. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الذهبي بعد أن ذكر هذه الحكاية: ((قلت: ثم إن يحيى بن معين وثّقه وأنصفه، نَقَل عن يحيى توثيقه أحمدُ بن أبي خيثمة)) .
وأما أبو حاتم: فنقل عنه ابنه أنه قال: ((هو ليّن الحديث، شيخ ليس بالمتين، لا يحتجّ به، إلا أن عنده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ علقمة أحاديث صحاحًا)) .
وقد رد الذهبي كلام أبي حاتم هذا بقوله: ((قلت: قد قفز القنطرة، واحتجّ به أرباب الصحاح)) ، وقال الحافظ ابن حجر: ((تكلّم فيه أبو حاتم بعنت)) .
والقول بأنه صدوق هو الذي اختاره الذهبي، حيث قال في "الميزان": ((الحافظ، صدوق مشهور)) ، وقال في "سير أعلام النبلاء": ((الإمام المحدِّث العابد الصادق ... كان أمامًا ربانيًا، من العلماء العاملين، وحديثه في دواوين الإسلام)) .
انظر "الجرح والتعديل" (4 / 378 - 379 رقم 1654) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (12 / 384) ، و"ميزان الاعتدال" (2 / 264 رقم 3668) ، و"سير أعلام النبلاء" (9 / 353 - 354) ، و"هدي الساري" (ص409 و 462) ، و"التهذيب" (4 / 313 - 314 رقم 536) ، و"دراسة المتكلم فيهم من رجال تقريب التهذيب" للشيخ عبد العزيز التخيفي (1 / 494 - 499) .
(3) طريق أيوب السختياني، عمن سمع الحسن يقول ... ، بنحوه.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 363 - 364 رقم 5984) ، عن معمر، عن أيوب.
وهذا إسناده ضعيف لإبهام الراوي عن الحسن.
والحديث أخرجه محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل" كما في "المختصر" (ص159 - 160) ، ولم يذكر "المختصر" سنده حتى يمكن معرفة الطريق التي رُوي منها.
وبالجملة فالحديث صحيح لغيره بمجموع الطرق المتقدمة، والله أعلم.(2/426)
136- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ (2) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (3) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَوْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ الْقَانِتِينَ (4) . وَمَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لم يكتب من الغافلين.
__________
(1) هو سلام بن سُلَيْم، تقدم في الحديث [52] أنه ثقة متقن.
(2) هو ضرار بن مرّة تقدم في الحديث [76] أنه ثقة ثبت.
(3) هو ذَكْوَان السَّمَّان، تقدم في الحديث [12] أنه ثقة ثبت.
(4) قال ابن الأثير في "النهاية" (4 / 111) : ((قد تكرر ذكر القنوت في الحديث، ويَرِدُ بمعان متعددة، كطاعة، والخشوع، والصلاة، والدعاء، والعبادة، والقيام، وطول القيام، والسكوت، فيُصرف في كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه)) . اهـ.
أقول: ولفظ الحديث هنا يحتمل أن معنى القنوت الوارد في هذا الحديث: (القيام) ، وقد يحتمل غيره، لكن هذا الذي ظهر لي، والله أعلم.
[136] سنده صحيح ولا داعي للشك، فإنه عن أبي هريرة بيقين كما يتضح من التخريج.
فقد أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 180 رقم 1142) .
ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص146 - 147) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 308) .
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 150 - 151 رقم 2002) .
أما ابن خزيمة ومحمد بن نصر فمن طريق علي بن الحسن بن شقيق، وأما الحاكم فمن طريق عبدان، كلاهما - الحسن وعبدان - عن أبي حمزة السكري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أبي هريرة، به، ولفظ الحاكم: ((من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يُكْتَبْ مِنَ الْغَافِلِينَ، وَمَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ كُتِبَ من القانتين)) .
ومثله لفظ ابن خزيمة ومحمد بن نصر، إلا أن ابن نصر لم يذكر الصلوات، =(2/427)
137- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ (ابْنِ) (1) أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يَقْرَءُوا بَعْضَ الْآيَةِ وَيَتْرُكُوا بَعْضًا.
138- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سُبَيْع (2) قَالَ: مَنْ قَرَأَ (عِنْدَ) (3) مَنَامِهِ (4) آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: (أَرْبَعَ) (5) آيَاتٍ مِنْ {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (6) ، وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ، وَالثَّلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخرها.
__________
= وإنما ذكر القراءة، وعندهما: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آية لم يكتب من الغافلين، أو: كتب من القانتين)) ، هكذا على الشك.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2 / 247 رقم 643) : ((هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين)) .
(1) ما بين القوسين ليس في الأصل، ولابد منه كما سبق بيانه في الحديث رقم [76] .
[137] سنده صحيح، وسبق أن أورده المصنف برقم [76] من طريق خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي سنان، به بلفظ: ((إِذَا قَرَأَ أَحَدُكُمُ الْآيَةَ، فَلَا يقطعها حتى يتمّها)) وتخريجه هناك.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 552 رقم 10313) من طريق محمد بن فضيل، عن أبي سنان، به مثله، إلا أنه قال: ((ويتركوا بعضها)) .
(2) هو المغيرة بن سُبَيْع - بمهملة وموحّدة، مُصَغّر -، العجلي، الكوفي، يروي عن عمرو بن حريث وعبد الله بن بريدة، وعنه أبو التيّاح الضُّبَعي، وأبو فروة الهمداني وأبو سنان الشيباني ضرار بن مرة، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، قال العجلي: ((تابعي ثقة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدارقطني: =(2/428)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ((كوفي يُحتجّ به)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص437 رقم 1617) ، و"سؤالات البرقاني" للدارقطني (ص67 رقم 511) ، و"التهذيب" (10 / 260 رقم 466) ، و"التقريب" (ص543 رقم 6835) .
(3) ما بين القوسين استدركته من "شعب الإيمان" للبيهقي؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف، وليس في الأصل، وإنما فيه إشارة إدخال بعد قوله: (قرأ) ، ولم يُكتب في الهامش شيء.
(4) في هذا الموضع في الأصل إشارة إدخال، ولم يكتب في الهامش شيء، ورواية البيهقي كما هنا في هذا الموضع، وفي "سنن الدارمي" كما سيأتي: (عشر آيات) .
(5) في الأصل: (وأربع) بواو العطف! والمثبت من عند البيهقي، والذي يظهر لي - والله أعلم - أن هذه الفروق من أصل الرواية كما يتضح من "شعب الإيمان" للبيهقي، والصواب في لفظ الحديث - فيما أرى -: ((من قرأ عند منامه عشر آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ القرآن: أربع آيات من أوّلها مِنْ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، والثلاث آيات من آخرها)) .
فهذه عدّتها عشر آيات، وهذا التصويب من جرّاء التوفيق بين رواية الدارمي ورواية سعيد بن منصور.
(6) الآية (163) من سورة البقرة.
[138] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 70) بلفظ الدارمي الآتي، وعزاه لسعيد بن منصور، والدارمي، والبيهقي في "الشعب".
وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 350 رقم 2189) من طريق المصنِّف، ولفظه: ((مَنْ قَرَأَ عِنْدَ مَنَامِهِ آيَاتٍ مِنَ الْبَقَرَةِ لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: أربع آيات: {وإلهاكم إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هو الرحمن الرحيم} ، وآية الكرسي، وثلاث آيات من آخرها)) . =(2/429)
139- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ الْخَطَأُ أَنْ تَجْعَلَ خَاتِمَةَ آيَةٍ خاتمة آية أخرى (1) .
__________
= وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 322 رقم 3388) ، فقال: حدثنا إسحاق بن عيسى، عن أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ المغيرة بن سبيع - وكان من أصحاب عبد الله -، قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ من البقرة عند منامه لَمْ يَنْسَ الْقُرْآنَ: أَرْبَعَ آيَاتٍ من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث من آخرها)) .
والمغيرة من أصحاب عبد الله بن مسعود كما في رواية الدارمي، فلعلّه تلقى هذا الحديث من عبد الله، فإنه قد روي عنه نحوه مع بعض الاختلاف.
فأخرجه الدارمي في الموضع السابق برقم (3386) من طريق عاصم، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قال: ((من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيتان (كذا!) بعد آية الكرسي، وثلاثًا من آخر سورة البقرة، لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان، ولا شيء يكرهه، ولا يُقْرأْنَ على مجنون إلا أفاق)) .
ومن طريق عاصم أخرجه أيضًا ابن الضريس في "الفضائل" (ص84 و 88 رقم 166 و 179) بنحوه.
وأخرجه أيضًا الدارمي برقم (3385) .
والطبراني في "الكبير" (9 / 147 - 148 رقم 8673) .
كلاهما من طريق أبي العميس، عن الشعبي، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: ((مَنْ قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح: أربعًا من أوّلها، وآية الكرسي، وآيتان بعدها، وثلاث خواتيمها، أوّلها: {لله ما في السموات} [آية 285 من سورة البقرة] )) .
وسنده ضعيف، قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 118) : ((رجاله رجال الصحيح، إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود)) .
(1) سيأتي تفسير أبي عبيد لقول ابن مسعود هذا.
[139] سنده رجاله ثقات، إلا أن مغيرة يدلِّس، ولاسيّما عن إبراهيم كما سبق بيانه. =(2/430)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= في الحديث [54] ، ولم يصرّح بالسماع هنا، فالحديث ضعيف بهذا الإسناد لأجله، وهو صحيح لغيره من طرق أخرى كما سيأتي.
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 222 - 223 رقم 2076) من طريق المصنِّف، لكن رواية غير هذه، فقد أخرجه عن سعيد بن منصور، حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن همّام قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَيْسَ الخطأ أن يقرأ: {غفور رحيم} مكان: {عزيز حكيم} ، ولكن الخطأ أن يقرأ ما ليس منه، أو يختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة.
وهذه الرواية لم أجدها عند المصنف في فضائل القرآن، فلعلها في موضع آخر.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص328 رقم 772) .
وعبد الرزاق في "المصنف" (3 / 364 رقم 5985) .
أما أبو عبيد فمن طريق أبي معاوية، وأما عبد الرزاق فمن طريق سفيان الثوري، كلاهما عن الأعمش، به نحو رواية البيهقي السابقة.
وسند هذا الطريق صحيح رجاله ثقات تقدموا، وعنعنة الأعمش لا تضر إذا كانت عن كبار شيوخه كإبراهيم النخعي ونحوه كما سبق بيانه في الحديث [3] .
والحديث في "كتاب الآثار" لأبي يوسف (ص44 رقم 223) .
و"كتاب الآثار" لمحمد بن الحسن (ص55 رقم 274) .
كلاهما من طريق أبي حنيفة، عن حماد، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، أن رجلاً كان يقرئه ابن مسعود، وكان أعجميًا، فجعل يقول: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} ، فجعل الرجل يقول: (طعام اليتيم) ، فردّ عليه، كلُّ ذلك يقول: (طعام اليتيم) ، فقال ابن مسعود: قل: طعام الفاجر، ثم قال ابن مسعود: إن الخطأ في القرآن ليس أن تقول: {الغفور الرحيم} ، {العزيز الحكيم} ، إنما الخطأ أن تقرأ آية الرحمة آية العذاب، وآية العذاب آية الرحمة، وأن يزاد في كتاب الله ما ليس فيه.
هذا لفظ رواية أبي يوسف، ونحوه رواية محمد بن الحسن. =(2/431)
140- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يقولنَّ أحدُكم: أَخَذْتُ الْقُرْآنَ كلَّه، وَمَا يُدْرِيهِ مَا كلُّه، قَدْ ذَهَبَ مِنْهُ قُرْآنٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ يَقُولُ: أَخَذْنَا مَا ظَهَرَ منه (2) .
__________
= وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 150 رقم 8683) من طريق زائدة، عن منصور، عن إبراهيم، به بلفظ: ليس الخطأ أن يقرأ بعضه في بعض، ولكن الخطأ أن تلحقوا به ما ليس منه.
قال أبو عبيد القاسم بن سلام - رحمه الله - عقب إخراجه للرواية السابقة: ((أرى أن عبد الله أراد بهذا: أنه إذا سمع السامع من يقرأ هذه الحروف من نعوت الله عز وجل لم يجز له أن يقول: أخطأت؛ لأنها كلها من نعوت الله، ولكن يقول: هو كذا وكذا على ماقال أبو العالية، وليس وجهه أن يضع كل حرف من هذا في موضع الآخر وهو عامد لذلك. فإذا سمع رجلاً ختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، فهناك يجوز له أن يقول: أخطأت، لأنه خالف الحكاية عن الله عز وجل، فهذا عندنا مذهب عبد الله في الخطأ)) . اهـ.
وقول أبي عبيد هنا: ((على ما قال أبو العالية)) ، يعني به ما أخرجه هو قبل ذلك (ص237 رقم 770) عن شعيب بن الحَبْحاب قال: كان أبو العالية الرياحي إذا قرأ عنده رجل لم يقل: ليس كما تقرأ، ويقول: أما أنا فأقرأ كذا وكذا.
(1) هو نافع أبو عبد الله المدني، مولى ابن عمر، روى عن مولاه وعن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري ورافع بن خديج وعائشة وأم سلمة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه عبد الله بن دينار وأبو إسحاق السبيعي وأيوب السختياني والإمام مالك وغيرهم، قيل: كانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: تسع عشرة، وقيل: عشرين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه مشهور، روى له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال ابن خراش: ((ثقة نبيل)) ، وقال عبيد الله بن عمر: ((لقد منّ الله علينا بنافع)) ، وقال أحمد =(2/432)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن صالح المصري: ((كان نافع حافظًا ثبتًا له شأن)) ، وقال الخليلي: ((نافع من أئمة التابعين بالمدينة، إمام في العلم، متفق عليه، صحيح الرواية، منهم من يقدمه على سالم، ومنهم من يقارنه به، ولا يعرف له خطأ في جميع ما رواه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 451 - 452 رقم 2070) ، و"التهذيب" (10 / 412 - 415 رقم 742) ، و"التقريب" (ص559 رقم 70860) .
(2) علّق محقق "فضائل القرآن" لأبي عبيد، - أثابه الله - على هذا الأثر بتعليق نفيس، نفى فيه ما يتبادر للذهن منه؛ من ضياع شيء من القرآن، فقال: (ص285) : (هذا الاثر نقله السيوطي في "الإتقان" (2 / 25) ، وسكت عنه، مع أن ظاهره يفيد ضياع جزء كبير من القرآن. وقال الألوسي: ((وكل خبر ظاهره ضياع شيء من القرآن إما موضوع أو مؤوّل)) ، فظاهر هذا السند صحيح لا مجال للشك فيه؛ لأنه محلّىً بسلسلة من أئمة الحديث، فإسماعيل هو: ابن عليّة، وأيوب: هو السختياني، ونافع مولى ابن عمر، ولكننا أمام احتمالين لا ثالث لهما: إما أن نقول: إن مراد ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الضياع بلا نسخ، وهذا باطل؛ لتظافر الأدلة القاطعة على سلامة القرآن من أي نقص، كما أنه بعيد من مثل ابن عمر الصحابي الجليل أن يقول ذلك. وأما إن نقول: إن مراده السقوط بسبب النسخ، وهذا جائز، بل هو الواقع، ومن أجله وضع المؤلف هذا الخبر في هذا الباب. ويمكننا بيان كلام ابن عمر للتابعين: ((أخذت القرآن كله)) ، أي: كل ما نزل عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مما نسخت تلاوته وما استقرّ متلوًّا، ((ذهب منه قرآن كثير)) ، أي: سقط منه في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو: أُسقط في الجمعين المجمع عليهما بعده؛ لعدم استيفائه شروط ثبوت قرآنيته حسب العرضة الأخيرة، وشروطًا أخرى غيرها، ((ما ظهر)) : ما استقر قرآنًا فلم ينسخ، أو: ما تواتر وأُثبت في المصاحف الإمام، والله أعلم.
ويفهم من كلام ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أنه في رأيه أن الآيات المنسوخة بعد نسخها تمسى كذلك قرآنًا، تجاوزًا، أو باعتبار ما كان) . اهـ.
[140] سنده صحيح. =(2/433)
141- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سِنَان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهُذَيل، عَنْ حَنْظلة بْنِ خُويلد العَنَزي (1) ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى أَتَى السُّدَّة (2) سُدَّة السُّوقِ، فَاسْتَقْبَلَهَا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ أَهْلِهَا، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى دَرَجَ الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: يَا حَنْظَلَةُ، أَتَرَى هَذَا يُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهِ؟ إِنَّ لِكُلِّ (آيَةٍ) (3) كَفَّارَةً، - أَوْ قَالَ: يَمِينٍ -.
__________
= وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص285 رقم 689) من طريق إسماعيل بن إبراهيم، به مثله مع اختلاف يسير في اللفظ.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 509 رقم 10142) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أنه كان يكره أن يقول: قرأت القرآن كله.
(1) هو حَنْظَلَةُ بن خويلد العَنَزي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وروى هنا عن ابن مسعود، وروى عنه هنا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، وروى عنه أيضًا الأسود ابن مسعود على اختلاف فيه عليه، وهو ثقة من الطبقة الثانية، وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 240 رقم 1067) ، و"التهذيب" (3 / 59 - 60 رقم 108) ، و"التقريب" (ص183 رقم 1580) .
وقد اختُلف في اسم حنظلة هذا، فقيل أيضًا: سويد بن حنظلة، وقيل: عبد الله بن حنظلة، وقيل: حنظلة بن سويد.
انظر الموضع السابق من "الجرح والتعديل"، و"التاريخ الكبير" للبخاري (3 / 42 رقم 162) مع حاشيته.
وثَمَّة قول آخر في اسمه لم يُشَر إليه في المواضع المتقدمة، وهو: سليم بن حنظلة كما سيأتي في رواية الطبراني للحديث، وانظر "التاريخ الكبير" للبخاري (4 / 122 - 124 رقم 2181 و 2184) ، و"الجرح والتعديل" (4 / 212 =(2/434)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رقم 914) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 331) .
(2) السُّدَّة: كالظُّلَّة على الباب لتقيه من المطر، وقيل: هي الباب نفسه، وقيل: هي الساحة بين يديه كما في "النهاية" (2 / 353) ، فيكون المعنى: أن ابن مسعود أتى مقدِّمة السوق، إما الظُّلَّة التي تظلله كما في بعض الأسواق، أو: باب السوق ومدخله، أو الساحة التي تكون عادة بين يدي السوق.
(3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.
[141] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: (العنبري) بدل: (العنزي) ، وفيه: (بالسوق) ، وسقط منه قوله: (اللهم) .
والحديث أشار إليه البخاري في "تاريخه الكبير" (3 / 42) في ترجمة حنظلة. وعَلَّقَهُ ابن سعد في "الطبقات" (6 / 205) ، فقال: (حنظلة بن خويلد الشيباني، روى عن عبد الله قال: أشرف عبد الله على السُّدَّة فقال: اللهم أسألك خيرها وخير أهلها) .
وأخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 231 - 232 رقم 387) من طريق أبي عوانة، عن أبي سنان، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 202 رقم 8895) .
وفي "الدعاء" (2 / 1168 - 1169 رقم 796) .
في كلا الموضعين من طريق سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ ضِرَارِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي الهذيل، عن سليم بن حنظلة، أن عبد الله أتى سُدَّة السوق، فقال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهَا وَخَيْرِ أَهْلِهَا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شرها وشر أهلها.
هكذا الرواية في "الكبير"، إلا أن فيه تصحيفًا أظنه طباعيًا، حيث جاء فيه: =(2/435)
142- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ (عَبْدِ اللَّهِ) (1) بْنِ مُرَّة (2) ، عَنْ أَبِي كَنِف (3) ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي سُوقِ الرَّقيق، إِذْ سَمِعَ رَجُلًا يَحْلِفُ بِسُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ، فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ عَلَيْهِ لِكُلِّ آية منها (يمينًا) (4) .
__________
= (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الهذيل بن سليم بن حنظلة) ، فتصحّفت: (عن) إلى: (بن) .
وأما الرواية في "كتاب الدعاء"، فجاءت على الصواب في هذا الموضع، لكن وقع فيها: (عن أبي حصين) بدل قوله: (عن أبي سنان) .
وفي كلا الروايتين: (سليم حنظلة) ، بدل: (حنظلة بن خويلد) ، وسبق بيان الاختلاف في تسميته.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 129) بعد أن ذكر الحديث: ((رجاله رجال الصحيح، غير سليم بن حنظلة، وهو ثقة)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص14 رقم 85 / القسم الأول من الجزء الرابع) من طريق محمد بن فضيل ووكيع، كلاهما عن سفيان الثوري، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، عَنْ عبد الله بن حنظلة، عن عبد الله قال: من حلف بسورة من القرآن لقي الله بعدد آيها خطايا.
كذا سماه سفيان في روايته هنا: (عبد الله بن حنظلة) ، وعند الطبراني من طريقه - كما سبق - سمّاه: (سليم بن حنظلة) .
وأخرجه البيهقي أيضًا في الموضع السابق من طريق عبد الله بن الوليد، عن سفيان، به نحو رواية المصنف، وسماه أيضًا: (عبد الله بن حنظلة) .
وللحديث طريق أخرى عن ابن مسعود، وهي الآتية.
(1) في الأصل: (عبيد الله) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.
(2) هو عبد الله بن مُرَّة الهمداني، الخَارِفي - بمعجمة وراء وفاء -، الكوفي، يروي عن ابن عمر والبراء وأبي الأحوص ومسروق وغيرهم، روى عنه =(2/436)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الأعمش ومنصور بن المعتمر، وكانت وفاته في خلافة عمر بن عبد العزيز سنة مائة، وقيل: سنة تسع وتسعين، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((وله أحاديث صالحة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 165 - 166 رقم 763) ، و"التهذيب" (6 / 24 - 25 رقم 35) ، و"تقريب التهذيب" (ل 70 / ب / الخطية) .
تنبيه: إنما صار العزو هنا إلى النسخة الخطية من "التقريب"؛ لأن المطبوعة سقط منها قوله: (ثقة) .
انظر "التقريب" المطبوع (ص322 رقم 3607) .
(3) هو أبو كَنِف العَبْدي، مجهول الحال، روى عنه الشعبي وعبد الله بن مرة، وسكت عنه البخاري في "الكنى" (ص65 رقم 596) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (9 / 431 رقم 2139) ، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 1231 رقم 1723) ، و"المقتنى" للذهبي (2 / 34 رقم 5228) .
(4) في الأصل: (يمين) ، وما أثبته من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.
[142] سنده ضعيف لجهالة حال أبي كَنِف، ولأن الأعمش مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وليس هذا الموضع مما تحتمل روايته فيه إذا لم يصرح بالسماع كما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، ومعناه صحيح عن ابن مسعود، كما في الحديث المتقدم، والآتي.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: (بينما) ، و: (الدقيق) ، و: (بسورة البقرة) ، بدلاً من قوله: (بينا) ، و: (الرقيق) ، و: (بسورة من القرآن) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 472 رقم 15947) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه لم يذكر السوق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص14 رقم 84 / القسم الأول من الجزء الرابع) =(2/437)
143- قَالَ الْأَعْمَشُ (1) : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ (2) لِإِبْرَاهِيمَ (3) ، فَقَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ، وَمَنْ كَفَرَ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَقَدْ كَفَرَ بِهِ كلِّه.
__________
= من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه، إلا أنه وقع عنده: (أبي كريب) بدل قوله: (أبي كنف) ، وهو تصحيف، ووقع عنده أيضًا: (سوق الرحق) .
وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي كِنْفٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْآنِ، فَعَلَيْهِ بِكُلِّ آيَةٍ يَمِينٌ، كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 63 / ب) ، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 144 / ب) ، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (2 / 86 رقم 1726) .
ومن طريق مسدد أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 232 رقم 379) .
(1) أي بالإسناد المتقدم: (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بن زكريا، عن الأعمش) .
(2) أي حديث أبي كنف المتقدم في الرجل الذي حلف بسورة من القرآن.
(3) هو ابن يزيد النخعي، تقدم في الحديث [3] أنه فقيه ثقة.
[143] سنده حسن، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، وهو صحيح لغيره؛ لأن إسماعيل قد توبع كما سيأتي، ومراسيل إبراهيم النخعي عن ابن مسعود صحيحة كما سبق بيانه في الحديث رقم [3] .
والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 43) في الأيمان، باب ما جاء في الحلف بصفات الله تعالى، من طريق المصنف، به مثله مقرونًا بالرواية السابقة في الحديث [142] .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 472 رقم 15946) من طريق الثوري، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (ص14 رقم 87 / القسم الأول من الجزء =(2/438)
144- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، عَنْ غَيْلَان (1) ، عَنْ مُطَرِّف (2) ، قَالَ: لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: قَالَ الله عز وجل.
__________
= الرابع) من طريق أبي معاوية عن الأعمش، به مثله بشطره الأول فقط، ولم يذكر قوله: ((ومن كفر ... )) إلخ.
وأخرجه مسدد في "مسنده"، فقال: حدثنا يحيى، عن سفيان، حدثني الأعمش ... ، فذكره بنحوه مقرونًا بالحديث السابق كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 63 / ب) ، و"إتحاف الخيرة" للبوصيري (4 / ل 144 / ب) ، وانظر "المطالب العالية" المطبوعة (2 / 86 رقم 1726) .
ومن طريق مسدد أخرجه اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (2 / 232 رقم 379) .
ولبعضه طريق أخرى عن ابن مسعود.
فأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (2 / 154 / أ) من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن ابن مسعود أنه أمرهم أن لا يتنازعوا في القرآن، وأخبرهم أن من جحد آية منه فقد جحده كله.
(1) هو غَيْلان بن جرير المِعْوَلي الأَزْدي البصري، روى عن أنس بن مالك والشعبي وأبي قلابة ومُطَرِّف بن عبد الله وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني وجرير بن حازم وحماد بن زيد ومهدي بن ميمون وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 52 - 53 رقم 297) ، و"التهذيب" (8 / 253 - 254 رقم 468) ، و"التقريب" (ص443 رقم 5369) .
(2) هو مُطَرِّف بن عبد الله الشِّخِّير - بكسر الشين المعجمة، وتشديد المعجمة المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم راء -، العامري، الحَرَشي - بمهملتين مفتوحتين، ثم معجمة - أبو عبد الله البصري، يروي عن أبيه وعثمان وعلي =(2/439)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبي ذر وعمار بن ياسر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه أخوه يزيد والحسن البصري وثابت البُناني وغيلان بن جرير وغيرهم، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين، وقيل: سنة تسع وثمانين، وكانت ولادته في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو ثقة عابد فاضل روى له الجماعة. قال ابن سعد: ((كانة ثقة ذا فضل وورع وأدب)) ، وقال العجلي: ((ثقة من خيار التابعين، رجل صالح)) ، وقال ابن حبان في "الثقات": ((ولد في حياة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... ، وكان من عباد أهل البصرة وزهّادهم)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص431 رقم 1586) ، و"الثقات" لابن حبان (5 / 429) ، و"التهذيب" (10 / 173 - 174 رقم 324) ، و"التقريب" (ص534 رقم 6706) .
[144] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي الدنيا في "الصمت" (ص429 رقم 371) .
وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 203) .
كلاهما من طريق شعبة، عن خالد الحذّاء، عن غيلان، به نحوه، وفيه زيادة.
ولم أجد من وافق مُطَرِّفًا على هذا القول، وهو يعني بنهيه هذا التفريق بين الفعل المضارع: ((يقول)) ، الذي يفيد وقوع الفعل في الحاضر والاستمرار فيه، وبين الماضي: ((قال)) الذي يدل على أن هذا الفعل قد فُرغَ منه، وهو اجتهاد من مطرِّف - رحمه الله -، ولا يعني التسليم له بما قال؛ لأنه لا بأس بالإخبار عن وقوع قول مضى بصيغة المضارع؛ كما لو أرسلك شخص برسالة شفهية إلى آخر، فقلت له: ((إن فلانًا يقول لك كذا وكذا)) ، مع أنه قال ذلك القول في الماضي، وهذا كثير في السنة، ومن أمثلة ذلك: ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 384 رقم 7405) في التوحيد، باب قول الله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} .
ومسلم في "صحيحه" (4 / 2061 رقم 2) في الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب الحث على ذكر الله تعالى، و (4 / 2067 - 2068 رقم 19 و 20 و 21) في الذكر أيضًا، باب فضل الذكر والدعاء.
كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته =(2/440)
145- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بن مَاهَان (1) [ل110/أ] ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجر (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ فَيَسْقِيهِ، فَقَالَ: إِنِّي أَرَى سَيُصِيبُهُ بَلَاءٌ.
__________
= في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرَّب إليَّ شبرًا تقرَّبت إليه ذراعًا، وإن تقرب إليَّ ذراعًا تقربت إليه باعًا، وإن أتاني يمشي أتيته هَرْوَلَةً)) ، وانظر "الأذكار" للنوي (ص332) .
(1) هو مصعب بن مَاهَان المَرْوزي، نزيل عَسْقلان، روى عن سفيان الثوري وداود بن نصير وعباد كثير، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا إبراهيم بن شماس وزكريا بن نافع وأبو توبة الربيع بن نافع وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمانين أو إحدى وثمانين ومائة، وهو صدوق عابد كثير الخطأ.
قال الإمام أحمد: ((كان رجلاً صالحًا)) ، وأثنى عليه خيرًا، وقال: ((وكان حديثه مقاربًا، في شيء من الخطأ)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه، فقال: ((شيخ)) ، وحكى غيري عن أبي أنه قال: ((ثقة عابد)) ، وقال العقيلي: ((له أحاديث لا يتابع عليها)) ، وقال ابن وضاح: ((ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 308 - 309 رقم 1427) ، و"التهذيب" (10 / 164 رقم 310) ، و"التقريب" (ص533 رقم 6694) .
(2) تقدم في الحديث [58] أنه صدوق ليّن الحفظ.
(3) أي: ابن يزيد النخعي.
[145] سنده ضعيف لضعف مصعب بن ماهان وإبراهيم بن مهاجر من قبل حفظهما، لكنه صحيح لغيره بالطريق الآتي.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 404 - 405 رقم 2241) من طريق المصنِّف، به مثله سواء.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص358 رقم 843) فقال: حدثنا هشيم، أخبرنا ابن عون، قال: سألت إبراهيم عن رجل كان بالكوفة يكتب من الفزع آيات فيسقي المريض، فكره ذلك. =(2/441)
146- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَير (1) ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ (2) ، قال: قال عبد الله: اقرؤا القرآن في سبع، ولا تقرؤه فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وَلْيُحَافِظِ الرَّجُلُ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ عَلَى جزئه.
__________
= وسنده صحيح.
هشيم تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، كثير التدليس، لكنه صرّح هنا بالسماع.
وعبد الله بن عون بن أرطبان تقدم في الحديث [44] أنه ثقة ثبت فاضل.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الثامن (ص29 رقم 3565) من طريق هشيم، بنحو لفظ أبي عبيد.
(1) هو عمارة بن عُمَير التّيْمي، الكوفي، يروي عن الأسود بن يزيد والحارث بن سويد وعبد الرحمن بن يزيد وأبي الأحوص عوف بن مالك وغيرهم، روى عنه إبراهيم النخعي والحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر والأعمش وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان وتسعين للهجرة، وقيل: سنة اثنتين وثمانين، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي عنه، فقال: ((ثقة وزيادة، يُسئل عن مثل هذا؟!)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة، وكان خيارًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 366 - 367 رقم 2022) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1065) ، و"التهذيب" (7 / 421 رقم 686) ، و"التقريب" (ص409 رقم 4856) .
(2) هو عوف بن مالك، تقدم في الحديث [4] أنه ثقة.
[146] سنده صحيح، والأعمش قد صرح بالسماع في رواية الفريابي كما سيأتي، وصححه الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 97) بعد أن عزاه للمصنف.
والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (2 / 396) في الصلاة، باب مقدار ما يستحب له أن يختم فيه القرآن، وفي "شعب الإيمان" (5 / 136 - 137 رقم 1985) ، في كلا الموضعين من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه =(2/442)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقع في "شعب الإيمان": ((ولا تقرأوا)) ، و: ((على جزء)) .
وذكره الزبيدي في "إتحاف السادة المتقين" (4 / 472) ، وعزاه لسعيد بن منصور، وابن أبي داود في "الشريعة".
وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 502) من طريق أبي معاوية، به بلفظ: اقرؤوا القرآن في سبع، ولا تقرؤوه في ثلاث.
وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص217 - 218 رقم 130 و 131) من طريق معاذ بن معاذ العنبري وخالد بن الحارث، كلاهما عن شعبة، عن سليمان الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، وفي رواية خالد بن الحارث قال الأعمش: سمعت عمارة، عن أبي الأحوص ... ، فذكره بنحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 353 رقم 5948) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحو لفظ المصنف.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 154 - 155 رقم 8707) ، لكن وقع قي المطبوع تصحيف في الإسناد.
وأخرجه الطبراني أيضًا (9 / 155 رقم 8708 و 8709) من طريق زائدة وحجاج، كلاهما عن الأعمش به مثل لفظ عبد الرزاق.
قال الهيثمي في "المجمع" (2 / 269) : ((رجاله رجال الصحيح)) .
وتابع عمارة أبو إسحاق السبيعي، فرواه عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَهُوَ راجز.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 353 رقم 5946) عن معمر، عن أبي إسحاق، به.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 154 رقم 8701) .
قال الهيثمي في الموضع السابق: ((رجاله رجال الصحيح)) .
وهذا اللفظ قد صح عن ابن مسعود من طرق أخرى كما سيأتي.(2/443)
147- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدة (1) ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهُوَ رَاجِز (2) ، هَذًّا (3) كَهَذِّ الشِّعْر، ونَثْرًا (4) كَنَثْرِ الدَّقَل (5) .
__________
(1) هو عامر بن عبد الله بن مسعود، أبو عُبَيْدة الكوفي، مشهور بكنيته، روى عن أبيه ولم يسمع منه، وعن أبي موسى وكعب بن عجرة وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه إبراهيم النخعي وأبو إسحاق السبيعي ومجاهد وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثمانين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، قال الإمام أحمد: ((كانوا يُفضِّلون أبا عبيدة على عبد الرحمن)) ، وعبد الرحمن هو أخوه، ثقة كما سيأتي في الحديث [150] . وقال العجلي: ((كوفي ثقة، ولم يسمع من أبيه شيئًا)) ، وقال ابن سعد: ((روى عن أبيه رواية كثيرة، وذكروا أنه لم يسمع منه شيئًا، وكان ثقة كثر الحديث)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 210) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص504 رقم 1993) ، و"التهذيب" (5 / 75 - 76 رقم 121) ، و"التقريب" (ص656 رقم 8231) ، وانظر أيضًا في سماعه من أبيه من عدمه ما تقدم في الحديث رقم [4] .
(2) الرَّجَزُ: بحر من بحور الشِّعر معروف، ونوع من أنواعه، يكون كل مِصْرَاع منه مُفْرَدًا، وتُسَمَّى قصائده: أَرَاجِيز،، وَاحِدُها: أُرْجُوزَةٌ، فهو كهيئة السَّجْع، إلا أنه في وزن الشِّعر، ويُسَمَّى قائله: رَاجِزًا كما يسمى قائل بحور الشعر: شاعرًا. وإنما سمّاه ابن مسعود هنا راجزًا؛ لأن الرَّجَزَ أخفُّ على لسان المُنْشِد، واللسان به أسرع من القصيد. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 199 و 200) .
(3) الهَذُّ: سرعة القطع، والمراد: أنه يسرع في قراءة القرآن كما يسرع في قراءة الشِّعر.
انظر "النهاية": (5 / 255) .(2/444)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(4) أي: كما يتساقط الرُّطب اليابس من العِذْق إذا هُزَّ.
"النهاية" (5 / 15) .
(5) الدَّقَلُ: هو رديء التمر ويابسه.
"النهاية" (2 / 127) .
[147] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وأبو إسحاق السبيعي مدلس ولم يصرح هنا بالسماع، ومع ذلك فقد اختلط بآخره، لكن تابعه على بن بَذِيمة كما سيأتي، والحديث صحيح عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة كما سيأتي.
وقد أشار البيهقي في "الشعب" (5 / 135) لهذا الطريق، فقال بعد أن أخرج الحديث من طريق علي بن بذيمة الآتي: ((رواه أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ وزاد فيه: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَل)) .
والحديث أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص226 رقم 147) من طريق قتيبة، حدثنا أبو الأحوص ... ، فذكره بمثله سواء.
وأخرجه أيضًا برقم (148) من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق ... ، به مثله، ولم يذكر قوله: ((هذًّا كهذ الشعر ... )) إلخ.
ورواه حُدَيج بنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إسحاق، وسيأتي برقم [153] .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف (3 / 353 رقم 5947) من طريق معمر وسفيان الثوري، كلاهما عن علي بن بَذِيمة، عن أبي عبيدة، به بمثله بشطره الأول فقط إلى قوله: ((راجز)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 154 رقم 8704) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) .
والفريابي (ص225 - 226 رقم 146) .
كلاهما من طريق مسعر وسفيان الثوري.
وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (8702 و 8703) من طريق شعبة مسعر. =(2/445)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 135 رقم 1983) من طريق شعبة.
ثلاثتهم عن علي بن بَذيمة، عن أبي عبيدة، به مثل لفظ عبد الرزاق.
وعلي بن بَذِيمة تقدم في الحديث [42] أنه ثقة، فيبقى الحديث ضعيفًا من هذا الطريق للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه فقط.
وقد رُوي الحديث عن ابن مسعود من تسعة طرق:
(1) طريق أبي عبيدة عنه، وهو هذا الطريق.
(2) طريق أبي الأحوص عنه، وهو صحيح وتقدم برقم [146] .
(3) طريق الحسن البصري عنه، وهو ضعيف وسيأتي برقم [148] .
(4) طرق أبي وائل شقيق بن سلمة عنه، وهو صحيح ومخرّج في الصحيحين، وسيأتي برقم [156] .
(5) و (6) طريقا الأسود وعلقمة، وسيأتي تخريجهما مع طريق أبي وائل.
(7) طريق الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:
لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا تنثروه نثر الدَّقَل، وقفوا عند عجائبه، وحرّكوا به القلوب.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 521) و (10 / 525 رقم 10205) .
وسنده ضعيف؛ لأن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود كما سبق بيانه في الحديث [63] .
(8) طريق القاسم بن الوليد، عن ابن مسعود، بمثل لفظ الشعبي.
أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 8 رقم 1883) .
وسنده ضعيف أيضًا؛ لأن القاسم بن الوليد لم يسمع من ابن مسعود، فهو من أتباع التابعين كما يتضح من ترجمته في "التهذيب" (8 / 340) ، بل أخشى أن يكون هذا الطريق والذي قبله واحدًا؛ لأن القاسم هذا من الرواة عن الشعبي كما في الموضع السابق من "التهذيب".
(9) طريق إبراهيم النخعي، عن ابن مسعود، قال: =(2/446)
148- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، فَهُوَ رَاجِزٌ.
__________
= لا تهذّوا القرآن كهذّ الشعر، ولا نثرًا كنثر الدقل.
أخرجه أبو يوسف في "كتاب الآثار" (ص46 رقم 233) ، ومحمد بن الحسن في "الآثار" أيضًا (ص54 - 55 رقم 271) ، كلاهما عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، به.
وأخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 8 - 9 رقم 1884) ، من طريق المغيرة، عن أبي حمزة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: اقرؤوا القرآن، وحرّكوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة.
وبالجملة فالحديث صحيح عن ابن مسعود كما تقدم برقم [146] ، وكما سيأتي.
[148] سنده ضعيف؛ لأن رواية هشام بن حسان عن الحسن البصري ضعيفة كما تقدم في الحديث [55] ، ومع ذلك فهو منقطع بين الحسن البصري وابن مسعود، فإنه لم يسمع منه.
قال قتادة: ((ما شافه الحسن أحدًا من البدريين)) ، وقال أيوب السختياني: ((ما حدثنا الحسن عن أحد من أهل بدر مشافهة)) ، وسئل أبو زرعة: هل سمع الحسن أحدًا من البدريين؟ قال: ((رأهم رؤية، رأى عثمان وعليًّا. قيل: هل سمع منهما حديثًا؟ قال: لا، رأى عليًّا بالمدينة، وخرج على الكوفة والبصرة، ولم يلقه الحسن بعد ذلك)) . اهـ. من "جامع التحصيل" (ص194 - 199 رقم 135) ، و"التهذيب" (2 / 263 - 270) .
فإذا كان الحسن لم يسمع من علي وعثمان، فمن باب أولى أن لا يكون سمع من ابن مسعود؛ لأنه توفي قبلهما، ففي "التهذيب" (6 / 28) أنه مات سنة اثنتين وثلاثين، وقيل ثلاث وثلاثين، هذا مع قول من قال: إنه لم يشافه بدريًا قط. =(2/447)
149- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ حُصين، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ، لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النهار إلا باليسير.
__________
= ومن أوضح الأدلة رواية الطبراني للحديث.
فإنه أخرجه في "المعجم الكبير" (9 / 154 رقم 8705) من طريق زائدة، عن هشام، عن الحسن أنه بلغه عن ابن مسعود قال: ... ، فذكره بمثله.
فهذا يدل على أن الحسن أخذه عن ابن مسعود بواسطة رجل لم يفصح باسمه.
لكن الحديث صحيح عن ابن مسعود من غير هذا الطريق كما تقدم في الحديثين السابقين وكما سيأتي.
[149] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة ابن مسعود وعم أبيه عبد الله بن مسعود، فإن روايته عنه مرسلة كما في "التهذيب" (7 / 23) .
وأما هشيم فهو وإن لم يصرح بالسماع هنا، فإنه قد توبع كما سيأتي.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 135 - 136 رقم 1984) من طريق المصنِّف، به مثله سواء.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (3 / 353 رقم 5945) .
ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (9 / 155 رقم 8710) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن حصين، به نحوه.
وقد تابع أبو عبيدة عبيدَ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
فأخرجه ابن ابي عمر في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 135 / ب) ، والمطبوعة (3 / 298 رقم 3524) .
والطبراني في "الكبير" (9 / 155 رقم 8711) .
أما ابن أبي عمر فمن طريق عبد الله بن يزيد المقرئ، وأما الطبراني فمن =(2/448)
150- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ذَكْوان (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ (2) ، (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ) (3) يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الجمعة.
__________
= طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين، كلاهما عن المسعودي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أبي عبيدة قال: كان عبد الله يقرأ القرآن في كل ثلاث، وقلّما يأخذ منه بالنهار.
وهذا سند رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه كما سبق بيان ذلك في الحديث [4] و [147] .
وأما اختلاط المسعودي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة بن عبد الله بن مسعود، فإن من الرواة عنه هنا أبا نعيم الفضل بن دُكين، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [51] .
وعليه فالحديث بمجموع هذين الطريقين حسن لغيره.
وسيأتي في الحديث بعده رقم [150] ما يشهد لبعضه.
(1) هو محمد بن ذَكْوان الأسدي الكوفي، بيّاع الأكسية، من شيوخ شعبة، يروي عن عبد الرحمن وأبي عبيدة ابني عبد الله بن مسعود، وهو ثقة؛ قال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، قال: حدثني محمد بن ذكوان، وكان كخير الرجال، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 251 - 252 رقم 1387 و 1379) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 419) ، و"التهذيب" (9 / 156 - 157 رقم 227 و 228) ، و"التقريب" (ص477 رقم 5872) .
وقد وهم ابن أبي حاتم فخلط بعض ترجمة محمد هذا بترجمة محمد بن ذكوان الجَهْضَمي الضعيف خال ولد حماد بن زيد، مع أنه فرّق بينهما، =(2/449)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مما أدى إلى تجريد الأسدي هذا من بعض ألفاظ التوثيق التي صدرت في حقِّه، ورميه بالضعف عند من لا يستطيع التفريق بينه وبين الآخر الضعيف. وقد تبع ابن أبي حاتم في وهمه المزِّي في "تهذيب الكمال" (3 / 1169 / المخطوط) ، وتبعهما ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب"، فأدرج ابن أبي حاتم والمزي وابن حجر ثناء شعبة وتوثيق ابن معين في ترجمة الجهضمي الضعيف، وذكروا من الرواة عنه: شعبة، ولم يذكروا الدليل على ذلك، مع أنهم ذكروا الأسدي، وذكروا من الرواة عنه شعبة، فكان ينبغي ذكر ما يفرّق بين الاثنين، ومن العجيب أنهم ذكروا في ترجمة الجهضمي أن شعبة روى عنه حديثًا واحدًا هو هذا الحديث الذي هنا، وكتاب البخاري "التاريخ الكبير" بين أيديهم وفيه ما يكفي في التدليل على ما وهموا فيه كما سيأتي!
وخلاصة القول:
1- أن راوي هذا الحديث هو الأسدي الثقة، لا الجهضمي الضعيف.
2- وأن شعبة إنما يروي عن محمد بن ذكوان الأسدي، ولم يرو عن محمد بن ذكوان الجهضمي.
3- وأن ثناء شعبة وتوثيق ابن معين إنما هو للأسدي، لا للجهضمي وإليك الدليل على ذلك:
1- ذكر البخاري في "تاريخه" (1 / 78 و 79 رقم 204 و 209) كُلاً من الأسدي والجَهْضَمي، وفرَّق بينهما، وذكر هذا الحديث في ترجمة الأسدي.
2- ذكر البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان والمزّي وابن حجر أن الأسدي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، ولم يذكروا ذلك في ترجمة الجهضمي.
3- ذكر ابن أبي حاتم والمزي وابن حجر أن شعبة روى عن الجهضمي حديثًا واحدًا، وأشاروا إليه، وهو هذا الحديث الذي يرويه محمد بن ذكوان عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، فكان عليهم - إذ رأوا ذلك - أن =(2/450)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ينصّوا على أن الجهضمي يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود، ولكن عكس ذلك فعلوا؛ حيث ذكروه في ترجمة الأسدي، لا الجهضمي.
4- أورد هؤلاء الثلاثة - ابن أبي حاتم، والمزي، وابن حجر - قول أبي داود الطيالسي عن شعبة: (حدثني محمد بن ذكوان، وكان كخير الرجال) ، وهذا القول إنما صدر من شعبة في حق محمد بن ذكوان راوي هذا الحديث عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود كما في رواية الفريابي في "الفضائل" (ص218 - 219 رقم 132) ، لا في حق الجهضمي الذي لم يذكروا أنه روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الله بن مسعود.
5- وحيث ذكر هؤلاء الثلاثة أن شعبة إنما روى عن الجهضمي حديثًا واحدًا، فكلام ابن معين إذًا يتجه إلى الأسدي راوي هذا الحديث الذي أشاروا إليه؛ بدليل أنهم اعتمدوا على عبارة أبي داود الطيالسي التي قالها عقب روايته لهذا الحديث عن شعبة، ففي رواية الفريابي السابقة قال أبو داود: (لم يرو شعبة عنه إلا هذا) .
(2) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود الهُذَلي الكوفي، روى عن أبيه ولم يسمع منه إلا شيئًا يسيرًا، وروى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ والأشعث بن قيس ومسروق ابن الأجدع، روى عنه ابناه القاسم ومعن وسماك بن حرب وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن ذكوان وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وسبعين للهجرة، وهو ثقة روى له الجماعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وقال يحيى بن سعيد: ((مات عبد الله وعبد الرحمن بن ست سنين أو نحوها)) ، وقال ابن المديني: ((لقي أباه)) ، وقال أيضًا: ((سمع من أبيه حديثين: حديث الضب وحديث تأخير الوليد للصلاة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 248 رقم 1185) ، و"التهذيب" (6 / 215 - 216 رقم 433) ، و"التقريب" (ص344 رقم 3924) .
(3) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من "شعب الإيمان" للبيهقي، ونحوه ما في باقي مصادر التخريج.(2/451)
151- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مَنْصُورٍ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ الْأَسْوَدُ (2) يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَتَيْنِ، وَيَنَامُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (3) ، وَكَانَ يَخْتِمُ فِيمَا سوى ذلك في ستة (4) .
__________
[150] سنده رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، لكنه ضعيف للانقطاع بين عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود وأبيه.
وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 135 / ب) ، والمطبوعة (3 / 298 رقم 3523) من طريق يحيى بن سعيد القطان.
والبخاري في "تاريخه الكبير" (1 / 78) من طريق آدم.
والفريابي في "الفضائل" (ص218 - 219 رقم 132) من طريق أبي داود الطيالسي.
والطبراني في "الكبير" (9 / 154 رقم 8706) من طريق علي بن الجعد.
ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 166) .
وأخرجه أبو نعيم أيضًا في الموضع السابق نفسه من طريق إسماعيل بن عُلَيَّة.
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 201 رقم 2055) من طريق النضر بن شميل.
جميعهم عن شعبة، به نحوه، إلا أن لفظ البخاري مختصر، أما الفريابي فلفظه: حدثني يونس بن حبيب الأصبهاني، قال: حدثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: حدثني محمد بن ذكوان - قال شعبة: وكان كخير الرجال - قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عبد الله بن مسعود يحدث أن أباه كان يختم فِي رَمَضَانَ فِي ثَلَاثٍ، وَفِي غَيْرِ رَمَضَانَ مِنَ الْجُمُعَةِ إِلَى الجمعة. قال أبو داود: ((لم يرو شعبة عنه إلا هذا)) .
ويشهد لبعض الحديث ما تقدم في الحديث [149] أن ابن مسعود كان يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَلَاثٍ لَا يَسْتَعِينُ عَلَيْهِ مِنَ النَّهَارِ إِلَّا باليسير، ولم يحدد ذلك برمضان، وتقدم أنه حسن لغيره.
(1) هو ابن المعتمر.(2/452)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) هو الأسود بن يزيد بن قيس النَّخَعي، أبو عمرو، أو: أبو عبد الرحمن، روى عن أبي بكر وعمر وعلي وابن مسعود وحذيفة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن وأخوه عبد الرحمن وابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي وغيرهم، وكانت وفاته سنة أربع أو خمس وسبعين للهجرة، وهو مخضرم ثقة مكثر فقيه، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأحمد وزاد: ((من أهل الخير)) ، قال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث صالحة)) ، وقال العجلي: ((كوفي جاهلي، رجل صالح)) ، وذكره إبراهيم النخعي فيمن كان يفتي من أصحاب ابن مسعود، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان فقيهًا زاهدًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 291 - 292 رقم 1061) ، و"التهذيب" (1 / 342 - 343 رقم 625) ، و"التقريب" (ص111 رقم 509) .
(3) سيأتي توجيه الكلام في النهي عن النوم قبل العشاء.
(4) أي: ستة أيام، وسيأتي الحديث بعده رقم [152] : ((وكان الأسود يختم في كل ست)) ، أي: ست ليالٍ.
[151] سنده صحيح.
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (2 / 102 - 103) من طريق عبد الله بن صندل (كذا!!!) ، عن الفضيل بن عياض، به نحوه، إلا أنه قال: ((وكان يختم القرآن في غير رمضان في كل ست ليال)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) .
والفريابي في "الفضائل" (ص223 - 224 رقم 141) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 149 رقم 2000) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق جرير وسفيان الثوري، وأما الفريابي فمن طريق أبي عوانة، وأما البيهقي فمن طريق شعبة، جميعهم عن منصور، به نحوه، إلا أنهم لم يذكروا قوله: (وَيَنَامُ فِيمَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ) ، وعند ابن أبي شيبة والبيهقي زيادة: أن علقمة كان يقرؤه في كل خمس ليال، وهذه الزيادة ستأتي في الحديث رقم [152] . =(2/453)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 355 رقم 5954) عن منصور، به نحوه، ولم يذكر قوله: (وكان يختم فيما سوى ... ) إلخ.
وأما نوم الأسود فيما بين المغرب والعشاء، ففيه مخالفة ظاهرًا لما جاء في حديث أبي بَرْزَة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (2 / 49 رقم 568) في مواقيت الصلاة، باب ما يكره من النوم قبل العشاء.
ومسلم في "صحيحه" (1 / 447 رقم 237) في المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح.
لكن يجاب عن ذلك بجوابين:
(1) أن هذا كان من الأسود في رمضان، وهذا قد رخّص فيه بعض أهل العلم، قال الترمذي: ((رخّص بعضهم في النوم قبل صلاة العشاء في رمضان)) . اهـ. من "سنن الترمذي" (1 / 314 / بتحقيق أحمد شاكر) ، في الصلاة، باب ما جاء في كراهية النوم قبل العشاء والسَّمَر بعدها.
(2) نظر بعضهم إلى أن علة النهي: خشية خروج الوقت، فرخّص في النوم إذا كان له من يوقظه، أو عُرف من عادته أنه لا يستغرق وقت الاختيار بالنوم؛ ذكر هذا الحافظ في "الفتح" (2 / 49) وقال: ((هذا جيد إذا قلنا إن علة النهي خشية خروج الوقت)) .
واستدل هؤلاء بما رواه البخاري (2 / 50 رقم 570) ، في مواقيت الصلاة، باب النوم قبل العشاء لمن غُلب، من أن ابن عمر كان لا يبالي، أقدّمها - أي العشاء - أو أخّرها إذا كان لا يخشى أن يغلبه النوم عن وقتها، وكان يرقد قبلها.
قال الحافظ في "الفتح" (2 / 51) : ((وهو محمول على ما إذا لم يخش أن يغلبه النوم عن وقتها كما صرّح به قبل ذلك حيث قال: وكان لا يبالي، أقدّمها أم أخّرها. وروى عبد الرزاق عن معمر، عن أيوب، عن نافع، أن =(2/454)
152- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيْلٌ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عَلْقَمَةُ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ خَمْسٍ، وَكَانَ الْأَسْوَدُ يَخْتِمُهُ فِي كُلِّ سِتٍّ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ يختمه في كل سبع.
__________
= ابن عمر كان ربما رقد عن العشاء الآخرة، ويأمر أن يوقظوه، والمصنِّف [أي البخاري] حمل ذلك في الترجمة على ما إذا غلبه النوم، وهو اللائق بحال ابن عمر)) . اهـ. والله أعلم.
(1) هو ابن مهران الأعمش.
[152] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، فروايته هنا عن إبراهيم النخعي وهي محمولة على الاتصال كما تقدم في الحديث [3] .
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قال: كان عبد الرحمن بن يزيد يقرأ القرآن في كل سبع، وكان علقمة والأسود يقرؤه أحدهما في خمس والآخر في ست، وكان إبراهيم يقرؤه في سبع.
وأخرجه أيضًا (13 / 419 رقم 16775) من نفس الطريق، بذكر عبد الرحمن بن يزيد فقط.
وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص223 رقم 139) من طريق سفيان الثوري، عن منصور عن إبراهيم، أن علقمة كان يقرأ في خمس. قال: وقرأه في مكة في ليلة.
وأخرجه الفريابي أيضًا برقم (140) .
وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 99) .
كلاهما من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: كان علقمة يقرأ القرآن في خمس.
وتقدم في الحديث السابق تخريج ختم الأسود للقرآن في ست، وفي بعض طرقه زيادة أن علقمة كان يقرؤه في كل خمس ليال.(2/455)
153- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي عُبيدة (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْقُرْآنِ فَهُوَ رَاجِزٌ.
154- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (2) ، عَنْ أَبِي قِلَابة، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ في كل ثمان، وأن تميمَ الدَّارِيّ كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ سَبْعٍ.
155- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المُهَلَّب (3) ، عَنْ أُبَيَّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ ثَمَانٍ.
__________
(1) هو عامر بن عبد الله بن مسعود.
[153] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي عبيدة وأبيه، وأما حديج بن معاوية فتقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه أبو الأحوص في الحديث [147] ، وقد توبع أيضًا أبو إسحاق السبيعي كما تقدم هناك، والحديث صحّ عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة، فانظر الحديث رقم [146] و [147] و [148] و [156] .
(2) هو ابن مهران الحذّاء.
[154] سنده رجاله ثقات إلا أنه منقطع بين أبي قلابة وأُبَيّ، والواسطة بينهما أبو المهلب كما سيأتي في الحديث بعده.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 137 رقم 1986) من طريق المصنِّف، به مثله سواء، إلا أنه سقط من الإسناد هشيم، فجاء الحديث عن سعيد، أخبرنا خالد.
ولعل الذي أسقط أبا المهلب هو هشيم، فإن الفريابي أخرج الحديث في "الفضائل" (ص222 رقم 136) من طريق وهيب بن خالد، عن خالد وهو الحذّاء، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ... ، فذكره بنحوه.
وسيأتي ذكر باقي طرق الحديث في الحديث الآتي.
(3) هو أبو المُهَلَّب الجَرْمي البصري، عمّ أبي قلابة، اختلف في اسمه، فقيل: =(2/456)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عمرو، وقيل: عبد الرحمن بن معاوية، أو: ابن عمرو، وقيل النضر، وقيل: معاوية؛ روى عن عمر وعثمان وأُبَيِّ بن كعب وتميم الداري وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابن أخيه: أبو قلابة ومحمد بن سيرين وسعيد الجُرَيْري وعوف الأعرابي، وهو ثقة من الطبقة الثانية وثقه العجلي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان قي الثقات. اهـ. من "طبقات ابن سعد" (7 / 126) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص512 رقم 2053) ، و"التهذيب" (12 / 250 رقم 1144) ، و"التقريب" (ص676 رقم 8398) .
[155] سنده ضعيف، ورجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد فصدوق، وقد توبع، لكن الحديث منقطع بين أبي المهلب، وأُبَيّ، ففي مقدمة "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (ص129) نقل عن شعبة أنه قال: ((أبو المهلب لم يسمع من أُبَيّ حديثه أنه كان يقرأ القرآن في ثمان)) .
ومدار الحديث على أيوب السختياني.
ورواه عنه شعبة وسفيان الثوري وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية ووهيب ابن خالد ومعمر وعبيد الله عمرو الرَّقي جميعهم قالوا: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المهلَّب، عَنْ أُبَيّ، إلا أنه اختلف على سفيان، والصواب عنه: ((عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي المهلَّب، عَنْ أُبَيّ)) .
وخالف هؤلاء عبد الوهاب الثقفي، فرواه عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أُبَيّ، ليس فيه ذكر لأبي المهلب.
وهذا إجمال تفصيله ما يأتي:
فالحديث أخرجه المصنف هنا من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شعبة.
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 558 رقم 1209) ، فقال: أنا شعبة ... ، فذكره بنحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 354 رقم 5949) .
والرامهرمزي في "المحدث الفاصل" (ص393 و 394) . =(2/457)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أما عبد الرزاق فعن سفيان الثوري مباشرة، وأما الرامهرمزي فمن طريق عبد العزيز بن أبان ويعلى وعبيد الله وأبي نعيم وقبيصة، جميعهم عن سفيان عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بن كعب قال: إنا لنقرؤه في ثمان، إلا أن يعلى قال: عن أبي قلابة، عن رجل، عن أبي.
وخالف هؤلاء وكيع، فرواه عن سفيان، وجعله عن أبي المهلب، عن عثمان، لكن وكيعًا رجع عن ذلك في تردد.
فقد أخرجه الرامهرمزي في الموضع السابق عن أبي عتبة الليث بن هارون العُكْلي قال: ((كنا عند وكيع بن الجراح، فقال وكيع: حدثنا سفيان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أبي المهلب، عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ القرآن في ثمان.
فقال نوفل بن مطهر الضبّي: ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ بْنِ كَعْبٍ أنه كان يقرؤه في ثمان.
فقال وكيع: لم تأت بمثل سفيان.
فقال نوفل: ثنا ابن عليّة، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ.
فقال وكيع: ولا أيضًا.
فقال نوفل: ثنا عبد العزيز بن أبان، عن سفيان، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ.
فقال وكيع: دعوه.
فلما كان بالعشي قال وكيع: اجعلوه عن عثمان، أو عن أُبَيّ)) . اهـ.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 500) .
والفريابي في "الفضائل" (ص221 رقم 133) .
والرامهرمزي في الموضع السابق.
ثلاثتهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبي بْنِ كَعْبٍ قال: إنا لنقرؤه في ثمان - يعني القرآن -.
هذا لفظ ابن سعد، ونحوه لفظ الآخرين، إلا أن أيوب سقط من إسناد الفريابي.
وأخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق من "المصنف" من طريق معمر عن أيوب، مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة. =(2/458)
156- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نا سَيَّار (1) ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ (2) : جَاءَ إِلَيْهِ (3) رَجُلٌ (4) ، فَقَالَ: إِنِّي قَرَأْتُ المفصَّل (5) الْبَارِحَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَغَضِبَ، وَقَالَ: إِنَّمَا فُصِّل لتفصِّلوه، هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، وَنَثْرًا كَنَثْرِ الدَّقَل؟ لَقَدْ علمتُ النَّظَائِرَ (6) الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ، بِسُورَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، بِسُورَتَيْنِ فِي كل ركعة.
__________
= وأخرجه ابن سعد في الموضع السابق.
والفريابي أيضًا (ص21 - 222 رقم 134) .
كلاهما من طريق وُهَيب بن خالد، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ القرآن في ثمان ليال، وكان تميم الداري يختمه في سبع.
هذا لفظ ابن سعد، ولفظ الفريابي: عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قال: أما أنا فأقرأ القرآن في ثمان ليال.
وأخرجه ابن سعد في الموضع نفسه من طريق عبيد الله بن عمرو الرَّقي، عن أيوب، به مثل سياق الفريابي السابق سواء.
وأخرجه الرامهرمزي في الموضع السابق أيضًا من طريق إسماعيل بن علية، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ، عَنْ أُبَيّ، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 501) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عن أُبَيّ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ الْقُرْآنَ فِي ثَمَانٍ، وَأَنَّ تَمِيمًا الدَّاريّ كَانَ يختم القرآن في سبع.
هكذا رواه عبد الوهاب الثقفي بإسقاط أبي المهلب من الإسناد، فخالف الرواة السابقين، وروايتهم أرجح من روايته؛ لكثرتهم، وبعضهم جبال في الحفظ والإتقان، أمثال شعبة وسفيان وحماد ... وغيرهم.
(1) هو سَيَّار أبو الحَكَم العَنَزي، وأبوه يُكَنَّى: أبا سيّار، واسمه: وَرْدان: وقيل: =(2/459)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ورد، وقيل غير ذلك، روى عن ثابت البُناني وعامر الشعبي وأبي وائل شقيق بن سلمة وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وسليمان التيمي وشعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، وثقه ابن معين والنسائي وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الإمام أحمد: ((صدوق ثقة ثبت في كل المشايخ)) . اهـ. من "ثقات ابن حبان" (6 / 421) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص104رقم 491) ، و"التهذيب" (4 / 291 - 292 رقم 501) ، و"التقريب" (ص262 رقم 2718) .
(2) القائل هو أبو وائل شقيق بن سلمة.
(3) أي إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(4) هو نَهيك بن سِنان كما سيأتي مصرّحًا به في بعض الروايات، بل قد روي الحديث من طريقه هو يخبر فيه عن مجيئه إلى ابن مسعود كما سيأتي، وانظر "الأسماء المبهمة" للخطيب (ص317) .
(5) المفصَّل اتفقوا على أن منتهاه آخر القرآن، واختلفوا في أوله على عشرة أقوال ذكرها الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (2 / 249) ، فقيل: هو من أول الصافات، وقيل: الجاثية، وقيل: القتال (محمد) ، وقيل: الفتح، وقيل: الحجرات، وقيل: ق، وقيل: الصف، وقيل: تبارك، وقيل: سبِّح، وقيل: الضحى، ورجح الحافظ (ص259) أن أوله: (ق) ، وهذا ما كان رجّحه الحافظ ابن كثير؛ حيث قال في بداية تفسيره لسورة (ق) (4 / 220) : ((هذه السورة هي أول الحزب المفصَّل على الصحيح، وقيل: الحجرات. وأما ما يقوله العوام: إنه من (عمّ) ، فلا أصل له، ولم يقله أحد من العلماء - رضي الله عنهم - المعتبرين - فيما نعلم -، والدليل على أن هذه السورة هي أول المفصَّل ... )) ، ثم استدل رحمه الله بحديث أوس بن حذيفة الذي أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (4 / 9) وغيرُه، وفيه يقول أوس: فسألنا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - حين أصبحنا، قال: قلنا: كيف تُحَزِّبون القرآن؟ قالوا: نحزِّبه: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، =(2/460)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وتسع سور، وإحدى عشرة سورة، وثلاث عشرة سورة، وحزب المفصَّل من: (ق) حتى يختم.
(6) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (2 / 259) : ((قوله: لقد عرفت النظائر، أي: السور المتماثلة في المعاني، كالموعظة، أو الحكم، أو القصص، لا المتماثلة في عدد الآي، كما سيظهر عند تعيينها. قال المحب الطبري: كنت أظن أن المراد أنها متساوية في العدّ، حتى اعتبرتها فلم أجد فيها شيئًا متساويًا)) . اهـ.
[156] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
فالحديث روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من ستة طرق:
(1) طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، وروي عنه من ستة طرق أيضًا:
أ- طريق سيّار أبي الحكم عنه.
أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم، عن أبي سيار.
ومن طريق المصنف أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 346) ، إلا أنه أحال لفظه على لفظ حديث قبله أخرجه من طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل.
وأشار الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 90) إلى رواية المصنِّف فقال: ((وعند سعيد بن منصور من طريق سيار [في الأصل: يسار] ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله أنه قال في هذه القصة: إنما فُصِّل لتفصِّلوه)) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص108 رقم 260) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 427) .
ومن طريق أبي عبيد والإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير" (10 / 40 - 41 رقم 9860) .
ثلاتثهم من طريق هشيم، عن سيار، عن أبي وائل، به نحوه.
ب- طريق الأعمش، عن أبي وائل.
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص34 رقم 259) . =(2/461)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريقه الترمذي في "سننه" (3 / 219 - 220 رقم 599) ، في الصلاة، باب ما ذكر في قراءة سورتين في ركعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 520) .
ومن طريقه مسلم في "صحيحه" (1 / 563 رقم 275) في صلاة المسافرين، باب ترتيب القراءة واجتناب الهذّ.
والبيهقي في "سننه" (3 / 9) في الصلاة، باب من استحب الإكثار من الركوع والسجود.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 380) .
ومن طريقه الخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص318) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 39 رقم 4996) في فضائل القرآن، باب تأليف القرآن.
ومسلم في الموضع السابق و (1 / 564 رقم 276 و 277) .
والنسائي في "سننه" (2 / 174 - 175) في افتتاح الصلاة، باب قراءة سورتين في ركعة.
وابن خزيمة في "صحيحه" (10 / 269 - 270 رقم 538) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 42 رقم 9864) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 139 - 140 رقم 1989) .
جميعهم من طريق الأعمش، عن أبي وائل، قال: جاء رجل يُقال له: نَهيك بن سنان إلى عبد الله، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كيف تقرأ هذا الحرف ألِفًا تجده أم ياءً: (من ماء غير آسن) ، أو: (من ماء غير ياسن) قال: فقال عبد الله: وكُلَّ القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال: إني لأقرأ المفصَّل في ركعة، فقال عبد الله هذًّا كهذّ الشعر؟ إن قومًا يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع فى القلب فرسخ فيه نفع إن أفضل الصلاة الركوع والسجود إني لأعلم النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- =(2/462)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يقرن بينهن، سورتين في كل ركعة، ثم قام عبد الله، فدخل علقمة في إثره، ثم خرج فقال: قد أخبرنى بها.
وفي رواية: فجاء علقمة ليدخل عليه، فقلنا له: سَلْهُ عن النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقرأ بها في ركعة، فدخل عليه، فسأله، ثم خرج علينا فقال: عشرون سورة من المفصَّل في تأليف عبد الله.
هذا لفظ مسلم، ونحوه لفظ الباقين مع بعض الاختلاف عند بعضهم، ورواية البخاري والنسائي مختصرة، ووقع عند البخاري: على تأليف ابن مسعود آخرهن الحواميم: حم الدخان، وعمّ يتساءلون.
وفي لفظ الطبراني ونحوه لفظ البيهقي: نظيرتها: عمّ يتساءلون.
وزاد ابن خزيمة: قال الأعمش: وهي عشرون سورة على تأليف عبد الله، أوّلهن، الرحمن، وآخرتهن: الدخان، الرحمن، والنجم، والذاريات، والطور، هذه النظائر، واقتربت، والحاقّة، والواقعة، ون، والنازعات، وسأل سائل، والمدثر، والمزَّمِّل، وويل للمطففين، وعبس، ولا أقسمن وهل أتى، وَالْمُرْسَلَاتُ، وَعَمَّ يَتَسَاءَلُونَ، وَإِذَا الشَّمْسُ كوّرت، والدّخان.
جـ- طريق عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وائل.
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص35 رقم 267) .
ومن طريقه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 346) .
وأخرجه علي بن الجعد في "مسنده" (1 / 283 رقم 76) .
ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (10 / 41 رقم 9863) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 436) .
والبخاري في "صحيحه" (2 / 255 رقم 775) في الأذان، باب الجمع بين السورتين في الركعة.
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 565 رقم 279) .
والفريابي في "الفضائل" (ص215 - 216 رقم 126) . =(2/463)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي في الموضع السابق (2 / 175) .
والبزار في "مسنده" (1 / 173 / ب) .
والطحاوي أيضًا (1 / 346) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 60) في الصلاة، باب الجمع بين سورتين في ركعة واحدة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 142 رقم 1990) .
والخطيب في "الأسماء المبهمة" (ص317) .
جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، سمع أبا وائل يحدث عن أن رجلاً جاء إلى ابن مسعود فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذ الشعر، لقد عرفت السور النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرِنُ بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين سورتين في ركعة.
هذا لفظ الطيالسي، ولفظ الباقين نحوه.
د- طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 421 و 462) .
والبخاري في "صحيحه" (9 / 88 رقم 5043) في فضائل القرآن، باب الترتيل في القراءة.
ومسلم في الموضع السابق (1 / 564 رقم 278) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 42 رقم 9865) .
جميعهم من طريق واصل الأحدب، عن أبي وائل، قال: غدونا على عبد الله بن مسعود ذات يوم بعد صلاة الغداة، فسلمنا بالباب، فأذن لنا، فقال رجل من القوم: قرأت المفصل البارحة كله، فقال: هذًّا كهذ الشعر، إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرائن التي كان يقرأ بهن رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من آل حم.
هذا لفظ الإمام أحمد، ولفظ الباقين نحوه، إلا أن لفظ مسلم في أوله قصة.
هـ- طريق منصور، عن أبي وائل. =(2/464)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 565 رقم 279) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 42 رقم 9866) .
كلاهما من طريق منصور، عن شقيق، قال: جاء رجل من بني بَجيلة يقال له: نَهيك بن سنان إلى عبد الله، فقال: إني أقرأ المفصّل في ركعة، فقال عبد الله: هذًّا كهذ الشعر؟ لَقَدْ عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقرأ بهن، سورتين في ركعة.
هذا لفظ مسلم، ولفظ الطبراني مختصر.
و طريق سلمة بن كهيل، عن أبي وائل.
أخرجه بن البزار في "مسنده" (1 / 175 / ب) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 41 رقم 9861 و 9862) .
أما البزار والطبراني في الموضع الثاني فمن طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، وأما الطبراني في الموضع الأول فمن طريق محمد بن سلمة بن كهيل، كلاهما عن أبيهما سلمة، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ الله، قال: قد عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي بهن: والذاريات، والطور، والنجم، واقتربت الساعة، والواقعة، ون والقلم، والحاقة، وسأل سائل، والمزمل، والمدثر، ولا أقسم بيوم القيامة، وهل أتى على، والمرسلات، وعم يتساءلون، والنازعات، وعبس، وإذا الشمس كورت، وويل للمطففين، وحم الدخان.
هذا لفظ البزار، ولفظ الطبراني نحوه، إلا أنه زاد: (والرحمن) ، ولم يذكر، (وسأل سائل) (والمدثر) .
قال البزار: ((وهذا الحديث لا نعلم أحدًا جاء به بهذا اللفظ إلا سلمة بن كهيل، ولا نعلم روى سلمة عن وائل إلا هذا الحديث)) .
قلت: أحد الطريقين ضعيف لضعف محمد، والآخر ضعيف جدًّا لشدة ضعف يحيى. =(2/465)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أما يحيى بن سلمة بن كُهَيْل الحضرمي، فتقدم في الحديث [77] أنه متروك.
وأما محمد بن سلمة بن كهيل الكوفي، فإنه ضعيف يتشيع؛ ضعفه ابن سعد وابن معين وابن شاهين، وقال الجوزجاني: ((ذاهب واهي الحديث)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال: ((كان ممن يعد من متشيعي الكوفة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الكامل" (6 / 2221 - 2222) ، و"الميزان" (3 / 568 رقم 7614) ، و"اللسان" (5 / 183 رقم 633) .
(2) طريق نَهيك بن سنان، عن ابن مسعود.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 417) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 345 - 346) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 42 و 43 رقم 9867 و 9868) .
ثلاثتهم من طريق إبراهيم النخعي، عن نهيك بن سنان السلمي، أنه أتى عبد الله بن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هذًّا مثل هذا الشعر، ونثرًا مثل نثر الدقل، إنما فُصل لتفصلوا، ولقد عَلِمْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرن، عشرين سورة: الرحمن، والنجم على تأليف ابن مسعود، كل سورتين في ركعة، وذكر الدخان وعمّ يتساءلون في ركعة.
هذا لفظ الإمام أحمد ونحوه لفظ الطحاوي، وأما لفظ الطبراني، فجاء فيه: (عن نهيك بن سنان، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ الله بن مسعود، فقال: إني قرأت ... ) الحديث إلى قوله: (عشرين سورة) ثم قال: (في عشر ركعات) .
(3) طريق زرّ، عن ابن مسعود.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 412) من طريق عاصم، عن زر، أن رجلاً قال لابن مسعود ... ، فذكر الحديث بنحو سياق الأعمش عن أبي وائل السابق، وزاد في آخره: (وكان أول مفصل ابن مسعود: الرحمن) .
(4) طريق مسروق، عن ابن مسعود. =(2/466)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص214 - 215 رقم 125) .
والنسائي في الموضع السابق من "سننه" (2 / 175 - 176) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 40 رقم 9858) .
ثلاثتهم من طريق أبي حصين، عن يحيى بن وثَّاب، عن مسروق، عن عبد الله، به نحو سياق عمرو بن مرّة للحديث عن أبي وائل، إلا أن الطبراني اختصره، وأما النسائي، فزاد: (عشرين سورة من المفصل من آل حم) .
وأما الفريابي، فإنما ذكر قول ابن مسعود: (لقد حفظت ... ) ، ولم يذكر مجيء الرجل، وسمّى السور، فقال: (الرحمن والنجم في ركعة، والذاريات والطور في ركعة، واقتربت والحاقة في ركعة، والمزمل والمدثر في ركعة، وويل للمطففين وعبس في ركعة، وهل أتى على الإنسان ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة، والمرسلات وعمّ يتساءلون في ركعة، وإذا الشمس كورت والدخان في ركعة) .
لكن الحديث بهذا اللفظ عند الفريابي من طريق قيس بن الربيع الأسدي، وتقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به.
(5) طريق علقمة، عن ابن مسعود.
أخرجه البزار في "مسنده" (1 / 164 / أ) .
والهيثم بن كليب في "مسنده" (ل 40 / أ) .
والطبراني في "الكبير" (10 / 40 رقم 9857) .
ثلاثتهم من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة، به نحو رواية عمرو بن مرة للحديث عن أبي وائل.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 117 رقم 1396) في الصلاة، باب تحزيب القرآن.
والفريابي في "الفضائل" (ص213 - 214 رقم 122 و 123 و 124) . =(2/467)
157- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ (1) ، عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ) (2) نَافِعِ بْنِ لَبِيبة (3) قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: قَرَأْتُ المفصَّل فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: أَفَعَلْتُمُوهَا؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَوْ شَاءَ أَنْ يُنَزِّلَهُ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَعَلَ، أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حظَّها من الركوع والسجود.
__________
= والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 346) .
والبيهقي في "سننه" (3 / 9 - 10) ، في الصلاة، باب من استحب الإكثار من الركوع والسجود.
جميعهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن الأسود بن يزيد وعلقمة، به نحو سابقه، إلا أنه زاد ذكر السور مقرونة بمثل سياق قيس بن الربيع لها في رواية مسروق للحديث عن ابن مسعود.
(6) طريق الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ مسعود.
أخرجه أبو داود، والفريابي، والطحاوي، والبيهقي مقرونًا برواية علقمة السابقة.
(1) هو يعلى بن عطاء العامري، ويقال: الليثي، الطَّائِفي، روى عن أبيه وأوس بن أبي أوس وعمرو بن الشريد بن سويد وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وشريك وهشيم وغيرهم، وكانت وفاته بواسط سنة عشرين ومائة، وهو ثقة، وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد. انظر "الجرح والتعديل" (9 / 302 رقم 1302) ، و"التهذيب" (11 / 403 - 404 رقم 780) ، و"التقريب" (ص609 رقم 7845) .
(2) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من مصدري الترجمة وبعض مصادر التخريج.
(3) هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لَبِيبة الطَّائِفي، مجهول الحال، روى عن أبي هريرة وابن عمر، روى عنه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خثيم ويعلى بن عطاء، وذكره =(2/468)
158- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَل، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (1) - حِينَ قُتِلَ -: لَقَدْ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنَّهُ لَيُحْيِي اللَّيْلَ كلَّه بِالْقُرْآنِ فِي رَكْعَةٍ (2) .
__________
= ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 294 رقم 1393) وبيّض له، وانظر "تهذيب الكمال" للمزي (3 / 1556 / مخطوط) .
[157] سنده ضعيف لجهالة حال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لبيبة، وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع هنا، إلا أن شعبة قد تابعه كما سيأتي.
فالحديث أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص107 رقم 258) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 345) .
أما أبو عبيد فمن طريق حجاج، وأما الطحاوي فمن طريق أبي داود، كلاهما عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به نحوه، إلا أنه وقع عند أبي عبيد: (عبد الرحمن بن أبي لبيبة) ، وأما الطحاوي فعنده: (عن يعلى بن عطاء، قال: سمعت ابن لبيبة) ، ولم يصرح ابن لبيبة عندهما أنه هو القائل لابن عمر، ففي لفظ أبي عبيد: (عن ابن عمر أن رجلاً أتاه فقال ... ) ، ونحوه لفظ الطحاوي.
وأما قوله: ((أَعْطُوا كُلَّ سُورَةٍ حَظَّهَا مِنَ الركوع والسجود)) ن فقد ورد مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 369) من طريق عبدة.
والإمام أحمد في "المسند" (5 / 59) من طريق أبي معاوية وعبدة.
كلاهما عن عاصم، عن أبي العالية، قال: حدثني من سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره.
وسنده صحيح، وأبو العالية هو رُفَيع بن مهران، وعاصم هو ابن سليمان الأحول، وعبدة هو ابن سليمان، وأبو معاوية هو محمد بن خازم، وقد صححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" برقم (1054) .
(1) هي نَائِلةُ بنت الفرافصة بن الأحوص بن عمرو - ويقال: عُفَير - ابن ثعلبة الكَلْبِيَّة كما جاء مصرحًا به في بعض الروايات، كان أبوها نصرانيًا، وتزوجها عثمان رضي الله عنه، وكانت لها مواقف محمودة في الدفاع عنه حين دخل عليه الثُوَّار، انظر ترجمتها في "طبقات ابن سعد" (8 / 483) ، و"تاريخ ابن عساكر" (ص404 - 411 / تراجم النساء) .
(2) هذا يتعارض مع حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) ، قال: قلت: إني أجد قوَّة، =(2/469)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال: ((فاقرأه في عشرين ليلة)) ، قال: قلت: إني أجد قوّة، قال: ((فاقرأه في سبع، ولا تزد على ذلك)) .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 94 - 95 رقم 5052 و 5053 و 5054) ، في فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن.
ومسلم في "صحيحه" (2 / 813 - 814 رقم 182 و 183 و 184) في الصيام، باب النهي عن صوم الدهر.
وجاء عند البخاري في رواية (4 / 224 رقم 1978) في الصوم، باب صوم يوم وإفطار يوم، عنه رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((صم من الشهر ثلاثة)) ، قال: أطيق أكثر من ذلك، فما زال حتى قال: ((صُم يومًا وأفطر يومًا)) فقال: ((اقرأ القرآن في كل شهر)) ، قال: إني أطيق أكثر، فما زال حتى قال: ((في ثلاث)) .
لكن أُجيبَ عن ذلك بما ذكره الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 97) ، قال رحمه الله: ((وثبت عن كثير من السلف أنهم قرأوا القرآن في دون ذلك)) .
قال النووي: والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص، فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر، استُحبَّ له أن يقتصر على القدر الذي لا يختلّ به المقصود من التدبُّر واستخراج المعاني، وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة، يستحبّ له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخلُّ بما هو فيه، ومن لم يكن كذلك، فالأولى له الاستكثار ما أمكنه، من غير خروج إلى الملل، ولا يقرؤه هذرمة، والله أعلم)) .
وقال أيضًا: ((وأغرب بعض الظاهرية، فقال: يحرم أن يقرأ الْقُرْآنَ فِي أقلَّ مِنْ ثَلَاثٍ، وقال النووي: أكثر العلماء على أنه لا تقدير في ذلك، وإنما هو بحسب النشاط والقوّة، فعلى هذا يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص)) . اهـ.
[158] سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف لانقطاعه، فابن سيرين لم يسمع من عثمان رضي الله عنه، فإنه إنما ولد لسنتين بقيتا من خلافته كما في "التهذيب" (9 / 215) .
وأما أبو معاوية محمد بن خازم، فإنه وإن كان قد يهم في غير حديث الأَعْمش، إلا أنه قد تابعه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ عاصم بن سليمان الأَحْول كما سيأتي، وقد توبع أيضًا عاصم، وكذا ابن سيرين، فالحديث صحيح لغيره كما سيأتي. =(2/470)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقد روي الحديث عن عثمان رضي الله عنه من خمسة طرق:
(1) طريق محمد بن سيرين، عنه رضي الله عنه.
وله عن ابن سيرين ثمانية طرق:
(أ) طريق عاصم بن سليمان الأحول.
أخرجه المصنف هنا من طريق أبي معاوية عنه.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 76) .
وأبو نعيم في "الحلية" (1 / 57) .
ومن طريقه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه" (ص227 - 228) .
كلاهما من طريق أبي معاوية، به، ولفظ ابن سعد مثله، ولفظ أبي نعيم نحوه، لكن وقع عند أبي نعيم: ((عن عاصم، عن أنس بن مالك، قال: قلت....)) ، وقال أبو نعيم عقبه: ((كذا قال: أنس بن مالك! ورواه الناس، فقالوا: أنس بن سيرين)) .
قلت: وليس الأمر كما قال أبو نعيم، بل هو محمد بن سيرين، فهو الذين يروي عنه عاصم، ولم يذكروا أنه روى عن أنس بن سيرين كما في "تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 486) .
وقد جاء الحديث من بعض الطرق مصرحًا فيها بأنه محمد بن سيرين.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص452 - 453 رقم 1277) فقال: أخبرنا عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين، أن تميمَ الدَّارِيَّ كان يقرأ القرآن في ركعة، قال: وقالت امرأة عثمان حين دخلوا عليه ليقتلوه ... ، فذكره بنحوه.
(ب) طريق هشام الدَّستوائي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَنَّ عثمان كان يحيي الليل فيختم القرآن في ركعة.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 75) من طريق يزيد بن هارون، عن هشام، واللفظ له.
وأخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه" (ص328) من طريق سفيان، عن هشام نحو لفظ يزيد. =(2/471)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (جـ) طريق منصور، عن ابن سيرين، به نحو لفظ المصنِّف.
أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص114 - 278) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 367) .
والإمام أحمد في "الإيمان" (ل 49 / ب) .
(د) طريق سلام بن مسكين، عن محمد بن سيرين، به نحو لفظ المصنِّف أيضًا.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 76) .
والطبراني في "الكبير" (1 / 43 رقم 130) .
ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 57) .
وأخرجه ابن عساكر في الموضع السابق.
(هـ) طريق قُرَّة بن خالد، عن محمد بن سيرين، به نحوه.
أخرجه ابن سعد في الموضع السابق مقرونًا برواية سلام بن مسكين.
(و) طريق يزيد بن إبراهيم، عن ابن سيرين، عن عثمان أنه قرأ القرآن في ركعة في ليلة.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 503) .
وأخرجه ابن عساكر مقرونًا بالرواية الآتية.
(ز) و (ح) طريقًا الفضل بن دلهم والربيع بن صبيح، كلاهما عن ابن سيرين، بنحو لفظ المصنف.
أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق، وقرن معهما رواية يزيد بن إبراهيم السابقة.
(2) طريق عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، عن عثمان رضي الله عنه. وله عن عبد الرحمن أربعة طرق.
(1) طريق محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن عثمان قال: قمت خلف المقام وأنا أريد أن لا يغلبني عليه أحد تلك الليلة، فإذا رجل يغمزني، فلم ألتفت، ثم غمزني، فنظرت، فإذا عثمان بن عفان، فتنحيّت، فتقدم، فقرأ =(2/472)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= القرآن في ركعة، ثم انصرف.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 75 - 76) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 368) و (2 / 502 - 503) .
والبيهقي في "سننه" (3 / 24 - 25) في الصلاة، باب الوتر بركعة واحدة.
وفي "شعب الإيمان" (5 / 145 - 146 رقم 1993) .
ومن طريق البيهقي وطريق آخر أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص225) .
جميعهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص الليثي، عن محمد بن إبراهيم، به.
وهذا إسناد حسن، وهو صحيح لغيره بما يأتي من طرق.
فعبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، ابن أخي طلحة بن عبيد الله، صحابي قتل مع ابن الزبير، وكان قد أسلم يوم الحديبية، وقيل: يوم الفتح، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعن عمه طلحة بن عبيد الله وعثمان بن عفان، روى عنه ابناه عثمان ومعاذ ومحمد بن إبراهيم التيمي والسائب بن يزيد وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وسبعين للهجرة مقتولاً مع ابن الزبير.
انظر "الجرح والتعديل" (5 / 247 - 248 رقم 1181) ، و"التهذيب" (6 / 227 رقم 457) ، و"التقريب" (ص346 رقم 3944) ، و"الإصابة" (4 / 332 رقم 5163) .
ومحمد بن إبراهيم بن الحارث بن خالد التيمي، أبو عبد الله المدني، يروي عن أبي سعيد الخدري وجابر وأنس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عمرو بن علقمة وهشام بن عروة وغيرهم، وكانت وفاته سنة عشرين ومائة، وقيل: إحدى وعشرين، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة، وهو ثقة له أفراد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة وأبو حاتم والنسائي وابن خراش وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وذكره العقيلي =(2/473)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= في الضعفاء، وروى عن عبد الله بن الإمام أحمد أنه قال: سمعت أبي يقول: ((في حديثه شيء، يروي أحاديث مناكير)) ، فردّ ذلك الحافظ ابن حجر بقوله: ((قلت: المنكر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له، فيحتمل هذا على ذلك، وقد احتجّ به الجماعة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (4 / 20) ، و"هدي الساري" (ص437) ، و"التهذيب" (9 / 5 - 7 رقم 8) ، و"التقريب" (ص465 رقم 5691) .
وأما مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بن وقاص الليثي فتقدم في الحديث [4] أنه صدوق.
(ب) طريق محمد بن المنكدر، عن عبد الرحمن بن عثمان بنحو سابقه وزاد: فلما انصرف قلت: يا أمير المؤمنين، إنما صليت ركعة؟! قال: أجل، هي وتري.
أخرجه عبد الله بن المبارك في "الزهد" (ص452 رقم 1276) واللفظ له.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في ترجمة عثمان من "تاريخه" (ص226) .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 294) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (3 / 25) .
ومن طريقه ابن عساكر في الموضع السابق (ص225) .
جميعهم من طريق فليح بن سليمان، عن محمد بن المنكدر، به.
(جـ) طريق السائب بن يزيد أن رجلاً سأل عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن صلاة طلحة بن عبيد الله، قال: إن شئت أخبرتك عن صلاة عثمان بن عفان، قال: نعم، قال: قلت: لأغلبن الليلة النفر على الحجر - يريد المقام - قال: فلما قمت إذا رجل يزحمني متقنعًا، قال: فنظرت فإذا هو عثمان، فتأخرت عنه فصلّى، فإذا هو يسجد سجود القرآن، حتى إذا قلت: هذا هو أذن الفجر، أوتر بركعة لم يصلّ غيرها، ثم انطلق.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 24 رقم 4653) واللفظ له.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص225 - =(2/474)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 226) .
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص114 رقم 277) .
كلاهما من طريق ابن جريج، أخبرني يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، به.
وهذا إسناد صحيح.
السائب بن يزيد بن سعيد بن ثُمامة الكندي - وقيل غير ذلك في نسبه -، ويعرف بابن أخت النَّمر، صحابي صغير له أحاديث قليلة، وحُجَّ به في حجة الوداع وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه عبد الله ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن أخته يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خصيفة وغيرهم، وكانت وفاته سنة إحدى وتسعين، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة، وقد روى له الجماعة. اهـ. من "التقريب" (ص228 رقم 2202) ، وانظر "الجرح والتعديل" (4 / 241 رقم 1031) ، و"التهذيب" (3 / 450 - 451 رقم 839) .
ويزيد بن عبدا لله بن خُصَيفة- بمعجمة ثم مهملة - ابن عبد الله بن يزيد الكندي المدني، وقد ينسب لجده، يروي عن أبيه والسائب بن يزيد وبسر بن سعيد وغيرهم، روى عنه هنا ابن جريج، وروى عنه أيضًا الإمام مالك والسفيانان وغيرهم وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو حاتم والنسائي، وقال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وقال ابن سعد: ((كان عابدًا ناسكًا كثير الحديث ثبتًا)) ، وقال ابن عبد البر: ((كان ثقة مأمونًا)) .
وروى الآجري عن أبي داود أن الإمام أحمد قال عن يزيد هذا: ((منكر الحديث)) ، وأوضح ذلك الحافظ ابن حجر بقوله: ((هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يغرب على أقرانه بالحديث، عُرف ذلك بالاستقراء من حاله، وقد احتج بابن خصيفه مالك والائمة كلهم)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 274 رقم 1153) ، و"التهذيب" (11 / 340 رقم 652) ، و"هدي الساري" (ص453) ، و"التقريب" (ص602 رقم 7738) . =(2/475)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما ابن جريج فتقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وهو مدلِّس، لكنه صرح بالسماع في هذه الرواية.
(د) طريق عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمي، قال: قال أبي: لأغلبن الليلة على المقام ... ، فذكر الحديث بنحو سابقه، إلا أنه قال في آخره: ثم أخذ نعليه، فلا أدري أصلى قبل ذلك شيئًا أم لا؟
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (1 / 56 - 57) .
(3) طريق سليمان بن يسار، أن عثمان بن عفان قام بعد العشاء فقرأ القرآن كله في ركعة لم يصلّ قبلها ولا بعدها.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص452 رقم 1275) فقال: أخبرنا ابن لهيعة، قال: حدثني بكير الأشج، عن سليمان بن يسار ... ، فذكره.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق من "تاريخه" (ص226) .
وسنده ضعيف له علتان:
1- ضعف ابن لهيعه كما سبق بيانه في الحديث رقم [45] .
2- الانقطاع بين سليمان بن يسار وعثمان، فسليمان بن يسار مولده في أواخر أيام عثمان في سنة أربع وثلاثين على ما رجحه الحافظ الذهبي وغيره. انظر "سير أعلام النبلاء" (4 / 447) ، و"التهذيب" (4 / 229 - 230) .
(4) طريق عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّ عثمان بن عفان صلى بالناس، ثم قام خلف المقام، فجمع كتاب الله في ركعة كانت مرة، فسُمِّيت: البتيراء.
أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3 / 76) فقال: أخبرنا يوسف بن الغرق، قال: أخبرنا خالد بن بكير، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ... ، فذكره.
ومن طريق ابن سعد أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص227) .
وسنده ضعيف جدًّا. =(2/476)
159- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَابٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب (1) ، عَنْ طَالُوت (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لأنْ أَقْرَأَ الْبَقَرَةَ فِي لَيْلَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ كله في ليلة.
__________
= عطاء أبي رباح روايته عن عثمان مرسلة كما في "التهذيب" (7 / 199) .
ويوسف بن الغرق بن أبي لمازة الباهلي قاضي الأهواز متروك، فقد ضرب أحمد ويحيى بن معين وأبو خثيمة على حديثه وأسقطوه، وفي رواية عن الإمام أحمد أنه قال: ((رأيته ولم أكتب عنه شيئًا)) ، وقال أبو علي الحافظ: ((منكر الحديث)) ، وقال: أبو حاتم: ((ليس بالقوي)) . اهـ. "الجرح والتعديل" (9 / 227 - 228 رقم 955) ، و"لسان الميزان" (6 / 236 - 237) .
(5) طريق موسى بن طلحة، قال: حجت في خلافة عثمان، فقلت: آتي المقام حين ينكفت الناس ويخفّون، فأتيته في ذلك الوقت، فإني لقائم أصلي، إذا كفّ على منكبي يطلب السعة، فلم أتنحّ، فرفع يده عني، ثم رجع إلى وراء، فلحظته فإذا هو عثمان بن عفان، وهو إذ ذاك خليفة، فأوسعت له، ودخل فيما بيني وبين صاحبي ... ، فذكر الحديث بمعنى حديث عبد الرحمن بن عثمان. أخرجه ابن عساكر في الموضع السابق (ص226 - 227) .
وعليه يتضح أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) هو العلاء بن المُسَيّب بن رافع الأسدي، الكَاهِلي، ويقال: التَّغْلبي، الكوفي، روى عن أبيه وعكرمة وعطاء وغيرهم، روى عنه عبد الواحد بن زياد وزهير بن معاوية وحفص بن غياث وأبو شهاب الحَنَّاط عبد ربه بن نافع وغيرهم، وهو ثقة ربما وهم، من الطبقة السادسة، روى له الجماعة إلا الترمذي، ووثقه ابن سعد والعجلي ويعقوب بن سفيان، وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)) ، وقال ابن عمار: ((ثقة يحتجّ بحديثه)) ، وأما الحاكم فقال: ((له أوهام في الإسناد والمتن)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (6 / 348) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص343 رقم 1173) ، و"التهذيب" (8 / 192 - 193 رقم 348) ، و"التقريب" (ص436 رقم 5258) . =(2/477)
160- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ العَبْدي (1) ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّل النَّاجِي (2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقَامَ لَيْلَتَهُ بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ يكررها على نفسه.
__________
(2) هو طالوت أبو سعيد القرشي، مجهول، روى عن سلمان وابن عباس، روى عنه العلاء بن المسيب فقط، وذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 362 رقم 3153) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 494 رقم 2174) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 398) .
[159] سنده ضعيف لجهالة طالوت، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية في الحديث رقم [161] .
(1) هو إسماعيل بن مسلم، العَبْدي، أبو محمد البصري، قاضي قيس، روى عن الحسن البصري ومحمد بن واسع وسعيد بن مسروق وأبي المتوكِّل الناجي، روى عنه عبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي وابن عيينة ويحيى القطان وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي والدارقطني وأبو حاتم وزاد: ((صالح)) ، وقال أحمد: ((ليس به بأس، ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 196 - 197 رقم 667) ، و"التهذيب" (1 / 331 رقم 597) ، و"التقريب" (ص110 رقم 483) .
(2) هو علي بن داود، ويقال: ابن دُؤاد - بضم الدال، بعدها واو بهمزة - أبو المتوكل الناجي - بنون وجيم -، البصري، مشهور بكنيته، روى عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ثابت البُناني وقتادة وحميد الطويل وإسماعيل بن مسلم العبدي وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثمان ومائة، وقيل: سنة اثنتين ومائة، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن المديني وأبو زرعة والعجلي، والبزار والنسائي. =(2/478)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "الجرح والتعديل" (6 / 184 - 185 رقم 1014) ، و"التهذيب" (7 / 318 رقم 539) ، و"التقريب" (ص401 رقم 4731) .
[160] الحديث سنده ضعيف لإرساله، فإن أبا المتوكل تابعي كما يظهر في ترجمته، وقد اختُلف على إسماعيل بن مسلم في الحديث، فرواه المصنِّف هنا عن ابن المبارك، عنه، عن أبي المتوكل مرسلاً.
وخالفه زيد بن الحباب، فرواه عن إسماعيل بن مسلم، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رد آية حتى أصبح.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 62) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 7 رقم 1881) .
ورواية المصنف هنا أرجح، لأن الراوي للحديث على هذه الصفة هو ابن المبارك، وتقدم في الحديث [42] أنه ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد جمعت فيه خصال الخير.
والذي خالفه هو زيد بن الحُبَاب - بضم المهملة وموحدتين - ابن الرَّيّان التميمي، أبو الحسن العُكْلي - بضم المهملة وسكون الكاف -، يروي عن أيمن بن نابل ويونس بن أبي إسحاق والإمام مالك والثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابنا أبي شيبة وعلي بن المديني وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائتين، وهو صدوق، إلا أنه يخطئ في حديث الثوري، فقد وثقه ابن معين في رواية ووثقه ابن المديني والعجلي وعثمان بن أبي شيبة والدارقطني وابن ماكولا وغيرهم، وقال أبو حاتم: ((صدوق صالح الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان صدوقًا وكان يضبط الألفاظ عن معاوية بن صالح، لكن كان كثير الخطأ)) ، وقال ابن معين في رواية: ((كان يقلب حديث الثوري، ولم يكن به بأس)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((يخطئ، يعتبر حديثه إذا روى عن المشاهير، وأما روايته عن المجاهيل ففيها مناكير)) . "الجرح والتعديل" (3 / 561 - 562 رقم 2538) ، و"التهذيب" (3 / 402 - 404 رقم 738) ، و"التقريب" (ص222 رقم 2124) .(2/479)
161- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرة، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنِّي لَأَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةٍ مَرَّةً، أَوْ مَرَّتَيْنِ، قَالَ: فَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ قَالَ: مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَأَنْ لَا أَقْرَأَ إِلَّا سُورَةً وَاحِدَةً، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَصْنَعَ ذلك، فإن كنت لابدَّ فَاعِلًا، فَاقْرَأْ قِرَاءَةً تُسْمِعُ أُذُنَيْكَ، وتُوعيه قلبك.
__________
[161] سنده حسن؛ رجاله ثقات، عدا عبد الرحمن بن زياد الرصاصي فصدوق كما في ترجمته في الحديث رقم [6] ، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه حجاج بن محمد وشبابة عن شعبة، وقد توبع شعبة أيضًا كما سيأتي، فالحديث صحيح لغيره.
ومدار الحديث على أبي جمرة نصر بن عمران، وروي عنه من أربعة طرق:
(1) طريق شعبة عنه.
أخرجه المصنف هنا من طريق عبد الرحمن بن زياد، عنه.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص89 رقم 213) من طريق حجاج.
وأخرجه البيهقي في "السنن" (2 / 396) في الصلاة، باب مقدار ما يستحب له أن يختم فيه القرآن من الأيام، و (3 / 13) في الصلاة أيضًا، باب ترتيل القراءة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 124 رقم 1972) ، في جميع هذه المواضع من طريق شبابة.
كلاهما - حجاج وشبابة - عن شعبة، به نحوه.
(2) طريق أيوب السختياني، عن أبي جمرة.
أخرجه أبو عبيد في المواضع السابق برقم (212) .
والآجُرِّي في "أخلاق أهل القرآن" (ص169 رقم 89) .
والبيهقي في "السنن" (2 / 396) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 7 رقم 1882) .
ثلاثتهم بنحو لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((إني أقرأ القرآن في ثلاث)) ، ولم يذكر قوله: ((فإن كنت لابد ... )) إلخ. =(2/480)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسند أبي عبيدة صحيح لذاته؛ فإنه رواه عن شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن أيوب، به.
وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ.
وأيوب بن أبي تميمة السختياني تقدم في الحديث [39] أنه ثقة ثبت.
(3) طريق معمر، عن أبي جمرة.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص420 رقم 1193) .
وعبد الرزاق في "المصنف" (2 / 489 رقم 4187) .
ولفظ ابن المبارك: قلت لابن عباس: إني رجل في قراءتي وكلامي عجلة، فقال ابن عباس: لأن أقرأ البقرة أرتّلها، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْرَأَ القرآن كله.
ومثله لفظ عبد الرزاق، إلا أنه قال: ((من أن أهذّ القرآن كله)) .
(4) طريق حماد بن سلمة، عن أبي جمرة، بنحو اللفظ السابق.
أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص89 رقم 213) ، وفي "غريب الحديث" (4 / 220) .
وأخرجه ابن الضريس في "الفضائل" (ص40 رقم 32) .
والبيهقي في "السنن" (2 / 54) في الصلاة، باب كيف قراءة المصلي، و (3 / 13) ، في الصلاة أيضًا، باب ترتيل القراءة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 123 - 124 رقم 1971) .
وللحديث طرق آخر عن ابن عباس تقدم برقم [159] .
ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.(2/481)
162- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ (1) ، وَيَحْيَى (2) ابْنَيْ (3) سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ تَبَّان (4) مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ يُسأل عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، قَالَ: لَأَنْ أَقْرَأَ فِي شَهْرٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَشْرٍ، وَعَشْرٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سَبْعٍ , أَقِفُ عِنْدَ مَا يَنْبَغِي أَنْ أَقِفَ عِنْدَهُ، وَأَدْعُوا اللَّهَ عَزَّ وجل وأسأل.
__________
= هو عبد ربه بن سعيد بن قيس الأنصاري، أخو يحيى، المدني، روى عن جده قيس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وشعبة والسفيانان وعبد الله بن المبارك وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين أو أربعين ومائة وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه العجلي والنسائي وابن سعد، وزاد: ((كثير الحديث، دون أخيه يحيى)) ، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: ((عبد ربه بن سعيد لا بأس به)) ، قلتك يحتج بحديثه؟ قال: ((هو حسن الحديث ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 41 رقم 213) ، و"التهذيب" (6 / 126 - 127 رقم 263) ، و"التقريب" (ص335 رقم 3786) .
(2) هو يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري، المدني، أبو سعيد القاضي، روى عن أنس بن مالك وعبد الله بن عامر بن ربيعة وسعيد بن المسيب والقاسم بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وغيرهم، روى عنه الزهري ومحمد بن عجلان والإمام مالك والأوزاعي وشعبة والسفيانان وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: مات سنة ثلاث، وقيل: أربع، وقيل: ست وأربعين ومائة، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم وأبو زرعة، وقيل لهشام بن عروة: سمعتَ أباك يقول كذا وكذا؟ فقال: لا، ولكن حدثني العدل الرضى الأمين، عدل نفسي عندي: يحيى بن سعيد)) ، وقال الإمام أحمد: ((يحيى بن سعيد أثبت الناس)) ، وقال =(2/482)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= العجلي: ((مدني تابعي ثقة، له فقه، وكان رجلاً صالحًا)) ، وقال النسائي: ((ثقة مأمون)) ، وفي موضع آخر: ((ثقة ثبت)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 147 - 148 رقم 620) ، و"التهذيب" (11 /221 - 224 رقم 360) ، و"التقريب" (ص591 رقم 7559) .
(3) قوله: ((ابني)) جاءت في نهاية الوجه الأول من اللوحة (110) ، وكررها الناسخ في بداية الوجه الثاني.
(4) كذا جاء في الأصل، وعند أبي عبيد في "فضائل القرآن" كما سيأتي. والتِّبْنُ معروف، وهو عَصيفة الزَّرع من البرِّ ونحوه، واحدته: ((تِبْنَة)) ، ورجل تَبَّانٌ: هو الذي يبيع التِّبْنَ. انظر "لسان العرب" (13 / 71) .
[162] سنده ضعيف لجهالة عين الرجل التبّان وأبيه.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص90 رقم 215) ، فقال: حدثنا أبو النَّضْر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ وَيَحْيَى ابْنَيْ سَعِيدٍ، عَنْ رَجُلٍ تبّان من أهل المدينة، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، به بنحو لفظ الإمام مالك الآتي.
وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" كما في "المختصر" منه (ص132) بنحو لفظ المصنف.
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 200 - 201 رقم 4) في كتاب القرآن، باب ما جاء في تحزيب القرآن، أخرجه عن شيخه يحيى بن سعيد قال: كنت أنا ومحمد بن يحيى بن حَبَّان جالسين، فدعا محمد رجلاً فقال: أخبرني بالذي سمعت من أبيك، فقال الرجل: أخبرني أبي أنه أتى زيد بن ثابت، فقال له: كيف ترى في قراءة القرآن في سبع؟ فقال زيد: حَسَنٌ، ولأن أقرأه في نصف، أو عشر، أحبُّ إليّ، وسلني: لم ذاك؟ قال: فإني أسألك، قال زيد: لكي أتدبّره وأقف عليه.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه البيهقي في "الشعب" (5 / 9 رقم 1885) ، =(2/483)
163- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ (1) ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ رَبِيعَةَ (1) ، قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ يَدْرُسُ الْقُرْآنَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ.
__________
= إلا أنه قال: ((عشرين)) بدل قوله: ((عشر)) .
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص420 رقم 1194) .
وعبد الرزاق في "المصنف" (3 / 354 رقم 5951) عن الثوري.
والبيهقي في الموضع السابق عن سليمان بن بلال.
ثلاثتهم - ابن المبارك، والثوري، وسليمان - عن يحيى بن سعيد، به نحو سياق الإمام مالك، وعندهم: ((عشرين)) بدل قوله: ((عشر)) .
وأخرجه أبو عبيد في الموضع السابق برقم (214) من طريق يزيد بن هارون، عن يحيى بن سعيد، به بنحو لفظ الإمام مالك، وعنده أيضًا: ((عشرين)) ، بدل قوله: ((عشر)) .
(1) هو محمد بن يزيد الرَّحَبي، أبو بكر الدمشقي، مجهول الحال، سكت عنه البخاري في "التاريخ" (1 / 261 رقم 833) ، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8 / 127 رقم 570) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (9 / 35) ، وأطال ابن عساكر في ترجمته في "تاريخه" (16 / 126 - 128 / مخطوط) ، ولم يذكر عنه ما يفيد جرحًا أو تعديلاً، وقد روى عنه الهيثم بن حميد، وإسماعيل بن عياش، ومحمد بن المهاجر، وسعيد بن عبد العزيز، وغيرهم.
(2) هو عمير بن ربيعة مولى بني عبد شمس، وقيل: إنه أوزاعي، روى عن ابن مسعود مرسلاً، روى عنه خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح، ومغيث بن سمي، ومحمد بن يزيد الرحبي، وهو مجهول الحال، ذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 540 رقم 3252) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 376 رقم 2077) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 257) ، وانظر ترجمته في "تاريخ دمشق" لابن عساكر (13 / 675 - 676 / مخطوط) . =(2/484)
164- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ بِمُصْحَفٍ قَدْ زُيِّن، فَقَالَ: إِنَّ أَحْسَنَ مَا زُيِّن بِهِ الْمُصْحَفُ تلاوته بالحق.
__________
[163] سنده ضعيف لجهالة حال محمد بن يزيد وعمير بن ربيعة، ولأن إسماعيل بن عياش لم يصرِّح بالسماع هنا وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] .
ولم أجد من أخرج هذا الأثر، ولم يخرجه ابن عساكر في ترجمة عمير بن ربيعة، برغم أنه يعنى بمثله؛ لأن فيه دلالة على أن عمير بن ربيعة رأى أبا الدرداء، وهذا شيء لم يذكره أحد ممن ترجم لعمير بن ربيعة.
[164] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع هنا، فإن هذا من روايته عن أحد كبار شيوخه الذين أكثر عنهم، وهو أبو وائل شقيق بن سلمة وهي محمولة على الاتصال.
ومع ذلك فقد روى هذا الحديث عن الأعمش شعبة كما سيأتي، وروايته عنه محمولة على السماع وإن لم يصرح الأعمش بالسماع، وسبق بيان ذلك في الحديث رقم [3] .
والحديث أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 181 - 182 رقم 2032) من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه أبو عبيد "الفضائل" (ص373 رقم 884) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 546 رقم 10284) .
والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص123 رقم 389) .
وابن الضريس في "الفضائل" (ص43 رقم 46) .
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) .
وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 105) .
جميعهم من طريق أبي معاوية، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 323 رقم 7947) .
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص169) . =(2/485)
165- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ (1) ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِذَا حَلَّيْتُمْ مَصَاحِفَكُمْ، وَزَخْرَفْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ، فالدمار عليكم.
__________
= كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه أبو عبيد في الموضع السابق مقرونًا برواية أبي معاوية.
وابن أبي داود في الموضع السابق.
كلاهما من طريق وكيع، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه البخاري في الموضع السابق برقم (388) من طريق حفص بن غياث عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن الضريس في الموضع السابق مقرونًا برواية أبي معاوية.
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) .
كلاهما من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه الفريابي في "فضائل القرآن" (ص236 رقم 164) من طريق أبي مسهر، عن الأعمش به نحوه.
وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق.
وأبو نعيم في "الحلية" (4 / 105) .
كلاهما من طريق أبي خالد، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص168 و 169) من طريق شعبة والمحاربي وأبي يحيى الحِمَّانِي، ثلاثتهم، عن الأعمش، به نحوه.
(1) تقدم في الحديث [19] أنه ضعيف.
(2) هو يحيى بن سعيد الأنصاري، تقدم في الحديث [162] أنه ثقة ثبت، لكن روايته هنا عن أبي هريرة وهو لم يسمع منه، بل لم يسمع من صحابي غير أنس بن مالك رضي الله عنه كما نص عليه ابن المديني. انظر "التهذيب" (11 / 223) . =(2/486)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= [165] سنده ضعيف لضعف فرج بن فضالة، والانقطاع بين يحيى بن سعيد وأبي هريرة.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) من طريق أبي داود، عن فرج بن فضالة، به نحوه.
وقد روي الحديث عن أبي الدرداء وأبي ذر موقوفًا عليهما، وروي في بعضها مرفوعًا.
أما حديث أبي الدرداء، فله عنه طريقان:
(1) طريق بكر بن سوادة، عنه رضي الله عنه قال: إذا حلّيتم مصاحفكم، وزوّقتم مساجدكم، فالدمار عليكم.
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص275 رقم 797) فقال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ بكر بن سوادة ... ، فذكره.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه الفريابي في "الفضائل" (ص247 - 248 رقم 179) .
وسنده ضعيف؛ له علتان:
أ- يحيى بن أيوب تقدم في الحديث [26] أنه صدوق ربما أخطأ.
ب- بكر بن سوادة لم يسمع من أبي الدرداء فيما يظهر، فإن أبا الدرداء رضي الله عنه توفي قريبًا من سنة (33هـ) ، لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه كما في "التهذيب" (8 / 176) ، وأما بكر بن سوادة فإنه توفي سنة (128هـ) ؛ قيل: غرقًا في بحار الأندلس كما في "التهذيب" (1 / 483) ، فالفرق بين وفايتهما قريب من خمس وتسعين سنة، فإذا ما أضيف له سن التحمُّل، ظهرت وجاهة القول بعدم سماعه منه، وبخاصة إذا كانت وفاة بكر غرقًا، فهو لم يُتَوَفَّ عن كبر، ولذا نجد في ترجمته في الموضع السابق من "التهذيب" أنه إنما يروي عن صغار الصحابة ممن تأخرت وفاته كعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، ومع ذلك قال النووي: ((لم يسمع من =(2/487)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص)) ، نقله عنه الحافظ ابن حجر في المرجع السابق، وقد أشار الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3 / 337) لهذه العلة، فقال: ((لا أدري، إذا كان بكر بن سوادة سمع من أبي الدرداء، أم لا؟)) .
ومعنى قوله: ((زوّقتم)) ، أي: زخرفتم وزيّنتم. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 319) .
(2) طريق رجل مبهم من أهل الشام، عنه رضي الله عنه بنحو لفظ المصنف هنا، إلا أنه قال: ((الدَّثار)) ، بدل قوله: ((الدمار)) ، ومعناهما متقارب، فالدُّثُور: هو الدُّرُوس، وهو أن تهبَّ الرياح على المنزل، فتُغَشِّي رسومه بالرمل، وتغطيها بالتراب كما في "النهاية" (2 / 100) .
والحديث من هذا الطريق أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص168) ، من طريق عمرو بن عامر البجلي، عن صخر بن صدقة، أو: من حدّثه عنه، عن رجل من أهل الشام، قال: قال أبو الدرداء ... ، فذكره.
وسنده ضعيف لإبهام الراوي عن أبي الدرداء، والواسطة بين عمرو بن عامر وصخر على الشك؛ وقد خولف عمرو في روايته للحديث.
فأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (3 / 105 / ب) من طريق إسماعيل بن عياش، عن صخر بن صدقة، عن رجل من أهل دمشق، عن أبي الدرداء، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - ... ، فذكره بمثل لفظ المصنِّف هكذا مرفوعًا.
وهذا ضعيف أيضًا لإبهام الراوي له عن أبي الدرداء.
وأما حديث أبي ذر رضي الله عنه، فله عنه طريقان أيضًا:
(1) طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: قال أبو ذر ... ، فذكره بنحو لفظ المصنف.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 547 رقم 10286) ، من طريق سفيان، عن أبي إسحاق، به.
وسنده ضعيف للانقطاع بين أبي إسحاق السبيعي وأبي ذر.
فأبو ذر رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين في خلافة عثمان كما في =(2/488)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "التهذيب" (12 / 91) .
وأبو إسحاق ولد بعد وفاته بعام، فإنه ولد لسنتين بقيتا من خلافة عثمان رضي الله عنه كما في "التهذيب" (8 / 63) .
(2) طريق شعيب بن أبي سعيد مولى قريش، قال: قال أبو ذر ... ، الحديث بنحوه.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص373 رقم 886) من طريق الليث بن سعد، عن شعيب.
وسنده ضعيف، فشعيب بن أبي سعيد، أبو يونس، ويقال: أبو بشر، مولى قريش روايته عن أبي ذر مرسلة، ومع ذلك فهو مجهول الحال، ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 218 رقم 2561) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 347 رقم 1516) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 356) .
وروى عنه الليث ومحمد بن عجلان وحيوة بن شريح، ونص أبو حاتم على أن روايته عن أبي ذر وأبي هريرة مرسلة.
ورواه محمد بن عجلان عن شعيب، لكنه خالف الليث في إسناده، فجعله عن شعيب، عن أبيّ بن كعب.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 529) فقال: حدثنا أبو خالد، عن محمد بن عجلان، عن شعيب بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أُبَيّ قال: إذا حليتم مصاحفكم وزوّقتم مساجدكم فالدمار عليكم.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (10 / 545 رقم 10281) من نفس الطريق، به مثله، إلا أن اسم شعيب تصحّف في المطبوع إلى: (سعيد) .
وقد ذكر الشيخ ناصر الدين الألباني هذا الحديث في "السلسلة الصحيحة" (3 / 336 رقم 1351) ، وقال: ((رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 100 / 2 - مخطوط الظاهرية) : أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ مرفوعًا)) ، ثم قال عقبه: ((قلت: وهذا إسناد مرسل حسن)) .
كذا قال الشيخ: ((وإنما هو تصحيف وقع في النسخة التي عزا الحديث إليها، =(2/489)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي شيبة أخرج الحديث في ثلاثة مواضع من مصنفه، منها الموضعان المتقدمان، والموضع الثالث هو الذي عزا الشيخ الألباني الحديث له، وهو في المطبوع (1 / 309) وهذا نصه: (حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن عجلان، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، قال: قال أبي: إذا زوّقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدّبار عليكم) .
فهذا السياق كسابقه تصحف فيه اسم شعيب إلى: (سعيد) ، والحديث فيه موقوف على أبيّ، وليس مرفوعًا كما في النسخة التي عزا إليها الشيخ الألباني، وصوابه ما جاء في الموضع الأول (2 / 529) ، ولا يمكن أن يكون ذلك اختلافًا؛ لأن شيخ ابن أبي شيبة في جميعها واحد.
وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص167 - 168) من طرق محمد بن آدم وعبد الله بن سعيد، كلاهما عن أبي خالد الأحمر مثل سياق ابن أبي شيبة المذكور أولاً، إلا أن ابن آدم سمى شيخ ابن عجلان سعيد بن أبي سعيد، وقال عبد الله بن سعيد: (سعيد بن أبي شعيب، هكذا قال أبو خالد) .
ورواية الليث بن سعد للحديث عن شعيب أصح من رواية محمد بن عجلان. فمحمد بن عجلان تقدم في الحديث [18] أنه صدوق.
وأما الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفَهْمي أبو الحارث المصري، فهو يروي عن نافع وابن أبي مليكة وهشام بن عروة وعطاء بن أبي رباح وأبي الزبير المكي وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وابن وهب وسعيد بن أبي مريم وكاتبه أبو صالح عبد الله بن صالح وغيرهم، وكانت ولادته سنة أربع وتسعين للهجرة، ووفاته سنة خمس وسبعين ومائة، وهو ثقة ثبت فقيه إمام مشهور، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال أحمد: ((ثقة ثبت)) ، وكذا قال ابن المديني، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث صحيحه، وكان سريًا من الرجال نبيلاً سخيًا)) ، وقال ابن حبان: ((كان من سادات أهل زمانه فقهًا وورعًا وعلمًا وفضلاً وسخاءً)) ، وقال الخليلي: ((كان إمام وقته بلا مدافعة)) . اهـ. من =(2/490)
166- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ الإِيَادي (1) ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الجُوْنِي (2) ، عَنْ جُنْدُب بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3) : ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ (4) عَلَيْهِ قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا)) .
__________
= "الجرح والتعديل" (7 / 179 - 180 رقم 1015) ، و"التهذيب" (8 / 459 - 465 رقم 832) ، و"التقريب" (ص464 رقم 5684) .
وبالجملة فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، لكنه موقوف على هؤلاء الصحابة الذين رووه وهم: أبو هريرة وأبو الدرداء وأبو ذر، وأما رفعه فلا يصح، إلا أن يقال: إنه مما يدخل في عداد ماله حكم الرفع؛ لأنه لا مجال للرأي فيه، والله أعلم.
(1) هو الحارث بن عبيد الإيَادي - بكسر الهمزة، بعدها تحتانية -، أبو قُدامة البصري، يروي عن أبي عمران الجوني وسعيد الجُرَيْري ومطر الورّاق وثابت البُناني وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود الطيالسي وأبو نعيم وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق يخطئ، من الطبقة الثامنة كما في "التقريب" (ص147 رقم 1033) ، كان عبد الرحمن بن مهدي يحدث عنه ويقول: ((كان من شيوخنا، وما رأيت إلا خيرًا)) ، وقال الساجي: ((صدوق عنده مناكير)) ، وقال النسائي: ((صالح)) ، وقال مرَّةً ((ليس بذاك القوي)) ، وقال الإمام أحمد: ((مضطرب الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن كثر وهمه حتى خرج عن جملة من يحتج بهم إذا انفردوا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 81 رقم 371) ، و"التهذيب" (2 / 149 - 150 رقم 254) .
(2) هو عبد الملك بن حبيب، تقدم في الحديث [36] أنه ثقة.
(3) في الأصل: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال) . =(2/491)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(4) أي أَلِفَ بعضها بعضًا، والمعنى: اجتمع بعضها إلى بعض. انظر "لسان العرب" (9 / 10 - 11) .
[166] سنده فيه الحارث بن عبيد وتقدم أنه صدوق يخطئ، ولكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره، فقد أخرجه البخاري ومسلم من غير طريقة كما سيأتي.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2 / 175 - 176 رقم 1673) من طريق المصنِّف مقرونًا ببعض الروايات الآتي ذكرها، ولفظه: ((اجتمعوا على القرآن ما ائتلفتم عليه، فإذا اختلفتم فيه فقدموا)) ، وهذا فيه اختلاف عن لفظ المصنف، فالظاهر أن الطبراني اعتمد لفظًا غير لفظه.
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 210 رقم 2064) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فإذا اختلفتم فيه فقوموا)) .
ومثله الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 44 و 45) حيث أخرجه من طريق المصنف وغيره.
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 2053 رقم 3) في العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن.
وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص326 رقم 765) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 528 رقم 10216) .
والدارمي في "سننه" (2 / 318 رقم 3364) .
والطبراني في "الكبير" (2 / 175- 176 رقم 1673) .
والبيهقي في "الشعب" (5 / 210 - 211 رقم 2065) .
جميعهم من طريق الحارث بن عبيد، به مثل لفظ البيهقي السابق، عدا الطبراني فتقدم لفظه.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص326 رقم 766) .
والبخاري في "صحيحه" (9 / 101 رقم 5060) في فضائل القرآن، باب: اقرأوا =(2/492)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ.
ومن طريق البغوي في "شرح السنة" (4 / 500 رقم 1224) .
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (3 / 89 رقم 1519) .
ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (3 / 5 و 36 رقم 732 و 759 / الإحسان) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (2 / 176 رقم 1673) .
والخطيب في "تاريخه" (4 / 228) .
جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عمران الجوني، به مثل سابقه.
وأخرجه البخاري (13 / 336 رقم 7365) في الاعتصام، باب كراهية الاختلاف.
ومسلم في الموضع السابق (4 / 2054 رقم 4) .
والدارمي في "سننه" (2 / 318 رقم 3363) .
أما البخاري ومسلم فمن طريق عبد الصمد، وأما الدارمي فمن طريق يزيد بن هارون، كلاهما عن همام، عن أبي عمران، به نحوه، لكن يزيد بن هارون وقفه على جندب بن عبد الله.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 312) .
والبخاري في الموضعين السابقين برقم (5061 و 7364) .
والنسائي في "فضائل القرآن" (ص122 رقم 122) .
والطبراني في "الكبير" (2 / 175 - 176 رقم 1673) .
جمعيهم من طريق سلام بن أبي مطيع، عن أبي عمران، به نحوه.
وأخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (4) من طريق أبان، عن أبي عمران، به مثله.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 317 - 318 رقم 3362) .
والنسائي في "الفضائلط (ص122 رقم 123) .
والطبراني في "الكبير" (2 / 176 رقم 1674) . =(2/493)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ثلاثتهم من طريق هارون بن موسى النحوي الأعور، عن أبي عمران، به نحوه.
وأخرجه النسائي أيضًا (ص121 رقم 121) .
والطبراني برقم (1675) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 109) و (8 / 291) .
أما النسائي فمن طريق شيخه هارون بن زيد بن يزيد، عن أبيه، وأما الطبراني وأبو نعيم فمن طريق المعافى بن عمران، كلاهما عن سفيان الثوري، عن حجاج بن فرافصة، عن أبي عمران، به نحوه.
قال النسائي عقبه: ((وأخبرنا به مرة أخرى ولم يرفعه)) .
وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9 / 102) أن الحسن بن سفيان أخرج الحديث في "مسنده" من طريق أبي هشام المخزومي، عن سعيد بن زيد أخي حماد بن زيد، قال: سمعت أبا عمران قال: حدثنا جندب ... ، فذكر الحديث مرفوعًا، وفي آخره: ((فإذا اختلفتم فيه فقوموا)) ، ثم رواه الحافظ في "تغليق التعليق" (4 / 390) من طريق الحسن بن سفيان.
فجميع هؤلاء الرواة رووا الحديث عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا، عدا ما تقدم من الاختلاف على همام، ومن رواية النسائي للحديث عن حجاج بن فرافصة.
وأشار الدارقطني كما سيأتي إلى أن سهيل بن أبي حزم القُطَعي روى الحديث أيضًا عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا، وكذا حماد بن نجيح كما أشار إليه الخطيب البغددي كما سيأتي.
وخالف هؤلاء شعبة وعبد الله بن شوذب وحماد بن سلمة وأبو عامر الخزّاز، فرووه عن أبي عمران، عن جندب موقوفًا.
وخالف هؤلاء جميعًا ابن عون، فرواه عن أبي عمران: عن عبد الله بن الصامت، عن عمر بن الخطاب موقوفًا عليه.
أما رواية شعبة، فعلقها البخاري في "صحيحه" (9 / 101) في فضائل القرآن، =(2/494)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= باب اقرؤا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ.
ووصلها أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص326 رقم 767) من طريق حجاج عنه.
وذكر الحافظ في الموضع السابق من "الفتح" أن الإسماعيلي وصلها أيضًا من طريق بندار، عن غندر، عن شعبة، ثم أخرجه الحافظ في "تغليق التعليق" (4 / 391) من طريق الإسماعيلي.
وأما رواية عبد الله بن شوذب، فأخرجها أبو عبيد في "الفضائل" (ص326 رقم 768) من طريق محمد بن كثير عنه.
وأما رواية حماد بن سلمة، فقال الحافظ في الموضع السابق من "الفتح": ((أما رواية حماد بن سلمة فلم تقع لي موصولة)) .
وأما رواية أبي عامر الخزّاز فأشار إليها الدارقطني في "العلل" كما سيأتي.
وأما مخالفة ابن عون لهؤلاء كلهم، فعلقها البخاري في الموضع السابق.
ووصلها أبو عبيد في "الفضائل" (ص327 رقم 769) .
والنسائي في "الفضائل" (ص122 رقم 124) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 212 - 213 رقم 2066 و 2067) .
ثلاثتهم عن ابن عون، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت قال: قال عمر: ((اقرؤا القرآن ما اتفقتم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)) .
وأكثر الأئمة على أن الصواب رواية من رواه عن أبي عمران، عن جندب مرفوعًا؛ فقد رجَّح ذلك البخاري ومسلم فأخرجاه في صحيحهما، بل قال البخاري عقب ذكره للاختلاف (9 / 101) : ((وجندب أصح وأكثر)) ، وعقّب على ذلك الحافظ في "الفتح" (9 / 102) فقال: ((أي أصح إسنادًا وأكثر طرقًا، وهو كما قال؛ فإن الجمّ الغفير رووه عن أبي عمران فالحكم لهم. وأما رواية ابن عون فشاذّة لم يتابع عليها، قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابن عون قط إلا في هذا، والصواب عن جندب. انتهى. ويحتمل أن يكون ابن عون =(2/495)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حفظه، ويكون لأبي عمران فيه شيخ آخر، وإنما توارد الرواة على طريق جندب لعلوّها والتصريح برفعها. أهـ.
وسئل الدارقطني في "العلل" (4 / ل 92 / ب) عن هذا الحديث فقال: (( ... يرويه همام بن يحيى وحماد بن سلمة وأبو عامر الخزاز، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب موقوفًا.
ورفعه الحارث بن عبيد أبو قدامة وهارون بن موسى الأعور وسهيل بن أبي حزم القطعي والحجاج بن فرافصة وسلام بن أبي مطيع. واختلف عن همام بن يحيى، فرفعه داود بن شبيب عن همام، ورفعه عاصم بن علي عنه، وقيل: عن حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عمران، عن جندب مرفوعًا. ورواه ابن عون، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عبد الله بن الصامت، عن عمر قوله: وَرَفْعُهُ عن جندب صحيح)) . اهـ.
وقال الخطيب البغدادي في "تاريخه" (4 / 228) : ((وهكذا روى هذا الحديث أبو الربيع الزهراني [في المطبوع: الزهري] وعباس بن الوليد النرسي وإسحاق بن إسرائيل، عن حماد بن زيد. ورواه أحمد بن إبراهيم الموصلي عن حماد مرفوعًا مُجَوَّدًا من غير شك. ووقفه شعبة عن أبي عمران على جندب. ورواه الحارث بن عبيد وهارون الأعور وسلام بن أبي مطيع وحماد بن نجيح وحجاج بن فرافصة، خمستهم عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ.
وخالف هؤلاء أبو حاتم الرازي، فرجح رواية ابن عون؛ قال عبد الرحمن بن أبي حاتم في "العلل" (2 / 63) : (سألت أبي عن حديث رواه الحارث بن عبيد، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ جندب، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((اقرؤا الْقُرْآنَ مَا ائْتَلفَتْ عَلَيْهِ قُلُوبُكُمْ، فإذا اختلفتم فقوموا)) ، فقال: روى هذا ابن عون عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عبد الله بن الصامت قال: قال عمر، وهذا الصحيح، قلت: الوهم ممن؟ قال: من الحارث بن عبيد) . اهـ. =(2/496)
167- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ لِهَذَا الْقُرْآنِ شِرَّةً (3) ، ثُمَّ إِنَّ لِلنَّاسِ عَنْهُ فَتْرةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْقَصْدِ فَنِعِمّا هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى الْإِعْرَاضِ فَأُولَئِكُمْ بُوْرٌ)) (4) .
__________
= قلت: لم ينفرد الحارث بن عبيد بهذا حتى يحكم عليه بأنه وهم فيه، فالعبرة بما رجحه البخاري ومسلم والدارقطني والخطيب، وبه يتضح أن الحديث صحيح عن جندب، مرفوعًا، والله أعلم.
(1) هو نَجيح بن عبد الرحمن السِّندي - بكسر المهملة وسكون النون -، أبو معشر المدني، مولى بني هاشم، مشهور بكنيته، يروي عن سعيد بن المسيب ومحمد بن كعب القرظي وهشام بن عروة وسعيد بن أبي سعيد المقبُري وغيرهم، روى عنه الليث بن سعد وعبد الله بن إدريس وهشيم وعبد الرحمن بن مهدي وسعيد بن منصور وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبعين ومائة، وهو ضعيف؛ أسنّ واختلط. قال أبو نعيم: ((كان كيّسًا حافظًا)) ، وقال عمرو بن علي: ((كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه، ويضعفه، ويضحك إذا ذكره، وكان ابن مهدي يحدث عنه)) ، وقال الأثرم عن أحمد: ((حديثه عندي مضطرب، لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به)) ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((كان صدوقًا، لكنه لا يقيم الإسناد، ليس بذاك)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن أبي معشر، فقال: ((كنت أهاب حديث أبي معشر حتى رأيت أحمد بن حنبل يحدث عن رجل عنه أحاديث، فتوسعت بَعْدُ في كتابة حديثه)) ، قيل له: هو ثقة؟ قال: ((هو صالح ليّن الحديث، محلّه الصدق)) ، وقال ابن معين: ((ضعيف، يكتب من حديثه الرقاق، وكان أميًا، يُتّقى من حديثه المسند)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((صدوق في الحديث، وليس بالقوي)) ، وقال ابن أبي خيثمة: سمعت محمد بن بكار الريان يقول: ((كان =(2/497)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبو معشر تغيّر قبل أن يموت تغيرًا شديدًا، حتى كان يخرج منه الريح ولا يشعر بها)) ، وضعفه أبو داود والنسائي والدارقطني. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 493 - 495 رقم 2263) ، و"التهذيب" (10 / 419 - 422 رقم 758) ، و"التقريب" (ص559 رقم 7100) .
(2) هو سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبُري، أبو سعيد المدني، يروي عن أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وأنس وجابر وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الإمام مالك ومحمد بن إسحاق وابن أبي ذئب والليث بن سعد ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن عجلان وغيرهم، واختلف في سنة وفاته، فقيل: سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: خمس، وقيل: ست وعشرين ومائة، وهو ثقة روى له الجماعة، ويقال: اختلط قبل موته بأربع سنين، وفي ثبوته نظر، وإن ثبت فإنه لم يرو شيئًا في حال الاختلاط - فيما يظهر-، ولا يوجد له شيء منكر، فيحمل على أنه إنما شاخ ووقع في الهرم، فقد أطلق القول بتوثيقه ابن المديني والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن خراش: ((ثقة جليل أثبت الناس فيه الليث بن سعد)) ، وقال ابن معين: ((سعيد أوثق)) - يعني من العلاء بن عبد الرحمن -، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) .
وقال يعقوب بن شيبة: ((قد كان تغير وكبر واختلط قبل موته يقال بأربع سنين، وكان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد ما كبر)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" وقال: ((إنما ذكرت سعيدًا المقبري في جملة من اسمه سعيد لأن شعبة يقول: ثنا سعيد بعدما كبر، وأرجو أن سعيدًا من أهل الصدق، وقد قبله الناس، وروى عنه الأئمة والثقات من الناس، وما تكلم فيه أحد إلا بخير)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((اختلط قبل موته بأربع سنين)) ، وهذا قول الواقدي، وكأن تلميذه ابن سعد تابعه عليه فقال: ((كان سعيد بن أبي سعيد ثقة كثير الحديث، ولكنه كبر وبقي حتى اختلط قبل موته بأربع سنين)) ، ولما ذكر السخاوي قول =(2/498)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن سعد هذا قال: ((زاد غيره: وكأنه لم يرو فيها شيئًا، أو تميز، وإلا فقد احتج به الأئمة الستة)) . اهـ. من "طبقات ابن سعد" (ص145 - 147 /القسم المتمم) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 1227 - 1228) ، و"التهذيب" (4 / 38- 40 رقم 61) ، و"التحفة اللطيفة" للسخاوي (2 / 155) ، وانظر "التقريب" (ص236 رقم 2321) ، و"الملحق للكواكب النيرات" (ص466 - 467) .
قلت: وهذا القول ذكره السخاوي كأنه أخذه عن الذهبي، فإنه ذكر سعيدًا في "الميزان" (2 / 139 - 140 رقم 3187) وقال: ((ثقة حجة، شاخ، ووقع في الهرم، ولم يختلط)) ، ثم ذكر قول من رماه بالاختلاط، فتعقبه بقوله: ((ما أحسب أن أحدًا أخذ عنه في الاختلاط؛ فإن ابن عيينة أتاه فرأى لعابه يسيل، فلم يحمل عنه)) ، وفي "سير أعلام النبلاء" (5 / 217) قال: ((ما أحسبه روى شيئًا في مدة اختلاطه، وكذلك لا يوجد له شيء منكر)) ، وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص405) : ((مجمع على ثقته، لكن كان شعبة يقول: حدثنا سعيد المقبري بعد أن كبر، وزعم الواقدي أنه اختلط قبل موته بأربع سنين، وتبعه ابن سعد ويعقوب بن شيبة وابن حبان، وأنكر ذلك غيرهم، وقال الساجي عن يحيى بن معين: أثبت الناس فيه ابن أبي ذئب، وقال ابن خراش: أثبت الناس فيه الليث بن سعد. قلت: أكثر ما أخرج له البخاري من حديث هذين عنه، وأخرج أيضًا من حديث مالك وإسماعيل بن أمية وعبيد الله بن عمر العُمري، وغيرهم من الكبار، وروى له الباقون، لكن لم يخرجوا من حديث شعبة عنه شيئًا)) . اهـ.
(3) قال الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 199) : ((قوله: إن للقرآن شِرَّة، معناه: إن للقاري المبتدئ فيه رغبة ونشاطًا، ومنه: شِرَّة الشباب، وهي: مَيْعَتُه ونشاطه ... ، والمعنى: مَدْح الاقتصاد في القراءة والأمر بالمواظبة عليه)) . اهـ.
(4) أي: هَلْكَى. انظر "غريب الحديث" للخطابي (1 / 200) . =(2/499)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
[167] سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وله طريق آخر عن أبي هريرة بغير هذا اللفظ، وهو حسن لذاته، وله شاهد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو كما سيأتي.
والحديث أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 198 - 199) من طريق المصنف، به مثله سواء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 120 / أ) ، والمطبوعة (3 / 201 رقم 3254) .
وأبو يعلى في "مسنده" (11 / 434 رقم 6557) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 566 رقم 2391) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن بشر، وأما أبو يعلى فمن طريق محمد بن بكار، وأما البيهقي فمن طريق أحمد بن يونس، ثلاثتهم عن أبي معشر، به نحوه.
وعزاه الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 168 - 169) لأبي يعلى وقال: ((فيه أبو معشر نجيح وهو ضعيف يعتبر بحديثه)) .
وقد روي الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا بلفظ: ((إن لكل شيء شِرَّة، ولكل شِرَّة فترة، فإن صاحبُها سدَّد وقارب فارجوه، وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدّوه)) .
أخرجه الترمذي (7 / 149 رقم 2570) في صفة القيامة، باب منه.
والطحاوي في "مشكل الآثار" (2 / 89) .
وابن حبان في "صحيحه" (2 / 62 رقم 349 / الإحسان) .
ثلاثتهم من طريق محمد بن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة، به.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه)) . انظر "سنن الترمذي" بتحقيق إبراهيم عطوه، وأولها بتحقيق أحمد شاكر (4 / 635 رقم 2453) . =(2/500)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قلت: سنده حسن، فأبو صالح ذكوان السّمّان تقدم في الحديث [12] أنه ثقة ثبت.
ومحمد بن عجلان تقدم في الحديث [18] أنه صدوق.
وأما القعقاع بن حكيم الكناني المدني فهو ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: ((ليس بحديثه بأس)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 136 رقم 764) ، و"التهذيب" (8 / 383 رقم 679) ، و"التقريب" (ص456 رقم 5558) .
وله شاهد من حديث عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العاص.
وله عن عبد الله طريقان:
(1) طريق مجاهد عنه، وله عن مجاهد طريقان:
أ- طريق حصين بن عبد الرحمن السُّلّمي.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 188 و 210) .
والطحاوي في مشكل الآثار (2/88) .
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 187 - 188 رقم 11 / الإحسان) .
وابن منده في "الرد على من يقول (آلم) حرف" (ص33 - 34 رقم 1) .
جميعهم من طريق شعبة، عن حصين، عن مجاهد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لكل عمل شرّة، ولكل شرّة فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سنتي فقد أفلح، ومن كان إلى غير ذلك فقد هلك)) .
وسنده صحيح، رجاله إلى شعبة ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه الإمام أحمد عن شيخه محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به.
ومحمد بن جعفر الهُذَلي، مولاهم، أبو عبد الله البصري المعروف بـ: غُنْدر يروي عن عوف الأعرابي ومعمر وسعيد بن أبي عروبة وابن جريج وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وعلي بن المديني وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، صحيح =(2/501)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الكتاب، وهو من أوثق الناس في شعبة؛ فإنه روى عنه فأكثر، وجالسه نحوًا من عشرين سنة، وكان ربيبه، وقد وثقه ابن معين وابن سعد والمستملي والعجلي وزاد: ((كان من أثبت الناس في حديث شعبة)) ، وقال أبو حاتم: ((كان صدوقًا، وكان مؤدبًا، وفي حديث شعبة ثقة)) ، وقال ابن المبارك: ((إذا اختلف الناس في حديث شعبة، فكتاب غندر حكم بينهم)) ، وقال عبد الرحمن بن مهدي: ((غندر أثبت في شعبة مني)) ، وقال أيضًا: ((كنا نستفيد من كتب غندر في حياة شعبة، وكان وكيع يسميه: الصحيح الكتاب)) ، وقال ابن المديني: ((هو أحب إليّ من عبد الرحمن في شعبة)) ، وقال أيضًا: ((كنت إذا ذكرت غندرًا ليحيى بن سعيد عوج فمه؛ كأنه يضعفه)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان من خيار عباد الله، ومن أصحَّهم كتابًا، على غفلة فيه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 221 - 222 رقم 1223) ، و"التهذيب" (9 / 96 - 98 رقم 129) .
أقول: أما ما ذكره ابن المديني عن يحيى بن سعيد القطان من أنه يعوج فمه إذا ذُكر غندر كأنه يضعفه، فهو جرح غير مفسَّر ومعارض بأقوال الأئمة التي تقدم ذكرها، وغندر قرين ليحيى بن سعيد، فيحمل هذا على أنه من كلام الأقران بعضهم في بعض.
وأما وصف ابن حبان لغندر بالغفلة، فالظاهر أنه استند على حكاية فيها تَنَدُّر، ذُكرت في ترجمة غندر، وهي: أنه اشترى سمكًا، وقال لأهله: أصلحوه، ونام فأكلوا السمك، ولطّخوا يده، فلما انتبه قال: هاتوا السمك، فقالوا: قد أكلت، قال: لا، قالوا: فشُمَّ يَدَك، ففعل، فقال: صدقتم، ولكني ما شبعت.
وقد أنكر غندر هذه الحكاية كما في "ميزان الاعتدال" (3 / 502) ، وقال: ((أما كان يَدُلُّني بطني؟!)) .
ولذا قال يحيى بن معين: ((كان غندر أصح الناس كتابًا، أراد بعض الناس أن يخطِّئه فلم يقدر، أخرج إلينا كتابًا، فقال: اجْهدوا أن تخرجوا فيه خطأ، فما وجدنا شيئًا، وكان يصوم يومًا ويفطر يومًا منذ خمسين سنة)) ، ولما ذكره الذهبي =(2/502)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= في الموضع السابق من "الميزان" قال: ((أحد الأثبات المتقين، ولاسيما في شعبة)) .
وكانت وفاته رحمه الله سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وأخرجه أحمد أيضًا (2 / 158) .
والطحاوي في الموضع نفسه.
كلاهما من طريق هشيم، عن حصين، به نحوه، وفي لفظ أحمد قصة.
وأخرجه ابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 27 - 28 رقم 51) من طريق محمد بن فضيل، عن حصين، به نحوه.
قال الشيخ الألباني في تعليقه على الحديث: ((إسناده صحيح على شرط الشيخين)) .
ب- طريق مغيرة بن مقسم الضبيّ، عن مجاهد.
أخرج الإمام أحمد (2 / 158) مقرونًا بطريق حصين السابق، من رواية هشيم عنهما.
(2) طريق أبي العباس بن فروخ الشاعر مولى بن الدِّيْل، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: ذكر لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - رجال يجتهدون في العبادة اجتهادًا شديدًا فقال: ((تلك ضراوة الإسلام وشرّته، ولكل ضراوة شرّة، ولكل شرّة فَتْرَةً، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى اقتصاد وسنة فلأمّ ما هُوَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى المعاصي فذلك الهالك)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 165) من طريقين عن محمد بن إسحاق، عن أبي الزبير المكي، عن أبي العباس، به، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع في أحد الطريقين، وحسّن الألباني سند هذا الطريق في تعليقه على الحديث في الموضع السابق من "السنة" لابن أبي عاصم.
وعليه فالحديث بمجموع طرقه صحيح لغيره، والله أعلم.(2/503)
[كتاب التفسير] (1)
باب
[تفسير سورة الفاتحة] (1)
(1) العنوان ليس في الأصل.(2/504)
بَابُ تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
168- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ (1) ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْقُوبَ (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ (4) ، فَهِيَ خِدَاجٌ غَيْرُ تَمَامٍ)) . قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنِّي أَكُونُ أَحْيَانًا وَرَاءَ إِمَامٍ؟ فَغَمَزَ ذِرَاعِي، وَقَالَ: يَا فَارِسِيُّ، اقْرَأْهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ السُّورَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُهَا لِي، وَنِصْفُهَا
__________
(1) هو عبد الله بن جعفر بن نَجيح السَّعْدي، مولاهم، أبو جعفر المديني، والد علي بن المديني، بصري أصله من المدينة، روى عن عبد الله بن دينار والعلاء بن عبد الرحمن وأبي الزناد وغيرهم، روى عنه ابنه علي وعلي بن الجعد وقتيبة بن سعيد وغيرهم، وروى عنه هنا سعيد بن منصور، وهو ضعيف؛ يقال تغيَّر حفظه بأخَرَةٍ كما في "التقريب" (ص298 رقم 3255) ؛ قال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية: ((كان من أهل الحديث، ولكنه بلي في آخر عمره)) ، وقال عمرو بن علي: ((ضعيف الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((منكر الحديث جدًّا، ضعيف الحديث، يحدث عن الثقات بالمناكير، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن حبان: ((كان ممن يهم في الأخبار حتى يأتي بها مقلوبة، ويخطئ في الآثار كأنها معمولة)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وسبعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 22 - 23 رقم 102) ، و"التهذيب" (5 / 174 - 176 رقم 298) .
(2) هو الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يعقوب الحُرَقي - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها قاف -، أبو شِبْل - بكسر المعجمة وسكون الموحّدة -، المدني روى عن أبيه وابن عمر وأنس وغيرهم، روى عنه ابنه شبل وابن جريح والإمام مالك وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو صدوق، قال عنه الإمام أحمد: ((ثقة، لم أسمع أحدًا ذكره بسوء)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، وقال الترمذي: ((هو ثقة عند أهل الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((ما أرى به بأسًا)) ، =(2/505)
لِعَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَيَقُولُ العبد: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَيَقُولُ الْعَبْدُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، فَهَذَا لِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، وَهَذِهِ الْآيَةُ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، يَقُولُ الْعَبْدُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وَهَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، يَقُولُ الْعَبْدُ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} .
__________
= وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فقال: ((صالح)) ، قلت: فهو أوثق، أو العلاء بن المسيب؟ فقال: ((العلاء بن عبد الرحمن عندي أشبه)) ، وفي رواية أخرى عن أبي حاتم قال: ((روى عن الثقات، وأنا أُنكر من حديثه أشياء، وقال ابن معين: ((ليس حديثه بحجة، وهو وسهيل قريب من السواء)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس هو بأقوى ما يكون)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وقيل: تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 357 - 358 رقم 1974) ، و"التهذيب" (8 / 186 - 187 رقم 335) .
قلت: العلاء مختلف فيه، وقد أُنكرت عليه أحاديث، والصواب من حاله - إن شاء الله - أنه صدوق حسن الحديث، وهذا القول قريب مما ذهب إليه النسائي وابن عدي، ولكن يجتنب من حديثه ما أنكر عليه، وهذا ما ذهب إليه الحافظ الذهبي، حيث ذكره في "سير أعلام النبلاءط (6 / 186 - 187) وقال: ((الإمام المحدِّث الصدوق)) ، ثم ذكر بعض الأقوال فيه ثم قال: ((قلت: لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، لكن يتجنب ما أُنكر عليه)) ، وذكره في "الميزان" (3 / 102 رقم 5735) وقال: ((صدوق مشهور)) ، وذكره في ((من =(2/506)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تكلم فيه وهو موثق (ص139 رقم 250) وقال: ((صدوق)) .
(3) هو عبد الرحمن بن يعقوب الجُهَني، المدني، مولى الحُرَقَة - بضم المهملة وفتح الراء، بعدها قاف -، والد العلاء، يروي عن أبيه وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه ابنه العلاء وسالم أبو النضر ومحمد بن إبراهيم التيمي وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص353 رقم 4046) ، فقد وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . انظر "التهذيب" (6 / 301 رقم 584) .
وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 301 - 302 رقم 1428) : ((قلت: لأبي: هو أوثق، أو المسيب بن رافع؟ فقال: ما أقربهما)) . اهـ.
قلت: والمسيب بن رافع تقدم في الحديث [12] أنه ثقة.
(4) ورد تفسيرها في نفس الحديث في قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((غَيْرُ تمام)) ، والخداج: هو النقصان، يقال: خَدَجَت الناقة: إذا ألقت ولدها قبل أوانه، وإن كان تامّ الخلق، وأَخْدَجَتْه: إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل. والخداج مصدر، ووصف الصلاة بالمصدر نفسه مبالغة. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 12) .
[168] سنده فيه عبد الله بن جعفر وتقدم أنه ضعيف، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه جمٌّ غفير من الرواة، والحديث صحيح أخرجه مسلم وغيره كما سيأتي، وهو مروي عن أبي هريرة رضي الله عنه من خمسة طرق:
الطريق الأول: طريق عبد الرحمن بن يعقوب، ويرويه عنه ابنه العلاء.
وله عن العلاء أحد وعشرون طريقًا:
(1) طريق عبد الله بن جعفر الذي أخرجه المصنف عنه.
(2) طريق سفيان بن عيينة، عن العلاء.
أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 430 رقم 973 و 974) .
ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده" (2 / 141) . =(2/507)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي في "سننه" (2 / 38) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص35 - 36 رقم 63 و 64) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 241 - 242) .
والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص21 و 24 رقم 39 و 47) .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 296 رقم 38) في الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة.
والنسائي في "فضائل القرآن" (ص74 - 75 رقم 38) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 38) ، وفي "الأسماء والصفات" (1 / 95) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص36 - 37 رقم 65) .
جميعهم من طريق سفيان عن العلاء، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، به نحوه، وزاد بعضهم قول سفيان في آخره في قصة تلقّيه لهذا الحديث من العلاء.
(3) طريق شعبة، عن العلاء.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 457 و 478) .
والبخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص62 رقم 173) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 248 رقم 490) .
وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 140) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 216) ، وفي "مشكل الآثار" (2 / 23) .
وابن حبان في "صحيحه" (5 / 91 و 96 رقم 1789 و 1794 / الإحسان) .
والبيهقي في "القراءة خلف الإمام" (ص35 رقم 60 و 61 و 62) .
جميعهم من طريق شعبة، عن العلاء، به مختصرًا.
(4) طريق عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، عن العلاء.
أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 430 رقم 974) .
ومن طريقه أبو عوانة في "مسنده" (2 / 141) .
وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص24 رقم 46) . =(2/508)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والترمذي في "سننه" (8 / 283 - 285 رقم 4027) في تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير.
وابن حبان في "صحيحه" (5 / 96 - 97 رقم 1795 / الإحسان) .
والبيهقي في "القراءة خلف الإمام" (ص38 - 39 و 98 رقم 70 و 71 و 219) .
جميعهم من طريق عبد العزيز، عن العلاء، به نحوه، إلا أن لفظ الحميدي مختصر.
(5) طريق أبي أويس عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن أويس، عن العلاء.
أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 297 رقم 41) .
والترمذي في الموضع السابق (8 / 285 - 286 رقم 4028) .
وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 140 - 141) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 39) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص42 رقم 76 و 77) .
جميعهم من طريق أبي أويس، عن العلاء قال: سمعت من أبي وأبي السائب، وكان جليسي أبي هريرة قالا: قال أبو هريرة ... ، الحديث بنحوه، إلا أن لفظ الترمذي مختصر.
وهذا الطريق أفادنا في نفي إعلال حديث العلاء بالاضطراب، فإنه يرويه مرة عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ومرة عن أبي السائب، عن أبي هريرة كما سيأتي، وقد سمع العلاء الحديث منهما كليهما كما دلّت عليه هذه الرواية، ولذا فإن الترمذي أشار إلى اختلاف الرواية عن العلاء، واستدل بهذه الرواية على أن للعلاء فيه شيخين، ثم قال (8 / 286) : ((وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فقال: كلا الحديثين صحيح، واحتجّ بحديث ابن أبي أويس، عن أبيه، عن العلاء)) . اهـ.
قلت: وقد توبع أبو أويس؛ تابعه الحسن بن الحرّ، ومحمد بن عجلان، وهما =(2/509)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الطريقان الآتيان.
(6) طريق الحسن بن الحرّ، عن العلاء عن أبيه وأبي السائب، عن أبي هريرة بنحو الحديث السابق.
أخرجه البيهقي في "القراءة" (ص42 - 43 رقم 78) .
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (10 / 31) مختصرًا.
(7) طريق محمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبيه وعن أبي السائب، عن أبي هريرة، به مختصرًا.
أخرجه البيهقي في الموضع السابق برقم (79) .
(8) طريق عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عن العلاء.
أخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 430 رقم 974) .
ومن طريق أبو عوانة في "مسنده" (2 / 141) .
وأخرجه البخاري في "جزء القراءة خلف الإمام" (ص23 رقم 42) .
وابن ماجه في "سننه" (2 / 1243 - 1244 رقم 3784) في الأدب، باب ثواب القرآن.
ثلاثتهم من طريق ابن أبي حازم، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه، إلا أن لفظ الحميدي مختصر.
(9) طريق روح بن القاسم، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه.
أخرجه البخاري في الموضع السابق (ص4 - 5 و 24 رقم 14 و 45) .
والبيهقي في "القراءة" (ص37 - 38 رقم 68) .
(10) طريق إسماعيل بن جعفر، عن العلاء، عن أبيه، به مختصرًا.
أخرجه البخاري في الموضع السابق (ص23 - 24 رقم 44) .
والبيهقي في الموضع السابق أيضًا (ص38 رقم 69) .
وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحيري في "فوائده" (ل 13 / أ) .
(11) طريق عبد الله بن زياد بن سمعان، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه، إلا أنه زاد في متن الحديث التسمية. =(2/510)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه الدارقطني في "سننه" (1 / 213) .
ومن طريقه أخرجه البيهقي في "سننه" (2 / 40) .
وأخرجه البيهقي أيضًا من طريق آخر في "سننه" (2 / 39 - 40) ، وفي "القراءة" (ص41 رقم 75) .
قال الدارقطني: ((ابن سمعان هو: عبد الله بن زياد بن سمعان، متروك الحديث، وروى هذا الحديث جماعة من الثقات، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، منهم: مالك بن أنس، وابن جريج، وروح بن القاسم، وابن عيينة، وابن عجلان، والحسن بن الحرّ، وأبو أويس، وغيرهم، على اختلاف منهم في الإسناد واتفاق منهم على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه: بسم الله الرحمن الرحيم، واتفاقهم على خلاف ما رواه ابن سمعان أولى بالصواب)) . اهـ.
(12) طريق أبي غسان محمد بن مطرف، عن العلاء، عن أبيه، به نحوه.
أخرجه البيهقي في "القراءة" (ص38 - 39 رقم 70) .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 216) مختصرًا.
(13) طريق سعد بن سعيد، عن العلاء، عن أبيه، به مختصرًا.
أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (5 / 89 - 90 رقم 1788 / الإحسان) .
(14 و 15 و 16 و 17) طرق: إبراهيم بن طهمان، وجضهم بن عبد الله، ومحمد بن يزيد البصري، وزهير بن محمد العنبري، جميعهم عن العلاء، عن أبيه، به نحوه.
أخرج جميع هذه الطرق البيهقي في "القراءة" (ص37 و 39 - 41 رقم 66 و 67 و 72 و 73 و 74) .
(18 و 19 و 20 و 21) طرق: يوسف بن عبد الرحمن مولى سُكَرّة، وسعيد بن مسلمة، وعبد الرحمن بن إسحاق، والحسن بن عمارة، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
أشار لهذه الطرق البيهقي في الموضع السابق (ص41) ، ثم قال: ((تركت روايتهم مخافة التطويل)) . =(2/511)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الطريق الثاني: طريق أبي السائب مولى هشام بن زُهْرَة، عن أبي هريرة.
وله عن أبي السائب ثلاثة طرق:
(1) طريق العلاء بن عبد الرحمن، وله عنه ثمانية طرق:
أ- طريق الإمام مالك الذي رواه في "الموطأ" (1 / 84 - 85 رقم 39) عن العلاء، أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة ... ، الحديث بنحوه.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه:
عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 128 - 129 رقم 2768) .
وأبو عبيد في "الفضائل" (ص156 رقم 400) .
والبخاري في "خلق أفعال العباد" (ص43 - 44 رقم 132) ، وفي "جزء القراءة" (ص21 - 22 رقم 40) .
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 296 رقم 39) .
وأبو داود في "سننه" (1 / 512 - 514 رقم 821) ، في الصلاة، باب: من ترك القراءة في صلاته.
وعبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند" (2 / 460) .
والنسائي في "سننه" (2 / 135 - 136) ، في الافتتاح، باب ترك قراءة: بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب، وفي "فضائل القرآن" (ص74 رقم 37) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 252 - 253 رقم 502) .
وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 139 و 140) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 215) ، وفي "مشكل الآثار" (2 / 23) .
وأبو جعفر النحاس في "القطع والائتناف" (ص101 - 103) .
وابن حبان في "صحيحه" (5 / 84 - 85 رقم 1784 / الإحسان) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 39 و 166 - 167) ، وفي "شعب الإيمان" (5 / 292 - 293 رقم 2146) ، وفي "القراءة خلف الإمام" (ص30 - 31 رقم 49 و 50 و 51 و 52) .
والبغوي في "شرح السنة" (3 / 47 رقم 578) . =(2/512)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ب- طريق ابن جريج، عن العلاء.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 121 - 128 رقم 2744 و 2767) .
ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 285) .
والبخاري في "جزء القراءة" (ص23 رقم 43) .
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 297 رقم 40) .
وأبو عوانة في "مسنده" (2 / 140) .
والبيهقي في "القراءة" (ص32 رقم 53) من طريق الإمام أحمد عن عبد الرزاق.
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص155 رقم 399) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (1 / 360) .
ومن طريقه ابن ماجه في "سننه" (1 / 273 - 274 رقم 838) ، في إقامة الصلاة، باب القراءة خلف الإمام.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 250) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 247 رقم 489) .
جميعهم من طريق ابن جريج، عن العلاء، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به مختصرًا، عدا أحد لفظي عبد الرزاق فمطولاً بنحوه، وإلا أبا عبيد فقرنه بلفظ مالك السابق، وقال: ((دخل كلام بعضهم في بعض)) .
جـ- طريق محمد بن إسحاق بن يسار، عن العلاء، عن أبي السائب، به نحوه.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 286) .
والبخاري في "جزء القراءة" (ص22 - 23 رقم 41) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 200 رقم 221 و 222) وفي لفظه شيء من الاختصار.
والبيهقي في "القراءة" (ص34 رقم 57 و 58) .
د- طريق الوليد بن كثير، عن العلاء، عن أبي السائب، به.
أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (223) بمثل لفظه السابق ... =(2/513)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي في "سننه" (2 / 166) ، وفي "القراءة" (ص32 رقم 54) ، بنحوه مطولاً.
هـ- طريق ورقاء، عن العلاء، عن أبي السائب، به مختصرًا.
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص334 رقم 2561) .
ومن طريقه البيهقي في "القراءة" (ص34 رقم 59) .
والخطيب في "تاريخه" (6 / 302) .
و طريق أبي أويس، عن العلاء، عن أبي السائب، به.
وهذه الطريق مقرونة برواية العلاء، عن أبيه، وتقدمت الإشارة إليها وتخريجها.
ز- طريق الحسن بن الحرّ، عن العلاء، عن أبي السائب، به.
وهذه كسابقتها تقدمت الإشارة إليها وتخريجها.
ح- طريق محمد بن عجلان، عن العلاء، عن أبي السائب، به.
وبعض روايات هذا الطريق كسابقتيها تقدم تخريجها.
وأخرجه البهيقي في "القراءة" (ص33 رقم 55 و 56) بطوله نحوه، عن أبي السائب فقط.
(2 و 3) طريقا الزهري وصفوان بن سليم، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، به.
أخرج هذين الطريقين البيهقي في "القراءة" (ص43 - 44 رقم 80 و 81 و 82) ، ولفظ الزهري مطول بنحوه، ولفظ صفوان مختصر.
الطريق الثالث: طريق عبد الملك بن المغيرة، عن أبي هريرة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 290) .
والبخاري في "جزء القراءة" (ص25 - 26 رقم 53) .
والبيهقي في "القراءة" (ص45 - 46 رقم 86) .
ثلاثتهم من طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عن عبد الملك، به مختصرًا.
الطريقان الرابع والخامس: هما طريقا عبد الملك بن مروان وأبي سلمة بن عبد الرحمن، =(2/514)
169- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُخْبِر، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ رضي الله عنهم كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) .
__________
= عن أبي هريرة، به مختصرًا، وبعض طرق حديث أبي سلمة موقوفة على أبي هريرة.
أخرج هذين الطريقين البيهقي في "القراءة" (ص44 - 45 رقم 83 و 84 و 85) .
هذا ما تيسر جمعه من طرق هذا الحديث الصحيح، والله أعلم.
[169] سنده ضعيف جدًّا لإبهام شيخ هشيم ومخالفته الثقات في إسناده، وصوابه: عن الزهري مرسلاً، أو: عن الزهري، عن ابن المسيب مرسلاً، وهذا ضعيف لإرساله، وهو حسن لغيره عن عمر رضي الله عنه كما سيأتي.
وقد روي الحديث عن الزهري من سبعة طرق:
(1) طريق شيخ هشيم المبهم الذي أخرجه المصنف هنا عن هشيم، عنه، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أبيه.
وأخرجه أبو بكر عبد الله بن أبي داود في "كتاب المصاحف" (ص103) من طريق أبي الربيع الزهراني، عن هشيم، به مثله.
ثم أخرجه بعده من طريق المصنِّف سعيد بن منصور، فقال: حدثنا محمد بن عوف، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا هشيم، قال: أخبرني مُخْبِرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (ملك يوم الدين) . اهـ.
كذا الصواب في رواية محمد بن عوف، وقد وقع في المطبوع من "كتاب المصاحف": (مالك) ، وهو خطأ؛ يدل عليه أن ابن أبي داود قال عقب الحديث: ((هذا عندنا وهم، والصواب رواية أبي الربيع وغيره عن هشيم، وكل من رواه عن الزهري متصلاً وغير متصل فـ (مالك) ، إلا رجلاً واحدًا [في الأصل: رجل واحد] فإنه قال: (ملك)) ) . اهـ.
وقال الدارقطني كما في "أطراف الأفراد" (ل 174 / ب) : ((حديث أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) تفرد به هشيم، عن مخبر، عن الزهري، عنه. هكذا رواه أبو الربيع عن هشيم. ورواه سعيد بن منصور، عن هشيم، أخبرني مُخْبِرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عن أبيه، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (ملك يوم الدين) . تفرد به محمد بن عوف الطائي عن سعيد. قال ابن أبي داود: والصواب: (مالك)) ) . اهـ.
قلت: والخطأ من محمد بن عوف، فإن سعيدًا رواه على الصواب كما هنا.(2/515)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) طريق يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أنس.
أخرجه حفص بن عمر الدوري في قراءات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ص53 رقم 2) .
والترمذي في "سننه" (8 / 248 رقم 3096) في أبواب القراءات عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -.
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص103) .
ومحمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 160 / ب) .
جميعهم من طريق أيوب بن سويد، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ الزهري، عن أنس، بمثل لفظ المصنف، ألا أن الترمذي قال: ((وأراه قال: وعثمان)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث الزهري، عن أنس بن مالك، إلا من حديث هذا الشيخ أيوب بن سويد الرَّمْلي، وقد روى بعض أصحاب الزهري هذا الحديث عن الزهري: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) ، وروى عبد الرزاق، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ سعيد بن المسيب، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يقرأون: (مالك يوم الدين) . اهـ.
والترمذي بهذا الكلام يشير إلى الاختلاف في سند هذا الحديث الذي سيأتي بيانه - إن شاء الله -.
وأيوب الذي روى هذا الطريق عن يونس، هو ابن سويد الرَّمْلي، أبو مسعود الحِمْيَري السَّيْباني - بهملة مفتوحة، ثم تحتانية ساكنة، ثم موحَّدَة، يروي عن الأوزاعي والإمام مالك والثوري ويونس بن يزيد وغيرهم، روى عنه الإمام الشافعي ويونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم، وكانت وفاته سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وتسعين ومائة، وهو ضعيف كما قال الإمام أحمد وأبو داود والساجي وزاد: ((ارْمِ به)) ، وروى وهب بن زمعة عن ابن المبارك أنه ترك حديثه، وروى سفيان بن عبد الملك عن ابن المبارك أنه قال: ((ارْمِ به)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء، كان يسرق الأحاديث، قال أهل الرَّمْلة: حدث عن ابن المبارك بأحاديث، ثم قال: حدثني أولئك الشيوخ الذين حدث ابن المبارك عنهم)) ، وهذه الحكاية لم يذكر ابن معين من الذي حدثه بها، وقال البخاري: ((يتكلمون فيه)) ، وقال النسائي، ((ليس بثقة)) ، وقال ابن حبان: ((كان رديء الحفظ يخطئ، يُتّقى حديثه من رواية ابنه محمد بن أيوب عنه؛ لأن أخباره إذا سُبرت من غير رواية ابنه عنه وجد أكثرها =(2/516)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مستقيمة)) ، وطوّل ابن عدي في ترجمته، وأورد له جملة مناكير من غير رواية ابنه عنه، لا كما زعم ابن حبان، ذكر ذلك ابن حجر، ثم قال ابن عدي: ((ولأيوب بن سويد حديث صالح عن شيوخ معروفين، منهم يونس بن يزيد الأيلي نسخة الزهري ... ، ويقع في حديثه ما لا يوافقه الثقات عليه، ويكتب حديثه في جملة الضعفاء)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (1 / 113 - 114) ، و"الكامل" لابن عدي (1 / 351 - 356) ، و"التهذيب" (1 / 405 - 406 رقم 745) .
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 74) أنه سأل أباه عن الحديث بهذا الإسناد فقال: ((هذا حديث منكر بهذا الإسناد)) . اهـ.
وأخرج ابن عدي في "الكامل" (5 / 1625 - 1926) هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن الحصين عن الزهري الآتي برقم (4) ثم قال: ((هذا بهذا الإسناد منكر، وقد روي هذا الحديث عن الزهري، عن أنس، وليس ذاك أيضًا بمحفوظ)) . اهـ.
(3) طريق أبي بكر بن عياش، عن سليمان التيمي، عن ابن شهاب الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ والبراء بن عازب قالا: قرأ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر: (مالك يوم الدين) .
أخرجه حفص الدوري في الموضع السابق (ص51 - 52 رقم 1) .
ومن طريقه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص104) ، ثم قال ابن أبي داود: ((هذا عندنا وهم، وإنما هو سليمان بن أرقم)) .
قلت: يعني أن ذكر سليمان التيمي في هذا الحديث خطأ، وإنما هو سليمان بن أرقم، وفرق بينهما، فالتيمي تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد.
وسليمان بن أرقم، أبو معاذ البصري، يروي عن الزهري ويحيى بن أبي كثير والحسن البصري وابن سيرين وغيرهم، روى عنه الثوري وأبو داود الطيالسي وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو متروك الحديث كما قال أبو حاتم والترمذي. =(2/517)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن خراش والنسائي وأبو أحمد والحاكم والدارقطني، وقال أبو داود: ((متروك الحديث، قلت لأحمد: روى عن الزهري، عن أنس في التلبية، قال: لا نبالي روى أم لم يرو)) ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((ليس بشيء لا يروي عنه الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء، ليس يسوى فلسًا) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال مسلم: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1100 - 1105) ، و"التهذيب" (4 / 168 - 169 رقم 297) .
وعليه فالحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، والذي دعى ابن أبي داود للقول بأن ذكر التيمي في هذا الإسناد خطأ: أن التيمي لا يعرف بالرواية عن الزهري كما يتضح من ترجمته في "تهذيب الكمال" (12 / 6 / المطبوع) ، وإنما الذي يروي عن الزهري هو ابن أرقم كما سبق، والله أعلم.
(4) طريق عبد العزيز بن الحصين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يقرأ: (مالك يوم الدين) .
أخرجه الدوري في الموضع السابق (ص54 رقم 3) .
والعقيلي في "الضعفاء" (3 / 15) ، في ترجمة عبد العزيز بن الحصين، وذكر مع هذا الحديث حديثًا آخر، ثم قال: ((لا يتابع عليهما جميعًا ... ، وكلا الحديثين الرواية فيهما من غير هذا الوجه مضطربة فيها لين)) .
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (5 / 1925 - 1926) وقال: ((هذا بهذا الإسناد منكر)) .
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جدًّا، وعلّته عبد العزيز بن الحصين بن الترجمان، أبو سهل المروزي، يروي عن الزهري وثابت البُناني وعمرو بن دينار، روى عنه قتيبة بن سعيد ونعيم بن الهيثم وطائفة، وهو متروك الحديث كما قال أبو داود، وقال ابن المديني: ((روى عنه معن وغيره بلاءً من البلاء)) ، وضعّفه جدًّا، وقال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وقال البخاري وأبو أحمد الحاكم: ((ليس بالقوي عندهم)) ، وقال مسلم: ((ذاهب الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة، =(2/518)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ولا يكتب حديثه)) ، وقال البغوي: ((ضعيف الحديث، وهو في الضعف نحو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم)) ، وقال الحافظ ابن حجر: ((وأعجب من كل ما تقدم: أن الحاكم أخرج له في المستدرك وقال: إنه ثقة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 15 - 16) ، و"الكامل" لابن عدي (5 / 1925 - 1926) ، و"الميزان" (2 / 627 رقم 5095) ، و"اللسان" (4 / 28 - 29 رقم 76) .
وقد تابع بَحْر بن كنيز عبد العزيز بن الحصين كما في الطريق الآتي، ولكنها متابعة لا يُفرح بها.
(5) طريق بحر بن كنيز، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، بمثل سابقه.
أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص103) من طريق إبراهيم بن سليمان الزيات، عن بحر.
وسنده ضعيف جدًّا، له علتان:
أ- بَحْر بن كَنيز - بنون وزاي -، السَّقاء، أبو الفضل البصري، يروي عن الزهري والحسن البصري وعمرو بن دينار وغيرهم، روى عنه الثوري وابن عيينة ويزيد بن هارون وغيرهم، وهو متروك كما قال أبو داود والدارقطني، وقال ابن معين: ((لا يكتب حديثه)) ، وفي رواية: ((ليس بشيء، كل الناس أحب إلي منه)) ، وقال السعدي: ((ساقط)) ، وقال النسائي: (ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) ، وفي رواية: ((متروك الحديث)) ، وذكره ابن البرقي في طبقة من تُرك حديثه، وضعفه ابن سعد وإبراهيم الحربي وأبو حاتم، وقال ابن حبان: ((كان ممن فحش خطؤه وكثر وهمه حتى استحق الترك)) ، وكانت وفاته سنة ستين ومائة. اهـ.
من "الكامل" لابن عدي (2 / 482 - 487) ، و"التهذيب" (1 / 418 - 419 رقم 773) .
ب- إبراهيم بن سليمان أبو إسحاق الزيّات، البَلْخي، يروي عن سفيان الثوري وبكر بن المختار، وعنه إبراهيم بن راشد الآدمي وأهل العراق، وهو صدوق يخطئ، ذكره ابن عدي في "الكامل" (1 / 264) وقال: ((ليس بالقوي)) ، وذكره =(2/519)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن حبان في "الثقات" في موضعين (8 / 65 و 67 - 68) ، وقال: ((مستقيم الحديث إذا روى عن الثقات ... ، وهو أقرب من الضعفاء، ممن أستخير الله فيه)) ، وذكره الخليلي في "الإرشاد" في موضعين (1 / 276) و (3 / 924) وقال في الموضع الأول: ((صالح)) ، وقال في الثاني: ((صدوق)) ، ونقل عن الحاكم أبي عبد الله قوله: ((في كتبنا عن شيوخنا: محلّه الصدق)) . اهـ.، وانظر "لسان الميزان" (1 / 65 رقم 163) .
(6) طريق أبي مطرف طلحة بن عبيد الله، عن الزهري مرسلاً، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كان يقرأون: {مالك يوم الدين} .
أخرجه الدوري في الموضع المتقدم (ص55 و 56 و 58 رقم 4 و 5 و 6 و 8) .
وابن أبي داد في "المصاحف" (ص104) من ثلاث طرق عن أبي مطرف، وفي بعضها زاد: (وكلحة والزبير وأبيّ بن كعب وابن مسعود ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم) ، وزاد في رواية: (ومعاوية وابنه يزيد بن معاوية ... ، قال ابن شهاب وأول من أحدث: ((مَلِكِ)) : مروان) .
قال ابن كثير في "التفسير" (1 / 24) : ((قرأ بعض القرّاء: {ملك يوم الدين} ، وقرأ آخرون: {مالك} ، وكلاهما صحيح متواتر في السبع ... ، وقد روى أبو بكر ابن أبي داود في ذلك شيئًا غريبًا حيث قال ... )) ، ثم ذكر الرواية السابقة، وتعقبها بقوله: ((قلت: مروان عنده علم بصحة ما قرأه لم يطلع عليه ابن شهاب، والله أعلم)) . اهـ.
ورواية أبي مطرف هذه ورواية معمر الآتية الموافقة لها هما أصح الروايات عن الزهري كما سيأتي.
(7) طريق معمر، عن الزهري، قال: كان النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبو بكر وعمر وعثمان يقرأون: {مالك يوم الدين} ، وأول من قرأها: {مَلِك يوم الدين} : مروان.
أخرجه أبو داود في "سننه" (4 / 293 - 294 رقم 4000) في الحروف والقراءات. =(2/520)
170- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنِ الْحَجَّاجِ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ (2) ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عنه يقرأ كذلك.
__________
= وعلقه الترمذي عقب إخراجه لرواية يونس المتقدمة، عن الزهري، عن أنس.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص103) .
زاد أبو داود في روايته: (قال معمر: وربما ذكر ابن المسيب) ، وهذا يفيد أن الزهري كان يرسله مرة، ويذكره عن ابن المسيب مرسلاً مرة أخرى، ولذا جاء في تعليق الترمذي السابق للحديث ذكر ابن المسيب فيه.
قال أبو داود عقب الحديث: ((هذا أصح من حديث الزهري، عن أنس، والزهري، عن سالم، عن أبيه)) .
قلت: ووافقت رواية أبي مطرف السابقة معمر، ومعمر تقدم في الحديث [4] أنه ثقة ثبت فاضل، وأما بقية الروايات المخالفة فلا يثبت منها طريق، وتقدم بيان ما فيها، فلا تنهض لمعارضة هاتين الروايتين، وهذا ما رجحه أبو داود، وعليه فالحديث ضعيف من طريق الزهري لإرساله، وهو حسن لغيره عن عمر رضي الله عنه فقط بما سيأتي له من طرق برقم [170] و [172] ، والله أعلم.
(1) هو الحجاج بن أرطأة - بفتح الهمزة - ابن ثور بن هبيرة بن شراحيل النخعي، أبو أرطأة الكوفي، القاضي، أحد الفقهاء، يروي عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ بن يزيد وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن شعيب وسماك بن حرب ونافع مولى ابن عمر وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، روى عنه شعبة وهشيم والثوري وحماد بن زيد وحماد بن سلمة وغيرهم، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس كما في "التقريب" (ص152 رقم 1119) ، قال ابن معين: ((صدوق ليس بالقوي، يدلس عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَرْزمي عن عمرو بن شعيب)) ، وقال ابن المبارك: ((كان الحجاج يدلس، وكان يحدثنا الحديث عن عمرو بن شعيب مما يحدثه العرزمي، والعرزمي متروك لا نقر به)) ، وقال أبو زرعة: ((صدوق مدلس)) ، وقال =(2/521)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبو حاتم: ((صدوق يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه، وإذا قال: حدثنا فهو صالح، لا يرتاب في صدقه وحفظه إذا بيّن السماع، ولا يحتج بحديثه)) ، وقال الساجي: ((كان مدلسًا صدوقًا سيء الحفظ، ليس بحجة في الفروع والأحكام)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال العجلي: ((كان فقيهًا، وكان أحد مفتي الكوفة، وكان فيه تيه، وكان يقول: أهلكني حب الشرف، وولي قضاء البصرة، وكان جائز الحديث، إلا أنه صاحب إرسال ... ، وإنما يعيب الناس منه التدليس)) ، وقال ابن عدي: ((إنما عاب الناس عليه تدليسه عن الزهري وعن غيره، وربما أخطأ في بعض الروايات، فأما أن يتعمد الكذب فلا، وهو ممن يكتب حديثه)) ، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الرابعة من طبقات المدلسين، وهم من اتُّفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهمم إلا بما صرحوا فيه بالسماع؛ لكثرة تدليسهم على الضعفاء والمجاهيل، وكانت وفاته في سنة خمس وأربعين ومائة.
انظر "الجرح والتعديل" (3 / 154 - 156 رقم 673) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 641 - 646) ، و"تهذيب الكمال" (5 / 420 - 428 رقم 1112 / المطبوع) ، و"ميزان الاعتدال" (1 / 458 - 460 رقم 1726) ، و"التهذيب" (2 / 196 - 198 رقم 365) ، و"طبقات المدلسين" (ص125 رقم 118) .
(2) هو عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، روى عن أبيه وعم أبيه علقمة بن قيس، وعن عائشة وأنس وابن الزبير وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو إسحاق الشيباني والأعمش وحجاج بن أرطأة وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص336 رقم 3803) ؛ فقد وثقه ابن معين والعجلي والنسائي وابن خراش وزاد: ((من خيار الناس)) ، وكانت وفاته سنة تسع وتسعين للهجرة، أو مائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 209 رقم 986) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 775) ، و"التهذيب" (6 / 140 - 141 رقم 286) .
[170] سنده ضعيف لما تقدم عن حال حجاج بن أرطأة، ولأن هشيمًا مدلس ولم =(2/522)
171- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ كَانَ يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .
172- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، وَكَانَ عَلْقَمَةُ وَالْأَسْوَدُ يَقْرَآنِ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .
__________
= يصرح بالسماع، وهو حسن لغيره بمجموع طرقه، منها هذا الطريق، وما تقدم برقم [169] ، وما سيأتي برقم [172] .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 36) ، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع والفريابي وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر.
[171] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين أبي قلابة وأبيّ بن كعب، فإنه لم يدركه فيما يظهر، فأبو قلابة توفي فيما بين سنة أربع ومائة إلى سبع ومائة، وأما أبيّ بن كعب فوفاته مختلف فيها كما سبق بيانه في الحديث [109] ، فبعضهم قال إنه توفي في خلافة عمر سنة تسع عشرة للهجرة، وبعضهم قال: بل في خلافة عثمان سنة اثنتين وثلاثين، فالفرق بين وفاتيهما يترواح بين ثنتين وسبعين سنة إلى ثمان وثمانين، وهذا فرق كبير إذا ما أضيف له سن التحمل، وقرائن أخرى، منها: أن العلماء نصوا على أنه لم يسمع من صحابة كانت وفاتهم بعد وفاة أبّي، مثل علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان، وأبي هُرَيْرَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وغيرهم رضي الله عنهم، بل لم يذكروا له رواية متصلة إلا عن صغار الصحابة الذين تأخرت وفاتهم، مثل أنس بن مالك، ومالك بن الحويرث رضي الله عنهما. انظر "جامع التحصيل" للعلائي (ص257 - 258 رقم 362) ، و"التهذيب" (5 / 224 - 226) ، و (1 / 187 - 188) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 36) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع.
[172] الحديث سنده عن علقمة والأسود صحيح، وأما عن عمر بن الخطاب فضعيف =(2/523)
173- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّاب (1) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} .
__________
= للانقطاع بينه وبين إبراهيم النخعي، فإنه لم يدرك عمر، بل إن ولادته كانت بعد وفاة عمر بزمن طويل، فولادته كانت سنة خسمين للهجرة، وقد نص أبو زرعة وأبو حاتم على أن روايته عن عمر مرسلة. انظر "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص8 - 10 رقم 1) ، و"التهذيب" (1 / 177 - 178) .
لكن الحديث قد روي من طرق أخرى عن عمر، وتقدم تخريجها برقم [169] و [170] ، فهو بمجموعها حسن لغيره، والله أعلم.
(1) هو يحيى بن وَثَّاب - بتشديد المثلّثة -، الأسدي، مولاهم، الكوفي المقرئ، روى عن ابن عمر وابن عباس وزرّ بن حبيش وعلقمة والأسود، روى عنه الأعمش وأبو إسحاق السبيعي والشعبي، وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة إلا أبا داود كما في "التقريب" (ص598 رقم 7664) ؛ فقد وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث، صاحب قرآن)) ، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة وكان مقرئ أهل الكوفة)) ، وقال الأعمش: ((كنت إذا رأيت يحيى بن وثاب قد جاء قلت: هذا قد وقف للحساب؛ يقول: أي رب، أذنبت كذا، كذا فعفوت عني، فلا أدعو)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 193 رقم 806) ، و"التهذيب" (11 / 294 - 295 رقم 574) .
[173] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه ممن قرأ على يحيى وأخذ عنه القراءة، وهذه منها، وانظر "سير أعلام النبلاء" (4 / 380) .(2/524)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ}
174- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (1) ، قَالَ: نا حُصين بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الصِّرَاطُ عَلَى النَّارِ، يَمُرُّ أولِهم مِثْلَ الْبَرْقِ، ثُمَّ كَالطَّيْرِ، ثُمَّ كَالْفَرَسِ الْجَوَادِ، وَآخِرُهُمْ يَمُرُّ حَبْوًا، وَالْمَلَائِكَةُ قِيَامٌ مَعَهُمْ كَلَالِيبُ (2) مِنْ نَارٍ، يَخْطَفُونَ النَّاسَ يَمِينًا وَشِمَالًا، حَتَّى يَقْذِفُوهُمْ فِي النار.
__________
(1) هو سُوَيْد بن عبد العزيز بن نُمير السُّلمي، مولاهم، الدمشقي، روى عن حميد الطويل وعاصم الأحْوَل والأوزاعي وحُصين بن عبد الرحمن وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا أبو مسهر وعلي بن حجر ودحيم وهشام بن عمار وغيرهم، وهو ضعيف كما في "التقريب" (ص260 رقم 2692) ، فقد ضعفه ابن معين والنسائي في رواية، وفي أخرى قالا: ((ليس بثقة)) ، وقال الإمام أحمد: ((متروك الحديث)) ، وقال دحيم: ((ثقة، وكانت له أحاديث يغلط فيها)) ، وقال علي بن حجر: ((أثنى عليه هشيم خيرًا)) ، وقال أبو حاتم: ((في حديثه نظر، هو لين الحديث)) ، وضعفه ابن حبان جدًّا، وأورد له أحاديث مناكير، ثم قال: ((وهو ممن أستخير الله فيه؛ لأنه يقرب من الثقات)) ، وكانت ولادته سنة ثمان ومائة، ووفاته سنة أربع وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 238 - 239 رقم 1020) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (12 / 257) ، و"التهذيب" (4 / 276 - 277 رقم 473) .
(2) جمع كَلُّوب، وهو: حديدة مُعْوَجَّةُ الرأس. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 195) .
[174] سنده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز، وهو صحيح لغيره بالطرق الآتية.
فالحديث روي عن ابن مسعود من ستة طرق:
(1) طريق مُرَّة الهَمْداني، وله عنه طريقان:
أ- طريق حصين الذي أخرجه المصنف هنا. =(2/525)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ب- طريق إسماعيل السُّدِّي، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قال: يرد الناس جميعًا الصراط، ووردهم: قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمرّ مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى إن آخرهم مَرًّا: رجل نوره على موضع إبهامي قدميه، يمرّ فيتكفّأ به الصراط، والصراط دَحَض مزلَّة، عليه حَسَك كحسك السعدان، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس.
ذكره الحافظ ابن كثير في "النهاية" (2 / 184) ، وفي "التفسير" (3 / 132) ، وعزاه في التفسير لابن أبي حاتم.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 336 رقم 2813) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 375) .
كلاهما من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، به نحوه، إلا أنه رفعه لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
والدَّحَضُ: هو الزَّلَق كما في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 104) .
والحَسَكُ: جمع حَسَكَة، وهي شوكة صُلْبة معروفة كما في المرجع السابق (1 / 386) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وليس كذلك، بل هو ضعيف؛ لأنه من رواية إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُّدِّي - بضم المهملة وتشديد الدال -، أبي محمد الكوفي، يروي عن أنس وابن عباس وعطاء وعكرمة ومُرَّة الهمداني وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وأبو عوانة وإسرائيل وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه يهم، ورمي بالتشيع كما في "التقريب" (ص108 رقم 463) ، فقد وثقه الإمام أحمد والعجلي وزاد: ((عالم بالتفسير رواية له)) ، وقال يحيى القطان: ((لا بأس به، ما سمعت أحدًا يذكره إلا بخير، وما تركه أحد)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن عدي: ((مستقيم الحديث صدوق لا بأس به)) ، وقال الساجي: ((صدوق فيه نظر)) ، =(2/526)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وضعفه ابن معين والعقيلي وزاد: ((كان يتناول الشيخين)) ، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة: ((ليِّن)) ، وقال الجوزجاني: ((هو كذاب شتّام)) ، وقال حسين بن واقد: ((سمعت من السدي، فأقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر وعمر، فلم أعد إليه)) ، وقال عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت: سمعت الشعبي وقيل له: إن السدي قد أعطي حظًا من علم القرآن، فقال: ((أعطي حظًا مِنْ جَهْلٍ بالقرآن)) ، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 184 - 185 رقم 625) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (3 / 133) ، و"التهذيب" (1 / 313 - 314 رقم 572) .
(2) طريق أَبِي وَائِلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه ... ، فذكره بنحوه وهو جزء من حديث طويل في وصف بعض أحوال الآخرة.
ذكره الحافظ ابن كثير في "النهاية" (2 / 175) وعزاه للبيهقي في "البعث والنشور"، من طريق حماد بن سلمة، عن أبي عاصم، عن أبي وائل.
(3) طريق أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قوله: (وإن منكم إلا واردها) [الآية (71) من سورة مريم] ، قال: الصراط على متن جهنم مثل حدّ السيف، فتمرّ الطبقة الأولى، كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم، ثم يمرون والملائكة يقولون: اللهم سلِّم سلِّم.
أخرجه الطبراني في "تفسيره" (16 / 110 / طبعة الحلبي)
والحاكم في "المستدرك" (2 / 375 - 376) .
أما الطبراني فمن طريق النضر، وأما الحاكم فمن طريق عمرو بن طلحة، كلاهما عن إسرائيل، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأحوص، عن ابن مسعود، به، واللفظ للطبري، ونحوه لفظ الحاكم.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وقد أورد الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره" (3 / 132) من رواية الطبري، ثم قال: ((ولهذا شواهد في الصحيحين وغيرهما من وراية أنس =(2/527)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبي سعيد وأبي هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم)) .
(4) طريق أبي الزَّعْرَاء، عن ابن مسعود موقوفًا عليه، وهو حديث طويل في وصف بعض أحوال الآخرة، وفيه: (ثم يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم فيمرّ الناس بقدر أعمالهم زمرًا، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمرّ الريح، ثم كمرّ الطير، ثم كمرّ البهائم، حتى يمرّ الرجل سعيًا ثم يمر الرجل مشيًا، حتى يجيء آخرهم رجل يتلبّط على بطنه فيقول: يا رب لم أبطأت بي؟ قال: إني لم أبطئ بك إنما أبطأ بك عملك ثم يأذن الله تعالى في الشفاعة فيكون أو شافع: روح الله القدس: جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى، ثم يقوم نبيكم - صلى الله عليه وسلم - فلا يشفع أحد فيما يشفع فيه ... ) الحديث.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 413 - 416 رقم 9761) .
والحاكم في "المستدرك" (4 / 598 - 600) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (ص326 - 327 رقم 598) .
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أبي الزعراء، به، واللفظ للحاكم.
قال الحاكم عقبه: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((ما احتجّا بأبي الزعراء)) .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10 / 330) : (رواه الطبراني وهو موقوف مخالف للحديث الصحيح وقول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أنا أول شافع)) ) .
وقال الشيخ الألباني في تعليقه على "العقيدة الطحاوية" (ص464) : ((له حكم المرفوع، لكنه منقطع بين أبي الزعراء - واسمه يحيى بن الوليد -، لم يرو عن أحد من الصحابة، بل عن بعض التابعين)) . أ. هـ وضعّفه لذلك.
وقول الشيخ الألباني هذا ليس بصحيح، فأبو الزعراء الذي يروي هذا الحديث ليس هو يحيى بن الوليد، بل هو عبد الله بن هانئ، تقدم في الحديث [97] =(2/528)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أنه ثقة، وهو الذي يروي عن ابن مسعود، وعنه سلمة بن كهيل، وأما يحيى بن الوليد فلم يذكر أنه يروي عن ابن مسعود، ولا عنه سلمة بن كهيل، انظر "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1524) .
وأما متن الحديث ففيه الإشكال الذي أشار إليه الهيثمي، وهو مخالف لما جاء في "صحيح مسلم" (1 / 188 رقم 330 و 331 و 332) في الإيمان، باب في قول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة)) ، من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - يرفعه: ((أنا أول الناس يشفع في الجنة ... )) الحديث.
وعليه فالحديث شاذ من طريق أبي الزعراء لمخالفة متنه لهذا الحديث، والله أعلم.
(5) طريق قيس بن السكن، عن ابن مسعود.
أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 202 / ب) ، والمطبوعة (4 / 365 - 367 رقم 4611) ، فقال: أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، ثنا قيس بن السكن وأبو عبيدة بن عبد الله، قالا: إن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - حدّث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - هذا الحديث، فقالك إذا حشر الناس يوم القيامة، قاموا أربعين سنة على رؤوسهم الشمس ... ، الحديث بطوله، وفيه:
فيقول الله تعالى لهم: ارفعوا رؤوسكم إلى نوركم بقدر أعمالكم، فيرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل الجبل، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل القصر، ويرفع الرجل رأسه ونوره بين يديه مثل البيت، حتى ذكر مثل الشجرة، فيمضون على الصراط كالبرق الخاطف، وكالريح، وكحُضْر الفرس، وكاشتداد الرجل، حتى يبقى آخر الناس نوره على إبهام رجله مثل السراج، فأحيانًا يضيء له، وأحيانًا يخفى عليه، فتشعب منه النار، فلا يزال كذلك حتى يخرج....إلخ الحديث.
وأخرجه الدارقطني في "الرؤية" (ص310 - 311 رقم 165) من طريق أبي عوانة، عن الأعمش، به. =(2/529)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الحافظ ابن حجر عقب ذكره له في "المطالب": ((هذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات)) .
قلت: يعني الحافظ بالاتصال: رواية قيس بن السكن، وأما رواية أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود فإنها منقطعة؛ لأنه لم يسمع من أبيه كما سبق بيانه في الحديث رقم [4] و [147] ، ويوضحه الطريق الآتي، فإنه تلقى الحديث من أبيه بواسطة مسروق كما في بعض الطرق.
(6) طريق مسروق، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((يجمع الله الناس يوم القيامة ... )) الحديث بطوله وفيه: ((فيمرّون على الصراط كحدّ السيف دحض مزلّة، فيقال: انجو على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالطِّرْف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشدّ الرجل، ويرمل رملاً، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمرّ الذي نوره على إبهام قدميه يجرّ يدًا ويعلق يدًا، ويجر رجلاً ويعلق رجلاً، فتصيب جوانبه النار ... )) الحديث.
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 589 - 592) من طريق أبي خالد الدَّالاَني يزيد بن عبد الرحمن، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أبي عبيدة، عن مسروق، به بطوله، ثم قال الحاكم: ((رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات، غير أنهما لم يخرجا أبا خالد الدَّالاني في الصحيحين لما ذُكر من انحرافه عن السنة في ذكر الصحابة، فأما الأئمة المتقدمون فكلمهم شهدوا لأبي خالد بالصدق والإتقان، والحديث صحيح ولم يخرجاه، وأبو خالد الدالاني ممن يجمع حديثه في أئمة أهل الكوفة)) ، وتعقبه الذهبي بقوله: ((ما أنكره حديثًا على جودة إسناده، وأبو خالدت شيعي منحرف)) ، وكان الحاكم قد أخرج الحديث (2 / 376 - 377) من طريق أبي خالد نفسه، ثم قال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ)) ، ووافقه الذهبي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي كما في "النهاية" لابن كثير (2 / 173 - 175) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 416 - 421 رقم 9763) . =(2/530)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والدارقطني في "الرؤية" (ص305 - 307 رقم 166) .
كلاهما من طريق أبي خالد، به نحو لفظ الحاكم.
وتابع أبا خالد زيد بن أبي أنيسة، فرواه عن المنهال، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به بنحوه مطولاً.
أخرجه بعد الله بن أحمد في "السنة" (2 / 520 - 524 رقم 1203) .
والدارقطني في "الرؤية" (ص308 - 309 رقم 167) .
والبيهقي في "البعث" (ص252 - 254 رقم 434) .
جميعهم من طريق زيد بن أبي أنيسة، به.
كذا رواه أبو خالد الدَّالاني وزيد بن أبي أنيسة عن المنهال، عن أبي عبيدة، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مرفوعًا.
وخالفهما الأعمش، فرواه عن المنهال، ولم يذكر مسروقًا في سنده، ووقفه على ابن مسعود كما في الطريق السابق رقم (5) .
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 421 رقم 9764) .
والدارقطني في "الرؤية" (ص303 - 304 رقم 165) .
كلاهما من طريق أبي طيبة، عن كِرْز بن وَبْرَة، عن نعيم بن أبي هند، عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه مرفوعًا بطوله هكذا ليس فيه ذكر لمسروق.
قال الهيثمي في "المجمع" (10 / 343) : ((رواه كله الطبراني من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح، غير أبي خالد الدالاني وهو ثقة)) .
والحديث ذكره المنذري في "الترغيب والترهيب" (4 / 246 - 248) وقال: ((أحد طرق الطبراني صحيح ... ، وهو في مسلم بنحوه باختصار عنه)) . اهـ.
والحديث الذي أشار المنذري إلى أنه في مسلم هو في "صحيحه" (1 / 173 - 175 رقم 308 و 309 و 310) في الإيمان، باب آخر أهل النار خروجًا، من طريق منصور والأعمش، كلاهما عن إبراهيم، عن عَبيدة، عن ابن مسعود، =(2/531)
175- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ثَابِتٍ (1) ، سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (السِّراط) - بالسين -.
__________
= ومن طريق ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود مرفوعًا مختصرًا ليس فيه ذكر للمرور على الصراط.
وعليه فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح عن ابن مسعود على الخلاف في رفعه ووقفه، وهو وإن كان موقوفًا، إلا أن له حكم الرفع، فمثله لا يقال بالرأي، وقد جاء مرفوعًا في الصحيحين من غير طريق ابن مسعود كما أشار لذلك الحافظ ابن كثير كما سبق.
فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 420 - 422 رقم 7439) في التوحيد، باب {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة} .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 167 - 171 رقم 302) في الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية.
كلاهما من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعًا، وفيه: ((ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحلّ الشفاعة، ويقولون: اللهم سلِّم سلِّم)) ، قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ قال: ((دَحَض مزلّة فيه خطاطيف وكلاليب وحَسَك تكون بنجد فيه شويكة يقال لها السعدان، فيمرّ المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناجٍ مُسَلَّم، ومخدوش مرسل، ومكدوس في نار جهنم ... )) ، الحديث بطوله، واللفظ لمسلم، والله أعلم.
(1) هو ثابت المكي، مجهول، روى عن ابن عباس، ولم يرو عنه سوى عمرو بن دينار، ذكره البخاري في "تاريخه" (2 / 173 رقم 2099) ، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (2 / 461 رقم 1861) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 96) وقال: ((لا أدري من هو، ولا ابن من هو؟)) ، وانظر "لسان الميزان" (2 / 81 رقم 321) .
[175] سنده ضعيف لجهالة ثابت المكي الذي يرويه عن ابن عباس. =(2/532)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}
176-[ل111/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: {صِرَاطَ من أنعمت عليهم} .
__________
= والحديث أخرجه البخاري في "تاريخه" (2 / 173) من طريق علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، به مثله.
وعلقه ابن حبان في "الثقات" (4 / 96) .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 38) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري في "التاريخ" وابن الأنباري.
(1) هو يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حاطب بن أبي بَلْتَعَة - بفتح الموحّدة والمثنّاة وسكون اللام بينهما، ثم مهملة -، أبو محمد أو أبو بكر المدني، يروي عن أبيه وأسامة بن زيد وحسان بن ثابت وعبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وبكير بن عبد الله بن الأشجّ وأسامة بن زيد الليثي ومحمد بن عمرو بن علقمة وغيرهم، وهو ثقة كما في "التقريب" (ص593 رقم 7592) ، فقد وثقه العجلي والنسائي والدارقطني وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وكانت ولادته في خلافة عثمان - رضي الله عنه -، ووفاته سنة أربع ومائة. اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 250) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص474 رقم 1815) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1509) ، و"التهذيب" (11 / 249 - 250 رقم 399) .
(2) هو عبد الرحمن بن حاطب بن أبي بَلْتَعة، أبو يحيى المدني، يروي عن أبيه وعمر بن الخطاب وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجرّاح وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه يحيى وعروة بن الزبير، وله رؤية، =(2/533)
قَوْلُهُ تَعَالَى: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}
177- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ: (غيرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغيرَ الضالين) .
__________
= وعدّوه في كبار ثقات التابعين كما في "التقريب" (ص338 رقم 3833) ، فقد وثقه العجلي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث)) ، وكانت وفاته بالمدينة سنة ثمان وستين للهجرة. اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (5 / 64) ، و"تاريخ الثقات" للعجلي (ص290 رقم 944) ، و"التهذيب" (6 / 158 - 159 رقم 321) .
[176] الحديث صحيح لغيره، وأما إسناد المصنف فحسن لذاته، فمحمد بن عمرو بن علقمة تقدم في الحديث [4] أنه صدوق.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص61) من طريق عبد الله بن محمد الزهري، عن سفيان، به بلفظ: سمعت عمر يقرؤها: {صراط من أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غيرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وغيرَ الضالين} .
وذكره السيوطي في "الدر المنثو"ر (1 / 40) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري في "المصاحف".
وقد رواه الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ والأسود أنهما سمعا عمر بن الخطاب، يقرؤها كذلك، وسنده كما سيأتي في الحديث بعده.
[177] سنده صحيح، وعنعنة الأعمش هنا محمولة على السماع كما سبق تفصيله في الحديث [3] ، وقد ذكره الحافظ في "فتح الباري" (8 / 159) وعزاه لسعيد بن منصور وصحح سنده.
وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص232 رقم 559) من طريق أبي معاوية، به مثله.
وأخرحه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص60 و 61) من طريق علي بن مُسْهِر، ويزيد بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة ويعلى بن عبيد، جميعهم عن الأعمش، =(2/534)
178- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سَلاَّم الطَّويل (1) ، عَنْ زَيْدٍ العَمِّي (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرين، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((فَاتِحَةُ الكتاب شفاء من السُّمّ)) .
__________
= عن إبراهيم، عن علقمة والأسود، به.
وأخرجه أيضًا من طريق محمد بن عمرو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطب، عن أبيه، عن عمر، به، وهو الطريق المتقدم برقم [176] .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 40) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور ووكيع وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري في "المصاحف".
(1) هو سلاّم - بتشديد اللام - ابن سُلَيم، أو: سَلْم، أبو سليمان الطويل، المَدَائِني، روى عن حميد الطويل ومنصور بن زاذان وزيد العَمِّي وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الرحمن بن محمد المحاربي وعلي بن الجعد وأبو الربيع الزهراني وغيرهم، وهو متروك، قال أحمد: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية: ((ضعيف لا يكتب حديثه)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وفي رواية أخرى: ((يتكلمون فيه)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، تركوه)) ، وقال ابن خراش: ((متروك)) ، وفي رواية: ((كذاب)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وفي رواية: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) ، وقال أبو نعيم الأصبهاني: ((متروك بالاتفاق)) ، وكانت وفاته في حدود سنة سبع وسبعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1146 - 1149) ، و"التهذيب" (4 / 281 - 282 رقم 485) ، و"التقريب" (ص261 رقم 2702) .
(2) هو زيد بن الحَوَاري، أبو الحواري العَمِّي، البصري، قاضي هَرَاة، روى عن أنس بن مالك وقيل: لم يسمع منه، وروى عن سعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابناه عبد الرحمن وعبد الرحيم وشعبة والثوري والأعمش وغيرهم، ولم أجد من نصّ على أنه سمع من =(2/535)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= محمد بن سيرين، وسماعه منه محتمل؛ فإنه روى عن قرينه الحسن البصري، وزيد هذا ضعيف، ضعفه ابن المديني وابن سعد والعجلي والنسائي وابن عدي وابن معين في رواية، وفي رواية قال: ((صالح)) ، وكذا قال الإمام أحمد، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال أبو زرعة: ((ليس بقوي، واهي الحديث ضعيف)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (3 / 1055 - 1058) ، و"التهذيب" (3 / 407 - 409 رقم 746) ، و"التقريب" (ص223 رقم 2131) .
[178] سنده ضعيف جدًّا، وفي "ضعيف الجامع" (4 / 88 رقم 3954) قال الشيخ الألباني: ((موضوع)) .
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 306 - 307 رقم 2153) من طريق المصنف، به مثله سواء.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 14) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور والبيهقي في "الشعب".
قال البيهقي عقبه: ((وعندي أن هذا اختصار من الحديث الذي رواه محمد بن سيرين، عن أخيه معبد بن سيرين، عن أبي سعيد في رقية اللديغ بفاتحة الكتاب)) .
قلت: وهذا الحديث الذي أشار إليه البيهقي هو: ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 54 رقم 5007) في فضائل القرآن، باب فضل فاتحة الكتاب، من طريق هشام، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ معبد بن سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قال: كنا في مسير لنا، فنزلنا، فجاءت جارية فقالت: إن سيّد الحيِّ سليم، وإن نفرنا غُيَّب، فهل منكم راقٍ، فقام معها رجل ما كنا نأْبِنُهُ برقية، فرقاه، فبرأ، فأمر لنا بثلاثين شاة وسقانا لبنًا، فلما رجع قلنا له: أكنت تحسن رقية، أو كنت ترقي؟ قال: لا، ما رقيت إلا بأم الكتاب، قلنا: لا تحدثوا شيئًا حتى نأتي، أو نسأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فلما قدمنا المدينة =(2/536)
179- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: ((الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ، وَالنَّصَارَى هم الضَّالُّون)) .
__________
= ذكرناه لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: ((وما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم)) .
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (4 / 1728 رقم 66) في السلام، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار.
وأبو داود في "سننه" (3 / 705 رقم 3419) في البيوع والإجارات، باب في كسب الأطباء.
كلاهما عن هشام، به.
ومعنى قوله: (نَأْبِنُهُ) أي: ما كنا نعلم أنه يَرْقي فَنَعيَبهُ بذلك. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 17) .
[179] سنده ضعيف لإرساله، وقد قال يحيى بن سعيد القطان: ((مرسلات ابن أبي خالد ليست بشيء)) . انظر "التهذيب" (1 / 292) ، لكن للحديث شواهد كما سيأتي، ومعناه صحيح، وعليه اتفق المفسرون.
وهذا الحديث يرويه المصنف سعيد بن منصور هنا عن شيخه سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره"، ففي "الدر المنثور" (1 / 42) قال السيوطي: ((وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ....)) ، فذكره.
وقد أخرجه الطبري في "تفسيره" (1 / 185 و 193 رقم 193 و 207) من طريق عبد الله بن جعفر الرقي، عن سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((المغضوب عليهم: اليهود)) ، (ولا الضالين) قال: ((النصارى)) .
وهذا - والله أعلم - خطأ من عبد الله بن جعفر، أو من الراوي عنه وهو =(2/537)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أحمد بن الوليد الرملي شيخ الطبري، فإن سفيان قد رواه في "تفسيره" كما رواه سعيد بن منصور عنه، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ مرسلاً.
وقد جاء الحديث موصولاً من وجه آخر عن عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.
فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 378 - 379) .
ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 23 رقم 40) .
وابن حبان في "صحيحه" (ص424 رقم 1715 / موارد) .
والطبراني في "الكبير" (17 / 99 - 100 رقم 237) .
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 289 - 290 رقم 4030) في تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير.
وابن جرير في "تفسيره" (1 / 185 و 193 رقم 194 و 208) .
والطبراني في الموضع السابق.
جميعهم من طريق شعبة، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَبَّاد بن حُبَيش، عن عدي ابن حاتم في حديث طويل في قصة إسلام عدي - رضي الله عنه -، وفيه أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن المغضوب عليهم: اليهود، وإن الضالين: النصارى)) ، وقد اختصر الطبري الحديث، فذكر موضع الشاهد منه، ولم يذكر القصة.
وأخرجه الترمذي أيضًا (8 / 286 - 289 رقم 4029) .
وابن أبي حاتم (1 / 24 رقم 41) .
كلاهما من طريق عمرو بن أبي قيس، عن سماك بن حرب، ولفظ الترمذي مطوّل نحو لفظ سابقه، ولفظ ابن أبي حا تم اقتصر فيه على موضع الشاهد، ولم يذكر قصة إسلام عدي.
قال الترمذي عقبه: ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب)) .
وأخرجه الطبراني مقرونًا بطريق شعبة السابق، من طريق قيس بن الربيع، عن سماك، به. =(2/538)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فهؤلاء ثلاثة رواة اتفقوا على روايته على هذا الوجه.
وخالفهم حماد بن سلمة وعمرو بن ثابت.
أما حماد بن سلمة، فرواه عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ مُرِّي بن قَطَريّ، عن عدي بن حاتم، به نحو لفظ المصنف.
أخرجه الطبري في "تفسيره" (1 / 186 و 193 رقم 195 و 209) من طريق محمد بن مصعب عنه.
وأما عمرو بن ثابت، فرواه عن سماك، عمن سمع عدي بن حاتم، به نحوه مع ذكر القصة.
أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص140 رقم 1040) فقال: حدثنا عمرو بن ثابت، فذكره.
وكلا الروايتين لا تصحّان.
أما رواية حماد بن سلمة فضعيفة؛ لأن الراوي عنه هو محمد مصعب بن صدقة القَرْقَساني - بفتح القافين، بينهما راء ساكنة، وبعدها سين مهملة مفتوحة، وبعد الألف نون -، يروي عن الأوزاعي والإمام مالك وحماد بن سلمة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وأبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه كثير الغلط، قال عنه الإمام أحمد: ((لا بأس به)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية: ((لم يكن محمد بن مصعب من أصحاب الحديث، كان مغفّلا)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((سألت أبي عنه، فقال: ليس بقوي)) ، قال عبد الرحمن: ((وسألت أبا زرعة عن محمد بن مصعب القرقساني، فقال: صدوق في الحديث، ولكنه حدث بأحاديث منكرة. قلت: فليس هذا مما يضعفه؟ قال: نظن أنه غلط فيها)) ، وقال عبد الرحمن: ((سألت أبي عنه، فقال: ضعيف الحديث. قلت له: إن أبا زرعة قال كذا - وحكيت له كلامه -، فقال: ليس هو عندي كذا، ضُعِّف لما حدث بهذه المناكير)) ، وضعفه النسائي، وكانت وفاته سنة ثمان ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" =(2/539)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (8 / 102 - 103 رقم 441) ، و"التهذيب" (9 / 458 - 460 رقم 740) ، و"التقريب" (ص507 رقم 6302) .
وأما رواية عمرو بن ثابت بن هرمز البكري، مولى بكر بن وائل، أبي محمد، ويقال: أبو ثابت، الكوفي، وهو الذي يقال له: عمرو بن أبي المقدام، فإن هذه الرواية ضعيفة جدًّا، لأن عمرًا هذا رافضي متروك، لم يحدث عنه ابن مهدي، وترك ابن المبارك حديثه وقال: ((لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت، فإنه كان يسب السلف)) ، قوال هنّاد بن السري: ((لم يصلّ عليه ابن المبارك)) ، وقال ابن معين: ((ليس بثقة ولا مأمون، لا يكتب حديثه)) ، وقال ابن سعد: ((كان متشيِّعًا مفرطًا، ليس هو بشيء في الحديث، ومنهم من لا يكتب حديثه لضعفه ورأيه)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان يشتم عثمان، ترك ابن المبارك حديثه)) ، وقال العجلي: ((شديد التشيع، غال فيه، واهي الحديث)) ، وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، زاد أبو حاتم: ((يكتب حديثه، كان رديء الرأي شديد التشيع)) ، وقال أبو داود: ((رافضي خبيث)) ، وفي موضع آخر قال: ((رجل سوء، قال: لما مات النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كفر الناس إلا خمسة) ، وجعل أبو داود يذمه، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال مرة: ((ليس بثقة ولا مأمون)) ، وقال ابن حبان: ((يروي الموضوعات عن الأثبات)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (5 / 1772 - 1773) ، و"المغني في الضعفاء" (2 / 482 رقم 4636) ، و"التهذيب" (8 / 9 - 10 رقم 11) .
وعليه فالراجح رواية من رواه عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عباد بن حبيش، عن عدي بن حاتم.
وهذه الرواية ضعيفة، لأن عَبّاد بن حُبَيش - بمهملة وموحدة ومعجمة، مصغّرًا، الكوفي مقبول، جهّله ابن القطان كما في "التهذيب" (5 / 91 رقم 152) ، وذكره البخاري في "تاريخه" (6 / 3 رقم 1598) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 78 رقم 401) ، وذكره =(2/540)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن حبان في "الثقات" (5 / 142) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 365 رقم 4112) وقال: ((لا يعرف)) .
لكن له شاهد من حديث أبي ذر، ومعناه صحيح من كتاب الله تعالى كما سيأتي.
أما حديث أبي ذر، فأخرجه ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 30) من طريق إبراهيم بن طهمان، عن بُدَيل بن مَيْسرة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عن أبي ذر قال: سألت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن المغضوب عليهم، قال: ((اليهود)) ، قلت: الضالين؟ قال: ((النصارى)) .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 159) : ((اخرجه ابن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر)) .
وقد رواه معمر عن بديل فأبهم اسم الصحابي، وذكر أن السؤال وقع من غيره؛ قال عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 37) : أخبرنا معمر، عن بديل العقيلي، قال: أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وهو بوادي القرى وهو على فرسه وسأله رجل من بني القين، فقال: يا رسول الله، من هؤلاء؟ قال: ((المغضوب عليهم)) - وأشار إ لى اليهود -، ((والضالون هم النصارى)) . اهـ، وانظر "تفسير ابن كثير" (1 / 29) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 32 - 33) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 187 و 195 رقم 198 و 212) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 310 - 311) من رواية الإمام أحمد، وذكر أن رجاله رجال الصحيح.
قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" بعد أن ذكر حديث عدي وعبد الله بن شقيق: ((قال السهيلي: وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود: {فباؤا بغضب على غضب} ، وفي النصارى: {قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا} . اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 23) : ((ولا أعلم بين المفسرين في هذا الحرف اختلافًا)) . =(2/541)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال ابن كثير في الموضع السابق: ((فإن طريقة أهل الإيمان مشتملة على العلم بالحق والعمل به، واليهود فقدموا العمل، والنصارى فقدوا العلم، ولهذا كان الغضب لليهود، والضلال للنصارى؛ لأن من علم وترك استحق الغضب، بخلاف من لم يعلم. والنصارى لما كانوا قاصدين شيئًا لكنهم لا يهتدون إلى طريقه؛ لأنهم لم يأتوا الأمر من بابه وهو اتباع الحق، ضلوا، وكل من اليهود والنصارى ضال مغضوب عليهم، لكن أخص أوصاف اليهود الغضب كما قال تعالى عنهم: {من لعنه الله وغضب عليه} ، وأخص أوصاف النصارى الضلال كما قال تعالى عنهم: {قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرًا وضل عن سواء السبيل} ، وبهذا جاءت الأحاديث والآثار، وذلك واضح بيّن)) . اهـ.
وبهذا يتبين أن معنى الحديث صحيح، والله أعلم.(2/542)
باب
[تفسير سورة البقرة] (1)
(1) العنوان ليس في الأصل.(2/543)
بَابُ تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} ]
180- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: ذَكَرُوا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (1) وَإِيمَانَهُمْ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (1) كَانَ بيِّنًا لِمَنْ رَآهُ، وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا آمَنَ مُؤْمِنٌ أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ، ثُمَّ قَرَأَ: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} .
__________
(1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وأثبته من الموضع الآتي من "تفسير ابن كثير"، ومصادر التخريج.
[180] سنده رجاله ثقات، إلا أن فيه الأعمش، وتقدم في الحديث [3] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، والحديث صححه بعض العلماء كما سيأتي، ويشهد له الحديث الآتي بعده، فأقل أحواله أنه حسن لغيره.
وقد ذكر الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره" (1 / 41) من رواية المصنف، فقال: (قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسًا، فذكرنا أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وما سبقونا به، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّ أَمْرَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان بينًا ... ) ، فذكره بمثله، إلا أنه قال: (ما آمن أحد قط إيمانًا أفضل ... ) ، وزاد في آخره قوله: (إلى قوله: المفلحون) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 34 - 35 رقم 66) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 260) .
كلاهما من طريق أبي معاوية، به مثله.
قال الحاكم: ((هذا طريق صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 100 / ب) ، =(2/544)
181- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ (1) لِعَبْدِ اللَّهِ: عِنْدَ اللَّهِ نَحْتَسِبُ مَا سَبَقْتُمُونَا بِهِ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ مِنْ رُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: نَحْتَسِبُ إِيمَانَكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ تروه (2) .
__________
= وهو في المطبوع (3 / 69 رقم 2899) ، فقال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي، عن الأعمش ... ، فذكره بنحوه.
وأخرجه ابن منده في "الإيمان" (2 / 371 رقم 209) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، به نحوه.
ومن طريق الأعمش أخرجه ابن مردويه كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 41) .
وعلقه البغوي في "تفسيره" (1 / 47) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ.
وانظر الحديث الآتي بعده.
(1) هو الحارث بن قيس الجُعْفي الكوفي، روى عن ابن مسعود وعلي - رضي الله عنهما -، روى عنه خيثمة ويحيى بن هانئ وأبو داود الأعمى، وهو ثقة من الطبقة الثانية كما في "التقريب" (ص147 رقم 1043) ، قال ابن سيرين: ((أدركت الكوفة وبها أربعة ممن يُعَدّ بالفقه، فمن بدأ بالحارث ثنّى بعَبيدة، ومن بدا بعبيدة ثنى بالحارث، ثم علقمة الثالث، وشريح الرابع)) ، قال ابن سيرين: ((وإن أربعة أخسهم شريح لخيار)) ، وعدّه خيثمة في أصحاب ابن مسعود، وقال: ((وكانوا معجبين به)) ، وقال خيثمة أيضًا: ((كان الحارث بن قيس يجلس إليه الرجل والرجلان فيحدثهم، فإذا كثروا قام وتركهم، وهو من خيار أهل الكوفة)) ، وقال إبراهيم النخعي: ((انتهى علم أهل الكوفة إلى ستة من أصحاب عبد الله بن مسعود، فهم الذين كانوا يفتون الناس ويعلمونهم ويفتونهم: علقمة بن قيس النخعي، والأسود بن يزيد النخعي، ومسروق بن الأجدع الهمداني، وعبيدة السلماني، والحارث بن قيس الجعفي، وعمرو بن شرحبيل الهمداني)) ، وقال ابن المديني: ((أعلم الناس بعبد الله: علقمة والأسود وعبيدة والحارث بن قيس =(2/545)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {خَتَمَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} ]
182- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو الأشْهب (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبِي رَجَاءٍ (2) ، قَرَأَ أَحَدُهُمَا: (غُشَاوَة) والآخر: (غَشْوَة) .
__________
= وعمرو بن شرحبيل، وآخر ذكره، فكان علم هؤلاء وحديثهم انتهى إلى سفيان ابن سعيد، وكان يحيى بن سعيد بعد سفيان يعجبه هذا الطريق ويسلكه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وكان أبو موسى الأشعري - فيما يظهر - حريصًا على الصلاة عليه، فإنه صلى عليه بعد ما صُلّي عليه. انظر "المعرفة والتاريخ" للفسوي (1 / 221 و 714) و (2 / 558) و (3 / 142 و 365) ، و"التهذيب" (2 / 154 - 155 رقم 266) .
(2) هذا ما جاء في السنن من لفظ الحديث، وعند أبي الليث السمرقندي في "تفسيره" (1 / 255 - 256) زيادة قوله: [وإن أفضل الإيمان إيمان بالغيب، ثم قرأ عبد الله: {الذين يؤمنون بالغيب} ] .
[181] الحديث بإسناد المصنف صورته صورة المرسل؛ سقطت منه الواسطة بين سفيان بن عيينة والحارث بن قيس، وأصبح الحديث من رواية سفيان، مع أن بينه وبين ابن مسعود بونًا شاسعًا، والصواب ما جاء في رواية أبي الليث السمرقندي؛ فإنه أخرج الحديث في "تفسيره" (1 / 255 - 256) من طريق أبي عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن سفيان قال: حدثنا أصحابنا عن الحارث بن قيس ... ، فذكره بنحوه مع الزيادة التي سبقت الإشارة إليها.
وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 65) ، وزاد السيوطي نسبته لابن الأنباري وخلطه بالحديث السابق رقم [180] .
وعليه فالحديث ضعيف من هذا الطريق لإبهام الواسطة بين سفيان والحارث، لكن يشهد له الحديث السابق، فأقل أحواله أنه حسن لغيره، والله أعلم.
(1) هو جعفر بن حيّان السَّعْدي، أبو الأَشْهب العُطَاردي، البصري، مشهور بكنيته، =(2/546)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} ]
183- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ (1) قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: {يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ} .
__________
= يروي عن أبي رجاء العُطَارُدي والحسن البصري وأبي نضرة وغيرهم، روى عنه هنا هشيم، وروى عنه أيضًا ابن المبارك ويحيى القطان ويزيد بن هارون وابن عليّة وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم: وقال ابن المديني: ((ثقة ثبت)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله)) ، وقال الإمام أحمد: ((صدوق)) ، وفي رواية: ((من الثقات)) ، وكانت ولادته سنة سبعين أو إحدى وسبعين للهجرة، ووفاته سنة خمس وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 477 - 478 رقم 1942) ، و"التهذيب" (2 / 88 رقم 135) ، و"التقريب" (ص140 رقم 935) .
(2) هو عمران بن مِلْحان.
[182] سنده صحيح.
وقد ذكر السيوطي في "الدر" (1 / 73) وعزاه لسعيد بن منصور فقط.
وقال القرطبي في "تفسيره" (1 / 191 - 192) : ((وقرا الحسن: (غُشَاوة) بضم الغين، وقرأ أبو حيوة بفتحها، وروي عن أبي عمرو: (غَشْوة) ، ردّه إلى المصدر) .
(1) هو عباد بن راشد التميمي، مولاهم، البزار - آخره راء -، البصري، روى عن ثابت البُناني والحسن البصري وداود بن أبي هند وغيرهم، روى عنه هشيم وعبد الرزاق وابن المبارك وغيرهم، وهو صدوق، قال الإمام أحمد: ((شيخ ثقة صدوق صالح)) ، وقال ابن شاهين: ((ثقة ثقة، قاله أحمد)) ، ووثقه العجلي والبزار، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال البخاري: ((روى عنه عبد الرحمن، وتركه يحيى القطان)) ، وذكر الفلاس نحو قول البخاري هذا، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وأنكر على البخاري إدخال اسمه في كتاب الضعفاء، وقال: ((يُحوَّل من هناك)) ، وقال ابن معين: ((صالح)) ، وفي رواية: ((حديثه ليس بالقوي، ولكن يكتب)) ، وفي رواية: ((ضعيف)) ، وضعفه أيضًا أبو داود، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 79 رقم 406) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص171 رقم 1016) ، و"التهذيب" (5 / 92 - 93 رقم 154) .
أقول: وهذا الراوي مختلف فيه كما سبق، فوثقه أحمد وغيره وضعفه آخرون، فالذي يظهر أنه ليس في الضبط كشعبة وسفيان وغيرهما، ولا هو ممن ينحطّ =(2/547)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ]
184- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ (1) أَوْ غَيْرِهِ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} ، قَالَ: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ الْمَعْصِيَةَ، وخلقه لها.
__________
= حديثه عن درجة الحسن، فهو صدوق حسن الحديث، وأولى الأقوال به قول الساجي: ((صدوق)) ، وهذا هو الذي اختاره الذهبي - رحمه الله -؛ حيث ذكره في "السير" (7 / 181) وقال: صدوق إمام)) ، وذكره في "الميزان" (2 / 365 رقم 4113) وقال: صدوق، وكذا قال في ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص105 رقم 173) .
[183] سنده حسن لذاته.
وقد أخرجه وكيع من طريق مبارك بن فضالة قال: سمعت الحسن يقرؤها: {يكاد البرق يخطف أبصارهم} ، ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 84) ، إلا أنه تصحف فيه اسم (الحسن) إلى: (الحسين) ، ومبارك معروف بروايته عن الحسن البصري كما يتضح من "التهذيب" (10 / 28) .
وقوله تعالى: {يخطف} ذكر النحاس أن فيها سبعة أوجه، والقراءة الفصيحة: {يَخْطَفُ} . وللحسن البصري فيها قراءتان: (يخِطِف) بفتح الياء وكسر الخاء. انظر "تفسير القرطبي" (1 / 222) .
(1) هو عبد الله بن أبي نَجيح يَسَار المكِّي، أبو يسار الثَّقَفي، مولاهم، روى عن أبيه وعطاء ومجاهد وعكرمة وطاوس وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وَوَرْقَاء وشِبْل بن عبّاد وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر، ومدلس من الطبقة الثالثة وهم من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقد روى له الجماعة ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي والعجلي وزاد: ((كان يرى القدر، أفسده عمرو بن عبيد)) ، وقال ابن معين: ((كان مشهورًا بالقدر)) ، وقال الإمام أحمد: ((أصحاب ابن أبي نجيح قدرية كلهم، ولم يكونوا أصحاب كلام)) ، وذكره النسائي فيمن يدلس، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 203 رقم 947) ، و"التهذيب" (6 / 54 - 55 رقم 101) ، و"التقريب" (ص326 رقم 3662) ، و"طبقات المدلسين" (ص90 رقم 77) . =(2/548)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي نجيح يروي التفسير عن مجاهد، وقد اختُلف في صحة روايته للتفسير، فقال يحيى بن سعيد القطان: ((لم يسمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد)) ، في حين قال وكيع: ((كان سفيان - أي: الثوري - يصحح تفسير ابن أبي نجيح)) ، والذي يظهر - والله أعلم - أن روايته للتفسير صحيحة، لكنه لم يسمعه من مجاهد إلا بواسطة القاسم بن أبي بَزَّة، يقول ابن حبان: ((ابن أبي نجيج نظير ابن جريج في كتاب القاسم بن أبي بزّة عن مجاهد في التفسير، رويا عن مجاهد من غير سماع)) . انظر الموضع السابق من "التهذيب".
ويقول شيخ الإسلام بن تيمية - رحمه الله -: ((وأخص أصحابه - يعني ابن عباس - بالتفسير: مجاهد، وعلى تفسير مجاهد يعتمد أكثر الأئمة، كالثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، والبخاري، قال الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به. والشافعي في كتبه أكثر الذي ينقله عن ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، وكذلك البخاري في "صحيحه" يعتمد على هذا التفسير، وقول القائل: لا تصح رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ جوابه: أن تفسير ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ من أصح التفاسير، بل ليس بأيدي أهل التفسير كتاب في التفسير أصح من تفسير ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، إلا أن يكون نظيره في الصحة)) . اهـ. من "الفتاوى" (1 / 408 - 409) ، وانظر "مقدمة تفسير مجاهد" للشيخ عبد الرحمن السورتي (ص58 - 60) .
وأما الواسطة بين مجاهد وابن أبي نجيح فهو القاسم بن أبي بَزَّة - بفتح الموحدة وتشديد الزاي -، المكي، المخزومي، مولاهم، أبو عبد الله، ويقال أبو عاصم، القارئ، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم، وقال ابن حبان: ((لم يسمع التفسير من مجاهد غير القاسم، وكل من يروي عن مجاهد التفسير، فإنما أخذه من كتاب القاسم)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص368 رقم 1364) ، و"التهذيب" (8 / 310 رقم 560) ، و"التقريب" (ص449 رقم 5452) . =(2/549)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) الشك من سعيد بن منصور - فيما يظهر -، والصحيح أنه عن ابن أبي نجيح كما يتضح من التخريج.
[184] سنده صحيح.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 114) للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير.
وهو في "تفسير مجاهد" (ص72) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به مثله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 478 رقم 632 و 633) من طريق حمزة الزيّات وعيسى بن ميمون وشبل، ثلاثتهم عن ابن أبي نجيح نحوه، إلا أن في رواية حمزة: ((علم من إبليس كتمانه الكبر أن لا يسجد لآدم)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 477 رقم 628) من طريق أبي أحمد الزُّبيري ومؤمّل، كلاهما عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أبي نجيح، به مثله.
وأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنّة" (2 / 426 رقم 938) .
وابن جرير (1 / 478 رقم 634) .
كلاهما من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد، به مثله.
وأخرجه ابن جرير برقم (635) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سفيان الثوري، قال: قال مجاهد ... ، فذكره بمثله هكذا لم يذكر واسطة بين سفيان ومجاهد.
وأخرجه عبد الله بن أحمد مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق محمد بن بشر، عن سفيان الثوري، عن علي بن بَذِيمة، عن مجاهد.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 477 رقم 629 و 630) من طريق محمد بن بشر ويحيى بن اليمان، كلاهما عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد، به مثله.
وأخرجه أيضًا (1 / 479 رقم 637) من طريق عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن علي بن بذيمة، عن مجاهد، به مثله. =(2/550)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} ]
185- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ الْحَسَنِ، فَسَأَلَهُ الْحَسَنُ بْنُ دِينَارٍ (1) ، فَقَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلْمَلَائِكَةِ: {وَأَعْلَمُ (2) مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} ، مَا الَّذِي كَتَمَتِ الْمَلَائِكَةُ؟ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ، رَأَتِ الْمَلَائِكَةُ خَلْقًا عَجَبًا، فَكَأَنَّهُمْ دَخَلَهُمْ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَأَسَرُّوا ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَقَالُوا: وَمَا يَهُمُّكم مِنْ أَمْرِ هَذَا الْمَخْلُوقِ؟ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَخْلُقُ خَلْقًا إِلَّا كُنَّا أَكْرَمَ عليه منه.
__________
= وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 114 رقم 338) من طريق محمد بن مسلم، عن علي بن بَذِيمة، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (631 و 636) من طريق القاسم بن أبي بَزَّة وعبد الوهاب بن مجاهد، كلاهما عن مجاهد، به مثله، زاد عبد الوهاب في روايته: ((وعلم من آدم الطاعة وخلقه لها)) .
وأخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على الجهمية" (ص70) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ ابن جريج عن مجاهد، به مثله.
(1) هو الحسن بن دينار التَّميمي، أبو سعيد البصري، ويقال له: الحسن بن واصل، روى عن الحسن البصري، ومحمد بن سيرين، روى عنه زهير بن معاوية ومحمد بن إسحاق وأبو داود الطيالسي وغيرهم، وهو متروك الحديث، تركه يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي وابن المبارك ووكيع، وقال ابن حبان: ((تركه وكيع وابن المبارك، فأما أحمد ويحيى فكانا يكذبانه)) ، وقال الفلاس: ((أجمع أهل العلم بالحديث أنه لا يروى عن الحسن بن دينار)) ، وكذبه أبو خيثمة، =(2/551)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ]
186- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ يَزِيدَ الأصَمَّ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ السُّدِّي (2) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} قَالَ: رَبِّ خَلَقْتَنِي بِيَدِكَ، وَنَفَخْتَ فيَّ مِنْ رُوحِكَ، فَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ، أَرَأَيْتَ إِنْ تُبْتُ، وَأَصْلَحْتُ، هَلْ أَنْتَ رَادُّنِي إِلَى الْجَنَّةِ؟ قال: قيل: نعم.
__________
= وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث كذاب)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: ((ترك أبو زرعة حديث الحسن بن دينار ولم يقرأه علينا، فقيل له: عندنا مكتوب، قال: اضربوا عليه)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة ولا يكتب حديثه)) ، وفي رواية: ((متروك الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 11 - 12 رقم 37) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 710 - 717) ، و"الميزان" (1 / 487 - 489 رقم 1843) ، و"اللسان" (2 / 203 - 205 رقم 918) .
(2) في الأصل: (إني أعلم) .
[185] سنده صحيح عن الحسن البصري لكنه لم يذكر المصدر الذي تلقى منه هذا الحديث، ولا يبعد أن يكون هذا من الإسرائيليات، وأما الحسن بن دينار فلا يؤثر في سند الحديث؛ لأنه لا يعدو عن كونه سائلاً، وقد صرح مهدي بن ميمون بتلقيه له عن الحسن البصري.
والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (1 / 499 رقم 682) من طريق الحجاج بن منهال الأنماطي، عن مهدي بن ميمون، به نحوه.
وعزاه السيوطي في "الدر" (1 / 122) لعبد بن حميد وابن جرير فقط.
(1) هو الحسن بن يزيد الأَصَمّ مولى قريش، أبو علي الكوفي، يروي عن السُّدِّي، =(2/552)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= روى عنه سعيد بن منصور وزكريا بن يحيى زحمويه وسريج بن يونس وغيرهم، وهو ثقة، قال الإمام أحمد: ((ثقة ليس به بأس، إلا أنه حدث عن السدي، عن أوس بن ضَمْعَج)) ، وقال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به، ثقة مستقيم الحديث)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 43 رقم 183) ، و ((من كلام أبي زكريا يحيى بن معين في الرجال)) لابن طهمان البادي (ص94 رقم 292) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص60 رقم 200) ، و"تاريخ بغداد" (7 / 450 - 451 رقم 4021) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (6 / 346) ، و"التهذيب" (2 / 328 رقم 571) .
وقد خالف ابن عدي هؤلاء الذين وثقوا الحسن بن يزيد، فذكره في "الكامل" (2 / 738 - 739) وقال: ((ليس بالقوي)) ، وذكر له بعض الأحاديث التي انتقدها عليه وهي قليلة، ومنها الحديث الذي أشار إليه الإمام أحمد، وهو الذي يرويه الحسن، عن السدي، عن أوس بن ضَمْعَج، عن ابن مسعود مرفوعًا: ((يؤم القوم أقرؤهم ... )) الحديث.
وهذا الحديث والأحاديث التي ذكرها ابن عدي ليس عندنا ما يدل على تحميل الحسن بن يزيد تبعتها، فقد يكون الخطأ فيها من السدي، وهو صدوق يهم كما تقدم في الحديث [174] ، فالحسن أوثق منه.
(2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن.
[186] سنده صحيح عن السُّدِّي، لوم يذكر السُّدِّي هنا عمّن أخذه، وسيأتي أنه أخذه عن ابن عباس بواسطة، ولا يصح عن ابن عباس.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 543 - 544 رقم 780) من طريق أَسْبَاط، عن السُّدِّي: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} ، قال: رب، ألم تخلقني بيدك؟ قيل له: بلى، قال: ونفخت فيّ من روحك؟ قيل له: بلى، قال: وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل له: بلى، قال: رب، هل كنت كتبت هذا عليّ؟ =(2/553)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قيل له: نعم، قال: رب، إِنْ تُبْتُ وَأَصْلَحْتُ، هَلْ أَنْتَ راجعي إلى الجنة؟ قيل له: نعم، قال الله تعالى: {ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [الآية (122) من سورة طه] .
وهذا الذي ذكر السُّدِّي أخذه عن ابن عباس بواسطة.
فقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 135 رقم 411) من طريق إسرائيل، عن السدي، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: قال: آدم ... ، فذكره بنحوه، وزاد فيه: ((وعطسْتُ فقلتَ: يرحمك الله، وسبقت رحمتك غضبك؟ قيل: بلى، وكتبت عليّ أن أعمل هذا؟ قيل له: بلى)) .
وهذا سند ضعيف للكلام في حفظ السدي، وجهالة شيخه، وقد روي من غير هذا الطريق.
فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 542 رقم 775) من طريق ابن عطية، عن قيس، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ المنهال بن عمرو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحو سياق المؤلف، وزاد فيه: ((قال: أي رب، ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى)) .
والحديث بهذا الإسناد موضوع.
فمحمد بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الأنصاري، الكوفي، أبو عبد الرحمن، القاضي صدوق، إلا أنه سيء الحفظ جدًّا، وهو يروي عن أخيه عيسى، وعن نافع مولى ابن عمر وأبي الزبير المكّي وعطاء بن أبي رباح والمنهال بن عمرو وغيرهم، روى عنه ابنه عمران وشعبة والثوري وقيس بن الربيع وغيرهم، قال شعبة: ((ما رأيت أحدًا أسوأ حفظًا من ابن أبي ليلى)) ، وقال ابن المديني: ((كان سيء الحفظ واهي الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان سيء الحفظ مضطرب الحديث، كان فقه ابن أبي ليلى أحب إلينا من حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((محله الصدق، كان سيء الحفظ، شغل بالقضاء فساء حفظه، لا يتهم بشيء من الكذب، إنما ينكر عليه كثرة الخطأ، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال ابن حبان: ((كان فاحش الخطأ، ردي الحفظ، فكثرت المناكير في روايته، تركه أحمد ويحيى)) ، وقال الدارقطني: ((كان رديء الحفظ كثير الوهم)) . =(2/554)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2191 - 2195) ، و"التهذيب" (9 / 301 - 303 رقم 501) ، و"التقريب" (ص493 رقم 6081) .
وقيس بن الربيع تقدم في الحديث [54] أنه صدوق، إلا أن تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.
ومحمد بن الفضل بن عطية بن عمر العَبْدي، مولاهم، الكوفي، نزيل بخارى يروي عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي وزيد بن أسلم وعمرو بن دينار وقيس بن الربيع وغيرهم روى عنه قيس بن الربيع وهو من شيوخه، وبقيّة بن الوليد وأبو أسامة حماد بن أسامة وعيسى بن موسى غنجار وغيرهم، وهو كذاب، كذبه ابن معين وعمرو بن علي الفلاس والنسائي وابن خراش وغيرهم، وقال الإمام أحمد: ((ليس بشيء، حديثه حديث أهل الكذب)) ، وقال الجوزجاني: ((كان كذابًا، سألت ابن حنبل عنه فقال: ذاك عجب يجيئك بالطامات)) ، وقال صالح بن محمد: ((كان يضع الحديث)) ، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة. اهـ. من "الكامل" (6 / 2170 - 2174) ، و"التهذيب" (9 / 401 - 402 رقم 656) .
وقد روي عن قيس من وجه آخر.
فأخرجه ابن جرير أيضًا (1 / 543 رقم 776) من طريق محمد بن مصعب، عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن كليب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس نحو سابقه.
وسنده ضعيف جدًّا لما تقدم عن حال قيس، وفيه محمد بن مصعب بن صدقة القَرْقَساني، وتقدم في الحديث [179] أنه صدوق كثير الغلط.
وعليه فالحديث لا يصح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.(2/555)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ} ]
187- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمش، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (( (إِذَا قَرَأَ ابْنُ آدَمَ) (1) السَّجْدَةَ، فَسَجَدَ، اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيَقُولُ: يَا وَيْلَهُ! أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ، فَسَجَدَ، (فَلَهُ) (1) الْجَنَّةُ، (وأمرتُ) (2) بِالسُّجُودِ، فأَبَيْتُ، فَلِيَ النار)) .
__________
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من مصادر التخريج.
(2) في الأصل: (وأمر) ، وصوبته من مصادر التخريج.
[187] سنده صحيح على شرط الشيخين.
وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 87 رقم 81) في الإيمان، باب: بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 334 رقم 1052) في إقامة الصلاة، باب: سجود القرآن.
وابن خزيمة في "صحيحه" (1 / 276 - 277 رقم 549) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 312) في الصلاة، باب: فضل سجود التلاوة.
والبغوي في "شرح السنة" (3 / 147 - 148) .
أما مسلم فمن طريق ابن أبي شيبة وأبي كريب، وأما ابن ماجه فمن طريق ابن أبي شيبة، وأما ابن خزيمة فمن طريق مسلم بن جنادة، وأما البيهقي فمن طريق أحمد بن عبد الجبار العطاردي، وأما البغوي فمن طريق إسحاق بن راهويه الحنظلي، جميعهم عن أبي معاوية، به مثله، عدا لفظ أبي كريب عند مسلم ولفظ البغوي فبنحوه.
وأخرجه وكيع في نسخته عن الأعمش (ص95 - 96 رقم 40) . =(2/556)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ * فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ} ]
188- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَعْدَة بْنِ هُبَيْرة (2) ، قَالَ: الشَّجَرَةُ الَّتِي افْتتَنَ بِهَا آدَمُ: شَجَرَةُ الكَرْم (3) ، وَجُعِلَتْ فِتْنَةً لِوَلَدِهِ بَعْدَهُ.
__________
= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 443) من طريق وكيع ويعلى بن عبيد وأخيه محمد.
والمروزي في "زوائده على الزهد" لابن المبارك (ص349 رقم 981) من طريق الفضل بن موسى ومحمد بن عبيد.
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه" (1 / 88 رقم 81) من طريق وكيع.
وابن خزيمة في الموضع السابق من طريق جرير.
وأبو نعيم في "الحلية" (5 / 60) من طريق عبد العزيز بن مسلم.
والخطيب في "تاريخه" (7 / 324) من طريق يعلى بن عبيد.
والبغوي في "شرح السنة" (3 / 147 - 148 رقم 653) من طريق يعلى بن عبيد وجرير ووكيع، وفي "تفسيره" (2 / 227) من طريق يعلى بن عبيد.
جميعهم عن الأعمش، به نحوه، إلا أن وكيعًا قال: ( ... عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هريرة أو عن أبي سعيد - شك الأعمش - ... ) إلخ.
(1) هو بَيَان بن بشر الأَحْمسي - بمهملتين -، البَجَلي، أبو بشر الكوفي، روى عن أنس وقيس بن أبي حازم وعامر الشعبي وَوَبْرَة بن عبد الرحمن وإبراهيم التيمي وأبي عمرو الشيباني وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان وأبو عوانة وجرير بن عبد الحميد وخالد بن عبد الله الطحّان وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ويعقوب بن سفيان والعجلي وزاد: ((وليس بكثير الحديث، روى أقل من مائة حديث)) ، وقال =(2/557)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يعقوب بن شيبة: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال الدارقطني: ((هو أحد الثقات الأثبات)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 /424 - 425 رقم 1687) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (4 / 303 - 305) ، و"التهذيب" (1 / 506 رقم 941) ، و"التقريب" (ص129 رقم 789) .
(2) هو جَعْدَة بن هُبَيْرة بن أبي وَهْب المَخْزُومي، الكوفي صحابي صغير له رؤية، وهو ابن أم هانئ بنت أبي طالب، روى عن خاله علي بن أبي طالب، وأرسل عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - روى عنه أبو فاختة ومجاهد وأبو الضحى وغيرهم، قال العجلي: ((تابعي مدني ثقة)) ، وذكره في التابعين: البخاري وأبو حاتم وابن حبان، وذكره البغوي في الصحابة، وقال: ((يقال إنه ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وليست له صحبة)) ، وقال ابن معين: ((لم يسمع من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)) ، وكانت وفاته في خلافة معاوية.
وجعدة هذا هو الراوي لحديث: ((خير الناس قرني)) ، وقد فرّق بينهما ابن عبد البر فوهم، وتابعه على وهمه المزِّي والعلائي، والصواب أنهما واحد. انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص96 رقم 207) ، و"الجرح والتعديل" (2 / 526 رقم 2187) ، و"الإصابة" (1 / 483 - 484 و 527 - 528 رقم 1162 و 1163 و 1267) ، و"التهذيب" (2 / 81 - 82 رقم 126 و 127) ، و"التقريب" (ص139 رقم 927 و 928) .
أقول: والراوي عن جعدة هنا هو عامر الشعبي، ولم أجد من نص على أنه روى عنه أو نفى ذلك عنه، وروايته عنه محتملة، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا، فجعدة ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وتوفي في خلافة معاوية، والشعبي تقدم في ترجمته في الحديث [39] أنه ولد لست سنين خلت من خلافة عمر، وتوفي بعد المائة على الخلاف المذكور في ترجمته في سنة وفاته.
(3) أي شجرة العنب كما في "لسان العرب" (12 / 514) ، وانظر التعليق على الحديث الآتي برقم [821] . =(2/558)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ} ]
189- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ صَفْوان (1) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ فِي مَسِيرٍ لَهُ، فَنُعِيَ (3) إِلَيْهِ ابْنٌ لَهُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: فَعَلْنَا كَمَا أَمَرَنَا الله تعالى [ل111/ب] : {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .
__________
[188] سنده صحيح.
وقد أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1 / 34) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (1 / 519 رقم 735) .
أما ابن سعد فمن طريق خالد بن خداش، وأما الطبري فمن طريق الحسين بن حسن البصري، كلاهما عن خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، به، ولفظ ابن سعد نحوه، وأما لفظ ابن جرير فقال فيه: عن جعد بن هبيرة: {ولا تقربا هذه الشجرة} ، قال: الكرم.
وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع نفسه برقم (734) من طريق خلاد الصفار، عن بيان، بمثل لفظه السابق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع نفسه برقم (733 و 736) من طريق هشيم وجرير، كلاهما عن مغيرة، عن الشعبي، به، ولفظه في الموضع الأول: قال: هو العنب في قوله: {ولا تقربا هذه الشجرة} ، وفي الموضع الثاني: قال: الشجرة التي نهي عنها آدم: شجرة الخمر.
وذكر السيوطي فهذا الأثر في "الدر المنثور" (1 / 129) وعزاه أيضًا لوكيع وأبي الشيخ.
(1) مجهول الحال، ذكر البخاري في "تاريخه" (3 / 156 رقم 536) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 336 رقم 1516) ، وذكره =(2/559)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن حبان في "الثقات" (6 / 257) ، روى عن زيد بن علي، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى هشيم، لكن أورد الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2 / 51) خبرًا من رواية محمد بن ذَكْوان عنه.
(2) هو زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الحسين المدني الذي تنسب إليه الزيدية، روى عن أبيه وأخيه أبي جعفر الباقر وعروة بن الزبير وغيرهم، روى عنه ابناه حسين وعيسى وابن أخيه جعفر بن محمد والزهري والأعمش وخالد بن صفوان وغيرهم، وهو ثقة ذكره ابن حبان في ثقاته وقال: ((رأى جماعة مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -)) ، وقال عمرو بن القاسم: ((دخلت على جعفر بن محمد وعنده أناس من الرافضة، فقلت: إن هؤلاء يبرؤون من عمك زيد، فقال: برئ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم، ما ترك فينا مثله)) ، وكان رحمه الله قد خرج على هشام بن عبد الملك، فقتله واليه أمير العراقين يوسف بن عمر الثقفي، وصلب، وبقي معلقًا أربعة أيام، ثم أنزل فأُحرق، وذلك سنة اثتنين وعشرين ومائة وهو ابن اثنتين وأربعين سنة. يقول الذهبي - رحمه الله -: ((كان أحد العلماء الصلحاء، بدت منه هفوة فاستشهد، فكانت سببًا لرفع درجته في آخرته)) . اهـ. من "الثقات" لابن حبان (4 / 249 - 250) و (6 / 313) ، و"تاريخ الإسلام" للذهبي (ص105 - 108، حوادث وفيات 121 - 140هـ) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (10 / 96) ، و"تهذيب التهذيب" (3 / 419 - 420 رقم 769) ، و"التقريب" (ص224 رقم 2149) .
(3) أي: أُخبر بموته. انظر "النهاية في غريب الحديث" (5 / 85) .
[189] سنده ضعيف لجهالة حال خالد بن صفوان والانقطاع بن زيد بن علي وابن عباس، فابن عباس قيل: إنه توفي سنة ثمان وستين، وقيل: تسع وستين، وقيل سنة سبعين كما في "التهذيب" (5 / 278) ، وأما زيد فتقدم أنه قتل سنة اثنتين وعشرين ومائة وله من العمر اثنتان وأربعين سنة، فتكون ولادته سنة ثمانين =(2/560)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} ]
190- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَيْن (1) ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَفُومِهَا} قال: يعني الحِنْطة.
__________
= أو قريبًا منها، لكن الحديث صحّ من وجه آخر عن ابن عباس كما سيأتي برقم [231] ، وفيه أن الذي نعي لابن عباس هو أخوه قُثَم، وليس ابنه.
وسيعيد المصنف هذا الحديث برقم [232] بنفس الإسناد مع اختلاف يسير في المتن.
والحديث أخرجه البخاري في "تاريخه" (3 / 156) من طريق قتيبة، عن هشيم، عن خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أنه أصابته مصيبة فصلى.
وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (1 / 222 رقم 201) من طريق يحيى بن يحيى، عن هشيم، به نحو لفظ المصنف.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 269 - 270) من طريق عمرو بن عون الواسطي، عن هشيم، عن خَالِدُ بْنُ صَفْوَانَ، عَنْ زَيْدِ بن علي بن الحسين، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قال: جاءه بعض أهله وهو في سفر ... ، الحديث بنحوه.
كذا رواه الحاكم موصولاً بزيادة علي بن الحسين والد زيد، ثم قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
ورواية الحاكم هذه خطأ، والصواب رواية المصنف؛ لأنه وافقه قتيبة بن سعيد عند البخاري في "التاريخ" كما سبق ويحيى بن يحيى عند محمد بن نصر.
وذكر السيوطي الحديث في "الدر" (1 / 163) وعزاه للمصنِّف وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان".
والحديث صحيح لغيره بالطريق الآتي برقم [231] .
(1) هو ابن عبد الرحمن السلمي، تقدم في الحديث [56] أنه ثقة، وإن كان تغير =(2/561)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حفظه في الآخر، فإن الراوي عنه هنا هو خالد بن عبد الله الطحان الواسطي، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط كما تقدم.
(2) هو غزوان الغِفَاري، أبو مالك الكوفي، مشهور بكنيته، يروي عن عمار بن ياسر وابن عباس والبراء بن عازب وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه سلمة بن كهيل وإسماعيل السُّدِّي وحصين بن عبد الرحمن وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص442 رقم 5354) ، فقد وثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الجرح والتعديل" (7 / 55 رقم 318) ، و"التهذيب" (8 / 245 - 246 رقم 452) ، و"التقريب" (ص442 رقم 5354) .
[190] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 128 رقم 1067 و 1069) من طريق يعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، كلاهما عن هشيم، عن حصين، به نحوه.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 177) وعزاه أيضًا لعبد بن حميد.
وقال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 101) : ((وأما الفوم فقد اختلف السلف في معناه، فوقع في قراءة ابن مسعود: (وثومها) - بالثاء -، وكذا فسره مجاهد في رواية ليث بن أبي سليم عنه بالثوم، وكذا الربيع بن أنس وسعيد بن جبير ... ، وقال آخرون: الفوم الحنطة، وهو البر الذي يعمل منه الخبز....)) ، ثم ذكر ذلك عن ابن عباس من رواية ابن أبي حاتم وابن جرير، ثم قال: ((وكذا قال علي بن أبي طلحة والضحاك عن ابن عباس، وعكرمة عن ابن عباس: أن الفوم: الحنطة)) .
وذكر ابن جرير في "تفسيره" (2 / 130) أنه ذُكر أن قراءة ابن مسعود: (ثومها) - بالثاء - ثم قال: ((فإن كان ذلك صحيحًا فإنه من الحروف المبدَلة، كقولهم: وقعوا في عاثور شرّ، وعافور شرّ، وكقولهم للآثافي: أَثَاثِيّ وللمغافير: مغاثير، وما أشبه ذلك مما تقلب الثاء فاء والفاء ثاء؛ لتقارب =(2/562)
191- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ وَسُئِلَ عَنْهُ (1) ، فَقَالَ: كَمَا يَقْرَأُ عبد الله (وثومها) .
__________
= مخرج الفاء من مخرج الثاء)) . اهـ.
(1) يعني عن قوله تعالى: (وفومها) .
[191] سنده معضل بين سفيان بن عيينة وابن مسعود.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 177) وعزاه للمصنف وابن أبي داود وابن المنذر.
والحديث أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص56) من طريق مسكين بن بُكَير، عن هارون بن موسى، قال: في قراءة ابن مسعود: (من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها) .
وسنده معضل أيضًا بين هارون بن موسى الأزدي الأعور وابن مسعود؛ فقد أخرجه ابن أبي داود في الموضع نفسه من الطريق نفسه عن هارون، قال: حدثنا صاحب لنا، عن أبي رَوْق، عن إبراهيم التّيْمي، عن ابن عباس قال: قراءتي قراءة زيد، وأنا آخذ ببضعة عشر حرفًا من قراءة ابن مسعود، هذا أحدها: (من بقلها وقثائها وثومها وعدسها وبصلها) .
وهذا إسناد ضعيف لجهالة شيخ هارون.
ولم يجزم ابن جرير الطبري بثبوت هذه القراءة عن ابن مسعود، فقال - رحمه الله - في "تفسيره" (2 / 130) : ((وذُكر أن ذلك قراءة عبد الله بن مسعود: (ثومها) - بالثاء -. فإن كان ذلك صحيحًا، فإنه من الحروف المبدلة ... )) إلخ، وانظر التعليق على الحديث السابق.(2/563)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ} ]
192- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا نُوحُ بْنُ قَيْسٍ (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَيْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا} ، قَالَ: هِيَ السَّوْدَاءُ شَدِيدَةُ السَّوَادِ.
__________
(1) هو نوح بن قيس بن رَبَاح الأَزْدي، أبو رَوْح البصري، روى عن أخيه خالد بن قيس وثمامة بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ وأيوب السختياني وابن عون ومحمد بن سيف وغيرهم، روى عنه يزيد بن هارون وعفان بن مسلم ومسدَّد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة رمي بالتشيع؛ وثقه أحمد وابن معين والعجلي وأبو داود وقال: ((يتشيع)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث أو أربع وثمانين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص453 رقم 1706) ، و"سؤالات الآجري" لأبي داود (ص335 رقم 531) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1426) ، و"التهذيب" (10 / 485 - 486 رقم 875) .
[192] سنده صحيح، وأما متنه فسيأتي الكلام عنه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 199 رقم 1218 و 1219) .
وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 220 و 221 رقم 714 و 720) .
أما ابن جرير فمن طريق إسماعيل بن مسعود الجَحْدري ومسلم بن إبراهيم، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق نصر بن علي ومسلم بن إبراهيم، ثلاثتهم عن نوح بن قيس، به نحوه.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 191) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير.
وذكر ابن جرير في "تفسيره" (2 / 199 - 201) هذا القول وقول من قال: صفراء القرن والظَّلْف، ثم قال: (وأحسب أن الذي قال في قوله: ((صفراء)) ، يعني به سوداء، ذهب إلى قولهم في نعت الإبل السود: ((هذا إبل صفر، وهذه ناقة =(2/564)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ]
193- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَوْ أَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَخَذُوا أَدْنَى بَقَرَةٍ فَذَبَحُوهَا أَجْزَأَتْ عَنْهُمْ، ولكنَّهم شدَّدوا، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ قَالُوا: {إِنْ شَاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ} ما وجدوها)) .
__________
= صفراء)) ، يعني بها سوداء، وإنما قيل ذلك في الإبل؛ لأن سوداها يضرب إلى الصفرة ... ، وذلك إن وصفت الإبل به فليس مما توصف به البقر، مع أن العرب لا تصف السواد بالفُقُوع، وإنما تصف السواد - إذا وصفته بالشدة - بالحُلُوكَة ونحوها، فتقول: هو أسود حالك....، ولا تقول: هو أسود فاقع، وإنما تقول: هو أصفر فاقع، فوصفه إياه بالفقوع من الدليل البين على خلاف التأويل الذي تأوَّل قوله: {إنها بقرة صفراء فاقع} المتأوِّل بأن معناه: سوداء شديدة السواد)) . اهـ. بتصرف.
ولما ذكر الحافظ ابن كثير قول الحسن هذا في "تفسيره" (1 / 110) قال: (وهذا غريب، والصحيح الأول؛ ولهذا أكَّد صفرتها بأنه: ((فاقع لونها)) . اهـ.
والقول الذي صححه ابن كثير هو قول من قال: إنها كانت صفراء.
[193] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى عكرمة.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 189) وعزاه للمصنف والفريابي وابن المنذر.
وله شاهد من حديث أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((لولا أن بني إسرائيل قالوا: {وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ} ما أعطوا أبدًا، ولو أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكن شددوا فشدد الله عليهم)) .
أخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 111) .
والبزار في "مسنده" (3 / 40 رقم 2188 / كشف الأستار) . =(2/565)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} ]
194- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقُولُوا (1) لِلنَّاسِ حُسْنًا} قَالَ: لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ، لِلْمُشْرِكِ، وَغَيْرِ المشرك.
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 223 رقم 727) .
ثلاثتهم من طريق أبي عامر سرور بن المغيرة الواسطي ابن أخي منصور بن زاذان، عن عباد بن منصور، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، به واللفظ لابن مردويه، وأما البزار فروى شطره الثاني بنحوه، وأما ابن أبي حاتم فروى شطره الأول بنحوه.
قال البزار عقبه: ((لا نعلمه يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد)) .
وقال الحافظ ابن كثير بعد أن ذكره في الموضع السابق: ((وهذا حديث غريب من هذا الوجه، وأحسن أحواله أن يكون من كلام أبي هريرة)) .
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 314) : ((رواه البزار، وفيه عباد بن منصور وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات)) .
قلت: والحسن البصري تقدم في الحديث [5] أنه مدلس ولم يصرح بالسماع وعليه فالحديث باقٍ على ضعفه.
(1) في الأصل: (وقوا) .
[194] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 296 - 297 رقم 1455 و 1456 و 1457) .
وابن أبي حاتم (1 / 257 - 258 رقم 848) .
أما ابن جرير فمن طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي والقاسم بن مالك المزني وهشيم بن بشير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يحيى بن يمان ومحمد بن فضيل ومحمد بن عبيد، جميعهم عن عبد الملك، به مثله دون قوله: =(2/566)
195- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ (أَبِي) (1) سُلَيْمَانَ قَالَ: كَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقْرَأُ: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) ، وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يَقْرَأُ: (وَقُولُوا للناس حَسَناً) .
__________
= (للمشرك وغير المشرك) ، غير أن لفظ المحاربي قال فيه: ((حدثنا عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، قال: سألت عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنِ قول الله جل ثناؤه: {وقولوا للناس حسنًا} ، قال: من لقيت من الناس فقل له حسنًا من القول)) .
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، ولابد منه كما يتضح من الحديث السابق.
[195] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عبد الملك وبين زيد وابن مسعود، فعبد الملك لم يذكروا أنه روى عن صحابي غير أنس، ومع ذلك قال أبو حاتم: ((حديثه عن أنس رضي الله عنه مرسل)) . انظر "جامع التحصيل" (ص279 رقم 470) ، و"التهذيب" (6 / 396) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 210) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وابن المنذر.
وأما القراءتان، فالأولى بضم الحاء وسكون السين المهملة، وأما الثانية فبفتحهما.
وبفتحهما قرأ حمزة والكسائي، وبضم الحاء قرأ الباقون كما في "حجة القراءات" لابن زَنْجلة (ص103) .
وقال ابن جرير في "تفسيره" (2 / 294) :
وأما ((الحسن)) فإن القَرَأة اختلفت في قراءته. فقرأته عامة قَرأة الكوفة غير عاصم: ((وقولوا للناس حَسَنًا)) ، بفتح الحاء والسين. وقرأته عامة قراء المدينة: ((حُسْنًا)) بضم الحاء وتسكين السين.
واختلف أهل العربية في فرق ما بين معنى قوله: ((حُسْنًا)) ، و ((حَسَنًا)) . فقال بعض البصريين: هو على أحد وجهين: إما أن يكون يراد بـ ((الحَسن)) ((الحُسن)) وكلاهما لغة، كما يقال: ((البُخْل والبَخَل)) ، وإما أن يكون جعل ((الحُسن)) هو ((الحَسن)) في التشبيه. وذلك أن الحُسن ((مصدر)) و ((الحَسن)) ، هو الشيء =(2/567)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} ]
196- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أسْرى) .
197- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَإِنْ يأتوكم أسْرى تفدوهم) .
__________
= الحسن.
وقال آخر: ((الحُسْن)) هو الاسم العام الجامع جميع معاني الحسن. و ((الحَسَن)) هو البعض من معاني ((الحُسن)) . قال: ولذلك قال جل ثناؤه، إذ أوصى بالوالدين: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا} [سورة العنكبوت: 8] ، يعني بذلك أنه وصاه فيهما بجميع معاني الحُسن، وأمر في سائر الناس ببعض الذي أمره به في والديه، فقال: ((وقولوا للناس حَسَنًا)) ، يعني بذلك بعضَ معاني الحُسن.
قال أبو جعفر: والذي قاله هذا القائل في معنى ((الحسن)) بضم الحاء وسكون السين، غيرُ بعيد من الصواب، وأنه اسم لنوعه الذي سُمِّي به. وأما ((الحَسَن)) فإنه صفة وقعت لما وصف به، وذلك يقع بخاص. وإذا كان الأمر كذلك، فالصواب من القراءة في قوله: {وقُولُوا للنَّاسِ حَسَنًا} ، لأن القوم إنما أمروا في هذا العهد الذي قيل لهم: ((وقولوا للناس)) باستعمال الحَسَن من القول، دون سائر معاني الحسن الذي يكون بغير القول، وذلك نعتٌ لخاص من معاني الحُسن، وهو القول.
فلذلك اخترت قراءته بفتح الحاء والسين، على قراءته بضم الحاء وسكون السين. اهـ.
[196 و 197] سندهما ضعيف، مدارهما على مغيرة بن مقسم الضَّبِّي، وهو ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيّما عن إبراهيم النخعي كما سبق في الحديث [54] ، وهذا من روايته عنه ولم يصرح فيه بالسماع. =(2/568)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 212) وعزاه للمصنف فقط، لكن وقع هناك: {وإن يأتوكم أسارى تفدوهم} .
قال أبو جعفر ابن جرير في "تفسيره" (2 / 310 - 312) : (واختلف القَرَأَةُ في قراءة قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تفدوهم} ، فقرأه بعضهم: ((أسرى تَفْدُوهم)) ، وبعضهم ((أَسَارى تُفادُهم)) ، وبعضهم ((أَسَارى تَفدوُهم)) ، وبعضهم ((أسْرى تُفادوهم)) .
قال أبو جعفر: فمن قرأ ذلك: ((وإِنْ يَأتوكم أسْرَى)) ، فإنه أراد جمع ((الأسير)) ، إذ كان على ((فعيل)) ، على مثال جَمْع أسماء ذوي العاهات التي يأتي واحدُها على تقدير ((فعيل)) ، إذ كان ((الأسر)) شبيهَ المعنى - في الأذى والمكروه الداخل على الأسير - ببعض معاني العاهات، وألحق جَمْع المستلحَق به بجمع ما وصفنا، فقيل: ((أسير وأسْرى)) ، كما قيل: ((مريض ومَرْضى)) ، وكسير وكَسرى، وجَريح وجَرحْى)) .
وقال أبو جعفر: وأما الذين قرأوا ذلك ((أسَارى)) ، فإنهم أخرجوه على مخرج جمع ((فَعلان)) ، إذ كان جمع ((فَعلان)) الذي له ((فَعْلى)) قد يشارك جمع ((فعيل)) كما قالوا: ((سَكارى وسَكْرَى، وكَسالى وكَسلى)) ، فشبهوا ((أسيرًا)) - وجمعوه مرة ((أَسَارى)) ، وأخرى ((أَسْرى)) - بذلك.
وكان بعضهم يزعم أن معنى ((الأسرى)) مخالف معنى ((الأسارى)) ، ويزعم أن معنى ((الأسرى)) : استشار القوم بغير أسر من المستأسِر لهم، وأن معنى ((الأسارى)) معنى مصير القوم المأسورين في أيدي الآسرين بِأَسَرْهم وأخْذهم قهرًا وغلبةً.
قال أبو جعفر: وذلك ما لا وجه له يفهم في لغة أحد من العرب. ولكن ذلك على ما وصفتُ من جمع ((الأسير)) مرة على ((فَعلى)) لما بينت من العلة، ومرة على ((فَعَالى)) ، لما ذكرت من تشبيههم جمعه بجمع ((سكران وكسلان)) وما أشبه ذلك.
وأولى بالصواب في ذلك قراءةُ من قرأ: (وإنْ يَأتوكم أسْرى) ، لأن ((فعالى)) =(2/569)
198- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُميد (1) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (أسْرى) .
199- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا عَبَّاد بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: (أسَارى تُفَادُوهم) .
__________
= في جمع ((فعيل)) غيرُ مستفيض في كلام العرب، فإذْ كان ذلك غير مستفيض في كلامهم، وكان مستفيضًا فاشيًا فيهم جمعُ ما كان من الصفات - التي بمعنى الآلام والزمانة - وواحدُه على تقدير ((فعيل)) ، على ((فعلى)) ، كالذي وصفنا قبل، وكانَ أحد ذلك ((الأسير)) ، كان الواجب أن يُلحق بنظائره وأشكاله، فيجمع جَمعَها دون غيرها ممن خالفها.
وأما من قرأ ((تُفادُوهم)) ، فإنه أراد: إنكم تفدُونهم من أسْرهم، ويفدِي منكم - الذين أسروهم ففادوكم بهم - أسْراكم منهم.
وأما من قرأ ذلك ((تَفدوهم)) ، فإذا أراد: إنكم يا معشَر اليهود، إن أتاكم الذين أخرجتموهم منكم من ديارهم أسْرى فدَيْتموهم فاستنقذتموهم.
وهذه القراءةُ أعجب إليّ من الأولى - أعني: ((أسرى تُفادُوهم)) - لأن الذي على اليهود في دينهم فداء أسراهم بكل حال، فَدَى الآسرون أسْراهم منهم أم لم يفدوهم) . اهـ.
قلت: والقراءة بغير ألف: (أَسْرى) هي قراءة حمزة، وسيأتي في الحديث الآتي أنها قراءة حميد الطويل. وبإثباتها: (أسارى) هي قراءة الباقين، ومنهم الحسن البصري، كما سيأتي في الحديث [199] .
وقرأ نافع وعاصم والكسائي: (تُفَادوهم) بالألف، وهي قراءة الحسن البصري كما سيأتي في الحديث [199] ، وقرأ الباقون: (تَفْدوهم) . انظر "حجة القراءات" (ص104 - 105) .
(1) هو حُميد بن أبي حُميد الطَّويل.
[198] سنده صحيح، وانظر التعليق على الحديث السابق.
[199] سنده حسن لذاته. =(2/570)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القُدُسِ} ]
200- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الحدَّاد (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، (عَنْ) (3) سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ القدس) قَالَ: (إِنَّهُ) (4) كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى.
__________
= وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 212) وعزاه للمصنف فقط.
وانظر التعليق على الحديث رقم [197] .
(1) تقدم في الحديث [179] أنه متروك رافضي.
(2) هو ثابت هُرْمُز الكوفي، مولى بكر بن وَائِل، أبو المِقْدام الحدّاد، مشهور بكنيته، يروي عن أبي وائل شقيق بن سلمة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه ابنه عمرو وسفيان الثوري وشعبة وغيرهم، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين وابن المديني وأبو داود ويعقوب بن سفيان والنسائي وأحمد بن صالح وزاد: ((كان شيخًا عاليًا صاحب سنة)) ، وقال أبو حاتم ((صالح)) ، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان حديثه في الحيض في "صحيحهما" وصححه ابن القطان، وقال عقبه: ((لا أعلم له علة، وثابت ثقة، ولا أعلم أحدًا ضعفه غير الدارقطني)) ، وقال الأزدي: ((يتكلمون فيه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 459 رقم 1854) ، و"التهذيب" (2 / 16 - 17 رقم 25) .
قلت: أما تضعيف الدارقطني فلم أجده في شيء من المطبوع من كلامه في الرجال، ولا في كتاب الحيض من "سننه" الذي هو مظنّة وجوده فيه، ولم أجد من ذكره عن الدارقطني سوى ابن القطان، وإن ثبت عنه فنهو جرح مجمل معارض بتوثيق الأئمة الذين تقدم النقل عنهم، ولذا فإن الذهبي لم يورد ثابتًا هذا في الميزان بناءً على أنه متكلم فيه، وإنما أورده بناءً على أن ابن الجوزي أخطأ - فيما يظهر - في اسم رجل لعله ثابت هذا، قال الذهبي (1 / 368 رقم 1377) : ((ثابت بن أبي المقدام، عن بعض التابعين، مجهول؛ كذا أورده ابن الجوزي، وما أبعد أن يكون ثابتًا أبا المقدام، وهو ثابت بن هُرمز، يروي =(2/571)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن ابن المسيب، وهو ثقة احتجّ به النسائي)) ، وذكره أيضًا في "الكاشف" (1 / 172 رقم 707) وقال: ((ثقة)) ، وعليه فقول الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص133 رقم 832) عن ثابت هذا: ((صدوق يهم)) غير وجيه لما تقدم.
وأما قول الأزدي: ((يتكلمون فيه)) فلا يلتفت إليه؛ بقول الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (4 / 399) : ((وقول الأزدي لا عبرة به إذا انفرد)) ، ويقول في "هدي الساري" (ص386) : ((لا عبرة بقول الأزدي؛ لأنه ضعيف، فكيف يعتمد في تضعيف الثقات)) ويقول الذهبي في "الميزان" (3 / 523) بعد أن ذكر الأزدي: ((له كتاب كبير في الجرح والضعفاء عليه فيه مؤخذات)) ، ويقول في المرجع نفسه (1 / 5) : ((وأبو الفتح - يعني الأزدي - يُسْرف في الجرح، وله مصنف كبير إلى الغاية في المجروحين، جمع فأَوْعى، وجرح خلقًا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم، وهو المتكلَّم فيه)) ، ويقول أيضًا (ص61) : ((لا يتلفت إلى قول الأزدي، فإن في لسانه في الجرح رَهَقًا)) . اهـ.
(3) ما بين القوسين سقط من الأصل، وهي زيادة يتقضيها السياق.
(4) في الأصل: (نه) .
[200] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف عمرو بن ثابت، والصواب أن قوله تعالى: {روح القدس} المراد به جبريل، ويدل عليه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (10 / 546 رقم 6152) في الأدب، باب هجاء المشركين، ومسلم (4 / 1933 رقم 152) في فضائل حسان بن ثابت - رضي الله عنه - من كتاب فضائل الصحابة، كلاهما من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع حسان بن ثابت الأنصاري يستشهد أبا هريرة فيقول: يا أبا هريرة، نشدتك الله، هل سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((يا حسان، أجب عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، اللهم أيده بروح القدس)) ؟ قال أبو هريرة: نعم.
وأخرجه مسلم أيضًا برقم (151) من طريق سعيد بن المسيب متابعًا لأبي سلمة. =(2/572)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} ]
201- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ} ، قَالَ: هُوَ قَوْلُ الْأَعَاجِمِ إِذَا عَطِسَ أَحَدُهُمْ يُقَالُ لَهُ: زه هزار سال (1) - يَعْنِي: أَلْفَ سَنَةٍ -.
__________
= وأخرج البخاري في الموضع نفسه برقم (6153) ، ومسلم أيضًا برقم (153) كلاهما عن البراء بن عازب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول لحسان بن ثابت: ((اهجهم - أو: هاجهم - وجبريل معك)) .
وهذا المعنى الذي ذكرت هو ما رجحه ابن جرير (2 / 321 - 322) ابن كثير (1 / 122 - 123) ، واستدلا على ذلك ببعض الأدلة، ذكر ابن كثير منها ما ذكرت آنفًا، وأما ابن جرير فقال: (وأولى التأويلات في ذلك بالصواب قول من قال: ((الروح)) في هذا الموضع: جبريل؛ لأن الله جل ثناؤه أخبر أنه أيّد عيسى به كما أخبر في قوله: {إِذْ قَالَ اللهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ القُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي المَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ} [المائدة: 110] ... ) إلخ.
(1) جاء في تعليق الشيخ محمود شاكر على "تفسير الطبري" (2 / 372) أنه سأل أحد أصحابه ممن يعرف الفارسية، فأفاد بأن معنى ((زه)) : عش، و ((هزار)) : ألف، و ((سال)) : سنة، فيكون المعنى: عش ألف سنة.
[201] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لتدليس الأعمش، فإنه دلّس هذا الخبر عن سعيد بن جبير كما سيأتي.
والحديث ذكر السيوطي في "الدر" (1 / 221) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم.
وابن جرير الطبري أخرجه في "تفسيره" (2 / 273 رقم 1596) فقال: وحُدِّثت =(2/573)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن أبي معاوية، عن الأعمش ... ، فذكره، إلا أنه جاء عنده: (عشرة آلاف سنة) بدلاًَ من قوله: (يعني ألف سنة) .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 263) من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن أبي معاوية، به مثله، وعنده: (ده) بدلاً من قوله: (زه) .
وهذا الحديث مما لم يسمعه الأعمش من سعيد بن جبير، لكن اختلف في الواسطة بينهما.
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (10 / 473 رقم 10029) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 287 رقم 953) .
أما ابن أبي شيبة فعن عبد الله بن نمير مباشرة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي سعيد الأشج وأحمد بن سنان وأبي سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثلاثتهم عن ابن نمير، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، به نحوه، إلا أن ابن أبي شيبة لم يذكر قوله: (زه) ، ووقع عند ابن أبي حاتم: (عشرة آلاف سنة) .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 263 - 264) من طريق قيس بن الربيع، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا في قوله تعالى: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ} ، قال: هم هؤلاء أهل الكتاب، {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ العَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ} ، قال: هو قول أحدهم لصاحبه: هزار سال سرور مهرجان بخور.
وعلق مصحح "المستدرك" على هذه العبارة بقوله: ((يعني تمتع ألف سنة كمثل عيد مهرجان، هو يوم عيد لهم)) .
ورواية ابن نمير أرجح من رواية قيس بن الربيع.
فقيس تقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به.
وأما عبد الله بن نمير، فتقدم في الحديث [97] أنه ثقة صاحب حديث، روى له الجماعة، ومع أن رواية ابن نمير أرجح، إلا أنها ضعيفة؛ لأن الأعمش لم يصرح بالسماع فيما بينه وبين مسلم البطين، وليس هذا الموضع من المواضع التي تحمل فيها روايته على السماع وإن لم يصرح به، على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، على أن هناك اختلافًا آخر على الأعمش.(2/574)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} ]
202- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ وثَّاب: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَجِبْرِيلَ وَمِيكَايِيلَ) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ} ]
203- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: كَيْفَ نَقْرَأُ: {واتَّبِعُوا} ، أو: (اتَّبَعُوا) ؟ قَالَ: هُمَا سَوَاءٌ، اقْرَأْ قِرَاءَتَكَ الأولى.
__________
= فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري (2 / 372 رقم 1591) من طريق أبي حمزة السُّكَّري، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ ابن عباس، به.
وهذا لو صح عن الأعمش فهو ضعيف أيضًا؛ لأن الأعمش قد يحدث عن مجاهد تدليسًا ويسقط ثلاثة فيما بينه وبينه، وأحدهم متروك وهو الحسن بن عمارة. انظر تفصيل ذلك في ترجمة الأعمش في الحديث رقم [3] .
وعليه فالحديث باق على ضعفه، والله أعلم.
[202] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه ممن أخذ القراءة عن يحيى بن وثاب كما بينته في الحديث رقم [173] . ولم أجد من عزا هذه القراءة ليحيى بن وثاب.
وقد قرأ نافع وابن عامر وأبو عمرو وحفص: (جِبْريلَ) بكسر الجيم والراء. وقرأ حمزة والكسائي: (جَبْرَئيلَ) بفتح الجيم والراء مهموزًا. وقرأ ابن كثير: (جَبْريل) بفتح الجيم وكسر الراء. وقرأ يحيى عن أبي بكر: (جَبْرئِل) ، وهذه لغة تميم وقيس. وقرأ أبو عمرو وحفص: (ميكال) بغير همز. وقرأ نافع: (ميكائِل) بهمزة مُخْتَلَسَة ليس بعدها ياء، كأنَّه كَسْرةُ الإشباع. وقرأ الباقون: (ميكائيل) ممدودًا. انظر "حجة القراءات" لابن زَنْجَلة =(2/575)
204- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشير (1) ، قَالَ: نا خُصَيْف (2) ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ} ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا نَبَتَتِ الشَّجَرَةُ قَالَ: لأيِّ داءٍ أَنْتِ؟ فَتَقُولُ: لِكَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا نَبَتَتْ شَجَرَةُ الحُرْنُوبَة الشَّامي (3) ، قَالَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أَنْتِ؟ قَالَتْ: لِمَسْجِدِكَ أخَرِّبه، قَالَ: تُخَرِّبِيْنَهُ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: بِئْسَ الشَّجَرَةُ أَنْتِ! فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ تُوُفِّيَ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ فِي مَرْضَاهُمْ: لَوْ كَانَ لَنَا مِثْلُ سُلَيْمَانَ، فَأَخَذُوا الشَّيَاطِينَ، فَأَخَذُوا كِتَابًا، فَجَعَلُوهُ فِي مُصَلَّى سُلَيْمَانَ، فَقَالُوا: نَحْنُ نَدُلُّكُم عَلَى مَا كَانَ سُلَيْمَانُ يُدَاوي به،
__________
= (ص107 - 108) .
[203] سنده صحيح.
(1) هو عتَّاب بن بَشير - بفتح أوله -، الجَزَري، أبو الحسن أو أبو سهل الحَرَّاني، مولى بني أمية، روى عن خُصيف وإسحاق بن راشد والأوزاعي وغيرهم، روى عنه سعيد بن منصور هنا وفي عدة مواضع من "سننه"، وروى عنه أيضًا رَوْح بن عبادة وإسحاق بن راهويه ومحمد بن عيسى الطبّاع وغيرهم، وهو لا بأس به، إلا في روايته عن خَصيف، فإنها منكرة. قال ابن المديني: ((ضربنا على حديث عتاب بن بشير)) ، وقال ابن سعد والنسائي: ((ليس بذاك)) ، وفي رواية عن النسائي قال: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((عنده مناكير)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان ممن يخالف)) ، ووثقه ابن معين والدارقطني، وقال ابن أبي حاتم: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة تسعين ومائة، وقيل: سنة ثمان وثمانين ومائة.
انظر "ثقات" ابن حبان (8 / 522) ، و"التهذيب" (7 / 90 - 91 رقم 192) .
أقول: والراجح من حال هذا الراوي أنه لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن، وكلام الذين تكلموا فيه يمكن توجيهه فيما رَوَى عن خصيف؛ فإن روايته عنه منكرة، وخصيف مُضعَّف كما سيأتي، وهذا ما رآه الإمام أحمد، وقريب منه =(2/576)
فَانْطَلَقُوا فَاسْتَخْرَجُوا ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ سِحْرٌ وَرُقىً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا {يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ} ، وَذَكَرَ أَنَّهَا فِي قِرَاءَةِ أبَيَّ: {وَمَا يُتْلَى عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} - سَبْعَ مِرَارٍ -، فَإِنْ أَبَى إِلَّا أَنْ يَكْفُرَ عَلَّماه، فَيَخْرُجُ مِنْهُ نَارٌ - أَوْ نُورٌ - حَتَّى يَسْطَعَ فِي السَّمَاءِ، قَالَ: الْمَعْرِفَةُ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُ.
__________
= قول ابن عدي، يقول الإمام أحمد: ((أرجو أن لا يكون به بأس، روى بآخره أحاديث منكره، وما أرى أنها إلا من قبل خصيف)) ، وفي رواية: ((أحاديث عتاب عن خصيف منكرة)) ، ويقول ابن عدي: ((روى عن خصيف نسخة، وفي تلك النسخة أحاديث ومتون أنكرت عليه ... ، ومع هذا فإني أرجو أنه لا بأس به) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (5 / 1994) ، والموضع السابق من "التهذيب".
(2) هو خُصيَفْ - بالصاد المهملة مصغّر -، ابن عبد الرحمن الجَزَري، أبو عون الحضرمي الحرّاني، الأموي مولاهم، روى عن عطاء وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه السفيانان وابن جريج وأبو الأحْوَص سلاّم بن سليم وغيرهم، وهو صدوق سيء الحفظ ورمي بالإرجاء، قال ابن المديني: ((كان يحيى بن سعيد يضعفه)) ، وقال جرير: ((كان خصيف متمكنًا في الإرجاء، يُتكلم فيه)) ، قوال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية: ((مضطرب الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح، يُخلِّط)) ، وتكلِّم في سوء حفظه، وقال النسائي: ((عتّاب ليس بالقوي ولا خصيف)) ، وقال مرة: ((صالح)) ، وقال الساجي: ((صدوق)) ، وقال الدارقطني: ((يعتبر به، يهم)) ، وقال ابن معين: ((لا بأس به)) ، وقال مرة: ((ثقة)) ، وفي رواية: ((إنا كنا نتجنب حديثه)) ، وقال ابن سعد: ((ثقة)) ، وقال. ابن عدي: ((إذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه =(2/577)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ورواياته، إلا أن يروي عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن، فإن رواياته عنه بواطيل والبلاء من عبد العزيز، لا من خصيف)) ، وذكره ابن حبان في المجروحين وقال: ((تركه جماعة من أئمتنا واحتجّ به جماعة آخرون. وكان خصيف شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروي، ويتفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه، وهو صدوق في روايته، إلا إن الإنصاف في أمره: قبول ما وافق الثقات من الروايات وترك ما لم يتابع عليه - وإن كان له مدخل في الثقات -، وهو ممن أستخير الله فيه)) ، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة ست وثلاثين ومائة، وقيل: سنة سبع، وقيل: ثمان، وقيل: تسع وثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "المجروحين" (1 / 287) ، و"الكامل" لابن عدي (3 / 940 - 942) ، و"التهذيب" (3 / 142 - 144 رقم 275) ، و"التقريب" (ص193 رقم 1718) .
(3) الخُرْنُوبة نوعان من الشجر: بَرِّيٌّ وشاميّ، أما بَريُّهُ فيسمّى اليَنْبُوتَةَ، ذو شوك، وهو الذي يُسْتوقد به، يرتفع قدر الذراع، وله حَمْلٌ لكنّه بَشِع لا يؤكل إلا في الجَهْد، وفيه حبّ صُلْب. وأما شاميُّه فهو حلو يؤكل، وله حَبٌّ وحملٌ كالخيار. انظر "تاج العروس" (2 / 347 - 348) .
[204] سنده حسن إلى خصيف، لكن خصيفًا لم يذكر المصدر الذي تلقى ذلك عنه, والأظهر أنه من حديث بني إسرائيل الذي لا يصدق ولا يكذب، وقد صحّ بعضه عن ابن عباس كما سيأتي.
وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر" (1 / 235) وعزاه لسعيد بن منصور فقط، وفي متنه بعض الاختصار.
وقد صحّ بعض الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما من قوله وله عن ابن عباس طريقان:
(1) طريق سعيد بن جبير، وله عنه طريقان:
أ- طريق عطاء بن السائب، واختلف عليه. =(2/578)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فرواه سفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد، عنه، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس موقوفًا عليه.
وخالفهم إبراهيم بن طَهْمان، فرواه عنه مرفوعًا.
أما رواية سفيان بن عيينة، فأخرجها محمد بن نصر المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (1 / 225 رقم 207) ، فقال: حدثنا أبو قدامة عبيد الله بن سعيد، ثنا سفيان، قال: حدثني عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: كان سليمان كلما صلى صلاة، رأى شجرة نابتة، فيقول: ما أنت يا شجرة؟ فتقول [في الأصل: فيقول] : أنا شجرة كذا وكذا، لداء كذا وكذا، فيأمر بها، فتقطع [في الأصل: فيقطع] ، ويكتب: شجرة كذا وكذا لداء كذا وكذا، فصلى ذات يوم، فإذا شجرة نابتة، فقال لها: ما أنت يا شجرة؟ قالت: أنا الخَرُّوبة، قال: لم يكن الله ليخرب هذا المسجد وأنا حي، فتوضأ، ولبس ثيابه، وأخذ عصاه، وقام يصلي، فقُبض عليها، فلبث على عصاه، فَدَأبُوا سنة وهم يحسبون أنه حي - يعني الجن -، فأكلتها الأرضة، فشكرت الجن الأرَضَة، فلا تجدها في مكان، إلا وجدت عندها نَدَى.
وهذا إسناد صحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما.
أما سعيد بن جبير فتقدم في الحديث [41] أنه ثقة ثبت فقيه.
وأما عطاء بن السائب، فتقدم في الحديث [6] أنه ثقة اختلط في آخر عمره، لكن الراوي عنه هنا هو سفيان بن عيينة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط.
وسفيان بن عيينة تقدم في الحديث [7] أنه ثقة حافظ فقيه إمام حجّة.
والراوي عن سفيان هو شيخ المروزي: عبيد الله بن سعيد بن يحيى اليَشْكُري؛ أبو قُدامة السَّرَخْسي، نزيل نيسابور، ثقة مأمون سُنِّي، كما في "التقريب" (ص371 رقم 4296) ، روى عن سفيان بن عيينة وعبد الله بن نمير وحماد بن زيد ويحيى القطّان وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع وغيرهم، روى عنه البخاري ومسلم والنسائي وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وروى عنه هنا =(2/579)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= محمد بن نصر، قال أبو حاتم عن عبيد الله هذا: ((كان من الثقات)) ، ووثقه أبو داود، وقال النسائي: ((ثقة مأمون، قلّ من حكتبنا عنه مثله)) ، وقال إبراهيم بن أبي طالب: ((ما قدم علينا أثبت منه ولا أتقن)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((هو الذي أظهر السنة بَسَرخْس ودعا إليها)) ، وقال ابن عبد البر: ((أجمعوا على أنه ثقة)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 317 رقم 1507) ، و"التهذيب" (6 / 16 - 17 رقم 31) .
وأخرجه البزار في "مسنده" (3 / 106 رقم 2356 / كشف الأستار) من طريق شيخه أحمد بن أبان، ثنا سفيان بن عيينة ... ، فذكره.
وأما رواية جرير بن عبد الحميد، فأخرجها الحاكم في "المستدرك" (2 / 423) من طريق أبي غسّان محمد بن عمرو الطيالسي، عن جرير، عن عطاء، به، ولفظ سفيان السابق أتمّ منه.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأما رواية إبراهيم بن طَهْمان، فأخرجها:
البزار في "مسنده" (3 / 106 رقم 2355 / كشف الأستار) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (22 / 74 / طبعة الحلبي) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (3 / 529) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 451 - 452 رقم 12281) .
جميعهم من طريق إبراهيم بن طهمان، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به نحو لفظ سفيان السابق، مع بعض الاختلاف والزيادة.
قال البزار بعد أن رواه: ((لا نعلم أسنده إلا إبراهيم، وقد رواه جماعة عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عباس موقوفًا)) .
قال ابن كثير في الموضع السابق من "تفسيره": ((في رفعه غرابة ونكارة والأقرب أن يكون موقوفًا)) . =(2/580)
205- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتّاب بْنُ بَشير، عَنْ خُصَيْف، قَالَ: كُنْتُ مَعَ مُجَاهِدٍ، فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ لَهُ مُجَاهِدٌ: حدِّثنا مَا سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ حِينَ جَعَلُوا يَنْظُرُونَ إِلَى أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ وَمَا يَرْكَبُونَ مِنَ الْمَعَاصِي الْخَبِيثَةِ - وَلَيْسَ يَسْتُرُ النَّاسَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ شَيْءٌ-، فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا إِلَى بني آدم كيف
__________
= وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (8 / 207 - 208) بعد أن عزاه للطبراني والبزار: ((فيه عطاء وقد اختلط، وبقية رجالهما رجال الصحيح)) .
قلت: رواية من رواه موقوفًا أصح؛ لأن ممن رواه عن عطاء: سفيان بن عيينة، وهو ممن روى عنه قبل الاختلاط، وأما إبراهيم بن طهمان فلم يُذكر ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط، وقد روي عن سعيد بن جبير وعن ابن عباس موقوفًا من غير طريق عطاء كما سيأتي.
ب- طريق سلمة بن كهيل، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس موقوفًا عليه بنحو سياق سفيان بن عيينة السابق.
أخرجه الحسين بن الحسن المروزي في "زوائده على الزهد لابن المبارك" (ص378 - 379 رقم 1072) .
(2) طريق أبي صالح ذكوان السَّمّان، عن ابن عباس موقوفًا عليه، بنحو سياق سفيان بن عيينة، إلا أن فيه طولاً.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (22 / 75 / طبعة الحلبي) من طريق السُّدِّي، عن أبي صالح، به، وعن مُرَّة الْهَمْدَانِيُّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وعن أناس مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -.
ومن خلال هذه الطرق يتضح أن الحديث روي عن ابن عباس موقوفًا عليه، وهو صحيح عنه، وقد يكون ذلك من الإسرائيليات التي لا تُصدق ولا تُكذب، فإن ابن عباس لم يصرح بأخذه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، والله أعلم.
[205] سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه، وجهالة الرجل من قريش الذي =(2/581)
يَعْمَلُونَ كَذَا وَكَذَا، مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى اللَّهِ! يُعِيبُونَهُمْ بِذَلِكَ. فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ: قَدْ سَمِعْتُ الَّذِي تَقُولُونَ فِي بَنِي آدم، فاختاروا منكم ملكين [ل112/أ] أهْبِطُهُما إِلَى الْأَرْضِ، وَأَجْعَلْ فِيهِمَا شَهْوَةَ بَنِي آدَمَ. فَاخْتَارُوا هَارُوتَ وَمَارُوتَ، فَقَالُوا: يَا رَبِّ، لَيْسَ فِينَا مِثْلُهُمَا، فأهْبِطا إِلَى الْأَرْضِ، وجُعِل فِيهِمَا شَهْوَةَ بَنِي آدَمَ، ومُثّلَت لَهُمَا الزَّهرة فِي صُورَةِ امْرَأَةٍ، فَلَمَّا نَظَرَا إِلَيْهَا، لَمْ يَتَمَالَكَا أَنْ تَنَاوَلَا مِنْهَا مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَأَخَذَتِ الشَّهْوَةُ بِأَسْمَاعِهِمَا وَأَبْصَارِهِمَا، فَلَمَّا أَرَادَا أَنْ يَطِيرَا إِلَى السَّمَاءِ، لَمْ يَسْتَطِيعَا، فَأَتَاهُمَا مَلَكٌ، فَقَالَ: إِنَّكُمَا قَدْ فَعَلْتُمَا مَا فَعَلْتُمَا، فَاخْتَارَا عَذَابَ الدُّنْيَا، أَوْ عَذَابَ الْآخِرَةِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرَ: مَاذَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ أعذَّب فِي الدُّنْيَا ثُمَّ أعذَّب، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعَذَّبَ سَاعَةً وَاحِدَةً فِي الْآخِرَةِ، فَهُمَا مُعلَّقان مُنكَّسان فِي السلاسل، وجُعلا فتنة.
__________
= حدثهم بالحديث، وانظر الكلام مفصلاً عن قصة هاروت وماروت في الحديث الآتي.
وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 243) من رواية المصنف سعيد بن منصور فقط، ولفظه هنا سواء، إلا أنه قال: (لقد سمعت) بدلاً من قوله: (قد سمعت) .(2/582)
206- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شِهَابُ بْنُ خِرَاش (1) ، عَنِ العَوَّام بْنِ حَوْشب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ - أَحْسَبُهُ قَالَ: فِي سَفَرٍ - فَقَالَ لِي: ارْمُق (2) الْكَوْكَبَةَ، فَإِذَا طَلَعَتْ أَيْقِظْنِي، فَلَمَّا طَلَعَتْ أَيْقَظْتُهُ، فَاسْتَوَى جَالِسًا، فَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا وَيَسُبُّهَا سَبًّا شَدِيدًا، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَجْمًا سَامِعًا مُطِيعًا، مَا لَهُ يُسَبُّ؟ فَقَالَ: هَا، إِنَّ هَذِهِ كَانَتْ بَغِيًّا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَقِيَ المَلَكان مِنْهَا مَا لقيا.
__________
(1) هو شِهاب بن خِراش بن حَوْشَب الشيباني، أبو الصَّلْت الواسطي، ابن أخي العّوام بن حوشب، روى عن أبيه، وعمِّه العوّام وقتادة وأبي إسحاق الشيباني وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو صدوق صاحب سنة؛ وثقه ابن المبارك وابن عمار والمدائني وابن المديني وابن معين والعجلي وأبو زرعة وزاد: ((كان صاحب سنة)) ، وقال الإمام أحمد وأبو زرعة في رواية: ((لا بأس به)) ، وقال النسائي وابن معين في رواية: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الضعفاء، وقال: ((يخطئ كثيرًا حتى خرج عن حد الاحتجاج به)) ، وقال ابن عدي: ((ولشهاب أحاديث ليست بكثيرة، وفي بعض رواياته ما ينكر عليه، ولا أعرف للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره)) . اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (1 / 362) ، و"الكامل" لابن عدي (4 / 1350) ، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (8 / 131 - 136) ، و"التهذيب" (4 / 366 - 367 رقم 620) .
ومما سبق نرى أن هناك عددًا من الأئمة أطلقوا القول بتوثيق شهاب بن خراش وهم: ابن المبارك وابن عمار وابن معين والمدائني والعجلي، وتردد فيه قول أبي زرعة بين القول بتوثيقه وبين موافقة من رأى أنه ينزل عن درجة الثقة الضابط إلى درجة الصدوق الذي لا بأس به، وحديثه في عداد الحسن، وهم الإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي، وهذا قريب مما رجحه الذهبي - رحمه الله - حيث قال في "الميزان" (2 / 281 رقم 3750) : ((صدوق مشهور، له ما يستنكر)) ، =(2/583)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وهذا ما تميل إليه النفس، لأنه قد انفرد ببعض الأحاديث مما لم يتابع عليها، وهي مما أنكر عليه، ولا أظنها كثيرة، وهذا ابن عدي في كتابه لم يذكر منها سوى حديثين، الأول منهما مروي من غرير طريق خراش، وإنما أنكروا عليه فيه زيادة لم يذكرها غيره، وأما الثاني فالعجب من ابن عدي كيف يورده على أنه مما ينكر على شهاب وهو يرويه عن شيخ ضعيف وهو يزيد بن أبان الرَّقَاشي؟!
(2) أي انظر نظرًا طويلاً. "النهاية في غريب الحديث" (2 / 264) .
[206] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره عن ابن عمر موقوفًا عليه، وهو من روايته عن كعب الأحبار كما سيأتي، وقد روي عن ابن عمر مرفوعًا ولا يصح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 238) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور.
وقد رُوي الحديث عن ابن عمر من أربعة طرق:
(1) طريق مجاهد، وله عنه ثلاثة طرق:
(أ) - طريق العوام بن حوشب الذي أخرجه المصنف هنا.
(ب) و (جـ) - طريقا المنهال بن عمرو ويونس بن خبّاب، كلاهما عن مجاهد قال: كنت نازلاً على عبد الله بن عمر في سفر، فلما كان ذات ليلة، قال لغلامه: انظر هل طلعت الحمراء؟ لا مرحبًا بها، ولا أهلاً، ولا حيّاها الله؛ هي صاحبة الملكين؛ قالت الملائكة: يا رب، كيف لا تدع عصاة بني آدم، وهم يسفكون الدم الحرام، وينتهكون محارمك، ويفسدون في الأرض؟! قال: إني ابتليتهم، فلعلي إن ابتليتكم بمثل الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون؟ قالوا: لا، قال: فاختاروا من خياركم اثنين، فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما: إني مهبطكما إلى الأرض، وعاهد إليكما: ألا تشركا، ولا تزنيا، ولا تخونا، فأهبطا إلى الأرض، وألقى عليهما الشهوة، وأهبطت لهما الزّهْرَة في أحسن صورة امرأة، فتعرضت لهما، فراوداها عن نفسها، فقالت: إني علي دين =(2/584)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لا يصح لأحد أن يأتيني إلا من كان على مثله. قالا وما دينك؟ قالت: المجوسية. قالا: الشرك! هذا شيء لا نقربه. فمكثت عنهما ما شاء الله تعالى، ثم تعرضت لهما فراوداها عن نفسها. فقالت: ما شئتما، غير أن لي زوجًا، وأنا أكره أن يطلع على هذا مني، فأفتضح، فإن أقررتما لي بديني، وشرطتما لي أن تصعدا بي إلى السماء، فعلت. فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان، ثم صعدا بها إلى السماء. فلما انتهيا بها إلى السماء، اختطفت منهما، وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين، نادمين، يبكيان، وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين، فإذا كان يوم الجمعة أجيب. فقالا: لو أتينا فلانًا، فسألناه، فطلب لنا التوبة، فأتياه، فقال: رحمكما الله! كيف يطلب التوبة أهل الأرض لأهل السماء؟! قالا: إنا قد ابتلينا. قال: ائتياني يوم الجمعة. فأتياه، فقال: ما أجبت فيكما بشيء، ائتياني في الجمعة الثانية. فأتياه، فقال: اختارا، فقد خيرتما، إن اخترتما معافاة الدنيا، وعذاب الآخرة، وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله. فقال أحدهما: إن الدنيا لم يمض منها إلا القليل. وقال الآخر: ويحك! إني قد أطعتك في الأمر الأول فأطعني الآن، إن عذابًا يفنى ليس كعذاب يبقى. فقال: إننا يوم القيامة على حكم الله، فأخاف أن يعذبنا. قال: لا، إني أرجو إن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة، أن لا يجمعهما علينا. قال: فاختارا عذاب الدنيا، فجعلا في بكرات من حديد، في قَلِيب مملوءة من نار، عَاليهُمَا سافلَهما.
أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 306 - 308 رقم 1014) ، وساقه عنه الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 139) ، وسياقه أصح فاخترته هنا.
قال ابن كثير بعد أن ذكره: ((وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر)) ، ثم ذكر أنه روي مرفوعًا، ثم قال: ((وهذا - يعني طريق مجاهد - أثبت وأصح إسنادًا)) . اهـ.
(2) طريق سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عمر، بنحو سياق مجاهد السابق مع الاختلاف في بعض الألفاظ، وسياق مجاهد أتمّ. =(2/585)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه الحاكم في "المستدرك" (4 / 607 - 608) من طريق يحيى بن سلمة بن كهيل، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير، عن ابن عمر، به.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وترك حديث يحيى بن سلمة عن أبيه من المحالات التي يردها العقل، فإنه لا خلاف أنه من أهل الصنعة، فلا ينكر لأبيه أن يخصّه بأحاديث يتفرد بها عنه)) .
فتعقبه الذهبي بقوله عن يحيى بن سلمة بن كهيل: ((قال النسائي: متروك، وقال أبو حاتم: منكر الحديث)) .
قلت: تقدم في الحديث [77] أن يحيى بن سلمة هذا متروك.
(3) طريق سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه، عن كعب قال: ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب، فقيل لهم: اختاروا ملكين، فاختاروا ملكين، فاختاروا هاروت وماروت، قال: فقال لهما: إني أرسل رسلي إلى الناس، وليس بيني وبينكم رسول، انزلا ولا تشركا بي شيئًا، ولا تزنيا، ولا تسرقا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: قال كعب: فما استكملا يومهما الذي أنزلا فيه حتى عملا ما حرم الله عليهما. أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 53 - 54) .
ومن طريقه وطريق مؤمل بن إسماعيل أخرجه الطبري في "تفسيره" (2 / 429 رقم 1684) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (13 / 186 رقم 16061) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 306 رقم 1013) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 441 - 442 رقم 162) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم، به، واللفظ لعبد الرزاق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (2 / 430 رقم 1685) من طريق عبد العزيز بن المختار، عن موسى بن عقبه، به بنحو سابقه.
وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 138) الحديث من رواية موسى بن جبير ومعاوية بن صالح، كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، به مرفوعًا كما سيأتي، ثم =(2/586)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ذكر الحديث من رواية سالم، ثم قال: ((فهذا - يعني طريق سالم - أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث ورجع إلى نقل كعب الأحبار عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم)) . اهـ.
(4) طريق نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول ... ، فذكره هكذا مرفوعًا بنحو سياق المنهال بن عمرو ويونس بن خباب للحديث عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ المتقدم بطوله، إلا أنه زاد فيه قتلهما للصبي، وشربهما للخمر، ولم يذكر مجيئها للنبي، وإنما فيه: فخُيِّرا بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.
أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (2 / 134) .
والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 358 رقم 2938) .
وعبد بن حميد في "مسنده" (ص251 - 252 رقم 787) .
وابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 69) .
وابن حبان في "صحيحه" (8 / 22 - 23 رقم 6153 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
وابن السني في "عمل اليوم والليلة" (ص177 - 178 رقم 657) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 437 - 439 رقم 160) .
جميعهم من طريق زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، به، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم وابن السني مختصر.
ونقل بن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: ((هذا حديث منكر)) .
وقال البزار: ((رواه بعضهم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا، وإنما أتي رفع هذا عندي من زهير؛ لأنه لم يكن بالحافظ، على أنه قد رَوَى عنه ابن مهدي، وابن وهب، وأبو عامر، وغيرهم)) .
وسيأتي إعلال البيهقي لرفعه وترجيحه للموقوف.
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (1 / 206) : =(2/587)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ((روى حنبل الحديث من طريق أحمد، ثم قال: قال أبو عبد الله - يعني الإمام أحمد -: هذا منكر، وإنما يروى عن كعب. ذكره في "منتخب ابن قدامة" (11 / 213) . اهـ.
قلت: أما ما ذكره البزار من أنه إنما أتي رفع هذا الحديث من زهير، فإن هناك من هو أولى أن يحمَّل تبعة رفع هذا الحديث غير زهير، وهوموسى بن جبير الأنصاري المدني الحذّاء، مولى بني سلمة، نزيل مصر، وهو مستور، ذكره ابن حبان في "الثقات" (7 / 451) وقال: ((يخطئ ويخالف)) ، وقال ابن القطان: ((لا يعرف حاله)) . انظر "التهذيب" (10 / 339 رقم 596) ، وقال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 138) بعد أن ذكر الحديث من رواية موسى هذا: ((ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس وأبي أمامة بن سهل بن حنيف ونافع وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام وبكر بن مضر وزهير بن محمد وسعيد بن سلمة وعبد الله بن لهيعة وعمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل ولم يَحْكِ فيه شيئًا من هذا ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ.
وذكره الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص550 رقم 6954) وقال: ((مستور)) ، ووقع في المطبوع من "التقريب": ((جبر)) بحذف الياء.
وقد توبع موسى بن جبير على روايته عن نافع مرفوعًا، لكنها متابعات لا يفرح بها.
فأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" فقال: حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا هشام بن علي بن هشام، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، حدثنا موسى بن سرجس، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول ... ، فذكره بطوله، كذا في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير".
وفي سنده هشام بن علي بن هشام السِّيْرافي، ذكره الذهبي في "السير" (16 / 31) =(2/588)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= في شيوخ دعلج، وذكره ابن حجر في "التهذيب" (5 / 210) في الرواة عن عبد الله بن رجاء، ولم أجد من ترجم له، سوى أن الذهبي ذكره في "السير" (13 / 411) في ترجمة إسحاق بن الحسن الحربي المتوفي سنة أربع وثمانين ومائتين، وذكر أن هشامًا هذا ممن توفي في تلك السنة، وقد ذكر محقق الكتاب مصادر ترجمة الذين ذكروا مع هشام، إلا هو فلم يذكر له شيئًا من المصادر التي ترجمته.
والراوي عن نافع هو موسى بن سَرْجِس - بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم، بعدها مهملة -، مدني مستور، ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 285 رقم 1213) وسكت عنه، ولم يذكره ابن أبي حاتم ولا ابن حبان، وروى له الترمذي والنسائي وابن ماجه حديثًا عن القاسم، عن عائشة في ذكر سكرات الموت، وقال الترمذي: ((حديث غريب)) . انظر "التهذيب" (10 / 345 رقم 609) ، و"التقريب" (ص551 رقم 6964) .
وقد خولف هشام بن علي في روايته للحديث عن عبد الله بن رجاء.
فأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 440 - 411 رقم 161) من طريق محمد بن يونس بن موسى، حدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا سعيد بن سلمة، عن موسى بن جبير، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، فذكره وبطوله.
قال البيهقي: ((ورويناه من وجه آخر عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ موقوفًا عليه، وهو أصح، فإن ابن عمر إنما أخذه عن كعب)) .
قلت: الراوي عن عبد الله بن رجاء هو محمد بن يونس بن موسى الكُدَيْمي، وهو متهم بوضع الحديث؛ فقد كذَّبه أبو داود والقاسم بن مطرِّز، وكان موسى بن هارون ينهى الناس عن السماع منه ويقول: تقرب إليَّ بالكذب؛ قال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن القاسم النهدي، قال موسى: لم يحدِّث أبي عن محمد بن القاسم قط، وقال لي: كتبت عن أبيك في مجلس محمد بن سابق، وقد سمعت =(2/589)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبي يقول: ما كتبت عن محمد بن سابق شيئًا ولا رأيته.
وقال ابن حبان: ((كان يضع الحديث، ولعله قد وضع على الثقات أكثر من ألف حديث)) ، وقال ابن عدي: ((قد اتهم بالوضع، وادعى الرواية عن من لم يرهم، ترك عامة مشايخنا الرواية عنه، ومن حدّث عنه نسبه إلى جده لئلا يعرف)) ، وقال أيضًا: ((روى الكديمي عن أبي هريرة، عن ابن عون، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ غير حديث باطل، وكان مع وضعه الحديث وداعائه ما لم يسمع، قد علَّق لنفسه شيوخًا)) .
وقال الدارقطني: ((كان الكديمي يتهم بوضع الحديث، وما أحسن القول فيه إلا من لم يخبر حاله)) .
قلت: قد أحسن القول فيه الإمام أحمد، ققال: ((حسن المعرفة، حسن الحديث)) ، وقال محمد بن الهيثم: ((تسألوني عن الكديمي وهو أكبر مني وأكثر علمًا؟ ما علمت إلا خيرًا)) ، وقال الخطيب: ((لم يزل معروفًا عند أهل الحجاز بالحفظ، مشهورًا بالطلب، حتى أكثر روايات الغرائب والمناكير، فتوقف بعض الناس عنه)) ، ووثقه أبو جعفر الطيالسي، وقال إسماعيل الخطبي: ((ما رأيت أكثر ناسًا من مجلسه، وكان ثقة)) ، فجهّله الذهبي فقال: ((أما إسماعيل الخطبي فقال بجهل: كان ثقة ما رأيت خلقًا أكثر من مجلسه)) ، وقال الذهبي أيضًا عن الكديمي: ((هالك، قال ابن حبان وغيره: كان يضع الحديث على الثقات)) . اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2294 - 2296) ، و"ميزان الاعتدال" (4 / 74 - 76 رقم 8353) ، و"المغني في الضعفاء" (2 / 646 رقم 6109) ، و"التهذيب" (9 / 539 - 544 رقم 884) .
وللحديث طريق آخر عن نافع، يرويه الحسين بن داود سُنَيْد، عن فرج بن فضالة، عن معاوية بن صالح، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا بنحو لفظ مجاهد من رواية المنهال ويونس عنه، وفيه شيء من الاختلاف، ولم يذكر فيه قصة إتيانهما للنبي، وإنما هما اللذان سألا الله تعالى التوبة، وفي آخره قال: فأوحى =(2/590)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الله إليهما: أن ائتيا بابل، فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما، وهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة.
أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (8 / 42 - 43) بتمامه.
ومن طريقه ابن الجوزي في "الموضوعات" (1 / 186 - 187) .
والذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 236) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 433 رقم 1688) مختصرًا.
قال ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح، والفرج بن فضالة قد ضعفه يحيى، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد ويُلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة، لا يحلّ الاحتجاج به. وأما سُنيد فقد ضعفه أبو داود، وقال النسائي: ليس بثقة)) .
قلت: وقد ذكر الذهبي هذا الحديث فيما أنكر على سُنيد.
وذكره ابن كثير في "تفسيره" (1 / 138) هو وطريق موسى بن سرجس السابق وقال: ((وهذان أيضًا غريبان جدًّا)) .
وخلاصة ما تقدم: أن الحديث روي عن ابن عمر مرة موقوفًا عليه، ومرة مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ومرة عن ابن عمر عن كعب الأحبار.
واختلفت كلمة العلماء عن قصة هاروت وماروت وثبوتها.
فالحاكم وابن حبان صححا الحديث كما تقدم.
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (5 / 68) من رواية موسى بن جبير، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مرفوعًا المتقدمة، ثم قال: ((رجاله رجال الصحيح خلا موسى بن جبير وهو ثقة)) ، وذكر نحو قوله هذا في (6 / 313 - 314) .
وقال الحافظ ابن حجر في "القول المسدد" (ص48) : ((له طرق كثيرة جمعتها في جزء مفرد يكاد الواقف عليه أن يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة طرقه الواردة فيها، وقوة مخارج أكثرها، والله أعلم)) .
وذكر السيوطي في "اللآليء" (1 / 159) قول ابن حجر هذا، وقال: ((وقد وقفت على الجزء الذي جمعه، فوجدته أورد فيه بضعة عشر طريقًا، أكثرها موقوفًا، =(2/591)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأكثرها من تفسير ابن جرير، وقد جمعت أنا طرقها في التفسير المسند، وفي التفسير المأثور، فجاءت نيفًا وعشرين طريقًا، ما بين مرفوع، وموقوف، ولحديث ابن عمر بخصوصه طرق متعددة، من رواية نافع، وسالم، ومجاهد، وسعيد بن جبير، عنه، وورد من رواية علي بن أبي طالب، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وغيرهم، والله أعلم)) .
وأما الحافظ ابن كثير - رحمه الله -، فذهب إلى أن القصة ثابتة عن ابن عمر، لكن من روايته عن كعب الأحبار، وأعل الطرق التي رويت عنه، مرفوعة، فقال عقب ذكره للحديث من طريق الإمام أحمد: ((وهكذا رواه أبو حاتم ابن حبان في صحيحه، عن الحسن بن سفيان عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شيبة، عن يحيى بن بكير، به، وهذا حديث غريب من هذا الوجه، ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين، إلا موسى بن جبير هذا، وهو الأنصاري، السلمي، مولاهم، المديني، الحذاء، وروى عن ابن عباس، وأبي أمامة بن سهل بن حنيف، ونافع، وعبد الله بن كعب بن مالك، وروى عنه ابنه عبد السلام، وبكر بن مضر، وزهير بن محمد، وسعيد بن سلمة، وعبد الله بن لهيعة، وعمرو بن الحارث، ويحيى بن أيوب، وروى له أبو داود، وابن ماجه، وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل، ولم يحك فيه شيئًا من هذا، ولا هذا، فهو مستور الحال، وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وروي له متابع من وجه آخر ... )) ، ثم ذكر الحديث من طريق موسى بن سرجس، ومعاوية بن صالح كما تقدم، ثم قال: ((وهذان أيضًا غريبان جدًّا، وأقرب ما يكون في هذا، أنه من رواية عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كعب الأحبار، لا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، كما قال عبد الرازق في تفسيره ... )) ، ثم ذكر الحديث من رواية سالم، عن أبيه عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ كعب الأحبار كما سبق، ثم قال: ((فهذا أصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الإسنادين المتقدمين، وسالم أثبت في أبيه من مولاه نافع، فدار الحديث، ورجع إلى نقل كعب الأحبار، =(2/592)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن كتب بني إسرائيل، والله أعلم)) .
ثم ذكر الحديث من رواية مجاهد، موقوفًا على ابن عمر، وقال عقبه: ((وهذا إسناد جيد إلى عبد الله بن عمر، وقد تقدم في رواية ابن جرير من حديث معاوية بن صالح، عن نافع، عنه رفعه، وهذا أثبت، وأصح إسنادًا، ثم هو - والله أعلم - من رواية ابن عمر، عن كعب - كما تقدم بيانه - من رواية سالم، عن أبيه)) . اهـ. كلامه - رحمه الله -، وبنحو هذا الترجيح قال أيضًا في "البداية" (1 / 37 - 38) ، وهو ترجيح حسن؛ لأنه لا منافاة بين الرواية الموقوفة والرواية عن كعب الأحبار، فقد يذكر ابن عمر كعبًا، وقد لا يذكره، لكن المنافاة بين الرواية المرفوعة والرواية عن كعب، ولن يلجأ ابن عمر رضي الله عنهما إلى ذكر الحديث عن كعب وهو عنده عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فإذا النظر قد استدعى ترجيح الرواية عن كعب لثقة رواتها وشهرتهم.
فالحديث يرويه سفيان الثوري، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عن أبيه، عن كعب، وهذا إسناد في غاية الصحة إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
فسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتًا عابدًا فاضلاً، وكان يشبَّه بأبيه في الهدي والسَّمْت كما في الحديث [124] .
وموسى بن عقبة بن أبي عياش الأسدي ثقة فقيه إمام في المغازي كما في الحديث [324] .
وسفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة كما في الحديث [30] .
وسبق ذكر إعلال الإمام أحمد وأبي حاتم الرازي والبزار والبيهقي للحديث.
وقد نصر الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - ترجيح ابن كثير، وأعل الروايات المرفوعة، في حاشيته على "المسند" (9 / 29 - 33) ، وذكر كلام الحافظ ابن حجر السابق، وأجاب عنه بقوله: ((أما هذا الذي جزم به الحافظ، بصحة وقوع هذه القصة، صحة قريبة من القطع؛ لكثرة طرقها، وقوة مخارج أكثرها، فلا؛ فإنها =(2/593)
207- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حُصَين بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حَارِثٍ السُّلَمي (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقَالَ: مِنَ الْعِرَاقِ، قَالَ: كَيْفَ تَرَكْتَ النَّاسَ وَرَاءَكَ؟ قَالَ: تَرَكْتُ النَّاسَ
__________
= كلها طرق معلولة، أو واهية، إلى مخالفتها الواضحة للعقل، لا من جهة عصمة الملائكة القطعية فقط، بل من ناحية أن الكوكب الذي نراه صغيرًا في عين الناظر، قد يكون حجمه أضعاف حجم الكرة الأرضية بالآلاف المؤلفة من الأضعاف، فأنّى يكون جسم المرأة الصغير إلى هذه الأجرام الفلكية الهائلة؟!)) ، ونقل أيضًا عن الشيخ رشيد رضا - رحمه الله - تعليقًا على كلام ابن كثير السابق، فقال: ((وقد علق أستاذنا السيد رشيد رضا - رحمه الله - على كلام ابن كثير في هذا الموضع، قال: من المحقق أن هذه القصة لم تذكر في كتبهم المقدسة، فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها، فهي من كتبهم الخرافية، ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا أن الحكاية خرافية إسرائيلية، وأن الحديث المرفوع لا يثبت)) . اهـ.، ولي على كلام الشيخ، وشيخه - رحمهما الله - ملاحظة، وهي:
أنهما دفعا القصة بعدم تقبل عقليهما لها، وبخاصة الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - بقوله: ((أنى يكون جسم المرأة ... )) إلخ، فمن تأمل قدره الخالق جلا وعلا، علم أنه لا يعجزه سبحانه أن يجعل الذرة في أي حجم شاء، ولذا فالقصة لا تدفع بهذا، وإنما لأن فيها قدحًا في عصمة الملائكة عليهم السلام، الذين لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وقد شفى ابن كثير - رحمه الله - وكفى بكلامه السابق، بل قال في "تاريخه" (1 / 37) : ((هذا ما أظنه من وضع الإسرائيليين، وإن كان قد أخرجه كعب الأحبار، وتلقاه عنه طائفة من السلف، فذكروه على سبيل الحكاية، والتحديث عن بني إسرائيل)) . اهـ. والله أعلم.
(1) هو عمران بن الحارث السُّلمي، أبو الحكم الكوفي، ثقة روى له مسلم، وقال =(2/594)
يتحَدَّثُون أَنَّ عَلِيًّا سَوْفَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ (2) ، فَقَالَ: لَوْ شَعَرْنَا، مَا زوَّجنا نِسَاءَهُ، وَلَا قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ، وسأحدِّثُك عَنْ ذَلِكَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ فِي السَّمَاءِ، فَإِذَا سَمِعَ (أَحَدُهُمْ) (3) كَلِمَةَ حقٍّ، كَذَب مَعَهَا أَلْفَ كِذْبَةٍ، فأشْرِبَتْها قُلُوبُ النَّاسِ، وَاتَّخَذُوهَا دَوَاوِينَ، فاطَّلع عَلَيْهَا سُلَيْمَانُ، فَدَفَنَهَا تَحْتَ كُرْسِيِّهِ. فَلَمَّا مَاتَ سُلَيْمَانُ، قَامَ شَيَاطِينُ بِالطَّرِيقِ، فَقَالَتْ: أَلَا أدُلُّكم عَلَى كَنْزِ سُلَيْمَانَ المُمَنَّع الَّذِي لَا كَنْزَ لَهُ مِثْلُهُ؟ فَاسْتَخْرَجُوهَا، قَالُوا: سِحْرٌ، وَإِنَّ بَقيتها هَذَا (4) يَتَحَدَّثُ بِهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عُذْرَ سُلَيْمَانَ فِيمَا قَالُوا مِنَ السِّحْرِ: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} إلى آخر الآية.
__________
= العجلي: ((كوفي تابعي ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. انظر "الثقات" العجلي (ص373 رقم 1298) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 296 رقم 1646) ، و"التهذيب" (8 / 124 - 125 رقم 216) ، و"التقريب" (ص429 رقم 5147) .
(2) يعني بعد موته رضي الله عنه، والذي يزعم ذلك هم السَّبئيَّة أتباع عبد الله بن سَبَأ الذي زعم أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لم يَمُتْ، وأنه ليس هو الذي قُتل، وإنما كان شيطانًا تصَّور للناس في صورة علي، وأن عليًّا صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم عليه السلام، وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى، كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصًا مصلوبًا شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي، رأوا قتيلاً يشبه عليًّا فظنوا أنه علي، وعلي قد صعد إلى السماء، وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه، ولما بلغه قتل علي قال: لو أتيتمونا بدماغه في صُرَّة سبعين مرة، لم نصدق بموته، ولا يموت حتى ينزل من =(2/595)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= السماء ويملك الأرض بحذافيرها ويملأها عدلاً كما ملئت جورًا. وهذه الطائفة تزعم أن المهديَّ المنتظر إنما هو علي دون غيره، وأنه رضي الله عنه في السَّحَاب، وأن الرَّعْدَ صوتُه، والبرق سوطه، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين. وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سُوَيْد العَدَوِيُّ قصيدة بريء فيها من الخوارج والروافض وغيرهم من فرق الضلال، منها هذه الأبيات:
برئتُ من الخوارج لَسْتُ منهم ... من الغَزَّال منهم وابن بَابِ
ومن قومٍ إذا ذَكَروا عليًّا ... يَردّون السلامَ على السّحابِ
ولكنّي أحبُّ بكلِّ قَلْبِي ... وأَعْلَمُ أن ذاك من الصوابِ
رسولَ الله والصِّدِّيقَ حبًّا ... ... به أرجوا غدًّا حُسْن الثواب
وفي الرد عليهم يقال لهم: إن كانت الذي قتله عبد الرحمن بن مُلْجِم شيطانًا تصوّر للناس في صورة علي، فلم لعنتم ابن ملجم؟ وهلاّ مدحتموه؛ فإن قاتل الشيطان محمود على فعله غير مذموم به؟!. اهـ. من "الفرق بين الفرق" (ص233 - 236) .
مع شيء من التصرف، وانظر معه "الفصل" لابن حزم (4 / 179 - 180) .
(3) في الأصل: (أحدهما) .
(4) كذا في الأصل، وفي الموضع الآتي من "تفسير الطبري": (فقالوا: هذا سحر، فتناسخها الأمم حتى بقاياهم ما يتحدث به أهل العراق) .
[207] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 233) وعزاه للمصنف وابن عيينة في "تفسيره" وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 415 - 416 رقم 1662) .
وابن أبي حاتم (1 / 300 رقم 996) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 265) .
أما ابن جرير والحاكم فمن طريق جرير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق سفيان. =(2/596)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ]
208- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف الثَّقَفي (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نَنْسَاها} (2) ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ يَقْرَأُ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِيهَا} ، فَقَالَ: إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يُنَزَّلْ عَلَى المسيِّب، وَلَا عَلَى آلِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى} (3) ، {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} (4) .
__________
= الثوري، كلاهما عن حصين، به نحوه، إلا أن لفظ ابن أبي حاتم مختصر.
والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، لكن تصحيح الحاكم ليس في المطبوع، وقد حكى تصحيحه السيوطي في الموضع السابق من "الدرّ"، وهو الذي يظهر من صنيع الذهبي في "التلخيص".
(1) هو القاسم بن عبد الله بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ قَانِف الثَّّقَفي، وربما نُسب إلى جده ربيعة، وهو مجهول؛ سكت عنه البخاري في "تاريخه" (7 / 159 - 160 رقم 713) ، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 111 رقم 640) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 302 - 303) ، وذكروا أنه روى عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، ولم يذكروا عنه في الرواة سوى يعلى بن عطاء، وقد ذكره الذهبي في "الميزان" (3 / 372 رقم 6813) ، وقال: ((ما روى عنه سوى يعلى بن عطاء)) ، وانظر "الإكمال" لابن ماكولا (7 / 93) .
(3) كذا في الأصل بدون همز، ووافق المصنف على روايته هكذا عن هشيم: زياد بن أيوب عند ابن أبي دواد في "المصاحف" (ص107) ، وكذا وقع في بعض الروايات عن شعبة للحديث عن يعلى بن عطاء كما سيأتي في التخريج، وهي القراءة التي ذكرها ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 323) حيث قال: ((قوله: =(2/597)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (أو نَنْسَاها) اختلف في تفسيره على أوجه ... )) ، والمعنى - على هذه القراءة -: نتركها لا نبدلها كما في رواية عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابن عباس عند ابن جرير (2 / 476 رقم 1759) ، وعن السُّدِّي عنده برقم (1760) ، وعند ابن أبي حاتم (1 / 326 رقم 1073) : نتركها لا ننسخها، وعند ابن أبي حاتم (1 / 325 رقم 1069) من رواية ابن جريج، عن مجاهد: (أو ننساها) قال: نثبت خطّها ونبدِّل حكمها، وهذا قريب من القراءة بالهمز: (أَوْ نَنْسَأها) ، وهي في بعض الروايات عن شعبة للحديث عن يعلى كما سيأتي، وبها قرأ عُبيد بن عُمير وعطاء ومجاهد في رواية حُميد الأعْرج عنه عند أبي عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص10) ؛ قال أبو عبيد: ((فمن قرأ هذه القراءة التي قرأ بها عبيد بن عمير ومجاهد وعطاء وكثير من القرّاء، منهم أبو عمرو بن العلاء وغيره من أهل البصرة، فإنهم يريدون بالنسخ: ما نسخه الله عز وجل لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من اللوح المحفوظ، فأنزله عليه، فيصير المنسوخ على هذا التأويل وبهذه القراءة: جميع القرآن؛ لأنه نسخ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أم الكتاب فأنزله عليه، ويكون النَّسْيُ: ما أخّره الله عز وجل وتركه في أم الكتاب فلم ينزله، وكذلك النسي في التأويل، إنما هو التأخير، ومنه قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زيادة في الكفر} هو في التفسير تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر ... ، فهذا الذي أراد عطاء بقوله: (ما ننسخ من آية) قال: ما نزل من القرآن، وبقوله: (أو ننسأها) قال: نؤخرها)) . اهـ.
وأخرج ابن جرير في "تفسيره" (2 / 477 - 478 من رقم 1763 - 1768) ذلك عن عطاء ومجاهد وعبيد بن عمير وغيرهم أنهم قرؤها: (أو ننسأها) اي: نرجئها ونؤخرها، ثم قال ابن جرير: ((فتأويل من قرأ ذلك كذلك: ما نبدل من آية أنزلناها إليك يا محمد فنبطل حكمها ونثبت خطها، أو نؤخرها فنرجئها ونقرُّها فلا نغيرها ولا نبطل حكمها، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)) . اهـ.
وهذا الذي ذكر ابن جرير أولى مما ذكر أبو عبيد مما لا دليل عليه.
(3) الآية (6) من سورة الأعلى. =(2/598)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(4) الآية (24) من سورة الكهف.
[208] سنده ضعيف لجهالة القاسم بن عبد الله بن ربيعة.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 255) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق في "تفسيره" وأبي داود في "ناسخه" وابنه في "المصاحف" والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 55) .
ومن طريقه وطريق آخر آخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 474 - 475 رقم 1755 و 1756) .
وأخرجه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" (ص12 رقم 15) .
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص107) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 521) .
جميعهم من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، به مثله، عدا رواية عبد الرزاق وأبي عبيد، فنحوه، لكن وقع اختلاف بينهم في القراءتين، فقراءة سعد عند عبد الرزاق هكذا: ((تنساها)) ، وعند أبي عبيد في الأصل المخطوط (ص9) هكذا: ((نُنْسِها)) ، وتصرف فيها المحقق، وكذا جاءت في رواية عبد الله بن محمد الأذرمي عن هشيم عند ابن أبي داود، وأما رواية زياد بن أيوب عن هشيم عنده فموافقة لرواية المصنف، وأما ابن جرير فوقع عنده: ((تَنْسها)) ، ووقع عند الحاكم هكذا: ((ننسها)) لم تضبط. وأما قراءة سعيد عند الرزاق، فهكذا: ((ننسها)) لم تضبط، وشك فيها أبو عبيد، فقال: ((نَنْسَها)) أو: ((نُنْسَها)) ، وعند ابن جرير هكذا: ((تُنْسها)) ، وعند ابن أبي داود: ((نُنْسِها)) ، وعند الحاكم: ((ننساها)) .
وأخرجه أبو داود في "الناسخ والمنسوخ" كما في "تحفة الأشراف" (3 / 309 رقم 3912) ، من طريق حفص بن عمر، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به، ولم يذكر المزّي لفظه. =(2/599)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 181 رقم 16) من طريق النَّضْر بن شَميل، عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قراءة سعد، وذكر قراءة سعيد هكذا: ((نُنْسِها)) ، ولم يذكر قوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى} .
وأخرجه ابن جرير الطبري في الموضع السابق برقم (1757) ، من طريق محمد بن المثنى وآدم بن أبي إياس العَسْقلاني، كلاهما عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعد عنده هكذا: ((تَنْسها)) وقراءة سعيد: ((تُنْسَها)) .
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص107 - 108) من طريق محمد بن جعفر غندر ويزيد بن هارون وهارون بن موسى الأزدي ومسكين، جميعهم عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعد في رواية يزيد: ((نَنْسأها)) ، وقرن به رواية محمد بن جعفر، وأما في رواية هارون بن موسى فهكذا: ((نَنْسَاهَا)) بلا همز، وكذا رواية مسكين، فإنه رواه عن هارون، ثم قال مسكين: ((وقد سمعته من شعبة)) .
وأما قراءة سعيد في رواية يزيد فهي: ((نُنْسِها)) ، وفي رواية هارون: ((نُنْسَها)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص323 - 324 رقم 1066 و 1067) من طريق شبابة وعبد الوهاب بن عطاء، كلاهما عن شعبة، عن يعلى، به نحوه، وقراءة سعيد بن المسيب عندهما: ((نُنْسِها)) ، وقراءة سعد بن أبي وقاص عند شبابة: ((تُنْسِها)) ، وعند عبد الوهاب: ((تنساها)) .
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 242) ، ووقع في المطبوع أن الحديث من رواية أبي حاتم الرازي محمد بن إدريس، ثنا شعبة، عن يعلى، به نحوه هكذا: ((ننساها)) في قراءة سعد، و ((ننسها)) في قراءة سعيد، ولم تضبطا.
وفي الإسناد سقط بين أبي حاتم وشعبة، فإنه لا يمكن أن يكون أدركه، فشعبة توفي سنة ستين ومائة، وأبو حاتم ولادته كانت سنة خمس وتسعين ومائة. انظر "التهذيب" (4 / 345) و (9 / 33) .(2/600)
209- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِيهَا} ، قَالَ: أَوْ نُؤَخِّرُهَا.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَللهِ المَشْرِقُ وَالمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} ]
210- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّ قَوْمًا عُمِّيَتْ عَلَيْهِمُ الْقِبْلَةُ، فَصَلَّى كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ إِلَى نَاحِيَةٍ، ثُمَّ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} .
__________
= [209] سنده صحيح.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 477 رقم 1763) من طريق أبي كُريب ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم، قال: أخبرنا عبد الملك ... ، فذكره، إلا أنه قال: (أو نَنْسَأها) ، وانظر التعليق على الحديث السابق.
[210] سنده ضعيف جدًّا؛ لإرساله، ولضعف حجاج بن أرطأة من قبل حفظه، فإنه صدوق كثير الخطأ والتدليس كما تقدم في الحديث [170] ، ولم يصرح بالسماع هنا، ومع ذلك فقد خولف في إسناده كما سيأتي، والراوي عنه هنا هو إسماعيل بن عياش، وهو ضعيف إذا روى عن غير أهل بلده الشام كما في الحديث [9] ، وحجاج كوفي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 267) وعزاه للمصنف وابن المنذر.
وقد روي الحديث عن عطاء، عن جابر موصولاً.
فأخرجه الدارقطني في "سننه" (1 / 271 رقم 3) .(2/601)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق الواحدي في "أسباب النزول" (ص34) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (2 / 11 - 12) ، في الصلاة، باب: استبيان الخطأ بعد الاجتهاد.
وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 158 - 159) .
ثلاثتهم من طريق أحمد بن عبيد الله بن الحسن العَنْبري، قال: وجدت في كتاب أبي: ثنا عبد الملك العَرْزَمي، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قال: بعث رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - سريّة كنت فيها، فأصابتنا ظلمة؛ فلم نعرف القبلة. فقالت طائفة منا: قد عرفنا القبلة، هي هاهنا قبل الشمال، فصلوا وخَطّوا خَطًّا. وقال بعضنا: القبلة ها هنا قبل الجنوب وخَطّوا خَطًّا، فلما أصبحوا وطلعت الشمس، أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قَفَلْنا من سفرنا؛ سألنا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن ذلك، فسكت، وأنزل الله: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فثم وجه الله} ، أي: حيث كنتم. اهـ. واللفظ للدارقطني.
وقد ضعف البيهقي وابن كثير هذا الإسناد كما سيأتي، وضعفه أيضًا ابن القطان، فإن شمس الحق العظيم آبادي في "التعليق المغني" في حاشية الموضع السابق من "سنن الدارقطني" نقل عن ابن القطان قوله: ((وعلّة هذا: الانقطاع فيما بين أحمد بن عبيد الله وأبيه، والجهل بحال أحمد المذكور، وما مُسَّ به أيضًا عبيد الله بن الحسن العنبري من المذهب على ما ذكره ابن أبي خَيْثمة وغيره)) .
وللحديث طريق آخر عن عطاء.
فأخرجه الحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 13 / أ) ، وهو في المطبوع (1 / 90 - 91 رقم 319) .
والدارقطني في الموضع السابق برقم (4) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 206) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 10) في الصلاة، باب: الاختلاف في القبلة عند التحري. =(2/602)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق داود بن عمرو الضَّبِّي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عن محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر ... ، فذكره بمعنى الحديث السابق، إلا أنه ذكر أنهم كانوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - في مسير أو سفر، وفيه: (فذكرنا ذلك لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلم يأمرنا بالإعادة، وقال: ((قد أجزأت صلاتكم)) ) ، ولم يذكر الآية.
وقد خولف داود بن عمرو في إسناده.
فرواه البيهقي في الموضع السابق من طريق موسى بن مروان الرَّقِّي، عن محمد بن يزيد الواسطي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَزْرَمي، عن عطاء، به.
وأخرجه ابن مردويه أيضًا من طريق العرزمي كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير".
وقد أعلّ الدارقطني الحديث بقوله في "السنن" عقب إخراجه له من طريق محمد بن سالم، قال: ((كذا قال: عن محمد بن سالم! وقال غيره: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن عبيد الله العرزمي، عن عطاء، وهما ضعيفان)) ، يعني محمد بن سالم والعرزمي.
ونقل البيهقي قول الدارقطني هذا وأقرّه.
وسئل الدارقطني في "العلل" (4 / ل 131 / أ) عن هذا الحديث فقال: ((يرويه محمد بن يزيد الواسطي، واختلف عنه. فرواه داود بن عمرو [في الأصل: عمر] ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن سالم، عن عطاء، عن جابر، وَغْيرُهُ يرويه عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ محمد بن عبيد الله العَرْزمي، عن عطاء، عن جابر، وكلاهما ضعيفان)) .
وأما الحاكم فإنه بعد أن أخرج الحديث قال: ((هذا حديث مُحْتجّ برواته كلهم؛ غير محمد بن سالم، فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح)) ، فتعقبه الذهبي بقوله عن محمد بن سالم: ((قلت: هو أبو سهل، واهٍ)) .
وأخرجه البيهقي (2 / 11) ، في الصلاة، باب استبيان الخطأ بعد الاجتهاد، من طريق الحارث بن نَبْهان، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العرزمي، عن عطاء، به. =(2/603)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فالحارث بن نبهان تقدم في الحديث [20] أنه متروك.
وله شاهد من حديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه.
أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص156 رقم 1145) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
وأخرجه الترمذي في "سننه" (2 / 321 - 322 رقم 343) ، في الصلاة، باب ما جاء في الرجل يصلي لغير القبلة في الغيم.
وفي تفسيره سورة البقرة من كتاب التفسير (8 / 292 رقم 4033) .
وابن ماجه (1 / 326 رقم 1020) ، في الصلاة، باب: من يصلي لغير القبلة وهو لا يعلم.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 531 و 532 رقم 1841 و 1843) .
والعقيلي في "الضعفاء" (1 / 31) .
وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 344 رقم 1127) .
والدارقطني في "سننه" (1 / 272 رقم 5) .
ومن طريق الواحدي في "أسباب النزول" (ص34 - 35) .
وأخرجه أبونعيم في "الحلية" (1 / 179) .
جميعهم من طريق أشعث بن سعيد أبي الربيع السَّمَّان، عن عاصم بن عبيد اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عامر بن ربيعة، عن أبيه قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ليلة سوداء مظلمة، فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدًا يصلي فيه، فلما أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، فقلنا: يا رسول الله، لقد صلينا ليلتنا هذه لغيرة القبلة، فأنزل الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ واسع عليم} .
هذا لفظ ابن جرير.
قال الترمذي في الموضع الأول: ((هذا حديث ليس إسناده بذاك، لا نعرفه إلا من حديث أشعث السَّمَّان، وأشعث بن سعيد أبو الربيع السمان يُضعّف في الحديث.(2/604)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} ]
211- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ} ، قَالَ: يَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، أولئك يؤمنون به.
__________
= وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا، قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم استبان له بعد ما صلى أنه صلى لغير القبلة، فإن صلاته جائزة، وبه يقول سفيان الثوري، وابن المبارك وأحمد وإسحاق)) . اهـ.
وقال في الموضع الثاني: ((هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أشعث السمان أبي الربيع، عن عاصم بن عبيد الله، وأشعث يُضعف في الحديث)) . اهـ.
قلت: إنما حسّن الترمذي الحديث لما له من طريق، فإنه بمجموع طرقه السابقة يكون حسنًا لغيره، عدا الطريق الذي أخرجها المصنِّف، فلا تصلح للاستشهاد؛ لشدة ضعفها، والله أعلم.
[211] سنده ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه كما في الحديث [204] ، والحديث صحيح عن مجاهد من غير هذا الطريق.
فهو في "تفسير مجاهد" (ص87) من رواية وَرْقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه، وهي رواية صحيحة سبق الكلام عنها في الحديث [184] ، وانظر الحديث الآتي رقم [584] .
وقد روي عن مجاهد من طرق أخرى.
فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (2 / 567 - 568 رقم 1892 و 1894 و 1895 و 1896 و 1897 و 1898 و 1899) من طريق مغيرة وقيس بن سعد وابن أبي نجيح وأيوب السختياني وأبي الخليل صالح بن أبي مريم، جميعهم عن مجاهد، به بلفظه ونحوه ومعناه.(2/605)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ]
212- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} ، قَالَ: إِنَّهُ سَيَكُونُ فِي ذُرِّيَّتِكَ ظَالِمٌ.
213- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} قَالَ: إِذَا كَانَ ظَالِمًا، فَلَيْسَ بإمام يقتدى به.
__________
[212] سنده ضعيف، وهو نفس الإسناد السابق.
والأثر أخرجه ابن جرير الطبري في "التفسير" (3 / 24 رقم 1962) ، من طريق إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد، عن عتاب، به مثله، إلا أنه قال: (ظالمون) بدلاً من قوله: (ظالم) .
(1) هو مسلم بن خالد المَخْزومي، مولاهم، المكِّي، المعروف بالزَّنْجي، روى عن زيد بن أسلم وأبي طوالة والزهري وداود بن أبي هند وابن جريج وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا ابن وهب والإمام الشافعي وأبو نعيم وعلي بن الجعد وغيرهم، وهو فقيه صدوق كثير الأوهام، وثقه ابن معين، وقال ابن المديني: ((ليس بشيء)) ، وفي رواية عنه قال: ((منكر الحديث، ما كتبت عنه، وما كتبت عن رجل عنه)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الغلط في حديثه، وكان في هديه نعم الرجل، ولكنه كان يغلط)) ، وقال البخاري: ((منكر الحديث ليس بشيء)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بذاك القوي، منكر الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به، تعرف وتنكر)) ، وقال الساجي: ((صدوق كان كثير الغلط)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من فقهاء الحجاز، ومنه تعلّم الشافعي الفقه قبل أن يلقى مالكًا، وكان مسلم بن خالد يخطئ أحيانًا)) ، وقال ابن عدي: =(2/606)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ((حسن الحديث، وأرجو أنه لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة، وله ثمانون سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 183 رقم 800) ، و"الكامل" (6 / 2310 - 2313) ، و"تذكرة الحفاظ" للذهبي (1 / 255) ، و"التهذيب" (10 / 128 - 130 رقم 228) ، و"التقريب" (ص529 رقم 6625) .
ولم أجد من نصّ على أن مسلم بن خالد روى عن ابن أبي نجيح، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما مكِّي، وقد تعاصرا؛ فإن ابن أبي نجيح توفي سنة إحدى أو اثنتين وثلاثين ومائة، ومسلم بن خالد كانت ولادته قريبًا من سنة مائة؛ لأنه توفي سنة ثمانين ومائة وله من العمر ثمانون سنة.
[213] سنده المصنف ضعيف لضعف مسلم بن خالد من قبل حفظه، وابن أبي نجيح وإن كان مدلسًا، إلا أن روايته للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184] ، ولم ينفرد مسلم بن خالد، ولا ابن أبي نجيح بالحديث، فهو صحيح عن مجاهد كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 288) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد وابن جرير فقط.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 21 رقم 1952) من طريق محمد بن عبيد المحاربي؛ عن مسلم بن خالد، به بلفظ: (لا أجعل إمامًا ظالمًا يقتدى به) .
وأخرجه أيضًا برقم (1946 و 1947) من طريق عيسى بن ميمون وشبل بن عباد، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: (لا يكون إمام ظالمًا) .
وأخرجه أيضًا برقم (1953) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، بنحو سابقه.
وأخرجه أيضًا برقم (1951) من طريق سفيان الثوري، عن خصيف، عن مجاهد، به بمثل لفظ مسلم بن خالد عنده.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (1949 و 1950) . =(2/607)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 365 رقم 1188) .
أما ابن جرير فمن طريق سفيان الثوري، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق شريك بن عبد الله القاضي، كلاهما عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله: {قال لا ينال عهدي الظالمين} ، قال: لا يكون إمام ظالم يقتدى به.
هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم بمعناه، وفيه زيادة.
وإسناد ابن جرير صحيح؛ فإنه رواه من طريقين عن سفيان، أحدهما يرويه عن شيخه محمد بن بَشّار بُنْدار، عن أبي عاصم النّبيل، عن سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به.
وهذا إسناد مسلسل بالأئمة الثقات.
فمنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، ومحمد بن بشّار تقدم أنهم ثقات.
والضحاك بن مَخْلد بن الضحاك بن مسلم الشَّيْباني، أبو عاصم النَّبيل، البصري، يروي عن سليمان التيمي وابن عون ومحمد بن عجلان وابن أبي ذئب وابن جريج والأوزاعي وشعبة وسفيان الثوري وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وعلي بن المديني وعمرو بن علي ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وهو ثقة ثبت؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وزاد: ((كثير الحديث، وكان له فقه)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا)) ، وقال حمدان بن علي الوراق: ((ذهبنا إلى أحمد - يعني ابن حنبل - سنة ثلاث عشرة - يعني ومائتين -، فسألناه أن يحدثنا، فقال: تسمعون مني وأبو عاصم في الحياة؟! أخرجوا إليه)) ، وقال عمر بن شبة: ((والله ما رأيت مثله)) ، وقال أبو داود: ((كان يحفظ قدر ألف حديث من جيّد حديثه، وكان فيه مزاح)) ، وقال الخليلي: ((متفق عليه، زهدًا وعلمًا وديانة وإتقانًا)) ، وقال ابن قانع: ((ثقة مأمون)) ، وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائتين، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 463 رقم 2042) ، و"التهذيب" (4 / 450 - 453 رقم 783) ، و"التقريب" (ص280 رقم 2977) . =(2/608)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ]
214- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح وَغَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، مُدَّعى.
215- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُميد الطَّويل، قَالَ: نا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ [ل112/ب] اللَّهِ، لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} ، وَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، يَدْخُلُ عَلَى نِسَائِكَ البَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ أَنْ يَحْتَجِبْنَ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ (1) . وَاجْتَمَعَ نِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ لهن:
__________
[214] سنده صحيح عن مجاهد.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 292) وعزاه للمصنف وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 37 رقم 2004) من طريق إسحاق بن راهويه، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: ((مصلى إبراهيم مُدَّعى)) .
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 445 رقم 972) ، من طريق محمد بن أبي عمر، عن سفيان، به بلفظ: الحج كله مُصَلَّى ومُدّعى.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 372 - 373 رقم 1210) من طريق زكريا بن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، به مثل لفظ المصنِّف.
(1) وهي الآية (53) من سورة الأحزاب، وفيها يقول تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} . =(2/609)
{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ ... } (1) الآية، فنزلت.
__________
(1) وهي الآية (5) من سورة التحريم.
[215] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 289 - 290) وعزاه للمصنف وأحمد والعدني والدارمي والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي دواد في "المصاحف" وابن المنذر وابن مردويه وأبي نعيم في "الحلية" والطحاوي وابن حبان والدارقطني في "الأفراد" والبيهقي.
وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 504 رقم 402) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، و (8 / 660 رقم 4916) في التفسير، باب: {عسى ربه إن طلقكن ... } الآية.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 23 - 24) .
والترمذي في "سننه" (8 / 295 رقم 4038) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 322 رقم 1009) في إقامة الصلاة، باب القبلة.
والنسائي في التفسير من "الكبرى" (2 / 453 رقم 631) ، في تفسير سورة التحريم.
وابن جرير في مسند عمر من "تهذيب الآثار" (1 / 405 رقم 11) ، وفي "التفسير" (3 / 30 رقم 1985) ، و (22 / 39 - الحلبي -) ، و (28 / 164 - الحلبي-) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (1 / 506) .
أما الإمام أحمد فعن هشيم مباشرة، وأما البخاري فمن طريق عمرو بن عون، وأما الترمذي فمن طريق أحمد بن منيع، وأما ابن ماجه فمن طريق محمد بن الصبَّاح، وأما النسائي فمن طريق يعقوب الدَّوْرقي، وأما ابن جرير فمن طريق أبي كريب ويعقوب الدورقي، وأما الإسماعيلي فمن طريق أبي الربيع الزهراني، =(2/610)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن بعضهم اختصره فأورد منه موضع الشاهد، وقد نص الحافظ ابن حجر على أن رواية الإسماعيلي عن يوسف القاضي، عن أبي الربيع الزهراني فيها تصريح حميد بسماعه للحديث من أنس، وقد جاء كذلك أيضًا في رواية يحيى بن أيوب للحديث عن حميد عند البخاري كما سيأتي.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 24 و 36 - 37) عن محمد بن أبي عدي ويحيى بن سعيد.
والدارمي في "سننه" (1 / 375 رقم 1856) عن يزيد بن هارون.
والبخاري في الموضع السابق رقم (402) ، و (8 / 168رقم 4483) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب قَوْلِهِ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مصلى} ، و (8 / 527 رقم 4790) في تفسير سورة الأحزاب من كتاب التفسير، باب: {لا تدخلوا بيوت النبي ... } الآية من طريق يحيى بن أيوب، ويحيى بن سعيد.
وأخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (4037) من طريق حماد بن سلمة.
والفاكهي في "أخبار مكة" (1 / 441 رقم 963) من طريق مروان الفَزَاري.
في تفسير سورة البقرة وسورة الأحزاب، من طريق زكريا بن أبي زائدة وخالد بن الحارث.
وابن جرير الطبري في مسند عمر من "تهذيب الآثار" (1 / 404 و 405 و 406 رقم 10 و 12 و 13 و 14) ، وفي "التفسير" (3 / 30 و 31 رقم 1986 و 1987) ، و (22 / 38 و 39 - الحلبي-) ، و (28 / 164 - الحلبي-) ، من طريق محمد بن أبي عدي، وإسماعيل بن علية، ويزيد بن زُرَيع، وسهل بن يوسف.
جميع هؤلاء، عن حميد، عن أنس، به نحوه، وقد اختصره بعضهم فأورده منه موضع الشاهد فقط.(2/611)
216- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مَوْلَى ابْنِ عَيَّاش (1) : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَاتَّخَذُوا (2) مِنْ مقام إبراهيم مصلى) .
__________
(1) قوله: (عياش) لم تنقط في الأصل فأشبه أن تكون: (عباس) ، لكن المصنف روى الحديثين الآتيين رقم [790 و 791] ، وفيهما: (عياش) منقوطة، وهو أبو جعفر القارئ المدني المخزومي، مولى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشِ بْنِ أبي ربيعة، قيل اسمه يزيد بن القعقاع، وقيل: جندب بن فيروز، وقيل: فيروز، والأول أشهر، روى عن مولاه وعن أبي هريرة وابن عمر وابن عباس وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه الإمام مالك وعبد العزيز بن أبي حازم والدَّرَاوَردي وغيرهم، وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة، وقيل: ثلاثين ومائة، ولم أجد من نصّ على أن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ روى عنه، وروايته عنه محتملة، فإن ابن أبي الزناد ولد سنة مائة للهجرة كما في ترجمته في الحديث رقم [67] ، وكلاهما مدني، وأبو جعفر هذا ثقة؛ وثقه ابن معين والنسائي وابن سعد وزاد: ((قليل الحديث، وكان إمام أهل المدينة في القراءة، فسمي القارئ لذلك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 285 رقم 1207) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1594) ، و"التهذيب" (12 / 58 رقم 225) ، و"التقريب" (ص629 رقم 8021) .
(2) لم تضبط في الأصل، وفيها قراءتان، أما ابن عامر ونافع فقرآ: (واتَّخَذُوا من مقام إبراهيم) - بفتح الخاء -، وحُجَّتهما: أن هذا إخبار عن ولد إبراهيم أنهم اتخذوا مقام إبراهيم مصلى.
وقرأ الباقون: (واتَّخِذوا) - بكسر الخاء -، وحجتهم في ذلك ما ورد في بعض طرق الحديث السابق: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أخذ بيد عمر، فلما أتى على المقام قال له عمر: هذا مقام أبينا إبراهيم - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ: نعم، قال: أفلا نتخذه مصلى؟ فأنزل الله جل وعز: {واتَّخِذوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} . اهـ. بتصرف من "حجة القراءات" لابن زنجلة (ص113) . =(2/612)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} ]
217- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوق، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ: {طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} قَالَ: كَانَتْ فِيهِ أَصْنَامٌ، فأمِرَا (أن) (2) يخرجاها منه.
__________
[216] سنده ضعيف لأجل عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ؛ فإنه صدوق تغير حفظه لما قدم بعداد كما في ترجمته في الحديث [67] ، ولم يتضح لي أن المصنف روى عنه قبل أن يتغير حفظه أو بعده.
(1) هو سلاّم بن سُلَيم.
(2) في الأصل: ((ن)) بلا ألف.
[217] سنده صحيح إن كان سعيد بن مسروق سمع من عطاء؛ فإني لم أجد من نص على أنه ممن روى عنه كما في "تهذيب الكمال" (11 / 62 / المطبوع) ، وسماعه منه محتمل، فإنهما تعاصرا مدّة طويلة، فسعيد بن مسروق تقدم في ترجمته في الحديث [52] أن وفاته كانت سنة ست أو سبع أو ثمان وعشرين ومائة، وعطاء بن أبي رباح تقدم في ترجمته رقم [15] أن وفاته كانت سنة أربع عشرة ومائة أو خمس عشرة، أو سبع عشرة ومائة، وعطاء مكّي، وسعيد بن مسروق كوفي، فاللقاء بينهما ممكن في رحلة أو حج أو عمرة، والله أعلم.
وقول عطاء هذا لم أجد من أسنده عنه سوى المصنِّف، وقد أشار إليه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 374) ، والبغوي في "التفسير" (1 / 114) .(2/613)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ]
218- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: اسْتَرْزَقَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إبراهيمُ لِأَهْلِ الْبَلَدِ لِمَنْ آمَنَ، قَالَ: {وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ} ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَمَنْ كَفَرَ فَإِنِّي أَرْزُقُهُ أَيْضًا؛ أُمَتِّعُهُ قَلِيلًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النار.
__________
[218] سنده صحيح، وانظر ما يتعلق برواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث [184] .
والمصنف روى هذا الأثر من طريق سفيان بن عيينة.
وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 303) .
وقد روي من غير طريق سفيان.
فالحديث في "تفسير مجاهد" (ص88) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عكرمة مولى ابن عباس، بمعنى ما هنا، ثم قال ابن أبي نجيح: ((سمعت هذا من عكرمة، ثم عرضته على مجاهد، فلم ينكره)) .
ومن طريق ورقاء أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 379 رقم 1235 و 1237) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 54 رقم 2036) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد: (ومن كفر فأمتعه قليلاً) يقول: ومن كفر فأرزقه أيضًا، ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ.(2/614)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ} ]
219- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا} ، (قَالَ) (1) : سَأَلَا القبولَ، وَتَخَوَّفَا أَنْ يَكُونَ مِنْهُ شَيْءٌ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمَا.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} ]
220- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب (2) ، أنا خُصَيْف (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ: {رَبَّنَا أَرِنَا مَنَاسِكَنَا} . فَأَخَذَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِيَدِهِ، فَذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَتَى بِهِ الْبَيْتَ، قَالَ: ارْفَعِ الْقَوَاعِدَ، فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ، وَأَتَمَّ الْبُنْيَانَ، فَذَهَبَ بِهِ إِلَى الصَّفا، فَقَالَ: هَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ إِلَى المَرْوة، فَقَالَ: وَهَذَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهِ فَذَهَبَ بِهِ نَحْوَ مِنَى، فَإِذَا هُوَ بِإِبْلِيسَ عِنْدَ العَقَبة، عِنْدَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إبليس حتى قام
__________
(1) في الأصل: (قالا) ، والصواب ما هو مثبت؛ لأن القائل سفيان.
[219] سنده صحيح، عن سفيان بن عيينة من قوله.
(2) هو ابن بشير: تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خُصيف، فإنها منكرة.
(3) هو ابن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ. =(2/615)
عِنْدَ الجَمَرة الْوُسْطَى، فَحَاذَى بِهِ جِبْرِيلُ وَإِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ حَتَّى أَتَى الْجَمْرَةَ القُصْوَى، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: كَبِّر وارْمِه، فكبَّر وَرَمَى، فَذَهَبَ إِبْلِيسُ، وَكَانَ الْخَبِيثُ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ فِي الْحَجِّ شَيْئًا، فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَقَالَ: هَذَا الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ، ثُمَّ ذَهَبَ حَتَّى أَتَى بِهِ عَرَفَاتٍ، فَقَالَ: هَذِهِ عَرَفَاتٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَا أَرَيْتُكَ؟ قَالَ: نَعَمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، قَالَ: فَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ، قَالَ: وَكَيْفَ أؤَذّن؟ قَالَ: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَجِيبُوا رَبَّكُمْ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - فَأَجَابَ الْعِبَادُ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَبَّيْكَ - مَرَّتَيْنِ -، فَمَنْ أَجَابَ إِبْرَاهِيمَ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْخَلْقِ فَهُوَ حَاجٌّ.
فَقَالَ لِي مُجَاهِدٌ: يَا (أَبَا) (1) عَوْنٍ، القَدَرِيَّة لَا يُصَدِّقُون بهذا (2) .
__________
(1) ما بين القوسين ليس في الأصل، وهي زيادة لابد منها، فخصيف بن عبد الرحمن كنيته أبو عون كما في ترجمته في الحديث رقم [204] .
(2) مقصود مجاهد بالقدرية نفاة القدر الذين يقولون إن الأمر أُنُف، وإن الله غير خالق لأكْساب الناس، ولا لشيء من أعمال الحيوانات، ويزعمون أن الناس هم الذين يقْدُرون على أكسابهم، وأنه ليس لله عز وجل في أكسابهم ولا في أعمال سائر الحيوانات صنع وتقدير. انظر "الفرق بين الفرق" للبغدادي (ص114 - 115) .
ومناسبة الكلام هنا: أن من أجاب إبراهيم - عليه السلام - في ذلك الوقت ممن وجد وممن لم يوجد إلا بعد زمنه إلى قيام الساعة ممن كتب الله له أن يجيب، فهو حاج، ومن لا فلا، وهذا لا يُصَدِّق به إلا من كان يؤمن بالقدر، =(2/616)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} ]
221- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك، قَالَ: علِّموا أَوْلَادَكُمْ، وَأَهَالِيَكُمْ، وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الْأَنْبِيَاءِ
__________
= وأما نفاة القدر فلا يعتقدون فيمن حج أن فعله ذلك من قَدَرِ الله، وأنه ممن أجاب دعوة إبراهيم، بل يقولون: إن فعله حادث، ولا دخل له بقدر سابق.
[220] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خُصيف ورواية عتّاب عنه.
والحديث ذكره الحافظ ابن كثير في "التفسير" (1 / 183 - 184) من رواية المصنف، فقال: (قال سعيد بن منصور: أخبرنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْفٍ ... ) فذكر الحديث بنحوه، وفيه اختلاف في بعض الألفاظ، ولم يذكر من قوله: (قَالَ: فأذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ... ) إلخ.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 331 - 332) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والأزرقي، ولفظه نحوه، وفيه بعض الاختلاف، ولم يذكر قول خصيف: (فقال لي مجاهد ... ) إلخ.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 387 رقم 1262) من طريق المصنف سعيد بن منصور، ولفظه هو اللفظ الذي ذكره ابن كثير في "التفسير"، فالظاهر أنه ذكره من رواية ابن أبي حاتم.
وأخرجه الأزرقي في "أخبار مكة" (1 / 69) و (2 / 175 - 176) من طريق عثمان بن ساج: أخبرني خصيف بن عبد الرحمن ... ، فذكره بنحوه.
(1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
[221] سنده ضعيف، جدًّا لشدة ضعيف جويبر.
وأخرجه وكيع بنحوه كما في "الدر المنثور" (1 / 338 - 339) . =(2/617)
الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاءُوا بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ]
222- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قَالَ: ((عَدْلًا)) {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قَالَ: ((يُؤْتَى بِالنَّبِيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ رَجُلٌ لَمْ يتَّبِعْه غيرُه، وَالنَّبِيِّ مَعَهُ الرَّجُلَانِ لَمْ يَتَّبِعْهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُقَالُ لِلنَّبِيِّ: هَلْ بَلَّغْتَ هَؤُلَاءِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ لَهُمْ: هَلْ بلَّغكم؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيُقَالُ لَهُمْ (1) : مَنْ يَشْهَدُ لكم
__________
(1) أي للأنبياء.
[222] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجه البخاري كما سيأتي وفيه عنده تصريح الأعمش بسماع هذا الحديث من أبي صالح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 348 و 349) وعزاه للمصنِّف وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والإسماعيلي والحاكم والبيهقي في "البعث والنشور".
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 454 رقم 11730) . =(2/618)
أنكم قد بلغتم؟ [ل113/أ] فَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَأُمَّتُهُ، فَيَشْهَدُونَ لَهُمْ بِالْبَلَاغِ، فَيُقَالُ لَهُمْ: مَا يُدْرِيكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَخْبَرَنَا نبيُّنا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلَّغوا، فصدَّقنا بِذَلِكَ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، يَقُولُ: عَدْلًا، {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} ، قَالَ: عَلَى هَذِهِ الْأُمَمِ أَنَّهُمْ قد بُلِّغوا)) .
__________
= والإمام أحمد في "المسند" (3 / 9 و 58) .
كلاهما عن أبي معاوية، به، ولفظ الإمام أحمد نحو لفظ المصنف، إلا أنه ذكر الحديث في الموضع الأول إلى قوله: (عدلاً) الأولى، وذكر بقية الحديث في الثاني، وأما ابن أبي شيبة فذكر الحديث بلفظ: ((يدعى نوح يوم القيامة فيقال: هل بَلَّغْتَ؟ فيقول: نعم، فيدعى قومه فيقال: هل بلَّغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، وما أتانا من أحد، قال: فيقال لنوح: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، قال: فذلك قَوْلِهِ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} ، قال: الوسط: العدل، قال: فيدعون، فيشهدون له بالبلاغ، قال: ثم أشهد عليكم بعد)) .
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 296 رقم 4039) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن ماجه في "سننه" (2 / 1432 رقم 4284) في الزهد، باب صفة أمة مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
والنسائي في "التفسير" (1 / 195 و 197 رقم 26 و 27) .
وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 416 رقم 1207) .
ومن طريقه ابن حبان في "صحيحه" (9 / 173 رقم 7172 - الإحسان بتحقيق الحوت -) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / ل 94 / أ) .
أما الترمذي فمن طريق أحمد بن منيع، وأما ابن ماجه فمن طريق أبي كريب وأحمد بن سنان، وأما النسائي فمن طريق هشام بن عبد الملك ومحمد بن آدم =(2/619)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن سليمان، وأما أبو يعلى فمن طريق أبي خيثمة زهير بن حرب، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق الحسن بن عرفة والحسن بن محمد بن الصبّاح وأحمد بن سنان، جميعهم عن أبي معاوية، به مختصرًا إلى قوله: (عدلاً) الأولى، عدا ابن ماجه والنسائي في الموضع الثاني، فإنهما ذكرا باقي الحديث بنحوه.
وذكر الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 172) أن الإسماعيلي أخرجه أيضًا من طريق أبي معاوية.
وأخرجه وكيع في "نسخته" عن الأعمش (ص84 - 85 رقم 26) بمثل لفظ ابن أبي شيبة عن أبي معاوية.
ومن طريق وكيع أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 32) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 94 / أو ب) .
وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص286 رقم 913) .
ومن طريقه الترمذي في الموضع السابق (8 / 297 - 298 رقم 4040) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (13 / 316 رقم 7349) في الاعتصام، باب: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا} .
والترمذي في الموضع السابق برقم (4041) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 143 و 146 رقم 2166 و 2180) .
جميعهم من طريق جعفر بن عون، عن الأعمش، به نحو لفظ ابن أبي شيبة السابق.
وأخرجه البخاري أيضًا (8 / 171 - 172 رقم 4487) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وكذلك جعلناكم أمة وسطًا ... } .
وأبو يعلى في "مسنده" (2 / 397 رقم 1173) .
كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ الأعمش، به كسابقه.
وأخرجه البخاري أيضًا (6 / 371 رقم 3339) في الأنبياء، باب قول الله عز وجل: {ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه} . =(2/620)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ]
223- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، نا أَبُو إِسْحَاقَ الهَمْدَاني (2) ، عَنِ البَرَاء بْنِ عَازِب قَالَ: صلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، حتى نزلت الآية
__________
= والبيهقي في "الأسماء والصفات" (1 / 345) .
كلاهما من طريق عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، به كسابقه.
وأخرجه البخاري أيضًا (13 / 316 رقم 7349) ، من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الأعمش، به كسابقه.
وأخرجه أيضًا من طريق أبي أسامة مقرونًا برواية جرير السابقة.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 142 - 143 و 146 رقم 2165 و 2179) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "الفتح" (8 / 272) .
كلاهما من طريق حفص بن غياث به كسابقه، إلا أن لفظ الإسماعيلي وابن جرير في الموضع الأول مختصر.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 142 و 146 رقم 2167 و 2181) من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به مختصرًا.
(1) هو سَلام بن سُلَيم.
(2) هو السبيعي عمرو بن عبد الله، تقدم في الحديث رقم [1] أنه ثقة، إلا أنه يدلِّس، واختلط في آخر عمره. لكنه صرَّح بالسماع من البراء في بعض الروايات كما سيأتي، وقد روى عنه هذا الحديث شعبة وسفيان الثوري، وهما مما سمع منه قبل الاختلاط، ورواوية شعبة عنه صحيحة وإن لم يصرح أبو إسحاق بالسماع كما تقدم في الحديث [1] . =(2/621)
التي في القِبْلة: {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، فَنَزَلَتْ بَعْدَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَمَرَّ بِأُنَاسٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَهُمْ يصلُّون (3) ، فَحَدَّثَهُمُ الْحَدِيثَ، فَوَلَّوْا وجوههم قِبَلَ البيت.
__________
(3) هذا الرجل هو عبّاد بن بشر بن قَيْظي، وقيل، هو عبّاد بن نَهِيك، وأهل المسجد الذين مرّ بهم قيل: هم من بني سَلِمة، وقيل: من بني حارثة كما في "فتح الباري" (1 / 97 و 506) .
وسيأتي في بعض طرق الحديث أن الصلاة التي مَرَّ عليهم وهم يصلونها:؛ صلاة العصر، وجاء في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري في "صحيحه" (1 / 506 رقم 403) في الصلاة، باب ما جاء في القبلة، قال ابن عمر: بينا الناس بِقُبَاءٍ في صلاة الصبح، إذ جاءهم آت، فقال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجهوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (1 / 506) في تعليقه على هذا الحديث: ((وهذا فيه مغايرة لحديث البراء المتقدِّم؛ فإن فيه أنهم كانوا في صلاة العصر. والجواب: أن لا منافاة بين الخبرين؛ لأن الخبر وصل وقت العصر إلى مَنْ هو داخل المدينة، وهم بنو حارثة، وذلك في حديث البراء، والآتي إليهم بذلك: عبّاد بن بشر، أو: ابن نَهِيك كما تقدم، ووصل الخبر وقت الصبح إلى مَنْ هو خارج المدينة، وهم بنو عمرو بن عوف أهل قُباء، وذلك في حديث ابن عمر، ولم يسمّ الآتي بذلك إليهم، وإن كان ابن طاهر وغيره نقلوا أنه عبّاد بن بشر، ففيه نظر؛ لأن ذلك إنما ورد في حق بني حارثة في صلاة العصر، فإن كان ما نقلوا محفوظًا، فيحتمل أن يكون عبّاد أتى بني حارثة أوّلاً في وقت العصر، ثم توجه إلى أهل قباء، فأعلمهم بذلك في وقت الصبح، ومما يدّل على تعددهما: =(2/622)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أن مسلمًا روى من حديث أنس: أن رجلاً من بني سلمة مرّ وهم ركوع في صلاة الفجر، فهذا موافق لرواية ابن عمر في تعيين الصلاة، وبنو سَلِمة غير بني حارثة)) . اهـ.
[223] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 342) وعزاه لابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبي داود في "ناسخه" والترمذي والنسائي وابن جرير وابن حبان والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 374 رقم 11) في المساجد، باب تحويل القبلة، من طريق أبي الأحوص بنحوه.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص98 رقم 719) فقال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، سمع البراء، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - لما قدم المدينة صلى نحو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثم نزلت عليه هذه الآية: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، فلقد نزلت وإن قومًا يصلون نحو بيت المقدس، فلما سمعوا وهم في الصلاة قلبوا وجوههم نحو الكعبة وهم في الصلاة.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 289) .
والبخاري في "صحيحه" (8 / 174 رقم 4492) في التفسير، باب: (ولكل وجهة هو مُوَلِّيها ... ) الآية.
ومسلم في الموضع السابق رقم (12) .
والنسائي في "سننه" (1 / 242 - 243) في الصلاة، باب: فرض القبلة.
وابن جرير في "تفسيره" (3 / 133 - 134رقم 2152) .
جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، به مختصرًا، وفي رواية أحمد والبخاري ومسلم تصريح أبي إسحاق بسماعه الحديث من البراء.
وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (1 / 242 و 243 - 244) . =(2/623)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأحمد في "المسند" (4 / 283) .
والبخاري في "صحيحه" (1 / 95 رقم 40) في الإيمان، باب الصلاة في الإيمان، و (8 / 171 رقم 4486) في التفسير، باب: {سيقول السفهاء من الناس ... } الآية.
وابن جرير في "التفسير" (3 / 134 و 167 - 168 رقم 2153 و 2222) .
جميعهم من طريق زهير، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده - أو قال: أخواله - من الأنصار، وأنه صلّى قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شهرًا - أو: سبعة عشر شهرًا -، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَلَ البيت، وأنه صلّى أوّل صلاة صلاها: صلاة العصر، وصلّى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمرّ على أهل مسجدٍ وهم راكعون، فقال: أشهد بالله، لقد صلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - قِبَلَ مكة، فَدَارُوا - كما هم - قِِبَلَ البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إِذْ كان يصلي قِبَلَ بيت المقدس، وأهلُ الكتاب. فلمّا وَلَّى وجهه قِبَلَ البيت، أنكروا ذلك.
قال زهير: حدثنا أبو إسحاق، عن البراء في حديثه هذا أنه مات على القِبْلة قَبْلَ أن تُحَوَّلَ رجالٌ وقُتلوا، فلم نَدْرِ ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وما كان الله ليضع إيمانكم} . اهـ. واللفظ للبخاري، ولم يذكر الإمام أحمد في روايته الزيادة التي زادها زهير في آخر الحديث.
وأخرجه أحمد أيضًا (4 / 304) .
والبخاري (1 / 502 رقم 399) في الصلاة، باب: التوجه نحو القبلة، و (13 / 232 رقم 7252) في أخبار الآحاد، باب ما جاء في إجازة خهبر الواحد الصدوق.
والترمذي في "سننه" (2 / 314 - 315 رقم 339) في الصلاة، باب ما جاء في ابتداء القبلة، و (8 / 298 - 299 رقم 4042) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. =(2/624)
224- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فَخَرَجَ رَجُلٌ، فَرَأَى نَاسًا مِنَ الْأَنْصَارِ، يُصَلُّونَ قِبَلَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قِبَلَ الْكَعْبَةِ، فتَحَوَّلوا جميعًا قِبَلَ الكعبة.
__________
= ثلاثتهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، به نحوه مطولاً.
وأخرجه النسائي في الموضع السابق من "سننه" (1 / 243) ، و (2 / 60 - 61) في كتاب القبلة، باب استقبال القبلة، وفي التفسير (1 / 187 رقم 20) ، من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ أبي إسحاق، عن البراء، به نحو لفظ المصنِّف.
وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 322 - 323 رقم 1010) في إقامة الصلاة، باب: القبلة.
وابن جرير في "التفسير" (3 / 133 رقم 2150 و 2151) .
والدارقطني في "سننه" (1 / 273 - 274 رقم 2) .
ثلاثتهم من طريق أبي بكر بن عياش، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، به نحوه، وزاد ابن ماجه في روايته: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((يا جبريل، كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟)) فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضيع إيمانكم} .
وقد دلّس الحديث أبو بكر بن عياش في الرواية الأولى عند الطبري، فرواه عن البراء، وأسقط أبا إسحاق، قال أبو كريب الراوي عنه: فقيل له: فيه أبو إسحاق؟ فسكت.
واختلفت الرواية عن أبي بكر أيضًا في عدد الأشهر، ففي رواية الدارقطني: ستة عشر شهرًا، وفي رواية الطبري: سبعة عشر شهرًا، وفي رواية ابن ماجه: ثمانية عشر شهرًا.
وقد روى الحديث شريك بن عبد الله النخعي القاضي، عن أبي إسحاق، وروايته هي الآتية برقم [225] .
(1) تقدم في الحديث رقم [1] أنه صدوق يخطئ. =(2/625)
225- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ البَرَاء، فِي قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} ، قَالَ: صَلَاتَكُمْ نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ.
__________
[224] سند المصنِّف هنا فيه حُديج، وتقدم بيان حاله، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح؛ مُخَرَّج في الصحيحين كما سبق بيانه في الحديث السابق.
(1) هو ابن عبد الله القاضي، تقدم في الحديث رقم [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا.
[225] سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه، وهو حسن لغيره لمتابعة حُدَيج بن معاوية لشريك كما سيأتي وحُديج فيه ضعف كما في ترجمته في الحديث رقم [1] ، وقد صحّ الحديث من طرق أخرى عن أبي إسحاق كما في الحديث السابق.
وقد ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 353) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص98 رقم 722) .
ومن طريقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 95 / ب) .
وأخرجه الإمام أحمد في "الإيمان" (ل 112 / ب) .
والنسائي في "تفسيره" (1 / 191 رقم 23) .
وابن جرير في "تفسيره" (3 / 167 رقم 2220 و 2221) .
جميعهم من طريق شريك، به، ولفظ الإمام أحمد وابن جرير مثله، ولفظ الطيالسي بنحوه وقَرَن مع شريك حُدَيْج بن معاوية، وأما النسائي فرواه مطولاً، ولفظه: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - نحو بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكان نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يحب أن يصلي نحو الكعبة، فكان يرفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله عز وجل: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} ، قال البراء: والشطر فينا قبلة، وقال في قول الله تعالى: {ليضيع إيمانكم} قال: ما كان الله ليضيع صلاة من مات وهو =(2/626)
226- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ (قَمْطَة) (1) ، قَالَ: رَأَيْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، وَنَظَرَ إِلَى الْكَعْبَةِ مِمَّا يَلِي الميْزَاب، فَقَالَ: هَذِهِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} .
__________
= يصلي نحو بيت المقدس.
وفي رواية زهير وأبي بكر بن عياش للحديث عن أبي إسحاق في الحديث السابق ما يشهد لرواية شريك، ففي رواية زهير التي أخرجها البخاري وغيره، يقول البراء: إنه مات على القبلة قبل أن تُحَّول رجال، وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وما كان ليضيع إيمانكم} .
وفي رواية أبي بكر بن عياش عن ابن ماجه: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((يا جبريل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟)) فأنزل الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ ليضع إيمانكم} .
(1) في الأصل: (قمطر) ، وما أثبته من مصادر التخريج والترجمة.
وهو يحيى بن قَمْطَة الحجازي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى يعلى بن عطاء، وعلى هذا فهو مجهول، وقد سكت عنه البخاري في "تاريخه" (8 / 229 رقم 3080) ، وبيض له ابن أبي حاتم (9 / 181 رقم 751) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 529) .
[226] سنده ضعيف لجهالة يحيى بن قمطة. وأما هشيم فإنه وإن لم يصرح بالسماع، إلا أنه قد تابعه شعبة كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 355) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد بن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في "الكبير" والحاكم في "المستدرك".
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 62) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3 / 178 رقم 2248 =(2/627)
227- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْول، عَنْ أَبِي العَالِية، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} ، قال: تِلْقَاء المسجد الحرام.
__________
= و 2249) .
وأخرجه أحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية المسندة" (ل 13 / أ) ، وهو في المطبوع (1 / 89 رقم 314) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 96 / أ) .
جميعهم من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 177 رقم 2247) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 269) .
كلاهما من طريق شعبة عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ قَمْطَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عبد الله بن عمرو جالسًا في المسجد الحرام بإزاء الميزاب، فتلا هذه الآية: {فلنولينك قبلة ترضاها} قال: نحو ميزاب الكعبة.
هذا لفظ الحاكم، ولفظ ابن جرير مختصر.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
(1) هو رُفَيع - بالتصغير - بن مَهْران، أبو العالية الرِّياحي - بكسر الراء والتحتانية -، مولاهم، البصري، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بسنتين، ودخل على أبي بكر، وصلّى خلف عمر، وروى عن علي وابن مسعود وأبي موسى وغيرهم رضي الله عنهم، روى عنه خالد الحذّاء وداود بن أبي هند ومحمد بن سيرين وثابت البناني وعاصم بن سليمان الأحول وغيرهم، وهو ثقة كثير الإرسال، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال اللالكائي: ((مجمع على ثقته)) ، وكانت وفاته سنة تسعين للهجرة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 510 رقم 2312) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (1 / 416) ، و"التهذيب" (3 / 284 - 286 رقم 539) ، =(2/628)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ]
228- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنْ أَبِي سِنَان (2) ، عَنِ الضَّحّاك بْنِ مُزَاحم، فِي قَوْلِهِ: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} ، قَالَ: لِكُلِّ أَهْلِ دِينٍ قِبلة يُصَلُّون إليها، {فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} ، يقول لهذه الأمة: {أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعًا} ، قال: البر والفاجر.
__________
= و"التقريب" (ص210 رقم 1953) .
[227] سنده صحيح.
والمصنِّف هنا أخرجه من طريق شيخه سفيان بن عيينة.
وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما سيأتي.
فالحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 355) وعزاه لوكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدِّيْنَوَرِي في "المجالسة".
وابن جرير أخرجه في "تفسيره" (3 / 176 رقم 2237) من طريق وكيع عن سفيان الثوري، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن أبي العالية: (شطر المسجد الحرام) ، يعني: تلقاءه.
(1) تقدم في الحديث [81] أنه صدوق.
(2) هو ضِرَار بن مُرَّة، تقدم في الحديث [76] أنه ثقة ثبت.
[228] سنده حسن لذاته.
وقد أشار الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 194) لهذه الرواية عن الضحاك.(2/629)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} ]
229- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: سَمِعْتُ فُضَيْلًا (1) يَقُولُ فِي قَوْلِهِ: {فَاذْكُرُونِي (2) أَذْكُرْكُمْ} ، قَالَ: اذْكُرُونِي بِطَاعَتِي، أَذْكُرْكُمْ بِمَغْفِرَتِي.
230- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ (3) ، عَنْ أَبِي هَانِئٍ الخَوْلاَني (4) ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ (5) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ ذَكَرَ اللَّهَ، وَإِنْ قَلَّتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وَتِلَاوَتُهُ لِلْقُرْآنِ، وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ نَسِيَ اللَّهَ، وَإِنْ كَثُرَتْ صَلَاتُهُ وَصِيَامُهُ وتلاوته القرآن)) .
__________
(1) هو ابن عياض، تقدم في الحديث [85] أنه ثقة عابد إمام.
(2) في الأصل: {اذكروني} .
[229] سنده صحيح إلى فضيل.
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (2 / 580) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: (بمغفرتي لكم) .
(3) هو سعيد بن أبي أيوب مِقْلاص الخُزاعي، مولاهم أبو يحيى المصري، يروي عن أبي هانئ حُميد بن هانئ الخَوْلاني ويزيد بن أبي حبيب وعقيل بن خالد وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وأبو عبد الرحمن المقرئ وغيرهم، وهو ثقة ثبت، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال أحمد: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن وهب: ((كان فهمًا حلوًا)) ، فقيل له: كان فقيهًا؟ فقال: ((نعم والله)) ، وكانت ولادته سنة مائة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح =(2/630)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والتعديل" (4 / 66 رقم 2774) ، و"التهذيب" (4 / 7 - 8 رقم 9) ، و"التقريب" (ص233 رقم 2274) .
(4) هو حُمَيد بن هانئ، أبو هانئ الخَوْلاني المصري، روى عن عمرو بن حريث وأبي عبد الرحمن الحُبُلي وعلي بن رباح وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شريح والليث بن سعد وغيرهم، وهو لا بأس به، قال أبو حاتم: ((صالح)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به، ثقة)) ، وقال ابن عبد البر: ((هو عندهم صالح الحديث لا بأس به)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 231 رقم 1012) ، و"التهذيب" (3 / 50 - 51 رقم 86) ، و"التقريب" (ص182 رقم 1562) .
ولم أجد من نصّ على أن حميد بن هانئ سمع من خالد بن أبي عمران، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فإنهما قد تعاصرا كما يتضح من تاريخ وفاتيهما، وحُميد مصري، وخالد هو مفتي أهل مصر والمغرب كما سيأتي نقله عن ابن يونس.
(5) هو خالد بن أبي عمران التُّجَيْبي، أبو عمر قاضي أفريقية، روى عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر ونافع مولى ابن عمر وحنش الصنعاني وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والليث بن سعد وعمرو بن الحارث وغيرهم، وهو ثقة فقيه، قال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله، وكان لا يدلس)) ، وقال العجلي: ((ثقة)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة لا بأس به)) ، وقال ابن يونس: ((كان فقيه أهل المغرب، ومفتي أهل مصر والمغرب، وكان يقال: إنه مستجاب الدعوة)) ، وذكره ابن حبان في الثقات في أتباع التابعين، ولم يذكروا أنه روى عن أحد من الصحابة، إلا ابن عمر مرسلاً، وعن أبي أمامة، قال أبو حاتم: ((لم يسمع من أبي أمامة)) ، وكانت وفاته بأفريقية سنة تسع وعشرين ومائة، وقيل: سنة خمس وعشرين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص141 رقم 316) ، و"الجرح والتعديل" (3 / 345 رقم 1559) ، و"الثقات" لابن حبان (6 / 262) ، و"جامع التحصيل" (ص205 رقم 164) ، و"التهذيب" (3 / 110 - 111 رقم 205) . =(2/631)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ]
331- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، نُعي إِلَيْهِ أَخُوهُ قُثَم (3) وَهُوَ فِي مَسِيرٍ، فَاستَرْجَعَ، ثُمَّ تَنَحَّى (4) عَنِ الطَّرِيقِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْجُلُوسَ، ثُمَّ قَامَ يَمْشِي إِلَى رَاحِلَتِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لكبيرة إلا على الخاشعين.
__________
[230] سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، فإن خالد بن أبي عمران من أتباع التابعين، والإسناد إليه حسن.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 361) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور، وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه البيهقي في "الشعب" (2 / 579 - 580 رقم 677) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: (وتلاوة القرآن) في كلا الموضعين.
والمصنف هنا أخرج الحديث من طريق شيخه عبد الله بن المبارك.
وابن المبارك أخرج الحديث في "الزهد" (ص17 رقم 70 / زوائد نعيم) ، به مثله.
وله شاهد من حديث واقد مولى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، مرفوعًا بنحوه.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (22 / 154 رقم 413) من طريق الهيثم بن جماز، عن الحارث بن حسان، عن زاذان، عن واقد، به.
لكنه شاهد لا يفرح به، فقد قال الهيثمي في "المجمع" (2 / 258) : ((فيه الهيثم ابن جماز وهو متروك)) .
وعليه، فالحديث باقٍ على شدة ضعفه، والله أعلم.
(1) هو عُيَيْنَة - بتحتانية، مصغّرا - ابن عبد الرحمن بن جَوْشَن - بجيم ومعجمة =(2/632)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مفتوحتين، بينهما واو ساكنة، وآخره نون -، الغَطَفَاني - بفتح المعجمة والمهملة والفاء -، أبو مالك البصري، روى عن أبيه ونافع مولى ابن عمر وعلي بن زيد بن جدعان وغيرهم، روى عنه شعبة وعبد الله بن المبارك وهشيم وإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة وغيرهم، وهو ثقة، قال ابن سعد: ((كان ثقة - إن شاء الله -)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، صالح الحديث)) ، ووثقه ابن معين والعجلي والنسائي وغيرهم، وكانت وفاته في حدود الخمسين ومائة.
انظر "تاريخ الثقات" للعجلي (ص380 رقم 1339) ، و"التهذيب" (8 / 240 - 241 رقم 441) ، و"التقريب" (ص441 رقم 5343) .
(2) هو عبد الرحمن بن جَوْشَن الغَطَفَاني، البصري، روى عن أخيه ربيعة بن جوشن وعن أبي بكرة وابن عباس وسمرة بن جندب وغيرهم، روى عنه ابن عيينة، وعبد الرحمن هذا ثقة من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص338 رقم 3830) ، قال ابن سعد: ((كان ثقة - إن شاء الله تعالى -)) ، ووثقه أبو زرعة والعجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الإمام أحمد: ((ليس بالمشهور)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" (ص290 رقم 942) ، و"التهذيب" (6 / 155 رقم 316) .
(3) هو قُثَم - بضم القاف وفتح المثلثة - ابن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، صحابي صغير مات سنة سبع وخمسين. انظر "الإصابة" (5 / 240 - 421) ، و"التهذيب" (8 / 361 - 362 رقم 641) ، و"التقريب" (ص454 رقم 5523) .
(4) أي تجنَّب الطريق وصار في ناحيه منه. انظر "النهاية" (5 / 30) .
[231] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (2 / 14 رقم 852) من طريق محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، به نحوه.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 163) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر =(2/633)
232- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، نا خَالِدُ بْنُ صَفْوان (1) ، قَالَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: نُعي إِلَيْهِ ابْنٌ لَهُ وَهُوَ يَسِيرُ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ اسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: فَعَلْنَا كَمَا أَمَرَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} ]
233- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نِعْمَ الْعَدْلَانِ، وَنِعْمَتِ الْعِلَاوَةُ (2) : {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ} .
__________
= والبيهقي في "الشعب"، وقد مضى الحديث من غير هذا الطريق برقم [189] ، وسيأتي برقم [232] ، وسندهما ضعيف.
(1) تقدم في الحديث [189] أنه مجهول الحال.
[232] سنده ضعيف لجهالة حال خالد بن صفوان، والحديث مكرر [189] ، لكنه صحيح لغيره بالطريق السابق في الحديث قبله رقم [231] .
(2) قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 197 - 198) في معنى الآية: ((قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ من ربهم ورحمة} هذان العدلان،: {وأولئك هم المهتدون} فهذه العلاوة، وهي ما توضع بين العدلين، وهي زيادة في الحمل، فكذلك هؤلاء أعطوا ثوابهم وزيدوا أيضًا)) . اهـ.
[233] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين مجاهد وعمر بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ فمجاهد كان مولده قبل وفاة عمر بنحو سنتين، ففي "التهذيب" (10 / 43) ذكر أن مولده سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر.
وقد اختلف فيه على منصور كما سيأتي. =(2/634)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 378) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في "كتاب العزاء" وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "الشعب".
وقد أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 270) من طريق جرير، عن منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن سعيد بن المسيب، عن عمر، به نحوه.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (4 / 221 رقم 1484) .
قال الحاكم: ((هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، ولا أعلم خلافًا بين أئمتنا أن سعيد بن المسيب أدرك أيام عمر رضي الله عنه، وإنما اختلفوا في سماعه منه)) .
والحاكم أخرج الحديث من طريق شيخه علي بن عيسى الحيري، عن مسدد بن قطن، عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، به.
ورواية المصنف أرجح من رواية الحاكم.
فشيخ الحاكم علي بن عيسى الحيري لم أجد من ترجمه.
وسفيان بن عيينة، أوثق من جرير بن عبد الحميد كما يتضح من ترجمتهما في الحديثين رقم [7 و 10] .
ولو صحّت زيادة سعيد بن المسيب في سند الحديث لما صح؛ لأن روايته عن عمر مرسلة ولا يصح له سماع منه، إلا أنه رآه على المنبر كما نص على ذلك يحيى القطان وأبو حاتم. انظر "جامع التحصيل" (ص223 - 224) .(2/635)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} ]
234- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: كَانَ عَلَى الصَّفَا وَثَنٌ يُقَالُ لَهُ إِسَاف، وَعَلَى الْمَرْوَةِ وَثَنٌ يُقَالُ لَهُ: نَائِلَة، فَلَمَّا قَدمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ إِنَّمَا كَانُوا يَطُوفُونَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلْوَثَنَيْنِ اللَّذَيْنِ عَلَيْهِمَا، وَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} .
__________
(1) هو ابن أبي هند، وقد سقط من الإسناد هنا شيخ المصنِّف؛ لأن المصنِّف يروي عن داود بواسطة، ففي الحديث رقم [63] روى عنه بواسطة إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وفي الحديث الآتي برقم [258] روى عنه بواسطة هشيم، وفي الحديث [259] روى عنه بواسطة خالد بن عبد الله الواسطي، وفي الحديث رقم [260] روى عنه بواسطة سفيان بن عيينة، ولم يتبيّن لي شيخ المصنِّف هنا، فقد يكون أحد هؤلاء الأربعة، وقد يكون غيرهم.
[234] سند المصنِّف لا يمكن الحكم عليه حتى يتبين شيخه، ولو كان ثقة، لكان الحديث ضعيفًا لإرساله، وسنده صحيح إلى مُرسلة الشعبي كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 385) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وأخرجه الفاكهي في "أخبار مكة" (2 / 241 رقم 1438) .
وابن جرير (3 / 231 - 232 رقم 2336) .
كلاهما من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن داود، به نحوه، إلا أنه قال: (فلما =(2/636)
235- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، نا ابْنُ أَبِي نجيح، عن مجاهد [ل113/ب] ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} ، قَالَ: قَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ السَّعْيَ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَجَرَيْنِ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَنَزَلَتْ: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ} .
__________
= جاء الإسلام رمى بهما) ، ولم يذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وزاد فيه بعد الآية قوله: (فَذُكِّر الصفا من أجل أن الوثن الذي كان عليه مذكّر، وأُنِّثت المروة من أجل أن الوثن الذي كان عليها مؤنث) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع السابق برقم (2335 و 2337) من طريق يزيد بن زريع وإسماعيل بن عليّة، كلاهما عن داود، به نحو اللفظ السابق بدون ذكر الزيادة إلا أن ابن علية زاد قوله: (فجعله الله تطوع خير) .
وقد رواه ابن جرير من طريق شيخه يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن إسماعيل بن عليّة، به.
وهذا إسناد صحيح إلى الشعبي، فإسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة تقدم في الحديث [59] أنه ثقة حافظ. ويعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي ثقة من الحفاظ كما في الحديث [390] .
وذكر الحافظ في "الفتح" (3 / 500) أن إسماعيل القاضي رواه في الأحكام، وصحح الحافظ سنده إلى الشعبي بعد أن عزاه له وللفاكهي.
(1) هو ابن عُلَيِّة.
[235] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله مجاهد، وانظر التفصيل في رواية ابن أبي نجيح لتفسير مجاهد في الحديث [184] .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 385) وعزاه للمصنف وابن جرير وعبد بن حميد.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 235 رقم 2343 و 2344) من طريق ابن علية وعيسى بن ميمون الجُرَشي، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به، ولفظ ابن عليّة مثله، ولفظ عيسى نحوه.(2/637)
[قوله تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ]
236- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قَالَ: الْبَهَائِمُ؛ إِذَا (أسْنَتَتِ) (1) الْأَرْضَ، قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ اللَّهُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ.
237- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأَحْوص (2) ، عَنْ مَنْصُورٍ (3) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قال: دوابّ الأرض.
__________
(1) في الأصل (استَنَتِ) هكذا مضبوطة بتقديم التاء المثناة، وصوابه ما هو مثبت، وكذا جاء في "تفسير الطبري" (3 / 254) ، والمعنى: أجدبت وأصابتها سنة شديدة. انظر "لسان العرب" (14 / 405) .
(2) هو سلاّم بن سُلَيم.
(3) هو ابن المعتمر.
[236 و 237] سنداهما صحيحان، والأول منهما بإسناد الذي قبله.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 391) بنحو لفظ الأول، وعزاه للمصنف وابن جرير، إلا أنه قال: (اشتدت) بدل قوله: (اسنتت) .
والحديث في "تفسير ابن عبد الرزاق" (1 / 57) من طريق المصنف هكذا: ((سعيد بن منصور، عن إسماعيل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} قال: البهائم؛ إذا اشتدت (في الأصل: اشتد) الْأَرْضَ قَالَتِ الْبَهَائِمُ: هَذَا مِنْ أَجْلِ عُصَاةِ بَنِي آدَمَ، لَعَنَ الله عصاتهم)) .
هكذا جاء في "تفسير عبد الرزاق" معلقًا عن سعيد بن منصور، ولم يذكروا أن عبد الرزاق ممن روى عن سعيد كما في "تهذيب الكمال" (11 / 79) ، وهو أعلى طبقة من سعيد، فأخشى أن يكون ذلك مما زيد في "تفسير عبد الرزاق".(2/638)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه مسلم بن خالد الزنجي في "تفسيره" (ص70 رقم 136) عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} -، قال: الإبل والغنم تلعن عصاة بني آدم إذا أجدبت الأرض.
ومن طريق مسلم بن خالد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 255 - 256 رقم 2384) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 102 / ب) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 254 و 255 - 256 رقم 2378 و 2383 و 2383م و 2384) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، وعيسى بن ميمون، وشبل، ومسلم بن خالد، أربعتهم عن ابن أبي نجيح، به نحوه، ومختصرًا، إلا أن لفظه من طريق ابن عُليَّة مثل لفظ المصنف هنا سواء.
وذكره السيوطي في الموضع السابق من "الدر" بلفظ: قال: دواب الأرض: العقارب والخنافس يقولون: إنما منعنا القطر بذنوبهم، فيلعنونهم.
وعزاه السيوطي بهذا اللفظ لعبد بن حميد وابن جرير وأبي نعيم في "الحلية" والبيهقي في "الشعب".
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 255 رقم 2379 و 2381) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 286) .
أما ابن جرير فمن طريق جرير وعمرو بن أبي قيس، وأما أبو نعيم فمن طريق جرير، كلاهما عن منصور، به باللفظ الذي ذكره السيوطي ونحوه.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص53 - 54 رقم 50) عن منصور بن المعتمر، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعنون} ، قال: العقارب والخنافس والدواب يقولون: حبس عنا المطر بذنوب بني آدم.
ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2380) .(2/639)
238- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} ، قَالَ: الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَكُلُّ دَابَّةٍ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي البَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ المُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ]
239- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الأحْوص، نا سَعِيدُ بْنُ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (1) ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ
__________
(1) كذا في الأصل، ولم أجد في هذه الطبقة أحدًا بهذا الاسم، وفي ظني أن فيه تصحيفًا، وأن صوابه: (عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ) فإنه هو الذي يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، ويروي عه خالد بن عبد الله الطحّان الواسطي، وهو ثقة حافظ ربما أخطأ كما في ترجمته في الحديث [119] .
وقد روى ابن أبي حاتم هذا الأثر كما سيأتي، وعنده (عبد الملك) غير منسوب.
[238] سنده فيه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فإن كان ابن سليمان فالإسناد صحيح، وإن كان غيره فالحكم على الحديث متوقف على معرفة حاله.
وقد ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 390) وعزاه لعبد بن حميد فقط.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 102 / ب) من طريق خالد بن عبد الله الواسطي، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، به مثله، إلا أنه قدَّم قوله: (كل دابة) .
(1) هو مسلم بن صُبيح.(2/640)
إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} ، تَعَجَّبَ الْمُشْرِكُونَ، وَقَالُوا: إِلَهًا وَاحِدًا! إِنْ كَانَ صَادِقًا فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} إِلَى قوله: {لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} .
__________
[239] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِلِه أبي الضحى.
والأثر ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 395) وعزاه للمصنف ووكيع وآدم بن أبي إياس وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ في "العظمة" والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه أبو الشيخ في "العظمة" (1 / 252 - 253 رقم 31) من طريق أبي الأحوص، به نحوه.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص54 رقم 51) عن أبيه سعيد بن مسروق، به نحوه.
وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 202) أن وكيعًا أخرجه من طريق سفيان الثوري، وأن آدم بن أبي إياس أخرجه من طريق أبي جعفر الرازي، كلاهما عن سعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، به.
ومن طريق وكيع أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 268 - 269 رقم 2399) بنحوه.
ومن طريق آدم أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 103 / ب) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 346 - 347 رقم 103) .
والثعلبي في "الكشف والبيان" (1 / ل 148 / أ) .
ثلاثتهم بنحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2400 و 2401) من طريق أبي جعفر الرازي، عن سعيد بن مسروق، به نحوه.(2/641)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ]
240- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا فُضَيل بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عُبَيْدِ المُكْتِب (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ} ، قَالَ: الأَوْصال الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا.
241- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عُبَيْد المُكْتِب، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: الْوَصْلُ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ في الدنيا.
__________
(1) هو عُبَيْد بن مِهْران المُكْتِب، الكوفي، يروي عن أبي الطُّفيل ومجاهد والشعبي وغيرهم، روى عن السفيانان وجرير بن عبد الحميد وفضيل بن عياض وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الخامسة كما في "التقريب" (ص378 رقم 4392) ؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي وأبو حاتم وزاد ((صالح الحديث)) ، وزاد ابن سعد: ((قليل الحديث)) اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 2 رقم 1) و"التهذيب" (7 / 74 رقم 159) .
[240 و 241] سنداهما صحيحان.
وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر (1 / 402) وعزاه وكيع وعبد بن حميد وابن جرير، وأبي نعيم في "الحلية".
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 289 رقم 2417) من طريق فضيل بن عياض وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن عبيد المكتب، به بمثل لفظ جرير هنا، إلا أنه قال: (الوصال) .
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" (3 / 285) من طريق فضيل وحده، به بمثل لفظه هنا.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 54 رقم 53) عَنْ عُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به بلفظ: تواصلهم في الدنيا.
ومن طريق سفيان أخرجه ابن جرير برقم (2418 و 2419) . =(2/642)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ]
242- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ (1) ، عَنْ أَبِيهِ (2) ، عَنْ أَبِي مِجْلَز (3) ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} ، قال: النذور في المعاصي.
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 106 / أ) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2420 و 2421) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: ((وتقطعت بهم الأسباب) قال قتادة: المودّة.
وهذا في "تفسير مجاهد" من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه (ص 94) بمثل رواية ابن جرير.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2422) من طريق ابن جريج، عن مجاهد قال: تواصل كان بينهم بالمودة في الدنيا.
(1) هو مُعْتَمر بن سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، أبو محمد البصري، يلقّب: الطُّفيل، روى عن أبيه وحُميد الطويل وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور والإمام أحمد وإسحاق ابن راهويه وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة؛ وثقه ابن سعد وابن معين والعجلي وأبو حاتم وزاد: ((صدوق)) ، وقال الإمام أحمد: ((ما كان أحفظ معتمر ابن سليمان! قلّ ما كنا نسأله عن شيء إلا عنده فيه شيء)) ، وقال يحيى القطان ((إذا حدثكم المعتمر بشيء فاعرضوه؛ فإنه سيء الحفظ)) ، وقال ابن خراش: ((صدوق يخطيء من حفظه، وإذا حدث من كتابه فهو ثقة)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، واختلف في مولده، فقيل سنة مائة، وقيل: سنة ست أو سبع ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (8 / 402 - 403 رقم 1845) و"التهذيب" (10 / 227 - 228 رقم 415) ، و"التقريب" (ص 539 رقم 6785) .
وقول يحيى القطان وابن خراش معارض بقوله من وثقه من الأئمة، ومنهم =(2/643)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الإمام أحمد الذي تعجب من حفظه، ولم يذكر القطان وابن خراش ما يدل على قولهما، وقد يكوةن معتمر أخطأ كما يخطيء غيره مما لا يمكن الحكم عليه من خلاله بما ذُكر، فهذا يحتمل منه لأنه مكثر من الحديث، ولذا فإن الذهبي رحمه الله ذكره في "الميزان" (4 / 142 رقم 8648) وقال: ((أحد الثقات)) ، ثم ذكر قول ابن خراش السابق، فتعقبه بقوله: ((قلت: هو ثقة مطلقًا)) .
(2) هو سليمان بن طَرْخان التَّيْمي، تقدم في الحديث [94] أنه ثقة عابد.
(3) هو لاحقُ بن حميد بن سعيد السَّدُوسي البصري، أبو مِجْلَز - بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام، بعدها زاي - مشهور بكنيته، يروى عن ابن عباس وأنس وجندب بن عبد الله وأم سلمة وغيرهم، روى عنه قتادة وسليمان التيمي وعاصم الأَحْول وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وابن خراش والعجلي وأبو زرعة، وقال ابن عبد البر: ((هو ثقة عند جميعهم)) ، واختُلف في سنة وفاته، فقيل: سنة مائة، أو إحدى ومائة، وقيل: سنة ست، وقيل: تسع ومائة اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 124 رقم 256) و"التهذيب" (11 / 171 - 172 رقم 293) و"التقريب" (ص 586 رقم 7490) .
[243] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 404) وعزاه لعبد بن حميد وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 302 رقم 2444) .
وابن أبي حاتم (1 / 107 / أ) .
كلاهما من طريق جرير، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مجلز، به مثله.(2/644)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ]
243- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ (1) وَلَا عَادٍ} ، قَالَ: غَيْرَ بَاغٍ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَلَا معتدٍ عَلَيْهِمْ، مَنْ خَرَجَ يَقْطَعُ الرَّحِم، أَوْ يَقْطَعُ السَّبِيلَ، أَوْ يُفْسِدُ فِي الْأَرْضِ، فاضْطُرَّ إِلَى المَيْتَة، لَمْ تَحِلَّ لَهُ.
__________
(1) أصل البَغْي: مجاوزة الحدّ، والباغي هو الظالم الجائر. / انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 143 - 144) .
[243] سنده صحيح، ورواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد صحيحة كما سبق بيانه في الحديث [184] .
وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 408) وعزاه المصنف وسفيان ابن عيينة وآدم بن أبي إياس وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ والبيهقي في "المعرفة والسنن".
وقد أخرجه البيهقي في "المعرفة" (2 / 64 / أ) من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 322 رقم 2480) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 108 / ب) .
كلاهما من طريق أبي حذيفة، عن شِبْل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عاد} يقول: لا قاطعًا للسبيل، ولا مفارقًا للأئمة، ولا خارجًا في معصية الله فله الرخصة، ومن خرج باغيًا أو عاديًا في معصية الله، فلا رخصة له وإن اضطرّ إليه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2485) من طريق آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، مثل سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((فله الرخصة ... ) إلخ.
والأثر في "تفسير مجاهد" (ص 94) من رواية أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن القاضي، عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن =(2/645)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن أبي نجيح، به مثل لفظ ابن جرير.
ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن القاضي أخرجه البيهقي في "سننه" (3 / 156) .
في الصلاة، باب لا تخفيف عمن كان سفره في معصية الله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2484) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
كلاهما من طريق القاسم بن أبي بزّة، عن مجاهد قال: (غير باغ) : على الأئمة (ولا عاد) قال: قاطع سبيل.
هذا لفظ ابن جرير، وأما ابن أبي حاتم فلم يذكر قوله: ((ولا عاد ... ) إلخ.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2486) من طريق الحكم، عن مجاهد، بنحو لفظ القاسم السابق عنده.
وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (2 / 999 - 1000 رقم 1076 و 1077) .
وابن جرير برقم (2479) .
كلاهما من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد: ((فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عاد) ،
قال: غير قاطع سبيل، ولا مفارق جماعة، ولا خارج في معصية الله، فله الرخصة.
هذا لفظ ابن جرير، ونحوه أحد لفظي محمد بن نصر، وفيه زيادة.
تنبيه: قال الثعلبي في "تفسيره" (1 / 154 ر ب - 155 / أ) .
((واختلف المفسرون في معنى قوله: {غير باغ ولا عاد} ، فقال بعضهم: (غير باغ) ، أي غير قاطع للطريق، (ولا عاد) مفارق للأئمة، مُشَاقٍّ للأمَّة، خارج عليهم بسيفه. فمن خرج يقطع الرحم، أو يُخيف السبيل، ويفسد في الأرض، أو أَبَقَ من سيّده، أو فرّ من غريمه، أو خرج عاصيًا بأيّ وجه كان، فاضطرّ إلى الميتة، لم يحلّ له أكلها، أو اضطر إلى الخمر عند العطش، لم يحلّ له شربها، =(2/646)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} ]
244- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} ، قَالَ: مَا أَعْمَلَهُمْ بِأَعْمَالِ أَهْلِ النار.
__________
= لا رخصة ولا كرامة. فأما إذا خرج مطيعًا ومباحًا له ذلك، فإنه يرخص له فيه، وهذا قول مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك والكلبي ويمان، وهو مذهب الشافعي رضي الله عنه، قال: إذا أبحنا له ذلك فقد أعنّاه على فساده وظلمه، لكن يتوب ويستبيح ذلك. وقال الآخرون: هذا البغي والعدوان راجعان إلى الأكل، وإليه ذهب أبو حنيفة وأباح تناول الميتة للمضطر وإن كان عاصيًا)) اهـ.
وقال ابن التركماني في "الجوهر النقي" (3 / 156) متعقبًا استشهاد البيهقي بقول مجاهد هذا: ((قلت هذا التفسير على تقدير صحة الاستدلال به من باب المفهوم - وهو مختلف فيه -، ثم يقتضي أن العاصي بسفره لا يأكل الميتة، وليس كذلك، بل يجب عليه، ولو تركه حتى مات كان عاصيًا بالإجماع؛ لأن قتل النفس حرام - وإن لم يتب -؛ إذْ تَرْكُ التوبة لا يبيح قتل نفسه؛ لأن فيه جمعًا بين معصيتين، ولعله يتوب في باقي الحال فتمحو التوبة عنه ما سلف منه ... ، وقد رخصوا للعاصي أن يفطر بالمرض، ويتيمم في سفره، ويمسح على الخفين، ولو تعذر قيامه يصلي جالسًا، ثم تفسير مجاهد معارض لتفسير غيره، قال ابن عباس ومسروق والحسن: غير باغٍ في الميتة ولا عادٍ في الأكل، ومعناه: لا يجاوز حدّ سد الرَّمَق، ولا يرفعها لجَوْعة أخرى، وقيل: ((غير باغ)) : لا يطلب الميتة قصدًا إليها، ولا يأكلها متلذذًا بها، بل لدفع ضرورته، وإذا تعارضت التفاسير في هذه؛ تعيَّن الرجوع إلى عمومات الكتاب والسنة؛ فإنها لم تفصل بين سفر الطاعة والمعصية)) اهـ.
[244] سنده صحيح، وهو نفس إسناد الحديث السابق، وقد أخرجه المصنف من =(2/647)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبَى وَاليَتَامَى وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} ]
245- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُصْعَبُ بْنُ ماهَان، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زُبَيْد الْإِيَامِيِّ (1) ، عَنْ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَآتَى المَالَ عَلَى حُبِّهِ} ، قَالَ: تُؤْتِيهِ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تأمل العيش، وتخشى الفقر.
__________
= طريق شيخه سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره".
فقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 409 - 410) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في "الحلية"، بلفظ: ((والله ما لهم عليها من صبر، ولكن يقول: ما أجرأهم على النار)) .
وقد أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3 / 333 رقم 2511) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 290) .
أما ابن جرير فمن طريق وكيع، وأما أبو نعيم فمن طريق يوسف القطان، كلاهما عن سفيان بن عيينة، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2505 و 2506) من طريق عيسى وشبل كلاهما عن ابن أبي نجيح، به بلفظ: ما أعملهم بالباطل.
وهو بهذا اللفظ في "تفسير مجاهد" (ص 94) من رواية آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح.
وعلقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 109 / ب) بنفس لفظ المصنف، ولم يسنده.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 55 رقم 55) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سليمان، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {فما أصبرهم على النار} قال: ما أجرأهم على النار، قال: ما أحملهم على عمل أهل النار.
1 - هو زُبَيْد - بموحدة، مصغّر-، ابن الحارث بن عبد الكريم بن عمرو =(2/648)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن كعب، اليَامي، ويقال الَأيَامي، أبو عبد الرحمن الكوفي، يروي عن مُرَّة ابن شراحيل وسعد بن عبيدة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وأبي وائل شقيق بن سلمة وإبراهيم النخعي ومجاهد وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وشعبة والثوري ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وهو ثقة ثبت عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، وقال يحيى القطان: ((ثبت)) وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث، وكان في عداد الشيوخ، وليس بكثير الحديث)) ، وقال العجلي: ((ثقة ثبت في الحديث، وكان علويًا)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة ثقة خيار، إلا أنه كان يميل إلى التشيع)) ، وقال شعبة: ((ما رأيت بالكوفة شيخًا خيرًا من زبيد)) ، وقال ابن شبرمة: ((كان يصلي الليل كله)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان من العباد الخُشَّن، مع الفقه في الدين ولزوم الورع الشديد)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقيل: ثلاث وقيل: أربع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 623 رقم 2818) و"التهذيب" (3 / 310 - 311 رقم 578) و"التقريب" (ص 213 رقم 1989) .
[245] سند المصنف فيه مصعب بن ماهان وتقدم في الحديث [145] أنه كثير الخطأ مع كونه صدوقًا عابدًا، إلا انه لم ينفرد به، فالحديث صحيح لغيره كما سيأتي.
وقد ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 414) وعزاه للمصنف وابن المبارك في "الزهد" ووكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في "سننه". وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 66) عن سفيان الثوري به مثله، ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:
ابن جرير في "تفسيره" (3 / 340 - 341 رقم 2522) .
والطبراني في "الكبير" (9 / 93 رقم 8503) .
وأخرجه ابن جرير مقرونًا بالحديث السابق؛ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، =(2/649)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن الثوري.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 110 / ب) من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، به مثله.
فهؤلاء أربعة رواة اتفقوا على روايته على هذه الوجه، وهم مصعب بن ماهان وعبد الرزاق وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع، وكلهم أئمة حفاظ عدا مصعب ابن ماهان فتقدم الكلام عنه.
وخالفهم مخلد بن يزيد وأبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي.
أما مخلد بن يزيد فرواه عن سفيان، عن زبيد، فرفع بعض الحديث، نص على ذلك أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد في زياداته على "الزهد" لابن المبارك (ص 8 رقم 24) .
وأما أبو حذيفة فقال: ثنا سفيان، عن منصور، عن زبيد ... ، فذكره هكذا بزيادة منصور في إسناده بين سفيان وزبيد.
أخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 272) ثم قال: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وذكر الحافظ ابن كثير اختلافًا آخر في رواية الحاكم هذه، فذكر في "التفسير" (1 / 208) أن الحاكم رواه مرفوعًا وحكى عنه تصحيحه له، ثم تعقبه بقوله: ((قلت: وقد رواه وكيع عن الأعمش وسفيان، عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا، وهو أصحّ، والله أعلم)) اهـ. كلامه، وليس في "المستدرك" المطبوع ذكر لرفع الحديث.
وأخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص 8 رقم 24) من طريق شيخه شعبة بن الحجاج، عن زبيد، عن مُرَّةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: (وآتى المال على حبه) قال: وأنت حريص شحيح تأمل الغنى، وتخشى الفقر.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 341 رقم 2523 و 2524) من طريق محمد ابن جعفر غندر، وإبراهيم بن أعين، كلاهما عن شعبة، به، ولفظ غندر =(2/650)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= مثله، ولفظ إبراهيم نحوه.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 190) في الزكاة، باب فضل صدقة الصحيح الشحيح، من طريق يزيد بن هارون، عن شعبة به نحوه.
فهؤلاء أربعة رواة اتفقوا على روايته عن شعبة، عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ موقوفًا عليه، ومنهم ابن المبارك ويزيد بن هارون وغندر، وهم أئمة حفاظ.
وخالفهم أبو النضر هاشم بن القاسم، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ زبيد، فزاد في سنده منصور بن المعتمر.
أخرجه هكذا الحاكم في الموضع السابق مقرونًا برواية سفيان.
وذكره ابن كثير في الموضع السابق في "تفسيره" من رواية الحاكم، وذكره مرفوعًا، والذي في المطبوع إنما هو موقوف.
ورجح ابن كثير الرواية الموقوفة، وسبق نقل كلامه.
فالصواب في روايتي سفيان وشعبة أنها عن زبيد، عَنْ مُرَّةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه، هكذا رواه الحفاظ وهم الأكثر عددًا، ولا عبرة بمن خالفهم، وللحديث طرق أخرى.
فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 340 و 344 رقم 2521 و 2531) من طريق ليث بن أبي سليم ومنصور بن المعتمر، كلاهما عن زبيد، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (1 / 110 / ب) من طريق وكيع، عن الأعمش، عن زبيد، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2529) من طريق السدّي، عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ به نحوه.
ولعل ابن مسعود قد أخذ هذا المعنى من النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه جاء إليه صلى الله عليه وسلم مرفوعًا من حديث أبي هريرة.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 284 - 285 رقم 1419) في الزكاة، باب فضل صدقة الشحيح الصحيح، و (5 / 373 رقم 2748) في الوصايا، باب =(2/651)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ]
246- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مُجَاهِدٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُتِبَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِمُ الْعَفْوُ، فَقَالَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ فِي القَتْلَى الحُرُّ بِالحُرِّ وَالعَبْدُ بِالعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ} ، فَالْعَفْوُ: أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ، {ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، قَالَ: تَخْفِيفٌ مِمَّا كُتِبَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، {فَاتِّبَاعٌ بِالمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} ، وَقَالَ: يَتَّبِعُ هَذَا الْمَعْرُوفَ، وَيُؤَدِّي إليه هذا بإحسان.
__________
= الصدقة عند الموت.
ومسلم (2 / 716 رقم 92 و 93) في الزكاة، باب بيان أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح.
كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: ((أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان)) .
[246] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجه البخاري كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 420) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. =(2/652)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنحاس في "ناسخه" وابن حبان والبيهقي.
ونقله الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 210) عن المصنف بمثله إلى قوله تعالى {من أخيه شيء} ثم قال: فَالْعَفْوُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ فِي العمد، ذلك تخفيف مما كتب على بني إسرائيل من كان قبلكم، {فاتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان} اهـ ولم يذكر بقية الحديث.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 67) عن شيخه سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أنه قال: (ولم تكن الدية) بدل قوله: (ولم يكن فيهم العفو) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "ناسخه" (ص 21) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 176 - 177 رقم 4498) في تفسيره سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم القصاص ... } الآية، و (12 / 205 رقم 6881) في الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 213 رقم 34) وفي "السنن" (8 / 36 - 37) في القسامة، باب تأويل قوله عز وجل: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شيء ... } الآية.
وابن جرير في "تفسيره" (3 / 367 رقم 2573) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (12 / 208) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 112 / أ، و 113 / أ، وب) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 237) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 51 و 52) في الجنايات، باب الخيار في القصاص.
أما البخاري فمن طريق الحميدي وقتيبة بن سعيد، وأما النسائي فمن طريق العلاء بن عبد الجبار والحارث بن مسكين، وأما ابن جرير فمن طريق أبي كريب وأحمد بن حماد الدولابي، وأما الإسماعيلي فمن طريق أبي كريب وغيره، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يونس بن عبد الأعلى، وأما الحاكم فمن طريق ابن أبي عمر، وأما البيهقي فمن طريق الإمام الشافعي وعلي بن عبد الله المديني، جميعهم =(2/653)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن سفيان بن عيينة، به نحوه، إلا أن لفظ ابن جرير والحاكم مختصر، وأما ابن أبي حاتم فقطّع الحديث في المواضع الثلاثة.
وتابع سفيان محمد بن مسلم.
أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2575) .
وابن حبان في "صحيحه" (7 / 601 رقم 5987 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
كلاهما من طريق محمد بن مسلم، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مجاهد، عن ابن عباس به بنحوه وفيه اختصار.
وخالف سفيان ومحمد بن مسلم حماد بن سلمة، فرواه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جابر بن زيد، عن ابن عباس.
أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2574) .
والحاكم في المستدرك (2 / 273) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، وسكت عنه الذهبي.
ورواية حماد بن سلمة هذه شاذة لمخالفتها لروايتي سفيان ومحمد بن مسلم، وهم أكثر عددًا، وسفيان أوثق من حماد وقد رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ كما سيأتي، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر في "النكت الظراف" (5 / 223) حيث قال:
وقلت: وافق ابن عيينة محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، أخرجه الطبري، وكذا رواه ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وخالف الجميع حماد بن سلمة؛ فقال: عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جابر بن زيد، عن ابن عباس، أخرجه الطبري، والأول هو المحفوظ)) اهـ.
أما رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، فأخرجها:
عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 67) .
ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص 21) . =(2/654)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى المُتَّقِينَ} ]
247- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} -، (قَالَ: كَانَتِ الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (2) ، فَنُسخ مِنْ ذَلِكَ: (لِلْوَالِدَيْنِ) (3) ، وَأُثْبِتَ لَهُمَا نَصِيبُهُمَا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ (4) ، ونُسخ مِنَ الْأَقْرَبِينَ كلُّ وَارِثٍ (5) ، (وَبَقِيَتِ الْوَصِيَّةُ) (6) لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يرثون.
__________
= وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 367 - 368 رقم 2577) .
والطبراني في "معجمه الكبير" (11 / 94 رقم 11155) .
أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن جرير فمن طريق عيسى بن ميمون، وأما الطبراني فمن طريق أبان بن تغلب، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مجاهد، عن ابن عباس، به نحوه.
(1) هو ابن عبيد؛ تقدم في الحديث [116] أنه ثقة ثبت فاضل ورع.
(2) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.
(3) في الأصل: (الوالدين والأقربين) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي".
(4) في الآية (11) ، وهي قوله سبحانه: {يوصيكم الله في أولادكم ... } إلى قوله: {ولأبويه لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس ... } الآية.
(5) لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وصية لوارث)) وهو حديث صحيح بمجموع طرقه؛ روي من =(2/655)
248- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شَرِيكٍ الْمَكِّيِّ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيكة (2) ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ لَهَا رَجُلٌ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ؟ قَالَتْ: كَمْ مَالُكَ؟ (قَالَ) (3) : ثَلَاثَةُ آلَافٍ، قَالَتْ: كَمْ عِيَالُكَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ، قَالَتْ: قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ، وَإِنَّ هَذَا الشَّيْءَ يَسِيرٌ، فَاتْرُكْهُ لعيالك، فهو أفضل.
__________
= طريق جمع من الصحابة، وسيأتي الكلام عنه في الحديث [253] .
(6) في الأصل (والوصية) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي".
[247] سنده صحيح.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، أخرجه من طريق المصنف به عن الحسن - في آية الوصية - قال: كانت الوصية ... ، فذكره مثله هكذا ولم يذكر الآية.
وأخرجه ابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص 164 - 165) من طريق الإمام أحمد قال: حدثنا هشيم ... ، فذكره بنحوه.
(1) هو محمد بن شريك، أبو عثمان المكِّي، يروي عن عمرو بن دينار وعطاء بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَابْنِ أَبِي مليكة وغيرهم، روى عنه وكيع وأبو معاوية وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة والدارقطني وكانت وفاته سنة ثمان وستين ومائة. / انظر "الجرح والتعديل" (7 / 284 رقم 1536) و"التهذيب" (9 / 221 - 222 رقم 348) و"التقريب" (ص 483 رقم 5957) .
(2) هو عبد الله بن عبيد الله، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة فقيه.
(3) في الأصل: ((قالت) ، والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" حيث روى الحديث من طريق المصنف.(2/656)
249- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ (1) ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبي قَالَ: مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ مَالٍ يَتْرُكُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ؛ يغنيهم عن الناس.
__________
= [248] سنده صحيح.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 423) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف به مثله، إلا أنه قال: (قال الله سبحانه) ، و: ((إن هذا لشيء يسير) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 208 رقم 10993) من طريق أبي معاوية به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (9 / 63 رقم 16354 و 16355) من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير وأم منصور بن عبد الرحمن، عنها رضي الله عنها بمعناه، إلا أنه ذكر أن المال أربعمائة دينار.
(1) هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي - بفتح المهملة وكسر الموحدة - أخو إسرائيل، كوفي نزل الشام مرابطًا روى عن أبيه وأخيه إسرائيل وسليمان التَّيْمي وهشام بن عروة والاعمش وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبد الله بن وهب وإسحاق بن راهويه ومسدَّد وعلي بن المديني وأبو بكر بن أبي شيبة والحسن ابن عرفة وغيرهم، وهو ثقة مأمون، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وابن خراش، وقال عبد الله بن أحمد: سألت أبي: أيما أصح حديثًا، عيسى بن يونس، أو أبوه يونس بن أبي إسحاق؟ فقال: لا، بل عيسى أصح حديثًا، فقلت له: عيسى، أو أخوه إسرائيل؟ قال: ما أقربهما. قلت: ما تقول فيه؟ قال: مثل عيسى بن يونس يسئل عنه؟!
وقال عثمان بن سعيد الدارمي: سألت يحيى بن معين: أبو معاوية أحب إليك =(2/657)
250- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ (1) ، قَالَ: نا ابْنُ جُرَيج (2) ، عَنْ لَيْث، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِذَا تَرَكَ الْمَيِّتُ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلَا يُوصِي.
__________
= في الأعمش أو عيسى بن يونس؟ فقال: ((ثقة وثقة)) . وقال حرب بن إسماعيل: سئل على بن المديني عن عيسى بن يونس فقال: ((بخ بخ ثقة مأمون)) .
وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة وكان يسكن الثغر، وكان ثبتًا في الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((حافظ)) ، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائة، وقيل سنة إحدى وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 291 - 292 رقم 1618) و"التهذيب" (8 / 237 - 240 رقم 439) و"التقريب" (ص 441 رقم 5341) .
[249] سنده صحيح.
(1) هو عبد الله.
(2) هو عبد الملك بن عبد العزيز.
[250] سنده ضعيف لضعف لَيْث بن أبي سُلَيم، وابن جريج مدلِّس ولم يصرح بالسماع.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 423) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف، به مثله.
والأثر في "مصنف ابن أبي شيبة" (11 / 207 رقم 10990) من طريق ابن جريج، به مثله، لكن ذكر المحقق أنه استدرك المتن من "سنن البيهقي"، وأما الأصل عنده فذكر أنه بياض.(2/658)
251- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: نا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: دَخَلَ عَليٌّ عَلَى صَدِيقٍ لَهُ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: (إِنِّي) (2) أُرِيدُ أَنْ أُوصِيَ؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} ، وَإِنَّكَ إِنَّمَا تَدَعُ شَيْئًا يَسِيرًا، فَدَعْهُ لِعِيَالِك، فهو أفضل.
__________
(1) هو هشام بن عروة بن الزُّبير بن العَوَّام الأسَدي، روى عن أبيه وعمِّه عبد الله بن الزبير وابن عمه عبّاد بن عبد الله بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن المنكدر وغيرهم، روى عنه عبيد الله بن عمر ومعمر وابن جريج والإمام مالك والسفيانان والحَمَّادان ووكيع وأبو معاوية وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا كبير الحديث حجة)) ، ووثقه العجلي، وقال أبو حاتم: ((ثقة إمام في الحديث)) ، وقيل لابن معين: هشام أحب إليك عن أبيه، أو الزهري؟ قال: ((كلاهما)) ، ولم يفضِّل، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((كان متقنًا ورعًا فاضلاً حافظًا)) ، وكانت وفاته سنة ست وأربعين ومائة، وقيل: سنة خمس، وقيل: سنة سبع وأربعين ومائة، وقد بلغ سبعًا وثمانين سنة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 63 - 64 رقم 249) ، و"التهذيب" (11 / 48 - 51 رقم 89) .
وقد تُكُلِّم في هشام، فقيل إنه مدلس، وقيل إنه اختلط.
قال يعقوب بن شيبة: ((ثقة ثبت، لم ينكر عليه شيء إلا بعد ما صار إلى العراق، فإنه انبسط في الرواية عن أبيه، فأنكر ذلك عليه أهل بلده، والذي نرى أن هشامًا تسهّل لأهل العراق؛ إنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعته منه، فكان تسهُّله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه)) .
وقال ابن خراش: ((كان مالك لا يرضاه، وكان هشام صدوقًا تدخل أخباره في الصحيح بلغني أنه مالكًا نقم عليه حديثه لأهل العراق؛ قدم الكوفة ثلاث مرات، قدمة كان يقول: حدثني أبي، قال: سمعت عائشة، وقدم الثانية فكان =(2/659)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يقول: أخبرني أبي، عن عائشة، وقدم الثالثة فكان يقول: أبي، عن عائشة)) - يعني يرسل عن أبيه -.
ورماه بالاختلاط أبو الحسن بن القطان.
وقد ردّ ذلك كله الحافظ الذهبي، فقال في "الميزان" (4 / 301 - 302 رقم 9233) : ((هشام بن عروة، أحد الأعلام، حجة إمام، لكن في الكِبَر تناقص حفظه ولم يختلط أبدًا، ولا عبرة بما قاله أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل ابن أبي صالح اختلطا وتغيّرا. نعم، الرجل تغير قليلاً ولم يبق حفظه كهو في حال الشبيبة، فنسي بعض محفوظه أَوْ وَهِم، فكان ماذا؟ أهو معصوم من النسيان؟
ولما قدم العراق في آخر عمره حدَّث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك أحاديث لم يجِّودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات، فَدَعْ عنك الخَبْط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين؛ فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا ابن القطان! وكذا قول عبد الرحمن بن خراش ... )) ، ثم ذكر قوله السابق.
وقال في "سير أعلام النبلاء" (6 / 34 - 36) :
((الإمام الثقة، شيخ الإسلام ... )) ، ثم ذكر قول يعقوب بن شيبة وابن خراش، ثم قال: ((قلت: الرجل حجّة مطلقًا، ولا عبرة بما قاله الحافظ أبو الحسن بن القطان من أنه هو وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيّرا، فإن الحافظ قد يتغير حفظه إذا كبر، وتنقص حدّة ذهنه، فليس هو في شيخوخته كهو في شبيته، وما ثمّ أحد بمعصوم من السهو والنسيان، وما هذا التغيّر بضار أصلاً، وإنما الذي يضرّ الاختلاط، وهشام فلم يختلط قط، هذا أمر مقطوع به، وحديثه محتج به في الموطأ والصحاح والسنن، فقول ابن القطان: ((إنه اختلط)) قول مردود مرذول، فأرني إمامًا من الكبار سلم من الخطأ والوهم. فهذا شعبة - وهو في الذِّروة - له أوهام، وكذلك معمر، والأوزاعي، ومالك - رحمه الله - =(2/660)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عليهم ... )) ، ثم ذكر قول يعقوب بن شيبة مرة أخرى (6 / 46) ، فتعقبه قائلاً: ((قلت: في حديث العراقيين عن هشام أوهام تُحتمل، كما وقع في حديثهم عن معمر أوهام)) . اهـ.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر هشامًا في الطبقة الأولى من "طبقات المدلسين" (ص46 رقم 30) وهم: من لم يوصف بالتدليس إلا نادرًا كيحيى بن سعيد الأنصاري كما صرح بذلك في مقدمته (ص23) ، وهذه الطبقة والتي تليها قد احتمل الأئمة تدليسهم، وأخرجوا لهم في الصحيح لإمامتهم وقلة تدليسهم في جنب ما رووا، أو لكونهم لا يدلسون إلا عن ثقة.
(2) في الأصل: (ان) .
[251] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عروة بن الزبير وعلي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه، فإن روايته عنه مرسله كما قال أبو حاتم وأبو زرعة. انظر "العلل" لابن أبي حاتم (1 / 54) ، و"المراسيل" له أيضًا (ص149 رقم 273) ، و"جامع التحصيل" (ص289) .
وقد حكم الذهبي على هذا الحديث بالانقطاع كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 422 - 423) وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 270) في الوصايا، باب من استحب ترك الوصية إذا لم يترك شيئًا كثيرًا استبقاء على ورثته، أخرجه من طريق المصنف، وأحال البيهقي بعض متنه على الطريق الذي قبله عنده، وهو طريق أبي خالد الأحمر عن هشام، ثم ذكر الباقي من قوله: (فقال له علي ... ) إلخ، بمثل لفظ المصنف.
وأخرجه عبد الرزاق في "التفسير" (1 / 68) ، وفي "المصنف" (9 / 62 =(2/661)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رقم 16351) ، من طريق معمر، عن هشام، به نحوه، إلا أنه قال: ((مولى لهم)) بدلاً من قوله: ((صديق له)) ، ولم يذكر قوله: ((فدعه لعيالك ... )) إلخ، وزاد في المصنف، قوله: ((وكان له سبعمائة درهم)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "التفسير" (3 / 395 رقم 2678) .
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص55 رقم 57) عن هشام، به نحوه، إلا أنه ذكر أن الرجل من بني هاشم، ولم يذكر مقدار المال.
ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في الموضع السابق برقم (16352) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 208 رقم 10992) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 273 - 274) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق.
كلاهما من طريق أبي خالد الأحمر، عن هشام، به نحوه، وذكر أن الرجل من بني هاشم.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)) ، فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: فيه انقطاع)) .
ومقصد الذهبي بالانقطاع: بين عروة بن الزبير وعلي رضي الله عنه كما سبق بيانه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 394 و 395 رقم 2765 و 2676) من طريق حماد بن سلمة وعثمان بن الحكم الحزامي وابن أبي الزِّناد، ثلاثتهم عن هشام، به نحوه، إلا أن حمادًا قال في روايته: ((دخل على ابن عم له يعوده)) ، =(2/662)
252- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قال: نا يونس (1) ، [ل114/أ] عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ ثُمَّ قَالَ: قد نُسخ هذا.
__________
= وزاد في آخره: ((وكان ترك من السبعمائة إلى التسعمائة)) ، وأما الآخران فقالا: ((دخل على رجل مريض)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 114 / ب) من طريق عبده بن سليمان، عن هشام، به نحو رواية عثمان وابن أبي الزناد السابقة عند ابن جرير.
(1) هو ابن عبيد، تقدم في الحديث [116] أنه ثقة ثبت فاضل ورع.
[252] سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" من طريق عطاء عن ابن عباس كما سيأتي.
وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 423 - 424) وعزاه للمصنف وأحمد وعبد بن حميد وأبي داود في "الناسخ والمنسوخ" وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "سننه".
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 391 رقم 2652) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 273) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب من قال بنسخ الْوَصِيَّةُ لِلْأَقْرَبِينَ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ وجوازها للأجنبين، و (7 / 427 - 428) في العدد، باب عدة الوفاة.
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن يونس، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2653) من طريق عطية بن سعد العوفي، عن ابن عباس، قوله: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) : نسخت الفرائضُ التي للوالدين والأقربين الوصيةَ.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (2642 و 2464 و 2647) من طريق ابن جريج، عن عكرمة، ومعاوية بن صالح، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، كلاهما عن ابن عباس، ولفظ رواية عكرمة: عن ابن عباس قوله: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) ، وقال: نسخ من يرث، ولم ينسخ الأقربين الذين لا يرثون، وبمعناه لفظ رواية علي.
وله طريق آخر عن عكرمة.
أخرجه أبو داود في "سننه" (3 / 290 رقم 2869) في الوصايا، باب ما جاء =(2/663)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= في نسخ الوصية للوالدين والأقربين أخرجه من طريق يزيد النحوي، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ والأقربين) ، فكانت الوصية كذلك حتى نسختها آية الميراث.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (5 / 372 رقم 2747) في الوصايا، باب لا وصية لوارث، و (8 / 244 رقم 4578) في التفسير، باب (ولكم نصف ما ترك أزواجكم) ، و (12 / 23 رقم 6739) في الفرائض، باب ميراث الزوج مع الولد وغيره، أخرجه من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قال: كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع.
ومن طريق ابن أبي نجيح أخرجه أيضًا الدارمي في "سننه" (2 / 302 رقم 3265) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 263) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين ...
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 115 / أ) .
والنحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص23) .
كلاهما من طريق حجّاج بن محمد، عن ابن جريج وعثمان بن عطاء، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به، بنحو رواية البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5 / 372) عن حديث ابن عباس هذا: ((هو موقوف لفظًا، إلا أنه في تفسيره إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن، فيكون في حكم المرفوع بهذا التقرير)) . اهـ. والله أعلم.(2/664)
253- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْوَصِيَّةَ كَانَتْ قَبْلَ الْمِيرَاثِ، فَلَمَّا نَزَلَ الْمِيرَاثُ نَسَخَ الميراثُ مَنْ يَرِثُ، وَبَقِيَتِ الوصيةُ لِمَنْ لَا يَرِثُ، فَهِيَ ثَابِتَةٌ، فَمَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَةٍ (2) ، لَمْ تَجز وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لَا تَجُوزُ لوارث وصيّة)) .
__________
(1) هو عبد الله بن طاوُس بن كَيْسان اليماني، أبو محمد الأبْناوي، روى عن أبيه وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن شعيب وغيرهم، روى عنه ابناه طاوس ومحمد ومعمر وابن جريج والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة فاضل عابد روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص308 رقم 3397) ؛ فقد وثقه العجلي وأبو حاتم، وقال النسائي والدارقطني: ((ثقة مأمون)) ، وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: ((كان من خيار عباد الله، فَضْلاً ونُسكًا ودينًا)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 88 - 89 رقم 405) ، و"التهذيب" (5 / 267 - 268 رقم 458) .
(2) أي ممن لا يرث من قرابته المحتاجين، فهم أحق بالوصية من غيرهم على هذا القول كما يتضح من التخريج.
[253] سنده صحيح عدا المرفوع منه، فإنه ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وقد روي عن ابن طاوس موصولاً، ولا يصحّ، ومتن الحديث صحيح؛ يشهد له الحديث السابق وما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 423) مختصرًا، وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد فقط.
وقد أخرجه المصنف في الوصايا من "السنن" المطبوع (1 / 93 رقم 358) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه وقع هناك: ((قرابته)) .
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، أخرجه من الطريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه قال: ((نسخ من =(2/665)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يرث)) ، ولم يذكر بقية الحديث من قوله: ((لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ... )) إلخ.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 81 - 82 رقم 16426) من طريق معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: من أوصى لقوم وسمّاهم وترك ذوي قرابته محتاجين، انتزعت منهم ورُدّت على ذوي قرابته، فإن لم يكن في أهله فقراء، فلأهل الفقراء من كانوا، وإن أوصى ... الذي وصّى لهم بها. اهـ. كذا لفظه في المطبوع من المصنف، وواضح أن في النص سقطًا.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا برقم (16427) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 166 رقم 10832) .
كلاهما من طريق ابن جريج، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، قال: كان لا يرى الوصية إلا لذوي الأرحام أهل الفقر، فإن أوصى بها لغيرهم، نزعت منهم، فرُدَّت إليهم.
فإن لم يكن فيهم فقراء، فلأهل الفقر من كانوا، وإن بقي أهلها إلا من يوصي لهم.
هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما عبد الرزاق فعطفه على لفظ معمر السابق.
وأخرجه عبد الرزاق أيضًا (9 / 87 رقم 16450) .
وابن أبي شيبة (11 / 151 رقم 10774) .
أما عبد الرزاق فمن طريق معمر وابن جريج، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق ابن جريج فقط، كلاهما عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قال: يرجعون [يعني ذوي الأرحام] إن شاؤا. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة، ولفظ عبد الرزاق بمعناه.
وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (4 / 1570) .
والدارقطني في "سننه" (4 / 98 رقم 92) كلاهما من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة، عن محمد بن مسلم الطائفي، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لا وصية لوارث)) .
قال الشيخ ناصر الدين الألباني في "إرواء الغليل" (6 / 89) : ((وهذا إسناد حسن كما قال الحافظ في التلخيص)) . اهـ. =(2/666)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ولم يذكر الشيخ من أخرج الحديث، وساقه هكذا: (وأما حديث عبد الله بن عباس فيرويه محمد بن مسلم، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ عنه مرفوعًا: لا وصية لوارث) . اهـ. ولم يذكر مَنْ دون محمد بن مسلم وهو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة الذي هو آفة الحديث.
وهو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ ربيعة بن قُدَامة بن مظعون، أبو محمد المِصِّيصي، وينسب في كثير من الروايات إلى جده كما قال الخطيب البغدادي، وهو ضعيف، ذكره ابن حبان في "المجروحين" (2 / 39 - 40) وقال: ((كان تُقلب له الأخبار فيجيب فيها، كان آفته ابنه، لا يحلّ ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، ولعله أُقلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثًا فحدث بها كلها، وعن إبراهيم بن سعد الشيء الكثير)) ، وذكره ابن عدي في "الكامل" (4 / 1569 - 1571) ، وذكر بعض الأحاديث التي انتقدت عليه ومنها هذا الحديث، ثم قال: ((عامة حديثه غير محفوظة، وهو ضعيف على ماتبين لي من رواياته واضطرابه فيها، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا فأذكره)) ، وضعفه الدارقطني، وقال الحاكم والنقاش: ((روى عن مالك أحاديث موضوعة)) ، وقال الخليلي: ((أخذ أحاديث الضعفاء من أصحاب الزهري فرواها عن مالك)) ، وقال أبو نعيم: ((روى المناكير)) ، وقال ابن عبد البر: ((خراساني روى عن مالك أشياء انفرد بها لم يتابع عليها، على أن القدماء ما رأيتهم ذكروه)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 488 - 489 رقم 4544) وقال: ((أحد الضعفاء، أتى عن مالك بمصائب)) ، وانظر "لسان الميزان" (3 / 334 - 336 رقم 1382) .
وعليه فالحديث من هذا الطريق منكر لضعف ابن ربيعة القُدامى هذا، ومخالفته الثقات الذين رووه مرسلاً، ورواه هو موصولاً، ولذا فإن ابن عدي لما أخرجه قال: ((وهذا غريب من هذا الطريق لا أعلم رواه غير القُدامى، ولم أكتبه إلا عن إسحاق الكوفي هذا)) . اهـ.
وأخرجه المصنف سعيد بن منصور في المطبوع من "سننه" (1 / 108 رقم 429) =(2/667)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقال: نا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حجير، عن طاوس، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((لَا تَجُوزُ وصية لوارث)) وهذا أيضًا ضعيف لإرساله، وهو مما يؤكد أن الصواب في الحديث الإرسال.
وأما قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا وصية لوراث)) ، فصحيح بمجموع طرقه؛ روي من حديث أبي أمامة، وخارجة بن عمرو، وعمرو بن خارجة، وأنس بن مالك، وابن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم، وورد مرسلاً عن بعض التابعين، وقد جمع طرق هذه الأحاديث أو بعضها الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 403 - 405) ، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (3 / 106 - 107) ، والشيخ الألباني في "إرواء الغليل" (6 / 87 - 98) ، وأحسنها إسنادًا حديث أبي أمامة، وأما بقية الأحاديث فلا يخلو شيء منها من مقال؛ يقول الحافظ ابن حجر في "الفتح" (5 / 372) : ((ولا يخلو إسناد كل منها من مقال، لكن بمجموعها يقتضي أن للحديث أصلاً)) . اهـ. قلت: ويشهد لمعناه حديث ابن عباس المتقدم برقم [252] .
وأما حديث أبي أمامة، فقال سعيد بن منصور (1 / 107 رقم 427) : نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: حدثني شُرَحْبيل بن مسلم الخَوْلاني، قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع: ((ألا إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث ... )) الحديث.
وهذا إسناد حسن.
شُرَحْبيل بن مسلم بن حامد الخَوْلاني، الشَّامي يروي عن أبيه والمقدام بن معدي كَرب وأبي أُمامة وغيرهم، روى عن حريز بن عثمان وثور بن يزيد وإسماعيل بن عيّاش وغيرهم، وهو ثقة، قال إسماعيل بن عياش: ((من ثقات أهل الشام، حسن الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((من ثقات الشاميين)) ، ووثقه ابن نمير والعجلي وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (2 / 456) ، و"التهذيب" (4 / 325 رقم 560) . =(2/668)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= واختلفت عبارة يحيى بن معين في شرحبيل بن مسلم، فنقل عباس الدوري في "تاريخه" (2 / 250 رقم 5121) عن ابن معين أنه وثقه، ونقل إسحاق بن منصور الكوسج عنه أنه ضعّفه كما في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (4 / 340 رقم 1495) ، و"ميزان الاعتدال" (2 / 267 رقم 3685) ، وهو جرح مجمل غير مفسَّر، ومعارض بتوثيق ابن معين نفسه وبتوثيق الأئمة المذكورين، فيحمل تضعيفه على حديث بعينه، لا على الإطلاق، وسيأتي توثيق الزيلعي وابن حجر له.
وأما إسماعيل بن عياش فتقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده الشام، مخلِّط في غيرهم، وهذا من ورايته عن الشاميين.
قال الزيلعي في "نصب الراية" (4 / 403) عقب هذا الحديث: ((قال أحمد والبخاري وجماعة من الحفاظ: ما رواه إسماعيل بن عياش عن الشاميين فصحيح، وما رواه عن الحجازيين فغير صحيح، وهذا رواه عن شامي ثقة)) . اهـ.
وقال ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح": ((في إسناده إسماعيل بن عياش، وقد قوّى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة، منهم أحمد والبخاري، وهذا من روايته عن شرحبيل بن مسلم، وهو شامي ثقة)) . اهـ.
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 212) في الفرائض باب من لا يرث من ذوي الأرحام.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 148 - 149 رقم 7277) و (9 / 48 رقم 16308) .
ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (8 / 159 - 160 رقم 7615) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 149 رقم 10765) .
ومن طريقه الطبراني في الموضع السابق. =(2/669)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن عبد البر في "التمهيد" (1 / 230) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 267) .
وأبو داود في "سننه" (3 / 290 - 291 و 824 - 825 رقم 2870 و 3565) في الوصايا، باب ما جاء في الوصية للوارث، وفي البيوع باب في تضمين العارية.
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (6 / 264) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين.
وأخرجه الترمذي (6 / 309 - 312 رقم 2203) في الوصايا، باب ما جاء: ((لا وصية لوارث)) .
وابن ماجه (2 / 905 رقم 2713) في الوصايا، باب لا وصية لوارث.
وأخرجه الدولابي في "الكنى" (1 / 64) .
والطبراني في الموضع السابق.
وابن عدي في "الكامل" (1 / 290) .
والدارقطني في "سننه" (3/ 40 - 41 رقم 166) .
والبيهقي في "سننه" (6 / 244) في الفرائض، باب من جعل ما فضل عن أهل الفرائض.
جميعهم عن إسماعيل بن عياش، به مثله.
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن)) .
وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3 / 106) : ((هو حسن الإسناد)) .
وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وصية لوارث)) لا يثبت فيه حديث من جهة الإسناد، إلا أن الإجماع حاصل على القول به.
قال البيهقي (6 / 642) : ((قال الشافعي: وروى بعض الشاميين حديثًا ليس مما يثبته أهل الحديث؛ بأن بعض رجاله مجهولون، فرويناه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم منقطعًا، واعتمدنا على حديث أهل المغازي عامة؛ أنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم قال عام الفتح: ((لا =(2/670)
254- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، وحمُيد (2) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَوْصَى لِغَيْرِ ذِي قَرَابَتِهِ، فَلِلَّذِينَ أَوْصَى لَهُمُ ثُلُثُ الثُّلُثِ، وَلِقَرَابَتِهِ (ثلثا) (3) الثلث.
__________
= وصية لوارث)) وإجماع العامة على القول به.
قلت: والظاهر أن الحديث الذي عناه الشافعي بقوله: ((بأن بعض رجاله مجهولون فرويناه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم منقطعًا ... )) هو الحديث الذي أخرجه البيهقي (6 / 265) من طريق عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جابر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ شيخ بالساحل، قال حدثني رجل من أهل المدينة، قال: إني لَتَحْتَ ناقة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم، فذكره.
قال البيهقي عقبه: ((وقد روي هذا الحديث من أوجه أخر كلها غير قوية، والاعتماد على الحديث الأول، هو رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عن ابن عباس، وعلى ما ذكره الشافعي من نقل أهل المغازي، مع إجماع العامّة على القول به، والله أعلم)) اهـ.
وحديث ابن عباس الذي عناه البيهقي سبق تخريجه في الحديث السابق، وهو قوله رضي الله عنه: ((كان المال للولد، وكانت الوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن والربع، وللزوج الشطر والربع)) .
وهذا يشهد بمعناه لما نحن بصدده، وعليه فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَا وصية لوارث)) .
صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) هو ابن عبيد.
(2) هو ابن أبي حميد الطويل.
(3) في الأصل (ثلثي) ، وكذا في الموضع الآتي من كتاب الوصايا، والتصويب من "سنن البيهقي"؛ حيث أخرج الأثر من طريق المصنف.
[254] سنده صحيح، وحميد الطويل تقدم في الحديث [43] أنه مدلِّس، لكن تابعه =(2/671)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ]
255- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (فَمَنْ خَافَ من موصٍ جنفاً) .
__________
= هنا يونس بن عبيد وكان المصنف قد أخرج الحديث في كتاب الوصايا، باب هل يوصي الرجل من ماله بأكثر من الثلث (1 / 93 رقم 355 / المطبوع) ، كما هنا بتمامه، إلا أنه قال: ((لغير ذي قرابة)) بدل قوله: ((لغير ذي قرابته)) ، وفيه: ((ثلثي)) كما في الأصل هنا بدل قوله: ((ثلثا)) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 265) في الوصايا، باب نسخ الوصية للوالدين والأقربين الوارثين، من طريق المصنف بمثل لفظه هنا سواء.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 388 رقم 2638) من طريق يعقوب ابن إبراهيم عن هشيم عن حميد عن الحسن به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 165 - 166 رقم 10831) من طريق معتمر، عن حميد عن الحسن به بمعناه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 83 رقم 16433) .
وابن أبي شيبة (11 / 164 و 167 رقم 10825 و 10834) .
وابن جرير (3 / 387 - 388 رقم 2637) .
أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ، ومن طريق همام، وأما ابن جرير فمن طريق معاذ بن هشام الدستوائي عن أبيه، جميعهم - معمر، وسليمان التيمي، وهمام، وهشام -، عن قتادة، عن الحسن، به بمعناه، عدا لفظ معمر فنحوه.
وذكر السيوطي قول الحسن هذا في "الدر" (1 / 423) وعزاه لعبد الرزاق وعبد ابن حميد.
[255] سنده رجاله ثقات، إلا أنه ضعيف؛ لأن فيه حميدَ الطويل وهو مدلس كما =(2/672)
256- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحّاك، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا} ، قَالَ: الحَيْفُ أَوِ الجَنَفُ (2) : الْخَطَأُ، وَالْإِثْمُ: الْعَمْدُ.
257- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ (4) : أَنْ يُوصِيَ لِوَلَدِ ابْنَتِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ ابْنَتَهُ.
__________
= في الحديث [43] ولم يصرح بالسماع هنا.
وأما القراءة فلم تضبط هنا والأظهر أنها: ((موصٍ)) بالتخفيف كما هي قراءة الجميع عدا حمزة والكسائي وأبي بكر، فإنهم قرأوا: (فمن خاف من مُوَصٍّ) بالتشديد / انظر "حجة القراءات" (ص 124) .
(1) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدا.
(2) في "النهاية في غريب الحديث" (1 / 307) الجنف: المَيْل والجَوْر.
[256] سنده ضعيف جدًا لشدة ضعف جويبر.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 406 رقم 2708) من طريق يعقوب ابن إبراهيم، قال: حدثنا هشيم قال أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال الجنف: الخطأ، والإثم: العمد.
ثم أخرجه الطبري (3 / 408 رقم 2719) من طريق عبيد بن سليمان، عن الضحاك بمثل سابقه، إلا أنه - أي الطبري - علقه بقوله: ((حُدِّثت عن الحسين ابن الفرج)) ، ولم يذكر شيخه.
(3) هو عبد الله بن طاوُس بن كيسان اليماني.
(4) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ موصٍ جنفًا أو إثمًا} .
[257] سنده صحيح.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 69) فقال: نا عيينة ... ، فذكره بلفظ ((هو الرجل يوصي لولد ابنته)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 402 رقم 2701) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 115 / ب) من طريق ابن المقرئ، =(2/673)
258- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الجَنَف فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الْكَبَائِرِ.
259- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْجَنَفُ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْإِضْرَارُ فِيهَا مِنَ الْكَبَائِرِ.
260- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الْجَنَفُ - أَوِ الْحَيْفُ - فِي الْوَصِيَّةِ، والإضرار فيها من الكبائر.
__________
= عن ابن عيينة، به مثل لفظ عبد الرزاق.
وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (2700) من طريق ابن جريج، قال أخبرني ابن طاووس، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: جنفه وإثمه: أن يوصي الرجل لبني ابنه ليكون المال لأبيهم، وتوصي المرأة لزوج ابنتها ليكون المال لابنتها، وذو الوارث الكثير والمال قليل، فيوصي بثلث ماله كله، فيصلح بينهم الموصى إليه أو الأمير. قلت: أفي حياته، أم بعد موته؟ قال: ما سمعنا أحدًا يقول إلا بعد موته، وإنه ليوعظ عند ذلك.
[258 و 259 و 260] أسانيدها صحيحة.
وقد أخرجها المصنف في الوصايا من "سننه" المطبوع (1 / 90 رقم 342 و 343 و 344) بمثل ما هنا، إلا أنه سقط من الحديث الأول قوله: ((عن ابن عباس)) ، وفي الثالث قال: ((الحيف والجنف)) .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 426) و (2 / 452) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة في "المصنف" وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (6 / 271) في الوصايا، باب ما جاء في قوله =(2/674)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عَزَّ وَجَلَّ: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خافوا عليهم} .
وما ينهى عنه من الإضرار في الوصية، أخرجه من طريق المصنف، عن هشيم، به مثله.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 91 رقم 204) عن شيخه دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الضرار عند الوصية من الكبائر، ثم قرأ {غير مضارّ وصية من الله} إلى قوله عز وجل: {عذاب مهين} [الآيات: 12 و 13 و 14 من سورة النساء] .
ومن طريق سفيان الثوري أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (9 / 88 رقم 16456) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 204 و 205 رقم 10980 و 10983) .
والنسائي في "تفسيره" (1 / 364 - 365 رقم 112) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 65 رقم 8783 و 8784 و 8785 و 8786) .
وابن المنذر في "تفسيره" كما في هامش "تفسير ابن أبي حاتم" (2 / ل 115 / ب) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن إدريس وأبي خالد الأحمر، وأما النسائي فمن طريق علي بن مسهر، وأما ابن جرير فمن طريق عبيدة بن حميد وإسماعيل ابن إبراهيم بن عليّة ويزيد بن زريع وبشر بن المفضل وعبد الوهاب الثقفي ومحمد ابن أبي عدي وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأما ابن المنذر فمن طريق زهير بن معاوية وأما ابن أبي حاتم فمن طريق عائذ بن حبيب، جميعهم عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به موقوفًا عليه.
وهذا جمٌّ غفير من الرواة رووه عن داود موقوفًا، ومنهم أئمة من كبار الحفاظ مثل هشيم بن بشير وخالد بن عبد الله الطحّان وسفيان بن عنبسة وسفيان الثوري وغيرهم. =(2/675)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فخالفهم عمر بن المغيرة المصَّيصي، فرواه عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابن عباس مرفوعًا.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (8 / 66 رقم 8788) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره" و (2 / ل 131 / أوب) .
والعقيلي في "الضعفاء" (3 / 189) .
والأزدي في "الضعفاء" كما في "تهذيب التهذيب" (1 / 220) .
والدارقطني في "سننه" (4 / 151) .
وابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 213) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
قال ابن كثير في "تفسيره" (1 / 461) : ((قال ابن جرير: والصحيح الموقوف)) .
وقال العقيلي بعد أن رواه: ((هذا رواه الناس عن داود موقوفًا، لا نعلم رفعه غير عمر بن المغيرة)) .
وقال البيهقي: ((هذا هو الصحيح موقوف، وكذلك رواه ابن عيينة وغيره عن داود موقوفًا، وروى من وجه آخر مرفوعًا ورفعه ضعيف)) .
وقال الحافظ ابن كثير: ((وهذا في رفعه أيضًا نظر)) .
وقال الحافظ ابن حجر في "التهذيب" (1 / 220) في ترجمة إسحاق بن إبراهيم الفراديسي الدمشقي: ((روى له الأزدي في "الضعفاء" حديثًا عن عمر ابن المغيرة، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رفعه: الضرار في الوصية من الكبائر، قال الأزدي: المحفوظ من قول ابن عباس لا يرفعه. قلت - القائل ابن حجر -: عمر ضعيف جدًا، فالحمل فيه عليه، وقد رواه الثوري وغيره عن داود موقوفًا)) اهـ، والله أعلم.(2/676)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ]
261- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سوَّار بْنِ أَبِي حَكِيمٍ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} -، قَالَ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شهر.
__________
(1) هو سوَّار بن أبي حكيم الخراساني خَتَن عطاء بن أبي رباح ويروي عنه، وعنه سفيان بن عيينة فقط، مجهول، ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 168 رقم 2357) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 273 رقم 1178) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 242) .
[261] سنده ضعيف لجهالة سوّار بن أبي حكيم، لكنه لم ينفرد به، بل تابعه ابن أبي نجيح، فالحديث حسن لغيره كما سيأتي.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (4 / 168) من طريق قتيبة، نا سفيان، عن سوار، عن عطاء: {كتب عليكم الصيام} قال: صيام ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أيام معدودات.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 414 رقم 2727) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 117 / ب) .
أما ابن أبي حاتم فيمن طريق أبيه، وأما ابن جرير فمن طريق شيخه المثنى بن إبراهيم الآملي، كلاهما عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن شبل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: كان عليهم الصيام ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، ولم يسمِّ الشهر، أيام معدودات.
قال: وكان هذا صيام الناس قبل، ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان. هذا لفظ ابن جرير، ولفظ ابن أبي حاتم نحوه.
وهذا إسناد ضعيف.
فابن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة، إلا أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع في هذه الرواية.
وأبو حذيفة موسى بن مسعود النَّهدي - بفتح النون -، البصري، يروي عن عكرمة بن عمّار وإبراهيم بن طهمان وسفيان الثوري وشبل بن عبّاد وغيرهم، =(2/677)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= روى عنه البخاري ويعقوب بن سفيان وأبو حاتم الرازي وغيرهم، وهو صدوق، إلا أنه سيء الحفظ، وكان يُصحِّف. قال الأثرم: قلت لأحمد: أليس هو من أهل الصدق؟ قال: أما من أهل الصدق فنعم، وقال الجوزجاني: سمعت أحمد يقول: كأنّ سفيان الذي يروى عنه أبو حذيفة ليس هو سفيان الثوري الذي يحدث عنه الناس، وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي يقول: ((قبيصة أثبت منه حديثًا في سفيان، أبو حذيفة شبه لا شيء)) وقال بندار: ((موسى بن مسعود ضعيف في الحديث، كتبت عنه كثيرًا ثم تركته)) ، وقال ابن محرز، عن ابن معين: ((لم يكن من أهل الكتاب)) ، فقيل له: إن بندارًا يقع فيه، قال يحيى: ((هو خير من بندار ومن ملء الأرض مثله)) ، وقال العجلي: ((ثقة صدوق)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق معروف بالثوري ... ، ولكن كان يصحف)) ، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ثقة إن شاء الله تعالى، وكان حسن الرواية عن عكرمة بن عمار، والثوري، وزهير بن محمد)) ، وقال الدارقطني: ((كثير الوهم تكلموا فيه)) وكانت وفاته سنة عشرين أو إحدى وعشرين ومائتين اهـ من "الجرح والتعديل" (8 / 163 - 164 رقم 723) و"التهذيب" (10 / 370 - 371 رقم 657) ، و"التقريب" (ص 554 رقم 7010) .
فقول عطاء هذا بمجموع طريقي سوار وابن أبي نجيح يكون حسنًا لغيره، إلا أنه قول مرجوح، فإن ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 410 - 417) استعرض قول من قال بقول عطاء وغيره من الأقوال، ثم قال:
((وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عنى الله جل ثناؤه بقوله: {أيامًا معدودات} أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجّة بأن صومًا فُرض على أهل الإسلام غير صوم شهر رمضان ثم نسخ بصوم شهر رمضان وأن الله تعالى قد بيّن في سياق الآية أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات، بإبانته عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} ، =(2/678)
262- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةْ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (1) ، قَالَ: نَسَخَ شهرُ رمضان كلَّ صوم.
__________
= فمن ادّعى أن صومًا كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان الذي هم مجمعون على وجوب فرض صومه، ثم نُسخ ذلك، سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به حجة، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر.
وإذا كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي بينا، فتأويل الآية: كتب عليكم أيها المؤمنون الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ من قبلكم لعلكم تتقون، أيامًا معدودات هي شهر رمضان، وجائز أيضًا أن يكون معناه: (كتب عليكم الصيام) : كتب عليكم شهر رمضان.
وأما المعدودات، فهي التي تُعدُّ مبالغها وساعات أوقاتها، ويعني بقوله: (معدودات)) : محصيات)) اهـ.
وقال أبو جعفر النحاس في "ناسخه" (ص 25) : ((قال مجاهد: كتب الله صوم شهر رمضان على كل أمة، وقال قتادة: كتب الله صوم شهر رمضان على من قبلنا وهم النصارى. قال أبو جعفر [النحاس] : وهذا أشبه ما في هذه الآية ... ، أما قول عطاء: إنها ناسخة لصوم ثلاثة أيام، فغير معروف)) اهـ والله أعلم.
(1) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر البَاقِر، يروي عن أبيه وجَدَّيْه الحسن والحسين وعمّ أبيه: محمد بن الحنفية وعن ابن عباس وجابر بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه جعفر وأبو إسحاق السبيعي والأعرج والزهري وحجاج بن أرطأة وغيرهم، وهو ثقة فاضل، روى له الجماعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة كثير الحديث)) ، ووثقه العجلي، وقال ابن البرقي: ((كان فقيهًا فاضلاً)) وكانت وفاته سنة أربع عشرة ومائة، ومولده على الأرجح سنة ست وخمسين للهجرة اهـ من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص410 رقم 1486) ، و"التهذيب" (9 / 350 - 352 رقم 580) ، و"التقريب" (ص 497 رقم 6151) . =(2/679)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ]
263- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَعْقُوبُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَة (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} -، قَالَ: هُوَ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يَصُومُهُ، فَعَجَزَ، وَالْمَرْأَةُ الحُبْلَى الَّتِي يَشُقُّ عَلَيْهَا، (فَعَلَيْهِمَا) (3) طَعَامُ مِسْكِينٍ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رمضان.
__________
[262] سنده ضعيف لأجل حجاج بن أرطأة فإنه صدوق كثير الخطأ والتدليس كما في الحديث [170] ولم يصرح بالسماع هنا.
وقول أبي جعفر هذا ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 429) بمثل ما هنا وعزاه للمصنِّف سعيد بن منصور فقط.
(1) هو يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبدٍ القاريّ - بتشديد التحتانية-، المدني نزيل الإسكندرية، حليف بني زهرة، روى عن أبيه وزيد ابن أسلم وموسى بن عقبة وغيرهم، روى عنه عبد الله بن وهب وقتيبة بن سعيد وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة عدا ابن ماجه؛ فقد وثقه أحمد وابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (9 / 210 رقم 877) و"التهذيب" (11 / 391 - 392 رقم 754) و"التقريب" (ص 608 رقم 7824) .
ولم أجد من نصّ على أن يعقوب روى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ وسماعه منه محتمل جدًا، فكلاهما مدني، وقد تعاصرا كما يتضح من تاريخ وفاتيهما.
(2) هو عبد الرحمن بن حَرْملة بن عمرو بن سَنَّة - بفتح المهملة وتثقيل النون-، الأسْلمي أبو حَرْملة المدني، روى عن سعيد بن المسيب وعمرو بن شعيب =(2/680)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وحنظلة بن علي الأسلمي وغيرهم، روى عنه الثوري والأوزاعي والإمام مالك وإسماعيل بن علية وغيرهم، وهو صدوق ربما أخطأ، قال هو عن نفسه: ((كنت سيء الحفظ - أو: كنت لا أحفظ -، فرخّص لي سعيد بن المسيب في الكتابة)) ، وضعفه يحيى القطان، وقال أبو حاتم: ((يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال الساجي: ((صدوق يهم في الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((يخطئ)) ، ووثقه ابن معين، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4 / 1618) ، و"التهذيب" (6 / 161 رقم 327) ، و"التقريب" (ص339 رقم 3840) .
(3) في الأصل: (فعليها) والتصويب من الموضع الآتي من "سنن البيهقي" فإنه رواه من طريق المصنف.
[263] سنده ضعيف لضعف عبد الرحمن بن حرملة من قبل حفظه.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 271 - 272) في الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي، أخرجه من طريق المصنف، به، ولفظه بعد أن ذكر الآية: (قَالَ: هُوَ الْكَبِيرُ الَّذِي كَانَ يصوم فيعجز، والمرأة الحبلى يَشُقُّ عَلَيْهَا، فَعَلَيْهِمَا طَعَامُ مِسْكِينٍ لكل يَوْمٍ حَتَّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضَانَ) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 429 رقم 2764) من طريق حاتم بن إسماعيل، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، به نحوه.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (6 / 402) من طريق يحيى بن سعيد القطان، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 224 رقم 7585) من طريق شيخه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، عن صفوان بن سليم، عن ابن المسيب قال: هي في الشيخ الكبير، إذا لم يطق الصيام، افتدى مكان كل يوم: إطعام مسكين مدًّا من حنطة.(2/681)
264- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ (1) ، فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} ، - يَعْنِي: مِنَ الَّذِينَ بَلَغُوا الْأَعْمَالَ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، فَمَنْ كَانَ مِنْ هَؤُلَاءِ بِهِ عِلَّة مِنْ مَرَضٍ أَوْ عُطاس، أوْ ذَا عِلَّة مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ مَعْذُورَةٍ، فَتَرَكَ الصِّيَامَ، أَوِ الشَّيْخِ الْكَبِيرِ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ: طَعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا} ، يَعْنِي: يُطْعِمُ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينَيْنِ، وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ذلك.
__________
= لكن هذه متابعة لا يفرح بها، بل هي موضوعة، فإن شيخ عبد الرزاق إبراهيم ابن محمد بن أبي يحيى الأسلمي أبا إسحاق المدني كذاب، قال يحيى القطان: سألت مالكًا عنه: أكان ثقة؟ قال: لا، ولا ثقةً في دينه، وقال عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه: ((كان قدريًا معتزليًا جهميًا كل بلاءٍ فيه)) ، وقال مرة: ((لا يكتب حديثه، ترك الناس حديثه، كان يروي أحاديث منكرة لا أصل لها، وكان يأخذ أحاديث الناس يضعها في كتبه)) ، وقال البخاري: ((جهمي تركه ابن المبارك والناس)) ، وقال بشر بن المفضل: ((سألت فقهاء المدينة عنه، فكلهم يقولون: كذاب)) ، وكذبه أيضًا يحيى بن سعيد القطان، وابن المديني، وابن معين، وأبو حاتم، وابن حبان، وقال البزار: ((كان يضع الحديث، وكان يوضع له مسائل فيضع لها إسنادًا)) اهـ من "الجرح والتعديل" (2 / 125 - 127 رقم 390) ، و"التهذيب" (1 / 158 - 161 رقم 284) .
(1) هو زياد بن أبي مريم الجَزَرِي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، وعنه عبد الكريم الجَزَري، وهو ثقة، وثقه العجلي والدارقطني وذكره ابن حبان في الثقات، وقد جمع البخاري بينه وبين زياد بن الجراح، فجعل اسم أبي مريم: الجراح، واختار أنهما رجل واحد، وتبعه على ذلك ابن حبان في الثقات، والأرجح أنهما اثنان، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجر، وقَبْله أبو حاتم الرازي/ انظر "الجرح =(2/682)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والتعديل" (3 / 527) و 546 رقم 2383 و 2465) و"التهذيب" (3 / 384 - 385 رقم 701) .
ومنشأ اللبس بين هذين الراويين: أن عبد الكريم الجزري روى حديث ابن مسعود مرفوعًا: ((الندم توبة)) ، واختلف الرواة عن عبد الكريم، فمنهم من رواه عنه، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن ابن مسعود، وقد تطرق لهذا الاختلاف جمع من المتقدمين والمتأخرين، ومنهم الشيخ عبد الرحمن المعلمي رحمه الله، فإنه ذهب إلى الجمع بين الروايتين، فذكر هذا الاختلاف في حاشيته على "التاريخ الكبير" للبخاري (3 / 374 - 375) وحاشيته على "الموضح لأوهام الجمع والتفريق" للخطيب البغدادي (1 / 263) وأطال الكلام جدًا في حاشيته على "الموضح"، وفي الآخر قال: ((ويظهر لي أن الحديث سمعه عبد الكريم من كلا الرجلين - زياد بن أبي مريم، وزياد بن الجراح مولى عثمان-، فحدث به في الجزيرة عن ابن الجراح لأنه أشهر عندهم وأنبه، وله عقب عندهم، وكذلك بالحجاز؛ لأن مولى عثمان حجازي، ولذلك قال: زياد مولى عثمان، وحدث به في الكوفة عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، لأنه كوفي معروف عندهم ... )) الخ، وهذا ما رآه الشيخ المعلمي: أن ابن أبي مريم كوفي، والذي في "التهذيب" و"التقريب" (ص 221 رقم 2099) ذكر أنه جَزَري، فلعله تحوّل إلى الكوفة.
[264] سنده ضعيف؛ خصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ ورواية عتاب بن بشير عنه منكرة، وهذا الحديث من روايته عنه.(2/683)
265- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عِمْران بْنِ حُدَيْر (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ} (2) ، وقال: لو كان: {يطيقونه} إِذًا صَامُوا.
266- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا عِمْرَانُ بْنُ حُدَيْر، عَنْ عِكْرِمَةَ، كَانَ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ} ، وَيَقْرَأُ: إِنَّ الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ هُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَهُ، وَالَّذِينَ (يُطَوَّقُونَهُ) (3) هُمُ الَّذِينَ ضَعُفُوا، عَلَيْهِمُ الْفِدْيَةُ.
__________
(1) = هو عمران بن حُدَيْر - بمهملات، مُصَغَّر-، أبو عُبيدة السَّدوسي البصري، روى عن أبي مجلز وأبي قلابة وأبي عثمان النَّهْدي وعبد الله بن شقيق وعكرمة وغيرهم، روى عنه هنا خالد بن عبد الله ومروان بن معاوية، وروى عنه أيضًا شعبة والحمّادان ووكيع وغيرهم، وهو ثقة ثقة، قال يزيد بن هارون: ((أصدق الناس)) ، وذكره شعبة فقال: ((كان شيئًا عجبًا)) كأنه يثبته، وقال الإمام أحمد: ((بخ بخ ثقة)) ، وقال ابن المديني: ((ثقة من أوثق شيخ بالبصرة)) ووثقه ابن سعد وابن معين وابن نمير وأحمد بن صالح والنسائي وغيرهم، زاد ابن سعد: ((كثير الحديث)) ؛ وكانت وفاته سنة تسع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 296 - 297 رقم 1647) و"التهذيب" (8 / 125 رقم 217) ، و"التقريب" (ص 429 رقم 5148) .
(2) في الأصل: ((يطيقونه)) ، والذي يظهر- والله أعلم - أن الصواب: ((يُطَوَّقُونَهُ)) كما في باقي الروايات الآتية في التخريج، وبه يستقيم المعنى، وهي القراءة المشهورة عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، وعكرمة تلقّاها عن ابن عباس كما أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 430 رقم 2766) من طريق شيخه هَنَّاد ابن السَّري، عن علي بن مُسْهِر، عن عاصم بن سليمان الأحْوَل، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطوقونه فدية طعام مسكين} ، قال: فكان يقول: هي للناس اليوم قائمة.
وهذا إسناد صحيح. =(2/684)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال القرطبي في "تفسيره" (2 / 286 - 287) : ((قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطيقونه} ، وقرأ الجمهور بكسر الطاء وسكون الياء، وأصله (يطْوقونه) نُقلت الكسرة إلى الطاء، وانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، وقرأ حُميد على الأصل من غير اعتلال، والقياس الاعتلال، ومشهور قراءة ابن عباس: ((يُطَوَّقونه) ؛ بفتح الطاء مخففة، وتشديد الواو، بمعنى: يُكَلَّفونه)) اهـ.
(3) في الأصل: ((يطيقونه)) ، انظر التعليق السابق.
[265 و 266] سنداهما صحيحان.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 433) وعزاه للمصنف وأبي داود في "ناسخه" وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 430 رقم 2771) من طريق وكيع، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عكرمة قال: (الذين يطيقونه) يصومونه، ولكن الذين (يُطوَّقونه) يعجزون عنه.
وأخرجه أيضًا (3 / 433 رقم 2787) من طريق حماد بن سلمة، عن عمران ابن حُدَيْرٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (وعلى الذين يطيقونه) فأفطروا.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص 99) من طريق حماد بن سلمة أيضًا، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ، عَنْ عكرمة أنه كان يقرؤها: ((وعلى الذين يُطَوَّقونه)) وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص 236 رقم 562) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أيوب، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وعلى الذين يطوّقونه) وقال: يكلفونه ولا يطيقونه.
وأخرجه ابن جرير برقم (2769) من طريق عبد الوهاب، عن أيوب، عن عكرمة أنه قال في هذه الآية: ((وعلى الذين يطوَّقونه) - وكذلك كان يقرؤها - أنها ليست منسوخة، كُلِّف الشيخ الكبير أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينًا.
وبنحو هذا اللفظ ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 433) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد وابن الأنباري. =(2/685)
267- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَيُّوبَ (1) ، وَخَالِدٍ (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَفَسَّرَهَا، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ قَرَأَ: {طَعَامُ مِسْكِينٍ} (3) .
__________
(1) هو ابن أبي تميمة السِّخْتِياني.
(2) هو ابن مهران الحَذَّاء.
(3) في الأصل: ((مساكين)) بلفظ الجمع، وما أثبته من الموضع الآتي من "الدر المنثور"، وهو الثابت عن ابن عباس كما سيأتي.
[267] سنده حسن؛ لأن عبد الرحمن بن زياد صدوق كما في ترجمته في الحديث رقم [6] .
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 434) وعزاه للمصنف فقط، ووقع فيه: (طعام مسكين) بلفظ الإفراد، بخلاف ما في الأصل هنا، ففيه: (مساكين) بلفظ الجمع، والذي يترجح لي - والله أعلم - أن لفظ الإفراد هو الصواب؛ فإنه جاء صحيحًا عن ابن عباس عند البخاري وغيره كما سيأتي، ولم يذكروا أنه قرأ بالجمع سوى ابن عمر ونافع وابن ذكوان كما في "فتح الباري" (8 / 181) ، وابن عامر كما في "حجة القراءات" (ص 124) ، وسيأتي عن ابن عمر برقم [270] .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 220 - 221 رقم 7572) عن معمر، عن أبان، عن ابن سيرين به نحوه، وفيه زيادة، ولم يذكر أنه قرأها على المنبر. وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 179 رقم 4505) في التفسير، باب: (أيامًا معدودات ... ) الآية، من طريق زكريا بن إسحاق، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عطاء سمع ابن عباس يقرأ: (وعلى الذين يطوَّقونه فدية طعام مسكين) ، قال ابن عباس: ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فليطعمان مكان كل يوم مسكينًا. =(2/686)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه النسائي في "سننه" (4 / 190 - 191) في الصيام، باب تأويل قول الله عَزَّ وَجَلَّ {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فدية طعام مسكين} وفي "التفسير" (1 / 218 - 219 و 220 رقم 38 و 39) .
والطبراني في "الكبير" (11 / 168 رقم 11388) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 205) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 440) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 271) في الصيام، باب الشيخ الكبير لا يطيق الصوم ويقدر على الكفارة يفطر ويفتدي.
جميعهم من طريق وَرْقاء، عن أبي نجيح، عن عمرو بن دينار، به بنحو لفظ البخاري، إلا أنه سقط من بعض أسانيد النسائي ابن أبي نجيح.
وصححه الدارقطني.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 431 و 433 رقم 2778 و 2785) من طريق حماد بن سلمة وابن أبي نجيح، كلاهما عن عمرو بن دينار، به. وللحديث عند ابن جرير طرق أخرى عن ابن عباس، فأخرجه برقم (2762) من طريق عطية العوفي، ورقم (2763 و 2767 و 2776 و 2777 و 2781) من طريق مجاهد، ورقم (2766 و 2783) من طريق عكرمة، ورقم (2780) من طريق علي بن أبي طلحة، جميعهم عن ابن عباس به بلفظ الإفراد، مع زيادة في ألفاظهم في ذكر الذي يطعم.
قال أبو زرعة ابن زَنْجلة في "حجة القراءات" (ص 124 - 125) :
((حجتهم في التوحيد في (المسكين) : أن في البيان على حكم الواحد في ذلك: البيانَ عن حكم جميع أيام الشهر، وليس في البيان عن حكم إفطار جميع الشهر البيانُ عن حكم إفطار اليوم الواحد، فاختاروا التوحيد لذلك؛ إذ كان أوضح في البيان ... ، وحجة من قرأ: (مساكين) قوله قبلها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين من قبلكم} ، ثم قال: (أيامًا معدودات) ، =(2/687)
268- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: هِيَ منسوخة.
__________
= فإذا كان ذلك كذلك، فالواجب أن تكون القراءة في (المساكين) على الجمع، لا على التوحيد، وتأويل الآية: (وعلى الذين يطيقونه فدية أيام يفطر فيها إطعام مساكين) ، ثم تحذف (أيامًا) وتقيم (الطعام) مكانها)) . اهـ.
وانظر الحديث الآتي برقم [269] .
(1) هو ابن زياد، صدوق كما تقدم في الحديث السابق.
[268] سنده حسن لذاته، لكنه معلول من هذا الطريق، فإن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي قد أخطأ فيه فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، من قوله، واختصر متن الحديث، ولم يوافقه أحد من الرواة على ذلك، وإن كان أصل الحديث قد اختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا كما سيأتي نقله عن الحافظ ابن حجر.
فالحديث مداره على عمرو بن مُرَّة، وروي عنه من ثلاثة طرق:
(1) طريق شعبة، عنه، وله عن شعبة أربعة طرق:
أ - طريق عبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصي هذا الذي أخرجه المصنف عنه.
ب - طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة.
أخرجه أبو داود في "سننه" (1 / 344 - 347 رقم 506) في الصلاة، باب كيف الأذان.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 415 - 416 و 419 رقم 2731 و 2734) .
كلاهما من طريق شيخهما محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة قال سمعت ابن أبي ليلى قال ... ، فذكر حديثًا طويلاً في الأذان والصيام، وفيه يقول ابن أبي ليلى: وحدثنا أصحابنا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أنزل رمضان، وكانوا قومًا لم يتعوَّدوا الصيام، =(2/688)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وكان الصيام عليهم شديدًا، فكان من لم يصم أطعم مسكينًا، فنزلت هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الصيام فليصمه} فكانت الرخصة للمريض والمسافر، فأمروا بالصيام.
هذا سياق أبي داود، وأخرجه مقرونًا برواية عمرو بن مرزوق الآتية، عن شعبة.
وأما الطبري، فإنه ساق سنده مثل سياق أبي داود إلى عمرو بن مرة، قال: حدثنا أصحابنا ... ، فذكر الحديث مقتصرًا على موضع الشاهد منه وهو ما يتعلق بالصيام، بنحو رواية أبي داود.
وهذا السياق قد يتوهم منه أن عمرو بن مرة هو القائل: (حدثنا أصحابنا) ، لكن ابن جرير ساق بعده ما يفيد أن قائل ذلك هو ابن أبي ليلى، فقال: (قال أبو موسى - يعني: محمد بن المثنى -: قوله: قال عمرو بن مرة: حدثنا أصحابنا، يريد ابن أبي ليلى، كأن ابن أبي ليلى القائل: حدثنا أصحابنا) . اهـ.
جـ- طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة.
أخرجه أبو داود مقرونًا برواية محمد بن جعفر السابقة.
د- طريق أبي داود الطيالسي، عن شعبة، بنحو رواية محمد بن جعفر.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 416 و 419 رقم 2732 و 2735) .
فجميع هؤلاء الرواة الثلاثة خالفوا عبد الرحمن الرصاصي في إسناد الحديث، فرووه موصولاً عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، قال: حدثنا أصحابنا، بينما رواه عبد الرحمن بن زياد موقوفًا على ابن أبي ليلى.
ورواية محمد بن جعفر غندر كافية في ترجيح ما ذكره على رواية عبد الرحمن بن زياد؛ لأنه من أوثق الناس في شعبة كما في ترجمته في الحديث [167] .
(2) طريق المسعودي عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عتبة، عن عمرو بن مرة.
أخرجه أبو داود في الموضع السابق برقم (507) .
وابن جرير (3 / 414 و 419 رقم 2729 و 2733) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 116 / ب) . =(2/689)
والحاكم في "المستدرك" (1 / 274) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 200) في الصيام، باب ما قيل في بدء الصيام إلى أن نسخ بفرض صوم شهر رمضان.
أما أبو داود فمن طريق أبي داود الطيالسي ويزيد بن هارون، وأما ابن جرير فمن طريق يونس بن بكير، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق يزيد بن هارون، وأما الحاكم فمن طريق هاشم بن القاسم، وأما البيهقي فمن طريق عاصم بن علي، جميعهم عن المسعودي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن معاذ بن جبل قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر. ثم إن الله عز وجل فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عليكم الصيام} حتى بلغ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مسكين} ، فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ، ومن كان مريضًا أو على سفر} إلى آخر الآية، واللفظ لابن جرير. قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وقال البيهقي: ((هذا مرسل؛ عبد الرحمن لم يدرك معاذ بن جبل)) .
قلت: والصواب رواية من رواه عن ابن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد وهو قد اختلط كما في ترجمته في الحديث رقم [51] ، وجميع الذين رووا عنه هذا الحديث هنا هم ممن روى عنه بعد ما اختلط، سوى يونس بن بكير فلم أجد من نص على أنه روى عنه قبل الاختلاط أو بعده.
(3) طريق الأعمش، عن عمرو بن مرة.
أخرجه البخاري في "صحيحه" تعليقًا (4 / 187) في الصوم باب، {وعلى الذين يطيقونه فدية} ، فقال: وقال ابن نمير: حدثنا الأعمش، حدثنا عمرو بن مرّة، =(2/690)
269- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا لَيْث، عَنْ طاوُس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ} .
__________
= حَدَّثَنَا ابن أبي ليلى، حدثنا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم: نزل رمضان فشقّ عليهم، فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه، ورُخِّص لهم في ذلك، فنسختها: (وأن تصوموا خير لكم) ، فأمروا الصوم.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 117 / ب) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
وذكر الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 188) أن أبا نعيم أخرجه في "مستخرجه"، ثم أخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق" (3 / 185) من طريق أبي نعيم.
أما ابن أبي حاتم فمن طريق عيسى بن يونس، وأما البيهقي وأبو نعيم فمن طريق ابن نمير، كلاهما عن الأعمش، به نحو سياق البخاري.
وهذا الطريق أرجح من طريق المسعودي؛ لما تقدم عن حال المسعودي، ويؤيد هذا الطريق رواية شعبة السابقة.
قال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح": ((واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وطريق ابن نمير هذه أرجحها)) .
ويشهد للحديث ما أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (1949) عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما أنه قرأ: (فدية طعام مساكين) ، قال: هي منسوخة.
وسيأتي هذا عن ابن عمر برقم [270] .
وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه الطرق، لكن من رواية عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عن بعض الصحابة الذين لم يسمِّهم، والله أعلم.
[269] ومنكر عن ابن عباس، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا، ولم يتميز حديثه فتُرك، ومع ذلك فالثابت عن ابن عباس أنه قرأها: (مسكين) بلفظ الإفراد كما سبق بيانه في الحديث رقم [267] .(2/691)
270- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يقرأ: (فدية طعام مساكين) .
__________
(1) هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العُمَري، أبو عثمان المدني، أحد الفقهاء السبعة، روى عن أبيه وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه أخوه عبد الله وجرير بن حازم والحمّادان والسفيانان وشعبة وهشيم وغيرهم، وهو ثقة ثبت، قدّمه أحمد بن صالح على مالك في نافع، وقدمه ابن معين في القاسم عن عائشة على: الزهري عن عروة عنها، وقال أبو حاتم: سألت أحمد بن حنبل عن مالك وعبيد الله وأيوب، أيهم أثبت في نافع؟ فقال: عبيد الله أثبتهم وأحفظهم وأكثرهم رواية)) ، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث حجة، وقال النسائي، ((ثقة ثبت)) ، ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم، وروى له الجماعة، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة، وقيل: أربع أو خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 326 - 327 رقم 1545) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 885 - 886) ، و"التهذيب" (7 / 38 - 40 رقم 71) و"التقريب" (ص 373 رقم 4324) .
[270] سنده فيه هشيم وهو مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [8] ، ولم يصرح بالسماع هنا، لكنه لم ينفرد به، فالحديث صحيح رواه البخاري في "صحيحه" (4 / 187 - 188 رقم 1949) في الصوم، باب: (وعلى الذين يطيقونه فدية) ، و (8 / 180 - 181 رقم 4506) في التفسير، باب: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 19) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (4 / 200) في الصيام، باب ما كان عليه حال الصيام.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 420 - 421 رقم 2740) .
والبيهقي في الموضع السابق. =(2/692)
271- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ:: نا هُشَيْمٌ، عَنْ عبَّاد بْنِ رَاشِدٍ، وَغَيْرِهِ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ} ]
272- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبَّاد بْنُ رَاشِدٍ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ: يَقْرَأُ: (وَلِتُكْمِلُوا العدة) (2) .
__________
= أما البخاري والبيهقي في إحدى رواياته فمن طريق عبد الأعلى، وأما الباقون فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، فكلاهما عن عبيد الله بن عمر، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أنه قرأ: (فدية طعام مساكين) ، قال: هذه منسوخة.
واللفظ للبخاري.
[271] سنده ضعيف، فهشيم مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [8] ولم يصرح بالسماع هنا.
(1) تقدم في الحديث [183] أنه صدوق.
(2) لم تضبط في الأصل.
[272] سنده حسن لذاته.
وقوله تعالى: {ولتُكْمِلوا} قرأه أبو بكر بن عياش: (ولتكمِّلوا) بالتشديد من (كمَّل يكمِّل) ، وحجته قول الناس: (تكملة الثلاثين) وجاء عنه أنه قال: شددتها لقوله: ((ولتُكبِّروا الله) .
وقرأ الباقون بالتخفيف من (أكمَل يُكْمِل) ، وحجتهم قَوْلُهُ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينكم} ، وهما لغتان مثل: (كرَّمت وأكرمت) ، قال الله تعالى: {ولقد كرَّمنا بني آدم} ، وقال: {أكرمي مثواه} اهـ. من "حجة القراءات" (ص 126) . فلست أدري، هل قراءة الحسن البصري بالتشديد، أو بالتخفيف؟(2/693)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ]
273- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب (1) ، عَنْ لَيْث، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، - فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} -، قَالَ: مَنْ أَدْرَكَهُ رمضانُ فِي أَهْلِهِ، ثُمَّ أَرَادَ السَّفَرَ، فَلْيَصُمْ.
__________
= (1) هو عبد ربه بن نافع.
[273] سنده ضعيف جدًا، فليث بن أبي سليم تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًا فلم يتميز حديثه فتُرك، وشيخه مبهم لا يُدرى من هو؟ ومتن الحديث مخالف لما صحّ من سنة النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل لما صحّ عن ابن عمر نفسه كما سيأتي نقله عن الحافظ ابن حجر.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 459) بمثله، وعزاه للمصنف فقط. وأشار إليه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 120 / أ) .
وقد ذكر ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 449 - 451) بعض الآثار التي وردت بهذا المعنى: أن من دخل عليه شهر رمضان وهو مقيم في داره، فعليه صوم الشهر كله، غاب بعدُ فسافر، أو أقام فلم يبرح، ثم حكم على هذا القول بالبطلان والفساد محتجًّا بتظاهر الأخبار عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم أنه خرج عام الفتح من المدينة في شهر رمضان بعد ما صام بعضه، وأفطر، وأمر أصحابه بالإفطار، ثم ساق بسنده ما يدلّ على ذلك، ومنه ما أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 180 رقم 1944) في الصوم، باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر.
ومسلم في "صحيحه" (2 / 784 رقم 88) في الصيام، باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر.
كلاهما من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم خرج إلى مكة في رمضان فصام، حتى بلغ الكَدِيْدَ أفطر، فأفطر الناس. اهـ واللفظ =(2/694)
274- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُعْتَمر بن سليمان، عن (1) [ل114/ب] أَبِيهِ (2) ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ (3) ، قَالَ: إِذَا حَضَرَ شَهْرُ رَمَضَانَ فَلَا يُسَافِرَنَّ فِيهِ أَحَدٌ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَصُمْ إِذَا سافر.
__________
= للبخاري.
قال أبو عبد الله البخاري: والكَديد مَاءٌ بين عُسفان وقُدَيد.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 180) في شرحه لهذا الحديث عند البخاري: ((قوله باب إذا صام أيامًا من رمضان ثم سافر) أي: هل يباح له الفطر أو لا؟ وكأنه أشار إلى تضعيف ما روي عن علي، وإلى ردّ ما روي عن غيره في ذلك. قال ابن المنذر: روي عن علي بإسناد ضعيف، وقال به عَبيدة بن عمرو، وأبو مجْلَز وغيرهما، ونقله النووي عن أبي مِجْلَز وحده، ووقع في بعض الشروح، أبو عبيدة، وهو وهم، قالوا: إن من استهلّ عليه رمضان في الحضر، ثم سافر بعد ذلك، فليس له أن يفطر؛ لقوله تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فليصمه} قال: وقال أكثر أهل العلم: لا فرق بينه وبين من استهلّ رمضان في السفر، ثم ساق ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عمر قال - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشهر فليصمه} -: نسخها قوله تعالى: {ومن كان مريضًا أو على سفر ... } الآية، ثم احتجّ الجمهور بحديث ابن عباس المذكور في هذا الباب)) اهـ. وانظر الحديث الآتي.
(1) قوله: (عن) مكرر في الأصل.
(2) هو سليمان بن طَرْخَان التَّيْمي.
(3) هو لاحِقُ بن حُمَيْد.
[274] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 18) من طريق سهل بن يوسف، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مجلز، قال: إذا دخل شهر رمضان فلا يخرج، فإن أبى إلا أن يخرج، فليتمّ صومه.
وانظر التعليق على الحديث السابق.(2/695)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} ]
275- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَا لَمْ يَنَمْ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَحَرُمَ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ إِلَى مِثْلِهَا، فَأَصَابَ رَجُلٌ مَرَّتَيْنِ - أَوْ ثَلَاثًا-، ثُمَّ نَزَلَتِ الرُّخْصَةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} .
__________
[275] هو ضعيف لإرساله، فعكرمة تابعي لم يشهد الحادثة، وسنده إلى عكرمة صحيح، وأصل الحديث صحيح كما سيأتي.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 71) من طريق معمر، عن إسماعيل بن شروس، عن عكرمة أن رجلاً - قد سماه لي فنسيته - مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم من الأنصار جاء ليلة وهو صائم، فقالت له امرأته: لا تنم حتى نصنع لك طعامًا، فنام، فجاءت، فقالت: نمت والله، قال: لا والله ما نمت، قالت: بلى والله، فلم يأكل تلك الليلة شيئًا، وأصبح صائمًا يغشى عليه، فأنزلت الرحمة فيه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 500 رقم 2946) ، إلا أنه وقع عنده: ((فأنزلت الرخصة فيه)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (3 / 503 رقم 2951) من طريق ابن جريج، عن عكرمة، فذكره بمعناه، وفيه زيادة.
وأصل القصة وسبب النزول صحيح من غير طريق عكرمة.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 129 رقم 1915) في الصوم، باب قول الله جل ذكره: {أحل لكم ليلة الصيام ... } الآية، وفي التفسير (8 / 181 رقم 4508) باب (أحل لكم ليلة الصيام ... ) الآية، من طريق أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أصحاب محمد صلى الله عيه وسلم إذا كان الرجل صائمًا فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى =(2/696)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} ]
276- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ (2) عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَابْتَغُوا مَا كتب الله لكم} ، قَالَ: يَعْنِي الْوَلَدَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ]
277- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا حُصين (3) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِي بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ
__________
= يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلبُ لك، وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خَيْبَة لك، فلم انتصف النهار غُشي عليه، فذُكر ذلك للني صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَتْ هذه الآية: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلى نسائكم} ففرحوا بها فرحًا شديدًا ونزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} .
(1) تقدم في الحديث رقم [6] أنه صدوق.
(2) هو ابن عُتَيبة.
[276] سنده حسن، وهو صحيح لغيره، فإن عبد الرحمن بن زياد لم ينفرد به.
فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 506 رقم 2965 و 2966) من طريق إسماعيل بن زياد الكاتب، وسهل بن يوسف، وأبي داود الطيالسي، ثلاثتهم عن شعبة، به مثله، إلا أن إسماعيل بن زياد شذّ، فرواه عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ مجاهد.
(3) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي، تقدم في الحديث رقم [56] أنه ثقة تغيّر حفظه في الآخر، لكن الراوي عنه هنا هو هشيم بن بشير، وهو ممن روى عنه قبل =(2/697)
لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} ، عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَين أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي، فَجَعَلْتُ أَقُومُ اللَّيْلَ، فَلَا أَتَبَيَّنُ الْأَبْيَضَ مِنَ الْأَسْوَدِ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ، غَدَوْتُ عَلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْتُهُ، فَضَحِكَ، وَقَالَ: ((إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ، إِنَّمَا ذَاكَ (سَوَادُ الليل وبياض النهار)) ) (2) .
__________
= الاختلاط كما في الحديث [91] .
(2) في الأصل: (سواد النهار وبياض الليل) وهو تصحيف ظاهر، وجاء على الصواب في مصادر التخريج والموضع الآتي من "الدر المنثور".
[277] سنده صحيح، وقد اتفق الشيخان على إخراجه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 480) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
ومدار الحديث على عامر الشعبي، وله عنه أربعة طرق.
(1) طريق حصين بن عبد الرحمن السلمي عنه.
أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم، عنه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 377) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 132 رقم 1916) في الصوم، باب قول الله تعالى: {وكلوا واشربوا} الآية.
والترمذي في "سننه" (8 / 308 - 309 رقم 4050) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن خزيمة في "صحيحه" (3 / 209 رقم 1925) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 53) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 215) في الصيام، باب الوقت الذي يحرم فيه الطعام على الصائم. =(2/698)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق هشيم، عن حصين، به نحوه، إلا ابن خزيمة فلفظه مختصر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 28) .
ومن طريق مسلم في "صحيحه" (2 / 766 - 767 رقم 33) في الصيام، باب بيان أن الدخول في الصيام يحصل بطلوع الفجر ...
وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 760 رقم 2349) في الصوم، باب وقت السحور.
ومن طريقه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 231) .
وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق.
جميعهم من طريق عبد الله بن إدريس، عن حصين، به نحوه.
وأخرجه أبو داود مقرونًا بالرواية السابقة.
ومن طريقه الخطابي في الموضع السابق.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 79 رقم 176) .
كلاهما من طريق حصين بن نمير، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به نحوه.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 182 رقم 4509) في التفسير، باب: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخيط الأبيض ... ) الآية، أخرجه من طريق أبي عوانة عن حصين، به نحوه، ولم يذكر قوله: ((إِنَّمَا ذَاكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النهار)) .
وأخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 338 رقم 1701) من طريق شريك، عن حصين، به بمعناه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 11 رقم 2986) من طريق أبي بكر بن عياش، عن حصين، به مختصرًا.
(2) طريق مُطَرِّف بن طرِيف، عن عامر الشعبي.
أخرجه البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (4510) .
والنسائي في "سننه" (4 / 148) في الصيام باب تأويل قول الله تعالى: {وكلوا =(2/699)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبيض ... } الآية، وفي التفسير (1 / 222 رقم 41) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 512 - 513 رقم 2989) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (3 / 209 رقم 1926) .
والخطابي في "غريب الحديث" (1 / 232) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (177 و 178) .
جميعهم من طريق مطرف، عن الشعبي، به نحوه مختصرًا.
(3) طريق مجالد عن عامر الشعبي، به نحوه.
أخرجه الحميدي في "مسنده" (2/ 407 رقم 916) .
والإمام أحمد في "المسند" (4 / 377) .
والترمذي في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير من "سننه" (8 / 310 - 311 رقم 4051 و 4052) .
وابن جرير في الموضع السابق برقم (2987 و 2988) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 122 / ب) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (172 و 173 و 174 و 175) .
(4) طريق سماك عن عامر الشعبي، بنحوه.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 80 رقم 179) .
(فائدة) : قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 132) :
((قوله: لما نزلت: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ من الخيط الأسود من} عمدت.. إلخ، ظاهره عن عديًا كان حاضرًا لما نزلت هذه الآية، وهو يقتضي تقدم إسلامه، وليس كذلك؛ لأن نزول فرض الصوم كان متقدمًا في أوائل الهجرة، وإسلام عدي كان في التاسعة، أو العاشرة كما ذكره ابن إسحاق وغيره من أهل المغازي، فأما أن يقال: إن الآية التي في حديث الباب تأخر نزولها عن نزول فرض الصوم وهو بعيد جدًا، وإما أن يُؤَوَّلَ قولُ عَدِيٍّ هذا =(2/700)
278- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ} -، قَالَ: إِذَا تَسَحَّرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَقَدْ كَانَ طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ} . وَإِذَا أَكَلَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ، فَلْيَقْضِهِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} .
__________
= على أن المراد بقوله: ((لما نزلت)) أي: لما تليت عليّ عند إسلامي، أو: لما بلغني نزول الآية، أو في السياق حذف تقديره: لما نزلت الآية ثم قدمت فأسلمت علمني الشرائع، عمدت ... ، وقد روى أحمد حديث من طريق مجالد بلفظ: علمني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم الصلاة والصيام، فقال: صل كذا وصم كذا، فإذا غابت الشمس فكل حتى يتبين لك الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ، قال فأخذت خيطين ... الحديث} اهـ والله أعلم.
[278] سنده صحيح، وانظر الكلام عن رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ في الحديث رقم [184] .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (4 / 177 رقم 7389) .
وابن أبي شيبة (3 / 23 و 24) .
وابن حزم في "المحلى" (6 / 333) .
أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما ابن أبي شيبة وابن حزم فمن طريق سفيان ابن عيينة، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه، إلا أن عبد الرزاق لم يذكر الآية، وابن أبي شيبة قطعه في الموضعين، ولم يذكر في الآية سوى قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} ، واقتصر ابن حزم على شطر الحديث الأول، ولم يذكر باقيه من قوله: (وإذا أكل ... ) الخ.(2/701)
279- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا خَالِدٌ (1) ، وَمَنْصُورٌ (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الجَزَّار (3) ، قَالَ: سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ عَنْ رَجُلٍ تسحَّر وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا، وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ، قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ أول النهار فليأكل آخره.
__________
= (1) هو ابن مِهْران الحَذَّاء.
(2) هو ابن زَاذَان.
(3) هو يحيى بن الجَزَّار العُرَني - بضم المهملة وفتح الراء ثم نون-، الكوفي، لقبه زَبَّان، وقيل زَبَّان أبوه، وهو يروي عن ابن عباس والحسن بن علي وعائشة وأم سلمة ومسروق وغيرهم، روى عنه الحكم بن عتيبة وحبيب بن أبي ثابت وعمرو بن مرَّة وغيرهم، وهو ثقة رمي بالغلو في التشيع، قال ابن سعد: ((كان يغلو في التشيع، وكان ثقة وله أحاديث)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة كان يتشيع)) ، وقال الجوزجاني: ((كان غاليًا مفرطًا)) ووثقه أبو زرعة وأبو حاتم والنسائي.
وهو يروي هنا عن ابن مسعود ولا أظنه سمع منه، فإنهم لم يذكروا في ترجمته أنه روي عن ابن مسعود، بل لم يرو عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سوى ثلاثة أحاديث وبعضهم يرى أنه لم يرو عنه شيئًا، مع أن ابن مسعود رضي الله عنه توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وعلي رضي الله عنه قتل سنة أربعين للهجرة، قال شعبة: ((لم يسمع يحيى بن الجزار من علي إلا ثلاثة أحاديث)) ، وقيل للإمام أحمد: هل سمع من علي؟ قال: لا. اهـ من "الجرح والتعديل" (9 / 123 رقم 561) ، و"الكاشف" (3 / 251 رقم 6248) و"التهذيب" (11 / 191 - 192 رقم 323) و (6 / 28) و (7 / 338) .
والراوي عن يحيى هنا هو محمد بن سيرين، ولم أجد من نصّ على أنه روى عنه، وسماعه منه محتمل؛ فإنهما في طبقة واحدة، فكلاهما من الطبقة الثالثة كما في "التقريب" (ص 483 و 588 رقم 5948 و 7519) . =(2/702)
280- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: يُتِمُّ صَوْمَهُ وَلَا شيء عليه.
__________
[279] سنده ضعيف للانقطاع بين يحيى بن الجَزَّار وابن مسعود.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع، ثم بان أنه كان قد طلع، من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: (فقال: من أكل) و: (من آخره) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 23) من طريق وكيع، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سيرين قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَنْ أكل أول النهار فليأكل آخره.
كذا رواه ابْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، ولم يذكر يحيى بن الجزار، والصواب إثباته؛ لأن خالدًا الحذّاء ومنصور بن زاذان قد اتفقا على إثباته.
(1) هو ابن زاذان.
[280] سنده صحيح عن ابن سيرين والحسن.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن الفجر لم يطلع، ثم بان أنه كان قد طلع، أخرجه من طريق المصنف، به مثله سواء، إلا أنه قال: (قال وقال الحسن ... ) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 23) من طريق إسماعيل بن عُلَية، عن ابن عون، أن محمدًا - يعني ابن سيرين - تَسَحَّرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ ليلاً، ثم استبان له أنه تسحّر بعدما أصبح فقال: أما أنا اليوم فمفطر.
وأخرجه أيضًا في الموضع نفسه من طريق سهل بن يوسف، عن عمرو، عن الحسن في رجل تسحّر وهو يرى أنه عليه ليلاً، قال: يتم صومه.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (6 / 333) عن الحسن فقط موصولاً، وأشار إلى قول ابن سيرين.(2/703)
281- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا (عُمَرُ) (1) بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ السُّلَمي - مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ (2) -، عَنِ النُّعمان بْنِ الْمُنْذِرِ الغَسَّاني (3) ، عَنْ مَكْحُول (4) ، قَالَ: سُئِلَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ عَنْ رَجُلٍ تسحَّر وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا وَقَدْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ، قَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صَامَهُ وِقِضَى يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَلْيَأَكُلْ مِنْ آخِرِهِ؛ فقد أكل من أوله.
__________
(1) في الأصل: عمرو، والتصويب من "سنن البيهقي" (4 / 216) ، ومن مواضع ترجمته الآتية.
(2) هو عمر بن عبد الواحد بن قيس السُّلَمي، أبو حَفْص الدِّمشقي، يروي عن يحيى ابن الحارث الذّماري والأوزاعي والإمام مالك والنعمان بن المنذر وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا هشام بن عمار وأبو مسهر ودُحَيم وإسحاق بن راهويه وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن سعد والعجلي ودحيم وغيرهم، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة مائتين. / انظر "تاريخ الثقات" (ص 359 رقم 1240) و"تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1018) ، و"التهذيب" (7 / 479 رقم 794) ، و"التقريب" (ص 415 رقم 4943) .
(3) هو النعمان بن المنذر الغَسَّاني، أبوالوَزِير الدِّمَشقي، روى عن عطاء ومجاهد والزهري وطاوس ومكحول وغيرهم، روى عنه محمد بن الوليد الزَّبيدي وسويد ابن عبد العزيز والهيثم بن حميد ويحيى بن حمزة وغيرهم، وهو صدوق رمى بالقدر، وثقه أبو زرعة، وقال دحيم: ((ثقة إلا أنه يرمى بالقدر)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ((ليس بذاك القوي)) ، وقال أبو داود: ((ضرب أبو مسهر على حديث النعمان بن المنذر، فقال له يحيى بن معين: وفقك الله تعالى)) ، قال أبو داود: ((وكان داعية في القدر، وضع كتابًا يدعو فيه إلى القدر)) وكانت وفاته سنة اثنتين وثلاثين ومائة اهـ من "الجرح والتعديل" (8 / 447 رقم 2055) و"التهذيب" (10 / 457 رقم 828) ، و"التقريب" (ص 564 =(2/704)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 7164) .
(4) هو مكحول أبو عبد الله الشَّامي، ثقة فقيه مشهور، روى عن أنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وأبي أمامة وأبي هند الدّاري وجُبير بن نفير وسليمان بن يسار وغيرهم، روى عنه الأوزاعي وعبد الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ وحجّاج بن أرطأة والنعمان بن المنذر وغيرهم، وقد وثقه العجلي، وقال الزهري: العلماء أربعة: سعيد بن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن بالبصرة، ومكحول بالشام، وقال سعيد بن عبد العزيز: ((كان مكحول أفقه من الزهري، مكحول أفقه أهل الشام)) ، وقال ابن عمار: ((كان مكحول إمام أهل الشام)) ، وقال أبو حاتم: ((ما أعلم بالشام أعلم من مكحول)) ، وقال ابن يونس: ((كان فقيهًا عالمًا)) ، وقال ابن خراش: ((شامي صدوق، وكان يرى القدر)) وقال الأوزاعي: ((لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن ومكحول، فكشفنا عن ذلك فإذا هو باطل)) ، قال الذهبي عقب ذكره لقول الأوزاعي هذا: ((قلت: يعني رجعا عن ذلك)) ، واختُلف في سنة وفاة مكحول، فقيل: سنة اثنتي عشرة ومائة، وقيل سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة، وقيل سنة ست عشرة، وقيل سنة ثمان عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 407 - 408 رقم 1867) و"سير أعلام النبلاء" (5 / 155 - 160) و"التهذيب" (10 / 289 - 293 رقم 509) و"التقريب" (ص 545 رقم 6875) .
قلت: وقد وُصف مكحول بالتدليس وكثرة الإرسال.
أما التدليس فوصفه به البزّار وابن حبان، وأكّده الذهبي حين قال في "الميزان" (4 / 177) : ((صاحب تدليس)) ، وذكره الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة من "طبقات المدلسين" (ص 113 رقم 108) وهم الذين أكثروا من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع.
وأما الإرسال فوصفه به كثير من الأئمة كما في مصادر ترجمته السابقة، وهو هنا يروي عن أبي سعيد الخدري ولم يذكروا أنه روى عنه بل لم يذكروا =(2/705)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ]
282- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، (عَنِ) (1) ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ} - قَالَ: لَا تُخَاصِمْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ أنك ظالم.
__________
= أنه روى عن صحابي سوى أنس بن مالك، وسوى واثلة بن الأسقع وأبي أمامة وأبي هند الداري على خلاف في هؤلاء الثلاثة، فأبو مسهر يرى أنه لم يسمع إلا من أنس كما نقل ذلك عنه أبو حاتم، وأما الترمذي فيرى أنه سمع من واثلة ابن الأسقع وأنس وأبي هند الدَّاري، قال الترمذي: ((ويقال إنه لم يسمع من واحد من الصحابة إلا منهم)) ، ويرى الذهبي أنه لم يسمع من أبي هند، وأنه سمع من أبي أمامة، وانظر "جامع التحصيل" (ص 352 - 353) .
[281] سنده ضعيف للانقطاع بين مكحول وأبي سعيد الخدري.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 216) في الصيام، باب من أكل وهو يرى أن لفجر لم يطلع ثم بان أنه كان قد طلع، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((وقد طلع الفجر)) ، و: ((إن كان شهر رمضان)) .
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل، ولا بد من العبارة، فهذا الإسناد يروي المصنف كثيرًا من طريقه كما سبق في الحديث [278] وغيره.
[282] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] . والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 489) وعزاه للمصنف سعيد ابن منصور وعبد بن حميد.
وهو في "تفسير مجاهد" (ص 97 - 98) من رواية آدم، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به نحوه. =
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (3/ 550 رقم 3060 من طريق عيسى ابن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.(2/706)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَيْسَ البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} ]
283- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَيْسَ (1) البِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا البُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا} - قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا أَتَى الْبَيْتَ مِنْ بُيُوتِ بَعْضِ أَصْحَابِهِ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ، رَفَعَ الْبَيْتَ مِنْ خَلْفِهِ، - أَيْ بُيُوتَ الشَّعَر -، ثُمَّ يَدْخُلُ، فنُهوا عَنْ ذَلِكَ، وَأُمِرُوا أَنْ يَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا، ثُمَّ يسلِّموا.
__________
= وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 550 رقم 3060) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
وعلّقه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 124 / أ) .
(1) في الأصل: (ليس البر أن) .
[283] سنده ضعيف؛ مغيره بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه كان يدلس لا سيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه ولم يصرح بالسماع، ولو صرح لما صح الحديث من هذا الطريق، بل هو مرسل، فإبراهيم يحدث عن شيء لم يشهده، لكن قد صح الحديث عن البراء بن عازب كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 492) وعزاه للمصنف فقط، ولفظه مثله سواء، إلا أنه قال: (أو ابن عمه) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 557 - 558 رقم 3080) من طريق جرير، عن مغيرة، به مختصرًا.
وأصل الحديث في "الصحيحين".
فقد أخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 621 رقم 1803) في العمرة، باب قول الله تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها} ، و (8 /183 رقم 4512) في التفسير، باب: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظهورها ... } الآية.(2/707)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} ]
284- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَرَجَوْنَا أَنْ يُحَدِّثَنَا حَدِيثًا حَسَنًا، فَبَدَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ (2) ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا تَقُولُ فِي الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَاللَّهُ يَقُولُ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَدْرِي مَا الفِتْنَةُ ثَكَلَتْكَ أمُّكَ؟! إِنَّمَا كَانَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ الدُّخُولُ فِي دِينِهِمْ فِتْنَةً، وَلَيْسَ بِقِتَالِكُمْ عَلَى المُلْك.
__________
= ومسلم في "صحيحه" (4 / 2319 رقم 23) في التفسير.
كلاهما من طريق أبي إسحاق السبيعي، قال: سمعت البراء رضي الله عنه يقول: نزلت هذه الآية فينا، كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا، لم يدخلوا من قبل أبواب بيوتهم، ولكن من ظهورها، فجاء رجل من الأنصار فدخل من قبل بابه، فكأنه عُيِّرَ بذلك، فنزلت: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها} .
وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذا الشاهد، والله أعلم.
(1) هو وَبَرة - بالموحّدة المحركة - ابن عبد الرحمن المُسْلي - بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام -، أبو خُزيمة أو أبو العباس الكوفي، روى عن ابن عباس وابن عمر وأبي الطُّفيل والشعبي وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والأعمش وبيان بن بشر وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين والعجلي وأبوزرعة، وكانت وفاته سنة ست عشرة ومائة اهـ من "الجرح والتعديل" (9 / 42 رقم 176) و"التهذيب" (11 / 111 رقم 194) و"التقريب" (ص 580 رقم 7397) .
(2) اسمه: ((حكيم)) كما في رواية الإمام أحمد وابن أبي حاتم وأبي نعيم والبيهقي =(2/708)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= الآتية وانظر "فتح الباري" (8 / 311) .
[284] سنده صحيح
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 94) .
والبخاري في "صحيحه" (13 / 45 رقم 7095) في الفتن، باب قول النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الفتنة من قبل المشرق)) .
والنسائي في "تفسيره" (1 / 229 رقم 46) .
أما الإمام أحمد فمن طريق هشام بن سعيد، وأما البخاري فمن طريق إسحاق ابن شاهين، وأما النسائي فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي، ثلاثتهم عن خالد ابن عبد الله الطحان، عن بيان بن بشر، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (2 / 70) .
والبخاري (8 / 310 رقم 4651) في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير، باب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ويكون الدين كله لله}
والنسائي في "تفسيره" (1 / 527 رقم 227) .
وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / 126 / ب) .
وأبو نعيم في "مستخرجه" كما في "فتح الباري" (8 / 311) .
والبيهقي في "سننه" (8 / 192) في قتال أهل البغي، باب النهي عن القتال في الفرقة.
جميعهم من طريق زهير بن معاوية، عن بيان، به نحوه، إلا أن أحمد وابن أبي حاتم وأبا نعيم والبيهقي ذكروا أن الرجل السائل اسمه: ((حكيم)) .
وأخرج البخاري الحديث من وجه آخر عن ابن عمر.
فأخرجه (8 / 183 - 184 و 309 - 310 رقم 4513 و 4514 و 4515 و 4550) .
في تفسير سورة البقرة والأنفال من كتاب التفسير، باب: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} من كلا السورتين، من طريق عبيد الله بن عمر وبُكير ابن عبد الله كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أتاه رجلان في فتنة ابن الزبير، فقالا: إن الناس قد ضُيِّعوا وأنت ابن عمر وصاحب النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فما يمنعك أن تخرج؟ فقال: يمنعني أنه الله حرَّم دم أخي، فقالا: ألم يقل الله: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} ؟ فقال: قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان =(2/709)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} ]
285- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَش، عَنْ شَقِيق، عَنْ حُذيفة - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} -، قال: تَرْكُ النَّفَقَة.
__________
= الدين لله، وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله.
هذا لفظ رواية عبيد الله، ونحوه رواية بكير إلا أن فيها زيادة، وفيها: ((أن رجلاً أتى ابن عمر فقال..)) الحديث.
فهذا يحمل على أن الذي أتاه رجلان، وأن الذي سأل أحدهما، فعبَّر مرة بـ: ((رجل)) بالنظر إلى السائل، ومرة بـ: ((رجلان)) بالنظر إلى مجيئهما، وقد جمع الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 310) جمعًا آخر حيث قال: ((لعل السائلين عن ذلك جماعة، أو تعددت القصة)) . اهـ.
وهذا الجمع من الحافظ رحمه الله لوقوع السؤال مرة من: ((حيّان صاحب الدُّثَنِيَّة)) ومرة من: ((الهيثم بن حَنَش، وقيل نافع بن الأزرق)) ، هذا بالإضافة لما سبق من أنه: ((حكيم)) .
وما ذكره من أنه: (حيّان)) بناء على ما أخرجه سعيد بن منصور في تفسير سورة الحجرات (ل / 175 / أ) من طريق حيّان السُّلَمي أنه سأل ابن عمر عن قوله عز وجل: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} [الآية (9) من سورة الحجرات] ، وليس في الحديث ذكر للآية السابقة: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} .
وأما الرواية الأخرى فقد عزاها الحافظ لفوائد أبي بكر النجّاد، ولم أقف عليها. فالله أعلم.
[285] سنده صحيح، والأعمش تقدم في الحديث [3] أنه مدلس، إلا أن روايته عن شيخه أبي وائل شقيق بن سلمة محمولة على الاتصال وإن كانت بالعنعنة، وهذه منها، وقد أخرج البخاري هذا الحديث في "صحيحه" كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 449) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان ابن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. =(2/710)
286- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: بِمَنْعِكُمُ النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَخَافَةَ العَيْلة.
__________
= والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب ما جاء في النفقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (2 / 166 رقم 2404) ، من طريق أبي معاوية فقط، بمثله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (3 / 583 رقم 3144) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 128 / أ) .
كلاهما من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 185 رقم 4516) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ... } .
وابن جرير في الموضع السابق برقم (3145) .
كلاهما من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه.
وأخرجها بن جرير أيضًا من طريق أبي جعفر الرازي، عن الأعمش، ومن طريق سفيان الثوري، عن عصام، كلاهما عن شقيق، به نحوه.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص58 رقم 68) عن أبي عمر دينار بن عمر، عن أبي وائل شقيق، به بلفظ: ألاّ تنفق.
(1) الذي يظهر أن الشك من المصنف سعيد بن منصور، وهو عن ابن أبي نجيح بلا شك كما سيأتي.
[286] سنده صحيح، وانظر الحديث [184] في رواية ابن نجيح عن مجاهد.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 499) وعزاه لوكيع وعبد بن حميد فقط.
وسبق أن أخرجه المصنف في كتاب الجهاد، باب ما جاء في النفقة فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، (2 / 116 رقم 2405) ، فقال: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - في قوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قال: لا تمنعكم النَّفَقَةَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مخافةُ العيلة.
وهو في "تفسير مجاهد" (ص99) من رواية آدم، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (3 / 585 رقم 3154) من طريق عيسى وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به نحوه. =(2/711)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} ]
287- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الأعْمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ للهِ} -، قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ: (إِلَى الْبَيْتِ) ، قَالَ: لَا تَجَاوُزَ بِالْعُمْرَةِ الْبَيْتَ، فَإِذَا أَحْصِرتم (1) ، فَإِذَا أَهَلَّ (2) الرَّجُلُ بِالْحَجِّ، فأحْصِر، بَعَثَ بِمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فإن هو عجل [ل115/أ] قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ محلَّه، فَحَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ مَسَّ طِيبًا، أَوْ تَدَاوَى بِدَوَاءٍ، كَانَ عَلَيْهِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُك (3) ، وَالصِّيَامُ: ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ (4) مَسَاكِينَ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ نصفُ صَاعٍ،
__________
= وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص 59 رقم 69) عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} - قال: ليس ذلك في القتال، ولكن في النفقة، إذا لقيت العدو فقاتلهم.
(1) الإِحْصَارُ: المنع والحبس، يقال: أَحْصَرَهُ: المرض أو السُّلطان: إذا منعه عن مقصده فهو مُحْصَر، وحَصَرَهُ: إذا حبسه، فهو محصور. اهـ من "النهاية في غريب الحديث" (1 / 395) .
(2) الإِهْلال: هو رفع الصوت بالتلبية، يقال: أهَلَّ المحرم بالحج يُهلُّ إهلالاً: ذا لَبَّى ورفع صوته اهـ من المصدر السابق (5 / 271) .
(3) النُّسُكُ: جمع نَسيكة، وهي الذبيحة. انظر المرجع السابق (5 / 48) .
(4) في الأصل كتبت رقمًا: ((6)) .(2/712)
والنُّسُكُ: شاة. {فَإِذَا أَمِنْتُمْ} ، يَقُولُ: إِذَا بَرَأ، فَمَضَى مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، أحَلَّ مِنْ حَجَّتِهِ بِعُمْرَةٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ الحجُّ مِنْ قَابِل، فَإِنْ هُوَ رَجَعَ، وَلَمْ يُتِمَّ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ إِلَى الْبَيْتِ، كَانَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَدَمٌ، لِتَأْخِيرِهِ الْعُمْرَةَ، فَإِنْ هُوَ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، كَانَ عَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ: شَاةٌ، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَجِدْ، {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} .
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: يَجْعَلُ آخِرَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هذا الحديث كلِّه.
__________
= [287] سنده صحيح، وانظر الحديث رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 502) مختصرا وعزاه للمصنف وأبي عبيد في "الفضائل" وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري.
وذكره أيضًا (1 / 512) بنحوه بتمامه وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص 236 رقم 564) من طريق أبي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عن علقمة قَالَ: هِيَ قِرَاءَةُ عَبْدِ اللِّهِ: (وأتموا الحج والعمرة إلى البيت ولا تجاوزوا بالعمرة البيت) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص262 - 263 و 294 - 295 رقم 1730 و 1933) من طريق =(2/713)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبي معاوية، به مختصرًا، ذكر فيه أن المحصر يبعث بهديه، فإذا ذبح حلّ، فإن حلّ قبل أن يذبح فعليه دم، وذكر إبراهيم أن سعيد بن جبير حدثه عن ابن عباس بمثله.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 129 / أوب) و (1 / ل 131 / أوب) و (1 / ل 132 / أ) ، من طريق أبي معاوية، لكنه فرّقه في هذه المواضع كلها، ولفظه نحو لفظ المصنف إلا أنه لم يذكر من قوله: ((فإن هو عجل)) إلى قوله: ((والنسك شاة)) ، ومن قوله: ((فإن هو لم يجد ... )) إلى قوله: ((يوم عرفة)) . ثم أخرجه ابن أبي حاتم أيضًا (1 / 130/ ب و 131 / ب) من طريق يحيى ابن سعيد القطان، عن سليمان الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ: {ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله} فإن عجل فحلق قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فعليه فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك ... ، ثم ذكر قول إبراهيم لسعيد بن جبير، وهذا في الموضع الأول.
أما الموضع الثاني فلفظه عن علقمة: (فإذا أمنتم) : فإذا أمن مما كان به ... ، ثم ذكر قول إبراهيم لسعيد أيضًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق من "المصنف" (ص 139 و 262 - 263 رقم 928 و 1730 و 1731) في جميع هذه المواضع من طريق أبي خالد الأحمر عن الأعمش، عن إبراهيم به مختصرًا.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 7 و 28 و 55 و 72 و 86 و 89 و 95 رقم 3185 و 3254 و 3325 و 3372 و 3415 و 3422 و 3444) من طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه بتمامه، إلا أنه قطعه في هذه المواضع.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2 / 250 - 251) من طريق يحيى ابن سعيد القطان عن الأعمش، به بنحوه.
ولبعض الحديث طرق أخرى عن ابن عباس سيأتي تخريجها برقم [298] .(2/714)
288- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا (1) ، عَنِ ابْنِ عَوْن (2) ، عَنِ الشَّعْبي، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وأتموا الحج والعمرةُ لله) .
__________
(1) هو يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَة الهَمْداني - بسكون الميم-، أبو سعيد الكوفي، روى عن أبيه والأعمش وعاصم الأَحْوَل وعبد الله بن عون وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا يحيى بن آدم والإمام أحمد وابن معين وابنا أبي شيبة وابن المديني وغيرهم، وهو ثقة متقن روى له الجماعة، ووثقه عيسى بن يونس وابن سعد وأحمد بن حنبل وابن معين ويعقوب بن شيبة وزاد: ((حسن الحديث)) ، ووثقه ابن المديني وقال: ((لم يكن بالكوفة بعد الثوري أثبت منه)) ، وقال العجلي: ((ثقة، وهو ممن جمع له الفقه والحديث، وكان على قضاء المدائن، ويعد من حفاظ الكوفيين للحديث، متقنًا ثبتًا صاحب سنة) ، وقال أبو حاتم ((مستقيم الحديث صدوق ثقة)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين ومائة، وقيل: ثلاث، وقيل أربع وثمانين ومائة، وله من العمر ثلاث وستون سنة اهـ من "الجرح والتعديل" (9 / 144 - 145 رقم 609) ، و"التهذيب" (11 / 208 - 210 رقم 349) و"التقريب" (ص 590 رقم 7548) .
(2) هو عبد الله بن عون.
[288] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 503) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 233 رقم 1520) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 10 - 11 رقم 3204)
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 129 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 349) في الحج، باب من قال العمرة تطوع.(2/715)
..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق أبي عاصم، وأما البيهقي فمن طريق وهيب، ثلاثتهم، عن ابن عون، به مثله، إلا ابن أبي شيبة فلفظه: ... عن الشعبي أنه قرأها: (وأتموا الحج) ثم قطع، ثم قال: ((والعمرة لله)) .
وزاد ابن أبي حاتم: (برفع التاء) .
وزاد البيهقي: ((ويقول: هي تطوع) يعني العمرة.
وهذه الزيادة عند البيهقي أخرجها ابن جرير في "تفسيره" (4 / 14 رقم 3221) من طريق حماد بن سلمة، حدثنا عبد الله بن عون، عن الشعبي قال: العمرة تطوع.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 10 رقم 3202) من طريق شعبة، قال: حدثني سعيد بن أبي بُرْدَة أن الشعبي وأبا بردة تذاكرا العمرة، قال: فقال الشعبي: تطوع، (وأتموا الحج والعمرةُ لله) وقال أبو بردة هي واجبة: (وأتموا الحج والعمرةَ لله) .
وأخرج ابن جرير أيضًا: (4 / 11 - 12 رقم 3209) من طريق عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قال: سأل رجل سعيد بن جبير عن العمرة فريضة هي أم تطوع؟
قال: فريضة قال: فإن الشعبي يقول: هي تطوع؟ قال: كَذَب الشعبي، وقرأ: (وأتموا الحج والعمرة لله) .
ومعنى قول سعيد بن جبير: ((كذب الشعبي)) أي أخطأ. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 159) .
وهذا كله يدلّ على أن الشعبي رحمه الله ممن يذهب إلى أن العمرة تطوع وليست بواجبة.
وقد روي عنه خلاف هذا ولا يصح.
فأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 11 رقم 3205) .
وابن حزم في "المحلى" (7 / 14) . =(2/716)
289- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأصْبَهاني (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِل (2) ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا فِي الْمَسْجِدِ، فَجَلَسَ إِلَيْنَا كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ، فَقَالَ: فيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} ، قَالَ: (قُلْتُ) (3) : كَيْفَ كَانَ شَأْنُكَ؟ قَالَ: خَرَجَنْا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ (عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) (4) مُحْرِمِينَ، فَوَقَعَ الْقَمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي وَشَارِبِي، حَتَّى وَقَعَ فِي حَاجِبَيَّ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى (أَنَّ الْجَهْدَ) (5) بَلَغَ مِنْكَ هَذَا، ادْعُ الحَالِقَ، فَجَاءَ الحالق، فحلق
__________
= كلاهما من طريق مغيرة بن مقسم، عن الشعبي قال: العمرة واجبة.
وصحح ابن حزم هذه الرواية وهي ضعيفه، فمع مخالفتها لما صح عن الشعبي، فإنها من رواية مغيرة بن مِقْسم، وتقدم في الحديث [54] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا.
وقد رَدَّ ابن حزم قراءة الشعبي هذه، فصحح ما يخالفها عنه، وقال (7 / 10) : ((وأما قولهم: إن الله تعالى إنما أمر بإتمامها من دخل فيها لا بابتدائها، وأن بعض الناس قرأ: (والعمرةُ لله) بالرفع، فقول كله باطل، لأنها دعوى بلا برهان ... )) ، وقال (ص 11) : ((وأما القراءة: (والعمرةُ لله) بالرفع، فقراءة منكرة، لا يحل لأحد أن يقرأ بها، وسبحان من جعلهم يلجأون إلى تبديل القرآن فيحتجّون به!)) . أ. هـ.
وقال ابن جرير رحمه الله في "تفسيره" (4 / 15) : ((وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندنا: قراءة من قرأ بنصب (العمرة) على العطف بها على الحج، بمعنى الأمر بإتمامها له ... ، هذا مع إجماع الحجة على قراءة: (العمرة) بالنصب، ومخالفة جميع قَرَاة الأمصار قراءةَ من قرأ ذلك رفعًا، ففي ذلك مستغنىً عن الاستشهاد على خطأ من قرأ ذلك رفعًا)) . أ. هـ. والله أعلم.
(1) هو عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن الأصْبَهاني الكوفي الجُهَني، روى عن أنس =(2/717)
رَأْسِي، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مِنْ نَسِيْكَة؟ قُلْتُ: لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ثَلَاثَةَ آصُعٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ، قَالَ: وَأُنْزِلَتْ فيَّ خَاصَّةً، وهي للناس عامّة.
__________
= وأبي حازم الأشْجعي وعكرمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى والشعبي وعبد الله بن معقل بن مُقَرِّن وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وشعبة والثوري، وأبو عوانة وضَّاح بن عبد الله وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الرابعة، وممن روى له الجماعة كما في "التقريب" (ص 345 رقم 3926) ، فقد وثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة والنسائي، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) اهـ من "الجرح والتعديل" (5 / 255 رقم 1207) و"التهذيب" (6 / 217 رقم 436) .
(2) هو ابن معقل بن مُقَرِّن، تقدم في الحديث [103] أنه ثقة.
(3) في الأصل تشبه أن تكون: ((كنت)) ويظهر أن الناسخ حاول إصلاحها فزادها غموضًا والتصويب من الموضع الآتي من "أسباب النزول" للواحدي حيث روى الحديث من طريق المصنف.
(4) و (5) ما بين القوسين سقط من الأصل فأثبته من "أسباب النزول" للواحدي.
[289] سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري ومسلم كما سيأتي.
والحديث أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 54 - 55) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((فيَّ أنزلت)) ، و ((ادعوا الحالق)) و: ((فأنزلت فيّ)) ، وهو اختلاف يسير.
والحديث له عن كعب بن عجرة سبع طرق:
(1) طريق عبد الله بن معقل، عنه.
وهو الذي أخرجه المصنف هنا من طريق أبي عوانة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، عنه.
وأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "فتح الباري" (4 / 18) من طريق أبي عوانة، به نحوه. =(2/718)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 136 - 137 رقم 300) .
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 134 رقم 1062) .
وأحمد في "المسند" (4 / 242) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 16 رقم 1816) في المحصر، باب الإطعام في الفدية نصف صاع، و (8 / 186 رقم 4517) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {فمن كان منكم مريضًا ... } .
ومسلم في "صحيحه" (2 / 861 - 862 رقم 85) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.
وابن ماجه في "سننه" (2/ 1028 - 1029 رقم 3079) في المناسك، باب فدية المحصر.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 242 - 243 رقم 51) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 60 رقم 3338) .
وابن أبي حاتم (1 / ل 131 / أ) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 119 - 120) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 136 رقم 299) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى.
جميعهم من من طريق شعبة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 249 رقم 1635) من طريق زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ عبد الرحمن بن الأصبهاني، به نحوه.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (86) .
والطبراني في "الكبير" (9 / 137 رقم 302) . =(2/719)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 242 - 243) .
وابن جرير (4 / 60 رقم 3337) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ، به مختصرًا.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (4 / 243) من طريق سليمان بن قرم، عن عبد الرحمن ابن الأصبهاني، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير (4 / 61 رقم 3339) من طريق شريك عن ابن الأصبهاني، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (301) من طريق قيس بن الربيع، عن ابن الأصبهاني، به نحوه.
وأخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 52) من طريق إسرائيل، عن ابن الأصبهاني به مختصرًا.
(2) طريق محمد بن كعب القرظي، عن كعب بن عجرة.
أخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 96 رقم 452) .
وابن ماجه في الموضع السابق من "سننه" برقم (3080) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 67 رقم 54 و 55) .
والطحاوي في الموضع السابق.
جميعهم من طريق أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن كعب، به نحوه مختصرًا.
(3) طريق يحيى بن جَعْدَة، عن كعب بن عجرة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 242) .
والطحاوي في الموضع السابق.
كلاهما من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بن جعدة، عن كعب بن عجرة، به نحوه، إلا أن لفظ الإمام أحمد مختصر.
(4) طريق أبي وائل شقيق بن سلمة، عن كعب بن عجرة.
أخرجه النسائي في "سننه" (5 / 195) في مناسك الحج، باب في المحرم يؤذيه =(2/720)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= القمل في رأسه
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 67 - 68 رقم 3356) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 106 رقم 213) .
ثلاثتهم من طريق الزبير بن عدي، عن أبي وائل، عن كعب، به نحوه مختصرًا.
(5) طريق سليمان بن محمد بن كعب، عن جده كعب بن عجرة، وهو الآتي برقم [296] .
(6) طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب بن عجرة، وهو الآتي برقم [290 و 291 و292 و293] وهو مروي في "الصحيحين".
(7) طريق عامر الشَّعْبي، عن كعب بن عجرة.
واختلف فيه على الشعبي.
فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 243) .
والترمذي في "سننه" (8 / 314 - 315 رقم 4056) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 59 و 70 رقم 3336 و 3364) .
ثلاثتهم من طريق أَشْعث بن سوّار الكندي، عن الشعبي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن كعب بن عجرة، بنحوه.
وأَشْعَثُ بن سَوَّار الكِنْدي، النَّجَّار الأَفْرَق الأَثْرَم صاحب التَّوَابِيت، قاضي الأَهْوَاز، يروي عن الحسن البصري وعامر الشَّعْبي، وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ضعيف؛ كان يحيى القطان وعبد الرحمن ابن مهدي لا يحدثان عنه، وكان عبد الرحمن يخط على حديثه وقال الإمام أحمد: ((هو أمثل في الحديث من محمد بن سالم، ولكنه على ذلك ضعيف الحديث)) ، وضعفه ابن سعد والعجلي وأبو داود والنسائي والدارقطني، وقال ابن حبان: ((فاحش الخطأ كثير الوهم)) ، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة. اهـ من "الجرح والتعديل" (2 / 271 - 272 رقم 978) و"الكامل" لابن عدي =(2/721)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (1 / 362 - 365) و"التهذيب" (1 / 352 - 354 رقم 645) و"التقريب" (ص113 رقم 524) .
ومع ضعف أشعث، فقد خالفه من هو أوثق منه.
فأخرجه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته" (ص 205 - 206 رقم 167) عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ كعب بن عجرة، به نحوه.
ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن تابعه داود بن أبي هند، وهو ثقة حافظ كما في ترجمته في الحديث [63] .
فالحديث أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (ص 75) .
ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (19 / 118 رقم 248) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 234) .
وأبو داود في "سننه" (2 / 431 - 432 رقم 1858) في المناسك، باب في الفدية.
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 58 - 59 رقم 3334 و 3335) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 117 - 118 رقم 245 و 246 و 247 و 249) .
أما عبد الرزاق فمن طريق معمر، وأما الإمام أحمد فمن طريق ابن عُلَيَّة ومحمد ابن أبي عدي، وأما أبو داود فمن طريق عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن زريع وخالد الطحان، وأما الطحاوي فمن طريق وهيب، وأما الطبراني فمن طريق وهيب وبشر بن المفضل وزهير بن إسحاق وشعبة، جميع هؤلاء رووه عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن الشعبي، عن كعب، به نحوه، وقد صرح الشعبي بسماعه من كعب في رواية وهيب وبشر وزهير.
وخالف هؤلاء جميعًا حماد بن سلمة، فرواه عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ =(2/722)
= ابن أبي ليلى، عن كعب، به مختصرًا.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 243) .
وأبو داود في الموضع السابق برقم (1857) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 117 رقم 244) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 185) في الحج، باب هل لمن أصاب الصيد أن يفديه بغيرالنعم.
ورواه يزيد بن هارون عن داود، واختلف على يزيد.
فأخرجه الدارقطني في "سننه" (2/ 299 رقم 283) من طريق أحمد بن سنان عن يزيد، عن داود، عن عامر الشعبي، عن كعب، به نحوه، فوافق رواية الأكثر عن داود.
ورواه الطبراني في الموضع السابق برقم (243) من طريق إدريس بن جعفر العطّار، عن يزيد، عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب، به نحوه، في روايته حماد بن سلمة.
وحماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد تغير حفظه في الآخر، ومع هذا خالف من هو أوثق منه وأكثر عددًا، وعليه فالراجح أنه عَنْ دَاوُدَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ كعب.
وقد يكون الشعبي تلقَّاه عن ابن أبي ليلى، لكن يعكِّر عليه رواية وهيب وبشر وزهير، عن داود، عن الشعبي، وفيها تصريح الشعبي بسماعه للحديث من كعب.
وفي "تاريخ ابن معين" (2 / 286 رقم 2561) قيل له: ((سمع الشعبي من كعب ابن عجرة؟ قال: سمع من عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عن كعب بن عجرة)) .
وقال ابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 236) ((من روى الحديث عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة، أو: عن الشعبي، عن كعب بن عجرة فليس بشيء، والصحيح فيه: عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. =(2/723)
290- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا أَبُو بِشْر (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: نَزَلَتْ فِيَّ هَذِهِ الْآيَةُ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالحُدَيْبِيَة (2) ، وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنا الْمُشْرِكُونَ، وَكَانَتْ لِي وَفْرَة (3) ، فَجَعَلَتِ الْهَوَامُّ تَسَاقط عَلَى وَجْهِي، فَنَزَلَتْ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ،
__________
= وأما الشعبي فاختلف فيه عليه فرواه بعضهم عنه، عن عبد الرحمن، عن كعب ابن عجرة، وبعضهم جعله عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، وبعضهم عنه، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، عن كعب بن عجرة، وبعضهم جعله عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، ولم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة، ولا سمعه أبو قلابة من كعب بن عجرة، والله أعلم)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 13) ((وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا عن كعب وروايتهما عن أحمد، لكن الصواب أن بينهما واسطة، وهو ابن أبي ليلى على الصحيح)) اهـ.
قلت: أما رواية أبي قلابة فنعم، وسيأتي الكلام عنها في الحديث رقم [293] .
وأما رواية الشعبي فما الذي يمنع أن تكون عن كعب بلا واسطة، وقد رواه عن الشعبي ثقتان: مغيرة وداود، ورواه عن داود عشرة كلهم اتفقوا على أنه عن الشعبي عن كعب، وفيهم أئمة حفاظ أمثال شعبة ومعمر وابن علية وخالد الطحان وغيرهم، وصرح ثلاثة منهم بسماع الشعبي له من كعب، فيستحيل أن ندع رواية هؤلاء كلهم لرواية حماد بن سلمة وفيه ما فيه، والله أعلم.
(1) هو جعفر بن إياس، تقدم في الحديث [121] أنه ثقة.
(2) الحُدَيْبِيَة - بضم الحاء، وفتح الدال، وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء منهم من شددها، ومنهم من خففها-: قرية متوسطة ليست بالكبيرة بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب، بل إن بعضها في الحرم، وسميت بذلك ببئر =(2/724)
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أيُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْلِقْ، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مساكين، أو انْسُكْ نَسِيكَة.
__________
= عند مسجد الشجرة التي بايع رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم تحتها. / انظر "معجم البلدان" (2 / 229) .
(3) الوَفْرَةُ: شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن. اهـ من "النهاية في غريب الحديث" (5 / 210) .
[290] سنده صحيح، وقد أخرجه البخاري من طريق هشيم، عن أبي بشر، وأخرجه هو ومسلم من طريق أخرى عن مجاهد كما سيأتي.
والحديث مداره على عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، يرويه عن كعب بن عجرة.
وله عن عبد الرحمن خمس طرق:
(1) طريق مجاهد، عنه:
وله عن مجاهد ثلاثة عشر طريقًا:
أ - طريق أبي بشر جعفر بن إياس، عنه.
وهو الذي أخرجه المصنف هنا من طريق هشيم عنه
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص 143 رقم 1065) .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 109 رقم 219) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 457 رقم 4191) في المغازي، باب غزو الحديبية.
والترمذي في "سننه" (8 / 314 رقم 4055) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 64 رقم 3348) . =(2/725)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه الطيالسي مقرونًا بالرواية السابقة، من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر.
وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق.
والطبراني في "الكبير" (19 / 108 رقم 218) .
وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 235) .
ثلاثتهم من طريق شعبة، عن أبي بشر نحوه.
ب - طريق عبد الكريم الجزري، عن مجاهد.
أخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 100 رقم 457) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقة وافتدى.
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 861 رقم 83) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.
والترمذي في "سننه" (4 / 25 - 26 رقم 960) في الحج، باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه ما عليه.
والطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 236) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم الجزري، عن مجاهد، به نحوه، إلا أن لفظ الباقين أتم من لفظ الشافعي.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
والطبراني (19 / 110 رقم 222) .
كلاهما من طريق عبيد الله بن عمرو، عن عبد الكريم، عن مجاهد، به نحوه، ولم يذكر اسم الحديبية، وإنما قال: ((في عمرة)) .
ورواه الإمام مالك بن أنس، عن عبد الكريم، واختلف على مالك.
فرواه بعضهم عنه، عن عبد الكريم، عن مجاهد عن ابن أبي ليلى.
ورواه بعضهم عنه، فأسقط مجاهدًا من الإسناد. =(2/726)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فالحديث في "موطأ الإمام مالك" برواية محمد بن الحسن الشيباني (ص 169 رقم 504) .
قال: أخبرنا مالك، حدثنا عبد الكريم الجوزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بن عجرة أنه كان مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم محرمًا، فآذاه القمل في رأسه، فأمره رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم أن يحلق رأسه، وقال: ((صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين، مُدَّيْن مدين، أو انسك شاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك)) .
وكذا هو في "الموطأ" برواية ابن القاسم (ص 409 رقم 397) ، إلا أنه قال: ((مُدَّيْن مُدَّيْن لكل إنسان)) .
ومن طريق ابن القاسم أخرجه النسائي في "سننه" (5 / 194 - 195) في مناسك الحج، باب في المحرم يؤذيه القمل في رأسه.
ورواه إبراهيم بن طهمان في "مشيخته" (ص 206 رقم 168) عن مالك.
والإمام أحمد في"المسند" (4 / 241) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن مالك.
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (5 / 55) من طريق الحسين بن الوليد، عن مالك.
وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (2 / 80 - 81 رقم 450) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 65 رقم 3351) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 131 / أ) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 169) في الحج، باب التخيير في فدية الأذى.
جميعهم من طريق ابن وهب، عن مالك.
وجميع هؤلاء - إبراهيم بن طهمان، وعبد الرحمن بن مهدي، والحسين بن الوليد، وعبد الله بن وهب-، رووه عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن أبي ليلى، به، فوافقوا محمد بن الحسن وابن القاسم في روايته عن مالك. =(2/727)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال البيهقي في الموضع الأول: ((جوَّده الحسين بن الوليد النيسابوري عن مالك، وكذلك رواه ابن وهب عن مالك. ورواه جماعة عن مالك دون ذكر مجاهد في إسناده)) . وقال في الموضع الثاني: ((هذا هو الصحيح، وقد رواه مالك مرة أخرى عن عبد الكريم الجزري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى دون ذكر مجاهد في إسناده)) اهـ.
وقد رواه الطبراني في "الكبير" (19 / 109 - 110 رقم 221) من طريق مُطَرِّف بن عبد الله، وعبد الله بن مَسْلمة القَعْنَبِي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير ومصعب الزُّبيري، جميعهم قرنهم في رواية واحدة، عن مالك عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن ابن أبي ليلى، به.
والصواب في رواية هؤلاء الذين أخرج الطبراني الحديث من طريقهم أنها بإسقاط مجاهد، فقد نقل الكاندهلوي في "أوجز المسالك" (8 / 117) عن ابن عبد البر أنه قال: ((الحديث هكذا - يعني بإسقاط مجاهد - ليحيى وأبي مصعب وابن بكير والقعنبي ومطرف والشافعي ومعن وسعيد بن عفير وعبد الله بن يوسف ومصعب ومحمد بن المبارك الصوري، ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وهو الصواب، ومن أسقط مجاهدًا فأخطأ، فإن عبد الكريم لم يلق ابن أبي ليلى ولا رآه. وزعم الشافعي أن مالكًا هو الذي وهم في إسقاط مجاهد، وذكر الطحاوي أن القعنبي رواه عن مالك بإثباته، وكذا رواه عن مكي بن إبراهيم)) اهـ. وانظر "فتح الباري" (4 / 113) .
والحديث في "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى الليثي وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي (1 / 417 رقم 237) في الحج، باب فدية من حلق قبل أن ينحر، عن مالك عن عبد الكريم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، به دون أن يذكر مجاهدًا في إسناده.
وقد أخرج الحديث الشافعي في "سننه" (2 / 96 - 97 رقم 453) عن مالك. =(2/728)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأبو داود في "سننه" (1 / 433 رقم 1861) في المناسك، باب في الفدية، من طريق القنعبي عن مالك.
ومن طريق أبي داود أخرجه البيهقي في الموضع السابق (5/ 169) .
وأخرجه البيهقي أيضًا (5 / 169 - 170) من طريق عبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير.
جميعهم - الشافعي والقعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير-، عن مالك، عن عبد الكريم الجزري، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، به ليس فيه ذكر لمجاهد.
وكذا هو في "الموطأ" برواية سويد بن سعيد (ص 185) ، ذكر الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في حاشيته في "تفسير الطبري" (4/ 65) أن عنده منه مصورة عن مخطوطة عتيقة نفيسة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله عقب إخراجه للحديث: ((غلط مالك بن أنس في الحديث، الحفاظ حفظوه عن عبد الكريم، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بن عجرة)) ، ثم أخرجه من طريق سفيان بن عيينة، عن عبد الكريم كما سبق.
وقال البيهقي بعد أن رواه من طريق القعنبي وعبد الله بن يوسف ويحيى بن بكير عن مالك بإسقاط مجاهد: ((وفي بعض هذه العرضات سمعه الشافعي رحمه الله في جماعة من أصحاب "الموطأ" دون العرضة التي شهدها ابن وهب. ثم إن الشافعي تنبه له في رواية المزني وابن عبد الحكم عنه فقال ... )) ، ثم ذكر كلام الشافعي السابق، ثم قال: ((وإنما غلط في هذا بعض العرضات، وقد رواه في بعضها على الصحة)) اهـ.
ج - طريق حميد بن قيس، عن مجاهد.
أخرجه مسلم والترمذي والطبراني والبيهقي من طريق سفيان بن عيينة، عن حميد ابن قيس، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب به مقرونًا برواية سفيان =(2/729)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= للحديث عن عبد الكريم الجزري السابقة.
وأخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 417 رقم 238) عن حميد بن قيس، عن مجاهد أبي الحجاج، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال له: ((لعلّه آذاك هوامك؟)) فقلت: نعم يا رسول اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم: ((إحلق رأسك، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين، أو انسك بشاة)) .
وأخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 98 رقم 454) عن مالك، به.
ومن طريق الشافعي أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (4 / 12 رقم 1814) في المحصر، باب قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نسك} .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (5 / 54 - 55) .
كلاهما من طريق عبد الله بن يوسف، عن مالك، به.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 109 رقم 220) من طريق مُطَرِّف والقعنبي وعبد الله بن يوسف ومصعب الزبيري ويحيى بن بُكَيْر، كلهم عن مالك، به.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 66 رقم 3352) من طريق عبد الله ابن وهب، عن مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة به هكذا بإسقاط ابن أبي ليلى من الإسناد خلافًا لما رواه عن مالك ممن تقدم ذكرهم.
ووافق ابن وهب على روايته على هذا الوجه ابن القاسم وابن عفير.
قال ابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 233) : ((هكذا روى يحيى هذا الحديث عن مالك بهذا الإسناد متصلاً، وتابعه القعنبي والشافعي وابن عبد الكريم وعتيق بن يعقوب الزبيري، وابن بكير وأبو مصعب، وأكثر الرواة، وهو الصواب. ورواه ابن وهب وابن القاسم وابن عفير عن مالك، عن حميد بن قيس، عن مجاهد، عن كعب بن عجرة، لم يذكروا ابن ابي ليلى ... ، والحديث لمجاهد عن ابن أبي ليلى =(2/730)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= صحيح لا شك فيه، عند أهل العلم بالحديث ... ، وهو الصحيح من رواية حميد ابن قيس وعبد الكريم الجزري، عن مجاهد، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة)) اهـ.
د - طريق عبد الله بن عون، عن مجاهد.
أخرجه البخاري في "صحيحه" (11 / 593 - 594 رقم 6708) في كفارات الأيمان، باب قول الله تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} .
ومسلم في "صحيحه" (2 / 860 رقم 81) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 240 رقم 50) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 62 رقم 3342) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 112 - 113 رقم 230 و 231) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 169) .
وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 237) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص 52) .
جميعهم من طريق ابن عون، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ ابن عجرة قال: في أنزلت هذه الآية، فأتيت النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ((ادن)) ، فدنوت - مرتين أو ثلاثًا - فقال: ((أيؤذيك هوامك؟)) قال ابن عون: وأظنه قال: نعم، فأمرني بصيام أو صدقة أو نسك، ما تيسر. قال ابن عون: فنسيت ما قال في الصيام والصدقة، فذاكرت أيوب السختياني، فقال: قد سمعت هذا الحديث منه - يعني من مجاهد - قلت: كيف هو؟ قال: صيام ثلاثة أيام، أو صدقة على ستة مساكين، أو نسك ما تيسر، وكان أيوب يقول: إنه قال ((أيؤذيك هوام رأسك)) ؟.
هذا لفظ الطبراني، وهو أتمّ، ولم يذكر مسلم، ولا ابن جرير، ولا الطحاوي، =(2/731)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ولا ابن عبد البر، ولا الواحدي سؤال ابن عون لأيوب.
هـ - طريق سيف بن سليمان المخزومي، عن مجاهد.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 243) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 16 رقم 1815) في المحصر، باب قول الله تعالى {أو صدقة} .
ومسلم في الموضع السابق برقم (82) .
وابن جرير (4 / 63 رقم 3345) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 131 / أ) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 115 - 116 رقم 239 و 240) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 298 - 299 رقم 282) .
جميعهم من طريق سيف بن سليمان، عن مجاهد، به نحوه.
و طريق صالح أبي الخليل، عن مجاهد، به نحوه.
أخرجه ابن جرير (4 / 62 - 63 رقم 3343 و 3344) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 115 رقم 238) .
ز - طريق عبد الله بن كثير، عن مجاهد، به نحوه.
أخرجه الطبراني أيضًا (19 / 107 رقم 215) .
والدارقطني في الموضع السابق برقم (281) .
ج - طريق أبي الزبير، عن مجاهد، به نحوه.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 108 رقم 217) .
وفي "الأوسط" (2 / 483 رقم 1833) .
وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 238) .
ط - طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، به نحو مختصرًا.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 115 رقم 237) .(2/732)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ي - طريق أبان بن صالح، عن مجاهد، به نحوه.
أخرجه الطبراني أيضًا (19 / 108 رقم 216) .
ك، ل - طريقا ابن أبي نجيح وأيوب السختياني، عن مجاهد، وسيأتي تخريجهما برقم [291] .
م - طريق مغيرة، عن مجاهد، وسيأتي تخريجه برقم [292] .
(2) طريق أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن كعب، وسيأتي تخريجه برقم [293] .
(3) طريق الحكم بن عتيبة، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب، به نحوه.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241 - 242 و 243) .
وأبو داود في "سننه" (2 / 432 رقم 1860) في المناسك، باب في الفدية والطبراني في "المعجم الكبير" (19 / 121 رقم 257 و 258) .
ومن طريق أبي داود أخرجه: البيهقي في "سننه" (5 / 55) .
وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 234 - 235) .
(4) طريق ربيعة بن أبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ أَبِي ليلى، عن كعب، به مختصرًا.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 120 رقم 255) .
(5) طريق عطاء بن عبد الله الخراساني، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب.
أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 417 - 418 رقم 239) عن عطاء بن عبد الله الخراساني أنه قال: حدثني شيخ بسوق البُرَم بالكوفة، عن كعب بن عجرة، أنه قال: جاءني رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم وأنا أنفخ تحت قدر لأصحابي، وقد امتلأ رأسي ولحيتي قملاً، فأخذ بجبهتي، ثم قال: ((احلق هذا الشعر، وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ ستة مساكين)) ، وقد كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم علم أنه ليس عندي ما أنسك به.
كذا قال عطاء ولم يذكر أن الذي حدثه هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، لكن قال ابن عبد البر: ((ويحتمل أن يكون عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، أو عبد الله بن معقل)) . =(2/733)
291- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، نا ابْنُ أَبِي نَجِيح، وَأَيُّوبُ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يُوقد تَحْتَ قدرٍ لَهُ، والقَمْلُ يَتَهَافَتُ (1) عَلَى وَجْهِهِ، فَقَالَ: أَيُؤْذِيكَ هَوَامُّك؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: احْلِقْ رَأْسَكَ، وانْسُكْ نَسِيكَة، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ فَرَقًا (2) بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ.
حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: وَقَالَ سُفْيَانُ، قَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: اذْبَحْ شَاةً (وَقَالَ) (3) أَيُّوبُ: انْسُكْ نَسِيكَةً (4) .
__________
= نقله الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 13) عنه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 120 - 121 رقم 256) من طريق عبد الله ابن يوسف، ومصعب الزبيري، والقعنبي، ثلاثتهم عن مالك، به، وجزم الطبراني بأن المبهم هو ابن أبي ليلى، حيث بوّب على الحديث بقوله: ((عطاء الخراساني، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب بن عجرة)) ، ثم ذكره.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 66 - 67 رقم 3353) من طريق ابن وهب، عن مالك، به.
وقال الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الحديث بعد أن نقل قول ابن عبد البر السابق: ((ويحتمل أن يكون غيرهما، فالإسناد منقطع حتى نَسْتَيْقِن مَنْ هذا المبهم؟)) .
وقد روي الحديث عن الشعبي، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ كعب، وليس بشيء، وسبق بيان ذلك في الحديث السابق، وأن الصواب فيه: ((الشعبي، عن كعب)) ، بلا واسطة، والله أعلم.
(1) أي يتساقط كما في "النهاية في غريب الحديث" (5 / 266) .
(2) الفَرَقُ - بالتحريك -: مكيال يسع ستة عشر رطلاً، وهو اثنا عشر مُدًّا، أو ثلاثة أصع عند أهل الحجاز. اهـ. من الموضع السابق (3 / 437) .(2/734)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(3) في الأصل: ((قال)) .
(4) معناه: أن سفيان بن عيينة بيَّنَ الفرق بين لفظي أيوب بن أبي تَميمة السَّخْتياني وعبد الله بن أبي نجيح، فابن أبي نجيح قال في لفظه: ((اذبح شاة)) ، وأيوب قال: ((أنسك نسيكة)) ، فيكون السياق الأول للفظ أيوب.
[291] سنده صحيح.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 310 رقم 709 و 710) .
ومسلم في "صحيحه" (2 / 861 رقم 83) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.
والترمذي في "سننه" (4 / 25 - 26 رقم 960) في الحج، باب ما جاء في المحرم يحلق رأسه في إحرامه، ما عليه.
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 63 رقم 3346) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 236) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 55) في الحج، باب من احتاج إلى حلق رأسه للأذى حلقه وافتدى.
جميعهم من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وأيوب السِّخْتياني، به نحوه.
وأخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 99 رقم 455) .
وأحمد في "المسند" (4 / 243) .
كلاهما من طريق سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ وحده، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 115 رقم 237) من طريق سفيان بن عيينة، عن أيوب وقرن معه عمرو بن دينار، كلاهما عن مجاهد، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 242) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 196 رقم 2677) .
كلاهما من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، به نحوه. =(2/735)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 112 رقم 229) .
والحديث في "تفسير مجاهد" من رواية وَرْقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد (ص 100) بنحوه.
ومن طريق ورقاء أخرجه كل من:
البخاري في "صحيحه" (4 / 18 رقم 1818) في المحصر، باب: النسك شاة، و (7 / 444 - 445 رقم 4159) في المغازي، باب غزوة الحديبية.
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 131 / أ) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 111 رقم 226) .
والدراقطني في "سننه" (2 / 298 رقم 279) .
والفريابي في "تفسيره" والإسماعيلي وأبو نعيم في "مستخرجيهما" كما في "الفتح" (4 / 19) .
وأخرجه البخاري في الموضع السابق رقم (1817) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 196 - 197 رقم 2678) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 110 رقم 224) .
والإسماعيلي في "مستخرجه" كما في الموضع السابق من "الفتح".
جميعهم من طريق شِبْل، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
وأخرجه البخاري أيضًا (10 / 123 رقم 5665) في المرضى، باب ما رخص للمريض أن يقول: إني وجع، أو: وارأساه.
وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 196 رقم 2677) .
والطبراني في الموضع السابق رقم (223) .
والدارقطني في الموضع السابق رقم (282) .
ومن طريق الدارقطني أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص 54) .
جميعهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، به نحوه، ولفظ البخاري مختصر. =(2/736)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه مُسَدَّد في "مسنده" كما في "فتح الباري" (4 / 15) من طريق عبد الوارث، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
ومن طريق مسدد أخرجه الطبراني في الموضع السابق رقم (225) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 64 رقم 3347) .
والطبراني برقم (228) .
كلاهما من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحوه.
وأخرجه الطبراني أيضًا برقم (227) من طريق مسلم الزَّنْجِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 75) من طريق معمر، عن أيوب، عن مجاهد، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 75) من طريق معمر، عن أيوب عن مجاهد به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه:
الإمام أحمد في "المسند" (4 / 244) .
ومن طريق الإمام أحمد أخرجه:
الطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 235) .
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 457 رقم 4190) في المغازي، باب غزوة الحديبية و (10 / 154 رقم 5703) في الطب، باب الحلق من الأذى.
ومسلم في الموضع السابق (2 / 859 - 860 رقم 80) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 113 رقم 232) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 242) في الحج، باب لا يأكل من كل هدي كان أصله واجبًا عليه.
وابن عبد البر في "التمهيد" (2 / 237) .
جميعهم من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن مجاهد، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) .
ومسلم في الموضع السابق. =(2/737)
292- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَة: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَفِيَّ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَلإِيَّايَ عَنَى بِهَا: {فَمَنْ (1) كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ؛ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بالحُدَيْبِيَة وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، وَقَدْ حَصَرَنا الْعَدُوُّ، وَكَانَتْ (لي) (2) وَفْرَة، فكانت الهَوَامُّ
__________
= والترمذي (8 / 315 رقم 4057) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 62 رقم 3341) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 114 رقم 234) .
جميعهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن أيوب، به نحوه.
وأخرجه الطبراني مقرونًا بالرواية السابقة من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 120) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (233) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 298 رقم 280 و 282) .
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن أيوب، به نحوه.
وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق من طريق وُهيب، عن أيوب، مقرونًا برواية سفيان الثوري السابقة.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 61 رقم 3340) من طريق يزيد ابن زريع، عن أيوب، عن مجاهد، به نحوه.
وقد رواه عبد الله بن عون عن أيوب، وروايته مقرونة بروايته للحديث عن مجاهد، وسبق ذكرها في الحديث رقم [290] ، الطريق رقم (د) عن مجاهد.
(1) في الأصل: ((من)) .
(2) في الأصل: ((له)) . =(2/738)
تَسَاقَط عَلَى وَجْهِي، فَمَرَّ بِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((كَانَ هَوَامَّ رَأَسِك تُؤْذِيكَ؟)) ، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَاحْلِقْ)) وَنَزَلَتِ الْآيَةُ.
293- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ أَبِي قِلَابَة (1) ، قَالَ: قَالَ كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ: قَمِلْتُ (2) حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ مَا بَيْنَ طَرَفِ كُلِّ شَعْرَةٍ مِنْ رَأْسِي قَمْلَة وَصِيْبَان (3) ، وكنتُ حَسَنَ الشَّعر، فقال لي
__________
[292] سنده ضعيف، والحديث صحيح من غير هذا الوجه.
أما هذا الطريق ففيه مغيرة بن مِقْسَم، وتقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، ومع ذلك فقد خالف الذين رووه عن مجاهد، وهم جمع كثير، والذي سبق ذكره منهم في الحديث [290] عِدَّتُهم اثنا عشر نفسًا سوى مغيرة وكلهم رووه عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابن أبي ليلى عن كعب فخالفهم مغيرة وأسقط ابن أبي ليلى من الإسناد وقد أخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 313 رقم 4054) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 65 رقم 3350) .
كلاهما من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير برقم (3349) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، به نحوه.
والحديث صحيح من غير طريق مغيرة كما سيق بيانه في الأحاديث الثلاثة السابقة.
(1) هو عبد الله بن زيد الجَرْمي.
(2) أي: كَثُر قَمْلُ رأسي/ انظر "لسان العرب" (11 / 568) .
(3) هو بيض القَمْلِ، واحدته: صُؤَابَة / انظر المرجع السابق.
[293] سنده ضعيف أخطأ فيه المصنف وشيخه هشيم، والحديث صحيح من غير طريقهما أخرجه مسلم وغيره. =(2/739)
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((تَصَدَّقْ ثَلَاثَةَ آصُع عَلَى ستة مساكين)) .
__________
= أما المصنف فإنه أسقط الواسطة بين هشيم وأبي قلابة، وهو: خالد الحَذَّاء، وقد يكون السَّقْطُ في النسخة من النُّسَّاخ.
وأما هشيم فإنه أسقط الواسطة بين أبي قلابة وكعب، وهو: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى.
ويوضح ذلك، أن الحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 241) فقال: ثنا هشيم، أنا خالد، عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة ... ، فذكره بنحوه.
ومن طريق الإمام أحمد أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 120 رقم 254) .
فرواية الإمام أحمد هذه تدل على أن المصنف أسقط خالدًا الحذاء من الإسناد.
وقد عزا الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "الفتح" (4 / 14) للمصنِّف.
وأخرجه الشافعي في "سننه" (2 / 99 - 100 رقم 456) .
وأحمد في "المسند" (4 / 242) .
ومسلم في "صحيحه" (2 / 861 رقم 84) في الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى.
وأبو داود في "سننه" (2/ 430 - 431 رقم 1856) في المناسك، باب في الفدية.
وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 195 رقم 2676) .
والطبراني في "الكبير" (19 / 118 - 119 رقم 250 و 251 و 252 و 253) .
أما الشافعي وابن خزيمة والطبراني في إحدى رواياته فمن طريق عبد الوهاب. =(2/740)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن عبد المجيد الثقفي، وأما الإمام أحمد والطبراني في رواية أخرى فمن طريق وهيب، وأما مسلم وأبو داود والطبراني في بعض رواياته والبيهقي، فمن طريق خالد بن عبد الله الطحان، وفي رواية أخرى للطبراني من طريق العباس بن الفضل الأنصاري، جميعهم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلم عليّ وزمن الحديبية وأنا كثير الشعر، فَقَالَ: ((كَانَ هَوَامَّ رَأْسِكَ تُؤْذِيكَ؟)) قال: فقلت: أجل، قال: ((فاحلقه، واذبح شاة نَسِيكَةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أو تصدق بثلاثة أصع تمرًا بين ستة مساكين)) .
هذا لفظ الشافعي.
قال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (2 / 236) ((من روى الحديث عن أبي قلابة، عن كعب بن عجرة، أو عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، فليس بشيء. والصحيح فيه: عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ... ، ولم يسمع الشعبي من كعب بن عجرة، ولا سمعه أبو قلابة من كعب ابن عجرة، والله أعلم)) اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 13) : ((وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا، عن كعب، وروايتهما عند أحمد، لكن الصواب بينهما واسطة وهو ابن أبي ليلى على الصحيح)) اهـ.
قلت: أما رواية الشعبي فسبق الكلام عنها في الطريق السابع في الحديث رقم [289] .
وأما رواية أبي قلابة فجميع من رواية عن خالد الحَذَّاء ممن سبق ذكرهم زاد في إسناده ابن أبي ليلى، وشذّ هشيم فخالفهم ورواه عن الحذاء، عن أبي قلابة، عن كعب، بإسقاط ابن أبي ليلى من الإسناد، والصواب رواية من رواه خالد الحَذَّاء، عن أبي قلابة، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى، عن كعب كما سبق، والله أعلم.(2/741)
294- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَمُجَاهِدٍ، قَالَا: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ: عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شاة فصاعدًا.
__________
[294] سنده ضعيف وهو صحيح لغيره فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، ولا سيما عن إبراهيم ولم يصرح هنا بالسماع من إبراهيم ومجاهد.
وقد أخرجه الطبري في تفسيره (4/ 70 رقم 3363) من طريق هشيم به نحوه وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف، القسم الأول من الجزء الرابع (ص 249 رقم 1636) فقال: حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ومجاهد في قوله: ((فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أو نسك) قَالَا: الصِّيَامُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَالصَّدَقَةُ ثلاثة أصع والنسك شاة.
وسنده صحيح فجرير هو ابن عبد الحميد ومنصور هو ابن المعتمر وتقدم أنهما ثقتان.
وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره (4/ 72 رقم 3373) من طريق جرير، به مثل سياق ابن شيبة إلا أنه قال: ((وَالصَّدَقَةُ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مساكين)) .
وأخرجه ابن جرير أيضا (4/ 70 رقم 3362) من طريق عُثْمَانُ بْنُ الْأَسْوَدِ عَنْ مُجَاهِدٍ وجده به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضا (4/ 71 رقم 3366) من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نح-وه، وفيه زيادة.
وأخرجه أبو يوسف في كتاب الآثار (ص 122 رقم 563) من طريق حماد ابن أبي سليمان عن إبراهيم به نحوه مطولا.
وقد صح عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم مثل قول إبراهيم ومجاهد هذا، وتقدم ذلك في الحديث [293] وما قبله.
وعليه فالحديث صحيح لغيره بهذه المتابعات والشاهد والله أعلم.(2/742)
295- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ((الصِّيَامُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةُ عَلَى عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَالنُّسُكُ شَاةٌ فصاعدًا)) .
296- حدثنا سعيد، [ل115/ب] قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا ابْنُ أَبِي لَيْلَى (2) ، عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: نَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَار، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ عُجْرَة: مَا صَنَعَ أَبُوكَ فِي الْأَذَى الَّذِي أَصَابَهُ؟ قَالَ: ذبح بقرة.
__________
(1) هو ابن زاذان.
[295] سنده صحيح، وصححه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 16) بعد أن عزاه للمصنف سعيد بن منصور.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 317) من طريق المصنِّف، وصححه.
ثم أخرجه أيضًا من طريق شعبة، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة.
وأخرجه أيضًا من طريق أيوب السختياني، عن نافع وعكرمة.
وصحح ابن حزم هذه الأخبار كلها.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 72 - 73 رقم 3374 و 3375) من طريق أشعث عن الحسن، به نحوه وفيه زيادة، ومن طريق شعبة، عن قتادة، عن الحسن وعكرمة، {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} قال: إطعام عشرة مساكين.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص249 رقم 1637) من طريق عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، به نحوه.
ووافق الحسن البصري على قوله هذا: عكرمة ونافع كما سبق، وقال ابن عبد البر: ((لم يقل بذلك أحد من فقهاء الأمصار)) . اهـ. من الموضع السابق من "فتح الباري".
(2) هو محمد بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [186] أنه صدوق سيء الحفظ جدًّا. =(3/743)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= [296] سنده ضعيف، ومتنه منكر.
أما سنده فضعيف لضعف مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى من قبل حفظه، وللانقطاع بين سليمان بن يسار وعمر بن الخطاب، فسليمان إنما ولد بعد وفاة عمر، فولادته قبل سنة سبع وعشرين، وقيل سنة أربع وعشرين للهجرة كما في "التهذيب" (4 /229 - 230) .
وبه أعله ابن حزم في "المحلى" (7 / 317) حيث قال: ((سليمان لم يدرك عمر)) ، ومما يزيده ضعفًا الاختلاف الشديد على نافع في هذا الحديث كما سيأتي.
وأما متن الحديث فمنكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة، ومنها الحديث المتقدم برقم [289] وفيه يقول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لكعب: ((هل تجد من نسيكة؟)) قال كعب: قُلْتُ: لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: ((فصم ... )) الحديث.
وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4 / 18) بعد أن ذكر طرق هذا الحديث:
((وقد عارضها ما هو أصح منها من أن الذي أُمِر به كعب وفَعَلَه في النُّسُك إنما هو شاة)) .
وقول الحافظ: ((وفَعَلَه)) استدلّ له بما سيأتي في الحديث الآتي بعد هذا من قول أبي هريرة - رضي الله عنه -: ((أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ذَبَحَ شَاةً فِي الْأَذَى الَّذِي أَصَابَهُ)) ، وسنده ضعيف كما سيأتي.
ومع هذا فهو معارِض لما تقدم من أن كعبًا لم يجد نسكًا.
وقد اعتمد ابن بطّال على رواية نافع عن سليمان بن يسار هذه، فقال: ((أخذ كعب بأرفع الكفارات، ولم يخالف النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيما أمره به من ذبح الشاة، بل وافق وزاد، ففيه: أن من أُفتي بأيسر الأشياء فله أن يأخذ بأرفعها كما فعل كعب)) . انظر: "فتح الباري" (4 / 18 - 19) .
وأما رواية المصنف هذه فذكرها للحافظ في الموضع السابق من "الفتح" وعزاها للمصنف.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 317) من طريق نافع، به نحوه. =(3/744)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد اختلف في هذا الحديث على نافع، وروي من غير طريقه كما سيأتي.
أما الاختلاف على نافع، فإن ابن أبي ليلى رواه عنه، عن سليمان بن يسار كما هنا.
وبعضهم رواه عنه، عن رجل من الأنصار، ورفعه.
أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 432 رقم 1859) في المناسك، باب: في الفدية، من طريق قتيبة بن سعيد، عن الليث - وهو ابن سعد -، عن نافع، أن رجلاً من الأنصار أخبره، عن كعب بن عجرة - وكان قد أصابه في رأسه أذى فحلق -، فأمره النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يهدي هديًا: بقرة.
وهذا مع مخالفته لما تقدم ويأتي عن نافع، ففيه هذا الرجل المجهول من الأنصار.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 316) ، وأعله بقوله: ((وهذا مرسل، عن مجهول)) .
ورواه بعضهم عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
فأخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق من "الفتح".
والطبراني في "الكبير" (19 / 104 رقم 209) .
وابن حزم في "المحلى" (7 / 317) .
ثلاثتهم من طريق أبي مَعْشَر نَجيح بن عبد الرحمن، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال لكعب بن عجرة: ((لعلك آذاك هوام رأسك)) قال: نعم يا رسول الله، قال: ((احلق رأسك، واهد بقرة، أشْعِرْها أو قَلِّدْها)) ، واللفظ للطبراني.
وأبو معشر تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف، وبه أعلّ ابن حزم الحديث حيث قال: ((أبو معشر ضعيف)) .
لكن تابعه عبد الوهاب بن بُخْت عند الطبراني في الموضع السابق رقم (210) . ورواه بعضهم عن نافع، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة.
أخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 316) من طريق عبد الرزاق، عن عبد الله =(3/745)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن عمر، عن نافع، عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة: أن كعبًا ذبح بقرة بالحديبية.
قال ابن حزم: ((عبد الله بن عمر ضعيف جدًّا)) .
فهذه روايات متعارضة تدل على أن الحديث عن نافع مضطرب.
فإن قيل: لا يحكم بالاضطراب إلا إذا تساوت في القوة، وهذه بعضها ضعيف.
فالجواب: أن طريق الليث بن سعد عند أبي داود وغيره، وطريق عبد الوهاب ابن بخت عند الطبراني صحيحة إلى نافع، وتؤيّدها رواية المصنِّف هنا، ولا يمكن ترجيح بعضها على بعض، وهذا يؤكد الاضطراب الذي أشار إليه الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" حيث قال: ((فهذه الطرق كلها تدور على نافع، وقد اختلف عليه في الواسطة الذي بينه وبين كعب، وقد عارضها ما هو أصح منها؛ من أن الذي أُمر به كعب وفَعلَهُ في النسك إنما هو شاة، وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ كَعْبَ بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه، وهذا أصوب من الذي قبله، ثم ذكر قول ابن بطّال السابق، ثم تعقبه بقوله: ((قلت: هو فرع ثبوت الحديث، ولم يثبت؛ لما قَدَّمْتُه)) ، - يعني حديث نافع -.
وقد روي الحديث من غير طريق نافع.
رواه مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عن سليمان بن محمد بن كعب أن عمر سأل كعبًا: فقال: أي شيء افتدى كعب حين حلق رأسه؟ قال: ذبح بقرة.
أخرجه الطبراني في "الكبير" (19 / 150- 151 رقم 329) من طريق أيوب بن موسى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان.
وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (4 / 35) .
والطبراني أيضًا برقم (330) .
كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان، به، لكن اسم الراوي عند الطبراني في الموضع الثاني: ((سليمان بن كعب بن عجرة)) . =(3/746)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 316 - 317) من طريق إسماعيل بن أمية عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حبان، أن رجلاً أصابه مثل الذي أصاب كعب بن عجرة، فسأل عمر ابنًا لكعب بن عجرة عما كان أبوه ذبح بالحديبية في فدية رأسه؟
فقال: بقرة.
قال ابن حزم: ((محمد بن يحيى لم يدرك عمر)) .
وذكر الحافظ ابن حجر سليمان بن كعب هذا في "لسان الميزان" (3 / 102 - 103) وقال: ((وقع فيه خَبْط لأبي محمد بن حزم في "المحلى")) ، ثم ذكر قول ابن حزم السابق، ثم تعقبه بقوله: ((وهو كذلك إن كان المراد عمر بن الخطاب، لكن يقوى عندي أنه عمر بن عبد العزيز، وإلا فأين كعب بن عجرة حتى كان عمر يسأل ولده، وقد أقام بالمدينة النبوية بعد عمر نحوًا من أربعين سنة. وقد وجدت الحديث في الطبراني ... )) ، ثم ذكره، ثم قال: ((فهذا هو الحديث، وسليمان لا أعرف حاله، سواء كان هو ابن كعب، أو ابن ابنه، والله اعلم)) .
قلت: ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 138 رقم 606) ، فقال: (سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة الأنصاري السلمي، روى عن عمته زينب بنت كعب، روى عنه مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وعبد الله بن عبد الرحمن أبو طوالة ... ، سئل أبو زرعة عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة روى عن ابن عباس، فقال: مديني ثقة)) . اهـ.
ومن خلال ما تقدم مما ذكره ابن أبي حاتم يظهر أن سليمان لم يرو عن جده كعب، وإلا لذُكر ذلك عنه، ويبعد أن يكون سمع من عمر، فيتلخَّص من كل ما تقدم:
1- أن حديث نافع مضطرب سندًا، منكر متنًا.
2- أن حديث سليمان بن محمد بن كعب ضعيف سندًا حتى يثبت اتّصاله، ومتنه منكر أيضًا لمخالفته لما تقدم ذكره من الأحاديث، وانظر ما كتبه الشيخ حمدي بن عبد المجيد السلفي في حاشيته على الموضع السابق من "معجم الطبراني"، والله أعلم.(3/747)
297- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُريرة، أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَة ذَبَحَ شَاةً في الأذى الذي أصابه.
__________
(1) محمد بن خالد القرشي مجهول لم يرو عنه سوى هشيم، وروى هو عن عطاء، ابن أبي رباح وداود بن الحصين وسعيد المقبري، ذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 73 رقم 186) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 242 رقم 1330) ، وقال ابن القطان: ((لا يعرف ولا روى عنه غيره)) - يعني غير هشيم -، وقد ذكره ابن حبان في الثقات (7 / 377 - 378) ، وقال: ((محمد بن خالد بن سلمة المخزومي أخو عكرمة بن خالد، يروي عن أبيه والمقبري، روى عنه عبد الله بن أبي الأسود، وهو الذي روى عنه هشيم، وقال: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ المقبري)) ، قال الحافظ ابن حجر: ((ذكره ابن حبان في "الثقات"، وسمى جده سلمة، وزعم أنه أخو عكرمة بن خالد، وقال: روى عنه عبد الله بن أبي الأسود، قلت: لكن فرق بينهما البخاري، وابن أبي حاتم وهو الصواب)) . اهـ. من "التهذيب" (9 / 146 رقم 204) ، وانظر: "التقريب" (ص476 رقم 5852) .
[297] سنده ضعيف لجهالة محمد بن خالد القرشي، ومتنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة ومنها الحديث المتقدم برقم [289] وفيه يقول - صلى الله عليه وسلم - لكعب: ((هل تجد من نسيكة؟)) قال: كعب: قُلْتُ لَا - وَهِيَ شَاةٌ -، قَالَ: ((فصم ... )) الحديث.
فهذا الحديث يدل على أن كعبًا لم يجد ما يذبحه، فكيف يقال هنا: أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ ذَبَحَ شَاةً فِي الْأَذَى الَّذِي أَصَابَهُ؟!
وقد ذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في "فتح الباري" (4 / 13 و 18) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد.
وأخرجه البخاري في الموضع السابق من "تاريخه" من طريق عمرو بن محمد، =(3/748)
298- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قال: الشاة، حتى القُيُود.
__________
= عن هشيم، قال: أخبرنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْقُرَشِيُّ، عَنْ سعيد المقبري: ذبح كعب بن عجرة شاة. قال: محمد - يعني البخاري -: يعني في فدية الرأس.
قلت: كذا جاء في "تاريخ البخاري" في قول سعيد المقبري، فلست أدري أهو سقط من النسخ، أم اختلاف على هشيم؟
وقال الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "الفتح" (4 / 18) : ((وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق المقبري، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ كَعْبَ بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه، وهذا أصوب من الذي قبله)) . اهـ.
ويعني الحافظ بقوله: ((أصوب من الذي قبله)) الحديث السابق وفيه أن الذي ذبحه كعب في فدية الأذى: بقرة.
ولا يعني هذا أن الحافظ صحح حديث أبي هريرة هذا، وإنما ذكر أنه أصوب من ذكر البقرة، بدليل أنه ذكره قبل هذا (ص13) مع جملة من الأحاديث، ثم قال: ((بقية الطرق التي ذكرتها لا تخلو عن مقال، إلا طريق أبي وائل)) .
[298] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير والطبراني في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3257) ، من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن يحيى بن سعيد، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص98 رقم 645) من طريق أبي خالد الأحمر، عن يحيى بن سعيد، به بلفظ: ((كان ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: مَا اسْتَيْسَرَ من الهدي شاة)) ، وفيه زيادة بذكر قول عائشة وابن عمر رضي الله عنهما، وسيأتي في الحديث بعده.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 24) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي، طريق موسى بن عقبة، عن القاسم، عن ابن عباس: (مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ) =(3/749)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= شاة هديًا بالغ الكعبة.
وله طرق أخرى عن ابن عباس غير طريق القاسم.
فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 28 - 29 رقم 3249 و 3255 و 3258) من طريق زُرَارَة بن أَوْفى وعلي بن أبي طلحة وعكرمة، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة.
زاد بن أبي طلحة: ((فما فوقها)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 - 98 رقم 642) .
وابن جرير (4 / 27 رقم 3240) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) .
ثلاثتهم من طريق حبيب بن أبي ثبات، عن سعيد بن جبير، ابن عباس، قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ.
وتقدم في الحديث [287] من طريق إبراهيم النخعي، عن علقمة، وهو حديث طويل، وفيه يقول علقمة: فَإِنْ هُوَ رَجَعَ مُتَمَتِّعًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَانَ عَلَيْهِ مَا استيسر من الهدي: شاة.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَقَالَ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الحديث كله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 29 رقم 3260) من طريق عبد الله بن عبيد بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عباس: الهدي شاة، فقيل له: أيكون دون البقرة؟ قال: فأنا أقرأ عليكم من كتاب الله ما تدرون به أن الهدي شاة. ما في الظبي؟ قالوا: شاة، قال: {هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ} [الآية (90) من سورة المائدة] .
وسيأتي [300 و 302 و 310 و 311 و 312 و 316 و 317 و 318 و 319] من طرق أخرى عن ابن عباس.
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 231 - 232) بعد أن ذكر قول ابن عباس: ((وكذا قال عطاء ومجاهد وطاوس وأبو العالية ومحمد بن علي بن الحسين =(3/750)
299- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ (عَائِشَةَ، وَابْنِ عُمَرَ) (1) : {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قَالَا: ((النَّاقَةُ دُونَ النَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةُ دون البقرة)) .
__________
= وعبد الرحمن بن القاسم والشعبي والنخعي والحسن وقتادة والضحاك ومقاتل ابن حيان وغيرهم، وهو مذهب الأئمة الأربعة ... )) ، ثم ذكر ما سيأتي من قول ابن عمر وعائشة ومن وافقهما: أن (مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ) الإبل والبقر، ثم قال: ((والظاهر أن مستند هؤلاء فيما ذهبوا إليه قصة الحديبية، فإنه لم ينقل عن أحد منهم أنه ذبح في تحلله ذلك شاة، وإنما ذبحوا الإبل والبقر ... )) . اهـ.
(1) في الأصل: ((ابن عباس)) ، وأظن الناسخ الْتبس عليه إسناد الحديث السابق بإسناد هذا الحديث، فكلاهما من رواية المصنف، عن هشيم، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القاسم بن محمد، مع الاختلاف في صحابي الحديث، والتصويب من مصادر التخريج، وما تضمنه الحديث هو قول عائشة وابن عمر، وأما ابن عباس فتواتر عنه خلافه كما سبق في الحديث قبله، ويدل عليه قوله هنا: ((قالا)) ، ولو كان عن ابن عباس لقال: ((قال)) .
[299] سنده صحيح، وقوّى سنده الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3 / 535) بعد أن عزاه للطبري، وابن أبي حاتم فقط.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 و 98 رقم 638 و 645) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 31 رقم 3277) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبدة وأبي خالد الأحمر، وأما ابن جرير فمن طريق عبد الوهاب الثقفي، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي خالد الأحمر، ثلاثتهم عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ القاسم عن عائشة وابن عمر أنهما كانا لا يريان ما استيسر من الهدي إلا من الإبل والبقر. =(3/751)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= هذا لفظ ابن أبي حاتم، ونحوه لفظ ابن أبي شيبة وابن جرير، إلا أن ابن أبي شيبة زاد: ((كان ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة)) ، وهذا سبق تخريجه في الحديث السابق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا في (3272) من طريق عبد الوهاب الثقفي، عن أيوب السختياني، عن القاسم، عن ابن عمر: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ناقة أو بقرة، فقيل له: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ؟ قال: النَّاقَةُ دُونَ النَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةُ دُونَ البقرة.
وأخرجه أيضًا برقم (3276) من طريق ابن عليّة، عن أيوب، عن القاسم، عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال: الإبل والبقر.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 24) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي، من طريق موسى بن عقبة، عن القاسم، عن ابن عمر وحده، به نحو سابقه.
وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر غير طريق القاسم.
فأخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 386 رقم 160) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يَقُولُ: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} بدنة أو بقرة.
وأخرجه ابن جرير (4 / 31 رقم 3272 و 3275) من طريق عبد الوهاب الثقفي وإسماعيل بن علية، كلاهما عن أيوب السختياني، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وحده مثل لفظ المصنف.
وأخرجه أيضًا برقم (3270) من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، به نحو سابقه.
وأخرجه أيضًا برقم (3281 و 3283) من طريق أبي معشر وأسامة بن زيد، كلاهما عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قال: بدنة أو بقرة، فأما شاة فإنما هي نسك.
هذا لفظ أبي معشر، وأما أسامة فلفظه: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : بقرة. =(3/752)
300- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طاوُس (1) ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((قَدْ يَسْتَيْسِرُ عَلَى الرَّجُلِ الجَزُورُ والجَزُوران)) .
301- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (2) ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، عَنْ عَلِيٍّ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال: ((شاة)) .
__________
= وللحديث طرق أخرى عن ابن عمر وحده، وستأتي برقم [313 و 314 و 315 و 316 و 317] ، وانظر ما سيأتي عن عائشة برقم [310] ؛ حيث ورد عنها خلاف ما هنا، لكنه لم يصح، والله أعلم.
(1) هو عبد الله بن طاوُس.
[300] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة، وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) من طريق عبد الرزاق، عن معمر، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} - قال: كَلٌّ بَقَدْرِ يَسَارَتِه.
(2) هو الدَّرَاوَردي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في روايته عن عبيد الله العُمري، فإنها منكرة.
(3) هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله، المعروف بالصّادق، روى عن أبيه ومحمد بن المنكدر وعطاء بن أبي رباح وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد ونافع والزهري وغيرهم، روى عنه شعبة والسفيانان ومالك وابن جريج وأبو حنيفة ووهيب بن خالد ويحيى القطان وعبد العزيز بن محمد الدَّاوَرْدي وغيرهم، وهو ثقة فقيه إمام، وثقه الشافعي =(3/753)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي، وقال ابن معين: ((ثقة مأمون)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة لا يسأل عن مثله)) ، وسئل أبو زرعة عَنْ: جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أبيه: وسهيل بن أبي صالح، عن أبيه، و: العلاء، عن أبيه، أيما أصح؟ قال: لا يقرن جعفر إلى هؤلاء - يريد: جعفر أرفع من هؤلاء في كل معنى -.
وقد تكلم بعضهم في جعفر بن محمد بكلام لا يعتدّ به عند تمييزه. فقيل لأبي بكر بن عياش: مالَك لم تسمع من جعفر وقد أدركته؟ قال: سألناه عما يتحدث به من الأحاديث: أشيء سمعته؟ قال: لا، ولكنها رواية رويناها عن آبائنا. قلت: وهذا لا يحطّ من روايته، ومبلغه الاحتياط فيما لم يصرح فيه جعفر بالسماع، ولو اعتبرنا هذا القول لاعتبرناه في المدلسين من باب أولى، وفيهم كبار الأئمة كالأعمش وغيره.
وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ولا يحتج به، ويستضعف؛ سئل مرة: سمعت هذه الأحاديث من أبيك؟ فقال: نعم، وسئل مرة، فقال: إنما وجدتها في كتبه)) .
وقال الحافظ ابن حجر عقب ذكره لكلام ابن سعد هذا: ((يحتمل أن يكون السؤالان وقعا عن أحاديث مختلفة، فذكر فيما سمعه أن سمعه، وفيما لم يسمعه أنه وجده، وهذا يدّل على تثبته)) .
وقال مُصْعَب الزُّبَيْري: ((كان مالك لا يروي عنه حتى يَضُمَّه إلى آخر)) ، قلت: لم أجد مالكًا تكلم في جعفر بكلام فيه جرح له، ومجرد روايته عنه مقرونًا بآخر لا يعني جرحه له، فقد يحصل له الحديث من طريقه وطريق آخر، فيروي الحديث من الطريقين زيادة في تقوية الحديث، ولو تكلم فيه مالك بجرح لكان تجريحه له معارضًا بتوثيق من سبق، هذا مع أن الذي جاء عن مالك فيه تعديل لجعفر، بل روى عنه في "الموطأ" دون أن يقرن معه أحدًا، يقول مالك رحمه الله: ((اختلفت إليه زمانًا، فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصلّ، وإما صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأيته يحدِّث إلا على طهارة)) ، قلت: وهذا الأثر الذي يرويه جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيِّ قد أخرجه مالك كما سيأتي عن جعفر وحده. =(3/754)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال ابن المديني: سئل يحيى بن سعيد عنه، فقال: ((في نفسي منه شيء ومجالد أحبّ إليّ منه)) .
قال الذهبي بعد أن ذكر قول يحيى هذا: ((هذه من زَلَقات يحيى القطّان، بل أجمع أئمة هذا الشأن على أن جعفرًا أوثق من مجالد، ولم يلتفتوا إلى قول يحيى)) ، وقال أيضًا: ((جعفر ثقة صدوق، ما هو في الثبت كشعبة، وهو أوثق من سهيل وابن إسحاق، وهو في وزن ابن أبي ذئب ونحوه)) .
قلت: وقد يحمل كلام من تكلم فيه على مجيء بعض الروايات المنتقدة من طريقه، والحمل فيها على غيره، وإليه أشار الساجي بقوله: ((كان صدوقًا مأمونًا، إذا حدّث عنه الثقات فحديثه مستقيم)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: ((كان من سادات أهل البيت، فقهًا وعلمًا وفضلاً، يحتجّ بحديثه من غير رواية أولاده عنه، وقد اعتبرت حديث الثقات عنه، فرأيت أحاديثه مستقيمة، ليس فيها شيء يخالف حديث الأثبات، ومن المحال أن يُلْصَق به ما جناه غيره)) ، وذكر ابن عدي بعض الأحاديث في ترجمته، ثم قال: ((جعفر من ثقات الناس كما قال يحيى بن معين)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة.
انظر: "الجرح والتعديل" (2 / 487 رقم 1987) ، و "الكامل" (2 / 555 - 558) ، و "سير أعلام النبلاء" (6 / 255 - 270) ، و "الميزان" (1 / 414 - 415 رقم 1519) ، و: ((من تكلم فيه وهو موثق)) (ص60 - 61 رقم 69) ، و "التهذيب" (2 / 103 - 105 رقم 156) .
(4) هو محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر البَاقِر، تقدم في الحديث [262] أنه ثقة فاضل، لكنه هنا يروي عن جده عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه -، وهو لم يولد إلا بعد وفاته، فولادة أبي جعفر كانت سنة ست وخمسين للهجرة على الصحيح، وقد نصّ العلماء على أن روايته عنه مرسلة، انظر: الموضع السابق من "التهذيب"، و "جامع التحصيل" (ص327 رقم 700) .
[301] سنده ضعيف للانقطاع بين أبي جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين وبين =(3/755)
302- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((شَاةٌ)) .
303- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو عَوَانَة، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قال: ((شاة)) .
__________
= جده عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه -.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) ، وعزاه للمصنف، والإمام مالك، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 385 رقم 158) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي.
ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 29 - 30 رقم 3263 و 3264) ، والبيهقي في "سننه" (5 / 24) في الحج، باب: ما استيسر من الهدي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص98 رقم 644) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 130 / أ) .
أما مالك فعن جعفر بن محمد بلا واسطة، وأما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم فمن طريق حفص بن غياث، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِيهِ،، عَنْ علي - رضي الله عنه -، به مثله، إلا أن المطبوع من "مصنف ابن أبي شيبة" سقط من سنده ((جعفر بن محمد)) ، فجاء الحديث فيه هكذا: ((ثنا حفص، عن أبيه، عن علي ... )) .
[302] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3261) من طريق قيس بن سعد، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، به مثله.
[303] سنده صحيح، وأبو عوانة هو وضّاح بن عبد الله، وأبو بشر هو جعفر بن إياس، =(3/756)
304- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ (1) .
__________
= وسيأتي برقم [308] من طريق هشيم، عن أبي بشر.
(1) هو ابن أبي رباح، ومتن هذا الحديث سيأتي برقم [308] ، فقد قرنه المصنف بالحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والضحاك، وسعيد بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة.
[304] سنده ضعيف؛ فيه حجاج بن أرطأة، وتقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، لكنه صحيح لغيره؛ فقد ورد من طرق أخرى عن عطاء.
فأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / ل 96 / أ) ، فقال: حدثنا وكيع، عن البَخْتري بن المختار، قال: سمعت عطاء يقول: شاة.
وقد سقط هذا الحديث من المطبوع من القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف"، فصار العزو إلى النسخة الخطية.
وسنده حسن لذاته.
البَخْتري بن أبي البَخْتري - بفتح الموحّدة وسكون المعجمة، وفتح المثنّاة، وكسر الراء -، واسم أبيه: المختار بن ذريح العَبْديّ، البصري صدوق، روى هنا عن عطاء، وروى أيضًا عن أبي بكر وأبي بُرْدة ابني أبي موسى الأشعري وغيرهم، روى عنه شعبة وقال: ((كان كخير الرجال)) ، ووكيع وقال: ((كان ثقة)) ، ووثقه ابن المديني، وقال ابن عدي: ((ليس له كثير رواية، ولا أعلم له حديثًا منكرًا)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان يخطئ)) ، وقال البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (2 / 490) ، و "الكاشف" للذهبي (1 / 150 رقم 547) ، و "التهذيب" (1 / 421 - 422 رقم 778) ، و "التقريب" (ص120 رقم641) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 28 و 30 رقم 3251 و 3252 و 3269) من طريق ابن جريج، ومحمد بن نفيع، وابن لهيعة، ثلاثتهم عن عطاء أن: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شَاةٌ. =(3/757)
305- وَأَنَا (1) يُونُسُ (2) ، وَمَنْصُورٌ (3) ، عَنِ الْحَسَنِ (4) .
306- وأنا (5) مغيرة (6) ، عن إبراهيم (7) .
__________
= وابن جريج تقدم في الحديث [9] أنه مدلس، ولم يصرّح بالسماع هنا، وابن لهيعة تقدم في الحديث [45] أنه ضعيف ومدلس، وقد صرّح بالسماع هنا فتبقى علة ضعفه.
وأما محمد بن نفيع الكوفي فإنه مجهول كما في "لسان الميزان" (5 / 407 رقم 1343) ، وفي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (8 / 110 رقم 483) ذكر أنه سمع أباه يقول عن محمد بن نفيع هذا: ((هو مجهول)) .
فالحديث من هذه الطرق الثلاثة ضعيف، وهو بمجموعها مع ما تقدم يكون صحيحًا لغيره عن عطاء.
وسيأتي برقم [320] من طريق هشيم، عن حجاج أيضًا، عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ يَشْتَرِكُ فِيهِ الْمُضَحُّونَ والمتمتعون والمحصورون.
(1) القائل هو هُشيم، انظر الحديث السابق.
(2) هو ابن عبيد.
(3) هو ابن زَاذَان.
(4) هو البصري، وسيأتي متن هذا الأثر برقم [308] ؛ حيث قرنه المصنف بعطاء بن أبي رباح في الحديث السابق، وبإبراهيم النخعي والضحاك وسعيد بن جبير كما سيأتي، أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة.
[305] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 28 رقم 3246) من طريق خالد بن الحارث، قال: قيل: للَأشْعَث: ما قول الحسن: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ؟ قال: شاة.
(5) القائل هو هشيم، انظر الحديث رقم [304] .
(6) هو ابن مِقْسَم الضَّبِّي، تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، =(3/758)
307- وَأَنَا (1) جُوَيْبِر (2) ، عَنِ الضَّحَّاك (3) .
308- وَأَنَا (4) أَبُو بِشْر (5) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَنَّهُمْ (6) قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : ((شاة)) .
__________
= لاسيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه لكن هذا الحديث مما سمعه منه؛ لأن محمد بن فضيل ممن رواه عنه كما سيأتي، وهو ممن لا يكتب عنه إلا ما قال فيه: ((حدثنا إبراهيم)) كما في "التهذيب" (10 / 269) .
(7) هو النخعي، وسيأتي متن هذا الأثر برقم [308] ؛ فقد قرنه المصنِّف بعطاء بن أبي رباح برقم [304] ، وبالحسن البصري في الحديث السابق رقم [305] ، وبالضحاك وسعيد بن جبير - كما سيأتي -، أَنَّهُمْ قَالُوا: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شاة.
[306] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص 96 رقم 634) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3259) .
أما ابن جرير فمن طريق هشيم، وأما ابن أبي شيبة فمن طريق محمد بن فضيل، كلاهما عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: (مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) شَاةٌ.
وانظر ما سيأتي برقم [309] .
(1) القائل: هو هشيم، انظر الحديث رقم [304] .
(2) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(3) هو ابن مُزَاحم، وسيأتي متن هذا الأثر عنه في الحديث الآتي، وانظر ما سبق برقم [306 و 305 و 304] .
[307] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر.
(4) القائل هو هشيم كما في الحديث [304] .
(5) هو جعفر بن إياس.
(6) أي: عطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والضحاك بن مزاحم، وسعيد بن جبير، انظر الأحاديث [304 و 305 و 306 و 307] . =(3/759)
309- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((كَانَ أَصْحَابُنَا (2) يَقُولُونَ: مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ))
310- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب (1) ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ (4) ، أَنَّهُ قَالَ: هَلْ لَكَ إِلَى هَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ: ابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ الزُّبير، يَخْتَلِفَانِ فِي الفُتْيا؛ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنَّمَا الشَّاةُ ذِبْحٌ (5) ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. قُلْتُ: أيُّهما أَصْوَبُ؟ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ: هِيَ مَا استيسر من الهدي.
__________
[308] سنده صحيح، وتقدم برقم [303] من طريق أبي عوانة، عن أبي بشر.
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيْم.
(2) الظاهر أنه يقصد أصحاب عبد الله بن مسعود، أمثال الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد، ومسروق، وعلقمة، لكن يبقى صاحب القول مبهمًا إلى أن يتضح يقينًا من هو؟.
[309] سنده ضعيف، فمغيرة بن مِقْسم مدِّلس ولم يُصَرِّح بالسماع، وتقدم برقم [306] عن إبراهيم من قوله، وسنده صحيح.
(1) هو عبد الله بن وَهْب بن مسلم القُرَشي، مولاهم، أبو محمد المصري الفقيه، روى عن عمرو بن الحارث وحَيْوة بن شُريح والليث بن سعد والإمام مالك والثوري وابن عيينة وغيرهم، روى عن هنا سعيد بن منصور وروى عنه أيضًا ابن أخيه أحمد بن عبد الرحمن بن وهب وعبد الرحمن بن مهدي وعلي بن المديني وغيرهم، وهو ثقة حافظ عابد، روى له الجماعة. كان مالك - رحمه الله - يكتب له: ((فقيه مصر)) ، وما كتبها إلى غيره، وقال أحمد: ((صحيح الحديث، يفصل السماع من العرض، والحديث من الحديث، ما أصح حديثه وأثبته!)) قيل =(3/760)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= له: إنه كان يسيء الأخذ، قال: ((قد كان، ولكن إذا نظرت في حديثه وما روى عن مشايخه وجدته صحيحًا)) ، وقال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال أبو زرعة: ((نظرت في نحو ثلاثين ألفًا من حديث ابن وهب بمصر وغير مصر، لا أعلم أني رأيت له حديثًا لا أصل له، وهو ثقة)) ، وقال العجلي: ((ثقة صاحب سنة، رجل صالح صاحب آثار)) ، وقال النسائي: ((ثقة، ما أعلمه روى عن الثقات حديثًا منكرًا)) ، وقال الخليلي: ((ثقة متفق عليه)) ، وكانت ولادته سنة خمس وعشرين ومائة، ووفاته سنة سبع وتسعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 189 - 190 رقم 879) ، و "التهذيب" (6 / 71 - 74 رقم 140) ، و "التقريب" (ص328 رقم 3694) .
(2) هو عمرو بن الحارث بن يعقوب بن عبد الله الأنصاري مولاهم، أبو أيوب المصري، روى عن أبيه وسالم أبي النَّضْر والزهري وغيرهم، روى عنه أسامة بن زيد الليثي ورشدين بن سعد وبكر بن مضر وعبد الله بن وهب وغيرهم، وهو ثقة فقيه حافظ، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد وابن معين وأبو زرعة والعجلي والنسائي، وغير واحد، وقال أبو حاتم: ((كان أحفظ الناس في زمانه، ولم يكن له نظير في الحفظ في زمانه)) ، وقال الساجي: ((صدوق ثقة)) ، وقال ابن حبان في "الثقات": ((كان من الحفاظ المتقنين، ومن أهل الورع في الدين)) ، وكانت ولادته سنة تسعين للهجرة، وقيل بعد ذلك، ووفاته سنة سبع أو ثمان وأربعين ومائة، وقيل: تسع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 225 - 226 رقم 1252) ، و "التهذيب" (8 / 14 - 16 رقم 22) ، و "التقريب" (ص419 رقم 5004) .
(3) لم أجد راويًا بهذا الاسم، وليس في شيوخ عمرو بن الحارث ولا في الرواة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بن أبي بكر أحد بهذا الاسم، وأخشى أن يكون هناك تصحيف أو سقط مما يمكن أن يزال بالنظر إلى من أخرج الحديث غير المصنف، لكني لم أجده عند غيره، فالله أعلم. =(3/761)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(4) هو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أبي بكر الصديق التيمي، المدني، أخو القاسم، روى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، روى عنه سالم بن عبيد الله بن عمر ونافع مولى ابن عمر، وهو ثقة روى له البخاري ومسلم، ووثقه النسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات". وكانت وفاته بالحرَّة سنة ثلاث وستين للهجرة.
انظر: "التهذيب" (6 / 7 رقم 5) ، و "التقريب" (ص320 رقم 3579) ، و "التحفة اللطيفة" (2 / 392 رقم 2220) .
(5) الذِّبْحُ: اسم ما يذبح ويُعَدُّ للذبح من الأضاحي وغيرها من الحيوان كما في "لسان العرب" (2 / 437) ، والمقصود به هنا أن ابن الزبير - رضي الله عنهما - لا يرى أن الشاة تجزئ في الهدي، وإنما الإبل والبقر كما سيأتي.
[310] سنده فيه عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَسِيدٍ، وتقدم أني لم أجده، والحكم على الحديث متوقف على معرفة حاله.
وقد صح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما - من طرق كثيرة أنه يرى أن الشاة تجزئ في الهدي، وهو قول الجمهور كما سبق بيانه في الحديث [298] .
وأما عائشة وابن عمر - رضي الله عنهما - فصح عنهما أنها لا تجزئ، وأن الهدي إنما يكون من الإبل والبقر كما في الحديث [299] .
وما جاء في هذا الحديث من أن قولها كقول ابن عباس هو خلاف ما صح عنها، وقد نُقل القولان عنها؛ يقول ابن حزم في "المحلى" (7 / 203) : ((واختلف فيه عن أم المؤمنين عائشة، فروى عنها مثل قول ابن عباس، وروي عنها أيضًا وعن ابن عمر أنه لا يجزئ في ذلك شاة، وأنه إنما في ذلك الناقة أو البقرة)) . قلت: كذا قال ابن حزم ولم يسنده حتى يمكن النظر في سنده، ولم أجد من أسنده، وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 513) فقال: ((وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق القاسم عن عائشة تقول: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شَاةٌ)) .
وقد بحثت عنه في مظانه في "تفسير ابن أبي حاتم" فلم أجده، وكذا في "مصنف =(3/762)
311- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((مِنَ الأزواج الثمانية (2)) ) .
__________
= ابن أبي شيبة"، فلعله في التفسير له.
وأما عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما -، فنسب هذا القول إليه القرطبي في "تفسيره" (2 / 378) حيث قال: ((وقال ابن عمر وعائشة وابن الزبير: ما استيسر: جمل دون جمل، وبقرة دون بقرة، لا يكون من غيرهما)) .
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 رقم 639) من طريق محمد بن عبيد بن أوس، عن ابن الزبير، قال: ذات خف من إبل أو بقر.
وقد تصحّف اسم الراوي عن ابن الزبير في "المصنف" المطبوع إلى: (محمد بن أويس) ، والتصويب من "المصنف" المخطوط (3 / ل 96 / أ) .
وسنده ضعيف لجهالة محمد بن عبيد بن أوس، فإنه لم يوثقه سوى ابن حبان؛ حيث ذكره في "الثقات" (5 / 379) ، ولم يرو عنه سوى أبي مالك الأشجعي، وقد ذكره البخاري في "تاريخه" (1 / 173 رقم 520) وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (8 / 9 رقم 34) .
(1) هو يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الهَمْداني، السِّبِيعي، أبو إسرائيل الكوفي، روى عن أبيه وعامر الشعبي والحسن البصري ومجاهد بن جَبْر وغيرهم، روى عنه هنا هشيم، وروى عنه أيضًا ابنه عيسى والثوري وابن المبارك وابن مهدي ويحيى القطان وغيرهم، وهو صدوق؛ وثقه ابن معين وابن سعد، وقال ابن مهدي: ((لم يكن به بأس)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) . وقال الساجي: ((صدوق، كان يقدم عثمان على علي، وضعّفه بعضهم)) ، وقال أبو حاتم: ((كان صدوقًا، إلا أنه لا يحتج بحديثه)) ، وقال يحيى القطان: ((كانت فيه غفلة، وكان منه سجيَّة)) وقال الأثرم: ((سمعت أحمد يضعِّف حديث يونس =(3/763)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن أبيه، وقال: حديث إسرائيل أحب إليَّ منه)) ، وقال عبد الله بن أحمد: ((سألت أبي عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، فقال كذا وكذا)) قال الذهبي مبينًا معنى قول عبد الله هذا: ((هذه العبارة يستعملها عبد الله بن أحمد كثيرًا فيما يجيبه به والده، وهي بالاستقراء كناية عمَّن فيه لين)) ، وكانت وفاته سنة تسع وخمسين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 234 - 244 رقم 1024) ، و "تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1565) ، و "ميزان الاعتدال" (4 / 482 - 483 رقم 9914) ، و "سير أعلام النبلاء" (7 / 26 - 27) ، و "التهذيب" (11 / 433 - 434 رقم 843) .
قلت: يونس بن أبي إسحاق مختلف فيه، وأولى الأقوال فيه بالقبول: قول من قال: ((صدوق)) كالساجي، وقريب منه قول ابن مهدي والنسائي: ((ليس به بأس)) ، وهذا ما رجَّحه الذهبي واختاره، فقال في "الكاشف" (3 / 303 رقم 6574) : ((صدوق)) ، وفي الموضع السابق من "الميزان" نقل عن ابن حزم أنه قال في "المحلى": ((ضعفه يحيى القطان وأحمد بن حنبل جدًّا)) ، فرد عليه الذهبي بقوله: ((قلت: بل هو صدوق ما به بأس، ما هو في قوة مِسْعَر ولا شعبة)) ، وفي الموضع السابق من "سير أعلام النبلاء" قال: ((قلت: ابناه - يعني إسرائيل وعيسى - أتقن منه، وهو حسن الحديث)) .
(1) بيّنها في الحديث الآتي بعده بأنها: الإبل والبقر والضأن والمعز، وهي المذكورة في قوله تعالى: {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ المَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَمِنَ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ البَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آَلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ ... } [الآيتان (143 و 144) من سورة الأنعام] .
[311] سنده حسن، وهو صحيح لغيره بما سيأتي له من طرق وشواهد.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 228) في جماع أبواب الهدي من كتاب: الحج، باب: الهدايا من الإبل والبقر والغنم، من طريق المصنف، به مثله، =(3/764)
312- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاح، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ: مِنَ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، والضَّأن، والمَعْز، عَلَى قَدْر المَيْسَرَة، ما عظَّمْتَ فهو أفضل)) .
__________
= وزاد في آخره قوله: ((يعني الهدي)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 27 رقم 3245) من طريق يحيى بن واضح، عن يونس، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3239) من طريق إسحاق الأزرق، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ.
وسيأتي برقم [316] من طريق خصيف ويزيد بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس، بلفظ: شاة.
وقول ابْنُ عَبَّاسٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وأمثاله: ((من الأزواج الثمانية)) لا يتنافى مع قوله في الأحاديث السابقة واللاحقة: ((شاة)) ؛ لأنه عبَّر بالأدنى عن الأعلى، فالشاة من الأزواج الثمانية، وإذا جاز في الهدي شاة، فالإبل والبقر من باب أولى، وانظر الحديث [318] والتعليق عليه.
وقد جاء هذا المعنى عن ابن عباس من غير طريق مجاهد، وسيأتي برقم [312] من طريق عطاء بن أبي رباح، و [318 و 319] من طريق أبي جمرة، كلاهما عن ابن عباس.
(1) هو سَلاَّم بن سُليم.
[312] سنده فيه أبو إسحاق السبيعي، وتقدم في الحديث [1] أنه مدلس واختلط في آخر حياته، ولم يصرِّح بالسماع هنا، ولم أجد من نصَّ على أن أبا الأحوص ممن سمع منه قبل الاختلاط أو بعده، لكن قد أخرج الشيخان البخاري ومسلم له من طريق أبي الأحوص عنه كما في "الكواكب النيرات" وحاشيته (ص351 - 352) .(3/765)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث صحيح لغيره، فقد مضى برقم [311] بإسناد حسن، وسيأتي برقم [318 و 319] من طريق أبي جمرة، عن ابن عباس، وهو صحيح أخرجه البخاري وغيره كما سيأتي.
وأما طريق المصنف هنا فأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 228 - 229) في جماع أبواب الهدي من كتاب: الحج، باب: الهدايا من الإبل والبقر والغنم، من طريق المصنف، به مثله سواء.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 27 رقم 3243) .
وابن أبي حاتم (1 / ل 130 / أ) .
كلاهما من طريق إسحاق الأزرق، عن شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ النعمان بن مالك، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} قَالَ: مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ، مِنَ الإبل والبقر والمعز والضأن.
هكذا رواه شريك، عن أبي إسحاق، وشريك تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا، لكنه لم ينفرد به على هذا الوجه، بل تابعه أبو الأحوص وسفيان الثوري.
فرواه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص96 رقم 631) .
وابن جرير في الموضع السابق برقم (3242) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق أبي الأحوص، وأما جرير فمن طريق سفيان الثوري، كلاهما عن أبي إسحاق، عن النعمان بن مالك، قال: تمتّعت فأتيت ابن عباس فقلت له: إني تمتعت، فقال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، فقلت: شاة؟ فقال: شاة.
هذا لفظ ابن أبي شيبة، ونحوه لفظ ابن جرير. =(3/766)
313- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ أَخْبَرَنِي ابْنُ عَوْن (1) ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الأصْفَر، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قِيلَ لَهُ: أَتُجْزِئُ الْمُتَمَتِّعَ شَاةٌ؟ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((كُلَّكُمْ شَاةٌ؟ - مَرَّتَيْنِ - أَيَسُرُّ أحدَكم أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا شَاةٌ؟)) .
__________
= وعليه فالذي يظهر أن لأبي إسحاق فيه إسنادين.
وتقدم الحديث برقم [302] بإسناد صحيح من طريق عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَاةٌ.
وأخرجه عن ابن جرير في "تفسيره" (4 / 30 رقم 3268) من طريق شعبة مولى ابن عباس، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (مَا استيسر من الهدي) شاة، وما عظَّمت شعائرَ الله فهو أفضل.
وأخرجه أيضًا برقم (3267) من طريق عطية العوفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (فَمَا استيسر من الهدي) قال: عليه - يعني المحصر - هدي، إن كان موسرًا فمن الإبل، وإلا فمن البقر، وإلا فمن الغنم.
(1) هو عبد الله بن عون.
[313] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 512) وعزاه للمصنف ووكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وذكر أنهم أخرجوه من طرق، وساقه بلفظ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قال: بقرة أو جزور، قيل: أوَ ما يكفيه شاة، قال: لا.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 31 رقم 3271) من طريق سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةٍ، عَنْ قتادة، عن أبي مِجْلَز قال: سأل رجل ابن عمر: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ؟ قال: أترضى شاة؟ - كأنه لا يرضاه-.
وأخرجه أيضًا (3278) من طريق الوليد بن أبي هشام، عن زياد بن جبير، عن أخيه عبد الله - أو عبيد الله - ابن جبير قال: سألت ابن عمر عن المتعة =(3/767)
314- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَهْدي بْنُ مَيْمون، عَنْ غَيْلاَن بْنِ جَرِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: أَتُجْزِئُ الْمُتَمَتِّعَ شَاةٌ؟ فَقَالَ: ((كُلَّكُمْ شَاةٌ - كَأَنَّهُ يَحْكِيهَا -، وَكَرِهَهَا فِي الْمُتْعَةِ)) .
315- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ وَبْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: ((الصَّوْمُ لِلْمُتَمَتِّعِ أَحَبُّ إليَّ من الشاة)) .
__________
= في الهدي، فقال: ناقة، قلت: ما تقول في الشاة؟ قال: أكلكم شاة؟ أكلكم شاة؟ وسيأتي في الحديث بعده بنحو هذا اللفظ من طريق غَيْلان بن جرير، عن عمر.
وتقدم برقم [299] من طريق القاسم بن محمد وغيره عن ابن عمر بلفظ: ((النَّاقَةُ دُونَ النَّاقَةِ، وَالْبَقَرَةُ دُونَ والبقرة)) . وألفاظ أخرى نحوه وبمعناه، وسيأتي بهذا المعنى أيضًا برقم [315 و 316 و 317] .
[314] سنده صحيح.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 203) من طريق حماد بن زيد، عن غيلان بن جرير، به نحوه.
وللحديث طرق أخرى انظرها في الحديث السابق [313] ، وانظر معه الحديث [299] ، وما سيأتي برقم [315 و 316 و 317] .
[315] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 رقم 637) من طريق عبد الله بن نمير، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عن وبرة، عن ابن عمر قال: إذا قرن الرجل الحج والعمرة فعليه بدنة، فقيل له: أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: شاة، فقال ابن عمر: الصيام أحب إلي من شاة.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا رقم (643) من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق =(3/768)
316- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ خُصَيْف، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} ، قَالَ: ((بَقَرَةٌ)) .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ((شَاةٌ)) .
317- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشيم، قَالَ: نَا الزُّهْري، سُئل عَمَّا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ، فَقَالَ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ)) ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ((مِنَ الغنم)) .
__________
= السبيعي، عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: أتيت ابن عمر فقلت: إن عليَّ هديًا [في الأصل: هدي] فبِمَ تأمرني؟ قال: بدنة من البقر، وإلا فإن صوم ثلاثة أيام وسبعة إذا رجعت إلى أهلك أحب إلي من شاة.
ومن طريق ابن أبي شيبة أخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 203) .
وتقدم هذا المعنى عن ابن عمر برقم [299 و 313 و 314] ، وسيأتي برقم [316 و 317] .
[316] سنده ضعيف لضعف خصيف من قبل حفظه، وهو صحيح لغيره لمجيئه من غير طريق خصيف، فانظر ما تقدم عن ابن عمر برقم [299 و 313 و 314 و 315] وما سيأتي برقم [317] ، وانظر أيضًا ما تقدم عن ابن عباس برقم [298 و 300 و 302 و 310 و 312] وما سيأتي برقم [317 و 318 و 319] .
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 27 رقم 3241) من طريق شعبة، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ.
وتقدم بإسناد حسن برقم [311] من طريق يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مِنَ الْأَزْوَاجِ الثَّمَانِيَةِ.
[317] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لانقطاعه بين الزهري وابن عمر وابن عباس، فالزهري لم يسمع من ابن عمر إلا حديثين، وجزم الإمام أحمد أنه لم =(3/769)
318- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّاد بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي جَمْرَة (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: (( {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} : شَاةٌ، أَوْ: بَدَنَة، أَوْ: بَقَرَةٌ، أَوْ: شِرْكٌ (2) ، في دَم)) .
__________
= يسمع من ابن عمر، وقال أبو حاتم: ((لا يصح سماعه من ابن عمر ولا رآه)) ، وقال ابن معين: ((ليس للزهري عن ابن عمر رواية)) ، والصواب أنه رآه وروى عنه حديثين؛ قال عبد الرزاق: قلت لمعمر: هل سمع الزهري من ابن عمر؟ قال: نعم، سمع منه حديثين، وذكر حكاية فيها لقيّ الزهري لابن عمر في الحج.
انظر: "تهذيب التهذيب" (9 / 445 - 451) .
قلت: ولم أجد من ذكر الحديثين لمعرفة ما إذا كان هذا الحديث منهما أم لا؟
وإذا كان هذا الخلاف في سماع الزهري من ابن عمر المُتَوَفَّى سنة ثلاث وسبعين للهجرة، وكلاهما عاش في المدينة النبوية، فمن باب أولى أن لا يكون الزهري سمع من ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين للهجرة وكان بالطائف، ولذا لم أجد من نص على أنه روى عن ابن عباس أو سمع منه. انظر الموضع السابق من "التهذيب" و (5 / 278 و 330) .
ومع هذا الانقطاع، فرواية هشيم، عن الزهري فيها ضعف؛ لأنه سمع منه وهو صغير، وكان كتب عن الزهري صحيفة بمكة، فجاءت الريح فحملت الصحيفة فطرحتها، فلم يجدوها، وحفظ منها هشيم تسعة أحاديث فقط. انظر: "التهذيب" (11 / 60 - 63) .
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف"، في القسم الأول من الجزء الرابع (ص97 رقم 635) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 27 و 31 رقم 3244 و 3274) .
كلاهما من طريق هشيم به مثله، إلا أن ابن جرير ذكر قول ابن عمر في موضع وقول ابن عباس في موضع آخر.
وقد صحّ الحديث عن ابن عمر وابن عباس من غير طريق الزهري، فانظر الحديث السابق رقم [316] والتعليق عليه.
(1) هو نَصْر بن عِمْران.
(2) بكسر الشين المعجمة وسكون الراء: أي مشاركة في دم، أي حيث يجزئ الشيء الواحد عن جماعة. اهـ. من "فتح الباري" (3 / 534) .(3/770)
319- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عبَّاد بْنُ عبَّاد المُهَلَّبِي (1) ، قَالَ: نَا أَبُو جَمْرَة، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنِ الْمُتْعَةِ فِي الْحَجِّ، فأمَرَني بِهَا، وَسَأَلْتُهُ عَنِ الذَّبْح، فَقَالَ: ((نَاقَةٌ، أَوْ بَقَرَةٌ، أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْكٌ، فِي دَمٍ)) .
__________
= [318] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 28 رقم 3250) من طريق أيوب السختياني، عن أبي جمرة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شاة.
وسيأتي في الحديث بعده من طريقين آخرين عن أبي جمرة.
وهذا الحديث فيه مزيد بيان لما ذهب إليه ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - خلافًا لما زعمه إسماعيل القاضي - رحمه الله -، حيث طعن في رواية أبي جمرة هذه، فقال: ((خالف أبا جمرة عنه - أي: عن ابن عباس - ثقات أصحابه، فرووا عنه: أن مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ شَاةٌ)) ، نقل هذا القول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3 / 534) ، ثم ردّ عليه بقوله: ((وليس بين رواية أبي جمرة ورواية غيره منافاة؛ لأنه زاد عليهم ذكر الاشتراك، ووافقهم على ذكر الشاة، وإنما أراد ابن عباس بالاقتصار على الشاة الردّ على من زعم اختصاص الهدي بالإبل والبقر ... ، وبهذا تجتمع الأخبار، وهو أولى من الطعن في رواية من أجمع العلماء على توثيقه والاحتجاج بروايته، وهو أبو جَمْرَة الضُّبَعي)) . أهـ.
(1) هو عبّاد بن عبّاد بن حبيب بن المُهَلَّب بن أبي صُفْرة، المهَلَّبي، الأزْدي، أبو معاوية البصري، روى عن عاصم الأَحوْل وهشام بن عروة وأبي جمرة نصر بن عمران وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا الإمام أحمد ويحيى بن معين ومُسَدَّد وغيرهم، وهو ثقة ربما وهم، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، ويعقوب بن شيبة، والعجلي، وأبو داود، والنسائي، وابن خراش، والعقيلي، وغيرهم، وقال الإمام أحمد: ((ليس به بأس، وكان رجلاً عاقلاً أديبًا)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وربما غلط)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق =(3/771)
320- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا حَجَّاج، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ((الْجَزُورُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، يَشْتَرِكُ فِيهِ المُضَحُّون، والمُتَمَتِّعون، والمَحْصورون (1)) ) .
__________
= لا بأس به)) ، قيل له: يحتج بحديثه؟ قال: ((لا)) ، وقال الطبري: ((كان ثقة، غير أنه كان يغلط أحيانًا)) . وكانت وفاته سنة ثمانين ومائة، وقيل: إحدى وثمانين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 82 - 83 رقم 423) ، و "التهذيب" (5 / 95 - 96 رقم 161) ، و "التقريب" (ص290 رقم 3132) .
[319] سنده صحيح.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 534 رقم 1688) في الحج، باب: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ ... } .
ومن طريق البخاري أخرجه ابن حزم في "المحلى" (7 / 204) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 29 رقم 3256) .
كلاهما من طريق شعبة، حدثنا أَبُو جَمْرَةَ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عباس - رضي الله عنهما - عن المتعة، فأمرني بها، وسألته عن الهدي فقال فيها: جزور، أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ، أَوْ شِرْك في دم.
قال: وكأنّ ناسًا كرهوها، فنمت، فرأيت في المنام كأن إنسانًا ينادي: حج مبرور، ومُتْعَة مُتَقَبَّلَة. فأتيت ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فحدَّثته، فقال: الله أكبر، سُنَّةُ أبي القاسم ?.
هذا لفظ البخاري، ولفظ ابن جرير نحو لفظ المصنِّف في الحديث السابق [318] .
(1) الذي يلي هذا الحديث حسب ترتيب النسخة الخطية هو الحديث الآتي برقم [328] حتى الحديث رقم [345] ، ثم يليها الحديث الآتي رقم [321] حتى الحديث رقم [327] ، ثم يستمر الترتيب بعد ذلك ابتداء من الحديث رقم [346] متّفقًا مع النسخة الخطية، وإنما قدَّمْتُ الأحاديث من رقم [321] حتى رقم [327] مراعاة لترتيب الآيات.(3/772)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= [320] سنده ضعيف، فحجّاج بن أَرْطأَةْ تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرِّح بالسماع هنا.
والحديث أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص98 - 99 رقم 649) من طريق أبي خالد الأحمر، عن حجاج، عن عطاء قال: يشترك المحصورون والمتمتعون في البدنة عن سبعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (650) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن وعطاء أنهما كانا لا يريان بأسًا بالمتمتع أن يدخل في شرك في جزور أو بقرة.
وهذا إسناد ضعيف أيضًا، فهشام بن حسان تقدم في الحديث [55] أنه ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، لكن روايته عن الحسن وعطاء فيها مقال لأنه كان يرسل عنهما، يقول ابن المديني: ((أما حديث هشام عن محمد فصحاح، وحديثه عن الحسن عامتها يدور على حوشب)) . وقال أبو داود: ((إنما تكلموا في حديثه عن الحسن وعطاء؛ لأنه كان يرسل، وكانوا يرون أنه أخذ كتب حوشب)) .
قلت: وهذا الحديث من روايته عن الحسن وعطاء.
وتقدم برقم [304] عن عطاء أنه قال: {مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ} شَاةٌ، وهو حسن لغيره عن عطاء.
وما تضمنه هذا القول عن عطاء من أن الإبل والبقر عن سبعة ثابت في سنة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
ففي "صحيح مسلم" (2 / 955 - 956 رقم350 و 351 و 352 و 353 و 354 و 355) في الحج، باب: الاشتراك في الهدي وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة، من حديث جابر - رضي الله عنه - قال: نحرنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة.(3/773)
321- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، وهُشيم، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: ((مَنْ لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ أَيَّامٍ الَّتِي فِي الْحَجِّ آخِرُهَا يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ)) .
قَالَ أَبُو بِشْرٍ: فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ؟ قَالَ: ((فَلْيَبِعْ ثَوْبَهُ)) .
وَزَادَ هُشَيْمٌ: ((وَيَشْتَرِي شَاةً بثلاثة دراهم (3)) ) .
__________
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله اليَشْكُري.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) هذا الحديث وما بعده حتى الحديث رقم [327] موضعها متأخِّر في النسخة الخَطَّية بعد الحديث الآتي برقم [345] ، فَقَدَّمْتُها في هذا الموضع مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (1) على الحديث السابق.
[321] سنده صحيح، وقد صرّح هشيم بالسماع في رواية ابن جرير الآتية، وتابعه هنا أبو عوانة.
والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 95 رقم 3445) من طريق أبي كريب، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير أنه قال في المتمتع: إذا لم يجد الهدي، صام يومًا قبل يوم التروية، ويوم التروية,، ويوم عرفة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص127 رقم 849) من طريق وكيع، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بن جبير قال: لابد من دم ولو يبيع ثوبه.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 2) من طريق حجاج بن أرطأة، عن حبيب، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: إن شاء صام أول العشر، ووسطها، وآخرها يوم عرفة.
وأخرجه ابن جرير (4 / 97 رقم 3455) من طريق إسرائيل، عن سالم بن عجلان الْأَفْطَسِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} قال: آخرها يوم عرفة.(3/774)
322- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، (وَعَنْ) (1) طَاوُس، قَالَا (2) : فِي الْمُتَمَتِّعِ قَالَ: ((إِنْ شَاءَ صَامَ يَوْمًا مِنْ شَوَّالٍ، وَيَوْمًا مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ، وَيَوْمًا مِنْ ذِي الحجة)) .
__________
(1) في الأصل: (عن) .
(2) أي: مجاهد وطاوس.
[322] سنده صحيح إلى مجاهد وطاوس، وقد صرح ابن أبي نجيح بالسماع في رواية ابن جرير الآتية.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص125 رقم 838) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 95 - 9 6و 101 رقم 3446 و 3447 و 3472) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 132 / ب) .
أما ابن أبي شيبة فعن ابن عيينة بلا واسطة وأما ابن جرير فمن طريق عَنْبَسَة، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق ابن القمرئ، كلاهما عن ابن عيينة، به، ولفظ ابن أبي حاتم نحو لفظ المصنف، إلا أنه قال: ((وآخرها يوم عرفة)) بدلاً من قوله: ((ويومًا من ذي الحجة)) .
وأما ابن أبي شيبة، فلفظه: (( ... عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قال: يصوم المتمتع إن شاء يومًا من شوال، وإن شاء يومًا من ذي القعدة. قال: وقال طاوس وعطاء: لا يصوم المتمتع إلا في العشر)) .
وإسناد الحديث عند أبي شيبة في الموضع السابق من المطبوع، وفي المخطوط (1 / ل 164 / ب) هكذا: ((ثنا ابن عيينة، عن ابن أبي عيينة، عن ابن أبي نجيح ... )) وهذا خطأ بلا شك.
وأما ابن جرير فلفظه: يقول ابن أبي نجيح: ((وسمعت مجاهدًا وطاوسًا يقولان: =(3/775)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إذا صامهن في أشهر الحج أجزأه.
قال: وقال مجاهد: إذا لم يجد المتمتع ما يهدي، فإنه يصوم في العشر إلى يوم عرفة، متى ما صام أجزأه، فإن صام الرجل في شوال أو ذي القعدة أجزأه)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 96 و 102 رقم 3451 و 3452 و 3473) من طريق شبل، وعيسى بن ميمون، ومحمد بن مسلم الطائفي، ثلاثتهم عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} آخرهن يوم عرفة من ذي الحجة. هذا لفظ عيسى وشبل، وأما الطائفي فلفظه: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد قال: من صَامَ يَوْمًا مِنْ شَوَّالٍ، وَيَوْمًا في ذي القعدة، ويومًا في ذي الحجة، أجزأه عنه من صوم التمتع.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 1) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 97 رقم 3458) .
كلاهما من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} : في العشر، آخرهن يوم عرفة.
هذا لفظ ابن جرير.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 2) من طريق القاسم بن نافع، عن مجاهد قال: آخرها يوم عرفة.
وأخرجه في الموضع نفسه من طريق يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مجاهد قال: من لم يصم قبل التروية بيوم، ويوم التروية، ويوم عرفة فاته الصوم.
ويزيد تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف، لكنه توبع على معنى ما ذكر كما سبق. وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص125 رقم 840) ، وابن جرير في "تفسيره" (4 / 102 رقم 3474 و 3475) .
كلاهما من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ طاوس وعطاء قالا: لا يصوم الثلاثة إلا في العشر، وقال مجاهد: لا بأس أن يصومها في أشهر الحج.
هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما ابن جرير فلفظه:
عن مجاهد في قول الله عز وجل: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} قال: إن شاء صامها في العشر، وإن شاء في ذي القعدة، وإن شاء في شوال. =(3/776)
323- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ((لَا يَصُومُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ، فَإِنْ فَاتَهُ الصِّيَامُ، أهراق دمًا)) .
__________
= وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك.
وأخرجه ابن أبي شيبة (4 / 3) من طريق سفيان بن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة وابن طاوس، كلاهما عن طاوس قال: يجعل المتمتع آخر صومه يوم عرفة.
وأخرجه ابن جرير (4 / 97 رقم 3459) من طريق يزيد بن خمير قال: سألت طاوسًا عن صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، قال: آخرهن يوم عرفة.
[323] سنده ضعيف، عبد الله بن أبي نجيح تقدم في الحديث [184] أنه ثقة ربما دلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن قوله: ((لَا يَصُومُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ)) صحيح لغيره، وقوله: ((فَإِنْ فَاتَهُ الصِّيَامُ، أَهْرَاقَ دَمًا)) حسن لغيره كما سيأتي.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول، من الجزء الرابع من "المصنف" (ص125 رقم 838) من طريق سفيان بن عيينة به بلفظ: ((لا يصوم المتمتع إلا في العشر)) ، وهو عنده مقرون برواية سفيان للحديث السابق عن مجاهد وطاوس.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 95 و 102 رقم 3446 و 3476) من طريق عَنْبَسَة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عطاء قال: يصوم المتمتع الثلاثة الأيام لمتعته في العشر إلى يوم عرفة.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص62 رقم 82) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ - في قول الله تبارك وتعالى: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} -، قال: أصومهما حلالاً في العشر أحب إليّ من أن أصومهما حرامًا في شوال وذي القعدة، فإن صامهما حرامًا في شوال أو ذي القعدة، أجزأه، وإن صامهما حلالاً في شوّال أو ذي القعدة، ذبح.
وهذا إسناد رجاله ثقات، لكنه ضعيف؛ لأن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج مدلِّس كما في ترجمته في الحديث [9] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع.
وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق برقم (840) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ عطاء قال: لا يصوم الثلاثة إلا في العشر.
وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك =(3/777)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 1) من طريق حجاج بن أرطأة، عن عطاء قال: إن شاء صام أول العشر، ووسطها، وآخرها يوم عرفة.
وهذا ضعيف أيضًا، فحجاج بن أرطأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع.
وأخرجه ابن جرير (4 / 96 و 102 رقم 3448 و 3477) من طريق يعقوب بن عطاء، أن عطاء بن أبي رباح كان يقول: من استطاع أن يصومهن فيما بين أول يوم من ذي الحجة إلى يوم عرفة فليصم.
وسنده ضعيف أيضًا؛ يعقوب بن عطاء بن أبي رباح المكي ضعيف، ضعفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي، وفي رواية أحمد قال: ((منكر الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 211 رقم 882) ، و "التهذيب" (11 / 392 - 393 رقم 756) ، و "التقريب" (ص608 رقم 7826) .
وأخرجه ابن جرير الطبري أيضًا في "تفسيره" (4 / 103 رقم 3480) ، فقال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا الربيع، عن عطاء أنه كان يقول - في صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ - قال: في تسع من ذي الحجة، أيها شئت، فمن صام قبل ذلك في شوال وفي ذي القعدة، فهو بمنزلة من لم يصم.
وهذا إسناد ضعيف لضعف الربيع من قبل حفظه.
وهو الرَّبيع بن صَبيح - بفتح المهملة - السَّعْدي، البصري، يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ومجاهد والحسن البصري وغيرهم، روى عنه سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع وأبو نُعيم الفَضْل بن دُكَين وغيرهم، وهو عابد مجاهد صدوق، إلا أنه سيء الحفظ، فقد ضعّفه ابن معين وابن سعد والنسائي، وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ولا يحدِّث عنه، وقال عفّان بن مسلم: ((أحاديثه كلها مقلوبة)) ، وقال ابن المديني: ((هو عندنا صالح، وليس بالقوي)) ، وقال السَّاجي: ((ضعيف الحديث، أحسبه كان يهم، وكان عبدًا صالحًا)) ، وقال ابن حبَّان: ((كان من عُبَّاد أهل البصرة وزُهَّادِهم، وكان يُشَبَّه بيته بالليل ببيت النحل من كثرة التهجُّد، إلا أن الحديث لم يكن من صناعته، فكان يَهم فيما يروي كثيرًا، حتى وقع في حديثه المناكير من حيث لا يشعر =(3/778)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لا يعجبني الاحتجاج به إذا انفرد)) ، وقال الإمام أحمد: ((لا بأس به، رجل صالح)) ، وقال العجلي: ((لا بأس به)) ، وقال أبو زرعة: ((شيخ صالح صدوق)) ، وقال أبو حاتم: ((رجل صالح)) ، وقال ابن عدي: ((له أحاديث صالحة مستقيمة، ولم أر له حديثًا منكرًا جدًّا، وأرجو أنه لا بأس به ولا برواياته)) ، وكانت وفاته رحمه الله بأرض السِّند غازيًا سنة ستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 464 - 465 رقم 2084) ، و "تهذيب الكمال" المطبوع (9 / 89 - 94) ، و "تهذيب التهذيب" (3 / 247 - 248 رقم 474) ، و "التقريب" (ص206 رقم 1895) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 97 رقم 3456) فقال: حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: حدثنا أبو أحمد، قال: حدثنا فِطْر، عن عطاء: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ} ، قال: آخرها يوم عرفة.
وهذا سند حسن لذاته.
فِطْر بن خليفة القُرشي، المخزومي، مولاهم، أبو بكر الحَنَّاط - بالمهملة والنون -، الكوفي، يروي عن أبيه ومولاه عمرو بن حريث وأبي الطفيل عامر بن واثلة وأبي وائل شقيق بن سلمة وأبي إسحاق السَّبيعي ومجاهد وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع ويحيى القطّان والسفيانان وأبو نعيم وغيرهم، وهو صدوق رمي بالتشيُّع، قال الإمام أحمد: ((ثقة صالح الحديث، وكان عند يحيى بن سعيد ثقة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة حسن الحديث، وكان فيه تشيع قليل)) ، وقال أبو زرعة الدمشقي: ((سمعت أبا نعيم يرفع من فطر ويوثقه ويذكر أنه كان ثبتًا في الحديث)) وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث، كان يحيى بن سعيد يرضاه ويحسن القول فيه ويحدَّث عنه)) ، وقال النسائي: ((ثقة حافظ كيِّس)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة إن شاء الله تعالى، ومن الناس من يستضعفه، وكان لا يدع أحدًا يكتب عنه، وكانت له سن عالية ولقاء)) ، وقال أحمد بن يونس: ((كنا نمرّ على فطر وهو مطروح لا نكتب عنه)) ، =(3/779)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقال الساجي: ((صدوق ثقة ليس بمتقن، كان أحمد بن حنبل يقول: هو خَشَبي مفرط، قال الساجي: كان يقدم عليًّا على عثمان)) ، وقال السعدي: ((زائغ غير ثقة)) ، وقال الدارقطني: ((فطر زائغ، ولم يحتجّ به البخاري)) ، وكانت وفاته سنة ثلاث وخمسين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 90 رقم 512) ، و "التهذيب" (8 /300 - 302 رقم 548) ، و "التقريب" (ص248 رقم 5441) .
والراوي عن فطر هو:
محمد بن عبد الله بن الزُّبير بن عمر بن دِرْهم الَأسَدي، أبو أحمد الزُّبيري، الكوفي، يروي عن أيمن بن نابل وسفيان الثوري ومسعر والإمام مالك وفطر بن خليفة وغيرهم، روى عنه ابنه طاهر والإمام أحمد وبُندار وأبو بكر بن أبي شيبة وغيرهم، وهو ثقة ثبت، إلا أنه قد يخطئ في حديث الثوري، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن قانع والعجلي وزاد: ((يتشيّع)) ، وقال بُنْدار: ((ما رأيت أحفظ منه)) ، وقال أبو زرعة وابن خراش: ((صدوق)) ، وقال ابن سعد: ((كان صدوقًا كثير الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((حافظ للحديث، عابد مجتهد، له أوهام)) ، وقال الإمام أحمد: ((كان كثير الخطأ في حديث سفيان)) ، وقال ابن نمير: ((أبو أحمد الزبيري صدوق، في الطبقة الثالثة من أصحاب الثوري، ما علمت إلا خيرًا، مشهور بالطلب، ثقة صحيح الكتاب)) . وكانت وفاته سنة ثلاث ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 297 رقم 1611) ، و "التهذيب" (9 / 254 - 255 رقم 420) ، و "التقريب" (ص487 رقم 6017) .
والراوي عن أبي أحمد الزُّبَيْري هو شيخ ابن جرير:
أحمد بن إسحاق بن عيسى الَأهْوَازي البزَّاز، أبو إسحاق، صاحب السِّلْعة، روى عن حجّاج بن نُصَير وعبد الله بن يزيد المقرئ وأبي أحمد الزبيري وغيرهم، روى عنه أبو داود السِّجستاني وأبو بكر البزار وزكريا السّاجي وابن أبي الدنيا ومحمد بن جرير الطبري وغيرهم، وهو صدوق كما قال النسائي، وكانت وفاته =(3/780)
324- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ((يَصُومُ الْمُتَمَتِّعُ فِي السَّفَرِ، وَلَا يَصُومُ إِلَّا فِي الْعَشْرِ، وَيَجْعَلُ آخِرَهَا يَوْمَ عَرَفَةَ، وَإِنْ فَاتَهُ، أَهْرَاقَ لِذَلِكَ دَمًا)) .
325- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، نَا عَبْدُ الْمَلِكِ (2) ، وحَجَّاج (3) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} - قَالَ: ((هِيَ رُخْصَةٌ، وَإِنْ شَاءَ صام في السفر)) .
__________
= سنة خمسين ومائتين. اهـ. من "تهذيب الكمال" المطبوع (1 / 265) ، و "تهذيب التهذيب" (1 / 14 - 15 رقم 10) ، و "التقريب" (ص77 رقم 8) .
وعليه يتضح أن الحديث بمجموع هذه الطرق صحيح لغيره عن عطاء، عدا قوله: ((فَإِنْ فَاتَهُ الصِّيَامُ أَهْرَاقَ دَمًا)) ، فإنه حسن لغيره والله أعلم.
(1) هو ابن دينار.
[324] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 518) وعزاه لابن أبي شيبة فقط.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص125 رقم 837) ، فقال: ثنا سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: لا يصوم المتمتع إلا في العشر.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (841) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 103 رقم 3481) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أيوب السختياني، عن عكرمة قال: إذا خشي أن لا يدرك الصوم بمكة صام بالطريق يومًا أو يومين.
(2) هو ابن أبي سليمان.
(3) هو ابن أَرْطَأَةْ.
[325] سنده صحيح، وحجاج قد تابعه عبد الملك. =(3/781)
326- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ (1) [ل116/ب] ، قَالَ: نا يُونُسُ (2) ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ قَالَ: ((هِيَ رُخْصَةٌ)) .
327- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ جَابِرٍ (3) ، عَنِ الشَّعْبي قَالَ (4) : ((إِذَا رَجَعْتَ إِلَى مِصْرِك (5)) ) .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص128 رقم 855) من طريق حفص بن غياث، عن حجاج، عن عطاء قال: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قال: إن شاء صامها في الطريق، وإن شاء بمكة.
وأخرجه عبد بن حميد كما في "الدر المنثور" (1 / 519) عن عطاء بلفظ: في الطريق إن شاء.
وأخرجه وكيع كما في "الدر" أيضًا (1 / 520) عن عطاء: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قال: إذا قضيتم حجّكم، وإذا رجع إلى أهله أحب إلي.
ومن طريق وكيع أخرجه ابن جرير (4 / 107 رقم 3491) ، وهو عنده عن وكيع، عن فِطْر، عن عطاء.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3493) من طريق ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ فِي قوله: {وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} قال: إذا رجعت إلى أهلك.
(1) قوله: ((هشيم)) جاء في نهاية الصفحة، ثم أعاده الناسخ في بداية الصفحة الأخرى.
(2) هو: ابن عبيد.
[326] سنده صحيح.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص128 رقم 856) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن في صيام السبعة الأيام قال: إن شاء صام في الطريق، وإن شاء إذا رجع إلى أهله.
(3) هو ابن يزيد الجُعْفي، تقدم في الحديث رقم [101] أنه ضعيف جدًّا.
(4) قوله: ((قال)) مكرور في الأصل. =(3/782)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ]
328- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا شَريك، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الأَحْوَص، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} -، قال: ((شوال، وذو القعدة [ل116/أ] ، وَعَشْرُ لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ)) .
عَنِ ابْنِ عُمَرَ (2) قَالَ: ((شَوَّالٌ، وذو القعدة، وذو الحجة)) .
__________
(5) هذا الحديث والأحاديث قبله من رقم [321] قَدَّمْتُها عن الأحاديث الآتية بعدها مراعاة لترتيب الآيات، فانظر التعليق رقم (1) على الحديث رقم [320] ، والتعليق رقم (3) على الحديث رقم [321] .
[327] سنده ضعيف جدًّا لشدَّة ضعف جابر الجُعْفي.
(1) هذا الحديث والأحاديث الآتية بعده حتى رقم [345] حَقُّها التقديم بعد الحديث المتقدم برقم [320] ، وإنما أَخّرتها هنا مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (1) على الحديث رقم [320] ، والتعليق رقم (3) على الحديث رقم [321] .
(2) كذا في الأصل! وهو إما أن يكون علّقه المصنف لبيان قول ابن عمر في مقابل قول ابن مسعود، ثم وصله فيما بعد، وإما أن يكون سقط سنده من الناسخ، ويبعد عندي أن يكون موصولاً بإسناد ما قبله؛ فإني لم أجد من أخرجه من طريق أبي الأحوص عوف بن مالك، عن ابن عمر، ولم أجد لأبي الأحوص رواية عن ابن عمر كما يتضح من مطالعة "تهذيب الكمال" المخطوط (2 / 1065) ، و "تهذيب التهذيب" (8 / 169) ، وقد أخرج البيهقي الحديث من طريق المصنف كما سيأتي ولم يذكر هذا عن ابن عمر، وسيأتي موصولاً عند المصنف برقم [329 و 331] من طريق مجاهد ونافع عنه.
[328] سنده ضعيف؛ أبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث [1] أنه مدلس، ولم يصرح =(3/783)
329- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِر، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ)) .
__________
= بالسماع هنا، وشريك بن عبد الله تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 525) وعزاه للمصنِّف ووكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابون أبي حاتم والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (4 / 342) في جماع أبواب وقت الحج والعمرة من كتاب الحج، باب بيان أشهر الحج، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((عز وجل)) ، ولا قوله: ((ليال)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص230 رقم 1497 و 1498) .
وابن جرير في "تفسيره" (1 / ل 133 / ب) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 226 رقم 42) .
جميعهم من طريق شريك، به مثله، إلا أنهم لم يذكروا قوله: ((ليال)) ، وقد سقط اسم أبي الأحوص من سند "مصنف ابن أبي شيبة"، وفي ظني أنه من سوء الطباعة.
وأخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1 / 315 - 316) فقال: أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد الخَلنْجي، قال: حدثنا داود بن عمرو، حدثنا شريك، عن المختار، عن أبي إسحاق، به مثله، ولم يذكر قوله: ((ليال)) ، وزاد في إسناده المختار أبا عثمان، وقيل: أبو غسَّان.
ومن طريق الإسماعيلي أخرجه الخطيب في "تاريخ بغداد" (5 / 63) .
وزيادة المختار في سند الحديث لم يذكرها أحد ممن روى الحديث عن شريك سوى داود بن عمرو عند الإسماعيلي، فلست أدري، هل الخطأ من شريك بسبب ضعف حفظه، أو من شيخ الإسماعيلي؛ فإنه ذكره الخطيب في الموضع السابق من "تاريخ بغداد"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً، وذكر أنه يروي عن داود بن عمرو الضَّبِّي وصالح بن مالك الخَوَارِزْمي، وأنه روى عنه الإسماعيلي وأحمد بن عبد الله الفامي، وعليه فهو مجهول الحال.
[329] سنده ضعيف؛ فشريك بن عبد الله النخعي القاضي تقدم في الحديث [4] أنه صدوق =(3/784)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= يخطئ كثيرًا.
وإبراهيم بن مهاجر تقدم في الحديث [58] أنه صدوق ليِّن الحفظ.
لكن الحديث صح عن ابن عمر من غير هذا الطريق كما سيأتي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص229 رقم 1492) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 /117 رقم 3538) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق وكيع، وأما ابن جرير فمن طريق أحمد بن إسحاق، كلاهما عن شريك، به، ولفظ ابن جرير مثل لفظ المصنف سواء، وأما ابن أبي شيبة فلفظه مثله، إلا أنه قال: ((وعشر من ذي الحجة)) .
وكلا اللفظين وردا عن ابن عمر كما سيأتي، لكن الصواب في رواية شريك: ((وذو الحجة)) ؛ كذا رواه سعيد بن منصور وأحمد بن إسحاق عنه، وخالفهما وكيع، فرواه: ((وعشر من ذي الحجة)) .
وأخرجه الإمام مالك في "الموطأ" (1 / 344 رقم 62) في الحج، باب: ما جاء في التمتع، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: من اعتمر في أشهر الحج - في شوال، أو ذي القعدة، أو في ذي الحجة - قبل الحج، ثم أقام بمكة حتى يدركه الحج فهو متمتع إن حج، وعليه ما استيسر من الهدي، فإن لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ في الحج وسبعة إذا رجع.
وسنده صحيح.
عبد الله بن دينار العدوي، مولاهم، أبو عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر، روى عن ابن عمر وأنس وسليمان بن يسار ونافع مولى ابن عمر وأبي صالح السَّمَّان وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الرحمن والإمام مالك وشعبة وغيرهم، وهو ثقة؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة مستقيم الحديث)) وكانت وفاته سنة سبع وعشرين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 46 - 47 رقم 217) ، و "التهذيب" (5 / 201 - 203 رقم 349) ، و "التقريب" (ص302 رقم 3300) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 116 - 117 رقم 3533) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 226 رقم 46) . =(3/785)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كلاهما من طريق وَرْقاء، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} قَالَ: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرُ من ذي الحجة.
وصحح ابن حجر إسناده في "فتح الباري" (3 / 420) .
فَوَرْقاء هنا خالف الإمام مالكًا، فقال: ((وعشر من ذي الحجة)) ، وكلاهما يرويه عن عبد الله بن دينار، وسيأتي الكلام عن هذا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص230 رقم 1503) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 226 رقم 45) .
كلاهما من طريق وكيع، عن بَيْهس بن فَهْدان، عن أبي شيخ الهُنَائي، قال: سألت ابن عمر عن أشهر الحج، فقال: شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذي الحجة.
هذا لفظ الدارقطني، ونحوه لفظ ابن أبي شيبة، إلا أنه وقع فيه: ((وذو الحجة)) .
وكلا الطريقين واحد، وأخشى أن يكون الخطأ من طباعة المصنَّف، فإنه سقيم الطباعة.
وللحديث طريق آخر يرويه نافع، عن ابن عمر، وسيأتي برقم [331] وسنده صحيح.
هذا وقد اختلفت روايات هذا الحديث، ففي بعضها،: ((وذو الحجة)) ، وفي بعضها: ((وعشر من ذي الحجة)) .
أما رواية مجاهد للحديث عن ابن عمر، فالصواب فيها: ((وذو الحجة)) ، لاتفاق سعيد بن منصور وأحمد بن إسحاق على روايته بهذا اللفظ عن شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عن مجاهد.
وأما رواية وكيع للحديث عن شريك فمحمولة على ما سيأتي ذكره عن رواية مالك للحديث عن عبد الله بن دينار.
فعبد الله بن دينار اختلف مالك وورقاء في لفظ الحديث عنه كما سبق، وقد رجح الحافظ بن حجر رواية ورقاء وحمل عليها رواية مالك جمعًا بين الروايات. =(3/786)
330- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَريك، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحَجَّةِ)) .
331- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبة (1) ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ)) .
__________
= ففي "فتح الباري" (3 / 420) ذكر ابن حجر رواية ورقاء، عن عبد الله بن دينار، ورواية عبيد الله بن عمر، عن نافع - وستأتي في الحديث [331]-، ثم قال ابن حجر: ((والإسنادان صحيحان، وأما ما رواه مالك في "الموطأ" عن عبد الله بن دينار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَنْ اعتمر في أشهر الحج - شوال، أو ذي القعدة، أو ذي الحجة - قبل الحج، فقد استمتع، فلعله - يعني: مالكًا - تجوَّز في إطلاق ذي الحجة؛ جمعًا بين الروايتين، والله أعلم)) . اهـ.
[330] هو من قول إسماعيل بن عياش، ومع ذلك فالراوي عنه شريك وتقدم في الحديث السابق أنه صدوق يخطئ كثيرًا، فالإسناد ضعيف لأجله.
(1) هو موسى بن عُقْبَةَ بن أبي عيّاش الَأسَدي مولى آل الزُّبير، روى عن أم خالد ولها صحبة وعن سالم وحمزة ابني عبد الله بن عمر والأعرج وأبي سلمة بن عبد الرحمن ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري والإمام مالك والسفيانان، وابن المبارك وإسماعيل بن عياش وغيرهم، وهو ثقة فقيه إمام في المغازي، روى له الجماعة، ووثقه مالك وأحمد وابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وقال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا كثير الحديث)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 163 - 165) ، و "التهذيب" (10 / 360 - 362 رقم 638) ، و "التقريب" (ص552 رقم 6992) .
قلت: وروى المفضل بن غسّان الغلاّبي عن ابن معين أنه قال: ((موسى بن عقبة =(3/787)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ثقة، يقولون روايته عن نافع فيها شيء)) ، قال المفضل: ((وسمعت ابن معين يضعف موسى بعض الضعف)) .
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (6 / 117) بعد أن حكى قول المفضل هذا: ((قد روى عباس الدوري وجماعة عن يحيى توثيقه، فَلْيُحْمَلْ هذا التضعيف على معنى: أنه ليس هو في القوة عن نافع كمالك ولا عبيد الله، وكذلك روى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الجنيد، عن يحيى بن معين قال: ليس موسى بن عقبة في نافع مثل عبيد الله بن عمر ومالك.
قال الذهبي: قلت: احتجّ الشيخان بموسى بن عقبة، عن نافع ولله الحمد. قلنا: ثقة وأوثقُ منه، فهذا من هذا الضرب)) . اهـ.
[331] سنده ضعيف، وهو صحيح لغيره.
أما هذا الإسناد فهو من رواية إسماعيل بن عياش، وتقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده والشام، مُخَلِّط في غيرهم ويدلِّس، ولم يصِّرح هنا بالسماع، وهذا الحديث من روايته عن غير أهل بلده، فموسى بن عقبة مدني كما في الموضع السابق من "السير" وغيره، لكن الحديث صح من غير طريقه.
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 524) هذا الحديث وعزاه للمصنِّف ووكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "سننه".
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 116 رقم 3532) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 276) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (4 / 342) في الحج، باب: بيان أشهر الحج، وأخرجه ابن حجر في "تغليق التعليق" (3 / 58 - 59) .
جميعهم من طريق عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نافع، به مثله، إلا أنهم زادوا ذكر الآية: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} . =(3/788)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (3 / 420) .
وأخرجه الشافعي في "الأم" (2 / 132) ، و "المسند" (1 / 286 - 287 رقم 749 / ترتيب) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 117 رقم 3536 و 3537) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 133 / ب) .
ثلاثتهم من طريق ابن جريج قال: قلت لنافع: أسمعت عبد الله بن عمر يسمي شهور الحج؟ فقال: نعم؛ كان يسمي شوالاً وذا القعدة وذا الحجة.
وقد رواه ابن جرير في الموضع الأول من طريق شيخه محمد بن بشّار، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابن جريج، به.
وهذا إسناد صحيح.
محمد بن بشّار بُنْدار تقدم في الحديث [83] أنه ثقة.
ويحيى بن سعيد القطّان في الحديث [1] أنه ثقة متقن حافظ إمام قدوة.
وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وكان يدلِّس، لكنه صرَّح بالسماع في هذه الرواية.
وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر" (1 / 524) وعزاه للشافعي في "الأم"، ولسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
ولم يخرج المصنف هذا الحديث هنا في التفسير بهذا اللفظ، فلعله أخرجه في كتاب: الحج، ولا يزال في عداد المفقود.
ولفظ ابن جريج هنا يخالف لفظ موسى بن عقبة وعبيد الله بن عمر، فإنهما قالا: ((وعشر من ذي الحجة)) ، وأما ابن جريج فقال: ((وذا الحجة)) .
وسبق مثل هذا في خلاف مالك لِوَرْقَاء عن عبد الله بن دينار في الحديث [329] ، وما ذكره ابن حجر في "الجمع بين الروايات" حيث قال: ((وأما ما رواه =(3/789)
332- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة، وهُشيم، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، والشَّعْبي، أَنَّهُمَا قَالَا: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحجة)) .
__________
= مالك في "الموطأ" عن عبد الله بن دينار، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: مَنْ اعتمر في أشهر الحج - شوال، أو ذي القعدة، أو ذي الحجة - قبل الحج فقد استمتع، فلعله - يعني: مالكًا - تجوَّز في إطلاق ذي الحجة؛ جمعًا بين الروايتين)) . اهـ.
قلت: وما يقال عن مالك يقال أيضًا عن ابن جريج، والله أعلم.
[332] سنده ضعيف، فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه كان يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 116 رقم 3531) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ والشعبي، مثله.
وأخرجه أيضًا برقم (3526) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ والشعبي مثله.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص63 رقم 85) عن مغيرة، عن إبراهيم وحده، به مثله.
ومن طريق سفيان أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص230 رقم 1501) .
وابن جرير برقم (3525 و 3527) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3527) من طريق إسرائيل، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثله.
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص101) من طريق أبي جعفر الرازي وورقاء، كلاهما عن مغيرة، عن إبراهيم وحده، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3528) من طريق جابر الجُعْفي، عن =(3/790)
333- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ ذَلِكَ.
334- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْب، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفل (2) ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوة بْنَ الزُّبير (3) يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} ، قَالَ: ((شَوَّالٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الحجة)) .
__________
= عامر الشعبي مثله.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا لشدة ضعف جابر بن يزيد الجعفي كما في ترجمته في الحديث [101] .
(1) هو ابن عبيد.
[333] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 116 رقم 3531) من طريق هشيم، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص229 رقم 1495) من طريق هشام بن حسان، عن الحسن، مثله.
(2) هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَل بن خُويلد بن أسَد بن عبد العُزَّى الأسَدي، أبو الأسْوَد المدني، يتيم عروة، روى عن عروة وعلي بن الحسين وسليمان بن يسار وسالم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وعكرمة وغيرهم، روى عنه الإمام مالك والليث بن سعد وبن لهيعة وعمرو بن الحارث وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه أبو حاتم والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ثقة)) ، وقال أحمد بن صالح: ((هو ثبت له شأن)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وثلاثين ومائة. اهـ.
من "الجرح والتعديل" (7 / 321 رقم 1735) ، و "التهذيب" (9 / 307 - 308 =(3/791)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} ]
335- - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، قَالَ: نَا العَلاء بْنُ المُسَيَّب، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ} - قال: ((فَرْضُ الحج: التَّلْبية)) .
__________
= رقم 506) ، و "التقريب" (ص493 رقم 6085) .
(3) تقدم في الحديث [69] أنه ثقة فقيه مشهور، وهو هنا يروي عن عمر بن الخطاب وروايته عنه مرسلة، نصّ على ذلك أبو زرعة وأبو حاتم. انظر: "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص149) ، و "جامع التحصيل" (ص289 رقم 515) .
[334] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عروة بن الزبير وعمر بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وقد أشار إلى ذلك البيهقي في "سننه" (4 / 342) في الحج، باب بيان أشهر الحج، حيث ذكر حديث ابن عمر المتقدم برقم [331] ، ثم قال: ((وروي في ذلك عن ابن عمر، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ الله عنه -، وعن عروة بن الزبير، عن عمر - رضي الله عنه - مرسلاً)) .
قلت: أخرج المصنف هنا رواية عروة عن عمر - رضي الله عنه -، ولم يخرج البيهقي شيئًا من هاتين الروايتين، ولم أجد من أخرج الحديث من طريق ابن عمر عن عمر، إلا أن يكون ابن المنذر في "تفسيره"، فإن السيوطي ذكر هذا الحديث في "الدر المنثور" (1 / 524) بمثل ما هنا، وعزاه للمصنف سعيد بن منصور وابن المنذر، ولم يذكر الراوي له عن عمر عند ابن المنذر، فالله أعلم.
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيم.
[335] سنده صحيح، وسيأتي بإسناد فيه ضعف برقم [337] من طريق حجّاج بن أَرْطَأَةْ، عن عطاء، مثله. =(3/792)
336- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجيح، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} - قَالَ: ((لَيْسَ فِي الْحَجِّ جِدَالٌ، وَلَا شَكٌّ، وَلَا نِسْيَانٌ (1) ، فِي الْحَجِّ، الْحَجُّ فِي ذِي الْحَجَّةِ)) .
__________
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص63 رقم 87) عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عطاء بن أبي رباح، قال: هي التلبية.
ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 121 - 122 رقم 3555) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص231 رقم 1507) من طريق محمد بن فضيل، عن العلاء، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا برقم (1506) من طريق ابن جريج، عن عطاء: {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ} قال: من أهلَّ فيهن بالحج.
ورواه ليث بن أبي سُلَيم، فخالف العلاء وابن جريج وحجاجًا، فرواه عن عطاء قال: الفرض الإحرام.
وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك.
ورواية ليث هذه أخرجها ابن جرير (4 / 123 رقم 3565) .
(1) كذا في الأصل: والنَّسْءُ: التأخير، ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نسأً، وأَنْسَأَهُ: أخّره كما في "لسان العرب" (1 / 166) .
والمقصود هنا نفي ما كانت العرب تفعله مما ذكره الله عنهم في قوله سبحانه: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللهُ} [التوبة: 37] ، والنَّسِيءُ: شهر كانت العرب تؤخره في الجاهلية، حتى كانوا يحجون في ذي الحجة عامين، وفي المحرم عامين، ثم حجوا في صفر، كما يتضح من الروايات الآتية في التخريج، وانظر: "لسان العرب" (1 / 167) . =(3/793)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= [336] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث [184] .
وقد روي عن مجاهد من خمسة طرق:
1- طريق ابن أبي نجيح، وله عنه ستة طرق:
أ- طريق سفيان بن عيينة الذي أخرجه المصنف هنا عنه.
وسفيان قد أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 530) .
ومن طريقه أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من المصنف (ص164 رقم 1084) ، بلفظ: قد صار الحج في ذي الحجة، لا تنهر سبًّا (كذا) ، ولا شك في الحج؛ لأن أهل الجاهلية كانوا يحطّون، فيحجون في غير ذي الحجة.
ب- طريق وَرْقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد قَالَ: الرَّفَثُ، الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} يقول: ليس هو شهر ينسأ، قد تبين الحج لا شك فيه، وذلك أنهم كانوا في الجاهلية يسقطون المحرم، ثم يقولون: صفر بصفر، ويسقطون شهر ربيع الأول، ثم يقولون: شهر ربيع بشهر ربيع.
أخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص102) من طريق إبراهيم بن الحسين الهمذاني، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء.
ومن طريق عبد الرحمن أخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 166) في الحج، باب من كره أن يقال للمحرَّم صفر، وأن النسيء من أمر الجاهلية.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 135 / أ) من طريق شبابه، عن ورقاء، به، وفيه زيادة.
جـ- طريق معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، قال: لا جدال فيه، قد بيَّن الله الحج، فليس فيه شك. =(3/794)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 77) بهذا اللفظ.
وأخرجه أيضًا (2 / 275 - 276) من نفس الطريق في تفسير قوله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكُفْرِ} قال مجاهد: فرض الله الحج في ذي الحجة، وكان المشركون يسمّون الأشهر: ذا الحجة، والمحرم، وصفر، وربيع، وربيع، وجمادى، وجمادى، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذا القعدة، وذا الحجة، ثم يحجون فيه مرة أخرى، ثم يسكتون عن المحرم، فلا يذكرونه، ثم يعدّون فيسمّون صفر صفر، ثم يسمون رجب جمادى الآخرة، ثم يسمون شعبان رمضان، ورمضان شوال، ثم يسمون ذا القعدة: شوالا، ثم يسمون ذا الحجة: ذا القعدة، ثم يسمون المحرم ذا الحجة، ثم يحجون فيه، واسمه عندهم: ذو الحجة، ثم عادوا كمثل هذه القصة، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين، حتى وافق حجة أبي بكر الآخرة من العامين في ذي القعدة، ثم حج النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حجته التي حج، فوافق ذا الحجة، فذلك حين يقول النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خطبته: ((إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 148 رقم 3715) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
د- طريق عيسى بن ميمون الجُرَشي، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: لا شهر يُنسأ، ولاشك في الحج، قد بُيِّن، كانوا يسقطون المحرم، ثم يقولون: صفران، لصفر وشهر ربيع الأول، ثم يقولون: شهرا ربيع، لشهر ربيع الآخر وجمادى الأولى، ثم يقولون: جماديات، لجمادى الآخرة ولرجب، ثم يقولون لشعبان: رجب، ثم يقولون لرمضان: شعبان، ثم يقولون لشوال: رمضان، ويقولون لذي القعدة: شوال، ثم يقولون لذي الحجة: ذا القعدة، ثم يقولون للمحرَّم: ذا الحجة، فيحجون في المحرم، ثم يأتنفون، فيحسبون على ذلك عدةً مستقبلة على وجه ما ابتدأوا، فيقولون: المحرم وصفر وشهرا ربيع، فيحجون في المحرم ليحجوا في كل سنة مرتين، فيسقطون شهرًا آخر فيعدّون. =(3/795)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= على العدّة الأولى، فيقولون: صفران وشهرا ربيع، نحو عدتهم في أول ما أسقطوا.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 147 رقم 3705) .
هـ- طريق شِبْل، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه.
أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3706 و 3710) .
و طريق أبي بشر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: لا شبهة في الحج، قد بيَّن الله أمر الحج.
أخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3708) .
2- طريق عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: قد استقام أمر الحج.
أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص165 رقم 1092) من طريق سفيان الثوري، عن عبد العزيز بهذا اللفظ.
وأخرجه ابن جرير (4 / 146 رقم 3704) من طريق سفيان الثوري أيضًا، به وزاد: (ولا جدال فيه) .
3- طريق الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: قد عُلم وقت الحج، فلا جدال فيه ولا شك.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 148 رقم 3711 و 3712) واللفظ له في الموضع الأول وأخرجه ابن أبي حاتم (1 / ل 135 / أ) بنحوه.
4- طريق سالم، عن مجاهد: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: لا شك في الحج.
أخرجه ابن جرير برقم (3713) .
5- طريق منصور بن المعتمر، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} قال: بيَّن الله أمر الحج ومعالمه، فليس فيه كلام.
أخرجه ابن جرير برقم (3716) .
وقد رجح ابن جرير هذا الذي ذهب إليه مجاهد وغيره في معنى قوله تعالى: =(3/796)
337- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا حجَّاج، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: ((فَرْضُ الْحَجِّ: التَّلْبِيَةُ)) .
338- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ ابْنِ طاوُس (1) ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، عَنْ قَوْلِهِ عز وجل: {فَلَا رَفَثَ} ، قال: ((الرَّفَثُ الذي ذُكر ها هنا لَيْسَ الرَّفَثَ الَّذِي ذَكَرْتُمْ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} ، وَهِيَ العِرَابة (2) - بِكَلَامِ الْعَرَبِ - والتَّعْريض بذكر النكاح)) .
__________
= {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} ، فقال: في "تفسيره" (4 / 148 - 149) :
((وأولى هذه الأقوال فِي قَوْلِهِ: {وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} بالصواب، قول من قال: معنى ذلك: قد بطل الجدال في الحج ووقته، واستقام أمره ووقته على وقت واحد، ومناسك متفقة غير مختلفة، ولا تنازع فيه ولا مراء؛ وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر أن وقت الحج أشهر معلومات، ثم نفى عن وقته والاختلاف الذي كانت الجاهلية في شركها تختلف فيه)) . اهـ.
[337] سنده ضعيف؛ حجّاج بن أَرْطَأَة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالسماع هنا.
وقد صح الحديث من غير طريقه، فانظر ما تقدم برقم [335] .
(1) هو عبد الله بن طاوس بن كيسان اليماني.
(2) العِرَابةُ - بكسر العين وفتحها -: الإفحاش بالقول، والإيضاح والتصريح بالهُجْر من الكلام. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 201) .
[338] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 125 و 128 رقم 3571 و 3586) . =(3/797)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي حاتم (1 / ل 134 / أ) .
كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 129 رقم 3592) من طريق عبد الرزاق، عن معمر وابن جريج، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عن ابن عباس قال: الرفث في الصيام الجماع، والرفث في الحج الإعرابة، وكان يقول: الدخول والمسيس: الجماع.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب: لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج، من طريق علي بن عاصم، عن عبد الله بن طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عباس - في قوله: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} - قال الرفث: التعرض للنساء بالجماع، والفسوق: عصيان الله، والجدال: جدال الناس.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (11 / 22 رقم 10914) فقال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا سوار بن محمد بن قريش العنبري البصري، ثنا يزيد بن زريع، ثنا روح بن القاسم، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما - قال: قال رسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - فِي قول الله عز وجل: {فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الحَجِّ} - قال: ((الرفث: الإعرابة والتعرض للنساء بالجماع، والفسوق: المعاصي كلها، والجدال: جدال الرجل صاحبه)) .
كذا رواه شيخ الطبراني عن شيخه مرفوعًا، ولا يصح.
فالثقات رووه موقوفًا على ابن عباس.
ومع ذلك ففي شيخ الطبراني يحيى بن عثمان، وشيخه سوار بن محمد كلام، يقول الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 318) : ((رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح، عن سوّار بن محمد بن قريش، وكلاهما فيه لين، وقد وُثِّقا ورجاله رجال الصحيح)) .
ورواه ابن جريج، عن أبي الزبير، قال: سمعت طاوسًا يقول: سمعت ابن الزبير =(3/798)
339- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ خُصيف، عَنْ مِقْسَم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المِرَاء)) .
__________
= يقول: لا يحل للحرام الإعراب، قال: قلت لابن عباس: ما الإعراب؟ قال: التعريض - يعني بالجماع -.
أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
وأخرجه ابن جرير (4 / 127 رقم 3581) ، لكن وقع عنده هكذا: ( ... ابن جريج، قال: أخبرنا ابن الزبير السبائي وعطاء، أنه سمع طاوسًا ... ) فذكره وهو تصحيف ولابُدَّ، وقد قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على هذا الخبر: ((ابن الزبير السبائي: هكذا ثبت في المطبوعة؛ ولا أدري ما هذا؟ ولا من هو؟ ولولا كلمة: (السبائي) ، لظننا أنه أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي المكي التابعي المشهور، فإنه من هذه الطبقة)) . اهـ. والله أعلم.
[339] سنده ضعيف؛ خُصيف تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنِّف ووكيع وسفيان بن عيينة والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "السنن".
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" في القسم الأول من الجزء الرابع (ص164 رقم 1083) .
وأبو يعلى في "مسنده" (5 / 98 - 99 رقم 2709) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 129 و 135 و 141 رقم 3593 و 3631 و 3672) .
ثلاثتهم من طريق سفيان بن عيينة، به، ولفظ أبي يعلى مثله، ولفظ ابن أبي شيبه نحوه، وأما ابن جرير فلفظه نحوه، إلا أنه فرّقه في المواضع الثلاثة.
وأخرجه ابن جرير (4 / 129 و 139 و 144 رقم 3594 و 3665 و 3693) . =(3/799)
340- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المِرَاء في الحجّ حتى يَغْضَبُوا)) .
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 134 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب: لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج.
أما ابن جرير فمن طريق عبد الرزاق، وأما البيهقي فمن طريق أبي عامر العَقَدي، كلاهما عن سفيان الثوري، عن خصيف، به، ولفظ البيهقي: ((الرفث: الجماع، والفسوق: السباب، والجدال: أن تماري صاحبك حتى تغضبه)) ، ومثله لفظ ابن جرير، إلا أنه فرّقه في المواضع الثلاثة.
وأما ابن حاتم فرواه من طريق وكيع، عن سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عباس: {وَلَا فُسُوقَ} قال: الفسوق المعاصي.
قال ابن أبي حاتم: ((وروى عن حصين بن حفص ومؤمل بن إسماعيل عن الثوري، عن خصيف هذا الحديث، فقالا: الفسوق: السباب)) .
ثم رواه ابن أبي حاتم أيضًا من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابن عباس قال: والجدال أن تماري صاحبك حتى تغضبه.
وأخرجه ابن جرير (4 / 130 رقم 3595) من طريق شريك، عن خصيف به بلفظ: ((الرفث: إتيان النساء)) .
[340] سنده صحيح، وعبد الملك هو ابن أبي سليمان، وعطاء هو ابن أبي رباح. وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 132 - 133 و 137 رقم 3622 و 3649) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه لم يذكر الجدال.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع (ص165 رقم 1091) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 131 و 135 و 141 رقم 3605 و 3632 و 3673) . =(3/800)
341- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، أنا حَجَّاجٌ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ.
__________
= أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن نمير، وأما ابن جرير فمن طريق زكريا بن أبي زائدة، كلاهما عن عبد الملك، به نحوه، إلا أن ابن جرير فرّقه في المواضع الثلاثة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 132 و 136 و 143 رقم 3617 و 3647 و 3687) ، من طريق حجاج بن أرطأة، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، به نحوه مفرقًا في المواضع الثلاثة.
وأخرجه أيضًا برقم (3682) من طريق واقد الخُلْقَاني عن عطاء، بذكر الجدال فقط.
وأخرجه أيضًا (4 / 127 و 135 و 144 رقم 3566 و 3578 و 3579 و 3633 و 3634 و 3691) من طريق ابن جريج، عن عطاء به نحوه مفرقًا، إلا أن لفظه الأول قال فيه: ((الرفث: الجماع ومادونه من قول الفحش)) .
[341] سنده ضعيف؛ حجاج بن أرطأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، وأخشى أن يكون حجاج أخطأ في هذا الحديث؛ فرواه عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مع أن عبد الملك بن سليمان رواه في الحديث الماضي، عن عطاء من قوله: ليس فيه ذكر لابن عباس.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنف ووكيع وسفيان ابن عيينة والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه"، وذكر أنهم أخرجوه من طرق، وتقدم في الحديث [339] من طريق خُصيف، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عباس مثل ذلك، وهو ضعيف لضعف خُصيف من قبل حفظه، وقد يكون حسنًا لغيره بهذا الطريق الذي رواه حجّاج، لكن أخشى أن يكون صوابه: عن عطاء من قوله كما وراه عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ في الحديث السابق. =(3/801)
342- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) .
343- وَأَنَا (3) مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَا (4) : ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المِرَاء)) .
__________
= وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 132 - 233 و 137 و 148 رقم 3622 و 3649 و 3714) من طريق هشيم، به مثله، إلا أنه قال: ((المراء بالحج)) .
(1) هو: ابن عبيد.
(2) سيأتي متن هذا الخبر في الحديث بعده، وهو قوله: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: الْمَعَاصِي، وَالْجِدَالُ: المراء)) .
[342] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 133 و 138 - 139 رقم 3623 و 3664) من طريق هشيم، به وفرّقه في موضعين، ولفظ الموضع الأول: ((الرفث: الجماع)) ، ولفظ الموضع الثاني: ((الفسوق: السباب)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص165 رقم 1089) من طريق عبد الأعلى، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ((الرفث: الغشيان، والفسوق: السباب، والجدال: الاختلاف في الحج)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 131 و 135 و 142 رقم 3602 و 3635 و 3677) من طريق عَوف الَأعْرابي، عن الحسن في قوله: {فَلَا رَفَثَ} ، قال الرفث: غشيان النساء، وفي قوله: {وَلَا فُسُوقَ} ، قال: الفسوق: المعاصي، وقال: الجدال: المراء.
وقد رواه ابن جرير مفرقًا في ثلاث مواضع، وهذا مجمل لفظه.
(3) القائل ذلك هو هشيم كما يتضح من الحديث السابق.
(4) أي الحسن البصري وإبراهيم النخعي.
[343] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، لكنه لم ينفرد =(3/802)
344- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ((الرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، وَالْفُسُوقُ: مَعَاصِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالْجِدَالُ: الخصومة والمِرَاء)) .
__________
= به، فالخبر صحيح لغيره كما سيأتي.
فقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 133 و 138 - 139 رقم 3623 و 3664) من طريق هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قال: الرفث الجماع، وقال: الفسوق السباب.
وابن جرير فرّقه في الموضعين، وقرنه برواية الحسن البصري السابقة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص164 رقم 1086) من طريق محمد بن فضيل، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: الرفث إتيان النساء، والفسوق السباب، والجدال أن تماري صاحبك.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 132 و 136 و 143 رقم 3616 و 3646 و 3686) من طريق شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثل لفظ المصنِّف سعيد بن منصور.
وأخرجه أيضًا (4 / 138 و 143 رقم 3662 و 3684) من طريق خالد الطحان، عن مغيرة، عن إبراهيم، به مفرقًا في موضعين بلفظ: الفسوق السباب، و: الجدال المراء.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 133 و 139 رقم 3630 و 3667) من طريق جرير، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، به مفرقًا في الموضعين بلفظ: الرفث الجماع، و: الفسوق السباب.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص63 رقم 89) عن منصور، عن إبراهيم: {وَلَا جِدَالَ} ، قال: لا مراء.
وسنده صحيح.
ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير (4 / 144 رقم 3694) .
[344] سنده ضعيف لضعف رواية إسماعيل بن عياش عن غير أهل بلده الشام، وهذا =(3/803)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من روايته عن موسى بن عقبة وهو مدني، وسبق ذكر ذلك في الحديث [331] ، فهو بنفس هذا الإسناد.
لكن الحديث صحّ من غير طريقه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 528) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم والبيهقي.
وللحديث عن ابن عمر ثلاثة طرق:
1- طريق نافع، وله عنه ثلاثة طرق أيضًا:
أ- طريق موسى بن عقبة الذي أخرجه المصنف هنا.
ب- طريق يونس بن يزيد.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 126 و 137 - 138 و 145 رقم 3575 و 3655 و 3697) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 134 / أوب) .
كلاهما من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ يونس بن يزيد، عن نافع، أن عبد الله بن عمر كان يقول: الرفث: إتيان النساء، والتكلم بذلك للرجال والنساء، إذا ذكروا ذلك بأفواههم، والفسوق: إتيان معاصي الله في الحرم، والجدال في الحج: السباب والمراء والخصومات.
هذا مجمل لفظ الحديث، وقد فرقه ابن جرير وابن أبي حاتم في ثلاثة مواضع.
وسنده صحيح رجاله ثقات تقدموا، عدا شيخ ابن جرير وابن أبي حاتم: يونس ابن عبد الأعلى بن مَيْسرة الصَّدَفي، أبو موسى المصري، روى عن سفيان بن عيينة والوليد بن مسلم وعبد الله بن وهب وغيرهم، روى عنه هنا محمد بن جرير الطبري وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وروى عنه أيضًا مسلم والنسائي وابن ماجه وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، وهو ثقة؛ قال ابن أبي حاتم: ((سمعت أبي يوثق يونس بن عبد الأعلى ويرفع من شأنه)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وقال: يحيى بن حسان: ((يونسكم هذا من أركان الإسلام)) ، وقال أبو عمر الكندي: ((كان فقيرًا =(3/804)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= شديد التقشُّف، مقبولاً عند القضاة، يستسقى بدعائه)) ، وكانت ولادته سنة سبعين ومائة، ووفاته سنة أربع وستين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 243 رقم 1022) ، و "التهذيب" (11 / 440 - 441 رقم 853) ، و "التقريب" (ص613 رقم 7907) .
جـ- طريق محمد بن إسحاق، عن نافع.
أخرجه ابن جرير (4 / 132 و 138 و 145 رقم 3618 و 3656 و 3698) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 276) .
ومن طريقه البيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج.
أما ابن جرير فرواه مفرقًا في المواضع الثلاثة من طريق عبد الله بن المبارك، وأما الحاكم فمن طريق يعلى بن عبيد، كلاهما عن محمد بن إسحاق، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: الرفث الجماع، والفسوق ما أصيب من معاصي الله من صيد أو غيره، والجدال السباب والمنازعة.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه)) ، وأقره الذهبي.
وفي سنده محمد بن إسحاق وتقدم في الحديث [58] أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا.
2- طريق مجاهد، عن ابن عمر.
أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص166 رقم 1095) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 138 رقم 3657) .
كلاهما من طريق شَرِيكٌ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قال: الرفث الجماع، والفسوق السباب، والجدال المراء؛ أن تماري صاحبك حتى تغضبه.
هذا لفظ ابن أبي شيبة، وأما ابن جرير؛ فإنما روى منه قوله: ((الفسوق السباب)) .(3/805)
345- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ (1) ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا عَوْف (2) ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصين (3) ، عَنْ أَبِيهِ (4) ، قَالَ: نَزَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَجَعَلَ يَسُوقُهَا، وَهُوَ يَرْتَجز وَيَقُولُ:
((وَهُنَّ يَمْشينَ بِنَا هَمِيسَا (5) ... إِنْ تَصْدُقِ الطَّيْرُ نَنِكْ لَمِيسا (6)
ذَكَرَ الْجِمَاعَ، وَلَمْ يُكَنِّ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، تَقُولُ الرَّفَثَ وَأَنْتَ مُحْرِمٌ؟! قَالَ: الرَّفَثُ مَا رُوجع به النساء (7)) ) .
__________
= وسنده ضعيف لضعف شريك وإبراهيم بن مهاجر من قبل حفظهما، وتقدم الكلام عن هذا الإسناد في الحديث [329] .
3- طريق ثُوَيْر بن أبي فَاخِتة، عن ابن عمر.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 133 و 138 رقم 3626 و 3659) من طريق إسرائيل، عنه، عن ابن عمر مفرَّقًا في الموضعين، بلفظ: الرفث الجماع، و: الفسوق السباب.
وبمجموع هذه الطرق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) هذا الحديث والأحاديث قبله من رقم [328] حَقَّها التقديم بعد الحديث رقم [320] ، وإنما أَخَّرْتُها مراعاة لترتيب الآيات، وانظر التعليق رقم (1) على الحديث رقم [320] ، والتعليق رقم (3) على الحديث رقم [321] .
(2) هو عوف بن أبي جَميلة الأعرابي، العَبْدي، أبو سهل البصري، روى عن أبي رجاء العطاردي وأبي عثمان النهدي وأبي العالية والحسن البصري ومحمد بن سيرين وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وابن المبارك ويحيى القطان وهشيم بن بشير وغيرهم، وهو ثقة رمي بالقدر وبالتشيع، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة صالح الحديث)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وقال أبو حاتم: ((صدوق صالح الحديث)) ، وقال محمد بن عبد الله الأنصاري: رأيت داود بن أبي هند يضرب عوفًا ويقول: ويلك يا قدري! وقال ابن المبارك: ((ما رضي عوف ببدعة حتى كانت فيه =(3/806)
= بدعتان، قدري شيعي)) ، وقال بندار: ((كان قدريًا رافضيًا)) ، وكانت وفاته سنة سبع وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 15 رقم 71) ، و "سير أعلام النبلاء" (6 / 383 - 384) ، و "ميزان الاعتدال" (3 / 305 رقم 6530) ، و "التهذيب" (8 / 166 - 167 رقم 301) ، و "التقريب" (ص433 رقم 5215) .
(3) هو زياد بن حُصين بن قيس الرِّياحي، أبو جَهْمَةَ البصري، روى عن أبيه وابن عباس وابن عمر وأبي العالية، روى عنه الأعمش وعاصم الأحول وعوف الأعرابي وغيرهم، وهو ثقة يرسل، من الطبقة الرابعة، روى له مسلم، ووثقه العجلي وذكره ابن حبان في "الثقات". "تاريخ الثقات" للعجلي (ص167 رقم 467) ، و "الثقات" لابن حبان (6 / 319) ، و "التهذيب" (3 / 363 - 364 رقم 667) ، و "التقريب" (ص219 رقم 2069) .
(4) هو حصين بن قيس الرِّياحي والد زياد، مجهول؛ ذكره البخاري في "تاريخه" (3 / 3 رقم 7) وسكت عنه، وذكره ابن أبي حاتم (3 / 195 رقم 846) وبيض له وقال: ((روى عنه ابنه زياد، ولا أعلم أحدًا روى عنه غيره، سمعت أبي يقول ذلك)) .
(5) هو صوت نقل أخفاف الإبل. انظر: "لسان العرب" (6 / 250) .
(6) لَمِيسُ: اسم امرأة، ويقال للمرأة اللينة المَلْمَس: اللَّمِيس. انظر: "لسان العرب" (6 / 209 - 210) .
ولم أعرف قائل هذا البيت، وكذا قال الشيخ أحمد أو محمود شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري" (4 / 126) .
(7) قال في "النهاية في غريب الحديث" (2 / 241) : ((كأنه يرى الرفث الذي نهى الله عنه: ما خوطبت به المرأة، فأما ما يقوله ولم تسمعه امرأة فغير داخل فيه.
وقال الأزهري: الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من المرأة)) .
وأما قوله: ((إن تصدق الطير)) ، فيريد به: أنه زَجَر الطير، فَتَيامَنَ بِمَرِّها، ودلَّته =(3/807)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= على قرب اجتماعه بأصحابه وأهله، كذا قال الشيخ أحمد أو محمود شاكر في الموضع السابق من "تفسير الطبري".
[345] سنده ضعيف لجهالة حصين بن قيس، وقد خالف عوفًا الأعمش وفِطْر بن خليفة، فروياه عن زياد، عن أبي العالية، عن ابن عباس، وهو الصواب كما سيأتي وهو بمجموع طرقه حسن لغيره.
وقد ذكر السيوطي هذا الحديث من "الدر" (1 / 528) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي، وذكره من رواية أبي العالية عن ابن عباس، مع أنه عند المصنف من رواية حصين عن ابن عباس.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (5 / 67) في الحج، باب: لا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ في الحج، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((وهو يقول)) ، وعنده: ((نفعل)) بدلاً من قوله: ((ننك)) .
وأخرجه البخاري في "تاريخه" (3 / 3) من طريق معتمر، عن عوف، مشيرًا إلى متنه، فقال: ((حصين بن قيس الرِّياحي عن ابن عباس قوله، قاله معتمر، عن عَوْفٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عن أبيه)) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 126 رقم 3573) من طريق محمد بن أبي عدي، عن عوف، به نحوه، لكن تصحف اسم عوف إلى: عون.
فجميع هؤلاء - هشيم، ومعتمر، وابن أبي عدي - اتفقوا على روايته عن عوف، عن زياد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وخالفهم إسحاق بن يوسف الأزرق، فرواه عن عَوْفٌ، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عن أبي العالية، عن ابن عباس بنحوه.
أخرجه ابن جرير (4 / 130 رقم 3599) .
ورواية هشيم ومعتمر وابن أبي عدي أرجح من رواية إسحاق الأزرق، فهم أكثر عددًا منه، وإن كانت روايته توافق رواية الأعمش وفطر عن زياد.
فقد أخرجه ابن جرير (4 / 127 و 130 رقم 3580 و 3598) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 276) .
ومن طريق البيهقي في الموضع السابق.
أما ابن جرير فمن طريق جرير وشريك، وأما الحاكم فمن طريق جرير وحده، =(3/808)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كلاهما عن الأعمش، عَنْ زِيَادِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ أبي العالية، قال: سمعت ابن عباس ... ، فذكره بنحوه.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي، وفي سنده الأعمش، وتقدم في الحديث [3] أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، وليس هذا الموضع مما تُحتمل فيه عنعنته، وهو في الضبط والإتقان أحسن من عوفٍ، وقد خالفه في إسناده، وتابعه فطر بن خليفة كما سيأتي، فإما أن يكون لزياد في الحديث إسنادان، فحدث به عوفًا عن أبيه حصين وحدث به الأعمش وفطرًا، عن أبي العالية، وإلا فرواية الأعمش وفطر أرجح من رواية عوف.
أما رواية فطر، فأخرجها ابن عبد البر في "التمهيد" (19 / 54) ، فقال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن عبد الملك، أن أبا محمد عبد الله بن مسرور [في الأصل: مسروق] حدثهم، قال: حدثنا عيسى بن مسكين، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سنجر الجرجاني، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا فطر، قال: حدثني زياد بن الحصين، عن رفيع أبي العالية، قال: خرجنا مع ابن عباس حُجَّاجًا، فأحرم، فأحرمنا، ثم نزل يسوق الإبل وهو يرتجز ويقول:
وَهُنَّ يَمْشِينَ بِنَا هَمِيسَا ... ... إِنْ تصدق الطير تجامع لمسا
قلت: يا أبا عباس، ألست محرمًا؟ قال: بلى، قلت: فهذا الكلام الذي تكلم به؟ قال: إنه لا يكون الرفث إلا ما واجهت به النساء، وليس معي نساء. اهـ.
وفيما يلي بيان لحال رجال هذا الإسناد:
أبو العالية رُفَيْع بن مهران تقدم في الحديث [227] أنه ثقة.
وزياد بن الحصين تقدم أنه ثقة.
وفِطْر بن خليفة تقدم في الحديث [323] أنه صدوق.
وأبو نعيم الفضل بن دُكَين ثقة ثبت كما في الحديث [679] .
والراوي عن أبي نعيم هو الحافظ الكبير أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الله بن سنجر الجُرجاني، روى عن يزيد بن هارون وأسد بن موسى والحميدي وأبي نعيم وغيرهم، =(3/809)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= روى عنه عيسى بن مسكين وأحمد بن عمرو بن منصور وإبراهيم بن محمد بن الضحاك وغيرهم، وهو ثقة، وقال ابن أبي حاتم: ((ثقة)) ، وكانت وفاته سنة ثمان وخمسين ومائتين. اهـ. من "تذكرة الحفاظ" للذهبي (2 / 578 - 579 رقم 602) .
والراوي عن ابن سنجر هو: عيسى بن مسكين بن منصور بن جريج بن محمد، أبو محمد الإفريقي، شيخ المالكية بالمغرب، سمع من سحنون وابنه جميع كتبه، وسمع بالشام من أبي جعفر الَأيْلي، وسمع بمصر من الحارث بن مسكين ومحمد بن عبد الحكم ومحمد بن سنجر وغيرهم، روى عنه عبد الله بن مسرور وحمدون بن مجاهد وليث بن محمد السوسي وغيرهم، وكان ثقةً، وَرِعًا، عابدًا، مجابَ الدعوة، ولي القضاء مكرهًا، وله تصانيف، وكانت وفاته سنة خمس وتسعين ومائتين. انظر ترجمته مُطَوَّلة في "ترتيب المدارك" للقاضي عياض (4 / 331 - 351) ، وانظر: "سير أعلام النبلاء" (3 / 573) .
والراوي عن عيسى هو: شيخ المالكية بالقيْروان، أبو محمد عبد الله بن أبي هاشم مَسْرور، التُّجَيْبي، مولاهم، الإفريقي، المعروف بابن الحَجَّام، وهو إمام كبير شهير، روى عن عيسى بن مسكين وابن الأعرابي وحمديس القطان وغيرهم، روى عنه أبو محمد بن أبي زيد والقابسي ومحمد بن إدريس وغيرهم. انظر ترجمته في: "ترتيب المدارك" (5 / 330 - 333) ، و "سير أعلام النبلاء" (15 / 505 - 506) .
وقد تصحّف اسم هذا الراوي في "التمهيد" المطبوع هكذا: ((عبد الله بن مسروق)) .
والراوي عن ابن مسرور هو:
الشيخ المُحَدِّث المُعَمَّر أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عبد الملك بن ضَيْفُون اللَّخْمي، القُرطبي، الحدَّاد، روى عن عبد الله بن يونس القَبْري وقاسم بن أصبغ وأبي سعيد بن الأعرابي وعبد الله بن محمد بن مسرور وغيرهم، روى عنه ابن عبد البرّ وغيره، وُلد سنة اثنتين وثلاثمائة، وحجّ سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة، وشهد ردّ الحجر =(3/810)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} ]
346- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: ((كَانَ ناسٌ يَحُجُّون، وَلَا يَتَزَوَّدُون، وَيَقُولُونَ: نَتَوَكَّلُ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ رَازِقُنا، فَنَزَلَتْ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} )) .
__________
= الأسود إلى مكانه في ذلك العام، قال ابن الفَرَضي: ((وكان رجلاً صالحًا، أحد العدول، حَدَّث، وكتب الناس عنه، وعَلَت سنُّه، فاضطرب في أشياء قُرئت عليه وليست مما سمع، ولا كان من أهل الضبَّط ... ، وتوفي رحمه الله ليلة السبت لثمان بقين من شوال سنة أربع وتسعين وثلاثمائة ودفن بمقبرة الرَّصافة)) . اهـ. من "تاريخ علماء الأندلس" (2 / 108 - 109) ، و"سير أعلام النبلاء" (17 / 56) .
وبهذا يتضح أنه ليس لهذا الإسناد عِلَّة سوى ما قبل عن شيخ ابن عبد البر من اختلال ضبطه بعدما كبر، فيعتضد الحديث بطريق الأعمش السابق، وبالطريق الآتي.
فقد أخرجه ابن جرير (4 / 126 رقم 3574) من طريق شعبة، عن قتادة، عن رجل، عن أبي العالية، به نحوه.
وهذا ضعيف لجهالة عين شيخ قتادة.
والحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، والله أعلم.
[346] سنده ضعيف لإرساله، ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، ولا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، لكن سبب النزول هذا صحيح من غير طريق إبراهيم كما سيأتي في الحديث بعده رقم [347] .
وهذا الأثر أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 175 - 158 رقم3737) من طريق ابن أبي عدي، عن هشيم، به نحوه. =(3/811)
347- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: ((كَانَ نَاسٌ يَحُجُّون بِغَيْرِ زَادٍ، فَنَزَلَتْ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} )) .
__________
= وأخرجه الخلال في الحث على التجارة (ص147 رقم 102) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، قال: كان ناس من العرب إذا حجوا فبلغوا ثَنِيّة - أو عقبة -، لم يتزودوا، وتركوا الزاد، وقالوا: نتوكل، فأُمروا أن يتزودوا.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" أيضًا (4 / 160 رقم 3755) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} قال: كان الناس يتزودون إلى عُقْبة، فإذا انتهوا إلى تلك العقبة توكلوا ولم يتزودوا.
وسبب النزول هذا صحيح لغيره كما سيأتي في الحديث بعده.
[347] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وعزاه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (3 / 384) للمصنِّف.
وفي "تغليق التعليق" (3 / 46) قال ابن حجر: ((وقال سعيد بن منصور في "السنن": ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ ... ، به مرسلاً)) .
ويعني بقوله: ((به)) ، أي: بما أخرجه البخاري عن ابن عباس بنحو ما هنا كما سيأتي.
وهذا الحديث يرويه عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ.
واختلف فيه على عمرو.
فرواه سفيان بن عيينة - على الصحيح -، عن عمرو، عن عكرمة مرسلاً. وخالفه وَرْقاء، فرواه عن عمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ موصولاً.
أما ابن عيينة فأخرجه المصنف هنا عنه.
وتابع المصنف على روايته على هذا الوجه عبد الرزاق، ووكيع، وعمرو بن علي الفلاّس، ومحمد بن عبد الله المقرئ. =(3/812)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أما عبد الرزاق فأخرجه في "تفسيره" (1 / 77) عن ابن عيينة، بنحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه أبو بكر الخلاّل في الحثّ على التجارة (ص146 رقم 101) عن الإمام أحمد، عن عبد الرزاق.
وأما وكيع، فأخرجه من طريقه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص261 رقم 1819) بنحوه.
وأما أبو عمرو بن علي الفلاّس فأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 157 رقم 3733) عنه بنحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 161 رقم 3759) إلا أن اسم شيخه وقع هنا: ((عمرو بن عبد الحميد الآملي)) ، وقال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه: ((شيخ الطبري لم أعرف من هو؟ ولم أجد له ترجمة، ولعله مُحَرَّف عن شيء لا أعرفه)) . اهـ.
قلت: الذي يظهر أنه محرف عن: ((عمر بن علي)) ، وهو الفلاس؛ فإن ابن حجر ذكر في الموضع السابق أن ابن جرير أخرجه من طريقه، ولم يذكر عنه طريقًا آخر.
وأما محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ فأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / 135 / ب) عنه بنحوه.
وعلّقه البخاري في "صحيحه" (3 / 384) في الحج، باب: قول الله تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} ، فقال: ((رواه ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة مرسلاً)) .
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 531) أنه رواه سفيان بن عيينة وابن أبي شيبة.
وخالف هؤلاء جميعًا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، فرواه عن سفيان بن عيينة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس موصولاً، بنحوه.
أخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 245 رقم 53) عن سعيد المخزمي هذا. =(3/813)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الحافظ ابن حجر في "تغليق التعليق" (3 / 45 - 46) من طريق أبي بكر الإسماعيلي، ثنا يحيى بن صاعد، ثنا سعيد بن عبد الرحمن ... ، فذكره.
لكن الاختلاف إنما هو من المخزومي، فإن يحيى بن صاعد بعد أن رواه قال: ((هكذا حدثنا - أي: المخزومي - به في المناسك.
وحدثنا به في حديث عمرو، فلم يجاوز به عكرمة مرسلاً)) .
وذكر الحافظ في "الفتح" (3 / 384) أيضًا هذه العبارة، ثم قال: ((والمحفوظ عن ابن عيينة ليس فيه ابن عباس)) . اهـ.
وأما وَرْقاء، فروايته أخرجها البخاري في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (1523) .
ومن طريق البخاري أخرجه الواحدي في "أسباب النزول" (ص55) ، وفي "الوسيط" (1 / 294) .
وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 349 رقم 1730) في المناسك، باب التزود في الحج.
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 156 رقم 3730) .
والخلال في "الحث على التجارة" (ص147 رقم 103) .
ومن طريقه ابن الجوزي في "تلبيس إبليس" (ص339) .
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" كما في "الإحسان" (6 / 409 رقم 2691) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 332) في الحج، باب من اختار الركوب.
وفي "شعب الإيمان" (3 / 397 رقم 1153) .
جميعهم من طريق شبابة، عن ورقاء، عن عمرو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال - واللفظ للبخاري -: كان أهل اليمن يحجُّون ولا يتزوّدون ويقولون: نحن المتوكِّلون، فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تَعَالَى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} .
أخرجه الحاكم في "تاريخه" كما في "فتح الباري" (3 / 384) من طريق =(3/814)
348- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ (عَطَاءٍ) (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: ((الكَعْكُ والسَّوِيق (2)) ) .
__________
= الفرات بن خالد، عن سفيان، عن ورقاء موصولاً.
قال ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 135 / ب) بعد أن روى الحديث من طريق سفيان بن عيينة مرسلاً، قال: ((روى هذا الحديث ورقاء، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس، وما يرويه ابن عيينة أصح)) . اهـ، وهذا اجتهاد من ابن أبي حاتم، وخالفه البخاري فصحح رواية ورقاء، وأشار لرواية ابن عيينة كما سبق؛ على اعتبار أنها زيادة ثقة، وزيادة الثقة مقبولة، والله أعلم.
(1) في الأصل: ((عطية)) وهو خطأ صوابه ما هو مثبت من مصادر ترجمته الآتية.
وهو عبد الملك بن عطاء بن أبي عطاء البَكَّائي، العَامِري، خَتَن الشعبي، الكوفي، روى عن الشعبي ويزيد بن الَأَصَمّ، وعنه ابن عيينة ووكيع، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وابن نُمير، وذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "التاريخ الكبير" للبخاري (5 / 426 رقم 1384) ، و "الجرح والتعديل" (5 / 361 رقم 1702) ، و "الثقات" لابن حبان (7 / 106) .
(2) يعني ما يتزوّدون به.
[348] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 532) ، وعزاه لوكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، بلفظ: الطعام، التمر والسويق.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 78) عن ابن عيينة، به بلفظ: هو التمر والسويق.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 175 رقم 3735) .
والخَلاَّل في "الحثّ على التجارة" (ص145 رقم 98) بلفظ: هو الكعك والتمر.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (4 / 175 رقم 3734) من طريق عمرو بن علي =(3/815)
349- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوْقَةَ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، - فِي قَوْلِهِ عز وجل: {وَتَزَوَّدُوا} -، قال: ((الكعك والزيت)) .
__________
= الفلاّس بمثل لفظ عبد الرزاق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص261 رقم 1720) .
وابن جرير أيضًا (4 / 160 رقم 3753) كلاهما من طريق وكيع، عن عبد الملك، قال: سمعت الشعبي يقول في قوله: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} قال: هو الطعام، وكان يومئذ الطعام قليلاً: قال: قلت: ما الطعام؟ قال: التمر والسويق. اهـ. واللفظ لابن جرير.
(1) هو محمد بن سُوْقَةَ - بضم المهملة -، الغَنَوي - بفتح المعجمة والنون الخفيفة -، أبو بكر الكوفي، العابد، روى عن أنس وسعيد بن جبير وأبي صالح السَّمَّان ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه الثوري وابن عيينة وابن المبارك وغيرهم، وهو ثقة مَرْضِيّ، من الطبقة الخامسة، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص482 رقم 5942) ، فقد وثقه ابن معين، وقال العجلي: ((كوفي ثبت ... ، وكان صاحب سنة وعبادة وخير كثير)) ، وقال النسائي: ((ثقة مرضيّ)) ، وقال الدارقطني: ((كوفي فاضل ثقة)) ، وقال محمد بن عبيد: سمعت الثوري يقول: ((حدثني الرضي محمد بن سوقة)) ، وقال: ولم أسمعه يقول ذلك لعربي ولا لمولى، وقال الحسين بن حفص: قال الثوري: ((أخرج إليكم كتاب خير رجل بالكوفة)) ، فأخرج كتاب محمد بن سوقة، وقال ابن عيينة: ((كان بالكوفة ثلاثة، لو قيل لأحدهم: إنك تموت غدًا، ما كان يقدر أن يزيد في عمله ... )) ، وذكر منهم محمد بن سوقة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 281 - 282 رقم 1520) ، و "التهذيب" (9 / 209 - 210 رقم 330) .
[349] سنده صحيح. =(3/816)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والمصنِّف أخرجه هنا من طريق سفيان بن عيينة الذي أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 532) .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 87) من طريق ابن عيينة، به بلفظ: هو الكعك والسويق.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير (4 / 157 رقم 3732) .
والخَلاّل في "الحث على التجارة" (ص145 رقم 99) .
لكن وقع في كتاب الخلال: ((عكرمة)) بدلاً من: (سعيد بن جبير) ، وهو خطأ ولعلّه من النسخة أو التحقيق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (3731) من طريق عمرو بن علي الفلاّس، عن سفيان بن عيينة، به بمثل لفظ المصنف سعيد بن منصور.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص64 رقم 91) فقال: ثنا مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} -، قال: السويق والدقيق والكعك.
وأخرجه ابن جرير (4 / 159 رقم 3751) .
والخلال في الموضع السابق.
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 135 / ب) .
ثلاثتهم من طريق أبي نُعيم الفضل بن دُكَيْن، عن سفيان الثوري، به مثل لفظه في "تفسيره"، إلا أن الخلال لم يذكر قوله: ((الدقيق)) .
وأخرجه وكيع في "تفسيره"، عن سفيان الثوري، به بلفظ: الخَشْكنانج والسويق. انظر: "تفسير ابن كثير" (1 / 239) .
ومن طريق وكيع أخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص261 رقم 1721) .
وابن جرير في الموضع السابق برقم (3752) .
وذكره السيوطي في "الدر " (1 / 531) بمثل لفظ سفيان الثوري في "تفسيره"، وعزاه لعبد بن حميد. =(3/817)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} ]
350- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ((كَانَتْ عُكَاظُ، وَذُو المَجَازِ، والمَجَنَّةُ (أَسْوَاقًا) (1) فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ تأَثَّموا أَنْ يَبِيعُوا فِيهَا، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} - في مواسم الحج-)) .
__________
= في الأصل: ((أسواق)) .
[350] سنده صحيح، وعزاه ابن كثير في "تفسيره" (1 / 329) للمصنِّف.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 534) وعزاه للمصنف وسفيان بن عيينة والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وقد أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 78) عن ابن عيينة، به نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 167 رقم 3779) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص186 رقم 1225) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 288 و 321 رقم 2050 و 2098) في البيوع، باب ما جاء في قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ ... } الآية، و (8 / 186 رقم 4519) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} .
وابن جرير (4 / 169 رقم 3791) .
والطبراني في "الكبير" (11 / 113 رقم 11213) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 333) في الحج، باب التجارة في الحج.
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به نحوه.
وأخرجه البخاري أيضًا (3 / 593 رقم 1770) في الحج، باب التجارة أيام الموسم والبيع في أسواق الجاهلية. =(3/818)
351- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((كَانُوا لَا يَتَّجِرُونَ فِي أَيَّامِ مِنًى، وَيَوْمِ عَرَفَةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ ... } إلى آخر الآية)) .
__________
= وابن جرير (4 / 165 رقم 3769) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص56) .
ثلاثتهم من طريق ابن جريج، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابن عباس، به نحوه.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 351 رقم 1734) في المناسك، باب الكَريّ.
والحاكم في "المستدرك" (1 / 449 و 481 - 482) و (2 / 276 - 277) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 351 - 352 رقم 3054) .
والبيهقي في الموضع السابق (ص334) .
جميعهم من طريق ابن أبي ذئب، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ ابن عباس، أن الناس في أول الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج، فخافوا البيع وهم حُرُم، فأنزل الله سبحانه: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} في مواسم الحج. قال - أي عطاء-: فحدثني عبيد بن عمير أنه كان يقرأها في المصحف.
هذا لفظ أبي داود.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وسيأتي في الحديث بعده من طريق ضعيف عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(1) تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف.
[351] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو صحيح من غير هذا الطريق كما في الحديث السابق.
والحديث من هذا الطريق ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 534) وعزاه للمصنِّف. =(3/819)
352- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ المُسَيَّب، قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ (2) أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنَّا قَوْمٌ نُكْرَى فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَإِنَّ قَوْمًا يَزْعُمُونَ أَنْ لَا حَجَّ لَنَا؟ فَقَالَ لَهُ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّا سَأَلْتَ عَنْهُ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} فَدَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّجُلَ، فَقَالَ: ((أَنْتُمْ حُجَّاج)) .
__________
= ووكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي داود وابن جرير.
وقد أخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 350 رقم 1731) في المناسك، باب التجارة في الحج.
وابن جرير (4 / 165 - 166 و 168 رقم 3771 و 3784) .
أما أبو داود فمن طريق جرير بن عبد الحميد، وأما ابن جرير فمن طريق هشيم وسفيان الثوري، ثلاثتهم عن يزيد، به نحوه.
(1) هو: سَلاَّم بن سُلَيم.
(2) كذا أبهم في رواية المصنف وبعض الروايات الأخرى، وسُمِّي في بعض الروايات.
وهو أبو أمامة، ويقال: أُمَيْمة، التَّيْمي، الكوفي، قال ابن معين: ((لا يعرف اسمه)) ، وقال البخاري: ((يقال اسمه: عمرو بن أسماء)) ، روى عن ابن عمر، وروى عنه العلاء بن المُسَيَّب والحسن بن عمرو وشعبة، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين، وقال أبو زرعة: ((لا بأس به)) . انظر: "الكنى" للبخاري (ص4 رقم 7) ، و "الجرح والتعديل" (9 / 330 - 331 رقم 1450 و 1451) ، و "التهذيب" (12 / 14 رقم 71) ، وانظر ما كتبه الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - عنه في تعليقه على "المسند" (9 / 168 - 169) .
[352] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 535) وعزاه للمصنِّف وعبد الرزاق وابن أبي شيبة =(3/820)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأحمد وعبد بن حميد، وأبي داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي.
وقد أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص259 رقم 1909) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 240) .
ومن طريقه أخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق من "تفسير ابن كثير".
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 169 رقم 3789) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 155) .
والدارقطني في "سننه" (2 / 292 و 293 رقم 252 و 254) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ رجل من بني تيم اللَّهِ، قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابن عمر، فقال: إنا قوم نكرى ... ، فذكره بنحوه، ولم يذكر أنه هو الذي سأل ابن عمر، وإنما قال: ((رجل)) ، وهذا إنما هو في رواية عبد الرزاق والإمام أحمد، وأما الدارقطني فروايته موافقة لرواية المصنف.
وهذا الحديث لم أجده في المطبوع من "تفسير عبد الرزاق"، فأثبته من "تفسير ابن كثير".
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من "المصنف" (ص467 - 468 رقم 3013) من طريق محمد بن فضيل، عن العلاء، عن رجل من بكر بن وائل، قال: سألت ابن عمر ... ، فذكره بنحوه.
وليس بين هذه الرواية والتي قبلها تعارض، فبكر بن وائل من ولد تيم الله. انظر: "جمهرة أنساب العرب" لابن حزم (ص300 و 302) .
وأخرجه أبو داود في "سننه" (2 / 350 - 351 رقم 1733) في المناسك، باب الكَريّ.
والدارقطني في الموضع السابق برقم (250) .
والحاكم في "المستدرك" (1 / 449) . =(3/821)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريقه وطريق آخر البيهقي في "السنن" (4 / 333) في الحج، باب الرجل يؤاجر نفسه ... ، و (6 / 121) في الإجارة، باب كراء الإبل والدواب.
جميعهم من طريق عبد الواحد بن زياد، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي أمامة التيمي قال: كنت رجلاً أُكْرَى في هذا الوجه، وكان ناس يقولون لي: إنه ليس لك حج، فلقيت ابن عمر، فقلت ... ، وذكر الحديث بنحوه.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (4 / 350 رقم 3051) .
والدارقطني في الموضع السابق برقم (251) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص55) .
ثلاثتهم من طريق مروان بن معاوية الفزاري، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي أمامة التيمي ... ، فذكره بنحو سياق المصنف.
وعلّقه الواحدي في "الوسيط" (1 / 295) .
وأخرجه ابن خزيمة في الموضع السابق أيضًا من طريق يحيى بن أبي زائدة، عن العلاء بن المسيب، به.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 240) من طريق عباد بن العوام، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أبي أمامة التيمي ... ، فذكره بنحوه.
وذكر ابن كثير أن مسعود بن سعد وشريكًا القاضي روياه أيضًا عن العلاء.
وتابع العلاء الحسن بن عمرو الفُقَيْمي.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (2 / 155) .
وابن خزيمة في الموضع السابق برقم (3052) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 164 رقم 3765) .
والدارقطني في الموضع السابق برقم (255) .
جميعهم من طريق أسباط بن محمد القرشي، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن أبي أمامة التيمي ... ، به بنحوه.
كذا رواه العلاء والحسن، عن أبي أمامة، عن ابن عمر مرفوعًا. =(3/822)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ} ]
353- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيم، قَالَ: نَا حَجَّاج، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ- فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ المَشْعَرِ الحَرَامِ} - قال: ((الجُبَيْل وَمَا حَوْلَه)) .
__________
= ورواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 165 رقم 3770) من طريق الحسن بن عرفة، عن شبابة بن سوّار، عن شعبة، عن أبي أميمة، قال: سمعت ابن عمر - وسئل عن الرجل يحج ومعه تجارة -، فقرأ ابن عمر: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} .
وهذا وإن كان موقوفًا، إلا أنه لا يعارض ما سبق من الرواية المرفوعة؛ لأن رواية شعبة هذه مختصرة وتلك مطوّلة، قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في تعليقه على "المسند" (9 / 170) : ((ورواية شعبة - كما ترى - مختصرة، والعلاء بن المسيب رواه مفصلاً مطولاً، فذكر الموقوف والمرفوع، والعلاء ثقة مأمون ... ، فزيادته مقبولة دون تردد)) . اهـ. ويضاف إليه أن الحسن بن عمرو الفقيمي تابع العلاء في ذلك، فزالت شُبهة التَّفَرُّد، والله أعلم.
[353] سنده ضعيف؛ حجاج بن أرطأة تقدم في الحديث [170] أنه صدوق كثير الخطأ والتدليس، لكن صحّ الحديث عن ابن عمر بلفظ آخر من غير هذا الطريق كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 539) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 176 رقم 3800) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 123) في الحج، باب حيث ما وقف في المزدلفة أجزأه.
كلاهما من طريق هشيم، به بلفظ: ((هو الجبل وما حوله)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 242) ، فقال: أخبرنا =(3/823)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} ]
354- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: ((الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ: أيام التَّشريق)) .
__________
= معمر، عن الزُّهري، عن سالم، قال: قال ابن عمر: المشعر الحرام: المزدلفة كلها.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (3804) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 136 / ب) .
وإسناده صحيح، بل من أصح الصحيح، فقد ذهب الإمام أحمد، وإسحاق بن راهويه إلى أن أصحاب الأسانيد: ((الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ)) ، كما في مقدمة ابن الصلاح (ص22) .
(1) هو: وَضَّاح بن عبد الله.
(2) هو: جعفر بن إياس.
[354] سنده ظاهر الصحة، لكنه شاذ؛ صوابه: (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس) كما سيأتي.
وقد أعاده المؤلف (ل 156 / أ) في تفسير قوله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الآية (28) من سورة الحج] ، بنفس الإسناد والمتن، إلا أنه اقتصر على موضع الشاهد منه، فلم يذكر قوله: (والأيام المعدودات: أيام التشريق)) .
والمؤلف هنا أخرجه من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سعيد بن جبير من قوله.
وخالف أبا عوانة شعبةُ وهُشَيمُ، فروياه عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وهذا أرجح لأنهما أحفظ من أبي عوانة، وقد تابع كل منهما الآخر.
أما رواية شعبة أخرجها ابن جرير في "تفسيره" (4 / 208 و 209 رقم 3887 =(3/824)
355- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الضَّحَّاك بْنِ مُزَاحم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ: أيام التَّشْرِيق)) .
__________
= و 3890) من طريق محمد بن جعفر غندر، عنه، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في قوله: {وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} ، قال: أيام التشريق.
وأما رواية هشيم، فأخرجها ابن جرير (4 / 208 رقم 3886) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 228) في الحج، باب الأيام المعلومات والمعدودات.
وفي "شعب الإيمان" (7 / 353 رقم 3492) .
أما ابن جرير فمن طريق يعقوب بن إبراهيم، وأما البيهقي فمن طريق عفان بن مسلم، كلاهما عن هشيم، حدثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ: أَيَّامُ الْعَشْرِ، وَالْأَيَّامُ المعدودات: أيام التشريق.
والسياق للبيهقي، وأما ابن جرير فلم يذكر الأيام المعلومات.
وعليه فالصواب في الحديث أنه عن ابن عباس، والسند إليه صحيح، وسيأتي من طريق آخر عنه في الحديث بعده، والله أعلم.
[355] سنده ضعيف جدًّا؛ فحديج بن معاوية تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، وأبو إسحاق السبيعي تقدم في الحديث [1] أيضًا أنه مدلس واختلط في آخر عمره، ولم يصرح بالسماع هنا، ولم يُذكر أن حديجًا ممن روى عنه قبل الاختلاط، والضحاك بن مزاحم روايته عن ابن عباس مرسلة؛ قال شعبة: ((قلت لمشاش: الضحاك سمع من ابن عباس؟ قال: ما رآه قط)) ، وقال عبد الملك بن ميسرة: ((قلت للضحاك، سمعت من ابن عباس؟ قال: لا، قلت: فهذا الذي تحدثه، عمّن أخذته؟ قال: عن ذا وعن ذا)) ، وقال يحيى بن سعيد: ((كان شعبة لا يحدث عن الضحاك بن مزاحم، وكان ينكر أن يكون لقي ابن عباس قط)) . اهـ. من "التهذيب" (4 / 453 - 454) .
لكن متن الحديث صحيح عن ابن عباس كما في الحديث السابق. =(3/825)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} ]
356- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا عَوْف (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (( {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فِي تَعْجِيلِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ إِلَى الْيَوْمِ الثَّالِثِ)) .
357- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (3) ، عَنْ منصور (4) ، عن
__________
(1) هو ابن أبي جَميلة الَأَعْرابي.
(2) هو ابن أبي الحسن البصري.
[356] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 215 رقم 3918) من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 60) من طريق ابن أبي عدي، عن أشعث بن عبد الله الحُدَّاني، عن الحسن، به نحوه.
وسيأتي برقم [359] من طريق آخر عن الحسن بمعناه.
وهذا المعنى هو ما ذهبت إليه طائفة، منهم الحسن البصري هنا، وإبراهيم النخعي في الحديث الآتي، وغيرهم؛ قالوا في معنى الآية: فمن تعجل في يومين من أيام التشريق، فنفر في اليوم الثاني، فلا إثم عليه في نَفْره وتعجله في النفر، ومن تأخر عن النفر في اليوم الثاني من أيام التشريق إلى اليوم الثالث حتى ينفر في اليوم الثالث، فلا إثم عليه في تأخره. انظر "تفسير الطبري" (4 / 215) ، وانظر فيه أقوالاً أخرى غير هذا القول.
(3) هو: وَضَّاح بن عبد الله.
(4) هو: ابن المعتمر. =(3/826)
إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ((لَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّعْجِيلِ، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي التَّأْخِيرِ)) .
358- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ (يَزِيدَ) (1) بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا يَقُولُ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، قال: ((كلهم مغفور له)) .
__________
[357] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 216 رقم 3925 و 3926) من طريق إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه أيضًا (4 / 217 رقم 3932) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به نحوه.
وأخرجه أيضًا برقم (3924) من طريق شبعة، عن منصور، عن إبراهيم النخعي أنه قال في هذه الآية: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} قال: في تعجيله.
وأخرجه أيضًا برقم (3930) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، عن إبراهيم: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} قال: ليس عليه إثم.
كذا قال في هذه الرواية، ولم يذكر الفعل الذي نُفي عنه الإثم.
(1) في الأصل: (ابن يزيد) ، والتصويب من مصادر الترجمة.
وهو يزيد بن أبي مريم بن أبي عطاء، ويقال: إن اسم أبي مريم: ثابت، الأنصاري، مولاهم، أبو عبد الله الدمشقي، إمام الجامع، يروي عن أبيه وعباية بن رافع ومجاهد بن جبر وغيرهم، روى عنه الأوزاعي ويحيى بن حمزة والوليد بن مسلم وغيرهم، وهو ثقة، وثقه ابن معين ودحيم والعجلي، وقال أبو حاتم: ((من ثقات أهل دمشق)) ، وقال أبو زرعة، ((لا بأس به)) ، وشذّ الدارقطني فقال: ((ليس بذاك)) ، وهذا جرح غير مفسّر، ومعارض بتوثيق من سبق، وكانت وفاته سنة أربع وأربعين ومائة، وقيل: سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل: بعد ذلك. =(3/827)
359- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، (عَنْ) (1) عَبَّاد بْنِ رَاشِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: ((عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ بَلَدُ عَرَضٍ (2) ، فَرَخَّصَ لِعِبَادِهِ مَنْ شَاءَ أَنْ يَنْفِرَ فِي النَّفَرِ الْأَوَّلِ، وَمَنْ شَاءَ فِي النَّفَرِ الْآخِرِ)) .
360- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا شَريك، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ (3) ، عَنِ المَعْرور بْنِ سُوَيد (4) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي
__________
= انظر: "تاريخ الثقات" للعجلي (ص480 رقم 1856) ، و "الجرح والتعديل" (9 / 291 رقم 1243) ، و "الكاشف" للذهبي (3 / 286 رقم 6463) ، و "التهذيب" (11 / 359 - 360 رقم 695) .
[358] سنده ضعيف؛ فالوليد بن مسلم تقدم في الحديث [130] أنه ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، ولم يصرح هنا بالسماع بينه وبين شيخه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 219 رقم 3940) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد في قوله: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} ، قال: قد غُفر له.
وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا فلم يتميز حديثه فتُرك.
(1) في الأصل: (بن) ، والصواب ما هو مثبت، وهو إسناد يرويه المصنف مرارًا، انظر مثلاً الحديث [183] .
(2) كذا في الأصل! ولم يتبين لي وجه الصواب فيها، ولم أجد من أخرج الحديث أو ذكره.
[359] سنده ضعيف، فهشيم مدلس، ولم يصرح بالسماع، لكن تقدم برقم [356] بإسناد صحيح عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} فِي تَعْجِيلِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ إلى اليوم الثالث.
(3) هو زياد بن عِلاَقة - بكسر المهملة وبالقاف -، الثَّعْلَبي - بالمثلَّثة والمهملة -، أبو مالك الكوفي، روى عن جرير بن عبد الله وجابر بن سمرة. =(3/828)
اللَّهُ عَنْهُ -: ((مَنْ شَاءَ أَنْ يَنْفِرَ فِي النَّفْرِ الْأَوَّلِ، فَلْيَنْفِر، إلا بني خُزَيمة)) .
__________
= والمغيرة بن شعبة وغيرهم، روى عنه السفيانان والأعمش وشريك بن عبد الله وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي ويعقوب بن سفيان والنسائي، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومائة وقد قارب المائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 540 رقم 2437) ، و "التهذيب" (3 / 380 - 381 رقم 693) ، و "التقريب" (ص220 رقم 2092) .
(4) هو المَعْرور بن سُوَيْد الأسَدي، أبو أُمية الكوفي، يروي عن عمر بن الخطاب وأبي ذر وابن مسعود وأم سلمة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه واصل الأحدب وسالم بن أبي الجعد والأعمش وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، عاش مائة وعشرين سنة، وروى له الجماعة كما في "التقريب" (ص540 رقم 6790) ، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم، "الجرح والتعديل" (8 / 415 - 416 رقم 1895) ، و "التهذيب" (10 / 230 رقم 420) .
ولم أجد من نصّ على أن زياد بن علاقة ممن روى عن المعرور، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، فكلاهما كوفي، وقد تعاصرا مدة طويلة جدًا كما يتضح من ترجمتها، بل إن تلاميذ زياد رووا عن المعرور كالأعمش، فكيف بزياد نفسه؟
[360] سنده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي من قبل حفظه كما في ترجمته في الحديث رقم [4] .
ولم أجد من أخرج الحديث غير المصنِّف، إلا أن القرطبي عَلَّقه في "تفسيره" (3 / 13) مستشهدًا به لقول من لم ير أن للمقيم بمكة من أهلها وغيرهم أن يتعجل، فقال رحمه الله: ((واختلفوا في أهل مكة، هل ينفرون النَّفر الأول، فروينا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ الله عنه - أنه قال: من شاء من الناس كلهم أن ينفروا في النفر الأول، إلا آل خزيمة، فلا ينفرون إلا في النفر الآخر. وكان أحمد بن حنبل يقول: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة، وقال: أهل مكة =(3/829)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} ]
361- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ (2) قَالَ: جَاءَهُ رَجُلٌ (3) ، فَقَالَ: إِنَّا نَجِدُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ: أَنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عِبَادًا ألْسِنَتُهُم أَحْلى مِنَ العَسَل، وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ مُسُوكَ (4) الضَّأَن مِنَ اللِّينِ، ويَخْتلون (5) الدُّنْيَا بِالدِّينِ، قَالَ اللَّهُ: ((عَلَيَّ يَجْتَرِئُون؟ وَبِي يَغْتَرُّون؟ بِعِزَّتِي، لأُتِيْحَنَّ (6) لَهُمْ فتنة تدع الحليم (حيران) (7)) ) .
__________
= أخفّ، وجعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر: (إلا آل خزيمة) أي أنهم أهل الحرم. وكان مالك يقول في أهل مكة: من كان له عذر فله أن يتعجّل في يومين، فإن أراد التخفيف عن نفسه مما هو فيه من أمر الحج فلا؛ فرأى التعجيل لمن بَعُدَ قُطْرُه. وقال طائفة: الآية على العموم، والرخصة لجميع الناس - أهل مكة وغيرهم -، أراد الخارج عن منى المقامَ بمكة أو الشخوصَ إلى بلده)) . اهـ.
(1) هو نَجِيح بن عبد الرحمن تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف.
(2) هو القُرظي تقدم في الحديث [4] أنه تابعي ثقة عالم.
(3) هو سعد المَقْبُري كما في رواية ابن جرير الآتية، وهو تابعي ثقة كما في الحديث [167] .
(4) جمع مَسْك، وهو الجِلْد. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (4 / 331) .
(5) الخَتْلُ هو الخِدَاع، يقال: خَتَله يَخْتله: إذا خدعه وراوَغَه، وخَتَل الذئبُ الصَّيْدَ: إذا تَخَفَّى له. والمعنى هنا: أن تُطْلبَ الدنيا بعمل الآخرة. انظر: "النهاية" (2 / 9) .
(6) ذكر ابن الأثير هذا الجزء من الحديث في "النهاية" (1 / 202) وبيَّن معناه بقوله: ((يقال: أتاح الله لفلان كذا: أي قدَّره له وأنزله به)) .
(7) في الأصل: ((حيرانًا)) .(3/830)
فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: هَذَا فِي كِتَابِ اللَّهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي [ل117/أ] الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} فَقَالَ الرَّجُلُ: قَدْ عَلِمْنَا فِيمَنْ أُنْزِلَتْ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدٌ: ((إِنَّ الْأَمْرَ يَنْزِلُ فِي الرَّجُلِ، ثُمَّ يكون عامًا)) .
__________
[361] سنده ضعيف لضعف أبي معشر، وما ذكره سعيد المَقْبري لا يعدو عن كونه نقلاً عن كتب أهل الكتاب التي لا يُصَدَّق ما فيها ولا يُكَذَّب مما هذا سبيله، وسيأتي بإسناد صحيح إلى محمد بن كعب ونَوْفٍ البِكَالي بدلاً من سعيد المقبري، وقد روي الحديث مرفوعًا إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ولا يصحّ كما سيأتي.
وذكر السيوطي في "الدر" (1 / 572) هذا الحديث، وعزاه للمصنف وابن جرير والبيهقي في "شعب الإيمان".
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 231 رقم 3964) من طريق محمد بن أبي معشر، عن أبي معشر، قال: سمعت سعيدًا المقبري يذاكر محمد بن كعب، فقال سعيد: إن فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَنَّ لِلَّهِ عبادًا ... ، فذكره بنحوه.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 141 / أ) من طريق أبيه، عن حمزة بن أبي جميل الرَّبَذِي، ثنا أَبُو مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كعب القرظي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((إن لله عِبَادًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وقلوبهم أمرّ من الصبر، لبسوا للعبادة مسوك الضأن في اللين، يختلون الدنيا بالدين، فيقول الله تعالى: أعليَّ يجترئون؛ وبي يغتّرون؛ وعزتي لأبعثنّ عليهم فتنة تدع الحليم فيهم حيران)) . قلنا: يا أبا حمزة، هل لهؤلاء في كتاب الله وصف؟ قال: نعم؛ قول الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ في الحياة الدنيا ... } ، إلى قوله: {والله لا يحب الفساد} .
وهذا حديث منكر؛ تفرد برفعه حمزة هذا، وخالفه سعيد بن منصور ومحمد بن أبي معشر كما سبق، فروياه من قول سعيد المقبري ومحمد بن كعب القرظي. =(3/831)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد تصحّف اسم حمزة هذا في مخطوط تفسير ابن أبي حاتم إلى: ((حمزة بن جميل الزينبي)) ، والصواب ما أثبته، وهو حمزة بن أبي جميل الرَّبَذِي، أبو العباس، وأقل أحواله أنه مجهول الحال، فقد ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3 / 209 رقم 915) ، وذكر أنه يروي عن أبي معشر، وأن أباه روى عنه، وقال ((سأل أبي عنه، فقال: شيخ)) .
وأخرجه ابن جرير (4 / 232 رقم 3965) فقال: حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، أخبرني الليث بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن القُرَظي، عن نَوْفٍ - وكان يقرأ الكتب - قال: إني لأجد صفة ناس من هذه الأمة في كتاب الله المنزل: ((قوم يجتالون الدنيا بالدين، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، يَلْبَسُونَ لِلنَّاسِ لباس مسوك الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب، فعليّ يجترئون؟ وبي يغتّرون، حلفت بنفسي لأبعثن عليهم فتنة تترك الحليم فيهم حيران)) . قال القرظي: تَدَبَّرْتُها في القرآن، فإذا هم المنافقون، فوجدتها: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ} ، {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ} .
وسنده إلى محمد بن كعب ونَوْفٍ البِكَالي صحيح.
فالليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، ويونس بن عبد الأعلى كلهم ثقات تقدمت تراجمهم.
وخالد بن يزيد الجُمَحي، مولاهم، ويقال: السَّكْسكي، أبو عبد الرحيم المصري، يروي عن سعيد بن أبي هلال وعطاء بن أبي رباح والزهري وغيرهم، روى عنه سعيد بن أبي أيوب وحيوة بن شريح والليث بن سعد وغيرهم، وهو ثقة فقيه، روى له الجماعة، ووثقه العجلي ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة والنسائي، وقال ابن يونس: ((كان فقيهًا مفتيًا)) ، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 358 رقم 1619) ، و "التهذيب" (3 / 129 رقم 235) ، و "التقريب" (ص191 رقم 1691) . =(3/832)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسعيد بن أبي هلال اللَّيْثي، مولاهم، أبو العلاء المصري، يروي عن زيد بن أسلم وأبي الزناد وقتادة والزهري وغيرهم، روى عنه خالد بن يزيد المصري وعمرو بن الحارث والليث بن سعد وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد والعجلي وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي والخطيب وابن عبد البر وغيرهم، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وقال الساجي: ((صدوق، كان أحمد يقول: ما أدري أي شيء يخلط في الأحاديث)) ، وكانت ولادته بمصر سنة سبعين للهجرة، ونشأ بالمدينة، ثم رجع إلى مصر إلى أن توفي سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل غير ذلك في سنة وفاته. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 71 رقم 301) ، و "التهذيب" (2 / 94 - 95 رقم 159) .
وعبارة الإمام أحمد التي حكاها عنه الساجي لا تحط سعيد بن أبي هلال إلى درجة الجرح، بل مفادها أنه أخطأ وخلط في بعض الأحاديث، وهذا أمر لا يسلم منه راو من الرواة، وقد يكثر من الراوي فيعدّ جرحًا، ولا أظن سعيدًا كذلك، وإلا لذُكر عنه، فيقال إذن: إنه ليس في الثقة كشعبة وسفيان، ولا ينزل إلى درجة محمد بن إسحاق وأضرابه، وقد اعتمد ابن حزم - فيما يظهر - على عبارة الإمام أحمد هذه، فقال عن سعيد هذا: ((ليس بالقوي)) ، وهذا جرح لم يسبقه إليه أحد؛ قال الذهبي في "الميزان" (2 / 162 رقم 3290) : ((سعيد بن أبي هلال، ثقة معروف، حديثه في الكتب الستة ... ، قال ابن حزم وحده: ليس بالقوي)) ، وقال في "سير أعلام النبلاء" (6 / 303) : ((الإمام الحافظ الفقيه ... ، أحد الثقات)) ، وقال ابن حجر في "التقريب" (ص242 رقم 2410) : ((صدوق، لم أر لابن حزم في تضعيفه سلفًا، إلا أن الساجي حكى عن أحمد أنه اختلط)) . اهـ. ولم يقل ذلك الإمام أحمد، وإنما قال: ((يخلط في الأحاديث)) ، وفرق بين العبارتين.
ولم أجد من نصّ على أن سعيد بن أبي هلال روى عن محمد بن كعب القرظي، لكن سماعه منه محتمل جدًّا، محمد بن كعب مدني، وسعيد نشأ بالمدينة، وقد =(3/833)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= تعاصرا فترة طويلة، فوفاة محمد بن كعب كانت سنة عشرين ومائة كما في ترجمته في الحديث [4] ، وسعيد وُلد سنة سبعين للهجرة.
وذكر الحافظ ابن كثير هذا الحديث في "تفسيره" (1 / 246) من كلا الطريقين نقلاً عن ابن جرير، ثم قال: ((وهذا الذي قاله القرظي حسن صحيح)) .
قلت: الذي يظهر أن ابن كثير يعني بالحسن رواية أبي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، وبالصحيح رواية سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن كعب أيضًا.
وقد روي الحديث مرفوعًا؛ من حديث أبي هريرة، وابن عمر، وأبي الدرداء - رضي الله عنهم -، ولا يصح رفعه.
أما حديث أبي هريرة يرفعه، فلفظه: ((يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، يلبسون للناس جلود الضأن من اللين، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ قلوب الذئاب، يقول الله تعالى: أفبي تغتّرون، أم عليّ تجترئون، فبي حلفت: لأبعثن على أولئك منهم فتنة تدع الحليم منهم حيران)) .
أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (ص17 رقم 50) فقال: أخبرنا يحيى بن عبيد الله، قال: سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول - صلى الله عليه وسلم - ... ، فذكره.
ومن طريق ابن المبارك أخرجه الترمذي في "سننه" (7 / 84 - 85 رقم 2515) في الزهد، باب ما جاء في ذهاب البصر.
وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 232) .
والبغوي في "شرح السنة" (14 / 394 رقم 4199) ، وقال: ((هذا الحديث لا يُعرف إلا من هذا الوجه، ويحيى بن عبيد الله تكلم فيه شعبة)) .
وأخرجه هَنَّاد في "الزهد" (2 / 437 رقم 860) من طريق يعلى بن عبيد، عن يحيى بن عبيد الله، به مثله.
وسنده ضعيف جدًّا؛ مداره على يحيى بن عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن مَوْهَب - بفتح الميم والهاء بينهما واو ساكنة -، التَّيْمي، المدني، يروي عن أبيه، روى عنه أبو حنيفة وعبد الله بن المبارك وفضيل بن عياض ويحيى القطان ويعلى بن عبيد وغيرهم، وهو متروك، قال شعبة: ((رأيته يصلي صلاة لا يقيمها فتركت حديثه)) ، =(3/834)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وتركه يحيى بن سعيد القطان وقال: ((هو ضعيف الحديث)) ، وضعفه ابن عيينة، وقال الإمام أحمد: ((منكر الحديث ليس بثقة)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال ابن أبي شيبة: ((كان غير ثقة في الحديث)) ، وقال مسلم بن الحجاج: ((ساقط متروك الحديث)) ، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن يحيى بن عبيد الله فقال: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًّا)) ، ونهاني أن أكتب عن المنذر بن شاذان، عن يعلى، عن يحيى هذا، وقال: ((لا تشتغل به)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 167 - 168 رقم 692) ، و "التهذيب" (11 / 252 - 254 رقم 406) ، و "التقريب" (ص594 رقم 7599) .
وأما حديث عبد الله بن عمر، فأخرجه الترمذي في الموضع السابق (7 / 86 - 87 رقم 2516) من طريق حاتم بن إسماعيل عن حمزة بن أبي محمد، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((إن الله تعالى قال: لقد خلقت خلقًا أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أمرّ من الصبر، فبي حلفت: لُأتِيْحَنهَّم فتنة تدع الحليم منهم حيران [في الأصل: حيرانًا] ، فبي يغتّرون؟ أم عليّ يجترئون؟)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من حديث ابن عمر، لا نعرفه إلا من هذا الوجه)) .
قلت: بل هو ضعيف لضعف حمزة بن أبي محمد المدني، يروي عن عبد الله بن دينار وموسى بن عبد الله الخَطْمِي وغيرهما، روى عنه حاتم بن إسماعيل، فقد قال عنه أبو حاتم الرازي: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث، لم يرو عنه غير حاتم)) ، وقال أبو زرعة: ((مديني ليِّن)) ، وذكره بن البرقي في "الطبقات"، في باب من كان الأغلب عليه الضعف، ونقل ابن خلفون عن العجلي توثيقه. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 215 رقم 947) ، و"التهذيب" (3 / 32 - 33 رقم 50) ، و "التقريب" (ص180 رقم 1532) .
وأما حديث أبا الدرداء يرفعه، فلفظه: ((أنزل الله عز وجل في بعض كتبه، أو =(3/835)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أوحى إلى بعض أنبيائه: قل للذين يتفقّهون لغير الدين، ويتعلّمون لغير العمل، ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة، يلبسون للناس مُسُوك الكِبَاش، قلوبهم كقلوب الذئاب، أَلْسِنَتُهُمْ أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ، وَقُلُوبُهُمْ أمرّ من الصبر: إيَّايَ يخدعون، أو بي يستهزئون، فبي حَلَفْتُ: لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الحليم حيران)) .
أخرجه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (2 / 162) .
وابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (1 / 231 - 232) .
وابن عساكر في "ذم من لا يعمل بعلمه" (ص48 - 49 رقم 9) .
وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد" (2 / 37) .
أما الخطيب وابن عساكر وابن النجار فمن طريق أبي خُبيب العباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البَرْتي، وأما ابن عبد البر فمن طريق عبد الله بن أحمد بن موسى، كلاهما عن أبي سلمة يحيى بن المغيرة المخزومي، عن أخيه محمد بن المغيرة، عن أبيه، عن عثمان بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ شهاب، عن عائذ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ أبي الدرداء - رضي الله عنه -، به.
والحديث بهذا الإسناد موضوع، آفته عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبي وقّاص، الزُّهري، الوَقّاصي، أبو عمر المدني، يروي عن أن أبي مليكة والزهري وعطاء وغيرهم، روى عنه يونس بن بكير وحجّاج بن نُصير وإسماعيل بن أبان وغيرهم، وهو كذاب؛ قال ابن معين: ((لا يكتب حديثه، كان يكذب)) ، وقال أبو حاتم الرازي: ((متروك الحديث، ذاهب الحديث، كذاب)) ، وقال ابن المديني: ((ضعيف جدًّا)) ، وقال البخاري: ((تركوه)) ، وقال النسائي: ((متروك)) ، وفي رواية: ((ليس بثقة، ولا يكتب حديثه)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 157 رقم 865) ، و "التهذيب" (7 / 133 - 134 رقم 279) .
ومن خلال ما سبق يتضح أن الحديث لا يصح رفعه، وإنما هو صحيح عن محمد بن كعب القُرَظي ونَوْفٍ البِكَالي على أنه مما أخذه نوف عن كتب أهل الكتاب، وانظر الحديث الآتي. =(3/836)
362- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب، عَنْ لَيْث بْنِ أَبِي سُلَيم، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ (1) قَالَ: ((يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يتفقَّهون لِغَيْرِ عِبَادَتِي، يَلْبَسُونَ مُسُوكَ الضَّأن، قُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ؟ أَبِي يَغْتَرُّونَ؟ أَوْ إيايَ يُخَادِعُونَ؟ بِي حَلَفْتُ: لأتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَدَعُ الْحَلِيمَ فِيهَا (حَيْرَانَ) (2)) ) .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} ]
363- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (1) ، عَنْ عَطَاءٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} -، قَالَ: ((نَسَخَتْها هَذِهِ الْآيَةُ: {قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} )) .
__________
(1) لم أهتد إليه.
[362] سنده عن أبي عبيدة ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم، وأبو عبيدة لم أعرفه، وقد يكون أخذه عن كتب أهل الكتاب، فقد تقدم الحديث من طريق أخرى كما في الحديث السابق، والصحيح منها أنه عن محمد بن كعب القرظي يرويه عن نوف البِكَالي الذي أخذه عن كتب أهل الكتاب، وقد روي مرفوعًا ولا يصح.
(2) في الأصل: ((حيرانًا)) .
(3) هو ابن أبي سليمان.
[363] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مُرْسِله عطاء بن أبي رابح، وسيأتي الكلام عن متنه.
وأخرج ابن جرير في "تفسيره" (4 / 295 - 296 رقم 4073) من طريق حسين بن قيس، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مثله، ثم قال ابن جرير:
((وهذا قول لا معنى له؛ لأن نسخ الأحكام من قبل الله جل وعز، لا من قبل العباد. وقوله: {قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} خَبَرٌ من الله عن عباده المؤمنين، وأنهم قالوه، لا نسخٌ منه)) . اهـ. =(3/837)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ} ]
364- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَسْأَلُونَكَ (1) مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ العَفْوَ} - قَالَ: ((الْفَضْلُ)) .
365- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى (2) ، عَنِ الحَكَم (3) ، عَنْ مِقْسَم (4) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((الفضل عن العيال)) .
__________
= وحديث ابن عباس الذي أخرجه ابن جرير ضعيف جدًّا، فالراوي له عن عكرمة هو: حسين بن قيس الرَّحْبي، أبو علي الواسطي، لقبه: حَنَش - بفتح المهملة والنون، ثم معجمة -، يروي عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهما، روى عنه حصين بن نمير وخالد الواسطي وغيرهما، وهو متروك، قال الإمام أحمد: ((متروك الحديث ضعيف الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ليس بشيء)) ، وقال البخاري: ((أحاديثه منكرة جدًّا، لا يكتب حديثه)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث)) ، وقال النسائي: ((متروك الحديث)) ، وقال في موضع آخر: ((ليس بثقة)) ، وقال الدارقطني: ((متروك)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 63 - 64 رقم 286) ، و "التهذيب" (2 / 364 - 365 رقم 623) ، و "التقريب" (ص168 رقم 1342) .
(1) في الأصل: ((يسئلونك)) .
[364] سنده صحيح على عطاء، وهو نفس الإسناد السابق.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 607) بمثله، وعزاه لعبد بن حميد وحده. وأخرجه ابن جرير "تفسيره" (4 / 337 رقم 4156) من طريق هشيم، عن عبد الملك، به مثله.
(2) هو مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى، تقدم في الحديث [186] أنه صدوق =(3/838)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= سيء الحفظ جدًّا.
(1) هو ابن عُتَيْبة، تقدم في الحديث [28] أنه ثقة ثبت فقيه، إلا أنه ربما دلس، ولم يصرح بالسماع هنا، بل إنه يروي هنا عن مقسم مولى ابن عباس، ولم يسمع منه إلا خمسة أحاديث فقط كما في "التهذيب" (2 / 434) ، وليس هذا منها.
(2) هو مِقْسَم - بكسر أوله - ابن بُجْرة - بضم الموحدة وسكون الجيم -، ويقال: نَجْدة - بفتح النون، وبدال -، أبو القاسم مولى عبد الله بن الحارث، ويقال له: مولى ابن عباس للزومه له، روى عن ابن عباس وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعائشة وغيرهم، روى عنه ميمون بن مهران والحكم بن عُتَيْبة وعبد الكريم الجَزَري وغيرهم، وهو صدوق، وثقه العجلي ويعقوب بن سفيان والدارقطني، وذكره ابن شاهين في "الثقات" وقال: قال أحمد بن صالح المصري: ((ثقة ثبت لاشك فيه)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث لا بأس به)) ، وقال مهنا: قلت: لأحمد: مَنْ أصحاب ابن عباس؟ قال: ستة، فذكرهم. قلت: فمقسم؟ قال: دون هؤلاء، وقال ابن سعد: ((كان كثير الحديث ضعيفًا)) ، وقال الساجي: ((تكلم الناس في بعض روايته)) ، وكانت وفاته سنة إحدى ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 414 رقم 1889) ، و "التهذيب" (10 / 288 - 289 رقم 507) ، و "التقريب" (ص545 رقم 6873) .
[365] سنده ضعيف جدًّا لضعف ابن أبي ليلى من قبل حفظه، وما تقدم عن رواية الحكم بن عتيبة عن مقسم.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 607) وعزاه للمصنف ووكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 23 - 24 رقم 3142) من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص67) من طريق أبي معاوية، به نحوه. =(3/839)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ]
366- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: ((قَالَتِ الْيَهُودُ: إِنَّمَا يَكُونُ الْوَلَدُ أَحْوَلَ إِذَا أتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ خَلْفِهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} مِنْ بَيْنِ يَدَيْهَا، وَمِنْ خَلْفِهَا، وَلَا يَأْتِيهَا إِلَّا فِي المَأتَى)) .
__________
= أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 337 رقم 4153) .
وابن أبي حاتم في "التفسير" (1 / ل 153 / أ) .
والطبراني في "المعجم الكبير" (11 / 386 رقم 12075) .
أما ابن جرير فمن طريق وكيع، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق حفص بن عمر المكتب وعقبة بن خالد، وأما الطبراني فمن طريق عمران بن محمد بن أبي ليلى، جميعهم عن محمد بن أبي ليلى، به نحوه.
[366] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 627) وعزاه المصنف والدارمي وابن المنذر وابن أبي حاتم.
ومدار الحديث على محمد بن المنكدر، يرويه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنه -.
وله عن ابن المنكدر أربعة عشر طريقًا.
1- طريق أبي عوانة الذي رواه المصنف هنا عنه.
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 1059 رقم 119) في النكاح، باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير التعرض للدبر.
والنسائي في "تفسيره" (1 / 255 رقم 59) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 200 رقم 4185 - الإحسان بتحقيق الحوت-) .(3/840)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي في "سننه" (7 / 195) في النكاح، باب إتيان النساء في أدبارهن.
جميعهم من طريق أبي عوانة، به، ولفظ مسلم والنسائي نحوه، ولفظ ابن حبان والبيهقي مثله، إلا أن ابن حبان قال: ((من قدامها)) بدل قوله: ((من بين يديها)) .
2- طريق سفيان الثوري، عن ابن المنكدر، سمعت جابرًا - رضي الله عنه - قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها ورائها جاء الْوَلَدُ أَحَوْلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} .
أخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 189 رقم 4528) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ... } الآية، واللفظ له.
ومسلم في الموضع السابق.
وأبو داود في "سننه" (2 / 618 رقم 2163) في النكاح، باب في جامع النكاح.
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه البيهقي الموضع السابق (ص194) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 409 و 410 رقم 4339 و 4340) .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 40) .
والسهمي في "تاريخ جرجان" (ص333 و 483) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 158 / أ) .
3- طريق شعبة، عن ابن المنكدر، به نحو سابقه.
أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
وابن جرير (4 / 412 رقم 4346) .
وأبو القاسم البغوي في "مسند علي بن الجعد" (2 / 708 رقم 1739 و 1740 و 1741) .
ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص70) .
وأخرجه الطحاوي في الموضع السابق.
والسهمي مقرونًا بالرواية السابقة.
والبيهقي في الموضع السابق أيضًا. =(3/841)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
4- طريق محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، عن ابن المنكدر، به نحو سابقه، وزاد في آخره: ((إن شاء مُجَبِّيَةً، وإن شاء غَيْرَ مُجَبِّيَةٍ، إذا كان ذلك في صَمَّام واحد)) .
أخرجه مسلم في الموضع السابق.
والطحاوي في الموضع السابق (ص41) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 185 رقم 4154 - الإحسان بتحقيق الحوت-) .
والبيهقي الموضع السابق (ص195) .
والواحدي في الموضع السابق أيضًا.
ومعنى قوله: (مُجَبِّيَة) أي: مُنْكَبَّة على وجهها، تشبيهًا بهيئة السجود. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (1 / 238) .
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (8 / 192) عن هذه الزيادة التي ذكرها الزهري في روايته: ((وهذه الزيادة يشبه أن تكون من تفسير الزهري؛ لخُلُوِّها من رواية غيره من أصحاب ابن المنكدر مع كثرتهم)) . اهـ.
قلت: هذه الزيادة لم ينفرد بها الزهري كما قال الحافظ، بل تابعه على معناها أبو عوانة كما سبق، وابن جرير كما في الطريق الآتي:
5- طريق ابن جريج، أن محمد بن المنكدر حدثه، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أن اليهود قالوا للمسلمين: من أتى امرأته وهي مدبرة جاء ولدها أحول، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((مقبلة ومدبرة ما كان في الفرج)) .
أخرجه الطحاوي في الموضع السابق، فقال: حدثنا يونس، قال: ثنا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريج ... ، فذكره.
وهذا إسناد صحيح.
شيخ الطحاوي هو يونس بن عبد الأعلى الصَّدَفي، تقدم في الحديث [344] أنه ثقة. =(3/842)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وعبد الله بن وهب تقدم في الحديث [310] أنه ثقة حافظ عابد.
وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج تقدم في الحديث [9] أنه ثقة فقيه فاضل، وقد صرح هنا بأن ابن المنكدر حدثه، فزالت شبهة التدليس الذي وصف به.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 158 / أ) من طريق يونس، به نحوه.
وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص112 رقم 87) من طريق حماد بن مَسْعدة، عن ابن جريج، به، ولم يذكر قوله: ((فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - ... )) إلخ.
6- طريق أبي حازم سلمة بن دينار، عن ابن المنكدر، به نحو رواية سفيان الثوري السابقة.
أخرجه مسلم في الموضع السابق برقم (118) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص113 رقم 88) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 154) .
ثلاثتهم من طريق الليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن أبي حازم، عن ابن المنكدر، به.
ورواه النسائي في الموضع نفسه برقم (89) من طريق عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن عبد الحكم، عن سعيد بن أبي مريم، قال: أخبرني يحيى بن أيوب - وذكر آخر-، أن ابن الهاد حدثهما عن محمد بن المنكدر ... ، فذكره هكذا بإسقاط أبي حازم من الإسناد.
وقد اختار مسلم رواية الليث فأخرجها في "صحيحه" كماسبق، والليث ثقة ثبت فقيه إمام مشهور كما في ترجمته في الحديث [165] .
7- طريق مالك، عن ابن المنكدر، به بنحو رواية الثوري أيضًا.
أخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 206 رقم 1127) ، و (2 / 69 رقم 2220) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
والواحدي في تفسيره "الوسيط" (1 / 323) .
8 - و 9- طريقا أيوب السَّخْتياني وسهيل بن أبي صالح، كلاهما عن ابن المنكدر، به. =(3/843)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أخرجهما مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" برقم (119) مقرونتين برواية سفيان الثوري السابقة وغيرها.
10- طريق معمر، عن ابن المنكدر، به نحو رواية الثوري أيضًا.
أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 89) .
11- طريق خُصَيْف، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جابر، عن رسول االله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - فِي قول الله تبارك وتعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ} -، فقال: إن اليهود قالوا: من أتى امرأته في دبرها كان ولده أحول، وكن نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن، فجاؤوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي المَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} الأطهار {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} الاغتسال {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ * نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} ، إنما الحرث من حيث الولد.
أخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (3 / 41 - 42 رقم 2192) ، ثم قال البزار: ((لا نعلمه عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - إلا بهذا الإسناد)) .
وقال الهيثمي: ((اختصره مسلم)) .
وقال الهيثمي أيضًا في "مجمع الزوائد" (6 / 320) : ((فيه عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم القرواني، ولم يروه عنه غير ابنه، وبقية رجاله وثقوا)) .
قلت: فيه خُصيف بن عبد الرحمن الجَزَري وتقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
12- طريق أحمد بن حازم، عن محمد بن المنكدر، به نحو رواية الثوري أيضًا.
أخرجه الثعلبي في "تفسيره" (2 / 97 / ب) .
13- طريق عبد الله بن لهيعة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كانت اليهود تقول في الرجل إذا أتى امرأته من خلفها وهي باركة: كان ولده أحول، =(3/844)
367- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: ((كَانَتِ الْيَهُودُ تَقُولُ: مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ مِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، كَانَ الوَلَدُ أَحْوَلَ، فَنَزَلَتْ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} )) .
__________
= فذكرتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية.
أخرجه أبو بكر الإسماعيلي في "معجم شيوخه" (1 / 501) .
ومن طريقه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (13 / 262) .
14- طريف بن سفيان بن عيينة، عن محمد بن المنكدر وهو الآتي برقم [367] ، وسنده صحيح.
[367] سنده صحيح.
وأخرجه الحميدي في "مسنده" (2 / 532 رقم 1263) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 229) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه مسلم في "صحيحه" (2 / 1058 رقم 117) في النكاح، باب جواز جماعه امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض للدبر.
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 321 - 322 رقم 4062) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 620 رقم 1925) في النكاح، باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن.
والنسائي في "التفسير" (1 / 254 رقم 58) ، وفي "عشرة النساء" (ص113 - 114 رقم 90) .
وأبو يعلى في "مسنده" (4 / 21 رقم 2024) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 40) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 194 - 195) في النكاح، باب إتيان النساء في أدبارهن.
والواحدي في "أسباب النزول" (ص69) .
والبغوي في "تفسيره" (1 / 198) ، وفي "شرح السنة" (9 / 105 رقم 2296) .
جميعهم من طريق ابن عيينة، به نحوه. =(3/845)
368- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ الْهَاد (2) ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْن (3) ، عَنْ (هَرَمي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) (4) الوَاقِفِي (5) ، عَنْ خُزيمة بْنِ ثَابِتٍ (6) ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تأتوا النساء في أدْبارِهِنّ)) .
__________
= وللحديث طرق أخرى عن ابن المنكدر سبق تخريجها في الحديث قبله.
(1) هو الدَّرَاوَرْدي، تقدم في الحديث [69] أنه صدوق، إلا في حديثه عن عبيد الله العُمَري، فإنه منكر.
(2) هو يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أسامة بن الهاد اللّيْثي، أبو عبد الله المدني، روى عن عبد الله بن دينار ومحمد بن كعب القرظي وأبي حازم والزهري وغيرهم، روى عنه عبد العزيز الدَّرَاوَرْدي والإمام مالك والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وغيرهم، وهو ثقة مكثر، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وابن سعد وزاد: ((كثير الحديث)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة حسن الحديث)) ، وقال الإمام أحمد: ((لا أعلم به بأسًا)) ، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 275 رقم 1156) ، و "التهذيب" (11 / 339 - 340 رقم 651) ، و "التقريب" (ص602 رقم 7737) .
(3) هو عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحُصَين بن مِحْصن الأنصاري، الخَطْمي - بفتح المعجمة -، أبو ميمون المدني، وقيل: عبد الله - مكبَّر -، وقد ينسب إلى جده حصين، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص وجابر بن عبد الله وهَرَمي بن عبد الله الواقفي وغيرهم، روى عنه عبد الله بن علي بن السائب والوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق ويزيد بن الهاد وغيرهم، فيه لين؛ وثقه أبو زرعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال البخاري: ((في حديثه نظر)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (3 / 122) ، و "الجرح والتعديل" (5 / 321 رقم 1525) ، و "التهذيب" (7 / 22 - 23 رقم 48) ، و "التقريب" (ص372 رقم 4308) . =(3/846)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(4) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من "سنن البيهقي" (7 / 197) حيث روى الحديث من طريق المصنف، ويوافقه ما في مصادر التخريج، وقد ذكر محقق "سنن البيهقي" أن ما بين القوسين هنا سقط أيضًا من النسخة المدراسية، وأما النسخ الثلاث الأخرى المعتمدة فجاءت على الصواب.
(5) هو هَرَمي بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الوَاقِفي الخَطمي، ويقال: ابن عتبة، أو: ابن عمرو، ومنهم من قلبه فقال: عبد الله بن هرمي، فوهم، يروي عن خزيمة بن ثابت، روى عنه ثمامة بن قيس وحصين بن محصن وعبد الله بن علي بن السائب وعبد الملك بن عمرو بن قيس وغيرهم، وهو مستور، وقد قيل إنه ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأرسل عنه، قال ابن سعد: ((كان قديم الإسلام، وهو من البكّائين الذين استحملوا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة تبوك)) ، وقال ابن ماكولا نحو ذلك، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. وردّ ابن حجر على من جعل هرمي بن عبد الله هذا ممن استحملوا النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في غزوة تبوك فقال: ((الذي يظهر أن هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ صحابي كبير غير هرمي بن عبد الله الخطمي أو الواقفي أيضًا الراوي عن خزيمة بن ثابت، وقد روى ابن إسحاق، عن ثمامة بن قيس بن رفاعة، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رجل من قومه كان ولد عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأدرك أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - متوافرين ... ، فهرمي بن عبد الله هذا هو الذي روى عنه خزيمة. وأما الذي شهد مع النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعض مشاهده، وكان في غزوة تبوك ممن استحمله، فلا يوصف بكونه ولد في عهده والله تعالى أعلم، وقد فرق بينهما أبو نصر ابن ماكولا)) . اهـ. من "التهذيب" (11 / 28 - 29 رقم 63) ، و "الإصابة" (6 / 535 و 567 رقم 8956 و 9034) ، و "التقريب" (ص571 رقم 7276) .
(6) هو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الأنصاري الخَطْمي - بفتح المعجمة -، أبو عمارة المدني، يقال له: ذو الشهادتين؛ لأن النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جعل شهادته بشهادة رجلين، وهو من كبار الصحابة، شهد بدرًا، وقتل مع علي - رضي الله عنه - بصفين =(3/847)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= سنة سبع وثلاثين للهجرة، وذلك أنه كان كافًا سلاحه حتى قتل عمار، فسلّ سفيه وقاتل حتى قتل. اهـ. من "التهذيب" (3 / 140 - 141 رقم 267) ، و "الإصابة" (2 / 278 - 279 رقم 2253) ، و "التقريب" (ص193 رقم 1710) .
[368] سنده ضعيف لما تقدم عن حال عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، ولجهالة حال هرمي بن عبد الله، والاضطراب الذي سيأتي بيانه، وأما النهي عن إتيان النساء في غير القُبُل فصحيح كما في الحديث [366] .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 632) وعزاه للشافعي في "الأم" وابن أبي شيبة، وأحمد والنسائي وابن ماجه وابن المنذر، والبيهقي في "سننه".
وللحديث عن خزيمة طريقان:
1- طريق هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ، وله عنه ثلاثة طرق:
أ- طريق عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، واختلف عليه.
فرواه يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهاد، عنه، عن هرمي، به.
ورواه عبد الله بن علي بن السائب عنه، واختلف على عبد الله بن السائب كما سيأتي.
وخالفهما الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق بن يسار، فروياه عن عبيد الله هذا، عن عبد الملك بن عمرو بن قيس، عن هرمي، به هكذا بزيادة عبد الملك في إسناده.
أما رواية يزيد، فهي التي أخرجها المصنف هنا من طريق عبد العزيز الدراوردي، عنه.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 197) في النكاح، باب إتيان النساء في أدبارهن، ولفظه مثله سواء.
وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (4 / 104 - 105 رقم 3743) من طريق الدراوردي، به نحوه. =(3/848)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وتابع الدراوردي إبراهيم بن سعد بن إبراهيم وزهير وأبو مصعب عبد السلام بن حفص المدني وابن أبي حازم، جميعهم رووه عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بن عبد الله بن الحصين، عن هرمي، به.
وخالفهم الليث بن سعد وسفيان بن عيينة، فرواه سفيان عن يزيد، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ خزيمة.
ورواه الليث، واختلف عليه، فرواه قتيبة بن سعيد عنه، عن يزيد، عن هرمي، به ولم يذكر عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين.
ورواه سعيد بن كثير بن عفير عن الليث، قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، عن هرمي ... ، فذكره هكذا، ولم يذكر يزيد.
أما رواية إبراهيم بن سعد، فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (5 / 215) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص120 رقم 98) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 200 رقم 4186 - الإحسان بتحقيق الحوت-) .
ثلاثتهم من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه إبراهيم بن سعد، عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن هرمي، به، ولفظ النسائي مثل لفظ المصنف، ولفظ أحمد وابن حبان نحوه.
وأما رواية زهير بن محمد، فأخرجها الطبراني في "الأوسط" (1 / 524 رقم 981) من طريقه، عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن بن حصين، عن هرمي، به نحوه.
كذا جاء في "الأوسط" للطبراني: ((عبيد الله بن عبد الرحمن)) ، وصوابه: ((ابن عبد الله)) .
وأما رواية أبي مصعب عبد السلام بن حفص، فأخرجها البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 256) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص120 رقم 99) . =(3/849)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والطبراني في "الكبير" (4 / 104 رقم 3741) .
ثلاثتهم من طريق عبد الملك بن عمرو أبي عامر العَقَدي، عن أبي مصعب المدني، عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن هرمي به، ولفظ النسائي نحوه، واقتصر الطبراني على قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لَا تأتوا النساء في أعجازهن)) .
وأما البخاري فلم يذكر متنه اكتفاء بذكره له من طريق عبد الملك بن عمرو بن قيس الآتي.
وأما رواية ابن أبي حازم، فأخرجها الطبراني في الموضع السابق برقم (3742) ، من طريقه، عن يزيد، عن عبد الله بن الحصين، عن هرمي، به نحوه.
كذا جاء في "المعجم الكبير": ((عبد الله)) ، قال البخاري في ترجمة عبيد الله هذا في "تاريخه الكبير" (5 / 388) : ((وقال بعضهم: عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن حصين، ولا يصح)) .
وأما مخالفة سفيان بن عيينة لهؤلاء فهي خطأ وسيأتي الكلام عنها في الحديث الآتي برقم [369] .
وأما الليث بن سعد، فاختلف عليه كما سبق.
فأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص119 رقم 97) فقال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: نا الليث، عن ابن الهاد، عن هرمي ... ، به نحوه هكذا ليس فيه ذكر لعبيد اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحصين.
وكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (5 / 7 - مخطوط الظاهرية) ، من طريق زكريا بن يحيى، عن قتيبة.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 44) من طريق سعيد بن كثير بن عفير، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين [في الأصل: الحسين] ، عن هرمي [في الأصل: حرمي] بن عبد الله الوائلي، عن خزيمة بن ثابت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ)) . =(3/850)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= هكذا رواه سعيد بن كثير بن عفير، عن الليث مصرحًا فيه بالسماع من عبيد الله، ولم يذكر يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الهاد.
وهاتان الروايتان أيضًا عن الليث خطأ، والصواب ما تفق عليه الدَّرَاوَرْدي وإبراهيم بن سعد وزهير بن محمد وأبو مصعب عبد السلام بن حفص وابن أبي حازم، فروايتهم أرجح من رواية سفيان بن عيينة والليث بن سعد؛ لكثرة عددهم، حيث رووه عن يزيد، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن هرمي، عن خزيمة.
وهذا بالنسبة لرواية يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن الحصين عن هرمي، وهي خطأ، والصواب ما رواه الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق بزيادة عبد الملك بن عمرو بن قيس في إسناده كما سيأتي.
وأما رواية عبد الله بن علي بن السائب، فإنه قد اختلف عليه فيها أيضًا.
فرواه عمر مولى غفرة، عنه، عن عبيد الله بن حُصَيْنٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هرمي، عن خزيمة، به نحوه.
أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 257) .
والطبراني في "الكبير" (4 / 103 رقم 3736) .
كلاهما من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث بن سعد، عن الليث، عن عمر، به.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 43) من طريق يحيى بن عبد الله بن بكير، عن الليث، به نحو سابقه، إلا أنه قال: ((عبد الله بن الحصين)) .
وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (3737) .
وابن عساكر في "تاريخه" (8 / 90) .
كلاهما من طريق محمد بن شعيب بن شابور، عن عمر مولى غفرة، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن عبد الله بن حصين بن محصن، عن عبد الله بن هرمي، به مثل لفظ المصنف. =(3/851)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وتقدم في ترجمة عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين أنه يقال له: ((عبد الله)) أيضًا.
وفي إسناد ابن عساكر خطأ نبّه عليه هو عقب الحديث.
وأما هرمي بن عبد الله فقد قلب اسمه في رواية عمر هذه، ولذا قال البخاري عقب روايته للحديث: ((ولا يصح عبد الله)) ، يعني: عبد الله بن هرمي، وقد وافق عمر في ذلك حجّاج بن أرطأة كما سيأتي.
وخالف عُمَرَ كُلُّ من سعيد بن أبي هلال، ومحمد بن علي بن شافع عمّ الإمام الشافعي، عن عبد الله بن علي بن السائب، واختلف على سعيد أيضًا.
فأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص123 رقم 103) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 201 رقم 4188 - الإحسان بتحقيق الحوت-) .
والرَّامَهُرْمُزي في "المحدِّث الفاصل" (ص477 رقم 578) .
والطبراني في "الكبير" (4 / 103 رقم 3738) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 196) .
جميعهم من طريق عبد الله بن وهب، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ سعيد بن أبي هلال حدثه أن عبد الله بن علي بن السائب أحد بني المطلب حدثه، أن حصين بن محصين الخطمي حدثه، أن همري بن عمرو الخطمي حدثه، أن خزيمة بن ثابت حدثه ... ، فذكره بمثل لفظ المصنف هكذا بتسمية شيخ عبد الله بن عليّ، ((حصين بن محصن)) ، وتسمية والد هرمي: ((عمرو)) ، وهذا عند النسائي، والرامهرمزي، والطبراني، وأما ابن حبان فقال: ((هرمي)) ، ولم ينسبه وأما البيهقي فقال: ((هرمي الخطمي)) ، ولم يذكر اسم أبيه.
ووقع - خطأ - في المطبوع من "المحدث الفاصل": ((هارون)) بدل: ((هرمي)) وحُصين بن مِحْصَن الأنصاري المدني قال في "التهذيب" (2 / 389 رقم 677) : ((كأنه أخو عبيد الله بن محصن الخَطْمي ... ، ذكره ابن حبان في "الثقات" في التابعين، وقال ابن السكن: يقال: له صحبة، غير أن روايته عن عمته، وليست =(3/852)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= له رواية عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وذكره أبو موسى المديني في "ذيل الصحابة" وحكى عن عبدان وابن شاهين أنهما ذكراه في الصحابة)) . اهـ.
وقد روي الحديث من وجهين آخرين عن سعيد بن أبي هلال، ليس فيه ذكر لحصين، وإنما هو من رواية عبد الله بن علي، عن هرمي.
فأخرج الحديث الإمام أحمد في "المسند" (5 / 214) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص123 رقم 104) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 44) .
والطبراني في "الكبير" (4 / 103 - 104 رقم 3739) .
جميعهم من طريق أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ، عن حيوة بن شريح وابن لهيعة، كلاهما عن حسان مولى محمد بن سهل، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي بن السائب، عن هرمي بن عمرو الخطي، عن خزيمة ... ، به مثل لفظ المصنف.
ولم يفصح النسائي في روايته باسم ابن لهيعة، وإنما قال: ((وذكر آخر)) .
ووقع في إسناد الطبراني: ((هرمي بن عبد الله)) ، وأما إسناد الطحاوي ففيه تصحيف لعله من الطباعة، وبعضه يصحح من إخراجه للحديث أيضًا من رواية أبي زرعة عن حيوة، ومن رواية أبي الأسود، عن ابن لهيعة، كلاهما عن حسان، به مثله.
وأخرجه النسائي في الموضع السابق (ص123 - 124 رقم 105) من طريق خالد بن يزيد المصري، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة، به مثله.
وعلّقه البخاري في "تاريخه" (8 / 257) فقال: ((وقال سعيد بن أبي هلال: عن عبد الله بن علي، عن هرمي بن عمرو الأنصاري، عن خزيمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - مثله)) . اهـ.
وأما رواية محمد بن علي بن شافع للحديث، عن عبد الله بن علي بن السائب، =(3/853)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فقال الإمام الشافعي في كتاب "الأم" (5 / 156) ، وفي "مسنده" (2 / 29 رقم 90 / ترتيب) : أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع، قال: أخبرني عبد الله بن علي بن السائب، عن عمرو بن أُحَيْحة بن الجُلاَح، أو: عمرو بن فلان بن أُحَيْحة بن الجُلاَح - أنا شككت (القائل الشافعي) -، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رجلاً سأل النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن إتيان النساء في أدبارهن، أو: إتيان الرجل امرأته في دبرها، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إيْ، حلال)) ، فلما ولّى الرجل دعاه، أو: أمر به فدُعي، فقال: كيف قلت؟ في أي الخَرْبَتَيْن، أو: في أي الخَرْزَتَيْن، أو: في أي الخَصْفَتَيْن؟ أمن دبرها في قبلها فنعم، أمّ من دبرها في دبرها فلا، فإن اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ)) .
قال الشافعي عقبه: ((عمي ثقة، وعبد الله بن علي ثقة، وقد أخبرني محمد عن الأنصاري المحدث بها أنه أثنى عليه خيرًا، وخزيمة ممن لا يشك عالم في ثقته، فلست أرخص فيه، بل أنهى عنه)) . اهـ.
وقوله: ((في أي الخَرْبَتَيْن، أو في أي الخَرْزَتَيْن، أو: في أي الخَصْفَتَيْن؟)) يعني: في أي: الثُّقْبَيْن، والثلاثة بمعنى واحد. اهـ. من "النهاية في غريب الحديث" (2 / 18) .
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 196) .
والبغوي في "تفسيره" (1 / 199) .
والخطيب في "تاريخه" (3 / 197) .
ومن طريق الخطيب أخرجه ابن السبكي في "طبقات الشافعية" (2 / 73 - 74) .
وأخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص124 - 125 رقم 107) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 43 - 44) .
والطبراني في "الكبير" (4 / 105 رقم 3744) .
والبيهقي في الموضع السابق. =(3/854)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جميعهم من طريق إبراهيم بن محمد الشافعي، عن جده محمد بن علي قال: كنت عند محمد بن كعب القرظي، فجاءه رجل فقال: يا أبا عمرو، ما تقول في إتيان المرأة في دبرها، فقال: هذا شيخ من قريش، فَسَلْهُ - يعني عبد الله بن علي بن السائب - قال: وكان عبد الله لم يسمع في ذلك شيئًا، قال: اللهم قذرًا ولو كان حلالاً، ثم إن عبد الله بن علي لقي عمرو بن أُحَيْحَة بن الجُلاَح، فقال: هل سمعت في إتيان المرأة في دبرها شيئًا؟ فقال: أشهد لسمعت خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - شهادته بشهادة رجلين يقول: جاء رجل إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - ... ، وذكر باقي الحديث بنحو سياق الشافعي.
هذا لفظ البيهقي، ونحوه لفظ الطحاوي، وأما النسائي والطبراني فاختصراه.
ثم أخرجه النسائي أيضًا برقم (106 و 108) من طريق الحسن بن محمد بن أَعْيَن ويونس بن محمد، كلاهما عن محمد بن علي الشافعي، به مختصرًا.
وعمرو بن أُحَيحة - بمهملتين، مصغّر -، ابن الجُلاَح - بضم الجيم وتخفيف اللام -، الأنصاري، المدني مقبول، ووهم من زعم أن له صحبة، قال أبو عمر ابن عبد البر: ((ذكره ابن أبي حاتم فيمن روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وروى أيضًا عن خزيمة بن ثابت، وروى عنه عبد الله بن علي بن السائب. قال أبو عمر: هذا لا أدري ما هو؛ لأن أُحيحة بن الجلاح تزوّج سلمى بنت زيد من بني عدي بن النجار والدة عبد المطلب بعد موت هاشم، فولدت له عمرًا، هو أخو عبد المطلب لأمه. هذا قول أهل النسب والأخبار، وإليهم المرجع في ذلك، ومن المحال أن يروي عن خزيمة بن ثابت من كان في هذا السن، وعساه أن يكون حفيدًا لعمرو بن أحيحة سُمِّي باسمه)) . اهـ. من "التقريب" (ص418 رقم 4987) ، و "الإصابة" (4 / 598) ، وانظر "الجرح والتعديل" (6 / 220 رقم 1218) ، و "التهذيب" (8 / 3 رقم 3) و "الإصابة" أيضًا (1 / 35) .
وقد وافق ابن حجر ابن عبد البر في "التقريب"، فقال: ((وهم من زعم أن له صحبة، فكأن الصحابي جدّ جدّه، ووافق هو اسمه واسم أبيه)) . =(3/855)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وخالفه في بعض ذلك في "الإصابة"، فقال بعد أن ذكر كلام ابن عبد البر السابق: ((قلت: ويحتمل ألا يكون بينه وبين أُحَيْحة بن الجُلاَح الذي تزوّج سلمى نسب؛ بل وافق اسمُه واسمُ أبيه اسمَه، واشتركا في التسمية بعمرو، وليت شعري، ما المانع من ذلك مع كثرة ما وقع منه؟)) . اهـ.، وذكر نحو ذلك في "التهذيب".
وقال في "التلخيص الحبير" (3 / 204 - 205) : ((في هذا الإسناد عمرو بن أحيحة وهو مجهول الحال، واختلف في إسناده اختلافًا كثيرًا، وقد أطنب النسائي في تخريج طرقه وذكر الاختلاف فيه، وهو من رواية عبد الله بن علي بن السائب، يرويه عنه محمد بن علي بن شافع، ورواه عن محمد بن علي: الشافعي الإمام، وابن عمه إبراهيم بن محمد بن العباس. وقد روى الدارقطني في فوائد أبي الطّاهر الذُّهْلَي من طريق إبراهيم بن محمد هذا، عن محمد بن علي قال: جاء رجل إلى محمد بن كعب فسأله عن هذه المسألة فقال: هذا شيخ قريش فاسأله - يعني عبد الله بن علي بن السائب - فسأله، فقال عبد الله: اللهم قذرًا ولو كان حلالاً. انتهى.
وقد اختلف فيه على عبد الله بن علي بن السائب، فرواه النسائي من طريق ابن وهب، عن سعيد بن أبي هلال، عن عبد الله بن علي بن السائب عن حصين بن محصن: عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة بن ثابت، ومن طريق هرمي أخرجه أحمد والنسائي وابن حبان، وهرمي لا يعرف حاله أيضًا. وقد قال الشافعي: غلط ابن عيينة في إسناد حديث خزيمة، يعني: حيث رواه. وقال البزار: لا أعلم في الباب حديثًا صحيحًا، لا في الحظر ولا في الإطلاق، وكل ما روي فيه عن خزيمة بن ثابت من طريق فيه فغير صحيح. انتهى. وكذا روى الحاكم عن الحافظ أبي علي النيسابوري، ومثله عن النسائي، وقاله قبلهما البخاري)) . اهـ. كلام ابن حجر، وما نقله عن البزار وأبي علي النيسابوري والنسائي والبخاري مجازفة بهذا الإطلاق، وقريبًا تقدم حديث جابر بن عبد الله برقم [366] ، وفيه الإذن بإتيان =(3/856)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= المرأة مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في المأتى موضع الحرث، وهو حديث صحيح كما سبق بيانه، إلا أن كان قصدهم حديث خزيمة فقط، فنعم، لكن عبارة البزار تفيد الإطلاق، والله أعلم.
ورواية عبد الله بن علي بن السائب هذه مع ما فيها من الاختلاف والاضطراب، فهي أيضًا مخالفة للرواية الأرجح؛ وهي رواية الوليد بن كثير ومحمد بن إسحاق بن يسار للحديث عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، بزيادة عبد الملك بن عمرو بن قيس في إسناده.
فقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 253) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الطبراني في "الكبير" (4 / 104 رقم 3740) .
وأخرجه الدارمي في "سننه" (2 / 69 رقم 2219) .
والبخاري في "التاريخ الكبير" (8 / 256) .
وبَحْشَل في "تاريخ واسط" (ص252) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص120 - 121 رقم 100) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 196) .
جميعهم من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن الوليد بن كثير، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين، عن عبد الملك بن عمرو بن قيس الخطمي، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ عن خزيمة بن ثابت، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، به، ولفظ ابن أبي شيبة مثله، وكذا لفظ الباقين إلا أنهم قالوا: ((أعجازهن)) بدلاً من: ((أدبارهن)) .
والوليد بن كثير المخزومي مولاهم، أبو محمد المدني، ثم الكوفي، روى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الله بن الحصين وسعيد بن أبي هند وسعيد المقبري والزهري ونافع مولى ابن عمر وغيرهم، روى عنه عيسى بن يونس وسفيان بن عيينة وأبو أسامة حماد بن أسامة وغيرهم، وهو ثقة، روى له الجماعة، وقال عيسى بن يونس: ((حدثنا الوليد بن كثير وكان ثقة)) ، وفي رواية: ((حدثنا الوليد بن كثير وكان متقنًا في الحديث)) ، وقال إبراهيم بن سعد: ((كان ثقة متبعًا للمغازي حريصًا =(3/857)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= على علمها)) ، وقال ابن عيينة: ((كان صدوقًا)) ، ووثقه ابن معين وأبو داود، وزاد: ((إلا أنه إباضي)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في ثقاتيهما، وقال الساجي: ((صدوق ثبت يحتج به)) ، وفي رواية: ((كان إباضيًا، ولكنه كان صدوقًا)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وخمسين ومائة. اهـ. من "تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص245 رقم 1497) ، و "التهذيب" (11 / 148 رقم 250) ، وانظر ترجمة عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين السابقة.
وقد شذّ ابن سعد فقال: ((كان له علم بالسيرة والمغازي، وله أحاديث، وليس بذاك)) . اهـ. ولم يبين سبب جرحه له، ولعله قصد ما رمي به الوليد من رأي الخوارج.
وقد اختار القول بتوثيقه الذهبي، فقال في "الكاشف" (3 / 241 رقم 6192) : ((ثقة)) ، وقال في "الميزان" (4 / 345 رقم 9397) : ((ثقة صدوق، حديثه في الصحاح)) ، وذكره في "سير أعلام النبلاء" (7 / 63) ووصفه بالحافظ، ثم قال: ((كان أخباريًا علامة ثقة بصيرًا بالمغازي)) . اهـ.
وتابع الوليد على روايته على هذا الوجه محمد بن إسحاق بن يسار، وتقدم في الحديث [58] أنه صدوق يدلس، لكنه صرح بالسماع هنا.
فقد أخرج الحديث الدارمي في "سننه" (1 / 208 رقم 1148) .
والبخاري في "تاريخه" (8 / 256) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص121 رقم 101) .
أما الدارمي فمن طريق يزيد بن زريع، وأما البخاري فمن طريق عبد الأعلى، وأما النسائي فمن طريق محمد بن سلمة، ثلاثتهم عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن حصين، الأنصاري، حدثني عبد الملك بن عمرو بن قيس رجل من قومي وكان من أسناني، قال: حدثني هرمي بن عبد الله، قال: تذاكرنا شأن النساء في مجلس بني وَاقِف وما يُؤتى منهن، فقال =(3/858)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= خزيمة بن ثابت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول: ((أيها الناس، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أعجازهن)) .
وعبد الملك بن عمرو بن قيس الخَطْمي الأنصاري، المدني مجهول، تفرد بالرواية عنه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بن الحصين، وذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 425 رقم 1380) ، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 395 رقم 1697) ، وذكره ابن حبان "الثقات" (7 / 100) ، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 660) ، وقال: ((تفرد عنه عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ)) ، وانظر "التهذيب" (6 / 409 رقم 860) .
[ب] طريق عمرو بن شعيب، عن هرمي.
أخرجه النسائي في "عشرة النساء" (ص121 - 122 رقم 102) من طريق علي بن الحكم، عن عمرو بن شعيب، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن تؤتى المرأة من قبل دبرها.
وأخرجه الطبراني في "الكبير" (4 / 102 رقم 3733) من طريق ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة بن ثابت قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((استحيوا، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أدبارهن)) .
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من "سننه" (7 / 197 - 198) من طريق المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب ... ، به نحو سابقه.
ورواه حجّاج بن أَرْطَأَةْ، فقلب اسم هرمي بن عبد الله، فقال: ((عبد الله بن هرمي)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 213) .
وابن ماجه في "سننه" (1 / 619 رقم 1924) في النكاح، باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن.
والهيثم بن خلف الدوري في "ذم اللواط" (ص176 و 178 رقم 102 و 104) .
والطبراني في "الكبير" (4 / 102 و 103 رقم 3734 و 3735) . =(3/859)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبيهقي في الموضع السابق (7 / 197) .
جميعهم من طريق حجاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن عبد الله بن هرمي، عن خزيمة، به مثل لفظ المصنف، إلا أن الإمام أحمد والطبراني في إحدى روايتيه والبيهقي قالوا في روايتهم: ((أعجازهن)) بدلاً من: ((أدبارهن)) .
وقد أخطأ حجاج بن أرطأة في قوله: ((عبد الله بن هرمي)) ، ولذا قال البخاري في "تاريخه" (8 / 257) : ((ولا يصح عبد الله)) ، وانظر ترجمة هرمي في التعليق رقم (5) على هذا الحديث.
[جـ]- طريق حميد بن قيس الأعرج، عن هرمي.
أخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 257) .
والبيهقي في الموضع السابق.
كلاهما من طريق وُهيب بن خالد، عن حميد بن قيس، عن هرمي، به نحو لفظ المصنف، إلا أن البخاري لم يذكر لفظه اكتفاء بلفظ محمد بن إسحاق السابق.
وأخرجه البخاري في الموضع نفسه من طريق ابن أبي عدي وإبراهيم بن حبيب بن الشهيد، كلاهما عن حبيب بن الشهيد، عن حميد، به.
2- طريق رجل مبهم، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 213) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص125 رقم 109) .
كلاهما من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الأعرج، عن رجل، عن خزيمة، به، واللفظ للإمام أحمد، وأما النسائي فلفظه: ((إتيان النساء في أدبارهن حرام)) .
وأخرجه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص160) من طريق محمد بن غالب، قال: حدثنا سفيان، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الليثي، عن رجل، عَنْ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحق)) . =(3/860)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لكن من الواضح أن في إسناد الحاكم سقطًا بين محمد بن غالب وسفيان، فإن بين وفاة سفيان الثوري وولادة محمد بن غالب نحوًا من اثنتين وثلاثين سنة، فكيف يمكن أن يقول: حدثنا سفيان؟!
انظر: "سير أعلام النبلاء" (7 / 279) و (13 / 391) ، ويوضح السقط كلام الحاكم الآتي:
قال الحاكم بعد أن رواه: ((هكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن الثوري، ولم يسمِّ الرجل، وقال: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ الأعرج، فأما عبد الله بن شداد فإنا لا نعلم أحدًا روى عنه غير سفيان الثوري، وقد تفرد الثوري بالرواية من بضعة عشر شيخًا)) .
قلت: أما عبد الله بن شداد المدني، أبو الحسن الأعرج، فإنه صدوق حسن الحديث، كان من تجار واسط، وقد روى عنه أيضًا حماد بن سلمة، قال ابن معين: ((شيخ واسطي ليس به بأس)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره ابن خلفون في "الثقات" أيضًا ونقل عن أحمد بن صالح العجلي أنه قال: ((هو ثقة)) ، وقال ابن القطان: ((مجهول الحال)) . اهـ. من "تهذيب الكمال" للمزي وحاشيته (15 / 85 - 86 رقم 3331) ، و "تهذيب التهذيب" (5 / 253 رقم 442) ، و "التقريب" (ص307 رقم 3383) .
وسفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي إمامان ثبتان ثقتان حافظان، تقدمت ترجمتهما.
وعليه فالحديث ضعيف لإبهام الراوي عن خزيمة، وقد يكون هرمي بن عبد الله، وقد يكون عمرو بن أحيحة، وقد يكون غيرهما.
وخلاصة ما سبق أن حديث خزيمة ضعيف لما فيه من الاضطراب والاختلاف، ولأن الراوي له عن خزيمة مجهول الحال، سواء كان هرمي بن عبد الله أو عمرو بن أحيحة، ولو سلم الحديث من الاضطراب لما سلم من علة جهالة حال الراوي عن خزيمة.
وأما الطريق الثانية هذه فلا يعتضد الحديث بها لاحتمال أن يكون الراوي المبهم =(3/861)
369- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: نَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (1) ، عَنْ عِمَارة بْنِ خُزَيْمة (2) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ، لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أدبارهن)) .
__________
= هرمي بن عبد الله أو عمرو بن أُحَيْحَةَ.
وأما ما تضمنه متن الحديث من النهي عن إتيان النساء في أدبارهن، فإنه صحيح يشهد له حديث جابر المتقدم برقم [366 و 367] وفي بعض طرقه النهي عن إتيان النساء في غير موضع الحرث، وانظر الحديث الآتي.
(1) هو: ابن الهَاد.
(2) هو عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري الَأَوْسي، أبو عبيد الله أو أبو محمد المدني، روى عن أبيه، وعن عثمان بن حنيف وعمرو بن العاص وسبرة بن الفاكه وغيرهم، روى عنه ابنه محمد والزهري ويزيد بن عبد الله بن الهاد وغيرهم، وهو ثقة، وثقه النسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وكانت وفاته سنة خمس ومائة وهو ابن خمس وسبعين سنة. انظر: "طبقات ابن سعد" (5 / 71) ، و "التهذيب" (7 / 416 رقم 674) ، و "التقريب" (ص409 رقم 4844) .
[369] سنده ظاهره الصحة، لكنه معلول؛ أخطأ فيه سفيان بن عيينة، وصوابه: ((يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاقِفِيِّ، عن خزيمة بن ثابت)) كما سبق بيانه في الحديث السابق.
قال الشافعي: ((غلط سفيان في إسناد هذا الحديث: حديث ابن الهاد)) .
أخرجه ابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه" (ص215) ، والبيهقي في "مناقب الشافعي" (2 / 10) ، وفي "السنن" (7 / 197) كلاهما من طريق محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن الشافعي، به.
وقال البخاري في "تاريخه الكبير" (8 / 256) : ((وقال ابن عيينة، عن ابن الهاد، =(3/862)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ أبيه، وهو وهم)) .
ونقل ابن أبي حاتم في الموضع السابق (ص216) عن أبيه أنه قال: ((الصحيح: ابن الْهَادِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عبد الله بن الحصين، عَنْ هَرَمِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن خزيمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) .
وفي "العلل" له (1 / 403 رقم 1206) نقل عن أبيه أنه قال: ((هذا خطأ، أخطأ فيه ابن عيينة، إنما هو ابن الهاد، عن علي بن عبد الله بن السائب، عن عبيد اللَّهِ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ هَرَمِيِّ، عن خزيمة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) . اهـ.
وفي المطبوع من "العلل" تصحيف صوبته من مخطوط "العلل" (ل 119 / أ) .
وهذا الذي نقله ابن أبي حاتم، عن أبيه في "العلل" خطأ أيضًا، والصواب ما نقله عنه في "آداب الشافعي"، وانظر تفصيل طرق الحديث في الحديث السابق.
وقال البيهقي في "سننه" (7 / 197) : ((رواه ابن عيينة، عن ابن الهاد، فأخطأ في إسناده)) ، ثم نقل قول الشافعي السابق، ثم قال:
((مدار هذا الحديث على هرمي بن عبد الله، وليس لعمارة بن خزيمة فيه أصل، إلا من حديث ابن عيينة، وأهل العلم بالحديث يرونه خطأ، والله أعلم)) .
والحديث أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 207 رقم 436) .
ومن طريقه البيهقي في الموضع السابق من "سننه".
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (5 / 213) .
والنسائي في "عشرة النساء" (ص119 رقم 96) .
ومن طريقه ابن حزم في "المحلى" (11 / 289) .
وأخرجه ابن الجارود في "المنتقى" (3 / 50 - 51 رقم 728) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 43) .
وابن أبي حاتم في "آداب الشافعي ومناقبه" (ص215 - 216) .
والطبراني في "الكبير" (4 / 97 رقم 3716) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به مثله سواء. =(3/863)
370- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الشَّقَري (2) ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو القَعْقَاع (3) ، قَالَ: شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ (4) وَأَنَا غُلَامٌ - أَوْ يَافِعٌ (5) -، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ: آتِي امْرَأَتِي كَيْفَ شِئْتُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) . قَالَ: وحيثُ شئتُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) . قَالَ: وأَنَّى شئتُ؟ قَالَ: ((نَعَمْ)) . قَالَ: فَفَطِنَ لَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَأتِيَها فِي مَقْعَدَتِها، فَقَالَ: ((لَا، مَحَاشُّ (6) النساء عليكم حرام)) .
__________
= وقد أخطأ ابن حزم في "المحلى"، فزعم أن سفيان هو الثوري، وأن الخبر صحيح والحق أنه سفيان بن عيينة، وأن الخبر معلول بما سبق، وليس صحيحًا من هذا الطريق، وأما متن الحديث فمعناه صحيح يشهد له حديث جابر المتقدم برقم [336 و 367] ، وفي بعض طرقه النهي عن إتيان النساء في غير موضع الحرث، والله أعلم.
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) هو سلمة بن تمّام، أبو عبد الله الشَّقَري - بفتح المعجمة والقاف -، الكوفي، روى عن الحكم بن عُتَيبة والشعبي وغيرهما، روى عنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وابن عليّة وغيرهم، وهو صدوق من الطبقة الرابعة، فقد وثقه ابن معين والعجلي وابن نمير، وقال أبو حاتم: ((ثقة صدوق لا بأس به)) ، وقال الإمام أحمد: ((ليس هو بقوي في الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 157 - 158 رقم 693) ، و "التهذيب" (4 / 142 رقم 243) ، و "التقريب" (ص247 رقم 2486) .
(3) هو أبو القعقاع الجَرْمي، قيل اسمه: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن بن خالد الجَرْمي، مجهول الحال، روى عن ابن مسعود وعلي - رضي الله عنهما -، وروى عنه أبو عبد الله الشقري، والمنهال بن خليفة وغيرهما. انظر "المقتنى" للذهبي (2 / 25 رقم 5148) ، وما سيأتي. =(3/864)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد اختلفت أقوال العلماء في اسم أبي القعقاع هذا.
فذهب البخاري إلى أنهما اثنان فذكره في "التاريخ الكبير" (5 / 77 رقم 205) ، فقال: ((عبد الله بن خالد أبو القعقاع الجَرْمي، نسبه ابن أبي شيبة، منقطع)) ؛ يشير إلى أنه روى شيئًا منقطعًا، وتبعه على هذا مسلم في "الكنى" (2 / 701 رقم 2822) ، فنقل عبارته هذه كما هي ولم يزد عليها.
ثم ذكره البخاري في "الكنى" (ص64 رقم 581) بكنيته فقط، ولم يسمه أو ينسبه، وذكر حديثه هذا مختصرًا.
وتابع البخاري على التفريق بينهما ابن حجر في "تعجيل المنفعة" (ص337 رقم 1377) ، فقال: ((ذكر ابن خلفون في "الثقات" أن اسمه عبد الله بن خالد، وهو وهم، ذلك آخر سمّاه البخاري وقال: روى شيئًا منقطعًا، وفي "تاريخ ابن معين" رواية عباس الدُّوري أن اسمه: عبد الرحمن بن خالد، وفرّق البخاري وأبو أحمد تبعًا للبخاري بينه وبين الراوي عن ابن مسعود، فلم يذكر للراوي عن ابن مسعود اسمًا)) . اهـ.
وما ذكره الحافظ ابن حجر من أن أبا أحمد الحاكم تابع البخاري على التفريق بينهما وهم لعله ناشىء من أنه رأى أبا أحمد ساق كلام البخاري فظنه مقرًا له ومتابعًا ولم ينظر في بقية كلامه، وقد يكون في نسخته من "الكنى" لأبي أحمد الحاكم سقط؛ وإنما ذكرت هذا لأن ابن عبد البر ساق كلام أبي أحمد الحاكم ولم يتعقبه بشيء، فقال في "الاستغناء" (3 / 1525 - 1526) : ((ذكر أبو أحمد الحاكم قال: ذكر البخاري أبا القعقاع في موضعين في "التاريخ الكبير"، فسماه مرة، وكنّاه ونسبه إلى أبيه وقبيلته، ولم يبين عمن روى، ولا من روى عنه، وأخرجه في الكنى المجرّدة، فذكر كنيته، ولم يذكر اسمه ولا قبيلته، فدلّ على أنه عنده غير الأول، وما أراه إلا رجلاً واحدًا والله أعلم)) . اهـ.
فكلام أبي أحمد هنا مخالف لما ذهب إليه البخاري.
وقد ذكر ابن سعد أبا القعقاع هذا في "الطبقات" (6 / 180) ، فقال: ((أبو القعقاع الجَرْمي، =(3/865)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من قضاعة، روى عن علي وعبد الله)) ، ولم يسمِّه.
وذهب ابن أبي حاتم وابن حبان إلى أن اسمه: عبد الله بن خالد، لكن ابن حبان لم يذكر له رواية عن أحد من الصحابة، بل أودعه في أتباع التابعين، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلاً وإنما بيّض له. انظر: "الجرح والتعديل" (5 / 43 - 44 رقم 200) ، و "الثقات" لابن حبان (7 / 29) .
وأما ابن معين وأبو داود السجستاني فذهبا إلى أن اسمه: عبد الرحمن بن خالد، ودلّل أبو داود على ذلك بقوله: ((سألت مسلم بن أبي مسلم الجَرْمي عن اسم أبي القعقاع الجَرْمي - وهو جَدُّه -، فقال: عبد الرحمن بن خالد)) . انظر: "تاريخ ابن معين" (2 / 346 رقم 2592) ، و "الكنى والأسماء" للدولابي (2 / 85) .
والذي يترجح من خلال ما سبق أن اسمه: عبد الله أو عبد الرحمن، وأنهما رجل واحد، وأنه مجهول الحال، فقد سكت عنه البخاري، وبيض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان وابن خلفون في "الثقات"، وقال الذهبي: ((لا يعرف)) ، وروى عنه أكثر من اثنين كما في المراجع السابقة.
(4) القادسية: موضع بينه وبين الكوفة خمسة عشر فرسخًا، وفيه كان يوم القادسية بين المسلمين والفرس أيام عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه - سنة أربع عشرة للهجرة، وكان على المسلمين يومئذ سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، وقد نصر الله المسلمين في هذه الوقعة نصرًا مؤزرًا، ولم تقم بعدها للفرس قائمة. انظر: "معجم البلدان" (4 / 291) ، و "البداية" لابن كثير (7 / 35 - 47) .
(5) اليَافِع: هو الشَّابُّ كما في "لسان العرب" (8 / 415) .
(6) المَحَشُّ: مُجْتَمَعُ العَذِرة، والمَحَشَّةُ: الدُّبُر، قال الأزهري في حديث ابن مسعود هذا: كَنَّى عن الأدبار بالمحاشّ كما يُكْنَى بالحشوش عن مواضع الغائط. اهـ. من "لسان العرب" (6 / 286) ، وانظر: "غريب الحديث" للخطابي (2 / 251) .
[370] سنده ضعيف لجهالة حال أبي القعقاع الجرمي.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 199) في النكاح، باب: إتيان النساء في =(3/866)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أدبارهن، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه وقع عنده: ((قال: نعم، ففطن له الرجل)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 252) .
وابن سعد في "الطبقات" (6 / 180) .
والهيثم بن خلف في "ذم اللواط" (ص178 رقم 105) .
ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن علية، عن أبي عبد الله بن الشقري، عن أبي القعقاع الجرمي، عن ابن مسعود أنه قال: ((محاش النساء عليكم حرام)) . هذا لفظ ابن أبي شيبة والهيثم.
وأما ابن سعد فاقتصر على قول أبي القعقاع: شهدت القادسية وأنا غلام يافع.
وأخرجه الدارمي في "سننه" (1 / 270 رقم 1142) من طريق أبي هلال محمد بن سليم الراسبي، عن أبي عبد الله الشقري، به نحو لفظ المصنف، إلا أنه لم يذكر قول أبي القعقاع: ((شَهِدْتُ الْقَادِسِيَّةَ وَأَنَا غُلَامٌ أَوْ يافع)) ، وزاد في آخره: سئل عبد الله: تقول به؟ قال: نعم.
وأخرجه الهيثم أيضًا (ص177 رقم 103) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (3 / 46) .
والخطابي في "غريب الحديث" (2 / 250 - 251) .
ثلاثتهم من طريق حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ، عَنْ أَبِي القعقاع الجرمي قال: سمعت ابن مسعود يقول: ((محاش النساء عليكم حرام)) .
وأخرجه الدولابي في "الكنى" (2 / 85) ، فقال: أخبرني سليمان بن الأشعث أبو داود، قال: حدثنا أبو مسلم الجرمي، عن أخيه اليسير بن إبراهيم، عن جده أبي القعقاع الجرمي، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((محاش النساء عليكم حرام)) .
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه مخالفة لرواية أبي عبد الله الشقري سلمة بن تمام، وحجاج بن أرطأة؛ حيث روياه موقوفًا على عبد الله.
ومع ذلك فأبو مسلم الجرمي وأخوه اليسير بن إبراهيم لم أجد لهما ترجمة. =(3/867)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ]
371- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} -، قَالَ: ((هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَصِلَ رَحِمَهُ، وَلَا يبرَّ قَرَابَتَهُ، وَلَا يُصْلِحَ بَيْنَ اثْنَيْنِ، فَلَا تَمْنَعُهُ يَمِينُهُ مِنْ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، ويُكَفِّر عَنْ يَمِينِهِ)) .
__________
= واسم أبي مسلم الجرمي: مسلم بن أبي مسلم إبراهيم الجرمي كما في الموضع السابق من "الكنى" للدولابي.
لكن ما تضمنّه متن الحديث من تحريم إتيان النساء في أدبارهن صحيح يشهد له حديث جابر المتقدم برقم [366 و 367] ، والله أعلم.
[371] سنده صحيح، ومغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه كان يدلس، لا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح فيه بالسماع، لكن رواية محمد بن فضيل عنه صحيحة كما سيأتي، وهو ممن روى عنه هذا الحديث.
فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (4 / 421 و 422 و 423 و 424 رقم 4359 و 4362 و 4364 و 4370) من طريق عبد الله بن المبارك ويعقوب بن إبراهيم وعمرو بن عون، ثلاثتهم عن هشيم، به نحوه، إلا أن بعضهم زاد قوله: ((يحلف أن لا يتقي الله)) ، وبعضهم نقص منه بعض ألفاظه.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع من "المصنف" (ص35 رقم 242) من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ في رجل حلف أن لا يصل رحمه، قال: يصل رحمه، ويكفر يمينه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4363) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مغيرة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن يزيد، عن إبراهيم النخعي، به هكذا بزيادة مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يزيد في إسناده.
وقد وافق هشيمًا على روايته عن مغيرة، عن إبراهيم: أبو الأحوص سلاّم بن سليم كما سبق، ومحمد بن فضيل وخالد بن عبد الله الطحان كما سيأتي فروايتهم أرجح من رواية جرير. =(3/868)
372- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَ ذَلِكَ.
373- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا مُغيرة، عَنِ الشَّعبي قَالَ: ((يَصِلُ رَحِمَهُ، وَيَبَرُّ قَرَابَتَهُ، وَيُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَمَرْتُهُ بِالْكَفَّارَةِ، لَأَمَرْتُهُ أَنْ لَا يتمَّ عَلَى قَوْلِهِ)) .
374- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي هَذِهِ الْآيَةِ -، قَالَ: ((هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ أَنْ لَا يَصِلَ رَحِمًا، وَلَا يَتَّقِيَ اللَّهَ، وَلَا يُصْلِحَ بين اثنين)) .
__________
= أما رواية محمد بن فضيل، فأخرجها ابن جرير برقم (4369) ، من طريق شيخه هنّاد بن السَّري، عنه، عن مغيرة، عن إبراهيم - قوله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} الآية -، قال: يحلف الرجل أن لا يأمر بالمعروف، ولا ينهى عن المنكر، ولا يصل رحمه.
وهذا إسناد صحيح، فرواية محمد بن فضيل عن مغيرة مأمونة الجانب من تدليس مغيرة كما تقدم في الحديث [306] .
وأما رواية خالد بن عبد الله الطحان، فهي الآتية برقم [374] .
(1) هو ابن عبيد.
[372] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 33) في الأيمان، باب من حلف على يمين فرأى خيرًا منها، من طريق قتادة، عن الحسن - في قوله: {وَلَا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ} -، قال: لا تعتلّوا بالله، لا يقول (كذا!) أحدكم: إني آليت أن لا أصل رحمًا، ولا أسعى في صلاح، ولا أتصدق من مالي، كفَّرْ عن يمينك، وائت الذي حلفت عليه.
[373] سنده ضعيف، فمغيرة بن مقسم الضبِّي تقدم في الحديث [54] أنه مدلس، ولم يصرِّح بالسماع هنا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من المجلد الرابع من "المصنف" (ص35 رقم 242) ، من طريق أبي الأحوص، عن مغيرة قال: قال الشعبي: يصل رحمه، ولا يكفر يمينه، ولو أمرته أن يكفر يمينه، أمرته يتم (كذا!!) على قوله.
[374] سنده صحيح؛ لأن محمد بن فضيل ممن روى هذا الحديث عن مغيرة، وروايته =(3/869)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ]
375- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو (1) ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: (لِلَّذِيْنَ يُقْسِمُونَ مِنْ نَسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ؛ (وَإِنْ عَزَمُوا السَّرَاحَ) (2)) ) .
376- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ الحَكَم، عَنْ مِقْسَم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((عَزِيمَة الطَّلَاقِ: انْقِضَاءُ الأربعة الأشهر، والْفَيْءُ: (الجِماع) (3)) ) .
__________
= عنه محمولة على الاتصال وإن كان بالعنعنة، وانظر بيان ذلك مع تخريج الحديث في الحديث المتقدم برقم [371] .
(1) هو ابن دينار.
(2) تسريح المرأة: تطليقها، والاسم: السَّراح. اهـ. من "لسان العرب" (2 / 479) .
[375] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 646) وعزاه المصنف وعبد الرزاق وأبي عبيد في "الفضائل" وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في "المصاحف"، ولفظه: ((عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (للذين يقسمون من نسائهم) ، ويقول: الإِيلاء: القسم، والقسم: الإيلاء)) .
وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص86) من طريق الحميدي، حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: كَانَ ابن عباس يقرأ: (وإن عزموا السراح) .
وهذا اللفظ ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 650) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 454 - 455 رقم 11643) عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، أن ابن عباس كان يَقْرَأُ: (لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) ،: (فإن عزموا السراح) .
(3) في الأصل هكذا: ((والفي فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قال: =(3/870)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= لَا تَأْخُذْ مِيثَاقِهَا أَلَّا تَنْكِحَ غَيْرَكَ، وَلَا تُوجِبِ الْعُقْدَةَ حَتَّى تنقضي العدة)) .
وهذا فيه خلط بين حديثين، أحدهما: حديث ابن عباس الذي حذف آخره، وهو قوله: ((الجماع)) ، فأثبته على الصواب بالرجوع إلى "سنن سعيد بن منصور" المطبوعة (2 / 29 رقم 1893) حيث أخرج هذا الحديث في الطلاق، باب ما جاء في الإيلاء، بنفس السياق هنا سواء.
وأما الحديث الآخر، فهو حديث الشعبي الذي حذف أوله بما فيه الإسناد بكامله، حتى الشعبي، ولم يبق سوى المتن، فاجتهدت في استدراك ما سقط منه حسب الطاقة كما سيأتي في الحديث بعده، والعلم عند الله.
[376] سنده ضعيف؛ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبي ليلى تقدم في الحديث [186] أنه صدوق سيء الحفظ جدًّا، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه شعبة وغيره، وسنده حسن لذاته كما سيأتي، وفيه تصريح الحَكَم بن عُتيبة بالسماع.
وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (1 / 649 و 651) مفرقًا في موضعين، وعزاه للمصنف وعبد الرزاق والفريابي وعبدين حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وقد أخرجه "المصنف" في كتاب الطلاق من "سننه" المطبوعة، باب ما جاء في الإيلاء (2 / 29 رقم 1893) كما هنا سواء.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 454 رقم 11642) .
وابن جرير في "تفسيره" (4 / 466 رقم 4509) .
أما عبد الرزاق فمن طريق ابن جريج وسفيان الثوري، وأما ابن جرير فمن طريق الثوري، كلاهما عن ابن أبي ليلى، به ولفظ عبد الرزاق نحوه، ولفظ ابن جرير مختصر.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 129 و 138) ، فقال: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن الحكم ... ، فذكره بمثل لفظ المصنف.
وهذا إسناد حسن لذاته ورجاله ثقات تقدمت تراجمهم، عدا مقسم مولى =(3/871)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن عباس، فإنه صدوق كما في الحديث [365] ، وقد صرح الحَكَم بن عُتَيْبة بالسماع في رواية البيهقي الآتية.
وقد سقط بعض إسناد ابن أبي شيبة من "المصنف" المطبوع في الموضع الأول، فاستدركته من "المصنف" المخطوط (1 / ل 246 / أ) ، ومن "الجوهر النقي" (7 / 379) حيث نقله ابن التركماني عن ابن أبي شيبة وصحح سنده.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (4 / 466 و 481 و 482 رقم 4511 و 4574 و 4575 و 4579) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 162 / أ) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 379) في النكاح، باب من قال: عزم الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر.
أما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق وكيع، وأما البيهقي فمن طريق أبي الوليد الطيالسي، جميعهم عن شعبة، به مثله، إلا أن ابن جرير لم يذكر قوله: ((والفيء الجماع)) إلا في الموضع الأول، ولم يذكر فيه باقي الحديث.
وقد صحح البيهقي هذا القول عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عنهما -.
وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (4581) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق أيضًا.
كلاهما من طريق حجاج بن أرطأة، عن الحكم، به بمعناه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (4510 و 4578) من طريق يزيد بن زياد بن أبي الجعد، عن الحكم، به مثله، إلا أنه فرّقه في الموضعين.(3/872)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} ]
377- (حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ (1) ، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ (2) : سَمِعْتُهُ (3) يَقُولُ (4)) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ (5) سِرًّا} - قَالَ: ((لَا تَأْخُذْ مِيثَاقِهَا أَلَّا تَنْكِحَ غَيْرَك، وَلَا تُوْجِب العُقْدَةَ حتى تنقضي العِدَّة)) .
__________
(1) هو إسماعيل بن سالم الأسدي، أبو يحيى الكوفي، نزيل بغداد، يروي عن الشعبي وسعيد بن المسيب، وأبي صالح السَّمَّان وغيرهم، روى عنه ابنه يحيى والثوري وهشيم وغيرهم، وهو ثقة ثبت من الطبقة السادسة قال ابن سعد: ((كان ثقة ثبتًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة، أوثق من أساطين مسجد الجامع)) ، وفي رواية: (( (ثقة حجة)) ، ووثقه يعقوب الفسوي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن خراش والدارقطني وغيرهم. "الجرح والتعديل" (2 / 172 رقم 580) ، و "التهذيب" (1 / 301 - 302 رقم 554) ، و "التقريب" (ص107 رقم 447) .
(2) أي إسماعيل بن سالم.
(3) أي سمع الشعبي.
(4) ما بين القوسين سقط من الأصل، فاختلط متن هذا الحديث مع الحديث السابق فأصبح حديثًا واحدًا كما سبق بيانه، فاجتهدت في استدراك سقطًا مستعينًا في ذلك بأمرين:
أ- معرفتي بأسانيد المصنف وطريقة روايته.
ب- بالنظر إلى من أخرج الحديث، وجدت أن ابن جرير أخرج الحديث بمثل لفظ المصنف هنا سواء، فأثبت إسناد ابن جرير مع مراعاة ما تقدم في =(3/873)
378- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مَنْصُورٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ (2) .
__________
= الفقرة السابقة؛ قال ابن جرير في "تفسيره" (5 / 108 رقم 5159) : ((حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ: {ولَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تَنْكِحَ غَيْرَكَ، وَلَا تُوجِبِ الْعُقْدَةَ حتى تنقضي العدة)) . اهـ. وهشيم الذي أخرج ابن جرير الحديث من طريقه هو شيخ المصنف كما في الحديث السابق وغيره.
(5) في الأصل: ((ولا تواعدوهن)) .
[377] سنده صحيح.
وقد أخرجه ابن جرير - كما سبق - من طريق هشيم، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 262) .
وابن جرير في الموضع السابق برقم (5160) .
كلاهما من طريق جرير، عن منصور، عن الشعبي، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ولا توجب العقدة ... )) إلخ.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5158) من طريق عمرو بن أبي قيس، عن منصور، به نحو سابقه.
وأخرجه ابن جرير برقم (5157) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة.
كلاهما من طريق شعبة، عن منصور قال: ذُكر لي عن الشعبي ... ، فذكره بنحوه.
فتبين بهذا أن منصورًا لم يسمعه من الشعبي.
ومنصور بن المعتمر تقدم في الحديث [10] أنه ثقة ثبت وكان لا يدلس، وقد بيّن في رواية شعبة عنه أنه رواه عن الشعبي بواسطة مبهم، فلست أدري أهو الذي لم يذكر ذلك في روايته لجرير وعمرو، أم هما اللذان لم يذكرا ذلك؟
(1) هو ابن زَادَان.(3/874)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
(2) يعني أنه قال - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: هو الزنا، كما سيأتي في الحديث رقم [381] ، حيث قرن المصنِّف قول الحسن البصري والضّحّاك وأبي مِجْلَز وعطاء، جميعهم قالوا: هو الزنا.
[378] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 107 رقم 5151) من طريق هشيم، به مثله مقرونًا بقول الضحاك وأبي مجلز.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 263) .
وعبد بن حميد في "تفسيره" كما في "فتح الباري" (9 / 180) ، و "تغليق التعليق" (4 / 414) .
وابن جرير (5 / 106 رقم 5143) .
وابن أبي حاتم (1 / ل 172 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة.
وابن حجر في الموضع السابق من "تغليق التعليق".
أما ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، فمن طريق أبي أسامة، وأما عبد بن حميد فمن طريق رَوْح، وأما ابن جرير فمن طريق يحيى بن سعيد القطان، وأما البيهقي فمن طريق عمر بن حبيب، وأما ابن حجر فمن طريق وكيع، جميعهم عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْر، عَنْ الحسن: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قال: الزنا.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5141 و 5142 و 5143 و 5147) من طريق سليمان التيمي، عن رجل مبهم، عن الحسن، ومن طريق يزيد بن إبراهيم وأشعث بن عبد الملك الحمراني، عن الحسن، به مثل سابقه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 56 رقم 12168) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير برقم (5148 و 5153) .
كلاهما من طريق معمر، عن قتادة، عن الحسن - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: هو الفاحشة. =(3/875)
379- وَأَنَا (1) جُوَيْبِر، عَنِ الضَّحَّاكِ (2) .
380- والتَّيْمي (3) ، عن أبي مِجْلَز (4) .
__________
= وأخرجه عبد بن حميد كما في الموضع السابق من "تغليق التعليق"، من طريق سهل بن أبي الصَّلْت، عن الحسن: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ، قال: الزنا.
وأخرجه ابن حجر أيضًا في "التغليق" من طريق عوف الأعرابي، عن الحسن، به نحو سابقه وفيه زيادة.
وذكره البخاري في "صحيحه" تعليقًا (9 / 178) مجزومًا به، فقال: وقال الحسن: {لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} : الزنا.
(1) القائل: ((وأنا)) هو هُشيم شيخ المصنف كما في الحديث السابق.
(2) يعني: أنه قال - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} - قال: هو الزنا كما سيأتي في الحديث [381] حيث قرن المصنف قول الحسن البصري السابق مع قول الضحاك هنا بقولي أبي مِجْلَز وعطاء الآتيين.
[379] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر كما في ترجمته في الحديث رقم [93] .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 107 رقم 5151) من طريق هشيم، به مثله مقرونًا بقول الحسن السابق وقول أبي مجلز الآتي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5149) من طريق أبي زهير ويزيد بن هارون، كلاهما عن جويبر، عن الضحاك: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} قال: السرّ الزنا.
(3) هو سيلمان بن طَرْخَانَ التيمي، والذي حدث عنه هو هشيم شيخ المصنف كما في الحديث السابق برقم [378] .
(4) هو لاَحِقُ بن حُمَيْد.
وقول أبي مجلز هذا سيأتي في الحديث بعده، فقد قرنه المصنف بقولي الحسن البصري والضحاك السابقين وقول عطاء الآتي، أنهم قالوا: هو الزنا، يعني قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} .
[380] هو صحيح لغيره، وأما من طريق هشيم فضعيف؛ وذلك أن هشيمًا مدلس =(3/876)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كما في ترجمته في الحديث [8] ، ولم يصرح بالسماع من سليمان التيمي، وإنما عطفه على سماعه من منصور وجويبر، وهذا شيء يستعمله بعض المدلسين مثل هشيم ويسمى: ((تدليس العطف)) ، وهو: ((أن يروي عن شيخين من شيوخه ما سمعاه من شيخ اشتركا فيه، ويكون قد سمع ذلك من أحدهما دون الآخر، فيصرح عن الأول بالسماع، ويعطف الثاني عليه، فيوهم أنه حدث عنه بالسماع - أيضًا -، وإنما حدث بالسماع عن الأول، ثم نوى القطع، فقال: وفلان، أي: حدَّث فلان)) . اهـ. من "النكت على كتاب ابن الصلاح" لابن حجر (2 / 617) .
وقد مثلوا لذلك بما رواه الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص105) : أن جماعة من أصحاب هشيم اجتمعوا يومًا على أن لا يأخذوا منه التدليس، ففطن لذلك، فكان يقول في كل حديث يذكره: ((حدثنا حصين ومغيرة، عن إبراهيم)) ، فلما فرغ قال لهم: هل دلَّستُ لكم اليوم؟ فقالوا: لا، فقال: لم أسمع من مغيرة حرفًا مما ذكرته، إنما قلت: حدثني حصين، ومغيرة غير مسموع لي. اهـ.
والحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 107 رقم 5151) من طريق هشيم، به مثله مقرونًا بقولي الحسن والضحاك السابقين.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص69 رقم 116) عن شيخه سليمان التيمي، به مثله.
وسنده صحيح.
ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 105 - 106 رقم 5139 و 5140) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 56 رقم 12169) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 105 رقم 5137) .
كلاهما من طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبيه، عن أبي مجلز: قوله: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ، قال: الزنا. =(3/877)
381- وَأَنَا مُخْبِر (1) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُهَاجِرٍ، وَيُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُمْ (2) قَالُوا (3) : ((هُوَ الزِّنَا)) .
382- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قال: نا سفيان، [ل117/ب] عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ (4) سِرًّا} - قَالَ: ((لَا يخطُبْها فِي عِدَّتها)) . {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} ، يَقُولُ: ((إِنَّكِ لَجَمِيلَةٌ، وَإِنَّكِ لَفِي مَنْصِب، وإنك لمرغوب فيك)) .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 263) من طريق جرير، عن سليمان التيمي، به مثله.
وقد تصحف أبو مجلز في "المصنف" المطبوع إلى: ((أبي مخلد)) ، لكنه جاء على الصواب في "المصنف" المخطوط (1 / ل 220 / أ) .
وأخرجه ابن جرير برقم (5138) من طريق يحيى بن سعيد القطان عن سليمان التيمي، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في الموضع السابق.
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 172 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة.
ثلاثتهم من طريق عمران بن حدير، عن أبي مجلز، به مثله.
(1) القائل: ((وأنا)) هو هُشيم شيخ المصنف كما في الحديث المتقدم برقم [378] ، وشيخه هنا مبهم لا يُدرى من هو؟
(2) أي: الحسن البصري والضحاك بن مزاحم وأبو مجلز وعطاء. انظر: الأحاديث الثلاثة المتقدمة.
(3) يعني فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} .
(4) في الأصل: ((ولا تواعدوهن)) .
[381] سنده ضعيف جدًّا؛ شيخ هشيم مبهم، وإبراهيم بن مهاجر تقدم في الحديث [58] أنه صدوق لين الحفظ.
[382] سنده صحيح، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث [184] . =(3/878)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والمصنف هنا أخرجه من طريق سفيان بن عيينة.
وابن عيينة أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 696) .
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 179) في النكاح، باب التعريض بالخطبة، مثله سواء.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 262) عن ابن عيينة، به، بشطره الأول فقط.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 53 رقم 12152) ، وفي "تفسيره" (1 / 95) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 97 رقم 5109) .
كلاهما من طريق معمر، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قوله تعالى: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} - قال: هو الرجل يعرض للمرأة في عدتها فيقول: والله إنك لجميلة، وإن النساء لمن حاجتي، وإنك لإلى خير إن شاء الله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5108) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه، إلا أنه قال: ((وإنك لنافقة)) بدل قوله: ((وإن النساء لمن حاجتي)) .
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص109 - 110) عن إبراهيم بن الحسين، عن آدم بن أبي إياس، عن ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد - في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} - قال: هو قول الرجل للمرأة في عدتها: إنك لجميلة، وإنك لتعجبين، ويضمر خطبتها ولا يبديه لها، هذا كله حِلٌّ معروف، {وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} ، يقول: لا يقول لها: لا تسبقيني بنفسك فإني ناكحك، هذا لا يحلّ.
ومن طريق عبد الرحمن بن الحسن أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 259 و 262) من طريق شبابة، عن ورقاء، به نحو سابقه، إلا أنه قسمه في الموضعين. =(3/879)
383- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ (1) ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} - قال: ((التَّعْريض ما لم يَنْصَبْ (3) للخطبة)) .
__________
= وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص69 رقم 113) عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عن مجاهد: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} ، قال: أن تقول: إنك لجميلة، وإنك لحسينة، وإنك لإلى خير.
(1) هو الرَّصَاصي، تقدم في الحديث [6] أنه صدوق.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) أي: يقصدها ويجدّ فيها، ويتجرّد لها. انظر: "لسان العرب" (1 / 758 و 761) .
[383] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره أخرجه البخاري وغيره من غير طريق عبد الرحمن بن زياد كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 695) وعزاه للمصنف ووكيع والفريابي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد، والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 95 و 96 رقم 5100 و 5101 و 5104) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 172 / أ) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 178) في النكاح، باب التعريض بالخطبة.
أما ابن جرير فمن طريق عبد الرحمن بن مهدي ومحمد بن جعفر غندر وآدم ابن أبي إياس، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، وأما البيهقي فمن طريق وهب بن جرير، جميعهم عن شعبة، به نحوه، عدا ابن مهدي وغندر فلفظهم مثل لفظ المصنف.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص69 رقم 114) عن شيخه منصور، =(3/880)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال: التعريض أن تقول: إني أريد أن أتزوج - ثلاث مرار -.
ومن طريق الثوري أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 95 رقم 5099) .
والبيهقي في الموضع السابق من "سننه".
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 54 رقم 12154) عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عباس قال: يقول: إني لأريد التزويج.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 258) من طريق أبي الْأَحْوَصِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عن ابن عباس: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} قال: يعرض الرجل فيقول: إني أريد أن أتزوج، ولا ينصب لها في الخطبة.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 257) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 95 رقم 5098) .
كلاهما من طريق جرير بن عبد الحميد، به بلفظ: التعريض أن يقول: إني أريد التزويج، وإني لأحب امرأة من أمرها وأمرها، يعرِّض لها بالقول بالمعروف.
هذا لفظ الطبري، وهو أتمّ.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 178 رقم 5214) في النكاح، باب قول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} الآية، أخرجه من طريق زائدة، عن منصور، به نحو لفظ ابن جرير الطبري السابق.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5102) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
أما ابن جرير فمن طريق عمرو بن أبي قيس، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق الجراح والد وكيع، كلاهما عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابن عباس: {فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ} قال التعريض أن يقول للمرأة في عدتها: إني =(3/881)
384- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: نَا شُعْبَةُ، عَنْ سَلَمةَ بْنِ كُهَيْل، عَنْ مُسلم البَطِين (1) ، عَنِ ابْنِ جُبير قَالَ: ((يَقُولُ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ، وَإِنْ تزوجتُ أحسنتُ إلى امرأتي)) .
__________
= لا أريد أن أتزوج غيرك - إن شاء الله -، و: لوددت أني وجدت امرأة صالحة، ولا ينصب لها مادامت في عدتها.
هذا لفظ ابن جرير، ونحوه ابن أبي حاتم، ولفظ ابن جرير أتم.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (7 / 53 رقم 2153) من طريق ابن مجاهد، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ في: {إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا} قال: يقول: إنك لجميلة، وإنك لإلى خير، وإن النساء لمن حاجتي.
(1) هو مسلم بن عمران البَطِين ويقال: ابن أبي عمران، أبو عبد الله الكوفي، روى عن عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه سلمة بن كهيل وأبو إسحاق السبيعي والأعمش وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة، روى له الجماعة، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي. "الجرح والتعديل" (8 / 191 رقم 840) ، و "التهذيب" (10 / 134 رقم 244) ، و "التقريب" (ص530 رقم 6638) .
[384] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ فعبد الرحمن بن زياد الرَّصَاصي تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه آدم بن أبي إياس ومسلم بن إبراهيم كما سيأتي.
فالحديث أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 97 رقم 5110) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 178) في النكاح، باب التعريض بالخطبة.
كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، بنحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5111) من طريق مسلم بن إبراهيم، عن شعبة، به بلفظ: لأعطينّك، لأحسننّ إليك، لأفعلنّ بك كذا وكذا.(3/882)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ]
385- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، قَالَ: كَانَ شُرَيح يَقُولُ: ((الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح: الزَّوْج)) .
__________
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيم.
(2) هو عمرو بن عبد الله الهَمْداني السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه ثقة، غير أنه مدلس واختلط بآخره، لكن روى هذا الأثر عنه سفيان الثوري كما سيأتي، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط.
[385] هذا الأثر صحيح لغيره عن شريح، وأما هذا الإسناد ففيه أبو إسحاق السبيعي وهو مدلس كما سبق ولم يصرح بالسماع.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 153 رقم 5326) من طريق سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 281) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 152 و 153 و 154 رقم 5320 و 5328 و 5333) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي.
أما ابن أبي شيبة فمن طريق عبد الله بن إدريس، وأما ابن جرير فمن طريق محمد بن فضيل وأبي معاوية، وأما البيهقي فمن طريق شعبة، جميعهم عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن شريح قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج.
هذا لفظ ابن جرير، وزاد فيه: ((قال إبراهيم: وما يُدري شريحًا؟)) .
وهذا إسناد صحيح.
فشيخ ابن أبي شيبة عبد الله بن إدريس ثقة فقيه عابد كما في الحديث رقم [622] .(3/883)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسليمان بن مهران الأعمش تقدم في الحديث [3] أنه ثقة حافظ، إلا أنه مدلَّس، لكن هذا الحديث من صحيح حديثه؛ فإنه رواه عنه شعبة، وروايته عنه صحيحه وإن لم يصرح الأعمش فيها بالسماع، وأيضًا فهذا الحديث من روايته عن أحد كبار شيوخه وهو إبراهيم النخعي، وروايته عنه محمولة على الاتصال، وإن كانت بالعنعنة.
وإبراهيم النخعي تقدم في الحديث [3] أنه ثقة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5337) من طريق عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ شريح قال: هو الزوج.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 284 رقم 10859) ، وفي "التفسير" (1 / 96) .
ومن طريقه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 155 رقم 5343) .
وابن حزم في "المحلى" (11 / 128) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 280) .
وابن جرير (5 / 153 و 154 رقم 5324 و 5325 و 5335 و 5336) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 251) في النكاح، باب من قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ من باب عفو المهر.
أما عبد الرزاق وابن أبي شيبة فمن طريق أيوب السختياني، وأما البيقهي فمن طريق عبد الله بن عون، وأما ابن جرير فمن طريق أيوب وابن عون، كلاهما عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنِ شريح، به نحوه وبمعناه.
وسنده صحيح أيضًا، فإن الراوي عن أيوب عند عبد الرزاق هو شيخه معمر، وعند ابن أبي شيبة هو شيخه إسماعيل بن إبراهيم بن علية، فجميع الإسناد رجاله ثقات.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (4 / 281) من طريق الحكَم بن عُتَيبة، عن شريح، قال: هو الزوج.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5332 و 5333 و 5354) من طريق الحكم أيضًا =(3/884)
386- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمش، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمة، قال: ((هو الوَليِّ)) .
__________
= وأبي حصين والقاسم، ثلاثتهم عن شريح بنحوه وبمعناه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 148 و 151 - 152 رقم 5287 و 5315 و 5316) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 175 / أ) .
وابن حزم في "المحلى" (11 / 127) .
والبيهقي في الموضع السابق.
جميعهم من طريق جرير بن حازم، عن عيسى بن عاصم الأسدي، قال: سمعت شريحًا يقول: سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح، فقلت: هو الولي، فقال علي: بل هو الزوج.
ففي هذا الأثر مخالفة لما سبق عن شريح من أن الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج، وسيأتي في الحديث [390 و 391] ما يزيل هذا التعارض؛ وذلك أن شريحًا كان يَقُولُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الولي، وكان يفتي بهذا، ثم رجع عن قوله هذا وأصبح يقول: هو الزوج، فلعلّه أخذه عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ بعد سؤاله له عن ذلك، حتى إن الشعبي انتقده على رجوعه عن قوله فقال: ((وَاللَّهِ مَا قَضَى شُرَيْحٌ بِقَضَاءٍ كَانَ أَحْمَقَ مِنْهُ حِينَ تَرَكَ قوله الأول وأخذ بهذا)) .
[386] سنده صحيح، ورواية الأعمش عن إبراهيم النخعي محمولة على السماع وإن كانت بالعنعنة كما في الحديث [3] ، وقد روى هذا الحديث عن الأعمش شعبة كما سيأتي، وروايته عنه مأمونة الجانب من التدليس.
والحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 146 رقم 5277) من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5276 و 5280 و 5285) من طريق هشيم وشيبان النحوي ومحمد بن فضيل، ثلاثتهم عن الأعمش، به مثله. =(3/885)
387 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (3) ، قَالَ: هو الوَلِيّ.
__________
= وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 284 رقم 10856) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه ابن جرير برقم (5278 و 5281 و 5304) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به مثله.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 282) من طريق عبد الله بن إدريس؛ عن الأعمش، به مثله.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده، عقدة النكاح الولي، من طريق شعبة، عن الأعمش، به مثله.
وأخرجه ابن جرير برقم (5279) من طريق حجاج بن أرطأة، عن إبراهيم، عن علقمة، به مثله.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) هو النخعي.
[387] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي، من طريق المصنِّف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 151 رقم 5313) ، من طريق جرير، به بلفظ: الذي بيده عقدة النكاح: الولي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 148 رقم 5296) من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5295 و 5297) من طريق هشيم، وأبي عوانة، =(3/886)
388- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانَة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ طَاوُس، وَعَطَاءٍ (3) ، وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، أَنَّهُمْ قَالُوا: ((الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاح هُوَ الوَلِيّ)) ، فأخبرتُهم بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، ((هُوَ الزَّوْجُ)) ، فَرَجَعُوا عَنْ قَوْلِهِمْ، فَلَمَّا قَدِمَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: ((أَرَأَيْتُمْ إِنْ عَفَا الْوَلِيُّ، وأَبَتِ الْمَرْأَةُ، مَا يُغْنِي عَفْوُ الْوَلِيِّ؟ أَوْ عَفَتْ هِيَ، وأَبَى الْوَلِيُّ، مَا لِلْوَلِيِّ مِنْ ذلك؟)) .
__________
= كلاهما عن مغيرة، عن إبراهيم، به مثله.
وأخرجه عبد الرحمن بن الحسن القاضي في "تفسير مجاهد" (ص110) من طريق وَرْقَاء بن عمر، عن المغيرة، عن إبراهيم، به مثله.
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) كذا رواه المصنف، والصواب ما رواه الباقون كما سيأتي، وفيه: ((مجاهد)) بدلاً من: ((عطاء)) .
[388] سنده صحيح.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 251) في النكاح، باب من قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، من باب عفو المهر، من طريق المصنف، به مثله سواء. وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (11 / 128) ، من طريق حجاج بن المنهال، نا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج.
وقال مجاهد وطاوس وأهل المدينة: هو الولي. قال: فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فرجعوا عن قولهم.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 147 و 155 - 156 رقم 5284 و 5346) من طريق هشيم، قال: أخبرنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبير قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الزوج، قال: وقال مجاهد وطاوس: هو الولي. قال: قلت =(3/887)
389 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ((أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بالعَفْو، وأَذِنَ فِيهِ، فَإِنْ عَفَتْ جَازَ عَفْوها، وَإِنْ شَحَّت، وعَفَا وَلِيُّها، جَازَ عَفْوُه)) .
__________
= لسعيد: فإن مجاهدًا وطاوسًا يقولان: هو الولي؟ قال سعيد: فما تأمرني إذًا؟ قال: أرأيت لو أن الولي عفا وأبت المرأة، أكان يجوز ذلك؟ فرجعت إليهما فحدثتهما، فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدًا.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 281) .
وابن جرير في الموضع السابق برقم (5283 و 5348 و 5349) .
كلاهما من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ طَاوُسٍ ومجاهد قالا: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هُوَ الولي، وقال سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: هُوَ الزَّوْجُ، فكلماه - وفي لفظ ابن جرير: فكلمتهما - في ذلك، فما برحا حتى تابعا سعيدًا. اهـ. واللفظ لابن أبي شيبة، وهو أتمّ.
[389] سنده صحيح، لكن خالف سفيانَ بن َ عيينة كُلٌّ من عبد الملك بن عبد العزيز ابن جُريح وَوَرْقاء بن عمر، فروياه عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عن ابن عباس من قوله، وهو الصواب، وهو صحيح إلى ابن عباس.
والحديث أخرجه البيهقي في "سننه" (7 / 252) في النكاح، باب من قال: الذي بيده عقدة النكاح الولي، من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 150 رقم 5312) من طريق سعيد بن الربيع، عن سفيان به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (6 / 283 رقم 10852) عن ابن جريج قال: أخبرني عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ عكرمة مولى ابن عباس يقول: كان ابن عباس يقول: إن الله رضي بالعفو وأمر به، فإن عفت فذلك، وإن عفا وليُّها الذي بيده عقدة النكاح ورضيت جَازَ وإن أَبَتْ. =(3/888)
390 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنِ الشَّعْبي، قَالَ: تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنَّا امْرَأَةً فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يدخُلَ بِهَا، فَعَفَا أَخُوهَا عَنْ صَدَاقها، فَارْتَفَعُوا إِلَى شُريح، فَأَجَازَ عَفْوه، ثُمَّ قَالَ بعدُ: ((أَنَا أَعْفُو عَنْ صداق بني مُرَّة (2) ، فكان
__________
= وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات تقدموا، وقد صرّح ابن جريج بالسماع.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (4 / 282) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 146 رقم 5274) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 174 / ب) .
ثلاثتهم من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عُلَيَّة، عن ابن جريج به نحو سياق عبد الرزاق.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق ورقاء بن عمر، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عكرمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ تعالى: {إلا أن يعفون} -، قال: أن تعفو المرأة، أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح: الولي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 150 رقم 5311) ، فقال: حدثني المثنَّى، قال: حدثنا حبّان بن موسى، قال: أخبرنا ابن المبارك، قال: أخبرنا يحيى بن بشر، أنه سمع عكرمة يقول: {إلا أن يعفون} : أن تعفو المرأة عن نصف الفريضة لها عليه فتتركه؛ فإن هي شحّت إلا أن تأخذه، فلها ولوليِّها الذي أنكحها الرجلَ - عم، أو أخ، أو أب - أن يعفو عن النصف، فإنه إن شاء فعل وإن كرهت المرأة.
والمثنى شيخ ابن جرير الطبري هو: المثنى بن إبراهيم الآملي، لم أجد من ترجم له من أصحاب الكتب، ولم يترجم له الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "تفسير الطبري"، وإنما قال (1 / 176) : ((أما المثنى شيخ الطبري، فهو: المثنى بن إبراهيم الآملي، يروي عنه الطبري كثيرًا في التفسير والتاريخ)) . اهـ.
(1) هو ابن عبد الحميد.(3/889)
يَقُولُ بعدُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: الزَّوْجُ؛ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الصَّدَاقِ كلِّه، فيُسَلِّمه لَهَا، أَوْ تَعْفُوَ هِيَ عَنِ النِّصفِ الَّذِي فَرضَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - لَهَا، وَإِنْ تَشَاحَّا، فَلَهَا نِصْفُ الصَّدَاق)) .
391 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: ((وَاللَّهِ مَا قَضَى شُرَيْحٌ بِقَضَاءٍ قَطّ كَانَ أَحْمَقَ مِنْهُ حِينَ تَرَكَ قولَه الْأَوَّلَ وَأَخَذَ بِهَذَا)) .
__________
= (2) وعند ابن جرير كما سيأتي: ((نساء بني مرة)) ، قال الشيخ أحمد - أو محمود - شاكر في تلعيقه على "تفسير الطبري" (5 / 147) : ((ولم أعرف قوله: نساء بني مرة، كأن مُرَّة من أهله، أخته أو بنته، والله أعلم)) . اهـ. ولست أدري ما الذي أشكل على الشيخ في هذه العبارة؟ فالذي يظهر لي - والله أعلم -: أن هذه المرأة التي عفا أخوها عن صداقها من بني مُرَّة، وهذه النسبة إلى جماعة وبطون من قبائل شتّى، وفي هَمْدان بطنان منهم، وهما: مُرُّ بن الجابر، ومُرُّ بن الحارث، والشعبي هَمْداني، فقد تكون من قبيلة الزوج الذي قال عنه الشعبي: ((رجل منا)) ، وقد تكون غير ذلك.
انظر: "الأنساب" للسمعاني (8 / 105 - 106) و (12 / 213) ، و"سير أعلام النبلاء" (4 / 294 - 295) .
[390 و 391] هما حديث واحد رواه المصنف مُفَرَّقًا، وفَرَّقَه أيضًا البيهقي؛ حيث رواه من طريق المصنف بمثله، إلا أنه قال: ((قضاء)) بدل قوله: ((بقضاء)) . انظر: "سنن البيهقي" (7 / 251) كتاب: النكاح، باب من قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ الزَّوْجُ، من باب عفو المهر.
وسند المصنف ضعيف؛ فمغيرة بن مقسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه يدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، بل إنه ذكر أنه تلقاه عن الشعبي، بواسطة فقال كما سيأتي: ((أُخْبرنا عن الشعبي)) ، لكن قد جاء الحديث من غير طريقه، فهو صحيح لغيره. =(3/890)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فالحديث أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 147 رقم 5286) من طريق جرير، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5288) من طريق هشيم، قال مغيرة: أُخبرنا عن الشعبي، عن شريح أنه كان يَقُولُ: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ هو الولي، ثم ترك ذلك، فقال: هو الزوج.
فهذا يدل على أن مغيرة قد دلس في إسناد المصنف.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 149 رقم 5297) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ والشعبي قالا: هو الولي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 153 و 154 رقم 5331 و 5333 و 5334) من طريق إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ الشعبي، عن شريح، قال: هو الزوج، إن شاء أتم لها الصداق، وإن شاءت عَفَتْ عن الذي لها.
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق إسماعيل أيضًا به، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وإن شاءت عفت عن الذي لها)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 153 رقم 5327) من طريق دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عامر الشعبي، أن شريحًا قال: الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ: الزَّوْجُ، فرُدَّ ذلك عليه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 148 رقم 5289) فقال: حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا سيّار، عن الشعبي، أن رجلاً تزوج امرأة فوجدها دميمةً، فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فعفا وليها عن نصف الصداق، فخاصمته إلى شريح، فقال لها شريح: قد عفا وليُّك، قال: ثم إنه رجع بعد ذلك، فجعل الذي بيده عقة النكاح الزوج.
وهذا إسناد صحيح.
سيّار هو أبو الحكم، تقدم في الحديث [156] أنه ثقة.
وهشيم بن بشير تقدم في الحديث [8] أنه ثقة ثبت، وهو مدلس، لكنه صرح بالسماع هنا. =(3/891)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} ]
392- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَاصِمِ (بْنِ) (1) بَهْدَلَة، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْش، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْخَنْدَقِ: ((مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَقُلُوبَهُمْ نَارًا كَمَا شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَهِيَ صَلَاةُ العصر)) .
__________
= والراوي عن هشيم هو شيخ ابن جرير: يعقوب بن إبراهيم بن كثير بن زيد بن أَفْلَح العَبْدي، مولاهم، أبو يوسف الدَّوْرَقي، يروي عن هشيم بن بشير ويحيى القطان وإسماعيل بن عليّة وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم، روى عنه هنا ابن جرير الطبري، وروى عنه أيضًا الجماعة وأبو زرعة وأبو حاتم وابن أبي الدنيا والبغوي وابن صاعد وغيرهم، وهو ثقة من الحفاظ، وثقه النسائي، وقال أبو حاتم: ((صدوق)) ، وقال الخطيب: ((كان ثقة متقنًا، صنَّف المسند)) ، وقال مسلمة بن القاسم: ((كان كثير الحديث ثقة)) ، وكانت ولادته سنة ست وستين ومائة، ووفاته سنة اثنتين وخمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 202 رقم 844) ، و "التهذيب" (11 / 381 - 382 رقم 742) ، و "التقريب" (ص607 رقم 7812) .
وبهذا الطريق يتضح أن الحديث صحيح لغيره، والله أعلم.
(1) ما بين القوسين سقط من الأصل.
[392] سنده حسن لذاته؛ عاصم بن بهدلة تقدم في الحديث [17] أنه صدوق حسن الحديث، والحديث صحيح لغيره مخرج في الصحيحين من غير طريق عاصم كما سيأتي.
فقد روي عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - من ثمان طرق: =(3/892)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= 1- طريق زِرِّ بن حُبيش، يرويه عنه عاصم بن بهدلة، وله عن عصام ست طرق:
أ - طريق حماد بن زيد الذي أخرجه المصنف هنا عنه.
وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (1 / 224 رقم 684) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر.
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 312 - 313 رقم 386 و 387) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 289 - 290 رقم 1336) .
وابن حبان في "صحيحه" (5 / 39 - 40 رقم 1745 / الإحسان) .
أما ابن ماجه وابن خزيمة فمن طريق أحمد بن عبدة، وأما أبو يعلى فمن طريق عبيد الله بن عمر القواريري، وأبي الربيع الزهراني، وأما ابن حبان فمن طريق معلّى بن مهدي، جميعهم عن حماد بن زيد، به نحوه، إلا أن ابن ماجه وعبيد الله القواريري عند أبي يعلى قالا: ((بيوتهم)) بدلاً من قوله: ((قلوبهم)) ، وأما ابن حبان فقال: ((بيوتهم وبطونهم)) ، ولم يذكر ابن ماجه وابن خزيمة قوله: ((وهي صلاة العصر)) ، وفي لفظ القواريري عند أبي يعلى قال: قال حماد: لا أدري، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، أو عن علي: ((وهي العصر)) ؟.
ب- طريق سفيان الثوري، عن عاصم.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 576 رقم 2192) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 504) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 122) .
والنسائي في الصلاة من "سننه الكبرى" (1 / 152 رقم 360) ، باب تأويل قوله جل ثناؤه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} وذكر الاختلاف في الصلاة الوسطى.
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 314 رقم 390) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 184 رقم 5423) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 174) . =(3/893)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 176 / أ) .
وابن حزم في "المحلى" (4 / 360 - 361) .
والبيهقي (1 / 460) في الصلاة، باب من قال: هي صلاة العصر - يعني الوسطى -.
وابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 288) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، عن زر، قال: قلت لعَبيدة: سل عليًّا عن الصلاة الوسطى، فسأله، فقال: كنا نرى أنها صلاة الفجر، حتى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يقول يوم الخندق: ((شغلونا عن الصلاة الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ قبورهم وأجوافهم نارًا)) .
وسيأتي في طريق إسرائيل، عن عاصم أن زرًا كان مع عبيدة حال السؤال لعلي.
جـ- طريق قيس بن الربيع، عن عاصم، عن زرّ، عن علي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم -: ((الصلاة الوسطى صلاة العصر)) .
أخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (ص24 رقم 164) .
د- طريق جابر الجعفي، أن عاصم بن بهدلة قال: سمعت زرًا يحدث عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال يوم أحد: ((شغلونا عن صلاة الوسطى حتى آبت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوته وبطونهم نارًا)) .
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 150) ، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف جدًّا كما في الحديث [101] ، وقد خالف الثقات بقوله: ((يوم أحد)) ، وإنما هو: ((يوم الخندق)) .
هـ- طريق إسرائيل، عن عاصم، عن زرّ، قال: انطلقت أنا وعَبيدة السَّلْماني إلى علي، فأمرت عبيدة أن يسأله عن الصلاة الوسطى، فقال: يا أمير المؤمنين، ما الصلاة الوسطى؟ فقال: كنا نراها صلاة الصبح، فبينا نحن نقاتل أهل خيبر، فقاتلوا حتى أرهقونا عن الصلاة، وكان قبيل غروب الشمس، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((اللهم املأ قلوب القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى =(3/894)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأجوافهم نارًا أو: املأ قلوبهم نارًا -)) ، قال: فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى.
أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 187 رقم 5428) .
قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على هذا الحديث: ((ولكن هذه الرواية فيها شذوذ؛ في أن الحديث كان في غزوة خيبر، والروايات الصحاح كلها على أنه كان في غزوة الأحزاب)) . اهـ.
قلت: والشذوذ إنما هو في هذه الرواية من طريق إسرائيل، وقد يكون ممن دونه، إما شيخ الطبري، أو شيخ شيخه، وقد اتفق حماد بن زيد وسفيان الثوري كما سبق، وعمرو بن قيس وزائدة بن قدامة كما سيأتي، على أن ذلك كان في غزوة الخندق وهي الأحزاب.
و طريق عمرو بن قيس، عن عاصم، به نحو سابقه، إلا أنه ذكر أن الغزوة غزوة الأحزاب.
أخرجه محمد بن إبراهيم الجرجاني في "أماليه" (ل 186 / ب - 187 / أ) .
ز- طريق زائدة بن قدامة، قال: سمعت عاصمًا يحدث عن زرّ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: قاتلنا الأحزاب، فشغلونا عن صلاة العصر ... ، فذكر الحديث بنحو سياق سفيان الثوري.
أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 173) .
2- طريق عَبيدة السلماني، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وله عن عبيدة طريقان:
أ- طريق محمد بن سيرين.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 421 رقم 18664) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 122 و 144) .
وعبد بن حميد في "مسنده" (ص55 رقم 77 / المنتخب) .
والدارمي في "سننه" (1 / 224 رقم 1235) . =(3/895)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والبخاري في "صحيحه" (6 / 105 رقم 2931) في الجهاد، باب الدعاء على المشركين بالهزيمة، و (7 / 405 رقم 4111) في المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، و (8 / 195 رقم 4533) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} ، و (11 / 194 رقم 6396) في الدعوات، باب تكرير الدعاء.
ومسلم في "صحيحه" (1 / 436 رقم 202) في المساجد، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر.
ومن طريق البخاري ومسلم أخرجه ابن حزم في "المحلى" (4 / 359 - 360) .
وأخرجه أبو داود في "سننه" (1 / 287 رقم 409) ، في الصلاة، باب في وقت صلاة العصر.
ومن طريق أبي داود أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 289) .
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 312 و 315 - 316 رقم 385 و 393) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 186 رقم 5427) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 289 رقم 1335) .
وأبو عثمان سعيد بن محمد البَحِيريّ في "فوائده" (ل 50 / ب) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 459) في الصلاة، باب من قال: هي صلاة العصر - يعني: الوسطى -.
جميعهم من طريق محمد بن سيرين، عن عبيدة، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: لما كان يوم الأحزاب قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شغلونا عن صلاة الوسطى حين غابت الشمس)) ، واللفظ البخاري.
ب- طريق أبي حَسَّان مسلم بن عبد الله الأعرج، عن عبيدة.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 79 و 135 و 137 و 152 و 153 و 154) .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 436 و 437 رقم 203) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
والترمذي في "سننه" (8 / 328 رقم 4068) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير. =(3/896)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنسائي في "سننه" (1 / 236) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر.
وابن الجارود في "المنتقى" (1 / 155 رقم 157) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 311 - 312 رقم 384) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 183 و 187 و 197 رقم 5422 و 5429 و 5444) .
وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 355) .
وأن عبد البر في "التمهيد" (4 / 289 - 290) .
جميعهم من طريق قتادة، عن أبي حسان، عن عبيدة، به نحو سابقه.
3- طريق يحيى بن الجَزَّار، عن علي.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 503) .
والإمام أحمد في "المسند" (1 / 135 و 152) .
ومسلم في الموضع السابق برقم (204) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 313 رقم 388) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 185 - 186 رقم 5425) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 173) .
وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 355) .
جميعهم من طريق يحيى بن الجزّار، سمع عليًّا يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يوم الأحزاب وهو قاعد على فُرْضَة من فُرَض الخندق ... ، فذكره بنحو سابقه.
والفُرْضَةُ هي: المَشْرَعَةُ، وجمعها: فُرَض، وفرضة النهر: مَشْرب الماء منه، وفرضة البحر: مَحطُّ السفن. انظر: "لسان العرب" (7 / 206) .
4- طرق شُتَيْر بْنِ شَكَلٍ، عَنْ عَلِيِّ، وهو الآتي برقم [393] .
5- طريق سعيد بن حيّان التيمي عن علي، وهو الآتي برقم [394] .
6 و 7 و 8- طرق الحارث الأعور، وأبي الأحوص، وأبي الصبهاء البكري، عن علي، وهي الآتية في تخريج الحديث [394] .(3/897)
393 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ صُبَيْح (1) ، عَنْ شُتَيْر بْنِ شَكَل (2) ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْأَحْزَابِ: ((شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى - صَلَاةِ الْعَصْرِ -، مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا)) ، ثُمَّ صَلَاهَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.
__________
(1) هو أبو الضُّحى الكوفي، تقدم في الحديث [10] أنه ثقة فاضل.
(2) هو شُتَيْر - بمثنّاة مصغّرًا - ابن شَكَل - بفتح المعجمة والكاف - ابن حُميد العَبْسي - بموحدة - أبو عيسى الكوفي، روى عن أبيه وأمه وعلي وابن مسعود وغيرهم، روى عنه الشعبي وأبو الضحى وعبد الله بن قيس وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثانية، يقال إنه أدرك الجاهلية. قال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) . وقال العجلي: ((ثقة من أصحاب عبد الله)) ، وقال النسائي: ((ثقة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو موسى المديني: ((يقال إنه أدرك الجاهلية)) . اهـ. من "الطبقات" لابن سعد (6 / 181) ، و "تاريخ الثقات" للعجلي (ص215 رقم 655) ، و "التهذيب" (4 / 311 - 312 رقم 532) ، و "التقريب" (ص264 رقم 2747) .
[393] سنده صحيح، والأعمش وإن لم يصرح بالسماع، فإنه شعبة قد روى عنه هذا الحديث، وتقدم في الحديث [3] أن رواية شعبة عنه محمولة على الاتصال وإن لم يصرح الأعمش بالسماع، وقد أخرج مسلم في "صحيحه" هذا الحديث من هذا الطريق، ومع ذلك فقد تابع الأعمش منصور بن المعتمر عن أبي الضحى مسلم بن صبيح.
فالحديث له عن مسلم بن صبيح طريقان:
1- طريق الأعمش، وله عنه تسع طرق:
أ- طريق أبي معاوية الذي أخرجه المصنف هنا عنه. =(3/898)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 503) .
ومن طريقه وطرق أخرى أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 437 رقم 205) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
والبيهقي في "سننه" (2 / 220) في الصلاة، باب من قال بترك الترتيب في قضائهن.
ومن طريق مسلم أخرجه ابن حزم في "المحلى" (4 / 361) .
وأخرجه الإمام في "المسند" (1 / 81 - 82 و 113) .
وأبو يعلى في "مسنده" (1 / 315 رقم 392) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 186 رقم 5426) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 290 رقم 1337) .
جميعهم من طريق أبي معاوية، به مثله.
ب - طريق سفيان الثوري، عن الأعمش.
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 576 رقم 2194) .
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 126 و 146) .
وأخرجه ابن المنذر في "الأوسط" (2 / 367 - 368 رقم 1027) من طريق عبد الرزاق وحده.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 314 رقم 389) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 185 رقم 5424) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 460) في الصلاة، باب من قال: هي العصر - يعني: الوسطى -.
وابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 291) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش، به نحوه.
جـ- طريق شعبة، عن الأعمش.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 151) من طريق محمد بن جعفر غندر، عن =(3/899)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= شعبة، عن سليمان الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ شُتَيْرِ بْنِ شَكَلٍ، عَنْ عَلِيِّ - رضي الله عنه -، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال يوم الأحزاب: ((حبسونا عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ حتى غربت الشمس، ملأ الله قبورهم وبيوتهم - أو قبورهم وبطونهم - نارًا)) .
قال شعبة: ((ملأ الله قبورهم وبيوتهم، أو: قبورهم وبطونهم نارًا)) ، لا أدري أفي الحديث هو، أم ليس في الحديث، أشكّ فيه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 195 رقم 5440) من طريق ابن أبي عدي، عن شعبة، به نحو سابقه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((ملأ الله ... )) إلخ.
وقد أخطأ ابن أبي عدي في الحديث، فجعله من رواية شتير بن شكل، عن أم حبيبة، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
وأشار إلى ذلك ابن جرير وشيخه أبو موسى محمد بن المثنى، قال ابن جرير عقبه: ((قال أبو موسى: هكذا قال ابن أبي عدي)) .
د- طريق يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زائدة، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص241 رقم 577) .
هـ- طريق عيسى بن يونس، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه النسائي في "التفسير" (1 / 266 رقم 65) ، وفي الصلاة من "الكبرى" (1 / 152 رقم 358) ، باب تأويل قوله جل ثناؤه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} ، وذكر الاختلاف في الصلاة الوسطى.
ومن طريق النسائي أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 290 - 291) .
و طريق عبد الله بن نمير، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 290 رقم 1337) .
وأبو عوانة في "مسنده" (1 / 355 - 356) .
ز- طريق يوسف بن خالد، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 315 رقم 391) . =(3/900)
394 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، عَنْ أَبِي حَيَّان التَّيْمي (2) ، عَنْ أَبِيهِ (3) ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ صَلَاةِ الْوُسْطَى، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَأُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: ((أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى؟)) قَالَ: أَنَا هَذَا. قَالَ: ((هِيَ هَذِهِ الصَّلَاةُ)) .
__________
= جـ- طريق علي بن مُسْهِر، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه أبو عوانة أيضًا (1 / 356) .
ط - طريق إبراهيم بن طَهْمَان، عن الأعمش، به نحوه.
أخرجه البيهقي في الموضع السابق (2 / 220) .
2- طرق منصور بن المعتمر، عن مسلم بن صبيح أبي الضحى، به نحوه. أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (1 / 314 رقم 389) .
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) هو يحيى بن سعيد بن حَيَّان - بمهملة وتحتانية -، أبو حَيَّان التَّيْمي، الكوفي، روى عن أبيه والشعبي والضحاك بن المنذر وغيرهم، روى عنه شعبة والثوري وإسماعيل بن إبراهيم بن عليّة وغيرهم، وهو ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والفلاّس والعجلي وزاد: ((صالح مبرّز صاحب سنة)) ، وقال الخريبي: ((ما كان أبو حيان عند سفيان الثوري!)) - يعني كان يعظمِّه ويوثقه -، وقال مسلم: ((كوفي من خيار الناس)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((ثقة مأمون)) ، وقال النسائي: ((ثقة ثبت)) ، وذكره ابن حيان في "الثقات"، وقال: ((كان من المتهجدين)) ، وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 149 رقم 622) ، و "التهذيب" (11 / 214 - 215 رقم 356) ، و "التقريب" (ص590 رقم 7555) .
(3) هو سعيد بن حَيَّان التَّيْمي، الكوفي والد يحيى، روى عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وأبي هريرة والحارث بن سويد وشريح القاضي، وغيرهم، لم يرو عنه سوى =(3/901)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابنه يحيى، وسعيد هذا ثقة كما في "الكاشف" (1 / 358 رقم 1891) ؛ ذكره العجلي في "تاريخ الثقات" (ص183 رقم 538) ، وقال: ((ثقة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (4 / 280) ، وقال ابن القطان: ((مجهول)) ، وذكره الذهبي في "الميزان" (2 / 132 رقم 3157) ، وقال: ((لا يكاد يعرف)) ، وهذا يخالف توثيقه له في "الكاشف"، وانظر "التهذيب" (4 / 19 رقم 26) ، و "التقريب" (ص243 رقم 2289) .
وقد جعل ابن حبان الحارث بن سويد من الرواة عنه والصواب أنه من شيوخه، وقد نبه على خطأ ابن حبان الحافظ ابن حجر في الموضع السابق من "التهذيب".
[394] سنده صحيح، وقد توبع سعيد بن حَيَّان كما في الحديثين السابقين، وكما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (1 / 727 - 728) ، وعزاه للمصنف ووكيع والفريابي وسفيان بن عيينة ومسدد في "مسنده" وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 169 رقم 5383) من طريق ابن علية، حدثنا أبو حيان، عن أبيه، عن علي، قال: الصلاة الوسطى صلاة العصر.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5382) من طريق مصعب بن سلام، عن أبي حيان، به مثل سابقه.
وأخرجه ابن حزم في "المحلى" (4 / 370 - 371) معلَّقًا عن يحيى بن سعيد القطان، عن أبي حيان، به نحو لفظ المصنِّف.
وللحديث طرق أخرى أيضًا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرفوعة سبق تخريجها في الحديثين [392 و 393] .
وله طرق أخرى عنه - رضي الله عنه - موقوفة عليه، منها:
1- طريق الحارث الأعور، عن علي.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 504 و 505) . =(3/902)
395- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) ، قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ((الصَّلَاةُ الْوُسْطَى: صَلَاةُ العصر)) .
__________
= وابن جرير في "تفسيره" برقم (5380 و 5384 و 5385) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 175) .
ثلاثتهم من طريق أبي إسحاق السبيعي، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ الله عنه - قال: الصلاة الوسطى: صلاة العصر.
2- طريق أبي الأحوص عوف بن مالك، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الصلاة الوسطى - قال: هي التي فرّط فيها ابن داود، وهي العصر.
أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 505) فقال: حدثنا ابن عيينة، عن مسعر، عن سلمة - يعني ابن كهيل -، عن أبي الأحوص، به.
وعلقمة ابن حزم في "المحلى" (4 / 370) عن ابن عيينة.
وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم. وقد قيل: إن أبا الأحوص لم يسمع من علي - رضي الله عنه - كما في "التهذيب" (8 / 169) ، ثم قال ابن حجر: ((وذكر الخطيب في تاريخه أنه شهد مع علي قتال الخوارج بالنهروان، فإن ثبت ذلك فلا يدفع سماعه منه، والله أعلم)) . اهـ.
قلت: الراجح أنه سمع منه - إن شاء الله -، فإنه سمع ممن هو أقدم وفاة من علي، وهو ابن مسعود الذي توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وأما علي فكانت وفاته سنة أربعين للهجرة، وكلاهما كانا بالكوفة. انظر: "التهذيب" (6 / 28) و (7 / 338) .
3- طريق أبي الصَّهْبَاء البَكْري، قال: سألت علي بن أبي طالب عن الصلاة الوسطى، فقال: هي صلاة العصر، وهي التي فُتن بها سليمان بن داود - صلى الله عليه -.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 170 رقم 5386) .
(1) هو ميزان البصري، أبو صالح مشهور بكنيته، ثقة؛ قال ابن معين: ((ثقة مأمون)) =(3/903)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= كما في "الجرح والتعديل" (8 / 437 رقم 1994) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 458) ، وقال في "صحيحه": ((هو ثقة)) كما في "التهذيب" (10 / 385) ، وذكره ابن شاهين في "الثقات" (ص237 رقم 1461) ، وقال: ((بصري ثقة)) ، وانظر: "المعرفة والتاريخ للفسوي" (2 / 799) .
وقد التبس أبو صالح هذا على الشيخ أحمد شاكر - في حاشيته على تفسير ابن جرير (5 / 171) - بأبي صالح ذَكْوان السَّمان، وذلك أن البيهقي روى هذا الحديث في "سننه" - كما سيأتي - من طريق الإمام أحمد، عن يحيى بن سعيد القطان، عن سليمان التيمي، ثم قال الإمام أحمد: ((ليس هو أبو صالح السَّمّان، ولا باذام، هذا بصري، أراه ميزان)) - يعني اسمه ميزان -. اهـ.
قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -: ((وهذا الظن من الإمام أحمد - رحمه الله - ينفيه تصريح من ذكرنا من الرواة بأنه: أبوصالح السمان، وأما: أبو صالح ميزان؛ فإنه تابعي آخر ثقة، مترجم في "التهذيب" و "الكبير" للبخاري (4 / 2 / 67) ، ولكنهم لم يذكروا له رواية عن أبي هريرة)) . اهـ.
ومنشأ هذا الخطأ عند الشيخ أحمد شاكر: أن ابن حزم روى الحديث في "المحلى" كما سيأتي، وفيه: ((عن أبي صالح السمان)) ، وهو الذي قصده الشيخ بقوله: ((ينفيه تصريح من ذكرنا)) ، كما أن الشيخ اطلع على ترجمة ميزان في "التهذيب" فلم يجد الحافظ ابن حجر ذكر أبا هريرة من شيوخه، فظن أنه ذكوان السمان، لكن لو أن الشيخ توسّع في الإطلاع على مصادر ترجمة ميزان، لوجد ابن أبي حاتم قد صدّر شيوخه بقوله: ((روى عن أبي هريرة)) ، وأما الحافظ ابن حجر فليس من منهجه في "التهذيب" ذكر شيوخ الراوي والرواة عنه باستيفاء - كما هو معلوم -، ومع ذلك فإنهم لم يذكروا لسليمان بن طرخان التيمي رواية عن ذكوان كما يتضح من مراجعة "تهذيب الكمال" المطبوع (8 / 514) و (12 / 6) ، وإنما ذكروا أنه يروي عن ميزان كما في مصادر ترجمة ميزان السابقة.
وأما ما وقع في "المحلى" لابن حزم من التصريح بأنه السمان فلا يبعد أن يكون =(3/904)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= اجتهادًا من ابن حزم أخطأ فيه، وهذا كثير، وسبق التنبيه على بعض أخطائه في مثل هذا في الحديث [369] .
وعليه فما رآه الإمام أحمد هو الصواب، والله أعلم.
[395] الحديث سنده صحيح موقوفًا على أبي هريرة، ولا يصح عنه رفعه.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 728) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وقد روي الحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - من أربع طرق:
1- طريق أبي صالح ميزان البصري، ويرويه عنه سليمان بن طَرْخَان التَّيْمي.
اخرجه المصنف هنا من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن سيلمان.
ومن طريق ابن علية أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 170 رقم 5387) بمثله، وقرن به رواية بشر بن المفضل للحديث عن سليمان التيمي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 506) من طريق سهل بن يوسف، عن سليمان التيمي، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 172 رقم 5390) من طريق مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيُّ، عَنْ أبيه، بنحوه.
وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 460 - 461) في الصلاة، باب من قال: هي العصر - يعني الوسطى -، من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري ويحيى بن سعيد القطان، كلاهما عن سليمان التيمي، به نحوه.
وعلقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 369) عن يحيى القطان، به مثله.
فهؤلاء الستة من الرواة رووه عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي صالح، عن أبي هريرة، موقوفًا عليه.
وخالفهم عبد الوهاب بن عطاء فرواه عن التيمي، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((صلاة الوسطى: صلاة العصر)) .
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 189 رقم 5432) . =(3/905)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 290 رقم 1338) .
والبيهقي في الموضع السابق.
قال البيهقي: ((كذا روي بهذا الإسناد، خالفه غيره، فرواه عن التيمي موقوفًا على أبي هريرة)) . اهـ.
قلت: والموقوف أصح لاتفاق ستة من الرواة على روايته موقوفًا، وفيهم بعض كبار الحفاظ كيحيى القطان وابن علية، وأما عبد الوهاب بن عطاء فتفرد به برفعه ولم يتابعه عليه أحد عن التيمي، وإن كان روي عن أبي هريرة مرفوعًا من غير طريقه كما سيأتي.
2- طريق كهيل بن حرملة، قال: سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى، فقال: اختلفا فيها كما اختلفتم فيها ونحن بفناء بيت رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، فقال: أنا أعلم لكم ذلك، فقام فاستأذن عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فدخل عليه، ثم خرج إلينا فقال: أخبرنا أنها صلاة العصر.
أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 191 رقم 5436) ، واللفظ له.
والبزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1 / 197 - 198 رقم 391) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 174) ، وفي كتاب ((الرد على الكَرَابيسي)) كما في "الجوهر النقي" (1 / 459 - 460) .
وابن حبان في "الثقات" (5 / 341 - 342) .
والحاكم في "المستدرك" (3 / 638) .
جميعهم من طريق خالد بن دَهْقان، عن خالد سَبلانَ، عن كُهيْل، به.
وقد سكت الحاكم والذهبي عن الحديث فلم يتكلما عنه بشيء.
وذكره ابن كثير في "تفسيره" (1 / 292) ، وقال: ((غريب من هذا الوجه جدًّا)) .
وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1 / 309) وعزاه للطبراني أيضًا في "الكبير" مع البزار، ثم قال: ((رجاله موثقون)) .
قلت: سنده ضعيف لجهالة كُهَيْل بن حَرْملة النُّمَيْري، فإنه لم يرو عنه =(3/906)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= سوى خالد بن عبد الله سَبَلان، وقد ذكره البخاري في "تاريخه" (7 / 238 رقم 1024) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7 / 173 رقم 984) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 341) .
3- طريق موسى بن وَرْدان، عن أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((صلاة الوسطى: صلاة العصر)) .
أخرجه الطحاوي في الموضعين السابقين، من طريق محمد بن أبي حميد، عن موسى، به.
وسنده ضعيف جدًّا.
موسى بن وَرْدان القرشي العامري، مولاهم أبو عمر المصري، مدني الأصل، يروي عن أبي هريرة وأنس وجابر وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه ابنه سعيد وحيوة بن شريح ومحمد بن أبي حميد وغيرهم، وهو صدوق ربما أخطأ؛ قال ابن معين: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية: ((ليس بالقوي)) ، وقال ابن حبان: ((كثر خطؤه حتى كان يروي المناكير عن المشاهير)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس به بأس)) ، وفي موضع آخر قال: ((ليس بالمتين، يكتب حديثه)) ، وقال البزار: ((صالح، روى عنه محمد بن أبي حميد أحاديث منكرة، وأما هو فلا بأس به)) ، وقال الدارقطني: ((لا بأس به)) ، ووثقه العجلي وأبو داود، وكانت وفاته سنة سبع عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 165 - 166 رقم 733) ، و "التهذيب" (10 / 376 - 377 رقم 669) ، و "التقريب" (ص554 رقم 7023) .
ومحمد بن أبي حُمَيْد إبراهيم الأنصاري الزُّرَقي، أبو إبراهيم المدني، لقبه: حمّاد، يروي عن زيد بن أسلم ونافع مولى ابن عمر وسعيد المقبري وموسى بن وردان وغيرهم، روى عنه محمد بن أبي عدي وأبو عامر العَقَدي وأبو داود الطيالسي وغيرهم، وهو ضعيف جدًّا، قال الإمام أحمد: ((أحاديث أحاديث مناكير)) ، وقال ابن معين والبخاري والساجي: ((منكر الحديث)) ، وفي رواية عن ابن معين: ((ليس بشيء، ولا يكتب حديثه)) ، وقال الجوزجاني: ((واهي الحديث ضعيف)) ، وقال: =(3/907)
396- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم (2) ، عَنْ (عَبْدِ الرَّحْمَنِ) (3) بْنِ لَبِيْبَةَ الطَّائِفي (4) ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: الصَّلَاةُ الْوُسْطَى؟ قَالَ: ((أَلَا هِيَ صلاة العصر)) .
__________
= أبو حاتم: ((منكر الحديث، ضعيف الحديث ... ، يروي عن الثقات المناكير)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وقال ابن حبان: ((لا يحتج به)) ، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم. اهـ. من "الجرح والتعديل" (7 / 233 - 234 رقم 1276) ، و "الكامل" لابن عدي (6 / 2203) ، و "التهذيب" (9 / 132 - 134 رقم 183) .
4- طريق عبد الرحمن بن نافع لَبِيْبة الطائفي، عن أبي هريرة موقوفًا عليه، وهو الآتي بعده.
وعليه يتضح أن الحديث صحيح عن أبي هريرة موقوفًا عليه من قوله، وأما رفعه فلا يصح عن أبي هريرة، وقد صح مرفوعًا من حديث علي بن أبي طالب كما في الحديثين المتقدمين برقم [392 و 393] ، والله أعلم.
(1) هو داوُد بن عبد الرحمن العطّار العبدي، أبو سليمان المكّي، روى عن هشام بن عروة وابن جريج، ومعمر وابن خُثَيم وغيرهم، وروى عنه ابن المبارك وابن وهب والإمام الشافعي وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة لم يثبت أن ابن معين تكلم فيه، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو داود والعجلي والبزار، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به، صالح)) ، وقال إبراهيم بن محمد الشافعي: ((ما رأيت أحدًا أعبد من الفضيل بن عياض، ولا أورع من داود بن عبد الرحمن، ولا أفرس في الحديث من ابن عيينة)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((كان متقنًا، من فقهاء أهل مكة)) وكانت ولادته سنة مائة، ووفاته سنة أربع أو خمس وسبعين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 417 رقم 1907) ، و "التهذيب" (3 / 192 رقم 366) ، و "التقريب" (ص199 رقم 1798) .(3/908)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد روي أن ابن معين والأزدي تكلما في داود هذا.
أما ابن معين فالصحيح عنده توثيقه كما سبق، ونقل الحاكم بلا إسناد عنه أنه قال: ((ضعيف)) ، وهذا لا يثبت لأن الحاكم لم يذكر الذي حدث به.
وأما الأزدي فقال: ((يتكلمون فيه)) ، وهذا مردود بتوثيق من سبق، والأزدي لا يعتدّ بجرحه سيّما وقد خالفه غيره كما سبق بيان ذلك في الحديث [200] .
(2) هو عبد الرحمن بن خُثَيْم - بالمعجمة والمثلثة مصغرًا-، القَارِيُّ أبو عثمان المكي، روى عن أبي الطفيل وصفيّة بنت شيبة وسعيد بن جبير ومجاهد وغيرهم، روى عنه السفيانان وابن جريج ومعمر وغيرهم، وهو صدوق، قال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وفي رواية قال: ((أحاديثه ليست بالقويّة)) ، ووثقه العجلي والنسائي، وفي رواية أخرى عن النسائي قال: ((ليس بالقوي)) ونقل عن ابن المديني أنه قال: ((منكر الحديث)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وله أحاديث حسنة)) ، وقال أبو حاتم: ((ما به بأس، صالح الحديث)) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: ((يخطئ)) ، وكانت وفاته قبل سنة أربع وأربعين ومائة، قيل: سنة خمس وثلاثين ومائة، وقيل: سنة اثنتين وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 111 - 112 رقم 510) ، و "التهذيب" (5 / 314 - 315 رقم 536) ، و "التقريب" (ص313 رقم 3466) .
(3) في الأصل: ((عبد الله)) ، والصواب ما أثبته من مصادر ترجمته الآتية ومصادر التخريج.
(4) هو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لَبِيْبَةَ الطَّائِفي، حجازي يروي عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهما -، وهو مجهول الحال، روى عنه ابن خثيم ويعلى بن عطاء، وذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 357 - 358 رقم 1135) ، وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 294 رقم 1393) .
[396] سنده ضعيف لجهالة حال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَافِعِ بْنِ لبيبة، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق، وقد روي عن أبي هريرة مرفوعًا ولا يصح كما =(3/909)
397- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (1) ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: ((صَلَاةُ الْوُسْطَى: صَلَاةُ الصُّبْحِ))
__________
= سبق بيانه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (1 / 537 - 539 و 577 رقم 2040 و 2197) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 171 رقم 5388) .
كلاهما من طريق معمر، عن ابن خثيم، به نحوه، إلا أن لفظ عبد الرزاق في الموضع الأول فيه قصة طويلة.
وأخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (5 / 357 - 358) من طريق يحيى بن سليم، عن ابن خثيم، به مختصرًا.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 175) .
وابن حزم في "المحلى" (4 / 369 - 370) .
أما الطحاوي فمن طريق إسماعيل بن عياش، وأما ابن حزم فمن طريق بشر بن المفضل، كلاهما عن ابن خثيم، به نحوه، وفي لفظهما زيادة.
(1) لم أجد من نصّ على أن داود سمع من ابن أبي نجيح، لكن صرّح داود بالسماع عند البيهقي كما سيأتي، وكلاهما مكّي، وقد تعاصرا، فوفاة ابن أبي نجيح كانت سنة إحدى وثلاثين ومائة، وولادة داود سنة مائة. انظر: "تهذيب الكمال" المطبوع (8 / 414) والمخطوط (2 / 748) ، و "التهذيب" (6 / 54) ، و (3 / 192) .
[397] سنده صحيح، وانظر في رواية ابن أبي نجيح للتفسير عن مجاهد الحديث [184] .
وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 719) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في "سننه". =(3/910)
398- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ (1) ، عَنْ زَيْدِ بن أسلم، [ل118/أ] (2) قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: ((هي صلاة الصبح)) .
__________
= وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 462) في الصلاة، باب من قال: هي الصبحَ - يعني الصلاة الوسطى -، من طريق داود بن عبد الرحمن العطار، حدثني ابن أبي نجيح..، فذكره بنحوه.
وله طريق أخرى من رواية زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عمر، وهي الآتية برقم [398] وسندها حسن لذاته.
وقد روي عن ابن عمر أنها العصر.
فقد ذكر البيهقي في "سننه" (1 / 461) بعض الأحاديث في ذلك، ثم قال: ((وهذا قول عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ الله عنه - في أصح الروايتين عنه، وقول أُبَيّ بن كعب وأبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة وعبد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وإحدى الروايتين عن ابن عمر، وابن عباس وأبي سعيد الخدري وعائشة - رضي الله عنهم -)) . اهـ.
وقد أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 170) .
وعلقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 370) .
كلاهما من طريق ابن شهاب الزهري، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر، عن أبيه قال: ((الصلاة الوسطى: صلاة العصر)) ، واللفظ للطحاوي.
وذكره ابن التركماني في "الجوهر النقي" (1 / 463) من وراية الطحاوي، ثم قال: ((وهذا سند صحيح)) .
(1) هو الدَّرَاوَرْي، تقدم في الحديث [96] أنه صدوق.
(2) هو زيد بن أسلم العدوي، مولى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عنه -، أبو عبد الله وأبو أسامة، المدني، روى عن أبيه وابن عمر وأبي هريرة وعائشة وجابر وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وابن جريج والسفيانان والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، وهو ثقة عالم، وكان يرسل، روى له الجماعة، ووثقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن سعد والنسائي وابن خراش، وقال يعقوب بن شيبة: ((ثقة من أهل =(3/911)
399- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ (1) ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: ((هِيَ صَلَاةُ الصُّبْحِ)) .
400- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ (2) ، عَنْ حُصَين (3) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّاد (4) قَالَ: ((هي صلاة العصر)) .
__________
= الفقه والعلم، وكان عالمًا بتفسير القرآن)) ، وقد أرسل عن علي وأبي سعيد رضي الله عنهما، وكانت وفاته سنة ست وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 555 رقم 2511) ، و "التهذيب" (3 / 395 - 397 رقم 728) ، و "التقريب" (ص222 رقم 2117) .
[398] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره كما في الحديث السابق.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 506) من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوري، به مثله.
وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 284) أن إسماعيل القاضي أخرجه، فقال: وذكر إسماعيل بن إسحاق: أخبرنا إبراهيم بن حمزة وعلي بن المديني - واللفظ له -، قالا: حدثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حدثني زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابن عمر يقول: الصلاة الوسطى: صلاة الصبح.
(1) هو عبد الله بن طاوس.
[399] سنده صحيح.
والمصنف هنا أخرجه من طريق شيخه سفيان بن عيينة.
وسفيان أخرجه في "تفسيره" كما في "الدر المنثور" (1 / 719) .
(2) تقدم في الحديث [174] أنه ضعيف.
(3) هو ابن عبد الرحمن السُّلَمي.
(4) هو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّاد بْنِ الهَاد اللَّيْثي، أبو الوليد المدني، ولد في عهد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يسمع منه شيئًا، وروى عن أبيه وعمر وعلي وطلحة وابن مسعود وغيرهم - رضي الله عنهم - روى عنه سعد بن إبراهيم وأبو إسحاق الشيباني وطاوس =(3/912)
401- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيْف (2) ، عَنْ زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ (3) : أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَمَرَتْ بِمُصْحَفٍ لَهَا أَنْ يُكتب، وَقَالَتْ: ((إِذَا بَلَغْتُمْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} فَلَا تَكْتُبُوهَا حَتَّى تُؤْذِنُونِي)) ، فَلَمَّا أَخْبَرُوهَا أَنَّهُمْ قَدْ بَلَغُوا، (قَالَتْ) (4) : ((اكْتُبُوهَا: صَلَاةَ الْوُسْطَى صَلَاةَ الْعَصْرِ)) .
__________
= ومحمد بن كعب وهو ثقة، روى له الجماعة، ووثقه أبو زرعة والنسائي والعجلي والخطيب، وقال ابن سعد: ((كان ثقة فقيهًا كثير الحديث متشيعًا)) ، وقال الميموني: سئل أحمد: أسمع عبد الله بن شداد من النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شيئًا؟ قال: (لا) ، وكانت وفاته سنة إحدى أو اثنتين وثمانين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 80 رقم 373) ، و "الكاشف" للذهبي (2 / 95 رقم 2801) ، و "التهذيب" (2 / 381 رقم 659) ، و (5 / 251 - 252 رقم 441) .
[400] سنده ضعيف لضعف سويد بن عبد العزيز.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 219 رقم 5488) ، فقال: حُدِّثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن شداد بن الهاد قال: الصلاة الوسطى صلاة الغداة.
وهذا أيضًا ضعيف لإبهام شيخ الطبري، وفيه مخالفة لسويد الذي رواه عن حصين على أنها صلاة العصر.
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف فإنها منكرة.
(2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
(3) تقدم في الحديث [264] أن العجلي وثّقه، لكن لم أجد من نصّ على أنه سمع من عائشة رضي الله عنها، انظر: "تهذيب الكمال" (9 / 510 رقم 2068) ، و "تهذيب التهذيب" (3 / 384 رقم 701) ، وسماعه منها محتمل، فقد نص =(3/913)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= البخاري في "تاريخه" (3 / 373 رقم 1261) على أنه سمع أبا موسى الأشعري، وهو متوفى قبل عائشة - رضي الله عنها -، فوفاته قيل إنها كانت سنة اثنتين وأربعين للهجرة، وقيل أربع وأربعين، وقيل إحدى وخمسين كما في "التهذيب" (5 / 363) ، وأما عائشة فوفاتها كانت سنة ثمان وخمسين كما في "التهذيب" (12 / 436) .
(4) في الأصل: ((قال)) ، وما أثبته من "الدر المنثور" (1 / 727) حيث ذكره من رواية المصنِّف.
[401] سنده ضعيف لما تقدم عن حال خصيف وعتّاب، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر" (1 / 727) بمثله وعزاه للمصنف وأبي عبيد. وأخرجه أبو عبيد في "الفضائل" (ص240 رقم 573) من طريق مروان بن شجاع، عن خصيف، به نحوه.
وصح الحديث عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - من وجه آخر.
فأخرجه مالك في "الموطأ" (1 / 138 - 139 رقم 25) في صلاة الجماعة، باب الصلاة الوسطى، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس مولى عائشة أم المؤمنين أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب بلها مصفحًا، ثم قالت: إذا بلغت هذه الآية فآذِنّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِين} ، فلما بلغتُها آذنتها، فأملت عليّ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين، قالت عائشة: سمعتُها مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -.
ومن طريق الإمام مالك أخرجه:
الإمام أحمد في "المسند" (6 / 73 و 178) .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 437 - 438 رقم 207) في المساجد، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
وأبو داود في "سننه" (1 / 287 رقم 410) في الصلاة، باب في وقت صلاة العصر.
والترمذي (8 / 326 - 327 رقم 4065) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
والنسائي في "سننه الصغرى" (1 / 236) في الصلاة، باب المحافظة على صلاة العصر، وفي الصلاة من الكبرى (1 / 154 رقم 366) ، باب الأمر بالمحافظة على =(3/914)
402- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب، عَنْ خُصَيف، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ((هِيَ صَلَاةُ الصبح)) .
__________
= الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر، وفي "التفسير" (1 / 269 - 270 رقم 66) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 172) .
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص94) .
والبيهقي في "سننه" (1 / 462) في الصلاة، باب من قال: هي الصبح - يعني الوسطى-.
فإن قيل: إن هذه الرواية تخالف رواية زِيَادِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ فِي إثبات الواو وحذفها في قوله: ((صلاة العصر)) و: ((وصلاة العصر) ، والواو عاطفة، والعطف يقتضي المغايرة، فتكون صلاة العصر غير الوسطى، فالجواب ما ذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (8 / 197) ؛ حيث ذكر حجج من قال: إن الصلاة الوسطى غير العصر ومنها هذا الحديث، ثم قال ابن حجر: ((فتمسك قوم بأن العطف يقتضي المغايرة، فتكون صلاة العصر غير الوسطى، وأجيب: بأن حديث علي ومن وافقه أصح إسنادًا وأصرح، وبأن حديث عائشة قد عورض برواية عروة: أنه كان في مصحفها: (وهي العصر) ، فيحتمل أن تكون الواو زائدة، ويؤيده ما رواه أبو عبيد بإسناد صحيح عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ كان يقرؤها: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صلاة العصر) بغير واو، أوْ هي عاطفة، لكن عطف صفة لا عطف ذات، وبأن قوله: (والصلاة الوسطى والعصر) لم يقرأ بها أحد، ولعل أصل ذلك ما في حديث البراء أنها نزلت أولاً (والعصر) ، ثم نزلت ثانيًا بدلها: (والصلاة الوسطى) ، فجمع الراوي بينهما، ومع وجود الاحتمال لا ينهض الاستدلال، فكيف يكون مقدًما على النص الصريح بأنها صلاة العصر؟!)) . اهـ. والله أعلم.
[402] إسناده ضعيف كسابقه، وهو صحيح لغيره كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 718) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد فقط.(3/915)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وذكر ابن عبد البر في "التمهيد" (4 / 284 - 285) أن إسماعيل القاضي أخرجه، فقال: ذكر إسماعيل، قال: حدثنا إبراهيم بن حمزة قال: أخبرنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ ثور، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أنه كان يقول: الصلاة الوسطى: صلاة الصبح، تصلى في سواد من الليل وبياض من النهار، وهي أكثر الصلوات تفوت الناس.
قال إسماعيل: وحدثنا به محمد بن أبي بكر قال: حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ثور بن زيد، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مثله.
قال إسماعيل: ((الرواية عن ابن عباس في ذلك صحيحة)) .
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 171) من طريق خالد بن خراش، عن عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي، به نحو سياق إسماعيل القاضي، غير أنه لم يذكر قوله: ((وهي أكثر الصلوات تفوت الناس)) .
وإسناد إسماعيل القاضي الأول حسن لذاته؛ رجاله ثقات، غير عبد العزيز وإبراهيم فإنهما صدوقان، وقد توبعا كما سبق، فالحديث صحيح لغيره.
أما عكرمة فتقدم في الحديث [115] أنه ثقة ثبت.
وأما عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي فتقدم في الحديث [69] أنه صدوق.
وأما ثَوْرُ بن زيد الدِّيْلي - بكسر المهملة، بعدها تحتانية-، المدني، فإنه يروي عن أبي الزناد وعكرمة والحسن البصري وغيرهم، روى عنه الإمام مالك وسليمان بن بلال والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، وهو ثقة؛ روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي، وكانت وفاته سنة خمس وثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 468 رقم 1903) ، و "التهذيب" (2 /31 - 32 رقم 55) ، و "التقريب" (ص135 رقم 859) .
وأما إبراهيم بن حمزة بن محمد بن حمزة بن مصعب بن عبد الله بن الزبير الزُّبَيْري، أبو إسحاق المدني، فإنه يروي عن إبراهيم بن سعد وابن أبي حازم والدَّرَاوَرْدي وغيرهم، روى عنه البخاري وأبو داود وأبو زرعة، وأبو حاتم وإسماعيل القاضي =(3/916)
403- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوَص (1) ، أَرَاه (2) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ (3) ابْنَ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى} ، قال: ((هي صلاة العصر)) .
__________
= وغيرهم، وهو صدوق كما قال أبو حاتم، وقال ابن سعد: ((ثقة صدوق)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة ثلاثين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 95 رقم 259) ، و "التهذيب" (1 / 116 - 117 رقم 207) ، و "التقريب" (ص89 رقم 168) .
وقد روي عن ابن عباس أنها العصر، وهو الحديث الآتي، ولكنه لا يصح بهذا اللفظ، وإنما حسن لذاته بلفظ: ((والصلاة الوسطى وصلاة العصر)) .
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيْم.
(2) القائل: ((أراه)) هو المصنف، شك في ذلك ولا داعي للشك؛ فسيأتي أنه عن أبي إسحاق من رواية أبي الأحوص عنه.
(3) اختلف في هذا الراوي المبهم كما سيأتي، ففي بعض الروايات أن اسمه: ((رَزِين)) ، وفي بعضها: ((هُبيرة)) وهو الصواب.
[403] سنده ضعيف لإبهام شيخ أبي إسحاق، لكنه قد عرف كما سيأتي، فالحديث حسن لذاته بلفظ: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 728) وعزاه للمصنف ووكيع وسفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 169 رقم 5381) من طريق محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ... ، فذكره بنحوه.
ورواه زكريا بن أبي زائدة، وقيس بن الربيع، وإسرائيل بن يونس، ثلاثتهم عن أبي إسحاق، به، وسموا المبهم: ((رزين)) .
وخالفهم شعبة، فسماه: ((هبيرة)) . =(3/917)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أما رواية زكريا بن أبي زائدة، فأخرجها أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص240 رقم 575) فقال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد، أنه سمع ابن عباس يقرؤها كذلك: (والصلاة الوسطى صلاة العصر) .
وأما رواية إسرائيل، فأخرجها البخاري في "تاريخه" (3 / 324) ، فقال: قال إسحاق: أخبرنا ابن آدم. سمع إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن رزين بن عبيد، عن ابن عباس: الوسطى: العصر.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 180 رقم 5416) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 172) .
كلاهما من طريق إسرائيل، به نحوه، ولفظهما أتم من لفظ البخاري.
وأما رواية قيس بن الربيع، فأخرجها ابن جرير برقم (5413) ولفظه نحو لفظ المصنف.
وأما رواية شعبة، فأخرجها ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 504) فقال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ هبيرة بن يريم، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى صلاة العصر) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 213 رقم 5468) .
وابن أبي داود في "المصاحف" (ص87) .
وعلقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 363 - 364) .
وأخرجه البيهقي في "سننه" (1 / 463) في الصلاة، باب من قال: هي الصبح - يعني الوسطى-.
أما ابن جرير والبيهقي فمن طريق وهب بن جرير، وأما ابن أبي داود فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما ابن حزم فمن طريق يحيى القطان، جميعهم عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عن هبيرة بن يريم، عن ابن عباس: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وصلاة العصر) .
كذا رواه هؤلاء عن شعبة: ((وصلاة العصر)) ، وخالفهم وكيع كما سبق فرواه =(3/918)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بحذف الواو.
ومن طريق وكيع علقه ابن حزم في "المحلى" (4 / 365) .
والراجح إثبات الواو لاتفاق هؤلاء الثلاثة على روايته كذلك عن شعبة، وفيهم يحيى بن سعيد القطان وهو أحفظ من وكيع وأتقن.
وأما قوله: ((هبيرة بن يريم)) ، فإنما هو عند البيهقي فقط، وأما ابن أبي شيبة فوقع عنده: ((عمير بن نعيم)) ، ووقع عند ابن أبي داود وابن حزم: ((عمير بن يريم)) ، وعند ابن جرير: ((عمير بن مريم)) ، وصوبه الشيخ أحمد شاكر كما هنا، وهو الصواب.
وهو هُبَيْرة بن يَريم - أوّله تحتانيّة، على وزن عظيم -، الشِّبَامي - بمعجمة، ثم موحدة خَفيفة - ويقال: الخارفي - بمعجمة وفاء -، أبو الحارث الكوفي، روى عن علي وطلحة وابن مسعود وابن عباس وغيرهم - رضي الله عنهم - روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو فاختة، وهبيرة هذا لا بأس به، وقد عيب بالتشيع.
قال الإمام أحمد: ((لا بأس بحديثه، هو أحسن استقامة من غيره)) - يعني: الذين تفرد أبو إسحاق بالرواية عنهم -، وقال ابن سعد: ((كانت منه هفوة أيام المختار، وكان معروفًا، وليس بذاك)) ، وقال الساجي: قال يحيى بن معين: ((هو مجهول)) ، وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سألت أبي عن هبيرة بن يريم، قلت: يحتج بحديثه؟ قال: ((لا، وهو شبيه بالمجهولين)) ، وقال ابن خراش: ((ضعيف)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال في "الجرح والتعديل": ((أرجو أن لا يكون به بأس، ويحيى وعبد الرحمن لم يتركا حديثه، وقد روى غير حديث منكر)) . وكانت وفاته سنة ست وستين للهجرة. اهـ. من "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9 / 109 - 110 رقم 458) ، و "التهذيب" (11 / 23 - 24 رقم 52) ، و "التقريب" (ص570 رقم 7268) .
ورواية شعبة أرجح من رواية ابن أبي زائدة وقيس بن الربيع وإسرائيل، وسندها حسن لذاته، وانظر ترجمة أبي إسحاق في الحديث رقم [1] . =(3/919)
404 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ عَبَايَة بْنِ رِفَاعة (3) ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: (( {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} -، (أَيْ: مُطِيعِينَ)) ) .
405 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ... (4) : ((وَخَفْضُ الأَيْدي، وغَضّ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ)) .
__________
= وأما ابن أبي زائدة وإسرائيل؛ فإنهما ممن روى عن أبي إسحاق بعد الاختلاط كما في "الكواكب النيرات" وحاشيته (ص350 و 356) .
وأما قيس بن الربيع فتقدم في الحديث [54] أنه صدوق تغير لما كبر وأدخل عليه ابنه ما ما ليس من حديثه فحدَّث به.
(1) هو وضّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) هو عَبَايَةُ - بفتح أوّله والموحّدة الخفيفة، وبعد الألف تحتانية خفيفة - ابن رِفَاعة بن رافع بن خَديج، الأنصاري، الزُّرَقي، أبو رفاعة المدني، روى عن جده وعن أبيه، عن جده على خلاف في ذلك، وعن الحسين بن علي بن أبي طالب وغيرهم، روى عنه سعيد بن مسروق الثوري وأبو حيّان يحيى بن سعيد التيمي وأبو بشر وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة؛ وثقه ابن معين والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وروى له الجماعة. "الجرح والتعديل" (7 / 29 رقم 154) ، و "التهذيب" (5 / 136 رقم 235) ، و "التقريب" (ص294 رقم 3196) .
[404] سنده صحيح.
(4) كذا في الأصل، وواضح أن في الحديث سقطًا في الإسناد والمتن، ولم أستطع تداركه.
[405] الحكم على الحديث متوقف على استدراك ما سقط منه، فعسى أن يتيسر ذلك. =(3/920)
406 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو شِهَاب (1) ، عَنْ لَيْث (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((مِنَ القُنُوت: (الرُّكُوعُ) (3) ، والخشوعُ، وغَضُّ الْبَصَرِ، وخفْضُ الجَنَاح مِنْ رَهْبة اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، كَانَ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ فِي الصَّلَاةِ، يَهَابُ الرحمنَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - أَنْ يمتدَّ بَصَرُهُ، أَوْ يَعْبثَ بِشَيْءٍ، أَوْ يَلْتَفِتَ، أَوْ يُقَلِّبَ الحَصَا، أَوْ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ شَأْن الدُّنْيَا، إِلَّا نَسْيًا)) .
__________
(1) هو عبد ربه بن نافع.
(2) هو ابن أبي سليم، تقدم في الحديث [9] أنه اختلط فلم يتميز حديثه فتُرك.
(3) في الأصل: ((الركود)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان".
[406] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سُلَيم.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 731) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والأصبهاني في الترغيب والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (6 / 385 رقم 2883) من طريق المصنف، حدثنا أَبُو شِهَابٍ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مجاهد - في قوله: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} - قَالَ: مِنَ الْقُنُوتِ: الرُّكُوعُ، وَالْخُشُوعُ، وَغَضُّ الْبَصَرِ، وَخَفْضُ الْجَنَاحِ مِنْ رهبة الله عز وجل. قال البيهقي - رضي الله عنه -: كَانَ الْعُلَمَاءُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ في الصلاة، يهاب الرحمن أن يَشُدَّ بصره، أو يلتفت، أو يعبث شيء، أَوْ يُقَلِّبَ الْحَصَا، أَوْ يُحَدِّثَ نفسه مِنْ شَأْنِ الدُّنْيَا إِلَّا نَسْيًا. اهـ.
وقوله: ((قال البيهقي - رضي الله عنه -)) من زيادة النساخ؛ لأن باقي الكلام تابع لقول مجاهد، لا من قول البيهقي.
وأخرجه محمد بن نصر في "تعظيم قدر الصلاة" (1 / 188 رقم 138) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 235 رقم 5529) .
كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ ليث، به نحوه، ووقع عند محمد بن نصر: ((أن يشدّ بصره)) ، ولم يذكره ابن جرير الطبري.(3/921)
407 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مَعْشَر (1) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ، وَالنَّاسُ يَتَكَلَّمُونَ فِي الصَّلَاةِ فِي حَوَائِجِهِمْ كَمَا يَتَكَلَّمُ أَهْلُ الْكِتَابِ فِي الصَّلَاةِ فِي حَوَائِجِهِمْ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} )) .
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا في الموضع السابق برقم (5528) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 177 / أ) .
كلاهما من طريق عبد الله بن إدريس، عن ليث، به نحو سياق البيهقي.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5531) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 282) .
والأصبهاني في "الترغيب" (2 / 765 رقم 1867) .
ثلاثتهم من طريق أبي جعفر، عن ليث، به نحو سياق البيهقي أيضًا، إلا أن ابن جرير قال: ((الركود)) بدل: ((الركوع)) ، ولم يذكر قوله: ((يشذ بصره)) .
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5530) من طريق عنبسة، عن ليث، به نحوه، ولم يذكر بعض ألفاظه.
وأخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 171) من طريق شجاع، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عن مجاهد - في هَذِهِ الْآيَةُ: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} -، قال: من القنوت: الركوع والسجود وخفض الجناح وغض البصر من رهبة الله.
وأخرجه ابن أبي حاتم في الموضع السابق مقرونًا برواية ابن إدريس، من طريق عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن ليث.
(1) هو نَجيح بن عبد الرحمن، تقدم في الحديث [167] أنه ضعيف.
[407] سنده ضعف جدًّا لإرساله وضعف أبي معشر، وقد صح الحديث من غير هذا الطريق كما سيأتي في الحديث بعده.
وذكره السيوطي في الدر المنثور (1 / 730) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد.(3/922)
408- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيُل (1) ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْباني (2) ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم قَالَ: ((كُنَّا نتكلَّم فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّم أحدُنا مَنْ إِلَى جَانِبِهِ)) ، فَنَزَلَتْ: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} وَأُمِرْنَا بالسُّكُوت، ونُهينا عَنِ الْكَلَامِ.
__________
(1) هو الحارث بن شُبَيْل - بالمعجمة والموحدة مصغّر - ابن عوف البَجَلي، أبو الطُّفَيل الكوفي، روى عن أبي عمرو الشيباني، وعبد اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ وطارق بن شهاب، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وسعيد بن مسروق والأعمش، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة إلا ابن ماجه، وقال ابن معين: ((لا يُسأل عن مثله)) - يعني لجلالته -، ووثقه النسائي وأبو الوليد الباجي وذكره ابن حبان في "الثقات". "الجرح والتعديل" (3 / 76 - 77 رقم 356) ، و "التهذيب" (2 / 143 - 144 رقم 245) ، و "التقريب" (ص146 رقم 1026) .
(2) هو سعد بن إياس، أبو عمرو الشيباني، الكوفي، روى عن ابن مسعود وعلي وحذيفة وزيد بن أرقم وغيرهم، روى عنه أبو إسحاق السبيعي والحارث بن شبيل والأعمش ومنصور بن المعتمر وغيرهم، وهو ثقة مخضرم، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين والعجلي وأبو نعيم الأصبهاني، وقال هبة الله بن الحسن الطبري: ((مجمع على ثقته)) ، وقال هو عن نفسه، ((بعث النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأنا أرعى إبلاً لأهلي)) ، واختلف في وفاته، فقيل: سنة خمس وتسعين للهجرة، وقيل: ست وتسعين، وقيل: ثمان وتسعين، وقيل: سنة إحدى ومائة. "الجرح والتعديل" (4 / 78 - 79 رقم 340) ، و "التهذيب" (3 / 468 رقم 872) ، و "التقريب" (ص230 رقم 2233) .
[408] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 730) وعزاه للمصنف ووكيع وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم أبي داود والترمذي والنسائي وابن جرير =(3/923)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وابن خزيمة والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والبيهقي.
وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (1 / 691) من طريق المصنف، ثنا هشيم أنبأ إسماعيل بن أبي خالد، نا الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصلاة، يكلم أحدُنا صاحبه إلى جنبه بحاجته، فنزلت: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} ، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.
وأخرجه أبو عبيد في "غريب الحديث" (1 / 134) .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 383 رقم 35) في المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته.
وأبو داود في "سننه" (1 / 583 رقم 949) في الصلاة، باب النهي عن الكلام في الصلاة.
والترمذي في "سننه" (2 / 439 - 440 رقم 403) في الصلاة، بابٌ في نسخ الكلام في الصلاة. و (8 / 330 رقم 4071) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير.
وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 34 رقم 856) .
وابن المنذر في "الأوسط" (3 / 229 - 230 رقم 1566) .
والبيهقي في "سننه" (2 / 248) في الصلاة، باب ما لا يجوز من الكلام في الصلاة.
جميعهم من طريق هشيم، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 368) .
والبخاري في "صحيحه" (8 / 198 رقم 4534) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} أي مطيعين، وفي "التاريخ الكبير" (2 / 270) .
والنسائي في "سننه" (3 / 18) في السهو، باب الكلام في الصلاة.
وابن خزيمة في الموضع السابق برقم (856 و 857) .
وابن حبان في "صحيحه" (6 / 21 - 22 رقم 2246 / الإحسان) .
والطبراني في "الكبير" (5 / 218 - 219 رقم 5062) .
والبيهقي في الموضع السابق.
جميعهم من طريق يحيى بن سعيد القطان، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه، =(3/924)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إلا أنه لم يذكر قوله: ((ونهينا عن الكلام)) .
وأخرجه عبد بن حميد في "مسنده" (ص113 رقم 260) .
والترمذي في الموضع السابق من كتاب التفسير رقم (4070) .
وابن خزيمة في الموضع السابق رقم (856) .
والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1 / 170) .
جميعهم من طريق يزيد بن هارون، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، به نحوه سابقه.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (3 / 72 - 73 رقم 1200) في العمل في الصلاة، باب ما ينهى عن الكلام في الصلاة.
ومسلم في الموضع السابق من صحيحه.
وابن حبان في الموضع السابق (ص27 رقم 2250) .
ثلاثتهم من طريق عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، به نحوه سابقه.
وأخرجه مسلم في الموضع السابق.
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 232 رقم 5524) .
كلاهما من طريق وكيع وعبد الله بن نمير، عن إسماعيل، به نحوه سابقه.
وأخرجه الترمذي في الموضع السابق.
والطبراني في "الكبير" (5 / 219 رقم 5063) .
كلاهما من طريق مروان بن معاوية، عن إسماعيل، به نحو سابقه أيضًا.
وكذا أخرجه الترمذي في الموضع نفسه من طريق محمد بن عبيد، عن إسماعيل، به.
وأخرجه النسائي في "تفسيره" (1 / 271 رقم 67) .
وابن حبان في الموضع السابق (ص17 - 18 رقم 2245) .
كلاهما من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ إسماعيل، به نحو سابقه.
ومن طريق النسائي أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص19) .
وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق.
وأبو عوانة في "صحيحه" (2 / 153) .
وابن المنذر في "الأوسط" (3 / 229 رقم 1565) . =(3/925)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} ]
409 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ؛ قَالَ: نَا أَبُو الأَحْوَص (1) ، عَنْ مُغيرة، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} -، قَالَ: ((ذَلِكَ فِي الْقِتَالِ؛ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ، وَعَلَى دَابَّتِهِ حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهَا، يُومئ برأسه إيماءً)) .
__________
= وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 176 / ب) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (5064) .
جميعهم من طريق يعلى بن عبيد، عن إسماعيل، به نحو سابقه.
وكذا أخرجه ابن جرير في الموضع نفسه من طريق ابن أبي زائدة ومحمد بن يزيد، كلاهما عن إسماعيل، به.
(1) هو سلاّم بن سُلَيْم.
[409] سنده صحيح، وقد صرح مغيرة بأنه هو الذي سأل إبراهيم النخعي عن هذه الآية كما سيأتي في الحديث بعده من رواية هشيم عن مغيرة.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 218 رقم 2517) بمثل ما هنا سواء، إلا أنه قال: ((حيث ما يوجهها)) بدل قوله: ((حيث ما كان وجهها)) .
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص70 رقم 122) عن مغيرة، عن إبراهيم: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ، قال: يصلي ركعتين، يومئ إيماءً حيثما كان وجهه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 514 رقم 4260) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 238 - 239 رقم 5536 و 5537) .
والدولابي في "الكنى والأسماء" (2 / 153 - 154) .
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، به. =(3/926)
410 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هشُيم، قَالَ: نَا مُغيرة، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} ، قال: ((عند المُطَاردة، يصلي حيث ما كَانَ وَجْهُهُ، رَاكِبًا، أَوْ رَاجِلًا، رَكْعَتَيْنِ، يُومِئُ إِيمَاءً، يَجْعَلُ السُّجُودَ أخفض من الركوع)) .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 460) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 241 رقم 5551) .
كلاهما من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} - قال: يصلي الرجل في القتال المكتوبة على دابته وعلى راحلته حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ إِيمَاءً عند كل ركوع وسجود، ولكن السجود أخفض من الركوع، فهذا حين تأخذا السيوف بعضها بعضًا، هذا في المطاردة.
هذا لفظ ابن جرير الطبري وهو أتم من لفظ ابن أبي شيبة.
وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (ص198 رقم 253) .
وأبو يوسف في كتاب "الآثار" (ص76 رقم 377) .
ومحمد بن الحسن في "الآثار" أيضًا (ص40 رقم 196) .
ثلاثتهم من طريق حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، به بمعناه، وفيه زيادة.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 515 رقم 4266) من طريق معمر، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم قال: ركعتان يومئ بهما حيث كان وجهه.
[410] سنده صحيح.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 رقم 2513) بمثل ما هنا، إلا أنه قال: ((حيث كان وجهه)) ، ولم يذكر قوله: ((ركعتين)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 238 رقم 5535) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه.
وللحديث طرق أخرى سبق تخريجها في الحديث السابق.(3/927)
411 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، نَا يُونُسُ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: ((يُصَلِّي رَكْعَةً حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يومئ إيماءً)) .
__________
(1) هو ابن عبيد.
[411] سنده صحيح.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 رقم 2514) ، بمثل ما هنا سواء.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 239 رقم 5540) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن هشيم، به بلفظ: إذا كان عند القتال صلى راكبًا أو ماشيًا حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ إِيمَاءً.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 514 رقم 4261) من طريق سفيان الثوري، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: يومئ بركعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 461) من طريق الثوري أيضًا، به بلفظ: الصلاة عند المسايفة ركعة.
وأخرجه ابن جرير برقم (5554) من طريق الثوري أيضًا بلفظ: ركعة.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (2 / 460) من طريق عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن، سئل عن الرجل إذا حضرت المسايفة كيف يصلي، قال: يصلي ركعة وسجدتين تلقاء وجهه.
وأخرجه ابن المبارك في "الجهاد" (ص197 رقم 248) عن هشام، عن الحسن - في صلاة المطاردة - قال: ركعة، وسجدتين، يومئ إيماء.
وأخرجه ابن المبارك أيضًا (ص197 رقم 249) .
وابن جرير أيضًا (5 / 240 رقم 5545) كلاهما من طريق الفضل بن دَلْهم عن الحسن: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال: ركعة وأنت تمشي، وأنت يوضع بك بعيرك، ويركض بك فرسك، على أي جهة كان.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 242 رقم 5553) من طريق قتادة، عن الحسن، قال في الخائف الذي يطلبه العدو - قال: إن استطاع أن يصلي ركعتين، وإلا صلى ركعة.
وسيأتي في الحديث رقم [414] عن الحسن - في القوم يطلبون -: إن كانوا =(3/928)
412 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشيم، قَالَ: نا جُوَيْبر، عَنِ الضَّحَّاك قَالَ: ((إِذَا كَانَ عِنْدَ المُسَايَفَة (1) ، أَوْ كَانَ يطْلب، أَوْ يَطْلُبُهُ سَبُع، فليصلِّ رَكْعَةً رَكْعَةً حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ، يُومِئُ إِيمَاءً، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فليكبِّر تَكْبِيرَةً، أَوْ تَكْبِيرَتَيْنِ)) .
413 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ دِينَارٍ (2) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ (بُخْت) (3) المَكِّي (4) يَقُولُ: ((إِذَا كَانَتِ المُسَايَفَة إِنِ اسْتَطَاعُوا صَلُّوا قِيَامًا، وَإِلَّا فَرُكْبَانًا، وَإِلَّا فَالتَّكْبِيرُ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا، فَلَا يدعوا ذكرها في أنفسهم)) .
__________
= لَا يُطْلَبُونَ صَلَّوْا بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا يُطْلَبُونَ صَلَّوْا عَلَى دَوَابِّهِمْ.
(1) أي المُجالَدَةُ، وتَسَايَفَ القوم: أي تضاربوا بالسيوف. "لسان العرب" (9 / 166 - 167) .
[412] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر كما في الحديث [93] .
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 - 218 رقم 2515) بمثل ما هنا، إلا أنه ذكر قوله: ((ركعة)) مرة واحدة، وقال: ((فليكبر تكبيرتين)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 240 رقم 5544) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (2 / 514 رقم 4263) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (2 / 461) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} - قال: تجزئ تكبيرتين (كذا!) حيث كان توجهه.
هذا لفظ عبد الرزاق، وأما ابن أبي شيبة فلفظه: تكبيرتين عند المسايفة.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5543) من طريق يزيد بن هارون، أخبرنا جُوَيْبِرٌ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} - قال: إذا التقوا عند =(3/929)
414- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأوْزَاعي، قَالَ: حَدَّثَنِي سَابِق البَرْبَرِي (1) ، قَالَ: (كَتَبَ) (2) مَكْحول إِلَى الْحَسَنِ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ بِدَابِق (3) : فِي الْقَوْمِ يُطْلبون، فجاء [ل118/ب]
__________
= القتال وطَلَبوا، أو طُلبوا، أو طلبهم سبع، فصلاتهم تكبيرتان إيماءً، أيَّ جهة كانت.
(2) هو شعيب بن أبي حمزة، تقدم في الحديث [66] أنه ثقة عابد.
(3) في الأصل: ((يحيى)) تصحّفت بسبب تقارب الرسم، وما أثبته من الموضع الآتي من السنن للمصنف، ومن تفسير ابن كثير (1 / 547) نقلاً عن المصنِّف.
(4) هو عبد الوهاب بن بُخْت - بضم الموحّدة، وسكون المعجمة، بعدها مثنّاة -، الأموي، مولاهم، أبو عبيدة، ويقال: أبو بكر المكّي، سكن الشام، ثم المدينة، روى عن أنس وابن عمر وأبي إدريس الخولاني وعمر بن عبد العزيز وغيرهم، روى عنه أيوب السختياني والإمام مالك وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وأبو زرعة ويعقوب بن سفيان والنسائي، وكانت وفاته سنة ثلاث عشرة ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 69 رقم 360) ، والتهذيب (6 / 444 - 446 رقم 926) ، والتقريب (ص368 رقم 4254) .
[413] سنده ضعيف؛ إسماعيل بن عياش تقدم في الحديث [9] أنه صدوق في روايته عن أهل بلده مخلِّط في غيرهم، ومدلس، وهذا الحديث من روايته عن شعيب وهو من أهل بلده، لكنه لم يصرح بالسماع فيما بينه وبينه.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 218 رقم 2516) بمثل ما هنا، إلا أنه قال: ((فإن استطاعوا)) ، و: ((فلا يدعوها في أنفسهم)) .
وذكر الحافظ ابن كثير في تفسيره (1 / 547) قول من قال: تجزئه تكبيرة عند المسايفة، ثم قال: ((وإليه ذهب الأمير عَبْدَ الْوَهَّابِ بْنَ بُخْتٍ الْمَكِّيَّ، حتى قال: فإن لم يقدر على التكبيرة، فلا يتركها في نفسه - يعني بالنيّة -، رواه سعيد بن منصور في سننه عن إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُعَيْبِ بن دينار، عنه، فالله أعلم. اهـ.
(1) هو سَابِقُ بن عبد الله أبو سعيد البَرْبَري، من أهل بَرْبَر، سكن الرَّقَة، يروي عن مكحول وعمرو بن أبي عمرو، وعنه الأوزاعي وأهل الجزيرة، وهو مجهول الحال، =(3/930)
كِتَابُهُ: ((إِنْ كَانُوا لَا يُطْلبون صَلَّوا بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا يُطْلبون صَلَّوا على دوابِّهم)) .
__________
= ذكره البخاري في "تاريخه" (4 / 201 - 202 رقم 2494) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (4 / 307 رقم 1340) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (6 / 433) ، وفرَّق ابن عدي في "الكامل" (3 / 1307 - 1308) بينه وبين سابق بن عبد الله الرَّقِّي وسابق بن عبد الله الراوي عن أبي خلف، فقال: ((وسابق البربري الذي يذكر هو غير ما ذكرت، وسابق البربري إنما له كلام في الحكمة وفي الزهد وغيره)) ، وذكره ابن عساكر في "تاريخه" (7 / 1 - 8) ، وذكر أن ابن عدي فرق بينه وبين الرَّقِّي، ثم تعقَّبه فقال: ((قلت: هما واحد)) ، هذا مع أن ابن عدي جوَّز أن يكون سابق ثلاثة لا اثنين كما يفهم من نقل ابن عساكر عنه، وقد نقله الحافظ ابن حجر في "لسان الميزان" (3 / 2 - 3 رقم 1) عن ابن عدي وأقَرَّه، وإنما تعقبه فيما يفهم من قوله: ((إنما له كلام في الحكمة وفي الزهد وغيره)) ، فقال ابن حجر: ((ومقتضاه: أن البربري ليست له رواية، وليس كذلك؛ فقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: هذا من أهل بربر، سكن الرَّقَّة، يروي عن مكحول وعمرو بن أبي عمرو، قال أبو حاتم الرازي: روى عنه الأوزاعي)) . اهـ. وقد فرق أبو حاتم الرازي بين الرَّقِّي والبربري كما في الموضع السابق من "الجرح والتعديل"، وجمع بينهما الحافظ محمد بن سعيد الحرّاني في "تاريخ الرَّقَّة" (ص123 - 126) ، والخطيب البغدادي في "الموضح لأوهام الجمع والتفريق" (2 / 156 - 157) .
(2) في الأصل: ((كنت)) . والتصويب من الموضع الآتي من ((السنن للمصنف)) .
(3) دَابِقُ - بكسر الباء، وروي بفتحها، وآخره قاف-: هي قرية قرب حلب بينهما أربعة فراسخ، عندها مرج معشبٌ نزهٌ كان ينزله بنو مروان إذا غزوا الصَّائِفَة إلى ثَغْر مِصِّيصة، وبه قبر سليمان بن عبد الملك بن مروان. اهـ. من "معجم البلدان" (2 / 416) .
[414] سنده ضعيف لجهالة حال سابق البربري، ومعناه صحيح يشهد له ما تقدم في الحديث [411] عن الحسن البصري.(3/931)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ]
415- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (1) ، عَنِ الضَّحَّاك - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} -، (قَالَ) (2) : ((كَانَ الرَّجُلُ إِذَا مَاتَ أَنْفَقَ عَلَى امْرَأَتِهِ حَوْلًا، ثُمَّ يَقْسِم أهلُ الْمِيرَاثِ ميراثَهم، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، ثم نسخ من الأربعة الأشهر وَالْعَشْرِ: {وَأُولَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} إِذَا وَضَعْنَ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ)) .
__________
= والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الجهاد، باب العمل في صلاة الخوف (2 / 217 رقم 2512) من نفس الطريق، لكن بلفظ: كتب مكحول إلى الحسن - فجاءه جواب كتابه ونحن بدابق - في القوم يَطْلُبُون العدو، قال: إن كانوا يَطْلبون نزلوا فصلَّوا بِالْأَرْضِ، وَإِنْ كَانُوا يُطلبون صلَّوا على دوابِّهم.
والحديث أخرجه المصنف هنا من طريق شيخه عبد الله بن المبارك.
وابن المبارك أخرجه في "كتاب الجهاد" (ص199 رقم 256) عن الأوزاي، عن سَابِقٌ الْبَرْبَرِيُّ، قَالَ: كَتَبَ مَكْحُولٌ إلى الحسن البصري، فجاء كتابه ونحن بدابق - في الرجل يطلب عدوّه وهم منهزمون، فحضرت الصلاة، أيصلي على ظهر فرسه؟ - قال: بل ينزل، فيستقبل القبلة، فإن كان عدوّهم يطلبوهم، فليصلّ على ظهر فرسه إيماء.
وأخرجه ابن عساكر في "تاريخه" (7 / 2) من طريق محمد بن كثير، عن الأوزاعي، به بمعناه.
(1) هو ابن سعيد، تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(2) في الأصل: ((فإن)) .
[415] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف جويبر، وإعضاله؛ لأن الضحاك لم يسمع من أحد من الصحابة، كما في الحديث [481] . وهو هنا يروي ما يتعلق بسبب النزول. =(3/932)
416- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا يُونُسُ (1) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ} ، قال: قد نُسخ هذا)) .
__________
= وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 255 رقم 5576) من طريق أبي زهير عبد الرحمن بن مغراء، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ - فِي قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، قال: الرجل إذا توفي أُنفق على امرأته إلى الحول، ولا تزوج حتى يمضي الحول، فأنزل الله تعالى ذكره: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} ، فنسخ الأجلُ الحولَ، ونسخ النفقة الميراثُ: الرُّبُع والثُّمن.
(1) هو ابن عبيد.
[416] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 738) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 257 - 258 رقم 5585) .
والبيهقي في "سننه" (7 / 427 - 428) في العدد، باب عدة الوفاة.
كلاهما من طريق يعقوب بن إبراهيم الدَّوْرَقي، عن إسماعيل بن إبراهيم بن عُليَّة، عن يُونُسُ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنِ ابن عباس أنه قام يخطب الناس ها هنا، فقرأ لهم سورة البقرة، فبيَّن لهم منها، فأتى على هذه الآية: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} قال: فنُسخت هذه، ثم قرأ حتى أتى على هَذِهِ الْآيَةَ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} إلى قوله: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} ، فقال: وهذه.
قلت: والجزء الأول من هذا السياق سبق أن أخرجه المصنف في موضعه عند قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ} ، انظر الحديث رقم [252] .(3/933)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} ]
417- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (1) ، عَنْ حُمَيْد الْأَعْرَجِ (2) ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا} ، قَالَ أَبُو الدّّحْدَاح (4) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ يُرِيدُ مِنَّا الْقَرْضَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ يَا أَبَا الدَّحْدَاح)) ، قَالَ: أَرِنِي يَدَكَ، فَنَاوَلَهُ يَدَهُ، قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَقْرَضْتُ رَبِّي حَائِطِي - وَفِي حَائِطِهِ سِتُّمِائَةِ نَخْلَةٍ -، ثُمَّ جَاءَ إِلَى الْحَائِطِ، فَقَالَ: يَا أمَّ الدَّحْداح (5) - وَهِيَ فِي الْحَائِطِ -، فَقَالَتْ: لَبَّيْك. فَقَالَ: اخْرُجِي، فَقَدْ أَقْرَضْتُهُ رَبِّي عَزَّ وجل.
__________
(1) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في الآخر.
(2) هو حُمَيْد بن عطاء - وقيل: ابن علي، وقيل غير ذلك -، الأعْرج، الكوفي، المُلاَئي، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ المكتب، روى عنه خلف بن خليفة وابن نمير وعبيد الله بن موسى وغيرهم، وهو متروك، ضعفه الإمام أحمد، وقال ابن معين: ((ليس حديثه بشيء)) ، وقال البخاري والترمذي: ((منكر الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث، منكر الحديث، قد لزم عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابن مسعود، ولا يُعرف لعبد اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مسعود شيء)) وقال أبو زرعة: ((ضعيف الحديث، واهي الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال مرة: ((ليس بثقة)) ، وقال ابن حبان: ((منكر الحديث جدًّا، يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة لا يحتج بخبره إذا انفرد)) ، وقال الدارقطني: ((متروك، وأحاديثه شبه الموضوعة)) . اهـ. من "الضعفاء" للعقيلي (1 / 268) ، و"الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3 / 226 رقم 996) ، =(3/934)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= و"المجروحين" لابن حبان (1 / 262) ، و"الكامل" لابن عدي (2 / 688 - 689) ، و"التهذيب" (3 / 53 رقم 90) .
(3) هو عبد الله بن الحارث الزُّبَيْدي - بضم الزاي - النَّجراني - بنون وجيم -، الكوفي، المعروف بالمُكْتِب، يروي عن ابن مسعود وجندب بن عبد الله وأبي كثير الزُّبَيدي وغيرهم، روى عنه عمرو بن مُرَّة وحميد بن عطاء الأعرج وأبو سنان ضرار بن مرة وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الثالثة؛ وثقه النسائي، وقال ابن معين: ((ثبت)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. "الجرح والتعديل" (5 / 31 رقم 137) ، و"التهذيب" (5 / 182 - 183 رقم 313) ، و"التقريب" (ص299 رقم 3268) .
(4) هو أبو الدَّحْدَاح الأنصاري، حليف لهم، قال ابن عبد البر: ((لم أقف على اسمه ولا نسبه، أكثر من أنه من الأنصار، حليف لهم)) ، وقد قيل إن اسمه: ثابت بن الدحداح. انظر "الاستيعاب" لابن عبد البر (2 / 78 - 79) ، و (11 / 224 - 226) ، و"الإصابة" لابن حجر (1 / 386 - 387) ، و (7 / 119 - 121) .
(5) ذكرها في "الإصابة" (8 / 201) ، وأنها امرأة أبي الدَّحْداح، ولم يذكر اسمها ولا نسبها.
[417] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف حميد الأعرج، واختلاط خلف بن خليفة، وما تقدم عن أبي حاتم أنه قال: ((لا يُعرف لعبد اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ مسعود شيء)) ، وقد نص ابن حبان كما سبق على أن حميدًا هذا يروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عن ابن مسعود نسخة كأنها موضوعة، وهذا من روايته عنه.
لكن الحديث صحّ من غير هذا الطريق كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 746) وعزاه للمصنف وابن سعد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" والطبراني والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه الطبراني في "الكبير" (22 / 301 رقم 746) من طريق المصنف، =(3/935)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= به مثله، إلا أنه قال: ((وفي حائطي)) : و: ((ثم جاء إلى الحائط، فنادى: يا أم الدحداح)) .
وقد وقع خطأ طباعي في المعجم، فقُدِّم بعض الإسناد على بعض.
وأخرجه الحسن بن عرفة في "جزئه" (ص92 رقم 87) ، فقال: حدثنا خلف بن خليفة ... ، فذكره بنحوه.
ومن طريق ابن عرفة أخرجه:
ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 181 / ب) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 69 - 70 رقم 3178) .
وأخرجه البزار في "مسنده" كما في "كشف الأستار" (1 / 447 رقم 944) و (3 / 43 رقم 2195) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 284 - 285 رقم 5620) .
كلاهما من طريق محمد بن معاوية الأنماطي، عن خلف، به نحوه.
وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (8 / 404 رقم 4986) من طريق محرز بن عون، عن خلف، به نحوه.
وأخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (2 / 141 / أ - مخطوط جامعة الإمام -) ، من طريق علي بن حجر، عن خلف، به نحوه.
وأخرجه الثعلبي في "تفسيره" (2 / ل 138 / ب) من طريق الحمّاني، عن خلف، به، وفي لفظه زيادة وطول؛ لأنه قرنه بطرق أخرى، ثم قال: ((دخل حديث بعضهم في بعض)) . اهـ.
وذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (7 / 120) أن ابن منده أخرج الحديث.
وذكر الهيثمي الحديث في "مجمع الزوائد" (3 / 113 - 114) ، وقال: ((رواه البزار، وفيه حميد بن عطاء الأعرج وهو ضعيف)) ، ثم عاد فناقض نفسه، فقال: (6 / 321) : ((رواه البزار ورجاله ثقات)) ، وقال: (9 / 324) : ((رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما ثقات، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح)) ، مع أن طريق =(3/936)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= أبي يعلى والطبراني والبزار واحدة؛ من رواية خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ الأعرج.
وله شاهد من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إن لفلان نخلة، وأنا أقيم حائطي بها، فَأْمُرْهُ أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أعطها إياه بنخلة في الجنة)) ، فأبى، فأتاه أبو الدَّحْدَاح، فقال: بعني نخلتك بحائطي، ففعل، فأتى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، إني قد ابتعت النخلة بحائطي، قال: فاجعلها له، فقد أعطيتكها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((كم من عذق راح لأبي الدحداح في الجنة)) - قالها مرارًا -، قال: فأتى امرأته، فقال: يا أم الدحداح، اخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة، فقالت: ربح البيع - أو كلمة نحوها -.
أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (3 / 146) واللفظ له.
والبغوي في "معجم الصحابة" كما في "الإصابة" لابن حجر (7 / 119) .
ومن طريقه الطبراني في "الكبير" (22 / 300 - 301 رقم 763) .
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (9 / 144 - 145 رقم 7115 / الإحسان بتحقيق الحوت) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 20) .
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (7 / 68 رقم 3177) .
وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (2 / ل 261 ب - 262 أ) .
جميعهم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس به.
وقد صححه ابن حبان كما سبق، وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (9 / 324) : ((رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح)) ، وصحح إسناد الإمام أحمد الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "تفسير ابن جرير الطبري" (5 / 286) .
وقد أخرج مسلم في "صحيحه" (2 / 665 رقم 89) في الجنائز، باب ركوب المصلي =(3/937)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ المَلَائِكَةُ} ]
418- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، أَمَرَ فِتْيَانَ الْمُهَاجِرِينَ، وَالْأَنْصَارِ أَنْ يَكْتُبُوا الْمَصَاحِفَ، قَالَ: ((فَمَا (اخْتَلَفْتُمْ) (1) فِيهِ، فَاجْعَلُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ)) ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ: التَّابُوت (2) ، وَقَالَ الْأَنْصَارُ: التَّابُوهُ، فَقَالَ عُثْمَانُ: ((اكتبوه بلغة المهاجرين: التابوت)) .
__________
= على الجنازة إذا انصرف، من طريق شعبة، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ جابر بن سمرة، قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى الله عليه وسلم - على ابن الدَّحْداح، ثم أتي بفرس عُرْيٍ، فعقله رجل، فركبه، فجعل يتوقّص به ونحن نتّبعه نسعى خلفه. قال فقال رجل من القوم: أنَّ النَّبِيَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - قال: ((كم من عِذْق معلَّق - أو: مُدَلّى - في الجنة لابن الدحداح)) - أَوْ قال شعبة: لأبي الدَّحْدَاح -.
وعليه فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم.
(1) في الأصل ((اختلفوا)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "الدر المنثور"؛ حيث ذكره بسياق المصنِّف.
(2) التَّابُوت: هو الصندوق الذي يُحرز فيه المتاع. انظر "النهاية في غريب الحديث" (1 / 179) .
[418] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عمرو بن دينار وعثمان - رضي الله عنه -؛ فعثمان قتل سنة خمس وثلاثين للهجرة، وعمرو بن دينار توفي سنة خمس أو ست وعشرين ومائة وقد جاوز السبعين، أي أن ولادته كانت حوالي سنة خمسين للهجرة، وقد نص أبو زرعة على أنه لم يسمع من أبي هريرة - رضي الله عنه - مع أن وفاته كانت سنة ثمان وخمسين للهجرة انظر "التهذيب" (7 / 141) ، =(3/938)
419- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمير (1) ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرة (2) ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ((لَا يَلِيَنَّ مَصَاحِفَنَا إِلَّا غلمانُ قريش، وثَقيف)) .
__________
= و (8 / 30) ، و (12 / 266) .
وهذا الحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 756) بمثل لفظ المصنف هنا، وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد.
وقد أخرج البخاري في "صحيحه" (9 / 11 رقم 4987) في فضائل القرآن، باب جمع القرآن، من طريق محمد بن شهاب الزهري، أن أنس بن مالك حدثه ... ، فذكر قصة قدوم حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - على عثمان - رضي الله عنه - وما رآه من الاختلاف في كتاب الله، وقصة جمع عثمان للقرآن، وفيه: ((وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا)) .
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 516 - 522 رقم 5102) في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير، وزاد فيه: ((قال الزهري: فاختلفوا يومئذ في التابوت والتابوه, فقال القرشيون: التابوت، وقال زيد: التابوه فرُفع اختلافهم إلى عثمان، فقال: اكتبوه التابوت، فإنه نزل بلسان قريش. اهـ.
ونبّه الحافظ ابن حجر على أن هذه الزيادة رواها الزهري مرسلة، فنقل عن الخطيب البغدادي أنه قال: ((إنما رواها ابن شهاب مرسلة)) . انظر "فتح الباري" (9 / 20) .
وما تضمنه الحديث من أمر عثمان بكتابة ما اختُلف فيه بلغة المهاجرين صحيح يشهد له الحديث الذي أخرجه البخاري - كما سبق -، وفيه: ((وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا)) .
(1) هو عبد الملك بن عُمير بن سُوَيْد اللَّخْمي، حليف بني عدي، الكوفي =(3/939)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ويقال له: الفَرَسي - بفتح الفاء والراء ثم مهملة -، و: القِبْطي - بكسر القاف وسكون الموحّدة -، نسبة إلى فَرَس له سابق كان يقال له القبطي، روى عن الأشعث بن قيس وجابر بن سمرة وجندب بن عبد الله وغيرهم، روى عنه ابنه موسى وشهر بن حوشب والأعمش وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وهو ثقة، إلا أنه مدلِّس من الثالثة، وتغير حفظه في الآخر، وهو ممن روى له الجماعة، وقال ابن نمير: ((كان ثقة ثبتًا في الحديث)) ، وقال العجلي: ((كوفي تابعي ثقة ... ، وهو صالح الحديث، روى أكثر من مائة حديث، وهو ثقة في الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس به بأس)) ، وقال ابن معين: ((ثقة، إلا أنه أخطأ في حديث أو حديثين)) ، وفي رواية قال: ((مخلِّط)) ، وقال الإمام أحمد: مضطرب الحديث جدًّا مع قلّة حديثه، وما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بحافظ، هو صالح، تغيَّر حفظه قبل موته)) ، ووصفه بالتدليس ابن حبان والدارقطني وغيرهما، وكانت ولادته لثلاث سنين بقين من خلافة عثمان - رضي الله عنه -، ومات سنة ست وثلاثين ومائة وله يومئذ مائة وثلاث سنين. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص311 رقم 1035) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 360 - 361 رقم 1700) ، و"التهذيب" (6 / 411 - 413 رقم 862) ، و"التقريب" (ص364 رقم 4200) ، و"طبقات المدلسين" (ص96 رقم 84) .
أقول: وبالنظر فيما تقدم يتضح أن عبد الملك بن عمير - رحمه الله - ثقة جرح بأمرين: التدليس وسوء الحفظ حال الكبر.
أما التدليس فوصفه به من تقدم ذكرهم، وقد عدّه الحافظ ابن حجر في الطبقة الثالثة في طبقات المدلسين، وهم من أكثر من التدليس فلم يحتجّ الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع.
وأما سوء حفظه لما كبر فهو الذي يحمل عليه تضعيف من ضعفه، وقد ذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2 / 660 - 661 رقم 5235) وقال: ((الثقة ... ، كان =(3/940)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= من أوعية العلم، ولي قضاء الكوفة بعد الشعبي، ولكنه طال عمره وساء حفظه..، لم يورده ابن عدي ولا العقيلي ولا ابن حبان، وقد ذكروا من هو أقوى حفظًا منه. وأما ابن الجوزي فذكره، فحكى الجرح وما ذكر التوثيق، والرجل من نظراء السَّبيعي أبي إسحاق وسعيد المقُبري، لمّا وقعوا في هَرَم الشيخوخة نقص حفظهم، وساءت أذهانهم، ولم يختلطوا، وحديثهم في كتب الإسلام كلها)) . اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "هدي الساري" (ص422) : ((مشهور، من كبار المحدِّثين، لقي جماعة من الصحابة، وعُمِّرَ ... )) ، ثم ذكر أقوال الأئمة فيه، ثم قال: ((قلت: احتجّ به الجماعة، وأخرج له الشيخان من رواية القدماء عنه في الاحتجاج، ومن رواية بعض المتأخرين عنه في المتابعات، وإنما عيب عليه أنه تغيّر حفظه لكبر سنه؛ لأنه عاش مائة وثلاث سنين، ولم يذكره ابن عدي في "الكامل" ولا ابن حبان)) . اهـ.
(2) هو جابر بن سَمُرة بن جُنادة - بضم الجيم، بعدها نون - ابن جُنْدب السُّوَائي - بضم المهملة والمدّ -، صحابي ابن صحابي، نزل الكوفة، روى عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وعن أبيه وخاله سعد بن أبي وقاص وعمر وعلي وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه سماك بن حرب وحصين بن عبد الرحمن وأبو إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وغيرهم، وكانت وفاته في خلافة عبد الملك بن مروان في سنة ثلاث وسبعين للهجرة، وقيل غير ذلك. انظر "الجرح والتعديل" (2 / 493 رقم 2025) ، و"التهذيب" (2 / 39 رقم 63) ، و"التقريب" (ص136 رقم 867) .
[419] سنده ضعيف لما تقدم عن تَغَيُّر حفظ عبد الملك، ولكونه مدلسًا ولم يصرح بالسماع هنا.
وقد أخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص17 - 18) من طريق شيبان =(3/941)
420 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عِيسَى بْنِ عُمَرَ (1) ، عَنِ السُّدِّي (2) - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} -، قَالَ: ((طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ، يُغْسَلُ فيها قلوب الأنبياء)) .
__________
= النحوي، عن عبد الملك، به نحوه، إلا أنه قال: ((لا يملينّ)) .
وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص17) من طريق جرير بن حازم، قال: سمعت عبد الملك بن عمير يحدث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -: لا يملينّ في مَصَاحِفَنَا إِلَّا غِلْمَانُ قُرَيْشٍ وَثَقِيفٍ.
كذا رواه جرير بن حازم، فلست أدري هل الغلط منه، أو من عبد الملك بن عمير على ما قال الإمام أحمد سابقًا: ((مضطرب الحديث جدًّا)) ؟.
(1) هو عيسى بن عمر الأسَدي الهَمْداني - بسكون الميم -، أبو عمر الكوفي القارئ، روى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وعطاء بن السائب وزيد بن أسلم وإسماعيل السُّدِّي وغيرهم، روى عنه عبد الله بن المبارك ووكيع وجرير بن عبد الحميد وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين وابن نمير والنسائي والخطيب وغيرهم، وقال الإمام أحمد والبزار: ((ليس به بأس)) ، وقال أبو حاتم: ((ليس بحديثه بأس)) ، وقال العجلي: ((كوفي ثقة، رجل صالح، كان أحد قرّاء الكوفة رأسًا في القرآن)) ، وكانت وفاته سنة ست وخمسين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 282 رقم 1662) ، و"التهذيب" (8 / 222 - 223 رقم 414) ، و"التقريب" (ص440 رقم 5314) .
(2) هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة.
[420] سنده صحيح إلى السُّدِّي.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 185 / ب) من طريق هشام بن عبيد الله، عن ابن المبارك به مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 328 رقم 5689) من طريق أسباط عن السدي، به مثله وفيه زيادة قوله: ((أعطاها الله موسى، وفيه توضع الألواح، وكانت الألواح فيما بلغنا من درّ وياقوت وزبرجد)) . =(3/942)
421- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر (1) ، عَنِ السُّدِّي، عَنْ أَبِي مَالِكٍ (2) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ((طَسْتٌ مِنْ ذَهَبٍ يُغْسَلُ فيها قلوب الأنبياء)) .
__________
= والذي يظهر - والله أعلم - أن السُّدِّي أخذ هذا القول عن أبي مالك غزوان الغفاري، فإن إسرائيل بن يونس رواه عنه كذلك كما سيأتي في الحديث بعده، وقد قيل: عَنْ أَبِي مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ عباس، ولا يصحّ كما سيأتي بيانه.
(1) هو الحكم بن ظُهَيْر - بالمعجمة مصغِّر - الفَزَاري، أبو محمد، وكنية أبيه: أبو ليلى، ويقال: أبو خالد، روى عن السُّدِّي والليث بن أبي سُليم وعلقمة بن مرثد وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور وروى عنه أيضًا وهب بن بقيّة والحسن بن عرفة وغيرهم، وهو متروك رمي بالرفض؛ قال ابن معين: ((ليس بثقة)) ، وفي رواية: ((كذاب)) ، وقال صالح جزرة: ((كان يضع الحديث)) ، وقال البخاري: ((متروك الحديث، تركوه)) ، وقال الترمذي: ((قد تركه بعض أهل الحديث)) ، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث متروك الحديث)) ، وقال أبو حاتم: ((متروك الحديث)) . وقال النسائي: ((متروك)) ، وقال ابن حبان: ((كان يشتم الصحابة، ويروي عن الثقات الأشياء الموضوعات)) ، وكانت وفاته قريبًا من سنة ثمانين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 118 - 119 رقم 550) ، و"التهذيب" (2 / 427 - 428 رقم 747) ، و"التقريب" (ص175 رقم 1445) .
(2) هو غَزْوان الغِفَاري، تقدم في الحديث [190] أنه ثقة.
[421] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف الحكم بن ظُهير، ومع ذلك فقد خولف في إسناده كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 758) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 328 رقم 5678) من طريق عثمان بن سعيد، عن الحكم، به نحوه. =(3/943)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 185 / ب) ، فقال: حدثنا أبو سعيد الأشجّ، ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، قال: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} ، قال: طست من ذهب التي ألقي فيها الألواح.
وهذه الرواية أرجح من رواية الحكم.
فإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الهَمْداني، أبو يوسف الكوفي، يروي عن جدِّه أبي إسحاق وعاصم بن بَهْدَلة والأعمش وإسماعيل السُّدِّي وغيرهم، روى عنه أبو أحمد الزبيري وعبد الرزاق، ووكيع وأبو نعيم وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ومن تكلم فيه فإنما تكلم فيه بلا حجّة، فقد وثقه ابن معين والعجلي ومحمد بن عبد الله بن نمير، وقال الإمام أحمد: ((كان شيخًا ثقة)) ، وجعل يتعجّب من حفظه، وقال أبو داود: قلت لأحمد بن حنبل: إسرائيل إذا انفرد بحديث يُحتجّ به؟ قال: ((إسرائيل ثبت الحديث، كان يحيى - يعني القطان- يحمل عليه في حال أبي يحيى القتّات، وقال: روى عنه مناكير)) ، وقال أبو حاتم: ((ثقة متقن، من أتقن أصحاب أبي إسحاق)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة، وحدّث عنه الناس حديثًا كثيرًا، ومنهم من يستضعفه)) ، وقال يعقوب بن شيبة: ((صالح الحديث، وفي حديثه لين)) ، وفي موضع آخر قال: ((ثقة صدوق، وليس في الحديث بالقوي ولا بالساقط)) ، وضعّفه علي بن المديني، وكانت ولادة إسرائيل سنة مائة للهجرة، ووفاته سنة إحدى وستين ومائة، وقيل: سنة ستين، وقيل: سنة اثنتين وستين ومائة. اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 330 - 331 رقم 1258) ، و"التهذيب" (1 / 261 - 263 رقم 496) ، و"التقريب" (ص104 رقم 401) .
قلت: أما تضعيف يحيى القطان لإسرائيل، فإنما هو لأجل أحاديث رواها عن إبراهيم بن المهاجر وأبي يحيى القتّات، أشار إلى ذلك الإمام أحمد كما سبق، والحمل في هذه الأحاديث على إبراهيم بن المهاجر وأبي يحيى القتّات، لا على إسرائيل؛ فقد قيل لابن معين: إن إسرائيل روى عن إبراهيم بن مهاجر ثلاثمائة، وعن أبي يحيى القتّات ثلاثمائة، فقال: ((لم يؤت منه، أتي منهما جميعًا)) ، قال الذهبي في =(3/944)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "سير أعلام النبلاء" (7 / 359 - 360) تعليقًا على كلام ابن معين هذا: ((قلت: يشير إلى لين ابن مهاجر والقتّات)) .
وكل من تكلم في إسرائيل بعد القطان لم يفسِّر جرحه، وكأنهم اعتمدوا على تضعيف القطان؛ فإن الذهبي لما ذكر تضعيف ابن المديني لإسرائيل، قال: ((قلت: مشى عَليٌّ خلف أستاذه يحيى بن سعيد، وقفى أثرهما أبو محمد بن حزم، وقال: ضعيف، وعمد إلى أحاديثه التي في الصحيحين، فردَّها، ولم يحتجّ بها، فلا يلتفت إلى ذلك، بل هو ثقة. نعم، ليس هو في التثبُّت كسفيان وشعبة، ولعله يقاربهما في حديث جده، فإنه لازمه صباحًا ومساءً عشرة أعوام، وكان عبد الرحمن بن مهدي يروي عنه ويقوِّيه، ولم يصنع يحيى بن سعيد شيئًا في تركه الرواية عنه وروايته عن مُجَالِد)) . اهـ. من "سير أعلام النبلاء" (7 / 358) .
والكلام المتقدم يَتَّجِه إلى رواية إسرائيل عن غيره جده أبي إسحاق السبيعي، وأما روايته عن جدِّه، فاختُلف فيها؛ لأن أبا إسحاق السبيعي اختلط في آخر عمره كما في ترجمته في الحديث رقم [1] ، ورواية شعبة والثوري عنه قبل الاختلاط، وأما إسرائيل وزكريا بن أبي زائدة وزهير بن معاوية فسماعهم منه بعد الاختلاط، قال الإمام أحمد: ((إسرائيل عن أبي إسحاق فيه لين؛ سمع منه بأخَرَة)) ، وقال الميموني: ((قلت لأبي عبد الله - يعني الإمام أحمد -: مَنْ أكبر في أبى إسحاق؟ قال: ما أجد في نفسي أكبر من شعبة فيه، ثم الثوري، قال: وشعبة أقدم سماعًا من سفْيان، قلت: وكان أبو إسحاق قد تأخر؟ قال: أي والله، هؤلاء الصغار - زهير وإسرائيل - يزيدون في الإسناد وفي الكلام)) ، وقال ابن معين: ((زكريا وزهير وإسرائيل حديثهم في أبي إسحاق قريب من السواء؛ سمعوا منه بآخَرة، إنما أصحاب أبي إسحاق: سفيان وشعبة)) . وممن ذهب إلى تقديم سفيان وشعبة على إسرائيل وسائر أصحاب أبي إسحاق: معاذ بن معاذ وأبو زرعة وأبو حاتم والترمذي، وخالف في ذلك عبد الرحمن بن مهدي، فقال: ((إسرائيل في أبي إسحاق أثبت من شعبة والثوري)) ، قال الذهبي - بعد أن ذكر قول =(3/945)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابن مهدي هذا -: ((هذا أنا إليه أمَيَلُ مما تقدم؛ فإن إسرائيل كان عُكّاز جَدِّه)) .
قلت: هذا الذي مال إليه الذهبي لا يوافق عليه، وقد خالف ابن مهدي أئمة الجرح والتعديل الذين تقدم ذكرهم، ويؤيده ما ذُكر عن أبي إسحاق من الاختلاط، وأن إسرائيل ممن روى عنه بعد ما اختلط، لكن يمكن أن يقال: إن رواية إسرائيل عن جده صحيحة، إلا أن يخالف من هو أوثق منه في جده كشعبة وسفيان، أو أن يأتي بما ينكر عليه، ويمكن أن يستدل على هذا بعبارة ابن مهدي السابقة، وبإخراج البخاري ومسلم له من روايته عن جده، وقال أبو حاتم الرازي: ((إسرائيل ثقة متقن، من أتقن أصحاب أبي إسحاق)) ، وقال الترمذي: ((إسرائيل ثبت في أبي إسحاق)) ، وسئل الإمام أحمد، فقيل له: من أحب إليك، يونس، أو إسرائيل في أبي إسحاق؟ فقال: ((إسرائيل؛ لأنه كان صاحب كتاب)) ، قلت: ومع كتابه، فإنه كان يحفظ؛ قال هو عن نفسه: ((كنت أحفظ حديث أبي إسحاق كما أحفظ السورة من القرآن)) ، وقال شبابة بن سوّار: ((قلت ليونس بن أبي إسحاق أمْلِ علّي حديث أبيك، قال: اكتب عن ابني إسرائيل؛ فإن أبي أملاه عليه)) ، وقال عيسى بن يونس: ((كان أصحابنا - سفيان وشريك، وعدّ قومًا - إذا اختلفوا في حديث أبي إسحاق يجيئون إلى أبي، فيقول: اذهبوا إلى ابني إسرائيل؛ فهو أَرْوى عنه مني، وأتقن لها مني، هو كان قائد جدِّه)) ، بل قد شهد له شعبة بذلك؛ قال حجّاج الأعور: ((قلنا لشعبة: حدِّثنا حديث أبي إسحاق، قال: سلوا عنها إسرائيل، فإنه أثبت فيها مني)) ، وهذا من تواضع شعبة - رحمه الله -، وإلا فهو أثبت فيها من إسرائيل. انظر: "سير أعلام النبلاء" (7 / 355 - 361) ، و"شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 519 - 525) .
والراوي عن إسرائيل هو: عبيد الله بن موسى بن بَاذَام العَبْسي، أبو محمد الكوفي، يروي عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ وهشام بن عروة والأعمش وسفيان الثوري =(3/946)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وإسرائيل وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو سعيد الأشجّ وغيرهم، وهو ثقة، إلا في روايته عن سفيان الثوري فإن فيها اضطرابًا، وهو ثبتت في إسرائيل، وكان عبيد الله يتشيع، وقد روى له الجماعة، ووثقه ابن معين وابن عدي وأبو حاتم، وزاد: ((صدوق، كوفي، حسن الحديث، وأبو نعيم أتقن منه، وعبيد الله أثبتهم في إسرائيل، كان إسرائيل يأتيه فيقرأ عليه القرآن)) ، وقال ابن سعد: ((كان ثقة صدوقًا - إن شاء الله تعالى -، كثير الحديث، حسن الهيئة، وكان يتشيع ويروي أحاديث في التشيع منكرة، وضُعِّف بذلك عند كثير من الناس، وكان صاحب قرآن)) ، وقال العجلي: ((ثقة، رَأْسٌ في القرآن، عالم به، ما رأيته رافعًا رأسه، وما رُئي ضاحكًا قط)) ، وذكره ابن شاهين في الثقات، وقال: ((قال عثمان بن أبي شيبة: صدوق ثقة، وكان يضطرب في حديث سفيان اضطرابًا قبيحًا)) ، وقال الإمام أحمد: ((حدَّث بأحاديث سوء، وأخرج تلك البلايا فحدَّث بها)) ، قال الذهبي: ((كان صاحب عبادة وليلٍ، صَحِب حمزة، وتخلَّقَ بآدابه، إلا في التشيع المشؤوم، فإنه أخذه عن أهل بلده المؤسَّس على البدعة)) ، وكانت ولادته في حدود عام عشرين ومائة، ووفاته سنة ثلاث عشرة ومائتين، وقيل: سنة أربع عشرة ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (5 / 334 - 335 رقم 1582) ، و"سير أعلام النبلاء" (9 / 553 - 557 رقم 215) ، و"التهذيب" (6 / 50 - 53 رقم 97) ، و"التقريب" (ص375 رقم4345) .
وشيخ ابن أبي حاتم عبد الله بن سعيد أبو سعيد الأشج ثقة كما في الحديث [486] .
وعليه يتضح أن الصواب في الحديث أنه عَنِ السُّدِّي، عَنْ أَبِي مَالِكٍ من قوله، وهذا إسناد ضعيف، فالسُّدِّي تقدم في الحديث [174] أنه صدوق يهم، والله أعلم.(3/947)
422 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (1) ، - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ} -، قَالَ: ((كَانَ فِيهِ عَصَا مُوسَى، وَعَصَا هَارُونَ، وَثِيَابُ مُوسَى، وَثِيَابُ هَارُونَ، وَلَوْحَانِ مِنَ التَّوْرَاةِ والمَنُّ (2)) ) .
__________
(1) هو ذَكْوان السَّمَّان.
(2) المَنُّ: ما يَمُنُّ الله به على عباده مما لا تعب فيه ولا نَصَب، واختُلف في المَنِّ الذي أنزل الله على بني إسرائيل، فقيل: هو عَسَلٌ - أوْ شبه العسل - كان ينزل على بني إسرائيل من السماء عفوًا بلا علاج، إنما يصبحون وهو بأفنيتهم فيتناولونه، وقيل: هو طَلٌّ ينزل من السماء، وقيل: هو شيء كان يسقط على الشجر، حُلْوٌ بارد. انظر "النهاية في غريب الحديث" (4 / 366) ، و"لسان العرب" (13 / 418) .
[422] سنده صحيح إلى أبي صالح.
وذكر السيوطي في "الدر" (1 / 758) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 332 رقم 5694) من طريق جابر بن نوح، عن إسماعيل، به مثله، إلا أنه لم يذكر الثياب.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 186 / أ) من طريق يعلى بن عبيد ومهران الرازي، كلاهما عن إسماعيل، به نحوه، وزاد مهران في روايته: ((وكلمة الفرج: لا إله إلا الله الحليم الكريم، وسبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين)) .(3/948)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} ]
423- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ (1) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَارِثٍ الذِّمَاري قَالَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ يَقْرَأُ: {إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً} .
__________
(1) هو صَدَقة بن خالد الأُموي، مولاهم، أبو العباس الدِّمشقي، يروي عن أبيه والأوزاعي ويحيى بن الحارث الذِّماري وغيرهم، روى عن يحيى بن حمزة وأبو مسهر وهشام بن عمار وسعيد بن منصور وغيرهم، وهو ثقة؛ وثقه ابن معين ودُحَيْم وابن سعد وابن نمير والعجلي وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وابن عمار، زاد ابن نمير: ((وهو أوثق من صدقه بن عبد الله وصدقة بن يزيد)) ، وقال الإمام أحمد: ((ثقة ثقة، ليس به بأس، أثبت من الوليد بن مسلم، صالح الحديث)) ، وكانت ولادته سنة ثمان عشرة ومائة، ووفاته سنة سبعين أو إحدى وسبعين ومائة، وقيل غير ذلك. اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 430 - 431 رقم 1891) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1492) ، و"التهذيب" (4 / 414 - 415 رقم 715) ، و"التقريب" (ص275 رقم 2911) .
[423] سنده ضعيف لإبهام شيخ الحارث، لكن القراءة صحيحة عن عثمان - رضي الله عنه -، فإنه لم يقرأها: {غَرْفة} - بفتح العين - سوى نافع وابن كثير وأبو عمرو وأبو جعفر كما في "حجة القراءات" (ص140) ، و"الغاية" وحاشيته (ص117) . وقرأ الباقون بالضم، ومن ضمنهم عاصم بن أبي النَّجود، وقد أخذ قراءته عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلمي، وأبو عبد الرحمن أخذها عن عثمان وعلي وغيرهما من الصحابة - رضي الله عنهم -. انظر: "الغاية في القراءات العشر" (ص53) .
والحديث ذكره حسام الدين الهندي في "كنز العمال" (2 / 598 رقم 4826) وعزاه للمصنف وحده.(3/949)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ} .
424- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حَكيم بْنِ جُبَيْر (1) ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ (2) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ (سَنَامًا) (3) ، وَسَنَامُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ، وَفِيهَا آيَةٌ سَيِّدُ آيِ الْقُرْآنِ، لَا تُقْرَأُ فِي بَيْتٍ فِيهِ شَيْطَانٌ إِلَّا خرج منه (4)) ) .
__________
(1) تقدم في الحديث [79] أنه ضعيف.
(2) هو ذَكْوان السَّمَّان.
(3) في الأصل: ((سنام)) .
والسَّنَامُ: هو ذروة الشيء وأعلاه. انظر "النهاية في غريب الحديث" (2 / 409) .
(4) وهي آية الكرسي كما في بعض طرق الحديث الآتية.
[424] سنده ضعيف لضعف حكيم بن جبير، ولبعض معناه شواهد كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 51) وعزاه للمصنف والترمذي ومحمد بن نصر وابن المنذر والحاكم والبيهقي في "شعب الإيمان".
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 376 - 377 رقم 6019) .
والحميدي في "مسنده" (2 / 437 رقم 994) .
كلاهما عن سفيان، به، ولفظ عبد الرزاق نحوه، ولفظ الحميدي مثله، إلا أنه زاد في آخره: ((آية الكرسي)) ، وهذه الزيادة عند عبد الرزاق أيضًا.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (1 / 560 - 561) و (2 / 259) من طريق الحميدي.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 327 رقم 2171) .
وأخرجه محمد بن نصر في "قيام الليل" (ص151 / المختصر) من طريق محمود ابن غَيْلان، عن سفيان، به نحوه. =(3/950)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (2 / 637) من طريق إبراهيم بن بشار، عن سفيان به مثله، وزاد في آخره: ((اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيوم)) .
وأخرجه الترمذي في "سننه" (8 / 181 رقم 3038) في فضائل القرآن، باب ما جاء في سورة البقرة وآية الكرسي.
والحاكم في الموضعين السابقين من "المستدرك".
ومن طريقه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 313 رقم 2158) .
كلاهما من طريق زائدة بن قدامة، عن حكيم، به بلفظ: ((لكل شيء سنام، وإن سنام القرآن سورة البقرة)) ، زاد الترمذي: ((وفيها آية هي سيدة أي القرآن: آية الكرسي)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم بن جبير، وقد تكلَّم فيه شعبة وضعّفه)) .
وقال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، والشيخان لم يخرجا عن حكيم بن جبير لوهن في رواياته، إنما تركاه لغلوِّه في التشيع)) ، ووافقه الذهبي، وتعقبهما الألباني؛ حيث ذكر الحديث في "السلسلة الضعيفة" (3 / 524 - 525 رقم 1348) وحكم عليه بالضعف، ثم ذكر كلام الحاكم، ثم تعقبه بقوله: ((ليس كما قال، وإن وافقه الذهبي في تلخيصه؛ فإن أقوال الأئمة فيه إنما تدلّ على أنهم تركوه لسوء حفظه وليس لفساد مذهبه ... )) ، ثم ذكر بعض أقوال الأئمة فيه.
وهناك ما يشهد لمعناه، عدا قوله: ((إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامًا، وَسَنَامُ القرآن سورة البقرة)) .
فمن ذلك ما أخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 56 رقم 258) في صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، عن أبي بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)) قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: ((يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟)) قال: قلت: الله لا إله إلا الله هو الحي القيوم. قال: فضرب في صدري، وقال: ((والله ليهنك العلم أبا المنذر)) .
وأخرج مسلم أيضًا في "صحيحه" (1 / 539 رقم 212) في صلاة المسافرين، باب استحباب صلاة النافلة في بيته، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)) . =(3/951)
425 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: ((مَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ فِي الْكُرْسِيِّ، إِلَّا بِمَنْزِلَةِ حَلْقةٍ مُلْقَاةٍ في أرض فَلاَةٍ)) .
__________
= وأخرج البخاري في "صحيحه" (9 / 55 رقم 5010) في فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، من حديث أبي هريرة في قصته مع الشيطان الذي كان يسرق من الزكاة التي وكله رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - بها، وفيه يقول الشيطان: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي، لم يزل معك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((صدقك وهو كذوب، ذاك شيطان)) . اهـ.
[425] سنده ضعيف، فالأعمش مدلس ولم يصرح بالسماع هنا، وليس هذا من المواضع التي يحتمل فيها تدليسه على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] ، بل هناك ما يستدعي ردّ روايته عن مجاهد إذا لم يصرح فيها بالسماع؛ حيث جاء عنه إسقاطه لثلاثة رواة بينه وبين مجاهد كما في الحديث المشار إليه، ولذا يقول أبو حاتم الرازي - رحمه الله -: ((إن الأعمش قليل السماع من مجاهد، وعامة ما يروي عن مجاهد مدلَّس)) . انظر: "علل الحديث" لابن أبي حاتم (2 / 210 رقم 2119) .
أقول: وبناء عليه، فليس بصحيح ما ذكرها لحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13 / 411) عن أثر مجاهد هذا حين قال: ((أخرجه سعيد بن منصور في التفسير بسند صحيح عنه)) .
والحديث أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 149) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((الأرض الفلاة)) .
وأخرجه عثمان بن سعيد الدارمي في "الرد على بشر المرِّيسي" (ص74) من طريق يحيى الحمّاني، حدثنا أبو معاوية ... ، به مثله، ولم يذكر قوله: ((ملقاة)) . وقد روى ليث بن أبي سليم هذا الأثر عن مجاهد، وليث تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط جدًّا، فلم يتميز حديثه فتُرك.
فأخرجه عبد الله بن الإمام أحمد في "السنة" (1 / 247 و 304 رقم 456 و 591) وأبو الشيخ في "العظمة" (2 / 632 رقم 248) .
كلاهما من طريق سفيان الثوري، عن ليث، به، ولفظ عبد الله نحو لفظ المصنف، وأما أبو الشيخ فلفظه: ((ما موضع كرسيه من العرش إلا مثل حلقة في أرض فلاة)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "كتاب العرش" (ص72 و 78 رقم 45 و 59) من =(3/952)
426- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأحْوَص (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْروق، عَنِ الشَّعْبي، عَنْ شُتَيْر بْنِ شَكَل، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ (2) : أَنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ فَقَالَ مَسْرُوقٌ (3) : صدقت.
__________
= طريق قيس بن الربيع، وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن ليث، به، ولفظ جرير بمعنى لفظ المصنف هنا، ولفظ قيس نحو لفظ أبي الشيخ السابق.
وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" أيضًا (ص585 و 633 رقم 218 و 249) من طريق معتمر بن سليمان، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ما أخذت السموات والأرض من العرش إلا كما تأخذ الحلقة من أرض الفلاة.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 18) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وأبي الشيخ والبيهقي.
(1) هو سلاّم بن سُلَيم.
(2) يعني ابن مسعود.
(3) هو ابن الأجدع، وسيأتي ذكر سبب قوله هذا في قصة اجتماعه بشُتَيْر، وهي قصة يرويها الشعبي هنا كما سيأتي، وأبو الضُّحى في الحديث الآتي بعده.
[426] سنده صحيح، وتابع الشَّعْبيَّ أبو الضُّحى كما سيأتي في الحديث بعده.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 6) وعزاه للمصنف وابن المنذر وابن الضريس والطبراني والهروي في "فضائله" والبيهقي في "شعب الإيمان".
والحديث اختصره المصنف هنا، وفيه قصة وزيادة، وقد أخرجه المصنف بتمامه في تفسير سورة النحل (ل 47 / أ) فقال: نَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بن مسروق، عن الشعبي، قال: جلس مسروق وشتير بن شكل في المسجد الأعظم، فرآهما ناس فتحوّلوا إليهما، فقال شتير لمسروق: إنما تحوَّل إلينا هؤلاء لنحدثهم، فإما أن تحدث وأصدقك، وإما أن أحدث وتصدقني، فقال مسروق: حدث وأصدقك. قال شتير: حدثنا عبد الله بن مسعود أَنَّ أَعْظَمَ آيَةٍ فِي كِتَابِ الله {اللهُ لَا إِلَهَ =(3/953)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ ... } إلى آخر الآية، قال مسروق: صدقت، وحدثنا عبد الله أن أجمع آية في كتاب الله: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ ... } الآية، فقال مسروق: صدقت، وحدثنا أن أكبر - أو أكثر - آية في كتاب الله فرحًا: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ ... } الآية، فقال مسروق: صدقت، وحدثنا أن أشد آية في كتاب الله تفويضًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ... } إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَقَالَ مَسْرُوقٌ: صدقت.
ومن طريق المصنف أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 142 - 143 رقم 8659) بتمامه مع اختلاف يسير في بعض ألفاظه.
قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (6 / 323) : ((رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح)) .
وأخرجه ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص91 رقم 187) .
والبيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 328 - 329 رقم 2173) .
أما ابن الضريس فمن طريق سهل بن بكار الدارمي، وأما البيهقي فمن طريق سهل بن عثمان العسكري، كلاهما عن أبي الأحوص، به نحوه، وقد ساقه البيهقي بتمامه، وأما ابن الضريس فلم يذكر قوله: ((وحدثنا عبد الله أن أجمع آية ... )) إلخ.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 370 - 371 رقم 6002) عن الثوري، عن جابر - أي الجعفي - وغيره، عن الشعبي ... ، فذكر الحديث بتمامه نحوه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 143 رقم 8660) .
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص161 و 208 رقم 415 و 529) من طريق شيخه عمر بن عبد الرحمن، عن منصور بن المعتمر، عن الشعبي، به بما يتعلق بآية الكرسي فقط في الموضع الأول، وفي الموضع الثاني ساقه بتمامه نحوه.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (14 / 163 - طبعة الحلبي -) من طريق معتمر بن سليمان وجرير بن عبد الحميد، كلاهما عن منصور بن المعتمر، عن عامر الشعبي، به مختصرًا بذكر ما يتعلق بآية سورة النحل فقط. =(3/954)
247 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ أَبِي الضُّحى (1) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: مَا مِنْ سَمَاءٍ، وَلَا أَرْضٍ، وَلَا سَهْلٍ، وَلَا جَبَلٍ، أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ. قَالَ شُتَيْر (2) : وَأَنَا قد سمعته.
__________
= وأخرجه الطبراني في "الكبير" (9 / 142 رقم 8658) من طريق معتمر، عن منصور، عن عامر الشعبي، به بطوله وذكر القصة، إلا أنه لم يذكر ما يتعلق بآية الكرسي وآية سورة الطلاق.
وأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 356) من طريق معتمر، به، بذكر القصة وما يتعلق بآية سورة النحل فقط.
ومن طريق الحاكم أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 373 رقم 2216) .
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ووافقه الذهبي.
(1) وهو مسلم بن صُبَيْح، تقدم في الحديث [10] أنه ثقة فاضل.
(2) تقدم في الحديث السابق ما يوضح سبب قول شتير هذا في قصة سيأتي ذكرها أيضًا.
[427] سنده حسن لذاته، لكن تقدم في الحديث السابق - وهو أصح - أن القائل الأول هو شُتَير بن شَكَل وليس مسروق بن الأجْدع، وأظن الخطأ هنا من عاصم بن بَهْدلة فإن من حفظه شيئًا كما يتضح من ترجمته في الحديث [17] ، وقد صح الحديث من غير هذا الوجه كما في الحديث السابق من طريق عامر الشعبي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 7) وعزاه للمصنف وابن الضريس والبيهقي في "الأسماء والصفات".
وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 14) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((قال شتير: وأنا قد سمعت)) .(3/955)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والحديث اختصره المصنف هنا، وفيه قصة وزيادة في اللفظ، وقد أخرجه المصنف بتمامه في تفسير سورة النحل (ل 147 / ب) ، فقال: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: نا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلة، عَنِ أبي الضحى، قال: اجتمع مسروق وشُتَيْر في المسجد، فتعرّض إليهما خلق في المسجد، فقال مسروق لشتير: إني لأرى جلس هؤلاء إلينا إلا ليسمعون مِنّا خيرًا، فإما أن تحدث عن عبد الله وأصدقك، وإما أن أحدث وتصدقني، فقال شتير: حدث يا أبا عائشة. فقال مسروق: سمعت عبد الله يقول: العينان تزنيان، والرجلان تزنيان، واليدان تزنيان، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. قال: وأنا قد سمعته. قال: أسمعت عبد الله يَقُولُ: مَا مِنْ سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ، وَلَا سَهْلٍ وَلَا جَبَلٍ أَعْظَمُ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ؟ قَالَ: قال: نعم، وأنا قد سمعته. قال: أسمعت أن عبد الله يقول: إن أجمع آية في القرآن بحلال وحرام وأمر ونهي هذه الآية: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} ؟ قال: نعم، وأنا قد سمعته. قال: أسمعت عبد الله يقول: إن أقرب آية في القرآن فرجًا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} ؟ قال: نعم، وأنا قد سمعته، قال: أسمعت عبد الله يقول: إن أشد آية في القرآن تفويضًا هذه الآية، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ} ؟ قال: نعم وأنا قد سمعته.
وأخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (1 / 570 رقم 489) .
وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص92 رقم 193) .
والطبراني في "الكبير" (9 / 144 رقم 8661) .
أما البخاري فمن طريق سليمان بن حرب، وأما ابن الضريس فمن طريق أبي الربيع الزهراني، وأما الطبراني فمن طريق عارم أبي النعمان، ثلاثتهم عن حماد بن زيد، به بطوله نحوه، عدا ابن الضريس فرواه بنحو سياق المصنف المختصر هنا. =(3/956)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ]
428 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبير - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} -، قَالَ: نَزَلَتْ فِي الْأَنْصَارِ. قَالَ: قُلْتُ: خَاصَّةً؟ قَالَ: خَاصَّةً؛ كَانَتِ الْمَرْأَةُ مِنْهُمْ إِذَا كَانَتْ نَزْرَةً أَوْ مِقْلاتا (3) تَنْذُرُ: لَئِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا لَتَجْعَلَنَّهُ فِي الْيَهُودِ؛ تَلْتَمِسُ بِذَلِكَ طُولَ بَقَائِهِ. (فَجَاءَ) (4) الْإِسْلَامُ [ل119/أ] وَفِيهِمْ مِنْهُمْ، فَلَمَّا أجْلِيَت النَّضِير قالت الأنصار:
__________
= وأخرجه الطبراني من طريق حماد بن سلمة، عن عاصم مقرونًا بالرواية السابقة.
وذكره الحافظ ابن حجر في "الفتح" (10 / 479) من رواية البخاري في "الأدب المفرد"، وقال: ((سنده صحيح)) .
وأخرجه ابن الضريس أيضًا (ص93 رقم 194) من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، عن مسروق، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَا خلق الله من شيء من أرض ولا سماء ولا إنس ولا جن أعظم من آية الكرسي.
(1) هو وضّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
(3) معناهما متقارب، فالنَّزْرَةُ من النساء هي قليلة الولد، والمِقْلاَتُ من النساء هي التي لا يعيش لها ولد. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (5 / 40) و (4 / 98) ، والموضع الآتي من "غريب الحديث" للخطابي.
(4) في الأصل: ((فلما جاء)) ، وما أثبته من الموضع الآتي من "سنن البيهقي"؛ حيث روى الحديث من طريق المصنف.(3/957)
يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْنَاؤُنَا وَإِخْوَانُنَا فِيهِمْ؟ فَسَكَتَ عَنْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قَدْ خُيّر أَصْحَابُكُمْ، فَإِنِ اخْتَارُوكُمْ فَهُمْ مِنْكُمْ، (وَإِنِ) (5) اختاروهم فأَجْلُوهم معهم)) .
__________
(5) في الأصل: ((فإن)) .
[428] سنده ضعيف لإرساله، وهو صحيح إلى مرسله سعيد بن جبير، وقد رواه شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وهو الصحيح كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 20) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
وأخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (3 / 80 - 81) .
والبيهقي في "سننه" (9 / 186) في الجزية، باب من لحق بأهل الكتاب قبل نزول الفرقان.
كلاهما من طريق المصنف به، ولفظ الخطابي مختصر، ولفظ البيهقي مثل لفظ المصنف هنا سواء.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 409 رقم 5818) من طريق حجاج بن المنهال، عن أبي عوانة، به نحوه.
وأخرجه أبو داود في "سننه" (3 / 132 رقم 2682) في الجهاد، باب في الأسير يكره على الإسلام.
والنسائي في "التفسير" (1 / 273 و 276 رقم 68 و 69) .
ومن طريقه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص98) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 407 - 408 رقم 5812) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 195 / أ) .
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 352 رقم 140 / الإحسان) . =(3/958)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والنحاس في "معاني القرآن" (1 / 166 - 167) .
والبيهقي في الموضع السابق.
والواحدي في "أسباب النزول" (ص77) .
والثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 160) .
جميعهم من طريق شعبة، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، به نحوه، ولم يذكروا قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قَدْ خُيِّر أصحابكم ... )) إلخ الحديث، وفيه زيادة قوله: قال سعيد بن جبير: فمن شاء لحق بهم، ومن شاء دخل في الإسلام.
وهذا إسناد صحيح، فشعبة وأبو بشر وسعيد بن جبير جميعهم ثقات تقدمت تراجمهم، وقد رواه أبو داود والنسائي من طريق شيخهما محمد بن بشّار بُنْدار، عن محمد بن أبي عدي، عن شعبة.
ومحمد بن بشّار تقدم في الحديث [83] أنه ثقة.
ومحمد بن إبراهيم بن أبي عدي - وقد ينسب إلى جده -، السُّلَمي، مولاهم، أبو عمرو البصري، يروي عن سيلمان التيمي وحميد الطويل وعبد الله بن عون وداود بن أبي هند وشعبة وغيرهم، روى عنه الإمام أحمد وابن معين وابنا أبي شيبة ومحمد بن بشار بندار وغيرهم، وهو ثقة روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد والعجلي وأبو حاتم والنسائي، وأحسن الثناء عليه عبد الرحمن بن مهدي ومعاذ بن معاذ، وكانت وفاته سنة أربع وتسعين ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص410 رقم 1485) ، و"الجرح والتعديل" (7 / 186 رقم 1058) ، و"التهذيب" (9 / 12 - 13 رقم 17) ، و"التقريب" (ص465 رقم 5697) .
هكذا رواه شعبة وهو أثبت من أبي عوانة فروايته أصح.
وقد رواه عن شعبة على هذا الوجه جماعة، منهم: أشعث بن عبد الله السجستاني ومحمد بن أبي عدي، ووهب بن جرير، وعثمان بن عمر.
وقد صحح رواية شعبة على هذا الوجه ابن حبان والنحاس في "ناسخه".
وخالف المذكورين محمد بن جعفر غندر، فرواه عن شعبة، عن أبي بشر، =(3/959)
429- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ (1) : كَانَ لَهُ (2) غُلَامٌ يُقَالُ لَهُ: جَرِيرٌ، وَكَانَ يَقُولُ لَهُ: أسْلِمْ، فَقَالَ: كَذَا كَانَ يُقَالُ لَهُمْ، وَإِنَّ نَاسًا مِنَ (الْأَنْصَارِ) (3) قَدْ أَرْضَعُوا فِي قُرَيْظَةَ، وَكَانُوا (يَقُولُونَ) (4) لَهُمْ: أَسْلِمُوا، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .
__________
= عن سعيد بن جبير مرسلاً.
أخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (5813) .
وعليه فالصواب في الحديث أنه عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عباس، وهو صحيح كما سبق، والله أعلم.
(1) القائل هو ابن أبي نجيح كما يتضح من رواية عبد الرزاق الآتية.
(2) أي لمجاهد، والغلام نصراني كما سيأتي.
(3) في الأصل: ((اليهود)) ، والتصويب من مصادر التخريج.
(4) في الأصل: ((يقولوا)) .
[429] سنده صحيح إلى مجاهد، وقد صرح ابن أبي نجيح بالسماع كما سيأتي، لكن ذكر قصة الأنصار واليهود ضعيف من هذا الطريق لإرساله، وهو صحيح لغيره يشهد له الحديث السابق.
وقول مجاهد هذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 20) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وقد أخرج شطره الأول عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 102 - 103) ، فقال: نا ابن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ: سمعت مجاهدًا يقول لغلام له نصراني: يا جرير أسلم، ثم قال: هكذا كان يقال لهم.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 413 رقم 5831) .
وأخرج باقيه ابن جرير أيضًا (5 / 412 رقم 5826) من طريق سعيد بن الربيع الرازي، عن سفيان بن عيينة، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، أن ناسًا من =(3/960)
430- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ وَائِل بْنِ دَاوُدَ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، - قَالَ: لَا يُكْرَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ على الإسلام.
__________
= الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أُجْلُوا أراد أهلوهم أن يحلقوهم بدينهم، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 411 رقم 5820) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد في قول الله: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} قال: كانت اليهود يهود بني النضير أرضعوا رجالاً من الأوس، فلما أمر النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بإجلائهم، قلا أبناؤهم من الأوس: لنذهبن معهم، ولندينن بدينهم، فمنعهم أهلوهم، وأكرهوهم على الإسلام، ففيهم نزلت هذه الآية.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (5822) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به نحو سابقه.
ولسفيان بن عيينة فيه إسناد آخر.
فأخرجه ابن جرير برقم (5821) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 195 / ب) .
كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، عن خصيف، عن مجاهد: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، قال: كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة، فأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} . اهـ. واللفظ لابن جرير.
(1) هو وَائِلُ داوُد التَّيْمي، الكوفي، والد بكر، يروي عن إبراهيم النخعي وعباية بن رافع وعكرمة والحسن البصري وغيرهم، روى عنه ابنه بكر وشعبة والسفيانان وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة السادسة؛ وثقه الإمام أحمد والعجلي والخليلي، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات، وقال أبو حاتم والبزار: ((صالح الحديث)) . اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص463 رقم 1764) ، =(3/961)
431- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ (1) ، عَنْ وَسْق (2) ، قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ لِي: يَا وَسْقُ أَسْلِمْ، فَإِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ لَوَلَّيْتُكَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ أَمْرَهُمْ مَنْ لَيْسَ عَلَى دِينِهِمْ، فأبَيْت عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} فلما مات عمر أعتقني.
__________
= و"الجرح والتعديل" (9 / 43 رقم 182) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 561) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص247 رقم 1511) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1459) ، و"التهذيب" (11 / 109 - 110 رقم 190) ، و"التقريب" (ص580 رقم 7394) .
[430] سنده صحيح.
وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 22) وعزاه لسعيد بن منصور فقط.
وقد أخرج ابن جرير في "تفسيره" (5 / 412 رقم 5826) من طريق سعيد بن الربيع، عن سفيان بن عيينة، عن وائل، عن الحسن، أن ناسًا من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير، فلما أُجْلُوا، أراد أهلوهم أن يحلقوهم بدينهم، فَنَزَلَتْ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .
(1) هو يحيى بن حيّان الطائي، أبو هلال الكوفي، يروي عن شريح، ويروي عنه سفيان الثوري وابن عيينة وشريك وغيرهم، وهو ثقة، قال ابن معين: ((ثقة)) ، وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: ((حدثنا سفيان - أي الثوري -، عن أبي هلال، كوفي ثقة لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان وابن شاهين في الثقات. اهـ. من "المعرفة والتاريخ" للفسوي (3 / 151) ، و"الجرح والتعديل" (9 / 136 رقم 576) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 598) ، و"تاريخ أسماء الثقات" لابن شاهين (ص263 رقم 1615) ، و"الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 974 رقم 1189) . =(3/962)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= (2) كذا جاء اسمه هنا ونقله الثعلبي في "تفسيره" عن المصنف (2 / 161 / ب) مضبوطًا، وفي "الدر المنثور" (2 / 22) : ((وسق الرومي)) ، وفي "الطبقات" لابن سعد (6 / 158) : ((أُسَّق مولى عمر بن الخطاب)) ، وعنه ذكره الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (1 / 195 رقم 447) ، إلا أنه وقع في المطبوع: ((أسبق)) ، وفي "تفسير ابن أبي حاتم" (1 / ل 195 / أ) : ((أُسَق)) ، وهو مجهول لم أجد من روى عنه سوى أبي هلال الطائي.
[431] سنده ضعيف لضعف شريك من قبل حفظه وجهالة وسق.
وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 22) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وساقه الثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / ل 161 / ب) من رواية المصنف، فقال: ((وروى سعيد عن شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ وَسْق، قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا، فكان يقول: يَا وَسْقُ أَسْلِمْ، فَإِنَّكَ لَوْ أَسْلَمْتَ لَوَلَّيْتُكَ بَعْضَ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ، فإنه ليس يَصْلُحُ أَنْ يَلِيَ أَمْرَهُمْ مَنْ ليس على دينهم. قال: فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، فلما مات أعتقني)) . اهـ.
وقد وقع في النسخة خطأ في الإسناد فجاء هكذا: ((وروى سعيد، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي هلال، وأُلْحِق اسم: ((شريك)) في الهامش وباقي الإسناد لم يُصّوب. وأخرجه ابن سعد في "الطبقات" (6 / 158 - 159) من طريق أبي الوليد الطيالسي، قال: حدثنا شريك، عن أبي هلال الطائي، عن أُسَّق قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا لِعُمَرَ بْنِ الخطاب وأنا نصراني، فكان يعرض عليّ الإسلام ويقول: إنك لو أسلمت استعنتُ بك على أمانتي فإنه لا يحلّ لي أن أستعين بلك على أمانة المسلمين ولستَ عَلَى دِينِهِمْ، فأبيتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} .
فلما حضرته الوفاة أعتقني وأنا نصراني، وقال: اذهب حيث شئت.
قلت: لشريك: سمعه أبو هلال من أُسّق؟ قال: زعم ذاك. =(3/963)
432- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ وُهَيْب مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ (1) ، قَالَ: أَعْتَقَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ غُلَامًا لَهُ مَجُوسِيًّا، يُقَالُ لَهُ: مَابُورا (2) ، فَرَأَيْتُهُ عند أبي يقطع الشَّوَاء (3) .
__________
= وأخرجه ابن أبي شيبة في القسم الأول من الجزء الرابع من المصنف (ص60 رقم 406) عن شريك، عَنْ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ وَسْقٍ، قال: كنت مملوكًا لعمر، فكان يعرض علي الإسلام ويقول: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} ، فلما حُضر، أعتقني.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 195 / أ) من طريق عمرو بن عون، عن شريك، به بنحو سياق ابن سعد، ولم يذكر قوله: ((فأبيت ... )) إلخ، وضُبط الاسم عنده هكذا: ((أُسَق)) .
(1) هو عبد الملك بن وُهَيْب المديني مولى زيد بن ثابت، مجهول، يروي عن زيد بن ثابت، لم يرو عنه سوى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، ذكره البخاري في "تاريخه" (5 / 435 رقم 1418) وسكت عنه، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (5 / 373 رقم 1743) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 117) .
(2) لم تنقط الكلمة في الأصل، ولا في "تاريخ البخاري" (5 / 435) ، وقال الشيخ عبد الرحمن المعلمي - رحمه الله - في حاشيته على "تاريخ البخاري": ((كذا في الأصل غير منقوط، ولم نعلم من ضبطه)) . اهـ.
(3) في الموضع السابق من "تاريخ البخاري": (اللحم)) ، والمعنى واحد، فالشِّوَاءُ: هو اللحم الذي انْشَوَى. انظر "لسان العرب" (14 / 446) .
[432] سنده ضعيف لجهالة عبد الملك بن وهيب، وعبد الرحمن بن أبي الزناد تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد.
وفي الحديث أخرجه البخاري في الموضع المتقدم من "تاريخه" من طريق محمد بن الصباح، عن ابن أبي الزناد، به نحوه.(3/964)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} ]
433- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (1) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ} ، وَكَانَ يَقُولُ: قِرَاءَتِي عَلَى قِرَاءَةِ مُجَاهِدٍ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ}
إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ]
434 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَزْم بْنُ أَبِي حَزْم، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} ، قَالَ: ذُكر لَنَا أَنَّهُ أُمِيتَ ضَحْوة، وَبُعِثَ حِينَ سَقَطَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ، فَقَالَ: {كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ (2) وَانْظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ} ، وَإِنَّ (حِمَارَكَ) (3) لَنُحْيِيهِ، وَإِنَّ طَعَامَكَ وَشَرَابَكَ، قَدْ مَنَعَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ السِّبَاعَ {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا (4) ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا} ؛ لقد ذُكر لي
__________
(1) هو حميد بن قيس الأعرج تقدم في الحديث [31] أنه ثقة.
[433] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 22) وعزاه للمصنف وابن المنذر.
(2) أي: لم يتغيَّر بمرور السنين عليه. انظر "لسان العرب" (13 / 502) .
(3) في الأصل: ((حماره)) .
(4) سيأتي معناها في الحديث [436] ، ويوضحه هنا قوله: ((فَجَعَلَ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى عَظْمٍ عَظْمٍ كَيْفَ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ)) .(3/965)
أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - مِنْهُ عَيْنَيْهِ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى عَظْمٍ عَظْمٍ كَيْفَ يَرْجِعُ إِلَى مَكَانِهِ {فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
435- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: {قَالَ أَعْلَمْ (1) أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وَيَقُولُ: لَمْ يَكُنْ بِأَفْضَلَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ اللَّهُ: {أَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} .
__________
= [434] سنده صحيح إلى الحسن البصري، ولم يذكر الحسن عمّن أخذه، فلعلّه من الإسرائيليات التي لا تُصدِّق ولا تكذِّب.
وقد ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 30) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والبيهقي في "البعث والنشور"، لكن بلفظ: عن الحسن - في قوله: {فَأَمَاتَهُ اللهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} - قَالَ: ذُكر لَنَا أَنَّهُ أُمِيتَ ضَحْوَةً، وَبُعِثَ حِينَ سَقَطَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ تغرب، وأن أول ما خلق الله منه عيناه، فَجَعَلَ يَنْظُرُ بِهِمَا إِلَى عَظْمٍ كيف يرجع إلى مكانه.
وقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (1 / 20 - 21 رقم 10) ، من طريق المصنِّف، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وإن حمارك لنحييه ... )) إلى قوله: ((السباع)) ، ووقع عنده: ((أول شيء ما خلق منه عيناه، فجعل ينظر إلى عظم عظم)) .
ولم أجد هذا الحديث في المطبوع من "البعث والنشور"، فصار العزو إلى الرسالة المقدمة من الشيخ عبد العزيز الصاعدي لنيل درجة الدكتوراة من الجامعة الإسلامية.
(1) المعنى: أن ابن عباس كان يقرأ قوله تعالى: ((قال أَعْلَمُ)) هكذا: ((قال اعْلَمْ)) ، ويوضحه ما سيأتي.
[435] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 32) وعزاه للمصنف وابن المنذر.
وذكره ابن زنجلة في "حجة القراءات" (ص144) ولم يعزه لأحد؛ وإنما قال: =(3/966)
436 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، عَنْ أَبِيهِ (1) ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ (2) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {نُنْشِزُهَا} (3) .
__________
= وكان ابن عباس يقرؤها أيضًا: (قال اعْلَمْ) ويقول: أهو خير أم إبراهيم إذ قيل له: (واعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) . اهـ.
وذكر ابن زنجلة أن ابن مسعود كان يقرؤها كذلك، وهي قراءة حمزة والكسائي.
وقرأ الباقون: (قال أَعْلَمُ) .
(1) هو عبد الله بن ذَكْوان.
(2) كذا في الأصل، والذي في "الدر المنثور" (2 / 31) جعله عن زيد بن ثابت، فأخشى أن يكون سقط من الإسناد هنا قوله: (عن زيد بن ثابت) .
(3) سيأتي بيان معناها واختلاف القُرَّاء فيها.
[436] سنده ضعيف، وهو صحيح لغيره كما سيأتي، فعبد الرحمن بن أبي الزناد تقدم في الحديث [67] أنه صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد، ولم يتضح لي أن المصنف روى عنه قبل ذلك.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 31) وعزاه للمصنف والفريابي ومسدد في "مسنده" وعبد بن حميد وابن المنذر، لكنه جعله عن زيد، فقال: عن زيد بن ثابت أن كان يقرأ: {كيف ننشزها} - بالزاي -، وإن زيدًا أعجم عليها في مصحفه.
وقد روى مرفوعًا ولا يصح.
فأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 234) من طريق إسماعيل بن قيس، عن نافع بن أبي نعيم القارئ، حدثني إسماعيل بن أبي حكيم، ثنا خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عن أبيه زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قرأ: {كيف ننشزها} - بالزاي -.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ فإنهما لم يحتجا بإسماعيل بن قيس بن ثابت)) ، وتعقبه الذهبي في "التلخيص" بقوله: ((قلت: إسماعيل بن قيس من ولد زيد بن ثابت، ضعّفوه)) .
وقد روي الحديث عن زيد بن ثابت من وجه آخر. =(3/967)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= فأخرجه مسدد في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (ل 131 / ب) عن شيخه يحيى بن سعيد القطان، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ حفصة، عن أبي العالية قال: إن زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقْرَأُ: {وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ، أعجم الزاي.
وسنده صحيح رجاله ثقات تقدموا، وأبو العالية اسمه رُفَيع بن مهران.
وأما حَفْصة فهي بنت سِيْرين، أم الهُذَيل الأنصارية البصرية، تروي عن أنس بن مالك وأم عطية وأبي العالية وغيرهم، روى عنها أخوها محمد وقتادة وخالد الحذّاء وهشام بن حسّان وغيرهم، وهي ثقة روى لها الجماعة، وقال إياس بن معاوية: ((ما أدركت أحدًا أفضله على حفصة)) ، وقال ابن معين: ((ثقة حجة)) ، وقال العجلي: ((بصرية ثقة تابعية)) ، وكانت وفاتها سنة إحدى ومائة. اهـ. من "تاريخ الثقات" للعجلي (ص518 رقم 2089) ، و"التهذيب" (12 / 409 - 410 رقم 2762) ، و"التقريب" (ص745 رقم 8561) .
وهذا الأثر عن زيد بن ثابت علقه الثعلبي في "الكشف والبيان" (2 / 169 / أ) ، فقال: ((وروى أبو العالية أن زيد بن ثابت قال: إنما هي زاي فزوِّها)) .
وقد قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو: ((نُنْشِرُها)) - بالراء -، وقرأ الباقون: ((كيف نُنْشِزُها)) - بالزاي - انظر "حجة القراءات" (ص144) .
قال أبو جعفر ابن جرير في "تفسيره" (5 / 475 - 478) : ((وأما قوله: {كَيْفَ نُنْشِزُهَا} ، فإن القَرَأَةَ اختلفت في قراءته. فقرأه بعضهم: {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} - بضم النون، وبالزاي -، وذلك قراءة عامة قَرَأَة الكوفيين، بمعنى: وانظر كيف نركِّب بعضها على بعض وننقل ذلك إلى مواضع من الجسم. وأصل النشوز: الارتفاع ... ، فمعنى قوله: {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا} - في قراءة من قرأ ذلك بالزاي -: كيف نرفعها من أماكنها من الأرض، فنردّها إلى أماكنها من الجسد ...
وقرأ ذلك آخرون: {وَانْظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنْشِرُهَا} - بضم النون -؛ =(3/968)
437- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (1) ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ: عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه كان يقرأ: {نُنْشِزُها} .
438- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ (2) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ (عُمَيْر بْنِ قُمَيْم) (3) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {نُنْشِرُها}
__________
= قالوا: من قول القائل: أنشر الله الموتى فهو يُنشرهم إنشارًا، وذلك قرأه عامة قَرَأة أهل المدينة، بمعنى: وانظر إلى العظام كيف نُحييها ثم نكسوها لحمًا.
قال أبو جعفر: والقول في ذلك عندي: أن معنى الإنشاز ومعنى الإنشار متقاربان؛ لأن معنى الإنشاز: التركيب والإثبات ورد العظام إلى العظام.
ومعنى الإنشاز: إعادة الحياة إلى العظام، وإعادتها لاشك أنه ردُّها إلى أماكنها ومواضعها من الجسد بعد مفارقتها إياها. فهما وإن اختلفا في اللفظ، فمتقاربا المعنى، وقد جاءت بالقراءة بهما الأمة مجيئًا يقطع العذر ويوجب الحجة، فبأيهما قرأ القارئ فمصيب)) . اهـ. والله أعلم.
(1) هو ابن أبي جميلة الأعرابي.
[437] سنده صحيح، وقوله: ((عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -)) ، لعله يعني زيد بن ثابت، فإن أبا العالية روى هذا الحديث عنه، فانظر الحديث السابق والتعليق عليه.
(2) هو ابن أبي إسحاق.
(3) في الأصل: ((عبيد بن مريم)) ، وما أثبته من الحديث الآتي برقم: [440] ، ومصادر ترجمته الآتية، وهو الذي يروي أبو إسحاق عنه عن ابن عباس في القراءات، ولم أجد في هذه الطبقة من اسمه: ((عبيد بن مريم)) .
وهو عُمَيْر بن قُمَيْم - بالتصغير -، ويقال: تميم، ابن يريم، أبو هلال التغلبي =(3/969)
439- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا عَوْفٌ (1) ، عَنِ الْحَسَنِ: أنه كان يقرؤها كذلك.
__________
= الكوفي، يروي عن ابن عباس، وعنه أبو إسحاق السبيعي فقط، وهو مجهول، ذكره ابن سعد في "الطبقات" (6 / 300) وقال: ((كان معروفًا قليل الحديث)) ، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (6 / 536 - 537 رقم 3239) وذكر له حديثًا، ثم قال: ((لا يتابع عليه)) ، وبيّض له ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6 / 378 رقم 2092) ، وذكره ابن حبان في "الثقات" (5 / 254) ، وذكره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4 / 582 رقم 10697) ، وقال: ((لا يعرف، وذكره البخاري في "الضعفاء" وسمّاه عميرًا، وقال: لا يتابع على حديثه)) ، وانظر "الاستغناء" لابن عبد البر (2 / 974 رقم 1187) ، و"تبصير المنتبه" (1 / 203) .
أقول: وهو يشتبه مع هُبَيْرة بن يَريم المتقدم في الحديث [403] في الاسم والشيخ والراوي عنه، فكلاهما يروي عن ابن عباس، وعنهما السبيعي.
[438] سنده ضعيف لجهالة عُمير بن قُمَيْم، ورواية يونس عن أبيه ضعيفة؛ لأنه روى عنه بعد الاختلاط كما قال ابن نمير، وقد ضعَّف الإمام أحمد روايته عنه. انظر "شرح علل الترمذي" لابن رجب (2 / 520 - 522) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 31) وعزاه للمصنف والفريابي وعبد بن حميد.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص72 رقم 129) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي هلال التغلبي، أن ابن عباس كان يقرؤها: (انظر إلى العظام كيف ينشرها) .
قلت: أبو هلال هو عمير، وقوله: (ينشرها) كذا جاء في تفسير سفيان، وهو تصحيف، ولم يقرأها أحد هكذا. انظر الحديث المتقدم برقم [436] .
وسيأتي الحديث برقم [440] من طريق حُدَيج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إسحاق.
(1) هو الأعرابي.
[439] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 31) وعزاه لعبد بن حميد فقط.(3/970)
440- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ (1) ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ (2) ، عَنْ أَبِي هِلَالٍ (3) ، عَنِ ابْنِ (عَبَّاسٍ) (4) : أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {كَيْفَ نُنْشِرُهَا} .
[قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} ]
441 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ (5) ، قَالَ: نَا لَيْثٌ (6) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَإِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ-: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} -، قَالَا: لِأَزْدَادَ إِيمَانًا إِلَى إِيمَانِي.
__________
(1) تقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ.
(2) هو عمرو بن عبد الله السَّبيعي، تقدم في الحديث [1] أنه اختلط في آخر حياته، والراوي عنه هنا هو حُديج بن معاوية، ولم يُذكر فيمن روى عنه قبل الاختلاط.
(3) هو عمير بن قُمَيْم تقدم في الحديث [438] أنه مجهول.
(4) في الأصل: ((إسحاق)) وهو تصحيف، فإن أبا هلال عمير بن قُمَيْم إنما يروي عن ابن عباس، وسبق أن روى عنه هذا الأثر كما في الحديث [438] .
[440] سنده ضعيف لجهالة أبي هلال عُمير بن قُميم، ولأن أبا إسحاق اختلط، ولم يذكر حُديج فيمن روى عنه قبل الاختلاط، وقد توبع حديج على الحديث كما في الحديث المتقدم برقم [438] .
(5) تقدم في الحديث [76] أنه صدوق اختلط في آخر عمره.
(6) تقدم في الحديث [9] أنه صدوق اختلط، فلم يتميز حديثه فتُرك.
[441] سنده ضعيف لضعف ليث بن أبي سليم واختلاط خلف بن خليفة.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 34) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 493 رقم 5984) من طريق زيد بن الحباب، عن خلف بن خليفة، به نحوه. =(3/971)
442 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ الحدَّاد، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} -، قَالَ: بالخُلَّة.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} ]
443- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي جَمْرَة (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ - فِي قَوْلِهِ عز وجل:
__________
= وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (1 / 198 رقم 60) من طريق علي بن المديني، عن خلف، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قوله تعالى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} - قال: أزداد إيمانًا إلى إيماني.
[442] سنده ضعيف جدًّا؛ عمرو بن ثابت الحدَّاد تقدم في الحديث [179] أنه مترك رافضي.
وقول سعيد هذا ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 34) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "الأسماء والصفات".
وقد أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 277) من طريق المصنف، به مثله.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 489 رقم 5969) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 202 / أ) .
أما ابن جرير فمن طريق أبي أحمد الزبيري، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي، كلاهما عن عمرو، به مثله.
(1) هو نَصْر بن عمران.
[443] سنده حسن لذاته، وهو صالح لغيره، فعبد الرحمن بن زياد الرصاصي تقدم في =(3/972)
{فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} -، قَالَ: قَطّع أَجْنِحَتَهُنَّ أَرْبَاعًا، رُبْعًا هَاهُنَا، وَرُبْعًا هَاهُنَا فِي أَرْبَاعِ الْأَرْضِ، {ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا} قَالَ: هَذَا مَثل، كَذَلِكَ يُحْيِي الله الموتى مثل هذا.
__________
= الحديث [6] أنه صدوق، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي.
فالحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 35) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "البعث والنشور".
وقد أخرجه البيهقي في "البعث والنشور" (1 / 22 رقم 11) ، من طريق المصنف به مثله، إلا أنه قال: ((قطع أجنحتها أربعًا، ربعًا هاهنا، وربعًا ها هنا، وربعًا ها هنا، وربعًا ها هنا)) ، ولم يذكر قوله: ((في أرباع الأرض)) ، وتصحف ((أبو جمرة)) على المحقق إلى: ((أبي حمزة)) .
ولم أجد هذا الحديث أيضًا في المطبوع من "البعث والنشور"، فصار العزو إلى النسخة التي تقدمت الإشارة إليها في الحديث [434] .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 502 و 505 رقم 5995 و 6013) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 202 / ب) .
أما ابن جرير فمن طريق محمد بن جعفر غندر، وأما ابن أبي حاتم فمن طريق أبي داود الطيالسي ويحيى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، ثلاثتهم عن شعبة، به نحوه.
وسنده صحيح، فإن ابن جرير رواه عن شيخه محمد بن المثنى، عن محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، وجميع رجال الإسناد ثقات تقدمت تراجمهم، عدا شيخ ابن جرير.
وهو محمد بن المثنى بن عبيد العَنَزي - بفتح العين والنون، بعدها زاي -، أبو موسى البصري، المعروف بالزَّمِن، مشهور بكنيته وباسمه، يروي عن عبد الله بن إدريس وأبي معاوية وعبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ومحمد بن جعفر غندر وغيرهم، روى عنه هنا محمد بن جرير الطبري، وروى عنه الجماعة وأبو زرعة أبو حاتم وبقي بن مخلد وابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن خزيمة وغيرهم، وهو ثقة ثبت روى له الجماعة، ووثقه ابن معين، وسئل عمرو بن علي الفلاس عنه وعن بندار، فقال: ((ثقتان، يقبل منهما كل شيء إلا ما تكلم به أحدهما في الآخر)) ، وقال الذُّهلي: ((حُجَّة)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث صدوق)) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: ((كان صاحب كتاب، لا يقرأ إلا من =(3/973)
444- حدثنا سعيد، [ل119/ب] قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وجل: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} -، قال: قطّعهن.
__________
= كتابه)) ، وقال الدارقطني: ((كان أحد الثقات)) ، وقَدَّمَه على بندار، وقال مسلمة: ((ثقة مشهور من الحفاظ)) ، وقال الخطيب البغدادي: ((كان ثقة ثبتًا، احتجّ سائر الأئمة بحديثه)) ، وكان مولده سنة سبع وستين ومائة، ووفاته سنة اثتنين وخمسين ومائتين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل: سنة خمسين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (8 / 95 رقم 409) ، و"التهذيب" (9 / 425 - 427 رقم 696) ، و"التقريب" (ص505 رقم 6264) .
[444] سنده ضعيف، وهو صحيح لغيره؛ فعطاء بن السائب مع كونه ثقة، إلا أنه اختلط، ولم يذكروا خالد بن عبد الله الطحان ممن روى عنه قبل الاختلاط كما سبق بيانه في الحديث رقم [6] .
لكن صح الخبر في الحديث قبله من طريق أبي جمرة عن ابن عباس.
وهذا الأثر ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 35) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "شعب الإيمان"، ولم أجده في مظانه من "شعب الإيمان"، فالأظهر أنه في "البعث والنشور".
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 502 رقم 5994) من طريق أبي كدينة يحيى بن المهلب، عن عطاء، به بلفظ: هي نبطيّة: فشقِّقْهُنَّ.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 202 / ب) من طريق عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي يحيى القتّات، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ} ، قال: قطعهن.
وأخرجه ابن جرير برقم (6001) من طريق أبي أحمد الزبيري، عن إسرائيل، به مثله، إلا أنه جعله من قول مجاهد، ليس فيه ذكر لابن عباس.(3/974)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ]
445 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ الْحَكَمَ (1) يحدِّث عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} -، قَالَ: مِنَ التِّجَارَةِ، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قَالَ: مِنَ الثِّمَارِ.
446 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عن مجاهد، مثل ذلك.
__________
(1) أي ابن عُتَيْبة.
[445] سنده ضعيف لإبهام شيخ هشيم، وهو صحيح لغيره كما سيأتي في الحديث بعده.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 50) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في "سننه".
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 558 رقم 6134) من طريق الحسين بن داود الملقَّب: سُنَيْد، قال: حدثنا هشيم، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم ... ، فذكره بمثله هكذا بتسمية شيخ هشيم: ((شعبة)) ، ويحتمل أن يكون هذا صحيحًا؛ فإن الحديث يرويه شعبة عن الحكم كما سيأتي، لكن الحسين بن داود هذا تقدم في الحديث [206] أنه ضعيف، والراوي عنه هو شيخ الطبري القاسم بن الحسن، ولم أهتد إليه.
وقد صح الحديث من غير طريق هشيم كما سيأتي في الحديث بعده.
[446] سنده حسن لذاته، وهو صحيح لغيره؛ فعبد الرحمن بن زياد الرَّصاصي تقدم في الحديث [6] أنه صدوق، لكنه قد توبع كما سيأتي.
وتقدم في الحديث السابق أن السيوطي ذكر الحديث وعزاه للمصنف وغيره. =(3/975)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد أخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص132 رقم 427) من طريق عبد السلام بن حرب وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن شعبة، به مثله، لكن بشطره الأول فقط.
ومن طريق يحيى بن آدم أخرجه الخلال في "الحث على التجارة" (ص70 رقم 42) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 19 رقم 2234) .
والخلال في الموضع السابق (ص88 رقم 55) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 208 / ب - 209 / أ) .
ثلاثتهم من طريق وكيع، عن شعبة، به مثله سابقه.
وسنده صحيح، وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع بلا واسطة.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 556 رقم 6121) .
وأبو نعيم في "الحلية" (3 / 299) .
كلاهما من طريق محمد بن جعفر غندر، عن شعبة، به مثل سابقه.
وأخرجه الخلال أيضًا (ص107 رقم 65) .
والبيهقي في "سننه" (5 / 263) في البيوع، باب إباحة التجارة.
كلاهما من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، به مثل سابقه.
وأخرجه ابن جرير في الموضع السابق برقم (6122 و 6123) من طريق زيد بن الحباب ووهب بن جرير، كلاهما عن شعبة، به مثل سابقه.
وأخرجه الخلال أيضًا (ص70 رقم 42) .
والبيهقي في الموضع السابق.
أما الخلال فمن طريق بقية بن الوليد، وأما البيهقي فمن طريق شبابة بن سوَّار، كلاهما عن شعبة، به مثل سابقه.
وأخرجه ابن جرير برقم (6124) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 209 / أ) . =(3/976)
447 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (1) ، قَالَ: نَا سَلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ (2) ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيْدَةَ عَنْ
__________
= كلاهما من طريق آدم بن أبي إياس، عن شعبة، به بلفظ: التجارة الحلال. والحديث في "تفسير مجاهد" (ص116 - 117) من رواية ورقاء، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} ، قال: من التجارة. وتقدم في الحديث [184] أن رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ صححه.
وأخرجه يحيى بن آدم في "الخراج" (ص132 رقم 430) ، فقال: حدثنا ورقاء، عن أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قوله: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} - قَالَ: مِنَ التِّجَارَةِ: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قال: النخل.
ومن طريق يحيى بن آدم أخرجه الخلال في "الحث على التجارة" (ص72 رقم 43) .
والبيهقي في "سننه" (4 / 146) في الزكاة، باب زكاة التجارة.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (5 / 556 رقم 6127 و 6128) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به مثل رواية تفسير مجاهد.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (5 / 557 رقم 6132) من طريق عيسى بن ميمون، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مجاهد، قوله: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قال: النخل.
وأخرجه أيضًا برقم (6133) من طريق ابن جريج، عن مجاهد: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} ، قال: من ثمر النخل.
(1) هو ابن عُلَيَّة.
(2) هو سلمة بن علقمة التميمي، أبو بشر البصري، ثقة، روى له الجماعة عدا الترمذي وروى هو عن محمد بن سيرين ونافع مولى ابن عمر وغيرهما، روى عنه ابن علية وحماد بن زيد ويزيد بن زريع، وغيرهم، وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين ومائة. =(3/977)
قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} ، قَالَ: ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ، والدِّرْهم الزَّائِفُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ التَّمْرَةِ (3) .
__________
= قال الإمام أحمد: ((بخ، ثقة)) ووثقه ابن سعد وابن معين، وقال ابن المديني: ((ثبت)) ، وقال العجلي: ((ثقة فقيه)) ، وقال أبو حاتم: ((صالح الحديث ثقة)) ، وقال ابن حبان: ((كان حافظًا متقنًا)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 167 - 168 رقم 737) ، و"التهذيب" (4 / 150 رقم 260) ، و"التقريب" (ص248 رقم 2502) .
(3) يعني في صدقة التطوع كما سيأتي.
[447] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 61) وعزاه لابن أبي شيبة وعبد بن حميد فقط، بلفظ: ((إنما ذلك في الزكاة في الشيء الواجب، فأما في التطوع فلا بأس بأن يتصدق الرجل بالدرهم الزيف، هو خير من التمرة)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (3 / 226) .
وابن جرير في "تفسيره" (5 / 569 رقم 6164) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6163) من طريق يزيد بن زريع، عن سلمة، به مثله.
وأخرجه يحيى بن آدم في "كتاب الخراج" (ص133 رقم 431) فقال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن هشام، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: سَأَلْتُ عَبِيدَةَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: إنما هذا في الزكاة المفروضة، ولا بأس أن يتصدق الرجل بالتمر الحَشِف والدرهم الزائف. =(3/978)
[قَوْلُهُ تَعَالَى {وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} ]
448 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) ، عَنْ أَبِي بِشْر (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} -، قال: الحكمة: الصواب.
__________
= وكذا أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (5 / 569 رقم 6165) من طريق أبي كريب عن ابن إدريس، به مع بعض الاختلاف في اللفظ.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 209 / أ) من طريق أبي سعيد الأشجّ، عن ابن إدريس، بنحو لفظ يحيى بن آدم.
فهؤلاء ثلاثة من الرواة اتفقوا على روايته على هذا الوجه.
وخالفهم أبو السائب سَلْم بن جنادة، فرواه عن ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين من قوله، ليس فيه ذكر لعبيدة.
أخرجه الطبري، برقم (6166) .
ورواية الأكثر هي الأرجح، وتؤيدها رواية سلمة بن علقمة، والله أعلم.
(1) هو وضّاح بن عبد الله.
(2) هو جعفر بن إياس.
[448] سنده ضعيف؛ لأن رواية أبي بشر عن مجاهد ضعفها شعبة كما في الحديث [121] وقال: إنه لم يسمع منه، لكن الحديث صحيح لغيره كما سيأتي.
وقد ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 66) وعزاه لابن جرير وعبد بن حميد فقط.
وابن جرير أخرجه في "تفسيره" (5 / 577 رقم 6183) فقال: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، قال: سمعت مجاهدًا قال: {وَمَنْ يُؤْتَ الحِكْمَةَ} ، قال: الإصابة.
وهذا سند صحيح رجاله ثقات تقدمت تراجمهم، وابن بشار هو محمد، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري، وابن أبي نجيح هو عبد الله. وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 212 / أ) من طريق قبيصة عن =(3/979)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} ]
449 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ حَنْظَلَةَ السَّدُوسي (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَنُكَفِّرُ (2) عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ} .
__________
= سفيان الثوري، به.
وأخرجه ابن جرير برقم (6184 و 6185) من طريق عيسى بن ميمون وشبل، كلاهما عن ابن أبي نجيح، به، ولفظ عيسى: ((يؤتي الإصابة من يشاء)) ، ولفظ شبل: ((يؤتي إصابته من يشاء)) .
والحديث في "تفسير مجاهد" (ص116) من رواية ورقاء عن ابن أبي نجيح، بمثل لفظ شبل.
(1) هو حنظلة بن عبد الله، وقيل: ابن عبيد الله، وقيل: ابن عبد الرحمن، وقيل: ابن أبي صَفِيَّة، السَّدُوسي، أبو عبد الرحيم البصري، يروي عن أنس وشهر بن حوشب وعكرمة وغيرهم، روى عنه شعبة والحمّادان وابن المبارك وخالد بن عبد الله الطحّان الواسطي وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السابعة؛ روى ابن المديني عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: ((قد رأيته وتركته على عمد)) ، قلت ليحيى: كان قد اختلط؟ قال: نعم، وقال الإمام أحمد: ((ضعيف الحديث)) ، وفي رواية: ((منكر الحديث، يحدث بأعاجيب)) ، وضعفه ابن معين والنسائي. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 240 - 241 رقم 1069) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (7 / 447 - 451) ، و"التهذيب" (3 / 62 رقم 112) ، و"التقريب" (ص184 رقم 1583) .
(2) كذا في الأصل بالنون، ولم تضبط، وفيها ثلاث قراءات:
أما ابن كثير وأبو عمرو وأبو بكر فقرأوا: ((ونُكَفِّرُ)) ، - برفع الراء على الاستئناف-.
وقرأ نافع وحمزة والكسائي: ((ونُكَفِّرْ)) - بالجزم على موضع: ((فهو خير =(3/980)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ المَسِّ ... } إِلَى قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} ]
450- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا جَرِيرٌ (1) ، عَنْ مَنْصُورٍ (2) ، عَنْ أَبِي الضُّحَى (3) ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاقْتَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ نَهَى عَنِ التجارة في الخمر)) .
__________
= لكم)) ؛ لأن المعنى: يكن خيرًا ...
وقرأ ابن عامر وحفص: ((ويُكَفَّرُ)) - بالياء، والرفع على الاستئناف أيضًا -. انظر "حجة القراءات" (ص147 - 148) .
[449] سنده ضعيف لضعف حنظلة السدوسي.
(1) هو ابن عبد الحميد.
(2) هو ابن المعتمر.
(3) هو مسلم بن صُبيح.
[450] سنده صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 104) وعزاه لعبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وابن المنذر.
والحديث أخرجه إسحاق بن إبراهيم الحنظلي المعروف بابن راهويه في "مسنده" (3 / 808 رقم 901) عن شيخه جرير، به مثله، إلا أنه لم يذكر قوله: ((في الربا)) .
وأخرجه مسلم في "صحيحه" (3 / 1206 رقم 69) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر، من طريق زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم، كلهما عن جرير، به.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 150 رقم 14674) .
ومن طريقه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 127) . =(3/981)
451- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأعْمش، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- (قَالَتْ) (1) : لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحَرَّمَ التجارة في الخمر.
__________
= وأخرجه الفريابي في "تفسيره" كما في "فتح الباري" (8 / 205) .
ومن طريقه البخاري في "صحيحه" (8 / 204 رقم 4543) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} .
وابن حجر في "تغليق التعليق" (4 / 187) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 186) .
والنسائي في "تفسيره" (1 / 289 رقم 76) ، وفي "سننه" (7 / 308) في البيوع، باب بيع الخمر.
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6 / 190 - 191) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 313 رقم 2084) في البيوع، باب آكل الربا وشاهده وكاتبه، و (8 / 204 رقم 4542) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} .
كلاهما من طريق شعبة، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه الإمام أحمد أيضًا (6 / 278) من طريق زياد بن عبد الله، عن منصور، به نحوه، إلا أنه لم يذكر قوله: ((في الربا)) .
وللحديث طريق أخرى يرويها سليمان بن مهران الأعمش، عن أبي الضحى، وهي الآتية في الحديث بعده.
(1) في الأصل: ((قال)) .
[451] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه كما سيأتي، وانظر الحديث =(3/982)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رقم [3] فيما يتعلق بتدليس الأعمش.
والحديث أخرجه إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 809 رقم 902) .
والإمام أحمد في "المسند" (6 / 46) .
ومسلم في "صحيحه" (3 / 1206 رقم 70) في المساقاة، باب تحريم بيع الخمر.
وأبو داود في "سننه" (3 / 759 رقم 3491) في البيوع، باب في ثمن الخمر والميتة.
وابن ماجه (2 / 1122 رقم 3382) في الأشربة، باب التجارة في الخمر.
جميعهم من طريق أبي معاوية، به نحوه، ولفظ ابن ماجه مثله.
والإمام أحمد أيضًا (6 / 46 و 100) .
والبخاري في "صحيحه" (4 / 417 و 2226) في البيوع، باب تحريم التجارة في الخمر، و (8 / 204 رقم 4541) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {يمحق الله الربا} .
وأبو داود في الموضع السابق برقم (3490) .
والنسائي في "التفسير" (1 / 288 رقم 75) .
جميعهم من طريق شعبة، عن سليمان الأعمش، به نحوه.
وأخرجه البخاري أيضًا (1 / 553 - 554 رقم 459) في الصلاة، باب تحريم تجارة الخمر في المسجد، و (8 / 203 و 204 رقم 4540 و 4543) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وأحل الله البيع وحرم الربا} ، وباب: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} ، من طريق أبي حمزة السُّكَّري وحفص بن غياث وسفيان الثوري، ثلاثتهم عن الأعمش، به نحوه.(3/983)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ]
452- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ قَالَ: حَدَّثَنِي ( ... ...) (1) ، عَنِ الرَّبيع بْنِ خُثَيْم، أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ، فَيَقُولُ: أَثَمَّ فُلَانٌ، إِنْ كُنْتَ مُوسِرًا فَأَدِّهْ، وَإِنْ كُنْتَ مُعْسِرًا فَإِلَى مَيْسَرَةٍ. فَقُلْتُ (2) ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الرِّبَا.
__________
(1) ها هنا كلمة لم أستطع قراءتها تشبه أن تكون: ((الحجبي)) وقد اجتهد الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في "تفسير الطبري" (6 / 30 رقم 6280) فصححها هكذا: ((الشعبي)) ، لأنه يروي عن الربيع به خيثم ويروي عنه مغيرة كثيرًا، وذكر أن في الأصل المخطوط: ((الحسيّ)) مشددة الياء بالقلم، ثم قال: ((والناسخ كثير السهو والغفلة والتصحيف كما أسلفنا، وإنما هو: الشعبي)) . اهـ.
قلت: لو سلمنا أنها تصحفت في الأصل المخطوط لتفسير الطبري، فهل تكون تصحفت كذلك في سنن سعيد بن منصور؟! فالذي أرى: أن هناك كلمة أعيتني كما أعيت الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله -، ورسمها متقارب بين ما عند الطبري وسعيد بن منصور، ولم أجد الحديث عند غيرهما حتى أتمكن من حل هذا الإشكال.
(2) القائل: ((فقلت)) ، هو مغيرة بن مقسم، وإبراهيم هو النخعي.
[452] سنده رجاله ثقات، عدا الرجل الذي روى عنه مغيرة فلم يتضح لي من هو؟ فالحكم على الحديث متوقف على معرفته، وأما قول إبراهيم فصحيح الإسناد إليه.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 30 رقم 6280) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به بلفظ: إن الربيع بن خثيم كان له على رجل حق، فكان يأتيه ويقوم على بابه ويقول: أي فلان، إن كنت موسرًا فأدّ، وَإِنْ كُنْتَ مُعْسِرًا فَإِلَى مَيْسَرَةٍ. =(3/984)
453- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ (1) ، وَهِشَامٌ (2) ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى شُرَيح فِي حَقٍّ كَانَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ الْآخَرِ، فَقَضَى عَلَيْهِ شُرَيْحٌ، وَأَمَرَ بِحَبْسِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ: إِنَّهُ مُعْسِرٌ، وَاللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَإِنْ (3) كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} ، قَالَ: ذَلِكَ فِي الرِّبَا، وَاللَّهُ يَقُولُ: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا (4) الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (5) .
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6279 و 6292) من طريق يعقوب بن إبراهيم وأبي أحمد الزبيري، كلاهما عن هشيم قال: أخبرنا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ - فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} - قال: ذلك في الربا.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6290) من طريق سفيان الثوري، عن مغيرة، به مثل سابقه.
(1) هو ابن عبيد.
(2) هو ابن حسان.
(3) في الأصل: ((فإن)) .
(4) في الأصل: (والله يقول: أدوا الأمانات إلى أهلها) ، فلعله عبَّر بالمعنى.
(5) الآية (58) من سورة النساء.
[453] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 112) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد والنحاس في "ناسخه" وابن جرير.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 30 رقم 6278) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، عن هشام وحده، به نحوه، وزاد في آخره: ((ولا يأمرنا الله بشيء ثم يعذبنا عليه)) .
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 305 رقم 15309) فقال: أخبرنا =(3/985)
454- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} -، قال: ذلك في الربا.
__________
= معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قال: شهدت شريحًا وخاصم إليه رجل رجلاً في دين له، فقالآخر يعذر صاحبه: إنه معسر، وقد قال الله تعالى: {إن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ميسرة} ، فقال شريح: هذه كانت في الربا، وإنما كان الربا في الأنصار، وإن الله يَقُولُ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بالعدل} ، ولا والله، لا يأمر الله بأمر تخالفوه، احبسوه إلى جنب هذه السارية حتى يوفيه.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص100) ومنه صوبت بعض الألفاظ فيس سياق المصنِّف لعبد الرزاق.
وأخرجه القاضي وكيع في "أخبار القضاة" (2 / 360) من طريق حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عن ابن سيرين، به بلفظ قريب من لفظ ابن جرير الطبري السابق. وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6281) من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن أيوب، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: جاء رجل إلى شريح فكلَّمه، فجعل يقول: إنه معسر، إنه معسر. قال: فظننت أنه يكلمه في محبوس، فقال شريح: إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى ميسرة} ، وقال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمانات إلى أهلها} ، فما كان الله - عز وجل - يأمرنا بأمر ثم يعذبنا عليه، أدوا الأمانات إلى أهلها.
وفي هذا السياق ما يدل على أن شريحًا ذكر سبب نزول الآية، فهذا مرسل، لأن شريحًا لم يدرك ذلك.
[454] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد كما في ترجمته في الحديث [18] . =(3/986)
= وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 112) وعزاه للمصنف وابن جرير وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 30 رقم 6277) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 208 / ب) .
كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (6 / 31 رقم 6283) .
وابن أبي حاتم (1 / ل 208 / ب - 209 / أ) .
كلاهما من طريق محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العَوْفي، قال: حدثني أبي، قال حدثني عمي، قال حدثني أبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى ميسرة} : إنما أمر في الربا أن ينظر المعسر، وليست النَّظِرة في الأمانة، ولكن يؤدي الأمانة إلى أهلها.
وسنده ضعيف جدًّا؛ مسلسل بالضعفاء.
فالراوي عن ابن عباس هو عطيّة بن سعد بن جُنَادة - بضم الجيم، بعدها نون خفيفة - العَوْفي، الجَدَلي - بفتح الجيم والمهملة -، أبو الحسن الكوفي، روى عن أبي سعيد وأبي هريرة وابن عباس وغيرهم، روى عنه ابناه الحسن وعُمر والأعمش وغيرهم، وهو شيعي ضعيف في الحديث ويدلِّس تدليسًا قبيحًا؛ حكى الإمام أحمد أنه كان يأتي الكلبي ويسأله عن التفسير، ويكنّيه بأبي سعيد وذكره ابن حبان في "المجروحين"، وقال: ((سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث، فلما مات أبو سعيد، جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه، فإذا قال الكلبي: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - كذا، فيحفظه، وكنّاه أبا سعيد، ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدثك بهذا؟ فيقول: حدثني أبو سعيد، فيتوهَّمون أنه يريد أبا سعيد الخدري، وإنما أراد به الكلبي، فلا يحلّ الاحتجاج به ولا كتابة حديثه إلى على جهة التعجب)) ، ووصفه بالتشيع البزار والساجي وابن عدي وغيرهم، وقد ضعف حديثه الثوري وهشيم والإمام أحمد وأبو حاتم والنسائي وغيرهم، وكنت وفاته سنة إحدى =(3/987)
= عشرة ومائة. انظر "الجرح والتعديل" (6 / 382 - 383 رقم 2125) ، و"المجروحين" لابن حبان (2 / 176) ، و"التهذيب" (7 / 224 - 226 رقم 413) ، و"طبقات المدلسين" (ص130 رقم 122) .
والراوي عن عطية هذا هو: ابنه الحسن بن عطية بن سعد العوفي، يروي عنه أبيه وجده، وعنه أخواه عبد الله وعمرو وابناه محمد والحسين وغيرهم، وهو ضعيف، قال البخاري: ((ليس بذاك)) ، وقال أبو حاتم: ((ضعيف الحديث)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((أحاديثه ليست بنقيّة)) ، وذكره في المجروحين وقال: ((منكر الحديث، لا أدري البليّة في أحاديثه منه، أو من أبيه، أو منهما معًا؟ لأن أباه ليس بشيء في الحديث، وأكثر روايته عن أبيه، فمن هنا اشتبه أمره ووجب تركه)) ، وكانت وفاته سنة إحدى وثمانين ومائة. اهـ. من "المجروحين" لابن حبان (1 / 234) ، و"التهذيب" (2 / 294 رقم 524) ، و"التقريب" (ص162 رقم 1256) .
والراوي عن الحسن هذا هو: ابنه الحسين بن الحسن بن عطية بن سعد العَوْفي، روى عن أبيه وعبد الملك بن أبي سليمان والأعمش، روى عنه بقية بن الوليد وعمر بن شبّة وابنه الحسن وابن أخيه سعد بن محمد وغيرهم، وهو ضعيف؛ ضعفه ابن معين والنسائي وأبو حاتم وابن سعد وغيرهم, وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال: ((منكر الحديث؛ يروي عن الأعمش وغيره أشياء لا يتابع عليها، كأنه كان يقلبها، وربما رفع المراسيل وأسند الموقوفات، ولا يجوز الاحتجاج بخبره)) ، وكانت وفاته سنة إحدى، أو اثنتين ومائتين. اهـ. من "الجرح والتعديل" (3 / 48 رقم 215) ، و"المجروحين" لابن حبان (1 / 246) ، و"تاريخ بغداد" (8 / 29 - 32) ، و"لسان الميزان" (2 / 278 رقم 1156) .
والراوي عن حسين هذا هو: ابن أخيه سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العَوْفي، روى عن أبيه وعمه الحسين بن الحسن، وفليح بن سليمان وغيرهم، روى عنه ابنه محمد وابن أبي الدنيا ومحمد بن غالب تمتام وغيرهم، وهو ضعيف =(3/988)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} ]
455 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ (1) قَالَ: كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ أَسْأَلُهُ عَنْ شَهَادَةِ الصِّبْيَان، فَكَتَبَ إِلَيَّ: إِنَّ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} : فَلَيْسُوا مِمَّنْ نَرْضَى، لَا تَجُوزُ.
__________
= جدًّا وصفه الإمام أحمد بأنه جهمي، وقال: ((لو لم يكن هذا أيضًا، لم يكن ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك)) . اهـ. من "تاريخ بغداد" (9 / 126 - 127 رقم 4743) ، وانظر "لسان الميزان" (3 / 18 - 19 رقم 67) .
والراوي عن سعد هذا هو: ابنه محمد بن سعد، يروي عن يزيد بن هارون ورَوْح بن عبادة وعبد الله بن بكر وغيرهم، روى عنه هنا محمد بن جرير الطبري وروى عنه أيضًا يحيى بن صاعد وأحمد بن كامل وغيرهم، ذكره الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (5 / 322 - 323 رقم 2845) ، وذكر حديثًا أخطأ فيه محمد هذا، ثم قال الخطيب: ((كان ليِّنًا في الحديث)) ، وذكر الحاكم في "سؤالاته للدارقطني" (ص139 رقم 178) أنه سأل الدارقطني عنه، فقال: ((لا بأس به)) ، وانظر "لسان الميزان" (5 / 174 رقم 603) ، وكانت وفاته سنة ست وسبعين ومائتين.
(1) هو عبد الله بن عبيد الله، تقدم في الحديث [39] أنه ثقة فقيه.
[455] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 121) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 161 - 162) في الشهادات، باب من ردّ شهادة الصبيان، ومن قبلها في الجراح ما لم يتفرقوا، أخرجه من طريق المصنف، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عن ابن أبي مليكة، أنه كتب إلى =(3/989)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يسأله عن شهادة الصبيان، فكتب إليه ... ، فذكر الحديث بمثله سواء، إلا أنه قال: ((وليسوا)) .
وأخرجه الشافعي في "الأم" (7 / 44) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، به، بلفظ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عنهما - في شهادة الصبيان -: لا تجوز.
ومن طريق الشافعي أخرجه البيهقي في الموضع السابق.
وللحديث طريقان آخران عن ابن أبي مليكة.
فأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 348 رقم 15494) .
وابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 280 - 281 رقم 1075) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 222 / أ) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 286) .
ومن طريق البيهقي في الموضع السابق (ص162) .
جميعهم من طريق ابن جريج، عن ابن مليكة، به، ولفظ عبد الرزاق قال فيه: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أنه أرسل إلى ابن عباس - وهو قاضٍ لابن الزبير - يسأله عن شهادة الصبيان، فقال: لا أرى أن تجوز شهادتهم، إنما أمرنا الله ممن نرضى، وإن الصبي ليس برضى. وقال ابن الزبير لي: بالحِرَى إن أخذوا عند ذلك إن عقلوا ما رأوا أن يصدقوا، وإن نقل آخر شهادتهم. قال: وما رأيت القضاء في ذلك إلا جائزًا على ما قال ابن الزبير.
وهذا سند صحيح، وصححه الحاكم على شرط الشيخين ووافقه الذهبي.
ثم أخرجه عبد الرزاق (8 / 349 رقم 15495) فقال: أخبرنا معمر، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة ... ، به بمعناه.
وهذا سند صحيح أيضًا.(3/990)
456 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} -، قَالَ: مِنَ الْأَحْرَارِ.
457 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ مُجَاهِدًا، عَنِ الظِّهار مِنَ الأَمَة، فَقَالَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، فَقُلْتُ: أَلَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (1) ، أفَلَسْنَ مِنَ النِّسَاءِ؟ فَقَالَ: وَاللَّهُ يقول:
__________
[456] سنده حسن، وهو صحيح لغيره، فإسماعيل بن زكريا تقدم في الحديث [81] أنه صدوق، لكنه قد توبع كما سيأتي، وانظر في رواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ الحديث رقم [184] .
والحديث أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان الثوري.
وسفيان الثوري أخرجه في "تفسيره" (ص73 رقم 133) بمثله سواء.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 120) وعزاه المصنف وسفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (6 / 78 رقم 331) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 61 رقم 6357) .
والبيهقي في "سننه" (10 / 161) في الشهادات، باب من رد شهادة العبيد ومن قبلها.
أما ابن أبي شيبة وابن جرير فمن طريق وكيع، وأما البيهقي فمن طريق أبي عامر العَقَدي، كلاهما عن سفيان الثوري، به مثله.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 221 / ب) من طريق لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنِ مجاهد، به بمعناه.
وللحديث طريق أخرى عن مجاهد، وهي الآتية في الحديث بعده.
(1) الآية (3) من سورة المجادلة.
[457] سنده صحيح، وله طريق آخر صحيح عن مجاهد، وهو الحديث السابق.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 120) بمثله، وعزاه للمصنف فقط.
والحديث أعاده المصنف هنا، وكان قد رواه في كتاب الطلاق، باب ما جاء =(3/991)
{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} ، أَفَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْعَبِيدِ؟ .
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} ]
458- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتٍ العَبْدي (1) ، قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ، وَأَنَا شَاهِدٌ، عَنْ قَوْلِهِ: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} - قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهدوا، أَوْ بَعْدَ مَا اسْتُشْهِدوا؟ (قَالَ: لَا، بَلْ بعد ما شهدوا) (2) .
__________
= في الظهار من الأمة (2 / 20 رقم 1853) بنحو ما هنا.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 161) في الشهادات، باب من رد شهادة العبيد ومن قبلها، ولفظه مثله، إلا أنه قال: ((أليست)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 61 رقم 6358) من طريق علي بن سعيد، عن هشيم، به، وعطف لفظه على الحديث قبله، وهو الحديث المتقدم برقم [456] .
(1) هو محمد بن ثابت العَبْدي، أبو عبد الله البصري، يروي عن نافع مولى ابن عمر ومحمد بن المنكدر وعمرو بن دينار وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه ابن المبارك وغيرهم، وهو صدوق ليِّن الحديث، ضعفه ابن معين، وقال البخاري: ((يخالف في بعض حديثه)) ، ثم ذكر حديثًا مما خالف فيه الثقات، وقال أبو حاتم: ((ليس بالمتين، يكتب حديثه ... ، روى حديثًا منكرًا)) ، وقال ابن عدي: ((عامة أحاديثه مما لا يتابع عليه)) ، ووثقه العجلي. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (6 / 2145 - 2147) ، و"تهذيب الكمال" المخطوط (3 / 1180) ، و"التهذيب" (9 / 85 رقم 108) ، و"التقريب" (ص471 رقم 5771) .
(2) ما بين القوسين سقط من الأصل، فأثبته من الموضع الآتي من "مصنف ابن أبي شيبة"، والأنسب للسياق هنا: ((قَالَ: لَا، بَلْ بَعْدَ مَا استشهدوا) .(3/992)
459- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَامِرٍ المُزَني (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً (2) يَقُولُ: فِي إقامة الشهادة.
__________
[458] سنده ضعيف لضعف محمد بن ثابت.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 72 رقم 2415) فقال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا محمد بن ثابت، قال: سمعت عطاء، وسئل: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} : قل أن شهدوا أو بعد؟ قَالَ: لَا، بَلْ بَعْدَ مَا شهدوا.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 73 رقم 6396) من طريق أبي قتيبة سَلْم ابن قتيبة، عن محمد بن ثابت، عن عطاء - في قَوْلِهِ: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا ما دعوا} -، قال: أمرت أن تشهد، فإن شئت فاشهد، وإن شئت فلا تشهد.
(1) هو صالح بن رُسْتم المُزني، مولاهم، أبو عمار الخَزَّاز - بمعجمات -، البصري، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة وأبي قلابة والحسن البصري وعكرمة وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه ابنه عامر وإسرائيل ويحيى القطان وهشيم وغيرهم، وهو صدوق كثير الخطأ، ضعفه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((شيخ، يكتب حديثه ولا يحتج به)) ، وقال الدارقطني: ((ليس بالقوي)) ، وقال الإمام أحمد: ((صالح الحديث)) ، وقال العجلي: ((جائز الحديث)) ، وقال ابن عدي: ((عزيز الحديث ... ، روى عن يحيى القطان مع شدة استقصائه، وهو عندي لا بأس به، ولم أر له حديثًا منكرًا جدًّا)) ، ووثقه أبو داود الطيالسي وأبو داود السجستاني والبزار وابن وضّاح، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائة. اهـ. من "الكامل" لابن عدي (4 / 1389 - 1390) ، و"تهذيب الكمال" المطبوع (13 / 47 - 48) ، و"التهذيب" (4 / 391 رقم 658) ، و"التقريب" (ص272 رقم2861) .
(2) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} .
[459] سنده ضعيف لضعف أبي عامر من قبل حفظه، وهو حسن لغيره كما سيأتي.
وقد أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 71 رقم 6382 و 6384) =(3/993)
460 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ (1) قَالَ: فِي إِقَامَةِ الشهادة.
__________
= من طريق عمرو بن عون ويعقوب بن إبراهيم، كلاهما عن هشيم، به مثله.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6387) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن أبي عامر، عن عطاء، قال: للإقامة.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 365 رقم 15560) فقال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء ومجاهد - في قوله: {ولا يأب كاتب ولا شهيد} قالا: إذا كانوا قد شهدوا قبل ذلك.
وهذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن ابن جريج مدلس ولم يصرح بالسماع، فهو حسن لغيره بمجموع هذين الطريقين.
وقد أخرجه ابن جرير (6 / 72 رقم 6391) من طريق حجاج، عن ابن جريج قال: قلت لعطاء، {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} ؟ قال: هم الذين قد شهدوا، قال: ولا يضّر إنسانًا أن يأبى أن يشهد إن شاء. قلت لعطاء: ما شأنه إذا دُعي أن يكتب وجب عليه أن لا يأبى، وإذا دعي أن يشهد لم يجب عليه أن يشهد إن شاء؟ قال: كذلك يجب على الكاتب أن يكتب، ولا يجب على الشاهد أن يشهد إن شاء، الشهداء كثير.
وهذا الإسناد قد صرح فيه ابن جريج بالسماع، لكن شيخ الطبري فيه هو القاسم بن الحسن، ولم أهتد إليه، وشيخ القاسم هو الحسين بن داود المعروف بـ: سُنَيد، وتقدم في الحديث [206] أنه ضعيف.
(1) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} .
[460] سنده صحيح.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 71 رقم 6382) من طريق عمرو بن عون، عن هشيم، به نحوه.(3/994)
461 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا شَرِيكٌ (1) ، عَنْ سَالِمٍ الأَفْطَس (2) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: الَّذِي قَدْ أُشْهِدَ، وَلَيْسَ الَّذِي لَمْ يَشهد.
462 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: إِذَا كَانَتْ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ، فدُعيت.
__________
(1) هو ابن عبد الله، تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا.
(2) هو سالم بن عجلان الأفطس.
[461] سنده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله القاضي من قبل حفظه.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 122) وعزاه لعبد بن حميد فقط.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 72 رقم 2418) من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن شريك، عن سالم، عن سعيد، قال: الذي عنده الشهادة.
وكذا رواه البغوي في "مسند ابن الجعد" (2 / 829 رقم 2253) عن ابن الجعد، عن شريك مثله.
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 72 رقم 6388 و 6389) من طريق وكيع وعبد الله بن المبارك، كلاهما عن شريك، به، ولفظ وكيع: ((إذا كانوا قد شهدوا)) ، ولفظ ابن المبارك: ((هو الذي عنده الشهادة)) .
[462] سنده صحيح، ورواية ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ تقدم الكلام عنها في الحديث رقم [184] .
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 121 - 122) وعزاه لسفيان وعبد بن حميد وابن جرير فقط.
وقد أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 70 - 71 رقم 2410) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 70 رقم 6378) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، به مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 110) .
وابن أبي شيبة أيضًا (7 / 73 رقم 2420) . =(3/995)
463 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، وَخَالِدٌ (1) ، وَإِسْمَاعِيلُ (2) ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ (3) قَالَ: إِذَا دعي ليشهد [ل120/أ] ، وإذا دعي ليقيمها، فكلاهما.
__________
= وابن جرير برقم (6375 و 6377) .
ثلاثتهم من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} قال: إذا كانوا قد شهدوا.
وأخرجه ابن أبي شيبة برقم (2419) من طريق ورقاء، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه.
وهذا في "تفسير مجاهد" (ص118) من رواية ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6376) من طريق عيسى بن ميمون، عن ابن أبي نجيح، به نحو سابقه.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 365 رقم 15560) من طريق ابن جريج، عن مجاهد، به نحو سابقه.
(1) هو ابن عبد الله الطحّان.
(2) هو ابن إبراهيم بن عليّة.
(3) يعني في قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذا ما دعوا} .
[463] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 122) وعزاه لابن جرير فقط.
وقد أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 160) في الشهادات، باب ما على من دعي ليشهد، من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((كلاهما)) .
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (7 / 71 رقم 2411) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 70 رقم 6374) .
أما ابن أبي شيبة فمن طريق إسماعيل بن علية، وأما ابن جرير فمن طريق هشيم، كلاهما عن يونس، به نحوه، مع بعض الاختلاف في اللفظ. =(3/996)
464- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ، قَالَ: قُلْتُ لإِبراهيم: أُدْعَى لِلشَّهَادَةِ وأَنا نَسِيٌّ (1) ؟ قَالَ: فَلَا تَشْهَدْ إِنْ نَسِيتَ.
465- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا أَبُو حُرَّة (2) ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قُلْتُ: أُدْعَى لِلشَّهَادَةِ وَأَنَا كَارِهٌ؟ قَالَ: فَلَا تَشْهَدْ إن شئت (3) .
__________
= وأخرجه ابن جرير أيضًا (6 / 72 - 73 رقم 6393) من طريق قتادة: {ولا يأب الشهداء} قال: كان الحسن يتأوّلها: إذا كانت عنده شهادة فدعي ليقيمها.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6371) من طريق أبي عامر صالح بن رستم المزني، عن الحسن: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دعوا} قال: قال الحسن: الإقامة والشهادة.
(1) أي: كثير النسيان. انظر "لسان العرب" (15 / 323) .
[464] سنده صحيح، ومغيرة قد صرح بالسماع.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (8 / 365 رقم 15561) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 71 - 72 رقم 6386) .
كلاهما من طريق هشيم، به نحوه، إلا أنه وقع عندهما: ((شئت)) ، بدلاً من قوله: ((نسيت)) .
(2) هو وَاصِل بن عبد الرحمن، أبو حُرَّة - بضم المهملة وتشديد الراء -، البصري، يروي عن الحسن البصري ومحمد بن سيرين ومحمد بن واسع وغيرهم، روى عنه حماد بن سلمة ويحيى القطان وابن مهدي وهشيم وغيرهم، وهو ثقة عابد، كان يختم في كل ليلتين، لكن حديثه عن الحسن البصري ضعيف لأنه لم يسمعه من الحسن، قال شعبة: ((هو أصدق الناس)) ، وقال أبو داود الطيالسي: =(3/997)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= جاء رجل إلى شعبة يسأله عن حديث، فقال: تسألني وقد مات سيِّد الناس - يعني أبا حرة -، وكان يختم في كل ليلتين)) .
وكان يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي يحدثان عنه، وقال الإمام أحمد: ((ثقة)) .
وقال ابن سعد: ((كان فيه ضعف)) ، وقال أبو داود: ((ليس بذاك)) ، وقال النسائي مرة: ((ضعيف)) ، ومرة قال: ((ليس به بأس)) ، وكانت وفاته سنة اثنتين وخمسين ومائة.
وكلام هؤلاء الذين ضعفوه محمول على روايته عن الحسن فقط؛ فقد قال البخاري: ((يتكلمون في روايته عن الحسن)) ، وقال غندر: وُقف أبو حرّة على حديث الحسن، فقال: ((لم أسمعه من الحسن)) ، قال غندر: فلم يقل في شيء منه إنه سمعه إلا حديثًا واحدًا، وقال الإمام أحمد: ((قال لي أبو عبيدة الحدّاد: لم يقف أبو حرّة على شيء مما سمع من الحسن، إلا على ثلاثة أحاديث)) ، وقال ابن معين: ((صالح، وحديثه عن الحسن ضعيف، يقولون: لم يسمعها من الحسن)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 31 رقم 141) و"الكاشف" للذهبي (3 / 232 رقم 6131) ، و"التهذيب" (11 / 104 - 105 رقم 180) .
(3) هذا الحديث كرره الناسخ في الأصل مع بعض السقط فيه، ونصه: ((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو حُرَّة، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قُلْتُ: أُدعى للشهادة وأنا كاره؟ فلا تشهد إن شئت)) . اهـ، وواضح أنه سقط منه قوله: ((نا هشيم)) ، وقوله: ((قال)) .
[465] سنده صحيح، فقد صرح أبو حُرَّة بالسماع من الحسن.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 71 رقم 6385) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه.(3/998)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: [ {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ]
466- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ يَقْرَأُ: {وَلَا يُضَارَّ (1) كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} .
__________
(1) كذا في الأصل، وكذا عند البيهقي (10 / 161) من طريق المصنف وسعيد بن عبد الرحمن، كلاهما عن سفيان بن عيينة، وأما عبد الرزاق فرواه عن سفيان هكذا: ((ولا يُضَارَرْ)) كما سيأتي، والمعنى واحد؛ نقل البيهقي عن ابن عيينة قال: ((هو الرجل يأتي الرجل، فيقول: اكتب لي، فيقول: أنا مشغول، انظر غيري، ولا يضارّه؛ يقول: لا أريد إلا أنت، لينظر غيره. والشهيد: أن يأتي الرجل يشهده على الشيء فيقول: إني مشغول، فانظر غيري، فلا يضارّه؛ فيقول: لا أريد إلا أنت، ليُشْهِدْ غيره)) .
[466] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف للانقطاع بين عكرمة وعمر بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
فقد نص أبو حاتم على أنه لم يسمع من سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، ونص أبو زرعة على أن روايته عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مرسلة، ووفاتهما بعد عمر بكثير، فعمر كانت وفاته سنة ثلاث وعشرين للهجرة، وعلي توفي سنة أربعين للهجرة، وسعد بن أبي وقاص توفي سنة خمس وخمسين على المشهور، ويوضحه أن وفاة عكرمة كانت سنة خمس ومائة، وقيل سنة مائة، وقيل سنة ست ومائة، وقيل سنة سبع، وقيل عشر ومائة، وذكر الواقدي أنه توفي وله من العمر ثمانون سنة، فتكون ولادته قريبًا من وفاة عمر - رضي الله عنه -. انظر "التهذيب" (3 / 484) و (7 / 271 و 273 و 338 و 441) ، و"جامع التحصيل" (ص292 - 393) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر" (2 / 122) وعزاه للمصنف وسفيان وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي.
ومن طريق المصنف أخرجه البيهقي في "سننه" (10 / 161) في الشهادات، =(3/999)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} ]
467 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كُتّابًا} (1) ، فَقَالَ: قَدْ يُوجَدُ الكتَّاب، وَلَا تُوجَدُ الدَّوَاةُ، وَلَا الصحيفة.
__________
= باب: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} ، بلفظ: ((قرأ عمر ... )) إلخ مثله.
وأخرجه عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 111) من طريق سفيان، به مثله، إلا أنه قال: ((ولا يُضَارَرْ)) .
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 87 رقم 6418) .
وأخرجه البيهقي في الموضع السابق من طريق سعيد بن عبد الرحمن، عن سفيان، به مقرونًا بروايته السابقة.
وذكره المتقي الهندي في "كنز العمال" (2 / 593 رقم 4812) وزاد نسبته إلى ابن أبي داود في جزء من حديثه.
(1) كذا ضبطت في الأصل، وقال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) : ((وأخرج ابن الأنباري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {ولم تجدوا كتابًا} ؛ - بضم الكاف وتشديد التاء -)) .
[467] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد كما في ترجمته في الحديث [18] ، وهو حسن لغيره بما سيأتي له من طرق.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 124) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في "المصاحف".
وللحديث عن ابن عباس ثلاثة طرق:
(1) طريق مقسم، وعنه يزيد بن أبي زياد.
أخرجه المصنف هنا من طريق سفيان عيينة، عن يزيد. =(3/1000)
468 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يَزِيدُ، عَنْ مِقْسم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كُتَّابا} ، قَالَ: يَعْنِي الْكَاتِبَ وَالصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ والقلم.
__________
= ثم أخرجه من طريق هشيم، عن يزيد، وسيأتي في الحديث بعده رقم [468] .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 225 / أ) من طريق خالد بن عبد الله الطحّان، عن يزيد، به نحوه.
(2) طريق عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، قال: أخبرني أبي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَرَأَ: (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كِتَابًا) ، قَالَ: ربما وجد الرجل الصحيفة، ولم يجد كاتبًا.
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص243 رقم 580) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 95 رقم 6439) .
كلاهما من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عليّة، عن ابن جريج، به، واللفظ لابن جرير، وأما أبو عبيد فلم يذكر قول ابن عباس: ((ربما وجد الرجل ... )) إلخ.
وهذا إسناد ضعيف، فعبد العزيز بن جريج المكّي مولى قريش، والد عبد الملك، روى عن ابن عباس وسعيد بن جبير وابن أبي مليكة وغيرهم، روى عنه ابنه عبد الملك وخصيف، وهو مجهول كما قال الدارقطني، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وذكر حديثًا انفرد به، ونقل عن البخاري أنه قال: ((لا يتابع عليه)) . انظر "الضعفاء" للعقيلي (3 / 12) ، و"التهذيب" (6 / 333 رقم 640) .
(3) طريق شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنِ ابْنِ عباس، مثل ذلك: (كُتابًا) .
أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص244 رقم 581) من طريق حنظلة السدوسي، عن شهر به بهذا اللفظ عطفًا عن طريق ابن جريج عنده.
وهذا إسناد ضعيف أيضًا، حنظلة السدوسي تقدم في الحديث [449] أنه ضعيف.
فالحديث بمجموع هذه الطرق يكون حسنًا لغيره، والله أعلم.
[468] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد، وهو حسن لغيره كما سبق بيانه =(3/1001)
469 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ الزُّبير بْنِ الخِرِّيت (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا كِتَابًا} -، وَقَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَجَدُوا كَاتِبًا، وَلَمْ يَجِدُوا الصَّحِيفَةَ وَالدَّوَاةَ؟ .
470 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ (2) ، أَنَّهُ كَانَ يقرأ: {فَرُهُن مَقْبُوضَةٌ} .
__________
= في الحديث قبله.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 95 رقم 6438) ، من طريق أبي كريب، عن هشيم، به نحوه.
(1) هو الزُّبير بن الخِرِّيْت - بكسر المعجمة، وتشديد الراء المكسورة، بعدها تحتانية ساكنة، ثم فوقانية -، البصري، روى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ ومحمد بن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم، روى عنه جرير بن حازم وحماد بن زيد وأخوه سعيد بن زيد وغيرهم، وهو ثقة من الطبقة الخامسة، روى له الجماعة عدا النسائي، ووثقه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والعجلي والنسائي. "الجرح والتعديل" (3 / 581 رقم 2639) ، و"التهذيب" (3 / 314 رقم 582) ، و"التقريب" (ص214 رقم 1993) .
[469] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) وعزاه لأبي عبيد وعبد بن حميد وابن الأنباري.
وأخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص244 رقم 582) من طريق هارون بن موسى النحوي، عن الزبير، به، إلا أنه لم يذكر قوله: ((وقال: أرأيت ... )) إلخ.
(2) هو ابن قيس، تقدم في الحديث [31] أنه ليس به بأس.(3/1002)
471- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ: {فَرُهُن مَقْبُوضَةٌ} .
472- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبَّاد بْنُ رَاشِدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَبُو (1) الأشْهَب (2) ، عَنْ أَبِي الرَّجَاء (3) أَنَّهُمَا كَانَا يقرآن: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} .
__________
= [470] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر" (2 / 125) وعزاه للمصنِّف فقط.
[471] سنده ضعيف، فمغيرة بن مِقْسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، ولكنه يدلس، ولاسيّما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه، ولم يصرح عنه بالسماع.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) وعزاه للمصنِّف فقط.
(1) ظاهره أن هشيمًا قال: ((وأخبرني أبو الأشهب)) ، وسيأتي بيان ذلك.
(2) هو جعفر بن حَيَّان السَّعْدي، تقدم في الحديث [182] أنه ثقة.
(3) هو عمران بن مِلْحَان - بكسر الميم، وسكون اللام، بعدها مهملة -، ويقال: ابن تَيم، أبو رجاء العُطَارُدي، مشهور بكنيته، روى عن عمر وعلي وابن عباس وعائشة وغيرهم - رضي الله عنهم -، روى عنه أيوب السِّخْتياني وجرير بن حازم وأبو الأشهب وغيرهم، وهو مخضرم ثقة مُعَمَّر، روى له الجماعة، ووثقه ابن معين أبو زرعة، وقال ابن سعد: ((كان ثقة في الحديث)) ، وتوفي قبل الحسن البصري، قيل: سنة سبع ومائة، وقيل: تسع ومائة، قال أشعث بن سوّار: ((بلغ سبعًا وعشرين ومائة سنة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (6 / 303 - 304 رقم 1687) ، و"التهذيب" (8 / 140 - 141 رقم 243) ، و"التقريب" (ص430 رقم 5171) .
[472] سنده قراءة الحسن البصري حسن لذاته، فعباد بن راشد تقدم في الحديث [183] أنه صدوق، وأما سند قراءة أبي رجاء فظاهره الصحة، لكنه ضعيف؛ =(3/1003)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ ... } إلى قوله: {فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} ]
473- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ (1) ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} -، (قال) (2) : نزلت في الشهادة.
__________
= لأن هشيمًا يدلِّس تدليس العطف على ما سبق بيانه في الحديث [380] ، ولم يصرِّح هنا بالسماع من أبي الأشهب.
وهاتان القراءتان ذكرهما السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 125) وعزاهما للمصنِّف فقط.
(1) تقدم في الحديث [18] أنه ضعيف؛ كَبُر وتغيَّر، فصار يتلقَّن.
(2) في الأصل: ((قالت)) .
[473] سنده ضعيف لضعف يزيد بن أبي زياد.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 126) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن المنذر ابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 102 رقم 6449) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 226 / أ) .
كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن يزيد، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا برقم (6450) من طريق سفيان الثوري، عن يزيد، به نحوه.
هكذا اتفق خالد بن عبد الله الطحان ومحمد بن فضيل وسفيان الثوري على روايته عن يزيد، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. =(3/1004)
474- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَتَّاب بْنُ بَشِيرٍ (1) ، عَنْ خُصَيُف (2) ، عَنْ مُجَاهِدٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} -، قَالُوا: فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لنحدِّث أَنْفُسَنَا بِشَيْءٍ مَا يَسُرُّنَا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلَائِقِ وَأَنّا لَنَا كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: ((أَوَقَد لَقِيتُمْ هَذَا؟ ذَلِكَ صَرِيح الْإِيمَانِ)) ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ... } الْآيَتَيْنِ.
475- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الأَحْوص (3) ، عَنْ مَنْصُورٍ (4) ، عَنْ
__________
= وخالفهم هشيم بن بشير، فرواه عن يَزِيدُ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عباس أنه قال في هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} ، قال: نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها.
أخرجه ابن جرير برقم (6454) .
وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص233 - 234) .
وذكر السيوطي في "الدر" (2 / 126) أن ابن المنذر أخرجه كذلك.
وقد لا يكون ذلك من هشيم، بل قد يكون من يزيد بن أبي زياد.
(1) تقدم في الحديث [204] أنه لا بأس به، إلا في روايته عن خصيف، فإنها منكرة.
(2) تقدم في الحديث [204] أنه صدوق سيء الحفظ.
[474] سنده ضعيف جدًّا لإرساله، ولضعف خصيف من قبل حفظه وما تقدم عن رواية عتّاب عنه.
وذكر السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 132) قول مجاهد هذا وعزاه للمصنِّف وعبد بن حميد فقط.
(3) هو سلاّم بن سُلَيم.
(4) هو ابن المعتمر. =(3/1005)
إِبْرَاهِيمَ (5) ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ (6) ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ (7) : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سورة البقرة كَفَتَاهُ)) (8) .
__________
(5) هو ابن يزيد النخعي.
(6) هو النخعي.
(7) هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة، أبو مسعود الأنصاري، البَدْريّ، صحابي جليل، شهد العقبة وبدرًا وأحدًا وما بعدها، وتوفي سنة أربعين للهجرة، وقيل بعدها. "الجرح والتعديل" (6 / 313 رقم 1740) ، و"الإصابة" (4 / 524 رقم 5610) ، و"التهذيب" (7 / 247 - 249 رقم 446) ، و"التقريب" (ص395 رقم 4647) .
(8) قيل: معناه: أجزأتا عن قيام الليل بالقرآن، وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقًا، سواء كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل: معناه: أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد؛ لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالاً، وقيل: معناه: كفتاه كل سوء، وقيل: كفتاه شر الشيطان، وقيل: دفعتا عنه شر الإنس والجنّ، وقيل: معناه: كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختصّتا بذلك لما تضمنتاه من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله، وابتهالهم، ورجوعهم إليه، وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم ... ، وعلى هذا فأقول: يجوز أن يراد جميع ما تقدم، والله أعلم. اهـ. من "فتح الباري" (9 / 56) .
[475] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 137) وعزاه للمصنِّف وأبي عبيد وأحمد والدارمي والبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الضريس والبيهقي.
وللحديث عن أبي مسعود طريقان:
(1) طريق عبد الرحمن بن يزيد، يرويه عنه إبراهيم النخعي، وله عن إبراهيم =(3/1006)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= = طريقان:
أ- طريق منصور بن المعتمر، عن إبراهيم.
أخرجه المصنِّف هنا من طريق أبي الأحوص، عن منصور.
وأخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 377 رقم 6020) ، وفي "التفسير" (1 / 113) .
ومن طريقه الطبراني في "المعجم الكبير" (17 / 205 رقم 552) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 122) .
وعبد بن حميد في "مسنده" (ص105 - 106 رقم 233 - المنتخب -) .
والبخاري في "صحيحه" (9 / 55 رقم 5009) في فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة.
والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص437 رقم 718) ، وفي "فضائل القرآن" (ص78 رقم 44) .
والدارقطني في "العلل" (6 / 174) .
والبيهقي في "سننه" (3 / 20) في الصلاة، باب كم يكفي الرجل من قراءة القرآن في ليلة، وفي "شعب الإيمان" (5 / 341 -342 رقم 2183) .
جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن منصور، به نحوه.
وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص86 رقم 614) .
والإمام أحمد في "المسند" (4 / 121) .
والدارمي في "سننه" (1 / 288 رقم 1495) و (2 / 323 رقم 3391) .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 554 - 555 رقم 255) في صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة.
وأبو داود في "سننه" (2 / 118 رقم 1397) في الصلاة، باب تحزيب القرآن.
وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص83 رقم 161) .
والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص437 رقم 719) ، وفي "فضائل القرآن" (ص69 رقم 28) . =(3/1007)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= والطبراني في "الكبير" (17 / 204 - 205 رقم 550) .
جميعهم من طريق شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قال: كنت أحدَّث عن أبي مسعود حديثًا، فلقيته وهو يطوف بالبيت، فسألته، فحدَّث عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أنه قال: ((من قرأ الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة في ليلة كفتاه)) .
هذه لفظ الإمام أحمد، والذي حدَّث عبد الرحمن بن يزيد بالحديث عن أبي مسعود هو علقمة كما سيأتي مصرحًا به.
فقد أخرجه الحميدي في "مسنده" (1 / 215 رقم 452) من طريق شيخه سفيان بن عيينة، قال: ثنا مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، عن علقمة، عن أبي مَسْعُودٍ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((مَنْ قرأ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ في ليلة كفتاه)) . قال عبد الرحمن بن يزيد: ثم لقيت أبا مسعود في الطواف، فسألته عنه، فحدثني أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال ... ، فذكره.
وكذا أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (3 / 377 رقم 6021) .
والبخاري في "صحيحه" (9 / 94 رقم 5051) في فضائل القرآن، باب في كم يقرأ القرآن؟ .
والنسائي في "الفضائل" (ص78 رقم 45) .
وابن خزيمة في "صحيحه" (2 / 180 رقم 1141) .
والبغوي في "شرح السنة" (4 / 464 رقم 1199) .
جميعهم من طريق سفيان بن عيينة، به، إلا أن ابن خزيمة لم يذكر لُقيّ عبد الرحمن بن يزيد لأبي مسعود في الطواف، وإنما رواه عن علقمة، ولم يذكر ذلك البغوي أيضًا وإنما جعله من رواية عبد الرحمن عن أبي مسعود مباشرة.
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 121) .
ومسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
والترمذي في "سننه" (8 / 188 رقم 3043) في فضائل القرآن، باب ما جاء في =(3/1008)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= آخر سورة البقرة.
وابن ماجه (1 / 436 رقم 1369) في إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما يرجى أن يكفى من قيام الليل.
والنسائي في "الفضائل" (ص78 رقم 43) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (554) .
جميعهم من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ منصور، به بنحو سياق المصنِّف.
وأخرجه بحشل في "تاريخ واسط" (ص126) من طريق جعفر بن الحارث.
والطبراني في الموضع السابق برقم (551) من طريق زائدة.
كلاهما عن منصور، به نحو لفظ المصنف.
وأخرجه مسلم في الموضع السابق.
والطبراني برقم (553) .
والدارقطني في "العلل" (6 / 174) .
أما مسلم والطبراني فمن طريق زهير، وأما الدارقطني فمن طريق زياد بن عبد الله، كلاهما عن منصور، بنحو لفظ شعبة السابق بذكر القصة.
ب- طريق الأعمش، عن إبراهيم، وهو الآتي برقم [476] .
(2) طريق علقمة، عن أبي مسعود.
وله عن علقمة طريقان:
أ- طريق عبد الرحمن بن يزيد كان يرويه عن علقمة، عن أبي مسعود، ثم لقي أبا مسعود في الطواف، فسأله عن الحديث، فحدثه به، وسبق تخريج الحديث من هذا الطريق في الطريق السابق.
ب- طريق المسيب بن رافع، واختُلف عليه.
فأخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 203 رقم 544) من طريق إسحاق بن يحيى بن طلحة، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ أبي مسعود، به نحوه هكذا بإسقاط علقمة. =(3/1009)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وسنده ضعيف جدًّا.
فإسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التَّيْمي متروك، قال علي بن المديني: سألت يحيى بن سعيد عنه فقال: ((ذاك شبه لا شيء)) ، قال علي: ((نحن لا نروي عنه شيئًا)) ، وقال صالح بن أحمد عن أبيه: ((منكر الحديث ليس بشيء)) ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((متروك الحديث)) ، وقال ابن معين: ((ضعيف، ليس بشيء، ولا يكتب حديثه)) ، وقال عمرو بن علي الفَلاَّس: ((متروك الحديث، منكر الحديث)) ، وقال أبو زرعة الرازي: ((واهي الحديث)) ، وقال النسائي: ((ليس بثقة)) ، وفي موضع آخر قال: ((متروك الحديث)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 236 - 237 رقم 835) ، و"التهذيب" (1 / 254 - 255 رقم 479) .
ورواه عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ المسيّب، واختلف على عاصم أيضًا.
قال الدارقطني في "العلل" (6 / 171) : ((رواه عاصم بن أبي النجود، واختلف عنه. فرواه الوليد بن عباد، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حبيش، عن علقمة، عن أبي مسعود. وقيل: عن الوليد بن عباد، عن أبان بن أبي عياش، عن عاصم. وخالفه شريك، فرواه عن عاصم، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ علقمة، عن أبي مسعود. وخالفهما حماد بن سلمة وحفص بن سليمان، فروياه عن عاصم، عن علقمة، عن أبي مسعود، لم يذكرا بينهما أحدًا، ووقفاه)) . اهـ.
قلت: أما رواية الوليد بن عباد، فأخرجها ابن عدي في "الكامل" (7 / 2545) ، ثم قال ابن عدي: ((وهذا الحديث من رواية أبان، عن عاصم، وأبان هو ابن أبي عياش صاحب أنس، وأبان عن عاصم لا أعلم يروي إلا هذا الحديث وحديثًا آخر)) .
وقال ابن عدي عن الوليد بن عباد هذا: ((ليس بمستقيم ... ، عامة ما يرويه قد ذكرته، ولا يروي عنه غير إسماعيل بن عياش، والوليد بن عباد ليس بالمعروفين ايضًا [كذا!] ، وروى عن الفضل بن صالح وعرفطة وليسا بمعروفين)) .
قلت: وأبان بن أبي عياش تقدم في الحديث [4] أنه متروك الحديث. =(3/1010)
476 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، مَنْ قَرَأَهُمَا في ليلة كَفَتَاهُ)) .
__________
= وأما رواية شريك فأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (4 / 118) .
والطبراني في "معجمه الكبير" (17 / 202 رقم 541) .
وشريك بن عبد الله تقدم في الحديث [4] أنه صدوق يخطئ كثيرًا.
وأما رواية حماد بن سلمة، فأخرجها ابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص86 رقم 173) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (542) .
وحماد بن سلمة تقدم في الحديث [82] أنه ثقة عابد تغيّر حفظه في الآخر.
وأما رواية حفص بن سليمان فلم أجد من أخرجها، وحفص متروك الحديث كما في الحديث رقم [716] .
وبهذا يتضح أن طريق المسيب بن رافع هذا ليس له إسناد يثبت به، فالعمدة على الطرق السابقة التي صح بها الحديث، وانظر الحديث الآتي.
[476] سنده صحيح على شرط الشيخين وقد أخرجاه.
فقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص165 رقم 427) .
ومسلم في "صحيحه" (1 / 555 رقم 256) في صلاة المسافرين، باب فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة.
ومحمد بن نصر في "قيام الليل" (ص141 - 142) .
وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص84 رقم 163) .
والطبراني في "معجمه الكبير" (17 / 204 رقم 549) .
جميعهم من طريق أبي معاوية، به مثله.
وأخرجه أبو عبيد من طريق هشيم عن الأعمش مقرونًا بالرواية السابقة. =(3/1011)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (ص86 رقم 614) .
والإمام أحمد في "المسند" (4 / 121) .
والبخاري في "صحيحه" (9 / 55 رقم 5008) في فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة.
والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص437 - 438 رقم 720) ، وفي "فضائل القرآن" (ص69 رقم 29) .
والطبراني في الموضع السابق برقم (550) .
جميعهم من طريق شعبة، عن الأعمش، به نحوه، إلا أن الإمام أحمد والنسائي ذكراه بنحو سياق سفيان بن عيينة للحديث عن منصور في الحديث السابق رقم [475] ، وفيه أن عبد الرحمن بن يزيد رواه أولاً عن علقمة، عن أبي مسعود، ثم لقي أبا مسعود في الطواف فحدثه به.
وأما الطيالسي فقرنه برواية شعبة للحديث عن منصور في الحديث السابق، وفيه ذكر القصة أيضًا كما في لفظ ابن عيينة، إلا أنه لم يذكر اسم علقمة، وإنما قال: ((بلغني عنه حديث)) .
وأخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه" من طريق علي بن مُسْهر، عن الأعمش، به بمثل سياق ابن عيينة المشار إليه.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (9 / 87 رقم 5040) في فضائل القرآن، باب من لم ير بأسًا أن يقول: سورة البقرة، وسورة كذا كذا.
ومسلم في الموضع السابق.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 435 رقم 1368) في إقامة الصلاة، باب ما جاء فيما يرجى أن يكفي من قيام الليل.
والطبراني في "الكبير" (17 / 203 و 204 رقم 543 و 549) .
جميعهم من طريق حفص بن غياث، عن الأعمش، به مثل سابقه، إلا أن البخاري والطبراني لم يذكرا لُقيَّ عبد الرحمن بن يزيد لأبي مسعود في الطواف =(3/1012)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخذه الحديث منه، ولم يرد في رواية الطبراني الثانية ذكر لعلقمة، ونص عليه الطبراني حيث قال عقبه: ((ولم يذكر علقمة)) .
وأخرجه ابن ماجه في الموضع السابق من طريق أسباط بن محمد مقرونًا بالرواية السابقة.
وكذا أخرجه ابن الأعرابي في "معجمه" (ص411 رقم 2076) من طريق أسباط، لكن ليس في رواية أسباط عندهما ذكر لِلُقيّ عبد الرحمن لأبي مسعود.
وأخرجه البخاري في "صحيحه" (7 / 317 - 318 رقم 4008) في المغازي، باب منه.
وابن الضريس في "فضائل القرآن" (ص83 - 84 رقم 162) .
كلاهما من طريق أبي عوانة، عن الأعمش به بذكر الزيادة والقصة.
وكذا أخرجه الطبراني في "الكبير" (17 / 203 و 204 رقم 545 و 546) من طريق أبي مسلم قائد الأعمش وقيس بن الربيع، وأبي مروان زكريا بن أبي يحيى الغساني، ثلاثتهم عن الأعمش، به.
وكذا أخرجه الدارقطني في "العلل" (6 / 174) من طريق زياد بن عبد الله، عن الأعمش، به، إلا أنه لم يفصح باسم علقمة، وإنما قال: ((حُدِّثت عن أبي مسعود)) .
وأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (4 / 122) .
والنسائي في "الفضائل" (ص78 رقم 44) .
والدارقطني في الموضع السابق.
ثلاثتهم من طريق سفيان الثوري، عن الأعمش به نحو سياق المصنِّف.
ورواه عيسى بن يونس، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ علقمة وعبد الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، به نحوه.
أخرجه مسلم في الموضع السابق من "صحيحه".
والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (ص438 رقم 721) ، وفي "الفضائل" =(3/1013)
477 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا خَالِدٌ (1) ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وكتابه} .
__________
= (ص69 - 70 رقم 30) .
وهذا يعني أن إبراهيم روى الحديث عن علقمة.
وقد تابع عيسى عبد الله بن نمير عند مسلم في الموضع نفسه.
لكن رواه الطبراني في "الكبير" برقم (547) من طريق ابن نمير، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنِ علقمة بن قيس، عن أبي مسعود، به نحوه، موافقًا لرواية بقية الرواة الذين رووه هكذا عن الأعمش.
وقد رواه مسلم والطبراني كلاهما من طريق أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الله بن نمير، فيكون الخطأ إما من مسلم، أو من شيخ الطبراني عبيد بن غنام، وأخشى أن يكون من مسلم بسبب قرنه رواية ابن نمير برواية عيسى بن يونس.
ثم رواه الطبراني برقم (548) من طريق زهير بن حرب، عن سليمان الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَبْدِ الرحمن بن يزيد، أظنه عن أبي مسعود، فذكره بمثله هكذا على الشك.
(1) هو ابن مَهْران الحَذَّاء.
[477] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 132) وعزاه للمصنِّف فقط.
وهذه القراءة قرأ بها أيضًا عكرمة ويحيى والأعمش وحمزة والكسائي.
وأما الباقون فقرأوا هكذا: ((وكُتُبه)) . انظر "حجة القراءات" (ص152 - 153) ، و"تفسير الثعلبي" (2 / 214 / أ) .(3/1014)
478- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان (1) ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جَابِرٍ (2) قَالَ: قَالَ جِبْرِيلُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكَ، وَعَلَى أُمَّتِكَ الثَّنَاءَ حِينَ نَزَلَتْ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ} ، فَسَلْ تُعْطَ)) ، فَسَأَلَ: {لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ... } ، حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ بِمَسْأَلَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
__________
(1) هُوَ ابن بِشْر الأَحْمَسي.
(2) هو حكيم بن جابر بن طارق بن عوف الأَحْمَسي - بمهملتين -، تابعي أرسل عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، وروى عن أبيه وعمر وعثمان وابن مسعود وغيرهم، روى عنه إسماعيل بن أبي خالد وبيان بن بشر وطارق بن عبد الرحمن، وحكيم هذا ثقة، وثقه ابن معين والعجلي والنسائي، وقال ابن سعد: ((كان ثقة قليل الحديث)) ، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وكانت وفاته سنة اثنتين وثمانين للهجرة، وقيل: سنة خمس وتسعين. "الجرح والتعديل" (3 / 201 رقم 872) ، و"الثقات" لابن حبان (4 / 160) ، و"التهذيب" (2 / 444 - 445 رقم 772) ، و"التقريب" (ص176 رقم 1467) .
[478] سنده رجاله ثقات، لكنه ضعيف لإرساله.
وقد ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 132) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه بن أبي شيبة في "المصنف" (11 / 501 رقم 11824) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 129 رقم 6501) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (1 / ل 227 / ب) .
ثلاثتهم من طريق بيان، عن حكيم، به نحوه.(3/1015)
479 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بَيَان، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبي قَالَ: نَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ (1) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} مَا بَعْدَهَا: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .
__________
(1) في الأصل: ((إن)) .
[479] سنده صحيح إلى الشعبي، لكنه مرسل كما يتضح من الرواية الآتية برقم [480] فيكون ضعيفًا لإرساله، ومتنه صحيح كما سيأتي.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 111 رقم 6471) من طريق جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ بيان، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير أيضًا (6 / 110 و 111 رقم 6465 و 6466 و 6468 و 6473) من طريق إسماعيل بن أبي خالد ومغيرة بن مقسم وعبد الله بن عون وجابر الجُعْفي، جميعهم عن عامر الشعبي، به نحوه، عدا رواية ابن عون فبمعناه.
وسيأتي من طريق سيَّار أبي الحكم عن الشعبي في الحديث بعده.
وما تضمنه متن الحديث صحيح.
فقد أخرج البخاري ففي "صحيحه" (8 / 205 و 207 رقم 4545 و 4546) في تفسير سورة البقرة من كتاب التفسير، باب: {وإن تبدوا ما أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ الله} ، من طريق شعبة، عن خالد الحَذّاء، عن مروان الأصفر، عن رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: أحسبه ابن عمر -: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أو تخفوه} ، قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا.
وفي حديث أب هريرة - رضي الله عنه - الآتي في تخريج الحديث رقم [483] ما يدل على نسخ الآية بما بعدها، وهو حديث آخرجه مسلم في "صحيحه"، وانظر "تفسير ابن كثير" (1 / 338 - 339) فإنه أورد أحاديث أخرى صحيحة جميعها تدل على النسخ، والله أعلم.(3/1016)
480 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ قَالَ: نَا سَيَّار (1) ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {وَإِنْ (2) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ} ، فَكَانَتْ فِيهَا شِدَّةٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا فَنَسَخَتْهَا: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .
481 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُوَيْبر (3) ، عَنِ الضَّحَّاك (4) ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ (5) تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ [120/ب] يَشَاءُ} ، (قَالَتْ) (6) : هُوَ الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالْمَعْصِيَةِ وَلَا يَعْمَلُهَا، فيُرْسَل عَلَيْهِ مِنَ الغَمِّ وَالْحُزْنِ بِقَدْرِ مَا كَانَ هَمَّ بِهِ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، فَتِلْكَ محاسبته))
__________
(1) هو أبو الحكم.
[480] سنده كسابقه صحيح إلى الشعبي، لكن الشعبي يخبر عن أمر لم يشهده، فالحديث ضعيف لإرساله، ومتنه صحيح كما سبق بيانه في الحديث السابق.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 110 رقم 6467) من طريق يعقوب بن إبراهيم، عن هشيم، به نحوه.
وأخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" (ص105) .
وابن الجوزي في "نواسخ القرآن" (ص231) .
كلاهما من طريق زياد بن أيوب، عن هشيم، به نحوه، إلا أن اسم: ((سيار)) تصحّف عند النحاس إلى: ((شيبان)) ، وعند ابن الجوزي إلى: ((يسار)) .
(2) في الأصل: ((إن)) .
(3) تقدم في الحديث [93] أنه ضعيف جدًّا.
(4) هو ابن مزاحم، وهو هنا يروي عن عائشة، ولم يُذكر أنه سمع منها، بل لم يسمع ممن مات بعدها كابن عباس كما تقدم بيانه في الحديث رقم [355] ، بل قال ابن حبان: ((لقي جماعة من التابعين ولم يشافه أحدًا من الصحابة، ومن =(3/1017)
482 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا جُويبر، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: " نَسَخَتْهَا (1) الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .
__________
= زعم أنه لقي ابن عباس فقد وهم)) ، وقال ابن عدي: ((عُرف بالتفسير، وأما روايته عن ابن عباس وأبي هريرة وجميع من روى عنه، ففي ذلك كله نظر)) ، وقال العجلي: ((ثقة، وليس بتابعي)) . انظر "تهذيب التهذيب" (4 / 454) .
(5) في الأصل: ((إن)) .
(6) في الأصل: ((قال)) .
[481] سنده ضعيف جدًّا؛ لشدة ضعف جويبر، والانقطاع بين الضحاك وعائشة رضي الله عنها.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 131) وعزاه للمصنِّف وابن جرير.
ابن جرير أخرجه في "تفسيره" (6 / 116 رقم 6492) من طريق يزيد بن هارون، عن جويبر، به نحوه.
(1) يعني قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ به الله} .
[482] سنده ضعيف جدًّا كسابقه؛ لشدة ضعف جويبر؛ والانقطاع بين الضحاك وابن مسعود، ومتنه صحيح كما سبق بيانه في الحديث [479] .
والحديث ذكره السيوطي "الدر المنثور" (2 / 129) وعزاه للمصنف وابن جرير والطبراني.
وقد أخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" (9 / 240 رقم 9030) من طريق المصنف، به مثله إلا أنه زاد ذكر الآية، فقال: ((عن ابن مسعود: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أو تخفوه} قال ... )) فذكره.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 110 رقم 6469) من طريق يزيد بن هارون، عن جويبر، به نحوه. =(3/1018)
483 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُبَيْط (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ: جَاءَ بِهَا جِبْرِيلُ، وَمَعَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مَا شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} إِلَى قَوْلِهِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {أَوْ أَخْطَأْنَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {وَاعْفُ عَنَّا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {وَاغْفِرْ لَنَا} ، قال: ذاك لك، {وَارْحَمْنَا} ، قَالَ: ذَاكَ لَكَ، {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ} ، قال: ذاك لك))
__________
= ثم أخرجه ابن جرير عقبه برقم (6470) ، فقال: حُدِّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يذكر عن ابن مسعود نحوه.
وسنده ضعيف جدًّا أيضًا لإبهام شيخ الطبري، وضعف الحسين بن داود الملقب بـ: ((سنيد)) كما في الحديث [206] ، والانقطاع بين الضحاك وابن مسعود.
(1) هو سلمة بن نُبَيْط - بنون وموحّدة، مصغرًا - ابن شَريط - بفتح المعجمة -، الأَشْجعي، أبو فِرَاس الكوفي، روى عن نعيم بن أبي هند والزبير بن عدي والضحاك بن مزاحم وغيرهم، روى عنه هنا سفيان بن عيينة، وروى عنه أيضًا سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك ووكيع وغيرهم، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين والعجلي ومحمد بن عبد الله بن نمير وعثمان بن أبي شيبة وأبو داود والنسائي، وكان أبو نُعيم يفتخر به، وكذا وكيع بن الجراح، وكان يقول: ((كان ثقة)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (4 / 173 - 174 رقم 758) ، و"الكاشف" (1 / 387 رقم 2080) ، و"التهذيب" (4 / 158 - 159 رقم 272) . =(3/1019)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأما قول البخاري عن سلمة هذا: ((يقال: اختلط بآخره)) فلم يذكر البخاري من الذي قال ذلك، وهذا جرح معارض بتوثيق الأئمة السابق ذكرهم، ولا يعلم قائله، فالرجل ثقة حتى يثبت خلافه.
[483] سنده ضعيف جدًّا لإعضاله، فالضحاك تقدم في الحديث [481] أن ابن حبان قال عنه: ((لم يشافه أحدًا من الصحابة)) ، ومتنه صحيح بغير هذا السياق كما سيأتي، عدا قوله: ((جَاءَ بِهَا جِبْرِيلُ وَمَعَهُ مِنَ الملائكة ما شاء الله وعز وجل)) ، فلم أجد ما يشهد له.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 136) وعزاه للمصنف والبيهقي في "شعب الإيمان".
والبيهقي أخرجه في "الشعب" (5 / 347 - 348 رقم 2186) من طريق المصنف، به مثله، إلا أنه قال: ((ذلك)) بدل قوله: ((ذاك)) ، إلا أنه أدخل قوله تعالى: {أو أخطأنا} مع ما قبلها، وقوله: {وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لنا به} ، وسقط من سند البيهقي قَوْلِهِ: ((حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا سفيان)) ، فجاء الحديث من رواية تلميذ سعيد: أحمد بن نجدة، عن سلمة بن نُبيط، ولذا قال محقق الكتاب في الحاشية: ((يبعد أن يكون أحمد بن نجدة لحقه)) - يعني سلمة - وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 143 رقم 6535) من طريق جويبر، عن الضحاك، فذكره بنحوه، إلا أن جبريل كان يقول: ((قد فعل)) ، بدلاً من قوله: ((ذاك لك)) .
وهذا أضعف من سابقه، فجويبر تقدم في الحديثين السابقين أنه ضعيف جدًّا.
وقد صح الحديث بغير هذا اللفظ.
فأخرجه مسلم في "صحيحه" (1 / 115 - 116 رقم 199) في الإيمان، باب بيان أنه سبحانه وتعالى لم يكلف إلا ما يطاق، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: {لله ما في السماوات وما في الأرض وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فيغفر لمن يشاء =(3/1020)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ويعذب من يشاء وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، فقال: فاشتد ذلك على أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فأتوا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، ثم بركوا على الركب، فقالوا: أي رسول الله! كلفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية، ولا نطيقها. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا؟ بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير)) ، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. فلما اقترأها القوم، ذلت بها ألسنتهم، فأنزل الله في إثرها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ المَصِيرُ} ، فلما فعلوا ذلك، نسخها الله تعالى، فأنزل الله عز وجل: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعها لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أخطأنا} قال: نعم، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قبلنا} قال: نعم، {ربنا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لنا به} قال: نعم {واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الكافرين} قال: نعم.
ثم أخرجه مسلم ايضا في الموضع السابق نفسه برقم (200) من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} ، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((قولوا: سمعنا وأطعنا وسلمنا)) قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وسعها لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إنا نسينا أو أخطأنأ} ، قال: قد فعلت، {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كما حمتله على الذين من قبلنا} ، قال: قد فعلت. {واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا} قال: قد فعلت.(3/1021)
484- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عَوْن بْنُ مُوسَى (1) ، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ القُرشي (2) يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ: تَعَلَّموا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا حَسَنة، وَتَرْكَهَا حَسْرة، وَلَا تُطِيقُها البَطَلة (3) ، تَعَلَّمُوا الزَّهْرَاوين: البقرة، وآل عمران.
__________
(1) هو عون بن موسى اللَّيْثي، أبو رَوْح البصري، يروي عن معاوية بن قُرَّة وبكر بن عبد الله المزني والحسن البصري وغيرهم، روى عنه هنا سعيد بن منصور، وروى عنه أيضًا عبيد الله بن عمر القواريري واللاحقي وغيرهم، وهو ثقة، وثقه عبيد الله بن عمر القواريري، وابن معين، وقال أبو حاتم: ((لا بأس به)) ، وذكره ابن حبان في الثقات. "التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 17 رقم 75) ، و"الجرح والتعديل" (6 / 386 رقم 2151) ، و"الثقات" لابن حبان (7 / 280) .
(2) هو الْمُغِيرَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ الْقُرَشِيِّ، مولاهم، مجهول؛ لم يذكروا أنه روى عنه سوى عون بن موسى شيئًا من قوله كما قال البخاري وابن أبي حاتم نقلاً عن أبيه، وقال ابن حبان: ((يروي المقاطيع)) ، وقد سكت عنه البخاري، وبيض له ابن أبي حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات. "التاريخ الكبير" للبخاري (7 / 325 رقم 1395) ، و"الجرح والتعديل" (8 / 226 رقم 1017) ، و"الثقات" لابن حبان (9 / 168) .
(3) البَطَلةُ: قيل: هم السَّحَرَةُ، يقال: أبطل: إذا جاء بالباطل. "النهاية في غريب الحديث" (1 / 136) .
[484] سنده صحيح إلى المغيرة، لكنه هو مجهول، ومع ذلك لم يذكر من الذي قال هذا الذي ذكره. فإن كان يقصد النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فبينه وبينه مفازة؛ لأنه لم يُذكر حتى في التابعين.
وقد جاء ذلك عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -.
ففي "صحيح مسلم" (1 / 553 رقم 252) في صلاة المسافرين، باب فضل قراءة القرآن وسورة البقرة، من حديث أبي أمامة الباهلي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - يقول: ((اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، =(3/1022)
485 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: نَا وِقَاء بْنُ إِيَاسٍ (الأَسَدي) (1) ، قَالَ: سَمِعَنِي سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ لَيْلَةً وَأَنَا أَقْرَأُ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ، قَالَ: أَلَمْ أَسْمَعْكَ قَرَأْتَ الْبَارِحَةَ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، عَلَيْكَ بِآلِ حم، والمُفَصَّل، فَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَالنِّسَاءَ وَآلَ عِمْرَانَ كُتِبَ عِنْدَ اللَّهِ من الحكماء (2) .
__________
= اقرأوا الزَّهْراوين: البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرْقان من طير صوافّ تحاجّان عن أصحابهما، إقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلة)) .
والغَيَايَةُ: كل شيء أظلَّ الإنسان فوق رأسه، كالسحابة وغيرها. "النهاية في غريب الحديث" (3 / 403) .
وقوله: ((فِرْقان من طير صوافّ)) : أي باسطاتٍ أجنحتها في الطيران، والصوافّ: جمع صافّة. الموضع السابق (ص308) .
(1) في الأصل تشبه أن تكون: (العبدي) ، وكأن الناسخ حاول إصلاحها أو شطبها، وما أثبته من الموضع الآتي من "شعب الإيمان" للبيهقي.
وهو وِقاء - بكسر أوّله وقاف - ابن إياس الأسَدي الوَالِبي، أبو يزيد الكوفي، يروي عن مجاهد والمختار بن فلفل وسعيد بن جبير وغيرهم، روى عنه الثوري وابن المبارك ومروان بن معاوية وغيرهم، وهو لَيِّن الحديث، من الطبقة السادسة، قال قبيصة: ((ثنا سفيان الثوري عن وقاء بن إياس، وقال: لا بأس به)) ، ووثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: ((صالح)) ، وقال يعقوب بن سفيان: ((لا بأس به)) ، وقال ابن عدي: ((حديثه ليس بالكثير، وأرجو أنه لا بأس به)) ، وقال يحيى بن سعيد القطان: ((ما كان بالذي يعتمد عليه)) ، وقال أيضًا: ((لم يكن وقاء بن إياس =(3/1023)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= بالقوي)) ، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: ((سألت أبي عن وقاء بن إياس فقال كذا وكذا، ثم قال: ضعفه يحيى القطان)) ، وقال ابن أبي خيثمة عن أبيه مثل ذلك سواء، وقال النسائي: ((ليس بالقوي)) ، وقال الساجي: ((عنده مناكير)) ، وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بالمتين)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (9 / 49 رقم 208) ، و"التهذيب" (11 / 122 رقم 208) ، و"التقريب" (ص581 رقم 7411) .
وقول عبد الله بن أحمد عن أبيه: ((قال كذا وكذا)) ، فسّره الذهبي في "ميزان الاعتدال" (4 / 483) فقال: ((هذه العبارة يستعملها عبد الله بن أحمد كثيرًا فيما يجيبه به والده، وهي بالاستقراء كناية عمّن فيه لين)) . اهـ.
(2) قول سعيد هذا يتناقض أوله مع آخره، فهو ينهاه أولاً عن قراءة البقرة وآل عمران والنساء ويحثه على قراءة الحوامّيم والمفصل، ثم يذكر قول عمر!! ولذا فإن أبا عبيد روى هذا الأثر كما سيأتي وذكر منه قول عمر فقط، بل إن البيهقي رواه من طريق المصنف كما سيأتي بذكر قول عمر فقط.
[485] سنده ضعيف لما تقدم عن حال وِقَاء بن إياس، والانقطاع بين سعيد بن جبير وعمر بن الخطاب، فسعيد كانت ولادته قريبًا من سنة ست وأربعين للهجرة كما يتضح من "التهذيب" (4 / 13) .
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (1 / 49) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وعبد بن حميد والبيهقي في "شعب الإيمان"، لكن مختصرًا، وقال: ((القانتين)) بدل: ((الحكماء)) .
وأخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 359 - 360 رقم 2201) من طريق المصنف قال: حدثنا مروان بن معاوية، أخبرنا وقاء بن إياس الأسدي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ الله عنه ... ، فذكره بمثله، إلا أنه قدم آل عمران على النساء.
قال البيهقي: ((ورواه يزيد بن هارون عن وقاء، وقال: كتب من القانتين)) .
ورواية يزيد بن هارون التي أشار إليها البيهقي أخرجها أبو عبيد في =(3/1024)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= "فضائل القرآن" (ص168 رقم 433) من طريقه، عن وقاء بن إياس، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وآل عمران والنساء في ليله كان أو في نهاره، كان - أو: كتب - من القانتين.(3/1025)
بَابُ
[تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ] (1)
(1) العنوان ليس في الأصل.
بَابُ تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} ]
486 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقمة (1) ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيُ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ: (الحيُّ القَيَّام) .
__________
(1) هو ابن وقّاص الليثي، تقدم في الحديث [4] أنه صدوق.
[486] سنده حسن لذاته لحال محمد بن عمرو، وهو صحيح لغيره؛ لأنه قد توبع كما سيأتي.
والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 141) وعزاه للمصنف وأبي عبيد وعبد بن حميد وابن أبي داود في "المصاحف" وابن الأنباري في "المصاحف" أيضًا وابن المنذر والحاكم.
وقد أخرجه أبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص245 رقم 585) من طريق هارون بن موسى، عن محمد بن عمرو، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن حاطب، عن أبيه، عن عمر أنه صلى العشاء الآخرة، فاستفتح آل عمران، فقرأ: (آلم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيام) .
كذا في بعض نسخ أبي عبيد، وفي بعضها: ((القيوم)) ، ذكر ذلك محقق الكتاب وأثبت: ((القيوم)) .
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص61 - 62) من طريق يحيى بن سعيد القطان ويزيد بن هارون وعبد الله بن إدريس، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، به، ولفظ ابن إدريس نحو لفظ المصنف، ولفظ يحيى ويزيد نحو لفظ أبي عبيد، إلا أن عندهما زيادة في ذكر مجيء عبد الرحمن بن حاطب إلى المسجد ووصف صلاة عمر - رضي الله عنه -.
وأخرجه ابن أبي داود أيضًا (ص62) . =(3/1029)
487- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نَا الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر، عَنِ السُّدِّي، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْرَأُ: (الحيُّ القيَّام) .
__________
= البيهقي في "شعب الإيمان" (5 / 98 رقم 1951) .
كلاهما من طريق محمد بن إسحاق بن يسار، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، به نحوه، إلا أن في لفظ البيهقي زيادة ذكر عبد الرحمن لصلاته خلف عمر.
وسنده ضعيف؛ لأن ابن إسحاق مدلس كما في ترجمته في الحديث [58] ، ولم يصرّح هنا بالسماع.
وأخرجه ابن أبي داود في الموضع السابق من طريق سليمان بن عتيق، أن عمر بن الخطاب قرأ في صلاة الصبح سورة آل عمران فقرأ: (آلم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيام) .
وأخرجه أيضًا من طريق الحارث بن عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بن أبي ذئاب، عن أبيه، عن جده، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وصلى بالناس العشاء الآخرة، فقرأ فيها بأم الكتاب، قال: فكأني أسمعه يقول: (آلم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحي القيام) .
وأخرجه أيضًا (ص63) من طريق سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نجيح، عن مجاهد أو غيره، عن عمر، قرأ: (الحي القيام) .
وله طريق أخرى يرويها المصنف عن الْحَكَمُ بْنُ ظُهَيْر، عَنِ السُّدِّي، عن عمرو بن ميمون، عن عمر، وهي الآتية.
[487] سنده ضعيف جدًّا لشدة ضعف الحكم بن ظهير، وهذه القراءة صحيحة عن عمر - رضي الله عنه - كما في الحديث السابق.
وأخرجه ابن أبي داود في "المصاحف" (ص62) من طريق ابن الزبير، عن الحكم، به مثله.(3/1030)
488- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نا مُغِيرَةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (الحيُّ القيَّام) .
489- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ (1) ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْكِنَانِيِّ (2) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا كذلك.
__________
[488] سنده ضعيف، فمغيرة بن مِقْسم تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه يدلس، لا سيما عن إبراهيم النَّخَعي، وهذا من روايته عنه.
(1) هو عبد الله بن مَيْسرة الحارثي، أبو ليلى الكوفي، أو الواسطي، يروي عن الشعبي وموسى بن أنس وأبي عكاشة الهمداني وغيرهم، روى عنه هشيم ووكيع وأحمد ابن يونس وغيرهم، وهو ضعيف من الطبقة السادسة، كان هشيم يكنيه أبا إسحاق وأبا عبد الجليل يدلِّسه، قال ابن معين: ((أبو إسحاق الكوفي الذي يروي عنه هشيم هو عبد الله بن ميسرة، وهو ضعيف الحديث، وقد روى عنه وكيع، وربما قال هشيم: حدثنا أبو عبد الجليل، وهو عبد الله بن ميسرة، كان يدلسه بكنية أخرى لا أحفظها)) ، وفي رواية عنه وعن النسائي: ((ليس بثقة)) ، وضعفه أبو داود والدارقطني والنسائي في رواية، وقال أبو حاتم: ((لين)) ، وقال أبو زرعة: ((واهي الحديث ضعيف الحديث)) . اهـ. من "تاريخ ابن معين برواية الدُّوري" (2 / 333 - 334) ، و"الجرح والتعديل" (5 / 177 - 178 رقم 831) ، و"التهذيب" (6 / 48 رقم 90) ، و"التقريب" (ص326 رقم 3652) .
(2) لم أجد من ترجم له، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7 / 154) بعد أن عزاه للطبراني: ((وأبو خالد لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات)) .
قلت: لعل الهيثمي لم يعرف أن أبا إسحاق الكوفي هو عبد الله بن ميسرة، بل ظنه آخر ثقة.
[489] سنده فيه أبو خالد الكناني ولم أجد من ترجم له، فإن كان ثقة فالإسناد ضعيف لضعف أبي إسحاق الكوفي، وإن كان ضعيفًا فالإسناد ضعيف جدًّا لهاتين العلتين. =(3/1031)
490 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا يُونُسُ (1) ، وَعَوْفٌ (2) ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {الحيُّ القيُّوم}
491- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الأَشْهب (3) ، عَنْ أَبِي رَجَاءٍ العُطَارُدي (4) ، أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ كَذَلِكَ.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ} ]
492- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى الأَبَحّ، قَالَ: نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكة، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: تَلا رسول الله
__________
= والحديث ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 141) وعزاه للمصنف والطبراني.
وقد أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (9 / 151 رقم 8690) من طريق المصنِّف، به عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يقرؤها: (الحي القيام) .
وتقدم كلام الهيثمي في "المجمع" عن هذا الحديث.
(1) هو ابن عبيد.
(2) هو الأعرابي.
[490] سنده صحيح إلى الحسن البصري، لكن من طريق يونس، وأما طريق عوف فالخوف أن يكون هشيم دلَّسه تدليس العطف الذي سبق بيانه في الحديث رقم [380] ، فإنه لم يصرِّح بالسماع من عوف.
(3) هو جعفر بن حَيَّان.
(4) هو عمران بن مِلْحان.
[491] سنده صحيح.
[492] الحديث صحيح لغيره، وأما هذا الإسناد ففيه حماد بن يحيى الأبحّ وتقدم في =(3/1032)
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ... } ، إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَ: ((فَإِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيهِ، فهم أولئك، فاحذروهم)) .
__________
= الحديث [41] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 148) وعزاه للمصنف وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارمي وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي في "الدلائل".
وأخرجه الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 37 / أوب) من طريق عاصم بن علي والمصنف سعيد بن منصور، كلاهما عن حماد، به نحوه.
وسيأتي ذكر الحافظ ابن كثير له نقلاً عن المصنف.
هذا ومدار الحديث على عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، واختلف عليه.
فرواه حماد بن يحيى وأيوب السختياني وأبو عامر الخَزَّاز ونافع بن عمر ورَوْح بن القاسم وعلي بن زيد، جميعهم عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة، وصرح نافع وعلي بن زيد بالتحديث بين ابن أبي مليكة وعائشة رضي الله عنها.
وخالفهم يزيد عن إبراهيم التُّستُري وحماد بن سلمة، فروياه عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ القاسم عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
أما رواية حماد بن يحيى فهي التي أخرجها المصنف هنا.
وتقدم أن الهروي أخرجها أيضًا من طريق عاصم بن علي، عن حماد، به نحوه.
وأما رواية أيوب، فأخرجها:
عبد الرزاق في "تفسيره" (1 / 116) من طريق معمر.
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 191 رقم 6608) .
والهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 36 / ب - 37 / أ) . =(3/1033)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وأخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده" (3 / 648 و 649 رقم 691 و 692) من طريق عبد الوهاب الثقفي وحماد بن زيد.
والإمام أحمد في "المسند" (6 / 48) من طريق إسماعيل بن عليّة.
وابن ماجه في "سننه" (1 / 18 - 19 رقم 47) في باب اجتناب البدع والجدل من المقدمة، من طريق إسماعيل بن علية وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي.
وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 9 رقم 6) من طريق حماد بن زيد.
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 189 و 190 و 191 رقم 6605 و 6606 و 6607 و 6609) من طريق إسماعيل بن علية ومعتمر بن سليمان وعبد الوهاب الثقفي والحارث بن نبهان.
والطحاوي في "مشكل الآثار" (3 / 208) من طريق الحارث بن عمير.
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 277 - 278 رقم 76 / الإحسان) من طريق معتمر بن سليمان.
والآجري في "الشريعة" (ص26 و 27 و 72 و 332) من طريق عبد الوهاب الثقفي وحماد بن زيد.
والهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 36 / ب - 37 / أ) من طريق معتمر بن سليمان والحسن بن دينار وحجاج الصوّاف والحارث بن نبهان.
والبيهقي في "دلائل النبوة" (6 / 546) من طريق حماد بن زيد.
جميعهم عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مليكة، عن عائشة، به نحوه.
وذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 345) أن محمد بن يحيى العبدي أخرجه في "مسنده" من طريق عبد الوهاب الثقفي، وابن المنذر أخرجه في "تفسيره" من طريق حماد بن زيد، كلاهما عن أيوب.
وأما رواية أبي عامر الخَزَّاز، فأخرجها الترمذي في "سننه" (8 / 343 رقم 4078) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير، من طريق أبي عامر هذا واسمه صالح بن رستم، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة قالت: سألت =(3/1034)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - عن قوله {فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفتنة وابتغاء تأويله} ، قال: ((فإذا رأيتيهم فاعرفيهم)) .
قال الترمذي: ((هذا حديث حسن صحيح. هكذا روى غير واحد هذا الحديث عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عائشة، ولم يذكروا فيه: ((عن القاسم بن محمد)) ، وإنما ذكره يزيد بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد في هذا الحديث، وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وقد سمع من عائشة أيضًا)) .
وذكر الحافظ ابن حجر كلام الترمذي هذا في "فتح الباري" (8 / 210) وتعقبه بأن حماد بن سلمة قد تابع يزيد.
وأخرجه الهروي في الموضع السابق من طريق الترمذي.
وأما رواية نافع بن عمر، فأخرجها:
ابن جرير في "تفسيره" (6 / 193 و 194 رقم 6612 و 6614) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (3 / 207) .
أما ابن جرير فمن طريق الوليد بن مسلم وخالد بن نزار، وأما الطحاوي فمن طريق الوليد بن مسلم، كلاهما عن نافع، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة، به، ولفظ خالد بن نزار نحوه، وأما لفظ الوليد فمختصر، وفي روايته تصريح ابن أبي مليكة بالتحديث عن عائشة.
وأما رواية روح بن القاسم، فأخرجها ابن جرير برقم (6613) عنه، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة، به نحوه.
وأما رواية علي بن زيد بن جدعان، فأخرجها الهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 37 / ب) عنه، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: حدثتنا عائشة ... ، فذكره.
فهذا بالنسبة لمن روى الحديث عن ابن أبي مليكة، ولم يذكر القاسم في سنده.
وأما من زاد القاسم في إسناده، فهما يزيد بن إبراهيم وحماد بن سلمة.
أما رواية يزيد، فأخرجها:
الطيالسي في "مسنده" (ص203 رقم 1433) . =(3/1035)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ومن طريقه الترمذي في الموضع السابق.
وأخرجها الإمام أحمد في "المسند" (6 / 256) .
والدارمي في "سننه" (1 / 51 رقم 147) .
والبخاري في "صحيحه" (8 / 209 رقم 4547) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير، باب: {منه آيات محكمات} ، وفي "خلق أفعال العباد" (ص71 رقم 220) .
ومن طريق البخاري أخرجه البغوي في "تفسيره" (1 / 279) ، وفي "شرح السنة" (1 / 220 رقم 106) .
وأخرجها مسلم في "صحيحه" (4 / 2053 رقم 1) ، في العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن.
وأبو داود في "سننه" (5 / 6 رقم 4598) في السنة، باب النهي عن الجدال واتباع المتشابه من القرآن.
والترمذي في الموضع السابق من "سننه" رقم (4077) .
وابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 192 رقم 6610) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (3 / 208) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص64 رقم 103) .
وابن حبان في "صحيحه" (1 / 274 رقم 73 / الإحسان) .
واللالكائي في "شرح أصول الاعتقاد" (1 / 118 رقم 187) .
وأبو نعيم في "الحلية" (2 / 185) .
والهروي في "ذم الكلام" (1 / ل 36 / أوب) .
والبيهقي في "الأسماء والصفات" (2 / 201) ، وفي "دلائل النبوة" (6 / 545) .
جميعهم من طريق يزيد بن إبراهيم التستري، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، به نحوه.
وأما رواية حماد بن سلمة، فأخرجها: =(3/1036)
= الطيالسي في "مسنده" (ص203 رقم 1432) .
ومن طريق الطيالسي أخرجه الآجري في "الشريعة" (ص332) .
وأخرجها إسحاق بن راهويه في "مسنده" (2 / 389 رقم 398) .
والدارمي في الموضع السابق.
وابن أبي عاصم في "السنة" (1 / 9 رقم 5) .
ومن طريقه الأصبهاني في "الحُجَّة" (1 / 292 - 293) .
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 195 رقم 6615) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
وأبو نعيم في الموضع السابق أيضًا.
أما الطيالسي، فعن حماد بن سلمة مباشرة، وأما إسحاق بن راهويه فمن طريق النضر بن شميل، وأما الدارمي وابن أبي حاتم وأبو نعيم فمن طريق أبي الوليد الطيالسي، وأما ابن أبي عاصم فمن طريق عفان بن مسلم، وأما ابن جرير فمن طريق يزيد بن هارون، جميعهم عن حماد بن سلمة، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ القاسم، عن عائشة، به نحوه.
هكذا اتفق هؤلاء الأئمة الخمسة على روايته على هذا الوجه عن حماد بن سلمة، وفيهم عفان بن مسلم وهو من أثبت الناس فيه كما في ترجمة حماد في الحديث رقم [82] .
وخالفهم الوليد بن مسلم، فرواه عن حماد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، به نحوه.
أخرجه ابن جرير برقم (6611) .
والآجري في "الشريعة" (ص332) .
ولاشك أن رواية هؤلاء الخمسة أرجح من رواية الوليد بن مسلم؛ لكونهم أئمة حفاظًا ولاتفاقهم على روايته على هذا الوجه، وهذا ما رآه الدارقطني، ففي "النكت الظراف على الأطراف" للحافظ ابن حجر (12 / 261) نقل =(3/1037)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن الدارقطني أنه حكم على الوليد بن مسلم بالوهم في شيخ حماد.
وأما الاختلاف على ابن أبي مليكة، فظاهر كلام الترمذي السابق حكمه على الحديث بأن يزيد بن إبراهيم تفرد فيه بذكر القاسم، وأن بقية الرواة رووه ولم يذكروا القاسم، وهذه إشارة منه إلى ترجيح الأكثرين بحذف الزيادة.
وظاهر صنيع البخاري ومسلم في اختيارهما رواية يزيد بن إبراهيم أنها أولى بالقبول من غيرها.
وذهب الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "تفسير ابن جرير" (6 / 189 - 195) إلى أن كلا الروايتين صحيحتان، وأن رواية يزيد وحماد من قبيل المزيد في متصل الأسانيد.
وتطرق لهذا الاختلاف الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1 / 345) فقال: ((هكذا وقع هذا الحديث في "مسند الإمام أحمد" من رواية ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها -، ليس بينهما أحد. وهكذا رواه ابن ماجه من طريق إسماعيل بن عليّة وعبد الوهاب الثقفي، كلاهما عن أيوب به. ورواه محمد بن يحيى العبدي في "مسنده" عن عبد الوهاب الثقفي به. وكذا رواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب. وكذا رواه غير واحد عن أيوب. وقد رواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث أيوب به. ورواه أبو بكر بن المنذر في "تفسيره" من طريقين عن أبي النعمان محمد بن الفضل السدوسي ولقبه عارم، حدثنا حماد بن يزيد، حدثنا أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عن عائشة به. وتابع أيوب أبو عامر الخزَّاز وغيره، عن ابن مليكة.
فرواه الترمذي، عن بندار، عن أبي داود الطيالسي، عن أبي عارم الخزّاز، فذكره. ورواه سعيد بن منصور في "سننه" عن حماد بن يحيى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مليكة، عن عائشة. ورواه ابن جرير من حديث روح بن القاسم ونافع بن عمر الجمحي، كلاهما عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عائشة. وقال نافع في روايته عن ابن أبي مليكة: حدثتني عائشة، فذكره)) . اهـ. والله أعلم.(3/1038)
493 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا حُدَيْج بنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ (1) ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ} ، قَالَ: ثَلَاثُ آيَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْأَنْعَامِ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} (2) .
__________
(1) عبد الله بن قيس الذي يروي عن ابن عباس قوله مجهول تفرد عنه أبو إسحاق السبيعي، وسكت عنه البخاري في "تاريخه" (5 / 171 رقم 545) ، وبيض له ابن أبي حاتم (5 / 138 رقم 646) ، وذكر ابن حبان في "الثقات" (5 / 42) عبد الله بن قيس النخعي الذي يروي عن ابن مسعود وعنه داود بن أبي هند، وقال: ((أحسبه الذي روى عنه أبو إسحاق السبيعي، عن ابن عباس قوله)) ، وقال الذهبي في "الميزان" (2 / 473 رقم 4516) : ((لا يُدرى من هو)) ، وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص318 رقم 3545) : ((مجهول)) ، وانظر "التهذيب" (5 / 365 رقم 628) .
(2) سورة الأنعام، الآيات (151 و 152 و 153) .
[493] سنده ضعيف لجهالة عبد الله بن قيس، وأبو إسحاق السبيعي مدلِّس ولم يصرح بالسماع، وقد اختلط في آخر حياته، وأما حُديج بن معاوية فتقدم في الحديث [1] أنه صدوق يخطئ، لكنه لم ينفرد به كما سيأتي.
وذكر السيوطي هذا الحديث في "الدر المنثور" (2 / 145) وعزاه للمصنف وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه.
وقد أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص52 رقم 79) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 288) .
أما ابن أبي حاتم فمن طريق قيس بن الربيع، وأما الحاكم فمن طريق علي بن صالح بن حي، كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي، به نحوه.
وأخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 174 رقم 6573) .
وابن أبي حاتم (ص53 - 54 رقم 80) . =(3/1039)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} ]
494 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَ: أَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ، فَذَكَرْنَا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} (1) ، (وَجَاءَ) (2) الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَعِمَامَةٍ، فَقَامَ يُصَلِّي فِي إِزَارِهِ وَرِدَائِهِ وَنَعْلَيْهِ، فَقُلْنَا: أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَيْهِ فَيَسْأَلُهُ؟ فَقَالَ يَحْيَى: أَنَا، فَأَتَاهُ، فَسَأَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْنَا، وَقَالَ: {وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} .
__________
= كلاهما من طريق هُشَيْمٌ، عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ... ، فذكره بنحوه، وزاد: ((والتي في بني إسرائيل: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} إلى آخر الآيات)) . اهـ.
ورجح الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته في الموضع السابق من "تفسير الطبري" أن يكون المبهم هو عبد الله بن قيس، وأنه سقط بينه وبين العوام قوله: ((عن أبي إسحاق)) ، بحيث يكون الإسناد هكذا: (( ... العوام، عن أبي إسحاق، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ)) ، واستند الشيخ في ترجيحه هذا على أن العوام يروي عن أبي إسحاق، وأن الحديث معروف من رواية أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن قيس.
وذكر السيوطي الحديث من هذا الوجه في "الدر المنثور" (2 / 145) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(1) يعني تذاكروا قراءتها - كما سيأتي - هل هي بفتح العين وسكون التاء: ((وَضَعَتْ)) على جهة الإخبار من الله - عز وجل - عن نفسه أنه العالم بما وضعت، وهذه قراءة عامة القُرّاء؟ أو أنها بسكون العين ورفع التاء: ((وَضَعْتُ)) على وجه الخبر بذلك عن أم مريم أنها هي القائلة؟ وبهذا قرأ علي والنخعيّ وابن عامر =(3/1040)
495 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {والله أعلم بما وَضَعَتْ} .
496 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا حُصَين (1) ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} .
__________
= وأبو بكر ويعقوب. انظر: "تفسير ابن جرير" (6 / 334) ، و"تفسير الثعلبي" (3 / ل 39 / ب) .
(2) في الأصل: ((أو جاء)) .
[494] سنده رجاله ثقات، لكن فيه الأعمش وهو مدلس ولم يصرح بالسماع، وليس هذا من المواضع التي يحتمل فيها تدليسه على ما سبق بيانه في الحديث رقم [3] .
وسيأتي الحديث مختصرًا من طريق إسماعيل بن زكريا وأبي معاوية، كلاهما عن الأعمش في الحديث بعده.
وأخرجه سفيان الثوري في "تفسيره" (ص76 رقم 142) عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عمير، أن يحيى بن وثاب سأل الأسود عن قول الله: {والله أعلم بما وضعت} ، فقرأها الأسود: (بما وضعت) . اهـ.
[495] سنده كسابقه فيه الأعمش وهو مدلس ولم يصرح بالسماع.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 183) وعزاه لعبد بن حميد فقط، وضبطها فقال: ((بنصب العين)) .
(1) هو ابن عبد الرحمن.
[496] سنده ضعيف؛ لإبهام شيخ حُصَين.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 183) بلفظه ولم يضبط قوله تعالى: {وضعت} ، وعزاه للمصنف وحده.(3/1041)
497 -[ل121/أ] حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو عَوَانة (1) وَهُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ: (بِمَا وَضَعْتُ) - مَرْفُوعٌ -.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} ]
498 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ: لِلْأَعْمَشِ: إِنَّ حُمَيْدًا (2) يقرأ: {يازكريآ} - جزمًا -، فأعجبه.
__________
(1) هو وَضَّاح بن عبد الله.
[497] سنده ضعيف؛ مغيرة بن مقسم الضبِّي تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن إلا أنه يدلس ولا سيما عن إبراهيم النخعي، وهذا من روايته عنه بالعنعنة.
وقد رُوي عن إبراهيم خلاف ذلك؛ قال السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 183) : وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرؤها: {والله أعلم بما وضعت} بنصب العين. اهـ.
والقراءة برفع التاء ذكرها الثعلبي في "الكشف والبيان" (3 / ل 39 / ب) تعليقًا عن إبراهيم النخعي.
(2) أي حميد بن أبي حميد الطويل.
(3) قوله تعالى: {يا زكريا} ليس في سورة آل عمران، وإنما في سورة مريم آية (7) ، والذي في آل عمران: {زكريا} ليست فيه ياء النداء.
[498] سنده صحيح.
قال الثعلبي في "الكشف والبيان" (3 / ل 42 / أ) : ((زكريا ... فيه لغتان: زكريا مقصور، وهي قراءة ابن مسعود والسُّلمي وحميد والأعمش وحمزة والكسائي وخلف وحفص، وزكريآ بالمدّ، وهي قراءة الباقين)) . اهـ.(3/1042)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} ]
499 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ - فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ} -، قَالَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَقُولُ لِلْغُلَامِ فِي الكُتَّاب: إِنَّ أهلك قد خَبَّأوا لَكَ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَمَا تَدَّخِرُونَ} .
__________
[499] سنده صحيح إلى سعيد، لكن لم يذكر سعيد مصدره الذي تلقّى ذلك منه، وقد يكون من الإسرائيليات التي يستفاد منها في توضيح بعض الآيات كما هنا، لكن لا يجزم المسلم بتصديقها ولا بتكذيبها.
وذكر السيوطي هذا الأثر في "الدر المنثور" (2 / 221) وعزاه للمصنِّف وابن جرير وابن أبي حاتم.
وقد أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (6 / 433 رقم 7101 و 7102) من طريق يعقوب بن إبراهيم والحسين بن داود، كلاهما عن هشيم، به، ولفظ الحسين نحوه، إلا أنه قال: ((كذا وكذا من الطعام فتطعمني منه)) ، وأما يعقوب فلفظه: ((كان عيسى بن مريم إذ كان في الكتاب يخبرهم بما يأكلون في بيوتهم وما يدّخرون)) .
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص285 - 286 رقم 606) من طريق أبي عَوَانَةَ، عَنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ، به نحوه، وفيه الزيادة التي ذكرها الحسين عند ابن جرير.(3/1043)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60) فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} ]
500 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا هُشَيْمٌ، قَالَ: نَا مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: لَمَّا عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المُلاعَنَةَ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ، قَبِل ذَلِكَ منه السَّيِّد والعَاقِبُ (1) ، فَرَجَعَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ كَانَ نَجِيبًا، فَقَالَ لَهُمَا: مَا صَنَعْتُمَا شَيْئًا، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا، لَا يَعْصِيهِ اللَّهُ فِيكُمْ، وَإِنْ كان مَلِكًا لَيَسْتَبِدَّنَّكم،
__________
(1) السَّيِّد اسمه: أَيْهَم، والعَاقِبُ اسمه: عبد المسيح، وقصة قدومهما عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - كما هنا، وفيها أنهما لم يقبلا الإسلام، ثم إنهما رجعا بعد ذلك إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -، فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب الأنصاري. انظر "الإصابة" لابن حجر (3 / 236 - 237) .
[500] سنده ضعيف لإرساله، ومغيرة تقدم في الحديث [54] أنه ثقة متقن، إلا أنه مدلس، ولم يصرح بالسماع هنا، لكن شعبة ممن روى عنه هذا الحديث كما سيأتي، وهو لا يروي عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4 / 38) وذكر نحو هذا في "الفتح" أيضًا (4 / 194) و (10 / 166) و (11 / 146 و 197 و 211 و 241 و 262 و 546) و (12 / 217) ، وانظر "توجيه القارئ" لحافظ الزاهدي (ص262) .
ومما يدل على هذا ما رواه أبو نعيم في "الحلية" (7 / 151) عن شعبة أنه قال: ((ما سمعت من رجل حديثًا حتى قال للذي فوقه سمعته منه، إلا حديثًا واحدًا)) .
قلت: وهذا الحديث يدل على أن شعبة إذا حدث عن المدلس بما لم يصرح فيه بالسماع بيّنه؛ وذلك أنه روى عن قتادة قال: قال أنس: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((سَوُّوا صفوفكم، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة)) ، قال شعبة: ((لم أداهن إلا في هذا الحديث، لم أسأل قتادة سمعه أم لا؟ كرهت أن يفسد عليّ من جودة الحديث)) . اهـ. من "مسند أبي يعلى" (5 / 478) ، و"الحلية" (7 / 151) .
وأصل القصة صحيح بغير هذا السياق كما سيأتي. =(3/1044)
فَقَالَا لَهُ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَغْدوا، فَإِنَّهُ يَغْدُو لِمِيعَادِكُمَا، فَإِذَا غَدَا عَلَيْكُمَا، فَإِنَّهُ سَيَعْرِضُ عَلَيْكُمَا الْمُلَاعَنَةَ، فَإِذَا عَرَضَ ذَلِكَ عَلَيْكُمَا، فَقُولَا لَهُ: نَعُوذُ بالله. وغديا، وَغَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ، وَحُسَيْنٍ يَتْبَعُهُ، وَفَاطِمَةُ تَمْشِي مِنْ خَلْفِهِ، فَقَالَ لَهُمَا: ((هَلْ لَكُمَا فِي الْأَمْرِ الَّذِي انْطَلَقْتُمَا عَلَيْهِ مِنَ الْمُلَاعَنَةِ؟)) فَقَالَا: نَعُوذُ بِاللَّهِ، قَالَ: فَرَدَّدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَا: نَعُوذُ بِاللَّهِ - مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا - فَقَالَ لَهُمَا: (( (هَلْ لَكُمَا فِي الْإِسْلَامِ أَنْ تُسْلِمَا، وَيَكُونَ لَكُمَا مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْكُمَا مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؟)) فَلَمْ يَقْبَلَا ذَلِكَ وَكَرِهَاهُ، فَقَالَ لَهُمَا: ((هَلْ لَكُمَا فِي الجِزْيَةِ تُؤَدِّيَانها وَأَنْتُمْ صَاغِرُونَ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ؟)) فَقَبِلَا ذَلِكَ، وَقَالَا: لَا طَاقَةَ لَنَا بحرب العرب.
__________
= = والحديث من رواية الشعبي ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 232) وعزاه للمصنف وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وأبي نعيم.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (14 / 549 رقم 18860) من طريق جَرِيرٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قال: لما أراد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أن يلاعن أهل نجران، قبلو الجزية أن يعطوها، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((لقد أتاني البشيرُ بِهَلَكَةِ أهل نجران لَوْتَمُّوا على الملاعنة، حتى الطير على الشجر، أو العصفور على الشجر)) ، ولما غدا إليهم رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَخَذَ بِيَدِ حَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، وكانت فاطمة تمشي خلفه.
وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا (12 / 98 رقم 12233) من طريق جرير، به مختصرًا بلفظ: ((لما أراد رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - أن يلاعن أهل نجران، أخذ بيد الحسن والحسين، وكانت فاطمة تمشي خلفه)) .
وأخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (6 / 468 و 478 - 479 رقم 7160 و 7180) من طريق جرير أيضًا، عن مغيرة، به بطوله بلفظ قريب مما ذكر المؤلف، وفيه زيادة.
وأخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص310 رقم 678) من طريق شعبة، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لما نزلت: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ} أخذ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم - الحسن والحسين، ثم انطلق.(3/1045)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= وقد روي الحديث موصولاً.
فأخرجه ابن مردويه في "تفسيره" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 370 - 371) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 593 - 594) .
وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (2 / 456 - 457 رقم 244) .
والواحدي في "أسباب النزول" (ص99 - 100) .
أما الحاكم فمن طريق علي بن مسهر، وأما الباقون فمن طريق محمد بن دينار، كلاهما عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عن الشعبي، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، به، بذكر قصة الملاعنة، ولم يذكر آخر الحديث من قوله: ((هل لكما في الإسلام ... )) إلخ.
ورجح الحافظ ابن كثير في الموضع السابق الرواية المرسلة، فقال: ((قد رواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن المغيرة، عن الشعبي، مرسلاً، وهذا أصح)) .
قلت: الحديث الموصول ضعيف جدًّا من كلا الطريقين.
أما طريق ابن مردويه وأبي نعيم والواحدي فالراوي لها عن محمد بن دينار عندهم هو بشر - ويقال: بشير - ابن مَهْران الحَذَّاء الخَصَّاف، قال ابن أبي حاتم: ((روى عن شريك بن عبد الله، سمع منه أبي أيام الأنصاري، وترك حديثه، وأمرني أن لا أقرأ عليه حديثه)) ، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ((روى عنه البصريون الغرائب)) . اهـ. من "الجرح والتعديل" (2 / 379 رقم 1476) ، و"الثقات" لابن حبان (8 / 140) ، و"لسان الميزان" (2 / 34 رقم 118) .
وأما الحاكم، فإنه ورى الحديث عن شيخه علي بن عيسى، عن أحمد بن محمد الأزهري، عن علي بن حجر، عن علي بن مسهر، به.
وشيخ الحاكم علي بن عيسى الحيري لم أجد من ترجم له.
وأحمد بن محمد بن الأَزْهر بن حُرَيث السِّجِسْتَاني، أبو العباس الأزهري يروي عن علي بن حجر وغيره، روى عنه ابن حبان وغيره، والأزهري هذا ضعيف جدًّا؛ ذكره ابن حبان في "المجروحين" (1 / 163 - 165) وقال: ((كان ممن يتعاطى حفظ الحديث ويجري مع أهل الصناعة فيه، ولا يكاد يذكر له باب إلا وأغرب فيه عن الثقات، ويأتي فيه عن الأثبات بما لا يتابع عليه، ذاكرته بأشياء كثيرة فأغرب عليّ فيها في أحاديث الثقات، فطالبته على الانبساط، فأخرج إليّ أصول أحاديث، منها ... )) ثم ذكر أحاديث من الأحاديث التي أغرب =(3/1046)
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ} ]
501 - حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: نا أَبُو الْأَحْوَصِ (1) ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ (أَبِي) (2) الضُّحَى، (عَنْ مَسْرُوقٍ) (3) ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ وُلاةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ: أَبِي وَخَلِيلُ رَبِّي)) ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ} .
__________
= فيها، وذكر مناقشته له في بيان ما فيها من الخطأ، ثم قال ابن حبان: ((فكأنه كان يعملها في صِبَاه)) ، وانظر "لسان الميزان" (1 / 253 - 254 رقم 795) .
وأصل الحديث في "الصحيحين".
فأخرجه البخاري في "صحيحه" (8 / 93 - 94 رقم 4380) في المغازي، باب قصة أهل نجران.
ومسلم في "صحيحه" (4 / 1882 رقم 55) في فضائل الصحابة، باب فضل أبي عبيدة - رضي الله عنه -.
كلاهما من طريق صِلَة بن زُفَر، عن حذيفة - رضي الله عنه - قال: جاء العاقب والسَّيِّد صاحبا نجران إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - يريدان أن يلاعناه. قال: فقال أحدهما لصاحبه: لا تفعل، فو الله لئن كان نبيًا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.
قالا: إنا نعطيك ما سألتنا، وابعث معنا رجلاً أمينًا، ولا تبعث معنا إلا أمينا.
فقال: ((لأبعثنّ معكم رجلاً أمينًا حق أمين)) ، فاستشرف له أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -، فقال: ((قم يا أبا عبيدة بن الجراح، فلما قام قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم -: ((هذا أمين هذه الأمة)) . اهـ. واللفظ للبخاري.
(1) هو سَلاَّم بن سُلَيم.
(2) ما بين القوسين ليس في الأصل، فأثبته من "تفسير ابن كثير" (1 / 372) ، =(3/1047)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= حيث نقل الحديث عن المصنف.
[501] سنده صحيح.
وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2 / 238) وعزاه للمصنف وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابنالمنذر وابن أبي حاتم والحاكم.
وقد ذكره ابن كثير في "تفسيره" (1 / 372) نقلاً عن المصنف، فقال: قال سعيد بن منصور: حدثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مسروق، عن ابن مسعود - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عليه وسلم - قال: ((لكل بني ولاة من النبيين، وَإِنَّ وَلِيِّي مِنْهُمْ: أَبِي وَخَلِيلُ ربي عز وجل)) ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بإبراهيم للذين اتبعوه} الآية. اهـ.
وروى الحديث سفيان الثوري، عن أبيه سعيد بن مسروق، واختلف على سفيان.
فرواه أبو أحمد الزبيري ومحمد بن عبيد الطنافسي والواقدي وروح بن عبادة، عن سفيان، عن أبيه، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عن ابن مسعود، به.
وخالفهم عبد الرحمن بن مهدي ويحيى القطان ووكيع وأبو نعيم، فرووه عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن مسعود، ليس فيه ذكر لمسروق.
أما حديث أبي أحمد الزبيري، فأخرجه:
الترمذي في "سننه" (8 / 344 رقم 4079) في تفسير سورة آل عمران من كتاب التفسير.
والبزار في "مسنده" كما في "تفسير ابن كثير" (1 / 372) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 498 رقم 7216) .
والطحاوي في "مشكل الآثار" (1 / 444) .
وابن أبي حاتم في "تفسيره" (ص327 رقم 731) ، وفي "العلل" (2 / 63 رقم 1677) .
جميعهم من طريق أبي أحمد، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، =(3/1048)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= عن مسروق، عن عبد الله، به مثل لفظ المصنف الذي ساقه ابن كثير.
وأما حديث محمد بن عبيد الطنافسي، فأخرجه الحاكم في "المستدرك" (2 / 292) من طريقه، عن سفيان، به نحو سابقه.
قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه)) ، ووافقه الذهبي.
وأما حديث الواقدي، فأخرجه الحاكم أيضًا (2 / 553) عنه، عن الثوري، به مثل حديث أبي أحمد.
ساق الحاكم هذا الحديث عقب ذكره له من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين عن سفيان ولم يذكر مسروقًا في سنده، ثم قال الحاكم: ((حديث أبي نعيم إذا جمع بينه وبين حديث الواقدي صح، فإنه لابد من مسروق)) .
وأما حديث رَوْح بن عبادة، فأخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" (2 / 63 رقم 1677) من طريقه، عن سفيان، به نحوه.
وأما حديث عبد الرحمن بن مهدي، فأخرجه الإمام أحمد في "المسند" (1 / 429 - 430) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق من "تفسيره".
كلاهما عنه، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن مسعود، به مثل لفظ المصنف الذي ساقه ابن كثير، لكن ليس فيه ذكر لمسروق.
وأما حديث يحيى بن سعيد القطان فأخرجه الإمام أحمد مقرونًا بحديث عبد الرحمن السابق.
وأما حديث وكيع، فأخرجه:
الإمام أحمد في "المسند" (1 / 400 - 401) .
والترمذي في الموضع السابق برقم (4081) .
وابن أبي حاتم في الموضع السابق.
ومن طريقه الواحدي في "أسباب النزول" (ص103 - 104) . =(3/1049)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
__________
= ثلاثتهم من طريق وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي الضحى، عن ابن مسعود، به مثل سابقه، إلا أن لفظ الإمام أحمد نحوه، ولم يذكر الآية.
وأما حديث أبي نعيم، فأخرجه:
الترمذي في الموضع السابق برقم (4080) .
وابن جرير في "تفسيره" (6 / 499 رقم 7217) .
والحاكم في "المستدرك" (2 / 553) .
ثلاثتهم من طريقه، عن سفيان، به مثل حديث عبد الرحمن بن مهدي، إلا أن رواية ابن جرير فيها الشك في رفع الحديث؛ حيث جاء فيها: ((أراه قال: عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم -)) .
قال الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في حاشيته على "تفسير ابن جرير الطبري": ((وهذا الشك لعله من ابن المثنى شيخ الطبري، أو من الطبري نفسه؛ لأن رواية الترمذي من طريق أبي نعيم ليس فيها الشك في رفعه)) .
وأما رواية الحاكم فجاءت موصولة على الشك، هكذا: ((عن أبي الضحى، أظنه عن مسروق، عن عبد الله ... )) .
قال الذهبي في "تلخيصه": ((الواقدي، حدثني الثوري، فذكره ولم يشك في سنده)) وهذا الشك لعله ممن دون أبي نعيم، إما شيخ الحاكم أبو عبد الله الصفار، أو شيخه الراوي عن أبي نعيم: أحمد بن محمد بن عيسى القاضي.
فالعمدة على رواية الترمذي السالمة من الشك، والموافقة لرواية ابن مهدي والقطان ووكيع.
وقد رجح الترمذي رواية من رواه عن أبي الضحى، عن ابن مسعود بحذف مسروق من سنده، فقال عقب ذكره لرواية أبي نعيم هذه: ((هذا أصح من حديث أبي الضحى، عن مسروق، وأبو الضحى اسمه: مسلم بن صُبَيْح)) . اهـ. وهذا ما رجحه أبو زرعة وأبو حاتم، ففي "العلل" لابن أبي حاتم (2 / 63 رقم 1677) قال: ((سألت أبي وأبا زرعة عن حيث رواه أبو أحمد الزبيري =(3/1050)