بعدم دخولها بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها: لما كان كذلك صرح بأن أسعدهم بها المؤمن المخلص في إيمانه والله أعلم (تخريجه) (خ) في كتاب الإيمان (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني وداود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) معناه لم يأت أحد تقدمه أو تأخر عنه بأفضل من عمله أي أكثر في العدد، ويحتمل أن يكون المراد بالأكثرية الزيادة من أعمال الخير سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره واستظهره النووي،(تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال كل يوم، ورجال أحمد ثقات، وفي رجال الطبراني من لم أعرفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا محمد ابن طلحة عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب الخ (غريبة) المنحة بكسر الميم وسكون النون العطية: والورق بكسر الراء الفضة، ومنحة الورق قرض الدراهم، ومنحة اللبن أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويردها الزقاق بضم الزاي الطريق يريد من دل الضال أو الأعمى على طريقة (وقوله فهو كعتاق نسمة) بفتح النون والمهملة أي كان كأجر من أعتق رقبة مملوكة الحديث له بقية تقدمت في باب الحث على تسوية الصفوف ورصها الخ رقم 1462 صحيفة 310 من أبواب الجماعة في الجزء الخامس (تخريجه) (م ش) ورواه الترمذي باختصار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حميد أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) عبر عن هذه الصيغة بالدعاء لكونها بمنزلته في ابتغاء المنفعة، فإن الداعي يطلب من الله عز وجل منفعة تعود(1/422)
عليه: والذاكر يبتغي ثواب الذكر وهو أعظم منفعة تعود على الإنسان، وإنما كان (ص) يكثر الدعاء بهذه الصيغة قي يوم عرفة لأنه يوم يتجلى الله فيه على عباده ويباهي بهم الملائكة
@@@-216
من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص)قال ، من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة وحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر نمن ذلك (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق؟قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟قال وإن زنى وإن سرق،قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي الدرداء، قال فخرجت لأنادي بها في الناس، قال فلقيني عمر، فقال ارجع فإن الناس إن علموا بهذه اتكلوا(1/423)
وخص هذه الصيغة لأنها جمعت من أنواع الثناء على الله عز وجل وتوحيده والاعتراف له بالقدرة والعظمة ما لم يكن في غيرها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده محمد بن أبي أحمد ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر العين المهملة وفتحها بمعنى المثل: أي كان أجره مثل أجر من أعتق عشر رقاب (تقدم شرح هذه الجملة في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه)(ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله أن أبا الدرداء قال: قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) لفظ في حديث أبي ذر المتقدم في الباب السابق (ما من عبد قال لا اله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة) فحديث أبي ذر مقيد بالموت على ذلك وحديث الباب مطلق: فيحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد أن مكن مات على ذلك وكان آخر كلامه، وإنما قلت وكان آخر كلامه أخذا من حديث معاذ المتقدم فغي الباب السابق أيضا (بلفظ من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة، والأحاديث يفسر بعضها بعضا، وتقدم الكلام في شرح حديث أبي ذر في الباب السابق بما لا يعني عن شرح بقية حديث الباب لأنه بمعناه (تخريجه) (طب هق) وابن أبي الدرداء هذا غير حديث أبي ذر وإن كان فيه بعض معناه اهـ (قال الحافظ) وهما قصتان متقاربان وإن اشتركا في المعنى الأخير وهو سؤال الصحابي بقوله وإن زنى وإن سرق، واشتركا أيضا في قوله وإن رغم، (وفي الباب) عند الإمام أحمد أيضا قال حدثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن سالم بن أبي الجعد عن سلمة بن نعيم قال وكان من أصحاب النبي قال: قال رسول الله (ص) (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق) وسنده جيد وأخرجه البخاري والإمام أحمد
@@@-217-(1/424)
فضل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر والحوقلة
عليها، فرحت فأخبرته (ص) فقال صدق عمر (عن مصعب بن سعد) عن أبيه (يعني سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه) قال إن أعرابيا أتى النبي (ص) قال علمني كلاما أقوله؟ قال قل لا اله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم خمسا، قال هؤلاء لربي فمالي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارزقني واهدني وعافني (باب فضل سبحان الله والحمد لله الخ وأنها الباقيات الصالحات) (خط عن أم هانئ) بنت أبي طالب رضي الله عنهما قالت مر بي رسول الله (ص) فقلت يا رسول الله إني قد كبرت وضعفت أو كما قالت، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال سبحي الله مائة تسبيحة فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل ، واحمدي الله مائة تحميدة تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملينها عليها في سبيل الله عز وجل، وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنه مقلدة متقلبة ، وهللي الله مائة تهليلة(1/425)
بهذا اللفظ من حديث أنس ما عدا (وإن زنى وإن سرق) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن موسى الجهني حدثني مصعب بن سعد الخ (غريبة) أي هذا يختص بتوحيد الله وتعظيمه والثناء عليه، فماذا يختص بنفسي (قال قل اللهم اغفر لي الخ)دله (ص) على دعاء يشمل له مصالح الدنيا والآخرة، ومعناه اغفر لي ذنوبي السابقة وارزقني ما أستعين به على طلاعتك، واهدني إلى سبيل الموصل إليك، وعافني من الأمراض الحسية والمعنوية التي تعيقني عن هذا السبيل زاد مسلم وارحمني (تخريجه) (م وغيره) (باب) خط(سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده ثنا سعيد بن سلايمان قال ثنا موسى بن خلف قال حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هانئ الخ (غريبة) أي قولي سبحان الله، ومعناه أنزه الله عز وجل عما لا يليق به من الشريك والولد والصاحبة والنقائص مطلقا وسمات الحدوث مطلقا أي من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا الصلاة السلام، وخص بني إسماعيل بالذكر لأنهم أشرف العرب أي قولي الحمد لله مائة مرة: ومعنى الحمد الثناء على الله عز وجل بجميل صفاته جاء في بعض الروايات يحمل عليها، والمعنى أن من قال الحمد لله مائة كان له مثل ثواب من تصدق بمائة فرس مسرجة ملجمة لحمل المجاهدين في سبيل الله عز وجل أي قولي الله أكبر: ومعنى التكبير التعظيم أي أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم البدنة بالتحريك تقع على الذكر والأنثى من الإبل وسميت بدنة لعظم بدنها وسمنها: والمراد هنا الهدى الذي يهدي إلى مكة زمن الحج: وأفضلها ما كان من الإبل، وتقليدها هو أن يعلق بعنقها قطعة من الجلد أو نعل ليعلم أنها هدى فلا يتعرض لها بسوء (وقوله متقلبة) أي مقبولة لأن صاحبها أهداها إلى بيت الله خالصة لوجه الله تعالى لا يقصد رياء ولا سمعة أي (م 28- الفتح الرباني- ج14)
@@@ -118-
سبحان الله والحمد لله الخ تكفر الذنوب عن قائلها ولو كانت مثل زبد البحر(1/426)
قال ابن خلف أحسبه قال تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به (عن عاصم بن أبي النجود) عن جرى قال التقى رجلان من بني سليم من أصحاب النبي (ص) فقال أحدهما لصاحبه سمعت النبي (ص) يقول سبحان الله نصف الميزان، والحمد لله يملؤه، والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض ، والصوم نصف الصبر، والوضوء نصف الإيمان (عن عبد الله بن عمرو) (يعني ابن العاص رضي الله عنهما) قال قال رسول الله (ص) ما على الأرض رجل يقول لا اله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إلا كفرت عنه ذنوبه ولو(1/427)
قولي لا اله إلا الله وهي كلمة التوحيد هو موسى بن خلف العمى بفتح المهملة وتشديد الميم مكسورة أحد رجال السند: يظن أن عاصم بن بهدلة قال في حديثه وهللي الله مائة تهليلة تملأ ما بين السماء والأرض ومعناه لو قدر ثواب التهليل جسما لملأ ما بين السماء والأرض (تخريجه) (نس جه هق طب طس) بالفاظ مختلفة وسنده عند الجميع حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد ابن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن جري (بضم الجيم وفتح الراء) ابن كليب النهدي الخ (وله طريق أخرى عند الإمام أحمد) قال حدثنا معاذ أنا شعبة أنا أبو إسحاق الهداني عن جري النهدي عن رجل من بني سليم فذكره (غريبة) معناه أن من ذكر الله عز وجل بلفظ سبحان الله ملأ ثوابه إحدى كفى الميزان يوم القيامة، وظاهره إن قال ذلك ولو مرة (والحمد لله يملأه) بأن تأخذ الكفة الأخرى، وقد يراد تفضيل الحمد على التسبيح وأن ثوابه ضعف ثواب التسبيح أي لو قدر تجسم ثواب التكبير لملأ ما بين السماء والأرض أي لأن جماع العبادات فعل وترك، والصوم يقمع الشهوة فيسهل الترك وهو شرط الصبر: فهما صبران صبر عن أشياء وصبر على أشياء: والصوم معين على أحدهما: فهو نصف الصبر ذكره الحليمي جاء في الطريق الثانية (والطهور) بدل الوضوء وهو أعم فيشمل الوضوء والغسل ونحوهما: ومعنا كونه نصف الإيمان أن الإيمان يطهر الباطن والطهور يطهر الظاهر: وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (هق مذ) وقال حديث حسن وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر قال حاتم بن أبي صغيرة (بكسر الغين المعجمة) عن أبي بلج (بفتح أوله وسكون اللام) عن عمر بن ميمون عن عبد الله بن الأعمال أخذا من حديث مسلم وغيره (عن أبي هريرة) أن رسول الله (ص) كان يقول الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر: فقيد التفكير باجتناب الكبائر لأن الكبيرة لا يكفرها إلا(1/428)
التوبة أو عفو الله عز وجل والله أعلم (تخريجه) (نس مذ
@@@ -219-
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا تفتح لها أبواب السماء
كانت أكثر من زبد البحر (عن أبي الزبير) أخبرنا عون بن عبد الله أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول كنا جلوسا مع رسول الله (ص) فقال رجل أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول الله (ص) وقال عون ما تركتها منذ سمعتها من ابن عمر (عن ابن أبي أوفى) رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى النبي (ص) فقال يا رسول الله إني لا أستطيع أخذ شيء من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال قل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ، قال يا رسول الله عز وجل، فما لي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارقني، ثم أدبر وهو ممسك كفيه، فقال النبي(ص) أما ها فقد ملأ يديه من الخير (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال استكثروا من الباقيات الصالحات ، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟(1/429)
ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير أخبرنا عون بن عبد الله الخ البكرة أول النهار والأصيل آخره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة وقد قال حدثنا فالحديث إن لم يكن صحيحا فهو على الأقل حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن يزيد أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي (بفتح المهملتين بينهما كاف ساكنة) عن ابن أبي أوفى الخ، وجاء في آخر الحديث قال مسعر فسمعت هذا الحديث من إبراهيم السكسكي عن ابن أوفى عن النبي (ص) وتبتني فيه غيري اهـ، والمعنى أن مسعرا ثبت عنده هذا الحديث حينما رأى غيره رواه عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفي كما رواه هو (ومسعر) بوزن منبر هو ابن كدام بكسر الكاف أخرج له الستة ولم يذكر في سند هذا الحديث (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن أبي الدنيا عن الحجاج ابن أرطاة عن إبراهيم السكسكي عنه، ورواه البيهقي مختصرا وزاد ولا حول ولا قوة إلا بالله: وإسناده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) أي استكثروا من قول الباقيات عند الله لقائلها بمعنى أنها مدخرة ومحفوظة عنده ليثاب عليها قائلها: ولذلك وصلها بقوله الصالحات يعني الدين، وسمى التكبير والتهليل الخ ملة لأنه جمع أصل الدين وهو توحيد الله عز وجل وتعظيمه وتنزيهه والله أعلم (تخريجه) (حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى
@@@-220-
سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات(1/430)
قال التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله (وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال في حديث له ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات (عن أبي سعيد الخدري) وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال إن الله اصطفى من الكلام أربعا، سبحان الله والحمد لله والله أكبر فمن قال سبحان الله كتب له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال لا اله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتب له أو كتبت له ثلاثون حسنة وحط أو حطت عنه ثلاثون سيئة (عن أبي صالح) عن بعض أصحاب النبي (ص) أن النبي (ص) قال أفضل الكلام سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) أخذ غصنا فنفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فانتفض فقال، رسول الله (ص) إن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر(1/431)
إلا أنه قال وما هن بدل وما هي وإسنادهما حسن سيأتي حديث النعمان بن بشير المشار إليه بسنده وشرحه وتخريجه في باب إمارة السفهاء من كتاب الخلافة والإمارة لأنه يختص بها، وفي آخره ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر الخ الحديث، وقد ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الباب. (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا إسرائيل عن أبي سنان عن أبي صالح الحنفي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة الخ(غريبة) أي اختار لملائكته أو لعبادة كما في رواية عند مسلم يعني من عن نفسه زيادة عن الأربع المتقدمة بدون سبب يحمله على ذلك، لأن الحمد لا يقع غالبا إلا بعد سبب كأكل أو شرب أو حدوث نعمة فكأنه وقع في مقابلة ما أسدى إليه، فلما حمد الله لا في مقابلة شيء زاد في الثواب والله أعلم (تخريجه) (ك) والضياء المقدسي، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم (قيلت وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجالها رجال الصحيح، أخرجه أيضا من حيثهما ابن أبي الدنيا والبيهقي وزاد في آخره، ومن أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن أبي صالح الخ (غريبة ) أي كلام الآدميين قاله النووي، وقال القاضي عياض المراد كلام البشر، لأن الثلاث الأول وإن وجدت في القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه على ما فيه ولأنه روى في خبر أفضل الذكر بعد كتاب الله تعالى سبحان الله الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (سنده ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثنا سنان ثنا أنس بن مالك الخ (غريبة) نفض من باب نصر: والنفض كما في الصحاح وغيره تحريك الثوب ونحوه ليزول عنه الغبار، ونفض الورق من
@@@- 221-
من قال سبحان الله الخ فله بكل واحد عشر حسنات ومن زاد زاده الله(1/432)
تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها (عن حميض بنت ياسر) عن جدتها يسرية وكانت من المهاجرات ، قالت قال لنا رسول الله (ص) يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة، وأعقدن بالأنامل فإنهم مسئولات مستنطقات (عن أيوب بن سلمان ) رجل من أهل صنعاء قال كنا بمكة فجلسنا إلى عطاء الخراساني على جنب جدار المسجد فلم نسأله ولم يحدثنا: قال ثم جلسنا إلى ابن عمر مثل مجلسكم هذا فلم نسأله ولم يحدثنا، قال فقال مل لكم لا تتكلمون ولا تذكرون الله ، قولوا الله أكبر والحمد لله وسبحان الله وبحمده، بواحدة عشرا، وبعشرة مائة من زاد الله ومن سكت(1/433)
الشجر حركة ليسقط أي تسقط الذنوب، والمراد بها الصغائر كما تقدم، واستعمال النفض هنا مجاز (تخريجه) أورده المنذري، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والترمذي وقال حديث غريب ولا نعرف للأعمش سماعا من أنس إلا أنه رآه ونظر إليه اهـ قال المنذري لم يروه أحمد من طريق الأعمش اهـ (قلت) وهو كما قال المنذري رحمه الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر قال ثنا هانئ بن عثمان الجهني عن أمه حميضة بنت ياسر الخ (غريبة) أي بقول لا اله إلا الله (والتسبيح) يعني سبحان الله (والتقديس) أي قول سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قالوا والفرق بين التسبيح والتقديس أن التسبيح للأسماء والتقديس للآلاء، وكلاهما يؤدي إلى العظمة بضم التاء المثناة فوق وسكون النون وفتح السين المهملة أي لا تتركن الذكر فتحرمن من الرحمة الأنامل رءوس الأصابع/ والمراد الأصابع كلها من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، والمعنى أعددن عدد مرات التسبيح بالأصابع (وقوله فإنهن مسئولات) يعني يوم القيامة عن عمل صاحبها (مستنطقات) للشهادة عليه قال تعالى (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) فأما المؤمن فتنطق عليه بخيره وتسكت عن شره تسترا من الله ، والكافر بالعكس فإن خيره لغير الله وذو هباء قال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا )(تخريجه)(د مذ ش ك) وسكت عنه الحاكم وصححه الذهبي والحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الحسن بن أقيش أخبرني النعمان بن الزبير عن أيوب بن سليمان الخ (غريبة) الجار والمجرور متعلق بمحذوف جواب الأمر تقديره يكتب الله لكم ، وهو إما أن يكون حذف للعلم به أو سقط من الناسخ هكذا بالأصل (ومن سكت غفر له) وجاء هذا الحديث عند الترمذي ولفظه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله (ص) ذات يوم لأصحابه قولوا سبحان الله وبحمده مائة مرة، من قالها مرة كتبت له عشرا: ومن قالها عشرا كتبت(1/434)
له مائة ومن قالها مائة كتبت له ألفا، ومن زاده الله، ومن استغفر غفر الله له اهـ: ففي رواية الترمذي (ومن استغفر) بدل (ومن سكت) وهي أظهر وأوفق بالسياق، فالمعول على رواية الترمذي لجملة أمور (أولا) أن الحديث مرفوع عند الترمذي وموقوف عند الإمام أحمد: (ثانيا) أن
@@@ -222-
أفضل الكلام ما اصطفاه الله لعباده- سبحان الله وبحمده
غفر له الحديث (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت، سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر (باب ما جاء في أنواع شتى من التسبيح)
(قر عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال سئل رسول الله (ص) أي الكلام أفضل؟ قال ما اصطفاه الله عز وجل لعباده، سبحان الله وبحمده (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال لا يدع رجل منكم أن يعمل الله ألف حسنة حين يصبح، يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة فإنها ألف حسنة فإنه لا يعمل إن شاء الله مثل ذلك يومه من الذنوب ويكون ما من عمل من خير سوى(1/435)
رواية الإمام أحمد فيها حذف بعد قوله وبحمده، ورواية الترمذي كاملة مستقيمة المعنى (ثالثا) أن رواية الترمذي فيها زيادة (ومن قالها مرة كتبت له ألفا) ولم تأت هذه الزيادة في رواية الإمام أحمد والله أعلم (وفي قوله في حديث الباب من زاد زاده الله) دلالة على التضعيف غير مختص بهذا العدد المنصوص، بل هو ثابت في كل عدد وإن زاد، كما تدل عليه الأدلة القاضية بأن الحسنة بعشر أمثالها، (وليس قوله ومن سكت غفر له) آخر الحديث بل له بقية طويلة فيها خصال متعددة خارجة عن ترجمة الباب ستأتي بتهامها في باب الخماسيات من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في كتاب الكبائر إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نس مذ) والطيالسي وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن هلال بن يساف عن سمرة بن جندب الخ(غريبة) معناه أن التسبيح والتحميد والتهليل ثابت في القرآن بهذا اللفظ والتكبير بمعناه، وهذه مزية منضمة إلى مزية كونها أفضل الكلام بعد القرآن والله أعلم (تخريجه) (م نس جه) ولم يأت في مسلم وهي من القرآن وذكرها النسائي (باب) قر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي غفرت ذنوبه الصغائر، وزيد البحر ما يقذفه البحر من الرغوة على الشاطئ (تخريجه) (م مذ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أبو مسعود الحريري عن أبي عبد الله الجسري عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الخ (غريبة جاء عند الترمذي بلفظ (سبحان الله وبحمده سبحان ربي وبحمده)(تخريجه) (م نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مرير الغساني قال ثنا أبو الأحوص حكيم بن عمير وحبيب بن عبيد عن أبي الدرداء الخ (غريبة) أي باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها معناه أنه ببركة(1/436)
هذا التسبيح لا يقع منه ذنوب في هذا
@@@ -223-
من سبح مائة تسبيحة كتب له ألف حسنة ومحي عنه ألف سيئة
ذلك وافرا (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) أنه قال أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟ قال ومن يطيق ذلك؟ قال يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألفي حسنة وتمحى عنه ألف سيئة (عن سهل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) أنه قال من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة (عن جويرية بنت الحارث) زوج النبي (ص) قالت أتى على رسول الله (ص) غدوة وأنا أسبح، ثم انطلق لحاجته ثم رجع قريبا من نصف النهار فقال ما زلت قاعدة؟ قلت نعم، قال ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن أو لو وزن بهن وزنتهن، يعني بجميع ما سبحت سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله رضا(1/437)
اليوم تساوي سيئاتها الحسنات (ويكون ما عمل من خير) أي سوى الذكر كثواب الوضوء مثلا والصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك وافرا أي مدخرا زائدا على حسنات الذكر (تخريجه) (طب ك) وفي إسناده ابن أبي مريم ضعيف ضعفه الهيثمي والذهبي و|إن كان الحاكم صححه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي عبد الله مولى جهينة قال سمعت ابن سعد يحدث عن سعد رضي الله عنه عن رسول الله (ص) الخ (غريبة) لفظ مسلم فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألفى حسنة؟ قال يسبح الخ يعني يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة كما صرح بذلك في الحديث السابق (تخريجه) (م وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل عن أبيه الخ (سهل) هو ابن معاذ وأبوه معاذ بن أنس الجهني (غريبة) أطلق الغرس في هذا الحديث ولم يقيده بنوع من الشجر، وقد جاء مقيدا في حديث ابن عمر عند ابن أبي شيبة وابن حبان في صحيحه والبزار ولفظه (قال رسول الله (ص) من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة) وصححه ابن حبان، فينبغي أن يحمل المطلق على المقيد فيكون المغروس هنا في الجنة هو النخلة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث سهل عن أبيه لغير الإمام أحمد وأخرج نحوه (ش بز حب) من حديث ابن عمر، إلا قال غرست له نخلة في الجنة وصححه ابن حبان وجوده إسناده البزار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حجاج ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة قال سمعت كريبا مولى ابن عباس يحدث عن ابن عباس عن جويرية الخ (غريبة) الغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس يعني قبيل الظهر لفظ مسلم ما زالت على الحال التي فارقت عليها ، يعني دائبة على التسبيح كما يستفاد ذلك من الحديث التالي معناه لو وزن لرجحن بما قلت كما في الحديث التالي، وفسر في هذا الحديث (بجميع ما سبحت) أي مقدار وزن عرشه سبحانه مع عظم قدره وكون(1/438)
السماوات والأرض بالنسبة
@@@ -224-
قصة جويرية في التسبيح وفضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
نفسه ثلاث مرات سبحان الله مداد كلماته، ثلاث مرات (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي (ص) خرج بعد ما صلى، فجاء جويرية فقالت ما زلت بعدك يا رسول الله دائبة قال فقال لها قلت بعدك كلمات لو وزن لرجحن بما قلت، سبحان الله عدد ما خلق الله ، سبحان الله رضاء نفسنه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله عدد كلماته (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (عن النعمان ابن بشير) رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) الذين من جلال الله(1/439)
إليه كحلقة في فلاة كما جاء في بعض الأحاديث بكسر الميم قيل معناه مثلها في العدد، وقيل مثلها في أنها لا تنفذ، وقيل مثلها في الثواب والله أعلم(تخريجه) (م د مذ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أسود بن عامر ثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس قال كان اسم جويرية برة فكأن النبي (ص) كره فسماها جويرية كراهة أن يقال خرج من عند برة من دأب في العمل إذا جد فيه وتعب، والمعنى ما زالت مستمرة على التسبيح حتى تعبت يريد أنها لو قالت هذه الكلمات الأربع كل كلمة ثلاث مرات كما يستفاد من الحديث الذي قبله ثوابها أكثر من ثواب ما أجهدت نفسها فيه من التسبيح في هذه المدة الطويلة، ويستفاد منه أن يقال أن من قال سبحان الله عدد كذا وزنة كذا كتبت له ذلك القدر وفضل الله واسع، ولا يتجه هاهنا أن يقال إن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى مثل ذلك العدد، فإن هذا باب منحه رسول الله (ص) لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفا عليهم وتكثيرا لأجورهم من دون تعب ولا نصب فلله الحمد، وقد جاء ما يقوي هذا في كثير من الأحاديث والله أعلم (تخريجه) (م وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي لا كلفة في النطق بهما على النطاق لخفة حروفهما، وذلك أنه ليس فيهما حرف من حروف الاستعلاء ولا من حروف الإطباق غير الظاء، ولا من حروف الشدة غير الباء والدال يعني أن ثوبهما جسيم ولهما في ميزان الحسنات أثر عظيم (وقوله حبيبتان إلى الرحمن) تثنية حبيبة وهي المحبوبة، والمراد أن قائلها محبوب لله، ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم، وخص الرحمن من الأسماء الحسنى للتنبيه على سعة رحمة الله حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل، ولما فيها من التنزيه والتحميد والتطعيم (تخريجه) (ق مذ نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير(1/440)
ثنا موسى يعني ابن أسلم الطحان عن عون بن عبد الله عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير الخ (غريبة) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد بلفظ (إن الذين يذكرون من
@@@ -225-
فضل سبحان الله العظيم وبحمده
من تسبيحة وتكبيرة وتهليلة يتعاطفن حول العرش لهن دوى كدوى النحل يذكرن يصاحبهن ألا يحب أحدكم أن يزال له عند الله شيء يذكر به (عن قبيصة بن المخارق) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله (ص) فقال لي يا قبيصة ما جاء بك؟ قلت كبرت سني ورق عظمي فأتيتك لتعلمني ما ينفعني الله عز وجل به، قال يا قبيصة ما مررت بحجر ولا شجر ولا مدر إلا أستغفر لك، يا قبيصة إذا صليت الفجر فقل ثلاثا سبحان الله العظيم وبحمده تعافى من العمي والجذام والفالج ، يا قبيصة قل اللهم إني أسألك مما عندك واقض على من فضلك وانشر على رحمتك وأنزل على من بركاتك(1/441)
جلال الله وتسبيحه وتحميده الخ) وجاء في رواية ابن ماجة بلفظ (إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش الخ) فالتسبيح فيها بالنصب اسم إن والجار والمجرور خبر مقدم (ومن جلال الله) أي تعظيمه بيان للموصول المجرور وجملة (ينعطفن: أي يملن ويدرون ) استئناف لبيان حال التسبيح وغيره، وهذا مبني على تشكيل الأعمال والمعاني بأشكال، وقد وردت أحاديث كثيرة تؤيد ذلك قاله السندي بفتح الدال المهملة وكسر الواو وتشديد الياء التحتية هو ما يظهر من الصوت ويسمع عند شدته وبعده في الهواء شبيها بصوت النحل (يذكرون ) جاء في الأصل يذكرون وهو مخطأ، وعند ابن ماجة تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له، أو لا يزال له من يذكر به) وهو من التذكير لا من الذكر وهذه الرواية أظهر، والمعنى أن التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل من تعظيم الله عز وجل وأنها (تذكر بتشديد الكاف) بصاحبها أي يكون منها هذا الدوي حول العرش لأجل التذكير في المقام الأعلى بقائلها ولهذا قال في آخر الحديث (ألا يحب أحدكم أن يزال له عند الله شيء يذكر به) وفي هذا حض على الذكر بهذه الألفاظ، وتقدم فضل الذكر بها فلا نطيل بإعادته (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وفي زوائد ابن ماجة للبوصري إسناده صحيح ورجال ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون عن الحسن عن أبي كريمة حدثني رجل من أهل البصرة عن قبيصة بن المخارق الخ (غريبة) المدر جمع مدرة كقصب وقصبة، وهو التراب المتلبد، قال الأزهري المدر قطع الطين وقيل هو الطين المتماسك الذيل يخالطه رمل: والعرب تسمى القرية مدرة بالتحريك لأن بنيانها غالبا من المدر وإنما قال له النبي (ص) ذلك لأنه جاء من بلد بعيد لطلب العلم: وفيه دلالة على فضل طلب العلم ويؤيده ما تقدم في باب الرحلة في طلب العلم رقم 13 صحيفة 149 في الجزء الأول من حديث أبي الدرداء وغيره الفالج بكسر اللام مرض يحدث في أحدا شقي(1/442)
البدن طولا يبطل إحساسه وحركته وربما كان في الشقين ويحدث بغنه، وهو الذي يقال له الشلل نعوذ بالله منه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات، ويؤيده ما جاء في باب الرحلة في طلب العلم من حديث أبي الدرداء وغيره المشار إليه، وفيه من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة
(م 29 – الفتح الرباني- ج 14)
@@@ -226-
فضائل صيغ الحمد وأنواعه
(باب ما جاء في التحميد وفضله)
(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كنت مع رسول الله (ص) جالسا في الحلقة إذ جاء رجل فسلم على النبي (ص) والقوم، فقال الرجل السلام عليكم رحمة الله ، فرد النبي (ص) عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فلما جلس الرجل قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا يحمد وينبغي له ، فقال النبي (ص) كيف قلت؟ فرد عليه كما قال فقال النبي (ص) والذي نفسي بيده لقد ابتدرها عشرة أملاك كلهم حريص على أن يكتبها فما دروا كيف يكتبونها حتى رفعوها إلى ذي العزة، فقال اكتبوها كما قال عبدي (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه أنه أتى النبي (ص) ، فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول، اللهم لك الحمد كله. ولك الملك كله. بيدك الخير كله. إليك يرجع الأمر كله. علانيته وسره. فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي ما مضى من ذنبي. واعصمني فيما بقي من عمري. وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني، فقال النبي (ص) ذاك ملك أتاك يعلمك تحميد ربك (عن سالم) أن أبا أمامه رضي الله عنه حدث عن رسول الله (ص) أنه قال ، من قال الحمد للبه عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في(1/443)
(باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا خلف بن خليفة حدثني حفص بن عمر عن أنس الخ (غريبة) فيه استحباب لفظ وبركاته في رد السلام فإن اقتصر على مثل ما قال المسلم جاز، والأفضل الزيادة لقوله تعالى(وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ) أي خالصا لوجهه (مباركا فيه) يعني كثيرا ثوابه يعني أعاد ما قال للنبي (ص) أي استبق إلى كتابتها عشرة أملاك أي عجزوا عن كتابتها لعظم قدرها وكثرة ثوابها أي لأنه سبحانه هو الذي يقدر ثوابها ويكافئ عليها(تخريجه)(نس حب) ووثق رواته المنذري والهيثمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج ابن فرافصة حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان الخ(غريبة) معناه أن جميع الخير حسيا كان أو معنويا في تصرفك لأن الكل عندك كالشيء المقبوض عليه يجري بقضائك لا يدرك من غيرك أي ناميا زائدا ثوابه يعني أن المتكلم بهذا الكلام ليس من البشر وإنما هو ملك أرسله الله عز وجل ليعلم حذيفة كيف يحمد الله عز وجل، وفيه منقبة عظيمة لحذيفة رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن عبد الملك ثنا أبو عوانة عن حصين عن سالم الخ (غريبة) ملء بالنصب على الأشهر صفة لمصدر محذوف تقديره أحمد الله حمدا ملء ما خلق يعني من الأماكن والأجرام، والمعنى أحمد حمدا لو جسم لملأ هذه الأجرم
@@@ -227-
فضائل صيغ الحمد وأنواعه(1/444)
السماوات والأرض، والحمد لله ملء ما في السماوات والأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتبه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء وسبحان الله مثلها فأعظم ذلك (عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال كان يلقلى الرجل فيقول يا فلان كيف أنت؟ فيقول بخير أحمد الله، فيقول له النبي (ص) جعلك الله بخير فلقيه النبي (ص) ذات يوم فقال كيف أنت يا فلان ؟ فقال بخير ؟إن شكرت، قال فسكت عنه فقال يا نبي الله إنك كنت تسألني فتقول جعلك بخير وإنك اليوم سكت عني ، فقال له إني كنت أسألك فتقول بخير أحمد الله فأقول جعلك الله بخير، وإنك اليوم قلت إن شكرت فشككت فسكت عنك (باب ما جاء في قول لا حول ولا قوة إلا بالله وفضلها)
(عن قيس بن سعد بن عبادة) رضي الله عنهما أن أباه دفعه إلى النبي (ص) يخدمه قال فأتى على النبي (ص) وقد صليت ركعتين، فقال ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟(1/445)
المذكورة وهذا تمثيل وتقريب لأن الكلام لا يقدر بالمكاييل، وإنما المراد منه تكثير العدد حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساما تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما يملأ ما ذكر في الحديث يعني ومن قال سبحان الله مثل ما قال في الحمد كأن يقول سبحان الله عدد ما خلق وسبحان الله ملء ما خلق وهكذا إلى آخر الحديث (فأعظم ذلك) أي ذكر له أجرا عظيما وثوابا جسيما (تخريجه) (نس خز حب ك) وحسنه الحافظ المنذري وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه ابن أبي الدنيا مطولا مرمل ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا إسحاق بن عبد الله عن ؟أنس ابن مالك الخ (غريبة) دعا له النبي (ص) بخير لما وجد عنده من الشكر على النعمة وحمد المنعم عز وجل يعني لم يدع له النبي (ص) في هذه المرة لعدم إتيانه بحمد الله كعادته ولما رآه عنده من عدم اليقين يستفاد منه أن حمد الله عز وجل مطلوب من العبد في جميع أحواله مرغب فيه في السراء والضراء لأنه لا يأتي إلا بخير يؤيد ذلك ما جاء عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا (عجبت من قضاء الله عز وجل للمؤمن إن إصابة خير حمد ربه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر، المؤمن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته) رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي: وسيأتي في الباب الأول من كتاب الصبر وفي هذا المعنى في الباب المشار إليه أحاديث كثيرة من غير واحد من الصحابة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام |أحمد وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب ابن جرير ثنا أبي قال سمعت منصور بن زاذان يحدث عن ميمون بن أبي قيس بن سعد اله (غريبة) لما نضمت كلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) براءة النفس من حولها وقوتها إلى حول الله وقوته كانت موصلة إلى الجنة، والباب ما يتوصل به إلى مقصود، فشبهت بأحد أبواب الجنة لأنه
@@@-228-
لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة(1/446)
قلت بلى، قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة (وفي لفظ ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟) قال وما هو؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال:قال رسول الله (ص)يا أبا ذر ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة، قال وما هو؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي هريرة) فقال يا أبا هريرة هلك المكثرون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث(1/447)
لا يتوصل إليها إلا به معناه لا تحول للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله ، ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله فهي كما قال النووي كلمة استسلام وتفويض ، يضير إلى أن العبد لا يملك لنفسه شيئا وأنه لا قدرة له على دفع ضرر ولا قوة له على جلب خير إلا بقدرة الله تعالى وإرادته (تخريجه)(مذ ك) وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (قلت ) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد عن ثابت البناني وعلي ابن زيد والجريري عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) قال الخطابي معنى الكنز في هذا الحديث الأجر الذي يحرزه قائلا والثواب الذي يدخر له الجنة (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عمار بن محمد عن الأعمش عن مجاهد عن الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر صحيح ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى يزيد عن عبد الملك عن أبيه عن سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرجه ابن عدي وفيه ضعف، إلا أنه روى بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب أخرجه (عل طب حب) بسند صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي رزين عن معاذ الخ (غريبة) تقدم شرحه في شرح الحديث أول من أحاديث الباب (تخريجه) (طب) إلا أنه قال ألا أدلك على مكنز من كنوز الجنة بدل باب ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي إسحاق عن كميل بن زياد عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني أصحاب الأموال الكثيرة القول هنا بمعنى الفعل يعني إلا من فعل هكذا وهكذا وهكذا وأشار بيده كمن يقبض شيئا ثم رمى به عن يمينه ثم فعل مثل ذلك عن يساره ثم بين يديه، يريد إلا من أدى زكاة ماله وتصدق على القريب والبعيد وأنفق ماله في سبل الخير
@@@ -229-
فضل لا حول ولا قوة إلا بالله على الناس وحق الناس على الله(1/448)
مرات حثى بكفه عن يمينه وعن يساره وبين يديه وقليل كماهم ، ثم مشى ساعة فقال يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت بلى يا رسول الله، قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ من الله إلا إليه، ثم مشى ساعة فقال يا أب هريرة هل تدري ما حق الناس على الله وما حق الله على الناس ؟ فقلت الله ورسوله أعلم، قال فإن حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فإذا فعلوا ذلك فحق عليه أن لا يعذبهم (عن أبي بلج) عن عمرو بن ميمون قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه قال لي نبي الله (ص) يا أبا هريرة أدلك على كلمة كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟ قال قلت نعم فداك أبي وأمي، قال أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله قال أبو بلج وأحسب أنه قال فإن الله عز وجل يقول أسلم عبدي واستسلم قال فقلت لعمرو قال أبو بلج قال عمرو قلت لأبي هريرة لا حول ولا قوة إلا بالله؟ فقال لا إنها في سورة الكهف (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) (عن أيوب الأنصاري) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) ليلة أسري به مر على إبراهيم (عليه الصلاة السلام) فقال من معك يا جبريل؟ قال هذا محمد، فقال إبراهيم مر أمتك فليكثروا من غراسة الجنة فإن تربتها(1/449)
وهذا الصنف قليل في الناس أي لا اعتصام ولا استناد بغير الله ولا عدول عنه إلى غيره، وإنما الاعتصام والالتجاء إليه وحده جل شأنه معناه أنه محقق وقوع ما وعدهم به لا محالة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه لعباده تفضلا منه ورحمة بهم قال تعالى (كتب ربكم على نفسه الرحمة)(تخريجه) (بز) ورجاله رجال الصحيح بلج بفتح الموحدة وسكون اللام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بكر بن عيسى ثنا أبو عوانة عن أبي بلج الخ (غريبة) معناه أن أبا بلج يظن أن عمرو بن ميمون قال في روايته بعد قوله لا حول ولا قوة إلا بالله يظن أنه قال هذه الحماة وهي قوله (فإن الله عز وجل يقول أيلم عبدي واستسلم) وجعلها من الحديث المرفوع (وقوله قال فقلت لعمرو الخ) هكذا جاء بالأصل وهو غير ظاهر، وأورد الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد وفيه بعد قوله أسلم عبدي واستسلم (قال عمرو قلت لأبي هريرة الخ) ومعناه ظاهر وهو أن عمرا سأل أبا هريرة عن اللفظ الذي أمرو النبي (ص) يقوله وهو (لا قوة إلا بالله) هل يقصد بذلك النبي (ص) (لا حول ولا قوة إلا بالله) فقال أبو هريرة لا أنها في سورة الكهف يعني (لا قوة إلا بالله) بدون لا حول والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والزار إلا أنه قال ألا أدلكم على كلمة من كنز الجنة من تحت العرش) ورجالهما رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر أخبره عن سالم بن عبد الله أخبرني أبو أيوب الأنصاري الخ (غريبة) أي من
@@@ -230-
فضل الاستغفار وأنه سيدفع كيد الشيطان
طيبة وأرضها واسعة، قال وما غراس الجنة؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله(1/450)
(باب ما جاء في الاستغفار وفضله) (خط عن ابن عباس) رضي عنهما قال: قال رسول الله (ص) من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه سمعت رسول الله (ص) يقول إن إبليس قال لربه بعزتك وجلالك لا أبرح أغوى بني آدم ما دامت الأرواح فيهم ، قال الله (عز وجل) فبعزتي وجلالي لا أبرح اغفر لهم ما استغفروني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة(1/451)
قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه يغرس له بكل مرة شجرة في الجنة كما ورد في بعض الأحاديث (وقوله فإن تربتها طيبة وأرضها طيبة واسعة) يعني أن تربها طيب خصب وأرضها واسعة تسع كثير من الشجر مهما كثر، ففيه الحث على الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد ووثقه ابن حبان (باب) خط (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا الوليد يعني ابن مسلم عن الحكم بن مصعب عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس الخ (غريبة) في رواية للبيهقي من لزم الاستغفار الخ قال تعالى (استغفروا ربكم أنه كان غفار يرسل السماء عليكم مدرارا الآية) وهو من أعظم خصال التقوى قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (تخريجه) (د جه هق ك) والنسائي والليلة زفي إسناده الحكم بن مصعب قال الحافظ في التقريب مجهول اهـ قال الحافظ العراقي وضعفه أبو حاتم وقال الصدر المناوي فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة أنا ليث عن زيد بن الهاد عن عمرو عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) أي لا يزال أضل عبادك المكلفين الأدميين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأي طريق ممكن مدة حياتهم أي لا أبرح أغفر لهم مدة طلبهم منى الغفران لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم والعزم على عدم العودة، وفي الحديث إشعار بتوهين كيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران (تخريجه) (عل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي ، وقال الهيثمي أحمد إسنادي أحمد صحيح وكذا أحدا إسنادي أبي يعلى اهـ (قلت) وهي التي أثبتها هنا: وللإمام أحمد عن طريق أخرى في إسنادها ابن لهيعة ودراج بن سمعان وكلاهما فيه كلام أعرضت عنها(1/452)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ(غريبة)المراد بقوله أكثر من سبعين مرة التكثير لا التحديد لأن لفظ أكثر مبهم ويحمل أن يفسر بحديث ابن عمر الآتي بعده وظاهرة حديث
@@@ -231-
فضل الاستغفار وأنه يجلو صدأ القلب
وأتوب إليه (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال كنت جالسا عند النبي (ص) فسمعته استغفر مائة مرة ثم يقول اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم أو أنك أنت تواب غفور (عن الأغر المزني) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه عن النبي(ص) أنه قال: العبد آمن من عذاب الله عز وجل ما استغفر الله عز وجل (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله (ص) يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه، قالت يا رسول الله مالي أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال إن ربي عز وجل(1/453)
الباب أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة، ويحتمل أن يكون المراد قول هذا اللفظ بعينه وهو (أستغفر الله وأتوب إليه) وإنما كان (ص) يقول ذلك تصفية للقلب وإزالة للغاشية، وهو وإن لم يكن له ذنب لكنه يجب أن يكون دائم الحضور فإذا التفتت نفسه إلى ما هو صورة حظ بشري كأكل وشرب ونحو ذلك مما قد يخل بكمال الحضور عده ذنبا واستغفر الله منه إظهارا للعبودية وافتقار الكرم الربوبية وتعليما منه لأمته، نسأل الله أن يطهرنا من الذنوب وأن يستر مالنا من العيوب (تخريجه) (خ نس مذ جه طس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك زهير ثنا أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر الخ (غريبة) فيه أنه ينبغي الأخذ بالأكثر من العدد وهو رواية المائة ثم يقول اللهم اغفر لي وارحمني الخ (تخريجه) (حب والأربعة) وصححه ابن حبان والترمذي وله ألفاظ عندهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أبي بردة عن الأغر المزني الخ (غريبة) بالغين المعجمة مبني للمجهول والغين هو الغيم الذي يكون في السماء كما قال أبو عبيد وغيره من أئمة اللغة، والمراد هنا ما يغشى القلب ويغطيه، وقيل هو غشاء رقيق دون الران، والران المذكور في قوله تعالى(كلا بل ران على قلوبهم) هو فوق الغين لأنه الطبع والتغطية، والمراد هنا مات يعرض من غفلات القلوب عن مداومة الذكر والسهو الذي لا يخلو منه البشر وقد قال (ص) فيما صح عنه (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ) وإنما أستغفر منه (ص) وإن لم يكن ذنبا لعلو مرتبته وارتفاع منزلته حتى كأنه لا ينبغي له أن يغفل عن ذكر الله عز وجل في وقت من الأوقات، فإن عرض له وقتا ما عرض بشري يشغله من أمور الأمة والملة ومصالحها عد ذلك ذنبا وتقصيرا فيفزع إلى الاستغفار (تخريجه) (م د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا رشيد قال حدثني معاوية سعيد التيجي عمن حدثه(1/454)
عن فضالة بن عبيد الخ (تخريجه) لم وأقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن داود وربعي بن إبراهيم
@@@-232-
أصل التثليث في صيغ الأذكار والاستغفار والدعوات
كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي، وأمرني إذا رأيتها |أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها (إذا جاء نصر الله والفتح ورأت الناس يدخلون في دين الله أفراجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) (باب في أصل التثليث في صيغ الأذكار والاستغفار والدعوات) (عن ابن مسعود) رضي الله عنه قال كان النبي (ص) يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا
(أبواب الأذكار المؤقتة) (باب ما يقال في الصباح والمساء وعند إرادة النوم)
عن أبي بكر رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعي من الليل، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة(1/455)
قال ثنا داود عن الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) هي علامة قرب أجله ومفارقة الدنيا إلى الرفيق الأعلى، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: المراد بالفتح هنا فتح مكة قولاً واحداً فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون إن ظهر على قومه فهو نبي، فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجاً، فلم تمض سنتان حتى استوقت جزيرة العرب إيمانا ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ولله الحمد والمنة قال ابن عباس لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعيت إليه نفسه، قال الحسن أنه اعلم أنه قد اقترب أجله فأمر بالتسبيح والتوبة ليختم له بالزيادة في العمل الصالح، قال قتادة ومقاتل عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سبعين يوماً والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى بن آدم ثنا إسرائيل وأبو أحمد ثنا إسرائيل عن أبي اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: قال أبو أحمد عن ابن مسعود إلخ (غريبة). بفتح الواو (وقوله ثلاثاً) تنبيه على الأقل بدليل ورود الأكثر، وكلما أكثر كلما ازداد الثواب، أما في الدعاء فلحديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب الملحين في الدعاء) رواه ابن عدي والبيهقي في الشعب، وأما في الاستغفار فلقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة) وتقدم في الباب السابق، وخص الثلاث هنا بالذكر للتأكيد ولكونها وتراً وقد ورد (إن الله وتر يحب الوتر) رواه (مذ جه) والإمام أحمد وتقدم في الباب الأول من أبواب الوتر في الجزء الرابع صحيفة 273 (تخريجه) وسنده جيد وحسنه الحافظ السيوطي (باب) (تنبيه) الصباح من طلوع الفجر، والمساء من غروب الشمس (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا هاشم بن القاسم ثنا شيبان عن ليث عن مجاهد قال: قال أبو بكر الصديق(1/456)
رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح الميم والجيم بينهما ضاد ساكنة أي إذا أردت النوم بفتح الراء أي خالقهما ومبدعهما ومخترعهما على غير مثال سبق أي ما غاب عن العباد من الأسرار والأمور المخبئات: وما ظهر لهم من الآيات والمعجزات
@@@-233-
فضائل أذكار تقال في الصبح والمساء
أنت رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وان محمداً عبدك ورسولك أعوذ من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم.
(عن أبي راشد الحُبراني) قال أتيت عبد الله بن عمرو فقلت له حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى بين يدي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فيها فإذا فيها أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر قل اللهم فاطر السماوات والأرض فذكر نحو الحديث المتقدم.
(عن أبي أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا صلى الصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كن كعدل أربع رقاب وكتب له بهن عشر(1/457)
أي مالكه وقاهره أي شر هواها المخالف للهدى، قال تعالى: ومن أضل بمن اتبع هواه بغير هدى من الله) (وشر الشيطان) أي وسوسته وإغوائه وإضلاله، ثم يحتمل أن يكون جنس الشياطين أو رئيسهم وهو إبليس (وشركه) يروى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وهو ما يدعو إليه من الإشراك بالله عز وجل ويوسوس، وبفتح الشين والراء أي ما يفتن به الناس من حبائله، والشرك بالتحريك حبالة الصائد والواحد شركة يقال قرف الذنب واقترفه إذا عمله، وقارف الذنب وغيره إذا داناه ولاصقه، معناه أنه يستعيذ من ارتكاب الذنب أو التسبب فيه لمسلم غيره والله أعلم (تخريجه) (د مذ نس حب ك) وصححه الحافظ والنووي وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ (قلت) واقره الذهبي، الحبراني بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا ابن عباس عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي راشد الخ (غريبة) فيه دلالة على جواز كتابة الحديث، انظر صحيفة 172 في الجزء الأول من كتاب العلم بقيته بعد قوله فاطر السماوات والأرض (عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي ومن الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم. اهـ: وهذا الحديث من مسند عبد الله بن عمرو، والحديث الذي قبله من مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (تخريجه) (طب) وحسنَّ الهيثمي رواية الإمام أحمد وصحح رواية الطبراني، (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن يزيد بن جابر عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن يعيش عن أبي أيوب الأنصاري الخ (غريبة)، في رواية للشيخين كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، وهذا آخر الحديث عندهما وهو مطلق عندهما غير مقيد بوقت (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني (م.3 – الفتح الرباني – ج 14).
@@@-234-(1/458)
مما يقال في الصباح والمساء لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخ وثواب قائلها
حسنات، ومحي عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن لها حرسا من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك.
(عن أبي داود) عن أبي محمد الحضرمي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نزل عليّ فقال لي: يا أبا أيوب ألا أعلمك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: ما من عبد يقول حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك إلا كتب له بها عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات وإلا كنَّ له عند الله عدل عشر رقاب محررين، وإلا كان في جُنة من الشيطان حتى يمسي ولا قالها حين يمسي إلا كذلك، قال: فقلت لأبي محمد أنت سمعتها من أبي أيوب قال: آلله لسمعته من أبي أيوب يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(وعن أبي أيوب أيضاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكنَّ له كعشر رقاب، وكنَّ له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عمل يقهرهن، فإن قال حين يمسي فمثل ذلك(1/459)
باختصار، وفي إسناد أحمد محمد بن اسحاق وهو مدلس، وفي إسناد الطبراني بحمد بن أبي ليلى وهو ثقة سيء الحفظ وبقية رجالهما ثقات اهـ (قلت) وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان وصححه، وليس فيه عتق الرقاب، وأخرجه الشيخان والنسائي والترمذي إلى قوله أربع رقاب كما تقدم، فيؤخذ من مجموع هذه الروايات تصحيح حديث الباب: ولاسيما وله شاهد من حديث البراء بن عازب: وتقدم في باب ما جاء في قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلخ صحيفة 215 رقم 36 والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر المدائني أنا عبدا بن العوام عن سعيد بن إياس عن أبي الورد إلخ (غريبة). بفتح العين المهملة وكسرها ومعناه المثل (وقوله محررين) أي صاروا أحراراً بسبب العتق. (بضم الجيم أي وقاية من الشيطان أي من وسوسته وضرره بالإنسان. القائل فقلت هو أبو الورد سأل أبا محمد الحضرمي أنت سمعتها من أبي أيوب؟ وغرضه بذلك التوثق من الحديث فأقسم له أنه سمعه من أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (طب) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن خالد بن معدان عن أبي رُهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم (غريبة). زاد في هذه الرواية لفظ (يحيي ويميت) وجاءت من عدة طرق عن غير واحد من الصحابة وبعضها ضعيف وبعضها حسن. المسلحة بفتح الميم وسكون المهملة القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح، والمعنى أنها تكون سلاحاً له يحفظه الله بها من كل أذى يصيبه في ذلك اليوم. أي يغلبهن يعني يفوقهن في الفضل إلا من عمل أفضل من عمله كما في بعض الروايات
@@@ -235-
من قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق حفظ من لدغ كل ذي سم(1/460)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، من قالها حين يصبح كتب له مائة حسنة ومحي عنه بها مائة سيئة، وكانت له عدل رقبة وحفظ بها يومئذ حتى يمسي، ومن قالها مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك.
(عن أبي سهيل) عن أبيه عن أبي عياش الزُرَقِيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان له كعدل رقبة من ولد إسماعيل وكتب له بها عشر حسنات وحُط عنه بها عشر سيئات ورفعت له بها عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإذا أمسى مثل ذلك حتى يصبح، قال فرأى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم، فقال يا رسول الله إن أبا عياش يروي عنك كذا وكذا، قال صدق أبو عياش.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أمسى ثلاث مرات أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمة تلك الليلة؛ قال فكان أهلنا قد تعلموها فكانوا يقولونها فلدغت(1/461)
والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب لغير الإمام أحمد، وله شاهد عند الترمذي من حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات إلخ لا يخرج عن معناه (وقال الترمذي) هذا حديث حسن غريب صحيح، وروى نحوه الطبراني عن ابن عمر، والبزار عن أبي المنذر الجهني وفيهما ضعف، والترمذي عن عمارة بن شبيب وقال لا نعرف لعمارة سماعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلها فيها (يحيي ويميت) ولم يرد هذا اللفظ في الصحيحين والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي بن إبراهيم ثنا عبد الله يعني ابن سعد عن سميّ عن أبي صالح عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). قال الهروي وغيره الكلمات هي القرآن، والتامات قيل هي الكاملات، والمعنى أنه لا يدخلها نقص ولا عيب كما يدخل في كلام الناس، وقيل هي النافعات الكافيات الشافيات من كل ما يتعوذ منه. الحمة بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم مفتوحة هو السم، وقيل لدغة كل ذي سم، وقيل غير ذلك، وظاهره أن الله تعالى يحفظه ولم يصبه بشيء من ذلك، ويحتم أنه إذا أصيب لم تضره الإصابة، ويؤيد ذلك
@@@ -236-
من قال اللهم أنمت ربي لا اله إلا أنت خلقتني الخ ثم مات من يومه دخل الجنة
جارية منهم فلم تجد لها وجعا.
(وعنه أيضاً) أن رجلاً من أسلم قال لما نمت هذه الليلة لدغتني عقرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات م نشر ما خلق لم يضرك.(1/462)
(عن سهيل بن أبي صالح) عن أبيه عن رجل من أسلم أنه لدغ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو أنك قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك: قال سهيل فكان أبي إذا لدغ أحد منا يقول: قالها؟ فإن قالوا نعم: قال كأنه يرى أنها لا تضره.
(عن ابن بريدة) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: م نقال حين يصبح أو حين يمسي اللهم أن تربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة.
(عن شداد بن أوس) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت(1/463)
قوله (فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعاً) (تخريجه) (م. والأربعة) بألفاظ مختلفة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا اسحاق أنبأنا مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) (م. وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن رجل من أسلم إلخ (غريبة). معناه أن أباه كان يفهم من الحديث أن من قالها لا يلدغ، فإن لدغ وقد قالها فلا تضره (تخريجه) (م. والأربعة) من حديث أبي هريرة المتقدم ولم أقف عليه لغير الإمام أحمد عن رجل من أسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) إلخ (غريبة). أي سواء قالها في الصباح أو في المساء، فإن قالها في الصباح تحصل على جزائها في اليوم كله، وإن قالها في المساء تحصل على جزائها في الليل كله. أي مقيم على ميثاقك الذي أخذت بقولك (ألست بربكم) أو على ما عاهدتني وأمرتني به في كتابك من الإيمان بك وبنبيك وكتابك (وقوله ووعدك) أي مصدق ومؤمن بوعدك الذي لا يخلف، الذي وعدت به أهل الإيمان وراجٍ رحمتك بمقتضاه (ومعنى ما استطعت) أي قدر استطاعتي، فما مصدرية، وفيه اعتراف بالعجز والقصور: أي لا أقدر أن أقوم بعهدك حق القيام به ولكن أجتهد قدر طاقتي. بهمزة في آخره أي أعترف لك، وقد جاء في رواية شداد بن أوس الآتية بعد هذا (أبوء لك) في الموضعين بزيادة لك. أي دخولاً أولياً إن مات على الإيمان، وقيل هو بشارة بحسن الخاتمة لا أحرمنا الله منها (تخريجه) (نس د جه) وسنده جيد: ويؤيده حديث شداد بن أوس الآتي بعده. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي ثنا حسين يعني المعلم عن عبد الله بن بريدة عن بشير بن كعب عن شداد بن أوس إلخ (غريبة). إنما كان سيد الاستغفار لما فيه من المزايا التي لا توجد في غير
@@@-237-(1/464)
من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا الخ في الصباح والمساء أرضاه الله
(فذكر الحديث المتقدم ثم قال) من قالها بعدما يصبح موقنا بها فمات من يومه كان من أهل الجنة، ومن قالها بعدما يمسي موقنا بها فمات من ليلته كان من أهل الجنة.
93- (عن أبي سلام) قال كنا قعوداً في مسجد حمص إذ مر رجل فقالوا هذا خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهضت فسألته فقلت حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله الرجال فيما بينكما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يقول حين يمسي أو يصبح (وفي لفظ حين يصبح وحين يمسي) رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة (وعنه من طريق ثان بمثله) إلا أنه قال يقول ثلاث مرات(1/465)
ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية بقوله اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت (وبقية الحديث) خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) وفيه الاعتراف بأن الله عز وجل هو الخالق: وفيه الاعتراف على نفسه بالعبودية والإقرار بالعهد الذي أخذه الله عليه والرجاء بما وعده به والاستغفار م نشر ما جنى على نفسه، وإضافة النعم إلى موجدها وهو الله عز وجل وإضافة الذنب إلى نفسه ورغبته في المغفرة: واعترافه بأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل، وفي ذلك إشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة لأن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا إذا كان عون من الله وتوفيق منه جل شأنه فسأله التوفيق بمنه وكرمه. أي مخلصاً بقلبه مصدقاً بثوابها. أي مع السابقين إن شاء الله تعالى: والعبرة بالإخلاص في العمل وحسن النية (تخريجه) (خ مذ نس طب وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا عقيل يحدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام الخ (أبو سلام) بتشديد اللام اسمه ممطور من التابعين (غريبة). أي لم يكن بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم واسطة في سماعه. قال النووي وقع في رواية أبي داود وغيره (وبمحمد رسولا) وفي رواية الترمذي (نبيا) فيستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول رسولاً نبياً، ولو اقتصر على أحدهما كان عاملاً بالحديث اهـ (قلت) ويصح أن نقول نبياً ورسولاً بواو العطف لأن المراد إثبات الوصفين له صلى الله عليه وسلم عملاً بقضية الخبرين (وقوله حقاً على الله) أي واجباً على الله وجوب تفضل ورحمة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه حيث قال جل شأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة) والمعنى أن الله عز وجل يحقق لهذا العبد ما وعده وهو إعطاؤه من واسع فضله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة قال أبو عقيل أخبرني قال سمع سابق بن ناجية(1/466)
رجلاً من أهل الشام يحدث عن أبي سلام البراد رجل من أهل دمشق قال كنا قعوداً في مسجد حمص فذكره (تخريجه) (ش طب ك والأربعة) وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد والطبراني ثقات اهـ وقال الحاكم هذا حديث صحيح
@@@ -238-
فضل من قال أصبحنا على فطرة الإسلام الخ والتعوذ من عذاب القبر
إذا أصبح وثلاث إذا أمسى.
(عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين (ز).
(وعن أبيّ بن كعب) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد بعد قوله من المشركين (وإذا أمسينا مثل ذلك).
(عن عبد الله بن القاسم) قال حدثتني جارة للنبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند طلوع الفجر: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة القبر (ز).
(عن عثمان) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال بسم الله(1/467)
الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن سلمة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه الخ (غريبة). أي دين الإسلام، وكلمة الإخلاص هي لا إله إلا الله. قال الأزهري معنى الحنيفية في الإسلام الميل إليه والإقامة على عقده، وقال ابن سِيدة في محكمه: الحنيف المسلم الذي يتحنف عن الأديان أي يميل إلى الحق: قال وقيل هو المخلص (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً ابن السني وصححه النووي. ز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل حدثني أبي عن أبيه عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن أبيّ بن كعب الخ (غريبة). إلا أنه يقول في المساء أمسينا وفي الصباح أصبحنا (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو متروك اهـ (قلت) يؤيده ما قبله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن يعني المقري ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني عيسى الخراساني عن عبد الله بن القاسم (غريبة). جاء في الأصل في آخر هذا الحديث بعد قوله من فتنة القبر ما نصه قال أبو عيسى فقلت لعبد الله أرأيت إن جمعهما إنسان؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال اهـ (قلت) معناه أن أبا عيسى الخراساني راوي الحديث عن عبد الله بن القاسم سأله عما إذا جمعهما إنسان يريد بذلك والله أعلم اختصارهما بأن يقول (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنته) فقال عبد الله بن القاسم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، يعني أننا نقول مثل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تختصر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (ز) (سنده) حدثنا عبد الله(1/468)
حدثني محمد بن إسحاق المسيبي ثنا أنس بن عياض عن أبي مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان الخ (أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة يصرف ولا يصرف والأول أشهر لكونه على وزن فعال وعلى الثاني يجعل على وزن أفعل، (وعثمان) هو ابن عفان والدأبان (غريبة). لفظ ابن ماجة ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الخ
@@@ -239-
أذكار شتى تقال في الصبا وفي المساء وبيان فضلها
الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم تفجأه فاجئة بلاء حتى الليل، ومن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح إن شاء الله.
(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير.
(عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي، اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي.(1/469)
يعني إن قال ذلك في الصباح يحفظه الله من كل ضرر مفاجئ حتى تغرب الشمس، ومن قالها في المساء يحفظه الله كذلك حتى يطلع الفجر. زاد أبو داود قال فأصاب أبا عثمان الفالج (بكسر اللام) فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له مالك تنظر إلي؟ فوالله ما كذبت على عثمان: ولا كذب عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني، غضبت فنسيت أن أقولها (تخريجه) (ش حب ك والأربعة) وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الترمذي حسن غريب صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود الخ (غريبة). زاد مسلم في روايته بعد قوله لا شريك له (قال الحسن) فحدثني الزبيد أنه حفظ عن إبراهيم في هذا له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر – (زاد في رواية أخرى) وإذا أصبح قال ذلك أيضاً أصبحنا وأصبح الملك لله اهـ (تخريجه) (م د). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة). زاد أبو داود والترمذي – وإذا أمسى قال اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور – فأفادت هذه الزيادة أن هذه الكلمات تقال في الصباح وفي المساء، وأن لفظ المصير في الصباح، ولفظ النشور في المساء (وتقديم بك على ما أصبحنا وما بعده) يفيد الاختصاص، والباء للاستعانة (تخريجه) (حب. والأربعة) وأبو عوانة في صحيحه: وابن السني في عمل اليوم والليلة، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وصححه ابن حبان والنووي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عُمارة بن مسلم الفزاري حدثني جبير بن أبي سليمان(1/470)
بن جبير بن مُطعِم سمعت عبد الله بن عمر يقول لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة). هكذا بالجمع عند الإمام أحمد وابن أبي شيبة، جمع روعة والروعة الفزع، وعند الباقين، اللهم استر
@@@ -240-
من قال سبحان الله العظيم وبحمده في الصباح وفي المساء لم يأت أحد بأفضل مما جاء به
اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال قال يعني الخسف.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يُصبح وحين يُمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه.
(عن أبي أُمامة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهله حتى تطلع الشمس أحب إلى من أن أعتق رقبتين أو أكثر (وفي لفظ أربع رقاب) من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل.
(عن سهيل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا أخبركم لما سمى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفىّ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى (فسبحان الله حين تمسون وحين(1/471)
عورتي وأمن روعتي بالإفراد فيهما، والعورة كل ما يستحيا منه إذا شهر، والروعة الفزع كما تقدم. بضم الهمزة أي أهلك من حيث لا أشعر يريد به الخسف، وقد فسره بذلك الراوي في آخر الحديث وهو وكيع شيخ الإمام أحمد كما صرح بذلك في رواية أبي داود (تخريجه) (د نس جه ش حب ك) وصححه ابن حبان والحاكم، وقال النووي رويناه بالأسانيد الصحيحة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد قال حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م نس مذ) ورواه أبو داود بلفظ (سبحان الله العظيم وبحمده) ورواه الحاكم بلفظ (م نقال إذا أصبح مائة مرة وإذا أمسى مائة مرة سبحان الله العظيم وبحمده غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) وقال الحكم صحيح على شرط مسلم: ورواه أيضاً (حب) في صحيحه بلفظ رواية الحاكم وكلهم رووه عن أبي هريرة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن يزيد عن أبي طالب الضبعي عن أبي أمامة الخ (غريبة). يعني من صلاة الصبح حتى تطلع الشمس كما صرح بذلك في رواية أخرى. أي من بعد صلاة العصر كما صرح بذلك في رواية له أخرى (تخريجه) (طب) وحسن إسناده الحافظ الهيثمي، ورواه أبو داود من حديث أنس وحسن إسناده العراقي والسيوطي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زيان بن فايد عن سهيل عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهيني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة). جاء في تفسير قوله عز وجل (وإبراهيم الذي وفى) أقوال (منها) أنه بلغ ما أمر به أي وفى لله بالبلاغ (ومنه) وفى طاعة الله وأدى رسالته إلى خلفه (ومنها) ما جاء في هذا الحديث والله أعلم (تخريجه) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير في تفسيريهما وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وفيه ضعفاء وثقوا ولم يعزه للإمام أحمد فكأنه غفل عن ذلك، ورواية الإمام أحمد ليس فيها إلا ضعيف واحد وهو زيان بن فايد أما ابن لهيعة(1/472)
فقد قال الحافظ ابن كثير إذا قال حدثنا فحديثه وقد قال حدثنا
@@@-241-
فضل قراءة أواخر الحشر وصيغ أخرى في الصباح والمساء
تصبحون حتى يختم الآية.
(عن معقل بن يسار) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيداً ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة.
(عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) أنه قال لأبيه: يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي، وتقول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت تعيدها حين تصبح ثلاثاً وثلاثاً حين تمسي، قال نعم يا بني، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأحب أن أستن بسنته، قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأني كل لا إله إلا أنت(1/473)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا خالد يعني ابن طهمان أبو العلاء الخفاف حدثني نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار الخ (تخريجه) (مذ) قال الشوكاني في تحفة الذاكرين أخرجه الترمذي وقال بعد إخراجه حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأخرجه أيضاً الدارمي وابن السني، قال النووي بإسناد ضعيف اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا عبد الجليل حدثني جعفر بن ميمون حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة الخ (غريبة). يعني من الآلام والأسقام. خص السمع والبصر بالذكر بعد ذكر البدن مع أنه مشتمل عليهما لأن العين هي التي تنظر آيات الله المثبتة في الآفاق، والسمع يدرك الآيات المنزلة: فهما جامعان لدرك الآيات العقلية والنقلية، وغليه سر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر، اللهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا. يريد أنه لا يدفع المرض ولا يشفي السقيم إلا أنت يا الله. استعاذ صلى الله عليه وسلم من الكفر مع استحالته من المعصوم لغرض الاقتداء به في أصل الدعاء، وقرن الفقر بالكفر لأنه قد يجر غليه. يعني أنه لا يستعاذ من جميع المخاوف والشدائد إلا بك أنت. أي من أصابه هم وكرب. من طرف طرفة إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر. الشأن يطلق على الأمر والحال واخطب (بسكون الطاء المهملة) وجمعه شئون: والمراد هنا إصلاح حاله وما يحتاج إليه من أمره في حياته وبعد موته (تخريجه) (د) والنسائي في اليوم والليلة وقال فيه جعفر بن ميمون ليس بالقوي اهـ (قلت) وأخرجه الحاكم م حديث مسلم بن أبي بكرة قال سمعني أبي وأنا أقول اللهم إني أعوذ بك من الهم والكسل وعذاب القبر، فقال يا بني ممن سمعت هذا؟ قلت سمعتك تقولهن، قال الزمهن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولهن وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأخرج الجزء المختص بالمكروب منه (حب طب) وحسن إسناده
242@@@
(أبواب آداب النوم وأذكاره)(1/474)
(باب ما جاء في الوضوء قبل النوم وغلق الباب وإطفاء السراج وغير ذلك)
108- (عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد توضأ وضوءه للصلاة.
109- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه.
110- (عن سالم بن عبد الله) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون.
111- (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيتن النار في بيوتكم فإنها عدو.
112- (عن أبي أمامة) رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيفوا أبوابكم(1/475)
الحافظ الهيثمي والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا همام قال ثنا عفان قال ثنا يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). أي وضوءاً كاملاً كوضوئه للصلاة، والحكمة في ذلك أنه ربما بغته الموت فيكون على طهارة وهيئة كاملة، وللوضوء قبل النوم أيضاً أصدق الرؤيا وأبعد من تلعب الشيطان به، وحمله الأئمة على الاستحباب (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، نعم رواه (د نس جه) عن عائشة أيضاً بلفظ (كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوء الصلاة). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل وهاشم قالا ثنا زهير ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء أي ريح لحم أو دسمه. أي إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه* أي لتعرضه لما يؤذيه من الهوام، وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده وهو نائم لريح الطعام فتؤذيه (تخريجه) (د مذ ك) والبخاري في التاريخ، قال الحافظ وسنده صحيح على شرط مسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا معمر أنا الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) إلخ (غريبة). لعله أراد بالنار ناراً بخصوصها وهي ما يخاف منه الانتشار، قال النووي هذا عام يشمل السراج وغيره، وأما القنديل المعلق فإن خيف منه شمله الأمر بالإطفاء وإلا فلا لانتفاء العلة (تخريجه) (ق د مذ جه). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد عن عبد الله بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر إلخ (غريبة). جعل النار عدوا لبني آدم بجامع الضرر في كل، فكما أن العدو لا يؤمن ضرره فكذلك النار (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات، وابن لهيعة قال حدثنا فحديثه حسن ويؤيده ما قبله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النصر ثنا الفرج ثنا(1/476)
نعمان قال سمعت أبا أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). بفتح الهمزة وكسر الجيم أي ردوا وأغلقوا، يقال جفأت الباب غلقته قاله الفراء، والمعنى أغلقوا أبوابكم مع ذكر الله تعالى كما في رواية عند أبي داود وغيره
243@@@
وأكفئوا آنيتكم وأوكثوا أسقيتكم وأطفئوا سُرُجكم فإنه لم يؤذن لهم بالنسور عليكم.
113- _عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال: احترق بيت بالمدينة على أهله فحُدث النبي صلى الله عليه وسلم بشأنهم، فقال إنما هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم.
114- (عن جابر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أغلقوا الأبواب وأوكثوا الأسقية وخمروا الإناء وأطفئوا السرج فإن الشيطان لا يفتح غَلَقاً ويحُل وكاءً ولا يكشف إناءً فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت.
(باب هيئة اضطجاع للنوم وما يفعل من أراد ذلك والنهي عن ضجعة أهل النار وغير ذلك)(1/477)
قال القاضي عياض رويناه بقطع الألف المفتوحة وكسر الفاء رباعي، ووصلها وفتح الفاء وهما فصيحتان والمعنى اقلبوا آنيتكم ولا تتركوها للعق الشيطان ولحس الهوام، قال الزمخشري كفأ الإناء قلبه على فمه. بكسر الكاف ثم همزة أي اربطوا أسقيتكم جمع سقاء ظرف الماء من جلد، يعني شدوا فم القربة بنحو خيط واذكروا اسم الله تعالى. أمر من الإطفاء (وقوله سرجكم) بضم المهملة والراء جمع سراج ككتب وكتاب أي اذهبوا نورها، والمعنى أطفئوا النار من بيوتكم عند النوم وتقدمت العلة في ذلك. يعني الشياطين ولم يُذكروا استهجاناً لذكرهم ومبالغة في تحقيرهم وذمهم (وقوله بالنسور عليكم) يقال تسورت الحائط وسورته أي علوته، والمعنى أن الله عز وجل لم يأذن لهم أن يأتوكم من أعلى الجدار ولم يجعل لهم قدرة على ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند كل ما ذكر لخبر أبي داود وغيره واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً (تخريجه) (عل) وقال الهيثمي رجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو أسامة عن يزيد بن أبي بُردة عن أبي بردة عن أبي موسى الحديث (تخريجه) (ق. وغيرهما). (سنده( حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر إلخ (غريبة). أي غطوه. بالتحريك جمعه أغلاق مثل سبب وأسباب وهو ما يمنع الداخل من الخروج والخارج من الدخول فلا يفتح إلا بالمفتاح (وقوله لا يحل) بضم المهملة (وكاء) بكسر الواو هو رباط السقاء. زاد مسلم فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرُض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فليفعل، يعرض بضم الراء أي يضعه عليه بعرضه، ويراد به أن التخمير يحصل بذلك وإن لم يوجد غيره. بضم الفاء وفتح الواو تصغير فاسقة والمراد بها الفأرة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها (وقوله تضرم) من الإضرام إيقاد النار وإشعالها يقال أضرم النار وضرمها واستضرمها إذا أوقدها كذا في القاموس،(1/478)
ولفظ البخاري فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت (تخريجه) (ق مذ. وغيرهم) وفي الباب أيضاً حديث عبد الله بن سرجس وتقدم في الجزء الأول رقم 99 ص 257. (باب) هيئة
244@@@
115- (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا نام وضع يمينه تحت خده وقال اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك.
116- (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال: كان يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال: رب يعني قني عذابك يوم تجمع أو تبعث عبادك.
117- (عن حفصة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً مثله وفيه يوم تبعث عبادك ثلاثاً.
118- (عن أبي اسحاق) عن أبي عبيدة ورجل عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام توسد يمينه ويقول: اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك، قال: فقال أبو اسحاق وقال الآخر يوم تبعث عبادك.
119- (عن يعيش بن طهفة الغِفاري) عن أبيه قال ضفت رسول الله صلى الله عليه وسلم(1/479)
الاضطجاع للنوم والنهي عن ضجعة أهل النار وغير ذلك. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله إلخ (غريبة). أي إذا أراد النوم أو المراد اضطجع لينام. يستحب أن يقول ذلك ثلاث مرات كما سيأتي في حديث حفصة (تخريجه) (جه) ورجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عبد الملك عن ربعي عن حذيفة إلخ (غريبة). بقصر الهمزة أي أتى إلى فراشه لأجل النوم. أو للشك من الراوي يشك هل قال تبعث أو تجمع وتقدم في رواية ابن مسعود (تجمع) بغير شك وسيأتي في حديث حفصة (تبعث) بغير شك فأي الروايتين قال جاز له ذلك (تخريجه) (بن مذ) وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه أيضاً الحافظ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن سواء الخزاعي عن حفصة ابنة عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاثاً (تخريجه) (د مذ بن ش) وقال الترمذي حسن صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي اسحاق إلخ (غريبة). لم أقف على اسم هذا الرجل. معناه أن أبا إسحاق روى عن أبي عبيدة يوم تجمع عبادك وروى عن الرجل الآخر يوم تبعث عبادك (تخريجه) (د مذ) والنسائي في اليوم والليلة ورجاله رجال الصحيح. طهفة بطاء مهملة ثم هاء ثم فاء بوزن طلحة، وقيل بكسر الطاء والغفاري بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء نسبة إلى غفار بن مليك بن ضمرة وهو ابن قيس الغفاري من أهل الصفة وقد اختلف في اسمه على أقوال: منها طهفة كما في هذه الرواية، ومنها طخفة بالخاء المعجمة بدل الهاء ورجحها البخاري وستأتي في الطريق الثانية للإمام أحمد وكذلك عند (د نس حب). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق(1/480)
عن محمد بن عمرو بن عطاء عن يعيش بن طهفة الغفاري إلخ (غريبة). أي نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً يقال ضفت الرجل إذا
245@@@
فيمن تضيفه من المساكين فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل يتعاهد ضيفه فرآني منبطحاً على بطني فركضني برجله وقال لا تضطجع هذه الضجعة فإنها ضجعة يبغضها الله عز وجل (وعنه من طريق ثان) قال أخبرني أنه ضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر قال فبتنا عنده فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يطلع فرآه منبطحاً على وجهه فركضه برجله فأيقظه وقال هذه ضجعة أهل النار.
120- (عن إبراهيم بن ميسرة) أنه سمع عمرو بن الشديد يقول بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو راقد على وجهه فقال هذا أبغض الرقاد إلى الله عز وجل.
121- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل مضطجع(1/481)
نزلت به في ضيافته وأضفته إذا أنزلته، وتضيفته إذا نزلت به وتضيفني إذا أنزلني. أي فيمن نزل به من الأضياف المساكين يعني أهل الصفة وكان طهفة أو طخفة منهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أطعمهم وسقاهم لبناً إن شئتم بتم وإن شئتم انطلقتم إلى المسجد، قال طخفة لا بل ننطلق إلى المسجد فذهبوا إلى المسجد ليناموا، فانبطح طخفة على بطنه ونام، وقد جاء هذا في المعنى في حديث طويل لطخفة سيأتي بطوله في باب اشتراك المسلمين وتعاونهم في قِري الأضياف إذا كثروا من باب الضيافة في كتاب البر والصلة. أي مستلقياً على بطني في المسجد (فركضني) أي ضربني برجله. الضجعة بكسر الضاد المعجمة وسكون الجيم. أي لأنها ضجعة أهل النار كما صرح بذلك في الطريق الثانية قال تعالى (يوم يسحبون في النار على وجوههم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا زهير يعني ابن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن نعيم بن عبد الله عن ابن طخفة الغفاري قال أخبرني أبي إلخ. أي نزل به في ضيافته، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (ضافها ضيف فأمرت له بملحفة) الحديث تقدم في الجزء الأول في باب ما جاء في المني صحيفة (251) رقم 88 (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا ثنا إبراهيم بن ميسرة إلخ (وله طريق أخرى) عند الإمام أحمد أيضاً قال حدثني مكي بن إبراهيم ثنا ابن جريج قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي الصحابي لأن أغلب رواية عمرو كانت عن والده المذكور والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح، وأورد الطريق الثانية الحافظ الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وهو مرسل أيضاً. (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمر ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) لم أقف(1/482)
عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث
246@@@
على بطنه فقال إن هذه الضجعة لا يحبها الله عز وجل.
122- (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده.
(باب ما يقرأ من القرآن عند النوم)
123- (عن شداد بن أوس) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله عز وجل إلا بعث الله عز وجل ملكاً يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهُبَّ متى هب.
124- (عن عائشة رضي الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى إلى فراشه في كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات.
125- (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك.
126- (عن العرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم(1/483)
وبقية رجاله رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبيدة الحداد عن عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر إلخ (غريبة). الوحدة بفتح الواو الانفراد. أي منفرداً ليس معه أحد، ومثل الرجل المرأة بل هي أولى بذلك، وإنما نهي عن الانفراد لما فيه من الوحشة أو هجوم عدو أو لص أو مرض، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه في المرض ومثل ذلك المسافر بل هو أشد احتياجاً إلى ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو مسعود الجريري عن أبي علاء بن الشخير عن الحنظلي عن شداد بن أوس إلخ (غريبة). بضم الهاء من الهبّ وبابه نصر وزاد في رواية (من نومه) أي يستيقظ من نومه متى استيقظ (تخريجه) (مذ) وابن السني وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (سنده( حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا الفضل قال حدثني عقيل بن خالد الإيلي عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة الحديث (غريبة). من النفث وهو إخراج الريح من الفم مع شيء من الريق (وقوله وقرأ فيهما) جاء في رواية البخاري (فقرأ فيهما) بالفاء التي تفيد التعقيب. أي يبدأ بالمسح بيديه على رأسه إلخ، قال في شرح المشكاة قوله يبدأ بيان لجملة مسح بهما ما استطاع من جسده. أي ثم ينتهي إلى ما أدبر من جسده قاله في شرح المشكاة (تخريجه) (خ. وعيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حسن بن صالح عن ليث عن أبي الزبير عن جابر إلى (تخريجه) (مذ) ورجاله من رجال الصحيحين. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية بن الوليد قال حدثني نجير بن سعد عن خالد بن سعدان عن ابن أبي بلال عن عرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ
247@@@(1/484)
كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وقال إن فيهن آية أفضل من ألف آية.
(باب ما يقال من الأذكار غير القرآنية عند النوم)
127- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه كان يقول يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع جبينه يقول باسمك ربي وضعت جنبي فإن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين.
128- (وعنه أيضاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات السبع رب الأرض ورب كل شيء فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت(1/485)
(غريبة). بكسر لموحدة وهي السور التي افتتحت بلفظ التسبيح، قال النسائي قال معاوية يعني ابن صالح إن بعض أهل العلم كانوا يجعلون المسبحات ستا سورة الحديد، والحشر، والحواريين (يعني الصف) وسورة الجمعة، والتغابن وسبح اسم ربك الأعلى اهـ. أبهم الآية هنا كما أبهم ساعة الإجابة في يوم الجمعة وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان محافظة على قراءة الكل كما حوفظ بذينك على ؛ياء جميع يوم الجمعة والعشر الأواخر، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره الآية المشار إليها في الحديث هي والله أعلم قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) والظاهر أنه رحمه الله قال ذلك عن توقيف ولأنه لا دخل للاجتهاد في مثل هذا والله أعلم (تخريجه) (د نس مذ) وقال حديث حسن وحسنه أيضاً الحافظ. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا ابن عجلان وقرئ على سفيان عن سعيد عن أبي هريرة إلخ (غريبة). هذه الجملة وهي قوله (يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع جنبه يقول) من تفسير سفيان أحد رجال السند. أي قبضت روحي في نومي فارحمها وفي رواية البخاري فاغفر لها. أي رددت الحياة لي وأيقظتني من النوم فاحفظها إشارة إلى قوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها) وذكر الرحمة والمغفرة عند الموت والحفظ عند الإيقاظ لمناسبته له (تخريجه) (ق. وغيرهم) باختلاف في بعض الألفاظ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). تقدم أنه بقصر الهمزة ومعناه الاضطجاع للنوم. أي الذي يشق حب الطعام ونوى التمر ونحوهما للإنبات، والتخصيص لفضلهما أو لكثرة وجودهما في بلاد العرب. لم يذكر الزبور لأنه ليس فيه أحكام إنما هو مواعظ. معناه أعوذ بك من شر كل دابة مؤذية وفي قوله (أنت آخذ بناصيته) دلالة على أن قدرة الله عز وجل فوق قدرة كل مخلوق، وأن بطشه فوق كل ذي بطش. أي أنت القديم(1/486)
الذي لا ابتداء له (وأنت الآخر) أي الباقي بعد فناء خلقه لا انتهاء
248@@@
الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر.
129- (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يأوي إلى فراشه، استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت مثل رمل عالج، وإن كانت مثل عدد ورق الشجر.
130- (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، وكم ممن لا كافي له ولا مؤوي.
131- (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر(1/487)
له ولا انقضاء لوجوده (وأنت الظاهر) أي الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه. أي فليس فوق ظهورك شيء من الأشياء الظاهرة، وقيل ليس فوقك شيء أي لا يقهرك شيء (وأنت الباطن) يعني الذي حجب أبصار الخلائق عن إدراكه (فليس دونك شيء) أي لا يحجبه شيء عن إدراك مخلوقاته، قال القرطبي تضمن هذا الدعاء من أسمائه تعالى ما تضمنه قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) (تخريجه) (م. والأربعة وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري إلخ (غريبة).هكذا الرواية عند الإمام أحمد والترمذي (استغفر الله الذي إلخ) وقد اشتهر على ألسنة الناس استغفر الله العظيم الذي إلخ، ولم أقف على أصل هذه الزيادة فليحرر. أي المتعلقة بحق الله عز وجل أو الذنوب مطلقاً إن قصد بذلك التوبة وعدم العود والعجز عن إرضاء أصحاب الحقوق فلا يبعد أن الله عز وجل يقبل توبته ويرضي خصومه من عنده وفضل الله واسع. بوزن نافع، قال: في مرآة الزمان عالج موضع بالشام رمله كثير. زاد الترمذي وإن كانت عدد أيام الدنيا (تخريجه) (مذ) وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد اهـ (قلت) الوصافي (بفتح الواو وتشديد المهملة وبعد الألف فاء) وشيخه ضعيفان. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس إلخ (غريبة) .أي دفع عنا شر المؤذيات، أو كفى مهماتنا وقضى حاجاتنا فهو تعميم بعد تخصيص (وقوله وآوانا) بالمد على الأفصح لأنه متعد، ومعناه رزقنا مساكن وهيأ لنا المأوى (وقال النووي) معنى أوانا هنا أي جمعنا اهـ (وقوله كم ممن) جاء عند مسلم فكم بالفاء التي تفيد التعليل. بضم الميم وكسر الواو بينهما همزة ساكنة بصيغة الفاعل ولفظ له مقدر، والمعنى فكم من شخص لا يكفيهم الله شر الأشرار، بل تركهم وشرهم حتى غلب عليهم(1/488)
أعداؤهم ولا يهيئ لهم مأوى، بل تركهم يهيمون في البوادي ويتأذون بالحر والبرد كذا في المرقاة (تخريجه) (م د مذ نس). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي
249@@@
رجلاً من الأنصار أن يقول إذا أخذ مضجعه اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مات مات على الفطرة. (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أويت إلى فراشك فتوضأ ونم على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك فذكر الحديث المتقدم بلفظه إلا أنه قال فإن مت مت على الفطرة (وعن من طريق ثالث) مثل ما تقدم فذكره بإسناده ومعناه وقال وتوضأ وضوءك للصلاة وقال اجعلهن آخر ما تتكلم به، قال فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت آمنت بكتابك الذي أنزلت، فقلت وبرسولك؟ قال: لا، وبنبيك الذي أرسلت (زاد في رواية أخرى) فإن مت من ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبحت وقد أصبت خيراً كثيراً. (وعنه من طريق رابع) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع الرجل فتوسد(1/489)
ثنا عفان ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب إلخ (غريبة). أي استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك، قال العلماء الوجه والنفس هنا بمعنى الذات كلها: يقال سلم وأسلم واستسلم بمعنى. أي أسندته إلى حفظ لما علمت أنه لا سند يتقوى به إلا سواك ولا ينفع إلا حماك. أي طمعاً في ثوابك وخوفاً من عقابك (وقوله لا ملجأ ولا منجا إلخ) قال الحافظ ملجأ مهموز ومنجا مقصور، وقد يهمز منجا للازدواج، وقد يعكس أيضاً لذلك، ويجوز التنوين مع القصر اهـ والمعنى لا مهرب ولا ملاذ ولا مخلص من عقوبتك إلا برحمتك، وهذا معنى ما ورد أعوذ بك منك، أي أعوذ بمظاهر صفات جمالك ومعاني إكرامك من غاية صفات جلالك ومهاوي انتقامك. أي الأحلام. أي الإسلام. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبي يحيى بن آدم ثنا فضيل يعني ابن عياض عن منصور عن سعد عن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ. أي وضوءك للصلاة كما سيأتي في الطريق الثالثة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن إسحاق أنا عبد الله بن مبارك أنا سفيان عن منصور عن سعد عن عبيدة فذكر بإسناده ومعناه إلخ. بتشديد المهملة الأولى مفتوحة وسكون الثانية أي كررها وأعادها للاستذكار أما النبي صلى الله عليه وسلم. جاء عند مسلم (قل آمنت بنبيك الذي أرسلت) وفي رده عليه الصلاة والسلام توجيهات للعلماء أوجبها إما أنه ذكر ودعاء فينبغي أن يقتصر على اللفظ الوارد بحروفه ويجوز أن يتعلق الجزاء بتلك الحروف، وإما أنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بهذه الألفاظ ولا يجوز تغييرها وتبديلها والله أعلم. أي جعل الله لك ثواباً كثيراً باهتمامك بهذا الذكر ومتابعتك أمر الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم أنا حصين ابن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع الرجل إلخ(1/490)
(م32 – الفتح الرباني – ج14)
250@@@
يمينه ثم قال اللهم إليك أسلمت نفسي (فذكر مثل ما تقدم وفيه) ومات على ذلك بني له بيت في الجنة أو بوِّئ له بيت في الجنة.
132- (عن أبي إسحاق) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام وضع يده على خده ثم قال اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك.
133- (عن الوليد بن الوليد) أنه قال: يا رسول إني أجد وحشة، قال: فإذا أخذت مضجعك فقل أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنه لا يضرك وبالتحري أن لا يقربك.
134- (عن أب يعبد الرحمن الحبلي) قال أخرج لنا عبد الله بن عمرو بن العاص قرطاساً وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا، يقول اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شيء، وإله كل شيء، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك والملائكة يشهدون، أعوذ بك من الشيطان وشركه وأعوذ بك أن أقترف على نفسي إثماً أو أجره على مسلم، قال أبو عبد الرحمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه عبد الله بن عمرو أن يقول ذلك حين يريد أن ينام.
135- (عن علي رضي الله عنه) أن فاطمة رضي الله عنها شكت إلى النبي أثر العجين في يديها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم(1/491)
يعني الطريق الأولي. بني بضم أوله وكذلك بوِّئ الآتي وكلاهما مبني للمفعول أي أعد الله له بيتاً في الجنة وأسكنه فيه، وأو للشك من الراوي والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة، وغيرهم) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد. حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو داود الجعفري عن سفيان عن أبي إسحاق إلخ (تخريجه) (د نس مذ) وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد إلخ (غريبة). بفتحات قال في النهاية أما همزه يعني الشيطان فالموتة (بضم الميم) قال والموتة الجنون، قال والهمز النخس والغمز: وكل شيء دفعته فقد غمزته اهـ (قلت) والمراد نزغاتهم بما يوسوسون. بفتح الحاء وكسر الراء أي الأجدر والأخلق والأولى أن لا يقربك شيطان (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن محمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من الوليد بن الوليد. الحبلي بضم المهملة والموحدة اسمه عبد الله بن يزيد المعافري من التابعين التقاة مات سنة مائة بإفريقية. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي (بضم أوله ويائين من تحت الأولى مفتوحة) أن أنا عبد الرحمن الحبلي حدثه قال أخرج لنا عبد الله ابن عمرو إلخ (غريبة). أي اكتسب ذنباً أو أدانيه وألاصقه. هو الحبلي راوي الحديث عن عبد الله بن عمرو (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثنا علي رضي الله عنه إلخ (غريبة). عند البخاري وأبي داود
251@@@(1/492)
بسبى فأتته تسأله خادماً فلم تجده فرجعت، قال فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا قال فذهبت لأقوم فقال مكانكما فجاء حتى جلس حتى وجدت برد قدميه: فقال أل أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أخذتما مضجعكما سبحتما الله ثلاثاً وثلاثين وحمدتماه ثلاثاً وثلاثين وكبرتماه أربعاً وثلاثين. (وعنه أيضاً في حديث طويل) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما تسبحان في دبر كل صلاة عشراً، وتحمدان عشراً وتكبران عشراً، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين إلخ.
136- (عن ابن أعبد) قال: قال لي علي رضي الله عنه ألا أخبرك عني وعن فاطمة رضي الله عنها؟ كانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أكرم أهله عليه وكانت زوجتي، فجرّت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها، وأسقت القرية بنحرها، وقيمت البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها فأصابها من ذلك ضرر، فقُدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي أو خدم، قال: فقلت لها انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأليه خادماً يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده خدماً أو خداماً ولما تسأله فذكر الحديث(1/493)
شكت ما تلقى في يدها من الرحى أي بسبب طحنها الشعير للخبز بنفسها وهو سبب آخر من أسباب الشكوى، وبقي أسباب أخرى سيأتي ذكرها في الحديث التالي. جاء عند البخاري وأبي داود (فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته، قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا) إلخ. أي جاء النبي صلى الله عليه وسلم حال كوننا مضطجعين (فذهبت لأقوم) يعني أنا وفاطمة وفي رواية أبي داود (فذهبنا لنقوم) فقال مكانكما أي اثبتا على ما أنتما عليه من الاضطجاع. لفظ أبي داود فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وفيه غاية التلطف على ابنته وصهره، وإذا جاءت الألفة رفعت الكلفة. أي خير لكما عند الله وأكثر ثواباً، وفي هذا تحريض على الصبر على مشقة الدنيا، وقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيماً لأجرها، لأن الذكر أكثر نفعاً لها في الآخرة من الخادم، والخادم يطلق على الذكر والأنثى. خصص التكبير بالزيادة إيماء إلى المبالغة في إثبات العظمة والكبرياء (تخريجه) (ق د نس. وغيرهم). سيأتي هذا الحديث بسنده وطوله وشرحه وتخريجه في باب زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما في حوادث السنة الثانية من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني العباس بن الوليد النرسي ثنا عبد الواحد بز زياد ثنا سعيد الجريري عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا ابن أعبد، هل تدري ما حق الطعام؟ قال: قلت وما حقه يا ابن أبي طالب؟ قال: تقول بسم الله اللهم بارك فيما رزقتنا، قال: وتدري ما شكره إذا فرغت؟ قال: قلت وما شكره؟ قال: تقول الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، ثم قال: ألا أخبرك عني وعن فاطمة إلخ (غريبة). أي كنسته، والقمامة الكناسة، والمِقَمّة المِكنَسة. أو للشك من الراوي يشك هل قال خدماً أو خداماً وكلاهما جمع
252@@@(1/494)
فقال أل أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ إذا أويت إلى فراشك سبحي الله ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبري أربعاً وثلاثين، قال فأخرجت رأسها وقال رضيت عن الله ورسوله مرتين.
137- (عن عبد الله بن الحارث) عن عبد الله بن عمر أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه قال اللهم إنك خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم أسألك العافية: فقال له رجل سمعت هذا من عمر؟ فقال من خير من عمر، من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
138- (وعن ابن عمر أيضاً) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا تبوأ مضجعه الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني، والذي من علي وأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال، اللهم رب كل شيء، وملك كل شيء، وإله كل شيء، ولك كل شيء أعوذ بك من النار.
(باب ما يقال عند النوم خشية الفزع فيه والأرق والوحشة)
139- (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلك يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وإن يحضرون، قال فكان عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) يعلمها(1/495)
خادم (وقوله لم تسأله) أي لأنها لم تجده كما مر في الحديث السابق (وقوله فذكر الحديث) هكذا بالأصل، ولعله يشير إلى ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة بمنزلهما وما جرى بينه وبينهما كما في الحديث السابق. أي من تحت الغطاء (وقولها رضيت عن الله ورسوله) أي رضيت بما رضي به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكررت ذلك مرتين تأكيداً للرضا والامتثال رضي الله عنها (تخريجه) (د. وغيره) وسنده حسن. (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد ثنا عبد الله بن الحارث إلخ (غريبة). أي بيدك حياتها وموتها. في الحديث ذكر الموت والحياة والدعاء للنفس على تقدير الحياة بالحفظ وعلى تقدير الموت بالمغفرة، وذلك أن النوم شبيه بالموت لأن الله تعالى يتوفي فيه نفس النائم كما قال تعالى في كتابه العزيز (الله يتوفى الأنفس حين موتها) فناسبه ذكر المجيء بهذا الدعاء على التقديرين (تخريجه) (م نس). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبي حسين يعني المعلم عن ابن بريدة حدثني ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). أي دفع عني كل شر مؤذ من خلقه (وآواني) بمد الهمزة أي ردني إلى مأوى وهو المنزل الذي أسكن فيه يقيني الحر والبرد وأحرز فيه متاعي وأحجب به عيالي (تخريجه) (نس د) وأخرجه أيضاً أب عوانة وابن حبان في صحيحهما وسنده جيد. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلخ (غريبة). الفزع بالتحريك الخوف، وبابه تعب والمراد هنا أن من ينتبه من نومه فزعاً خائفاً فليقل بسم الله إلى آخره
253@@@
من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه.
(باب ما يقول ويفعل من قام من الليل لحاجة وما يقال عند الانتباه من النوم أثناء الليل وعند التيقظ منه في آخره)(1/496)
140- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم فراشه (وفي لفظ إذا قام أحدكم من الليل ثم رجع إلى فراشه) فلينزع داخلة إزاره ثم لينفض بها فراشه فإنه لا يدري ما حدث عليه بعده، ثم ليضطجع على جنبه الأيمن ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما حفظت به عبادك الصالحين.
141- (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال رب اغفر لي أو قال ثم دعا استُجيب له: فإن عزم فتوضأ تُقبُلت صلاته.
142- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال يعقد الشيطان(1/497)
استدل بهذا الحديث القائلون بجواز تعليق التمائم إذا كانت من ذكر الله للتبرك، وذهب آخرون إلى المنع وقالوا إن فعل هذا صحابي لا يحتج به، وسيأتي الكلام على ذلك في أبواب الرقى والتمائم من كتاب الطب إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د نس مذ) وقال حديث حسن غريب اهـ وأخرجه أيضاً الحاكم وقال صحيح الإسناد (قلت) سقط هذا الحديث من تلخيص المستدرك المذهبي. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد الأموي قال ثنا عبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). بكسر الزاي وفي رواية لمسلم (فليحل داخلة إزاره) والمراد بداخلة الإزار طرفه الذي يلي الجسد، قال الإمام مالك رحمه الله داخلة الإزار ما يلي الجسد منه (قال النووي) والمعنى أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يدخل فيه لئلا يحصل في يده مكروه وإن كان هناك.يعني بعد مفارقة فراشه من وجود شيء كهوام أو تراب أو نحو ذلك وهذه عند غيره، وهو قوله (وإذا استيقظ فليقل الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد إلي روحي) (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثني عمير بن هانئ العفسي حدثني جنادة بن أبي أمية قال حدثني عبادة بن الصامت إلخ (غريبة). بفتح التاء الفوقية وتشديد الراء، قال أكثر أهل اللغة التعار اليقظة مع صوت، وقال ابن التين ظاهر الحديث أن معنى تعارّ استيقظ لأنه قال (من تعار فقال) فعطف القول على التعار اهـ (تخريجه) (خ والأربعة). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج
254@@@
على قافية رأس أحدكم ثلاث عقد بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا فارقد، وقال مرة يضرب عليه بكل عقدة ليلا طويلا، وقال إذا استيقظ فذك الله عز وجل انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد وأصبح طيب النفس نشيطاً، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان.(1/498)
143- (عن جابر) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ذكر ولا أنثى إلا وعلى رأسه جرير معقود ثلاث عقد حين يرقد، فإذا استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإذا قام فتوضأ انحلت عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلت عقده كلها.
144- (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن النبي كان إذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، قال شعبة هذا أو نحو هذا المعنى، وإذا قام قال اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت(1/499)
عن أبي هريرة إلخ (غريبة). أي مؤخر عنقه وقافية كل شيء مؤخره، وفي النهاية القافية القفا وقيل مؤخر الرأس، وقيل وسطه، وظاهر قوله أحدكم التعميم في المخاطبين ومن في معناهم، ويمكن أن يخص منه من ورد في حقه أنه معصوم من الشيطان كالأنبياء، ومن تناوله قوله تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه: فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح؛ قاله الحافظ. بكل عقدة متعلق بيضرب أي يضرب بكل عقدة كما جاء في الرواية الثانية (وقوله ليلا طويلا) هكذا بالأصل ليلا طويلا بالنصب: وكذا عند مسلم أيضاً، قال النووي هكذا هو في معظم نسخ بلادنا بصحيح مسلم: وكذا نقله القاضي من وراية الأكثرين (عليك ليلا طويلا) بالنصب على الإغراء ورواه بعضهم (عليك ليل طويل) بالرفع أي بقي عليك ليل طويل، واختلف العلماء في هذه العقد فقيل يحتمل أن يكون فعلا يفعله الشيطان كفعل النفاثات في العقد، وقيل هو مجاز كنيّ به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل والله أعلم. في رواية البخاري (يضرب على كل عقدة) أي يضرب بيده على العقدة تأكيداً أو إحكاماً لها قائلاً ذلك، وقيل معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ومنه قوله تعالى (فضربنا على آذانهم) أي حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا والله أعلم. انحلال هذه العقد إنما حصل ببركة الذكر (أيّ ذكر) والوضوء والصلاة، وفيه الحث على ذكر الله عز وجل عند الاستيقاظ والتحريض على الوضوء حينئذ وعلى الصلاة (تخريجه) (ق. وغيرهما). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر إلخ (غريبة). الجرير بالجيم بوزن حرير حبل من أدّم أي جلد نحو الزمام، ويطلق على غيره من الحبال (وقوله معقود ثلاث عقد) أي يعقدها الشيطان كما تقدم في الحديث السابق (تخريجه) (خز حب) وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج أنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال سمعت أبا بكر بن أبي(1/500)
موسى يحدث عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ إلخ (غريبة). جعل النوم موتاً لكونه شبيهاً به من حيث عدم الإحساس وفقد الإدراك (وإليه النشور) أي البعث
255@@@
145- (عن أبي ذر رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال باسمك اللهم نموت ونحيا، وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور.
146- (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قَمِناً أن يقول إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت، فإذا استيقظ من الليل قال الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور.
(أبواب الأذكار تقال في أحوال شتى)
(باب ما يقال لدخول المنزل والخروج منه وفي السوق وعند انفضاض المجلس)
147- (عن أبي الزبير) أنه سأل جابراً أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته فليذكر اسم الله حين يدخل وحين يطعم قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء ها هنا، وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال أدركتم المبيت والعشاء؟ قال نعم.
148 (عن أم سلمة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك من أن نزل أو نضل أو نَظلِم أو نُظلَم أو نَجهل أو يُجهل علينا(2/1)
يوم القيامة بعد الموت الحقيقي (تخريجه) (م. وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن ربعي عن خرشة بن الحر عن أبي ذر إلخ (غريبة). أي بإرادتك وقدرتك (تخريجه) (ج وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا شريك بن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حراش عن حذيفة بن اليمان إلخ (غريبة). أي خليقاً وجديراً بالذكر أن يقول إلخ (تخريجه) (خ د نس مذ). (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير أنه سأل جابراً (يعني ابن عبد الله) أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته يسلم، والمؤمن يأكل في معي واحد؟ قال: نعم، قال وسألت جابراً أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته إلخ (غريبة). أي كان يقول بسم الله أو نحوه من أسماء الله عز وجل. يعني لإخوانه وأعوانه ورفقته، قال النووي في الخبر استحباب ذكر الله تعالى عند دخول البيت وعند الطعام (تخريجه) (م د نس جه حب). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة إلخ (غريبة). بفتح أوله وكسر ثانيه أي من زلة القدم كناية عن وقوع الذنب من غير قصد (أو نضل) من الضلالة وهي عدم الاهتداء إلى الصراط المستقيم (أو نظلم) بفتح أوله وكسر اللام بينهما ظاء معجمة ساكنة أي نعتدي على الناس بغير حق (أو نظلم) بضم أوله وفتح اللام أي يفعل بنا ذلك (أو نجهل) أوه نون مفتوحة أي نفعل فعل الجهال من الإضرار أو الإيذاء (أو يجهل علينا) بضم الياء التحتية أي يفعل الناس بنا ذلك
256@@@
149- (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفراً أو غيره فقال حين يخرج بسم الله آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله إلا رزق خير ذلك المخرج وصرف عنه شر ذلك المخرج.(2/2)
150- (عن عمر) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في سوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحي عنه بها ألف ألف سيئة وبني له بيتاً في الجنة.
151- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة المجالس أن يقول العبد سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك
(تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حسن صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا أبو جعفر الرازي عن عبد العزيز بن عمر عن صالح بن كيسان عن رجل عن عثمان بن عفان إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عثمان، وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى أبي الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر إلخ (غريبة). في رواية لصاحب المصابيح في شرح السنة بلفظ (من قال في سوق جامع يباع فيه) فزاد لفظ جامع يباع فيه، قال وهذه الرواية طلب ذلك وهو الأقرب، لأن حكمة ترتب هذا الثواب العظيم على هذا الذكر اليسير أنه ذاكر لله تعالى في الغافلين فهو بمنزلة المجاهد مع الغازين، وظاهر الحديث حصول الثواب لقائل هذا الذكر سراً أو جهراً، والأفضل الجهر به لأنه فيه تذكير للقائلين حتى يقولوا مثل قوله، ففيه القول والنفع المتعدي لاسيما وقد ورد في بعض الروايات تقييده بالجهر، قال بعض العلماء وإنما خص السوق بالذكر لأنه مكان الاشتغال عن الله تعالى وعن ذكره بالتجارة والبيع والشراء: فمن ذكر الله تعالى فيه دخل في زمرة من قيل فيهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) وورد أن الأسواق محل الشياطين فيستحب طردهم منها بذكر الله عز وجل. جاء عند الترمذي بعد قوله له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير في رواية الترمذي(2/3)
(ورفع له ألف ألف درجة) بدل وبني له بيتاً في الجنة (تخريجه) (مذ) وقال حديث غريب، وأورده المنذري وقال إسناده حسن متصل ورواته ثقات أثبات، قال ورواه أيضاً ابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه: كلهم من رواية عمرو بن الزبير قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده، ورواه الحاكم أيضاً من حديث ابن عمر مرفوعاً وقال صحيح الإسناد كذا قال: وفي إسناده مرزوق بن المرزبان قال أبو حاتم ليس بالقوي ووثقه غيره اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم حدثنا إسماعيل ابن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). يعني إذا حصل فيها غيبة أو نميمة أو هذيان وضجة (وقوله أن يقول العبد) يعني قبيل انصرافه من المجلس سبحانك اللهم إلخ
257@@@
(باب ما يقول من استجد ثوباً)
152- (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه قميصاً أو عمامة ثم يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له.
(باب ما يقال عند نزول المطر وسماع الرعد والصواعق ورؤية الهلال)
153- (عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً من أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته ثم يقول اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه، فإن كشف الله حمد الله، وإن مطرت قال اللهم صيباً نافعاً (وعنها من طريق ثان) أن رسول الله(2/4)
فببركة هذا الذكر يغفر الله له ما كان في مجلسه، ولفظه عند الترمذي (عن أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك (تخريجه) (د حب والثلاثة) وقال الترمذي حسن صحيح غريب من هذا الوجه اهـ (قلت) وله شواهد منها عن عائشة وأبي برزة وغيرهما. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن مبارك عن أبي سعيد الجريري عن أبي سعيد الخدري إلخ (غريبة). معناه أن يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتني هذا القميص أو هذه العمامة أو نحو ذلك، ثم يقول أسألك من خيره إلخ. زاد أبو داود في هذا الحديث قال أبو نضرة فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له تُبِلى ويُخلف الله (تخريجه) (د نس مذ ك حب) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وابن حبان. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن المقدام ابن شريح عن أبيه عن عائشة إلخ (غريبة). أي سحاباً لم يتكامل اجتماعه مقبلاً من أفق من الآفاق كما صرح بذلك في رواية ابن ماجه، والأفق بضمتين الناحية من الأرض ومن السماء (ترك عمله) أي لاهتمامه بأمر ذلك السحاب خوفاً من أن يكون رسول عذاب كما أرسل إلى قوم هود قال تعالى (فلما رأوه عارضاًً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض مطرنا، بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم). أي وإن كان العمل صلاة، ومعنى تركها والله أعلم عدم الإتيان بغيرها بعد فراغه منها، فإن كانت فرضاً أتمها ولا يتنفل بعدها، وإن كانت نفلاً سلم من ركعتين ولم يأت بنفل آخر حتى يطمئن. يعني إن أزال الله السحاب حمد الله لأنه لم يحصل منه ضرر (وإن مطرت قال اللهم صيباً نافعاً) الصيب بفتح أوله وتشديد التحتية(2/5)
مكسورة، هو ما سال من المطر من صاب إذا نزل قاله ابن عباس (وقوله نافعاً) صفة للصيب ليخرج بذلك الصيب الضار وجاء في بعض الروايات (اللهم سيباً) بالسين المهملة المفتوحة وسكون التحتية من سبب إذا جرى أي مطراً جارياً على وجه الأرض من كثرته. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد عن عبد ربه
(م33 – الفتح الرباني – ج14)
258@@@
صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال اللهم اجعله صيباً هنيئاً.
154- (عن سالم عن أبيه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك.
155- (عن بلال بن يحيى) بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهِله علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله.
156- (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال كان رسول الله(2/6)
قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ. أي من غير تعب: وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (نس فع جه) لكن بلفظ سيباً بالسين المهملة بدل صيباً وتقدم ضبطها وتفسيرها، وعند الشافعي بلفظ اللهم سقياً نافعاً: وأخرج الطريق الثانية منه البخاري إلا أنه قال صيباً نافعاً بدل هنيئاً، وللإمام أحمد مثله وتقدم في آخر أبواب الاستسقاء وظاهره أن يقول ذلك مرة واحدة، لكن جاء عند ابن أبي شيبة بلفظ (اللهم سيباً نافعاً مرتين أو ثلاثاً، فأفاد أنه لا بد من التكرار: وينبغي أن يقوله ثلاثاً عملاً بالأكثر والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج حدثني أبو مطر عن سالم عن أبيه إلخ (غريبة). ‘نما دعا النبي بذلك لأن الرعد والصواعق قد تكون عذاباً لأهل الأرض، فقد روي عن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض رواه (لك) والبخاري في كتاب الأدب ولقوله تعالى (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء إلخ الآية) قال الحافظ بن كثير أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء ولهذا تكثر في آخر الزمان اهـ، وقال البغوي قال محمد بن علي الباقر الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر. معناه وعافانا من البلايا والخطايا المقتضية للعذاب والغضب قبل وقوع ما ينتظر: والمراد بالدعاء بأن لا يقع شيء من ذلك (تخريجه) (مذ ك) والبخاري في الأدب وحسنه الحافظ العراقي وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا سليمان بن سفيان المدائني حدثني بلال بن يحيى إلخ (غريبة). بفتح الهمزة وكسر الهاء وتشديد اللام مفتوحة دعاء بصيغة الأمر من الإهلال ويقال أهِل الهلال واستهل إذا رؤى: وأهله(2/7)
الله أطلعه؛ وأصل الإهلال رفع الصوت لأنهم كانوا إذا رأوا الهلال رفعوا أصواتهم بالتكبير، ومنه الإهلال بالإحرام رفع الصوت بالتلبية. قال الحكيم الترمذي اليًمن السعادة، والإيمان الطمأنينة بالله كأنه يسأل دوامهما، والسلامة والإسلام أن يدوم الإسلام ويسلم له شهره فإن لله تعالى في كل شهر حكمة وقضاءً وشأناً في الملكوت اهـ وفي قوله (ربي وربك الله) الرد على من كان يسجد للقمرين من دون الله من أهل الجاهلية (تخريجه) (مي مذ) وقال حديث حسن غريب وأخرجه أيضاً (حب) في صحيحه وزاد بعد قوله والإسلام قوله (والتوفيق لما تحب وترضى) وحسّن الحافظ حديث الباب. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر
259@@@
صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال الله أكبر الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر ومن سوء الحشر.
(باب ما يقال عند صياح الديكة ونُهاق الحمار ونِباح الكلاب)
157- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة من الليل فإنما رأت ملكاً سلوا الله من فضله، وإذا سمعتم نُهاق الحمار فلعله رأى شيطاناً فتعوذوا بالله من الشيطان.
158- (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير من الليل فتعوذوا بالله، فإنها ترى ما لا ترون؛ وأفلوا الخروج إذا هدأت الرجل فإن الله سبحانه وتعالى يبُث في ليله من خلقه ما شاء،(2/8)
ابن أبي شيبة ثنا محمد بن بشير ثنا عبد العزيز بن عمر حدثني من لا أتهم من أهل الشام عن عبادة بن الصامت إلخ (غريبة). بفتح القاف والدال المهملة وهو ما يقدره الله عز وجل على عباده (وقوله من سوء الحشر) بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وهو اجتماع الناس في مكان واحد يوم القيامة، وفي بعض الروايات (ومن سوء يوم المحشر) أي موضع الحشر بمعنى المحشور أي المجموع فيه الناس، ولا شر ولا خير أعظم من يوم المحشر، كيف وهو يوم الفزع الأكبر (تخريجه) (طب) وقال الحافظ العراقي رواه عنه (يعني عن عبادة بن الصامت) أيضاً أن ابن أبي شيبة وأحمد في مسنديهما وفيه من لم يسم، بل قال الراوي حدثني من لا أتهم اهـ وقال الحافظ غريب ورجاله موثقون إلا من لم يسم. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا ليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة إلخ (غريبة). الديكة (كنية) جمع ديك وهو ذكر الدجاج. قال القاضي عياض كأن السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعائه واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص اهـ، قال القاضي عياض وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان الرجيم (تخريجه) (ق د مذ. وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن محمد بن إسحاق ح ويزيد قال أنا محمد بن إسحاق المعني عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن جابر بن عبد الله إلخ (غريبة). نباح الكلاب بضم النون وكسرها صياحها (ونهاق الحمير) بضم النون أي صوته، والحمير بفتح الحاء المهملة جمع حمار بكسرها. خصه بالليل لأن انتشار الشياطين والجن فيه أكثر، وكثرة فسادهم فيه أظهر؛ فهو بذلك أجدر وإن كان النهار كذلك في طلب التعوذ. معناه أن الكلاب والحمير بل وسائر البهائم ترى من الجن والشياطين ما لا يراه بنو آدم (وقوله وأفلوا الخروج) يعني من المنازل (إذا هدأت) بالتحريك أي سكنت في القاموس هدأ كمنع سكن (والرجل) بكسر فسكون أي سكن الخلق عن(2/9)
المشي بأرجلهم في الطريق. أي يغرق وينشر في ليله من خلقه ما شاء من إنس وجن وشياطين وهوام وغيرها، فمن أكثر الخروج
260@@@
وأجيفوا الأبواب واذكروا اسم الله عليها فإن الشيطان لا يفتح باباً أجيف وذكر اسم الله عليه وأوكثوا الأسقية (وفي رواية القِرَب) وغطوا الجرار وأكفئوا الآنية.
(أبواب أذكار تقال لما يهم الإنسان من عوارض وآفات)
(باب ما يقال لدفع كيد الشياطين وتمردهم على الإنسان وعبثهم به)
159- (عن أبي التياح) قال سأل رجل عبد الرحمن بن خَنْبِش كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته الشياطين؟ قال جاءت الشياطين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية وتحدرت عليه من الجبال وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فرعب: قال جعفر أحسبه قال جعل يتأخر، قال وجاء جبريل عليه السلام، فقال يا محمد قل: قال فما أقول؟ قال قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من(2/10)
حين ذلك لغير غرض شرعي أوشك أن يحصل له أذى لمخالفته للمشروع. أي أغلقوها (وقوله أجيف) بضم الهمزة يعني أغلق، ومعناه أنهم لم يؤذن لهم في ذلك من قِبَل خالقهم. جمع قربة وهو وعاء الماء من جلد، أي اربطوا فمها لئلا يدب عليها شيء أو تتنجس (تخريجه) (د حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه أيضاً البخاري في الأدب المفرد، وقال البغوي حديث حسن. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا جعفر بن سليمان ثنا أبو النياح إلخ (غريبة). الرجل المبهم هنا هو أبو النياح نفسه راوي الحديث عن عبد الرحمن المذكور كما صرح بذلك في الطريق الثانية حيث قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش إلخ، وخنبش (بوزن جعفر) ضبطه الحافظ في الإصابة بمعجمة ثم نون ثم موحدة التميمي قال ابن حبان له صحبة. الظاهر أن ذلك كان في الليلة التي جاءوا فيها بعد استماع جن نصيبين للقرآن، قال ابن عباس وكانوا سبعة من جن نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلاً إلى قومهم وقد جاء ذلك في كتاب الله عز وجل قال تعالى (وإذا صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن – إلى قوله – ويُجِركُم من عذاب أليم) قال ابن عباس فاستجاب لهم من قومهم سبعون رجلاً من الجن فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافوه بالبطحاء فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم، ذكره البغوي (قلت) فيحتمل أن هذا العفريت حضر معهم وكان من شياطينهم ليكيد للنبي صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل المنافقون من الإنس فحفظه الله منه، فقد روى البيهقي في الأسماء والصفات من طريق داود بن عبد الرحمن عن يحيى بن سعيد قال: سمعت رجلاً من أهل الشام يحدث عن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن أقبل عفريت في يده شعلة فذكره اهـ. قيل هي صفاته تعالى القائمة بذاته، وقيل العلم لأنه أعم الصفات، وقيل القرآن، وقيل جميع ما أنزله الله عز وجل على أنبيائه لأن الجمع المضاف إلى المعارف يعم (والتامات) يعني الكاملة فلا(2/11)
يدخلها نقص ولا عيب، وقيل النافعة
@@@ -261-
ما يقال لدفع ضرر كل شيء- وما يقول من خاف رجلا أو قوما
السماء ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن، فطفئت نار الشياطين وهزمهم الله عز وجل (عنه من طريق ثان) قال قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي وكان كبيرا أدركت رسول الله (ص)؟ قال نعم، قلت كيف صنع رسول الله (ص) ليلة كادته الشياطين؟ فقال إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية فذكر نحو الحديث المتقدم (باب ما يقال لدفع ضرر كل شيء -وما يقول من خاف رجلا أو قوما)(عن أبان بن عثمان) عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه أن النبي (ص) كان إذا(2/12)
(وقوله التي لا يجاوزهن الخ) أي لا يتعداهن (بر) بفتح الموحدة أي التقى (ولا فاجر) أي مائل عن الحق، والمعنى لا ينتهي علم أحد إلى ما يزيد عليها، وهذا يشمل كل شيء خلقه الله (وذرأ) يقال ذرأ الله الخلق يذرؤهم إذا خلقهم، وكأن الذرء مختص يخلف الذرية (وبرأ) أي خلق الخلق لا عن مثال سبق، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل فيس غير الحيوان، فيقال برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض (نه) أي من العقوبات كالصواعق (ومن شر ما يعرج فيها) مما يوجب وهو الأعمال السيئة أي ومن شر ما خلق في الأرض على ظهرها (ومن شر ما يخرج منها) أي ما خلقه في بطنها من الهوام ونحوها أي الواقعة فيهما وهو من الإضافة إلى الظرف الطارق ما جاءك ليلا، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات (ومن طوارق الليل) أي حوادثه التي تأتي ليلا، وإطلاقه على الآتي بالنهار على سبيل الإتباع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سيار بن حاتم أبو سلمة العنزي قال ثنا جعفر يعني ابن سليمان قال ثنا أبو التياح قال قلت لعبد الرحمن الخ (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة أخرجه أبو زراعة الرازي فيمن اسمه عبد الرحمن، وأحمد من طريقي عفان وسيار بن حاتم اهـ باختصار (قلت) وأخرجه أيضا (بز ش) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة بن أبي قرة ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن أبان بن عثمان عن أبيه الخ (غريبة) هو عثمان بن عفان رضي الله عنه زاد في رواية عند الأربعة وعبد الله بن الإمام أحمد وتقدمت في باب ما يقال في الصباح والمساء لفظ (ثلاث مرات) وهنا أطلق فيحمل المطلق على المقيد، لا سيما وكلما تكرر الذكر كان أفضل أي من وقت قوله ذلك الذكر إلى آخر النهار إن كان قاله نهارا، ومن وقت قوله إلى آخر الليل إن كان قاله ليلا، أخذا من الرواية المشار إليها فقد صرح فيها بأن من قاله ثلاث مرات نهارا لم تفجأه فاجئه بلاء حتى الليل :(2/13)
ومن قاله حين يمسي لم تفجأه فاجئه بلاء حتى يصبح إن شاء الله (تخريجه) (حب ك والأربعة ) وقال الترمذي حسن غريب صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم (سنده) حدثنا عبد الله
@@@ - 262 –
ما يقال لتفريج الهم والكرب والغم
خاف من رجل أو من قوم قال اللهم إني أجعلك (وفي لفظ أنا جاعلك) في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم (باب ما يقال لتفريج الهم والكرب والغم- وما يقول من غلبه أمر)
(عن أسماء بنت عميس) رضي الله عنها قال علمني رسول الله (ص) كلمات أقولها عند الكرب : الله ربي لا أشرك به شيئا (عن أبي بكرة) رضي الله عنه قال قال النبي (ص) دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت (عن علي) رضي الله عنه قال علمني (وفي لفظ لقنني) رسول الله (ص) إذا نزل بي كرب (زاد في رواية أو شدة) أن أقول لا اله إلا الله الحليم الكريم (وفي لفظ الحكيم بدل الحليم) سبحان الله و تبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) قال قال رسول الله (ص) ما أصاب أحد قط هم وحزن فقال اللهم إني عبدتك أبن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيا حكمك عدل(2/14)
حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال أنا عمران عن قتادة عن أبي بردة عن أي موسى الخ (غريبة) أي نجعلك حائلا بيننا ودافعا عنا: فهو كناية عن الاستعانة بالله في دفعهم إذ لا حول ولبا قوة إلا به سبحانه، وأصله جعلت فلانا في نحر العدو أي مقابلته ليحول بيني وبينه ويدفعه عني، وخص النحر لأن العدو يستقبل به عند التصاق القتال (وقوله ونعوذ بك من شرورهم) هو كالعطف التفسيري (تخريجه) (د نس ك حب هق) وصححه النووي (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد العزيز قال ثنا هلال مولانا عن ابن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس الخ (غريبة) ظاهره أنه يكتفي بهذا الدعاء مرة واحدة، وقد رواه (د نس) بتكرير لفظ الجلالة مرتين، ورواه أنه يقال مرتين ويكرر لفظ الجلالة مرتين في كل مرة: ورواه الطبراني أنه يقال ثلاثا ويكرر لفظ الجلالة في كل مرة مرتين. فينبغي العمل بهذه الرواية عملا بالأكثر وهو الأفضل (تخريجه) (د نس حب طب) وسنده جيد هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يقال في الصباح والمساء رقم 107 صحيفة 241 فارجع إليه حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن عبد الله بن جعفر عن علي الخ (غريبة) ما ذكر في هذا الحديث هو ذكر لا دعاء: ولعل المراد أنه يستفتح به الدعاء فيقوله ابتداء ثم يدعو بعد ذلك، ويؤيده ما جاء في بعض روايات هذا الحديث عند البخاري بعد قوله والحمد لله رب العالمين اللهم إني أعوذ بك من شر عبادك الله ونعم الوكيل (وفي لفظ حسبي) فينبغي تقديم هذا الذكر ثم تعقيبه بالاستعاذة من شر عباد الله ثم يختم بقوله حسبنا الله ونعمة الوكيل (تخريجه)(خ نس ش حب ك) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا فضيل بن مرزوق ثنا أبو سلمة
@@@-163-
ما يقوله إذا أحزنه أمر وضاق به صدره(2/15)
في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا، قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها (عن عبد الله بن جعفر) رضي الله عنهما أنه زوج ابنته من الحجاج بن يوسف، فقال لها إذا دخل بك فقولي لا اله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، وزعم أن رسول الله (ص) كان إذا أحزنه أمر قال هذا، قال حماد فظننت أنه قال فلم يصل إليها (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قلنا يوم الخندق لرسول الله (ص) هل من شيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال نعم، اللهم استر عوراتنا وأمن روعاتنا، قال فضرب الله عز وجل(2/16)
الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله الخ (غريبة) يستفاد منه أن لله عز وجل أسماء غير التسعة والتسعين المتقدم ذكرها، والاستئثار الانفراد بالشيء، أي انفردت بعلمه عندك لا يعلمه إلا أنت أي أسألك أن تجعل القرآن كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، والمراد أن يجعل قلبه مرتاحا إلى القرآن مائلا إليه راغبا في تلاوته وتدبره منورا لبصيرته والنور مادة الحياة وبه معاش العباد، وسأله أيضا أن يجعله جلاء حزنه وذهاب همه أي شفاء لذلك ليكون بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ويعيد البدن إلى اعتداله وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو المطبوع والأصدية فيه الحث على تعلم هذا الدعاء والعمل به وقت الحزن والهم والغم وان من فعل ذلك أذهب الله عنه ما يجد وأبدله مكان الهم والغم فرحا (تخريجه) (بز حب ك) وصححه الحاكم وابن حبان، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد و (عل طب بز) ورجال أحمد وأبو يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد عن حماد بن سلمة عن ابن أبي رافع عن عبد الله ابن جعفر الخ (غريبة) هو الحجاج ابن يوسف الثقفي الوالي الظالم الذي اشتهر بظلمه وسفكه للدماء، سيأتي ذكره في خلافة عبد الله بن الزبير من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى إنما أمرها بذلك لأن زواجها بالحجاج أحزنها ولم يكن على مرادها لما اشتهر عنه من الظلم وسفك الدماء، وإنما زوجها أبوها به خوفا من الفتك به (قال حماد) أحد رجال السند (فظننت أنه) يعني ابن أبي رافع (قال فلم يصل إليها) يعني الحجاج ولم يقربها ببركة هذا الذكر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا الزبير بن عبد الله حدثني ربيح بن أبي سعيد عن أبيه قال قلنا يوم الخندق الخ (غريبة) أي زالت عن أماكنها حتى بلغت الحلوق من شدة الخوف والفزع،(2/17)
والحناجر جمع حنجرة وهي جوف الحلقوم، وهذا على التمثيل عبر به عن شدة الخوف، قال
@@@-164-
ما يقال لطلب المغفرة ووفاء الدين
وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الله عز وجل بالريح (عن عوف بن مالك الأشجعي) رضي الله عنه أن النبي (ص) قضى بين رجلين، فقال المقضى عليه لما أدبر حسبي الله ونعمة الوكيل فقال رسول الله (ص) إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله نعم الوكيل (باب ما يقال لطلب المغفرة- ووفاء الدين) (عن علي) رضي الله عنه قال قال لي رسول الله (ص) ألا أعلمك كلمات إذا قلتن غفر لك مع أنك غفور لك، لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا اله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين (ز) (عن أبي وائل)(2/18)
الفراء معناه أنهم جبنوا، وسبيل الجبان إذا اشتد به خوفه أن تنتفخ رئته: فإذا انتفخت الرئة رفعت القبل إلى الحنجرة (قوله روعاتنا) جمع روعة وهي المرة الواحدة من الروع والفزع نزل في ذلك قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها الآيات) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وإسناد البزار متصل ورجاله ثقات وكذلك رجال أحمد إلا أن في نسختي من المسند عن ربيح بن أبي سعيد عن أبيه وهو في البزار عن أبيه عن جده (قلت) وهو كذلك في نسخة المسند التي بين أيدينا كنسخة الحافظ الهيثمي، وربيح بموحدة ومهملة مصغرا ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري المدني يقال (اسمه سعيد وربيح لقب) مقبول قاله الحافظ في التقريب حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح وإبراهيم ابن أبي العباس قالا ثنا بقية قال حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن سيف (يعني الشامي) عن عوف بن مالك الخ يشير بذلك إلى أن خصمه أخذ ماله باطلا، والظاهر أن النبي (ص) قضى لخصمه بيمينه فقد ترجم له أبو داود (باب الرجل يحلف على حقه) أي لا يرضى عن العجز، وهو التساهل في عواقب الأمور وعدم الأخذ بالحزم بفتح الكاف وسكون التحتية ضد العجز وهو التيقظ في عواقب الأمور والحذر من الوقوع في المكروه معناه كان ينبغي لك أن تتيقظ في معاملتك وتتدبر فيما يعود عليك بالمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر، فإذا غلبك الخصم بعد ذلك قلت حسبي الله وأما قولك حسبي الله بلا تيقظ كما فعلت فهو من الضعف فلا ينبغي ذلك (تخريجه)( دنس) وسنده حسن (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا علي بن صالح عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي الخ (غريبة) فيه منقبة عظيمة للإمام علي رضي الله عنه حيث بشره النبي (ص) بأنه مغفور له (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا السياق،(2/19)
وتقدم هذا الذكر في الباب السابق في تفريج الكرب والشدة: ويحتمل أنه صالح لطلب المغفرة أيضا وتقدم تخريجه هناك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله
@@@ -265-
الحث على الدعاء وما جاء في فضله وأنه ينتفع مما نزل ومما لم ينزل
قال أتى عليا رضي الله عنه رجل، فقال يا أمير المؤمنين عجزت عن مكاتبتي فأعني، فقال علي رضي الله عنه ألا أعلمك كلمات علمنيه رسول الله (ص) لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه الله عنك؟ قلت بلى، قال قل اللهم أكفني بحلالك عن حرامك وأعنني بفضلك عمن سواك (أبواب الدعاء وما جاء وما جاء فيه) (باب الحث على الدعاء وما جاء في فضله وآدابه وأنه ينفع لا محالة (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن رسول الله (ص) لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم بالدعاء عباد الله (عن ثوبان) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر(2/20)
ابن عمر حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل الخ (غريبة) بكسر الصاد بعدها ياء تحتية ثم راء: جبل بطيء بهمزة وصل وكسر الفاء من كفى كفاية، أي قني واحفظني بالحلال عن الوقوع في الحرام (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق القرشي بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم ابن موسى قال عبد الله قال عبد الله قال وثناه الحكم بن موسى ثنا ابن عياش ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ الخ (غريبة) أي لا يجدي إذ لا مفر من قضائه تعالى فهو واقع على كل حال (والحذر) بالتحريك الاستعداد والتأهب للشيء (والقدر) بالتحريك أيضا القضاء الذي يقدره الله تعالى على العبد أي مما نزل بالفعل ومما هو في علم الله. وذلك بأن يلطف الله به ويذخره له في الآخرة: أو يصرف عنه من السوء مثله كما سيأتي في حديث أبي سعيد أي ألزموه يا عباد الله (تخريجه) (عل طب) وحسنه الحافظ السيوطي، لكن أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وشهر بن حوشب لم يسمع من معاذ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان الخ (غريبة) أي يحرم بعض ثواب الآخرة أو بعض نعم الدنيا من نحو صحة ومال بمعنى محق البركة منه (وقوله بالذنب يصيبه) أي بشؤم كسبه الذنب ولو بأن تسقط منزلته من القلوب ويستولي عليه أعداؤه، ولا يقدح فيه ما يرى من أن الكفرة والفسقة أعظم مالا وصحة من العلماء والصالحين، لأن الكلام في مسلم يريد الله رفع درجته في الآخرة فيعفيه من ذنوبه في الدنيا: فاللام في الرجل للعهد، والمعهود بعض الجنس من المسلمين، ويحتمل أن يكون الحرمان بالنسبة إلى الرزق المعنوي والروحاني: وقد يكون(2/21)
من الرزق الظاهر المحسوس والله أعلم معنى رد القدر هنا تهوينه وتيسير
(م 34- الفتح الرباني- ج 14)
@@@-266-
الدعاء ينفع صاحبه ما لم يدع بائم أو قطيعة رحم
(ز)(عن عبادة الصامت) أن رسول الله (ص) قال ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجلب دعوة إلا أتاه الله إياه،أو كف عنه السوء مثلها، منا لم يدع بإثم أو قطيعة رحم (عن أبي سعيد الخدري) أن النبي (ص) قال ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن تجعل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه السوء مثلها، قالوا إذا نكثر، قال الله أكثر ثم قرأ (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)(2/22)
الأمر فيه حتى يكون النازل كأنه لم ينزل، وفي الحديث المتقدم (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) أما نفعة مما نزل فصبره عليه ورضاه به (ومما لم ينزل) فهو أن يصرفه عنه أو يخفف عنه أعباء ذلك إذا نزل به، فينبغي للإنسان أن يكثر من الدعاء (وقوله لا يزيد في العمر إلا البر) البر هو كل عمل صالح يرضى الله تعالى، والمراد بالزيادة هنا البركة والمعنى أن من وفق للإكثار من الأعمال الصالحة يزيد الله تعالى في أجره حتى يكون أكثر من أجر من هو أطول منع عمرا، وإلا فالعمر مقدر في علم الله ع وجل لا زيادة فيه ولا نقص (تخريجه) (نس جه حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن منصور الكوسج أنا محمد بن يوسف ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت الخ(غريبة) مثال الإثم أن يقول اللهم يسر لي قتل فلان أو زنا بفلانة أو نحو ذلك (أو قطيعة رحم) كأن يقول اللهم باعد بيني وبين أبي مثلا وإن كان هذا من الإثم أيضا فهو تخصيص بعد تعميم (تخريجه) أورده النووي في الأذكار بزيادة (فقال رجل من القوم إذا نكثر فقال الله أكثر) وعزاه للترمذي وقال قال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخ (غريبة) أي نكثر من الدعاء لعظم فوائده (وقوله الله أكثر) يعني أكثر إجابة (تخريجه) (عل بز طس ك) وقال الهيثمي ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير على بن على الرفاعي وهو ثقة (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش ومنصور عن ذر عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير الخ (غريبة) قال الطيبي أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ليدل على الحصر وأن العبادة ليست غير الدعاء، وقال غيره المعنى هو من أعظم العبادة فهو كخبر (الحج عرفة) أي ركنة الأكبر، وذلك لدلالته على أن(2/23)
فاعله يقبل بوجهه إلى الله معرضا عما سواه: ولأنه مأمور به وفعل المأمور بع عبادة: وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتقاره: إذ العبادة ذل وخضوع ومسكنة أي صاغرين وأتى بالآية ليستدل بها على أن الدعاء يسمى عبادة لأنه عز وجل
@@@ -267-
ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء- من لم يدع الله غضب عليه
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء (وعنه أيضا) قال قال رسول الله (ص) من لم يدع الله غضب عليه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله (ص)ما من مسلم ينصب وجهه الله عز وجل في مسألة إلا أعطاه إياها إما أن يعجلها له، وإما أن يدخرها له (عن سلمان الفارسي)
أمر فيها بالدعاء ثم قال (إن الذين يستكبرون عن عبادتي) فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة وأن ترك دعاء الرب سبحانه وتعالى من الاستكبار، وتجنب ذلك واجب لا شك فيه، ومما يؤيد ذلك قوله عز وجل (أمن يجيب المضطر إذا دعاء ويكشف السوء) فإن هذا الاستفهام هو للتقريع والتوبيخ لمن ترك دعاء ربه (تخريجه) (ش حب ك) والبخاري في الأدب، وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان بن داود حدثنا عمران عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي الحسن عن أبي هريرة الخ (غريبة) قيل وجه ذلك أنه يدل على قدرة الله تعالى وعجز الداعي: قال الشوكاني في تحفة الذاكرين والأولى أن يقال أن الدعاء لما كان هو العبادة بل كان مخ العبادة (قلت يثير إلى حديث أنس عند الترمذي قال قال رسول الله (ص) الدعاء مخ العبادة لما كان كذلك) كان أكرم على الله من هذه الحيثية، لأن العبادة هي التي خلق الله سبحانه الخلق لها كما قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (تخريجه) (مذ جه طب ك) والبخاري في الأدب وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا(2/24)
وكيع قال ثنا أبو يلج (بوزن عمرو) المدني سمعه من أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) من لم يدع الله غضب عليه (غريبة) فيه دلالة على انم الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبه: وقد انضم إلى هذا الأوامر القرآنية، ومنها قوله تعالى (ادعوني استجب لكم ) الآية وفي قوله (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) دلالة على أن ترك الدعاء من الاستكبار: وتجنب ذلك واجب لا شم فيه، وأقره الذهبي، وأخرجه أيضا الترمذي بلفظ (من لم يسأل الله يغضب عليه) والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهوب عن عمه عبيد الله بن عبد الله بن وهب عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر المهملة من باب ضرب أي يقيم وجهه ويرفعه زاد الترمذي (وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا) وفيه دلالة على أن دعاء المسلم لا يهمل بل يعطى ما سأل إما معجلا وإما مؤجلا وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر إخلاصه في الدعاء تفضلا من الله عز وجل (تخريجه) (خ) في الأدب: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف، وأورده المنذري وقال رواه أحمد بإسناد لا بأس به اهـ (قلت) له شواهد كثيرة تؤيده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سليمان التيمي عن أبي
@@@ -268-
كان رسول الله (ص) يعجبه الجوامع من الدعاء
رضي الله عنه قال إن الله عز وجل ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال إذا تمنى أحدكم فلينظر ما الذي يتمنى، فإنه لا يدري ما الذي يكتب له من أمنيته (عن عائشة) رضي الله عنها قالت كان رسول الله (ص) يعجبه الجوامع من الدعاء(2/25)
عثمان (النهدي) عن سلمان الفارسي الخ (غريبة) من الحياء لا من الحياة، واطلاق الحياء على الله تعالى مجاز، |إذ هو تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب ويذم بسببه، وهو محال على الله عز وجل، والمراد هنا لازمة وهو الإحسان إلى السائل، وبسط اليد عند السؤال مدها ورفعها كما جاء في بعض الروايات أي من غير فائدة تعود على السائل، بل لا بد من فائدة تعود عليه إذا كان مخلصا، إما استجابة دعائه، وإما بصرف السوء عنه، وإما أن يدخره له في الأخيرة (تخريجه) (ك) بسند حديث الباب ولفظه: وقال هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (قلت) وأقرها الذهبي وهو موقوف على سلمان: وللإمام أحمد رواية أخرى من طريق جعفر بن ميمون عن أبي عثمان (النهدي) عن سلمان الفارسي مرفوعا عن النبي (ص) بمثله، ومن طريق جعفر بن ميمون رواه (د مذ جه ك) بألفاظ متقاربة، وجعفر بن ميمون مختلف فيه، فبعضهم وثقه وبعضهم ضعفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شعبة ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) قال القرطبي في المفهم قيل معنى ظن عبدي بي ظن الإجابة عند الدعاء. وظن القبول عند التوبة. وظن المغفرة عند الاستغفار. وظن المجازاة عند فعل العبادة بشرودها تمسكا بصادق وعده (وقوله وأنا معه) أي بعلمي حسب ما قصد من دعائه أو ذكره لي: وهو كقوله عز وجل (إنني معكما أسمع وأرى) (تخريجه) (عل) قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (قلت) وأخرجه (ق مذ نس جه) عن أبي هريرة ولفظ مسلم كحديث الباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا عمر ابن أبلي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي إذا اشتهى حصول أمر مرغوب فيه، والتمني إرادة تتعلق بالمستقبل فإن كان في خير فمحبوب وإلا فمذموم أي ما لا يقدر له منها فليحسن أمنيته ويدعو بما يراه خيرا: لأن في الأوقات ساعات لا يوافقها سؤال سائل ألا وقع المطلوب على الأثر: فالحذر من تمنى المذموم ثم الحذر (تخريجه)(خ) في الأدب(2/26)
والبيهقي في شعب الايمان وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل قال سألت عائشة أكان رسول الله (ص) يتسامح عنده الشعر؟ فقالت كان أبغض الحديث إليه: وقال عن عائشة كان يعجبه الخ (غريبة) أي يحب الدعاء بالكلمات التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، وتجمع الأغراض الصالحة، وقيل هي ما كان لفظها
@@@-269-
من سنن الدعاء استقبال القبلة ورفع اليدين
ويدع ما بين ذلك (باب استقبال القبلة ورفع اليدين في الدعاء وما يستفتح به ومسح الوجه باليدين عند الفراغ من الدعاء) (عن ابن جريج) أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة اخبره عن عمه أن النبي (ص) كان إذا جاء مكانا من دار يعلى نسيه عبيد الله استقبل البيت فدعا، قال روح عن أبيه، وقال بكر عن أمه (وعنه من طريق ثان) قال أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة أخبره عن أمه أن النبي (ص) كان إذا دخل مكانا من دار يعلى نسيه عبيد الله استقبل البيت فدعا ، قال وكنت أنا وعبد الله بن كثير إذا جئنا ذلك الموضع استقبل البيت فدعا (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال رأيت رسول الله (ص) يمد يديه حتى لأرى بياض إبطيه(2/27)
قليلا ومعناها كثيرا كقوله تعالى (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) (وقوله ويدع ما بين ذلك) أي يترك غير الجوامع من الدعاء، ولفظ أبي داود (ويدع ما سوى ذلك)(تخريجه) (دك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جرير الخ (غريبة) الذي عليه المحققون واعتمده أكثر المحدثين أنه عن أمه كما في أكثر الروايات وسيأتي ذلك هو ابن أمية الصحابي رضي الله عنه (وقوله نسيه عبيد الله) يعني نسي المكان الذي وقف فيه النبي (ص) مستقبلا للبيت روح وبكر لم يذكرا في سند الحديث ولعلهما قالا ذلك في رواية أخرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن الحجاج ثنا عبد الله ابن علقمة ثنا عبد الله وعلي بن إسحاق أنا عبد الله بن المبارك أنا ابن جرير أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد الخ هذا هو الصوب كما تقدم أنه عن أمه، وهذه الرواية هي المفوظة عند أكثر المحدثين يعني عبد الله بن كثير اقتداء بالنبي (ص) وفيه استحباب استقبال القبلة عند الدعاء، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم وغيره عن جابر (أن رسول الله (ص) أتى الموقف بعرفة واستقبل القبلة ولم يزل يدعو حتى غربت الشمس) وروى النسائي من حديث أسامة بن زيد (كنت ردفة يعني النبي (ص) بعرفات فرفع يديع يدعو) ورجاله ثقات (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة رواه البخاري في تاريخه والبغوي والطبري من طريق أبي عاصم، ورواه (د نس عب) من طريق ابن جرير فقالوا جميعا عن أمه: قال ورواه الطبراني وابن شاهين من طريق ابن جريج إلا أنه قال عن أبيه، قال رواه البرساني عن ابن جريج فقال عن عمه، قال فهذا اضطراب يعل الحديث لكن يقوي أنه عن أمه لا عن أبيه ولا عن عمه أن في آخر الحديث عند أبي نعيم (فنخرج معه يدعو ونحن مسلمات) والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سليمان يعني التيمي عن بركة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة الخ (غريبة) يفيد المبالغة(2/28)
في رفع اليدين عند الدعاء، فإن قيل كيف يرى بياض إبطيه وهو لابس ثيابه؟ (قلت) يحتمل أنه في هذا الوقت لم يكن على النصف الأعلى منه ثوب غير الرداء (وقوله
@@@ -270-
كيفية فع اليدين عند الدعاء- واختلاف الصحابة في ذلك
قال سليمان يعني في الاستسقاء (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) وافقا بعرفة يدعو هكذا ورفع يديه حيال ثندونتيه وجعل كفيه مما يلي الأرض (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه وباطنها مما يلي الأرض (عن قتادة) أن أنسا حدثهم قال لم يكن رسول الله (ص) يرفع يديه في شيء من دعائه (وفي لفظ الدعاء) إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه (عن خلاد بن السائب) الأنصاري أن رسول الله (ص) كان إذا سأل جعل باطن طفيه إليه (وفي لفظ إلى وجهه) وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه(2/29)
قال سليمان الخ) يعني أحد رجال السند يقول أن رفع اليدين والمبالغة فيه كان في دعاء الاستسقاء وقد تقدم كلام في ذلك في باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء في الجزء السادس (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار عن شيخه محمد بن يزيد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) لم يعزه الحافظ الهيثمي للإمام أحمد مع أن رجاله كلهم ثقات وليس فيهم محمد بن يزيد، فيحتمل أنه غفل عن ذلك والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن بشر بن حرب عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) تثنية ندوة بضم أوله ويجوز الفتح ثم نون ساكنة ثم دال مهملة مضمومة وهما للرجل كالثديين للمرأة فمن ضم الثاء همز ومن فتحها لم يهمز، أراد أنه لم يرفعها زيادة عن صدره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي اسناده بشر بن حرب، قال الحافظ في التقريب صدوق لين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا حماد بن لسمة عن ثابت البناني عن أنس الخ |(تخريجه) (د) إلا أنه قيده بالاستسقاء كما سيأتي في الحديث التالي وسنده حديث الباب صحيح هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء في الجزء السادس، وظاهره يوهم أنه (ص) لم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وليس كذلك، بل ثبت رفع يديه (ص) في الدعاء في مواطن كثيرة غير الاستسقاء وهي كثيرة جدا، وفي أحاديث الباب شيء منها (قال النووي ) ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث بياض إبطيه إلا في الاستسقاء: أو أن المراد لم أره رفع وقد رآه غيره: فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك: ولا بد من تأويله لما ذكرناه والله أعلم اهـ (قلت) وتقدم الكلام على ذلك مما فيه الكفاية في أحكام باب رفع اليدين المشار إليه في الجزء السادس فارجع إليه والله الموفق وهذا الحديث أخرجه (م د. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي(2/30)
ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن حبان (بفتح المهملة) ابن واسع عن خلاد بن السائب الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل لأنم خلاد بن السائب ليس بصحابي وإنما الصحابي أبوه السائب بن خلاد وقد جاء هذا الحديث في الأصل في مسند السائب بن خلاد
@@@-271-
استفتاح الدعاء بسبحان ربي الأعلى الوهاب
(عن عطاء) قال قال أسامة بن زيد رضي الله عنهما كنت رديف رسول الله (ص) بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها قال فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى (عن سهل بن سعد) رضي الله عنهما قال ما رأت رسول الله (ص) شاهرا يديه قط على منبر ولا غيره، ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه ويشير بإصبعه إشارة (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال ما سمعت رسول الله (ص)يستفتح دعاء إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى العلي الوهاب (عن السائب بن يزيد عن أبيه) أن(2/31)
الصحابي، وغالب ما فيه من الأحاديث مروى عن خلاد بن السائب عن أبيه إلا هذا الحديث فلم يصرح بذكر أبيه فيه فهو مرسل لذلك، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد مرسلا وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عبد الملك ثنا عطاء الخ (غريبة)الخطام تقدم تفسيره غير مرة وهو الحبل الذي يقاد به البعير (تخريجه) (نس) وجوه الحافظ اسناده، ويستفاد منه تأكيد رفع اليدين عند الدعاء في غير الاستسقاء أيضا، ويؤيده حديث عائشة قالت (كان رسول الله )(ص) يرفع يديه يدعو حتى إني لأسأله مما يرفعهما)أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بثلاثة أسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح (قلت) ومعنى قولها (إني لأسأم له) أي أمل وأضجر إشفاقا عليه من رفع يديه مع طول الدعاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية عن أبي ذبابة عن سهل بن سعد الخ(غريبة) أي مبالغا رفعها وهذا باعتبار ما رأى: وإلا قد ثبت وصح عن غيره من الصحابة أنه (ص) رفع يديه في الاستسقاء حتى ظهر بياض إبطيه يحتمل أن يكون ذلك في الدعاء عند التشهد الأخير في الصلاة: ويحتمل أن يكون عند الدعاء في الخطبة على المنبر لأنه ورد في كل منهما ما يؤيده وتقدم في بابه والله أعلم (تخريجه) (د نق) وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق وعبد الرحمن بن معاوية وفيهما مقال(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا عمر بن راشد اليمامي قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال ما سمعت الخ (غريبة)ليس هذا آخر حديث (وبقيته) وقال سلمت بايعت رسول الله (ص) فيمن بايعه تحت الشجرة ثم مررت به بعد ذلك ومعه قوم فقال بايع يا سلمة، فقلت قد فعلت،قال وأيضا بايعته الثانية (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الإمام أحمد والطبراني بنحوه، وفيهى عمر بن راشد اليمامي وثقه غير واحد وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضا الحاكم وصححه وأقره(2/32)
الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد الخ (وفي آخر هذا الحديث بعد قوله مسح وجهه بيديه) قال عبد الله وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث وأبي حسب قتيبة وهم فيه، يقولون عن خلاد بن السائب عن أبيه اهـ ومعناه أن عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله يقول قد خالف المحدثون
@@@-272-
تأكيد حضور القلب عند الدعاء واستحباب تعميمه
النبي (ص) إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه(باب تأكيد حضور القلب عند الدعاء واستحباب تعميمه بالدعاء لغير والبدء بنفسه) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال إن القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء عن ظهر قلب (وعنه أيضا) أن رجلا قال اللهم اغفر لي ولمحمد وحدنا، فقال رسول الله (ص) لقد حجبتها عن ناس كثيرين (ز)(عن ابن عباس) عن أبي بن كعب رضي الله عنهم أن النبي(ص) كان إذا ذكر الأنبياء (وفي لفظ إذا دعا لأحد) بدأ بنفسه فقال(2/33)
قتيبة في إسناد هذا الحديث، وأبي يظن أن قتيبة وهم أي غلط فيه لأنهم يقولون عن خلاد بن السائب عن أبيه ، وقتيبة يقول في روايته عن السائب بن يزيد عن أبيه، وقد روى هذا الحديث أبو داود في سننه بسنده ولفظه كما هنا ولم يتعقبه بشيء وكذلك المنذري (تخريجه) (د) بسند حديث الباب ولفظه وفي إسناده ابن لهيعة وحفص بن هاشم فيهما كلام، وله شاهد عند الترمذي من حديث عمر قال (كان رسول الله (ص) إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه) والحكمة في ذلك التفاؤل والتيمن بأن كفيه ملأتا خيرا فأفاض منه على وجهه فيتأكد ذلك للداعي ذكره الحليمي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبي بكر بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) أي كالأوعية تحفظ ما فيها، وبعض القلوب أوعى أي أحفظ للأمور تعقلا وفيهما من البعض الآخر أي كونوا على حالة تستحقون بها الرجاء، وذلك باستجماع شرائط الدعاء وآدابه كاستحضار القلب والتوجه إلى الله عز وجل والخضوع والتضرع واعتقاد أن الله يجيب دعائكم، لأن الكريم لا يخيب راجيه، لا سيما وقد قال في كتابه العزيز (ادعوني أستجب لكم) أي معرضا عن الله تعالى وعما يسأله فهذا لا يستجيب الله دعاءه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده المنذري، وقال رواه أحمد بإسناد حسن وكذلك قال الهيثمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل هو الذي بال في المسجد وله قصة تقدمت في الجزء الأول صحيفة 248 رقم 47 في باب تطهير الأرض من نجاسة البول فارجع إليه أي جعلت حائلا بين الناس وبين رحمة الله تعالى، وهذا ليس في إمكان مخلوق لأن الله تعالى يقول (ورحمتي وسعت كل شيء) وإنما قال ذلك الأعرابي لجهله وكونه كان حديث عهد الإسلام، فالمطلوب أن يدعو الإنسان(2/34)
لنفسه ولإخوانه من المسلمين ليزداد ثوابه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد ابن عبد الرحيم أبو يحيى البزار ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال قيس ثنا عن أبي إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني إذا دعا لأحد بخير بدأ بنفسه ثم ثنى بغيره ثم عمم
@@@-273-
استحباب دعاء الإنسان لأخيه المسلم بظهر الغيب
رحمة الله علينا وعلى هود صالح (عن طلحة بن عبيد الله بن كريز) قال سمعت أم الدرداء قالت سمعت رسول الله (ص) يقول إنه يستجاب للمرء بظهر الغيب لأخيه فما دعا لأخيه بدعوة إلا قال الملك ولك بمثل (عن أبي الزبير) عن صفوان بن عبد الله وكانت تحبه أم الدرداء فأتاهم فوجد أم الدرداء، فقالت له أتريد الحج العام فقال نعم، قالت(2/35)
اقتداء بابيه إبراهيم (ص) حيث قال (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) فتتأكد المحافظة على ذلك وعدم الغفلة عنه، وإذا كان لا أحد أعظم من الوالدين ولا أكبر حقا على المؤمن منهما. ومع ذلك قدم الدعاء لنفسه عليهما في القرآن في غير موضع، فيكون على غيرهما أولى (تخريجه)(حب ك)وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح (قلت) وصححه أيضا الحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا فضيل يعني ابن غزوان قال سمعت طلحة بن عبيد الله بن كريز (بوزن كريم) الخ (غريبة) لفظ مسلم عن طلحة أيضا قال (حدثتني أم الدرداء قالت حدثني سيدي أنه سمع رسول الله (ص) يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل) فزاد في روايته قالت (حدثني سيدي) قال النووي تعتني زوجها أبا الدرداء ففيه جواز تسمية المرأة زوجها سيدها وتوقيره، قال وأم الدرداء هذه هي الصغرى التابعية واسمها هجيمة (بوزن بثينة) وقيل جهيمة(بتقديم الجيم على الهاء) اهـ (قلت) لكن قولها في رواية الإمام أحمد سمعت رسول الله (ص) اله يعين أنها الكبرى الصحابية واسمها خيرة، ويجمع بين الحديثين بأن طلحة سمع الحديث من كلتيهما، فالصغرى روته عن النبي (ص) بواسطة زوجها أبي الدرداء، والكبرى روته بدون واسطة، هذا ما ظهر لي والله أعلم أي في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص أي ولك مثل ما دعوت له به، فالباء زائدة، قال النووي هو بكسر الميم وإسكان الثاء، هذه الرواية المشهورة، قال القاضي (يعني عياضا) ورويناه بفتحها أيضا، يقال هو مثله ومثيله بزيادة الياء أي عديلة سواء، وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا الجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا الجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تستجاب ويحصل له مثلها (تخريجه) (م د) ورواية أبي داود كرواية(2/36)
مسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون أنا عبد الملك عن أبي الزبير الخ هكذا جاء في المسند (وكانت تحبه أم الدرداء) بموحدة بعد الحاء المهملة من المحبة لكن جاء في صحيح مسلم بلفظ (وكانت تحته الدرداء) بتاء مثناة بعد الحاء بدل الموحدة، ومعنى رواية مسلم أن صفوان كان زوجها للدرداء، ومعنى رواية الإمام أحمد أن أم الدرداء كانت تحب صفوان زوج بنتها الدرداء كما هي عادة النساء، هذا لم يكن في رواية الإمام أحمد تصحيف من الناسخ، والافرواية مسلم أظهر والله أعلم جاء عند مسلم قال قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت
(م 35- الفتح الرباني-ج 14)
@@@-274-
كراهة الدعاء بقوله اللهم اغفر لي إن شئت بل يعزم المسألة
فادع لنا بخير، فان النبي (ص) كان يقول إن دعوة المرء المسلم مستجابة لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا ل؟أخيه بخير قال آمين ولك مثل، قال فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فحدثني عن النبي (ص) بمثل هذا (باب النهي عن قول الداعي اللهم اغفر لي إن شئت وعن استبطاء الإجابة وكراهة السجع في الدعاء) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال إذا دعا أحدكم فلا يقولن اللهم إن شئت ولكن ليعظم رغبته فإن الله عز وجل لا يتعاظم عليه شيء أعطاه(وعنه أيضا) قال قال رسول الله (ص) لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة فإنه لا مكره له (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي (ص) بنحوه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله (ص) لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا يا رسول الله(2/37)
أم الدرداء فقالت أتريد الحج الخ (تخريجه) (م جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي اللهم اغفر لي وارحمني ان شئت كما صرح بذلك في الحديث التالي، وقد حمل ابن عبد البر هذا النهي على التحريم فقال لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك، وحمله النووي على كراهة التنزيه، وقيل سبب النهي عن قوله ذلك أن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، وقال ابن بطال في الحديث إنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما، وقد قال ابن عيينة لا يمنعن أحدا ما لم يعلم في نفسه يعني التقصير، فإن الله عز وجل قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس (قال رب فانظرني يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين) معناه أنه يبالغ في تكرار الدعاء والإلحاح، ويحتمل أنه يراد به الأمر بطلب الشيء العظيم الكثير، ويؤيد ذلك ما جاء بعده من التعليل بقوله (فإن الله عز وجل لا يتعاظم عليه شيء أعطاه ) يعني مهما عظم وتعدد (تخريجه)(ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) قال الداودي معنى قوله ليعزم المسألة أن يجتهد ويلح ولا يقل إن شئتن كالمستثنى ولكن دعاء البائس الفقير، قال الحافظ وكأنه أشار بقوله كالمستثنى إلى أنه إذا قالها على سبيل التبرك لا يكره وهو جيد (تخريجه)(ق د مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس قال قال رسول الله (ص) إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني فغن الله عز وجل لا مستكره له (تخريجه)(ق.والنسائي في اليوم والليلة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أنس قال قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) معناه لا يزال العبد(2/38)
يستجاب دعاؤه (ما لم يستعجل) أي ما لم يستبطئ الإجابة ويسأم الدعاء
@@@-275-
كراهة استبطاء الإجابة- وقصة عائشة مع القاص
كيف يستعجل؟ قال يقول دعوت ربي فلم يستجب لي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) إنه يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي (عن الشعبي) قال قالت عائشة رضي الله عنها لابن أبي السائب قاص أهل المدينة ثلاثا لتبايعني عليهم أو لأنا جزنك، فقال ما هن؟ بل أنا أبايعك يا أم المؤمنين، قالت اجتنب السجع من الدعاء فإن رسول الله (ص) وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك وقال إسماعيل مرة فقالت إني عهدت رسول الله (ص) وأصحابه وهم لا يفعلون ذاك، وقص على الناس في كل جمعة مرة، فإن أبيت فثلثين، فإن أبيت فثلثا، فلا تمل الناس هذا الكتاب(2/39)
فلا يستجاب له حينئذ بفتح الياء التحتية وكسر الجيم من الاستجابة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه و (بز طس) وفيه أبو هلال الراسي وهو ثقة وفيه خلاف وبقية رجال أحمد وأبي يعلى رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس قال ثنا أويس قال قال الزهري أن أبا عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) أي يستجاب دعاء كل واحد منكم إذا المفرد المضاف يفيد العموم على الأصح (وقوله فيقول) بالنصب لا غير وهو وما بعده بيان لقوله ما لم يعجل (تخريجه) (ق د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال ثنا داود عن الشعبي الخ (غريبة) اسمه الوليد بن سليمان القرشي ثقة من السادسة كذا في التقريب (وقوله قاص أهل المدينة) القاص هو الذي يعظ الناس ويقص عليهم أخبار الأمم السالفة والقاص أيضا الذي يأتي بالقصة على وجهها كأنه يتتبع معانيها وألفاظها بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره اذكر ثلثا (لتبايعني) بنون التوكيد الثقيلة (عليهن) أي على الطاعة فيما آمرك بشأنهن هو موالاة الكلام على روى واحد، ومنه سجعت الحمامة إذا رددت صوتها قاله ابن دريد، وقال الأزهري هو الكلام المقفى من غير مراعاة وزن، والمعنى لا تقصد إلى السجع في الدعاء ولا تشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء إن قيل ثبت في الأحاديث الصحيحة (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب) (وجاء أيضا) لا اله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده (وأجيب) بأن المكروه ما يقصد ويتكلف فيه كما ذكرنا، وأما ما ورد على سبيل الاتفاق فلا بأس به هو ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي القرشي ابن علية وهي أمه، قال الإمام أحمد إليه المنتهى في التثبيت، وقال ابن معين كان ثقة مأمونا ورعا تقيا اهـ وهو أحد رجال السند يعني أنه قال مرة في روايته(2/40)
فقالت إني هدت رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم الخ بضم أوله وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة من الإملال وهي السآمة والناس نصب على المفعولية
@@@-276-
كراهة الاعتداء في الدعاء وهو تجاوز الحد وطلب ما يستحيل شرعا
ولا الفينك تأتي القوم وهو في حديثهم فتقطع عليهم حديثهم ولكن اتركهم فإذا جرءوك عليه وامروك به فحدثهم (باب كراهة الاعتداء في الدعاء) (عن أبي النعامة) إن عبد الله بن نغفل رضي الله عنه سمع ابنه يقول اللهم أني أسلك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها (وفي لفظ اللهم إني أسألك الفردوس وكذا) فقال يا بني سل الله تبارك وتعالى الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله (ص) يقول يكون قوم (وفي لفظ يكون في هذه الأمة قوم) يعتدون في الدعاء والطهور (عن مولى لسعد بن أبي الوقاص)(2/41)
وهو كالبيان الحكمة الأمر بعدم الإكثار (والكتاب) مفعول ثان أو بنزع الخافض وهو القرآن كما صرح به عند البخاري، أي لا تملهم عن القرآن، وقد ثبت في حديث ابن مسعود عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم (وكان النبي (ص) يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا) بضم الهمزة وسكون اللام وكسر الفاء وفتح التحتية وتشديد النون المؤكدة أي لا أصادفنك ولا أجدنك في رواية البخاري من حديث ابن عباس، ولكن أنصت بهمزة قطع مفتوحة وكسر الصاد أي اسكت مع الاصفاء (فإذا جرءوك) أي التمسوا منك أن تقص عليهم وتحدثهم ويكون قوله (وأمروك) عطف مرادف (تخريجه)(بز طب) وسنده جيد: و (خ) من حديث ابن عباس (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن الجريري، وقال عفان في حديثه أنا جرير عن أبي نعامة الخ (غريبة) هو الدار الكبيرة المشيدة سمي بذلك لقصر النساء و حبسهم فيه أي عن يمين الداخل ففي الكلام حذف هو وسط الجنة وأعلاها بضم المهملة وسكون المعجمة أي التجيء إليه تعالى وتحصن به من عذاب النار، يقال عذت بفلان واستعذت به أي لجأت إليه، قال التوربيشتي إنما أنكر عبد الله على ابنه هذا الدعاء لأنه طمع في مالا يبلغه عملا حيث سأل منازل الأنبياء، وجعله من الاعتداء في الدعاء لما فيه من التجاوز عن حد الأدب نظر الداعي لنفسه بعين الكمال هذا تعليل المحذوف فكأنه قال له تسأل شيئا معينا من أمور الآخرة لأني سمعت رسول الله (ص) الخ الاعتداء في كل شيء هو تجوز الحد فيه، ويكون الاعتداء في الدعاء أيضا بطلب ما يستحيل شرعا، وقد قال العلماء إنه لا يجوز أن يدعو الإنسان بتحول الجبل الفلاني ذهبا أو يحيي الله له الموتى، وقيل الاعتداء في الدعاء أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم وهو وجيه (والاعتداء في الطهور) بضم الطاء المهملة بمعنى الفعل يكون يتجاوز الحد بالزيادة في الغسل والمسح على العدد المشروع،ويحتمل أن يكون بفتح الطاء بمعنى الماء،(2/42)
ويكون الاعتداء فيه بإراقة الكثير منه والإسراف فيه كما يفعل الموسوسون، والوسوسة من الشيطان (تخريجه) (د جه ك هق حب) وصححه الحاكم والنووي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن المهدي ثنا شعبة عن زياد بن مخراق قال سمعت
@@@-277-
استجابة الدعاء من ثلث الليل الأول إلى طلوع الفجر كل ليلة
إن سعدا رضي الله عنه سمع ابنا له يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله (ص) يقول إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء وقرأ هذه الآية (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) وإن حسبك أن تقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل (باب ما جاء في أوقات يستجاب فيها الدعاء)(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) ينزل ربنا تبارك اسمه كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا فيقول من يدعوني ف؟أستجيب له ؟ من يستغفرني فاغفر له؟ حتى يطلع الفجر، فلذك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على صلاة أوله (وعنه من طريق ثان)فذكر مثله وفيه، من ذا الذي يسترزقني فأرزقه، من ذا الذي يستكشف الضر فأكشفه عنه حتى ينفجر الفجر (عن رفاعة الجهني) رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) إذا مضى نصف الليل أو قال ثلثا الليل ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا فيقول(2/43)
أبا عباية عن مولى لسعد بن أبي وقاص الخ (غريبة) ما غلظ من الديباج جمع غل بضم المعجمة وهو طوق من حديد يجعل من العنق أي يتجاوزون الحد فيه: ولعل سعدا أنكر على ابنه حيث سأل نعيم الجنة وإستبرقها بعد سؤال الجنة ، وحيث استعاذ من سلاسل النار وأغلالها بعد استعاذته من النار فهو من قبيل تحصيل الحاصل فيكون من الاعتداء في الدعاء والله سبحانه وتعالى أعلم أي كافية أن تقول الخ (تخريجه) (د) وسنده جيد، إلا أن مولى سعد لم يعرف من هو (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا ليث ثنا إبراهيم ثنا ابن شهاب عن الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذا الحديث من أحاديث الصفات، نؤمن به كما جاء ونكل علمه إلى الله عز وجل مع تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل يزيد أنا هشام وعبد الوهاب أنا هشام عن يحيى بن أبي جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله (ص) الخ (تخريجه)(ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني فذكر حديثا طويلا تقدم بطوله في الجزء الأول رقم 30 صحيفة 50 من كتاب الإيمان، وهذا الطرف الأخير منه (غريبة) جاء في هذه الرواية إذا مضى نصف الليل ، وله ولا بي سعيد في رواية أخرى عند مسلم مرفوعا إن الله يمهل حتى إذا مضى ثلث الليل الأول نزل إلى سماء الدنيا الحديث، وقد جمع النووي بين هذه
@@@-278-
من الدعوات المستجابة دعوة ذي النون والدعاء بيا ذا الجلال والإكرام(2/44)
لا أسأل عن عبادي أحدا غيري، ومن ذا يستغفر فأغفر له؟ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه حتى ينفجر الفجر (عن نافع بن جبير) عن أبيه رضي الله عنه عن النبي (ص) قال ينزل الله عز وجل في كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر (باب دعوات يستجاب بها الدعاء، ومنها دعوة ذي النون: والدعاء بيا ذا الجلال والإكرام) (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت (لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له (عن معاذ ابن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) أتي على رجل وهو يقول يا ذا الجلال(2/45)
الروايات باحتمال أن يكون النبي (ص) أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به، ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به: وكل من الرواة أخبر بما سمع (تخريجه) (طب حب) والبغوي والبارودي وابن قانع. ورواه ابن ماجة مختصرا كما هنا، وأورده الهيثمي بطوله، وقال رواه أحمد وعند ابن ماجة بعضه ورجاله موثقون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن أبيه الخ (قلت ) أبوه هو جبير بن مطعم رضي الله عنه (تخريجه)(بز عل طب) ورجاله رجال الصحيح هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب ذكر نبي الله يونس من كتاب أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (غريبة) أي صاحب النون وهو يونس بن متى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والنون اسم الحوت والمراد هنا الحوت الذي ابتلعه بأمر الله عز وجل عقوبة له وصحت الإضافة إليه هذه النسبة، وستأتي قصته مفصلة في الباب المشار إليه آنفا إن شاء الله تعالى شرط الاستجابة أن يستحضر ذنبه ويرجع إلى الله عز وجل خاضعا ذليلا كما حصل من نبي الله يونس عليه السلام، وإلا فمجرد ذكر الألفاظ بدون التجاء إلى الله وخضوع لا ينفعه (تخريجه) أورده الهيثمي بطوله وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبوار ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو وثقه وعند الترمذي طرق منه اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا الجريري عن أبي الورد عن اللجلاج حدثني معاذ أن رسول الله (ص) أتى على رجل وهو يصلى وهو يقول في دعائه اللهم إني أسألك الصبر، قال سألت البلاء فسل الله العافية، قال وأتى على رجل وهو يقول اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال ابن آدم هل تدري ما تمام النعمة؟ قال يا رسول الله قد دعوت بها أرجو بها الخير، قال فإن تمام النعمة فوز (أي نجاة) من(2/46)
النار ودخول الجنة، وأتى على رجل وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام الخ
@@@-279-
الدعوات التي فيها اسم الله الأعظم سبحانه جل شأنه
والإكرام فقال قد استجيب لك فسل (عن ربيعة بن عامر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام (باب ما جاء في اسم الله الأعظم) (عن أنس بم مالك) رضي الله عنه قال مر رسول الله (ص) بأبي عياش زيد بن صامت الزرقي رضي الله عنه وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فقال رسول الله (ص) لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى (وعنه أيضا) قال كنت جالسا مع رسول الله (ص) في الحلقة ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد جلس وتشهد، ثم دعا فقال اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت (زاد في رواية وحدك لا شريك لك) حنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم إني قيوم إني أسألك فقال رسول الله (ص) أتدرون بما دعا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم (وفي رواية باسمه الأعظم) الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى: (عن عبد الله بن بريدة) عن أبيه رضي الله عنه قال سمع النبي (ص) رجلا يقول اللهم(2/47)
(غريبة) يعني قد سمع نداءك فسل الله ما شئت (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن إسحاق ثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسان من أهل البيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسن الفهم عن ربيعة بن عامر الخ (غريبة) بفتح الهمزة وكسر اللام وبظاء معجمة مشددة ، أي الزمو هذه الدعوة وأكثروا منها، قال الزمخشري ألظ وألب وألح أخوات في معنى اللزوم والدوام (تخريجه)(نس مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب (قلت) وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن عبد العزيز بن مسلم بن عاصم عن إبراهيم ابن عبيد بن رفاعة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) المنان كثير العطاء من المنة بمعنى النعمة (والبديع) أي المبدع من الإبداع أي أي مبدعهما على غير مثال سبق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الصغير ورجال أحمد ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وإن كان ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد وعفان قالا ثنا خلف بن خليفة ثنا حفص بن عمر عن أنس قال كنت جالسا الخ هو أبو عياش زيد بن صامت الزرقي المصرح به في الحديث السابق منادي منصوب حذف منه باء النداء: ومثله ذا الجلال والإكرام، وقد ثبتت الياء التحتية فيهما في الحديث السابق جاء عند الحاكم أسألك الجنة وأعوذ بك من النار (تخريجه) (د نس جه هب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن مالك بن مغول ثنا يحيى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو بريدة الأسلمي
@@@-280-
ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم(2/48)
إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا اله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولمخ يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال قد سأل باسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعى به أجاب (وفي لفظ) فقال النبي (ص) والذي نفسي بيده، أو الذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم (عن أسماء بنت يزيد) قالت سمعت رسول الله (ص) يقول في هاتين الآيتين الله لا اله إلا هو الحي القيوم، وألم الله لا اله إلا هو الحي القيوم إن فيهما اسم الله الأعظم
(باب ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يقول اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله إلا أنت )(عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يقول الهم إني أسألك الهدى والتقى والعفة والغنى(2/49)
الصحابي رضي الله عنه (وقوله رجلا ) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو موسى الأشعري لورود حديث بشير إلى هذا سيأتي في مناقب أبي موسى من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى والله أعلم (تخريجه) (د مذ جه حب ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي ، وقال الحافظ أبو الحسن المقدسي إسناده لا مطعن فيه ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا عبيد الله بن أبي زياد قال ثنا شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (تخريجه)( د مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي الربيع عن أبي هريرة الخ |(غريبة) أستغفر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك مع أنه الطاهر المعصوم لأنه (ص) كان دائما في الترقي فإذا ارتقى إلى درجة استغفر مما قبلها، أو امتثالا لأمر الله عز وجل (وأستغفره إنه كان توابا ) وإلا فالأنبياء صلوات الله عليهم أعرف بربهم وهم أشد خوفا لله تعالى ممن دونهم، وخوفهم خوف إكبار وإجلال، فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون (والإسراف) مجاوزة الحد في كل شيء، قال الكرماني يحتمل أن يتعلق بالإسراف فقط، ويحتمل أن يتعلق بجميع ما ذكر وقع في رواية لمسلم والإمام أحمد من حديث علي وتقدم في باب الأدعية الواردة عقب الصلاة صحيفة 56 رقم777 في الجزء الرابع أن النبي (ص)كان يقول هذا الدعاء عقب السلام من الصلاة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) أي الهداية إلى الصراط المستقيم (والتقى) الخوف من الله والحذر من مخالفته (والعفة) الصيانة والتنزه كما لا يباح والكف عنه (والغنى) أي غنى النفس والاستغناء عن الناس وعما في أيديهم (قال الطيبي) أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي
@@@-281-(2/50)
من أدعيته صلى الله عليه وسلم اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي
(وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المجلس يقول رب اغفر لي وتب على انك أنت التواب الغفور مائة مرة (عن أبي صرمة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أسألك غناي مولاي (عن زيد بن أبي القموص) عن وفد عبد القيس رضي الله عنهم سمعوا رسول الله (ص) يقول اللهم اجعلنا في عبادك المنتخبين الغر المحجلين(2/51)
أن يهدي إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق، وكلما يجب أن يتقي منه من شر ومعصية وخلق ديني (تخريجه) (م مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محاضر ابو المورع ثنا عاصم عن عوسجة بن الرماح عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن مسعود أن رسول الله (ص) الخ (غريبة) بفتح المعجمة وسكون اللام يعني صورتي وكان (ص من أحسن الناس صورة (فأحسن خلقي) بضم المعجمة واللام ، وفيه إشارة إلى قول عائشة رضي الله عنها (كان خلقه القرآن) وقد مدح الله عز وجل خلقه(ص)في كتابه العزيز أبلغ مدح وأكده بقوله عز وجل (وإنك لعلى خلق عظيم) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وقال (فحسن خلقي) ورجالها رجال الصحيح غير عوسجة بن الرماح وهو ثقة اهـ(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير عن مالك يعني ابن مغول عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه)(مذ نس جه حب) وقال الترمذي حسن صحيح غريب ولفظه (إنك أنت التواب الرحيم) وصححه أيضا حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا يحيى بن سعيد أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره أن عمه أبا صرمة كان يحدث أن رسول الله (ص) الخ (غريبة) قال الزمخشري هو كل ولي كالأب والأخ وابن الاخ والغم وابنه والعصبة كلهم، وعد في القاموس من معانيه التي يمكن أرادتها هنا الصاحب والقريب والجار والحليف والناصر والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر، والمراد بالغنى الذي سأله غنى النفس لا غنى المال (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد رجاله رجال الصحيح، وكذا إسناد الطبراني غير لؤلؤة مولاة الأنصار وهي ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا محمد بن عبد الله العمري ثنا أبو سهل عوف بن أبي جميلة عن زيد بن أبي القموص الخ (وقوله عن وفد عبد القيس) الوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقي العظماء: وتقدم الكلام على وفد عبد القيس مستوفي في باب من وفد(2/52)
على النبي (ص) من العرب للسؤال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صحيفة 70 رقم 14 فارجع إليه المنتخبون من الناس المختارون، والانتخاب الاختيار والانتقاء (والغر المحجلون) وهم بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من
(م 36- الفتح الرباني- ج14)
@@@-282-
ومنها اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي
المتقبلين ، قال فقالوا يا رسول الله ما عباد الله المنتخبون؟ قال عباد الله الصالحون، قالوا فما العز المحجلون؟ قال الذين يبيض منهم مواضع الطهور، قالوا فما الوفد المتقبلون؟ قال وفد يفدون من هذه الأمة مع بينهم إلى ربهم تبارك وتعالى (عن أبي يعلى) عن عثمان بن أبي العاص وامرأة من قيس رضي الله عنهما أنهما سمعا النبي (ص) قال احدهما سمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي وقال الآخر سمعته يقول اللهم أستهديتك لأرشد أمري وأعوذ بك من شر نفسي (عن أبي السليل) عن عجوز من بني نمير أنها رمقت رسول الله (ص) وهو يصلي بالأبطح تجاه البيت قبل الهجرة قالت فسمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي خطئي وجهلي (عن محمد بن كعب القرظي) قال قال معاوية على المنبر اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد من يرد الله به خيرا(2/53)
البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد من لم أعرفهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وعبد الصمد قالا ثنا حماد قال روح قال أنا الجريري عن أبي العلاء الخ عن علي رضي الله عنه أنه (ص) عد ترك الأولى ذنبا وإلا فالمعصوم لا يتعمد اقتراف ذنب وقد عصمه الله، وقيل كان قبل النبوة، وقيل هو تعليم لأمته أي أطلب منك الهداية (لأرشد أمري) أي أفضله وأحسنه، والمراد التوفيق لصالح الأعمال (تخريجه) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه (يعني الطبراني) قال وامرأة من قريش ورجالها رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال أنا شعبة عن سعد الجريري عن أبي السليل الخ (غريبة) يعني أبطح مكة وهو مسيل واديها ويجمع على البطاح والأباطح أي ما وقع سهوا وما لم أعلمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا السليل ضريب بن نفير (بالتصغير فيهما) لم يسمع من الصحابة فيما قيل اهـ (قلت) جاء هذا الحديث عند الشيخين والإمام أحمد من حديث طويل لأني موسى الأشعري سيأتي بعد حديثين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن كعب القرظي الخ (غريبة) يعني منبر مسجد النبي (ص) بالمدينة لقوله في آخر الحديث سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله (ص) على هذا المنبر اشتهر على الألسنة زيادة (ولا راد لما قضيت) قال الحافظ وهي في مسند عبد ين حميد من رواية معمر عن عبد الملك بن عمير لكن حذف قوله (ولا معطى لما منعت) الجد مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم (قال النووي) وهو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان، والمعنى لا ينجيه حظه منك وإنما ينجيه فضلك ورحمتك اهـ (قلت) جاء في حديث المغيرة بن شعبة عند(2/54)
الشيخين والإمام أحمد تقدم وتقدم في الجزء الرابع في باب جامع لأذكار
@@@ -283-
ومنها اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا على من خزي الدنيا وعذاب الآخرة
يفقهه في الدين سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر (عن بسر بن أرطاة القرشي) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال كان النبي (ص) يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم اغفر لي خطاياي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، كل ذلك عندي (عن عبد الله بن عمرو) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو يقول اللهم اغفر ثنا ذنوبنا وظلمنا وهزلنا وجدنا وعمدنا وكل ذلك عندنا (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفى غير مفتون، وأسألك حبك وحب(2/55)
وتعوذات عقب الصلاة صحيفة 65 رقم 789 أن النبي (ص) كان يقول هذا الذكر عقب السلام من الصلاة الفقه في الأصل الفهم فقوله يفقه أي يفهمه علوم الدين وأسرار الشريعة مع العمل بما يعمل، وفيه شرف العلم وفضل العلماء وأن التفقه في الدين مع العمل علامة على حسن الخاتمة (تخريجه) (لك) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة ثنا محمد بن أيوب ابن ميسرة بن حليس قال سمعت أبي يحدث عن بسر بن أرطاة الخ (بسر) بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة، وفي آخر الحديث قال عبد الله يعني بن الإمام أحمد وسمعته أنا من هيثم ومعناه أن عبد الله روى هذا الحديث مرتين مرة عن أبيه عن هيثم ومرة عن هيثم بغير واسطة أبيه (تخريجه)(طب) وزاد (من كان ذلك دعاؤه مات قبل أن يصيبه ابلاء) قال الهيثمي ورجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني ثقات(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن موسى الخ (غريبة) هما متضادان (وخطئ وعمدي) هما متقابلان (كل ذلك عندي) أيمكن أي أنا متصف بهذه الأمور فاغفرها لي، قاله تواضعا أو أراد ما وقع سهوا أو ما قبل النبوة أو محض تعليم لامته (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (طب) وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب الترغيب في خصال مجتمعة من كتاب الترغيب في صالح الأعمال إن شاء الله تعالى (غريبة) أي المأثورات من أفعال الخير والمعنى أطلب منك يا الله الأقدار على فعلها والتوفيق لذلك (وترك المنكرات) أي المنهيات (وحب المساكين) قال الباجي هو من فعل القلب ومع ذلك فيختص بالتواضع، وفيه إن فعل الثلاثة إنما هو بفضل الله وتوفيقه أي بلايا ومحن، والفتنة لغة: الاختبار والامتحان، وتستعمل عرفا لكشف(2/56)
ما يكره قاله القاضي عياض، وتطلق على القتل والإحراق والنميمة
@@@-284-
ومنها اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي
من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك،وقال رسول الله (ص) إنها الحق فادرسوها وتعلموها (عن ابن القعقاع) عن رجل جعل يرصد نبي الله (ص) فكان يقول في دعائه اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي فما رزقتني، ثم رصده الثانية فكان يقول مثل ذلك (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله (ص) يقول اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا (عن ابن بريدة) قال حدثت عن الأشعري أنه قال سمعت رسول الله (ص) يقول اللهم إني أستغفرك لما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت إنك أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير (عن أم سلمة) رضي الله عنها
أن رسول الله (ص) كان يقول رب اغفر لي وارحمني وأهدني للطريق الأقوم
وغير ذلك، وفيه إشارة إلى طلب العافية واستدامة السلامة إلى حسن الخاتمة يعني أن هذه الكلمات كلمات حق (فادرسوها) أي تعهدوها بالقراءة والحفظ وادعوا الله بها، وفيه الحث على حفظ هذه الدعوات والدعاء بها (تخريجه)(لك) في الموطأ بلاغا إلى قوله غير مفتون، قال ابن عبد البر رواه طائفة عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله(ص) قال اللهم إني أسألك الخ: منهم عبد الله ابن يوسف النيسي قال هو حديث صحيح عب(2/57)
الرحمن بن عائش وابن عباس وثوبان وأبي أمامه الباهلي اهـ(قلت) ورواه الحاكم من حديث معاذ أيضا ومن حديث عبد الرحمن بن عائش وصححهما وأقرهما الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعيبة عن أبي مسعود عن ابن القعقاع الخ(غريبة) أي يترقبه عند الدعاء أي محل سكني في الدنيا لأن ضيق مرافق الدار يضيق الصدر ويشتت الأمتعة ويجلب الهم ويشغل البال، أو المراد القبر إذ هو الدار الحقيقية، وعلى الأول فالمراد التوسعة بما يقتضيه الحال لا الترفه والتبسط في الدنيا والمراد قدر الكفاية لا أزيد ولا أنقص إذ الزيادة سرف والنقص تقتير البركة في الرزق كونه محفوفا بالنماء والزيادة في الخير والرضا بما قسم منه وعدم التلفت إلى غيره (تخريجه)(مذ طب) وزاد فسئل النبي(ص) عنهن فقال وهل تركن من شيء؟ قال النووي في الأذكار إسناده صحيح(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن أبي عثمان النهدي عن عائشة الخ (تخريجه)(جه هق) وفيه على بن يزيد بن جدعان مختلف فيه وبقية رجاله رجال الصحيح(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا حسين عن ابن بريدة الخ وتقدم شرحه في حديث أبي هريرة السابق أول الباب (تخريجه)(ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن أم سلمة الخ (غريبة) يعني الطريق المستقيم طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
@@@-285-
ومنها اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت الخ(2/58)
(وفي لفظ) رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله |(ص) كان يدعو رب أعني ولا تعن على وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدي إلي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى إلي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا لك أذكار، لك رهابا لك مطواعا إليك مختبا، لك أواها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وأهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي (وعنه أيضا) أن رسول الله (ص) كان يقول اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت، أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي(2/59)
والصالحين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه وأبو يعلى باسنا دين حسنين(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى قال أملاه على سفيان إلى شعبة قال سمعت عمرو بن مرة حدثني عبد الله ابن الحارث المعلم حدثني طليق ينم قيس الحنفي أخو أبي صالح عن ابن عباس الخ (غريبة) أي على طاعتك وعلى أعدائي (ولا تعن على) أحدا منهم بضم الكاف فيهما والمراد ألحق عذابك بأعدائي لا بي: والمكر في الأصل الخداع وإظهار خلاف ما في الباطن وهو محال على الله تعالى، والمراد لازمه من العذاب والانتقام، وقيل هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة بما وقع فيها من الرياء والسمعة جاء هو وما بعده على صيغة المبالغة، ومعناه الكثرة أي كثير الشكر وهو الاعتراف بالنعمة للمنعم، وقدم الجار والمجرور على عامله للاهتمام وقصد التخصيص أي كثير الخوف من عذابك أي كثير الطاعة (وقوله مخبتا لك) من الاختبارات وهو الخشوع والتواضع، وقيل من الخبث بفتح فسكون وهو الاطمئنان قال تعالى (وأخبتوا إلى ربهم) اطمأنوا إلى ذكر ه وسكنت نفوسهم لأمره يعنه كثير التأوه والبكاء ومنه قوله تعالى (لأواه حليم) (وقوله منيبا) من الإنابة وهو الرجوع إلى طاعة الله عز وجل أي أزل خطيئتي وإثمي فالحوبة الإثم أي قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين (وسدد لساني) أي أنطقه بصواب القول أي أخرج الحقد والحسد من قلبي فالسخيمة بفتح المهملة وكسر المعجمة الحقد والحسد، وسلها إخراجها وتنقية القلب منها من سل السيف إذا أخرجه من الغمد (تخريجه) (د نس جه مذ) وقال حسن صحيح وأخرجه أيضا (حب ك )وصححاه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا انقدت وبك صدقت قال النووي في إشارة إلى الفرق بين الإسلام والإيمان أي رجعت وأقبلت بهمتي (وبك خاصمت) أي بك احتج وأدفع وأخاصم (أعوذ بعزتك ) أي بقوة سلطانك كلمة تضلني متعلقة أعوذ أي أعوذ بعزتك من أن تضلني وكلمة (لا اله إلا أنت) لتأكيد(2/60)
العزة (تخريجه) (ق وغيرهما)
@@@-286-
ومنها اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع الخ
الذي لا تموت والجن والإنس يموتون (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال دعوات سمعتها من رسول الله (ص) لا أتركها ما عشت حيا، سمعته يقول اللهم اجعلني أظم شكرك وأكثر ذكرك وأتبع نصيحتك وأحفظ وصيتك (عن يحيى بن حسان) عن رجل من بني كنافة قال صليت خلف النبي(ص) عام الفتح فسمعته يقول اللهم لا تخزني يوم القيامة، قال ابن المبارك، يحيى بن حسان من أهل بيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسنت الفهم (عن عبد الله بن أبي أوفى) أن رسول الله (ص) كان يدعو فيقول اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهر قلبي من الخطايا كما طهرت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين ذنوبي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، نفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، وعلم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع، اللهم إني أسألك عيشة نقية وميتة سوية ومردا غير مخزي (باب ما جاء في أدعية كان النبي (ص) يكثر(2/61)
(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم أبو النضر قال ثنا الفرج يعني ابن فضالة ثنا أبو سعيد المدني عن أبي هريرة الخ (غريبة) المراد بالوصية المذكورة قوله تعالى (ولقد وصينا الذين أتو الكتاب من قبلكم وإياكم أن إتقو الله )فغنها للأولين والآخرين، وهي التقوى والتسليم لله العظيم في جميع الأمور، والرضا بالمقدور على ممر الدهور (تخريجه)(مذ) وقال هذا الحديث غريب (قلت) في سنده الفرج بن فضالة وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ثنا ابن مبارك عن يحيى بن حسان الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا ليث عن مدرك من حديث عبد الله بن أبي أوفى الخ (غريبة) معناه طهرني المن الذنوب والخطايا، ووقع في رواية البخاري من حديث عائشة بلفظ (اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد) (البرد) بفتحتين ماء متجمد ينزل من السماء يشبه الحصى ويسمى حب الغمام وحب المزن (وقوله والماء البارد) لعله يريد ماء الثلج بعد ذوبانه بدليل قوله في رواية البخاري (بماء الثلج) قال الحافظ وحكمة العدول عن الماء الحار إلى الثلج والبرد مع أن الحار في العادة أبلغ في إزالة الوسخ، الإشارة إلى أن الثلج والبرد ما آن طاهران لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، فكان ذكرهما آكد في هذا المقام الدنس بفتحتين الوسخ وهذه الجملة مؤكدة للجملة قبلها ومجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها، وخص الثوب الأبيض لأن ظهور الدنس فيه أظهر من ظهوره في غيره: وخص القلب بالذكر في هذه الجملة لأن محل الإيمان وملك الأعضاء واستقامتها باستقامته أي مشرق الشمس ومغربها: والغرض إبعاد الذنوب عنه والحيلولة بينه وبينها بالكلية ذكر الأربع إجمالا بعد ذكرها تفصيلا للتوكيد، ولا يقال إن هذا سجع في الدعاء وهو مكروه: لأنه صدر منه (ص) بغير قصد، ولذلك جاء في غاية الانسجام أي زكية
@@@-287-(2/62)
ومنها ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
الدعاء (منها) ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا ) (عن قتادة أنه سأل أنسا) أي دعوة كان أكثر ما يدعو بها النبي (ص) ؟ قال كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله (ص) اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ، فقال له رسول الله (ص) هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله (ص) سبحان الله لا تطيقه ولا تستطيعه فهلا قلت (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)؟ قال فدعا الله(2/63)
راضية مرضية (وميتة) بكسر الميم وسكون التحتية وهي حالة الموت(سوية) بفتح فكسر ثم تحتية مفتوحة مشددة أي معتدلة فلا أرذل العمر ولا أقاسي مشاق الهرم (ومراد غير مخزي) بإثبات الياء التحتية مشددة وضم الميم وبالزاي المكسورة أي مرتجعا إلى الآخرة غير مذل ولا يوقع في بلاء (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد: ورواه الترمذي مختصرا إلى قوله من الدنس وقال حديث حسن صحيح غريب: وروى الشيخان طرفه الأول إلى قوله بين المشرق والمغرب من حديث عائشة، وروى ما بعد هذه الجملة إلى قوله اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (مذ نس) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص(د نس جه ك) من حديث أبي هريرة، وروى الباقي منه (بز طب ك) وقال على شرط مسلم، قال الهيثمي إسناد الطبراني جيد اهـ، ورواه مسلم من حديث زيد بن أرقم بدون قوله اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع، وأبدلها بقوله (ومن دعوة لا يستجاب لها) والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز قال سأل قتادة أنسا (يعني ابن مالك) الخ (غريبة) الحسنة تشمل كل مطلوب دنيوي، وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن ومن الفزع الأكبر وتيسير الحساب وغير ذلك من الأمور الأخروي (وأما النجاة من النار) فهو يقتضي تيسير أسباب في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام يعني إذا أراد أن يختصر في الدعاء دعا بها، وإن أراد أن يدعو بدعوات طويلة دعا بها ضمن دعواته لحرصه عليها (تخريجه) (ق. وغيرهما) ابن أبي عدي عن حميد وعبد الله بن بكر السهمي ثنا حميد عن ثابت ابن أنس الخ (غريبة) أي مريضا أضعفه المرض حتى صار ضعيفا مثل الفرخ وهو ولد الطير عند خروجه من البيضة يعني فاستجاب الله دعاءه وابتلاه بالمرض (تخريجه) قال النووي في هذا الحديث النهي عن الدعاء بتعجيل العقوبة وفيه فضل الدعاء باللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة الخ، وفيه كراهة تمنى(2/64)
البلاء لئلا يتضجر منه فيحرم
@@@ -288-
ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
عز وجل فشفاه الله عز وجل (ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) (عن شهر بن حوشب) قال سمعت أم سلمة رضي الله عنها تحدث أن رسول الله (ص) كان يكثر في دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت قلت يا رسول الله أو إن القلوب لتتقلب؟ قال نعم، ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا وقلبه بين إصبعيه من أصابع الله فإن شاء الله عز وجل أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة أنه هو الوهاب ، قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي، قال بلى- قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن النواس بن سمعان الكلابي) رضي الله عنه قال سمعت رسول اله (ص) يقول ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه، وكان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، والميزان بين الرحمن عز وجل يخفضه ويرفعه (عن عائشة رضي الله عنها) قالت دعوات كان رسول الله (ص)(2/65)
من الثواب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا عبد الحميد قال حدثني شهر بن حوشب الخ (غريبة) قال الراغب تقلب الشيء تغييره من حال إلى حال، والتقليب التصرف: وتقليب الله القلوب والبصائر صرفها من رأى إلى رأى اهـ (وقال البيضاوي) في نسبه تقلب القلوب إلى الله عز وجل إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه، وفي دعائه (ص) (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم من يتوهم إنهم يستثنون من ذلك، وخص نفسه بالذكر إعلاما بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك هذا ونحوه من المتشابه الذي نؤمن به كما جاء من غير تشبيه ولا تمثيل ونكل علمه إلى الله عز وجل وقد تقدم نحوه في غير موضع أي إقامة على الهدى ودين الحق، وإن شاء أزاغه يعني أضله وصرفه عن الحق إلى الباطل قال تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله) فيه استحباب الدعاء بهذه الآية وهي قوله تعالى (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا- إلى قوله إنك أنت الوهاب) وقد ورد ما يؤيد ذلك (تخريجه) رواه ابن جرير وابن مردودية، وروى الترمذي الطرف الأول منه إلى قوله ثبت قلبي على دينك، وقال حديث حسن(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت يعني ابن جابر يقول حدثني بسر بن عبد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله (ص) الخ (غريبة) تقدم شرحه في الحديث السابق (وقوله والميزان بيد الرحمن الخ) تقدم الكلام عليه مطولا في كتاب التوحيد في الجزء الأول في باب عظمة الله تعالى صحيفة 40 فارجع إليه (تخريجه)(جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا حماد يعني ابن يزيد
@@@ -289-
ومنها يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك(2/66)
يكثر يدعو بها، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت فقلت يا رسول الله إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء؟ فقال إن قلب الآدمي بين إصبعين من أصابع الله عز وجل ، فإذا شاء أزاغه، وإذا شاء أقامه (عن أنس بن مال) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقال له أصحابه وأهله يا رسول الله أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما جئت به؟ قال إن القلوب بيد الله عز وجل يقلبها (عن عبد الله بن عمرو) أنه سمع رسول الله (ص) يقول إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه كيف يشاء، ثم قال رسول الله (ص) اللهم مصرف القلوب أصرف قلوبنا إلى طاعتك (عن عائشة رضي الله عنها) أنها قالت ما رفع رسول الله (ص) رأسه إلى السماء إلا قال يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك، (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن (ومنها اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت الخ)(2/67)
عن المعلى بن زياد وهشام ويونس عن الحسن أن عائشة قالت دعوات الخ (تخريجه) (نس) قال العراقي وسنده جيد (قلت) وأصله ثابت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان بن مهران عن أبي سفيان عن أنس ابن مالك الخ (تخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وروى نحوه (عل) من حديث جابر، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرنا أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى أنه سمع عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) أنه سمع رسول الله (الخ) (غريبة) معناه أنه يتصرف في جميع قلوبهم كتصرف في قلب رجل واحد لا يشغله قلب عن قلب، وفيه دلالة على كامل قدرته وأنه لا يقدر على ذلك غيره سبحانه ما أعظمه (تخريجه) (م) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن مسلم بن محمد بن زائدة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده مسلم بن محمد بن زائدة (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة شيخ الحاتم بن إسماعيل كذا وقع في رواية، وإنما هو صالح بن محمد بن زائدة الليثي وهو في تهذيب اهـ (قلت) صالح محمد الذي أشار إليه الحافظ تكلم فيه بعضهم، وقال الامام أحمد لا بأس به (خلاصة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة قال سمعنا أبا موسى يقول على المنبر قال رسول الله (ص) الخ (غريبة)أي لكثرة تقلبه وعدم ثبوته على حالة واحدة شبه القلب بالريشة لسرعة تقلبها بالقليل من الريح لا سيما إذا كانت معلقة ووصفها بالتعليق لأنه أبلغ في كثرة تقلب المعلق بالريح من الملقى على الأرض قال المظهر ظهرا
(م 37- الفتح الرباني- ج14)
@@@ -290-
أدعية جامعة كان يعلمها النبي (ص) بعض أصحابه (منها) دعاء سلمان الفارسي(2/68)
(عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كان عامة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت، وما أسررت وما أعلنت، وما جهلت وما تعمدت
(باب أدعية جامعة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه)
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) أوصى سلمان الخير قال إن نبي الله (ص) يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن ترغب إليه فيهن وتدعو بهن بالليل والنهار قال، اللهم إني أسألك صحة إيمان وإيمانا في خلق حسن ونجاحا يتبعه فلاح يعني ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا (عن عبد الله بن عباس) عن أبيه العباس رضي الله عنهما أنه أتى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله أنا عمك قد كبرت سني واقترب(2/69)
بدل بعض من الضمير في يقلبها، واللام في بطن بمعنى إلى، ويجوز أن يكون ظهرا لبطن مفعولا مطلقا أي يقلبها تقليبا مختصا، وأن يكون حال أي يقلبها مختلفة، ولهذا الاختلاف سمى القلب قلبا اهـ (تخريجه) (جه هق طب) قال الحافظ العراقي وسنده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ثنا معاذ حدثني أبي عن عون وهو العقيلي عن مطرف عن عمران ابن حصين الخ (غريبة) المراد بالتعميم هنا الكثرة أو باعتبار ما علم عمران وإلا فدعاؤه (ص) بغير هذا الدعاء لا يحصى كرر العمد مرتين لأن عقابه أشد، والمراد تعليم الأمة لأن الله عز وجل عصمه من ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني بنحوه ورجالهم رجال الصحيح غير عون العقيلي وهو ثقة (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ثنا عبد الله بن الوليد عن ابن حجيرة عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني سلمان الفارسي، ويقال له سلمان الخير أيضا رضي الله عنه يعني قوة اليقين في الإيمان أي وأسألك إيمانا يصحبه حسن خلق (بضم اللام) (وقوله ونجاحا) أي حصولا للمطلوب يتبعه فلاح أي فوز بغية الدنيا والآخرة بالنصب مفعول لفعل محذوف، أي وأسألك رحمة منك وعافية من البلايا والمصائب (ومغفرة منك) أي سترا للعيوب (ورضوانا) منك فإنه فوز بغية الدنيا والآخرة جاء في المسند بعد قوله ورضوانا قال (يعني عبد الرحمن بن الإمام أحمد) قال أبي وهن مرفوعة في الكتاب (يتبعه فلاح ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا) يريد والله أعلم أن هذه الجملة وهي قوله (يتبعه فلاح الخ) مرفوعة يعني من كلام النبي (ص) لا من كلام الراوي والله أعلم (تخريجه) (طس ك) وصححه الحاكم. وسكت عنه الذهبي. وقال الهيثمي رجاله رجال ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر ثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة حدثني بعض بني المطلب قال قدم علينا على بن عبد الله بن عباس في بعض تلك المواسم قال فسمعته(2/70)
يقول: حدثني أبي عبد الله بن عباس
@@@ -291-
ومنها دعاء العباس و أبي بكر رضي الله عنهما
أجلى فعلمني شيئا ينفعني الله به، قال يا عباس أنت عمي ولا أغنى عنك من الله شيئا، ولكن سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة قالها ثلاثا، ثم أتاه عند قرن الحول فقال له مثل ذلك (عن رفاعة بن رافع) قال سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول على منبر رسول الله (ص) سمعت رسول الله (ص) يقول فبكى أبو بكر حين ذكر رسول الله (ص) ثم سرى عنه ثم قال سمعت رسول الله (ص) يقول في هذا القيظ عام الأول سلوا الله العفو والعافية واليقين في الآخرة والأولى (عن الحسن) أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس فقال قال رسول الله (ص) يا أيها الناس إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرا من اليقين والمعافاة فسلوهما الله عز وجل(2/71)
عن أبيه العباس الخ (غريبة) أي تنجيك قرابتي من عذاب الله أن كنت مقصرا في حقوقه ولكن سل ربك العفو والعافية، ومعنى محو الذنب، ومعنى العافية السلامة من الأسقام والبلاء وضعف الإيمان وما يترتب عليه من ارتكاب الذنوب، قال بعض العارفين أكثروا من سؤال العافية فإن المبتلى وإن اشتد بلائه لا يأمن ما هو أشد منه (وقوله في الدنيا والآخرة) يتضمن إزالة الشرور الماضية والآتية، وهذا منه جوامع الكلم، إذ ليس شيء يعمل للآخرة يتقبل إلا اليقين، وليس شيء من أمر الدنيا يهنأ به صاحبه إلا مع الأمن والصحة وفراغ القلب فجمع أمر الآخرة كله في كلمة وأمر الدنيا كله في كلمة أي عند آخر الحول وأول الثاني، والمراد بحول السنة (تخريجه) (طب) بأطول من هذا واختلاف في بعض الألفاظ وبأسانيد متعددة، قال الهيثمي ورجال بعضها رجال الصحيح غير يزيد بن أبي زياد (يعني عند الطبراني) وهو حسن الحديث اهـ (قلت) ورواه (مذ ك) وصححاه لكن في إسناده عند الإمام أحمد من لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر قالا ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل عن معاذ بن رفاعة الأنصاري عن أبيه (يعني رفاعة بن رافع) الخ (غريبة) يعني غلبه البكاء عند قوله سمعت رسول الله (ص) لأنه كان في ذاك الوقت لم يمض على وفاة رسول الله (ص) إلا عام واحد بدليل قوله (في هذا القيظ عام الأول) يعني من العام الماضي، والقيظ زمن شدة الحر بضم المهملة وكسر الراء مشددة أي ذهب عنه ما يجد من البكاء تقدم تفسير العفو والعافية في شرح الحديث السابق، والمراد باليقين هنا الإيمان الكامل فإن ذلك أصل جميع النعم (وقوله في الآخرة والأولى) يعني الدنيا والآخرة (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حسن غريب، ورواه النسائي من طرق أحد أسانيدها صحيح قاله المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم عن يونس عن الحسن (يعني(2/72)
البصري) أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس الخ (غريبة) تقدم معنى اليقين وهو الإيمان الكامل (والمعافاة) مفاعلة من العافية ومعناه يعافيك الله عن الناس بصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم، وقيل مفاعله من العفو يعني عفوك عنهم وعقوهم عنك والمآل واحد (فسلوهما
@@@-292-
ومنها دعاء أنس وأبي وموسى زيد بن ثابت رضي الله عنهم
(عن أنس بن مالك ) رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله (ص) فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه من الغد فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة،ثم أتاه اليوم الثالث فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت (عن أي موسى) أن عليا رضي الله عنه قال قال النبي (ص) سل الله تعالى الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، واذكر بالسداد تسديدك السهم (عن زيد بن ثابت) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) علمه دعاء وأمره أن يتعاهد به أهله كل يوم قال، قل كل يوم حين تصبح لبيك اللهم لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك وبك واليك، اللهم ما قلت من قول أو نذرت(2/73)
الله عز وجل) أي لأنهما قد جمعا بين عافيتي الدنيا والآخرة والدين (تخريجه) (مذ جه) وحسنه الترمذي ولكن ليس من طريق الحسن فإن لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه فحديثه عند الإمام أحمد ضعيف لانقطاعه ولكن تعضده الأحاديث الأخرى والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا زياد بن عبد الله بن علاثة ثنا سلمة بن وردان المدني قال سمعت أنس بن مالك قال جاء رجل إلى رسول الله (ص) الخ (غريبة) أي فزت وظفرت وإنما لم يأمره (ص) بغير هذا الدعاء بعد إلحاح الرجل ثلاث مرات في ثلاث أيام لأنه متضمن للعفو عن الماضي والآتي فالعافية في الحال والعفو في الاستقبال، فهو طلب دوام العافية واستمرارها لهذا سمي أفضل الدعاء، وهو من جوامع الكلم كما تقدم (تخريجه)(جه مذ) وقال هذا حديث حسن غريب إسنادا اهـ (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف ثنا خالد عن عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أبي موسى (يعني الأشعري) أن عليا الخ (غريبة) الهدى بضم الهاء وفتح الدال المهملة معناه الرشاد إلى الطريق المستقيم ويذكر ويؤنث (والسداد) بفتح السين المهملة أصله الاستقامة والقصد في الأمور، ومعنى اذكر بالهدى هدايتك الطريق لا يضل عنه، ومسدد السهم يحرص على تقويمه ولا يستقيم رميه حتى يقومه، وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه وتقويمه ولزومه السنة والجماعة، ففي استحضاره هداية الطريق وتسديد السهم حال الدعاء تنبيه له (تخريجه) (م د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا ضمرة بن حبيب بن صهيب عن أبي الدرداء عن زيد بن ثابت الخ (غريبة) تقدم الكلام مبسوطا في معنى لبيك وسعديك في باب التلبية من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 174 والمراد بالتلبية هنا الإخبار بالملازمة على الطاعة والعبادة أي عبادة كانت، (ومعنى سعديك) أي مساعدة لطاعتك بعد مساعدة (والخير في يديك)
@@@-293-(2/74)
دعاء زيد بن ثابت رضي الله عنه
من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بك إنك على كل شيء قدير، اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت إنك أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين أسألك الله الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الممات ولذة نظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة أعوذ بك اللهم أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى علي أو أكتسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا يغفر، الله فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك وكفى بك أني أشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك والحمد، وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والجنة حق والساعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة(2/75)
رواية مسلم بيديك بالباء الموحدة بدل الفاء: والمعنى واحد وهو أن الخير كله بيد الله عز وجل، ومنه وبتوفيقه وإليه يرجع الفضل في ذلك كله، وهذا معنى قوله (ومنك وبك وإليك)(والتاء مضمومة ) في قوله ما قلت ونذرت وحلفت لأنها تاء المتكلم جاء في بعض الروايات (فمشيئتك بين ذلك كله) روى برفع مشيئتك على الابتداء، ومعناه الاعتذار بسابق الأقدار العائقة عن الوفاء بما ألزم به نفسه (وروى بنصب مشيئتك) على تقدير أقدم مشيئتك في ذلك وأنوى الاستثناء فيه طرحا للحنث متى عند وقوع الحلف، وقد جاءت الأحاديث بأن تقييد اليمين ونحوها بالمشيئة يقتضي عدم لزومها ، فهذا القول يقتضي أن جميع ما يقوله الذاكر بهذا الذكر من الأقوال في حلف ونذر وغيرهما مقيد بالمشيئة الربانية الواو المتكلم أيضا، ومعنى الصلاة هنا الدعاء (وقوله فعلى من صليت) بفتح التاء لأنها ضمير المخاطب وهو الله عز وجل، والصلاة من الله الرحمة وكذا قوله (وما لعنت) من لعن بضم التاء أيضا (فعلى من لعنت) بفتحها في بعض الروايات الرضا بعد القضاء، قيل وهي أبلغ من الرضا بالقضاء فإنه قد يكون عزما فإذا وقع القضاء تنحل العزيمة، وإذا حصل الرضا بالقضاء بعد القضاء كان حالا وليس المراد الرضا بالذنوب التي قضاها الله تعالى، بل الرضا بما قضى به من مصائب الدنيا أو ما يبتلي العبد به (وقوله وبرد العيش) أي الراحة الدائمة بعد الموت في البرزخ وفي القيامة ، وأصل البرد في الكلام السهولة ومنه قوله (ص) (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) رواه (عل طب هق) والإمام أحمد أيضا من حديث عامر بن مسعود هكذا بالأصل (ولذة النظر) وفي المستدرك (ولذة النظر) بالألف واللام أي إلى ضياع وتلف ، والضيعة في الأصل المرة من الضياع وهو المراد هنا: ولها معان غير هذا، والمراد بالعورة هنا العيب والخلل، وكل عيب وخلل في شيء يقال له عورة، والمعنى إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضياع وتلف وعيب وخلل (تخريجه)(طب. ك(2/76)
@@@-294-
ومنها دعاء حذيفة وشداد بن أوس رضي الله عنهما
وإني لا "أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب على إنك أنت التواب الرحيم (عن الحجاج بن فرافصة) حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه أتى النبي (ص)فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لك الحمد كله ، و لك الملك كله، بيدك الخير كله، إليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي جميع ما مضى منن ذنبي واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني قال سمعت رسول الله (ص يقول إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلبن سليما، وأسألك لسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأستغفرك لما(2/77)
وابن السني) وصححه الحاكم، وتعقيبه الذهبي فقال أبو بكر ضعيف فأين الصحة، وأبو بكر الذي أشار إليه الذهبي ابن أبي مريم المذكور في سند الحديث، وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وأحد أسانيدى الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج بن فرافضة الخ (غريبة) أي مباركا متقبلا يعني أن الثناء والدعاء الذي سمعته ليس من بشر، بل من ملك أرسله الله إليك ليعلمك تحميد ربك، وفي هذا منقبة جليلة لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا روح قال ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال كان شداد بن أوس رضي الله عنه في سفر فنزل منزلا فقال لغلامه ائتنا بالسفرة نعبث بها: فأنكرت عليه: فقال ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا كلمتي هذه فلا تحفظوها على واحفظوا متى ما أقول لكم، سمعت رسول الله (ص) الخ (غريبة)معناه إذا حرص الناس طلاب الدنيا على حفظ الذهب والفضة لرفع قيمتها ولكونهما من أعظم متع الدنياـ، فاحرصوا انتم على حفظ هذه الكلمات فإنها أرفع قيمة من الذهب والفضة ومن أعظم متاع الآخرة مع ملاحظة أن متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى الثبات في الأمر الدوام على الدين والاستقامة بدليل ما تقدم من قوله (ص) ثبت قلي على دينك أراد الثبات عند الاحتضار أو السؤال بدليل أنه (ص) كان دفن الميت قال (سلوا له التثبت فإنه الآن يسئل ) ولا مانع من إرادة الكل (والعزيمة) عقد القلب على إمضاء الأمر (والرشد) حسن التصرف في الأمر بما يرضي الله عز وجل أي مخلصا خاليا من العقائد الفاسدة والميل إلى الرياء واللذات والشهوات أي ما تعلمه أنت ولا أعلمه أنا، وهذا سؤال جامع للاستعاذة من كل شر وطلب كل خير: وختم هذا الدعاء الذي هو من جوامع(2/78)
الكلم بالاستغفار الذي عليه بقوله (وأستغفرك لما تعلم) أي أطلب منك أن
@@@ -295-
ومنها دعاء عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما
تعلم إنك علام الغيوب(عن أم كلثوم) بنت أبي بكر عن عائشة رضي الله عنهم أن أبا بكر دخل على رسول الله (ص) فأراد أن يكلمه وعائشة تصلي: فقال لها رسول الله (ص) عليك بالكوامل أو كلمة أخرى (وفي لفظ عليك بالجوامع الكوامل) فلما انصرفت عائشة سألته ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من الخير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأستعيذك مما إستعاذك منه عبدك ورسولك محمد (ص)، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا (وفي لفظ) وأسألك أن تجعل كل قضاء تقضيه لي خيرا (عن أم سلمة ) رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال بلى، قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن عمران بن حصين أو غيره) أن حصينا أتى رسول الله (ص)فقال يا محمد لعبد (بفتح أوله وثانيه) المطلب كان خيرا لقومه منك، كان(2/79)
تغفر لي ما عملته مني من تقصير وإن لم أحط به علما (تخريجه) (نس مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جبر بن حبيب عن أم كلثوم الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال عليك بالكوامل أو قال كلمة أخرى بمعناها، وقد جاء في اللفظ الآخر (عليك بالجوامع الكوامل) وهي التي جمعت معاني كثيرة في لفظ مختصر وجيز الآجل على وزن فاعل هو خير الآخرة، والعاجل هو خير الدنيا معناه ما قضيته لي في علمك سواء وقع منه شيء أو لم يقع: وسواء علمته بضم المثناة أو لم أعلم، وكذلك يقال في الاستعاذة من الشر قال الحليمى هذا من جوامع الكلم التي استحب الشارع الدعاء به، لأنه إذا دعا بهذا فقد سأل الله من كل خير وتعوذ به من كل شر، ولو اقتصر الداعي على طلب حسنة بعينها أو دفع سيئة بعينها كان قد قصر في النظر لنفسه أي خيرا كما في اللفظ الآخر هذا اللفظ رواه الإمام أحمد عن عفان قال ثنا حماد بسند حديث الباب (تخريجه) (جه ك) والبخاري في الأدب وصححه الحاكم وأقره الذهبي هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب الأدعية التي كان (ص) يكثر الدعاء بها رقم 225 وإنما ذكرنه هنا لمناسبة ترجمة الباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن ربعي بن حراش عن عمران بن حصين أو غيره الخ (وقد جاء هذا الحديث) عند الحاكم بلفظ (عن عمران بن حصين عن أبيه) أنه أتى النبي (ص) قبل أن يسلم الخ: وهو يفيد أن حصينا والد عمران كان إذ ذاك كافرا لم يسلم، وقد أرسله كفار قريش ليخاصم النبي
@@@ -296-
ومنها دعاء حصين والد عمران وقصة إسلامه(2/80)
يطعمهم الكبد والسنام وأنت تنحرهم، فقال له النبي (ص) ما شاء الله أن يقول له، فقال له تأمرني أن أقول؟ قال قل اللهم قني شر نفسي وأعزم لي أرشد أمري، قال فانطلق فأسلم الرجل ثم جاء فقال إني أتيتك فقلت لي قل اللهم قني شر نفسي وأعزم لي على أرشد أمري فما أقول الآن؟ قال قل اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت وما أطأت وما عمدت وما علمت وما جهلت (عن أبي مالك الأشجعي) قال حدثني أبي طارق بن أشيم قال سمعت رسول الله (ص) يعلم من أسلم يقول اللهم اغفر وارحمني وارزقني، وهو يقول هؤلاء يجمعن لك خير الدنيا والآخرة (وعنه أيضا) قال حدثني أبي أنه سمع رسول الله (ص) يقول إذا أتاه الإنسان يقول كيف يا رسول الله أقول حين أسأل ربي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وأهدني وارزقني وقبض أصابعه الأربع إلا الإبهام فإن هؤلاء يجمعن لك دنياك وآخرتك(2/81)
(ص)في أمرهم و كان عمران إذ ذاك مسلما (غريبة) معناه أن عبد المطلب كان يكرمهم وينحر لهم الإبل ويطعمهم أعظم شيء منها وأنت تنحرهم بدل أن تنحرهم بدل أن تنحر لهم، أي تكيدهم وتعظيهم، يريد حصين أن النبي (ص) كان يأخذهم بالشدة وعدم التلطف بهم، وهذا على زعم حصين، وما كانت الشدة من خلق النبي (ص) وما كان يعاملهم إلا بكل لطف ولين: يعلم ذلك من تتبع سيرته (ص) يعني من الترغيب في الإسلام وإظهار مزاياه، والظاهر أن حصينا ركن إلى الإسلام وطلب من النبي (ص) أن يعلمه دعاء يزداد به انشراحا للإسلام، فقال له قل اللهم قني شر نفسي الخ أي قو عزيمتي على ما فيه الخير لي (وقوله فانطلق) أي ذهب وحبب الله إليه الإسلام ببركة الدعاء فأسلم ورجع إلى النبي (ص) فقال إني أتيتك فقلت لي قل اللهم قني شر نفسي الخ (فما أقول الآن) يعني بعد إسلامي (تخريجه)(نس مذ خز ك) وصححه الحافظ في الإصابة، وصححه أيضا الحاكم وأقره الذهبي:وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ويستفاد منه أن الدعاء الأول كان قبل أن يسلم والدعاء الثاني كان بعد إسلامه وأن عمرا كان مسلما صحابيا قبل إسلام أبيه رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد يعني ابن زياد ثنا أبو مالك الأشجعي الخ (غريبة) لفظ مسلم كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة: ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني: ففي رواية مسلم زيادة (إهدني وعافني) فينبغي للداعي العمل بهذه الرواية لما فيها من زيادة: وجاء في الحديث التالي للإمام أحمد زيادة أهدني أما خير الآخرة ففي قوله اغفر لي وارحمني، أما خير الدنيا ففي كقوله ارزقني وأهدني كما في الحديث التالي وعافني كما في رواية مسلم (تخريجه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال حدثنا يزيد (يعني ابن هارون) قال أنا أبو مالك الأشجعي قال حدثني أبي أنه سمع رسول(2/82)
الله (ص) الخ (غريبة) يعني بعدها أربعا يقبض أصابعه الأربع إلا الإبهام
@@@-297-
الدعاء بياذا الجلال والإكرام والتعوذ من النار وسؤال الجنة
(عن معاذ بن جبل ) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) أتى رجل وهو يصلي وهو يقول اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال ابن آدم هل تدري ما تمام نعمتك؟ قال يا رسول الله دعوة دعوة بها أرجو بها الخير، قال فإن تمام النعمة فوز من النار ودخول الجنة، وأتى على رجل وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام، فقال قد استجيب لك فسل (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص ما استجار عبد من النار ثلاث مرارا إلا قالت النار اللهم أجره مني ولا يسأل الجنة ثلاث مرار إلا قالت الجنة الله أدخله إياي (عن عون بن عبد الله ) بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص قال من قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك فيس هذه الحياة الدنيا إني أشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا نوفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، إلا قال الله لملائكته يوم القيامة إن عبدي قد عهد إلي عهدا فأوفوه إياه فيدخله الله الجنة، قال سهيل فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عونا أخبر بكذا وكذا، قال ما في أهلنا جارية إلا وهي تقول هذا في خدرها(2/83)
فإنه لم يقبضها (تخريجه)(م جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا الجريري عن أبي الورد عن اللجلاج حدثني معاذ الخ (تخريجه)(مذ) وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قران ابن تمام عن يونس عن أبي إسحاق عن بريدة (بالتصغير) ابن أبي مريم عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (نس جه حب ك) ورجاله ثقات أثبات: ورواه البزار من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ (ما استعاذ عبد النار سبعا الخ وقد جاء في حديث الباب ثلاثا بدل سبعا فينبغي العمل بالأكثر عددا على سبيل الاحتياط في التعوذ والسؤال والله أعلم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا سهيل ابن أبي صالح وعبد الله بن عثمان بن خيثم عن عون بن عبد الله الخ (غريبة) أي خالقها على غير مثال سبق أي ما غاب وما شوهد أي إن تتركني إلى نفسي بدون عنايتك وتوفيقك لا يمكنني فعل الخير ولا دفع الشر عن نفسي هو ابن أبي صالح راوي الحديث عن عون بن عبد الله يعني ابن عبد الله ابن مسعود الخدر بكسر الخاء المعجمة الستر، ويطلق الخدر على البيت إذا كان فيه امرأة: ويستفاد منه أن هذا الدعاء كان مشهورا في بيت عبد الله بن مسعود حتى إن ربات الخدور يعرفنه ويقلنه: وما ذلك إلا لأن عبد الله بن مسعود سمعه من النبي (ص) وعلمهن إياه والله أعلم
(م 38- الفتح الرباني- ج 14)
@@@-298-
دعاء الأعمى الذي توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد بصره
(باب دعاء الأعمى الذي توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد بصره)(2/84)
(عن عثمان بن حنيف) رضي الله عنه أن رجلا ضريرا أتى النبي (ص) فقال يا نبي الله ادع الله أن يعافيني، فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك، قال لا بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد (ص) نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى وتشفعني فيه وتشفعه في (وعنه من طريق ثان) أن
(تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن مسعود بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه |أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود اهـ (قلت) جاء نحو هذا الحديث في دعاء زيد بن ثابت رقم 249 رواه الإمام أحمد و (طب ك) ورجاله عند الإمام أحمد وبعض طرق الطبراني ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف الخ (غريبة) لفظ الترمذي (إن شئت دعوت وإن شئت صبرت) ولفظ أخرت في حديث الباب يحتمل الخطاب والتكلم فيجوز فيه النصب والرفع، بخلاف لفظ دعوت فإنه للمتكلم بقرينة قوله بل ادع الله لي، ومعناه إن شئت أخرت جزاءه إلى الآخرة وهو أفضل: وإن شئت دعوت الله لك (قال الطيبي) أسند النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء إلى نفسه، وكذا طلب الرجل أن يدعو هو صلى الله عليه وسلم ثم أمره (ص) أن يدعو هو أي الرجل كأنه (ص) لم يرض منه اختياره الدعاء لما قال الصبر خير لك لكن في جعله شفيعا له ووسيلة في استجابة الدعاء ما يفهم أنه (ص) شريك فيه اهـ أي المبعوث رحمة العالمين أي استشفع بك إلى ربي قال الطيبي الباء في بك للاستعانة (وقوله إني أتوجه بك) بعد قوله (أتوجه إليك) فيه معنى قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) جاء في رواية ابن ماجة بلفظ (لتقضي لي) أي ليقضيها لي ربي بشفاعة، سأل الله أولا أن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل على النبي (ص)(2/85)
ملتمسا شفاعة له، ثم كر مقبلا على ربه أن يقبل شفاعته هكذا وقع لفظ (وتشفعني فيه) في هذا المكان من هذا الحديث عند الإمام أحمد، وهو من قول النبي (ص)، وجاء كذلك في المستدرك للحاكم، ولم يقع هذا اللفظ في رواية الترمذي وابن ماجة، وعندهما بعد قوله (لتقضي) اللهم فشفعه في، ووافقهما الإمام أحمد في رواية أخرى ستأتي (وقوله وتشفعه في) هو من كلام الرجل وهو آخر الحديث عند الجميع، لكن زاد الإمام أحمد في هذه الرواية بعد قوله (وتشفعه في) قال فكان يقول هذا مرارا:ثم قال بعد أحسب أن فيها أن تشفعني فيه: قال ففعل الرجل فبرأ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل قال ثنا حماد يعني ابن سلمة قال ثنا أبو جعفر الخطمي (كبكرى) عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف أن رجلا أتى النبي (ص) الخ
@@@-299-
كلام العلماء في تخريج حديث التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وتصحيحه
رجلا أتى النبي (ص) قد ذهب بصره فذكر الحديث (وعنه أيضا) أن رجلا ضرير البصر أتى النبي (ص) فقال ادع الله أن يعافيني: قال إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذلك فهو خير، فقال ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في(2/86)
جاء هذا الطريق في مسند عقب الحديث السابق مختصرا إلى قوله فذكر الحديث يعني الحديث السابق (وتخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأره الذهبي، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي اهـ (قلت) كلهم رووه من طريق أبي جعفر المديني إلا الإمام أحمد فقد رواه عن أبي جعفر الخطمي في هذه الطريق الثانية فقط: وفي سائر الروايات عن أبي جعفر المديني والله أعلم(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر أنا شعبة عن أبي جعفر قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر الخ (غريبة)لفظ الترمذي (وإن شئت صبرت فهو خير لك) يعني الصبر لأن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي (من أذهبت حبيبته يعني عينيه فصبر واحتسب لم أرض له بثواب دون الجنة) رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة بصيغة المجهول أي فتقضى لي حاجتي بشفاعتك (اللهم شفعه في) بتشديد الفاء والياء أي أقبل شفاعته في حاجتي (تخريجه)(مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي آخره عند ابن ماجة قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح: وتقدم قول الترمذي فيه في تخريج الحديث السابق (قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي) وأخرجه النسائي وزادي في آخره فرجع وقد كشف الله عن بصره، قال وأخرجه أيضا ابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وزاد فيه (فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر) وأخرجه الطبراني وذكر في أول قصته (وهي) أن رجلا كان يختلف إلى عثمان رصي الله عنه في حاجة له. وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان ابن حنيف فشكى ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين: ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه ورح إلى حتى أروح معك: فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة وقال ما(2/87)
حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها، ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليها حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله (ص) فأتاه رجل ضرير (فذكر حديث الباب) ثم قال الطبراني بعد ذكر طرقه
@@@ -300-
التعوذ من البخل والجبن ومن همز الشيطان ونفثه ونفخه
(باب ما جاء في التعوذ وصيغه وفضله)
(عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه أنه كان يأمر بهؤلاء الخمس ويخبر بهن عن رسول الله (ص)، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (عن عبد الله ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي (ص) أنه كان يتعوذ من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه قال وهمزة الموتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبرياء (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) كان يدعو بهؤلاء الكلمات، اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو وشماتة الأعداء (وعنه أيضا) أن النبي (ص)(2/88)
والحديث صحيح كذا في الترغيب اهـ (قلت) يستفاد منه أن التوسل بالنبي (ص) يجوز في حياته وبعد موته: وللعلماء خلاف طويل في ذلك جمعة العلامة الشوكاني في رسالة له أسماها (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) فارجع إليها والله الموفق (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر شعبى عن عبد الملك بن عمير عن سعد بن أبي وقاص الخ (غريبة) البخل ضد الكرم والجبن ضد الشجاعة، والشجاعة قوة القلب والإقدام على الأمور المهمة كالحرب ونحوها والجبن بعكسه بضم الهمزة وفتح الراء والدال المهملة المشددة وأرذل العمر أخسة يعني الهرم والخرف فسرها الراوي عند البخاري بفتنة الدجال، وهو لفظ عام يشمل كل فتنة في الدنيا: وعذاب القبر من فتنة الآخرة نسأل الله النجاة من ذلك كله (تخريجه)(ق نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) قال وهمزة الخ من كلام النبي (ص) بديل ما جاء في حديث جبير بن مطعم وتقدم في باب دعاء الافتتاح والتعوذ من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 178 رقم 507 قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أما همزة فالموتة الخ بضم الميم وسكون الواو وفتح المثناة من فوق الجنون: وفسرت في بعض روايات الحديث بالصرع: وهو نوع من الجنون يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله أصل النفث قذف النفس (بفتح الفاء) مه شيء من الريق وهو شبيه بالنفخ وأقل من التفل: وكأن الشعر من نفث الشيطان لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه، وذمه لأن الشيطان يحمل الشعراء على المدح والتعظيم والتحقير في غير موضعها فسر النفخ بالكبر لأن الشيطان ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره (تخريجه) (جه) وسنده جيد وله شاهد عند (د جه حب ك) من حديث جبير بن مطعم الذي أشرنا إليه وصححه الحاكم وابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا(2/89)
ابن لهيعة حدثني حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه)(نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده)
@@@ -301
التعوذ من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ونفس لا تشبع ومن العجز والكسل
قال اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع. وقلب لا يخشع. ومن علم لا ينفع. ومن دعاء لا يسمع اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي (ص) كان يقول اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع. وعمل لا يرفع. وقلب لا يخشع. وعلم لا ينفع (عن عبد الله بن الحارث) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله (ص) كان يقول اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والهرم والجبن والبخل وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ونفس لا تشبع وعلم لا ينفع دعوة لا يستجاب لها، قال فقال زيد بن أرقم كان رسول الله (ص) يعلمنا هن ونحن نعلمكموهن (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال سمعت النبي (ص) يقول اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والغرم والمأثم(2/90)
حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا يزيد بن عطاء عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل حدثني شيخ قال دخلت مسجدا بالشام فصليت ركعتين ثن جلست، فأتى شيخ يصلي إلى السارية فلما انصرف ثاب الناس إليه فسألت من هذا؟ يريد أن يمنعني أحدثكم وإن نبيكم (ص) قال اللهم إني أعوذ بك الخ (وله طريق أخرى عند الإمام أحمد) قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله ابن عمرو قال كان النبي (ص) يتعوذ من علم لا ينفع. ودعاء لا يسمع. وقلب لا يخشع. ونفس لا تشبع. (تخريجه)(نس مذ) وقال هذا حديث صحيح غريبة من هذا الوجه اهـ (قلت) وتقدم نحوه من حديث عبد الله بن أبي أوفى في باب ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي (ص) رقم 232 صحيفة 286 (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وثنا أبو كامل قال ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس الخ (تخريجه)(حب طب ك) وسنده جيد وله شواهد كثيرة: منها حديث زيد بن أرقم الآتي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبة) هو الفتور عن الشيء مع القدرة على عمله إيثارا لراحة البدن على التعب (والهرم) بفتح الهاء والراء من باب تعب هو الزيادة في كبر السن المؤدية إلى ضعف الأعضاء تقدم الكلام على عذاب القبر وأحواله في الجزء الثامن في أبواب عذاب القبر صحيفة 106 من كتاب الجنائز وأطلنا الكلام فيه بما لم تظفر بمثله في كتاب آخر فارجع إليه قال الطيبي ينبغي أن تفسر التقوى بما يقابل الفجور كما في آية (فألهمها فجورها وتقواها) هي الاحتراز عن متابعة الهوى والفواحش (وقوله وزكها) أي طهرها من كل خلق ذميم أي من قساوة القلب وتعلق النفس بالآمال البعيدة والحرص والطمع والشره (تخريجه) (م نس) وعبد بن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن الهاد عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) هو الدين
@@@ -302(2/91)
التعوذ من فتنة المحيا والممات وعذاب النار وعذاب القبر
وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي (ص) كان يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وعذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله كان يعلمهم الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول قولوا (وفي لفظ كان يعلمهم هذا الدعاء) اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم (وعنه أيضا) قال قال رسول الله (ص) اللهم إني أعوذ بك أن أموت غما أو هما أو أن أموت غرقا أو أن يتخبطني الشيطان(2/92)
فيما لا يحل أو فيما يحل لكن يعجز عن أدائه (والمأثم) أي ما يأثم به الإنسان أو ما فيه إثم أو ما يوجب الإثم أو الإثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم: والمغرم والمأثم كلاهما بفتح أوله وثالثه وسكون ثانية سيأتي الكلام على الدجال وأحواله وفتنته في باب أخبار النبي (ص) بخروج الدجال من كتاب الفتن إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نس) وسنده جيد وله شواهد صحيحة عن أنس وعائشة وأبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا سليمان التيمي ثنا أنس ابن مالك الخ (غريبة) أي مما يعرض للإنسان في مدة حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها وزخرفها ونحو ذلك (وفتنة الممات) قيل هي فتنة القبر كسؤال الملكين، والمراد من شر ذلك وإلا فأصل السؤال واقع لا محالة (تخريجه)(خ والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاوس اليماني عن عبد الله بن عباس الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد وله شواهد كثيرة تعضده(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) الفقر معلوم وهو الاحتياج إلى الغير (والقلة) بكسر القاف قلة المال التي يخاف منها قلة الصبر على الإقلال وتسلط الشيطان بذكر تنعم الأغنياء: أو المراد القلة في أبواب البر وخصال الخير، أو قلة العدد والمدد أو الكل (والذال) بكسر الذال المعجمة المشددة يقال ذليل والجمع أذلاء وأذلة ويتعدى بالهمز فيقال أذلة الله بالبناء للفاعل أي أجور أو اعتدى (أو ظلم) بالبناء للمفعول أي يجور على أحد أو يتعدى على، والظلم وضع الشيء في غير محله (تخريجه)(د نس جه ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ثنا إسرائيل عن إبراهيم بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) الغم هو(2/93)
الحزن محركا يقال
@@@-303
التعوذ من البرص والجنون والجذام ومن الشقاء وشماتة الأعداء
عند الموت أو أن أموت لديغا (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يقول اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله (ص) يستعيذ من هؤلاء الثلاثة درك الشقاء وشماتة الأعداء وسوء القضاء قال سفيان زدت أنا واحدة
غمه الشيء غما من باب قتل غطاء، ومنه قيل للحزن غم لأنه يغطى السرور والحلم وهو غمه أي حيرة ولبس (والهم) هو الحزن الذي يذيب الإنسان، يقال أهمني المرض بمعنى إذا بنى وهو أقصى درجات الغم والظاهر أنه (ص) استعاذ منهما خشية اشتغال صاحبها عن الاستعداد للموت للموت كالنطق بالشهادتين والوصية ونحو ذلك والله أعلم (والغرق) بفتحات مصدر غرق من باب تعب: وجاء غارق وغريق أي مات غريقا، استعاذ منه (ص)مع ما فيه من قبل الشهادة لأنه يعد فجأة: وقد استعاذ (ص) من موت الفجأة لأنه لا يمكنه توبة ولا وصية أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي عند الموت بنزغاته التي تزل بها الأقدام، وكل هذا تعليم للأمة فإنه (ص) معافى من هذه الأمور فعيل بمعنى مفعول: واللدغ بدال مهملة وغين معجمه يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب: وبذال معجمه وعين مهملة يستعمل في الإحراق بنار كالكي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه إبراهيم بن إسحاق ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب إبراهيم بن إسحاق صدوق يغرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وحسن بن موسى قالا ثنا حماد ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) البرص بفتحتين علة تحدث في الأعضاء بياضا رديئا (والجنون) زوال العقل (والجذام) علة تسقط الشعر وتفتت اللحم وتجري الصديد مننه يعني الأمراض الفاحشة الرديئة المؤدية إلى فرار الحبيب وقلة الأنيس لكونها معدية أو منفرة، ولم يستعذ(2/94)
(ص) من سائر الأسقام لأن منها ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته كحمى وصداع ورمد ونحو ذلك، واعلم أن الأمراض المنفرة لا تجوز على الأنبياء، بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها تعليما للأمة كيف تدعو (تخريجه)(د نس) وسنده صحيح(سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الراء وسكونها (والشقاء) بفتح المعجمة بمعنى الشقاوة نقيض السعادة: ودرك الشقاء اسم من الإدراك لما يلحق الإنسان من تبعه الشقاوة (قال الحافظ) هو الهلاك، وقيل هو واحد درجات جهنم، ومعناه من موضع أهل الشقاوة وهي جهنم أو من موضع يحصل لنا فيه شقاوة هي فرح العدو بلبية تنزل بمن بعاديه (وسوء القضاء) المراد به المقضى لأن قضاء الله كله حسن لا سوء فيه، وهذا عام في أمر الدارين أي ما ينشأ عنه سوء في الدين والدنيا والبدن والمال والخاتمة أو للشك من سفيان أحد رجال السند يشك هل قال سوء القضاء أو جهد القضاء: والظاهر أن سفيان كان يجمع بينهما في الذكر احتياطا
@@@ -304-
التعوذ من الغم والهدم والتردي والغرق والحريق
لا أدري أيتهن هي (عن أبيس اليسر السلمي) رصي الله عنه أن رسول الله (ص) كان يدعو فيقول، اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي والهرم (زاد في رواية وأعوذ بك من الغم) والغرق والحريق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأن أقتل في سبيلك مدبرا وأن أموت لديغا (عن شتير بن شكل) عن أبيه قال (وفي لفظ أتيت النبي (ص)) قلت يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي (عن أبي موسى الأشعري) قال خطبنا رسول الله (ص) ذات يوم فقال أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول(2/95)
ولذلك قال زدت أنا واحدة يعني خصلة لا يدري أيتهن هي، ولكن جاء هذا الحديث عند الشيخين أن الخصال أربعة ما ذكر هنا: والرابعة جهد البلاء فينبغي المصير إلى رواية الشيخين لأن فيها زيادة (وجهد البلاء) بفتح الجيم على الأفصح وتضم أي مشقته إلى الغاية وشدته إلى النهاية، وفسره ابن عمر بقلة المال وكثرة العيال (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن بحر قال ثنا أبو ضمرة قال حدثني عبد الله بن سعيد عن جده أبي هند عن صيفي عن أبي اليسر السلمي الخ (أبو اليسر) بقتحتين (والسلمي) بفتحتين أيضا اسمه كعب بن عمرو بن عباد السلمي الأنصاري صحابي بدري بسكون الدال المهملة أي سقوط البناء ووقوعه على الشيء (والتردي) أي السقوط من مكان عال كالجبل والسطح أو الوقوع في مكان سفلي كالبئر (والهرم) تقدم شرحه جاءت هذه الزيادة عند الحاكم أيضا، وهي كقوله في حديث أبي هريرة السابق (اللهم إني أعوذ بك أن أموت غما) وتقدم الكلام عليه وعلى الغرق في رواية والحرق بدل الحريق وهو الالتهاب بالنار، وتخبط الشيطان تقدم شرحه في شرح حديث أبي هريرة قبل حديثين وكذلك الموت لديغا استعاذ من أن يموت في سبيل الله مدبرا لأن ذلك من الفرار من الزحف وهو كبائر الذنوب (تخريجه)(د نس ك) ورجاله ثقات وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال حدثني سعد بن أوس عن بلال بن يحيى شيخ لهم عن شتير بن شكل عن أبيه الخ (غريبة) شتير أوله شين معجمه مضمومة ثم تاء مثناة مصغرا (ابن شكل) بفتح المعجمة والكاف عن أبيه شكل بمن حميد صحابي ليس له في السند سوى هذا الحديث هو أن يغلب عليه حتى يقع في الزنا أو مقدماته (تخريجه) (د مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير ثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان العزرمي عن أبي علي رجل من بني كاهل قال خطبنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال أيها(2/96)
الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقالا والله لتخرجن مما قلت أو لتأتين عمر، مأذون لنا أو غير مأذون: قال بل أخرج مما قلت، خطبنا رسول الله (ص) الخ (غريبة) الشرك نوعان أحدهما نوعان أحدهما أحبر وهو الكفر والعياذ بالله
@@@-305-
التعوذ من الشرك الأكبر والأصغر- ومن الطمع
وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال قولوا اللهم أنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله (ص) استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع ومن طمع حيث لا مطمع (عن فروة بن نوفل) قال سألت عائشة رضي الله عنها قلت أخبريني بشيء كان رسول الله (ص) يدعو به (وفي لفظ عن دعاء النبي (ص)) لعلي أدعو الله به فينفعني الله به: قالت كان رسول الله (ص) يكثر أن يقول، اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل (وفي لفظ قالت كان يقول اللهم إني أعوذ بك من شر(2/97)
تعالى، والثاني أصغر وهو الرياء، والظاهر أن المراد هنا الثاني لأنه (ص) يخاطب الصحابة وهم مؤمنون بالله عز وجل، ولكنه خشي عليهم الرياء فحذرهم منه لخفائه على كثير من الناس وأمرهم بالتعوذ منه، وقد يراد التعوذ من الشرك الأصغر والأكبر معا أي شركا أصغر أو أكبر وهما الكفر أو الرياء كما تقدم أي نطلب منك المغفرة لما لا نعلم من الذنوب التي صدرت منا جهلا (تخريجه)(طب عل) باسناد جيد إلا أن أبا يعلى قال فيه كل يوم ثلاث مرات فينبغي العمل بذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل الخ (غريبة) الطمع بالتحريك الحرص الشديد، وقوله يهدي بفتح أوله أي يدل ويقرب أو يجر إلى طبع بالتحريك أيضا، وهو بالباء الموحدة بدل الميم في سابقه: ومعناه العيب وأصله الدنس ولو معنويا كالعيب والعار، وأصله من صيغ العموم: والمعنى تعوذوا بالله من طمع يسوقكم إلى شين في الدين وإزدراء بالمروءة: واحذروا التهافت على جمع الحطام وتجنبوا الحرص والتكالب على الدنيا أي إلى تأميل ما يبعد حصوله والتعلق به أي ومن طمع في شيء حيث لا مطمع فيه بالكلية لتعذره حسا أو شرعا، وهذه الثالثة أحط مراتب الزيادة في مطمع وأقبحها، فإن حيث من صيغ العموم في الأحوال والأمكنة والأزمنة، وقال يحيى بن كثير لا يعجبك حلم امريء حتى يغضب ولا أمانته حتى يطمع (تخريجه)( طب ك) وقال الحاكم مستقيم الإسناد وأقره الذهبي ، وأورده الهيثمي وقال رواه (طب بز) وأحمد وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين قال ثنا شيبان عن منصور عن هلال بن يساف عن فروة بن نوفل الخ (غريبة) بتقديم الميم على اللام من العمل أي من شر يحتاج إلى العفو بتقديم الميم على اللام أيضا أي بأن ما ينسب إليه إفتراءا ولم يعلمه، وقد استعاذ (في بعض الروايات وتقدمت) من شر الأمور التي(2/98)
يعلمها ومن شر الأمور التي لا يعلمها: وهذا تعليم لأمته ليقتدوا به: وإلا فجميع ألعماله (ص) سابقها ولا حقها كلها خير لا شر فيها
(م 39- الفتح الرباني- ج14)
@@@ -306-
التعوذ من عذاب النار وفتنة الغنى والفقر
ما عملته نفسي) (عن عائشة رضي الله عنها) قالت فزعت ذات ليلة وفقدت رسول الله (ص) فمددت يدي فوقعت على قدمي رسول الله (ص) وهما منتصبان وهو ساجد وهو يقول أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا احصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (عن علي رضي الله عنه) أن رسول الله (ص) كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك (فذكر مثل حديث عائشة حرفا بحرف) (عن عائشة رضي الله عنها) أن رسول (ص) كان يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم فإني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني(2/99)
وجميع ما يعلمه سابقه ولا حقه هو ميسر لخيره ومعصوم من شره (تخريجه)(م د نس جه ش) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن محمد بن يحيى عن عبد الرحمن الأعرج عن عائشة الخ (غريبة) بكسر الزاي من باب تعب أي خافت ذات ليلة لكونها لم تجد رسول الله (ص) في الفراش بفتح الخاء المعجمة من باب تعب، والسخط بالضم اسم منه وهو الغضب، والمعنى أعوذ بما يرضيك عما يغضبك استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل أن يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حقوق غيره (وأعوذ بك منك) أي برحمتك من عقابك يعني قوله تعالى (فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض ورب العالمين) وهذا اعتراف بالعجز والتقصير عن أداء ما أوجب الله عليه تعالى وأن الله عز وجل هو المثنى والمثنى عليه وأن الكل منه وإليه (كل شيء هالك إلا وجهه) (تخريجه) (م والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وأبو كامل قالا ثنا حماد قال بهز قال أنبأنا هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام المخزومي عن علي الخ (غريبة) بينت هذه الرواية أنه (ص) كان يقول ذلك في آخر الوتر (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) قال الطيبي قوله فتنة النار أي فتنة تؤدي إلى عذاب النار وإلى عذاب القبر لئلا يتكرر إذا فسر بالعذاب أي البطر والطغيان والتفاخر وصرف المال في المعاصي أي كحسد الأغنياء والطمع في مالهم والتذلل لهم بما يدنس العرض ويثلم الدين ويوجب عدم الرضا بما قسم سمي مسيحا لكون إحدى عينية ممسوحة فعيل بمعنى مفعول أو لمسحة الأرض وقطعها في أمد قليل فهو معنى فاعل، ووصف بالدجال احترازا عن عيسى عليه السلام من الدجل وهو الخلط أو التغطية أو الكذب: وإنما استعاذ منه مع كونه لا يدرك نشرا لخبره بين أمته جيلا بعد جيل لئلا يلتبس كفره على مدركه، وبقية الحديث تقدم شرحه(2/100)
أحاديث تقدمت
@@@-307-
التعوذ من البخل والجبن وأرذل العمر
وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم فإني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم(عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أن النبي (ص) كان يتعوذ من البخل والجبن وعذاب القبر وأرذل العمر وفتنة الصدر، قال وكيع فتنة الصدر أن يموت الرجل وذكر وكيع الفتنة لم يتب منها (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من خمس من البخل والجبن وفتنة الصدر وعذاب القبر وسوء العمل
(باب وجوب الصلاة على النبي (ص)) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص) لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما فصلوا على فإن صلاتكم تبلغني (وعنه أيضا) عن النبي (ص) قال صلوا على فإنها زكاة لكم
في هذا الباب والله أعلم (تخريجه) (ق. ك والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) أي قساوة القلب وحب الدنيا وأمثال ذلك، وقيل ما ينطوي عليه من الحقد والعقائد الباطلة والأخلاق السيئة وغيرها معناه كأن يرتكب شيئا من الخصال المتقدمة ثم يموت قبل أن يتوب منها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي (ص) الخ هكذا في الأصل (وسوء العمل) والظاهر أنه خطأ من الناسخ لأنه جاء في هذا الحديث نفسه عند أبي داود بلفظ (وأرذل العمر) وكذلك عند ابن ماجة لأن أرذل العمر وسوء العمر معناهما واحد لا سيما والراوي واحد: ولم يذكر النسائي هذه الخصلة في حديث عمر، وذكرها في حديث ابن مسعود بلفظ (وسوء العمر أيضا وهي تؤيد رواية أبي داود والله أعلم ) (تخريجه)(د نس جه حب) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح(2/101)
(باب) أنظر باب ما جاء في الصلاة على النبي (ص) عقب التشهد الأخير صحيفة 19 في الجزء الرابع وأقرأ الأحكام في آخره: وسيأتي مزيد بحث في الصلاة على النبي (ص) ومعناها في تفسير قوله تعالى في سورة الأحزاب (إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية) من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ أنظر شرح هذا الحديث والكلام عليه بما يشفي الغليل في الجزء الثاني عشر في آخر باب استلام الركن ال|أسود من كتاب الحج صحيفة 39 (تخريجه)(د ص) والضياء المقدسي وسنده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين ابن محمد حدثنا شريك عن ليث عن كعب عن أبي هريرة عن النبي (ص) الخ (غريبة) أي طهارة لكم من الذنوب لأن الصلاة عليه (ص) مشتملة على ذكر الله عز وجل وتعظيم رسوله (ص) والتقرب
@@@-308-
ما جاء في حكم الصلاة على النبي (ص) عند ذكره وذم تاركها
واسألوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في أعلى الجنة لا ينالها إلا رجل وأرجو أن أكون أنا هو (باب ذم تارك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم)
(عن أبي هريرة) رض…ي الله عنه قال قال رسول الله (ص) لرغم أنف رجل ذكرت عنده(2/102)
إلى الله عز وجل بامتثال أمره لقوله (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه الآية) وقال ابن عبد السلام ليست صلاتنا عليه (ص) شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع له، لكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، وفائدة الصلاة ترجع إلى المصلى عليه (فائدة) قال البارزي في الخصائص من خواصه (ص) أنه ليس في القرآن ولا غيره صلاة من الله على غيره فهي خصيصة تختصه الله بها دون سائر الأنبياء أي المنزلة العلية كما فسرها بقوله فإنها درجة في أعلى الجنة (وفي لفظ أعلى درجة الجنة) قال القاضي عياض وأصل الوسيلة ما يتقرب به إلى غيره قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) أي بفعل الطاعات، ومن وسل إلى كذا تقرب إليه قال لبيد: أرى الناس لا يدرون قد أمرهم ألا كل ذي لب إلى الله واسل: وإنما سميت وسيلة لأنها منزلة يكون الواصل إليها قريبا من الله، فتكون كالوصلة التي يتوسل بالوصول إليها والحصول فيها إلى الزلفى منه تعالى والانخراط في الملأ الأعلى، ولأنها منزلة سنية ومرتبة علية يتوسل الناس بمن اختص بها ونزل فيها إلى الله تعالى شفيعا مشفعا يخلصهم من أليم عذابه عبر (ص) بالرجاء مع أنه صاحبها وأهلها ولا تكون لأحد غيره تأدبا مع الله عز وجل وتواضعا منه قال ابن القيم هكذا الرواية (أن أكون أنا هو) ووجهه أن الجملة خبر عن اسم كان المستتر فيها، ولا يكون فصلا ولا توكيدا بل مبتدءا (تخريجه) (مذ) في المناقب من حديث كعب عن أبي هريرة وقال غريب، إسناده ليس بالقوي وكعب غير معروف اهـ ورواه أيضا البزار بنحوه (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم قال أبي وهو أخو إسماعيل بن إبراهيم يعني ابن علية قال أب وكان يفضل على أخيه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد عن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر الغين المعجمة أي لصق أنفه بالرغام أي التراب، هذا أصله ثم استعمل في الذل والهوان له (وقوله أنف رجل) إنسان سواء كان ذكرا أو(2/103)
أنثى، وذكر الرجل وصف طردي بالبناء المفعول ذكر إسمي عنده والمعنى خاب وخسر من قدر أن ينطق بأرع كلمات توجب لنفسه عشر صلوات من الله ورفع عشر درجات وحط عشر خطيئات فلم يفعل، لأن الصلاة عليه (ص) عبارة عن تعظيمه، فمن عظمه عظمة الله، ومن لم يعظمه أهانه الله وحقر شأنه (والفاء) في قوله (فلم يصل على) للتعقيب فهي تفيد ذم التراخي عن تعقيب الصلاة عليه بذكره(ص). وليس هذا آخر الحديث، وبقيته، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له: ورغم أنف رجل أدرك أبواه عند الكبر فلم يدخلاه الجنة، قال ربعي لا أعلمه إلا قد قال أو أحدهما (يعني أحد أبويه) (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه (قلت) وسكت عنه الحاكم
@@@-309-
ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
فلم يصل على (عن عبد الله بن علي بن حسين) عن أبيه أن النبي (ص) قال البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل على (باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي (ص) ومضاعفة أجر فاعلها (عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله (ص) جاء ذات يوم والسرور يرى في وجهه، فقالوا يا رسول الله إنا لنرى السرور في وجهك، فقال إنه أتاني ملك فقال يا محمد أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا قال بلى (ومن طريق طلحة أيضا) (نحوه وفيه) من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله عز وجل له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها(2/104)
والذهبي وقال الحافظ له شواهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو وأبو سعيد قالا ثنا سليمان بن بلال عن عمارة بن غزية عن عبد الله بن علي بن الحسين الخ (غريبة) هكذا في الأصل (عن أبيه أن النبي (ص)) والظاهر أنه خطأ والصواب عن أبيه عن جده ويؤيد ذلك أن هذا الحديث نفسه جاء عند الترمذي والحاكم من طريق سليمان بن بلال بهذا السند عن أبيه عن جده، وأبوه هو علي زين العابدين: وجده هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والظاهر أن لفظ جده سقط من الناسخ والله أعلم معناه البخيل الكامل في البخل من ذكر إسمي بمسمع منه (ثم لم يصل على) يعني أنه بخل على نفسه حين حرمها صلاة الله عليه عشرا إذا هو صلى واحدة، ومنع أن يكتال له الثواب بالمكيال الأوفى، وفهو كمن أبغض الجود حتى لا يحب أن يجاد عليه، وهو يؤذن ب؟أن من تكاسل عن الطاعة يسمى بخيلا، قال الفاكهي وهذا أقبح بخل وأشنع شح لم يبق بعده إلا الشح بكلمة الشهادة، وهو يقوى القول بوجوب الصلاة عليه (ص) كلما ذكر (تخريجه)(مذ نس حب ك) وهو حديث صحيح صححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن سليمان مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه الخ (وله طريق ثان) عند الإمام أحمد قال حدثنا عفان قال ثنا حماد ثنا ثابت قال قدم علينا سليمان مولى الحسن ابن علي زمن الحجاج فحدثنا عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن النبي (ص) جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه فذكره (غريبة) مصداق ذلك قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (وقوله قال بلى) أي نعم يرضى ذلك واغتبط به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا أبو معشر عن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال أصبح رسول الله (ص) يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر فذكر نحو الحديث المتقدم وفيه الخ أي أزال يقال محوته(2/105)
محوا ومحيته محيا أزلته، وذلك بأن يمحوها من صحف الحفظة وأفكارهم أي رتبا عاليا في الجنة والدرجات الطبقات من المراتب (وقوله ورد عليه مثلها) أي رحمه وضاعف أجره (تخريجه)
@@@ -310-
مضاعفة أجر من صلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم
(عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله (ص) من صلى على صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال من صلى على واحدة صلى الله عليه عشرا (وعنه أيضا) قال قال رسول الله (ص) من صلى على رسول الله (ص) صلاة صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر (وفي حديث عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه أن النبي (ص) قال له إن جبريل عليه السلام قال لي ألا أبشرك أن الله عز وجل يقول لك من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه (زاد في رواية) فسجدت لله عز وجل شكرا (عن عامر بن ربيعة)(2/106)
(نس حب ك مي) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن فضيل ثنا يونس بن عمرو يعني ابن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس بن مالك الخ (غريبة) زاد في رواية ورفع له عشر درجات (تخريجه)(نس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن زهير، وأبو عامر ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه)(م.والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذه الجملة مفسرة لقوله في الحديث السابق صلى الله عليه عشرا أي كتب الله عز وجل لع عشر حسنات (زاد النسائي) من حديث أنس وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات (تخريجه) (مذ) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن مريح (بالمهملة والتصغير) الخولاني سمعت أبا القيس مولى عمرو بن العاص سمعت عبد الله بن عمرو يقول من صلى على رسول الله (ص) الخ (غريبة) في الأحاديث المتقدمة إن من صلى مرة صلى الله عليه بها عشرا: وفي هذا سبعين صلاة، ولا منافاة لأنه يمكن الجمع بينه وبين ما تقدم بأنه (ص) كان يعلم بهذا الثواب شيئا فكلما علم بشيء قاله والله أعلم بكسر اللام والثاء المعجمة وضم الياء التحتية وسكون الكاف، وليس هذا آخر الحديث وسيأتي بطوله في الباب الأول من كتاب فضائل القرآن وتفسيره إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا اللفظ، وأورده الهيثمي والمنذري وقالا رواه أحمد باسناد حسن (قلت) هو موقوف على عبد الله بن عمرو، ولكن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي لا سيما وقد رواه (م د مذ) مرفوعا عن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله (ص) يقول (من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا) فففيه تأييد لرقفعه حديث الباب والله أعلم هذا طرف(2/107)
من حديث طويل تقدكم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في سجدة الشكر في الجزء الرابع صحيفة 144 رقم 921 فارجع إليه والله الموفق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال أنا شعبة وحجاج قال حثني شعبة
@@@ -311-
من صلى على النبي (ص) وجبت له الشفاعة- ومن سلم عليه في الحجرة رد عليه
رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (ص) يخطب يقول من صلى على صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى على فليقل عبد من ذلك أو ليكثر (عن رويفع بن ثابت الأنصاري) رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال من صلى على محمد وقال اللهم أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله (ص) إن الله ملائكة في الأرض سياحين يبلغوني من أمتي السلام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي (ص) قال ما من أحد يسلم على إلا رد الله عز وجل(2/108)
عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن أبيه قال سمعت رسول الله (ص) يخطب الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة وابن ماجة كلهم عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن أبيه، وعاصم وإن كان واهي الحديث فقد مشله بعضهم صحح له الترمذي ، وهذا الحديث حسن في المتابعات والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال ثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء الحضرمي عن رويفع بن ثابت الخ (غريبة) معناه أرفع درجة في الجنة ، وفي الحديث الجمع بين الصلاة عليه (ص) وسؤال الله عز وجل أن ينزله المقعد المقرب عنده يوم القيامة، فمن وقع منه ذلك استحق الشفاعة المحمدية وكانت واجبة له (تخريجه) (بز طب طس) قال المنذري وبعض أسانيدهم حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير أنبأنا سفيان عن عبد الله بن السائب عن زاذان قال قال عبد الله قال رسول الله (ص) الخ (غريبة) بفتح السين المهملة وتشديد التحتية من السياحة وهو السير: يقال ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها، وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط قال العلماء الاقتصار في هذا الحديث على السلام لا ينافي إبلاغ الصلاة إليه فحكمهما و واحد، وفي هذا غاية التعظيم للمصطفى (ص) وإجلال منزلته حيث سخر الله عز وجل الملائكة الكرام لتبليغ السلام إليه (ص) ممن بعد قطره وتناءت داره، وقد ثبت في بعض الروايات أن رسول الله (ص) يرد عليهم السلام حين يبلغه، أما من كان حاضرا بالحجرة الشريفة فإنه (ص) يسمعه بدون واسطة ويرد عليه كما يستفاد من حديث أبي هريرة الآتي (تخريجه)(نس حب ك) وصححه الحاكم وابن حبان وأرقه الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ العراقي الحديث متفق عليه دون قوله سياحين والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا حيوة ثنا أبو صخر أن(2/109)
يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره عن أبي هريرة عن رسول الله (ص) الخ (غريبة) ذكر الشيخ الموفق ابن قدامة في هذا الحديث زيادة (عند قبري) بعد قوله على ، وفيه تأييد لما تقدم من أن من سلم حاضرا بالحجرة سمعه (ص) ورد عليه: ويزيده تأييدا حديث أبي هريرة مرفوعا (من صلى على
@@@ -312-
من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من دنياه وآخرته
إلى روحي حتى أرد عليه السلام (عن أبي بن كعب) رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك(2/110)
عند قبري سمعته: ومن صلى على نائيا أبلغته، رواه والبيهقي في شعب الإيمان وله شواهد تعضده وهو يؤيد ما تقدم من أن الصلاة في السماع والتبليغ حكمها حكم السلام امراد برد الروح النطق لأنه (ص) حي في قبره وروحه لا تفارقه، لما صح أن الأنبياء أحياء قبورهم كذا قال ابن الملقن وغيره (وقال الحافظ) الأحسن أن يؤول الفكر كما قالوه في خبر (يغان على فلبي) وقال الطيبي معناه أنها تكون روحه القدسية في الحضرة الإلهية، فإن بلغه السلام من أحد من الأمة رد إليه روحه في تلك الحالة إلى رد سلام من يسلم عليه، وفي المقام أجوبة كثيرة اقتصرنا على أحسنها، وقد أودع الحافظ السيوطي ما قيل في ذلك في جزء والله أعلم (تخريجه)(د) وقال النووي في الأذكار إسناده صحيح وكذا قال في الرياض، وقال الحافظ رواته ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بنم عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال قال رجل يا رسول الله الخ (غريبة) المراد بالصلاة هنا الدعاء ومن جملته الصلاة على رسول الله (ص) وليس المراد الصلاة ذات الركوع والسجود في هاتين الخصلتين جماع خيري الدنيا والآخرة فإن من كفاه الله همه سلم من محن الدنيا وفتنها، لأن كل محنة لا بد لها نمن تأثير الهم وإن كانت يسيرة، ومن غفر الله ذنبه سلم من محن الآخرة لأنه لا يوبق العبد فيها أي يهلكه إلا ذنوبه نسأل الله التوفيق والهداية إلى أقوم طريق (تخريجه) (نس مذ حب طب ك) وقال الترمذي حسن صحيح وصححه الحاكم أيضا وأقره الذهبي
وإلى هنا قد انتهى الجزء الرابع عشر من كتاب الفتح الرباني، مع شرحه مختصر بلوغ الأماني
من أسرار الفتح الرباني، وبانتهائه ينتهي النوع الأول (وهو العبادات) من القسم الثاني
من الكتاب (أعني قسم الفقه) وقد وافق الفراغ من طبعه في اليوم الثامن عشر
من شهر ذي الحجة سنة 1370 هجرية (ويليه الجزء الخامس عشر)(2/111)
وأوله كتاب البيوع والكسب، نسأل الله تعالى الإعانة على طبع
ما بقي من الكتاب وأن ينفع به المسلمين إنه على ما يشاء
قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله على سيدنا محمد
خاتم النبيين، وإما المرسلين وأله وصحبه،
ومن تبع هداهم إلى يوم الدين،
وسلم تسليما كثيرا.(2/112)