. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وروح بن عبادة، عن سفيان ... )) ، ثم ذكر الحديث، ثم قال: ((فقالا [يعني أباه وأبا زرعة] : هذا خطأ، رواه المتقنون من أصحاب الثوري عن الثوري، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، بلا مسروق)) . اهـ.
وثَمَّة اختلاف آخر، لكن على وكيع، فإن ابن كثير في "تفسيره" (1 / 372) ذكر الاختلاف على سفيان في هذا الحديث، ثم ذكر كلام الترمذي وإخراجه الحديث من طريق وكيع، ثم قال: ((لكن رواه وكيع في "تفسيره"، فقال: حدثنا سفيان، عن أبيه، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن مسعود ... )) الحديث.
وذكر هذا الاختلاف مع وكيع الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على الموضع السابق من "تفسير ابن جرير"، ثم قال: ((وأنا أرجح أن هذا خطأ من بعض ناسخي تفسير وكيع؛ ترجيحًا لرواية أحمد عن وكيع، والترمذي من طريق وكيع، وفيهما: عن أبي الضحى)) . اهـ.
ثم مال الشيخ أحمد شاكر إلى تجريح الرواية الموصولة، فقال بعد أن صحح سندها: ((هكذا رُوي هذا الحديث في الدواوين بالوجهين: متصلاً ومنقطعًا، والوصل زيادة ثقة، فهي مقبولة ... )) ، ثم ذكر رواية أبي أحمد، ثم قال: ((ولم ينفرد أبو أحمد الزبيري بوصلة بذكر مسروق في إسناده، تابعه على ذلك راويان ثقتان ... )) ، ثم ذكر الحديث من طريق محمد بن عبيد الطنافسي، ومن طريق المصنف نقلاً عن ابن كثير، ثم قال: ((فهذا يرجح رواية من رواه عن سفيان موصولاً على رواية من رواه عنه منقطعًا، فإذا اختلفت الرواية على سفيان بين الوصل والانقطاع، فلم تختلف على أبي الأحوص، بل الظاهر عندي أن هذا ليس اختلافًا على سفيان، وأن سفيان هو الذي كان يصله مرة ويقطعه مرة، ومثل هذا في الأسانيد كثير)) . اهـ. وهو كلام متين يوضح وجه الحق في هذا الاختلاف، والله أعلم.(3/1051)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} ]
502 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (خَالِدُ) (1) بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين (2) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} -، قَالَ: قَالَتِ الْيَهُودُ: آمِنُوا مَعَهُمْ بِمَا يَقُولُونَ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَارْتَدُّوا آخره لعلهم يرجعون معكم.
__________
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من الموضع الآتي من "تفسير الطبري"، فخالد بن عبد الله يروي المصنف بواسطته عن حصين، انظر مثلاً الحديث رقم [56] .
(2) هو ابن عبد الرحمن السلمي، ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن رواية خالد بن عبد الله الطحان عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [56] .
(3) هو غَزْوان الغِفَاري.
[502] سنده ضعيف لإرساله، فأبو مالك تابعي كما في "التهذيب" (8 / 245) ، وهو صحيح إلى مُرْسِله أبي مالك.
وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 240) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 507 رقم 7232) من طريق معلى بن أسد، عن خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حصين، به نحوه.
وأخرجه الطبري أيضًا برقم (7243) من طريق عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن حصين، به نحوه، وزاد: فاطلع الله على سِرِّهم، فأنزل الله عز وجل: {وقالت طائفة ... } الآية.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص337 و 341 رقم 765 و 766 و 782) ، من طريق السدي، عن أبي مالك، به نحوه بلفظ أتمّ منه.(3/1052)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ]
503 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبان)) . فَقَالَ الْأَشَعْثُ (2) : فيَّ وَاللَّهِ كَانَ ذَلِكَ، بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ أَرْضٌ، فَجَحَدَني، فَقَدَّمْتُه إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((ألَك بيّنة؟)) قلت: لا،
__________
(1) أي ابن مسعود.
(2) هو الأشعث بن قيس بن معدي كَرب الكندي، أبو محمد، صحابي نزل الكوفة، وكان وفد عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بسبعين رجلاً من كندة، ومات في آخر سنة أربعين للهجرة. "الجرح والتعديل" (2 / 376 - 377 رقم 994) ، و"التهذيب" (1 / 359 رقم 653) ، و"التقريب" (ص113 رقم 532) .
[503] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 244 - 245) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الشعب".
وللحديث عن ابن مسعود ثلاث طرق:
(1) طريق شقيق، وله عنه ست طرق:
أ- طريق الأعمش.(3/1053)
فَقَالَ لِلْيَهُودِيِّ: ((احْلِفْ)) ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذًا يَحْلِفَ فَيَذْهَبَ بِمَالِي، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ... } إلى آخر الآية.
__________
= أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية محمد بن خازم عنه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 219 - 220 رقم 871) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 379 و 426) و (5 / 211) .
والبخاري في "صحيحه" (5 / 73 رقم 2416 و 2417) في الخصومات، باب كلام الخصوم بعضهم في بعض (5 / 279 رقم 2666 و 2667) في الشهادات، باب سؤال الحاكم المدّعي: هل لك بينة؟ قبل اليمين.
ومسلم في "صحيحه" (1 / 122 - 123 رقم 220) في الإيمان، باب وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار.
وأبو داود في "سننه" (3 / 565 رقم 3243) في الأيمان والنذور، باب التغليظ في الأيمان الفاجرة.
والترمذي في "سننه" (4 / 487 - 488 رقم 1287) في البيوع، باب ما جاء في اليمين الفاجرة يقتطع بها مال المسلم، و (8 / 345 - 346 رقم 4082) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير.
وابن ماجه في "سننه" (2 / 778 رقم 2322 و 2323) في الأحكام، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه، وباب مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ ليقتطع بها مالاً.
وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 125 رقم 5197) .
ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 271 - 272 رقم 5063 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 529 رقم 7279) .
وابن منده في "كتاب الإيمان" (2 / 603 - 604 رقم 566) .(3/1054)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والواحدي في "أسباب النزول" (ص105) .
جميعهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص141 رقم 1050) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 602 رقم 564) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 212) .
والبخاري في "صحيحه" (5 / 286 - 287 رقم 2766 و 2677) في الشهادات، باب قول الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيمانهم ثمنًا قليلا ... } ، و (11 / 544 رقم 6659 و 6660) في الأيمان والنذور، باب عهد الله عز وجل.
وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 39) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 205 رقم 641) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 44 - 45) في الأيمان، باب من قال: عليّ عهد الله، يريد به يمينًا، وفي "شعب الإيمان" (9 / 134 رقم 4497) .
جميعهم من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن قصة الأشعث فيه مختصرة، ولم يذكرها أبو عوانة، وأما الطبراني فلم يذكر حديث ابن مسعود.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 1 - 2 رقم 2183) .
ومن طريقه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (4 / 383 رقم 2426) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (642) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 442) و (5 / 211 - 212) .
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
وابن ماجه في الموضع السابق من "سننه".
وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 38 - 39) .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 603 رقم 566) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 178) في الشهادات، باب التشديد في اليمين الفاجرة، وفي "شعب الإيمان" (9 / 131 - 132 رقم 4496) . =(3/1055)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 212 - 213 رقم 4549 و 4550) في التفسير، باب: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وإيمانهم ثمنًا قليلا ... } ، و (11 / 558 رقم 6676 و 6677) في الأيمان والنذور، باب قول الله تعالى: {إن الذين يشترون ... } .
والطبراني برقم (640) .
وابن منده برقم (563) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 253) في الدعوى والبينات، باب البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه.
جميعهم من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن الطبراني لم يذكر حديث ابن مسعود.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 177 - 178 رقم 7183 و 7184) في الأحكام، باب الحكم في البئر وغيرها.
وابن منده في الموضع السابق برقم (565) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص106) .
ثلاثتهم من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن ابن منده لم يذكر حديث ابن مسعود.
وأخرجه البخاري أيضًا (5 / 33 رقم 2356 و 2357) في المساقاة، باب الخصومة في البئر.
وابن منده برقم (569) .
كلاهما من طريق أبي حمزة السكّري، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه البخاري أيضًا (5 / 284 رقم 2673) في الشهادات، باب يحلف المدعى عليه حيثما وجبت عليه اليمين، من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، به بذكر حديث ابن مسعود فقط. =(3/1056)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه النسائي في "التفسير" (1 / 210 - 211 و 299 رقم 32 و 82) من طريق يحيى بن زكريا، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه أبو عوانة (1 / 39) .
وابن منده برقم (562) .
والبيهقي (10 / 178) .
ثلاثتهم من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به بذكر حديث ابن مسعود فقط.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 269 - 270 رقم 5061 / الإحسان بتحقيق الحوت) من طريق زيد بن أبي أنيسة، عن سليمان الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 604 رقم 567 و 568) من طريق عَبْثَر بن القاسم وحفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه لم يذكر حديث الأشعث في رواية حفص بن غياث.
وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص105 - 106) ت من طريق صالح بن عمر، عن الأعمش، به نحوه.
ب- طريق منصور بن المعتمر، عن شقيق.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 145 و 280 رقم 2515 و 2516 و 2669 و 2670) في الرهن، باب إذا اختلف الراهن والمرتهن ونحوه، فالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود.
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" رقم (221) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 532 رقم 7282) .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 606 رقم 571) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 253) .
جميعهم من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وائل شقيق بن سلمة قال: قال عبد الله - رضي الله عنه -: من حلف على يمين يستحق بها مالاً وهو فيها فاجر =(3/1057)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= = لقي الله وهو عليه غضان، ثم أنزل الله تصديق ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيمانهم ثمنًا قليلا - فقرأ إلى: - عذاب أليم} ، ثم إن الأشعث بن قيس خرج إلينا، فقال: ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ ... ، وذكر الحديث بنحوه، واللفظ للبخاري.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 544 رقم 6659) في الأيمان والنذور، باب عهد الله عز وجل.
وابن منده في "الإيمان" (2 / 602 و 605 رقم 564 و 570) .
كلاهما من طريق شعبة، عن منصور، به نحوه، إلا أن البخاري لم يذكر حديث الأشعث.
وأخرجه البخاري أيضًا (13 / 177 - 178 رقم 7183 و 7184) في الأحكام، باب الحكم في البئر ونحوها.
والواحدي في "أسباب النزول" (ص106) .
كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص35 و 141 رقم 262 و 1051) .
والإمام أحمد في "المسند" (5 / 211) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص354 رقم 822) .
أما الطيالسي فمن طريق ورقاء، وأما الإمام أحمد فمن طريق زياد بن عبد الله البكائي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عمار بن محمد، ثلاثتهم عن منصور، به مثل رواية جرير عن منصور، بجعل حديث ابن مسعود من قوله.
جـ، د: طريقا جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي الله وهو عليه غضبان)) ، قال عبد الله: ثم قرأ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - مصداقه من كتاب الله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ الله وأيمانهم ... } الآية. =(3/1058)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 53 رقم 95) ، عن شيخه سفيان بن عيينة، عن عبد الملك وجامع، به.
ومن طريق الحميدي أخرجه: البخاري في "صحيحه" (13 / 423 رقم 7445) في التوحيد، باب قول الله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 606 رقم 572) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 178) .
وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (222) .
وابن منده مقرونًا بالرواية السابقة.
كلاهما من طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر، عن سفيان، به نحو اللفظ السابق.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 124) .
والنسائي في "تفسيره" (1 / 301 رقم 83) .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 607 رقم 573 و 574) .
ثلاثتهم من طريق سفيان، عن عبد الملك وحده، به، ولفظ عبد الرزاق نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ثم قرأ علينا ... إلخ.
وأما النسائي وابن منده، فلفظهما: قال ابن مسعود: نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيمانهم ثمنًا قليلاً} إلى آخر الآية، ثم لم ينسخها شيء، فمن اقتطع مال امرئ مسلم بيمينه فهو من أهل هذه الآية.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 3 رقم 2186) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 377) .
كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ وحده، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله: ثم قرأ علينا ... إلخ.
هـ- طريق مسلم البَطِين، عن أبي وائل شقيق بن سلمة.
أخرجه النسائي وابن منده مقرونًا بطريق عبد الملك بن أعين السابق.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 254 رقم 10478) من طريق مسلم وحده، =(3/1059)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن أبي وائل، به مثل لفظ النسائي وابن منده.
و طريق بن أبي النَّجود عن أبي وائل.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 460) .
وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 50 - 51 رقم 5114) .
أما الإمام أحمد فمن طريق أبي بكر بن عياش، وأما أبو يعلى فمن طريق حماد بن زيد، كلاهما عن عاصم، به نحو لفظ المصنف، إلا أن فيه زيادة.
ثم أخرجه الإمام أحمد (5 / 212) ولم يذكر الزيادة.
وأخرجه أيضًا (1 / 416) ، إلا أنه لم يذكر حديث الأشعث.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (1 / 206 رقم 643) من طريق المسعودي، عن عاصم، به نحوه، إلا أنه لم يذكر حديث ابن مسعود.
(2) طريق مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لقي الله وهو عليه غضبان)) .
أخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 194 رقم 10307) .
(3) طريق أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ حَلَفَ على يمين صبر كاذبًا ليقتطع بها مال أخيه، لقي الله وهو عليه غضبان، وذلك بأن الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وأيمانهم ثمنًا قليلاً ... } إلى آخر الآية.
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 271 رقم 5062) من طريق حماد بن زيد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أبي الأحوص.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 132 رقم 10113) ، وفي "الصغير" (1 / 122) ، من طريق يزيد بن إبراهيم
التستري، عن أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، عن أبي الأحوص، به نحوه.
ثم قال الطبراني في "الكبير": ((رفعه يزيد بن إبراهيم، ولم يرفعه حماد بن زيد)) ، ثم أخرجه برقم (10114) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، به موقوفًا على ابن مسعود.(3/1060)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} ]
504 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ أَبِي رَزِين (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُونُوا (4) ربانيين} -، فقال: فقهاء علماء.
__________
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) هو مسعود بن مالك، أبو رَزِين الأسَدي، الكوفي، يروي عن معاذ بن جبل وابن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه عبد الله وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة إلا البخاري، ووثقه أبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة خمس وثمانين للهجرة. "الجرح والتعديل" (8 / 282 - 283 رقم 1295) ، و"التهذيب" (10 / 118 - 119 رقم 215) ، و"التقريب" (ص528 رقم 6612) .
(4) في الأصل: ((كانوا)) .
[504] سنده صحيح.
وأخرجه الطبري في "تفسيره" (6 / 541 رقم 7304) من طريق جرير، به بلفظ: حكماء علماء.
وكذا رواه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص78 رقم 151) عن منصور.
ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير الطبري في الموضع السابق برقم (7301 و 7302) .
وأخرجه الطبري أيضًا برقم (7303) من طريق عمرو بن أبي قيس الرازي، عن منصور، به مثل سابقه.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 125) عن معمر، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ - =(3/1061)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} ]
505 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قَالَ: كَانَ طَاوُسٌ إِذَا سُئل عَنِ الرَّجُلِ يُفَضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ، قَرَأَ: {أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} (1) .
__________
= في قوله تعالى: {كونوا ربانيين} - قال: حلماء علماء.
كذا وقع في المطبوع من "تفسير عبد الرزاق"، وأظن: ((حلماء)) تصحفت عن: ((حكماء)) ، فإن ابن جرير أخرجه برقم (7310) من طريق عبد الرزاق هكذا: ((حكماء)) .
(1) الآية (50) من سورة المائدة.
والذي يظهر أن المصنف أورد هذا الأثر لمناسبته لتفسير قوله تعالى: {أفعير دين الله يبغون} ، وإلا فموضعه في سورة المائدة، وسيأتي هناك برقم [764] .
[505] سنده ضعيف، فعبد الله بن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ربما دلس، ولم يصرح هنا بالسماع.
وسيعيده المصنف برقم [764] هكذا: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ طَاوُسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يُفَضِّلُ بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ، فَقْرَأَ: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يبغون} .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 220 - 221 رقم 11039) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن ابن أبي نجيح، نحوه.(3/1062)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} ]
506 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: (عَنْ سُفْيَانَ) (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ عِكْرِمَةَ (2) قَالَ: لَمّا نَزَلت: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} ، قَالَتِ الْيَهُودُ: فَنَحْنُ مُسْلِمُونَ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاخْصُمهم بِحُجَّتِهِم، وَقُلْ: ((إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَجَّ الْبَيْتِ، مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا، وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَهْلِ المِلَلِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن العالمين)) (3) .
__________
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من "سنن البيهقي" (4 / 324) حيث روى الحديث من طريق المصنف، ومن "تفسير ابن كثير" (1 / 386) حيث نقله عن المصنف.
(2) في الأصل: (عن عكرمة، عن ابن أبي نجيح) ، ووضع عليهما حرف: ((م)) ؛ إشارة للتقديم والتأخير، وهو على الصواب في "سنن البيهقي".
(3) الذي يلي هذا الحديث حسب ترتيب النسخة الخطية هو الحديث رقم [515] حتى الحديث رقم [517] ، ثم يليه الحديث رقم [507] حتى الحديث رقم [514] ، ثم يليه الحديث رقم [518] ، ثم يستمر الترتيب؛ وإنما قَدَّمْتُ الأحاديث من رقم [507] حتى رقم [514] عن موضعها؛ مراعاة لترتيب الآيات.
[506] سنده ضعيف لإرساله، وابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه صرّح به في رواية الفاكهي الآتية، فالإسناد صحيح إلى مُرْسِله عكرمة.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 276) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه".
ونقله ابن كثير في "تفسيره" (1 / 386) عن المصنف.(3/1063)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 324) في الحج، باب إثبات فرض الحج، من طريق المصنف، عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دينًا فلن يقبل منه} ، قالت اليهود: فنحن مسلمون، قال اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَاخْصُمْهُمْ بِحُجَّتِهِمْ، يعني فقال لهم النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ اللَّهَ فَرَضَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَجَّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سبيلاً)) ، فقالوا: لم يكتب علينا، وأَبَوْا أن يَحُجُّوا. قال الله: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن العالمين} .
قال عكرمة: وَمَنْ كَفَرَ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ، فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ.
وأخرجه الشافعي في "الأم" (2 / 93) .
وابن أبي عمر العدني في "كتاب الإيمان" (ص76 رقم 9) .
كلاهما عن شيخهما سفيان بن عيينة، به نحو سياق البيهقي.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "المعرفة" (2 / ل 245) .
وقد زاد ابن أبي عمر في الإسناد مجاهدًا بين ابن أبي نجيح وعكرمة.
ورواه الفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 374 رقم 784) من طريق محمد بن أبي عمر، قال: ثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، أنه سمع عكرمة يقول ... ، فذكره هكذا بإسقاط مجاهد، وتصريح ابن أبن نجيح بالسماع من عكرمة، فالذي يظهر أن هذا هو الصواب، وأن ما جاء في "كتاب الإيمان" لابن أبي عمر خطأ.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 571 رقم 7357 و 7358) من طريق القعنبي ويونس بن عبد الأعلى، كلاهما عن سفيان، به نحوه، ولفظ يونس أقرب إلى لفظ المصنف.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص431 رقم 1044) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ويونس بن عبد الأعلى، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن عكرمة: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عن العالمين} ، قال: من أهل الملل.
وقد وقع في "تفسير ابن أبي حاتم": ((ابن جريج)) بدل: ((ابن أبي نجيح)) ، لكنه =(3/1064)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ]
507 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} ، جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِفَرَسٍ يُقَالُ لَهُ: سَبَل، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَدْ قَبِلَهَا الله منك)) (1) .
__________
= تصحيف، وقد جاء على الصواب في المخطوط (2 / ل 49 / ب) .
وأخرجه ابن جرير برقم (7356) من طريق شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: زعم عكرمة: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} ، فقالت الملل: نحن المسلمون، فأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ العالمين} ، فحج المسلمون وقعد الكفار.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 50 رقم 7518) .
وابن أبي حاتم (ص382 رقم 913) .
أما ابن جرير فمن طريق عيسى بن ميمون، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ورقاء، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 373 رقم 783) من طريق ابن جريج، قال: بلغني عن عكرمة أنه قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فلن يقبل منه} ، قالت اليهود: فنحن على الإسلام، فماذا يبغي منا محمد؟ فأنزل الله عز وجل حجًا مفروضًا: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كفر ... } الآية، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((كتب عليكم الحج)) .
وسنده ضعيف لإبهام الواسطة بين ابن جريج وعكرمة.
(1) هذا الحديث وما بعده حتى الحديث رقم [514] موضعها في النسخة الخطية بعد الحديث الآتي برقم [517] ، فَقَدَّمْتُها في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات، والذي في هذا الموضع هو الحديث رقم [515] وما بعده حتى =(3/1065)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رقم [517] ، وانظر التعليق رقم (3) على الحديث السابق.
[507] سنده ضعيف لإرساله، هو صحيح إلى مُرْسِلِه محمد بن المنكدر.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 260) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص394 رقم 949) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان، به نحوه.
وروى الحديث مرسلاً أيضًا من طريق أيوب السختياني، وعمرو بن دينار وثابت بن الحجاج.
أما حديث أيوب، فأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 126) قال: أنا معمر، عن أيوب وغيره أنه لَمَّا نَزَلَتْ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حتى تنفقوا مما تحبون} جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ بِفَرَسٍ له كان يحبها، فقال: هذه في سبيل الله، فحمل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عليها أسامة بن زيد، فكأن زيدًا وجد في نفسه، فلما رأى ذلك منه النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((أما الله فقد قبلها)) .
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لإرساله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 592 رقم 7398) من طريق عبد الرزاق.
وأما حديث عمرو بن دينار، فأخرجه ابن جرير برقم (7397) من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي حسين، عنه، به نحو لفظ المصنف، وزاد فيه ما جاء في حديث أيوب من حمل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أسامة على هذا الفرس.
وهذا إسناد ضعيف أيضًا لإرساله.
وأما حديث ثابت بن حجاج، فذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 261) وعزاه لعبد بن حميد فقط، ولفظه: عن ثابت بن الحجاج قال: بلغني أنه لما نزلت هذه الآية: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مما تحبون} قال زيد: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلى من فرسي هذه، فتصدق بها على المساكين، فأقاموها تباع، وكانت تعجبه، فسأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنهاه أن يشتريها. =(3/1066)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} ]
508 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِك (3) ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ لَابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي قُلْتُ لِامْرَأَتِي: هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ قَالَ: فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْكَ بِحَرَامٍ، قَالَ: فَأَيْنَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ (4) حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} ؟ قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: إِنَّ إِسْرَائِيلَ أَخَذَتْهُ الأَنْسَاءَ (5) ، فَأضْنَتْه، فَجَعَلَ للهِ عَلَيْهِ: إِنِ اللهُ عَافَاهُ: أَنْ لَا يَأْكُلَ عِرْقًا أَبَدًا، فَلِذَلِكَ (تَسُلُّ) (6) الْيَهُودُ العروق، ولا يأكلونها.
__________
= وهذا إن صح سنده إلى ثابت بن الحجاج، فإنه ضعيف لإرساله أيضًا، فثابت بن الحجاج تابعي يروي عن زيد بن ثابت وأبي هريرة وعوف بن مالك، وقد ذكره ابن حبان في أتباع التابعين. انظر "التهذيب" (2 / 4 - 5 رقم 4) .
وبكل حال فلا يستقيم ضعف الحديث بهذه المراسيل، لأنها مراسيل صغار التابعين، وعمرو بن دينار ومحمد بن المنكدر قد أخذا عن بعض الشيوخ مثل أبي صالح ذكوان السمان، فيحتمل أن يكون طريقهما واحدًا. انظر "التهذيب" (8 / 29) و (9 / 473) .
وأما أيوب السختياني فهو من الرواة عن عمرو بن دينار كما في "التهذيب" (1 / 397 رقم 733) ، فقد يكون أخذ الحديث عنه.
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) هو يوسف بن مَاهِك بن بُهْزَاد - بضم الموحدة وسكون الهاء، وبعدها =(3/1067)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= زاي -، الفارسي، المكي، روى عن أبيه وأبي هريرة وعائشة وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه عطاء بن أبي رباح وأيوب السِّخْتياني وحميد الطويل وأبو بشر جعفر بن إياس وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والنسائي وابن خراش وزاد: ((عدل)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة، وقيل: عشر ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 229 رقم 961) ، و"التهذيب" (11 / 421 رقم 821) ، و"التقريب" (ص611 رقم 7878) .
(4) في الأصل: ((كان الطعام حلاً)) .
(5) الأَنْسَاء: جمع النَّسا - بالفتح، مقصور، على وزن عصا -، وهو عِرْق من الوَرك إلى الكعب، والأفصح أن يقال له: ((النَّسَا)) ، لا: ((عرق النَّسَا)) . انظر "لسان العرب" (15 / 321 - 322) .
(6) في الأصل: ((تسلل)) .
[508] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 263) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 11 - 12 رقم 7405 و 7406) من طريق هشيم وشعبة، كلاهما عن أبي بشر، به نحوه، إلا أن شعبة لم يذكر قوله: ((فَلِذَلِكَ تَسُلُّ الْيَهُودُ الْعُرُوقَ وَلَا يأكلونها)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 126) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 8) في الضحايا، باب ما حُرِّم على بني إسرائيل، ثم ورد عليه النسخ بشريعة نبينا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن إسرائيل أخذه عرق النساء، فكان يبيت وله زُقَاء، قال: فجعل إن شفاه الله أن لا يأكل لحمًا فيه عروق، قال: فحرَّمته =(3/1068)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ]
509 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بَكَّةُ مَوْضِعُ الْبَيْتِ، ومَكة سَائِرُ الْقَرْيَةِ.
510 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجي، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ، قَالَا: مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَمِنًى، وَعَرَفَةُ، وَالْمُزْدَلِفَةُ.
__________
= اليهود، فنزلت: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} ، أي: إن هذا كان قبل التوراة.
قال عبد الرزاق: قال سفيان: له زُقَاء، قال: صياح.
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
[509] سنده صحيح، ومغيرة تقدم في الحديث [54] أنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيها بالسماع، لكن تقدم في الحديث [500] أن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح مغيرة بالسماع، وقد روى شعبة عنه هذا الحديث كما سيأتي.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 24 رقم 7436) من طريق هشيم، عن مغيرة، به مثله، إلا أنه قال: ((ومكة ما سوى ذلك)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص410 رقم 985) من طريق شعبة، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بكة: البيت والمسجد.
[510] سنده ضعيف؛ مسلم بن خالد الزنجي تقدم في الحديث [213] أنه صدوق كثير الأوهام، وابن أبي نجيح مدلس ولم يصرح بالسماع هنا فيما بينه وبين عطاء، وأما روايته عن مجاهد فصحيحة وإن لم يصرح بالسماع كما في الحديث [184] .
وقد توبع مسلم بن خالد وابن أبي نجيح، فهو عن مجاهد صحيح، وعن عطاء حسن لغيره. =(3/1069)
511 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُفْيَانَ (1) ، عَنْ حَمَّادٍ (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: لِمَ سُمِّيت بَكَّة؟ قَالَ: لِأَنَّ الرِّجَالَ يَتَباكُّون (3) فِيهَا والنساءُ جميعًا.
__________
= والحديث أخرجه المصنف هنا من طريق شيخه مسلم بن خالد.
ومسلم أخرجه في "تفسيره" (ص70 رقم 135) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد وعطاء، قَالَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} - قال: مسجد الحرام كله مقام إبراهيم، ومنى، وعرفة، ومزدلفة.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 85) فقال: نا معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مقام إبراهيم مصلى} - قال: مقامه: عرفة وجمع ومنى، ولا أعلمه إلا وقد ذكر مكة.
وهذا إسناد صحيح.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 34 رقم 1994) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 33 رقم 1991) من طريق سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} قال: الحج كله.
وأخرجه أيضًا برقم (1993) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء بن أبي رباح: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} قال: لأني قد جعلته إمامًا، فمقامه: عرفة والمزدلفة والجمار.
وهذا ضعيف لأن ابن أبي نجيح لم يصرح بالسماع كما سبق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1992) من طريق سفيان الثوري، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: الحج كله مقام إبراهيم.
وهذا بمعنى رواية المصنف: لكن ابن جريج تقدم فقي الحديث [9] أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لن بانضمامه لرواية ابن أبي نجيح يكون حسنًا لغيره عن عطاء، وهو عن مجاهد صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) هو الثوري.
(2) هو حماد بن أبي سليمان مسلم الأشعري، مولاهم، أبو إسماعيل الكوفي، روى عن أنس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه إسماعيل =(3/1070)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وشعبة والثوري وغيرهم، وهو ثقة إمام مجتهد رمي بالإرجاء، وثقه ابن معين والنسائي ورمياه بالإرجاء، وقال العجلي: ((كوفي ثقة، وكان أفقه أصحاب إبراهيم)) ، وقال بقيّة: قلت لشعبة: لِمَ تروي عن حماد بن أبي سليمان وكان مرجئًا؟ قال: ((كان صدوق اللسان)) ، وقال شعبة أيضًا: ((حماد ومغيرة أحفظ من الحكم)) ، وقال عبد الله بن إدريس: ((ما سمعت الشيباني يذكر حمادًا إلا أثنى عليه)) ، وقال ابن مسهر عن أبي إسحاق الشيباني أنه قال: ((ما رأيت أحدًا أفقه من حماد)) ، قيل: ولا الشعبي؟ قال: ((ولا الشعبي)) ، وقال شعبة: سمعت الحكم يقول: ((ومن فيهم مثل حماد؟)) - يعني أهل الكوفة -، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 146 - 147 رقم 642) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 653 - 656) ، و"التهذيب" (3 / 16 - 18 رقم 15) ، و"الكاشف" (1 / 252 رقم 1230) .
وقد تكلم بعضهم في حماد بن أبي سليمان، فقال الإمام أحمد: ((حماد مقاربُ الحديث، ما روى عنه سفيان وشعبة، ولكن حماد بن سلمة عنده عنه تخليط)) ، وفي رواية: ((أما روايات القدماء عن حماد فمقاربة؛ كشعبة وسفيان وهشام، وأما غيرهم فقد جاؤا عنه بأعاجيب)) .
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (5 / 236) معلقًا على هذه العبارة: ((إنما التخليط فيها من سوء حفظ الراوي عنه)) .
وكان قد قال (ص231) : ((العلامة الإمام، فقيه أهل العراق)) .
وذكره في "ميزان الاعتدال" (1 / 595 رقم 2253) وقال: ((أحد أئمة الفقهاء ... ، تكلم فيه للإرجاء، ولولا ذكر ابن عدي له في "كامله" لما أوردته)) . اهـ.
فهذان أمران مما يدفع بهما عن حماد، أحدهما: أن الضعف يكون في الراوي عنه، والثاني: أن جرح بعضهم له يحمل على تلبُّسه ببدعة الإرجاء.
وقد يكون الجارح من المتشددين في الجرح كأبي حاتم، فإنه قال عن حماد هذا: ((هو صدوق، ولا يحتجّ بحديثه، هو مستقيم في الفقه، وإذا جاء الآثار شوَّش)) . =(3/1071)
512 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ الْمَلِكِ (4) ، وحَجَّاج (5) ، عَنْ عَطَاءٍ (6) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فِيهِ آيَةٌ بينة مقام إبراهيم} .
__________
= وهذا ابن عدي عَقِبَ سَبْرِهِ لرواياته قال: ((حماد بن أبي سليمان كثير الرواية خاصة عن إبراهيم، المسند والمقطوع ورأي إبراهيم، ويحدث عن أبي وائل وعن غيرهما بحديث صالح، ويقع في أحاديثه إفرادات وغرائب، وهو متماسك في الحديث لا بأس به)) . اهـ.
(3) أي: يزدحمون كما في رواية الطبري الآتية، وفي "النهاية" لابن الأثير (1 / 150) : ((وسُمِّيَتْ بَكِّة؛ لأنها تبكُّ أعناق الجبابرة، أي: تدقُّها. وقيل: لن الناس يَبُكُّ بعضهم بعضًا في الطواف، أي: يَزْحم ويَدْفع)) . اهـ.
[511] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، لكن تابعه وكيع كما سيأتي.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع (ص306 رقم 1999) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 24 رقم 7439) .
كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان، به نحوه، إلا أنه قال: ((لأنهم يتباكُّون فيها)) .
زاد ابن جرير: ((قال: يعني: يزدحمون)) .
(4) هو ابن أبي سليمان.
(5) هو ابن أرْطَأة.
(6) هو ابن أبي رباح.
[512] سنده صحيح من طريق عبد الملك، وأما حجاج بن أرطأة فتقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، لكن تعضده رواية عبد الملك.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 269) وعزاه للمصنف والفريابي =(3/1072)
513- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ.
514 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْل، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: إِنَّمَا سُمّيت: بَكّةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَبُكُّ (2) بعضهم بعضًا.
__________
= وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف".
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص246 رقم 587) من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سمعت ابن عباس يقرأ: {فيه آيات بينات} ، ثم قال: {فِيهِ آيَةٌ بَيِّنَةٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} وهو هذا الذي في المسجد.
ثم أخرجه أبو عبيد أيضًا برقم (588) من طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: (فيه آية بينة) .
وسيأتي في الحديث بعده من طريق خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عبد الملك وحده، به مثله.
وقال ابن جرير في "تفسيره" (7 / 26) عن هذه الآية: ((اختلفت القَرَأة في قراءة ذلك. فَقَرَأَهُ قَرَأَةُ الأمصار: {فيه آيات بينات} على جماع (آية) ؛ بمعنى: فيه علامات بينات. وقرأ ذلك ابن عباس: (فيه آية بينة) ؛ يعني بها: مقام إبراهيم، يراد بها علامة واحدة)) . اهـ.
[513] سنده صحيح، ومضى تخريجه في الحديث السابق.
(1) هو الرَّصَاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق.
(2) تقدم أن معناه: يَزْحم ويدفع.
(3) هذا الحديث والأحاديث قبله ابتداء من رقم [507] موضعها في النسخة الخطية بعد الحديث الآتي برقم [517] ، وإنما قَدَّمتُها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (3) على الحيدث رقم [506] .
[514] سنده حسن لذاته لما تقدم عن حال عبد الرحمن بن زياد، لكنه قد توبع كما سيأتي، فهو =(3/1073)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} ]
515 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك (2) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ} ، جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ المِلَلِ: مُشْرِكِي العرب، والنصارى [ل121/ب] ، وَالْيَهُودَ وَالْمَجُوسَ والصَّابِئِين، فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا الْبَيْتَ)) ، فَلَمْ يَقْبَلْهُ إِلَّا الْمُسْلِمُونَ، ثُمَّ كَفَرُوا (3) بِالْبَيْتِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ} - يَعْنِي مَنْ جَحَدَ - {فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} (4) .
__________
= صحيح لغيره.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 266) وعزاه للمصنف وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان".
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 24 رقم 7438) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 569 رقم 3727) .
أما ابن جرير فمن طريق عبد الصمد بن عبد الوارث، وأما البيهقي فمن طريق يحيى بن أبي بكير، كلاهما عن شعبة، به، ولفظ البيهقي مثله، وأما لفظ ابن جرير فهو: إِنَّمَا سُمِّيَتْ: بَكَّةَ؛ لِأَنَّ النَّاسَ يتباكُّون فيها، الرجال والنساء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص307 رقم 2002) من طريق الحكم بن عتيبة، عن مجاهد، به مثل لفظ المصنف، وزاد: ((وأنه يحلّ فيها ما لا يحلّ في غيرها)) .
وبهذا اللفظ ذكره السيوطي في الموضع السابق وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي.
(1) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(2) تقدم في الحديث [481] أنه لم يسمع من أحد من الصحابة.
(3) يعني أهل الملل.
(4) هذا الحديث والحديثان بعده رقم [516 و 517] موضعها في النسخة الخَطِّية =(3/1074)
516 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} (1) -: مَنْ إِنْ حَجَّ، لَمْ يَرَهُ بِرًّا، وَمَنْ تَرَكَهُ، لَمْ يَرَهُ إثمًا.
__________
= بعد الحديث المتقدم برقم [506] ؛ وإنما أخّرْتُها مراعاة لترتيب الآيات, وانظر التعليق رقم (3) على الحديث رقم [506] .
[515] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر وإعضاله.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 276 - 277) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 49 - 50 رقم 7515) من طريق يزيد بن هارون، عن جويبر، به نحوه، إلا أنه قال: فآمنت به مِلَّة واحدة، وهي من صدق النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وآمن به، وكفرت به خَمس مِلَل، قالوا: لا نؤمن به، ولا نُصَلِّي إليه، ولا نستقبله، فأنزل اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} .
(1) في الأصل: {ومن كفر} لم يكمل الآية، وقد رواه البيهقي - كما سيأتي - من طريق المصنف بإكمال الآية.
[516] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] .
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 324) ، باب إثبات فرض الحج، من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 128) من طريق معمر، عن ابن أبي نجيح نحوه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 48 رقم 7509) من طريق ابن جريج، حدثني عبد الله بن مسلم، عن مجاهد، به نحوه، إلا أنه قال: ((قعد)) بدل قوله: ((تركه)) . =(3/1075)
517 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: مَنْ لَمْ يَرَهُ وَاجِبًا (1) .
518 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ (2) ، عَنْ يُونُسَ (3) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا السَّبِيلُ إِلَى الْحَجِّ؟ قَالَ: ((زاد وراحلة)) (4) .
__________
= وأخرجه الشافعي في "الأم" (2 / 93) ، ومن طريقه البيهقي في "المعرفة" (2 / ل 245 / ب) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (7510) .
والفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 375 رقم 787) .
ثلاثتهم من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به نحو سابقه هكذا بلا واسطة بين ابن جريج ومجاهد، وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه مدلس ولم يصرح بالسماع فيما بينه وبين مجاهد، وصرَّح بالسماع من عبد الله بن مسلم.
(1) هذا الحديث والحديثان قبله رقم [515 و 516] موضعها في النسخة الخَطِّيَّة بعد الحديث المتقدم برقم [506] ؛ وإنما أخَّرْتُها في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (3) على الحديث [506] .
[517] سنده ضعيف، رجاله ثقات، إلا أن رواية هشام بن حَسَّان عن الحسن البصري ضعيفة، لأنه كان يرسل عنه كما تقدم في الحديث [55] .
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 48 رقم 7507) من طريق مُعَلَّى ابن أسد، عن خالد، عن هشام عن الحسن - في قوله الله عز وجل: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كفر} - قَالَ: مَنْ لَمْ يَرَهُ وَاجِبًا.
(2) يعني ابن عبد الله الطحّان.(3/1076)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(3) هو ابن عبيد.
(4) تقدم ما يتعلق بتفسير قوله تعالى: {ومن كفر} في الأحاديث [506 و 515 و 516 و 517] .
[518] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه الحسن البصري، وروي موصولاً ولا يصح كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 274 - 274) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جبير وابن المنذر والدارقطني والبيهقي في "السنن".
ومن رواية المصنف ساقه الزيلعي في "نصب الراية" (3 / 8 - 9) ، فقال: ((رواه سعيد بن منصور في "سننه": حدثنا هشيم [في الأصل: هشام] ، ثنا يونس، عن الحسن، قال: لما نزلت: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ من استطاع إليه سبيلاً} ، قال رجل: يا رسول الله، وما السبيل؟ قال: زاد وراحلة. انتهى. حدثنا الهشيم، ثنا منصور، عن الحسن مثله. حدثنا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يونس، عن الحسن مثله)) . اهـ.
ومن الواضح أن الزيلعي لم يذكر رواية المصنف من كتاب التفسير، فالظاهر أنه ذكرها من كتاب الحج في الجزء المفقود.
والحديث له عن الحسن البصري - رحمه الله - خمس طرق:
(1) طريق يونس، وله عنه سبع طرق:
(أ، ب) - طريقا هشيم وخالد الطحان اللتان أخرجهما المصنف هنا.
وأخرجه أبو داود السجستاني في "مسائله للإمام أحمد" (ص97) ، وكذا عبد الله بن أحمد في "مسائله عن أبيه" (ص197 رقم 737) ، كلاهما عن الإمام أحمد، عن هشيم، به نحوه.
(جـ، د) - طريقا بشر بن المفضَّل، وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عن يونس، به نحوه. =(3/1077)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجهما ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 40 رقم 7486) .
(هـ) طريق سفيان الثوري، عن يونس.
أخرجه وكيع في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 386) ، عن سفيان.
ومن طريق وكيع أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 90) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 327) في الحج، باب بيان السبيل الذي بوجوده يجب الحج، وفي "المعرفة" (2 / ل 248) من طريق أبي داود الحَفَري.
كلاهما - أي وكيع وأبو داود -، عن سفيان الثوري، عن يونس، به نحوه.
وخالفهما عتّاب بن أَعيْن، فرواه عن سفيان الثوري، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحسن البصري، عن أمِّه، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، بنحوه.
أخرجه العقيلي في "الضعفاء" (3 / 332) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 217 رقم 8) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 330) في الحج، باب الرجل يطيق المشي ولا يجد زادًا ولا راحلة فلا يبين أن يوجب عليه الحج.
قال العقيلي في الموضع السابق: ((عتاب بن أعين عن الثوري، في حديثه وهم ... )) ، ثم أخرج هذا الحديث.
قلت: عَتَّاب بن أَعْيَن أبو القاسم الكوفي، نزيل الرَّيّ، ثقة؛ وثقه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 12 رقم 52) ، و"الثقات" لابن حبان (8 / 523) .
وقد روى هذا الحديث عن سفيان فخالف فيه من هو أوثق منه كوكيع، وسبق نقل كلام العقيلي عنه، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3 / 27 رقم 5465) وقال: ((روى عنه هشام بن عبيد الله حديثًا خولف في سنده)) ، وانظر "لسان الميزان" (4 / 127 رقم 282) .
ولم يذكروا أنه أخطأ في حديث غير هذا مع أنه روى عن الأعمش وإسماعيل بن أبي خالد والمسعودي ومسعر وأبي العميس وسعد بن أوس =(3/1078)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وخلف بن حوشب وشريك، بالإضافة إلى الثوري، وروى عنه جرير بن عبد الحميد وعبد الرحمن بن الحكم بن بشير وعبد الصمد بن عبد العزيز المقري وابن حميد، بالإضافة إلى هشام بن عبيد الله كما في الموضوع السابق من "الجرح والتعديل".
ومن المعلوم أن الوهم لا يسلم منه أحد سوى الرسل، فلا يقدح في الرجل لأجل هذه المخالفة، بل تغتفر له في جانب ما أصاب فيه وتُجتنب.
(و) طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن يونس، به نحوه.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 90) .
(ز) طريق حصين بن مُخَارق، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ أنس بن مالك، قال: قيل: يا رسول الله، ما السبيل إليه؟ قال: ((الزاد والراحلة)) .
أخرجه الدارقطني في "سننه" (2 / 218 رقم 15) .
وفي سنده حُصين بن مُخَارق بن وَرْقاء، أبو جنادة، قال عنه الدارقطني: ((يضع الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به)) ، ووثقه الطبراني. انظر "لسان الميزان" (2 / 319 رقم 1308) .
(2) طريق منصور، عن الحسن، به نحوه.
أخرجه المصنف سعيد بن منصور في "سننه" - ولعله في كتاب الحج -، كما سبق نقله عن الزيلعي.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 39 رقم 7483) .
(3) طريق حميد الطويل، عن الحسن، به نحوه.
أخرجه الطبري أيضًا (7 / 42 رقم 7490) .
(4) طريق هشام بن حسان، عن الحسن، واختُلف على هشام.
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 90) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام، عن الحسن - في قوله: {من استطاع إليه سبيلاً} -: الزاد والراحلة. =(3/1079)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كذا رواه أبو أسامة، عن هشام موقوفًا على الحسن.
وخالفه سفيان بن عيينة، فرواه عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ رجل: يا رسول الله ما السبيل إليه؟ قال: ((الزاد والراحلة)) .
أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 91) .
وهشام بن حسان تقدم في الحديث [55] أن في روايته عن الحسن البصري ضعفًا؛ لأنه كان يرسل عنه.
(5) طريق قتادة، عن الحسن.
وله عن قتادة طريقان:
أ) طريق حماد بن سلمة، واختُلف عليه.
فرواه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 42 - 43 رقم 7490 و 7491) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وحجاج بن المنهال، كلاهما عن حماد، عن قتادة، عن الحسن، به نحوه.
وخالفهما أبو قتادة الحراني، فرواه عن حماد، عن قتادة، عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحوه.
أخرجه الدارقطني في "سننه" (2 / 216 رقم 7) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 442) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فعبد الله بن واقد أبو قتادة الحَرَّاني مع كونه خالف أبا نعيم وحجاجًا، فإنه متروك، وكان يدلس، قال البخاري: ((تركوه، منكر الحديث)) ، وقال في موضع آخر: ((سكتوا عنه)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي قتادة الحرّاني، فقال: ((تكلموا فيه، منكر الحديث، وذهب حديثه)) ، وقال ابن أبي حاتم أيضًا: سألت أبا زرعة عن أبي قتادة الحراني، قلت: ضعيف الحديث؟ قال: نعم، لا يحدَّث عنه، ولم يقرأ علينا حديثه، وقال الجوزجاني: ((متروك الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، واختلفت عبارة ابن معين فيه، =(3/1080)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فنقل عنه الدوري أنه وثقه، ونقل عنه عبد الله بن أحمد أنه قال: ((ليس بشيء)) . وأما الإمام أحمد فكان يثني عليه؛ فروى الميموني عنه قال: ((ثقة، إلا أنه كان ربما أخطأ، وكان من أهل الخير يشبه النسّاك، وكان له ذكاء)) ، وروى عبد الله بن أحمد نحو ذلك، وزاد: قيل له: إن قومًا يتكلمون فيه، قال: ((لم يكن به بأس)) ، قالت: إنهم يوقولن لم يفصل بين سفيان ويحيى بن أبي أنيسة، قال: ((لعله اختلط، أما هو فكان ذكيًا)) ، فقلت له: إن يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن أبا قتادة الحراني كان يكذب، فعظم ذلك عنده جدًّا وقال: ((كان أبو قتادة يتحرَّى الصدق)) ، وأثنى عليه وذكره بخير، وقال: ((قد رأيته يشبه أصحاب الحديث، وأظنه كان يدلِّس، ولعله كبر واختلط، والله أعلم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 191 - 192 رقم 883) ، و"التهذيب" (6 / 66 - 67 رقم 131) ، و"التقريب" (ص328 رقم 3687) .
(ب) طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، واختلف على سعيد.
فأخرجه القطيعي في كتاب المناسك كما في "إرواء الغليل" (4 / 161) .
وابن جرير في "تفسيره" (7 / 41 - 42 رقم 7488) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 330) ، الموضع السابق.
أما القطيعي فمن طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأما الطبري فمن طريق يزيد بن زريع، وأما البيهقي فمن طريق جعفر بن عون، ثلاثتهم عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عن قتادة، عن الحسن، به مرسلاً نحوه.
وخالفهم يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، فرواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عن قتادة، عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحوه.
أخرجه الدارقطني في "سننه" (2 / 216 رقم 6) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 441 - 442) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي. =(3/1081)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وفي سنده سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة حافظ، إلا أنه اختلط كما تقدم في الحديث [87] ، وعبد الأعلى ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد وافقه يزيد وجعفر، ثلاثتهم رووه مرسلاً، وخالفهم ابن أبي زائدة وهو ممن لم ينصوا على أنه روى عن سعيد قبل الاختلاط، فالرواية المرسلة أرجح، وهذا ما رجحه البيهقي؛ فإنه قال في الموضع السابق: ((روى عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ وحماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في الزاد والراحلة، ولا أراه إلا وهمًا)) ، ثم ساقه من رواية جعفر بن عون عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن، مرسلاً، ثم قال: ((هذا هو المحفوظ عن قتادة، عن الحسن، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً)) . اهـ.
وقال ابن المنذر: ((لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة مسندًا، والصحيح رواية الحسن عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً)) . اهـ. من "نصب الراية" (3 / 9) . ونقل الشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (4 / 160 - 161) عن ابن عبد الهادي أنه قال في "تنقيح التحقيق": ((لم يخرجه أحد من أهل السنن بهذا الإسناد ... ، والصواب: عن قتادة، عن الحسن، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً. وأما رفعه عن أنس، فهو وهم، هكذا قال شيخنا)) . اهـ. ويعني بشيخه: شيخ الإسلام ابن تيمية. وقد روي الحديث من طريق أخرى لكنها لا تنهض بالحديث عن ضعفه؛ لشدة ضعفها، انظرها في "نصب الراية" (3 / 7 - 10) ، و"التلخيص الحبير" (2 / 234 - 235) ، و"إرواء الغليل" (4 / 160- 161) ، وفيها النقل عن ابن المنذر وعبد الحق الإشبيلي وابن دقيق العيد أن جميع طرقه ضعيفة ليس فيها إسناد يحتج به، والله أعلم.(3/1082)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} ]
519 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ (1) ، عَنْ أَبِي وَائِل (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (3) - فِي قَوْلِهِ: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا} -، قال: حبل الله: القرآن.
__________
(1) هو جامع بن أبي راشد الكاهِلي، الصَّيْرفي، الكوفي، روى عن أبي الطفيل ومنذر الثوري وأبي وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه شريك وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو ثقة فاضل من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، وقال الإمام أحمد: ((شيخ ثقة)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت صالح)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة ثقة)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 530 رقم 2203) ، و"التهذيب" (2 / 56 رقم 85) ، و"التقريب" (ص137 رقم887) .
(2) هو شقيق بن سلمة.
(3) يعني ابن مسعود.
[519] سنده صحيح على شرط الشيخين، وصححه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 284) بعد أن عزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني.
وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 240 رقم 9032) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه تصحف فيه قوله: ((حبل الله)) إلى: ((عبد الله)) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 326) وحكم عليه بأن رجاله رجال الصحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 72 رقم 7570) من طريق الأعمش، عن أبي وائل، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (7566) من طريق منصور بن المعتمر، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِنَّ الصراط مُحْتَضر؛ تحضره الشياطين، ينادون: يا عبد الله، هَلُمَّ هذا الطريق؛ ليصدّوا عن سبيل الله، فاعتصموا بحبل الله، فإن حبل الله هو كتاب الله. =(3/1083)
520 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا العَوَّام (1) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: حَبْلُ اللَّهِ: هُوَ الْجَمَاعَةُ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} ]
521 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (2) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (3) ، سَمِعَ ابنَ الزُّبَيرِ يَقُولُ: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ} وَيَسْتَعِينُونَ بِاللَّهِ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ، أَوْ فَسَّر؟.
__________
= وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (9031) من طريق منصور، به نحو سابقه.
(1) أي ابن حَوْشَب.
[520] سنده ضعيف للانقطاع بين الشعبي وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه كما نص عليه أبو حاتم والدارقطني والحاكم، وإنما رآه رؤية فقط كما قال الدارقطني.
انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص160 رقم 591) ، و"التهذيب" (5 / 68) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 285) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني.
وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 240 رقم 9033) من طريق المصنِّف، به مثله.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 326) وحكم على سنده بالانقطاع.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 71 رقم 7562 و 7563) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه الثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 86 / ب) من طريق شجاع بن مجلز، عن هشيم، به نحوه.
(2) الذي في موضع هذا الحديث في النسخة الخطِّية هو الحديث الآتي برقم [523] ، =(3/1084)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} ]
522- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (4) ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي حُمَيد الرُّؤَاسي (5) ، عَنْ عَنْترة (6) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ} - قال: بَرْد.
__________
= ثم يليه هذا الحديث، ثم الحديث الآتي برقم [524] ، ثم الحديث رقم [522] ؛ وإنما قدَّمْتُ وأَخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات.
(3) هو ابن دينار.
[521] سنده صحيح على شرط الشيخين.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 288) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في "المصاحف".
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 91 رقم 7596) .
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص93) .
والثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 94 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وأما ابن أبي داود فمن طريق أبي الطاهر أحمد بن عمرو المصري، وأما الثعلبي فمن طريق علي بن عبد الله بن المديني، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أنهم لم يذكروا قوله: ((فَلَا أَدْرِي أَكَانَتْ قِرَاءَتَهُ، أَوْ فسَّر؟)) .
(4) هذا الحديث والحديث الذي قبله والحديثان الآتيان برقم [523 و 524] ترتيبها في النسخة الخَطَّيَّة كالآتي: [523 و 521 و 524 و 522] ، وإنما قدَّمْتُ فيها وأخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات.
(5) هو عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرُّؤَاسي، أبو حميد الكوفي، روى عن أبي إسحاق السَّبيعي ومغيرة بن مقسم ومنصور بن المعتمر والأعمش وغيرهم، روى عنه ابنه حميد ويحيى بن آدم وعباد بن ثابت وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السابعة؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي والنسائي. انظر =(3/1085)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "الجرح والتعديل" (5 / 225 رقم 1060) ، و"الأنساب" للسمعاني (6 / 182) ، و"التهذيب" (6 / 165 رقم 335) ، و"التقريب" (ص339 رقم 3848) .
(6) هو عَنْترة بن عبد الرحمن الشَّيْباني، أبو وكيع الكوفي، روى عن عمر وعلي وأبي الدرداء وابن عباس وغيرهم، روى عنه ابنه هارون وعبد الله بن عمرو بن مُرَّة الجَمَلي وأبو سنان الشيباني، وهو ثقة من الطبقة الثانية؛ وثقه أبو زرعة والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص376 رقم 1318) ، و"التهذيب" (8 / 162 - 163 رقم 295) ، و"التقريب" (ص433 رقم 5209) .
[522] سنده ضعيف؛ خلف بن خليفة تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر، ولم أجد من نص على أنه روى عن أبي حميد الرؤاسي، ولا من نص على أن أبا حميد ممن روى عن عنترة، لكن الحديث روي من غير طريقهما فهو حسن لغيره كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 299) وعزاه للمصنف والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 136 رقم 7672) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن هارون بن عنترة، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الصرّ: البرد.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص494 رقم 1248) فقال: حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا أحمد بن بشير ومحمد بن عبيد، عن هارون بن عنترة، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {ريح فيها صرٌ} ، قال: برد.
وهذا إسناد حسن لذاته.
شيخ ابن أبي حاتم هو: عبد الله بن سعيد بن حصين الكندي أبو سعيد الأشجّ، الكوفي، روى عن إسماعيل بن عليّة وحفص بن غياث وعبيد الله بن موسى ووكيع ومحمد بن عبيد الطَّنَافِسي وغيرهم، روى عنه الجماعة، وأبو زرعة وأبو حاتم =(3/1086)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن خزيمة وابن أبي الدنيا وعبد الرحمن بن أبي حاتم وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، وقال ابن معين: ((ليس به بأس، ولكنه يروي عن قوم ضعفاء)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة صدوق)) ، وقال مرة: ((الأشجّ إمام زمانه)) ، وقال النسائي: ((صدوق)) ، وقال مرة: ((ليس به بأس)) ، ووثقه الخليلي ومسلمة بن القاسم، وقال محمد بن أحمد بن بلال الشطوي: ((ما رأيت أحفظ منه)) ، وكانت وفاته سنة سبع وخمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 73 رقم 342) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (15 / 27 - 29) ، و"التهذيب" (5 / 236 - 237 رقم 410) ، و"التقريب" (ص305 رقم 3354) .
ومحمد بن عبيد الطّنافسي تقدم في الحديث [39] أنه ثقة، وتابعه أحمد بن بشير.
وهارون بن عَنْتَرة بن عبد الرحمن الشَّيْباني، ابن أبي وكيع الكوفي، روى عن أبيه ومحارب بن دثار وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الملك وسفيان الثوري ومحمد بن عبيد الطنافسي وغيرهم، وهو لا بأس به، وثقه ابن سعد والإمام أحمد وابن معين والعجلي، وقال أبو زرعة ويعقوب بن سفيان: ((لا بأس به)) ، زاد أبو زرعة: ((مستقيم الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات في الرواة عن أبيه عنترة، ثم قال: ((وهارون الله المستعان على إثباته)) ، ثم ذكره في الضعفاء وقال: ((منكر الحديث جدًّا، يروي المناكير الكثيرة حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، لا يجوز الاحتجاج به بحال)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 92 رقم 384) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 282) ، و"التهذيب" (11 / 9 - 10 رقم 19) ، و"التقريب" (ص569 رقم 7236) .
وعليه فالحديث يكون حسنًا لغيره بهذه المتابعة، والله أعلم.(3/1087)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ} ]
523 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (2) ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: فِينَا نَزَلَتْ، فِي بَنِي سَلَمةَ (3) ، وَبَنِي حَارِثَةَ (4) : {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللهُ وَلِيُّهُمَا} ، وَمَا يَسُرُّني أَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ (5) .
__________
(1) هذا الحديث والحديثان اللذان قبله والحديث الآتي برقم [524] ترتيبها في النسخة الخَطِّيَّة كالآتي: [523، 521، 524، 522] ، وإنما قدَّمْتُ فيها وأَخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات.
(2) هو ابن دينار.
(3) بن سَلَمة حي من الأنصار من الخزرج، نسبة إلى سَلَمة بن سعد بن علي بن أسد بن سَارِدَة بن تزيد بن جُشَم بن الخَزْرج. انظر "الأنساب" للسمعاني (7 / 184) .
(4) بنو حارثة بطن من الخزرج، نسبة إلى حارثة بن الحارث بن الخزرج. انظر المرجع السابق (4 / 8) .
(5) يعني لقوله تعالى: {والله وليهما} كما في بعض الروايات.
[523] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 338 رقم 2870) بمثل ما هنا، إلا أنه قدّم بني حارثة على بني سلمة.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 305) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الدلائل".
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 131) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 167 رقم 7728) . =(3/1088)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} ]
524 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبر (2) ، عَنِ الضَّحَّاك - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ المَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ} -، قال: مُعَلَّمين بالصوف الأبيض.
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص511 رقم 1320) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 357 رقم 4051) في المغازي، باب: {إذا هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المؤمنون} ، و (8 / 325 رقم 4558) في التفسير، باب: {إذا هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا} .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1948 رقم 171) في فضائل الصحابة، باب من فضائل الأنصار.
وابن جرير في الموضع السابق برقم (7729) .
والبيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 221) .
أما عبد الرزاق فعن سفيان بن عيينة بلا واسطة، وأما البخاري فمن طريق محمد بن يوسف وعلي بن عبد الله بن المديني، وأما مسلم فمن طريق إسحاق بن إبراهيم وأحمد بن عبدة، وأما ابن جرير فمن طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، وأما البيهقي فمن طريق الحسن بن محمد الزعفراني، جميعهم عن سفيان بن عيينة، به نحوه.
(1) هذا الحديث والأحاديث الثلاثة قبله ترتيبها في النسخة الخَطِّيَّة كالآتي: [523، 521، 524، 522] ، وإنما قدَّمْتُ فيها وأَخَّرْتُ مراعاة لترتيب الآيات.
(2) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
[524] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "السنن" المطبوع (2 / 337 رقم 2864) بمثل ما هنا سواء.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 187 رقم 7781) من طريق معمر، =(3/1089)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} ]
525- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عن منصور (1) ، عن [ل122/أ] مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} -، قَالَ: ذَنْبَيْنِ فَعَلُوا، فَاحِشَةً ذَنْبٌ، وظلموا أنفسهم ذنب.
__________
= عن قتادة - في قوله: {مسومين} -، قال: كان سيماها صوفًا في نواصيها.
ثم أخرج قول الضحاك هذا برقم (7784) من طريق الحسين، عن هشيم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك وبعض أشياخنا، عن الحسن، نحو حديث معمر، عن قتادة.
ثم أخرجه ابن جرير برقم (7788) من طريق يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال أخبرنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قَوْلِهِ: {مسومين} -، قال: بالصوف في نواصيها وأذنابها.
وهذا يحتمل أن يكون لهشيم فيه إسنادان، ويحتمل أن يكون الحسين بن داود أخطأ فيه، فإنه ضعيف كما تقدم في الحديث [206] .
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
[525] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 326) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 217 رقم 7845) من طريق محمد بن حميد، عن جرير، به نحوه.(3/1090)
526- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَلْقمة وَالْأَسْوَدِ، قَالَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ لَآيَتَيْنِ مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَرَأَهُمَا، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، إِلَّا غَفَرَ لَهُ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ} ، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} (2) .
__________
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيم.
(2) الآية (110) من سورة النساء.
[526] سنده رجاله ثقات، إلا أن أبا إسحاق السبيعي مدلس كما في ترجمته في الحديث [1] ولم يصرح بالسماع هنا، وأما اختلاطه فلا يؤثر هنا؛ لأن سفيان الثوري روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، لكنه خالف أبا الأحوص في بعض لفظه، وقد توبع أبو إسحاق كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 326) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي الدنيا وابن المنذر والبيهقي.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 68 / أ) .
والطبراني في "الكبير" (9 / 241 رقم 9035) .
كلاهما من طريق المصنف، به مثله، إلا أنهما قالا: ((إلا غفر الله له)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 328 رقم 9572) من طريق أبي الأحوص، به نحوه.
وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 180 / أ) ، فقال: أبنا عبد الملك بن عمرو، عن سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأسود وعلقمة قالا: قال عبد الله: من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء، ثم استغفر =(3/1091)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= غفر له: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ ... } الآية.
وسفيان هو الثوري، وعبد الملك بن عمرو هو أبو عامر العَقَدي.
وهذا فيه مخالفة لأبي الأحوص في ذكر آية آل عمران، وسفيان الثوري أوثق من أبي الأحوص، وهو ممن روى عن أبي إسحاق السبيعي قبل الاختلاط، وأما أبو الأحوص فلم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط.
وقد جاء الحديث من غير طريق أبي إسحاق.
فأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص209 - 210 رقم 531) .
والطبراني في "مسند الشاميين" (2 / 334 - 335 رقم 1444) .
كلاهما من طريق محمد بن عبد الله بن المهاجر الشُّعَيْثي، عن أبي الفرات مولى صَفِيَّة أم المؤمنين، أن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: في القرآن آيتان، ما قرأهما عبد مسلم عند ذنب إلا غُفر له. قال: فسمع بذلك رجلان من أهل البصرة، فأتياه، فقال: ائتيا أُبَيَّ بن كعب؛ فإني لم أسمع مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - شيئًا إلا وقد سمعه أُبيّ. فأتيا أُبَيَّ بن كعب، فقال لهما: اقرأ القرآن، فإنكما ستجدانهما، فقرأ حتى بلغا آل عمران: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ... } إلى آخر الآية، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ، فقالا: قد وجدناهما، فقال أُبَيّ: أين؟ فقال: في آل عمران والنساء، فقال: إنهما هما.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة حال أبي الفرات مولى صفيَّة أم المؤمنين - رضي الله عنها -، قال ابن عبد البر في "الاستغناء" (3 / 1511 - 1512) : (أبو الفرات، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ((ما أخاف عليكم الفقر، ولكني أخاف عليكم الغنى)) ، روى عنه فضيل بن غزوان، قال أبو أحمد الحاكم: وقد روى فضيل بن غزوان، عن شداد بن أبي العالية أبي الفرات، عن أبي داود الأحمري، عن حذيفة، =(3/1092)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} ]
527 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} -، قَالَ: بَيَانٌ مِنَ العَمَى، وهُدَى مِنَ الضَّلاَلة، وَمَوْعِظَةٌ مِنَ الْجَهْلِ.
__________
= فلا أدري، أهما اثنان أو واحد؟ ... ، وربما أرسل أبو الفرات حديثه عن عبد الله، وهما واحد) . اهـ.
قلت: إن كان هو شَدَّاد بن أبي العالية، فهو مجهول الحال أيضًا كما في ترجمة شدّاد في الحديث رقم [812] ، ولا أظنه هو؛ فإن شدادًا لم يُذكر أنه مولى لصفيّة أم المؤمنين، ووصفه أنه مولى صفية يلزم منه أن يكون أعلى طبقة من شدّاد، وانظر "تاريخ دمشق" لابن عساكر (15 / 564 / مخطوط الظاهرية) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1227) .
وسيأتي الحديث من طريق إبراهيم النخعي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ برقم [687] ، وهو ضعيف، من ذلك الطريق.
فالحديث بمجموع هذه الطرق الثلاث عن ابن مسعود قد يكون حسنًا لغيره، إلا أن مخالفة سفيان الثوري في ذكر آية سورة النساء بدلاً من آية سورة آل عمران تُعكِّر على هذا الحكم، فالله أعلم.
[527] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 330) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص80 رقم 162) عن بيان، به مثله.
ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 134) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه مفرقًا:
ابن جرير في "تفسيره" (7 / 233 رقم 7880 و 7882) . =(3/1093)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} ]
528- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: نا خُصَيف، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَكَأَيِّنْ من نبي قتل معه ربيون كثير} -، يَقُولُ: (قَاتَلَ) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في سبيل الله ... } (1) الآية.
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص561 و 562 و 563 رقم 1484 و 1487 و 1491) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (7879 و 7881) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، به مثله.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4 / 311) من طريق القاسم بن الحكم، عن سفيان، به مثله.
(1) قال ابن زنجلة في "حجة القراءات" (ص175 - 176) : (قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: ((وكأين من نبي قُتِلَ)) بضم القاف وكسر التاء أي: ((وكم من نبي قبل مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومعه ربيون كثير)) ، وحجتهم: أن ذلك أنزل معاتبة لمن أدبر عن القتال يوم أحد؛ إذ صاح الصائح: قتل مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما تراجعوا كان اعتذارهم أن قالوا: ((سمعنا قتل محمد)) ، فأنزل الله: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإنْ مات أو قتل انقبلتم} ثم قال بعد ذلك. {وكأين من نبي قُتِل معه ربيون كثير} أي جموع كثير فما تَضَعْضَعَ الجموع وما وَهَنوا، لكن قاتلوا وصبروا، فكذلك أنتم، كان يجب عليكم ألا تهنوا لو قتل نبيكم، فكيف ولم يُقتل. =(3/1094)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقرأ الباقون: ((قاتل معه)) وحجتهم قوله: {فما وهنوا} قالوا: لأنهم لو قتلوا لم يكن لقوله: {فما وهنوا} وجهٌ معروف؛ لأنه يستحيل أن يوصفوا بأنهم لم يهنوا بعدما قتلوا. وكان ابن مسعود يَقُولُ: ((قَاتَلَ)) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ} ؛ وحجة أخرى؛ أنه: ((قاتل)) أبلغ في مدح الجميع من معنى ((قتل)) ؛ لأن الله إذا مدح ((من قُتل)) خاصة دون من ((قاتل)) لم يدخل في المديح غيرهم، فمدح ((من قاتل)) أعمّ للجميع من مدح ((من قُتل)) دون من ((قاتل)) لأن الجميع داخلون في الفضل وإن كانوا متفاضلين)) . اهـ.
[528] سنده ضعيف جدًّا، خصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ، وعتّاب بن بشير لا بأس به إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة، وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود تقدم في الحديث [4] أنه لا يصح سماعه من أبيه، وزياد بن أبي مريم لم يذكروا أنه سمع من ابن مسعود، وقد قال أبو حاتم: ((لم يدخل على أبي موسى الأشعري قط)) كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص61 رقم 217) ، مع أن أبا موسى توفي بعد ابن مسعود بزمن، فابن مسعود كانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وأما أبو موسى فقيل إن وفاته كانت سنة اثنتين وأربعين، وقيل سنة أربع وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين. انظر "التهذيب" (5 / 363) ، و (6 / 28) .
فالحديث منقطع، بين زياد وأبي عبيدة وبين ابن مسعود.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 339) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد.
ونقله الناسخ لتفسير ابن أبي حاتم في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 73 / ب) عن عبد بن حميد فقال: قال عبد: ثنا روح، عن عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله، وزياد بن أبي مريم: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ ربيون كثير} ، يَقُولُ: (قَاتَلَ) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: {فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ في ... } الآية. اهـ، وكان الأولى أن يقول: =(3/1095)
529- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عتَّاب، عَنْ خُصَيف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَا سَمِعْنَا قَطّ أَنَّ نَبِيًّا قُتل فِي الْقِتَالِ.
530- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَنَا عَوْفٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {قَاتَلَ مَعَهُ} (2) .
531- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} -، قَالَ: فُقَهَاءُ، عُلَمَاءُ. قَالَ (3) : وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ الْجُمُوعُ الْكَثِيرَةُ.
__________
= عن عبد الله)) بعد قوله: ((وزياد بن أبي مريم)) ؛ حتى لا يوهم أن الكلام لعبد الله وزياد.
[529] سنده ضعيف؛ فخصيف صدوق سيء الحفظ، وعتّاب لا بأس به إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة كما سبق بيانه في الحديث [204] .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 339) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.
وقد أخرجه عبد بن حميد من طريق روح، عن عتاب، عن خصيف، زعم أن سعيد بن جبير كان يقول ... ، فذكره بمثله كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 73 / ب) .
(1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
(2) انظر التعليق على الحديث رقم [528] .
[530] سنده صحيح عن إبراهيم النخعي والحسن البصري.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 339) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد.
(3) القائل هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي كما يتضح من رواية ابن جرير الآتية.
[531] سنده صحيح إلى الحسن البصري، وأما إلى ابن عباس فضعيف للانقطاع بين عوف وابن عباس، وسيأتي ما يوضح هذا الانقطاع. =(3/1096)
532- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: الْجُمُوعُ الْكَثِيرَةُ.
533- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنِ الضَّحَّاك بْنِ مُزَاحم - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ} -، قال: الرِّبَةُ (2) الواحدة ألف.
__________
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 340) وعزاه للمصنف وحده.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 267 رقم 7965) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به مثله عن الحسن فقط.
وأخرجه أيضًا برقم (7961) من طريق يعقوب، عن هشيم، قال: أخبرنا عوف، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: {ربيون كثير} قال: جموع كثيرة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 268 رقم 7979) من طريق شيخه محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، عن أبيه، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فذكره بمثله.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا تقدم الكلام عنه في الحديث [454] .
(1) هو ابن دينار
[532] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 267 رقم 7969 و 7970) من طريق عبد الرزاق وعمرو بن عبد الحميد الآملي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه.
(2) الرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ: هو الحَبْر وربُّ العِلْم. انظر "لسان العرب" (1 / 403 - 404) ، و"المفردات" للراغب الأصفهاني (ص184 - 185) .
[533] سنده ضعيف، وآفته أبو إسحاق الذي يرويه عن الضحاك.
فالذي يروي عن الضحاك هو أبو إسحاق السبيعي كما في "تهذيب الكمال" (13 / 292) ، لكن هشيمًا لم يرو عنه، ولا يمكن أن يكون أرسله عنه؛ لأنه =(3/1097)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} ]
534- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمة (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} -، قَالَ: قَدْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ مَا بِهِ إِلَيْهِمْ مِنْ حَاجَةٍ، وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَنَّ بِهِ مَنْ (بَعْدَهُ) (2) .
__________
= صرح بالتحديث عنه هنا، وقد يكون أبا إسحاق الشيباني سليمان بن أبي سليمان الذي يروي عنه هشيم، لكن لم يذكروا أن الشيباني روى عن الضحاك كما في الموضع السابق من "تهذيب الكمال".
فالخوف أن يكون أبو إسحاق هذا هو عبد الله بن ميسرة الذي كان هشيم يدلس اسمه، وهو ضعيف. قال يحيى بن معين: ((لم يلق - يعني هشيمًا - أبا إسحاق السبيعي، وإنما كان يروي عن أبي إسحاق الكوفي، وهو عبد الله بن مسيرة، وكنيته أبو عبد الجليل، فكناه هشيم كنية أخرى)) . انظر: "تهذيب التهذيب" (11 / 63) ، وترجمة عبد الله بن ميسرة في الحديث رقم [489] .
وقول الضحاك هذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 340) وعزاه للمصنف وحده.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" من طريق المصنف، به كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 73 / ب) ، إلا أن لفظه هكذا: قال: الربيون: الواحد إلى ألف.
(1) هو عبد الله بن شُبْرُمة - بضم المعجمة وسكون الموحدة وضم الراء - ابن الطُّفَيل بن حسّان الضَّبِّي، أبو شبرمة الكوفي، القاضي، يروي عن أنس وأبي الطفيل والشعبي والحسن البصري وابن سيرين، وغيرهم، وعنه ابنه عبد الملك وعبد الله بن المبارك، والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة فقيه، وثقه أحمد وأبو حاتم والعجلي والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان شاعرًا فقيهًا ثقة قليل الحديث)) ، وقال ابن المبارك: ((جالسته حينًا، ولا أروي عنه)) ، ولم يبين السبب، فهذا جرح غير =(3/1098)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مفسَّر في مقابل تعديل من عدّله، وقال ابن المديني: قلت لسفيان: أكان ابن شبرمة جالس الحسن؟ قال: لا، ولكن رأى ابن سيرين بواسط، وكانت ولادته سنة اثنتين وسبعين للهجرة، ووفاته سنة أربع وأربعين ومائة. "الجرح والتعديل" (5 / 82 رقم 381) ، و"التهذيب" (5 / 250 - 251 رقم 439) ، و"التقريب" (ص307 رقم 3380) .
(2) في الأصل: ((بعد)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الأثر من طريق المصنف.
[534] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين ابن شبرمة، والحسن البصري، فقد تقدم سؤال ابن المديني لسفيان ابن عيينة: أكان ابن شبرمة جالس الحسن؟ قال: لا.
وقول الحسن هذا ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 358) وعزاه للمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 109) في آداب القاضي، باب مشاورة الوالي والقاضي في الأمر، أخرجه من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((علمه الله سبحانه)) بدل قوله: ((قد علم الله)) .
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في حاشية "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 82 / ب) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص362 - 633 رقم 1745) .
وابن حبان في "روضة العقلاء" (ص167) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 46) في النكاح، باب ما أمره الله تعالى به من المشورة فقال: {وشاورهم في الأمر} .
أما ابن المنذر وابن أبي حاتم فمن طريق محمد بن يحيى بن أبي عمر، وأما ابن حبان فمن طريق محمد بن سيلمان المصِّيصي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه. =(3/1099)
535 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ رَجُلٍ (1) ، عَنْ عَمْرٍو (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: (وَشَاوِرْهُمْ في بعض الأمر) .
__________
= وأما البيهقي فإنه رواه بإسناد معضل، فأخرجه من طريق الشافعي، قال: قال الحسن ... ، فذكره بنحوه.
(1) هو عمر بن حبيب المكي، نزيل اليمن، القاصّ - بالمعجمة، وبالمهملة الشديدة -، كما جاء مصرحًا به في رواية البخاري في "الأدب المفرد" الآتية، وهو يروي عن عمرو بن دينار وعطاء والزهري وغيرهم، روى عنه سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعتّاب بن بشير وغيرهم، وهو ثقة حافظ في الطبقة السابعة؛ وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو بكر المقرئ وأبو علي النيسابوري، وقال ابن عيينة: ((كان صاحبًا لنا، وكان حافظًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 104 رقم 552) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 172 - 173) ، و"التهذيب" (7 / 431 رقم 705) ، و"التقريب" (ص410 رقم 4873) .
(2) يعني ابن دينار.
[535] سنده صحيح، وشيخ ابن عيينة المبهم هو عمر بن حبيب كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 395) وعزاه للمصنف والبخاري في "الأدب المفرد" وابن المنذر، وحسّن سنده.
وابن المنذر أخرجه من طريق المصنف، به مثله كما في حاشية "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 82 / ب) .
وقد اختُلف على سفيان بن عيينة.
فرواه المصنف هنا عنه، عن رجل مبهم، عن عمرو بن دينار، به.
ورواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص634 رقم 1750) من طريق شيخه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار ... ، فذكره بمثله هكذا بلا واسطة بين سفيان وعمرو.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1 / 357 رقم 257) فقال: حدثنا صدقة، =(3/1100)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} ]
536 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، أَنَا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَأَنَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ} (1) .
__________
= قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عمر بن حبيب، عن عمرو بن دينار ... ، فذكره بمثله هكذا مبينًا أن الواسطة هو عمر بن حبيب.
وهذا إسناد صحيح.
وشيخ البخاري صَدَقة بن الفَضْل أبو الفضل المَرْوزِي، يروي عن سفيان بن عيينة ومعتمر بن سليمان ويحيى القطان وغيرهم، روى عنه البخاري والدارمي ومحمود بن آدم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه النسائي والدولابي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان صاحب حديث وسنة)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((سمعت أبا الفضل صدقة بن الفضل المروزي وكان كخير الرجال)) ، وقال وهب بن جرير: ((جزى الله صدقة ويعمر وإسحاق عن الإسلام خيرًا؛ أحيوا السنة بأرض المشرق)) ، وقال عباس بن الوليد النَّرْسي: ((كنا نقول: بخراسان صدقة، وبالعراق أحمد)) ، وكذا قال عباس العنبري وزاد: ((وزيد بن المبارك باليمن)) ، وقال أحمد بن سيار: ((لم أر في جميع من رأيت مثل مسددة بالبصرة، والقواريري ببغداد، وصدقة بمرو)) ، وكانت وفاته سنة نيف وعشرين ومائتين، قيل: سنة ثلاث وعشرين، وقيل: سنة ست وعشرين ومائتين. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان (2 / 420 - 421) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 144 - 145) ، و"التهذيب" (4 / 417 رقم 718) ، و (7 / 41) ، و"التقريب" (ص275 رقم 2918) .
(1) لم تضبط في الأصل، وفيها قراءتان: فقرأ أبو عبد الرحمن السُّلمي ومجاهد وابن كثير وأبو عمرو وعاصم: ((يَغُلُّ)) - بفتح الياء وضم الغين -، وهي قراءة ابن عباس واختيار أبي عبيد، والمعنى: ما كان لنبي أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم. =(3/1101)
537- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ، عَنِ الْحَسَنِ، قال: أن يُخان.
__________
= وقرأ الباقون بضم الياء وفتح الغين: ((يُغَلّ)) ، وهي قراءة ابن مسعود واختيار أبي حاتم، والمعنى كما سيأتي في الحديث بعده عن الحسن البصري: أن يُخان، يعني تخونه أمته، وقيل معناه: ما كان لنبي أن يُخَوَّنَ، أو تنسب إليه الخيانة، أو يوجد خائنًا، أو يُدخل في جملة الخائنين. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (2 / ل 141) ، ,و"حجة القراءات" (ص179 - 181) .
[536] سنده عن إبراهيم النخعي ضعيف؛ لأن مغيرة يدلس لا سيما عن إبراهيم كما تقدم بيانه في الحديث [54] ، ولم يصرح هنا بالسماع.
وأما سنده عن الحسن البصري فصحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 362) من رواية الحسن فقط، وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 353 رقم 8151) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به مثله عن الحسن فقط، وزاد: قال عوف: قال الحسن: أن يخان.
وهذه الزيادة أخرجها المصنف مستقلة وهي الآتية في الحديث بعده.
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في حاشية "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 83 / أ) ، فقال: حدثنا علي، عن أبي عبيد، ثنا هشيم، ثنا مغيرة، عن إبراهيم أنه قرأها: (يَغُلّ) . قال هشيم: وأبنا عوف، عن الحسن أنه قرأها: (يُغَلّ) ، وقال: أن يُخان.
وأخرجه ابن المنذر أيضًا فقال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا حجاج بن منهال، ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن قال: (أن يُغَل) .
[537] سنده صحيح، وهو بقية الحديث السابق أخرجه المصنف بإسناد مستقل، وتقدم في الحديث السابق أنه أخرجه ابن جرير وابن المنذر في تفسيريهما.(3/1102)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ]
538- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوص (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (2) قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَتْلَى أُحُدٍ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ، وَنَزَلَ فِيهِمْ: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} وَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّار، (والشَّمَّاس بْنُ عُثْمَانَ) (2) ، مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْش، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خزيمة، وسائرهم من الأنصار.
__________
(1) هو سلام بن سُلَيم.
(2) هو مسلم بن صُبَيْح.
(3) في الأصل: ((وعثمان بن شماس)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من كتاب الجهاد عند المصنف وهو الموافق لرواية ابن أبي حاتم الآتية، وهو الصواب، خلافًا لما ذهب إليه ابن منده، فإن أبا نعيم وهّمه ووافقه ابن حجر. انظر "الإصابة" (3 / 357 رقم 3923) و (4 / 450 رقم 5443) .
[538] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه أبي الضحى.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 345 - 346 رقم 2894) من نفس الطريق، ولفظه:
نزلت هذه الآية فِي قَتْلَى أُحُدٍ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يرزقون} ، وَنَزَلَ فِيهِمْ: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ، قال: قتل يومئذ سبعين (كذا!!) رَجُلًا، أَرْبَعَةٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ: حَمْزَةُ بن عبد المطلب =(3/1103)
539- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: نَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّة، عَنْ مَسْروق، قَالَ: سُئِل عَبْدُ اللَّهِ (1) ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} ، فَقَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عن ذلك (2) ،
__________
= ومصعب بن عمير أخو بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، وَالشَّمَّاسُ بْنُ عثمان المخزومي، وعبد الله بن جحش الأسدي، وسائرهم من الأنصار.
وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 371) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 87 / ب) من طريق إسرائيل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أبي الضحى - في قوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سبيل الله أمواتًا} - قَالَ: نَزَلَتْ فِي قَتْلَى أُحُدٍ خاصة؛ استشهد من المهاجرين أربعة وعشرون: حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وشمّاس بن عثمان، واستشهد من الأنصار ستة وأربعون.
كذا جاء عند ابن أبي حاتم، والذي ذكره المؤلف من أن الذي قتل من المهاجرين هؤلاء الأربعة فقط هو الموافق لما ذكره أهل المغازي. انظر "سيرة ابن هشام" (3 / 129) .
(1) يعني ابن مسعود.
(2) أي سألوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، قال ابن القيم - رحمه الله - في "تهذيب سنن أبي داود" (3 / 374) : ((والظاهر - والله أعلم - أن المسئول عن هذه الآية - الذي أشار إليه ابن مسعود - هو رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وحذفه لظهور العلم به، وأن الوهم لا يذهب إلى سواه، وقد كان ابن مسعود يشتد عليه أن يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، وكان إذا سمّاه أَرْعَد وتغيّر لونه، وكان كثيرًا ما يقول ألفاظ الحديث موقوفة، وإذا رفع منها شيئًا تحرّى فيه، وقال: أو شِبْهَ هذا، أو قريبًا من هذا، فكأنه - والله أعلم - جرى على عادته في هذا الحديث، وخاف أن لا يؤدّيه =(3/1104)
(فَقَالَ) (3) : أَرْوَاحُهُمْ كَطَيْرٍ خُضْرٍ تَسْرَحُ (فِي الْجَنَّةِ) (3) فِي أَيِّهَا شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ بِالْعَرْشِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ اطِّلاعَةً، فَقَالَ لَهُمْ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، مَاذَا نَسْأَلُكَ وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ، إِذْ طَلَعَ رَبُّكَ عَزَّ وَجَلَّ اطَّلَاعَةً، فَقَالَ لَهُمْ: سَلُونِي مَا شِئْتُمْ، قَالُوا: يَا رَبَّنَا، وَمَاذَا نَسْأَلُكَ، وَنَحْنُ فِي الْجَنَّةِ نَسْرَحُ فِي أَيِّهَا شِئْنَا؟ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا إِلَّا أَنْ يَسْأَلُوا، قَالُوا: نَسْأَلُكَ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ، فَلَمَّا رَأَى أَنَّهُمْ (لَا يَسْأَلُونَ) (4) إلا هذا تُركوا)) .
__________
= بلفظه: فلم يذكر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والصحابة إنما كانوا يسألون عن معاني القرآن رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ.
(3) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد كما سيأتي.
(4) في الأصل: ((لا يسألوا)) .
[539] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" كما سيأتي.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 232 - 233 رقم 2559) من نفس الطريق، مع بعض الاختلاف في متنه.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 373) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق في "المصنف" والفريابي وهناد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في "الدلائل".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 308 - 309) . =(3/1105)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريقه وطريقين آخرين أخرجه مسلم في "صحيحه" (3 / 1502 - 1503 رقم 121) في الإمارة، باب بيان أن أرواح الشهداء في الجنة.
وأخرجه هنّاد في "الزهد" (1 / 120 رقم 154) .
وابن ماجه في "سننه" (2 / 936 - 937 رقم 2801) في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله.
وابن منده في "الإيمان" (2 / 400 - 401 رقم 244) .
والبيهقي في "سننه" (9 / 163) في السير، باب فضل الشهادة في سبيل الله، وفي "شعب الإيمان" (8 / 171 - 172 رقم 3937) ، وفي "دلائل النبوة" (3 / 303) .
وابن عساكر في ((الأربعون في الحديث على الجهاد)) (ص114 - 115) .
جميعهم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص81 - 82 رقم 166) عن الأعمش، به نحوه، ولم يذكر قوله: ((فلما رأى أنه لَا يَسْأَلُونَ إِلَّا هَذَا تُرِكُوا)) .
ومن طريق الثوري أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (5 / 263 رقم 9554) ، وفي "تفسيره" (1 / 139) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 390 رقم 8218) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" المخطوط (2 / ل 88 / أ) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 237 - 238 رقم 9023) .
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص38 رقم 291) .
والدارمي في "سننه" (2 / 126 رقم 2415) .
وابن جرير في "تفسيره" (7 / 387 رقم 8208) .
ثلاثتهم من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه مختصرًا.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 66 رقم 120) . =(3/1106)
540 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ السُّلَمي (1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيل (2) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رسول الله صلى [ل122/ب] اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَحْيَا أَبَاكَ، فَقَالَ لَهُ: تَمَنَّ، فَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا، فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: إِنِّي قَضَيْتُ أَنْ لا يَرْجعون)) .
__________
= ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده" (5 / 53) .
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 361 - 362 رقم 4098) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير.
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 87 / ب - 88 / أ) .
ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، عن الأعمش، به نحو سياق سفيان الثوري.
وأخرجه مسلم والبيهقي في الموضعين السابقين، كلاهما من طريق عيسى بن يونس وجرير بن عبد الحميد، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجاه أيضًا ومعهما ابن منده في الموضع السابق أيضًا، ثلاثتهم من طريق أسباط بن محمد، عن الأعمش، به نحوه.
ومن طريق أسباط أيضًا أخرجه قوّام السنة الأصبهاني في "الحجّة" (1 / 358 رقم 199) بنحوه.
وأخرجه أبو عوانة في "مسنده" (5 / 54 - 55) من طريق زائدة، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 238 رقم 9024) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه البيهقي من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، مقرونًا برواية أبي معاوية عنده في الموضع السابق من "شعب الإيمان".
(1) هو محمد بن علي بن رُبَيِّعَة - بالتصغير والتثقيل -، أبو عَتَّاب السُّلَمي، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عقيل وأبي وائل شقيق بن سلمة ومنصور بن المعتمر =(3/1107)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وغيرهم، روى عنه هشيم وسفيان بن عيينة ووكيع وغيرهم، وهو ثقة فيه تشيع؛ وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((شيعي صدوق، لا بأس به، صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (8 / 26 - 27 رقم 120) ، و"تعجيل المنفعة" (ص246 - 962) .
(2) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقيل بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، روى عن أبيه وخاله محمد بن الحنفيّة وابن عمر وأنس وجابر وغيرهم، روى عنه محمد بن عجلان وحماد بن سلمة والسفيانان وغيرهم، وهو صدوق في حديثه لين، ويقال: تغير بأخَرَةٍ، قال ابن المديني: ((لم يدخله مالك في كتبه)) ، وقال: يعقوب بن شيبة: ((ابن عقيل صدوق، وفي حديثه ضعف شديد جدًّا، وكان ابن عيينة يقول: أربعة من قريش يترك حديثهم، فذكره فيهم)) ، وقال ابن المديني عن ابن عيينة: ((رأيته يحدث نفسه، فحملته على أنه قد تغير)) ، وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن معين: ((لا يحتج به)) ، وفي رواية: ((ضعيف الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((منكر الحديث، لا يحتجّون بحديثه، وكان كثير العلم)) ، وقال الترمذي: ((صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل [يعني البخاري] يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجّون بحديث ابن عقيل. قال محمد بن إسماعيل: وهو مقارب الحديث)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي جائز الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((لين الحديث، ليس بالقوي، ولا ممن يحتج بحديثه ... ، يكتب حديثه)) ، وضعفه النسائي، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 153 - 154 رقم 706) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1446 - 1448) ، و"التهذيب" (6 / 13 رقم 19) ، و"التقريب" (ص321 رقم 3592) .
[540] سنده ضعيف لضعف ابن عقيل من قبل حفظه، وهو حسن لغيره كما سيأتي.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد من "سننه" المطبوع (2 / 229 رقم 2550) ، باب ما جاء في فضل الشهادة، بمثل لفظه هنا، إلا أنه قال: =(3/1108)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ((أعلمت أن الله أحيا أباك، فقال: تمنّ)) ، و: ((أن لا ترجعوا)) .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 371) وعزاه للترمذي وابن ماجه وابن أبي عاصم في "السنة" وابن خزيمة والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "الدلائل".
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 88 / أ) من طريق المصنِّف، به بلفظ: ((إن الله أحيا أباك، فقال: تَمَنَّ، فَتَمَنَّى أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ الله تعالى: إِنِّي قَضَيْتُ أَنْ لَا يَرْجِعُونَ)) . والحديث مروي عن جابر- رضي الله عنه - من أربع طرق:
1- طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل، وله عنه ثلاث طرق:
أ) طريق محمد بن علي السلمي الذي أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان بن عيينة عنه.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 532 رقم 1265) .
والإمام أحمد في "المسند" (3 / 361) .
وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 6 رقم 2002) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه.
ب) طريق أبي حماد المفضل بن صدقة الحنفي، عن ابن عقيل، قال: سمعت جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما- قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على الشهداء كلهم يوم أحد، فرجعت وأنا مثقل قد ترك أبي عليَّ دينًا وعيالاً، فلما كان عند الليل أرسل إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فقال: ((يا جابر، إن الله قد أحيا أباك وكلمه)) ، وقال: قلت: وكلّمه كلامًا؟ قال: ((وكلمه كلامًا، فقال له: تمنّ، قال: أتمنى أن تردّ روحي، وتنشر خلقي كما كان، وترجعني إلى نبيك فأقاتل في سبيلك فأقتل مرة أخرى)) .
أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص145 رقم 303) من طريق أبي إسحاق الفزاري، عن أبي حماد الحنفي، به =(3/1109)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق الدارمي أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 119 - 120) .
قال الحاكم: ((صحيح الإسناد، ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: أبو حماد هذا هو المفضل بن صدقة، قال النسائي: متروك)) .
أقول: ومع ضعف ابن عقيل، ففي سنده المفضل بن صدقة أبو حماد الحنفي الكوفي، وهو ضعيف؛ ففي إسناد هذا الحديث قال عنه أبو إسحاق الفزازي: ((وكان من أوثق أهل زمانه)) ، وقال البغوي: ((كوفي صالح الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((ما أرى بحديثه بأسًا، وكان أحمد بن محمد بن سعيد يثني عليه ثناء تامًا)) ، وقال الأهوازي: ((كان عطاء بن مسلم يوثقه)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بشيء، يكتب حديثه)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) . اهـ. من الموضع السابق من "كتاب الدارمي"، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2403 - 2404) ، و"لسان الميزان" (6 / 80 - 81 رقم 291) .
جـ) طريق محمد بن إسحاق بن يسار، حدثني أصحابنا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عقيل، قال: سمعت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((ألا أبشرك يا جابر؟)) قال: قلت: بلى يا نبي الله، قال: ((إن أباك حيث أصيب بأحد، أحياه الله عز وجل، ثم قال له: ما تحب يا عبد الله بن عمرو أن أفعل بك؟ قال: أي ربّ، أحبّ أن تردني إلى الدنيا، فأقاتل فيك، فأقتل مرة أخرى)) .
أخرجه ابن إسحاق في "المغازي" كما في "السيرة النبوية" لابن هشام (3 / 127) .
ومن طريقه أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 388 - 389 رقم 8214) .
وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2 / 193) .
ومع ضعف ابن عقيل، ففيه هذا الراوي المبهم شيخ ابن إسحاق.
(2) طريق موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري، سمعت طلحة بن خراش، سمعت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: لقيني رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال لي: ((يا جابر، مالي أراك منكسرًا؟)) قلت: يا رسول الله، استشهد أبي وترك عيالاً ودينًا، قال: قال: ((ألا =(3/1110)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبشرك بما لقي الله به أباك؟)) قال: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((ما كلّم الله أحدًا قط إلا من وراء حجابه، وأحيا أباك فكلّمه كفاحًا، فقال: تمنّ عليّ أعطك، قال: يا رب، تحييني فأقتل فيك ثانية، قال الرب تبارك وتعالى: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون)) ، قال: وأنزلت هذه الآية. {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سبيل الله أمواتًا} .
أخرجه الترمذي (8 / 360 - 361 رقم 4097) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير، واللفظ له.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 68 رقم 190) في المقدمة، باب فيما أنكرت الجهمية، و (2 / 936 رقم 2800) في الجهاد، باب فضل الشهادة في سبيل الله.
وابن الأعرابي في "معجمه" (ص425) .
وعثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص60 و 137 رقم 115 و 289) .
وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 267 رقم 602) ، وفي الجهاد (2 / 511 - 512 رقم 196) .
وابن خزيمة في "التوحيد" (2 / 890 - 891 رقم 599) .
وابن حبان في "صحيحه" (9 / 83 رقم 6983 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (2 / 668) .
ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" (3 / 203 - 204) .
وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 427) .
والبيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 298 - 299) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص124) .
وقوّام السنة الأصبهاني في "الحجّة" (1 / 268 و 394 رقم 119 و 232) .
والبغوي في "تفسيره" (1 / 370) .
جميعهم من طريق موسى بن إبراهيم، به. =(3/1111)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم)) .
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) .
وقال الشيخ الألباني في تعليقه على الموضع السابق من "السنة" لابن أبي عاصم: ((إسناده حسن، ورجاله صدوقون على ضعف في موسى بن إبراهيم بن كثير)) .
قلت: سنده ضعيف؛ فيه موسى بن إبراهيم بن كثير بن بشير بن الفَاكِه الأنصاري الحَرَامي - بفتح المهملة والراء-، المدني، روى عن طلحة بن خراش ويحيى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قتادة، روى عنه يوسف بن عدي وعلي بن المديني وإبراهيم بن المنذر الحزامي وغيرهم، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 449) ، وقال: ((كان ممن يخطئ)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (4 / 199 رقم 8843) ، وقال: ((مدني صالح، وقال ابن حجر في "التقريب" (ص549 رقم 6942) : ((صدوق يخطئ)) ، وانظر "التهذيب" (10 / 333 رقم 583) .
(3) طريق عياض بن عبد الله، عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ألا أخبرك؟)) قلت: بلى، فقال: ((إن أباك عُرض على ربه ليس بينه وبينه ستر، فقال: سل تعطه)) .
أخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 268 رقم 603) ، وفي الجهاد (2 / 548 رقم 215) ، من طريق الوليد بن مسلم، عن صدقة أبي معاوية، عن عياض بن عبد الله، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا.
فعياض بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الفِهْري يروي عن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة والزهري وأبي الزبير وغيرهم، روى عنه صدقة بن عبد الله أبو معاوية السَّمين وابن لهيعة وابن وهب وغيرهم، فهو لم يسمع من أحد من الصحابة، فالإسناد منقطع بينه وبين جابر، ومع هذا فهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((روى عنه =(3/1112)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن وهب أحاديث فيها نظر)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكذا ابن شاهين وقال: ((قال أحمد بن صالح: عياض بن عبد الله الفهري من أهل المدينة، ثبت له بالمدينة شأن، وفي حديثه شيء)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6 / 409 رقم 2285) ، و"الضعفاء" للعقيلي (3 / 350 - 351) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص180 رقم 1097) ، و"التهذيب" (8 / 201 رقم 370) .
وصَدَقة بن عبد الله السَّمين، أبو معاوية، أو أبو محمد الدمشقي، يروي عن زيد بن واقد وابن جريج وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد والوليد بن مسلم وغيرهم، وهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين والبخاري وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ما كان من حديثه مرفوعًا فهو منكر، وما كان من حديثه مرسلاً عن مكحول فهو أسهل، وهو ضعيف جدًّا)) ، واختلفت عبارة دحيم فيه، فوثقه في بعض الروايات عنه وضعفه في بعضها الآخر. انظر "الكامل" لابن عدي (4 / 1392 - 1939) ، و"التهذيب" (4 / 415 - 416 رقم 717) ، و"التقريب" (ص275 رقم 2913) .
والوليد بن مسلم تقدم في الحديث [130] أنه مدلس، ويدلس أيضًا تدليس التسوية، ولم يصرح بالسماع بينه وبين شيخه ولا مَنْ فوقه.
(4) طريق محمد بن سليمان بن سليط الأنصاري، عن أبيه، عن جابر، به نحو حديث موسى بن إبراهيم.
أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 427) .
وفي سنده محمد بن سليمان بن سَلِيط الأنصاري السالمي، وهو مجهول كما قال أبو حاتم والعقيلي، وهو يروي عن أبيه، ولم يرو عنه سوى عبد العزيز بن يحيى وهو واه كما قال الذهبي. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 269 رقم 1474) ، و"الضعفاء" للعقيلي (4 / 74) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 573 رقم 7640) ، و"لسان الميزان" (5 / 190 رقم 659) . =(3/1113)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعليه فالحديث حسن لغيره بمجموع طريقي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عقيل عن جابر، وموسى بن إبراهيم، عن طلحة بن خراش، عن جابر.
وله شاهد من حديث عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لجابر: ((يا جابر، ألا أبشرك؟)) قال: بلى بشرني بشرك الله بالخير، قال: ((أشعرت أَنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَحْيَا أباك، فأقعده بين يديه، فقال: تمنّ عليّ عبدي ما شئت أعطيكه، فقال: يا رب، ما عبدتك حق عبادتك، أتمنى أن تردني إلى الدنيا فأقتل مع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرة أخرى، فقال: سبق مني أنك إليها لا ترجع؟)) .
أخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 259 رقم 2706) .
والطبراني في "الكبير" كما في "مجمع الزوائد" (9 / 317) .
والحاكم في "المستدرك" (3 / 203) .
ومن طريقه البيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 298) .
جميعهم من طريق فيض بن وُثَيْق، عن أبي عبادة الأنصاري، عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، به.
وصحح الحاكم هذا الحديث، فتعقبه الذهبي بقوله: ((فيض كذاب)) .
وقال الهيثمي في الموضع السابق من "مجمع الزوائد": ((رواه الطبراني والبزار من طريق الفيض بن وثيق، عن أبي عبادة الزرقي، وكلاهما ضعيف)) .
قلت: أما فيض بن وُثَيق بن يوسف بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أبي العاص، فقد قال عنه ابن معين: ((كذا خبيث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره ابن أبي حاتم وبيّض له، وذكر أن أباه وأبا زرعة رويا عنه، وذكر الذهبي في "تلخيص المستدرك" أنه كذاب تبعًا لابن معين، بينما ذكره في "ميزان الاعتدال"، وقال: ((قال ابن معين: كذاب خبيث، قلت: قد روى عنه أبو زرعة وأبو حاتم، وهو مقارب الحال إن شاء الله)) . انظر "الجرح والتعديل" (7 / 88 رقم 501) ، و"الميزان" (3 / 366 رقم 6787) ، و"اللسان" (4 / 455 - 456 رقم 1409) .
فالذي يظهر أن الذهبي - رحمه الله - رجع عن قوله بتكذيب فيض هذا، فالراجح =(3/1114)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ} ]
541- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القُرح} .
__________
= من حاله أنه ضعيف وليس بكذاب.
والحديث سنده ضعيف جدًّا، فالذي روى عن فيض هذا الحديث هو عيسى ابن عبد الرحمن، بن فَرْوة الأنصاري، أبو عبادة الزُّرَقي، وهو متروك، قال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث، ضعيف الحديث، شبيه بالمتروك، لا أعلم روى عن الزهري حديثًا صحيحًا)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس بالقوي)) ، وقال النسائي: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن يروي المناكير عن المشاهير، روى عن الزهري ما ليس من حديثه من غير أن يدلِّس عنه، فاستحق الترك)) ، وقال ابن عدي: ((يروي عن الزهري مناكير)) ، وقال العقيلي: ((مضطرب الحديث)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث مجهول)) . اهـ. من "التاريخ الكبير" (6 / 391) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 281 - 282) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 119 - 120) ، و"الميزان" (3 / 317) ، و"التهذيب" (8 / 218 - 219) ، و"التقريب" (ص439 رقم 5306) .
وعليه فالحديث لا يتقّوى بهذا الشاهد لشدّة ضعفه، فيبقى على أنه حسن لغيره بالطرق التي تقدمت الإشارة إليها، والله أعلم.
[541] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لأن مغيرة بن مقسم في الحديث [54] أنه يدلس لاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيها بالسماع.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 388) وعزاه للمصنف وحده.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 228) : ((روى سعيد بن منصور بإسناد جيد عن ابن مسعود أنه قرأ: {القُرح} - بالضم -، قلت: وهي قراءة أهل =(3/1115)
542- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبُو الأشْهب (1) ، عَنْ أَبِي رَجَاء (2) ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (3) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ} ]
543 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: " كَانَتْ بَدْرٌ (4) مَتْجَرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدَ أَبَا سُفْيَانَ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَا، ولقيهم
__________
= الكوفة. وذكر أبو عبيد عن عائشة أنها قالت: اقرأها بالفتح لا بالضم.
قال الأخفش: القُرح بالضم، وبالفتح المصدر، فالضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغة غيرهم، كالضُّعف والضَّعف. حكى الفرّاء أنه بالضم الجرح، وبالفتح ألمه.
وقال الراغب: القَرح بالفتح: أثر الجراحة، وبالضم أثرها من الداخل)) . اهـ.
(1) هو جعفر بن حيّان.
(2) هو عمران بن مِلْحَان.
(3) لم تضبط القراءة في الأصل، وانظر التعليق على الحديث السابق.
[542] سند قراءة الحسن البصري حسن لذاته، فعباد بن راشد تقدم في الحديث [183] أنه صدوق. وأما سند قراءة أبي رجاء فظاهره الصحة، لكن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف على ما سبق بيانه في الحديث [380] ، فأخشى أن يكون هذا منه، فإنه لم يصرح بالسماع من أبي الأشهب، وتقدم مثل هذا الإسناد في الحديث [472] .
(4) بَدْرٌ: ماء مشهور بين مكة والمدينة، وبه سُمِّيت الوقعة المشهورة بين المسلمين والمشركين، التي أظهر الله بها الإسلام، وفرّق بين الحق والباطل، وكانت في شهر رمضان، سنة اثتنين للهجرة. انظر "معجم البلدان" (1 / 357 - 358) .(3/1116)
رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ بِهَا (جَمْعًا عَظِيمًا) (5) مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَأَتَوْا بَدْرًا، فَلَمْ يَلْقَوْا أَحَدًا، فَرَجَعَ الجَبَانُ، ومَضَى الْجَرِيءُ، فَتَسَوَّقوا بِهَا، وَلَمْ يَلْقَوْا أَحَدًا، فَنَزَلَتْ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ} .
__________
(5) في الأصل: ((جمع عظيم)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "السنن" للمصنف.
[543] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عكرمة.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 389) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب جامع الشهادة (2 / 354 - 355 رقم 2914) بمثل ما هنا، إلا أنه قال هناك ((فلقيهم رجل فقال: إن بها ... )) ، و ((فأتوا بدرًا، فلم يلقوا بها أحدًا)) .
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 140) .
ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 412 رقم 8250) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 90 / أ) .
أما عبد الرزاق فعن سفيان بن عيينة بلا واسطة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ابن أبي عمر، عن سفيان، به نحوه.
وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 343 - 345 رقم 103) .
وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 428) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 247 رقم 11632) .
ثلاثتهم من طريق محمد بن منصور الجوّاز، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لما انصرف المشركون عن أحد وبلغوا الرَّوْحاء قالوا: لا محمدًا قتلتموه، ولا الكواعب أردفتم، وبئس ما صنعتم، ارجعوا، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فندب الناس، فانتدبوا حتى بلغوا حمراء الأسد وبئر أبي عُتَيْبة، فأنزل الله: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ القَرْحُ} ، وقد كان أبو سفيان قال لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: موعدك موسم بدر حيث قتلتم أصحابنا، =(3/1117)
544- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُطَرِّف (1) ، عَنْ عَطِيَّةَ العَوْفي (2) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْري قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كَيْفَ أَنْعَمُ، وَقَدِ التَقَمَ صاحبُ القرنِ القرنَ، وَحنَى جَبْهتَهُ، وأصْغَى سَمْعَهُ مَتَى يُؤْمَرُ، فَيَنْفُخُ فِي الصُّور؟)) (3) قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((قُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، توكلنا على الله)) .
__________
= فأما الجبان فرجع، وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة، فلم يجدوا به أحدًا، وتسوَّقوا، فأنزل الله تعالى: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لم يمسسهم سوء} .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 89 / أ) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان، به نحو اللفظ السابق، إلا أنه لم يذكر فيه ابن عباس.
فهؤلاء أربعة من الرواة رووه عن سفيان، به مرسلاً ليس فيه ذكر لابن عباس، وهم سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي عمر ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ.
وخالفهم محمد بن منصور الجوّاز، فرواه عن سفيان موصولاً.
والرواية المرسلة أرجح من الموصولة، لاتفاق أولئك الأربعة على روايته على هذا الوجه، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 228 - 229) ؛ حيث ذكر الحديث، ثم قال: ((أخرجه النسائي وابن مردويه، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن المحفوظ إرساله غيره عكرمة، ليس فيه ابن عباس، ومن الطريق المرسلة أخرجه ابن أبي حاتم وغيره)) . اهـ.
(1) هو مُطَرِّف - بضم أوّله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة - ابن طَريف الحارثي، ويقال: الخَارِفي، أبو بكر، ويقال: أبو عبد الرحمن الكوفي، روى عن الشعبي وأبي إسحاق السبيعي وعطية العوفي وغيرهم، روى عنه السفيانان وأبو عوانة وهشيم وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة، وقال الشافعي: ((ما كان ابن عيينة بأحد أشدّ إعجابًا منه بمطرِّف)) ، وقال ابن المديني: ((حدثنا سفيان، حدثنا مطرف وكان ثقة)) ، ووثقه الإمام أحمد وأبو حاتم الرازي، وقال العجلي: ((صالح الكتاب، ثقة ثبت في الحديث، ما يذكر عنه إلا الخير في المذهب)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات)) ، ونقل عن =(3/1118)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عثمان بن أبي شيبة أنه قال: ((ثقة صدوق، وليس بثبت)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وقيل: سنة إحدى أو اثنتين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 717 رقم 1448) ، و"تاريخ أسماء الثقات" (ص225 رقم 1364) ، و"التهذيب" (10 / 172 - 173 رقم 323) ، و"التقريب" (ص534 رقم 6705) .
(2) هو ابن سعد العَوْفي، تقدم في الحديث [454] أنه ضعيف.
(3) الصُّورُ كهيئة البُوق، وقيل: هو البوق الذي يزمر به، والمراد به هنا: القَرْن الذي ينفح فيه إسرافيل عليه السلام عند بعث الموتى إلى المحشر. اهـ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 60) ، و"الصحاح" للجوهري (2 / 716 - 717) ، و"تحفة الأحوذي (7 / 117) .
[544] سنده ضعيف لضعف عطية بن سعد العَوْفي، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
فللحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه طريقان:
(1) طريق عطية العوفي هذا الذي أخرجه المصنف هنا عن سفيان، عن مطرف، عنه.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 331 - 333 رقم 754) .
ومن طريقه الحاكم في "المستدرك"، وقد سقط من المطبوع، وهو في المخطوط (3 / ل 297 / ب) .
وأبو نعيم في "الحلية" (7 / 312) .
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1 / 464 رقم 540) .
والإمام أحمد في "المسند" (3 / 7) .
وعبد بن حميد في "مسنده" (ص279 رقم 886 / المنتخب) .
والترمذي في "سننه" (9 / 115 - 116 رقم 3194) في تفسير سورة الزمر من كتاب التفسير.
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه. =(3/1119)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
وأخرجه الطبراني في "معجمه الصغير" (1 / 24) .
والإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1 / 427 - 428) .
وأبو الشيخ في "العظمة" (3 / 854 رقم 397) .
أما الطبراني فمن طريق زهير بن حرب، وأما أبو الشيخ والإسماعيلي فمن طريق روح بن عبادة، كلاهما عن سفيان، به نحوه، إلا أنهما جعلا مكان مُطَرِّف: عمارًا الدُّهني، فالذي يظهر أن لابن عيينة فيه إسنادين.
وأخرجه عبدا الله بن المبارك في "كتاب الزهد" (ص557 رقم 1597) ، عن أبي العلاء خالد بن طهمان، عن عطية، به نحوه.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه:
الترمذي في "سننه" (1 / 117 - 118 رقم 2548) في صفة القيامة، باب ما جاء في الصور.
والدولابي في "الكنى والإسماء" (2 / 50) .
والبغوي في "شرح السنة" (15 / 102 - 103 رقم 4298) .
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن، وقد روي من غير وجهٍ هذا الحديث عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - نحوه)) .
وقال البغوي: ((هذا حديث حسن)) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 374) عن شيخه أبي أحمد الزُّبَيْري، عن خالد بن طهمان، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، به، فوافق أبو أحمد عبدَ الله بن المبارك على روايته عن خالد على هذا الوجه.
وخالفهما محمد بن ربيعة، فرواه عن خالد بن طهمان، عن عطية، عن زيد ابن أرقم، به نحوه.
أخرجه الإمام أحمد في الموضع السابق.
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 222 رقم 5072) . =(3/1120)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ورواية ابن المبارك وأبي أحمد أرجح بلا شك، فهما أكثر عددًا، بالإضافة إلى كونهما بلغا من الثقة والإتقان مبلغًا، فابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جُمعت فيه خصال الخير كما في ترجمته في الحديث [42] .
وأبو أحمد الزُّبَيْري تقدم في الحديث [323] أنه ثقة ثبت.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 73) من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن عطية، به نحوه.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 130) .
والبغوي في "شرح السنة" (15 / 103 رقم 4299) .
كلاهما من طريق أبي حذيفة النهدي، عن سفيان الثوري، عن الأعمش، عن عطية، به نحوه.
قال أبو نعيم: ((غريب من حديث الثوري، لا أعلمه رواه غير أبي حذيفة)) .
قلت: بل رواه عبد الرزاق أيضًا عن الثوري كما سبق.
لكن الأعمش دلّس هذا الحديث، فإن الإمام أحمد أخرجه في "المسند" (3 / 9 - 10) ، فقال: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن سعد الطائي، عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سعيد الخدري قال: ذكر رسول - صلى الله عليه وسلم - صاحب الصور، فقال: ((عن يمينه جبريل، وعن يساره ميكائيل عليهم السلام)) .
ورواه موسى بن أعين، عن عمران البارقي، عن عطية، به نحو لفظ المصنِّف.
أخرجه أبو الشخ في "العظمة" (3 / 851 - 853 رقم 396) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (2 / 193 - 195 رقم 346) .
وأخرجه أيضًا أبو يعلى في مسند أبي هريرة كما في "النهاية" لابن كثير (1 / 212) ، لكن وقع خطأ طباعي، فبدلاً من قوله: ((عن عمران، عن عطية)) ، جاء هكذا: ((عن عمران بن عطية)) .
فالذي يظهر أن الأعمش لما تحصّل له الحديث من أكثر من طريق عن عطية، كان ينشط أحيانًا فيذكر الواسطة، ويكسل أحيانًا فلا يذكرها. =(3/1121)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه محمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 120 / ب) ، من طريق عبيد الله بن موسى، عن مالك بن مغول، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، به نحوه.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (5 / 105) من طريق الفريابي، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن قيس، عن عطية، به نحوه.
(2) طريق أبي صالح ذكوان السَّمَّان، عن أبي سعيد، به نحوه.
أخرجه أبن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" (ل 4 / ب) .
وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 339 - 340 رقم 1084) .
ومن طريق أبي يعلى، وطريق آخر أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (3 / 105 - 106 رقم 823 / الإحسان) .
أما ابن أبي الدنيا وأبو يعلى فعن عثمان بن أبي شيبة بلا واسطة، وأما ابن حبان فمن طريق عبد الله بن البخاري، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، به.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 559) من طريق إسماعيل بن إبراهيم أبي يحيى التَّيْمي، عن الأعمش، به نحوه.
قال الحاكم: ((لم نكتبه من حديث الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، ولولا أن أبا يحيى التيمي على الطريق، لحكمت للحديث بالصحة على شرط الشيخين رضي الله عنهما)) فتعقبه الذهبي بقوله: ((أبو يحيى واه)) .
ولم ينفرد أبو يحيى بهذا الحديث، بل تابعه جرير كما سبق، وتابعه أيضًا أبو مسلم قائد الأعمش، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخه" (3 / 363) .
والطريق الأولى التي أخرجها ابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن حبان سندها صحيح.
فأبو صالح ذكوان السَّمَّان والأعمش وجرير بن عبد الحميد ثقات تقدمت تراجمهم. =(3/1122)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ورواية الأعمش عن أبي صالح صحيحة وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث رقم [3] .
وعثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العَبْسي، أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، يروي عن هشيم وعَبْدة بن سليمان وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، روى عنه الجماعة الترمذي والنسائي، وروى عنه أيضًا ابنه محمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وغيرهم، وهو ثقة حافظ شهير، قال فضلك الرازي: سألت ابن معين عن محمد بن حميد الرازي فقال: ((ثقة)) ، وسألته عن عثمان بن أبي شيبة فقال: ((ثقة)) ، فقلت: من أحب إليك، ابن حميد، أو عثمان؟ فقال: ((ثقتين أمينين مأمونين)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال أيضًا: سمعت رجلاً يسأل محمد بن عبد الله بن نمير عن عثمان، فقال: سبحان الله! ومثله يُسئل عنه؟ إنما يُسئل هو عنا)) ، وكانت ولادته سنة ست وخمسين ومائة، ووفاته سنة تسع وثلاثين ومائتين. أهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 166 - 167 رقم 913) ، و"التهذيب" (7 / 149 - 151 رقم 298) ، وانظر "التقريب" (ص386 رقم 4513) .
أقول: وقد جرح عثمان بن أبي شيبة بأمرين: أحدهما: أنه كان لا يحفظ القرآن، فكان يصحِّف، والآخر: تفرده بأحاديث انتقدت عليه.
أما الأول فلا يُعدُّ جارحًا إلا إذا كثر من المُحَدِّث، ولا أظنه إلا قد بولغ فيما نقل عنه، حتى قالوا: إنه قرأ قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} ، قالوا: قرأها: ألف، لام، ميم، يعني مثل فاتحة سورة البقرة. قال الذهبي معلقًا على هذه الحكاية: ((لعله سبق لسان، وإلا فقطعًا كان يحفظ سورة الفيل، وهذا تفسيره قد حمله الناس عنه)) . اهـ.
وقال الخطيب: ((لم يُحْكَ عن أحد من المحدثين من التصحيف في القرآن أكثر مما حُكي عن عثمان بن أبي شيبة)) .
أقول: ومثل هذه الأمور لا أشك في أنه قد بولغ فيها لأنها مدعاة للتندُّر وإلا =(3/1123)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فهل يعقل أنه كان لا يحفظ سورة الفيل؟! وإذا كان لم يحفظها، أما سمع أحدًا يقرأها في صلاة أو غير ذلك؟
وأما الجرح الثاني، وهو ما أُخذ عليه في تفرده بحديثين، حتى إن عبد الله بن الإمام أحمد ذكرهما لأبيه، قال: ((فأنكر أبي هذه الأحاديث، مع أحاديث من هذا النحو أنكرها جدًّا وقال: هذه موضوعة، أو: كأنها موضوعة)) .
وقال أبو الفتح الأزدي: ((رأيت أصحابنا يذكرون أن عثمان روى أحاديث، لا يتابع عليها)) .
قال الذهبي: ((قلت: عثمان لا يحتاج إلى متابع، ولا ينكر له أن ينفرد بأحاديث لِسَعةِ ما روى، وقد يغلط، وقد اعتمده الشيخان في صحيحهما، وروى عنه أبو يعلى والبغوي والناس، وقد سئل عنه أحمد، فقال: ما علمت إلا خيرًا، وأثنى عليه، وقال يحيى: ثقة مأمون)) . انظر فيما سبق "ميزان الاعتدال" (3 / 36 - 37) .
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11 / 152) : ((لا ريب أنه كان في حافظًا متقنًا، وقد تفرد في سعة علمه بخبرين منكرين عن جرير الضَّبِّي، ذكرتهما في "ميزان الاعتدال"، غضب أحمد بن حنبل منه لكونه حدث بهما)) .
قلت: لكن هناك ما يمكن أن يستدل به على أن الحمل فيهما على غير عثمان؛ فإن الخطيب البغدادي - رحمه الله - ذكر الحديثين في "تاريخ بغداد" (11 / 284 - 286) ، أما الأول، فرواه عثمان، عن جرير، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت حسين، عن فاطمة الكبرى، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في العصبة.
فهذا ذكر الخطيب أن عثمان قد تُوبع عليه؛ قال الخطيب: ((أما حديث شيبة، فقد رواه عن جرير غير عثمان..)) ، ثم ساقه بإسنادين أحدهما عن أبي العوّام، والآخر، عن حسين الأشقر، كلاهما عن جرير به.
وأما الآخر، فرواه عثمان عن جرير، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ ابن عقيل، عن جابر قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أول الأمر يشهد مع المشركين =(3/1124)
545- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: إِنْ كَانَ أَبَوَاكِ مِنَ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ} .
__________
= أعيادهم حتى نُهي عنه.
فهذا الحديث قد تكون التَّبِعَةُ فيه على من فوق عثمان، وهذا ما بينه الخطيب البغدادي، فرواه من طريق أبى زرعة الرازي، عن عثمان بن أبى شيبة، عن جرير، عن سفيان بن عبد الله بن زياد بن حُدَير، عن ابن عقيل، به.
قال الخطيب: ((كذا قال: عن سفيان بن عبد الله بن زياد بن حُدَير بدل سفيان الثوري، وعندي أن هذا أشبه بالصواب، والله أعلم)) . اهـ.
فالذي يظهر أن عثمان حدث به عن جرير، عن سفيان ولم ينسبه، فظنه بعضهم سفيان الثوري، وحدث به أبا زرعة فنسبه له، فانتفت عنه شبهة هذا الحديث. وعليه يتضح أن عثمان - رحمه الله - ثقة حافظ؛ يقول عنه الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (11 / 151) : ((الإمام الحافظ الكبير المفسِّر)) .
وعليه يتضح أن الحديث بهذه المتابعة صحيح لغيره، والله أعلم.
[545] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 386 - 387) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الدلائل".
وقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 128 رقم 263) عن سفيان، به بلفظ: يا ابن أختي، إن كان أبواك لمن الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بعدما أصابهم القرح: أبو بكر والزبير بن العوام.
ومن طريق الحميدي أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 89 / أ) .
وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 46 رقم 124) في فضل الزبير رضي الله عنه =(3/1125)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من باب فضائل أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - من المقدمة.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 403 رقم 8241) .
وابن أبي داود في "مسند عائشة" (ص55 رقم 16) .
أما ابن ماجه فمن طريق هشام بن عمار وهديّة بن عبد الوهاب، وأما الطبري فمن طريق سعد بن الربيع، وأما ابن أبي داود فمن طريق المسيب بن واضح، جميعهم عن سفيان بن عيينة، به، ولفظ ابن أبي داود نحو لفظ المصنف، ولفظ ابن ماجه وابن جرير نحو لفظ الحميدي.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 104) .
والبخاري في "صحيحه" (7 / 373 رقم 4077) في المغازي، باب: {الذين استجابوا لله والرسول} .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1880 - 1881 رقم 51) في فضل طلحة والزبير من كتاب فضائل الصحابة.
وابن جرير في "تفسيره" (7 / 402 رقم 8239) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 89 / أ) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 298) .
والبيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 312) .
أما ابن سعد فمن طريق عبد الله بن نمير، وأما البخاري والبيهقي فمن طريق أبي معاوية، وأما مسلم فمن طريق عبد الله بن نمير وعبدة بن سليمان وأبي أسامة حماد بن أسامة، وأما ابن جرير والحاكم فمن طريق أبي سعيد محمد بن مسلم المؤدب، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عبدة بن سليمان، جميعهم عن هشام بن عروة، به نحو لفظ المصنف، إلا أن ابن جرير والحاكم وابن أبي حاتم زادوا أنها تعني أبا بكر والزبير.
وأما البخاري والبيهقي فأخرجاه من طريق أبي معاوية بلفظ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا =(3/1126)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} ]
546 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) قَالَ: الْمَوَتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، ثُمَّ تَلَا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ (3) إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا} ، {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} ، ثُمَّ (قَالَ) (4) : إِنَّ الْكَافِرَ مَا عَاشَ كَانَ أشَدَّ لِعَذَابِهِ يَوْمَ القيامة.
__________
= منهم واتقوا أجر عظيم} ، قالت لعروة: يا ابن أختي، كأن أبواك منهم: الزبير وأبو بكر؛ لما أصاب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ما أصاب يوم أحد، وانصرف عنه المشركون، خاف أن يرجعوا، قال: من يذهب في إثرهم؟ فانتدب منهم سبعون رجلاً، قال: كان فيهم أبو بكر والزبير. اهـ.، واللفظ للبخاري.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 94 رقم 12218) .
ومسلم في الموضع السابق برقم (52) .
والحاكم في "المستدرك" (3 / 363) .
جميعهم من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عبد الله البَهِيّ، عن عروة، عن عائشة، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر الأبوين، وإنما قال: ((كان الزبير)) ، وأما الحاكم فقال: ((إن أباك)) .
(1) هو نجيح بن عبد الرحمن السِّندي، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف.
(2) هو القُرَظي، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة عالم.
(3) في الأصل: ((خير لهم)) .
(4) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية ابن المنذر للحديث من طريق المصنف كما سيأتي. =(3/1127)
547- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بنُ فَضَالة (1) ، عَنْ لُقْمان بْنِ عَامِرٍ (2) ، عَنْ أَبِي الدَّرْداء قَالَ: مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إِلَّا الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، وَمَا مِنْ كَافِرٍ إِلَّا الْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ، فَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْنِي، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} ، {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} .
__________
[546] سنده ضعيف لضعف أبي معشر.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 392) وعزاه للمصنف وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 192 / أ) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله تعالى: {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ} ، ولا قول محمد بن كعب: ((يوم القيامة)) .
(1) تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف.
(2) هو صدوق كما في الحديث رقم [19] ، لكن روايته عن أبي الدرداء مرسلة كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 182 رقم 1034) .
[547] سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة، والانقطاع بين لقمان وأبي الدرداء.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 392) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 92 / أ) من طريق المصنف، به مختصرًا، ثم أخرجه بتمامه في (2 / ل 100 / أ) من طريق المصنف أيضًا بمثله سواء.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 496 رقم 8375) من طريق ابن أبي جعفر عن فرج بن فضالة، به نحوه.(3/1128)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ المُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ]
548- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ (1) ، عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَرَأَ: {حَتَّى يَمِيزَ الخبيث من الطيب} (2) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} ]
549- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوَص (3) ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلة (4) ، عَنْ أَبِي وَائِل (5) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} ، قال: يُطَوَّق
__________
(1) تقدم في الحديث [166] أنه صدوق يخطئ.
(2) لم تضبط في الأصل، وكذا في الموضع الآتي من "الدر المنثور"، وفي قوله تعالى: {يميز} قراءتان: الأولى: بضم الياء والتشديد: {يُمَيِّزَ} وبها قرأ الحسن البصري وقتادة وحمزة والكسائي وأهل الكوفة إلا عاصمًا، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم.
الثانية: بفتح الياء مخففًا: {يَمِيْزَ} ، وبها قرأ الباقون.
وفي معنى الفرق بين القراءتين قيل: يقال: مِزْتَ الشيء أمِيزُهُ مَيْزًا: إذا فرّقت بين شيئين، فإذا كانت أشياء قَلْتَ: مَيَّزْتُها تمييزًا. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (2 / ل 160 / أ) ، و"حجة القراءات" (ص182 - 183) .
[548] سنده ضعيف لضعف الحارث بن عبيد من قبل حفظه.
وذكر السيوطي قراءة مالك هذه في "الدر المنثور" (2 / 393) من رواية المصنف فقط، بمثل لفظه هنا سواء.
(3) هو سَلام بن سُلَيْم.
(4) تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث. =(3/1129)
(شُجَاعًا) (6) أقْرَعَ (7) بِفِيهِ زَبِيْبَتَان (8) يَنْقُرُ رَأْسَهُ، فَيَقُولُ: مَا لِي وَلَكِ؟ فَيَقُولُ: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بي.
__________
(5) هو شقيق بن سلمة.
(6) في الأصل: ((شجاع)) .
والشُّجاع- بالضم والكسر -: الحيَّةُ الذكر، وقيل: الحيَّةُ مطلقًا. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 447) .
(7) الأقْرعُ: هو الحيَّةُ الذي لا شعر على رأسه، قد تمعَّط جلد رأسه؛ لكثرة سُمِّه وطول عمره. المرجع السابق (4 / 44 - 45) .
(8) الزَّبِيْبَةُ: نكتة سوداء فوق عين الحيَّة، وقيل: هما نقطتان تكتنفان فاها، وقيل: هما زَبَدَتَان في شِدْقيها. المرجع السابق (2 / 292) .
[549] سنده حسن لذاته لأجل عاصم، ولم يتفرد به، فهو صحيح لغيره كما سيأتي، والحديث وإن كان موقوفًا على ابن مسعود، فله حكم الرفع؛ لأنه لا يقال بالرأي، وقد روي مرفوعًا بإسناد صحيح كما سيأتي.
وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 394 - 395) وعزاه للمصنف والفريابي وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في "زوائد الزهد" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 93 / أ) .
والطبراني في "معجمه الكبير" (9 / 262 رقم 9125) .
كلاهما من طريق الحسن بن الربيع، عن أبي الأحوص، به مثله، إلا أنه قال: ((بخلت به)) .
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص82 رقم 171) عن أبي إسحاق السبيعي، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله في قوله: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامة} قال: يجيء ماله ثعبانًا ينقر رأسه يقول: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بِي، =(3/1130)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فينطوي على عنقه.
ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 141) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبري في "تفسيره" (7 / 436 - 437 رقم 8288) .
وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (8285) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش الموضع السابق من "تفسير ابن أبي حاتم".
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره" أيضًا.
والطبراني في "الكبير" (9 / 262 رقم 9124) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 299) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، به.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
قلت: سنده صحيح، وقد سمع سفيان الثوري من أبي إسحاق قبل الاختلاط، وصرح أبو إسحاق بالتحديث في رواية أبي بكر بن عياش الآتية، وروى هذا الحديث شعبة عن أبي إسحاق، وروايته عنه صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [1] .
فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" رقم (8286 و 8287) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
كلاهما من طريق شعبة، عن أبي إسحاق، به في هذه الآية بلفظ: شجاع أسود يلتوي برأس أحدهم.
وهذا لفظ ابن جرير، وأما ابن أبي حاتم فذكر أن لفظه نحو لفظ حديث سفيان السابق.
وأخرجه أبن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 213) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 298 - 299) . =(3/1131)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، ثنا أبو وائل ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف.
وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش الموضع السابق من "تفسير ابن أبي حاتم، فقال: ابنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامة} ، قال: يكون له المال، فيبخل في حياته، فإذا مات طُوِّق ثعبانًا يجعل ينقر رأسه حتى يخلص إلى دماغه: أَنَا مَالُكَ الَّذِي بَخِلْتَ بِي.
وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" برقم (9123) من طريق شريك بن عبد الله القاضي، عن أبي إسحاق، به نحو لفظ المصنف.
وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (9122) من طريق يزيد بن عطاء، عن أبي إسحاق، به نحو لفظ شعبة عند ابن جرير السابق.
وقد روى الحديث عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مسعود مرفوعًا.
فأحرجه الشافعي في "مسنده" (ص87) ، وهو في ترتيب السِّندي له (1 / 222 رقم 610) ، فقال: أخبرنا سفيان بن عيينة، سمعت جامع بن أبي راشد وعبد الملك بن أعين، سمعا أبا وائل يخبر عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَا من رجل لا يؤدّي زكاة ماله، إلا مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع، يفرُّ منه وهو يتبعه حتى يطوِّقه في عنقه)) ، ثم قرأ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القيامة} .
وهذا إسناد صحيح، وجامع بن أبي راشد تقدم في الحديث [519] أنه ثقة فاضل.
ومن طريق الشافعي أخرجه ابن المنذر كما في هامش الموضع السابق من "تفسير ابن أبي حاتم".
والبيهقي في "سننه" (4 / 81) في الزكاة، باب ما ورد من الوعيد فيمن كنز مال زكاة ولم يؤدّ زكاته. =(3/1132)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 263 - 264 رقم 5000) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 568 - 569 رقم 1784) في الزكاة، باب ما جاء في منع الزكاة.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (8289) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
والثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 161 / ب) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 377) .
والنسائي في "سننه" (5 / 11) ، وفي "التفسير" (1 / 346 - 347 رقم 104) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 11 - 12رقم 2256) .
ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ جَامِعِ بْنِ أَبِي رَاشِدٍ وحده، به نحوه.
وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" (1 / 268) وصحح سنده.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 394) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد والحاكم.
وله طريق آخر عن ابن مسعود.
فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 438 رقم 8292) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 262 رقم 9126) .
ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عن قوله: {سيطرقون مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، قال: يطوَّق شجاعًا أقرع ينهش رأسه. اهـ.، واللفظ لابن جرير.
وأصل الحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 268 رقم 1403) في الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((من آتاه الله مالاً فلم يؤدّ زكاته مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع =(3/1133)
550- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نا أَبُو هَاشِمٍ (2) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ (3) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَرْزُقُهُ اللَّهُ الْمَالَ، فَيَمْنَعُ قَرَابَتَهُ الْحَقَّ الَّذِي جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِي مَالِهِ، فيُجْعَل حَيَّةً، فَيُطَوَّقَها، فَيَقُولُ لِلْحَيَّةِ: مَا لِي وَمَا لَكِ؟ فتقول: أنا مالك.
__________
= له زبيبتان يُطوِّقه يوم القيامة، ثم يأخذ بالهزمتيه - يعني شدقيه-، ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك)) ، ثُمَّ تَلَا: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يبخلون ... } الآية.
(1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر.
(2) هو الرُّمَّاني الواسطي، تقدم في الحديث [78] أنه ثقة.
(3) هو شقيق بن سلمة.
[550] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة، ومعناه صحيح تقدم في الحديث الذي قبله.
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 395) هذا الحديث وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن المنذر من طريق المصنف كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 93 / أ) بمثل لفظه هنا؛ إلا أنه بعد قوله: ((عن مسروق)) زاد ذكر قوله تعالى: {ويبخلون بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 213) .
وابن جرير في "تفسيره" (7 / 438 رقم 8291) .
كلاهما من طريق خلف بن خليفة، به نحوه، إلا أن اسم خلف تصحف في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة" إلى: ((خالد)) ، وسقط من إسناد ابن جرير اسم مسروق، فجاء الحديث من كلام أبي وائل، وقد يكون الوهم من الراوي عن خلف عند ابن جرير، وهو الحسين بن داود الملقب بـ: سُنَيد، وهو ضعيف كما تقدم في الحديث [206] .(3/1134)
551- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ} -، قال: طَوْقٌ من نار.
__________
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) هو النخعي.
[551] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 395) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 213) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 439 رقم 8296) .
كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي به مثله، إلا أن الطبري قال في روايته: ((طوقًا)) .
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص82 رقم 170) عن منصور، به بلفظ: ((طوقًا من نار)) .
ومن طريق الثوري أخرجه:
عباالرزاق في "تفسيره" (1 / 141) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (8295) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8293) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 93 / ب) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8294) من طريق شعبة، عن منصور، به مثل لفظ سفيان الثوري.(3/1135)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} ]
552- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ (1) ، رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ (2) ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا أَسْمَعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ (3) أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ (4) قَدِمَتْ علينا.
__________
(1) في الأصل: ((عن سلمة عن رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ)) ، والتصويب من "تفسير ابن كثير" (1 / 441) حيث نقله بتمامه عن المؤلف.
(2) هو سلمة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، وربما نسب إلى جد أبيه، وأبي جده، وهو مقبول، ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 80 رقم 6026) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 166رقم 731) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 399) ، وروى عنه عمرو بن دينار وعطاء بن أبى رباح ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم وروى هو عن جده عمر بن أبي سلمة وله صحبة وعن جدة أبيه أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها. انظر "التهذيب" (4 / 148 - 149رقم 258) ، و"التقريب" (ص248 رقم 2500) .
(3) قوله تعالى: {ربهم} سقط من الأصل.
(4) أي امرأة، وأصل الظَّعِينَة: الراحلة التي يُرْحَل عليها ويُظْعَنُ عليها، أي: يُسار. =(3/1136)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقيل للمرأة ظعينة: لأنها تَظْعَنُ مع الزوج حيثما ظَعَنَ، أو: لأنها تُحمل على الراحلة إذا ظعنت. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 157) .
[552] سنده ضعيف لجهالة حال سلمة، وهو صحيح لغيره لمجيئه من طريق آخر صحيح، عدا قوله: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: هِيَ أَوَّلُ ظَعِينَةٍ قدمت علينا، فهو حسن لغيره، ورواية المصنف هنا صورتها صورة الحديث المرسل، لكن جاء في بعض طرق الحديث ما ينفي ذلك، ومنها رواية الحميدي وفيها: ((عن أم سلمة أنها قالت)) . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 412) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم.
وأورده ابن كثير في "تفسيره" (1 / 441) من رواية المصنف، فقال: ((قال سعيد ابن منصور: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن سلمة رجل من آل أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة: يا رسول الله، لا نسمع الله ذَكَرَ النِّسَاءَ فِي الْهِجْرَةِ بِشَيْءٍ؟ فأنزل الله تَعَالَى: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ من ذكر أو أنثى} إلى آخر الآية، وقالت الأنصار: هي أول ظعينة قامت علينا)) . اهـ.
وأخرجه عبد الرازق في "تفسيره" (1 / 144) .
والحميدي في "مسنده" (1 / 144 رقم 301) .
كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أنهما لم يذكرا قوله: ((وقالت الأنصار..)) ، الخ.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 487 رقم 8368) .
ومن طريق عبد الله بن الزبير الحميدي أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 99 / ب) .
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 377 رقم 5012) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير. =(3/1137)
553- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ الجُرَيْري، عَنْ أَبِي عَطَّاف (2) ، قَالَ: اسْمُ آلِ عِمْرَانَ فِي التَّوْرَاةِ: طيبة.
__________
= والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 149) .
وأبو يعلى في "مسنده" (12 / 391 - 392 رقم 6958) .
وابن جرير برقم (8369) .
والطبراني في "معجمه الكبير" (23 / 294 رقم 651) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 300) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص133) .
أما الترمذي فمن طريق ابن أبي عمر، وأما أبو يعلى فمن طريق داود بن عمرو، وأما وكيع فمن طريق عبد الله الأَذْرَمي، وأما ابن جرير فمن طريق أسد بن موسى، وأما الطبراني فمن طريق يحيى بن عبد الحميد الحمَّاني، وأما الحاكم فمن طريق يعقوب بن حميد، وأما الواحدي فمن طريق قتيبة بن سعيد، جميعهم عن سفيان، به نحو لفظ عبد الرزاق والحميدي.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وقد جاء الحديث من طريق مجاهد عن أم سلمة أنها قالت: لا نقاتل فنستشهد، ولا نقطع الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وللنساء نصيب مما اكتسبن} ، ثم نزلت: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ منكم} ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ... } الآية وفيه يقول مجاهد: وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة، وهو الحديث الآتي برقم [624] ، وهو حديث صحيح كما سيأتي بيانه، عدا قول مجاهد: وكانت أم سلمة أول ظعينة قدمت المدينة مهاجرة، فإنه ضعيف لأن مجاهدًا أرسله، وهو حسن لغيره برواية المصنف هنا، والله أعلم.
(1) هو الواسطي.
(2) هو أبو عَطَّاف الأزدي، البصري، يروي عن أبي هريرة، مجهول لم يرو عنه غير الجُريري، ذكر عباس الدوري في "تاريخ ابن معين" (2 / 716) أن ابن معين قال: ((أبو عطاف بصري يروي عنه الجريري)) ، قال عباس: قلت له: فيروي عنه =(3/1138)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= غير الجريري؟ قال: ((لا أعلمه)) ، وذكره الذهبى في "ميزان الاعتدال" (4 / 553 رقم 10423) ، ونقل عن ابن المديني أنه قال: ((ما أعلم أحدًا روى عنه غير الجريري)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 588) ، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (3 / 1487 رقم 2260) .
[553] سنده ضعيف لجهالة أبي عَطّاف، ومع ذلك فسعيد بن إياس الجُريري اختلط قبل موته بثلاث سنين، كما سبق بيانه في الحديث [23] ، وتقدم في الحديث [104] أن ابن حجر قال: ((أخرجه له - أي للجريري - البخاري أيضًا من رواية خالد الواسطي عنه، ولم يتحرر لي أمره إلى الآن، هل سمع منه قبل الاختلاط، أو بعد؟ لكن حديثه عنه بمتابعة بشر بن المفضل)) . اهـ.
وبشر بن المفضل تقدم في الحديث [23] أنه ممن روى عن سعيد الجريري قبل الاختلاط.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 140) من رواية المصنف فقط، بمثل لفظه هنا.(3/1139)
[تفسير سورة النساء] (1)
(1) العنوان ليس في الأصل(3/1142)
تَفْسِيرُ سُورَةِ النِّسَاءِ
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} ]
554- حدثنا [ل123/أ] سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ (1) : بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ عَلَى أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ إِلَّا أَنْ يُؤْمَرُوا بِشَيْءٍ وَيُنْهَوْا عَنْهُ، فَكَانُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الْيَتَامَى، وَلَمْ يَكُنْ لِلنِّسَاءِ عَدَدٌ وَلَا ذِكْرٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ (2) خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي اليَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَتَزَّوَجُ مَا شَاءَ، فَقَالَ: كَمَا تَخَافُونَ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى، فَخَافُوا فِي النساء ألا تعدلوا فيهن.
__________
(1) أي أن أيوب السِّختياني سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ.
(2) في الأصل: ((فإن)) .
[554] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله سعيد بن جبير.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 428) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وابن المنذر أخرجه من طريق المصنف، به مثله كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 104 / أ) ، إلا أنه قال: ((أو ينهوا عنه)) ، وقال: (( (فكما تخافون)) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 537 رقم 8471) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 104 / ب - 105 / أ) . =(3/1143)
555- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} - قَالَ: لَا تَمِيلُوا.
556 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصَين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} -، قال: لا تجوروا.
__________
= أما ابن جرير فمن طريق أبي النعمان عارم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أحمد بن عبدة، كلاهما عن حماد بن زيد، به نحوه، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم فيه شيء من الاختلاف.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 145 - 146) من طريق معمر، عن أيوب، به مختصرًا.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8469) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (8466 و 8470) من طريق إسماعيل بن عليّة وحماد بن سلمة، كلاهما عن أيوب، به نحوه، إلا أن حماد بن سلمة لم يذكر من قوله: ((وكان الرجل يتزوج ... )) الخ.
[555] سنده ضعيف، فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، لكنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 550 - 551 رقم 8492 و 8493) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، به مثله.
(1) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، وهو إن كان تغير حفظه في الآخر، فإن الراوي عنه هنا هو هُشيم بن بشير، وتقدم في الحديث [91] أنه روى عنه قبل الاختلاط.
(2) هو غزوان الغفاري، تقدم في الحديث [190] أنه ثقة.
[556] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 552 رقم 8502 و 8503) =(3/1144)
557 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا دَاوُدُ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا} -: أَيْ لَا تَمِيلُوا، ثُمَّ أَنْشَدَنِي بَيْتًا قَالَهُ أَبُو طَالِبٍ: بِمِيزَانِ قِسْطٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ (2) .
__________
= من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون وعارم أبي النعمان، ثلاثتهم عن هشيم، به مثله.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص86 - 87 رقم 184) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 361) .
وابن جرير في "تفسيره" (7 / 551 رقم 8495) .
ثلاثتهم من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أبي مالك في قوله: {ذلك أدنى ألا تعولوا} قال: لا تميلوا.
(1) هو ابن أبي هند، تقدم في الحديث [63] أنه ثقة حافظ.
(2) كذا جاء شطر هذا البيت هنا، ورواه الزبير بن حُرَيث عن عكرمة بغير هذا اللفظ كما سيأتي، وهو بيت من قصيدة طويلة قالها أبو طالب لما رأى قريشًا اشتدّ أذاها لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فخشي أبو طالب دهْمَاء العرب أن يركبوه مع قومه، فقال هذه القصيدة يتودَّد فيها أشرافَ قومه، ويخبرهم مع ذلك أنه غيرُ مُسْلِمٍ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ولا تاركه لشيء أبدًا حتى يهلك دونه، وفي مطلعها يقول:
ولما رأيت القومَ لا وُدَّ فيهمُ ... وقد قطعوا كلَّ العُرى والوسائلِ
وقد صارحونا بالعداوة والأذى ... وقد طاوعوا أمر العدوّ المُزَايلِ
إلى أن قال:
أمُطْعِمُ إن القومَ سَامُوكَ خُطَّةً ... وإني متى أُوْكَلْ فَلَسْتَ بِوَائِلِ
جزى الله عنّا عبد شمس ونَوْفلاً ... عقوبةَ شرٍّ عاجلاً غيرَ آجلِ
بميزان قِسْطٍ لا يُخِسُّ شعيرةً ... له شاهد من نفسه غيرُ عائلِ(3/1145)
558- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ لا تَعُولُوا} - قَالَ: أَنْ لَا تَمِيلُوا، أرَاهُ (1) قال: عن ابن عباس.
__________
= انظر "السيرة النبوية" لابن هشام (1 / 291 و 296) .
ومعنى قوله: ((وائل)) أي: ناجٍ. "لسان العرب" (11 / 715) .
ومعنى قوله: ((لا يُخِسُّ)) أي: لا يقلل ولا ينقص. المرجع السابق (6 / 64) .
[557] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 430) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 549 - 550 رقم 8490) من طريق أبي النعمان محمد بن الفضل، عن هشيم، قال: أخبرنا داود بن أبي هند ... ، به نحوه، وذكر الشعر بمثل ما هنا.
ثم أخرجه ابن جرير برقم (8491) من طريق الزبير بن حريث، عن عكرمة - في هذه الآية: {ألا تعولوا} قال: أن لا تميلوا، قال: وأنشد بيتًا من شعر زعم أن أبا طالب قاله:
بميزان قسط لا يخسُّ شعيرة ... وَوَازِنِ صدقٍ وَزْنُهُ غيرُ عائلِ
قال ابن جرير: ويروى هذا البيت على غير هذه الرواية:
بميزان صدقٍ لا يَغُلّ شعيرةً ... له شاهد من نفسه غير عائل
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 105 / أ) .
وأبو شعيب الحرّاني في "الفوائد المنتخبة" (ل 5 / ب) .
كلاهما من طريق الزبير بن حريث، عن عكرمة، به نحو سياق ابن جرير السابق، لكن تصحّف اسم الزبير عند أبي شعيب إلى: ((أبو الزبير)) .
(1) الشك من المصنف أو من شيخه خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وقد رواه ابن أبي شيبة كما سيأتي من طريق آخر عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس =(3/1146)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} ]
559- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا سَيَّار (1) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} -، قَالَ: كَانَ الزَّوْجُ إِذَا زوَّج أيِّمَهُ (3) أَخَذَ صَدَاقَهَا، فَنُهُوا عَنْ ذلك.
__________
= فلا داعي للشك.
[558] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 430) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 361) من طريق شيخه إسحاق ابن منصور، عن هريم، عن بيان، عن الشعبي، عن ابن عباس، به نحوه، من غير شك.
وقد وقع خطأ في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة"، فجاء الإسناد هكذا: ((عن هريم بن سفيان، عن الشعبي)) ، والتصويب من المخطوط (1 / ل 228 / ب) .
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 105 / أ) ، من طريق بشار بن موسى الخفّاف، عن عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس به مثل لفظ المصنف.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 551 رقم 8500 و 8501) من طريق علي بن أبي طلحة، وعطية بن سعد العَوْفي كلاهما عن ابن عباس، به نحوه.
(1) هو أبو الحكم.
(2) هو ذَكْوَان السَّمَّان.(3/1147)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(3) الأيِّم من النساء: هي التي لا زوج لها، بكرًا كانت أو ثيِّبًا، ومن الرجال: الذي لا امرأة له، والمقصود هنا من النساء. انظر "لسان العرب" (12 / 39) .
[559] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى أبي صالح إن كان سيّار سمع منه، فإني لم أجد من نصَّ على ذلك كما في "تهذيب الكمال" (8 / 514) و (12 / 314) ، لكن سماعه منه محتمل، فإن أبا صالح توفي سنة إحدى ومائة، وسيّار توفي سنة اثنتين وعشرين ومائة. انظر "التهذيب" (3 / 220) و (4 / 292) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 431) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 105 / ب) ، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((تزوج)) بدل قوله: ((زوج)) ، ولم يذكر باقي الآية من قوله: {منه نفسًا ... } الخ.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 556 - 557 رقم 8522) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 105 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن عبد الحميد الحمّاني، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ ابن جرير: كان الرجل إذا زوّج ابنته عمد إلى صداقها فأخذه، قال: فنزلت هذه الآية في الأولياء: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ منه نفسًا فكلوه هنيئًا مرئيًا} .
وأما لفظ ابن أبي حاتم فهو: كان الرجل إذا زوج ابنته أخذ صداقها دونها، فنهاهم الله عن ذلك ونزل: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} .
ثم أخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (2 / ل 105 ب - 106 / أ) من طريق يزيد بن عبد العزيز وعلي بن هاشم، كلاهما عن هشيم، به مثل لفظه السابق، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ونزل ... )) الخ.(3/1148)
560- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدة (1) ، قَالَ: قَالَ لِي إِبْرَاهِيمُ: هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قال: من مهر امرأتك.
__________
(1) هو عُبَيْدة بن مُعَتِّب - بكسر المثنّاة المثقَّلة، بعدها موحَّدة -، الضَّبِّي، أبو عبد الرحيم الكوفي الضرير، روى عن إبراهيم النخعي وعامر الشَّعْبي وأبي وائل شَقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ضعيف اختلط بأخَرَةٍ، من الطبقة الثامنة؛ قال شعبة: ((أخبرني عبيدة قبل أن يتغيّر)) ، وذكر عمرو بن الفلاس أن يحيى بن سعيد القطّان وعبد الرحمن بن مهدي لم يحدثا عنه، قال عمرو: ((ورآني يحيى بن سعيد أكتب حديث عبيدة بن معتب، فقال: لا تكتبه، لا تكتبه)) ، وقال عمرو أيضًا: ((كان عبيدة الضبّي ضريرًا سيء الحفظ متروك الحديث)) ، وذكره ابن المبارك فيمن يترك حديثه، وقال الإمام أحمد: ((ترك الناس حديثه)) ، وضعفه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بشيء)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، وقال النسائي: ((ضعيف، وكان قد تغير)) ، وقال في موضع آخر: ((ليس بثقة)) ، وقال الساجي: ((صدوق سيء الحفظ، يضعّف عندهم، نهى عنه ابن المبارك)) ، وقال ابن حبان: ((اختلط بآخره، فبطل الاحتجاج به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 94 رقم 487) ، و"التهذيب" (7 / 86 - 88 رقم 189) ، و"التقريب" (ص379 رقم 4416) .
[561] سنده ضعيف لضعف عُبيدة.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 555 رقم 8515) من طريق عمر بن عون، عن هشيم، به نحوه.(3/1149)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا} ]
561- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا أَبُو حُرَّة (1) ، وَأَنَا (2) يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أموالكم} - قَالَ: السُّفَهاء: الصِّغار، وَالنِّسَاءُ مِنَ السفهاء.
__________
(1) هو واصل بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [465] أنه ثقه عابد، إلا أن حديثه عن الحسن البصري فيه ضعيف؛ لأنه لم يسمعه منه.
(2) القائل: وأخبرنا هو هشيم، ويونس هو ابن عبيد.
[561] سنده صحيح من طريق هشيم، عن يونس، عن الحسن، وأما من طريق أبي حُرَّة فضعيف لما تقدم عن سماع أبي حُرَّة من الحسن.
وذكره، السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 433) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 106 / ب) ، من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 561 رقم 8524 و 8526) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، عن يونس، عن الحسن، به بلفظ: ((لا تعطوا الصغار والنساء)) ، ومن طريق هشيم، عن أبى حرة، عن الحسن قال: ((النساء والصغار، والنساء أسفه السفهاء)) ، لكن تصحّف اسم أبي حُرَّة إلى: أبي حمزة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 563 رقم 8541) من طريق الحسين بن داود سُنَيد، عن هشيم، عن يونس، عن الحسن، به بلفظ: ((لا تَنْحَلوا الصغار)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8525) من طريق يزيد بن زُرَيع، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ((المرأة والصبي)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 106 / أ) من طريق حماد بن سلمة، عن يونس، عن الحسن بلفظ: ((لا تَنْحَلوا الصغار أموالكم)) . =(3/1150)
562- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْن بْنُ مُوسَى (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ (قُرَّة) (2) يَقُولُ: عُودُوا (3) النِّسَاءَ، فَإِنَّهَا سَفِيهَةٌ، إِنْ أَطَعْتَهَا أَهْلَكَتْكَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} ]
563- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (4) ، عن منصور (5) ، عن مجاهد
__________
= وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 146) عن معمر، عن الحسن، به بلفظ: ((السفهاء: ابنك السفيه، وامرأتك السفيهة)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8527) .
(1) تقدم في الحديث [484] أنه ثقة.
(2) في الأصل: ((مرة)) ، وهو معاوية بن قرّة بن إياس، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة، وهو الذي يروي عنه عون بن موسى كما في "الجرح والتعديل" (6 / 386 رقم 2151) .
(3) لم تضبط في الأصل، وقد تكون: ((عوِّدوا)) بتشديد الواو، من العادة، يقال: عوَّدته فاعتاد وتعوَّد كما في "لسان العرب" (3 / 318) ، وعلى هذا يكون المعنى - والله أعلم-: عوِّدوا النساء استعمال المال في وجهه المشروع المباح، أو: عوِّدوهن مراجعتكم ومشاورتكم في استعمال المال.
وقد تكون الكلمة هكذا: ((عُوْدُوا)) بضم العين وسكون الواو، بعدها دال مضمومة، فيكون المعنى: راجعوهن وحاسبوهن، حتى لا يحصل منها سفه في استعمال المال. انظر "لسان العرب" (3 / 315) .
[562] سنده صحيح.
(4) هو ابن عبد الحميد.
(5) هو ابن المعتمر.(3/1151)
قَالَ: لَا يُدْفَعُ إِلَى الْيَتِيمِ مَالُهُ وَإِنْ شَمِطَ (6) ، حَتَّى يُؤْنَسَ مِنْهُ رُشْدًا.
564- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيشْمِط وما يُؤْنَسُ منه (رُشْدٌ) (1) .
__________
(6) شَمَطَ الشيءَ يَشْمِطُه شَمْطًا: إذا خَلَطَهُ، وكل خليطين خلطتَهما فقد شَمَطْتَهما.
والشَمَطُ في الشَّعَر: اختلافُه بلونين من سواد وبياض، والمقصود هنا: بياض شعر الرأس واللحية يخالطه سوداه. انظر "لسان العرب" (7 / 335 - 336) .
[563] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 435) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 576 رقم 8584) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 107 / أ) .
أما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن المنذر فمن طريق زائدة، كلاهما عن منصور، به، ولفظ ابن المنذر مثله، ولفظ ابن جرير نحوه، وقال: ((وإن أخذ بلحيته)) بدل قوله: ((شمط)) ، وقال: ((حتى يؤنس منه رشده: العقل)) .
(1) في الأصل: ((رشدًا)) .
[564] سند المصنف هنا فيه مغيرة بن مقسم، وتقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أن يدلِّس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه قد توبع كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره.
فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 107 / أ) ، من طريق المصنف وأبي عبيد، كلاهما عن جرير، به بلفظ: ((إن الرجل ليشمط وما أونس منه رشدًا)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 577 رقم 8586) فقال: حدثنى يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو شُبْرمة، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: إن الرجل ليأخذ بلحيته وما بلغ رشده. =(3/1152)
565- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ آنَسْتُمْ منهم رشدًا} -، قَالَ: الْعَقْلَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ} ]
566- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (4) ، عَنْ عَطَاءٍ، وَعِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} -، قالا: يضع يده (5) .
__________
= وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم، وأبو شُبْرُمة هو عبد الله بن شُبْرُمة.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) هو النّخعي.
[565] سنده صحيح.
(4) هو ابن دينار.
(5) يوضحه ما جاء في بعض الروايات: ((يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم؛ كقدر خدمته وقدر عمله)) .
[566] سنده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 148) عن سفيان بن عيينة، به مثله.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 587 رقم 8625)
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 382 رقم 1426) عن ابن عيينة، به نحوه. =(3/1153)
567- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: يَسْتَسْلِفُهُ، فَإِذَا (أَيْسَرَ) (1) رَدَّه.
__________
= وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 109 / أ) من طريق محمد بن مسلم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: سمعت عكرمة يقول - في قوله: {من كان غنيًا فليستعفف} - قال: الوَصِيّ؟ إذا كان غنيًا فلا يأكل: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ، قال: يضع يده.
وأخرجه ابن جرير برقم (8624) من طريق شعبة، عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة - في مال اليتيم -: يَدُكَ مع أيديهم، ولا تتخذ منه قَلَنْسُوة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (7 / 593 رقم 8650) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ أنه قال: يضع يده مع أيديهم فيأكل معهم، كقدر خدمته وقدر عمله.
وهذا بنصه في "تفسير مجاهد" (ص146) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به.
(1) في الأصل: ((يسر)) .
[567] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث [184] .
والحديث أخرجه ابن النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص112 - 113) من طريق روح بن عبادة، عن سفيان بن عيينة، به نحوه.
وهو في "تفسير مجاهد" (ص146) من رواية عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال: {يأكل بالمعروف} يعني سلفًا من مال يتيمه.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص88 رقم 192) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ، قال: القرض.
ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 585 =(3/1154)
568- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((إِنَّ الْمَعْرُوفَ لَيْسَ بِلُبْسِ الكِتَّانِ وَلَا الحُلَلِ، ولكنْ مَا سَدَّ الجوع وَوارَى العَوْرة)) .
__________
= رقم 8615) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 381 رقم 1421) عن ابن عليّة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد- في قوله: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} -: يستسلف منه يتّجر فيه.
وأخرجه ابن جرير (7 / 585 رقم 8614) من طريق عيسى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {فليأكل بالمعروف} - قال: سلفًا من مال يتيمه.
وأخرجه أيضًا برقم (8612 و 8613) من طريق شعبة، عن ابن أبي نجيح - في قوله: {فليأكل بالمعروف} - قال: قرضًا.
وسيأتي برقم [575] من طريق حجاج بن أرطأة، عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ.
[568] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم الضبّي تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلّس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرِّح بالسماع.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 587 رقم 8626) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به مثله سواء.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص89 رقم 194) عن مغيرة، به بلفظ: ((مَا سَدَّ الْجُوعَ وَوَارَى الْعَوْرَةَ)) ، ولم يذكر باقي الحديث.
ومن طريق سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) وزاده: ((ليس بلبس الكتان ولا الحلل)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8628) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) . =(3/1155)
569 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: إِنْ كَانَ وليَّ الْيَتِيمِ، أَكَلَ مَكَانَ قِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ.
570- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْباني، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَضَعُ الْوَصِيُّ يَدَهُ مَعَ أَيْدِيهِمْ، وَلَا يَلْبَسُ الْعِمَامَةَ فما فوقها.
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8627 و 8630) من طريقين آخرين عن سفيان، به نحو لفظ المصنف.
وأخرجه عبد بن حميد وابن المنذر في "تفسيريهما" كما هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب و 109 / أ) .
أما عبد فمن طريق زائدة، وأما ابن المنذر فمن طريق زهير، كلاهما عن مغيرة، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 109 / أ) من طريق أبي جعفر الرازي، عن مغيرة، به نحوه.
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص146) من طريق ورقاء، عن مغيرة، به نحوه.
[569] سنده صحيح إن كان يعقوب بن عبد الرحمن سمع من هشام بن عروة، فإني لم أجد من نص على ذلك. / انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1443 و 1552) .
(1) هو ابن عبد الحميد.
[570] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 436) وعزاه للمصنف والفريابي وابن المنذر والبيهقي.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 109 / أ) . =(3/1156)
571- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (1) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ قَالَ: إِنَّ فِي حِجْرِي يَتِيمًا، أفَأشْرَبُ مِنَ اللَّبَنِ؟ قَالَ: إِنْ كنتَ تَرُدُّ نَادَّتَها (2) ، وتَلُوطُ (3) حَوْضَها، وتَهْنأ (4) جَرْبَاها، فَاشْرَبْ غَيْرَ مُضِرٍّ بِنَسْلٍ، ولا نَاهِكٍ (5) في حَلْب.
__________
= والبيهقي في "سننه" (6 / 4) في البيوع، باب الولي يأكل من مال اليتيم.
كلاهما من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 381 رقم 1422) من طريق جرير، به نحوه.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق إبراهيم بن طهمان، عن أبي إسحاق الشيباني، به نحوه، إلا أنه اشترط فقال: ((إن كان فقيرًا)) .
وأخرجه أيضًا من طريق إسماعيل السُّدِّي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: يأكل مال اليتيم بأصابعه لا يزيد على ذلك.
(1) هو ابن قيس الأنصاري.
(2) أي: الشارد منها، يقال: ندَّ البعير: إذا شَرَد وذهب على وجهه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 35) .
(3) أي: تطيِّنُه وتُصلحه. المرجع السابق (4 / 277) .
(4) في الأصل: ((وتهنى)) ، وقد أخرجه البيهقي كما سيأتي من طريق المصنف على الصواب.
والمعنى: تعالج جَرَبَ إبله بالقَطِران، يقال: هَنَأتُ البعير أَهْنَؤُهُ: إذا طَلَيْتُهُ بالهِناء، وهو القَطِران. انظر "النهاية" (5 / 277) .
(5) أي غير مبالغ فيه. يقال: نَهَكْتُ الناقة حَلَبًا أَنْهَكُها: إذا لم تُبْقِ في ضرعها لبنًا. المرجع السابق (5 / 137) .
[571] سنده صحيح، وصحح سنده النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) . =(3/1157)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 437) وعزاه للمصنف والإمام مالك وعبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في "ناسخه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 4) في البيوع، باب الولي يأكل من مال اليتيم، من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 934 رقم 33) في صفة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، باب جامع ما جاء في الطعام والشراب، عن شيخه يحيى بن سعيد به نحوه.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) .
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 91 رقم 202) عن شيخه يحيى بن سعيد، به نحوه.
ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147)
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 588 - 589 رقم 8632) .
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) من طريق حماد بن سلمة.
والبيهقي في "سننه" (6 / 284) في الوصايا، باب والي اليتيم يأكل من ماله إذا كان فقيرًا، من طريق جعفر بن عون.
والنحاس في الموضع السابق من طريق شعبة.
ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد، به، ولفظ ابن المنذر والبيهقي نحوه وفيه زيادة، وأما النحاس فقرنه برواية الإمام مالك السابقة.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 146) من طريق معمر، عن الزهري، عن القاسم ابن محمد قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ العباس فقال: إن في حجري أموال يتامى، وهو يستأذنه أن يصيبه فيها. قال ابن عباس: ألست تبغي ضالّتها؟ قال: بلى، قال: ألست تهنأ جرباها؟ قال: بلى، قال: ألست تلوط حياضها؟ قال: بلى، قال: ألست تفرط عليها يوم وردها؟ قال: بلى، قال: فأصب من رسلها - يعني من لبنها -. اهـ.
ومعنى قوله: ((تفرط عليها يوم وردها)) ، أي: تتقدمها إلى الماء، يقال: فَرَط يَفْرِطُ، فهو =(3/1158)
572- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَسُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ الْحَسَنِ العُرَنِيّ (1) ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِمَّ أَضْرِبُ يَتِيمِي؟ قَالَ: ((مِمَّا كُنْتَ ضَارِبًا مِنْهُ وَلَدَكَ)) ، قَالَ: فَأُصِيبُ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: ((غَيْرَ مُتَأثِّلٍ (2) مَالًا، وَلَا وَاقٍ مالك بماله)) .
__________
= فَارِطٌ وفَرَطٌ: إذا تقدَّم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء، ويُهِّئ لهم الدِّلاء والأَرْشِيَةَ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 343) .
(1) هو الحسن بن عبد الله العُرَنِيِّ - بضم المهملة وفتح الراء بعدها نون -، البَجَليّ، الكوفي، روى عن ابن عباس ولم يدركه، وروى عن عمرو بن حريث وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة وسلمه بن كهيل ويحيى بن ميمون وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة؛ وثقه ابن سعد والعجلي وأبو زرعة وذكره ابن حبان في ثقات التابعين وقال: ((يخطىء)) ، وقال ابن معين: ((صدوق ليس به بأس، إنما يقال: إنه لم يسمع من ابن عباس)) ، وقال الإمام أحمد: ((الحسن العرني لم يسمع من ابن عباس شيئًا)) ، وقال أبو حاتم: ((لم يدركه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 45 رقم 194) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 125) ، و"التهذيب" (2 / 290 - 291 رقم 519) ، و"التقريب" (ص161 رقم 1252) .
والراوي عن الحسن العُرَني هنا هو عمرو بن دينار، ولم أجد من نصّ على أنه روى عنه، وسماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما في طبقة واحدة، فالحسن تقدم أنه من الطبقة الرابعة، وعمرو من الرابعة أيضًا كما في "التقريب" (ص421 رقم 5024) ، واللقي بينهما ممكن؛ لأن عمرو بن دينار مكّي، فلو لم يكن بينهما تواصل في رحله علميه؛ لأمكن أن يكون هناك تواصل في حج أو عمرة، والله أعلم.
(2) المُتَأَثِّلُ: هو الجامع، وكل شيء له أصل قديم أو جُمع حتى يصير له أصل، =(3/1159)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فهو مؤثَّل. "غريب الحديث" لأبي عبيد (1 / 192) .
[572] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره بما سيأتي له من شواهد، لكن دون ذكر الضرب.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 437) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي شيبة والنحاس في "ناسخه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 4) في البيوع، باب الولي يأكل من مال اليتيم، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((منه يتيمي)) ، و: ((مما كنت منه ضاربًا ولدك)) ، و ((أفأصيب)) .
قال البيهقي عقبه: ((هذا مرسل)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1 / 148) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / أ) .
كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 593 رقم 8648) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص114) .
إلا أن اسم الحسن العرني تصحّف عندهما إلى: ((الحسن البصري)) .
وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق.
وأبو عبيد في "غريب الحديث" (1 / 191 - 192) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 379 - 380 رقم 1418) .
أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما أبو عبيد وابن أبي شيبة فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، كلاهما عن أيوب، عن عمرو بن دينار، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 149) من طريق الزبير بن موسى، عن الحسن العرني، به نحوه. =(3/1160)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (8649) ، وتصحّف عنده اسم ((الحسن العرني)) إلى: ((الحسن البصري)) أيضًا.
هكذا رواه الحفاظ: سفيان بن عيينة وحماد بن زيد وأيوب السختياني، عن عمرو بن دينار.
وخالفهم أبو عامر الخزَّاز صالح بن رُسْتُم، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر بن عبد الله، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحوه.
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (10 / 54 - 55 رقم 4244 / الإحسان) .
والطبراني في "المعجم الصغير" (1 / 89) .
وابن عدي في "الكامل" (4 /1390) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه"، وفي "شعب الإيمان" (9 / 466 - 467 رقم 4882) .
وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 453) .
جميعهم من طريق مُعَلّى بن مهدي، عن جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعي، عَنْ أبي عامر، به.
قال الطبراني: ((لم يروه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر إلا أبو عامر الخزَّاز، ولا عنه إلا جعفر بن سليمان، تفرد به معلى بن مهدي)) .
وقال ابن عدي: ((لا أعرفه إلا من هذا الطريق، وهو غريب، ولا أعلم يرويه عن أبي عامر غير جعفر بن سليمان)) .
وأعله البيهقي بقوله: ((كذا رواه، والمحفوظ ما أخبرنا ... )) ، ثم ذكر الحديث من طريق المصنف عن ابن عيينة وحماد بن زيد.
وهذا يدل على إعلال هؤلاء الحفاظ لرواية أبي عامر لمخالفتها لما رواه ابن عيينة ومن معه.
وتقدم في الحديث [459] أن أبا عامر صالح بن رستم صدوق كثير الخطأ.
وللحديث شاهدان دون ذكر الضرب. =(3/1161)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأول: حديث هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أنه سمع عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - تَقُولُ: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كان فقيرًا فليأكل بالمعروف} ، أنزلت في والي اليتيم الذي يُقيم عليه ويُصلحُ في ماله: إن كان فقيرًا أكل منه بالمعروف.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 406 رقم 2212) في البيوع، باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والميكال والوزن، و (5 / 392 رقم 2765) في الوصايا، باب وما للوصيّ أن يعمل في مال اليتيم وما يأكل منه بقدر عمالته، و (8 / 241 رقم 4575) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2315 - 2316 رقم 10، 11) في كتاب التفسير.
كلاهما من طريق هشام بن عروة، به، واللفظ للبخاري.
الثاني: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رجلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: إني فقير ليس لي شيء، ولي يتيم، قال: ((كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثِّل)) .
أخرجه النسائي في "سننه" (6 / 256) في الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه، واللفظ له.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 186 و 215 - 216) .
وأبو داود في" سننه" (3 / 292 - 293 رقم 2872) في الوصايا، باب ما جاء في ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم.
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 284) في الوصايا، باب والي اليتيم يأكل من ماله إذا كان فقيرًا.
وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 907 رقم 2718) في الوصايا، باب قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} .
وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 218 - 219 رقم 952) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 108 / أوب) . =(3/1162)
573- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي وَلِيِّ الْيَتِيمِ قَالَ: إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا يَضَعُ يَدَهُ مَعَ يَدِ الْيَتِيمِ.
574- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيْدَةَ (1) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف} ، قَالَ: هُوَ قَرْضٌ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا [ل123/ب] عليهم} ؟
__________
= جميعهم من طريق حسين المعلِّم، عن عمرو بن شعيب، به، زاد ابن ماجه: ((قال: وأحسبه قال: ولا تقي مالك بماله)) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 241) : ((إسناده قوي)) .
وعليه فالحديث بهذين الشاهدين صحيح لغيره، عدا ذكر الضرب فليس له ما يشهد له، والله أعلم.
[573] سنده صحيح من طريق يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ البصري، وأما من طريق منصور بن زَاذَان عن الحسن فالخوف أن يكون هشيم دلَّسَه تدليس العطف الذي تقدم الكلام عنه في الحديث [380] ، فإنه لم يصرح هنا بالسماع من منصور.
(1) هو السَّلْماني.
[574] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 583 رقم 8602) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 380 رقم 1420) .
وابن جرير برقم (8600) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن سلمة بن علقمة، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147 - 148) . =(3/1163)
575- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حَجَّاج (1) ، عَمَّنْ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، (وَمُجَاهِدًا) (2) ، يَقُولَانِ ذلك.
__________
= ومن طريق ابن جرير في "تفسيره" برقم (8601) .
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) .
كلاهما من طريق هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، به، ولفظ عبد الرزاق نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ألا ترى ... )) الخ.
وأما ابن المنذر فلفظه: عن عبيدة قال: ولي اليتيم يأكل ويقضي.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (1 / 148) من طريق أيوب عن ابن سيرين، به مثل لفظه السابق.
ومن طريقه أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8603) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8599) من طريق يُونُسُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ عبيدة، به بلفظ: ((الذي ينفق من مال اليتيم يكون عليه قرضًا)) .
(1) هو ابن أَرْطَأة، تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس.
(2) في الأصل: ((ومجاهد)) .
[575] سنده ضعيف لضعف حجاج من قبل حفظه وإبهام الواسطة بينه وبين سعيد ومجاهد، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 108 / ب) من طريق شجاع بن مخلد، عن هشيم، عن حجاج، عن مجاهد وسعيد أنهما قالا: هو القرض، ما أصاب منه من شيء قضاه إذا أيسر.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 584 رقم 8607) ، من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، عن حجاج، عن سعيد بن جبير، به بمثل لفظ ابن المنذر.
ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8616) من نفس الطريق، عن مجاهد، به مثل سابقه. =(3/1164)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد تصحّف اسم هشيم في إسناد ابن المنذر إلى: ((هشام)) .
وإسناد المصنف سعيد بن منصور يتبين منه أن حجاج بن أرطأة تلقى الحديث عن مجاهد وسعيد بواسطة أبهمها.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص89 رقم 193) عن شيخه حماد بن أبي سليمان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} قال: هو القرض.
وسنده صحيح.
حماد بن أبي سليمان تقدم في الحديث [514] أنه ثقة إمام مجتهد.
ومن طريق أبي سفيان أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 147) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 381 رقم 1424) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (7 / 585 رقم 8615) .
وابن المنذر في الموضع السابق.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8606 و 8608 و 8609 و 8610) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 109 / أ) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص113) .
أما ابن جرير فمن طريق إدريس بن يزيد والد عبد الله بن إدريس، ومن طريق هشام الدستوائي وشعبة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق هشام الدستوائي، وأما النحاس فمن طريق شعبة، ثلاثتهم عن حماد بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، به، أي أنه قرض، لكن لفظ رواية ابن أبي حاتم - بعد أن ذكر الآية - هكذا: ((قال: قرضًا)) وإذا حضرته الوفاة ولم يجد ما يؤدي فليستحلّه من اليتيم، فإن كان صغيرًا فليستحلّه من وليِّه)) .
وأخرجه أيضًا ابن أبي حاتم أيضًا (2 / ل 108 / ب) من طريق عبد الله بن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ، يعني في القرض قدر ما يبلغ قوتًا، فإن أيسر ردّ عليه، وإن لم =(3/1165)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ القِسْمَةَ أُولُو القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} ]
576- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ قَدْ نُسِخَتْ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَا، وَهُمَا وَلِيَّانِ: وَلِيٌّ يَرِثُ، فَذَلِكَ الَّذِي يَرْزُق، وَوَلِيٌّ لَيْسَ بِوَارِثٍ، فَذَلِكَ الَّذِي يَقُولُ قَوْلًا مَعْرُوفًا: إِنَّهُ مَالُ يَتَامَى وَمَا لِي فيه شيء.
__________
= يوسر حتى يموت فلا إثم عليه، ولم يُرخص في أموال اليتامى في غير هذا.
وقد مضى الحديث بإسناد صحيح برقم [567] عن مجاهد.
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) جعفر بن إياس.
[576] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 440) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والبخاري وأبي داود في "الناسخ والمنسوخ" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي، إلا أنه جعله عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 267) في الوصايا، باب ما جاء في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } الآية، أخرجه من طريق المصنف، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ: إِنَّ هَذِهِ الآية نسخت: {وإذا حضر القسمة أولوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، لَا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَا، وَهُمَا واليان، وال يرث، فذلك الذي يرزق، ووالٍ ليس بوارث، فذاك الَّذِي يَقُولُ قَوْلًا مَعْرُوفًا: إِنَّهُ مال يتامى =(3/1166)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وما لي فيه شيء. اهـ.
كذا رواه البيهقي من طريق المصنف على أنه من رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس، بخلاف ما هنا في النسخة، ثم قال البيهقي بعد أن رواه: ((رواه البخاري في الصحيح عن أبي النعمان عارم، عن أبي عوانة بلا شك، والشك مني في إسنادي ... ، ورواه يحيى بن سعيد، عن أبي عوانة لم يجاوز به سعيد بن جبير، وكذلك رواه شعبة وهشيم عن أبي بشر)) . اهـ.
فهذا يدل على أن البيهقي شك في إسناده، وشكّه في محلّه، فإن رواية المصنف موافقة لرواية الأكثرين الذين رووه عن أبي عوانة ليس فيه ذكر لابن عباس، وخالفهم أبو النعمان عارم واسمه محمد بن الفضل السدوسي، فزاد في إسناده ابن عباس.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 388 رقم 2759) في الوصايا، باب قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } الآية، فقال: حدثنا محمد بن الفضل أبو النعمان، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: إن ناسًا يزعمون أن هذه الآية نُسخت، ولا وَاللَّهِ مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تهاون الناس، هما واليان: وال يرث، وذاك الذي يرزق، ووال لا يرث، فذاك الذي يقول بالمعروف؛ يقول: لا أملك لك أن أعطيك.
وخالف أبا النعمان جمع من الحفاظ، منهم يحيى بن سعيد القطان على ما ذكر البيهقي، وسعيد بن منصور، وأبو داود الطيالسي، وغيرهم، فرووه عن أبي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد بن جبير من قوله، وكذا رواه شعبة وهشيم عن أبي بشر.
فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 110 / ب) ، فقال: حدثنا يحيى بن محمد، ثنا أبو عمر، ثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إن ناسًا يزعمون ... ، فذكره بنحو سياق البيهقي.
وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره"، فقال: حدثنا يونس بن حبيب، =(3/1167)
577- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فارزقوهم منه} -، قَالَ: حَقٌّ وَاجِبٌ مِمَّا طَابَتْ به الأنفس.
__________
= ثنا أبو داود - يعني الطيالسي -، ثنا شعبة وهشيم، وأبو عوانة، كلهم عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير - في قول الله عز وجل: {فارزقوهم منه} -، قال: هما واليان ... ، الحديث بنحوه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 8 و 15 و 18 رقم 8665 و 8698 و 8606) ، من طريق هشيم وشعبة، كلاهما عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف من قول سعيد، إلا أن حديث شعبة إنما هو من قوله: ((هما وليّان ... )) الخ.
[577] سنده صحيح، وانظر الحديث [184] في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص89 رقم 196) عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
ومن طريقه أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 149) .
ومن طريق عبد الرزاق وطريق أخرى عن سفيان أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 8 رقم 8664) .
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص29 رقم 34) .
وابن جرير أيضًا برقم (8662) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / 110 / ب) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص115) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" أيضًا (8 / 8 - 9 رقم 8670) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.(3/1168)
578- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر (2) ، قَالَ: ثَلَاثُ آيَاتٍ مَدَنِيَّاتٌ مُحْكَمَاتٌ ضَيَّعَهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} ، وَآيَةُ الَاسْتِئْذَانِ: {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} (3) ، وَقَوْلُهُ: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (4) .
__________
(1) هو ابن زَاذَان.
(2) هو يحيى بن يَعْمَر - بفتح التحتانية والميم، بينهما مهملة-، القَيْسي، الجَدَلي، البصري نزيل مَرْو وقاضيها، روى عن عثمان وعلي وأبي ذر وأبي هريرة وغيرهم، روى عنه سليمان التَّيْمي وعبد الله بن بريدة وعكرمة وقتادة وغيرهم، وهو ثقة فصيح، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من فصحاء أهل زمانه وأكثرهم علمًا باللغة مع الورع الشديد)) ، واختلف في وفاته، فقيل: توفي سنة تسع وثمانين للهجرة، وقيل: مات في حدود العشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 196 رقم 817) ، و"التهذيب" (11 / 305 - 306 رقم 588) ، و"التقريب" (ص598 رقم 7678) .
(3) الآية (58) من سورة النور.
(4) الآية (13) من سورة الحجرات.
[578] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لأن قتادة مدلس كما تقدم بيانه في الحديث [14] ، ولم يصرح هنا بالسماع.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 440) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر. =(3/1169)
579 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {وإذا حضر القسمة أولوا الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} -، قَالَ: فَغَيْرُ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ يُرْضَخُ (2) لَهُمُ القَدَحُ أَوِ الشَّيْءُ، فَكَانَ يَقُولُ لَهُمْ: إِنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ.
__________
= وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 9 رقم 8672) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 111 / أ) .
أما ابن جرير فمن طريق حسين بن داود، وأما ابن المنذر فمن طريق علي بن حجر، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ ابن المنذر مثل لفظ المصنف، ولفظ ابن جرير نحوه.
(1) هو ابن عبيد.
(2) الرَّضْخُ: هو العطيَّة القليلة. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 228) .
[579] سنده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 149) عن معمر، عن الحسن - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ ... } - قال: هي محكمة، وذلك عند قسمة ميراث الميت.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص116) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 9 رقم 8671) من طريق أبي سفيان، عن معمر، عن الحسن، به بلفظ: هي محكمة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8667) من طريق مطرِّف، عن الحسن قال: هي ثابتة، ولكن الناس بخلوا وشحّوا.
وكذا أخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص254) ، إلا أن اسم مطرِّف. وقع في المطبوع هكذا: ((مطر)) .(3/1170)
580- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ وَمَنْصُورٌ، عَنِ الْحَسَنِ، وَمُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُمَا قَالَا: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ.
__________
[580] سنده صحيح إلى الحسن البصري، لكن من طريق يونس بن عبيد، وأما من طريق منصور بن زاذان فالخوف أن يكون هشيم دلَّسه تدليس العطف الذي تقدم الكلام عنه في الحديث [380] ، فإنه لم يصرح هنا بالسماع من منصور، ولم يصرح أيضًا بالسماع من مغيرة بن مقسم، ومع ذلك فمغيرة أيضًا يدلّس لا سيّما عن إبراهيم النخعي كما سبق بيانه في الحديث [54] ، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع، فالإسناد إلى إبراهيم ضعيف.
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 111 / أ) من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 8 رقم 8666) من طريق يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم ... ، فذكره بمثله.
ثم أخرجه ابن جرير برقم (8668) من طريق الحسين بن داود سُنَيد، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا منصور والحسن قَالَا: هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ.
كذا قال!! وفي الإسناد خطأ بلا شك، فهشيم لا يروي عن الحسن البصري إلا بواسطة، والظاهر أنه رواه بمثل رواية المصنف هنا، فحصل تصحيف من النساخ، أو يكون حسين بن داود أخطأ فيه، فإنه ضعيف كما سبق في الحديث [206] .
وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص254) من طريق الإمام أحمد، عن هشيم، أبنا مغيرة، عن إبراهيم، فذكره بمثله.
ومضى الحديث برقم [579] بإسناد صحيح عن الحسن.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8660 و 8663) .(3/1171)
581- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ عَوْفٍ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُوا يَرْضَخُون (2) لَهُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدُهُمُ الْقِسْمَةَ.
582- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ جُوَيْبر، عَنِ الضَّحّاك - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {فارزقوهم منه} - قَالَ: هِيَ مَنْسُوخَةٌ بِالْمِيرَاثِ (3) .
583- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: لأحْيِيَنَّ الْيَوْمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْ مِنْ نصيبي (4) .
__________
= وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص255) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم، بمثله.
(1) هو ابن جميلة الأعرابي.
(2) أي للمذكورين في الآية: القرابة الذين لا يرثون واليتامى والمساكين، والرَّضْخُ: هو العطية القليلة. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 228) .
[581] سنده رجاله ثقات، إلا أن هشيمًا مدلس، ولم يصرح هنا بالسماع، وصرّح به في رواية ابن جرير للحديث في "تفسيره" (8 / 13 - 14 رقم 8690) بنحوه، لكن الراوي عن هشيم عنده هو الحسين بن داود سُنَيد، وتقدم في الحديث [206] أنه ضعيف.
(3) يعني بقوله تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... } الأية (11) من سورة النساء.
[582] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر كما في ترجمته في الحديث [93] .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 10 رقم 8680) من طريق حسين بن داود، عن هشيم، به بلفظ: ((نسختها المواريث)) .
(4) يعني العمل بقوله تَعَالَى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} ، فيعطي من نصيبه، فيكون عمل بهذه الآية، وهو إحياء لها. =(3/1172)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} ]
584- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} -، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا حَضَرَ (2) فَقَالَ لَهُ: أوْصِ لِفُلَانٍ، أوْصِ لِفُلَانٍ، وَافْعَلْ كَذَا، وَافْعَلْ كَذَا، حَتَّى يضرَّ ذَلِكَ بِوَرَثَتِهِ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضعافًا خافوا عليهم} ، قَالَ: لِيَنْظُرُوا لِوَرَثَةِ هَذَا كَمَا يَنْظُرُ أَحَدُهُمْ لِوَرَثَةِ نَفْسِهِ، فَلْيَتَّقُوا الله، وليأمروه بالعدل والحق.
__________
[583] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
(1) أبو إسحاق الذي يروي عن مجاهد هو السَّبيعي، لكن هشيمًا هنا يقول: حدثنا أبو إسحاق، وهو لم يلقه، وإنما يروي عن أبي إسحاق الشيباني سيلمان بن أبي سليمان، لكن الشيباني لا يروي عن مجاهد، فالخوف أن يكون هشيم دلّس هنا تدليس الشيوخ الذي بينه العلماء، قال يحيى بن معين: ((لم يلق أبا إسحاق السبيعي، وإنما كان يروي عن أبي إسحاق الكوفي وهو عبد الله بن ميسرة، وكنيته أبو عبد الجليل، فكنّاه هشيم كنية أخرى)) . "التهذيب" (11 / 63) ، وسبق بيان ذلك في الحديث [489] وأن عبد الله بن ميسرة هذا ضعيف.
(2) أي حضر عند رجل يوصي.
[584] سنده ضعيف لأن أبا إسحاق الذي يروي عنه هشيم هنا هو الكوفي عبد الله بن ميسرة كما سبق، وهو ضعيف، والحديث صحيح لغيره عن مجاهد كما سيأتي. =(3/1173)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 442) وعزاه للمصنف وآدم والبيهقي.
وقد أخرجه آدم بن أبي إياس في "تفسير مجاهد" (ص147) من روايته عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خلفهم ذرية ضعافًا} - قال: هذا عند الوصية، فيقول له من حضره: أقللت فأوص لفلان، ولآل فلان، يقول الله عز وجل: {وليخش} أولئك، وليقولوا كما يحبون أن يقال لهم في ولده بعده: {وليقولوا قولاً سديدًا} ، يعني: عدلاً.
وسنده صحيح، فرواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تقدم في الحديث [184] أنها صحيحة.
ووَرْقَاء بن عمر بن كليب اليَشْكُري، أبو بشر الكوفي نزيل المدائن، يروي عن أبي إسحاق السَّبيعي وزيد بن أسلم والأعمش ومنصور بن المعتمر وابن أبي نجيح وغيرهم، روى عن شعبة وابن المبارك وأبو نعيم وآدم بن أبي إياس وغيرهم، وهو ثقة، وفي حديثه عن منصور لين، روى له الجماعة، وقال أبو داود الطيالسي: ((قال لي شعبة: عليك بورقاء، فإنك لن تلقى مثله حتى ترجع)) ، قال محمود بن غيلان: قلت لأبي داود: أي شيء عنى بذلك؟ قال: أفضل وأورع وخير منه، وقال شبابة: ((قال لي شعبة: أكتب أحاديث ورقاء عن أبي الزناد)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة صاحب سنّة)) ، قيل له: كان مرجئًا؟ قال: لا أدري، وقال حرب: قلت لأحمد: ورقاء أحب إليك في تفسير ابن أبي نجيح أو شبل؟ قال: ((كلاهما ثقة، وورقاء أوثقهما، إلا أنهم يقولون: لم يسمع التفسير كله، يقولون: بعضه عرض)) ، وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد القطان: قال معاذ: قال ورقاء: كتاب التفسير قرأت نصفه على ابن أبي نجيح، وقرأ عليَّ نصفه)) ، وقال الدوري: قلت لابن معين: أيما أحب إليك، تفسير ورقاء، أو تفسير شيبان وسعيد عن قتادة؟ قال: ((تفسير ورقاء؛ لأنه عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد)) ، قلت: فأيما أحب إليك، تفسير ورقاء، أو ابن جريج؟ قال: ((ورقاء، لأن =(3/1174)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن جريج لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا)) ، وقا ابن أبي مريم، عن معين: ((ورقاء ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((كان شعبة يثني عليه، وكان صالح الحديث)) ، وقال عمرو بن علي الفلاّس: ((سمعت معاذ بن معاذ، وذكر ورقاء، فأحسن عليه الثناء، ورضيه، وحدَّثَنا عنه)) ، وكانت وفاته سنة نَيْف وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 50 - 51 رقم 216) ، و"تذكرة الحفاظ" (1 / 230 - 231) ، و"التهذيب" (11 / 113 - 115 رقم 200)
وقد تكلم بعضهم في ورقاء لأمرين:
1- ذكر الإمام أحمد أن بعضهم يقول: إنه لم يسمع التفسير كله من ابن أبي نجيح، وهذا مدفوع بما ذكره معاذ بن معاذ عنه أنه قرأ على ابن أبي نجيح نصفه، وقرأ عليه ابن أبي نجيح النصف الباقي.
2- تكلم بعضهم في روايته عن منصور بن المعتمر، وهذا مقيد بروايته عنه، وماعدا ذلك فصحيح. قال معاذ بن معاذ ليحيى القطان: سمعتَ حديث منصور؟ قال: نعم، فقال: ممن؟ قال: من ورقاء، قال: لا يساوي شيئًا. وقال العقيلي: تكلموا في حديثه عن منصور. انظر الموضع السابق من "التهذيب".
وأخرجه البيهقي هذا الحديث في "سننه" (6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} ، أخرجه من طريق آدم، عن ورقاء، به، ومنه صوبت بعض عبارات المتن في "تفسير مجاهد".
ولم ينفرد ورقاء بالحديث عن ابن أبي نجيح، بل تابعه عليه عيسى بن ميمون، بنحوه.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 21 - 22 رقم 8715) .
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 111 / ب) ، من طريق ابن جريج، عن مجاهد به بمعناه.
وعليه فالحديث صحيح لغيره عن مجاهد بهذه المتابعات، والله أعلم.(3/1175)
585- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ (1) ، عَنِ الأعْمش، عَنْ مُسْلِمٍ (2) ، عَنْ مَسْروق، أَنَّهُ حَضَرَ رَجُلًا يُوصِي، فَآثَرَ بَعْضَ الْوَرَثَةِ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَسَمَ بَيْنَكُمْ فَأَحْسِنِ القَسْمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْغَبْ بِرَأْيِهِ عَنْ رَأْيِ اللَّهِ تَعَالَى (يَضِلّ) (3) ، فأوصِ لِذِي قرابةٍ (مِمَّنْ) (4) لَا يَرِثُ، ثُمَّ دَعِ الْمَالَ كما قسمه الله.
__________
(1) هو عبد ربه بن نافع، تقدم في الحديث [7] أنه صدوق.
(2) هو أبو الضُّحى مسلم بن صُبَيْح.
(3) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاستدركته من المطبوع من "السنن" للمصنف، ومن "سنن البيهقي"، حيث روى الحديث من طريق المصنف.
(4) في الأصل: ((من)) فاستدركته من المطبوع من "السنن" للمصنف ومن البيهقي.
[585] سنده صحيح، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش.
وسبق أن أخرج المصنف هذا الحديث في كتاب الوصايا من "السنن" المطبوع (1 / 94 رقم 362) ، فقال: نا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عَنْ مسروق، في رجل وهب لأولاده فآثر بعضهم عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الله قد قسم بينكم فأحسن القسمة، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْغَبْ بِرَأْيِهِ عَنْ رأي الله يضل، فأوص لذي قرابتك ممن لا يرث، ودع المال على ما قسمه الله.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} ، بمثل لفظ المصنف هنا في التفسير، لكن وقع عنده خطأ في الإسناد، فقال: ((ابن شهاب)) بدلاً من قوله: ((أبو شهاب)) ، ولعل الخطأ من الطباعة.
وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في الموضع السابق من المطبوع من "السنن" برقم (360 و 361) ، من طريق عيسى بن يونس وأبي معاوية، كلاهما عن =(3/1176)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} ]
586- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وسيصلون سعيرًا} ، اعْتَزَلَ النَّاسُ أَيْتَامَهُمْ، وَكَانُوا لَا يُخَالِطُونَهم، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ: {وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يعلم المفسد من المصلح} (2) ، فعادوا فخالطوهم.
__________
= الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 222 رقم 11046) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.
(1) هو الشيباني سليمان بن أبي سليمان - إن شاء الله -، فهو الذي يروي عن عكرمة وعنه هشيم، وهو ثقة كما تقدم في الحديث [97] ، إلا أن يكون أبا إسحاق الكوفي الذي يدلّسه هشيم تدليس الشيوخ كما تقدم بيانه في الحديث [489] والحديث [584] ، واسمه عبد الله بن ميسرة، وهو ضعيف، لكن لم يذكروا عن هذا أنه روى عن عكرمة.
(2) الآية (220) من سورة البقرة.
[586] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عكرمة.(3/1177)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} ]
587- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ طاوُس، قَالَ: أَمَرَ (عُمَرُ) (2) حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الكَلالَة، فأمْهَلَتْه حَتَّى إِذَا لَبِسَ ثِيَابَهُ، سَأَلَتْهُ عَنْهَا، فَأمْلاها عَلَيْهَا، وَقَالَ: ((مَنْ أَمَرَكِ بِهَذَا، أعُمر؟ ما أظن أن يفهمهما، أوَ لَمْ تكْفِهِ آيةُ الصَّيْف؟)) قَالَ سُفْيَانُ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} (3) ، فَلَمْ يَفْهَمْهَا، وَقَالَ: اللَّهُمَّ مَنْ فهمها فإني لم أفهمها.
__________
(1) هو ابن دينار.
(2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق، وفي الموضع الآتي من "مصنف عبد الرزاق" و"الدر المنثور": ((أن عمر أمر حفصة)) .
(3) كذا جاء في رواية المصنف أن هذه الآية هي آية الصيف! وقد روى عبد الرزاق الحديث كما سيأتي، عن سفيان بن عيينة، وعنده آية الصيف هي التي في آخر سورة النساء: {يستفنونك قل الله يفتيكم في الكلالة ... } الآية، وهذا موافق لبقية الروايات في صحيح مسلم وغيره كما سيأتي.
[587] رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله، فطاوس لم يشهد الحادثة، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 754) ، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق فقط.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 305 رقم 19194) عن ابن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طاوس، أن عمر أمر حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى الله عليه وسلم - عن =(3/1178)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الْكَلَالَةِ، فَأَمْهَلَتْهُ حَتَّى إِذَا لَبِسَ ثيابه، فسألته، فأملَّها عليها في كتف، فقال: ((أعمر أمرك بهذا؟ ما أظن أن يفهمها، أوَ لَمْ تكفه آية الصيف؟)) فأتت بها عمر، فقرأها، فلما قرأ: {يبين لكم أن تضلوا} قال: اللهم من بينت له فلم يتبيّن لي.
ثم أخرجه عبد الرزاق برقم (19195) من طريق معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، أن عمر أمر حَفْصَةَ أَنْ تَسْأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْكَلَالَةِ.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 54 / أوب) ، فقال: أخبرنا جرير، عن الشيباني، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سعيد بن المسيّب قال: إن عمر رضي الله عنه سأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كيف نورث الكلالة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أوَ ليس قد بيّن الله تعالى ذلك؟)) ثم قرأ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً ... } إلى آخرها، فكأن عمر رضي الله عنه لم يفهم، فأنزل الله تعالى: {يستفتونك في الكلالة ... } إلى آخر الآية، فكأن عمر رضي الله عنه لم يفهم، فقال لحفصة رضي الله عنها: إذا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - طيِّب نفسٍ فاسأليه عنها، فرأت منه طيب نفس فسألته عنها، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أبوك كتب لك هذا؟ ما أرى أباك يعلمها أبدًا)) ، فكان عمر رضي الله عنه يقول: ما أراني أعلمها أبدًا وقد قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قال.
ومن طريق جرير أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 431 رقم 10866) ، إلا أنه مختصر.
قال الحافظ ابن حجر في "المطالب العالية" بعد أن ساق الحديث: ((صحيح إن كان ابن المسيب سمعه من حفصة رضي الله عنها)) ، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (1 / 440 - 441 رقم 1474) .
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 515 رقم 7) في الفرائض، باب ميراث الكلالة، من طريق شيخه زيد بن أسلم، أن عمر بن الخطاب سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - عن الكلالة، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((يكفيك من ذلك الآية التي أنزلت =(3/1179)
588- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ (1) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَلَالَةِ، قَالَ: هُوَ مَا عَدَا الوَلَدَ والوَالِد. فَقُلْتُ لَهُ: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ ليس له ولد} ؟ فغضب وانْتَهَرَنِي.
__________
= في الصيف: آخر سورة النساء)) .
وهذا مرسل أيضًا؛ فزيد بن أسلم تابعي، وتقدم في الحديث [398] أنه ثقة عالم وكان يرسل.
وأصل الحديث في "صحيح مسلم" (1 / 396 رقم 78) في المساجد، باب نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو كرّاثًا أو نحوها، و (3 / 1236 رقم 9) في الفرائض، باب ميراث الكلالة، من طريق هشام وسعيد بن أبي عروبة وشعبة، ثلاثتهم عن قتادة، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عن مَعْدان بن أبي طلحة، أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة، فذكر نبيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وذكر أبا بكر، ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئًا أهم عندي من الكلالة؛ ما راجعت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في شيء ما راجعته في الكلالة، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه، حتى طعن بإصبعه في صدري وقال: ((يا عمر، ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟)) ، وإني إن أعِشْ أقض فيها بقضيّة يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن.
(1) هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد المدني، وأبوه ابن الحنفية، روى عن أبيه وابن عباس وسلمة بن الأكوع وغيرهم، روى عنه عمرو بن دينار والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، وقال الزهري: ((ثنا الحسن وعبد الله ابنا محمد، وكان الحسن أرضاهما في أنفسنا)) ، وفي رواية: ((وكان الحسن أوثقهما)) ، وقال الذهبي: ((كان من علماء أهل البيت، وناهيك أن عمرو بن دينار يقول: ما رأيت أحدًا أعلم بما اختلف فيه الناس من الحسن بن محمد، ما كان زهريّكم إلا غلامًا من غلمانه)) ، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ((كان من علماء الناس =(3/1180)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بالاختلاف، وكان يقول: من خلع أبا بكر وعمر فقد خلع السنة)) ، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين للهجرة، أو مائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص117 رقم 286) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 122) ، و"سير أعلام النبلاء" (4 / 130) ، و"التهذيب" (2 / 320 - 321 رقم 555) ، و"التقريب" (ص164 رقم 1284) .
وقد رمي الحسن هذا بالإرجاء قال العجلي: ((قال أبو أسامة: كان مرجئًا، وهو أول من وضع في الإرجاء)) ، وكذا قال غير واحد.
وقد بين الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب" أن الإرجاء الذي وضع فيه الحسن بن محمد كتابًا ليس الإرجاء المعهود، فقال: ((قلت: المراد بالإرجاء الذي تكلّم الحسن بن محمد فيه غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السنة المتعلق بالإيمان؛ وذلك أني وقفت على كتاب الحسن بن محمد المذكور ... قال في آخره: ونوالي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، ونجاهد فيهما؛ لأنهما لم تقتتل عليهما الأمة، ولم تشكّ في أمرهما، ونرجئ من بعدها ممن دخل في الفتنة، فنكل أمرهم إلى الله، إلى آخر الكلام، فمعنى الذي تكلم فيه الحسن: أنه كان يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطئًا أو مصيبًا، وكان يرى أنه يرجئ الأمر فيهما. وأما الإرجاء الذي يتعلق بالإيمان فلم يعرج عليه، فلا يلحقه بذلك عيب، والله أعلم)) . اهـ.
[588] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 756) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارمي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 303 رقم 19189) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 55 رقم 8750) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 225) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات =(3/1181)
589- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأحْوَل (1) ، عَنْ طَاوُس، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ آخِرَ النَّاسِ عَهْدًا بِعُمَرَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: القَوْلُ مَا قُلْتَ، فَقُلْتُ: وَمَا قلتُ؟ قَالَ: الكَلالَةُ مَنْ لا ولد له [124/أ] .
__________
= من كانوا بالأب والابن وابن الابن.
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن لفظ ابن جرير وابن المنذر مختصر.
وأخرجه عبد الزراق مقرونًا برواية ابن عيينة السابقة.
وابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 416 رقم 11647) .
وابن جرير في "تفسيره" برقم (8751) .
ثلاثتهم من طريق ابن جريج، عن عمرو بن دينار، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة وابن جرير لم يذكرا قوله: ((فقلت له ... )) الخ.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 264 رقم 2978) .
وابن جرير برقم (8752) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، به بلفظ: ((الكلالة ما خلا الولد والوالد)) .
(1) هو ابن أبي مسلم الأحْول، تقدم في الحديث [47] أنه ثة ثقة.
[589] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 755) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 303 رقم 19188) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 415 رقم 11645) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 59 رقم 8767) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / أ) . =(3/1182)
590- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ سَلِيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ.
__________
= وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
والحاكم في "المستدرك" (2 / 303 - 304) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 225) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات من كانوا بالأب والابن وابن الابن.
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا عبد الرزاق، فلفظه نحوه، وزاد: ((حسبت أنه قال: ولا والد)) ، وهذه جاءت في رواية ابن أبي حاتم جزمًا بدون شك، ولم يذكر ابن أبي شيبة قوله: ((الْقَوْلُ مَا قُلْتَ، فَقُلْتُ: وَمَا قلت؟))
قال الحاكم: ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي: ((كذا في هذه الرواية! والذي روينا عن عمر وابن عباس في تفسير الكلالة أشبه بدلائل الكتاب والسنة من هذه الرواية، وأولى أن يكون صحيحًا؛ لانفراد هذه الرواية، وتظاهر الروايات عنهما بخلافها، والله أعلم)) .
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 460) بعد أن ذكر عن ابن عباس وغيره أن الْكَلَالَةُ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ ولا والد قال: ((قال أبو الحسين بن اللبّان: وقد روي عن ابن عباس ما يخالف ذلك، وهو: أنه من لا ولد له، والصحيح عنه الأول، ولعلّ الراوي ما فهم عنه ما أراد)) . اهـ.
قلت: أما ابن عباس فالذي صحّ عنه أنه من لا ولد له ولا والد كما في الحديث السابق برقم [588] ، وأما عمر فالذي صحّ عنه أنه لم يستقرّ له فيها رأي كما في الحديث المتقدم برقم [587] ، وقد روي عنه أنه كان يقول: ((الكلالة ما عدا الولد)) ، ثم رجع عن ذلك وقال: ((الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ)) ، لكن هذا لم يصحّ عنه كما سيأتي برقم [591] .
(1) هو زكرّيا بن أبي زائدة: خالد - ويقال هُبَيْرة - ابن مَيْمون بن فَيْروز الهَمْداني =(3/1183)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الوَادِعي، أبو يحيى الكوفي، روى عن أبي إسحاق السبيعي وعامر الشَّعْبي وسماك بن حرب وغيرهم، روى عنه ابنه يحيى وسفيان الثوري وشعبة وابن المبارك وغيرهم وهو ثقة، وفي روايته عن الشعبي كلام إذا لم يصرِّح بالسماع منه، فإنه كان يدلِّس عنه، وسماعه من أبي إسحاق السبيعي بأَخَرَةٍ، وقد روى له الجماعة، ووثقه العجلي وأبو داود ويعقوب بن سفيان والنسائي والبزار وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة حلو الحديث، ما أقربه من إسماعيل بن أبي خالد)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((ليس به بأس)) .
ووصفه بالتدليس أبو داود، وذلك مقيّد بروايته عن الشعبي؛ قال أبو زرعة: ((صويلح يدلس كثيرًا عن الشعبي)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((ليِّن الحديث، كان يدلس، وإسرئايل أحب إليّ منه، ويقال: إن المسائل التي كان يرويها عن الشعبي لم يسمعها منه، إنما أخذها عن أبي حريز)) ، وكانت وفاته سنة سبع أو ثمان أو تسع وأربعين ومائة.
وسماعه من أبي إسحاق السبيعي في الآخر، قال الإمام أحمد: ((إذا اختلف زكريا وإسرائيل فإن زكريا أحبّ إليّ في أبي إسحاق، ثم قال: ما أقربهما، وحديثهما عن أبي إسحاق ليِّن؛ سمعا منه بأخرة)) ، وقال العجلي: ((سماعه من أبي إسحاق بأخرة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 593 - 594 رقم 2685) ، و"التهذيب" (3 / 329 - 330 رقم 616) ، و"التقريب" (ص216 رقم 2022) ، و"طبقات المدلسين" (ص62 رقم 47) .
(2) هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي.
(3) هو سَلِيم بن عَبْد، ويقال: ابن عبد الله السَّلُولي الكِنَاني، الكوفي، يروي عن حذيفة وابن عباس رضي الله عنهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي فقط، مجهول؛ قال الشافعي: ((سألت عنه أهل العلم بالحديث، فقيل لي: إنه مجهول)) ، ووثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((شهد غزوة طبرستان)) ، وسكت عنه البخاري، وبيض له ابن أبي حاتم. انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (4 / 126 =(3/1184)
591- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْول (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَلَدَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الْكَلَالَةُ مَا عَدَا الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ، فَلَمَّا طُعن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنِّي لَأَسْتَحِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أُخَالِفَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (الْكَلَالَةُ مَاعَدَا الْوَلَدَ والوالد) (2) .
__________
= رقم 2193) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص199 رقم 601) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 212 رقم 915) ، و"لسان الميزان" (3 / 110 رقم 366) ، و"تعجيل المنفعة" (ص110 رقم 406) .
[590] سنده ضعيف لجهالة سليم بن عبد الله، وهو صحيح لغيره بالطريق المتقدم برقم [588] ، وأما زكريا فإنه قد تابعه عدد من الرواة، ومنهم سفيان الثوري، وهو ممن سمع من أبي إسحاق السبيعي قبل اختلاطه.
فالحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 224) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات من كانوا، بالأب والابن وابن الابن، من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 417 رقم 11651) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 55 - 56 و 59 رقم 8753 و 8754 و 8768) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 115 / أ) .
ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق السبيعي، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (8756 و 8757 و 8758 و 8759) من طريق أبي الأحوص وشريك وسفيان الثوري وأشعث، أربعتهم عن أبي إسحاق، به، ولفظ الثوري نحوه، وأما أبو الأحوص فلفظه: ((ما رأيتهم إلا قد اتفقوا: أن من مات ولم يدع ولدًا ولا والدًا أنه كلالة)) . اهـ. ولفظ شريك وأشعث نحو لفظ أبي الأحوص.
(1) هو عاصم بن سليمان الأحْوَل، تقدم في الحديث [47] أنه ثقة.
(2) ما بين القوسين ليس في الأصل، وقد روى البيهقي - كما سيأتي - هذا الحديث من طريق المصنف بهذه الزيادة. =(3/1185)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= [591] سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف للانقطاع بين الشعبي وبين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، فالشعبي تقدم في الحديث [39] أنه ولد سنة تسع عشرة وقيل بعد ذلك، وأنه لم يدرك أبا بكر، وهذا يقتضي أن يكون صغيرًا أيام عمر وأنه لم يسمع منه.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 756) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والدارمي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف (6 / 224) في الفرائض، باب حجب الإخوة والأخوات من كانوا بالأب والابن وابن الابن، ولفظه مثل لفظ المصنف إلا أنه لم يذكر قوله: ((الله عز وجل)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 304 رقم 19191) عن ابن عيينة، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 54 رقم 8747) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن عيينة، به بلفظ: ((إن أبا بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما قالا: الكلالة من ولا ولد له ولا والد)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 415 - 416 رقم 11646) من طريق أبي معاوية، عن عاصم، به بذكر قول أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فقط.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 264 رقم 2976) من طريق يزيد بن هارون، عن عاصم، به بمعناه.
وأخرجه ابن جرير برقم (8745 و 8746) من طريق علي بن مُسْهِر وهشيم، كلاهما عن عاصم، به بمعناه.(3/1186)
592- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف (1) ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أم} .
__________
(1) تقدم في الحديث [208] أنه مقبول.
[592] سنده ضعيف لجهالة حال القاسم وتفرّده بالحديث، وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع هنا، فقد صرح به في رواية أبي عبيد وغيره.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 448) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والدارمي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص247 رقم 589) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 62 رقم 8775) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 231) في الفرائض، باب فرض الإخوة والأخوات للأم.
ثلاثتهم من طريق هشيم، عن يعلى، به مثله، إلا أن روايتي أبي عبيد وابن جرير فيهما: ((من أمه)) ، وعندهما وقع تصريح هشيم بالسماع.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 416 - 417 رقم 11650) .
والدارمي في "سننه" (2 / 264 رقم 2979) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / أ) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 61 - 62 رقم 8772) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 115 / أ) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن يعلى بن عطاء، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير برقم (8773 و 8774) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق. =(3/1187)
593- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) قَالَ: نَا أَبُو حَيَّان التَّيْمي (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَلَا إِنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ يَوْمَ نَزَلَ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ: مِنَ الْعِنَبِ، والتَّمْرِ، والعَسَل، والحِنْطَة، والشَّعير، والخَمْرُ مَا خَامَر العَقْلَ، وَثَلَاثٌ أَيُّهَا النَّاسُ وَدِدْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُفَارِقْنَا حَتَّى يَعْهَدَ إِلَيْنَا عَهْدًا نَنْتَهِي إِلَيْهِ: الجَدُّ (3) ، والكَلالَةُ، وَأَبْوَابٌ مِنْ أبواب الرِّبَا (4) .
__________
= كلاهما من طريق شعبة، عن يعلى بن عطاء، به نحوه.
وهذه القراءة لو صحّت عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فتعتبر قراءة تفسيرية؛ لأني لم أجد من قرأ بها من القرّاء، وأما معناها فصحيح بالإجماع، قال القرطبي - رحمه الله - في "تفسيره" (5 / 78) : ((فأما هذه الآية فأجمع العلماء على أن الإخوة فيها عنى بها الإخوة للأم)) . اهـ.
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) هو يحيى بن سعيد بن حَيَّان.
(3) أي في مقدار ما يرث؛ لأن الصحابة اختلفوا في ذلك اختلافًا كثيرًا، حتى إن عَبِيدة السَّلْماني - رحمه الله - قال: إني لأحفظ عن عمر في الجدّ مائة قضية كلها ينقض بعضها بعضًا. انظر تفصيل ذلك في "فتح الباري" (12 / 19 - 22) .
(4) قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في "فتح الباري" (10 / 50) في تعليقه على قول عمر هذا: ((وأما أبواب الرِّبا، فلعلّه يشير إلى ربا الفضل؛ لأن ربا النسيئة متفق عليه بين الصحابة، وسياق عمر يدلّ على أنه كان عنده نصّ في بعضٍ من أبواب الربا دون بعض)) . اهـ.
[593] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
والحديث طريق المصنف أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير =(3/1188)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن أبي حاتم (2 / ل 115 / أ) ، لكن بلفظه الأخير هكذا: ((سمعت عمر يقول على منبر المدينة: وودت أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لم يفارقنا ... )) الخ بمثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 106 رقم 3807) .
ومن طريقه مسلم في "صحيحه" (4 / 2322 رقم 33) في التفسير، باب في نزول تحريم الخمر.
وأخرجه الإمام أحمد في "الأشربة" (ص69 رقم 185) .
ومن طريقه أبو داود في "سننه" (4 / 78 - 79 رقم 3669) في الأشربة، باب في تحريم الخمر.
وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 295) في الأشربة، باب ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 439 رقم 10883) .
جميعهم من طريق إسماعيل بن عليّة، به نحوه، إلا أن ابن جرير إنما ذكر منه شطره الثاني: ((ثلاث أيها الناس ... )) الخ، وهذا الجزء لم يذكره ابن أبي شيبة والنسائي.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 277 رقم 4619) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رجس من عمل الشيطان} ، و (13 / 305 رقم 7337) في الاعتصام، باب ما ذكر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحضّ على اتفاق أهل العلم ...
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
والترمذي في "سننه" (5 / 621 رقم 1935) في الأشربة، باب ما جاء في الحبوب التي يتخذ منها الخمر.
والنسائي في الموضع السابق.
جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن أبي حيّان التيمي، به، ولفظ مسلم نحوه، وأما النسائي والبخاري في الموضع الأول فأخرجا منه ما يتعلق بالخمر ولم يذكرا باقيه، وأما الترمذي والبخاري في الموضع الثاني فاختصراه جدًّا. =(3/1189)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه البخاري أيضًا مقرونًا برواية ابن إدريس في الموضعين.
ومسلم في الموضع السابق.
كلاهما من طريق عيسى بن يونس، عن أبي حيّان، به.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 35 و 45 - 46 رقم 5581 و 5588) في الأشربة، باب الخمر من العنب وغيره، وباب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل من الشراب.
والبيهقي في "سننه" (8 / 288 - 289) في الأشربة، باب ما جاء في تفسير الخمر الذي نزل تحريمها.
كلاهما من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن أبي حيان، به نحوه، وفي بعض طرقه عن يحيى زيادة عندهما.
وأخرجه البخاري أيضًا (13 / 305 رقم 7337) ، في الاعتصام، باب ما ذكر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحضّ على اتفاق أهل العلم، من طريق ابن أبي غَنِيَّة، عن أبي حيان، به مختصرًا، مقتصرًا منه على موضع الشاهد وهو قول عبد الله بن عمر: ((سمعت عمر على منبر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) .
وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (32) من طريق علي بن مسهر، عن أبي حيان، به نحوه.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق سفيان الثوري، عن أبي حيان، به نحوه مقتصرًا على ما يتعلق بالخمر فقط، ولم يذكر باقيه.
وعلقه البخاري عقب الحديث رقم (5588) فقال: ((وقال حجاج، عن حماد، عن أبي حيان، مكان العنب: الزبيب)) .
وحماد هذا هو ابن سلمة.
وأخرجه البخاري أيضًا برقم (5589) .
والنسائي في الأشربة من "سننه الكبرى" (4 / 181 رقم 6784) .
كلاهما من طريق شعبة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السفر، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، =(3/1190)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} ]
594- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، قَالَ: نَا حِطَّان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِي (3) ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((خُذُوا عَنِّي، فَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلَا، البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مِائَةٍ وتَغْريب عَامٍ، والثَّيِّب (4) بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مائة ثم الرَّجْم)) .
__________
= عن عمر قال: الخمر تُصنع من خمسة: من الزبيب والتمر والحنطة والشعير والعسل.
هذا لفظ البخاري.
وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 295) في الأشربة، باب ذكر أنواع الأشياء التي كانت منها الخمر حين نزل تحريمها، من طريق زكريا وأبي حَصين، كلاهما عن عامر الشعبي، به بمثل لفظ البخاري السابق، إلا أنه ذكر بدل الزبيب: العنب.
وأخرج النسائي أيضًا في الموضع السابق من "سننه الكبرى" برقم (6785) من طريق محمد بن قيس، عن عامر الشعبي، عن ابن عمر، عن عمر قال: الخمر من خمس: من التمر والزبيب والحنطة والشعير والعسل.
(1) هو ابن زاذان، تقدم في الحديث [57] أنه ثقة ثبت عابد.
(2) هو البصري.
(3) هو حِطَّان بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشي، البصري، روى عن علي وأبي الدرداء وأبي موسى وعبادة بن الصامت، روى عنه الحسن البصري وأبو مجلز ويونس بن جبير وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، روى له الجماعة إلا البخاري، وقال =(3/1191)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن المديني: ((ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وقال العجلي: ((بصري تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحًا)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص124 رقم 305) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 303 - 304 رقم 1354) ، و"التهذيب" (2 / 396 رقم 692) ، و"التقريب" (ص171 رقم 1399) .
(4) الثَّيِّبُ: من ليس ببكر، ويقع على الذكر والأنثى. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 231) .
[594] سنده صحيح على شرط مسلم، وقد أخرجه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 457) وعزاه لعبد الرزاق والشافعي والطيالسي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان.
وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 138) ، وفي "مشكل الآثار" (1 / 92) ، في كلا الموضعين من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((جلد مائة والرجم)) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 313) .
والدارمي في "سننه" (2 / 102 رقم 2333) .
ومسلم في "صحيحه" (3 / 1316 رقم 12) في الحدود، باب حد الزنى.
وأبو داود في "سننه" (4 / 571 رقم 4416) في الحدود، باب في الرجم.
والترمذي في "سننه" (4 / 705 رقم 1458) في الحدود، باب ما جاء في الرجم على الثيب.
وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 111 رقم 810) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص118) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 301 رقم 4408 و 4409 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 221 - 222) في الحدود، باب ما جاء في نفي البكر. =(3/1192)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 318 و 320 - 321) .
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (13) .
وأبو داود في الموضع السابق برقم (4415) .
والنسائي في "التفسير" (1 / 366 رقم 113) ، وفي "فضائل القرآن" (ص51 رقم 5) .
وابن ماجه في "سننه" (2 / 852 رقم 2550) في الحدود، باب حد الزنا.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 77 رقم 8806 و 8807) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 210) في الحدود، باب ما يستدّل على أن السبيل هو جلد الزانيين ورجم الثيب.
وابن عبد البر في "التمهيد" (9 / 87 - 88) .
جميعهم من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، عن الحسن البصري، عن حطان بن عبد الله، عن عبادة، به نحوه، وعند بعضهم زيادة في أوله في صفة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا نزل عليه الوحي.
وأما ابن ماجه فإنه رواه من طريق شيخه بكر بن خلف، عن يحيى بن سعيد القطان، عن ابن أبي عروبة، وذكر يونس بن جبير بدلاً من الحسن البصري، وقد نصّ الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" (4 / 247) على أن هذا وهم؛ ويدل على أن الوهم من شيخ ابن ماجه: أن أبا داود أخرجه من طريق مسدَّد، والنسائي في التفسير من طريق شعيب بن يوسف، وابن عبد البر في "التمهيد" من طريق مسدد وزهير بن حرب، ثلاثتهم عن يحيى القطان، به بذكر الحسن البصري بدل يونس بن جبير، وهو موافق لرواية الآخرين الذين رووه عن ابن أبي عروبة، والذين رووه عن قتادة كما سيأتي، فتبين بهذا أن الوهم من شيخ ابن ماجه بكر بن خلف.
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 513 رقم 1018) فقال: أنا شعبة، =(3/1193)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن قتادة، عن الحسن، عن حطان بن عبد الله، عن عبادة بن الصامت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((خذوا عني، قد جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلَا، الْبِكْرُ بالبكر، والثيب بالثيب، البكر يجلد وينفى، والثيب يجلد ويرجم)) .
ومن طريق ابن الجعد أخرجه:
الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 134) ، و"في مشكل الآثار" (1 / 92) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 117 / ب) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 301 رقم 4410 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 80 رقم 8835) و (14 / 171 رقم 17973) .
والإمام أحمد في "المسند" (5 / 320) .
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (14) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 78 رقم 8810) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 138) .
جميعهم من طريق شعبة، به مثل لفظ ابن الجعد، إلا أن بعضهم قال: ((تجلد وتنفى)) ، و ((تجلد وترجم)) .
وأخرجه مسلم في الموضع السابق مقرونًا برواية شعبة.
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 76 رقم 8805) .
كلاهما من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، به نحو لفظ ابن الجعد السابق، إلا أن في أوله زيادة صفة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا نزل عليه الوحي.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 317) .
والدارمي في "سننه" (2 / 101 رقم 2332) .
وابن المنذر في الموضع السابق من "تفسيره".
ثلاثتهم من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، به نحو سابقه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 329 رقم 13360) عن شيخه معمر، عن قتادة، به نحو اللفظ السابق. =(3/1194)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق عبد الرزاق أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 117 / ب) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 371) .
وابن المنذر في الموضع السابق من "تفسيره".
كلاهما من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل، عن الحسن، به مقرونًا برواية حماد للحديث عن قتادة فيما سبق.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص79 رقم 584) من طريق شيخه مبارك بن فضالة، عن الحسن البصري، به نحو اللفظ المتقدم.
ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 117 / أوب) .
وأخرجه الطيالسي في الموضع السابق من طريق جرير بن حازم، عن الحسن، عن عبادة، به ليس في ذكر لحِطّان بن عبد الله.
ومن هذا الوجه أخرجه أحمد في "المسند" (5 / 327) .
وأخرجه الشافعي في "الرسالة" (ص129 - 130 رقم 379) فقال: أخبرنا الثقة من أهل العلم، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحسن، عن حطان الرَّقَاشِيُّ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، به نحو لفظ المصنف.
وأخرجه الشافعي أيضًا (ص129 و 247 رقم 686) وفي "اختلاف الحديث" (ص213) ، فقال: أخبرنا عبد الوهاب، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الحسن، عن عبادة بن الصامت ... ، فذكر الحديث بنحو لفظ المصنف.
ومن طريق الشافعي هنا أخرجه البغوي في "شرح السنة" (10 / 276 رقم 2580) ، وفي "التفسير" (1 / 405) .
قال الشافعي - رحمه الله - في الموضع السابق من "اختلاف الحديث": ((وقد حدثني الثقة أن الحسن كان يدخل بينه وبين عبادة حِطّان الرقاشي، ولا أدري، أدخله عبد الوهاب بينهما، فزال من كتابي حين حوّلته من الأصل، أم لا؟ والأصل يوم كتبت هذا الكتاب غائب عني)) .(3/1195)
595- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك (1) ، عَنْ فِرَاس (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ أبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: البِكْرَان إِذَا زَنَيَا يُجْلَدان ويُنْفَيَان، والثَّيِّبَان يُرْجَمان، والشَّيْخَان يُجْلَدان ويُرْجَمان.
__________
= وقال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على الحديث في "حاشية الرسالة" (ص130) : ((والظاهر أن الحسن البصري روى هذا الحديث عن حطان الرقاشي، عن عبادة، وكان في بعض أحيانه يرسل عن عبادة ويحذف شيخه فيه، ولكنه لم يسمعه من عبادة)) .
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق يزيد بن زريع، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ عبادة، به نحوه، ليس فيه ذكر لحطّان.
وكذا أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 79 رقم 8811) من طريق إسماعيل بن مسلم البصري، عن الحسن، عن عبادة، به، وهو يؤكد ما قاله الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -؛ من أن الحسن كان يذكر حطان أحيانًا، ولا يذكره أحيانًا أخرى.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 329 رقم 13359) عن عبد الله بن محرّر، عن حطّان بن عبد الله، عن عبادة، به، وفي أوله زيادة صفة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا نزل عليه الوحي.
(1) هو ابن عبد الله القاضي، تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا.
(2) هو فِرَاس - بكسر أوله ومهملة - ابن يحيى الهَمْداني، الخَارفي - بمعجمة وفاء -، أبو يحيى الكوفي، المُكْتبِ، روى عن عامر الشَّعْبي وعطية العوفي وأبي صالح السَّمَّان وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وشريك وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وابن معين والنسائي وابن عمار والعجلي وزاد: ((من أصحاب الشعبي، في عداد الشيوخ، ليس بكثير الحديث)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((ما بلغني عنه شيء ولا أنكرت من حديثه إلا حديث الاستبراء)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ، كان معلِّمًا ثقة، ما بحديثه بأس)) ، =(3/1196)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال عثمان بن أبي شيبة: ((صدوق)) ، قيل له: ((ثبت؟)) قال: ((لا)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((كان مكتبًا، وفي حديثه لين، وهو ثقة)) ، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 91 رقم 514) ، و"التهذيب" (8 / 259 رقم 482) .
وكلام يعقوب وعثمان في فراس محمول على قول القطان؛ من أنه أنكر عليه حديث الاستبراء، وليس هناك بشر يسلم من الوهم إلا الأنبياء، فإذا عُرف ما وهم فيه اجتنبناه ولم يُخرجه ذلك عن حد الاحتجاج.
[595] سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 81 رقم 8836) من طريق شريك، به بلفظ: ((إذا زنى البكران يجلدان وينفيان، وإذا زنى الثيبان يجلدان ويرجمان)) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 223) في الحدود، باب ما جاء في نفي البكر، من طريق أبي عوانة، ثنا فراس ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف، إلا أنه لم يذكر قوله: ((والشيخان يجلدان ويرجمان)) .
وذكر الحافظ في "فتح الباري" (12 / 157) رواية ابن أبي شيبة، ثم قال: ((وأخرج ابن المنذر الزيادة بلفظ: والثيبان يرجمان، واللذان بلغا سنًا يجلدان ثم يرجمان)) . والذي يظهر أن ابن المنذر أخرجه من طريق شريك أيضًا كما هو ظاهر صنيع الحافظ ابن حجر، فشريك هو الذي تفرد بزيادة التفريق بين الثيب والشيخ، فالثيب عليه الرجم فقط، والشيخ عليه الجلد والرجم، وهو مذهب غريب استغربه جمع من العلماء؛ قال الحافظ في "الفتح" (12 / 120) : ((ومن المذاهب المستغربة: ما حكاه ابن المنذر وابن حزم عن أبي بن كعب - زاد ابن حزم: وأبي ذر - وابن عبد البر عن مسروق: أن الجمع بين الجلد والرجم خاص بالشيخ والشيخة، وأما الشاب فيجلد إن لم يحصن، ويرجم إن أحصن فقط، وحجتهم في ذلك: حديث: الشيخ والشيخة إذا زنيا =(3/1197)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} ]
596- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاك بْنَ مُزَاحم يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {يتوبون من قريب} ، قَالَ: كُلُّ تَوْبَةٍ قَبْلَ الْمَوْتِ فهو من قريب.
__________
= فارجموهما البتّة ... ، وقال عياض: شَذّت فرقة من أهل الحديث فقالت: الجمع على الشيخ الثيب دون الشاب، ولا أصل له، وقال النووي: هو مذهب باطل)) . اه. وردّ عليه الحافظ ابن حجر بقول: ((كذا قاله ونفى أصله! ووصفُه بالبطلان إن كان المراد به طريقه فليس بجيِّد؛ لأنه ثابت كما سأبينه في باب: البكران يجلدان، وإن كان المراد دليله ففيه نظر أيضًا؛ لأن الآية وردت بلفظ: الشيخ، ففهم هؤلاء من تخصيص الشيخ بذلك: أن الشاب أعذر منه في الجملة، فهو معنى مناسب، وفيه جمع بين الأدلة، فيكيف يوصف بالبطلان؟)) . اهـ. وقول الحافظ: ((لأنه ثبت ... )) ، قصد به ثبوت القول عن بعض السلف؛ فإنه أحال على باب: ((البكران يجلدان)) ، وقال هناك (12 / 157) : ((وأخرج عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن مسروق: البكران يجلدان وينفيان، والثيبان يرجمان ولا يجلدان، والشيخان يجلدان ثم يرجمان، ورجاله رجال الصحيح)) . اهـ.
[596] سنده ضعيف لإبهام شيخ إسماعيل بن زكريا، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 459) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد =(3/1198)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 4000 رقم 7074 / تحقيق زغلول) من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 151) فقال: أنا الثوري، عن رجل، عن الضحاك قال: {ثم يتوبون من قريب} قال: كل شيء قبل الموت فهو قريب.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 94 رقم 8850) .
وهذا إسناد ضعيف أيضًا لإبهام شيخ سفيان الثوري، وقد يكون هو شيخ إسماعيل بن زكريا المبهم، والذي يظهر أنه النضر بن طهمان.
فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 118 / ب) ، فقال: حدثنا موسى، ثنا يحيى، ثنا وكيع، عن أبي لينة، قال: سمعت الضحاك يقول - في قوله: {ثم يتوبون من قريب} - قال: كل شيء دون الموت فهو قريب.
وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره"، فقال: حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا يونس - يعني ابن بكير -، عن النضر بن طهمان، قال: سمعت الضحاك: {ثم يتوبون من قريب} ، قال: ما كان دون الموت فهو قريب.
قلت: النَّضْر بن أبي مريم طَهْمَان هو أبو لِيْنَة، الكوفي، روى عن سعيد بن جبير والقاسم بن عبد الرحمن والضحّاك بن مزاحم، روى عنه إسماعيل بن زكريا ووكيع وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) . انظر "الجرح والتعديل" (8 / 476 و 477 رقم 2183 و 2185) ، و"المقتنى" للذهبي (2 / 38 رقم 5274) .
وقد قال الساجي عن أبي لينة: ((ليس حديثه بشيء، كان رديء اللسان)) ، وهذا إنما هو النضر بن مطرف، قال الحافظ ابن حجر جوابًا عن ذلك: ((يشير إلى الحكاية التي حكاها البخاري عن يحيى بن سعيد في حق النضر بن مطرف، فقد جعلهما =(3/1199)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= غير واحد واحدًا، وقيل: هما اثنان)) .
قلت: ممن فرق بينهما يحيى بن معين وأبو حاتم، فعدَّلا ابن طهمان، وجرحا ابن مطرف. انظر "لسان الميزان" (6 / 165 رقم 577 و 578) .
والراوي عن النضر عند ابن المنذر هو وكيع بن الجراح، وتقدم في الحديث [47] أنه ثقة حافظ عابد.
والراوي عن وكيع هو يحيى بن معين بن عَوْن الغَطَفاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي، إمام الجرح والتعديل، روى عن عبد السلام بن حرب وعبد الله بن المبارك وحفص بن غياث وجرير بن عبد الحميد وعبد الرزاق وابن عيينة ووكيع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وأبو حاتم وأبو زرعة وعبد الله بن الإمام أحمد وغيرهم، وهو ثقة حافظ مشهور، روى له الجماعة، وكان ابن المديني يقول: ((انتهى العلم إلى ابن معين)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان ابن معين أعلمنا بالرجال)) ، وقال أيضًا: ((السماع مع يحيى بن معين شفاء لما في الصدور)) ، وقال ابن الرومي: ((كنت أنا وأحمد نختلف إلى يعقوب بن إبراهيم في المغازي، فقال أحمد: ليت أن يحيى هنا، قلت: وما تصنع به؟ قال: يعرف الخطأ)) ، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، فقال: ((إمام)) وكانت ولادته سنة ثمان وخمسين ومائة، وتوفي بمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - سنة ثلاث وثلاثين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (1 / 314 - 318) و (9 / 192 رقم 800) ، و"التهذيب" (11 / 280 - 288 رقم 561) ، و"التقريب" (ص597 رقم 7651) .
والراوي عن ابن معين هو شيخ ابن المنذر: موسى بن هارون بن عبد الله بن مروان، أبو عمران البزّاز المعروف والده بالحمّال، روى عن علي بن الجعد وأحمد بن حنبل وابن أبي شيبة ويحيى بن معين وغيرهم، روى عنه هنا ابن المنذر، وروى عنه أيضًا جعفر الخُلْدي ودَعْلَج السِّجْزِي والطبراني وغيرهم، وهو ثقة حافظ؛ قال عنه الصِّبغي: ((ما رأينا في حفاظ الحديث أهيب ولا أورع من موسى بن هارون)) ، وقال عبد الغني بن سعيد: ((أحسن الناس كلامًا على =(3/1200)
597- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (بْنِ) (2) البَيْلَماني (3) ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِيَوْمٍ إِلَّا قَبِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ تَوْبَتَهُ)) ، قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ مِنْهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَشْهَدُ لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِنِصْفِ يَوْمٍ إلا قبل الله توبته)) ،
__________
= حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: علي بن المديني في وقته، وموسى بن هارون في وقته، وعلي بن عمر الدارقطني في وقته)) ، وقال ابن المنادي: ((كان أحد المشهورين بالحفظ والثقة ومعرفة الرجال)) ، وقال الخطيب: ((كان ثقة عالمًا حافظًا)) ، وقال الذهبي: ((الإمام الحافظ الكبير الحجة الناقد، محدث العراق)) ، وكانت ولادته سنة أربع عشرة ومائتين، ووفاته سنة أربع وتسعين ومائتين. اهـ. من "تاريخ بغداد" (13 / 50 - 51 رقم 7019) ، و"سير أعلام النبلاء" (12 / 116 - 117 رقم 39) .
وعليه فهذا الإسناد صحيح، والله أعلم.
(1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في حديثه عن عبيد الله العمري، فإنه منكر.
(2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وقد روى البيهقي هذا الحديث من طريق المصنف كما سيأتي بإثبات ذلك، وانظر ترجمته الآتية.
(3) هو عبد الرحمن بن البَيْلَماني مولى عمر، مدني نزل حَرّان، روى عن ابن عباس وابن عمر وابن عمرو وغيرهم، روى عنه ابنه محمد وربيعة بن أبي عبد الرحمن وهمّام والد عبد الرزاق وزيد بن أسلم وغيرهم، وهو ضعيف، قال أبو حاتم: ((ليِّن)) ، =(3/1201)
= (قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَاكَ مِنْهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَأَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بضَحْوة إِلَّا قَبِلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ)) ) (4) ، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ ذَلِكَ (مِنْهُ) (5) ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ إِنْسَانٍ يَتُوبُ قَبْلَ أَنْ تُغرْغِرَ (6) نَفْسُهُ فِي شِدْقِهِ (7) ، إِلَّا قَبِلَ اللَّهُ توبته)) .
__________
= وقال صالح جزرة: ((حديثه منكر، ولا يُعرف أنه سمع من أحد من الصحابة إلا من سُرَّق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((لا يجب أن يعتبر بشيء من حديثه إذا كان من رواية ابنه؛ لأن ابنه محمد بن عبد الرحمن يضع على أبيه العجائب)) ، وقال الدارقطني: ((ضعيف لا تقوم به حجة)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث، يروي عن ابن عمر بواطيل)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 266 رقم 1018) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 91 - 92) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 778) ، و"التهذيب" (6 / 149 - 150 رقم 303) ، و"التقريب" (ص337 رقم 3819) .
(4) ، (5) ما بين القوسين من الأصل فاستدركته من رواية البيهقي الآتية في "شعب الإيمان" حيث روى الحديث من طريق المصنف.
(6) الغَرْغَرَةُ: أن يُجعل المشروب في الفم ويُردَّد إلى أصل الحلق ولا يُبْلَع، والمعنى هنا: أي ما لم تبلغ روحُه حلقومَه، فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به المريض. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (3 / 360) .
(7) الشِّدْقُ: هو جانب الفم. انظر المرجع السابق (2 / 453) .
[597] سنده ضعيف لضعف ابن البَيْلَماني، ومعناه صحيح كما سيأتي. =(3/1202)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 463 - 464) من رواية الإمام أحمد في "المسند"، ثم قال: ((وقد رواه سعيد بن منصور عن الدراوردي، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عبد الرحمن بن البيلماني، فذكر قريبًا منه)) .
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 398 - 399 رقم 7069 / تحقيق زغلول) ، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((لسمعت)) بدل قوله: ((لقد سمعت)) ، وقال: ((قبل أن يغرغر نفسه)) .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 258) من طريق إبراهيم بن حمزة، عن عبد العزيز بن محمد، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 425) من طريق محمد بن مطرف، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عبد الرحمن بن البيلماني قال: اجتمع أربعة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فقال أحدهم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول ... ، فذكره بنحوه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 197) : ((رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الرحمن وهو ثقة)) .
قلت: لم يوثق عبد الرحمن أحد، سوى أن ابن حبان ذكره في الثقات، فالذي يظهر أن الهيثمي اعتمد عليه.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (5 / 362) .
والحاكم في "المستدرك" (4 / 257) .
والبيهقي في الموضع السابق برقم (7068) .
أما الإمام أحمد فمن طريق أسباط، وأما الحاكم والبيهقي فمن طريق جعفر بن عون, كلاهما عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زيد بن أسلم ... ، به نحو لفظ المصنف.
وخالفهما عبد الله بن نافع، فرواه عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن البيلماني، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمرو رضي الله عنهما يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((من تاب قبل موته بعام تيب عليه ... )) ، حتى قال بشهر، =(3/1203)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حتى قال بجمعة، حتى قال بيوم، حتى قال بساعة، حتى قال بِفُوَاق، فقلت: سبحان الله! أو لم يقل الله عز وجل: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ} ؟ فقال عبد الله: إنما أحدثك بما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -.
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 258 - 259) مستدلاً به على تسمية الصحابي المبهم راوي الحديث، فقال بعد أن أخرج الحديث بإبهام صحابيه: ((وقد شفى عبد الله بن نافع المديني، فبين في روايته عن هشام بن سعد أن الصحابي: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما)) .
قلت: عبد الله بن نافع خالف أسباطًا وجعفر بن عون عن هشام، وخالف عبد العزيز الدراوردي ومحمد بن مطرف عن زيد، فإنهم رووا الحديث ولم يذكروا صحابيّه، ومع ذلك فقد خالفهم في متن الحديث، فمتن الحديث مروي عن أربعة من الصحابة، فجعلهم عبد الله بن نافع واحدًا.
وأخرجه الحاكم في الموضع السابق من طريق مؤمل بن إسماعيل، ثنا سفيان الثوري، قال: كتبت إلى عبد الرحمن بين البيلماني أسأله عن حديث يحدث به عن أبيه، فكتب إلي أن أباه حدثه أنه جلس إلى نفر مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فقال أحدهم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول، فذكره بنحو لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((قبل موته بساعة)) بدل قوله: ((قبل أن يموت بضحوة)) .
وقال الحاكم عقبه: ((سفيان بن سعيد - رضي الله عنه - وإن كان أحفظ من الدراوردي وهشام بن سعد، فإنه لم يذكر سماعه في هذا الحديث من ابن البيلماني، ولا زيد بن أسلم، إنما ذكر إجازة ومكاتبة، فالقول فيه قول من قال: عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ ابن الْبَيْلَمَانِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . اهـ.
قلت: ليس الخطأ من سفيان الثوري ولا من روايته إجازة ومكاتبة، وإنما الخطأ ممن دونه؛ وذلك أنه روى الحديث من غير طريق زيد بن أسلم، فقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 119 / أ) =(3/1204)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من طريق شيخه علي بن الحسن بن موسى الهلالي، عن عبد الله بن الوليد العدني، عن سفيان الثوري، قال: كتب إليّ محمد بن عبد الرحمن - قال: هو عندي البيلماني -، قال: حدثني أبي، قال: جلست إلى نفر مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - بالمدينة، قال: فقال رجل منهم: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول ... ، فذكر الحديث بنحو لفظ المصنف، مع الفرق الذي سبق ذكره في رواية الحاكم للحديث.
فمدار الحديث إذًا على عبد الرحمن بن البيلماني، ورواه عنه ابنه محمد وزيد بن أسلم، وعبد الرحمن ضعيف كما سبق.
وله شاهد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 206) فقال: ثنا عفان، ثنا شعبة، قال: إبراهيم بن ميمون أخبرني، قال: سمعت رجلاً من بني الحارث، قال: سمعت رجلاً منا يقال له أيوب، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمرو يقول: ((من تاب قبل موته عامًا تيب عليه، ومن تاب قبل موته بشهر تيب عليه)) ، حتى قال يومًا حتى قال ساعة، حتى قال فُواقًا، قال: قال الرجل: أرأيت إن كان مشركًا أسلم؟
قال: إنما أحدثكم كما سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول.
وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص301 رقم 2284) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 99 - 100 رقم 8863) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 119 / أ) .
ثلاثتهم من طريق شعبة، به نحوه، إلا أنه سقط بعض إسناد الطيالسي في المطبوع من "مسنده"، وقد أخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من طريق علي الصواب.
قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "مسند الإمام أحمد": ((إسناده ضعيف لإبهام الرجل من بني الحارث)) .
وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)) . =(3/1205)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} ]
598- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضيل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ لَيْث (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: القِنْطار سَبْعُونَ أَلْفَ دينار.
__________
= أخرجه الإمام في "المسند" (2 / 132 و 153) .
والترمذي في "سننه" (9 / 521 رقم 3603 و 3604) في الدعوات، باب منه.
وابن ماجه (2 / 1420 رقم 4253) في الزهد، باب ذكر التوبة.
والحاكم في "المستدرك" (4 / 257) .
جميعهم من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جُبير بن نُفير، عن ابن عمر، به.
قال الترمذي: ((حسن غريب)) .
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وقال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "المسند" (9 / 17) : ((إسناده صحيح)) .
وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (2 / 151 رقم 1899) .
ويشهد لمعناه ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2076 رقم 43) في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه، من حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه)) .
وعليه يتضح أن معنى الحديث صحيح بهذه الشواهد، والله أعلم.
(1) هو ابن أبي سُلَيم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك.
[598] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 162) وعزاه لعبد بن حميد فقط. =(3/1206)
599- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَوْفٍ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) قَالَ: القِنْطَار: دِيَةُ الحُرِّ (3) .
__________
= وأخرجه أبو شعيب الحَرَّاني في "الفوائد المنتخبة" (ل 5 / ب) من طريق جرير، عن ليث، به مثله.
والحديث في "تفسير مجاهد" (ص123) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْقِنْطَارُ سَبْعُونَ أَلْفَ دينار.
وسنده صحيح.
ورقاء بن عمر تقدم في الحديث [584] أنه ثقة.
وابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 248 رقم 6719 و 6720) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به مثله.
(1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
(2) أي البصري.
(3) وهي ألف دينار كما سيأتي، أو ألف ومائتان، وهو ما يعادل اثني عشر ألف درهم.
[599] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 247 رقم 6712) من طريق هشيم، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: القنطار ألف دينار دية أحدكم.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6703) من طريق يزيد بن زريع، عن عوف، عن الحسن: القنطار ألف ومائتا دينار.
وأخرجه برقم (6709) من نفس الطريق السابق بلفظ: القنطار اثنا عشر ألفًا.
وأخرجه أيضًا برقم (6708 و 6711) من طريق يزيد بن زريع وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عن قتادة، عن الحسن أن القنطار اثنا عشر ألفًا. =(3/1207)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} ]
600- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ سَعِيدٍ الجُرَيْرِي (2) ، عَنْ حَيَّان بْنِ عُمير (3) قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَبْعٌ صِهْرٌ، وسبعٌ نسبٌ، وَيَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعة مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَب.
__________
= وليس هناك تناقض بين الروايات، فدية الحر مقدارها ألف ومائتا دينار، وتعادل اثني عشر ألف درهم، وهو قريب مما جاء في رواية هشيم للحديث عن عوف، عن الحسن أن القنطار ألف دينار، وأظن العدد جاء على التقريب لا على التحديد.
وقد روى ابن جرير في الموضع السابق برقم (6706) عن ابن عباس قال: القنطار اثنا عشر ألف درهم، أو ألف دينار.
وروى برقم (6707) عن الضحاك قال: القنطار ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألف درهم.
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) هو سعيد بن إياس الجُرَيْري، تقدم في الحديث [23] أنه ثقة اختلط قبل موته بثلاث سنين، والراوي عنه هنا هو إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
(3) هو حَيَّان بن عُمير القَيْسي الجُرَيْري - بضم الجيم -، أبو العلاء البصري، =(3/1208)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= روى عن عبد الرحمن بن سمرة، وابن عباس وسمرة بن جندب وغيرهم، روى عنه سليمان التيمي وسعيد الجُرَيْري وقتادة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه النسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكره البخاري في "التاريخ الأوسط" في فصل من مات بين التسعين والمائة للهجرة. اهـ. من "طبقات ابن سعد" (7 / 189) ، و"التهذيب" (3 / 67 - 68 رقم 130) ، و"التقريب" (ص184 رقم 1597) .
[600] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 471) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة والبيهقي.
وسبق أن أخرجه المصنف في المطبوع من "سننه"، في كتاب النكاح، باب ما جاء في ابنة الأخ من الرضاعة (1 / 236 رقم 971) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه قال: ((الرضاع)) بدل: ((الرضاعة)) .
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 158) في النكاح، باب ما يحرم من نكاح القرابة والرضاع وغيرهما، بمثل لفظ المصنف في كتاب النكاح.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص93 رقم 210) عن شيخه الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء الأسدي، عن عمير مولى ابن عباس، عن ابن عباس قال: يحرم من النسب سبع، ومن الصهر سبع، ثم قرأ: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء} ، و {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 272 رقم 10808) من طريق الثوري.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الطبراني في "معجمه الكبير" (11 / 431 رقم 1222) .
ومن طريق سفيان الثوري أيضًا أخرجه:
ابن جرير في "تفسيره" (8 / 141 - 142 رقم 8944 و 8945 و 8946) . =(3/1209)
601- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُديج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ (سَعْدِ) (3) بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 123 / ب) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 304) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 153 رقم 5105) في النكاح، باب ما يحل من النساء وما يحرم.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (8948) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 123 / أ) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (9 / 154) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحو لفظ سفيان السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 289) من طريق حسن بن عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يحرم مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النسب.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 476 رقم 13951) من طريق إسرائيل بن يونس، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، به مثل لفظ ابن أبي شيبة السابق.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (8949) .
والطبراني في "معجمه الكبير" (11 / 291 رقم 11772) .
كلاهما من طريق علي بن صالح، عن سماك بن حرب، به نحو لفظ سفيان الثوري السابق.
(1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ. =(3/1210)
= شَمَخ (4) ، فَرَأَى بعدُ أمَّها، فَأَعْجَبَتْهُ، فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، وَلَمْ أَدْخُلْ بِهَا، ثُمَّ أَعَجَبَتْنِي أُمَّهَا، فَأطَلِّقُ الْمَرْأَةَ وَأَتَزَوَّجُ أُمَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، (فطلَّقها) (5) ، وَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، فَأَتَى عبدُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: لَا يَصْلُحُ، ثُمَّ قَدِمَ، فَأَتَى بَنِي شَمَخ، فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي تَزَوَّجَ أُمَّ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَحْتَهُ؟ قَالُوا: هَاهُنَا، قَالَ: فَلْيُفَارِقْها، قَالُوا: وَقَدْ نَثَرَتْ لَهُ بَطْنَها (6) ؟! قَالَ: فَلْيُفَارِقْهَا، فَإِنَّهَا حَرَامٌ من الله عز وجل.
__________
(2) هو عمرو بن عبد الله السبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس واختلط بأخَرَةٍ.
(3) في الأصل: ((سعيد)) وهو خطأ، والذي يظهر أنه خطأ قديم؛ لأن المصنف روى هذا الحديث أيضًا في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 227 رقم 936) هكذا: ((سعيد)) ، وصوبه المحقق الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي كما هنا، وكذا رواه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1 / 439) من طريق المصنف، وأما البيهقي والخطيب فروياه كما سيأتي من طريق المصنف على الصواب، فكأنهما صوّباه، فلعله اشتبه عليه بسعيد بن إياس الجُرَيْري، وأما سعد بن إياس فهو أبو عمرو الشيباني مشهور بكنيته، تقدم في الحديث [408] أنه ثقة مخضرم.
(4) هم بطن من فَزَارَة كما سيأتي في بعض الروايات، وكما في "الأنساب" للسمعاني (8 / 146) .
(5) في الأصل: ((طلقها)) والتصويب من الموضع السابق من المطبوع من "السنن" للمصنف وغيره.
(6) أي ولدت له.
[601] سنده فيه حديج بن معاوية وتقدم أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به، وفيه =(3/1211)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس، واختلط، ولم ينفرد به أيضًا، بل تابعه عليه أبو فروة عروة بن الحارث، فالحديث صحيح لغيره، وقد أخطأ حديج هنا أيضًا فقال: ((عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ رجل ... )) ، ورواه إسرائيل كما سيأتي - وهو أوثق منه -، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ ابن مسعود.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثورط (2 / 473) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في "سننه".
وأخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 227 رقم 936) ، ولفظه: عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بني شمخ، ثم أبصر أُمَّهَا فَأَعْجَبَتْهُ، فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ مسعود، فقال: إني تزوجت بامرأة، فلم أَدْخُلْ بِهَا، ثُمَّ أَعَجَبَتْنِي أُمَّهَا، فأطلِّق الْمَرْأَةَ وَأَتَزَوَّجُ أُمَّهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، فَطَلَّقَهَا وَتَزَوَّجَ أُمَّهَا، فَأَتَى عَبْدُ اللَّهِ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالُوا: لَا يَصْلُحُ، ثُمَّ قَدِمَ فَأَتَى بَنِي شَمَخٍ، فَقَالَ: أَيْنَ الرَّجُلُ الَّذِي تَزَوَّجَ أُمَّ المرأة التي كانت عنده؟ قالوا: ها هنا، قال: فليفارقها، قالوا: كيف وَقَدْ نَثَرَتْ لَهُ بَطْنُهَا؟ قَالَ: وإن كانت فعلت، فَلْيُفَارِقْهَا، فَإِنَّهَا حَرَامٌ مِنَ اللَّهِ عز وجل.
وأخرجه يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1 / 439) عن المصنف، به مثل لفظه هنا في التفسير سواء.
ومن طريق يعقوب بن سفيان أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 159) في النكاح، باب ما جاء في قوله الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بهن} الآية.
وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (2 / 201) من طريق المصنف، بنحو لفظه في كتاب النكاح.
وأخرجه يعقوب بن سفيان أيضًا (1 / 440) من طريق حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي إسحاق، عن أبي عمرو الشيباني أن رجلاً سأل ابن مسعود عن رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ قال: نعم، فتزوجها، فولدت له، فقدم =(3/1212)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= على عمر، فسأله، فقال: فرق بينهما، قال: إنها ولدت، قال: وإن ولدت عشرة، ففرق بينهما.
ومن طريق يعقوب بن سفيان أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
وفي سنده أيضًا حجاج بن أرطأة، وتقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس.
وأخرجه يعقوب بن سفيان أيضًا (1 / 441) من طريق إسرائيل بن يونس، عن جده أبي إسحاق السبيعي، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِيَاسٍ، عَنْ عبد الله بن مسعود، أن رجلاً من بني شمخ بن قَزَارة سأله عن رجل تزوج امرأة ... ، الحديث بنحو سياق المصنف، وفيه زيادة.
ولم ينفرد أبو إسحاق بالحديث، بل تابعه عليه أبو فَرْوَة عروة بن الحارث الهَمْداني.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 273 رقم 10811) عن شيخه سفيان الثوري، عن أبي فروة، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ ابن مسعود، أن رجلاً من بني شمخ بن فزارة تزوّج امرأة، ثم رأى أمها فأعجبته، فاستفتى ابن مسعود، فأمره أن يفارقها ثم يتزوج أمها، فتزوجها وولدت له أولادًا، ثم أتى ابن مسعود المدينة، فسأل عن ذلك، فأُخبر أنه لا تحلّ له، فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل: إنها عليك حرام، إنها لا تنبغي لك، ففارقها.
وهذا سند صحيح.
سفيان الثوري وأبو عمرو الشيباني سعد بن إياس تقدم أنهما ثقتان.
وأما عروة بن الحارث الهَمْداني الكوفي، أبو فروة الأكبر، فهو ثقة من الطبقة الخامسة، يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى وأبي عمرو الشيباني وغيرهما، ويروي عن شعبة والسفيانان: الثوري وابن عيينة وغيرهم، قال ابن معين: ((ثقة)) ، وذكره ابن حبان في ثقاته. "الجرح والتعديل" (6 / 398 رقم 3224) ، و"التهذيب" (7 / 178 - 179 رقم 349) ، و"التقريب" (ص389 رقم 4559) . =(3/1213)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: يعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (1 / 438 - 439) .
ومن طريق يعقوب أخرجه: البيهقي في الموضع السابق.
والخطيب في "الفقيه والمتفقه" (2 / 202) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 172) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، به نحوه، ولفظ عبد الرزاق أتم.
ورواه شعبة عن أبي فروة، فخالف سفيان في بعض لفظه.
أخرجه يعقوب بن سفيان في الموضع السابق، فقال: حدثنا أبو بشر، حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني أبو فروة، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ قَالَ: تزوج رجل من بني فزارة، فماتت قبل أن يدخل بها، فرخّص عبد الله أن يتزوج أمها، ورخّص في الصرف، فلما أتى المدينة فرجع، أخذ بيدي، فأتى أهل البيت الذين أمرهم فنهاهم، وأتى الصيارفة فنهاهم.
وأخرجه البيهقي في الموضع المتقدم من طريق هاشم بن القاسم: ثنا شعبة، عن أبي فروة الهمداني، قال: سمعت أبا عمرو الشيباني قال: كان عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يرخص في رجل تزوج امرأة، فماتت قبل أن يدخل بها: أن يتزوج أمها. قال: فأتى المدينة، فكأنه لقي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -، قال: فرجع.
قال البيهقي: ((كذا رواه شعبة عن أبي فروة في الموت! وخالفه سفيان الثوري، فرواه عن أبي فروة في الطلاق، وإذا اختلف سفيان وشعبة، فالحكم لرواية سفيان؛ لأنه أحفظ وأفقه، ومع رواية سفيان رواية أبي إسحاق عن أبي عمرو)) . اهـ.
وأخرجه مالك في "الموطأ" (2 /533 رقم 23) في النكاح، باب ما لا يجوز من نكاح الرجل أم امرأته، بلا إسناد، فقال: عن غير واحد، أن عبد الله بن مسعود استُفْتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد الابنة إذا لم تكن الابنة مُسَّتْ، فأرخص في ذلك. ثم إن ابن مسعود قدم المدينة، فسأل عن ذلك، فأخبر أنه ليس كما قال، وإنما الشرط في الربائب، فرجع ابن مسعود إلى الكوفة، فلم يصل إلى منزله حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك، فأمره أن يفارق امرأته.(3/1214)
602- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، [ل124/ب] عَنْ شُرَيْح أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ، (فَقَالَ) (1) : ائْتُوا بَنِي شَمَخ، فَسَلُوهم (2) .
603- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ أَبِي نَجيح (4) ، عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً، فَطَلَّقَها قَبْلَ أَنْ يَدخل بِهَا حَتَّى مَاتَتْ، أَوْ طَلَّقَها، أيَتَزَوَّجُ بِهَا ابنُه؟ قَالَ: فِيهِ قَتَلَ دَاوُدُ ابْنَهُ أَدِينَ (5) .
__________
(1) في الأصل: فقالوا.
(2) يشير إلى قصة الرجل الذي من بني شمخ، وتقدمت في الحديث السابق.
[602] سنده صحيح، ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع، لكن تقدم في الحديث [500] أن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح فيها مغيرة بالسماع، وقد روى شعبة عنه هذا الحديث كما سيأتي.
والحديث اختصره المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 227 رقم 935) في باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها، أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزوج أمها، فقال: نا هُشَيْمٌ وَخَالِدٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عن إبراهيم في الرجل يتزوج المرأة، فيموت قبل - أراه قال: - أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ فقال: كان شريح إذا أتي في ذلك يقول: إيتوا بني شمخ، فسلوهم عن ذلك.
وأخرجه وكيع القاضي في "أخبار القضاة" (2 / 278) من طريق محمد بن جعفر غندر، قال: حدثنا شعبة، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كان شريح إذا سئل عن الرجل يتزوج أم امرأته ولم يدخل بها، قال: سلوا عن ذلك بني شمخ.
(3) هو ابن عُلَيَّة.
(4) هو عبد الله بن أبي نجيح.
(5) كذا في الأصل! وفي "الإكمال" لابن ماكولا (1 / 4) قال: ((وآذين ورد في حكاية أنه ابن داود النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . =(3/1215)
604- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ مَسْروق أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ: {أُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} ، قَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ، فَأرْسِلوا مَا أَرْسَلَ اللَّهُ، واتَّبِعُوا مَا بَيَّنَ اللَّهُ، ورَخَّصَ فِي الرَّبِيْبَة (1) إِذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بأمِّها، وكَرِه الأمَّ على كل حال.
__________
[603] سنده صحيح، والحديث سبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح، باب ما جاء في الرجل يتزوج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزووج أمها (1 / 228 رقم 939) ، من غير هذا الطريق، فقال: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن صدقة بن يسار، قال: سئل عكرمة عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها حتى مات أو طلقها، أيتزوجها ابْنُهُ؟ قَالَ: فِيهِ قَتَلَ دَاوُدُ ابنه ادين. اهـ.
فلست أدري، هل هذه طريق أخرى لهذا الأثر، أو في أحد الإسنادين خطأ؟.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 173) فقال: نا ابن عليّة، قال: قلت لابن أبي نجيح: الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، أيتزوج أمها؟ فقال: سمعت عكرمة ينهى عنها وعطاء.
(1) الرَّبيبة: هي بنت الزوجة من غير زوجها الذي معها. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 180) .
[604] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 473) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 228 رقم 937) ، باب ما جاء في الرجل يتزج المرأة فتموت قبل أن يدخل بها، أو يطلقها، هل يصلح له أن يتزوج أمها؟ لكن جاء عنده الحديث من قول ابن عباس، مع أنه من نفس الطريق، وهذا سياقه: حدثنا سعيد، نا هشيم، أنا داواد، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ سئل عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وأمهات نسائكم} ، فقال ابن عباس: هِيَ مُبْهَمَةٌ، فَأَرْسِلُوا مَا أَرْسَلَ اللَّهُ، وَاتَّبِعُوا مَا بَيَّنَ اللَّهُ عز وجل.
قال: رخّص فِي الرَّبِيبَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا، وَكَرِهَ الْأُمَّ عَلَى كل حال.
والصواب رواية المصنف للحديث هنا في كتاب التفسير عن مسروق من =(3/1216)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} ]
605- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، (عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) (1) - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا ملكت أيمانكم} -، قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حَرَامٌ، إِلَّا أَنْ تَشْتَرِيَهَا، أَوْ ما مَلَكَتْ يَمينُك.
__________
= قوله، فإنه موافق لرواية ابن علية ويزيد بن هارون للحديث عن داود.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 172 - 173) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مسروق - في: {أمهات نسائكم} - قال: ما أرسل الله فأرسلوا، وما بيّن فاتبعوا.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 160) في النكاح، باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بهن} الآية، أخرجه من طريق يزيد بن هارون، أنبأ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ الشعبي، عن مسروق - في قول الله عز وجل {وأمهات نسائكم} - قال: ما أرسل الله فأرسلوه، وما بين فاتبعوه، ثم قرأ: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بهن فلا جناح عليكم} ، قال: فأرسلوا هذه، وبين هذه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 274 رقم 10813) عن معمر، عن قتادة، قال: سئل عنها عمران بن حصين فقال: هي مما حُرِّم، قال: وسئل عنها مسروق ابن الأجدع، فقال: هي مبهمة فدعها.
(1) في الأصل: ((عن إبراهيم، عن الأعمش)) قدَّم وأخّر في الإسناد، وسقط منه عبد الله بن مسعود، فصوبته من مصادر التخريج، ومنها "مصنف ابن أبي شيبة" الذي تابع المصنِّف سعيد بن منصور على روايته عن أبي معاوية، وابن جرير الطبري الذي أخرجه من طريق سلم بن جنادة عن أبي معاوية، به مثل ما هنا سواء.
[605] سنده صحيح، ورواية الأعمش عن إبراهيم النخعي محمولة الاتصال وإن كانت =(3/1217)
606- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الصَّلْت بْنِ بَهْرام (1) ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا ملكت أيمانكم} -، قَالَ: إِلَّا السَّبَايا مِنْ أَهْلِ الحرب.
__________
= بالعنعنة، وراوية إبراهيم عن ابن مسعود مرسلة، لكن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة، وتقدم ببيان ذلك في الحديث رقم [3] ، وسنده مثل هذا الإسناد.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 479) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 267) عن أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ: {والمحصنات من النساء} - قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عليك حرام، إلا ما ملكت يمينك أو تشتريها.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 155 رقم 8972) من طريق سَلْم بن جنادة، عن أبي معاوية، به مثل لفظ المصنف.
وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (8974) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 125 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق جرير بن عبد الحميد، وأما ابن المنذر فمن طريق أبي عوانة، كلاهما عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ عبد الله - في قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا ملكت أيمانكم} - قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حرام، إلا ما اشتريت بمالك، وكان يقول: بيع الأمة طلاقها.
(1) تقدم في الحديث [135] أنه ثقة.
(2) هو النخعي.
[606] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 266) عن شيخه عبد الله بن إدريس، عن الصلت، عن إبراهيم، قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عَلَيْكَ حرام، إلا ما أصبت من السبايا. =(3/1218)
607- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب، (أَنَّهُ كَانَ) (1) يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {والمُحْصِنات (2) مِنَ النِّسَاءِ إلا ما ملكت أيمانكم} .
__________
= وأخرج ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 162 رقم 9005) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {والمحصنات من النساء} - قَالَ: كُلُّ ذَاتِ زَوْجٍ عليك حرام.
ثم أخرج هذا الحديث برقم (9007) من طريق شريك، عَنِ الصَّلْتِ بْنِ بَهْرَامَ، عَنِ إبراهيم نحوه؛ عطفه على لفظ حديث ابن عباس.
(1) في الأصل: ((قال: سمعت الأعمش)) - وهو خطأ ظاهر؛ لأن الأعمش هنا يروي عن يحيى بن وثاب، فكيف يقول يحيى: سمعت الأعمش؟! وقد عزا السيوطي هذه القراءة ليحيى بن وثاب كما سيأتي، وتقدم مثل هذا الإسناد برقم [173] ، ومنه صوبت الخطأ هنا.
(2) قَرَأَ عَامَّةُ القُرَّاء: (والمحصَنات) بفتح الصاد، يعني ذوات الأزواج أحْصَنَهُنَّ أزواجهن: وقرأ بعضهم: {والمحصِنات} بكسر الصاد، وممن قرأ كذلك علقمة، واستدلّ بأن معناها: العفائف كما قال عمر بن الخطاب وغيره. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (4 / ل 36 / ب) .
وقوله تعالى: {والمحصنات} لم يضبط هنا، وإنما ضبطته بكسر الصاد لأن السيوطي عزاه كذلك ليحيى بن وثاب كما سيأتي.
[607] سنده صحيح، والأعمش قد أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب كما تقدم في الحديث [173] .
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 482) أن عبد بن حميد أخرج في "تفسيره" عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ أَنَّهُ كان يقرأ: {والمحصِنات} بكسر الصاد.(3/1219)
608- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا ما ملكت أيمانكم} -، قَالَ: إِحْصَان الأمَةِ: دُخُولُها فِي الْإِسْلَامِ وَإِقْرَارُهَا بِهِ، إِذَا دَخَلَتْ فِي الْإِسْلَامِ وأقرَّت بِهِ، ثُمَّ زَنَتْ، فَعَلَيْهَا جَلْدُ خَمْسِينَ.
609- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُطَرِّف (2) ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} (3) -، قَالَ: إِحْصَانُهَا: أَنْ تُحْصِنَ فَرْجَها مِنَ الفُجُور، وَأَنْ تَغْتَسِلَ مِنَ الجنابة.
__________
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
[608] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر الآية، ولم يذكر قوله: ((به)) في قوله: ((وإقرارها به)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 200 رقم 9093) من طريق هشيم، قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أن تلا هذه الآية: {فإذا أحصنّ} ، قال: يقول: إذا أسلمن.
ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9096) من طريق أشعث، عن الشعبي، قال: الإحصان: الإسلام.
(2) هو ابن طَريف.
(3) هذه الآية ليست من سورة النساء، وإنما هي الآية: (5) من سورة المائدة، أتى المصنِّف بقول الشعبي فيها هنا لمناسبته الكلام عن الإحصان فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النساء} . =(3/1220)
610- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي أُمُيَّةَ (1) ، وحُمِيْد، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانَ يَقْرأ (2) كُلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: {والمُحْصِنات} (3) ، إِلَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {والمُحْصَنات (3) مِنَ النساء} .
__________
[609] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 585 رقم 11273) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 80 رقم 10066) و (7 / 182 رقم 12695) ، من طريق سفيان بن عيينة، عن مطرف، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 359 - 360) .
وابن جرير الطبري برقم (11271) .
كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن مطرف، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11270 و 11272 و 11274) من طريق جرير بن عبد الحميد وعنبسة بن سعيد وخالد بن عبد الله الطحان، ثلاثتهم عن مطرف، به نحوه، إلا أن عنبسة خالف باقي الرواة، فقال في روايته: ((عن مطرف، عن رجل، عن الشعبي)) .
(1) هو عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي المُخَارِق، تقدم في الحديث [28] أنه ضعيف، لكن تابعه هنا حميد بن أبي حميد الطويل، وتقدم في الحديث [43] أنه ثقة كثير التدليس عن أنس بن مالك، ولم أجد المزِّي نصّ على أنه روى عن مجاهد كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 355) ، لكن سماعه منه محتمل؛ لأن مجاهدًا توفي بين سنة مائة وأربع ومائة، وولادة حميد كانت قريبًا من سنة سبع وستين كما يتضح من ترجمتيهما في "التهذيب" (3 / 40) و (10 / 43) ، ومجاهد مَكِّيٌّ، فَلُقِيُّ حميد له محتمل؛ إما في حج، أو عمرة، أو غير ذلك.
(2) أي مجاهد. =(3/1221)
611- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيْف (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قوله عز وجل: {والمحصنات} -، قَالَ: العَفِيفة العاقِلَة مِنْ مُسْلِمَةٍ، أو من أهل الكتاب.
__________
(3) راجع التعليق على الحديث [607] .
[610] سنده أقل أحواله أنه حسن لغيره، فعبد الكريم بن أبي المخارق وإن كان ضعيفًا، إلا أنه قد توبع من حميد، فإن كان حميد سمعه من مجاهد فهو صحيح من طريقه، وإن كان لم يسمعه فهو حسن لغيره.
وذكر السيوطي قول مجاهد هذا في "الدر المنثور" (2 / 482) فقال: وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حُمَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْقُرْآنِ: {والمحصِنات} بكسر الصاد، إِلَّا الَّتِي فِي النِّسَاءِ: {والمحصَنات من النساء} بالنصب.
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة.
(2) تقدم في الحديث المشار إليه أنه صدوق سيء الحفظ.
[611] سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه.
وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (2 / 481) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 125 / أ) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع في النسخة: ((عتاب عن بشير)) ، وهو خطأ ظاهر.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 160 رقم 8998) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله.(3/1222)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المُؤْمِنَاتِ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ العَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ]
612- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِذَا أحْصِنَّ} ، قَالَ: إِذَا أَسْلَمْنَ، وَكَانَ مُجَاهِدٌ يقرأ: {فإذا أحصِنّ} ، يَقُولُ: إِذَا تَزَوَّجْنَ، (مَا لَمْ) (2) تَزَوَّج، فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا.
613- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ - أَوْ غَيْرِهِ، شَكَّ دَاوُدُ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى عَلَى الْأَمَةِ حَدًّا حَتَّى تَزَوَّج زَوْجًا حُرًّا.
__________
(1) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي.
(2) في الأصل: ((مما لم)) ، والتصويب من "الدر المنثور" (2 / 491) .
[612] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع من إبراهيم.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف وعبد ابن حميد.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فإذا لم تتزوج الأمة)) .
[613] سنده صحيح إن كان شيخ داود هو عكرمة، وقد صح عن ابن عباس من غير طريقه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق.
ولم أجده عند عبد الرزاق بهذا اللفظ ولا من هذا الطريق، وإنما بلفظ آخر من =(3/1223)
614- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ (1) ، قَالَ: شَهِدْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَضْرِبُ إِمَاءهُ الحَدَّ إِذَا زَنَيْنَ، تَزَوَّجْنَ، أو لم يتزوجن.
__________
= طريق آخر سيأتي في تخريج الحديث رقم [615] .
وقد أخرج البيهقي هذا الحديث من طريق المصنف: ثنا هشيم، أبنا حصين، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} ، قال: إذا تزوجن. انظر "سنن البيهقي" (8 / 243) كتاب الحدود، باب ما جاء في حد المماليك.
وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 394) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 201 - 202 رقم 9101) .
كلاهما من طريق هشيم، عن حصين، به مثله.
وهذا سند صحيح، وحصين هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، إلا أنه تغير في الآخر، لكن الراوي عنه هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [91] .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9102) من طريق مغيرة، عن عكرمة، به نحو سابقه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 رقم 8343) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عن ابن عباس قال: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تزوج.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 201 رقم 9100) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 128 / أ) .
كلاهما من طريق عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابن عباس، قوله: {فإذا أحصن} يعني: إذا تزوجن حرًّا.
هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم: يعني إذا تزوجت حرًّا ثم زنت.
(1) هو ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أنس بن مالك الأنصاري، البصري، قاضيها، ثقة؛ روى =(3/1224)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن جده أنس والبراء بن عازب وأرسل عن أبي هريرة، وروى عنه هنا داود بن أبي هند مصرحًا بأنه حدثه، وروى عنه أيضًا ابن أخيه عبد الله بن المثنى وحميد الطويل وقتادة وغيرهم، عزل عن القضاء سنة عشر ومائة، ومات بعد ذلك بمدة، وروى له الجماعة ووثقه الإمام أحمد والعجلي والنسائي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وذكره ابن عدي في "الكامل" وروى عن أبي يعلى أن ابن معين أشار إلى تضعيفه، ثم قال ابن عدي: ((أرجوا أنه لا بأس به، وأحاديثه قريبة من غيره، وهو صالح فيما يروي عن أنس عندي)) ، ولما ذكر الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" ما تقدم عن ابن معين قال: ((قلت: قد بيّن غيره السبب في ذلك - يعني تضعيفه -، وهو من أجل حديث أنس في الصدقات، الذي قدمناه في الفصل الذي قبل هذا، لكون ثمامة قيل إنه لم يأخذه عن أنس سماعًا، وقد بينا أن ذلك لا يقدح في صحته، احتجّ به الجماعة)) ، يعني بثمامة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 466 رقم 1893) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص53 رقم 153) ، و"هدي الساري" (ص394) ، و"التهذيب" (2 / 28 - 29 رقم 49) .
[614] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) للمصنف وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 128 / أ) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك.
كلاهما من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 513 رقم 8323) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 245) في الحدود، باب حد الرجل أمته إذا زنت.
كلاهما من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ ثمامة، أن أنس بن مالك كان إذا زنى مملوكة ضربة الحدّ. =(3/1225)
615- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ عَلَى الأمَةِ حَدٌّ حَتَّى تَحَصَّن (1) .
__________
= هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما البيهقي فلفظه: أن أنس بن مالك كان إذا زنى مملوكه أمر بعض بنيه فأقام عليه الحدّ.
(1) ضبطت الكلمة في الأصل بالصاد المشددة.
[615] سنده صحيح.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك، من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 - 519 رقم 8346) من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أنه قال: ((حتى تحصين بزوج)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 396 - 397 رقم 13615) من طريق شيخه ابن جريج، قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، كان لا يرى على عبد ولا على أهل الذمة - اليهود والنصارى - حدًّا.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا عقبه برقم (13616) من طريق شيخه سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، به مثل سابقه.
وأخرجه أيضًا برقم (13617) من طريق شيخه معمر، عن أيوب، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: لا حدّ على عبد ولا على معاهد.
وأخرجه أيضًا برقم (13619) عن شيخه سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس، به بمثل لفظ المصنِّف.
وأخرجه أيضًا برقم (13618) من طريق شيخه ابن جريج قال: أخبرني عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان لا يرى على عبد حدًّا، إلا أن تحصن الأمة بنكاح، فيكون عليها شطر العذاب، فكان ذلك قوله.
وهذا سند صحيح، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز، وعطاء هو ابن أبي رباح.(3/1226)
616- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (1) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَى الأمَةِ حَدٌّ حَتَّى تُحْصَنَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} .
__________
(1) هو ابن كِدَام.
[616] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 491) للمصنف وابن المنذر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 518 رقم 8343) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 202 رقم 9104) .
كلاهما من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: لَيْسَ عَلَى الْأَمَةِ حَدٌّ حَتَّى تزوج.
هذا لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ ابن جرير: عن عمرو بن مرة أنه سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، يَقُولُ: لا تُضرب الأمةُ إذا زنت ما لم تتزوج.
وهذا فيه مخالفة من شعبة لمسعر بن كدام في كونه من قول ابن عباس أو من قول سعيد بن جبير، وشعبة ومسعر كلاهما ثقتان ثبتان، فتكون رواية مسعر من المزيد في متصل الأسانيد، وقد وافقه الحكم بن عتيبة، فرواه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: {فإذا أُحصِنَّ} - يعني الألف -، يقول: الحصن بالأزواج، يقول: لا تُجلد أمةٌ حتى تزوج.
أخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 128 / أ) ، واللفظ له.
وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع نفسه، من طريق الحكم أيضًا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس أنه قرأها: {فإذا أُحصِنَّ} - يعني برفع الألف -، يقول:(4/1227)
617- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا أَبُو بِشْر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ المؤمنات فمما ملكت أيمانكم} -، قَالَ: الطَّوْلُ: الغِنَى، إِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَنْكِحُ بِهِ الحُرَّة، تزوَّج أمَةً.
618- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَا ازْلَحَفَّ (2) ناكحُ الإمَاءِ عَنِ الزِّنا إِلَّا قَلِيلًا، {وَأَنْ تصبروا خير لكم} قال: عن نكاح [ل125/أ] الإماء.
__________
(1) هو جعفر بن إياس.
[617] سنده صحيح.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 185 رقم 728) ، باب نكاح الأمة على الحرة، والحرة على الأمة، بمثل لفظه هنا سواء، إلا أنه ذكر الآية إلى قوله تعالى: {طولاً} .
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 174) في النكاح، باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، بمثل لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: ((عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هذه الآية)) ، ولم يذكرها لأنه سبق أن ذكرها في أثر سابق عن مجاهد.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 182 - 183 و 186 رقم 9053 و 9066) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، به نحوه، إلا أنه فرّقه في موضعين.
وأخرجه برقم (9054) من طريق ابن المبارك، عن هشيم، به مختصرًا بلفظ: الطَّوْلُ: السَّعَةُ.
(2) أي: ما تنحَّى وما تباعد. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 308) .
[618] سنده صحيح كسابقه. =(4/1228)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 185 رقم 732) ، باب نكاح الأمة على الحرّة، والحرة على الأمة، بمثل لفظه هنا سواء، إلا أنه قال: ((ما ازلحفّ ناكح الأمة)) .
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 174) في النكاح، باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، بمثل لفظ المصنف، لكن بشطره الثاني فقط من قوله تعالى: {وأن تصبروا خير لكم} ... الخ.
وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" (4 / 438) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 146) .
وابن أبي جرير في "تفسيره" (8 / 205 رقم 9114) .
ثلاثتهم من طريق هشيم، به نحوه، إلا أن أبا عبيد لم يذكر قوله: ((قال: عن نكاح الإماء)) ، وأما ابن جرير فلفظه: ما ازلحفّ ناكح الأمة عن الزنا إلا قليلاً؛ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} .
ثم أخرجه ابن جرير برقم (9115) من طريق شعبة، عن أبي بشر، به بنحو لفظه السابق.
وأخرجه أيضًا (8 / 207 رقم 9121) ، من طريق هشيم، قال: أخبرنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير: {وأن تصبروا خير لكم} قال: عن نكاح الأمة.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 268 رقم 13100) ، عن ابن جريج، قال: حُدِّثت عن سعيد بن جبير يقول: ما أرَ لحرٍّ نكاح الأمة الزنا إلا قليلاً.
هكذا جاء النص في المطبوع من "مصنف عبد الرزاق"، والظاهر أن المحقق تصحّف عليه قوله: ((ما ازلحف)) إلى: ((ما أر لحر)) ، وسقط منه قوله: ((من)) بعد قوله: ((الأمة)) .(4/1229)
619- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لْا يَصْلُحُ نِكَاحُ إِمَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ المؤمنات} (1) .
__________
(1) وهذا قد يُفهم منه معارضته لقوله تَعَالَى: {اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ المُؤْمِنَاتِ وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} ، وليس فيه معارضة، لأن هذه الآية نصّ في حلّ المحصنة من أهل الكتاب وليست الأمة بمحصنة، وهذا ما ذكره أبو الزناد عمن أدرك من فقهاء أهل المدينة الذي يُنتهى إلى قولهم؛ منهم سعيد ابن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار، قال: وكانوا يقولون: لا يصلح للمسلم نكاح الأمة اليهودية ولا النصرانية، إنما أحلّ الله المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، وليست الأمة بمحصنة. أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 177) في النكاح، باب لا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال، ثم أخرج عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: ((لأنها داخلة في معنى من حرُم من المشركات، وغير حلال، منصوصة بالإحلال؛ كما نصّ حرائر أهل الكتاب في النكاح، والله تعالى إنما أحلّ نكاح إماء أهل الإسلام بمعنيين، وفي ذلك دلالة على تحريم من خالفهن، من إماء المشركين والله أعلم؛ لأن الإسلام شرط ثالث)) . اهـ.
[619] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] .
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 490) للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 177) في النكاح، باب لا يحل نكاح أمة كتابية لمسلم بحال، من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 269 رقم 1306) . =(4/1230)
620- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا العوَّام (1) ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا تزحَّف ناكحُ الإِمَاء عَنِ الزِّنا إِلَّا قَلِيلًا.
621 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وجُوَيْبر (3) ، عَنِ الضَّحَّاك (أَنَّهُمَا قَالَا) (4) : العَنَت: الزِّنا.
__________
= وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 160) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 188 رقم 9069 و 9070) .
جمعيهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، به نحوه، إلا أن رواية عبد الرزاق والرواية الأولى عند ابن جرير خصت ذلك بالمملوكة النصرانية.
وأخرجه أبو شعيب الحرَّاني في "الفوائد المنتخبة" (ل 5 / ب) من طريق شيخه علي بن عبد الله المديني، عن ابن أبي نجيح، به نحوه، إلا أنه قال: ((الأمة اليهودية والنصرانية)) بدل قوله: ((إماء أهل الكتاب)) ، وأظن الواسطة بين ابن المديني وابن أبي نجيح هو عبد الله بن جعفر والد علي بن المديني، لكن لم أتبيَّنه بسبب سوء تصوير المخطوط.
(1) أي ابن حَوْشَب.
[620] سنده ضعيف لإبهام شيخ العوّام.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 492) للمصنف وابن أبي شيبة.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 146) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 205 رقم 9111) .
كلاهما عن هشيم، به نحوه.
(2) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
(3) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(4) في الأصل: ((قال)) وما أثبته من الموضع الآتي من سنن المصنِّف المطبوعة.
[621] سنده ضعيف عن سعيد؛ لأن هشيمًا مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وأما عن =(4/1231)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ} ]
622- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ (1) ، أَنَّ مَسْروقًا أَتَى صِفِّين (2) ، فَقَامَ بَيْنَ الصَّفَّيْن، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْصِتوا، أَرَأَيْتُمْ (لَوْ) (3) أَنَّ مُنَادِيًا نَادَاكُمْ مِنَ السَّمَاءِ، فَرَأيْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمْ كَلَامَهُ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ عَمَّا أنتم
__________
= الضحاك فسنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب النكاح من "سننه" المطبوع (1 / 185 رقم 731) ، باب نكاح الأمة على الحرّة، والحرّة على الأمة، بمثل لفظه هنا سواء.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 174) في النكاح، باب ما جاء في نكاح إماء المسلمين، لكن عن سعيد بن جبير فقط، بمثل لفظه هنا.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 206 رقم 9119) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، قال: أخبرنا عبيدة، عن الشعبي، وجويبر، عن الضحاك، قالا: العنت: الزنا.
والحسين بن داود تقدم في الحديث [206] أنه ضعيف، فإما أن يكون أخطأ فذكر سند قول الشعبي بدل سعيد بن جبير، أو قد يكون لهشيم فيه إسناد آخر.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9118) من طريق أبي زهير، عن جويبر، عن الضحاك، به نحوه.
(1) تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث، وأن وفاته كانت سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو من أتباع التابعين كما =(4/1232)
= فِيهِ، أَكُنْتُمْ مُنْتَهون؟ قَالَ: فَسَبُّوه، قَالَ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ نَزَلَ بِذَلِكَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَا ذَاكَ عِنْدَنَا بِأَبْيَنَ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ على الله يسيرًا} قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ إِلَى النَّاسِ، ورجع إلى الكوفة.
__________
= في "ثقات ابن حبان" (7 / 256) ، لم يرو عن أحد من الصحابة، فيتضح من ذلك أنه لم يشهد صفين، ففي السند انقطاع توضحه رواية ابن سعد الآتية، وفيها يقول عاصم: ((ذُكر أن مسروق بن الأجدع)) .
(2) صِفِّين - بكسرتين وتشديد الفاء -: موضع بقرب الرَّقَّة، على شاطئ الفرات من الجانب الغربي، بين الرَّقَّة وبَالِس، فيها كانت وقعة صفين المشهورة بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، في غرّة صفر سنة سبع وثلاثين للهجرة. انظر "معجم البلدان" (3 / 414) .
(3) سقط من الأصل، فأثبته من "الدر المنثور" (2 / 497) ومصادر التخريج.
[622] سنده ضعيف لأن عاصم بن بهدلة لم يشهد الحادثة، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 497) للمصنف وابن سعد وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (6 / 78) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (16 / 428) .
وأخرجه ابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 129 / أ) .
أما ابن سعد فمن طريق محمد بن الفضل عارم، وأما ابن المنذر فمن طريق أبي الربيع الزهراني، وأما ابن عساكر فمن طريق سليمان بن حرب، ثلاثتهم عن =(4/1233)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حماد بن زيد، به ونحوه إلا أن ابن عساكر ذكر جزءًا منه، وهو قول عاصم: إن مسروقًا شهد صفين مع علي، ولم يقاتل.
وأخرجه ابن سعد في الموضع السابق فقال: أخبرنا عبد الله بن إدريس، قال: سمعت مطرِّفًا يذكر عن عامر قال: قال لي مسروق: أرأيت لو أن صَفَّيْن من المؤمنين اصطفّا للقتال، ففرج من السماء ملك فنادى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ، أتراهم كانوا ينتهون؟ قال: قلت: نعم، إلا أن يكونوا حجارة صمًّا. قال: فقد نزل به صفيُّه من أهل السماء على صفيِّه من أهل الأرض فلم ينتهوا، ولأن يؤمنوا به غيبًا خير من أن يؤمنوا به معاينة.
وهذا إسناد صحيح، فعامر هو الشعبي، ومطرِّف هو ابن طريف، وكلاهما ثقة تقدمت ترجمتهما.
وأما شيخ ابن سعد فهو: عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأوْدي - بسكون الواو -، أبو محمد الكوفي، ثقة فقيه عابد، روى له الجماعة، روى عن أبيه وعمه داود والأعمش ومنصور بن المعتمر ومطرف بن طريف وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وابن سعد وغيرهم، ومات سنة اثنتين وتسعين ومائتين وله بضع وسبعون سنة، ووثقه ابن المديني وابن خراش، وقال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث حجة صاحب سنة وجماعة)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان نسيج وحده)) ، وقال عثمان الدارمي: قلت لابن معين: ابن إدريس أحب إليك أو ابن نمير؟ فقال: ((ثقتان، إلا أن ابن إدريس أرفع منه، وهو ثقة في كل شيء)) ، وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنّة، زاهد صالح)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((كان عابدًا فاضلاً)) ، وقال أبو حاتم: ((هو حجة يحتج بها، وهو إمام من أئمة المسلمين ثقة)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 8 - 9 رقم 44) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (14 / 293 - 300) ، و"تهذيب التهذيب" (5 / =(4/1234)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} ]
623- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} -: زَعَمَ أَنَّ النِّساء سَألْنَ الْجِهَادَ، فَقُلْنَ: وَدِدْنا (3) أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لَنَا الْغَزْوَ، فَنُصِيبَ مِنَ الْأَجْرِ مَا يُصِيبُ الرِّجَالُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بعضكم على بعض} .
__________
= 144 - 146 رقم 248) ، و"تقريب التهذيب" (ص295 رقم 3207) .
وقد أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من طريق ابن سعد.
وأخرجه ابن سعد أيضًا (6 / 77 - 78) .
وابن عساكر في الموضع السابق.
كلاهما من طريق عبد الله بن جعفر الرَّقِّي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أُنَيسة، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ الشعبي قال: كان مسروق إذا قيل له: أبطأت عن عليّ وعن مشاهده - ولم يكن شهد معه شيئًا من مشاهده -، فأراد أن يناصّهم الحديث قال: أُذكّركم بالله، أرأيتم لو أنه حين صفّ بعضكم لبعض، وأخذ بعضكم على بعض السلاح يقتل بعضكم بعضًا، فُتح باب من السماء وأنتم تنظرون، ثم نزل منه ملاك، حتى إذا كان بين الصفّين قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ، أكان ذلك حاجزًا بعضكم عن بعض؟ قالوا: نعم، قال: فوالله لقد فتَح الله بابًا من السماء، ولقد نزل بها مَلَك كريم على لسان نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وإنها لمحكمة في المصاحف ما نسخها شيء.
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة. =(4/1235)
624- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (4) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَغْزو الرِّجَالُ وَلَا نَغْزُو، (وَإِنَّمَا) (5) لَنَا نِصْفُ الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بعضكم على بعض ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ... } (6) إلى آخر الآية.
__________
(2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
(3) قوله: ((وددنا أن)) ليس في الأصل، وألحق بالهامش مع الإشارة لدخوله في الصلب، لكن هكذا: ((وددن أن)) ، والتصويب من "الدر المنثور" (2 / 507) .
[623] سنده ضعيف جدًّا لضعف خُصيف من قبل حفظه وإرساله؛ فإن عكرمة تابعي لم يشهد الحادثة.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 507) للمصنف وابن المنذر.
وأخرجه أيضًا الواحدي في "أسباب النزول" (ص143) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن عتاب، به نحوه.
(4) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلس، لكن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة.
(5) في الأصل: ((إنما)) .
(6) الآية (35) من سورة الأحزاب.
[624] سنده صحيح وإن كانت صورته صورة المرسل، فإنه جاء في بعض طرقه هكذا: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) ، وقد ذكر المزِّي في "تهذيب الكمال" (3 / 1305 / المخطوط) مجاهدًا في الرواة عن أم سلمة، وهو الراجح - إن شاء الله -، خلافًا للترمذي كما سيأتي نقله عنه، وهذا الذي رجّحه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "تفسير ابن جرير الطبري" (8 / 262 - 263) حيث قال: ((فاختلفت صيغة الرواية عن مجاهد، ففي بعضها: ((عن مجاهد =(4/1236)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال: قالت أم سلمة)) ، وفي بعضها: ((عن مجاهد، عن أم سلمة، أنها قالت)) . فالصيغة الأولى ظاهرها الإرسال؛ لأن معناها: أن مجاهدًا يحكي من قبل نفسه ما قالته أم سلمة لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيكون مرسلاً؛ لأنه لم يدرك ذلك.
والصيغة الثانية ظاهرها الاتصال؛ لأن معناها أن مجاهدًا يذكر هذه الرواية عن أم سلمة، ثم يختلفون أيضًا في وصله، دون حجّة.
فقد قال الترمذي - بعد روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) : ((هذا حديث مرسل. ورواه بعضهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، مرسلاً: أن أم سلمة قالت كذا وكذا)) .
وقال الحاكم - بعد روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة)) -: ((هذا حديث على شرط الشيخين، إن كان سمع مجاهد من أم سلمة)) ، ووافقه الذهبي على تصحيحه، وأعرض عن تعليله فلم يُشِر إليه.
وعندي - بما أرى من السياق والقرائن - أن الروايتين بمعنى واحد، وإنما هو اختلاف في اللفظ من تصرّف الرواة، وكلها بمعنى: ((مجاهد، عن أم سلمة)) .
فقد ثبت اللفظان في رواية ابن عيينة، وكذا قد ثبتا في رواية الثوري ...
وأما حكم الترمذي - في روايته من طريق ابن عيينة - بأنه حديث مرسل، فإنه جزم بلا دليل، ومجاهد أدرك أم سلمة يقينًا وعاصرها، فإنه ولد سنة21، وأم سلمة ماتت بعد سنة 60 على اليقين.
والمعاصرة - من الراوي الثقة - تحمل على الاتصال، إلا أن يكون الراوي مدلِّسًا. ولم يزعم أحد أن مجاهدًا مدلس، إلا كلمة قالها القطب الحلبي في "شرح البخاري"، حكاها عنه الحافظ في "التهذيب" (10 / 44) ، ثم عقّب عليها بقوله: ((ولم أر من نسبه إلى التدليس)) ، وقال الحافظ أيضًا في "الفتح" (6 / 194) - ردًّا على من زعم أن مجاهدًا لم يسمع من عبد الله بن عمرو -: ((لكن سماع مجاهد من عبد الله بن عمرو ثابت، وليس بمدلس)) ، فثبت عندنا اتصال الحديث وصحّته، والحمد لله)) . اهـ. =(4/1237)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 507) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
ومدار الحديث عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نجيح، يرويه عن مجاهد، عن أم سلمة.
وله عن ابن أبي نجيح طريقان:
1- طريق سفيان بن عيينة، عنه.
أخرجه المصنف هنا عن سفيان.
وكذا عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 156) .
والإمام أحمد في "المسند" (6 / 322) .
كلاهما عن سفيان، به نحو لفظ المصنف، إلا أنهما لم يذكرا قوله: ونزلت: {إن المسلمين ... } الخ.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 262 رقم 9241) .
وأخرجه الترمذي في "جامعه" (8 / 375 - 376 رقم 5011) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير.
وأبو يعلى في "مسنده" (12 / 393 رقم 6959) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص143) .
ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن الواحدي لم يذكر قوله: ((ونزلت: {إن المسلمين ... } الخ)) ، وأما الترمذي فزاد: ((وكانت أم سلمة أول ظعينة قَدِمت المدينة مهاجرة)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث مرسل، ورواه بعضهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد مرسلاً؛ أن أم سلمة قالت كذا وكذا)) .
قلت: الراوي للحديث عن سفيان عند الترمذي هو محمد بن أبي عمر، وقال في روايته: ((عن مجاهد، عن أم سلمة أنها قالت)) ، وهذا شيء لم يتابعه عليه أحد =(4/1238)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ممن روى الحديث عن سفيان بن عيينة ممن سبق ذكرهم، وفيهم أئمة كأحمد بن حنبل وعبد الرزاق وسعيد بن منصور، بالإضافة إلى من وافقهم وهما قتيبة بن سعيد عند الواحدي وداود بن عمرو بن زهير الضَّبِّي عند أبي يعلى، وبه يتضح أن الصواب في رواية سفيان بن عيينة هكذا: ((عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة)) .
2- طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 486 رقم 8367) و (8 / 261 رقم 9236 و 9237) ، و (22 / 10 - طبعة الحلبي-) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 99 / ب، و 132 / أ) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 305 - 306 و 416) .
أما ابن جرير فمن طريق مؤمّل بن إسماعيل ومعاوية بن هشام، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن سعيد القطان ويعلى بن عبيد، وأما الحاكم فمن طريق قبيصة بن عقبة والحسين بن حفص، جميعهم عن سفيان بن سعيد الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد، عن أم سلمة قالت: يا رسول الله، لا نقاتل فنستشهد، ولا نقطع الْمِيرَاثِ، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ} ، ثم نزلت: {أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى} ، وَنَزَلَتْ: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات ... } الآية.
هذا هو سياق الرواية بتمامه، وقد فرّقه هؤلاء الثلاثة الذين أخرجوه، إلا أن ابن أبي حاتم لم يذكر آية الأحزاب.
وأما سياق الإسناد هكذا: ((عن مجاهد، عن أم سلمة قالت)) ، فالذي ذكره عن سفيان إنما هو يحيى بن سعيد القطّان وقبيصة بن عقبة والحسين بن حفص، وأما مؤمّل ومعاوية بن هشام ويعلى بن عبيد فقالوا في روايتهم: ((عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة)) ، وأشار ابن أبي حاتم إلى أن وكيع بن الجراح رواه =(4/1239)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ (1) فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} ]
625- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنْ أَبِي بِشْر (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُعَاقِد الرَّجُلَ، فَيَرِثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَاقَدَ رَجُلًا، فورثه.
__________
= مثل رواية يحيى القطان ومن معه، فقال بعد أن ذكر رواية يعلى بن عبيد: ((رواه يعلى عن سفيان الثوري، ورواه ابن عيينة مثله، وروى يحيى بن سعيد القطان ووكيع بن الجراح، عن الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد، عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله)) .
أقول: ويكفي في قبول هذه الزيادة اتفاق يحيى القطان ووكيع بن الجراح عليها، وهما إمامان حافظان، فكيف وقد وافقهما قبيصة والحسين بن حفص؟
وعليه فالذي يترجح: أن الصواب من رواية سفيان بن عيينة هكذا: ((عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتْ أُمُّ سلمة)) ، وأن الصواب في رواية سفيان الثوري هكذا: ((عن مجاهد عن أم سلمة قالت ... )) ، وسفيان الثوري ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجّة كما تقدم في ترجمته في الحديث رقم [30] ، فزيادته مقبولة، وبها يتضح أن الحديث صحيح وقد صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وله طريق آخر عن أم سلمة يقوِّيه، وهو المتقدم برقم [552] ، والله أعلم.
(1) معنى قوله تعالى: {عقدت أيمانكم} ، أي: وَصَلت وشَدَّتْ، وَوَكَّدَتْ، {أيمانكم} ، يعني: مواثيقكم التي واثق بعضكم بعضًا، كذا قال ابن جرير في "تفسيره" (8 / 273 - 274) .
(2) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
(3) هو جعفر بن إياس.
[625] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره إلى مرسله سعيد بن جبير، فإن شعبة تابع هشيمًا كما سيأتي.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الفرائض من "سننه" المطبوع (1 / 70 =(4/1240)
626 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوالدان والأقربون} - قَالَ: العَصَبة، {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فآتوهم نصيبهم} ، قال: الحُلَفاء، {فآتوهم نصيبهم} قَالَ: مِنَ العَقْل والنَّصْر والرِّفادَة (1) .
__________
= رقم 258) ، باب لا يورَّث الحميل إلا ببينة، بمثل ما هنا سواء.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 510) للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 133 / أ) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 274 - 275 رقم 9267) .
أما عبد بن حميد فمن طريق أبي داود الطيالسي سليمان بن داود، وأما ابن جرير فمن طريق بن جعفر غندر، كلاهما عن شعبة، عن أبي بشر، به نحوه.
وإسناد ابن جرير صحيح إلى سعيد بن جبير رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، والراوي للحديث عن محمد بن جعفر هو شيخ ابن جرير محمد بن بشار بندار.
(1) أي: الإعانة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 242) .
[626] سنده صحيح، رواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث رقم [184] ، وقد توبع ابن أبي نجيح كما سيأتي.
والحديث سبق أنه أخرجه المصنف في كتاب الفرائض من "سننه" المطبوع (1 / 71 رقم 260) ، باب لا يورَّث الحميل إلا ببينة، بمثل لفظه هنا، إلا أنه لم يذكر قوله تعالى: {مما ترك الوالدان والأقربون} و {فآتوهم نصيبهم} الأولى، ووقع هناك: (عاقدت) ، وهي قراءة مجاهد كما سيأتي في الحديث بعده.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 511) للمصنف والفريابي وعبد بن حميد =(4/1241)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن جرير والنحاس.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 279 و 280 رقم 9283 و 9284) ، من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد في قول الله: {والذين عاقدت أيمانكم} ، قال: لهم نصيبهم من النصر والرفادة والعقل.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص94 رقم 213) عن رجل، عن مجاهد: {والذين عاقدت أيمانكم} ، قال: حلف كان في الجاهلية، فأمروا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من المشورة والعقل والنصر، ولا ميراث.
كذا جاء في تفسير سفيان الثوري.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 157) ، وفي "المصنف" (10 / 306 رقم 19198) ، فقال: أخبرنا الثوري، عن منصور، عن مجاهد ... ، فذكره.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 279 رقم 9280) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9278) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ... ، فذكره.
وأخرجه أيضًا (8 / 270 رقم 9260) من طريق مؤمل، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - في قوله {ولكل جعلنا موالي} ، قال: الموالي: العصبة.
وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص129) من طريق وكيع، عن سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ ... ، فذكره.
جميع هؤلاء - عبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ومؤمل ووكيع - رووه عن سفيان الثوري، عن منصور، بدلاً من: ((سفيان عن رجل)) ، فهذا أرجح مما جاء في رواية تفسيره.
وقد أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9279) من طريق شُعْبَةَ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ أنه قال في هذه الآية: {والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم} : من =(4/1242)
627 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (عَاقَدَتْ (1) أَيْمَانُكُمْ) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا} ]
628- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرين، عَنْ عَبِيْدَةَ السَّلْماني، قَالَ: أَتَى عَلِيًّا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ، وَمَعَهُمَا فِئَام (2) مِنَ النَّاسِ، فَبَعَثَ عَليٌّ حكمًا من أهلها
__________
= العَوْن والنصر والحلف.
ثم أخرجه أيضًا برقم (9281) من طريق ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، أنه سمع مجاهدًا يقول: هو الحلف: {عقدت أيمانكم} ، قال: {فآتوهم نصيبهم} ، قال: النصر.
(1) في الأصل: (عادت) وهو خطأ من الناسخ، وهذه القراءة: {عاقدت} بالألف هي قراءة عامة القُرَّاء، وهي قراءة مجاهد كما صح عنه هنا وفي الحديث السابق، وهي بمعنى: والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلف بينكم وبينهم.
وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وعامة الكوفيين: {عَقَدت} بغير ألف، بمعنى: والذين عقدت أيمانكم الحلف بينكم وبينهم. انظر "تفسير ابن جرير" (8 / 272) ، و"حجة القراءات" (ص201) ، و"الكشف والبيان" للثعلبي (4 / ل 49 / أ) .
[627] سنده صحيح، وهو نفس الإسناد السابق.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 511) للمصنف وحده، لكن وقع عنده: {عقدت} بغير ألف، فلعله خطأ ناشئ من كون بعض النساخ لا يكتب الألف، مثل: ((سفيان)) يكتبها هكذا: ((سفين)) .
(1) هو السِّخْتياني. =(4/1243)
= وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: أَتَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقا، فَرَّقْتما، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا، جَمَعْتُمَا. فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رَضِيتُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ لِي وعَلَيّ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أمَّا الفُرْقَةُ فَلا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: كَلَّا وَاللَّهِ، حَتَّى تُقِرَّ بمثل ما أقَرَّت به.
__________
= الفِئَام: الجماعة الكثيرة. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 406) .
[628] سنده صحيح، وقال الشافعي - رحمه الله - في "الأم" (5 / 178) : ((حديث علي ثابت عندنا)) .
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 525) للمصنف والشافعي في "الأم" وعبد الرزاق في "المصنف" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، من طريق المصنف، به، وأحال على لفظ الشافعي، فقال: ((فذكره بإسناده ومعناه)) ، وبَيَّن البيهقي بعض الفروق بين اللفظين، فذكر أن سعيد بن منصور قَالَ: ((قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -: كلا والله، لا تنقلب حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ به)) .
وقد أخرجه الشافعي في "الأم" (5 / 103 - 104 و 177) وفي "مسنده" (2 / 184 رقم 653 / ترتيب) ، من طريق شيخه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب، به نحو لفظ المصنف.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الموضع السابق (ص305) .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 158 - 159) ، وفي "المصنف" (6 / 512 رقم 11883) ، من طريق شيخه معمر، عن أيوب، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 136 / أ) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 320 - 321 رقم 9407) . =(4/1244)
629- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: (نا هُشَيْمٌ) (1) ، نا مَنْصُورٌ، وَهِشَامٌ (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ (عَبِيدَة) (3) ، بِمِثْلِهِ (4) ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: رضيتُ وسَلَّمْتُ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَمَّا الفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَيْسَ ذَاكَ لَكَ، لَسْتُ بِبَارِحٍ حَتَّى تَرْضَى بمثل ما رضيت به.
__________
= والثعلبي في "الكشف والبيان" (4 / ل 51 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وأما الثعلبي فمن طريق سفيان بن عيينة، كلاهما عن أيوب، به نحوه.
وسيأتي في الحديث بعده من طرق أخرى عن ابن سيرين.
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، وقد روى البيهقي الحديث من طريق المصنف - كما سيأتي -، والتصويب من عنده.
(2) منصور هو ابن زَاذَان، وهشام هو ابن حَسَّان.
(3) في الأصل: (عبيد) ، والتصويب من "سنن البيهقي".
(4) أي بمثل لفظ الحديث السابق.
[629] سنده صحيح كسابقه.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين من طريق المصنف، به مثله، لكن وقع فيه: ((فقال الرجل)) ، وأشار المحقق إلى أنه في نسخة: ((الزوج)) كما هنا.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 321 رقم 9409) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9408) من طريق هشام بن حسان وعبد الله بن عون، كلاهما عن محمد بن سيرين، به نحوه.
ومن طريق ابن عون أخرجه البيهقي في الموضع السابق.(4/1245)
630- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا حُصَين (1) ، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّ امْرَأَةً نَشَزَت (2) عَلَى زَوْجِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى شُرَيْح، فَقَالَ شُرَيْحٌ: ابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ، وَحَكَمًا من أهلها، ففعلوا [ل125/ب] ، فَنَظَرَ الْحَكَمَانِ فِي أَمْرِهِمَا، فَرَأَيَا أَنْ يُفَرِّقا بَيْنَهُمَا، فَكَرِهَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: فَفِيَم كُنَّا فِيهِ الْيَوْمَ؟ وَأَجَازَ أَمْرَهُمَا (3) .
631- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبي يَقُولُ: مَا حَكَمَ الحَكَمَان مِنْ شَيْءٍ جَازَ، إن فَرَّقَا، وإن جَمَعَا.
__________
(1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن رواية هشيم عنه قبل تغيُّره كما في الحديث رقم [91] .
(2) أي عصت عليه وخرجت عن طاعته. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 56) .
(3) أي أمر الحكمين.
[630] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فنظر الحكمان إلى أمرهما)) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 327 رقم 9425) من طريق الحسين بن داود، عن هشيم، به نحوه.
[631] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((ما يحكم)) ، وأشار المحقق إلى أن في بعض النسخ: ((ما حكم)) . =(4/1246)
632- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ عُبَيْدَة (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مِثْلَ ذلك (3) .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 212) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 136 / أ) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 326 رقم 9421) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما عبد فمن طريق يزيد بن هارون، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن يزيد، ثلاثتهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه، ولم يذكروا قوله: ((إن فرقا وإن جمعا)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 512 رقم 11884) عن الثوري، عن جابر الجُعْفي وغيره، عن الشعبي قال: إن شاء الحكمان فرّقا، وإن شَاءَا جَمَعَا.
(1) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
(2) هو ابن مُعَتِّب الضَّبِّي، تقدم في الحديث [560] أنه ضعيف اختلط.
(3) أي مثل قول الشعبي في الحديث السابق، وهذا الحديث مكرور في الأصل.
[632] سنده ضعيف جدًّا؛ لضعف عُبيدة، ولأن هشيمًا مدلس ولم يصرح بالسماع.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين، فأخرج الأثر السابق من طريق المصنف، ثم قال: ((وعن عبيدة مثله)) ، فالذي يظهر أنه سقط من الإسناد قوله: ((عن إبراهيم)) ؛ وبيان ذلك أنه أخرج الأثر السابق من طريق المصنف، عن شيخه هشيم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الشعبي، فطلبًا للاختصار يكون البيهقي، قال: ((وعن عبيدة، عن إبراهيم مثله)) ، أي: عن هُشَيْمٌ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ مثله، وهذا قريب من صنيع المصنِّف هنا، والله أعلم.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 327 رقم 9423) من طريق أبي جعفر الرازي، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قوله: {وإن خفتم شقاق بينهما =(4/1247)
633- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الحَكَمْين، فَغَضِبَ، وَقَالَ: مَا وُلِدْتُ إِذْ ذَاكَ (2) . فَقُلْتُ: إِنَّمَا أَعْنِي حَكَمَ شِقَاق (3) ، فَقَالَ: إِذَا كَانَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ دَرْءٌ أَوْ تَدَارِي (4) ، بَعَثُوا حَكَمَيْن، فَأَقْبَلَا عَلَى الَّذِي التَّدَاري مِنْ قِبَلِهِ، فوَعَظَاه وأمَراه، فَإِنْ أَطَاعَهُمَا، وَإِلَّا أَقْبَلَا عَلَى الْآخَرِ، فَإِنْ سَمِعَ مِنْهُمَا، وَأَقْبَلَ إِلَى الَّذِي يُرِيدَانِ وَإِلَّا حَكَمَا بَيْنَهُمَا، فَمَا حَكَمَا مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ. قَالَ شُعْبَةُ (4) : وَأَكْثَرُ عِلْمِي قَالَ لِي رَجُلٌ إلى جنبي: فهو جائز.
__________
= فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا من أهلها} -، قال: ما صنع الحكمان من شيء، فهو جائز عليهما، إن طلقا ثلاثًا فهو جائز عليهما، وإن طلقا واحدة وطلقاها على جعل، فهو جائز، وما صنعا من شيء فهو جائز ولم يصرِّح بالسماع.
ومغيرة تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه.
وقد أخرجه ابن جرير قَبْلَه برقم (9422) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، عن داود، عن إبراهيم، به نحو سابقه.
ومع كون مغيرة لم يصرح هنا بالسماع أيضًا، فإني لم أجد في شيوخه من اسمه داود، ولا في الرواة عن إبراهيم. انظر "تهذيب الكمال" المطبوع (2 / 235 - 236) ، والمخطوط (3 / 1363) .
وعليه فالإسناد باقٍ على ضعفه.
(1) هو الرَّصاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق.
(2) يشير سعيد بن جبير إلى أنه ولادته كانت بعد الحَكَمين اللذين كانا في وقعة صفين المشهورة، وحادثة التحكيم مشهورة أيضًا، وهو كذلك، فإن سعيد بن جبير - رحمه الله - قتله الحجاج سنة خمس وتسعين للهجرة وهو ابن تسع وأربعين =(4/1248)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= سنة، فتكون ولادته قريبًا من سنة ست وأربعين للهجرة كما تقدم في ترجمة سعيد في الحديث [41] ، وأما وقعة صفين فكانت قبل ذلك؛ في الحديث [622] أنها كانت سنة سبع وثلاثين للهجرة.
(3) أي المذكور في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} .
(4) المقصود بالدَّرْءِ هنا: النُّشُوز والاعْوِجَاج والاختلاف، وأصل الدَّرْءِ: الدَّفْعُ، و: تَدَارَأَ القوم: تدافعوا في الخصومة ونحوها واختلفوا، والأصل في التداري: التَّدَارُؤُ، فتُرك الهمز، ونُقل الحرف إلى التشبيه بالتقاضي والتداعي. "لسان العرب" (1 / 71) .
(5) كأن شعبة يشك في قول عمرو، عن سعيد: ((فهو جائز)) ، ويشير إلى أنه أخذه من رجل كان إلى جنبه، إما لعدم سماعه، أو لانشغاله، أو غير ذلك.
[633] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ فإن عبد الرحمن بن زياد قد توبع.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 525) إلى المصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد واب جرير والبيهقي في "سننه".
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 513 - 514 رقم 11888) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 326 رقم 9420) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 306) في القسم والنشوز، باب الحكمين في الشقاق بين الزوجين.
أما عبد الرزاق فمن طريق عبد الله بن كثير، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما البيهقي فمن طريق جرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن لفظ عبد الرزاق أتم وأقرب إلى لفظ المصنف، ولم يذكر أحد منهم قول شعبة في آخر الحديث: وأكثر علمي ... الخ.(4/1249)
[قوله تعالى: {وَالصَّاحِبِ بِالجَنْبِ} ]
634- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوْقَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ} - قال: المرأة.
__________
(1) أي النَّخعي.
[634] سنده صحيح، وقد قيل فيه: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ أبي الهيثم، عن إبراهيم ولا يصحّ.
والحديث أخرجه ابن أبي الدنيا في "كتاب العيال" (2 / 663 رقم 476) من طريق أحمد بن جميل المَرْوَزي، عن ابن المبارك، حدثنا محمد بن سوقة ... ، فذكره مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 343 رقم 9478) ، فقال: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سوقة، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم: هي المرأة.
وفي سنده شيخ الطبري المثنى بن إبراهيم الآملي، وتقدم في الحديث [389] أني لم أجد من ترجم له.
ثم أخرجه الطبري برقم (9479) ، فقال: حدثني عمرو بن بَيْذَق، قال: حدثنا مروان بن معاوية، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ أبي الهيثم، عن إبراهيم، مثله.
وفي سنده أيضًا شيخ الطبري عمرو بن بيذق، ولم أجد من ترجم له، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه: ((لم أعرف له ترجمة، وقد روى عنه في كتاب "تاريخ الصحابة والتابعين" الملحق بالتاريخ ص86، وكتبه هناك: عمرو بن بيدق - بالدال المهملة -، وكأن الأول أصح)) . اهـ,.
وفي "تفسير سفيان الثوري" (ص95 رقم 218) : عن أبي الهيثم: {والصاحب بالجنب} ، قال: امرأة الرجل.
وهذا خطأ، صوابه: ((عن أبي الهيثم، عن إبراهيم)) ؛ كذا رواه عبد الرزاق وغيره =(4/1250)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبُخْلِ} ]
635- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ (عُبيد بْنَ عُمير) (1) يَقْرَأُ: (وَيَأْمُرُونَ الناس بالبَخَلْ) (2) .
__________
= عن سفيان.
فقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 160) ، فقال: قال الثوري: وقال أبو الهيثم، عن إبراهيم: هي المرأة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (9476) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9475 و 9477) من طريق عبد الرحمن بن مهدي وأبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن سفيان الثوري، عن أبي الهيثم، عن إبراهيم: {والصاحب بالجنب} ، قال: المرأة.
فرواية سفيان الثوري هذه للحديث عن أبي الهيثم، عن إبراهيم تعتبر متابعة لرواية محمد بن سوقة، والله أعلم.
(1) في الأصل: ((عمير بن عبيد)) ، وفي "الدر المنثور" نقلاً عن المصنِّف: ((عمرو بن عبيد)) ، والصواب ما أثبته، فإن الثعلبي نسب هذه القراءة لعبيد بن عمير في "الكشف والبيان" (4 / 54 / أ) ، وليس في شيوخ عمرو بن دينار من اسمه: ((عمير ابن عبيد)) ، ولا: ((عمرو بن عبيد)) ، ولا: ((عمر بن عبيد)) . انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1032) .
وهو: عُبيد بن عُمير بن قتادة الليثي، أبو عاصم المكّي، ولد في عهد رسول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته، روى له الجماعة، وروى هو عن أبيه، وله صحبة، وعن عمر بن الخطاب وعلي وأُبَيّ بن كعب وأبي هريرة وغيرهم من الصحابة، روى عنه عمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وغيرهم، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة، زاد العجلي: ((من كبار التابعين)) ، ومات عبيد قبل ابن عمر، سنة ثمان وستين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 409 رقم 1896) ، و"التهذيب" (7 / 71 رقم 148) ، و"التقريب" (ص377 رقم 4385) . =(4/1251)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} ] (1)
636- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ فُضَيْل بْنِ مَرْزُوقٍ (2) ، عَنْ عطيَّةَ العَوْفي (3) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} (4) -، قَالَ: هَذِهِ لأهْل البَادِيَةِ، فَمَا لأهْلِ القُرَى؟ فَقَالَ: {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أجرًا عظيمًا} ، وَإِذَا قَالَ اللَّهُ لِشَيْءٍ: {عَظِيمًا} ، فهو عظيم.
__________
= قال ابن جرير في "تفسيره" (8 / 351) : ((اختلفت القَرَأَةُ في قراءة قوله: {ويأمرون الناس بالبخل} ، فقرأته عامة قَرَأة أهل الكوفة: {بالبَخَل} - بفتح الباء والخاء -، وقرأته عامة قَرَأة أهل المدينة وبعضُ البصريين بضم الباء: {بالبُخْل} ، وهما لغتان فصيحتان بمعنى واحد، وقراءتان معروفتان غير مختلفتي المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب في قراءته)) . اهـ.
وممن قرأ بفتح الباء والخاء: أنس بن مالك وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحمزة والكسائي وخلف. انظر "الكشف والبيان" للثعلبي (4 / 54 / أ) ، و"حجة القراءات" (ص203) .
[636] سنده صحيح.
وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 539) : وأخرج سعيد بن منصور، عن عمرو بن عبيد أنه قرأ: {ويأمرون الناس بالبخل} .
(2) هو فُضيل بن مرزوق الأغرّ - بالمعجمة والراء -، الرُّؤاسي، أبو عبد الرحمن الكوفي، صدوق يهم ورمي بالتشيع، من السابعة، توفي في حدود سنة ستين ومائة، روى عن عطية العوفي وأبي إسحاق السبيعي وعدي بن ثابت وغيرهم، وروى عنه سفيان الثوري ووكيع ويزيد بن هارون وأبو نعيم، وعنه في هذا =(4/1252)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحديث سفيان بن عيينة، وآخرون، وقد وثقه الثوري وابن عيينة وابن معين في رواية، وفي أخرى قال ابن معين: ((صالح الحديث، إلا أنه شديد التشيع)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ((صدوق صالح الحديث يهم كثيرًا، يكتب حديثه)) ، قلت: يحتج به؟ قال: لا، وقال النسائي: ((ضعيف)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((يخطئ)) ، وذكره في "المجروحين" وقال: ((كان يخطئ على الثقات، ويروي عن عطية الموضوعات)) . أهـ من "الجرح والتعديل" (7 / 75 رقم 423) ، و"التهذيب" (8 / 298 - 300 رقم 544) ، و"التقريب" (ص448 رقم 5437) .
قلت: ما يرويه عن عطية العوفي لا لوم عليه فيه، بل اللوم على عطية كما سيأتي.
(3) هو عطية بن سعد العَوْفي، تقدم في الحديث [454] أنه شيعي ضعيف في الحديث ويدلس تدليسًا قبيحًا، وهو تدليس الشيوخ.
(4) الآية (160) من سورة الأنعام.
[636] سنده ضعيف لضعف عطية العوفي وفضيل بن مرزوق من قبل حفظه.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 539) للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 378 رقم 9511) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 139 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق يحيى بن أبي بكير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي نعيم الفضل بن دكين وعبد الله بن صالح، ثلاثتهم عن فضيل بن مرزوق، به نحوه، إلا أن ابن أبي حاتم أخرج بعضه من طريق أبي نعيم وباقيه من طريق عبد الله بن صالح.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 23) وقال: ((رواه الطبراني، وفيه عطية وهو ضعيف)) .(4/1253)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} ]
637- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ (2) ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: قُلْنَا لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ (3) الْغَائِطِ أو لَمَستم النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صعيدًا طيبًا} ، قُلْتُ: مَا رُخْصَةُ الْمَرِيضِ هَاهُنَا؟ قَالَ: إِذَا كَانَتْ بِهِ قُرُوحٌ، أَوْ جُرُوح، أَوْ كَبُرَ (4) عَلَيْهِ الماء، يَتَيَمَّمُ بالصَّعِيد (5) .
__________
(1) هو ابن عُلَية.
(2) تقدم في الحديث [87] أنه ثقة حافظ له تصانيف، وأنه من أثبت الناس في قتادة، وأنه اختلط، لكن الراوي عنه هنا هو ابن عُليّة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
(3) قوله تعالى: ((من)) سقط من الأصل.
(4) كَبُرَ الأمُر، أي: عَظُم، ومنه قوله تعالى: {قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} [الآية (51) من سورة الإسراء] ، معناه: كونوا أشد ما يكون في أنفسكم، فإني أُميتكم وأُبليكم. "لسان العرب" (5 / 128) . فكأن المعنى هنا: إذا شقّ عليه استعمال الماء وعظُم عليه.(4/1254)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(5) الصَّعيد قيل: هو المرتفع من الأرض، وقيل: ما لم يخالطه رَمْل ولا سَبْخَةٌ، وقيل: وجه الأرض، وقيل: هو كل تراب طيِّب، وقال الشافعي - رحمه الله -: ((لا يقع اسم صعيد إلا على تراب ذي غبار، فأما البطحاء الغليظة والرقيقة والكثيب الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد)) ، وقال أبو إسحاق: ((الصعيد وجه الأرض، وعلى الإنسان أن يضرب بيديه وجه الأرض، ولا يبالي أكان في الموضع تراب أو لم يكن؛ لأن الصعيد ليس هو التراب، إنما هو وجه الأرض، ترابًا كان أو غيره)) . اهـ. من "لسان العرب" (3 / 254) .
[637] سنده ضعيف وإن كان ظاهره الصحة؛ لأنه سقط من إسناده رجل بين قتادة وسعيد بن جبير، ويظهر أن قول قتادة هنا: ((قلنا لسعيد)) خطأ من المصنف أو من شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، أو يكون سقط من الناسخ الواسطة بين قتادة وسعيد بن جبير.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 101) ، فقال: حدثنا عَبْدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن عَزْرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي الرجل تكون به الجروح أو القروح أو المرض، فتصيبه الجنابة، فيكبر عليه الغسل، قال: يتيمم.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 386 رقم 9573) ، فقال: حدثنا محمد بن بشّار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن عزرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قوله: {وإن كنتم مرضى} -، قال: إذا كان به جروح أو قروح يتيمم.
وقدوقع في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة": ((عروة)) بدل ((عزرة)) ، وهو تصحيف صوبته من المخطوط (1 / ل 18 / أ) .
وعَزْرَة - بفتح أوّله وسكون الزاي وفتح الراء ثم هاء - هو ابن عبد الرحمن بن زُرارة الخُزاعي، الكوفي، الأعور، ثقة من السادسة، روى عن سعيد بن جبير والشعبي وحميد بن عبد الرحمن وغيرهم، وروى عنه قتادة وسليمان التيمي =(4/1255)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وداود بن أبي هند وغيرهم، وثقه ابن المديني وابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات. "تاريخ الثقات" للعجلي (ص331 رقم 1124) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 21 رقم 112) ، و"التهذيب" (7 / 192 - 193 رقم 368) ، و"التقريب" (ص390 رقم 4576) .
وقتادة تقدم في الحديث [14] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع من عزرة هنا.
وقد رواه عاصم الأحول عن قتادة، عن عزرة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، في المجدور وأشباهه، إذا أجنب قال: يتيمم بالصعيد.
أخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 224 - 225) في الطهارة، باب الجريح والقريح والمجدور يتيمم ... ، من طريق شعبة، عن عاصم، به.
وهذا فيه مخالفة لرواية سعيد عن قتادة التي ليس فيها ذكر لابن عباس.
واختُلف على عاصم أيضًا، فرواه عنه شعبة على الوجه السابق.
ورواه سفيان الثوري عنه، عن قتادة، عن ابن جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: رخِّص للمريض في الوضوء التيمم بالصعيد، وقال ابن عباس: أرأيت إن كان مجدَّرًا كأنه صَمْغة، كيف يصنع؟
كذا أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (2 / 19) من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن عاصم ليس فيه ذكر لعَزْرة.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 244 رقم 869) ، لكن سقط من سنده في المطبوع سفيان الثوري وعاصم الأحول، فجاء من رواية عبد الرزاق، عن قتادة.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (870) عن معمر، عن قتادة قال: إذا كان بإنسان جدري أو جرح كبير عليه وخشي عليه، فإنه يتيمم بالصعيد، قال: وبلغني ذلك عن سعيد بن جبير.
فظهر بهذا أن قتادة لم يسمع الحديث من سعيد بن جبير، وقد يكون الواسطة هو عزرة بن عبد الرحمن وحده، وقد يكون بينه وبين قتادة، واسطة. =(4/1256)
638- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ (2) قَالَ: المُلاَمَسَةُ مَا دُونَ الجِمَاع، والقُبْلة مِنْهُ، وَمِنْهَا الْوُضُوءُ.
__________
= وقد اختُلف على قتادة كما سبق.
فرواه عنه معمر، على أنه بلغه عن سعيد بن جبير ... ، فذكره من قول سعيد بن جبير.
ورواه عنه عاصم الأحول، على أنه من رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس، واختُلف على عاصم، فمنهم من يذكر عزرة بين سعيد بن جبير وقتادة، ومنهم من لا يذكره.
ورواه سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ عَنْ قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير من قوله، كذا رواه محمد بن أبي عدي وعبدة بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أبي عروبة.
ورواه المصنف هنا من طريق شيخه ابن علية، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير بلا واسطة.
وعليه فالحديث لا يصح عن سعيد بن جبير، والله أعلم.
(1) تقدم في الحديث [63] أنه لم يسمع من عبد الله بن مسعود.
(2) أي ابن مسعود.
[638] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف من هذا الطريق للانقطاع بين الشعبي وابن مسعود، وقد صح عن ابن مسعود من غير هذا الوجه كما سيأتي بلفظ: ((اللمس ما دون الجماع)) .
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 549) للمصنف وعبد الرزاق ومسدد وابن أبي شيبة في "مسنده" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي.
وقد أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (6 / 285 - 286 رقم 9228) ، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أن لم يذكر قوله: ((والقبلة منه ومنها الوضوء)) .(4/1257)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 166) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 395 رقم 9622) .
كلاهما من طريق حفص بن غياث، عن أشعث بن سوّار، عن الشعبي، عن أصحاب عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قال: اللمس ما دون الجماع.
وقد صح الحديث من غير هذا الطريق عن عبد الله.
قال مسدد في "مسنده": حدثنا يحيى، عن شعبة، عن مخارق، عن طارق، قال: قال عبد الله - رضي الله عنه-: اللمس ما دون الجماع. انظر "المطالب العالية المسندة" (ل 7 / أ) ، والمطبوعة (1 / 38 رقم 123) .
وهذا إسناد صحيح.
فشيخ مسدد هو: يحيى بن سعيد القطان تقدم في الحديث [1] أنه ثقة متقن حافظ إمام قدوة.
وتقدم في نفس الحديث أن شعبة: أمير المؤمنين في الحديث، ثقة حافظ متقن.
وأما مُخَارق بن خليفة بن جابر، وقيل: مخارق بن عبد الله الأحْمَسي، أبو سعيد الكوفي، فإنه ثقة من الطبقة السادسة، روى عن طارق بن شهاب، وروى عنه شعبة والسفيانان الثوري وابن عيينة وغيرهم، قال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 352 - 353 رقم 1624) ، و"التهذيب" (10 / 67 رقم 113) ، و"التقريب" (ص523 رقم 6520) .
وأما طارق فهو ابن شهاب بن عبد شمس البَجَلي الأحْمَسي، أبو عبد الله الكوفي، صحابي صغير، رأى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمع منه، وإنما روى عنه مرسلاً، وروى عن الخلفاء الأربعة وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وغيرهم من الصحابة، روى عنه مخارق الأحمسي وإسماعيل بن أبي خالد وسماك بن حرب وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين للهجرة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: أربع وثمانين، وقد وثقه ابن معين والعجلي. انظر "الجرح والتعديل" (4 / 485 رقم 2128) ، =(4/1258)
639- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ أَبِي عُبَيْدة (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: القُبْلَة مِنَ اللَّمْسِ، ومنها الوضوء.
__________
= و"التهذيب" (5 / 3 - 4 رقم 5) ، و"التقريب" (ص281 رقم 3000) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 393 رقم 9606) .
وابن المنذر في "الأوسط" (1 / 118) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 142 / أ) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 142) في الطهارة، باب الوضوء من الملامسة.
جميعهم من طريق شعبة، عن مخارق، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9608) من طريق سفيان الثوري، عن مخارق، به مثله.
وسيأتي عن ابن مسعود من طريق آخر في الحديث الذي بعده.
(1) هو النخعي، ورواية الأعمش عنه محمولة على السماع وإن كانت بالعنعنة كما سبق بيانه في الحديث [3] .
(2) هو عامر بن عبد الله بن مسعود، تقدم في الحديث [4] أنه لا يصح سماعه من أبيه.
[639] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف من هذا الطريق للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وقد صححه الدارقطني كما سيأتي، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق.
والحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 133 رقم 500) عن سفيان بن عيينة، عن الأعمش، به مثله.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 285 رقم 9227) .
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (499) من طريق معمر، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبي عبيدة، أن ابن مسعود قال: يتوضأ الرجل من المباشرة، ومن =(4/1259)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= اللمس بيده، ومن القبلة إذا قبّل امرأته، وكان يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أَوْ لامستم النساء} ، قال: هو الغمز.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 118) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (9226) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 45) .
والدارقطني في "سننه" (1 / 145 رقم 43) .
كلاهما من طريق هشيم وحفص بن غياث، كلاهما عن الأعمش، به مثله، وعند الدارقطني في رواية معلى والحسن بن عرفة عن هشيم زيادة قوله: ((واللمس ما دون الجماع)) .
قال الدارقطني عقبه: ((صحيح)) ، فلعله ممن يرى أن أبا عبيدة سمع من أبيه.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 124) في الطهارة، باب الوضوءمن الملامسة، من طريق هشيم وحده، به وفيه الزيادة التي عند الدارقطني.
وأخرجه ابن شيبة في "المصنف" (1 / 116) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 393 رقم 9611) .
كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن الأعمش، به نحوه، وزاد ابن أبي شيبة الزيادة التي عند الدارقطني.
وأخرجه ابن جرير من طريق معاوية، مقرونًا برواية ابن فضيل عنده.
ثم أخرجه أيضًا برقم (9610) .
والدارقطني برقم (44 و 45) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به بلفظ: ((القبلة من اللمس)) ، وعند الدارقطني: ((اللماس)) بدل: ((اللمس)) .
وصححه الدارقطني أيضًا.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9612) من طريق شريك عن الأعمش، به نحوه. =(4/1260)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الدارقطني برقم (46) من طريق شعبة، عن الأعمش، به مثل لفظ الثوري عنده.
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 117) من طريق ابن نمير، عن الأعمش، به نحوه.
وخالف هؤلاء جميعًا أبو بكر بن عياش، فرواه عن الأعمش، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ -: {أَوْ لامستم النساء} -، قال: هو ما دون الجماع، وفيه الوضوء.
ورواية الجماعة أصح من رواية أبي بكر بن عياش؛ لكثرتهم، ولكونهم أحفظ منه، فإنه لما كبر ساء حفظه كما تقدم في الحديث [16] .
وللحديث طرق أخرى عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود ليس فيها ذكر لأبي عبيدة.
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 166) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 393 و 395 رقم 9609 و 9624 و 9624م) .
كلاهما من طريق مغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قال: اللمس ما دون الجماع.
وأخرجه ابن جرير برقم (9625) من طريق أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قال عبد الله: الملامسة ما دون الجماع، ثم قرأ: {أو لامستم النساء} .
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 286 رقم 9229) من طريق حماد بن أبي سلمان، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: الْمُلَامَسَةُ مَا دُونَ الْجِمَاعِ؛ أن يمس الرجل جسد امرأته بشهوة، ففيه الوضوء.
وإبراهيم النخعي لم يسمع من ابن مسعود، لكن تقدم في الحديث [3] أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة؛ لأنه قال: ((إذا قلت: عن عبد الله فاعلم أنه من غير واحد، وإذا سمَّيت لك أحدًا، فهو الذي سميت)) . =(4/1261)
640- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كُنَّا فِي حُجْرَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعَنا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَنَفَرٌ مِنَ المَوَالي، وعُبيد بْنُ عُمير (3) ، وَنَفَرٌ مِنَ الْعَرَبِ فَتَذَاكَرْنا اللِّماس، فَقُلْتُ أَنَا وَعَطَاءٌ: اللَّمْس بِالْيَدِ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَالْعَرَبُ: هُوَ الْجِمَاعُ، فَقُلْتُ: إِنَّ عِنْدَكُمْ مِنْ هَذَا الْفَضْلِ قَرِيبٌ (4) ، فَدَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى سَرِيرٍ، فَقَالَ لِي: مَهْيَمْ (5) ؟ فَقُلْتُ: تَذَاكَرْنَا اللَّمْسَ، فَقَالَ بَعْضُنَا: هُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ، وَقَالَ بَعْضُنَا: هُوَ الْجِمَاعُ. قَالَ: مَنْ قَالَ: هُوَ الْجِمَاعُ؟ قُلْتُ: الْعَرَبُ. قَالَ: فَمَنْ قَالَ: هُوَ اللَّمْسُ بِالْيَدِ؟ قُلْتُ: الْمَوَالِي، قَالَ: فَمِنْ أَيِّ
__________
= فالذي يظهر أنه رواه عن غير واحد، عن عبد الله، وحدث الأعمشَ به عن واحد منهم وهو: أبو عبيدة.
وبالجملة فالحديث مروي عن ابن مسعود من عدة طرق، منه الضعيف المنجبر، ومنها ما هو صحيح كما في الحديث السابق، والله أعلم.
(1) هو وضّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس بن أبي وَحْشِيَّة.
(3) تقدم في الحديث [635] أنه ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأنه كان قاصّ أهل مكة، مجمع على ثقته.
(4) كذا في الأصل: ولم أجد من ذكر هذا اللفظ ممن أخرج الحديث، وهو يعني ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
(5) مَهْيَمْ: كلمة يمانية يُستفهم بها، معناها: ما أمرُك وما حالك وما شأنك وما هذا الذي أرى بك؟ ونحو هذا الكلام. "لسان العرب" (12 / 565 - 566) .(4/1262)
الْفَرِيقَيْنِ كُنْتَ؟ قُلْتُ: مَعَ الْمَوَالِي، فَضَحِكَ، وَقَالَ: غُلبت الْمَوَالِي، غُلبت الْمَوَالِي - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّمْسَ، والْمَسَّ، والمُبَاشَرة إِلَى الْجِمَاعِ إِلَى الْجِمَاعِ (6) مَا هُوَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُكَنِّي ما شاء بما شاء.
__________
(6) كذا جاءت العبارة مكرورة في الأصل.
[640] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 550) للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 389 رقم 9581) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 125) في الطهارة، باب الوضوء في الملامسة.
كلاهما من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: ذكروا اللمس - وفي لفظ البيهقي: تذاكرنا -، فقال ناس من الموالي: ليس بالجماع - وفي لفظ البيهقي: من الجماع -، وقال ناس من العرب: اللمس الجماع - وفي لفظ البيهقي: هي من الجماع - قال: فأتيت ابن عباس، فقلت - وفي لفظ البيهقي: فذكرت ذلك لابن عباس - ... ، الحديث بنحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 391 رقم 9593) من طريق ابن أبي عدي، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن أبي بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشية، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: اختلفت العرب والموالي في الملامسة على باب ابن عباس، قالت العرب: الجماع، وقالت الموالي: باليد، قال: فخرج ابن عباس فقال: غُلب فريق الموالي، الملامسة: الجماع.
ثم أخرجه ابن جرير برقم (9594) من طريق عبد الوهاب الثقفي، قال: حدثنا داود، عن رجل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: كنا على باب ابن عباس ... ، فذكر نحوه.
ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9595) من طريق يزيد بن هارون، قال: أخبرنا =(4/1263)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= داود عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قعد قوم على باب ابن عباس ... ، فذكر نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 389 - 390 رقم 9584) من طريق جرير بن حازم، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قال: اختلفت أنا وعطاء وعبيد بن عمير ... ، فذكره نحو سابقه هكذا على أنه من رواية قتادة عن سعيد بن جبير.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 134 رقم 506) عن معمر، عن قتادة، أن عبيد بن عمير وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح اختلفوا ... ، فذكره هكذا على أن الراوي هو قتادة، وهذا مرسل بلا شك؛ لأن قتادة لم يسمع من صحابي غير أنس - رضي الله عنه -، وهو هنا يروي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما-، بل حتى روايته للحديث عن سعيد بن جبير مرسلة، فإنه لم يسمع منه. انظر ترجمة قتادة في الحديث رقم [14] .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9585 و 9586 و 9587) من طريق قتادة، به ولم يذكر أنه رواه عن سعيد بن جبير.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 166) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 391 - 392 رقم 9597) .
كلاهما من طريق الأعمش، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ، عن سعيد بن جبير، به نحو لفظ حديث داود بن أبي هند السابق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 389 رقم 9582) من طريق شعبة، عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان، عن سعيد بن جبير، به مثل سياق شعبة السابق للحديث عن أبي بشر.
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 116 رقم 8 و 9) من طريق محمد بن زيد وحبيب بن أبي ثابت، كلاهما عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابن عباس، أنه فسر الملامسة - في قوله تعالى: {أو لامستم النساء} - بالجماع.
وسيأتي الحديث من طريق هشيم، عن أبي بشر، به مختصرًا في الحديث الآتي.(4/1264)
641- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم قَالَ: نا (أَبُو بِشْر) (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس [ل216/أ] قَالَ: اللَّمْس والمَسُّ والُمَباشرة إِلَى الْجِمَاعِ مَا هُوَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَنَّى عَنْهُ.
642- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (2) ، عَنِ مُغِيرَةُ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (أَوْ لَمَستُّم (4) النِّسَاءَ) ، قَالَ: يعني ما دون الجماع.
__________
(1) في الأصل: ((يونس)) ، وهو تصحيف، وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف على الصواب كما سياتي.
[641] سنده صحيح، وهو طريق آخر مختصر للحديث السابق عن أبي بشر.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 424 - 425) في العدد، باب لا عدة على التي لم يدخل بها زوجها، أخرجه من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 167) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 391 رقم 9590) .
كلاهما من طريق هشيم، عن أبي بشر، به نحوه.
وأخرجه عبد بن حميد كما في "فتح الباري" (8 / 272) .
وابن المنذر في "الأوسط" (1 / 116 رقم 7) .
كلاهما من طريق عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والجماع نكاح، ولكن الله كَنَّى.
(2) تقدمت في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع هنا.
(3) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع.
(4) قال ابن زَنْجلة في "حجَّة القراءات" (ص204 - 206) : ((قرأ حمزة والكسائي: {أو لَمَسْتُمُ النساء} بغير ألف؛ جعلا الفعل للرجال دون النساء. وحجّتهما: أن اللمس ما دون الجماع، كالقبلة والغمزة. عن ابن عمر: اللمس ما دون =(4/1265)
643- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمة بْنُ عَلْقمة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيْدَةَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ لَامَسْتُمُ النساء} ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ، وظَنَنْتُ (2) مَا قال.
__________
= الجماع، أراد اللمس باليد، وهذا مذهب ابن مسعود وسعيد بن جبير وإبراهيم والزهري.
وقرأ الباقون: {أو لامستم} بالألف، أي جامعتم. والملامسة لا تكون إلا من اثنين: الرجل يلامس المرأة، والمرأة تلامس الرجل، وحجّتهم: ما روي في التفسير: قال علي بن أبي طالب صلوات الله عليه: قوله: {لامستم النساء} أي جامعتم، ولكن الله يكنِّي. وعن ابن عباس: {أو لامستم} قال: هو الغشيان والجماع، وقال: إن الله كريم يكنِّي عن الرفث [كذا! ولعل الصواب: بالرفث] والملامسة والمباشرة والتغشِّي والإفضاء، وهو الجماع)) . اهـ.
[642] سنده ضعيف لأن هشيمًا ومغيرة لم يصرحا بالسماع، ولم من أجد من أخرج هذا الأثر من هذا الطريق، وقد روي من غير طريق هشيم، فرواه شعبة وسفيان الثوري وجرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ عبد الله بن مسعود، وتقدم تخريج هذه الروايات في تخريج الحديث رقم [639] .
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) أي: علمت ما قال؛ كما في قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} ، أي: يعلمون ويستيقنون. انظر "غريب الحديث" للخطّابي (3 / 26) ، وهو يعني أنه يرى أنه اللمس باليد كما هو قول ابن مسعود في الحديث [638] ، خلافًا لابن عباس الذي يرى أنه الجماع كما في الحديث [640] .
[643] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 550) للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير. =(4/1266)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (3 / 26) من طريق المصنِّف، فقال: في حديث عَبِيدة: أن ابن سيرين قال: سألته عن قوله: {أو لامستم النساء} ، وأشار بيده، فظننت ما قال.
حدثنيه ابن مكيّ، أنا الصائغ، نا سعيد بن منصور، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بن سيرين. اهـ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 163 و 166) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 394 رقم 9614) .
كلاهما من طريق إ سماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قوله تعالى: {أو لامستم النساء} ، فقد بيده، فظننت ما عنى، فلم أسأله.
وقد اجتهد الشيخ محمود شاكر في تحقيقه لتفسير ابن جرير، فصوّب قوله: ((فظننت)) هكذا: ((فَطَبِنْتُ)) ، وذكر أن معناه: فطنت له وفهمته، ولكن ما ذكره الخطابي في "غريب الحديث" يؤكد أن الصواب: فظننت.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا في الموضع السابق.
وابن جرير برقم (9613) .
كلاهما من طريق ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ تعالى: {أو لامستم النساء} ، فقال: بيده هكذا، وقبض كفه - وعند ابن جرير: فضم أصابعه -.
ثم أخرجه ابن جرير من طريق آخر عن ابن عون، قال: ذكروا عند محمد مسّ الفرج، وأظنهم ذكروا ما قال ابن عمر في ذلك، فقال محمد: قلت لعبيدة: قوله: {أو لامستم النساء} ؟ فقال بيده، قال ابن عون بيده، كأنه يتناول شيئًا يقبض عليه.
ثم أخرجه ابن جرير برقم (9616م) من طريق ابن عليّة، عن هشام، عن محمد قال: سألت عبيدة عن هذه الآية: {أو لامستم النساء} ، فقال بيده، وضمّ =(4/1267)
644- وَقَالَ مُحَمَّدٌ (1) ، (2) : ونُبِّئْتُ (عَنِ) (3) ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَسَّ فَرْجَهُ تَوَضَّأَ، فَظَنَنْتُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ وعَبِيْدَةَ (شَيْءٌ وَاحِدٌ) (4) .
__________
= أصابعه، حتى عرفت الذي أراد.
كذا رواه ابن علية عن هشام.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 134 رقم 503) عن هشام، عن محمد، عن عبيدة قال: الملامسة باليد، قال: ومنها الوضوء والتيمم إذا لم يجد الماء.
ثم أخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (504) عن معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عبيدة مثله - أي مثل سابقه -.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9616) من طريق خالد الحذّاء، عن محمد، قال: قال عبيدة: اللمس باليد.
(1) أي ابن سيرين، وذلك بالإسناد المتقدم إليه: سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ.
(2) الذي يلي هذا الحديث في النسخة الخطِّيَّة هو الحديث الآتي برقم [650] ، وإنما أَخَّرْتُهُ هناك مراعاة لترتيب الآيات.
(3) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من "الدر المنثور" (2 / 550) .
(4) في الأصل: (( (شيئًا واحدًا)) ، وكذا نقله السيوطي في الموضع السابق من "الدر" عن المصنف! والتصويب من الموضع الآتي من "مصنف ابن أبي شيبة".
[644] سنده ضعيف لإبهام الواسطة بين ابن سيرين وابن عمر، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 550) مع الحديث السابق للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير.
وقد أخرج ابن جرير منه الحديث السابق فقط.
وأما ابن أبي شيبة فرواه بتمامه في "المصنف" (1 / 163) من طريق إسماعيل =(4/1268)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن إبراهيم بن علية به، ولفظ هذا الحديث عنده بمثل لفظ المصنف هنا.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر.
فأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 42 رقم 60) في الطهارة، باب الوضوء من مس الفرج، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: إذا مسّ أحدكم ذكره فقد وجب عليه الوضوء.
وهذا من أصح الأسانيد، بل هو السلسلة الذهبية عند علماء الحديث.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 194) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 131) في الطهارة، باب الوضوء من مسّ الذكر.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 116 رقم 421) من طريق عبد الله بن محرر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: من مسّ ذكره فليتوضأ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 163 - 164) من طريق ابن عليّة، عن ابن عون، عن نافع، أن ابن عمر كان إذا مسّ فرجه أعاد الوضوء.
وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه عن ابن عليّة، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر صلى يومًا من الضحى، وقال: إني كنت مسست ذكري، فنسيت.
وكلا هذين الأسنادين لابن أبي شيبة صحيحان.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 76) من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، به نحو سابقه.
وأخرجه الإمام مالك أيضًا برقم (62) عن ابن شهاب الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أنه قال: رأيت أني: عبد الله بن عمر يغتسل، ثم يتوضأ، فقلت له: يا أبت أم يجزيك الغُسل من الوضوء؟ قال: بلى، ولكن أحيانًا أمسّ ذكري فأتوضأ.
وهذا إسناد صحيح أيضًا.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه ابن المنذر والبيهقي في الموضعين السابقين.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 115 رقم 419) من طريق معمر، عن =(4/1269)
645- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو الزُّبَيْر (2) ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ أحدُنا يَمُرُّ في المسجد جُنُبًا مُجْتَازًا (3) .
__________
= الزهري، به نحو سياق الإمام مالك.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (417 و 418) من طريقين آخرين عن الزهري، به بمعنى سابقه، وفيه قصة.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا مقرونًا بالرواية السابقة رقم (418) من طريق حسن بن مسلم، عن سالم، به.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 76) عن شعبة، عن قتادة قال: كان ابن عمر وابن عباس يقولان في الرجل يمس ذكره، قالا: يتوضأ. قال شعبة: فقلت لقتادة: عمن هذا؟ فقال: عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. أي أن قتادة أخذه عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وابن عمر.
وعليه يتضح أن الحديث صحيح لغيره عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، والله أعلم.
(1) الذي قبل هذا الحديث في النسخة الخَطِّية هو الحديث الآتي برقم [650] ، وإنما أخَّرْتُهُ هناك مراعاة لترتيب الآيات.
(2) هو محمد بن مسلم بن تَدْرُس - بفتح المثنّاة، وسكون الدال المهملة، وضمّ الراء -، الأسَدي، مولاهم، أبو الزبير المكّي، روى عن العبادلة الأربعة وجابر وغيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم -، وعن سعيد بن جبير وعكرمة وطاوس وغيرهم من التابعين، روى عنه عطاء بن أبي رباح وهو من شيوخه، والزهري والأعمش والسفيانان وهشيم بن بشير وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه مدلِّس، وقد روى له الجماعة، عدا البخاري، فإنه إنما روى له مقرونًا بغيره، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن المديني: ((ثقة ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث، إلا أن شعبة تركه زعم أنه رآه فعله في معاملة)) ، وقال حرب بن إسماعيل: ((سئل أحمد عن أبي الزبير، فقال: قد احتمله الناس، وأبو الزبير =(4/1270)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أحب إلى من أبي سفيان - يعني طلحة بن نافع -؛ لأنه أعلم بالحديث منه، وأبو الزبير ليس به بأس)) ، وقال الساجي: ((صدوق حجّة في الأحكام، قد روى عنه أهل النقل وقبلوه واحتّجوا به)) ، وقال ابن عدي: ((وروى مالك عن أبي الزبير أحاديث، وكفى بأبي الزبير صدقًا أن حدث عنه مالك؛ فإن مالكًا لا يروي إلا عن ثقة، ولا أعلم أحدًا من الثقات تخلَّف عن أبي الزبير، إلا وقد كتب عنه، وهو في نفسه ثقة، إلا أن يروي عنه بعض الضعفاء، فيكون ذلك من جهة الضعيف، ولا يكون من قبله، وأبو الزبير يروي أحاديث صالحة، ولم يتخلف عنه أحد، وهو صدوق وثقة لا بأس به)) ، وقال ابن عون: ((ما أبو الزبير بدون عطاء بن أبي رباح)) ، وقال يعلى بن عطاء: ((حدثنا أبو الزبير، وكان أكمل الناس عقلاً وأحفظهم)) ، وقال عطاء بن أبي رباح: ((كنا نكون عند جابر، فإذا فرغنا من عنده تذاكرنا حديثه، فكان أبو الزبير أحفظنا)) ، وقال أبو الزبير عن نفسه: ((كان عطاء يقدِّمني إلى جابر أحفظ لهم الحديث)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة صدوق، وإلى الضعف ما هو)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبي عن أبي الزبير، فقال: يكتب حديثه ولا يحتجّ به، وهو أحب إليّ من أبي سفيان طلحة بن نافع)) ، وقال عبد الرحمن أيضًا: ((سألت أبا زرعة عن أبي الزبير، فقال: روى عنه الناس، قلت: يحتجّ بحديثه؟ قال: إنما يحتجّ بحديث الثقات)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: ((قال أبي: كان أيوب - أي السختياني - يقول: حدثنا أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير. قلت لأبي: يُضَعِّفُهُ؟ قال: نعم)) ، وقال الإمام الشافعي: ((أبو الزبير يحتاج إلى دعامة)) ، وكانت وفاة أبي الزبير سنة ست وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 74 - 76 رقم 319) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2133 - 2137) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 380 - 386) ، و"ميزان الاعتدال" (4 / 37 - 40 رقم 8169) ، و"البيان والتوضيح" لابن العراقي (ص249 - 250 رقم 407) ، =(4/1271)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= و"التهذيب" (9 / 440 - 443 رقم 727) ، و"التقريب" (ص506 رقم 6291) .
قلت: اختلفت عبارات أئمة الجرح والتعديل في أبي الزبير، فمنهم من يوثِّقه ويصفه بقوّة الحفظ، ومنهم من يضعِّفه، وأولى الأقوال بالقبول - والله أعلم - ما اختاره الحافظ ابن حجر في "التقريب"؛ من أنه صدوق، وهو قول الساجي؛ حيث قال: ((صدوق حجة في الأحكام، وقد روى عنه أهل النقل وقبلوه واحتجّوا به)) ، ويقرب منه قول الإمام أحمد: ((وأبو الزبير ليس به بأس)) ، وقال الذهبي في الموضع السابق من "سير أعلام النبلاء": ((الإمام الحافظ الصدوق)) .
وقد تُكُلِّم في أبي الزبير أيضًا بأمرين آخرين:
1- التدليس. ... ... 2- قدح شعبة في عدالته.
أما التدليس، فقد وصفه به النسائي وابن حزم، وقال الذهبي في "السير" (5 / 381) : ((وقد عِيبَ أبو الزبير بأمور لا توجب ضعفه المطلق، منها التدليس)) ، وقال في "الكاشف" (3 / 95 - 96 رقم 5231) : ((حافظ ثقة ... ، وكان مدلٍّسًا واسع العلم)) .
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص442) : ((محمد بن مسلم بن تدرس، أبو الزبير المكّي، أحد التابعين، مشهور، وثقه الجمهور وضعّفه بعضهم لكثرة التدليس وغيره)) ، ووصفه به أيضًا في الموضع السابق من "التقريب"، وذكره في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين" (ص108 رقم 101) ، وهم: من أكثر من التدليس، فلم يحتجّ الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع، ثم قال ابن حجر: ((مشهور بالتدليس ... ، وقد وصفه النسائي وغيره بالتدليس)) .
وقال أبو زرعة ابن العراقي في "البيان والتوضيح" (ص250) : ((وكان مشهورًا بالتدليس)) .
قلت: والحجة في وصفه بالتدليس ما أخرجه ابن عدي في "الكامل" (6 / 2136) وغيره عن الليث بن سعد قال: قَدِمْتُ مكة، فجئت أبا الزبير، فدفع إليّ كتابين، وانقلبت بهما، ثم قلت في نفسي: لو عَاوَدْتُه فَسَأَلْتُه: أسَمِع هذا كلَّه من جابر؟ =(4/1272)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فرجعت فسألته، فقال: منه ما سمعت منه، ومنه ما حُدِّثْتُ عنه، فقلت له: أَعْلِمْ لي على ما سمعت، فأعلم لي علي هذا الذي عندي.
قال ابن حزم - كما في "السير" (5 / 383) -: ((فلا أقبل من حديثه إلا ما فيه: سمعت جابرًا، وأما رواية الليث عنه فَاْحْتَجّ بها مطلقًا؛ لأنه ما حمل عنه إلا ما سمعه من جابر)) .
قلت: ويستثنى من ذلك ما كان في "صحيح مسلم" من روايته بالعنعنة من غير رواية الليث عنه؛ قال ابن العراقي في الموضع السابق من "البيان والتوضيح" بعد أن ذكر حكاية الليث: ((ولهذا قَبِل ابن حزم منه ما صرَّح فيه بالسماع، فردّ ما عنعن فيه.
وأما مسلم - رضي الله عنه -، فإنه روى في "صحيحه" أحاديث من حديثه أتى فيها بالعنعنة. وأجاب بعض العلماء عنه بأنه اطلع على أنها مما سمعه وإن لم يروها من طريقه)) . اهـ. فهذا بالنسبة للتدليس.
وأما قدح شعبة في عدالته فيتلخَّص في ثلاثة أمور:
أ- ما رواه ورقاء بن عمر، قال: قلت لشعبة: لم تركتَ حديث أبي الزبير؟ قال: رأيته يزن ويَسْتَرْجحُ في الميزان. "السير" (5 / 381) .
وهذا يجاب عنه بما ذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 352) حيث قال: ((ولم ينصف من قدح فيه؛ لأن من استرجح في الوزن لنفسه لم يستحق الترك من أجله)) . اهـ.
ب- قال أبو عمر الحَوْضي: قيل لشعبة: لِمَ تركت أبا الزبير؟ قال: رأيته يسيء الصلاة، فتركت الرواية عنه. "السير" (5 / 382) .
وقال سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: قَالَ لي شعبة: لا تكتب عن أبي الزبير، فإنه لا يحسن يصلي. "الكامل" لابن عدي (6 / 2134) .
ويجاب عن هذا: بأنه جرح مجمل، ولم يبين شعبة ما الذي أساء أبو الزبير فيه من صلاته، فقد يكون ترك سنة من سنن الصلاة، وهذا لا يُقدح في الإنسان =(4/1273)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بسببه، أو قد يكون فعل أو ترك شيئًا من المسائل الخلافية في الصلاة، وشعبة يرى خلافه، فقدح فيه لهذا السبب، وهذا سويد بن عبد العزيز قد ندم على أخذه بمشورة شعبة، ففي الموضع السابق من "الكامل" لابن عدي يقول سويد: ((خدعني شعبة؛ فقال لي: لا تحمل عنه؛ فإني رأيته يسيء صلاته، وليتني ما كنت رأيت شعبة)) ، وهذا شعبة نفسه مع نهيه لسويد، يذهب فيأخذ عن أبي الزبير، قال سويد كما في الموضع السابق من "الكامل": ((قال لي شعبة: لا تأخذ عن أبي الزبير؛ فإنه لا يحسن يصلي، قال: ثم ذهب فكتب عنه)) .
وقال ابن عبد البر في "الاستغناء" (1 / 648) : ((وأما قول شعبة: تأخذ عن أبي الزبير وهو لا يحسن يصلي؟ فهذا تحامل لا يسلم صاحبه من الغيبة، وقد حدّث عنه شعبة بعد أن أخذ عنه)) .
جـ- روى أبو داود الطيالسي عن شعبة قال: ((لم يكن في الدنيا شيء أحب إلي من رجل يقدم من مكة فأسأله عن أبي الزبير. قال: فقدمت مكة، فسمعت من أبي الزبير. فبينا أنا عنده، إذ سأله رجل عن مسألة، فردّ عليه، فافترى عليه، فقلت: تفتري يا أبا الزبير على رجل مسلم؟ فقال: إنه أغضبني، قلت: ومن يغضبك تفتري عليه؟ لا رويت عنك أبدًا)) ، فكان شعبة يقول: في صدري لأبي الزبير أربعمائة حديث. "الجرح والتعديل" (8 / 75) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 381 - 382) .
قلت: قد كثرت أقاويل شعبة - رحمه الله - في أبي الزبير، فلست أدري، إلى أيِّها نلتفت؟ وما هذا الافتراء الذي يتحدث عنه شعبة؟ أهو مما يحدث بين الناس من المُلاَحَاة، فمن ذا الذي يسلم من الزلل؟ وهل إذا بدرت من محدِّث هفوة تركنا حديثه؟ هذا إذا سلّمنا بأنها هفوة، مع أن الحال تستدعي معرفة ما دار بينهما، وما إذا كان قبله شيء مما له به علاقة.
وخلاصة ما مضى: أن أبا الزبير صدوق حسن الحديث إذا صرح بالسماع ممن روى عنه، أو كان ذلك من رواية الليث بن سعد عنه إذا لم يصرح بالسماع، =(4/1274)
646 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ (2) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَار (3) ، قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُون؛ إِذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ.
__________
= وما قيل فيه مما يقدح في العدالة لا يعتبر بشيء منه، وثَّمَّة أقوال أخرى في أبي الزبير ذكرها ابن عبد البر في "الاستغناء" (1 / 647 - 649) وردّ عليها، وأهمّ ما قيل فيه ما تقدم ذكره، والله أعلم.
(3) أي عابرًا كما في "النهاية في غريب الحديث" (1 / 314) .
[645] سنده ضعيف لأن أبا الزبير مدلس ولم يصرح بالسماع.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 548) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 146) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 383 رقم 9556) .
وابن المنذر في "الأوسط" (2 / 106 رقم 631) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 443) في الصلاة، باب الجنب يمرّ في المسجد مارًّا ولا يقيم فيه.
جميهعنم من طريق هشيم، عن أبي الزبير، به نحوه، إلا أنه سقط من إسناد ابن جرير قوله: ((عن جابر)) ، فجاء الحديث من لفظ أبي الزبير.
(1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في روايته عن عبيد الله العُمري، فإنها رواية منكر، وهو هنا يروي عن هشام بن سعد، ولم أجد من نصّ على أنه سمع منه، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما مدني، وقد تعاصرا فترة طويلة، فالدراوردي تقدم أنه وفاته كانت بين سنة ست وثمانين إلى تسع وثمانين ومائة، وهشام توفي في حدود سنة ستين ومائة كما سيأتي.(4/1275)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) هو هشام بن سعد القرشي، مولاهم، أبو عبّاد، ويقال: أبو سعد، المدني، روى عن زيد بن أسلم وأكثر عنه، وروى عن نافع مولى ابن عمر والزهري وغيرهم، روى عنه الليث بن سعد والثوري ووكيع وغيرهم، وهو ثقة في روايته عن زيد بن أسلم، وصدوق له أوهام إذا روي عن غيره، ورمي بالتشيع؛ فقد كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه، وقال حرب بن إسماعيل: سمعت أحمد بن حنبل - وذُكر له هشام بن سعد -، فلم يرضه، وقال: ((ليس بمحكم الحديث)) ، وضعفه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((صالح، وليس بمتروك الحديث)) ، وقال ابن المديني: ((صالح، وليس بالقوي)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث يستضعف، وكان متشيعًا)) ، وضعفه النسائي، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به، هو ومحمد بن إسحاق عندي سواء)) ، وقال أبو زرعة: ((شيخ محلّه الصدق، وكذلك محمد بن إسحاق هو هكذا عندي، وهشام أحب إليّ من محمد بن إسحاق)) ، وقال العجلي: ((جائز الحديث، حسن الحديث)) ، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال أبو داود: ((هشام بن سعد أثبت الناس في زيد بن أسلم)) ، وكانت وفاته في حدود سنة ستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 61 - 62 رقم 241) ، و"التهذيب" (11 / 39 - 41 رقم 80) .
قلت: ذهب الحافظ بن حجر في "التقريب" (ص572 رقم 7294) إلى أن هشام بن سعد صدوق له أوهام، وذهب الحافظ الذهبي في "الكاشف" (3 / 222 رقم 6064) إلى أنه حسن الحديث، وكذا في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص186 رقم 354) ، والذي يترجح من أقوال أئمة الجرح والتعديل ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر، إلا في روايته عن زيد بن أسلم، فإنه ثقة فيه لطول ملازمته له ومعرفته بحديثه، ولذا قال أبو داود: ((أثبت الناس في زيد بن أسلم)) ، وقال الذهبي في "الميزان" (4 / 298 رقم 9224) : ((يقال له يتيم زيد بن أسلم؛ صَحِبَهُ وأكثر منه)) ، وقال "سير أعلام النبلاء" (7 / 344 - 345) : ((الإمام =(4/1276)
647- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ وَيَخْرُجُونَ مِنْهُ وَلَا يُصَلُّون فِيهِ، وَرَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ يَفْعَلُهُ.
__________
= المحدِّث الصادق ... ، يتيم زيد بن أسلم، حدَّث عن سعيد المقبري ونافع العمري ... وزيد بن أسلم، وهو مكثر عنه، بصير بحديثه)) .
(3) هو عطاء بن يَسَار الهِلالي، أبو محمد المدني القاصّ، مولى ميمونة زوج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، روى عن أبي ذر وأبي الدرداء وعبادة بن الصامت وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عباس وابن عمر وغيرهم، روى عنه زيد بن أسلم وعمرو بن دينار ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، وهو ثقة فاضل صاحب مواعظ وعبادة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان صاحب قصص وعبادة وفضل)) ، وكانت ولادته في حدود سنة تسع عشرة للهجرة، ووفاته سنة أربع وتسعين، وقيل بعد ذلك. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص334 رقم 1135) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 338 رقم 1867) ، و"التهذيب" (7 / 217 - 218 رقم 399) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4605) .
[646] سنده حسن لذاته.
ولم أجد من أخرجه بهذا السياق، لكن أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 146) عن شيخه وكيع، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زيد بن أسلم قال: كان الرجل منهم يجنب، ثم يدخل المسجد فيحدث فيه.
فلست أدري أهو هذا الحديث نفسه، فيكون عبد العزيز بن محمد زاد فيه عطاء بن يسار، أم أنه حديث آخر؟
[647] سنده حسن لذاته، وهو نفس إسناد الحديث السابق، وهو صحيح لغيره عن =(4/1277)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن عمر كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 340) ، فقال: حدثنا عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: كان أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، الحديث بنحوه، هكذا بإسقاط هشام وعطاء من سنده، فإما أن يكون خطأ في نسخة المصنف، أو يكون اختلافًا على عبد العزيز بن محمد، والمصنِّف سعيد بن منصور جوّد الإسناد.
وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع نفسه، فقال: حدثنا وكيع، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، عن نافع، أن ابن عمر كان يمرّ في المسجد ولا يصلي فيه.
وهذا إسناد صحيح.
فوكيع تقدم في الحديث رقم [47] أنه ثقة حافظ عابد.
ونافع مولى ابن عمر تقدم في الحديث [140] أنه ثقة ثبت فقيه مشهور.
وعبد الله بن سعيد بن أبي هند الفَزَاري، مولاهم، أبو بكر المدني، يروي عن أبيه وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وسعيد بن المسيب ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وابن المبارك ويحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وابن المديني والعجلي وأبو داود السجستاني ويعقوب بن سفيان وابن البرقي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((كان صالحًا، تعرف وتنكر)) ، وقال أبو داود: ((روى عنه يحيى، ولم يرفعه كما رفع غيره)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، وَوَهَّنَهُ أبو زرعة، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 70 - 71 رقم 335) ، و"التهذيب" (5 / 239 رقم 414) .
قلت: أما يحيى القطان فإنه على تشدده لم يترك عبد الله بن سعيد، بل روى عنه، لكن كما قال أبو داود: لم يرفعه كما رفع غيره، فيؤخذ من موقفه منه: أن عبد الله بن سعيد ثقة كما نص عليه أحمد وابن معين وغيرهما، لكنه ليس =(4/1278)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كشعبة، وسفيان وأضرابهما.
وأما تضعيف الرازيَّيْن له: أبي حاتم وأبي زرعة، فإنهما ضعفاه بلا حجّة، وجرحهما غير مفسَّر ومعارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، ولذا فإن الذهبي لما ذكر عبد الله بن سعيد هذا في "ديوان الضعفاء" (ص168 رقم 2182) قال: ((ثقة، ضعّفه أبو حاتم بلا حجّة)) ، وذكره في "المغني في الضعفاء" (1 / 340 رقم 3191) ، وقال: ((ثقة، ضعفه أبو حاتم، ووثقه أحمد وابن معين، وقال القطان: صالح، تعرف وتنكر)) ، وذكره في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص108 رقم 180) وقال: ((ثقة، ضعفه أبو حاتم وحده)) .
ولما ذكره الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص413) ، وذكر أقوال الذين وثقوه والذين تكلموا فيه، قال: ((قلت: احتجّ به الجماعة)) ، وذكره في "فتح الباري" (7 / 511) وقال: ((وهو مدني ثقة)) ، فظهر بهذا قصور عبارته في "التقريب" (ص306 رقم 3358) حين قال: ((صدوق له أوهام)) ، فالظاهر أنه هنا مع تأثره بمن سبق، فإنه تأثر كذلك بما نقله هو في "التهذيب" (5 / 239) عن ابن حبان في الثقات أنه قال عن عبد الله بن سعيد هذا: ((يخطئ)) ، مع أن ابن حبان لم يقل ذلك كما يتضح من كتاب "الثقات" له (7 / 12) ، وهذا يحصل من ابن حجر أحيانًا بسبب سوء نسخته من ثقات ابن حبان، فقد كان يشكو من سقمها دائمًا، ففي "لسان الميزان" (2 / 442) في ترجمة رافع بن سلمان، قال: ((وذكره ابن حبان في الثقات، لكن وقع في النسخة - وفيها سقم -: رافع بن سنان)) ، وفي "التهذيب" (8 / 403) في ترجمة قيس بن مروان، ذكر أن ابن حبان ذكره في الثقات وقال: روى عنه حبيب، ثم تعقّب ذلك ابن حجر بقوله: ((كذا في النسخة وهي سقيمة، ولعلّها: خيثمة، تصحَّفت)) ، وفي "التهذيب" أيضًا (9 / 308) نقل عن ابن حبان سنة وفاة أحد الرواة، ثم قال: ((وهذا وهم لا مرية فيه، والأشبه أن يكون من سقم النسخة)) ، وقد نبّه على سقم نسخة ابن حجر من "الثقات": الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - في "التنكيل" (1 / 43) ، ومنه =(4/1279)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} ]
648- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قَدِمَ حُيَيّ بْنُ أخْطَب (1) ، وكَعْب بْنُ الأشْرف (2) إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: أَنْتُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ، فَنَحْنُ خَيْرٌ، أَمْ مُحَمَّدٌ؟ فَقَالُوا: وَمَا أَنْتُمْ، وَمَا مُحَمَّدٌ؟ قَالُوا: صُنْبُورٌ (3) قَطَّعَ أَرْحَامَنَا، وَاتَّبَعَهُ سُرَّاق الْحَجِيجِ: بَنُو غِفَار (4) ، فنحن أهدى
__________
= استفدت بعض الأمثلة.
وبهذا يتضح أن عبد الله بن سعيد بن أبي هند ثقة، وأن فعل ابن عمر صحيح لغيره، وأما باقي الحديث فهو حسن لذاته، والله أعلم.
(1) هو حُيَيّ بن أخْطَب النَّضْري، سيِّد يهود بني النَّضير، كان يُنعت بسيِّد الحاضر والبادي، وهو والد أم المؤمنين صفيَّة بنت حُيَيّ رضي الله عنها، أدرك الإسلام، وآذى المسلمين وكان من الأشدّاء العُتَاة، شرب عدواة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، ولم يزل دَأَبَه لعنه الله حتى أسره المسلمون يوم بني قريظة، فقتلوه صبرًا بين يدي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يوم قتل مقاتلة بني قريظة، وذلك في السنة الخامسة من الهجرة انظر "البداية والنهاية" لابن كثير (3 / 212) و (4 / 124 - 125) ، و"الأعلام" للزِّركلي (2 / 331) .
(2) هو كَعْب بن الأشْرف الطَّائِي، من بني نَبْهان، وأُمُّهُ من يهود بني النَّضِير، فدان باليهودية، وكان سيدًا في أخواله، يقيم في حصن له قريب من المدينة، أدرك الإسلام ولم يسلم، وكان شاعرًا، فأكثر من هجو النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه، وتحريض القبائل عليهم وإيذائهم، والتشبيب بنسائهم، وخرج إلى مكة بعد وقعة =(4/1280)
= سَبِيلًا أَمْ هُوَ؟ قَالُوا: أَنْتُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا} .
__________
= بدر، فندب قتلى قريش فيها، وحضّ على الأخذ بثأرهم، وعاد إلى المدينة، وأمر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقتله، فانطلق إليه خمسة من الأنصار، فقتلوه في ظاهر حصنه، وحملوا رأسه إلى المدينة وذلك في السنة الثالثة من الهجرة. اهـ. بتصرف من "الأعلام" للزركلي (6 / 79 - 80) ، وانظر "الروض الأنف" للسهيلي (5 / 396 - 403) ، و"البداية والنهاية" لابن كثير (4 / 5 - 9) .
(3) أصل الصُّنْبور: سَعَفَةٌ تنبت في جذع النخلة، لا في الأرض، والمراد هنا: أنه فَرْدٌ ضعيف ذليل لا أهل له، أَبْتَر لا عَقِب له ولا أخ ولا ناصر، فإذا مات انقطع ذكره. اهـ. من "لسان العرب" (4 / 469) .
(4) بكسر الغين المعجمة وفتح الفاء، وفي آخرها الراء المهملة، نسبة إلى غِفَار بن مليل بن ضمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. اهـ. من "الأنساب" للسمعاني (10 / 63 - 64) .
[648] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عكرمة وقد روي موصولاً كما سيأتي، ولا يصح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 562) للمصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 146 / ب) من طريق شيخه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان بن عيينة، به نحوه، فوافق المصنف سعيد بن منصور في روايته للحديث عن سفيان، به مرسلاً.
وخالفهما يونس بن سليمان الجمّال، فقال: ثنا سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، به نحوه هكذا موصولاً.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 251 رقم 11645) . =(4/1281)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 6) : ((فيه يونس بن سليمان الجمال ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح)) .
قلت: رواه البيهقي في "دلائل النبوة" (3 / 193 - 194) فسمّاه: محمد بن يونس الجمال، والظاهر أنه الصواب، ففي "تهذيب الكمال" (11 / 187 / المطبوع) ذكره المزّي في الرواة عن سفيان بن عيينة وسماه: محمد بن يونس الجمّال المُخَرِّمي، ولم أجد له ترجمة بهذا الاسم أو ذاك.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 164 - 165) من طريق شيخه معمر، عن أيوب السختياني، عن عكرمة، به مرسلاً بمعناه وفيه زيادة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 467 - 468 رقم 9789) .
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن أبي عدي، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس قال: لما قدم كعب بن الأشرف مكة قالت قريش: ألا ترى هذا الصنبور المنبتر من قومه يزعم أنه خير منَّا ونحن أهل الحجيج، وأهل السّدَانة، وأهل السقاية؟ قال: أنتم خير، قال: فنزلت: {إن شانئك هو الأبتر} ، ونزل: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نصيبًا من الكتاب ... } إلى: {نصيرًا} . اهـ. من "تفسير ابن كثير" (1 / 513) ولم أجده في المطبوع من "مسند الإمام أحمد".
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 466 - 467 رقم 9786) و (30 / 330 / طبعة البابي الحلبي) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 146 / أوب) .
كلاهما من طريق ابن أبي عدي، به نحوه.
قلت: داود هو ابن أبي هند، وقد أخطأ محمد بن أبي عدي في وصله للحديث، فقد رواه خالد بن عبد الله الطحان وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، كلاهما عن داود، عن عكرمة مرسلاً.
أخرجه ابن جرير (8 / 467 رقم 9787 و 9788) و (30/ 329 - 330 / =(4/1282)
649- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ حَسَّان العَبْسي (3) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الجِبْتُ: السِّحر، وَالطَّاغُوتُ: الشَّيْطَانُ، وَإِنَّ الشَّجَاعَةَ والجُبْن غَرَائِزُ تَكُونُ فِي الرِّجَالِ، يُقَاتِلُ الشُّجَاعُ عَمَّن لَا يَعْرِفُ، ويَفرُّ الْجَبَّانُ عَنْ أَبِيهِ، وَإِنَّ كَرَمَ الرَّجُلِ دينُه، وحَسَبَه: خُلُقُه، وَإِنْ كَانَ فَارِسِيًّا، أَوْ نَبِطِيًّا (4) .
__________
= طبعة البابي الحلبي) .
وخالد بن عبد الله تقدم في الحديث [18] أنه ثقة ثبت، وقد تابعه عبد الوهاب، وهذا يوافق رواية عمرو بن دينار وأيوب السختياني للحديث عن عكرمة كما سبق.
(1) هو سلاّم بن سُلَيم.
(2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلس واختلط في آخر حياته، لكن شعبة ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وروايته عنه قبل الاختلاط ومأمونة الجانب من تدليسه.
(3) هو حسّان بن فَائِد - بالفاء - العَبْسي الكوفي، يروي عن عمر، روى عنه أبو إسحاق السبيعي فقط، شيخ كما قال أبو حاتم ونقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" (3 / 233 رقم 1028) ، وذكره ابن سعد في "الطبقات" (6 / 154) ، وقال: ((كان قليل الحديث)) ، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (3 / 30 رقم 122) ، وذكره ابن حبان في "ثقات التابعين" (4 / 163) ، وانظر "التهذيب" (2 / 251 - 252 رقم 461) .
(4) النَّبَطُ: جيل ينزلون سواد العراق، وهم الأَنْباط، والنسب إليهم: نَبَطيّ. اهـ. من "لسان العرب" (7 / 411) .
[649] سنده ضعيف لأن حسان العبسي لم يوثقه أحد ممن يعتمد قوله، ولم أجد له متابعًا، وقد قّوَّى الحافظ ابن حجر سنده كما سيأتي. =(4/1283)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 564) ما يتعلق بالجبت والطاغوت فقط، وعزاه للمصنِّف والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ورسته في "الإيمان".
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب ما جاء في الجبن والشجاعة (2 / 223 رقم 2534) ، بمثله ما هنا سواء، إلا أنه قال: ((غرائز تكون في الرجل)) .
وأخرجه أبو القاسم البغوي كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 311) ، فقال: حدثنا أبو روح البلدي، حدثنا أبو الأحوص سلام ... ، فذكره بمثله، إلا أنه قال: ((ويفرّ الجبان من أمه)) .
والحديث علّقه البخاري في "صحيحه" (8 / 251) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ من الغائط} ، فقال: ((وقال عمر: الجبت: السحر، والطاغوت: الشيطان)) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 252) : ((وصله عبد بن حميد في "تفسيره"، ومسدد في "مسنده"، وعبد الرحمن بن رسته في "كتاب الإيمان"، كلهم من طريق أبي إسحاق، عن حسان بن فائد، عن عمر مثله، وإسناده قوي، وقد وقع التصريح بسماع أبي إسحاق له من حسان، وسماع حسان من عمر في رواية رسته)) . اهـ.
قلت: قد أخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (4 / 196) من طريق عبد الرحمن بن عمرو ورسته قال: ثنا عبد الرحمن - يعني ابن مهدي -، ثنا سفيان - يعني الثوري -، عن أبي إسحاق ... ، فذكره مقتصرًا على ذكر الجبت والطاغوت.
ومن طريق سفيان الثوري أيضًا أخرجه:
ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 417 رقم 5834) و (8 / 462 رقم 9767) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 146 / ب و 147 / أ) .
وأخرجه مسدد في "مسنده الكبير"، وعبد بن حميد كما في الموضع السابق من "التغليق"، وأخرجه ابن حجر أيضًا في الموضع نفسه. =(4/1284)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} ]
650- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوَص (2) ، عَنْ خُصَيف (3) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: النَّقير: النُّقْرَة الَّتِي تَكُونُ فِي شَقِّ النَّواة، والقِطْمير: القِشْر الَّذِي يَكُونُ على النَّوَاة (4) .
__________
= وابن جرير برقم (5835) و (9766) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
أما مسدد فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما عبد بن حميد فمن طريق أبي الوليد الطيالسي، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن أبي عدي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما ابن حجر فمن طريق رسته عن أبي داود الطيالسي، جميعهم عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، به مثل سياق البخاري مختصرًا.
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص161) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به مثل سابقه.
(1) قدم المصنف هذا الحديث الذي تحت تفسير هذه الآية في غير موضعه، فجاء في أثناء تفسير قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سكارى} الخ الآية، وذلك عقب الحديث المتقدم رقم [644] فأخّرته في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات.
(2) هو سَلام بن سُلَيم.
(3) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
(4) القِطْمير مذكور في قوله تعالى: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} [الآية: 13 من سورة فاطر] ، وسيأتي المصنف بهذا الحديث في موضعه في سورة فاطر أيضًا.
[650] سنده ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه.
وقد أعاد المصنف بعض هذا الحديث في تفسير سورة فاطر (ل 166 / أ) ، =(4/1285)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ إِنَّ اللهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} ]
651- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: قَالَ عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كلماتٍ أَصَابَ فِيهِنَّ: حَقٌّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَنْ يُؤَدِّيَ الْأَمَانَةَ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَحقٌّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَأَنْ يُطِيعُوا، وَأَنْ يُجِيبُوا إِذَا دُعُوا.
__________
= فقال: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ خُصيف، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: القطمير: الْقِشْرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى النَّوَاةِ.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 473 رقم 9800) من طريق إسرائيل، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس قال: النقير: وسط النواة.
[651] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 571) للمصنِّف والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 213 رقم 12578) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 490 رقم 9841 و 9842) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 151 / أ) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق عبد الله بن إدريس وجابر بن نوح، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق حسن بن صالح، جميعهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه.(4/1286)
652- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} - قَالَ: هُمُ الْأُمَرَاءُ.
653- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: هُمُ الفقهاء والعلماء.
__________
(1) هو ذَكُوان السَّمَّان.
[652] سنده صحيح، وانظر في رواية الأعمش عن أبي صالح الحديث رقم [3] ، وصحح سنده الحافظ بن حجر في "فتح الباري" (8 / 254) من رواية ابن جرير الطبري، وكذا الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على الموضع الآتي من "تفسير الطبري".
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 574) للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 498 رقم 9856) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 151 / ب) .
كلاهما من طريق أبي معاوية، به مثله سواء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 212 - 213 رقم 12577) من طريق وكيع، عن الأعمش، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (12 / 214 - 215 رقم 12585) من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به بلفظ: أمراء السرايا.
[653] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف من هذا الطريق؛ لأن الأعمش يدلس لا سيما عن مجاهد كما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، ولم يصرح بالسماع هنا، وهو صحيح عن مجاهد من غير طريق الأعمش كما سيأتي.
وقد عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 575) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم. =(4/1287)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 500 رقم 9863) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 292) .
أما ابن جرير فمن طريق جابر بن نوح، وأما أبو نعيم فمن طريق جرير بن عبد الحميد، كلاهما عن الأعمش، به، ولفظ أبي نعيم مثل لفظ المصنف، وأما ابن جرير فلفظه: أولي الفقه منكم.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 166) فقال: أخبرنا الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد - في قوله: {وأولي الأمر منكم} - قال: هم أهل الفقه والعلم.
وسنده صحيح، فرواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تقدم في الحديث [184] أنها صحيحة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 501 رقم 9872) .
وأخرجه ابن شيبة في "المصنف" (12 / 213 رقم 12580) .
وابن جرير في "تفسيره" برقم (9874) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 293) .
ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر منكم} -، قال: كان مجاهد يقول: أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وربما قال: أولوا العقل والفقه في دين الله.
وسنده صحيح أيضًا.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9866) من طريق شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وأولي الأمر منكم} ، قال: أولي الفقه في الدين والعقل.
والحديث في "تفسير مجاهد" (ص162 - 163) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، بمثل اللفظ السابق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9868) من طريق حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مجاهد، به بلفظ: أهل العلم. =(4/1288)
654- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) .
655- وَأَبْنَا (3) عَبْدُ الْمَلِكِ (4) ، عَنْ عَطَاءٍ (5) ، قالا (6) : أولي الفقه والعلم.
__________
= وسيأتي برقم [656] من طريق اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مجاهد.
(1) هو ابن زَاذَان.
(2) أي البصري، بلفظ: أولي الفقه والعلم، كما سيأتي مقرونًا برواية عطاء في الحديث بعده.
[654] سنده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 166) من طريق شيخه معمر، عن طريق الحسن - في قوله تعالى: {وأولي الأمر منكم} -، قال: هم العلماء.
(3) القائل: ((وأبنا)) هو هُشيم بن بشير كما في الحديث السابق.
(4) هو ابن أبي سليمان.
(5) عطاء الذي يروي عنه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ هو ابن أبي رباح، لكن يشكل عليه ما سيأتي في إحدى روايات ابن جرير الطبري من التصريح بأنه ابن السائب، ولم أجد من نصّ على أن عبد الملك من الرواة عن ابن السائب كما يتضح من "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 854 و 935) ، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا فترة طويلة، فوفاة عطاء بن السائب ما بين سنة ثلاث وسبع وثلاثين ومائة كما في "التهذيب" (7 / 206) ، ووفاة عبد الملك سنة خمس وأربعين ومائة كما في "التهذيب" (6 / 397 - 398) .
(6) أي عطاء هنا والحسن البصري كما في الحديث السابق.
[655] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 500 رقم 9869) فقال: حدثني =(4/1289)
656- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ لَيْثٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: أُولِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله والرسول} قال: إلى كتاب الله، {وإلى الرسول} قَالَ: إِلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يستنبطونه منهم} (2) .
__________
= يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك، عن عطاء بن السائب - في قوله: {أطيعوا الله وأطيعو الرسول وأولي الأمر منكم} -، قال: أولي العلم والفقه.
كذا قال يعقوب: ((عطاء بن السائب)) ، ويعقوب هذا هو ابن إبراهيم الدَّوْرَقي، تقدم في الحديث [390] أنه ثقة من الحفاظ.
ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9870) من طريق عمرو بن عون، حدثنا هشيم، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ: {وأولي الأمر منكم} ، قال: الفقهاء والعلماء.
كذا رواه عمرو بن عون، عن هشيم، مثل رواية سعيد بن منصور، لم ينسبا عطاء.
(1) هو ابن أبي سُليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فُترك.
(2) الآية (83) من سورة النساء.
[656] سنده ضعيف بهذا السياق لضعف الليث، وقوله: ((أولي الفقه والعلم)) ، تقدم في الحديث [653] أنه صحيح عن مجاهد.
والحديث بهذا السياق عزاه السيوطي في "الدر" (2 / 579) إلى المصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 52 / أ) من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، مقرونًا برواية سفيان الثوري الآتية. =(4/1290)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص96 رقم 222) عن شيخه لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد - في قوله الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى الله والرسول} -، قال: كتاب الله، وسنة رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
ومن طريق الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 167) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 505 رقم 9881) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9880) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 293 - 294) .
أما ابن جرير فمن طريق ابن المبارك، وأما أبو نعيم فمن طريق وكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (8 / 500 و 504 و 505 رقم 9864 و 9879) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 152 / أوب) .
كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن الليث بن أبي سليم، به نحوه، إلا أنهما فرّقاه، ولم يذكر ابن أبي حاتم: ثم قرأ ... الخ.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 52 / أ) ، من طريق سعيد بن منصور عن إسماعيل بن زكريا، ومن طريق قبيصة عن سفيان الثوري، كلاهما - أي إسماعيل وسفيان - عن ليث، عن مجاهد: {فردوه إلى الله والرسول} : إلى كتاب الله وسنة رسوله، زاد إسماعيل: ثم قرأ: {ولو ردّوه ... } الآية.
ثم أخرجه الهروي في نفس الموضع من طريق أبي بكر النخعي - جار لحفص بن غياث -، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قوله ... ، فذكره، وزاد: وأولوا العلم: هم العلماء وأهل الفقه.(4/1291)
657- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الحَكَم بْنِ أبَان (1) ، قَالَ: سُئِلَ عِكْرِمَةُ، عَنْ أمَّهات الْأَوْلَادِ، [ل126/ب] فَقَالَ: هُنَّ أَحْرَارٌ، قِيلَ لَهُ بِأَيِّ شَيْءٍ تَقُولُهُ؟ قَالَ: بِالْقُرْآنِ، قَالُوا: بِمَاذَا مِنَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {أَطِيعُوا (2) اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ منكم} ، وَكَانَ عُمَرُ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ قَالَ: أعْتِقَتْ وَإِنْ كَانَ سِقْطًا (3) .
__________
(1) هو الحكم بن أبان العَدَني، أبو عيسى، ثقة عابد صاحب سُنّة، يروي عن طاوس وعكرمة وشهر بن حوشب وغيرهم، وعنه ابنه إبراهيم وسفيان بن عيينة وابن جريج وغيرهم، توفي سنة أربع وخمسين ومائة وله من العمر أربع وثمانون سنة، وهو وثقه وثقة ابن نمير وابن المديني والإمام أحمد وابن معين والنسائي والعجلي وزاد: ((صاحب سنّة، كان إذا هدأت العيون وقف في البحر إلى ركبته يذكر الله حتى يصبح، يذكر الله مع حيتان البحر ودوابّه)) ، وقال سفيان بن عيينة: ((أتيت عدن، فقلت: إما أن يكون القوم كلهم علماء، أو يكون كلهم جهلاء، فلم أر مثل الحكم بن أبان)) ، وقال ابن عيينة أيضًا: ((قدم علينا يوسف بن يعقوب - قاضٍ كان لأهل اليمن، وكان يُذكر منه صلاح -، فسألته عن الحكم بن أبان، فقال: ذاك سيد أهل اليمن؛ كان يصلي من الليل، فإذا غلبته عيناه نزل إلى البحر، فقام في الماء يسبِّح مع دوابّ البحر)) ، وقال أبو زرعة: ((صالح)) ، وذكره ابن خلفون وابن شاهين في الثقات. أهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص126 رقم 312) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 113 - 114 رقم 526) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص62 رقم 215) ، و"الكاشف" للذهبي (1 / 244 رقم 1181) ، و"التهذيب" (2 / 423 - 424 رقم 736) .
قلت: وقد تكلم بعضهم في الحكم بن أبان، فقال ابن المبارك: ((الحكم بن أبان وأيوب بن سويد وحسام بن مِصَكّ، ارْمِ بهؤلاء)) ، وقال ابن خزيمة: ((تكلم أهل المعرفة بالحديث في الاحتجاج بخبره)) ، وقال ابن عدي: ((الحكم بن أبان فيه =(4/1292)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ضعف. وكل هذا جرح مجمل غير مفسّر، وهو معارض بتوثيق مَنْ سبق من الأئمة، وقد يُحمل على الراوي عنه، فإن ابن حبان ذكره في "الثقات" (6 / 185 - 186) ، وقال: ((ربما أخطأ، وإنما وقع المناكير في روايته من رواية ابنه إبراهيم بن الحكم عنه، وإبراهيم ضعيف)) . اهـ.
(2) في الأصل: ((وأطيعوا)) .
(3) السِّقْطُ: هو الولد الذي سقط من بطن أمه قبل تمامه، وهو بكسر السين وفتحها وضمّها، والكسر أكثر. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 378) .
[657] سنده صحيح إلى عكرمة، وقد صححه البيهقي في "سننه" (10 / 347) ، وأما ما ذكره عكرمة عن عمر - رضي الله عنه - فضعيف من هذا الطريق؛ لأن عكرمة لم يسمع من عمر - رضي الله عنه -، فوفاة عمر كانت سنة ثلاث وعشرين للهجرة كما في "التهذيب" (7 / 441) .
وأما عكرمة فتقدم في ترجمته في الحديث [115] أن وفاته كانت سنة أربع ومائة، وقيل سنة ست ومائة، وقيل: سنة سبع ومائة، فالفرق بين وفاتيهما أكثر من ثمانين سنة، لكن صح قول عمر هذا عنه كما سيأتي في الحديث بعده.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 576) للمصنِّف وحده.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 346) في عتق أمهات الأولاد باب الرجل يطأ أمته بالملك فتلد له، ولفظه مثل لفظ المصنف هنا سواء، إلا أن سفيان بن عيينة عنده صرح بالتحديث من الحكم بن أبان، ووقع عنده: ((قالوا له)) بدل: ((قيل له)) ، و: ((عتقت)) ، بدل: ((أعتقت)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 295 رقم 13243) عن معمر، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، أن عمر بن الخطاب قال: الأمة يعتقها ولدها وإن كان سقطًا.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 502 رقم 9875) من طريق حفص بن =(4/1293)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عمر العدني، قال: حدثنا الحكم بن أبان، عن عكرمة: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمر منكم} ، قال: أبو بكر وعمر.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 296 رقم 13244) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 406 رقم 1519) .
وعلي بن الجعد في "مسنده" (2 / 735 - 736 رقم 1824) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أبيه سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، به نحو لفظ معمر السابق، عدا لفظ عبد الرزاق فإنه مثله.
وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في المطبوع من "سننه" (2 / 64 رقم 2051) في كتاب الطلاق، باب ما جاء في أمهات الأولاد، من طريق أبي عوانة عن سعيد بن مسروق، به نحو لفظ معمر السابق.
وكذا أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 348) في عتق أمهات الأولاد، باب الولد الذي تكون به أم ولد، من طريق شريك، عن سعيد بن مسروق.
وأخرجه المصنِّف سعيد بن منصور في الموضع السابق برقم (2050) من طريق شيخه هشيم، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قال: أعتق عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - أمهات الأولاد وأمهات الأسقاط.
كذا رواه الحكم بن أبان وسعيد بن مسروق وأبو إسحاق، عن عكرمة، عن عمر مرسلاً. وخالفهم خصيف بن عبد الرحمن، فرواه عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: قال عمر: ما من رجل كان يقرّ بأنه كان يطأ جاريته ثم يموت، إلا أعتقها إذا ولدت وإن كان سقطًا.
أخرجه المصنف سعيد بن منصور في الموضع السابق برقم (2052) عن شيخه عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 346) من طريق عبد الواحد بن زياد، عن خصيف. =(4/1294)
658- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ (1) ، عَنْ مُغِيرة (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ عَبِيْدَةَ (3) ، قَالَ: خَطَب عليٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ، فَقَالَ: شَاوَرَني عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الأُمَّهَات، فَرَأَيْتُ أَنَا وَعُمَرُ أَنْ أعْتِقَهُنَّ، فَقَضَى بِهِ عُمَرُ حَيَاتَهُ، وَعُثْمَانُ حَيَاتَهُ، فَلَمَّا وَلِيْتُ رَأَيْتُ أَنْ أرِقَّهُنَّ. قَالَ عَبِيْدَةُ: فَرَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أحَبّ إليَّ مِنْ رَأْيِ عليٍّ وحده.
__________
= وخصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ، فالحديث ضعيف من طريقه، وانظر الحديث الآتي.
(1) هو وضّاح بن عبد الله.
(2) هو ابن مِقْسَم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع.
(3) هو السَّلْماني.
[658] سنده ضعيف؛ لأن مغيرة مدلس ولم يصرح بالسماع، لكنه توبع كما سيأتي، فهو صحيح لغيره.
والحديث أعاده المصنِّف هنا، وكان قد رواه في كتاب الطلاق من "سننه" المطبوع (2 / 63 رقم 2047) ، باب ما جاء في أمهات الأولاد، بمثل لفظه هنا، إلا أنه لم يذكر قوله: ((رضي الله عنه)) ، وقال: ((عن أمهات الأولاد)) ، بدل قوله: ((في الأمهات)) ، وقال: ((فقضى بها عمر حياته)) .
وأخرجه المصنف أيضًا برقم (2046) من طريق هشيم، أنا مغيرة ... ، فذكره بنحوه، وفي آخره قال: ((فرأي عمر وعلي في جماعة أمثل من رأي علي وحده في الفرقة)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 436 - 347 رقم 1631) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 343) في عتق أمهات الأولاد، باب الرجل يطأ أمته =(4/1295)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بالملك فتلد له.
أما ابن أبي شيبة فمن طريق أبي خالد الأحمر، وأما البيهقي فمن طريق محمد بن عبيد وهشيم بن بشير، ثلاثتهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الشعبي، به نحوه، إلا أن الشعبي روى بعضه عن عبيدة، وفي آخره قال: فحدثني ابن سيرين قال: قلت لعبيدة: ما ترى؟ قال: رأي عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلي من قول علي حين أدرك الخلاف.
هذا سياق ابن أبي شيبة، ونحوه سياق البيهقي، وبه يتبين أن الشعبي لم يتلقَّ جميع الحديث من عبيدة، وإنما أخذ بعضه عن محمد بن سيرين، وقد روي الحديث عن ابن سيرين من غير طريق الشعبي.
فأخرجه المصنف سعيد بن منصور في الموضع السابق برقم (2048) ، فقال: نا هشيم، أنا هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سيرين، عن عبيدة، عن علي قال: اجتمع رأيي ورأي عمر في عتق أمهات الأولاد، فَلَمَّا وُلِّيتُ رَأَيْتُ أَنْ أَرِقَّهُنَّ.
قَالَ عَبِيدَةُ: فَرَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ رأي علي وحده في الفرقة.
وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات تقدمت تراجمهم.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 348) في عتق أمهات الأولاد، باب الخلاف في أمهات الأولاد، من طريق عبد الله بن بكر، عن هشام بن حسان، به نحو سابقه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 291 رقم 13224) من طريق شيخه معمر، عن أيوب السختياني، عن ابن سيرين، به نحو سابقه، وفي آخره زاد: فضحك علي.
وهذا إسناد صحيح أيضًا، رجاله ثقات تقدمت تراجمهم.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 343) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ السختياني، به.
وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم.(4/1296)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} ]
659- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر، عَنْ مَعْن بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ (1) قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي النِّسَاءِ لَخَمْسُ آيَاتٍ مَا يَسُرُّني بِهِنَّ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا مَرُّوا بِهَا يَعْرِفُونَهَا: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كريمًا} (2) ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لدنه أجرًا عظيمًا} (3) ، وَ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دون ذلك لمن يشاء ... } (4) الْآيَةَ، {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} ، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يجد الله غفورًا رحيمًا} (5) .
__________
(1) تقدم في الحديث [150] أنه ثقة روى له الجماعة، لكنه لم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود سوى حديثين، وليس هذا الحديث منها.
(2) الآية (21) من سورة النساء.
(3) الآية (40) من سورة النساء.
(4) الآية (48) من سورة النساء.
(5) الآية (110) من سورة النساء.
[659] سنده ضعيف للانقطاع بين عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وأبيه، وهو حسن لغيره كما سياتي. =(4/1297)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 498) وعزاه للمصنِّف وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم والبيهقي في "الشعب".
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 250 رقم 9069) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 361 رقم 2203) .
كلاهما من طريق المصنِّف، ولفظ الطبراني مثله سواء، إلا أنه لم يذكر قوله: ((عز وجل)) ، و: ((الآية)) .
وأما البيهقي، فإنه أخرجه من طريق الحاكم الآتي، ثم أخرجه من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، حدثنا سفيان، عن مسعر، ثم قال البيهقي: ((فذكره بإسناده، قال: وقال عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي النِّسَاءِ لَخَمْسُ آيَاتٍ مَا يَسُرُّنِي بِهِنَّ الدنيا وما فيها، لقد عَلِمْتُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا مَرُّوا بها يعرفونها، ثم ذكر هذه الآيات، وقال في آخره: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نفسه ... } الآية)) . اهـ.
قال الهيثمي في "مجمع الزاوئد" (7 / 11 - 12) بعد أن عزاه للطبراني: ((رجاله رجال الصحيح)) .
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص210 رقم 532) من طريق حسان بن عبد الله، عن سفيان بن عيينة، عن مسعر، به نحوه.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 305) من طريق محمد بن بشر العبدي، عن مسعر، به نحوه، ثم قال الحاكم: ((هذا إسناد صحيح إن كان عبد الرحمن سمع من أبيه، فقد اختُلف في ذلك)) ، وأقرّه الذهبي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 360 - 361 رقم 2202) .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 155 - 156) ، فقال: أنا معمر، عن رجل، عن ابن مسعود، قال: خمس آيات في سورة النساء لهن أحب إلى من الدنيا جميعًا ... ، ثم ذكر الآيات السابقة، إلا أنه ذكر قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الآية (152) من سورة النساء] ، بدل قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظلموا أنفسهم ... } الآية.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 256 - 257 رقم 9233) .
والحكم على الحديث بهذا الإسناد متوقف على معرفة الراوي عن ابن مسعود، فقد يكون ابنه عبد الرحمن، وقد يكون غيره، فالله أعلم. =(4/1298)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه هنَّاد في "الزهد" (2 / 454 - 455 رقم 903) ، فقال: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عطاء البَزَّاز، عن بشير الأوْدي قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مسعود: أربع آيات فِي كِتَابِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أحب إلي من حمر النعم وسودها، قالوا: وأين هن؟ قال: إذا مرّ بهن العلماء عرفوهن، قالوا له: في أي سورة؟ قال: في سورة النساء ... ، ثم ذكر الآيات السابقة، عدا قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عنه ... } الآية.
وهذا إسناد ضعيف.
بشير الأوْدي كوفي مجهول يروي عن ابن مسعود، روى عنه عطاء البزَّاز، ذكره البخاري في "تاريخه" (2 / 96 رقم 1816) وسكت عنه، وبيَّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 380 رقم 1480) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 72) .
والراوي عنه هو عطاء بن عطاء البَزَّاز مولى أبي عَوَانة اليَشْكُري، والد يزيد بن عطاء، يروي عن أنس بن مالك وبشير الأودي، روى عنه عبد الله بن عون وأبو إسحاق الشيباني، وهو مجهول الحال؛ ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 467 رقم 3006) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 339 رقم 1876) ونقل عن ابن معين أنه قال: ((ليس بشيء)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 205 - 206) ، وانظر "لسان الميزان" (4 / 174 رقم 438) .
أقول: وقول ابن معين: ((ليس بشيء)) لا تفيد جرحًا في حق مثل هذا الراوي، بل مفادها: أنه قليل الحديث، ولم يسند من الحديث ما يشتغل به؛ قال الحافظ ابن حجر في ترجمة كثير بن شنظير في "تهذيب التهذيب" (8 / 419) : ((قال الحاكم: قول ابن معين فيه: ليس بشيء، هذا يقوله ابن معين إذا ذُكر له شيخ من الرواة يقل حديثه، ربما قال فيه: ليس بشيء، يعني: لم يسند من الحديث ما يشتغل به)) ، وقال في ترجمة عبد العزيز بن المختار في "هدي الساري" (ص420 - 421) : ((ذكر ابن القطان الفاسي أن مراد ابن معين بقوله في بعض الروايات: ليس بشيء، يعني أن أحاديثه قليلة جدًّا)) ، وانظر "التنكيل" للشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - (1 / 214) ، و"طليعة التنكيل" له (ص54 - 55) .
وعليه فالحديث بهذا الطريق يكون حسنًا لغيره، والله أعلم.(4/1299)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ]
660- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمة - مِنْ وَلَدِ أمِّ سَلَمَةَ (2) -، قَالَ: خَاصَمَ رَجُلٌ الزُّبَيْر إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ، فَقَالَ: إِنَّمَا قَضَى لَهُ لِأَنَّهُ ابْنُ عَمَّته، فَنَزَلَتْ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مما قضيت ويسلموا تسليمًا} .
__________
(1) الذي قبل هذا الحديث في النسخة الخَطِّية هو الحديث الآتي برقم [686] ، وهو يتعلق بتفسير قوله تعالى: {ومن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ... } الآية، فَأَخَّرْتُهُ هناك مراعاة لترتيب الآيات.
(2) تقدم في الحديث [552] أن اسمه: سلمة بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بن أبي سلمة، وأنه مقبول، وهو تابعي يروي عن جدِّه عمر بن أبي سلمة وجدة أبيه أم سلمة رضي الله عنهم.
[660] سنده ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وجهالة حال من أرسله وهو سلمة، وهو صحيح لغيره؛ لأن أصل الحديث مروي في الصحيحين كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 584) ، وعزاه للمصنف والحميدي في "مسنده" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في "الكبير".
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 71 / أ) من طريق المصنِّف، مقرونًا برواية الحميدي الآتية.
فقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 143 - 144 رقم 300) ، فقال: ثنا سفيان، قال: ثنا عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَلَمَةَ - رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سلمة -، أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً ... ، الحديث بنحوه هكذا مرسلاً، فوافق سعيد بن منصور على روايته مرسلاً. =(4/1300)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لكن راوه هارون بن عبدة وعبد الله بن عمير الرازي، كلاهما عن عبد الله بن الزبير الحميدي، به موصولاً هكذا: ((عَنْ سَلَمَةَ - رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أم سلمة -، عن أم سلمة ... )) .
أما رواية هارون، فأخرجها محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 656 رقم 708) .
وأما رواية عبد الله بن عمير، فأخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 522 - 523 رقم 9914) .
فهذا اختلاف على الحميدي بين روايته للحديث في "المسند"، وبين هاتين الروايتين عنه؛ في وصل الحديث وإرساله.
والراوي للمسند عن الحميدي هو بشر بن موسى بن صالح الأسدي، وهو محدِّث إمام ثبت كما في ترجمته في الحديث رقم [94] .
وأما شيخ المروزي هارون بن عبدة، فلم أجد راويًا بهذا الاسم، لكن الذي يظهر - والله أعلم - أنه: هارون بن عبد الله بن مروان البغدادي، أبو موسى الحمَّال - بالمهملة -، البزَّاز، يروي عن سفيان بن عيينة وحسين بن علي الجُعْفي ويزيد بن هارون وعبد الله بن الزبير الحميدي وغيرهم، روى عنه الجماعة سوى البخاري وأبو حاتم وأبو زرعة وبقي بن مخلد وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال إبراهيم الحربي وأبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال المرُّوذي: قلت لأبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل -: أكتب عنه؟ قال: إي والله، وكانت وفاته سنة ثلاث وأربعين ومائتين وقد ناهز الثمانين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 92 رقم 382) ، و"التهذيب" (11 / 8 - 9 رقم 18) ، و"التقريب" (ص569 رقم 7235) .
وأما شيخ الطبري: عبد الله بن عمير الرازي، فلم أجد له ترجمة، وكذا قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على الحديث.
وعليه فالراجح هو ما جاء في "المسند"، لأن بشر بن موسى أثبت من الحمّال. =(4/1301)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن أبي عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 138 / ب) ، فقال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ، قال: أظن أن أم سلمة رضي الله عنها قالت: إن الزبير رضي الله عنه اختصم هو ورجل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقضى - صلى الله عليه وسلم - له، فَقَالَ: إِنَّمَا قَضَى لَهُ لِأَنَّهُ ابن عمته، وهمزه بفيه، فقال يهودي: انظروا إلى هذا يلمزه بفيه، لنحن أطوع منهم؛ أمرنا نبينا لنقتل (كذا!) أنفسنا، فقتلنا أنفسنا. اهـ.، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (3 / 319 - 320 رقم 3583) .
ولم يتيقّن ابن أبي عمر في روايته من وصل الحديث أو إرساله، فرواه بالظن.
وقد تابع المصنِّف والحميدي على روايته مرسلاً: أبو نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان بن عيينة، به نحوه.
أخرجه أبو بكر بن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 521) .
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (23 / 294 - 295 رقم 652) من طريق يعقوب بن حميد، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ - رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ أم سلمة-، عن أم سلمة، قالت: خاصم الزبير ... ، الحديث بنحوه هكذا موصولاً.
لكن هذه الرواية لا يمكن الاعتماد عليها؛ فقد قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 6) بعد أن عزاه للطبراني: ((فيه يعقوب بن حميد، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره)) .
وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص157) من طريق حماد بن يحيى البَلْخي، عن سفيان بن عيينة، قال: حدثني عمرو بن دينار، عن أبي سلمة، عن أم سلمة ... ، فذكره هكذا موصولاً، وفيه تصحيف في اسم سلمة، ورواية سعيد بن منصور والحميدي وأبي نعيم الفضل بن دُكين أرجح من رواية من رواه موصولاً.
وقد صح الحديث من وجه آخر. =(4/1302)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 238 - 239) في آداب القضاة، باب الرخصة للحاكم الأمين أن يحكم وهو غضبان.
وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 273 - 274 رقم 1021) .
وابن جرير في "تفسيره" (8 / 519 - 520 رقم 9912) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 261) .
وابن أبي حاتم في "العلل" (1 / 395 رقم 1185) و (2 / 93 رقم 1774) .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 407 رقم 253) .
جميعهم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد والليث بن سعد، عن ابن شهاب، أن عروة بن الزبير حدثه، أن عبد الله بن الزبير حدثه، عن الزبير بن العوام أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، في شِرَاج الحَرَّة كانا يسقيان به كلاهما النخل، فقال الأنصاري: سَرِّح الماء يمرّ عليه، فأبى عليه، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أسِق يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك)) ، فغضب الأنصاري، وقال: يا رسول الله، أنْ كان ابن عمتك؟ فتلوَّن وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، ثم قال: ((يا زبير، أسْقِ، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الْجَدْرِ)) ، فاستوفى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - للزبير حقّه، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قبل ذلك أشار على الزبير برأي فيه السَّعَةُ له وللأنصاري، فلما أحْفَظَ رسولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - الأنصاريُّ، استوفى للزبير حقَّه في صريح الحكم.
قال الزبير: لا أحسب هذه الآية أُنزلت إلا في ذلك {فَلَا وربِّك لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يحكِّموك فيما شجر بينهم} . [قال ابن وهب] : وأحدهما - يعني يونس والليث - يزيد على صاحبه في القصة. أهـ. واللفظ للنسائي.
والحَرَّةُ: أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 365) .
والشِّرَاجُ: جَمْعُ شَرْجَةٍ، وهي مَسِيلُ الماء من الحَرَّة إلى السهل. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 456) . =(4/1303)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومعنى قوله: ((أحْفَظَ)) ، أي: أغضب. المرجع السابق (1 / 408) .
قال أبو محمد بن أبي حاتم بعد أن أخرج الحديث: ((فسمعت أبي يقول: أخطأ ابن وهب في هذا الحديث؛ الليث لا يقول: عن الزبير. قال أبو محمد: إنما يقول الليث: عن الزهري، عن عروة، أن عبد الله بن الزبير حدثه، أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير)) . اهـ.
وعزاه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5 / 35) للإسماعيلي أيضًا، ثم قال: ((وكأن ابن وهب حمل رواية الليث على رواية يونس، وإلا فرواية الليث ليس فيها ذكر الزبير، والله أعلم)) . اهـ، وانظر "العلل" للدارقطني (4 / 227 - 228) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 4 - 5) .
وعبد بن حميد في "مسنده" (ص185 رقم 519 / المنتخب) .
والبخاري في "صحيحه" (5 / 34 رقم 2359 و 2360) في المساقاة، باب سَكْرِ الأنهار.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1829 - 1830 رقم 129) في الفضائل، باب وجوب اتباعه - صلى الله عليه وسلم -.
وأبو داود في "سننه" (4 / 51 - 52 رقم 3637) في الأقضية، باب: أبواب من القضاء.
والترمذي (4 / 599 - 600 رقم 1374) في الأحكام، باب ما جاء في الرجلين يكون أحدهما أسفل من الآخر في الماء، و (8 / 381 رقم 5017) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 7 رقم 15) في المقدمة، باب تعظيم حديث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - والتغليظ على من عارضه، و (2 / 829 رقم 2480) في الرهون، باب الشرب من الأودية ومقدار حبس الماء.
والبزار في "مسنده" (3 / 184 رقم 969) .
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 654 - 655 رقم 706) . =(4/1304)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي في "سننه" (8 / 245) في آداب القضاة، باب إشارة الحاكم بالرفق.
وفي "التفسير" (1 / 391 رقم 130) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 261 - 262) .
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 203 - 204 رقم 24 / الإحسان) .
وأبو الشيخ في "أخلاق النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" (ص41 - 42) .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 406 رقم 252) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 153) في إحياء الموات، باب ترتيب سقي الزرع والأشجار من الأودية المباحة، و (10 / 106) في آداب القاضي، باب القاضي يقضي في حال غضبه فوافق الحق.
جميعهم من طريق الليث بن سعد وحده، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أنه حدّثه، أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير ... ، الحديث بنحو سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فاستوفى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - للزبير حقّه ... )) إلى قوله: ((صريح الحكم)) ، وليس في آخره ذكر لقول ابن وهب؛ لأن الحديث من غير طريقه.
وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 154 / ب) .
والبخاري في "صحيحه" (5 / 38 رقم 2361) في المساقاة، باب شرب الأعلى قبل الأسفل، و (8 / 254 رقم 4585) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يحكموك فيما شجر بينهم} .
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 653 رقم 705) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 262) .
وابن منده في "الإيمان" (2 / 408 رقم 254) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 153 - 154) .
جميعهم من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير قال: خاصم الزبير =(4/1305)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رجلاً، الحديث بنحو سياق ابن وهب له فيما سبق، هكذا مرسلاً ليس فيه ذكر لعبد الله بن الزبير، ولا الزبير، وقد سقط اسم معمر من المطبوع من "مشكل الآثار".
وكذا رواه ابن جريج، عن ابن شهاب الزهري، بنحوه وزاد: فقال لي ابن شهاب: فقدَّرت الأنصار والناس قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اسق ثم احبس حتى يرجع إلى الجَدْر)) ، وكان ذلك إلى الكعبين.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 39 رقم 2362) في المساقاة، باب شرب الأعلى إلى الكعبين.
والبيهقي في "سننه" (6 / 154) و (10 / 106) .
وقد جاء من رواية عروة عن الزبير.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 165 - 166) .
والبخاري في "صحيحه" (5 / 309 - 310 رقم 2708) في الصلح، باب إذا أشار الإمام بالصُّلح فأبى، حَكَم عليه بالحكم البيِّن.
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 655 رقم 707) .
ثلاثتهم من طريق شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن الزبير كان يحدِّث أنه خاصم رجلاً من الأنصار ... ، الحديث بنحو سياق ابن وهب السابق.
وقد رجّح الدارقطني في "العلل" (4 / 228 - 229) رواية شعيب هذه ومن وافقه، فقال: ((ورواه شعيب بن أبي حمزة ومحمد بن أبي عتيق وابن جريج ومعمر وعمر بن سعيد، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ الزبير، ولم يذكروا فيه عبد الله بن الزبير، وكذلك قال شبيب بن سعيد، عن يونس، وتابعه أحمد بن صالح وحرملة عن ابن وهب، وعن يونس، وهو المحفوظ عن الزهري، والله أعلم)) . اهـ.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 35) : ((وإنما صححه البخاري مع هذا =(4/1306)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَفَى بِاللهِ عَلِيمًا} ] .
661- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَف بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب (2) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَقَالَ) (3) : لأنْتَ أَحَبُّ إليَّ مِنْ نَفْسِي وَوَلَدِي وَأَهْلِي وَمَالِي، وَلَوْلَا أنِّي آتِيكَ فَأَرَاكَ، لَظَنَنْتُ أَنِّي سَأَمُوتُ، وَبَكَى الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا ((أَبْكَاكَ؟)) ، فَقَالَ: ذَكَرَتُ أَنَّكَ سَتَمُوتُ وَنَمُوتُ، فَتُرْفَعُ مَعَ النَّبِيِّينَ، وَنَحْنُ إِذَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ كُنَّا دُوْنَكَ، فَلَمْ يُخْبِرْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ، فَأَنْزَلَ الله عز وجل على
__________
= الاختلاف؛ اعتمادًا على صحة سماع عروة من أبيه، وعلى صحة سماع عبد الله بن الزبير من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكيفما دار فهو على ثقة، ثم الحديث ورد في شيء يتعلق بالزبير، فداعية ولده متوفرة على ضبطه، وقد وافقه مسلم على تصحيح طريق الليث التي ليس فيها ذكر الزبير)) . اهـ.
وللحديث طريقان آخران عن الزهري.
فأخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص106 - 107 رقم 337) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 521 - 522 رقم 9913) .
كلاهما من طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ الزهري، عن عروة قال: خاصم الزبير رجل من الأنصار ... ، الحديث بنحو لفظ الليث بن سعد وحده.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (3 / 364) من طريق محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري، عن عمه الزهري، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عبد الله بن الزبير، عن الزبير بن العوام، قال: استعدى عليَّ رجل من الأنصار ... ، الحديث بنحو سابقه.
(1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر.
(2) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، وليس خلف بن خليفة ممن سمع منه قبل الاختلاط.
(3) في الأصل: ((فقالت)) . =(4/1307)
= رَسُولِهِ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ} إلى قوله {عليمًا} ، فقال: ((أبشر)) .
__________
[661] سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب، ومن اختلاطه أنه يرويه مرة عن الشعبي مرسلاً، ومرة عنه عن ابن عباس كما سيأتي، وأما خلف بن خليفة فإنه قد توبع، وللحديث طرق لا ينجبر ضعفه بها كما سيأتي، غير أن معناه صحيح، لكن دون ذكر القصة كما سيأتي أيضًا.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 588) مرسلاً، وعزاه للمصنِّف وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 523) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عطاء، عن الشعبي، مرسلاً، ولم أجده في المطبوع من "تفسير ابن جرير".
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 86 - 87 رقم 12559) من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ الشعبي، عن ابن عباس، به بنحوه، ولفظ المصنِّف أتمّ.
وفي هذا مخالفة من خالد بن عبد الله لما رواه خلف بن خليفة وجرير بن عبد الحميد عن عطاء، والاختلاف من عطاء ولاشك؛ فإن جرير بن عبد الحميد وخالدًا ممن روى عن عطاء بعد اختلاطه. انظر "تهذيب التهذيب" (7 / 207) ، و"الكواكب النيرات" (ص327) .
وأما خلف بن خليفة فلم يذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط، وهو مختلط في نفسه.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 7) بعد أن عزاه للطبراني: ((وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط)) .
ومن طريق الطبراني أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 523) . =(4/1308)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال الطبراني في "المعجم الأوسط" (1 / 269 رقم 480) و"الصغير" (1 / 26) : حدثنا: أحمد بن عمرو الخلاّل المكّي أبو عبد الله، قال: حدثنا عبد الله بن عمران العابدي، قال: حدثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عن الأسود، عن عائشة قالت: جاء رجل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: يا رسول الله، والله إنك لأحبُّ إليّ من نفسي، وإنك لأحب إليّ من أهلي، وأحب إليّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلتَ الجنة رُفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك، فلم يردّ عليه النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى نزل جبريل بهذه الآية: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ... } الآية.
قال الهيثمي في الموضع السابق من "المجمع": ((رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن عمران العابدي، وهو ثقة)) .
ومن طريق الطبراني أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (4 / 239 - 240) .
والحافظ أبو عبد الله الضياء المقدسي في "صفة الجنة" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 523) .
ومن طريق أبي نعيم أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص159) .
قال أبو نعيم: ((هذا حديث غريب من حديث منصور وإبراهيم، تفرد به فضيل، وعنه العابدي)) .
وقال المقدسي: ((لا أرى بإسناده بأسًا)) .
وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير"، فقال: حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد، حدثنا عبد الله بن عمران ... ، فذكره بنحو سياق الطبراني.
وفي إسناده الطبراني الراوي للحديث عن عبد الله بن عمران وهو شيخ الطبراني: أبو عبد الله أحمد بن عمرو الخلاّل المكّي، ولم أجد له ترجمة. =(4/1309)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وتابعه عند ابن مردويه: إسماعيل بن أحمد بن أسيد، لكني لم أجد له ترجمة أيضًا، وكذا شيخ ابن مردويه عبد الرحيم بن محمد بن سليم.
وأما عبد الله بن عمران بن رَزين - بفتح الراء وكسر الزاي - ابن وهب المخزومي، العابدي - بالموحّدة -، أبو القاسم المكّي، فإنه صدوق معمّر، مات سنة خمس وأربعين ومائتين وكان قد أتى عليه أكثر من مائة سنة، وروى عن إبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة وفضيل بن عياض وغيرهم، روى عنه الترمذي وابن خراش وابن أبي الدنيا وأحمد بن عمرو الخلاّل، وروى عنه أبو حاتم وقال عنه: ((صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((يخطئ ويخالف)) . انظر "الجرح والتعديل" (5 / 130 رقم 603) ، و"التهذيب" (5 / 342 - 343 رقم 591) .
أقول: والراجح من حاله أنه صدوق كما في "التقريب" (ص316 رقم 3510) ، وهو قول أبي حاتم الرازي الذي هو أعرف به من ابن حبان المعروف بتشدده في الجرح.
وأما باقي رجال الإسناد فإنهم ثقات، تقدمت تراجمهم، وهم الأسود بن يزيد، ومنصور بن المعتمر، وفضيل بن عياض.
وقال ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 501 رقم 11823) : حدثنا معاوية بن عمرو قال: ثنا زائدة بن قدامة، عن منصور، عن مسلم، عن مسروق قال: قال أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أو من شاء الله منهم: يا رسول الله، ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا، فإنك لو مت رُفعت فوقنا فلم نرك، فأنزل الله: {وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 534 رقم 9925) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 156 / أ) .
كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحوه. =(4/1310)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص158) من طريق عُبيدة، عن منصور، به نحوه.
وبه يتضح أن مدار الحديث على منصور بن المعتمر، يرويه عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، عن مسروق، وجيمع هؤلاء ثقات، لكن مسروقًا تابعي مخضرم، فالحديث ضعيف لإرساله، ولا ينجبر ضعفه - فيما أرى - بما مضى من طرقه؛ لأن الأول فيه عطاء بن السائب وقد اختلف عليه فيه، وفي الثاني من لم أجد له ترجمة، ويغني عنه ما ذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 523) عقب ذكره لهذا الحديث وأحاديث أخرى، حيث قال: ((وأعظم من هذا كله بشارةً: ما ثبت في الصحيح والمسانيد وغيرهما من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - سئل عن الرجل يحب القوم ولمّا يلحق بهم، فقال: ((المرء مع من أحب)) ، قال أنس: فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث، وفي رواية عن أنس أنه قال: إني لأحب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وأحب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، وأرجو أن يبعثني الله معهم وإن لم أعمل كعملهم. قال الإمام مالك بن أنس: عن صفوان بن سليم، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدُّرِّيَّ الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب؛ لتفاضل ما بينهم)) ، قالوا: يا رسول الله: تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: ((بلى والذي نفسي بيده: رجال آمنوا بالله وصدَّقوا المرسلين)) ، أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك، واللفظ لمسلم. اهـ. كلام الحافظ ابن كثير - رحمه الله -.
وحديث أنس المشار إليه أخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 42 رقم 3688) في مناقب عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - من كتاب فضائل الصحابة.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2032 - 2033 رقم 163) في كتاب البر والصلة والآداب، باب المرء مع من أحب.
وأما حديث أبي سعيد الخدري فأخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 320 =(4/1311)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا} ]
662- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) - فِي قَوْلِهِ: {ما أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} - قَالَ: بِذَنْبِكَ، وإِنَّا قَدَّرْناها عَلَيْكَ.
__________
= رقم 3256) في بدء الخلق، باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2177 رقم 11) في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب ترائي أهل الجنة أهل الغرف كما يُرى الكوكب في السماء.
(1) هو ذكوان السَّمَّان.
[662] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 597) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (8 / 559 رقم 9976) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 161 / أ) .
واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (3 / 554 رقم 978) .
ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به بلفظ: بذنبك وأنا قدرتها عليك.
وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" (2 / 426 - 427 رقم 940) عن أبيه، عن وكيع ومحمد بن بشر، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به مثل سابقه، ولم يذكر قوله: ((بذنبك)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (9977 و 9978) من طريق سفيان الثوري ومحمد بن بشر، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به بلفظ: وأنا الذي قدرتها عليك.(4/1312)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [فَمَا لَكُمْ فِي المُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا} ]
663- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ (سَعْدِ) (2) بْنِ مُعَاذٍ (3) ، قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ فَقَالَ: ((مَنْ لِي مِمَّنْ يُؤْذِينِي وَيَجْمَعُ فِي بَيْتِهِ مَنْ يُؤْذِينِي؟)) فَقَالَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ: إِنْ كَانَ مِنَ الأوْس قَتَلْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ إِخْوَانِنَا مِنَ الخَزْرَج أَمَرْتَنَا فَأَطَعْنَاكَ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ: مَا بِكَ يَا ابْنَ مُعَاذٍ طَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ل217/أ] ، ولقد تكلَّمت ما هو
__________
(1) هو الدَّرَاوَرْدي.
(2) في الأصل: ((سعاد)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "الدر المنثور" و"تفسير ابن أبي حاتم".
(3) في الموضع الآتي من "تفسير ابن أبي حاتم": ((ابنٍ لسعد بن معاذ)) .
ولسعد بن معاذ - رضي الله عنه - ابنان هما: عبد الله وعمرو؛ كما في "سير أعلام النبلاء" (1 / 297) ، وهما صحابيان؛ لأن سعدًا - رضي الله عنه - توفي سنة خمس من الهجرة، وذلك أنه رمي بسهم يوم الخندق، فعاش بعد ذلك شهرًا، ثم انتقض جرحه فمات؛ كما في "الإصابة" (3 / 84) .
وقد ذكر الحافظ ابن حجر عبدَ الله وعَمْرًا ابني سعد بن معاذ في القسم الأول من "الإصابة" (4 / 112 و 635 - 636) ، وقال في ترجمة عمرو: ((وسعد مات بعد أن حكم في بني قريظة سنة أربع أو خمس، قبل موت النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخمس سنين أو ست، ومهما كان سنّ عمرو عند موت أبيه، فهو زيادة على ذلك، فلذلك ذكرته في هذا القسم، والله أعلم)) . اهـ.
ولم أجد من نصّ على أن زيد بن أسلم روى عن أحد من أبناء سعد بن معاذ، =(4/1313)
= مِنْكَ (4) ، فَقَامَ أسَيْد بْنُ حُضَيْر فَقَالَ: إِنَّكَ يَا ابْنَ عُبَادَةَ مُنَافِقٌ وَتُحِبُّ الْمُنَافِقِينَ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، فَقَالَ: اسْكُتُوا أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنَّ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَأْمُرُنَا فَنُنَفِّذُ أَمْرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كسبوا} .
__________
= ولم يصرح زيد هنا بالسماع، فيبقى الشك في كونه سمع الحديث من ابن سعد أو لا؟
(4) كذا في الأصل! وفي "الدر المنثور" و"تفسير ابن أبي حاتم": ((ولكن عرفت ما هو منك)) .
[663] سنده فيه زيد بن أسلم ولم يتضح هل سمع من ابن سعد بن معاذ أَوْلا؟ وزيد معروف بالإرسال كما في ترجمته في الحديث [398] ، ومع ذلك فقد يكون ابن سعد من صغار الصحابة الذين رواياتهم عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلة، وقد استغرب الحافظ ابن كثير - رحمه الله - هذا الحديث في "تفسيره" (1 / 533) ؛ لأن القصة وردت في حادثة الإفك كما سيأتي، وليس فيها ذكر لنزول قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا لَكُمْ فِي المنافقين ... } الآية.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 609) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 165 / أوب) من طريق يحيى بن الخصيب، عن الدراوردي، به نحوه.
وصحّ الحديث من غير هذا الوجه.
فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 452 - 455 رقم 4750) في تفسير سورة النور من كتاب التفسير، باب: {لولا إذا سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا ... } الآية.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2129 - 2137 رقم 56) في التوبة، باب في حديث =(4/1314)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} ]
664- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مُغِيرة (2) ، عَنِ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مؤمنًا إلا خطًأ
__________
= الإفك وقبول توبة القاذف.
كلاهما من طريق الزهري، عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقّاص وعبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عتبة بن مسعود، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - في حادثة الإفك، وهو حديث طويل، وموضع الشاهد منه قولها رضي الله عنها: فقام رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - على المنبر، فاستعذر من عبد الله بن أُبيّ بن سلول، قالت: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - - وهو على المنبر -: ((يا معشر المسلمين، من يَعْذُرُني من رجل قد بلغ أذاه في بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرًا، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيرًا، وما كان يدخل على أهلي إلا معي؟)) . فقام سعد بن معاذ الأنصاري، فقال: أنا أعذرك منه يا رسول الله؛ إن كان من الأوْس ضَرَبْنا عنقه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك، قالت: فقام سعد بن عبادة - وهو سيِّد الخزرج، وكان رجلاً صالحًا، ولكن اجتهلته الحميّة -، فقال لسعد بن معاذ: كذبت لَعَمْرو الله، لا تقتله ولا تقدر على قتله، فقام أُسَيْد بن حضير - وهو ابن عمّ سعد بن معاذ -، فقال لسعد بن عبادة: كذبتَ لعمرو الله، لنقتلنَّه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين، فثار الحيّان - الأوس والخزرج - حتى همُّوا أن يقتتلوا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قائم على المنبر، فلم يزل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يُخَفِّضُهم حتى سكتوا وسكت. اهـ. واللفظ لمسلم.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس لا سيّما =(4/1315)
= وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا} - قَالَ: هَذَا الْمُسْلِمُ الَّذِي وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مؤمنة} ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مُشْرِكُونَ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْد، {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فِدْيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مُشْرِكُونَ، وَبَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقْد، فَيُقْتَلُ، فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَكُونُ دِيَتُه لِقَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلون عَنْهُ (3) .
__________
= عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع.
(3) العَقْلُ: هو الدِّيَةُ، والعَاقِلَةُ: هي العَصَبَةُ والأقارب من قبل الأب الذين يُعْطُون دية قتيل الخطأ. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 278) .
[664] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع بينه وبين إبراهيم.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 619) للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر.
والحديث أعاده المصنِّف هنا، وكان قد أخرجه في كتاب الجهاد في المطبوع من "سننه" (2 / 319 - 320 رقم 2828) باب الرجل من العدو يدخل دار الإسلام بالأمان ثم يقتل، ومن خرج يريد الإسلام، فقال: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن المغيرة عن إبراهيم - في قوله: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} -، قال: هذا للمسلم الَّذِي وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ، {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} قال: الرجل الذي يسلم ويكون قومه مشركون، =(4/1316)
665- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (1) ، عَنْ حَجَّاج (2) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، وَابْنِ أَبِي نَجيح (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَا - فِي قَوْلِهِ: {عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مؤمن} -، قَالَا: الرَّجُلُ يَكُونُ مِنَ الْعَدُوِّ، فَيُسْلِم، فَيُرِيدُ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُقْتَلَ خَطَأً، قَالَا: لَا دِيَةَ له، وعليه تحرير رقبة.
__________
= ليس بينه وبين المسلمين عَقْدٌ،: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ وَقَوْمُهُ مشركون، وبينهم وبين نبي الله عهد فيقتل، فيكون ميراثه للمسلمين وديته لقومه لأنهم يعقلون.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 443 رقم 8050) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 40 و 42 رقم 10112 و 10122) .
كلاهما من طريق جرير، به نحوه، إلا أن ابن جرير فرّقه في موضعين، ولم يذكر قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ ... } إلى قوله: {إلا أن يصّدقوا} وما يتعلق به.
(1) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده من الشاميين، مخلِّط في غيرهم، ومدلس، ولم يصرح هنا بالسماع.
(2) تقدم في الحديث [170] أنه كوفي صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
(3) لم أجد من نصّ على أن إسماعيل بن عياش روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نجيح، ومع ذلك فابن أبي نجيح مكِّيّ.
[665] سنده فيه إسماعيل بن عياش وهو مدلِّس ولم يصرِّح هنا بالسماع، وهو حسن الحديث إذا روى عن الشاميين، وأما إذا روى عن غيرهم فحديثه ضعيف، وهو هنا يروي عن حجاج بن أَرْطَأة وهو كوفي، وعن ابن نجيح وهو مكِّيّ، ومع ذلك فحجاج ضعيف الحديث من قبل حفظه، وهو مدلس ولم يصرح =(4/1317)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} ]
666- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عمَّار الدُّهْني (1) ، وَيَحْيَى الجَابِر (2) ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَتَلَ رَجُلًا مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، ثُمَّ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا، ثُمَّ اهْتَدَى؟ قَالَ: وأنَّى لَهُ الهُدَى ثَكَلَتْهُ أمُّه (3) ؟، سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلم يقول: ((يجيء
__________
= هنا بالسماع، وعليه فحديث عطاء سنده ضعيف جدًّا، وأما حديث مجاهد فسنده ضعيف.
والحديث أعاده المصنف، هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد من "السنن" المطبوع (2 / 319 رقم 2827) ، باب الرجل من العدو يدخل دار الإسلام بالأمان، ثم يقتل، ومن خرج يريد الإسلام، قال المصنف: نا ابن عياش، عن الحجاج بن أرطأة، عن عطاء، وَابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَا - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لكم وهو مؤمن} -، قَالَا: الرَّجُلُ يَكُونُ مِنَ الْعَدُوِّ، فيسلم، ثم يريد أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْلِمِينَ فَيُقْتَلَ خَطَأً، قالا: لا دية فيه، وعليه تحرير رقبة.
(1) هو عمار بن معاوية في الحديث [133] أنه ثقة يتشيع.
(2) هو يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر - بالجيم والموحّدة -، ويقال: المُجبِّر، التيمي، البكري، مولاهم، أبو الحارث الكوفي، كان يُجَبِّر الأعضاء، ليِّن الحديث، من الطبقة السادسة، يروي عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ وأبي ماجد وحبال بن رفيدة وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وعبد الواحد بن زياد وأبو عوانة وإسرائيل وغيرهم. قال الإمام أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((أرجو أنه لا بأس به)) ، وضعّفه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال الدارقطني: =(4/1318)
= الْمَقْتُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُعَلّقًا رَأْسَهُ وأوْدَاجُه (4) تَشْخُبُ (5) دَمًا، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ سَلْ هَذَا: لِمَ قَتَلَني؟)) فوالله ما نسخها شيء بَعْدِ مَا أُنْزِلَتْ: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وأعد له عذابًا عظيمًا} .
__________
= ((يعتبر به ولا يتابع على أحاديثه، ولا يكاد يروي عن شيوخه غيره)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 161 رقم 667) ، و"التهذيب" (11 / 238 - 239 رقم 388) ، و"التقريب" (ص592 رقم 7581) .
(3) أي فَقَدَتْهُ أمه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 217) .
(4) الَأَوْدَاجُ: ما أحاط بالعُنُق من العروق التي يقطعها الذابح، واحداها: وَدَجٌ - بالتحريك - "النهاية في غريب الحديث" (5 / 165) .
(5) أي: تسيل. انظر المرجع السابق (2 / 450) .
[666] سنده صحيح؛ لأن يحيى الجابر قد تابعه عمار الدُّهني وهو ثقة.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 623 - 624) للمصنِّف وأحمد والنسائي وابن ماجه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في "ناسخه" والطبراني.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 228 رقم 488) من طريق شيخه ابن عيينة، عن عمار ويحيى، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 222) .
وابن ماجه في "سننه" (2 / 874 رقم 2621) في الديات، باب: هل لقاتل مؤمن توبة.
والنسائي في "سننه" (7 / 85) في تحريم الدم، باب تعظيم الدم.
ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص137) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 170 / ب) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمار الدهني فقط، عن سالم، به نحوه إلى =(4/1319)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قوله: ((ما نسخها شيء)) ، ولم يذكر أحد منهم الآية.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 364) من طريق عبد الرزاق، عن سفيان - وأظنه الثوري -، عن يحيى بن عبد الله، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عباس، فذكر الحديث، فقال: ولقد سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((يَجِيءُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ القيامة آخذًا رأسه إما قال بشماله وإما بيمينه، تشخب أوداجه في قِبَل عرش الرحمن تبارك وتعالى يقول: يا رب، سل هذا: فيم قتلني؟)) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 65 رقم 10191) من طريق عمار بن رزيق، عن عمار الدهني، به نحو لفظ المصنِّف، وفيه الزيادة التي في لفظ الإمام أحمد السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنّف" (9 / 356 رقم 7781) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 240 و 294) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (ل 2 / ل 171 / أ) .
وابن جرير في "تفسيره" (9 / 63 و 64 رقم 10188 و 10189) .
ومحمد بن إسحاق الكاتب في "المناهي والعقوبات" (ل 109) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن فضيل، وأما الإمام أحمد فمن طريق شعبة وعبد الواحد بن زياد، وأما عبد بن حميد فمن طريق إسرائيل، وأما ابن جرير فمن طريق جرير بن عبد الحميد وعمرو بن قيس، وأما الكاتب فمن طريق أبي حمزة السُّكَّري، جميعهم عين يحيى بن الحارث، به نحو لفظ المصنِّف، وفيه الزيادة التي في لفظ الإمام أحمد السابق، عدا لفظ عمرو بن قيس عند ابن جرير فإنه مختصر، ولم يصرح ابن أبي شيبة برفع المرفوع من الحديث، وإنما جعله من لفظ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وأخرجه قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2 / 942 - 943 رقم 2300) من طريق عمرو بن قيس، عن يحيى الْجَابِرِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجعد، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - أنه تلا هذه الآية: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا =(4/1320)
667- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَاد (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ شَيْخًا (2) يَقُولُ لخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ (3) : سَمِعْتُ أَبَاكَ هَاهُنَا (4) يَقُولُ: نَزَلَتِ الشَّدِيدَةُ هَذِهِ الْآيَةُ (5) ، والهَيِّنَةُ الَّتِي فِي الْفُرْقَانِ (6) : {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ولا يزنون ... } إِلَى قَوْلِهِ: {إِلَّا مَنْ تَابَ} (7) .
__________
= فجزاؤه جهنم} ، حتى فرغ منها، فقيل له: وإن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهتدى؟ قال ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وأنَّى له التوبة وقد سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((ثكلته أمهخ قاتل المؤمن، إذا جاء يوم القيامة واضعًا رأسه على إحدى يديه، آخذًا بالأخرى القاتل تشخُب أوداجه قِبَلَ عرش الرحمن عز وجل، فيقول: ربّ، سَلْ هذا فيم قتلني؟)) قال: وما نزلت في كتاب الله آية نسختها.
وأخرجه ابن جرير برقم (10190) من طريق همام، عن يحيى، عن رجل، عن سالم، به مثل سابقه هكذا بزيادة رجل بين يحيى وسالم، وهذا فيه مخالفة لرواية الأكثرين الذين رووه عن يحيى بدون هذه الزيادة، وفيهم أئمة حفاظ مثل شعبة وسفيان وغيرهما، ومع ذلك فإن يحيى قد صرّح بأن سالمًا حدثه، وذلك في رواية عبد الواحد بن زياد عند الإمام أحمد.
وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (12 / 101 رقم 12597) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُليم، عَنِ سالم بن أبي الجعد، به نحو لفظ المصنف، إلا أنه ذكر المرفوع بلفظ: ((إن أقرب الخلائق من عرش الرحمن يوم القيامة: المؤمن الذي قُتل مظلومًا، رأسه عن يمينه، وقاتله عن شماله، وأوداجه تشخب، يقول: رب: سَلْ هذا: فيم قتلني؟ فيم حال بيني وبين الصلاة؟)) . اهـ. ولم يذكر الآية.
(1) هو عبد الله بن ذَكْوان.
(2) هو مُجَالِد بن عوف الحضرمي كما سيأتي مصرَّحًا به في بعض الروايات، ويقال: عوف بن مجالد، و: مجالد بن زيد، أو مجالد بن يزيد، وهو حجازي صدوق يروي عن زيد بن ثابت، وقيل: عن خارجة بن زيد، وعنه أبو الزناد =(4/1321)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال: ((كان أمرأ صدق ما علمت)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ((لا يعرف، تفرّد عنه أبو الزناد وأثنى عليه)) . انظر "التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 58 رقم 265) ، و (8 / 10 رقم 1953) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 15 رقم 69) ، و (8 / 360 رقم 1649) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 296 - 297) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 439 رقم 7071) ، و"التهذيب" (10 / 41 رقم 66) ، و"التقريب" (ص520 رقم 6479) .
(3) هو خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الأنصاري، تقدم في الحديث [67] أنه ثقة فقيه أحد الفقهاء السبعة.
(4) يعني بِمِنَى كما سيأتي في بعض الروايات.
(5) يعني قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم ... } الآية.
(6) وهي الآية (70) من سورة الفرقان.
(7) رواية المصنف هنا كأنه سقط منها بعض الألفاظ فلم يتضح المعنى، وتوضحها باقي الروايات، وفي بعضها: ((نزلت الشديدة بعد الهيِّنة بستة أشهر)) ، فالمعنى: أن آية النساء هذه محكمة لم ينسخها شيء.
[667] سنده حسن لذاته، وشيخ أبي الزناد وإن لم يبيَّن في هذه الرواية، فإنه قد بيِّن في الروايات الأخرى.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 625) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 168) فقال: أنا ابن عيينة، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، قَالَ: سَمِعْتُ رجلاً يحدث خارجة بن زيد، قال: سمعت أباك في هذا المكان بمِنَى يقول: نزلت الشدة بعد الهيِّنة - قال: أراه قال: بستة أشهر -، يعني: {ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا} بعد: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يشرك به} .
كذا قال عبد الرزاق في روايته للحديث عن ابن عيينة؛ جعل قوله تعالى: =(4/1322)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يشرك به} بدل قوله تعالى: {الذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... } الآية.
وخالف عبد الرزاق سعيد بن منصور هنا، ويحيى بن آدم وابن المقرئ كما سيأتي، فجميع هؤلاء الثلاثة رووه، عن ابن عيينة بذكر آية الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ... } بدل آية النساء: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يشرك به} ، والصواب رواية سعيد بن منصور ومن وافقه؛ لكثرتهم، ولموافقة روايتهم لرواية الآخرين الذين رووا الحديث عن أبي الزناد كما سيأتي.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 69 رقم 10209) من طريق عبد الرزاق وأخرجه أيضًا برقم (10208) من طريق يحيى بن آدم.
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 170 / ب) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ.
كلاهما عن سفيان بن عيينة، قال: سمعت أبا الزناد يقول: سمعت شيخًا في مسجد مِنَى يحدِّث خارجة بن زيد؛ يقول: سمعتُ أباك يقول: نزلت الشديدة - يعني قوله: {من يقتل مؤمنًا متعمدًا ... } الآية - بعد الهيِّنة - يعني: {وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلا بالحق ... } الآية - بستة أشهر. اهـ.، واللفظ لابن المقرئ ونحوه لفظ يحيى بن آدم.
ورواه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وعبد الرحمن بن إسحاق، كلاهما عن أبي الزناد، به، وسمَّيا الشيخ المبهم: عوف بن مجالد، أو: مجالد بن عوف.
فقد أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (7 / 58) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 165 - 166 رقم 4905) .
ثلاثتهم من طريق عبد الرحمن بن أبي الزناد، حدثني أبي، أن عوف بن مجالد أخبره - قال: وكان امرأ صدق-، قال: وأخبرني ونحن عند خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قال: قلت لزيد بن ثابت: يا أبا سعيد إنا نجد في سور ة الفرقان: =(4/1323)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ... } إلى قوله: {وكان الله غفورًا رحيمًا} ، ونجد في سورة النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} ، فنجد له في إحداهما توبة، وفي الأخرى مسجّلة؟ فقال زيد بن ثابت: هذا الغليظة بعد هذه اللينة بستة أشهر، فنسخت الغليظة اللينة. اهـ. واللفظ للطبراني، وأما ابن أبي حاتم فأحال على لفظ ابن المقرئ السابق، وأما البخاري فأشار إليه كعادته، فقال: ((قلت لزيد بن ثابت ... ، في قتل المؤمن)) .
ورواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5 / 166 رقم 4906) ، فقال: حدثنا محمود بن محمود الواسطي، ثنا وهب بن بقيّة، أنا خالد، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: نزلت آية تشديد قتل النفس التي في سورة النساء بعد التي في الفرقان بستة أشهر: قوله: {ومن يفعل ذلك يلق أثامًا} .
كذا رواه خالد بن عبد الله الطحّان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ.
وخالفه حماد بن سلمة، فرواه عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، أن خارجة بن زيد قال سمعت زيد بن ثابت في هذا المكان يقول: أنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جهنم خالدًا فيها} بعد التي في الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إلا بالحق} لستة أشهر.
أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 465 رقم 4272) في الفتن والملاحم، باب في تعظيم قتل المؤمن، واللفظ له.
والنسائي في "سننه" (7 / 87 - 88) في كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم.
ورواه حماد بن سلمة مرة أخرى عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عن خارجة، عن أبيه كما سيأتي، فلست أدري، أهذا اختلاف منه في الحديث، أم له فيه إسناد آخر؟ =(4/1324)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وبكل حال فرواية خالد بن عبد الله أرجح من رواية حماد بن سلمة.
فخالد بن عبد الله تقدم في الحديث [18] أنه ثقة ثبت.
وأما حماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد، إلا أنه تغيّر حفظه بالآخر.
والراوي عن خالد هو: وَهْب بن بَقِيَّة بن عثمان أبو محمد الواسطي، يقال له: وَهْبَان، يروي عن حماد بن زيد وأبي معاوية وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، روى عنه مسلم وأبو داود وأبو زرعة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه الخطيب البغدادي ومسلمة وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن معين: ((ثقة، ولكنه سمع وهو صغير)) ، وكانت وفاه سنة تسع وثلاثين ومائتين وله خمس أو ست وتسعون سنة. اهـ. من "تاريخ هاشم الطبراني عن ابن معين" (ص30 رقم 21) ، و"التهذيب" (11 / 159 - 160 رقم 270) ، و"التقريب" (ص584 رقم 7469) .
وذكر الذهبي وهبًا هذا في "سير أعلام النبلاء" (11 / 462 رقم 116) ووصفه بقوله: ((المحدِّث الإمام الثقة)) ، وذكر قول ابن معين: إنه سمع وهو صغير، ثم تعقَّبه بقوله: ((قلت: بل ما سمع حتى صار ابن نَيْفٍ وعشرين سنة، ولو سمع في صغره لَلَحِقَ جرير بن حازم وأقرانه)) . اهـ.
والراوي عن وهب هو شيخ الطبراني: محمود بن محمد بن مَتُّويَهْ، أبو عبد الله الواسطي، يروي عن محمد بن أبان الواسطي ووهب بن بقيّة والعباس بن عبد العظيم وغيرهم، روى عنه الطبراني وابن عدي والدارقطني وأبو الشيخ والإسماعيلي والجعابي وغيرهم، وهو ثقة حافظ، قال حمزة السهمي: ((سألت الدارقطني عن أبي عبد الله محمود بن محمد الواسطي، فقال: ثقة)) ، وقال عنه الذهبي: ((الحافظ المفيد العالم ... ، كان من بقايا الحفاظ ببلده)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثلاثمائة، وله من العمر أكثر من ثمانين سنة. اهـ. من "سؤالات حمزة السهمي للدارقطني" (ص252 رقم 367) ، و"تاريخ بغداد" للخطيب =(4/1325)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (13 / 94 - 95 رقم 7079) ، و"سير أعلام النبلاء" (14 / 242 - 243) .
وأما الراوي المختلف عليه فهو: عبد الرحمن بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ابن كنانة المدني، نزيل البصرة، يقال له: عَبَّاد، يروي عن أبيه وسعيد المقبري وأبي الزناد وغيرهم، روى عنه يزيد بن زريع وإسماعيل بن عليّة وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي وغيرهم، وهو صدوق رمي بالقدر، من الطبقة السادسة، قال يحيى القطان: ((سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه، وقال ابن المديني: ((سمعت سفيان - أي ابن عيينة - سئل عنه، فقال: كان قدريًّا، فنفاه أهل المدينة)) ، وقال العجلي: ((يكتب حديثه، وليس بالقوي)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به، وهو قريب من محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وهو حسن الحديث، وليس بثبت ولا قوي، وهو أصلح من عبد الرحمن بن إسحاق أبي شيبة)) ، وقال أبو طالب: ((سألت أحمد بن حنبل عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ المديني، فقال: روى عن أبي الزناد أحاديث منكرة، وكان يحيى لا يعجبه. قلت: كيف هو؟ قال: صالح الحديث)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: ((سألت أبي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ المديني، فقال: ليس به بأس، فقلت له: إن يحيى بن سعيد يقول: سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه؟ فسكت أحمد)) ، وحكى ابن معين أن إسماعيل بن عليّة كان يرضاه، ثم وثقه ابن معين، وفي رواية قال: ((ثقة صالح الحديث)) ، وقال يزيد بن زريع: ((ما جاءنا أحفظ منه)) ، وقال البخاري: ((ليس ممن يعتمد على حفظه إذا خالف من ليس بدونه، وإن كان ممن يحتمل في بعض)) ، وحكى الترمذي في "العلل" عن البخاري أنه وثقه، وقال أبو داود: ((قدري، إلا أنه ثقة)) ، وقال الساجي: ((صدوق رمي بالقدر)) ، وقال يعقوب بن سفيان والنسائي وابن خزيمة: ((ليس به بأس)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 212 - 213 رقم 1000) ، و"التهذيب" (6 / 137 - 138 رقم 283) ، و"التقريب" (ص336 رقم 3800) .
فتبيّن بهذا أن رواية خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عبد الرحمن بن إسحاق أصح من =(4/1326)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رواية حماد بن سلمة، فيكون عبد الرحمن بن إسحاق قد وافق سفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن أبي الزناد على رواية الحديث عن أبي الزناد عن هذا الشيخ عوف بن مجالد - أو مجالد بن عوف -، عن زيد بن ثابت.
وخالفهم محمد بن إسحاق، وموسى بن عقبة وجهم بن أبي الجهم.
أما رواية محمد بن إسحاق، فأخرجها البخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 10 رقم 1953) من طريق حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عن خارجة بن زيد، سمعت زيد بن ثابت يقول: نزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جهنم خالدًا فيها} بعد التي في الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر} بسنة.
وهذا إسناد ضعيف لأن حماد بن سلمة اختلط في آخر عمره كما تقدم، ومع هذا ففيه مخالفة لمن سبق؛ يجعل الحديث عن مجالد، عن خارجة، عن أبيه، بينما هو - على الراجح -: عن مجالد، عن زيد بن ثابت، وفيه أيضًا مخالفة لجميع الروايات السابقة واللاحقة بجعل المدة سنة، بينما هي في جميع الروايات ستة أشهر.
وقد رواه حماد بن سلمة - فيما مضى -: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن أبي الزناد، عن مجالد بن عوف، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أبيه، فإما أن يكون هذا اختلافًا من حماد، أوْلَهُ فيه إسناد آخر.
وأما رواية موسى بن عقبة، فأخرجها:
النسائي في الموضع السابق من "سننه".
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 68 رقم 10206) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 149 - 150 رقم 4868) .
أما النسائي فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، وأما ابن جرير فمن طريق هياج بن بسطام، وأما الطبراني فمن طريق عباد بن عباد، ثلاثتهم عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زيد بن ثابت، =(4/1327)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن أبيه، به بنحو سياق محمد بن إسحاق السابق، إلا أنهم قالوا: ((بستة أشهر)) بدل قوله: ((سنة)) ، عدا عبد الوهاب الثقفي، فإنه قال في روايته عند النسائي: ((بثمانية أشهر)) .
وقد رواه النسائي في الموضع نفسه من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن محمد بن عمرو، به، فوافق هياج بن بسطام وعباد بن عباد في ذكر الستة الأشهر، إلا أنه لم يذكر موسى بن عقبة في سنده، وإنما جعله من رواية محمد بن عمرو، عن أبي الزناد.
قال النسائي عقب ذكره لهذه الرواية: ((محمد بن عمرو لم يسمعه من أبي الزناد ... )) ، ثم أخرجه من طريق عبد الوهاب.
فهذا يدل على أن هناك اختلافًا على محمد بن عمرو في السند والمتن، والأرجح: عنه، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أبي الزناد، عن خارجة، عن أبيه، به، وفيه: ((بستة أشهر)) ، لأن مجموع الروايات يدلّ على أن هذا هو الصواب عنه، وهذا مخالف للرواية الراجحة التي اتفق عليها ابن عيينة وابن أبي الزناد وعبد الرحمن بن إسحاق.
ومحمد بن عمرو بن علقمة تقدم في الحديث [4] أنه صدوق، وقد وافقه جهم بن أبي الجهم في الرواية الآتية - وهي ضعيفة -، فلا تنهض هاتان الروايتان لمعارضة الرواية الراجحة التي رواها ابن عيينة ومن وافقه.
وأما رواية جهم بن أبي جهم، فأخرجها الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 150رقم 4869) ، من طريق سعيد بن أبي هلال، عن جهم بن أبي جهم، أن أبا الزناد أخبرهم، أن خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أخبره، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: لما نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الفرقان: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ} عجبنا للينها، فلبثنا سبعة (وفي نسخة: ستة) أشهر، ثم نزلت التي في النساء: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} حتى فرغ. =(4/1328)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وهذا إسناد ضعيف لجهالة جَهْم بن أبي الجَهْم - ويقال: ابن الجهم -، مولى الحارث بن حاطب، القرشي، الجُحَمي، يروي عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والمسور بن مخرمة، روى عنه محمد بن إسحاق والوليد بن جميع وعبد الله العمري، وروى هنا عن أبي الزناد، وعنه سعيد بن أبي هلال، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (2 / 229 - 230 رقم 2291 و 2292) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 521 رقم 2165) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 113) ، وذكره الذهبي في "ميزن الاعتدال" (1 / 426 رقم 1583) ، وقال: ((لا يعرف)) ، وانظر "لسان الميزان" (2 / 142 رقم 620) .
(1) روي عنه، عن مجالد بن عوف - أو: عوف بن مجالد -، عن زيد بن ثابت.
وقد اتفق على روايته هكذا: سفيان بن عيينة - وإن كان أبهم اسم عوف، فقال: شيخ، فإن الروايات الأخرى توضِّحه-، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الرحمن بن إسحاق - في الرواية الراجحة عنه -، وهذه الرواية هي أرجح الروايات؛ لاتفاق هؤلاء الثلاثة على روايتها على هذا الوجه، وفيهم سفيان بن عيينة، وهو جبل في الحفظ، فكفى به مرجِّحًا، والحديث من هذا الطريق حسن لذاته كما تقدم.
(2) رواه حماد بن سلمة، عن أبي الزنِّاد، عن مجالد بن عوف، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أبيه زيد، وهذه تفرِّد بها حماد بن سلمة، ولم يوافقه عليها أحد، وحماد اختلط كما سبق، فروايته مرجوحة، ولو صحَّت لما تغيَّر الحكم على الحديث؛ لأنه لا يعدوا عن زيادة خارجة بن زيد في الإسناد، وخارجة ثقة كما تقدم.
(3) رواه موسى بن عقبة وجهم بن أبي جهم، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بن زيد، عن أبيه زيد، ليس فيه ذكر لمجالد بن عوف - أو: عوف بن مجالد -، ورواية جهم ضعيفة لجهالته، ورواية موسى تفرَّد بها مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، وفيه كلام لا يحطّ حديثه عن درجة الحسن، فهذه الرواية مرجوحة لا تنهض =(4/1329)
668- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ كُرْدُم (1) ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ سُئلوا عَنِ الرَّجُلِ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا، فَقَالُوا: هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ لَا يَمُوتَ؟ هَلْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَبْتَغيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ أَوْ يُحْيِيَهُ؟ .
669- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبَحّ (2) ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنُ مِيْنَا (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كنت جالسًا بِجَنْبه، إذ
__________
= لمعارضة رواية ابن عيينة ومن وافقه، ولو صحّت لما تغيّر الحكم على الحديث، فهو على جميع الأحوال حسن لذاته، والله أعلم.
(1) كُرْدُم شيخ مجهول يروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس، وروى هنا أيضًا عن أبي هريرة وابن عمر، لم يرو عنه سوى عبد الله بن أبي نجيح، ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 237 رقم 1021) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 171 رقم 975) وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 341) .
[668] سنده ضعيف لجهالة كردم.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 626) للمصنِّف وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 355 رقم 7780) .
والإمام أحمد في "الإيمان" (ل 120 / أ) .
كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه.
وانظر ما سيأتي برقم [674] .
(2) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ.
(3) هو سعيد بن مِيْنَا الحجازي، المكي أو المدني، أبو الوليد مولى البَخْتَري بن أبي ذُباب، ثقة من الطبقة الثالثة، روى له الجماعة عدا النسائي، وروى هو =(4/1330)
= جَاءَهُ رَجُلٌ، (فَقَالَ) (4) : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا تَقُولُ فِي قَاتِلِ الْمُؤْمِنِ، هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا، وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الجَمَل فِي سَمِّ (5) الخِيَاط.
__________
= عن أبي هريرة وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وابن جريج وابن إسحاق وحماد بن يحيى الأبحّ وغيرهم، وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي. "الجرح والتعديل" (4 / 61 - 62 رقم 263) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (11 / 84 - 85) ، و"تهذيب التهذيب" (4 / 91 رقم 152) ، و"التقريب" (ص241 رقم 2403) .
(4) في الأصل: ((فقلت)) ، وما أثبته هو الصواب؛ لأن الرجل هو السائل كما في الموضعين الآتيين من "الدر المنثور" و"تفسير عبد بن حميد".
(5) أي ثقب الإبرة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 404) .
[669] سنده ضعيف لضعف حماد بن يحيى من قبل حفظه.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 626) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن المنذر.
وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 171 / أ) ، فقال: أبنا يزيد بن هارون، أبنا حماد بن يحيى، نا سفيان بن مينا، قال: كنت جالسًا بجنب أبا هريرة، إذا أتاه رجل فسأله عن قاتل المؤمن، هل له تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي لَا إله إلا هو، حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سمِّ الخياط. كذا قال ((سفيان بن مينا)) ! علله خطأ من الناسخ، فإن الذي في "الدر المنثور" موافق لما رواه المصنف.(4/1331)
670- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبَحّ، قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مِيْنَا، قَالَ: كَانَ بَيْنَ صَاحِبٍ لِي وَرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ السُّوق بمكَّة لِحَاء (1) ، فَأَخَذَ صَاحِبِي كُرْسِيًّا، فَضَرَبَ بِهِ رَأْسَ الرَّجُلِ، فَقَتَلَهُ، ونَدِمَ، وَقَالَ: إِنِّي سَأَخْرُجُ مِنْ مَالِي، ثُمَّ أَنْطَلِقُ فَأَجْعَلُ نَفْسِي حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: قُلْتُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى (ابْنِ عُمَرَ) (2) نَسَلْهُ: هَلْ لَكَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَانْطَلَقْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَيْهِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ... ، فاقْتَصَصْتُ عَلَيْهِ القِصَّة عَلَى مَا كَانَتْ، قَالَ: قُلْتُ: هَلْ تَرَى لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قَالَ: كُلْ وَاشْرَبْ، أُفٍّ، قُمْ عَنِّي، إِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ، قَالَ: كَذَبَ، (يَعْمِدُ) (3) أَحَدُكُمْ إِلَى الْخَشَبَةِ، فَيَضْرِبُ بِهَا رَأْسَ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ، كَذَبَ، كُلْ وَاشْرَبْ مَا اسْتَطَعْتَ، أُفٍّ، قُمْ عَنِّي، فَلَمْ يَزِدْنَا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قُمْنَا.
__________
(1) أي منازعة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 243) .
(2) في الأصل: ((عمر)) ، والتصويب من "الدر المنثور" (2 / 626) ، ,هو الذي يقتضيه السياق.
(3) في الأصل: ((يزعم)) ، والتصويب من الموضع السابق من "الدر".
[670] سنده ضعيف كسابقه.
وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 626 - 627) للمصنِّف وابن المنذر، ووقع في "الدر": ((لجاجة)) بدل قوله: ((لِحَاء)) ، و ((نسأله)) بدل قوله: ((نسله)) .(4/1332)
671- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا العوَّام بْنُ حَوْشب، قَالَ: حُدِّثْتُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: قَتْلُ الْمُؤْمِنِ مَعْقُلَة (1) .
672- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى (2) ، عَنْ عَبَّادٍ المِنْقَري (3) ، عن [ل127/ب] الْحَسَنِ قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ تَمَالأ (4) أَهْلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُ السَّمَاءِ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ، لَأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ جميعًا.
__________
(1) المَعْقُلَةُ: الدِّيَة، ويقال: دَمُهُ مَعْقُلَةٌ على قومه، أي: غُرْمٌ يؤدُّونه من أموالهم. انظر "لسان العرب" (11 / 462) .
والذي يظهر - والله أعلم - أن المراد هنا: المؤمن الذي يُقتل ولا يُعرف قاتله، فتكون ديته على عاقلته.
[671] سنده ضعيف لإبهام شيخ العوّام.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 627) للمصنِّف فقط.
(2) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ.
(3) هو عباد بن ميسرة، تقدم في الحديث [9] أنه ليِّن الحديث عابد.
(4) أي تساعدوا واجتمعوا وتعاونوا. "النهاية في غريب الحديث" (4 / 353) .
[672] سنده ضعيف لضعف حماد وعباد قبل حفظهما، لكنه حسن لغيره مرفوعًا بمجموع طرقه.
فقد روي مرفوعًا من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وأبي بَكْرَة رضي الله عنهم.
أما حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، فله عنه ثلاث طرق:
(1) طريق عطية بن سعد الْعَوْفِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قال: قتل قتيل على عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمدينة، فصعد المنبر خطيبًا، فقال: ((ما تدرون من قتل هذا القتيل بين أظهركم؟ - ثلاثًا - قالوا: والله ما علمنا له قاتلاً، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لو اجتمع على قتل مؤمن أهل =(4/1333)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= السماء وأهل الأرض، ورضوا به، لأدخلهم الله جميعًا جهنم، والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحد، إلا أكبّه الله في النار)) .
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 352) واللفظ له.
والبزار في "مسنده" (4 / 122 رقم 3348 / كشف) .
كلاهما من طريق إسحاق بن إبراهيم البغوي، عن داود بن عبد الحميد، عن عمرو بن قيس المُلائي، عن عطية، به.
وقد أورد الحاكم هذا الحديث شاهدًا لحديث آخر - ليس فيه ما يشهد لحديثنا هذا -، فتعقبه الذهبي بقوله: ((خبر واهٍ)) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 296) ، وعزاه للبزار، ثم قال: ((وفيه داود بن عبد الحميد وغيره من الضعفاء)) .
قلت: سنده ضعيف جدًّا، فيه عطية بن سعد العوفي، وتقدم في الحديث [454] أنه ضعيف في الحديث.
وفيه أيضًا: داود بن عبد الحميد الكوفي الأصل، نزيل الموصل، وهو ضعيف، قال أبو حاتم: ((لا أعرفه، وهو ضعيف الحديث، يدل حديثه على ضعفه)) ، وقال العقيلي: ((روى عن عمرو بن قيس المُلائي أحاديث لا يتابع عليها)) ، وقال الأزدي: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 418 رقم 1911) ، و"الميزان" (2 / 11 رقم 2624) ، و"لسان الميزان" (2 / 420 - 421 رقم 1737) .
أقول: وهذا الحديث من الأحاديث التي رواها داود هذا عن عمرو بن قيس.
(2) طريق جعفر بن إياس، عن أبي سعيد الخدري، بنحو سياق عطية السابق، إلا أنه لم يذكر قوله: ((والذي نفسي بيده لا يبغضنا ... )) الخ.
أخرجه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي والعقوبات" (ل 108 / ب) ، من طريق محمد بن الفضل الكوفي، عن أبان بن أبي عيّاش، عن جعفر بن إياس، به. =(4/1334)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث بهذا الإسناد موضوع؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية الكوفي وقد كذّبوه كما في ترجمته في الحديث [186] ، وفيه أيضًا أبان بن أبي عَيّاش، وتقدم في الحديث [4] أنه متروك الحديث.
(3) طريق أبي الحكم البَجَليّ، قال: سمعت أبا سعيد الخدري وأبا هريرة يذكران عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَوْ أَنَّ أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن، لأكبَّهم الله في النار)) .
أخرجه الترمذي في "جامعه" (4 / 654 رقم 1417) في الديات، باب الحكم في الدماء، من طريق الحسين بن واقد، عن يزيد الرقاشي، حدثنا ابو الحكم البجلي، به، ثم ضعّفه الترمذي بقوله: ((هذا حديث غريب)) .
وسنده ضعيف؛ فيه يزيد بن أبان الرَّقاشي وهو ضعيف كما في ترجمته في الحديث [73] .
تنبيه: في الموضع السابق من "جامع الترمذي" هكذا: ((ابن الحكم البجلي)) ، وهو خطأ - وأظنه طباعي -، وصوابه: ((أبو الحكم البجلي)) ، كما يتضح من "تحفة الأشراف" (3 / 487 رقم 4411) ، و"تهذيب التهذيب" (12 / 77 رقم 317) ، وقد جاء على الصواب في "جامع الترمذي" الذي حقق بدايته الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (4 / 17 رقم 1398) .
وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الترمذي مقرونًا بحديث أبي سعيد السابق، هو ضعيف لضعف يزيد الرَّقَاشي.
وله طريق آخر عن أبي الحكم البجلي.
فأخرجه الطبراني في "المعجم الوسيط" (2 / 248 - 249 رقم 1443) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 347 - 348 رقم 5352 / تحقيق زغلول) .
كلاهما من طريق المُقَدَّم بن محمد، قال: حدثني عمي القاسم بن يحيى، عن أبي حمزة الأعور، عن أبي الحكم البجلي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لو اجتمع أهل السماء وأهل الأرض على قتل رجل مسلم، لكبَّهم الله في =(4/1335)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= النار)) .
قال الطبراني: ((لم يرو هذا الحديث عن أبي حمزة إلا القاسم، تفرَّد به مُقَدَّم)) .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((فيه أبو حمزة الأعور وهو متروك، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وبقية رجاله رجال الصحيح)) .
قلت: أبو حمزة الأعْور اسمه: ميمون القَصَّاب، الكوفي، الرَّاعي، مشهور بكنيته، يروي عن سعيد بن المسيب وأبي وائل والشعبي والحسن البصري وأبي الحكم البجَلي، وغيرهم، روى عنه الثوري والحمَّادان وابن عليَّة والقاسم بن يحيى وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السادسة: قال أبو موسى: ((ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن سفيان، عن أبي حمزة قط)) ، وقال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية قال: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء لا يكتب حديثه)) ، وقال الجوزجاني والدارقطني: ((ضعيف جدًّا)) ، وقال البخاري: ((ليس بذاك)) ، وقال مرة: ((ضعيف ذاهب الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال الساجي: ((ليس بذاك)) ، وقال الترمذي: ((تكلَّم فيه من قبل حفظه)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ليس بمتروك الحديث، ولا هو حجّة)) ، وقال الخطيب: ((لا تقوم به حجة)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بقوي، يكتب حديثه)) . اهـ.
من "الجرح والتعديل" (8 / 235 - 236 رقم 1061) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1400) ، و"تهذيب التهذيب" (10 / 395 - 396 رقم 711) ، و"التقريب" (ص556 رقم 7057) .
وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لضعف أبي حمزة الأعور.
وأما حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فأخرجه:
الطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 133 رقم 12681) .
وابن عدي في "الكامل" (5 / 2004) .
ومن طريقه وطريقٍ آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 22) ، وفي "شعب الإيمان" (4 / 347 رقم 5351 / بتحقيق زغلول) . =(4/1336)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ثلاثتهم من طريق عطاء بن مسلم الخَفَّاف، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المسيِّب، عَنْ حبيب بن أبي ثابت، عن ابن عباس قال: قتل قتيل على عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يُعلم قاتله، فصعد منبره، فقال: ((يا أيها الناس، أيقتل قتيل وأنا بين أظهركم لا يعلم من قتله؟ لو أن أهل السماء والأرض اجتمعوا على قتل امرئ مسلم، لعذّبهم الله بلا عدد ولا حساب)) . اهـ. واللفظ للطبراني.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير عطاء بن أبي مسلم (كذا) ، وثقه ابن حبان وضعّفه جماعة)) .
قلت: عطاء بن مسلم الخَفَّاف، أبو مَخْلد الكوفي، نزيل حلب، يروي عن الأعمش ومحمد بن عمرو بن علقمة والعلاء بن المسيب وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وأبو توبة الربيع بن نافع وهشام بن عمار وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ كثيرًا، فقد وثقه ابن معين في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس به بأس، وأحاديثه منكرات)) ، وقال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((دفن كتبه، ثم روى من حفظه فيهم فيه، وكان رجلاً صالحًا)) ، وقال أبو حاتم: ((كان شيخًا صالحًا ... ، وكان دفن كتبه، وليس بقوي، فلا يثبت حديثه)) ، وضعفه أبو داود، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((دفن كتبه، ثم جعل يحدث فيخطئ، فبطل الاحتجاج به)) . وقال ابن عدي: ((له أحاديث وفيها بعض ما ينكر عليه)) ، وكانت وفاته سنة تسعين ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (6 / 336 رقم 1859) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 936) ، و"تهذيب التهذيب" (7 / 211 - 212 رقم 392) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4599) .
وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف عطاء بن مسلم من قبل حفظه.
وأما حديث أبي بَكْرة - رضي الله عنه -، فأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (1 / 205) ، من طريق جعفر بن جسْر بن فَرْقَد، عن أبيه جسر، عن الحسن البصري، عن أبي بكرة - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لو أن أهل السماء وأهل الأرض اجتمعوا على قتل مسلم، لكبَّهم الله جميعًا على وجوههم في النار)) . =(4/1337)
673- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلى بْنِ عَطَاء، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: لَزَوَالُ الدُّنْيَا بِأَسْرِها أهْون عَلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يُسْفَكُ بِغَيْرِ حقّ.
__________
= قال الطبراني: ((لم يروه عن الحسن إلا جسر)) .
ومن طريق الطبراني أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (11 / 377) .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 297) : ((فيه جسر بن فرقد، وهو ضعيف)) .
قلت: جِسْر بن فَرْقَد القصَّاب، أبو جعفر البصري هذا يروي عن الحسن البصري وبكر بن عبد الله المزني وسليط بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه جعفر ووكيع وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم، وهو ضعيف؛ قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وضعفه النسائي في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وقال يحيى بن المغيرة: ((قدم جسر الرَّيَّ، فنهاني جرير أن أكتب عنه)) ، وقال الساجي: ((صدوق ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، كان رجلاً صالحًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 538 - 539 رقم 2238) ، و"لسان الميزان" (2 / 104 - 105 رقم 426) .
وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف جسر بن فرقد، وهو حسن لغيره بمجموع الطرق المتقدمة، عدا الطريقين الأوّلين من حديث أبي سعيد الخدري، فلا تصلحان للاستشهاد، والله أعلم.
(1) هو عطاء العامري الطائفي، مقبول من الطبقة الرابعة، وكانت ولادته لثلاث سنين بقيت من خلافة عمر، روى عن أوس بن أبي أوس بن وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وغيرهم، روى عنه ابنه يعلى، ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 463 رقم 2997) وسكت عنه، وبيَّ له ابن أبي حاتم (6 / 339رقم 1872) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 202) ، وقال أبو الحسن بن القطان: ((مجهول الحال)) ، وقال الذهبي: ((لا يُعرف إلا بابنه)) . انظر "ميزان =(4/1338)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الاعتدال" (3 / 78 رقم 5662) ، و"التهذيب" (7 / 220 رقم 404) ، و"التقريب" (ص392 رقم 4609) .
[673] سنده ضعيف لجهالة حال عطاء والد يعلى، وأما هشيم بن بشير فإنه وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه قد توبع كما سيأتي، وللحديث شواهد يرتقي بها لدرجة الحسن لغيره مرفوعًا كما سيأتي.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 630) لابن المنذر فقط.
ومداره على يعلى بن عطاء، يرويه عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو.
والمصنف هنا أخرجه من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ.
وقد رواه شعبة وسفيان الثوري ومسعر عن يعلى.
أما شعبة، فاختُلف عليه في رفعه ووقفه.
فأخرجه الترمذي في "جامعه" (4 / 652 رقم 1412) في الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن.
والنسائي في "سننه" (7 / 82) في كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم.
كلاهما من طريق محمد بن أبي عدي، عن شعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم)) .
وأخرجه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي والعقوبات" (ل 108 / ب) من طريق قطن بن إبراهيم، عن الحسين بن الوليد، عن شعبة، به مرفوعًا مثل سابقه، إلا أنه قال: ((امرئ)) بدل قوله: ((رجل)) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 22) في الجنايات، باب تحريم القتل من السنة، من طريق حسين بن علي بن الأسود، ثنا أبو أسامة، ثنا شعبة وسفيان ومسعر، عن يعلى بن عطاء، به مرفوعًا نحو سابقه.
وخالف هؤلاء الثلاثة محمد بن جعفر غندر، فرواه عن شعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو قال: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا. =(4/1339)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (1413) .
والنسائي في الموضع السابق.
قال الترمذي عقبه: ((هذا أصحّ من حديث ابن أبي عدي)) ، ثم قال أيضًا: ((حديث عبد الله بن عمرو هكذا رواه ابن أبي عدي، عن شعبة، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. وروى محمد بن جعفر وغير واحد عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، فلم يرفعه. وهكذا روى سفيان الثوري عن يعلى بن عطاء موقوفًا، وهذا أصح من الحديث المرفوع. اهـ.
وقد سقط بعض الكلام من النسخة التي صار العزو إليها من "جامع الترمذي" وهي التي بهامشها "تحفة الأحوذي"، فاستدركته من "جامع الترمذي" الذي أوّله بتحقيق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - (4 / 16) .
وقال البيهقي بعد أن أخرج الحديث مرفوعًا: ((ورواه أيضًا ابن أبي عدي، عن شعبة مرفوعًا، ورواه غندر وغيره عن شعبة موقوفًا، والموقوف أصح)) . اهـ.
فدلّ كلام الترمذي والبيهقي على أن هناك من شارك محمد بن جعفر المعروف بـ: غندر في روايته للحديث عن شعبة موقوفًا، ورواية غندر كافية في الترجيح، فإنه من أوثق الناس في شعبة، هو صاحب كتاب كما في ترجمته في الحديث [167] ، وليس هناك رواية قوية تعارضه، سوى رواية محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، فإنه ثقة كما في ترجمته في الحديث [428] ، لكن غندر أوثق منه في شعبة.
وأما الرواية التي أخرجها محمد بن إسحاق الكاتب، فإنها ضعيفة؛ لأنها من رواية قطن بن إبراهيم، عن الحسن بن الوليد، عن شعبة.
وقَطَن - بفتحتين - ابن إبراهيم بن عيسى بن مسلم القُشَيْري، أبو سعيد النيسابوري، يروي عن حفص بن عبد الله السُّلَمي والحسن بن الوليد ومُعَلَّى بن أسد وغيرهم، روى عنه النسائي وابنه مسدَّد بن قطن وأبو زرعة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ، قال النسائي: ((فيه نظر)) ، وذكره ابن حبان في =(4/1340)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الثقات وقال: ((يخطئ أحيانًا، يعتبر حديثه إذا حدّث من كتابه)) ، وذكره الذهبي في "ميزن الاعتدال"، وقال: ((شيخ صدوق، أعرض مسلم عن إخراج حديثه في الصحيح، له حديث ينكر ... ، وإنما نالوا منه بروايته عن حفص بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابن عمر مرفوعًا: أيما إهاب دُبغ فقد طهر، ويقال: إنه سرقه من محمد بن عقيل، فطالبوه بأصله، فأخرج جزءًا وقد كتبه على حاشيته، فتركه لهذا مسلم)) ، وكانت ولادته سنة ثمانين ومائة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائتين. اهتـ. من "ميزان الاعتدال" (3 / 390 - 391 رقم 6898) ، و"التهذيب" (8 / 380 - 381 رقم 674) ، و"التقريب" (ص455 رقم 5553) .
وأما الرواية التي أخرجها البيهقي، فإنها ضعيفة أيضًا؛ لأنها من رواية حسين بن علي الأسود، عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن شعبة وغيره.
والحسين بن علي بن الأسود العِجْلي، أبو عبد الله الكوفي، نزيل بغداد، يروي عن عبد الله بن نمير ووكيع وأبي أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، روى عنه الترمذي وأبو حاتم والحسن بن سفيان وغيرهم، وهو صدوق يخطئ كثيرًا.
قال الإمام أحمد: ((لا أعرفه)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وأعرض أبو داود عن حكاية رواها الحسين هذا، فقال: ((لا ألتفت إلى حكاية أراها أوْهَامًا)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((ربما أخطأ)) ، وقال الأزدي: ((ضعيف جدًّا، يتكلمون في حديثه)) ، وقال ابن عدي: ((يسرق الحديث وأحاديثه لا يتابع عليها)) ، وكانت وفاته سنة أربع وخمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 56 رقم 256) ، و"التهذيب" (2 / 343 - 344 رقم 612) ، و"التقريب" (ص167 رقم 1331) .
فهذا بالنسبة لرواية شعبة.
وأما رواية سفيان الثوري للحديث عن يعلى، فإنه قد اختُلف فيها على سفيان أيضًا. =(4/1341)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فأخرجه النسائي في الموضع السابق من طريق مَخْلَد بن يزيد، عن سفيان، عن منصور، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عمرو قال: قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا.
كذا رواه مخلد، عن سفيان، موقوفًا، وهو الصواب، لكن ذكر منصور في الإسناد خطأ، فقد نقل المِزَّي في "تحفة الأشراف" (6 / 364) عن النسائي أنه قال: ((هذا خطأ من حديث منصور)) .
وقد أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" من طريق محمد بن يوسف الفريابي، ثنا سفيان، عن يعلى بن عطاء ... ، فذكره موقوفًا مثل سابقه.
قال البيهقي عقبه: ((هذا هو المحفوظ موقوف)) .
وسبق نقل كلام الترمذي حيث قال: ((وهكذا روى سفيان الثوري، عن يعلى بن عطاء موقوفًا، وهذا أصح من الحديث المرفوع)) .
فدلّ هذا على أن من رواه عن الثوري مرفوعًا قد أخطأ في روايته.
فقد أخرجه البيهقي مقرونًا برواية شعبة السابقة؛ من طريق حسين بن علي بن الأسود العجلي، عن أبي أسامة، عن شعبة وسفيان الثوري ومسعر، ثلاثتهم عن يعلى، به مرفوعًا، وتقدم أن هذه الرواية ضعيفة لضعف حسين بن علي من قبل حفظه.
وقد أخرجه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (5 / 296 - 297) من طريق حسين بن علي، به، إلا أنه لم يذكر شعبة في سنده.
وقد توبع الحسين بن علي.
فأخرجه الخطيب البغدادي في الموضع السابق من "تاريخه"، من طريق محمد بن سليمان، عن أبي أسامة، عن مسعر وسفيان، عن يعلى، به مرفوعًا.
وسنده ضعيف أيضًا.
محمد بن سليمان بن هشام الشَّطَوي - بفتح المعجمة والمهملة - ابن بنت مَطَر، الخَزَّاز، بصري نزل بغداد، يروي عن ابن عليّة وعبد الله بن نمير =(4/1342)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبي أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، روى عنه ابن ماجه وابن خزيمة وأبو سعيد ابن الأعرابي وغيرهم، وهو ضعيف؛ قال أبو علي النيسابوري: ((ضعيف منكر الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به بحال)) ، وقال ابن عدي: ((أحاديثه مسروقة، سرقها من قوم ثقات، ويوصِّل الأحاديث)) ، وضعفه الدارقطني، وذكر الخطيب البغدادي حديثًا استنكره عليه، ثم قال: ((هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، كل رجاله ثقات سوى محمد بن سليمان بن هشام، والحمل فيه عليه، والله أعلم)) ، وكانت وفاته سنة خمس وستين ومائتين. اهـ. من "تاريخ بغداد" (5 / 296 - 297) ، و"التهذيب" (9 / 201 - 203 رقم 314) ، و"التقريب" (ص482 رقم 5931) .
وقد أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 270) ، إلا أنه قال: ((محمد بن سليمان المكي)) ، فإما أن يكون هو محمد بن سليمان هذا، أو راو آخر لم أهتد إليه بهذه النسبة في هذه الطبقة.
وأما رواية مسعر للحديث عن يعلى بن عطاء، فإنها مقرونة برواية شعبة وسفيان الثوري السابقة، وهي من رواية الحسين بن علي العجلي ومحمد بن سليمان الشَّطَوي، كلاهما عن أبي أسامة حماد بن أسامة، عن سيفان ومسعر، والعجلي زاد شعبة، ثلاثتهم عن يعلى بن عطاء، به مرفوعًا، وهذان طريقان ضعيفان لضعف الحسين بن علي ومحمد بن سليمان كما سبق بيانه.
وبهذا يتضح أن الصواب في رواية يعلى بن عطاء للحديث، أنها: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمرو موقوفًا عليه، وهي رواية ضعيفة لجهالة حال عطاء والد يعلى.
وللحديث طريق آخر عن عبد اللهب بن عمرو رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((والذي نفسي بيده، لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)) .
أخرجه النسائي في الموضع السابق.
والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 344 - 345 رقم 5341 / تحقيق زغلول) .
كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ إسماعيل مولى =(4/1343)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عبد الله بن عمرو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، به.
قال النسائي عقبه: ((إبراهيم بن المهاجر ليس بالقوي)) .
قلت: تقدم في الحديث [58] أن إبراهيم هذا صدوق لين الحفظ.
والراوي عنه هو محمد بن إسحاق بن يسار، وتقدم في الحديث [58] أيضًا أنه صدوق يدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع.
وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لهاتين العلَّتين.
وله شاهد من حديث بريدة والبراء بن عازب رضي الله عنهما.
أما حديث بريدة - رضي الله عنه - فأخرجه:
النسائي في الموضع السابق في "سننه" (7 / 83) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 345 رقم 5342 / تحقيق زغلول) .
والأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (2 / 942 رقم 2297) .
ثلاثتهم من طريق حاتم بن إسماعيل، عن بشير بن المهاجر، عن عبدا لله بن بريدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا)) .
وهذا إسناد ضعيف لضعف بشير بن المهاجر من قبل حفظه.
وهو بشير بن المهاجر الَغَنَوي - بالمعجمة والنون -، الكوفي، يروي عن عبد الله بن بريدة والحسن البصري وعكرمة وغيرهم، روى عنه الثوري ووكيع وابن المبارك وحاتم بن إسماعيل وغيرهم، وهو صدوق ليِّن الحفظ، ورمي بالإرجاء، من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن معين والعجلي وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث، قد اعتبرت أحاديثه فإذا هو يجيء بالعجب)) ، وقال البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن عدي: ((روى ما لا يتابع عليه، وهو ممن يكتب حديثه، وإن كان فيه بعض الضعف)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 378 - 379 رقم 1472) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / =(4/1344)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 176 - 178 رقم 727) ، و"تهذيب التهذيب" (1 / 468 - 469 رقم 867) ، و"التقريب" (ص125 رقم 723) .
وأما حديث البراء بن عازب رضي الله عنه، فأخرجه:
ابن ماجه في "سننه" (2 / 874 رقم 2619) في الديات، باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا.
وابن عدي في "الكامل" (3 / 1004) .
ومن طريقه وطريقٍ آخر البيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان" برقم (5344 و 5345) .
ثلاثتهم من طريق هشام بن عمّار، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا روح [وعند ابن ماجه: مروان] بن جناح، عن أبي الجهم الجوزجاني، عن البراء بن عازب، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق)) .
وذكر الحافظ المنذري هذا الحديث في "الترغيب والترهيب": (3 / 202) ، ثم قال: ((رواه ابن ماجه بإسناد حسن)) .
وقال الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي في تعليقه على الحديث في "سنن ابن ماجه": ((في الزوائد: إسناده صحيح، ورجاله موثقون، وقد صرّح الوليد بالسماع، فزالت شبهة تدليسه)) .
قلت: كذا نقل الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي عن "الزوائد"! والذي في المطبوع من "مصباح الزجاجة" (2 / 333 - 334) قال: ((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات)) . اهـ.
وأما الوليد بن مسلم فتقدم في الحديث رقم [130] أنه ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، وقد صرح هنا بالسماع بينه وبين شيخه، لكنه لم يصرح بالسماع بين شيخه ومن فوقه، وبهذا أعل الشيخ الألباني الحديث في "غاية المرام" (ص253) حيث قال: ((فيه الوليد بن مسلم وهو يدلس تدليس التسوية، وقد عنعنه)) . =(4/1345)
674- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمي (1) ، عَنْ أَبِي مِجْلز (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} -، قَالَ: جَزَاؤهُ جَهَنَّمُ، فَإِنْ شَاءَ غفر له.
__________
= وحديث البراء هذا فيه اختلاف على هشام بن عمار أشار إليه ابن عدي والبيهقي عقب إخراجهما للحديث، وتطرق إليه الحافظ المزِّي في "تحفة الأشراف" (2 / 19 - 20) فقال: ((رواه عبدان الأهوازي وأبو بكر بن أبي عاصم وغير واحد، عن هشام بن عمَّار، عن الوليد بن مسلم، عن روح بن جناح، عن أبي الجهم، عن البراء. وكذلك رواه سليمان بن أحمد الواسطي وموسى بن عامر المُرِّي وعبد السلام بن عتيق، عن الوليد بن مسلم، وهو الصواب.
ورواه عبد الصمد بن عبد الله الدمشقي والحسين بن عبد الله بن يزيد القطّان، عن هشام بن عمّار، عن الوليد، عن روح بن جناح، عن مجاهد، عن البراء، وذِكْرُ مجاهد فيه وهم، والله أعلم)) . اهـ.
وعليه فالحديث بمجموع طرقه المتقدمة حسن لغيره مرفوعًا، وقد صححه الشيخ الألباني في الموضع السابق من "غاية المرام" بمجموع طرقه، والله أعلم.
(1) هو سليمان بن طَرْخان.
(2) هو لاَحِقُ بن حُميد.
[674] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 628) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "البعث".
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 361 رقم 7899) .
وأبو داود في "سننه" (4 / 467 رقم 4276) في الفتن، باب في تعظيم قتل المؤمن.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 16) في جماع أبواب تحريم القتل من كتاب الجنايات، باب أصل تحريم القتل في القرآن، وفي "شعب الإيمان" =(4/1346)
675- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ كُرْدُم (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: مَلأْتُ حَوْضِي أَنْتَظِرُ ظَمِيَّتي (2) تَرِدُ عَلَيَّ، فَلَمْ أَسْتَيْقِظْ، (إِلَّا بِرَجُلٍ) (3) قَدْ أشْرَعَ (4) نَاقَتَهُ، وثَلَمَ الْحَوْضَ (5) ، وَسَالَ الْمَاءُ، فَقُمْتُ فَزِعًا، فَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ، فَقَتَلْتُهُ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا مِثْلَ الَّذِي قَالَ، فَأَمَرَهُ بِالتَّوْبَةِ. قَالَ سُفْيَانُ: كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ إِذَا سُئِلُوا قَالُوا: لَا تَوْبَةَ لَهُ، فَإِذَا ابْتُلِيَ رَجُلٌ قَالُوا لَهُ: تُبْ.
__________
= (2 / 102 رقم 293) ، وفي "البعث والنشور" (ص75 - 76 رقم 42) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 61 رقم 10184) .
ومحمد بن إسحاق الكاتب في "المناهي والعقوبات" (ل 109 / ب) .
والبيهقي في الموضع السابق.
أما ابن أبي شيبة فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما أبو داود فمن طريق أبي شهاب الحنّاط، وأما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن عليّة، وأما الكاتب فمن طريق حماد بن مَسْعَدَةَ، وأما البيهقي فمن طريق عمر بن حبيب، جميعهم عن سليمان التيمي، به نحوه.
(1) تقدم في الحديث [667] أنه مجهول.
(2) هي الإبل التي حُبست عن الماء إلى غاية الوِرْد. انظر "لسان العرب" (1 / 116) .
(3) في الأصل: ((إلا رجل)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنِّف.
(4) أي: أدخلها في شريعة الماء، وشَرِيعةُ الماء: هي مورد الشَّارِبَة - من الدَّوَابِّ وغيرها - التي يشرعها الناس فيشربون منها ويَسْتَقُون، والتشريع هو أهْوَنُ السَّقْي؛ وذلك لأن مُوْرِدَ الإبِل إذا ورد بها الشريعة، لم يَتْعَبْ في إِسْقَاء الماء لها كما يتعب إذا كان الماء بعيدًا؛ لأنها لا تحتاج مع ظهور مائها إلى نَزْع =(4/1347)
676- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنِ الْأَعْمَشِ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا يَزَالُ الرَّجُلُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يَسْفِكْ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا سَفَكَ دَمًا حَرَامًا نُزِعَ منه الحياء.
__________
= بالعَلَق من البئر، ولا حَثْى في الحوض. اهـ. بتصرف من "لسان العرب" (8 / 175 - 176) ، وانظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 460) .
(5) أي: كَسَرَ حَرْفَه. "لسان العرب" (12 / 78) .
[675] سنده ضعيف لجهالة كُرْدُم، وهذا الإسناد هو نفس إسناد الحديث رقم [667] .
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 629) للمصنِّف وابن المنذر.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 16) في جماع أبواب تحريم القتل من كتاب الجنايات، باب أصل تحريم القتل في القرآن، أخرجه من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: ((بهيمتي)) بدل قوله: ((ظميّتي)) ، وروى قول سفيان بإسناد مستقلٍّ عن الحديث، من طريق المصنِّف أيضًا.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) تقدم في الحديث [3] أن رواية الأعمش عن إبراهيم النخعي محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة، وهذه منها.
(3) إبراهيم النخعي لم يسمع من ابن مسعود، لكن تقدم في الحديث [3] أيضًا أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة، وهذا منها.
[676] سنده صحيح، وأشار إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (12 / 188) من رواية الطبراني الآتية، وذكر أن سنده رجاله ثقات، إلا أنه فيه انقطاعًا، ويعني بالانقطاع بين إبراهيم وابن مسعود، لكنه لا يؤثر على صحة الحديث كما سبق.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر" (2 / 630) للمصنِّف والبيهقي في "شعب الإيمان" =(4/1348)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 251 رقم 9071) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((يصب)) بدل قوله: ((يسفك)) .
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 341 رقم 5327 / بتحقيق زغلول) ، من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه.
وقد صح الحديث مرفوعًا بلفظ: ((لن يزال المؤمن فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لم يصب دمًا حرامًا)) .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (12 / 187 رقم 6862) في الديات، باب قول الله تَعَالَى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فجزؤاه جهنم} ، من طريق إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به.
ومن طريق إسحاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 94) .
والحاكم في "المستدرك" (4 / 351) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 21) في الجنايات، باب تحريم القتل من السنّة، وفي "شعب الإيمان" (4 / 344 رقم 5338 / بتحقيق زغلول) .
وأخرجه الحاكم أيضًا (4 / 350) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
كلاهما من طريق الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به نحو سابقه.(4/1349)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا} ]
677- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَحِقَ الْمُسْلِمُونَ رَجُلًا فِي غُنَيْمِة، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَقَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا غُنَيْمته، فَنَزَلَتْ: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مؤمنًا} .
__________
(1) هو ابن أبي رباح.
[677] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 632) للمصنِّف وعبد الزراق وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 170) .
ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 75 رقم 10215) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 258 رقم 4591) في تفسير سورة النساء، باب: {ولا تقولوا لمن ألقى ... } الآية.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2319 رقم 22) في التفسير.
وأبو داود في "سننه" (4 / 282 رقم 3974) في الحروف والقراءات.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 398 رقم 136) .
وابن جرير (9 / 75 - 76 رقم 10214 و 10216) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 171 / ب) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عمرو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلام لست مؤمنًا} ، قال: قال ابن عباس: كان رجل في غُنَيْمة له، فلحقه المسلمون، فقال: السلام عليكم، فقتلوه، =(4/1350)
678- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْد الأَعْرَج (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ {لِمَنْ أَلْقَى إليكم السَّلام} (2) .
__________
= وأخذوا غُنَيْمته، فأنزل الله في ذلك إلى قوله: {عرض الحياة الدنيا} : تلك الغُنَيْمة.
قال - أي عطاء - قرأ ابن عباس: (السلام) .
هذا لفظ البخاري، ونحوه لفظ الباقين، إلا أن مسلمًا لم يذكر قوله: ((تلك الغُنيمة)) ، ولم يذكر أبو داود النسائي وابن جرير قول عطاء: قرأ ابن عباس: (السلام) ، وأما ابن أبي حاتم فلفظه نحو لفظ المصنِّف.
(1) هو ابن قيس، تقدم في الحديث [31] أنه ثقة. به بأس.
(2) اختلف القُرَّاء في هذه الآية، فقرأ نافع وابن عامر وحمزة: ((السَّلَم)) - بفتحتين، وبغير ألف -، وهي قراءة عامة قَرأَة المكيين والمدنيين والكوفيين.
وروي عن عاصم الجحْدري: ((السَّلْم)) - بفتح، ثم سكون -.
وروي عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجود: ((السَّلْم)) - بفتح، ثم سكون -، وهي قراءة إبراهيم النخعي والحسن البصري وأبي رجاء كما سيأتي في الحديث [679] . وجميع هذه القراءات الثلاث بمعنى الاستسلام والانقياد.
وقرأ الباقون: ((السَّلام)) ، أي: التَّحِيَّة، وهي قراءة مجاهد في هذا الحديث، وابن عباس في الحديث السابق، وأبي عبد الرحمن السُّلَمي في الحديث الآتي.
وقد رجَّح ابن جرير الطبري القراءة بفتحتين وبغير ألف، فقال: ((والصواب من القراءة في ذلك عندنا: {لمن ألقى إليكم السَّلَمَ} ، بمعنى: من استسلم لكم، مذعنًا لله بالتوحيد، مقرًّا لكم بِمِلَّتِكُم)) . انظر "تفسير الطبري" (9 / 82) ، و"حجة القراءات" (ص209) ، و"فتح الباري" (8 / 258) .
[678] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 637) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد.(4/1351)
679- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) (1) بْنِ الأصْبَهاني، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمي (2) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ} (3) .
680- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا مُغِيرة (4) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وعَوْف (5) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقْرَآنِ: {لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السِّلْم} (6) .
__________
(1) في الأصل: ((عبد الرحمن بن زياد بن الأصبهاني)) ، وكثيرًا ما يحدث للناسخ مثل هذا الخطأ إذا كان هناك تشابه في الأسماء وغيرها من العبارات، وليس في الرواة من اسمه: ((عبد الرحمن بن زياد بن الأصبهاني)) ، وإنما شيخ المصنف اسمه: ((عبد الرحمن بن زياد)) ، وهو الرَّصَاصي، صدوق تقدمت ترجمته في الحديث رقم [6] ، و: ((عبد الرحمن بن الأصبهاني)) من شيوخ المصنف كما في ترجمته في الحديث [289] ، وهو ثقة، فدخل اسم الشيخ المصنف في اسم شيخه، هذا مع أني لم أجد من نصّ على أن ابن الأصبهاني يروي عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلمي، ولا عنه عبد الرحمن بن زياد الرصاصي، فالله أعلم.
(2) هو عبد الله بن حبيب.
(3) انظر التعليق على الحديث السابق.
[679] الحديث في إسناده الإشكال المتقدم، فإن كان ما أثبته هو الصواب، وإن كان عبد الرحمن بن زياد سمع من ابن الأصبهاني، وابن الأصبهاني سمع من أبي عبد الرحمن السلمي، فالإسناد حسن لذاته.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 637) للمصنِّف وعبد بن حميد.
(4) هو ابن مِقْسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع.
(5) هو عوف بن أبي جَميلة الأعْرابي، ولم يصرح هشيم بسماع الحديث منه، =(4/1352)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وإنما عطفه على سماعه من مغيرة، فالخوف أن يكون هشيم دلَّس هنا تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث رقم [380] .
(6) راجع التعليق على الحديث رقم [677] .
[680] سنده ضعيف عن إبراهيم والحسن البصري، وهو صحيح لغيره عن الحسن كما سيأتي.
وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 637) : ((وأخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي رجاء والحسن أنهما كانا يقرآن: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السِّلْم} بكسر السين)) . اهـ.
ولم يخرج المصنف سعيد بن منصور رواية أبي رجاء، وإنما رواه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 171 / ب) ، فقال: ثنا أبو نعيم، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاء والحسن، أنهما كانا يقرآن: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السلم} - بكسر السين -.
وهذا إسناد صحيح عن الحسن البصري وأبي رجاء.
وأبو رجاء اسمه: عمران بن مِلْحان العُطَارُدي، تقدم في الحديث [472] أنه ثقة معمّر مخضرم.
وأبو الأشهب اسمه: جعفر بن حيّان العطاردي تقدم في الحديث [182] أنه ثقة.
وأبو نُعيم هو الفضل بن دُكين - ودُكين لقب، واسمه: عمرو - ابن حماد بن زهير التَّيْمي، مولاهم، الأحول، أبو نُعيم المُلاَئي - بضم الميم -، الكوفي، مشهور بكنيته، ثقة ثبت، روى له الجماعة، وروى هو عن الأعمش والثوري ومالك بن أنس ومسعر وأبي الأشهب العطاردي وغيرهم، روى عنه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعبد بن حميد وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وهو من أكبر شيوخ البخاري، مات سنة ثماني عشرة ومائتين، وقيل: تسع عشرة، كان مولده سنة ثلاثين ومائة. قال يحيى القطان وعبد الرحمن =(4/1353)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي القَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى القَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى القَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} ]
681- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَاد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَاهُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ (3) قَالَ: كُنْتُ (إِلَى) (4) جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
__________
= ابن مهدي: ((أبو نعيم الحجة الثبت)) ، وقال الإمام أحمد: ((أبو نعيم يزاحم به ابن عيينة)) ، فقال له رجل: وأي شيء عند أبي نعيم من الحديث ووكيع أكثر رواية؟ فقال: ((هو على قلة روايته أثبت من وكيع)) ، وقال أبو حاتم: ((سألت علي بن المديني: من أوثق أصحاب الثوري؟ قال: يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وأبو نعيم، وأبو نعيم من الثقات)) ، وسئل ابن معين عن أصحاب الثوري، أيهم أثبت؟ فقال: ((هم خمسة: يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وابن المبارك وأبو نعيم)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبي عن أبي نعيم الفضل بن دكين، فقال: ثقة، كان يحفظ حديثالثوري ومسعر حفظًا جيدًا، كان يحزر حديث الثوري ثلاثة آلآف وخمسمائة حديث، وحديث مسعر نحو خمسمائة حديث، كان يأتي بحديث الثوري عن لفظ واحد لا يغيره، وكان لا يُلّقَّن، وكان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 61 - 62 رقم 353) ، و"التهذيب" (8 / 270 - 276 رقم 504) ، و"التقريب" (ص446 رقم 5401) .
(1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، لكن ما حدث به في المدينة فهو أصحّ مما حدث به في بغداد، ومن ذلك رواية سليمان بن داود الهاشمي عنه، فإنها مُقَارَبَةٌ كما قال ابن المديني، وقد روى سليمان بن داود هذا الحديث عنه كما سيأتي. =(4/1354)
= فَغشِيَتْهُ السَّكِينة، فَوَقَعَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، فَمَا وَجَدْتُ ثِقَلَ شَيْءٍ أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ (5) : ((اكْتُبْ)) ، فَكَتَبْتُ فِي كَتِفٍ: {لَا يَسْتَوِي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَامَ (6) ابنُ أمِّ مَكْتُوم - وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى - لَمَّا سَمِعَ فَضِيلَةَ الْمُجَاهِدِينَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَكَيْفَ بِمَنْ (7) لَا يَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ خَارِجَةُ: قَالَ زَيْدٌ (8) : فَلَمَّا قَضَى ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (8) كَلَامَهُ غَشِيَتْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّكِيْنَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَوَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ كَمَا وَجَدْتُ مِنْ ثِقَلِهَا فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى (9) ، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((اقْرَأْ يَا زَيْدُ)) ، فَقَرَأْتُ: {لَا يستوي القاعدون من
__________
(2) هو عبد الله بن ذَكْوان.
(3) هذا الحديث سبق أن رواه المصنِّف في كتاب الجهاد كما سيأتي، ووقع هناك: ((عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ زيد بن ثابت)) .
(4) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد.
(5) في رواية المصنف في كتاب الجهاد: ((فقال لي)) .
(6) في رواية المصنف في كتاب الجهاد: ((فقال)) .
(7) في رواية المصنف في كتاب الجهاد: ((من)) .
(8) قوله: ((قال خارجة: قال زيد)) ، و: ((ابن أم مكتوم)) غير موجود في رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد.
(9) في رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد: ((كما وجدته في المرة الأولى)) .(4/1355)
= المؤمنين} ، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (10) : {غَيْرُ أُولِي الضرَّر ... } الْآيَةَ كُلَّهَا. قَالَ: يَقُولُ زَيْدٌ (11) : أَنْزَلَهَا اللَّهُ وَحْدَهَا، (فأَلْحْقُتها) (12) ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِها عِنْدَ صَدْعٍ فِي الكَتِف (13) .
__________
(10) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد.
(11) في رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد: ((فقال زيد)) .
(12) في الأصل: ((فألحقها)) ، والتصويب من رواية المصنف للحديث في كتاب الجهاد.
(13) زيد بن ثابت كان أحد كُتَّاب الوحي لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما في "الإصابة" (2 / 593) ، وهو يحكي هنا سبب نزول قوله تعالى: {غير أولي الضرر} ، فيذكر من حال رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا نزل عليه الوحي أنه تغشاه السكينة، ويعاني من نزول الوحي شدة وثقلاً، حتى إنه ليُحسُّ به مَنْ حوله.
وذكر زيد أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أمره بكتابة هذه الآية أول ما نزلت هكذا: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله ... } إلى آخر الآية، ليس فيها ذكر لقوله تعالى: {غير أولي الضرر} ، إلى أن قام الصحابي الجليل ابن أم مكتوم - وهو رجل أعمى -، فاعتذر بعدم قدرته على الجهاد، فجرى له - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَثَلُ ما جرى في المرة الأولى حال نزول الوحي، فأمر - صلى الله عليه وسلم - زيدًا أن يعيد قراءة ما كتب، وأن يلحق في الآية قوله تعالى: {غير أولي الضرر} ، فيذكر زيد أن هذا الجزء من الآية نزل وحده، وأنه ألحقه إلحاقًا، حتى لكأنه ينظر إلى موضع الإلحاق عند شقٍّ في الكتف الذي هو أحد أدوات الكتابة في ذلك العصر كما في "مناهل العرفان" (1 / 361) .
[681] سنده حسن لذاته، وهو لغيره بما سيأتي له من طرق.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 640) ، وعزاه للمصنِّف وابن سعد =(4/1356)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والإمام أحمد وأبي داود وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني والحاكم.
وسبق أن أخرج المصنِّف هذا الحديث في كتاب الجهاد من "السنن" المطبوعة (2 / 129 - 130 رقم 2314) من نفس الطريق بمثل سياقه هنا، عدا الفروق التي سبقت الإشارة إليها.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4 / 211) .
وأبو داود في "سننه" (3 / 24 - 25 رقم 2507) في الجهاد، باب في الرخصة في القعود من العذر.
والحاكم في "المستدرك" (2 / 81 - 82) ، وصححه، ووافقه الذهبي.
ثلاثتهم من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، به نحوه، لكن رواية أبي داود والحاكم أقرب إلى لفظ المصنف هنا من رواية ابن سعد.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 190 - 191) من طريق سليمان بن داود وسريج بن النعمان.
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 143 - 145 رقم 4851 و 4852) من طريق آدم بن أبي إياس وسعيد بن أبي مريم ويحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني وزهير بن معاوية.
والبيهقي في "سننه" (9 / 23 - 24) في السير، باب من اعتذر بالضعف والمرض والزمانة، والعذر في ترك الجهاد، من طريق سعيد بن أبي مريم.
جميعهم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 169) ، فقال: أنا معمر، عن الزهري، عن قَبيصَة بن ذُؤَيْب، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كنت أكتب لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: ((اكتب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} ، فجاء عبد الله بن أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إني أحب الجهاد في سبيل الله، ولكن بي من الزَّمَانة ما قد ترى، وذهب بصري. قال زيد: فثقلت فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - على فخذي حتى خشيت أن تَرُضَّها، ثم قال: ((اكتب {لا يستوي =(4/1357)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} )) .
وهذا إسناد صحيح، فمعمر بن راشد ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري تقدم أنهما ثقتان.
وأما الراوي عن زيد - رضي الله عنه -، فهو:
قَبيصَة - بفتح أوّله وكسر الموحّدة - ابن ذُؤَيْب - بالمعجمة، مُصَغَّر - ابن حَلْحَلَة - بمهملتين مفتوحتين، بينهما لام ساكنة -، الخُزاعي، أبو سعيد، أو أبو إسحاق المدني، نزيل دمشق، روى عن عثمان بن عفان وحذيفة وزيد بن ثابت وأبي هريرة وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه إسحاق والزهري ورجاء بن حيوة ومكحول وأبو قلابة وغيرهم، وهو ثقة مأمون روى له الجماعة، وكان من أولاد الصحابة، ولد عام الفتح وله رؤية، قال الشعبي: ((كان من أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت)) ، وقال مكحول: ((ما رأيت أعلم منه)) ، وذكره أبو الزناد في فقهاء أهل المدينة، قوال ابن سعد: ((كان ثقة مأمونًا كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة)) ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال: ((كان من فقهاء أهل المدينة وصالحيهم)) ، وكانت وفاته سنة بضع وثمانين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 125 رقم 713) ، و"التهذيب" (8 / 346 - 347 رقم 628) ، و"التقريب" (ص453 رقم 5512) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 184) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 91 رقم 10240) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 173 / أ) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 161 - 162 رقم 4899) .
جميعهم من طريق عبد الرزاق، به.
وأخرجه الطبراني أيضًا - مقرونًا برواية عبد الرزاق، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ معمر، به. =(4/1358)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (4 / 211 - 212) .
والإمام أحمد في "المسند" (5 / 184) .
والبخاري في "صحيحه" (6 / 45 رقم 2832) في الجهاد، باب قول الله عز وجل: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غير أولي الضرر ... } الآية، و (8 / 259 رقم 4592) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} .
والترمذي في "جامعه" (8 / 390 - 391 رقم 5024) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير.
والنسائي في "سننه" (6 / 9 - 10) في الجهاد، باب فضل المجاهدين على القاعدين.
وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 287 - 288 رقم 1034) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 90 رقم 10239) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 133 - 134 رقم 2814 و 2815 و 2816) .
جميعهم من طريق محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قال: حدثني سهل بن سعد الساعدي، أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - أمْلَى عليه: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمجاهدون في سبيل الله} ، فجاءه ابن أم مكتوم وهو يُمِلُّها عليّ، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت - وكان أعمى -، فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وفخذه على فخذي، فثقلت عليّ حتى خفت أن تَرُضَّ فخذي، ثم سُرِّيَ عنه، فأنزل الله: {غير أولي الضرر} . اهـ. واللفظ للبخاري.(4/1359)
682- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد (2) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ، (قَامَ) (3) ابْنُ أمِّ مَكْتُوم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فِيَّ مَا تَرَى (4) ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {غير أولي الضرر} .
683- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ (5) ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ رَأَى ابْنَ أمِّ مَكْتوم فِي بَعْضِ مَوَاطِنِ الْمُسْلِمِينَ وَمَعَهُ لِوَاء الْمُسْلِمِينَ.
__________
(1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحّان، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
(2) هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الهاد ثقة ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إلا أنه لم يسمع منه. انظر ترجمته في الحديث [400] .
(3) في الأصل: ((فقام)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "الدر المنثور".
(4) يعني من فقدان البصر.
[682] سنده صحيح إلى عبد الله بن شداد، وهو ضعيف لإرساله، فإن عبد الله لم يسمع من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما تقدم، وقد صح الحديث من غير هذا الطريق كما في الحديث السابق.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 642) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 93 رقم 10245) من طريق هشيم، قال: أخبرنا حصين ... ، فذكره بنحوه.
(5) هو ابن زيد بن جُدْعان، تقدم في الحديث [4] أنه ضعيف.(4/1360)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} ]
684- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {يَجِدْ فِي الأرض مراغمًا كثيرًا وسعة} قَالَ: مُتَزَحْزَحًا.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا} ]
685- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ (3) ، أَنَّ رَجُلًا مِنْ خُزَاعة (4) كَانَ بِمَكَّةَ، فَمَرِضَ - وَهُوَ ضَمْرَة بْنُ العِيْص، أَوِ العِيْص بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ زِنْبَاع (5) -،
__________
= [683] سنده ضعيف لضعف علي بن زيد.
وعزاه للسيوطي في "الدر المنثور" (2 / 642) للمصنِّف وعبد بن حميد.
وقد أخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 173 / أ) ، فقال: حدثني أبو نعيم، عن ابن عيينة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن مالك قال: نزلت هذه الآية في ابن أم مكتوم: {غير أولي الضرر} ، لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء.
[684] سنده صحيح، لكنه مقطوع من قول سفيان بن عيينة.
(1) تقدم في الحديث [8] أنه كثير التدليس، ولم يصرح هنا بالسماع.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) هو تابعي كما في ترجمته في الحديث [41] ، ولم يذكر هنا عمن أخذ الحديث، فهو مرسل.
(4) خزاعة قبيلة من ولد قمعة واسمه عمير، من ولد إِلْياس بن مُضَر بن نزار بن مَعَدّ بن عدنان. انظر "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ص10) .
(5) قال الحافظ ابن حجر: ((اختلف في اسمه واسم أبيه على أكثر من عشرة أوجه)) ، =(4/1361)
= فَأَمَرَ أَهْلَهُ، فَفَرَشُوا لَهُ (عَلَى سَرِيرٍ) (6) ، وَحَمَلُوهُ، وَانْطَلَقُوا بِهِ مُتَوَجِّهًا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا كَانَ بِالتَّنْعِيمِ مَاتَ، فَنَزَلَتْ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بيته [ل128/أ] مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ على الله} .
__________
= ومن أشهر هذه الأوجه: جُنْدَع بن ضَمْرَة بن أبي العاص الجُنْدعي الضَّمْري، أو الليثي. انظر "الإصابة" لابن حجر (1 / 515 - 516 رقم 1235) ، و (3 / 491 - 492 رقم 4194) .
(6) ما بين القوسين ليس في الأصل، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف.
[685] سنده ضعيف لإرساله، وهشيم مدلِّس ولم يصرح هنا بالسماع، لكن تابعه شعبة كما سيأتي.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 651) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 14 - 15) في السير، باب: من خرج من بيته مهاجرًا فأدركه الموت في طريقه، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((وهو ضمرة بن الْعِيصُ بْنُ ضَمْرَةَ بْنِ زِنْبَاعٍ)) .
وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 175 / ب) .
وابن جرير في "تفسيره" (9 / 114 رقم 10282) .
وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / ل 332 / أ) .
أما عبد فمن طريق عمرو بن عون، وأما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، وأما أبو نعيم فمن طريق زياد بن أيوب، ثلاثتهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن أبا نعيم ذكر اسم الرجل مثل البيهقي، وأما رواية عبد ففيها: ((ضمرة بن العيص)) ، =(4/1362)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بلا شك.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10283) فقال: حدثنا محمد بن بشّار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير أنه قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} في ضمرة بن العيص بن الزنباع - أو: فلان بن ضمرة بن العيص بن الزنباع -؛ حين بلغ التنعيم مات، فنزلت فيه.
وهذا إسناد صحيح إلى سعيد بن جبير، رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم.
وقد أخرجه البلاذري والسرّاج من طريق أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، به كما في "الإصابة" لابن حجر (1 / 516) .
وأخرجه الفريابي في "تفسيره" كما في "الإصابة" (3 / 491) .
وابن جرير في "تفسيره" (9 / 118 رقم 10295) .
كلاهما من طريق قيس بن الربيع، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: لما نزلت: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غير أولي الضرر ... } الآية، ثم ترخّص عنها أناس من المساكين ممن بمكة، حتى نزلت: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ... } الآية، فقالوا: هذه مرجفة، حتى نزلت: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً} ، فقال ضمرة بن العيص - أحد بني ليث -، وكان مصاب البصر، وكان موسرًا: لئن كان ذهاب بصري، إني لأستطيع الحيلة؛ لي مال ورقيق، احملوني، فحُمل ودبّ وهو مريض، فأدركه الموت وهو عند التنعيم، فدفن عند مسجد التنعيم، فنزلت فيه خاصة: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى الله ورسوله ... } الآية.
وقيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه تغيّر لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدَّث به، لكنه توبع. =(4/1363)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 176 / أ) من طريق إسرائيل بن يونس، عن سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن أبي ضمرة بن العيص الزُّرَقي الذي كان مصاب البصر، وكان بمكة. فلما نزلت: {إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون} ، فقلت: إنني لغني، وإني لذو حيلة، قال: فتجهز يريد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأدركه الموت بالتنعيم، فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله} .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 171) فقال: أنا ابن عيينة، عن عمرو قال: سمعت عكرمة يقول: كان ناس بمكة قد شهدوا أن لا إله إلا الله، قال: فلما خرج المشركون إلى بدر أخرجوهم معهم، فقتلوا، فنزلت فيهم: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} إلى {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوًا غفورًا} ، قال: فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، قال: فخرج ناس من المسلمين، حتى إذا كانوا ببعض الطريق طلبهم المشركون، فأدركوهم، فمنهم من أعطى الفتنة فأنزل الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ} ، فكتب بها المسلمون الذين بالمدينة إلى المسلمين الذين بمكة، فقال رجل من بني ضمرة - وكان مريضًا -: أخرجوني إلى الرَّوْح، فأخرجوه، حتى إذا كان بالحصحاص مات، فأنزل الله فيه {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إلى الله ورسوله} الآية، وأنزل في أولئك الذين كانوا قد أعطوا الفتنة: {ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا} إلى {رحيم} .
وهذا إسناد ضعيف لإرساله، وسنده صحيح إلى مرسله عكرمة، فسفيان بن عيينة وعمرو بن دينار ثقتان تقدمت ترجمتهما.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 115 - 116 رقم 10287) من طريق عبد الرزاق، به مختصرًا.
والرَّوْح هو: نَسيم الرِّيح كما في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 272) ، فيكون =(4/1364)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= المعنى: أنه طلب منهم إخراجه إلى المكان الذي يبرز فيه لنسيم الريح.
والحَصْحَاصُ - بفتح الحاء وسكون الصاد -: جبل مشرف على ذي طُوَى. "معجم البلدان" (2 / 263) .
وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (2 / 212) ، فقال: حدثني جدِّي، أخبرنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ..، فذكره بنحو سياق عبد الرزاق.
ومن طريق الأزرقي أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص170 - 171) .
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (4 / 62 - 63 رقم 2382) فقال: حدثنا يعقوب بن حميد ومحمد بن أبي عمر وسعيد بن عبد الرحمن، قالوا: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ... ، فذكره بنحو سياق عبد الرزاق أيضًا.
كذا رواه سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة مرسلاً.
وخالفه محمد بن شريك المكِّي، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان بمكة رجل يقال له ضمرة، من بني بكر، وكان مريضًا، فقال لأهله: أخرجوني من مكة فإني أجد الحرّ، فقالوا: أين نخرجك؟ فأشار بيده نحو المدينة، فمات، فنزلت هذه الآية: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله} .
أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 175 / ب) ، فقال: حدثنا أحمد بن منصور الرَّمادي، ثنا أبو أحمد الزبيري، ثنا محمد بن شريك، فذكره.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 118 رقم 10294) عن أحمد بن منصور الرمادي، به، لكن تصحف عنده محمد بن شريك إلى: ((شريك)) ، ولعله خطأ طباعي أو من النُّسَّاخ.
وذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (3 / 492) أن ابن منده علّقه، فقال: ((رواه أبو أحمد الزُّبيري، عن محمد بن شريك، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كان رجل يقال له ضمرة أو: ابن ضمرة ... ، فذكر الحديث)) . اهـ. =(4/1365)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعلّقه أيضًا أبو نعيم في "المعرفة" (1 / ل 332 / أ) ، فقال: ((ورواه أحمد الزبيري، عن محمد بن شريك، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، وقال: ضمرة، أو: ابن ضمرة)) . اهـ.
ومحمد بن شريك هذا هو أبو عثمان المكِّي، تقدم في الحديث [248] أنه ثقة، لكن سفيان بن عيينة أوثق منه فروايته أرجح، وعليه فالصواب في الحديث أنه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة مرسلاً.
وله طريق آخر عن عكرمة موصولاً.
فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (5 / 81 رقم 2679) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 175 / ب) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 272 - 273 رقم 11709) .
ومن طريقه أبو نعيم في الموضع السابق من "المعرفة".
ثلاثتهم من طريق أشعث بن سَوَّار، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: خرج ضَمْرَةُ بن جُنْدَب من بيته مهاجرًا، فقال لأهله: احملوني، فأخرجوني من أرض المشركين إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فمات في الطريق قبل أن يصل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فنزل الوحي: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ ... } حتى بلغ: {وكان الله غفورًا رحيمًا} .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 10) : ((رواه أبو يعلى، ورجاله ثقات)) .
قلت: بل في سنده أشعث بن سَوَّار الكندي القاضي، وتقدم في الحديث [289] أنه ضعيف، وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 117 رقم 10291) ، فقال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجّاج، عن ابن جريج، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هذه الآية - يعني قوله: {إن الذين توفاهم الملائكة} - قال: جندب بن ضمرة الجُنْدَعي: اللهم أبلغت في المعذرة والحجّة، ولا معذرة ولا حجّة. قال: ثم خرج وهو شيخ كبير، فمات ببعض الطريق، فقال أصحاب =(4/1366)
686- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ (أَبِي) (3) عَيَّاش الزُّرَقي (4) ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعُسْفَان (5) ، وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَصَلَّيْنَا الظُّهْرَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ أَصَبْنَا غِرَّة (6) ، لَقَدْ أَصَبْنَا غَفْلة، لَوْ كُنَّا حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْقَصْرِ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ، قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْمُشْرِكُونَ أَمَامَهُ، فَصَفَّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفٌّ، وَبَعْدَ ذَلِكَ الصفِّ صَفٌّ آخَرُ، =
__________
= رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: مات قبل أن يهاجر، فلا ندري، أعلى ولاية أم لا؟ فَنَزَلَتْ: {وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ} .
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (4 / 64 رقم 2384) من طريق ابن ثور، عن ابن جريج، به نحو سابقه مختصرًا.
ومن خلال ما تقدم يتضح أن الحديث روي من طريق سعيد بن جبير وعكرمة مرسلاً، وسنده صحيح إلى كل منهما، فيكون ضعيفًا لإرساله فقط، وقد يكون سعيد وعكرمة أخذاه عن ابن عباس فهما من أخصّ تلاميذه، وقد يكونا أخذاه عن شيخ آخر أو أكثر، فالله أعلم.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) في الأصل: ((ابن)) ، وما أثبته من المواضع الآتية من "سنن أبي داود" و"معجم الطبراني" و"مستدرك الحاكم" و"سنن البيهقي"، فإنهم رووا الحديث من طريق المصنف، وانظر ترجمته الآتية.
(4) أبو عَيّاش الزُّرَقي صحابي شهد أحدًا وما بعدها، قيل: اسمه زيد بن الصامت، أو: =(4/1367)
فَرَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا صَلَّى هَؤُلَاءِ السَّجْدَتَيْنِ وَقَامُوا، سَجَدَ الْآخَرُونَ الَّذِينَ كَانُوا خَلْفَهُمْ، ثُمَّ تَأخَّر الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ إِلَى مَقَامِ الْآخَرِينَ، وَتَقَدَّمَ الْأَخِيرُ إِلَى مَقَامِ الْأَوَّلِينَ، ثُمَّ رَكَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَكَعُوا (جَمِيعًا) (7) ، ثُمَّ (سَجَدَ) (8) وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الْآخَرُونَ يَحْرُسُونَهُمْ، فَلَمَّا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، سَجَدَ الْآخَرُونَ، ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا، فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا. قَالَ (9) : فَصَلَّاهَا بعُسْفان، وَصَلَّاهَا يَوْمَ بَنِي سُلَيْم.
__________
= ابن النعمان، وقيل: اسمه عبيد أو: عبد الرحمن بن معاوية مات بعد الأربعين للهجرة في خلافة معاوية - رضي الله عنه -، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وعنه مجاهد. انظر "الإصابة" (7 / 294 رقم 10309) ، و"التهذيب" (12 / 193 رقم 895) ، و"التقريب" (ص663 رقم 8291) .
(5) عُسْفَان - بضم أوّله وسكون ثانية، ثم فاء وآخره نون -: قرية جامعة بها منبر ونخيل ومزارع، بين مكة والمدينة، على بُعد ستة وثلاثين ميلاً من مكة، وهي حَدُّ تُهامة. انظر "معجم البلدان" (4 / 121 - 122) .
(6) يفسِّرها ما بعدها، أي: غفلة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 355) .
(7) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من "سنن أبي داود" و"مستدرك الحاكم" و"سنن البيهقي".
(8) في الأصل: ((سجدوا)) ، والتصويب من المراجع السابقة.
(9) أي: أبو عياش الزُّرَقي.
[686] سنده صحيح، وقد صححه الدارقطني والحاكم والبيهقي، وغيرهم كما سيأتي. =(4/1368)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 659) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حميد، وأبي داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والطبراني والحاكم والبيهقي.
وقد أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 28 رقم 1236) في الصلاة، باب صلاة الخوف، فقال: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا جرير بن عبد الحميد ... ، فذكره بمثله، إلا أنه قال: ((فنزلت آية القصر بين الظهر والعصر)) ، و: ((وصفّ بعد ذلك الصف)) ، و: ((وتقدم الصف الأخير إلى مقام الصف الأول)) .
وبمثل سياق أبي داود أخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 337 - 338) من طريق المصنِّف أيضًا، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 256 - 257) في صلاة الخوف، باب العدو يكون وجاه القبلة، ثم قال البيهقي: ((هذا إسناد صحيح، وقد رواه قتيبة بن سعيد عن جرير، فذكر فيه سماع مجاهد من أبي عياش زيد بن الصامت الزرقي)) .
وأخرجه أيضًا الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 247 رقم 5140) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 60 رقم 9) .
كلاهما من طريق المصنِّف، به، إلا أنهما لم يذكرا لفظه، وإنما أحالا على الحديث قبله عندهما.
وقال الدارقطني عن هذا الطريق: ((صحيح)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 131 رقم 10323) .
والدارقطني في الموضع السابق.
والبيهقي في الموضع السابق أيضًا.
ثلاثتهم من طريق جرير، عن منصور، به نحوه. =(4/1369)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 505 رقم 4237) عن الثوري، عن منصور، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:
الإمام أحمد في "المسند" (4 / 59 - 60) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 243 رقم 5132) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 59 - 60 رقم 8) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 463) .
والإمام أحمد في "المسند" (4 / 60) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه، وأما الإمام أحمد فمن طريق مؤمل، عن سفيان الثوري، عن منصور، به مختصرًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 465 - 466) .
والإمام أحمد في "المسند" (4 / 60) .
والنسائي في "سننه" (3 / 176 - 177) في صلاة الخوف.
ثلاثتهم من طريق شعبة، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5 / 244 - 245 رقم 5134) من طريق ابن أبي شيبة والإمام أحمد.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص191 - 192 رقم 1347) ، فقال: حدثنا ورقاء، عن منصور..، فذكره بنحوه.
ومن طريق الطيالسي أخرجه:
ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 176 / ب) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 246 - 247 رقم 5138) .
والبيهقي في "سننه" (3 / 254 - 255) في صلاة الخوف، باب أخذ السلاح في صلاة الخوف. =(4/1370)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا} ]
687- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (2) ، عَنْ لَيْث (3) ، عَنْ أَبِي هُبَيْرة (4) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (5) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ فِي الْقُرْآنِ لَآيَتَيْنِ، مَا أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، ثُمَّ تَلَاهُمَا وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ إِلَّا غَفَرَ لَهُ، فَسَأَلُوهُ عَنهُمَا، فَلَمْ يُخْبِرْهُمْ، فَقَالَ: عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: قُم بِنَا، فَقَامَا إِلَى الْمَنْزِلِ، فَأَخَذَا الْمُصْحَفَ، (فَتَصَفَّحا) (6) الْبَقَرَةَ، فَقَالَا: مَا رَأَيْنَاهُمَا، ثُمَّ أَخَذَا فِي النِّسَاءِ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يظلم نفسه =
__________
= وأخرجه النسائي في الموضع السابق (ص177) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 158 - 159 رقم 10378) .
كلاهما من طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (9 / 131 رقم 10324) .
والطبراني أيضًا برقم (5139) .
كلاهما من طريق إسرائيل، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير من طريق شيبان النحوي، عن منصور، مقرونًا، برواية إسرائيل السابقة.
وأخرجه الطبراني أيضًا (5 / 243 - 244 و 245 - 246 رقم 5133 و 5135 و 5136 و 5137) من طريق زائدة وداود بن عيسى وعلي بن صالح وجعفر بن الحارث، جميعهم عن منصور، به نحوه، إلا أن لفظ المصنف أتمّ.
والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 548) من رواية أبي داود في "سننه"، ثم قال: ((وهذا إسناد صحيح، وله شواهد كثيرة)) . اهـ.
(1) هذا الحديث موضعه في النسخة الخَطِّية بعد الحديث المتقدم برقم [659] ، فأخَّرته في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات. =(4/1371)
= ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غفورًا رحيمًا} ، فَقَالَا: هَذِهِ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ (تَصَفَّحَا) (7) آلَ عِمْرَانَ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى ما فعلوا وهم يعلمون} (8) ، فَقَالَا: هَذِهِ أُخْرَى، ثُمَّ أَطْبَقَا الْمُصْحَفَ، ثُمَّ أَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ، فَقَالَا: هُمَا (هَاتَانِ الْآيَتَانِ) (9) ؟ فَقَالَ عبد الله: نعم.
__________
(2) هو ابن عبد الحميد.
(3) هو ابن أبي سُلَيم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك.
(4) هو يحيى بن عَبَّاد بن شَيْبان الأنصاري، أبو هُبَيْرة الكوفي، يروي عن أبيه وجده شيبان - وله صحبة - وعن أنس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه سليمان التيمي وإسماعيل السُّدِّي وليث بن أبي سليم وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة إلا البخاري، ووثقه يوسف بن سفيان والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته بعد العشرين ومائة. انظر "الثقات" لابن حبان (5 / 521) ، و"التهذيب" (11 / 234 رقم 380) ، و"التقريب" (ص592 رقم 7574) .
(5) هو النخعي، ولم يسمع من عبد الله بن مسعود، لكن تقدم في الحديث [3] أن مراسيله عن ابن مسعود صحيحة.
(6) في الأصل: (فصحفا)) ، وما أثبته من "معجم الطبراني" حيث روى الحديث من طريق المصنف.
(7) في الأصل: ((صفح)) ، والمثبت من "معجم الطبراني".
(8) الآية (135) من سورة آل عمران.
(9) في الأصل: (هاتين الآيتين) ، والتصويب من الموضع الآتي من "المعجم الكبير" =(4/1372)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا} ]
688- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ الحُدَّاني، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ (1) قَالَ: لَمْ يَكُنْ حَيٌّ مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ إِلَّا وَلَهُمْ صَنَمٌ يَعْبُدُونَهُ يُسَمُّونه: أُنْثَى بَنِي فُلَانٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يدعون إلا شيطانًا مريدًا} .
__________
= للطبراني حيث روى الحديث من طريق المصنف.
[687] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 250 - 251 رقم 9070) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله تعالى: {وهم يعلمون} ، وقال في آخره: ((قالا: هذه أخرى، ثم طبقا الْمُصْحَفَ، ثُمَّ أَتَيَا عَبْدَ اللَّهِ، فقالا: هما هاتان الآيتان؟ قال: نعم)) .
قال الهيثمي في "المجمع" (7 / 11) : ((إسناده جيد، إلا أن إبراهيم لم يدرك ابن مسعود)) .
قلت: إبراهيم وإن لم يدرك ابن مسعود، فإن مراسيله عنه صحيحة كما سبق، وقد يكون سمعه من الأسود وعلقمة، لكن علّة الحديث ضعف ليث كما تقدم.
وتقدم الحديث برقم [526] من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن علقمة والأسود، به نحوه، لكن اختلف فيه على أبي إسحاق في ذكر آية آل عمران، أو ذكر آية النساء: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ... } الآية، بدلاً منها كما سبق بيانه.
(1) أي البصري.
[688] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه الحسن البصري.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 687) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر. =(4/1373)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} ]
689- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ وَخَالِدٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خلق الله} - قال: دين الله.
__________
= وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 209 رقم 10438 و 10439) من طريق يزيد بن هارون ومسلم بن إبراهيم، كلاهما عن نوح بن قيس، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ مُحَمَّدِ بْنِ سيف، عن الحسن، به نحوه.
(1) يعني ابن عبد الله الطحّان.
(2) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع.
[689] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 690) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 168 / أ) من طريق علي بن الجعد، عن هشيم، به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 218 رقم 10467) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، به مثله.
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص174) من طريق ورقاء وأبي جعفر الرازي، كلاهما عن مغيرة، به مثله.
ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 25) في السبق والرمي، باب كراهية خصاء البهائم، لكن من طريق ورقاء، عن مغيرة فقط.(4/1374)
690- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْد الأعْرج (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: هُوَ الإِخْصَاء (2) .
691- قَالَ حُمَيْد (3) : فَسَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هُوَ دِينُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
__________
(1) هو ابن قيس الأعرج، تقدم في الحديث [31] أنه ثقة.
(2) الإخْصَاء والخِصَاء: سَلُّ الأُنثيين من الفَحْل من الناس والدَّوَابّ. انظر "لسان العرب" (14 / 229 - 231) ، وإنما تُسَلُّ الأنثيان من الدواب لما فيه من تطييب اللحم. انظر "سنن البيهقي" (10 / 25) .
[690] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في " الدر المنثور" (2 / 689) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وأخرجه أبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص 224) من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان، به بلفظ: الخصاء.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 173) من طريق عمِّه وهب بن نافع والمثنى بن الصباح، كلاهما عن القاسم بن أبي بزَّة قال: أمرني مجاهد أن أسأل عكرمة في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} ، قال: هو الخِصاء، فأخبرت مجاهدًا، فقال: أخطأ، {فليغيرن خلق الله} قال: دين الله.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 216 رقم 10454) .
ثم أخرجه ابن جرير برقم (10455) من طريق عبد الجبار بن الورد، عن القاسم، به بلفظ أطول من لفظ عبد الرزاق.
ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10456 و 10457 و 10462) من طريق ليث ابن أبي سليم ومطر الورّاق، كلاهما عن عكرمة بمثله، ومن طريق قتادة، عن عكرمة بمعناه.
(3) أي: ابن قيس الأعرج، وذلك بالإسناد المتقدم إليه: سفيان بن عيينة، عنه.
[691] سنده صحيح كسابقه. =(4/1375)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} ]
692- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَتِ الْعَرَبُ: لَا نُبْعَثُ وَلَا نُحَاسَب، وَقَالَتِ النَّصَارَى: لَنْ تَمَسَّنا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} .
__________
= وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 690) للمصنِّف وابن المنذر.
وأخرجه الداني في "المكتفى" (ص224 - 225) عن سفيان، به مثله، إلا أنه لم يذكر حميدًا في الإسناد.
[692] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه مجاهد، وانظر الحديث [184] فيما يتعلق برواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 693) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 232 رقم 10500 و 10501 و 10502) من طريق عيسى بن ميمون وشبل وإسماعيل بن عُلَيَّة، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب} - قال: قريش قالت: لن نبعث ولن نعذب.
هذا لفظ عيسى، ونحوه لفظ شبل وزاد: فأنزل الله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجز بِهِ} .
وأما إسماعيل فلفظه - في قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} -، قال: قالت العرب: لن نبعث ولن نُعذب، وقال اليهود والنصارى: {لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى} - أو قالوا: {لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا معدودة} - شكّ أبو بشر - يعني إسماعيل -.
ومن طريق إسماعيل أيضًا أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / أ) . =(4/1376)
693- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمش، عَنْ مَسْروق - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} - قَالَ: احْتَجَّ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: نَحْنُ أَهْدَى مِنْكُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ} ، فَأفْلَجَ (1) عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ ... } إلى آخر الآية.
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10505) من طريق القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد - في قوله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} -، قال: قالت قريش: لن نبعث ولن نعذب.
(1) أي: غَلَبَ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 468) .
[693] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله مسروق من غير هذا الطريق كما سيأتي، وأما هذا الإسناد فسقط منه أبو الضُّحى بين الأعمش ومسروق، فإما أن يكون السقط من المصنِّف، أو النُّسَّاخ، ولا يمكن: أن يكون من الأعمش؛ لأنه رُوي عن أبي معاوية بإثباته.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 963) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 228 - 229 رقم 10492) فقال: حدثني أبو السائب وابن وكيع، قالا: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مسلم، عن مسروق ... ، فذكره بنحوه.
ومسلم هذا هو ابن صبيح أبو الضحى الكوفي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10491) ، فقال: حدثنا ابن بشّار، حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عن مسروق قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب} قال أهل الكتاب: =(4/1377)
694- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ (عُمَرَ بْنِ) (1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصن (2) ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ (3) يُخْبِرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، شَقَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قَارِبُوا وسَدِّدوا، فَإِنَّ كلَّ مَا يُصَابُ بِهِ الْمُسْلِمُ كفَّارة، حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكُها، والنَّكْبَة (4) يُنْكَبُها)) .
__________
= نحن وأنتم سواء، فنزلت هذه الْآيَةِ: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مؤمن} .
وهذا مرسل أيضًا، لكن سنده صحيح إلى مسروق، رجاله ثقات تقدموا، فابن بشار هو محمد، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / ب - ل 185 / أ) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش به نحو سابقه، وزاد في آخره: قال: ففلجوا عليهم.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (10490) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 183 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ المعتمر، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ قال: تفاخر النصارى وأهل الإسلام، فقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، وقال هؤلاء: نحن أفضل منكم، قال: فأنزل الله: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكتاب} .
هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه.
وعزاه السيوطي في "الدر" (2 / 693) أيضًا لابن المنذر.
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من "تفسير ابن كثير" (1 / 558) نقلاً عن المصنِّف. =(4/1378)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) هو عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصن - بمهملتين مصغّر، آخره نون - أبو حَفْص السَّهْمي، القرشي، المكِّي، كان قارئ أهل مكة كما قال ابن معين، وكان قرين ابن كثير، قرأ على مجاهد وغيره، وروى عن أبيه وصفيّة بنت شيبة ومحمد بن قيس بن مخرمة وغيرهم، روى عنه ابن جريج والثوري وابن عيينة وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وعشرين ومائة، كان مجاهد يقول: ((ابن محيصن يبني ويرصّ)) - يعني أنه عالم بالعربية والأثر -. انظر "الجرح والتعديل" (6 / 121 رقم 656) ، و"التهذيب" (7 / 474 - 475 رقم 788) .
أقول: وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 178) ، ولم أجد من وثقه سواه، وقد أخرج مسلم حديثه في الشواهد، وحسّن له الترمذي كما سيأتي؛ لأن لحديثه شواهد، وقال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص415 رقم 4938) : ((مقبول)) ، يعني حيث يتابع، وإلا فليِّن كما صرّح بذلك في المقدمة، وقد توبع ابن محيصن كما سيأتي.
(3) هو مُحَمَّدَ بْنَ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمة بن المطلب بن عبد مناف المطَّلِبي القرشي، الحجازي، يقال: له رؤية، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مرسلاً، وعن أبي هريرة وعَائشة رضي الله عنهما، روى عنه محمد بن عجلان وابن إسحاق وابن جريج وعمر بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَيْصِنٍ وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه العجلي وأبو داود وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. "تاريخ الثقات" للعجلي (ص411 رقم 1492) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 369) ، و"التهذيب" (9 / 412 رقم 674) ، و"التقريب" (ص503 رقم 6242) .
(4) النَّكْبَةُ: ما يصيب الإنسان من الحوادث. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 113) .
[694] سنده صحيح؛ فإن عمر بن عبد الرحمن قد توبع، ومن طريقه أخرجه مسلم في "صحيحه" كما سيأتي، وهو في "الصحيحين" من غير هذا الطريق.
والحديث نقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 558) عن المصنِّف، به مثله، =(4/1379)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إلا أنه قال: ((يخبر أن أبا هريرة، قال)) ، وقدَّم قوله: ((سددوا)) .
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 697) للمصنِّف وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 485 رقم 1148) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (3 / 373) في الجنائز، باب ما ينبغي لكل مسلم أن يستشعره من الصبر على جميع ما يصيبه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 229 - 230) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 1993 رقم 2574) في البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (1 / 410 رقم 461) .
والإمام أحمد في "مسنده" (2 / 248) .
والترمذي في "سننه" (8 / 400 - 401 رقم 5029) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 405 رقم 142) .
وابن جرير في "تفسيره" (9 / 240 رقم 10520) .
وأبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص226 - 227) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 103 رقم 5641 و 5642) في المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض.
ومسلم في الموضع السابق برقم (2573) .
كلاهما من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد وعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَا يصيب المسلم من نَصَب ولا وَصَب ولا همٍّ ولا حَزَن ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفرّ الله بها من خطاياه)) . اهـ. واللفظ للبخاري. =(4/1380)
695- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ الثَّقَفي (1) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذَا؟، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍ! أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللأوَاء (2) ؟)) قَالَ: ((فذاك بذاك)) .
__________
= والنَّصَبُ هو: التَّعَبُ، والوَصَبُ: دوام الوَجَع ولزومه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 62 و 190) .
(1) هو أبو بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَة - براء وموحّدة، مصغَّر -، الثقفي، الكوفي، يروي عن أبيه عمارة، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وأبو إسحاق السبيعي ومسعر بن كدام وغيرهم، وهو مقبول، من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص624 رقم 7983) ، فقد ذكره البخاري في الكنى من "تاريخه" (ص11 رقم 65) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 339 رقم 1499) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 563) ، وقال الذهبي في "الكاشف" (3 / 316 رقم 56) : ((ثقة)) ، وانظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1585) .
وليس لهذا الراوي ترجمة في "تهذيب التهذيب" المطبوع، مع أنه مترجم في باقي كتب رجال الستة، وهو ممن روى له مسلم وأبو داود والنسائي!
(2) أي: الشدة وضيق المعيشة. "النهاية في غريب الحديث" (4 / 221) .
[695] الحديث أخطأ المصنِّف هنا في إسناده، وصوابه: عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بكر بن أبي زهير، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كما سيأتي، وهو ضعيف بهذا الإسناد لجهالة حال أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ والانقطاع بينه وبين أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ومعنى الحديث صحيح كما سيأتي، وقد قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "مسند الإمام" (1 / 68 - 69 رقم 68) في تعليقه على هذا الحديث: ((إسناده ضعيف لانقطاعه؛ فإن =(4/1381)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبا بكر بن أبي زهير الثقفي من صغار التابعين، ثم هو مستور لم يذكر بجرح ولا تعديل)) .
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في تعليقه على الحديث في "شرح العقيدة الطحاوية" (ص369) : ((ضعيف الإسناد، صحيح المعنى)) .
والحديث رواه على الصواب: الإمام أحمد ومحمد بن أبي عمر وإسحاق بن بهلول، ثلاثتهم عن سفيان بن عيينة، عن ابن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن أبي زهير بدل أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَة.
أما الإمام أحمد فأخرجه في "مسنده" (1 / 11) .
وأما ابن أبي عمر فأخرجه من طريقه محمد بن إسحاق الكاتب في "المناهي وعقوبات المعاصي" (ل 9 / أ) .
وأما إسحاق بن بهلول فأشار إلى روايته الدارقطني في "العلل" (1 / 284 - 285) ؛ فإنه سئل عن هذا الحديث، فأجاب بقوله: ((رواه إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، واختُلف عنه.
فرواه الثوري ويحيى القطان ومروان بن معاوية وعبد الله بن نمير ووكيع ويعلى بن عبيد وابن فضيل وغيرهم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر.
واختُلف عن ابن عيينة.
فروه أحمد بن حنبل وإسحاق بن بهلول، عن ابن عيينة على الصواب.
ورواه إسحاق بن إسماعيل، عن ابن عيينة، عن ابن أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بن أبي زهير، قال: أراه عن أبي هريرة.
وَوَهِمَ فيه.
ورواه سعيد بن منصور، عن ابن عيينة، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَارَةَ بن رويبة الثقفي.
وَوَهِمَ فيه أيضًا. =(4/1382)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ورواه هشام بن علي، عن إسماعيل، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي بكر. وهذا وهم قبيح.
والصواب قول الثوري ومن تابعه)) . اهـ.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 242 رقم 10524) من طريق يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا سفيان - أي ابن عُيَيْنَةَ -، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خالد، قال: أظُنُّه عن أبي بكر الثقفي، عن أبي بكر، به.
فيونس هنا رواه على الشك، ولم يبيّن مَنْ أبو بكر الثقفي؛ لأن كلاً من ابن عمارة وابن أبي زهير ثقفي، وكنية كل منهما: أبو بكر.
وسيأتي تخريج الحديث من طريق أخرى عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ في الحديث الآتي برقم [696] .
وللحديث ثلاث طرق أخرى عن أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
(1) طريق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، سمعت أبا بكر يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ في الدنيا)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 6) .
والبزار في "مسنده" (1 / 75 رقم 21) .
وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص62 - 63 رقم 22) .
وابن الأعرابي في "معجمه" (ص259) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 27 - 28 رقم 18) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 241 رقم 10522) .
والعقيلي في "الضعفاء" (2 / 79) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / أ) .
ومحمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 187 / أ) .
وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 557) .
وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 334) . =(4/1383)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق عبد الوهاب بن عطاء الخَفَّاف، عن زياد الجَصَّاص، عن علي بن زيد بن جدعان، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به، وبعضهم ذكر في أوّله قصة مرور ابن عمر على ابن الزبير وهو مقتول.
وسنده ضعيف جدًّا؛ فيه علي بن زيد بن جدعان، وتقدم في الحديث [4] أنه ضعيف.
وفي سنده أيضًا زياد بن أبي زياد الجَصَّاص، أبو محمد الواسطي، بصري الأصل، يروي عن أنس والحسن وابن سيرين وعلي بن زيد وغيرهم، روى عنه هشيم ويزيد بن هارون وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم، وهو ضعيف، من الطبقة الخامسة، قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وضعّفه جدًّا، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((ربما وهم)) ، وقال البزار: ((ليس به بأس، وليس بالحافظ)) ، وقال العجلي: ((لا بأس به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 532 رقم 2405) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (9 / 470 - 471) ، و"تهذيب التهذيب" (3 / 368 رقم 675) ، و"التقريب" (ص219 رقم 2077) .
ومع ضعف زياد هذا فنه قد اختُلف عليه في الحديث.
فقد سئل الدارقطني في "العلل" (1 / 224 - 226 رقم 29) عن هذا الحديث، فقال: ((هو حديث يرويه زياد الجصاص، واختُلف عنه. فرواه عبد الوهاب الخفّاف، عن زياد الجصاص، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عمر، عن أبي بكر.
وخالفه أبو عصام العباداني، فرواه عن زياد الجصاص، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر.
ورواه سليم بن حيان، عن أبيه، عن ابن عمر، عن الزبير بن العوام.
وقيل: عن سليم، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عن الزبير، قال ذلك عبد الرحيم =(4/1384)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن سليم بن حيان، عن أبيه، وسليم ثقة، ويشبه أن يكون الوهم من ابنه، وكلها ضعاف)) . اهـ.
وقد أشار هذا الاختلاف أيضًا البزار والعقيلي.
وله طريق آخر عن ابن عمر.
أخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص31 رقم 7) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الترمذي (8 / 401 - 403 رقم 5030) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير.
وأخرجه أيضًا أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص57 - 59 رقم 20) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 29 - 30 رقم 21) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184) .
وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 558) .
وأبو عمرو الداني في "المكتفى" (ص225 - 226) .
جميعهم من طريق رَوْح بن عبادة، ثنا موسى بن عبيدة الرَّبَذي، قال: أخبرني مولى ابن سباع، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عمر يحدث عن أبي بكر الصديق قال: كنت عند رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فأنزلت هَذِهِ الْآيَةِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز به} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، ألا أقرئك آية أنزلت علي؟)) قال: قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قال: فأقرأنيها، قال: فلا أعلم إلا أني وجدت انفصامًا في ظهري حتى تَمَطَّأتُ لها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((ما شأنك يا أبا بكر؟)) فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، وأيُّنا لم يعمل سوءًا؟ وإنما لمجزِيُّون بما عملنا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون، فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله عز وجل وليست لكم ذنوب، وأما الآخرون، فيُجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة)) .
ومعنى قوله: ((تَمَطَّأت)) أي: تمددت. انظر "لسان العرب" (15 / 284 - 285) .
والحديث بهذا الإسناد ضعيف. =(4/1385)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، وفي إسناده مقال، وموسى بن عبيدة يُضَعَّف في الحديث، ضعَّفه يحيى بن سعيد وأحمد بن حنبل، ومولى ابن سباع مجهول، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي بكر، وليس له إسناد صحيح أيضًا)) . اهـ.
(2) طريق عطاء بن أبي رباح مرسلاً، قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةَ! قال: ((يا أبا بكر، إنك تمرض، وإنك تحزن، وإنك يصيبك أذى، فذاك بذاك)) .
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 246 - 247 رقم 10533) من طريق الربيع بن صبيح، عن عطاء.
ثم أخرجه برقم (10534) من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عطاء بن أبي رباح قال: لما نزلت قال أبو بكر: جاءت قاصمة الظهر، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إنما هي المصيبات في الدنيا)) .
وسنده ضعيف لإرساله.
(3) طريق أبي الضُّحى مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح، قَالَ: قَالَ أبو بكر..، الحديث، وهو الآتي برقم [700] ، وهو حديث ضعيف لإرساله.
وللحديث شواهد، منها حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المتقدم برقم [694] ، ومنها حديث عائشة رضي الله عنها الآتي برقم [699] ، وهما حديثان صحيحان، فالحديث بمجموع طرقه السابقة وهذين الشاهدين صحيح لغيره، وانظر الحديثين الآتيين رقم [696 و 697] ، والله أعلم.(4/1386)
696- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَف بْنُ خَلِيفة (1) ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: نا أَبُو بَكْرٍ (2) - فِي زَمَنِ الحَجّاج -، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ [ل218/ب] سوءًا (3) يجز به} ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الصَّلاحُ بَعْدَ هَذَا؟ فَقَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، أَمَا تَهْتَمّ؟ أَمَا تَحْزَنُ؟ أَمَا تُصِيبُكَ الّلأوَاء؟)) . قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((فهذا بهذا)) .
__________
(1) تقدم في الحديث [76] أنهد صدوق اختلط في الآخر.
(2) هو فيما يظهر أبو بكر بن أبي زُهَير الثَّقَفي الآتي في الحديث رقم [697] ، واسم أبي زهير معاذ بن رباح، روى أبو بكر هذا عن أبيه معاذ وله صحبة، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأرسل عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنه -، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد وأميّة بن صفوان، وهو مقبول من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص622 رقم 7965) ؛ ذكره البخاري في الكنى من "تاريخه" (ص10 رقم 63) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 338 - 339 رقم 1498) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 562) ، وانظر "التهذيب" (12 / 24 رقم 127) .
(3) قوله تعالى: {سوءًا} كتبه الناسخ في أسفل (ل 128 / أ) على أنه بداية (ل 128 / ب) ، ولم يكتبه فيها.
[696] الحديث صحيح لغيره كما في الحديث السابق، وأما بهذا الإسناد فهو ضعيف لجهالة حال أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، والانقطاع بينه وبين أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وأما خلف بن خليفة فإنه قد توبع كما سيأتي.
وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 557) من رواية الإمام أحمد الآتية، عن عبد الله بن نمير، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، ثم قال: ((ورواه سعيد بن منصور عن خلف بن خليفة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به)) .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 696) وعزاه للإمام أحمد وهنّاد =(4/1387)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وأبي يعلى وابن المنذر وابن حبان وابن السني في "عمل اليوم والليلة" والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان" والضياء المقدسي في "المختارة".
ومدار الحديث على إسماعيل بن أبي خالد، وله عنه أكثر من تسع عشرة طريقًا:
(1) طريق سفيان بن عيينة، عنه، وهي الطريق التي سبق الكلام عنها في الحديث السابق وبيان ما فيها من الاختلاف على سفيان.
(2) طريق خلف بن خليفة، عن إسماعيل، وهي التي أخرجها المصنف هنا عنه.
(3) طريق أبي معاوية محمد بن خازم، عن إسماعيل، وهي الآتية برقم [697] .
(4) طريق سفيان الثوري، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: كيف الإصلاح بعد هذه الآية يا رسول الله {فمن يعمل سوءًا يجز به} ؟ فإن عملنا سوءًا، نجز به؟ فقال: ((غفر الله لك يا أبا بكر - ثلاث مرات -، ألست تمرض؟ ألست تنصب؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ في الدنيا)) .
أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص97 رقم 227) .
ومن طريق الثوري أخرجه الحاكم في "المستدرك" (3 / 74 - 75) وقال: ((هذا حديث صحيح الإسناد)) ، ووافقه الذهبي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 373) في الجنائز، باب ما ينبغي لكل مسلم أن يتشعره من الصبر على جميع ما يصيبه، وفي "شعب الإيمان" (7 / 151 رقم 9805 / تحقيق زغلول) .
(5) طريق يحيى بن سعيد القَطَّان، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق، به نحو سابقه.
وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص147 رقم 111) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 97 - 98 رقم 98 و 99 و 100) .
ومن طريق أبي يعلى أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص105 رقم 392) . =(4/1388)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن حبان في "صحيحه" (7 / 189 رقم 2926 / الإحسان) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 243 رقم 10528) .
والبيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان".
(6) طريق وكيع بن الجرَّاح، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير الثقفي، قال: لما نزلت: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ به} ، قال: فقال: أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنا لنجازى بكل سوء نعمله؟ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أبا بكر، ألست تغضب؟ ألست تحزن؟ ألست تصيبك اللأواء؟ فهذا ما تجزون به)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 11) واللفظ له.
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 97 - 98 رقم 99) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 242 - 243 رقم 10527) .
(7) طريق عبد الله بن نمير، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير قال: أُخبرت أن أبا بكر قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاحُ..، الحديث بنحو سياق سفيان الثوري السابق.
أخرجه الإمام أحمد في الموضع السابق من "مسنده".
ورواية ابن نمير هذه أوضحت أن أبا بكر بن أبي زهير أخذ الحديث عن واسطة أبهمه ولم يفصح باسمه.
(8) طريق يعلى بن عبيد، عن إسماعيل، عن أبي بكر الثقفي، قال: قال أبو بكر ... ، الحديث بنحو سياق الثوري أيضًا.
أخرجه الإمام أحمد أيضًا في الموضع السابق من "مسنده"، وانظر "المسند" بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله (1 / 69 رقم 70) .
(9) طريق عَبْدة بن سليمان، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر، به نحو سياق الثوري أيضًا.
أخرجه هَنَّاد بن السَّرِيّ في "الزهد" (1 / 248 رقم 429) . =(4/1389)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(10) طريق يزيد بن هارون، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير الثقفي، قال: قال أبو بكر..، فذكره بنحو سياق الثوري أيضًا.
أخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص147 - 148 رقم 112) .
(11) طريق عثمان بن علي، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق ... ، به بنحو سياق الثوري أيضًا.
أخرجه أبو يعلى في الموضع السابق من "مسنده" برقم (98) .
(12) طريق حَكَّام بن سَلْم، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق أنه قال: يا نبي الله، كيف الصلاح ... ، الحديث بنحو سياق سفيان الثوري.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 241 - 242 رقم 10523) .
(13) طريق هشيم بن بشير، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، أن أبا بكر قال للنبي ?: كيف الصلاح ... ، الحديث بنحو سياق الثوري أيضًا.
أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10525) .
(14) طريق أبي مالك الجَنْبي عمرو بن هاشم، عن إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يا رسول الله ... ، الحديث بنحو سياق الثوري.
أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10526) .
(15) طريق عقبة بن خالد، عن إسماعيل، به نحو سابقه.
أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 184 / أ) .
(16) طريق وَرْقَاء بن عمر، عن إسماعيل، عن أبي زهير الثقفي، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنه -، أنه سأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((رحمك الله يا أبا بكر! أما تصيبك المصيبة؟ أما تحزن؟ أما تمرض؟)) .
علّقه ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 96 رقم 1781) عن روَّاد بن الجرَّاح، عن ورقاء هكذا بتسمية أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ: أبا زهير. =(4/1390)
697- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِير (1) ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَير قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: كَيْفَ الصَّلاح بَعْدَ هذه الآية: {من
__________
= قال ابن أبي حاتم: ((فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ إنما هو: إسماعيل، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زهير، عن أبي بكر الصديق، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ.
(17) طريق خالد بن عبد الله الطَّحّان الواسطي، عن إسماعيل، به مثل رواية حكام ابن سلم المتقدمة برقم (12) .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 170 - 171 رقم 2910 / الإحسان) .
(18) طريق أسْباط بن محمد، عن إسماعيل، عن قيس قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ الله، إنا لنؤاخذ بكل ما نعمل؟ فقال: ((يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا أَبَا بَكْرٍ أليس تمرض؟ أليس تحزن؟ أليس تصيبك اللأواء؟ فذلك ما تجزون به في الدنيا)) .
أخرجه أبو محمد الخلدي في "فوائده" (ل 62 / ب) من طريق عبيد بن أسباط، عن أبيه.
وسيأتي تنبيه الدارقطني على وهم من رواه هكذا.
(19) ذكر الدارقطني في "العلل" (1 / 285) أن عَثَّام بن علي رواه عن إسماعيل، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي بكر.
قال الدارقطني: ((وهذا وهم قبيح، والصواب قول الثوري ومن تابعه)) .
وهناك طريقان آخران لم أقف على من أخرجهما، وهما: طريق مروان بن معاوية وطريق محمد بن فضيل، ذكر الدارقطني في "العلل" (1 / 284) أنهما وافقا سفيان الثوري على روايته، وانظر الحديث الآتي بعده، والحديث رقم [700] .
(1) هو محمد بن خازم. =(4/1391)
يعمل سوءًا يجز به} ؟ قَالَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللأوَاء؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا تُجْزَوْنَ بِهِ)) .
698- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأحْوَل (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز به} -، قَالَ الْحَسَنُ: إِنَّمَا ذَاكَ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَوَانَهُ، فَأَمَّا مَنْ أَرَادَ اللَّهُ كَرَامَتَهُ، فَإِنَّهُ يَتَجَاوز عَنْ سَيِّئَاته، وَعْدَ الصدق الذي كانوا يوعدون.
__________
[697] سنده ضعيف لجهالة حال أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ والانقطاع بينه وبين أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وهو صحيح لغيره كما سبق بيانه في الحديث رقم [695] ، وانظر تخريجه في الحديث السابق.
(1) هو عاصم بن سليمان، تقدم في الحديث [47] أنه ثقة.
[698] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 699) للمصنِّف وابن أبي شيبة وهنّاد والحكيم والترمذي والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 153 رقم 9812 / تحقيق زغلول) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((إنما)) بدل قوله ((لمن)) ، وهو خطأ إما من الطباعة، أو من الناسخ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 42 رقم 17497) .
وهنّاد بن السَّرِيّ في "الزهد" (1 / 248 رقم 430) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 238 رقم 10516) .
ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، به، ولفظ ابن أبي شيبة وهنّاد مثله، إلا أنهما قالا: ((في أصحاب الجنة وعد الصدق)) .
وأما ابن جرير فلفظه نحو لفظ ابن أبي شيبة وهناد.(4/1392)
699- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ بَكْرَ بْنَ سَوَادَةَ (1) حَدَّثَهُ، أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ (2) حَدَّثَهُ، عَنْ عُبيد بْنِ عُمير، عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلًا تلى هذه الآية: {ن يعمل سوءًا يجز به} ، فَقَالَ: إِنَّا لَنُجْزَى بِكُلِّ عَمَلٍ عَمِلْنَاهُ؟ هَلَكْنَا! فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((نَعَمْ، يُجزى بِهِ الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا، فِي نَفْسِهِ، فِي جسده، فيما يؤذيه)) .
__________
(1) هو بكر بن سَوَادة بن ثُمَامة الجُذَامي، أبو ثمامة المصري، يروي عن عبد الرحمن بن جُبير المصري وسعيد بن المسيب والزهري وغيرهم، يروي عنه جعفر بن ربيعة والليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائة، وهو ثقة فقيه؛ وثقه ابن سعد وابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 386 رقم 1504) ، و"التهذيب" (1 / 483 - 484 رقم 888) ، و"التقريب" (ص126 رقم 742) .
(2) يزيد بن أبي يزيد هذا مجهول يروي عن عُبيد بن عمير، لم يرو عنه سوى بكر بن سوادة ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 371 رقم 3365) وسكت عنه، وبيَّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 298 رقم 1269) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 631) ، وانظر "تعجيل المنفعة" (ص298 رقم 1193) .
وقد فرّق البخاري، وابن أبي حاتم - تبعًا لأبيه - وابنُ حبّان بين يزيد هذا وبين يزيد بن أبي يزيد الأنصاري مولى مَسْلَمة بن مخلَّد الأنصاري الذي يروي عن امرأته عن عائشة، وعنه بُكير بن عبد الله الأشجّ والحارث بن يعقوب والد عمرو بن الحارث، وجزم الخطيب في "الموضح" (1 / 203) بأنهما واحد، واستدلّ بحديث رواه، وفيه أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ مولى مسلمة بن مخلّد يرويه عن عبيد بن عمير، لكنه حديث لا يصحّ كما نبّه عليه الشيخ عبد الرحمن =(4/1393)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= المعلمي - رحمه الله- في تعليقه على "الموضح" حيث قال: ((أما حجّة الخطيب على أنهما واحد فحاصلها: أنه قد جاء خبر آخر عن عبيد بن عمير من طريق راو عنه يقال له: يزيد بن أبي يزيد ووُصِفَ بأنه مولى مسلمة بن مخلّد، فأخَذَ من هذا أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي يَزِيدَ الذي روى عن عبيد بن عمير الخبر الذي ذكره البخاري ينبغي أن يكون هو يزيد بن أبي يزيد الذي روى عن عبيد بن عمير الخبر الآخر، وقد وُصف بأنه مولى مسلمة بن مخلَّد، وهي قرينة قويّة، إلا أن السند واهٍ، المُفِيدُ متَّهم، وابن لهيعة حاله معروفة)) . اهـ.
قلت: المُفِيدُ هو: محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد الذي روى الحديث عن الحسن بن علي المعمري، عن ميمون بن أصبغ، عن ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد عن يزيد هذا.
[699] سنده ضعيف لجهالة يزيد بن أبي يزيد، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 697) للمصنِّف وأحمد والبخاري في "تاريخه" وأبي يعلى وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 65 - 66) .
والبخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 371) .
وأبو يعلى في "مسنده" (8 / 135 و 253 رقم 4675 و 4839) .
وابن حبان في "صحيحه" (7 / 186 رقم 2923 / الإحسان) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 151 رقم 9806 و 9807 / تحقيق زغلول) .
جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، به نحوه، إلا أن اسم يزيد بن أبي يزيد تصحّف في "مسند أبي يعلى" إلى: يزيد بن أبي حبيب، فلست أدري، هل التصحيف في أصل النسخة، أو من التحقيق؟ ولفظ البخاري مختصر، وزاد البيهقي في أحد ألفاظه فقال: ((في جسده وماله)) .
وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 12) لأحمد وأبي يعلى وقال: ((رجالهما رجال الصحيح)) . =(4/1394)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وصحح سنده السيوطي في الموضع السابق من "الدر المنثور".
والظاهر أن يزيد هذا اشتبه عليهما بيزيد بن أبي يزيد الرِّشْك، فإنه يُشتبه به كثيرًا، قال الحافظ ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (ص298) : ((وقد أغفل الحسيني ذكر هذا الرجل في التذكرة وفي رجال المسند، ولم يستدركه شيخنا الهيمثي عليه، ولا من تبعه، فإنهم ظنوا أنه يزيد بن أبي زيد الرِّشْك، وليس كذلك)) . اهـ.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 246 رقم 10532) فقال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو عامر الخزّاز، قال: حدثنا ابْنِ أَبِي مُلَيْكَة، عَنْ عَائِشَةَ قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لأعلم أشدَّ آية في القرآن، فقال: ((ما هي يا عائشة؟)) قلت: هي هذه الآية يا رسول الله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} ، فقال: ((هو يصيب العبد المؤمن، حتى النكبة ينكبها)) . وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم، عدا أبي عامر الخزّاز واسمه: صالح بن رُسْتُم، فإنه صدوق كثير الخطأ كما في ترجمته في الحديث [459] . وابن أبي مليكة اسمه: عبد الله بن عبيد الله.
وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف لضعف أبي عامر من قبل حفظه، وهو حسن لغيره بالطريق التي رواها المصنف.
وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 657 رقم 1249) .
وابن جرير أيضًا (9 / 244 رقم 10530) .
أما إسحاق فمن طريق النَّضْر بن شُمَيل، وأما ابن جرير فمن طريق رَوْح بن عبادة، كلاهما عن أبي عامر الخَزَّاز، به، وفيه زيادة.
وأصل الحديث في "الصحيحين" عنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها)) .
أخرجه البخاري (10 / 103 رقم 5640) في المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض. =(4/1395)
700- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمش، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةَ {مَنْ يَعْمَلْ سوءًا يجز به} ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَبَا بَكْرٍ، إِنَّ الْمُصِيبَةَ فِي الدُّنْيَا جَزَاءٌ)) .
__________
= ومسلم (4 / 1992 رقم 48 و 49 و 50) في البر والصلة والأداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن أو نحو ذلك.
كلاهما من طريق عروة بن الزبير، عنها رضي الله عنها.
وأخرجه مسلم برقم (51) من طريق عمرة، عنها.
وأخرجه أيضًا برقم (46 و 47) من طريق الأسود قال: دخل شباب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون، فقالت: ما يضحككم؟ قالوا: فلان خَرَّ على طُنب فُسْطاط فكادت عُنُقه أو عينه أن تذهب، فقالت: لا تضحكوا؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَا من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كُتبت له بها درجة ومُحيت عنه بها خطيئة)) .
[700] هو حديث صحيح لغيره كما سبق بيانه في الحديث رقم [695] ، وأما بهذا الإسناد فضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِِلِه أبي الضُّحى مسلم بن صُبيح، وقد روي عنه، عن مسروق ولا يصح كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 696 - 697) وعزاه للمصنِّف وهناد وابن جرير وأبي نعيم في "الحلية" وابن مردويه، لكن جعله من رواية مسروق، وسيأتي بيان ذلك.
فالحديث أخرجه هنّاد بن السَّرِيّ في "الزهد" (1 / 250 رقم 434) فقال: حدثنا أبو معاوية ... ، فذكره بمثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 243 رقم 10529) من طريق أبي السائب وسفيان بن وكيع، كلاهما عن أبي معاوية، به مثله.
وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 558) . =(4/1396)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبو نعيم في "الحلية" (8 / 119) .
كلاهما من طريق شيخهما أبي أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الأنماطي، عن محمد بن عبد بن عامر، عن يحيى بن يحيى النيسابوري، عن الفضيل بن عياض، عن سليمان بن مهران الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، عن مسروق بن الأجدع، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَشَدَّ هَذِهِ الْآيَةِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يجز به} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء)) .
والحديث موضوع بهذا الإسناد؛ آفته محمد بن عَبْدِ بن عامر بن مِرْداس بن هارون بن موسى، أبو بكر السَّغُدي التميمي السَّمَرْقَندي، يروي عن يحيى بن يحيى النيسابوري وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي وقتيبة بن سعيد وغيرهم، روى عنه أحمد بن عثمان الأَدَمي وإسماعيل الخطبي وأبو بكر الشافعي وغيرهم، وهو كذاب يضع الحديث، قال الدارقطني: ((يكذب ويضع)) ، وقال أبو سعيد بن يونس: ((لم يكن بالمحمود في الحديث)) ، وقال الخليلي: ((ضعيف لا يُعْبَأُ به، قد اشتهر كذبه)) ، وقال الإدريسي: ((يحدِّث المناكير على الثقات، ويتهم بالكذب، وكأنه كان يسرق الأحاديث والأفرادات يحدث بها ويتابع الضعفاء والكذابين في رواياتهم عن الثقات بالأباطيل)) ، وترجم له الخطيب وأطال في ترجمته، وذكر جملة من الأحاديث بتهمه بسرقتها ووضعها، ومن جملة ما قال: ((وهذان الحديثان لا أصل لهما عند ذوي المعرفة بالنقل فيما نعلمه، وقد وضعهما محمد بن عبد إسنادًا ومتنًا، وله أحاديث كثيرة تشابه ما ذكرناه، وكلها تدل على سوء حاله وسقوط روايته)) ، وقال الذهبي: ((معروف بوضع الحديث)) ، وكانت وفاته في حدود سنة ثلاثمائة للهجرة. اهـ. من "تاريخ بغداد" (2 / 386 - 390 رقم 905) ، و"ميزان الاعتدال" (3 / 633 رقم 7900) ، و"لسان الميزان" (5 / 271 - 272 رقم 931) .
وعليه فالصواب في الحديث أنه من رواية أبي الضُّحَى مسلم بن صُبَيْح، مرسلاً، =(4/1397)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} ]
701- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيج تَزَوَّجَ ابْنَةَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَة، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَها، فَقَالَتْ: لَا تُطَلِّقْنِي، وأمْسِكْني، واقْسِمْ لِي مَا بَدَا لَكَ أَنْ تُقْسِمَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أن يصلحا بينهما صلحًا} ، فجَرَت السُّنَّةُ بِأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَتْ عِنْدَهُ امْرَأَةٌ فَكَبُرَتْ، وَكَرِهَهَا، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَصَالَحَتْهُ عَلَى صُلْحٍ، فَلَهُ أَنْ يُمْسِكَهَا وَيَقْسِمَ لها ما شاء.
__________
= فيكون ضعيفًا لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سبق والله أعلم.
(1) هذا الحديث في الأصل متأخِّر هو والحديث بعده عن الحديث الآتي برقم [703] ، فقدّمتهما عليه مراعاة لترتيب الآيات.
[701] سنده ضعيف لإرساله؛ لأن سعيد بن المسيب تابعي لم يشهد الحادثة، لكن الصواب فيه أنه عن سعيد، عن رافع بن خديج كما سيأتي، وهو صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 711) للمصنِّف والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي.
وقد أخرجه الشافعي في "الأم" (5 / 171) ، وفي "مسنده" (2 / 28 رقم 86 و 87 / ترتيب) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 202) .
كلاهما عن سفيان بن عيينة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ كانت تحته بنت محمد بن مسلمة، فكره من أمرها إما كبرًا أو غيره، فَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَقَالَتْ: لَا تطلقني، واقسم لي ما شئت، فجرت السنة بذلك، =(4/1398)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فنزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا} هذا لفظ ابن أبي شيبة ونحوه لفظ الشافعي.
ومن طريق الشافعي أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص178) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 75 و 296) في النكاح، باب ما يستدلّ به على أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في سوى ما ذكرنا ووصفنا ... ، وفي القسم والنشوز، باب ما جاء في قول اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إعراضًا ... } الآية.
وقد اختلف على الزهري في هذا الحديث.
فرواه سفيان بن عيينة، عنه، عن سعيد بن المسيبُ مرسلاً كما سبق.
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 548 - 549 رقم 57) في النكاح، باب جامع النكاح، عن ابن شهاب الزهري، عن رافع بن خديج، أنه تزوج بنت محمد بن مسلمة الأنصاري، فكانت عنده حتى كبرت، فتزوج عليها فتاة شابّة، فآثر الشابة عليها، فناشدته الطلاق، فطلَّقها واحدة، ثم أمهلها، حتى إذا كادت تحلُّ، راجَعَها، ثم عاد، فآثر الشابة، فناشدته الطلاق، فطلقها واحدة، ثم راجعها، ثم عاد فآثر الشابة، فناشدته الطلاق، فقال: ما شئتِ، إنما بقيت واحدة، فإن شئت استَقرَرْتِ على ما ترين من الأُثْرة، وإن شئت فارقتك، قالت: بل أستقرّ على الأُثْرة، فأمَسكَها على ذلك، ولم ير رافع عليه إثمًا حين قرَّت عنده على الأثرة.
كذا رواه الإمام مالك، فأسقط سعيد بن المسيب من الإسناد، وجعله عن الزهري، عن رافع بن خديج.
ورواه معمر عن الزهري، أن ابن المسيب، وعن سليمان بن يسار، أن رافع بن خديج قال في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ من بعلها نشوزًا} ، قال: كانت تحته امرأة قد خلا من سنها، فتزوج عليها شابة ... ، ثم ذكر الحديث بنحو سياق الإمام مالك السابق، ولم يذكر قوله: ((ولم ير رافع ... )) الخ، وزاد في آخره قوله: فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله تعالى أنزل فيه: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} . =(4/1399)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 175) عن معمر، به هكذا موصولاً.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 275 رقم 10600) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 308 - 309) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 188 / أ) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
أما ابن أبي حاتم فمن طريق أبيه، وأما البهقي فمن طريق علي بن محمد بن عيسى، كلاهما عن أبي اليمان، عن شعيب بن أبي حمزة، عن الزهري، أخبرني سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار ... ، فذكر كلامًا من قولهما في فقه قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ من بعلها نشوزًا ... } إلى تمام الآيتين، ثم قال الزهري: وقد ذكرا لي - سعيد وسليمان -: أن رافع بن خديج الأنصاري - وكان مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، وكانت عنده امرأة، حتى إذا كبرت، تزوّج عليها فتاة شابة ... ، ثم ذكر الحديث بنحو سياق الإمام مالك السابق، وذكر الزيادة التي ذكرها عبد الرزاق، إلا أنه لم يذكر الآية.
فتلّخص مما سبق أن سفيان بن عيينة وشعيبًا روياه عن الزهري، عن سعيد مرسلاً، وأن معمرًا والإمام مالك بن أنس جعلاه عن رافع بن خديج موصولاً، إلا أن الإمام مالكًا لم يذكر سعيد بن المسيب، فالذي يظهر أن الزهري - رحمه الله - كان ينشط أحيانًا فيذكر الحديث موصولاً كما رواه معمر عنه، ويسقط منه أحيانًا سعيد بن المسيب كما في رواية الإمام مالك عنه، ويرسله أحيانًا كما في رواية ابن عيينة وشعيب عنه، ومعمر قد أقام إسناده، وهو من أثبت الناس في الزهري، قال ابن معين: ((أثبت الناس في الزهري مالك ومعمر)) ، وفي رواية قال: ((معمر أثبت في الزهري من ابن عيينة)) . انظر "التهذيب" (10 / 244) .
وقد وافق معمرًا على ذكر رافع في سنده مالك، ووافقه على ذكر سعيد في =(4/1400)
702- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَاد (2) ، عَنْ هِشَام بْنُ عُرْوَة، عَنْ أَبِيهِ (3) ، قَالَ أنْزِلَت فِي سَوْدَة (4) وأشباهِها: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا} قَالَ: ذَلِكَ أَنَّ سَوْدَةَ بنتَ زَمْعَةَ قَدْ أسَنَّت، فَفَرِقَتْ (5) أَنْ يُفَارِقَها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَضَنَّتْ (6) بِمَكَانِهَا مِنْهُ، وَعَرَفَتْ مِنْ حُبِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، وَمَنْزِلَتِهَا مِنْهُ، فَوَهَبَتْ يَوْمَهَا مِنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهَا، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم.
__________
= سنده سفيان وشعيب، وعليه فالحديث صحيح على شرط الشيخين كما قال الحاكم ووافقه عليه الذهبي، والله أعلم.
(1) هذا الحديث في الأصل متأخر هو والحديث قبله عن الحديث الآتي برقم [703] ، فقدّمتهما عليه مراعاة لترتيب الآيات.
(2) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه منذ قدم بغداد، وكان فقيهًا، وأنه أثبت الناس في هشام بن عروة، لكن الراوي عنه هنا هو سعيد بن منصور ولم يتبين هل روى عنه قبل اختلاطه أو لا؟ وقد خالفه أحمد بن يونس كما سيأتي.
(3) يعني عروة بن الزبير.
(4) هي سَوْدَة بنت زَمْعَةَ بن قيس بن عبد شمس العَامِريَّة القرشية، أم المؤمنين رضي الله عنها، تزوجها النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد خديجة وهو بمكة، وماتت سنة خمس وخمسين للهجرة على الصحيح. اهـ. من "تهذيب التهذيب" (12 / 426 - 427 رقم 2820) ، و"التقريب" (ص748 رقم 8612) .
(5) أي: خافت وفزعت. انظر "النهاية في غريب الحديث" (3 / 438) .
(6) أي شحَّت وبَخِلت. المرجع السابق (3 / 104) . =(4/1401)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
[702] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، وقد رواه غير المصنِّف عن ابن أبي الزناد فوصله وهو الصواب، وانظر "فتح الباري" (9 / 313) .
والحديث نقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 562) عن المصنف بمثله، إلا أنه قال: ((أنزل الله في سودة)) ، وبعد أن ذكر الآية قال: ((وذلك أن سودة كانت امرأة قد أسنّت)) ، وقال: ((ومنزلها)) ، بدل: ((ومنزلتها)) .
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 297) في القسم والنشوز، باب ما جاء في قوله اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خافت من بعلها نشوزًا ... } الآية، ولفظة مثل لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: ((أنزل)) بدل: ((أنزلت)) ، وبعد أن ذكر الآية قال: ((وذلك أن سودة - رضي الله عنها - كانت امرأة قد أسنّت)) .
قال البيهقي: ((ورواه أحمد بن يونس، عن ابن أبي الزناد موصولاً كما سبق ذكره في أول كتاب النكاح)) .
قلت: هذه الرواية أخرجها أبو داود في "سننه" (2 / 601 - 602 رقم 2135) في النكاح، باب في القسم بين النساء، فقال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عبد الرحمن - يعني ابن أَبِي الزِّنَادِ -، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عائشة: يا ابن أختي، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يفضِّل بعضنا على بعض في القسم، من مُكثه عندنا، وكان قلّ يوم إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كل امرأة من غير مسيس، حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنّت وفرقت أَنْ يُفَارِقَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، يومي لعائشة، فَقَبِلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - منها، قالت: نقول: في ذلك أنزل الله تعالى وفي أشباهها - أُراه قال: - {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا} .
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع الذي أشار إليه من "سننه" (7 / 74 - 75) في النكاح، باب ما يستدل به على أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في سوى ما ذكرنا ووصفنا من خصائصه من الحكم بين الأزواج فيما يحلّ منهن ويحرم =(4/1402)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بالحادث لا يخالف حلاله حلال الناس.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 186) من طريق الحسن بن علي بن زياد، عن أحمد بن يونس، به نحو سياق أبي داود، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
كذا رواه أحمد بن يونس عن ابن أبي الزناد موصولاً، فخالف رواية المصنِّف سعيد بن منصور، ورواية أحمد بن يونس أصح، فقد ذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 562) أن ابن مردويه أخرج الحديث في "تفسيره" من طريق أبي بلال الأشعَري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به نحو رواية أحمد بن يونس، وكذا رواه أيضًا عبد الله بن وهب والواقدي.
قال ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 272 رقم 10588) : حدثنا الربيع بن سليمان وبحر بن نصر، قالا: حدثنا ابن وهب، قال: حدثني ابن أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: أنزل الله هذه الآية في المرأة إذا دخلت في السنّ، فتجعل يومها لامرأة أخرى، قالت: ففي ذلك أنزلت: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بينهما صلحًا} .
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (8 / 53) من طريقه شيخه محمد بن عمر الواقدي، عن ابن أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: كانت سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ قَدْ أَسَنَّتْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لا يستكثر منها، وقد علمت مكاني مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - وأنه يستكثر مني، فخافت أن يفارقها، وضنّت بمكانها عنده، فقالت: يا رسول الله، يومي الذي يصيبني لعائشة، وأنت منه في حلّ، فقبله النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وفي ذلك نزلت: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا ... } الآية.
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 1085 رقم 47) في الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرّتها.
والنسائي في "عشرة النساء" (ص81 - 82 رقم 48) . =(4/1403)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي داود في "مسند عائشة" (ص65 رقم 35) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 205 رقم 4198 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
والبيهقي في الموضع السابق (7 / 74) .
جميعهم من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عن عائشة قالت: ما رأيت امرأة أحب إلي من أن أكون في مِسْلاخِها من سودة بنت زمعة، من امرأة فيها حِدَّة، قالت: فلمّا كَبِرَتْ جعلت يَوْمَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - لعائشة، قالت: يا رسول الله، قد جعلت يومي منك لعائشة، فكان رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقسم لعائشة يومين: يومها ويوم سَوْدة. اهـ. واللفظ لمسلم.
وقولها: ((مِسْلاخِها)) ، كأنها تمنّت أن تكون في مثل هديها وطريقتها، ومِسْلاخُ الحيَّة: جِلْدُها. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 389) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 68 و 76 - 77) .
والبخاري في "صحيحه" (9 / 312 رقم 5212) في النكاح، باب المرأة تهب يومها في زوجها لضرّتها، وكيف يقسم ذلك.
ومسلم في الموضع السابق برقم (48) .
وابن ماجه في "سننه" (1 / 634 رقم 1972) في النكاح، باب المرأة تهب يومها لصاحبتها.
أما الإمام أحمد فمن طريق شريك وعبد الله بن المبارك، وأما البخاري فمن طريق زهير، وأما مسلم فمن طريق عقبة بن خالد وزهير وشريك وأما ابن ماجه فمن طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، كلهم عن هشام، به بمعنى حديث جرير السابق، وزاد شريك في حديثه: قالت: وكانت أوَّل امرأة تزوّجها بعدي.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 265 رقم 4601) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، باب: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نشوزًا أو إعراضًا} .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2316 رقم 13 و 14) في كتاب التفسير.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 408 - 409 رقم 145) . =(4/1404)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ} ]
703- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا فُضَيْل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سألت عَبِيْدَةَ (2) (عن) (3) قوله
__________
= أما البخاري فمن طريق عبد الله بن المبارك، وأما مسلم فمن طريق عَبْدة بن سليمان وأبي أسامة حماد بن أسامة، وأما النسائي فمن طريق أبي معاوية، جميعهم عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه، عن عائشة - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} -، أنزلت في المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها، فيريد أن يُطلِّقَها ويتزوج غيرها، فتقول: لا تطلقني، وأمسكني، وأنت في حلٍّ من النفقة والقسمة لي، فأنزل الله عز وجل: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بينهما صلحًا} . اهـ. واللفظ للنسائي، وهو أتمّ.
وله شاهد من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال: خشيت سَوْدة أن يُطلِّقها النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: لا تطلِّقني، وأمسكني، واجعل يومي لعائشة، ففعل، فنزلت: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بينهما صلحًا والصلح خير} ، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز.
أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 403 رقم 5031) في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير، من طريق سِمَاك، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به، ثم قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب)) .
(1) هذا الحديث في الأصل متقدِّم على الحديث السابق والذي قبله، فأخّرت هذا مراعاة لترتيب الآيات.
(2) هو السَّلْماني.
(3) في الأصل: ((في)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنِّف. =(4/1405)
عز وجل: {فلن تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ ولو حرصتم} ، قَالَ: فأوْمَى بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ: فِي الحُبِّ والمُجَامعة.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} ]
704- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضيل بْنُ غَزْوان (4) ، عَنْ عُبيد الْمُكْتِب (5) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (6) قَالَ: إن الرجل ليجلس في
__________
[703] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 713) لابن أبي شيبة والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 298) في القسم والنشوز، باب ما جاء في قول الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كالمعلقة} ، أخرجه من طريق المصنِّف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 285 رقم 10627 و 10629 و 10630 و 10632) من طريق سفيان الثوري وحفص بن غياث وجرير بن عبد الحميد، ثلاثتهم عن هشام، به بلفظ: في الحب والجماع، ولم يذكروا قوله: ((فأومى بيده إلى صدره)) ، ولم يذكر حفص قوله: ((الحب)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 176) من طريق أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عبيدة - في قوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النساء ولو حرصتم} -، قال: في المودّة، كأنه يعني الحبّ.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (10633) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 233) من طريق أشعث، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ عبيدة قال: الحب والجماع.
(4) تقدم في الحديث [12] أنه صدوق. =(4/1406)
= الْمَجْلِسِ، فيتكلَّم (بِالْكَلِمَةِ) (7) ، فيَرْضَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا، فَتُصِيبُهُ الرَّحْمَةُ، فَتَعُمُّ مَنْ حَوْلَه. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَجْلِسُ فِي الْمَجْلِسِ، فَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، (فيَسْخَطُ اللهُ بِهَا) (8) ، فَيُصِيبُهُ السَّخَط، فيَعُمُّ مَنْ حَوْلَه.
705- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ (9) ، عَنْ حَجَّاج بْنِ دِينَارٍ (10) ، عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيق (11) ، عَنْ أَبِي وَائِل (12) نحوًا
__________
(5) هو عبيد بن مِهْران، تقدم في الحديث [240] أنه ثقة.
(6) هو النخعي.
(7) في الأصل: ((بالكلم)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "السنن" للمصنف حيث أعاد الحديث.
(8) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من رواية المصنف للحديث في كتاب الزهد كما سيأتي.
[704] سنده حسن لذاته عن إبراهيم.
وأعاده المصنف في كتاب الزهد من "سننه" (ل 199 / أ) ، باب ما جاء في الرجل يتكلم بكلمة فيَرْضَى اللهُ بها، من نفس الطريق بمثله، إلا أنه قال: ((فتصيبه السخطة فتعمّ من حوله)) .
وأخرجه هَنَّاد بن السَّريّ في "الزهد" (2 / 553 رقم 1146) متابعًا للمصنِّف، فقال: حدثنا ابن فضيل ... ، فذكره بنحوه.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 718) لابن المنذر وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير من طريق إبراهيم التيمي، عن إبراهيم النخعي وأبي وائل شقيق بن سلمة في قصة سيأتي ذكرها في تخريج الحديث الآتي.
(9) تقدم أنه صدوق.
(10) هو حَجَّاج بن دينار الأشْجعي، وقيل: السُّلَمي، مولاهم، الواسطي، يروي عن الحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر وأبي بشر جعفر بن إياس وغيرهم، روى =(4/1407)
= مِنْ هَذَا، وَزَادَ فِيهِ: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غيره إنكم إذًا مثلهم} .
__________
= عنه إسرائيل وشعبة ومحمد بن بشر العبدي ومحمد بن فضيل وغيرهم، وهو لا بأس به، من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص153 رقم 1125) ، فقد وثقه عبد الله بن المبارك وعلي بن المديني وزهير بن حرب ويعقوب بن شيبة والعجلي وأبو داود وابن عمار والترمذي، وزاد: ((مقارب الحديث)) ، وقال عَبْدة بن سليمان: ((حدثنا حجاج بن دينار، وكان ثبتًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، روى عنه شعبة)) ، وقال ابن معين: ((صدوق ليس به بأس)) ، وقال أبو زرعة: ((صالح صدوق، لا بأس به، مستقيم الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتجّ به)) ، وقال ابن خزيمة: ((في القلب منه)) ، وقال الدارقطني: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 159 - 160 رقم 681) ، و"التهذيب" (2 / 200 - 201 رقم 371) .
ولم أجد من نصّ على أن حجاج بن دينار ممن روى عن عامر بن شقيق، لكن سماعه منه محتمل جدًّا؛ فإن طبقتهما متقاربة، وشعبة قد روى عن كل منهما، وبلداهما متقاربان، فحجاج واسطي وعامر كوفي.
(11) هو عامر بن شَقيق بن جَمْرة - بالجيم والراء - الأسَدي، الكوفي، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة، روى عنه إسرائيل ومسعر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو لا بأس به كما قال النسائي، وقد روى عامر هذا عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان - رضي الله عنه - أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كان يخلل لحيته، وحديثه هذا صححه عدد من الأئمة، منهم الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: ((أصحّ شيء في التخليل عندي: حديث عثمان)) ، قال الترمذي: قلت: إنهم يتكلمون في هذا؟ فقال: ((هو حسن)) ، وذكر ابن حبان عامرًا هذا في الثقات، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ =(4/1408)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 322 رقم 1801) ، و"تحفة الأشراف" (7 / 256 رقم 9809) ، و"التهذيب" (5 / 69 رقم 111) .
وذكره الذهبي في "الكاشف" (2 / 55 رقم 2554) وقال: ((صدوق ضُعِّف)) .
وذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص287 رقم 3093) وقال: ((ليِّن الحديث، من السادسة)) .
(12) هو شَقِيق بن سلمة.
[705] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وأعاده المصنف في كتاب الزهد من "سننه" (ل 199 / أ) ، باب ما جاء في الرجل يتكلم بكلمة فَيَرْضَى اللهُ بها، فقال: نا محمد بن فضيل، نا حَجَّاجِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَامِرِ بن شقيق، عن شقيق بن سلمة بنحو من هذا، ثم تلا هذه الآية ... ، فذكرها.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 718) لابن المنذر وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 321 رقم 10708) فقال: حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عن أبي وائل قال: إن الرجل ليتكلم بالكلمة في المجلس من الكذب ليضحك بها جلساءه، فيسخط الله عليهم.
قال - أي التيمي -: فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي، فقال: صدوق أبو وائل، أو ليس ذلك في كتاب الله: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} ؟
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 192 / ب) فقال: حدثنا أبي، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن سَلام الطرسوسي، ثنا يزيد بن هارون ... ، فذكره بنحو سياق ابن جرير.
وهذا إسناد حسن لذاته. =(4/1409)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إبراهيم بن يزيد التيمي تقدم في الحديث [11] أنه ثقة.
والراوي عنه العَوَّام بن حَوْشب تقدم في الحديث [11] أيضًا أنه ثقة ثبت فاضل.
ويزيد بن هارون تقدم في الحديث [43] أنه ثقة متقن عابد.
والراوي عن يزيد هو: عبد الرحمن بن محمد بن سَلاَّم - بالتشديد - ابن ناصح البغدادي، ثم الطَّرَسوسي، أبو القاسم مولى بني هاشم، وقد ينسب إلى جده، يروي عن يزيد بن هارون وأبي معاوية وأبي داود الطيالسي وسعيد بن منصور وغيرهم، روى عنه أبو داود والنسائي وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وهو لا بأس به، قال أبو حاتم: ((شيخ)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال مرة: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((ربما خالف)) ، وقال الدارقطني: ((ثقة)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائيتن. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 282 - 283 رقم 1346) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 815) ، و"تهذيب التهذيب" (6 / 266 رقم 525) ، و"التقريب" (ص349 رقم 4000) .
والراوي عن عبد الرحمن هذا هو: محمد بن إدريس بن المنذر الحَنْظَلَي، أبو حاتم الرازي، يروي عن محمد بن عبد الله الأنصاري وعفان بن مسلم وأبي نعيم وغيرهم، روى عنه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابنه عبد الرحمن وغيرهم، وهو إمام ثبت حافظ تغني شهرته عن التعريف به، وثقه النسائي، وقال الخَلاَّل: ((أبو حاتم إمام في الحديث)) ، وقال ابن خراش: ((كان من أهل الأمانة والمعرفة)) ، وقال اللالكائي: ((كان إمامًا عالمًا بالحديث، حافظًا له، متقنًا ثبتًا)) ، وفضائله رحمه الله كثيرة، فانظرها في ترجمة ابنه له في مقدمة "الجرح والتعديل" (1 / 349 - 368) ، وانظر معه "التهذيب" (9 / 31 - 34 رقم 40) ، و"التقريب" (ص467 رقم 5718) .
وقد كانت وفاته سنة سبع وسبعين ومائتين.
وعليه فالحديث بهذا الطريق يكون صحيحًا لغيره، والله أعلم. =(4/1410)
607- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمة بْنِ وَقَّاص اللَّيْثي (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ جَدِّهِ (3) ، عَنْ بِلَالِ بْنِ الْحَارِثِ (4) ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَإِنَّ الرَّجُلَ ليتكلَّم بِالْكَلِمَةِ مِنْ سُخْط اللَّهِ، مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ، فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ (5) (بِهَا) (6) سُخْطَه إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ)) .
__________
(1) تقدم في الحديث [4] أنه صدوق.
(2) هو عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ الليثي المدني، روى عن أبيه، لم يرو عنه سوى ابنه محمد، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (6 / 355 رقم 2618) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 251 رقم 1387) ، وصحح له الترمذي هذا الحديث كما سيأتي، وصحح له ابن خزيمة حديثًا آخر كما في "التهذيب" (8 / 79 - 80 رقم 119) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 174) وأخرج حديثه هذا في الصحيح، وصححه الحاكم وغيره أيضًا كما سيأتي.
وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص424 رقم 5080) : ((مقبول)) ؛ يعني حيث يتابع وإلا فليِّن كما صرّح به في المقدمة، وقد توبع كما سيأتي.
(3) هو علقمة بن وَقَّاص - بتشديد القاف -، اللَّيْثي، المدني، روى عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر وبلال بن الحارث ومعاوية وعمرو بن العاص وعائشة رضي الله عنهم، روى عنه ابناه عبد الله وعمرو والزهري ومحمد بن إبراهيم التيمي وابن أبي مليكة وغيرهم، وهو تابعي ثقة ثبت من الطبقة الثانية، أخطأ من زعم أن له صحبة، وقد ذكره مسلم في طبقة الذين ولدوا في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكذا قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": إنه ولد على عهده - صلى الله عليه وسلم -، =(4/1411)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وكانت وفاته في خلافة عبد الملك بن مروان، وقد روي له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد، وزاد: ((قليل الحديث)) . اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 60) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص324 رقم 1164) ، و"التهذيب" (7 / 280 - 281 رقم 488) ، و"التقريب" (ص397 رقم 4685) .
(2) هو بلال بن الحارث المُزَني، أبو عبد الرحمن المدني، صحابي ذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من المهاجرين، يقال: إنه أول من قَدِمَ من مُزَينة عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - في رجال من مزينة، وذلك سنة خمس من الهجرة، وكانت وفاته سنة ستين للهجرة، وله من العمر ثمانون سنة. "الجرح والتعديل" (2 / 395 رقم 1544) ، و"التهذيب" (1 / 501 - 502 رقم 929) ، و"التقريب" (ص129 رقم 777) .
(5) من قوله: ((بها رضوانه)) إلى هنا أُلحق بالهامش مع الإشارة لدخوله في الصلب، والإلحاق بخط الناسخ نفسه.
(6) ما بين القوسين من الموضع الآتي من "السنن" للمصنِّف (ل 199 / أ) حيث أعاد الحديث.
[706] سنده فيه عمرو بن علقمة وهو مقبول إذا توبع، وقد توبع كما سيأتي، فهو صحيح لغيره.
وأعاده المصنِّف في كتاب الزهد من "سننه" (ل 199 / أ) في باب ما جاء في الرجل يتكلم بكلمةٍ فيَرضى الله بها، من نفس الطريق بمثله.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 405 رقم 911) ، فقال: ثنا سفيان ... ، فذكره بنحو سياق المصنف، إلا أنه قدّم ذكر السخط.
وأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 51 - 52) من طريق أسد بن موسى، عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ محمد بن بشر الآتي.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10 / 282 / طبع المجمع العلمي) من طريق الحسين بن الحسن المروزوي، عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ المصنف. =(4/1412)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 469) ، وفي "الزهد" (ص32 رقم 81) .
ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق (ص283) .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "كتاب الصمت" (ص243 رقم 70) .
كلاهما من طريق أبي معاوية، عن محمد بن عمرو، به نحوه، إلا أن الإمام أحمد قال: ((إلى يوم القيامة)) بدل قوله: ((إلى يوم يلقاه)) ، وزادا كلاهما: قال: فكان علقمة يقول: كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث.
وأخرجه هنّاد بن السَّريِّ في "كتاب الزهد" (2 / 551 رقم 1141) .
ومن طريقه الترمذي في "سننه" (6 / 609 - 610 رقم 2421) في الزهد، باب ما جاء في قلّة الكلام.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1 / 516 رقم 281 / الإحسان) .
كلاهما من طريق عَبْدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو، به نحو لفظ المصنِّف.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الصغير" (1 / 94) من طريق شيخه عبد الله بن محمد المُسْنَدي، ثنا محمد بن عمرو ... ، فذكره مقتصرًا على ما يتعلق بالرضا، ولم يذكر باقيه.
وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 1312 - 1313 رقم 3969) في الفتن، باب كف اللسان في الفتنة.
والحاكم في "المستدرك" (1 / 45) .
وابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 50 - 51) .
ثلاثتهم من طريق محمد بن بشر العَبدي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، حدثني أبي، عن أبيه علقمة بن وقّاص، قال: مرّ به رجل له شَرَف، فقال له علقمة: إن لك رَحِمًا، وإن لك حقًا، وإني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء وتتكلم عندهم بما شاء الله أن تتكلم به، وإني سمعت بلال بن الحارث المزني صاحب رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((إن أحدكم لتيكلم بالكلمة من رضوان اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ ما بلغت، فيكتب الله عز وجل له بها رضوانه =(4/1413)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إلى يوم القيامة، وإن أحدكم لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ أَنْ تَبْلُغَ مَا بلغت، فيكتب الله عز وجل عليه بِهَا سَخَطَهُ إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ)) . قال علقمة: فانظر وَيْحَك ماذا تقول، وماذا تتكلم به، فرُبَّ كلامٍ قد منعني أن أتكلّم به ما سمعتُ من بلال بن الحارث.
وأخرجه النسائي في كتاب الرقاق من "سننه الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (2 / 103 - 104 رقم 2028) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 354 - 355 رقم 1131) .
ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص281 - 282) .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 45) .
ثلاثتهم من طريق موسى بن أعين، عن سفيان الثوري، عن محمد بن عمرو، به نحو لفظ المصنِّف.
وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (1132) من طريق عبيد الله الأشجعي، عن الثوري، به نحوه.
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (1 / 520 - 521 رقم 287 / الإحسان) .
والطبراني في الموضع السابق (1 / 353 - 354 رقم 1129) .
وابن عساكر في الموضع السابق (ص283) .
ثلاثتهم من طريق يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو، به، ولفظ الطبراني نحو لفظ المصنف، وأما لفظ ابن حبان وابن عساكر ففيه ذكر القصة بنحو سياق محمد بن بشر السابق.
وأخرجه ابن حبان أيضًا (1 / 514 - 515 رقم 280 / الإحسان) ، من طريق الفضل بن موسى، عن محمد بن عمرو، به نحو سياق محمد بن بشر السابق. وأخرجه الطبراني أيضًا (1 / 354 رقم 1130) .
والحاكم في الموضع السابق.
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (9 / 230 رقم 4606) . =(4/1414)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق في "تاريخه" (ص285) .
جميعهم من طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن محمد بن عمرو، به نحوه لفظ المصنِّف.
وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (1129) .
والحاكم في الموضع السابق.
والبغوي في "شرح السنة" (14 / 314 رقم 4124) .
وابن عساكر في الموضع السابق (ص283) .
جميعهم من طريق إسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو، به نحوه أيضًا.
وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (1130) من طريق عبد العزيز بن مسلم، عن محمد بن عمرو، به نحوه.
وأخرجه الحاكم أيضًا (1 / 44 - 45) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (8 / 165) في قتال أهل البغي، باب ما على الرجل من حفظ اللسان عند السلطان وغيره.
وأخرجه ابن عساكر أيضًا (ص283 و 284 - 285) .
كلاهما من طريق سعيد بن عامر الضُّبَعي، عن محمد بن عمرو، به بذكر القصة بنحو سياق محمد بن بشر السابق.
وأخرجه قَوَّام السُّنَّة الأصبهاني في "كتاب الحُجَّة في بيان المَحَجَّة" (1 / 247 رقم 262) من طريق محمد بن فُلَيح، عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، به نحو سياق المصنِّف.
وأخرجه ابن عساكر أيضًا (ص282 - 285) من طريق أبي ضمرة أنس بن عياض ويعلى بن عبيد ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، به بنحو سياق محمد بن بشر أيضًا.
وأشار ابن عساكر (ص285) إلى أنه رواه كذلك محمد بن عبيد أخو يعلى، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، ويحيى بن سعيد، ومعاذ بن معاذ، أربعتهم عن =(4/1415)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= محمد بن عمرو، عن أبيه عمرو بن علقمة، عن علقمة بن وقاص، به، فوافقوا رواية الرواة الذين سبق تخريج رواياتهم، وهم: سفيان بن عيينة، وأبو معاوية محمد بن خازم، وعبدة بن سليمان، والمسندي، ومحمد بن بشر، وسفيان الثوري، ويزيد بن هارون، والفضل بن موسى، والدَّرَاوَرْدي، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز بن مسلم، وسعيد بن عامر، وأنس بن عياض، ويعلى بن عبيد، ويحيى بن زكريا، ومحمد بن فليح، فجميع هؤلاء رووه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة بن وقّاص، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث.
وقد صحح الحديث من هذا الوجه جمع من الأئمة، منهم الترمذي حيث قال في الموضع السابق من "سننه": ((هذا حديث حسن صحيح)) ، ومنهم ابن حبان حيث أخرجه في "صحيحه" كما سبق، ومنهم الحاكم حيث أخرج الحديث كما سبق، ثم قال: ((هذا حديث صحيح، وقد احتج مسلم بمحمد بن عمرو)) ، ووافقه الذهبي على تصحيحه.
وقال البغوي بعد أن أخرجه كما سبق: ((هذا حديث صحيح)) .
ورواه الإمام مالك، وأبو بكر بن عياش ومحمد بن عجلان وحماد بن سلمة، جميعهم عن محمد بن عمرو، فخالفوا فيه الرواة الذين سبق ذكرهم.
أما الإمام مالك فأخرجه في "الموطأ" (2 / 985 رقم 5) في الكلام، باب ما يؤمر به من التحفظ في الكلام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المزني، به نحو لفظ المصنف، هكذا بإسقاط علقمة من الإسناد.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه:
ابن وهب في "الجامع" (1 / 47 - 48) .
والنسائي في الرقاق من "سننه الكبرى" كما في "تحفة الأشراف" (2 / 103 رقم 2028) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 355 - 356 رقم 1134) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 46) . =(4/1416)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص279 - 280) .
وأخرجه هنّاد في "الزهد" (2 / 551 رقم 1140) ، فقال: حدثنا أبو بكر بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث المزني ... ، فذكره بنحوه هكذا متابعًا للإمام مالك بإسقاط علقمة من سنده.
وقد ذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 50) أن عبد الرحمن بن عبد ربه اليشكري رواه عن الإمام مالك، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده مثل رواية الجماعة.
ورواه محمد بن عجلان واخُتلف عليه.
فرواه عنه حيوة بن شُريح، عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال ابن الحارث مثل رواية الجماعة.
ذكر هذه الرواية ابن عبد البر في الموضع السابق من "التمهيد".
ورواه الليث بن سعد وابن لهيعة عن محمد بن عجلان، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث مثل رواية الإمام مالك بإسقاط علقمة من سنده.
أما رواية الليث بن سعد فأخرجها النسائي في كتاب الرقاق كما في الموضع السابق من "تحفة الأشراف".
والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 355 رقم 1133) .
ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص280) .
وأما رواية ابن لهيعة فأخرجها ابن عساكر في الموضع السابق، وأشار إليها وإلى رواية الليث بن عبد البر في "التمهيد" (13 / 49) .
والصواب رواية الجماعة للحديث عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، وهذا ما صوّبه البخاري والحاكم والدارقطني وابن عبد البر وابن عساكر.
أما البخاري فإنه أخرج الحديث في "التاريخ الصغير" (1 / 94) من طريق المُسْنَدي، عن محمد بن عمرو مثل رواية الجماعة كما سبق، ثم قال: ((وقال =(4/1417)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مالك: عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والأول أصحّ)) .
وأما الحاكم فإنه أخرج الحديث في "المستدرك" (1 / 44 - 46) أوّلاً من طريق سعيد بن عامر كما سبق ثم صححه، ثم قال: ((هكذا رواه سفيان الثوري وإسماعيل بن جعفر وعبد العزيز الدراوردي ومحمد بن بشر العبدي وغيرهم)) ، ثم ساقه من طريق هؤلاء، ثم قال: ((قصّر مالك بن أنس برواية هذا الحديث عن محمد بن عمرو، ولم يذكر علقمة بن وقّاص)) ، ثم ساقه من طريقه، ثم قال: ((هذا لا يوهن الإجماع الذي قدّمنا ذكره، بل يزيده تأكيدًا بمتابع مثل مالك، إلا أن القول فيه ما قالوه بالزيادة في إقامة إسناده)) . اهـ. وأما الدارقطني وابن عبد البر، فإن ابن عبد البر أورد الحديث في "التمهيد" (13 / 49) من وراية الإمام مالك، ثم قال: ((هكذا روى هذا الحديث جماعة الرواة للموطأ، وغير مالك يقول في هذا الحديث: عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، فهو في رواية مالك غير متصل، وفي رواية من قال: عن أبيه، عن جده متصل مسند.
وقد تابع مالكًا على مثل روايته عن محمد بن عمرو، عن أبيه: الليث بن سعد وابن لهيعة؛ روياه عن ابن عجلان، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن بلال بن الحارث، لم يقولا: عن جده. ورواه الدَّرَاوَرْدي وسفيان بن عيينة ومعاذ بن معاذ وأبو معاوية الضرير وسعيد بن عامر ويزيد بن هارون ومحمد بن بشر وعبد الرحمن المحاربي ومحمد ويعلى ابنا عبيد عن محمد بن عمرو، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال بن الحارث، وتابعهم حَيْوة بن شريح، عن ابن عجلان، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده، وتابعهم أيضًا شيخ يكنّى: أبا سفيان: عبد الرحمن بن عبد ربه اليشكري، عن مالك، عن محمد بن عمرو، عن أبيه، عن جده ... ، والقول عندي فيه - والله أعلم -: قول من قال: عن أبيه، عن جده، وإليه مال الدارقطني رحمه الله)) . اهـ.
وأما ابن عساكر فإنه أطال الكلام في ذكر الاختلاف في هذا الحديث وإخراج طرقه، وذلك في ترجمة بلال بن الحارث من "تاريخه" (10 / 279 - 286 / طبع =(4/1418)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= المجمع العلمي بدمشق) ، فأخرجه من طريق الإمام مالك، ثم قال: ((هكذا رواه مالك بن أنس، عن محمد بن عمرو، وتابعه محمد بن عجلان، عن محمد بن عمرو ... )) ، ثم أخرجه من طريق ابن عجلان وطرق أخرى، ثم قال: ((وهذه الأسانيد كلها فيها خلل، والصواب رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال؛ كذلك رواه سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وأبو ضمرة أنس بن عياض ويزيد بن هارون وأبو معاوية وإسماعيل بن جعفر ويعلى بن عبيد وسعيد بن عامر ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ وعبد العزيز بن محمد الداوردي ... )) ، ثم أخذ في إخراج الحديث من هذه الطرق، ثم قال: ((وكذا رواه محمد بن عبيد أخو يعلى بن عبيد وعبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفيان ويحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ البصريان، عن محمد بن عمرو، وهو محفوظ من حديث علقمة بن وقاص، عن بلال، كذلك رواه مالك بن أبي عامر الأصبحي جد مالك بن أنس، ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن علقمة ... )) ، ثم أخرجه ابن عساكر من طريق أبي سهيل بن مالك بن أبي عامر الأصبحي، عن ابيه، عن علمقة بن وقّاص الليثي، قال: أقبلت راكبًا، فناداني بلال بن الحارث المزني، فوفقت له حتى جاءني، فقال: يا علقمة، إنك أصبحت اليوم وجهًا من وجوه المهاجرين، وإنك تدخل على هذا الإنسان - يعني مروان -، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((يكون بعدي أمراء، من دخل عليهم فليقل حقًا، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة يُرضي بها السلطان، فيهوي بها أبعد من السماء)) .
ثم أخرجه ابن عساكر أيضًا من طريق مؤمَّل بن إسماعيل، عن سفيان الثوري وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، ثلاثتهم عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن وقّاص، حدثني بلال بن الحارث ... ، فذكره بنحو سياق المصنِّف)) وزاد في آخره: قال علقمة بن وقاص: كم من كلام قد منعني أتكلم به حديث بلال بن الحارث.
قلت: هكذا رواه مؤمَّل عن هؤلاء الثلاثة، ومنهم حماد بن سلمة، والمحفوظ =(4/1419)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن حماد بن سلمة أنه رواه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة، كذا رواه حجاج بن منهال، وأسد بن موسى، وإبراهيم السَّامي، ثلاثتهم عن حماد به، وقد أخطأ فيه حماد.
أما حديث حجاج بن منهال، فأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص140 رقم 358) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 356 رقم 1135) .
وأما حديث أسد بن موسى فأخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (13 / 52) .
وأما حديث إبراهيم السّامي فأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص281) .
قال الطبراني: ((رواه حماد بن سلمة، فخالف الناس فيه)) .
وقال ابن عبد البر: ((هكذا قال حماد بن سلمة في هذا الحديث: عن محمد بن عمرو، عن محمد بن إبراهيم التيمي، وهو عندي وهم - والله أعلم -، والصحيح ما قالته الجماعة: عن محمد بن عمرو، عن أبيه)) . اهـ.
وذكره الحافظ ابن عساكر مع حديثي مالك وابن عجلان المتقدمين، ثم قال: ((وهذه الأسانيد كلها فيها خلل، والصواب رواية مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال)) . اهـ.
وروى الحديث موسى بن عقبة، واختُلف عليه. وقد أشار لهذا الاختلاف ابن عساكر في الموضع السابق (ص280) حيث قال: ((ورواه موسى بن عقبة، عن محمد بن عمرو، فاختُلف عنه فيه، فرواه إبراهيم بن طَهْمان، عن موسى، عن محمد، عن جده، عن بلال، ولم يذكر أباه، ورواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ موسى بن عقبة، عن علقمة بن وقاص، عن بلال، ولم يذكر محمدًا ولا أباه)) . اهـ.
قلت: أما رواية إبراهيم بن طهمان فأخرجها النسائي في الرقاق من "سننه الكبرى" كما في تحفة "الأشراف" (2 / 556) .
وابن عساكر في الموضع السابق. =(4/1420)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كلاهما من طريق أحمد بن حفص بن عبد الله، عن أبيه، عن إبراهيم بن طَهْمان، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص، عن جده علقمة، عن بلال بن الحارث ... به نحول لفظ المصنِّف.
ونقل ابن عساكر عن الحافظ أبي حامد بن الشَّرْقي قوله: ((لم يقم بهذا الإسناد مالك بن أنس ولا موسى بن عقبة، تَرَك أحدهما أباه، والآخر جده، وأقامه سفيان الثوري، فقال: عن محمد عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ بلال)) . اهـ.
وأما رواية ابن المبارك، فأخرجها هو في "كتاب الزهد" (ص490 رقم 1394) ، فقال: أخبرنا موسى، عن علقمة بن وقاص الليثي، أن بلال بن الحارث المزني قال له: إني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء وتغشاهم، فانظر ماذا تحاضرهم به؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول ... ، فذكره بنحو سياق المصنِّف، وزاد في آخره: وكان علقمة يقول: رُبَّ حديث قد حال بيني وبينه ما سمعت من بلال.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه:
البخاري في "التاريخ الصغير" (1 / 95) .
والنسائي في الرقاق كما في الموضع السابق من "التحفة".
والطبراني في "المعجم الكبير" (1 / 356 رقم 1136) .
وأبو نعيم في "الحلية" (8 / 187) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 165) في قتال أهل البغي، باب ما على الرجل من حفظ اللسان عند السلطان وغيره.
والبغوي في "شرح السنة" (14 / 315 رقم 4125) .
وابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص281) .
قال النسائي: ((موسى بن عقبة لم يسمع من علقمة بن وقّاص)) .
وقال البغوي: ((هذا حديث صحيح)) .
قلت: الحديث صحيح من هذا الطريق كما قال البغوي - رحمه الله -، فموسى بن عقبة =(4/1421)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تقدم في الحديث [324] أنه ثقة فقيه إمام في المغازي، وقد قال البخاري في "التاريخ الكبير" (7 / 292 رقم 1247) : ((قال علي - يعني ابن المديني -: وقد سمع موسى بن عقبة من علقمة بن وقاص)) .
وأما مخالفة إبراهيم بن طهمان لابن المبارك في سند الحديث فلا تضرّه؛ لأن ابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جُمعت فيه خصال الخير كما في ترجمته في الحديث [42] .
وإبراهيم بن طَهْمَان بن شعبة الخُراساني، أبو سعيد، سكن نيسابور، ثم مكة، روى عن أبي إسحاق السبيعي وأبي إسحاق الشيباني وأبي الزبير والأعمش وشعبة وسفيان الثوري وموسى بن عقبة وغيرهم، روى عنه حفص بن عبد الله السُّلمي وعبد الله بن المبارك وأبو عامر العَقَدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة، وهو ثقة يُغْرب، وتُكُلِّم فيه للإرجاء، ويقال: رجع عنه، وقد روى له الجماعة وقد وثقه الإمام أحمد وأبو داود وأبو حاتم وزاد: ((صدوق حسن الحديث)) ، وقال عبد الله بن المبارك: ((صحيح الحديث)) ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: ((كان ثقة في الحديث، لم يزل الأئمة يشتهون حديثه ويرغبون فيه ويوثِّقونه)) ، وقال إسحاق بن راهويه: ((كان صحيح الحديث، حسن الرواية، كثير السماع، ما كان بخراسان أكثر حديثًا منه، وهو ثقة)) ، وقد أنكرت عليه بعض الأحاديث التي تفرّد بها؛ قال السليماني: ((أنكروا عليه حديثه عن أبي الزبير، عن جابر في رفع اليدين، وحديثه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أنس: رفعت لي سدرة المنتهى فإذا أربعة أنهار)) ، وذكره ابن حبان في "كتاب الثقات"، ثم قال: ((قد روى أحاديث مستقيمة تشبه أحاديث الأثبات، وقد تفرّد عن الثقات بأشياء معضلات)) ، ووصف إبراهيم هذا بالإرجاء؛ قال الإمام أحمد: ((كان يرى الإرجاء، وكان شديدًا على الجهمّية)) ، وقال الدارقطني: ((ثقة، إنما تكلموا فيه للإرجاء)) ، وقال الحافظ ابن حجر في معرض الدفاع عنه: ((الحق فه أنه ثقة صحيح الحديث إذا روى عنه ثقة، ولم يثبت غلوُّه في الإرجاء، ولا كان داعية إليه، بل ذكر =(4/1422)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} ]
707- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عن ابن أبي نجيح، [ل129/أ] عَنْ (1) إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظلم} - قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ تَسْتَضِيفُهُ فَلَا يُضِيفُكَ، فَقَدْ رُخِّص لَكَ أَنْ تقوله (3) .
__________
= الحاكم أنه رجع عنه، والله أعلم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 107 - 108 رقم 307) ، و"التهذيب" (1 / 129 - 131 رقم 231) و (10 / 361) ، و"التقريب" (ص90 رقم 189) .
وبه يتضح أن ابن المبارك أوثق من إبراهيم بن طهمان، مع كونهما ثقتين، وعليه فالحديث صحيح من هذا الطريق، مع ما يضاف إليه من طريق محمد بن عمرو، وقد صححه جمع من الأئمة كما سبق، وصححه كذلك الشيخ ناصر الدين الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 579 - 580 رقم 888) .
وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن العبد لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم)) .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 308 رقم 6477 و 6478) في الرقاق، باب حفظ اللسان، واللفظ له.
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2290 رقم 49 و 50) في الزهد والرقائق، باب التكلم بالكلمة يهوي بها في النار، ولفظه: ((إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب)) .
(1) في الأصل: ((وعن)) كأنه من كلام سفيان بن عيينة، وما أثبته من مصادر التخريج، ومصادر ترجمة إبراهيم.
(2) هو إبراهيم بن أبي بكر المكِّي، الأخْنَسي، ويقال: إبراهيم بن بُكَير بن أبي أُميَّة، مستور من الطبقة السادسة كما في "التقريب" (ص88 رقم 157) ، يروي عن =(4/1423)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= طاوس ومجاهد، روى عنه ابن أبي نجيح وابن جريج وإسماعيل بن أمية ومنصور بن المعتمر، ذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 276 رقم 887) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 90 رقم 229) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 14) ، وقال ابن حجر: ((قرأت بخطّ الذهبي: محلّه الصدق)) . انظر "التهذيب" (1 / 111 رقم 193) .
(3) أي تقول: إنه لم يُضَيِّفني.
[707] سنده ضعيف لجهالة حال إبراهيم بن أبي بكر، وهو حسن لغيره؛ لأنه تابعه المثنى بن الصبَّاح عن مجاهد كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 723) للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 347 رقم 10759) من طريق أحمد بن حماد الدُّولابي، عن سفيان بن عيينة، به بلفظ: هو في الضيافة؛ يأتي الرجل القوم فينزل عليهم، فلا يضيفونه، رخّص الله له أن يقول فيهم.
وأخرجه أيضًا برقم (10758) من طريق سفيان بن وكيع، عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مجاهد، وعن سفيان أيضًا عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ عَنْ مُجَاهِدٍ: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} ، قال: هو الرجل ينزل بالرجل فلا يحسن إليه، فقد رخّص الله له أن يقول فيه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 195 / ب) من طريق يونس بن عبد الأعلى وسليمان بن داود، كلاهما عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} -، قال: هو في الضيافة؛ يأتي الرجل إلى القوم وهو مسافر، فلم يضيفوه، فرخص له أن ينزل لهم ويسمعهم.
وأخرجه ابو عمرو الداني في "المكتفى" (ص228 - 229) من طريق سعيد =(4/1424)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ مجاهد - في قوله {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} -، قال: ذلك في الضيافة، إذا تضيَّفته فلم يضفك، فأنت في حل أن تذكر ما صنع بك، وهو حق عليه.
وأخرجه مسلم بن خالد الزَّنْجي في "تفسيره" (ص86 رقم 200) ، عن ابن أبي نجيح - في قوله: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} -، قال: قال مجاهد: الرجل يضيف الرجل، فلا يضيِّفه، فقد رخص له أن يذكر منه ما صنع به.
ومن طريق مسلم بن خالد أخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص179) ، وزاد في آخره قوله: ((أي لم يَقْرِني ولم يضيفني)) .
وتابع محمدُ بن إسحاق مسلمَ بن خالد على روايته هكذا عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد بإسقاط إبراهيم بن أبي بكر.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 345 و 346 رقم 10753 و 10755) من طريق معاوية وحجاج بن منهال، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به بمعنى ما سبق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10761) من طريق الحسين بن داود، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج: قال مجاهد: إلا من ظلم فانتصر، يجهر بسوء. قال مجاهد: نزلت في رجل ضاف رجلاً بفلاة من الأرض، فلم يُضِفْه، فنزلت: {إلا من ظلم} ، ذكر أنه لم يضفه، لا يزيد على ذلك.
والحسين بن داود تقدم في الحديث [206] أنه ضعيف، ومع ذلك فالأقرب أن ابن جريج سمعه من إبراهيم بن أبي بكر، فدلّسه، لأنه لم يسمع من مجاهد إلا حرفًا واحد كما في "تهذيب التهذيب" (6 / 405) نقلاً عن البَرْديجي.
وللحديث طريق آخر عن مجاهد.
أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 176) فقال: سمعت المثنّى بن الصَّبَّاح يحدث =(4/1425)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ من القول ... } الآية -، قال: ضاف رجل رجلاً فلم يؤدّ إليه حق ضيافته، فلما خرج أخبر الناس، فقال: ضفتُ فلانًا فلم يؤدّ إليّ حقّ ضيافتي، فذلك جهر بالسوء، {إلا من ظلم} ؛ حين لم يؤدّ الآخر حق ضيافته.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير برقم (10760) .
وابن أبي حاتم (2 / ل 195 / أ، وب) .
وسنده ضعيف من هذا الطريق.
فالمثنّى بن الصبّاح - بالمهملة والموحّدة الثقيلة -، اليماني، الأبناوي - بفتح الهمزة وسكون الموحّدة، بعدها نون -، أبو عبد الله، أو: أبو يحيى، نزيل مكة، يروي عن طاوس ومجاهد وعطاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي مُليكة وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وعيسى بن يونس والوليد بن مسلم وعبد الرزاق وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائة، وهو ضعيف اختلط بأخرةٍ، وكان عابدًا، فقد تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، وقال الإمام أحمد: ((لا يساوي حديثه شيئًا، مضطرب الحديث)) ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ((ليّن الحديث)) ، وقال السّاجي: ((ضعيف الحيدث جدًّا، حدّث بمناكير، ويطول ذكرها، وكان عابدًا يَهِمُ)) ، وذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: ((كان ممن اختلط في آخر عمره)) ، وقال داود العطّار: ((لم أدرك في هذا المسجد أحدًا أعبد من المثنى بن الصباح والزنجي: ابن خالد)) ، ووثقه ابن معين في رواية، وضعّفه في أخرى وزاد: ((يكتب حديثه ولا يُترك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 324 - 325 رقم 1494) ، و"التهذيب" (10 / 35 - 37 رقم 58) ، و"التقريب" (ص519 رقم 6471) .
ومع ضعف المثنى، فما ذكر مجاهد من سبب نزول الآية مرسل، لم يذكر مجاهد من حدثه به، فالحديث ضعيف من هذا الطريق، وهو حسن لغيره عن مجاهد بالطريق التي رواها المصنِّف وغيره، والله أعلم.(4/1426)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ} ]
708- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الحَكَم بْنُ ظُهَيْر (1) ، عَنِ السُّدِّي (2) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّعْقَةُ} (3) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} ]
709- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (3) ، عَنْ خُصَيْف (4) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} - قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ أبَيّ: {قَبْلَ مَوْتِهِمْ} ، قَالَ: لَيْسَ يَهُودِيٌّ يموت أبدًا =
__________
(1) تقدم في الحديث [421] أنه متروك اتَّهمه ابن معين، ورمي بالرَّفْض.
(2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [174] أنه صدوق يَهِم.
(3) ذكر القرطبي في "تفسيره" (17 / 51) عند قوله تعالى: {فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون} [الآية (44) من سورة الذرايات] أن عمر بن الخطاب وحُميدًا وابنَ مُحيصن ومجاهدًا والكسائي قرأوا: {الصَّعْقَة} .
[708] سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال الحكم والسُّدِّي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 726) للمصنِّف وعبد بن حميد.
(3) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به إلا في روايته عن خُصيف، فإنها منكرة.
(4) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.(4/1427)
= حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ خَرَّ مِنْ فوقِ بيتٍ؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ بِهِ فِي الهُوِيِّ (5) ، فَقِيلَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضُرب عُنُقُ أحدهم؟ قال: يَتَلَجْلَجُ (6) بها.
__________
(5) أي في هبوطه وسقوطه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 284 - 285) .
(6) أي يرددها كما في "النهاية" (4 / 234) ، والمعنى: أن لسانه يرددها وإن قُطع رأسه.
[709] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف وعتّاب، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 733) للمصنِّف والطيالسي وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 383 رقم 10814) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله، إلا أنه قال: ((يُلَجْلِجُ بها لسانه)) .
وأخرجه عبد بن حميد في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 200 / ب) .
وابن جرير برقم (10815) .
كلاهما من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} ، قال: لا يموت يهودي حتى يؤمن بعيسى بن مريم، قال: وإن ضُرب بالسيف يتكلم به، قال: وإن هَوَى يتكلم به وهو يهوي. اهـ. واللفظ لابن جرير، ونحوه لفظ عبد بن حميد.
وهذا ضعيف أيضًا لضعف خُصيف، وفيه مخالفة من سفيان الثوري لعتّاب؛ وذلك أن الراوي للحديث عن ابن عباس هو سعيد بن جبير في رواية عتاب، وعكرمة في رواية سفيان، وسفيان أوثق من عتاب بدرجات، وقد يكون =(4/1428)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الاختلاف من خُصيف نفسه.
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 577) .
ومن طريق الطيالسي أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 200 / أ) .
وأخرجه ابن جرير برقم (10816) .
أما الطيالسي فعن شعبة بلا واسطة، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، كلاهما عن شعبة، عن أبي هارون الغنوي، سمع عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} -، قال: لو أن يهوديًا وقع من حائط إلى الأرض، لم يمت حتى يؤمن به - يعني عيسى عليه السلام -.
وصحح سنده الحافظ ابن كثير في الموضع السابق، وهو كذلك، فشعبة، وعكرمة تقدم أنها ثقتان.
وأما إبراهيم بن العلاء أبو هارون الغَنَوي - بفتح المعجمة والنون -، البصري، فإنه ثقة من الطبقة السادسة، يروي عن عكرمة وأبي مِجْلَز وحطان بن عبد الله، روى عنه شعبة وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وابن المبارك وغيرهم، وقد وثقه ابن المديني وابن معين وابن سعد والعجلي وغيرهم، بل قال ابن معين: ((ليس يسئل عنه)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (7 / 261) ، و"سؤالات ابن الجنيد لابن معين" (ص70 - 71 رقم 390) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص53 رقم 32) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص 33 رقم 43) ، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 977 رقم 1193) ، و"التقريب" (ص680 رقم 8422) .
وقد ذكر ابن عدي أبا هارون هذا في "الكامل" (1 / 212 - 213) لكون ابن المثنى ذكر أنه لم يسمع يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي يحدثان عنه، ثم قال ابن عدي: ((هو ممن يكتب حديثه، وهو متماسك، حدّث عنه شعبة وهو إلى الصدق أقرب)) . =(4/1429)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكره الذهبي في "الميزان" (1 / 49 رقم 152) وقال: ((وثقه جماعة، ووهّاه شعبة فيما قيل، ولم يصحّ، بل صحّ أنه حدَّث عنه، وقد وثقه يحيى بن معين، وهو بصري صدوق، قال ابن عدي: هو إلى الصدق أقرب، ولم يحدِّث عنه القطان وابن مهدي، وقال ابن عدي: متماسك)) . اهـ.
قلت: أما ما نقل عن شعبة فقد كفانا مؤنة ردِّه الذهبي كما سبق، وأما ما نقله ابن المثنى عن القطان وابن مهدي فلا يستدّل به على أنهما تركاه؛ لأن غاية ما هنالك أنه لم يسمعهما يحدثان عنه، فهل سمع منهما ابن المثنى كل شيء؟ ثم لو صحّ أنهما تركاه لكان ذلك معارضًا بتوثيق مَنْ سبق ذكره، وهو جرح مجمل معارَض بتوثيق أئمة أمثال ابن المديني وابن معين، فلا يُقدح في الرجل لهذا النقل، والله أعلم.
تنبيه: جاءت كنية إبراهيم بن العلاء هذا في الموضع السابق من "طبقات ابن سعد" هكذا: ((أبو مروان)) ، وهو تصحيف بسبب تقارب الرسم.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر إبراهيم هذا في الكنى من "التهذيب" (12 / 260 رقم 1205) ، ثم قال: ((اسمه إبراهيم بن العلاء، تقدَّم)) ، ولم يذكره فيما تقدم.
وقد روي الحديث من طريق آخر عن سعيد، لكنه مختصر.
فأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص98 رقم 229) عن أبي حَصين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عن ابن عباس: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا ليؤمنن به قبل موته} ، قال: قبل موت عيسى - صلى الله عليه وسلم -.
وسنده صحيح، وأبو حَصين اسمه: عثمان بن عاصم، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت سني، روى له الجماعة.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 380 رقم 10794 و 10795) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 200 / ب) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 309) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن أبي حصين، به. =(4/1430)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} ]
710- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: (قَرَأَ) (1) ابْنُ عَبَّاسٍ: (طَيِّبَاتٍ كَانَتْ أحلت لهم) (2) .
__________
= قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
(1) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "كتاب المصاحف" لابن أبي داود، لأنه روى الحديث من طريق المصنِّف.
(2) في الأصل: {حرمنا عليكم طيبات كانت أحلت لهم} ، فحذفت قوله: {حرمنا عليكم} ؛ لأن السيوطي نقله في "الدر" (2 / 743) هكذا عن المصنف وغيره؛ ولأن ابن أبي داود رواه من طريق المصنف كما سيأتي ولم يذكرها هو ومن أخرج الحديث.
[710] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 743) للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي داود في "كتاب المصاحف" (ص87) من طريق المصنِّف والحميدي، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به مثله.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2 / ل 200 / ب) من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن سفيان، به مثله.(4/1431)
باب
[تفسير سورة المائدة] (1)
__________
(1) العنوان ليس في الأصل.(4/1435)
تَفْسِيرُ سُورَةِ الْمَائِدَةِ
711- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي مَيْسرة (3) ، قَالَ: آخِرُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ فِي الْقُرْآنِ سُورَةُ الْمَائِدَةِ، وَإِنَّ فيها لَسَبْعَ عَشْرَة فريضة (4) .
__________
(1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ.
(2) هو السبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس، واختلط بأخَرةٍ، ولم يصرح هنا بالسماع، ولم يُذكر حُديج فيمن روى عنه قبل الاختلاط.
(3) هو عمرو بن شُرَحْبيل الهَمْداني، أبو مَيْسرة الكوفي، ثقة عابد مخضرم روى له الجماعة إلا ابن ماجه، روى عن عُمر وعليّ وابن مسعود وحذيفة وسلمان وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو وائل شقيق بن سلمة ومسروق وغيرهم، روى عنه إسحاق السبيعي وأبو وائل شقيق بن سلمة ومسروق وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، كان أبو وائل يقول: ((ما اشتملت همدانية على مثل أبي ميسرة، قيل له: ولا مسروق، فقال: ولا مسروق)) ، وقال في رواية: ((كان من أفاضل أصحاب عبد الله)) ، وقال علي بن المديني: ((أعلم الناس بعبد الله: علقمة والأسود وعَبيدة والحارث بن قيس وعمرو بن شرحبيل ... ، فكان علم هؤلاء وحديثهم انتهى إلى سفيان بن سعيد)) ، وقال مسروق: ((ما بالكوفة أحب إليّ أن أكون في مسلاخه من عمرو بن شرحبيل)) ، وكذا قال أبو وائل شقيق بن سلمة، وقال أبو إسحاق السبيعي: ((رأيت أبا جُحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذًا بقائمة السرير حتى أُخرج، ثم جعل يقول: غفر الله لك يا أبا ميسرة، فلم يفارقه حتى أتى القبر)) ، وقال أبو إسحاق أيضًا: ((كان أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل يقول: ليت أمي لم تَلِدْني، فقالت له امرأته: لِمَ يا أبا ميسرة؟ قال: لأني أُوْعِدْتُ أني وارد، ولم أوعد أني صادر)) - يعني قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} [الآية (71) من سورة مريم] ، ,وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ((كان من العبّاد، وكانت ركبته كركبة البعير من كثرة الصلاة)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 106 - 109) ، =(4/1435)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= و"المعرفة والتاريخ" ليعقوب بن سفيان (2 / 558 و 562 و 668) ، و"التهذيب" (8 / 47 رقم 78) ، و"التقريب" (ص422 رقم 5048) .
(4) سيأتي ذكر هذه الفرائض في تخريج الحديث.
[711] سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي إسحاق وحُديج.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 4) للمصنِّف وابن المنذر.
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص137 رقم 250) من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة قال: في المائدة ثمان عشرة فريضة، وليس فيها منسوخ.
وهذه الرواية أرجح من رواية حُديج، لأن حال إسرائيل في جدِّه أبي إسحاق أحسن من حال حُديج كما يتضح من ترجمة إسرائيل في الحديث [421] ، مع أنه ممن روى عنه بعد الاختلاط.
وذكر هذه الرواية السيوطي في الموضع السابق من "الدرّ"، وعزاها لأبي عبيد والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ، بلفظ أتم من هذا، وهو: في المائدة ثمان عشرة فريضة ليس في سورة من القرآن غيرها، وليس فيها منسوخ: المُنْخَنِقَةُ، والمَوْقُوذَة، والمتردِّية، والنَّطحية، وما أكل السَّبُع إلا ما ذكيتم، وما ذبح على النصب، وأن تستقسموا بالأزلام، والجوارح مُكَلِّبين، وطعام الذين أوتوا الكتاب، وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ، وتمام الطهور، وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا، والسارق والسارقة، و: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ... } الآية.
وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص297) من طريق إسرائيل، به مختصرًا بلفظ: المائدة ليس فيها منسوخ.
وقد صحّف المحقق: ((عمرو بن شرحبيل)) ، إلى: ((عامر بن شراحيل)) .
وأخرجه كذلك مختصرًا ابن النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص141) من طريق سفيان الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة قال: لم يُنسخ من =(4/1436)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الحَرَامَ وَلَا الهَدْيَ وَلَا القَلَائِدَ} ]
712- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبي يَقُولُ: لَمْ يُنْسَخْ مِنَ الْمَائِدَةِ إِلَّا هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا القلائد} .
__________
= المائدة شيء.
وسيأتي في الحديث بعده عن الشعبي أن هناك آية واحدة نسخت من المائدة.
(1) هو ابن بِشْر.
[712] سنده صحيح عن الشعبي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 4) لعبد بن حميد وأبي داود في "ناسخه" وابن جرير وابن المنذر والنحّاس.
وقد أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص99 رقم 233) عن بيان بن بشر، به نحوه، وزاد: نسختها: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} . [الآية (5) من سورة التوبة] .
ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 181) .
وأبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص137 رقم 248) .
وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص301) .
إلا أن عبد الرزاق وأبا عبيدة لم يذكرا الزيادة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (9 / 475 - 476 رقم 10966) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص142) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (10964) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ بيان، به نحوه.(4/1437)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلَامَ دِينًا} ]
713- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نا دَاوُدُ (2) ، عَنِ الشَّعْبي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} - قَالَ: نَزَلَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ، حِينَ اضْمَحَلَّ (3) الشِّرْك، وهُدِّمِت مَنارُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ عُرْيان (4) .
__________
(1) أي: ابن عُلَيَّة.
(2) هو ابن أبي هند.
(3) أي: ذهب. انظر "لسان العرب" (11 / 396) .
(4) يوضَّحه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 515 رقم 1665) في الحج، باب الوقوف بعرفة، من طريق هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ عروة قال: كان الناس يطوفون في الجاهلية عُرَاةً، إلا الحُمْسَ - والحُمْسُ: قريش وما وَلَدَتْ -، وكانت الحُمْس يحتسبون على الناس؛ يعطي الرجلُ الرجلَ الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأةُ المرأة الثياب تطوف فيها، فمن لم يُعطِه الحُمْسُ طاف بالبيت عُريانًا ... الحديث.
[713] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِِلِه الشعبي، ومعناه ثابت في "الصحيحين" كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 17) لابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 522 رقم 11092) من طريقي يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل بن عليّة، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11090 و 11091 و 11102 و 11103) من طريق عبد الله بن إدريس وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وبشر بن الفضل =(4/1438)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} ]
714- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (1) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبيد الكَلاَعي قَالَ: سَأَلْتُ مَكْحولاً عَنْ ذَبَائِحِ عِيْدَات أَهْلِ الْكِتَابِ، والمُرَتَّبَات لِكَنَائِسِهِمْ، فَتَلَا هَذِهِ الآية: {اليوم أحل =
__________
= وعبد الوهاب الثقفي، أربعتهم عن داود، به، ولفظ عبد الأعلى وابن إدريس نحوه، إلا أن لفظ عبد الأعلى أتمّ، وأما لفظ بشر وعبد الوهاب فبمعناه مختصرًا.
ويشهد له ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 270 رقم 4606) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {اليوم أكملت لكم دينكم} .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2312 - 2313) رقم 3 و 4 و 5) في كتاب التفسير.
كلاهما من طريق قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب أن اليهود، قالوا لعمر: إنكم تقرأون آية لو أنزلت فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال عمر: إني لأعلم حيث أُنزلت، وأي يوم أُنزلت، وأين رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - حيث أنزلت، أنزلت بعرفة وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - واقف بعرفة - يعني: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عليكم نعمتي} -.
وفي لفظ: جاء رجل من اليهود إلى عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم تقرأونها، لو علينا نزلت معشر اليهود، لاتّخذنا ذلك اليوم عيدًا، قال: وأي آية؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دينًا} ، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - بعرفات، في يوم الجمعة.
وكلا اللفظين لمسلم.
(1) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن الشاميين أهل بلده، مُخَلِّط في غيرهم، وأنه مدلس، وهذا الحديث من روايته عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدٍ الكَلاَعي، وهو دمشقي كما في ترجمته في الحديث [70] ، لكن لم يصرِّح إسماعيل =(4/1439)
= لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لهم} قَالَ: طَعَامُهُمْ: ذَبَائِحُهُمْ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ} ]
715- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم قَالَ: نَا خَالِدٌ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عن
__________
= هنا بالسماع منه.
[714] سنده ضعيف لأن إسماعيل مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع.
ولم أجد من أخرج هذه الأثر غير المصنف.
وقال القرطبي في "تفسيره" (6 / 76) : ((والطعام اسم لما يؤكل، والذبائح منه، وهو هنا خاص بالذبائح عند كثير من أهل العلم بالتأويل. وأما ما حرم علينا من طعامهم، فليس بداخل تحت عموم الخطاب؛ قال ابن عباس قال الله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يذكر اسم الله عليه} ، ثم استثنى فقال: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لكم} يعني ذبيحة اليهودي والنصراني، وإن كان النصراني يقول عند الذبح: باسم المسيح، واليهودي يقول: باسم عزير؛ وذلك لأنهم يذبحون على الملّة. وقال عطاء: كل من ذبيحة النصراني وإن قال باسم المسيح؛ لأن الله جل وعز قد أباح ذبائحهم وقد علم ما يقولون. وقال القاسم بن مخميرة: كل من ذبيحته وإن قال باسم سرجس - اسم كنيسة لهم - وهو قول الزهري وربيعة والشعبي ومكحول؛ وروي عن صحابيين: عن أبي الدرداء، وعبادة بن الصامت. وقالت طائفة: إذا سمعت الكتابي يسمي غير اسم الله عز وجل فلا تأكل، وقال بهذا من الصحابة علي وعائشة وابن عمر وهو قول طاوس والحسن متمسكين بقوله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يَذْكُرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لفسق} .
وقال مالك: أكره ذلك، ولم يحرِّمه)) . اهـ.
(1) هو ابن مَهْران الحَذَّاء.(4/1440)
ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وأَرْجُلَكم} ، قَالَ: عَادَ إلى الغَسْل.
__________
[715] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 27 - 28) للمصنِّف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس.
وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) .
وابن المنذر في "الأوسط" (1 / 411 رقم 415) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص149) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 70) في الطهارة، باب قراءة من قرأ وأرجلَكم نصبًا، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة.
جميعهم من طريق المصنِّف، به، ولفظ الطحاوي والنحاس والبيهقي مثله، إلا أن النحاس قال: {وأرجلكم} - بالنصب -، وأما البيهقي فقال: ((عاد الأمر إلى الغسل)) .
وأما ابن المنذر فإنه عطف لفظه على لفظٍ سابق بنحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 20) .
ومن طريقه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 410 رقم 414) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 55 رقم 11459) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 39) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 25) .
جميعهم من طريق خالد، به نحوه، إلا أن الطحاوي لم يذكر قوله: ((قال: عاد إلى الغسل)) .
وأخرجه الطحاوي أيضًا (1 / 40) من طريق يوسف بن مهران، عن ابن عباس مثل سابقه، وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 25) من نفس الطريق، به، وزاد: ((قال هو المسح)) .
وفي سنده عندهما الراوي له عن يوسف وهو علي بن زيد بن جُدعان، وتقدم في الحديث [4] أنه ضعيف.(4/1441)
716- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا أَبُو مُحَمَّدٍ مَوْلَى قُرَيْشٍ (1) ، قَالَ: نا عَبَّاد بْنُ الرَّبيع (2) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.
__________
(1) أبو محمد مولى قريش يروي عن عباد بن الربيع، لم يرو عنه سوى هشيم، قال أبو حاتم: ((مجهول)) كما في "الجرح والتعديل" (9 / 434 رقم 2163) ، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (9 / 67 رقم 621) ، وقال ابن حبان في ترجمة عباد بن الربيع الآتية: ((إن لم يكن أبو محمد هو الأعمش، فلا أدري من هو)) ، وانظر "لسان الميزان" (7 / 101 رقم 1079) .
أقول: وليس هو الأعمش، فأبو محمد مولىً لقريش، وأما الأعمش فهو من بني أسد كما في ترجمته في الحديث [3] .
(2) عبّاد بن الربيع الكوفي، إمام نُخَيْلَةَ، يروي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لم يرو عنه سوى أبي محمد مولى قريش، وكلاهما مجهول؛ فقد ذكر عبادًا هذا البخاري في "تاريخه الكبير" (6 / 35 رقم 1603) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 79 رقم 404) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 142) .
ونُخَيْلَةُ: موضع قرب الكوفة على سَمْت الشام. انظر "معجم البلدان" (5 / 278) .
[716] سنده ضعيف لجهالة عباد وأبي محمد.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 28) للمصنِّف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 411 رقم 416) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 70) في الطهارة، باب قراءة من قرا: (وأرجلكم) - نصبًا -، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة.
كلاهما من طريق المصنِّف، به مثله سواء.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 54 - 55 رقم 11458) من طريق حفص بن سليمان الغاضري، عن عاصم بن كليب، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلمي، =(4/1442)
717- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (1) ، وَعَبَّادٌ (2) أَنَّهُمْ سمعوا (3) الحسن يقرأ: {وأرجُلِكم} (4) .
__________
= قال: قرأ عَلَيَّ الحسن والحسين رضوان الله عليهما، فقرآ: {وأرجلِكم إلى الكعبين} ، فسمع عليٌّ - رضي الله عنه - ذلك - وكان يقضي بين الناس -، فقال: {وأرجلَكم} ، هذا من المقدَّم والمؤخَّر من الكلام.
وسنده ضعيف جدًّا، فيه حفص بن سليمان الأسدي، أبو عمر البزّاز، الكوفي، الغاضري - بمعجمتين -، وهو حفص بن أبي داود القارئ صاحب عاصم بن أبي النَّجود، قرأ على عاصم وروى عنه وعن عاصم الأحول وعبد الملك بن عمير وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه حفص بن غياث وآدم بن أبي إياس وهشام بن عمار وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة وله تسعون سنة، وهو متروك الحديث كما قال الإمام أحمد والنسائي، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال مسلم: ((متروك)) ، وقال ابن معين: ((ليس بثقة)) ، وفي رواية قال: ((كان حفص وأبو بكر من أعلم الناس بقراءة عاصم، وكان حفص أقرأ من أبي بكر، وكان كذابًا، وكان أبو بكر صدوقًا)) ، قوال ابن خراش: ((كذاب متروك، يضع الحديث)) ، وقال ابن أبي حاتم: ((سألت أبي عنه، فقال: لا يكتب حديثه، هو ضعيف الحديث لا يصدق، متروك الحديث. قلت: ما حاله في الحروف؟ قال: أبو بكر بن عياش أثبت منه)) ، وقال الإمام أحمد في رواية: ((ما به بأس)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 173 - 174 رقم 744) ، و"التهذيب" (2 / 400 - 402 رقم 700) ، و"التقريب" (ص172 رقم 1405) .
(1) أي: ابن زَاذَان.
(2) هو ابن راشد، تقدم في الحديث [183] أنه صدوق لكن هُشيم بن بشير يدلِّس تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث [380] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع من عبّاد.
(3) كذا بالأصل! .(4/1443)
718- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُميد الطَّوِيل (5) ، عَنْ أنس أنه قرأ: {وأرجلِكم} (6) .
__________
(4) لم تضبط اللام في الأصل، لكن هذا هو المنقول عن الحسن البصري كما في "الأوسط" لابن المنذر (1 / 411) وغيره، وانظر التخريج.
[717] سنده صحيح من طريق منصور، وهو ضعيف من طريق عباد؛ لكون هشيم لم يصرح بالسماع منه.
وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) عن مجاهد أنه قرأها: {وأرجلِكم} ، خَفَضَها.
ثم أعقبه الطحاوي بما أخرجه من طريق قُرَّة بن خالد، عن الحسن البصري أنه قرأها كذلك.
ويؤيِّد ذلك ما أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 18 - 19) فقال: حدثنا ابن عُليَّة، عن يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يقول: إنما هو المسح على القدمين؛ وكان يقول: يمسح ظاهرهما وباطنهما.
وهذا سند صحيح، وابن عُليَّة اسمه: إسماعيل بن إبراهيم، ويونس هو ابن عبيد، وكلاهما ثقة تقدمت ترجمتهما.
(5) تقدم في الحديث [43] أنه ثقة، إلا أنه كثير التدليس عن أنس، لكنه صرح في بعض روايات هذا الحديث بما يفيد سماعه له من أنس.
(6) في الأصل: ((وأجلكم)) سقطت الراء.
[718] سنده صحيح، وقد صرح حميد كما سيأتي بأنه كان في مجلس أنس - رضي الله عنه - حين قرأ هذه القراءة.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 28) للمصنِّف وحده، بمثل ما هنا مختصرًا.
ثم ذكره مطوَّلاً وفيه قصة كما سيأتي، وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير. =(4/1444)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد أخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (1 / 412 رقم 418) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلام، عن هشيم، به مثل لفظ المصنف هنا، وزاد: على الخفض.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 58 رقم 11475) ، فقال: حدثنا حميد بن مَسْعدة، قال: حدثنا بشر بن المفضّل، عن حميد - ح -، وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن عليّة، قال: حدثنا حميد، قال: قال موسى بن أنس لأنس ونحن عنده: يا أبا حمزة، إن الحجاج خَطَبنا بالأهواز ونحن معه، فذكر الطَّهور، فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم، وإنه ليس شيء من ابن آدم أقربَ إلى خَبَثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما.
فقال أنس: صدق الله وكذب الحجاج؛ قال الله: {وامسحوا برؤوسكم وأرجلِكم} ، قال: وكان أنس إذا مسح قدميه بَلَّهما.
وصحح هذا الإسناد الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 25) ، وهو كذلك، فشيخ الطبري يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة تقدم أنهما ثقتان.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 19) عن ابن عليَّة، عن حميد، قال: كان أنس إذا مسح على قدميه بلّهما.
ثم أخرجه ابن جرير الطبري برقم (11477) من طريق محمد بن أبي عدي، عن حميد، به نحو اللفظ السابق، واللفظ السابق أتمّ.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 71) في الطهارة، باب قراءة من قرأ: {وأرجلَكم} - نصبًا -، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة، أخرجه من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن حميد، به بنحو لفظ ابن جرير، ولم يذكر قوله: وكان أنس إذا مسح قدميه بَلَّهما، وباقي لفظ ابن جرير أتمّ.(4/1445)
719- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وأرجلَكم} .
720- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ (1) ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنِ أَبِي خَالِدٍ (2) ، عَنِ الشَّعْبي أنه كان يقرأ: {وأرجلِكم} .
__________
[719] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 28) لابن أبي شيبة فقط.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 20) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 55 رقم 11460) .
كلاهما من طريق أبي معاوية محمد بن خازم، به مثله، وزادا: ((رجع الأمر إلى الغَسل)) ، وعند ابن جرير: ((عاد)) ، بدل قوله: ((رجع)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا من طريق عَبْدة بن سليمان، عن هشام، به مقرونًا بالرواية السابقة.
ثم أخرجه أيضًا (10 / 56 رقم 11464) من طريق سفيان الثوري، عن هشام، به مثل لفظ ابن أبي شيبة السابق.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 70) في الطهارة، باب قراءة من قرأ: {وأرجلَكم} - نصبًا-، وأن الأمر رجع إلى الغسل، وأن من قرأها خفضًا فإنما هو للمجاورة.
كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن هشام، عن أبيه قال: رجع القرآن إلى الغسل، وقرأ: {وأرجلَكم إلى الكعبين} بنصبها. اهـ. واللفظ للبيهقي.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 21 رقم 60) من طريق معمر، عن هشام، به نحو سابقه.
(1) هو ابن أبي هند.
(2) لم يصرِّح هشيم بن بشير هنا بالسماع من إسماعيل، وإنما عطفه على سماعه =(4/1446)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من داود، فالخوف أن يكون هشيم دلَّسه تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث [380] .
[720] سنده صحيح من طريق داود، وهو ضعيف من طريق إسماعيل؛ لأن هشيمًا لم يصرِّح بالسماع منه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 61 رقم 11491) من طريق جابر بن نوح، قال: حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: كان الشعبي يقرأ: {وأرجلِكم} - بالخفض -.
وقد جاء من طريق عن داود وإسماعيل وغيرهما عن الشعبي معنى هذه القراءة.
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 19) .
وابن جرير (10 / 59 رقم 11482) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن داود، عن الشعبي، قال: إنما هو المسح على القدمين، ألا ترى أن ما كان عليه الغسل جعل عليه التيمم، وما كان عليه المسح أهمل فلم يجعل عليه التيمم.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11480 و 11483 و 11484) من طريق عبد الله بن إدريس وعبد الوهاب الثقفي ومحمد بن أبي عدي، ثلاثتهم عن داود به نحو سابقه، إلا أن ابن إدريس زاد في أوَّله: ((نزل جبريل المسح)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من طريق وكيع، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن الشعبي، قال: نزل جبريل بالمسح.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 19 رقم 56) .
وابن جرير برقم (11485) .
أما عبد الرزاق فمن طريق ابن عيينة، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن إسماعيل، به نحو سابقه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من طريق زبيد اليامي، عن الشعبي، به مثل لفظه السابق. =(4/1447)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ} ]
721- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعي - فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ والبغضاء} - قَالَ: فَمَا أَرَى الإغْرَاء فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَّا الأهْواء الْمُفْتَرِقَةَ والبَغْضاء.
__________
= وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 40) من طريق عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل.
(1) هو ابن حوشب.
[721] سنده صحيح.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 167 / ب) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((ما أرى)) ، و: ((المتفرقة)) .
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 42) لعبد بن حميد وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 137 رقم 11598 و 11600) من طريق يعقوب بن إبراهيم والحسين بن داود، كلاهما عن هُشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2 / 114) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن هشيم، به بلفظ: الخصومات والجدال في الدين.
وهذا أخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 17 / ب) من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، ثنا هشيم أنبا العوام، عن إبراهيم النخعي، سمعته يقول - في قوله: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء} -: أَغْرَى بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فِي الْجِدَالِ في الدين.
وهذا هو لفظ الحديث الآتي، لكن من طريق يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنِ الْعَوَّامِ.(4/1448)
722- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: نا العَوَّام، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعي يَقُولُ: (أَغْرَى) (1) بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ فِي الْجِدَالِ فِي الدِّينِ.
723- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام، عَنْ أَبِي إِيَاس (2) قَالَ: الْخُصُومَاتُ في الدين تبطل الأعمال.
__________
(1) في الأصل: ((غرى)) .
[722] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 42) لأبي عبيد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 137 رقم 11599) .
وابن بطّة في "الإبانة" (2 / 500 رقم 558) .
والهروي في "ذم الكلام" (2 / ل 168 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق سفيان بن وكيع، وأما ابن بطة فمن طريق محمد بن عبد الملك الدقيقي، وأما الهروي فمن طريق عبد الرحيم بن حبيب، ثلاثتهم عن يزيد بن هارون، به نحوه.
وأخرجه ابن بطة أيضًا برقم (559) .
وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (2 / 114) .
كلاهما من طريق محمد بن يزيد، عن العوّام، به نحوه.
وفي بعض طرق الحديث السابق عن هشيم عن العوّام نحو لفظ هذا الحديث.
(2) هو معاوية بن قُرَّة، تقدم في الحديث [8] أنه ثقة.
[723] سنده صحيح.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / 162 / أ) من طريق المصنِّف مقرونًا برواية سعيد بن يعقوب، كلاهما عن هشيم، به مثله، إلا أنه قال: ((تحبط)) بدل قوله: ((تبطل)) .
وأخرجه ابن جرير الطبراني في "تفسيره" (10 / 137 رقم 11600) .(4/1449)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} ]
724- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ عُبيد بْنَ عُمير (2) ، يَقْرَأُ: {يَهْدِي بهُ اللَّهُ} ، قَالَ سَعِيدٌ: لُغَةٌ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ العَالَمِينَ} ]
725- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (3) ، عَنْ مَنْصُورٍ (4) ، عَنِ الحَكَم (5) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَجَعَلَكُمْ ملوكًا} -، قَالَ: كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ بَيْتٌ وَخَادِمٌ فَهُوَ ملك.
__________
= والآجري في "الشريعة" (ص56) .
وابن بطة في "الإبانة" (2 / 501 - 502 رقم 562 و 563 و 654) .
وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (2 / 114) .
جميعهم من طريق هشيم، به نحوه، إلا أن إياس معاوية بن قرّة سقط من إسناد بن عبد البر، فأصبح الكلام من قول العوّام.
وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 129رقم 221) .
ومن طريقه قوَّام السنة الأصبهاني في "كتاب الحجة" (1 / 313 - 314) .
وأخرجه الهروي في الموضع السابق.
وابن عبد البر في الموضع السابق.
أما اللالكائي فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الهروي فمن طريق خالد الطحّان، وأما ابن عبد البر فمن طريق محمد بن يزيد، ثلاثتهم عن العوام، به نحوه.
(1) هو ابن دينار.
(2) هو اللَّيْثي، تقدم في الحديث [635] أنه مجمع على ثقته.
[724] سنده صحيح.
(3) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(4) هو ابن المعتمر. =(4/1450)
726- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب قَالَ: أَخْبَرَنِي [ل129/ب] أَبُو هَانِئ الخَوْلاَني (6) ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ (الحُبُلِيّ) (7) يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَلَسْنَا مِنْ فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ؟ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: لَكَ امْرَأَةٌ تَأوِي إِلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: أَلَكَ مَسْكَنٌ تَسْكُنُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَأَنْتَ مِنَ الْأَغْنِيَاءِ قَالَ: إِنَّ لِي خَادِمًا قَالَ: فَأَنْتَ من الملوك.
__________
(5) هو ابن عُتَيْبة.
[725] سنده صحيح إلى الحَكَم، والحكم لم يذكر عمّن تلقّى هذا المعنى.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 162 رقم 11628) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، قال: أُراه عن الحكم ... ، فذكره بنحوه.
ثم أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11629) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن الحَكَم: {وجعلكم ملوكًا} ، قال: الدار والمرأة والخادم، قال سفيان: أو اثنتين من الثلاثة.
(6) هو حُميد بن هانئ، تقدم في الحديث [230] أنه لا بأس به.
(7) في الأصل: ((البجلي)) ، والتصويب من مصادر ترجمته ومصادر التخريج.
وهو عبد الله بن يزيد المَعَافِري، المصري، أبو عبد الرحمن الحُبُلِيّ - بضم المهملة والموحّدة -، يروي عن عبد الله بن عمر وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وعقبة بن عامر وأبي ذر وأبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أبو هانئ حُميد بن هانئ وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم وعقبة بن مسلم وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن معين وابن سعد والعجلي، وكانت وفاته بأفريقية سنة مائة، قال أبو بكر المالكي في "تاريخ القيروان": ((بعثه عمر بن عبد العزيز إلى أفريقية ليفقههم، فبثّ فيها علمًا كثيرًا، ومات بها، ودفن بباب تونس)) ، وقال ابن يونس: ((يقال: توفي بأفريقية =(4/1451)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ} ]
727 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ عُبيد بْنَ عُمير (يَقْرَأُ: {فافْرِقْ} - بكسر الراء -) (1) .
__________
= سنة مائة، وكان صالحًا فاضلاً)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 197 رقم 917) ، و"التهذيب" (6 / 81 - 82 رقم 162) ، و"التقريب" (ص329 رقم 3712) .
[726] سنده حسن لذاته، وقد أخرجه مسلم كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 47) للمصنِّف وابن جرير.
وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2285 رقم 37) في الزهد والرقائق.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 161 رقم 11625) .
كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، به مثله سواء، وعند مسلم زيادة في آخره.
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فجاء الأثر إسنادًا بلا متن، وقد أوقفني ذلك كثيرًا، فاستعنت بالله على إثباته هكذا مستأنسًا في ذلك بأمرين:
1- أن المصنف إنما يروي عن عبيد بن عمر القراءة بهذا الإسناد كما في الحديث رقم [635] و [724] .
2- قال القرطبي في "تفسيره" (6 / 129) : ((وروى ابن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عبيد بن عمير أنه قرأ: {فافْرِقْ} - بكسر الراء -)) .
[727] سنده صحيح، وقد علّقه القرطبي عن سفيان كما سبق.(4/1452)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} ]
728- (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ) (1) ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنِ العَلاَء بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} - قَالَ: فِي الْإِثْمِ، قَالَ: {وَمَنْ أحياها} قال: من لم يقتل.
__________
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، وهو يتكرر دائمًا في أول كل إسناد.
(2) هو العلاء بن عبد الكريم اليَامي - بالتحتانيّة -، أبو عَوْن الكوفي، روى عن مجاهد ومرة الهَمْداني وحبيب بن أبي ثابت وغيرهم، روى عنه الثوري وشريك ووكيع وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة عابد؛ وثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والعجلي، وقال سفيان الثوري: ((ثنا العلاء بن عبد الكريم، وكان عندنا مرضيًّا)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من العبّاد الخشّن)) وذكر الدارقطني في "العلل" جماعة منهم العلاء هذا وقال: ((إنهم حفاظ)) ، وذكر الذهبي أنه توفي في حدود الخمسين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 358 رقم 1976) ، و"التهذيب" (8 / 188 رقم 337) ، و"التقريب" (ص435 رقم 5248) .
ولم أجد من نصّ على أن سفيان بن عيينة سمع من العلاء بن عبد الكريم، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فالعلاء تقدم أنه كوفي توفي في حدود الخمسين ومائة، وسفيان بن عيينة مولده بالكوفة في سنة سبع ومائة كما في "سير أعلام النبلاء" (8 / 455) ، ولم يزل بالكوفة إلى أن انتقل منها إلى مكة في سنة ثلاث وستين ومائة كما في "التهذيب" (4 / 122) ، أي بعد وفاة العلاء.
[728] سنده صحيح.(4/1453)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ]
729- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، (عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ) (2) بْنِ أَبِي المُخَارِق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ (3) تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا من الأرض} - قَالَ: إِذَا قَتَل المُحَارب قُتِل، وَإِذَا قَتلَ وأَخَذ الْمَالَ صُلِب،
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 363 رقم 7807) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 236 رقم 11783) .
كلاهما من طريق وكيع، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، قال: سمعت مجاهدًا يقول: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جميعًا} ، قال: من كفّ عن قتلها فقد أحياها.
وأخرجه ابن جرير الطبري برقم (11782) من طريق عنبسة، عن العلاء، عن مجاهد: {ومن أحياها} ، قال: ومن حرّمها فلم يقتلها.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11775 و 11776 و 11785) من طريق خصيف وابن أبي نجيح، كلاهما عن مجاهد، به بمعناه.
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص194) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به بمعناه.
(1) هو العطّار، تقدم في الحديث [396] أنه ثقة.
(2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "مصنف عبد الرزاق"؛ حيث روى الحديث من طريق ابن جريج، عن عبد الكريم هذا، وهي زيادة لابدّ منها؛ إذا ليس في الرواة من اسمه: ((داود بن عبد الرحمن بن أبي المخارق)) ، =(4/1454)
= وَإِذَا أَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُطِعت يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلاَف، وَإِذَا دَفَّ (4) فِي الطَّرِيقِ، وَأَخَافَ السَّبِيلَ، وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا، وَلَمْ يَقْتل نُفِي من الأرض.
__________
= وابن أبي المخارق الذي يروي عن سعيد بن جبير هو عبد الكريم أبو أميّة كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (10 / 360) ، وهو ضعيف كما في ترجمته في الحديث [28] .
(3) قوله تعالى: ((أو)) ليس في الأصل.
(4) هكذا اجتهدت في إثبات هذه الكلمة، وقد تكون: ((ذفّ)) ، أو: ((دفّر)) أو: ((ذفَّر)) ، لكن ما أثبته هو الأقرب للسياق، فالدَّافَّةُ: هم الجيش يَدفُّون نحو العدو، أي: يَدِبُّون، وتَدَافَّ القوم: إذا ركب بعضهم بعضًا. انظر "لسان العرب" (9 / 105) .
[729] سنده ضعيف لضعف عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي الْمُخَارِقِ.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 108 - 109 رقم 18543) عن شيخه ابن جريج، عن عبد الكريم أو غيره، أن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: مَنْ حَرَب فهو محارب، فإن أصاب دمًا قُتل، وإن أصاب دمًا ومالاً صُلب، وإن أصاب مالاً ولم يُصيب دمًا قُطعت يَدُهُ وَرِجْلُهُ مِنْ خِلَافٍ، فإن تاب فتوبته فيما بينه وبين الله، ويُقام عليه الحدّ.
ثم أخرجه عبد الرزاق برقم (18546) من نفس الطريق بلفظ: إنما النفيُ أن لا يُدركوا، فإن أُدركوا ففيهم حكم الله، وإلا نُفوا حتى يلحقوا بلدهم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 146 - 147 رقم 9066) و (12 / 284 رقم 12840) ، في كلا الموضعين من طريق محمد بن بكر، عن ابن جريج، قال: حُدِّثت عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ ... ، فذكره بنحو لفظ عبد الرزاق السابق هكذا بإبهام اسم ابن أبي المخارق.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 284) في السرقة، باب المحارب يتوب. =(4/1455)
730- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا أَبُو حُرَّة (1) ، عَنِ الحسن (2) .
__________
= وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 260 و 270 رقم 11839 و 11868) في كلا الموضعين من طريق شيخه المثنى، عن أبي حذيفة، عن شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ قيس بن سعد، عن سعيد بن جبير، به نحو لفظ المصنف في الموضع الأول، واختصره في الموضع الثاني، وقد سقط من الإسناد عنده في الموضع الثاني: ((ابن أبي نجيح)) .
وشيخ الطبري المثنى بن إبراهيم الآملي تقدم في الحديث [389] أني لم أجد من ترجم له.
وفي سند الحديث أيضًا أبو حذيفة موسى بن مسعود النَّهْدي، وتقدم في الحديث [261] أنه صدوق سيء الحفظ.
(1) هو واصل بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [465] أنه ثقة عابد، إلا أن حديثه عن الحسن البصري ضعيف؛ لأنه لم يسمعه منه، وهذا من حديثه عنه.
(2) سيأتي لفظه في الحديث [734] أنه قال: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، لأن هشيمًا قرن رواية الحسن وإبراهيم النخعي والضحّاك وعطاء ومجاهد في سياق واحد.
[730] سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي حُرَّة، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) عن هشيم، به مثله، وعنده زيادة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 145 رقم 9060) و (12 / 285 رقم 12843) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (12844) من طريق حفص بن غياث.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 262 و 263 رقم 11846 و 11847 =(4/1456)
731- وأنا (1) عُبَيْدة (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) .
732- وجُوَيْبر (4) ، عن الضَّحَّاك (5) .
__________
= 11853) من طريق حفص بن غياث وجرير بن عبد الحميد وسفيان الثوري.
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص158) من طريق الثوري.
ثلاثتهم عن عاصم بن سليمان الأحول، عن الحسن، به بمعناه.
وسنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11852) من طريق هارون، عن الحسن، به بمعناه.
(1) القائل: وأخبرنا هو هشيم بن بشير كما يتضح من الإسناد السابق.
(2) هو ابن مُعَتِّب الضَّبِّي، تقدم في الحديث [560] أنه ضعيف.
(3) هو النخعي، ولفظه: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، كما سيأتي في الحديث [734] ؛ لأن هشيمًا قرن رواية الحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك وعطاء ومجاهد في سياق واحد.
[731] سنده ضعيف لضعف عُبيدة.
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 262 رقم 11845) .
كلاهما من طريق هشيم، به مثله وزادا: ((إن شاء قتل، وإن شاء قطع، وإن شاء نفى، وإن شاء صَلَب)) .
(4) هذا الإسناد عطفه هشيم على الإسنادين السابقين برقم [730 و 731] ، وتقدم في الحديث [380] أن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف، وهو هنا لم يصرِّح بالسماع من جويبر.
وجويبر بن سعيد تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(5) هو ابن مزاحم، ولفظه: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، كما سيأتي في الحديث [734] ؛ لأن هشيمًا قرن رواية الحسن البصري وإبراهيم النخعي - في الحديثين السابقين - برواية الضحاك هنا ورواية عطاء. =(4/1457)
733- وَلَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيم (1) ، عَنْ عطاء ومجاهد (2) .
__________
= ومجاهد - في الحديثين الآتيين - في سياق واحد.
[732] سنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال جويبر وتدليس هشيم.
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) عن هشيم، به مثله وفيه زيادة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 145 رقم 9060) و (12 / 285 رقم 12843) عن هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) .
(1) هذا الإسناد عطفه هُشيم على الأسانيد الثلاثة السابقة، وتقدم في الحديث [380] أن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف، وهو هنا لم يصرِّح بالسماع من ليث، لكنه صرَّح به في رواية ابن جرير الآتية، وليث بن أبي سُليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميَّز حديثه فتُرك.
(2) أي أنهما قالا: ((الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي الْمُحَارِبِ، أَيَّ ذلك شاء فعل)) ، كما سيأتي في الحديث بعده، حيث قرن هشيم رواية الحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحاك بن مزاحم وعطاء ومجاهد في سياق واحد.
[733] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وهو حسن لغيره عن مجاهد ما سيأتي في الحديث بعده رقم [734] ، وصحيح لغيره عن عطاء كما سيأتي في الحديث رقم [735] .
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص142 رقم 259) من طريق هشيم، به مثله وفيه زيادة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 145 رقم 9060) و (12 / 285 رقم 12843) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 75 رقم 3384) و (11 / 35 رقم 12614) من طريق هشيم، أخبرنا ليث، عن عطاء ومجاهد، أنهما قالا: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ((أَوْ كذا)) ((أو كذا)) ، فصاحبه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل.(4/1458)
734- وحَجَّاج بْنُ أَرْطَأَةْ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ، قَالُوا (2) : الْإِمَامُ مُخَيَّر فِي المُحَارِب، أَيَّ ذَلِكَ (3) شَاءَ فَعَلَ.
__________
(1) هذا الإسناد عطفه هُشيم على الأسانيد الأربعة السابقة، وتقدم في الحديث [380] أن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف، وهو هنا لم يصرِّح بالسماع من حجّاج، لكنه صرَّح به في رواية ابن جرير الآتية، وحجّاج بن أرْطَأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع هنا.
(2) أي: الحسن البصري وإبراهيم النخعي والضحّاك بن مزاحم وعطاء ومجاهد. انظر الأحاديث الأربعة السابقة.
(3) أي: القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض المذكورة في الآية.
[734] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج وعدم تصريحه بالسماع، وهو صحيح لغيره عن عطاء كما في الحديث الآتي برقم [735] ، وحسن لغيره عن مجاهد بالطريق السابقة رقم [733] ، وهذه الطريق التي يرويها حجاج بن أرطأة عنه، وطريق القاسم بن أبي بَزَّة الآتية في التخريج.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 285 رقم 12843) من طريق هشيم، عن حجاج، عن عطاء، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((أي ذلك شاء فعل)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 34 رقم 12611) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء - فِي قَوْلِهِ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قتل من النعم} -، قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ ((أو كذا)) ((أو كذا)) فصاحبه بالخيار، أيَّ ذلك شاء فعل.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق هشيم، عن القاسم ابن أبي بزّة، عن مجاهد.
وكذا أخرجه الطبري في "تفسيره" (10 / 262 رقم 11844) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، عن القاسم، عن مجاهد، به نحو لفظ المصنِّف.
والقاسم بن أبي بَزَّة في الحديث [184] أنه ثقة، لكن هشيمًا لم يصرِّح بالسماع منه، فيكون الحديث ضعيفًا بهذا الإسناد لهذه العلّة.(4/1459)
735- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: مَا كَانَ فِي الْقُرْآنِ، ((أوْ كَذَا)) ، ((أوْ كذا)) ، فهو بالخيار.
__________
= وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (10 / 262 رقم 11848) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص158) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ ورسوله} ، قال: الإمام مخيّر فيها.
وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، إلا أنه مدلِّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع، لكن الظاهر أن هذا الطريق هو الطريق الآتي في الحديث بعده رقم [735] ، وقد صرَّح ابن جريج بالسماع في بعض طرقه كما سيأتي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 262 رقم 11849) من طريق قيس بن سعد قال: قال عطاء: يصنع الإمام في ذلك ما شاء، إن شاء قتل، أو قطع، أو نفى؛ لقول الله: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} ، فذلك إلى الإمام الحاكم، يصنع فيه ما شاء.
وقد رواه ابن جرير عن شيخه المثنى، عن أبي حذيفة، عن شبل، عن قيس، به.
وهذا إسناد ضعيف.
فشيخ الطبري هو المثنى بن إبراهيم الآملي، وتقدم في الحديث [389] أني لم أجد له ترجمة.
وشيخه أبو حذيفة النَّهْدي موسى بن مسعود تقدم في الحديث [261] أنه صدوق سيء الحفظ.
(1) هو عبد الملك بن عبد العزيز، تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، إلا أنه مدلِّس، ولم يصرح هنا بالسماع، لكنه صرَّح به في روايات أخرى كما سيأتي، فزالت شبهة تدليسه.
[735] سنده صحيح. =(4/1460)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 516) بلفظ: كل شيء في القرآن ((أو، أو)) يختار منه صاحبه ما شاء، وعزاه للشافعي وعبد بن حميد.
وأخرجه الإمام الشافعي في "الأم" (2 / 160) من طريق شيخه سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم قال: من أصاب من الصيد ما يبلغ فيه شاة فذلك الذي قال الله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النعم} ، وأما: {أو كفارة طعام مساكين} ، فذلك الذي لا يبلغ أن يكون فيه هدي، العصفو يقتل فلا يكون فيه هدي، قال: {أو عدل ذلك صيامًا} : عدل النعامة وعدل العصفور. قال ابن جريج: فذكرت ذلك لعطاء، فقال عطاء: كل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) يختار منه صاحبه ما شاء.
وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه بالإسناد السابق، وذكر كلامًا لعطاء في جزاء الصيد، وفيه يقول عطاء: وكل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) فليختر منه صاحبه ما شاء.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (7 / 420 - 422 رقم 10551 و 10555) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 75 رقم 3383) من طريق أبي عاصم الضَّحَّاك بن مخلد، قال: قال عطاء: كل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) فلصاحبه أن يختار أيَّه شاء.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 34 رقم 12610) من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ ابن جريج، عن عطاء، به نحو لفظه السابق، وفيه زيادة من قول عطاء في جزاء الصيد.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 76 رقم 3387) من طريق أيوب السِّختياني، قال: حُدِّثت عن عطاء قال: كل شيء في القرآن ((أو)) ((أو)) ، فهو خيار.
وهذا إسناد ضعيف لإبهام شيخ أيوب، وفي الطرق الصحيحة السابقة غُنْيَةٌ عنه، وانظر أيضًا الحديثين السابقين قبله، والله أعلم.(4/1461)
736- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ الْحَمِيدِ (3) وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ، وخَذَموا (4) بِالسُّيُوفِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ نَاسٌ بِقَتْلِهِمْ، فَاسْتَشَارَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: لَا تَفْعَلْ، فَنَهَيْتُهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ رَأْيِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّ قَتْلَ شَيْءٍ كَانَ عَلَى ذَلِكَ الْحَالِ، فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى قَتَلَ أَحَدَهُمْ، ثُمَّ أَخَذَ بِقَلْبِهِ بَعْضُ مَا قُلْتُ، فَكَتَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى عُمَرَ، فَجَاءَهُ جوابه جوابًا غليظًا
__________
(1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قَدِم بغداد، وكان فقيهًا، ولم أجد ما يفيد أن المصنِّف سعيد بن منصور ورى عنه قبل أن يتغيّر، لكنه لم ينفرد بهذا الحديث، بل تابعه الإمام مالك كما سيأتي.
(2) هو عبد الله بن ذَكْوان.
(3) هو عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطَّاب العَدَوي، أبو عمر المدني، يروي عن أبيه وابن عباس ومكحول الشامي وغيرهم، روى عنه أولاده زيد وعبد الكبير وعمر والزهري وقتادة وغيرهم، وكان أبو الزِّناد كاتبًا له كما قال الزبير بن بكار، وعبد الحميد هذا ثقة روى له الجماعة؛ وثقه العجلي والنسائي وابن خراش، وقال أبو بكر بن أبي داود: ((ثقة مأمون)) ، وقال الذهبي: ((الإمام الثقة الأمير العادل)) ، وكان عبد الحميد ولي إمرة الكوفة لعمر بن عبد العزيز، وتوفي بِحَرَّان في سنة نيف عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 15 - 16 رقم 77) ، و"سير أعلام النبلاء" (5 / 149) ، و"التهذيب" (6 / 119 رقم 240) ، و"التقريب" (ص334 رقم 3770) .
(4) أي ضربوا الناس بها في الطريق كما في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 16) ، وانظر الموضع الآتي من "غريب الحديث" للخطابي. =(4/1462)
= يُقَبِّحُ لَهُ مَا صَنَعَ، وَفِي الْكِتَابِ: فَهَلاّ إِذْ تأوَّلْتَ هَذِهِ الْآيَةَ وَرَأَيْتَ أَنَّهُمْ أَهْلَهَا، أَخَذْتَ بِأَيْسَرِ ذَلِكَ (5) . قَالَ أَبُو الزِّناد: فَإِنَّ رَأْيَ الَّذِي يُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، مُدَّعيًا أَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُحَارِبِ الَّذِي يَتَلَصَّصُ ويَسْتخفي مِنَ السُّلْطَانِ ويَغْزو (6) ، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْمُحَارِبَ الَّذِي يُفْسِدُ نَسْلَ الْمُؤْمِنِينَ، ولا يجيب دعوة السلطان.
__________
(5) أي النفي من الأرض كما في قوله تعالى: {أو ينفوا من الأرض} .
(6) كذا جاءت العبارة في الأصل!
[736] سنده ضعيف لما تقدم عن حال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، وهو صحيح لغيره؛ لأن عبد الرحمن تابعه الإمام مالك كما سيأتي، مع بعض الاختلاف في المتن والاختصار.
والحديث أخرجه الخطَّابي في "غريب الحديث" (3 / 187) من طريق المصنِّف، به، ولفظه: أُتي عَبْدُ الْحَمِيدِ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْعِرَاقِ بِثَلَاثَةِ نَفَرٍ قَدْ قطعوا الطريق، وخذموا بالسيوف، فأُشير عليه بقتلهم، فاستشارني، فنهيته، ثم قتل أحدهم، فجاءه كِتَابُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يُغْلِظ له ويُقَبِّح له ما صنع. اهـ.
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 836 رقم 31) في الحدود، باب جامع القطع، ذكر أن أبا الزناد أخبره، أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز أخذ ناسًا في حِرَابة - ولم يقتلوا أحدًا -، فأراد أن يقطع أيديهم أو يقتل، فكتب إلى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذلك، فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: لو أخذت بأيسر ذلك.
وهذا إسناد صحيح.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 284) في السرقة، باب الردء لا يقتل، ثم قال البيهقي: ((ورواه ابن أبي الزناد، عن أبيه، فقال في هذه القصة: إنه قتل أحدهم، وقال في جوابه: فهلاّ إذ تأوَّلت عليهم هَذِهِ الْآيَةَ وَرَأَيْتَ أَنَّهُمْ أَهْلَهَا، أخذت بأيسر ذلك، وأنكر القتل)) . =(4/1463)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ]
737- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَهُشَيْمٌ (1) ، عَنِ ابْنِ عَوْن (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: فِي قِرَاءَتِنَا (4) : {وَالسَّارِقُونَ وَالسَّارِقَاتُ تُقطع أيمانُهم} .
__________
= وهذا التصرف من عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في متابعة ولاته، ومراقبة أعمالهم مثال من أمثلة كثيرة تدل على عدله رحمه الله، وشبيه بهذه القصة ما أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 184) في قتال أهل البغي، باب القوم يظهرون رأي الخوارج لم يحلّ به قتالهم، من طريق عمر مولى غفرة، أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب كان على الكوفة في عهد عمر بن عبد العزيز، فكتب إلى عمر: إني وجدت رجلاً بالكناسة - سوق من أسواق الكوفة - يَسُبُّكَ، وقد قامت عليه البيِّنة، فهممت بقتله، أو بقطع يده أو لسانه، أو جَلْدِه، ثم بدا لي أن أراجعك فيه؟ فكتب إليه عمر بن عبد العزيز: سلام عليك، أما بعد، والذي نفسي بيده لو قتلته لقتلتك به، ولو قطعته لقطعتك به، ولو جلدته لأقدته منك، فإذا جاء كتابي هذا فاخرج به إلى الكناسة، فسُبَّ الذي سَبَّني، أو اعف عنه، فإن ذلك أحبّ إليّ؛ فإنه لا يحل قتل امرئ مسلم بسبّ أحد من الناس، إلا رجل سبّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فمن سبّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقد حلَّ دمه.
(1) تقدم في الحديث [8] أنه مدلس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكن تابعه حماد بن زيد.
(2) هو عبد الله بن عون.
(3) أي النخعي.
(4) يعني قراءة عبد الله بن مسعود كما سيأتي مصرَّحًا به في بعض الروايات.
[737] سنده صحيح، وهشيم وإن لم يصرِّح بالسماع، فإنه تابعه حماد بن زيد، =(4/1464)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} ]
738- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغيرة (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {يُحَرِّفُونَ الْكَلَامَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} ، قَالَ: كَانَ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ: يَا بَنِي أحْبَاري، يَا بَنِي رُسُلي، فَيَقُولُونَ: يَا بَنِي أَبْكَاري.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} ]
739 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (2) ، قَالَ: نا مَنْصُورُ بْنُ زَاذَان، عَنِ الحَكَم (3) ، عَنْ أَبِي وَائِل (4) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: إِذَا قَبِلَ الْقَاضِي الْهَدِيَّةَ أَكَلَ السُّحت، وَإِذَا قَبِلَ الرِّشْوَةَ بلغتْ به الكفر.
__________
= وانظر الحديث رقم [3] في رواية إبراهيم النخعي عن ابن مسعود.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 73) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 294 - 295 رقم 11907 و 11908) من طريق يزيد بن هارون وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: في قراءتنا - وربما قال: في قراءة عبد الله -: {والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما} .
(1) هو ابن مِقْسَم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرِّح بالسماع.
[738] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرِّح بالسماع من إبراهيم.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 79) لأبي الشيخ فقط.
(2) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره.
(3) هو ابن عُتيبة.
(4) هو شقيق بن سلمة. =(4/1465)
740- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأبَحّ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي الأحْوَص (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الرِّشْوة فِي الْحُكْمِ كُفْرٌ، وَهِيَ بين الناس سُحْت.
__________
[739] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خلف بن خليفة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 544 رقم 1994) .
والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 53) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 4 / أ) .
والنسائي في "سننه" (8 / 314 - 315) في الأشربة، باب ذكر الرواية المبينة عن صلوات شارب الخمر.
جميعهم من طريق خلف بن خليفة، به نحوه، وزاد النسائي: ((وقال مسروق: من شرب الخمر فقد كفر، وكفره: أن ليس له صلاة)) .
(1) تقدم في الحديث [41] أنه صدوق يخطئ.
(2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس، واختلط في آخر عمره.
(3) هو عوف بن مالك.
[740] سنده ضعيف لضعف حماد بن يحيى من قبل حفظه؛ ولأن أبا إسحاق لم يصرِّح بالسماع، وهو مدلس كما تقدم، ومع هذا فقد اختلط، ولم يذكروا حماد بن يحيى فيمن روى عنه قبل الاختلاط.
لكن صحّ الحديث عن ابن مسعود من غير هذا الطريق؛ فإنه روي عنه من خمس طرق:
(1) طريق أبي الأحوص عنه.
أخرجه المصنف هنا من طريق حماد بن يحيى، عن أبي إسحاق، عنه.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 257 - 258 رقم 9100) من طريق المصنِّف، به مثله. =(4/1466)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 52) من طريق أبي داود الطيالسي، عن حماد بن يحيى، به نحوه، إلا أنه قال: ((الهديّة)) ، بدل قوله: ((الرِّشوة)) .
(2) طريق عبد خير عنه.
أخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 53) من طريق السُّدِّي، عن عبد خير، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ السّحت، قال: الرِّشا، قلنا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.
(3) طريق زِرّ بن حُبيش عنه.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 147 رقم 14664) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 588 رقم 2136) .
والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 51) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 319 و 320 رقم 11945 و 11952) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 3 / ب) .
ومحمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي وعقوبات المعاصي" (ل 147 / أ، وب) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 257 رقم 9099) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَاصِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش، عن ابن مسعود قال: السُّحت: الرِّشوة في الدين.
وقد سقط من إسناد "مصنف عبد الرزاق"، ولعلّه من الطباعة، فإن آخر الحديث يدل على أن عبد الرزاق رواه عنه، فقد جاء في آخره عنده قوله: ((قال سفيان: يعني في الحكم)) .
وسنده حسن لذاته؛ رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، عدا عاصم بن بَهْدَلة، فإنه صدوق حسن الحديث كما في ترجمته في الحديث [17] .
(4) و (5) طريقا مسروق وعلقمة، عن ابن مسعود، وهما الآتيان في الحديث بعده، وسندهما صحيح.(4/1467)
741- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ (عمَّار) (1) الدُّهْني، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْد، عَنْ مَسْروق، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنِ السُّحْت، أَهُوَ الرِّشوة فِي الْحُكْمِ؟ قَالَ: لَا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ، وَالظَّالِمُونَ، وَالْفَاسِقُونَ، وَلَكِنَّ السُّحْت: أَنْ يَسْتَعِينَكَ رَجُلٌ عَلَى مَظْلَمَةٍ، فَيُهْدِيَ لَكَ، فَتَقْبَلَهُ، فَذَلِكَ السُّحت.
__________
(1) في الأصل: ((عمارة)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف، وانظر ترجمة عمار في الحديث [133] .
[741] سنده صحيح. ولم أجد من نصّ على أن سالمًا روى عن مسروق، لكن سماعه منه محتمل، فكلاهما كوفي، ومسروق تقدم في الحديث [110] أنه توفي سنة اثنتين أو ثلاث وستين للهجرة، وأما سالم فتقدم في الحديث [133] أن وفاته سنة تسع وتسعين، أو مائة، أو إحدى ومائة، ولم ينفرد به سالم كما سيأتي.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 80) للمصنِّف وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ والبيهقي.
ومدار الحديث على مسروق بن الأجدع، وله عنه أربع طرق:
(1) طريق سالم بن أبي الجعد، وله عنه أربع طرق:
أ) طريق عمار الدهني الذي أخرجه المصنف هنا عن سفيان بن عيينة، عنه.
ومن طريق المصنِّف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 139) في آداب القاضي، باب التشديد في أخذ الرشوة وفي إعطائها على إبطال حق، به مثله، إلا أنه قال: ((أهو رشوة)) .
وأخرجه البيهقي كذلك في "شعب الإيمان" (4 / 390 رقم 5504 / تحقيق زغلول) ، من طريق عبد الوهاب، عن ابن عيينة، به نحوه، وفيه زيادة.
وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 40 و 51) . =(4/1468)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 320 رقم 11950) .
أما وكيع فمن طريق يحيى بن آدم، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر، كلاهما عن شعبة، عن عمار الدهني، به نحوه، ولفظ المصنِّف أتمّ، وقد سقط شعبة من إسناد وكيع في الموضع الأول.
ب) طريق منصور بن المعتمر، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عن مسروق، عن عبد الله أنه قال: الجور في الحكم كفر، والسُّحت: الرُّشى. قال: فسألت إبراهيم، فقلت: أفي قول عبد الله: السحت الرشا؟ قال: نعم.
أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / ب) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة، عن منصور.
ومن طريقه ابن بطة في "الإبانة" (2 / 737 رقم 1013) .
والقائل: فسألت إبراهيم ... ، هو منصور بن المعتمر فيما يظهر.
وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 52) من طريق علي بن عاصم، عن شعبة، عن منصور، به بلفظ: الهديّة على الحكم كفر، وهي فيما بينكم سحت.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 319 - 320 رقم 11947 و 11949 و 11951) من طريق محمد بن جعفر غندر ووهب بن جرير وبشر بن المفضّل، ثلاثتهم عن شعبة، عن منصور، به مختصرًا بلفظ: السحت: الرشوة، وفي لفظ: الرُّشي.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق عاصم بن علي، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مسروق، قال: سألت عبد الله - يعني ابن مسعود - عن السحت، فقال: الرُّشى، وسألته عن الجور في الحكم، فقال: ذلك الكفر.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 147 - 148 رقم 14666) من طريق شيخيه معمر وسفيان الثوري، كلاهما عن منصور، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، =(4/1469)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن مسروق، قال [القائل سالم] : جاء رجل من أهل ديارنا، فاستعان مسروقًا على مظلمة له عند ابن زياد، فأعانه، فأتاه بجارية له بعد ذلك، فردّها عليه، وقال: إني سمعت عبد الله يقول: هذا السحت.
وأخرجه الإمام أحمد في "كتاب الإيمان" (ل 131 / أ) عن عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ العَمِّي، عن منصور، عن سالم، عن مسروق قال: سأل رجل عبد الله بن مسعود عن السحت، فقال ابن مسعود: الرُّشى، فقال الرجل: الرشوة في الحكم؟ قال ابن مسعود: لا، من لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فأولئك هم الكافرون، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون، وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الفاسقون.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 323 - 324 رقم 11969) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحو سابقه، إلا أنه لم يذكر الرجل، وإنما قال أوّله: عن عبد الله قال: الرشوة سحت، قال مسروق: فقلنا لعبد الله: أفي الحكم؟ ... الحديث.
ورواه فِطْر بن خليفة، عن منصور، به نحو لفظ عبد العزيز العمّي السابق عند الإمام أحمد؛ إلا أنه لم يذكر قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون ... } الخ.
أخرجه مسدّد في مسنده كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 78 / أ) ، وهو في المطبوعة (2 / 250 رقم 2134) .
والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 52) .
وأبو يعلى في "مسنده" (9 / 173 - 174 رقم 5266) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
جميعهم من طريق فطر، به، إلا أن مسددًا ووكيعًا لم يذكرا استشهاد ابن مسعود بالآية.
ج) طريق الأعمش، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عن مسروق، عن عبد الله أنه قال: =(4/1470)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= السحت: الرُّشى.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 320 رقم 11951) هكذا من طريق شعبة، عن الأعمش.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (11946) من طريق محمد بن فضيل، عن الأعمش، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهيل، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قيل لعبد الله: ما السحت؟ قال: الرشوة، قالوا: في الحكم؟ قال: ذاك الكفر.
كذا رواه ابن فضيل، فخالف فيه شعبة؛ حيث أسقط مسروقًا من سنده، وزاد سلمة بن كهيل بين الأعمش وسالم.
ورواية شعبة أرجح، فهو أوثق من محمد بن فضيل لا سيّما في الأعمش، كما في الحديث [3] ، هذا مع أن روايته موافقة لباقي الروايات في ذكر مسروق.
د) طريق حكيم بن جبير، عن سالم، به مثل رواية محمد بن فضيل السابقة للحديث عن الأعمش، إلا أن السائل هنا هو مسروق.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (11958) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 258 رقم 9101) .
وابن بطة في "الإبانة" (2 / 734 رقم 1004) .
(2) طريق أبي الضُّحى مسلم بن صُبَيْح، عن مسروق.
وله عن أبي الضحى ثلاث طرق:
أ) طريق عمار الدهني، عنه، عن مسروق، به نحو لفظ المصنِّف سعيد بن منصور هنا.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 322 رقم 11963) .
ب) طريق السُّدِّي، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، به نحو رواية فطر بن خليفة السابقة من منصور، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ.
أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / أ) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 257 رقم 9098) . =(4/1471)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كلاهما من طريق شريك، عن السدي به.
جـ) طريق بكير بن أبي بكير، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْحٍ، قَالَ: شفع مسروق لرجل في حاجة، فأهدي له جارية، فغضب غضبًا شديدًا، وقال: لو علمت أنك تفعل هذا ما كلَّمت في حاجتك، ولا أكلم فيما بقي من حاجتك؛ سمعت ابن مسعود يقول: من شفع شفاعة ليردّ بها حقًّا أو يرفع بها ظلمًا، فأُهدي له فقبل، فهو سحت. فقيل لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ما كنا نرى ذلك إلا الأخذ على الحكم، قال: الأخذ على الحكم كفر.
أخرجه ابن جرير برقم (11961) .
(3) طريق عامر الشعبي، عن مسروق قال: قلنا لعبد الله: ما كنا نرى السحت إلا الرشوة في الحكم، قال: ذاك الكفر.
أخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 51) .
وابن جرير برقم (11948) .
وابن بطة في "الإبانة" (2 / 733 رقم 1003) .
ثلاثتهم من طريق وكيع بن الجرّاح، عن حريث بن أبي مطر، عن الشعبي، به.
(4) طريق سلمة بن كُهيل، عن علقمة ومسروق أنهما سألا ابن مسعود عن الرشوة، فقال: هي السحت، قالا: أفي الحكم ذلك؟ قال: ذلك الكفر، ثم تلا هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكافرون} .
أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / أ) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 321 و 357 رقم 11960 و 12061) .
وابن بطّة في "الإبانة" (2 / 733 رقم 1002) .
جميعهم من طريق هشيم بن بشير، قال: حدثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عن سلمة بن كهيل، به إلا أن "كتاب الإيمان" للإمام أحمد جاء فيه: ((الأسود)) بدل: ((مسروق)) ، فلعله تصحيف من الناسخ.
وسند هذا الطريق صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه الإمام أحمد =(4/1472)
742- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيع، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيف (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَسَمَ شَيْئًا، فَدَعَا رَجُلًا يَحْسُبُ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَعْطَيْتَهُ شَيْئًا، قَالَ: إِنْ شَاءَ، وَهُوَ سُحْتٌ.
__________
= عن هشيم مباشرة.
(1) هو موسى بن طَريف الأسَدي الكوفي، روى عن أبيه وعباية بن ربعي، روى عنه الأعمش وعبد العزيز بن رُفيع وفطر بن خليفة وغيرهم، وهو متروك، فقد كذبّه أبو بكر بن عيّاش، وضعفه ابن معين والدارقطني في رواية، وفي رواية قال: ((متروك)) ، وقد روى أحاديث يظهر منها غلوّه في التشيع، ولذلك قال الجوزجاني: ((زائغ)) ، وقال ابن عدي: ((وموسى بن طريف هذا كان غاليًا في جملة الكوفيين)) . وقال عبد الله بن داود الخريبي: ((كنا عند الأعمش، فجاءنا يومًا وهو مغضب، فقال: ألا تعجبون من موسى بن طريف؛ يحدِّث عن عباية، عن علي: أنا قسيم النار؟!)) ، وذكر له ابن عدي والعقيلي بعض الأحاديث التي انتُقدت عليه، وقد قيل: إنه كان يحدِّث بهذه الأحاديث يسخر بالشيعة، وذكر سلام الخيّاط أن ابن طريف كان يري رأي أهل الشام، وأنه كان يتحدَّث بهذا يتشيّع به، وهذا مما يؤكد أن الرجل يستحق الترك، وقد قال ابن حبان: ((كان ممن يأتي بالمناكير التي لا أصول لها عن أبيه وأقوام مشاهير، وكان أبو بكر بن عيّاش يكذِّبه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 148 رقم 668) ، و"الضعفاء" للعقيلي (4 / 158) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 238 - 239) ، و"الكامل" لابن عدي (6 / 2339 - 2340) ، و"الضعفاء والمتروكين" للدارقطني (ص368 رقم 520) ، و"لسان الميزان" (6 / 121) .
(2) هو طَرِيف الأسَدي، مجهول يروي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه -، روى عنه ابناه محمد وموسى، ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (4 / 356 رقم 3128) ، وقال: ((روى عنه ابنه موسى الأسدي، عنده مراسيل)) ، وبيّض له =(4/1473)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 492 رقم 2163) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 396) .
[742] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف موسى وجهالة أبيه، ومتنه منكر كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 81) لعبد الرزاق فقط.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 133) في آداب القاضي، باب ما جاء في أجر القسّام، من طريق المصنِّف، به مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 115 رقم 14539) عن شيخه سفيان بن عيينة، به نحو لفظ المصنف هنا.
وأخرجه الإمام الشافعي في "الأم" (7 / 165) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق (ص132) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 39 - 40 رقم 2304) .
كلاهما من طريق أبي بكر بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بن رفيع، به نحوه، إلا أنه أسقط من الإسناد طريفًا، فجاء الأثر من رواية موسى بن طريف، وزاد ابن أبي شيبة في آخره: فقال - أي الرجل -: لا حاجة لنا في سحتكم.
وأبو بكر بن عياش تقدم في الحديث [16] أنه لما كبر ساء حفظه، مع كونه ثقة عابدًا، وقد خالفه سفيان بن عيينة وروايته أرجح.
قال البيهقي بعد أن رواه: ((إسناده ضعيف؛ موسى بن طريف لا يحتجّ به، وقيل: عنه، عن أبيه، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ... )) ، ثم ساقه من طريق المصنف كما سبق.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" برقم (14537) من طريق شيخه سفيان الثوري، عن الأعمش، عَنْ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ، عَنْ أبيه قال: مرّ عليّ برجل يحسب بين قوم بأجر، فقال له علي: إنما تأكل سحتًا.
ومما يدلّ على شدّة ضعف الحديث: نكارة متنه؛ لا يُظَنّ بأمير المؤمنين عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه - أن يعطي سحتًا، قال الشافعي - رحمه الله - في =(4/1474)
743- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَتِيق قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَكْرَهُ أُجُورَ القُسَّام (1) ، وَيَقُولُ: كَانُوا يَقُولُونَ: الرِّشْوة عَلَى الْحُكْمِ سُحْت، مَا أَرَى حُكْمًا يُؤْخَذُ عليه رِشْوة.
__________
= الموضع السابق: ((لا يحلّ لأحد أن يعطي السحت، كما لا يحل لأحد أن يأخذه، ولا نرى عليًّا - رضي الله عنه - يعطي شيئًا يراه سحتًا - إن شاء الله تعالى -)) . اهـ.
(1) القسَّامُ: هو الذي يقسم الدور والأرض والأشياء بين الشركاء فيها. انظر "لسان العرب" (12 / 479) .
[743] سنده صحيح.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (7 / 202) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما "فتح الباري" (4 / 454) ، و"تغليق التعليق" (3 / 285) .
أما ابن سعد فمن طريق عارم بن الفضل، وأما عبد فمن طريق سليمان بن حرب، كلاهما عن حماد بن زيد، به، ولفظ ابن سعد: عن محمد أنه كان يكره أن يشارط القسّام، قال: وكان يكره الرشوة في الحكم، وقال: حكم يأخذون عليه أجرًا.
ولفظ عبد بن حميد نحو لفظ المصنِّف، إلا أنه قال: ((وأرى هذا حكمًا يؤخذ عليه الأجر)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 115 رقم 14536) من طريق عثمان بن مطر، عن قتادة، عن ابن المسيّب والحسن وابن سيرين: كرهوا حساب المقاسم بالأجر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 40 رقم 2306) من طريق همام بن يحيى، عن قتادة عن الحسن البصري، وابن المسيب بمعنى ما سبق، إلا أن قتادة رواه عن يزيد الرِّشْك، عن القاسم، عن ابن المسيب، ثم قال قتادة: وقال =(4/1475)
744-[ل130/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانُ يَكْرَهُ الشَّرْط، وَلَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَقْسِمَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ فَيُعْطِيَهُ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
745- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاش (2) ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ صَالِحٍ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الرِّشْوة فِي الْحُكْمِ سُحْت، ومَهْرُ البَغِِيِّ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ، وَثَمَنُ القِرْد، وَثَمَنُ الْخِنْزِيرِ، وَثَمَنُ الْخَمْرِ، وَثَمَنُ المَيْتة، وَثَمَنُ الدَّم، وعَسْبُ الفَحْل (4) ، وَأَجْرُ النَّائِحَةِ والمُغَنِّيةِ، وَأَجْرُ الْكَاهِنِ، (وَأَجْرُ الساحر) (5) ،
__________
= ابن سيرين: إن لم يكن خبيثًا فما أدري ما هو.
قلت: وكراهة ابن سيرين لأجر القسّام محمولة على ما إذا كان اشترط ذلك؛ وأما إذا لم يشترط، فلا بأس به عنده كما في الأثر الآتي، وهذا الذي ذهب إليه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 454) .
(1) هو عبد الله بن عون.
[744] سنده صحيح، وانظر تخريج الأثر السابق والتعليق عليه.
(2) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلِّط في غيرهم، وأنه مدلِّس، وهذا الحديث من روايته عن حبيب بن صالح وهو شامي من أهل بلده، لكنه لم يُصرِّح بالسماع منه.
(3) هو حبيب بن صالح، أو: ابن أبي موسى، الطَّائي، أبو موسى الشامي، الحِمْصي، روى عن أبيه ويزيد بن شريح ويحيى بن جابر وغيرهم، روى عنه ابنه عبد العزيز وحَريز بن عثمان وبقيّة بن الوليد وإسماعيل بن عياش، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه الجوزجاني ويزيد بن عبد ربه، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال بقيّة بن الوليد: ((قال لي شعبة: اشفني من حديث حبيب بن صالح ... )) ، وقال أبو زرعة: ((لا أعلم أحدًا من أهل العلم طعن على حبيب بن صالح =(4/1476)
= وَأَجْرُ القَائِفِ (6) ، وَثَمَنُ جُلُودِ السِّبَاع، وَثَمَنُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ، فَإِذَا دُبغت فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَأَجْرُ صُوَرِ التَّمَاثيل، وهَدِيَّةُ الشَّفاعة، (وجَعِيْلَةُ الغرَقِ) (7) .
__________
= في معنى من المعاني، وهو مشهور في بلده بالفضل والعلم، وشُعْبَةُ في انتقاده وتركه الأخذ عن كل أحد، يستعيد بقيَّةَ حديث حبيب بن صالح)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 103 - 104 رقم 481) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 182 - 183) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 455 رقم 1707) ، و"التهذيب" (2 / 186 رقم 340) ، و"التقريب" (ص151 رقم 1098) .
وحبيب هنا يروي عن ابن عباس، وهو لم يدرك أحدًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كما يتضح من ترجمته؛ فإنه إنما يروي عن التابعين، ولذا ذكره ابن حبان في طبقة أتباع التابعين كما في الموضع السابق من ثقاته، وقد نصّ البيهقي على الانقطاع بينهما كما سيأتي نقله عنه.
(4) عَسْبُ الفَحْل: ماؤه، سواء كان فرسًا، أو بعيرًا، أو غيرهما، وعَسْبُهُ أيضًا: ضِرَابَه، والنهي ليس على أيٍّ منهما، وإنما أراد: النهيَ عن الكراء الذي يؤخذ عليه، ويقال لِكِراءِ الفَحْل: عَسْبٌ، وإنما نهي عنه للجهالة التي فيه، ولابدّ في الإجارة من تعيين العمل ومعرفة مقداره. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (3 / 234) .
(5) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، لأنه روى الحديث من طريق المصنِّف.
(6) القَائِفُ: هو الذي يَتَتَبَّع الآثار ويعرفها، ويعرف شَبَه الرجل بأخيه وأبيه. اهـ. من المرجع السابق (4 / 121) .
(7) في الأصل: ((جعلية الغزو)) ، وما أثبته من "غريب الحديث" للخطابي (2 / 473) ، فإنه روى الحديث من طريق المصنِّف، وسيأتي بيان معنى جعيلة الغرق.
[745] سنده ضعيف للانقطاع بين حبيب بن صالح وابن عباس؛ ولأن إسماعيل بن عياش =(4/1477)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مدلِّس ولم يصرِّح بالسماع.
والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 12 - 13) في البيوع، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((السحت: الرشوة في الحكم)) ، و: ((أجر المغنيّة)) ، وجاء عنده مثلما في النسخة هنا: ((وجعيلة الغزو)) .
قال البيهقي بعد أن أخرجه: ((هذا منقطع بين حبيب بن صالح وابن عباس، وهو موقوف)) .
وأخرجه الخطّابي في "غريب الحديث" (2 / 473) من طريق المصنِّف، مختصرًا، ولفظه: ((الرشوة)) في الحكم سحت، وثمن الدَّم، وأجرة الكاهن، وأجرة القائف، وهديّة الشفاعة، وجعيلة الغرق)) .
ثم أخذ الخطابي - رحمه الله - في بيان معنى ذلك، فقال: ((أما ثمن الدم فإنه أراد كَسْب الحَجَّام، وقد نهى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عنه، إلا أن تأويله عند عامة أهل العلم: أنه نهي كراهة لا نهي تحريم، وقد احتجم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يطعمه إياه. وإنما كره ذلك لخبثه ودناءة مخرجه والله أعلم.
وأما أجر الكاهن فلا إشكال في تحريمه، وفي أنه من أكل المال بالباطل، وذلك لأن قوله زور، وفعله محرم، وقد نهى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ حُلْوان الكاهن.
وأما أجر القائف فإنه لم يبطل ذلك من أجل أن فعله باطل، ولكنه إنما كره له أخذ الأجرة؛ لأنه كالحاكم فيما يقطع به من إلحاق الولد وإثبات النسب.
والحاكم متى ما أخذ من المتحاكمين أجرًا كان رشوة، إنما أجره على بيت المال، وقد أثبت رسول الله حكم القافة.
وأما هدية الشفاعة فمكروهة على الوجوه كلها؛ وذلك لأنه إن كانت شفاعته في باطل، فقد أتى محظورًا وأخذ محرمًا، وإن كانت في حق فقد أخذ على المعروف ثمنًا. =(4/1478)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} ]
746- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، (عَنْ مُغيرة) (2) ، عَنِ الشَّعْبي، وإِبْرَاهِيمَ، قَالَا: إِذَا ارْتَفَعَ أَهْلُ الْكِتَابِ إِلَى حُكَّامِ الْمُسْلِمِينَ، إِنْ شَاءَ حَكَمَ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ أَعْرَضَ عَنْهُمْ، (فَإِنْ حَكَمَ) (3) حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
__________
= وأما جَعيلة الغرق، فهي ما يُجعل للغائص على استخراج المتاع الذي غرق في البحر، يقال: جعلت له جَعيلة وجَعَالة بفتح الجيم، أي: جُعْلاً، والمكروه من ذلك على وجهين:
أحدهما: أن يستأجره على أن يخرج متاعه من البحر بأجرة معلومة، وهذا فاسد، والإجارة عليه باطلة؛ لأنه غرر لا يُدْرَى هل يظفر به أم لا، وهو مثل الإجارة على أن يَرُدَّ عبده الآبق وفرسه العَائِر وما أشبههما.
والوجه الآخر: أن يغرق متاع الرجل، فيرمي به البحر إلى الساحل، فيأخذه الإنسان، فإنما هو بمنزلة اللقطة يجدها، ليس له أن يطلب على ردِّها جعلاً.
فأما إذا جَعَلَ للغائص جُعْلاً في طلب متاعه، كان ذلك جائزًا، كما لو جعلها لطالب العبد؛ لأنه إنما يأخذ الجعل على كَدِّ نفسه، لا على ردِّ عبده)) . اهـ.
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) ما بين القوسين سقط من الأصل، وقد أخرجه البيهقي من طريق المصنف على الصواب كما سيأتي.
ومغيرة بن مِقْسَم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
(3) في الأصل: ((وإن شاء)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي".
[746] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرِّح بالسماع.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 84) لعبد الرزاق وعبد بن حميد وأبي الشيخ. =(4/1479)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالقِسْطِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ} ]
747- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) التَّيْمي - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فاحكم بينهم بالقسط} -، قال: بالرَّجْم.
__________
= وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 246) في الحدود، باب ما جاء في حدّ الذميين، ومن قال: إن الإمام مخيّر في الحكم بينهم ... ، من طريق المصنِّف، به مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 63 رقم 10008) ، و (8 / 322 رقم 19240) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 329 رقم 11979) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 4 / ب) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص160) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، به نحوه، إلا أن ابن جرير والنحّاس لم يذكرا قوله: ((فَإِنْ حَكَمَ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ الله)) .
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص134 رقم 242) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 330 و 334 - 335 رقم 11983 و 11997) .
كلاهما من طريق هشيم، عن مغيرة، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (119977 و 11978 و 11985) من طريق جرير بن عبد الحميد، وعمرو بن أبي قيس، كلاهما عن مغيرة، به نحوه، إلا أنهما ذكرا المشركين بدل أهل الكتاب، ولم يذكر عمرو في روايته قوله: ((فإن حكم ... )) الخ.
(1) هو ابن حَوْشب.
(2) هو ابن يزيد. =(4/1480)
[قوله تعالى: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالمُؤْمِنِينَ} ]
748- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ الشَّيْباني (1) ، قَالَ: قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفى: أَرَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
__________
[747] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 84) للمصنِّف وعبد بن حميد وأبي الشيخ والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 246) في الحدود، باب ما جاء في حد الذميين، ومن قال: إن الإمام مُخيَّر في الحكم بينهم ... ، من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 335 رقم 11999 و 12001) من طريق عمرو بن عون وهنّاد بن السَّريّ، كلاهما عن هشيم، به مثله، إلا أن هنادًا قال في روايته: ((أُمر أن يحكم بينهم بالرجم)) .
هكذا رواه سعيد بن منصور وعمرو بن عون وهنّاد عن هشيم في تفسير قوله تعالى: {فاحكم بينهم بالقسط} .
ووافقهم يزيد بن هارون، فرواه عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ إبراهيم: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} ، قال: أمر أن يحكم فيهم بالرجم.
أخرجه الطبري في الموضع السابق برقم (11998) .
وخالف هؤلاء جميعًا أبو عبيد، فرواه في "الناسخ والمنسوخ" (ص135 - 136 رقم 246) فقال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التيمي -، في قوله: {وأن احكم بنيهم بما أنزل الله} -، قال: بالرجم.
ورواية الجماعة أصحّ من رواية أبي عبيد؛ لاتفاقهم على ذلك.
(1) هو سليمان بن أبي سليمان.
[748] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6 / 126) وعزاه لابن أبي شيبة فقط. =(4/1481)
عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ، رَجْمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً قَالَ: قُلْتُ: أَقَبْلَ سُورَةِ النُّورِ، أَمْ بَعْدَهَا؟ قَالَ: لا أدري.
[قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ ... } إلى قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ]
749- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْر (1) ، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الكافرون} - قَالَ: لَيْسَ بِالْكُفْرِ الَّذِي تَذْهَبُونَ إليه.
__________
= وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 75 رقم 8824) من طريق علي بن مُسْهِر، عن أبي إسحاق الشيباني، به نحوه.
(1) هو هشام بن حُجَيْر - بمهملة وجيم، مُصَغَّر -، المكِّي، يروي عن طاوس ومالك بن أبي عامر الأصبحي والحسن البصري، روى عنه ابن جريج وشبل بن عبّاد وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أن له أوهامًا؛ قال ابن شبرمة: ((ليس بمكة مثله)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث)) ، وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنّة)) ، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال ابن معين في رواية: ((صالح)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه: ((ليس بالقوي، قلت: هو ضعيف؟ قال: ليس هو بذاك. قال: وسألت يحيى بن معين عنه، فضعّفه جدًّا)) ، وقال علي بن المديني عن يحيى بن سعيد: ((حدثنا عنه ابن جريج، وخليق أن أَدَعَهُ، قلت: أضْرِبُ على حديثه؟ قال: نعم)) . اهـ. من =(4/1482)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "الجرح والتعديل" (9 / 53 - 54 رقم 228) ، و"التهذيب" (11 / 33 رقم 74) ، و"التقريب" (ص572 رقم 7288) .
قلت: وذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التقريب" أنه من الطبقة السادسة.
[749] سنده ضعيف لضعف هشام بن حجير من قبل حفظه، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 87) للمصنف والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه".
وأخرجه الإمام أحمد في "كتاب الإيمان" (ل 131 / ب) .
ومن طريقه ابن بطّة في "الإبانة" (2 / 736 رقم 1010) .
وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 521 رقم 569) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / أ) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 313) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (8 / 20) في الجنايات، باب تحريم القتل من السنّة.
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أن محمد بن نصر وابن أبي حاتم قالا: ((يذهبون)) ، بدل قوله: ((تذهبون)) .
وأما الحاكم فلفظه: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرًا ينقل عن الملّة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، كفر دون كفر. اهـ.
وزاد الإمام أحمد في روايته: قال سفيان: أي ليس كفرًا ينقل عن الملّة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} .
وقد صح الحديث من طريق آخر عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص101 رقم 241) عن عبد الله بن طاوس، =(4/1483)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن أبيه قال: قيل لابن عباس: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: هي كفره، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر.
وهذا إسناد صحيح، إلا أن سفيان لم يسمعه من ابن طاوس، وإنما بينهما معمر.
فقد أخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / أ) .
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 521 - 522 رقم 571 و 572) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 355 - 356 رقم 12053 و 12054) .
وابن بطة في "الإبانة" (2 / 734 رقم 1005) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن معمر، عن ابن طاوس، به، بلفظ: هي به كفر، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 191) عن معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: سئل ابن عباس عن قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، قال: هي كفر، قال ابن طاوس: وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله.
وهذا إسناد صحيح.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:
الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 131 / ب) .
ومحمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 521 رقم 570) .
والقاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 41) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 356 رقم 12055) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / أ) .
وابن بطّة في "الإبانة" (2 / 736 رقم 1009) .(4/1484)
750- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} ، و: {الظالمون} ، و: {الفاسقون} في اليهود خاصة.
__________
(1) تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد.
(2) هو عبد الله بن ذكوان.
(3) هو عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن مسعود.
[750] سنده ضعيف لما تقدم عن حال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 87) للمصنِّف وأبي الشيخ وابن مردويه.
والحديث اختصره المصنف، وهو جزء من حديث طويل أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 246) من طريق شيخه إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنْ الله عز وجل أنزل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} ، و: {أولئك هم الظالمون} ، و: {أولئك هم الفاسقون} ، قال ابن عباس: أنزل الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية، حتى ارتضوا أو اصطلحوا على أن كل قتيل قتله العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقًا، وكل قتيل قتله الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك حتى قدم النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المدينة، فذلَّت الطائفتان كلتاهما لمقدم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ويومئذ لم يظهر، ولم يوطئهما عليه، وهو في الصلح، فقتلت الذليلة من العزيزة قتيلاً، فأرسلت العزيزة إلى الذليلة: أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت الذليلة: وهل كان هذا في حيَّين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية؟ إنا إنما أعطيناكم هذا ضيمًا منكم لنا، وفَرَقًا منكم، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم =(4/1485)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ارتضوا على أن يجعلوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بينهم، ثم ذكرت العزيزة، فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيمًا منا وقهرًا لهم، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه، فدسوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ناسًا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فلما جاء رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا} إلى قوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الفاسقون} ثم قال: فيهما والله نزلت وإياهما عنى الله عز وجل.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 7 - 8 رقم 3576) في الأقضية، باب في القاضي يخطئ.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 350 - 351 رقم 12037) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (10 / 367 - 368 رقم 10732) .
أما أبو داود فمن طريق زيد بن أبي الزرقاء، وأما ابن جرير فمن طريق عبد الله بن وهب، وأما الطبراني فمن طريق داود بن عمرو الضَّبِّي، ثلاثتهم عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد، به، ولفظ ابن جرير والطبراني مطوّل نحو لفظ الإمام أحمد السابق، إلا أن ابن وهب عند ابن جرير روى الحديث على أنه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عتبة مرسلاً، ليس فيه ذكر لابن عباس.
وأما أبو داود فرواه مختصرًا بلفظ: عن ابن عباس قال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الكافرون} إلى قوله: {الفاسقون} ، هؤلاء الآيات الثلاث نزلت في اليهود خاصّة، في قريظة والنضير.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 15 - 16) بعد أن ذكر الحديث: ((رواه أحمد والطبراني بنحوه، وفيه عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ وهو ضعيف، وقد وُثِّق، وبقية رجال أحمد ثقات)) .(4/1486)
751- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدة، قَالَ: نا الشَّعْبي، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الكافرون} فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هم الظالمون} قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ، {فَأُولَئِكَ هم الفاسقون} ، قال: نزلت في النصارى.
__________
[751] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه الشعبي.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 354 رقم 12043) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص103 رقم 249) عن زكريا، عن الشعبي: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ الله فأولئك هم الظالمون} ، قال: هذه الآيات أوّلها في هذه الأمة، والثانية في اليهود، والثالثة في النصارى.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 191) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 354 رقم 12044) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، به.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:
القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 42) .
وابن جرير برقم (12045) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / أ) .
وأخرجه الإمام أحمد في "كتاب الإيمان" (ل 131 / أ) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 353 رقم 12038) .
كلاهما من طريق وكيع، عن زكريا، به نحو لفظ الثوري.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 355 رقم 12046) من طريق يعلى، عن زكريا، به نحو لفظ الثوري أيضًا. =(4/1487)
752- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنْ (يُسَيْر) (2) ، أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فأولئك هم الكافرون} ، و {الظالمون} (3) ! فَمَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ قَضَى بين اثنين!
__________
= وأخرجه ابن القاصّ في "أدب القاضي" (1 / 82 - 83) من طريق سفيان بن عيينة، عن زكريا، به نحو لفظ المصنِّف.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" أيضًا (ص102 - 103 رقم 248) عن جابر بن يزيد الجعفي، عن الشعبي، به، بمثل لفظ سفيان السابق عن زكريا.
ومن طريق سفيان أخرجه وكيع في "أخبار القضاة" (1 / 42) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 354 رقم 12041) .
وأخرجه وكيع أيضًا في الموضع السابق.
وابن جرير برقم (12042) .
كلاهما من طريق شعبة، عن ابن أبي السَّفَر، عن الشعبي، به نحو لفظ المصنف، إلا أن وكيعًا إنما ذكر الآية الأولى التي نزلت في المسلمين، ولم يذكر ابن جرير الآية الثانية التي نزلت في اليهود.
وأخرجه ابن جرير برقم (12039) من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَر، به نحو لفظ سفيان عن زكريا السابق.
وأخرجه وكيع في الموضع السابق.
وابن جرير برقم (12040) .
كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن ابن شُبْرُمة، عن الشعبي، به بمعناه.
(1) هو ابن حَوْشَب.
(2) في الأصل: ((يشير)) أو: ((بشير)) ، ولم أجد في الرواة من اسمه هكذا ممن يروي عن عمر أو روى عنه العَوَّام بن حوشب، وما أثبته هو الأقرب للصواب. =(4/1488)
753- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا الْمُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اسْتُحْلِفُوا-: يُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ بِدِينِهِمْ، فَإِذَا بَلَغت اليمين، استُحلفوا بالله.
__________
= وهو يُسَيْر - بالتصغير - ابن عمرو - أو: ابن جابر -، الكوفي، مختلف في نسبته، قيل: كندي، وقيل غير ذلك، وقيل: أصله: أُسَيْر، فسُهِّلت الهمزة، وقيل: إن ابن جابر آخر، تابعي.
روى يسير هذا عن عمر وعلي وابن مسعود وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه قيس وأبو إسحاق الشيباني والعَوَّام بن حوشب وغيرهم، وهو ثقة، أدرك زمن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويقال: له رؤية، قال العَوَّام بن حوشب: ((ولد في مهاجر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، ومات سنة خمس وثمانين)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث)) ، ووثقه العجلي وابن حبان. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص483 رقم 1864) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 308 رقم 1327) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 61) و (5 / 557) ، و"التهذيب" (11 / 378 - 379 رقم 738) ، و"التقريب" (ص607 رقم 7808) .
(3) كذا في الأصل لم يذكر الثالثة، والسياق يقتضي أن تكون: ((و: {الفاسقون} )) .
[752] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 89) للمصنِّف فقط، فقال: ((وأخرج سعيد بن منصور عن عُمَرَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ مَنْ قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ بَعْدَ هذه الآيات)) .
(1) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه.
[753] سنده ضعيف لأن مغيرة بن مِقْسَم لم يصرِّح بالسماع.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 99 رقم 414) من طريق أبي بكر بن عيّاش، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لا يستحلف المشرك بالله، ولكن يُغَلَّظ عليه في دينه. =(4/1489)
754- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة (1) ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنْ لَا تَسْتحْلِفُوا بِغَيْرِ اللَّهِ أَحَدًا.
755- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ (2) قَالَ: يُسْتَحْلَفُون بِاللَّهِ، وَإِنَّ التَّوْرَاة والإنْجِيل لَمِنْ كُتُبِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
756- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا الْمَسْعُودِيُّ (3) ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (4) ، عَنْ مَسْرُوقٍ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحْلِفُ أَهْلَ الْكِتَابِ بالله عز وجل.
__________
= وعلَّقه ابن حزم في "المحَّلى" (10 / 551) بلفظ: يستحلفون بالله، ويغلَّظ عليهم بدينهم.
(1) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه مدلِّس.
[754] سنده رجاله ثقات، لكن مغيرة مدلِّس ولم يذكر ما يدلّ على تلقّيه هذا الخبر عن عمر بلا واسطة.
وأخرجه ابن حزم في "المحَّلى" (10 / 550) من طريق أبي عبيد القاسم بن سَلاَّم، نا هشيم، أنا المغيرة بن مقسم قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ العزيز في أهل الكتاب: أن يستحلفوا بالله.
(2) هشيم بن بشير يروي عن اثنين ممن اسمه عبد الملك، وهما عبد الملك بن عمير وعبد الملك بن أبي سليمان، كما في "التهذيب" (11 / 59) ، وكلاهما ثقة كما تقدم في الحديث رقم [119] والحديث رقم [419] .
[755] سنده صحيح.
(3) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، تقدم في الحديث [51] أنه صدوق اختلط قبل موته، ومن سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط، ولم أجد من نصّ على أن هشيم بن بشير سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، لكن =(4/1490)
757- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حُصَين (5) ، عَمَّنْ حَدَّثَه، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فهو كفارة له} -، قال: كفارة للجارح.
__________
= من يطالع طبقة الذين رووا عنه قبل الاختلاط يجعل هشيمًا في مصافِّهم، بخلاف من روى عنه بعد الاختلاط فإن طبقتهم متأخرة عن هشيم، ومع ذلك لم ينفرد به المسعودي كما سيأتي.
(4) هو القاسم بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، تقدم في الحديث [51] أنه ثقة عابد.
[756] سنده حسن لذاته.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 99 رقم 413) عن شيخه أبي مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحْلِفُ المشركين بالله.
وسنده ضعيف، فحجّاج بن أرْطَأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 131 رقم 10237) ، و (8 / 361 رقم 15544) ، فقال: أخبرنا الثوري، عن جابر، عن الشعبي، عن مسروق قال: كان يحلِّفهم بالله، وكان يقول: أنزل الله: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} .
وسنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جابر بن يزيد الجُعْفي كما في ترجمته في الحديث [101] .
وعلّقة ابن حزم في "المحلى" (10 / 550) عن مسروق بلفظ: استحلافهم بالله فقط.
(5) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، وقد روى عنه هشيم هذا الحديث وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث رقم [91] . =(4/1491)
758- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين (1) ، عن ابن عباس، مثله.
__________
[757] سنده ضعيف لإبهام شيخ حصين، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وقد رواه خالد بن عبد الله الواسطي عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بلا واسطة، وسنده ضعيف كما سيأتي في الحديث بعده.
وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (3 / 93) وعزاه للمصنِّف والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 439 - 440 رقم 8041) فقال: حدثنا الفضل بن دُكين ويحيى بن آدم، عن سفيان عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} ، قال: للجارح.
وهذا سند صحيح، وعطاء بن السائب وإن كان قد اختلط، فإن الراوي عنه هنا هو سفيان الثوري، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث رقم [6] .
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (2 / 232) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 366 و 367 - 368 رقم 12086 و 12089) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 7 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق يحيى بن آدم وأبي نعيم الفضل بن دكين، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي أحمد الزبيري، ثلاثتهم عن سفيان، به، وفيه زيادة قوله: ((وأجر الذي أصيب على الله)) ، وعند ابن أبي حاتم: ((وأجر المجروح على الله)) .
(1) تقدم في الحديث السابق أنه اختلط، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [56] ، إلا أن =(4/1492)
759- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: لِلْجَارِحِ، وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ (2) : لِلْمَجْرُوحِ.
__________
= حصين بن عبد الرحمن هنا أسقط الواسطة بينه وبين ابن عباس، وهو راو مبهم ذكره هشيم في روايته السابقة، ولم يُذكر في ترجمة حصين أنه روى عن ابن عباس. انظر "التهذيب" (2 / 381) .
[758] سنده ضعيف لأن حصين بن عبد الرحمن أخذه عن ابن عباس بواسطة راو مبهم كما في الحديث السابق.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 367 رقم 12097) من طريق معلّى بن أسد، عن خالد، به مثله.
وقد صح الحديث من طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عباس كما في الحديث السابق.
(1) هو ابن مقسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع هنا.
(2) أي النخعي.
[759] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرِّح بالسماع، وهو صحيح لغيره عن مجاهد، وأما إبراهيم النخعي فالصحيح عنه خلافه كما سيأتي في الحديث بعده.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 438 رقم 8036) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 363 و 366 رقم 12076 و 12088) .
كلاهما من طريق هشيم، به مثله، إلا أن ابن أبي شيبة قدّم قول إبراهيم، وأما ابن جرير ففرّق القولين في موضعين.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (12 / 232) .
وأخرجه ابن جرير برقم (12079 و 12089) من طريق جرير، عن مغيرة، به مثله مفرّقًا في الموضعين.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 367 رقم 12095) من طريق ابن جريج، عن =(4/1493)
760- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} - قَالَ: الَّذِي أَصَابَهُ (2) ، وَالْمَجْرُوحُ أَجْرُهُ على الله.
__________
= مجاهد قال: كفارة للجارح، وأجرٌ للعافي؛ لقوله: {فمن عفا وأصلح فأجره على الله} [الآية (40) من سورة الشورى] .
وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه مدِّلس، وهذا الحديث أخذه عن مجاهد بواسطة.
فقد أخرجه ابن جرير (10 / 371 رقم 12102) من طريق آخر عن ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به وفيه زيادة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 368 رقم 12099) من طريق شبل، عن عبد الله بن كثير، به نحوه.
وقد صح هذا المعنى عن مجاهد كما سيأتي في الحديث الآتي والذي بعده، وفي الحديث الآتي صح عن إبراهيم أنه قال: للجارح، مثل قول مجاهد.
(1) هو ابن المعتمر.
(2) أي الجارح، وهذا فيه مخالفة لما رواه مغيرة عنه في الحديث السابق؛ من أنه كفارة للمجروح، والصحيح ما رواه منصور هنا.
[760] سنده صحيح.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص102 رقم 245) عن منصور، عن إبراهيم ومجاهد: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} ، قال: كفارة للجارح، وأجر المجروح على الله تبارك وتعالى.
وهذا إسناد صحيح أيضًا.
ومن طريق سفيان الثوري أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9 / 438 - 439 رقم 8037) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 367 رقم 12093) . =(4/1494)
761- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ (1) ، سَمِعَ أَبَا إِسْحَاقَ (2) يَسْأَلُ مُجَاهِدًا، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ} قَالَ: لِلْجَارِحِ.
762- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا [ل130/ب] سُفْيَانُ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ ظَبْيان (3) ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ (4) ، أَنَّ رَجُلًا هَتَم (5) فَمَ رجلٍ عَلَى عَهْدِ مُعَاوِيَةَ، فَأُعْطِيَ ديةَ فأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتَصَّ، فَأُعْطِيَ دِيَتَيْنِ =
__________
= ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (12 / 232) .
وأخرجه ابن أبي شيبة برقم (8040) .
وابن جرير برقم (12090) .
كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، عن إبراهيم ومجاهد، به مثل سابقه.
وهذا إسناد صحيح أيضًا.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في الموضع السابق.
(1) تقدم في الحديث [311] أنه صدوق.
(2) أي السَّبيعي.
[761] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره بما مضى في الحديثين [759 و 760] .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 366 رقم 12087) من طريق يحيى بن واضح، حدثنا يونس، عن أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يقول لأبي إسحاق: {فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ له} ، يا أبا إسحاق، لمن؟ قال أبو إسحاق: للمتصدق، فقال مجاهد: للمذنب الجارح.
(3) هو عمران بن ظَبْيان الحنفي الكوفي، يروي عن عدي بن ثابت وحُكيم بن سعد وغيرهما، روى عنه إسرائيل والسفيانان وغيرهم، وهو ضعيف، ورمي بالتشيع، من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص429 رقم 5158) ؛ قال البخاري: ((فيه نظر)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) ، وقال ابن حبان في =(4/1495)
= فَأَبَى، فَأُعْطِيَ ثَلَاثًا، فَحَدَّثَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَنْ تَصَدَّقَ بدمٍ إِلَى دُونِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يموت)) .
__________
= "المجروحين": ((كان ممن يخطئ، لم يفحش خطؤه حتى يبطل الاحتجاج به، ولكن لا يُحتج بما انفرد به من الأخبار)) ، وذكره العقيلي وابن عدي في الضعفاء، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة، من كبراء أهل الكوفة، يميل إلى التشيع)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 298 - 299) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 300 رقم 1663) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 123 - 124) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1747) ، و"التهذيب" (8 / 133 - 134 رقم 229) ، و"التقريب" (ص429 رقم 5158) .
وقد قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التقريب": ((تناقض فيه ابن حبان)) ؛ يعني أنه ذكره في الثقات ثم ذكره في المجروحين.
وعندي ابن حبان لم يتناقض فيه، وإنما ذكره في المجروحين وتكلم عنه بما سبق نقله عنه.
وأما الذي ذكره في "الثقات" (7 / 239) فهو: ((عمران بن ظبيان، كنيته أبو حفص، مولى أسلم، من أهل المدينة، يروي عن جماعة من التابعين، روى عنه أهل المدينة، وهو خال إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، مات سنة سبع وخمسين ومائة)) . اهـ.
وفرق بين هذا وبين الذي ذكره في "المجروحين"، فهذا مدني، يروي عنه أهل المدينة، والذي في "المجروحين" كوفي يروي عنه أهل الكوفة وسفيان بن عيينة من أهل مكة، ولم يذكر له كنية في "المجروحين"، ولا ذكر أنه مولى أسلم.
(4) هو عَديّ بن ثابت الأنصاري، الكوفي، يروي عن أبيه وجدِّه لأمه: عبد الله بن يزيد الخَطْمي، وعن البراء بن عازب وسليمان بن صُرَد وعبد الله بن أبي أوفى =(4/1496)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني والأعمش وشعبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ست عشرة ومائة، وهو ثقة رُمي بالتشيع، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد والعجلي والنسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم: ((صدوق، وكان إمام مسجد الشيعة وقاصّهم)) ، ورماه بالتشيع الإمام أحمد وابن معين والجوزجاني والدارقطني. اهـ.. من "الجرح والتعديل" (7 / 2 رقم 5) ، و"التهذيب" (7 / 165 - 166 رقم 329) ، و"التقريب" (ص388 رقم 4539) .
ونقل الحافظ ابن حجر في "التهذيب" عن الطبري قوله: ((عدي بن ثابت ممن يجب التثبت في نقله)) ، وهذا محمول على ما رواه عدي عن أبيه عن جده؛ فقد قال ابن أبي داود: ((وحديث عدي بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده معلول)) ، وقال البرقاني: ((قلت للدارقطني: فعدي بْنُ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده؟ قال: لا يثبت، ولا يُعرف أبوه ولا جده، وعدي ثقة)) .
(5) أي: ألقى مقدِّمة أسنانه. "لسان العرب" (12 / 600) .
[762] سنده ضعيف لضعف عمران بن ظبيان.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 92) للمصنِّف وابن جرير وابن مردويه.
وقد أخرجه ابن مردويه من طريق المصنِّف كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 64) ، ولفظه: عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رجلاً أهتم فمه رجل على عهد معاوية - رضي الله عنه -، فَأُعْطِيَ دِيَةً فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَقْتَصَّ، فَأُعْطِيَ دِيَتَيْنِ فَأَبَى، فَأُعْطِيَ ثلاثًا فأبى، فحدَّث رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((من تصدق بدم فما دُونِهِ، فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ مِنْ يَوْمِ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَمُوتُ)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 68 / ب) ، وهو في المطبوعة (2 / 133 رقم 1861) .
وأبو يعلى في "مسنده" (12 / 284 رقم 6869) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 368 رقم 12100) .
ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة قال في =(4/1497)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} ]
763- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قوله: {ومهيمنًا عليه} - قال: مُؤْتَمَنًا عليه.
__________
= لفظه: ((إلى يوم تصدق به)) ، وقال أبو يعلى: ((إلى يوم تصدق)) ، وأما ابن جرير فالظاهر أنه سقط من إسناده سفيان بن عيينة، وأما لفظه فهكذا: ((من يوم تصدق إلى يوم ولد)) .
(1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ.
(2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس واختلط في الآخر، لكن سفيان الثوري ممن روى عنه قبل الاختلاط، وقد روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وأما التدليس، فإنه يروي هنا عن راوٍ لم يرو عنه غيره.
(3) هو أَرْبِدة - بسكون الراء، بعدها موحّدة مكسورة -، ويقال: أَرْبِد، التَّميمي، المفسِّر، يروي عن ابن عباس، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وحده، وهو صدوق من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص97 رقم 297) ، وثقه العجلي كما في "تاريخ الثقات" له (ص59 رقم 54) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 52) ، وقال ابن البرقي: ((مجهول)) ، وذكره أبو العرب الصِّقِلِّي حافظ القيروان في الضعفاء كما في "التهذيب" (1 / 197 - 198 رقم 372) .
ولم يذكر أبو العرب سبب جرحه له، وهو جرح غير مفسَّر ومعارض بتوثيق من سبق.
[763] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حُديج بن معاوية، وهو حسن لغيره لأن حديج بن معاوية قد توبع كما سيأتي.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر" (3 / 95) للمصنِّف والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن وأبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "الأسماء =(4/1498)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ]
764- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (1) ، عَنْ طَاوُسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يفضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ، فقرأ: {فحكم الجاهلية يبغون} .
__________
= والصفات".
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 378 - 380 رقم 12107 و 12108 و 12109 و 12110 و 12111 و 12112 و 12113 و 12116 و 12117 و 12118) ، من طريق سفيان الثوري وأبي الأحوص وإسرائيل وعنبسة ومطرِّف وقيس بن الربيع وزهير وشريك، جميعهم عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، وبعضهم قال: عن رجل من تميم، به مثله.
وقد رواه ابن جرير في بعض طرقه عن شيخه محمد بن بشار بندار، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، به.
وهذا إسناد حسن لذاته رجاله كلهم ثقات تقدمت تراجمهم، عدا التميمي فصدوق.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 9 / أ) من طريق سفيان الثوري وإسرائيل، عن أبي إسحاق، به مثله، وسمّى التميمي، فقال: واسمه: أربد.
وأخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 117) من طريق أبي عامر العَقَدي، عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ التَّمِيمِيِّ، به مثله.
(1) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة، إلا أنه يدلس.
[764] سنده ضعيف؛ لأن ابن أبي نجيح لم يصرِّح بالسماع.
والحديث أعاده المصنِّف هنا، وسبق أن أخرجه في سورة آل عمران، وتقدم تخريجه برقم [505] .(4/1499)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} ]
765- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ ابْنَ الزُّبَيْرِ يَقْرَأُ: {فَعَسَى (2) اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحَ الْفُسَّاقُ عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ} ، قَالَ عَمْرٌو: فَلَا أَدْرِي كَانَتْ قِرَاءَةً، أَمْ فسَّر؟
[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ} ]
766- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيَى (3) ،
__________
(1) هو ابن دينار.
(2) في الأصل: ((عسى)) .
[765] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 101) للمصنِّف وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 12 / ب) عن ابن عيينة، به مثله، إلا أنه لم يذكر قول عمرو بن دينار: فلا أدري ... الخ.
(3) هو السَّريّ بن يحيى بن إياس بن حَرْملة الشَّيْباني، أبو الهَيْثَم البصري، روى عن الحسن البصري وثابت البُناني وهشام الدستوائي وغيرهم، روى عنه حماد بن زيد وابن المبارك وابن وهب وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وستين ومائة، وهو ثقة؛ وثقه ابن داود الطيالسي وابن معين وأبو زرعة والنسائي، ووصفه شعبة بالصدق، وقال يحيى القطان: ((كان ثقة، وكان ثبتًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((صدوق ثقة، لا بأس به، صالح الحديث)) ، وشذّ الأزدي فذكره في الضعفاء، وقال: ((حديثه منكر)) ، قال ابن عبد البر: ((هو أوثق من الأزدي بمائة مرّة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 283 - 284 =(4/1500)
= عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يحبهم ويحبونه} - قَالَ: وَلايةُ اللهِ - واللهِ - أَبَا بكر وأصحابَه.
__________
= رقم 1217) ، و"التهذيب" (3 / 460 - 461 رقم 861) ، و"التقريب" (ص230 رقم 2223) .
ولم أجد من نصّ على أن أبا معاوية ممن روى عن السري بن يحيى، وسماعه منه محتمل، فإنهما قد تعاصرا، فوفاة أبي معاوية كانت سنة ثلاث أو أربع أو خمس وتسعين ومائة كما في ترجمته في الحديث [3] ، وهو كوفي والسري بصري، فلقاؤهما ممكن، وقد توبع أبو معاوية كما سيأتي.
[766] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 102) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وخيثمة الطرابلسي في "فضائل الصحابة" والبيهقي في "الدلائل".
وأخرجه الخُتَّلي في "المحبة" (القسم الرابع ص469 رقم 228) .
والقطيعي في "زياداته" على فضائل الصحابة للإمام أحمد (1 / 400 رقم 613) .
كلاهما من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: ثنا السري بن يحيى، قال: قرأ الحسن هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ، حتى قرأ الآية، قال: فقال الحسن: فولاّها أبا بكر وأصحابه.
هذا لفظ القطيعي، ونحوه لفظ الخُتَّلي.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 411 رقم 12178 و 12179) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 13 / أ) .
والقطيعي في "زياداته" على الفضائل لأحمد (1 / 426 - 427 رقم 674) .
ثلاثتهم من طريق وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الحسن، به نحوه. =(4/1501)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} ]
767- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قولهم الإثم} - قَالَ: الرَّبانيون: هُمُ الْفُقَهَاءُ الْعُلَمَاءُ، (وهم) (2) فوق الأحْبَار.
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1280 و 12181 و 12182) من طريق سهل وأبي موسى إسرائيل بن موسى وهشام، ثلاثتهم عن الحسن، به نحوه.
وأخرجه خيثمة الطرابلسي في "فضائل الصحابة" (ص131 - 132) .
والبيهقي في "دلائل النبوة" (6 / 362) .
كلاهما من طريق الحسن بن صالح، عن أبي بشر، عن الحسن، به نحوه.
(1) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلّس، لكن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة.
(2) في الأصل: ((وهو)) .
[767] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 541 - 542 رقم 7312) ، و (10 / 343 رقم 12014) من طريق سفيان بن عيينة، به مثله، إلا أنه لم يذكر الآية.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (7306 و 7307) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {كونوا ربانيين} -، قال: فقهاء.
وأخرجه أيضًا برقم (7308) من طريق ابن جريج، عن القاسم بن أبي بَزَّة، عن مجاهد بمثل سابقه.(4/1502)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ} ]
768- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبيد الإِيَادي (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاس الجُرَيْري (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقيق، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحرس، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بلِّغ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ من الناس} ، فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ مِنَ القُّبَّة (3) ،
__________
(1) تقدم في الحديث [166] أنه صدوق يخطئ.
(2) تقدم في الحديثين [33] و [104] أنه ثقة، إلا أنه اختلط قبل موته بثلاث سنين، وممن روى عنه قبل الاختلاط: إسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة، ووُهيب بن خالد، وقد رويا عنه هذا الحديث مرسلاً كما سيأتي، فخالفهم الحارث فوصله، والصواب فيه الإرسال؛ لأن الحارث لم يُذكر فيمن روى عن سعيد قبل الاختلاط، ومع ذلك فالحارث ضعيف من قبل حفظه كما سبق.
(3) القُبَّةُ من الخيام: ببيت صغير مستدير، وهو من بيوت العرب. "النهاية في غريب الحديث" (4 / 3) .
[768] سنده ضعيف لضعف الحارث من قبل حفظه ومخالفته الثقات في وصله، وقد يكون الخطأ في وصله من سعيد بسبب اختلاطه، والصواب فيه أنه مرسل.
ولبعض معناه شواهد سيأتي ذكرها.
والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 82) من رواية الترمذي الآتية، ثم قال: ((إسناده حسن، واختُلف في وصله وإرساله)) .
وذكره الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 78) من رواية الترمذي والحاكم، ثم قال: ((وكذا رواه سعيد بن منصور، عن الحارث بن عبيد بن قدامة الإيادي، عن الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، عن عائشة، به)) . =(4/1503)
= فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، انْصَرِفُوا، فَقَدْ عصمني الله من الناس)) .
__________
= وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 118) لعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والحاكم وأبي نعيم في "دلائل النبوة" والبيهقي في "الدلائل" أيضًا وابن مردويه.
وقد أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 410 - 411 رقم 5037) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، من طريق عبد بن حميد، عن مسلم بن إبراهيم، عن الحارث، به، مثله، إلا أنه لم يذكر قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((مَنْ الناس)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجُريري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحرس ... ، ولم يذكروا فيه: عن عائشة)) . اهـ.
ومن طريق الترمذي أخرجه القاضي عياض في "الشفاء" (3 / 314 - 316 / شرح) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 469 رقم 12276) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 18 / ب) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 313) .
والبيهقي في "سننه" (9 / 8) في السير، باب مبتدأ الفرض عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعلى الناس.
جميعهم من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الحارث، به مثل لفظ الترمذي.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن جرير برقم (12274) من طريق إسماعيل بن عليّة، عن الجُريري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يتعقبه ناس من أصحابه، فلما نزلت: {والله يعصمك من الناس} ، خرج، فقال: ((يا أيها الناس، الحقوا =(4/1504)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بملاحقكم؛ فإن الله قد عصمني من الناس)) .
وسنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله عبد الله بن شقيق، فالراوي له عن ابن عُليَّة هو شيخ ابن جرير: يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، وتقدم في الحديث [390 و 391] أنه ثقة من الحفاظ.
وأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (2 / 78) ، من طريق وُهيب بن خالد، عن الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شقيق مرسلاً.
ورواية ابن عليَّة وحدها أرجح من رواية الحارث؛ لأنه أوثق منه، وسمع من سعيد قبل اختلاطه، فكيف وقد وافقه وُهيب؟ ويشهد لبعض معناه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 81 رقم 2885) في الجهاد، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله، و (13 / 219 رقم 7231) في التمنِّي، باب قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليت كذا وكذا)) .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1875 رقم 39 و 40) في فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -.
كلاهما من طريق يحيى بن سعيد الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر بن ربيعة، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: أرِقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ذات ليلة، فقال: ((ليت رجلاً صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة)) ، قالت: وسمعنا صوت السلاح، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((من هذا؟ فقال: سعد بن أبي وقاص، يا رسول الله، جئت أحرسك، قالت عائشة: فنام رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - حتى سمعت غطيطه. اهـ. واللفظ لمسلم.
وأخرج البخاري في "صحيحه" أيضًا (6 / 96 و 97 رقم 2910 و 2913) في الجهاد، باب من علَّق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة، وباب تفرُّق الناس عن الإمام عند القائلة والاستظلال بالشجر.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1786 - 1787 رقم 13 و 14) في الفضائل، باب توكله على الله تعالى وعصمة الله تعالى له من الناس. =(4/1505)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كلاهما من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال غزونا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم- غزوة قِبَلَ نجد فأدركنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم- في واد كثير العِضَاهِ، فنزل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم- تحت شجرة فعلَّق سيفه بغصن من أغصانها، قال: وتفرَّق الناس في الوادي يستظلُّون بالشجر. قال: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم: ((إن رجلاً أتاني وأنا نائم، فأخذ السيف، فاستيقظت وهو قائم على رأسي، فلم أشعر إلا والسيف صَلْتًا في يده، فقال لي: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله. ثم قال في الثانية: من يمنعك مني؟ قال: قلت: الله. قال: فَشَامَ السيفَ، فها هو ذا جالس)) . ثم لم يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم-.
هذا لفظ مسلم، وفي إحدى روايات البخاري:
فإذا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: ((إن هذا اخترط عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صَلْتًا، فقال: من يمعنك مني؟ فقلت: الله - ثلاثًا -)) ، ولم يعاقبه وجلس. اهـ.
ومعنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((شام السيف)) : أي: أغْمَدَه. انظر "لسان العرب" (12 / 330) .
وأشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 98) في شرح هذا الحديث إلى أنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحرس، ثم قال: ((قيل: إن هذه القصة سبب نزول قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس} ، وذلك فيما أخرجه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: كنا إذا نزلنا طلبنا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعظم شجرة وأظلَّها، فنزل تحت شجرة، فجاء رجل فأخذ سفيه، فقال: يا محمد، من يمنعك مني؟ قال: ((الله)) ، فأنزل الله. {والله يعصمك من الناس} ، وهذا إسناد حسن، فيحتمل إن كان محفوظًا أن يقال: كان مخيَّرًا في اتخاذ الحرس، فتركه مرةً لقوة يقينه، فلما وقعت هذه القصة ونزلت هذه الآية، ترك ذلك)) . اهـ.
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 79) : ((ومن عصمة الله تعالى لرسوله =(4/1506)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} ]
769- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ لَحْن الْقُرْآنِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} (1) ، {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزكاة} (2) ، وَ (إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ) (3) ، فَقَالَتْ: يَا ابْنَ أُخْتِي، هَذَا عَمَلُ الكُتَّاب، أخطأوا في الكِتَاب (4) .
__________
= - صلى الله عليه وسلم - حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحُسَّادها ومعانديها ومترفيها، مع شدّة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلاً ونهارًا، بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته العظيمة، فصانه في ابتداء الرسالة بعمِّه أبي طالب إذ كان رئيسًا مطاعًا كبيرًا في قريش، وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، لا شرعية، ولو كان أسلم، لاجترأ عليه كفارها وكبارها، ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر، هابوه واحترموه، فلما مات عمه أبو طالب نال منه المشركون أذى يسيرًا، ثم قيّض الله له الأنصار، فبايعوه على الإسلام، وعلى أن يتحوَّل إلى دراهم وهي المدينة، فلما صار إليها منعوه من الأحمر والأسود، وكلما همّ أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء، كاده الله وردّ كيده عليه؛ كما كاده اليهود بالسحر، فحماه الله منهم، وأنزل عليه سورتي المعوّذتين دواء لذلك الداء، ولما سمَّه اليهود في ذراع تلك الشاة بخيبر، أعلمه الله به وحماه منه، ولهذا أشباه كثيرة جدًّا يطول ذكرها)) . اهـ. والله أعلم.
(1) في الأصل: ((والصابئين)) .
قال القرطبي في "تفسيره" (6 / 246) : قال الفَرَّاء: إنما جاز الرفع في {والصابئون} ؛ لأن ((إن)) ضعيفة، فلا تؤثر إلا في الاسم دون الخبر، و ((الذين)) =(4/1507)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= هنا لا يتبين فيه الأعراب، فجرى على جهةٍ واحدةٍ الأمران؛ فجاز رفع الصابئين رجوعًا إلى أصل الكلام. قال الزجَّاج: وسبيل ما يتبين فيه الإعراب وما لا يتبين فيه الإعراب واحد. وقال الخليل وسيبويه: الرفع محمول على التقديم والتأخير؛ والتقدير: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هم يحزنون، والصابئون والنصارى كذلك)) . اهـ.
(2) الآية (162) من سورة النساء.
وهذه الآية مشكلة في إعرابها كالتي قبلها، قال القرطبي في "تفسيره" (6 / 13 - 14) : ((قرأ الحسن ومالك بن دينار وجماعة: {والمقيمون} على العطف، وكذا هو في حرف عبد الله - يعني ابن مسعود -، وأما حرف أُبَيّ، فهو فيه: {والمقيمين} كما في المصاحف، واختُلف في نصبه على أقوال ستة، أصحُّها قول سيبويه بأنه نصب على المدح؛ أي: وأعني المقيمين ... )) ، ثم نقل عن النحّاس تصحيحه لقول سيبويه هذا، وذكر باقي الأقوال، ثم ختم ذلك بقوله: ((وأصح هذه الأقوال قول سيبويه، وهو قول الخليل)) . اهـ. وانظر ما سيأتي نقله عن ابن جرير الطبري في توجيه هذه القراءة.
(3) الآية (63) من سورة طه.
وقد اختلف القُرَّاء في قراءة هذه الآية، وبعض القراءات مشكل في إعرابه، قال القرطبي في "تفسيره" (11 / 216) : (قرأ أبو عمرو: إِنَّ هَذَيْنِ لَسَاحِرَان) ، ورويت عن عثمان وعائشة رضي الله عنهما وغيرهما من الصحابة، وكذلك قرأ الحسن وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وغيرهم من التابعين، ومن القُرَّاء: عيسى بن عمر وعاصم الجَحْدري، فيما ذكر النحّاس.
وهذه القراءة موافقة للإعراب مخالفة للمصحف.
وقرأ الزهري والخليل بن أحمد والمفضّل وأبان وابن محيصن وابن كثير وعاصم - في رواية حفص عنه -: ((إِنْ هَذَان - بتخفيف ((إن)) - لَسَاحِرَان)) ، وابن كثير =(4/1508)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يشدِّد نون ((هَذَانَ)) ، وهذه القراءة سَلِمَتْ من مخالفة المصحف ومن فساد الإعراب، ويكون معناها: ما هذان إلا ساحران.
وقرأ المدنيون والكوفيون: (إِنّ هَذَان - بتشديد ((إنّ)) - لساحران)) ، فوافقوا المصحف وخالفوا الإعراب. قال النحّاس: فهذه ثلاث قراءات قد رواها الجماعة عن الأئمة.
ورُوي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أنه قرأ: ((إِنْ هَذَان إلا ساحران)) ، وقال الكِسَائي: في قراءة عبد الله: ((إِنْ هَذَانِ ساحران)) - بغير لام -.
وقال الفَرَّاء: في حرف أُبَيّ: (إِنْ ذَانِ إلا ساحران)) .
فهذه ثلاث قراءات أخرى تحمل على التفسير، لا أَنَّها جائز أن يُقْرأ بها؛ لمخالفتها للمصحف.
قلت - أي القرطبي -: وللعلماء في قراءة أهل المدينة والكوفة ستة أقوال ذكرها ابن الأنباري في آخر كتاب الردّ له، والنحّاس في إعرابه، والمهدوي في "تفسيره"، وغيرهم أدخل كلام بعضهم في بعض، وقد خَطَّأها قوم، حتى قال أبو عمرو: إني لأستحي من الله تعالى أن أقرأ: ((إِنَّ هَذَان)) ... ) ، ثم ذكر القرطبي من أُثر عنه من السلف أنه حكم على هذه القراءة بالخطأ، وأن ذلك من النُّساخ، ثم شرع في ذكر الأقوال الستة المذكورة في توجيه هذه القراءة، وأحسنها قول من قال: إنها لغة بني الحارث بن كعب وزَبيد وخَثْعم وكِنَانة بن زيد؛ الذين يُلْزِمون المثنى الألف في جميع أحواله؛ يقولون: جاء الزيدان، و: رأيت الزيدان، و: مررت بالزيدان، ومن ذلك قول الشاعر:
إن أبَاها وأبا أبَاها ... ... قد بَلَغا في المَجْد غَايتَاها
والأصل أن يقول: وأبا أبيها و: غايتيها.
قال أبو جعفر بن النحّاس: ((وهذا القول من أحسن ما حملت عليه الآية، إذ كانت هذه اللغة معروفة، وقد حكاها من يُرتضى بعلمه وأمانته، منهم أبو زيد الأنصاري ... ، وأبو الخطاب الأخفش - وهو رئيس من رؤساء اللغة -، =(4/1509)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والكسائي، والفَرَّاء، كلهم قالوا: هذا على لغة بني الحارث بن كعب، وحكى أبو عبيدة عن أبي الخطاب: أن هذه لغة بني كنانة)) ، ثم نقل القرطبي عن المهدوي أنه حكى أنها لغة لِخَثْعَم، ثم أطال في ذكر باقي الأقوال، فانظره إن شئت.
(4) سيأتي الكلام عن قول عائشة - رضي الله عنها - هذا ومناقشته.
[769] سنده ظاهر الصحة، ومتنه منكر، وليس الخطأ فيه من أبي معاوية؛ لأنه قد توبع، فيحتمل أن يكون الخطأ من هشام بن عروة؛ فإن الذي حَدَّث بهذا الحديث عنه من أهل العراق، وهما: أبو معاوية هنا، وعلي بن مُسْهر كما سيأتي، وكلاهما كوفي، ورواية العراقيين عن هشام بن عروة فيها كلام سبق ذكره في ترجمة هشام في الحديث رقم [251] ، وقد سأل أبو داود الإمام أحمد فقال: ((كيف حديث أبي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ؟ قال: فيها أحاديث مضطربة، يرفع منها أحاديث إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) ، انظر "التهذيب" (9 / 139) ، ولو سلمنا بصحّة سنده إلى عائشة رضي الله عنها، فإن هذا اجتهاد منها لا يمكن قبوله كما سيأتي، وقد صحح السيوطي سنده، فقال في "الإتقان" (1 / 183) بعد أن ذكره من رواية أبي عبيد الآتية: ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين)) ، وفي (ص185) ذكر بعض الآثار التي وردت بهذا المعنى، وذكر ما قيل من الجواب عن كل منها، ومن ذلك تضعيف بعضها، ثم قال: ((وبعد، فهذه الأجوبة لا يصلح منها شيء عن حديث عائشة، أما الجواب بالتضعيف، فلأن إسناده صحيح كما ترى ... )) الخ.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 774 - 745) وعزاه للمصنف وأبي عبيد في "فضائله" وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص229 رقم 556) .
ومن طريقه أبو عمرو الدَّاني في "المقنع" (ص119) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (9 / 395 رقم 10838) . =(4/1510)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي داود في "المصاحف" (ص43) .
ثلاثتهم من طريق أبي معاوية، به مثله، إلا أن بعضهم لم يذكر الآيات مثل ترتيب المصنِّف، وإنما قدَّم بعضها وأخَّر بعضها الآخر.
وأخرجه عمر بن شَبَّةَ في "تاريخ المدينة" (3 / 1013 - 1014) ، فقال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا علي بن مسهر، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن: {إنّ هَذَان لساحران} ، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا والصابئون والنصارى} ، {والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة} وأشباه ذلك، فقالت: أيْ بُنَيَّ، إن الكُتَّاب يخطئون.
وهذه متابعة جيّدة لأبي معاوية، فعلي بن مُسْهِر تقدم في الحديث [63] أنه حافظ فقيه محدِّث ثقة.
وشيخ ابن شَبَّة هو:
أحمد بن إبراهيم بن خالد أبو علي المَوْصلي، نزيل بغداد، روى هنا عن علي بن مسهر، وروى أيضًا عن محمد بن ثابت العبدي وفرج بن فضالة وحماد بن زيد وغيرهم، روى عنه عمر بن شَبَّة وأبو داود وأبو زرعة وابن أبي الدنيا وغيرهم، وهو صدوق، كتب عنه الإمام أحمد، وقال ابن معين في رواية: ((ليس به بأس)) ، وفي أخرى قال: ((ثقة صدوق)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال صاحب "تاريخ الموصل": ((كان ظاهر الصلاح والفضل)) ، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 39 رقم 1) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص42 رقم 99) ، و"التهذيب" (1 / 9 رقم 1) ، و"التقريب" (ص77 رقم 1) .
وبهذه الطريق يتضح أن أبا معاوية قد توبع على الحديث عن هشام بن عروة، فإما أن يكون الخطأ من هشام - وهو الأقرب -، وإما أن تكون عائشة رضي الله عنها قد أخطأت في اجتهادها؛ لأن هذه الحروف التي ذُكِر أن الكُتَّاب أخطأوا فيها صحيحة في اللغة، وليس هناك ما يدعو إلى الحكم على الكُتَّاب =(4/1511)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بالخطأ، وفي قبول هذه الدعوى فتح لباب الطعن في هذا الكتاب المحفوظ بحفظ الله سبحانه له: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} [الآية (9) من سورة الحجر] ، بل فيه طعن في سلف الأمة؛ في إهمالهم تقويم هذا الخطأ، وإجماعهم على السكوت عنه، وإقرائهم لتلاميذهم كذلك؛ فإنه مع كونه في المصاحف التي نسخها عثمان - رضي الله عنه - هكذا، فهو في مصحف أُبَيّ بن كعب وقراءته كذلك، وقد اختار ابن جرير الطبري - رحمه الله - في "تفسيره" (9 / 397 - 398) قول من قال: إن ((المقيمين)) في موضع خفض نَسَقًا على ((ما)) التي في قوله: ((بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك)) ، وأن يوجه معنى ((المقيمين الصلاة)) إلى الملائكة، فيكون تأويل الكلام: ((والمؤمنون منهم يؤمنون بما أنزل إليك)) يا محمد من الكتاب، (وبما أنزل من قبلك)) من كتبي، وبالملائكة الذين يقيمون الصلاة، ثم يرجع إلى صفة ((الراسخين في العلم)) ، فيقول: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون بالكتب والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر، ثم قال ابن جرير بعد ذلك: ((وإنما اخترنا هذا على غيره؛ لأنه قد ذكر أن ذلك في قراءة أُبَيّ ابن كعب {والمقيمين الصلاة} ، وكذلك هو في مصحفه - فيما ذكروا -، فلو كان ذلك خطأ من الكاتب، لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف - غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه - بخلاف ما هو في مصحفنا، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف أبي في ذلك ما يدلّ على أن الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ، مع أن ذلك لو كان خطأ من جهة الخطّ، لم يكن الذين أُخذ عنهم القرآن مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يُعَلِّمون من علَّموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن، ولأصلحوه بألسنتهم، ولقَّنوه الأمة تعليمًا على وجه الصواب. وفي نقل المسلمين جميعًا ذلك قراءةً على ما هو به في الخط مرسومًا أدلّ الدليل على صحة ذلك وصوابه، وأن لا صنع في ذلك للكاتب)) . اهـ.
وقد ذهب أبو عمرو الداني في "المقنع" (ص118 - 119) إلى توجيه قول =(4/1512)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عائشة رضي الله عنها هذا، فذكره، وأجاب عنه بقوله: ((تأويله ظاهر؛ وذلك أن عروة لم يسأل عائشة فيه عن حروف الرسم تزاد فيها لمعنى وتنقص منها لآخر؛ تأكيدًا للبيان، وطلبًا للخِفَّة)) .
وإنما سألها فيه عن حروف من القراءة المختلفة الألفاظ، المحتملة الوجوه، على اختلاف اللغات التي أذِنَ الله عز وجل لنبيّه عليه السلام ولأُمته في القراءة بها، واللزوم على ما شاءت منها؛ تيسيرًا لها، وتوسعة عليها. وما هذا سبيله وتلك حاله، فعن اللحن والخطأ والوهم والزلل بمعزل؛ لفشّوه في اللغة، ووضوحه في قياس العربية. وإذا كان الأمر في ذلك كذلك، فليس ما قصدته فيه بداخل في معنى المرسوم، ولا هو من سببه في شيء، وإنما سمي عروة ذلك لحنًا، وأطلقت عائشة على مرسومه كذلك الخطأ، على جهة الاتّساع في الأخبار، وطريق المجاز في العبارة إذ كان ذلك مخالفا لمذهبهما، وخارجًا عن اختيارهما، وكان الأوجه والأَوْلى عندهما الأكثر والأفْشَى لديهما، لا على وجه الحقيقية والتحصيل والقطع لما بيّناه قَبْلُ من جواز ذلك وفشوِّه في اللغة، واستعمال مثله في قياس العربية، مع انعقاد الإجماع على تلاوته كذلك دون ما ذهبا إليه، إلا ما كان من شذوذ أبي عمرو بن العلاء في (إن هذين) خاصّة. هذا الذي يُحمل عليه هذا الخبر، ويتأوّل فيه، دون أن يُقطع به على أن أم المؤمنين رضي الله عنها مع عظيم محلّها، وجليل قدرها واتّساع علمها، ومعرفتها بلغة قومها، لَحَّنَت الصحابة وخَطَّأت الكَتَبَة، وموضعهم من الفصاحة والعلم باللغة موضعهم الذي لا يجهل، ولا ينكر، هذا مالا يسوغ ولا يجوز. وقد تأوّل بعض علمائنا قول أمّ المؤمنين: أخطأوا في الكتاب، أي: أخطأوا في اختيار الأوْلى من الأحرف السبعة بجمع الناس عليه، لا أنَّ الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز؛ لأنّ ما لا يجوز مردود بإجماع، وإن طالت مدّة وقوعه، وعظم قدر موقعه، وتَأوَّلَ اللحن: أنه القراءة واللغة؛ كقول عمر رضي الله عنه أُبَيٌّ أقرأنا، وإِناّ لندع بعض لحنه، أي: قراءته ولغته، فهذا بَيِّن وبالله التوفيق)) . اهـ. =(4/1513)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} ]
770- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} - قَالَ: مَنْ لُعن عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ صَارُوا خَنَازِيرَ، وَمَنْ لُعن عَلَى لِسَانِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ صَارُوا قِرَدَة، فَقِيلَ: أَكَانَتِ الْقِرَاءَةُ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: نعم.
__________
= وذكره القرطبي في "تفسيره" (6 / 14 - 15) حديث عائشة هذا وما في معناه، ونقل عن القُشَيري أنه قال: ((وهذا المسلك باطل؛ لأن الذين جمعوا الكتاب كانوا قدوة في اللغة، فلا يُظن بهم أنهم يدرجون في القرآن ما لم ينزل)) . اهـ. وانظر في ذلك أيضًا "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة (ص50 - 53) ، و"تفسير البغوي" (1 / 498 - 499) ، و"الإتقان" للسيوطي (1 / 183 - 186) .
وقد ورد عن عثمان - رضي الله عنه - وابنه أبان بن وسعيد بن جبير ما يؤيد معنى حديث عائشة هذا، لكنها ضعيفة، وتجد الكلام عنها في المراجع التي سبقت الإشارة إليها، وانظر معها تعليق محقق "الفضائل" لأبي عبيد (ص226 - 231) ، والله أعلم.
(1) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغيَّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
(2) هو غزوان الغفاري.
[770] سنده صحيح عن أبي مالك، لكنه لم يذكر عمّن أخذه، وقد يكون من الإسرائيليات التي لا تُصدَّق ولا تُكذَّب. =(4/1514)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} ]
771- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصين، عَنْ أَبِي مَالِكٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أحل الله لكم} - قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُون وَأَصْحَابِهِ، حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ كَثِيرًا مِنَ الطَّيِّبَات والنِّساء، فَهَمَّ بَعْضُهُمْ أَنْ يَقْطَعَ ذَكَرَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (1) .
__________
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 126) وعزاه لأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 490 و 491 رقم 12304 و 12305) من طريق حصين بن نمير وهشيم، كلاهما عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن أبي مالك قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل على لسان داود} ، قال: مسخوا على لسان داود قردة، وعلى لسان عيسى خنازير.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 22 / أ) من طريق أبي جعفر الرازي، عن حصين، به نحو لفظ ابن جرير، إلا أنه قال: ((لعنوا)) بدل: ((مسخوا)) .
(1) في الأصل: ((إنه لا يحب المعتدين)) .
[771] سنده كسابقه، لكنه ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله أبي مالك، وله شواهد سيأتي ذكرها، تدل على أن معناه صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 139) وعزاه لعبد بن حميد وأبي داود في "مراسيله" وابن جرير.
وقد أخرجه أبو داود في "مراسيله" (ص179 - 180 رقم 201) من طريق وهب بن بقيَّة، عن خالد بن عبد الله، به نحوه. =(4/1515)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 514 رقم 12336) من طريق عبثر أبي زبيد، عن حصين، به نحوه.
وله شواهد.
فأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 415 رقم 5041) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 520 رقم 12350) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 24 / أ) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 350 رقم 11981) .
وابن عدي في "الكامل" (5 / 1817) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص198) .
جمعيهم من طريق أبي عاصم الضحّاك بن مخلد، عن عثمان بن سَعْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عباس، أن رجلاً أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - فقال: يا رسول الله إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء، وأخذتني شهوتي، فحرَّمت عليَّ اللحم، فأنزل اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لا يحب المعتدين. وكلوا مما رزقكم الله حلالاً طيبًا} . اهـ. واللفظ للترمذي.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم عن غير حديث عثمان بن سعد مرسلاً ليس فيه: عن ابن عباس، ورواه خالد الحذّاء عن عكرمة مرسلاً)) .
قلت: سنده ضعيف، فيه عثمان بن سعد التميمي، أبو بكر البصري، الكاتب المعلِّم، يروي عن أنس والحسن البصري وابن سيرين ومجاهد وعكرمة وغيرهم، وعنه شعبة وأبو عبيدة الحدّاد وأبو عاصم النبيل وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص383 رقم 4471) ، فقد وثقه أبو نعيم وأبو جعفر السبتي وأبو عبد الله الحاكم وزاد: ((عزيز الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((هو حسن الحديث، مع ضعفه يكتبه حديثه)) . =(4/1516)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال يحيى بن سعيد القطان: ((أتيت عثمان بن سعد الكاتب، فسمعته يقول: حدثنا عبيد بن عمير، ثم تتبعته، فإذا هو عبد الله بن عبيد بن عمير)) ، فكان يعجب ممن يحدث عنه، وقال الترمذي: ((تكلَّم فيه يحيى بن سعيد من قبل حفظه)) ، وقال ابن نمير وابن معين: ((ليس بذاك)) ، وقال عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدارمي وابن معين في رواية: ((ضعيف)) ، وقال أبو حاتم: ((شيخ)) ، وقال أبو زرعة: ((ليِّن)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن حبان: ((لا يجوز الاحتجاج به)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بالمتين عندهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 153 رقم 838) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1816 - 1817) ، و"التهذيب" (7 / 117 - 118 رقم 253) .
ومع ضعف عثمان بن سعد، فإنه قد خولف كما أشار إليه الترمذي.
فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 514 و 515 و 520 - 521 رقم 12337 و 12338 و 12340 و 12351) من طريق يزيد بن زريع وإسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة وعبد الوهاب الثقفي، ثلاثتهم عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ عِكْرِمَةَ قال: كان أناس مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - همُّوا بالخصاء وتَرْك اللحم والنساء، فنزلت هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ المُعْتَدِينَ} .
وهذا إسناد صحيح إلى عكرمة، فخالد بن مهران الحذَّاء تقدم في الحديث [88] أنه ثقة.
وإسماعيل بن إبراهيم بن عليَّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ.
والراوي عن إسماعيل هو شيخ ابن جرير الطبري: يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، وتقدم في الحديثين [390 و 391] أنه ثقة من الحفاظ.
فتبيَّن بهذا أن الصواب إرساله.
وقال عبد الزراق في "تفسيره" (1 / 192) : أنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، قال: أراد ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - أن يرفضوا الدنيا، ويتركوا النساء =(4/1517)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ويترهّبوا، فقام رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فغلَّظ فيهم المقالة، ثم قال: «إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بالتشديد، شدَّدوا فشُدَّد عليهم، فأولئك بقاياهم الديار والصوامع، اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وحجوا واعتمروا، فاستقيموا يُستقم لكم)) ، قال: ونزلت فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم} .
وسنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه أبي قلابة.
واسم أبي قلابة: عبد الله بن زيد الجَرْمي، وتقدم في الحديث [106] أنه ثقة فاضل كثير الإرسال.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" برقم (12341) . وأصل الحديث في "الصحيحين".
فأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 104 رقم 5063) في النكاح، باب الترغيب في النكاح.
ومسلم في "صحيحه" (2 / 1020 رقم 5) في النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة.
كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسألون عن عبادة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلما أُخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: أين نحن من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوَّج أبدًا. فجاء رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فقال: ((أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقُد، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) . اهـ. واللفظ للبخاري.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 276 رقم 4615) في التفسير، باب: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ} ، و (9 / 116 و 117 رقم 5071 و 5075) في النكاح، باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام، وباب ما يكره =(4/1518)
772- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ أَبِي الضُّحى (2) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِضَرْعٍ (3) ، فَأَخَذَ يَأْكُلُ مِنْهُ، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوا، فَدَنَا الْقَوْمُ، وتَنَحَّى رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ: إِنِّي حَرَّمت الضَّرْعَ، قَالَ: هَذَا مِنْ خُطُوَات الشَّيْطَانِ، ادْنُ وَكُلْ، وكفِّر عَنْ يَمِينِكَ، ثُمَّ تَلَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ ما أحل الله لكم} إلى قوله {لمعتدين} .
__________
= من التبتُّل والخصاء.
ومسلم في "صحيحه" (2 / 1022 رقم 11 و 12) في النكاح، باب نكاح المتعة، وبيان أنه أُبيح ثم نُسخ.
كلاهما من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا نغزو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلم- ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نَسْتَخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رَخَّص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل، ثم قرأ عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} . اهـ. واللفظ لمسلم.
وأخرج البخاري أيضًا في "صحيحه" (9 / 117 رقم 5073 و 5074) في النكاح، باب ما يكره من التبتُّل والخصاء.
ومسلم (2 / 1020 و 1021 رقم 6 و 7 و 8) في النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت إليه نفسه ووجد مؤنة.
كلاهما من حيث سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه قال: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - على عثمان بن مظعون التبتُّل، ولو أذِنَ له لاختصينا.
وعليه يتضح أن معنى الحديث صحيح بمجموع هذه الشواهد، والله أعلم.
(1) هو ابن المعتمر.
(2) هو مسلم بن صُبَيْح.
(3) الضَّرْعُ: هو الخِلْفُ، مَدَرُّ اللبن لِكُلِّ ذات ظِلْفٍ أو خُفٍّ. انظر "لسان العرب" =(4/1519)
773- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) ، عَنْ هَمَّامٍ (3) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيل، أَنَّ مَعْقِل بْنَ مُقَرِّن (4) ، أَتَى عَبْدَ اللَّهِ (5) ، فَقَالَ: إِنَّهُ حَرَّمَ الفِرَاشَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم} إلى قوله: {المعتدين} ، أعْتِق رقبة، قال: إنما [131/أ] قرأت الآية
__________
= (8 / 222 - 223) .
[772] سنده صحيح.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 206 رقم 8908) من طريق المصنِّف، به مثله.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 313) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، عن جرير، به نحوه.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، وأقرَّه الذهبي.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 198 - 199) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 24 / ب) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (8907) .
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه، إلا أن لفظ المصنِّف هنا أتمّ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص25 رقم 165 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق الأعمش، عن أبي الضحى مسلم بن صبيح، به نحوه، إلا أنه لم يذكر من قوله: ((وكفر عن يمينك ... )) الخ.
(1) هو ابن المعتمر.
(2) هو النّخعي.
(3) هو همّام بن الحارث بن قيس بن عمرو النخعي، الكوفي، يروي عن عمر =(4/1520)
= الْبَارِحَةَ، فَأَتَيْتُكَ، قَالَ: عَبْدِي سَرَقَ مِنْ عِنْدِي قَبَاء (6) ، قَالَ: مَالُكَ سَرَقَ بعضُه فِي بَعْضٍ. قَالَ: أَظُنُّهُ ذَكَرَ (أَمَتي) (7) زَنَتْ، قَالَ: اجْلِدْهَا، قَالَ: إِنَّهَا لَمْ تُحْصَن، قال: إحصانها إسلامها.
__________
= وحذيفة والمقداد وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وَوَبْرَة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من العبّاد، وكان لا ينام إلا قاعدًا)) ، وذكره أبو الحسن المدائني في عباد أهل الكوفة، وكانت وفاته سنة ثلاث وستين للهجرة، وقيل: خمس وستين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 106 - 107 رقم 452) ، و"التهذيب" (11 / 66 رقم 105) ، و"التقريب" (ص574 رقم 7316) .
وهمام هنا يروي عن عمرو بن شرحبيل،، وسماعه من محتمل، فإنهما كوفيان، وقد تعاصرا، فوفاة عمرو كانت سنة ثلاث وستين للهجرة كما في ترجمته في الحديث [711] .
(4) هو أبو عَمْرَةَ مَعْقِلُ بن مُقَرِّن المُزَني، صحابي سكن الكوفة، وكان بنو مقرِّن سبعة إخوة، كلهم هاجر وصحب النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انظر "الإصابة" (6 / 183 - 184 رقم 8145) ، و"تعجيل المنفعة" (ص267 رقم 1058) .
(5) يعني ابن مسعود.
(6) القَبَاء - ممدود -: نوع من الثياب يلبس مجتمع الأطراف. انظر "لسان العرب" (15 / 168) .
(7) في الأصل: ((متى)) ، وقد رواه الطبراني والبيهقي كما سيأتي من طريق المصنف على الصواب.
[773] سنده صحيح، وقد رواه حماد بن زيد - كما سيأتي في الحديث بعده برقم [774]- عن منصور، إلا أنه لم يذكر فيه عمرو بن شرحبيل، ورواية سفيان =(4/1521)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أصوب، فإنه تابعه الأعمش، فرواه عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ عمرو، كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 144) وعزاه لابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 397 رقم 9692) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 243) في الحدود، باب ما جاء في حد المماليك.
كلاهما من طريق المصنِّف، به، ولفظ الطبراني مثله، إلا أنه قال: ((عبدي)) بدل قوله: ((عندي) ، ولم يذكر قوله: ((مالك)) ، وقال: ((سرق بعضه من بعض)) ، ولم يذكر قوله: ((أظنه ذكر)) ، وقال: ((اجلدوها)) بدل قوله: ((اجلدها)) ، وقال: ((إسلامها إحصانها)) .
وأما البيهقي فإنما إنما أخرج منه من قوله: ((عبدي سرق)) ، وقال: ((عبدي)) بدل قوله: ((عندي)) ، والباقي مثله، إلا أنه قال: ((إسلامها إحصانها)) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 274) : ((رواه الطبراني بأسانيد، ورجال هذا وغيره رجال الصحيح)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (3 / ل 24 / ب) من طريق أبي معاوية وابن نمير، كلاهما عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ همام بن الحارث، عن عمرو بن شرحبيل، قال: جاء معقل بن مقرن إلى عبد الله، قال: إني حرمت فراشي، فتلا هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا لا تحرموا طبيات ما أحل الله لكم} إلى آخر الآية.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 556 رقم 12490) من طريق جرير بن حازم، أن سليمان الأعمش حدثه، عن إبراهيم بن يزيد النخعي، عن همام بن الحارث، أن نعمان بن مقرن سأل عبد الله بن مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشِي سَنَةً؟ فقال ابن مسعود: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم} ، كفِّر عن يمينك، ونم على فراشك، قال بِمَ أُكفِّر عن يميني؟ =(4/1522)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال: أعتق رقبة فإنك موسر.
ورواية ابن جرير هذه وقع فيها خطأ من جهتين:
1- إسقاط عمرو بن شرحبيل من الإسناد.
2- ذكر النعمان بدل معقل.
والصواب رواية ابن نمير وأبي معاوية للحديث عن الأعمش عن إبراهيم كما رواه منصور، عن إبراهيم.
وأظن الخطأ في رواية ابن جرير من النساخ، لأن المحقق الشيخ محمود شاكر يعاني من كثرة التصحيف والتحريف كما يتضح من تعليقه على هذا الحديث وغيره.
وقد روى ابن جرير برقم (12489) قبل هذه الرواية، لكن من طريق أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: جاء معقل بن مقرِّن ... ، وذكر الحديث بنحوه، إلا أنه لم يذكر من قوله: ((عبدي سرق ... )) الخ الحديث.
وأخشى أن يكون هذا خطأ أيضًا، فإني لم أجد من أخرج هذا الحديث من طريق مسروق، وإنما الذي روي من هذا الطريق هو الحديث المتقدم برقم [772] ، وفيه قصة أخرى غير هذه، فالله أعلم.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 394 رقم 13604) من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم النخعي، أن معقل بن مقرن المزني جاء إلى عبد الله فقال: إن جارية لي زنت، فقال: اجلدها خمسين، قال: ليس لها زوج، قال: إسلامها إحصانها.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 397 رقم 9691) .
وقد خالف حماد بن أبي سليمان كلاً من منصور والأعمش، فأسقط همامًا وعمرًا، ومنصور والأعمش كل واحد منهما على انفراد أوثق من حماد، فكيف إذا اجتمعا؟ انظر ترجمة حماد في الحديث [514] .
وسيأتي من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَنْصُورٍ في الحديث الآتي.(4/1523)
774- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إبراهيم، عن همّام، أن مَعْقِلَ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَ: إِنِّي حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنَامَ عَلَى فِرَاشِي سَنَةَ، فَتَلَا عَبْدُ اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم ... } الْآيَةَ، ثُمَّ قَالَ: كَفِّر عَنْ يَمِينِكَ، قَالَ: أيَّةُ الأيْمان أزْكَى؟ قَالَ: عِتْقُ رَقَبَةٍ، قَالَ: عَبْدِي سَرَقَ قَبَائِي، أقْطَعْهُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَا، مَالُكَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ. (قَالَ) (1) : جَارِيَتِي زَنَتْ، فَأجْلِدُها؟ قَالَ: اجْلِدْهَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: اجْلِدْهَا خَمْسِينَ، قَالَ: فَإِنْ عَادَتْ؟ قَالَ: اجْلِدْهَا خَمْسِينَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُّمُ الأَيْمَانَ} ]
775- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم قَالَ: نا مُغيرة (2) ، عَنْ إبراهيم - في
__________
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل.
[774] سنده ظاهر الصحَّة، لكنه معلول من هذا الطريق؛ لأن همّامًا يرويه عن عمرو بن شرحبيل كما سبق بيانه في الحديث السابق، وهو صحيح.
والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 397 - 398 رقم 9694) من طريق عارم أبي النعمان، عن حماد بن زيد، به نحوه.
(2) تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرِّح بالسماع.
[775] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف، لأن مغيرة لم يصرح بالسماع، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، عدا قوله: ((قال: يكفر عن يمينه)) ، فلم أجد ما يشهد له.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 434 رقم 4414) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 475 رقم 15955) عن هشيم، به مختصرًا =(4/1524)
= قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أيمانكم} - قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ، فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، قَالَ: يُكَفِّرُ عن يمينه.
__________
= بلفظ هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ، ثم ينسى.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / ب) .
وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (4413) من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} -، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشيء يرى أنه فيه صادق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 434 - 435 و 437 و 449 - 450 رقم 4415 و 4416 و 4432 و 4466 و 4467 و 4468) من طرق عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم - في قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} -، قال: إذا حلف على اليمين وهو يرى أنه فيه صادق وهو كاذب، فلا يؤاخذ به، وإذا حلف على اليمين وهو يعلم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به.
وقد رواه ابن جرير في طرق، أحدها: عن شيخه موسى بن عبد الرحمن المسروقي، قال: حدثنا حسين الجعفي، عن زائدة، عن منصور، به.
وهذا سند صحيح.
منصور بن المعتمر تقدم في الحديث [10] أنه ثقة ثبت.
وزائدة بن قدامة تقدم في الحديث [62] أنه ثقة ثبت.
وحسين الجعفي هو حسين بن علي بن الوليد الجُعْفي، الكوفي، المقرئ، يروي عن الأعمش وإسرائيل وزائدة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن معين وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع ومائتين وله أربع أو خمس وثمانون سنة، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وزاد: ((وكان يقرئ القرآن، وكان رأسًا =(4/1525)
776- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو بِشْر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: اللَّغْو: أَنْ يَحْلِفَ الرَّجُلُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ إِنْ تَرَكَهَا، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ إِنْ عَمِلَ بِهَا. فَقُلْتُ لِأَبِي بِشْرٍ: كَيْفَ يَصْنَعُ؟ قَالَ: يُكَفِّر عَنْ يَمِينِهِ، وَيَتْرُكُ المعصية.
__________
= فيه، وكان رجلاً صالحًا، لم أر رجلاً قط أفضل منه)) ، وقال سفيان بن عيينة: ((عجبت لمن مرّ بالكوفة فلم يقبِّل بين عيني حسين الجعفي!)) ، وقال موسى بن داود: ((كنت عند ابن عيينة، فجاء حسين الجعفي، فقام سفيان، فقبَّل يده)) ، وقال الإمام أحمد: ((ما رأيت أفضل من حسين وسعيد بن عامر)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص120 رقم 292) ، و"التهذيب" (2 / 357 - 359 رقم 616) ، و"التقريب" (ص167 رقم 1335) .
وموسى بن عبد الرحمن بن سعيد بن مَسْروق الكِنْدي، المَسْرُوقي، أبو عيسى الكوفي، يروي عن أبيه ويحيى القطان ومحمد بن بشر العبدي وحسين بن علي الجعفي وغيرهم، روى عنه الترمذي وابن ماجه والنسائي وابن خزيمة وابن جرير وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وخمسين ومائتين؛ وهو ثقة، وثقه النسائي، وقال ابن أبي حاتم: ((صدوق ثقة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 150 رقم 682) ، و"التهذيب" (10 / 55 - 356 رقم 634) ، و"التقريب" (ص552 رقم 6987) .
وسيأتي الأثر برقم [777] من طريق خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مغيرة.
(1) هو جعفر بن إياس.
[776] سنده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 475 رقم 15954) عن هشيم، به بلفظ: هو الرجل يحلف على الحرام، فلا يؤاخذه الله بتركه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 441 رقم 4444) . =(4/1526)
777- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ، ثُمَّ يَرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
778- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ حُصين (2) ، عَنْ أَبِي مالك (3) ، مثله.
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4443 و 4446) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن هشيم، به نحوه، إلا أنهما لم يذكرا قوله: ((وَلَكِنْ يُؤَاخِذُهُ إِنْ عَمِلَ بِهَا)) ، ولم يذكر ابن المبارك سؤال هشيم لأبي بشر وجوابه له.
وأخرجه ابن جرير برقم (4441) من طريق شعبة عن أبي بشر، به كما في سياق ابن المبارك.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / ب و 26 / أ) ، من طريق عقبة بن خالد وأبي عوانة، كلاهما عن أبي بشر، به بمعناه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4436 و 4437 و 4438 و 4439 و 4440 و 4445) ، من طرق عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن سعيد بن جبير: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} ، قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، فَلَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ إِنْ يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير.
(1) هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطي.
[777] سنده ضعيف لأن المغيرة لم يصرح بالسماع، وتقدم تخريجه برقم [775] ، وذكرت هناك أنه صحيح لغيره.
(2) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث [56] أن ثقة تغيَّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
(3) هو غَزْوان الغِفَاري. =(4/1527)
779- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (1) ، عَنْ مُغيرة (2) ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي، قَالَ: هُوَ قَوْلُ النَّاسِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ، لَا يَعْتَقِدُ على اليمين.
__________
[778] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (القسم الأول من الجزء الرابع ص25 - 26 رقم 172) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 435 رقم 4417) .
كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن حصين، به، ولفظ ابن أبي شيبة: عن أبي مالك قال: يمين لا تكفّر: الرجل يحلف على الكذب يتعمده، فلذلك إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.
وأما الطبري فلفظه: عن أبي مالك أنه قال: اللغو: الرجل يحلف على الأيمان، وهو يرى أنه كما حلف.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (ص68 رقم 460) من طريق محمد بن فضيل، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قال: اليمين التي لا تكفر: الرجل يحلف للرجل على مال رجل مسلم، فيقتطعه ظالمًا، وهو فيه كاذب.
وأخرجه ابن جرير برقم (4426) من طريق أبي الأحوص، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قال: أما الْيَمِينُ الَّتِي لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صاحبها، فالرجل يحلف على اليمين وهو يرى أنه فيها صادق، فذلك اللغو.
وسيأتي الحديث برقم [784] من طريق هشيم، عن حصين، بلفظ أتم من هذا.
(1) هو ابن عبد الله الطَّحَّان الواسطي.
(2) هو ابن مِقْسم، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس.
[779] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 430 و 431 رقم 4384 و 4385 و 4398) من طريق جرير وهشيم وأبي الأحوص، ثلاثتهم عن مغيرة، =(4/1528)
780- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (عَنْ) (1) عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ عُبيد بْنَ عُمير سَأَلَهَا عَنْ لَغْوِ الْيَمِينِ، (فَقَالَتْ) (2) مِثْلَ قول الشعبي.
__________
= به نحوه وفيه زيادة، ولم يذكر جرير وهشيم قوله: ((لا يعتقد على اليمين)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (4386 و 4387) من طريق عبد الله بن عون، قالت: سألت عامرًا عن قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} ، قَالَ: هُوَ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى والله.
وسنده صحيح، فإن ابن جرير رواه عن ابن عون من ثلاث طرق، أحدها: عن شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ابن عون.
وجميع هؤلاء ثقات حفاظ تقدمت تراجمهم. انظر الأحاديث رقم [59] و [44] و [390، 391] .
(1) في الأصل: ((بن)) ، وهو تصحيف، وليس في الرواة من اسمه: ((خالد بن عبد الملك)) ، والصواب ما أثبته؛ فخالد هو ابن عبد الله الواسطي شيخ سعيد بن منصور، وعبد الملك هو ابن أبي سليمان، وهو الذي يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وعنه خالد بن عبد الله، وقد روى عبد الملك هذا الأثر عن عطاء كما سيأتي، وانظر "التهذيب" (6 / 396) .
(2) في الأصل: ((فقال)) .
[780] سنده صحيح، وأخرجه البخاري من طريق عروة، عن عائشة كما سيأتي في الحديث بعده رقم [781] .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) وعزاه لأبي داود وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 428 - 429 و 431 رقم 4379 و 4397) من طريق حكام بن سلم ويعلى، كلاهما عن عبد الملك، =(4/1529)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن عطاء قال: دخلت مع عبيد بن عمير على عائشة، فقال لها: يا أم المؤمنين، قوله: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم} ؟ قالت: هو: لا والله، و: بلى والله، ليس مما عقّدتم الأيمان.
وأخرجه الإمام الشافعي في "مسنده" (2 / 74 رقم 245 / ترتيب) ، وفي "الأم" (7 / 57) ، عن شيخه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار وابن جريج، كلاهما عن عطاء، بنحو اللفظ السابق.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 49) في الأيمان، باب لغو اليمين. وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 473 - 474 رقم 15951) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 429 رقم 4381) .
كلاهما من طريق ابن جريج، عن عطاء، به نحو سابقه، إلا أن في لفظ عبد الرزاق زيادة.
وأخرجه ابن جرير برقم (4394) ، من طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ بنحو سابقه.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (3 / 571 - 572 رقم 3254) في الأيمان والنذور، باب لغو اليمين.
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 429 رقم 4382) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 269 رقم 4318 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
ثلاثتهم من طريق حَسَّانُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْكَرْمَانِيُّ، عَنْ إبراهيم الصائغ، عن عطاء - في اللغو في اليمين - قال: قالت عائشة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((هو كلام الرجل في بيته: كلا والله، وبلى والله)) .
قال أبو داود: ((روى هذا الحديث داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم الصائغ، موقوفًا على عائشة، وكذلك رواه الزهري وعبد الملك بن أبي سليمان ومالك بن مغول، وكلهم عن عطاء، عن عائشة موقوفًا)) . اهـ. =(4/1530)
781- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا والله، وبلى والله.
__________
= وذكر البيهقي قول أبي داود هذا، وزاد: ((وكذلك رواه عمرو بن دينار وابن جريج وهشام بن حسان، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها، موقوفًا)) . اهـ.
وذكر الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (4 / 184) أن الدارقطني صحح الوقف.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 428 و 429 و 431 - 432 رقم 4375 و 4380 و 4390 و 4395 و 4399 و 4400) و (10 / 526 رقم 12363) ، من طريق ابن أبي نجيح وابن أبي ليلى ومالك بن مغول وأشعث وسعيد بن أبي هلال وعبد الله بن عبد الرحمن النوفلي، جميعهم عن عطاء، به بنحو لفظ حكام بن سلم ويعلى السابق.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / ب) من طريق جابر بن يزيد الجعفي، عن عطاء، به كسابقه.
وأخرجه ابن جرير برقم (4374) من طريق الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ كسابقه.
ورواه عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ، وسيأتي برقم [781] .
(1) تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، ولم أجد من نصّ على أنه روى عن هشام بن عروة، وسماعه منه محتمل فهشام تقدم في ترجمته أنه توفي سنة خمس أو ست أو سبع وأربعين ومائة، وإسماعيل تقدم أنه توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة.
[781] سنده حسن لذاته إن كان إسماعيل سمع من هشام، وهو صحيح لغيره؛ فإن البخاري أخرجه كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) للإمام مالك في "الموطأ" ووكيع =(4/1531)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والشافعي في "الأم" وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في "سننه".
وعزو السيوطي هذا الحديث لمسلم خطأ، فإنه لم يخرجه، لكن أخرجه:
الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 477 رقم 9) في النذور والأيمان، باب اللغو في اليمين.
ومن طريقه الإمام الشافعي في "الأم" (7 / 225 - 226) ، وفي "المسند" (2 / 74 رقم 244 / ترتيب) .
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 48) في الأيمان، باب لغو اليمين.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 547 رقم 6663) في الأيمان والنذور، باب: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أيمانكم ... } الآية.
والنسائي في "التفسير" (1 / 444 رقم 169) .
وابن الجارود في "المنتقى" (3 / 199 رقم 925) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 428 و 431 رقم 4376 و 4377 و 4378 و 4396) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 25 / أ) .
جميعهم من طريق هشام بن عروة، به نحوه، إلا أن رواية البخاري والنسائي وابن الجارود جاء فيها قول عائشة: نزلت في قَوْلُ الرَّجُلِ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى والله.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 474 رقم 15952) ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ عروة، عن عائشة، به نحو لفظ المصنِّف، وفيه زيادة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 429 - 430 رقم 4383) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق من طريق أبي الأسود، عن عروة، به نحوه وفيه زيادة أيضًا. =(4/1532)
782- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِب (1) ، عَنْ وَسِيم (2) ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَغْوُ الْيَمِينِ: أَنْ تحلف وأنت غضبان.
__________
= وأخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 1034 رقم 1786) من طريق الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عائشة - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ باللغو في أيمانكم} -، قالت: لا والله، وبلى والله، وفي المراء والغضب.
(1) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة اختلط في آخر عمره، والراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وهو ممن سمع منه بعد ما اختلط كما في "الكواكب النيرات" (ص330) .
(2) وَسِيم شيخ مجهول يروي عن طاوس، لم يرو عنه سوى عطاء بن السائب، ذكره البخاري في "تاريخه" (8 / 181 رقم 2629) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم (9 / 46 رقم 199) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 566) .
[782] سنده ضعيف لاختلاط عطاء وجهالة وسيم.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 490) في الأيمان، باب لغو اليمين، من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 181) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 438 رقم 4433) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 26 / أ) .
ثلاثتهم من طريق خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عطاء، به مثله، عدا البخاري فإنه ذكر معناه، فقال: ((في يمين اللغو)) . =(4/1533)
783- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيْف (2) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: هُوَ: لَا وَاللَّهِ، وَبَلَى وَاللَّهِ.
784- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا حُصين (3) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (4) قَالَ: الأيْمان ثَلَاثَةٌ: يَمِينٌ تُكَفَّر، وَيَمِينٌ لَا تُكَفَّرُ، وَيَمِينٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهَا صَاحِبُهَا. فَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي تُكَفَّرُ: فَرَجُلٌ يُعَاهِدُ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَيَفْعَلُهُ، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، (وَأَمَّا الْيَمِينُ الَّتِي لَا تُكَفَّر: فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَمْرِ يَتَعَمَّدُ فِيهِ الْكَذِبَ، فَلَيْسَ فِيهِ كَفَّارَةٌ (5) . وَأَمَّا الْيَمِينُ التي لا يؤاخذ بها
__________
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايت عن خُصيف، فإنها منكرة.
(2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
[783] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف وعتّاب.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 644) للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 49) في الأيمان، باب لغو اليمين، من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 428 رقم 4373) من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب بن بشير، به نحوه.
(3) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روي عنه قبل الاختلاط كما في الحديث [91] .
(4) هو غزوان الغفاري.
(5) تقدم في تخريج الحديث [778] ذكر رواية ابن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس، =(4/1534)
= صَاحِبُهَا) (6) : (فَرَجُلٌ) (7) يَحْلِفُ عَلَى أَمْرٍ يَرَى أَنَّهُ كَمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَهَذَا مَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَهُوَ اللَّغو.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ]
785- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو عَوَانة (8) ، عَنْ مَنْصُورٍ (9) ، عَنْ أَبِي وَائِل (10) ، عَنْ يَسَار بْنِ نُمَير (11) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الخطاب =
__________
= عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ قال: يمين لا تكفَّر: الرجل يحلف على الكذب يتعمده، فذلك إلى الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له.
(6) ما بين القوسين ليس في الأصل، فزدته من الموضع الآتي من "تفسير ابن جرير" الطبري؛ فإنه روى الحديث من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، والسياق يقتضي هذه الزيادة.
(7) في الأصل: ((ورجل)) .
[784] سنده صحيح، وتقدم مختصرًا برقم [778] ، وسنده صحيح أيضًا.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 150) ، وعزاه لعبد بن حميد فقط.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 436 رقم 4427) ، و (10 / 526 رقم 12362) من طريق يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم ... ، فذكره بنحوه.
(8) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(9) هو ابن المعتمر.
(10) هو شَقِيق بن سلمة.
(11) هو يسار بن نُمير المدني، مولى عمر بن الخطاب وخازنه، نزل الكوفة، وروى عن عمر، وعنه أبو وائل، أبو إسحاق السبيعي وسعيد بن أبي بردة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية كما في "التقريب" (ص607 رقم 7803) ؛ ذكره =(4/1535)
= رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِينِي، فَيَسْأَلُنِي، فَأَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَهُ، ثُمَّ يَبْدُو لِي فَأُعْطِيهِ، فَإِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُكَفِّر عَنِّي، فَأَطْعِمْ عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، لكلِّ مِسْكِينٍ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْح، أَوْ صاعٌ مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ.
786- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِل، عَنْ يَسَار بْنِ نُمَير قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا أَمَرْتُكَ أَنْ تُكَفِّر عَنِّي، فَأَعْطِ لكلِّ مسكين نصفَ صاعِ حِنْطَةٍ.
__________
= ابن سعد في "الطبقات" (6 / 145) ، وقال: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 557) ، وانظر "تهذيب التهذيب" (11 / 377 رقم 733) .
[785] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 151) وعزاه لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 507 رقم 16075) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه.
ورواه سفيان بن عيينة بن منصور، وسيأتي برقم [786] .
ورواه الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة وسيأتي برقم [787] .
ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص10 رقم 59 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق عبد الله بن إدريس، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عن طلحة بن مُصَرِّف، عن يسار بن نمير ... ، فذكره بنحوه.
ورواه أبو إسحاق السبيعي، عن يَرْفَأ حاجب عمر، وسيأتي برقم [788] .
[786] سنده صحيح، وتقدم تخريجه وذكر كامل لفظه في الحديث السابق، وسيأتي من طريق الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة في الحديث بعده.(4/1536)
787- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الأعْمش، عَنْ شَقِيق، عَنْ يَسَار بْنِ نُمَير قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي أَحْلِفُ أَنْ لَا أُعْطِيَ أَقْوَامًا، ثُمَّ يَبْدُو لِي أَنْ أُعْطِيَهُمْ، فَإِذَا رَأَيْتَنِي فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَأَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ، بَيْنَ كُلِّ مِسْكِينَيْنِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعٌ (1) مِنْ تَمْرٍ.
__________
(1) ظاهر هذا الرواية أن صاع التمر يقسم بن مسكينين، بينما في الحديث [785] أن صاع التمر يعطي للمسكين الواحد، وسيأتي في رواية ابن أبي شيبة أن صاع التمر لكل مسكين، وبها يزول الإشكال.
[787] سنده صحيح، والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلس، إلا أن روايته عن أبي وائل شقيق بن سلمة محمولة على الاتصال وإن كان بالعنعنة، وهذه منها.
والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 535 رقم 12397) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 55 - 56) في الأيمان، باب الإطعام في كفارة الإيمان.
كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا من طريق يعلى، عن الأعمش مقرونًا برواية أبي معاوية السابقة عنده.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص9 رقم 49 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق أبي خالد الأحمر، عن الأعمش، به نحوه، وفي آخره قال: ((أو صاع من تمر لكل مسكين)) ، وهذه الزيادة تجعل رواية الأعمش تتفق مع رواية منصور في الحديثين السابقين.
وتقدم الحديث برقم [785 و 786] من طريق منصور، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، وسيأتي برقم [788] من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن يرفأ، عن عمر. =(4/1537)
788- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوص (1) [ل131/ب] ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنِ اليَرْفَا (3) قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَنْزِلَةِ وَلِيّ اليَتِيم، إِنِ احْتَجْتُ أخَذْتُ مِنْهُ، فَإِذَا أيْسَرْتُ رَدَدْتُه، وَإِنِ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ، (وَإِنِّي) (4) وَليْتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أَمْرًا عَظِيمًا، فَإِذَا أَنْتَ سَمِعْتَنِي حَلَفْتُ عَنْ يَمِينٍ فَلَمْ أمْضِها، فَأَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ خمسةَ آصَعَ بُرٍّ، بَيْنَ كل (مسكينين صاع) (5) .
__________
(1) هو سلاّم بن سُلَيم.
(2) هو السَّبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلس واختلط في آخر عمره، والراوي عنه هنا هو أبو الأحوص، ولم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط أو بعده.
(3) هو يَرْفَا - فتح التحتانية، وسكون الراء، بعدها فاء مشبعة، بغير همز، وقد تهمز فيقال: يَرْفَأ -، حاجب عمر، كان من موالي عمر، أدرك الجاهلية، ولا تعرف له صحبة، وقد حَجّ مع عمر في خلافة أبي بكر، وله ذكر في قصة منازعة العباس وعلي في صدقه رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - التي أخرجها البخاري في "صحيحه" (6 / 197 رقم 3094) في أول كتاب فرض الخمُس، ومسلم في "صحيحه" (3 / 1377 رقم 49) في الجهاد، باب حكم الفيء، وفيها: أن عمر أتاه حاجبه يَرْفَأ. انظر "الإصابة" (6 / 696 - 697 رقم 9394) ، و"فتح الباري" (6 / 205) .
(4) في الأصل: ((وإن)) .
(5) في الأصل: ((بين كل مسكين صاعًا)) .
[788] سنده ضعيف لما تقدم عن حال أبي إسحاق السبيعي، ولأن أبا الأحوص قد خولف فيه كما سيأتي، وهو صحيح لغيره بمجموع طرقه الآتي ذكرها.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 436) وعزاه للمصنِّف =(4/1538)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والنحاس في "ناسخه" وابن المنذر والبيهقي في "سننه".
ونقله الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6 / 205) و"الإصابةط (6 / 696) ، عن المصنف مختصرًا، إلا أن اسم: ((اليرفا)) تصحف في "الإصابة" إلى: ((البراء)) .
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 4 - 5 و 354) في كتاب البيوع، باب من قال يقضيه - أي مال اليتيم - إذا أيسر، وفي كتاب قسم الفيء والغنيمة باب ما يكون للوالي الأعظم ووالي الإقليم من مال الله، ولفظه مثل لفظ المصنف هنا، إلا أنه لم يذكر باقي الدي من قوله: ((وَإِنِّي وَلِيتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ... )) إلخ، وقد تصحف اسم اسم: ((اليرفا)) في الموضع الأول إلى: ((البراء)) ، وأشار المصحح إلى أن في هامش إحدى النسخ: ((اليرفأ)) ، وأما في الموضع الثاني فجاء على الصواب.
وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص112) من طريق يوسف بن عدي، عن أبي الأحوص، به نحوه، ولم يذكر من قوله: ((فإذا أنت سمعتني ... )) إلخ.
وخالف أبا الأحوص كل من سفيان الثوري وإسرائيل بن يونس وزكريا بن أبي زائدة، فرووه عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرِّب، قال: قال عمر: إني أنزلت نفسي ... ، الحديث بنحوه، ولم يذكر قوله: ((وَإِنِّي وَلِيتُ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ ... )) الخ.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 276) من طريق سفيان الثوري، وزكريا ابن أبي زائدة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (12 / 324 رقم 12960) من طريق سفيان الثوري.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 582 رقم 8597) من طريق سفيان وإسرائيل.
ورواية هؤلاء الثلاثة أرجح من رواية أبي الأحوص؛ لأن سفيان الثوري ممن =(4/1539)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= روى عن أبي إسحاق قبل اختلاطه كما تقدم في الحديث رقم [1] ، ورواية إسرائيل عن جده أبي إسحاق أثنى عليها العلماء كما في الحديث رقم [421] .
وللحديث طرق أخرى عن عمر.
فأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 276) فقال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس، قال: أخبرنا زائدة بن قدامة، عن الأعمش، عن أبي وائل قال: قال عمر: إني أنزلت مال الله مني بمنزلة مال اليتيم؛ من كان غينًا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بالمعروف.
وهذا إسناد صحيح.
شيخ ابن سعد: أحمد بن عبد الله بن يونس تقدم في الحديث [54] أنه ثقة حافظ.
وزائدة بن قدامة تقدم في الحديث [62] أنه ثقة ثبت صاحب سنة.
والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ، إلا أنه مدلس، لكن روايته هنا عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة، وهي محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث [3] .
وأبو وائل شقيق بن سلمة تقدم في الحديث [16] أنه ثقة مخضرم.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (7 / 592 رقم 8641) من طريق يحيى بن أيوب، عن محمد بن عجلان، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كان يقول: يحلّ لوليّ الأمر ما يحلّ لولي اليتيم: من كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ، وَمَنْ كَانَ فقيرًا فليأكل بالمعروف.
وفي سنده يحيى بن أيوب الغافقي، وتقدم في الحديث [26] أنه صدوق ربما أخطأ.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (6 / 453) من طريق قتادة، عن أبي مِجْلَز لاحق بن حميد قال: لما بعث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة ... ، وذكر الحديث، =(4/1540)
789- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ (1) ، عَنِ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ (2) وَهُمْ يُعْطُونَ فِي طَعَامِ الْمِسْكِينِ مُدًّا مُدًّا، وَيَرَوْنَ أَنَّ ذلك يجزئ عنهم.
__________
= وفيه أن عمر قال لهم: نزلتكم وإياي من هذا المال بمنزلة والي مال اليتيم؛ {من كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فقيرًا فليأكل بالمعروف} ، وما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا كان ذلك سريعًا في خرابها.
وسنده ضعيف؛ لأن أبا مجلز لم يسمع من عمر بن الخطاب، وإنما يرسل عنه كما في "التهذيب" (11 / 171) .
وتقدم في الأحاديث رقم [785 و 786 و 787] ما يشهد للشطر الثاني لهذا الحديث، فيكون صحيحًا لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم.
(1) هو ابن قيس الأنصاري.
(2) يعني الصحابة - رضي الله عنهم -.
[789] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص11 رقم 64 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق سفيان بن عيينة ويزيد بن هارون، كلاهما عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ سليمان بن يسار قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: مُدٌّ من بُرٍّ.
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (2 / 479 - 480) في النذور والأيمان، باب العمل في كفارة اليمين، عن شيخه يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بن يسار أنه قال: أدركت الناس وهم إذا أعْطوا في كفارة اليمين، أعطوا مدًّا من حنطة بالمدِّ الأصغر، ورأوا ذلك مجزئًا عنهم.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 55) في الأيمان، باب الإطعام في كفارة اليمين.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 539 رقم 12421) من طريق أبي الأحوص، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ سليمان بن يسار قال: كان الناس إذا =(4/1541)
790- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ (1) ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ -: مُدُّ بَيْضَاءَ (3) لِكُلِّ مِسْكِينٍ.
__________
= كفّر أحدهم، كفّر بعشرة أمداد بالمدّ الأصغر.
(1) هو عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ سلمة بن دينار المدني، روى هنا عن مولى ابن عياش، ويروي أيضًا عن أبيه وسهيل بن أبي صالح وهشام بن عروة وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الله بن وهب وعلي بن المديني وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق فقيه، روى له الجماعة وقال الإمام مالك: ((قوم يكون فيهم ابن أبي حازم لا يصيبهم العذاب)) ، وقال ابن معين: ((صدوق ثقة ليس به بأس)) ، ووثقه العجلي وابن نمير والنسائي في رواية، وفي أخرى: قال: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((لم يكن يعرف بطلب الحديث، إلا كتب أبيه، فإنهم يقولون إنه سمعها، وكان يتفقه، لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه، ويقال: إن كتب سليمان بن بلال وقعت إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم)) ، وتوفي عبد العزيز هذا وهو ساجد في المسجد النبوي، وذلك سنة أربع وثمانين ومائة وله من العمر ثنتان وثمانون سنة، وقيل: إن ولادته كانت سنة سبع ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 382 - 383 رقم 1787) ، و"التهذيب" (6 / 333 - 334 رقم 641) ، و"التقريب" (ص356 رقم 4088) .
قلت: ما ذكره الإمام أحمد إنما يتجه على رواية ابن أبي حازم عن سليمان بن بلال، فهي التي يثبت فيها، وما عدا ذلك إنما يشكل عليه قول الإمام أحمد: ((روى عن أقوام لم يكن يعرف أنه سمع منهم)) ، وهذا ليس بمشكل؛ لأن مبلغه الاحتياط في كونه سمع من ذلك الراوي أو لا؟
(2) هو أبو جعفر القارئ مولى عبد الله بن عياش، تقدم في الحديث [216] أنه =(4/1542)
791- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (1) ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عباس، مثله.
__________
= ثقة.
(3) أي: حِنْطة كما في "النهاية في غريب الحديث" (1 / 173) .
[790] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره، لأن ابن أبي حازم قد توبع في الحديث الآتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 152) لعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وقد أخرج عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 506 رقم 16071) من طريق عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابن عباس قال: مُدٌّ لكل مسكين.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16072) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (ص11 رقم 60 / القسم الأول من الجزء الرابع) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 538 - 539 رقم 12415 و 12416) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 26 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 55) في الأيمان، باب الإطعام في كفارة اليمين.
جميعهم من طريق دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ: مُدٌّ من حنطة لكل مسكين، رُبْعُهُ إِدَامَه.
(1) هو سلمة بن دينار، أبو حازم الأعْرج، الأَفْزَر، التَّمَّار، المدني، مولى الأسود بن سفيان، يروي عن سهل بن سعد الساعدي وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وسعيد بن المسيب وغيرهم، روى عنه الزهري وابن إسحاق ابن عجلان وابن أبي ذئب والإمام مالك والحمّادان والسفيانان ويعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وأبو حاتم والعجلي والنسائي وابن خزيمة وزاد: ((لم يكن في زمانه مثله)) ، وقال =(4/1543)
792- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أميَّة (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ طَعَامٍ فِي الْقُرْآنِ فَهُوَ نِصْفُ صاع.
__________
= ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر أنه من عُبَّاد أهل المدينة وزُهّادهم، واختلف في وفاة أبي حازم، فقيل: سنة ثلاث وثلاثين ومائة، وقيل: خمس وثلاثين، وقيل: أربعين، وقيل: أربع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 159 رقم 701) ، و"التهذيب" (4 / 143- 144 رقم 247) ، و"التقريب" (ص247 رقم 2489) .
ولم أجد من نصّ على أن أبا حازم سمع من أبي جعفر، وسماعه منه محتمل جدًّا؛ لأنهما في طبقة واحدة، وكلاهما مدني، وقد سمع عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ من أبي جعفر كما في الحديث السابق، فمن باب أولى أن يسمع الأب.
[791] سنده صحيح، وقد مضى من طريق آخر عن أبي جعفر في الحديث السابق، وتقدم تخريجه هناك.
(1) هو ابن أبي المُخَارِق، تقدم في الحديث [28] أنه ضعيف.
[792] سنده ضعيف لضعف عبد الكريم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 152) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وأبي الشيخ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص10 رقم 52 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُليم، عَنِ مجاهد قال: كفارة في ظهار أو غيره، ففيه نصف صاع من برٍّ كفارته.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 509 رقم 16082) عن شيخه سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد قال: مُدَّان لكل مسكين.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (56) عن شيخه وكيع، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: لكل مسكين مُدَّان حنطة.
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وابن أبي نجيح وإن كان =(4/1544)
793- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، عَنْ عَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - قَالُوا: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّان، مُدٍّ فِي إِدَامِه، ومُدٌّ يأكله في غدائه وعشائه.
__________
= مدلسًا، إلا أن روايته عن مجاهد صحيحة كما تقدم بيانه في الحديث رقم [184] .
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 536 رقم 12405) من طريق وكيع أيضًا، عن سفيان، بنحو رواية ابن أبي شيبة.
وسيأتي في الحديث بعده من طريق آخر ضعيف عن مجاهد.
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة.
(2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
[793] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف وعتّاب، وقد صح هذا المعنى عن مجاهد كما في الحديث السابق، وأما عطاء بن أبي رباح، فالصحيح عنه خلافه كما سيأتي، وأما عكرمة، فلم أجد عنه ما يؤيِّد هذا المعنى أو يخالفه.
وأما ما جاء عن عطاء، فقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص11 رقم 63) من طريق شيخه عبد الله بن إدريس، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان، عن عطاء، قال: مُدٌّ.
وأخرجه أيضًا برقم (67) من طريق شيخه وكيع، عن مالك بن مِغْوَل، عن عطاء، مثل سابقه.
وهذان إسنادان صحيحان عن عطاء، رجالهما ثقات تقدمت تراجمهم.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 540 رقم 12424) من طريق وكيع، عن مالك بن مغول، عن عطاء، قال: مدّ لكل مسكين.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (10 / 539 رقم 12422) من طريق ابن جريج، =(4/1545)
794- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - قَالَ: مَكُّوكًا (2) مِنْ تَمْرٍ، ومَكُّوكًا مِنْ بُرّ، وَإِنْ دَعَاهُمْ فَأَطْعَمَهُمْ خُبْزًا وَلَحْمًا، أَوْ خُبْزًا وَزَيْتًا، أَوْ خُبْزًا وَسَمْنًا، أَوْ خُبْزًا ولبنًا، أجزأ ذلك عنه.
__________
= عن عطاء - في قوله: {إطعام عشرة مساكين} -، قال: عشرة أمداد، لعشرة مساكين.
ومن طريق ابن جريج أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 510 رقم 16085) ، ولفظه: قال عطاء: من أوسط ما يطعم أهله يومًا واحدًا عشرة أمداد.
(1) هو ابن عبيد بن دينار.
(2) المَكُّوكُ: هو المدُّ كما في "النهاية في غريب الحديث" (4 / 350) .
[794] سنده صحيح، وسيأتي من طريق هشيم، عن يونس برقم [796] ، ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس برقم [797] .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 508 رقم 16079) من طريق سفيان الثوري، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مكوك من حنطة، ومكوك من تمر، وإن شاء جمع المساكين فغدّاهم أو عشّاهم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص12 رقم 73 / القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق معتمر بن سليمان، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي كفارة اليمين -، قال: يطعم خبزًا ولحمًا مرةً واحدة حتى يشبع.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16078) من طريق هشام بن حسّان، عن الحسن، به بنحو لفظ المصنِّف، وزاد: ((فإن لم يجد، صام ثلاثة أيام)) .
ومن طريق هشام أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 534 و 537 رقم 12394 و 12407) ، بنحوه مفرَّقًا في الموضعين.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16080) من طريق معمر، قال: أخبرني قتادة، أنه سمع الحسن يقول: مكوك من حنطة، ومكوك من تمر. =(4/1546)
795- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدة، عَنْ حَجَّاج بْنِ أَرْطَأَة (1) ، عَنْ حُصَين الْحَارِثِيِّ (2) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنِ الْحَارِثِ (3) ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ-: يُغدِّيهم، ويُعَشِّيهم خُبْزًا وَلَحْمًا، خبزًا وزيتًا، خبزًا وسمنًا.
__________
= وأخرجه ابن جرير برقم (12423) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، عن الحسن، به بمعناه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12388) من طريق الربيع بن صبيح، عن الحسن قال: خبز ولحم، أو خبز وسمن، أو خبز ولبن.
ثم أخرجه ابن جرير برقم (12408) من نفس الطريق بلفظ: إن جمعهم، أشبعهم إشباعه واحدة، وإن أعطاهم، أعطاهم مكوكًا مكوكًا.
(1) تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس.
(2) هو حصين بن عبد الرحمن الحارثي، الكوفي، مقبول يروي عن الشعبي، لم يرو عنه سوى إسماعيل بن أبي خالد وحجاج بن أرطأة، قال الإمام أحمد: ((ليس يعرف، ما روى عنه غير الحجاج بن أرطأة، وإسماعيل بن أبي خالد روى عنه حديثًا واحدًا، أحاديثه مناكير)) . وقال المديني: ((لا أعلم روى عنه غيرهما)) .
وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ((صدوق - إن شاء الله -)) . اهـ.
من "الجرح والتعديل" (3 / 193 - 194 رقم 838) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 552 رقم 2082) ، و"التهذيب" (2 / 383 رقم 661) ، و"التقريب" (ص170 رقم 1370) .
(3) هو الحارث بن عبد الله الأعْور الهَمْداني -بسكون الميم -، الخارِفي - بكسر الراء -، الحُوتي - بضم المهملة، وبالمثنّاة -، الكوفي، أبو زهير، صاحب علي، روى عن علي وابن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه الشعبي وأبو إسحاق السبيعي وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، وهو ضعيف، ورمي بالرفض، وكَذَّبه الشعبي في رأيه؛ قال الشعبي: ((حدثني =(4/1547)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الحارث الأعور وكان كذابًا)) ، قال ابن شاهين في الثقات: ((قال أحمد بن صالح المصري: الحارث الأعور ثقة، ما أحفظه، وما أحسن ما روى عن علي! وأثنى عليه. قيل له: فقد قال الشعبي: كان يكذب، قال: لم يكن يكذب في الحديث، إنما كان كذبه في رأيه)) ، وقال إبراهيم النخعي: ((إن الحارث اتُّهم)) ، وقال أبو إسحاق السبيعي، ((زعم الحارث الأعور، وكان كذابًا)) ، وقال جرير بن عبد الحميد: ((كان الحارث زَيْفًا)) ، وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه، وقال محمد بن بشّار بُنْدار: ((أخذ يحيى وعبد الرحمن القلم من يدي، فضربا على نحو من أربعين حديثًا من حديث الحارث عن علي)) ، وقال الجوزجاني: ((سألت علي بن المديني عن عاصم - يعني ابن ضمرة - والحارث، فقال: مثلك يسأل عن ذا؟! الحارث كذاب)) ، وقال ابن حبان: ((كان الحارث غاليًا في التشيع، واهيًا في الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((عامة ما يرويه غير محفوظ)) ، وضعفه الدارقطني، وقال أبو زرعة: ((لا يحتج بحديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بقوي، ولا ممن يحتجّ بحديثه)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وفي موضع آخر قال: ((ليس به بأس)) ، وحكى عثمان الدارمي عن ابن معين أنه وثقه، ثم قال الدارمي: ((ليس يتابع ابن معين على هذا)) ، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" وقال: ((من كبار علماء التابعين، على ضعف فيه)) ، وقال أيضًا: ((وحديث الحارث في السنن الأربعة، والنسائي مع تَعَنُّتِه في الرجال، فقد احتجّ به وقَوَّى أمره، والجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب، فهذا الشعبي يكذِّبه، ثم يروي عنه، والظاهر أنه كان يكذب في لهجته وحكاياته، وأما في الحديث النبوي فلا، وكان من أوعية العلم)) ، وذكر ابن حجر في "التهذيب" كلام الذهبي هذا، ثم تعقبه بقول: ((لم يحتج به النسائي، وإنما أخرج له في "السنن" حديثًا واحدًا مقرونًا بابن ميسرة، وآخر في "اليوم والليلة" متابعة، هذا جميع ما له عنده)) ، وكانت وفاته سنة خمس وستين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 78 - 79 رقم 363) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 435 - 437 رقم 1627) ، و"التهذيب" =(4/1548)
796- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حُدِّثْتُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يُغَدِّيهم وَيُعَشِّيهِمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: وَجْبَةٌ وَاحِدَةٌ تُجْزِئُ.
__________
= (2 / 145 - 147 رقم 248) ، و"التقريب" (ص146 رقم 1029) .
[795] سنده ضعيف لضعف الحارث الأعور وحجاج بن أرطأة من قبل حفظه، وقد رواه حجاج أيضًا عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث عن علي كما سيأتي، فلست أدري، أهو اضطراب من حجاج، أم له فيه إسناد آخر؟
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 152) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 26 / ب) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عَنْ حُصَيْنٍ الْحَارِثِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عن الحارث، عن علي، قوله: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ، قال: تغدِّيهم وتعشِّيهم.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 534 و 540 رقم 12391 و 12427) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، به، ولفظ ابن جرير مثل لفظ المصنِّف، إلا أنه قال: ((أو خلاً وزيتًا)) بدل قوله: ((خبزًا ولحمًا)) .
وأما ابن أبي حاتم فلفظه: ((خبز ولبن، خبز وسمن)) .
[796] سنده عن إبراهيم النخعي ضعيف؛ لإبهام شيخ يونس، وأما عن الحسن البصري فصحيح، وتقدم برقم [794] من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يونس، عن الحسن، وتقدم تخريجه هناك، وسيأتي برقم [797] من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس، عن الحسن. =(4/1549)
797- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ - فِي طَعَامِ الْمَسَاكِينِ: وَجْبَة، فَإِنْ أَعْطَاهُمْ فِي أَيْدِيهِمْ، فمَكُّوك بُرّ، ومَكُّوك تَمْرٍ.
798- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (2) ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ (3) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أهليكم} -، قَالَ: كَانَ يَكُونُ لِلْكَبِيرِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّغِيرِ، وللحُرِّ أَفْضَلُ مِنَ الْمَمْلُوكِ، فَأُمِرُوا بوسطٍ مِنْ ذَلِكَ ليس بأرفعه، ولا بأوضعه.
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص11 رقم 68 / القسم الأول من الجزء الرابع) ، فقال: حدثنا هشيم، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: وجبة واحدة.
(1) هو ابن عُلَيَّة.
[797] سنده صحيح، وتقدم برقم [794] من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يونس، وبرقم [796] من طريق هشيم، عن يونس.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 537 رقم 12409) من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، به نحوه، إلا أنه تصحّف فيه قوله: ((وجبة)) إلى: ((وحسبه)) .
(2) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(3) هو سليمان بن أبي المُغِيرة العَبْسي - بالموحّدة -، أبو عبد الله الكوفي، يروي عن سعيد بن جبير وعلي بن الحسين بن علي والقاسم بن محمد وغيرهم، روى عنه السفيانان وشعبة وأبو عوانة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة؛ قال سفيان بن عيينة: ((ثقة خيار)) ، ووثقه الإمام أحمد وابن معين، وقال أبو زرعة: ((شيخ)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 145 - 146 رقم 628) ، و"تاريخ أسماء الثقات" (ص100 رقم 458) ، =(4/1550)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= و"التهذيب" (4 / 221 رقم 374) ، و"التقريب" (ص254 رقم 458) .
وقد ذهب الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التقريب" إلى أن سليمان هذا صدوق، والظاهر أنه تأثر بقول أبي زرعة: ((شيخ)) ، مع أنه وثقه ابن عيينة والإمام أحمد وابن معين وغيرهم كما سبق، فالعمدة على توثيق هؤلاء الأئمة.
[798] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله سعيد بن جبير.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 153) ، وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 192) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 541 رقم 12434 و 12435) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عن سعيد بن جبير -: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} - قال: قُوْتُهم.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12436) من طريق حَكّام بن سَلْم، عن سليمان، به بلفظ: كانوا يفضلون الحر على العبد، والكبير على الصغير، فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} .
وفي هذه الرواية جاء اسم سليمان هكذا: ((سليمان بن عبيد العبسي)) ، فلعل اسم والده: ((عبيد)) واشتهر بكنيته: ((أبو المغيرة)) ، وهذا الذي مال إليه الشيخ محمود شاكر في تعليقه على الموضع السابق من "تفسير ابن جرير".
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 27 / أ) من طريق حفص بن غياث، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ؟ قال: كان أهل المدينة يقولون: الصغير على قدره، والكبير على قدره، ويأمرون بالوسط.
كذا جاءت رواية ابن أبي حاتم، ولعل الصواب: ((فأمروا بالوسط)) .
ومن خلال ما سبق يتضح أن أبا عوانة وسفيان الثوري وحكّام بن سَلْم وحفص بن غياث رووه عن سلميان بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير مرسلاً. =(4/1551)
799- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمة بْنُ عَلْقَمة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ (2) ، أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ، فَكَفَّر، فَأَمَرَ الْمَسَاكِينَ، فَأُدْخِلُوا بَيْتَ الْمَالِ، فَأَمَرَ بِجَفْنَةٍ (3) مِنْ ثَرِيد فقُدِّمت إِلَيْهِمْ، فَأَكَلُوا، ثُمَّ كَسَا كُلَّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ ثَوْبًا، إِمَّا مُعَقَّدًا (4) ، وَإِمَّا ظَهْرانِيًّا.
__________
= وقد خالفهم سفيان بن عيينة، فرواه عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس قال: كان الرجل يقوت أهله قوتًا فيه سعة، وكان الرجل يقوت أهله قوتًا فيه شدّة، فنزلت: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} .
أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 682 - 683 رقم 2113) في الكفارات، باب: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} ، واللفظ له.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 542 - 543 رقم 12440) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 27 / أ) .
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (2 / 148 رقم 743) : ((هذا إسناد موقوف صحيح الإسناد)) .
أقول: ورواية من أرسله عن سعيد بن جبير أرجح من رواية سفيان بن عيينة؛ لأنهم أكثر عددًا، وفيهم سفيان الثوري وهو أوثق من ابن عيينة كما يتضح من ترجمتهما فيما مضى.
وعليه فالحديث باقٍ على ضعفه لإرساله.
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) محمد بن سيرين هنا يروي عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه -، ولم أجد من نصّ على أنه سمع منه، أو نفى ذلك عنه، وأمره مشكل؛ لأن ابن سيرين ولد قريبًا من سنة ثلاث وثلاثين للهجرة؛ لسنتين بقيتا من خلافة عثمان - رضي الله عنه - كما في "التهذيب" (9 / 215) ، وأما أبو موسى الأشعري فاختُلف في وفاته، فقيل: كانت وفاته سنة اثنتين وأربعين، وقيل: أربع وأربعين، وقيل: =(4/1552)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= خمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين للهجرة كما في "التهذيب" أيضًا (5 / 363) ، فالله أعلم، هل سمع منه أو لا؟ .
(3) الجَفْنَةُ: كالقَصْعَة، وقيل: هي أعظم ما يكون من القِصَاع. انظر "لسان العرب" (13 / 89) .
(4) المُعَقَّدُ: ضَرْب من بُرُود هَجَر. "لسان العرب" (3 / 300) .
(5) الظَّهْرَانِيّ: ثوب يُجاء به من مَرِّ الظَّهْرَان، وقيل: هو منسوب إلى ظهران؛ قرية من قرى البحرين. "لسان العرب" (4 / 529) .
[799] سنده رجاله ثقات، ولم يتبين هل سمع ابن سيرين من أبي موسى أو لا، فإن كان سمع منه فالإسناد صحيح، وإن لم يسمع منه، فهو ضعيف لانقطاعه.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 56) ، في الأيمان، باب ما يجزي من الكسوة في التجارة، من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: ((وأمر بالمساكين)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 512 - 513 رقم 16093 و 16094 و 16101) ، وفي "تفسيره" (1 / 192) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 548 رقم 12462 و 12463 و 12464 و 12465) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 27 / أ) .
أما عبد الرزاق فمن طريق أيوب السختياني وعاصم الأحول وهشام الدستوائي، وأما ابن جرير فمن طريق عاصم الأحول ويزيد بن إبراهيم وهشام الدستوائي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يزيد بن إبراهيم، جميعهم عن محمد بن سيرين، به نحوه، ولفظ بعضهم مختصر، وذكر بعضهم أنه كسا كل واحد منهم ثوبين من مُعَقَّدة البحرين.(4/1553)
800- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُهُ وَسُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ كِسْوَتُهُمْ} - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - قَالَ: لِكُلِّ مِسْكِينٍ عَبَاءَة وعِمَامَة.
801- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (2) ، عَنْ دَاوُدَ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب، مثله.
__________
= هو سعيد بن المسيِّب بن حَزْن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، القرشي، المخزومي، يروي عن عمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وحكيم بن حزام وابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو وأبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهم أجمعين -، روى عنه سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ والزهري وقتادة وأبو الزناد وغيرهم، وهو أحد العلماء الأثبات الفقهاء الكبار، اتفقوا على أن مراسيله أصحّ المراسيل، وقد روى له الجماعة، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((هو والله أحد المتقين)) ؛ وقال ميمون بن مهران: ((قدمت المدينة، فسألت عن أعلم أهل المدينة، فدُفعت إلى سعيد بن المسيب)) ، وقال قتادة: ((ما رأيت أحدًا أعلم بالحلال والحرام منه)) ، وقال علي بن المديني: ((لا أعلم في التابعين أوسع علمًا من سعيد بن المسيب)) ، وقال أيضًا: ((هو عندي أجلّ التابعين)) ، وقال أبو طالب: ((قلت لأحمد: سعيد بن المسيب؟ فقال: ومن مثل سعيد؟ ثقة من أهل الخير. فقلت له: سعيد بن عمر حجّة؟ قال: هو عندنا حجّة؛ وقد رأى عمر وسمع منه، وإذا لم يقبل سعيد بن عمر، فمن يقبل؟)) ، وقال أبو زرعة: ((مهدني قرشي ثقة إمام)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس في التابعين أنبل منه، وهو أثبتهم في أبي هريرة)) ، وذكره ابن في حبان في الثقات وقال: ((كان من سادات التابعين، فقهًا ودينًا وورعًا وعبادة وفضلاً، وكان أفقه أهل الحجاز)) ، وكانت وفاته بعد التسعين للهجرة وقد ناهز الثمانين؛ لأن ولادته كانت لسنتين =(4/1554)
802- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (3) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ثَوْبًا ثَوْبًا، لِكُلِّ مِسْكِينٍ ثوب جامع (4) .
__________
= مضتا من خلافة عمر - رضي الله عنه -. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 59 - 61 رقم 262) ، و"التهذيب" (4 / 84 - 88 رقم 145) ، و"التقريب" (ص241 رقم 2396) .
(2) هو ابن عبد الله الطحَّان الواسطي.
[800 و 801] سنداهما صحيحان.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 154) لعبد الرزاق وأبي الشيخ.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 548 رقم 12466) من طريق هشيم، عن داود، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 512 رقم 16095) .
وابن جرير في "تفسيره" (10 / 547 - 548 رقم 12456 و 12457 و 12468) .
أما عبد الرزاق فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري وعبيدة وأبي معاوية وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، جميعهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، به نحوه.
(3) هو ابن مِقْسَم الضبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح فيها بالسماع، لكن شعبة ومحمد بن فضيل ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وروايتهما عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح فيها بالسماع كما تقدم بيانه في الحديث رقم [306] ورقم [500] .
(4) سيأتي تفسير مغيرة للثوب الجامع.
[802] سنده صحيح، ولا يضرّه عدم تصريح مغيرة بالسماع كما سبق، ومع ذلك فإن مغيرة قد توبع كما سيأتي.
والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 550 رقم 12474) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {أو كسوتهم} ، قال: ثوب جامع لكل =(4/1555)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مسكين.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 512 - 513 رقم 16097) .
وابن جرير برقم (12472 و 12475) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، به نحو لفظ ابن جرير السابق.
وأخرجه ابن جرير برقم (12471 و 12473 و 12475 و 12476) من طريق محمد بن فضيل وعبد الله بن إدريس وشعبة، ثلاثتهم عن مغيرة، به مثل سابقه، إلا أن ابن فضيل زاد في روايته قوله:
وقال مغيرة: ((الثوب الجامع)) : المِلْحَفة، أو الكساء، أو نحوه، ولا نرى الدَّرْع والقميص والخِمَار ونحوه جامعًا.
وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (12470) من طريق أبي الأحوص، سَلاَّم بن سُلَيم، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم قال: الكسوة: ثوب جامع.
وحمّاد هذا هو ابن أبي سليمان، تقدم في الحديث [514] أنه ثقة إمام مجتهد، فيحتمل أن مغيرة كان سمعه منه، ثم سمعه بعد ذلك من إبراهيم.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 546 رقم 12449) ، فقال: حدثنا هنّاد، حدثنا عبدة بن سلميان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - في قوله: {أو كسوتهم} -، قال: إذا كساهم ثوبًا ثوبًا، أجزأ عنه.
وهذا إسناد صحيح.
أبو معشر هو زياد كليب، تقدم في الحديث [87] أن ثقة.
وسعيد بن أبي عروبة تقدم في الحديث [87] أنه ثقة حافظ، إلا أنه اختلط في آخر حياته، لكن الراوي عنه هنا هو عبدة بن سليمان، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما في "الكواكب النيرات" (ص195) .
وعَبْدَةُ بن سليمان الكِلابي، أبو محمد الكوفي هذا يروي عن إسماعيل بن أبي =(4/1556)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= خالد ويحيى بن سعيد الأنصاري وعاصم الأحول وهشام بن عروة والأعمش والثوري وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابنا أبي شيبة وأبو كريب محمد بن العلاء وأبو سعيد الأشجّ وهنّاد ابن السَّريّ وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة وزيادة، مع صلاح في بدنه، وكان شديد الفقر)) ، ووثقه ابن معين وابن سعد والدارقطني والعجلي وزاد: ((رجل صالح قرآن، يقرئ)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات، ونقل عن عثمان بن أبي شيبة أنه قال: ((ثقة مسلم صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((مستقيم الحديث جدًّا)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، قال الإمام أحمد: ((قدمت الكوفة سنة ثمان وثمانين ومائة وقد مات عَبْدة سنة سبع وثمانين ومائة؛ قبل قدومي بسنة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 89 رقم 457) ، و"التهذيب" (6 / 458 - 459 رقم 946) ، و"التقريب" (ص369 رقم 4269) .
وهناد بن السَّرِيِّ - بكسر الراء الخفيفة - ابن مصعب التميمي، أبو السَّريّ الكوفي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزناد وهشيم وعبد الله بن إدريس وأبي الأحوص وابن عيينة ووكيع وعبدة بن سليمان وغيرهم، روى عنه ابن جرير هنا وفي مواضع كثيرة من "تفسيره"، وروى عنه أيضًا أصحاب الكتب الستة في كتبهم، عدا البخاري، فإنما أخرج له في "خلق أفعال العباد"، وروى عنه أيضًا أبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم، وهو ثقة؛ قال قتيبة بن سعيد: ((ما رأيت وكيعًا يعظِّم أحدًا تعظيمه لهنّاد)) ، وسئل الإمام أحمد: عمّن نكتب بالكوفة؟ فقال: ((عليكم بهنّاد)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وكانت ولادته سنة اثنتين وخمسين ومائة، ووفاته سنة ثلاث وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 119 - 120 رقم 501) ، و"التهذيب" (11 / 70 - 71 رقم 109) ، و"التقريب" (ص574 رقم 7320) .(4/1557)
803- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، عَنْ عَطَاءٍ، (وَمُجَاهِدٍ) (3) ، وَعِكْرِمَةَ قَالُوا: لِكُلِّ مِسْكِينٍ ثَوْبُ: قَمِيصٍ، أَوْ إِزَار، أَوْ رِدَاء، فَقُلْتُ لخُصَيف: أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ مُوسِرًا؟ قَالَ: أيَّ ذَلِكَ فَعَلَ فَحَسَنٌ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْ هَذِهِ الخِصَال، فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وذَكَرَ أَنَّهَا في قراءة أبَيّ: {متتابعة} .
__________
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خُصيف فإنها منكرة.
(2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
(3) في الأصل: ((عن مجاهد)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"؛ فإنه روى الحديث من طريق المصنف.
[803] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف ورواية عتّاب عنه، وقد صحّ معناه عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ومجاهد فقط.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 56) في الأيمان، باب ما يجزئ من الكسوة في الكفارة، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((أي ذا فعل)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 510 رقم 16085) عن ابن جريج، قال: قال عطاء: {أو كسوتهم} ، قال: بلغنا أنه ثوب ثوب.
وصرّح ابن جريج بالسماع من عطاء في الرواية الآتية.
فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 547 رقم 12455) .
فقال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: {أو كسوتهم} -: الكسوة ثوب ثوب.
وهذا إسناد صحيح؛ فيونس بن عبد الأعلى تقدم في الحديث [337] أنه ثقة، وعبد الله بن وهب تقدم في الحديث [310] أنه ثقة حافظ عابد، وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس، =(4/1558)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لكنه صرّح بالسماع في هذه الرواية.
وأخرجه ابن جريج أيضًا (10 / 546 رقم 12448) من طريق عمر بن هارون، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ - في قوله: {أو كسوتهم} -، قال: ثوب ثوب لكل مسكين.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 513 رقم 16098) ، فقال: أخبرنا الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عن مجاهد قال: الكسوة أدناه ثوب، وأعلاه ما شاء.
وهذا إسناد صحيح أيضًا، فسفيان الثوري تقدم في الحديث [30] أنه ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجّة، وعبد الله بن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلّس، إلا أن روايته عن مجاهد صحيحة.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 545 رقم 12441 و 12442) من طريق سفيان الثوري وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
وأخرجه أيضًا برقم (12445 و 12446) من طريق منصور بن المعتمر، عن مجاهد، قال: ثوب. قال منصور: القميص، أو الرداء، أو الإزار.
وأما قراءة أُبَيّ، فإن خُصيَفًا لم يسندها.
وقد أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 305 رقم 49) في الصيام، باب ما جاء في قضاء رمضان والكفارات، من طريق شيخه حميد بن قيس المكّي، أنه أخبره، قال: كنت مع مجاهد وهو يطوف بالبيت، فجاءه إنسان، فسأله عن صيام الكفّارة، أمتتابعات، أم يقطعها؟ قال حميد: فقلت له: نعم، يقطعها إن شاء، قال مجاهد: لا يقطعها؛ فإنها في قراءة أُبَيّ بن كعب: {ثلاثة أيام متتابعات} .
ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) ، في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة.
وسند هذه الرواية منقطع؛ لأن مجاهدًا لم يدرك أُبَيّ بن كعب، فأُبَيّ تقدم في الحديث [109] أنه اختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة تسع عشرة للهجرة، =(4/1559)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقيل بعد ذلك، وأكثر ما قيل، سنة اثنتين وثلاثين.
وفي "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص203 - 206) ، و"جامع التحصيل" للعلائي (ص236 - 337) النص على أن مجاهدًا لم يسمع من صحابة تأخّرت وفاتهم عن أبي بن كعب مثل ابن مسعود وعلي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وغيرهم رضي الله عنهم، قال أبو زرعة: ((مجاهد، عن ابن مسعود مرسل)) ، وقال أبو حاتم: ((مجاهد لم يدرك سعدًا، إنما يروي عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سعد)) ، وقال أبو زرعة: ((مجاهد، عن علي مرسل)) ، وقيل ليحيى بن معين: ((يُروي عن مجاهد أنه قال: خرج علينا عليٌّ - رضي الله عنه -؟ فقال: ليس هذا بشيء)) .
قلت: وابن مسعود توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وقيل سنة ثلاث وثلاثين كما في "التهذيب" (6 / 28) ، وعلي توفي سنة أربعين للهجرة كما في "التهذيب" (7 / 338) ، وسعد توفي على المشهور سنة خمس وخمسين للهجرة، وقيل سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ست، وقيل: سبع، وقيل: ثمان وخمسين كما في "التهذيب" (3 / 484) .
وعليه فالحديث ضعيف من هذا الطريق لانقطاعه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (10 / 559 - 560 رقم 12498) .
والبيهقي في الموضع السابق.
كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أُبَيّ بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} .
وهذا الحديث من رواية أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، وقد قال ابن حبان في ترجمة الربيع بن أنس في "كتاب الثقات" (4 / 228) : ((والناس يتّقون حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه، لأن فيها اضطرابًا كثيرًا)) . اهـ، وانظر "التهذيب" (3 / 239) .
أقول: وما ذكره ابن حبان من الاضطراب يظهر في هذه الرواية؛ فإن عبيد الله =(4/1560)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن موسى رواه - كما سبق - عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أُبَيّ.
وخالفه عبد الله بن أبي جعفر، فرواه عن أبيه، عن الربيع قال: كانت في قراءة أُبَيّ بن كعب: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} - في كفارة اليمين -.
أخرجه ابن أبي داود في "كتاب المصاحف" (ص64) ، ثم قال عقبه: ((لا نرى أن نقرأ القرآن إلا لمصحف عثمان الذي اجتمع عليه أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فإن قرأ إنسان بخلافه في الصلاة، أمرتُه بالإعادة)) . اهـ.
ورواه وكيع عن أبي جعفر، واختُلف على وكيع.
فرواه ابن أبي شيبة عنه، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أُبَيّ، مثل رواية عبيد الله بن موسى. انظر "مصنف ابن أبي شيبة" (ص33 رقم 223 / القسم الأول من الجزء الرابع) .
وخالفه أبو كريب محمد بن العلاء وهنّاد وسفيان بن وكيع، فرووه عن وكيع، عن أبي جعفر، عن الربيع بن أنس، قال: كان أُبَيّ بن كعب قرأ: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} .
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 559 رقم 12497) .
ورواية هؤلاء الثلاثة أرجح من رواية ابن أبي شيبة، ويكفي في ذلك متابعة أبي كريب لهنّاد.
وهنّاد هو ابن السَّرِيّ، تقدم في الحديث [802] أنه ثقة.
وأبو كُرَيْب محمد بن العلاء بن كُرَيْب الهَمْداني، الكوفي، مشهور بكنيته، يروي عن عبد الله بن إدريس وحفص بن غياث وهشيم ومعتمر بن سليمان وابن المبارك ووكيع وغيرهم، روى عنه ابن جرير الطبري هنا وفي مواضع كثيرة من "تفسيره"، وروى عنه أيضًا الجماعة وأبو حاتم وأبو زرعة وأبو يعلى وابن خزيمة وغيرهم، وهو ثقة حافظ روى له الجماعة، ووثقه النسائي ومسلمة بن القاسم وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال الإمام أحمد: ((لو حدَّثت =(4/1561)
804-[ل132/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) قَالَ: فِي قِرَاءَتِنَا (3) - فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ - {ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ متتابعات} .
__________
= عمّن أجاب في المحنة، لحدثت عن اثنين: أبو معمر، وأبو كريب، أما أبو معمر، فلم يزل بعد ما أجاب يذم نفسه على إجابته وامتحانه، ويُحسِّن أمر من لم يُجِب، وأما أبو كريب، فأُجري عليه ديناران وهو محتاج، فتركهما لمّا علم أنه أجري عليه لذلك)) ، وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ((ما بالعراق أكثر حديثًا من أبي كريب، ولا أعرفُ بحديث بلدنا منه)) ، وقال أحمد بن نصر الخفّاف: ((ما رأيت من المشايخ بعد إسحاق أحفظ من أبي كريب)) ، وقال إبراهيم بن أبي طالب: ((قال لي محمد بن يحيى الذُّهْلي: من أحفظ من رأيت بالعراق؟ قلت: لم أر بعد أحمد بن حنبل أحفظ من أبي كريب)) . وقال الحافظ أبو علي النيسابوري: ((سمعت ابن عُقدة يُقدِّم أبا كريب في الحفظ والكثرة على جميع مشايخهم، ويقول: ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاثمائة ألف حديث)) . وكانت وفاة أبي كريب سنة ثمان وأربعين ومائتين، وهو ابن سبع وثمانين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 52 رقم 239) ، و"سير أعلام النبلاء" (11 / 394 - 396) ، و"تهذيب التهذيب" (9 / 385 - 386 رقم 634) ، و"التقريب" (ص500 رقم 6204) .
وبهذا يتضح أن وكيعًا - في الراجح عنه - وعبد الله بن أبي جعفر قد اتفقا على رواية الحديث عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي بن كعب.
وخالفهما عبيد الله بن موسى، فرواه عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب.
والاضطراب فيما يظهر من أبي جعفر كما تفيده عبارة ابن حبان السابقة.
وعليه فالحديث باق على ضعفه، إلا ما جاء عن عطاء ومجاهد، فإنه صحيح عنهما كما سبق، والله أعلم.
(1) هو عبد الله بن عون. =(4/1562)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) هو النَّخَعي.
(3) قراءتهم هي قراءة عبد الله بن مسعود، وسيأتي مصرّحًا به في بعض الروايات، وانظر "تفسير القرطبي" (6 / 283) .
[804] سنده صحيح، ومراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود تقدم في الحديث [3] أنها صحيحة.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة، من طريق المصنِّف، به مثل سواء، ثم حكم عليه بالإرسال.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص33 رقم 221 / القسم الأول من الجزء الرابع) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 560 رقم 12501) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ابن عون، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12500) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ ابن عون، به مثله.
وأخرجه أيضًا برقم (12502) من طريق مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قِرَاءَةِ أصحاب عبد الله: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} .
وسيأتي برقم [805] عن عطاء، وبرقم [806] عن مجاهد: أنها في قراءة عبد الله بن مسعود: {متتابعات} ، وهو صحيح عن عطاء ومجاهد، لكنه منقطع بينهما وبين ابن مسعود.
وجاء أيضًا من طريق أبي إسحاق السبيعي والأعمش وعامر الشعبي وسعيد بن جبير، جميعهم عن ابن مسعود أن قرأها كذلك.
انظر هذه الروايات في "المصنف" لعبد الرزاق (8 / 514 رقم 16103) ، و"التفسير" له أيضًا (1 / 193) ، و"تفسير ابن جرير الطبري" (10 / 560 رقم 12503 و 12504 و 12505) ، و"تفسير ابن أبي حاتم" (3 / ل 27 / ب) .(4/1563)
805- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: (أَخْبَرَنِي) (1) حَجَّاج (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ عَطَاءً عَنِ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، قَالَ: إِنْ شَاءَ فَرَّق. قُلْتُ: فَإِنَّهَا فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: {مُتَتَابِعَةً} ، قَالَ: إِذًا نَنْقَادُ لكتاب الله عز وجل.
__________
= في الأصل: ((أـ اـ ى)) ، يشبه أن تكون: ((أتاني)) ، ولا يستقيم الكلام بها، ولعلها: ((أنبأني)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف، ورواه من طريق المصنف أيضًا: الهروي في الموضع الآتي من "ذم الكلام"، وعنده: ((أبنا)) .
(2) هو ابن أَرْطَأَة، تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ.
[805] سنده ضعيف لضعف حجاج من قبل حفظه، وما ذكره حجاج عن ابن مسعود منقطع إن لم يكن معضلاً؛ فإنه لم يَرْو عن أحد من الصحابة، وسيأتي بإسناد صحيح عن عطاء بلفظ آخر.
وهذا الأثر أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة، من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / 159 / ب) من طريق المصنِّف أيضًا، ثنا هشيم، أبنا حجاج، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قال: سألته عَنِ الصِّيَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ... ، فذكره بمثله، هكذا بزيادة ابن جريج في إسناده بين حجاج وعطاء، وهو خطأ بلا شك؛ لأن ما جاء في الأصل هنا يؤيده ما جاء في "سنن البيهقي"، والله أعلم.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 513 - 514 رقم 1602) عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: بلغنا في قراءة ابن مسعود: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيام متتابعات} ، قال: وكذلك نقرؤها.
وسنده صحيح عن عطاء، فعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وكان يدلس، لكنه صرّح بالسماع هنا من عطاء، إلا =(4/1564)
806- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (1) ، عَنْ طَاوُسٍ، قَالَ: إِنْ شَاءَ فَرَّقَ. فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: {مُتَتَابِعَةً} ، قَالَ: فَهِيَ متتابعة.
__________
= أن ما ذكره عطاء عن ابن مسعود ضعيف من هذا الطريق؛ لإبهام الواسطة بينهما، وهو صحيح لغيره عنه كما في الحديث السابق [804] .
(1) هو عبد الله بن أبي نجيح، تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلَّس، إلا أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة، وهذه منها.
[806] سنده صحيح عن مجاهد وطاوس، وهو ضعيف من هذا الطريق عن ابن مسعود؛ للانقطاع بينه وبين مجاهد؛ لأن رواية مجاهد عنه مرسلة كما في الحديث المتقدم برقم [803] ، وقد حكم البيهقي في الموضع الآتي من "سننه" على هذه الرواية بالإرسال، لكن صحّ عن ابن مسعود أنه قرأها: {متتابعات} كما في الحديث [804] .
والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 60) في الأيمان، باب التتابع في صوم الكفارة، من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه قال: ((عن عطاء أو طاوس)) هكذا على الشك، ثم قال البيهقي: ((رواية ابن أبي نجيح في كتابي عن عطاء، وهو في سائر الروايات عن طاوس)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 514 رقم 16104) عن سفيان بن عيينة، عن ابن نجيح، قال: جاء رجل إلى طاوس، فسأله عن صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين، قال: صُم كيف شئت. فقال له مجاهد: يا أبا عبد الرحمن، فإنها في قراءة ابن مسعود: {متتابعات} ، قال: فأخْبِر الرجل.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 560 رقم 12499) من طريق سيف بن سليمان المخزومي، عن مجاهد قال: في قراءة عبد الله: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات} .(4/1565)
807- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ هِلاَل بْنِ أَبِي حُمَيد (2) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى (3) ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَتَحْمِلَنِّي، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى أَدْنَاهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنْ كَانَ بِكَ مَا إِنْ تُنَبِّئَني حَاجَتَكَ دُونَ أَنْ تُقْسِمَ عليَّ، وَأَنَا أَحْلِفُ بِاللَّهِ لَا أَحْمِلُكَ، فَأَظُنُّهُ قَدْ رَدَّدَهَا ثَلَاثِينَ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثِينَ مَرَّةً، فَقَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: عَتِيك بْنُ بِلَالٍ الْأَنْصَارِيُّ (4) : أَيَّ شَيْءٍ تُرِيدُ؟ أَلَا تَرَى أمير المؤمنين قد
__________
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) هو هلال بن أبي حُميد - أو: ابن حُميد، أو: ابن مِقْلاص، أو: ابن عبد الله -، الجُهني، مولاهم، أو الجهم، ويقال غير ذلك في اسم أبيه وفي كنيته، الصَّيْرفي، الوزّان، الكوفي، يروي عن عبد الله بن عكيم وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى وغيرهم، روى عنه شعبة ومسعر وإسرائيل وشريك وابن عيينة وأبو عوانة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، روى له الجماعة عدا ابن ماجه كما في "التقريب" (ص575 رقم 7333) ، ووثقه ابن معين والنسائي وابن شاهين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو داود: ((لا بأس به)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 75 رقم 293) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص253 رقم 1543) ، و"التهذيب" (11 / 77 رقم 122) .
(3) عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى تقدم في الحديث [74] أنه ثقة، لكنه هنا يروي عن عمر بن الخطاب، والجمهور لا يثبتون له سماعًا منه.
قال ابن المديني: ((كان شعبة ينكر أن يكون سمع من عمر)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((قال ابن معين: لم يسمع من عمر، ولا من عثمان، وسمع من علي)) ، وقال الدوري عن ابن معين: ((لم ير عمر)) ، قال: فقلت له: فالحديث الذي يروي: كنا مع عمر نتراءى الهلال؟ فقال: ليس بشيء)) ، وقال ابن أبي حاتم: =(4/1566)
= حَلَفَ أَيْمَانًا لَا أُحْصِيهَا أَنْ لَا يَحْمِلَكَ؟ وَاللَّهِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا الشَّرَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمَالُ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنِّي لَمِنْ عِيَالِ اللَّهِ، وَاللَّهِ إِنَّكَ لَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَقَدْ (أدَّت) (5) بِي رَاحِلَتِي، وَاللَّهِ إِنِّي لَابْنُ السَّبِيلِ أقْطِعَ بِي، وَاللَّهِ لَتَحْمِلَنِّي، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ قُلْتَ؟ فَأَعَادَهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنَّ الْمَالَ لَمَالُ اللَّهِ، وَإِنَّكَ لَمِنْ عِيَالِ اللَّهِ، وَإِنِّي لَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ رَاحِلَتُكَ (أدَّت) (6) بِكَ لَا أَتْرُكُكَ لِلتَّهْلُكَةِ، وَاللَّهِ لأحْمِلنَّك، فَأَعَادَهَا حَتَّى حَلَفَ ثَلَاثِينَ يَمِينًا، أَوْ يَمِينَيْنِ (7) ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ أَبَدًا، فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا اتَّبَعْتُ خير اليمينين.
__________
= ((قلت لأبي: يصحّ لابن أبي ليلى سماع من عمر؟ قال: لا. قال أبو حاتم: رُوي عن عبد الرحمن أنه رأى عمر، وبعض أهل العلم يدخل بينه وبين عمر البراء بن عازب، وبعضهم كعب بن عجرة)) ، وقال أبو داود: ((رأى عمر، ولا أدري يصح أم لا؟)) ، وقال أبن أبي خيثمة في "تاريخه": ((وقد روى سماعه من عمر من طرق، وليس بصحيح)) ، وقال الخليلي في "الإرشاد": ((الحفاظ لا يثبتون سماعه من عمر)) . اهـ. من "التهذيب" (6 / 261 - 262) .
(4) لم أجد من ترجم له سوى الحافظ ابن حجر في "الإصابة" اعتمادًا منه على رواية سعيد بن منصور هذه؛ حيث قال (4 / 445) : ((عَتِيك بن بلال الأنصاري، ولم أر من ذكره في الصحابة، لكن وجدت له قصّة تدل على أن له صحبة، أو رؤية، قال سعيد بن منصور ... )) ، ثم ذكر القصة باختصار، ثم قال: ((فالذي يتهيّأ له أن يتكلم في مجلس عمر، ثم يكون من الأنصار، ألا أقلّ أن يكون بلغ الحلم، فإن لم يكن كذلك، فله على أقلِّ الأحوال رؤية، لتوفُّر دواعي الأنصار على إحضارهم أولادهم حين يولدون إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فيحنِّكهم ويدعو لهم)) . اهـ. =(4/1567)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(5) في الأصل: ((أديت)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي".
وأما معناه، ففي "لسان العرب" (3 / 71) : ((وأَدَّت الناقة والإِبل تَؤُدُّ أدًّا: رجَّعت الحنين في أجوافها، وأَدُّ الناقة: حنينها ومَدُّها لصوتها)) . اهـ.
فالذي يظهر أن المعنى هنا: أن ناقته تَحِنُّ وترجِّع الحنين من وَجَعٍ بها، والله أعلم.
(6) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق.
(7) كذا في الأصل!!
[806] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي ليلى وعمر - رضي الله عنه -، وسيأتي أن ابن المديني استغربه.
والحديث نقله الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4 / 445) عن المصنِّف، فقال: قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى قال: جاء رجل من أهل المغرب إلى عمر، فقال: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَتَحْمِلَنِّي، فَنَظَرَ إليه، ثم قال: وأنا أقسم لا أحملك، فأعاد، وأعاد ثلاثين مرة، فقال لَهُ عَتِيكُ بْنُ بِلَالٍ الْأَنْصَارِيُّ: وَاللَّهِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا الشَّرَّ؛ ألا ترى أن أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ حَلَفَ أَيْمَانًا لا أحصيها ... ، فذكر القصة. اهـ.
قال ابن حجر: ((ورجال الإسناد المذكور موثّقون، وعبد الرحمن مختلف في سماعه من عمر، وقد جاء في عدة أخبار أنه سمع منه)) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 56) في الأيمان، باب من حلف في الشيء لا يفعله مرارًا، من طريق علي بن المديني، ثنا هشام أبو الوليد، ثنا شعبة، أخبرني هلال الوزّان، قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: جاء رجل إلى عمر - رضي الله عنه -، فقال: يا أمير المؤمنين، احملني، فقال: والله لا أحملك، فقال: والله لتحملنّي، قال: والله لا أحملك، قال: والله لتحملنّي؛ إني ابن سبيل قد أدَّتْ بي راحلتي، فقال: والله لا أحملك، حتى حلف نحوًا من عشرين يمينًا، قال: فقال له رجل من الأنصار: مالك ولأمير المؤمنين؟ قال: والله ليحملنّي؛ إني =(4/1568)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ} ]
808- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْم بْنُ أَبِي حَزْم القُطَعي قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، وَكَانَ عَامَّة عَيْشِهِمْ مِنْهَا، فَلَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُهَا، قَالَ (1) نَاسٌ: حُرِّمت عَلَيْنَا الْخَمْرُ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ يَشْرَبُونَهَا، وَهُمْ أصحاب الجنة، فماتوا،
__________
= ابن سبيل قد أدَّتْ بي راحلتي. قال: فقال عمر: والله لأحملنَّك، ثم والله لأحملنك، قال: فحمله، ثم قال: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها، فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه.
قال علي بن المديني: ((هذا حديث غريب، الكفارة واحدة)) .
قال البيهقي: ((ليس ذلك ببيَّن في الحديث، ويُذكر عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه أقسم مرارًا، فكفر كفارة واحدة)) ثم حكم البيهقي على حديث ابن أبي ليلى هذا عن عمر بالإرسال، ويعني به الانقطاع كما سبق بيانه، والله أعلم.
(1) قوله: ((قال)) ، كان الناسخ قد كتبها هكذا: ((حرمت)) ، ثم عاد فأصلحها، لكن بقيت الحاء والراء: ((حر)) لم يتعرّض لها.
[808] سنده ضعيف لأن الحسن البصري أرسله، والإسناد صحيح إلى الحسن، وقد صح الحديث من طرق أخرى كما سيأتي.
فقد أخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 447 - 448 رقم 171) . =(4/1569)
= فَقَدْ كَانُوا يَشْرَبُونَهَا، إِنَّمَا أُنْزِلَ تَحْرِيمُهَا، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عمل الشيطان فاجتنبوه} إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، فَقَالَ الْقَوْمُ: فَقَدِ انْتَهَيْنَا يَا رَبَّنَا، فَقَالَ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمنوا وعملوا الصالحات جناح فِيمَا طَعِمُوا} ، الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا يَشْرَبُونَهَا، ثُمَّ مَاتُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَنْزِلَ تَحْرِيمُهَا، {إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا والله يحب المحسنين} .
__________
= وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 571 رقم 12522) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (12 / 56 - 57 رقم 12459) .
والحاكم في "المستدرك" (4 / 141 - 142) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 285 - 286) في الأشربة، باب ما جاء في تحريم الخمر.
أما الحاكم فمن طريق حجاج بن محمد المصيِّصي، وأما الباقون فمن طريق حجاج بن منهال، كلاهما عن ربيعة بن كلثوم بن جَبْر، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار؛ شربوا حتى إذا نَهِلُوا، عَبَث بعضهم ببعض، فلمّا صَحَوْا، جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته، فيقول: قد فعل بي هذا أخي - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن -، والله لو كان بي رؤوفًا رحيمًا ما فعل بي هذا، فوقعت في قلوبهم الضغائن، فأنزل الله عز وجل: {إنما الخمر والميسر} إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} ، فقال ناس: هي رجس، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر، وفلان قتل يوم أحد، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ على الذين آمنوا جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعلموا الصالحات} .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 158 - 159) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه. =(4/1570)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد سكت الحاكم عن هذا الحديث، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: على شرط مسلم)) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 18) وقال: ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح)) .
أقول: وإسناد النسائي صحيح.
سعيد بن جبير تقدم في الحديث [41] أنه ثقة ثبت فقيه.
وكُلْثُوم بن جَبْر - بجيم وموحَّدة ساكنة -، أبو محمد، ويقال: أبو جبر، البصري، يروي عن عبد الله بن الزبير وأبي الغادية الجُهني وأنس بن مالك وسعيد بن جبير ومسلم بن يسار وغيرهم، روى عنه ابنه ربيعة وعبد الله بن عون وجرير بن حازم والحمَّادان وغيرهم، وهو ثقة، روى له مسلم، ووثقه الإمام أحمد وابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وخالفهم النسائي، فقال: ((ليس بالقوي)) ، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة للهجرة. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 164 رقم 926) ، و"تاريخ أسماء الثقات" (ص195 رقم 1184) ، و"التهذيب" (8 / 442 رقم 798) ، و (3 / 263 رقم 497) .
وجرح النسائي لكلثوم معارض بتوثيق الأئمة المتقدم ذكرهم، والنسائي من المتشددين في الجرح، فالمُعَوَّل عليه توثيق من وثقه، والله أعلم.
وربيعة بن كلثوم بن جَبْر البصري، يروي عن أبيه وبكر بن بعد الله المزني والحسن البصري وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد القطّان وعبد الصمد بن عبد الوارث وعفّان بن مسلم وحجّاج بن منهال وغيرهم، وهو ثقة روى له مسلم كما في "الكاشف" للذهبي (1 / 307 رقم 1569) ، فقد وثقه ابن معين والعجلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الإمام أحمد: ((صالح)) ، واضطربت عبارة النسائي فيه، فقال مرة: ((ليس به بأس)) ، وقال مرة: ((ليس بالقوي)) . انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص159 رقم 436) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3 / 477 - 478 رقم 2145) ، و"تاريخ أسماء الثقات" =(4/1571)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لابن شاهين (ص86 رقم 360) ، و"التهذيب" لابن حجر (3 / 263 رقم 497) .
وحجّاج بن المِنْهال الأنْماطي، أبو محمد السُّلمي، مولاهم، البصري، يروي عن جرير بن حازم والحمَّادين وشعبة وغيرهم، روى عنه البخاري ومحمد بن بشّار بُنْدار ويعقوب بن شيبة ويعقوب بن سفيان ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص153 رقم 1137) ؛ قال الإمام أحمد: ((ثقة، ما رأى به بأسًا)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة فاضل)) ، وقال العجلي: ((رجل صالح)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال الفلاس: ((ما رأيت مثله فضلاً ودينًا)) ، وقال ابن قانع: ((ثقة مأمون)) ، وكانت وفاته سنة ست عشرة أو سبع عشرة ومائتين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 167 رقم 711) ، و"التهذيب" (2 / 206 - 207 رقم 383) .
والراوي للحديث عن حجاج بن منهال عند النسائي هو شيخه محمد بن عبد الرحيم بن أبي زُهير البغدادي، أبو يحيى البزّاز، المعروف بـ: صاعقة، يروي عن أبي أحمد الزُّبَيْري ويزيد بن هارون ومُعَلَّى بن منصور وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد ويحيى بن صاعد وغيرهم، وهو ثقة حافظ كما في "التقريب" (ص493 رقم 6091) ؛ قال أبو حاتم: ((صدوق)) ، ووثقه عبد الله بن أحمد والنسائي والسَّرَّاج والقرَّاب ومسلمة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان صاحب حديث يحفظ)) ، وقال الدارقطني: ((حافظ ثبت)) ، وقال الخطيب البغدادي: ((كان متقنًا ضابطًا عالمًا حافظًا)) ، وكانت وفاته سنة خمس وخمسين ومائتين للهجرة وله سبعون سنة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 9 رقم 33) ، و"التهذيب" (9 / 311 - 312 رقم 513) .
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص97 - 98 رقم 715) . =(4/1572)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والترمذي في "جامعه" (8 / 419 رقم 5045) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 579 رقم 12529) .
ثلاثتهم من طريق شعبة، عن أبي إسحاق السبيعي، قال: قال البراء: مات ناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - وهم يشربون الخمر، فلما نزل تحريمها، قال أناس مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت هذه الآية: {ليس على الذين آمنوا وعلموا الصالحات} الآية.
وهذا إسناد صحيح، فأبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلِّس واختلط في آخر عمره، إلا أن رواية شعبة عنه صحيحة، وهذه منها.
وشعبة تقدم في الحديث [1] أنه أمير المؤمنين في الحديث، ثقة حافظ متقن.
وقد رواه الطيالسي عن شعبة بلا واسطة.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح)) .
ورواه الترمذي برقم (5044) .
وابن جرير الطبري برقم (12528) .
كلاهما من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به.
وأخرجه البخاري في مواضع من "صحيحه"، منها (5 / 112 رقم 2464) في المظالم، باب صبِّ الخمر في الطريق، و (8 / 278 رقم 4620) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات جناح فيما طعموا ... } إِلَى قَوْلِهِ: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} .
ومسلم في "صحيحه" (3 / 1570 - 1572 رقم 3 و 4 و 5 و 6 و 7) في الأشربة، باب تحريم الخمر.
كلاهما من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، قال: كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، فنزل تحريم الخمر، فأمر مناديًا فنادى، فقال أبو طلحة: اخرج فانظر ما هذا الصوت، قال: فخرجت فقلت: هذا منادٍ ينادي: ألا إن الخمر =(4/1573)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قد حرِّمت، فقال لي: اذهب فأهرقها، قال: فجرت في سكك المدينة، قال: وكانت خمرهم يومئذ الفَضِيخ، فقال بعض القوم: قتل القوم وهي في بطونهم، قال: فأنزل الله: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات جناح فيما طعموا} .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 53) .
وأبو داود في "سننه" (4 / 79 - 80 رقم 3670) في الأشربة، باب في تحريم الخمر.
والنسائي في "سننه" (8 / 286 - 287) في الأشربة، باب تحريم الخمر.
والترمذي في "جامعه" (8 / 415 - 417 رقم 5042 و 5043) في تفسيره سورة المائدة من كتاب التفسير.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (10 / 566 - 568 رقم 12512 و 12513 و 12514 و 12515 و 12516) .
جميعهم من طريق إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ الله عنه - قال: لما نزل تحريم الخمر، قال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فيهما إثم كبير} ، قال: فدُعي عمر رضي الله عنه، فقرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في سورة النساء: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} ، فكان منادي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إذا أقام الصلاة نادى: أن لا يقربنّ الصلاة سكران، فدُعي عمر - رضي الله عنه -، فقرئت عليه، فقال: اللهم بيّن لنا في الخمر بيانًا شافيًا، فنزلت الآية التي في المائدة، فدُعي عمر - رضي الله عنه -، فقرئت عليه، فلما بلغ: {فهل أنتم منتهون} ، قال عمر - رضي الله عنه -: انتهينا، انتهينا.
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 92) : ((صحح هذا الحديث علي بن المديني =(4/1574)
809- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: اصْطَبَحَ (2) نَاسٌ مِنَ الْخَمْرِ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ قُتِلوا.
__________
= والترمذي)) ، وكذا قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 279) .
أقول: والترمذي في الموضع السابق أخرجه من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة عمرو بن شُرَحْبيل، عن عمر موصولاً، ثم قال: ((وقد روي عن إسرائيل مرسلاً)) ، ثم أخرجه من طريق وكيع، عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي ميسرة، أن عمر ... ، به هكذا مرسلاً، ثم قال الترمذي: ((وهذا أصح من حديث محمد بن يوسف)) ، فتعقّبه المباركفوري في "تحفة الأحوذي" بأن محمد بن يوسف لم ينفرد بلفظ: ((عن عمر)) ، بل قد تابعه على هذا اللفظ إسماعيل بن جعفر عند أبي داود وخلف بن الوليد عند أحمد. اهـ. وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه، والله أعلم.
(1) هو ابن دينار.
(2) أي شَرِبوا الصَّبُوحَ، وهو ما شرب بالغَدَاة فما دون القائلة. "لسان العرب" (2 / 503) .
[809] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 172) للمصنِّف وابن المنذر.
وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (6 / 31 رقم 2815) في الجهاد، باب فضل قول الله تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سبيل الله أمواتًا ... } إلى قوله: {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} و (7 / 353 رقم 4044) في المغازي، باب غزوة أحد، و (8 / 277 رقم 4618) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، باب: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رجس من عمل الشيطان} . =(4/1575)
810- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نا سَعِيدُ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ (2) ، عَنْ قَتَادة - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أكبر من نفعهما} (3) -، قَالَ: ذَمَّها اللَّهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَلَمْ يحرِّمها، وَهِيَ يَوْمَئِذٍ حَلَالٌ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ آيَةً فِي شَأْنِ الْخَمْرِ هِيَ أَشَدُّ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} (4) ، فَكَانَ السُّكْرُ فِيهَا (حَرَامًا) (5) ، ثُمَّ =
__________
= أما الموضع الأول فمن طريق علي بن عبد الله المديني، وأما الثاني فمن طريق عبد الله بن محمد، وأما الثالث فمن طريق صدقة بن الفضل، ثلاثتهم عن سفيان ابن عيينة، به نحوه، إلا أنه قال: ((ثم قتلوا شهداء)) .
زاد ابن المديني في روايته: ((فقيل لسفيان: من آخر ذلك اليوم؟ قال: ليس هذا فيه)) ، كذا قال! مع أن صدقة بن الفضل قال في روايته: ((صبّح أناس غداة أحد الخمر، فقُتلوا من يومهم جميعًا شهداء، وذلك قبل تحريمها)) .
ولما ذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (6 / 31 - 32) نقل ابن المديني السابق عن سفيان، قال: ((أي أن في الحديث: فتقلوا شهداء من آخر ذلك اليوم، فأنكر ذلك سفيان، وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق القواريري، عن سفيان بهذه الزيادة، ولكن بلفظ: اصطبح قوم الخمر أول النهار، وقتلوا آخر النهار شهداء، فلعل سفيان كان نسيه، ثم تذكّر)) . اهـ. والله أعلم.
(1) هو ابن عُلَيّة.
(2) تقدم في الحديث [87] أنه ثقة حافظ له تصانيف، من أثبت الناس في قتادة، إلا أنه اختلط، لكن إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة ممن روى عنه قبل الاختلاط، وهو الذي روى عنه هذا الحديث.
(3) الآية (219) من سورة البقرة. =(4/1576)
= أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى الْآيَةَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشيطان فاجتنبوه ... } إلى قوله عز وجل: {هل أنتم منتهون} . قَالَ قَتَادَةُ: فَجَاءَ تَحْرِيمُهَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا، مَا أسْكَرَ مِنْهَا وَمَا لَمْ يُسْكر.
811- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (6) ، قَالَ: نا سَعِيدُ (7) ، عَنْ قَتَادة قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ هذه [ل132/ب] الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ والميسر} ، قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ حَرَّمَ الْخَمْرَ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلَا يَطْعَمْهُ، (وَلَا يَبِعْهُ)) ) (8) ، فَأَهْرَاقُوها، حَتَّى جَعَلَ الْمُسْلِمُونَ يَجِدُونَ رِيحَهَا فِي طَرِيقِ الْمَدِينَةِ.
__________
(4) الآية (43) من سورة النساء.
(5) في الأصل: ((حرام)) .
[810] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه قتادة، وقد صحّ معناه من حديث عمر بن الخطاب، وسبق تخريجه في الحديث رقم [808] .
وأما حديث قتادة هذا فذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 160) ، وعزاه لعبد بن حميد فقط.
(6) أي: ابن عُليَّةَ.
(7) هو ابن أبي عَرُوبة، انظر الحديث السابق.
(8) في الأصل: ((ولا يبيعه)) .
[811] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسِلِه قتادة، وله شاهد صحيح أخرجه مسلم وغيره كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 161) وعزاه لعبد بن حميد فقط. =(4/1577)
812- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا أَبُو حَيَّان التَّيْمي (1) ، قَالَ: نا شَدَّاد أَبُو الفُرَات (2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ (3) - شَيْخٌ، أوْ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ المَدَائِن -، قَالَ: كُنْتُ تَحْتَ مِنْبَرِ حُذَيْفَةَ وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ بالمَدَائِن، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَالُ أَقْوَامٍ بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَبِيعُونَ الْخَمْرَ، ويَقْتَنُونَ الْخِنْزِيرَ؟ أَلَا إِنَّ بَائِعَ الْخَمْرِ وَشَارِبَهَا فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ، وَإِنَّ مُقْتَنِي الْخِنْزِيرِ وآكِلَه فِي الْإِثْمِ سَوَاءٌ، أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعَاهَدُوا أرقَكم، فَانْظُرُوا مَا يَأْتُونَكُمْ بِهِ مِنْ كَسْبِهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لحم نَبَتَ (من) (4) سُحْت.
__________
= وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يخطب بالمدينة قال: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ تعالى يُعَرِّض بالخمر، ولعلّ الله سينزل فيها أمرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فليبعه ولينتفع به)) ، قال: فلما لبثنا إلا يسيرًا حتى قال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((إن الله تعالى حرَّم الخمر، فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشربُ ولا يَبعْ)) ، قال: فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة، فسفكوها.
أخرجه مسلم في "صحيحه" (3 / 1205 رقم 67) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر.
وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 320 رقم 1056) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 11) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر.
وزاد السيوطي نسبته في "الدر المنثور" (3 / 162) لابن مردويه.
وعليه فالحديث بهذا الشاهد صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) هو يحيى بن سعيد بن حَيَّان.
(2) هو شدّاد بن أبي العالية الثوري، مولاهم، أبو الفُرَات الكوفي، روى عن أبي داود مالك الأحمري، روى عنه أبو حيَّان التيمي وسفيان الثوري وفضيل بن غزوان. =(4/1578)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وهو مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "تاريخه" (4 / 227 رقم 2605) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 330 رقم 1445) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 441) .
(3) هو مالك أبو داود الأحمري، من أهل المدائن، روى عن حذيفة بن اليمان، لم يرو عنه سوى شدّاد بن أبي العالية، وهو مجهول كما قال أبو حاتم، ونقله عنه ابنه في "الجرح والتعديل" (8 / 218 رقم 976) ، وذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 308 رقم 1312) وسكت عنه، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 386) ، وانظر "المقتنى" للذهبي (1 / 223 رقم 2050) .
(4) ما بين القوسين سقط من الأصل.
[812] سنده ضعيف لجهالة أبي داود وجهالة حال شدّاد، ومعناه صحيح بشواهده الآتي ذكرها.
والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 458) من رواية المصنِّف، فقال: ((وأورده سعيد بن منصور في "السنن" مطولاً من طريق شداد بن الفرات، قال: حدثنا أبو داود - شيخ أَهْلِ الْمَدَائِنِ - قَالَ: كُنْتُ تَحْتَ منبر حذيفة وهو يخطب)) . اهـ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 446 رقم 1662) من طريق شيخه علي بن مسهر، عن أبي حيان، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ألا أيها الناس تعاهدوا أرقّاكم ... )) الخ.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (7 / 308) من طريق سفيان الثوري، قال: نا شدّاد بن أبي العالية، نا أبو داود الأحمري، قال: خطبنا حذيفة حين قدم المدائن، فقال: تعاهدوا ضرائب أرقّائكم.
وأشار البخاري إلى أن جرير بن عبد الحميد رواه أيضًا عن أبي حيان.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 281) من طريق فضيل بن غزوان، عن أبي الفرات، به نحوه، لكن لم يذكر من قوله: ((كنت تحت منبر حذيفة)) إلى قوله: ((ويقتنون الخنزير)) .
ورواه أيوب بن سويد عن سفيان الثوري، وأخطأ فيه.
قال ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 144 رقم 1929) : سألت أبي عن حديث حدثنا به عن الحسن بن الربيع، عن أيوب بن سويد، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن ربعي بن خراش، عن حذيفة قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((كل لحم أنبته السحت فالنار أولى به)) ، فسمعت أبي يقول: هذا خطأ؛ فيه أيوب بن سويد؛ روى هذا الحديث الثوري، عن أبي حيّان، =(4/1579)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن شداد أبي العالية، عن أبي داود الأحمري، عن حذيفة، موقوف. اهـ.
ولبعضه شاهد من حديث جابر - رضي الله عنه - أنه سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول وهو بمكة عام الفتح: ((إن الله ورسوله حرّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام)) ، فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويَسْتَصبِحُ بها الناس؟ فقال: ((لا، هو حرام)) ، ثم قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - عند ذلك: ((قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم شحومها جملوه، ثم باعوه فأكلوا ثمنه)) .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 424 رقم 2236) في البيوع، باب بيع الميتة والأصنام.
ومسلم في "صحيحه" (3 / 1207 رقم 71) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
وأما قوله: ((إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت)) ، فله شاهد من حديث جابر بن كعب بن عجرة وأبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
أما حديث جابر، فأخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بالمصنف (11 / 345 - 346 رقم 20719) ، فقال: أخبرنا معمر، عن ابن خُثَيْم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سابط، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال لكعب بن عجرة ... ، فذكر حديثًا طويلاً، وفي آخره يقول: ((يا كعب بن عجرة، إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت أبدًا، النار أوْلَى به، يا كعب بن عجرة، الناس غاديان، فمبتاع نفسه فمعتقها، أو بائعها فموبقها)) .
وإسناده حسن لذاته.
فمعمر بن راشد تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل.
وعبد اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم تقدم في الحديث [396] أنه صدوق.
وعبد الرحمن بن سابط هو: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن سابط الجُمَحي، المكِّي، يروي عن أبيه وله صحبة، وعن جابر وأبي أمامة وابن عباس وعائشة وغيرهم، =(4/1580)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خثيم وابن جريج وليث بن أبي سليم وفطر بن خليفة وغيرهم، وهو ثقة كثير الإرسال، روى له الجماعة إلا البخاري، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وآخرون، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال الزبير بن بكار: ((كان فقيهًا)) ، قال ابن حجر: ((ويقال: لا يصح له سماع من صحابي)) ، ثم نقل عن ابن معين أنه سئل: هل سمع من سعد؟ فقال: لا، قيل: من أبي أمامة؟ قال: لا، قيل: من جابر؟ قال: لا، ثم قال ابن حجر: ((قلت: وقد أدرك هذين - يعني جابرًا وأبا أمامة-، وله رواية عن ابن عباس وعائشة وعن بعض التابعين)) ، وقد جزم ابن أبي حاتم بأن روايته عن جابر متصلة، وكانت وفاته سنة ثمان عشرة ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص292 رقم 954) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 240 رقم 1137) ، و"الإصابة" (5 / 228 - 231 رقم 6691) ، و"التهذيب" (6 / 180 - 181 رقم 361) ، و"التقريب" (ص340 رقم 3867) .
والحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 321) .
والحاكم في "المستدرك" (4 / 422) .
كلاهما من طريق عبد الرزاق، به.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (3 / 399) .
والبزار في "مسنده" (2 / 241 رقم 1609 / كشف) .
كلاهما من طريق وهيب، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بن خثيم، به نحو سابقه.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 225 - 226 رقم 2779) .
وابن حبان في "صحيحه" (5 / 9 رقم 1723 / الإحسان) .
كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن ابن خثيم، به، ولفظ ابن حبان نحو سابقه، ولفظ الدارمي هكذا: ((يا كعب بن عجرة، إنه لن يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سحت)) . =(4/1581)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 56 - 57 رقم 5761 / بتحقيق زغلول) من طريق علي بن عاصم، عن ابن خثيم، به بلفظ: ((يا كعب بن عجرة، إنه لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت، النار أولى به ... )) ، وفيه زيادة.
وذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" (3 / 150) وقال: ((رواه أحمد ... والبزار، ورواتهما محتجّ بهما في الصحيح)) .
وأما حديث كعب بن عجرة، فأخرجه الترمذي في "جامعه" (3 / 236 - 237 رقم 609 و 610) في الصلاة، باب ما ذكر في فضل الصلاة.
والطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 501 - 106 رقم 212) .
كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن أبي بشر غالب بن يحيى، عن أيوب بن عائذ الطائي، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أعيذك يا كعب بن عجرة من أمراء يكونون من بعدي ... )) الحديث بطوله، وفيه: ((يا كعب بن عجرة، إنه لا يربوا لحم نبت من سحت، إلا كانت النار أولى به)) ، زاد الطبراني: ((يا كعب، إنه لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت)) .
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وسألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث، فلم يعرفه إلا من حديث عبيد الله بن موسى واستغربه جدًّا)) .
كذا جاء كلام الترمذي في النسخة التي بحاشيتها "تحفة الأحوذي".
وفي النسخة التي بتحقيق الشيخ شاكر - رحمه الله - (2 / 513 - 514) زاد قول الترمذي: ((وأيوب بن عائذ الطائي يُضَعَّف، ويقال: كان يرى رأي الإرجاء)) .
وقد صحيح الشيخ أحمد شاكر في هذا الموضع طريق حديث جابر السابق، وحكم على الحديث بالصحة.
وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 135 - 136 رقم 298) . =(4/1582)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وفي "الصغير" (1 / 224 - 225) .
في كلا الموضعين من طريق أحمد بن حفص، حدثني أبي، قال: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن عقيل - رجل من بني جعدة -، عن أبي إسحاق، عن عاصم العدوي، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أعاذك الله من أمراء يكونون من بعدي ... )) الحديث بطوله، وفيه: ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ لَحْمٌ نَبَتَ من سحت، وكل لحم نبت من سحت فالنار أولى به)) .
وسنده ضعيف جدًّا؛ فيه عَقِيل الجَعْدي الذي يروي إبراهيم بن طهمان عنه هذا الحديث، وهو يروي عن أبي إسحاق الهَمْداني والحسن البصري، روى عنه الصعق بن حزن وعكرمة بن عمار، وهو منكر الحديث، قال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((هو منكر الحديث ذاهب، ويشبه أن يكون أعرابيًا؛ إذ روى عن الحسن البصري قال: دخلت على سلمان الفارسي، فلا يحتاج أن يسأل عنه)) ، وقال ابن حبان: ((منكر الحديث، يروي عن الثقات مالا يشبه حديث الأثبات، فبطل الاحتجاج بما روى وإن وافق فيه الثقات)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 408 - 409) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (6 / 219 رقم 1214) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 192) ، وانظر "لسان الميزان" (4 / 180 - 181 رقم 467) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" أيضًا (19 / 141 رقم 309) من طريق طاهر بن حماد، عن سفيان، عن خالد، عن الشعبي، به نحو سابقه.
وسنده ضعيف جدًّا أيضًا؛ فيه طاهر بن حمّاد بن عمر النَّصِيبي، يروي عن مالك وغيره، ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 334 رقم 3976) وقال: ((ليس بثقة ولا مأمون، فمن بلاياه ... )) ثم ذكر حديثًا اتهمه به، وذكره في "المغني في الضعفاء" (1 / 315 رقم 2933) وقال: ((واهٍ منكر الحديث، فمن بلاياه)) ثم ذكر الحديث، وذكره أيضًا في "ذيل ديوان الضعفاء" (ص39 رقم 189) فقال: ((طاهر بن حماد بن عمرو: حدثنا عبد الله العمري ... ، فذكر حديثًا =(4/1583)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= موضوعًا اتهمته به)) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 162 رقم 361) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 57 رقم 5762 / تحقيق زغلول) .
كلاهما من طريق أمية بن بسطام، عن معتمر بن سليمان، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جميلة، عن أبي بكر بن بشير، عن كعب بن عجرة، به نحو سابقه.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة أبي بكر بن بشير وعبد الملك بن أبي جميلة.
أما أبو بكر بن بشير بن كعب بن عجرة، فيروي عن أبيه كعب، ولم يرو عنه سوى عبد الملك بن أبي جميلة، فهو مجهول، وقد سكت عنه البخاري في الكنى في "تاريخه" (ص13 رقم 88) ، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 342 رقم 1522) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 586) .
وأما عبد الملك بن أبي جميلة، فهو يروي عن عبد الله بن موهب وأبي بكر بن بشير، ولم يرو عنه سوى معتمر بن سليمان، وعليه فهو مجهول كما في "التقريب" (ص362 رقم 4170) ، وهو من الطبقة السابعة، قال أبو حاتم: ((مجهول)) كما في "الجرح والتعديل" (5 / 345 رقم 1631) ، وذكره ابن حبان في "ثقات أتباع التابعين" (7 / 103) ، ثم ذكره في "ثقات تُبَّع الأتباع" (8 / 385) ، وانظر "التهذيب" (6 / 388 رقم 732) .
وأما حديث أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 85 رقم 84) .
وابن عدي في "الكامل" (5 / 1936) .
وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 31) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 56 رقم 5759 و 5760) .
أما أبو يعلى فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما ابن عدي فمن طريق قُرَّة بن حبيب، وأما أبو نعيم فمن طريق عمرو بن منصور، وأما البيهقي فمن طريق عمرو بن منصور وقرة بن حبيب، ثلاثتهم عن عبد الواحد بن زيد، عن أسلم الكوفي، عن مُرَّة الطيب، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: سمعت أبا بكر أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - =(4/1584)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال: ((كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به)) .
هذا لفظ أبي نعيم والبيهقي، ونحوه لفظ ابن عدي، وفي لفظ أبي نعيم قصة، وهي في أحد ألفاظ البيهقي.
وأما أبو يعلى فلفظه: ((لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام) .
ورواه أبو عبيدة الحدَّاد عن عبد الواحد بن زيد، عن فَرْقد السَّبَخي، عن مرة الطيب، عن زيد بن أرقم، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لا يدخل الجنة جسد غذي بالحرام)) .
أخرجه أبو يعلى في الموضع السابق برقم (83) .
ومن طريقه ابن عدي في الموضع السابق.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق مقرونًا برواية عمرو بن منصور، إلا أنه جاء عنده ((أسلم الكوفي)) بدل ((فرقد السبخي)) .
وسند الحديث ضعيف جدًّا، فيه عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد، شيخ الصوفية، يروي عن عبادة بن نَسِيّ والحسن البصري، روى عنه النضر بن شميل وأبو عبيدة الحدّاد وأبو داود الطيالسي وقُرَّة بن حبيب وغيرهم، وهو متروك، قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال عمرو بن علي: ((كان عبد الواحد بن زيد قاصًّا، وكان متروك الحديث)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال الجوزجاني: ((سيء المذهب، ليس من معادن الصدق)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، ضعيف بمرَّة)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وفي رواية: ((ليس بثقة)) . اهـ. من "الضعفاء والمتروكين" للنسائي (ص69 رقم 370) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 20 رقم 107) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1935 - 1936) ، و"لسان الميزان" (4 / 80 - 81 رقم 137) .
ومع شدة ضعف عبد الواحد، فإنه اختُلف عليه في الحديث كما سبق، فمنهم من رواه عنه، عن أسلم الكوفي، ومنهم من رواه عنه، عن فرقد السبخي.
وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع طرقه السابقة، عدا الطريق التي ضعفها =(4/1585)
813- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نا سَعِيدُ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ (1) ، عَنْ قَتَادة (2) قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيّب: إِنَّمَا سُمِّيَت الْخَمْرُ؛ لِأَنَّهَا تُرِكَتْ حَتَّى صَفَا صَفْوُها، ورَسَبَ كَدَرُها.
814- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (3) ، عَنِ الحَكَم (4) ، عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (5) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ لَمْ يَزَلْ مُشْرِكًا يَوْمَهُ حَتَّى يُمْسِيَ، فَإِنْ سَكر مِنْهَا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ مات فيهن مات كافرًا.
__________
= شديد، فلا تصلح للاستشهاد، والله أعلم.
(1) انظر الحديث المتقدم برقم [810] .
(2) تقدم في الحديث [14] أنه ثقة ثبت، إلا أنه مدلِّس، ولم يصرِّح بالسماع هنا، لكن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة كما تقدم بيانه في الحديث [1] ، وقد روى شعبة عنه هذا الحديث كما سيأتي.
[813] سنده صحيح.
والحديث أخرجه النسائي في "السنن الكبرى" (3 / 245 رقم 5256) في الأشربة، باب ذكر ما يجوز شربه من الأنبذة وما لا يجوز، من طريق شعبة، عن قتادة، به مثله، إلا أنه قال: ((وبقي كدرها)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / 28 / أ) من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، به مثله، إلا أنه قال: ((وسفل كدرها)) .
(3) هو ابن زَاذَان.
(4) هو ابن عُتَيْبَةَ.
(5) هو خَيْثمة بن عبد الرحمن بن أبي سَبْرة - بفتح المهملة وسكون الموحَّدة -، =(4/1586)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الجُعْفي، الكوفي، روى عن أبيه وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وابن عباس وغيرهم من الصحابة والتابعين، روى عنه زرّ بن حُبيش وأبو إسحاق السبيعي وقتادة والأعمش ومنصور بن المعتمر وزَبيد اليامي والحكم بن عتيبة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، وكان يرسل كما في "التقريب" (ص197 رقم 1773) ، فقد وثقه ابن معين والنسائي، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة، وكان رجلاً صالحًا، وكان سخيًّا، ولم ينجُ في فتنة ابن الأشعث إلا هو وإبراهيم النخعي)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته بعد سنة ثمانين للهجرة. انظر "الجرح والتعديل" (3 / 393 - 394 رقم 1808) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (1 / 383) ، و"تهذيب التهذيب" (3 / 178 - 179 رقم 338) .
[814] سنده صحيح، وهو موقوف على عبد الله بن عمرو، وقد روي عنه مرفوعًا، وهو صحيح كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 199 رقم 4139) من طريق شعبة، عن زبيد اليامي، عن خيثمة، أنه سمعه يقول: كنت قاعدًا عند عبد الله بن عمرو، فذكر الكبائر، حتى ذكر الخمر، فكأن رجلاً تهاون بها، فقال عبد الله بن عمرو: ولا شربها رجلا مصبحًا، إلا ظل مشركًا حتى يمسي.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 189) .
والبزار في "مسنده" (7 / 357 رقم 2936 / كشف) .
والحاكم في "المستدرك" (4 / 145 - 146) .
أما الإمام أحمد والحاكم فمن طريق حماد بن سلمة، وأما البزار فمن طريق شيخه عبد الأعلى بن حماد، كلاهما عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ نافع بن عاصم، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((من شرب الخمر، فَسَكِرَ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ ليلة، فإن تاب تاب الله عليه، فإن شربها، وسكر، لَمْ تُقبل لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ ليلة، فإن تاب تاب الله عليه، فإن شربها الرابعة، =(4/1587)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فسكر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ ليلة، فإن تاب لم يتب الله عليه)) . اهـ. واللفظ للبزار.
زاد الإمام أحمد والحاكم: ((وكان حقًا على الله أن يسقيه من عين خبال)) ، قيل: وما عين خبال؟ قال: ((صديد أهل النار)) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 69) : ((رواه أحمد والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح، خلا نافع بن عاسم، وهو ثقة)) .
وصحح سنده الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "المسند" (11 / 44 رقم 6773) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 176) .
وابن ماجه في "سننه" (2 / 1120 - 1121 رقم 3377) في الأشربة، باب من شرب الخمر لم تقبل له صلاة.
والنسائي في "سننه" (8 / 317) في الأشربة، باب توبة شارب الخمر.
وابن حبان في "صحيحه" (7 / 370 - 371 رقم 5333 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 30 - 31) .
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 8 رقم 5581) .
جميعهم من طريق الأوزاعي، عن ربيع بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن الدَّيْلمي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((من شرب الخمر وسكر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا، وإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد، فشرب، فسكر، لم تقبل صلاة أربعين صباحًا، فإ، مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه. وإن عاد، فشرب، فسكر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ صباحًا، فإن مات دخل النار، فإن تاب تاب الله عليه، وإن عاد، كان حقًا على الله أن يسقيه من رَدْغَة الخبال يوم القيامة، قالوا: يا رسول الله، وما رَدْغَة الخبال؟ =(4/1588)
815- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى (1) ، عَنِ الحَكَم (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لُعِنَت (3) الْخَمْرُ، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُشْتَرِيهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إليه، وآكل ثمنها.
__________
= قال: ((عصارة أهل النار)) . اهـ. واللفظ لابن ماجه، ولفظ الآخرين نحوه، إلا أن عند الإمام أحمد والحاكم زيادة، ولم يذكر الإمام أحمد والنسائي والحاكم قوله: قالوا: يا رسول الله، وما رَدْغَة الخبال؟ قال: ((عصارة أهل النار)) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح قد تداوله الأئمة، وقد احتجّا بجميع رواته، ثم لم يخرجاه، ولا أعلم له علّة)) ، ووافقه الذهبي، وصححه ابن حبان كما سبق، وكذا الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على "المسند" (10 / 127 رقم 6644) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 200 رقم 4141) من طريق شيخه سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن ابن الديلمي قال: سألت عبد الله بن عمرو عن شارب الخمر، فقال: لا تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وأربعين ليلة.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 197) من طريق عروة بن رويم، عن ابن الديلمي الذي كان يسكن بيت المقدس، قال: ثم سألته: هل سمعت يا عبد الله بن عمرو رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يذكر شار ب الخمر بشيء؟ قال: نعم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((لا يشرب الخمر أحد من أمتي، فيقبل الله منه صلاة أربعين صباحًا)) . اهـ.، وعنده زيادة في صفة خَلْق الخَلْق.
قال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على "المسند" (11 / 78 رقم 6854) : ((إسناده صحيح)) .
وعليه يتضح أن الحديث صحيح من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا، والله أعلم.
(1) هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى، تقدم في الحديث [186] أنه صدوق =(4/1589)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= سيء الحفظ جدًّا.
(2) هو ابن عُتَيبة.
(3) أي على لسان رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما سيأتي في باقي طرق الحديث.
[815] سنده ضعيف لضعف ابن أبي ليلى، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
فالحديث له عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما خمس طرق:
(1) طريق سعيد بن جبير الذي أخرجه المصنف هنا.
(2) طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أبيه، به مصرَّحًا برفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهو الطريق الآتي برقم [816] ، وهو ضعيف من ذلك الطريق.
(3) طريق ثابت بن يزيد الخَوْلاني، قال: لقيت عبد الله بن عمر، فسألته عن ثمن الخمر، فقال: سأخبركم عن الخمر ... ، فذكر حديثًا طويلاً، وفيه يقول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ الله عز وجل لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وساقيها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وآكل ثمنها)) .
أخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (4 / 305 - 306) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 278) في الأشربة، باب ما جاء في تحريم الخمر، وفي "شعب الإيمان" (5 / 9 رقم 5584) .
كلاهما من طريق عبد الله بن وهب، أخبرني عبد الرحمن بن شريح وابن لهيعة والليث بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يزيد، عن ثابت، به.
وأشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" (2 / 172) .
وسنده ضعيف لجهالة حال ثابت بن يزيد، والانقطاع بينه وبين ابن عمر.
وهو ثابت بن يزيد الخَوْلاني، المصري، روى عن أبي هريرة وابن عباس والأقمر، وروى عن ابن عمر، وقيل: عن ابن عمه، عن ابن عمر، وهو الصحيح كما قال ابن أبي حاتم، ويؤيده حكم البخاري على روايته عن ابن عمر بالانقطاع، روى عنه خالد بن يزيد وعمرو بن الحارث، وهو مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "تاريخه"، وبيّض له ابن أبي حاتم فلم يذكر فيه جرحًا =(4/1590)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن حزم: ((مجهول لا يُدرى من هو)) ، وتبعه عبد الحق الإشبيلي، وكانت وفاته قريبًا من سنة عشرين ومائة. اهـ. من "التاريخ الكبير" للبخاري (2 / 172 رقم 2096) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2 / 459 رقم 1857) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 93) ، و"لسان الميزان" (2 / 80 رقم 316) .
(4) و (5) طريقا عبد الرحمن الغافقي وأبي طُعْمَةَ، أنهما سمعا ابن عمر يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لُعنت الخمر على عشرة أوجه: بِعَيْنِها، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة غليه، وآكل ثمنها، وشاربها، وساقيها)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 25 و 71) .
وأبو داود في "سننه" (4 / 81 - 82 رقم 3674) في الأشربة، باب العنب يعصر للخمر.
وابن ماجه (2 / 1121 - 1122 رقم 3380) في الأشربة، باب لعنت الخمر على عشرة أوجه.
والبيهقي في "سننه" (5 / 327) في البيوع، باب كراهية بيع العصير ممن يعصر الخمر، و (6 / 12) في البيوع أيضًا، باب تحريم التجارة في الخمر، من طريق أبي داود وغيره.
جميعهم عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله الغافقي، وأبي طعمة مولاهم، كلاهما عن ابن عمر، به.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (2 / 71) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 287) في الأشربة، باب ما جاء في تحريم الخمر.
كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن أبي طعمة وحده به.
وقد وقع في "سنن أبي داود": ((أبي علقمة)) بدل: ((أبي طعمة)) ، وهو خطأ جاء في بعض نسخ أبي داود كما نبّه عليه الحافظ المزِّي في "تحفة الأشراف" (5 / 478 - 479 رقم 7296) . =(4/1591)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد روى الإمام أحمد في الحديث عن شيخه وكيع، عن عبد العزيز بن عمر.
ووكيع هو ابن الجراح، تقدم في الحديث [47] أنه ثقة حافظ عابد.
وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي، أبو محمد المدني، نزيل الكوفة، يروي عن أبيه ونافع مولى ابن عمر وهلال أبي طعمة وعبد الرحمن بن عبد الله الغافقي ومجاهد ومكحول وغيرهم، روى عنه شعبة ويونس ومسعر ويحيى القطان وأبو نعيم ووكيع وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه ابن معين وأبو داود، وفي رواية عن ابن معين قال: ((ثبت)) ، وقال ابن عمار: ((ثقة ليس بين الناس اختلاف)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثنا أبو نعيم، ثنا عبد العزيز، وهو ثقة)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((يخطئ، يعتبر بحديثه إذا كان دونه ثقة، ومات عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بعد سنة سبع وأربعين ومائة)) ، وقال أبو مسهر: ((ضعيف الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 389 رقم 1810) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 114) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 840 - 841) ، و"التهذيب" (6 / 349 - 350 رقم 670) .
أقول: وتضعيف أبي مسهر وجرح ابن حبان لعبد العزيز بن عمر معارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، وهو جرح غير مفسَّر، فلا يلتفت إليه، ولم يلتفت إليه الذهبي، بل ذكر عبد العزيز هذا في "الكاشف" (2 / 201 رقم 3448) وقال: ((ثقة)) .
ونقل الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب" عن الخطابي أنه حكى عن الإمام أحمد أنه قال: ((ليس هو من أهل الحفظ والإتقان)) ، وهذا القول لم يثبت عن الإمام أحمد، فإن الخطّابي لم يسنده عنه، ويدلّ على ذلك أن الذهبي لم يحكه في "الميزان" (2 / 632 رقم 5118) ، وإنما قال: ((وثقه جماعة، وضعّفه أبو مسهر وحده)) ، ولم يذكر ابن عبد الهادي عبد العزيز هذا في كتابه: ((بحر الدم فيمن تكلم فيه أحمد بمدح أو ذم)) ، بل المنقول عن الإمام أحمد توثيقه له؛ قال =(4/1592)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن شاهين في "تاريخ أسماء الثقات" (ص162 رقم 932) : ((وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ثقة ثقة؛ قاله أحمد ويحيى)) ، يعني أحمد بن حنبل ويحيى بن معين.
ولو سلّمنا بصحته عن الإمام أحمد؛ فإنه لا يعني جرحه لعبد العزيز، وإنما يعني بذلك سعة المحفوظ كما قال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص420) ، والله أعلم.
وأبو طُعْمَة - بضم أوله وسكون المهملة - الأموي، مولى عمر بن عبد العزيز، شامي سكن مصر، يقال اسمه هلال، يروي عن مولاه عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما، روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وابن لهيعة وغيرهم، وهو ثقة، وثقه ابن عمار، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: ((ثقة)) ، وقال ابن يونس: ((كان يقرئ القرآن بمصر)) . "التاريخ الكبير" للبخاري (8 / 209 رقم 2740) ، و (9 / 47 رقم 403) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 77 و 398 رقم 304 و 1889) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 574) ، و (7 / 575) ، و"الكاشف" للذهبي (3 / 350 رقم 232) ، و"التهذيب" (12 / 137 رقم 657) .
وذكر بن حجر أبا طعمة هذا في "التقريب" (ص651 رقم 8186) ، وذكر أنه مقبول من الطبقة الرابعة، وقال: ((لم يثبت أن مكحولاً رماه بالكذب)) ، وذكر في الموضع السابق من "التهذيب" أن أبا أحمد الحاكم قال: ((رماه مكحول بالكذب)) ، ثم قال ابن حجر: ((قلت: لم يكذبه مكحول التكذيب الاصطلاحي، وإنما روى الوليد بن مسلم، عن ابن جابر أن أبا طعمة حدّث مكحولاً بشيء، وقال: ذروه يكذب، وهذا محتمل أن يكون مكحول طعن فيه على مَنْ فوق أبي طعمة، والله تعالى أعلم)) . اهـ.
ومع ما ذكر ابن حجر من الاحتمال، فإن في ثبوت هذا التكذيب عن مكحول نظرًا؛ لأن ابن حجر ذكره من رواية الوليد بن مسلم، عن ابن جابر، والوليد تقدم في الحديث [130] أنه كثير التدليس والتسوية، ولم يذكر عنه ابن حجر =(4/1593)
816- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُلَيْح بْنُ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَائِل الْأَنْصَارِيِّ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله =
__________
= تصريحه بالسماع من ابن جابر.
وعبد الرحمن بن عبد الله الغَافقي، أمير الأندلس، يروي عن ابن عمر، روى عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عياض، وهو مقبول، قال ابن يونس: ((روى عنه عبد الله بن عياض، قتلته الروم بالأندلس سنة خمسة عشرة ومائة)) ، وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين عنه، فقال: ((لا أعرفه)) ، وسألته عن عبد الرحمن بن آدم كيف هو؟ فقال: ((لا أعرفه)) ، قال أبو أحمد بن عدي: ((وهذان الاسمان اللذان ذكرها عثمان عن ابن معين فقال: ((لا أعرفهما، وإذا قال مثل ابن معين: لا أعرفه، فهو مجهول غير معروف، وإذا عرفه غيره لا يعتمد على معرفة غيره؛ لأن الرجال بابن معين تُسْبَرُ أحوالهم)) ، وذكر ابن حجر كلام ابن عدي هذا، ثم تعقبه بقوله: ((هذا الذي ذكر ابن عدي قاله في ترجمة عبد الرحمن بن آدم، عقب قول ابن معين في كل منهما: لا أعرفه، وأقرّه المؤلف عليه، وهو لا يتمشى في كل الأحوال، فرُبّ رجل لم يعرفه ابن معين بالثقة والعدالة، وعرفه غيره، فضلاً عن معرفة العين، لا مانع من هذا، وهذا الرجل قد عرفه ابن يونس، وإليه المرجع في معرفة أهل مصر والمغرب. وقد ذكره ابن خلفون في الثقات، وقال: كان رجلاً صالحًا، جميل السيرة، استشهد في قتال الفرنج، في شهر رمضان)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4 / 1606 و 1607) ، و"التهذيب" (6 / 217 - 218 رقم 437) ، و"التقريب" (ص345 رقم 3927) .
وعليه فالحديث بهذا الإسناد صحيح، ويزداد قوة ببقية الطرق، والله أعلم.
(1) هو فُلَيْح بن سليمان بن أبي المُغِيرة الخُزَاعي، أو الأسْلمي، أبو يحيى المدني، ويقال: فُلَيْح لقب، واسمه: عبد الملك، روى عن الزهري ونافع مولى ابن عمر وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد الأنصاري وغيرهم، روى عنه ابنه محمد =(4/1594)
= ابن عُمَرَ (3) ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَعَنَ اللَّهُ الْخَمْرَ، وَلَعَنَ شَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا، وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا، وَحَامِلَهَا، وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ، وَبَائِعَهَا، وَمُبْتَاعَهَا، وَآكِلَ ثمنها)) .
__________
= وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وأبو عامر العَقَدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير الخطأ، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص448 رقم 5443) ، فقد ضعّفه ابن المديني وابن معين في رواية، وفي رواية قال ابن معين: ((ليس بالقوي، ولا يُحتجّ بحديثه، وهو دون الدَّرَاوَرْدي، والدَّرَاوَرْدي أثبت منه)) ، وقال الآجُرِّي: ((قلت لأبي داود: قال ابن معين: عاصم بن عبيد الله وابن عقيل وفُلَيْح لا يحتج بحديثهم، قال: صَدَق)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) ، وضعفه النسائي في رواية، وفي أخرى قال: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((هو من أهل الصدق، ويَهم)) ، وقال ابن عدي: ((لفليح أحاديث صالحة، يروي عن الشيوخ من أهل المدينة أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في "صحيحه"، وروى عنه الكثير، وهو عندي لا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((يختلفون فيه، وليس به بأس)) ، وقال أبو عبد الله الحاكم: ((اتفاق الشيخين عليه يُقَوِّي أمره)) ، وذكر سعيد بن منصور أنه توفي سنة ثمان وستين ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 84 - 85 رقم 479) ، و"التهذيب" (8 / 303 - 305 رقم 551) .
وما ذُكر من أن إخراج البخاري ومسلم له في "صحيحهما" يُقَويِّ أمره ليس على إطلاقه؛ لأنهما قد يخرجان للمتكلَّم فيه مما تأكدّ لديهما أنه من صحيح حديثه.
(2) هو سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وائل الأنصاري، حجازي مجهول، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن عمر، روى عنه فُليح بن سليمان، ذكره البخاري في "تاريخه" (3 / 494 - 495 رقم 1650) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 42 رقم 179) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 352) . =(4/1595)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وهذا الرجل مما يستدرك على الحافظ ابن حجر ومَنْ قبله ممن ألف في رجال الأئمة الأربعة؛ لأن الحديث قد أخرجه الإمام أحمد كما سيأتي، ولم يُذكر سعيد هذا في "تعجيل المنفعة" وغيره، وقد نبّه على هذا الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "مسند الإمام أحمد" (8 / 70) .
(3) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمن المدني، روى عن أبيه وكان وَصِيَّه، وعن أخيه حمزة، وعن أبي هريرة وأسماء بنت زيد بن الخطاب، روى عنه ابنه عبد العزيز والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وعبد الرحمن بن القاسم والزهري ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة عدا ابن ماجه كما في "التقريب" (ص310 رقم 3417) ، فقد وثقه وكيع والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد، وزاد: ((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة خمس ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 90 رقم 411) ، و"التهذيب" (5 / 285 - 286 رقم 483) .
[816] سنده ضعيف لضعف فُلَيْح من قبل حفظه، وجهالة سعيد بن عبد الرحمن، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 9 رقم 5583) من طريق المصنِّف به بلفظ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لعن الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وبائعها، ومبتاعها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 97) من طريق شيخه يونس بن محمد، عن فليح، به مثل لفظ المصنِّف هنا، إلا أنه قدّم قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((وبائعها ومبتاعها)) على قوله: ((وحاملها والمحمولة إليه)) .
وأخرجه الطبراني في "المعجم الصغير" (1 / 266) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 31 - 32) .
كلاهما من طريق المعافى بن سليمان، عن فُليح، به نحوه.(4/1596)
817- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا العَوَّام (1) ، عَنِ المُسَيَّب بْنِ رَافِعٍ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (3) .
818- وأنا (4) عُبَيْدة (5) ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: مُعَاقِرُ الْخَمْرِ كَمَنْ عَبَدَ اللَّاتَ والعزّى.
__________
(1) هو ابن حَوْشب.
(2) هو ثقة كما في ترجمته في الحديث رقم [12] ، لكنه لم يسمع من أحد من الصحابة، إلا من البراء بن عازب وأبي إياس عامر بن عبدة كما نصّ عليه ابن معين. انظر "تهذيب التهذيب" (10 / 153) .
(3) أي أنه قَالَ: ((مُعَاقِرُ الْخَمْرِ كَمَنْ عَبَد اللّات والعزَّى)) كما سيأتي مقرونًا بالحديث بعده.
[817] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين المسيّب وعبد الله بن عمرو، وهو حسن لغيره كما سيأتي في الحديث بعده رقم [818] ، وقد روي مرفوعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ولا يصح.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 192 رقم 4115) من طريق أبي خالد الأحمر، عن العوام، به نحوه.
وانظر الحديث الآتي.
(4) القائل: ((وأخبرنا)) هو هشيم.
(5) هو ابن مُعَتِّب الضَّبِّي، تقدم في الحديث [560] أنه ضعيف.
[818] سنده ضعيف لضعف عُبيدة، وهو حسن لغيره - موقوفًا - بالطريق السابقة، ويعضده أن ابن الجوزي نقل في "العلل المتناهية" (2 / 183) عن الدارقطني أنه قال: ((رواه حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي صالح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، من قوله)) ، قال ابن الجوزي عقبه: ((قلت: وهذا هو الصحيح، والطريق التي قبله لا تثبت)) .
ويعني: ابن الجوزي بالطريق التي لا تثبت: الطريق المرفوعة التي ذكر الدارقطني =(4/1597)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أنه رواها سليمان بن بلال، عن سهيل بن أبي صالح، عن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
وقد روي مرفوعًا من غير هذا الطريق.
فأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 353 رقم 2924) ، فقال: حدثنا عمر بن محمد بن الحسين الأسدي، ثنا أبي، ثنا فطر بن خليفة، عن يونس بن خَبَّاب، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((من سكر من الخمر، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يومًا، فإن مات فيها مات كعابد وثن)) .
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 70) : ((فيه يونس بن خباب وهو ضعيف)) ثم أخرجه البزار عقبه برقم (2925) من طريق ثابت بن محمد، عن فطر بن خليفة، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((شارب الخمر كعابد وثن)) .
وقد أخطأ ثابت بن محمد بن في روايته للحديث عن فطر، فلم يذكر يونس بن خباب في سنده.
وهو ثابت بن محمد العابد، أبو محمد، ويقال: أبو إسماعيل، الشيباني، روى عن الثوري ومسعر وإسرائيل وفطر بن خليفة وغيرهم، روى عنه البزار يوسف بن موسى، وروى عنه أيضًا البخاري وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وهو صدوق زاهد، إلا أنه يخطئ في أحاديث، فقد وثقه مُطَيِّن محمد بن عبد الله الحضرمي، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال في موضع آخر: ((أزهد من لقيت ثلاثة ... )) فذكره منهم، وذكره ابن عدي في "الكامل"، وذكر له بعض الأحاديث التي أخطأ فيها، ثم قال: ((وثابت الزاهد هذا هو عندي ممن لا يتعمد الكذب، ولعله يخطئ، وله عن الثوري وعن غيره غير ما ذكرت، وفي أحاديثه يشتبه عليه، فيرويه حسب ما يستحسنه، والزهاد والصالحون كثيرًا ما يشتبه عليهم، فيروونها على حسن نيَّاتهم)) ، وقال الدارقطني: ((ليس بالقوي، لا يضبط، وهو يخطئ في أحاديث كثيرة)) ، وقال الحاكم: ((ليس بضابط)) ، وذكره ابن حبان في =(4/1598)
819- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُطِيع بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، قَالَ: نا الشَّعْبي، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَعَنَ اللَّهُ فُلَانًا (2) ؛ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَذِنَ فِي بَيْعِ الْخَمْرِ، وَإِنَّ التِّجَارَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، أَوْ شُرْبُهُ.
__________
= الثقات، وذكره البخاري في الضعفاء، وأورد له حديثًا، وبيّن أن العلّة فيه من غيره، وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 457 - 458 رقم 1848) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 523 - 524) ، و"التهذيب" (2 / 14 رقم 21) ، و"التقريب" (ص133 رقم 829) .
وللحديث طرق أخرى عن بعض الصحابة، وكلهما معلولة، انظر الكلام عليها مفصلاً في "العلل المتناهية" لابن الجوزي (2 / 182 - 184) .
(1) هو مُطيع بن عبد الله الغَزَّال، القرشي، أبو الحسن الكوفي، روى عن أبيه عامر الشعبي وسالم الأفطس وغيرهم، روى عنه وكيع وهشيم ويحيى بن سعيد القطّان وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة السابعة كما في "التقريب" (ص535 رقم 6719) ، فقد وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 399 رقم 1833) ، و"التهذيب" (10 / 182 رقم 341) .
(2) هو سمرة بن جندب - رضي الله عنه -، وسيأتي توجيه ذلك.
[819] سنده حسن لذاته، وأصل القصة في "الصحيحين" كما سيأتي.
فالحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 131 رقم 17849) .
وابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 150) .
كلاهما من طريق هشيم، عن مطيع، به، ولفظ ابن أبي شيبة مثله، إلا أنه إنما أخرج شطره الأول إلى قوله: ((في بيع الخمر)) ، ولفظ ابن عبد البر نحوه، لكن بشطره الثاني الذي لم يخرجه ابن أبي شيبة، ووقع عند ابن أبي شيبة: ((عن مسروق)) ، بدل قوله: ((عن ابن عمر)) . =(4/1599)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (6 / 446 رقم 1661) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 14) في البيوع، باب تحريم بيع ما يكون نجسًا لا يحل أكله.
وابن عبد البر في الموضع السابق من "التمهيد".
أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن عبد البر فمن طريق محمد بن بشر، وأما البيهقي فمن طريق ابن داود، ثلاثتهم عن مطيع، به نحوه، إلا أن البيهقي وابن عبد البر إنما أخرجا شطره الثاني فقط.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 9 رقم 14) ، فقال: ثنا سفيان بن عيينة، ثنا مسعر، ثنا عبد الله بن عمير، قال: أخبرني فُلَانٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رأيت عمر بن الخطاب على المنبر يقول بيده على المنبر هكذا - يعني يحركها يمينًا وشمالاً -: عويمل لنا بالعراق، عويمل لنا بالعراق خلط في فَيْءِ المسلمين أثمان الخمر والخنازير، وقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لعن الله اليهود؛ حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها)) - يعني: أذابوها -. اهـ.
ومن طريق الحميدي أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 245) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 205 - 206) في الجزية، باب لا يأخذ منهم في الجزية خمرًا ولا خنزيرًا، من طريق إبراهيم بن بشار، عن سفيان، به وزاد: قال سفيان: يقول: لا تأخذوا في جزيتهم الخمر والخنازير، ولكن خلُّوا بينهم وبين بيعها، فإذا باعوا فخذوا أثمانها في جزيتهم.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 75 - 76 رقم 10047) و (8 / 196 رقم 14855) ، فقال: أخبرنا ابن عينية، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عن رجل، عن ابن عباس قال: رأيت عمر يقلِّب كفه ويقول: قاتل الله سمرة؛ عويمل لنا بالعراق؛ خلط في فيء المسلمين ثمن الخمر والخنزير، فهي حرام، وثمنها حرام.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (10046) ، (14854) .
والحميدي في الموضع السابق برقم (13) . =(4/1600)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 444 رقم 1656) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 25) .
والدارمي في "سننه" (2 / 40 رقم 2110) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 414 رقم 2223) في البيوع، باب لا يُذاب شحم الميتة ولا يباع وَدَكُه، و (6 / 496 رقم 3460) في أحاديث الأنبياء، باب ما ذُكر عن بني إسرائيل.
ومسلم في "صحيحه" (3 / 1207 رقم 72) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
وابن ماجه في "سننه" (2 / 1122 رقم 3383) في الأشربة، باب التجارة في الخمر.
والنسائي في "سننه" (7 / 177) في الفرع والعتيرة، باب النهي عن الانتفاع بما حرَّم الله عز وجل، وفي التفسير (1 / 482 رقم 192) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 178 رقم 200) .
وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحِيري في "فوائده" (ل 12 / أ) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 12) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر، و (8 / 286) في الأشربة والحدِّ فيها، باب ما جاء في تحريم الخمر.
والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص110 - 111) .
ابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (ص604 - 605) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بلغ عمر أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، أما علم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: قال: ((قاتل اله اليهود؛ حُرِّمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها)) ؟. اهـ. واللفظ لعبد الرزاق.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 414 - 415) : ((قال ابن الجوزي والقرطبي وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال، =(4/1601)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم معتقدًا جواز ذلك، وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر ورجّحه، وقال: كان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور، وإن أخذ أثمانها منهم بعد ذلك؛ لأنه لم يَتَعَاطَ محرَّمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة حيث قال: ((هو عليها صدقة ولنا هديّة)) .
والثاني: قال الخطابي: يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذه خمرًا والعصير يسمى خمرًا، كما قد يسمّى العنب به؛ لأنه يئول إليه، قاله الخطابي، قال: ولا يُظن بسمرة أنه باع عين الخمر بعد أن شاع تحريمها وإنما باع العصير.
والثالث: أن يكون خّلَّل الخمر وباعها، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلّها كما هو قول أكثر العلماء واعتقد سمرة الجواز كما تأوَّله غيره؛ أنه يحلّ التخليل، ولا ينحصر الحلّ في تخليلها بنفسها.
قال القرطبي تبعا لابن الجوزي: والأشبه الأول.
قلت [القائل ابن حجر] : ولا يتعيّن على الوجه الأول أخذها عن الجزية، بل يحتمل أن تكون حصلت له عن غنيمة أو غيرها، وقد أبدى الإسماعيلي في "المدخل" فيه احتمالاً آخر، وهو: أن سمرة علم تحريم الخمر، ولم يعلم تحريم بيعها، ولذلك اقتصر عمر على ذَمِّه دون عقوبته، وهذا هو الظن به، ولم أر في شيء من الأخبار أن سمرة كان واليًا لعمر على شيء من أعماله إلا أن ابن الجوزي أطلق أنه كان واليًا على البصرة لعمر بن الخطاب وهو وهم فإنما ولي سمرة على البصرة لزياد وابنه عبيد الله بن زياد بعد عمر بدهر، وولاة البصرة لعمر قد ضبطوا، وليس منهم سمرة، ويحتمل أن يكون بعض أمرائها استعمل سمرة على قبض الجزية)) . اهـ.
أقول: والقول الأول هو الأقرب للصواب - فيما أرى -، وهو الذي اختاره ابن الجوزي والقرطبي، ويليه ما أبداه الإسماعيلي، هو الذي مال إليه ابن حجر، أما الثاني والثالث، ففيهما بعد، والله أعلم.
ومن الفوائد المستنبطة من الحديث، ما ذكر الحافظ ابن حجر في الموضع السابق =(4/1602)
820- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حِبَّان بْنُ عَلِيٍّ (1) ، قَالَ: ثَنَا أَبُو سِنَان ضِرَار بْنُ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيل قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَوْ رَأَيْتُ أَحَدًا يَشْرَبُ الْخَمْرَ لَا يَرَانِي، إِلَّا قَتَلْتُهُ، فاستطعت أن أقتله لقتلته (2) .
__________
= حيث قال: ((وفي الحديث لعن العاصي المعيَّن، ولكن يحتمل أن يقال: إن قول عمر: ((قاتل الله سمرة)) ، لم يُرد به ظاهره، بل هي كلمة تقولها العرب عند إرادة الزجر، فقالها في حقه تغليظًا عليه.
وفيه إقالة ذوي الهيئات زلاّتهم؛ لأن عمر اكتفى بتلك الكلمة عن مزيد عقوبة ونحوها.
وفيه إبطال الحِيَل والوسائل إلى المحرم)) . اهـ.
(1) هو حِبَّان بن علي العَنَزَي - بفتح العين والنون، ثم زاي - أبو علي الكوفي، أخو مِنْدَل، يروي عن الأعمش وسهيل بن أبي صالح وأبي سنان ضرار بن مرّة وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن المبارك وأبو الوليد الطيالسي وأبو الربيع الزهراني وغيرهم، وهو ضعيف، وكان له فقه وفضل كما في "التقريب" (ص149 رقم 1076) ، فقد ضعفه ابن المديني وابن سعد والنسائي والدارقطني وابن قانع، وقال البخاري: ((ليس عندهم بالقوي)) ، وقال أبو زرعة: ((ليِّن)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وسئل ابن معين مَرَّةً عنه وعن أخيه مندل، فضعَّفهما، ومرة أخرى قال: ((ما بهما بأس)) ، وقال حجر بن عبد الجبار بن وائل: ((ما رأيت فقيهًا بالكوفة أفضل منه)) ، وقال العجلي: ((كوفي صدوق)) ، وفي موضع آخر قال: ((كان وجهًا من وجوه أهل الكوفة، وكان فقيهًا)) ، وقال الخطيب: ((كان صالحًا ديِّنًا)) ، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومائة، وله ستون سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 270 - 271 رقم 1208) ، و"التهذيب" (2 / 173 - 174 رقم 314) ، و (10 / 298 - 299 رقم 518) .
(2) كذا جاءت العبارة في الأصل! والذي يظهر أن الصواب: ((لو رأيت أحدًا يشرب =(4/1603)
821- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُلَيْح - يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ (1) -، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَة (2) ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقُلْتُ: إِنَّا بِأَرْضٍ لَنَا فِيهَا كُرُوم (3) ، وَإِنَّ أَكْثَرَ غَلَّتِها: الْخَمْرُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ دَوْس (4) عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَاويَة خَمْرٍ (5) أَهْدَاهَا لَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا بَعْدَكَ؟)) فَأَقْبَلَ الدَّوْسي عَلَى رَجُلٍ كَانَ مَعَهُ، فَأَمَرَهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا، وأكْلَ ثَمَنِهَا؟)) ، فَأَمَرَ بالمَزَادَةِ (6) فَأُهْرِيقَتْ حَتَّى لم يبق فيها قطرة.
__________
= الخمر لا يراني إذا قَتَلْتُهُ، فَاسْتَطَعْتُ أَنْ أَقْتُلَهُ لَقَتَلْتُهُ)) .
[820] سنده ضعيف لضعف حبان بن علي، ومتنه منكر، ويبعد أن يثبت هذا عن ابن عمر بهذا الإطلاق؛ لأن حدّ الخمر أخفّ الحدود، ولم يقل أحد بقتل شارب الخمر؛ إلا في قول بعض العلماء إذا شربها في المرّة الرابعة كما تجده مفصّلاً في حاشية الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - على "مسند الإمام أحمد" (9 / 40 - 70) .
(1) تقدم في الحديث [816] أنه صدوق كثير الخطأ.
(2) هو عبد الرحمن بن وَعْلَة - بفتح الواو وسكون المهملة-، ويقال ابن السَّمَيْفَع بن وعلة، السَّبَائي، المصري، يروي عن ابن عباس وابن عمر، روى عنه زيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وأبو الخير مَرْثد اليَزَني وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة عدا البخاري، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وذكره يعقوب بن سفيان في ثقات التابعين من أهل مصر، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن يونس: ((كان شريفًا بمصر في أيامه، وله وفادة على معاوية، وصار إلى أفريقية، وبها مسجده ومواليه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 296 رقم 1402) ، و"التهذيب" (6 / 293 - 294 رقم574) . =(4/1604)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعبد الرحمن هذا ذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص352 رقم 4039) ، وقال عنه: ((صدوق)) ، مع أنه وثقه الأئمة المتقدم ذكرهم، وإنما قال ذلك ابن حجر؛ لأنه نقل عن الإمام أحمد في الموضع السابق من "التهذيب" أنه ضعّف عبد الرحمن هذا في حديث الدباغ، وقد بحثت عن تضعيف الإمام أحمد هذا، فلم أجد سوى ما ذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 596 رقم 4998) ؛ حيث ذكر عبد الرحمن هذا، ونقل توثيقه عن ابن معين والعجلي والنسائي، وأن أبا حاتم قال عنه: ((شيخ)) ، ثم قال: ((ونُقل عن الإمام أحمد أنه ذُكر له حديث ابن وعلة: أيما إهاب دبغ فقط طهر، قال: وَمَن ابنُ وَعْلة؟)) . اهـ.
فهذا النقل لم يذكر الذهبي عمّن أخذه، ولم أجد من ذكره عن الإمام أحمد، ولم يذكر ابن عبد الهادي عبد الرحمن بن وعلة في: ((بحر الدم فيمن تكلم فيه الإمام أحمد بمدح أو ذم)) ، وحديث الدباغ المشار إليه أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 277 رقم 105) في الحيض، باب طهارة جلود الميتة بالدباغ، أخرجه من طريق عبد الرحمن بن وعلة هذا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((إذا دبغ الإهاب فقد طَهُر)) .
(3) الكَرْمُ هو شجرة العنب، والطاقة الواحدة منها يقال لهاك كَرْمَةٌ، وجمعها، كُرُوم. اهـ. من "لسان العرب" (12 / 514) .
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لا تسمّوا العنب الكَرْم؛ فإن الكَرْم الرجل المسلم)) ، وفي لفظ: ((فإن الكرم قلب المؤمن)) .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 564 و 566 رقم 6182 و 6813) في الأدب، باب لا تسبّوا الدهر، وباب قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إنما الكرم قلب المؤمن)) .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1763 رقم 6 و 7 و 8 و 9 و 10) في كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب كراهة تسميته العنب كَرْمًا.
قال ابن الأثير في "النهاية" (4 / 167) : ((قيل: سُمِّي الكَرْم كَرْمًا؛ لأن الخمر المتَّخذةَ منه تحثّ على السَّخَاء والكَرَم، فاشتقّوا له منه اسمًا، فكره أن يُسَمَّى =(4/1605)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باسم مأخوذ من الكَرَم، وجعل المؤمن أولى به)) . اهـ.
(4) كذا جاء في وراية فُليح بن سُلَيْمَانَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وجاء في معظم الروايات مبهمًا وقد تعرّض لهذا الخطيب البغدادي في كتابه: ((الأسماء المبهمة)) (ص365 - 366) ، وابن بشكوال في كتابه: ((غوامض الأسماء المبهمة)) (ص88 - 90) .
أما الخطيب البغدادي فقال: ((يقال: إن الرجل الذي أهدى الخمر لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: أبو رُقَيَّة بن أوس الدَّارِيّ، ويقال: بل الرجل من ثقيف، يُكنّى: أبا تمّام)) ، ثم ساق الحديث من طريقين منفصلين في أحدهما أنه تميم الداري، وفي الآخر أنه رجل من ثقيف يكنى: أبا تمام.
وأما ابن بشكوال، فجزم بأنه نافع بن كيسان الدمشقي، ثم قال: ((وقيل: هو أبو عامر الثقفي، ثم ساق الحديث من طريقين فيهما تسميتهما بذلك)) .
وجمع ذلك ولي الدين أبو زرعة بن العراقي في كتابه: ((المستفاد من مبهمات المتن والإسناد)) (ص47) نقلاً عن الخطيب وابن بشكوال، ولم يُرجِّح.
ولم يذكر أحد منهم أنه دَوْسي، ولم يُذكر في باقي الروايات الآتية من طريق عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس أنه دَوْسي أو غيره، عدا رواية الإمام أحمد وغيره الآتية للحديث من طريق القعقاع بن حكيم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، وفيها: ((من ثقيف أَوْ من دَوْس)) هكذا على الشك.
وعليه فقد تكون الحادثة وقعت للدَّوْسي، ولتميم الدَّارِيّ، ولأبي تمَّام الثقفي، ولنافع بن كيسان الدمشقي، والمصير في هذا إلى صحّة إسناد كل رواية، وليس هناك ما يمنع من تعددها، والله أعلم.
(5) في "لسان العرب" (14 / 346) : ((الرَّاوِيَةُ: المَزَادَةُ فيها الماء)) ، وهنا قُيّدت الرواية بأن الذي فيها خمر.
(6) المَزَادةُ: هي الظرْفُ الذي يُحمل فيه الماء، كالرواية والقِربة والسَّطِيَحة، والجمع: المَزَاوِدُ. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (4 / 324) . =(4/1606)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
[821] سند المصنف ضعيف لضعف فُليح من قبل حفظه، ولكنه ينفرد به، بل هو صحيح أخرجه مسلم وغيره من غير طريقه كما سيأتي.
فالحديث مداره على عبد الرحمن بن وعلة، وروي عنه من ثلاث طرق:
(1) طريق زيد بن أسلم، وله عن زيد أربع طرق:
أ- طريق فليح بن سليمان الذي أخرجه المصنف هنا.
وأخرجه الإمام في "المسند" (1 / 244) من طريق شيخه يونس بن حجّاج، عن فليح، به نحو لفظ المصنف.
ب- طريق الإمام مالك؛ حيث أخرجه في "الموطأ" (2 / 846 رقم 12) في الأشربة، باب جامع تحريم الخمر، عن شيخه زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ وَعْلة المصري، أنه سأل عبد الله بن عباس عمّا يُعصر من العنب؟ فقال ابن عباس: أهدى رجل لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - رواية خمر، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أما علمت أن الله حرمها؟)) قال: لا، فَسَارُّه رجل إلى جنبه، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: ((بِمَ سَارَرْتَهُ؟)) فقال: أمرته أن يبيعها، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((أَنَّ الَّذِي حَرَّم شُربها، حَرَّم بيعها)) ، ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه:
الإمام أحمد في "المسند" (1 / 358) .
ومسلم في "صحيحه" (3 / 1206 رقم 68) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر.
والنسائي في "سننه" (7 / 307) في البيوع، باب بيع الخمر.
والبيهقي في "سننه" (6 / 11 - 12) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر.
والخطيب البغدادي في "الأسماء المبهمة" (ص367) .
وابن بشكوال في "غوامض الأسماء المبهمة" (ص88) .
جـ- طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ زيد بن أسلم، بنحو سياق الإمام مالك. أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 323 - 324) . =(4/1607)
822- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نا أَبُو النَّضْر (1) ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا أَهْدَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَة خَمْرٍ، وَكَانَ يُهْدِيهَا إِلَيْهِ. فَقَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهَا بَعْدَكَ)) . فَقَالَ: أَفَلَا أَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: ((إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ عَلَيْنَا شُرْبَهَا حَرَّمَ عَلَيْنَا بَيْعَهَا)) ، فَقَالَ: أَفَلَا أكَارِم (2) بِهَا الْيَهُودَ؟ [ل133/أ] فَذَكَرَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا، حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُكَارِموا الْيَهُودَ بِهَا. قَالَ: مَا أَصْنَعُ؟ قَالَ: ((صُبَّها فِي الْبَطْحَاءِ)) .
__________
= أبو يعلى في "مسنده" (4 / 462 رقم 2590) .
د- طريق حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم.
أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" مقرونًا برواية الإمام مالك السابقة.
(2) طريق القعقاع بن حكيم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، به نحو لفظ الإمام مالك السابق، غير أنه ذكر أن الرجل من ثقيف أو من دوس.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 230) .
والدارمي في "سننه" (2 / 40 رقم 2109) .
وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 353 - 354 رقم 2468) .
(3) طريق يحيى بن سعيد الأنصاري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ، به مثل لفظ الإمام مالك السابق.
أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (6 / 12) .
ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) هو سالم بن أبي أميَّة، أبو النَّضر المدني، مولى عمر بن عبيد الله التَّيْمي، يروي عن أنس والسائب بن يزيد وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه الإمام مالك والسفيانان وموسى بن عقبة وابن جريج =(4/1608)
823- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ قَالَ: نا عَمْرٌو (3) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَة (4) ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ عُثْمَانُ عَلَى الْمِنْبَرِ: إِيَّاكُمْ وَالْخَمْرَ، فَإِنَّهَا مِفْتَاحٌ لِكُلِّ شَرٍّ، وَإِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ قِيلَ: إِمَّا أَنْ تَسْجُدَ لِهَذَا الصَّلِيبِ، وإما أن تحرق هذا
__________
= وغيرهم وهو ثقة ثبت، وكان يرسل، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص226 رقم 2169) ، فقد وثقه ابن عيينة، وكان يصفه بالفضل والعقل والعبادة، وقال ابن سعد: ((ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وابن المديني وابن نمير والنسائي والعجلي وزاد: ((رجل صالح)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة حسن الحديث)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة ثبت)) ، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 179 رقم 779) ، و"التهذيب" (3 / 431 - 432 رقم 797) .
(2) المُكَارَمَةُ: أن تهدي لإنسان شيئًا ليكافئك عليه، وهي مُفَاعَلَة من الكَرَم، وأراد بقوله: أُكَارِمُ بها يهود: أي: أُهْديها إليهم ليثيبوني عليها. اهـ. من "لسان العرب" (12 / 511 - 512) .
[822] سنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي هريرة، وهو صحيح لغيره يشهد له الحديث السابق.
وقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 447 - 448 رقم 1034) .
وابن عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 65 / ب) ، والمطبوعة (2 / 104 رقم 1775) .
كلاهما عن سفيان بن عيينة، به نحو لفظ المصنِّف.
(3) هو ابن دينار.
(4) تقدم في الحديث [62] أنه ثقة أرسل عن ابن مسعود ونحوه، ووفاة عثمان - رضي الله عنه - كانت سنة خمس وثلاثين للهجرة كما في "التهذيب" (7 / 141) ، ووفاة ابن مسعود قبله بسنتين أو ثلاث كما في "التهذيب" (6 / 28) ، فأخشى أن لا يكون يحيى سمع من عثمان. =(4/1609)
الْكِتَابَ، وَإِمَّا أَنْ تَقْتُلَ هَذَا الصَّبِيَّ، وَإِمَّا أَنْ تُصِيبَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ، وَإِمَّا أَنْ تَشْرَبَ هَذِهِ الْكَأْسَ الْخَمْرَ، فَرَأَى أَنَّهَا أَهْوَنُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا شَرِبَهَا فَعَلَ ذَلِكَ، سَجَدَ لِلصَّلِيبِ (5) ، وَحَرَقَ الْكِتَابَ، وَقَتَلَ الصبي، وأصاب من المرأة.
__________
(5) بعد قوله: ((سجد للصليب)) جاء قوله: ((وقتل الصبي)) ، ثم جاء مكرورًا بعد قوله: ((وحرق الكتاب)) ، فحذفته من الموضع الأول اكتفاءً بالثاني.
[823] الحديث سنده رجاله ثقات، فإن كان يحيى بن جعدة سمع من عثمان، فالسند صحيح، والأحرى أنه لم يسمع منه، لكن الحديث صحّ من غير طريقه كما سيأتي.
فالحديث روى عن عثمان - رضي الله عنه - من ثلاث طرق:
(1) طريق يحيى بن جعدة الذي أخرجه المصنِّف هنا.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (8 / 288) في الأشربة والحدّ فيها، باب ما جاء في تحريم الخمر، من طريق سعدان بن نصر، عن سفيان بن عيينة، به نحوه.
(2) طريق إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، أنه سمع عثمان يخطب، فذكر الخمر، فقال: هي مجمع الخبائث - أو: أم الخبائث -، ثم أنشأ يحدِّث عن بني إسرائيل، فقال: إن رجلاً خُيِّر بين أن يقتل صبيًا، أو يمحو كتابًا، أو يشرب خمرًا، فاختار الخمر، فما برح حتى فعلهن كلهن.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 193 رقم 4120) من طريق شيخه محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم، به.
وهذا إسناد صحيح.
فشعبة هو أمير المؤمنين في الحديث، ثقة حافظ متقن كما في الحديث =(4/1610)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رقم [1] .
ومحمد بن جعفر غندر تقدم في الحديث [167] أنه ثقة من أوثق الناس في شعبة.
وأما سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، فهو يروي عن أبيه وأنس بن مالك وعبد الله بن جعفر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف وغيرهم، روى عن ابنه إبراهيم والزهري وموسى بن عقبة ويحيى بن سعيد الأنصاري والسفيانان وشعبة والحمّادان وغيرهم، وهو ثقة فاضل عابد روى له الجماعة، قال الإمام أحمد: ((ثقة، ولي قضاء المدينة، وكان فاضلاً)) ، وقال ابن معين: ((ثقة لا شك فيه)) ، وقال ابن سعد: ((أن ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه العجلي وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل بعدها، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 79 رقم 342) ، و"التهذيب" (3 / 463 - 465 رقم 866) ، و"التقريب" (ص230 رقم 2227) .
وأبوه إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري يروي عن أبيه وعمر وعثمان وعلي وسعد وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابناه سعد وصالح والزهري وغيرهم، ذكره جماعة من الأئمة في الصحابة، منهم أبو نعيم وأبو إسحاق الأمين، ومستندهم أنه ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد عدّه مسلم وغيره في الطبقة الأولى من تابعي المدينة، ووثقه العجلي ويعقوب بن شيبة والنسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، وكانت وفاته سنة خمس أو ست وتسعين للهجرة، وقد روى له الجماعة عدا الترمذي. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص53 رقم 29) ، و"الإصابة" لابن حجر (1 / 177 رقم 404) ، و"التهذيب" (1 / 139 - 140 رقم 248) ، و"التقريب" (ص91 رقم 206) .
(3) طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هشام، قال: سمعت عثمان بن عفان يخطب الناس، فقال: اجتنبوا الخمر، فإنها أم الخبائث، إن رجلاً ممن كان قبلكم كان =(4/1611)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يتعبد ويعتزل النساء، فعلقته امرأة غاوية، فأرسلت إليه: إني أريد أن أشهدك بشهادة، فانطلق مع جاريتها، فجعل كلما دخل بابًا، أغلقته دونه، حتى أفضى إلى امرأة وضيئة وعندها باطية فيها خمر، فقالت: إني والله ما دعوتك لشهادة، ولكن دعوتك لتقع علي، أو لتشرب من هذا الخمر كأسًا، أو لتقتل هذا الغلام، وإلا صحت بك وفضحتك. فلما أن رأى أن ليس بدٌّ من بعض ما قالت، قال: اسقيني من هذا الخمر كأسًا، فسقته، فقال: زيديني كأسًا، فشرب، فسكر، فقتل الغلام، ووقع على المرأة، فاجتنبوا الخمر، فوالله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر في قلب رجل، إلا أوشك أحدهما أن يخرج صاحبه.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 236 رقم 17060) عن شيخه معمر، عن الزهري، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، به.
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 97) : ((هذا إسناد صحيح)) .
ورواه محمد بن إسحاق الكاتب النيسابوري في "المناهي وعقوبات المعاصي" (ل 216 / أ) من طريق عبد الرزاق.
والبَاطِيَةُ: إناء من الزجاج عظيمة، تُملأ من الشراب، وتوضع بين الشَّرْبِ يغرفون منها ويشربون. "لسان العرب" (14 / 74) .
وأخرجه النسائي في "سننه" (8 / 315) في الأشربة، باب ذكر الآثام المتولّدة عن شرب الخمر، من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ معمر، به نحو لفظ عبد الرزاق.
وأخرجه النسائي أيضًا في الموضع السابق.
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (8 / 287 - 288) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 10 رقم 5587 / تحقيق زغلول) .
كلاهما من طريق يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، به نحو السياق السابق.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم المسكر" كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير"، وكما في "نصب الراية" للزيلعي (4 / 297) .
ومن طريقه ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2 / 185 رقم 1122) . =(4/1612)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان" رقم (5586) .
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (7 / 367 رقم 5324 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
كلاهما - ابن أبي الدنيا وابن حبان - من طريق عمر بن سعيد بن سُرَيج، عن الزهري، به نحو لفظ عبد الرزاق السابق، إلا أنه رفعه، فخالف فيه معمر بن راشد ويونس بن يزيد اللَّذَيْن وقفاه على عثمان.
والصواب أنه موقوف.
فقد سئل الدارقطني في "العلل" (3 / 41 رقم 274) عن هذا الحديث، فقال: ((يرويه الزهري، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن الحارث، عن أبيه، واختُلف عنه)) .
فأسنده عمر بن سعيد بن سريج [في الأصل: سريح] ، عن الزهري.
ووقفه يونس ومعمر وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم، عن الزهري.
والموقوف هو الصواب.
وروي هذا الحديث عن عمرو بن قيس المُلائي، عن الحسن بن عمارة، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، عن عثمان، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
ووهم فيه الحسن في موضعين؛ في رفعه، وفي روايته إياه عن سعيد بن المسيب، والذي قبله أصح)) . اهـ.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من "الشعب"، من طريق عمر بن سعيد، ثم قال: ((رفعه عمر بن سعيد بن سريج هذا، وقد أخبرناه ... )) ، ثم ذكره من طريق يونس موقوفًا، ثم قال: ((فذكره موقوفًا على عثمان - رضي الله عنه -، وهو المحفوظ)) .
وأخرجه ابن الجوزي في الموضع السابق من "العلل المتناهية"، ثم أعلّه بكلام الدارقطني السابق.
وقال الحافظ ابن كثير في الموضع السابق من "تفسيره": ((والموقوف أصح)) .
ولما ذكره الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 297) من رواية بن أبي الدنيا، قال: =(4/1613)
824- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ شُرْبُ الخمر.
__________
= ((وهذا الحديث رواه البيهقي في "سننه" موقوفًا على عثمان، وهو أصح)) .
وبهذا يتضح أن الحديث صحيح عن عثمان رضي الله عنه موقوفًا عليه، والله أعلم.
(1) هو سلمة بن دينار.
[824] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 112 رقم 3826) ، فقال: حدثنا وكيع، عن خالد بن دينار، عن شيخ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: السُّكْرُ من الكبائر.
وهذا إسناد ضعيف لإبهام الراوي عن ابن عباس.
وقد روي عن ابن عباس مرفوعًا، ولا يصح.
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 164 و 203 رقم 11372 و 11498) من طريق عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُميَّة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول: ((الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر؛ من شربها وقع على أمه وخالته وعمته)) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 67) وزاد نسبته للأوسط للطبراني، ثم قال: ((وفيه عبد الكريم أبو أمية، وهو ضعيف)) .
قلت: عبد الكريم هذا هو ابن أبي المُخَارق، وتقدم في الحديث [28] أنه ضعيف، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله.
وقول ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا هنا: ((أكبر الكبائر شرب الخمر)) ، معارض في ظاهره لما أخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 261 رقم 2654) في الشهادات، باب ما قيل في شهادة الزور، و (10 / 405 رقم 5976) في الأدب، باب =(4/1614)
825- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْل بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ (1) ، قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ كَانَ يَكُونُ بالسَّوَاد (2) يَتَّجِر فِي الْخَمْرِ، فأثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ، فَكَتَبَ فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنِ اكْسِرُوا كُلَّ مَالٍ وَجَدْتُمُوهُ لَهُ، وسَيِّبوا (3) كل ماشية هي له.
__________
= عقوق الوالدين من الكبائر.
ومسلم في "صحيحه" (1 / 91 رقم 143) في الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها.
كلاهما من حديث أبي بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟)) - ثلاثًا -، قالوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ((الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وجلس - وكان متّكئًا -، فقال: ألا وقول الزور)) ، قال: فمازال يكرِّرها حتى قلنا: ليته سكت.
وليس هناك معارضة، فالذي يظهر أن ابن عباس وصفها بأنها أكبر الكبائر باعتبار ما تؤول إليه؛ من إيقاع شاربها في الشرك وقتل النفس والوقوع على محارمه وغير ذلك من سائر المعاصي، كما في حديث عثمان بن عفان السابق رقم [823] ، وكما سبق في بعض طرق حديث ابن عباس هذا.
وقد يكون قوله: ((أكبر الكبائر)) ليس على ظاهره من الحصر، بل ((مِنْ)) فيه مقدرة كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10 / 411) ، والله أعلم.
(1) هو سعد بن إياس.
(2) السَّوَادُ هو: ما حوالي الكوفة من القرى والرَّسَاتيق، وقد يقال: كورةُ كذا وكذا وسوادُها: إلى ما حوالي قَصَبتها وفُسْطاطها من قراها ورساتيقها، وسواد الكوفة والبصرة: قراهما. اهـ. من "لسان العرب" (3 / 225) .
(3) تَسْيِيْبُ الدَّوَابّ: إرسالها تذهب وتجيء كيف شاءت. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 431) . =(4/1615)
826- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ لَيْثٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قِمَار، فَهُوَ مِنَ المَيْسِر، حَتَّى لِعْبُ الصِّبْيَان بالجَوْز (3) والكِعَاب (4) .
__________
[825] سنده صحيح.
وعزاه المتّقي الهندي في "كنز العمال" (4 / 160 رقم 9979) لأبي عبيد في "كتاب الأموال"، ولابن أبي شيبة في "المصنف".
وقد أخرجه أبو عبيد في "الأموال" (ص97 رقم 266) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 446 - 447 رقم 1663) .
وحُميد بن زَنْجُويَه في "الأموال" (1 / 271 - 272 رقم 408) .
أما أبو عبيد فمن طريق هشيم ومروان بن معاوية، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما حُميد فمن طريق يعلى بن عبيد، جميعهم عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه، وعندهم: ((وسيِّروا)) بدل قوله: ((وسيِّبوا)) ، وزاد أبو عبيد ((ولا يُؤْيَنَّ أحد له شيئًا)) ، وهذه الزيادة عند حميد، وزاد معها: ((فرأيتها ماتت ضَيْعَةً، لا يؤي أحد له شيئًا)) .
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن أبي سُلَيْم، تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك.
(3) يتضح من السياق أن الجَوْز ما يُتَلَهّى به، وأنه قد يكون على قمار، وقرنه بالكِعَاب قرينة على أنه يشبهه، وسيأتي تعريف الكعاب، وأما الجوز فلم أجده معرّفًا في كتب اللغة على أنه من الملاهي، وإنما الذي في "لسان العرب" (5 / 330) : ((والجَوْزة: ضرب من العنب ليس بكبير، ولكنه يَصْفَرّ جدًّا إذا أَيْنَعَ.
والجَوْز: الذي يؤكل، فارسي معرَّب، واحدته: جَوْزَة، والجمع: جوزات ... ، وأصل الجَوْز: فارسي، وقد جرى في كلام العرب وأشعارها، وخَشَبُهُ موصوف عندهم بالصلابة والقوّة)) . اهـ. =(4/1616)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(4) قال في "النهاية في غريب الحديث" (4 / 179) : ((الكِعَاب: فُصُوص النَّرْد، واحدها: كَعْبٌ، وكَعْبَةٌ. واللعب بها حرام، وكرهها عامة الصحابة. وقيل: كان ابن مُغَفَّل يفعله مع امرأته على غير قمار. وقيل: رخَّصَ فيه ابن المسيب على غير قمار أيضًا)) . اهـ.
هذا ما ذكره ابن الأثير رحمه الله في تعريف الكِعَاب، وفي ظَنِّي أن الكعاب التي يلعب بها الصبيان غير هذه التي ذكر ابن الأثير، فإنا أدركناهم يأخذون الكعاب التي في أرجل الأغنام إذا ذُبحت، فيزيلون ما عَلَقَ بها من العَصَب، ويلعبون بها، وأكثر ما يؤخذ الكسب من المغلوب من الكعاب نفسها؛ يتكاثرون بها.
[826] سنده ضعيف لضعف الليث بن أبي سُلَيم.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 170) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (10 / 467 رقم 19728) ، وفي "التفسير" (1 / 88) من طريق شيخه معمر، عن ليث، عن مجاهد وسعيد - أي: ابن جبير - قالا: الميسر: القمار كله، حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 324 رقم 4124) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 213) في الشهادات، باب ما يدلّ على ردّ شهادة من قامر بالحمام أو بالشطرنج أو بغيرهما.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (8 / 741 رقم 6223) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 28 / ب) .
كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن ليث، عن عطاء ومجاهد وطاوس - أو اثنين منهم - قالوا: كل شيء من القمار فَهُوَ مِنَ الْمَيْسِرِ، حَتَّى لِعْبُ الصبيان بالجوز.
وأخرجه الآجُرِّي في ((تحريم النرد والشطرنج والملاهي)) (ص163 - 164 =(4/1617)
827- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مُغِيرَةَ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ قِمَار الصِّبْيَان.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ]
828- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {ومن قتله منكم متعمدًا} - قَالَ: مُتَعَمِّدًا لِقَتْلِهِ، نَاسِيًا لِإِحْرَامِهِ، فذلك الذي يحكم عليه.
__________
= رقم 42) من طريق المحاربي، عن ليث، عن طاوس وعطاء ومجاهد، به مثل سابقه، وزاد: ((والكعاب)) .
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (ل 89 / ب) من طريق عبيد الله بن عمر، عن راو لم يتضح ليس بسبب سوء تصوير النسخة، عن ليث، به مثل لفظ الآجري.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلِّس، لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع.
[827] سنده ضعيف لما تقدم عن حال مغيرة.
(3) هو عبد الله بن أبي نَجيح، تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلَّس، لكن روايته عن مجاهد للتفسير صحيحة.
[828] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 187) للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 8 رقم 12544) من طريق سفيان ابن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به نحوه، وزاد: فإن قتله ذاكرًا لحُرْمه، متعمدًا =(4/1618)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لقتله، لم يحكم عليه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 389 - 390 رقم 8173) ، وفي "التفسير" (1 / 193) من طريق معمر، عن ابن نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {ومن قتله منكم متعمدًا} -: يقتله ناسيًا لإحرامه، يحكم عليه.
ثم أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" برقم (8174) من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح وليث بن أبي سُليم، كلاهما عن مجاهد قال: إذا أصابه متعمدًا لحُرْمه، متعمدًا لقتله، لم يُحكم عليه، وإذا أصابه متعمدًا له، ناسيًا لحرمه، حُكم عليه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" برقم (12546) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ومن قتله منكم متعمدًا} : غير ناسٍ لحُرْمه، ولا مريدٍ غيره، فقد حلّ، وليست له رخصة، ومن قتله ناسيًا، أو أراد غيره، فأخطأ به، فذلك العمد المكفَّر.
والحديث في "تفسير مجاهد" (ص204) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحو سابقه، وزاد: ((وعليه مثله من النعم)) .
وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق من "المصنف" من طريق سفيان الثوري، عن اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مجاهد، مقرونًا برواية سفيان للحديث عن ابن أبي نجيح.
ومن طريق الليث، عن مجاهد، أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 8 و 9 و 10 رقم 12545 و 12547 و 12548 و 12549 و 12558) ، بمعنى ما سبق، وفي بعض الطرق أورده مختصرًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 98) ، فقال: نا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مجاهد قال: كلما أصاب المحرم الصيد ناسيًا حُكم عليه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12550 و 12551) من طريق الحكم، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: {ومن قتله متعمدًا} ، قال: يقتله متعمدًا =(4/1619)
829- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ متعمدًا} - قَالَ: لَا أَرَى فِي الْخَطَأِ (3) شَيْئًا.
830- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} - قَالَ: مَنْ قَتَلَ صَيْدًا، ثُمَّ عاد، أعيد عليه الجزاء.
__________
= لقتله، ناسيًا لإحرامه.
ثم أخرجه أيضًا برقم (12556) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به بنحو لفظ عيسى بن ميمون السابق عن مجاهد.
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) قوله: ((الخطأ)) في الأصل: ((القتل)) ، ثم صوّبها، فلم تتضح، فأوضحها في الهامش.
[829] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 188) وعزاه لابن المنذر فقط، ولفظه: عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي المحرم إذا أمات صيدًا خطأ فلا شيء عليه، وإن أصاب متعمدًا فعليه الجزاء.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 /322) من طريق شعبة، عن أبي بشر جعفر بن أبي وحشيّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُ سئل عن المحرم يقتل الصيد خطأ، قال: ليس عليه شيء، قال: فقلت له: عمّن؟ قال: السُّنَّة.
[830] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 196) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 49 رقم 12642) من طريق هشيم، =(4/1620)
831- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح (1) ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ مَرَّةً أخرى.
__________
= عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَطَاءٍ بن أبي رباح أنه قال: يحكم عليه كلّما عاد.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 391 رقم 8176) .
وابن جرير في "تفسيره" (11 / 50 رقم 12648) .
كلاهما من طريق عبد الكريم الجزري، عن عطاء به، ولفظ ابن جرير مثل لفظه السابق، ولفظ عبد الرزاق قال فيه: ((يُحكم على الذي أصاب الصيد كلما عاد)) .
وأخرجه ابن جرير برقم (12649) من طريق زهير، عن سعيد بن جبير وعطاء - في قول الله تعالى ذكره: {ومن عاد فينتقم الله منه} -، قالا: ينتقم الله: يعني بالجزاء: {عفا الله عما سلف} في الجاهلية.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 48 - 49 رقم 12636 و 12637 و 12638 و 12639 و 12640) من طرق عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ: {عفاء الله عما سلف} : عما كان في الجاهلية: {ومن عاد} ، قال: في الإسلام: {فينتقم الله منه} ، وعليه الكفارة. قال: قلت لعطاء: فعليه من الإمام عقوبة؟ قال: لا.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 390 - 391 رقم 8175) من طريق ابن جريج، عن عطاء، مقرونًا برواية سفيان الثوري للحديث عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء، وسيأتي تخريجها في الحديث بعده.
(1) تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلّس.
[831] سنده ضعيف لأن ابن أبي نجيح لم يصرِّح بالسماع، وهو صحيح لغيره بالطرق المتقدم ذكرها في الحديث السابق.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 49 رقم 12645) من طريق سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: من قتل الصيد ثم عاد، حكم عليه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 390 - 391 رقم 8175) من طريق =(4/1621)
832- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنِ الحَكَم (3) ، عَنْ مِقسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ من النعم} -، قَالَ: إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ يَحْكُمُ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ جَزَاؤُهُ ذَبَحَهُ وتصدَّق بِلَحْمه، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ جَزَاؤُهُ قُوِّم جَزَاؤُهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمت الدَّرَاهِمُ طَعَامًا، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نِصْفِ صَاعٍ يَوْمًا، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِالطَّعَامِ: الصِّيَامُ، وَإِنَّهُ إِذَا وُجد الطعامُ وُجد جزاؤه.
__________
= شيخه سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: يُحْكَمُ عليه مرة واحدة في العمد، ثم رجع فقال: يحكم عليه في العمد والخطأ والنسيان وكلما أصاب.
قال عطاء: {عفا الله عما سلف} قال: في الجاهلية، ومن أصاب في الإسلام، لم يدعه الله حتى ينتقم منه، ومع ذلك الكفارة.
قال عبد الرزاق: وقاله ابن جريج، عن عطاء.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) هو ابن عُتَيْبَةَ، تقدم في الحديث [28] أنه ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلَّس، ولم يصرِّح هنا بالسماع، بل إنه يروي هنا عن مقسم مولى ابن عباس، ولم يسمع منه سوى خمسة أحاديث فقط كما في "التهذيب" (2 / 434) ، وليس هذا منها.
[832] سنده ضعيف لما تقدم عن رواية الحكم عن مقسم.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 188) وعزاه للمصنِّف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 186) في الحج، باب من عدل صيام يوم بمدّين من طعام، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: فإن لم يكن عنده جزاؤه)) ، =(4/1622)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= و: ((إنه إذا وجد الطعام)) .
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 332 - 333) من طريق المصنِّف، نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عن منصور، عن الحكم بن عتيبة، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ، فإن كان عنده جزاء ذبحه، فإن لم يكن عنده جزاء، قُوِّم جَزَاؤُهُ دَرَاهِمَ، ثُمَّ قُوِّمت الدَّرَاهِمُ طَعَامًا، فَصَامَ مَكَانَ كُلِّ نصف صاع يومًا. وإنما جعل الطعام للصائم؛ لأنه إِذَا وُجد الطعامُ وُجِدَ جَزَاؤُهُ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص184 - 185 رقم 1219 / القسم الأول من الجزء الرابع) .
وابن جرير في "تفسيره" (11 / 15 - 16 و 32 رقم 12569 و 12570 و 12572 و 12602) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 32 / أ، ول 33 / ب) .
ثلاثتهم من طريق جرير بن عبد الحميد، به نحوه، إلا أن إسناد ابن جرير رقم (12572) تصحف فيه: ((جرير بن عبد الحميد)) إلى: ((عبد بن حميد)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12571 و 12609) من طريق سفيان بن حسين، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عباس: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} ، فإن لم يجد هديًا، قُوِّم الهدي عليه طعامًا، وصام عن كل صاع يومين.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 397 رقم 8198) من طريق الثوري، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ ابن عباس قال: إنما جعل الطعام ليُعلم به الصيام.
كذا رواه عبد الرزاق عن الثوري، عن منصور؛ بإسقاط مقسم من سنده! وقد يكون السقط من الطباعة أو من النُّسَّاخ، والله أعلم.(4/1623)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} ]
833- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمر بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ أَبِي مِجْلَز (2) ، عَنِ ابْنِ (عَبَّاسٍ) (3) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لكم} - قَالَ: طَعَامُهُ: مَا قَذَفَ بِهِ.
__________
(1) هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي.
(2) هو لاَحِق بن حُميد.
(3) في الأصل: ((عياش)) ، وما أثبته من مصادر التخريج.
[833] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 198) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "سننه".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 383) .
وابن جرير في "تفسيره" (11 / 63 رقم 12694) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن سليمان التيمي، به مثله، إلا أن اسم أبي مجلز تصحف في المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة" إلى: ((أبي مخلد)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 62 رقم 12690) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 34 / ب - 35 / أ) .
كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عن سليمان التيمي، به، ولفظ ابن جرير مثله، ولفظ ابن أبي حاتم قال فيه: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {وطعامه} -، قال: ما قذف - يعني ميتًا -.
وأخرجه ابن جرير برقم (12689) من طريق إسماعيل بن عليّة، عن سليمان التيمي، به مثله.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 208) في الحج، باب ما للمحرم قتله من صيد البحر، و (9 / 255) في الصيد والذبائح، باب ما لفظ البحر وطفَا من ميتة، =(4/1624)
834- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ (1) ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صيد البحر وطعامه} -، قَالَ: صَيْدُهُ: الطَّرِيُّ، وطعامُهُ: المَالح، للمسافر والمقيم.
__________
= أما في الموضع الأول فمن طريق عمرو بن حبيب، وأما في الموضع الثاني فمن طريق علي بن عاصم، كلاهما عن سليمان التيمي، به نحوه.
(1) هو ابن عبد الله الطحّان الواسطي.
(2) تقدم في الحديث [6] أنه ثقة، إلا أنه اختلط في آخر عمره، وتقدم في الحديث [782] أن خالد بن عبد الله الطحّان ممن سمع منه بعد الاختلاط.
[834] سنده ضعيف لاختلاط عطاء بن السائب كما سبق، وقد تابعه خصيف كما سيأتي وهو ضعيف من قبل حفظه، والصواب في الحديث أنه عن سعيد بن جبير من قوله، وأما رواية سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس في تفسير هذه الآية، فالصحيح أنها بلفظ: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ مَا لفظ به البحر كما سيأتي في الحديث بعده رقم [835] ، ويشهد له الحديث السابق رقم [833] ، وانظر ما سيأتي نقله عن ابن جرير فيما يتعلق بمتن الحديث.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 198) وعزاه المصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 35 / أ) من طريق سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عباس: {وطعامه متاعًا لكم} ، قال: السمك المليح يتزوَّدونه.
وهذا إ سناد ضعيف، فخصيف بن عبد الرحمن الجَزَري تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
ورواه أبو حَصين عثمان بن عاصم، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: {أحل لكم صيد البحر} : الطري، {وطعامه متاعًا لكم} ، قال: السمك المالح. =(4/1625)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص104 - 105 رقم 258) عن أبي حُصَيْنٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ من قوله، ليس فيه ذكر لابن عباس.
وهذا إسناد صحيح رجاله أئمة ثقات تقدمت تراجمهم.
ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" 11 / 59 و 66 و 67 رقم 12674 و 12676 و 12677 و 12678 و 12711 و 12715 و 12719) .
وتابع أبا حصين كل من سالم الأفطس وأبو بشر جعفر بن إياس بن أبي وحشيَّة.
فأخرجه ابن جرير برقم (12711) مقرونًا بإحدى روايات أبي حصين السابقة، من طريق سالم الأفطس، عن سعيد - في قوله تعالى: {متاعًا لكم} - قال: المليح.
ثم أخرجه برقم (12713) من طريق سالم أيضًا، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وطعامه متاعًا لكم} -، قال: يأتي الرجل أهل البحر فيقول: أطعموني، فإن قال: غريضًا، ألقوا شبكتهم فصادوا له، وإن قال: أطعموني من طعامكم، أطعموه من سمكهم المالح.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 68 رقم 12721) من طريق شيخه محمد بن بَشَّار بندار، عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، عن أبي بشر جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي هذه الآية: {وطعامه متاعًا لكم} - قال: الصِّير، قال شعبة: فقلت لأبي بشر: ما الصِّير؟ قال: المالح.
ثم أخرجه بن جرير برقم (12722) من طريق هشام بن الوليد، عن شعبة، به نحو سابقه.
فتبين بهذا أن الصحيح ما رواه هؤلاء الثلاثة: أبو حصين عثمان بن عاصم، وسالم الأفطس وأبو بشر جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير من قوله. =(4/1626)
835- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، قَالَ: نا حُصَيْن (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَيْدُهُ (مَا اصْطِيد) (3) ، وَطَعَامُهُ مَا لَفَظَ بِهِ البحر.
__________
= وأما عن ابن عباس، فلفظه - على الصحيح -: صَيْدُهُ مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ مَا لفظ به البحر كما في الحديث الآتي.
والذي صح عن ابن عباس هو الصواب، وما ذهب إليه سعيد لا معنى له؛ يقول ابن جرير - رحمه الله - في "تفسيره" (11 / 69 - 70) : (وأولى هذه الأقوال بالصواب عندنا: قول من قال: ((طعامه)) : ما قذفه البحر، أو حَسَر عنه، فوُجد ميتًا على ساحله، وذلك أن الله تعالى ذكره ذَكَر قبله صيد الذي يصاد، فقال: ((أحل لكم صيد البحر)) ، فالذي يجب أن يعطف عليه في المفهوم: ما لم يُصَدْ منه، فقال: أحل لكم ما صدتموه من البحر، وما لم تصيدوه منه.
وأما ((المليح)) ، فإنه ما كان منه مُلِّح بعد الاصطياد، فقد دخل في جملة قَوْلِهِ: ((أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)) ، فلا وجه لتكريره، إذ لا فائدة فيه، وقد أعلم عباده - تعالى ذكره - إحلاله ما صيد من البحر بقوله: ((أحل لكم صيد البحر)) ، فلا فائدة أن يقال لهم بعد ذلك: ((ومليحه الذي صيد حلال لكم)) ، لأن ما صيد منه فقد بُيِّن تحليله، طريًّا كان أو مليحًا؛ بقوله: ((أحل لكم صيد البحر)) ، والله يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدة)) . اهـ. والله أعلم.
(1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره، لكن تابعه هشيم كما سيأتي.
(2) هو ابن عبد الرحمن السُّلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة تغير حفظه في الآخر، لكن هذا الأثر رواه عنه هشيم كما سيأتي، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [91] .
(3) في الأصل: ((ما أصيد)) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف. =(4/1627)
836- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أَبِي هريرة قال: (قدمت) (4) البحرين،
__________
[835] سند المصنف فيه خلف وحصين وتقدم بيان حالهما، لكن هذا الحديث من صحيح حديثهما، فإن خلفًا قد توبع، وحصين رُوي عنه هذا قبل الاختلاط.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (9 / 255) في الصيد والذبائح، باب ما لفظ البحر وطفا من ميِّتة، من طريق المصنِّف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 57 و 62 رقم 12669 و 12688) في كلا الموضعين من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين، ... ، فذكره بمثله، إلا أنه ذكر الصيد في الموضع الأول، والطعام في الموضع الثاني، ووقع عنده: ((ما صيد منه)) بدل قوله: ((ما اصطيد)) .
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدم تراجمهم.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12671 و 12693) من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ: {أحل لكم صيد البحر} - قال: صيده ما صيد.
هذا لفظه في الموضع الأول، وفي الثاني قال:
عن ابن عباس: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ} ، قال: طعامه: ما وجد على الساحل ميتًا.
(1) هو وضَّاح بن عبد الله.
(2) هو عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزُّهْري، قاضي المدينة، روى عن أبيه وإسحاق بن يحيى بن طلحة، روى عنه مِسْعَر وهُشَيم وأبو عوانة وغيرهم، وهو صدوق يخطئ كما في "التقريب" (ص413 رقم 4910) ، قال ابن المديني: ((تركه شعبة)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث، وليس يُحتجّ بحديثه)) ، وقال الجوزجاني: ((ليس بقوي في الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن خزيمة: ((لا يحتجّ بحديثه)) ، وقال البخاري: ((صدوق، إلا =(4/1628)
فَسَأَلَنِي أَهْلُهَا عَمَّا يَقْذِفُ الْبَحْرُ مِنَ السَّمَكِ، فَأَمَرْتُهُمْ بِأَكْلِهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ سَأَلْتُ عُمَرَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أَمَرْتَهُمْ؟ فَقُلْتُ: أَمَرْتُهُمْ بِأَكْلِهِ، فَقَالَ: لَوْ قُلْتَ غَيْرَ ذَلِكَ لَعَلَوْتُكَ بالدِّرَّة (5) ، ثُمَّ قَرَأَ عُمَرُ: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وطعامه} ، قَالَ: صَيْدُهُ: مَا اصْطِيدَ، وَطَعَامُهُ ما رمى به.
__________
= أنه يخالف في بعض حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((هو عندي صالح صدوق في الأصل، ليس بذاك القوي، يكتب حديثه ولا يحتجّ به، يخالف في بعض الشيء)) ، وقال ابن معين في رواية: ((ضعيف الحديث)) ، وفي أخرى قال: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو خيثمة: ((صالح إن شاء الله)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات وقال: ((صالح ثقة إن شاء الله، قاله أحمد)) - يعني ابن حنبل -، وقال العجلي: ((لا بأس به)) ، وقال ابن عدي: ((حسن الحديث، لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة مقتولاً بالشام مع بني أمية)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 117 - 118 رقم 635) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص136 رقم 711) ، و"التهذيب" (7 / 456 - 457 رقم 759) .
(3) هو أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن عوف الزُّهري، المدني، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: إسماعيل، وقيل: اسمه كنيته، روى عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر وابن عباس وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وأبي سعيد الخدري وأنس وجابر وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عمر وأولاد إخوته: سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن وعبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن، والأعرج وعروة بن الزبير والزهري وغيرهم، وهو ثقة مكثر روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص645 رقم 8142) ، قال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا كثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((مدني تابعي ثقة)) ، وقال أبو زرعة: ((ثقة إمام)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان من سادات قريش)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 93 - 94 رقم 429) ، و"تاريخ =(4/1629)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الثقات" للعجلي (ص499 رقم 1960) ، و"التهذيب" (12 / 115 - 118 رقم 537) .
(4) ما بين القوسين سقط من الأصل، وفي موضعه إشارة إدخال، لكن لم يكتب في الهامش شيء، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"، فإنه روى الحديث من طريق المصنف.
(5) الدِّرَّة - بكسر الدال المشددة، بعدها راء مشدّدة مفتوحة -: هي دِرَّة السلطان التي يَضرِب بها. انظر "لسان العرب" (4 / 282) .
[836] سنده ضعيف لضعف عمر بن أبي سلمة من قبل حفظه، وهو صحيح من غير طريقه مع بعض الاختلاف في السياق كما سيأتي.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 197 - 198) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ والبيهقي في "سننه".
والبيهقي أخرجه في "سننه" (9 / 254) في الصيد والذبائح، باب ما لفظ البحر وطفا من ميِّته، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فسألني أهل البحرين)) ، و: ((سألت عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -)) ، و: ((ثم قرأ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -)) ، وزاد في الآية قوله تعالى: {متاعًا لكم} .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 57 و 61 رقم 12667 و 12687) من طريق هشيم، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، به نحوه، إلا أنه اختصره في الموضع الأول.
وقد رويت القصة على وجه آخر، فلست أدري، هل أخطأ عمر بن أبي سلمة، فرواها بهذا اللفظ، أو أن القصة وقعت مرتين؟
فالحديث أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 433 رقم 8344) من طريق شيخه معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا من أهل الشام استفتاه في لحم صيد أصابه وهو محرم، فأمره بأكله. قال: فلقيت عمر فأخبرته بمسألة الرجل، فقال لي [في الأصل: له] : ما أفتيته؟ =(4/1630)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قلت: بأكله، قال: والذي نفس عمر بيده لو أفتيته بغير ذلك لضربتك بالدِّرَّة.
وهذا من أصح الأسانيد عن أبي هريرة كما في "النكت" على كتاب ابن الصلاح للحافظ ابن حجر (1 / 251) ، وتعليق الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - على "ألفية السيوطي" (ص8) ، فرجال الإسناد جميعهم ثقات تقدمت تراجمهم، عدا يحيى بن أبي كثير.
وهو يحيى بن أبي كثير الطَّائي، مولاهم، أبو نَصْر اليَمَامي، يروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن إبراهيم التَّيْمي وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الله وأيوب السِّخْتياني ويحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن حسّان وهشام الدَّسْتوائي وهمّام بن معمر بن راشد وغيرهم، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، قال أيوب السختياني: ((ما بقي على وجه الأرض مثل يحيى)) ، وقال أيضًا: ((ما أعلم أحدًا بعد الزهري أعلم بحديث أهل المدينة من يحيى)) ، وقال شعبة: ((يحيى أحسن حديثًا من الزهري)) ، وقال الإمام أحمد: ((يحيى بن أبي كثير من أثبت الناس، إنما يُعَدّ مع الزهري ويحيى بن سعيد، وإذا خالفه الزهري، فالقول قول يحيى بن أبي كثير)) ، وقال العجلي: ((ثقة، كان يُعَدّ من أصحاب الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((يحيى بن أبي كثير إمام لا يحدث إلا عن ثقة)) ، وقال العقيلي: ((كان يُذكر بالتدليس)) ، وقال ابن حبان: ((كان يدلِّس، فكلُّ ما روى عن أنس فقد دلّس عنه؛ لم يسمع من أنس ولا من صحابي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 141 - 142 رقم 599) ، و"التهذيب" (11 / 268 - 270 رقم 539) ، وانظر "التقريب" (ص596 رقم 7632) .
وما ذكر عن يحيى من التدليس، فإنما يراد به الإرسال كما يتضح من عبارة ابن حبان من أنه لم يسمع من أنس ولا من صحابي، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من "طبقات المدلسين" (ص76 رقم 63) وهم من احتمل الأئمة تدليسهم.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" أيضًا (4 / 432 رقم 8342) من طريق شيخه معمر، عن الزهري، عن سالم، أنه سمع أبا هريرة يحدِّث أباه قال: سألني قوم محرمون عن قوم مُحِلِّين أهدوا لهم صيدًا، فأمرتهم بأكله، ثم رأيت عمر، فسألته، فقال: كيف أفتيتهم؟ فأخبرته، فقال: لو أفتيتهم بغيره لأوجعتك.
قال معمر: وسمعت عمرو بن دينار يخبر عن طَلْق بن حبيب أن أبا هريرة أخبر =(4/1631)
837- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَحِلُّ لَكُمُ الصَّيْدُ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ، وَقَرَأَ: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ البر ما دمتم حرمًا} .
__________
= ابن عمر بهذا الخبر، فقال أبو مجلز لابن عمر: فما تقول أنت؟ قال: ما أقول فيه وعمر خير مني، وأبو هريرة خير مني. قال عمرو: كان ابن عمر يكره أكله. وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وسالم هو ابن عبد الله بن عمر، وأبو مِجْلز اسمه: لاحق بن حميد.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 189) في الحج، باب ما يأكل المحرم من الصيد، من طريق الإمام مالك، عن ابن شهاب الزهري، به نحو سابقه إلى قوله: ((لأوجعتك)) .
[837] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 199) للمصنَّف وأبي عبيد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم، لكنه جمع متن هذه الرواية والرواية الآتية في سياق واحد.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 428 رقم 8330) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، به، لكن بلفظ: هي مبهمة - في قوله: {وحرم عليكم صيد البر مادمتم حرمًا} .
وهذا إنما هو لفظ الرواية الآتية.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (8329) من طريق شيخه معمر، عن عبد الله بن طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عباس أنه كان يكره لحم الصيد للمحرم.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 83 رقم 12766 و 12767) من طريق سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا صيد أو ذبح وأنت حلال فهو لك حلال، وما صيد أو ذبح وأنت حرام فهو عليك حرام.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 77 رقم 12748) من طريق يعلى بن حكيم، =(4/1632)
838- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْبَصْرِيِّ (1) ، عَنْ طاوس، عن ابن عباس [ل133/ب] قَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ (2) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: { [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ القُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102) مَا جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} ]
839- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب (3) ، (عَنْ) (4) خُصَيف (5) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ =
__________
= عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه كان يكرهه على كل حال، ما كان محرمًا.
(1) هو ابن أبي المُخَارِق، تقدم في الحديث [28] أنه ضعيف.
(2) سيأتي ما يفسرها في رواية ابن أبي حا تم حيث زاد: ((صيده وأكله حرام على المحرم)) ، فهو يتفق مع الحديث السابق في معناه.
[838] سنده ضعيف لضعف عبد الكريم، وهو صحيح بالطريق السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص360 رقم 2352) عن شيخه سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم، بمثل ما هنا سواء.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 35 / ب) من طريق ابن أبي عمر، عن سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم، به بلفظ: هي مبهمة، صيدُه وأكله حرام على المحرم.
فإن كان هذا هو معنى قوله: ((هي مبهمة)) ، فهو صحيح بالطريق السابق، بل جاء هناك في رواية عبد الرزاق للحديث عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ - في قوله: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دمتم حرمًا} - وهذا إسناد صحيح.
(3) هو ابن بشير، تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة.(4/1633)
= أشياء} - قَالَ: يَعْنِي البَحِيَرةَ (6) ، والسَّائِبَةَ (7) ، والوَصِيلةَ (8) ، والْحَامِ (9) ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ: مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا؟ وَأَمَّا عِكْرمة فَإِنَّهُ قَالَ: كَانُوا يَسْأَلُونَ (10) عَنِ الْآيَاتِ، فنُهوا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: {قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ} ، فَقُلْتُ (11) : إِنَّهُ حَدَّثني مُجَاهِدٌ بِخِلَافِ هَذَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَمَا لكَ تَقُولُ هذا؟ فقال: هَاهْ! (12) .
__________
(4) في الأصل: ((عتاب بن خصيف)) .
(5) هو ابن عبد الرحمن الجَزَري، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
(6) البَحِيَرةُ: كان أهل الجاهلية إذا ولدت إبلهم بَحَرُوا أذنه: أي شَقُّوها، وقالوا: اللهم إن عاش فَفَتِيّ، وإن مات فَذَكيّ، فإذا مات أكلوه وسَمَّوْهُ: البَحِيرة. وقيل: البَحِيرَةُ: هي بنت السَّائِبة؛ كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث، لم يُركَب ظهرُها، ولم يُجَزَّ وَبَرُها، ولم يَشْرب لبنَها إلا ولدها أو ضيف، وتركوها مُسَيَّبة لسَبِيلها، وسَمَّوها: السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أنثى، شَقُّوا أُذُنَها وخَلَّوا سبيلها، وحرُم منها ما حرم من أمها، وسَمَّوها: البَحيرَة. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 100) .
(7) تقدم بيان معناه مع البحيرة.
(8) الوَصِيلَةُ: هي الشاة إذا وَلَدَت ستَّة أبْطُن، أُنْثَيَيْنِ أُنثيين، وولدت في السابعة ذكرًا وأنثى، قالوا: وصلت أخاها، فأحلّوا لبنها للرجال، وحرَّموه على النساء.
وقيل: إن كان السابع ذكرًا ذُبح، وأكَل منه الرجال والنساء، وإن كانت أنثى، تُركت في الغنم، وإن كان ذكراً وأنثى قالوا: وصلت أخاها، ولم تُذبح، وكان لبنها حرامًا على النساء. "النهاية في غريب الحديث" (5 / 192) .
(9) الحَامِي: هو الفَحْلُ من الإبل، يضرب الضِّرَابَ المعدودة، قيل: عشرة أبْطُن، فإذا بلغ ذلك، قالوا: هذا حَامٍ، أي: حَمَى ظَهْره، فيُترك، فلا ينتفع منه =(4/1634)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بشيء، ولا يُمنع من ماء ولا مَرْعَى. اهـ. من "لسان العرب" (14 / 202) .
(10) في الأصل: ((يسلون)) .
(11) القائل هو خصيف.
(12) عكرمة مولى ابن عباس ممن كثر الكلام فيه، حتى إنه اتهم بالكذب، وجميع ذلك مدفوع بحمد الله، وهو ثقة ثبت كما سبق بيانه في الحديث رقم [115] . وخصيف هنا يشير إلى أن عكرمة قال قولاً يخالف قول ابن عباس، مع أنه من تلاميذه، فلما أخبره بقول ابن عباس أصابته الدهشة، فقال: ((هاه!)) ، لكن طريقة محادثة خصيف لعكرمة تشعر بعدم رضائه عنه، فلعله ممن تأثر بما قيل عن عكرمة، أو انحاز إلى صف مجاهد لكثرة مجالسته له أكثر من عكرمة، ومجاهد سيء الرأي في عكرمة كما يتضح من مطالعة "تفسير ابن جرير الطبري" (9 / 216 - 217 و 218 - 219) ، وذلك محمول على أنهم أقران، وكلام الأقران بعضهم في بعض لا يلتفت إليه، قال حبيب بن أبي ثابت: اجتمع عندي خمسة: طاوس ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة وعطاء، فأقبل مجاهد وسعيد بن جبير يلقيان على عكرمة التفسير، فلم يسألاه عن آية إلا فسرها لهما، فلما نفد ما عندهما جعل يقول: أنزلت آية كذا في كذا، وأنزلت آية كذا في كذا. "تهذيب التهذيب" (7 / 266) .
[839] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف ورواية عتّاب عنه.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 208) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 111 رقم 12811) من طريق شيخه إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، قال: حدثنا عتاب بن بشير ... ، فذكره بنحوه، إلا أنه قال: ((هيه)) بدل قول: ((هاه)) .(4/1635)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} ]
840- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسٍ (1) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ على المنبر: إن الناس يقرؤون هَذِهِ الْآيَةَ، لَا يَدْرُونَ كَيْفَ مَوْضِعُهَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، وَإِنَّ الْقَوْمَ إِذَا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي، فَلَمْ يُنْكِرُوهُ، وَرَأَوُا الظَّالِمَ، فَلَمْ يُغيِّروا عَلَيْهِ، عَمَّهم اللَّهُ بعقاب.
__________
(1) هو قيس بن أبي حازم البَجَلي، أبو عبد الله الكوفي، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد والزبير وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر ومجالد بن سعيد والحكم بن عتيبة والأعمش وغيرهم، وهو ثقة مخضرم، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وقال: ((هو أوثق من الزهري)) ، وقال إسماعيل بن أبي خالد: ((حدثنا قيس؛ هذه الأسطوانة)) - يعني في الثقة -، ووثقه العجلي وابن شاهين، وقال أبو داود: ((أجود التابعين إسنادًا: قيس بن أبي حازم؛ روى عن تسعة من العشرة، ولم يرو عن عبد الرحمن بن عوف)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((وقيس من قدماء التابعين، وقد روى عن أبي بكر فمن دونه، وأدركه وهو رجل كامل، ويقال: إنه ليس أحد من التابعين جمع أن روى عن العشرة مثله، إلا عبد الرحمن بن عوف، فإنا لا نعلمه روى عنه شيئًا، ثم قد روى بعد العشرة عن جماعة من الصحابة وكبرائهم، وهو متقن الرواية، وقد تكلم أصحابنا فيه، فمنهم من رفع قَدْره وعظّمه وجعل الحديث عنه من أصح الإسناد، ومنهم من حمل عليه وقال: له أحاديث مناكير، والذين أطروه حملوا هذه الأحاديث على أنها عندهم غير مناكير، وقالوا: هي غرائب، ومنهم من حمل عليه في مذهبه، وقالوا: كان =(4/1636)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يحمل على علي، والمشهور عنه أنه كان يقدم عثمان، ولذلك تجنب كثير من قدماء الكوفيين الرواية عنه)) ، وقال إسماعيل بن أبي خالد: ((عُمِّر قيس حتى جاز المائة بسنين كثيرة حتى خرف وذهب عقله)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((قيس بن أبي حازم منكر الحديث)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص392 رقم 1393) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (7 / 102 رقم 579) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص191 رقم 1158) ، و"التهذيب" (8 / 386 - 389 رقم 689) ، و"التقريب" (ص456 رقم 5566) .
أقول: ويتضح مما سبق أنه تُكُلِّم في قيس بن أبي حازم بأمور ثلاثة:
1- أنه روى أحاديث مناكير. ... ... 2- أنه كان يحمل على عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
3- أَنَّهُ تغير في آخر عمره.
ويجاب عن ذلك: بأن الأحاديث المناكير التي رواها أحاديث تفرّد بها لم يتابع عليها، ولا ينكر على مثله أن يروي أشياء لا يرويها غيره؛ لسعة علمه، والمقصود بالنكارة هنا: مطلق التفرد، لا نكارة المتن.
وقد ذكر الحافظ الذهبي قيسًا هذا في "ميزان الاعتدال" (3 / 392 - 393 رقم 6908) وقال: ((ثقة حجّة، كاد أن يكون صحابيًا، وثّقه ابن معين والناس، وقال علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد: منكر الحديث، ثم سمّى له أحاديث استنكرها فلم يصنع شيئًا، بل هي ثابتة لا ينكر له التَّفَرُّد في سعة ما روى)) .
وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب": ((مراد القطّان بالمنكر: الفرد المطلق) .
وأما ما قيل من أنه كان يحمل على علي، فالذي يرى هذا الرأي هم الكوفيون كما يتضح من كلام يعقوب بن شيبة، والكوفيون عندهم ميل إلى علي - رضي الله عنه - يزيد على الحدّ المطلوب شرعًا، ومن ذلك: تقديمهم له على عثمان رضي الله عنهما، فلما رأوا قيسًا - وهو كوفي - يقدِّم عثمان عليه - وهذا هو الصحيح -، عدُّوا ذلك تحاملاً، وحاشاه. =(4/1637)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما تغيُّره في آخر عمره، فهذا إنما حصل له بسبب كبر سنه، ولم يُذكر أن ذلك طال معه وأنه حدَّث في تغيُّره، ولما ذكر الذهبي قول إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ تغيُّر قيس بعدما كبر، قال - كما في الموضع السابق من "الميزان" -: ((قلت: أجمعوا على الاحتجاج به، ومن تكلَّم فيه فقد آذى نفسه، نسأل الله العافية وترك الهوى)) . اهـ.
[840] سنده صحيح، بل إن رواية إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس بن أبي حازم، عن أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هي أصح الأسانيد إلى أبي بكر كما في "النكت على كتاب ابن الصلاح" للحافظ ابن حجر (1 / 256 - 257) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 215) وعزاه لابن أبي شيبة والإمام أحمد وعبد بن حميد والعدني وابن منيع والحميدي في "مسانيدهم" ولأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأبي يعلى والكجَّي في "سننه" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والدارقطني في "الأفراد" وأبي الشيخ وابن مردويه والبيهقي في "شعب الإيمان" والضياء في "المختارة".
ومدار الحديث على قيس بن أبي حازم، وله عن قيس ست طرق:
(1) طريق إسماعيل بن أبي خالد، واختلف عليه، فمنهم من رواه عنه، عن قيس، عن أبي بكر موقوفًا عليه كما هنا.
ومنهم من رفع منه قوله: ((وإن القوم ... )) الخ، وفي بعض الروايات: ((إن الناس إذا رأوا المنكر ... )) الخ، ومنهم من رفعه جميعه كما سيأتي.
وقد تطرَّق لهذا الاختلاف أبو زرعة والدارقطني وغيرهما.
أما أبو زرعة، فقد سأله عبد الرحمن بن أبي حاتم عن هذا الحديث، فقال: ((وقفه ابن عيينة ووكيع ويحيى بن سعيد القطان، عن إسماعيل، ويونسُ بن أبي إسحاق، ورواه يونس عن طارق، عن (في الأصل: بن) بيان بن بشر، عن قيس، عن أبي بكر موقوف. ورواه الحكم، عن قيس، عن أبي بكر موقوف. قال أبو زرعة: وأحسب إسماعيل بن أبي خالد كان يرفعه مرة ويوقفه =(4/1638)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مرة)) . اهـ.
وسئل الدارقطني في "العلل" (1 / 249 - 253) عن هذا الحديث، فأجاب بقوله: ((هو حديث رواه إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس، فرواه عنه جماعة من الثقات، فاختلفوا عليه فيه. فمنهم من أسنده إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ومنهم من أوقفه على أبي بكر.
فممن أسنده إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: عبد الله بن نمير، وأبو أسامة، ويحيى بن سعيد الأموي، وزهير بن معاوية، وهشيم بن بشير، وعبيد الله بن عمرو، ويحيى بن عبد الملك بن أبي غنيَّة، ومروان بن معاوية الفزاري، ومرجِّي بن رجاء، ويزيد بن هارون، وعبد الرحمن بن سليمان، والوليد بن القاسم، وعلي بن عاصم، وجرير بن عبد الحميد، وشعبة بن الحجاج، ومالك بن مِغْوَل، ويونس بن أبي إسحاق، وعبد العزيز بن مسلم القَسْملي، وهياج بن بسطام، ومُعلّى بن هلال، وأبو حمزة السُّكَّري، ووكيع بن الجراح، فاتفقوا على رفعه إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
وخالفهم يحيى بن سعيد القطّان، وسفيان بن عيينة، وإسماعيل بن مجالد، وعبيد الله بن موسى، فرووه عن إسماعيل موقوفًا على أبي بكر.
ورواه بيان بن بشر، وطارق بن عبد الرحمن، وذرّ بن عبد الله الهمداني، والحكم بن عتيبة، وعبد الملك بن عمير، وعبد الملك بن ميسرة، فرووه عن قيس، عن أبي بكر موقوفًا.
وجميع رواة هذا الحديث ثقات.
ويشبه أن يكون قيس بن أبي حازم كان ينشط في الرواية مرّة فيسنده، ومرّة يجبُنُ عنه فيقفه على أبي بكر)) . اهـ.
وقد وقفت على روايات بعض من ذكرهم الدارقطني وزيادة.
فممن رواه موقوفًا: سفيان بن عيينة كما أشار إليه أبو زرعة والدارقطني.
وقد أخرجه المصنِّف هنا عن سفيان بن عيينة موقوفًا.
ووافق سفيان بن عيينة: يحيى بن سعيد القطان وإسماعيل بن مجالد وعبيد الله بن =(4/1639)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= موسى على ما ذكر الدارقطني.
ووافقه أيضًا وكيع، ومالك بن مِغْوَل.
أما رواية وكيع، فأخرجها ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 148 رقم 12871) من طريق هنّاد بن السَّرِيّ وسفيان بن وكيع، كلاهما عن وكيع بن الجراح، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال: قال أبو بكر: تقرؤون هذه الآية: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} ، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقابه.
وأما رواية مالك بن مِغُوَل، فأخرجها الخطيب البغدادي في "الفصل للوصل المدرج في النقل" (1 / 38 - 39) من طريق مسلم بن إبراهيم، نا مالك بن مغول وشعبة بن الحجاج، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال سمعت أبا بكر - وتلا هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} - ... ، وأنتم تقرؤونها لا تدرون ما تفسيرها، وإنه يوشك أن تروا المنكر فلا تنكروه، فيعمّكم الله منه بعقاب.
ورواية وكيع ومالك بن مغول للحديث هكذا موقوفًا، على خلاف ما ذكره الدارقطني عنهما في كلامه السابق؛ من أنهما روياه مرفوعًا، فالذي يظهر أن هناك اختلافًا عليهما أيضًا، وقد قرن الخطيب رواية شعبة مع رواية مالك، ورواية شعبة للحديث عن إسماعيل فيها اختلاف سيأتي ذكره.
وأما الذين رووه مرفوعًا، فمنهم:
يزيد بن هارون قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قيس بن أبي حازم، عن أبي بكر الصديق قال: أيها الناس، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 7) ، واللفظ له. =(4/1640)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص29 رقم 1) .
ومن طريقه الذهبي في "معجم الشيوخ الكبير" (1 / 121) .
وأخرجه الترمذي (6 / 388 - 389 رقم 2257 و 2258) في الفتن، باب ما جاء في نزول العذاب إذا لم يُغَيَّر المنكر، و (8 / 422 - 423 رقم 5050) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير.
والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" (ص51 رقم 53 / عوالي الحارث) .
ومن طريقه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / 187 رقم 123) .
وأخرجه البزار في "مسنده" (1 / 137 رقم 68) .
وأبو بكر المرزوي في "مسند أبي بكر" (ص130 رقم 88) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 62) .
والطبراني في "مكارم الأخلاق" (ص65 - 66 رقم 79) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 91) في آداب القاضي، باب ما يستدلّ به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكو ن أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر من فروض الكفايات، وفي "شعب الإيمان" (6 / 82 رقم 7550) .
ومنهم: عبد الله بن نمير وأبو أسامة حماد بن أسامة، قالا: حدثنا إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، وإنما سمعنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: ((إن الناس إذا رأوا المنكر لا يغيِّرونه، أوشك الله أن يعمّهم بعقابه)) .
قال أبو أسامة: وقال مرة أخرى: وإنا سمعنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 174 - 175 رقم 19429) .
ومن طريقه أخرجه ابن ماجه في "سننه" (2 / 1327رقم 4005) في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 93 رقم 63) . =(4/1641)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص130 - 131 رقم 88) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 2) من طريق عبد الله بن نمير، عن إسماعيل، بنحو سياق ابن أبي شيبة.
ثم أخرجه (1 / 7) من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، قال: أخبرنا إسماعيل، عن قيس، قال: قام أبو بكر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثُمَّ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا عليكم أنفسكم ... } حتى أتى على آخر الآية، ألا وإن الناس إذا رأوا الظالم لم يأخذوا على يديه، أوشك الله أن يعمّهم بعقابه، إلا وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن الناس ... )) ، وقال مرة أخرى: وإنا سمعنا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -. اهـ.
ومنهم: مروان بن معاوية الفزاري، ثنا إسماعيل بن أبي خالد ... ، فذكره بنحو سياق يزيد بن هارون، إلا أنه ذكر في أوّله أن أبا بكر قام، فحمد الله وأثنى عليه.
أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 3 - 4 رقم 3) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 63) .
ومنهم: زهير بن معاوية، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد ... ، فذكره بنحو سياق ابن أبي شيبة السابق، دون الزيادة التي ذكرها أبو أسامة، وزاد زهير في روايته عقب ذكره للآية قول أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((وإنكم تضعونها على غير موضعها)) .
أخرجه الأمام أحمد في "المسند" (1 / 5) .
ومن طريق ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص317) .
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 63) .
والخطابي في "كتاب العزلة" (ص34 رقم 58) .
ومنهم: هُشَيم بن بشير، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن قيس، قال: قال أبو بكر بعد أن حمد الله وأثنى عليه: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَا مِنْ قوم يعمل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون =(4/1642)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= على أن يغيروا ثم لا يغيِّروا، إلا يوشك أن يعمّهم الله منه بعقاب)) .
أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 509 - 510 رقم 4338) في الملاحم باب الأمر والنهي، واللفظ له.
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "شعب الإيمان".
وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص128 - 130 رقم 86) .
وأبو محمد جعفر الخلدي في "فوائده" (ل 62 / ب) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
ولفظ الخلدي والبيهقي نحو لفظ أبي داود، إلا أن الخلدي زاد عقب الآية قول أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((وإنه لا يضّر من أطاع الله من عصا الله)) .
وأما المروزي فلفظ المرفوع عنده: إذا عمل في الناس بالمنكر ولم يغيِّروه، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب)) .
ومنهم: خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ بنحو سياق يزيد بن هارون السابق.
أخرجه أبو داود في الموضع السابق من "سننه".
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
ومنهم: محمد بن مسلم بن شريك الثقفي، أن إسماعيل مولى خراش حدثهم، أن قيس بن أبي حازم البجلي حدثهم أنه سمع أبا بَكْرٍ الصِّدِيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو على منبر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: يا أيها الناس، إنكم ستقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، فإنما سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((لا يكون المنكر بين ظهراني قوم لا يغيرونه، إلا أوشك أن يعمهم الله عز وجل بعقاب)) .
أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 94 رقم 64) واللفظ له.
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 41 / ب) .
قال ابن عاصم عقبه: ((ورواه مجالد بن سعيد عن قيس، عن أبي بكر =(4/1643)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وإسماعيل بن أبي خالد من أثبت أهل الكوفة.
واسم أبي خالد: هُرْمُز. وقيس ثقة، من أحسنهم لُقْيًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، وكان عثمانيًا. واسم أبي حازم: عوف بن عبد، وقد رأى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) . اهـ.
ومنهم: معتمر بن سليمان، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحو سياق يزيد بن هارون.
أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 135 رقم 65) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 64) .
ومنهم: زائدة بن قدامة، رواه عن إسماعيل، به.
أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 137 رقم 67) ، ولم يذكر لفظه.
ومنهم: جرير بن عبد الحميد، رواه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال: قرأ أبو بكر هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، ثم قال: إن الناس يضعون هذه الآية على غير موضعها، إلا وإني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن لاقوم إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، والمنكر فلم يغيروه، عمَّهم الله بعقابه)) .
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 120 رقم 132) واللفظ له.
ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (9 / 521 / مخطوط الظاهرية) .
وأخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص130 رقم 87) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 149 رقم 12873) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 64) .
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 539 رقم 304 / الإحسان) .
ومنهم: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أنا إسماعيل، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بكر الصديق يقول: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((إن القوم =(4/1644)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إذا رأوا المنكر فلم يغيِّروه، عمّهم الله بعقاب)) .
أخرجه النسائي في "التفسير" (1 / 457 - 458 رقم 177) .
ومنهم: عبيد الله بن عمرو الرَّقِّي وعمر بن علي المقدمي، كلاهما عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحو سابقه، إلا أن عبيد الله بن عمرو إنما ذكر منه المرفوع فقط.
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 119 رقم 130 و 131) .
ومنهم: عبد العزيز بن مسلم القَسْمَلي، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ... ، فذكره بنحو لفظ عبد الله بن المبارك السابق.
أخرجه البغوي في "شرح السنة" (14 / 344 رقم 4153) .
قلت: جميع هؤلاء الرواة رووه عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ برفع جزئه الأخير.
ورواه شعبة عن إسماعيل، واختُلف على شعبة، والصواب عنه مثل رواية هؤلاء برفع جزئه الأخير.
فالحديث أخرجه أبو بكر المروزي في "مسند أبي بكر" (ص131 رقم 89) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 118 رقم 128) .
ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (1 / 540 رقم 305) .
وأخرجه الخطيب البغدادي في "الفصل" (1 / 34 - 35) .
أما المروزي وأبو يعلى فعن عبيد الله بن معاذ بلا واسطة، وأما الخطيب البغدادي فمن طريق تميم بن محمد الطُّوسي ومُطّيِّن ويحيى بن محمد الحِنَّائي والحسن بن سفيان النسوي، جميع هؤلاء رووه عن عبيد الله بن معاذ العنبري، عن أبيه، عن شعبة، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أبي بكر الصديق، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيِّروه، يوشك أن يعمّهم الله بعقاب)) . اهـ. واللفظ لأبي يعلى.
ورواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1 / 92 رقم 62) عن عبيد الله بن معاذ، =(4/1645)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= به، ولم يرفع منه سوى جزئه الأخير، فخالف الأكثرين الذين رووه عن عبيد الله برفعه جميعه؛ ورواية الأكثرين هي الأرجح، والأظهر أن ابن أبي عاصم ردّه إلى الصواب، وكره مخالفة الناس كما صنع إبراهيم الحربي كما سيأتي.
فإن الحديث أخرجه الخطيب البغدادي في الموضع السابق، من طريق دَعْلَج بن أحمد السِّجستاني، عن معاذ بن المثنى بن معاذ العَنْبري، عن أبيه المثنى بن معاذ، عن أبيه معاذ بن معاذ العَنْبري، عن شعبة، به مقرونًا بالرواية السابقة.
ثم رواه الخطيب (ص37) من طريق إبراهيم بن إسحاق الحربي، عن مثنى بن معاذ، عن أبيه معاذ بن معاذ العنبري، عن شعبة، به مثل رواية ابن أبي عاصم السابقة، لم يرفع منه سوى جزئه الأخير.
قال الخطيب (ص36) : ((وأحسب أن إبراهيم ردّه إلى الصواب، وكره مخالفة الناس؛ لأن المحفوظ عن معاذ بن معاذ ما قدّمناه)) .
وخالف معاذ بن معاذ محمد بن جعفر غندر ورَوْح بن عبادة وعبد الرحمن بن مهدي، فرووه عن شعبة، عن إسماعيل على الصواب؛ برفع جزئه الأخير فقط.
أما رواية محمد بن جعفر غُنْدر، فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (1 / 9) ، عن شعبة، به نحو اللفظ السابق، ولم يرفع منه سوى جزئه الأخير: ((إن الناس إذا رأوا المنكر ... )) إلخ.
ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الخطيب في "الفصل" (1 / 36) .
وأما رواية روح بن عبادة، فأخرجها البزار في "مسنده" (1 / 135 رقم 66) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 63) .
وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1 / 188 رقم 124) .
وأما رواية عبد الرحمن بن مهدي، فأخرجها الخطيب في "الفصل" (1 / 36 - 37) .
وكلا هاتين الروايتين - رواية روح ورواية ابن مهدي - بنحو لفظ معاذ العنبري عن شعبة السابق، ولم يرفعا منه سوى جزئه الأخير كما في رواية غندر. =(4/1646)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وهذا هو الراجح عن شعبة؛ لموافقته لرواية الأكثرين عن إسماعيل أولاً؛ ولأن الذين رووه عن شعبة هكذا منهم أئمة حفاظ، وهم أكثر عددًا ممن رفعه جميعه.
فعبد الرحمن بن مهديّ تقدم في الحديث [74] أنه ثقة ثبت حافظ عارف بالرجال والحديث.
ومحمد بن جعفر غندر تقدم في الحديث [167] أنه ثقة صحيح الكتاب، وهو من أوثق الناس في شعبة.
وخالف هؤلاء جميعًا مسلم بن إبراهيم الفَرَاهِيدي، فرواه عن شعبة، فوقفه جميعه، وسبق ذكر هذه الرواية مقرونة برواية مالك بن مغول للحديث عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ.
ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث اختُلف فيه على إسماعيل بن أبي خالد على الأوجه السابق ذكرها، والراجح أن الاختلاف ناشئ من إسماعيل نفسه، فمرّة ينشط فيسند آخر الحديث، ومرة يوقفه على أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وعليه فالصحيح أن الحديث جميعه موقوف على أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، عدا آخر الحديث، فإنه مرفوع إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وهو قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا عُمِلَ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي ... )) ، الخ على اختلاف ألفاظه.
(2) طريق الحكم بن عُتَيْبَة، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ الله عنه -، بنحو سياق زهير بن معاوية السابق، إلا أنه وقفه جميعه على أبي بكر.
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 118 - 119 رقم 129) .
ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه" (9 / 521 - 522 / مخطوط الظاهرية) .
وأشار إليه ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 98) .
والدارقطني في "العلل" (1 / 253) ، ثم قال: ((وجميع رواة هذا الحديث ثقات، ويشبه أن يكون قيس بن أبي حازم كان ينشط في الرواية مرة فيسنده، ومرة يجبن عنه فيقفه على أبي بكر. =(4/1647)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(3) طريق مجالد بن سعيد، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، به بنحو سياق يزيد بن هارون السابق.
أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 138 - 139 رقم 69) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 151 رقم 12878) .
كلاهما من طريق إسحاق بن إدريس، عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد، عن مجالد به.
والحديث بهذا الإسناد موضوع، فيه إسحاق بن إدريس الأَسْوَاري، أبو يعقوب البصري، يروي عن هشام وأبان وسويد بن أبي حاتم وغيرهم، روى عنه محمد بن المثنى وعمر بن شبَّة وغيرهما، وهو كذاب يضع الحديث كما قال ابن معين، وقد تركه ابن المديني، وقال البخاري: ((تركه الناس)) ، وقال النسائي: ((متروك)) ، وقال ابن حبان: ((يسرق الحديث)) ، وقال الدارقطني: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث، ضعيف الحديث، روى عن سويد بن إبراهيم وأبي معاوية أحاديث منكرة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 213 رقم 729) ، و"لسان الميزان" (1 / 352 رقم 1088) .
(4) طريق عيسى بن المسيب البَجَلي، عن قيس، عن أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، بنحو سياق يزيد بن هارون أيضًا.
أخرجه ابن جرير الطبري (11 / 150 رقم 12876) من طريق عبد العزيز، عن عيسى، به.
والحديث بهذا الإسناد موضوع أيضًا، آفته عبد العزيز بن أبان بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص، الأموي، السَّعيدي، أبو خالد الكوفي، نزيل بغداد، روى عن فطر بن خليفة وإبراهيم بن طهمان والسفيانين وغيرهم، روى عنه أبو سعيد الأشج ويعقوب بن شيبة والحارث بن أبي أسامة وغيرهم، وهو كذاب يضع الحديث، قال ابن معين: ((كذا خبيث يضع الحديث)) ، وكذبه محمد بن عبد الله بن نمير، وقال الإمام أحمد: ((تركته ولم أخرج عنه في المسند شيئًا)) ، وقال: =(4/1648)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن المديني: ((ليس هو بذاك، وليس هو في شيء من كتبي)) ، وقال يعقوب ابن شيبة: ((هو عند أصحابنا جميعًا متروك، كثير الخطأ، كثير الغلط، وقد ذكروه بأكثر من هذا)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث، لا يشتغل به، تركوه، لا يكتب حديثه)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وكانت وفاته سنة سبع ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 377 رقم 1767) ، و"التهذيب" (6 / 329 - 331 رقم 634) ، و"التقريب" (ص356 رقم 4083) .
(5) طريق عبد الملك بن ميسرة، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قال: صعد أبو بكر المنبر منبر رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إنكم لتتلون آية من كتاب الله وتعدُّونها رخصة، والله ما أنزل الله في كتابه أشد منها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إذا اهتديتم} ، والله لتأمرون بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنَّكم الله منه بعقاب.
أخرجه ابن جرير الطبري أيضًا (11 / 150 - 151 رقم 12877) .
(6) طريق بيان بن بشر، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قال: قال أبو بكر وهو على المنبر: يا أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية على غير موضعها: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} ، وإن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، عمَّهم الله بعقابه.
أخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 149 و 150 رقم 12872 و 12875) .
وأشار إليه الدارقطني في الموضع السابق من "العلل" مقرونًا بطريق الحكم بن عتيبة.
وذكر الدارقطني أيضًا من الذين رووه عن قيس موقوفًا: طارق بن عبد الرحمن، وذرّ بن عبد الله الهمداني، وعبد الملك بن عمير، ولم أقف على رواياتهم، والله أعلم.(4/1649)
841- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوص (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ رَجُلٍ يَكُونُ فِي قَوْمٍ يُعمل فِيهِمْ بِالْمَعَاصِي يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يغيِّروه فَلَا يُغَيِّرُوا، إِلَّا أَصَابَهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ قَبْلَ أن يموتوا)) .
__________
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيم.
(2) هو السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، إلا أنه مدلس واختلط في آخر عمره، لكن رواية شعبة عنه مأمونة الجانب من ذلك، وقد روى عنه شعبة هذا الحديث كما سيأتي.
(3) هو عبيد الله بن جرير بن عبدا لله البَجَلي، الكوفي، مقبول من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص370 رقم 4280) ، روى عن أبيه، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير ويزيد بن أبي زياد، وقد ذكره البخاري في "تاريخه الكبير" (5 / 375 رقم 1194) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 310 رقم 1473) ، فلم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 65) ، وذكر البخاري أن سلامًا سماه في روايته عن أبي إسحاق: عبد الله بن جرير، قال البخاري: ((ولا يصح)) ، وانظر "التهذيب" (6 / 5 رقم 9) .
(4) هو جرير بن عبد الله البَجَلي - رضي الله عنه -.
[841] سنده ضعيف لجهالة حال عبيد الله بن جرير، وهو صحيح لغيره يشهد له حديث أبي بكر السابق.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 215) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد.
وأخرجه أيضًا ابن أبي الدنيا في "كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وابن النجار كما في "كنز العمال" (3 / 80 و 82 و 83 رقم 5577 و 5592) . =(4/1650)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومدار الحديث على أبي إسحاق السبيعي، يرويه عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عن أبيه.
وله عن أبي إسحاق تسع طرق:
(1) طريق أبي الأحوص الذي أخرجه المصنف هنا.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 510 - 511 رقم 4339) في الملاحم، باب الأمر والنهي.
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 536 و 537 - 538 رقم 300 و 302 / الإحسان) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 378 رقم 2382) .
ثلاثتهم من طريق أبي الأحوص، به نحوه.
(2) طريق شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أبيه أن نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله لم يغيروه، إلا عمهم الله بعقاب)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 364) .
ومن طريق الطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 377 رقم 2381) .
وأخرجه الطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 65) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 91) في آداب القاضي، باب ما يستدل به على أن القضاء وسائر أعمال الولاة مما يكون أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر من فروض الكفايات.
(3) طريق معمر، عن أبي إسحاق، به نحو السياق السابق.
أخرجه عبد الرزاق في "جامع معمر" الملحق بآخر المصنف (11 / 348 رقم 20723) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه: الإمام أحمد في "المسند" (4 / 366) .
وأبو يعلى في "مسنده" (13 / 497 رقم 7508) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 377 رقم 2380) .
(4) طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به بنحو سابقه. =(4/1651)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 366) .
وابن ماجه في "سننه" (2 / 1329 رقم 4009) في الفتن، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
(5) طريق يونس، عن أبي إسحاق به.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 366) .
(6) طريق يوسف بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، بنحو سياق شعبة السابق.
أخرجه الطبراني (2 / 378 رقم 2385) .
(7) طريق عبد الحميد بن أبي جعفر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: ((مَا من رجل يجاوز قومًا فيعمل بين ظهرانيهم بالمعاصي ولا يأخذون على يديه، إ لا أوشك أن يعمهم الله منه بعقاب)) .
أخرجه الطبراني أيضًا برقم (2384) .
(8) طريق الأعمش، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الله بن جرير بن عبد الله، عن أبيه جرير قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((ما من قوم يكون منهم رجل يعمل بالمعاصي وهم أمنع منه، فيدهنون عليه ولا يغيرون، إلا عمهم الله بعقاب)) .
أخرجه ابن عدي في "الكامل" (3 / 1216) هكذا بتسمية شيخ أبي إسحاق: ((عبد الله بن جرير)) ، وتقدمت تخطئة البخاري لمن سماه هكذا.
(9) طريق شريك بن عبد الله النَّخَعي، عن أبي إسحاق، عن المنذر بن جرير، به بنحو سياق شعبة السابق.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 361 و 363 و 366) .
والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "حاشية جامع معمر" الملحق بمصنف عبد الرزاق (11 / 348) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (2 / 377 رقم 2379) .
جميعهم من طريق شريك هكذا بتسمية شيخ أبي إسحاق ((المنذر)) . =(4/1652)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وشريك تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا، وقد أخطأ في هذا الإسناد، وخالف الثقات الذين تقدم ذكر رواياتهم.
وقد رواه على هذا الوجه عن شريك: يزيد بن هارون، وحجاج بن محمد، وأسود بن عامر.
وخالفهم يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني، فرواه عن شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أبيه، به هكذا بتسمية شيخ أبي إسحاق ((عبيد الله بن جرير)) كما في الرواية الصحيحة عن أبي إسحاق.
أخرجه الطبراني أيضًا (2 / 378 رقم 2383) .
لكن في إسناده يحيى بن عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمَّاني - بكسر المهملة وتشديد الميم -، الكوفي، يروي عن أبيه وابن المبارك وشريك وغيرهم، روى عنه أبو حاتم ومُطَيِّن وابن أبي الدنيا وغيرهم، وهو حافظ، إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث، ورواه الإمام أحمد بالكذب؛ قال عبد الله بن الإمام أحمد: ((قلت لأبي: إن ابني أبي شيبة ذكرا أنهما يقدمان بغداد. قال: قد جاء ابن الحِمَّاني إلى ها هنا، فاجتمع عليه الناس، وكان يكذب جهارًا. قلت لأبي: ابن الحماني حدث عنك عن إسحاق الأزرق، عن شريك، عن بيان، عن قيس، عن المغيرة بن شعبة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال: أبردوا للصلاة؟ فقال: كذب، ما حدثته به. فقلت: إ نهم حكوا عنه أنه قال: سمعت منه في المذاكرة على باب إسماعيل بن عليَّة، فقال: كذب، إنما سمعته بعد ذلك من إسحاق الأزرق، وأنا لم أعلم تلك الأيام أن هذا الحديث غريب، حتى سألوني عنه بعد ذلك هؤلاء الشباب - أو: هؤلائء الأحداث -، وقال: أيّ وقت التقينا على باب ابن عليّة؟ إنما كنا نتذاكر الفقه والأبواب، لم نكن تلك الأيام نتذاكر المسند، ومازلنا نعرفه أنه كان يسرق الأحاديث، أو يلتقطها، أو يتلقنها)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وعشرين ومائتين، والكلام فيه يطول تجده هو والكلام السابق في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 168 - 180 رقم 695) ، و"التهذيب" (11 / 243 - 249 =(4/1653)
842- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْمُ بْنُ أَبِي حَزْم، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: قَرَأَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ: (دَعُوا) (1) ذِكْرَ هَذِهِ الْآيَةِ، فَلَيْسَتْ لَكُمْ، فَإِذَا قُبِلَت منكم فهي لكم.
__________
= رقم 398) ، و"التقريب" (ص593 رقم 7591) .
(1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة يقتضيها السياق، ويوضح ذلك رواية ابن جرير الآتية.
[842] سنده صحيح إلى الحسن البصري، والحسن مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [5] والحديث [9] ، ولم يذكر هنا ما يفيد سماعه للحديث من ذلك الصحابي، ولم يذكر اسم هذا الصحابي حتى ننظر: هل سمع منه أو لا؟ والذي يترجح لي - والله أعلم - أن هذا الصحابي هو عبد الله بن مسعود كما سيأتي في الأحاديث رقم [843 و 844 و 849] ، وهو لم يسمع منه، وعليه فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لهذا الانقطاع.
والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 144 - 145 رقم 12861) من طريق شيخه أحمد بن المقدام، عن حزم، عن الحسن، به بلفظ: تأوَّل بعض أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل إذا اهتديتم} ، فقال بعض أصحابه: دعوا هذه الآية، فليست لكم.
وقد تصحف اسم ((حزم)) هنا إ لى: ((حرمي)) ، واجتهد المحقق الشيخ محمود شاكر فترجم له على أنه حرمي بن عمارة، وإنما هو حزم بن أبي حزم كما توضحه رواية المصنِّف هنا، وهو الذي يروي عن الحسن البصري وعنه أحمد بن المقدام كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (5 / 588) . =(4/1654)
843- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) ، قَالَ: سُئل ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ: إِنَّهَا تُقبل مِنْكُمُ الْيَوْمَ، فَقُولُوهَا، فَإِذَا رُدَّت عليكم، فعليكم أنفسكم.
__________
(1) هو ابن عبيد.
(2) في الأصل جاء قوله: ((قَالَ: نا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ)) مكرورًا.
والحسن البصري هنا يروي الحديث عن ابن مسعود، وهو لم يسمع منه كما سبق بيانه في الحديث رقم [148] ، وقد ذكر هذا الحديث الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 19) وقال: ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود، والله أعلم)) . اهـ.
[843] سنده ضعيف للانقطاع بين الحسن وابن مسعود، وهو صحيح إلى الحسن.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 216) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 139 رقم 12850) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قال رجل لابن مسعود: ألم يقل اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ؟ قال: لسي هذا بزمانها، قولوها مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّت عليكم فعليكم أنفسكم.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 199) عن شيخه معمر، عن الحسن، أن ابن مسعود سأله رجل عن قوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} ، فقال: إن هذا ليس بزمانها، إنها اليوم مقبولة، ولكنه قد أوشك أن يأتي زمانها؛ تأمرون بالمعروف فيصنع بكم كذا وكذا، أو قال: فلا يقبل منكم، فحينئذ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل إذا اهتديتم} . =(4/1655)
844- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، نَا جُويْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك (2) ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عليكم أنفسكم} - قَالَ: مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ دُونِ ذَلِكَ السَّوط وَالسَّيْفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ.
__________
= ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 141 رقم 12855) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 138 و 139 رقم 12848 و 12849) من طريق أبي الأشهب، عن الحسن البصري، به نحو سابقه.
وسيأتي الجديث برقم [849] من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يونس.
وسيأتي من طريق الضحاك عن ابن مسعود ولكنه ضعيف جدًّا، وهو الآتي برقم [844] .
(1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(2) هو ابن مزاحم، تقدم في الحديث [355] أنه لم يثبت له سماع من أحد من الصحابة.
[844] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر والانقطاع بين الضحاك وابن مسعود.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 216) وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد.
وقد مضى من طريق الحسن البصري عن ابن مسعود برقم [842 و 843] وسيأتي برقم [849] ، ولكنه ضعيف لانقطاعه.(4/1656)
845- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضل} - يَعْنِي أَهْلَ الْكِتَابِ.
746- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (3) ، وَجَرِيرٌ (4) ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ (5) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: آمُرُ إِمَامِي بِالْمَعْرُوفِ؟ قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فَلَا، فَإِنْ كُنْتَ وَلَا بُدَّ فَاعِلًا، فَفِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ.
وَزَادَ أَبُو عَوَانَةَ: وَلَا تَغْتَبْ إِمَامَك.
__________
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
[845] سنده صحيح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 219) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 152 رقم 12879) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} - قال: يعني من ضل من أهل الكتاب.
ثم أخرجه برقم (12880) من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير - في هذه الآية: {لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهتديتم} - قال: أنزلت في أهل الكتاب.
(3) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(4) هو ابن عبد الحميد.
(5) هو معاوية بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله التَّيْمي، أبو الأزهر الكوفي، روى عن أبيه وعميه عمران وموسى وعمته عائشة، وعن عروة بن الزبير وسعيد بن جبير =(4/1657)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وغيرهم، روى عنه الأعمش وشعبة والثوري وأبو عوانة وغيرهم، وهو لا بأس به كما قال أبو حاتم ويعقوب بن سفيان، وقد وثقه الإمام أحمد وابن سعد والعجلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وانفرد أبو زرعة فقال عنه: ((شيخ واهٍ)) ، وذكر الحافظ ابن حجر أنه من الطبقة السادسة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص432 رقم 1591) ، و"الجرح والتعديل" (8 / 381 رقم 1747) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 467) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص220 رقم 1336) ، و"التهذيب" (10 / 202 رقم 375) ، و"التقريب" (ص537 رقم 6748) .
أقول: وقول أبي زرعة عن معاوية هذا: ((واه)) لم يتابعه عليه أحد، وهو جرح مجمل معارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، ويمكن حمله على أنه لم يبلغ درجة الحافظ التام الضبط، بل يتقاصر عنه إلى درجة من خفّ ضبطه خفّة لا تلحقه بمن يُعَدُّ تفرِّدُه تفَرُّدًا منكرًا، وهو حسن الحديث، وهذا ما ذهب إليه أبو حاتم ويعقوب بن سفيان بقولهما عنه: ((لا بأس به)) ، والله أعلم.
[846] سنده حسن لذاته.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6 / 96 رقم 7592 / تحقيق زغلول) من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه تصحف هناك اسم ((معاوية بن إسحاق)) إلى: ((معاوية عن إسحاق)) ، ولم يذكر قوله: ((ولابد)) ، ووقع هناك أيضًا: ((ولا تعب)) بدل قوله: ((ولا تغتب)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 74 - 75 رقم 19154) من طريق جرير، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ رجل لابن عباس: آمر أميري بالمعروف؟ قال: إن خفت أن يقتلك فلا تؤنِّب الإمام، فإن كنت لابد فاعلاً، فيما بينك وبينه.
وقد تصحف اسم معاوية هناك إلى: ((مغيرة)) ، وزاده المحقق غموضًا؛ فزاد كلمة عن، فجاء الإسناد هكذا: ((مغيرة، عن ابن إسحاق)) . =(4/1658)
847- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهري (1) ، عَنِ السَّائِب بْنِ يَزِيدَ (2) ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: لَا أَخَافُ فِي اللَّهِ لومةَ لائِم خيرٌ لِي أَمْ أُقْبِلُ عَلَى نَفْسِي؟ قَالَ: أمَّا مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَمَنْ كَانَ خُلْوًا، فَلْيُقْبِلْ عَلَى خَاصَّةِ نَفْسِهِ، وَلْيَنْصَحْ وَلِيَّ أَمْرِهِ.
848- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مِسْعَر (3) ، قَالَ: أَتَى رَجُلٌ عبدَ اللَّهِ، فَقَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأَصْغِ لَهَا سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ تُؤْمَرُ بِهِ، أَوْ شَرٌّ تُصْرَفُ عنه.
__________
= وأخرجه البيهقي في الموضع السابق برقم (7591) من طريق شعبة، عن معاوية بن إسحاق، قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قال: سألت ابن عباس؛ قلت: أميري آمره بالمعروف وأنهاه عن المنكر؟ قَالَ: إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَقْتُلَكَ فلا.
(1) هو محمد بن مسلم بن شهاب.
(2) تقدم في الحديث [158] أنه صحابي صغير.
[847] سنده صحيح.
(3) هو ابن كِدَام، تقدم في الحديث رقم [50] أنه من طبقة أتباع التابعين لم يدرك عبد الله بن مسعود.
[848] سنده ضعيف لانقطاع بين مسعر وابن مسعود - رضي الله عنه -.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في فضائل القرآن، وتقدم تخريجه والكلام عنه برقم [50] بما يغني عن الإعادة هنا.(4/1659)
849- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَيْكُمْ أنفسكم} - قَالَ: لَيْسَ هَذَا أَوَانَهَا، تَقُولُونَهَا مَا قُبلت مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّت عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ.
850- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (2) ، عَنْ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب، عَنْ خَيْثَمَة (3) قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِذَا أتيت (4) [ل134/أ] الْأَمِيرَ المُؤَمَّر فَلَا تَأْتِهِ عَلَى رؤوس الناس.
__________
[849] سنده ضعيف للانقطاع بين الحسن البصري وابن مسعود كما سبق بيانه في الحديث رقم [843] .
والحديث أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 251 رقم 9072) من طريق المصنِّف، ثنا خالد، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ عَبْدُ اللِّهِ بْنُ مَسْعُودٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} -، قال: ليس هذا أوانها، فقولوها مَا قُبِلَتْ مِنْكُمْ، فَإِذَا رُدَّت عَلَيْكُمْ فَعَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ من ضل.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 19) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، إلا أن الحسن البصري لم يسمع من ابن مسعود)) .
وتقدم الحديث برقم [843] من طريق هشيم، عن يونس، وبرقم [842] من طريق حزم بن أبي حزم عن الحسن، وبرقم [844] عن طريق الضحاك عن ابن مسعود، لكن هذا الطريق ضعيف جدًّا، وعليه فالحديث باق على ضعفه، والله أعلم.
(1) هذا الحديث موضعه في النسخة الخَطِّيَّة بعد الحديث الآتي، فقدمته عليه مراعاة لترتيب الآيات.
(2) هو ابن عبد الحميد.
(3) هو ابن عبد الرحمن بن أبي سَبْرَة، تقدم في الحديث [814] أنه ثقة، لكنه يروي هنا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وقد نصّ الإمام أحمد وأبو حاتم على أنه لم يسمع =(4/1660)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ حِينَ الوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} ]
851- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (5) ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (6) وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ (7) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ شَهَادَةَ يَهُودِيٍّ وَلَا نَصْرَانِيٍّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ إِلَّا فِي وَصِيَّةٍ، وَلَا يُجِيزُهَا فِي الْوَصِيَّةِ إلا في السفر.
__________
= منه كما في "التهذيب" (3 / 179) .
(4) يعني: إذا أتاه لنصحه ووعظه.
[850] سنده ضعيف للانقطاع بين خيثمة بن عبد الرحمن وابن مسعود.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (15 / 75 رقم 19155) من طريق شيخه جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ العلاء، عَنْ خَيْثَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: إذا أتيت الأمير المؤمن، فلا يؤنبه أحد من الناس.
وأشار المحقق إلى أن في إحدى النسخ: ((الامير المؤمر)) كما هنا، كما أشار أيضًا إلى أن في الأصل: ((فلا تؤنب)) ، وفي نسخة: ((فلا تؤنبه)) ، فالذي يظهر أن الصواب: ((فلا تؤنبه أمام أحد من الناس)) ، لكن سقط من النسخة قوله: ((أمام)) .
(5) هذا الحديث موضعه في النسخة الخَطِّيَّة قبل الحديث السابق، فأخرته هنا مراعاة لترتيب الآيات.
(6) تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت كثير التدليس، ولم يصرح بالسماع من الأعمش، لكن تابعه أبو معاوية محمد بن خازم، وقد صرح هشيم بالسماع في رواية ابن جرير الآتية.
(7) تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ مدلس، لكن روايته هنا عن إبراهيم النخعي وهي محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة. =(4/1661)
852- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا سُلَيْمَانُ التَّيْمي (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غيركم} -، أَيْ: مِنْ غَيْرِ أهلِ مِلَّتِكم.
__________
[851] سنده صحيح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 224) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 166) في الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((إلا في الوصية)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 163 رقم 12910) من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا الأعمش ... ، به نحوه.
وأخرجه أيضًا برقم (12911) من طريق أبي معاوية، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 359 - 360 رقم 15538) من طريق شيخه سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) .
وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (2 / 281) من طريق محمد بن يوسف الفريابي، عن سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 91 رقم 2488) .
وابن جرير الطبري برقم (12911 و 12912) .
كلاهما من طريق وكيع بن الجراح، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن حزم في الموضع السابق من "المحلى" معلقًا عن سفيان الثوري، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم النخعي، عن شريح، به نحوه.
وسيأتي الحديث بإسناد صحيح آخر عن شريح برقم [856] .
(1) هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد، ولم أجد =(4/1662)
853- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (2) .
__________
= من نصّ على أنه سمع من سعيد بن جبير أو نفى ذلك عنه، وسماعه منه محتمل، لأن سعيد بن المسيب توفي بعد سنة تسعين للهجرة كما في ترجمته في الحديث رقم [800] ، وأما سليمان التيمي فإنه توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة وهو ابن سبع وتسعين، فتكون ولادته قريبًا من سنة ست وأربعين للهجرة، وهو بصري، وسعيد مدني، فاللقاء بينهما ممكن ولو في زيارة من سليمان لمسجد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ومع ذلك فلم ينفرد سليمان عن سعيد بهذه الرواية كما سيأتي في الحديث رقم [859] .
[852] سنده صحيح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (3 / 223) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير.
وقد أخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((في قوله تعالى)) بدل قوله: ((في قوله عز وجل)) ، وقال: ((قال)) بدل قوله: ((أي)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2492) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 161 رقم 12899) .
كلاهما من طريق هشيم، به نحوه.
وسيأتي برقم [859] من طريق قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ.
(1) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح بالسماع.
(2) يعني مثل اللفظ السابق، وسيأتي ذكر ابن حزم له من طريق المصنِّف بكامل لفظه.
[853] سنده ضعيف لأن مغيرة مدلس ولم يصرِّح بالسماع. =(4/1663)
854- قَالَ الْمُغِيرَةُ (1) : وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ ذَلِكَ (2) .
__________
= وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 591) من طريق المصنِّف، نا هشيم، أنا المغيرة، عن إبراهيم النخعي - في قول الله تعالى: {أو آخران من غيركم} - قال: من غير أهل مِلَّتكم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2491) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 161 رقم 12899 و 12904) .
كلاهما من طريق هشيم، به، ولفظ ابن جرير مثل اللفظ الذي ذكره ابن حزم عن المصنِّف، وأما ابن أبي شيبة فعنده: ((دينكم)) بدل قوله: ((ملتكم)) ، وسقط من متنه قوله: ((غير)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (12902) من طريق شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم مثل لفظه السابق.
ثم أخرجه برقم (12903) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قال: إن كان قُرْبَهُ أحد من المسلمين أشهدهم، وإلا أشهد رجلين من المشركين.
(1) يعني بالإسناد السابق: سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مغيرة.
(2) يعني فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخران من غيركم} أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتكم كما في الحديث رقم [852] .
[854] سنده ضعيف لإبهام شيخ مغيرة.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2493) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 161 رقم 12900 و 12904) .
كلاهما من طريق هشيم، عن مغيرة، به، ولفظ ابن أبي شيبة نحوه، ولفظ ابن جرير مثله، إلا أنه جاء عنده في الموضع الثاني من رواية مغيرة: ((عن سعيد بن جبير)) ، ولم يذكر الواسطة المبهم.(4/1664)
855- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا هِشَامٌ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيَدَةَ (2) ، أَنَّهُ قَالَ مثل ذلك (3) .
__________
(1) هو ابن حَسَّان.
(2) هو السَّلْمَاني.
(3) يعني فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخران من غيركم} أَيْ: مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مِلَّتكم، كما في الحديث [852] .
[855] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 - 93 رقم 2494) من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 163 و 164 رقم 12915 و 12916 و 12917 و 12918 و 12919) من طريق عبد الله بن إدريس وإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة وجرير بن عبد الحميد وزائدة، جميعهم عن هِشَامٌ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عبيدة، به بنحوه ومعناه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 92 رقم 2490) من طريق وكيع، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سيرين، عن عبيدة: {أو آخران من غيركم} قال: من أهل الكتاب.
وعلقه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) عن وكيع، به بلفظ: من غير أهل الملّة.
وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا برقم (12914 و 12920) من طريق أشهب وأبي حُرَّة، كلاهما عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عون، به، ولفظ أبي حُرَّة مثل لفظ المصنِّف، ولفظ أشهب نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 360 رقم 15541) ، فقال: أخبرنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عن عبيدة، قال: {أو آخران} من أهل الملة.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (11 / 167 رقم 12939) ، لكن بلفظ: =(4/1665)
856- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ دَاوُدَ (1) ، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ شُرَيْح - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَوْ آخَرَانِ من غيركم} -، قَالَ: إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فِي أَرْضِ غُرْبَة، فَلَمْ يَجِدْ مُسْلِمًا، فَأَشْهَدَ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ شَاهِدَيْنِ، فَشَهَادَتُهُمَا جَائِزَةٌ. وَإِنْ جَاءَ مُسْلِمَانِ فَشَهِدَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، أخِذ بِشَهَادَةِ المسلمين، وتُركت شهادتهما.
__________
= مسلمين من غير حَيِّكم.
وهذا فيه مخالفة لما رواه جمع عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ، ومنهم كما سبق:
هشام بن حسان وهو من أوثق الناس في ابن سيرين، ومنهم عبد الله بن عون وأشهب وأبو حُرَّة.
فالذي يظهر أن الخطأ فيه من معمر بن راشد، فإنه يرويه عن أيوب السختياني وهو بصري، وفي روايته عن البصريين شئ كما سبق بيانه في ترجمته في الحديث [4] ، والله أعلم.
(1) هو ابن أبي هند.
[856] سنده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (10 / 590) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 166) في الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر.
كلاهما من طريق المصنِّف، ولفظ البيهقي مثله، إلا أنه قال: ((فإن جاء)) ، و ((ورُدَّت)) بدل قوله: ((وتُركت)) .
وأما ابن حزم فإنه لم يذكر الآية، وقال: ((ولم يجد مسلمًا)) ، و: ((فإن جاء)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 162، 170، 201 - 202 رقم 12909 و 12943 و 12974) من طريق عبد الأعلى، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، به نحوه.(4/1666)
857- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّعْبي، أَنَّ رَجُلًا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ بِدَقُوقَاء (1) ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُشْهِدُهُمْ عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَدِمَا بِتَرِكَتِهِ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، فَأَخْبَرَاهُ، فَقَالَ الأشْعري: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2) ، فَأَحْلَفَهُمَا بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا خَانَا، وَلَا كَذِبَا، وَلَا بَدَّلا، وَإِنَّهَا لَتَرِكَتِهِ، ثُمَّ أجاز شهادتهما.
__________
= وتقدم الحديث عن شريح برقم [851] من طريق إبراهيم النخعي عنه، وسنده صحيح.
(1) دَقُوقَاء - بفتح أوّله وضمّ ثانيه، وبعد الواو قاف أخرى، وألف ممدودة ومقصورة -: مدينة بين إِرْبِل وبغداد معروفة، لها ذكر في الأخبار والفتوح، كان بها وقعة للخوارج. "معجم البلدان" (2 / 459) .
(2) سيأتي ذكر هذا الأمر الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
[857] سنده صحيح، وصححه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 113) ، والحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 412) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 224) وعزاه لعبد الرزاق وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 177) في الشهادات، باب تأكيد اليمين بالزمان، والحلف على المصحف، من طريق المصنِّف، لكنه اختصره، فقال: ((قد روينا عن الشعبي، عن أبي موسى الأشعري في قصة الوصية، قال: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأحلفهما بعد العصر: ما خانا، أخبرناه أبو نصر بن قتادة، أنبأ أبو منصور العباس بن الفضل، أنبأ أحمد بن نجدة، ثنا سعيد بن منصور، ثنا هشيم، أنبأ زكريا، عن الشعبي، =(4/1667)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فذكره)) . اهـ.
ومن طريق المصنِّف أخرجه أيضًا ابن حزم في "المحلى" (10 / 589) ، لكنه قرنه برواية زياد بن أيوب للحديث عن هشيم، أنا زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ الشعبي، أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يشهد عَلَى وَصِيَّتِهِ، فَأَشْهَدَ رَجُلَيْنِ مِنْ أهل الكتاب، فأتيا أبا موسى الأشعري، فأخبراه، وقدما بتركته ووصيته، فقال أبو موسى: هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأحلفهما بعد الْعَصْرِ بِاللَّهِ: مَا خَانَا، وَلَا كذبا، ولا بدَّلا، ولا كتما، ولا غيّبا، وأنها لوصية الرجل وتركته، فأمضى أبو موسى شهادتهما.
وبنحو سياق ابن حزم أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 28 - 29 رقم 3605) في الأقضية، باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر، من طريق زياد بن أيوب، عن هشيم، به.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 165) في الشهادات، باب من أجاز شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 165 رقم 12926) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 360 رقم 15539) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 91 رقم 2489) .
أما عبد الرزاق فمن طريق ابن عيينة، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، كلاهما عن زكريا، به نحوه، ونسبا الرجل المتوفَّى، فقالا: ((من خَثْعَم)) ، ولم يذكرا قول أبي موسى: ((هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، وعند عبد الرزاق: ((بأرضٍ من السَّوَاد)) بدل قوله: ((بدقوقا)) .
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق عبد الله بن نمير، عن زكريا، مقرونًا بروايته للحديث من طريق أبي داود، عن زياد بن أيوب، عن هشيم.
وأخرجه ابن جرير برقم (12927) من طريق مغيرة عن الشعبي، أن أبا موسى =(4/1668)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قضى بها بدقوقا.
كذا رواه مختصرًا.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 314) من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عامر الشعبي، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنه شهد عنده رجلان نصرانيان على وصية رجل مسلم مات عندهم، قال: فارتاب أهل الوصية، فأتوا بهما أبا موسى الأشعري، فاستحلفهما بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ بِاللَّهِ مَا اشتريا به ثمنًا، ولا كتما شهادة الله، إنا إذًا لمن الآثمين. قال عامر: ثم قال أبو موسى الأشعري: والله إن هذه القصة. اهـ. ولم يذكر باقي كلام أبي موسى، وإنما جاء في موضعه بياض.
قال الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأما قول أبي موسى - رضي الله عنه -: ((هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ بَعْدَ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، فالظاهر والله أعلم أنه أنما أراد بذلك قصة تميم وعدي بن بَدَّاء كما قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (2 / 113) .
وهذه القصة أخرجها الترمذي في "جامعه" (8 / 426 - 432 رقم 5052) في تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير، من طريق محمد بن إسحاق، عن أبي النَّضْر، عن باذان مولى أم هانئ، عن ابن عباس، عن تميم الدَّاري، - في هَذِهِ الْآيَةُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أحدكم الموت} -، قال: بَرِيء الناس منها غيري وغير عديّ بن بَدَّاء، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سَهْم يقال له: بُدَيْل بن أبي مريم بتجارة ومعه جَامٌ من فضة يريد بن الملك، وهو عُظْمُ تجارته، فمرض، فاوصى إليهما، وأمرهما أن يبلِّغا ما ترك أهلَه.
قال تميم: فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثم اقتسمناه أنا وعدي ابن بَدَّاء، فلما أتينا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا، وفقدوا الجام، فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره. قال تميم: فلم أسلمت بعد =(4/1669)
858- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يُونُسَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ (2) أو آخران من غيركم} -، قَالَ: مِنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا أَنَّهُ يَقُولُ: مِنَ الْقَبِيلَةِ، أَوْ غَيْرِ القبيلة.
__________
= قدوم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - المدينة، تأثّمت من ذلك، فأتيت أهله، فأخبرتهم الخبر، وأدَّيت إليهم خمسمائة درهم، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فأتوا به رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فسألهم البيّنة، فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوه بما يَعْظُم به على أهل دينه، فحلف، فأنزل اللَّهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الموت - إلى قوله: - أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم} ، فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا، فنُزعت الخمسمائة درهم من عدي بن بَدَّاء.
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب، وليس إسناده بصحيح. وأبو النَّضْر الذي روي عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يُكَنَّى: أبا النَّضْر، وقد تركه أهل العلم بالحديث، وهو صاحب التفسير، سمعت محمد بن إسماعيل بن يقول: محمد بن سائب الكلبي يكنى أبا النضر، ولا نعرف لسالم أبي النضر المديني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ، وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه ... )) ، ثم أخرجه من حديث ابن عباس الذي أشار إليه، ثم قال: ((هذا حديث حسن غريب)) .
وحديث ابن عباس هذا أخرجه البخاري في "صحيحه" تعليقًا (5 / 409 - 410 رقم 2780) في الوصايا، باب قول اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الذين آمنوا شهادة بينكم ... } الآية ولفظه نحو اللفظ السابق، إلا أن فيه شيئًا من الاختصار، وذكرالحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 410) أن ابن المديني استحسنه، والله أعلم.
(1) هو ابن عبيد.
(2) في الأصل: ((اثنان منكم ذوا عدل منكم)) .
[858] سنده صحيح. =(4/1670)
859- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخران من غيركم} - قال: من أهل الكتاب.
__________
= وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 166 رقم 12932) من طريق عوف بن أبي جميلة الأعرابي، عن الحسن - في قوله: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخران من غيركم} -، قال: شاهدان من قومكم ومن غير قومكم.
وأخرجه أيضًا برقم (12934) من طريق قتادة، قال: كان الحسن يقول: {اثنان ذوا عدل منكم} ، أي: من عشيرته، {أو آخران من غيركم} ، قال: من غير عشيرته.
وأخرجه أيضًا برقم (12938) من طريق مبارك، عن الحسن: {أو آخران من غيركم} قال: من غير عشيرتك، ومن غير قومك، كلهم من المسلمين.
وعلّقه ابن حزم في "المحلى" (10 / 592) عن الحسن أنه قال: {أو آخران من غيركم} : من غير قبيلتكم.
ثم قال ابن حزم تعليقًا على قول الحسن هذا:
((وأما من قال: من غير قبيلتكم، فقول ظاهر الفساد والبطلان، لأنه ليس في أول الآية خطاب لقبيلة دون قبيلة، إنما أولها: {يا أيها الذين آمنوا} ، ولايشك منصف في أن غير الذين آمنوا هم الذين لم يؤمنوا، ولكنها من الحسن زلّة عالم لم يتدبرها)) . اهـ. والله أعلم.
(1) تقدم في الحديث [6] أنه صدوق.
(2) تقدم في الحديث [14] أنه ثقة ثبت، إلا أنه مدلس، لكن الراوي عنه هنا هو شعبة، وتقدم في الحديث [1] أنه روايته عنه محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة.
[859] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ لأن عبد الرحمن بن زياد قد توبع كما =(4/1671)
860- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأوَّلين} (2) ، وَيَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ كان الأوْلَيَان صغيرين؟ .
__________
= سيأتي، وتقدم الحديث من طريق آخر صحيح عن ابن المسيب برقم [852] .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 223) وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 162 رقم 12907) .
وابن حزم في "المحلى" (10 / 590) .
كلاهما من طريق وكيع، عن شعبة، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 161 رقم 12896 و 12897) من طريق محمد بن جعفر غندر ومؤمل بن إسماعيل، كلاهما عن شعبة، به مثله.
وأخرجه عبد الزراق في "المصنف" (8 / 360 رقم 15540) من طريق معمر، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 160 و 161 و 162 رقم 12895 و 12898 و 12905 و 12906) من طرق عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب، به مثله.
(1) هو ابن أبي رباح.
(2) هذه القراءة إما أن تكون: ((الأَوَّلِين)) - بتشديد الواو وكسر اللام -، أو: ((الأوَّليْن)) - بتشديد الواو، وفتح اللام، وسكون الياء -.
والقراءة الأولى: ((الأَوَّليِن)) - بكسر اللام - هي قراءة يحيى بن وَثَّاب والأعمش وحمزة وأبي بكر وعامة أهل الكوفة، وهي جمع أوَّل على أنها بدل من ((اللذين)) ، أو من ((الهاء)) في ((عليهم)) .
والقراءة الثانية: ((الأَوَّلَيْن)) - بفتح اللام وسكون الياء - هي قراءة ابن سيرين، =(4/1672)
861- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عليهم الأوَّلِين} (2) .
__________
= ونقل القرطبي عن النحاس أنه حكم عليها بأنها لحن، وقد جاءت هكذا عن ابن عباس في "تفسير ابن جرير"، فلست أدري، أهكذا جاءت مضبوطة في الأصل، أم أنه اجتهاد من المحقق الشيخ محمود شاكر؟
وفي قراءة الحسن البصري: ((الأوَّلان)) ، ونقل القرطبي أيضًا عن النحاس أنه حكم عليها بأنها لحن، وحكم عليها ابن جرير بالشذوذ.
والقراءة المشهورة هيق راءة الباقين هكذا: ((الأَوْلَيَان)) على أنه فاعل ((استَحَقَّ)) ، والمفعول محذوف، والتقدير: من الذين استحق عليهم الأوليان بالميت وصيته التي أوصى بها، وقيل: استحق عليهم الأوليان ردَّ الأيْمان، وقيل: في إعرابها غير ذلك. انظر "تفسير ابن جرير الطبري" (11 / 194 - 203) ، و"حجة القراءات" (ص238 - 239) ، و"تفسير القرطبي" (6 / 359) .
[860] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 226) للمصنِّف وعبد بن حميد وابن جرير وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (11 / 202 رقم 12976 و 12977) من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عن عطاء، به نحوه، وزاد: ((كيف يقومان مقامهما؟)) .
(1) هو ابن مقسم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه.
(2) لم تضبط في الأصل، لكن إبراهيم النخعي كوفي، وقراءة أهل الكوفة هكذا كما في الحديث السابق.
[861] سنده ضعيف لأن مغيرة لم يصرح بالسماع.(4/1673)
862- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ ابْنِ عَوْن (1) ، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةً (2) إِنَّا إِذًا لمن الآثمين} .
__________
(1) هو عبد الله بن عون.
(2) هذه الآية اختلف القراء في قراءتها، وحكى القرطبي في "تفسيره" (6 / 357) أن فيها سبع قراءات.
وذكر ابن جرير في "تفسيره" (11 / 177 - 178) أن عامة قَرَأةِ الأمصار قرأوا: {ولا نكتم شهادةَ الله} بإضافة ((الشهادة)) إلى ((الله)) ، وخفض اسم الله تعالى، والمعنى: لا نكتم شهادةً لله عندنا.
وذكر أن بعضهم قرأها: {ولا نكتم شهادةً اللهَ} بتنوين ((الشهادة)) ، ونصب اسم ((الله)) ، بمعنى: ولا نكتم الله شهادةً عندنا.
ونسب النحاس في "معاني القرآن" (2 / 379) القراءة هكذا لعبد الله بن مسلم، ثم قال النحاس: ((وهو يحتمل معنيين: أحدهما: أن المعنى: ولا نكتم اللهَ شهادةً. والمعنى الآخر: ولا نكتم شهادةً واللهِ، ثم حذف الواو، ونَصَبَ)) .
وذكر النحاس أن أبا عبد الرحمن السُّلمي قرأ: {ولا نكتم شهادةً آللهِ} على الاستفهام.
وأما قراءة الشعبي، ففيها اختلاف سيأتي بيانه، والأصح أنه قرأها هكذا: {ولا نكتم شهادةً اللهِ إنا إذًا لمن الآثمين} بتنوين شهادة، وخفض لفظ الجلالة ((الله)) ، قال النحاس: ((هذا عند أكثر أهل العربية لحن، وإن كان سيبويه قد أجاز حذف القسم والخفض)) .
قال ابن جرير (11 / 178) : ((وأولى القراءات في ذلك عندنا بالصواب: قراءة من قرأ: {ولا نكتم شهادةَ اللهِ} بإضافة ((الشهادة)) إلى اسم ((الله)) ، وخفض اسم ((الله)) ، لأنها القراءة المستفيضة في قَرَأَةِ الأمصار التي لا تتناكر صحَّتَها الأمة)) . =(4/1674)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
[862] سنده صحيح.
والحديث عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (3 / 225) لأبي عبيد وابن جرير وابن أبي حاتم، بلفظ: عن عامر الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَلَا نكتم شهادة} يعني: يقطع الكلام مُنَوَّنًا: (الله) بقطع الألف وخفض اسم الله على القسم. ورواية المصنف هنا ليس فيها لفظ الجلالة، فالأظهر أنه سقط من النسخة؛ فإني لم أجد من عزا هذه القراءة للشعبي بحذف لفظ الجلالة كما يتضح من مراجعة المواضع السابقة من "تفسير الطبري" و"معاني القرآن" للنحاس و"تفسير القرطبي".
والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (11 / 178 رقم 12957) من طريق أبي عبيد القاسم بن سلاّم، قال: حدثنا عباد بن عباد، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ أنه قرأ: {ولا نكتم شهادةً اللهِ إنا إذًا لمن الآثمين} .
قال أبو عبيد: ينوِّن ((شهادةً)) ويخفض ((الله)) على الاتصال.
قال: وقد رواها بعضهم بقطع الألف على الاستفهام.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (11 / 177 رقم 12956) من طريق شيخه سفيان بن وكيع، قال: حدثنا أبو أسامة، عن ابن عون، عن عامر - أي الشَّعْبِيِّ -، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَلَا نكتم شهادةً اللهِ إنا إذًا لمن الآثمين} ، بقطع الألف، وخفض اسم الله.
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا ساقط؛ فيه سفيان بن وكيع بن الجَرَّاح، أبو محمد الرُّؤاسي، الكوفي، يروي عن أبيه وعبد الله بن إدريس وأبي أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، روى عنه الترمذي وابن ماجه وابن جرير الطبري وغيرهم، وكان سفيان صدوقًا، إلا أنه ابتُلي بوَرَّاق له، فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنُصح، فلم يقبل، فسقط حديثه. قال البخاري: ((يتكلمون فيه لأشياء لقَّنوه)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبا زرعة عنه، فقال: لا يشتغل به، قيل له: كان يكذب؟ قال: كان أبوه رجلاً صالحًا، قيل له: =(4/1675)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كان يتهم بالكذب؟ قال: نعم)) ، وقال عبد الرحمن أيضًا: ((سمعت أبي يقول: جاءني جماعة من مشيخة الكوفة، فقالوا: بلغنا أنك تختلف إلى مشايخ الكوفة تكتب عنهم، وتركت سفيان بن وكيع، أما كنت ترعى له في أبيه؟ فقلت لهم: إني أوجب له، وأحب أن تجري أموره على الستر، وله ورّاق قد أفسد حديثه. قالوا: فنحن نقول له أن يبعد الورَّاق عن نفسه، فوعدتهم أن أجيئه، فأتيته مع جماعة من أهل الحديث، وقلت له: إن حقك واجب علينا في شيخك وفي نفسك، فلو صنت نفسك وكنت تقتصر على كتب أبيك، لكانت الرحلة إليك في ذلك، فكيف وقد سمعت؟ فقال: ما الذي يُنْتقم عليّ؟ فقلت: قد أدخل ورَّاقك في حديثك ما ليس من حديثك، فقال: فكيف السبيل في ذلك؟ فقلت: ترمي بالمخرَّجات، وتقتصر على الأصول، ولا تقرأ إلا من أصولك، وتُنَحِّي هذا الورَّاق عن نفسك، وتدعو باب كرامة وتوليه أصولك فإنه يوثق به، فقال: مقبول منك، وبلغني أن ورَّاقه كان قد أدخلوه بيتًا يتسمَّع علينا الحديث، فما فعل شيئًا مما قاله، فَبَطَل الشيخ، وكان يحدث بتلك الأحاديث التي قد أُدخلت بين حديثه، وقد سرق من حديث المحدثين)) ، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 231 - 232 رقم 991) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (11 / 200 - 201) ، و"تهذيب التهذيب" (4 / 123 - 124رقم 210) ، و"التقريب" (ص245 رقم 2456) .
وعليه فالعمدة على ما رواه أبو عبيد عن عباد بن عباد، عن ابن عون، وهذه لا تنافي رواية المصنف، لأن الأظهر أن رواية المصنف سقط منها لفظ الجلالة كما سبق.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (3 / ل 44 / ب) من طريق علي بن عاصم، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ - فِي قَوْلِهِ: {ولا نكتم شهادة الله} -:
يعني: يقطع الكلام، ((الله)) على القسم.(4/1676)