محمد بن أحمد بن عبد الله - وقال شيخنا في أنبائه محمد بن موسى والأول أصح - الشمس الشافعي والد إبراهيم الماضي ويعرف بابن قديدار. ولد سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة تقريباً فإنه قال: كنت في فتنة بيبغاروس رضيعاً، وقرأ القرآن في صغره والعمدة والمنهاج وألفية النحو وعرض على جماعة وتلا بالسبع على ابن اللبان وغيره وصحب أبا بكر الموصلي وقطب الدين وغيرهما وتفقه لكن غلب عليه التصوف وأقبل على العبادة فاشتهر بالصلاح من بعد سنة تسعين حتى إن تمر لما قرب من دمشق أرسل إليه هو وجماعته بالأمر من حماة فلم يصبهم مكروه وكذا كان يكاتب الفرنج في مصالح المسلمين فلا يخالفونه غالباً، وكانت له عند المؤيد وهو نائب الشام منزلة كبيرة بحيث بعث به مع الشهاب به حجي في الرسالة إلى الناصر وبنى له بدمشق زاوية وسكنها حتى مات وصارت كلمته نافذة وله أتبلع ومريدون ومحبة في قلوب العامة والخاصة وهو مع هذا لين الجانب حسن الخلق كثير العبادة جيد البزة شجي الصوت؛ وقد قدم مصر في سنة ثمان وثمانمائة رسولاً من شيخ إلى الناصر. قال شيخنا في معجمه: وكانت بيننا مودة؛ مات بدمشق بعد ضعف بدنه وثقله في ليلة عيد شوال سنة ست وثلاثين، ودفن يوم العيد وكانت جنازته مشهودة تقدم العلاء البخاري ودفن على والده بخشخاشة بمقبرة باب الصغير إلى جانب قبة معاوية وصلي عليه بحلب وغيرها صلاة الغائب. وقال بعضهم إنه كان يكثر التردد لساحل بيروت للرباط وبنى له زاوية هناك وعمل بها عدة للسلاح كثيرة ولم يكن يبقى على شيء بل مهما حصل له أنفقه على مريديه وأتباعه. وقدم القاهرة أيضاً في سنة ثلاث وعشرين لتعزية المؤيد في ولده إبراهيم، ونزل في قاعة الخطابة بالباسطية وأما في المرة الأولى فنزل هو ورفيقه الشهاب بن حجي بمدرسة البلقيني ثم بمدرسة المحلي على شاطئ النيل وحصل له في آخر عمره ضعف في بدنه وثقل في سمعه والثناء عليه كثير، وكان ديناً خيراً محباً في العلم وأهله كثير التواضع والمرابطة ببيروت وبنى بها زاوية ووقف بها عدداً للحرب ونعم الرجل وهو ممن في عقود المقريزي رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي جمال الدين أبا حميش قاضي عدن. أخذ عنه فقهاء عدن كالفقيه موفق الدين علي بن عمر بن عفيف الحضرمي والقاضي تقي الدين عمر بن محمد اليافعي وغيرهما. ومولده بغيل أبي وزير من الشجر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة وتولى قضاء عدن من قبل علي بن طاهر. ومات وهو على القضاء في رمضان سنة إحدى وستين وانتفع به كثير من الفقهاء كالفقيهين محمد أبا الفضل وعبد الله أبا مخرمة من تلك الناحية وشرح الحاوي شرحاً حسناً مبسوطاً بيض ثلثه الأول ومات عن باقيه مسودة ينتفع بها كالانتفاع بالمبيضة وإن كان في تلك زيارات كثيرة. كتب إلي بذلك حمزة الناشري، وهو ممن أخذ عنه.
محمد بن أحمد بن عبد الله الشمس القزويني ثم المصري؛ وسمى شيخنا في معجمه جده محمداً وهو الصواب وسيأتي.
محمد بن أحمد بن عبد الله ناصر الدين الدمشقي النشنوي المؤذن بجامع المارداني بالمزة ويعرف بابن الحكار. ولد في شعبان سنة إحدى وستين وسبعمائة، أجاز لي في سنة خمسين من دمشق وزعم البرهان العجلوني أنه سمع على ابن أميلة وكذا قال ابن أبي عذيبة وأنه تأخر إلى بعد الخمسين وليسا بمعتمدين.
محمد بن أحمد بن عبد الله الأنصاري الأندلسي التونسي المغربي المالكي ويعرف بالشرفي - بفتح المعجمة والمهملة بعدها فاء نسبة لبلدة بالأندلس تسمى الشرف. ولد في سنة عشر - وبخطي في موضع آخر عشرين - وثمانمائة بتونس وحفظ القرآن لورش وبعض ابن الحاجب الفرعي وبحث فيه على إبراهيم الأخضري ومحمد القفصي الشابي وآخرين وفي النحو على ثانيهما وأبي عبد الله القرشي وعليه في المعاني والبيان وعلى الثاني في العروض وخدم أحمد بن عروس أبا السرائر المجذوب فعادت عليه بركته، وقدم القاهرة سنة تسع وأربعين حاجاً فلقيته في جماعة بالميدان فكتبت عنه من نظمه قصيدة أولها:
قف بالمعالم بين البان والعلم ... ولا تعج عن حمى سلمى وذي سلم
واحبس قلوصك بالروحاء متئداً ... هناك قلبي بين الهضب والأكم
وإن أتيت إلى وادي العقيق فقف ... أذرى عقيق دموعي فيه كالديم
وأبياتاً مدح بها شيخنا أثبتها في الجواهر.(3/346)
محمد بن أحمد بن عبد الله الحبيشي المدني المادح أبوه أخو عبد الرحمن الماضي، ممن سمع مني بالمدينة.
محمد بن أحمد بن عبد الله الشاذلي الذيبي. ممن سمع مني بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن عبد الله النحريري أخو عبد الغني الماضي كذلك.
محمد بن أحمد بن عبد الله. فيمن جده صدقة.
محمد بن أحمد بن عبد الملك بن أبي بكر الموصلي الدمشقي الشافعي. استقر في مشيخة زاوية الأمين الأخصاصي بعد أخيه الشهاب برغبة منه وهو شاب جميل الطريقة من بيت مشيخة، ممن يشتغل ويحفظ المنهاج وأبوه شيخ زاوية الموصلي وهما في الأحياء.
محمد بن أحمد بن عبد الملك الشمس الدميري ثم القاهري المالكي ناظر البيمارستان ومفتي دار العدل. ولي الحسبة مراراً أولها في أيام الأشرف شعبان وكذا ولي نظر الأحباس وقضاء العسكر مع نقص بضاعته ولكنه كان عارفاً بالمباشرة وحصل في المرستان مالاً كثيراً جداً وفره مما كان غيره يصرفه في وجوه البر وغيرها فاتفق أن الناصر أخذ منه في بعض التجاريد جملة مستكثرة. مات في رمضان سنة ثلاث عشرة. ذكره شيخنا في إنبائه وقد زاد عليه في صنيعه في البيمارستان الولوي السفطي كما سيأتي.
محمد بن أحمد بن عبد المهدي الجمال الصيرفي المكي شيخ القوافل إلى المدينة النبوية ويقال له ابن مهدي. سمعت من يذكره ببر وإحسان لمن يكون معه وتحمل لكثير من الكلف التي يتوجه إليهم أهل الدرب فيها غير مقتصر على هذا في سفره بل يتحف كل من قدم مكة من الفقراء بعد الزيارة إما بالإطعام أو غيره. مات بمكة في ليلة الثلاثاء مستهل رجب سنة ثمان وثمانين بعد أن افتقر رحمه الله وعفا عنه.
محمد بن أحمد بن عبد النور بن أحمد بن أحمد الصدر أبو الفضل بن البهاء أبي الفتح الخزرجي الأنصاري المهلبي الفيومي ثم القاهري الشافعي سبط الحسام أبي عذبة قاضي الفيوم والمذكور بكرامات بحيث يزار ضريحه هناك ووالد البدر محمد الآتي والماضي أبوه ويعرف بخطيب الفخرية وأبوه بكنيته. ولد على رأس القرن تقريباً وحفظ القرآن والعمدة وألفية النحو وعرض على جماعة وأخذ عن الولي العراقي وشيخنا ولازمهما في الأمالي وكذا أخذ عن الجلال البلقيني وأخيه العلم والمجد البرماوي وقريبه الشمس والشمس الغراقي وابن المجدي وغيرهم وبرع في العربية وغيرها من النقلي والعقلي حتى الميزان بحيث كان المحلي يلومه على عدم تصديه للإقراء وربما كان يراجعه بعض الفضلاء فيما يشكل عليه فيحققه ويقول: هذا شيء تركناه لكم، وأدمن النظر في الروضة والمهمات والشرح الكبير لابن الملقن على المنهاج وغالبه بخطه وخط أبيه وشرح مسلم للنووي والعمدة لابن دقيق العيد وتفسير البغوي وشرح الألفية لابن أم قاسم وتوضيحها لابن هشام مع المغني له والتسهيل وغيرها وكان خيراً متعبداً منجمعاً عن الناس متحرياً في مأكله وطهارته استقر في خطابة الفخرية ابن أبي الفرج بعد بعض بني أبي وفا بتقرير عبد القادر ابن الواقف، وكان زائد الاعتقاد فيه وفي إمامة الفخرية القديمة تلقاها عن والده، وتنزل في غيرهما من الجهات، أثنى عليه ولده فيما كتبه لي بخطه وأنه لم ير مثله وطريقه. مات في جمادى الثانية سنة سبعين ودفن بالقرافة بجوار الشيخ محمد الكيزاني؛ وحج عنه بعد موته رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن الشيخ عبد السلام الشمس أبو عبد الله بن أبي العباس القليبي، حج في سنة تسع وثمانمائة وكتب عنه شيخنا أبو النعيم من نظمه بحضرة الشيخ يوسف الصفي وجماعة:
ياخيرة الله من كل الأنام ومن ... له على الرسل والأملاك مقدار
رزحي الفداء لأرض قد ثويت بها ... بطيب مثواك طاب الكون والدار
إني ظلوم انفسي في اتباع هوى ... وقد تعاظمني ذنب وأوزار
في أبيات أنشدها تجاه النبي صلى الله عليه وسلم بالحجرة الشريفة.(3/347)
محمد بن أحمد بن عبد الوهاب الشمس أبو عبد الله البرلسي التاجر ويعرف بابن وهيب، ممن صحب الشهاب بن الأقيطع وأبا العباس بن الغمري؛ وحج هو وإياه في موسم سنة ثلاث وتسعين وجاور التي تليها فلازمني وسمع مني أشياء بل أحضر ولده علي وأسمع ابن أخيه محمد بن عبد الرحمن وكتبت له كراسة واستمر بمكة بعدي حتى عاد في البحر في أول سنة ست وتسعين، ولم يلبث أن رجع في البحر أيضاً ولقيني في موسمها وبعده صرف الله عنه من يؤذيه.
آخر الجزء السادس؛ ويتلوه الجزء السابع، أوله: محمد بن أحمد بن عثمان //بسم الله الرحمن الرحيم محمد بن أحمد بن عثمان بن خلد شمس الدين الأشموني الأصل القاهري المديني المالكي ويعرف بابن الموله. ولد في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وثمانمائة وحفظ القرآن والشاطبيتين والرسالة والمختصر الفرعيين والكثير من شرح ثانيمهما للبساطي وجميع المنهاج الأصلي وأخذ الفقه عن نور الدين التنسى والعلمى والمنهوري واللقاني وداوود شخص شرح الرسالة وكان في رواق الجبرت ولأصول عن الفخر عثمان المقسى والعربية وغيرها عن الزين الأبناسي والمنطق عن العلاء الحصني وكذا قرأ على خاله النور الكلبشي وابن قاسم في آخرين، ولا زمنى في الرواية والدراية وكتب بعض تصانيفى، وتميز في الفضائل وتكسب بالشهادة ثم ناب في القضاء عن اللقاني ثم ابن تقي،وجلس في بولاق وبباب قاضية عند المشهد النفيسي أياماً لوثوقه به وشكرت سيرته ، وشرع في نظم المختصر وسرد بحضرتي الكثير منه، وحج في سنة تسع وثمانين لا بأس به.
محمد بن أحمد بن عثمان بن خلف بن عثمان المحب البهوتى بالضم القاهري الشافعي السعودي نسبة لطريقة الفقراء السعودية ويعرف بالبهوتي. ولد سنة ست وسبعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وتلاه لأبى عمر وعلى النور على السفطى - بالفاء - الضرير وعرض العمدة والمنهاج وألفية ابن ملك على البلقيني وابن الملقن والأبناسي والعراقي بل سمع عليه وعلى غيره واشتغل في الفقه على شمس الغراقى وحضر في النحو عند الشهاب الخواص؛ وحج في سنة خمس وثمانمائة، ودخل دمياط وغيرها وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وخلق باستدعاء الزين رضوان ووصفه بأحد القراء بالخانقاه الناصرية المستجدة بالصحراء وتكسب بالشهادة في حانوت الجزازين أجازلى. ومات في ذي الحجة سنة أربع أو المحرم سنة خمس وخمسين رحمه الله .
محمد بن أحمد بن عثمان بن عبد الله بن سليمان بن عمر بن الشيخ محمد صاحب الخضر المشهور قبره بالقرافة ابن سيدي أبي العباس الحراز العز التكروري الأصل القرافى القاهري المالكي الكتبي ويعرف بالعز التكروري وربما كان يقال له قديماً الغاني نسبة إلى لغانة مدينة بالتكرور. ولد في أوائل سنة أحدى وتسعين وسبعمائة بالقرافة الكبرى وحفظ القرآن وتلا به لأبي عمر وعلى الزراتيتي والعمدة والرسالة وألفيه ابن ملك وعرضها على جماعة لم يجز منهم غير التلواني وأخذ الفقه عن الشهاب الصنهاجى والشمس بن عمار والنحو والعروض وعلم الغبار عن ناصر الدين البارنبارى والفرائض عن الشمس الغراقي. وحج سنة تسع عشرة وبعدها وكتب على الشمس والوسيمى واسناد الزين عبد الرحمن بن الصائغ فأجاد وصار له خط حلو جداً متقن قال وقلت في حال كتابتي عليه وعمري إذ ذاك دون العشرين في مليح ناسخ وأشرت إلى قلم الأشعار وقلم المحقق والريحان والغبار:
لما شغفت بناسخ ناديته ... في ميم ثغرك تنشد الأشعار
نادى قلام الخد قلت محققا ... ريحان خدك ما عليه غبار
وشارك في الفضائل وله نوادر وأخبار ظريفة، وتنزل في الجهات وسمع على التنوخي أشياء منها جزء أبى الجهم وأجاز له أبو هريرة بن الذهبي وأبو الخير بن العلائي وجماعة ونبهنا عليه العلاء القلقشندي وكان يجلس عنده في سوق الكتب وأخذ عن التقى بن حجة شرح البديعية له وكتب بخطه منه عدة نسخ وتعانى النظم وتقدم في صناعة الكتب بحسب الوقت وصار في سوقه عين الجماعة وراج أمره بسببها ولزم الكمال بن البارزي والجمال ناظر الخاص فأثرى وجرت على يديه من قبلهما مبرات كل ذلك مع الديانة والأمانة والتواضع والعقل والتودد والخبرة بالزمان وحسن الصمت وملازمة التلاوة والعبادة وقد حدث باليسير أخذت عنه أشياء وكتبت عنه قوله:(3/348)
سكنت القلب يا رحمة ... وبى من عذلى غمه
فان لاموا فلا بدع ... فما في قلبهم رحمه
مات في جمادى الأولى سنة سبع وخمسين وصلى عليه بمصلى باب النصر ثم دفن في الصحراء، وكان صديقاً للبدر البغدادي القاضي قلم يتم بعده شهراً رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن الفقيه عثمان بن عمر بن عمران الدمشقي الصالحى الحنبلي ويعرف بشقير. ولد سنة خمس وسبعين وسبعمائة تقريباً وذكر أنه سمع بجامع بني أمية المحب الصامت وابن السراج فاستجازه صاحبنا ابن فهد مات في.
محمد بن أحمد بن عثمان بن عمر أبو عبد الله التونسي المالكي نزيل الحرمين ويعرف بالوانوغى بتشديد النون المضمومة وسكون الواوا وبعدها معجمة. ولد ظنا في سنة تسع وخمسين وسبعمائة بتونس ونشأ بها فسمع من مسندها ومقرئها وأبي الحسن بن أبي العباس البطرنى خاتمة أصحاب ابن الزبير بالإجازة ومن ابن عرفة وانتفع به في الفقه والتفسير والأصلين والمنطق وعلوم الحساب والهندسة وعن أبي العباس القصار عدة كتب في العربية وعن آخرين واعتنى بالعلم وأتم عناية وكان عارفاً بالتفسير والأصلين والمنطق والعربية والفرائض والحساب والجبر والمقابلة وغيرها وأما الفقه فمعرفته به دون معرفته بها مع حسن الإيراد للتدريس والفتوى والاستحضار لنكت طريفة وأشعار لطيفة وطراوة نغمة في إنشادها ومروءة تامة ولطف عشرة وكونه لشدة ذكائه وسرعة فهمه إذا رأى شيئاً وعاه وقرره وإن لم تسبق له به عناية، وقد درس وأفتى وحدث وأذن في الرواية لجماعة ممن لقيتهم وله أجوبة عن مسائل عند صاحبنا النجم بن فهد بل له تأليف على قواعد ابن عبد السلام زاد عليه فيه وتعقب كثيراً وكذا أرسل من المدينة النبوية بأسئلة عشرين دالة على فضيلته ليكتب عليهما علماء مصر أجاب عنها الجلال البلقيني إلى غير ذلك من فتاو كثيرة متفرقة يقع له فيها بل وفي كل ما تقدم مخالفات كثيرة للمنقول ومقتضى القواعد مما ينكر عليه سيما مع تلفته لمراعاة السائلين بحيث يقع له بسبب ذلك مناقضات، وكذا عيب بإطلاق لسانه في أعيان من العلماء خصوصاً شيخه ابن عرفة ومن هو أعلى وأقدم كالتقى والسبكي بل والنووى. وجاز كتباً كثيرة ودنيا واسعة بالنسبة لمثله فأذهبها بإقراضها للفقراء مع معرفته بحالهم ولكن يحمله على ذلك رغبته في الربح الملتزم فيها وناله بسبب ذلك ما لا يليق بالعلماء من كثرة تردده للباعة وأغراض بعضهم عنه حال طلبه. مات بمكة في ربيع الآخر سنة تسع عشرة بعد علة طويلة ودفن من قبر الشيخ أبي الحسن الشولى بالمعلاة. ترجمه الفاسي في مكة مطولا وهو ممن أخذ عنه وفي ترجمته عنده فوائد وكذا ترجمته في تاريخ المدينة، والتقى بن فهد في معجمه، والمقريزي في عقوده؛ وشيخنا في إنبائه وقال إنه برع في الفنون مع الذكاء المفرط وقوة الفهم وحسن الإيراد وكثرة النوادر المستظرفة والشعر الحسن والمروءة التامة والبأو الزائد وشدة الإعجاب بنفسه والإزدراء بمعاصريه وكثرة الوقيعة في أعيان المتقدمين وعلماء العصر وشيوخهم فلهجوا بذمة وتتبعوا أغلاطه في فتاويه وجرت له محن أقام بمكة مجاوراً ثم بالمدينة دهراً مقبلاً في كليهما على الأشغال والتدريس والتصنيف والإفتاء والإفادة اجتمعت به فيهما وسمعت من فوائده وله أسئلة مشكلة كتبها للقاضي جلال الدين البلقيني فأجابه عنها ثم بعث هو بنقض الأجوبة عفا الله عنه: محمد بن أحمد بن عثمان بن محمد المحب بن الشهاب الريشي الأصل القاهري الشافعي نزيل الظاهرية القديمة والماضي أبوه ويعرف بابن الكوم الريشى. مات في شعبان سنة ثمان وسبعين غير مأسوف عليه.(3/349)
محمد بن أحمد بن عثمان بن - نعيم بالفتح ثم الكسر - ابن مقدم - بكسر الدان المشددة ووجدته أيضاً بفتحها - ابن محمد بن حسن بن غانم بن محمد بن عليم بضم العين وآخره ميم - الشمس أبو عبد الله البساطي ثم القاهري المالكي عالم العصر ووالد عبد الغني ومحمد وهكذا قرأت نسبة بخطه وأسقط مرة محمداً قبل عليم، ويعرف بالبساطي.ولد في سنة ستين وسبعمائة قيل في المحرم وقبل في سلخ جمادى الأولى - وقيل في صفر وهو المعتمد ورأيت العفيف الجرهي لأرخه في مشيخته بآخر المحرم سنة اثنين وستين فالله - أعلم ببساط من قرى الغربية بالأعمال البحرية من أعمال مصر بها ونشأ فحفظ القرآن والرسالة لابن أبي زيد ثم ارتحل إلى القاهرة في سنة ثمان وسبعين فعرضها على ابن عم أبيه العلم سليمان بن خالد بن نعيم واشتغل بالعلم وأول من أخذ عنه من المشايخ كما قرأته بخطه النور الجلاوى المغربي المالكي ولازمة نحو عشر سنين في الفقه والعقليات وغيرها وكان يذهب إليه لمصر ماشياً ولما مرض أشار عليه بالقراءة في العقليات على العز بن جماعة فلازمه فيما كان يقرئه من العلوم عقليها ونقليها وكذا انتفع في الفقه مع فنون كثيرة وأكثرها أصول الفقه لابن خلدون وفي العقليات بالشيخ قنبر العجمي واشتدت ملازمته وأحبه الشيخ حتى أنه خصه بالاجتماع به دون رفقائه لما رأى من مزيد اهتمامه بالعلم دونهم وأخذ أيضاً كثيراً من الفنون عن أكمل الدين والعز الرازي وزاده الحنفيين وأصول الفقه مع الفقه والعربية عن الشمس أبي عبد الله الركراكي قرأ عليه مختصرى ابن الحاجب الفرعي والأصل وغالب الحاجبية، والعربية وحدها عن الشمس الغماري والفقه أيضاً عن ابن عم أبيه العلم سليمان التاج بهرام والزين عبيد البشكالسي ويعقوب الراكراكي والفرائض والحساب عن الشهاب بن الهائم والهندسة عن الجمال المارداني والقراءات عن النور الدميري أخي بهرام في آخرين، وسمع البخاري على ابن أبي المجد وكان يذكر أنه سمعه على التقى البغدادي في سنة تسع وسبعين وهو مع مسلم على التقى الدجوى والجمال بن الشرائحي والصدر الأبشيطى بفوت فيهما على الثاني فقط وبفوت في البخاري فقط على الأخير وصحيح البخاري فقط على الغمارى وابن الكشك والتقي بن حاتم بفوت على الأخير وحده وبعض سنين أبى داود على الغماري والمطرز وسنن ابن ماجه على الشهاب الجوهري وثمانيات النجيب على الجمال الحنبلي وسمع أيضا على النجم بن رزين والتنوخي والابناسي ابن خلدون وابن خير في آخرين واستفاد من الزين العراقي، ولم يكثر بل كما قال شيخنا لم يطلب الحديث أصلاً ولا اشتغل به وإنما وقع له ذلك اتفاقاً، وكان في شبيبته نابغة في الطلب ولم يزل يدأب في العلوم ويتطلب المنطوق منها والمفهوم حتى تقدم في الفقه والأصلين والعربية واللغة والمعاني والبيان والمنطق والحكمة والجبر والمقابلة والطب والهيئة والهندسة والحساب وصار إمام عصره وفريد دهره ويقال أنه قال مرة أعرف نحو عشرين علماً لي نحو عشرين سنة ما سئلت عن مسئلة منها، مع تجرع ما كان فيه من الفاقة والتقلل الزائد بحيث أخبر عن نفسه كما قال المقريزي أنه كان ينام على قش القصب وبما مضت الأيام وليس معه الدرهم بحيث يضطر لبيع بعض نفائس كتبه إلى أن تحرك له الحظ وأقبل عليه السعد فأثنى عليه البنان واللفظ فكان أول تدريس وليه تدريس الفقه بالشيخونية في سنة خمس و ثمانمائة ثم بالصاحبية وولاه جمال الدين تدريس الفقه بمدرسته أول ما فتحت سنة إحدى عشرة وعظمه جداً مع كونه أفتى بالمنع من قتل من كان غرضه قتله مخالفاً في ذلك أهل مذهبه حتى قاضيهم و ما اقتصر على ذلك بل أحسن إليه أيضاً، ثم مشيخة التربة الناصرية فرج بن برقوق بالصحراء في سنة ثماني عشرة بعناية نائب الغيبة الأمير ططر ثم قضاء المالكية بالديار المصرية في خامس عشرى جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين بعد موت الجمال عبد الله بن مقداد الأقفهسي وذلك في آخر أيام المؤيد و قدمه على قريبه الجمال يوسف رغب فيما ذكر له عنه من الفاقة والتعفف مع سعة العلم و كونه أفقه و أكثر معرفة بالفنون منه وإن كان الجمال أسن و أدرب بالأحكام وأشهم كما قاله شيخنا فيهما، هذا بعد أن كان ناب قديماً عنه حين كان قاضياً بل وناب أيضاً عن غيره كما قال شيخنا ثم ترك، وكانت لشيخنا في ولايته البد البيضاء على ما بلغني مع(3/350)
قيام ططر أيضاً وكذا استقر فيما كان مع الجمال المذكور من التداريس بالبرقوقية و الفخرية و القمحية ورغب عن الشيخونية حينئذ للشهاب بن تقى لكونه كان عين للبرقوقية فاختارها القاضي لقربها منه وأعطاه الصاحبية أيضاً واستمر على ولايته إلى أن مات، وسافر مع السلطان في جملة القضاة والخليفة مرة بعد أخرى، بل و جاور بمكة سنة بينهما وكان القاضي هناك على قدم عظيم من العبادة وكثرة التلاوة وأقرأ كتباً وانتفع به جماعة امتدحه منهم أبو السعادات بن ظهيرة، وكان إماماً علامة عارفاً بفنون المعقول والعربية والمعاني والبيان والأصلين متواضعاً لينا سريع الدمعة رقيق القلب محباً في الستر والصفح والاحتمال طارحاً للتكلف ربما صاد السمك. اشتهر أمره وبعد وصيته وصار شيخ الفنون بلا مدافع وتخرج به خلق طار اسمهم في حياته وتزاحم الأئمة من سائر المذاهب والطوائف في الأخذ عنه وحدث بالقاهرة ومكة سمع منه الجلة واستدعى شيخنا الإجازة منه لولده وأثنى عليه ابن خطيب الناصرية وشيخنا والمقريزي وآخرون في تصانيفهم، ومن تصانيفه المغنى في الفقه لم يكمل وشفاء الغليل على كلام الشيخ خليل يعني في مختصره الفرعي لم يكمل أيضاً بقى منه اليسير جداً فكلمه أبو القسم النويري وتوضيح المعقول وتحرير المنقول على ابن الحاجب الفرعي لم يكمل أيضاً وحاشية على المطول للتفتازاني وعلى شرح المطالع للقطب وعلى المواقف للعضد ونكتاً على الطوالع للبيضاوي ومقدمة مشتملة على مقاصد الشامل في الكلام وأخرى في أصول الدين وفي العربية وكتب على مفردات ابن البيطار وله قصة الخضر ورسالة في المفاخرة بين الشام ومصر بديعة فيما بلغني وتقريض على الرد الوافر بن ناصر الدين بسبب التقى بن تيمية أجاد فيه ولمح بالحط على العلاء البخاري لأجل تجاذبهما في ابن عربي، وغير ذلك مما لم يظهر كمصنف في ابن عربي وشرح للتائية والفارضية فيما قيل مما لم يثبت أمرهما عندي، ونظم ونثر من قسم المقبول فما علمته من نظمه امتداحه لشيخنا قديماً كما هو في مكان آخر وقوله عقب رجوعه من المجاورة بمكة:م ططر أيضاً وكذا استقر فيما كان مع الجمال المذكور من التداريس بالبرقوقية و الفخرية و القمحية ورغب عن الشيخونية حينئذ للشهاب بن تقى لكونه كان عين للبرقوقية فاختارها القاضي لقربها منه وأعطاه الصاحبية أيضاً واستمر على ولايته إلى أن مات، وسافر مع السلطان في جملة القضاة والخليفة مرة بعد أخرى، بل و جاور بمكة سنة بينهما وكان القاضي هناك على قدم عظيم من العبادة وكثرة التلاوة وأقرأ كتباً وانتفع به جماعة امتدحه منهم أبو السعادات بن ظهيرة، وكان إماماً علامة عارفاً بفنون المعقول والعربية والمعاني والبيان والأصلين متواضعاً لينا سريع الدمعة رقيق القلب محباً في الستر والصفح والاحتمال طارحاً للتكلف ربما صاد السمك. اشتهر أمره وبعد وصيته وصار شيخ الفنون بلا مدافع وتخرج به خلق طار اسمهم في حياته وتزاحم الأئمة من سائر المذاهب والطوائف في الأخذ عنه وحدث بالقاهرة ومكة سمع منه الجلة واستدعى شيخنا الإجازة منه لولده وأثنى عليه ابن خطيب الناصرية وشيخنا والمقريزي وآخرون في تصانيفهم، ومن تصانيفه المغنى في الفقه لم يكمل وشفاء الغليل على كلام الشيخ خليل يعني في مختصره الفرعي لم يكمل أيضاً بقى منه اليسير جداً فكلمه أبو القسم النويري وتوضيح المعقول وتحرير المنقول على ابن الحاجب الفرعي لم يكمل أيضاً وحاشية على المطول للتفتازاني وعلى شرح المطالع للقطب وعلى المواقف للعضد ونكتاً على الطوالع للبيضاوي ومقدمة مشتملة على مقاصد الشامل في الكلام وأخرى في أصول الدين وفي العربية وكتب على مفردات ابن البيطار وله قصة الخضر ورسالة في المفاخرة بين الشام ومصر بديعة فيما بلغني وتقريض على الرد الوافر بن ناصر الدين بسبب التقى بن تيمية أجاد فيه ولمح بالحط على العلاء البخاري لأجل تجاذبهما في ابن عربي، وغير ذلك مما لم يظهر كمصنف في ابن عربي وشرح للتائية والفارضية فيما قيل مما لم يثبت أمرهما عندي، ونظم ونثر من قسم المقبول فما علمته من نظمه امتداحه لشيخنا قديماً كما هو في مكان آخر وقوله عقب رجوعه من المجاورة بمكة:
لم أنس ذاك الأنس والقوم هجع ... ونحن ضيوف والقراء منوع(3/351)
وعشاق ليلى بين باك وصارخ ... وآخر مسرور بالوصال ممتع
وآخر في الستر الآلهي متيم ... تغوص به الأمواج حيناً وترفع
وآخر قرت حاله فتميزت ... معارفه فيما يروم ويدفع
وآخر أفنى الكل عن كل ذاته ... فكل الذي في الكون مرءا و مسمع
وآخر لأكون لديه ولا له ... رقيب بقاحط يثنى ويجمع
ومما علمته من نثره ما قرض به سيرة المؤيد لابن ناهض مما أثبته في ترجمته مع غيره من الفوائد من ذيل رفع الأصر، وقد سلف في أحمد بن محمد بن عبد الله المغراوي حكاية تدخل في ترجمته، ولم يزل على علو مكانه وارتفاع كيوانه حتى مات في ليلة الجمعة ثالث عشر رمضان سنة اثنتين وأربعين بالقاهرة وصلى عليه بباب النصر ثم دفن بجانب شيخه العز ابن جماعة في تربة بنى جماعة بالقرب من تربة سعيد السعداء. وقال شيخنا وهو جالس بين القبرين أنا الآن بين بحرين وأوصى أن لا يعلم قبره بأحجار وأمطرت السماء مطراً خفيفاً في حال مغتسلة وتكاثر حالة الدفن وبعدها ولم يخلف بعده في فنون مثله؛ وقد ذكره المقريزي في عقوده وأنه شرح المختصر وابن الحاجب والمغنى ثلاثتها في الفقه وعمل حاشية على المطول وعلى شرح الطوالع للقطب ونكتاً على المواقف للعضد ومقدمة في أصول الدين وأنه أقرأ المختصر الفرعي لابن الحاجب بمكة في نحو مائة وعشرين مجلسا ًمن خمسة أشهر والمختصر الأصلي والطوالع في أصول الدين وأنه أنشده في سنة أربع عشرة مما كتب به وهو بالسجن بحماة إلى أصحابه وقد انقطعت مكاتباتهم عنه قال ثم كتبتها من خطة وساقها وما رأيت من ذكر أنه سجن غيره فيحرر رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عثمان الشمس التتائي الأزهري المالكي ويعرف بالهنيدي. ولد بتتا أو بناحيتها وقرأ القرآن عند الفقيه هرون وحضر في الفقه عن أبي القسم النويري وطاهر والنور والوراق والتريكي المغربي ثم السنهوري في آخرين وأقرأ في الطباق وتكسب بالشهادة وباشر لمثقال الساقي ثم لقايتباى في إمرته وأبعده قبيل سلطنته بل ضربة ، وكان ذا نظم ومعرفة بالتركي مع جراءة وحج. مات في جمادى الأولى سنة ست وتسعين وقد جاز السبعين رحمه الله وعفا عنه.
محمد بن أحمد بن أبي العز بن أحمد بن أبي العز بن صالح الأذرعي بن الثور.هكذا كتبه بعضهم؛ ومحمد زيادة بل هو أحمد وقد مضى .
محمد بن أحمد بن عطيف الفقيه الأجل الصالح الجمال الأمين؛ تفقه بعد حفظه المنهاج بخاله الوجيه عبد الرحمن بن محمد الناشري وبابن خاله القاضي أحمد ابن أبي القسم. ذكره العفيف ولم يؤرخه.
محمد بن أحمد بن علوان بن نبهان بن عمر بن نبهان بن عباد ناصر الدين بن الشهاب الجبريني الناصري الحلبي ويعرف بأبن نبهان. ولد سنة خمس وتسعين وسبعمائة تقريباً.ومات ظناً بعد سنة خمسين.
محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن عبد المحسن السخاوي المؤدب نزيل مكة.سيأتي في محمد بن أحمد بن علي قريباً.(3/352)
محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد المغيث بن مصطفى ابن فضل بن حماد بن إدريس الشمس بن الشهاب النشرتي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده. ولد كما قرأته بخط أبيه في ليلة الجمعة سابع عشرى رمضان سنة إحدى وعشرين وثمانمائة وحفظ القرآن وجوده على بعض القراء والعمدة والتنبيه وغيرهما وعرض واشتغل في الميقات والحساب والعربية ونحوها؛ ومن شيوخه في ذلك نور الدين النقاش وعبد العزيز الوفائي والمحب بن العطار وسمع الحديث مع الولد على جماعة بل أخذ في مكة عن التقى بن فهد وغيره ولازمني حتى قرأ على القول البديع وترجمة النووى وغيرهما من تصانيفى وبذل الماعون والخطب وغيرهما من تصانيف شيخى وألفية السيرة للعراقي وأشياء وكذا كتب عنى في مجالس الإملاء وحصل أشياء من تصانيفى وأجوبتي وقرأ أيضاً على الفخر الديمى جملة وعلى البقاعي مختصر الروح له وعلى أبي حامد القدسي ، واعتنى بتحصيل الكتب واشتدت رغبته في الاستفادة حتى صار متقناً مفيداً بارعاً في الميقات والحساب ذا إلمام بالعربية وغيرها مجيداً لقراءة الحديث مع تواضع وخير وثقة وإقبال على شأنه؛ أقرأ في الطباق، وحج وتنزيل في صوفية الصلاحية والبيبيرسية والجمالية، وباشر التوقيع في جامع آل ملك بل أم به. مات بعد توعكه مدة بطرف استسقاء في ليلة الثلاثاء منتصف رمضان سنة إحدى وثمانين وصلى عليه من الغد تجاه جامع آل ملك ودفن بالقرب منه عند أسلافه، ولم يخلف بتلك الخطة في معناه مثله رحمه الله وإيانا. ورأيت ألفية العراقي السيرة بخط شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد المغيث بن مصطفى ابن فضل بن حماد بن إدريس النشرتي المالكي كتبها بالمدينة الشريفة وسمعها من ناظمها في شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وهو قريب لهذا.(3/353)
محمد بن أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن التقي أبي الفضل سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد بن أحمد بن قدامة الشمس أبو عبد الله بن النجم بن الفخر بن النجم بن العز المقدسي الدمشقى الصالحي الحنبلي نزيل القاهرة. ويعرف بالخطيب ابن أبي عمر. ولد في عشية عيد الفطر سنة خمس وثمانمائة بصالحية دمشق ونشأ بها فقرأ القرآن على إبراهيم الخفاف الحنبلي أحد الصلحاء وحفظ الخرقى، وقال أنه قرأ في الفقه على زوج أمه أبي شعر وغيره بدمشق وعلى المحب بن نصر الله بالقاهرة وأنه سمع على عائشة ابنة ابن عبد الهادي في السيرة بقراءة ابن موسى؛ زاد غيره من الطلبة أنه وقف على سماعه عليها لقطعة من ذم الكلام للهروى بقراءة ابن موسى أيضاً وأنه سمع على الجمال بن الشرائحي والشهاب بن حجي، ومما سمعه على أولهما الجزء الأول من مشيخة الفخر. وقدم القاهرة مراراً أولها في سنة سبع وعشرين وسمع بها في صفر سنة خمس وأربعين بحضرة البدر البغدادي على ابن ناظر الصاحبة وابن الطحان وابن بردس وكذا حج جاور غير مرة أولها في سنة عشرين مع زوج أمه ثم في سنة ثمان وعشرين وسمع على ابن الجزري في مسند أحمد ومن ذلك الختم وعلى عائشة الكنانية عارية الكتب لليزدى، وناب في القضاء ببلده عن ابن الحبال ثم بالقاهرة عن العز البغدادي فمن بعده وجلس بحانوت القصر وقتاً، وأضيف إليه بعد موت الشرف بن البدر البغدادي قضاء العسكر ثم بعد موت البدر نفسه تصدير بجامع عمرو وجهة يقال لها بلاطة بنابلس وولى خطابة الجامع الجديد بمصر والإمامة به وإعادة بالمنصورية واستيفاء جامع طولون وصار يكثر الخلطة بأهل المناوآت لذلك والإقامة عندهم وابتنى هناك مكاناً والتصوف بالبرقوقية بل تحدث في استقراره في القضاء عقب البدر المشار إليه ثم ترشح له أيضاً في أيام العز الكناني فكف الجمال ناظر الخاص السلطان عن ولايته وعرفه بمكانته وكذا ذكر بعد موته لذلك فما تهيأ وتألم جداً؛ وقد كتب بخطه الكثير كتاريخ ابن كثير وطبقات الحفاظ للذهبي والمغنى لابن قدامة والفروع لابن مفلح وربما أفتى بأخرة وهش وانجمع مع عدم دربة خبرة وسرعة بادرة ورغب من الاستيفاء وغيره وتردد إليه صغار الطلبة للسماع بحيث حدث بمسموعة من ذم الكلام وبغير ذلك، وكتب على الاستدعاءات؛ وكنت ممن حدث بحضرته بأشياء من جملتها مسموعة من ذم الكلام وهو من باب في ذكر أشياء من هذا الباب ظهرت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطبقة السادسة ومن قوله فيه إلى وأجاز لنا ولا زال في تناقض مقيماً بالبرقوقية.
محمد بن أحمد بن علي بن أحمد البعلي الحنبلي ويعرف بابن حبيب وهو لقب أبيه. ولد في مستهل شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة ببعلبك. ومات بها في حدود سنة وسبعين. قاله البقاعي.
محمد بن أحمد بن علي بن أحمد الشمس السفطرشيني - نسبة لسفط رشين من البهنساوية - نزيل سويقة عصفر ومن القاهرة؛ ممن أخذ عن البرهان النعماني و أرسل به إلى فسمع منى المسلسل في جمادى الثانية سنة ست وتسعين.
محمد بن أحمد بن علي بن إدريس البدر أبو الفضل بن البدر العلائي الرومي الأصل القاهري الحنفي نزيل تربة قانم وربيب سعد الدين الكماخي، والماضي جده. ولد في ليلة رابع عشر ذي الحجة سنة ست وخمسين وثمانمائة بالديلمية، ومات أبوه وهو طفل فكفله جده المشار إليه، وحفظ القرآن والقدورى والمنار والكافية وبعض الشاطبية وتلا للعشر فأزيد على الزين جعفر وابن الحمصاني وغيرهما وأخذ عن الزين قاسم والأمين الاقصرائي وتلميذه الصلاح الطرابلسي في الفقه ولازم في العربية والصرف والمنطق والمعاني وغيرهما التقى والعلاء الحصنيين واعتنى بالتردد للقادمين كملاً حسن شلبي وملا أبي القسم الليثي السمرقندي وحبيب الله، وطلب الحديث وقتاً وسمع الحديث وطلب يسيراً وأخذ عني أشياء دراية و رواية بقراءته وقراءة غيره وكذا لازم الديمي وقرأ عليه شرح النخبة ولبس الخرقة من علي حفيد يوسف العجمي وأخذ عنه ريحان القلوب لجده وغير ذلك؛ وحج وأخذ بمكة عن النجم بن فهد وبالمدينة عن أبي الفرج المراغي، مع عقل وسكون وتعفف وميل للغرباء وخضوع لهم أكثر من خضوعه لمن هم في مرتبة شيوخهم، وصار إليه بعض الجوامع بالروضة فتوجه لإصلاحه والسكنى هناك وربما خطب به، ونعم الرجل.(3/354)
محمد بن أحمد بن علي بن اسحق بن محمد القاضي شمس الدين الخليلي الداري، عرف بابن المحتسب. ولد سنة شرة وثمان وثمانمائة ببلد الخليل وحفظ المنهاج وعرضه على جماعة من المصريين وغيرهم وسمع على إبراهيم بن حجي والشمس محمد بن أحمد التدمري ولكنه لم يشتغل، وولى قضاء بلده بعد أبيه فلم يحمد، وأضر بأخرة فولى أخوه إبراهيم. مات في سنة اثنتين وتسعين بالقاهرة لما طلب هو وأخوه بسبب صهره أبي بكر أمير جرم بعلة البطن.
محمد بن أحمد بن أبي الحسن علي بن أبي بكر بن حسن الشمس البتوكي - بضم الموحدة ثم المثناة وآخره كاف وبتوكة من البحيرة - القاهري الظاهري المالكي ويعرف بالنحريري لكون بعض أجداده من قبل أمه منها. ولد قبل سنة عشرين تقريباً بالظاهرية القديمة ونشأ بها فحفظ القرآن وهو ابن تسع وقرأ على الشمس العفصي وحبيب والشهاب بن هاشم والنور الإمام وغيرهم بعضهم تجويداً وبعضهم لأبي عمرة وكذا حفظ العمدة والرسالة وألفية النحو وبعض ابن الحاجب وعرض فيما قال على الولي العرافي والبيجوري والبساطي والمحب بن نصر الله وشيخنا والشهاب الصنهاجي وصالح المغربيين في آخرين، وحضر في دروس البساطي بلى قرأ كثيراً في الفقه على الزين عبادة وفي العربية على يحيى الدماطي وكذا أخذ عن طاهر وغيره، وسمع على شيخنا وابن نصر الله وعائشة الحنبلية وجماعة قرأ الشفا وغيره على بعض المتأخرين فأحسن القراءة فيما يكون مضبوطاً، وأجاز له باستدعاء ابن فهد في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين خلق، وتزوج البقاعي أم زوجته فنقم عليه الطلبة كونه وصفه بزوج حماتي، وتنزل في بعض الجهات وتكسب بالشهادة بل استنابه الولوى السيوطي في الجيزة لاختصاصه به ثم تركها وتردد إلى أوقاتاً وقرأ على الزين زكريا؛ وحج وأثكل ابنه عبد القادر فصير وقد انقطع وكان أبوه خيراً تاجراً يتكسب بالتجارة في الشرب وغيره ممن حفظ القرآن والرسالة واشتغل قليلاً وصحب الزين عبادة . ومات أعنى أباه في ليلة سابع عشرى رجب سنة ست وخمسين عن ثلاث وستين سنة.
محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر القاضي جمال الدين بن القاضي أبي الفضل لن القاضي موفق الدين الناشري اليماني الشافعي. ولى قضاء زبيد بعد وفاة عمه عبد المجيد إلى أن مات في أواخر شعبان سنة أربع وسبعين مع كونه غير مشكور في قضائه لكنه كان جواداً مطعاماً مفضالاً على حسب وسعة وكان قد تفقه قليلاً بالجمال محمد بن ناصر الحسيني بلداً أحد تلامذة ابن المقري. أفاده لي بعض ثقات اليمانيين.
محمد بن أحمد بن علي بن حسين تقي الدين بن الشهاب العبادي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه. مات وقد ناف على الثلاثين في يوم الجمعة مستهل رجب سنة أربع وثمانين وصلى عليه بعد الجمعة بالازهر، وكان قد اشتغل عند أبيه وعم والده السراج وقرأ في بعض تقاسيمه وآخرين، وجلس مع الشهود وتنزل في الجهات عفا الله عنخ ورحمه.
محمد بن أحمد بن علي بن خليفة الشمس الدكماوي المنوفي ثم القاهري الازهري الحنفي أخو على الماضي ويلقب حذيفة لمحبة أبيه في حذيفة بن اليمان الصحابي. ولد في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة تقريباً بدكما، ونشأ فحفظ القرآن وتحنف لما استقر في امامة المدرسة السودونية في سويقة العزى وخطابتها عوضاً عن البدر حسن القدسي بل كان يتكلم في أوقافها وأخذ عن الأمين الاقصرائي وغيره وحج واختص بغير واحد من الأمراء وكان حسن الشكالة تام الكرم عظيم الهمة مع من يقصده كثير التودد والعقل. مات في أوائل ذي القعدة سنة أربع وثمانين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن علي بن خليل السنهوري الدمنهوري. ولد في شعبان سنة ست وثمانين وسبعمائة بدمنهور الوحش وقدم القاهرة فكان صانع حمام بحلق ويغسل مع محبة في العلم وأهله ومعارف. ذكره المقريزي في عقوده وقال تردد إلى سنين وحكى عنه من صنائع أبناء حرفته ما لا أطيل به، ولم يؤرخ وفاته.(3/355)
محمد بن أحمد بن علي بن سليمان الشمس أبو عبد الله بن الركن المعري ثم الحلبي الشافعي ممن ينتسب إلى أبي الهيثم التنوخي عم أبي العلاء المعري.ولد سنة بضع وثلاثين وسبعمائة وتفقه وأخذ عن الزين الباريني والتاج بن الدريهم وبدمشق عن التاج السبكي، وكتب بخطه من الكتب الكبار الكثير المتقن مع ضعفه وخطب بجامع حلب مدة وأنشأ خطباً في مجلده، وكان حاد الخلق كثير البر والصدقة وله نظم وسط بل نازل فمنه في معالج:
جسمي سقيم من هوى مهفهف يعالج
كيف تزول علتي وممرضى معالج
ومنه :
أحببت رساماً كبدر الدجى ... بل فاق في الحسن على البدر
فقلت ما ترسم يا سيدي ... قال بتعذيبك بالهجر
مات في الكائنة العظمى سنة ثلاث. ذكره ابن خطيب الناصرية وأنشد من نظمه غير ذلك وهو ممن أخذ عنه النحو وغيره وكذا أخذ عنه ابن الرسام أيضاً وهو ابن عم الجمال السابق لأمه، ورأيت له مصنفاً سماه روض الأفكار وغرر الحكايات والأخبار وكتب على ظهره قريب له أنه مات مقتولاً شهيداً على يد تمرلنك لكونه لقيه بكلام شديد قال وكان عالماً صالحاً مفتياً رحمه الله.
محمد بن أحمدبن علي بن عبد الخالق الشمس الاسيوطي ثم القاهري الشافعي المنهاجي. ولد كما قال لي في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وقيل سنة عشر بأسيوط، ونشأ بها فحفظ القرآن عند سعد الدين الواحى وغيره والعمدة وأربعى النووى الشاطبية والمنهاج الفرعي والأصلي وسطور الأعلام في معرفة الإيمان وا لإسلام للحمصي فيما زعمه وأنه عرض على الجلال البلقيني والولي العراقي والبيجوري والشرف الأقفهسي والتفهني وقاري الهداية والبساطي وابن مغلى في آخرين منه انجم بن عبد الوارث والحمصي وأنه تلا لأبي عمرو على الشمي البوصيري، وقرأ في الفقه على الزكي الميدومي والشمس بن عبد الرحيم والبدر بن الخلال وعن الزكي أخذ النحو أيضاً وعن الشهاب السخاوي القادم عليهم أسيوط مجموع الكلائى والملحة وقيل الشهاب العجيمي وهو الذي سمعته منه والحديث عن شيخنا والتقي بن عبد الباري الكفيف وغيرهما، وتكسب بالشهادة وتعاني الأدب وتميز فيه وامتدح شيخنا بقصيدة دالية سمعتها منه مكة والقاهرة وكتبتها أوجلها في الجواهر وكذا كتبها عنه البقاعي منها:
ياكعبة قبل الوقوف دخلتها ... من باب شيبة حمدك المتأكد
وجمع في الشروط كتاباً سماه جواهر العقود ومعين القضاة والشهود في مجلد ضخم وأذن له شيخنا في العقود، وصحب الأمير جامم قريب الأشرف برسباي فاختص به وسافر معه لحلب ثم للشام وكتب عنه الفضلاء من نظمه ونثره وجمع مجاميع في الأدب والتاريخ ولكنه يرمي بالمجازفة ولا يحمد في شهاداته وقد أهين بسببها في مكة وغيرها، ولما كان مجاوراً بمكة قرض للتقي بن فهد كتابه نهاية التقريب وقرأ بها البخاري مرة بعد أخرى ثم لقيه حفيده العز بحلب بعد دهر وكتب عنه من نظمه قصائد، ولقيني بمكة ثم بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن الفاسي فيمن جده علي بن محمد بم محمد بن عبد الرحمن .(3/356)
محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله بن أبي الفتح بن هاشم بن اسماعيل ابن إبراهيم بن نصر الله بن أحمد الشمس أبو عبد الله بن الشهاب أبي العباس بن العلاء الكناني الرملي العسقلاني القاهري الحنبلي ويعرف أولا بالرملي ثم بالشامي.ولد في صفر سنة أربعين وسبعمائة بالرملة، وانتقل وهو صغير إلى مصر فحفظ القرآن والمقنع وحضر دروس القاضي موفق الدين ولازم ابن عمه القاضي ناصر الدين نصر الله بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح وخدمه ثم أولاده وسمع على العرضى مسند أحمد الا اليسير منه مشيخة الفخر بن البخاري ورباعيات الترمذي وعلى أبي الحرم القلانسي ذيل مشيخته تخريج العراقي والحربيات الخمسة ما عدا أولها وجزء الآثار وهو الأول من حديث الزهري وعلى العز بن جماعة الادب المفرد للبخاري وعلى الجمال بن نباتة السيرة لابن هشام وعلى المحب الخلاطي سنن الدارقطنى بفوت وسمع من آخرين، وأجاز له خلق واجتمع بابن شيخ الجبل حين قدم القاهرة وسمع كلامه، وحدث بالكثير بالقاهرة ومكة وغيرهما سمع منه خلق كشيخنا وابن موسى والأبي وفي الأحياء سنة خمس وتسعين بعض من سمع منه، وتفرد في الدنيا بسماعه من العرضى، وناب في القضاء مدة وصار عين النواب وأكبرهم، وحج وجاور؛ وكان شيخاً مفيداً حافظاً للمقنع مذاكراً به مع جموده وقصوره، قال شيخنا : قرأت عليه وأجاز لأولادي. مات في شعبان سنة إحدى وثلاثين؛ وهو في عقود المقريزى وإن الشامي تردد إليه دهراً رحمه الله.
محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله جمال الدين أبو عبد الله الخصرمي التريمى العدني الدار الشافعي ويعرف بابا فضل. أرسل في سنة ست وثمانين يستدعى منى الإجازة وأنا بمكة فكتب له ولد في سلخ شعبان سنة أربعين بتريم - بفتح المثناة ثم راء ككريم أعظم قرى حضر موت - وارتحل منها لعدن فاستوطنها وحفظ القرآن والحاوي، وتفقه بقاضيها محمد بن أحمد الدوعاني الهجراني باحميش وقرأ صحيح مسلم وغيره على قاضيها أيضاً محمد بن مسعود بن سعد الأنصاري الخزرجي النجار المكني بأبي شكيل، واشتغل على غيرهما ممن تقدم عليهم في العربية وغيرها، وبرع وتفنن وتصدى للاقراء فانتفع به جماعة وشرح ألفية البرماوي في الأصول وعمل العدة والسلاح في أحكام النكاح وغير ذلك؛ وحج غير مرة وزار وعرف مع فضيلته بالصلاح والورع واعتقده أهل تلك النواحي وهو سنة ثمان وتسعين في الأحياء.
محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله الشمس الحجازي الشريفي العطار بمكة وشيخ المقرئين بالجامع ووالد عبد اللطيف الماضي وغيره. مات بمكة في ذي العقدة سنة وخمس وستين.أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن علي بن علي الشمس أبو المعالي بن الشهاب المقرى والده ويعرف بابن الشيخ علي. ولد عرض على بحضرة أبيه وجماعة المنهاج والألفية في ربيع الثاني سنة تسعين وأجزته.(3/357)
محمد بن أحمد بن علي بن عمر بن أحمد بن أبي بكر بن سالم الجمال أبو الخير ابن الشهاب أبي العباس الكلاعي الحميري الشوائطي - نسبة لشوائط بلد بقرب تعز - اليماني المكي الشافعي الماضي أبوه وأخوه على. ولد في جمادى الأولى سنة ثماني عشرة بمكة، ونشأ بها فحفظ القرآن وتلا به بالسبع والعشر على والده وأربعى النووى والملحة ومساعد الطلاب في الكشف عن قواعد الإعراب للنجم المرجاني والبردة والشاطبيتين وألفية النحو والحديث وتلخيص المفتاح وإيساغوجى والنخبة لشيخنا والمنهاج الأصلي والبهجة الوردية وعروض ابن الحاجب وتتمة الشاطبية في القراءات الثلاث للواسطى وثلاثة أرباع تحبير التنبيه للزنكلوني، وسمع بمكة من وبالمدينة من الجمال الكازروني وتفقه فيها به وفي مكة بأبيه بحث عليه التنبيه والوجيز للغزالي وبالشهاب الضراسي اليماني حين كان مجاوراً بمكة بحث عليه البهجة وبإبراهيم الكردي الشوساري وإمام الدين أحمد بن عبد العزيز الشيرازي بحث عليهما مفترقين نحو الربع الأول من الحاوى الصغير وأخذ الأصول عن الكردي المذكور والنجم الواسطي قرأ على كل منهما منهاج البيضاوي وسمع على ثانيهما بقراءة أبيه شرحه له، وأجازهما بإقرائهما وقرأ على إمام الدين المشار إليه قطعة من منهاج البيضاوي وغالب التلخيص وشيئاً من الكافية في النحو وعلى السيد الشريف أصول الدين قرأ عليه رسالة الزين الخوافي وعقائد النسفى وشرحها للسعد التفتازاني وشيئاً من الطوالع للبيضاوي وأجاز له، وتوجه إلى الديار المصرية في أثناء سنة خمس وأربعين فأخذ عن جماعة من أعيانها كالتقي الشمني والشرف المناوي وإمام الكاملية وقرأ على شيخنا النخبة وشرحها في مجالس آخرها سابع صفر سنة سبع وأربعين وأذن له في إفادتها لمن أراد ووصفه في مراسلة عزى فيها أباه به بأنه أسف عليه كلما عرفه لما انطوى عليه من الخير والعبادة وطلاقة الوجه وحلاوة اللسان وقلة الفضول وكثرة الاحتمال والإقبال على الاشتغال بحيث أنه لا يتفرغ لتناول ما يسد رمقه. مات بالقاهرة في رمضان سنة بضع وأربعين ودفن بالزيادة من حوش سعيد السعداء وفجع به والده عوضهما لله الجنة.
محمد بن أحمد بن علي بن عمر أو محمد سعد الدين أبو البركات بن حرب أرغد بن صير الدين بن ولسع الجبرتي الحبشي ويعرف كسلفه بابن سعد الدين والد صير الدين محمد الآتي ملك المسلمين من الحبشة كان أخوه حق الدين محمد المذكور في الدرر قد حبسه مدة فاتفق أنه ملك بعده سنة ست وسبعين وسلك مسلكه في محاربة الحطى وتمكن في الملك بتؤدة وسياسة واتسعت مملكته وكثرت جيوشه، ودام في الملك حتى استشهد في سنة خمس عشرة فمده مملكته نحو أربعين سنة. وهكذا استفدته من بعض تعاليق شيخنا ولم يذكره في إنبائه نعم هو مذكور في سنة ربع وثمانمائة من حوادثه، وكان خيراً ديناً، وبعد ثمانية أشهر من وفاته انتظم شمل مملكته بأحد أولاد صير الدين فان الناصر أحمد ابن الأشرف صاحب اليمن جهزه ومعه اخوته التسعة إليها.
محمد بن أحمد بن علي بن عواض. يأتي بدون أحمد.
محمد بن أحمد بن علي بن عيسى تاج الدين بن زين الدين الانصاري الدهروطي الأصل الريشي المولد القاهري البهائي الشافعي سبط المجد إسماعيل الحنفي ووالد الشهاب أحمد الماضيين وأبوه ويعرف بالأنصاري. حفظ المنهاج وعرضه واشتغل فيه عند البيجوري والبرماوي وغيرهما وناب في تفهنة وغيرها لذا نسب تفهنيا بل ناب عن شيخنا بالقاهرة وكان جاره. مات بعد مرض طويل في صفر سنة اثنتين وأربعين وأرخه شيخنا في يوم الأحد تاسع عشري المحرم سنة ثلاث وأربعين وقال إنه لم يجاوز الستين ودفن بحوش لجده لأمه يعرف بالعلاء التركماني تجاه الشيخ حسن الجاكى رحمه الله.(3/358)
محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن تقي الدين أحمد بن زكي بن عبد الخالق بن ناصر الدين منصور بن شرف الدين طلائع الجلال بن الولوى المحلى ثم السمنودى الشافعي الرفاعي ويعرف بابن المحلى. ولد في العشر الأخير من رمضان سنة خمس وعشرين وثمانمائة بسمنود ونشأ بها فحفظ القرآن عند ابن ناصر الدين محمد بن محمود العجمي تلميذ الشيخ مظفر وعليه جوده والنهاية المنسوبة للنووى في الفقه ومعظم التنبيه وجميع الرحبية في الفرائض وألفيه ابن ملك والملحة وتصريف العزى، وعرض على قاضي المحلة الشهاب العجمي وأخذ الفقه عن خاله الشمس محمد بن أحمد بن حمزة الماضي والشمس الشنشى والورورى وتردد لدرس المناوى والعبادى، والفرائض عن السراج عمر بن مصلح المحلى وأبي الجود وكذا أخذها مع العربية عن بلدية العز المناوى، وحضر في العربية أيضاً وفي غيرها دروس الشمني والميقات عن عبد الرحمن بن الشيخ عمر السمنودى وسمع بقراءتي على شيخنا اليسير من آخر الجزء الأول من حديث ابن السماك في ربيع الثاني سنة إحدى وخمسين ثم على أبي حامد بن الضياء المكي بها سنة وست وستين داخل الكعبة شيئاً وكان مجاوراً في تلك السنة ثم جاور التي تليها وقرأ بترغيب صاحبنا السنباطي فأنه جاور فيها على أبي الفتح المراغى والزين الأميوطي والتقي بن فهد والبرهان الزمزمي والأبى والشوائطى وآخرين، ثم قدم القاهرة وقد احب الطلب فقرأ على الزين البوتيجي والزكي المناوى وطائفة بحيث أكمل الكتب الستة وغيرها، وأكثر من التردد إلى في مجالس الإملاء والإقراء وغيرها، وأقام ببلده متصدياً للإفادة فأخذ عنه جماعة وأقرأ الأولاد وقتاً وأفتى ووعظ وولى العقود بها وامتنع من الدخول في القضاء وصارت له وجاهة وشهرة في تلك الناحية؛ وصنف كتاباً في أدب القضاء مفيداً قرضته له وشرح تائية البهاء السبكي وكتب بخطه أشياء؛ وهو إنسان خير قانع متعفف مع فضيلة وعقل وتودد وحسن عشرة وإكرام للوافدين مع مزيد فاقته ورغبة في إزالة المنكر، كتبت عنه في بلده وغيرها من نظمه وكذا سمع منه البقاعي في ربيع الأول سنة إحدى وستين قصيدة عملها في كنيسة أحدثت بسمنود وكتب لي مناماً بخطه سمعه من رائية وبالغ في إثباته في الوصف؛ وخطبه الخيضري ليكون شيخ المكان الذي عمله بجوار ضريح الشافعي فقدم في سادس ذي الحجة فلم يتهيأ له أمر بل حصل له صدع في رجله فأقام للتداوي منه ثم بمجرد أن تصل عاد لبلده فابتدأ به الضعف في الطريق واستمر حتى مات بها في يوم الأحد سابع عشرى المحرم التالي له سنة وتسعين ودفن بالزاوية المعروفة بهم على شاطئ البحر وحصل التأسف على فقده رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن ضوء الكمال بن الشهاب بن العلاء الصفدي ثم المقدسي الحنفي والد العلاء على الماضي وجده ويعرف بابن النقيب.اشتغل وفضل وسمع على أبيه وجده والعلاء المفعلي والشهاب بن العلائي وجماعة ودرس بالتنكزية والارغونية وولى قضاء الرملة نحو خمس عشرة سنة بحرمة وصرامة، مات بها في منتصف شعبان سنة اثنتين وثلاثين عن ثلاث وستين سنة.(3/359)
محمد بن أحمد بن علي بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد ابن أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن سعيد بن عبد الملك التقي أبو عبد الله وأبو الطيب وبها اشتهر ابن الشهاب أبي العباس بن أبي الحسن الحسنى الفاسي المكي المالكي شيخ الحرام والماضي أبوه ويعرف بالتقي الفاسي. ولد في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بمكة ونشأ بها بالمدينة لتحوله إليها مع أمه في سنة ثلاث وثمانين وقتاً وحفظ القرآن وصلى به على العادة بمقام الحنبلي وأربعى النووى باشاراتها والعمدة والرسالة والمختصر الفرعيين وألفية ابن مالك وجانباً كبيراً من المختصر الأصلي ، وعرض على جماعة بالمدينة ومكة بل لما كان بالمدينة سمع بها من فاطمة ابنة الشهاب الحرازي ثم طلب بنفسه فسمع ببلده من ابن صديق والشهاب بن الناصح والقاضي نور الدين علي بن أحمد النويري وجماعة وبالمدينة أيضاً من البرهان بن فرحون وغيره؛ ودخل القاهرة غير مرة أولها في سنة سبع وتسعين فقرأ بها على البلقيني وابن الملقن والعراقي والهيثمي والتنوخي ومريم ابنة الأذرعي؛ وكذا دخل دمشق مراراً أولها في التي تليها فقرأ بها وبصالحيتها وغيرها من غوطتها على أبي هريرة بن الذهبي وابن أبي المجد وخديجة ابنة ابن سلطان في آخرين وببيت المقدس على الشهاب بن العلائي وغيره وبغزة والرملة ونابلس واسكندرية وغيرها، ودخل اليمن مراراً أولها في سنة خمس وثمانمائة وسمع بها من الوجيه عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي والشهاب أحمد بن محمد بن محمد بن عياش الدمشقي وطائفة، وأجاز له قبل هذا كله آبو بكر بن المحب والتاج أحمد بن محمد بن عبد الله بن محبوب والزين عبد الرحمن بن الأستاذ الحلبي و القيراطي، وبلغت عدة شيوخه بالسماع والإجازة نحو الخمسمائة، وأخذ علم الحديث عن العراقي والجمال بن ظهيرة والشهاب بن حجي وأذنوا له في تدريسه ووفه الولي العراقي وشيخنا ومن بينهما بالحفظ، والفقه عن ابن عم أبيه الشريف عبد الرحمن بن أبي الخير الحسنى والتاج بهرام والزين خلف وأبي عبد الله الوانوغى وأذنوا له أيضاً في الافتاء والتدريس واصول الفقه عن أبي الفتح صدقة التزمنتى والوانوغى أيضاً والبرهان الابناسي والشمس القليوبى وعنه أخذ النحو أيضاً، وعني بعلم الحديث أتم عناية وكتب الكثير وأفاد وانتفع الناس به وأخذوا عنه، ودرس وأفتى وحدث بالحرمين والقاهرة ودمشق وبلاد اليمن بجملة من مروياته ومؤلفاته سمع منه الأئمة وفي الأحياء بمكة جماعة ممن أخذ عنه، قال شيخنا في معجمه: حدثني من لفظة بأحاديث وأجاز لأولادي ولم يخلف بالحجاز مثله، وقرض له شيخنا غير ما تصنيف وكان هو يعترف بالتلمذة لشيخنا وتقدمه على سائر الجماعة حتى شيخهما العراقي كما بينت ذلك في الجواهر، وخرج له الجمال ابن موسى معجماً مات قبل إكماله، وكان ذا يد طولى في الحديث والتاريخ والسير واسع الحفظ؛ واعتنى بأخبار بلده فأحيا معالمها وأوضح مجاهلها وجدد مآثرها وترجم أعيانها فكتب لها تاريخاً حافلاً سماه شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام في مجلدين جمع فيه ما ذكره الأزرقي وزاد عليه ما تجدد بعده بل وما قبله واحتصره مراراً وعمل العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين في أربع مجلدات ترجم فيه جماعة من حكام مكة وولاتها وقضاتها وخطبائها وأئمتها ومؤذنيها وجماعة من العلماء والرواة من أهلها وكذا من سكنها سنين أو مات بها وجماعة لهم مآثر فيها أو فيما أضيف له، رتبه على المعجم ثم اختصره وكذا ذيل على سير النبلاء وعلى التقييد لابن نقطة وكتاباً في الأخريات سود غالبه وفي الأذكار والدعوات وفي المناسك على مذهب الشافعي وملك اختصر حياة الحيوان للدميري وخرج الأربعين المتباينات والفهرست كلاهما لنفسه وكذا خرج لجماعة من شيوخه، وتصانيفه كثيرة ضاع أكثرها لاشترطه في وقفها أن لا تعار لمكي سيما وقد تعدى الناظر بالمنع لغيرهم خوفاً منهم، وولى قضاة المالكية بمكة في شوال سنة سبع وثمانمائة من قبل الناصر فرج ولم يستقل به قبله غيره وعزل مراراً . ومات وهو معزول بمكة في شوال سنة اثنتين وثلاثين بعد أن عمي في سنة ثمان وعشرين ومكن من قدحه فما أطاق ذلك ولا فاده وكان الأصل أعشى، ولم يكن ذلك يمانع له عن التأليف بل هو لقوة حافظته ومعرفته بالمظان يرشد من يطالع له وهو يملي على من يكتب؛ وبالجملة فتصانيفه إذ ذاك(3/360)
ليست كما ينبغي ولم يخلف بالحجاز بعده مثله؛ وقد ترجم نفسه في تاريخ مكة بزيادة على كراس وفي ذيل التقييد وأورده ابن فهد في معجم أبيه مطولا وفي غيره، وشيخنا في أنبائه و معجمه وكذا ذكرته في تاريخ المدينة وغيرها، والمقريزي في عقوده وقال أنه تردد إليه بمكة وبالقاهرة وهو بحر علم وكنز فوائد لم يخلف بالحجاز مثله، وكان إماماً علامة فقيهاً حافظاً للأسماء والكنى ذا معرفة تامة بالشيوخ والبلدان ويد طولى في الديث والتاريخ والفقه وأصول مفيد الحجاز البلادية وعالمها لطيف الذات حسن الأخلاق عارفاً بالأمور الدينية والدنيوية له غور ودهاء وتجربة وحسن عشرة وحلاوة لسان بحيث يجلب القلوب بحسن عبارته ولطيف إشارته؛ قال شيخنا: وافقني في السماع كثيراً بمصر والشام واليمن وغيرها وكنت أوده وأعظمه وأقوم معه في مهماته ولقد ساءني موته وأسفت على فقد مثله رحمه الله وإيانا.ليست كما ينبغي ولم يخلف بالحجاز بعده مثله؛ وقد ترجم نفسه في تاريخ مكة بزيادة على كراس وفي ذيل التقييد وأورده ابن فهد في معجم أبيه مطولا وفي غيره، وشيخنا في أنبائه و معجمه وكذا ذكرته في تاريخ المدينة وغيرها، والمقريزي في عقوده وقال أنه تردد إليه بمكة وبالقاهرة وهو بحر علم وكنز فوائد لم يخلف بالحجاز مثله، وكان إماماً علامة فقيهاً حافظاً للأسماء والكنى ذا معرفة تامة بالشيوخ والبلدان ويد طولى في الديث والتاريخ والفقه وأصول مفيد الحجاز البلادية وعالمها لطيف الذات حسن الأخلاق عارفاً بالأمور الدينية والدنيوية له غور ودهاء وتجربة وحسن عشرة وحلاوة لسان بحيث يجلب القلوب بحسن عبارته ولطيف إشارته؛ قال شيخنا: وافقني في السماع كثيراً بمصر والشام واليمن وغيرها وكنت أوده وأعظمه وأقوم معه في مهماته ولقد ساءني موته وأسفت على فقد مثله رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن احمد البدر أبو المعالي ابن شيخنا العسقلاني المصري الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه، ويعرف كهو بابن حجر . ولد في صفر سنة خمس عشرة وثمانمائة، ووجدته بخطى في موضع آخر سنة أربع عشرة، وأمه أم ولد تركية ، ونشأ فحفظ القرآن وصلى به على العادة في رمصان سنة ست وعشرين بالبيبرسية وأسمعه والده على الشهاب الواسطي تلك الأجزاء والفخر الدندلي جزء ابن حذلم في آخرين وكتب عن والده في الإملاء وأكثر عنه، وأجاز له خلق من الشام ومصر وغيرهما منهم عائشة ابنة ابن عبد الهادي والزين أبو بكر المراغى، ولما ترعرع اشتغل بالقيام بأمر القضاة والأوقاف ونحوهما حتى فاق وصارت له خبرة تامة بالمباشرة والحساب وتزايدت محبة والده له، وولى في حياته عدة وظائف أجلها مشيخة الخانقاة البيبرسية وتدريس الحديث بالحسنية وناب عنه فيهما والده والإمامة بجامع طولون، وكان حسن الشكالة قوى النفس شهماً متكرماً على عياله أمضى أكثر ما أوصى به أبوه من الصدقات ونحوها لكنه ضيع المهم من ذلك وهو تصانيفه ونحوها مما كتبه بخطه كما بسطته في مكان آخر؛ أنشأ عدة دور وأملاك ونحوها، وحج في حياة أبيه وبعده غير مرة وجاور، وحدث باليسير وخرجت له جزءاً وكتب على الاستدعاءات وما كان له توجه لشيءٍ من هذا ونحوه. مات وقد كاد أن يضيق حاله بالنسبة لاتلافه مبطونا شهيداً في جمادى الثانية سنة تسع وستين ودفن بتربة جوشن عفا الله عنه وسامحه وإيانا.
محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن موسى المحلى المدني الماضي أبوه وجده. سمع على جده.
محمد بن أحمد بن علي بن محمد أمين الدين المصري الشافعي المنهاجي سبط الشمس بن اللبان. ولد سنة بضع وثلاثين وسبعمائة وحفظ القرآن والتنبيه وغيره واشتغل بالعلم وأسمع على ابن عبد الهادي في صحيح مسلم وعلى جده لأمه؛ وكان معه عدة جهات من الأوقاف الجكمية يباشر فيها وانقطع إلى الصدر المناوى فاشتهر بصحبته وصارت له وجاهة، ثم تعانى التجارة واتخذ له مطبخ سكر وكثر ماله: مات في رمضان سنة ست. ذكره شيخنا في إنبائه وقال سمعت منه قليلاً، وتبعه المقريزي في عقوده وأنه ولد سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة.(3/361)
محمد بن أحمد بن علي بن محمود بن نجم بن ظاعن بن دغير الشمس الهلالي الشيحى - نسبة لشيح الحديد من معاملات حلب - الحموي ثم الدمشقي الحنبلي المقرى أخو علي وعمر الماضيين ويعرف بابن الخدر وبامام قانم. ولد في سنة عشر وثمانمائة بالشيح وانتقل إلى حماة فحفظ القرآن وكتبا وأخذ الفقه عن البرهان ابن البحلاق وناصر الدين اليونينى البعليين وغيرهما واعتنى بالقراآت فأخذها عن غير واحد بعدة أماكن وقال أنه تلا الفاتحة فقط على ابن الجزري وسمع الحديث على العلاء بن بردس والشمس بن الأشقر الحموي وجماعة؛ وحج وجاور وزار بيت المقدس ودخل الروم وكذا القاهرة مراراً ثم استوطنها وأم فيها قانما التاجر وغريم خير بك الظاهري خشقدم وتصدر وأقرأ فأخذ عنه جماعة منهم الشمس النوبي، وقصدني غير مرة وأخبرني أنه ولى بعض التداريس بجامع بني أمية وأنه ناب في القضاء عن البرهان بن مفلح ثم انفصل عن القاهرة وبلغني أنه الآن بدمشق ينوب عن النجم ولد البرهان وأنه توجه في بعض السنين قاضياً على الركب الشامي؛ وهو مستحضر للقراءات مشارك في غيرها في الجملة خبير بعشرة الرؤوساء؛ وفي سمعه نقل وقي نقله تزيد وقال لي أنه رأى أخاه علياً الماضي بعد موته وسأله ما فعل الله بك فقال عاملني بحلمه وكرمه وغفر لي بحرف واحد من القرآن من رواية ابن عامر، وأن التقى بن قاضي شهبة كتب هذا المنام عنه. مات سنة ثلاث وتسعين بدمشق.
محمد بن أحمد بن علي بن موسى الصاحب فخر الدين سليمان بن السيرجي وكان يعرف بالأنصاري. صحب أبا بكر الموصلي وتلمذ له. ومات بمكة في ذي الحجة سنة ست. ذكره شيخنا في أنبائه.
محمد بن أحمد بن علي بن نجم. يأتي فيمن جده محمد بن علي.
محمد بن أحمد بن علي أمام الدين بن المحيى بن الرضى المحلى السمنودي سبط المحب بن الإمام ويعرف كجده بابن الإمام. ممن سمع منى بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن علي البدر المناوى الأصل القاهري الشافعي ويعرف بابن جنة وهي أمه نسب إليها بحيث هجر انتسابه لأبيه بكونها ابنة البدر محمد ابن السراج البلقيني. مات بعد تعلله مدة في ربيع الآخر سنة ست وسبعين بمنزله من حارة بهاء الدين وصلى عليه من الغد بجامع الحاكم ودفن بفسقية كان ابن خاله والولوى بن تقي الدين البلقيتي أعدها لنفسه بمدرسته التي أنشأها بالقرب من الشريفية ويقال ان الولوى دفن بالشام في فسقية كان هذا أعدها لنفسه فكانت اتفاقية عجيبة، كان باشر النقابة بالشام عند قاضية زوج أمه السراج الحمصي وقتاً وخطب عنه بالجامع الأموي وكان غير واحد من الأعيان كالبلاطنسي يقدم الصلاة خلفه على قاضيه؛ وحصل هناك وظائف وتمول وأنشأ بالقاهرة داراً متوسطة بجوار محل دفنه، وناب في القضاء عن العلم البلقيني ولكنه لم يتعاط الأحكام بالقاهرة إلا نادراً، كل ذلك مع كونه عرياً من الفضائل وان شارك ابن خاله في مسمى الأخذ عن المجد البرماوي وغيره عفا الله عنه.
محمد بن أحمد بن علي تاج الدين الأنصاري. فيمن جده علي بن عيسى.
محمد بن أحمد بن علي التقى الفاسي. فيمن جده علي بن محمد بن عبد الرحمن .
محمد بن أحمد بن علي خير الدين أبو الخير القاهري الحريري نزيل البيبرسية ويعرف بابن البيطار. ممن اشتغل قليلاً وتردد لبعض الشيوخ وحضر عندي وتكسب في سوق الشرب وقتاً وخالط أهل السفه ثم كف فيما أظن.(3/362)
محمد بن أحمد بن علي الشمس الأبياري ثم القاهري ويعرف بابن السدار وهي شهرة خاليه علي وعبد الرحمن وكان يقال له أولاً ابن أخت ابن السدار ثم خفف. نشأ يتيماً فكلفه خاله النور علي وحفظ القرآن وتخر به في الكتابة والتذهيب وبغيره كالشمس المالكي وربما كتب على ابن الصائغ بل تخرج بخاله الآخر عبد الرحمن وبرع في الكتابة والتجليد مع صناعة التذهيب وما يتعلق بها من الزنجفر واللازورد بل انفرد بمعرفة استخراج عكر العصفر وغير ذلك ورزق تمام القبول في كله فكان صاحب الحظوة فيه حتى سمعت القاضي عز الدين الحنبلي غير مرة يقول لا أعلم الكيمياء الاصنعة ابن السدار، وتمول واقتنى تحفا كثيرة من الآلات مع سلوك طريق الاستقامة والمحافظة على الجماعات بالا زهر وغيره والمداومة على التلاوة والبر لأقاربه والصدقة وتسبيل الماء في الحمامات وغيرها والإحسان للأيتام بتعمير أدويتهم وإعطائهم الأقلام وشهود المواعيد وزيارة الصالحين ومزيد العصبية مع المنتمين إليه والإضاءة وملاحة الشكل والملبس. مات في جمادى الثانية سنة أربع وثمانين ودفن بالقرب من حوش صوفية البيبرسية عن نيف وسبعين سنة ولم يخلف في مجموعة مثله رحمه الله وأيانا.
محمد بن أحمد بن علي الشمس بن الفخر الديسطي القاهري الأزهري المالكي ويعرف أبوه بابن البحيري وهو بالديسطي. وكان أبوه مدركا ففارقه وقدم القاهرة قريباً من سنة ثلاث وثلاثين وتوجه منها إلى الشام فأقام بها مدة ثم عاد إليها فحفظ القرآن وكتباً واشتغل بالفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان وغيرها، وبرع وأشير إليه بالفضيلة والطلاقة ، ومن شيوخه الزين عبادة والشمس الغراقي وأبو القسم النويري وأبو الفضل المشدالي المغربي، وسمع على شيخنا وغيره وتردد لكمالي بن البارزي ونحوه ووثب بتحريك البقاعي وشيخهما أبي الفضل على قاضي المالكية البدر بن التنسي مع كونه من شيوخه حيث عارضه في قتل الشريف الكيمياوي حسبما شرحته في الحوادث ، وتقرب من الظاهر جقمق بذلك، وناب حينئذ في القضاء وغيره وصارت له حركات وقلاقل أنبأ فيها عن كامن طيش وخفة وتساهل ومجازفة وجرأة وآل أمره إلى أن أهين جداً وطيف به على أسوأ حال وعاد كما بدأ بل أسوأ فأنه خمد كأن لم يكن، وسافر إلى مكة فحج وكذا حج قبل محنته ثم عاد مظهراً للإنابة، ولا زال في خمود وانخفاض حتى مات في وقد تنافر مع البقاعي وقتاً ومد كل منهما لسانه في الآخر كما هي سنة الله في الصحبة الفاسدة غفا الله عنهما .
محمد بن أحمد بن علي الشمس القاهري الحسيني سكنا الحنبلي ويعرف بالغزولي . ولد سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وجوده على الشمس بن الأعمى - قال وكان تاجراً متقدماً في القراءات - والفخر البلبيسي الإمام وحفظ كتباً منها ألفية ابن مالك وقرأ في النحو على عبد الحق ولم ينسبه وفيه وفي المنطق والمعاني والبيان والحكمة على المجد اسماعيل الرومي نزيل البيبرسية وفي الفقه على البرهان الصواف ولازم ابن زقاعة في أشياء وعرض عليه الألفية وكتب له الإجازة نظما رواه لي عنه؛ وكان أحد صوفية البيبرسية ممن ينسب لعلم الحرف ولذا لم يكن بالرضى وكأنه لذاك اختص الشيخ محمد ابن سلطان القادري فقد كان أيضاً يذكر به، وحج ودخل الشام لأجل تركة أبيه وزار القدس واقتنى كتباً في فنون مع مشاركة في الجملة وسكون. مات بعد تعلله نحو ثلاث سنين في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وهو جد الشمس محمد ابن بيرم الحنبلي لأمه رحمه الله وعفا عنه.
محمد بن أحمد بن علي ناصر الدين المقدسي نزيل مكة ويعرف بالسخاوى.سمع من ابن صديق الصحيح ومسندى والدار قطنى وعبد وفضائل القرآن بفوت فيه والامالي والقراءة لابني عفان، وحدث بالصحيح قرأ عليه النور بن الشيخة وكان له إلمام بالقراءات؛ أدب الأطفال بمكة مدة ناب عن الزين بن عياش في المدرسة الكلبرقية في إقراء عشرة من القراء كل يوم. مات في المحرم سنة أربعين بمكة . أرخه ابن فهد ووصفه بالشيخ وقال سمعت عليه وسمى جده علي بن عبد المحسن وسيأتي فيمن لم يسم جده آخر شاركه في الأسم وأسم الأب واللقب والبلد وكونه مات بمكة وفارقه بالسبق.(3/363)
محمد بن أحمد بن علي أبو علي الزفتاوي ثم المصري المكتب. ولد في سنة خمسين وسبعمائة وسمع على خليل بن طرنطاوى الصحيح وتعانى الكتابة وأخذها عن الشمس محمد بن علي بن أبي رقيبة فبرع، وصنف في أوضاع الخط كتاباً سماه منهاج الإصابة في أوضاع الكتابة، وانتفع به المصريون في تجويد الخط وصار غاية في معرفة الخطوط المنسوبة لا يرى خطاً منها إلا ويعرف الذي كتبه لا يلحق في معرفة ذلك، وكان مع هذا حسن المحاضرة ممتع المذاكرة له ما جريات مطربة لا تمل مجالسته، وممن تعلم منه الكتابة شيخنا وذكره في معجمه وقال لازمته مدة وتعلمت الخط المنسوب منه وناولني مصنفة المشار إليه. ومات في نصف المحرم سنة ست، وقيل أنه كان يقول أنا أكتب المنسوب بذراع الحديد الذي يقاس به، وتبعه المقريزي في عقوده.
محمد بن أحمد بن علي الأقواسي البصري نزيل مكة ووالد علي الماضي والمتسبب في دارالامارة بمكة ومات بها. ذكره ابن فهد مجرداً.
محمد بن أحمد بن علي الحوراني نزيل الصالحية ويعرف بابن الحوازى.سمع هو وأخ له اسمه عمر من المحب الصامت في ربيع الأول سنة خمس وثمانين وسبعمائة النصف الأول من فوائد أبي يعلي الصابوني ولقيه ابن فهد، ورأيت في طبقة علي بن المحب في التاريخ المعين محمد وعمر ابنا أحمد بن محمد الحوراني وسألت في رحلتي لدمشق من أهلها عنه فقيل لي عن شخص اسمه أمين الدين محمد بن أحمد الجوراني كان له أخ اسمه عمر ولكن لم يحقق القائل اسم جدهما ومع ذلك فما أمكن لقيه.
محمد بن أحمد بن علي الدمشقي ويعرف بابن المعاجيني. ولد في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة، وفي موضع آخر بخطي في سنة ثمان وتسعين وأحدهما غلط. تكسب بالنساخة وبتأديب الأطفال بزاوية الشيخ عبد الله بن الشيخ خليل ولقيه ابن فهد وغيره وأجاز له ولغيره ي استدعاء مؤرخ بشعبان سنة سبع وثلاثين. ومات بعد ذلك.
محمد بن أحمد بن علي العسقلاني. مضى فيمن جده علي بن عبد الله بن أبي الفتح.
محمد بن أحمد بن علي القلقشدي. هكذا رأيته في سماع البخاري في الطبقة التي بها البكتمري وكأنه النجم محمد بن أحمد بن عبد الله بن أحمد الماضي وهم الكاتب في اسم جده.(3/364)
محمد بن أحمد بن عماد بن يوسف بن عبد النبي الشمس أبو الفتح بن الشهاب أبي العباس الأفقهسي القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف كأبيه بابن العماد. ولد في ليلة مستهل رمضان سنة ثمانين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فقرأ القرآن والعمدة والشاطبية والمنهاجين الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك، وعرض على البلقيني وغيره وسمع على التنوخي والسراج الكومى وأبي عبد الله الرفا والفرسيسي وناصر الدين بن الميلق والحلاوي والسويداوي وآخرين، وأجاز له أبو الخير بن العلائي وأبو هريرة بن الذهبي وناصر الدين بن حمزة ويوسف بن السلار وجماعة وأخذ الفقه عن أبيه وغيره وبحث عليه في الأصول والعربية وعلى الفخر الضرير إمام الأزهر الشاطبية وكتب عن الولى العراقي كثيراً من أماليه وحضر دروسه ودروس جماعة وبرع في الفقه وشارك في العربية وغيرها، وتكسب بالشهادة فاستفعلوه، وتنزل بسعيد السعداء؛ وكان ساكناً ظاهراً الجمود حريصاً على الاشتغال والجمع والمطالعة والكتابة عجباً في ذلك مع كبر سنه تام الفضيلة لكن لا يعلم ذلك منه إلا بالمخالطة، وقد أقرأ في الفقه وغيره بالقاهرة وبمكة حين مجاورته بها وولي بعد أبيه التدريس ببعض مدارس منية ابن خصيب وكان يتوجه إليها أحياناً ويقيم هناك أشهر، وحدث سمع منه الفضلاء وكنت أول من أفاد سماعه لأصحابنا وقرأت عليه أشياء، وحج مرتين الأولى مع أبيه في سنة ثمانمائة والثانية في موسم سنة أربع وخمسين وجاور التي بعدها وفيها قرأ عليه المحب بن أبي السعادات بن ظهيرة تنوير الدياجير بمعرفة أحكام المحاجير والإعلام بما يتعلق بالتقاء الختانين من الأحكام كلاهما من تأليفه وله أيضاً الذريعة إلى معرفة الأعداد الواردة في الشريعة يذكر مثلاً ما ورد في لفظ الواحد في الكتاب والسنة وكذا الاثنان والثلاثة وهكذا والشرح النبيل الحاوي لكلام ابن المصنف وابن عقيل وايقاظ الوسنان بالآيات الواردة في ذم الانسان والألفاظ العطرات في شرح جامع المختصرات كتب منه من أوله إلى آخر اللقيط ومن أثناء الجنايات إلى آخر الكتاب؛وقد طالع شيخنا تصنيفه الذريعة وسمعته يقول لعله من تصانيف أبيه ظفر به في مسودته، وكان ممن يحضر عنده في مجلسه ويقال انه كان يتكلم عنده بما ينسب من أجله لعدم البراعة. مات فجأة وهو متوجه لمكان له يصلحه تجاه باب الخرق في يوم السبت خامس ربيع الأول سنة سبع وستين رجمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عماد بن الهائم. في محمد بن أحمد بن محمد بن عماد بن علي.
محمد بن أحمد بن عمران ناصر الدين البوصيري ثم القاهري الحنفي مباشر مدرسة الجائي والبارع في الشروط والتوقيع بحيث جلس بباب الحنفي وقتاً، ممن اشتغل وحضر دروس الأمين الأقصرائي وغيره وناب في القضاء مع عقل ودربة.
محمد بن أحمد بن عمر بن إبراهيم بن أبي بكر الشمس الخليل الشافعي نزيل القاهرة ويعرف بابن الموقت. حفظ القرآن والمنهاج وغيرهما واشتغل على جماعة منهم الكمال بن أبي شريف وتوكل له في الصابون ونحوه؛ وتميز في الفضل وقطن القاهرة وحضر عندي في بعض المجالس مع سكون وعقل، وأبوه من أهل القرآن ممن يؤدب الأبناء في بلده.(3/365)
محمد بن أحمد بن عمر بن إبراهيم بن هاشم البدر القمنى الأصل القاهري الوكيل حفيد شيخنا السراج وسبط الفخر عثمان البرماوي والد شهاب أحمد. ولد سنة ثمان وعشرين وثمانمائة بالظاهرية القديمة ونشأ فحفظ القرآن والمنهاجين والشاطبيتين وألفية النحو، وعرض على التلواني والونائي والقاياتي وشيخنا والعلم البلقيني وغيرهم وحضر دروس الشمس الشنشى وقاسم البلقيني وجود القرآن على ابن كزلبغا بل قرأ عليه الشاطبيتين بتمامهما وكذا وجود بعضه على الزين طاهر وقرأ في النحو على الابدي وسمع الحديث على فاطمة الحنبلية بقراءة البقاعي وعلى القادمين من الشام عند نائب القلعة تغرى برمش الفقيه بقراءة القلقشندي وعلى شيخنا وغيرهم، وتنزل في المؤيدية وغيرها بعد أبيه تنزيل الواقف ثم أعرض عن الاشتغال ووقف بباب العلم البلقيني ثم ابن الديري وراج أمره بذلك في باب ابن الشحنة وسافر له إلى حلب في بعض ضروراته، وحج غير مرة أولها في سنة اثنتين وخمسين وجاوز كثيراً وكان هناك يجلس بباب السلام ويتوكل ويحضر دروس البرهان ثم ولده وكذا أكثر من السماع عندي وحضور كثير من دروسي في مجاورتي وأكثر من الطواف والتلاوة؛ وتناقض حاله جداً وكان مجاوراً أيضاً في سنة ثمان وتسعين ورجع أحد ولديه مع الركب وفارقه من الينبوع فركب البحر ثم رجع هو في البحر في جمادى الأولى من التي تليها ومعه زوجته وابنة الآخر كتب الله سلامتهم.
محمد بن أحمد بن عمر بن أحمد بن عبد الله الجمال المدعو بالظاهر الصريفي الدوالي اليماني والد أحمد الماضي ويعرف كسلفه بابن جمعان؛ وهو خال الفقيه إبراهيم بن أبي القسم شقيق أمه وهو أسن من ذاك بعشر سنين وتأخر عنه إلى الآن. ولد سنة اثنتي عشرة وثمانمائة ببيت ابن عجيل وهو فقيه متعبد متجرد ممن درس التنبيه والبهجة وهي محفوظة؛ تفقه على صهره أبي القسم بن جعمان وهو على أبي صاحب الترجمة وهو على إبراهيم جد إبراهيم بن جعمان وقد أخذ عنه في العربية وفيهما عن الطيب الناشري وحضر في صغره دروس أبيه، وحج في سنة تسع وخمسين ولقي شخصا رومياً فقرأ عليه في عوارف المعارف وأقرأ وأفتى وانتفع به جماعة أشهرهم ابنه الشهاب أحمد مفتي زبيد وهو الآن مقيم ببيت ابن عجيل ولم يجاوزها لغير الحج نفع الله به .
محمد بن أحمد بن عمر بن بدر كمال الدين بن شهاب الدمشقي الشافعي نزيل مكة ويعرف بابن الجعجاع. حفظ القرآن والمنهاج وعرضه وقرأ على بمكة من حفظه إلى صلاة الجماعة وجميع أربعى النووي وسمع مني غير ذلك وكان قرأ على أبي العزم الحلاوي في مجاورته بمكة وكتبت له إجازة بما سمعه وقرأه.(3/366)
محمد بن أحمد بن عمر بن شرف الشمس أبو الفضل بن الشهاب القاهري القرافي المالكي سبط بن أبي جمرة والماضي أبوه ويعرف بالقرافي. ولد في العشر الأخير من رمضان سنة إحدى وثمانمائة يدرب السلامي من القاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن عند أبيه وصلى به في سنة عشر، والعمدة والرسالة والشاطبية وألفية العراقي وابن مالك والملحة والحاجبية وغالب التسهيل، ممن كان يصحح عليه الشاطبية البرهان الحريري، وعرض على الولي العراقي وشيخنا ومحمد بن أحمد بن عبد الله بن عبد الرحمن المالكي وآخرين وأخذ النحو عن والده وناصر الدين البارنباري والشمس الشطنوفي والشهاب أحمد الصنهاجي والفقه عن الجمال الأقفهسي والشمس الدفري وأصوله عن المجد البرماوي والصنهاجي والفرائض والحساب عن البارنباري والشمس السكندري جنيبات وعبد المنعم المراغي ومصطلح الحديث عن شيخنا ولازم البساطي كثيراً وانتفع به في الفقه والنحو والأصلين والمنطق والمعاني والبيان وسمع عليه غالب شرحه لمختصر الشيخ خليل وكذا من شيوخه في العلم الدنيسري، وجود الخط على ابن الصائغ وسمع الحديث على غير واحد كالشرف بن الكويك والجمالين الحنبلي وابن فضل الله والشموس الشامي وابن البيطار وابن المصري الزراتيتي وابن الجزري والنور والفوى والزين الزركشي والولي العراقي والنجم بن حجي والكمال بن خير لقبه باسكندرية وقد دخلها مراراً أولها في سنة ثمان وعشرين في آخرين منهم شيخنا وأكثر من ملازمته، وحج مرتين الأولى في سنة إحدى وثلاثين وجاور سنة ست وثلاثين وسمع هناك على الجمال الشيبي؛ ودخل دمشق في سنة ثلاث وثلاثين فسمع بها على الحافظ ابن ناصر الدين ؛ وزار بيت المقدس والخليل ودخل دمياط غير مرة، وأجاز له جماعة وخرجت له قديماً ما علمته من مسموعة في جزء ولازم الاشتغال إلى أن صار أحد الأعيان وبرع في الفقه وأصوله والعربية وغيرها وفاق الناس في التوثيق بحيث كان يملي في آن واحد على اثنين في مسطورين مختلفين بل على ثلاثة ولا يجف لواحد منهم فيما بلغني قلم؛ وقصد في القضايا الكبار من الأعيان فأنهاها وتمول من ذلك جداً وتدرب به جماعة في الصناعة كل ذلك مع الخط الحسن البديع الفائق والعبارة البليغة الرائقة والذهن الصافي الذي هو في غاية الجودة يتوقد ذكاءً مع الرياضة الزائدة والعقل التام والتواضع والاحتمال والمدارة وبعد الغور والصبر على الأذى وتجرع الغصة إلى إمكان انتهاز الفرصة والصحبة الحسنة للناس بحيث أنه قل أن اجتمعت محاسنه في غيره بل هو حسنة من حسنات، وقد ناب في القضاء عن شيخه البساطى بعد سنة خمس وثلاثين فحمدت سيرته، ولم يمض عليه إلا اليسير حتى صار أحد أعيان النواب وتردد إلى الناس لا سيما الأكابر حتى كان عندهم بالمحل الجليل مع بذل الجهد في إنقاذ الأحكام وردع الجبابرة من العوام ونحوهم حتى ضرب به المثل في ذلك ثم ناب للبدر بن التنسى وصار أروج نوابه ولولا وجود المعارض لكان قاضي المذهب بعده مع أنه لم يتخلف عن النيابة عمن بعده إلى أن مات، ودرس للمالكية بالفخرية عقب البساطى وبالبرقوقية عقب أبي الجود وتصدر بجامع عمرو وكانت عينت له الجمالية بعد البدر بن التنسى ولكن لم ينتظم أمرها له،وأقرأ الطلبة وأفتى وصار الاعتماد في الفتاوى عليه لمزيد إتقانه واختصاره وتحريره وحسن إدراكه لمقاصد السائلين، وحدث وعظمت رغبته في السماع والإسماع وعلت همته في ذلك سمع منه الأئمة وحملت عنه جملة وبالغ في الثناء على بلفظه وخطه، وكتب على الجرومية شرحاً دمجاً وكذا على الملحة لكنه لم يكمل وله غير ذلك، وهو من رفقاء الجد أبي الأم وقدماء أصحابه وما كنت أنقم عليه إلا امتهانه لنفسه بالتردد للأراذل ومساعدتهم فيما يحتاجون إليه وربما جر ذلك لمالا يليق بأمثاله وهذا هو الذي قعد به عن التقدم لما كان هو المستحق له، وقد أنشأ قاعة جليلة صارت من الدور المذكورة ولم يمتع بها لكونه لم يزل متوعكاً بالربو وتارة بالسعال وبحبس الإراقة وتارة بضيق النفس حتى مات في ليلة الاثنين رابع عشر ذي الحجة سنة سبع وستين وصلى عليه من الغد ودفن بالقرافة عند ابن أبي حمزة وكان يقرأ عند ضريحه أول كل عام منتقاه من البخاري ويهرع الناس لسماع ذلك قصداً للتبرك بزيارة الشيخ رحمه الله وإيانا.(3/367)
محمد بن أحمد بن عمر بن كميل - بضم الكاف - بن عوض بن رشيد - بالتكبير - بن محمد - وقيل علي - الشمس المنصوري الشافعي الشاعر والد البدر محمد ويعرف بابن كميل. ولد في صفر سنة خمس وسبعين وسبعمائة بالمنصورية - قرية قريبة لدمياط؛ ونشأ بها فحفظ القرآن والحاوي وغيره وتردد للقاهرة للاشتغال وغيره فتفقه بالبلقيني وابن الملقن والشهاب القلقشندي والزين بن النظام والشهاب الجوجري وأخذ في الفقه والأصول عن بعض هؤلاء بل وعن غيرهم، وتميز وتعانى الأدب ففاق في النظم وولي قضاء بلده مناوبة بينه وبين ابن عم والده الشمس محمد بن خلف بن كميل الآتي واستقل به عن المؤيد لكونه امتدحه بقصيدة تائية طنانة لما رجع من سفره نوروز وأضيف إليه معها سلمون بل زاده شيخنا أيضاً منية أبن سلسيل وشكرت سيرته في ذلك كله وكذا امتدح الناصري بن البارزي وغيره من الأعيان التماساً لمساعدتهم والتوجه إليه بعنايتهم بل له قصائد نبوية وغيرها سائرة، واشتهر اسمه وبعد صيته بذلك وكتب الناس عنه من نظمه، وترجمه شيخنا في معجمه ووصفه بالفضل واستحضار الحاوي وقال لقيه بطريق مكة يعني سنة أربع وعشرين وطارحني بنظم منسجم ثم كثر اجتماعنا وسمعت من نظمه كثيراً، ونحوه قوله في أنبائه وكنا نجتمع ونتذاكر في الفنون؛ وقال غيره إنه مدح الملوك والأكابر وكان حافظاً للشعر كثير الإستحضار للأبيات والتطلع إليها معدوداً من المكثرين في ذلك مع مشاركة في الفقه وغيره وثروة من الزرع والتجارة وكثرة تودد وحلو محاضرة وحشمة وطرح تكلف؛ وممن ترجمه شيخنا في معجمه وأبنائه وابن فهد وكاتبه. مات فجأة في شعبان سنة ثمان وأربعين سقطت منارة جامع سلمون من ريح عاصف على خلوته وهو بها فمات وهو جالس غماً تحت الردم رحمه الله وإيانا. ومن نظمه في هاجر:
هل كاشف كربة اكتئابي ... أو راحم ذلتي وعاذر
لسوء حظي سقام جسمي ... مواصل والحبيب هاجر
وقوله:
لله ثغر حبيب زانه فرم ... ومثله رمت لما أن لثمت فما
وحين فوق سهم اللحظ قلت له ... لا ترم قلب محب مشته فرما
وقوله:
يقولون بالساقي شغفت محبة ... فقلت لما بالقلب من نبل أحداق
فكم ليلة بات السرور منادمي ... بطلعته والتفت الساق بالساق
وقوله:
ولما أتى الكذاب دجال وقته ... وقد فتنت ألفاظه كل مسلم
فقولوا له إن ابن مريم قد أتى ... وهل يقتل الدجال إلا ابن مريم
وأوردت في ترجمته من التبر المسبوك والمعجم غير هذا وشعره منتشر فلا نطيل به، وهو في عقود المقريزي باختصار .(3/368)
محمد بن أحمد بن عمر بن الضياء محمد بن عثمان بن عبيد الله بن عمر بن الشهيد أبي صالح عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن طاهر بن محمد ابن محمد الشهاب أبو جعفر بن الشهاب أبي العباس بن أبي القسم القرشي الأموي الحلبي الشافعي ويعرف بابن العجمي. ولد في العشر الأول من ربيع الأول سنة خمس وسبعين وسبعمائة بحلب ونشأ بها فسمع على الشهاب بن المرحل والشرف أبي بكر الحراني وأبي حفص عمر بن ايدغمش وخليل بن محمود الشهابي وأبي جعفر الأندلسي والعز الحسيني وابن صديق في آخرين؛ وبدمشق على عائشة ابنة ابن عبد الهادي وبالقاهرة على البلقينى وغيره، وأجاز له الصلاح بن أبي عمر وجويرية الهكارية والحراوي وخلق، وكان قد تفقه بالزين بن الكركى والشرف الداديخى، وولى قضاء حلب عقب الفتنة في إمرة دمرداش فسار فيه أحسن سيرة قم عزل نفسة بعد أربعة أشهر لكون نائبها طلب منه القرض من الأوقاف أو من مال الأيتام ولم ينفك عن النيابة عمن يليه وكذا باشر نظر عدة مدارس وتدريسها كمدرسة جدة الشرفية والزجاجية والشمسية والظاهرية، وحدث كتب عنه شيخنا وأورده في معجمه وقال أجاز لأولادي ثم سمعت عليه بحلب أشياء ذكرتها في فوائد الرحلة انتهى.وممن سمع منه من أصحابنا ابن فهد ومن شيوخنا الأبي مع ابن موسى في سنة خمس عشرة أجاز لي، وكان من رؤوساء بلده وأصلائها لطيف المحاضرة حريصاً على ملازمة البرهان الحلبي حتى أنه حج هو وإياه في سنة ثلاث عشرة ثم حج بمفرده بعد ذلك وكتب عن البرهان شرحه للبخاري وغيره من تصانيفه وسمع عليه غالب الكتب الستة، ذا شكالة حسنة رأى الناس وتأدب بهم لكن مع الإمساك وحدة الخلق. مات في بكرة يوم الأربعاء منتصف رمضان سنة سبع وخمسين وصلى عليه بالجامع الكبير ودفن المدرسة الكاملية بالجبيل الصغير، وهو في عقود المقريزي وبيض له رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن عمر الشمس النحريري ثم القاهري الشافعي المؤدب الضرير، ويعرف بالسعودي نسبة لقريب له كان يخدم الشيخ أبا السعود ورأيت من قال ممن نسخ له شيئاً قديماً أنه يعرف بابن أخي السعودي فكأنه ترك تخفيفاً.(3/369)
ولد سنة ست وخمسين وسبعمائة بالنحرارية ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه وغيرهما واشتغل بها في الفقه على قضاتها البرهان بن البزار والتاج عتيق والشهابين المنصوري وابن الإمام وعليه بحث في الكشاف أيضاً ثم انتقل إلى القاهرة فتكسب فيها بزازا ببعض حوانيتها وكذا بالشهادة مع أخذه في الفقه أيضاً عن الشمس البكري وفي الفرائض عن الشمس الغرافي وكذا أخذ عن ابن الملقن الفقه أيضاً والتذكرة له في علوم الحديث وسمع عليه المسلسل وغيره وعن البلقيني ولازمة وخدمه في جمع أجرة أملاكه وغيرها، وتلا لأبي عمرو على الفخر البلبيسي وسمع على التنوخي والصلاح الزفتاوي وابن الشيخة والحلاوي والسويداوي والأبناسي والغماري والمراغي وغيرهم؛ ورام الحج مع الأشراف شعبان بن حسين فكانت تلك الكائنة فرجع مع من رجع وتوجه من هناك إلى القدس فأقام به شهراً ونصفاً وتلا فيه لأبي عمر وأيضاً على الشمس الفيومي، ثم عاد لبلده فأقام مدة ثم رجع إلى القدس أيضاً فأخذ الفقه عن النجم بن جماعة والبدر العليمي والأخوين الشمس والبرهان ابني القلقشندي وبحث على كل منهما التقريب في علوم الحديث للنووي؛وعلى المحب الفاسي في العربية والفرائض وسمع هناك في صفر سنة ثلاث وثمانين على أبي الخير بن العلائي الجزء الأول من مسلسلات والده الصلاح بل قال وهو ثقة ضابط أنه سمع بالقدس مع البرهان القلقشندي الدارمي على العماد بن كثير يعني في المرة الأولى في غالب ظنه، ودخل اسكندرية فسمع بها من لفظ العلامة ناصر الدين محمد بن أحمد بن فوز الأمدى الشافعي شيئاً من أول كل من صحيح البخاري والرسالة القشيرية وحديثاً مسلسلاً موضوعاً؛ ولو وجد من يعتني به ويرشده لأدرك إسناداً عالياً، واستوطن القاهرة وتنزل في صوفية البيبرسية وتكسب بتأديب الأطفال بالمسجد الملاصق لسكن شيخنا جوار المدرسة المنكوتمرية وانتفع به من لا يحصى كثرة كشيوخنا ابن خضر والجلال بن الملقن والبهاء البالسي وابن أسد وابن عمر الطباخ المقري والوالد والعم وكان القاضي كريم الدين بن عبد العزيز ناظر الجيش وصهر شيخنا ينفعه كثيراً ولا يعتمد غيره في الإشهاد على قضاياه، وأشير إليه بالتقدم في التأديب مع الحرمة الوافرة وشدة البأس على الأطفال حتى أن بعضهم رام أن يدس عليه سما وكاد يتم فلطف الله به لحسن مقصده، وقد حدث باليسير سمع منه الفضلاء، ورأيت شيخنا علق في تذكرته شيئاً من نوادره فقال سمعت جارنا الفقيه السعودي وساق شيئاً، بل قرأ بحضرته شيخنا البرهان بن خضر في سنة ثلاث وثلاثين عليه المسلسل المشار إليه، وكان شيخاً جيداً فاضلاً مفيداً يقظاً ظريفاً فكها منقبضاً عن الناس ملازما للمسجد المذكور، فلما كان في حدود سنة ثلاثين حصل له مرض شديد ثم ماتت زوجته عقبه وابناه منها فانزعج وذهب إلى المقبرة ثم رجع في حر شديد فأطعمه بعض أصحابه عسل نحل فغارت عينه اليمنى ثم بعد برهة تبعتها الأخرى مع ثقل سمعه، وانقطع ببيته في حدود سنة سبع وثلاثين فكان حلساً من أحلاسه مع ادامته التلاوة وعدم التشكي وكان شيخنا كثير البرله والتفقد لأحواله وكذا من شاء الله ممن قرأ عنده كالوالد وحصل له مرة مرض الدرب ومل منه أهله فنقلوه إلى البيمارستان إلى أن نصل منه مع أنه قل أن يدخله درب ثم يخرج حياً. وقد جودت عليه القرآن بتمامة حين انقطاعه بمنزله ودربني في آداب التجويد، وقرأت عليه تصحيحاً في العمدة وغيرها والمسلسل المشار إليه وكنت شديد المهابة منه لشدة بأسه وصولته. مات في ليلة الأربعاء منتصف رمضان سنة تسع وأربعين بعد أن هشم وتحطم؛ ودفن من الغد بالتربة البيبرسية، وقد ذكره شيخنا في أبنائه وأثنى عليه بكثرة المذاكرة وبأنه خرج من تحت يده جماعة فضلاء وأنه كان لا يفتر لسانه عن التلاوة، ومن الطائفة أنه قال: نقل لي أن شخصين تماشياً وأحدهما يقال له جلال الدين جعفر فتذاكرا قول العماد الكاتب للقاضي الفاضل مما لا يستحيل بالإنعكاس سر فلا كبابك الفرس وقول الفاضل له دام علا العماد فقال أحدهما بديها رفع جلال جغفر فلما بلغني ذلك قلت رجح نبأ ابن حجر وكذا قال وقد بعث الطواشي فاتن إلى شخص اسمه نتاف وآخر اسمه بلبل فاتن قال لبلبل لاق نتاف، وقال أيضاً مصحفاً لقولك ابن حجر شيخ محدثي زمانه أتت حجر بنت نجم جدتي رمانة. رحمه الله وأيانا.(3/370)
محمد بن أحمد بن عمر بن يوسف بن عبد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن محمد بن أبي بكر الأمير ناصر الدين التنوخي الحموي الحنفي والد الشهابي أحمد وفاطمة وسارة وعائشة وأخو يحيى ويعرف بابن العطار. ولد سنة أربع وسبعين وسبعمائة بحماة وكان أبوه يباشر بها أستادارية الأمراء ثم اتصل بنائبها مأمور القلمطاى وتوجه معه لما عمل نيابة الكرك فلازم خدمة الظاهر برقوق حين كان بها؛ ومات قبل عودة للملك فلما عاد قدم عليه صاحب الترجمة والتمس منه رزقاً فراغي أباه فيه وأعطاه رزقاً بحماة ثم الحجوبية بها، وعمل دوادار نائب دمشق قانباي وغيره ن الأكابر الأمراء إلى أن تسلطن المؤيد فنوه الناصري بن البارزي عنده به ولمصاهرة بينهما حتى استقر به في بيابة اسكندرية فباشرها مدة وحسنت سيرته فيها وأحبه أهلها ثم صرف بعد المؤيد ولزم داره إلى أن استقر به الأشراف في نظر القدس والخليل، واستمر حتى مات في بلد الخليل في شوال سنة ثمان وعشرين ؛ وكان فاضلاً ردينا عاقلاً سيوساً ذاكراً لنبذة من التاريخ وأيام الناس فصيحاً وقوراً رحمه الله، وله ذكر في ولده.
محمد بن أحمد بن عمر بن يوسف بن علي المحب بن شهاب بن الزين الحلبي ثم القاهري الشافعي الماضي أبوه. ولد في ليلة نصف شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة بحلب ونشأ بها فحفظ القرآن وكتباً واشتغل عند أبيه وغيره؛ وسمع البرهان الحلبي وشيخنا وآخرين، وقدم القاهرة فقطنها، وكان لطيف العشرة حسن الفهم له مشاركة في فنون الأدب وتطلع لكتبه. مات بالطاعون في ثامن رجب سنة أربع وستين بالقاهرة بعد أن توفي له عدة أولاد فصبر واحتسب رحمه الله وعفا عنه وإيانا.
محمد بن أحمد بن عمر بن جعمان. مضى فيمن جده عمر بن أحمد بن عبد الله.
محمد بن أحمد بن عمر الشرف أبو بكر الجعفري - لكون أبيه كان يقول أنهم جعفريون - العجلوني نزيل حلب ويعرف بخطيب سرمين وهو بكنيته أشهر ولذا كتبه غير واحد في الكنى كابن خطيب الناصرية والمقريزي في عقوده قال: أبو بكر بن محمد بن عمر، وسمي شيخنا في معجمه والده محمداً وهو سهو؛ كان أصله من عجلون ثم سكن أبوه عزاز وولى هذا خطابة سرمين العقبة - قرية من عملها - كأبيه وقرأ بحلب على الزين أبي حفص الباريني وسمع من الظهير بن العجمي وغيره وكتب عن أبي عبد الله بن جابر الأعمى بديعيته وحدث بها سمعها منه سيخنا بمكة سنة موته وقال أنه كان بنتسب جعفرياً لكونه من ذرية جعفر بن أبي طالب، وكانت له عناية بقراءة الصحيحين ويحفظ أشياء تتعلق بذلك ويضبطها، ووعظ على الكرسي بحلب ومكة وروى بها عن الصدر الياسو في شيئاً من نظمه كتبه مع البديعية عنه التقى الفاسي بمكة، وحج وجاور غير مرة وانقطع سنين بمكة حتى كانت وفاته بها في سادس عشرى صفر سنة إحدى ودفن بالمعلاة، وقد ذكره الفاسي في تاريخ مكة وأثنى على فضيلته أيضاً وكذا أثنى عليه ابن خطيب الناصرية مع الخير والديانة والمواظبة على العبادة رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عمر الشمس أبو عبد الله بن الشهاب أبي العباس القاهري السعودي الحنفي.ناب في الحكم وتصدى للتدريس وبلغني أن النور الصوفي ينتمي له بقرابة، وممن أخذ عنه الجمال عبد الله بن محمد بن أحمد الرومي الماضي وأذن له في التدريس وأرخ الإجازة في سنة إحدى وخطه حسن وكذا عبارته، ورأيت له كراريس من مصنف سماه تهذيب النفوس شبه الوعظ وقد رافق البرهان الحلبي في السماع على الحراوي صاحب الدمياطي في فضل العلم وخماسيات ابن النقور فتوهمه بعض أصحابنا فقيهنا الشمع السعودي الماضي قريباً لاشتراكهما في الاسم واسم الأب والجد والشهرة، وهو غلط فذاك شافعي تأخر عن هذا؛ وسيأتي محمد بن أحمد بن محمد وأظنه هذا الصواب في جده عمر.(3/371)
محمد بن أحمد بن عمر الشمس الشنشى القاهري الشافعي ويعرف بالشنشي وقديماً بين أهل البلاد بقاضي منية أسنا. ولد في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بسويقة الريش ظاهر القاهرة وحفظ القرآن وكتباً منها المنهاج والشمسية في المنطق وأخذ الفقه عن البرهان الأنبانسي والبلقيني فكان خاتمة أصحابهما وعن غيرهما والفرائض عن الشمسين الغراقي والعاملي والمنطق عن بدر القويسني وحضر كثيراً من دروس الشمس الشطنوفي في العربية وغيرها وكان يسابقه بالتقرير بحيث يصفه الشيخ نفسه بأنه من معيديه، وكذا كان يحضر عند الولي العراقي ويعظمه الولي جداً؛ وصحب الشيخ عليا المغربل، وسمع الحديث على شيخه الأبناسي والزين العراقي وغيرهما، وبرع في الفقه وأصوله والفرائض والعربية وشارك في الفضائل وذكر بالعلم قديماً حتى سمعت العلاء القلقشندي يقول عنه أنه كان يحضر حلقة البلقيني وهو لابس الصوف يشير بذلك لقدمه وتقدمه، وناب في القضاء بالمحلة وسنباط في سنة ثمان ثم بجوجر وعملها عن الولي العراقي ثم بالقاهرة عن شيخنا، وجلس بحانوت باب اللوق شركة لغيره ثم أعرض عن ذلك واقتصر على إضافة منية أسنا وعملها له، وتصدى للاقراء بالأزهر وغيره فأخذ عنه القدماء طبقة بعد أخرى وكنت ممن قرأ عليه قديماً قطعة من التنبيه وغيره؛ ورام جماعة بعد موت القاياتي ملازمته فرأوا الاسترواح وحب الخمول أغلب عليه، وسمعت أن الجلال المحلي تقصد مرة سماع درسه ليختبر أهو باق على ما يعهد منه أم لا، ولما توجه الحمصي لقضاء الشام بأخرة استتابه في تدريس الصلاحية المجاورة لضريح الشافعي ولكنه لم يبث أن عزل الحمصي واستقر به الزين الاستادار في مشيخة مدرسته، وكان كثير المحفوظ في الفقه وأصوله والعربية كثير التقشف والتواضع متقللاً من الدنيا طارحاً للتكلف وربما طعن فيه حتى احتيج إلى اعتذار بعض الصوفية عنه بأنه ملامتي؛ وانقطع عن الإقراء والحركة مدة ولزم الإقامة بالمدرسة الزينية وهو حالة شبيهة بالاختلال إلى أن مات في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وصلى عليه الأزهر رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن عمر تاج الدين بن الزاهد والد علي الماضي. ممن تكسب بالشهادة وبالقراءة في الجوق ونحو ذلك وحصل الجهات والدور وحج. ومات قريب التسعين.
محمد بن أحمد بن عمر الكمال بن الجعجاع. مضى فيمن جده عمر بن بدر.(3/372)
محمد بن أحمد بن عيسى بن أحمد بن موسى الأمين البدراني الأصل الدمياطي القاهري الشافعي إمام جامع الغمري بها وخطيبه ويعرف بابن النجار حرفة أبيه. ولد في رابع عشر ذي الحجة سنة خمس وأربعين بالقاهرة وتحول منها لدمياط في أيام رضاعة فدام بها لسنة الشراقي ثم عاد إليها فحفظ القرآن وجوده بل أخذ القراءات عن جماعة كابن أسد وعبد الدائم والنور الإمام والشمسين ابن عمران وابن الخدر وحبيب العجمي وجمع على غير واحد منهم كالاولين بل بحث على الرابع في مقدمة ابن الجزري في التجويد، وسمع الحديث على السيد النسابة والزين البوتبجي والشمس بن العماد والنور والبارنباري والعز الحنبلي والشاوي والشهاب الشارمساحي والشهاب الحجازي والجلال بن الملقن وأم هانئ الهورينية وابنى الفاقوسي وأكثر عن الفخر الديمي، وأخذ في الاصطلاح عن قاسم الحنفي وعبد الدائم والبقاعي والأبناسي والكمال بن أبي شريف وكاتبه وكتب شرحه للألفية ولازم دراية ورواية، وتفقه بالزين عبد اللطيف الشارمساحي في الابتداء ثم بالمناوى ولازمه سنين ما بين قراءة وسماع وكذا أخذ في الفقه عن الشريف النسابة والعلم البلقيني والعبادى وابن أسد والبرهان العجلوني والشهاب البيجوري والزين زكريا والشرف البرمكيني والفخر المقسى والجوجري وابن قاسم والنجم بن قاضي عجلون وابني أبي شريف في آخرين منهم الشمس البامي والجلال البكري وبعضهم في الأخذ أكثر من بعض وكذا لازم البرهان الشرواني القادم في سنة خمس وستين في الفقه وعن الكمال بن أبي شريف والزين الأبناسي وابن حجي أخذ في الأصلين وعن ثانيهم وابن أسد في النحو وكذا عن ابن قاسم مع أصول الفقه وفيه عن البدر بن خطيب الفخرية وابن الاقيطع وعن ابن حجى في المنطق وعن الشريف الفرضي والبدر المارداني في الحساب ولازم البدر القطان في الفقه والعربية وغيرهما وأخذ عن التقى الحصنى والكافياجي أشياء وعن الجمال الكوراني وابن حجي في التفسير وعن غيرهم في المعاني والبيان، وأكثر من الاشتغال والتحصيل؛ وشارك في الفضائل بل تدرب بأبيه في صناعته وقتاً؛ وحج في سنة ست وستين وكانت الوقفة الجمعة؛ وتنزل في السعيدية والبيبرسية وغيرهما وأم بجامع الغمري مع الخطابة به وانقطع فيه لذلك ولاقراء الطلبة فانتفع به جماعة واستدعي للخطابة في المزهرية حين مجيء بعض القصاد لحسن تأديته، وهو في ازدياد من الخير وتقنع باليسير وانجماع وهمة فيما يوجه إليه أو يعول فيه عليه.
محمد بن أحمد بن عيسى المصري الوراق خادم غازي ويعرف بابن عيسى.كان وراقاً ثم خدم ضريح غازي المجاور للمعزية واغتبط بذلك وصار يتفحص عن أخبارهو يكثر مراجعتي ومراجعة غيري في ذلك بحيث صار كثير من البطالين يهزأ به فيه ويخوض معه بما يحرج منه لأجله، واستمر في تزايد وعدم انثناء عن اعتقاد كون غازي هذا هو صاحب ملك ونافع وكونه ممن اجتمع بالليث وتنبه كثير من الناس لهذا الضريح وصار يجتمع عنده القراء وغيرهم في كل جمعة بعد الصلاة غير منفكين عن ذلك نحو مشهد الليث ويعمل له خبز وقمحية تفرق على جيران المكان ونحوهم بمساعدة البدر بن الونائي وغيره في ذلك، وكان يحكي له مناقب وكرامات ويذكر لصاحب الترجمة مزيد توجه واهتمام بالقيام والصيام مع مزيد تقنع وفاقه زائدة وتعفف تام واستحضار لأشياء كثيرة من مناقب بعض السادات وإلمام بقبور كثير منهم ورغبة كثيرة في كاتبه وكنت زائد التعب معه لكون أسئلته المهملة لا تنقضي، وهو ثقيل السمع جد أمي ومع ذلك فكنت أرجو فيه الخير والبركة. مات في ليلة الأربعاء ثاني جمادى الثانية سنة تسعين شهيداً نزل عليه اللصوص وهو بالمعزية فقتلوه وصلى عليه من الغد ثم دفن بأبي العباس الحرار وكان له مشهد جليل، وأثنى عليه كثيرون وأظنه قارب الثمانين وكان يحكى أن شيخنا كان يبره كثيراً رحمه الله.(3/373)
محمد بن أحمد بن فارس الشمس بن الشهاب المنشاوي ثم القاهري الشافعي ولد في سنة سبع وستين بالمنشية الكبرى من الشرقية من ريف مصر وتحول إلى القاهرة وحفظ القرآن والتنبيه وغيره، وعرض على جماعة واشتغل قليلاً وسمع البخاري علي ابن أبي المجد وختمه على التنوخي والعراقي والهيثمي، وتنزل في صوفية البيبرسية بل كان أحد قراء الصفة بها، وحدث أخذ عنه الفضلاء أخذت عنه، وكان خيراً ساكناً كثير التلاوة. مات في يوم الجمعة تاسع المحرم سنة اثنتين وخمسين وصلى عليه بالحاكم رحمه الله.
محمد بن أحمد بن أبي الفتح بن ادريس بن شامة الشمس الدمشقي أخو العماد أبي بكر ويعرف بابن السراج. سمع على الحجار ومحمد بن حازم والبرزالي والشهاب أحمد ابن علي الجزري في آخرين، وحدث سمع منه الفضلاء؛ قال شيخنا في معجمه أجاز لي ومات قبل دخولي دمشق بيسير في رجب سنة اثنتين وقد قارب الثمانين، وتبعه المقريزي في عقوده، وهو عم محمد بن أبي بكر بن أحمد بن أبي الفتح الآتي.
محمد بن أحمد بن أبي الفرج السكندري المالكي الخطيب هكذا جرده البقاعي.
محمد بن أحمد بن فضل الله التركماني الدلال. مات في المحرم سنة ثلاث وأربعين بمكة. أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن أبي الفضل بن علي بن أبي بكر بن علي بن محمد بن أبي بكر ابن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله الناشري. بيض به العفيف.
محمد بن أحمد بن أبي الفضل العمري الحراري المكي الحنفي. يأتي فيمن جده محمد بن عبد الله .
محمد بن أحمد بن فطيس الغزاوي الأصل البزار نزيل مكة. مات بها في سنة خمس وأربعين. أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن أبي القسم بن سعيد العقباني. مات سنة ست وستين.
محمد بن أحمد بن أبي القسم كمال الدين بن المقري الزبيدي الوزير. ناب في الوزارة باليمن بل ناب في القضاء عن المجد الشيرازي، وكان فاضلاً. مات سنة اثنتي عشرة. قاله شيخنا في انبائه.
محمد بن أحمد بن قديدار الدمشق. مضى فيمن جده عبد الله .
محمد بن أحمد بن قياس بن هند وناصر الدين أبو عبد الله بن الشهاب ابن الفخر الشيرازي الأصل القاهري الشافعي ويعرف بابن قياس - بكسر أوله ثم مثناة وآخره مهملة. ولد في رابع عشر صفر سنة سبع عشرة وثمانمائة أو التي قبلها بالقاهرة وكفله عمه الشمس محمد بن قياس الاتي وحفظ القرآن وجوده بل قرأه لأبي عمرو وغالبة لابن كثير على بعض القراء والعمدة والمنهاج وألفية ابن ملك والشاطبية والخزرجية، وعرض على البساطي والتفهني وجماعة وقرأ في الفقه علي الشرف السبكي والبدر بن الأمانة وكان زوجا لخالته والشهاب بن المجدى ولازمه في غير ذلك والعلاء القلقشندي وكان أحد من قرأ عنده في التقسيم والبدر النسابة وسمع عليه النسائي الكبير بتمامه والزين البوتيجي وكان زوج عمته وعليه وعلى أبي الجود قرأ في الفرائض وفي النحو علي الحناوي والشهاب الخواص وعليه قرأ في العروض أيضاً وسمع الحديث علي ابن الجزري وشيخنا وناصر الدين الفاقوسي وابن الطحان وابن بردس وابن ناظر الصاحبة وآخرين وأجاز له خلق باستدعاء ابن فهد؛ وتنزل في صوفية سعيد السعداء وغيرها من الجهات، ووصف بالفضل ثم تكسب بحانوت في الوراقين وانسلخ من ذلك كله، ولكثرة الوثوق به كانت تدفع له الأموال قراضاً وغيره ويشتري من الأصناف والبضائع مالا يقتصر فيه على شيء واحد ويدفع من ربح ذلك أو غيره للمقارضين ما يحصل الرضا به، ودام على ذلك دهراً ثم بأن أنه سبق، ولا زال في انحطاط مع حجو في غضون ذلك إلى أن افتقر جداً وصار يكتب في عمائر ابن مزهر وغيره بما يرتفق به في معيشته وربما شهد؛ وأخذ عنه صغار الطلبة بعض مروية واستكتب على الاستدعاءات، وهو مع ما يتجرعه من العدم بعد التقلب في تلك الأموال والسلطنة صابر راغب في المطالعة والانتقاء لما يعجبه مع الإكثار من التردد إلى حتى انحط ونفض قواه بحيث يعتمد على عكاز وصار يعتريه شبه الزحير ونحوه ومكث كذلك مدة إلى أن عجزعن الحركة أصلاً، ثم مات في ظهر يوم الأحد تاسع عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين شهيداً ودفن في يومه قريب الغروب بتربة الاسنائي عند أولاده وذكر بخير، وكان قد حصل له في وجهه جرح فقطب فجاء صورة جلالة صريحة اتفاقاً فكان يستبشر بذلك رحمه الله.(3/374)
محمد بن أحمد بن كمال الشمس الدجوى القاهري الشافعي الشاعر قاضي الشطرنج. ولد تقريباً سنة اثنتين وسبعين أو قبل السبعين بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن واشتغل في فنون، وفضل ونظم الشعر فأجاد ومدح الأكابر كشيخنا وله في ختم الباري قصيدة نبوية أثبتها في الجواهر، والكمال بن البارزي وكثر تردده إليه في الشطرنج وكان فائقاً فيه بحيث لقب قاضي الشطرنج، وتكسب مع ذلك بالشهادة سمعت منه قصيدة لامية امتدح بها شيخنا في مجلس الإملاء، وكان حسن العشرة ظريفاً كثير النوادر استجازه شيخنا لولده، ومات بعد مرض طويل بعلة البطن في ليلة الأربعاء حادي عشر ذي الحجة سنة تسع وأربعين رحمه الله، ومن نظمه ساقى خمر بيده سبحة:
يا من غدا في زعمه متنسكاً ... ومسالك النهم الكبار تدورها
فإذا حضرت على المدام بسبحة ... وجلست تسقى الخمر كيف تديرها
وهو في عقود المقريزي فيمن جده كمال الدين فكمال مختصر من لقبه، وأنشد عنه قوله في شجرة سنط:
أي دوحة قامت على الأرض خيمة ... ولأن لها الحر الشديد أبو لهب
أجت بحمل ورد تبر وسندس ... ولكنها للنار حمالة الحطب
محمد بن أحمد بن المبارك الحموي الحنفي أخو الزين عمر الشافعي الماضي ويعرف بأبن الخرزي بمعجمين بينهما مهملة. وقد ولد قبل سنة ستين وسبعمائة واشتغل على الصدر بن منصور وغيره من أشياخ الحنفية بدمشق ثم سكن حماة وتحول إلى مصر بعد اللنك وناب في القضاء ثم رجع إلى دمشق ودرس؛ وكان كثير المرض مشاركاً في فنون مع ضعف في الفقه. مات في شعبان سنة سبع وعشرين. قال له شيخنا في أنبائه.
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن آفش الرومي الأصل القاهري الحنفي القادري ويعرف بابن الشماع . فقير صحب ابن الشيخ يوسف الصفى وتردد معه للسماع منى في الإملاء وغيره وكذا سمع على طائفة وهو أحد صوفية سعيد السعداء.
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن إبراهيم بن داود بن حازم الأذرعي الأصل القاهري الحنفي أخو مريم. ساق شيخنا نسبة في معجمه وسقط من نسبة أحمد أيضاً فهو محمد بن أحمد بن أحمد بن محمد إلى آخره. ولد سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة بدمشق وأحضر على صالح الاشنهي وأسمع على الصدر الميدومي والعز ابن جماعة وأبي الحرم القلانسي وأخذ عن الشيخ شمس الدين الموصلي وأجاز له نظم المطالع إجازة خاصة مع غيره من تصانيفه وسمع منه قصائد من نظمه وولى مشيخة الجامع الجديد بمصر وخطابة جامع شيخو، وحدث سمع منه غير واحد من شيوخنا أعظمهم شيخنا العسقلاني وذكره في معجمه وقال كان وقوراً ساكناً وقال المقريزي في عقوده أنه لما قدم القاهرة اختص بشيخه فاستقر به خطيب جامعة فعز جانبه عند الأمراء وتمكن من اقتمر الحنبلي نائب السلطنة وإليه وإلى أبي وكان صديقه أسند جدي لأمي الشمس بن الصائغ وصيته ولذا كنت أنزله منزلة العم وحدثني بأشياء وأجاز لي وكان خيراً فيه سكون وحشمة مع رأي وديانة وشهرة ورياسة. مات في ذي القعدة سنة خمس.(3/375)
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم الجلال أبو عبد الله بن الشهاب العباسي بن السكمال الأنصاري المحلي الأصل - نسبة للمحلة الكبرى من الغربية - القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده ويعرف بالجلال المحلى. ولد كما رأيته بخطه في مستهل شوال سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فقرأ القرآن وكتباً واشتغل في فنون فأخذ الفقه وأصوله والعربية عن الشمس البرماوي وكان مقيماً معه بالبيرسية فكثر انتفاعه به لذلك، والفقه أيضاً عن البيجوري والجلال البلقيني والولي العراقي والأصول أيضاً عن العز بن جماعة والنحو أيضاً عن الشهاب العجيمي سبط ابن هشام والشمس الشطنوفي والفرائض والحساب عن ناصر الدين بن أنس المصري الحنفي والمنطق والجدل والمعاني والبيان والعروض وكذا أصول الفقه عن البدر الأقصرائي ولازم البساطي في التفسير وأصول الدين وغيرهما وانتفع به كثيراً والعلاء البخاري فيما كان يقرأ عليه وكان العلاء يزيد في تعظيمه لكون مع علمه يتسبب بحيث يجلسه فوق الكمال ابن البارزي سيما وقد بلغه أنه فرق ما أرسل به إليه وهو ثلاثون شاشاً مما أرسل به صاحب الهند إلى الشيخ، وحضر دروس النظام الصيرامي والشمس بن الديري وغيرهما من الحنفية والمجد البرماوي والشمس الغراقي وغيرهما من الشافعية والشهاب أحمد المغراوي المالكي بل بلغني أنه حضر مجالس الكمال الدميري والشهاب ابن العماد والبدر الطنبدي وغيرهم وأخذ علوم الحديث عن الولي العراقي وشيخنا وبه انتفع فأنه قرأ عليه جميع شرح ألفية العراقي بعد أن كتبه بخطه في سنة تسع عشرة وأذن له في إقرائه وكان أحد طلبة المؤيدية عنده بل كان كل ما يشكل عليه في الحديث وغيره يراجعه فيه مما أثبت ما اجتمع لي منه في موضع آخر، وسمع عليه وعلى الجمال عبد الله بن فضل الله والشرف بن الكويك والفوي وابن الجزري في آخرين ولكنه لم يكثر وقيل أنه روى عن البلقينى وابن الملقن والأبناسي والعراقي فالله أعلم، ومهر وتقدم على غالب أقرانه وتفنن في العلوم العقلية والنقلية وكان أولاً يتولى بيع البزفى بعض الحوانيت ثم أقام شخصاً عوضه فيه مع مشارفته وله أحياناً وتصدى هو للتصنيف والتدريس والإقراء فشرح كلا من جمع الجوامع والورقات والمنهاج الفرعي والبردة وأتقنها ما شاء مع الاختصار والاعتناء بالذي عنها وكذا عمل منسكاً وتفسيراً لم يكمل وغيرهما ممالم ينتشر والمتداول بالأيدي مما أنتفع به ما أثبته، ورغب اللأئمة في تحصيل تصانيفه وقراءتها واقرائها حتى أن الشمس البامي كان يقرأ على الونائي في أولها بل حمله معه إلى الشام فكان أول من أدخله إليها ونوه به وأمر الطلبة بكتابته فكتبوه وقرءوه، وكذا بلغني عن القاياتي أنه أقرأ فيه؛ وأما أنا فحضرت دروساً منه عند شيخنا ابن خضر بقراءة غيري وكان يكثر وصفه بالمتانة والتحقيق وقرأ عليه من لا يحصى كثرة؛ وارتحل الفضلاء للأخذ عنه وتخرج به جماعة درسوا في حياته ولكنه صار بأخرة يستروح في إقرائه لغلبة الملل والسآمة عليه وكثرة المخبطين ولا يصغى إلا لمن علم تحرزه خصوصاً وهو حاد المزاج لاسيما في الحر وإذا ظهر له الصواب على لسان من كان رجع إليه مع شدة التحرز، وحدث باليسير سمع منه الفضلاء وأخذت عنه وقرض لي غيره تصنيف وبالغ في التنويه بي حسبما أثبته في موضع آخر، وقد ولي تدريس الفقه بالبرقوقية عوض الشهاب الكوراني حين لقيه في سنة أربع وأربعين حتى كان ذلك سبباً لتعقبه عليه في شرحه جمع الجوامع بما ينازع في أكثره وبما تعرض بعض الآخذين عن الشيخ لانتقاده وإظهار فساده، وبالمؤيدية بعد موت شيخنا بل عرض عليه القضاء فأبى وشافه الظاهر العجز عنه بل كان يقول لأصحابه إنه لا طاقة لي على النار، وكان إماماً علامة محققاً نظاراً مفرط الذكاء صحيح الذهن بحيث كان يقول بعض المعتبرين إن ذهنه يثقب الماس وكان هو يقول عن نفسه إن فهمي لا يقبل الخطأ؛ حاد القريحة قوي المباحثة حتى حكى لي إمام الكاملية أنه رأى الونائي معه في البحث كالطفل مع المعلم معظماً بين الخاصة والعامة مهاباً وقوراً عليه سيما الخير؛ اشته ذكره وبعد وصيته وقصد بالفتاوى من الأماكن النائية وهرع إليه غير واحد من الأعيان بقصد الزيارة والتبرك بل رغب الجمالي ناظر الخاص في معاونته له على بر الفقراء والمستحقين فما خالف مع مخالفته بعد لغيره(3/376)
فيه وأسندت إليه عدة وصايا فحمد فيها وعمر من ثلث بعضها مضأة بجوار جامع الفكاهين انتفع الناس بها دهراً،والأمر وراء هذا ولم أكن أقصر به عن درجة الولاية؛ وترجمته تحتمل كراريس مع أني قد أطلتها في معجمي، وقد حج مراراً؛ ومات بعد أن تعلل بالإسهال من نصف رمضان في صبيحة يوم السبت مستهل سنة أربع وستين وصلى عليه بمصلى باب النصر في مشهد حافل جداً ثم دفن عن آبائه بتربته التي أنشأها تجاه جوشن وتأسف الناس عليه كثيراً وأثنو عليه جميلاً ولم يخلف بعده في مجموعة مثله، ورثاه بعض الطلبة بل مدحه في حياته جماعة من الأعيان، ومما كتبه هو على شرحه لجمع الجوامع مضمناً لشعر لشيخنا:ه وأسندت إليه عدة وصايا فحمد فيها وعمر من ثلث بعضها مضأة بجوار جامع الفكاهين انتفع الناس بها دهراً،والأمر وراء هذا ولم أكن أقصر به عن درجة الولاية؛ وترجمته تحتمل كراريس مع أني قد أطلتها في معجمي، وقد حج مراراً؛ ومات بعد أن تعلل بالإسهال من نصف رمضان في صبيحة يوم السبت مستهل سنة أربع وستين وصلى عليه بمصلى باب النصر في مشهد حافل جداً ثم دفن عن آبائه بتربته التي أنشأها تجاه جوشن وتأسف الناس عليه كثيراً وأثنو عليه جميلاً ولم يخلف بعده في مجموعة مثله، ورثاه بعض الطلبة بل مدحه في حياته جماعة من الأعيان، ومما كتبه هو على شرحه لجمع الجوامع مضمناً لشعر لشيخنا:
يا سيداً طالع إن فاق بحسنه فعد
ثم اتئد في فهمه وخذ جواهراً وجد
وقال نال منه ومن العلاء القلقشندي وغيرهما من الأئمة المتفق على جلالتهم البقاعي مع تلمذة لكثير منهم بما لا يقبل من مثله تسأل الله السلامة وكلمة الحق في السخط والرضا.
محمد كمال الدين أخو الذي قبله من أبيه. ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة بالقاهرة وحفظ القرآن وجوده عن الزين عبد الغني الهيثمي وكذا وجود الخط عن ابن الحمصاني المقري ويس وكتب به كثيراً من تصانيف أخيه وغيرها بل قرأ بحثا على المحيوي الدماطي المنهاج وغالب شرح الألفية لابن أم قاسم وعلى الجوجري جمع الجوامع وعلي الشرواني في أصول الدين والمنطق، وتكسب مع النساخة بحانوت في البر مع خير واستقامة وتقنع. وكثر تردده إلى بل كتب لي ولغيري من تصانيفي. ونعم الرجل ديناً وانجماعاً وسكوناً.
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن الجلال الخجندي المدني الأصل المكي الحنفي شقيق على الماضي وابن أخي إبراهيم بن محمد. ولد في سنة أربع وسبعين وثمانمائة بمكة واشتغل في الكنز وسمع منى بمكة في المجاورة الثالثة بل قرأ على في التي تليها قطعة من سنن أبي داود ولازمني في أشياء، وفي غضون المدتين دخل القاهرة واختص بالزيني عبد الغني بن الجيعان وبعض من يلوذ به ثم سافر لدابول فأحسن إليه صاحبها ودخل عدن ودام بها مدة وهو الآن سنة تسع وتسعين غائب في.
محمد أبو الوفا المدني أخو الذي قبله لأبيه. ولد في المحرم سنة إحدى وسبعين وثمانمائة بالمدينة وسمع مني بها ثم قرأ علي بمكة شيئاً وباشر إمامه الحنفية بالمدينة عن نفسه وإخوانه وبني عمه ولا بأس به.
محمد بن محمد بن إبراهيم البدر بن الشهاب بن الشمس الشطنوفي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده، وأمه أخت لناصر الدين بن غانم المقدسي. نشأ في كنف أبيه فحفظ القرآن وغيره وسمع على شيخنا والرشيدي وخلق، وأجاز له جماعة باعتناء فقيه البدر محمد الأنصاري؛ وتغير حاله بعد موت أبيه جداً بحيث استنزله نائب الفخر عثمان المقسى عن تدريس الحديث بالشيخونية بل كاد أخذه منه مجاناً مع كونه أخا لزوجه زين العابدين ابن شيخة المناوي.
محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الشيكلي المدني الماضي أبوه. ممن سمع منى بالمدينة.(3/377)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم بن مفلح نجم الدين حفيد الشمس القلقيلي المقدسي ثم القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده ويعرف بالقلقيلي. نشأ ببيت المقدس فحفظ القرآن واشتغل قليلاً وسمع هناك حين كنت به على الجمال ابن جماعة والتقى القلقشندي وقريبيه أبي حامد أحمد والعلاء على ابني عبد الرحمن القلقشندي والجمال يوسف بن منصور حسبما بينته في موضع آخر؛ ثم قدم القاهرة فأخذ عن ابن قاسم والفخر المقسي والجوجري وزكريا وقرأ عليه في القرآن وكذا قرأ على ابن لحمصاني والسنهوري وحضر عندي في رجب سنة أربع وسبعين مجلساً من الأمالي وكذا سمع بعض ترجمة النووي من تأليفي، ثم انتمى للبقاعي فزاد فساده وعاد ضرره على المسلمين وعناده وصار يغريه لما علم من جرآته على الناس خصوصاً أهل الاستقامة واحداً واحداً ثم لم يلبث أن جاهره بكل قبيح وعمل فيه قطعة نظماً ونثراً قالها بمجلس ابن مزهر بمعاونة ابن قاسم ثم تخاصم مع المعين. وكذا رافع في عبد البر بن الشحنة بعد مزيد الصداقة والاتحاد بينهما وزعم أنه لا يحسن الفاتحة بحيث قرأها بحضرة السلطان علي الزين جعفر والاخميمي وقال أولهما إنها قراءة تصح بها الصلاة، وأهين هذا بالضرب والترسيم وأسيع أن الفخر أذن له في التدريس وأنكر العقلاء المتقون وذلك وحمد والجوجري حيث لم بنجز معه لذلك، وسيرته شهيرة وربما لبس ببهتانه وتصنعه في إظهار إحسانه بحيث يروج على بغض ضعفاء العقول ممن لا فهم له ولا معقول كبعض الخدام وغيرهم من الأغنياء اللئام ومع ذلك فسنة الله جارية فيه ولا زال أمره في انخفاض.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن قاسم الشمس أو عبد الله العثماني البيري ثم الحلبي الشافعي أخو الجمال يوسف الاستادار الآتي. ولد في حدود الستين وسبعمائة بالبيرة وسمع من أبي عبد الله بن جابر وأبي جعفر الغرناطي ولازمهما وحفظ الحاوي الصغير وعرضه على أبي البركات الأنصاري. وولي قضاء الحيرة إلى بعد الفتنة ثم قضاء حلب في سنة ست وثمانمائة ثم عزل ثم أعيد فلما استقر حكم في نيابتها شوش عليه وعزله فتوجه إلى مكة فجاور بها ثم قدم القاهرة في عز أخيه فعظم قدره، وولي خطابة بيت المقدس بل عين لقضاء مصر ثم ولي بعد الشريف النسابة مشيخة البيبرسية ثم تدريس الشاقعي بعد جلال الدين بن أبي البقاء، وحدث بصحيح البخاري عن شيخه ابن جابر عن المزى سماعا قال شيخنا سمعت أكثره منه وحدث به رفقياً له، وكان صرف البيبرسية والتدريس لما قتل أخوه ثم أعيدت له البيبرسية خاصة ثم انتزعت منه وقرر في مشيخة سعيد السعداء بعد الشمس البلالي فاستمر فيها حتى مات. وكان ساكناً وقوراً لين الجانب. ونحوه قول المقريزي: كان غير عالم لكن يذكر عنه دين مع سكون. وقال ابن خطيب الناصرية: كان إنساناً حسناً ديناً ساكناً قليل الشر كثير الثروة. وأرخ وفاته في العشر الثاني من المحرم سنة تسع وعشرين بالقاهرة عن نيف وسبعين سنة. وأرخه شيخنا والعيني في ذي الحجة من التي قبلها فشيخنا في سحر يوم الجمعة رابع عشره والعيني في حادي عشرية. وذكره المقريزي في عقوده وقال: كان فيه سكون ويذكر عنه تدين ولين جانب اجتمعت به مراراً فلم أر إلا خيراً.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد رضوان بن عبد المنعم بن عمران بني الحجاج الشمس بن الشهاب الأنصاري السفطي المصري الشافعي الآثاري - نسبة لخدمة الآثار النبوية - والد فتح الدين محمد الآتي ويعرف بابن المحتسب. ولد قريباً من سنة ثمانمائة وحفظ القرآن وكتباً واشتغل في الفنون وبرع، ومن شيوخه في الفقه شرف السبكي وفي الفرائض ونحوها ابن المجدى ولازم القاياتي في العقليات وغيرها وسمع خلد الآثاري، وتنزل في صوفية الأشرفية أول فتحها ثم ولي مسيخة الآثار في سنة خمس وأربعين بعد وفاة ابن عمه الضياء محمد بن محمد ابن محمد وصار يتوسل بها عند الرؤساء ويبالغ حتى أثري مع الخير والستر والحرص على الاشتغال وملازمة درس الشرواني وابن الهمام وغيرهما إلى آخر رقت مع بعد مكانه وبطوء فهمه. مات في شعبان سنة سبع وستين رحمه الله.(3/378)
محمد بن أحمد بن أبي الفضل محمد بن أحمد بن ظهيرة ابن أحمد بن عطية بن ظهيرة الكمال أبو الفضل القرشي المكي الشافعي وأمه خديجة ابنة الجمال محمد بن عبد الوهاب اليافعي ويعرف كسلفه بابن ظهيرة. ولد في إحدى الجماديين سنة ست وثلاثين وثمانمائة بمكة ونشأ بها فأحضر على المقريزي وسمع أبا الفتح المراغي التقي بن فهد وأبا المعالي الصالحي وأبا شعر وزينب اليافعية وآخرين وأجاز له ابن الفرات وأبو جعفر بن الضياء وسارة ابنة ابن جماعة وغيرهم، وكتب الكثير بخطه وحضر دروس قريبيه البرهان والمحب وغيرهما من شيوخ بلده وكذا اشتغل بالقاهرة وتميز في الفرائض مع مزيد الجماعة وخيره بحيث وصف بالخفة كوالده، وكتب المنهاج وشرحه للذميري وحكى لي الثقة عنه أنه كان يقول لولقى السخاوي زمناً ورجالاً ولم يكن يتحرك إلا ووراءه جنائب وإلا فهو مع من لا يعرف وفي وقت ليس به من ينصف جوزى خيراً وكأنه يشير إلى استواء الماء والخشبة. مات في أثناء المحرم سنة ثلاث وتسعين بمكة وشهدت الصلاة عليه وكثر الثناء عليه بالخير رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الشمس بن ولي الدين المحلي الشافعي صهر الغمري الماضي أبوه ويعرف بصهر الغمري وبابن ولي الدين. ولد بالمحلة ونشأ فحفظ القرآن والمنهاج وعرضه، وقدم القاهرة فقرأ على شيخنا البخاري وكذا قرأ على العلم البلقيني وسمع على جماعة من المسندين وتردد للناس وخطب بجامع أبيه وغيره، وكان بارعاً في الميقات تلقاه عن ابن النقاش مع مشاركة في الوثائق ونحوها؛ وعمل مجموعاً فيما يحرم ويباح من السماع أطال فيه ثم اختصره ولم يكن بالماهر، وقد أخذ الميقات عنه جماعة؛ ومات في حياة أبيه ليلة رابع عشرى شعبان سنة ثمان وستين عن إحدى وأربعين سنة رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القسم بن عبد الرحمن العز أبو المفاخر بن المحب أبي البركات بن الكمال أبي الفضل القرشي الهاشمي العقيلي النويري الأصل المكي الشافعي ويعرف بابن القاضي محب الدين، وأمه حبشية فتاة أبيه. ولد في مضان سنة خمس وسبعين وسبعمائة بطيبة حين كان أبوه قاضيها؛ ونشأ بها وأجاز له في التي تليها ابن أميلة وابن الهبل والصلاح بن أبي عمر وجماعة وسمع ظناً بالمدينة من أم الحسن فاطمة ابنة أحمد بن قاسم الحرازي وبمكة من ابن صديق وغيره بل سمع على شيخنا بمكة النخبة في سنة خمس عشرة وعني بالفقه كثيراً وكان فيه نبيهاً وحفظ التبيه والحاوي أو أكثر؛ وكان يذاكر به وتفقه مدة طويلة بالجمال بن ظهيرة ويسيراً بالأبناسي لما قدم مكة في سنة إحدى وثمانمائة وأذن له في الإفتاء والتدريس، وناب عن أبيه في الخطابة والحكم وفي درس بشير، وكذا درس بالأفضلية واستقل بعده بها وكذا ولي الحسبة والنظر على الأوقاف والربط، وصرف مراراً بالجمال بن ظهيرة، وكان صارماً في الأحكام عارفاً محتملاً ذا مروءة مديم التلاوة تمرض بالفالج وغيره. ومات في ربيع الأول سنة عشرين وكثر الأسف عليه ودفن عند جده الكمال أبي الفضل. ذكره الفاسي مطولاً والمقريزي في عقوده وقال كان صارماً عارفاً بالأحكام سمحاً محتملاً للأذى كثير التلاوة فيه مروءة، والتقى بن فهد في معجمه وشيخنا في أنبائه وقال أنه كان مشكور السيرة في غالب أموره والله يعفو عنه، وقد ترجمته في تاريخ المدينة أيضاً.
محمد الكمال أبو الفضل الهاشمي أخو الذي قبله ووالد أبي القسم والكمال أبي الفضل محمد الخطيب الآتي وأمه ست الكل ابنة إبراهيم الجيلاني. ولد في المحرم سنة سبع وتسعين وسبعمائة بمكة وحفظ القرآن وكتباً وحضر دروس الجمال ابن ظهيرة وقرأ في الفقه على الشهاب أحمد بن عبد الله الغزي وأذن له في الإفتاء والتدريس بل درس بحضرته في الأفضلية واستمرت بيده حتى انتزعها منه الوجيه عبد الرحمن بن الجمال المصري، وناب عن أخيه العز في الخطابة بمكة وكذا ناب في نظر الحرم واستقل بهما مع الحسبة بعد موته وعزل مراراً. مات في ربيع الأول سنة سبع وعشرين بمكة وكان قد سمع من ابن صديق والزين المراغي وغيرهما حتى سمع من شيخنا، وأجاز له ابن الذهبي وابن العلائي والتنوخي وجماعة؛ وطول الفاسي ترجمته، وذكره المقريزي في عقوده.(3/379)
محمد بن أحمد بن محمد بن الشيخ أحمد بن المحب عبد الله بن أحمد بن محمد المقدسي ثم الصالحي الحنبلي. سمع بعناية أبيه من ابن الخباز وغيره وكان يعمل المواعيد. مات في سلخ رمضان سنة ثلاث عن ثمان وخمسين سنة. قاله شيخنا في أنبائه.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن محمد ابن إبراهيم الزين أبو الخير أبي الطاهر بن الجمال أبي المفاخر بن الحافظ المحب أبي جعفر الطبري الأصل المكي الشافعي وأمه أم كلثوم ابنة أبي عبد الله محمد بن عليم بن يحيى بن عليم الغرناطي. ولد في جمادى الأولى سنة تسع وثلاثين وسبعمائة بالمدينة النبوية وسمع بمكة من السراج الدمنهوري والفخر عثمان بن يوسف النويري والعز بن جماعة والشهاب الهكارى والعفيف المطري وجماعة وأجاز له الشهاب أحمد بن علي الجزري وابن القماح وابن كشتغدي وابن غالي والمشتولى والأسعردي والبدر الفارقي وأبو حيان والمزي وحفيد ابن عبد الدائم وابن عبد الهادي وخلق، وتلا بالسبع علي المقرىء ناصر الدين العقيلي وأبي عبد الله محمد بن سليمان المكدى وأذنا له وحفظ كتباً في فنون وحضر مجالس القاضي أبي الفضل النويري بل اختص به حتى كان يقرأ عليه صحيح البخاري في غالب السنين واستقر به أميناً على أموال الأيتام واستنابة في الأنكحة وكذا ناب عن غيره أيضاً وربما حكم في بعض القضايا وأعاد ببعض مدارس مكة، وحدث بالإجازة بالكثير سمع عليه التقي بن فهد وذكره في معجمه وكذا الأبي في سنة اثنتي عشرة، وكانت له نباهة في العلم ومروءة طائلة تؤدي إلى ضيق. ومات في رمضان سنة خمس عشرة، وذكره التقي الفاسي مطولاً وشيخنا في أنبائه باختصار وسقط من نسختي أحمد الثاني في نسبه. وقال إنه تفرد بإجازة الجزري بمكة وبرع في العلم وكذا أوردته في تاريخ المدينة، وهو في عقود المقريزي رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن علي بن أحمد الولوى بن الشهاب الذروي المنفلوطي المكي الماضي أبوه. ولد بذروة من صعيد مصر الأعلى، وقدم مكة مع أبيه قبل إكمال سنتين في سنة اثنتي عشرة وحفظ القرآن وأدب به الأطفال بأخره. وكان كثير التلاوة، وسافر إلى اليمن ولم يكن مرضياً. مات بمكة في ربيع الأول سنة ثمان وسبعين ودفن بجانب قبر أبيه من المعلاة. ذكره ابن فهد عفا الله عنه.(3/380)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن ثابت بن عثمان بن محمد بن عبد الرحمن بن ميمون حميد الدين أبو المعالي بن التاج النعماني - نسبة للإمام أبي حنيفة النعمان - البغدادي الأصل الفرغاني الدمشقي الحنفي الماضي أبوه مع سياق نسبة ويعرف بحميد الدين. ولد في سابع عشرة صفر سنة خمس وثمانمائة بمراغة من أعمال تبريز ونشأ ببغداد وتفقه فيها على أبيه والشريف عبد المحسن البخاري ونحول مع أبيه لدمشق في أواخر ذي القعدة سنة إحدى وعشرين ثم دخل القاهرة في التي تليها فتفقه فيها بالشمس بن الديري والعز عبد السلام البغدادي قرأ عليه في الكشف الصغير ثم عاد لدمشق سنة أربع وعشرين وقطنها وتفقه بها على العلاء البخاري والشرف قاسم العلائي ولازم أولهما نحو ثمان سنين واقتصر على ملازمته وأخذ عنه علم الشريعة والطريقة وسائر فنون المعقولات، وولى قضاء الحنفية بدمشق في سنة ثلاث وخمسين عوضاً عن الحسام بن العماد وصرف عنه غير مرة، وكذا حج مراراً أولهما في سنة ثمان عشرة مع أبيه وآخرها في سنة أربع وستين وأسمع فيها صاحبنا ابن فهد أولاده وغيرهم عليه بعض ترتيب مسانيد أبي حنيفة للخوارزمي رواه لهم عن أبيه بالسند الذي أورده شيخنا في جده حسام بن أحمد من سنة ثلاث وثمانين من أنبائه، وكتب له صاحب الترجمة في ترجمة نفس حاصل ما أثبته وقال أنه ولي تداريس وأنظاراً عدة كالعزية والخاتونية والمرشدية والمعينية والسيفية والقصاعين وأنه ألف الرد على ابن تيمية في الاعتقادات وشرحاً للكنز لم يكمل بل شرع في شرح للهداية وأن له عدة رسائل في مسائل، وكان عالماً بالنحو والصرف والمعاني والبيان والأصول وغيرها مشاركاً في الفقه، بلغنا أن العلاء البخاري كان يقول للشهاب الكوراني حين قراءته عليه وبحثه معه اصبر إلى أن يجيء حميد الدين فهو الحكم بيننا، وله ذكر في حوادث سنة أربع وأربعين من أنباء شيخنا وطعن في نسبه. مات في ليلة الأحد سادس ربيع الأول سنة سبع وستين بالمدرسة المعينية من دمشق وصلى عليه من الغد بجامع يلبغا ثم بالصالحية ودفن بسفح قاسيون رحمه الله وإيانا. قال شيخنا: وكان أبوه يدعى أنه من ذرية الإمام أبي حنيفة وأملى لنفسه نسباً إلى يوسف بن أبي حنيفة كتبه عن التقي المقريزي يعرف من له أدنى ممارسة بالأخبار تلفيقة والله الموفق.
محمد بن أحمد بن أحمد بن عمر بن يوسف بن علي بن عبد العزيز المحب أبو الطيب بن الشهاب الحلبي الأصل القاهري الموقع الماضي أبوه وجده وجد أبيه. ولد في ذي الحجة سنة خمس وسبعين وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها واستقر في التوقيع كأبيه واشتغل قليلاً عند السنتاوي وغيره وقصدني غير مرة.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر بن قاسم جمال الدين بن الشهاب العثماني البيري ثم الحلبي الماضي أبوه وجده ويعرف بابن أحنى جمال الدين.أجاز له باستدعاء ابن فهد جماعة، وسكنه بجانب قاعة البغاددة بالقرب من وكالة قوصون، ويوصف بجمال بحيث قال فيه الشمس بن عبد الرحيم اللبان قصيدة رائية مراراً.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن القاضي أبي الفضل محمد بن أحمد ابن عبد العزيز العز بن المحب بن العز بن المحب الهاشمي العقيلي النويري المكي الماضي جده قريباً، وأمه حبشية فتاة لأبيه. ولد في رجب سنة ثلاثين وثمانمائة وسمع من زينب اليافعية وأبي الفتح المراغي وجماعة؛ وأجاز له الزين الزركشي وابن الفرات وابن الطحان وابن ناظر الصاحبة القباني والتدمري وعائشة الكنانية وابنة الشرائحي وآخرون؛ وهو أخو الشرف أبي القاسم الآتي سافر الهند مع بعض الخدام ولم نسمع خبره.(3/381)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الفقيه أحمد بن قريش الشمس ابن الشهاب المخزومي البامي الأصل - بموحدة ثم ميم نسبة لبلدة بالصعيد - القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف كهو بالبامي، هكذا قرأت نسبة بخطه. ولد في سنة عشر وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والمنهاج الأصلي وألفية النحو وعرضها على الجلال البلقيني والولي العراقي والشمس ابن الديري وآخرين وأخذ الفقه عن القاياتي والونائي ولازمهما، وقرأه على ثانيهما شرح جمع الجوامع للولوي العراقي قيل وللمحلى كما تقدم فيه والنحو عن ابن قديد وبه انتفع فيها، وحضر يسيراً من قبلهم عند الشمس الشطنوفي في النحو وعند الولي العراقي والشمس البرماوي في الفقه وأخذ الفرائض عن ابن المجدى وسمع على شيخنا وغيره، وحج في سنة خمس وستين وتنزل في الشيخونية وتقدم وأذن له القاياتي في التدريس والافتاء والونائي في التدريس وتصدى لذلك فأخذ عنه جماعة، ودام حتى ألحق الابناء بالآباء وفي طلبته أعيان وكان يقول أن ممن قرأ عليه في التنبيه الزين زكريا، ومع ذلك فلم يحمد أمره معه في قضائه وكان يكثر الدعاء عليه؛ ودرس بالشريفية محل سكنه بالجودرية مع النظر عليها بعد أبيه وبالمجدية في جامع عمرو بعد النور المناوي مع تصدير فيه أيضاً وبمسجد عبد اللطيف بقنطرة سنقر بعد الزين البونيجى وبالخروبية بمصر بعد البدر بن القطان وغير ذلك كتدريس الزينية بعد الشنشى، وناب بترسة وأعمالها عن شيخنا والقاياتي ثم أعرض عنه وأضيف لولده وأفتى قليلاً، وعمل مختصراً في الفقه قدر التنبيه سماه فتح المنعم وشرحه ورأيت بخطه أنه عمل تصحيح التنبيه وكتب حاشية على كل من شرح البخاري والكرماني والقطعة اللاسنوي والعجالة وابن المصنف، وهو خير منجمع عن الناس قانع متعفف لم ينهيأ له وظيفة تناسبه مع مساعدة الأميني الأقصرائي له وغيره في الاستقرار في بعض ما يصلح له ولم يتيسر بل أعطاه الاستادار تغرى بردى القادري بأخره تصوفاً في سعيد السعداء، كل ذلك مع العلم والدين والتودد أحياناً وسرعة الانحراف ومزيد الوسواس، وقد أوقفني على استدعاء بخط الكلوتاتي مؤرخ بشوال سنة ست عشرة باسم نجم الدين محمد بن أحمد البامي وقال أنه هو أجاز فيه جماعة كالجمال عبد الله الحنبلي والعز بن جماعة والفخر الدندلي والشرف بن الكويك وآخرين، هو ممكن مع توقف في أوراقه وان كان بعض طلبته - ممن أخذ عني ونافرأ معاً - قد خرج له عنهم جزءاً، مات في شوال سنة خمس وثمانين وصلى عليه بمصلى باب النصر ثم دفن بالتربة السعيدية ولم يخلف بعده في طبقته مثله رحمه الله وإيانا.(3/382)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي البدر أبو الفتح بن المحب ابن فتح الدين القاهري المالكي الماضي أبوه ويعرف بابن الخطيب وبابن المحب. ولد في ربيع الأول سنة خمسين وثمانمائة وأحضره أبوه في الثالثة في جمادى الأولى سنة اثنتين وخمسين من لفظ شيخنا المسلسل بشرطه وعليه غير ذلك ثم في الرابعة وبعدها على غير واحد حسبما أثبته له بخطى؛ وأجاز له الزين ورضوان المستملي أخرون وحفظ القرآن والعمدة والرسالة والمختصر وألفية ابن ملك والمنهاج الأصلي وعرض على العلم البلقيني والمحلي والمناوي والسعد بن الديري والعز الحنبلي في أخرين وأخذ في العربية عن الوراق ثم فيها وفي الفقه عن البدر بن المخلطة والنور بن التنسي وقرأ على التقي الحصني التصريف العزي والقطب والمتوسط وعلى العلاء الحصني القطب أيضاً وحاشيته للسيد وشرح العقائد وشرح الطوالع للأصبهاني وغالب المختصر وقطعة من أول المطول مع سماع الكثير منه ومن العضد وغير ذلك، وقرأ الرسالة وقطعة من المختصر بالقاهرة والمناسك منه بمكة على العلمي وأكثر من ملازمة السنهوري في الفقه أصوله والعربية والصرف وغير ذلك، ومما قرأه عليه في الفقه المختصر والإرشاد وابن الحاجب تقسيماً ولكنه لم يكمل وقطعة من المدونة ونصف ابن الجلاب مع سماع باقيه وجميع العمدة لأبن عسكر والرسالة والمختصر وفي العربية شرحه الصغير للجرومية وفي الصرف شرح تصريف العزي للتفتازاني وقرأ على عبد الحق السنباطي الألفية وتوضيحها وحاشيته لسبط ابن هشام وغالب ابن عقيل وجود عليه القرآن في آخرين وتميز وأذن له العلمي وغيره؛ وقرأ على قطعة من البخاري وغيره وسمع مني بعض الدروس واستقر في جهات أبيه بعدة منها الخطابة وكتب بخطه الحسن أشياء، وحج وناب عن اللقاني فمن بعده وجلس بحانوت باب الشعرية بعد أبي سهل وغيره؛ ثم أعرض عن المجالس واقتصر على الصالحية وصار من أماثل النواب بل ما علمت الآن أكمل منه فضلاً وإن كان فيه من يترجح بالصناعة والإقدام؛ كل ذلك مع حسن الشكالة والتؤدة والأدب ومتانة البحث وربما أقرأ بعض الطلبة.(3/383)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن مرزوق أبو عبد الله العجيسي التلمساني المالكي ويعرف بحفيد ابن مرزوق وقد يختصر بابن مرزوق. ولد في الثالث عشر ربيع الأول سنة ست وستين وسبعمائة واشتغل ببلاده، وتلا لنافع على عثمان بن رضوان بن عبد العزيز الصالحي الوزروالي وانتفع به في القراءات والعربية وبجده وبن عرفه في الفقه وغيره؛ وأجاز له أبو القسم محمد بن محمد بن الخشاب ومحدث الأندلس محمد بن علي بن محمد الأنصاري الحفار ومحمد بن محمد بن علي بن عمر الكناني القيجاطي وعبد الله بن عمر الوانغلي وأخرون، وحج قديماً سنة تسعين رفيقاً لأبن عرفة وسمع من البهاء الدماميني باسكندرية ونور الدين العقيلي النويري بمكة وفيها قرأ البخاري على ابن صديق ومن البلقيني وابن الملقن والعراقي وابن حاتم بالقاهرة ولازم بها المحب بن هشام في العربية، وكذا حج في سنة تسع عشرة ولقية الزين رضوان بمكة وقرأ عليه ثلاثيات البخاري بقرأته لها على ابن صديق؛ وكذا لقيه شيخنا قريباً من هذا الوقت بالقاهرة وقال في ترجمة جده من درره: نعم الرجل معرفة بالعربية والفنون وحسن الخط والخلق والخلق والوقار والمعرفة والأدب التام حدث بالقاهرة وشغل وظهرت فضائله؛ زاد في معجمه: سمع مني وسمعت منه وأخذ عني قطعة من شرح البخاري ومن نظمي وأجاز لابني محمد ولم يطل الإقامة بالقاهرة، وكان نزهاً عفيفاً متواضعاً. قلت وكذا قال المقريزي في عقوده أنه قدم حاجاً فأقام بالقاهرة مدة ثم سافر لبلاده ثم رجع في سنة تسع عشرة فحج أيضاً وعاد، قال وكان نزهاً عفيفاً متواضعاً. وممن أخذ عنه الأمين والمحب الأقصرائيين وأكثر عنه وناصر الدين بن المخلطة والشريف عيسى الطنوبي وأحمد بن يونس وكان أخذه عنه لما قدم عليهم بلدة قسنطينة وأقام بها ستة أشهر. وله تصانيف منها المتجر الربيح والمسعى الرجيح والمرحب الفسيح في شرح الجامع الصحيح لم يكمل وأنواع الذراري في مكررات البخاري وإظهار المودة في شرح البردة ويسمى أيضاً صدق المودة واختصره وسماه الاستيعاب لما في البردة من المعاني والبيان والبديع والإعراب والذخائر القراطيسية في شرح الشقراطسية ورجز في علوم الحديث سماه الروضة وأختصره في رجز أيضاً وسماه الحديقة وأرجوزة في الميقات سماها المقنع الشافي ونور اليقين في شرح حديث أولياء الله المتقين تكلم فيه على رجال المقامات كالنقباء والنجباء والبدلاء وانتهاز الفرصة في محادثة عالم قفصة وهو أجوبة عن مسائل في فنون العلم وردت عليه من المشار إليه والمعراج إلى استمطار فؤاد ابن سراج والنصح الخالص في الرد على مدعي رتبة الكامل للناقص والروض البهيج في مسايل الخليج جمع مسيل والمفاتح المرزوقية في استخراج خبر الخزرجية وشرح التسهيل وكذا ألفية ابن ملك ومختصر السيخ خليل وسماه المنزع النبيل ولم يكملا وابن الحاجب والتهذيب وسماه روضة الأديب ومنتهى أمل اللبيب في شرح التهذيب والجمل للخونجي وسماه منتهى الأمل ونظم المتن وعمل عقيدة أهل التوحيد المخرجة من ظلمة التقليد والآيات البينات في وجه دلالة المعجزات والدليل الواضح المعلوم على طهارة ورق الروم وجزء في إثبات الشرف من قبل الأم، وغير ذلك مما أخذ عنه بعضه بالقاهرة. ومات بتلمسان في عشية الخميس رابع عشر شعبان سنة اثنتين وأربعين عن ست وسبعين سنة، وأرخه بعض في ربيع منها والأول أضبط رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد بن عمر أبو الفضل بن الشهاب بن أبي البقاء بن الضياء المكي الحنفي الآتي جده. ولد في رجب سنة تسع وخمسين وثمانمائة بمكة وسمع مني بها ودخل اليمن ومصر والشام وقيل أنه فقد به في طاعون سنة سبع وتسعين.(3/384)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن البهاء القاضي ناصر الدين أبو الخير الأنصاري الخزرجي الأخميمي الأصل القاهري الحنفي ويعرف بابن الأخميمي. ولد في يوم السبت منتصف ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة وقال أن جدته لأمه شريفة حسنية وأملي علينا نسبها. نشأ فحفظ القرآن والعمدة والمجمع وألفية النحو والشاطبية وبعض الطيبة الجزرية، وعرض على جماعة منهم العز بن الفرات وشيخنا بل قرأت بخطه أنه أجاز له في سنة تسع وأربعين بالمنكوتمرية والبرهان بن خضر والبدر العيني وأنه قرأ عليه في شرحه على المجمع وابن الديري والعز عبد السلام والبغدادي في آخرين وأخذ في الفقه عن الشمس محمد بن عبد اللطيف المحلي وكان صديق أبيه وفي العربية وغيرها عن التقي الشمني، وكذا قرأ في العربية كافية ابن الحاجب مع أصول الفقه على التقي الحصني واعتنى بالقراءات فأخذها في ابتدائة عن التاج السكندري، وكذا أخذها عن الشهاب بن أسد جمع عليه سبعة الشاطبية مع ستة المصطلح لابن القاصح واليزيدي وإمان العطار في اختيارهما والزيون جعفر جمع عليه للأربعة عشر والهيثمي للعشر فقط وزكريا لها لكن لليسير ورام القراءة على إمام فما تهيأ. بل لما سافر لزيارة بيت المقدس أدرك الشمس بن عمران فقرأ عليه للأربعة عشر بمجمع السرور للقباقبي لكن لخمس البقرة فقط ثم للعشر إلى خاتمة والزخرف ومات قبل اكماله ولم يقتصر على السبع بل تلا للعشر وللأربعة عشر فقط وللأربعة عشر فأزيد؛ وتميز فيها اتقاناً وأداءً مع طراوة نغمة ومعرفة بالطرق ومشاركة في العربية والصرف بل سمعت من يثني على فضائله وذكائه. واستقر كأبيه أحد أئمة السلطان وباشرها بشهامة وعزة نفس ولم يتردد لأمير من الأمراء ونحوهم إلا يشبك الفقيه لخيره مع قلته بل لم يعلم تردده لكبير أحد من آحاد الشيوخ بل كان ابن أسد وجعفر ونحوهما يترددون إليه لقراءته عليهما وكان أولهم ينوه به، وكذا ولي الخطابة بجامع الحاكم مع المباشرة به توقيتاً وأوقافاً ثم رغب عن مباشرة الأوقاف لأخيه وعن الخطابة لابن الشحنة الصغير لما استقر في الخطابة بالتربة الاينالية من واقفها ومشيخة الخانقاة المنجكية ثم التصدير بالباسطية ومشيخة البرقوقية كلاهما عن الشمس الأمشاطي لكونه كان حين استقراره في المشيخة بعد موت العضد الصيرامي لم يزعج أبنته وأمهما وعيالهما عن السكنى بها على عادتهم قبل موته واتفق تزوج صاحب الترجمة بها فكان ذلك حجته في السعي فيها حتى استقر هذا مع اجتهاد المحب بن الشحنة فيها بعد العضدي متمسكاً بأن ابنه الصغير كان زوجاً لأبنة العضدي وله منها ولد حين موته مع انفصاله عن أمها فلم يسعد بذلك والأعمال بالنيات، وكان في أبعاد أبنة العضدي عنهم أولاً ثم عدم وصولهم للوظيفة وتيسرهما لصاحب الترجمة الذي لم يزن بريبة كرامة لأبيها، وكذا استقر صاحب الترجمة في النظر على الجاولية بالكبش حين علم السلطان تقصير ناظرها ومباشريها وأهانهم مرة بعد أخرى فباشرها واسترجع بعض أوقافها وعمر فيها، وكذا حسنت مباشرته للبرقوقية وصمم في أمورها جداً وسوى بين المستحقين وألزمهم الحضور ولم يلتفت لرسالة وغيرها بحيث سمعت ينظم منه تجاه وجه النبي صلى الله عليه وسلم واستوحش منه أمير أخور وغيره وكاد أمره أن ينخرم فيها ثم تراجع عينه السلطان لعمل حساب الشمس محمد بن عمر الغزي بن المغربي الآتي، ثم ولاه عوضه قضاء الحنفية في يوم السبت منتصف شوال سنة إحدى وتسعين يعد شغوره أزيد من شهر ونزل في ركبة حافلة إلى الصالحية على العادة ولكنه لم يسمع عادة ثم توجه والقضاة الثلاثة ومن شاء الله معه لسكنه عند بيت البشيري من البركة ولم يركب لأحد ممن ركب معه بل ولا استنابة في أول يوم أحداً ثم في ثاني يوم فوض الشنشي والصوفي والصدر الرومي والتقي بن القزازي ونقبه هو والبدر السعودي ثم بعد بيوم استناب البدر بن فيش وحضه على التجمل في ملبسه ومركبه ثم الشهاب بن إسماعيل الجوهري وخصه بالصالحية والشهاب القليجي، ولم يلبث أن عزل نفسه حين أدرجة فيمن قيد عليه ولكنه أعيد عن قرب ثم ابن اسماعيل الصائغ وغيره، وجدد بعض النواب. والتزم ترك معلوم الأنظار في شهر ولايته بل والذي يليه وصرف متحصلهما مع الشهر قبلهما في العمارة وتوسع في الاستبدالات حيث لم يمكنه الترك.(3/385)
وقد أخذ عنه غير واحد القراءات بالقاهرة ومكة حين مجاورته بها وكذا أقرأ غيرها كالعربية والصرف وسمعت أن الشهاب السعودي الصحراوي أحد المتقدمين فيها كان يتردد إليه أما لقراءة صاحب الترجمة أو لسماع قراءة أخيه وكذا لازمه الزين بن رزين وقبله أحياناً العز الوفائي وكلاهما من علماء التوقيت فكأنه كان يأخذه عنهما لما أخبرت من براعته فيه بحيث صارت له ملكة في استخراج أعمال السبعة السيارة من مقوماتها وخطب مخطوباً بعدة أماكن تبرعاً وكذا أم في التراويح بجامع الحاكم وغيره ليالي وتزاحم الناس لسماعه والصلاة خلفه وهذا هو الذي طار أسمه به مع مزيد صفائه وتفننه وبديع إدائه وله في مجلس الملك حركات فيها بركات وكلمات مفيدة في المهمات، ولازال يذكرني بالجميل ويتحفني بالمجاورة بالفضل الجزيل جمل الله بوجود وحمل ذاته على نجائب كرمه وجوده.وقد أخذ عنه غير واحد القراءات بالقاهرة ومكة حين مجاورته بها وكذا أقرأ غيرها كالعربية والصرف وسمعت أن الشهاب السعودي الصحراوي أحد المتقدمين فيها كان يتردد إليه أما لقراءة صاحب الترجمة أو لسماع قراءة أخيه وكذا لازمه الزين بن رزين وقبله أحياناً العز الوفائي وكلاهما من علماء التوقيت فكأنه كان يأخذه عنهما لما أخبرت من براعته فيه بحيث صارت له ملكة في استخراج أعمال السبعة السيارة من مقوماتها وخطب مخطوباً بعدة أماكن تبرعاً وكذا أم في التراويح بجامع الحاكم وغيره ليالي وتزاحم الناس لسماعه والصلاة خلفه وهذا هو الذي طار أسمه به مع مزيد صفائه وتفننه وبديع إدائه وله في مجلس الملك حركات فيها بركات وكلمات مفيدة في المهمات، ولازال يذكرني بالجميل ويتحفني بالمجاورة بالفضل الجزيل جمل الله بوجود وحمل ذاته على نجائب كرمه وجوده.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الشمس السكندري الشافعي التاجر ويعرف كأبيه بابن محليس - بفتح أوله ثم مهملة ولام وآخره مهملة - شاب سناط عاقل أخذ عن الشمس النوبي ثم عنى.(3/386)
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الشمس بن الشهاب الخواجا بن الخواجا الكيلاني الأصل نزيل مكة والماضي أبوه ويعرف بابن قاوان. ولد تقريباً قبل العشرين وثمانمائة ونشأ في كنف أبيه فقرأ على بعض الفضلاء متدرباً به في النحو والصرف ونحو ذلك، بل حضر مجلس الشرف على اليزدي واستفاد منه وأكثر الرواية عنه، وقدم القاهرة مع أبيه في سنة ست وثلاثين فأخذا عن الزين الزركسي في صحيح مسلم ثم عن شيخنا ورجعا وقطن مكة وبلغني أنه أخذ فيها تائية ابن الفارض وبعض شروحها عن بعض المغاربة خفية، ولقي غير واحد من الفضلاء وانتفع بمذاكرتهم وغيرها مع مداومته في خلوته المطالعة في كتب الحديث والرقائق والتصوف والتاريخ بل قرئ عنده الكثير من ذلك بمحضر من الفضلاء وربما وقعت المباحثة فيه وتزايدت براعته بهذا كله لوفور ذكائه وحسن تصوره، ثم قدم القاهرة في سنة سبع وسبعين فأكرم الأشرف قايتباي مورده وأقام مدة ثم سافر لبيت المقدس فزاره والخليل ورجع حتى سافر لمكة في موسم التي تليها وكثر تردد الأماثل فمن دونهم لبابه وغمرهم بنواله وبره ولذيذ خطابه ورأوا من أدبه وتواضعه ورياسته ما يفوق الوصف، وكنت ممن شملني فضله ووسعني معروفه وزاد في الثناء علي جداً حتى في الغيبة بحيث يقدمني على سائر أهل العصر، وينسب الملك فمن دونه إلى التقصير في شأني ويغتبط بتصانيفي كثيراً وربما قرأ من لفظه بعضها بحضرتي وشهرها في غيبتي، ورام مني وهو بالقاهرة إسماع مسلم عنده فاعتذرت عن ذلك وكذا تكرر استدعاؤه لي في كثير من مهماته التي يخص بها من يعتقده فما أذعنت وهو لا يزداد في مع ذلك إلا محبة وقال لي مرة لم أرمن سلم من لسان البدر الدميري سواكم. ثم قدم بعد الثمانين فأقام قليلاً وتوفيت له ابنة متزوجة بالشريف اسحق الماضي فدفنت بجوار المشهد النفيسي وانتفع لدفنها هناك الجدام والمجاورون بل والخليفة وأقرباؤه والمكان فإنه أرصد نحو ألفي دينار لعمارته وكانت لها جنازة حافلة وأوقات هنك طيبة هائلة، ثم رجع إلى مكة وكان له في السيل الشهير بها اليد البيضاء. ومحاسنه جمة. ومات في شوال سنة تسع وثمانين وصلى عليه ثم دفن بتربتهم من المعلاة وارتجت النواحي لموته وصلي عليه صلاة الغائب بجامع الأزهر وغيره؛ وأوصى ببر وخير كثير، وكان رئيساً جليلاً متواضعاً شهماً متعبداً بالطواف والصيام والصلاة نيراً مكرماً لجليسه معظماً للعلماء والصالحين سيما أبو العباس بن الغمري بحيث سمى ولده باسمه فائقاً في الكرم والبذل وافر العقل زائد الأدب ممدحاً سار ذكره في الآفاق وطار اسمه في السباق؛ وفي مجيئه الأخير للديار المصرية خرج العرب على نائب جده والركب فلما أبصروه كفواً حياءً منه وطمعاً في إحسانه فما خيبهم من معروفه، وبالجملة فقل أن ترى الأعين في معناه مثله رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الكمال بن المعلم الشهاب القاهري المقسي الحريري الشافعي الماضي أبوه ويعرف كهو بالقافلي.ممن لازم عبد الرحيم الأبناسي في قراءة أشياء يقصر عنها. وكذا تردد للفخرعثمان المقسي وأخذ عن نور الدين الصالحي الكلبشي في الفقه وغيره عني وعن البقاعي يسيراً، وتكسب في بعض الأسواق ولم ينجب في شيئ. وحج وتزوج كثيراً وكاد بعض القضاة أن يعزره لولا الأيناسي وخمد بعده. وكان أبوه مع عامتيه أدين منه.
محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد الماضي أبوه ويعرف بابن الشيخ. ممن سمع مني بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن محمد بن أيوب وإلياس. يأتي فيمن جده محمد بن محمد بن أيوب.(3/387)
محمد بن أحمد بن محمد بن أيوب المحب أبو الفضل بن اشهاب بن الشمس الصفدي الأصل الدمشقي الشافعي ويعرف بأبي الفضل بن الأمام لكون جده كان إمام ببعض جوامع صفد وهو بكنيته أشهر ولد في ثالث عشر شعبان سنة أربعين وثمانمائة بدمشق ونشأ بها فحفظ القرآن وصلى به وهو ابن عشر وخطب بجامع بني أمية؛ والعمدة والعقيدة للغزالي والشيباني والشاطبية وألفية الحديث والنحو مع الملحة والمنهاج الفرعي والأصلي مع الورقات والرحبية في الفرائض وتلخيص المفتاح وغيرها، وعرض على جماعة منهم ببلدة البلاطنسي والزين عبد الرحمن بن خليل والبرهان الباعوني وأخوه الجمال والبدر بن قاضي شهبة والتقى الأذرعي والشمس بن سعد والقوام الحنفي والنظام الحنبلي والشمس محمد بن موسى الحمصي السبكي وبالقاهرة في سنة خمس وخمسين الظاهر جقمق والبلقيني والمناوي والقلقشندي والمحلي والشنشي والكمال بن البارزي والخواص وزكريا وابن الديري وعبد السلام البغدادي والأقصرائي وابن الهمام والكافياجي والزين طاهر، وكان في أثناء درسه لمحافيظه تولع بالفرائض والحساب بالمفتوح والقلم والجبر والمقابلة واستخراج المجهول وأخذ ذلك عن البرهان النووي والفخر بن الحاري بحيث برع فيه فلما دخل القاهرة قرأ مجموع الكلائي فيما كتب على العلم البلقيني وزكريا وأجازاه بالإفتاء والتدريس في الفرائض ومتعلقاته بعد امتحان أولهما له بقسمة مسئلة، وأخذ القراءات ببلده جمعاً وافراداً عن الشمس بن النجار وابن عمران حين قدمها عليهم والزين خطاب وبالقاهرة عن ابن أسد وجعفر والهيثمي وسمع عليه المسلسل بسورة الصف عن ابن الجزري وأخذ البخاري بقراءته عن ناصر الدين أبي الفضل محمد بن موسى بسط أبي بكر عبد الله الموصلي بسماعه له على السراج أبي بكر ابن أحمد بن أبي الفتح الدمشقي وعائشة ابنة ابن عبد الهادي وقراءة وسماعا عن الشمس اللولوي بروايته له عن الحافظين الجمال بن الشريحي وابن ناصر الدين بل سمع عليه مسلماً وبقية الستة والموطأ والشفا ومسند مسدد وعدة مسلسلات وأجزاء وغير ذلك بل قرأ مسلماً علي ابن خليل مع أربعي الصابوني وفضائل الشام للربعي وجزء النيل ومسند الشافعي والبعث وجزء ابن عرفة والبطاقة وسي المسلسل بالقبض على اللحية وغير ذلك بل قرأ عليه البخاري أوجله، ومما سمعه عليه وعلى البرهان الباعوني المسلسل بالأولية ومن ابن خيل لبس الخرقة وكذا من ناصر الدين سبط الموصلي كلاهما عن الشهاب بن الناصح وثانيهما عن جده أبي بكر الموصلي وأولهما عن الزين الخوافي في آخرين ببلده كالشمس بن هلال الأزدي والشهاب بن الشحام والنظام بن مفلح، ومما سمعه عليه أجزاء مما يرويه عن ابن المحب والشمس الجرادقي وأكثر عنه مما رواه له عن الشرف بن الكويك وغيره وترافق مع ابن الشيخ يوسف الصفي في هؤلاء وكثيرين غيرهم وبالقاهرة كالعز الحنبلي وابنة خاله نشوان والشاوي والملتوتي وبالمدينة النبوية كأبي الفرج المراغي قرأ عليه الأربعين التي خرجها شيخنا لوالده وبمكة ككمالية ابنة المرجاني وزينب ابنة الشوبكي قرأ عليهما أشياء بحضرة النجم عم بن فهد وهو ممن أخذ عنه أيضاً وأجاز له فيما قال شيخنا ومن مكة أبو الفتح المراغي والتقي بن فهد والبرهان الزمزمي ومن حلب الشمس بن مقبل القيم ومن بيت المقدس التقي القلقشندي ومن بلده ابن ناصر الدين في آخرين باستدعاء ابن الصفي وغيره وفي الأول والأخير توقف، وأخذ الفقه ببلده عن البلاطنسي وخطاب وابن الشاوي والبدر بن قاضي شهبة والشمس بن سعدو النجم بن قاضي عجلون وبالقاهرة عن المناوي، ومما أخذه عنه القطعة التي كتبها على شرح البهجة لشيخه وعن زكريا والعروض عن الثاني وأصول الفقه عنه وعن الثالث والشهاب الزرعي وعنه أخذ أصول الذي بل أخذه بعد بالقاهرة عن الشرواني والعربية عن العلاء القابوني ثم الزرعي وبه انتفع في ذلك وفي كثير من العلوم كالمعاني والبيان والمنطق والصرف والحكمة وكذا أخذ المنطق عن التقي الحصني وكتب المنسوب على المحب بن المجروح والشمس الحبشي، وتكرر دخوله للقاهرة وكذا للحرمين وبيت المقدس بل جاور في المساجد الثلاثة وتكررت له في جلها وأقرأ بها وبغيرها وتلقى عن شيخه خطاب تصديراً بالجامع الأموي وعن والد مشيخة التصوف بمدرسة الخواجا الشمس بن النحاس وكان قد باشرها نحو عشرين سنة يقرأ القرآن فإنه كان(3/388)
تلاه لأبي عمرو وابن كثير وعاصم على صدقة وابن اللبان بل اشتغل في الفقه وغيره ورافق في اشتغاله مشايخ الوقت، وتكسب بالتجارة على طريقة جميلة حتى مات سنة ثمانين بدمشق عن نيف وثمانين سنة فانه كان ممن أسر وهو ابن سبع مع أمه في الفتنة التمرية من صفد إلى حمص ثم أنقذها الله حيث وجدت غفلة فاحتملته على عنقها إلى دمشق وقطنتها به ويومئذ حتى صار من أعيانها وكذا استقر به الخيضري في مشيخة مدرسته بداخل دمشق في القطانين تدريساً وتصوفاً ثم أعرض عنها، وكذا رغب عن مدرسة ابن النحاس لابن الواقف، وكان قد اجتمع بي في القاهرة بعيد السبعين ثم لما كنت بمكة في سنة ثلاث وتشعين كتب إلي وهو متوعك:ه لأبي عمرو وابن كثير وعاصم على صدقة وابن اللبان بل اشتغل في الفقه وغيره ورافق في اشتغاله مشايخ الوقت، وتكسب بالتجارة على طريقة جميلة حتى مات سنة ثمانين بدمشق عن نيف وثمانين سنة فانه كان ممن أسر وهو ابن سبع مع أمه في الفتنة التمرية من صفد إلى حمص ثم أنقذها الله حيث وجدت غفلة فاحتملته على عنقها إلى دمشق وقطنتها به ويومئذ حتى صار من أعيانها وكذا استقر به الخيضري في مشيخة مدرسته بداخل دمشق في القطانين تدريساً وتصوفاً ثم أعرض عنها، وكذا رغب عن مدرسة ابن النحاس لابن الواقف، وكان قد اجتمع بي في القاهرة بعيد السبعين ثم لما كنت بمكة في سنة ثلاث وتشعين كتب إلي وهو متوعك:
أليس انتساب العلم يقضي لأهله ... بعود مريض منهم في التسقم
وإن لم يكن ود جرى قط بينهم ... فحسبي هذا القول ياذا المعلم
فيا أيها الشمس يا شيخ وقته ... ويا خادماً علم الحديث المعظم
أبن لي جواباً شافياً عن مقالتي ... وإلا فعذراً واضحاً للتفهم
عليكم سلام الله في كل حالة ... وإن عدتم أو لم تعودوا لمسقم
فبادرت لعبادته معتذراً ورأيت من تواضعه وأدبه ورغبته في المذاكرة وتميزه في فنون العلم ما رغبني في محبته ثم لما أشرف على الشفاء زارني وكتب إلي بحاصل ما أثبته مما يحتاج لمراجعة في أشياء منه واستعار مني معجمي وغير ذلك من تعاليقي وانتقى منها كثيراً وكتب على كلها من نظمه ثناءً بل تكرر حضوره في مجالسي والسماع علي والاستمداد من تآليفي وحصل نسخة من شرحي للألفية ومن القول البديع وغيره ووصفني غير مرة في مراسلاته وغيرها بشيخ الإسلام حافظ الوقت، وهو من محاسن الزمان وأعلمني بكثير من أسماء تصانيفه وعرض على ولده منها تحفة العباد بما يجب عليهم في الاعتقاد نظماً وشرع من أجله في جمع مؤلف في أحاديث الأحكام كان يعرض علي ما يكتبه منه ويراجعني في أشياء بعد أن عينت له مما يستمد منه مختصرات كثيرة ولا بأس به أن كمل ومما كتبه من نظمه في المسلسل:
إن شئتم يرحكم من في السما ... وأن تنالوا في الجنان أنعماً
فأهل الأرض أوسعوهم رحمة ... لعل أن يرحمكم من في السما
ثم أنشدني ذلك من لفظه مع جوابه عن لغز أوله:
يا عالم الإسلام أوضح لنا ... جواب ما نلغزه بالدليل
فيك خلاف لخلاق الذي ... فيه خلاف لخلاف الجميل
وغير من أنت سوى غيره ... وغير من غيرك غير البخيل
لا زلتم أعظم شهب رمى ... بثاقب الفهم مطل السبيل
فقال:
إن جواباً عن سؤال بدا ... ملخصاً مضمون لغز جليل
جوابه في نصف بيت أتي ... أنت جميل وسواك البخيل
فالله رب العرش يبقى لنا ... ملغزه فهو بهذا كفيل
لكي ننال العلم من فضله ... ونقبس النور السنى الجليل
نظم أبي الفضل المحب الذي ... يرجو بذا حسن الثواب الجزيل
مصلياً على نبي الهدى ... مسلماً عليه من كل قيل
إلى أن قال:
والحمد لله على فضله ... وحسبنا ونعم الوكيل(3/389)
محمد بن أحمد بن محمد بن بركوت البدر بن الصلاح المكيني الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف بابن المكيني ولقب قذار ربيب ابن البلقيني. ولد في سابع عشرة شعبان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة بحارة بهاء الدين ونشا بها فحفظ القرآن عند الفقيه نجم الدين البديوي والمنهاج والمختصر الأصلي لابن لحاجب والتسهيل لابن ملك والتلخيص للقزويني والشمسية ومختصر ربيع الأبرار، وعرضها ما عدا الأخير بتمامها على عم والده لعلم البلقيني فالمنهاج في شوال سنة خمس وخمسين وابن الحاجب في ذي الحجة من التي تليها والتسهيل في جمادى الآخرة سنة ثمان وخمسين والشمسية في جمادى أيضاً من التي تليها وعليه قرأ المنهاج بحثاً وتحقيقاً وأذن له في التدريس في رمضان سنة سبع وستين بل استتابه في القضاء في شوالها ثم في الافتاء في محرم التي تليها وكذا أخذ الفقه عن العبادي والبكري وأكثر من الحضور عنده ولازم تقاسيم والده وكان أحد القراء فيها وأخذ عن الشمنى في العربيةوعن التقي الحصني والكافياجي في أصول الفقه وعن العلاء الحصني في المنطق وغيره، وناب في القضاء كما تقدم عن والده وأضيف إليه قضاء دمنهور وسبك. غيرهما بل لما انتقد زين العابدين ابن المناوي بعض فتاوى والده وكتب بخطهبجانب خطه ورتب هذا في كتابه كتبها على بعض فتاوى المناوي وكانت مضحكة، واستقر بعد أبيه في تدريس الصالح وكذا في الجاولية مع نظرها وأهين من أجلها من السلطان بالضرب والترسيم وبغير ذلك ثم أخرج النظر عنه ولم يلبث أن مات عمه فتح الدين بن القاضي علم الدين فاستقر به في الخشابية والشريفية تدريساً ونظراً وقضاء العسكر بكلفة تزيد على أربعة آلاف دينار أخذ الكثير منها من عمته واقترض، ورغب عن تدريس الصالح وباشرها بدون حرمة ولا أبهة بل صار يبيع المرثيات، وهو قوي الحافظة مديم المطالعة له إلمام كأبيه بالموسيقى.
محمد بن أحمد بن محمد بن بركوت جلال الدين بن الصلاح المكيني سبط البدر السمرباي وأخو الذي قبله. نشأ في كنف أبويه وحفظ القرآن والمنهاج الأصلي. ومات مطعوناً بعد بلوغه بقليل في سنة اثنتين وثمانين بعد أن اشترك مع أخيه في جهات أبيهما حين سافر للصعيد لأجل تقرير الدوادار الكبير لهما في تدريس الصالح بعناية العلاء الحصني عوضه الله الجنة.
محمد بن أحمد بن محمد بن بشر بن الشيخ محمد ناصر الدين المطري ثم الصحراوي. ولد سنة خمس وثمانين وسبعمائة ظناً بالمطرية، وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وغيره باستدعاء الزين رضوان؛ أجاز لنا. ومات ظناً قريب السبعين.
محمد بن شمس الدين أخو الذي قبله. ولد سنة تسعين وسبعمائة تقريباً بالمطرية. ذكره البقاعي مجرداً.
محمد بن أحمد بن محمد بن البصيري - بالموحدة أو النون - تاج الدين المصري الشافعي النقيب بالخشابية ويعرف بابن الحراق. ذكره شيخنا في معجمه وقال إنه سمع من البهاء بن عقيل فمن بعده وله نظم وسط خط سريع ونوادر وحذق سمعت من فوائده كثيراً، وكان يلقب فار الخلاء. مات بمصر في ربيع آخر سنة ثلاث ولم يكمل الستين، ومن النوادر أن النجم البالسي قال لنا إن لقبه إذاً صحف وعكس بقى فار خلا وكان الحراق.
محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن أحمد الشمس بن الشهاب القاهري الحنفي ويعرف بابن الخازن الماضي أبوه. ولد في سنة خمس وسبعين وسبعمائة تقريباً بمنشية المهراني لتوجه أبويه إليها في زيارة، وحفظ القرأن وصلى به، ثم العمدة وبعض النافع في الفقه، وتلا لأبي عمرو وابن كثير على السراج عمر الضرير نزيل مدرسة أيتمش. واشتغل بعلم الوقت على الشمس التونسي وأقت بمدرسة الجاي اليوسفي، وسمع على الزين العراقي والهيثمي والأبناسي والشمس الفرسيسي والتنوخي والمطرز والشرف المقدسي والسويداوي في آخرين، ومما سمعه على التنوخي جزئ أبي الجهم، وحج في سنة سبع عشرة وتكسب بالشهادة. وولي خزن صهريج منجك بعد والده، وحدث سمع منه الفضلاء وأخذت عنه، وكان خيراً بارعاً في الميقات ونحوه أمثل بني أبيه طريقة. مات في المحرم سنة ثمان وخمسين رحمه الله.(3/390)
محمد بن أحمد بن محمد ابن شارح التنبيه وغيره المجد أبي الفتوح أبي بكر بن اسمعيل بن عبد العزيز المحب بن التاج بن المحب الزنكلوني القاهري الشافعي ويعرف بالمحب الزنلكوني. ولد في ربيع الأول سنة أربع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والتنبيه وعرضه على ابن الملقن والعراقي والكمال الدميري وأجازوا له واشتغل في الفقه على الشمس البوصيري وغيره، وحج في سنة اثنتي عشرة وناب في القضاء عن الجلال البلقيني فمن بعده بالصالحية النجمية وغيرها، وكان ساكناً محتشماً خبيراً بالمباشرة تعلل مدة وتكررت إشاعة موته مراراً حتى كانت في سادس شعبان سنة ست وخمسين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن المرجاني محمد بن أبي بكر بن علي بن يوسف الأنصاري المرجاني المكي. ولد في شوال سنة ستين. ومات بمكة في جمادى الأولى سنة ستين. أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن علي غياث الدين بن فخر الدين الأيحبي الشافعي سبط السيد قطب الدين محمد الأيحبي أخي السيد نور الين والد الصفى والعفيف بل أبوه ابن أخت السيد نور الدين المذكور. كان متميزاً في العربية بحيث لم يكن يلقب في شيراز إلا بسيبوية الثاني مع مشاركة في غيرها وزهد وورع وتجرد وإعراض عن الدنيا، وممن أخذ عنه السيد أحمد بن الصفي الأيحبي. مات وقد أناف على الستين ظناً بشيراز وكان قد قطنها في وكان أبوه صالحاً يعرف بابن الخطيب على رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر الدباعي المصبري اليماني الشافعي ممن لقيني بمكة في ذي الحجة سنة أربع وتسعين فسمع مني المسلسل بالمسجد الحرام وهو من الخيار.
محمد بن أحمد بن محمد بن بهرام الشمس بن الفخر الشهر بابكي الكرماني الشافعي نزيل مكة ويعرف بصحبة الشيخ محمد بن قاوان. ولد تقريباً سنة ثمان وأربعين وثمانمائة بشهر بابك وسافر وقد بلغ مع والده إلى البلاد الشامية فمات أبوه قبل دخوله حلب والشام فاشتغل بدمشق في العربية على نزيلها مولانا شيخ البخاري وعلى مولى حاجي محمد الفرهي الشسماني وعنه أخذ في المنطق وببيت المقدس في الكلام والحكمة على الشرف الرازي وقطنه نحو ثلاث سنين، ولقي به حسين ابن قاوان فاستصحبه معه إلى مكة ولزمه بها حتى أخذ عنه الحاوي والأصلين وبواسطته انتمى لأخيه الشيخ محمد المشار إليه واستمر في خدمته سفراً وحضراً بحيث تكرر له دخول الديار المصرية معه وقرأ عليه في الأحياء وغيره وكتب لهما ولغيرهما، أشياء؛ وخطه جيد وفهمه حسن مع ذوق وعقل عاش به مع مخدومه ولكنه لم يحصل من دنياه على طائل وربما لم يحمد كثيرون أمرهم معه عند مخدومه واستمر بعدها قاطناً بمكة مع تقلل وانجماع غالباً واجتماع قبل ذلك وبعده على عبد المعطي المغربي وهو ممن سمع مني بمكة وغيرها وانفصل عن مكة من سنين يتردد بين عدن وزبيد.
محمد بن أحمد بن محمد بن جمعة بن مسلم عزيز الدين الدمشقي الصالحي الحنفي ويعرف بابن خضر. ولد سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة واشتغل ومهر وأذن له في الإفتاء، وناب في الحكم، وصار المنظور إليه من الحنفية بالشام.مات في شوال سنة ثمان عشرة. ذكره شيخنا في إنبائه.(3/391)
محمد بن أحمد بن أبي الخير محمد بن حسين الزين محمد بن الأمين محمد ابن القطب أبي بكر محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن الحسين بن عبيد الله بن أحمد بن ميمون الكمال أبو البركات القيسي القسطلاني المكي الشافعي والد المحمدين الكمال أبي الفضل والنجم والأمين والمحب الآتيين ويعرف بابن الزين. ولد في المحرم سنة إحدى وثمانمائة بمكة ونشأ بها فحفظ القرآن وأربعي النووي والحاوي وعرض على جماعة وسمع الزينين المراغي والطبري والشمسين الشامي وابن الجزري والجمال بن ظهيرة وابن سلامة في آخرين.وأجاز له ابن قوام وابن منيع وابن صديق والحافظان العراقي والهيثمي وابنتا ابن عبد الهادي وابنة ابن المنجا وعمر البالسي والسويداوي والحلاوي وآخرون، وتفقه بالنجم الواسطي بحيث عليه في الحاوي وأذن له في الإفتاء والتدريس وكذا تفقه بإبراهيم الكردي الحلبي، وحضر دروس الشهاب بن المحمرة بالقاهرة ومكة وكذا دروس المحب بن ظهيرة بمكة وباشر التوقيع عنده وعند غيره ممن بعده، وصار عين أهل البلدة في المكاتيب مع اشتهاره بالعدالة وأعرض عنه البرهاني بعد أن كان ناب في العقود عن أبي اليمن النويري ثم ولي القضاء عنه أيضاً لكن في مرض موته ولقيته بمكة فأجاز لي. مات في جمادى الأولى سنة خمس وستين بمكة وصلى عليه ثم دفن عند أهله بالمعلاة رحمه الله.
محمد بن الشيخ أحمد بن محمد بن حسين البعلي المؤذن هو وأبوه ويعرف أبوه لطوله وضخامته بالمأذنة. ولد قبيل التسعين وسبعمائة ببعلبك. ونشأ بها فسمع على الزين عبد الرحمن بن الزعبوب صحيح البخاري بفوت. وحدث قرأت عليه ببعلبك ثلاثيات الصحيح. وكان إنساناً حسناً. مات قريب السبعين.
محمد بن أحمد بن خضر الشمس أبو الوفا الغزي الشافعي ويعرف بابن الحمصي. ولد في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة بغزة. ونشأ بها فقرأ القرآن عند الشهاب بن الجوبان. وحفظ المنهاج وجمع الجوامع والألفيتين والشاطبية والشمسية والخزرجية وغيرها. وعرض على جماعة وأخذ عن الشمس البرماوي والعز القدسي وابن رسلان وغيرهم. وارتحل إلى القاهرة فأخذ بها عن شيخنا وقرأ عليه في كل من بلوغ المرام والنخبة وشرحها له والقاياتي والونائي، وسافر منها إلى الصعيد وأخذ ببوش منها عن ابن المالكي. وكذا ارتحل لدمشق فأخذ بها عن.التقي بن قاضي شهبة أشياء منها شرحه للمنهاج وأصلح فيه أماكن بتنبيهه وأشار لقراءته عليه في ترجمة ابن الأعسر فقال وولي عوضه شمس الدين الحمصي وهو شاب فاضل كان عندي من مدة قريبة وقرأ على بعض شرحي للمنهاج انتهى.ولقي فيها ابن زهرة فأخذ عنه وسمع الحديث على والده وابن ناصر الدين ومن قبلهما على ابن البرزي، وكذا أخذ عن ابن خطيب الناصرية إما بدمشق أو في مروره عليهم. وأجاز له ناصر الدين بن بهادر الأياسي وابن الأعسر الغزيان وجماعة واشتدت عنايته بملازمة أبي القسم النويري وهو المشير عليه بالتحول من مذهب الحنفية إلى الشافعية، وبرع في الفقه وأصوله والعربية وغيرها وشارك في الفضائل وولى قضاء بلده بعد موت ابن الأعسر مسئولاً فيه بعناية شيخه أبي القسم فباشره مباشرة حسنة وصرف عنه غير مرة بعضها بالشرف موسى بن مفلح وتوجه في هذه المرة إلى مكة فاسترجع من العقبة وجمع بينه وبين خصمه فبان بطلان ما أنهاه في حقه فأعيد على وجه جميل، واستمر حتى مات الظاهر. وكذا ولي قضاء حماة مرتين وعقد فيها مجلساً للتفسير، ثم أعرض عن ذلك كله حين تفاقمت الأحوال بالرشا، وأقام منعزلاً عن الناس مديماً للاشتغال والأشغال والإفتاء وقراءة الصحيح في الجامع القديم ببلده في الأشهر الثلاثة والوعظ والخطابة وصار شيخ البلد بغير مدافع ومع ذلك فلم يخل من طاعن في علاه ظاعن عن حماه، كل ذلك مع حسن الشكالة ولطيف العشرة ومزيد التواضع. وقد حدث وممن لقيه بأخرة العز بن فهد وقرأ عليه في سنة سبعين وثلاثيات الصحيح. وسمع من لفظه خطبة منظومة ابن الحسين لتمييز الشرف بن البارزي في الفقه بسماعه من والده بسماعه من ناظمها وكتب عنه الشمس بن حامد المقدسي ما كتب به إليه في مراسلة:
يا غائباً شخصه عنى مسكنه ... على الدوام بقلب الواله العاني
هو المقدس لما أن حللت به ... لكنه ليس فيه عين سلوان
وكذا كتب إلي في مراسلة:(3/392)
يا خادماً أخبار أشرف مرسل ... وسخا فنسبته إليه سخاوى
وحوى السياسة والرياسة ناهجاً ... منهاج حبر للمكارم حاوي
وبالغ في الثناء حتى أنه لقب بمشيخة الإسلام. مات في آخر يوم الاثنين ثامن ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ودفن بتربة التفليسى ولم ير في تلك النواحي أعظم مشهدأ من جنازنه ولا أكثر باكياً فيها ولم يخلف بها مثله رحمه الله وإيانا.(3/393)
محمد بن أحمد بن محمد بن خلف الزين أبو الخير القاهري الشافعي ويعرف أولاً بابن الفقيه وبابن النحاس حرفه أبيه ثم حرفته. ولد في رجب سنة خمس عشرة وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن عند أي عبد القادر المقري بل وجوده عليه والتبريزي وبعض الحاوي وحضر يسيراً عن الشرف السبكي والجمال الأمشاطي ولكنه لم يتميز ولا كاد بل استمر على عاميته؛ وسمع بالقاهرة على شيخنا وغيره وسافر لحلب وأخذ الشفا عن حافظها البرهان وجود الخط على الزين بن الصائغ وتكسب كوالده بسوق النحاس من تحت الربع وكثر طلبه بديون عليه للقضاة وغيرهم وهو مع ذلك يتردد للمزارات كالليث وغيره ويتلو مع قراء الجوق إلى أن رافع عند الظاهر جقمق في أبي العباس الوفائي الذي كان جوهر القنقباي الخازندار ألقى بمقاليده إليه وأكثر من الاعتماد عليه مع كونه منتمياً إليه ولكن حمله على ذلك كثرة مطالبة المشار إليه بماله عليه من الديون فرأى الظاهر من جرأته وإقدامه أمراً عجباً وفهم هو من تقحم الظاهر على الإحاطة بحواصل جوهر ومخبآته ما تمكن معه من المرافعة، وكان مما أبداه أن عنده من آلات السلاح كالخود ونحوها للطائفة العزيزية شيء كثير وعنده تنور وتحف تفوق الوصف فأرسل معه من أحضر سيئاً من ذلك بعد إمساك المشار إليه فوقع هذا عند السلطان موقعاً عظيماً وأعطى أبا الخير خمسين ديناراً وبعض صوف وبعلبكي ونحو ذلك وحصنه على ملازمة خدمته فصار يطلع إليه أحياناً وربما أخذ معه بعض الأشغال من الأمور السهلة فتزايد ميل السلطان إليه، ولازال يسترسل في هذا المهيع حتى رافع في الولوي السفطي أيضاً وطلبه بإذن من السلطان لباب القاياتي قاضي الشافعية حينئذ ونزع منه ثريا مكفته ادعى استمرارها في ملكه واعترف له السفطي بها وأنها معلقة بالجمالية واستقر به السلطان في وكالته ثم لما استقر السفطي في القضاء انتزع له منه وكالة بيت المال ثم أعطاه أيضاً نظر سعيد السعداء ثم جامع عمرو ثم الجوالي ثم الكسوة ثم البيمارستان ثم المواريث ونظر السواقي ولم يلبث انفصاله عنهما خاصة؛ وزاد اختصاصه بالسلطان إلى الغاية واشتهر وتعدى طوره وفعل كل قبيح لاسيما فيما له عليه التحدث والولاية وصارت الأمور جليلها وحقيرها مفوضة إليه لا ينبرم أمر دونه ولا يعول إلا عليه وكثر السعي من بابه وزيد في التنويه بذكره وخطابه وازدحم عنده الناس من سائر الأصناف والأجناس ونادمه غير واحد من أهل الأدب ذوي الفضائل والمتعالين في الرتب إلى غيرهم ممن لايراعي للعلم حقه بل ربما يصرح الواحد منهم بكونه في عبوديته قد ملك رقه وتطبع هو الحشمة فتكلف وتنطع في ألفاظه التي ليس بها يعرف وأغلط حتى في تخيله وحدسه وصار إلى رياسة وضخامة وغفلة عما يلاقيه أمامه ونفوذ كلمته وشدة شكيمته وهابته الأمراء والقضاة فضلاً عن المباشرين والنظار وهادته الرؤساء من سائر الأقطار والسلطان فيما يعيده ويبديه يزيد في إرخاء العنان له والتصريح بشكر أياديه والدعاء الذي يجهر به بحضرة عدوه فكيف عند من يواليه لقيامه بما لم ينهض به غيره من جلب الأموال والتحف ولباسه لأجله من المظالم ما ارتدي به والتحف مع اشتغال هذا بالدندنة بالجمالي ناظر الخاص واشتغال قلب المشار إليه بما يشافهه به من الذم والانتقاض وهو مظهر التغافل عن أمره مبطن تدبير رأيه في طمس أثره وخفض قدره إلى أن اتفق مجيء البلاطنسي في محنة الشاميين بأحد أعوان صاحب الترجمة أبي الفتح الطيبي وما به كل منهم يقاسي فصعد إلى السلطان في أواخر جمادى الأولى سنة أربع وخمسين وأعلمه بمزيد الضرر من الطيبي على المسلمين فبادر بعد الإصغاء للمقال بعزله وكان هذا ابتداء إهانة صاحب الترجمة وذله فانه بعد بيسير وثب طائفة من المماليك فضربوه وهجموا بيته وأخذوا ما به من جليل وحقير وأعانتهم العامة حتى أحرق بابه وعظم صراخ كل من أعوانه وانتحابه ولم يلبث أن جاء إليه نقيب الجيش فأخذه ماشيا ابعد ذلك التيه والطيش وذهب به لقاضي الشافعية المناوي وانطلقت الألسن بما اشتمل عليه من القبائح والمساوئ ورام السلطان بذلك تسكين الفتنة ويأتي الله إلا صرف تلك المحنة فاستميل السلطان حتى رسم بنقله لباب المالكي لتحتم قتله فما وافق القاضي على ذلك بل أمر بسجنه في الديلم لتتضح له في قتله المسالك فأخذوه على حمار وفي عنقه جنزير وأودعوه فيه(3/394)
بعد إهانة من العامة وذل كبير فأقام به إلى أن أمر السلطان بعوده للمناوي لكونه أقرب للغرض الذي مضمره وله ناوي فحينئذ بادر إلى الحكم باسلامة وحقن دمه وتعزيره ورفع ألمه ومع ذلك كله فكف الله السلطان عن عوده لمنزله وأهله وأمر باخراجه من القاهرة منفياً إلى طرطوس فأخرج ليلاً خوفاً من اغتياله الذي به ترتاح النفوس ثم صار يؤمر في كل قليل بضربه مع التبريح به والتنكيل بل ينقل أيضاً من مكان إلى مكان قصداً لتوالي الذل بذلك والامتهان ولله در القائل:بعد إهانة من العامة وذل كبير فأقام به إلى أن أمر السلطان بعوده للمناوي لكونه أقرب للغرض الذي مضمره وله ناوي فحينئذ بادر إلى الحكم باسلامة وحقن دمه وتعزيره ورفع ألمه ومع ذلك كله فكف الله السلطان عن عوده لمنزله وأهله وأمر باخراجه من القاهرة منفياً إلى طرطوس فأخرج ليلاً خوفاً من اغتياله الذي به ترتاح النفوس ثم صار يؤمر في كل قليل بضربه مع التبريح به والتنكيل بل ينقل أيضاً من مكان إلى مكان قصداً لتوالي الذل بذلك والامتهان ولله در القائل:
يا من علا علوه ... أعجوبة بين البشر
غلط الزمان برفع قد ... رك ثم حطك واعتذر
ثم بعد بيسير لم يشعر الناس إلا وقد أشيع أنه ببيت أمير المؤمنين ليطلع معه في غد للشفاعة فيه بالتعيين ووصل العلم به للجمالي المعين فدبر إفساد ما تقرر وتعين وجاء قاصد السلطان إلى الخليفة يأمره بالكف عن الطلوع معه رديفة فصعد هذا منفرداً ولم يبلغ بذلك مقصداً بل بادر السلطان لإنكار مجيئه بدون علمه فأجاب بسبق الأذن فيه برقمه وكادر وحاقق فجحد وشاقق وأمر بضربه بين يديه ولم يجن بصنيعه عليه ثم أخرجه منفيا وتكلف الجمال في هذا ما يفوق الوصف نشراً وطياً واستمر في نفيه وإبعاده وحبسه عن تعديه وفساده حتى مات الظاهر ثم الجمالي المذكور وراسل يستدعي المجيء والحضور ظاناً هو وأتباعه عوده لأعظم مما كان لخلو الجو بعزل الأنصاري وموت الجمالي أعظم الأركان فرسم حينئذ بمجيئه بيقين ووصل في رمضان سنة ثلاث وستين وهو متوعك مكروب وبالوفاء بما ألزم به نفسه مطلوب فأحدث كثيرا ًمن الظلامات التي باء باثمها في الحياة وبعد الممات ولكن حبسه الله عن البلوغ لكثير من قصده وبغيته خصوصاً لمن أضمر السوء به ممن كان السبب في إبقائه مهجته فأنه أول ما قدم انتزع منه خطابة جامع عمرو ونظره ووالي التعرض فيه وكرره هذا بعد مجيء المشار إليه أول قدومه للسلام عليه وقطعة الاعتكاف من أجله بل وأهدى له ما يكتفي بدونه من مثله. وبالجملة فلم يصل لشيء مما كان في أمله ولا رأى مسلكا للولوج في تلك المسالك المألوفة من قبله بل خاب ظنه وظن جماعته وطاب له الموت بصريحة وكنايته وصار ألمه في نمو وتدبيره في انتقاض وعلمه في انحطاط وانخفاض إلى أن ظهر عجزه واشتهر وتعرض له بالامتهان صبيان الوزر وجيء به وهو مريض لا حركة فيه سوى اللسان محمولاً في قفص امتثالاً لأمر السلطان لباب المحب كاتب السر الشريف لعمل حسابه المشمول بالتبديل والتحريف فلم يتم له أمره بل قصم ظهره وانقضى عمره. ومات عن قرب سنة أربع وستين في ليلة الجمعة العشرين من المحرم ولا تمكن وارثه من كفن مما هو في حوزته ولا له تسلم حتى تصدق محمد بن الأهناسي عليه بالكفن الجالب لكل مكروه وعفن وصلى عليه من الغد عقب الصلاة بجامع الحاكم الشهير ومشى في جنازته فيما قيل نحو سبعة أنفس بالتقدير أو بالتحرير ولسان حاله ينشد:
إلى حتفي سعة قدمى ... أرى قدمي أراق دمى
وبكى العوام لأجل قلة من تبعه لما رأى من العز والجاه فسبحان القادر القاهر، وقد لقيته بجامع طيلان من طرابلس في رحلتي إليها وبالغ في الإكرام والاحترام وأرسل إلى بدراهم لها وقع فامتنعت من قبولها بحيث أنه لما قدم القاهرة حكى ذلك لغرضه وأكثر حين اجتماعي به من التعجب من كوني لم أجيء إليه أيام عزه وأنشدني ما زعم أنه خاطب به العلاء بن أقبرس فقال:
أجج النحاس ناراً أحرقت فلس ابن أقبرس
فلذا صار ينادي أحرق النحاس ذا الفلس
عفا الله عنه وعن سائر المسلمين .(3/395)
محمد بن أحمد بن محمد بن داود بن سلامة أبو عبد الله وأبو المواهب ابن الحاج اليزلتيني - نسبة لقبيلة - التونسي المغربي ثم القاهري المالكي ويعرف بابن زغدان - بمعجمتين أولاهما مفتوحة ثم مهملة وآخره نون. ولد في سنة عشرين وثمانمائة تقريباً بتونس وحفظ القرآن وكتباً وتلا لنافع على بعض القراء من أصحاب ابن عرفة وبحث العربية على أبي عبد الله الرملي وعمر الشلشاني وغيرهما وعن ثانيهما وعمر البرزلي أخذ في الفقه وأخذ المنطق عن محمد الموصلي وغيره والأصلين مع الفقه أيضاً عن إبراهيم الأخضري، وقدم القاهرة في سنة اثنتين وأربعين فيما بلغني؛ وتنزل في صوفية سعيد السعداء؛ وحج وجاور وأخذ عن شيخنا اليسير وامتدحه بقصيدة حسنة سمعت منه أكثرها وكتبت له الإجازة عنه وكذا صحب يحيى بن أبي الوفاء وفهم كلام الصوفية ومال إلى ابن عربي بحيث اشتهر بالمناضلة عنه، وآل أمره بعد أحداث البقاعي ما كان الوقت في غنية عنه إلى أن عقد ناموس المشيخة وصار يذكر ويتظاهر وبتقريرات وكلمات بحضرة من يجتمع عنده خصوصاً بعض الطواشية، وربما قرئ عنه المدخل وغيره من الكتب المستقيمة وله اقتدار على التقرير وبلاغة في التعبير بحيث شرح الحكم لابن عطاء وعمل كراسة في جواز السماع وحزب أدعية وأوراد يتداوله أصحابه ورسالة قوانين حكم الإشراق إلى صوفية جميع الآفاق وسلاح الوفائية بثغر الإسكندرية وديوان شعر سماه مواهب المعارف وعدة أحزاب وغير ذلك. وقد قال فيه البقاعي أنه فاضل حسن الشكل لكنه قبيح الفعل أقبل على الفسوق ثم لزم الفقراء والوفائية وخلب بعض أولى العقول الضعيفية فصار كثير من العامة والنساء والجند يعتقدونه مع ملازمته للفسوق أراني مرة كتاباً اسمه بغية السول من مراتب الكمال في التصوف أبان فيه صاحبه عن عقيدة صحيحة وذوق سليم في طريق القوم المستقيم في مجلد لطيف وزعم أنه تصفيفه فالله أعلم وصرح بتكذيبه، وقال في موضع آخر أنه قدم القاهرة على ما ادعى سنة إحدى وخمسين حاجاً فمرض ولم يحج بعد وصحب بني الوفاء حتى مات؛ وكتب عنه من نظمه:
ضرغام نفسك طلاب فريسته ... ونائل منك ما يرجو ويقتصد
وأنت ترجو المعالي دون معملها ... فليس دون قتال يؤخذ الأسد
وقوله:
وهيفاء دبت عقرب فوق صدغها ... تصد عميد القلب عن جلناره
وقد شعلت في القلب نار غرامها ... فلو واصلتني أطفأت جل ناره
انتهى. وقد قمت عليه حتى أخرج من المدرسة النابلسية لكونه آجر مجلسها لمن ينسج فيه القماش ولغير ذلك وما كنت أحمد أمره. مات في ظهر يوم الاثنين ثالث عشر صفر سنة اثنتين وثمانين وصلى عليه بعد صلاة العصر بالأزهر ثم دفن بالتربة الشاذلية من القرافة قريباً من حسين الحبار والصلاح الكلائي عفا الله عنه.
محمد بن أحمد بن محمد بن رضوان. مضى فيمن جده محمد بن أحمد بن رضوان.
محمد بن أحمد بن محمد بن روزبة. فيمن جده محمد بن محمود بن إبراهيم بن روزبة.
محمد بن أحمد بن محمد بن سلامة بن عطوف بن يعلي الجمال السلمي المكي الشافعي أخو على الماضي ويعرف بابن سلامة. ولد بمكة ونشأ بها وارتحل مع أخيه في سنة سبعين إلى بغداد فسمع بها على أبي المحامد محمد بن سليمان الشيباني أشياء وأجاز له العماد بن كثير و ابن رافع وابن القارى والصلاح بن أبي عمرو ابن أميلة وابن الهبل و جويرية الهكارية وآخرون؛ وحدث سمع منه الفضلاء كابن فهد وذكره في معجمه ولم يذكر وفاته لكنه قرأ عليه في سنة أربع عشرة.(3/396)
محمد بن أحمد بن محمد بن صديق الشمس الطوخي الشافعي الحائك. ولد سنة ثمان وعشرين وثمانمائة تقريباً بطوخ. ونشأ بها فحفظ القرآن والحاوي ومختصر التبريزي وألفية الحديث والنحو، وعرض على جماعة كالشهاب بن رسلان وماهر وعبد الكريم القلقشندي ببيت المقدس ولقي بالشام البلاطنسي واشتغل يسيراً بالقاهرة على ابن المجدي والخواص في الفرائض والفقه وغيرهما، وتلا بمكة لأبي عمرو علي ابن عياش. وسمع هناك على أبي شعر وبالقاهرة على شيخنا ومعنا غالب الصحيح على البرهان الصالحي وختمه على جماعة، ثم أعرض عن ذلك وأقام ببلده مكتسباً بالحياكة. وقدم القاهرة في سنة تسع وسبعين ومعه ولد له حفظ الحاوي والورقات فعرض علي في جملة الجماعة وسمعا علي يسيراً ولم يلبث أن فجع به في طاعة سنة إحدى وثمانين.(3/397)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي القسم بن عبد الرحمن ابن علي بن الحسين بن محمد بن أبي النصر فتوح بن المعتمد على الله أبي القاسم محمد بن المتضد بالله أبي عمر وعباد بن القاضي بأمر الله أبي القسم محمد بن إسماعيل ابن محمد بن أسماعيل بن قريش بن عباد بن عمرو بن أسلم بن عمرو بن عطاف ابن نعيم - بالتصغير - الشمس أبو عبد الله وأبو علي بن أبي العباس بن أبي عبد الله ابن أبي زيد بن أبي محمد بن أبي القسم بن أبي الحسن بن أبي الحسين اللخمي الفرياني - بضم الفاء وراء مشددة مكسورة ثم تحتانية وآخره نون نسبة لفريانة إحدى. مدائن إفريقية فيما بين قفصة وبيشة بالقرب من بلاد قسطنطينية بلاد اليمن التي ينسب إليها القسطلاني نزلها أبوا جده الأعلى حيث خرج من القاهرة وتزوج بها فعرف بها - التونسي المالكي. ولد كما قرأته بخطه في صبيحة يوم الأحد ثالث عشرى ربيع الأول سنة ثمانين وسبعمائة بتونس، ونشأ بها فحفظ القرآن وتلاه لابن كثير ونافع وأبي عمرو على أبي عبد الله بن عرفة وللحرميين على أبي عبد الله محمد بن ابن أبي العباس أحمد بن موسى البطرني الأنصاري مسند المغرب وأبي عبد الله محمد ابن محمد بن محمد بن مسافر العامري القفصي،وللسبع على أبي محمد عبد الله بن مسعود بن علي القريشي المكي الأصل التونسي بل قال مرة إنه أخذها عن اللذين قبله، وكذا الغبريني الآتي وأخذ الفقه عن ابن عرفة بحث عليه مختصر ابن الحاجب وقاضي الجماعة أبي مهدي الغبريني سماه مرة عيسى ومرة محمداً بن أحمد ابن يحيى بحث عليه الرسالة وعن غيرهما كأبيه وأبي القسم محمد بن أحمد بن يحيى الإدريسي الحسني عرف بالسلاوى وعنه وأبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الرحمن الأزدي عرف بابن القصار أخذ العربية والأصول؛ وسمع الحديث على الخمسة الأولين من شيوخه وعلى أبيه فارس عبد العزيز بن مسعود بن عبد العزيز العجيسي التلمساني وأبي عبد الله محمد بن عبد الربعي الصقلي وقال أن أول سماعه له كان في سنة ثمان وثمانين وهو ابن تسع وأول اشتغاله في القراءات في سنة تسعين وفي الفقه في سنة أربع وتسعين؛ وارتحل في سنة اثنتي عشرة فقدم القاهرة في شوالها فحج ثم عاد فقطن القاهرة وكان يتردد إلى بلاد الشام فطوف غالبها. ونزل في كثير منها وحصلت له حظوة منبني البارزي وبني الكويز وغيرهم. وتحول شافعياً ثم ولي قضاء نابلس في سنة سبع وثلاثين استقلالاً وكان كما قال المقريزي أول من استقل فيها وسافر إليها مرة بعد أخرى وفي المرة الثانية جعل بها نائباً قرر عليه ضريبة معينة بحيث عزله الكمال بن البارزي لذلك، وجال البلاد ولقي الرجال واشتهر أمره وكثر أخذ أهل البلاد عنه وأسفر عن كذب كثير واختلاق غزير حتى في نسبة فأنه مرة ساقه كما قدمناه ومرة خالف فيه وقال مرة أنه سفياني ومرة وصل به إلى علي بن أبي طالب بعد انتسابه لخميا وكذا اختلف كلامه وشيوخه وفي المأخوذ عنهم وشحن البلاد بمختلفاته ومركباته. وقال شيخنا في حرف الفاء من توضيح المشتبه أنه من أهل الفضل يستحضر كثيراً من الأخبار ويجول البلاد يقصه، وأنه أخبره بمولده وأنه سنة ثمانين وسبعمائة وبأنه سمع من البطرني وحدث عنه وعن غيره بالسماع، قال كثيراً ما يطلق الأخبار في الإجازة الخاصة والعامة وله في ذلك تراكيب موهمة وقد سئلت في بعضها وأنا بحلب ونبهت على خطأ بعضها؛ وكان السائل له ابن خطيب الناصرية فانه قال بعد أن ذكر أنه قدم حلب مراراً وأنزله عنده بالمدرسة الشرفية وعمل مواعيد بجامعها الكبير وغيره وأثنى عليه بالفضل واستحضار طرف من التاريخ وغيره وقال أنه سمع منه بعض الطلبة المسلسل بالأولية بسند أوقفت عليه وسمي شيخنا في سنة ست وثلاثين فانكره وقال أنا أشك في صحة قوله أنه سمع من البطرني لأنه كان صغيراً حين توفي ولم يكن بلدية بل ذكر أن أكثر من سمي من شيوخ السند لا وجود له في الخارج، ثم قرأت بخط شيخنا ما نصه: وقفت له على أسانيد لعدة من الكتب المشهورة كلها مفتعلة وقد بينت خللها مع الذي أملاها عليه يعني به الجمال بن السابق الحموي. وقال في سنة ثمان وأربعين من إنبائه أنه أطنب الجولان في قرى الريف الأدنى يعمل المواعيد ويذكر الناس وهو يستحضر من التاريخ والأخبار الماضية شيئاً كثيراً ولكن كان يخلط في غالبها ويدعى معرفة الحديث النبوي(3/398)
ورجاله ويبالغ في ذلك عند من يستجهد ويقصر في المذاكرة به عند من يعرف أنه من أهل الفن وراج أمره في ذلك دهراً طويلاً وذكر انه ولي قضاء نابلس بعناية الكمال بن البارزي ثم هجره، وصحب الزين عبد الرحمن بن الكويز وانقطع إليه مدة ثم فارقه. وكذا قال في سنة سبع وثلاثين منه أنه تحول شافعياً ولما ولي قضاء نابلس وأنه كثير الاستحضار للتواريخ وكان يتعانى عمل مواعيد بقري مصر وبدمياط وبلاد السواحل وصحب الناس وهو حسن العشرة ونزه عفيف، وقد حدث بحلب عن البطرني وما أظنه سمع منه فأنه ذكر لنا أن مولده سنة ثمانين ببلده وكان البطرني بتونس ومات بعد سنة تسعين قال ورأيت له عند أصحابنا بحلب إسناداً للمسلسل مختلقاً إلى السلفى وآخر أشد اختلاقاً منه إلى أبي نصر الوائلي وسئلت عنهما فبينت لهم فسادهما ثم وقفت مع جمال الدين بن السابق الحموي على كراسة كتبها عنه بأسانيده في الكتب الستة أكثرها مختلق وجلها مركب، وأوقفني المقريزي له على تراجم كتبها به بخطة كلها مختلفة إلا لشيء اليسير غفر الله له، وقد كان المقريزي يعظمه جداً ووصفه بالشيخ الحافظ الرحال ذي الكنيتين، وأكثر من الاعتماد عليه فيما كان يخبره به مما يتعلق بالتاريخ ونحوه من غير إفصاح عنه على عادته. وقال غيرهما ممن أخذ عنهما لم أزل أسمع عنه الأعاجيب من كثرة الحفظ للأخبار القديمة والقوة على جوب البلاد والقدرة على مداخلة الناس حتى اجتمعت به ذي القعدة سنة سبع وثلاثين فوجدته من دهاة العالم فصيحاً مفوهاً قوي الحافظة عديم النظير في ذلك بحيث أنه يأخذ كتاب العلم فيطلع فيه اطلاعةً يحفظ غالبه منها، وبالغ شيخنا في تكذيبه واختلاقه وأما المقريزي فعلى الضد من ذلك في اعتماده وتلقيبه يا لحافظ، وترجمه في عقوده باختصار وأنشد عنه لغيره: ويبالغ في ذلك عند من يستجهد ويقصر في المذاكرة به عند من يعرف أنه من أهل الفن وراج أمره في ذلك دهراً طويلاً وذكر انه ولي قضاء نابلس بعناية الكمال بن البارزي ثم هجره، وصحب الزين عبد الرحمن بن الكويز وانقطع إليه مدة ثم فارقه. وكذا قال في سنة سبع وثلاثين منه أنه تحول شافعياً ولما ولي قضاء نابلس وأنه كثير الاستحضار للتواريخ وكان يتعانى عمل مواعيد بقري مصر وبدمياط وبلاد السواحل وصحب الناس وهو حسن العشرة ونزه عفيف، وقد حدث بحلب عن البطرني وما أظنه سمع منه فأنه ذكر لنا أن مولده سنة ثمانين ببلده وكان البطرني بتونس ومات بعد سنة تسعين قال ورأيت له عند أصحابنا بحلب إسناداً للمسلسل مختلقاً إلى السلفى وآخر أشد اختلاقاً منه إلى أبي نصر الوائلي وسئلت عنهما فبينت لهم فسادهما ثم وقفت مع جمال الدين بن السابق الحموي على كراسة كتبها عنه بأسانيده في الكتب الستة أكثرها مختلق وجلها مركب، وأوقفني المقريزي له على تراجم كتبها به بخطة كلها مختلفة إلا لشيء اليسير غفر الله له، وقد كان المقريزي يعظمه جداً ووصفه بالشيخ الحافظ الرحال ذي الكنيتين، وأكثر من الاعتماد عليه فيما كان يخبره به مما يتعلق بالتاريخ ونحوه من غير إفصاح عنه على عادته. وقال غيرهما ممن أخذ عنهما لم أزل أسمع عنه الأعاجيب من كثرة الحفظ للأخبار القديمة والقوة على جوب البلاد والقدرة على مداخلة الناس حتى اجتمعت به ذي القعدة سنة سبع وثلاثين فوجدته من دهاة العالم فصيحاً مفوهاً قوي الحافظة عديم النظير في ذلك بحيث أنه يأخذ كتاب العلم فيطلع فيه اطلاعةً يحفظ غالبه منها، وبالغ شيخنا في تكذيبه واختلاقه وأما المقريزي فعلى الضد من ذلك في اعتماده وتلقيبه يا لحافظ، وترجمه في عقوده باختصار وأنشد عنه لغيره:
لعمرك ما عدمت لواء مجد ... ولا كل الجواد عن السباق
ولكني بليت بحظ سوء ... كما تبلى المليحة بالطلاق(3/399)
وقد خرج في سنة ثمان وأربعين في بعض بلاد نابلس وأظهر أنه السفياني واحتوى على عقول الفلاحين فراج عليهم وتبعه خلق منهم ثم أحسن منهم بانحلال عنه فانسل نحو بلاد الشمال حتى مات باللاذقية من بلاد طرابلس الشام سنة تسع وخمسين يعني في المحرم قال بعضهم ثم أخبرت أنه في صفر سنة اثنتين وستين انتهى. وقد أرخه في سنة تسع الشمس المالقي بن المنير ويحتاج إلى تحقيق، وجازف من قال إنه مات بمصر في ربيع الأول سنة أربع وخمسين وقال وقد اتهمه ابن حجر في سماعه من البطرني ولا وجه لاتهامه انتهى. ويحتاج هذا القائل إلى تأديب كثير سيما وقد علمت وجهه.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان البدر بن الشهاب ابن التاج بن الجلال بن السراج البلقيني الأصل القاهري الشافعي والد عبد الباسط الماضي وإبراهيم. ولد في ذي القعدة سنة أربع وثلاثين وثمانمائة بجوار مدرسة جده السراج بحارة بهاء الدين، ونشأ بين أبويه فحفظ القرآن والعمدة وألفية العراقي والمنهاج الفرعي وابن الحاجب الأصلي والتوضيح لابن هشام والتلخيص للقزويني وكان يصحح بعضها على الشمني وبعضها على العز عبد السلام البغدادي، وعرض على شيخنا وغيره وأخذ الفقه عن السيد النسابة والعلاء القلقشندي والمحلى والمناوي وعم جده العلمي وعمه أبي السعادات وبعضهم في الأخذ أكثر من بعض وكذا عن الوين البوتيجي وقابل معه نصف النكت لشيخه الولي العراقي وعنه وعن إبي الجود في أخذ الفرائض وأخذ في العربية عن ابن خضر بمرافقتي وعن الأبدي والعز عبد السلام وفي أوصل الفقه عن ابن حسان والتقي الحصني وأخذ في هذه العلوم وفي غيرها عن غير هؤلاء، وأذن له عم جده في الإفتاء والتدريس بل ناب عنه وعن من بعده وتصدى لذلك مقبلاً عليه بكليته ولذا تميز في الشروط مع المداومة على الكتابة بحيث كتب فتح الباري مرتين والخادم والتوسط وإعراب السين ونحو مائة مجلد وخطه ليس بالطائل وصار يستحضر من كتابته كثيراً سيما الفقه وكثيراً ما كان يراجع في الجلال البكري، وأكثر من الحضور عن الصلاح المكيني والخيضري وكذا تردد إلى كثيراً وراجعني في أشياء واستعان بي عن المناوى وغيره؛ ودرس بالآثار برغبة أبيه به عنه وعمل فيه اجلاساً بحضرة عم جده تكلم فيه على بعض الآيات وكذا بجامع أصلم نيابة عن ولدي التقي بن الرسام وبالظاهرية القديمة نيابة عن أبي اليسر بن النقاش وقرر بعد عمه أبي السعادات في وقف طقطجي وغيره مما ليس فيه كبير أمر وحرم مع أحقيته من جميع من أخذ، وحج في سنة ست وثمانين وكان على قضاء المحمل ولم يتأنق في ملبسه ولا مأكله ولا كان يركب إلا نادراً مع يبس وإقبال على شأنه ونسبة لتسامح وابتلاء بأم أولاده إلى أن تعلل أياماً ثم مات في ليلة ثامن من جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين وصلى عليه بجامع الحاكم ثم دفن عن أبيه بمدرسة جده رحمه الله وإيانا.(3/400)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن عثمان بن أبي بكر ناصر الدين أبو الفضل بن البهاء أبي حامد بن الشمس التميمي المصري الشافعي والد أحمد ويعرف بابن المهندس. ولد كما قرأته بخطه في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بمصر ونشأ بها فحفظ القرآن عند الشهاب الأشقر وتلا به لأبي عمر وعليه وعلى الزكي أبي بكر السعودي الضرير وحفظ العمدة والتنبيه وألفية ابن ملك وعرض العمدة على السراجين البلقيني وابن الملقن والعراقي والهيثمي والفخر القاياتي والشمس بن القطان والشرف القدسي المحدث والتنبيه على الضياء محمد بن محمد بن محمد السفطي شيخ الآثار والولي العراقي والعز بن جماعة وأجازوه وبحث في الفقه على النور الأدمي والعز بن جماعة ثم الشرف السبكي؛ وسمع الحديث على أولهم والولي العراقي ونحوهما، وأكثر عن شيخنا وكتب عنه من فتاويه جملة ولازم كتابه أماليه والنيابة عنه في خطابة جامع عمرو، وكذا التوقيع ببابه والملازمة لخدمته حتى أنه سافر معه إلى حلب في سنة آمد؛ وسمع هناك على البرهان الحلبي الحافظ وغيره وبالشام وغيرها ودخل عنتاب وزار القدس والخليل؛ وحج غير مرة أولها في سنة إحدى وثلاثين وجاور بعدها، وكان ذا مشاركة في الجملة وبراعة في التوثيق مع حرص على التلاوة والجماعة ورغبة في المنسوبين للصلاح ولكن لم نحمد شهادته في كونه شيخنا أوصى بالدفن في تربة بني الخروبي؛ وقد أجاز له قديماً سنة ثلاث وتسعين أبو الفرج بن الشيخة الغزي وبعد ذلك في استدعاء مؤرخ بسنة ثمان وتسعين أبو هريرة بن الذهبي وأبو الخير بن العلائي وطائفة، وحدث باليسير أخذت عنه أشياء ولم يحصل له رواج بعد شيخنا. ومات عن قرب في المحرم سنة خمس وخمسين. ودفن بالقرافة عن أبيه رحمه الله وإيانا. محمد بن أحمد ابن محمد بن عبد العزيز بن عبد الكريم. صوابه ابن أحمد بن أحمد بن عبد العزيز مضى.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن الفضل العماد الهاشمي الحلبي. ولي مشيخة الشيوخ بحلب بعد أبي الخير الميهني فباشرها عدة سنين، وكان إنساناً حسناً من ذوي البيوت الأعيان وله ثروة. مات أسيراً بأيدي التتارفي سنة ثلاث ودفن بمشهد الحسين ظاهر حلب. ذكره ابن خطيب الناصرية.(3/401)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد القادر بن حسن بن محمد المحب أبو الفضل الموصلي ثم الدمشقي الأصل القاهري الحنبلي ويعرف بابن جناق - بضم الجيم وكان يزعم عن شيخنا أن الفتح أصوب ثم نون خفيفة وآخره قاف. ولد في ليلة النصف من شعبان سنة سبع وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة ورام أهله أن يكون عقاداً فأقام عند بعض أربابها يسيراً ثم تحول وحفظ بعض القرآن وجميع العمدة وكان يقول أنه حفظها في أربعين يوماً وأنه عرضها على جماعة منهم شيخنا وأجاز له فالله أعلم، وانتقل إلى الشام في صفر سنة ثلاث وخمسين فأقام بها سنة وأشهراً وأكمل بها حفظ القرآن عند الفقيه عمر اللولوي الحنبلي قال وكنت أقرأ كل يوم منه ربع حزب بداية وانتفعت بملازمته وحضني على التحنبل فحضرت دروس البرهان بن مفلح وكذا التقي بن قندس ولزمته حتى سمعت عليه بحث المقنع والمحرر والخرقي إلا يسيراً منه وأنه قرأ في الحساب على الشمس السيلي الحنبلي، ثم عاد إلى القاهرة في آخر سنة أربع وخمسين فحفظ بها كما زعم أيضاً التسهيل في الفقه لابن البلاسلار البعلي والهداية في علوم الحديث لابن الجزري وبحث فيها على الزين قاسم الحنفي وأخذ الفقه يسيراً عن ابن الرزاز المتبولي والعز الكناني ولازمه واشتغل بغيره يسيراً فحضر دروساً في العربية عن التقيين الشمني والحصني وفي الأصول عن ابن الهائم والجلال المحلي وأبي لفضل المغربي وقرأ على السيد على الفرضي الفصول في الفرائض والنزهة في الحساب كلاهما لابن الهائم وجالس الشهاب الحجازي في الأدب وانتفع بيحيى الطشلاقي في بعض فنونه كثيراً؛ وطلب الحديث وقتاً ودار على متأخري الشيوخ فسمع جملة وكان يستمد مني في ذلك وفي غيره بل سمع منى في الإملاء وغيره، وأجاز له غير واحد وكتب بخطه بعض الطباق ورام محاكاة ابن ناصر الدين في خطه كالخيضري، وأذن له المرداوي والجراعي في التدريس والإفتاء بل كتب قاسم الحنفي تحت خطه في بعض الفتاوى وكذا أذن له العز الكناني حيث علم من نفسه التآهيل لذلك؛ وتنزل في صوفية الشيخونية وهي أول وظائفه ثم الأشرفية والبيبرسية وغيرها وولى الإعادة بالمنصورية والحاكم وبعد حفيد ابن الرزاز إفتاء دار العدل وتدريس الفقه بالقراسنقرية والمنكوتمرية وناب في القضاء عن شيخة العز وامتنع من التعاطي على الأحكام وأقرأ الطلبة وكذا أفتى خصوصاً بعد وفاة النور الششيني، وكان فاضلاً ذاكراً مستحضراً، لكثير من فروع المذهب ذائقاً للأدب حريصاً على التصميم في الأحكام وإظهار الصلابة وتحري العدل مع قوة نفس واقدام وإظهار تجمل مع التقلل واحتشام ولطف عشرة وتواضع وميل للماجنة مع من يختاره، وقد حج وجاور بمكة بعض سنة وكتب عنه صاحبنا ابن فهد يسيراً ولم يكن قاضية يحمد أكثر أفعاله بل ينسبه إلى حمق وتصنع ولعدم اعتنائه بشأنه مسه بعض المكروه من العلم البلقيني بسبب خلوه بالمطلع الملاصق لا يوان الحنفية من الصلاحية النجمية اقتات في عمارتها من ماله وغيره بارتكاب مالا يجوز ولذلك لم يمتع بها بل مات عن قرب في عاشر شوال سنة اثنتين وسبعين وصلى عليه في مشهد حسن ودفن بحوش البغاددة تربة السلام بالقرب من ضريح المحب بن نصر الله أثنى الناس عليه جميلاً وأظهر العز التأسف على فقده عوضه الله الجنة ومما أنشدنيه من نظمه:
ووصل الذي أهواه من بعد بعده ... وساقيه مع ساقي لما أن التووا
ووجنته مع ثغره وعذاره ... وطرته مع مقلتيه وما حووا
وودى ولهفي لا سلوت ولو سلوا ... فؤادي ولبي قد قلوا والحشاشووا(3/402)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسين بن أبي التائب بن أبي العيسى ابن أبي علي العز الأنصاري الدمشقي الأصل القاهري الحنفي ابن حفيد البدر المسند الشهير ويعرف كسلفه بابن أبي التائب. ولد في شعبان سنة خمس وسبعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وتلاه لأبي عمرو علي الشمس النشوى والعمدة والكنز الفرعي والمغني في الأصول وألفية النحو والتخليص وعرض بعضها على الصدر المناوي والمجد إسماعيل الحنفي ومحمود العجمي وغيرهم وأخذ الفقه عن البدر ابن خاص بك الشهاب العبادي وسمع دروسه في المنطق والشمس الحجازي الضرير والنحو عن المحب بن هشام والشمس البوصيري، ولازم قارئ الهداية كثيراً فانتفع به في الفقه وأصله والعربية وغيرها وسمع علي ابن حاتم والشهابين ابن بنين والسويداوي والتنوخي وابن الشيخة والمليجي وابن أبي المجد والمجد إسماعيل الحنفي والسراج الكومي والتاج بن الفصيح والحلاوي وفتح الدين ابن الشهيد في آخرين، وأجاز له النشاوي وجماعة، وحدث سمع منه الفضلاء.وناب في القضاء عن البدر العيني فمن بعده وجلس بالمدرسة السيفية تجاه الصنادقيين بل ولى قضاء اسكندرية وقتاً وشكرت سيرته في قضائه ودخل دمشق وحج نحو ست عشرة حجة وجاور وسمع بمكة على الجمال بن ظهيرة وتوجه للطائف لزيارة ابن عباس. ومات بمكة بعلة البطن في ثالث شوال سنة ست وأربعين ودفن بالمعلاة رحمة الله وسامحه.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة التقى أبو الفتح بن المحب بن الجمال القرشي المكي الشافعي وأمه حبشية فتاة لأبيه. ولد في ذي القعدة سنة ثمان وثمانمائة بمكة وحفظ القرآن والمنهاج وجمع الجوامع وألفية ابن ملك وغيرها وسمع الزين المراغي وجده وأباه وابن سلامة وابن الجزري وغيرهم، وأجاز له عائشة ابنة بن عبد الهادي وعبد القادر الأرموي والمجد اللغوي وخلق. وكان ذا فهم وذكاء رام تداريس أبيه بعده فأدركته المنية بعد خمس وخمسين يوماً في جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين بمكة. ذكره الفاسي باختصار عن هذا.
محمد أبو البقاء شقيق الذي قبله. مات قبل سن التمييز في سنة أربع عشرة.
محمد أبو الفضل أخوهما وأمه أم الحسن ابنة أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة. مات عن نحو نصف سنة في رمضان سنة أربع عشرة أيضاً .
محمد أبو بكر شقيق الذي قبله. بيض له ابن فهد.
محمد أبو عبد الله أخوهم. أمه الشريفة كمالية ابنته عبد الرحمن الفاسي. بيض له أيضاً .
محمد أبو حامد أخوهم أمه أم الحسين ابنة عبد الرحمن بن عبد الوهاب اليافعي. مات معها تحت ساقط في ذي الحجة سنة خمس وعشرين قبل إكماله سنة.(3/403)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الشريف جلال الدين بن الشهاب الحسني الجرواني - بجيم ثم مهملة وواو مفتوحات وآخره نون نسبة القرية قريبة من طنتدأ بالغربية - القاهري الشافعي النقيب ويعرف بالشريف الجرواني النقيب. ولد في عاشر المحرم سنة خمس وتسعين وسبعمائة وحفظ القرآن والعمدة والمنهاج وغيرهما، وعرض على جماعة كالجلال البلقيني ولازم الشهاب الطنتدائي وكان يقرأ عليه في الروضة وكذا أخذ في الفقه عن البرهان البيجوري والشمس البوصيري وآخرين رفيقاً لشيخنا ابن خضر ونحوه وأخذ في النحو عن الحناوي وفي الفرائض وغيره عن ابن المجدي، وجلس مع الشهود كأسلافه فبرع في التوثيق وبهم تدرب فأبوه كان متقدماً فيها وجده هو صاحب الوراقة الشهيرة كما ستأتي ترجمته، وتنزل في بعض الجهات كالمؤيدية والبيبرسية والمنكوتمرية وباشر النقابة عن العلم البلقيني وقتاً فلم يرج عنده ثم عند شيخنا وعمل في المودع وقتاً. وكان ممن اختص بشيخنا وقرأ عليه في تقسيم المنهاج وغيره بل قرأ عليه شرح النخبة بكماله وفي القبة البيبرسية ثم تغيظ عليه لأجل ولده فلما ولي ابن الديري أشار شيخنا عليه باستقراره به نقيباً، وحينئذ أقبل عليه السعد فكانت الأمور جليها وخفيها جليلها وحقيرها معذوقة به وتزايدت بين النواب وجاهته وبعد موته لم يظفر بطائل، مع أنه باشر عند ابن الشحنة قليلاً ثم عند ابن الصواف والبرهان بن الديري أيامهما كلها بل عند الأمشاطي حتى مات وقد أسن في ليلة الثلاثاء رابع عشر ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين ودفن من الغد بحوش البيبرسية؛ وكان بهج الهيبة عارفاً بالصناعة سيما في الأسجال والمكاتيب لمباشرته النقابة دهراً وبمقادير الناس وأحوال القضاة والشهود طلق العبارة في ذلك كثير الثناء على الوالد والعم والجد في غيبتي وحضرتي قائلاً أصول طيبة وفروع طيبة،جوزي خيراً، وأول ما حج سنة إحدى وعشرين ثم سنة إحدى وخمسين مع مخدومه ابن الديري رحمه وعفا عنه وإيانا. محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن أي بكر الزين أبو الخير بن الزين أبي الطاهر بن الجمال بن الحافظ المحب الطبري. مضى فيمن جده محمد بن المحب أحمد بن عبد الله فسقط من هنا أحمد.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر جمال الدين بن شهاب الدين أبي العباس بن كمال الدين أبي الفضل بن العفيف بن القاضي التقى القرشي العمري الحرازي الأصل المكي الحنفي والد أحمد وعبد الله وأخو عبد القادر الماضيين. ولد في جمادى الأولى سنة ثلاثين وثمانمائة بمكة ونشأ بها فحفظ القرآن وأربعى النووي ومختصر القدوري والألفية وبعض المجمع؛ وعرض على جماعة منهم أبو البقاء وأبو حامد ابنا الضياء والزين بن عياش وأخذ عن ثانيهم وأبي الوقت عبد الأول وغيرهما وفي العربية عن الزين طاهر المالكي في مجاورته والقاضي عبد القادر وصاهره على إحدى ابنتيه وآخرين، وسمع بمكة على أبي الفتح المراغي وبالمدينة. على المحب المطري، ولم يخرج من مكة لغيرها ولما كان ابنه أحمد بالقاهرة في سنة خمسة وتسعين طلع مع شيخه أحمد بن حاتم المغربي للسلطان فأنعم عليه بعشرين ديناراً وعلى أبيه حين ذكر صلاحه بخمسين فحملت له إلى مكة وقرأ بها النحو وأخذه عنه جماعة.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله الشمس النحريري ثم الدواخلي - نسبة لمحلة الدواخل من الغربية - نزيل جامع الغمري وأخو حسن الماضي وأحد أصحاب أبي العباس ممن أقام عنده بجامع أبيه بالمحلة حتى حفظ القرآن ونظم الزبد ثم بجامعه بالقاهرة واشتغل في الفقه والعربية وغيرهما وفهم ولازمني في التقريب للنووي وغيره وسمع على أشياء، وأقرأ بعض بني شيخة أبي العباس ثم بإشارته أقرأ عمر بن أبي البقاء بن الجيعان، وتنزل في الجهات بعنايتهم بل صار على عمائر الأشرفية وكان يتضرر من ذلك، وحج ورزق أولاداً. ومات في ربيع الثاني سنة ست وتسعين ونعم الرجل رحمه الله وإيانا.(3/404)
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله المظفري - نسبة لسويقة المظفر خارج باب الشعرية - الفاخوري أبوه الشافعي نزيل جامع الغمري ويعرف بالمظفري وبابن الفاخوري. ولد سنة تسع وسبعين بسويقة المظفر وحفظ القرآن والبعض من كان من الحاوي والمنهاج وألفية ابن ملك وألفية العروض وغير ذلك ممن قرأ على بحثاً في التقريب للنووي إلى أثناء ثاني أقسام ورواية صحيح مسلم وغير ذلك وسمع ثلاثيات البخاري والكثير من دلائل النبوة وأشياء كأماكن من القول البديع ومن شرحى للألفية وشرح العمدة لابن دقيق العيد والعمدة والموطأ وغير ذلك وكتبت له إجازة في كراسة وقرأ على الديمي وغيره؛ واشتغل قليلاً ولازم فضلاء الوقت كالبدر المارداني في فنون وجاور بجامع الغمري وربما أذن به وحرص على القراءة في السبع وله همة ورغبة في الاشتغال.
محمد بن أحمد بن محمد بن عبد المجيد بن أبي الفضل بن عبد الرحمن بن زيد بن عبد الباقي بن زيد الفقيه النجم الأنصاري الخزرجي البعلي الشافعي أحد أعيان بلده. مات بها في رجب سنة خمسين. وفي شيوخ الجمال بن ظهيرة ممن ترجمه شيخنا في الدرر من أتوهم أنه أخ لهذا وافقه في اسمه أو غير ذلك.
محمد بن أحمد بن عثمان بن أيوب ناصر الدين بن الشهاب بن أصيل الدين العمري فيما قيل الأشليمي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه والآتي جده ويعرف بابن أصيل بفتح الهمزة ثم مهملة مكسورة، ويقال أن جدته لأمه ابنة عم والده الفخر عثمان بن الملوك فهو على هذا من ذرية الملك الكامل. نشأ فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج والألفية وغيرها. وعرض على جماعة واشتغل يسيراً عن الشرف السبكي والشمس الحجازي وتلميذهما الكمال إمام الكاملية وخدم الشيخ محمد بن سلطان وقتاً حتى بكنس بيته ومسحه فيما كان يحكيه، وأقبل على التوقيع وأتقن المباشرة واختص ببيت ابن خاص بك، وتقدم في أيام الأشراف اينال فولى نظر الزردخاناه والجوالي والبيمارستان وغيرهما وولاه العلم البلقيني القضاء في أيام عزه ولم تسعه مخالفته، وتأثل أموالاً جمة ووظائف جملة وابتنى داراً هائلة تجاه جامع الأقمر وما حمد الطلبة ونحوهم صنيعة، ولما زال عزه أعرض عما كان يقترفه على نفسه واقتصر على التلاوة ونحوها مع الحرص على الصدقة والمحبة في الاطعام والتبسط في المعيشة ومزيد الاعتقاد في المنسوبين إلى الصلاح خصوصاً المسمون بالمجاذيب اقتفاءً للكمال إمام الكاملية فقد كان له بد مزيد اختصاص بحيث لم ينفك عنه وأظنه كان فقيهه وما عدم من ينكر عليه صحبته سيما قبل توبته وإنابته والظاهر أن تحوله ببركته. مات في صفر سنة إحدى وثمانين ودفن بحوش سعيد السعداء وقد جاز الستين فموت أبيه كان في سنة تسع عشرة رحمه الله وعفا عنه.
محمد بن أحمد بن محمد بن عصفور. فيمن لم يسم جده.
محمد بن أحمد بن محمد بن علوان أبو الطيب التونسي ثم السكندري المالكي الوفائي ويعرف بابن المصري. ولد في ظهر يوم التروية سنة ست وستين وسبعمائة وسمع بعد السبعين المفتى أبا القسم أحمد بن محمد الغبريني البجائي الأصل نزيل تونس وعرض عليه الرسالة؛ وأجاز له أبو عبد الله محمد بن أحمد البطرني؛وحدث رفيقاً للكمال بن خير ومما رواه عن الغبريني الموطأ حضوراً لبعضه وإجازة منه بباقيه، سمع عليه بإسكندرية الشهاب بن هاشم المقري والجمال أحمد بن محمد بن أبي بكر بن قرطاس الماضي؛ وقال شيخنا في معجمه لقيته بالقاهرة وسمعت من فوائده وأجاز لأولادي يعني في سنة سبع عشرة. ومات باسكندرية سنة سبع وعشرين .(3/405)
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن إبراهيم فتح الدين بن المحب القاهري الشافعي الخطيب والد المحب أحمد المالكي الماضي وولده البدر محمد ويعرف بابن المحب. ولد تقريباً سنة إحدى وسبعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والشاطبية والتنبيه والمنهاج الأصلي وألفية النحو، وعرض في سنة خمس وثمانين فما بعدها على الأبناسي والبلقيني والعراقي والدميري والصدر الشيطي وأجازوا له بل ذكر لي أنه كتب عن الزين العراقي من أماليه بالظاهرية العتيقة وأنه سمع من ولده الولي واشتغل يسيراً وحضر الدروس وتكسب بالشهادة وكان ساكناً خيراً خطب بجامع القيمري في سويقة صفية وقرأ الميعاد والحديث بين يدي الشيخ محمد الحنفي، وأجاز لي. ومات في أواخر جمادى الثانية سنة أربع وخمسين بعد أن تعلل مدة وصار يمشي على عكازين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن محمد المحب أبو الشفاء بن الشهاب بن ناصر الدين المقرئ المالكي ويعرف بابن الفرات باسم النهر. ولد في سنة سبعين وسبعمائة تقريباً بالقاهرة وقرأ بها القرآن وتلا به لأبي عمرو علي الفخر الضرير وللسبعة إلا حمزة على الشمس الشراريبي وأخذ الفقه عن عبيد البشكالسي والشهاب المغراري وفي النحو عن المحب بن هشام قرأ عليه جميع التوضيح لأبيه وسمع على قريبه ناصر الدين محمد بن الحسن ابن الفرات الحنفي وأبي الفرج بن الشيخة وجلس يؤدب الأطفال برأس الزجاجيين أخذ عنه ابن فهد والبقاعي وقال أنه مات بالقاهرة في يوم الاثنين ثامن جمادى الثانية سنة ثمان وأربعين ودفن من الغدو وجمهور أسلافهم مالكيون رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن سعيد بن سالم بن نمر بن يعقوب بن عبد الله بن صبح البهاء أو حامد بن الصدر أبي الطيب بن البهاء الأنصاري الخزرجي الدمشقي الشافعي ويعرف بابن أمام المشهد.ولد سنة سبع وستين وسبعمائة وأسمع من بعض أصحاب الفخر وابن القواس؛ وأجاز له العز بن جماعة وأحمد بن سالم المكي والكمال بن حبيب وعلي بن يوسف الزرندي وغيرهم؛ ونشأ نشأة حسنة فاشتغل بالفقه وتميز فيه وتأدب وأفتى ودرس وناب في الإمامة بالجامع الأموي بدمشق وفي القضاء أيضاً لكنه امتنع منه في ولاية الشهاب الحسباني، وكان ليناً خيراً حسن السيرة لديه فضيلة. مات في ذي القعدة سنة خمس عشرة. ذكره شيخنا في أنبائه ومعجمه والمقريزي في عقوده وابن فهد في معجمه.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن سليمان الشمس المصري الصوفي نزيل مكة ويعرف بابن النجم. سمع بمصر فيما أحسب من قاضيها أبي البقاء السبكي وصحب يوسف العجمي وصار من مريديه ونظر في كتب الصوفية وغيرها من كتب العلم ومال فيما بلغني لابن عربي وكتب بخطه كتباً وفوائد منها على ما ذكر لحفظ النفس والمال: الله حفيظ قديم أزلي حي قيوم لا ينام، وذكر أن من قال ذلك إلى جهة مال له غائب حفظ، وجاور بمكة نحو ثمانية عشر عاماً وتأهل بها وولد له وسمع الحديث بها من بعض شيوخنا بالسماع والإجازة وتعبد كثيراً واشتهر، ثم انتقل إلى المدينة فسكنها عامين وأشهراً ثم توفي بها في شهر ربيع الأول سنة إحدى ودفن بالبقيع. ذكره الفاسي بمكة وقال هكذا أملي على نسبة ولده محمد سبط يوسف بن علي القروي. وقال ابن حجي أنه جاز الستين وكان على طريقة ابن عربي وغيره مع كثرة العبادة، وهو في الأنباء باختصار. وقال المقريزي في عقوده: كان كثير العبادة ترتاح النفس عند رؤيته، ولقيته بمكة في سنة ثلاث وثمانين ثم في سنة سبع وثمانين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن عمر بن علي بن أحمد الصلاح بن الشهاب ابن البدر بن النور القرشي الطنبدي القاهري أخو أبي الفضل محمد الآتي واخوته وهو أولهم مولداً والماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن عرب بكونه سبط الجمال ابن عرب. مات في حياة أبيه سنة سبعين عن دون الثلاثين.
محمد المحب أبو الفضل أخو الذي قبله. نشأ القرآن وغيره واشتغل عند العبادي والبكري وغيرهما في الفقه وغيره واختص بفتح الدين بن البلقيني وخالطه، وناب في القضاء وتردد لتمراز وغيره.(3/406)
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب أبي بكر محمد بن أحمد الجمال أبو عبد الله القسطلاني الأصل المكي ويعرف كسلفة بابن الزين، أمه عائشة ابنة محمد بن علي العجمي، أجاز له سنة ثمان وثمانين وسبعمائة فما بعدها النشاوري وابن حاتم والعراقي والهيثمي والأميوطي ورسلان الذهبي وابن الشيخة وآخرون. ومات بمكة سنة ثمان وعشرين.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن هرون بن علي البدر بن الشهاب المحلي السكندري ثم القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف بابن المحلى قاضي سكندرية وابن قاضيها. ممن ذكر بين الناس عقب موت أبيه قليلاً؛ وابتنى بيتاً بالقرب من خان الخليلي؛ وحج وجاور ثم خمد.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي البدر أبو السعادات بن الشهاب المحلي الماضي أبوه ويعرف كهو بابن المصري. نشأ فحفظ القرآن وكتباً وعرضها على جملة الجماع بل سمع مني.
محمد بن أحمد بن محمد بن علي المكي بن الفيومي جابي وقف الزمام بمكة كأبيه وجبى بعده أخوه أبو بكر. مات بها في رمضان سنة ست وسبعين. أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن محمد بن عماد الشمس الدمنهوري المكي العطار. مات غريقاً بالمويلحة في ليلة سابع عشر رجب سنة خمس وثلاثين ودفن بجزيرة هناك. أرخه ابن فهد وقال أنه أجاز له في سنة ثمان وثمانين بعدها النشاوري والعراقي والهيثمي وابن حاتم وآخرون.
محمد بن أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن هاشم بن محمد بن عبد الله الشمس بن الشهاب الصنهاجي السكندري القاهري المالكي الأشقر نزيل الحسينية ويعرف كأبيه الماضي بابن هاشم. حفظ القرآن وغيره وأسمعه أبوه على ابن الحرزي، وكذا سمع على شيخنا وأجاز له في استدعاء ابن فهد المؤرخ برجب سنة ست وثلاثين خلق. وتكسب بالشهادة وبرع في الشروط مع نقص كتابيه وقصد بالأشغال ونال فيها حظاً بحيث كان مرجع تلك الدائرة كلها عليه. وكان مذاكراً بكثير من الفوائد محباً في الصالحين متبسطاً في معيشته مغرماً بتحصيل الكتب بحيث استكتب من تصانيفي عدة وسمع على منها، وربما قصدني ببعض الأسئلة ويصرح بالانفراد بوفاء غرضه في أجوبتها. وتزوج بعدة زوجات ورثهن إلا أم أولاد للعلم البلقيني فهي التي ورثته وكان زائد الرغبة فيها. مات في يوم الأحد تاسع عشر رمضان سنة ست وثمانين وأظنه جاز الستين سامحه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن محمد بن عمر فتح الدين أبو الفتح بن الشيخ أبي العباس الغمري الأصل المحلي الشافعي الماضي أبوه وكل منهما بكنيته أشهر.ولد في رابع عشر رمضان سنة أربع وخمسين وثمانمائة بالمحلة وحفظ القرآن والمنهاجين الفرعي والأصلي وعرض على جملة الجماعة بل وسمع مني ومن الشاوي والقمصيم وآخرين ومما سمعه على القول البديع وقرأ دروساً في التقريب للنووي واشتغل على الشهاب بن المصري في الفقه وعليه وعلى أبي عبد الله التونسي في العربية بل قرأ دروساً في الفقه على الفخر المقسي وكذا أخذ فيه وفي النحو عن الشرف البرمكيني حين سافر إليهم المحلة وفيهما وفي الأصول عن الشهاب بن الأقيطع وأكثر من ملازمته وحضر عند الكمال بن أبي شريف والبدر بن القطان والأبناسي وابن قاسم وزكريا وغيرهم، وخلف والده حين قطن القاهرة في المحلة وصار رأساً وله مزيد نوجه إلى الاشتغال والمذاكرة.
محمد المحب أبو الفضل شقيق الذي قبله. ولد تقريباً سنة ثلاث وستين وثمانمائة بالمحلة وحفظ القرآن والمنهاج وجمع الجوامع وعرض علي أيضاً وكذا على المحب بن الشحنة والعضد الصيرامي والشمس الامشاطي وعبد الغني الهيثمي والجوجري والجلال البكري وآخرين في سنة ثمانين بل قرأ علي في البحث عدة مقدمات في علوم الحديث وعلى ابن سولة في الفقه وأصوله والشيخ محمد العجمي في العربية والصرف والمنطق، والزين الأبناسي في الفقه وغيره كثيراً في آخرين كالشرف موسى البرمكيني وزوجة ابنته واستولدها عدة أولاد ، ثم عرض له ما يشبه الجذب فكان يفيق منه تارة ويعاوده أخرى ودام به سنين وفي كل حالة استأنس به وأبتهج برؤيته عافاه الله.(3/407)
محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الفتح بن سالم البدر أو الشمس بن الشهاب بن البدر الحلبي بن الاطعاني والد أحمد الماضي. ولد في صبيحة يوم الخميس خامس شعبان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بحلب، ونشأ بها فحفظ المنهاج وعرضه في سنة ثلاث وستين على الشهاب الأذرعي والزين عمر بن عيسى بن عمر الباريني وبه تفقه ونسخ بخطه شرحه لابن الملقن، وعرض عليه النيابة في القضاء ببعض البلاد كأبيه فامتنع، وتزهد وسلك طريق التصوف، وسافر إلى القدس فلبس الخرقة من عبد الله البسطامي، ثم رجع إلى بلده وانقطع بزاوية خارج باب الجفان وصار معتقداً مقبلاً على شأنه ديناً بهي المنظر، وتلمذ له جماعة ولبس منه غير واحد الخرقة، وحج مراراً وجاور في بعضها واشتهر بين الحلبيين وبنيت له زاوية وتردد إليه الأكابر لزيارته والتبرك به هو لايزداد مع ذلك إلا تواضعاً وتعبداً، وكان منور الشيبة حسن الخلق والخلق كثير الحياء بهي المنظر وسكن بعد الكائنة العظمى في دار القرآن المجاورة للجامع الكبير حتى مات بعدصلاة الجمعة تاسع ذي القعدة سنة سبع وحضر جنازته من لايحصى. ذكره شيخنا في إنبائه نقلاً عن ابن خطيب الناصرية. وقال لي بعض الحلبيين أنه ابتنى بحلب زاويتين أعين فيهما من أهل الخير.
محمد بن أحمد بن محمد بن فهيد. يأتي بدون فهيد. محمد بن أحمد بن محمد ابن المجد أبي الفتوح السنكلوني. مضى فيمن جده محمد بن أبي بكر بن إسماعيل.
محمد بن أحمد بن محمد بن كامل بن محمد بن تمام بن شعبان بن معالي ابن سالم الشمس أبو عبد الله بن الشهاب بن الشمس التدمري - بفتح الفوقانية ثم دال مهملة بعدها ميم مضمومة - الخليلي الشافعي. ولد في سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وقيل سنة خمسين وبه جزم شيخنا والنجم بن فهد كأنه تبعاً وله وأحضر في الثالثة أو الثانية على الصدر الميدومي المسلسل وجزء ابن عرفة ومنتقى العلائي من مشيخة ابن كليب، وعمر حتى تفرد وكأن خاتمة أصحابه ويقال أنه سمع من والده وطبقته فالله أعلم، وخطب ببلد الخليل وحدث سمع منه الأئمة كابن موسى والأبي والنجم بن فهد وفي الخليليين وغيرهم الآن غير واحد ممن سمع منه؛ وكان عسراً في التحديث أجاز لي؛ وذكره شيخنا في معجمه وقال: أجاز لنا مع أولادي، وتبعه المقريزي في عقوده ولكنه قال: التدمري ثم المقدسي فغلط قال ولعله آخر من بقي ممن أخذ عن الميدومي. مات بعد سنة عشرين، قلت قد مات ببلده في ليلة الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين، وقد ترجمت والده وجده في التاريخ الكبير.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن احمد بن محمد الكازروني المدني ابن أخي محمد وعبد السلام وعلى المذكورين في محالهم. ولد في سنة أربع وستين وثمانمائة أو التي قبلها وسمع على أبي الفرج المراغي ثم علي بطيبة أشياء.
محمد بن أحمد بن الشرف محمد بن محمد بن أحمد الشمس الششتري المدني الشافعي ويعرف بابن شرف الدين. ولد سنة اثنتين وستين وثمانمائة تقريباً بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرأن والطيبة وقرأ ببعض الروايات على عمه الشمس محمد بن شرف الدين واشتغل بالفقه والعربية يسيراً؛ ولازمني وأنا بالمدينة حتى قرأ على مسند الشافعي وأشياء وسمع مني وعلى جملة وكتبت له ثبتاً، ثم سافر إلى الروم لاستخلاص الأوقاف بها وعاد وقد ترقع حاله.
محمد بن فتح الدين أبو الفتح أخو الذي قبله. ممن أخذ عني بطيبة أيضاً.(3/408)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أيوب بن الياس ناصر الدين بن الشهاب ابن ناصر الدين بن شمس بن النجم بن الفخر العراقي الأصل الفارسكوري.تحول أيوب من العراق إلى القاهرة فسكنها وكان حفيد ولده مقطعاً بمنية النصارى بالقرب من أشموم فتزوج امرأة منها وانتقل بها إلى القاهرة فولدت له بها صاحب الترجمة وذلك في سابع رجب سنة سبعين وسبعمائة ونشأ بها فقرأ القرآن وصلى به وذكر أنه قرأ على السراج البلقيني تدريبه تصحيحاً، وحضر دروس ابن الملقن، وأنه سمع على الزين العراقي والبخاري على الغماري بدرب السلسلة مع الفاقوسي وكان يؤدب أولاده وأنه حج في سنة ثمان وتسعين وزار بيت المقدس مرتين وتعانى النظم وان أمه كان لها أقرباء بفارسكور فكان يسكن بها تارة وباشموم أخرى ثم استوطن فارسكور ولقيه بها ابن فهد والبقاعي وقالا إن أهل بلده يثنون عيه بكثرة الصوم والتلاوة والخير وكتباً عنه قوله الذي أضافه لقول البرهان البوصيري الشاعر حين استضافه بعضهم وكأنه قصر في خدمته سيما في المكان الذي أنزله به لكثرة ما فيه من البراغيث :
فما كان أطولها ليلة ... نرجو الإقالة من ربنا
فما ضيفونا ولكنهم ... براغيثهم ضيفوهم بنا
فقال:
مررنا بقوم نروم القرى ... بلينا بكرب على كربنا
فجاءوا بفرش كوينا به ... كأنا مغازون في حربنا
وجاءوا بأكل غصصنا به ... فلا الأكل طاب ولا شربنا
مات. ورأيت من ساق نسبه بدون محمد الثاني بعد جده فالله أعلم.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر البدر أو الشمس بن الشهاب ابن البدر بن الصدر المصري الشافعي والد علي وأبي بكر الماضيين ويعرف بابن الخلال بمعجمه ثم لام مشددة. ولد في ربيع الأول سنة ست وسبعين وسبعمائة بمصر ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه وألفية النحو وغيرها، وعرض على البلقيني وابن الملقن والفخر القاياتي وأجازوا له وتلا لأبي عمرو على الشيخ مظفر ثم لنافع وغيره على الجلال ولم ينسبه، وتفقه بالنورين الأدمي والبكري والشمس بن القطان والبلقيني قرأ عليه في الخروبية وغيرها وقال أنه لازمه عشر سنين، وقصد الكمال الدميري للأخذ عنه فقال له مكانك بعيد والأولى أن تجمع ما يشكل عليك ثم تراجعني فيه، وأخذ العربية عن ابن القطان والأدمي وعلم الحديث عن الزين العراقي وعلم الفلك عن ابن ادريس ولازم العز بن جماعة كثيراً، وأخذ عنه الأصول والعربية والفقه وغيرها وحضر في المنطق عند البساطي وغيره؛ وعرض عليه الشيخ محمد العطار الخلوة فامتنع لكونه حينئذ كان في تفهم كتابه فلما تم حضر إليه والتمسها منه وألح فقال أنه فات الوقت، وسمع على الصلاح الزفتاوي وناصر الدين بن الفرات والمطرز والأبناسي والعراقي والهيثمي والنجم البالسي والسويداوي والفخر القاياتي والشرف القدسي وآخرين، وباشر بمصر عدة وظائف ودرس وخطب بمدرسة ابن سويد ثم استدعى لفوة في سنة أربعين وقرر في الخطابة والتدريس بجامع ابن نصر الله بها؛ وتصدى للتدريس والإفتاء فانتفع به غير واحد من أهل تلك الناحية وغيرها، وناب في القضاء هناك عن السفطي مع امتناعه من قبوله عن من قبله وبعده لمزيد إلحاح المشار إليه عليه فيه، وقد لقيته بفوة وقرأت عليه أشياء، وكان فقيهاً حافظاً للمذهب مشاركاً في الفنون بارعاً في الميقات طارحاً للتكلف خيراً متواضعاً متقشفاً. مات وهو ساجد بفوة في عصر يوم السبت حادي عشر رمضان سنة سبع وستين ودفن من الغد بجوار ضريح أبي النجا بعد أن صلى عليه بالمصلى رحمه الله وإيانا.(3/409)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن حامد بن أحمد بن عبد الرحمن الشمس أبو حامد بن الشهاب بن الشمس المقدسي الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن حامد. ولد كما أخبر به في نصف ربيع الآخر سنة سبع وثمانمائة ببيت المقدس ونشأ فقرأ القرآن عند أبيه وجماعة وحفظ المنهاجين والألفيتين وقطعة من مختصر ابن الحاجب الأصلي، وعرض على البرماوي وابن الجزري وابن رسلان والعز القدسي في آخرين وسمع على والده القباني والتدمري وطائفة وأخذ الفقه عن ماهر وابن رسلان قرأ عليه تصنيفه الزبد وكذا قرأ على التقي بن قاضي شهبة حين قدم عليهم وراسله بالاذن له بالافتاء والتدريس وكذا أذن له أبو بكر الأذرعي وقرأ بعضاً من توضيح ابن هشام على الشمس البرماوي، وارتحل إلى القاهرة في سنة سبع وثلاثين فأخذ عن شيخنا وسمع حينئذ على البدر حسنين البوصيري ثلاثة مجالس من آخر سنن الدارقطني من عشرة بقراءة شيخنا ابن خضر ووصفه بالشيخ الفاضل، وأخذ بعدها عن القاياتي البعض من عقيدة النسفي وقابل مع العلاء القلقشندي ناصحة الموحدين لشيخه العلاء البخاري؛ وحج في سنة أربع وعشرين ثم صحبه أبيه في سنة سبع وخمسين؛ وسافر لدمشق مراراً وأخذ بها عن ابن ناصر الدين وكذا دخل حماة وغيرها، وناب في الإعادة بالصلاحية بل استقر في مشيخة الفخرية بعد أبيه، اجتمع بي وسألني في ترتيب ما أوقفني عليه من أثباته فأجبته وسمعت من فؤاده وعلقت عنه أشياء، وكان محباً في الفائدة مع التوضع والشيبة النيرة. مات بدمشق في يوم السبت سابع ربيع الآخر سنة أربع وسبعين رحمه الله.(3/410)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد بن محمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن علي بن إسماعيل البهاء أبو البقاء بن الشهاب أبي العباس وأبي الخير بن الضياء أبي عبد الله بن العز العمري الصاغاني الأصل المكي الحنفي الماضي أبوه ويعرف كأبيه بابن الضياء. ولد في ليلة تاسع المحرم سنة تسع وثمانين وسبعمائة بمكة ونشأ بها فأحضر علىالجمال الأميوطي وسمع على والده ولمحب أحمد بن أبي الفضل وعلي بن أحمد النويريين وابن صديق والشمس بن سكر والزين المراغي وجماعة، وارتحل غير مرة إلى القاهرة فقرأ بها على الشرف بن الكويك لكثير وعلى الجمال الحنبلي والشمسين الزراتيتي والشامي وشيخنا وآخرين؛ وأجاز له أبو هريرة بن الذهبي وأبو الخير بن العلائي ورسلان الذهبي والبلقيني وابن الملقن والعراقي والهيثمي وابن قوام والتنوخي وابن أبي المجد وطائفة، وحفظ القرآن ومتوناً وتلا لأبي عمرو على الشمس الحلبي ثم جمع سبع على محمد الصعيدي وأخذ الفقه بمكة عن أبيه، ومما أخذه عنه بحثاً بالمسجد الحرام المجمع عوداً على بدء بقراءته له على أبيه الضياء عن النظام أبي الفتوح مسعود ويقال بزغش بن البرهان إبراهيم بن الشرف محمد الكرماني إجازة عن مؤلفة المظفر أحمد ابن علي تغلب بن الساعاتي، وبالقاهرة عن قارئ الهداية، والنحو بمكة عن الشمس المعيد وبالقاهرة عن العو بن جماعة وعنه وعن والده والنجم السكاكيني الأصول والمعاني والبيان عن الشمس بن الضياء السنامي والشهاب أحمد الغزي الشامي والشمس البرماوي الأصول فعن الأخير جميع ألفيته مع غالب شرحها وعن الذي قبله مختصر ابن الحاجب وعن والده والشمس بن الضياء أصول الدين،وتقدم وضرب في العلوم بنصيب وافر، وناب في القضاء بمكة عن أبيه ثم استقل به بعده ثم أضيف إليه نظر الحرم والحسبة ثم انفصل عنهما خاصة، وصنف المشرع في شرح المجمع في أربع مجلدات والبحر العميق في مناسك حج البيت العتيق كذلك وتنزيه المسجد الحرام عن بدع جهله العوام في مجلد وشرح الوافي في مطول ومختصر ومقدمة الغزنوى في العبادات وسماه الضياء المعنوي في مجلدين والبزدوي ولم يكمل وصل فيه إلى القياس والمتدارك على المدارك في التفسير وصل فيه إلى آخر سورة هود طالعت أماكن منه ونقل أن والده أكمله والشافي في مختصر الكافي لم يكمله، وله نظم كتبت منه في معجمي أبياتاً. وكان إماماً علامة متقدماً في الفقه والأصلين والعربية ومشاركاً في فنون حسن الكتابة والتقييد عظيم الرغبة في المطالعة والانتقاء بحيث بلغني عن أبي الخير بن عبد القوي أنه قال أعرفه أزيد من خمسين سنة وما دخلت إليه قط إلا ووجدته يطالع أو يكتب، حدث ودرس وأفتى وصنف وأخذ عنه الأئمة كالمحيوي عبد القادر المالكي وعظمه جداً وبالغ البقاعي في الإساءة عليه وعلى أخيه. وقال ابن أبي عذيبة: قاضي مكة المشرفة وعالم تلك البلاد ومفتيها على مذهبه مع الجودة والخير والخبرة بدنياه سافر وطوف البلاد ومع ذلك لم تفته وقفة بعرفة منذ احتلم إلى أن مات، ودخل بيت المقدس مرتين انتهى. أجاز لي. مات في ذي القعدة سنة أربع وخمسين بمكة، وهو في عقود المقريزي وأثنى على سيرته وذكر شيئاً من تصانيفه رحمه الله وعفا عنه إيانا.(3/411)
محمد الرضى أبو حامد بن الضياء الحنفي شقيق الذي قبله. ولد في أواخر رمضان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وقيل في التي قبلها بمكة ونشأ بها فأحضر على الشمس بن سكر وسمع على والده والمحب وعلى النويريين وابن صديق وأبي الطيب السحولي ثم ابن الجزري والزين المراغي وبالقاهرةعلى ابن الكويك والجمال الحنبلي وابن الزراتيتي وشيخنا وباسكندرية على الكمال بن خير والتاج بن التنسي والشهاب أحمد بن محمد بن محمد بن اللاج وأبي البركات بن أبي زيد عبد الرحمن المكناسي والشرف قاسم بن محمد التروجي، وأجاز له أبو الخير بن العلائي وأبو هريرة بن الذهبي وابن أبي المجد والبلقيني والعراقي والهيثمي وآخرون، وتلا بالسبع علي محمد الصعيدي وتفقه بأبيه وبقارئ الهداية وغيرهما، وأخذ النحو عن أبيه والشمس البوصيري وغيرهما وحضر دروس العز بن جماعة فيه وفي الأصول والمعاني والبيان وغيرها وشارك أخاه في الأخذ عن شيوخه، وناب في القضاء عن أبيه ثم عن أخيه ثم بعد موته استقل به، وكتب على الكنز شرحاً وصل فيه إلى الظهار في نحو مجلدين وصنف غير ذلك وجمع مجاميع وأشياء مهمة، وله نظم أثبت منه من مدحه في شيخنا في الجواهر ومما كتبه على بعض الاستدعاءات في المعجم، وحدث ودرس وأفتى؛ وممن اخذ عنه المحيوي المالكي أيضاً عظمه وكان الرضى زوج أخته وكذا تزوج ابنة التقي بن فهد واستولد كلا منهما، ونقل البقاعي تكذيبه عن أهل مكة حتى أنهم لا يسمونه إلا مسيلمة فالله حسيبه بل كان هو وأخوه جمال الحرم وإن كان لا يخلو من مشى في الكلام وله كان يتأول أو يوري. وقد لقيته بمكة فحملت عنه أشياء وبالغ في الثناء، وكان إماماً علامة مشاركاً في فنون حسن والكتابة والتقييد عظيم الرغبة أيضاً في المطالعة والانتقاء. مات بمكة في رجب سنة ثمان وخمسين رحمه الله وإيانا.
محمد الجمال أبو الوفاء بن الضياء الحنفي أخو اللذين قبله. ولد في ربيع الثاني سنة ست وتسعين بمكة، وكان قاضياً وإماماً وخطيباً بسولة بوادي نخلة، أجاز له في سنة خمس وثمانمائة فما بعدها ابن صديق والشهاب بن مثبت والفيروزابادي والجمال بن ظهيرة وآخرون. مات في يوم الجمعة حادي عشر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين بخيف بني عمير من أعمال مكة وحمل إليها فدفن بالمعلاة. أرخه ابن فهد .
محمد الضياء الكمال أبو البركات أخو الثلاثة قبله. سمع النشاوري فمن بعده وكذا من الجمال الأميوطي صحيح مسلم في سنة تسع وثمانين وحفظ المختار والكافية في النحو وغيرهما، وأجاز له العراقي والهيثمي وابن حاتم وابن عرفة وغيرهم؛ وناب عن أبيه ثم عن أخيه ونزل له أبوه عن تدريس يلبغا ومشيخة رباط السدرة ونصف تدريس الزنجيلي وغيرها. مات بمكة في ليلة خامس المحرم سنة ثلاثين بضيق النفس بعد حكم حكمه نهاراً. أفاده شيخنا في بعض تعاليقه لكن بزيادة محمد ثالث في نسبه غلطاً. وذكره ابن فهد في ذيله.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن البهاء الأنصاري الأخميمي الماضي ولده وحفيده. يأتي في أواخر محمد بن أحمد فيمن لم يسم جده بل وصف بالشيخ.(3/412)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عثمان بن موسى بن علي بن شريك ابن شادي بن كنانة المحب بن الشهاب أبي العباس بن الشرف بن الظهير بن الفخر الكناني العسقلاني الطوخي الأصل - طوخ بني مزيد - القاهري الشافعي الماضي أبوه والآتي والده أبو السعود ويقال له السعودي لانتمائه لأبي السعود الواسطي ويعرف بالطوخي. ولد كما سمعه منه شيخنا في سنة أربع وسبعين وسبعمائة بالمدرسة الكهارية من القاهرة ونشأ بها فقرأ القرآن على أبيه والعمدة التنبيه والمنهاج الأصلي وألفية ابن ملك، وعرض الكل على ابن الملقن والبلقيني والأبناسي والعراقي والدميري وأكمل الدين الحنفي في آخرين واشتغل في الفقه على الأبناسي والصدر الابشيطي وأبي الفتح البلقيني والعلاء الأقفاصي والشمس بن القطان وفي النحو علي الأبشيطي والبدر الزركشي وبحث منهاج الأصول على ابن الملقن مع شرحه له ولازم العز بن جماعة في فنونه حتى أخذ عنه الشعوذة ولم يسافر قط إلا إلى بلبيس ركبه دين فاختفى لأجله مدة سنين ثم ظهر في قالب الجذب وصار يستعير كل يوم شيئاً يركبه وغالبه الخيل إما من الطواحين أو غيرها ثم يدور جميع نهاره وهو يقول الله الله الله ويسلم على الناس سلاماً عالياً ثم يقول بسم الله والحمد الله وما شاء الله لاقوة إلا بالله أستغفر الله الهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، واستمر على ذلك مدة مديدة فصار الناس يعتقدونه. قال شيخنا بعد وصفه بكثرة الاشتغال وأنه مهر ثم ترك وتشاغل بالمباشرة عن كبير التجار البرهان المحلي إلى أن انكسر له عليه مال فضيق عليه فأظهر الجنون وتمادى به الحال حتى صار جدافاً تخبل عقله وصار يمشي ويركب في الأسواق وبيده هراوة يقف فيذكر الله جهراً ويهلل، ودام على ذلك أكثر من أربعين سنة بحيث كثر من يعتقده وفي بعض الأحيان يتراجع وينسخ بالأجرة ثم يعود لتلك الحالة انتهى. وربما أقرأ المماليك ببعض الطباق وبلغني أنه لم يكن يبرز من بيته غالباً إلا حين ينفد ما معه، وقد رأيته كثيراً وسمعت تهليله وكان عليه أنس مع وضاءة وأحوال تؤذن بصلاح وناهيك بما أسلفت حكايته عنه في الأشراف قايتباي، وكان شيخنا كثير المحبة فيه حافظاً لعهده القديم ومرافقته السابقة له، وله معه حكاية غاية في اتصاف شيخنا بالفتوة أوردتها في الجواهر، ولم يزل المحب على حاله إلى أن سقط في بئر مدرسة الهكارية في يوم الخميس سادس رجب سنة اثنتين وخمسين فمات وصلى عليه ثم دفن، وكان له مشهد حسن رحمه الله وإيانا.
محمد ولي الدين أبو الفتح الطوخي أخو الذي قبله. حفظ العمدة وعرضها في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة على البدر الرزكشي والصدر بن المناوي والأبشيطي وابن الملقن والأبناسي والدميري وغيرهم كالبرشنسي والركراكي. واشتغل وتميز وتلا بالسبع على بعض القراء وكتب علىالزين بن الصائغ. ونسخ كثيراً لشيخنا وغيره وكتب عنه الأمالي وكان سريع الكتابة خيراً. مات في سنة ثمان وثلاثين. محمد التاج أبو بكر الطوخي والد المحب محمد الآتي وأخو اللذين قبله وهو الأصغر ولكنه بكنيته أشهر.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عمر بن غازي بن قجماس الصلاح بن الشهاب بن ناصر الدين بن صلاح الدين بن سابق الدين بن غرز الدين القاهري الشافعي السلاخوري ويعرف بالشاذلي. ولد سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وأخذ في الفقه عن الشمس الغراقي والولي العراقي في آخرين فيه وفي غيره، وتميز وسمع على الولي والفوي، وحج وجاور وسمع هناك على الجمال ابن ظهيرة والرضى أبي حامد محمد بن التقي عبد الرحمن المطري والزين محمد بن أحمد الطبري وابن سلامة وبالمدينة النبوية على بعضهم، وزار بيت المقدس وسمع بغزة وغيرها بل ذكر لنا أيضاً أنه سمع على ابن صديق والطبقة وأن أثباته بذلك ضاعت وقد لقيته قديماً فأجاز لي، وكان خيراً ثقة سلاخوريا بالاسطبلات السلطانية.مات في المحرم سنة أربع وستين رحمه الله.(3/413)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن محمد بن سليم ابن هبة الله بن حنا الشمس بن العز بن الشمس أو الزين بن الشرف بن الزين ابن المحيوي بن البهاء المصري الشافعي ويعرف بابن الصاحب. ولد سنة أربع وستين وسبعمائة بالقاهرة واشتغل قليلاً وتميز في الفقه والعربية وشارك في فنون وتقدم في ديوان الإنشاء وخدم بالتوقيع عند جماعة من الأمراء بل ناب في كتابه السر مدة أقام بالشام زمناً ثم درس بعد أبيه بالشريفية وغيرها، وكان وجيهاً ذا ثروة وبر ومعروف وله شعر وسط ولكنه لم يكن متصوناً وينسب لتعاطي المنكر فالله أعلم بسره. مات فجأة يقال مسموماً في ليلة الأربعاء تاسع عشرى جمادى الثانية سنة ثلاث عشرة وتمزق ماله من بعده سامحه الله. قال شيخنا في إنبائه وزاد غيره أنه درس بالصالحية وكتب على الحاوي الفرعي، ومن شعره:
يا من تسمي أسيراً ... أحسن فكاك الخليقه
سموك إسماً مجازاً ... أنا الأسير حقيقه
وذكرة المقريزي في عقوده وقال كان لي به نفع وأنس وانشد عنه من نظمه في الرثاء:
شققت على أعظم من شقيقي ... فدمعي بعد فقدك كالشقيق
وكنت لصاحب أولى رفيق ... فروحك في التراضي في رفيق
وقوله موالياً:
أوصى النبي بجاره فارحموا ضعفي ... يا من قووا بالجمال الوارث المصفى
يا فاطم الوصل يا منكي بقى مخفي ... عشقك بجنبي ومن قدامي ومن خلفي
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة أمين الدين أبو اليمن بن المحب بن الجلال أبي السعادات بن الكمال أبي البركات بن أبي السعود القرشي المكي الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن ظهيرة. ولد في رجب سنة تسع وخمسين وثمانمائة في حياة جده وبخط ابن فهد في شعبان من التي بعدها، وأمه زينب ابنة النجم محمد بن أبي بكر المرجاني. نشأ فحفظ القرآن والمنهاج وعرضه على البرهاني وحضر عند أبيه وكذا عندي دروساً في شرح الألفية وسمع على أشياء؛ وهو جامد لم يزل متعللا حتى مات في مستهل ذي الحجة سنة أربع وتسعين واستقر في تصوفه بمدرسة السلطان حسن الطلخاوي وعز ذلك على عمه وابن عمه.
محمد أبو السعادات أخو الذي قبله مات وهو ابن اشهر في ذي الحجة سنة ثلاث وستين.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن سعيد الضياء أبو البركات بن الشهاب ابن الضياء. صوابه بدون محمد الثالث وقد مضى.(3/414)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد العزيز الشرف بن الشهاب ابن الصدر القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفة بابن روق. ولد في ربيع الأول سنة خمس وثمانمائة فنشأ وحفظ القرآن وكتباً وأخذ عن ابن الفالاتي وابن قاسم والبدر حسن الأعرج ثم عن العبادي وأبي السعادات والمقسى والبكري وزكريا والجوجرى في الفقه وغيره وعن الثالث في الفرائض وعن التقى والعلاء الحصنيين والبدر السعدي الحنبلي في العربية وعن الحصنيين في المعاني والبيان وغيرهما، وتردد للخيضري وتغري بردى الاستادار والبقاعي، وتنزل في بعض الجهات كالإمامة بالفاضلية بل رغب له أبو السعادات البلقيني عن تدريس الحسامية ونظرها بأطفيح، وتميز وشارك في أشياء وعمله في الفقه أكثر ولذا كان فيه أمهر ولكنه كثير العجلة قليل التحري في النقل والشهادة بحيث نقل في بعض دروس شيخة ابن قاسم عن الروضة كلاماً وهمه فيه شيخة فمضى وقد كشط كلام الروضة وكتب موضعه ما وهم فيه وحضر به فعرف شيخه صنيعه فحط عليه ومقته وامتنع من الحضور عنده لذلك مدة؛ مس غير واحد من شيوخه منه المكروه كابن الفالاتي بل الجوجري وجرأه البقاعي على غيرهما وتعدى حتى سمعته يقول لقائل وأنا أسمع مما أستغفر من حكايته لو قاله لي الشافعي ما قبلته وكذا قال أنا لا رى شهود الجماعات ولولا أن الجماعة شرط في انعقاد الجمعة ما شهدتها وعلل ذلك بكون يشهدها من لا يحضر إلا لسرقة النعل فكيف ترجى الرحمة لمن هو معهم، إلى غيرها من الخرافات التي يحمله عليها الخفة والجرأة وعدم المسكة؛ وبالجملة فقد تناقض حاله من المشاركة في العلم والتفت إلى الزراعة وصارت أغلب أوقاته غيبة في الريف ويزعم أنه ليس في طائل، وله غوغات أحسنها قيامه على ابن حجاج حتى أخرج من السابقية وكنت ممن أعانه بما كتبته في ذلك وصار هو المتكلم فيها ولم يحمد هوولا رفيقه في ذلك والله يحسن العاقبة.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عطاء الله بن غواض بن نجا بن أبي الثناء حمود بن نهار الشمس بن ناصر الدين أبي العباس القرشي الأسدي الزبيري السكندري ثم القاهري المالكي والد الشهاب أحمد والنور على الماضيين ووالده ويعرف كسلفه بابن التنسي. ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة أو التي بعدها ونشأ يتيماً فاشتغل وتقدم وبرع في الشروط ونحوهما وتخرج به الفضلاء في ذلك؛ وناب في الحكم مدة وجلس بمجسد الفجل وغيره ثم عين لقضاء الشام فلم يتم ولما استقر أخوه البدر في القضاء استنابه فأظهر بعد قليل عدم القبول وتوجه مع الرحيبة لمكة فأقام بها إلى أن قدم مع الركب أول السنة وقد أصابه ذرب فطال به حتى مات في ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وكانت جنازته حافلة، ذكره شيخنا في أنبائه وتوقف في سياق نسبهم للزبير.(3/415)
محمد البدر أبو الإخلاص أخو الذي قبله. ولد بعد سنة ثمانين وسبعمائة تقريباً باسكندرية وقرأ بها بعض القرآن ثم انتقل مع أبيه إلى القاهرة حين ولي قضاءها فأكمل بها حفظ القرآن وحفظ التلقين للقاضي عبد الوهاب وألفية ابن ملك وغيرهما؛ وعرض على جماعة واشتغل بالعلم فأخذ الفقه عن الجمال الأفقهسي ومحمد بن مرزوق المغربي، ومما أخذه عنه بعض شرحه على المختصر والشمس البساطي وعنه أخذ أصول الفقه والنحو والمنطق وكذا أخذها مع أصول الدين والمعاني والبيان وعلوم الحديث عن العز بن جماعة ولازمهما كثيراً وبهما انتفع، وأخذ الأصول والنحو عن الشهاب العجيمي الحنبلي وأخذ أيضاً عن المحب أبي الوليد ابن الشحنة وكتب له بلغز سيأتي، والحديث عن الولي العراقي أخذ عنه ألفية والده وشيخنا واشتدت ملازمته له حتى قرأ عليه الصحيح وكتب عنه قديماً غير مجلد من شرح البخاري وحكى لنا عنه حكاية ليست غريبة بالنسبة لعلو مقامه أثبتها في الجواهر، وسمع قبل ذلك على الكمال بن خير سداسيات الرازي وغيرها على الشرف بن الكويك صحيح مسلم ومن لفظه المسلسل وعلى الشمس البرماوي والشهاب البطائحي والجمال الكازروني والسراج قاري الهداية ختم صحيح مسلم ورأيت بخط بعض الطلبة أنه سمع من لفظ الزين العراقي وكان هو يذكر أن ابن عرفة أجاز له وليس ذاك فيهما ببعيد فقد رأيت اسمه في استدعاء بخط البدر بن الدماميني مؤرخ بشعبان سنة إحدى وثمانمائة أجاز فيه أبو الخير ابن العلائي، وخرج له شيخنا أبو النعيم العقبى جزءاً وفيه روايته عن التنوخي ونحوه، وباشر التوقيع في الدولة المؤيدية عند ناصر الدين بن البارزي، وحج في سنة ست وعشرين وكذا بعد ذلك، وناب في القضاء في سنة سبع عشرة عن الجمال الأقفهسي وكان يتناوب هو وأخوه الذي قبله بمسجد الفجل والبغلة مشتركة بينهما لكونه نشأ فقيراً حتى قيل أن أول من كساه الصوف الجمال بن الدماميني أعطاه جنده بوجهين فلما قدم القاهرة فصل كل وجه عن الآخر بحيث صار اجندتين؛ واستمر ينوب في القضاء عن من بعده إلى أن استقل بذلك بعد وفاة شيخة البساطي في رمضان سنة اثنتين وأربعين وسار فيه سيرة حميدة وتثبت في الأحكام والشهود وقيد عليهم وعلى النواب تقاييد نافعة وكسد سوق المتلوثين في أيامه وصاروا معه في عناء وتعب وذل، ودام على ذلك حتى مات، وتصدى للقضاء والافتاء والتدريس ودرس بالجمالية وكذا بغيرها من المدارس المضافة للقضاء كالصالحية وأقرأ في المدونة وغيرها، وحدث سمع منه الفضلاء أخذت عنه أشياء بل قرض لي بعض تصانيفي وكذا قرأ عليه الزين أبو النعيم رضوان العقبي لأجل ولده، ولضخامته وأمانته كان كثير من التجار يتجوهون بالأنتساب إليه في متاجرهم ومعاملاتهم ونحو ذلك بل أودع السفطي عنده مبلغاً وكلهم لذلك لا أختيار لهم معه وقد لا يكون لهم اسم حتى جر ذلك لفوات أشياء عليهم بعد موتهم أو موته فيما قيل؛ وكان إماماً رئيساًعالماً فصيحاً طلقاً مفرط الذكاء جيد التصور شهماً محباً في إسداء المعروف للطلبة كثير المدارة تام العقل مهاباً متثبتاً في الدماء والفروج وسائر أحكامه لكن ما كنت أحمد معارضته لشيخنا مع كونه من تلامذته، وقد ندم على ذلك وتجرع ما لعله عرف سببه. ومات عن قرب في ليلة الاثنين ثالث عشر صفر سنة ثلاث وخمسين وصلى عليه من الغدفى مصلى المؤمنى بحضرة السلطان في مشهد حافل تقدمهم أمير المؤمنين ودفن بتربة المحب ناظر الجيش بالقرب من الشيخ عبد الله المنوفي رحمه الله وإيانا. ومما كتبته عنه ما ذكر أنه نظمه في منامه أيام الطاعون سنة سبع وأربعين وأوصى بدفنه معه فقال:
إله الخلق قد عظمت ذنوبي ... فسامح ما لعفوك من مشارك
أغث ياسيدي عبداً فقيراً ... أناخ ببابك العالي ودارك
وقد أطلت ترجمته في القضاء والوفيات والمعجم وفيها أيضاً من نظمه ونثره وغير ذلك.
محمد جمال الدين أخو اللذين قبله ووالد أحمد. غرق في سنة أربع عشرة مع جماعة منهم ابن وفا.محمد عفيف الدين. أخو الثلاثة قبله.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن فهد. يأتي في أبي القسم بن أبي بكر.(3/416)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن النجم محمد فتح الدين أبو الفتح بن الشهاب أبي العباس السكندري الأصل القاهري المالكي الشاذلي وهو بكنيته أشهر ويعرف بابن وفا وأظنه النجم ثالث المحمدين وقد يحذف محمد الثالث بل ربما يحذف الثاني ويقتصر فيهما على ابن وفاء. ولد قريباً من سنة تسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وكتباً وأخذ عن العز بن جماعة والبساطي والبرماوي وغيرهم وسمع مجلس الختم من البخاري على ناصر الدين الفاقوسي في سنة إحدى وثلاثين وبرع وقال الشعر الحسن وتكلم على الناس بعد عمه على بن محمد وفا وصار أعلم بني وفاء قاطبة وأشعرهم وكان على يشير إلى أن مدد أبي الفتح من أبيه مع كون الأب لم يتكلم، وحضر مجلسه الأكابر كالبساطي والبرماوي وغيرهما من شيوخه والشرف عيسى المالكي المغربي بل وممن حضر عنده الظاهر جقمق قبل سلطنته. وقد حضرت مجلسه وسمعت كلامه، وكان له رونق وحلاوة ولكلامه عشاق. مات بالروضة في يوم الاثنين مستهل شعبان وقيل رابعة سنة اثنتين وخمسين وحمل إلى مصر فصلى عليه بجامع عمرو ودفن بتربتهم بالقرافة وقد زاد على الستين وكانت جنازته مشهودة، ومن نظمه:
يا من لهم بالوفا يسار ... بأنسكم تعمر الديار
لخوفنا أنتم أمان ... لقلبنا أنتم قرار
بوبلكم جدبنا خصيب ... بوجهكم ليلنا نهار
لكم تشد الرحال شوقاً ... وبيتكم حقه يزار
وله أيضاً قصيدة أولها:
الروح مني في المحبة ذاهبة ... فاسمح بوصل لأعدمتك ذاهبة
عرفت أياديك الكرام بأنها ... تأسو الجراح من الخلائق قاطبة
قد خصك الرحمن منه خصائصاً ... فحللت من أوج الكمال مراتبه
ومن نظمه اكتفاءً:
لقد تعطشنا فروحوا بنا ... نرو بهذا الوقت وقت الرواح
وإن نأى الساقي فنوحوا معي ... عوناً فأني لا أطيق النواح
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد الشمس بن الشهاب بن ناصر الدين أبي الفرح بن الجمال الكازروني المدني الشافعي. ممن سمع مني بالمدينة.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد الخجندي. في إبراهيم.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن وفا.مضى قريباً بزيادة محمد.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن الخلال. فيمن جده محمد بن أبي بكر.(3/417)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد شمس الدين وجلال الدين أبو السعادات المصري الأصل المدني الشافعي الريس بن الريس سبط إبراهيم بن علبك المدني ووالد أحمد الماضي ويعرف قديماً بابن الخطيب. ولد في ليلة الجمعة ثامن عشرى شعبان سنة سبع وثلاثين وثمانمائة بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج والألفية وغيرهما؛ وعرض في سنة اثنتين وخمسين فما بعدها على أبوي الفرج الكازروني والمراغي وأبي الفتح بن صالح والبدر عبد الله بن فرحون والمحب المطري والمحيوي عبد القادر بن أبي القسم المالكي وأبي القسم النويري والأمين. الأقصرائي والبدر البغدادي الحنبلي وأجازوه كلهم والسيد علي شيخ الباسطية ولم يجز؛ وقرأ على أبي الفرج المراغي الموطأ ومسند أحمد والكتب الستة وجامع الأصول والأذكار ومعالم التنزيل للبغوي والأحياء وجملة وعلى أبي الفتح بن التقي الشفا، وسمع بقراءة أبيه على المحب المطري البعض من الموطأ ومسند الشافعي وأبي داود وعلى أبي السعادات بن ظهيرة بعض الصحيحين؛ وكان يقرأ الشفا في النوازل وشبهها وربما قرأه في اليوم الواحد،ولازم الشهاب الأبشيطي حتى قرأ عليه شرح المنهاج الفرعي للمحلي والمنهاج الأصلي بحثاً والعربية وغيرها وأذن له في الإقراء وعظمه جداً والشهاب بن يونس حتى أخذ عنه الحساب، ودخل القاهرة غير مرة منها في سنة اثنتين وثمانين فاجتمع بي وأخذ عني شيئاً وقرأ على الجلال البكري موضعاً من الروضة وأذن له في الإقراء والإفتاء بشرط أن لا يخرج ترجيح الشيخين فان اختلف عليه ترجيحهما فلا يخرج عن ترجيح النووي. وكان ذكياً فاضلاً فقيهاً ذا نظم متوسط امتدح به ابن مزهر وغيره؛ وقرره خير بك من حديد في تدريس الشافعية من الدروس التي جددها بالمدينة النبوية فكان يجهد نفسه في المطالعة والتحفظ لذلك وإلقائه لجماعة الدرس بحيث انتفع به جماعة فيه، وبيده رياسة المؤذنين بالمسجد النبوي تلقاها عن أبيه. مات في رمضان سنة ست وثمانين في الحريق الكائن بالمدينة رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد الشمس أبو عبد الله بن الشهاب البرموني الدمياطي المالكي ويعرف بابن صنين - بفتح المهملة ثم نون مشددة مكسورة بعدها تحتانية ثم نون. ولد في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بقرية البرمون من أعمال الدقهلية والمرتاحية بين دمياط والمنصورة؛ وحفظ بها لقرآن عند الجمال عبد الله البرموني المقري الضرير وصلى به. ثم انتقل مع أبيه إلى القاهرة سنة ست وثمانين وحفظ العمدة والرسالة في المذهب والمنهاج الأصلي، وعرض على الأبناسي وابن الملقن والعز عبد العزيز الطيبي والسراج عبد الخالق بن الفرات والبدر القويسني وأجازوا له في آخرين وأخذ الفقه عن قاضي مذهبه الراكراكي والزين قاسم النويري والفرائض عن الشهاب العاملي وأذن له فيها وانتفع بملازمة الأبناسي، وكذا حضر دروس البلقيني وغيرهما، وحج غير مرة أولها مع أبيه في سنة خمس وثمانين وسبعمائة وزار بيت المقدس ودخل حلب وطرابلس فما دونها واسكندرية وغيرها في التجارة، وناب في قضاء دمياط عن الجلال البلقيني في سنة ست وثمانمائة وكانت إذ ذاك مضافة للشهاب بن مكنون فكأنه كان نائبه، وفي غضون ذلك ناب عن قاضي مذهبه الشمس البساطي، وجلس في حانوت باب الخرق من القاهرة في سنة تسع وعشرين ولكونه من جيران شيخنا والمنتمين إليه كأنه بواسطة صهره ابن مكنون المشار إليه استقل عن شيخنا بقضاء دمياط في سنة أربع وثلاثين ولكن لم يلبث أن وقع بينه وبين نائبها تنافر فعزل نفسه في ذي الحجة من التي تليها ؛ وكذا ولاه شيخنا قضاء المحلة وحمدت سيرته في قضائه مع كراهة أهل دمياط فيه ليبسه وعدم سماحه ولم يتحاشى بعد انفصاله عنها عن النيابة عن بعض قضاتها واستمراره في الاقامة بها حتى مات في سنة ثمان و خمسين ودفن بالعمارة بالقرب من ضريح سيدى فتح و قد لقيته بها و بالقاهرة غير مرة فأجاز لي وقرأ عليه بعض الفضلاء من قبلي، وكان ساكنا بارعاً في الفرائض ذاكراً للرسالة إلى آخر وقت رحمه الله .(3/418)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد المسند الشمس بن الشهاب الدمشقي القباقبي أبوه الحريري ويعرف بابن قماقم. ولد بدمشق وسمع بالقاهرة من الزين العراقي بعض أماليه وعلى مريم الأذرعية، وحدث سمع منه الطلبة، أجاز لي. ومات بدمشق في ذي القعدة سنة أربع وستين ودفن بمقبرة باب توما رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد المحب بن الشهاب القاهري الحنفي الماضي أبوه ويعرف بابن المسدى وبالمحب الإمام. ولد في سابع عشرى رمضان سنة أربعين وثمانمائة بالقاهرة وحفظ القرأن وتلا به بمكة للسبع علي علي الديروطي وعمر النجار وقرأ في الفقه على إمام الحنفية الشريف البخاري،وأقام بمكة أربع سنين وصار بعد أحد مؤزنيها ثم عاد إلى القاهرة وحضر دروس الأمين الأقصرائي وأخذ القراءات أيضاً عن الشمس بن الحمصاني والتاج السكندري وخدم مؤذناً بل إماماً للظاهر خشقدم قبل سلطنته مع إقراء مماليكه ونحوهم وعظم اختصاصه به وصلح حاله بعد تقلله فلما تملك صار أحد أئمته ثم أعطاه الأشرف قايتباي مشيخة تربة خشقدم بعد الشريف المغربي، وقدم على الجوجري، واستمر على الإمامة، وقرأ في غضون ذلك في الفقه على البرهان الكركي؛ وكذا ظناً على جاره في الروضة تغرى بردى، ويتأنق في الثياب والمركوب والخدم مع عقل وسكون وإقبال على شأنه. وصاهر الشمس بن السطان المنزلي السكري على ابنته فلما كان أثناء شوال سنة خمس وتسعين طرده بن السطان عن الإمامة بالسبب المشار إليه في الحوادث وبالغ في تمقته بالأعراض عن الاشتغال وإقباله على الصيد وراجعه فيه غير واحد فما أذعن نعم أنعم عليه بخمسمائة دينار لوفاء دينه. وعلى كل حال فنعم الرجل عقلاً وأدباً جبره الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمد أبو الطيب بن الشهاب القاهري الشافعي ويعرف بابن الزعيم. ممن سمع على التنوخي والفرسيسي وغيرهما وأجاز. مات في.(3/419)
محمد بن أحمد بن محمد بن محمود بن إبراهيم بن أحمد بن روزبة - هكذا رأيته بخطه - الجمال المحب والشمس أبو عبد الله وأبو البركات بن الصفي أبي العباس بن الشمس أبي الايادي بن الجمال أبي الثناء الكازروني الأصل المدني الشافعي. ولد في ليلة الجمعة سابع عشر ذي القعدة سنة سبع وخمسين وسبعمائة بالمدينة النبوية ومات أبوه وهو صغير فكفله عمه العز عبد السلام؛ وحفظ الحاوي وعدة مختصرات منها العمدة وسمع بها من أهلها والقادمين عليها كالعز أبي عمر بن جماعة سمع عليه غالب السنن الصغرى للنسائي والعفيفين اليافعي والمطري والعليين ابن العز يوسف الزرندي والنويري القاضي والجمال الأميوطي والجلال الخجندي وابن صديق الشمس أبي عبد الله محمد بن أحمد الششتري وسعد الله الاسفرائي والأمين بن الشماع وابن عرفة والزينين العراقي والمراغي والبدرين إبراهيم بن الخشاب وعبد الله بن فرحون ويحيى بن موسى القسنطيني ويوسف ابن إبراهيم بن البناء وأبي العباس أحمد بن محمد المدني والمؤذن وبعد ذلك بقراءته في آخرين؛ وأجاز له في سنة اثنتين وستين فما بعدها العماد بن كثير والشمس الكرماني وابن قواليح والكمال بن حبيب وأخوه البدر حسين ومحمد بن الحسن الحارثي وابن قاضي شهبة وابن الهبل وابن أميلة والصلاح بن أبي عمر وأحمد ابن سالم المؤذن والعفيف النشاوري والبرهان القيراطي وجماعة، وتفقه ببلده بجماعة وأخذ فنون الحديث عن الرعاقي في ألفيته وشرحها والنحو عن الجمال محمد بن الشهاب أحمد بن زين عبد الرحمن الشامي والتاج عبد الواحد بن عمر ابن عياذ الانصاري المالكي وقرأ على جلال الخجندي الحنفي رسالة له في بيان فضيلة كثرة الصلاة على صاحب أكرم الخلق المتضمنة لبيان بعض ما هو من أفضل الأعمال وأقرب الطرق في ورقتين وأجازه بها ووصفه بالولد الرشيد صاحب الهدى السديد الشاب الفاضل شمس الدين أصلح الله شأنه وصانه عما شانه. وارتحل إلى الديار المصرية والشام وغيرهما وأخذ عن البهاء أبي البقاء السبكي الفقه والعربية وغيرهما ولازمه وكذا لازم السراج البلقيني والبرهان الأبناسي بل أخذ بحلب عن الشهاب الأذرعي، وأذن له البهاء والبلقيني وغيرهما في الإفتاء والتدريس، وكذا أجاز له بل ولجميع فقهاء المدينة الشرف إسماعيل بن المقري رواية تصانيفه إرشاد الغاوي في مسالك الحاوي وشرحه والروض والرقائق وعنوان الشرف والبديعية وشرحها وماله من تصنيف ومنظوم ومنثور ومروي؛ وذلك في سنة ست وثلاثين وثمانمائة؛ وتصدى للإقراء والإفتاء والتحديث فانتفع به الأئمة وصار فقيه المدينة وعالمها حتى كان الزين المراغي يقول أنه قام عنا فيها بفرض كفاية لإقباله على الإقراء وشغل الطلبة؛ ووصفه النجم السكاكيني في إجازة ولده بشيخ الإسلام مفتي الأنام الجامع بين المشروع والمعقول البارع في الفروع والأصول ذي الهمة العلية مدرس الروضة النبوية، وقد اختصر المغني للبارزي وشرح مختصر التنبيه للشرف عيسى بن أبي غرارة البجلي في ثلاثة أسفار لم يبيضه وكذا كتب في آخر حياته شرحاً على شرح التنبيه وقبل ذلك شرحاً مختصراً في مجلد على فروع ابن الحداد وكتب تفسيراً اعتمد فيه على القرطبي وكان له كالمرآة ينظر فيه وينقل منه الأحكام والأحاديث وأسباب النزول، وولي قضاء المدينة في ربيع الثاني أو رجب سنة اثنتي عشرة بعد موت أبي حامد المطري وأفردت الخطابة لناصر الدين بن صالح ثم لم يلبث أن استقر في القضاء أيضاً قبل وصوله وذلك في إحدى الجماديين من التي تليها واستناب في غيبته ابن عمه الشرف تقي بن عبد السلام الكازروني. واستمر مقتصراً على الأشغال والعبادة والإقبال على نفسه حتى مات في عشاء ليلة الاثنين ثاني عشري شوال سنة ثلاث وأربعين وصلى عليه صبح الاثنين في الروضة الشريفة ثم دفن بالبقيع رحمه الله وإيانا. وقد ترجمه شيخنا في أنبائه باختصار فقال: انتهت إليه رياسة العلم بالمدينة ولم يبق هناك من يقاربه وكان ولي قضاء المدينة والخطابة مرة ثم صرف ودخل القاهرة مراراً منها في سنة ثمان وعشرين، وسمي والده عبد الله سهواً، وممن سمع منه التقى بن فهد وأبناه وأبو الفرج المراغي وأخذ عنه دراية وعالم لايحصى؛ وفي الأحياء غيرواحد ممن يروي عنه كحسين الفتحي فإنه أكثر عنه؛ وكان مجتهداً في العبادة حريصاً على التهجد لم يضبط عنه تركه في سفر ولا حضر إلا(3/420)
ليلة في مرض موته، وهوفي عقود المقريزي ناختصار وقال صحبته زماناً ونعم الرجل رحمه الله.ليلة في مرض موته، وهوفي عقود المقريزي ناختصار وقال صحبته زماناً ونعم الرجل رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن محمود بن محمود بن محمد بن عمر بن فخر الدين بن نور شيخ بن الشيخ ظاهر الخوارزمي الأصل المكي الحنفي إمام مقام الحنفية بها ويعرف كسلفه بابن المعيد لكون جده كلن معيداً بدرس الحنفية ليلبغا الخاصكي. ناب في الإمامة بمقام الحنفية عن والده مدة ثم استقل بها بعده في رمضان سنة خمسين إلى أن مات في المحرم سنة سبع وخمسين بعد تعلله مدة بحصر البول. أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن محمد بن منصور المحب الفوي الأصل القاهري الحسيني الشافعي أخو عبد الرحيم الماضي ويعرف بابن بحيح بموحدة مضمومة ومهملتين بينهما تحتانية وهو لقب لجده. حفظ المنهاج وعرضه واشتغل قليلاً عند الحناوي والسيد النسابة والعز عبد السلام البغدادي، وتكسب بالشهادة وكان متحرياً فيها. مات في سنة أربع وستين.
محمد بن أحمد بن محمد بن موسى بن محمد البهاء بن الشهاب المغراوي الأبشيهي الأصل القاهري المالكي الماضي أبوه ويعرف بابن الأبشيهي. ولد في ليلة الأربعاء حادي عشري رمضان سنة أربع وثلاثين وثمانمائة بين السورين من القاهرة ونشأ فحفظ القرآن وغيره واشتغل في الفقه وغيره وأخذ عن أبي القسم النويري وطاهر والأبدي وعبد الله الكتامي وغيرهما وحضر عند شيخنا في الإملاء بل قرأ على الشمني الشفا وسمع منه المسلسل ولازمه في المغنى وغيره وكذا أخذ عن البوتيجي، وتميز وكتب على المختصر شرحاً لخص فيه البساطي وغيره واستكتبه عبد المعطي المغربي حين مجاورته بمكة سنة خمس وثمانين وقرضه ووصفه بالشيخ العلامة النحرير الفهامة المحقق الأمجد وكذا كتب له عليه زوج أخته المحب بن الزاهد نظماً في آخرين كعلي بن محمد الشاذلي وابن شادي، وهو كثير الأنجماع والأنفراد متقلل جداً أثنى عليه عندى البدر بن البهاء المشهدي ولكن له خلطة بابن حجاج. مات في سنة ثمان وتسعين بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن محمد بن موسى الخواجا شمس الدين المكي الأصل الغزي والد الشمس محمد الآتي ويعرف بابن النحاس، كان متمولاً خيراً. مات في يوم الأحد رابع عشرى المحرم سنة ثمان وسبعين وقد جاز الثمانين.
محمد بن أحمد بن محمد بن النصير بالنون أو بالموحدة. أسلفته هناك.
محمد بن أحمد بن محمد بن هلال بن إبراهيم ركن الدين أبو يزيد الأردبيلي ثم القاهري الشافعي وهو بكنيته أشهر. ولد في سنة إحدى وثمانمائة تقريباً بالجبلة وقرأ في العربية على مولى محمود المرزباني الشافعي، ثم انتقل لسيواس فقرأ الأصلين على القاضي أفضل الدين الأزنكي الحنفي والحكمة على محمد الأيذجاني، ودخل الروم فقرأ فيها على الفنري شرحي المواقف والمقاصد وبعض الكشاف؛ وقدم القاهرة فنزل البرقوقية وأخذ عن شيخنا ودرس بالقوصية وغيرها بل استقر به الظاهر جقمق في تدريس مسجد خان الخليلي ثم لم يلبث أن رغب عنه لأبي الخير الزفتاوي، وشرح المنهاج الأصلي وسماه نهاية الوصول والحاوي وسماه تحرير الفتاوى والمصابيح وغيرهما كمرشد العباد في الأوقات والأوراد رأيته مراراً سيما بين يدي شيخنا وكثير من الطلبة يذنب بقوله الشرح السعيد لأبي يزيد، وكان شكلاً طوالاً ذا عذبة بين كتفيه كالقضاة عريض الدعوى مع استحضار وإكثار مباحثة، وله مزيد اختصاص بالكافياجي ولذا كانا متفقين على منافرة الشمس الكاتب؛ واستنابه شيخنا في قضاء الطور ورسم لمن هناك من النصارى بإعطائه من خراج تلك الأراضي قدراً معيناً؛ ثم سافر إلى الهند وانقطع خبره رحمه الله وإيانا.(3/421)
محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن سلامة بن سعيد الشمس بن الشهاب العقبي الأصل القاهري الماضي أبوه. ولد تقريباً سنة ثمانين وسبعمائة بصليبة جامع ابن طولون، ونشأ فحفظ القرآن ثم تحول إلى الصحراء وسمع علي ابن أبي المجد والعراقي والهيثمي والحلاوي والشرف بن الكويك والجمال الحنبلي والكمال بن خير في آخرين، وأجاز له في سنة اثنتين وثمانمائة فما بعدها الشهاب أحمد بن علي الحسيني وابن قوام وأبو حفص البالسي وفاطمة ابنة ابن المنجا وخديجة ابنة ابن سلطان وعائشة ابنة عبد الهادي والزين المراغي وخلق؛ وتنزل في صوفية الشيخونية وغيرها، أخذت عنه. وكان خيراً مديما للتلاوة وربما قرأ مع الجوق وأقرأ المماليك بالطباق، وحج وجاور غير مرة. ومات في رجوعه من الحج بالعقبة في المحرم سنة اثنتين وستين ودفن هناك رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن منصور بن موسى الشمس ابن الشهاب الشويكي الأصل الخليلي الأزرقي الماضي أبوه ويعرف بالشافعي. ولد ظناً في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة وقرأ صحيح البخاري على الجمال بن جماعة وسمع على أحمد بن الشحام وغيره وتفقه بالكمال بن أبي شريف ولازمه مدة. وأجاز له العلم البلقيني. مات في يوم عاشوراء سنة ثلاثة وتسعين ووصفه الصلاح الجعبري بالشيخ العالم.
محمد بن أحمد بن محمد غياث الدين أبو الفتح بن الفخر بن الشمس الكازروني أخو طاهر. كان من خير الصوفية، صحب جماعة. ومات في يوم الأحد السادس عشرة صفر سنة اثنتين وثلاثين عن ست وسبعين سنة. قاله الطاووسي في مشيخته.
محمد بن أحمد بن الشيخ محمد وفا فتح الدين أبو الفتح بن وفا. مضى فيمن جده محمد بن محمد بن محمد.
محمد بن أحمد بن محمد المحب أبو الخير بن أبي العباس بن الشمس أبي عبد الله الدموهي ثم القاهري الشافعي. اشتغل بالقراءات وغيرها وناب في القضاء وجلس بالمسجد الذي يعلوا الحوض من السيوفيين الذي بناه الأشرف برسباي تجاه مدرسته فسموه قاضي الحوض ولم يلبث ان كثر التشنيع على القضاة الذين من أمثاله فأمر السلطان بعزلهم وكان الدموهي من جملتهم فتمثلوا له بقول بعضهم:
توليت قاضي الحوض كدرت ماءه ... فلو كنت شيخ البئر أضحت معطلة
فكمله الشهاب بن صالح ببيت قبله فقال:
أيا قاضياً قد عكس الله نجمه ... وأتعسه بين القضاة وأخمله
وقال النجم بن النبيه رأس الموقعين:
وتسعى بجهل أن تكون معذباً ... دواؤك يا مجنون قيد وسلسله
وأشار بذلك إلى أنه يجب إن يجعل له عذبة، قال البقاعي فقلت:
توليت قاضي الحوض كدرت ماءه ... فلو كنت شيخ البئر أضحت معطلة
ومذ صرت كلب الماء غيض عن الورى ... فلو عدت ضبع البر أفنيت مأكله
سعيت بجهل أن تكون معذباً ... دواءك يا مجنون قيد وسلسله؟؟؟
في أبيات. وولع الشعراء بالنظم في ذلك بما لا نطيل به ولم يكن بذلك مات في أواخر ذي القعدة سنة خمسين عفا الله عنه.
محمد بن أحمد بن محمد البدر أبو عبد الله بن المحب بن الصفى أبو العز العمري الدميري ثم القاهري المالكي السعودي شيخ زاوية أبي السعود بموقف المكارية خارج باب القوس. أخذ عن خليفة المغربي في سنة ثمان وعشرين وقبله سنة ست عشرة عن فتح الدين صدقة بن أحمد بن أبي الحجاج يوسف الأقصري بل أخذ عن الزين الخافي وكان الزين يعظمه جداً وينوه به، واشتغل قليلاً وسمع ختم الصحيح بالظاهرية القديم وسميت والده هناك محمداً فالله أعلم؛ وتنزل في سعيد السعداء وجمع الفقراء على الاطعام والذكر بالزاوية المشار إليها وجدد لها منارة؛ وكان نيراً ساكناً حسن الملتقى رأيته كثيراً. ومات بحارة برجوان في شعبان سنة سبع وستين وصلى عليه بمشهد حافل بباب النصر.وأظنه قارب السبعين رحمه الله. وسيأتي قريبه محمد بن محمد بن محمد الدميري.
محمد بن أحمد بن محمد البدر القريشي المصري الشافعي ويعرف بابن البوشي ممن كتب المنسوب وحصل مجاميع وأخذ عني عدة من تصانيفي وكثر تردده إلي وولي حسبة الديار المصرية وقتاً بالبذل فلم تطل مدته فيها وآل أمره إلى أن افتقر جداً.(3/422)
محمد بن أحمد بن محمد التاج الباهي النويري ثم المصري. كان يخدم الزين البوشي المجذوب ثم انقطع بمنزله بالنخالين من مصر ولم ينفك عنه مع استيلاء الخراب عليه من جميع جوانبه وصار يظهر منه الخوارق فتزايد اعتقاد الناس فيه. مات في رمضان سنة إحدى وأربعين بعد أن أضر مدة وأظنه بلغ السبعين أو دونها. قاله سيخنا في أنبائه. محمد بن أحمد بن محمد الجلال الجرواني الشريف النقيب. مضى فيمن جده محمد بن عبد الله بن عبد المنعم.
محمد بن احمد بن محمد الشرف الفيومي ثم القاهري أخو العز عبد العزيز الماضي ويعرف بشريف - بالتصغير . ولد في سنة أربع وعشرين وثمانمائة، ونشأ فحفظ وسمع مع أخيه على شيخنا في سنة إحدى وخمسين، وتعاني الرسلية ثم التوكيل بأبواب القضاة. ودخل كل مدخل وأهين غير مرة من السلطان فمن دونه لمزيد جرأته وإقدامه وأوصافه. وحج مع ابن مزهر في الرجبية ومع ابن الشحنة في خدمتهما وزوج ولده لابنه المحيوي عبد القادر الحمامي بعد موته فورث منها بعد موتها في الطاعون جملة وهو الآن مبعد عن باب أمير سلاح وكاتب السر.
محمد بن أحمد بن محمد الخواجا شمس الدين الأبوقيري السكندري. نزيل مكة وله بها دار. ممن يسافر إلى كلكوت للتجارة وكان ساكناً. مات في ربيع الأول سنة أربع وستين بمكة. أرخه ابن فهد.
محمد بن ومحمد بن أحمد الشمس الأنصاري المقدسي ويعرف بابن قطيبا. ممن سمع مني. محمد بن أحمد بن محمد الشمس البامي. فيمن جده محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن قريش.
محد بن أحمد بن محمد الشمس البرلسي ثم القاهري نزيل مدرسة حسن مالكي سمع على ابن الكويك وابن خير والفوي وأسمع الزين رضوان ولده عليه ووصفه بالصلاح وأشار إلى موته بدون تعيين وقته.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس البلبيسي ثم القاهري الأزهري الشافعي ويعرف بالعجيمي. أدمن الاشتغال عند الشريف النسابة والزين البوتيجي وغيرهما وكثر انتفاعه في الفقه والعربية والأصلين وغيرها بابن حسان مع الديانة والإنجماع والإقبال على شانه وتأخر ظناً إلى قريب الستين.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس الجيزي القاهري الأزهري الناسخ أخو أبي بكر الآتي ونزيل مكة. ممن قرأ القرآن واشتغل قليلاً كتب بخطه الكثير لنفسه ولغيره من الكتب الكبار وغيرها بحيث لا أعلم الآن من يشاركه فيها كثرة وملازمة؛ وسمع مني بالقاهرة ثم بمكة وقطنها، وكان ممن قام على نور الله العجمي الذي باشر مشيخة الرباط السلطان هناك بحيث انفصل عنها وامتحن بعد التسعين بسبب ولد له اتهم بقتل امرأة وقاسى شدة سيما بالغرامة والكلفة التي باع فيها موجوده أو أكثره ولم يجد معيناً ثم توالت عليه بعد ذلك أنكاد من قبله، كل ذلك مع ملازمته النساخة وخبرة بالكتب وقيمها وربما اشترى منها ما يربح فيه أو يكسد عليه، وقد كتب جملة من تصانيفي وحرص على تحصيلها والله تعالى يلطف بنا وبه.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس بن زبالة الهواري الأصل القاهري البحري والد أحمد الماضي. ولد في سنة أربع وثمانين وسبعمائة تقريباً بباب البحر ظهر القاهرة وحفظ القرآن وجوده على الفخر الضرير والشرف يعقوب الجوشني وتلا به لحفص من قراءة عاصم على أحمد اللجائي المغربي وأخذ الفقه عن بد القويسني والأبناسي والبيجوري والشمس الغراقي وآخرين والنحو عن الفتح الباهي وسمع لزين العراقي وكتب عنه كثيراً من آماليه والبلقيني والتنوخي؛ وسافر في سنة ثلاث وعشرين سفيراً للنور الطنبدي على مركب قمح ثم أردفه بأخرى فأقام، وحج من ثم مراراً وأكثر الزيارة والعود إلى القاهرة غير مرة إلى أن استقر مسؤولاً في قضاء الينبع قبل سنة ثلاثين أول أيام الأشرف، وحسنت سيرته ونصر السنة بإقامة الجمعة وغيرها مما رفض هناك وصار المشار إليه في تلك النواحي مع العقل والمداراة والدربة والكرم، وقد كان لجدي لأمي به اختصاص ولذا زاد إكرامه له حين حج بعد الأربعين وحدث باليسير.لقيه البقاعي بن ينبوع سنة تسع وأربعين واعتمد قوله فيما تقدم وقال أنه ثقة المأمون وقرأ عليه بإجازته من التنوخي إن لم يكن سماعاً وكتب عنه مما أنشده له عن العراقي فيما أنشده له من نظمه لفظاً عقب حديث " رضيت بالله رباً " :
رضينا به رباً ومولى وسيداً ... وما العبد لولا الرب يرضى به عبداً(3/423)
ولولا رضاه عنهم ما هدوا إلى ... مقام الرضا عنه فطاب لهم ورداً
كذاك رضينا بالنبي محمد ... نبياً كريماً من هدينا به رشداً
ولما ارتضى الإسلام ديناً لنا إذاً ... رضينا به ديناً قويماً به نهدى
مات على قضائه بها في أوائل سنة خمس وخمسين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس أبو عبد الله القاهري الشراريبي الحريري الشافعي المقرئ ويعرف بالشراريبي لعقده لها. تلا للسبع إفرادا وجمعاً على الشمس النشوى الحنفي، وأثبت الولي العراقي أسمه فيمن سمع منه أماليه وذلك في سنة عشر وثمانمائة وشيخه، وتصدى للإقراء بمسجد بالبندقانيين بالقرب من حاصل قلمطاي وكان إمامه فأخذ عنه الزين طاهر المالكي ولأبي عمرو فقط الجلال القمصي في آخرين، وكان إنساناً خيراً متصوفاً متقشفاً وعظ الناس بالمسجد المشار إليه وقرأ فيه البخاري حتى مات واستقر بعده فيه تلميذه طاهر رحمه الله وإيانا. وهو جد الشمس محمد بن عبد الرحمن الصيرفي الآتي.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس أبو عبد الله الطيبي ثم القاهري الشافعي ووجدت بخطى في موضع آخر أنه محمد بن علي فالله أعلم. حفظ القرآن والمنهاج وأخذ الفقه عن العلم البلقيني وأخذ له في الإقراء، وصحب أبا عبد الله الغمري وأم بجامعه وقتاً وكذا قرأ على السوبيني أشياء من تصانيفه وكتبها وأذن له؛ ولازم العبادة والتهجد والأوراد والأنعزال عن الناس مع التقلل بحيث أشتهر بالصلاح وأم بصوفية سعيد السعداء العصر خاصة لكونه كان أحد صوفيتها وكذا تنزل في صوفية الطنبذية بالصحراء وخطب في جامع المتبولي بالبركة وجامع الزاهد وكان على خطبته حلاوة وله نورانية وقبول؛ وكتب بخطه نكتاً وفوائد وربما أقرأ. مات في آخر يوم من رمضان سنة اثنتين وسبعين وأظنه قارب الستين ودفن من الغد بعد صلاة العيد بتربة ابن شرف الوراق بالقرب من الاهناسية بباب النصر ونعم الرجل كان فقد كان يحبنا ونحبه رحمه الله ونفعنا به.
محمد بن أحمد بن محمد بالشمس القزويني نزيل مكة. يأتي قريباً.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس المصري السعود الحنفي ويعرف بابن الشيخ البئر. كتب الخط الحسن وبرع في مذهبه ودرس وأفتى وناب في الحكم عن الجمال الملطي وأحسن في إيراد الميعاد بجامع الحاكم، وجمع مجاميع مفيدة بل خرج أربعى النووي. ومات في سلخ صفر سنة اثنتين وهو في الأربعين وتأسف الناس عليه. قاله شيخنا في أنبائه وتبعه المقريزي في عقوده وأظنه الماضي فيمن جده عمر.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس بن الشهاب القرافي الصحراوي الشافعي أمام تربة الظاهر برقوق. ولد سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بالقرافة وحفظ القرآن وتلا به لأبي عمرو على شيخنا الزين رضوان وحضر مجلس الشرف يعقوب الجوشني في القراءات، واشتغل في الفقه عند البرهان بن حجاج الأبناسي والشمس بن عبد الرحيم بن اللبان المنهاجي وسمع على الجمال الحنبلي؛ وأجازيله عائشة ابنة ابن عبد الهادي في آخرين. وحج مرتين الأولى في سنة إحدى عشرة ولقيه البقاعي. مات في.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس القرماني الصحراوي. ولد سنة خمس وتسعين وسبعمائة وسمع على الفوي في الشيخونية بقراءة الكمال الشمني الصحيحين والشفا. وهو حي في سنة ثمانين ويحرر فلعله الذي قبله. محمد بن أحمد بن محمد الشمس بن ولي الدين المحلي صهر العمري. فيمن جده محمد بن أحمد بن عبد الرحمن.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس المرعشي السقاء خادم المصلي بنابلس.كتبه عنه العز بن فهد في سنة سبعين بمصلى نابلس قصيدة نبوية من نظمه أولها:
محبكم أتي من غير منه ... عسى أن تقبلوا ما كان منه
وقصيدة زجل أولها:
كنوز الصلاح ... مالك محمد إمام
منها:
بماج الدوام تجري ... بحار السماح
محمد بن أحمد بن محمد الشمس أخو النور على الصوفي الحنفي. ولد سنة سبع وعشرين تقريباً وسمع قليلاً بالظاهرية ونحوها ويلقب مقيتاً.
محمد بن أحمد بن محمد الصدر بن أفضل الدين بن الصدر الأصفهاني ويعرف بتركه. قال الطاووسي: حضرت مجلسه يسيراً وسمعت عليه كثيراً من شرحه للمواقف وأجاز لي وذلك في شهور سنة ست وثمانمائة وكان إماماً في الأصلين ورعاً وديناً.(3/424)
محمد بن أحمد بن محمد الصلاح بن الشهاب القرشي الطنبدي القاهري أخو أبي الفضل وسبط الجمال بن عرب ويعرف بابن عرب. مضى فيمن جده محمد بن علي بن عمر. محمد بن أحمد بن محمد المحب.
محمد بن أحمد بن محمد محي الدين بن الزين بن أصيل الدين السيوطي الشافعي. ممن أخذ عني بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن محمد أبو الطيب المصري السكندري. مضى فيمن جده محمد بن علوان.
محمد بن أحمد بن محمد أبو عبد الله المغربي. فيمن جده محمد بن داود.
محمد بن احمد بن محمد البابا ويعرف بالعاقل. ممن سمع على قريب التسعين.
محمد بن أحمد بن محمد الحسيني سكناً ويعرف بابن سحاب بفتح المهملتين وآخره موحدة. ممن تصوف ولازمني في الإملاء وقتاً، وصحب ابن الشيخ يوسف الصفي. محمد بن أحمد بن محمد الحوراني. فيمن جده علي.
محمد بن أحمد بن محمد الدمشقي الصالحي الإسكاف الأدمي ويعرف كابيه بابن عصفور وسمع في سنة خمس وثمانين وسبعمائة على أبي الهول الجزري وفي التي تليها على موسى بن عبد الله المرداوي، وقال البرهان العجلوني أنه ممن سمع من المحب الصامت. قال وكان المحب يمازحه، وحدث سمع منه الفضلاء كابن فهد، وأجاز لي. وكان له حانوت أدم بقرب مرستان الصالحية القيمري. مات بعد سنة خمسين.
محمد بن أحمد بن محمد الطوخي. هكذا ذكره شيخنا في سنة اثنتين وثمانمائة من أنبائه وبيض، وأجوز كونه آخا آخر للمحب محمد بن أحمد ابن محمد بن عثمان بن موسى الماضي مع أخوين له. محمد بن أحمد بن محمد العطري الشافعي أحد النواب. رأيته فيمن عرض عليه سنة خمس وتسعين.
محمد بن أحمد بن محمد القزويني ثم المصري الصوفي؛ وسمي بعضهم جده عبد الله والصواب ما هنا، ذكره الفاسي في تاريخ مكة وقال ذكر لنا أنه سمع من المظفر محمد بن يحيى العطار ولم يحرر ما سمعه منه، وسمع وهو كبير بديار مصر والحجاز من جماعة وصحب جماعة من الخيار منهم الجمال يوسف العجمي وأخذ عنه الطريق وكانت له معرفة بطريق الصوفية ومواظبة على العبادة مع حسن الطريقة، جاور بالحرمين غير مرة منها بمكة نحو خمس سنين متوالية أو أزيد متصلة بوفاته. وكان يسكن برباط ربيع ثم انتقل عنه قبيل وفاته لأجل من يمرضه. ومات بها في شعبان سنة إحدى عشرة ودفن بالمعلاة وقد جاز الستين. ذكره شيخنا في معجمه وأنبائه. وقال أنه أقام في زاوية العجمي بالقرافة مدة وكان يحب الحديث ويطلبه وسمع الكثير لكن لم تكن له عناية بجمعه ولا له ثبت، وقد رأيت له سماعاً على الشمس محمد بن علي بن أبي زبا الريس بل ذكر لي أنه سمع الترمذي على المظفر العسقلاني العطار فقرأت عليه منه ومن غيره بخليص من أرض الحجاز واجتمعت به مراراً. وكان خيراً صالحاً حسن العقيد كثير الإنكار على مستدعي الصوفية كثير الحج والمجاورة بالحرمين.
محمد بن أحمد بن محمد المروعي اليماني. ممن سمع مني بمكة.
محمد بن أحمد بن محمد المصري الوفائي. مضى فيمن جده محمد بن علوان.
محمد بن أحمد بن محمد الشمس المغيربي المالكي ويعرف بابن فهيد بفاء مصغر. كان له نسك وعبادة في مبادئه وخدم العفيف اليافعي بمكة ثم صحب طشتمر الدوادار في أيام الأشرف شعبان فنوه به حتى سار معدوداً في الأعيان الأغنياء. ومات في جمادى الثانية سنة تسع وقد ذكره شيخنا في أنبائه فقال: محمد بن فهيد المصري الشيخ شمس الدين المغيربي. نشأ في خدمة الصالحين ولازم اليافعي بمكة، وكان كثير الحج والمجاورة وصحب طشتمر الدوادار فنوه بذكره، وكان الظاهر برقوق يعظمه وكذا الأشرف شعبان من قبله ودخل مع الظاهر دمشق فكان يصلي بجانبه في المقصورة فوق جميع الأمراء وكان حسن العشرة كثير المخالطة لأبناء وله مع أهل الحرمين مواقف. مات في يوم الاثنين رابع عشرة جمادى الآخرة وقد جاز الستين. وهو في عقود المقريزي وقال أن مدنياً يقال له أبو الطيب محمد بن نور الدين الفوى وكان يعاديه فملأ حيطان القاهرة ومصر والقرافتين بالكتابة عليها لعن الله محمد بن فهيد المعيربي آكل وقف الحرمين.(3/425)
محمد بن أحمد بن محمود بن أحمد بن إسماعيل بن محمد الشمس الدمشقي قاضيها الماضي أبوه والآتي جده ويعرف بابن الكشك. ولد في حدود سنة عشر وثمانمائة بدمشق ونشأ بها في كنف أبيه وتفقه به وبغيره وولي قضائها بعد أبيه في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين فلم تطل مدته وصرف بالشريف ركن الدين ثم لم يلبث أن مات معزولاً في يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الأول سنة أربعين عن نحو ثلاثين سنة وبه انقرض بيتهم وهو بيت كبير. أرخه شيخنا في إنبائه.
محمد بن أحمد بن محمود بن عبد السلام بن محمود بن عبادة الشمس ابن الشهاب العدوي الدمشقي الشافعي الماضي أبوه. ولد في سنة ست أو سبع وثمانمائة، ونظم الشعر وهو من وجوه الناس وأعيان الشاميين ممن ولى نظر قلعة دمشق مدة ثم أعرض عنها بل عرض عليه غيرها فأبى. ومات سنة أربع وسبعين.
محمد بن أحمد بن محمود بن عماد بن عمر العماد أبو البركات بن الشهاب بن الشرف بن العماد الهمذاني الأصل - بالتحريك والأعجام - القاهري الشافعي ويعرف بلقبه. ولد كما قرأته بخطه في سنة أربع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وقال أنه جوده على الفخر الضرير الإمام والعمدة وعرضها في رجب سنة ثمان وتسعين على ابن الملقن ولقب جده شرف الدين؛ وسمع في جمادى الثانية منها على البدر حسن النسابة الكبير المسلسل بالأولية بشرطه وجزء البطاقة وفي التي تليها على ابن أبي المجد الصحيح وعلى التنوخي والعراقي والهيثمي ختمه، وحدث باليسير سمع منه الفضلاء سمعت عليه؛ وكان من قدماء صوفية سعيد السعداء بل كان كأبيه جابياً على أوقافها. مات بعد اختلاطه يسيراً في ذي القعدة سنة ثلاث وستين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن محمود الشمس النابلسي ثم الصالحي الحنبلي. ولد في حدود الأربعين وسبعمائة بنابلس ونشأ بها فتعاني الخياطة ثم اشتغل فيها على الشمس ابن عبد القادر، وقدم دمشق بعد السبعين وحضر دروس أبي البقاء واشتغل بالفقه والعربية وغيرهما، وشهد على القضاة واشتهر فصار يقصد بالاشغال بحيث استقر كبير الشهود ثم وقع بينه وبين العلاء بن المنجافسعي عليه في القضاء فولي سنة ست وتسعين واستمر القضاء نوباً بينهما، ثم دخل مع التمرية في أذى الناس ونسبت إله أمور منكرة حكم بفسقه من أجلها وقدر أخذهم له أسيراً معهم إلى أن نجا منهم من بغداد ورجع إلى دمشق في المحرم سنة أربع فلم يبال بالحكم بل سعى في العود إلى القضاء فأجيب بعد صرف تقي الدين أحمد بن المنجا ولم يلبث إلا أياماً يسيرة ثم مات في المحرم سنة خمس ولم يكن مرضياً في الشهادة ولا في القضاء وهو أول من أفسد أوقاف دمشق وباع أكثرها بالطرق الواهية. ذكره شيخنا في انبائه والمقريزي في عقوده. محمد بن أحمد بن محمود الشمس بن الكشك الدمشقي الحنفي. فيمن جده محمود بن أحمد بن إسماعيل.
محمد بن أحمد بن مسلم الشمس الباهي الحنبلي. هكذا ذكه شيخنا في سنة إحدى من إنبائه وبيض.(3/426)
محمد بن أحمد بن معالي الشمس الحبتي - بمهلة ثم موحدة مفتوحتين ثم مثناه مشددة ورأيت من أبدل الموحدة ميما وقال إنه الصواب - الدمشقي الحنبلي. ولد في ربيع الأول سنة خمس وأربعين وسبعمائة بدمشق وسمع بها من متأخري أصحاب الفخر كابن أميلة وكذا سمع من العماد بن كثير وغيره وتفقه بابن قاضي الجبل وابن رجب وغيرهما، وتعانى الأدب فمهر، وكان فاضلاً مستحضراً مشاركاً في الفنون. وقدم القاهرة في رمضان سنة أربع وثمانمائة فقطنها حتى مات وناب بها في الحكم وجلس في بعض المجالس وقص على الناس في عدة أماكن بل حدث ببعض مسموعاته، وكل ذلك مع محبته في جمع المال ومكارم الأخلاق وحسن الخلق وطلاقة الوجه وجميل المحاضرة والخشوع التام سيما عند قراءة الحديث بل كان حسن القراءة يطرب إذا قرأ لطراوة صوته وحسن نغمته عارفاً بقراءة الصحيحين مجيداً عمل المواعيد. قاله شيخنا في إنبائه ، وقال وقد سمعنا بقراءته الصحيح بالقلعة في عدة سنين وكان قد اتصل بالمؤيد حتى صار ممن يحضر مجلسه من الفقهاء واستقر به في قراءة الصحيح في رمضان وسمعنا من مباحثه وفوائده ونوادره ومجرياته وكان بنقل عن شيخة ابن كثير الفوائد الجليلة، وولي بالقاهرة مشيخة الغرابية بجوار جامع بشتك والخروبية بالجيزة ولاه إياها المؤيد حين استجدها، وبها مات فجأة فأنه اجتمع بي في يوم الثلاثاء سادس عشرة المحرم فهنأني بالقدوم من الحج ورجع إليها في آخر يوم الأربعاء فمات وقت العشاء ليلة الخميس ثامن عشريه سنة أربع وعشرين وقد أكمل السبعين وحمل إلى القرافة فدفن بها، وكان لايتصون بحيث قرأت في حوادث سنة اثنتين وثمانمائة من تاريخ ابن حجر مانصه: في ذي القعدة وقع حريق بدمشق فانتهى إلى طبقة بالبراقية وهي بيد صاحب الترجمة ولم يكن يسكنها فوجدوا بها جراراً ملأا خمراً فكثرت الشناعة عليه عند تنم النائب. قال شيخنا وكنت في تلك الأيام بدمشق وبلغني أنهم شنعوا عليه وأنه برئ من ذلك وبعضهم كان ينكر عليه ويتهمه وأمره إلى الله. وقد ذكره شيخنا في معجمه وقال أجاز لابني محمد. وكذا ترجمه المقريزي في عقوده وغيرها وابن فهد في معجمه وآخرون. وكان يقرأ عند التلواني الحديث مع كونه أفضل منه رحمه الله وعفا عنه.
محمد بن أحمد بن معتوق بن موسى بن عبد العزيز أمين الدين الكركي الأصل الدمشقي الصالحي الحنبلي ويعرف بابن الكركي. ولد تقريباً سنة سبع وسبعين وسبعمائة، وذكر أنه سمع على الشهاب بن العز والبهاء رسلان الذهبي والزين بن ناظر الصاحبة وفرج الشرفي والشمس البالسي الملقب بالدبس والطحينة والعماد أبي بكر بن يوسف بن عبد القادر الخليلي الحنبلي، وحدث سمع عليه ابن فهد وغيره كالعلاء المرداوي الحنبلي وقال أنه كانت له مسموعات كثيرة. وكان محدثاً متقناً أجاز لي في سنة إحدى وخمسين ودفن بسفح قاسيون بطرف الروضة الشرقي وكان ينزل مسجد التينة بالصالحية رحمه الله وعفا عنه.
محمد بن أحمد بن مفتاح القائد الجمال بن الشهاب القفيلي - نسبة إلى القفيل من أعمال حلي - بن يعقوب. كان جده مولى ثقبة بن رميثة أمير مكة. مات صاحب الترجمة بمكة في شوال سنة ثلاث وخمسين.أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد بن منصور بن أحمد بن عيسى البهاء أبو الفتح بن الشهاب أبي العباس الأبشيهي المحلي الشافعي والد أبي النجا محمد الآتي. ولد سنة تسعين وسبعمائة بأبشويه. وحفظ بها القرآن وصلى به وهو ابن عشر ثم التبريزي في الفقه والمحلة في النحو وعرضهما على الشهاب الطلياوي نزيل النحرارية وغيره، وحج سنة أربع عشرة ودخل القاهرة غير مرة وسمع بها دروس الجلال البلقيني وولي خطابة بلده بعد والده وتعانى النظم والتصنيف في الأدب وغيره ولكنه لعدم إلمامه بشيء من النحو يقع فيه وفي كلامه اللحن كثيراً. ومن تصانيفه المستطرف من كل فن مستظرف في جزءان كبار وأطواف الأزهار على صدور الأنهار في الوعظ في مجلدين وشرع في كتاب في صنعة الترسل والكتابة وتطارح مع الأدباء، ولقيه ابن فهد والبقاعي في سنة ثمان وثلاثين بالمحلة وكتبا عنه قوله وقد عمل العلم البلقيني ميعاداً بالنحرارية إذ كان قاضي سنهور عن أخيه:
وعظ النام إمامنا الحبر الذي ... سكب العلوم كبحر فضل طافح
فشفى القلوب بعلمه وبوعظه ... والوعظ لا يشفي سوى من صالح(3/427)
مات بعد الخمسين قريباً من قتل أخي الأستادار.
محمد بن أحمد بن منصور محي الدين الطرابلسي الحنبلي أخو عثمان الماضي. حفظ القرآن وكتباً جمة وقدم القاهرة فاشتغل بالفقه وغيره ولازمني في الألفية الحديثية وغيرها ثم رجع إلى بلده.
محمد المالكي أخو الذي قبله وهو الأصغر. ممن سمع مني أيضاً.
محمد بن أحمد بن مهنا بن أحمد الشمس القاهري المقري ويعرف بابن طرطور بمهملات الأولى مفتوحة لقب لوالده، وكان رجلاً صالحاً استدعى في عقيقة ولده هذا بجمع كثير من قراء الأجواق وذلك في سنة عشر وثمانمائة ظناً ثم اخرج به إليهم على يديه ملتمساً منهم قراءة الفاتحة والدعاء له بأن يكون منهم محبة منهم فيهم فاستجيب دعاؤهم وبلغ أمنيته في ولده فأنه حفظ القرآن وجوده على أخ لأمه من الرضاعة اسمه شهاب الدين الأبشيهي من فضلاء القراء وسمع قراءته الشمس بن الصياد شيخ القراء بجامع ابن الطباخ حيث قرأ هناك فشكرها بعد ذمة لها قبل، وسافر في البحر إلى مكة فطلعها في جمادى الأولى وكان بها أبو العباس القدسي وقرأ في ميعاده ورتب له شخص وظيفة هناك بعد اعطائه ديناراً ضيافته فلم يلبث أبو العباس أن تعصب عليه الشافعي والمالكي ومنعاه من عمل الميعاد فتوجه صاحب الترجمة للمالكي لظنه جر المنع إليه فقال له: بل اقرأ فلا حرج عليك والمنع خاص بذاك فاستمر، وجود أيضاً هناك على الشيخ محمد الكيلاني وشكا من حدة خلقه وتمقته لقراء الجوق، وكذا حضر عند الزين بن عياش ولزم طريقته حتى صار أحد قراء الجوق والمعتبرين اجادة وتأدية، وتنزل في الجهات ودار بيوت جماعة من الرؤساء كبني الجيعان للقراءة عندهم. بل قرأ بجامعهم بالبركة، وعمر وهش مع سكون وخير وكنت أحب قراءته وقد قصدني وهو كذلك للزيارة. مات في أول المحرم سنة خمس وتسعين رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن موسى بن إبراهيم بن طرخان الشمس بن الشهاب بن الضياء القاهري البحري الحنبلي ويعرف بابن الضياء. ولد فيما كتبه بخطه في سابع صفر سنة سبع وسبعين وسبعمائة بالقاهرة. ونشأ بها وتكسب بالشهادة في حانوت السويقة ظاهر باب البحر؛ وكان نير الشيبة حسن الهيئة كثير القيام بخدمة شيخنا. لقيته مع بعض طلبة الحديث بناءً على ما وجد في بعض الطباق المسموعة على الحراوي ولكن قيل أن السماع لأخ له كان أكبر منه مشاركه في اسمه وهو محتمل وإن جزم البقاعي بأنه لأخيه وحط على ابن قمر فقال: وقد اغتر بعض المتهافتين بما رآه في الطبقة بدون بحث. مات في رجب سنة اثنتين وخمسين رحمه الله.
محمد بن أحمد بن موسى بن أحمد بن عبد الرحمن الشرف بن الشهاب المتبول الحسيني سكناً الشافعي الماضي أبوه ممن اشتغل قليلاً وتكسب بالشهادة على طريقه جميلة. ومولده سنة أربع وستين تقريباً، وأجاز له في استدعاء بخط أبيه البرهان الباعوني والنظام بن مفلح وابن زيد وآخرون وأكثر من التردد إلي كأبيه ونعم هو.(3/428)
محمد بن أحمد بن موسى بن أبي بكر بن أبي العيد الشمس أبو عبد الله السخاوي ثم القاهري المالكي قاضي طيبة ونزيلها سبط الشهاب أبي العباس أحمد ابن أبي يزيد بن نصر البكري السخاوي ووالد خير الدين محمد الآتي ويعرف بابن القصبي - بفتح القاف والمهملة ثم موحدة وربما قيل له السخاوي. ولد في سنة تسع عشرة وثمانمائة بسخا ونشأ بها فحفظ القرآن والشاطبية ومختصر الشيخ خليل وتنقيح القرافي وألفية ابن ملك وغيرها، وقدم القاهرة في سنة إحدى وثلاثين فعرض بعض محفوظاته وقطنها زيادة على سبع سنين ثم رجع إلى بلده ولم يلبث أن حج في سنة أربعين وعاد إليها ثم رجع إلى القاهرة في سنة تسع وخمسين واشتغل فيها أولاً وثانياً فكان ممن أخذ عنهم الفقه البساطي والزين عبادة وأبو عبد الله الأندلسي قاضي حماة وأبو عبد الله الراعي وأبو القسم النويري وبعضهم في الأخذ عنه أكثر من بعض؛ وتردد لغير أرباب مذهبه أيضاً في العربية والأصلين وغيرهما كالأمين ولأقصرائي وابن قديد والشمني وابن الهمام وابن المجدي وسمع على شيخنا والشمس الرشيدي والبرهان الصالحي وآخرين وتكسب في بلده بالشهادة وناب في العقود وغيرها وتعاني نظم الشعر وامتدح به الأكابر وارتفق به في معيشته وراج أمره فيه حتى كان جل ما يذكر به، واستقر في قضاء المدينة النبوية في سنة ستين عقب وفاة التاج عبد الوهاب بن محمد ابن يعقوب المدني بعناية الجمال ناظر الخاص بتربة الأمير يشبك الفقيه وغيره له عنده، وسافر لمحل ولايته فباشر من ثاني عشرى ذي الحجة على طريقة حميدة من السياسة والتوضع والبشاشة والعفة ونصر كلمة الشرع بحيث اغتبط به أهلها، وتزوج ابنة المحب المطري وأكثر حينئذ بل وقبل ذلك من القصائد النبوية ورسخت قدمه فيها مع انفصاله قليلاً في أثناء المدة مرة بعد أخرى وكثرت أمواله بها وكانت له اليد البيضاء في الحريق الكائن بها وفي قتل بعض الرافضة وغير ذلك وكنت ممن صحبه قديماً بمجلس شيخنا وبعده وسمع مني في القاهرة جل القول البديع ثم جميعه بالروضة النبوية وامتد حتى يوم ختمه بقصيدة قيلت بحضرتنا وكذا أخذ عني غير ذلك. وكتبت عنه من نظمه أشياء منها عدة قصائد في نحو كراسة سمعتها منه بمنى، ونعم الرجل تودداً وبشاشة واستجلاباً للخواطر وإكراماً للوافدين وصفاءً. ولما أسن وانقطع بالفالج ونحوه استقر ابنه - وهو أفضل منه وأمتن تدبيراً ورأياً - في القضاء فكان كلمة اتفاق واستمر هذا في تعلله حتى مات في ليلة خامس المحرم سنة خمس وتسعين وترك أولاداً كشقيقين للمشار إليه هما أحمد ومحمد وغيرهما من ابنه المحب، وكنت في أواخر ذي الحجة م التي قبلها زرته في بيته من المدينة وأضافني رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن موسى بن عبد الله الشمس أبو عبد الله الكفيري العجلوني ثم الدمشقي الشافعي. ولد في سابع عشرة شوال سنة سبع وخمسين وسبعمائة بالكفير - مصغر - من عمل دمشق وانتقل إليها فسمع من ابن أميلة بعض سنن أبي داود ومن ابن قواليح صحيح مسلم ومن المحب الصامت ويحيى ابن يوسف الرحبي في آخرين، وأجاز له غير واحد واشتغل عند الزهري وابن الشرشي وابن الجابي والشهاب الغزى ولزمه كثيراً وتخرج به حتى صار عين جماعته واشتهر بحفظ الفروع من شبيبته وبرع في الفقه وبقي أحد الأعيان؛ وناب في الحكم عن العلاء بن أبي البقاء فمن بعده، وكان مع علمه عارفاً بصنعة القضاء أشعري الاعتقاد سليم الصدر بشوشاً حسن الشكالة مليح القمامة كث اللحية مهابا متواضعاً مع الطلبة وغيرهم طارحاً للتكلف، درس وأفتى وكتب الكثير بخطه لنفسه وغيره وصنف التلويح إلى معرفة الجامع الصحيح واستمد فيه من البدر الزركشي والكرماني وابن الملقن وزاد فيه أشياء مفيدة وهو شرح جيد في خمس مجلدات والأحكام في أحكام المختار واختصره وسماه منتخب المختار في أحكام المختار واختصر الروض للسهيلي وسماه زهر الروض ومعين النبيه على معرفة التنبيه ورأيت من قال إنه عمل نكت التنبيه وهي حسنة في أربعة أجزاء فيحتمل أن يكون غير المعين وله نظم كثير بالطبع لا عن معرفة بالعروض وغيره من أسبابه فمنه:
خرجت من الدنيا كأني لم أكن ... دخلت غليها قط يوماً من الدهر
تبلغت فيها باليسير وقد كفى ... وحصلت منها ما عمرت به قبري(3/429)
يؤنسني منه إذا ما سكنته ... ونعم رفيق صاحب لي إلى الحشر
فيا عامر الدنيا رويدك فاقتصر ... فإن سهام الموت تأتي وما تدري
وإياك التفريط فالغبن كله ... لمن منح الدنيا وراح بلا أجر
وقد حج غير مرة وجاور بمكة سنة سبع وعشرين وحدث بها وببلده سمع منه الفضلاء. قال شيخنا في معجمه: أجاز لنا نظماً وولي تدريس العزيزية شركة لغيره والصارمية وعمرها بعد الفتنة، وممن تفقه به الشمس الباعوني الآتي قريباً. ومات بدمشق بعد مرض طويل في يوم الإثنين ثالث عشر المحرم سنة إحدى وثلاثين ودفن بمقبرة الصوفية وكان يوماً مشهوداً وشيعه خلق. ذكره شيخنا في معجمه وإنبائه وابن فهد في معجمه وابن قاضي شهبة والمقريزي في عقوده وآخرون رحمه الله وإيانا. محمد بن أحمد بن موسى بن عبد الواحد القباني المغربي. فيمن جده حسن بن عبد الواحد.
محمد بن أحمد بن موسى بن نجاد ناصر الدين أبو عبد الله بن الأمير الشهاب أبي عبد الله بن أبي بكر النابلسي المقدسي، أجاز له في سنة ست وخمسين الحفاظ الثلاثة ابن كثير والعلائي والشهاب أبو محمود والرمثاوي وأبو الحرم القلانسي وناصر الدين التونسي والبياني وابن الخباز وأبو العباس بن الجوخي وآخرون؛ وحدث سمع منه الفضلاء كابن موسى والآبي في سنة خمس عشرة.وذكره شيخنا في معجمه وقال: أجاز لأولادي. وكذا ذكره ابن فهد وآخرون.
محمد بن أحمد بن موسى الشمس الطولوني الشافعي ويعرف بابن المشد كتب لي بخطه ما حاصله أنه ولد في سنة ثمان وعشرين قبل مجيء صاحب قبرس بسنة وشهر وحفظ العمدة وعرضها على شيخنا وأجازه واشتغل في صغره على العلامة في فنه شعيب في الأنغام؛ وعرض على الظاهر حقمق فنزله في المولد واعظاً ودام سنين وأخذ في الفقه عن العلم البلقبني والعلاء والقلقشندي ولازم البامي والبكري وأذنا له في التدريس والفتوى فأولهما في سنة ستين وثانيهما سنة سبعين وكذا أخذ في صغره عن الكمال السيوطي والشهاب الشارمساحي وأذن له في إقراءمجموع الكلائي في سنة خمسين، وسافر إلى الشام فاخذ عن الزين خطاب والبدر ابن قاضي شهبة وقال أنه أحضر إليه من تصانيفي المسائل المعلمات على المهمات واذن له في اصلاح ما ينبغي فيه، وقرأ على الديمي ألفية الحديث والبخاري والأذكاروكذا سمع على أم هانئ الهورينية وغيرها كالزكي أبي بكر المناري وقرا المنهاج الأصلي على الكمال إمام الكاملية بل سمعه في الشيخونية على العلاء القلقشندي وشرحه للعبري مع العضد وشرح الشمسية والمتوسط والجار بردى والمختصر والمطول وأدب البحث للمسعودي وغيرها من نحو وصرف وحكمة وهيئة على ملأ على نزيل الجامبكية وقرأ ألفية النحو في صغره على البدر بن العداس الحنفي ثم الشمس إمام الشيخونية بل قرأ عليه تصريف العزي في ثلاثة أيام وعلى العلم الحصني الأندلسية في العروض وايساغوجي وشرح التصرف وأجازه بها، وسمع على البدر المارداني الوسيلة وكشف الغوامض له والياسمينية في الجبر والمقابلة وغيرها من مقدمات وغيرها في الحساب والفرائض وأجازه بجميعها وكذا قرأ بعض المقدمات في الميقات على بعض الشيوخ وعلى أبي الجود مجموع الكلائي وسمع عليهه الفرائض والحساب وكذا سمع الفرائض مع الفقه على الشمس الشنشي بمدرسة الطواشي، ومن شيوخه النجم بن حجي وغيره، وتميز في الفضائل وتكسب بالتجارة بسوق جامع طولون وكثرت معارضته للجلال بن الاسيوطي.
محمد بن أحمد بن موسى التونسي القباقبي. فيمن جده حسن بن عبد الواحد.
محمج بن احمد بن موسى الكفيري. فيمن جده موسى بن عبد الله قريباً.
محمد بن أحمد بن منير الشمس المقدسي الصوفي التاجر. مات في سابع عشر صفر سنة ست وتسعين بالرملة وهو قافل من دمشق ونقل لبيت المقدس فدفن بماملا وكان مشهده حافلاً، وهو ممن سمع على الجمال بن جماعة وأجاز له القاضي سعيد الدين بن الديري والشريف النسابة والشهاب السكندري المقري وسارة ابنة ابن جماعة؛ وكان كثير العبادة مديحاً للجماعة بالمسجد الأقصى رحمه الله.(3/430)
محمد بن أحمد بن موسى البدر أبو عبد الله الرمثاوي الدمشقي الفقيه الشافعي. اشتغل كثيراً وفضل ونسخ بخطه الكثير ودرس بالعصرونية والأكرية وحج وجاور ومات في ربيع الأول سنة إحدى وقد جاز الأربعين وكان منجمعاً عن الناس قليل الشر بل بعيداً عنه خلافاً لأخيه موسى، ذكر سيخنا في إنبائه باختصار عن هذا.
محمد بن أحمد بن ناصر بن خليفة بن فرح بن عبد الله بن عبد الرحمن الشمس بن الشهاب الباعوني الدمشقي الشافعي أخو إبراهيم ويوسف. ولد بدمشق في عشر الثمانين وسبعمائة. ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج وعرضه على جماعة وأخذ الفقه عن أبيه والشهاب والغزي والشمس الكفيري واشتغل في غيره أيضاً وسمع الحديث على الشمس محمد بن محمد بن علي خطاب وعائشة ابنة ابن عبد الهادي وغيرهما وتعاني النظم فاكثروا أتى فيه بالحسن ونظم السيرة النبوية للعلاء مغلطاي وسماه منحة اللبيب في سيرة الحبيب يزيد على ألف بيت وعمل تحفة الظرفاء في تاريخ الملوك والخلفاء وينابيع الأحزان في مجلد عمله بعد موت وبد له وغير ذلك، وكتب الكثير من كتب الحديث ونحوه بخطه. وخطب بالجامع الناصري بن منجك المعروف بمسجد القصب، وكذا بجامع دمشق وباشر نظر الأسرى والأسوار وغيرهما مدة ثم انفصل عنها وجمع نفسه على العبادة وحدث بشيء من نظمه وغير ذلك. وممن كتب عنه أبو العباس المجدلي الواعظ بل نقل ابن خطيب الناصرية في تاريخ من نظمه ووصفه بالإمام الفاضل العالم ولقيته بدمشق، فكتب عنه من نظمه أشياء بل قرأت عليه بعض مروياته وكان مجموعاً حسناً. مات في رمضان إحدى وسبعين ودفن عند والده خلف زاوية ابن داود رحمه الله. ومما أنشدنيه في رثاء ولد له مضمناً:
أمحمداً إن كان قد عز اللقا ... ومضت مسرات الحياة بأسرها
فلأبكينك ما حييت وإن أمت ... فلتبكينك أعظمي في قبرها
محمد بن الشهاب أحمد بن ناصر الدين بن الفقيه الدمياطي نزيل القاهرة يدعى ولي الله. ممن سمع على قرب التسعين.
محمد بن أحمد بن نجاد المقدسي. في أحمد بن موسى بن نجاد.
محمد بن أحمد بن نصر الله بن أحمد بن محمد بن عمر موفق الدين بن المحب البغدادي الأصل الحنبلي أخو يوسف وهذا الأكبر، نشأ فحفظ القرآن وغيره وأخذ عن أبيه بل سمع معه على الشرف بن الكويك في مسلم بقراءة شيخنا وكذا سمع بعده على ابن ناظر الصاحبة وابن بردس وابن الطحان بحضرة البدر البغدادي الحنبلي في صفر سنة خمس وأربعين، وصاهر الشمس محمد بن علي بن عيسى البغدادي على أخته، وتعاني التجارة؛ وكان حياً في سنة أربع وخمسين أو قريبها ثم مات باسكندرية.
محمد بن أحمد بن يحيى بن علي بن محمد بن أبي زكريا جلال الدين أبو النجاح ابن الشهاب الصالحي القاهري الشافعي الماضي أبوه والآتي عمه ويعرف بجده وربما قيل له ابن رسلان لكون يوسف بن رسلان الآتي عم والدته وأما كونه صالحياً وباقي نسبة فقد مضى في أبيه. ولد ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والشاطبية والحاوي وجمع الجوامع، وعرض على العلم البلقيني وابن الديري والأقصرائي في آخرين؛ وحضر دروس العبادي والمناوي وقرأ عليه في شرح البهجة وكذا الجلال البكري وأذن له في التدريس والإفتاء وأخذ في الابتداء الفقه عن عبد اللطيف الشارمساحي والفرائض والحساب عن السيد على تلميذ ابن المجدي وسمع مني قليلاً، وتكسب بالشهادة ثم ناب في القضاء، وسافر على قضاء المحمل في سنة ثمان وثمانين وفي التي بعدها وغيرهما بل كان استقر شريكاً لأخيه بعد موت أبيهما في نصف إمامة القصر وفي غيرها من جهاته، كل ذلك مع سكون وتواضع وستر وعقل ودربة وتودد وسماح، ولذا اختص بجماعة زكريا وصارت له نوبة وأفرد بالجورة وعمل النقابة عنده وقتاً ورسم عليه الملك مديدة لتوهم أنه يستأدى الترك الحشرية ممن يموت بدرب الحجاز.(3/431)
محمد بن أحمد بن أبي يزيد بن محمد المحب أبو السعادات بن الشهاب بن الركن السرائي - بفتح المهملتين وألف مدينة ببلاد الدست - العجمي الأصل القاهري الحنفي سبط الشمس الأقصرائي والد البدر محمود والأمين يحيى، ولذا يعرف بابن بنت الأقصرائي وأبوه بمولانا زاده. ولد في سابع عشرى ذي الحجة سنة تسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها في كفالة جده لأمه لكون أبيه مات وهو صغير فحفظ القرآن وكتباً وتفقه بخاله البدر المشار إليه وأخذ عنه العربية وأصولهم ايضاً وبالسراج قاري الهداية قرأ عليه الكنز بتمامه وبابن الفنري سمع عليه من أول تلخيص الجامع الكبير وأبوابه لمحمد بن أحمد بن عباد بن ملكداد الخلاطي وأخذ عنه في الأصول قطعة من أوائل العضد وتوضيح صدر الشريعة، وكذا من أوائل فصول البدائع في أصول الشريعة من تأليفه وقرأ العربية والصرف على أبي عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن مرزوق المغربي الماضي قرأ عليه مواضع من التسهيل بل قرأ عليه من تصانيفه شرح الخزرجية والبعض من شرح البردة والكثير من تفسير هود وسافر معه إلى إسكندرية، ولازم العز بن جماعة تسع سنين حتى كان جل انتفاعه به وعنه أخذ جل العلوم، ومما أخذ عنه من تصانيفه في الحديث شرح مختصر جده البدرلابن الصلاح وشرح أربعي النووي وفي النحو الجامع الصغير وشرح قواعد ابن هشام الكبرى وفي الأصول رسالته التي لخص فيها الإعتراضات الخمسة وعشرين المذكورة في أواخر ابن الحاجب والمنهاج وشرحه للجار بردى ومختصر ابن الحاجب وشرحه لابن المطهر الحلي وجمع الجوامع بتمامها وفي أصول الدين وشرح الطوالع للأصفهاني وفي المعاني والبيان شرح التلخيص وما علمت أيهما وفي المنطق رسالته الصغرى وتحرير ابن واصل والرسالة الشمسية وشرحها للقطب الرازي وللحلي وفي الجدل رسالته الصغرى أيضاً وكذلك الرسالة السمرقندية وشرحها للفخر البهشتي ولحميد الدين الشاشي وفي تخريج الفروع الفقهية على القواعد الأصولية التمهيد للاسنوي وفي تخريج الفروع الفقهية على القواعد النحوية الكواكب له أيضاً، وكان الشيخ يحبه ويؤثره لمزيد خدمته وله وشدة ملازمته، وأخذ أيضاً عن البساطي وطريق القوم عن الزين الخوافي وبحث في الهندسة على ابن المجدي وتلا القرآن لأبي عمر وعلى الزين طاهر المالكي مع كونه أسن منه وسمع على ابن ابي المجد وابن الكويك وتغرى برمش التركماني وغيرهم، وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي والزين المراغي والكمال بن خير التاج بن التونسي وآخرون، ولازال يدأب في العلوم المنطوق منها والمفهوم حتى تقدم وأذن له العز بن جماعة في إقراء العلوم الماضية لعلمه بعموم الاحتياج إليه والانتفاع به وكتب له خطه بالثناء البالغ وكذا أن له ابن مرزوق في إقراء ما قراه عليه بل وفي اقراء ما اذن له ابن جماعة في إقرائه والسراج وقال أنه استدل بقراءته لما قرأه على معرفة باقي الكتب المذكورة، وصار أحد أعلام البلد ومشاهيرهم وكتب على الكشاف حاشية جمع فيها ما رآه من حواشي الطيبي والجار بردى والقطب والتفتازاني وأكمل الدين وإعراب السمين وغيره مع التوفيق بين ما ظاهره الاختلاف من كلامهم وصل فيها إلى آخر سورة النساء وعلى الهداية أيضاً حاشية جمعها من شروح خمسة النهاية للسغناقي والكافي على الوافي وشرح الكنز للزيلعي وشرح القوام الإتقاني وشرح أكمل الدين وصل فيها إلى ثلاثة أرباع الهداية وعلى البديع لابن الساعاتي قطعة، ودرس التفسير بالمؤيدية بعد خاله البدر والفقه والحديث بالصر غتمشية بعد الشمس التفهني المتلقي لهما عن أبيه والفقه بجامع المارداني وقف صرغتمش انتزعه له الأشراف من السعدي بن الديري بالجانبكية حين انتقال خاله الأمين للأشرفية وبالايتمشية مع مشيخة الصوفية بها إلى غيرها من الزظائف؛ وحج غير مرة أولها في حدود سنة خمس عشرة وجاور وسمع هناك على ابن الجزري، وسافر إلى إسكندرية ودمشق وحلب وآمد فما دونها وغزا مع العسكر لفتح قبرس سنة ثمان وعشرين وزار بيت المقدس، وحدث وأقرأ الطلبة وهرع إليه الفضلاء للاستفادة ولكن لم يكثروا عنه كخاليه، وكنت ممن أخذ عنه أشياء، وأم بالأشراف برسباي مدة أولها قريب من سنة ثلاثين وبعده لكن بالظاهرية ثم أستعفي منها وأكب على العبادة والأشغال والتدريس ثم التمس منه الأشراف أينال في أوائل دولته مباشرتها على عادته فأجاب(3/432)
امتثالاً ثم أستعفي أيضاً ولزم منزله على عادته في الإقراء والعبادة إلى أن توجه للحج سنة تسع وخمسين فعرض له إسهال وهو بقرب مكة فبادر حينئذ وتجشم المشقة حتى سبق الحاج لدخولها بأيام فطاف طواف القدوم وسعى واستمر محرماً إلى أن مات في عصر يوم الجمعة ثالث أو رابع ذي الحجة منها وصلى عليه بعد صلاة العصر عند بابه الكعبة ودفن بالمعلاة في مقبرة بني الضياء وكانت جنازته حافلة وتأسف الناس على فقده رحمه الله وإيانا، ومحاسنه جمة، وكان مهاباً بهي المنظر كثير التودد راغباً في الاجتماع على الذكر والأوراد والاطعام، وقد ذكره ابن خطيب الناصرية في ترجمة والده من تاريخه فقال: وترك ولداً صغيراً من بنت الأقصرائي أنجب بعده وتفقه وولي إمامه الأشرف وقدم معه إلى حلب في رمضان سنة ست وثلاثين واجتمعت به فوجدته إنساناً حسناً فاضلاً ذا شكالة حسنة.لاً ثم أستعفي أيضاً ولزم منزله على عادته في الإقراء والعبادة إلى أن توجه للحج سنة تسع وخمسين فعرض له إسهال وهو بقرب مكة فبادر حينئذ وتجشم المشقة حتى سبق الحاج لدخولها بأيام فطاف طواف القدوم وسعى واستمر محرماً إلى أن مات في عصر يوم الجمعة ثالث أو رابع ذي الحجة منها وصلى عليه بعد صلاة العصر عند بابه الكعبة ودفن بالمعلاة في مقبرة بني الضياء وكانت جنازته حافلة وتأسف الناس على فقده رحمه الله وإيانا، ومحاسنه جمة، وكان مهاباً بهي المنظر كثير التودد راغباً في الاجتماع على الذكر والأوراد والاطعام، وقد ذكره ابن خطيب الناصرية في ترجمة والده من تاريخه فقال: وترك ولداً صغيراً من بنت الأقصرائي أنجب بعده وتفقه وولي إمامه الأشرف وقدم معه إلى حلب في رمضان سنة ست وثلاثين واجتمعت به فوجدته إنساناً حسناً فاضلاً ذا شكالة حسنة.
محمد بن أحمد بن يعقوب بن أحمد بن عبد المنعم بن أحمد المحب بن الشهاب الأطفيحي الأصل القاهري الشافعي سبط الزين العراقي الماضي أبوه وشقيقاه عبد الرحيم وعبد القادر. ولد قبل سنة عشرين وثمانمائة ونشأ في كنف أبويه فحفظ القرآن وغيره؛ وعرض على جماعة وسمع أو أحضر على خاله الولي ابن العراقي وكذا على ابن الجزري ختم مسند الشافعي وشيخنا وآخرين، وأجاز له في سنة ست وعشرين باستدعاء الكلوتاتي التاج محمد والعلاء على ابنا ابن بردس والنور ابن سلامة والخطيب أبو الفضل محمد بن أحمد بن ظهيرة والنجم بن حجي وعبد الرحيم بن حمد بن المحب والشمس الكفيري والشهاب بن ناظر الصاحبة وعائشة ابنة ابن الشرائحي في آخرين؛ وحج غير مرة واشتغل بالمباشرة فمهر فيها خصوصاً في أوقاف الحرمين وعول عليه القضاة سيما السفطي وصار هو المرجوع إليه مع جودة الخط والظرف النسبي وكثرة الأدب والتواضع ولين الكلمة والاحتمال ومزيد الكرم والتودد ولكنه كان منهمكاً في لذاته بحيث كان ذلك سبباً لانخفاضه وتناقصه شيئاً فشيئاً وكاد أن يكف بعد أن كان أعور إلى أن مات وقد زاحم السبعين في ليلة الخميس ثالث عشر جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وصلى عليه من الغد بمصلى باب النصر ولم يخلف بعده في براعته مثله، وما أحسن قوله عن القاضي زكريا أنه طبع على الحرمان، وقد أخذ عنه بآخرة بعض الطلبة وكتب على الاستدعاءات عفا الله عنه.
محمد بن أحمد بن يعلي السيد الحسني. شرح الجرومية وقال أن مؤلفها صنفها لولده أبي محمد وأنه قرأها على الولد المشار إليه بفاس، وأظنه من أهل هذا القرن فيحرر.(3/433)
محمد بن أحمد بن يوسف بن حجاج الولوي السفطي - بسكون الفاء بين مهملتين نسبة لسفط الحناء من الشرقية - القاهري الشافعي. ولد في سنة ست وتسعين وسبعمائة وقيل سنة تسعين وهو أقرب بالصليبة من القاهرة، ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه وألفية ابن مالك وغيرها وعرض على جماعة وتلا لأبي عمرو ونافع على الشرف يعقوب الجوشني والشمس النشوي وأخذ في الفقه عن الجلال البلقيني والبيجوري وفي النحو عن الشمس الشطنوفي وفتح الدين الباهي وغيرهم في ذلك كله ثم لازم العز بن جماعة في الفقه والأصلين والعربية والمنطق والمعاني والبيان وغيرهما مما كان يقرا عنده، وبحث الحاوي عند الهمام العجمي شيخ الجمالية بل أخذ عنه في الكشاف وغيره وعن العز عبد السلام البغدادي في كثير من العقليات وكان يبر العز بطعام الشيخونية أول ما قدم فانه كان من صوفيتها، ورأيت شيخنا وصفه بذلك في طبقة سنة أربع وعشرين، وربما حضر عن العلاء البخاري ومع ذلك فامتنع من إعطائه الشاشات الواصلة إليه من الهند مع سؤاله له فيه؛ وقرأ على شيخنا في البخاري وغيره بل سمع قبل ذلك على الحافظين الهيثمي والتقي الدجوي وسعد الدين محمد ابن محمد بن محمد القمني والحلاوي والشهاب بن الناصح والعز بن جماعة وبعض ذلك بقراءة شيخنا، وحدث بالبخاري عن الزين العراقي سماعاً وبالشفا عن التنوخي سماعاً والشرف بن الكويك اجازة وبغير ذلك، وخرج له أبو النعيم المستملي شيئاً، وناب في القضاء عن الجلال البلقيني وربما ناب عن بعض الحنفية لاختصاصه بالصدر بن العجمي ولم ينب لمن بعد الجلال بالقاهرة بل قال حينئذ فيما بلغني والله لا أليه إلا استقلالاً، وحج غير مرة وجاور. وسمع بمكة والمدينة جماعة وعرف بمداخلة الكبار والحرص على الادخار والاستكثار ونال منهم حظاً لقدرته على جلبهم وأن تكلفوا في ميلهم إليه وحبهم، ولي تدريس التفسير بالجمالية في سنة سبع وعشرين ثم مشيخة التصوف بها في سنة ثلاث وثلاثين، وكانت له بالظاهر جقمق قبل سلطنته خصوصية بحيث أنه كان وهو أمير آخور يجيئه إلى بيته ويأكل عنده فلما تسلطن لازمه جداً وانقطع إليه فولاه في سنة اثنتين وأربعين وكالة بيت المال ثم في التي تليها نظر الكسوة وحينئذ هرع الناس إليه للتوسل به عنده ودخل في قضايا فانهاها حتى أنه كان يصمم على المنع ثم يسهله بسفارته ويلتزم الفعل ثم ينقضه بشفاعته، وصار له عند من دونه الكلمة النافذة والشفاعة المقبولة فتزايدات ضخامته وارتفعت مكانته وانثالت عليه الدينا بسبب ذلك من كل جانب من القضاة والمباشرين والترك فضلاً عمن دونهم فأثرى جداً وكثرت أمواله خصوصاً وهو غير متبسط في معيشته ولا سمح البذل بالذي في حوزته لجماعته ورعيته فضلاً عمن ليس من أهل مودته؛ وقصد بالانتماء لولائه والحلول بساحته وفنائه حتى أن المحب بن الشحنة الحنفي رئيس مملكته صاهره على ابنته وقرره السلطان أيضاً في نظر البيمارستان المنصوري في ربيع الآخر سنة تسع وأربعين فازداد وجاهة وعزاً اجتهد في عمارته وعمارة أوقافه والحث على تنمية مستأجراته وسائر جهاته حتى الاحكار وما ينسب إليه من الآثار مع التضييق على مباشريه والتحري في المريض المنزل فيه بحيث زاد على الحد وقل من المرضى فيه العد وتحامى الناس المجيء إليه بأنفسهم أو بمرضاهم فصار لذلك مكنوساً ممسوحاً ومنع الناس من المشي فيه إلا حفاة وحجر في كل ما أشرت إليه غاية التحجير فاجتمع في الوقف بسبب هذا كله من الأموال مايفوق الوصف وكذا اجتهد في عمارة الجمالية وأوقافها وتحسين خبزها والزيادة في معاليم صوفيتها ومستأجراتها لكن مع التحجير عليهم في الحضور وقفل الباب بحيث أن من تخلف لا يمكن الفتح له، ودرس بالمدرسة الصلاحية المجاورة للشافعي حيث وليه مع النظر بعد القاياتي، بل استقر في القضاء الأكبر بعد العلم البلقيني وباشره بحرمه مهابة وصولة زائدة وشدد في أمر النواب وابتكر جماعة من الفضلاء ممن كان شيخنا ينزه الكثير منهم عن استنابته واجتهد في ضبط المودع الحكمي وعمارة أوقاف الحرمين والصدقات ونحوها وتنمية دلت بزيادة المستأجرات والمسقفات والاحتكار على عادته المشروحة وتحري بالصرف من يعرف استحقاقه وارتدع به المباشرون والجباة ونحوهم، كل ذلك بالعنف والشدة والبطش المخرج عن حيز الاعتدال والملجئ إلى التصريح بما ل لا يناسب(3/434)
منصبه حتى في الطرقات والركوب بدون شعار القضاة إلى غير ذلك مما أنزه قلمي عن إثباته هنا مخافة الكبير والصغير والشريف والحقير ولم يستطع أحد مراجعته؛ وتعدى حتى تعرض لولد شيخنا بالترسيم وغيره قصداً لابعاده عن المنصب لينفرد به بعد أن كان من أعظم المنكرين لصنيع القاياتي فيه وعمل شيخنا حينئذ جزءاً سماه ردع المجرم، وانتزع منه تدريس الصالحية ونظرها إلى أن حاق فيه السم القاتل وذاق مرارة حنظلة في المقاتل فكان أول مبادئ انحطاط قدره وارتباط المحن بجانب قدره في أول بيع الأول سنةاثنتين وخمسين واستمر حتى عزل شيخنا عن القضاء وبالشرف المناوي عن تدريس الصلاحية ونظرها وبأبي الخير النحاس غريمه عن البيمارستان وبالواوي الاسيوطي عن الجمالية ووضع السلطان يده على أكثر ما نماه من متحصل المرستان وغيره بل وأدخله المقشرة، وآل أمره إلى أن اختفى فلم يظهر إلا بعد نكبه النحاس ومضى ثمانية أشهر وأياماً في الاختفاء، سمعته يقول إنه أتي على متونه التي كان أنسيبا حفظاً وطلع حينئذ إلى السلطان مرة بعد أخرى وأكرمه وأعاد له في المرة الثانية وذلك في ثالث شوال سنة أربع وخمسين الجمالية وباشر حضورها على العادة ماشياً في الأغلب من درب الأتراك إليها قاصداً تواضعه بذلك ويصعد إلى السلطان في كلك شهر للتهنئة كآحاد الناس، ولم يلبث أن مرض في آخر يوم الاثنين، ومات في يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة أربع وخمسين وصلى عليه المناوي في الأزهر ودفن بتربة أقاربه الاسيوطيين في ناحية باب الوزير رحمه الله عفا عنه وأيانا؛ وأرجو له الانتفاع بما حل به من المحن والرزايا سيما وقد ندم على صنيعه مع شيخنا وتوسل إليه بكشف رأسه ونحوه وعزم على الأسباب المخففة عنه مع كونه كان مديماً للتلاوة حريصاً علىالمداومة على التعبد والصيام والتجهد راغباً في إحياء ليالي رمضان بجامع الأزهر بركعتين يقرأ فيهما كل القرآن في كل ليلة مع التضرع إلى الله وكثرة البكاء والتعفف عن كثير من المنكرات محباً في إغاثة الملهوف والميل لمساعدة الفقهاء والطلبة وبجاهه بحيث جرت على يده مبرات منها تجهيز خمس من العميان في كل سنة لقضاء فريضة الحج بمائة دينار، كل ذلك مع الفصاحة في الكلام وجهورية الصوت وطلاقة العبارة وقوة الحافظة وبقصد الانتفاع بجاهه تزاحم الفضلاء في حضور درسه ببيته وغيره وقرأ عنده في الكشاف ونحوه وقرأت عليه لا بهذا القصد جزءاً من الغيلا نبات وسر بذلك وكذا حدث بالكثير مما كان القارئ عنده في أكثره الجلال بن الأمانة ولذلك قرره في القراءة بالقلعة بعد عزل البقاعي وقدحه بكلمات حسبما شرحته في مكان آخر واقتضى ذلك مبالغة البقاعي وتعديه لما أكثره مختلق بل ولو كان صحيحاً كان الزائد على القدر الحاجة منه غير جائز وصرح بتكذيبه قال: وكان الله دابة سوء وقد كان الجلال الوجيزي ينشد فيه نظماً أوله:صبه حتى في الطرقات والركوب بدون شعار القضاة إلى غير ذلك مما أنزه قلمي عن إثباته هنا مخافة الكبير والصغير والشريف والحقير ولم يستطع أحد مراجعته؛ وتعدى حتى تعرض لولد شيخنا بالترسيم وغيره قصداً لابعاده عن المنصب لينفرد به بعد أن كان من أعظم المنكرين لصنيع القاياتي فيه وعمل شيخنا حينئذ جزءاً سماه ردع المجرم، وانتزع منه تدريس الصالحية ونظرها إلى أن حاق فيه السم القاتل وذاق مرارة حنظلة في المقاتل فكان أول مبادئ انحطاط قدره وارتباط المحن بجانب قدره في أول بيع الأول سنةاثنتين وخمسين واستمر حتى عزل شيخنا عن القضاء وبالشرف المناوي عن تدريس الصلاحية ونظرها وبأبي الخير النحاس غريمه عن البيمارستان وبالواوي الاسيوطي عن الجمالية ووضع السلطان يده على أكثر ما نماه من متحصل المرستان وغيره بل وأدخله المقشرة، وآل أمره إلى أن اختفى فلم يظهر إلا بعد نكبه النحاس ومضى ثمانية أشهر وأياماً في الاختفاء، سمعته يقول إنه أتي على متونه التي كان أنسيبا حفظاً وطلع حينئذ إلى السلطان مرة بعد أخرى وأكرمه وأعاد له في المرة الثانية وذلك في ثالث شوال سنة أربع وخمسين الجمالية وباشر حضورها على العادة ماشياً في الأغلب من درب الأتراك إليها قاصداً تواضعه بذلك ويصعد إلى السلطان في كلك شهر للتهنئة كآحاد الناس، ولم يلبث أن مرض في آخر يوم الاثنين، ومات في يوم الثلاثاء مستهل ذي الحجة سنة أربع وخمسين وصلى عليه المناوي في الأزهر ودفن بتربة أقاربه الاسيوطيين في ناحية باب الوزير رحمه الله عفا عنه وأيانا؛ وأرجو له الانتفاع بما حل به من المحن والرزايا سيما وقد ندم على صنيعه مع شيخنا وتوسل إليه بكشف رأسه ونحوه وعزم على الأسباب المخففة عنه مع كونه كان مديماً للتلاوة حريصاً علىالمداومة على التعبد والصيام والتجهد راغباً في إحياء ليالي رمضان بجامع الأزهر بركعتين يقرأ فيهما كل القرآن في كل ليلة مع التضرع إلى الله وكثرة البكاء والتعفف عن كثير من المنكرات محباً في إغاثة الملهوف والميل لمساعدة الفقهاء والطلبة وبجاهه بحيث جرت على يده مبرات منها تجهيز خمس من العميان في كل سنة لقضاء فريضة الحج بمائة دينار، كل ذلك مع الفصاحة في الكلام وجهورية الصوت وطلاقة العبارة وقوة الحافظة وبقصد الانتفاع بجاهه تزاحم الفضلاء في حضور درسه ببيته وغيره وقرأ عنده في الكشاف ونحوه وقرأت عليه لا بهذا القصد جزءاً من الغيلا نبات وسر بذلك وكذا حدث بالكثير مما كان القارئ عنده في أكثره الجلال بن الأمانة ولذلك قرره في القراءة بالقلعة بعد عزل البقاعي وقدحه بكلمات حسبما شرحته في مكان آخر واقتضى ذلك مبالغة البقاعي وتعديه لما أكثره مختلق بل ولو كان صحيحاً كان الزائد على القدر الحاجة منه غير جائز وصرح بتكذيبه قال: وكان الله دابة سوء وقد كان الجلال الوجيزي ينشد فيه نظماً أوله:(3/435)
لحاك الله يا سفطي فكم تجني ... وكم تخطي وكم تمنع وما تعطي
وقد أطلت ترجمته في ذيل القضاة وفي المعجم والوفيات وغير ذلك من تعاليقي.
محمد بن أحمد بن يوسف بن عبد المجيد البدر المحلي ثم القاهري المالكي إمام مسجد قراقجا الحسنى. اشتغل وقتاً في الفقه والعربية ونحوهما وشارك في الجملة فلازم التقي الشمني فقرأ عليه في المسند وغيره رواية وكذا سمع على العز الحنبلي وعبد الكافي بن الذهبي وطائفة بقراءتي، وكان مع مشاركته فيه ديائة وخير. مات شاباً بعد الستين رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن أحمد أوحد الدين بن الشهاب أبي العباس المحلي الأصلي القاهري الشافعي الماضي أبوه وولده الجلال عبد الرحمن ويعرف بابن السيرجي. ولد في عاشر شعبان سنة خمس عشرة وثمانمائة بالقاهرة وأخذ عن أيه وغيره وجود الخط وتميز في الفرائض والحساب وبرع في التوقيع وتكسب بذلك وراج أمره فيه وناب في القضاء عن المناوي فمن بعده وامتنع من قبوله عن الأسيوطي وكان قد استقر في التصدير الذي قرره فيروز الناصري بجامع الأزهر برغبة والده له عنه وعمل فيه إجلاساً بحضرة شيخنا وغيره من الأعيان وكذا رغب له أبوه عن تدريس الطوغانية واستقر في الخطابة بالمنجكية عوضاً عن الشهاب بن صالح وفي الشهادة بالكسوة برغبة الشرف بن العطار وبالبرقوقية وغيرها وخطب أيضاً بالصالحية، وكان جهوري الصوت مقداماً. مات فجأة في سادس عشر ذي القعدة سنة سبع وسبعين وهو بالبرقوقية فحمل لبيته وصلى عليه من الغد ثم دفن بتربة أبيه بالباب الجديد عفا الله عنه.
محمد بن أحمد بن يوسف بن محمد بن معالي بن محمد الشمس أبو الفتح بن الشهاب أبي العباس بن أبي المحاسن القرشي المخزومي الزعيفريني الأصل ثم الدمشقي ثم القاهرة الشافعي الماضي أبوه وابنه أحمد ويعرف كسلفه بالزعيفريني. ولد في ربيع الأول سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والحاوي والمنهاج الفرعيين وألفية النحو، وعرض على جماعة وأخذ في العربية والأصول وغيرهما من الفنون عن العز عبد السلام البغدادي وفي الفقه عن الجلال المحلي في آخر ممن قبلهما ونحوهم وطلب الحديث وقتاً؛ وقرأ كل من الزين الزركشي بن العز بن الفرات، ومما قرأ عليه مسند أبي حنيفة ورافقه الزين قاسم الحنفي وصاحبنا السنباطي في سماعه وشرح معاني الآثار للطحاوي وسمعه معه أبنه أحمد وكذا قرأ على شيخنا وحضر أماليه، وجود الخط على ابن الصائغ بحيث أذن له في التكتيب، وحج مراراً وجاور في بعضها سمع على الشرف أبي الفتخ المراغي والتقي بن فهد بل أسمع ابنه عليه سنة ثلاث وأربعين، وقرأ القراءات على الزين بن عياش وزار بيت المقدس وقرأ الحديث هناك على التقي أبي بكر القلقشندي والجمال بن جماعة ورافقه في سماع أكثره ابن الجمال يوسف الصفي وباشر التوقيع عند ناظره، ثم ناب بأخره عن الشرف المناوي في القضاء؛ وصاهر البدر حسن البرديني على ابنته واستولدها أولاداً منهم أحمد وبواسطة ذلك كان هو القائم في المدافعة عن زوجته حيث تردد الأئمة فهم كلام الواقف فكان شيخنا والعلم البلقيني والمناوي والعبادي والكافياجي في جانب والمحلي بمفرده في جانبها وعقدت بسبب ذلك مجالس بين يدي السلطان وعند كاتب السر بالصالحية وبين يدي شيخنا في المنكوتمرية وكنت حينئذ في خدمته وذلك في سنة اثنتين وخمسين وسأل الخصم وهو شمس الدين محمد بن محمد ابن عبد الله البرديني شيخنا في الحكم بما أفتى به مما وافقه عليه الجمهور فسكت ثم قال قد نوزعت في فهمي يشير إلى مخالفة المحلي، وبلغني أن المحلى قال إذا ذاك عن شيخنا انه منصف ولم يلبث أن وافق المحلي السعد بن الديري بل ظفروا بفتوى للسراج البلقيني وولده وابن خلدون المالكي بموافقته فرجع شيخنا وغالب المفتين إليه، وكان خيراً فاضلاً حسن القراءة والشكالة وربما نظم. مات في يوم الاثنين ثاني عشر بيع الأول سنة ست وخمسين ودفن بتربة جوشن بقبر والده رحمهما الله وإيانا.(3/436)
محمد المحب أبو بكر أخو الذي قبله. ولد سنة ثمان وعشرين وثمانمائة ونشأ فحفظ القرآن عند الشمس محمد بن علي بن صلاح المناوي وسمع مع أخيه بمكة على التقي بن فهد في سنة ثلاث وأربعين، وتعاني التجليد في بيته وتكسب بالشهادة واسترفقه أبو الطيب الأسيوطي فصار بذلك وجيها. ومات في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين بعد رفيقة بقليل؛ وأظنه جاز الستين.
محمد بن أحمد بن يوسف البدر القاهري الشافعي التاجر بسوق أمير الجيوش ويعرف بابن يوسف. ممن اشتغل وتميز وسمع الحديث قليلاً؛ ومما سمعه حتم البخاري عند أم هانئ الهورينية وفقتها، وكان عاقلاً ساكناً حسن البزة. مات شاباً قبل السبعين ظناً .
محمد بن أحمد بن يوسف الشمس القاهري الشافعي سبط نور الدين البسطي وإمام سيدي مسعود بالقرب من بين السورين. ولد تقريباً سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة وقرأ القرآن وجوده بل تلاه لأبي عمرو ونافع على بعض القراء وقرأ شرح الشاطبية وغيره على زوج خالته البدر حسن الطنتدائي الضرير وحضر دروس الشرف المناوي في الفقه وغيره بل قرأ على الزين عبد اللطيف الشارمساحي ولازمه وكذا حضر دروس الوروري وأبي القسم النويري والبوتيجي ومما اخذه عنه الفرائض، وفهم الفقه والعربية وحفظ المنهاج وألفية النحو وسمع الحديث على الشريف النسابة ولازمه وقتاً بل لازمني حتى قرأ على كلا من البخاري ومسلم والشفا وناب عني في الأشرفية وفي الأشهر الثلاثة وكذا قرأ البخاري للعامة احتساباً في محل إمامته وباشر سقىى الماء في وقف الشيخي بذاك الخط مع القيام بمسجده أيضاً ونعم الرجل مداومة على التلاوة والزيارة لقبر أمه بعد موتها في كل يوم صباحاً بحيث خرج عليه بعض اللصوص في توجهه إليها وضربه حتى كاد يموت وتعلل لذلك مدة؛ وتقنعاً وعفة وانعزالاً عن الناس وربما ارتفق به الطلخاوي وغيره في الشهادة احتساباً ولكثير من الناس فيه اعتقاداً وكان زائد الاغتباط بي. مات في شعبان سنة أربع وتسعين ودفن مع أمه بالقرب من القلندرية رحمه الله وإيانا. وله نظم فمنه:
ما موجب الهجر لم أعرف له سببا ... باشرت من عظم أشواقي بكم تلفى
إن تدعوا سبباً للهجر أنكره ... فبينوه وألا فارتضوا حلفى
محمد بن أحمد بن يوسف الشمس الغمري - بالمعجمة - والد أبي البركات داود التقي بن نصر الله. صحب الشهاب الزاهد واشتغل يسيراً وتنزل في الجمالية عند شيخنا أول ما فتحت. قاله لي الجلال القمصي وكان رفيقه؛ وسيأتي الشمس محمد ابن عمر الغمري الوالي الشهير فربما التبس به.
محمد بن أحمد بن يوسف البزاز بقيسارية الطرحي وشريك صهري ويعرف بأبي إبراهيم. حج وكان أصلح حالاً من كثيرين. مات قبيل السبعين.
محمد بن أحمد بن يوسف المعلم شقير الفيشي الخياط. ولد سنة أربعين وسبعمائة وتقدم في صناعته بحيث يقترح على الخياطين فنوناً مع محبة في العلم وأهله. مات في أخريات سنة ست وعشرين. ذكره المقريزي في عقوده وأورد عنه دعاءً أملاه عليه عرف بركته وروى عنه غير ذلك وأرخ بعض ما كتبه عنه بسنة ثلاث عشرة بدمشق.
محمد بن أحمد بن يونس الجمال المكي ويعرف بالكركي. كان عاقلاً خيراً ذا مروءة وصيانة وأخلاق حسنة. قال الفاسي في تاريخه، وقال كتبت عنه بمكة دعاءً ذكر لي أنه ينقع من الأعداء على ما بلغه من شيخ اليمن علماً وعملاً وأحمد بن العجيل يقال ثلاثاً عند الصباح وعند المساء وهو: اللهم يا مخلص المولود من ضيق مخاض أمه ويا معافي الملدوغ من شدة حمه وسمه ويا قادراً على كل شئ بعلمه أسئلك بمحمد وأسمه أن تكفيني كل ظالم بظلمه. مات في العشر الأخير من شوال سنة تسع بالقاهرة وقد بلغ الخمسين أو قاربها.
محمد بن أحمد بن الشيخ البهاء الأنصاي الأخميمي. ذكره التقي بن فهد في معجمه هكذا مجرداً وهو جد قاضي الحنفية الآن ناصر الدين محمد بن أحمد وحينئذ فجده محمد بن محمد بن عبد الوهاب بن البهاء.
محمد بن أحمد بن كمال الدين. مضى فيمن جده كمال.
محمد بن أحمد بن البدر بن الشهاب البنهاوي القاهري الشافعي أخو ناصر الدين بن أصيل لأمه وصهر ابن الهمام على ابنته الكبرى حج معه وجاور وكان مفرط السمن جداً بعيداً عن الفهم وكل فضيلة وما اكتسب من صهره حبة. مات بعد الستين ظناً.
محمد بن أحمد البدر بن جنة. فيمن جده على.(3/437)
محمد بن أحمد البهاء المحلي الفرضى الشافعي ويعرف بابن الواعظ لكون أبيه كان واعظاً. شيخ فاضل قرأ الفرائض على أبي الجود وتميز فيها وكذا اشتغل في الفقه وصار يستحضر من مناظيم ابن العماد وأشياء وكان خيراً.ولذا استقر به القاياتي في التكلم على أوقاف المحلة فلم يزل به كل من ولديه والولوي البلقيني حتى صرفه بأوحد الدين بن العجيمي جرياً على عادته وشق ذلك على البهاء بحيث ألزم نفسه بعدم دخول القاهرة ما دام القاياتي قاضياً فلم يلبث إلا نحو شهرين ومات وانحلت يمينه وتكرر دخوله للقاهرة وقصدني مرة بالسؤال عن بعض الأحاديث فأجبته ورأى بعد صرفه مناماً أثبته في ترجمة القاياتي. مات في ذي الحجة سنة تسع وسبعين بالمحلة وأظنه قارب السبعين. محمد بن أحمد التاج الأنصاري. مضى فيمن جده علي.
محمد بن أحمد التاج القاهري ويعرف بابن المكللة وبابن جماعة. ولي الحسبة فلم تطل مدته بل عزل. ومات في ربيع الآخر سنة تسع وعشرين.
محمد بن أحمد التقي بن الشهاب القزويني، مات في ليلة الأربعاء عاشر صفر سنة ثمان وثلاثين ودفن من الغد بمقبرة الصوفية.
محمد بن أحمد الجمال أبا حميش - بفتح المهملة ثم ميم مكسورة وآخره معجمه - الغيلي - بفتح المعجمة وسكون التحتانة نسبة لغيل أبا وزير بالقرب من الشحر - بكسر المعجمة ثم مهملة ساكنة وآخره مهملة - اليماني الشافعي، تفقه بأبي الحسن على بن عمر أباعفيف الهجراني، وجد واجتهد حتى مهر وتميز في الفقه وغيره، وولي قضاء عدن مراراً كل مرة يعزل نفسه ثم يتوسلون إليه حتى يعود وانتصب بها للتدريس والإفتاء مدة طويلة، وتخرج به خلق؛ وحصل كتباً نفيسة بخطه وغيره، وكان إماماً عالماً كبيراً صابراً على ابتلائه. مات في أواخر رمضان سنة إحدى وستين رحمه الله وإيانا.
محمد بن أحمد الجمال أبا حنان الحضرمي الكندي التاجر بثغر عدن. كان كثير الأموال جداً متسع الأحوال ومع ذلك فكان غاية في التواضع والتقلل وخشونة الملبس بحيث كان خدمه يلبسون الثياب الفاخرة وهو لا يلبس إلا البياض من القطن ولم يحبس غريماً قط ولا رفعه لحاكم، ومحاسنه كثيرة، ومما يدل بعظيم أمواله أنهم حسبوا ما كان له في جهة الحبشة خاصة من القماس فكان عبارة عن مائتي ألف دينار وثلاثين ألف دينار. مات سنة ست وخمسين وسيأتي له ذكر في محمد بن عبد الرحمن .
محمد بن أحمد الجمال البربهي البعداني اليماني الشافعي. كان من عقلاء الرجال حفظ البهجة وتفقه وخطب بجامع إبمدة ثم اتصل بصحبة علي بن طاهر وبتدبيره توصل لحصن حب حتى ملكه وارتفع بذلك كله وولاه بعد أن فتصرف بها ثم شكى فعزله وولاه نظر الوقف بزبيد فلم ينجع فولاه النظر في ثغر عدن؛ ولا زال يتنقل في الخدم حتى مات في رمضان سنة اثنتين وثمانين رحمه الله.
محمد بن أحمد الجمال البهنسي ثم الدمشقي الشافعي. اشتغل بالقاهرة وحفظ المنهاج واتصل بالبرهان بن جماعة فلما ولي قضاء الشام استنابه واعتمد عليه في أمور كثيرة، وكان حسن المباشرة مواظباً عليها وعنده ظرف ونوادر وكان مقلا مع العفة ولما وقعت الكائنة العظمى بدمشق فر إلى القاهرة فاستنابه الجلال البلقيني. ومات في ذي القعدة سنة خمس. ذكره شيخنا في أنبائه.
محمد بن أحمد الجمال الزبيدي المؤذن القمقام. ذكره التقى بن فهد في معجمه هكذا.
محمد بن أحمد الجمال الكيلاني المكي الحنبلي نائب الإمام بالمقام الحنبلي ووالد عبد الرحمن الماضي. إنسان خير ساكن قدم القاهرة وسمع مني بمكة في سنة ست وثمانين يسيرا وسافر في أثناء سنة أربع وتسعين إلى الهند للاسترزاق وكتبت معه ما أرجو انتفاعه به وعاد مجبوراً بعد أن كان سافر إليها قبل ذلك؛ ثم دخل أيضاً القاهرة ودمشق.
محمد بن أحمد حافظ الدين الأذرعي الدمشقي الحنفي. ممن ناب في كتابة السر بدمشق وتميز، ومات بحلب سنة إحدى وتسعين كتب عنه البدري في مجموعة:
حبيبي الظريف دق خصراً ... فهمت به وبالخصر اللطيف
وقلت للأئمى في ذا وهذا ... نعم أهوى اللطيف والظريف
محمد بن أحمد حميد الدين النعماني الفرعاني فيمن جده محمد بن أحمد بن عمر بن محمد بن ثابت.
محمد بن أحمد الشمس بن الرددار الحلبي. له نظم في ترجمة يحيى بن أحمد بن عمر بن العطار، وينظر إن كان سبق فيمن سمى جده.(3/438)
محمد بن أحمد الشمس العزازي الأصل الحلبي ويعرف بابن سفليس. قرأ القرآن واستغل بالعلم وطلب الحديث بنفسه ورحل وحصل بحيث اشتهر به في حلب مع المشاركة في غيره وكونه خيراً ديناً بتكسب بالمتجر حتى مات في ليلة الخميس تاسع عشر ربيع الآخر سنة سبع وثلاثين وقد لقيه البقاعي هناك وكتب عنه قوله قال حسان بن ثابت يرثي إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه مخاطباً النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
مضى ابنك محمود العواقب لم يشب ... بعيب ولم يذمم بقول ولا فعل
رأى أنه عاش وساواك في العلا ... فآثر ان تبقى فريداً بلا مثل
محمد بن أحمد الشمس بن القاضي الشهاب الدفري القاهري الماض. مضى فيمن جده عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد القادر.
محمد بن أحمد الشمس الحريري العقاد بالوراقين والمجدد للجامع المعروف بابن مدين بالقرب من الجنينة وكان يلقب بالحنبلي. مات في صفر سنة ثلاث وستين.
محمد بن أحمد الشريف الشمس الحسيني القبيباتي الدمشقي والد إبراهيم الماضي ونزيل القاهرة. كان من أعيان التجار وممن صار بالقاهرة مرجعاً للشاميين وكهفاً لهم مع خير ووضاءة وتلاوة للقرآن ورغبة في العلماء والصالحين وتودد، ابتنى خانا بالقرب من الخيميين بجامع الأزهر، ومات قبل إكماله في خامس عشرة ذي الحجة سنة خمس وستين وأذهب ابنه ما خلفه له فيما يحصل منه على طائل رحمه الله.
محمد بن أحمد الشمس الزعيفريني. فيمن جده يوسف بن محمد بن معالي.
محمد بن أحمد الشمس السعودي الحنفي. فيمن جده عمر.
محمد بن أحمد الشمس القباني ويعرف بابن بهاء والد علي ذاك المدبر حفظ القرآن وغيره واشتغل قليلاً وكان بديع الجمال ممن يصحبه الزين قاسم الحنفي والوالد على الاستقامة؛ ثم أقبل على التكسب بالوزن بالقبان في باب الفتوح وبالتجارة والمعاملة، وسافر غير مرة لمكة وجاور وتزوج أم الشهاب بن خيطه أخت عبد الغني القليوبي وأثرى مع مداومته للجماعة والتلاوة ورغبته في الصدقة والبر ومحبة الصالحين. مات في رجب سنة ثمانين رحمه الله. محمد بن أحمد الشمس المديني المالكي ويعرف بابن الموله. مضى فيمن جده عثمان بن خالد.
محمد بن أحمد فتح الدين النعاس - بمهملتين ونون - المالكي أحد موقعي الحكم. كن حسن الخط عارفاً بالوثائق؛ ولي الخطابة بالباسطية وانتمى لأبي الفتح بن وفاء. مات في سنة سبع وثلاثين وتقدم شيخه للصلاة عليه بإشارة الزيني عبد الباسط مع حضرة الحنبلي وغيره من الأعيان. أرخه شيخنا في إنبائه.
محمد بن أحمد قطب الدين أبو عبد الله بن التاج البحايلي. مات في ربيع الثاني سنة ست وستين بمصر وصلى عليه بجامع عمرو وكان معتقداً في العامة. أرخه المنير.
محمد بن أحمد قطب الدين بن الركن السمرقندي رفيق نعمة الله الآتي.
محمد بن أحمد المحب الحلبي ثم الدمشقي الكاتب ويعرف بابن المجروح، كتب على ابن الشمس الحلبي؛ وتميز في الكتابة وتصدى للتكتيب في المجاهدية وغيرها وكان ممن كتب عنه أبو الفضل بن الإمام قال وكان عشيراً حسن الشكالة والبزة ماجناً. مات في سنة بضع وستين وقد جاز الخمسين.
محمد بن أحمد محيى الدين الرومي الحنفي ويعرف بين أهل بلاده بفلبوي. شاب قدم القاهرة في البحر من مكة فأقام وقرأ على بعض المشارق للصغاني وسمع مني المسلسل بشرطه وله فضيلة وكتبت له إجازة وكان عزمه الإقامة والملازمة فلم يجد ما ستعين به لذلك فرجع إلى الشام.
محمد بن أحمد ناصر الدين بن الشهاب الخطاي المهمندار سبط أمير المؤمنين المتوكل على الله. مات في صفر سنةرثلاث وخمسين بالطاعون.(3/439)
محمد بن أحمد ناصر الدين الحموي الحنفي ويعرف بابن المعشوق. ولد في سنة ثمان وستين وسبعمائة بحماه ونشأ بها فحفظ القرآن وقرأ على قاضيها العلاء ابن القضامي مجمع البحرين وألفية بن ملك وحضر مجلس الشمس الهيتي وكان يقرأ الصحيحين قراءة حسنة ويديم التلاوة مع التكسب بالتجارة بل كان في أول أمره خيمياً ثم ترك؛ أثنى عليه بلدية صاحبنا الجمال بن السابق فقال: كان خيراً ديناً لا أعلم فيه عيباً تلقنت منه قطعة كبيرة من المجمع. ومات بحماة في رجب سنة إحدى وخمسين. وقد لقي شيخنا بحماة في سنة آمد شمس الدين محمد بن محمد بن أحمد بن المعشوق وقرأ عليه في البخاري وكأنه ابن لهذا ويحتمل أن يكون هو ووقع التغيير في لقبه مع إسقاط اسم أبيه ولكن الأول أشبه.
محمد بن أحمد ناصر الدين المصري الشافعي ويعرف بالسخاوي وهو غير الماضي فيمن جده على. حفظ القرآن وكتباً وعرضها في عشر السبعين على جماعة من علماء القاهرة كالجمال الاسنائي وحضر دروسه ودروس غيره، وكانت فيه نباهة ويذاكر بفوائد حسنة، جاور بمكة غير مرة وكانت وفاته بها في شعبان سنة عشر ودفن بالمعلاة عن بضع وستين سنة. قاله الفاسي في مكة .
محمد بن أحمد ناصر الدين المصري. ممن سمع مني بمكة.
محمد بن أحمد ناصر الدين الهذباني الكردي الشافعي الطبردار، كان من أبناء الجلد فتعلق بمجالسة العلماء وصحب كمال الدين الدميري ونورالدين الرشيدي وتدين وصار يسرد الصوم ويواظب الجماعة بل لا يقطع الصبح بالأزهر ويقوم إليه كل ليلة من نحو ربع الليل مشياً من منزله بحارو بهاء الدين مع تكسبه بالتجارة في الحوايص ثم ترك لما كبر، وكان على ذهنه أشياء. مات سنة أربع وعشرين؛ ذكره شيخنا في أنبائه وقال: لازمني مدة.
محمد بن أحمد همام الدين الخوارزمي الشافعي نزيل القاهرة وهو بلقبه أشهر. اشتغل ببلاده ثم قدم حلب قبل الفتنة فأنزله الشرف أبو البركات الأنصاري القاضي في دار الحديث البهائية ثم تحول إلى القاهرة في أوائل أيام الناصر واستمل عليه بعض الإملاء فحصل له بعض المدارس ثم رغب عنها للحاجة وعلم جمال الدين به فاستحضره إليه بعد أن بولغ عنده في وصفه واستخص به وأسكنه بالقرب منه ورتب له الرواتب الجزيلة فلما تمت مدرسته استقر به شيخها وتحول إلى المسكن الذي عمره له فيها وقرر له معاليم ورواتب خارجاً عن ذلك وصار ينعم عليه بالهدايا والعطايا مع مراعاة جانبه وسماع كلامه فنبه بعد أن كان خاملاً وتحلى بما ليس فيه بعد أن كان عاطلاً وأنهال عليه الطلبة لأجل الجاه فكان يحضر درسه منهم إضعاف المنزلين فيه وأقرأ بها الحاوي والكشاف ثم طال عليه الأمر فاقتصر على الكشاف وكان ماهراً في إقرائه إلا أنه بطئ العبارة جداً يمضي قدر درجة حتى ينطق بقدر عشر كلمات مشاركاً في العلوم العقلية مع سلامة الباطن وإطراح التكلف بحيث يمشي في السوق ويتفرج في الحلق وبركة الرطلي وغيرها بل كانت له ابنة ماتت مها فصار يلبسها بزي الصبيان ويحلق شعرها ويسميها سيدي علي وتمشي معه في الأسواق إلى أن راهقت وهي التي تزوجها الهروي فحجبها بعد. هكذا ذكره شيخنا في أنبائه وقال في معجمه أنه ولد في حدود الأربعين. وقدم القاهرة وهو شيخ فأقرأ الكشاف والعربية وغيرهما وسمعت كثيراً من الفضلاء يطرونه في تقرير الكشاف مع التحرز في النقل وصحة الذهن والمعتقد، وقد حضرت دروسه وسمعت من فوائده؛ زاد في موضع آخر أنه كان يقول أن الهروي صهره من طلبته ولذا انتدب معه وكان ما شرح في محاله. وقال ابن خطيب الناصرية في تاريخه: كان إماماً عالماً فاضلاً فقيهاً ذا يد في الأصول والمعاني والبيان وغيرها. وقال المقريزي في عقوده: كان متحرزاً في الد وصحيح الذهن سليم المعتقد مع الصيانة والإنجماع وتعدد الفضائل. ققلت وقد أخذ عنه غير واحد من محققي شيوخنا. مات في العشر الأخير من ربيع الأول سنة تسع عشرة وقد جاز السبعين رحمه الله.
محمد بن أحمد أبو عبد القادر النابتي الغمري نزيل جامعة بالقاهرة. ممن سمع في سنة خمس وتسعين.
محمد بن أحمد أبو عبد الله الجبرتي. كان فقيهاً عالماً تفقه بالقاضي أحمد بن أبي بكر الناشري وناب عن القاضي موفق الدين في أحكام زبيد فكان الناس إذا علموا أنه القاعد لذلك تحاموه لغلظته. ومات قبل وفاة شيخه المذكور في حدود سنة أربع عشرة.(3/440)
محمد بن أحمد أبو عبد الله الوانوغي المالكي.فيمن جده عثمان بن محمد.
محمد بن أحمد أبو الفضل القدسي الشافعي ويعرف بابن النجار حرفة أبيه. نسأ فأخذ عن ماهر ثم عن البرهان العجلوني والكمال بن أبي شريف حتى برع وتميز في الفضائل وتصدى للإقراء والإفتاء، وكان ورعاً متواضعاً فقيراً قانعاً ترك الإفتاء بأخرة واستقر به ابن الزمن شيخ مدرسته بالقدس. ومات في الكهولة في شعبان سنة سبع وثمانين واستقر في المشيخة النور محمود بن العصياتي.
محمد بن أحمد الكيلاني البجارنبيه - بكسر الموحدة ثم جيم وآخره راء اسم لبلد مكأنه قال ابن البلد الفلاني - الأزهري الشافعي.قدم القاهرة فجاور بالأزهر وكان عالماً محققاً صالحاً؛ أخذ عنه الفضلاء وقرأ عليه الزين زكريا شرح الشافية للجار بردي وشرح تصريف العزي للتفتازاني. ومات بالقاهرة قريباً من سنة خمسين.
محمد بن أحمد البلخي الدمشقي ويعرف ببكيبكة؛ أجاز لى في سنة خمسين من دمشق، وذكر البرهان العجلوني أنه سمع من المحب الصامت فالله أعلم.
محمد بن الشهاب أحمد البنهامي التاجر. مات في ذي القعدة سنة إحدى وأربعين. أرخه شيخنا وقال أن المتحدث عليه استولى على موجود أبيه ولعله يزيد على عشرين ألف دينار فقام اثنان فادعيا أنهما ولدا عمه عصبة فصالحهما وكذا ناظر الخاص بما مجموعه لايفي بثلث الموجود قال وكان المخبر بذلك من باشر العرض والبيع وضبطه ومع ذلك فلم يلتفت المحدث لهذا وركب طريق الإنكار وإن الذي دفعه هو الذي استولى عليه من غير زيادة.
محمد بن الشهاب أحمد العباسي الحلبي أحد أجناد الحلقة بها. مات بها في إحدى الجماديين سنة خمس وتسعين عن نحو الخمسين.
محمد بن أحمد الجرواني نزيل القاهرة، ذكره شيخنا في إنبائه فقال: ولد سنة تسع عشرة وسبعمائة وكان يذكر أنه سمع من الحجار فلم نظفر بسماعه، نعم كان حسن الخط عارفاً بالوثائق وله فيها تصنيف ونظم فيما يزعمه وإلا فهو بغير وزن ولا معنى. وقد انتسب إلى الحسن بن علي وصار شريفاً فكان يطعن في نسبه ويقال أنه كان أولاً يكتب الأنصاري. مات سنة ثلاث عشرة. قلت وقد مضى محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد المنعم وأجوز كون صاحب الترجمة جده وأنه محمد بن عبد الله بن عبد المنعم فقد أجاز لشيخنا ابن الفرات وحينئذ فأحمد غلط والله أعلم.
محمد بن أحمد الزبيدي نزيل مكة ويعرف بالجندار. مات بها في ربيع الثاني سنة اثنتين وثمانين. أرخه ابن فهد.
محمد بن أحمد الزفتاوي ابن أخت القاضي ناصر الدين والدلال أبوه ويلقب بالثور. ممن جلس بالحانوت المجاور لحبس الرحبة في حياة خاله ثم بعده وكان يتكلم في وقف الحجازية ومولده ظناً سنة عشر وثمانمائة وفارقته في سنة ست وتسعين حياً.
محمد بن أحمد بن السبع - وهو لقب أبيه - القرشي القاهري الحنفي فخرالدين بن شهاب الدين جد قاسم بن أحمد الماضي. شهد على بعض الحنفية في إجازة سنة إحدى. محمد بن أحمد السعودي الحنفي. فيمن جده عمر ومحمد.
مجمد بن أحمد السميعي - نسبة لقرية من قرى أبو تيج يقال لها قرية بني سميع - البوتيجي يعرف بالفرغل. رجل مجذوب له شهرة في الصعيد وغيره وزاوية بأبوتيج وأخرى بدوينة، كان يتنقل بينهما وأكثر إقامته بالأولى وبها دفن وتحكي له كرامات. قدم القاهرة أيام الظاهر جقمق شافعاً في ابن قرين العزال أحد مشايخ العربان فأجابه وإكرامه وأمر بانزاله عند الزين الاستادار ورجع فأقعد وأضر ومات رحمه الله.
محمد بن أحمد الشقوري العجمي ويعرف بالبايزيدي. ممن سمع مني بمكة.
محمد بن أحمد الطوخي. رأيته كتب بالشهادة على الزين طاهر في إجازته لأبي عبد القادر سنة ثلاث وثلاثين وأظنه ولي الدين الماضي فيمن جده محمد بن محمد بن عثمان بن موسى.
محمد بن أحمد بن الطولوني المهندس. مضى فيمن جده أحمد بن علي بن عبد الله.
محمد بن أحمد القاهري الغزي. الحنفي ويعرف بابن المزين ممن سمع مني بالقاهرة.
محمد بن أحمد بن الفرات. شهد على الزين طاهر المالكي في إجازته لأبي عبد القادر سنة ثلاث وثلاثين وأظنه الماضي فيمن جده محمد بن علي بن الحسن.(3/441)
محمد بن أحمد الفخري. مات بمكة في جمادى الثانية سنة سبع وخمسين. أراخه ابن فهد. محمد بن أحمد القمقام. محمد بن أحمد الكركي ثم الدمشقي الحنبلي. فيمن جده معتوق. محمد الجمال الصامت بن أحمد الناشري. فيمن جده.
محمد بن أحمد الهاروني المصري. كان مجذوباً معتقداً في المصريين ويلقبه أهلها خفير البحر. مات في صفر سنة خمس. ذكره شيخنا في إنبائه محمد بن أحمد اليزليتني التونسي ويعرف بابن زغدان، مضى فيمن جده محمد بن داود.
محمد بن أرغون شاه النوروزي أستاذ الظاهر جقمق بدمشق. مات في سنة ثلاث وخمسين.
محمد بن أرغون ناصر الدين المارداني القبيباني الشافعي. ولد سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة وخدم جندياً عند أقطمر عبد الغني النائب وتنقلت به الأحوال حتى عمل الاستادارية عند جماعة من كبار الأمراء ثم ولاه الجيزية ثم الحجوبية، وكان عارفاً بالأمور صحب الناس وعرف أخلاق أهل الدولة وعاشرهم ومازحهم بل هو من رجال العالم مع كونه اشتغل بالعلم وجالس العلماء وخالطهم وحفظ كثيراً من المسائل الفقهية وكان يذاكر بها ويقرأ عنده الروضة وغيرها ويكثر من مسائلة من يلقاه من العلماء؛ أضر في سنة أربع عشرة وانقطع بمنزله في التبانة حتى مات في ثاني عشرة رمضان سنة أربع وثلاثين، ذكره شيخنا في معجمه وانبائه وقال: سمعت منه فوائد ولطائف وكان ينتمي لأصهارنا بقرابة من النساء. وتبعه في ذلك المقريزي في عقوده رحمه الله.
محمد بن الأتابك أزبك الظاهري من ططخ سبط الظاهر جقمق، أمه خديجة وهي سبطة الناصري بن البارزي وزوجه أبوه ابنة قراجا الخزندار واستولدها علياً وصار من أمراء الأربعين ويخلف والده إذا كان غائباً في التقريرات ونحوها وحسنوا له الأخذ على ذلك، وحج أمير ركب الأول سنة ثمان وتسعين.
محمد بن اركماس اليشبكي عضد الدين النظامي نسبة لنظام الحنفي لكونه ابن أخته. ولد سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة ومات أبوه وهو صغير فرباه خاله مكافأة لأبيه أركماس فهو المربي لنظام وحفظ القرآن والشاطبيتين والمنار والكنز وألفية ابن ملك وغيرها فيما زعم، وأنه عرض بعضها وهو ابن عشر على شيخنا وغيره واشتغل على ابن الديري وسيف الدين الزين قاسم في آخرين منهم خاله وكتب على ياسين، وحج غير مرة منها في سنة إحدى وتسعين في البحر وجاورحتى رجع مع الموسم في أول التي تليها. ودخل دمياط واسكندرية وكتب بخطه الكثير لنفسه وغيره وجمع تذكرة في مجلات، واختص بالشهابي بن العيني بعد أيامه ولذا قرره في خزن الكتب بمدرسة جده ثم فصله عنها، واجنمع بي غير مرة وحضر بعض الدروس، وهو لطيف الذات كثير الادب.
محمد بن اسحق بن أحمد بن اسحق بن أبي بكر غياث الدين أبو المعالي العز بن أبي الفضل بن أبي العباس الأبرقوهي الشيرازي وكان أبوه قاضيها المكي ويعرف بالكتبي. ولد سنة خمس وعشرين وسبعمائة للترمذي. وقدم مكة فقطنها نحو ثلاثين سنة على طريق حسنة من كف الأذى والأقبال على الخير والعبادة وجرت على يديه من قبل شاه شجاع صاحب فارس لكونه كان من جماعته صدقات لأهلها ومآثر بها. وكان بارعاً في الطب وانتفع به أهل مكة فيه كثيراً سيما وهو يحسن إليهم بما يحتاجونه من أدوية وغيرها وصنف فيه كتاباً حسناً.مات بعد انقطاعة في بيته لضعفه وعجزه عن الحركة في جمادى الأولى سنة خمس ودفن بالمعلاة. ذكره الفاسي في مكة ثم التقى بن فهد في معجمه وشيخنا في إنبائه والقريزي في عقوده وآخرون.(3/442)
محمد بن اسحق بن محمد قاضي مدينة لامو - إحدى مدائن الزنج على بحر بربرا غربي مدينة مقدشوه على نحو عشرين مرحلة منها وقد غلب على أهل هذه المدينة الرمل فهو بها قامات عديدة - الشافعي. ولد سنة سبع وثماني وسبعمائة. قال المقريزي في عقوده وغيرها: قدم مكة وأنا بها في أخريات سنة تسع وثلاثين وثمانمائة فبلوت منه معرفة بالفقه وبالفرائض بحيث أنه يحل الحاوي، مع عبادة ونسك. وأخبرنا أن القردة غلبت على مدينة مقدشوه من نحو سنة ثمانمائة بحيث ضايقت الناس في مساكنهم وأسواقهم وصارت تأخذ الطعام من الأواني وغيرها وتهجم الدور على الناس وتأخذ ما تجده من آنية حتى ان صاحب تلك الدار يتبع القرد ويتلطف به في رد الإناء فيرده بعد أكل ما فيه وإذا وجد امرأة منفردة وطئها قال ومن عادة متملكها أن أرباب دولته يقفون تحت قصره فإذا تكاملوا فتحت طاقة بأعلاه فيقبلون له الأرض ثم يرفعون رؤوسهم فيجدون الملك قد أشرف عليهم من تلك الطباق فيأمر وينهي. فلما كان في بعض الأيام كان المشرف عليهم قرداً، قال وتمر القردة طوائف كل طائفة لها كبير يقدمها وهي تابعة له بتؤدة وترتيب، قال فيرون ذلك عقوبة من الله لهم وإن البحر يلقى بساحل مدينة لامو العنبر فيأخذه الملك ومرة كانت زنة قطعة منه ألف رطل ومائتي رطل، قال وشجر الموز عندهم كثيراً جداً وأنه عدة أنواع منها نوع تبلغ الموزة منه في الطول ذراعاً ويعمل عندهم منه دبس يقيم أكثر من سنة ويعقدون منه أيضاً حلوى انتهى. وعندي توقف في صحة هذا على هذا الوجه بالله أعلم.
محمد بن اسحق الشمس الخوارزمي الحنفي نزيل مكة ونائب إمام مقام الحنفية. كان فاضلاً في العربية ومتعلقاتها وغير ذلك كثير التصدي للإشعال والإفادة والنظر والكتابة وكأنه أخذ العربية عن صهره إمام الحنفية الشمس المعيد والد الشهاب أحمد وكان ينوب عنهما في الإمامة غيبة وحضوراً سنين كثيرة وجمع في فضائل مكة والكعبة شيئاً استمد فيه من تاريخ الأزرقي وكتب المناسك وكان يرسم صفة الكعبة والمسجد في أوراق ويهديها للهنود وغيرهم بل سافر للهند طلباً للرزق، كل ذلك مع دين وخير وسكون وانجماع عن الناس. مات في سلخ ربيع الأول سنة سبع وعشرين ودفن بالمعلاة بكرة يوم الجمعة، وهو في عشر الستين ظناً أو جازها. قاله الفاسي في مكة.
محمد بن أسعد مورنا جلال الدين الصديقي الدواني - بفتح المهملة وتخفيف النون نسبة لقرية من كازرون - الكازروني الشافعي القاضي باقليم فارس والمذكور بالعلم الكثير ممن أخذ عن المحيوي اللاري وحسن بن البقال، وتقدم في العلوم سيما العقليات وأخذ عنه أهل تلك النواحي وارتحلوا إليه من الروم وخراسان وما وراء النهر. وسمعت الثناء عليه من جماعة ممن أخذ عني؛واستقر به السلطان يعقوب في القضاء، وصنف الكثير من ذلك شرح على شرح التجريد للطوسي عم الانتفاع به وكذا كتب على العضد مع فصاحة وبلاغة وصلاح وتواضع وهو الآن في سنة سبع وتسعين حي ابن بضع وسبعين.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن المحب أبو البركات بن المجد أبي الفداء القلعي سبط الشريف كريم الدين عبد الكريم بن الشيخ الصالح المملك الزين أبي بكر الحياتي والماضي أبوه، نشأ في كنفه فحفظ القرآن وكتباً وعرض على جماعة بل اسمعه أبوه الكثير، وكان ممن سمع مني وأجاز له جماعة ومات صغيراً بعد الستين.
محمد بن أمين الدين أبو النور شقيق الذي قبله. نشأ أيضاً في كنف أبيه فقرأ القرآن وغيره وأسمعه كثيراً وأخذ عني جملة في الإملاء، وخلفه في جهاته بجامع القلعة بل نيابة، وفيه حشمة ولديه عقل وجود الخط ونعم الخلف.(3/443)
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن جمعة البحيري الأصل القاهري برددار الأتابك أزبك وشقيف أحمد الماضي ويعرف كل منهما بابن إسماعيل. نشأ دهاناً قليلاً ثم وقف مع أيبك بباب قانم التاجر الأتابكي ثم موته خدم مع صهره على برددار الأتابكي حين كان حاجباً إلى أن سافرا معاً حين عمل نائب الشام وعادا حين استقر أتابكياً فداما حتى مات أولهما وانفرد هذا بالتكلم وارتقى في بابه لما لم ينهض له غيره وصار المعمول عليه إلى أن نكبه لكونه قيل عنه أنه أخذ من المشاة كلهم بحلب ديناراً ديناراً وبلغ ذلك السلطان فأعلم أستاذه فنكبه ووضعه في الحديد وضربه باطناً وظاهراً واستخلص منه فيما قيل زيادة على أربعين ألف دينار وهو لا يصغي له في كونه تقدماً معه بل يطالب ويضارب مع الترسيم والتشديد المديم وآخر ما بلغني كونه مرسما عليه بباب حاجب الحجاب تنبك قرأ في رجب سنة ثمان وتسعين وهو كأخيه من العوام وينسب لإطعام وبر وغير ذلك مع كونه حج غير مرة.
محمد بن المجد إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن علي بن موسى الكناني البلبيسي الأصل القاهري الحنفي الماضي أبوه. ذكره شيخنا في إنبائه وقال له مات قبل أبيه بشهرين في أول سنة اثنتين وكان قد اشتغل ومهر.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن سعيد بن علي شمس بن أبي السعود المنوفي ثم القاهري الشافعي أخو أحمد الماضي ويعرف بابن أبي السعود.ولد في سنة عشر وثمانمائة تقريباً بمنوف ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والمنهاجين وألفية النحو وبداية الهداية للغزالي، وعرض على الولي العراقي والزين القمني والطبقة وقطن القاهرة بعد أبيه تحت نظر الشريف الطباطبي بمصر فتهذب به وتسلك على يديه واختلى عنده عاماً وكذا أكثر من التردد لصاحب والده الشيخ مدين بحيث اختص به وكان الشيخ يعظمه جداً، وأخذ في غضون ذلك في الفقه عن المحلي والمناوي وفي العربية عن ابن قديد ولازمه وفيها وفي الأصلين وغيرهما عن ابن الهمام وقبل ذلك أخذ عن البدرشي وبورك له في اليسير، واستقر أولاً في وظيفة والده التصوف بسعيد السعداء ثم أعرض عنها لأخيه، وتنزل في صوفية الشيخونية وقرأ فيها صحيح مسلم والشفا علي الزين الزركشي، وحج وجاور وداوم العبادة والتقنع باليسير والانعزال عن أكثر الناس واقتفاء طريق الزهد والورع والتعفف الزائد والاحتياط لدينه حتى أنه من حين استقر المناوي في القضاء لم يأكل عنده شيئاً بعد مزيد اختصاصه به وكذا صنع مع أخيه لما ناب في القضاء مع تكرر حلفه له أنه لا يتعاطى منه شيئاً، وأبلغ من هذا عدم اجتماعه بشيخنا أصلاً؛ وذكرت له إكرامات وأحوال صالحة مع حرصه على إخفاء ما يكون هذا القبيل وميله إلى الخمول وعدم الشهوة ومثابرته على عدم تصنيع أوقاته إلا في صلاة أو كتابة أو مطالعة وما رأيت أحداً ممن يعرفه إلا ويذكره بالأوصاف الجميلة وقد سمع على التقي الفاسي حين قدم القاهرة الأربعين المتباينات من تخريجه لنفسه وحدث ببعضها. مات في ربيع الآخر سنة ست وخمسين ودفن بحوش سعيد السعداء جوار الشيخ محمد بن سلطان بالقرب من البدر البغدادي الحنبلي وكان له مشهد عظيم وكثر الثناء عليه ونعم الرجل كان رحمه الله ونفعنا به.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم محي الدين بن المجد المكراني أخو أحمد الماضي وهذا أفضلهما. نشأ وقطن مكة مع أهله مشتغلاً بالنحو والصرف والمنطق وغيرها ولازمني بها في سنة ست وثمانين وبعدها وفهم مع عقل وسكون وأدب وانتماء لبيت ابن السيد عفيف الدين وصغر السن ثم رجع إلى بلاده وأظنه عاد إليها بل هو الآن بنواحي كنباية هو وأخوه وأبوهما يقرئ ولداً لصاحبها.
محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو الوفا القاهري الطبيب ويعرف بوفا. ولد بعد الثلاثين وثمانمائة بالقاهرة، ونشأ بها وتدرب في الطب بخاله الشهاب أحمد بن خليل وناصر الدين بن البندقي، وصار من ذمي النوب بالبيمارستان ممن يشار إليهم بالبراعة والمتانة وخفة الوطأة والتدبر في العلاج، وقد حج غير مرة وجاور مرتين ودخل دمياط وربما لاطفني واستد حرصه على كتابة الخصال الموجبة للظلال من تأليفي.(3/444)
محمد بن إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن علي البدر القلقشندي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه. ولد سنة أربع وثلاثين وثمانمائة ونشأ فسمع على شيخنا وغيره كالجمال بن جماعة ونسوان وتكسب بالشهادة ثم ناب ببعض بلاد الصعيد عن الأسيوطي؛ وحج غير مرة وجاور مراراً وكان يشهد هناك أيضاً. مات بعد أن كسر ذراعه ببركة الحاج في توجهه وهو راجع ليلة الأحد سادس المحرم سنة تسعين بالحنك ودفن باكري؛ ولم يكن مرضياً وقد أحضر لي ولداً له عرض على كتباً وكان شريك إبراهيم ابن عمه العلاء في ميراث عمهما التقي عبد الرحمن وتزرج هو بزوجته خالة إبراهيم ومات معها رحمهم الله.
محمد بن إسماعيل بن أحمد بن جلبان الشمس الضبي القاهري الشافعي ويعرف بالضبي. ذكره شيخنا في إنبائه فقال: صاحبنا الشيخ شمس الدين كان خطيباً بجامع يونس بالقرب من قنطر السباع بين مصر والقاهرة ديناً خيراً مقبلاً على شأنه لازمني نحو ثلاثين سنة وكتب أكثر تصانيفي كأطراف المسند وما كمل من فتح الباري وهو أحد عشر سفراً والمشته ولسان الميزان وتخرج الرافعي وعدة كتب والأمالي وهي في قدر أربع مجلدات بخطه وكتب لنفسه من تصانيف غيري، واشتغل بالعربية ولكن له نهمة في غير الكتابة مع التقلل من الدنيا والتقنع باليسير والصبر وقلة الكلام. مات في يوم الثلاثاء ثاني عشر رمضان سنة أربعين وكثر الثناء عليه من جيرانه وتأسفوا عليه رحمه الله.محمد بن إسماعيل بن أبي بكر الجمال بن الشرف الجبرتي الأصل اليماني الزبيدي. خدم عن أبيه وأبوه عن الجمال محمد بن محمد المزجاجي عن والداعية إسماعيل الجبرتي، ولقيه عبد الله بن عبد الوهاب الكازروني المدني وقال لي أنه شيخ الصوفية الآن بزبيد وأنه لم يتكهل.
محمد بن إسماعيل بن الحسن بن صهيب بن خميس الشمس البابي ثم الحلبي الشافعي وكان أسمه أولا سالم. تفقه بعمه العلاء أبي الحسن على البابي وبالزين أبي حفص عمر الباريني وبرع في الفرائض والنحو وشارك في غيرهما من العلوم ودرس بالمدرسة السيفية بحلب وشغل الطلبة وأفتى، وكان ديناً قنوعاً عفيف النفس فقيهاً ذكياً غير أنه اشتغل بأخرة بالعبادة والفاقة عن الاشتغال ولما اشتدت فاقته ولاه شرف أبو البركات الأنصاري قضاء ملطية ورغب حينئذ عما كان باسمه من خطابة البكتمرية واستناب في إمامه التربة الأرغوانية وتوجه إليها فأقام بها مدة إلى أن حاصرها ابن عثمان صاحب الروم وانفصل عنها فرجع إلى حلب فأقام بها على إمامته المذكورة حتى مات بها في سنة ثلاث. ذكره ابن خطيب الناصرية وهو ممن قرأ عليه طرفاً من الفرائض؛ وكذا ذكره شيخنا في إنبائه تبعا له لكن باختصار. محمد بن إسماعيل بن أبي الحسن البرماوي. يأتي قريباً.
محمد بن إسماعيل بن طوغان السنهوري البرلسي ويعرف بجده طوغان الميموني. ممن سمع مني بالقاهرة.
محمد بن إسماعيل بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو عبد الله الناشري. قال عمه القاضي أبو عبد الله: كان فقيهاً فاضلاً صالحاً سليم الصدر مباركاً له في معيشته . مات بالكدراء سنة تسع. زاد العفيف وله حواش كثيرة دالة على فضله وحسن اشتغاله؛ وناب عن عمه في الأحكام بسهام وكان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر.
محمد بن إسماعيل بن علوان الزبيدي ثم المهجمي. ولي قضاء المهحم مدة وكان نبيهاً في الفقه مشكور السيرة. مات في سنة تسع عشرة. قاله شيخنا في إنبائه. وفي اليمانيين آخر شاركه في الاسم والأب والجد ولكنه مات قبيل القرن.(3/445)
محمد بن إسماعيل بن علي بن السحن بن علي بن إسماعيل بن علي بن صالح بن سعيد الشمس أبو عبد الله بن التقي أبي الفدا القلقشندي المصري الأصل المقدسي الشافعي سبط الحافظ الصلاح العلائي وأخو إبراهيم ووالد عبد الرحمن والتقي أبي بكر. ولد سنة ست وأربعين وسبعمائة فيما كتبه بخطه بيت المقدس وتخرج في الفقه وغيره بأبيه وبالعلائي وكان يحبه كثيراً ويثني عليه وعلى فهمه ويدعو له ويفرح به ويقول عنه وعن أخيه هما ريحانتاي من الدينا، وقرأ الأصول على العلم إسماعيل الشريحي الحنفي والضياء بن سعد الله القزويني ولازمه؛ ورحل إلى القاهرة فلقى بها البهاء السبكي وغيره من علمائها وبحث معهم؛ والي الشام فلقى بها أخاه التاج فأقبل عليه جداً ولازمه بحيث كان ينام معه على وسادة وأذن كل منهما له في الإفتاء والتدريس بل أصلح ثانيهما في كتابه جمع الجوامع أماكن باستدراكه، وسمع منهما ومن جده والميدومي والزيتاوي والبياني والحراوي والتونسي والاذرعي وآخرين كالبدر محمد بن عبد الله بن سليمان بن خطيب بيت الآبار سمع عليه جزء الانصاري، ودرس في سنة ثمان وستين وأفتى بعد ذلك بيسير كل ذلك في حياة أيبه وانتفع به الاماثل لقوة ملكته في الإيصال إلى الطالب، وكان أماماً في المذهب مطلعاً على النصوص عارفاً بدقائقه قائماً بالانتصار للشيخين مستحضراً للروضة وأصلها كثير المطالعة فيهما، مع التجهد والصيام والتلاوة والقيام مع الأيتام والأرامل وأرباب البيوت والشفاعة المقبولة وتأييد أهل السنة وقمع المبتدعين ومحبة الفقراء والصالحين وزيارتهم، ومحاسنه جمة. مات في بكرة يوم الجمعة ثاني عشر رجب سنة تسع ودفن بماملا بجانب والده وكانت جنازته مشهودة وصلى عليه بمكة والمدينة وبلاد العجم وأنشد قبل موته بثمانية أيام قول أبي نواس:
أقمنا بها يوماً ويوماً وثالثاً ... ويوماً له يوم الترحل خامس
فكان كذلك لم تمض ثمانية أيام حتى مات وعد من كراماته رحمه الله وإيانا؛ وذكره شيخنا في إنبائه وأرخ مولده سنة خمس وخمسين وأما العيني فقال أنه في سنة خمس وأربعين، والصواب ما قدمته سيما وقد نقل في المعجم أنه كان في شعبان سنة تسع وأربعين في الرابعة وأنه مات وله أربع وستون وتبعه المقريزي في عقوده وكذا وصف شيخنا في الأنباء والمعجم العلائي بكونه خاله والصواب أنه جده، وقال في الأنباء أنه مهر وبهر وساد حتى صار شيخ بيت المقدسي في الفقه عليه مدار الفتيا. وقال في المعجم: انتهت إليه رياسة الفقه ببلده وأنه قرأ عليه المسلسل وجزء البطاقة سماعة لهما على الميدومي وطول حفيده كريم الدين عبد الكريم الماضي ترجمته بما أثبته في بعض المجاميع رحمه الله وإيانا.
محمد بن إسماعيل بن أبي الحسن علي بن عبد الله البدر بن المجد البرماوي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه. ولد تقريباً سنة ست وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن واشتغل يسيراً عند أبيه وغيره وأحضر على ابن أبي المجد التنوخي والعراقي والهيثمي، وسمع على والده والولي العراقي وشيخه وآخرين ، وتنزل بعد أبيه في جهات كالخانقاه السعيدية ولازم الحضور عند شيخنا في الإملاء ورمضان وأحياناً في غيرهما واغتبط بمزيد محبته ورغب له عما كان باسمه في خطابة جامع عمرو، وكان خيراً شديد التحري في الطهارة متزايد الوصف في ذلك بحيث يفضي إلى التنطع مع حسن عشرة ولطف وتواضع وتقنع باليسير ومزيد تعفف وبأخرة صار يتردد للجمال ناظر الخاص راجياً الاستعانة به في ما كان يتكلم فيه بطريقة الوصاية من بني ابن الحاجب مما تعب بسببه ولم يضبط عنه فيه إلا الجميل فكان المشار إليه يستظرفه ويكثر من المشي معه في أسباب تقتضى مزيد الانبساط وجرت من قبله على يديه لكثير من الفقراء مبرات؛ وأجاز لنا غير مرة وقل أن كان يوافق على ذلك فضلاً عن الاسماع، وعندي من ماجرياته جملة. ومات في جمادى الثانية سنة أربع وستين رحمه الله وإيانا.(3/446)
محمد بن إسماعيل بن علي بن داود بن شمس بن رستم بن عبد الله جمال الدين بن العلامة المجد البيضاوي المكي الزمزمي الماضي أبوه وولده علي . ولد سنة إحدى عشرة وثمانمائة - وقال ابن فهد تسع - بمكة وحفظ القرآن وسمع على الزين المراغي البعض من الصحيحين وأبي داود وابن حبان في سنة ثلاث عشرة والتي بعدها وعلى الجمال بن ظهيرة الختم من ابن حبان. وباشر الأذان ورأيته كتب على استدعاء في سنة إحدى وتسعين. وعمر حتى مات في ليلة الاثنين سابع عشر ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وأنا بمكة.
محمد بن إسماعيل بن علي البغدادي الأصل القاهري الحنبلي نزيل القراسنقرية ومؤدب ابن الأشقر.
محمد بن إسماعيل بن كثير البدر بن العماد البصروي ثم الدمشقي الشافعي ويعرف كأبيه بابن كثير ولد سنة تسع وخمسين وسبعمائة بدمشق ونشأ بها فاشتغل وطلب وتخرج بابن المحب وسمع الكثير من ابن أميلة والصلاح بن أبي عمر وغيرهما من أصحاب الفخر وغيرهم بل سمع مع شيخنا، ورحل إلى القاهرة فسمع من بعض شيوخها؛ وتميز في هذا الشأن قليلاً وشارك في الفضائل مع خط حسن معروف جيد الضبط، ودرس بعد أبيه في مشيخة الحديث بتربة أم الصالح وعلق تاريخاً للحوادث التي في زمنه ذكر فيه أشياء غريبة. قال شيخنا: سمعت من فوائده وسمع بقراءتي بدمشق. ومات في سن الكهولة في ربيع الآخر سنة ثلاث فاراً عن دمشق بالرملة وله أربع وأربعون سنة. عوضه الله الجنة. قال ابن حجي ولم يكن محمود السيرة. ذكره شيخنا في إنبائه والمقريزي في عقوده.
محمد بن إسماعيل بن عمر بن مزروع الشمس العمريطي ثم القاهري الشافعي أخو خليل الماضي وابن أخي الشيخ رمضان تلميذ إبراهيم الأدكاوي. ولد بعد العشرين وثمانمائة بعمريط من الشرقية وتحول منها وهو صغير لعمه المذكور فسافر به إلى ادكو فأقام بها حتى حفظه القرآن ولقنه شيخه المشار إليه الذكر ولحظة وعادت بركته عليه فحفظ المنهاج والألفية وغيرهما، وعرض على جماعة وتزوج بابنة عمه وأخذ القراءات عن بعض القراء بل لازم الاشتغال حتى برع في الفقه والعربية وشارك في الفضائل؛ ومن شيوخه في العربية الشهاب الحناوي. وفي الفقه الشمس الونائي والشرف المناوي؛ وبواسطة انتمائه للشيخ ابن مصباح كان ابن أخته الزين عبد الرحيم الأبناسي يقرأ عليه القرآن وغيره وهو صغير، وسمع على شيخنا وغيره بل قرأ على العلم البلقيني البخاري وغيره، واختص بالبدر أبي السعادات البلقيني ثم بالواوي بن تق الدين وقرأ عليهما في الفقه والحديث وغير ذلك، وناب عن ثانيهما في خزن الكتب بالباسطية وفي القضاء بجزيرة الفيل والمنية وشبرا، بل ناب في القاهرة عن العلمي وغيره وكتب بخطه الكثير، وكان مديماً للتحصيل مع الديانة والتحري والاحتمال والسكون والأوصاف الجميلة، سافر مع الولوي المشار إليه حين توجهه للشام قاضياً على نقابته مرغوماً فلم يلبث بعد ددخولها إلا يسيراً. ومات في ذي القعدة ظناً سنة أربع وستين في حياة أبويه ففجعا به رحمه الله وإيانا.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن مبارز الجمال أبو النجا اليماني الزبيدي الشافعي الماضي أبوه ويلقب بالطيب. ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة بزبيد وهو سبط الجمال محمد بن علي الزمزمي ممن تلا بالسبع على محمد ابن بدير وعبد الله الناشري بل قرأ الفقه على محمد بن حسين القماط قاضي عدن الآن والقاضي عبد الرحمن بن الطيب الناشري وبه انتفع والفرائض على أخيه الجمال محمد المعروف وعلى بن إبراهيم الزيلعي وبرع فيهما وفي القراءات، وممن أجازه بالقراءات على بن عبد الله الشرعي المقرئ وانتفع به في ذلك، وولي التدريس بأماكن في زبيدة كالياقوتية والسابقية والمحالبية والمنصورية التي لصاحب اليمن عبد الوهاب، وهو الآن في الأحياء أحد المدرسين في الفقه وغيره.(3/447)
محمد بن اسماعيل بن محمد بن أحمد بن يوسف الشمس الونائي - بفتح الواو والنون وبالقصر نسبة لقرية بصعيد مصر الأدنى - ثم القرافي القاهري الشافعي الآتي ولده البدر محمد ويعرف بالونائي. ولد في شعبان سنة ثمان وثمانين وسبعمائة في بساتين الوزير من ضواحي القاهرة بناحية القرافة عند خاله الفخر الونائي وحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والشاطبية وجمع الجوامع وألفية ابن ملك والتلخيص والشمسية وغيرها، وعرض على الأنباسي وابن الملقن والعراقي والكمال الدميري والتقي الزبيري وأجازوا له، وبحث في علم القراءات على الشمس القليوبي شيخ خانقاة سرياقوس، وعنه وعن الصدر السويفي والشمسين الزركشي والبرماوي أخذ الفقه واستدت عنايته بملازمة الأخير حتى أخذ عنه الكثير من الفقه وأصله والعربية وغيرها بل كان جل انتفاعه به وأخذ النحو أيضاً عن السراج الدموشي والبدر الدماميني سمع عليه بحث الغنى والشمس العجيمي سبط ابن هشام وانتفع به فيها بل وفي كثير من الأصول والمعقولات والمنطق وعن القطب البعض من ابن الحاجب الأصلي ومن حاشيته على المطالع وحضر أيضاً دروس النظام الصيرامي في فنون والجمال المارداني في أشياء ولازم العز بن جماعة طويلاً حتى أخذ عنه غالب ما كان يقرأ عنده كالفقه والأصلين والمعاني والبيان والمنطق وكذا لما قدم العلاء البخاري القاهرة لم ينفك عنه بحيث أخذ عنه المختصر والحاشيتين وجملة، ملما توجه لدمياط سافر لإليه وقرأ على البساطي أشياء وأكثر من التردد لشيخنا والأستفادة منه حتى أنني رأيت بخطه؛ وأروي الكتب الستة عن شيخنا قاضي القضاة حافظ العصر فلان، بل سمع على الجلال البلقيني والولي العراقي وشيخه البرقاوي وآخرين وجد حتى تقدم في الفنون وتنزل ببعض الجهات طالباً ثم مدرساً بالتنكزية بالقرافة بعد تكسبه بالشهادة كأبيه في حانوت بباب القرافة ولكنه أعرض عنها وتصدى للأشغال والإفادة مع التقلل من الدنيا والتقنع اليسير من التجارة وعدم الالتفات لما يشغله عن ذلك من الوظائف وغيرها والتقلل من صحبة الأعيان حتى صار أحد من يشار إليه بالعلم والعمل وانتفع به الأمائل؛ واستتابه الشهاب بن المحمرة في تدريس الفقه بالشيخونية حين توجه للصلاحية في بيت القدس ثم استقل به بعد موته؛ وبعد بيسير خطبه الظاهر جقمق لسابق معرفة به من مجلس العلاء البخاري لقضاء دمشق فأجاب بعد شدة تمنعه واختفائه وكتب في توقيعه ما كان في توقيع البرهان بن جماعة وجهز بجميع ما يحتاج إليه من مركوب وملبوس وغيرهما، وسافر في إحدى الجماديين سنة ثلاث وأربعين فسار فيه أحسن سيرة ولكنه صرف لشكوى نائبها منه عن قرب وتوجه للحج ثم رجع منه إلى القاهرة أول التي تليها ولم يلبث أن عين لقضاء مصر في ثاني صفرها فما تم بل عاد لدمشق على قضائها أيضاً بعد تمنع وتعلل واشتراط منه لإعادة ما أخرج عن القاضي من الوظائف فأجيب، وسافر في ذي القعدة منها فلزم طريقته في تحري العدل إلى أن قدم القاهرة في ذي الحجة سنة ست وأربعين وهو على قضائة ثم استعفى منه بعد يسير إلى أن استقر في تدريس الصلاحية المجاورة للشافعي في المحرم سنة ثمان وأربعين؛ وتصدى من حين قدومه على عادته للإقراء فازدحم عليه الأعيان وأقرأ في الروضة من موضعين في مجلس حافل وغير ذلك حتى أنه أقرأ شرح جميع الجوامع للمحلي، واستمر حتى مات في يوم الثلاثاء سابع صفر من التي تليها؛ وصلى عليه رفيقه القاياتي قاضي الشافعية حينئذ بجامع المارداني ودفن بالتنكزية المذكورة، وكان أماماً علامة فقيهاً أصولياً نحوياً قوي الحافظة سيما لفروع المذهب ما سمعت في تقرير الفقه أفصح منه ولا أطلق عبارة، شهماً عالي الهمة غزير المروءة متين الديانة معروفاً بالصيانة والأمانة ذا أبهة وشكالة وتودد وحرص على العبادة والتهجد، ومحاسنه جمة، وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى وهو أحد الأئمة الذين أحيا الله بهم العلم؛ قال أبو البركات الغراقي: لما توجه شيخنا البرماوي لدمشق قلت له ياسيدي لمن تتركنا فقال الزم فلانا - وأشار إليه - فانه عالم صالح: وقد ترجمته في المعجم والوفيات وغيرهما وترجمة العيني بما يعجب منه والمقريزي وآخرون. وقال بعض الشاميين أنه باشر بعفة وحرمه وصرامة وشدة بأس على الظلمة وشبههم لكن مع عدم دربة بالأمور وقلة دخول في الأحكام بل إذا رفعت له قضية عقدها ما أمكنه(3/448)
ثم لا يعمل فيها شيئاً، ونقم عليه أنه لما عاد المرة الثانية قبض معاليم الأنظار والتداريس مدة غيبته وهي طويلة، ودرس في الغزالية والعادلية والبادرائية ودار الحديث الاشرفية ولم يقتف أثر من قبله في أيام التدريس وكتب محضراً في الحمصي بسبب مغل. التمسه البيمارستان المنصوري.م لا يعمل فيها شيئاً، ونقم عليه أنه لما عاد المرة الثانية قبض معاليم الأنظار والتداريس مدة غيبته وهي طويلة، ودرس في الغزالية والعادلية والبادرائية ودار الحديث الاشرفية ولم يقتف أثر من قبله في أيام التدريس وكتب محضراً في الحمصي بسبب مغل. التمسه البيمارستان المنصوري.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن الطنبغا ناصر الدين الدمرداشي الحنفي. مما أخذ عني بالقاهرة.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن بردس بن نصر بن بردس بن رسلان التاج أبو عبد الله بن العماد الحنبلي أخو علي الماضي ويعرف كسلفه بابن بردس. ولد في ثامن عشرة جمادى الآخرة سنة خمس وأربعين وسبعمائة ببعلبك وسمع من أبيه بل أسمعه الكثير من ابن الخباز كصحيح مسلم والشمائل للترمذي وجزء ابن عرفة. وقال شيخنا في أنبائه إنه تفرد بالسماع منه وسمع أيضاً مسند أحمد بكمالة على البدر محمد بن يحيى بن عثمان بن الشقيراء وسيرة ابن اسحق علي أبي طالب عبد الكريم بن المخلص ويوسف بن الحبال وكذا سمع الكثير على البدر أبي العباس بن الجوخي وأحمد بن عبد الكريم البعلي وعبد الله بن محمد بن القيم ومحمود المنيجي وابن أميلة وآخرين، وأجاز له العرضي والبيساني وابن نباتة والصلاح العلائي والصفدي ومحمد بن أبي بكر السوقي وغيرهم، وحدث سمع منه الفضلاء، وممن سمع منه ابن موسى الحافظ والأبي وانتفع به الرحالة، وكان بارعاً في المذهب محباً لنشر العلم والرواية طلق الوجه حسن الملتقى كثير البشاشة مع الدين والعبادة وملازمة الاوراد والصلابة في الدين. وله نظم وتأليف في صدقة البر. مات في شوال سنة ثلاثين؛ ذكره شيخنا في إنبائه ومعجمه وقال: أجاز لي من بعلبك غيرة مرة. وابن فهد في معجمه وآخرون وهو في عقود المقريزي في موضعين. محمد بن إسماعيل ابن محمد بن عبد الله الشمس القلهاتي المكي الشافعي والد محمود زائد. يأتي فيه.
محمد بن إسماعيل بن محمد بن محمد بن علي بن عبد الله بن هانئ ناصر الدين أبو عبد الله بن سري الدين أبي الوليد بن البندر اللخمي الغرناطى المالكي. ولد سنة نيف وأربعين واشتغل قليلاً، وناب عن أبيه في قضاء الشام فعيب أبوه بذلك لسوء سيرته ثم إنه استقل بعده بقضاء حما ثم حلب في سنة ست وسبعين عوض البرهان التاذلي؛ ثم رجع إلى حماة وطرابلس وكذا إلى حلب وغيرها مراراً، ثم ولاه نوروز قضاء دمشق في سنة ست عشرة فساءت سيرته جداً ثم صرفه المؤيد إلى قضاء طرابلس في السنة التي بعدها فاستمر فيها عدة سنين. ذكره شيخنا في إنبائه وابن خطيب الناصرية في تاريخ حلب وقال كان ظريفاً كريماً مسناً جواداً حسن الأخلاق كتبت عنه بطرابلس لما وليت قضاءها وكان هو قاضي المالكية بها. ومات بها في أوائل سنة ثمان وعشرين .
محمد بن إسماعيل بن محمد أبو الرضا المصري ثم الطرابلسي الشافعي ممن سمع مني بالقاهرة.
محمد بن إسماعيل بن محمد المقدسي. ممن سمع منى مكة.
محمد بن إسماعيل بن محمد الشمس بن العماد الدمشقي الشافعي ويعرف أبوه بابن السيوفي ثم هو بابن خطيب جامع السقيفة؛ مفتي الشافعية بدمشق ووالد الصدر محمد. ممن سمع في سنة تسع وخمسين مع أبيه وهو صغير معنا على بعض الشيوخ وحفظ المنهاج وغيره واشتغل عند البدر بن قاضي شهبة والزين خطاب والنجم بن قاضي عجلون، وتميز في الفقه مع مشاركة في غيره وتوجه للتصوف وسلوك الديانة والإنجماع عن الوظائف وتصدي للتدريس والافتاء؛وصاهر ابن النابلسي على ابنته واستولدها وقدم القاهرة، وحج وزار بيت المقدس. ورأيت ابن عيد وصفه في عرض ولده نجم الدين في سنة ثلاث وثمانين بالشيخ الإمام العلامة القاضي صدر العلماء والمدرسين عين البلغاء المعتبرين نخبة الفقهاء المتبحرين وبلغنا وفاته في سنة سبع وتسعين وأنها في صفرها.(3/449)
محمد بن إسماعيل بن محمود الركن الخوافي سبط شارح اللباب. ولد في خامس ذي القعدة سنة ست وأربعين وسبعمائة، وأخذ عنه الطاووسي شرح المختصر له والمواقف للايجي، وقال كان رأساً في سائر العلوم محققاً لطيف الطبع ممن أخذ عنه بمكة وزبيد الجلال عبد الواحد المرشدي النحو والأصول والمعاني والبيان وكتب به إجازة بليغة بخط حسن في سنة ثلاث وثمانمائة. ومات بهراة يوم الأحد ثامن عشرة شوال سنة أربع وثلاثين.
محمد بن إسماعيل بن أبي يزيد اليماني الأصل المكي الماضي أبوه. ولد بها في سنة خمس وسبعين. ممن سمع مني دراية ورواية بل قرأ على الشمائل بمكة وبالروضة النبوية أيضاً وغير ذلك، وهو متميز فاضل ملازم دروس القاضي كأبيه.
محمد بن إسماعيل بن يوسف بن عثمان الشمس الحلبي المقري الناسخ نزيل مكة ووالد محمد الآتي. كتب بخطه أنه لما بلغ سبع عشرة سنة حببه الله في كتابه القرآن ووفقه له وأنه حفظ كتباً وعرضها واشتغل بعلوم وبكتابة المنسوب على غير واحد وكذا بالقراءات السبع بحلب وغيرها فكان من شيوخه في القراءات الشمس الأربلي في بلده وهو أولهم والعسقلاني وعنه أخذ الشاطبية وهو آخرهم والأمين ابن السلار والشمس محمد بن أحمد بن علي بن اللبان بل كتب بخطه أنه قرأ بالعشرة وكانت له بها موضع ويكتب من آخر وقارئ ويقرأ عليه من آخر في آن ويصيب في ذلك تلاوة وكتابة ورداً لا يفوته شئ في الردمع جودة الكتابة وسرعتها، وقد كتب بخطه كثيراً وبلغنا أنه قال: كتبت مصحفاً على الرسم العثماني في ثمانية عشر يوماً بلياليها في الجامع الأزهر سنة خمس وستين، وأنه قال في آخر سنة ثلاث عشرة أنه نسح مائة وأربعة وثمانين ما بين مصحف وربعة جميع ذلك من صدره على الرسم العثماني بل أكثر من الربع منه بالقراءات السبع وعدة علوم كتب لبيان اصطلاحه فيها في كل مصحف ديباجة في عدة أوراق وأنه كتب ما يزيد على خمسمائة نسخة بالبردة غالبها مخمس، وقد جاور بالحرمين مدة سنين وأقام بمكة نحو خمس عشرة سنة وسافر منها إلى اليمن في سنة خمس وثمانمائة ثم عاد لمكة فلم يزل بها حتى مات. ذكره الفاسي في مكة. وقال شيخنا في أنبائه: كان ديناً خيراً يتعانى نسخ المصاحف مع المعرفة بالقراءات أخذ عن أمين الدين بن السلار وغيره وأقرأ الناس وانتفعوا به وجاور بالحرمين نحو عشر سنين ودخل اليمن فأكرمه ملكها وكان قد بلغ الغاية في حفظ القرآن بحيث أنه يتلو ما شاء منه ويسمع في موضع آخر ويكتب في آخر من غير غلط شوهد ذلك منه مراراً. مات وقد جاز السبعين في ربيع الآخر سنة أربع عشرة ودفن بالمعلاة. وهو عم الشرف أبي بكر الموقع المعروف بابن العجمي، وذكره في معجمه باختصار وكذا المقريزي في عقوده؛ وترجمته في المدنيين.
محمد بن إسماعيل تاج الدين بن العماد البطرني المغربي الأصل الدمشقي المالكي. ذكره شيخنا في إنبائه وقال: كان في خدمة القاضي علم الدين القفصي بل عمل نقيبة ثم بعد موته ولي قضاء طرابلس ثم رجع وناب عن المالكي. وكان عفيفاً في مباشرته يستحضر طرفاً من الفقه. مات بالطاعون في صفر سنة ثلاث وثلاثين.
محمد بن إسماعيل ركن الدين الخوافي. مضى فيمن جده محمود قريباً.
محمد بن إسماعيل الشمس الأثروني ثم الحلبي الشافعي. ولد بقرية الأثرون من عمل الشغر وارتحل لحلب فنزل بها عند الشرف أبي بكر الحيشي بدار القرآن العشائرية ولازمه، وأخذ الفقه وأصوله عن عبد الملك البابي ثم عن محمد الغزولي، وأجاز له شيخنا وغيره، وناب عن القاضي ابن الخازوق الحنبلي في الإمامة بمقصورة الحنابلة من الجامع الكبير بحلب ثم استقل بها مع قراءة الحديث بالجامع وملازمة الإقراء بالدار المشار إليها للمنهاجين والكافية إلى سنة أربع وستين فتأهل بابنة الشهاب الانطاكي عين عدول حلب وانتقل حينئذ عنها واستقر إماماً عند الشيخ صالح عبد الكريم بمدرسته إلى أن مات في أوائل رجب سنة ست وثمانين، وكان كثير التلاوة والعبادة كارهاً للغيبة لا يمكن جليسه منها رحمه الله .(3/450)
محمد بن إسماعيل الشمس الحسني القاهري نزيل تربة سعيد السعداء بل تربتها وأحد صوفية الخانقاة ممن سمع بقراءتي بالقرا سنقرية الشمائل وغيرها. مات عن أزيد من ثمانين سنة فيما قبل في ربيع الثاني سنة أربع وثمانين ويذكر باعتقاد ابن عربي وبإدخاله غير الصوفية في التربة طمعاً في ما يصل إليه عفا الله عنه.
محمد بن إسماعيل المدعو بكمال الخوافي. كذا في معجم التقي بن فهد مجرداً وقد تقدم قبل باثنين ركن الدين الخوافي ولكن الظاهرية أنه غيره.
محمد بن إسماعيل أبو الفتح الأزهري. في ابن محمد بن علي بن إسماعيل.
محمد بن اسنبغا ناصر الدين الكلبكي نزيل الحسينية. ممن سمع علي بالقاهرة.
محمد بن البغا ناصر الدين ثاني حجاب حلب. كان مشكور السيرة مع ثروة ونعمة حادثة. مات في يوم السبت سابع عشرة رمضان سنة خمس وخمسين بالقاهرة غريباً عن وطنه وعياله.(3/451)
محمد بن الجيبغا نظام الدين أبو اليسر وأبو المعالي الناصري الحنفي ويختصر فيقال له نظام. كان أبوه كما أخبر من أمراء الدولة الناصرية فولد له وقت صلاة الجمعة حادي عشرة شعبان سنةأربع عشرة وثمانمائة ولم يلبث أبو أن ذبحه الناصر لا لذنب في رمضانها مع جملة المذبوحين فنشأ يتيماً في كفالة زوج أخته أركماس اليشبكي الطويل فحفظ القرآن والقدوري واللب، ولازم البدر حسن القدسي سيخ السيخونية فأخذ عنه واختص بخدمته ثم لازم ابن قديد في العربية وغيرها وكان مما أخذه عنه من كتب النحو شرح الحاجبة للسيد الركن المسمى بالوافية بقراءته والتوضيح لابن هشام ما بين قراءة وسماع وقطعة من شرح الألفية لابن المصنف وجميع متن اللب وشرحه لنقركار ومن غيره جميع الرسالة الشمسية في المنطق للكاتبي وشرحها للتفتازاني وقرأ البعض من توضيح التنقيح لصدر الشريعة ومن توضيح التلويح للتفتازاني علي محمد بن بهاو الخوافي السمرقندي وجميع شرح المنارللكاكي علي ابن الهمام، وكذا قرأ على الشمني وأخذ الفقه والأصلين وغيرهما عن الأمين الأقصرائي والفقه والتفسير عن سعد الدين بن الديري بل سمع عليه البخاري، ولم يقتصر على أئمة مذهبه بل قرأ على البساطي ملازاده في الحكمة وسمع عليه إلى القياس من العضد وإلى مبادئ اللغة من الحاشية وأخذ عن القاياتي وآخرين وأنه قرأ على شيخنا والمحب بن نصر الله الصحيح وسمع بعضه على ابن عمار والتلواني وابن خطيب الناصرية ومسلماً علي الزين الزركشي، وأجاز له الرواية المقريزي وناصر الدين الفاقوسي والبساطي وأجاز له في استدعاء بخط ابن فهد مؤرخ بسابع ذي الحجة سنة سبع وثلاثين خلق، وتميز في العربية وأشير إليه بالبراعة فيها وشارك في المنطق والمعاني والبيان وغيرها من الفضائل واذن له غير واحد من شيوخه واختص بابن الظاهر جقمق وقتاً، وتصدر للإقراء فأخذ عنه الفضلاء وحدث بالصحيحين وغيرهما، واستقر في تدريس الفقه بالجامع الطولوني عوضاً عن الظهير الطرابلسي وبالحسنية برغبة الشمس الرازي وربما أفتى وهو ممن كتب في كائنة ابن الفارض وفي مسألة إرضاع ونقل فيها عن شيخة ابن الهمام، وأكثر من زيارة قبور الصالحين ودام على ذلك سنين، ولما رأى من هو دونه ترقى لما كان الظن تعينه له سيما حين أعطى تنبك قرا الدوادار الثاني مشيخة الجانبكية بعد الأمين الأقصرائي لمن هو من أصاغر طلبته مع كونه ممن كان يتردد للأمير ليقرأ عنده إنجمع بالكلية إلا نادراً وقنع برزقه من أقطاع وغيره لم يقصر عن الطلبة ونحوهم بالإطعام ونحوه بل ربما يحصل منه المدد للغرباء؛ والغالب عليه الصفاء مع البهاء والحرص على الخير وسرعة الحركة التي تؤدي إلى نوع خفة وعدم التحري في المقال ولذا لا تركن النفس لكثير من كلامه، وقد حج في سنة ثمان وخمسين وأصيب قبل ذلك بإحدى عينيه من لفح بغلة الولوي البلقيني عند باب الجمالية ويقال أنه كان أجرى ذكر بعض الأئمة بمالاً يرتضى فكان ذلك كرامة لذاك الإمام. وبلغني أنه كتب حاشية على التوضيح وأخرى على الجار بردي وغير ذلك، ولم يزل متوجهاً للإقراء مع الإنجماع إلى أن مات في سادس عشر صفر سنة اثنتين وتسعين بعد توعك يسير ودفن بتربة تجاه تربة أزبك الخارندار رحمه الله وإيانا؛ واستقر في تدريس جامع طولون علاء الدين ابن الجندي المحلي نقيب الشافعي وفي الحسنية الشهاب بن اسماعيل وكلاهما من جماعته وقد كتبت في الشهادة عليه بالإذن لثانيهما خطبة افتتحها بالحمد لله الذي جعل حياة العلم في نظام الدين وفضل العلماء بالاجتهاد في الإيضاح والتبيين مع الإخلاص والتوجه لنفع الموحدين، ثم قلت وبعد فقد تشرفت بحضور الدرس الأخير من الشرح المشار إليه المعول في إزاحة ما يشكل من الفن عليه عند سيدنا ومولانا وعالمنا وأولانا الشيخي الإمامي الهمامي العلامي الفهامي المحقق المدققي شيخ المذهب الحنفي ومبرز الملبس الخفي بل شيخ الإسلام أوحد الأئمة الأعلام فارس فنون اللغة العربية التي هي تاج العلوم الآلية وحارس القوانين الأصولية والفروعية من انتشرت تلامذته في جل البلاد واشتهرت سيادته بانقطاعه عن ذوي المناصب من العناد نظام الدنيا والدين وزمام الفرسان في الميادين واضع خطة أعلى هذه السطور وجامع المحاسن التي بها مذكور بقراءة سيدنا الشيخ الإمام ذي المحاسن الوافرة الأقسام الفاضل الكامل(3/452)
العالم العامل الأوحد العلامة المحدث البسامة صدر المدرسين مفتي المسلمين أقضى القضاة المعتبرين الشهابي المعين فيه من له الوجاهة والتوجيه والتأصيل والتفريع والبحث الجيد والفهم السريع أبقاه الله بقاءً جميلاً ووقاه في طول حياته ببلوغ قصده أملاً وتأميلاً.لعالم العامل الأوحد العلامة المحدث البسامة صدر المدرسين مفتي المسلمين أقضى القضاة المعتبرين الشهابي المعين فيه من له الوجاهة والتوجيه والتأصيل والتفريع والبحث الجيد والفهم السريع أبقاه الله بقاءً جميلاً ووقاه في طول حياته ببلوغ قصده أملاً وتأميلاً.
محمد بن الطنبغا الشمس الجندي المالكي. ممن سمع على شيخنا.
محمد بن الطنبغا ناصر الدين القرشي الأمير الكبير والده. كان شاباً حسناً شهماً شجاعاً. مات مسلولاً ويقال إنه سقي السم وأسف عليه أبوه جداً. أرخه شيخنا من سنة ثلاث وعشرين من أنبائه والصواب أنه مات في يوم الخميس عاشر رجب من التي قبلها كما أرخه العيني وقال إنه دفن عند تربة بكتمر الساقي بالقرافة. قال وكان أحد الطبلخاناة بمصر شاباً طرياً خصيصاً بالمؤيد ولذا كان القائم بمهم تزويجه ويقال أنه غرم عليه قريباً من عشرة آلاف دينار.
محمد بن الطنبغا التمرازي. مات في جمادى الثانية سنة خمس وتسعين.
محمد بن ناصر الدين الطنبغادوادار سودون المارداني. ممن كان يتعانى التجارة مع عقل وتؤدة وبروستر اشترى رزقة بأراضي المحلة ووقفها على ابنته فاطمة التي تزوج أمها ستيتة ابنة الكمال بن شيرين ومات تقريباً سنة اثنتين وسبعين شاباً.
محمد بن أمير حاج بن أحمد بن آل ملك ناصر الدين القاهري ويعرف بقوزي - بضم القاف وبعد الواو زاي مكسورة. من بيت إمرة وخير فجده الحاج سيف الدين كان نائب السلطنة بالديار المصرية له مآثر كالجامع بالحسينية والمدرسة المجاورة للدار الحسنة اللتين بقرب المشهد الحسيني بالقاهرة؛ وتنقل بعده ولده في النيابات بغزة وغيرها ثم طرح الإمرة ولبس زي الفقراء وصار يمشي في الطرقات ويكثر الحج والمجاورة، كان مولد صاحب الترجمة تقريباً سنة ثمان وثلاثين بالقاهرة ونشأ بها، وسمع في جمادى الأولى سنة أربع وتسعين الختم من الصحيح على الصلاح الزفتاوي وابن الشيخة والأنباسي والمراغي والحلاوي والسويداوي وحفظ القرآن، وحدث سمعت عليه. وكان خيراً يتكلم على أوقاف جده، مات في المحرم سنة خمس وخمسين وصلى عليه بباب النصر وكانت جنازته حافلة رحمه الله. محمد بن أمير حاج المؤقت. هو ابن محمد بن حسن بن علي.
محمد بن القاضي أمين الدين أمين بن أمير اسليم بن محمد بن زائد بن محمود الحصاري السمرقندي الشافعي رفيق فضل الله الماضي ويعرف بصحبة الشيخ سلطان. ممن سمع بالمدينة وكان خيراً.
محمد بن أنس بن أبي بكر بن يوسف ناصر الدين أبو عبد الله الطنتدائي ثم القاهري الحنفي. ذكره شيخنا في إنبائه وقال إنه كان عارفاً بالفرائض أقرأها لجماعة وانتفعوا به مع كثرة الديانة وحسن السمت والمحبة في الحديث بحيث كتب منه الكثير وسمع من ناصر الدين الحراوي وغيره. ومات في سنة تسع ولم يكمل الأربعين. وقال غيره أنه مات في ربيع الآخر وإنه كان بارعاً فقيهاً نحوياً أصولياً عارفاً بالفرائض والحساب تصدر للإقراء سنين مع الديانة والصيانة ومداومة خدمة العلم. قلت وكان إمام المجلس بالخانقاة البيبرسية، وممن أخذ عنه بلدية الشمس محمد بن عبد الرحمن الطنتدائي وأظنه تلقى الإمامة عنه فقد كانت له به عناية بحيث انه حنفه بعد أن كان كأخيه شافعياً وأخذ عنه الفقه والفرائض والحساب وكذا أخذ عنه الفرائض والحساب الجلال المحلي محقق الوقت لكونه كان من صوفية البيبرسية. وذكره المقريزي في عقوده وقال أنه برع في الفقه والفرائض والحساب والعربية وتصدى للأشغال سنين مع الديانة والصياغة والإنجماع عن الناس والإقبال على ما هو بصدده، صحبته سنين ونعم الرجل رحمه الله.
محمد بن أوحد استقر في مشيخة الخانقاة الناصرية بسرياقوس بعد موت الشمس القليوبي في سنة اثنتي عشرة وكان نائبه في حياته فدام في المشيخة إلى أوائل سنة خمس عشرة فرغب عنها للمحب الأشقر. ومات في.(3/453)
محمد بن الأشرف إينال العلائي ناصر الدين شقيق المؤيد أحمد الماضي. مات باسكندرية في مستهل ذي الحجة سنة ست وستين عن نحو سبع عشرة سنة وحملت رمته إلى القاهرة فدفن في تربة والده بالفسقية المدفون بها.
محمد بن إينال. في ابن علي بن إينال.
محمد بن أيوب بن سعيد بن علوي الحسباني الأصل الدمشقي الشافعي الماضي أبوه. ولد سنة بضع وسبعين وحفظ القرآن والمحرر لابن عبد الهادي والمنهاج وغيرهما وتفقه بالشهاب الزهري والشريشي والصرخدي وغيرهم ولازم الملكاوي حتى قرأ عليه أكثر المنهاج ومهر في الفقه والحديث، وجلس للأشغال بالجامع وانتفع به الطلبة، وكان قليل الغيبة والحسد بل حلف أنه ما حسد أحداً. مات مطعوناً في ربيع الآخر سنة تسع عشرة. قاله شيخنا في إنبائه.
محمد بن أيوب بن عبد القادر بن أبي البركات بن أبي الفتح البدر الحنفي. ذكره شيخنا في سنة خمس من إنبائه وبيض له وليس هو من شرطه فوفاته إنما هي في سنة خمس وسبعمائة لا ثمانمائة وجده عبد القاهر لا عبد القادر.
محمد بن بحر اليمني أحد من يتسبب بشيئ يسير من جدة إلى مكة وكان مشهوراً بالخير والصلاح يقصد بالدعاء لطلب الأولاد فيحصل.مات بمكة في شوال سنة خمس وأربعين ودفن بقرب تربة عمر الأعرابي رحمهما الله.
محمد بن بختي بن محمد بن يوسف بن موسى الستوسي - قبيلة - التلمساني الأصل التونسي المالكي. ولد سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة تقربياً بتونس وأخذ الفقه عن أحمد النخلي وإبراهيم الأخضري وقاضي الجماعة محمد القلشاني وأحمد بن حلولو وعن الأولين أخذ الأصلين والمنطق وعن الأول ومحمد الرصاع وغيرهما المعاني والبيان وعن الثالث التقريب في علوم الحديث للنووي وأخذ العربية عن الأحمدين السلاوي والمنستيري والفرائض والحساب عن أحمد الهواري وجمع القراءات السبع ثم ضم إليها قراءة يعقوب على إبراهيم زعبوب وأحمد بن الحاجة ومحمد بن العجمي، وحج في سنة ست وستين ورجع إلى القاهرة فأقام بها مدة ولقيه البقاعي وقال إنه من أهل الفضل التام والتفنن والذكاء والتصور الحسن فالله أعلم.
محمد بن بخشيش بن أحمد ناصر الدين الجندي. مات بمكة سنة سبع وثلاثين.
محمد بن بدل بن محمد الشمس بن البدر الأردبيلي التبريزي الشافعي.حفظ القرآن والشاطبية والمصابيح للبغوي والحاوي الصغير والمنهاج والطوالع كلاهما للبيضاوي والتلخيص وشرحه المختصر، وعرضها على جماعة كشيخنا في رمضان سنة ثلاث وأربعين بل وقرأ عليه قطعة جيدة من أول البخاري ووصفه بالشيخ الفاضل الحفظة الكامل العالم الباهر الماهر مفخر أهل مصره وغرة نجوم عصره وقال أعانه الله على الإنتفاع بما حفظه وأوزعه شكر نعمته لما أودعه واستحفظه.
محمد بن بريد بن شكر الحسني المكي القائد. قتل في صبيحة الخميس سابع المحرم سنة ثلاث وسبعين بقرب مسجد الفتح من بطن مر، فتك به صاحب مكة الجمال محمد بن بركات مع خال المترجم أحمد بن قفيف في آن واحد وحملا في بقية يومهما إلى مكة فدفنا ليلة الجمعة بالمعلاة بتربة جده شكر وأسف الناس عليه.
محمد بن بردبك الأشرفي إينال سبط الأشرف المشار إليه أمه بدرية. كان ممن يعتني بمطالعة التاريخ وله غرباء يجتمعون به، وفارق زوجته ابنة دولات باي المؤيدي بعد مخاصمة ومناكدة وكانت رغبتها في فراقه أكثر. مات فجأة في أول جمادى الولى سنة ثمان وتسعين بعد أخذ النظر منه لابن خاله؛ ولم يكن محموداً.
محمد الناصري بن الأشرف برسباي، وأمه خوند الكبرى زوجة دقماق المحمدي المنسوب أبوه إليه. تسلطن وهو ابن خمس سنين تقريباً ثم أنعم عليه سنة تسع وعشرين بعد أمير سلاح إينال النوروزي بتقدمة واستخدم عنده عدة مماليك وجعل له أرباب وظائف من الأمر والخاصكية ورسم لهم بسلوكهم معه طريق من سلف من أبناء السلاطين في الأسمطة والخيول وغيرها فامتنلوا وصار ينزل في وفاء النيل لتخليق المقياس وفتح السد على العادة بتجمل وبين يديه أكابر الأمراء والخاصكية إلى أن مات بالطاعون في نصف جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وقد ناهز الحلم ودفن بمدرسة أبيه وكان قد عين للسلطنة بعده فأراحه الله وماتت أمه قبله بمدرسة أبيه أيضاً، وذكره شيخنا في إنبائه باختصار.
محمد أخو الذي قبله. أرخ شيخنا وفاته في إنبائه سنة أربع وثلاثين ولم يزد.(3/454)
محمد بن بركات بن حسن بن عجلان السيد جمال الدين الحسني الماضي أبوه وجده ملك الحجاز وابن ملوكه وسلك النظام المرتبط بسلوكه الطاهر الأصل والاحساب والظاهر العدل والانتساب ربيب مهد السعد والسعادة ونسيب الأصل والحشمة والسيادة السلالة النبوية رداؤه والأصالة العلوية انتهاؤه وابتداؤه اجتمع فيه من المحاسن الكثير وارتفع ذكره بين الصغير والكبير واندفع به المكروه عن أهل الحرمين ومن إليهما يسير آمن الله بفضله وعدله في أيامه الطرقات ومن على المسلمين بحفظهم وما حووه فكان من أعظم الصدقات حبه للتنزيل غير منكور وحبه فضلاً عنه بالصفاء مأثور مذكور شيمة طاهرة وعلمه غير مطوى عن الفئة الفاجرة لا يصرفه عن إتلاف المفسد ولا يحرفه عن ائتلاف المرشد تليد ولا طارف يجول على الأعداء ويصول ويقول لهم في مخاطباته ما يدهش به العقول ويتطول ويتفضل حتى انطاعت له عصيات الرؤوس وأبيات النفوس وارتاعت من فروسيته وشدة بأسه الحماة الكماة فتخلخلت منهم الضروس أسعدته درج الصعود فأصعدته لمراقي السعود فكان له الظهور بالبرهان أبي السعود بحيث دانت له ممالك الحجاز وما حولها وزانت بحرمته تلك الجهات صعبها وسهلها فلا يجاري ولا يباري ولا يجسر أحد لمقاومته في المدن والصحاري اقتنص المخالفين بخيله ورجله وخصص من تألفه لرجوليته منهم بتوالي إحسانه عليه وفضله فالرعايا ما بين راغب فيه ومنه راهب والمزايا الحسنة مقترنة معه وله تصاحب فهو شديد بدون عنف في اللين غير ضعف إليه يسعى الأمراء والكبراء وعليه معول الأغنياء والفقراء كثير المداراة والاحتمال غير خبير بالمماراة المجانبة لكرام الرجال بل هو صابر غير مكابر متدبر للعواقب المصاحبة لمن يخف الله وله يراقب ولهذه الأوصاف والمآثر تشرفت بذكره المنابر وخطب بالتنويه باسمه على المنبرين ونصب رسمه بذينك العلمين ليفوز في الدارين إن شاء الله بالخيرين وكيف لا وقد اجتمع فيه بدون لبس وتخمين وحدس وشرق النسب وعراقة الأصل في المملكة وعلى الرتب وصباحه الوجه ونوره فصاحة اللسان وتأمله وتصويره البلد التي هي الوسيلة لمن أم وقصد فهو شريف نسباً وأوصافاً ولطيف الأدوات المشتمل عليها تودداً واتصافاً فالوصف الرضى لا يستغرب من البيت الطيب والعرف الذكي غير مستبعد من البلد الصيب كم أنشأ من دور وقصور وقرب ترتفع بها الرتب كرباط بمكة معدن والرحمة والبركة وسبل عديدة كجملة بطريق جدة المفيدة وبالمعلاة الذي شرفه الله وأعلاه وفي جهة اليمن وآخر بطريق الوادي الحسن وآبار بأماكن شتى يردها من صيف أو شتى أعظمها المستورة بين رابغ وبدر المذكورة لنفع الحجيج والقوافل من الأعالي والأسافل إلى غيرها مما لا ينحصر لمطوله ولا مختصره واقتنى من حدائق وستور وإبل وخيول وفروع وأصول وأجرى من مياه لأراض منقطعة وأسرى فكان المشار إليه بالاتساع والسعة وكثرت كلفة لعساكره وجنده وانتشرت أتباعه فزاد على المرحومين والده وجده له في زيارة جده المصطفى صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم كل قليل حركات وإلى عمارة جيرانه التفات بالانعام والبركات ويزاد حينئذ من التواضع وخفض الرأس ما يحق لكل الاقتداء به فيه ويكاد الانفراد به بدون تمويه وكذا له في الطواف الوصف الشريف الواف ويحق لنا أن ننشد مما نرويه ولقائه نسند:
يا أهل بيت رسو الله حبكم ... فرض من الله في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم لقدر أنكم ... من لم يصل عليكم لا صلاة له(3/455)
وأسأل الله أنا وسامع وكريم نعته طول بقائه ومدته في نعمة سابغة عليه وإحسان من ربنا إليه وأن يمن عليه لكل محبوب في نفسه وجماعته وبنيه خصوصاً قسيمة المنطوية على محبته القلوب ويصرف عنهم كل مكروه ويلطف بهم في سائر ما يحذروه ويرجوه ويرحم سلفهم رحمة واسعة وينفعنا بمحبتهم التي للخيرات جامعة. ولد في رمضان سنة أربعين وثمانمائة بمكة، وأجاز له خلق من الأعيان كعبد الرحمن بن خليل القابوني إمام الجامع الأموي وأسماء ابنة المهراني وأم هانئ ابنة الهوريني ونشوان الحنبلية وهاجر القدسية والعلم البلقيني وابن الديري والعز الكناني والشهاب الشاوي والجلال بن الملقن وأخته صالحة والبهاء بن المصري والجلال القمصي وآخرين ممن بعدهم بل وأجوز من قبلهم؛ ونشأ في كنف أبيه وكان قاصده إلى الظاهر جقمق في سنة خمسين فأكرمه ثم أعاد الإمرة لأبيه وصرف أبا القسم فلما كبر أبوه وهش التمس من شاد جدة جانبك الجداوي الظاهري في منتصف سنة تسع وخمسين أن يكاتب السلطان في إشراكه معه في الإمرة فأجيب وأن يكون مستقلاً بها بعده ووصل العلم لمكة بذلك في يوم الثلاثاء عشرة شعبان منها وهو اليوم الثاني من وفاة أبيه فدعا له على زمزم بعد صلات المغرب في ليلة الأربعاء مع كونه كان غائباً ببلاد اليمن. ولما وصل إليه العلم بذلك مع القاصد المجهز إليه وغيره وصل إلى مكة في أثناء ليلة الجمعة سابع رمضان فاجتمع القضاة والأمراء وأعيان المجاورين وغيرهم في صبيحة يومها وقرأ مرسومه بذلك، حمدت سيرته جداً وتوجه لبلاد الشرق غير مرة وكذا أكثر من زيارة النبي صلى الله عليه وسلم مصاحباً ذلك بالإحسان إلى أهل المدينة والقاطنين بها والوافدين إليها على قدر مراتبهم وربما تفقد أهل مكة سيما الغرباء وكنت ممن وصله بره في الموضعين، ودخل المدينة في أواخر جمادى الثانية سنة ثمان وتسعين للزيارة وأنا بها ومعه أولاده وعياله فالذكور من أولاده السيد بركات وهزاع وشرف الدين وجازان وحميضة وفايتباي وناهض وهم في الترتيب هكذا أولاد أولهم وهو قسيمة وشريكه في السلطنة وهم عجلان ثم أبو القسم إبراهيم ثم علي في آخرين من الاناث وابن ثانيهم وهو صغير وثالثهم جاز البلوغ وهو مملك على ابنه على عمه واطمأن الناس في أيامه كثيراً وتمول جداً وكثرت أتباعه وأراضيه وأمواله وفاق خلقاً من اسلافه، واستمر أمره في نمو وجاهته في ازدياد وسعده في ترق وإسعاد بحيث أضيفت إليه سائر بلاد الحجاز ليستنيب فيها من يختار ودعي له على المنبرين كما سمعته في المسجدين بل كنت أول وقوعه على منبر المدينة بجانبه في الروضة وفرحت له بذلك بما أعجبني من شدة تواضعه ومزيد أدبه بتلك الحضرة، وكذا وقع لجده السيد حسن أنه فوض إليه سلطنة الحجاز ودعى له على المنبرين وأذعن له الموافق والمشاقق وأمعن في تمهيد جهاته التي هو بها سابق بحيث أنه سار بنفسه في عساكره لأهل ينبوع لما ياينوه وخرجوا عن طاعته بالمقاطعة وعدم الخضوع وأجلي بني إبراهيم عن بلادهم وأعلى مقامه بإفساد مقاصدهم فما وسعهم إلا الانقياد لسلطانه واعتماد أوامره والترجي لفضله وإحسانه وكذا لجازان حين أمدوا أخاه وعاونوه على العصيان ومكنوه من التوجه إلى الديار المصرية وأمنوه في تلك المشاققة حمية وعصبية فسبى واجتبى وصار صاحبها من اتباعه حين علم ما صدر منه في تعنته وابتداعه وأتى على زبيد فأجلاهم أيضاً وصاروا طوعاً لسلطانه وله أرضاً ثم تزوج منهم مقتدياً بخيار الملوك في تأمينهم والرضا عنهم كل هذا حتى لا يطمع في جهاته ولا يترفع عليه في جميع توجهاته مما إليه تتوجه الهمم العليات والأعمال بالنيات، ومداومة على الجماعات والطواف حين كونه بمكة ومزيد سكون وكفاً لأتباعه وجماعته عن الرعية وعدم تلفت بما بأيدي التجار سيما حين تكليفه لما لم نسمع بمثله في دولة وهو صابر مبادر بل إذا أخذ منهم شيئاً يكون قرضاً؛ كل هذا بتهذيب عالم الحجاز البرهاني ولذا راعى ولده بعد موته واستمر عل سلطنته وحمد صنيعه زادهما الله فضلاً وأيدهما بدفع ما لا طاقة لهما به تحنناً منه وعدلاً.
محمد بن بركات بن علي بن خليل بن رسلان فتح الدين بن الزين الرملاوي المكي الشافعي العطار أبو وجده بمكة، وعرض علي بها أحد عشر كتاباً في فنون متعددة وسمع على وكتبت له.(3/456)
محمد بن أبي بركات بن أحمد بن علي بن عمر المقب ولسمع جمال الدين بن سعد الدين الجبرتي الحنفي الآتي أبوه ويعرف بابن سعد الدين سلطان المسلمين بالحبشة. أصلهم فيما قيل من قريش فرحل من شاء الله من سلفهم من الحجاز حتى نزل بأرض جبرة المعروف الآن بجبرت فسكنها إلى أن ولي الحطى ملك الحبشة مدينة دقات وأعمالها منها ولولسمع فعظم وقويت شوكته وحمدت سيرته وتداولها ذريته حتى انتهت لصاحب الترجمة بعد فقد أخيه منصور في سنة ثمان وعشرين وحارب الحطى وشن الغازات ببلادهم حتى ملك كثيراً من بلاده وأطاعه خلق من أعوانه وامتلأت الأقطار من الرقيق الذي سباهم، ودام على ذلك حتى مات شهيداً في بعض غزواته في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين فكانت مدة مملكته سبع سنين؛ وكان ديناً عاقلاً عادلاً خيراً وقوراً مهاباً ذا سطوة على الحبشة أعز الله الإسلام في أيامه، وملك بعده أخوه بدلاي بن سعد الدين فاقتفى أثره في غزوة وشدته؛ وقد ذكره شيخنا في إنبائه فقال: محمد بن سعد الدين جمال الدين ملك المسلمين من الحبشة كان شجاعاً بطلاً مديماً للجهاد عنده أمير يقال له حرب جوشن كان نصرانياً لا يطاق في القتال فأسلم وحسن إسلامه فهزم الكفار من الحبشة مراراً وأنكى فيهم وغزاهم جمال الدين مرة وهو معه فغنم غنائم عظيمة بحيث بيعت الرأس من الرقيق بربطة ورق وانهزم منهم الحطى صاحب الحبشة مرة بل من جملة سعدة هلاك الحطى اسحق بن داود بن سيف أرغد في أيامه ثلاث وثلاثين وأقيم بعده اندراس ولم يزل صاحب الترجمة على طريقته في الجهاد حتى ثار عليه بنو عمه فقتلوه؛ وكان من خير الملوك ديناً ومعرفة وقوة وديانة ويصحب الفقهاء والصلحاء وينشر العدل في أعماله حتى في ولده وأهله وأسلم على يده خلائق من الحبشة، واستقر بعده في مملكة المسلمين أخوه الشهاب أحمد ويلقب بدلاي فأول ما صنع جد حتى ظفر بقاتل أخيف فاقتص منه، وطول المقريزي في عقوده ترجمته.
محمد بن أبي البركات بن الزين. في محمد بن أحمد بن الزين.
محمد بن أبي البركات الخانكي أبو الخير. في ابن محمد بن محمد بن محمد.
محمد بن بركوت جمال الدين بن الخواجا شهاب الدين المكيني والد الصلاح أحمد الماضي. تردد لمصر، مات في ليلة الخميس رابع عشرة شوال سنة خمس وأربعين بمكة بعد أن أملق جداً.
محمد بن بركوت الشبيكي العجلاني القائد. مات بمكة في شوال سنة اثنتين وثلاثين. أرخه ابن فهد.
محمد بن بكتمر ناصر الدين القبيباتي الحنفي والد على الماضي. ولد تقريباً سنة تسعين وسبعمائة وحفظ القرآن وحضر دروس الشيخونية وكان من صوفيتها وعرف بمزيد الوسواس مع العبادة والتلاوة ووظائف الخير حتى مات في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وأوصى أن يغسل بالطهر الشيخوني في الخانقاه رحمه الله.
محمد بن أبي بكر بن إبراهيم. فيمن اسم جده إسماعيل بن عبد الله.
محمد بن أبي بكر بن أحمد بن إبراهيم بن خليل الغزي الأصل المكي البنا. مات بها في أحد الربيعين سنة سبع وأربعين؛ أرخه ابن فهد.(3/457)
محمد بن أبي بكر بن أحمد بن إسماعيل بن عبد الوهاب بن عبد الغفار بن يحيى بن إسماعيل الشريف الحسنى المغربي الفاسي الأصل الصعيدي المالكي نزيل الحجاز ويلقب أبوه بالناظر. ولد في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الثانية سنة إحدى وعشرين وثمانمائة في نواحي الصعيد من بلاد مصر وربى في نواحي أسيوط من بلاد الصعيد فقرأ بها القرآن وتلا به لأبي عمرو على مؤدبه الشريف محمد بن أحمد بن علي التلمساني وحفظ العمدة وأربعي النووي والرسالة وأكثر المختصر الفرعيين وجميع جمع الجوامع وألفية ابن ملك والملحة والجرومية وتصريف العزى والرحبية في الفرائض وايساغوجي والنفحة الوردية والبعض من المفصل والحاجبية وأكثر ناظر العين والصدقات في علم الهيئة وألفية العراقي وللشاطبيتين والساوية في العروض، وارتحل للقاهرة في سنة ثلاث وأربعين فأخذ النحو عن الزين عبادة والشهاب الابشيطي والشرواني وعن الأول والشهاب بن تقي الفقه وأخذ الفرائض عن أبي الجود وابن المجدي وعنهما عن النور الوراق والشهاب الخواص الحساب وعن ابن المجدي فقط المقنطرات وعلم الوقت وبحث غالب ألفية العراقي على القاياتي وعنه وعن عبد الدائم الأزهري والعبادي أخذ الأصول وأخذ المعاني والبيان عن العز الكناني الحنبلي والنور البوشي الخانكي والشرواني وعنه وعن الابشيطي المنطق، وارتحل لدمشق في سنة أربع وأربعين فسمع العلاء الصيرفي وأبا شعر ثم عاد لمصر وركب البحر من القصير في سنة ثمان وأربعين فدخل لبندر ينبع فاتصل بصاحبها الشريف معزى فجهزه للحج ثم زار النبي صلى الله عليه وسلم وأقام عند معزي يقرأ أولاده إلى أن لقيه البقاعي في ربيع الآخر من التي بعدها. فكتب عنه من نظمه مما مدح به ابن حريز:
هنيئاً مريئاً يا ذوي العلم والرتب ... بجمعكم للأصل والفرع والحسب
إلى آخر القصيدة وأرجوزة في عد المكي والمدني وما علمت شيئاً من خبره بعد ذلك.
محمد بن أبي بكر بن أحمد بن أبي الفتح بن إدريس بن سلامة أمين الدين أو شمس الدين بن المحدث العماد أو الكمال الدمشقي المذكور أبوه في الثامنة ويعرف بابن السراج ابن أخي محمد الماضي؛ سمع عبد الرحيم بن أبي اليسر وزينب ابنة الخباز في آخرين ولقيه شيخنا بدمشق فقرأ عليه. ومات في رمضان أو شوال سنة ثلاث، وهو في معجمه وانبائه وتبعه المقريزي في عقوده. وممن سمع منه قطعة جيدة من مسند الفريابي التقي أبو بكر القلقشندي.
محمد بن أبي بكر بن أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن عبد الوهاب الفقيه البدر أبو الفضل بن فقيه الشام التقي الأسدي الدمشقي الشافعي ويعرف كسلفه بابن قاضي شهبة. ولد في طلوع فجر الأربعاء ثاني صفر سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ونشأ فحفظ كتباً منها المنهاج لرؤيا رآها أبوه وتفقه بأبيه وغيره وأسمعه أبوه على عائشة ابنة ابن عبد الهادي والشهاب بن حجي وابن الشرائحي وغيرهم فيما قاله ابن أبي عذيبة، وقرأ على شيخنا في سنة ست وثلاثين بدمشق الأربعين المتباينات له، وارتحل إلى القاهرة بعد أبيه وحضر مجلس شيخنا وتناظر هو والبرهان بن ظهيرة بين يديه فكان الظفر للبرهان واستنابه السفطي، وبرع في الفقه استحضاراً ونقلا، وشرح المنهاج بشرحين سمى أكبرهما إرشاد المحتاج إلى توجيه المنهاج والآخر بداية المحتاج وعمل سيرة نور الدين الشهيد وصنف غير ذلك، وتصدى للإقراء فانتفع به الفضلاء ودرس بالظاهرية والناصرية والتقوية والمجاهدية الجوانية والفارسية وكذا في الشامية البرانية نيابة عن النجم بن حجي وولي إفتاء دار العدل، وناب في القضاء من سنة تسع وثلاثين حتى مات، وصار بأخرة فقيه الشام بغير مدافع عليه مدار الفتيا والمهم من الأحكام وعرض عليه قضاء بلده فأبى؛ لقيته بدمشق وسمعت كلامه، وكان من سروات رجال العالم علماً وكرماً وأصالة وعراقة وديانة ومهابة وحزامة ولطافة وسودداً؛ وللشاميين به غاية الفخر. مات في ليلة الخميس ثاني عشر رمضان سنة أربع وسبعين ودفن من الغد بمقبرة الباب الصغير عند أسلافه بعد الصلاة عليه بعدة أماكن وكانت جنازته حافلة وكثر الثناء عليه؛ ولم يخلف بدمشق في محاسنه مثله رحمه الله وإيانا.(3/458)
محمد بن أبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عثمان بن موسى المحب ابن التاج الكناني العسقلاني لطوخي ثم القاهري الشافعي الماضي في المحمدين أبوه وعمه المحب. مات أبوه - وهو بكنيته أشهر - وهو صغير فحفظ القرآن والشاطبية والعمدة والمنهاج الفرعي بعد مختصر أبي شجاع جمع الجوامع وألفية ابن مالك وعرضها على خلق كثيرين واشتغل عند الشريف النسابة والبوتيجي والعلم البلقيني وغيرهم كالبامي والشهاب الأبشيطي أخذ عنه بطيبة؛ وجود القرآن عند الزين عبد الغني الهيثمي وسمع أشياء ولازم التردد إلى بل كتب من تصانيفي جملة وكان يرتزق بالنساخة غالباً مع كون خطه ليس بالطائل؛ والغالب عليه سلامة الفطرة، وهو أحد صوفية المؤيدية ممن حج غير مرة وجاور. ومات في حياة أمه وقد جاز الثلاثين بجدة في يوم الأربعاء سلخ المحرم سنة سبع وسبعين ونقل منها إلى مكة فوصلوا به ضحى يوم الخميس فدفن بمعلاتها؛ وهو من بيت صالحين وعاشت أمه بعده أزيد من عشر سنين رحمهما الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن أحمد الشمس بن التقي بن الشهاب الصعيدي الأصل المقدسي الحنفي أخو البدر حسن الماضي ويعرف بابن السوداني وبابن البقيرة وهو لقب أبيه. ولد سنة تسع وستين وسبعمائة وأخذ عن عمه الشهاب والشريحي وخير الدين في طائفة؛ وتميز في الفقه مع الخير والتعفف والورع وطرح التكلف وجودة البحث. مات في رمضان سنة تسع وثلاثين.
محمد بن أبي بكر بن أحمد الشمس بن التقي بن الشهاب الجهيني الدمشقي سبط الزين خطاب الماضي. ممن سمع مني بمكة في سنة ست وثمانين.
محمد بن أبي بكر بن أحمد الشمس بن التقي بن الشهاب الجهيني الدمشقي سبط الزين خطاب الماضي. ممن سمع مني بمكة في سنة ست وثمانين.
محمد بن أبي بكر بن أحمد الشمس القاهري الحنفي ويعرف بابن السقاء، اشتغل بالفقه وأصوله والعربية والصرف والمعاني والبيان والحديث وغيرها، ومن شيوخه ابن الديري وابن الهمام والأقصرائي وشيخنا ولازمه حتى قرأ عليه شرح النخبة وسمع عليه أشياء وأشير إليه بتمام الفضيلة، وتنزل في الجهات وناب في القضاء ولم يظفر منه بطائل. مات وقد قارب الستين أو جازها في ربيع الأول سنة ثمان وثمانين عفا الله عنه.
محمد بن أبي بكر بن أحمد بن النحريري القاهري المالكي أخو خلف الماضي. ذكره شيخنا في إنبائه وقال: ناب في الحكم وتنبه في الفقه ودرس. مات في جمادى الآخرة سنة تسع.
محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن عبد الله الشمس الجعبري الحنبلي القباني العابر والد العماد محمد الآتي. قال شيخنا في إنبائه وقد سمي جده فيه إبراهيم: كان بتعانى صناعة القبان وتنزل في دروس الحنابلة وفي صوفية سعيد السعداء وفاق في تعبير الرؤيا. مات في جمادى الآخر سنة ثمان، وتبعه المقريزي في عقوده، وحكى من المنامات التي عبرها وأنه دفن بحوش الصوفية.(3/459)
محمد بن أبي بكر بن أيدغدي بن عبد الله الشمس بن السييف الشمسي القاهري الحنفي المقرئ أبوه ويعرف بابن الجندي. ولد تقريباً سنة خمس وستين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والمجمع والألفية وغيرها، وعرض على جماعة وسمع على النجم بن رزين والتقي بن حاتم والصلاح البلبيسي والعراقي والحلاوي والسويداوي والشهاب الجوهري والشمس الحريري إمام الصرغتمشية والشرف ابن الكويك في آخرين، ومما سمعه على الأول والرابع البخاري بفوت المجلس الأول على ثانيهما وعلى الثاني الشفا بفوت وعلى الثالث صحيح مسلم، واشتغل في الفقه وأصوله والعربية والفرائض والحساب وغيرها على أئمة عصره فكان من شيوخه في الفقه وغيره الجلال التباني والعز يوسف الرازي شيخ الشيخونية والسراج الهندي وحكى أنه كان يركب من الصالحين والطلبة والنواب ونحوهم بين يديه مشاة ويكون انتهاؤهم عند السيوفية وفي العربية المحب بن هشام وأشير إليه بالتقدم في العربية والبراعة في الفقه وأصوله والعلم بالفرائض والحساب والمعاني والبيان مع الخبرة بالفروسية كالرمح والدبوس والمعالجات بالمقايرات اللبخة وكذا بلعب الشطرنج وغيرها من الفضائل، كل ذلك مع الخير والديانة والأمانة والعفة والتواضع وعدم التكثر بفضائله وحل المشكلات بدون تكلف وحسن العشرة، ولمزيد اختصاصه بشيخنا الرشيدي ومجاورته له في السكنى بالقرب من جامع أمير حسين كان يكثر اللعب معه بالشطرنج لتقارب طبقتهما فلما مات تركه شيخنا؛ وممن أخذ عنه العربية الشرف السبكي والخواص والشهاب الهائم المنصوري ومدحه بأبيات كتبتها في ترجمته والبدر الدميري في آخرين من الشافعية وهي مع الفقه الامشاطي والمحب الأوجاقي والشمس المحلي والد أبي الفضل والشمس الكركي وآخرون من أئمة الحنفية؛ وحدث باليسير سمع منه الفضلاء، وممن قرأ عليه منتقى ابن نسعد من مسلم وهو أربعون حديثاً التقي القلقشندي. واختصر المغني لابن هشام اختصاراً حسناً متحرياً فيه ابدال العبارة المنتقدة وعمل مقدمة سماها مشتهى السمع في العربية ومنتهى الجمع وهو شرحها قرأهما عليه الأمشاطي وكان عنده بخطه وكذا له الزبدة والفطرة قرأهما عليه الطلبة ومقدمة في الفرائض ومختصر في المعاني والبيان وشرح كلا منهما بل شرح المجمع في مجلدين ملتزما توضيح ما فيه من مشكل من حيث العربية لكن فقد غالبه، وولي مشيخة المهمندارية وتدريسها وأعاد للحنفية بالظاهرية القديمة عن قاري الهداية وبالالجيهية واستقر به خشقدم في تدريس الدرس الذي جدده بجامع الأزهر ثم انتزعه منه للبدر بن عبيد الله فقرره جوهر اللالا شيخاً بمدرسته التي أنشأها بالمصنع بالقرب من قلعة الجبل وضاعف له معلومة مراراً، وولي خزانة الكتب بالأشرفية برسباي من واقفها بعد عرض مشيختها عليه حين إعراض ابن الهمام عنها فامتنع قائلاً لا نأخذ وظيفة صاحبنا، وقد حج في السنة التي كان الخيضري أمير الركب فيها، ولم يتزوج إلا قبيل موته، وحصل له في سمعه ثقل، قم قبيل موته رفسه جمل فانكسرت رجله ولزم الفراش حتى مات في يوم الخميس مستهل المحرم سنة أربع وأربعين وتفرقت أوراقه بعد موته رحمه الله وإيانا.(3/460)
محمد بن أبي بكر بن أيوب القاضي فتح الدين أبو عبد الله بن القاضي زين الدين بن نجم الدين المخزومي المحرقي - نسبة للمحرقية قرية بالجيزة - القاهري الشافعي والد البدر محمد أبي البهاء أحمد وأخيه المذكورين. ولد تقريباً سنة خمسين وسبعمائة كما كتبه لي حفيده البهاء ويحتاج إلى تحقيق وقال لي إنه ولي نظر المسجد النبوي وكذا الجوالي في دولة الظاهر برقوق ونظر سعيد السعداء في أيام الأشرف ثم الظاهر ونظر مواريث أهل الذمة ثم وقفت على توقيع باستقرار الظاهر برقوق له في وظيفة استيفاء الحرم المدني ويقال لها نظر ديوان الخدام به بعد موت الشهاب أحمد السندوبي في ربيع الآخر سنة سبع وتسعين ثم أضيف إليه نظر الجوالي المصرية والمواريث الحشرية من أهل الذمة واستيفاء البيمارستان المنصوري واستقر به ابنه الناصر فيها على عادته في ثاني شوال سنة عشر ثم أشرك معه. المؤيد في الجوالي مرجان الخازنداري المؤيدي في ربيع الثاني سنة ست عشرة وعين المعلوم عن نظرها عشر مثاقيل ذهباً ثم أضاف إليه الظاهر جقمق أوائل سلطنته في ثاني جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين نظر سعيد السعداء وكان باشره في إمرته نيابة عنه سنين ورأى جودة تصرفه فخصه الآن بالأصالة فيه ثم كتب له بذلك كله في مستهل رمضان سنة خمس وأربعين وباستقرار ولده البدر فيه بعده مضافاً لم هو باسمه ومن ذلك شهادة أوقاف الخانفاه ونيابة النظر بها على الجوالي ويكون ذلك باسم ولديه المحب محمد والبهاء أحمد ثم في سابع عشرة شوال سنة سبع وأربعين كتب باستقرارهما في الشهادة والنظرين ومن مات منهما انتقل نصيبه للآخر وبتقرير أبيهما على تلك الظائف كلها حسبما كانت معه في الأيام الأشرفية. ولما ولي صاحب الترجمة الجوالي في أيام الظاهر امتدحه الشهاب الحجازي بقصيدة بائية في ديوانه رأيتها بخطه وكذا مدحه غيره، وحكى لي حفيده أنه اتفق أن يشبك الشعباني أحد الأمراء أودع عنده حين بعض أسفاره صندوقاً كبيراً من غير إعلام أحد به وقدرت وفاته فبادر بالطلوع به إلى الناصر فرج ففتح بحضرته فكان شيئاً يفوق الوصف فتعجب الناصر ومن حضره في إظهاره له وألبسه خلعة وأنعم عليه بحصة في استيوم بالغربية هي مع حفيديه إلى الآن؛ وقد ذكره العيني وقال إنه صحب ابن سنقر أستاذ قلمطاي فقرره شاهداً عند أستاذه ثم ترقي حاله عن السلطان حتى استقر به نظر الجوالي المصرية والخانفاه الصلاحية قال وكان مشهوراً بالمباشرات عرياً عن العلوم. مات في ليلة الخميس سلخ شوال سنة سبع وأربعين ودفن في مقابر الصحراء خارج باب الحديد وسماه صدقة وفوهم؛ وقال بعض المؤرخين أنه سمع من جماعة من أصحاب الحجاز ووزيرة فمن بعدهم، وعرض العمدة علي ابن الملقن والبلقيني والعراقي والهيثمي وكان يكثر التلاوة ممتعاً بإحدى عينيه، ولم يكن ينتسب في خطه محرقياً بل يكتب محمد الشافعي، ووصفه شيخنا في عرض ابنه بناظر الحرم الشريف النبوي، والبيجوري بالشيخ الإمام العالم العلامة، والبرماوي بالقضائي العالمي العاملي الرئيسي الفتحي بركة المسلمين والشمس محمد بن عبد الماجد سبط ابن هشام وابن المجدي وآخرون بل رأيت شيخنا كتب له رسالة نصها: المملوك ابن حجر يقبل الأرض وينهي استمراره على ما ألف من محبته وثنائه ووده ودعائه وأن المتفضل بها فلانا ذكر للملوك ما تفضلتم به عليه من إجابة سؤاله إلى ما عينه من الجهة القبلية إلى أن قال: ولقد سر المملوك بانتمائه إليكم والمسؤول من فضلكم تمام الإحسان ولا بد أن يحمد المخدوم عاقبه ذلك انتهى. وكفى بهذا فخراً في رياسته وجليل مكانته رحمهما الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن جعفر بن الحريري الدمشقي. ولد في سابع رمضان سنة ست وستين وسبعمائة، وزعم ابن أبي عذيبه أنه سمع من أبي أميلة أبا داود والترمذي والنسائي وأنه عاش إلى بعد الخمسين.(3/461)
محمد بن أبي بكر بن حسن بن علي بن أحمد بن خلف الشمس الجوجري ثم القاهري الشافعي الضرير ويعرف بابن دشيشة. ولد سنة عشر وثمانمائة تقريباً بجرجرمن أعمال القاهرة وقرأ بها القرآن والتبريزي وبعض المنهاج الفرعي وجميع العمدة والملحة وبحث الملحة علي الشمس الحريري والعز بن جميل - بالتصغير - قاضي بلده، ثم رحل إلى القاهرة في سنة ثلاث وثلاثين فحضر دروس الفقه والنحو عند جماعة؛ ومدح شيخنا بما أثبته في الجواهر، وكتب عنه البقاعي وقال أنه نزيل خط بركة قرموط ذكي يسترزق بتأديب الأطفال بل ولقيته كثيراً عند الجمال الكرماني وسمعت من نظمه جملة بل سمع ختم البخاري بالظاهرية وكان غاية في الذكاء. مات في العشر الأخير من شعبان سنة سبع وسبعين.
محمد بن أبي بكر بن حسن بن محبوب ناصر الدين البعلي الشافعي الذهبي ويعرف بابن عز الدين. ولد في سنة تسع وسبعين وسبعمائة تقريباً ببعلبك ونشأ بها فقرأ القرآن عند الشمس الأكرومي الحنبلي وسمع جميع الصحيح على الشمس اليونيني والشريف الحسيني والجردي وإلا ورقتين من أوله على ابن الزعبوبي، وحدث سمع منه الفضلاء قرأت عليه في بلده بعضه، وحج وكان خيراً يتكسب من صناعة الذهب. مات قريب الستين ظناً.
محمد بن أبي بكر بن حسن غياث الدين الحسيني القاهري الحنفي أخو نقيب الأشراف البدر حسين الماضي. ولد في سنة تسع عشرة وثمانمائة بالقاهرة ممن اشتغل وأخذ عن الأمين الأقصرائي والتقي الحصني وغيرهما كالشمني والسعد ابن الديري وناب عنه وكان يجله ولازم الفخرر عثمان الديمي في شرح ألفية الحديث وغيرها بل سمع على البدر بن الخلال بفوة الرشيدي، وجمع كتاباً فيه ما يقع في مجالس البخاري أما بالقلعة أو بمجلس الشهابي بن العيني فأنه كان القارئ عنده من المباحث الجديدة وكذا بلغني أنه عمل منسكاً وكتاباً في اللغة التركية فى قاعدة التصريف وأنه قدمه للملك فقال لمن حضره أن الشريف جاء يعلمني اللسان التركي ثم أرسله إليه مع بعض البابية، ورام الاستقرار في النقابة بعد أخيه فلم يسعد بعد أخذ رزقتين منه؛ ومن الغريب أن صهراً له توفي بعد أن كان رغب له عن رزقه وأعطاه من الثمن عشرين ديناراً فطلع إلى الملك يسأله فيها فقال له كم أعطال فذكر له قال فهاته وخذ رزقتك فاقترضها ثم طلع بها إليه، وبالجملة فقد تناقص حاله جداً وصار كالأهبل وسافر وهو كذلك بعد الطاعون في شوال سنة سبع وتسعين فوصل لمكة بعد العشرين من ذي الحجة ففاته الحج بل ولم يعتمر معللاً بعدم اقتداره على السعي والطواف.(3/462)
محمد بن أبي بكر بن الحسين بن عمر بن محمد بن يونس بن أبي الفخر بن عبد الرحمن بن نجم بن طولون الشمس والبدر والنبيه ولجمال - وهو أكثر - أبو اليمن القرشي العثماني المراغي القاهري الأصل المدني الشافعي الآتي أبوه ويعرف بابن المراغي، هذا هو المعتمد في نسبه، وجعل بعضهم بعد أبن أبي الفخر عبد الوهاب بن محمد وشيخنا بعد عمر عبد الرحمن بن أبي الفخر بن نجم بن طولون بإسقاط محمد بن يونس. ولد سنة أربع وستين وسبعمائة أو التي بعدها بالمدينة النبوية ونشأ بها فحفظ القرآن والعمرة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك، وعرض في سنة خمس وسبعين وسبعمائة فما بعدها على شيوخ بلده والقادمين عليها بل سافر لمكة وكذا للديار المصرية في سنة ثمان وسبعين فعرض هناك على جماعة، وممن أجازه من مجموعهم البدر محمد بن أبي البقاء السبكي في موسم سنة سبع وسبعين بالمدينة ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن الدمشقي الشافعي نزيلها وأحمد ابن محمد بن محمد بن محمد الحنفي المدعو بجلال الخجندي وعلي بن أحمد الفوى المدني والمجد اللغوي وأحمد بن محمد بن أحمد القرشي العقيلي النويري المكي الشافعي وأحمد بن محمد بن عبد المعطي المالكي لقيه بمكة والأبناسي والبلقيني وابن الملقن والدميري لقيهم بالقاهرة؛ وممن لم يجز الصدر المناوي والبرهان بن جماعة وعبد السلام بن محمد الكازروني المدني الشافعي ومحمد بن صالح نائب الإمامة بالمسجد النبوي وعبد الواحد بن عمر بن عياد الأنصاري المالكي وناصر الدين بن الميلق وأحمد بن سلمان بن أحمد الشهير بالصقلي؛ وتفقه بوالده وقرأ على البدر الزركشي أحكام عمدة الأحكام من تأليفه في سنة ثمان وثمانين وأجازه به وبمروياته ومؤلفاته ووصفه بالشيخ الإمام الفاضل العالم سليل الأكابر ومعدن المفاخر وقال قراءة وتحريراً وتصنيفه زهر العريش في تحريم الحشيش، وسمع على العز أبي اليمن بن الكويك بعض الموطأ رواية يحيى بن يحيى في التي تليها بل سمعه تاماً على البرهان ابن فرحون وقرأ على الزين طاهر بن الحسن بن عمر بن حبيب كتابة وشي البردة وأجازه به وبغيره من تأليفه وعلى الزين العراقي شرحه لألفيته في التي تليها بالمدينة وأذن له في روايته وإفادته ووصفه بالشيخ الفقيه المشتغل المحصل الأصيل الأثيل جمال الدين وأقر له بأنها قراءة تدبر وتأمل فأجاد وأحسن، وأخذ بالقاهرة أيضاً عن شيخنا وامتدحه بما أثبته في الجوهر، وبرع في الأدب بل كان أماماً عالماً كثير الفوائد ظريف المحاضرة والمحادثة ناب في الخطابة والإمامة والقضاء بالمدينة عن والده وتزوج خديجة ابنة الإمام العز عبد السلام الكازروني أم أولاده، وله شعر حسن فمنه في آبار المدينة ونقلت من خطه:
إذا رمت آبار النبي بطيبة ... فعدتها سبع مقالا بلا وهن
أريس وغرس رومة وبضاعة ... كذا بصة قل بيرحاء مع العهن
سمعهما منه والده وأخواه بل قرأ عليه أبو الفرج ثانيهما المنهاج الفرعي، وأسند والده وصيته إليه ولكن لم يعش بعده إلا يسيراً فأنه سافر إلى الشام فقتله بعض اللصوص وهو متوجه في اللجون سنة تسع عشرة وقتل معه ابناه أبو الرضا محمد وأبو عبد الله الحسين رحمهم الله، وقد ذكره شيخنا في معجمه باختصار وفال أنه تفقه بأبيه ومهر في الأدب ونظم الشعر المقبول وطاف البلاد واجتمع بي كثيراً وسمعت من فوائده ومدحني بأبيات لما وليت مشيخة البيبرسية منها:
يا حافظ الوقت ويا من سما ... بالعلم والحلم وفعل الجميل
وتبعه في ذكره المقريزي في عقوده.(3/463)
محمد الكمال أبو الفضل أخو الذي قبله. ولد في خامس ذي القعدة سنة ثلاث وثمانمائة بالمدينة، وأمه رقية ابنة الشيخ محمد بن تقي الكازروني وأحضر في الثالثة على أبيه سنة ست جزءاً من حديث نصر المرجي بل سمع عليه وعلى أخويه وغيرهم كالنور المحلي سبط الزبير وحفظ المنهاج وغيره، واشتغل على أبيه والجمال الكازورني ومما قرأ عليه الموطأ والنجم محمد بن عبد القادر الواسطي ابن السكاكيتي أخذ عنه الفقه والمعاني والبيان شريكاً لأخيه أبي الفرج ووصفه بالعالم العلامة، ودخل مصر وغيرها؛ روى عنه النجم بن فهد وذكره في معجمه ومات مقتولاً لا بمكانهم في العوالي خارج المدينة في ضحى يوم السبت سادس ذي القعدة سنة ثلاث وأربعين على يد بعض الرافضة لكونه طالبه بدين لمحاجير له مطلة فألح عليه؛ وحمل للبقيع فغسل به وصلى عله ودفن بعد صلاة العصر عوضه الله الجنة.
محمد الشرف أبو الفتح أخو اللذين قبله وأمه هي ابنة إبراهيم بن عبد الحميد المدني أخت التقي محمد. ولد في أواخر سنة خمس وسبعين وسبعمائة بالمدينة ونشأ لها فحفظ القرآن وتلا به لنافع وابن كثير وأبي عمرو على الشمس الحلبي والعمدة والشاطبية وألفية الحديث والمنهاج الفرعي والأصلي ولمع الأدلة في أصول الدين لإمام الحرمين وألفية ابن مالك، وعرض في سنة ست وثمانين فما بعدها على شيوخ بلده والقادمين عليها وغيرهم؛ فمن عرض عليه محمد بن أحمد الشافعي بن الظاهري وقال إن مولده سنة عشر وسبعمائة وناصر الدين بن الميلق وأجاز له؛ وكان ممن عرض عليه البلقيني وابن الملقن والأبناسي بل سمع عليهم وذلك في سنة ثلاث وتسعين واللتين بعدها في رحلته مع أبيه إلى القاهرة وقد دخلها أيضاً في أثناء سنة تسع وتسعين وأقام بها التي تليها، وممن سمع منه بالمدينةمن أهلها والقادمين إليها أبوه والجمال الأميوطي والعراقي والهيثمي والتاج عبد الواحد بن عمر بن عياذ والشمس محمد بن محمد بن يحيى الخشبي والجمال يوسف ابن البنا والعلم سليمان السقاء وزوجته أم الحسن فاطمة ابنة مزروع وابنة عمها رقية والقضاة الأربعة البرهان بن فرحون وعلى بن أحمد النويري والتقي محمد بن صالح الكناني والتاج عبد الوهاب بن أحمد الاخنائي والجلال الخجندي وعبد القادر ابن محمد الحجار وبالقاهرة سوى من تقدم التنوخي وابن الشيخة والمطرز والحلاوي والسويداوي والصدر والصلاح والزفتاوي وابن الفصيح والفرسيسي والغماري والنجم أحمد بن الكشك القاضي وستيتة ابنة ابن غالي وقرأ على الكمال الدميري فيها سنة خمس وتسعين جواباً له عن مسئلة ظريفة شبه اللغز وبمكة ابن صديق وكان سمع منه بالمدينة أيضاً والزين عبد الرحمن الفاسي والجمال بن ظهيرة، وتكرر دخوله لها وأول مراته سنة ثمانمائة وجاور بها عدة سنين ثم قطنها من سنة أربع وأربعين ونمى والده، ودخل اليمن مراراً أولها في سنة اثنتين وثمانمائة فاجتمع بالفقيه موفق الدين الأزرق كما سيأتي، وصحب إسماعيل الجبرتي وتأدب به وألبسه الخرقة وكذا صحب الشهاب أحمد بن أبي بكر بن الرداد وسمع عليه كثيراً من مؤلفاته كتلخيص القواعد الوفية في أصل حكم خرقة الصوفية وعدة المسترشدين وعصمة أولي الألباب من الزيغ والزلل والشك والارتياب والشهاب الثاقب في الرد على بعض أولي المناصب والسلطان المبين والبرهان المستبين وموجبات الرحمة وعزائم المغفرة ورسالة في معنى قول أبي الغيث بن جميل: إن البلاد التي كنا فيها قديماً ليس فيها مطيع لله ولا عاص بحال ورسالته إلى الموفق الناشري في قول بعض الصوفية خضنا بحراً وقف الأنبياء على ساخله وجوابه عن أبيات:
ليس من لوح بالوصل له ... مثل من سير به حتى وصل(3/464)
وقصيدته المسماة بالوسيلة الاحدية في الفضيلة الأحمدية. وممن لقي بزبيد سوى هذين المجد الشيرازي والنفيس العلوي والبدر حسن الابيوردي وبأبيات حسين الموفق على بن أبي بكر الخزرجي، واستمر باليمن إلى انتهاء سنة خمس وولي بها تدريس السيفية بتعز ومدرسة مريم بزبيد. وأجاز له في سنة ست وتسعين وما بعدها الشهاب الأذرعي والكرماني والشارح والبهاء بن خليل والحراوي وأبو الخير بن العلائي وأبو هريرة بن الذهبي وناصر الدين محمد بن محمد بن داود بن حمزة والشهاب أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن عبد المجيد القرشي وأبو بكر بن محمد ابن عبد الرحمن المزي ويوسف بن عبد الوهاب بن السلار وعلى بن محمد بن أحمد الأموي وابن أبي المجد وآخرون يجمع الكل أعني شيوخ السماع والإجازة مشيخته تخريج صاحبنا النجم بن فهد، وتفقه بوالده بحث عليه العمد في شرح الزيد ثلاث مرات وكذا قرا عليه تكملته لشرح شيخه الاسنوي المسماة الوافي بتكملة الكافي مع القطعة الأولى له أيضاً وعلى الموفق على بن أبي بكر بن خليفة اليماني الشافعي عرف بابن الأزرق قطعة من أول كتابه نقائس الأحكام وتفقه أيضاً بالدميري والبلقيني وآخرين وأخذ الأصول عن الولي العراقي قرأ عليه المنهاج الأصلي والنحو عن والده والمحب بن هشام وجماعة والحديث عن العراقي بحث عليه الفيته وشرحها والتقييد والإيضاح له أيضاً وكذا أخذ عنه من تصانيفه الاستعاذة بالواحد في إقامة جمعتين في مكان واحد والكلام على مسألة قص الشارب وعلى تحريم الربا والرد على الصغاني فيما زعم أنه موضوع من الشهاب وألفية السيرة وغير ذلك وأذن له في الإقراء وكذا اذن له غيره وأجاز له الأزرق وكتب له الولي العراقي كتابة حافلة أثبتها في موضع آخر، وطلب الحديث وقتاً بقراءته وقراءة غيره وكتب الطباق وضبط الأسماء بل كتب بخطه الحسن المتقن من الكتب والأجزاء جملة، وكأنه تخرج بالصلاح الأقفهسي فقد وصفه بخطه بمفيدنا؛ وتنبه وبرع في الفقه وأصوله والنحو والتصوف وأتقن جملة من ألفاظ الحديث وغريب الرواية وشرح المنهاج الفرعي شرحاً حسناً مختصراً في أربع مجلدات سماه المشرع الروي في شرح منهاج النووي واختصر فتح الباري لشيخنا في نحو أربع مجلدات وسماه تلخيص أبي الفتح لمقاصد الفتح، وحدث باليمن ودرس بها كما تقدم وبنى لأجله بعض ملوكها مدرسة وجعل له فيها معلوماً وافراً كان يحمل إليه بعد انتقاله عنها برهة؛ وكذا حدث بالمدينة بعد سؤال أخيه أبي الفرج له في ذلك انتقاله عنها برهة؛ وكذا حدث بالمدينة بعد سؤال أخيه أبي الفرج له في ذلك وتوقفه فيه تأدباً مع الجمال الكازروني لتقدمه في السن عليه فقرأ عليه أخوه المذكور الصحيحين والشفا بالروضة وأبو الفتح بن تقي وآخرون، ولم يلبث أن قتل أخوه الكمال المذكور قبله فكان ذلك سبب انتقاله لمكة واستيطانه إياها من سنة أربع وأربعين حتى مات، وولي بها مشيخة التصوف بالخانقاة الزمامية بعد موت شيخها أحمد الواعظ في سنة خمسين ثم مشيخة الصوفية بالجمالية مع اسماع الحديث أول ما أنشئت في سنة سبع وخمسين وجعل وقت حضورها عقب صلاة الصبح لأجله، وكذا استقر به الظاهر جقمق في إسماع الحديث وحدث فيها بالكتب الستة وبجل مروياته وأخذ عنه الأكابر وقرأ عليه التقي بن فهد باليمن، وكنت ممن أخذ عنه الكثير وبالغ في الإكرام حتى أنه التمس مني حسبما كتبه بخطه الإجازة لولده؛ وكان يسلك في تحديثه التحري والتشدد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويترضى عن الصحابة كلما جرى ذكرهم ويفتتح المجلس بالفاتحة وبسورة الإخلاص ثلاثاً ويهديها لمشايخه، كل ذلك مع الثقة والأمانة والصدق والعبادة والزهد والورع والهيبة والوقار وسلوك الأدب وتسكين الأطراف ونور الشيبة والتواضع والهضم لنفسه وكثرة التلاوة وطرح التكلف في مسكنه ومطعمه وملبسه والتقنع باليسير والاقتصاد وحسن التأني والإنجماع عن الناس والإقبال على ما يهمه وقلة الكلام فيما لا يعنيه وشدة التحري في الطهارة والغضب لله وعدم الخوف فيه من لوم لائم وحسن الاعتقاد في المنسوبين للصلاح، سالكاً طريقة شيخه في تحسين الظن بابن عربي مع صحة عقيدته وربما عيب بذلك بحيث سمعت من شيخنا إنكاره عليه وعدم ارتضائه لاختصار فتح الباري، وكان الشيخ محمد الكيلاني المقري وغيره يناكده وينكر إقامته برباط ربيع في سفح أجياد الصغير وهو(3/465)
صابر، ولشدة تحريه قل من كان يحسن القراءة عليه سيما وفي خلقه وشدة. وقد قال البقاعي إنه تقدم في العلوم وبرع جداً سيما في الفقه وغلب عليه الانقطاع عن الناس والتخلي والعزلة ولزوم بيته مع حسن سمته وكثرة تواضعه وهضم نفسه واقتصاده وحسن تأنيه، وقتل الرافضة أخاه يعني كما تقدم فعفا عن القاتل إلى القيامة انتهى. ولم يزل على أوصافه حتى مات وهو ممتع بحواسه شهيداً بالبطن بمكة في ليلة الأحد سادس عشر المحرم سنة تسع وخمسين وصلى عليه ضحى عند باب الكعبة ودفن بالمعلاة بالقرب من خديجة الكبرى والفضيل بن عياض،وكان له مشهد عظيم وصلى عليه بالجامع الأموي من دمشق وبغيره صلاة الغائب، وهو في عقود المقريزي وقال أنه جال في البلاد وبرع ف الفقه وغيره رحمه الله وإيانا.صابر، ولشدة تحريه قل من كان يحسن القراءة عليه سيما وفي خلقه وشدة. وقد قال البقاعي إنه تقدم في العلوم وبرع جداً سيما في الفقه وغلب عليه الانقطاع عن الناس والتخلي والعزلة ولزوم بيته مع حسن سمته وكثرة تواضعه وهضم نفسه واقتصاده وحسن تأنيه، وقتل الرافضة أخاه يعني كما تقدم فعفا عن القاتل إلى القيامة انتهى. ولم يزل على أوصافه حتى مات وهو ممتع بحواسه شهيداً بالبطن بمكة في ليلة الأحد سادس عشر المحرم سنة تسع وخمسين وصلى عليه ضحى عند باب الكعبة ودفن بالمعلاة بالقرب من خديجة الكبرى والفضيل بن عياض،وكان له مشهد عظيم وصلى عليه بالجامع الأموي من دمشق وبغيره صلاة الغائب، وهو في عقود المقريزي وقال أنه جال في البلاد وبرع ف الفقه وغيره رحمه الله وإيانا.(3/466)
محمد ناصر الدين أبو الفرج أخو الثلاثة قبله وشقيق ثانيهم ووالد الشمس محمد الآتي. ولد في صفر سنة ست وثمانمائة بالمدينة النبوية ونشأ بها فحفظ القرآن وقام به على العادة في سنة عشرين بمكة والعمدة والمنهاج وألفيتي الحديث والنحو، وعرض في سنة تسع عشرة فما بعدها بمكة والمدينة على خلق، فمن أجاز له من الشافعية ابن الجزري والولي العراقي والشمس محمد بن أحمد الكفيري وعبد الرحمن ابن محمد بن صالح بن عبد الرحمن بن حسين القطان المدنيان وابن سلامة والمحب ابن ظهيرة، ومن الحنفية علي بن محمد بن علي الأنصاري الزرندي والجمال محمد بن إبراهيم المرشدي وحسن بن أحمد بن محمد بن ناصر الهندي المكي، ومن المالكية التقي الفاسي وأبوه أحمد بن علي، وجود القرآن على الزين بن عياش وغيره، وتفقه بالجمال الكازروني والنجم الواسطي والشمس الكفيري وبأخيه الشرف أبي الفتح وبه كان جل انتفاعه وعنه وعن الجمال والنجم أخذ النحو وكذا عن النور الزرندي والجلال المرشدي وعن النجم وحده أخذ المعاني والبيان وأصول الفقه وعن الجمال والزرندي وغيرهما في التفسير وعن الزين بن القطان دروساً من شرح العمدة، ولازم أخاه في قراءة الحديث بحيث قرأ عليه كثيراً وتدرب به في المتون والرجال وكذا قرأ كثيراً على الجمال الكازروني وأذنا له والنجم وغير واحد في الإفتاء والتدريس، وسمع على الشموس محمد بن محمد بن محمد بن المحب وابن الجزري وابن البيطار والشرف الجرهي والنور المحلي وأبي عبد الله الفاسي والجلال المرشدي والتقي بن فهد وبعض ذلك بقراءته؛ ودخل القاهرة في سنة ثلاث وأربعين وأقام التي بعدها وأخذ بها عن شيخنا وأشياء وكتب عنه الامالي بل كتب قطعة من فهرسته وقراها وكذا قرأ الخصال وشح النخبة كلاهما وله والأربعين التي خرجها لوالده والجمعة للنسائي وجملة، ووصفه بالشيخ الإمام العلامة المفنن الأوحد مفيد الطالبين صدر المدرسين، بل سمع على والده في صغره الكثير كالصحيحين وجامع الترمذي وسنن أبي داود والدارقطني بفوت فيهما ومجالس الخلال العشرة ونسخة إبراهيم ابن سعد وجزء ابن قلبنا وجزءاً ابن مقسم ونسخة همام والأولين من فوائد سخنام والأربعين التي خرجها شيخنا له والأربعين لابن سعد النيسا بوري وسداسيات الرازي والجزء الذي انتقاه الذهبي للعفيف المطري ومسلسل، وأجاز له الشهاب الواسطي والقباني والتدمري والزين الزركشي وخلق. ومن القدماء عائشة ابنة ابن عبد الهادي وغيرها، وخرج له ابن فهد مشيخة وفهرستاً، وحدث بالكثير من لفظه وبقراءة ولده وغيره أخذ عنه أهل بلده والغرباء وشيخ شيخ المدينة والنبوية ومسندها بدون مدافع؛ وكنت ممن لقيه بمكة ثم بالمدينة في سنة ست وخمسين وأخذت عنه أشياء، وكان حسن الشكالة نير الشيبة مهاباً مع فضيلة وسكون خدم من كتب العلوم المنهاج الأصلي وألفية ابن ملك والتلخيص والجمل في المنطق وعروض الأندلسي وغيرها بحواش مفيدة بعد كتابته لها بخطه. وقال في ضبط بحور النظم
إذا رمت ضبطاً للبحور فهاكها ... فعدتها ست وعشر كذا نقل
طويل مديد مع بسيطٍ ووافر ... كذا كامل هزج ورزج مع الرمل
سريعاً شرحت للخفيف مضارعاً ... قضيب اجتثثت القرب داركت في العمل
مات في صبيحة يوم الجمعة العشرين من المحرم سنة ثمانين وصلى عليه بعد الجمعة بالروضة ودفن بالبقيع عند والده رحمهما الله وإيانا.(3/467)
محمد بن أبي بكر بن خضر بن موسى بن حريز بن حراز الشمس أبو عبد الله الصفدي الناصر الشافعي القادري ويعرف بابن الديري. ولد في العشر الأول من جمادى الأولى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة فيما كتبه بخطه بدير الخليل من الناصرة بقرب صفد وقال إنه لبس الخرقة وتلقن الذر في سنة عشرين من الشيخ محمد القادري الشامي وفي سنة اثنتين وعشرين من والده عن القطب الأردبيلي وفي سنة أربعين بسعيد السعداء من الشرف موسى بن محمد القادري. وقلت ولقي شيخنا في سنة سبع وثلاثين وقرا عليه في موطأ مالك رواية أبي مصعب ووصفه بالشيخ الفاضل القدوة المفنن بل حكى لي والده الشمس محمد وهو ممن أخذ عني أنه لقيه بالقاهرة غير مرة وقرا عليه أشياء وكتب عنه من أماليه وضبط من فوائده جملة وقرض له على تصنيفه اختصار الترغيب الآتي وأنه كان يرشد العامة ويقرأ عليهم وأنه أخذ عن ابن رسلان في الفقه وغيره وأقام عنده مدة طويلة وتردد في أخذه عن ابن ناصر الدين انتهى. وممن أخذ عنه الزين قاسم الحيشي ومؤاخيه في الله البرهان القادري وقال إنه أول شيخ لبس منه الخرقة ووصفه بشيخنا وقدوتنا الإمام العالم العلامة القدوة المربي وأنه من كان له تصانيف منها التقريب إلى كتاب الترغيب والترهيب. قال وكان نور تلك البلاد، ووصفه البقاعي بالإمام وبيض له وكذا بيض له النجم عمر بن فهد في معجمه. مات في حادي عشرة ذي الحجة سنة اثنتين وستين ببلده ودفن عند آبائه برحبة الزاوية وقبورهم تزار رحمه الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن رسلان بن نضير بن صالح ناصر الدين البلقيني القاهري الشافعي ابن أخي السراج عمر وأخو رسلان وجعفر وأحمد. ذكره شيخنا في أبيه من إنبائه استطراداً وقال إنه كان يحفظ المحرر للرافعي، وناب في الحكم بعد أن كتب التوقيع مدة.
محمد بن أبي بكر بن سلامة. فمن حده محمد بن عثمان بن أحمد بن عمر.
محمد بن أبي بكر بن سليمان بن أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن أبي علي بن الحسن المتوكل على الله أبو عبد الله بن المعتضد بالله أبي الفتح بن المستكفي بالله أبي الربيع ابن الحاكم بأمر الله أبي العباس الهاشمي العباسي.ولد في سنة نيف وأربعين أو نحوها وبويع بالخلافة بعهد من أبيه له في سابع جمادى الآخر سنة ثلاث وستين وسبعمائة فاستمر إلى ثالث صفر سنة تسع وسبعين وخلعة الأمير إينبك البدري بزكريا بن إبراهيم ثم أعيد بعد يسير في عشرة ربيع الأول منها، ودام إلى سنة خمس وثمانين فأمسكه الظاهر برقوق لكونه بلغه مساعدته على القيام في خلعه وقيده وسجنه ببرج القلعة وعزله بقريبه عمر بن إبراهيم ولقب بالوثق ثم مات عمر فقرر أخاه زكريا ولقب المستعصم واستمر المتوكل محبوساً إلى أن أطلقه في صفر سنة إحدى وتسعين لكونه يلبغاً الناصري جعل حبسه من جملة الأسباب المقتضية لخروجه عليه وأعاده إلى الخلافة مع التضييق عليه والحجر الزائد فلما أخذ الناصري الديار المصرية واستقر أتابكاً أحسن إليه جداً وأمره بالأنصراف إلى داره وركب معه الأمراء والقضاة ونشرت على رأسه الأعلام السود وفرح الناس به شديداً ولم يبق أحد حتى خرج لرؤيته فكان يوماً مشوداً، فلما مات الظاهر جدد له الخليفة الولاية بالسلطنة فاحسن إليه وأكرمه. واستمر على حاله إلى أن مات الظاهر فقلد السلطنة لولده الناصر فرج مات الخليفة في أيامه وذلك في يوم الثلاثاء ثامن رجب وقيل في شعبان سنة ثمان، واستقر بعده ولده العباس بعهد منه ولقب بالمستعين بالله رحمه الله وإيانا. ذكره ابن خطيب الناصرية وغيره. وطوله شيخنا في انبائه وقال أنه كان قد عهد قبل ولده العباس لولده الآخر المعتمد على الله أحمد ثم خلعه واستمر مسجوناً حتى مات؛ وكذا المقريزي في عقوده، وهو والد الخلفاء الخمسة بحيث انفرد بذلك بل مات عن العباس وحمزة وهما شقيقان وداود وسليمان وهما شقيقان ويعقوب وخليل وهما شقيقان وأحمد ويوسف وأيوب وموسى وكل منهم من أم وعن مريم وخلفا وهما شقيقان وخديجة وفاطمة وهما شقيقان وعائشة وسارة ومريم وكل مهم من أم فهؤلاء سبعة عشر من الذكور والإناث.
محمد بن أبي بكر بن سليمان بن إسماعيل بن يوسف بن عثمان بن عماد الحلبي الأصل القاهري أخو عبد اللطيف الماضي وسبط بني العجمي. ممن سمع على ابن الجزري.(3/468)
محمد بن أبي بكر بن سليمان الشرف بن الإمام الزكي البكري المصري الشافعي صاحب الاعتناء في الفرق والاستثناء وإحياء قلوب الغافلين في سيرة سيد الأولين. ممن أخذ عنه التقي بن فهد وغيره ممن أخذنا عنه كالشمس أبي عبد الله البنهاوي الأشبولي، وما وقفت له على ترجمة.
محمد بن أبي بكر بن سليمان الشمس بن الزين المحلي ويعرف بابن السمنودي. ممن أخذ عني.
محمد بن أبي بكر بن صدقة بن علي بن محمد بن عبد الرحمن المحب بن الزكي المناوي الأصل المصري الحنفي الآتي أبوه. اشتغل في العلوم وتفنن وفضل، وتنزل في الجهات وربما أقرا الطلبة، واختص بالبرهان الكركي الإمام وهو أحد المنعم عليهم من قبل الحنفية الأمشاطي حين استقراره في مشيخة البرقوقية بالوظائف. مات في شوال سنة ثمانين بعد أبيه بيسير رحمهما الله.
محمد بن أبي بكر بن عباس بن أحمد البدراني الآتي أبوه وهو سبط الشمس محمد بن محمد بن محمد بن أمين الآتي أيضاً. ولد فطن عرض على المنهاج في سنة اثنتين وتسعين ثم قرأ على ثلاثة أحاديث من أول البخاري بعد أن سمع مني المسلسل وأجزت له.
محمد بن أبي بكر بن عبد الباسط بن خليل الماضي جده الآتي أبوه. ولد سنة تسع وأربعين وثمانمائة ونشأ فقرأ القرآن وبعض التنبيه وألفية النحو وغير ذلك، واشتغل يسيراً وكتب على الشمس المالكي وتميز في الخط قليلاً، وحج في تجمل بواسطة أبيه ثم وثب عليه بتحسين أحمد بن جبينة الصيرفي له نكاية فيه حتى استقر في نظر الجوالي، وحمل نفسه مما التزم به المشار إليه مما كان سبباً لاتلاف ابن جبيبة ولذل هذا بربقة الديون ولم يحمد أحد صنيعهما، وتكرر سفره لدمشق وطرابلس وحماه في حياة أبيه وبعده ولم يظفر بطائل؛ والغالب عليه الحمق وخفة العقل مع كونه لم يشارك أباه فيما يرمي له. مات في ربيع الثاني سنة اثنتين وتسعين عفا الله عنه.
محمد بن أبي بكر بن عبد الخالق الشمس القاهري الشافعي ويعرف بابن المخللاتي، مؤدب الأطفال على باب قصر بشتاك بالقاهرة. مات بها في المحرم سنة خمسين وكان خيراً .(3/469)
محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن التقي أبي الفضل سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد أخي الموفق عبد الله صاحب المغني ابني أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر محمد أخي الموفق عبد الله صاحب المغني ابني أحمد بن محمد بن قدامة ناصر الدين أ بو عبد الله بن العماد بن الزين أبي الفرج بن ناصر الدين أبي عبد الله القرشي العمري العدوي المقدسي الدمشقي الصالحي الحنبلي أخو عبد الله وعبد الرحمن الماضيين ويعرف كأبيه بابن زريق - بضم الزاي وآخره قاف مصغر. ولد في شوال سنة اثنتي عشرة وثمانمائة بصالحية دمشق ونشأ بها فحفظ القرآن عند زيد بن غيث العجلوني الحنبلي والخرقي وعرضه على الشرف بن مفلح والشهاب بن الحبال وأخذ في الفقه عن أبي شعر وغيره وطلب الحديث وكتب الطباق والأجزاء وتدرب يسيراً بابن ناصر الدين وسمع عليه وعلى أخويه وابن الطحان وابن ناظر الصاحبة والعلاء بن بردس والزين بن الفخر المصري والشموس المحمدين ابن سليمان الأذرعي وابن يوسف النيربي والمرداوي ابن أخي الشاعر والمحب عبد الرحيم بن أحمد بن المحب في آخرين من أهل دمشق والواردين إليها، وقرأ في سنة سبع وثلاثين بجامع قارا على خطيبها النجم عبد الكريم بن صفى الدين وغيره وبمسجد الحاج بدر خارج حماة على الشمس محمد بن أحمد بن الأشقر وكذا بزاوية العبيسي خارجها أيضاً على العلاء بن مكتوم وبحمص على الشمس محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي السلمي القادري وبحلب على حافظها البرهان الكثير كسنن النسائي وابن ماجه والمحدث الفاضل ومشيخة الفخر وعشرة الحداد وغيرها قراءة وسماعاً ووصفه بالشيخ الفاضل المحدث الرجال سليل السادة الأخيار العلماء الأحبار وأنه إنسان حسن ذو أخلاق جميلة ويقرأ سريعاً لكن نحوه ضعيف، ووصفه ابن ناصر الدين بالعالم الفاضل في آخرين سمع عليهم بحلب كالعلاء بن خطيب الناصرية وأبي جعفر بن الضياء وأبي اسحق إبراهيم بن العلاء علي بن ناصر اللقاضي أبي العباس أحمد بن إبراهيم بن العديم والشرف الحسن أبي بكر بن سلامة الشاهد بها، وبالقاهرة في سنة ثمان وثلاثين على شيخنا والمحب بن نصر الله الحنبلي والجمال عبد الله الهيثمي وفاطمة ابنة الصلاح خليل الكنانية وآخرين ولكنه لم يمعن وكان أخذ عن شيخنا قبل ذلك بدمشق، وحج مراراً أولها في سنة سبع وعشرين وزار بيت المقدس؛ وناب في القضاء عن النظام بن مفلح فمن بعده ثم رغب عنه أيام البرهان بن مفلح واستقر في مدرسة جده أبي عمر بعد ابن داود ودرس بها واجتمعت به بدمشق وبالقاهرة غير مرة وحدثني من لفظه الزبداني بأحاديث من مشيخة الفخر، ثم حدث بعد ذلك بكثير من الكتب بقراءة التقي الجراعي وغيره، وممن سمع منه العلاء البغدادي، وكذا حدث بأشياء في القاهرة حين طلبه إليها من الإشراف قايتباي في سنة تسع وثمانين بسبب مرافعة بعض مستحقي المدرسة وأقام في الترسيم مدة على مال قرر عليه شبه المصادرة وقاسي شدة وهدد غير مرة بالتقي وغيره وتألمنا له ثم رجع إلى بلاده، وهو إنسان حسن فاضل متواضع ذو أنسة بالفن واستحضار ليسير من الرجال والمتون من بيت كبير.
محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان زين العابدين ابن أخي السخاوي وهو بلقبه أشهر. يأتي هناك.
محمد عز الدين أبو اليمن شقيق الذي قبله. ولد في عصر يوم الثلاثاء رابع عشر جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين بالقاهرة، ونشأ في كنف أبويه ثم مات أبوه وانتزع من أمه وأخذته معي إلى مكة في موسم سنة ست وتسعين فجاور معي وربما سمع علي بل سمع معظم البخاري وختنته في ربيع الأول سنة ثمان وتسعين والله يسير له حفظ كتابه ويجعله من أهل العلم وأربابه.(3/470)
محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن الحسين بن يحيى بن أحمد ابن يحيى بن طاهر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن إسحاق بن أحمد بن أبي بكر بن عبد القاهر بن طاهر بن عمر بن تميم الشمس أبو عبد الله بن العفيف بن الكمال التميمي الداري الدار كاني الفركي الشافعي. ولد في صفر سنة تسع وعشرين وسبعمائة وأخذ العلم عن القوام أبي المحاسن عبد الله ابن النجم أبي الثناء محمود بن الحسين القرشي العثماني الأموي الشافعي الشيرازي عرف بابن الفقيه نجم وقرأ عليه القراءات السبع وكان ماهراً بها والحاوي والمصابيح والشاطبية وكذا قرأ على حمزة بن محمد بن أحمد بن ككوك التبريزي، وحج مراراً وجاور بمكة وأقام ببغداد مدة؛ وحدث بالإجازة العامة عن الحجار والمزي ولقيه الطاوسي فاستجازه ووصفه بالمحدث العلامة الورع الجليل الزاهد.مات في يوم سبت ثامن عشر المحرم سنة سبع برستاق فرك. ذكره الطاوسي باختصار والجرهي بأطول منه في مشيخته.
محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن الشمس الحلبي الساسكوني - وهي قرية منها - الشافعي ويعرف بالذاكر أحد المعتفدين. قدم القاهرة فأقام بها على طريقة حسنة من العبادة والذكر حتى مات بعد توعك يزيد على شهرين بعد غروب ليلة الثلاثاء خامس شوال سنة ست وثمانين وصلى عليه من الغد خارج المقصورة من الأزهر في مشهد حافل ثم دفن بتربة ابن مزهر رحمه الله وإيانا.(3/471)
محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله العز أبو عبد الله بن الشرف بن العز بن البدر الكناني الحموي الأصل المصري الشافعي الآتي أبوه ويعرف كسلفه بابن جماعة. ولد سنة تسع وأربعين وسبعمائة بينبع وأحضر على الصدر الميدومي ثم سمع من جده العز الكثير ومن ذلك تساعياته الأربعين من العرض والبياني وأبي الفرج بن القادري بن القاري وناصر الدين الحراوي والقلانسي ومما سمعه عليه الأول من مسند أنس للحنيني وبعض المعجم الصغير للطبراني،وأجاز له خلق من الشاميين والمصريين بعناية الزين العراقي منهم الشهاب أحمد المرداوي وخلق من أصحاب الفخر وغيره، واشتغل صغيراً ومال لفنون المعقول فأتفنها إتقاناً بالغاً ولما قدم العلاء السيرامي وولي البرقوقية لازمه حتى مات وكذا أخذ عن البلقيني في الحاوي وغيره وعن العلاء علي بن عبد الواحد بن صغير في الطب وغيره في آخرين كالعز الرازي شيخ الشيخونية فيما بلغني ولا أستبعد أن يكون أكمل الدين منهم، ورأيت بخطه أن من شيوخه المحب ناظر الجيش والشمس بن الصائغ الحنفي بل قال والبرهان التنوخي، وقال المقريزي أنه أخذ عن ابن خلدون فأكثر وكان يتبجح بذكرذلك في دروسه وأنه مع ذلك لم ير ابن خلدون يجل أحداً كإجلاله إياه وأنه ترافق هو وإياه في الأخذ عن ابن صغير كان العز يقرأ عليه شرح الفصول لابن أبي صادق؛ ومضى في ترجمة أصيل بن الخضري محمد بن إبراهيم بن علي أنه قرأ على محمد بن عادل بن محمود التبريزي شيرين كتب ابن عربي في حكاية الله أعلم بصحتها، ونظر في كل فن حتى في الأشياء الصناعية كلعب الرمح ورمي النشاب وضرب السيف والنفط حتى الشعوذة حتى في علم الحرف والرمل والنجوم ومهر في الزيج وفنون الطب وكان من العلوم بحيث يقضي له في كل فن بالجميع وصار المشار إلبه في الديار المصرية في العقليات والمفاخر به لعلماء العجم تخضع له الرجال وتسلم له المقاليد بل هو في ذلك أمة وحده وفضلاء البلد كلهم عيال فيه، وكان يقول أعرف خمسة عشرعلماً لا يعرف علماء عصري أسماءها، وصنف التصانيف الكثيرة المنتشرة التي جمع هو أسماءها في جزء مفرد يقضي الواقف عليه العجب من كثرتها ولكن ضاع أكثرها بأيدي الطلبة والموجود منها النصف الأول من حاسية العضد وشرح جمع الجوامع وله على كل كتاب أقرأه - مع أنه كاد أن يقرئ جميع المختصرات - التصنيف والتصنيفان ما بين حاشية ونكت وشرح حتى أنه كتب على كل من علوم الحديث لابن الصلاح ومختصر جده البدر له شرحاً وعلى أربعي النووي وقصيد ابن فرج ثم لخص تخريج الرافعي لابن الملقن على ما ظهر له ومات عقبه؛ ولكنه لم يرزق ملكة في الإختصار ولا سعادة في حسن التصنيف، وكذا كان ينظم شعراً عجيباً غالبه غير موزون ولذا كان يخفيه كثيراً إلا عن من يختص به ممن لا يدري الوزن، وهو ممن قرض سيرة المؤيد لابن ناهض بلى كان أعجوبة دهره في حسن التقرير بحيث كان بين لسانه وقلمه كما بينه هو وآحاد طلبته، وأقرأ التنبيه والوسيط وشرح الألفية لابن المصنف وكتب عليه تصنيفاً والتسهيل والكشاف والمطول وكتب عليه شرحاً سماه المعول والمختصر وكتب عليه شيئاً سماه سبك النضير في حواشي الشرح الصغير؛ كل هذا مع الإنجماع عن بنيالدنيا وترك التعرض للمناصب ومهابته في النفوس. وقد نفق له سوق في الدولة المؤيدية وكارمه السلطان عدة مرار بجملة من الذهب ومع ذلك فكان يمتنع من الاجتماع به ويفر إذا عرض عليه ذلك؛ وحضر المجلس المعقود للهروي فلم يتكلم في جميع النهار كله مع التفاتهم إليه واستدعائهم للكلام منه بل سأله السلطان يومئذ عن تصنيفه في لعب الرمح فجحد أن يكون صنف فيه شيئاً، وكان يبر أصحابه ويساويهم في الجلوس ويبالغ في إكرامهم ويديم الطهارة فلا يحدث إلا توضأ ولا يترك أحداً يستغيب عنده أحداً؛ هذا مع ما هو فيه من محبة الفكاهة والمزاح واستحسان النادرة وكونه لا يتحاشى عن مواضع النزه والمفترجات ويمشي بين العوام ويقف على حلق المناقفين ونحوهم وربما يركب الحمار إذا ابعد ويقتصد في ملبسه، ولم يتفق له الحج مع حرص أصحابه له عليه ولا تزوج بلى كانت عنده زوجة أبيه فكانت تقوم بأم بيته وهو يبرها ويحسن إليها؛ وكان يعاب بالتزين بزي العجم من طول الشارب وعدم السواك حتى سقطت أسنانه. ذكره شيخنا في انبائه(3/472)
ومعجمه بحاصل ما تقدم، وقال في الأنباء: لازمته من سنة تسعين إلى أن مات وكان يودني كثيراً ويشهد لي في غيبتي بالتقدم ويتأدب معي إلى الغاية مع مبالغتي في تعظيمه حتى كنت لا أسميه في غيبته إلا إمام الأئمة، وكذا قال في المعجم: أخذت عنه شرح منهاج الأصول وفي جمع الجوامع وفي المختصر ابن الحاجب وفي المطول وقرأت عليه يعني أشياء منها الخامس من مسند السراج ووصفه بالإمام العلامة الفهامة الفريد الأصيل، وأجاز لي غير مرة ولأولادي. مات في العشرين من ربيع الآخر سنة تسع عشرة بعد انقضاء الطاعون وكان هو في غاية الاحتراز منه بحيث أنه لم يدخل في تلك الأيام الحمام وامتنع من مأكولات ومشروبات عينها لأصحابه فلما ارتفع وظن السلامة منه دخل الحمام وتصرف فيما كان احتمى منه فأصيب واشتد أسف الناس عليه ولم يخلف بعده مثله، وممن ترجمه ابن قاضي شهبة والمقريزي في عقوده وأنه كان في آخر عمره على خير من النسك وقيام الليل وحفظ اللسان والإعراض عن الدناسات التي طلب لها فزهد فيها ولم أزل أعرفه فان أباه كان يسكن بجوارنا، قال وقد تخرج به في الأصول والمنطق والمعاني والبيان والحكمة خلائق من المصريين والغرباء وطار اسمه وانتشر ذكره في الأقطار وقصده الناس من الشرق والغرب ولم يخلف في فنونه بعده مثله والعيني بل عمل لنفسه جزءاً اسماه ضوء الشمس في أحوال النفس ؛ وأخذنا عن خلق ممن أخذ دراية ورواية كابن الهمام وابني الأقصرائي والزين رضوان والأبي والسفطي وشعبان ومن قبلهم التقي الفاسي وابن موسى المراكشي ومن لايحصى كثرة كالبرهان بن حجاج الأبناسي والتلواني، وأول تحديثه سنة بضع وتسعين رحمه الله وإيانا.ومعجمه بحاصل ما تقدم، وقال في الأنباء: لازمته من سنة تسعين إلى أن مات وكان يودني كثيراً ويشهد لي في غيبتي بالتقدم ويتأدب معي إلى الغاية مع مبالغتي في تعظيمه حتى كنت لا أسميه في غيبته إلا إمام الأئمة، وكذا قال في المعجم: أخذت عنه شرح منهاج الأصول وفي جمع الجوامع وفي المختصر ابن الحاجب وفي المطول وقرأت عليه يعني أشياء منها الخامس من مسند السراج ووصفه بالإمام العلامة الفهامة الفريد الأصيل، وأجاز لي غير مرة ولأولادي. مات في العشرين من ربيع الآخر سنة تسع عشرة بعد انقضاء الطاعون وكان هو في غاية الاحتراز منه بحيث أنه لم يدخل في تلك الأيام الحمام وامتنع من مأكولات ومشروبات عينها لأصحابه فلما ارتفع وظن السلامة منه دخل الحمام وتصرف فيما كان احتمى منه فأصيب واشتد أسف الناس عليه ولم يخلف بعده مثله، وممن ترجمه ابن قاضي شهبة والمقريزي في عقوده وأنه كان في آخر عمره على خير من النسك وقيام الليل وحفظ اللسان والإعراض عن الدناسات التي طلب لها فزهد فيها ولم أزل أعرفه فان أباه كان يسكن بجوارنا، قال وقد تخرج به في الأصول والمنطق والمعاني والبيان والحكمة خلائق من المصريين والغرباء وطار اسمه وانتشر ذكره في الأقطار وقصده الناس من الشرق والغرب ولم يخلف في فنونه بعده مثله والعيني بل عمل لنفسه جزءاً اسماه ضوء الشمس في أحوال النفس ؛ وأخذنا عن خلق ممن أخذ دراية ورواية كابن الهمام وابني الأقصرائي والزين رضوان والأبي والسفطي وشعبان ومن قبلهم التقي الفاسي وابن موسى المراكشي ومن لايحصى كثرة كالبرهان بن حجاج الأبناسي والتلواني، وأول تحديثه سنة بضع وتسعين رحمه الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن عبد الكريم الشمس المقدسي العطار بها ويعرف بابن كريم بالتصغير. سمع من الصدر الميدومي مشيخته تخريج الحسيني وأولها المسلسل؛ وحدث سمع منه الفضلاء، قال شيخنا في معجمه: وكان خادم القبة المعراج بالمسجد الأقصى أجاز لأولادي في سنة إحدى وعشرين. وذكره المقريزي في عقوده وقال أنه ولد بغزة بعد الثلاثين وسبعمائة وكان عامياً صدوق اللهجة. مات سنة إحدى وعشرين كذا قال.(3/473)
محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن جلال الدين وربما خفف فقيل جلال ابن شمس الدين الأسعردي الدمشقي الصالحي النشار بها ويعرف بابن الخياطة. ولد فيما أخبرني به في أول المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة - وقيل في التي بعدها - بأسعرد وانتقل منها في صغره مع سلفه فقطن صالحية دمشق وسمع بها من أبي الهول الجزري؛ وحدث سمع منه الفضلاء ولقيته بها فقرأت عليه بعض الأجزاء وكان قد تكسب بالنشارة وأذن بالخانقاة القلانسية مع كون قيمها ثم أضر وشاخ وانقطع حتى مات في ربيع الأول سنة ست وستين بالصالحية وصلى عليه بالجامع المظفري ودفن بالسفح رحمه الله وقد ذكر لي أن لبعض سلفه مدرسة بأسعرد وذكر.
محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد عطية بن ظهيرة أبو سعيد القريشي المكي ويعرف كسلفه بابن ظهيرة، وأمه عائشة ابنة أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد المعطي الأنصاري. ولد بمكة ونشأ بها وسمع بها من عمه الجمال ابن ظهيرة وأجاز له في سنة خمس وتسعين ابن صديق وابن فرحون والمراغي والشهاب أحمد بن علي الحسيني وابنا ابن عبد الهادي وابنة ابن المنجا والعراقي والهيثمي وابن الكويك وآخرون. ومات سنة خمس عشرة بزبد ووصل نعيه لمكة في رمضان.
محمد البدر أبو البركات بن ظهيرة أخو الذي قبله، وأمه حسان ابنة راجح بن حسان الكناني. أجاز له في سنة تسع وثمانمائة ابن الكويك وابنة ابن عبد الهادي وجماعة منهم عمه. ومات صغيراً.
محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن ناصر الدين. هكذا نسبة بعضهم وهو غلط فأبو بكر كنية عبد الله لا ابنه.
محمد بن أبي بكر بن عبد الله ناصر الدين الفاوي بن الزكي. ولد سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة أو بعدها واشتغل قليلاً وأجاز له العز بن جماعة، وقال شيخنا في معجمه: سمعت منه عنه حديثاً استفدت من نوادره وكان صاحب دعابة ونوادر. مات في شوال سنة ست.
محمد بن أبي بكر بن عبد الوهاب بن أحمد بن عبد الوهاب بن أبي القسم ابن إبراهيم بن عطية الشمس أبو عبد الله بن الزين القابسي الأصل النشيني - نسبة لنشين القناطر بالغربية - ثم المحلى الشافعي والد أبي الطيب عبد الناصر ويعرف بابن أبي الشيخ موفق الدين وبابن الشيخ أبي بكر. ولد سنة سبع وسبعين وسبعمائة تقريباً بالمحلة وحفظ بها القرآن وصلى به والمنهاج والتبريزي والملحة والرحبية وعرضها إلا المنهاج على الشهاب المنصوري قاضي المحلة والمنهاج على القاضيين التاج عتيق والعز بن سليم وبحث مواضع متفرقة منه على أولهما، ورحل إلى القاهرة فسمع دروس الأبناسي والبلقيني وابن الملقن والنور والبكري، وعرض عليهم المنهاج في سنة خمس وتسعين وعلى الشهاب بن الناصح؛ ولقيه ابن فهد والبقاعي بالمحلة في سنة ثمان وثلاثين فأخذا عنه بعض الأجزاء وكان من عدول حانوت القطانين بها بارعاً في التوثيق مستحضراً للمنهاج بل ولى الحكم بها من سنة اثنتين وثلاثين إلى أن مات في آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وخمسين، وكان أبوه صالحاً عاقداً للأنكحة بالمحلة وأما عمه موفق الدين واسمه عمر فكان من كبار الأولياء ترك قضاء نشين وذلك أنه كان يليه فعزل فتوجه للقاهرة للسعي في عوده فرافقهم نصراني يلقب الشيخ لعظمه فيهم فكان سبباً لرجوعه عن السعي وكأنه لاشتراك أهل الكفر معهم في التعظيم الدنيوي، ورجع فأقرأ الأطفال مدة ثم انقطع للعبادة والاشتغال بالعلم حتى صار عين الناس بحيث كان السراج البلقيني يكاتبه بل يمدحه ومن ذلك قصيدة أولها:
سلام على الخل الولي الموفق ... ولي بفضل الله ما زال يرتقي(3/474)
محمد بن أبي بكر بن عثمان جدي الشمس أبو عبد الله البغدادي الأصل. السخاوي ثم القاهري والد الوالد عبد الرحمن الماضي ويلقب بابن البارد. قيل إن أصله من بغداد وأنه ولد بسخا ثم قدم القاهرة فجاور السراج البلقيني وسكن ببيت من أملاكه وأوقافه مجاور للدرب من ظاهره وقنع الشيخ عن أجرته بريحان وشهه يضعه على ضريح ولده البدر محمد في كل جمعة واختص بالشيخ بحيث أنه كان يلاطفه ويقول له كما سمعته غير مرة من الزين قاسم حفيد السراج اجعل هذه الدراهم بمكان مرتفع خوفاً م اللص فلان مشيراً لبعض أولاده، ثم اختص بعده بولده القاضي جلال الدين وحضر كثيراً عندهما في المواعيد والحديث وغيرها وكذا حضر مجالس غيرهما من العلماء والصلحاء؛ وأكثر من سماع السيرة النبوية وغيرها من كتب الحديث صار يستحضر أشياء من المتون والمغازي ويتلوا سوراً من القرآن ويسأل عماً يشكل عليه من أمر الدين وغيره من التحري في العبادة والمداومة على التجهد والأوراد من الأذكار ونحوها والتكسب لعياله بالغزل في سوق ابن جوشن من ميدان القمح بمبلغ يسير جداً، وحج وسافر مرة إلى الشام للتجارة ولا أستبعد أنه زار بيت المقدس والخليلي حينئذ واغتبط بصحبة جماعة من الأولياء كالشمس البوصيري وخلف الطوخي ويوسف الصفى والزين السطحي بحيث اندرج فيهم وعد واحداً منهم فوصفه الفخر عثمان البرماوي بالشيخ الصالح القدوة والأخ في الله تعالى وأشار إلى تقواه وخيره وولايته في آخرين ممن وصفه بالصلاح كشيخنا بل قال لي العلاء البلقيني أنه كان من يراه يشهد بولايته وصلاحه وما لقيت أحداً ممن يعرفه إلا وأثنى عليه بالصلاح والخير كالشمس بن المرخم والشريف جلال الدين الجرواني. ولما قدم الشيخ محمد بن سلطان القادري الآتي القاهرة وأنزله الجلال البلقيني بمدرسة والده التمس من الجلال رفيقاً صالحاً يتأنس به فأشار بالجد لعلمه بخيره ورغبته في صحبة الصالحين حتى أنه قال مرة للوالد وكان أبوهما صالحاً فكان يتردد إليه في كثير من الأوقات خصوصاًفي طرفي النهار، وقدرت وفاة أم الشيخ فاجتمع من تركتها نحو أربعمائة ناصري ذهباً فعرضها عليه ليتوسع بها لعلمه بقلة رأس ماله فامتنع بكونه في غنية عنها لأنه بورك له فيما معه وربما يفضي به التوسع إلى إشغال الذمة بزائد أو ناقص فقال له أنا لا أعطيه لك قراضاً بل هبة واستخر الله في ذلك فعاوده وصمم على الامتناع وقال أنما صحبتك لله فأمره بالتوجه به معه حتى فرقه على يديه فكانت كرامة لهما بل هي للجد أعظم، وكذا لما قدم الملك الجليل العالم صلاح الدين يوسف بن الناصر أحمد الأيوبي الآتي بعد رغبته عن الملك وزهده في الدنيا وإقباله على الآخرة في سنة سبع عشرة وأنزله الجلال أيضاً بالمدرسة صحبة الجد أيضاً واغتبط كل منهما بالآخر؛ ولم يزل على أشرف حال حتى مات بعد أن صعد الغرس خليل الحسيني والفقيه نور الدين المنوفي لعيادته واستبشر بقدومهما وقال لهما أشهد كما أني أشهد أن لا إله إلا الله وفاضت نفسه، وكان ذلك بعد سنة ثماني عشرة وصلى عليه القاضي جلال الدين ودفن بحوش صوفية البيبرسية رحمه الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن علي بن إبراهيم بن علي بن عدنان الشريف ناصر الدين بن عماد الدين بن علاء الدين الحسيني الدمشقي الحنفي سبط العلاء بن الجزري أخي الشمس المشهور، أمه خديجة أو عائشة العمرية والماضي عمه أحمد وولده العلاء علي والآتي أبوه. ولد في يوم الخميس حادي عشر جمادى الأولى سنة ست وعشرين وثمانمائة بدمشق، ممن تفقه بيوسف الرومي وعنه أخذ الأصلين وتميز فيهما وتلقي نقابة الإشراف بالشام وتدريس الريحانية والمقدمية وغير ذلك عن والده. مات في صفر سنة خمس وستين مسموماً من بعض الأعراب ولم يكمل الأربعين.(3/475)
محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي بكر بن محمد بن عثمان بن أبي الفتح نصر الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الغني بن محمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد ابن علي بن أبي بكر بن عبد الغني بن القسم بن عبد الرحمن بن القسم بن محمد بن أبي بكر الصديق إمام الدين بن الزين البكري البلبيسي المحلي ثم القاهري الحنبلي أخو عبد القادر وعلى الماضيين. ولد في سنة أربع وستين وسبعمائة ونشأ فحفظ القرآن وسمع مع أبيه على العسقلاني الشاطبية في مستهل ربيع الأول سنة خمس وثمانين ووصف بالفقيه الفاضل فكأنه كان قد اشتغل وكذا سمع على البلقيني والعراقي ولازمه في كثير من مجالس أماليه والهيثمي والأبناسي والغماري والصلاح الزفتاوي والتنوخي وابن أبي المجد وابن الشيخة والمراغي والحلاوي والسويداوي في آخرين، وتنزل في صوفية الحنابلة بالبرقوقية أول ما فتحت وكان بشرة بذلك بعض الأولياء قبل وقوعه فأنه كان يحكي أنه اجتاز حين عمارتها وهم يكلفون من يمد يحمل شئ من آلات العمارة فتوقف وتقاعد عنه فقال له شخص احمل يا فقير ولك منها نصيب أو كما قال؛ وكذا تنزل في بعض الجهات ولزم الأقامة بالمسجد الذي برأس حارة بهاء الدين بجانب الحوض والبئر يكتب المصاحف وغيرها ويطالع مع اشتغاله بالعبادة وصلة رحمه حتى مات في تاسع شعبان سنة ست وأربعين ودفن بحوش سعيد السعداء، وكان خيراً أربعة نير الشيبة منعزلاً عن لناس، رأيته كثيراً ولم يكن خطه في الصحة بذاك رحمه الله.
محمد بن أبي بكر بن علي بن حسن بن مطهر بن عيسى بن جلال الدولة بن أبي الحسن الصلاح الحسني السيوطي ثم القاهري الشافعي. ولد في شوال سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بأسيوط من الصعيد ونشأ بها فقرأ القرآن تلا به لورش على الشرف عبد العزيز بن محرز بن أبي القسم الطهطاوي بن حريز قال وكان شجي الصوت بالقراءة ومناقبه ومناقب أبيه جمة، ولأبي عمر وعلي الشهاب الدويني الضرير وبحث بها عليه في النحو، ثم انتقل به أبوه إلى مصر قبل القرن فعرض العمدة على الزين العراقي بعد أن صحح جميعها عليه وأجاز له، ثم عاد به فأقام إلى سنة ست فلقي تركياً سكراناً فراجعه كلاماً فطغى عليه فقتله فانتقل بأهله إلى القاهرة فقطنها وسكن بالصحراء ولازم الولي العراقي في الفقه والحديث والأصول والنحو والمعاني والبيان وكتب أماليه وأخذ الفقه أيضاً عن النور الأدمي والشمس البرماوي والبرهان البيجوري والنحو عن الشمسين الشطنوفي وابن هشام والعروض وغيره من علوم الأدب عن البدر الدماميني وقرأ عليه شرحه على الجرومية إلا اليسير من آخره، وحضر دروس العز بن جماعة وسمع رابع ثمانيات النجيب على التقي الزبيري وعلى الولي العراقي والنور الفوي الختم من الصفوة لابن طاهر وعلى النور الأبياري اللغوي أكثر أبي داود وابن ماجة وعلى ابن الجزري والزين القمني في آخرين وقرأ حزب النووي على يحيى بن محمد الشاذلي أخي أبي بكر الشهير، ولم ينفك عن الاشتغال حتى برع في فنون وتقدم في الأدب وجمع فيه مجاميع كرياض الألباب ومحاسن الآداب والمرح النضر والأرج العطر ومطلب الأديب ونظم في الخليل أرجوزة في خمسمائة بيت ونخبة شيخنا وغير ذلك فأكثر، وكتب الخط الحسن ونسخ به الكثير لنفسه ولغيره وكان يلم شعثه منه لتخليه عن الوظائف الدنيوية، لكنه ولي بعد سنة خمس وثلاثين تدريس مدارس بأسيوط وهي الشريفية والفائزية والبدرية الخضيرية ونظرها فلم يتم له ذلك فاستمر منقطعاً عن الاقتيات بالكتابة إلى أن بنى قراقجا الحسنى مدرسة بخط قنطرة طغز دمر وجعله خطيبها وإمامها وكفاه مؤونة كبيرة وأنشد مشيراً لارتقائه بالكتابة:
كتابتي أشكرها كم لها بي عائده ... فرأس مال أخذها وأستزيد فائده(3/476)
وربما كان شيخنا يستنيبه في الخطابة بالسلطان وقد لازمه كثيراً حتى قرأ عليه ديوانه الكبير وما علمت قرأه عليه غيره وطارحه غير مرة بل وعمل صداق المحب ابن الأشقر على ابنته رابعة أرجوزة أثبتها مع بعض مطارحاته معه في الجواهر، وكان شيخنا يجله ويصغي لمقاله وكذا وصفه الولي العراقي بالفاضل؛ اجتمعت به كثيراً وسمعت بقراءته على شيخنا في الديوان بل علقت عنه من نظمه، وكذا كتب عنه صاحبنا ابن فهد وغيره، وحج مراراً أولها في سنة ست وعشرين وجاور مرتين ، وسافر لدمشق وزار القدس والخليل ووصل في الصعيد إلى قوص ودخل اسكندرية وغيرها، وكان خيراً فاضلاً منجمعاً عن الناس حسن الهيئة والبزة نير الشيبة صنف سوى ما تقدم فضل صلاة الجماعة في جزء لطيف وشرح أربعي النووي في مجلدة في المسودة وفضل السيف على الرمي في كراسه. مات في صفر سنة ست وخمسين بمدرسة قراقجا وصلى عليه المناوي ودفن. ونظمه سائر ومنه مما كتب به على بعض المجاميع:
يا نعم مجموع حوى ضمنه ... كل المعاني فاغتدى أوحدا
أصبح فرضاً لا يرى مثله ... فأعجب لمجموع غدا مردا
ومنه في إبراهيم:
حبيبي قد فاق الملاح بحسنه ... وراح به كل كئيب وولهان
يا عذلى دعواي هذى وحسد ... وإن أنكروار ما قلته فهو برهان
محمد بن أبي بكر بن علي بن صلح الطرابلسي الحنبلي ويعرف بابن سلانة بالمهملة. رأيته يكتب ببعض الاستدعاءات في سنة أربع وخمسين بل رأيت بعض المكيين قرأ عليه البخاري سنة تسع وستين وأجاز؛ وكان فيما بلغني يستحضر قواعد ابن رجب مع ذكاء وفهم.(3/477)
محمد بن أبي بكر بن علي بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن إبراهيم البهاء أبو الفتح ابن الزين المشهدي القاهري الأزهري الشافعي والد البدر محمد الآتي وأبوه. ولد في ليلة الجمعة ثاني عشر صفر سنة إحدى عشرة وثمانمائة بالقرب من الأزهر وحفظ القرآن والعمدة والمنهاج الفرعي وجانباً من المنهاج الأصلي ومن ألفيتي الحديث والنحو وعرض العمدة على الولي العراقي والشمس البرماوي والبرهان البيجوري والسراج قاري الهداية والجمال يوسف البساطي وأبي القسم بن موسى بن محمد بن موسى العبدوسي في آخرين ممن أجاز له والشموس البوصيري والشطنوفي والعجيمي سبط ابن هشام وابن الديري والجلال البلقيني والجمال الأقفاصي والشهاب الصنهاجي والعلاء بن المغلي وغيرهم ممن لم يجز، واعتنى به أبوه فاسمعه من لفظ الولي العراقي على الشهاب الواسطي المسلسل وعليهما جزء الأنصاري وعلى ثانيهما فقط جزء ابن عرفة وجزء البطاقة ونسخة إبراهيم بن سعد وعلى النور الفوي ختم مسلم ومن لفظ أبي القسم العبدوسي غالب الشقا وعلى الكمال بن خير بعضه وعلى ابن الجزري أشياء وعلى الشمس بن المصري ختم ابن ماجة ومنتقى من مشيخة الفسوى، وطلب هو بنفسه بعد فأخذ معنا ومن قبلنا على جماعة بقراءته وقراءة غيره ولكنه لم يتميز في الطب، وبلغني أن سبط شيخنا خرج له شيئاً وهو أو أكثره وهم، وجود القرآن على الشهاب السكندري ولازم الشرف السبكي والقاياتي في الفقه ومن قبلهما أخذ فيه عن الشمس البرماوي وبأخره عن الونائي لكن يسيراً، واشتدت عنايته بملازمة القاياتي في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان وغيرها ورافق الزين طاهر في قراءته عليه لقطعة من الكشاف بل وأخذ عن طاهر نفسه غالب شرح الشاطبية للفاسي وعن المحلي شرحه لجمع الجوامع ما بين قراءة وسماع مع غيره من تصانيفه، وقرأ في حضره كثيراً من ألفية النحو بحثاً على الشمس الشطنوفي، وفي كبره مجموع الكلائي بتمامه على ابن المجد وحضر كثيراً من دروسه في الفرائض والحساب والميقات وغيرها ولازم الشمس البدرشي وقرأ في المنطق وغيره على الشمس الشرواني وكذا سمع فيه على أبي الفضل المغربي وأخذ أيضاً عن الكافياجي، ولازم شيخنا حتى قرأ عليه النخبة وشرح الألفية والمقدمة وغالب المشتبه وغيرها رواية ودراية، وكتب عنه أكثر أماليه وقطعة من آخر فتح الباري وأذن له في الأقراء والإفادة ووصفه في سنة سبع وأربعين بالفاضل العلامة البارع المحدث المفنن فخر المدرسين عمدة المتفننين، وكذا وصفه المحلي بالفقيه المحدث العالم في الأصول وغيره وقال إنه فهم منه أي من شرحه المعين المراد وتحققه وأفاد واستفاد وأذن له في الإفادة أيضاً؛ وممن أذن له في التدريس القاياتي ووصفه البقاعي في أبيه بالمحدث الفاضل المفنن، وحج صحبة والده ودخل معه أيضاً الشام واستقر في تدريس الاقبغاوية بعد وفاة ابن أخته أبي البقاء بن عبد البر السبكي وفي مشيخة التصوف لخشقدم بعد الظهر برواق الريافة من الأزهر وفي مشيخة الحديث بالزينية المزهرية أول ما فتحت من واقفها؛ وناب عن ولدي ابن القاياتي في تدريس الحديث بالبرقوقية وأعاد بالصالح والأبجيهية، وتنزل في غيرها من الجهات كسعيد السعداء وأقرأ بعض الطلبة بل حدث باليسير وربما كتب على ألفيتا وعلق على مختصر ابن الحاجب الأصلي شرحاً وكذا على جامع المختصرات وصل فيه إلى الفرائض وعلى أماكن من المنهاج الفرعي واعتنى بجمع الأوائل وعمل جزءاً في التسلي عن موت الأولاد والتقط من النقود والردود للكرماني ما يتعلق بالعضد سماه تلخيص المقصود في مجلدين في تعاليق سواها وكتب بخطه الكثير وقيد وحشى، كل ذلك مع الدين والخير والثقة والعدالو والأوصاف الجميلة والقناعة والتعفف والأنجماع عن الناس وصبر على ما يقاسيه من تربية البنات وتجهيزهن وخدمة العيال وكثرة الأمراض والرغبة في الاستفادة والمطالعة والتصدي لتلاوة الحديث في أوقات بالأزهر، وقراءته متقنة وصوته بها شجي مع التأني والإيضاح وجمود الحركة العتب على الدهر، وقد صحبته قديماً وسمع كل منا بقراءة الآخر على شيخنا وغيره؛ وسمعت من فوائده وكتب عني أشياء بل كتب على بعض الاستدعاءات، ولم يزل يطالع ويكتب إلى أن تعلل أياماً ثم مات في يوم السبت عاشر جمادى الثانية سنة تسع وثمانين وصلى عليه في عصر يومه ثم دفن بحوش سعيد السعداء رحمه(3/478)
الله وإيانا.لله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي البركات أمين الدين أبو النصر وأبو اليمن بن الفخر بن ظهيرة القرشي المكي الحنفي أخو عبد العزيز وعبد المعطي، أمه قدم الخير الزنجية فتاة أبية. ولد وحفظ القرآن والمجمع أوجله واشتغل قليلاً عند العلاء بن الجندي نقيب زكريا في مجاورته وعند غيره وأخذ عن إسماعيل بن أبي يزيد في النحو وعن عبد النبي المغربي في أصول الدين ولازمني في سنة سبع وتسعين في البخاري وغيره بل كان سمع علي في حياة أبيه سنة ست وثمانين وسمع على ابن عمه.
محمد جلال الدين أبو البقاء أخو الذي قبله. ممن سمع علي وكذا على ابن عمه أيضاً وحفظ القرآن وأربعي النووي.
محمد بن أبي بكر بن علي بن محمد بن علي بن محمد المحب بن القاضي التقي الحريري الدمشقي الآتي أبوه. ممن سمع على شيخنا في سنة ست وثلاثين بدمشق.
محمد بن أبي بكر بن علي بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن درغام بن ظعان بن حميد الجمال أبو عبد الله الأنصاري الذروي المصري ثم المكي الزبيدي الشافعي ويعرف بالجمال المصري. ولد في سنة تسع وأربعين وسبعمائة أو التي قبلها أو بعدها بالذروة من صعيد مصر ونشأ بها إلى أن بلغ أو راهق فقدم مكة فاستوطنها وسمع بها على العز بن جماعة منسكه الكبير بفوت وغيره ومن أحمد بن سالم والجمال ابن عبد المعطي والاميوطي وزينب ابنة أحمد بن ميمون التونسي؛ وأجاز له الصلاح الصفدي وابن الهبل وعمر الشحطبي وست العرب وخلق؛ واشتغل قليلاً وصحب أبا الفضل النويري القاضي وخدمه كثيراً فلما علم نجابته صار يرسله في مصالحه وهديته لصاحب اليمن فاشتهر ذكره وقبل موته تغير عيله، وسكن زبيد واستوطنها وخدم إسماعيل الجبرتي فناله بسببه شئ كثير وداخل الاعيان من أهلها فنمى أمره إلى الأشرف صاحب اليمن فقر به وأدناه واتصل فاستظرفه لكثرة مجونه وأقبل عليه وصار يحضر مجلسه وولاه حسبة زبيد ثم صحب السراج بن سالم لما ولي شد زبيد بعد عودة من مكة وحصل دنيا وأملاكاً وتزايد أمره وقويت مهابته وحرمته في مبادئ أيام الناصر بن الأشرف لأنه صار يرسله إلى عدن وغيرها لإحضار الأموال منها بحيث ولي إمرة زبيد في بعض السنين ثم صرف عنها ومع ذلك فكان أمره بها أنفذ من الأمير ثم انحط عن الناصر وولي نظر أوقاف المدارس التي بمكة عدة سنين، وحدث سمع منه الطلبة وكان كثير التلاوة شجي الصوت كثير الفكاهة والمزاحة ملجأ القاصدين الواردين حسن السفارة لهم سيما الحجازيين، وابتلى قبل موته بكثرة البرد حتى صار يحمل إلى الحمام فيمكث فيه الزمن الطويل وإذا خرج منه يوضع في قدر فيه ماء حار فيما قيل. مات في ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة عشرين بزبيد ودفن بمقبرة إسماعيل الجبرتي عفا الله عنه؛ وخلف عشرين ولداً ذكراً، ذكره الفاسي ثم ابن فهد في معجمه وهو باختصار في أنباء شيخنا وقال في معجمه: لقيته مراراً في الدولتين يعني الأشرفية والناصرية وهو على ما عهدته من المودة والمروء، وسمعت منه قليلاً بوادي الحصيب. وكذا ذكره المقريز في عقوده وكرره وأنه رزق زيادة على عشرين ولداً ذكراً؛ قال وكان إذا قام حول الكعبة في رمضان يكاد الناس يفتتنون به من الازدحام على سماعه مع مروءة وإحسان للغرباء، وابتلى بكثرة البرد حتى كان يغلي له الماء في قدر ويجلس فيه مع شدة حرارته.(3/479)
محمد النجم الأنصاري الذروي الأصل المكي أخو الذي قبله ويعرف بالمرجاني. ولد في إحدى الجماديين سنة ستين وسبعمائة بمكة ونشأ بها فسمع العز ابن جماعة والكمال بن حبيب وأحمد بن سالم والجمال بن عبد المعطي والعفيف النشاوري في آخرين بل قرأ جملة من الكتب والأجزاء على الجمال الأميوطي، ورحل إلى دمشق فقرأ بها على محمد بن أحمد المنبجي بن خطيب المزة أشياء كمسندي عبد والدارمي ومسند الشامي وسمع المحب الصامت وغيره من أصحاب التقي سليمان بن حمزة وكذا من ابن الصيرفي والكمال بن النحاس وجماعة بإفادة الياسوفي وغيره وكان يثني عليه وعلى فضائله؛ وأجاز له جماعة تجمعهم مشيخته تخريج التقي بن فهد بل هو الذي استجاز للتقي الفاسي. واشتغل كثيراً فحضر الفقه والأصلين عند القاضي أبي الفضل النويري والجمال الأميوطي وغيرهما والنحو عند نحوي مكة أبي العباس ابن عبد المعطي وأبي عبد الله المغربي النحوي وغيرهما؛ وتميز في الفقه ومهر في العربية ومتعلقاتها بحيث لم يبق في الحجاز من يدانيه فيها مع معرفة بالأدب ونظم ونثر وكتب الشروط عند المحب النويري وقرأ عليه بعض كتب الحديث لمزيد من المودة بينهما بل كان يلائم من قبله والده القاضي أبا الفضل كثيراً، ودخل اليمن مراراً وولي تدريس المنصورية بمكة سنة إحدى وثمانمائة مع نظر المدارس الرسولية بمكة واستمر إلى أن مات غير أنه انفصل عن النظر نحو سنة ورغب عن التدريس لولده الكمال أبي الفضل، وكان حسن الايراد لما يلقيه لجودة عبارته وقوة معرفته بالعربية، مليح الكتابة سريعها ذا مروءة كثيرة وحياء وتواضع وانصاف مع تخيل يزيله أدنى شئ وانجماع وانقباض وعدم تصد للأشغال وإقبال على شأنه واهتمام بأمر عياله؛ وتمول بعد تقلل بسعي جميل وكتب كثيرة نفيسة يسمح بعاريتها بل ربما يبر بمعلومه في النظر والتدريس من ليس له في المدارس اسم من الطلبة ونحوهم؛ وجمع شيئاً في طبقات الشافعية كأنه اختصره من طبقات الأسنوي ونظم قصيدة مفيدة سماها مساعد الطلاب في الكشف عن قواعد الأعراب ضمنها ما ذكره ابن هشام من معاني الحروف في كتابه مغنى اللبيب وقواعد الإعراب وما لغيره في المعنى وشرحها وكذا نظم أبياتاً في دماء الحج وشرحها؛ وحدث سمع منه الطلبة وكانت وفاته بعد تمرض نصف سنة في وقت عصر يوم السبت خامس رجب سنة سبع وعشرين بمكة، وصلى عليه صبح الأحد ثم دفن بالمعلاء رحمه الله وإيانا، ذكره الفاسي ثم ابن فهد في معجمه وشيخنا في إنبائه باختصار فقال وتصدى للتدريس والإفادة وله نظم حسن ونفاذ في العربية وحسن عشرة، سمعت منه قليلاً من حديثه ومن نظمه كانت بيننا مودة، وقال في معجمه أنه سمع منه حديثا ًبالطور وأنشدنا كثيراً لنفسه ولغيره ومهر في العربية حتى لم يبق في بلاد الحجاز من يدانيه فيها لكنه كان يؤثر الانجماع ولا يتصدى للأشغال، ودخل اليمن مراراً وقدم القاهرة سفيراً لصاحبيها في تحصيل كتب استدعياها وأجاز لأولادي مراراً آخرها سنة إحدى وعشرين، قلت والجمع بين التصدي وعدمه ممكن؛ وهو ممن أخذ عن شيخنا أيضاً. وذكره المقريزي في عقوده وأنه حدثه بكثير من أحوال السلف.(3/480)
محمد الجمال أبو عبد الله الأنصاري أخو اللذين قبله وهو أصغرهما ويعرف بالمرشدي وهو جد أبي حامد محمد بن عمر الآتي والماضي أبوه. ولد في سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة وسمع بها من العز بن جماعة السيرة الصغرى له وغيرها كالبردة ومن الجمال بن عبد المعطي والنشاوري في آخرين، وأجاز له الصلاح وابن أميلة وابن الهبل وابن النجم وغيرهم تجمعهم مشيخته للتقي بن فهد. وتلا لأبي عمرو ثم لابن كثير علي يعقوب بن عبد الرحمن بن عبد الكرم العمري المالكي ولقي شخصاً يسمى محمد بن علي بن محمد الخطيب الصوفي فصافحه وشابكه وألبسه الخرقة كما سيأتي في ترجمته. وحدث سمع منه الطلبة وكان خير ديناً ورعاً زاهداً منجمعاً عن الناس زار النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسين سنة شيئاً على قدميه. وكذا زار بيت المقدس ثلاث مرار ولقي بها رجلاً صالحاً كانت عنده ست شعرات مضافة للنبي صلى الله عليه وسلم ففرقها عند موته على ستة أنفس بالسوية كان هذا أحدهم كما سبق في ترجمة ولده عمر. ودخل القاهرة وبلاد اليمن. وهو أحسن إخوته ديانة وأكثرهم إنجماعاً. مات بالمدينة النبوية في رمضان سنة تسع وعشرين.ذكره ابن فهد في معجمه. وباختصار المقريزي في عقوده وعين وفاته بمكة فوهم قال وكان منجمعاً عن الاختلاط بالناس. وقال شيخنا في معجمه: سمعت منه قليلاً ببعض بلاد اليمن قال وهؤلاء الأخوة الثلاثة اشتهر كل منهم بنسبة غير نسبة الآخر أما الأكبر وهو المصري فنسبته حقيقة لأن أصله وأما الأوسط وهو المرجاني فانتسب إلى بعض أجداده من قبل الأم وأما هذا فلا أدري لمن انتسب. قلت لقول الشيخ أحمد المرشدي لأبيه وأمه حامل به: هو ذكر فسمه محمداً المرشدي.
محمد بن أبي بكر بن علي ناصر الدين الديلي المقدسي الشافعي نزيل سعيد السعداء. أخذ عن ابن حسان وغيره ونبل؛ وكان خيراً متواضعاً. مات قبل التكهل في يوم الأحد تاسع ربيع الأول سنة خمس وخمسين ودفن بحوش الصوفية السعيدية رحمه الله.
محمد بن أبي بكر بن علي الشطنو في ابن عم الشهاب أحمد بن محمد بن إبراهيم الماضي. ممن سمع مني بالقاهرة.
محمد بن أبي بكر بن علي الشامي الصواف. ممن سمع مني القاهرة أيضاً.
محمد بن أبي بكر بن علي الغزي الحنفي سبط أخي العلاء الغزي أمام الأشرف اينال ويعرف هذا بابن بنت الحميري. قدم القاهرة مراراً في التجارة وغيرها وقرأ علي بعض قدماته الأذكار وأربعي النووي وعمدة القاري في ختم البخاري من تصانيفي وغالب شرحي على الهداية الجزرية في البحث مع سماع باقية وغير ذلك مما أثبته له في كراسة، وتشبه بالطلبة وقتاً ثم تزوج واشتغل بما يهمه.(3/481)
محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي بكر بن محمد بن سليمان بن جعفر ابن يحيى بن حسين بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن علي بن صالح ابن إبراهيم البدر القرشي المخزومي السكندري المالكي ويعرف بابن الدماميني وهو حفيد أخي البهاء عبد الله بن أبي بكر شيخ شيوخنا وأخيه محمد شيخ الزين العراقي وسبط ناصر الدين بن المنير مؤلف المقتفي والانتصاف من الكشاف، والثلاثة من المائة الثامنة. ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة باسكندرية وسمع بها من البهاء بن الدماميني قريبه المشار إله وعبد الوهاب القروي في آخرين وكذا بالقاهرة من السراج بن الملقن والمجد إسماعيل الحنفي وغيرهما وبمكة من القاضي أبي الفضل النويري، واشتغل ببلده على فضلاء وقته فمهر في العربية والأدب وشارك في الفقه وغيره لسرعة ادراكه وقوة حافظته، ودرس باسكندرية في عدة مدارس وناب بها عن ابن التنسي في الحكم وقدم معه القاهرة وناب بها أيضاً بل تصدر بالأزهر لإقراء النحو، ودخل دمشق مع ابن عمه سنة ثمانمائة وحج منها ثم رجع إلى بلده وأقام بها تاركاً النيابة بل ولى خطابة جامعها مع إقبال على الاشتغال وإدارة دولاب متسع للحياكة وغير ذلك إلى أن وقف عليه مال كثير بل واحترقت داره ففر من غرمائه إلى جهة الصعيد فتبعوه أحضروه إلى القاهرة مهاناً فقام معه التقي بن حجة وأعانه كاتب السر ناصر الدين بن البارزي حتى صلح حاله وحضر مجلس المؤيد، وعين لقضاء المالكية بمصر فرمى بقوادح غير بعيدة عن الصحة، واستمر مقيماً إلى شوال سنة تسع عشرة فحج وسافر لبلاد اليمن في أول التي تليها فدرس بجامع زبيد نحو سنة ولم يرج له بها أمر فركب البحر إلى الهند فاقبل عليه أهلها كثيراً وأخذوا عنه وعظموه وحصل دنيا عريضة فلم يلبث أن مات، وكان أحد الكملة في فنون الأدب أقر له الأدباء بالتقدم فيه وبإجادة القصائد والمقاطيع والنثر، معروفاً باتقان الوثائق مع حسن الخط والمودة، وصنف نزول الغيث انتقد فيه أماكن من شرح لامية العجم للصلاح الصفدي المسمى بالغيث الذي انسجم قرضه له أئمة عصره فأمعنوا وكذا عمل تحفة الغريب في حاشية مغنى اللبيب وهما حاشيتان يمنية وهندية وقد أكثر من تعقبه فيها شيخنا التقي الشمني وكان غير واحد من فضلاء تلامذته ينتصر للبدر، وشرح البخاري وقد وقفت عليه في مجلد وجلة في الإعراب ونحوه، وشرح أيضاً التسهيل والخزرجية وله جواهر البحور في العروض وشرحه والفواكه البدرية من نظمه ومقاطع الشرب وعين الحياة مختصر حياة الحيوان للدميري وغير ذلك وهو أحد من قرض سيرة المؤيد لابن ناهض. مات في شعبان سنة سبع وعشرين بكلبرجا من الهند ويقال أنه سم في عنبا ولم يلبث من سمه بعد إلا يسيراً، ذكره ابن فهد في معجمه وشيخنا لكن في السنة التي تليها من انبائه. وأما في معجمه فأرخ وفاته كما هنا وقال إنه كان عارفاً بالوثائق حسن الخط رائق النظم والنثر جالسته كثيراً وطارحته بها وكثر اجتماعنا في ذلك؛ أجاز لي ولأولادي مراراً، وذكره المقريزي في عقوده وأنه ممن لازم ابن خلدون وكان يقول لي أنه ابن خالته وأشار لأن ما رمى به من القوادح غير بعيد عن الصحة وأرخ وفاته في شعبان سنة سبع وعشرين. قلت وممن أخذ عنه الزين عبادة ورافقه إلى اليمن حتى أخذ عنه حاشية المغني وفارقه لما توجه إلى الهند. ونظمه منتشر ومنه وقد لزمه في دين شخص يعرف بالحافظي فقال للمؤيد وذلك في أيام عصيان نوروز الحافظي نائب الشام:
أيا ملك العصر ومن جوده ... فرض على الصامت واللافظ
أشكو إليك الحافظ المعتدي ... بكل لفظ في الدجى غائظ
وما عسى أشكو وأنت الذي ... صح لك البغي من الحافظ
ومنه :
رماني زماني بما ساءني ... فجاءت نحوس وغاب سعود
وأصبحت بين الورى بالمشيب ... عليلا فليت الشباب يعود
وقوله:
قلت له والدجى مول ... ونحن بالأنس في التلاقي
قد عطس الصبح يا حبيبي ... فلا تشمته بالفراق
وقوله:
يا عذولي في مغن مطرب ... حرك الأوتار لما سفرا
كم يهز العطف منه طرباً ... عند ما تسمع منه وترى
وقوله:
بدا وكان قد اختفى من مراقبه ... فقلت هذا قاتلي بعينه وحاجبه
وقوله:(3/482)
لا ما عذاريك هما أوقعا ... قلب المحب الصب في الحين
فجد له بالوصل واسمح به ... ففيك قد هام بلامين
وقوله:
مذ تعانت صناعة الجبن خود ... قتلتنا عيونها الفتانة
لا تقل لي كم مات فيها قتيل ... كم قتيل بهذه الجبانة
وقوله:
قم بنا نركب طرفاللهو سبقاً للمدامواثن ياصاح عنانيلكميت ولجام
وقوله:
الله أكبر يا محراب طرته ... كم ذا تصلى بنار الحرب من صاب
وكم أقمت باحشائي حروب هوى ... فمنك قلبي مفتون بمحراب
وقوله وقد ولاه ناصر الدين بن التنسي العقود:
يا حاكماً ليس يلفي ... نظيره في الوجود
قد زدت في الفضل حتى ... قلدتني بالعقود
وقوله في البرهان المحلي التاجر:
يا سرياً معروفة ليس يحصى ... ورئيساً زكا بفرع وأصل
مذ علا في الورى محلك عزاً ... قلت هذا هو العزيز المحل
وقوله في الشهاب الفارقي:
قل للذي أضحى يعظم حاتماً ... ويقول ليس جوده من لاحق
إن قسته بسماح أهل زماننا ... أخطأ قياسك مع وجود الفارق
وله مع شيخنا مطارحات كثيرة كان جلها في القرن قبله أودعت منها في الجواهر جملة بل أورد البدر بعضها فيما كتبه على البخاري متبجحاً به.
محمد بن أبي بكر بن عمر بن عثمان بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله البدر الناشري والد أبي بكر وعلي. مات بعد الثمانمائة. حكى عنه أبو الحسن الخزرجي في ترجمة أبيه المتوفي في سنة ستين وسبعمائة أنه لما حج المجاهد مدحه بقصيدة ضمنها مناسك الحج.
محمد بن أبي بكر بن عمر بن عرفات المحب أبو اليمن بن الزين الأنصاري القمني الصل القاهريالشافعي الآتي أبوه. ولد في جمادى الثانية سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن عند الشهاب أحمد بن محمد بن عماد البنبي وغيره وجوده على الفخر البلبيسي الضرير ثم تلا به لأبي عمرو على الفخر البرماوي وحفظ المنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك وعرضها على النور الدمي وغيره، واعتنى به أبوه فأحضره على التاج بن الفصيح والصلاح الزفتاوي والأبناسي والغماري والمراغي والجمال الرشيدي وابن الداية وغيرهم، وأسمعه على التنوخي وابن أبي المجد وابن الشيخة والحافظين العراقي والهيثمي وسمع من أولهما كثيراً من أماليه؛ والتقي الدجوى والفرسيسي والحلاوي والسويداوي والجمال بن الشرائحي والولي العراقي وستيتة ابنة ابن غالي في آخرين وأجاز له أبو هريرة بن الذهبي وأبو الخير بن العلائي وآخرون من الشاميين بل وطائفة من اسكندرية، وأخذ الفقه عن أيه والبرهان البيجوري والشموس البرماوي والشطنوفي والغراقي ومن قبلهم عن بعضهم؛ والعربية عن الشطنوفي والفخر البرماوي، ودرس بعد أبيه بالمنصورية؛ وممن كان يحضر عنده فيها العلاء القلقشندي وبالشريفية المجاورة لجامع عمرو وكانت بعد أبيه عينت اللقاياتي فتلطف به الزين عبد الباسط حتى تركها له وبالظاهرية القديمة وباشر النظر عليهما وقتاً وانتزع النظر منه وكذا ولي غيرها، وناب في القضاء وقتاً ثم أعرض عنه؛ وسافر مع أبيه إلى مكة وهو في الثالثة ثم حج معه أيضاً في سنة تسع عشرة ودخل اسكندرية وغيرها، وحدث سمع منه الفضلاء أخذت عنه شياء؛ وكان خيراً سمحاً متعبداً بالتهجد في الصوم والإعتكاف متواضعاً متودداً لين الجانب شبيهاً بشكل أبيه ولكن مادته في العلم ضعيفة ولذا عيب أبوه بقوله عنه الرافعي والروضة نصب عينه وربما اعتنى بتوجيهه بكونهما مقابلة في الكتيبة. مات وقد عرض له انتفاخ زائد بأنثييه من مدة في يوم الاثنين رابع عشر رجب سنة تسع وخمسين رحمه الله وإيانا.(3/483)
محمد بن أبي بكر بن عمر بن عمران بن نجيب بن عامر الشمس أبو الفضل الأنصاري الأوسي السعدي المعاذي الدنجاوي ثم القاهري الدمياطي الشافعي الصوفي القادري الجوهري الشاعر ويعرف بالقادري. ولد في سنة تسع عشرة وثمانمائة تقريباً - وجزم في نظمه بأنه في سنة عشرين وحينئذ فمن قال خمس عشرة فقد أبعد - بدنجية قرب دمياط ثم نقله عمه إلى بهنسا من صعيد مصر فقرأ بها القرآن عند البهاء بن الجمال وتلاه عليه لأبي عمرو وحفظ الشاطبية ثم انتقل قبل إكماله العشرين مع عمه أيضاً إلى القاهرة فقطنها واشتغل يسيراً ولازم المناوي وغيره، وحج في سنة أربع وثلاثين وزار وسافر إلى الصعيد وغيرها وتردد لدمياط وقطنها مراراً؛ وناب في القضاء بها عن الأشموني أيام الزيني زكريا، وعني نالدب فلم يزل ينظم القصائد حتى جاد نظمه وغاص في بحاره عن المعاني الحسنة وأتى بالقصائد الجيدة وخمس البردة ومدح كثيراً من الرؤساء كالحسام بن حريز، وله في شيخه المناوي غرر المدائح؛ بل امتدح شيخنا بقصيدة أثبت غالبها في الجواهر وكذا امتدحني بأبيات وناظر الجيش في سنة إحدى وتسعين فيما بعدها بقصائد عند ختومه بل مدح الكمال الطويل وغيره مما الحامل له على أكثرة وعلى القضاء مزيد الحاجة ولذا نزله تغري بردى الاستادار في صوفية سعيد السعداء، وهو ممن طارح الشهاب الحجازي وابن صالح والمنصوري فمن دونهم، وكتب الخط الحسن من غير شيخ فيه، وتكسب في سوق الجوهريين وقتاً، لقيته بدمياط وغيرها وقصدني بالزيارة، وهو إنسان حسن متواضع جيد الذكاء والفهم بارع في النظم مشارك في العربية، بل قال البقاعي أنه لو اشتغل فيها لفاق في الأدب؛ ومما كتبته عنه بدمياط:
يا من تنزه عن شبيه ذاته ... وصفاته جلت عن التشبيه
أمنن علي بفيض رزق واسع ... واجعل لمنهاج التقي تنبيه
وقوله:
يا من أحاط بكل شئ علمه ... والخلق جمعاً تحت قهر قضائه
إرحم مسيئاً محسناً بك ظنه ... يرجوك معتمداً بحسن رجائه
وعندي من نظمه أشياء وكاد الانفراد عن شعراء وقته من مدة.
محمد بن أيب بكر بن عمر بن محمد القباني. قال شيخنا الزين رضوان ينظر أهو ابن الباهي الذي بسر ياقوس أو غيره. وسمي البقاعي جده محمداً وعمر أشبه.
محمد بن أبي بكر بن عمر الزرحوني ويعرف بسماقة. كان في الحفظ للاشعار والملح والنوادر وعمل الصناعات الكثيرة بيده آية من آيات الله ولكنه وس خ الثياب زري الهيئة لا يترفع عما يستقذر ولا يتنزه عما يستقبح بل يتكسب بالحرف الدنية حتى مات قبيل سنة عشر. ذكره المقريزي في عقوده وقال إنا كنا عند السالمي في سفر فمر بوسطنا فأر فثار الجماعة فقتلوه فأنشد هذا ارتجالاً:
في خيمة السالمي الحبر سيدنا ... ما زال عرس موت بالأكف خطب
مؤذياً دائماً أبداه من حرم ... وكل مؤذ أتى للسالمي عطب
محمد بن أبي بكر بن عيسى الصحراوي القاهري الهرساني. ممن سمع على الميدومي وروى عنه شيخنا وغيره وصحب الفقراء. مات في المحرم ستة ثمان، ذكره المقريزي في عقوده وينظر معجم شيخنا.
محمد بن أبي بكر بن أبي الفتح بن عمر بن علي بن أحمد بن محمد شجاع الدين أبو عبد الله بن الإمام نجيب الدين السجزي الحنفي إمام المسجد الحرام. مات في رجب سنة ست. هكذا أرخه أبو البقاء بن الضياء ووهمه صاحبنا ابن فهد وقال إن والده حدث في سنة ست عشرة وستمائة بتاريخ الأزرقي وترجمة التقي الفاسي.
محمد بن أبي بكر بن أبي الفتح بن السراج. مضى فيمن جده أحمد بن أبي الفتح.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن جعمان اليماني الشافعي.تفقه ببلده قرية الفقيه أحمد بن موسى بن عجيل على خاليه الفقيه رضى الدين الصديق بن إبراهيم بن جعمان والشرف أبي القسم، ودرس وأفاد وتقدم في الفرائض والجبر والمقابلة وكان فقيهاً علامة. مات في رمضان سنة ست وخمسين وأرخه الكمال موسى الدوالي وهو ممن أخذ عنه في منتصف شوالها وأطال ترجمته في صلحاء اليمن من تأليفه.(3/484)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم بن محمد المحب القاهري الزرعي الشافعي ويلقب بيضون النغرور. ولد في سنة ثمان وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها وجلس بحانوت الحنابلة المجاور للبيسرية بين القصرين ولازم كتابة الأشعار والنظر في دواوينها فاطلع من ذلك على شئ كثير بحيث كان يخرج للناس مقاطيع وقصائد فائقة جداً وفيها المرقص والمطرب ويدعيها لنفسه فاغتر به كثير من الجهال وكتب عنه البقاعي في سنة ثمان وثلاثين مبايعتة رجزا وبالغ في ذمها فالله أعلم بسبب ذلك. مات في حدود سنة خمسين أو بعدها بدمشق. محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن عثمان المحب الطوخي. صوابه ابن أبي بكر محمد بدون ابن بينهما وسيأتي.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف. في ابن عبد الله بن محمد بن أحمد. محمد بن أبي بكر بن محمد بن إسماعيل القلقشندي القدسي. في أبي الحرم من الكني.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن الحسين الكمال أبو الفضل حفيد أبي الفرج بن الزين المراغي الأصل المدني الماضي جده. ولد سنة ثمان وخمسين وثمانمائة سنة مات والده بالمدينة ونشأ بها وسمع على جده وابنه أخي جده فاطمة ابنة أبي اليمن المراغي، وسافر إلى الهند فدام مدة ثم قدم في سنة ثمان أو تسع وثمانين. ومات بالروم وكان دخلها لقبض أوقافهم فمات بها سنة أربع وتسعين وخلب ابنه عبد الحفيظ .
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن محمد بن ناصر الجمال القرشي العبدري الشيبي المكي. مات بها في يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين. أرخه ابن فهد.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر الشمس أبو الفتح بن الشرف بن ناصر الدين المنوفي السرسي الأصل القاهري الشافعي المقري ويعرف بابن الحمصاني وربما يقول الحمصي نسبة لحرفة جده لأمه. ولد تقريباً سنة إحدى عشرة وثمانمائة ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والشاطبيتين ألفية النحو وبعض جمع الجوامع والمنهاج الأصليين وغيرهما وعرض العمدة على الولي العراقي في سنة اثنتين وعشرين ثم التنبيه في سنة ست وعشرين وهو معزول وأمره بالتوجه للقاضي المستقر ليعرض عليه قبل كتابته لئلا تكون رؤيته لخط أحد وتقديم غيره عليه مانعاً لسماعه في آخرين كشيخنا والبساطي وابن المغلي ممن أجازه منهم البدر بن الأمانة والزين القمني والشهاب بن المحمرة والتاج الميموني؛ واعتنى بالقراءات فكان من شيوخه بالقاهرة فيها الشيخ حبيب ثم التاج بن تمرية ثم الأمين بنموسى والثلاثة كانوا شيوخ القراءات بالشيخونية على الترتيب هطذا وابن كزلبغا بل سمع على ابن الجزري وأخذها بمكة حين مجاورته بها عن الزين بن عياش وقرأ عليه قصيدته غاية المطلوب وعن علي الديروطي وتلا لعاصم وغيره في ختمتين على محمد الكيلاني، وتميز في القراءات واشتغل بغيرها يسيراً فأخذ الفقه عن الشرف السبكي والجمال يوسف الامشاطي وقرأ المتوسط شرح الحاجبية مع المتن على السيفي الحنفي ولازمه في فنون وكتب على الزين بن الصائغ وسمع على الزين الزركشي صحيح مسلم وعلى شيخنا في جامع طولون وأم هانئ الهورينية وآخرين بالقاهرة وحسين الأهدل وأبي الفتح المراغي وابن عياش بمكة وقرأ ألفية النحو على الشهاب السكندري المقري؛ وولي الإمامة بجامع ابن طولون تلقاها عن ابن شيخنا وهو شحنة آلاته ووقف للسلطان غير مرة للشكوى من عدم الصرف له ، وتدريس القراءات بالشيخونية بعد شيخة الأمين، وتصدى للأقراء فانتفع به خلق وممن قرأ عليه الزين زكريا الدميري إمام الحسنية والشمس النوبي وصحب خير بك حديد فكان يقرأ عليه، وهو إنسان خير ساكن متواضع قصدني للاشهاد عليه في إجازة ومرة لعرض ابنه علي وسمعت كلامه، ومسه مكروه من ابن الاسيوطي مع كونه في عداد طلبته فصبر ورأيته شهد عليه في إجازة فوصفه فيها بالشيخ الإمام العالم الفاضل الكامل الصالح شيخ الإقراء وأستاذ القراء الإمام بالجامع الطولوني نفعنا الله ببركته. مات في رجب سنة سبع وتسعين بالطاعون رحمه الله وإيانا.(3/485)
محمد بتت أبي بكر بن محمد بن أبي قوام الدين أبو يزيد بن الشرف الحبشي الأصل الحلبي الآتي أبوه وجده وهو أكبر إخوته. حفظ الشاطبية وعرضها بحلب في سنة ثلاث وثمانين وثمانمائة وسافر مع أبويه وإخوته إلى مكة فزار بيت المقدس وعرض أماكن منها ومن الرائية على إمام الأقصى عبد الكريم بن أبي الوفاء في جمادى الأولى سنة خمس وثمانين ثم قدمها فجاور بها سنتين واشتغل بها يسيراً وسمع مع أبيه علي ومني أشياء وعرض أيضاً على القاضي الحنبلي السيد محي الدين أوقفني على نظم ركيك عمله في السيل، أم بالجامع الكبير نيابة.(3/486)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن حريز ويدعى محرز بن أبي القسم بن عبد العزيز بن يوسف حسام الدين أبو عبد الله الحسني المغربي الأصل الطهطاوي المنفلوطي المصري المالكي أخو عمر الماضي ويعرف بابن حريز - بضم المهملة ثم راء مفتوحة آخه زاي. ولد في العشر الأخير من رمضان سنة أربعع وثمانمائة بمنفلوط وانتقل منها وهو صغير مع أبيه إلى القاهرة فقرأ بها القرآن عند الشهاب جمال الدين بن الإمام الحسني وتلاه لأبي عمرو من طريق الدوري على الجمال يوسف المنفلوطي أحد تلامذة جده الأعلى أبي القسم المذكور بالإمامة في القراءات وغيرها ثم على الشهابين ابن البابا والهيثمي؛ وتلاه بعده وهو كبير في مجاورته بمكة للسبع إفراداً وجمعاً على محمد الكيلاني وحفظ قبل ذلك العقدة والشاطبية والرسالة وألفية النحو وعرضها على الجمال الافقهسي والبدر بن الدماميني والبساطي وابن عمه الجمال وابن عمار والولي العراقي والعز بن جماع والجلال البلقيني والشمس والمجد البرماويين وشيخنا التلواني في آخرين، وتفقه بالزين عبادة والشمس الغماري المغربي نزيل الصرغتمشية؛ وكذا أخذ عن البساطي وغيرهم وسمع على الولي العراقي وكذا الزين بن عياش وأبي الفتح المراغي بمكة بل قرأ بها على البدر حسين الأهدل الشفا، وحج غير مرة وولي قضاء منفلوط عن شيخنا فمن بعده وأورد شيخنا في حوادث سنة اثنتين وأربعين أن البهاء الاخنائي حكم بحضرة مستنيبه بقتل بخشباي الأشرفي حداً لكونه لمن أجداد صاحب الترجمة بعد قوله له: أنا شريف وجدي الحسن بن فاطمة الزهراء، واتصل ذلك بقاضي اسكندرية فأعذر ثم ضربت عنقه؛ ولازم الحسام المطالعة في كتب الفقه والتفسير والحديث والتاريخ والأدب حتى صار يستحضر جملة مستكثرة من ذلك كله ويذاكر بها مذاكرة جيدة مع سرعة الادراك والفصاحة والبشاشة والحياء والشهامة والبذل لسائله وغيرهم والقيام مع من يقصده في مهماته واقتناء الكتب النفيسة والتبسط في أنواع المآكل ونحوها والقيام بما يصلح معيشته من مزدرع الغلال والقصب وطبع السكر وغير ذلك وحمد الناس معاملته في صدق اللهجة والسماح وحسن الوفاء حتى رغب أرباب الأموال في معاملتهثم لم يزل هذا دأبه إلى أن ارتقى لقضاء المالكية بالديار المصرية بعد موت الولوي السنباطي وباشره بعفة ونزاهة وشهامة وزاد في الإحسان سيم لنوابه وأهل مذهبه فازدحموا ببابه، وقرأ عنده البدر بن المخلطة في مدارك القاضي عياض وفي جواهر ابن شاس؛ وناب عنه في تدريس المنصورية يحيى العلمي وفي الناصرية السنهوري وفي الصالحية الوراق وممن تردد إليه الشهاب ابن أسد وابن صالح الشاعر وسمعت العز الحنبلي يقول أنه لا ينهض أن يغرب عليه في الأدب فنه إشارة إلى ملاءة الحسام، وكنت ممن صحبه قديماً وأمرني الزين البوتيجي باسماعه شيئاً من تصانيفي ثم استجازني له بل ولنفسه وكذا استجازني هو بالقول البديع وتناوله مني وكتب بخطه ما نصه: وقد استجزته منه لأورية عنه بسند صحيح وتناولته من يده بقلب منشرح وأمل فسيح، ثم التمس مني بعد ولايته القضاء كتابه سنده بالبخاري فخرجت له فرستاً وقراءة جامع الترمذي عنده في رمضان ففعلت وكذا رغب في تبييض كتابي في طبقات المالكية وشرعت في ذلك فمات قبل انهاء تبييضه؛ واستقر في تدريس الشيخونية وجامع طولون عند موت العجيسي وولده وباشرهما وكذا باشر تدريس المؤيدية نيابة عن ابن صاحبه البدر بن المخلطة، ولم يزل عل جلالته وعلو مكانته حتى حصل بينه وبين العلاء بن الأهباسي الوزير ما اقتضى له السعي في صرفه بيحي بن صنيعة كان سبباً لتحمله الديون الجزيلة وانحطاط مرتبته بل كاد أمره أن يتفاقم. ومات في ليلة الاثنين مستهل شعبان سنة ثلاث وسبعين بمنزلة بمصر وصلى عليه من الغد بجامع عمرو رحمه الله وإيانا وعفا عنه.(3/487)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن حسين الشمس بن الأهناسي الوزير والد العلاء علي والبدر محمد. ولد تقريباً قبل القرن بيسير ونشأ فتنقل حتى عمل الرسيلة في الدولة ثم ترقى حتى صار مقدمها عند كريم الدين بن كاتب المناخاة واختص به بحيث كان هو المستبد بغالب الأمور لكفايته ونهضته في ذلك بل كان هو المستقل بالتكلم حين أضيف الوزر للزين عبد الباسط وأثنى على همته في ذلك وكذا باشر عند الأمين بن الهيصم ثم ترك بعد أن اتفقت له كائنه في أول ولاية الظاهر جقمق وهي أنه ضرب كاتباً من كتاب الوزر بسبب مال صار في جهته فقدر أنه أصبح بعد الضرب ميتاً فاستغاث أهله فأحضره السلطان فضرب بحضرته بالمقارع وأشهره ثم أرسل به إلى المالكي فعفا بعض مستحقي الدم وبقي حق البنت فحبس بسببه ثم أطلق ولم يباشر بعدها لكنه تمول من هذه المباشرات كثيراً وتزايد حين استقر ابنه في الاستادارية وكذا الوزر لكونه كان المدبر لأمره فيهما غالباً إلى أن كان في صفر سنة أربع وستين فاختفيا معاً إظهاراً للعجز واستقر في الوزر فارس الركني فأقام يوماً ثم منصور بن صفى فيها وعجز كل منهما وفي غضون ذلك ظهر هذا فألبس في آخر يوم من صفر المذكور خلعة الرضا وطمن رجاء التلطف بولده ليظهر ويعاد فلم يمكنه ذلك مع مباشرة صاحب الترجمة الشد في هذه الأيام بدون ولاية؛ ثم استقل بالوزر في ثامن ربيع الأول فأقام أياماً ثم اختفى فأعيد منصور. ولما رجعت الوزارة لولده باشر تدبيره على عادته لكن مع تغير خلط كل منهما من الآخر إلى أن كان مااتفق لولده من المصادرة ثم النفي؛ ومات بمكة كما في ترجمته وآل الأمر إلى استقرار الاشراف قايتباي بهذا بعد تسحب قاسم شغيتة في شعبان سنة اثنتين وسبعين واستقر بولده محمد ناظر الدولة عنده عوضاً عن عبد القادر بحكم القبض عليه وباشر هذا الوزر أتم مباشرة ثم إنه في ذي الحجة شكا الخسارة وتبكى فرسم عليه بطبقة الزمام فأقام أياماً وهو يباشر ويشد ثم أطلق وألبس خلعه الاستمرار وأعيد عبد القادر لنظر الدولة عوضاً عن ولده لتضرره بالخسارة فباشر قليلاً وعاد إلى التشكي فقرر الدولدار الكبير عوضه واحتاط على هذا ورسم عليه بطبقة عنده أياماً بل علقه بقنب في إبهامه حتى أخذ منه شيئاً كثيراً سوى ما تكلفه في ولايتيه وسوى ما تاخر له من الغلال وغير ذلك ثم أطلقه ولز ببيته بطالاً مع تردده في رأس الأشهر وغيرها للأمراء وغيرهم إلى أن كان في ربيع الآهر سنة ثلاث وسبعين فابتدأ به المرض حتى مات في يوم السبت سادس عشر جمادى الأولى عن أزيد من ثمانين سنة وهو صحثح البنية قوي الحركة سليم الحواس، وكان آخر كلامه النطق بالشهادتين فيما بلغني وصلى عليه من الغد بمصلى باب النصر ودفن بمدرسة ابنة بسوق الدريس، وكان يظهر التسبيح والقيام والصيام وحسن الاعتقاد في الصالحين والعلماء، وقد حج مراراً وجاور وأحواله في الظلم غير خفية والله يغفر لنا وله. محمد بن أبي بكر بن محمد بن الخياط الجمال بن الرضى. يأتي فيمن جده محمد بن صالح قريباً. محمد بن أبي بكر بن محمد بن سلامة. في ابن أبي بكر بن محمد بن عثمان بن أحمد بن عمر بن سلامة.(3/488)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن صالح بن محمد الجمال أبو عبد الله بن الرضي الهمذاني الجبلي - بكسر الجيم ثم موحدة ساكنة - التعزي الشافعي ويعرف بابن الخياط. ولد بجبلة من بلاد اليمن في سنة سبع وثمانين وسبعمائة ونشأ بها على عفة ونزاهة فتفقه بأبيه وغيره حتى مهر وحصل فنوناً من العلم وأجيز بالإفتاء والتدريس واعتنى بهذا الشأن ولازم النفيس العلوي فيه فلم يمض إلا اليسير وفاقه بحيث كان لا يجاريه في شيء، وتخرج بالتقي الفاسي وأخذ عن المجد اللغوي واغتبط به حتى كان يكاتبه بقوله إلى الليث بن الليث والماء ابن الغيث، وكذا أخذ عن ابن الجزري لما ورد عليهم اليمن في سنة ثمان وعشرين قرأ عيه صحيح مسلم وغيره، وحج مرتين وزار النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ بمكة على الزين أبي بكر المراغي والجمال بن ظهيرة وابن سلامة، وآخرين وأجاز له جماعة من الحرمين وبيت المقدس واسكندرية ومصر والشام وغيرها باستدعاء ابن موسى وكان قد صحبه وانتفع به سيما بعد موته فان غالب كتبه زأجزائه صارت إليه؛ وحدث سمع منه الفضلاء. وممن أخذ عنه التقي بن فهد وابناه، وكان من الفقهاء المعتبرين بالقطر اليماني المنفردين بالحفظ فيه بالاجماع والمرجوع إليهم فيه عند النزاع مع وجاهه واتصال بالناصر أحمد صاحب اليمن. مات بالطاعون في ليلة الجمعة سابع ذي القعدة سنة تسع وثلاثين بتعز، ذكره ابن فهد وشيخنا في إنبائه لكن باختصار وقال أنه درس بتعز وأفتى وانتهت إلأيه رياسة العلم بالحديث هناك، وكذا ترجمة شيخه النفيس العلوي في حياته بحافظ الوقت وان والده كان مسروراً به، ولما سافر لمكة رأى في المنام سراجاً خرج من منزله ثم رجع إليه فحمد الله لكونه كان السرج وأن حصل في مكة والمدينة علوماً جمة وكتباً مفيدة وأخذ مشايخ الحرمين وهو على الإفادة والإستفادة؛ وقال غيره: الإمام المحقق المدقق الحافظ انتهت إليه رياسة الحديث في اليمن وكذلك رياسة الفتوى بتعز بعد موت قاسم الدمني المتوفي في سنة اثنتين وثلاثين، ولما وصل ابن الجزري عرف له فضله وقدمه على غيره، وهو في عقود المقريزي ووصفه بالمحدث المفيد الضابط وأنه تفقه بالجمال العوادي واستولى على فوائد شيخة الجمال بن موسى المراكشي وهي جمة زثيرة النفع فاستعان بها على ما هو بصدده واشتهر لذلك بالمعرفة التامة.(3/489)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عثمان بن أحمد بن عمر بن سلامة البدر المارديني ثم الحلبي الحنفي عالم حلب واخو حسن الماضي، ويختصر من نسبه فيقال ابن أبي بكر بن سلامة ومرة ابن أبي بكر بن محمد بن سلامة. ولد في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة. وقال شيخنا إنه أخبره أنه في سنة خمس وخمسين. ونشا ببلاده وكان أبوه فيما أخبر عالماً مفنناً يتكسب من عمل يده في التجارة فحفظ ابنه عدة مختصرات ولقي أكابر فأخذ عنهم كسريجا والحسام بن شرف التبريزي وأحمد الجندي وآخرين فقد قرأت بخطه: وشيوخي كثيرون، إلى أن مهر وظهرت فضائله بحيث شغل الطلبة ثم تنافر مع قاضي ماردين الصدر أبي الطاهر السمرقندي بعد صحبته معه فارتحل قبل الفتنة التمرية إلى حلب واختص بأبي الوليد بن الشحنة ولازمه حتى أخذ عنه جانباً من الكشاف وغيره ثم رجع إلى بلاده وتكرر قدومه لحلب إلى أن قطنها من سنة عشر وثمانمائة وتنزل في عدة مدارس بل درس بالجاولية وبها كان سكنه وبالحدادية، وتصدى للإقراء فانتفع به الفضلاء، وكان كما قاله ابن خطيب الناصرية فقيهاً فاضلاً مستحضراً لمحفوظاته في العلوم لكنه كان يكثر الوقيعة في الناس واغتيابهم وربما يمقت لأجل ذلك.وقال غيره إنه كان إماماً عالماً علامة أديباً بارعاً مفنناً حامل لواء مذهب الحنفية بحلب من غير منازع مع القدم الراسخ في بقية العلوم والنظم الرائق والنثر الفائق والقدرة الزائدة على التعبير عما في نفسه، وقد أعطى شيخنا بعض تصانيفه ليقرظها له عند حلوله بحلب فعاجله التوجه إلى أمد فأرسل إليه بقصيدة وافق وصولها له يوم رحيله من البيرة إلى حلب وأجابه عنها حسبما أثبتهما في الجواهر.وذكره في إنبائه وقال أنه لما غلب قرايللك على ماردين نقله إلى أمد فأقام بها مدة ثم أفرج عنه فرجع إلى حلب قال وحصل له فالج قبل موته بنحو عشر سنين فانقطع ثم خف عنه لكنه صار ثقيل الحركة؛ قال وكان حسن النظم والمذاكرة فقيها فاضلاً صاحب فنون من العربية والمعاني والبيان وقد مدحني بقصيدة رائية وأجبته عنها. ومات بعدنا في صفر؛ زاد غيره بعد عصره يوم الاثنين سادس عشريه سنة سبع وثلاثين وله اثنتان وثمانون سنة ولم يخلف بعده بحلب مثله؛ وقد ذكرت له ترجمة حسنة معجمي. قلت ما وقفت عليه فيه نعم رأيته علق عنه وقد ذكرت له ترجمة حسنة في معجمي. قلت ما وقفت عليه فيه نعم رأيته علق عنه في فوائد رحلته من فوائده شيئاً وافتتحه بقوله: أفادني فلان.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن علي بن أحمد بن داود التاج أبو الوفا ابن التقي بن التاج البدري المقدسي الشافعي أخو أحمد الماضي والآتي أبوهما ويعرف كسلفه بابن أبي الوفا. ولد سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ببيت المقدس وخلف أباه في المشيخة ببيت المقدس فصار شيخ الزاوية الوفائية والمدرسة الحسنية بعد إقامته بالقاهرة مدة أخذ فيها عن المناوي وأذن له فيما بلغني وكذا قدم القاهرة غير مرة وتزوج ابنة البدر العيني واستولدها، ولا يخلو من مشاركة في الجملة مع كياسة ونظم بل وتصنيف في التصوف، وقد سمع معنا ببيت المقدس على أبيه والتقي القلقشندي وغيرهما وتكرر اجتماعه معي بالقاهرة. مات برمل ولد في يوم الاثنين تاسع أو عاشر المحرم سنة إحدى وتسعين وحمل إلى القدس فدفن في أواخر اليوم الذي يليه عند أبيه بماملا رحمه الله ووصفه الصلاح الجعبري بالشيخ الإمام العالم.
محمد بن التقي أبي بكر بن الشيخ الصالح محمد بن علي بن جمعة الحلبي الشافعي المقرئ قرأ على ختم البخاري والكلام على الميزان كلاهما من تصنيفي من نسختين بخطه وأجزت له.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن علي بن عبد لرحيم القوصي ثم القاهري خادم المقريزي ويعرف بالسعودي. ولد بقوص قبل سنة خمسين وسبعمائة وخدم الفقراء مدة وكانت لديه معارف وعنده فوائد، ذكره في عقوده وقال أنهفارقه في سنة سبع وقد أسن فلم يقف له على خبر وأورد عن أشعاراً لغيره وربما بعضها له. ومن ذلك أنه أنشده حين إعراضه عنه:
عفا الله عنكم أين ذاك التودد ... وأين جميلاً منكم كنت أعهد
بما بيننا لا تنقضوا العهد بيننا ... وعودوا لنا بالود فالعود أحمد(3/490)
وحكى عنه عن الشيخ محمد بن الشيخ سيف الدين بن مفرج الدماميني ونور الدين ابن عبد العزيز بن شقير عن أبي ثانيهما حكاية في الاعتماد على الله والاستغائه به.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن علي بن التقي محمد بن صلح المدني ابن عم بني صالح قضاتها وخادم ضريح السيد حمزة بها. نشأ بها فحفظ المنهاج الفرعي والأصلي وألفية النحو واشتغل وقدم القاهرة.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن علي بن محمد بن نبهان بن عمر بن نبهان بن علوان بن غباو الشمس أبو عبد الله وأبو نبهان بن الشرف بن الشمس أبي عبد الله بن العلاء أبيالحسن بن الإمام القدوة الشمس أبي عبد الله الجبريني - بجيم مكسورة ثم موحدة ساكنة قرية بظاهر حلب - الحلبي. ولد سنة خمس وثمانمائة بجبرين ومات أبوه وهو صغير كما سيأتي فنشأ في كنف أخيه وتعلم الكتابة وارمي والفروسية، وأجاز له باستدعاء ابن خطيب الناصرية لصداقته مع أبيه في سنة ثمان أحمد بن عبد القادر البعلي والبدر حسن النسابة وعائشة ابنة ابن عبد الهادي والولوي بن خلدون والشرف بن الكويك وآخرون، واستقر في مشيخة زاوية جبرين بعد أخيه، ودخل القاهرة وزار بيت المقدس ولقيته بالزاوية المشار إليها فقرأت عليه شيئاً، وكان شيخاً حسناً متواضعاً مكرماً للوافدين ذا شجاعة وهمة ومروءة من بيت مشيخة وجلالة. مات بعد سنة ستين رحمه الله.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن عيسى الشيخ الصالح الزيلعي العقيلي صاحب اللحية وابن صاحب الخال - بالمعجمة - ويعرف بالمقبول كان خيراً صالحاً. مات سنة خمس وخمسين.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي الفتح الشمس البيري الشافعي الضرير ويعرف بابن الحداد. ولد بالبيرة بشاطئ الفرات وحفظ القرآن والمنهاج الفرعي وأخذ بحلب عن أبي جعفر وأب عبد الله الأندلسيين؛ وتفقه بالزين أبي حفص عمر الباريني وطبقته وأخذ بالقاهرة وغيرها عن جماعة وتصوف وتهذب بمشايخ الفن، وكان شيخاً حسناً ديناً حسن المحاضرة يذاكر بأشياء نفسية حفظها من المشايخ ونحوهم، وحدث عن الشرف بن قاضي الجبل وغيره. مات بالبيرة في ثاني عشر رجب سنة تسع عشرة ودفن بزاويته. ذكره ابن خطيب الناصرية وشيخنا في أنبائه، وسماه بعضهم محمد بن أحمد بن أبي بكر والصواب ما هنا.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الخالق بن عثمان البدر بن الزين بن البدر الأنصاري الدمشقي الأصل القاهري الشافعي الماضي أخوه إبراهيم ويعرف كسلفه بابن مزهر. ولد كما أخبرني به والده في رمضان سنة ستين وثمانمائة وأمه رومية اسمها شكرباي ونشأ في كنفهما في أوفر عز ورفاهية بحيث كان لختانه وليمة هائلة، وقال فيه شيخ الشعراء الشهاب الحجازي وغيره وأكمل حفظ القرآن ثم صلى به بمقام الحنفية من المسجد الحرام في سنة إحدى وسبعين لما حج به والده في الرجبية بملاحظة فقيهه الشمس بن قاسم المنهاج وجمع الجوامع وغيرهما، وعرض على جماعة كثيرين وكنت ممن سمع عرضه وأخذ عن فقيهه ابن قاسم والجمال الكوراني وكذا عن الكمال بن أبي شريف وأخيه والنجم بن عرب والزين زكريا في آخرين بعضهم في الأخذ أكثر من بعض؛ وسمع على الشاوي ونشوان وطائفة وأجاز له طائفة ممن عرض عليهم وغيرهم، وتميز بذكائه وولي نظر الخاص بعد التاج بن المقسي فباشرها مدة تكلف أبوه بسببها كثيراً ثم الحسبة بعد يشبك الجمالي مدة، وناب عن والده في كتابه السر بالديار المصرية ثم استقر بها بعد موته وحمدت إذ ذاك مباشرته وذكرت كفايته وتودده وأدبه ولطفه وإقباله على الفضلاء والطلبة مع حسن شمائله ورقة طباعه، كل ذلك مع اشتغال فكره بالقيام بما كلف به مما يفوق الوصف، وكثر الدعاء له من أحباب والده، وزوجة والده ابنة الأمي لاشين واستولدها عدة أولاد أثكلاهم أولاً فأولاً؛ وفي غضون ذلك حج حين كون صهره أمير الحاج سنة إحدى وثمانين في أبهة وتجمل ثم لما انفصل عن الحسبة جدد الاشتغال فقسم المنهاج عند الزيني زكريا كان أحد القراء فيه وعند ابن قاسم وتم وحضر في الختم أبوه والبدر ناظر الجيش واتفق ما أرخته ثم حضر بمدرسة أبيه في تقسيمه أيضاً عند البرهان بن أبي الشريف. وزبر بعض من يحضر ممن له جرأة واقدام مع نقصه وشكرت صنيعه فيه، وشرع في بناء مدرسة بالقرب من سويقة اللبن كانت الخطة فيما بلغني مفتقره إليها.(3/491)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد الكمال أبو الفضل ابن الخطيب فخر الدين بن الكمال أبي الفضل العقيلي النويري الآتي أبوه وأخوه يحيى ورر وهم من أمهات ثلاث. سمع مني المسلسل وغيره بمكة وتردد إليه وإلأى أخويه الشمس البصري بن الزقزق أحد الفضلاء للتعليم والاشتغال ثم لم يلبث أن تزوج من عدا يحيى بابنتب ابن عم ابيهم المحب النويري وذلك كله في سنة تسع وتسعين بعد أن دخلا القاهرة وخطبا بجامع الغمري وغيره وراما الأذن في مباشرتهما الخطابة بمكة فقيل حتى يكبرا ويشتغلا بحيث كان ذلك مقتضياً لترددهما في الاشتغال عند الزيتي الشافعي يسيراً حتى عادا في سنتهما مع الركب.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن علي بن محمد ويعرف كأبيه بابن الشريف بالتصغير. ولد في ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسمع على أم هانئ الهورينية وغيرها وتدرب في الطب بأبيه وغيره وعالج وتنزل في الجهات وقدم مكة في موسم سنة ثمان وتسعين في خدمة أمير المحمل ثم رجع معه بعد انقضاء الحج، ورأيت من يميزه على أبيه ولكن ذاك أدين.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن عمر بن أبو عبد الله الشغري ثم الحلبي الشافعي ابن أخي الشهاب أحمد بن محمد الماضي ويعرف بابن طنبل. فقير سائح سمع مني بالقاهرة وغيرها.
محمد بن أبي بكر بن أبي الفتح محمد بن محمد تقي بن محمد بن روزبة الكازروني المدني الآتي أبوه ويعرف كسلفه بابن تقي. ممن سمع بالمدينة مني وقبل ذلك سمع على فاطمة ابنة أبي اليمن المراغي.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن محمد بن علي التاج السمنودي الأصل القاهري الشافعي المقرئ أخو أحمد الماضي ويعرف بابن تمرية. ولد قبل الثمانين بيسير ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النحو والحديث والشاطبية، وعرض في سنة أربع وتسعين ننفما بعدها على جماعة منهم العراقي واستوفى عليه قراءة ألفيته وأخذ عنه دراية وكذا عرض على ولده الولي وصاحبه الهيثمي وابن أبي البقاء وابن الملقن والأبناسي وابن الملق والغماري وابن العماد والعز محمد بن جماعة والنور الهوريني وأبي هريرة بن النقاش وعبد اللطيف ابن أخت الاسنائي وأجازوه، وتفقه بالكمال الدميري وكتب شرحه على المنهاج وحياة الحيوان له وسمع على ابن أبي المجد والتنوخي والعراقي والهيثمي وطائفة، وأخذ القراءات عن الفخر البلبيسي الإمام والنور بن القاصح جمع عليهما للثلاثة لا نظير له في التجويد خصوصاً في النطق بالعين مع البراعة في الفقه والعربية والمشاركة في الفضائل والجلالة والمهابة في النفوس ومزيد الديانة والمداومة على التلاوة والكتابة، ورأيت بخطه أشياء مفيدة؛ وخطه ظاهر الوضاءة زائد الصحة، وقد حج وولي الخطابة بمدرسة السلطان حسن وبجامع بشتاك وكان يتناوب هو والمليجي فيهما وتدريس الفقه بالعشقتمرية بعد البيجوري والقراءات بالشيخونية بعد الشيخ حبيب ورام ناصر الدين بن كزلبغا التقي عليه فيه كونه من تلامذته فما بلغ؛ وتصدى للإقراء خصوصاً في جامع الأزهر فانتفع به الأئمة، وما قرأ عليه وأبو عبد القادر في سنة خمس وثلاثين وابن كزلبغا وكذا الزين جعفر لكن لعاصم وإلى رأس الحزب في الصافات لابن كثير ومن لا يحصى وفي الحياء منهم ابن الحمصاني، ووصفه شيخنا حين شهد عليه في بعض الاجايز بالشيخ الإمام المجود المحقق الأوحد البارع الباهر شيخ القراء علم الأداء بقية السلف الأتقياء تاج الدين صدر المدرسين مفيد الطالبين،والسعد بن الديري الإمام عمدة القراء، والمحب بن نصر الله بالإمام العلامة بل أثبت شيخنا اسمه في القراء بالديار المصرية في وسط هذا القرن وقال: قرأ على الفخر، وترجمه في الأنباء فقال: المقري كان أبوه تاجراً بزازاً فنشأ هو محباً في الاشتغال مع حسن الصورة والصيانة وتعانى القراآت فمهر فيها ولازم فخر الدين بالأزهر والكمال الدميري وأخذ أيضاً عن خليل المشبب وولي خطابة جامع بشتاك. مات في يوم الجمعة عاشر صفر سنة سبع وثلاثين رحمه الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد بن أبي الخير محمد بن فهد أبو القسم بن المحب المسمى بأحمد بن فهد الهاشمي المكي، هو بكنيته كأبيه أشهر. يأتي في الكنى.(3/492)
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد الشمس بن الزين بن ناصر الدين السنهوري القاهري الشافعي ويعرف بالضاني وجده بابن السميط - بفتح المهملة وآخره مهملة بينهما ميم مكسورة ثم تحتانية. ولد في خامس رمضان سنة تسع وتسعين وسبعمائة ونشأ فحفظ القرآن والمنهاج وألفية النحو والحديث وغيرهما، وعرض على جماعة وأخذ الفقه عن البيجوري والشمس البرماوي والولي العراقي وأكثر عنه في الحديث وغيره، والعربية عن حفيد ابن مرزوق والشمسين الشطنوفي والبوصيري وشرح الشواهد عن مؤلفه العيني؛ والفرائض عن الشمس الغراقي ولازم العز بن جماعة في الأصلين وغيرهما وكذا أخذ عن البساطي وآخرين منهم الشمس بن الديري وابن المغلي وشيخنا وسمع على الثلاثة وابن الكويك والشمس محمد بن قاسم السيوطي وآخرين، ولازم الاشتغال حتى برع وأشير إليه بالفضيلة والنباهة وممن وصفه بذلك الولي العراقي بل أذن له هو وغيره في التدريس وكان أيضاً يجله ابن الهمام ثم المناوي، وولي قراءة الطحاوي في التربة الناصرية بالصحراء والتصدير في الأشرفية القديمة وكتب بخطه أشياء من تصانيف شيوخه وغيرها، ويكسب أولاً بالشهادة ثم النيابة في القضاء عن شيخنا بعناية السفطي وجلس بحانوت باب الشعرية واستمر ينوب لمن بعده، وتنقل في عدة مجالس بل كان ؟أحد العشرة الذين اقتصر عليهم القاياتي وقبل هذا كله كان ينوب عن شيخه الولي بدنجية وغيرها وكان لإقدامه وفضيلته يندبه للتوجه في الرسائل المهمة؛ وكذا باب عن العيني في حسبه بولاق غير مرة، وأجاز لنا غير مرة وقل أن التقيت به إلا ويسأل عن شئ من متعلقات الحديث مما يشهد لفضيلته؛ وبالجملة فكان فاضلاً بارعاً في الفقه والعربية مشاركاً في الفضائل متثبتاً في أحكامه عارفاً بالصناعة درباً في التناول من الأخصام بهى الشكالة مفرط اسمن خصوصاً في أواخر أمره؛ وداوم بأخرة الجلوس بحانوت جامع الفكاهين وأوذي من البقاعي ولم ينقطع عنه سوى يوم. ثم مات في يوم سادس عشر رجب سنة أربع وسبعين بعد أن خمل وافتقر جداً وصار القمل يتناثر عليه وصلى عليه من الغد وسامحه الله وإيانا. وفي ترجمته من المعجم والوفيات نكيتات.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن محمد الشمس الأنبابي ثم القاهري الشافعي شقيق النوري علي الماضي وهو أسن ووالد البدر محمد الآتي ويعرف بالأنبابي وهما من ذرية سالم أبي النجا من قبل الأم. حفظ القرآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك والتلخيص، وعرض على جماعة واشتغل قليلاً وناب في القضاء عن شيخنا فمن بعده أليه قضاء أنبائه وغيرها بل باشر أوقاف الحنفية ولم يكن بمحمود فيها واشتد ألم الامشاطي من قبله مع كثرة ملقه وسعة باطنه بحيث حاكى البدر بن عبد العزيز مباشر جامع طولون، وقد حج وجاور.مات في إحدى الجماديين سنة خمس وثمانين وقد جاز السبعين ودفن بالقرافة عفا الله عنه.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن القباني. فيمن جده عمر.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن الشهاب محمود بن سلمان فهد الشمس ابن الشرف وأحضر في الرابعة على زينب ابنة الكمال وفي الخامسة بطريق الحجاز سنة تسع وثلاثين على البرزالي والعلم سليمان بن عسكر بن عساكر المنشد وأبي بكر بن محمد بن قوام والشمس محمد بن أحمد بن تمام السراج وبعد ذلك علي عم أبيه الجمال إبراهيم بن الشهاب ومحمود وعبد الرحيم بن أبي اليسر والشرف عمر بن محمد بن خواجا إمام ويعقوب بن يعقوب الحريري والعز محمد بن عبد الله الفاروثي في آخرين وحدث؛ وكان حسن الشكالة كامل البنية مفرط السمن منجمعاً عن الناس مكباً على الاشتغال بالغلم، ودرس بالبادرائية نيابة واعتمده كثيرون لأمانته وتحققه ثم ضعف بعد الكائنة العظمى وتضعضع حاله بعد الثروة الزائدة. مات في خامس عشرة جمادى الأولى سنة ثمان وكان أبوه موقع الدست بدمشق بل ولي قبلها كتابة اسر، ولصاحب الترجمة نظم فمنه:
زدتني هماً على همي الذي ... أنا فيه فاصطبر يا ولدي
لاتضق ذرعاً لأمر قد جرى ... جمرة الليل رماد في غد
ذكره شيخنا في معجمه وقال أجاز لي ولابنتي رابعة في سنة سبع وثمانمائة باستدعاء التقي الفاسي، وتبعه في ذكره المقريزي في عقوده.
محمد بن أبي بكر بن محمد بن تاج الدين الباقوري بيرة وصفه ابن عزم بصاحبنا.(3/493)
محمد بن أبي بكر بن محمد المدعو شرف الدين اللاري الشافعي نزيل مكة وأحد من يشتغل بالنحو والصرف ونحوهما مع التكسب بالقماش وملازمة جماعة السيد صفى الدين وعفيف الدين. لازمني وسمع مني وعلى أشياء من جملتها معظم المصابيح بل قرأ على أربعي النووي وكتبت له إجازة، وفارقته في سنة أربع وتسعين.
محمد بن أبي بكر بن محمد الشمس حفيد لجمال والتاج البكري الطنبذي. ممن سمع مني بالمدينة.
محمد بن أبي بكر بن محمد الشمس الطائي - نسبة لطه بالقرب من انباس بالغربية - ثم القاهري الشافعي إمام الزينية الأولى ويعرف بالأبناسي لكون جده لأمه الزين الحازمي من جماعة البرهان بن حجاج الأبناسي. ولد بطه ونشأ بها فقرأ القرآن وتحول إلى القاهرة فنزل عند جده المشار إليه كان يصحح على الأبناسي المذكور في المنهاج ظناً حتى حفظه بل وحفظ غيره واشتغل عن القاياتي والونائي وابن المجد والحناوي وابن الهمام وآخرين وسمع على شيخنا وجماعة، وبرع في الفقه وأصوله والعربية وغيرها وأقرأ وقتاً واستقر في الإمامة المشار إليها بعد التقي الحصني أو غيره وكف بصره فكان بعض طلبته يطالع له وممن قرأ عليه على العلم. مات في جمادى الثانية سنة ثمان وثمانين ظناً رحمه الله وإيانا.
محمد بن أبي بكر بن محمد أبو الطيب القابسي الأصل المحلي أخو نوابها الآن. من بيت بها.
محمد بن أبي بكر بن محمد المنوفي. سمع اليسير على الفوي م عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل الكركي.
محمد بن أبي بكر بن نصر بن عمر بن هلال الشمس أبو عبد الله الطائي الحيشي الأصل المعري ثم الحلبي الشافعي البساطي الآتي أبوه وولده معاً في الكنى والماضي أخوه عبد الله ويعرف بابن الحيشي. ولد سنة تسع وتسعين وسبعمائة بمعرة النعمان ونشأ بها في كنف أبيه وتحول معه إلى حلب وبه تسلك وعليه تهذب وكذا صحب الزين عبد الرحمن بن أبي بكر بن داود وأخذ القراءات عن عبد الصمد العجمي نزيل حلب والحديث عن البرهان الحلبي وشيخنا لما قدمها عليهم، وخلف والده في المشيخة بدار القرآن العشائرية، وكان معمور الأوقات بالتلاوة والذكر والمطالعة مع الزهد والانجماع عن بني الدنيا وتقنع باليسير، وللناس فيه مزيد اعتقاد بحيث يقصد بالزيادة والإفادة بما يكون عوناً على سماطه، وقل أن ترد له رسالة. ما في يوم الثلاثاء تاسع ذي القعدة سنة خمس وسبعين ودفن عند أبيه بتربة الناعورة بحلب رحمه الله. أفادنيها ولده.
محمد بن أبي بكر بن يعزا - بفتح المثناة التحتانية والعين المهملة وتشديد الزاي المنقوطة بعها ألف - بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر الجمال الجابري المغربي التاذلي المكي أحد خدام الدرجة وكبرائهم ويعرف بالقصي - بفتح القاف والصاد المهملة - ويشتبه بالفصي بفتح الفاء وتشديد الصاد. بعض أعيان البعليين. ولد ف أوائل إحدى وثمانمائة بمكة ونشأ بها، وأجاز له في سنة خمس البرهان ابن صديق والزين المراغي وعائشة ابنة ابن عبد الهادي والعراقي والهيثمي وآخرون وكان يظهر الفقر المدقع فوجد له لعد موته أشياء من نقد وغيره، ولم يخلف وارثاً بحيث أوصى به لكبير الشيبيين. مات في ربيع الآخر سنة ثمان وستين ودفن بالمعلاة عند أبيه.
محمد بن أبي بكر بن زين الدين بن اسحق بن عثمان الهمداني الخياط هو ووالده ثم الفراش بالحرم المكي. مات بها في صفر سنة خمس وثمانين. أرخه ابن فهد.
محمد بن أبي بكر البدر بن الدماميني. فسمن جده عمر بن أبي بكر.
محمد بن أبي بكر المسند شمس الدين الدمشقي بن الصيرفي البزار قريب الحافظ ابن ناصر الدين. مات بدمشق في عاشر جمادى الآخرة سنة اثنتين وستين ودفن بمقبرة باب الفراديس الشرقي على حافة الطريق. ذكه ابن اللبودي قال ولم يسمع منه سواي رحمه. وينظر محمد بن أبي بكر المنبجي.(3/494)
محمد بن أبي بكر شمس الدين الصندلي ثم القاهري المالكي وبالمالكي يعرف. حظ القرآن وجوده والرسالة وغيرها واشتغل يسيراً ولازم العز بن جماعة وتخرج في الكتابة بالزين بن الصائغ ومن قبله بالوسيمي وكتب نحو خمسمائة مصحف ومن نسخ البخاري كثيراً وكذا من البحر لأبي حيان وتصدى لتعليم الكتابة فانتفع به جماعة، وتنزل في صوفي الباسطية أول ما فتحت بل كان أحد من شهد عليه بوقفية كتبها وغيره رفيقاً للعز السنباطي، وكان خيراً كثير التلاوة والصدقة طارحاً للتكلف. مات قبل السبعين ظناً وقد جاز السبعين بعد أن تزوج نفيس زوجة الأبدي وقاسى منها نكداً حتى كان يقول ياسيدتي نفيسة خليصيني من نفيسة.
محمد بن أبي بكر الشمس الضبعي الحنفي. أخذ عن الأياسي وولي قضاء غزة ثم رجع إلى الشهادة وهو الآن حي.
محمد بن أبي بكر الشمس الكتامي - بضم الكاف وتخفيف المثناة نسبة لحارة كتامة بالقاهرة - القاهري المالكي. قال شيخنا في إنبائه: مات فجأة على ما قيل في ثاني عشرى ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وقد شرف الثمانين وهو جلد، ويقال أن خلف مالاً جزيلاً، وكان نقيب الحسبة عن البدر العيني ثم صار نقيب الحكم عنده ولم ينفك عن التردد إليه بعد عزله حتى مات مع اكثاره من تلاوة القرآن عفا الله عنه.
محمد بن أبي بكر أبو الخير القيلوبي ثم القاهري المخبزي الآتي أبوه وابنه صلاح الدين محمد، وأمه حجيج أخت زوجة الشيخ مدين واسم أبيه محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن طاهر فكأن أب بكر كانت كنيته له. نشأ في كنف أبويه فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج واستمر يحفظهما؛ بل اشتغل عند السيد النسابة والبوتيجي وتكسل قبانيا ثم عمل مخبزياً بالصلاخية ثم كتب الغيبة بالبيبرسية ودرب ولده الصلاح فيها، وحج وخطب بجامع الحاكم وأماكن كثيرة وكان له بذلك مزيد اعتناء وتنزل في كثير من الجهات مع التجارة في الزيت والجبن ونحوهما بحيث أثري من ذلك كله مع المداومة على التلاوة بل مكث مديدة يقوم بجمعية في جامع الحاكم في كل ليلة من رمضان إلى أن كف وأقام كذلك مدة؛ ثم مات في ليلة السبت تاسع عشرة ذي الحجة سنةأربع وثمانين وصلى عليه من الغد بمصلى باب النصر ثم دفن بتربة الشيخ نصر بسوق الدريس خارج باب النصر عن بضع وستين رحمه الله. محمد بن أبي بكر بن الحمصي. شهد في إجازة على جعفر المقري سنة ثمان وثمانين، وقد مضى فيمن جده محمد بن أبي بكر.
محمد بن أبي بكر الجرتي المدنين الحنفي.
محمد بن أبي بكر السمنودي الخطيب. فيمن جده محمد بن محمد بن محمد بن علي.
محمد بن أبي بكر الشريف. ممن سمع مني بمكة.
محمد بن أبي بكر الغزاوي الأصل البوتيجي ثم القاهري الفاعل أحد العوام وابن عمه سليمان بن سيد البناء ويعرف بالمؤذن. خادم زاوية الشيخ تركي من الكداشين، ومات بالبيمارستان في أحد الربيعين سنة اثنتين وتسعين؛ وقد حج وجاور غير مرة.
محمد بن أبي بكر المنبجي. سمع من العماد أبي بكر بن محمد بن أبي غانم الحبال الصائغ جزءاً وحدث به لقيه ابن فهد وغيره. وينظر محمد بن أبي بكر بن الصيرفي الماضي.
محمد بن أبي بكر الوانسرتي نزيل تونس. ذكره ابن عزم وأرخه سنة بضع وخمسين.(3/495)
محمد بن بهادر بن عبد الله التاج أبو حاد الجلال الدمشقي الشافعي سبط فتح الدين بن الشهيد، أمه فاطمة. ولد في أواخر القرن الثامن تقريباً ومات أبوه وه صغير فكلفته أمه، وحفظ القرآن وصلى به والمنهاج الفرعي وغيره من مختصرات الفنون وكانت لوائح نجابته ظاهرة لكونه لم يكن يلعب كالأطفال بل عليه السكينة والوقار فأكب على الاشتغال وتخرج بفقيه الشام البرهان بن خطيب عذراء ثم لازم الشمس البرماوي حين إقامته بالشام في الفقه وأصوله والعربية وغيرها من العلوم وأذن كل منهما له بالافتاء والتدريس وكذا من شيوخه مساعد نزيل عقربا كان يتوجه إليه ماشياً؛ وأخذ العقليات عن البدر حسن الهندي قدم عليهم دمشق في آخرين فيهم كثرة؛ وقرأ صحيح مسلم على الجمال الشرائحي وسمع على غيره ورحل لأجله واشتغل بتحشية كتبه حتى برع في فنون كثيرة جداً وفاق أقرانه بفهمه الثاقب زذكائه الصائب وإقباله على العلوم المنطوق منها والمفهوم منجمعاً عن الناس مرتفعاً عن طرق اللوم والإلباس إلى أن أشير إليه بالتقدم في الفضائل وتصدى وشيوخه متوافرون للاشغال وجلس لذلك بجامع العقيبة المسمى بجامع التوبة ثم بالجامع الأموي وطول النهار حتى تخرج به جماعة، وتزوج بابنة الشيخ خليل القعي واستولدها، كل ذلك مع حسن الشكالة والتواضع والسكينة والديانة وعدم الغيبة بل لا يمكن منها أحداً من طلبته ولا يتكلم فيما لا يعنيه وضبط أوقاته وصرفها في أنواع الخيرات كالصوم وختم القرآن في كل أسبوع ثم بعد وفاة أمه صار يختمه في الأسبوع مرتين، والتقلل من الأكل وسائر التفكهات وعدم مزاحمته للفقهاء في شئ من وظائفهم تورعا وزهداً بل كان فيما حكاه باسمه في صباه بعضها فلما عقل تركه؛ وله نظم في مدح شيخة البرماوي وغيره وكان ينشد لعضهم:
لك الحمد يا ربي على كل نعمة ... ومن جملة الأنعام قولي لك الحمد
ولا حمد إلا منك تعطيه نعمةً ... تعاليت أن يقوى على شكرك العبد
وبالجملة فهو جم الفضائل رفيع القدر أصيل المجد عالي الهمة متقدم في فنون متعدد المزايا شديد البحث صحيح التصور بارع الخط حسن العشرة؛ ومحاسنه جمة وقد سمعت الثناء عليه من غير واحد، وممن قال إنه عنه البقاعي. مات في يوم الثلاثاء تاسع رمضان سنة إحدى وثلاثين عن ثلاث وثلاثين سنة ودفن في الصوفية بتربتهم عن القلندرية، وعظم تأسف أهل دمشق عليه واشتد كاؤهم لفرقته ورفعوا نعشه على الأكف وحضر جنازته من يفوت الحصر رحمه الله وإيانا.
محمد بن بهادر اللطيفي. أحد الأمراء باليمن وقد ناب في وصاب وغيرها وكان محباً في أهل الخير. مات في سنة تسع عشرة ذكره شيخنا في انبائه.
محمد بن بهادر المسعودي الصلاحي الدمشقي. ولد سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وسمع على الحجاز جزء أبي الجهم وغيره، وحدث سمع عليه شيخنا وغيره وقال: مات في الكائنة العظمى سنة ثلاث؛ وتبعه المقريزي في عقوده.
محمد بن بهاء الدين بن حجاج الجبرتي. ممن سمع مني بمكة.(3/496)
محمد بن بهاء الدين بن محمد العباسي السنقري الهمذاني نزيل القاهرة وأحد أصحاب ابن الغمري؛ قال لي أنه قرأ على أبيه المحرر والايجاز والعزي والمراح الحاجبية والمتوسط وشرحها وحفظ كفاية المتحفظ لابن الاجدابي وفقه اللغة للثعالبي وأتقنهما بمعاونة أبيه ثم أخذ علىم الكتابة مع فن الانشاء عن السيف البروجردي، وارتحل لساوة فقرأ على الشرف يعقوب علي اليزدي تصنيفه الحلل ثم إلى تبريز فكتب على عبد الرحيم الخلوتي جميع الأقلام السبعة مع قراءة سائر تصانيفه وتصانيف شيخه محمد الحلو في التصوف وغيره، ودار ديار بغداد كلها وقرأ على ناصر الدين عمر المارينوسي المصابيح مع سماع الحاوي ثم القاهرة فقرأ على ابن أسد المنهاج وعلى البامي التنبيه مع سماع البخاري وعلى عبد القادر بن شعبان أمام جامع أصلم الكافي في العروض والقوافي والخزرجية وغيرها من كتب العروض والفرش للخليل ومختصره لابن عبد ربه وعلى العلم الحصني بزاوية خشقدم الوزير من القرافة الكبرى شرح الاصطلاحات للقشاني وعلى الشرواني لفصوص والرموز والأمثال اللاهوتية في معرفة الأنوار المجردة الملكوتية، وعليه وعلى أصحابه كالجمال عبد الله الكوراني الموشحة المسمى بالخبيصي وشرح الشافية لجار بردى وتلخيص المفتاح والمختصر والمطول كلاهما عليه والأصلين مع الكتب المعتبرة.في المنطق والطبيعي والألهي وعلة بعض أكابر الغرب النصوص والفكوك وكتاب الرتبة للمجريطي ولازم النظر فيه وفي كتب الرموز والرتبة والكنز لابن مسكويه الاصبهاني مدة ثم أعرض عن ذلك كله وقطن زاوية تقي الدين عند الصبوة ينسخ ويقرئ، ولزم أبا العباس بن الغمري وأكثر التردد إليه وكتب له صحيح البخاري ومسلم وغير ذلك، وعرض عليه ولده محمد في سنة ثمانين ثم أقرأه وغيره في جامعة النحو والصرف، وكثر تردده إلي أيضاً مع السؤال عن أشياء، وفيه تودد ولطف عشرة وعلى همه واستحضار لنكت وفوائد مع تقلل وتجرد وجودة خط ومشاركة في الجملة؛ وقال فيما رأيته بخطه من كلماته حبسته يد التقدير في ظلمات مصر ومهاويها؛ لكلما أراد أن يخرج منها أعيد فيها.
محمد بن بورسة البخاري ويلقب نبيرة - بنون وموحدة وزن عظيمة.ذكر أنه من ذرية حافظ الدين النسفي ونشا ببلاده وقرأ الفقه وسلك طريق الزهد؛ وحج في سنة ثلاث وعشرين وأراد الرجوع إلى بلاده فذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال له أن الله قد قبل حج كل من حج في هذا العام وأنت منهم وأمره أن يقيم بالمدينة فأقام بها فاتفقت وفاته يوم الجمعة من ذي الحجة منها ودفن بالبقيع. قاله شيخنا في انبائه. وقيل إنه مات في التي قبلها.
محمد بن بو والي الأمير ناصر الدين. ولي الاستادارية في الأيام المؤيدية ثم استقر في أستادارية دمشق. مات بها في جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وكان معدوداً في الظلمة. ذكره المقريزي.
محمد بن بلال الغزي الشيخ الصالح. ما بمثر في مستهل صفر سنة ست وثلاثين. أرخه ابن فهد.
محمد بن بيبرس الظاهري برقوق، وفجدته أم أبيه عائشة شقيقة الظاهر برقوق. كان ضخماً في الرياسة نحيفاً ظريفاً منجمعاً عن الناس بارعاً في صنائع وحرف كالسكاكين ونحوها من آلات الكتابة وغيرها متقدماً في عمل العود والضرب به بل بارعاً في الطب والكيماياء مع بر للفقراء وكرم بحيث يتردد إليه من يتعلم منه التركي وغيره من فضائله قل أن يتردد إلى الأمراء. وعمر زيادة الثمانين. ومات قريباً من شنة أربع وستين ودفن بقبة البرقوقية وهو والد العلاء الماضي.
محمد بن بيلبك الشمس التركي أخو أحمد خازندار بيبرس قريب الظاهر برقوق. مات في صفر سنة ثلاث وكان موقع الحكم؛ ذكره شيخنا في إنبائه.
محمد بن التاج الهندي المحمودا بادي الحنفي. ممن أقرأ الفضلاء الهيئة والكلام كراجح، وقال لي في سنة أربع وتسعين أنه حي ابن نحو أربعين سنة.
محمد بن تاج الدين السمنودي. مات بمكة في صفر سنة سبع وأربعين. أرخه ابن فهد.
محمد بن تغري برمش ناصر الدين الجندي ويدعى بشوربة. كان أبوه مؤيدياً أحد حجاب حماة وأمه فرح خاتون ابنة ناظر الجيش كريم الدين عبد الكريم أخت جهة شيخنا فولد في سنة سبع عشرة وثمانمائة. ومات في صفر سنة خمس وسبعين ودفن بحوش البيبرسية؛ وكان شديد الاسراف على نفسه لا يذكر وإنما أثبته لبيتوتة وعسى أن يكون أناب سامحه الله وإيانا.(3/497)
محمد بن تقي الكازروني. في محمد بن محمد بن عبد السلام.
505 - محمد بن جابر بن عبد الله اليمني نزيل مكة ويعرف بالحراشي الماضي أبوه. سكن مكة حين كان أبوه أمير جدة ثم دخل بعد بمدة اليمن فأكرمه صاحبها ووقع بينه وبين أهل الشرجة منها فتنة قتل فيها بعضهم ثم استدعى به أبوه إلى مكة بعد أن لايم صاحبها فوصلها في موسم سنة ست عشرة وثمانمائة فلم يلبث أن قبض عليهما بمنى وشنقا بعد المغرب من ليلة نصف ذي الحجة منها فهذا بباب شبيكة وأبوه بباب المعلاة بل قيل إن هذا فاضت روحه قبل شنقه من الخوف وقبر بالمعلاة وسنة ثلاثون ظناً ويقال إن صاحب اليمن قال له حين استأذنه في الرجوع لمكة إنكما تشنقان أو تكحلان أو كما قال، ذكره الفاسي في مكة وكذا المقريزي في عقوده باختصار.
506 - محمد بن جاجق؛ أمه الشريفة فاطمة ابنة الشريف الفخري ابنة أخت جهة شيخنا. ممن يتكسب بالباسطية مع ذكره بما لا يليق؛ وهو من جيراننا ممن سمع على شيخنا وغيره.
507 - محمد بن جار الله بن صالح بن أبي المنصور أحمد بن عبد الكريم بن أبي المعاي يحيى بن عبد الرحمن بن علي بن الحسين بن علي بن الحسين بن محمد بن شيبة بن إياد بن عمرو بن العلاء بن مسعود الجمال بن الجلال الشيباني الطبري الأصل المكي الحنفي الماضي أبوه، ذكره الفاسي أيضاً وقال سمع من بعض شيوخنا بمكة وحفظ بعض المختصرات في الفقه واشتغل بالعلم وسافر مع أبيه إلى مصر في موسم سنة أربع عشرة. قلت فسمع مع ابني ابن الضياء وأكبرهما زوج أخته اسية على ابن الكويك أشياء منها شرح معاني الآثار للطحاوي. قال الفاسي: ومات بها بخانقاه سعيد السعداء في آخر سنة خمس عشرة في ذي الحجة فيما أحسب ودفن بمقبرة الصوفية بها وقد جاز العشرين وكان خيراً انتهى. وكذا أرخ وفاة والده كما تقدم.
509 - محمد بن جامع بن إبراهيم بن أحمد الشمس البوصيري ثم القاهري الشافعي وسمي شيخنا في إنبائه والده إبراهيم. اشتغل بالفقه والعربية وغيرهما وسمع على التقي بن حاتم جزء أبي علي الصفار وعلى المعين عبد الله بن محمد بن علي قيم الكاملية ثلاثة مجالس ابن عبد كويه وعلي المطرز والمجد إسماعيل الحنفي من لفظ الجمال الرشيدي السنن لأبي داود وعلى الزين العراقي في آخرين وحج وجاور بمكة وسمع بها على الجمال الأميوطي مسند ابن أبي أوفى لابن صاعد وعلى العفيف النشاوري أجزاءً من الثقفيات في آخرين، وحدث ودرس وأفاد وانتفع به الفضلاء، وكان مذكوراً بالولاية واستفيض رؤية بعضهم للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول من قرأ عليه دخل الجنة فسارع الأماثل ممن لم يكن قرأ عليه لذلك، وممن أخذ عنه الوالد وعرض عليه محافيظه بل سافر معه إلى مكة في سنة اثنتين وعشرين وما لقيت أحداً إلا ويذكر عنه أحوالاً وكرامات. وقال لي العز الحنبل: كنت أقرأ عليه ابن المصنف فيقرره أحسن تقرير وهو نائم أو نحو هذا؛ ذكره شيخنا في إنبائه فقال: كان خيراً ديناً كثير النفع للطلبة يحج كثيراً ويقصد الأغنياء لنفع الفقراء وربما استدان للفقراء على ذمته ويوفي الله عز وجل، وكانت له عبادة وتؤثر عنه كرامات. مات في سادس ربيع الآخر سنة أربع وعشرين رحمه الله ونفعنا به.
510 - محمد بن جبريل الصفوي الحنفي أحد الفضلاء من جماعة ابن الهمام وصوفية الشيخونية. سمع بقراءتي على شيخه الأربعين التي خرجتها له وأقرأ بعض الطلبة بل يقال إن شيخه أشار إليه بكتابة شرح على مصنفه في الأصول. مات في ربيع الآخر سنة ست وخمسين رحمه الله.(3/498)
511 - محمد بن جرياش محب الدين المحمدي الأشرفي الحنفي. ممن اشتغل في الفقه وغيره على خير الدين أبي الخير بن الرومي الفراء ووصفه بالفضل؛ وكذا أخذ عن نظام ولازم الديمي في شرح الألفية للعراقي وغيرها وقرأ على شرحي عليها بكماله مع شرح معاني الآثار للطحاوي وغيرهما، وطلب قليلاً وقرأ على البدر الدميري مسند الشافعي وغيره وعينه في وصيته لقراءة بعض الكتب وكذا قرأ على السنباطي؛ وسمع على أبي الحسن على حفيد يوسف العجمي وآخرين، وحج في موسم سنة اثنتين وتسعين وجاور التي بعدها، ولازمني حتى أكمل شرحي المشار إليه وقرأ اليسير من سنن البيهقي وكتب من تصانيفي أشياء ومدحني بقصيدة وغيرها وكذا قرأ على المحب الطبري الإمام وغيره رواية بل أقرأ هناك بعض المبتدئين في الفقه وأصوله والعقائد وغير ذلك ولم يختلط بكبير أحد هناك مع قوة النفس في المباحثة وخروجد عن السنن حتى قل أن يتزحزح وربما توقف على المنقول فلا يرجع ويذكر عنه في ذلك ما لا أحبه له، وسافر من مكة لجدة ليحصل هديته شراءً وعاد مع الركب واستنزل المظفري محمود الأمشاطي عن تدريس الفقه بالظاهرية القديمة، وكان بينه وبين بدر الدين العلائي أحد جماعة الدرس ما تحاكاه الطلبة.
512 - محمد بن جرباش كرت المحمدي الناصري فرج سبط الناصر أستاذ أبيه، أمه شقراء. ولد تقريباً سنة تسع وثلاثين ونشأ في كنف أبويه وسافر أمير الركب الأول في سنة تسع وخمسين. مات وأنا غائب بمكة في سنة وثمانين وكان قبيح السيرة مقداماً جريئاً.
513 - محمد بن جرير. رجل مجذوب كان بعدن له أحوال وكشف. مات سنة اثنتين وأربعين.
514 - محمد بن جسار بن علي الحميضي. قتل مع السيد رميثة بن محمد بن عجلان ببلاد الشرق في رجب سنة سبع وثلاثين ودفن هناك. أرخه ابن فهد.
515 - محمد بن جعفر بن حسب الله المدني المادح. ممن سمع مني بالمدينة.
516 - محمد بن جعفر بن علي بن عبد الله بن طاهر بن هاشم بن عربشاه بن ناصر بن زيد السيد شمس الدين أبو عبد الله بن الجلال بن التاج بن أصيل الحسني الجرجاني الأصل الشيرازي المولد والدار الحنفي وأبوه سبط الأستاذ السيد الشريف الجرجاني الشهير لقيني بمكة في سنة ست وثمانين فقرأ على بعض البخاري وسمع مني وعلى أشياء وكتبت له إجازة هائلة؛ وهو رئيس وجيه فاضل إلى الترك أقرب.
517 - محمد بن جعفر بن علي البعلي اليونيني ويعرف بابن الشويخ. سمع على بشر وعمر ابني إبراهيم البعلي وأبي الطاهر محمد بن عبد الغني الدريبي. وحدث سمع منه الفضلاء كابن موسى وشيخنا الأبي وكان سماعهما في سنة خمس عشرة؛ وقال شيخنا في معجمه أجاز في استدعاء ابنتي رابعة وكان شيخ زاوية عبد الله اليونيني ببعلبك.
518 - محمد بن جعفر بن محمد بن خلف الشامي الجدي أحد المتسببين المنتمين لبديد. مات بمكة سنة إحدى وسبعين. أرخه ابن فهد.(3/499)
519 - محمد بن جقمق الأمير ناصر الدين أبو المعالي بن الظاهر أبي سعيد الجركسي الأصل القاهري الحنفي أخو المنصور عثمان الماضي، وأمه الست قراجا ابنة أرغون شاه أمير مجلس الظاهري برقوق. ولد في رجب سنة ست عشرة وثمانمائة ورأيت من قال قبل العشرين بالقاهرة؛ وقرأ بها القرآن وحفظ كتباً واغتبط بمحبة العلم والعلماء وقربهم وأحسن إليهم، واشتغل بغالب الفنون الفقه والفرائض والتفسير والحديث والأصلين والمنطق والعربية وغيرها حتى مهر في أقرب مدة لحسن ذكائه ومزيد صفائه وصار مشاركاً في فنون بل عد من نوابغ الفضلاء فلما ملك أبوه عظم أمره واتسعت دائرته وتأمر بعد قليل وصار عين المقدمين وجلس رأس الميسرة وسكن في الغور من القلعة وفي البيت المواجه له من الرميلة وأقبل على الناس وزاد طلبه للعلم حتى كانت غالب أوقاته مصروفة فيه فيوماً لشيخنا في الحديث علوماً أو متوناً ويوماً لسعد الدين بن الديري في الفقه أو التفسير ويوماً للسكافياجي في علوم أخرى وكلاهما مع غيرهما ممن أخذ عنهم قبل تملك الرمح والكرة وغيرها من أنواع الفروسية والعقل الغزير والتدبير والسياسة والتواضع والبشاشة وحسن الشكالة والمحاضرة ومزيد البر وقلة الأذى والسيرة الحسنة والحرص على التجمل في مماليكه وحشمه والسير على قاعدة الملوك في ركوبه وجلوسه بحيث تأهل للسلطنة بلا مدافعة، بل لقبه جماعة من الشعراء بالناصر في قصائدهم وانفراده بأوصافه عن سائر أبناء جنسه وكثرة إنكاره على ما لا يليق بالشرع وشدة بغضه للبدع وعيبه لمن يفعلها سيما الرافضة خفيف الوطأة على الناس لم نسمع عنه بمظلمة لأحد ولا دخولاً فيما لا يعنيه ولا تعصباً في باطل؛ وكان يحضر كل ما ذكر من الدروس جماعة من الفضلاء ويقع بينهم البحث فيجاريهم أحسن مجاراة ويداري كلاً منهم أجمل مداراة حتى كأنه أحدهم وربما اقترح على بعضهم ما ينعش به الخاطر ويجبر به القلب فكان منزله مجمع الفضلاء ومربع النبلاء لا سيما من الشافعية حتى تكلم فيه عند أبيه بسبب جعل إمامه منهم فلم يؤثر ذلك فيه وتعاقب عنده ثلاثة أئمة كلهم شافعية، وقرأ الشرف الظنوبي عنده على المشايخ الشاميين ابن الطحان وابن بردس وابن ناظر الصاحبة بحضرته فسمع عليهم، وكذا حدثه الزين قاسم الحنفي بمسند أبي حنيفة في آخرين، وكان ينظم لكنه لعدم ارتضائه له لم يكن يثبته ولا يعتني بتهذيبه سيما وأكثره بديهة؛ وقد قال لمن رام مدح كريم الدين بن كاتب المناخات اجعل قصيدتك ميمية ويكون مخلصها:
وافتخرت مصر على غيرها ... بطلعة الصاحب عبد الكريم(3/500)
وكذا من نكته في محل أنسه في الربيع قوله لبعض الثقلاء ممن امتدت إليه ألسن الجماعة بالبسط والخلاعة فكان من قولهم هو جبل مقطم فقال هو لا بل جبل حراء إلى غير هذا مما أوردت منه في الجواهر والوفيات بعضه، ومع ما سل من أوصافه كان منجمعاص عن معارضة أبيه فيما لا يرتضيه بل كان يكظم غيظه ويصبر ولا يبعد عن الميل إلى اللهو والطرب على قاعدة العقلاء والرؤساء من الملوك مع إقامة الناموس والحرمة لشهامة كانت فيه وقد انتفع شيخنا بمساعدته كثيراً ولو عاش لم يتفق له ما وقع وكان شيخنا يثني عليه بالفهم والحفظ وتعجب من اجتماعهما، ولم يزل على جلالته وعلو مكانته إلى أن ابتدأ به الوعك في سنة سبع وأربعين فدام قدر نصف سنة ثم عوفي ثم انتكس في أوائل شوال وأصابه السل فصار ينقص كل يوم ثم انقطعت عنه شهوة الأكل وخرج إلى التنزه في الربيع وهو بتلك الحال فما رجع إلا وهو لما به وطرأ به الإسهال واستحكم السل وهو مع ذلك يحضر الموكب إلى أن صلى صلاة العيد ونزل لبيته بالرميلة فضحى ورجع؛ واستمر حتى مات بدون وصية في حياة أبويه وذلك في سحر يوم السبت ثاني عشرة ذي الحجة منها شهيداً بالبطن ويقال أنه سحر فمرض من ذلك السحر ووجد السحر والساحر فمنعهم أبوه من الاعتماد على ذلك ومنهم من يزعم أ،الله سقى ولم يثبت من ذلك شيء، وصلى عليه خارج باب القلة من قلعة الجبل في مشهد لم يتخلف عنه أحد، ودفن بقرب القلعة في تربة عمه جركس المصارع بقرب دار الضيافة بالقبة التي أنشأها قانباي الجركسي لولده محمد وكان من أقرانه ومشكور السيرة أيضاً كما سيأتي، وقد ذكره العيني فقال: وكان له صيت وحرمة عظيمة يتردد إليه الناس سيما الشافعي والحنفي في الجمعة مرتين أو ثلاثاً ويقاسيان مشقة السلالم والمدرج حتى كان الناس يسمونهما فقهاء الأطباق، قال وكل هذا من عدم حفظ العلم ولكنهما وسائر المترددين إليه كانوا يؤملون استقراره في السلطنة عن قرب إما في حياة والده أو بعده فأتى القضاء بعكس ما في خواطرهم. انتهى. وكأنه رحمه الله لم يستحضر حين كتابته لهذا ملازمته التردد للأشرف وغيره في قراءة التاريخ ونحوه بل لو كان في أيامه قاضياً لبادرهما إلى الطلوع وأرجو أن يكون قصد الجميع حسناً رحمهم الله وإيانا؛ وذكر بعضهم من شيوخه ابن الهمام والشرواني بل قال إنه حضر دروس العلاء البخاري فالله أعلم.
520 - محمد أخو الذي قبله وأمه أم ولد. مات في يوم السبت عاشر ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين بالطاعون عن أربع سنين.
521 - محمد أخو الأولين من أم ولد أيضاً. مات في يوم السبت ثامن عشر صفر من السنة بالطاعون أيضاً عن خمس سنين.
522 - محمد رابع الثلاثة قبله من أم ولد أيضاً. مات في يوم الأربعاء ثاني عشري صفر منها بالطاعون أيضاً عن ست سنين.
523 - محمد خامس الأربعة قبله. مات في يوم الاثنين ثالث عشر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين ولم يكمل عشرة أشهر وصلى عليه أبوه بالقلعة ثم شيعه الأعيان من الأمراء والمباشرين وغيرهم إلى أن دفن بالبرقوقية بين القصرين لكون أمه خوند إبنة أمير سلاح رجباش الكريمي التي أمها ابنة قانباي قريب الظاهر برقوق، ودخلوا بنعشه من بابي زويلة.(4/1)
524 - محمد بن جلال بن أحمد بن يوسف الشمس التركماني الأصل القاهري الحنفي أخو الشرف يعقوب الآتي والمذكور أبوهما في الدرر ويعرف بابن التباني - بمثناة وموحدة ثقيلة - نسبة لنزول التبانة ظاهر القاهرة وجلال مختصر من لقب أبيه جلال الدين غلب عليه واسمه رسول. ولد في حدود السبعين وسبعمائة بالتبانة، وأخذ عن أبيه وغيره ومهر في العربية والمعاني والبيان وشارك في غيرها وأفاد ودرس، واتصل بالمؤيد حين كونه نائب الشام فقرره في نظر الجامع الأموي وفي عدة وظائف وباشرها مباشرة غير مرضية، ثم ظفر به الناصر فأهانه وصادره فباع ثيابه واستعطى باليد فساءه وأحضره إلى القاهرة ثم أفرج عنه، فلما قدم المؤيد القاهرة عظم قدره ونزل له الجلال البلقيني عن درس التفسير بالجمالية، واستقر في قضاء العسكر؛ ثم رحل مع السلطان في سفرته لنوروز فاستقر قاضي الحنفية بدمشق وباشرها مباشرة لا بأس بها، ولم يكن يتعاطى شيئاً من الأحكام بنفسه بل له نواب يفصلون القضايا على بابه بالنوبة؛ ودرس بأماكن واستدعى به السلطان وهو بحلب من دمشق ليرسله إلى ابن قرمان فاستعفى وأجيب وعاد إلى دمشق، وكانت له في كائنة قانباي اليد البيضاء. مات بدمشق في رابع عشري رمضان سنة ثمان عشرة وكان جيد العقل، ذكره شيخنا في إنبائه وأرخه المقريزي بيوم الأحد ثامن عشري شعبان فالله أعلم.
محمد بن جلال المدني. هو ابن أحمد بن طاهر. مضى.
525 - محمد بن جلبان ناصر الدين أحد أمراء الشام وابن نائبها المؤيدي. مات في الوقعة السوارية سنة اثنتين وسبعين وهو في عنفوان الشبيبة.
محمد بن جماعة. هو ابن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن جماعة. مضى.
526 - محمد بن جمعة بن محمد بدر الدين بن الزين الحصني الأصل القاهري الحنفي المعروف بأبيه. ولد كما أخبرني به في ثاني عشر صفر سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة وترجح عنده أنه في سنة ست وأربعين؛ وكان أبوه دلالاً فنشأ ابنه ذكياً واشتغل وأخذ عن السنهوري في العربية والبيان ثم عن التقي الحصني في المنطق والمعاني وابيان والصرف والتفسير وأصول الفقه وكذا أخذ عن التقي الشمني والأمين الأقصرائي والكافياجي والعلاء الحصني، ومما أخذه عن الأمين تقسيم الكافي شرح الوافي والفقه عن الزين قاسم، وحج مراراً وجاوز في الحرمين وقرأ بالمدينة على أبي الفرج المراغي، وزار بيت المقدس مراراً من جملتها في سنة تسع صحبة ابن الطرابلسي، ودخل الشام غير مرة وأخذ عن الشهاب الزرعي وخطاب وغيرهما كالبرهان الباعوني وكذا دخل حلب، وله عدة مقدمات في النحو والصرف وكذا في الفقه لكنها لم تكمل وغير ذلك، وتلمذ لابن أخت الشيخ مدين وأقرأ ابن الكمال وعد في الفضلاء البارعين المتميزين بحيث رد عل البقاعي، وهو ممن ينتمي إلى ابن عربي كالزين الابناسي؛ وقد استقر في إمامة قبة الدوادار وخطابّها عقب إعراض ابن دمرداش عنها، ورتب له السلطان خمسمائة زيادة على معلومهما بل عينه برفقة الرسول لملك الروم ابن عثمان وأعطاه مبلغاً مع كونه لو انفرد لكفاه سنة كثيرة، وفضائله شهيرة وأدبه كثير وعقله غزير ومحاضرته متينة ومحاورته محكمة رزينة، وقد تكرر تردده إلي بالقاهرة ثم لقيته بمكة حين قدومه لها هو وحسين نزيل القبة الدوادارية من أثناء سنة ثمان وتسعين ورأيت منه تفصيل ما أجملته ولم يلبث أن رجع بحراً بعد انفصال الموسم وجاء كتابه من الينبوع المشتمل على أبلغ عبارة وأفصح إشارة زاده الله من إفضاله ووصله سالماً إلى انتهاء آماله، وقد رأيته قرض مجموع التقي البدري وأطال وكان من قوله:
يا جامعاً أنا في نباه واصف ... وهو الخطيب لذاك فيما حاز؟ جمعه
خذها عروساً بنت وقت تنجلي ... في وصف حليك بالبيان مرصعه
وقوله:
يا جامعاً مجموعه قد حوى ... كل المعاني فاغتدي أوحدا
جمعت جمعاً ماله مشبه ... فيا له جمعاً غدا مفردا
وهو الذي كتب عن العلاء بن بردبك تقريضه البديع للمجموع المشار إليه وافتتحه بوصفه بشيخنا، وقد سمع هو وأبوه على السيد النسابة والنور البارنباري والشمس التنكزي الحريري في مسلم بقراءتي، وتلاعب به الشعراء كالشهاب بن صالح ابن الكماخي بما لم يتدبروا عاقبته.(4/2)
527 - محمد بن جمعة الهمذاي الخواجا نزيل مكة وصاحب الدور بها الموقوفة أوجلها منه على درس المحنفية بالمسجد الحرام، عين لمشيخة شيخ الباسطية وإمام الحنفية الشمس البخاري وباشره ثم تعطل بها مدة ولد الواقف. مات فجأة في آخر ليلة الاثنين ثاني ربيع الأول سنة ثمان وستين. أرخه ابن فهد.
528 - محمد بن الجنيد بن أحمد بن محمد بن عمر بن محمد بن عمر النور بن أبي القسم الكازروني البلياني الأصل الشيرازي الماضي أبوه والمذكور جده في الثامنة. قدم القاهرة في سنة ثمان وأربعين رسولاً عن ملك الشرق بكسوة الكعبة واجتمع بشيخنا صحبة حسين الفتحي وصنف لأجله جزءاً في الأذكار وآخر في إصلاح مشيخة أبيه لابن الجزري وأذن له في الرواية عنه ووصف بالعلامة.
529 - محمد بن الجنيد بن حسن بن علي الشمس بن المحب الأقشواني الأصل القاهري الشافعي خادم البيرسية وابن خادمها والماضي أبوه. ولد تقريباً سنة خمس عشرة وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها في كنف أبيه فحفظ القرآن وسمع الكثير على النور الأبياري نزيل البيبرسية، وكذا حضر دروس شيخنا وغيره بقبتها واستقر في أيامه بها، وكان خيراً كثير التلاوة منجمعاً عن الناس ساكناً. مات في ليلة الجمعة رابع جمادى الأولى سنة تسع وسبعين بعد أن وقف ما يملكه من عقار على الخانقاه رحمه الله.
530 - محمد بن جوهر المدير في الجيش. مات في رمضان سنة ست وثلاثين بحلب. أرخه شيخنا في أنبائه.
531 - محمد بن حاجي بن أحمد الشمس بن خواجا شهاب الدين بن الشهاب الهرموزي الأصل المكي الحنفي. ممن سمع مني بها في المجاورة الرابعة أربعي النووي وكثيراً من المصابيح وأشياء كالمشارق والبخاري ثم جميع الشفا وقرأ ما فاته، وهو فطن لبيب قرأ على ثلاثيات البخاري وغيرها.
532 - محمد بن حاجي بن محمد بن قلاوون المنصور ناصر الدين أبو المعالي بن المظفر بن الناصر بن المنصور. ولد سنة ثمان وأربعين وسبعمائة واستقر في المملكة بعد القبض على عمه الناصر حسن في تاسع جمادى الأولى سنة وستين وسبعمائة وهو ابن نحو أربع عشرة سنة بقيام الأتابك يلبغا العمري الخاصكي وتدبيره بل لم يكن هذا معه سوى بالاسم؛ ولم يلبث أن خرج به إلى البلاد الشامية حين خروج بيدمر الخوارزمي نائب الشام عن الطاعة وعاد به سريعاً بعد أخذ بيدمر صلحاً إلى أن خلعه بابن عمه الأشرف شعبان بن حسين في منتصف شعبان سنة أربع وستين لأنه بعد رجوعه كثر أمره ونهيه فخشي يلبغا منه وأشاع أنه مجنون وجعل ذلك سبب خلعه فكانت مدته سنتين وثلاثة أشهر وخمسة أيام وألزمه داره من القلعة إلى أن مات في ليلة السبت تاسع المحرم سنة إحدة وقد زاد على الخمسين وصلى عليه الظاهر برقوق بالحوش السلطاني من القلعة وقرر لأولاده وهم عشرة راتباً ودفن بتربة جدته أم أبيه بالروضة خارج باب المحروق؛ وكان محباً للطرب واللهو عفا الله عنه، ذكره شيخنا في أنبائه باختصار وامعريزي في عقوده. محمد بن أبي حامد المطري. في ابن محمد بن عبد الرحمن بن محمد.
533 - محمد بن أبي الحجاج واسمه يوسف بن محمد بن يوسف الأسيوطي الأصل القاهري الشافعي الآتي أبوه. ولد في ليلة رابع عشر رمضان سنة إحدى وخمسين بالقاهرة ونشأ بها في كنف أبيه فحفظ القرآن وأربعي النووي والبهجة وألفية النحو وغيرها، وعرض على جماعة وأخذ في النحو عن خلد الوقاد وفي الفقه عن الجوجري وتدرب بأبيه في الصنعة وجلس بباب الحنفي، وحج مع أبيه شاهد المحمل، وكان معه في سنة ست وخمسين بمكة وهو صغير فأحضره اليسير بقراءتي، وهو عاقل كيس. محمد بن حجاج. في ابن عبد الله بن حجاج.
534 - محمد بن حرير - بمهملات ككبير - جمال الدين؛ كان مقيماً بثغر عدن وللجمال محمد بن كبن فيه اعتقاد لكونه بشره في بعض عزلاته بالعود في غدفكان كذلك فرتب له راتباً وكان يسأله الدعاء. مات سنة اثنتين وأربعين.
محمد بن حسان. في ابن محمد بن علي بن محمد بن حسين.
535 - محمد بن حسب الله جمال الدين المكي الزعيم التاجر. قال شيخنا في أنبائه: مات في ثالث جمادى الأولى سنة اثنتين؛ وكان واسع المال جداً معروفاً بالمعاملات وضبط من ماله بعده أكثر من عشرين ألف دينار سوى ما أخفى.(4/3)
536 - محمد بن حسب الله الحريري المؤذن بجامع الحاكم وغيره ورأس المخاصمين للبقاعي في يا دائم المعروف، وكان مقداماً جريئاً عريض الصوت جداً. مات بعد الثمانين ظناً.
537 - محمد بن حسن بن إبراهيم بن عبد المجيد بن محمد بن يوسف الشمس التاد في الأصل الحلبي الشافعي. ولد في رمضان سنة ست وتسعين وسبعمائة بحلب ونشآ بها فقرأ القرآن عند منصور وغيره وتفقه بعبيد بن علي البابي ومحمد الأعزازي وغيرهما وسمع على ابن صديق بل قرأ بنفسه على البرهان الحلبي وغيره وتكسب في حانوت بالبسطيين وقرأ البخاري وغيره على العامة. لقيته بحلب فقرأت عليه ثلاثيات الصحيح؛ وكان خيراً متعبداً متواضعاً متودداً ساكناً حسن السمت راغباً في الخير. مات ظناً قريب الستين رحمه الله.
538 - محمد بن حسن بن أحمد بن إبراهيم بن خليل بن عبد الرحمن بن محمد أبو العزم العجلوني الأصل المقدسي الشافعي ويعرف بابن أبي الحسن وبكنيته أكثر. ولد في ربيع الأول سنة سبع وأربعين وثمانمائة ببيت المقدس ونشأ به فقرأ القرآن وجل المنهاج وأخذ عن صهره الزين ماهر والكمال بن أبي شريف وقرأ على الجمال بن جماعة في البخاري وكذا على القلقشندي، وقدم القاهرة في سنة سبع وسبعين فاستوطنها مع فاقة وتقلل وخبرة بكثير من الأحوال والأشخاص وربما تعدى لما لا يليق، وقد حضر عند البكري والعبادي والبامي والجوجري وزكريا في آخرين وبعضهم أكثر من بعض ولم يتميز، ولازمني وسمع على الشاوي وغيره وكانت أكثر إقامته في خلوة بالبيبرسية.
539 - محمد بن حسن بن أحمد بن حرمي بن مكي بن موسى البهاء أبو الفتح - واقتصروا في عرضه في تسميته على أبي بكر وجعلوا أبا الفتح كنية - أبن البدر العلقمي القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف ببهاء الدين العلقمي. ولد في ربيع الآخر سنة خمس وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن عند الشهاب الدموهي وجوّد بعضه على الزراتيتي والعمدة والنخبة لشيخنا وألفية العراقي والمنهاج الفرعي ومختصر ابن الحاجب الأصلي ونظمه للجلال البلقيني المسمى بالتحفة وهو في ألف بيت وثلثمائة وألفية ابن مالك والتسهيل والجعبرية والياسمينية في الجبر والمقابلة ومنظومة ابن سينا في الطب؛ وعرض على خلق منهم العز بن جماعة والجلال البلقيني وعليه قرأ جميع التحفة له في ثلاثة مجالس وأعطاه جائزتها ألفاً وبالغ في إكرامه بحيث أنه ركب من باب منزله وهو واقف، واشتغل في الفقه على البيحوري والبرماوي بل هو الذي كان يصحح له محافيظه والشهاب الطنتدائي والشرف السبكي وابن المجدي وعنه أخذ في الفرائض والحساب والشطنوفي وعنه أخذ في العربية أيضاً؛ وعرف في صغره بقوة الحافظة بحيث كان لوحه مائة سطر ولا يتكلف لحفظه، وقد وصفه شيخنا في عرضه بالحفظة المدرة أعجوبة العصر ذكاءً نادرة الدهر نجابة ورواءً أسعد الله جده وأقربه عين أبيه ورحم جده، وسمع علي ابن الكويك والولي العراقي وشيخنا ولازمهما بمجلس إملائهما والواسطي وغيرهم وتكسب بالشهادة وبالمباشرة في عدة جهات وناب في القضاء، وحج غير مرة وتنزل في الجهات وحدث باليسير سمعت منه قطعة من التحفة وحضر عندي بعض مجالس الإملاء؛ وكان ساكناً متودداً عاقلاً حسن العشرة والأخلاق بساماً حصل له ارتعاش فدام به حتى مات في شوال سنة اثنتين وثمانين رحمه الله وإيانا.
540 - محمد بن حسن بن أحمد بن حسن بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بدر الدين بن بدر الدين بن الإمام الشهاب الأذرعي القاهري الماضي أبوه وجده ويلقب مامش. ولد في سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة، نشأ ظريفاً في خدمة ابن حجي متميزاً عنده فاشتغل قليلاً؛ وحج ثم بعده سكن ثم انتمى للبدري بن مزهر.
541 - محمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي الشمس المقدسي الأصل البقثاعي الدمشقي الصالحي أخو أحمد الماضي ويعرف بابن عبد الهادي. أحضر في الثانية سنة ثمانين وسبعمائة على أبيه وجده وعمه إبراهيم بن أحمد وموسى بن عبد الله المرداوي ثم سمع على عمه وغيره ومما حضره على أبيه ثاني الحربيات، وحدث سمع منه الفضلاء كابن فهد؛ وكان خيراً ساكناً ماهراص في التجليد من بيت حديث ورواية. مات سنة ثلاث وأربعين بدمشق. أرخه ابن اللبودي.(4/4)
543 - محمد بن حسن بن أحمد بن محمد بن سلامة بن عطوف بن يعلي السلمي المكي. مات بمكة في شوال سنة أربع وأربعين. أرخه ابن فهد.
543 - محمد بن حسن بن أحمد بن محمد الشمس أبو عبد الله الكردي ثم المقدسي نزيل مكة ويعرف بابن الكردية. ولد في سنة إحدى وثمانين وسبعمائة ببلاد الأكراد، وقدم مع أبويه وهو ابن سبع لبيت المقدس فسمع به الصحيح من أبي الخير من العلائي ومن إبراهيم بن أبي محمود والشمس بن الديري والزين عبد الرحمن بن محمد القلقشندي والشهاب بن الهائم والشمس الهروي وأحمد ويوسف ابني علي بن محمد بن ضوء بن النقيب، وأقام ببيت المقدس عشرين سنة ومات أبوه هناك فقدم بأمه إلى مكة فقطنها وصار يتردد منها إلى بيت المقدس وإذا جاء منه لمكة أحرم من هناك بالحج، ثم انقطع بأخرة بمكة وسمع بها في سنة أربع عشرة من الزين المراغي وبدمشق من عائشة ابنة ابن عبد الهادي جزء أبي الجهم وغيره، وصحب التاج محمد بن يوسف العجمي وأخذ عنه النجم بن فهد وذكره في معجمه وذيله وقال إنه كان حين مجاورته بالحرمين يؤدب أولاد النور علي بن عمر العيني نزيلهما، وكان مباركاً منجمعاً عن الناس له معرفة بالطب مبالغاً في حب ابن عربي بحيث اقتنى جملة من كتبه. مات في ظهر يوم الثلاثاء عشري شعبان سنة ثلاث وأربعين وصلي عليه بعد العصر ودفن بالمعلاة رحمه الله.(4/5)
544 - محمد بن حسن بن إسماعيل البدر بن البدر البنبي القاهري الشافعي ابن أخت البدر والكمال ابني ابن الأمانة. ولدكما ذكر في ذي الحجة سنة إحدى وثمانمائة ونشأ فحفظ القرآن وغيره واشتغل كثيراً، وأخذ عن خاله والشمس البرماوي والبيجوري والونى العراقي ولازمه وكتب عنه من أماليه وأثبت الشيخ اسمه بظاهر كثير من مجالسه؛ وكذا سمع على الشهاب الواسطي وابن الجزري والكمال بن خير والقوي والمتبولي في آخرين، بل كان يزعم أنه سمع على ابن صديق والطبقة، ولكنه ليس بمقبول القول ولا محمود الطريقة سيما والتاريخ لا يوافقه في أكثره، مع فضيلة واستحضار للفقه ومشاركة في غيره وبراعة في الشروط بحيث أنه عمل فيها كما بلغني مصنفاً حافلاً إلى غيره من التعاليق، وتنزل في صوفية الأشرفية وغيرها، ولكنه ضيع نفسه حتى أن خاله البدر امتنع من قبوله بعد ملازمته له وقتاً وجلوسه عنده للتكسب بالشهادة ورافق في شهادته علي بن أبي بكر الأبياري المشهور وأدى ذلك إلى أن نجز شيخنا مرسوماً لشهود المراكز والنواب ونحوهم بالمنع من مرافقته وقبوله إلا ثالث ثلاثة لكن بواسطة انتمائه للكمال بن البارزي خصوصاً بعد رجوعه من دمشق أول سلطنة الظاهر وركوبه معه لشيخنا واستئذانه إياه في عوده لتحمل الشهادة أعاده بل ولاطفه لأجل مخدومه بقوله كن من أمة أحمد ولا تكن من قوم صالح فأجابه بقوله: شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ. هذا مع ما أفحش في صنيعه مع شيخنا مما كان سبباً لحقد كثيرين منه فإنه توسل بالخواجا ابن شمس في أخذ نسخة صاحبنا ابن فهد بمعجم شيخنا ممن كانت عنده ثم طاف به على العلمي البلقيني وابن البارزي والعيني وابن العطار ونحوهم ممن ذكر أو قريبه أو أبوه ونحو ذلك في الكتاب بعد زيادة ألفاظ في التراجم فيما قيل؛ وتألم شيخنا كثيراً لذلك وقد أشار لشيء من ترجمته في حوادث سنة أربع وأربعين من أنبائه وقال إنه مشهور بالتجوز في شهادة الزور ولكن كان كاتب السر قربه وأدناه وسافر به معه إلى دمشق فحصل به مقاصد كثيرة وتمول هو بجاه كاتب السر وعاد فكانت له في بابه حركات كثيرة والناس معه في حنق شديد القضاة ومن دونهم، قال وأرسل كاتب السر يعلم الحنفي أن القضاة لا تقبل البنبي انتهى. ثم كان ممن حج مع مخدومه الكمال بل حج قبل ذلك في سنة ثلاث وعشرين صحبة خاله الكمال ومع انتمائه للمشار إليه لم ترتفع رأسه واستمر مشهور الأمر بالوقائع الشنيعة حتى آل أمره إلى المشي في تزوير في تركة البهاء بن حجي والد سبط الكمال الذي رقاه وكان رداءاً له فتطلبه الأمير أزبك الظاهري صهر الكمال حتى ظفر به فضربه ضرباً مؤلماً؛ وقبل ذلك رام التزوير على وكيل بيت المال الشرفي الأنصاري فبادر لإعلام الأشرف إينال بذلك فألزم نقيب الجيش بتحصيله فاختفى إلى أن سكنت القضية، وأحواله غير خفية، وبالجملة فكان فاضلاً لكنه ضيع نفسه؛ وقد كثر اجتماعي به اتفاقاً وسمعت من فوائده وحكاياته وتنديباته وتزايد خموله حتى مات في سنة خمس وستين عفا الله عنه.
545 - محمد بن حسن بن إلياس الجمال الرومي الحنفي. مات بمكة في رجب سنة ستين. أرخه ابن فهد، وهو ممن اشتغل وتميز في الفقه وغيره وترافق مع أبي الوقت المرشدي بحيث كان يكاتبه وحصل كتباً، وكان مع ذلك جيد الخط وباسمه نصف تكبير مقام الحنفية مع السبيل الذي أنشأه المؤيد بالمسجد تجاه الحجر الأسود إلى غير ذلك من مرتبات. ومات عن نحو الأربعين.
546 - محمد بن حسن بن أبي بكر بن محمد جمال الدين العامري اليماني الحرضي الشافعي. لقيني في المحرم سنة أربع وتسعين بمكة وسنه دون الأربعين بقليل فقرأ على الأربعين للنووي قراءة طالب علم وسمع من لفظي المسلسل وكتبت له، وهو من جماعة الشيخ يحيى العامري.
547 - محمد بن حسن بن أبي بكر بن منصور الشمس الفارقي السلاوي ربيب الشمس السمرقندي العطار ولوجاهته عند تمر صارت لصاحب الترجمة وجاهة في أيام الفتنة فلما رحل عن دمشق أخذ وعوقب حتى مات في رجب سنة ثلاث. ذكره شيخنا في أنبائه.
548 - محمد بن حسن بن حاتم الشمس النشيلي ثم القاهري الشافعي ربيب بواب سعيد السعداء. ممن اشتغل. مات في شعبان سنة إحدى وتسعين.(4/6)
549 - محمد بن حسن بن حسن بن حسين بن عقبة المدني المالكي نزيل حلب ويعرف بابن عقبة وبابن حسن أيضاً. ولد في حدود سنة ثمانين وسبعمائة بالمدينة وقدم حلب على رأس القرن فقطنها وسمع على ابن صديق بعض الصحيح، وكان خيراً محافظاً على الجماعة كثير الحج له اشتغال يسير في الفقه. مات في حدود سنة خمسين. ونسبه بعضهم محمد بن حسن بن حسين بن علي بن عقبة.
550 - محمد بن حسن بن حسين بن علي بن عبد الدائم المحب بن البدر الأميوطي الأصل القاهري الحسيني سكناً الماضي أبوه. ولد في ثالث عشر ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة ولازمني في الإملاء وغيرها مدة وتكسب بالشهادة وتجرع فاقة.
551 - محمد بن حسن بن حمزة بن يوسف الشمس أبو الأسعد الحلبي الحنفي نزيل القاهرة ثم مكة وأخو عبد الرحمن الماضي ويعرف بابن الأمين الكاتب. قدم مع أبيه القاهرة فطلب الحديث ودار على جماعة من الشيوخ وكتب الطباق وانتقى وتميز قليلاً واستعان بي في كثير من مقاصده في ذلك، وخطه حسن وفهمه جيد وفضائله متنوعة ولكن الغالب عليه فن الأدب، مع حسن عشرة وتودد وستر وقد أنشدني أشياء من نظمه ورأيته كتب على مشيخة التقي الشمني تخريجي له ثناءً، وسافر إلى مكة فحج وأقام بها على طريقته حتى مات في ليلة الخميس عاشر ربيع الأول سنة اثنتين وستين رحمه الله وإيانا. محمد المحب أبو الفضل الكاتب نزيل القاهرة وأخو الذى قبله واسمه المدعو به عبد الرحمن. مضى.
552 - محمد بن حسن بن أبي الخير البلبيسي ثم القاهري الأزهري المالكي. ممن اشتغل، وله ولد عرض علي كتباً في سنة ست وتسعين.(4/7)
553 - محمد بن حسن بن سعد بن محمد بن يوسف بن حسن ناصر الدين أبو محمد بن البدر بن سعد الدين بن الشمس القرشي الزبيري القاهري الشافعي والد محمد وعبد الرحمن ويعرف بابن الفاقوسي لقب لبعض آبائه. ولد بين العشاءين ليلة الجمعة خامس عشري صفر سنة ثلاث وستين وسبعمائة بدرب السلسلة بالقرب من الصالحية النجمية من القاهرة ونشأ بها في كنف أبيه في نعمة ورفاهية عيش فحفظ القرآن وعدة مختصرات وتلاه لأبي عمرو على الفخر الضرير إمام الأزهر واشتغل بالفقه على السراجين البلقيني وابن الملقن ولازم ثانيهما وكذا أخذ الوجيز للغزالي سماعاً وقراءة لبعضه عن البدر بن أبي البقاء والتنبيه وثلاثة أرباعه الأولى بقراءتهعن عباس بن أحمد الفقيه الشافعي نزيل جامع أصلم وبالحديث على الزين العراقي أخذ عنه علوم الحديث لابن الصلاح وبعضه بقراءته في سنة سبع وثمانين بحثاً وتحقيقاُ والعربية عن الشمس الغماري أخذ عنه الفصول ليحيى بن عبد المعطى في سنة سبع وتسعين مع حسن التوسل إلىصناعة الترسل لأبي الثناء محمود بن فهد؛ وأذن له ابن الملقن فمن بعده في الإقراء كل وأخذ للفن وغيره؛ ولبس الخرقة الصوفية من الشمس أبي عبد الله محمد بن منصور المقدسي وأخذ عنه العوارف للسهروردي وجود الخط على بعض الكتاب، وحج به أبوه وهو صغير ثم حج بنفسه مرتين وسمع بمكة على قاضيها علي النويري الشافعي وغيره، وسافر إلى بلاد الشام مراراً أولها صحبة الظاهر برقوق، وسمع بدمشق على أبي هريرة بن الذهبي والكمال بن نصر الله بن النحاس، وبحلب علي ابن أيدغمش وغيره، ودخل اسكندرية ودمياط وغيرهما وأكثر من السماع في صغره ثم كبره وتميز قليلاً وضبط الأسماء وكتب الطباق ودار على الشيوخ وربما جيء بهم إلى منزلهم، وكان جلداً على الأسماع صبوراً عليه ووقع في الدست وهو صغير عوضاً عن ناصر الدين بن الطواشي في أيام البدر بن فضل الله وعظم اختصاصه به وبغيره من الأعيان وراج أمره فيه؛ وقرأ بين يدي الظاهر برقوق نيابة بل ذكر لكتابة السر وأقام شيخ الموقعين مدة حتى عزله عنها البدر محمود الكلستاني صاحب ديوان الإنشاء لتشنيعه عليه حين رام تغيير المصطلح على طريقة أهل البلاغة مع الاعتناء بالمناسبات فلم يمكن عوده حتى مات البدر، هذا كله بعد أن وقع كما قال شيخنا على القضاة ثم في الدرج، وكذا ولي نظر الديوان الخاص بخاص السلطان وديوان المستأجرات والذخيرة السلطانية مدة، وعلت منزلته لكنها انحطت في الدولة المؤيدية بالنسبة لما تقدم وتناقصت كثيراً في الدولة الأشرفية وانقطع عن الخدمة في أواخر عمره وصار أقدم الموقعين وغيرهم يسير على قاعدة السلف بفوقانية طوقها صغير جداً ويركب بدون مهماز ولا دبوس ونحو هذا، وكان شيخاً حسناً ثقة محتشماً جميل الطريقة ديناً كثير التلاوة والصدقة متودداً لأصحابه مبادراً لقضاء حوائجهم متفقداً لهم سمحاً كريماً ذا مودة وأفضال وبر خصوصاً للطلبة والغرباء لكنه ضيق العطن وله في ذلك حكايات مع نظم وإنشاء متوسطين مترفها في مأكله وملبسه وسائر شؤونه محباً في الأسماع جليل الهمة في أمر العبادة بحيث أنه لم يقطع ورده في ليلة موته بل ساعة موته صلى الضحى قائماً متكئاً على بعض خدمه، ومن شيوخه بالسماع البرهان بن جماعة والأمدي والجمال الباجي وابن مغلطاي والجمال بن حديدة والعز أبو اليمن بن الكويك وحسين التكريتي والعز أبو عمر عبد العزيز الأسيوطي والشموس ابن الخشاب وابن حسب الله والرفا وابن أبي زبا والشرف ابن الكويك والشرف أبو الفضل المقدسي والزين بن الشيخة ومحمد بن عمر الكتاني والعفيف النشاوري والصلاح البلبيسي والمحيوي القروي والنجم بن رزين والتقي بن حاتم والمجد إسماعيل الحنفي والسراج عمر الكومي والبدر محمود العجلوني والسويداوي والحلاوي وأحمد بن هلال المكي وعبد الرحمن بن حسين التكريتي وجويرية ابنة الهكاري وأختها أسماء وعائشة ابنة أحمد بن إسماعيل بن الأثير وقطر النبات سكرة النوبية وأيملك ابنة تتر بن بيبرس في آخرين من شيوخ القاهرة والواردين إليها، وأاز له أبو الهول الجزري وابن المحب الحافظ والبهاء بن الدماميني ومحمد بن محمد بن داود بن حمزة والشمس العسقلاني وآخرون وأثنى عليه شيخنا في أنبائه وكذا التقي المقريزي في عقوده وغيرها وحكى عنه حكاية وآخرون. ومات مطعوناً في منزله الذي ولد به(4/8)
في ضحى يوم الثلاثاء سابع عشري شوال سنة إحدى وأربعين ودفن من الغد في تربتهم خارج باب النصر بعد أن صلى عليه شيخنا في مشهد عظيم حضره أكابر العلماء والطلبة والأعيان وغيرهم رحمه الله وإيانا.في ضحى يوم الثلاثاء سابع عشري شوال سنة إحدى وأربعين ودفن من الغد في تربتهم خارج باب النصر بعد أن صلى عليه شيخنا في مشهد عظيم حضره أكابر العلماء والطلبة والأعيان وغيرهم رحمه الله وإيانا.
554 - محمد بن حسن بن السمين اليمني. ولد في جمادى الثانية سنة ست وأربعين وسبعمائة، روى عن خاله المحدث أحمد بن إبراهيم العشيلي عن العفيف اليافعي إجازة، وذكره التقي بن فهد في معجمه. ويحرر اسم جده ونسبة شيخه.
555 - محمد بن حسن بن سويد الشمس بن البدر المصري المالكي أخو الوجيه عبد الرحمن وصاحب الترجمة أكبر والوجيه أنبه لتقريب إبيهما له، وهو والد الصدر محمد وعائشة سبطي الجلال البلقيني. مات سنة أربع وثلاثين تقريباً.
556 - محمد بن حسن بن شعبان بن أبي بكر الباعواري - قرية من أعمال الموصل - ثم الحصني نزيل حلب ويعرف بابن الصوة - بمهملة مفتوحة ثم واو ثقيلة. أقام بالحصن وخدم ملكها العادل خلفاً الأيوبي؛ ثم قدم القاهرة وحج منها مع الشمس بن الزمن وصحب الأشرف قايتباي قبل السلطنة فلما تسلطن تكلم عنه في كثير من الأمور السلطانية بحلب، وترقى إلى أن صارت أمور المملكة الحلبية بل وكثير من غيرها معذوقاً به مع عاميته فلما كان الدوادار الكبير هناك عزم على المسير إلى البلاد الشرقية أشار عليه بالترك لما رأى زعم المصلحة فيه وكاتب السلطان من غير علمه بذلك فراسله بالتوقف فيما قيل فحقد عليه حينئذ ودبر أن جعل له استيفاء ما فرضه على الدور الحلبية مما قيل أنه المحسن فعله له فكان ذلك سبباً لإثارة الفتنة واجتماع الجم الغفير والغوغاء في باكر عشري رجب سنة خمس وثمانين عند جاره ورجعها مع كونه ليس بها يومئذ وبلغ ذلك النائب فركب هو وغيره لكفهم ثم لم يلبث أن ركب هو بعد عصر اليوم المشار إليه من الميدان إلى تحت القلعة فخرجوا عليه ففر منهم فلحقوه فأدركوه بالكلاسة فقتلوه وحملوه لتحت القلعة فحرقوه، ويقال إنه كان شهماً بطلاً شجاعاً مقداماً ذا مروءة وعصبية وأنه جاز السبعين وتألم السلطان لقتله ولم ينتطح عنزان؛ وبالجملة فغير مأسوف عليه.
557 - محمد بن حسن بن عبد الرحيم الصالي الدقاق. قال شيخنا في معجمه لقيته بالصالحية فقرأت عليه أخبار إبراهيم بن أدهم وغيرها بحضوره في الثالثة على الحجار؛ ومات في الكائنة العظمى سنة ثلاث، وتبعه المقريزي في عقوده.
558 - محمد بن حسن بن عبد الله بن سليمان البدر أبو المعالي القرني - نسبة فيما قال لأويس - القاهري الشافعي الواعظ ويعرف بابن الشربدار حرفة والده وجده. ولد في ربيع الأول سنة سبع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وهو ابن سبع وتلا به على مؤدبه الشمس بن أنس، والعمدة والتنبيه وكذا جامع المختصرات والتسهيل فيما زعم وألفية ابن ملك والمنهاج وجمع الجوامع الأصليين وغيرها؛ وعرض على جماعة كالزين العراقي والسراج البلقيني وقريبه أبي الفتح البلقيني والبدر الطنبدي والزين الفارسكوري، وأخذ الفقه عن البيجوري والمجد والشمس البرماويين والعربية والصرف عن الشمسين الشطنوفي وابن هشام العجيمي الشافعي وغيرهما والأصلين وغيرهما عن العز بن جماعة ولازمه مدة طويلة في المنطق والمعاني والبيان وغيرها من المعقولات وقال أنه كان يشكر حافظته ونهاه عن كثرة الدرس ويقول له: أخشى عليك الاختلاط فلم ينته حتى اختلط في حدود سنة خمس عشرة فقال الناس أن ذلك من أكله حب البلادر، ثم تراجع ولازم التفهم في مجالس الدروس حتىب رع في غالب ما تقدم من العلوم، وشارك الناس في الفضائل وتكلم على الناس بالوعظ في الجوامع وغيرها حتى عرف بذلك وصار له فيه صيت عند العامة وتكسب منه وأكثر من المنازعة للمتصدين له مع تهاونه في أمور الدين ونسبته لهنات وزلات بحيث لا يؤتمن على نقل ولا يوصف بعقل، وقد سمع على ابن أبي المجد والعراقي والهيثمي والتنوخي بل كان يذكر أنه سمع على آخرين. وحدث باليسير سمع منه الفضلاء؛ سمعت منه وكتبت عنه من نظمه أبياتاً. مات في رجب سنة إحدى وسبعين رحمه الله وعفا عنه.(4/9)
محمد بن حسن بن عبد الله أبو الفتح بن البدر القاهري سبط الشيخ محمد الجندي ويعرف بالمنصوري، وهو بكنيته أشهر. يأتي.
559 - محمد بن الحسن بن عبد الله البهاء بن البدر البرجي ثم القاهري الشافعي. أصله من محلة البرج غربي القاهرة ثم سكن أبوه القاهرة؛ وولى قضاء المحمل ونشأ ولده هذا تحت كنفه وزوجه ابنة السراج البلقيني، وترقى وصحب الأكابر وولي الحسبة غير مرة ووكالة بيت المال ونظر الكسوة ثم باشر عمارة الجامع المؤيدي بواسطة ططر لمزيد اختصاصه به، وتولع به الشعراء حين ميل منارته فقال ابن حجة:
على البرج من بابي زويلة أنشئتْ ... منارة بيت الله والمنهل المنجي
فأخنى بها البرج اللعين أمالها ... ألا صرحوا يا قوم باللعن للبرجي
وقال غيره:
عتبنا على ميل المنار زويلة ... وقلنا تركت الناس بالميل في هرج
فقال قريني برج نحس أمالها ... فلا بارك الرحمن في ذلك البرج
وكانت له رياسة وفضل وأفضال وكرم، ثم تعطل ومرض سنين حتى مات في يوم الخميس عاشر صفر سنة أربع وعشرين عن ثلاث وسبعين سنة ويقال أنه لو أدرك سلطنة ططر لصار إلى أمر عظيم، وقد ذكره شيخنا في إنبائه وقال إنه استولد ابنة السراج البلقيني ابنه البدر محمد ثم ماتت فتزوج بلقيس ابنة أخيها بدر الدين بن السراج فأولدها أولاداً.
560 - محمد بن حسن بن عبد الوهاب ناصر الدين الطرابلسي ثم القاهري الشافعي. ولد كما بخطه في سنة أربع وستين وسبعمائة وقال إنه سمع بطرابلس على الشهاب أحمد بن الحبال وابن البدر؛ وقدم القاهرة فأخذ عن العز بن جماعة ولازم دروسه في فنونه ثم لازم بعده تلميذه الجمال الأمشاطي، لقيه ابن الأسيوطي قريب سنة سبعين وقال إنه كان مستحضراً.
561 - محمد بن حسن بن علي بن أبي بكر خير الدين أبو الخير السبكي الريشي الأصل القاهري الطولوني الشافعي الماضي أبوه، ويعرف بالكوم الريشي. كان ممن اشتغل يسيراً واختص بالسراج الحمصي وبغيره وحضر بعض الدروس بل وكتب عن شيخنا في الأمالي؛ وأظنه حفظ متوناً وشارك في الجملة وبرع في التوقيع ونحوه وكتب الخط الجيد وكتب في الركبخاناه بعناية موسى مهتارها في الأيام الأشرفية ثم وقع لشرباس الناصري حين كان أمير آخرو ثاني وسافر في خدمته لمكة ثم كتب عند العلاء بن أقبرس، وتنزل في الجهات وأثرى وأهين مرة بعد أخرى ثم ولاه المناوي النقابة بل وناب عنه وعن من بعده في القضاء وكان يتقرب من القضاة بالأقراض لأن دائرته بالمال كانت متسعة مع إفحاشه في المعاملة وسلوكه فيها ما لا يرتضى، وبالجملة فهو غير مرضي، وقد حضر عندي بعض الدروس. مات في جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وقد قارب السبعين وصلى عليه من الغد ثم دفن بجوار المشهد النفيسي عفا الله عنه.
562 - محمد بن حسن بن علي بن جبريل المحلى ثم القاهري ويعرف بابن شطية. ممن سمع على شيخنا.
563 - محمد بن حسن بن علي بن الحسن بن علي بن القسم الخطيب الشمس أبو عبد الله بن البدر أبي محمد بن العلاء المشرقي الأصل التلعفري المولد الدمشقي الدار الشافعي عم الشهاب أحمد بن عبد الرحيم الماضي ويعرف بابن المحوجب. ولد سنة ست وتسعين وسبعمائة تقريباً وحفظ القرآن والتنبيه وقرأ فيه على العلاء بن سلام وفي الحديث وفنونه على ابن ناصر الدين ولازمهما، وكتب بخطه سيما من تصانيف ثانيهما جملة وحمل عنه الكثير من الكتب الستة وغيرها، بل سمع قبل ذلك على عائشة ابنة ابن عبد الهادي والجمال بن الشرائحي والطبقة وقرأ بعد على الشهاب بن المحمرة؛ وكذا أخذ عن شيخنا حين قدم عليهم في سنة آمد وكتب من تصانيفه المتباينات؛ وحج مراراً وزار بيت المقدس والخليل، وأقبل على العبادة وانجمع عن الناس على طريقة حسنة بمسجد الخوارزمي من القبيبات وخطب بمصلى العيدين هناك وبغيره. مات في رمضان سنة ست وخمسين ودفن بالقبيبات جوار التقي الحصني رحمه الله.
564 - محمد بن حسن بن علي بن سليمان بن عمر بن محمد الشمس الحلبي الحنفي الآتي ولده وحفيده المسمى كل منهم محمد؛ ويعرف بالموقت وبابن أمير حاج. كان فاضلاً في فنون من العلم مدرساً بالجردكية بارعاً في الوقت ولذا باشره بجامع بلده الكبير؛ وانتقلت وظيفة التوقيت والتدريس بعده لولده.
محمد بن حسن بن علي بن سليمان ويدعى زهيراً. مضى في الزاي.(4/10)
565 - محمد بن حسن بن علي بن عبد الرحمن الشمس بن البدر الصردي الأصل اللقاني ثم القاهري الأزهري المالكي ويعرف في بلده بالصردي وهنا باللقاني. ولد وقت صلاة الجمعة عاشر المحرم سنة سبع وخمسين وثمانمائة بلقانة من البحيرة ونشأ بها فحفظ القرآن والشاطبية والرسالة ثم قدم القاهرة بإشارة بلدية البرهان القاضي فحفظ أيضاً مختصر خليل وألفية النحو وأخذ عنه وعن السنهوري الفقه ولازمهما وعن ثانيهما العربية وكذا أخذها مع الأصول عن الجوجري والمنطق عن التقي الحصني، وحضر دروس العلاء الحصني فيه وفي أصول الدين وأخذ جل المختصر عن الكمال بن أبي شريف، والفرائض والحساب عن البدر المارداني وبعضهما في الثغر السكندري عن الشمس محمد بن شرف المالكي وجلس بباب اللقاني أيام قضائه واختص به وبعد ذلك جلس ببعض الحوانيت، وحج في سنة أربع وتسعين وأثكل ولداً له اسمه أحمد قريب المراهقة في سابع عشر ربيع الثاني من التي بعدها وقرأ على بعض كتابي إرتياح الأكباد وتناوله مني، وهو إنسان فاضل عاقل ممن جدد من النواب.
566 - محمد بن حسن بن علي بن عبد الرحمن الشمس القاهري الصوفي الشافعي ويعرف بابن الأستاذ لكون أبيه كان أستادار قرقماس الشعباني. ولد في سنة ست وعشرين ونشأ وكتب عند بعض المباشرين وسمع على بعض السيرة في سنة خمس وتسعين ثم بعض الدلائل في التي تليها، وأثكل ولداً له فصبر.
567 - محمد بن حسن بن علي بن عبد الرحمن الشمس الفرسيسي المصري الصوفي المقريء ويعرف بالفرسيسي - بفتح الفاء وسكون الراء وكسر المهملتين بينهما تحتانية قرية شهيرة بين زفتا وتفهنا من الغربية. ولد في رابع رجب سنة تسع عشرة وسبعمائة وأسمع على أبي الفتح بن سيد الناس وأحمد بن كشتغدي وغيرهما، ومما سمعه على أولهما السيرة النبوية له يقال بفوت ومنتقى من الخلعيات وعلى ثانيهما جزء أبي جعفر المطيري؛ وحدث سمع منه الأئمة ومنهم شيخنا وقال: مات في رجب سنة ست. وهو في عقود المقريزي وأول ما علم به حين السماع على ابن حاتم في السيرة كان من جملة الحاضرين وحينئذ تصدر مع ابن حاتم للإسماع رحمه الله.
568 - محمد بن حسن بن علي بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عفاة - بمهملة مضمومة فيما قيل - الجمال أبو الطاهر البدراني ثم الدمياطي القاهري نزيل الحسينية الشافعي والد أبي الخير محمد الآتي. ولد في ليلة الجمعة ثالث عشري شوال سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمنية بدران جوار المنزلة ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والحاوي وألفية ابن ملك وغيرها، وعرض على جماعة واشتغل بالفقه والعربية والحديث؛ ولازم شيخنا حتى أخذ عنه شرح النخبة له ووصفه بالشيخ الفاضل البارع المتقن الأوحد وأذن له في إفادتها، وجود الخط عند ابن الصائغ وأتقنه ونسخ به كثيراً لنفسه وغيره ومن تصانيف شيخنا وغيره، وطلب وقتاً ودار على الشيوخ وضبط الأسماء وكتب الطباق ورأيت له ثبتاً في مجلد سمع فيه على ابن الجزري والنور القوي والولي العراقي والشهاب الواسطي والزين القمني في آخرةىتاغ76ين، وكذا سمع على الكمال بن خير والتقي الفاسي، ومما قرأه عليه المتباينات له بل والشرف بن الكويك والجمال عبد الله الحنبلي والعز بن جماعة والشمس البيجوري، وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وعبد القادر بن إبراهيم الأرموي والجمال بن الشرائحي وآخرون، وما أشك أنه أخذ عن أقدم من هؤلاء، وحدث سمع منه الفضلاء وأسمع الزين رضوان العقبي ولده عليه، وكان أحد صوفية سعيد السعداء وقارئ الحديث بجامع الحاكم في وقف المزي لكونه كان فقيه ولد مملوك المزي وكذا أقرأ أولاد التلاوي، وكان فاضلاً فصيحاً في قراءة الحديث وفي الخطابة أيضاً خطب بجامع الحاكم شريكاً للصدر ابن روق ثم لولده وأم بجامع كمال وحج. مات في العشرين من رمضان سنة سبع وثلاثين ودفن بحوش صوفية سعيد السعداء رحمه الله وإيانا.
569 - محمد الزين أبو البركات شقيق الماضي والآتي وهو أصغر الثلاثة. سمع من الشرف بن الكويك وغيره باعتناء أخيه، وكان أحد صوفية سعيد السعداء ديناً خيراً كثير التلاوة ساكناً منجمعاً عن الناس بالقرب من رحبة العيد، ممن يقرأ في الأجواق رفيقاً لابن شرف المقرئ. حج وجاور في سنة اثنتين وأربعين وسمع على الزين بن عياش وأبي الفتح المراغي وغيرهما. ومات بعد سنة ستين ودفن بحوش السعيدية أيضاً بجانب أخيه.(4/11)
570 - محمد الشمس أبو الطيب شقيق اللذين قبله ووالد ناصر الدين محمد الآتي ويعرف بابن الفقيه حسن. ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بمنية بدران؛ ونشأ بها فقرأ القرآن عند والده وصلى به والعمدة والشاطبية والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية النحو؛ وعرض على جماعة. وارتحل إلى القاهرة في سنة خمس وتسعين فتلا لأبي عمرو على الشمس النشوي والزين أبي بكر السكاكيني وبحث على ثانيهما أصول الشاطبية وعلى أولهما من الفرش إلى آخرها وعلى الشمس البرشنسي في المنهاج وفي الألفية وسمع عليه البخاري في سعيد السعداء وعلى الشمس العراقي في الفقه والفرائض وكذا بحث الفصول لابن الهائم والنزهة مع النحو ورسالة الجمال المارداني في الميقات والخزرجية في العروض ومقدمة في المنطق على ناصر الدين لابارنباري، وأخذ النحو أيضاً عن الشمس الشطنوفي وغيره والأصول عن الشمس العجيمي، ثم عاد إلى بلده فاستمر بها حتى مات والده فتحول إلى دمياط فقطنها وتردد منها إلى القاهرة غير مرة وسمع بها بقراءته وقراءة غيره على الشرف بن الكويك والجمال عبد الله الحنبلي والولي العراقي والتقي الفاسي في آخرين، وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وغيرها. وتصدى في دمياط للدريس فانتفع به جماعة كثيرون من أهلها والواردين إليها، وولي بها خطابة جامع الزكي وإمامته مع نظره وبه كانت إقامته؛ ولقيته فيه بل وفي القاهرة قبل ذلك وقرأت عليه أشياء. وكان فاضلاً خيراً ثقة كثير التلاوة آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر له جلالة ووجاهة وكلمة نافذة وسمت حسن وشيبة نيرة وإذا قرأ خشعت القلوب لقراءته مع التواضع والفتوة وحسن التودد وإكرام الغرباء والوافدين. مات بدمياط بعد أن حصل له نوع خبل في ثالث المحرم سنة ثمان وخمسين ولم يخلف بعده بها في مجموعة مثله رحمه الله ونفعنا به.
571 - محمد بن حسن بن علي بن عثمان الشمس النواجي - نسبة لنواج بالغربية بالقرب من المحلة - ثم القاهري الشافعي شاعر الوقت ويعرف بالنواجي. ولد بالقاهرة بعد سنة خمس وثمانين وسبعمائة تقريباً، ونشأ بزاوية الأبناسي بالمقسم فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والألفية والشاطبية، وكان يصحح في التنبيه على أبي بكر الشنواني الآتي؛ وتلا القرآن تجويداً على الشمس الزراتيتي وأمير حاج إمام الجمالية وابن الجزري بل قرأ عليهم لبعض السبع، وعرض بعض محافيظه على الزين العراقي وغيره، وأجاز له هو والهيثمي وابن الملقن فكأنهما في العرض أيضاً، وأخذ في الفقه عن الشمسين العراقي والبرماوي والبيجوري والعربية عن الشمسين الشطنوفي وابن هشام العجيمي والعلاء بن المغلى قرأ عليه شرح الألفية لابن أم قاسم والنحو مع غيره من المعقولات عن العز بن جماعة والبساطي واللغة وغيرها عن النور بن سيف الأبياري نزيل البيبرسية وسمع عليه الحديث؛ والحديث عن الولي العراقي وكتب عنه من أماليه وحضر دروسه، وكذا أخذ عن شيخنا في آخرين سمع عليهم كابن الجزري فمن قبله فقد رأيت بخطه أنه سمع بعض ألفية العراقي عليه، وكتب الخط المنسوب على ابن الصائغ، وحج مرتين الولى في رجب سنة عشرين واستمر مقيماً حتى حج ثم عاد مع الموسم، والأخرى في سنة ثلاث وثلاثين وحكى كما أورده في منسكه الذي سماه الغيث المنهمر فيما يفعله الحاج والمعتمر أنه رأى شخصاً من أعيان القضاة الشافعية بالديار المصرية أراق دماً على جبل عرفات فقال له ما هذا فقال دم تمتع فقال إنه غير مجزئ هنا قال ولم قال لأن شرطه أن يذبح في أرض الحرم وعرفات ليست من الحرم فقال كالمنكر عليه هذا المكان العظيم ليس من الحرم قال فقلت له نعم ولا يقدح هذا في شرفه فقال إذا لم تكن عرفات من الحرم فما بقي في الدنيا حرم انتهى. ونحو هذا القاضي قاض آخر تأخر عن هذا كان يقصر المغرب وروجع في ذلك فأصر وأنشد في منسكه:
لا شيء أطيب عندي من مجاورتي ... بيت ربي وسعيي فيه مشكور
قد أثرت في أفعال الكرام ولل ... مجاورات كما قد قيل تأثير(4/12)
ودخل دمياط واسكندرية وتردد للمحلة وغيرها وأمعن النظر في علوم الأدب وأنعم حتى فاق أهل عصره فما رام بديع معنى إلا أطاعه فأنعم وأطال الاعتناء بالأدب فحوى فيه قصب السبق إلى أعلى الرتب، وكتب حاشية على التوضيح في مجلدة وبعض حاشية على الجار بردي وشرحاً للخزرجية في العروض وكتاباً يشتمل على قصائد مطولات كلها غزل والشفاء في بديع الاكتفاء وخلع العذار في وصف العذار وكأنه تطابق مع الصلاح الصفدي في تسميته، وصحائف الحسنات في وصف الخال وكأنه توارد أيضاً مع الزين بن الخراط فيها وروضة المجالسة في بديع المجانسة ومراتع الغزلان في وصف الحسان من الغلمان وحلبة الكميت في وصت الخمر وكان اسمه أولاً الحبور والسرور في وصف الخمور، وانتقد عليه الخيرون جمعه بل حصلت له محنة بسببه حيث ادعى عليه من أجله وطلب منه فغيبه واستفتى عليه العز السنباطي البليغ المفوه فتيا بديعة الترتيب قال العز عبد السلام القدسي إنها تكاد تكون مصنفاً وبالغ العز عبد السلام البغدادي في جوابه في الحط عليه وامتنع شيخنا من الجواب قيل لكون المصنف أورد له فيه مقطوعاً، وعقود اللآلا في الموشحات والأزجال والأصول الجامعة لحكم حرف المضارعة والمطالع الشمسية في المدائح النبوية وقد أنشد بعضها من لفظه بالحضرة النبوية حين حجته الثانية، وكان متقدماً في اللغة والعربية وفنون الأدب مشاركاً في غيرها حسن الخط جيد الضبط متقن الفوائد عمدة فيما يقيده أو يفيده بخطه، كتب لنفسه الكثير وكذا لغيره بالأجرة، وكان سريع الكتابة حكى العز التكروري أنه شاهده كتب صفحة في نصف الشامي في مسطرة سبعة عشر بمدة واحدة؛ وممن كان يرغب في كتابته ويجزل العطاء له بسببها وغيره التقي بن حجة الشاعر واختص لذلك بصحبته واستطال به على الجلال البلقيني فيما كان باسمه من مرتب وغيره ثم كان بعد من أكثر المؤذنين له في أول دولة الأشرف. وعمل كتاباً سماه الحجة في سرقات ابن حجة وربما أنشأ الشيء مما نظمه التقي وعزاه لبعض من سبقه؛ إلى غير ذلك مما تحامل عليه فيه، وقد جوزي على ذلك بعد دهر فإن بعض الشعراء صنف كتاباً سماه قبح الأهاجي في النواجي جمع فيه هجو من دب ودرج حتى من لم ينظم قبل ذلك وأوصل إليه علمه بطريقة ظريفة فإنه أمر بدفعه لدلال بسوق الكتب وهو جالس على عادته عند بعض التجار فدار به على أرباب الحوانيت حتى وصل إليه فأخذه وتأمله وعلم مضمونه ثم أعاده إلى الدلال وحينئذ استرجع من الدلال فكاد النواجي يهلك. وكذا رام المناوي في أيام قضائه الإيقاع به بسبب تعرضه بالهجو لشيخه الولي العراقي حيث قال إذا رأى سعداً يموت ويحيى فتوسل عنده بالعز السنباطي وغيره ثم امتدحه بقصيدة ظنانة أنشده إياها من لفظه، وبلغني أن شيخه أمير حاج كان يحكي أنه بينما هو واقف بعرفة في حجته ألقى الله في قلبه الدعاء عليه بسبب الولي وأنه فعل ولعل ما كان يذكر أنه به من البرص بسببه هذا. وأما شيخنا فإنه حلم عليه في أكثر الأوقات بل كان كثير البر له وأفادته إياه لما كان يشكل عليه حين مثوله بين يديه خصوصاً حين كان الفقيه حسن الفيومي إمام الزاهد الماضي يصحح على النواجي في الترغيب للمنذري فإنه كان يقف عليه التكثير في المتون والرواة ولا يهتدي لمعرفتها من بطون الدفاتر والكتب نعم أنهى إليه أهل الخانقاه البيبرسية عنه أمراً شنيعاً مما يتعلق بنفسه فأمر بمنعه منها، اشتهر ذكره وبعد صيته وقال الشعر الفائق والنثر الرائق وجمع المجاميع وطارح الأئمة، وأخذ عنه غير واحد من الأعيان كالشهاب بن أسد والبدر البلقيني والمحب الخطيب المالكي وكانت بينهما مصاهرة والبدر بن المخلطة ولولا ضيق عطنه وسوء مزاجه وسرعة انحرافه وتعرضه به للهجاء لكان كلمة إجماع، ومدح الأكابر وتمول من ذلك وأثرى خصوصاً مع مبالغته في الإمساك، وممن امتدحهم المحب بن الشحنة وسمعته يقسم أنه من بعد القاضي الفاضل ما ولي الإنشاء مثله، هذا مع مزيد إحسان الكمال بن البارزي كان إليه والزين بن مزهر وذلك حين كونه ناظر الإسطبل ولذا استغرب قوله:
ومن يكون السر في أصله ... لا بد أن يظهرَ فيه حقيق(4/13)
ومن قبلهما الزين عبد الباسط وقرره أحد صوفية مدرسته أول ما فتحت والكمال ابن البارزي وكان له عليه راتب والعلم البلقيني وشيخنا وله فيه غرر المدائح أودعت الكثير منها في الثلاثاءوكان بعد موته يقول ما بقي من اجتمع عليه الدين والدنيا هذا مع أنني سألته في رثائه فما أجاب، واستقر في تدريس الحديث بالجمالية والحسنية برغبة ابن سالم له عنهما وعمل في الأولى إجلاساً وكنت ممن حضر عنده فيه وكتبت الخطبة التي أنشأها له وكذا كتبت عنه غيرها من نظمه ونثره وسمعت من فوائده ونكته جملة مات في يوم الثلاثاء خامس عشري جمادى الأولى سنة تسع وخمسين بعد أن برص؛ وتغالى الناس في كتبه عفا الله عنه وإيانا. ومن نظمه في يوسف بن تغري بردى:
لك الله المهيمن كم أبانت ... حلاكَ اليوسفية عن معالي
وسقت حديث فضلك عن يراع ... تسلسل عنه أخبار العوالي
وفي شيخنا:
أيا قاضي القضاة ومن نداه ... يؤثر بالأحاديث الصحاح
وحقك ما قصدت حماك إلا ... لآخذ عنك أخبار السماح
فأروي عن يديك حديث وهبٍ ... وأسند عن عطا بن أبي رباح
وفي الناصري بن الظاهر:
أصابعه عشر تزيد على المدى ... فلا غرو إن أغنت عن النيل في مصر
فقم وارتشف يا صاح من فيض كفه ... لتروي حديث الجود من طرق عشر
والفيض نيل مصر قاله الأصمعي ونهر البصرة أيضاً. وفي قصيدة نبوية:
يا من حديث غرامي في محبتهم ... مسلسل وفؤادي منه معلول
روت جفونكم أنى قتلت بها ... فيا له خبراً يرويه مكحول
وقوله متغزلاً:
إذا شهدت محاسنه بأني ... سلوت وذاك شيء لا يكون
أقول حديث جفنك فيه ضعف ... يرد به وعطفك فيه لين
وشعره كثير مشهور.
572 - محمد بن خليل بن محمد الشمس المارغي - نسبة لقرية من قرى البقاع من الشام - الشافعي المقرىء أخذ القراءات عن الفخر الضرير؛ وكان فاضلاً صالحاً زاهداً أم بتربة يونس بدمشق وأقرأ الناس. مات في سنة إحدى وعشرين وتقدم للصلاة عليه الزين عمر بن المبان المقري إمام جامع التوبة بدمشق ودفن عند قبر الأرموي بصالحية دمشق وحزن عليه الشاميون رحمه الله.(4/14)
573 - محمد بن خليل بن هلال بن حسن العز أبو البقاء بن الصلاح الحاضري الحلبي الحنفي والد العز محمد والشهاب أحمد. ولد في إحدى الجماديين سنة سبع وأربعين وسبعمائة - وعند المقريزي سنة ست - ونشأ فحفظ خمسة عشر كتاباً في فنون، وأخذ عن حيدر والشمس بن الأقرب في آخرين كالجمال بن العديم والشرف موسى الأنصاري والسراج الهندي، وأخذ النحو عن أبي عبد الله وأبي جعفر الأندلسيين، ورافق البرهان الحلبي والشرف الأنصاري في الأخذ عن مشايخهما كثيراً سماعاً واشتغالاً في الرحلة وغيرها؛ وسمع كل منهم بقراءة الآخر قبل الثمانين وبعدها فممن سمع عليه: الظهير بن العجمي وقريبه العز والجمال بن العديم والكمال بن النحاس وابن رباح وأبو البركات موسى بن فياض الحنبلي والبرهان بن بلبان الصابوني، وارتحل لدمشق فقرأ بها على ابن أميلة سنن أبي داود والترمذي في آخرين، ودخل القاهرة غير مرة فأخذ عن الولي المنفلوطي وانتفع به والجمال الأسنوي وابن الملقن والجلال التباني ثم في مرة أخرى جمع القراءات السبع على الشمس العسقلاني وأذن له في الإقراء وسمع مفرداته على الشيخ يعقوب وقرأ على الزين العراقي في علوم الحديث وأجاز له وكذا أخذ علم الحديث عن الصدر الياسوفي والكمال بن العجمي؛ وتكسب في بلده بالشهادة كأبيه ثم ناب عن أبي الوليد بن الشحنة مدة ثم ولاه قاضيها الشافعي قضاء سرمين، ثم استقل بقضاء مذهبه في بلده سنة إحدى عشرة عوضاً عن أبي الوليد المشار إليه بعناية دمرداش نائبها ثم صرف بأبي الوليد في سنة خمس عشرة ولم يلبث أن مات فأعيد؛ وكان محمود الطريقة مشكور السيرة ولكنه عيب بما صدر منه في إعادة كنيسة سرمين وقيل فيه بعض الأبيات وتفرد في بلده وصار المشار إليه فيها؛ بل قال البرهان الحلبي لا أعلم بالشام كلها مثله ولا بالقاهرة مثل مجموعه الذي اجتمع فيه من العلم الغزير والتواضع الكثير والدين المتين والمحافظة على الجماعة والذكر والتلاوة والاشتغال بالعلم. زاد غيره وكان المؤيد يحبه ويكرمه ويعظمه وأقطعه أقطاعاً فلما كانت سنة ثلاث وعشرين سأل الإعفاء وأن يكون ابنه العز عوضه لفالج عرض له فأجيب، وكذا قال غيره كان حفظه علامة في فنون مشاراً إليه في فقه الحنفية ببلده مع كثرة التواضع والانبساط وحسن الخلق والديانة والصيانة وجميل الطريقة. وقال بعض الآخذير عنه ما ملخصه: كان إماماً عالماً بفنون من نحو وصرف وقراءات وفقه وحديث وغيرها سيما العربية متواضعاً طارحاً للتكلف، وضع شرحاً على توضيح ابن هشام وشذوره وحاشية على مغنيه واختصر جلاء الإفهام لابن القيم وشرح بعض المنار وهم بشرح الهداية فما اتفق. مات بحلب في يوم السبت عاشر ربيع الأول سنة أربع وعشرين بعد أن أصيب كما سبق بالفالج وتغير عقله يسيراً وتقدم للصلاة عليه البرهان الحلبي ودفن خارج باب المقام بالقرب من تربة سودون قريب المدرسة الظاهرية وكانت جنازته مشهودة. قال شيخنا في إنبائه ومعجمه: وصليت عليه صلاة الغائب بالجامع الأزهر في أواخر جمادى الأولى عقب صلاة الجمعة رحمه الله وإيانا، وممن ترجمه: ابن خطيب الناصرية والعز من شيوخه بل رفيقه في القضاء وكذا ترجمه ابن قاضي شهبة وآخرون كالمقريزي في عقوده وقال إنه صار المشار إليه في فقه الحنفية مع الديانة والصيانة وجميل الطريقة.
574 - محمد بن خليل بن يعقوب بدر الدين الواعظ نزيل جامع الحاكم وأخو أحمد القاضي وصهر أخي. قرأ القرآن وتولع بالوعظ في المشاهد ونحوها، وانجمع إلى أن غرق بصهريج الحاكم في شوال سنة اثنتين وتسعين عفا الله عنه.(4/15)
575 - محمد بن خليل بن يوسف بن علي أو أحمد بن عبد الله المحب أبو حامد البلبيسي الأصل الرملي المقدسي الشافعي نزيل القاهرة وهو بكنيته أشهر؛ وربما قيل له ابن المؤقت لأن أباه كان موقتاً. ولد في أواخر رمضان سنة تسع عشرة أو سبع عشرة وثمانمائة بالرملة ونشأ بها فحفظ القرآن وأربعي النووي وقطعة من المحرر لابن عبد الهادي وجميع ألفية العراقي والبهجة وجمع الجواع وألفية النحو واللامية في الصرف كلاهما لابن ملك واللامية المسماة بالمقنع والجبر والمقابلة لابن الهائم والخزرجية في العروض وأرجوزة في الميقات حسبما قرأته بخطه، وعرض على جماعة أجلهم الشهاب بن رسلان ولازمه من بعد موت أبيه بالرملة ثم ببيت المقدس تدرب به في الطلب وحمل عنه الكثير من تصانيفه وغيرها قراءة وسماعاً وكذا أخذ عن الزين ماهر الحاوي تقسيماً كان أحد القراء فيه والعز عبد السلام القدسي بقراءته اليسير من أول الحج من جامع المختصرات ورواية عن البرهان العرابي أحد فقهاء الصلاحية ثم عن شيخها الجمال بن جماعة بل قرأ عليه وسمع بعد ذلك؛ ومن قبله حضر عند الشهاب بن المحمرة دروسه التي أقرأها بها في الروضة بل قرأ عليه قطعة من جمع الجوامع مع غيره من مروياته وقرأ في التوضيح لابن هشام على أبي القسم النويري وايساغوجي في المنطق على سراج الرومي وألفية العراقي على الشمس بن القباقبي المقري تلميذ الناظم بل قرأ عليه من مؤلفه مفتاح الكنوز في الأربعة عشر إلى أثناء النساء؛ وأخذ أيضاً عن العماد بن شرف وسمع على ابن المصري والقباني وعائشة الحنبلية وعيسى بن فاضل الحسباني وربما كان بقراءته؛ وأجاز له أبو عبد الله الحكمي المغربي بل قال إنه أجاز له الشهاب الواسطي؛ ثم ارتحل إلى القاهرة في سنة أربع وأربعين صحبة القاضي ناصر الدين ابن هبة الله البارزي فقطنها، ولازم شيخنا حتى قرأ عليه شرح النخبة له وشرح ألفية العراقي وجملة من تصانيفه وغيرها وكتب عنه في الأمالي وغيرها والقاياتي وقرأ عليه قطعة من جمع الجوامع بحثاً وسمع عليه في شرح البهجة وفي الكشاف وحاشيته وغير ذلك قراءة وسماعاً والوفائي وقرأ عليه قطعة من شرح الولي لجمع الجوامع، ومما أخذه عنه ما أقرأه من الروضة والعلاء القلقشندي قرأ عليه في تقسيمي الحاوي والمنهاج والمحلى سمع عليه أشياء من تصانيفه وغيرها وابن المجدي سمع عليه تقسيم الحاوي وقطعة من شرح الجعبرية له وقرأ عليه اختصار مسائل الدور للأصفوني له والشهاب الخواص قرأ عليه الخزرجية في العروض وشرحها للسيد والمناوي قرأ عليه شرح البهجة مع ما بيضه من حاشيته عليها وجميع شرح جمع الجوامع للولي وغير ذلك قراءة وسماعاً واشتدت عنايته بملازمته له في التقاسيم وغيرها والشرواني أخذ عنه شرح العقائد والعلاء الكرماني أخذ عنه المختصر والمطول وقطعة من آداب البحث والعيني قرأ عليه لشرح الشواهد له والشمني سمع عليه في الكشاف وحاشيته لسعد الدين وفي تفسير البيضاوي وغالب المختصر الأصلي مع شرحه العضد وحاشيته لسعد الدين وجميع المغني مرتين الأولى بمراعاة حاشية البدر الدماميني والثانية بمراعاة حاشيته هو، وغير ذلك سماعاً وقراءة؛ ومما قرأه متن المقاصد في أصول الدين وشرحه لسعد الدين من أول المقصد الخامس إلى أثناء صفة الكلام ومن أول المواقف وشرحه للسيد إلى قريب أبحاث الوجود والأمين الأقصرائي قرأ عليه قطعة كبيرة من تفسير البيضاوي وسمع عليه أشياء والعز عبد السلام البغدادي قرأ عليه شرح تصريف العزي وسمع عليه جملة من العربية ويغرها والأبدي قرأ عليه ابن المصنف بتمامه ونحو ثلث المغني مع مراعاة حاشية البدر عليه وغير ذلك والزين طاهر سمع عليه في شرح الألفية لابن المصنف وفي العضد وغيرهما في آخرين؛ وسمع على طائفة سوى من تقدم كابن ناظر الصاحبة وابن الطحان وابن بردس والزركشي وابن الفرات وسارة ابنة ابن جماعة والرشيدي والزين رضوان والصلاح الحكري وابن الملقي وأخته صالحة والشمس بن أنس المقسي والعلم البلقيني وعبد الكافي بن الذهبي والبرهان الصالحي والمحب الفاقوسي والمجد إمام الصرغتمشية وشعبان ابن عم شيخنا والزين بن خليل القابوني وعمر بن السفاح والسيد النسابة والنور البارنباري والشمس التنكزي والمحيوي بن الريفي وأم هانيء الهورينية، وهو أحد من سمع ختم البخاري في الباسطية في أشياء، وأجاز(4/16)
له جماعة، وحج في سنة ثلاث وخمسين صحبة الزين عبد الباسط فأخذ بالمدينة النبوية عن المحب المطري وعبد الله الششتري وأبي الفرج الكازروني والتاج عبد الوهاب بن صلح وبمكة عن أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد والزين الأميوطي والبرهان الزمزمي؛ ووصفه الأبدي بأخينا الشيخ الفاصل، والونائي بالشيخ العلامة وقراءته بأنها قراءة بحث ودراية نفع الله به، وشيخنا بما أثبته في الجواهر مع ذكر تقريض له على شيء جمعه وأذن له في غير موضع في الإفادة، وكذا أذن له المناوي في إقراء شرحي البهجة وجمع الجوامع لشيخه وإفادتهما مع أي كتاب شاء من الكتب المؤلفة في المذهب وبالغ في أوصافه، وممن أذن له العيني وأثنى عليه بخطه غير مرة وكذا الشمني والأقصرائي، وأوردت بعض كتابتهم في موضع آخر، وتنزل في الخانقاه سعيد السعداء أول قدومه القاهرة وفي بعض الجهات وقرره الزين الاستادار في قراءة الحديث بجامعه ببولاق بإشارة شيخنا؛ وتعرض له ابن الديري بسبب شئ نقل عنه في إمامهم بل أفحش في حقه بأخرة البرهان اللقاني قاضي المالكية وعبد الله الكوراني شيخ سعيد السعداء قياماً من كل منهما مع حظ نفسه وما حمد أحد من العقلاء وأهل الخير صنيع واحد منهما، وقاسى في جل عمره فاقة ومكث عزباً مدة ثم تزوج ورزق الأولاد وترقع حاله، وزاحم عند كثير من الرؤساء كالبدر البغدادي الحنبلي والسفطي وابن البارزي بتربية ابن عمه ابن هبة الله له عنده حتى كان يصلي به إماماً بل عينه للقراءة في نسخته بفتح الباري على مؤلفه ثم أعرض عنه في كليهما بواسطة قرناء السوء ولكن لم يقطع عنه راتبه ولا انفك هو عن التردد إليه، واستنابه شيخنا في القضاء لمزيد إلحاحه عليه في ذلك ثم المناوي ولم يحصل فيه على طائل بل ربما عاد عليه بعض الضرر لكون المناوي ندبه للفسخ على الصلاح المكيني من ابنه السبرمائي وكاد أن يبت الحكم فخيل فبادر القاضي علم الدين وعوق عليه معلومه في الخشابية فلم يقدر على وصوله إليه إلا بعد موته، هذا كله مع مداومته للدروس وحرصه على الكتابة والانتقاء ونحو ذلك حتى أنه كتب بخطه الكثير بل شرح المنهاج والبهجة وجمع الجوامع وغيرها مما لم يتأهل له لعدم إتقانه وكثرة أوهامه وكلماته الساقطة وتراجمه الهابطة. وأخذ عدة من تصانيفي وتصانيف غيري فمسخها مع كتابة الشمني والأقصرائي وإمام الكاملية والخطيب أبي الفضل النويري بالثناء البالغ على بعضها بل وشيخنا قصداً منهم بذلك جبر خاطره وإحالة للأمر فيه على ناظره وكذا له نظم من نمط تأليفه وربما أخذ عنه بعض الطلبة، وبالجملة فكان مديماً للتحصيل مقيماً على الجمع والكتابة في التفريع والتأصيل لا أعلم عليه في دينه إلا الخير ولا أتكلم بما يتقول به الغير ولكنه ليس بالمتقن في حفظه ونقله ولا بالمتين في فهمه وعقله والغالب عليه سلامة الفطرة التي ينشأ عنها من أفعاله وأقواله ما يقدر العاقل قدره مما يقتضي حصول الاستثقال بمجالسته والاستهزاء بكثير من كلماته ومحاورته وربما مسوه ببعض المكروه وهو لا يتغير عن طبعه ولا يتصور استجلاب ما لعله يكون وسيلة لنفعه ويعتقد أن حسدهم إياه سبباً لصنيعهم فيخف عنه ما يشاهده منهم في تفريقهم وتجميعهم حتى أنني قرأت بخطه ما نصه: ووالله إنني لا أشك أن كل ما حصل لي من خيري الدنيا والآخرة إنما هو من بركة لحظ الشهاب بن رسلان وأنفاسه الزكية فمن بركته الظاهرة علي إلى وقتنا هذا أنني لم أصحب أحداً من الدنيا ولا من علماء الآخرة إلا وكان لي عنده من المحبة والقبول الغاية القصوى بحيث أني أحسد فيه من أعظم خواصه. قلت والعجب أنه استفيض أنه مقته وأن كل ما حصل له من الخمود والخمول بسبب ذلك؛ ولم يزل على حاله إلى أن مات بعد توعكه مديدة - وتكرر اجتماعه بي بعد قدومي من الحج غير مرة - في يوم الأحد حادي عشري صفر سنة ثمان وثمانين وصلى عليه من الغد ودفن بحوش سعيد السعداء وترك أولاداً رحمه الله وإيانا وعفا عنه وعوضه الجنة؛ ومن نظمه مما كتبه عنه الشهاب الحجاري شاعر الوقت: جماعة، وحج في سنة ثلاث وخمسين صحبة الزين عبد الباسط فأخذ بالمدينة النبوية عن المحب المطري وعبد الله الششتري وأبي الفرج الكازروني والتاج عبد الوهاب بن صلح وبمكة عن أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد والزين الأميوطي والبرهان الزمزمي؛ ووصفه الأبدي بأخينا الشيخ الفاصل، والونائي بالشيخ العلامة وقراءته بأنها قراءة بحث ودراية نفع الله به، وشيخنا بما أثبته في الجواهر مع ذكر تقريض له على شيء جمعه وأذن له في غير موضع في الإفادة، وكذا أذن له المناوي في إقراء شرحي البهجة وجمع الجوامع لشيخه وإفادتهما مع أي كتاب شاء من الكتب المؤلفة في المذهب وبالغ في أوصافه، وممن أذن له العيني وأثنى عليه بخطه غير مرة وكذا الشمني والأقصرائي، وأوردت بعض كتابتهم في موضع آخر، وتنزل في الخانقاه سعيد السعداء أول قدومه القاهرة وفي بعض الجهات وقرره الزين الاستادار في قراءة الحديث بجامعه ببولاق بإشارة شيخنا؛ وتعرض له ابن الديري بسبب شئ نقل عنه في إمامهم بل أفحش في حقه بأخرة البرهان اللقاني قاضي المالكية وعبد الله الكوراني شيخ سعيد السعداء قياماً من كل منهما مع حظ نفسه وما حمد أحد من العقلاء وأهل الخير صنيع واحد منهما، وقاسى في جل عمره فاقة ومكث عزباً مدة ثم تزوج ورزق الأولاد وترقع حاله، وزاحم عند كثير من الرؤساء كالبدر البغدادي الحنبلي والسفطي وابن البارزي بتربية ابن عمه ابن هبة الله له عنده حتى كان يصلي به إماماً بل عينه للقراءة في نسخته بفتح الباري على مؤلفه ثم أعرض عنه في كليهما بواسطة قرناء السوء ولكن لم يقطع عنه راتبه ولا انفك هو عن التردد إليه، واستنابه شيخنا في القضاء لمزيد إلحاحه عليه في ذلك ثم المناوي ولم يحصل فيه على طائل بل ربما عاد عليه بعض الضرر لكون المناوي ندبه للفسخ على الصلاح المكيني من ابنه السبرمائي وكاد أن يبت الحكم فخيل فبادر القاضي علم الدين وعوق عليه معلومه في الخشابية فلم يقدر على وصوله إليه إلا بعد موته، هذا كله مع مداومته للدروس وحرصه على الكتابة والانتقاء ونحو ذلك حتى أنه كتب بخطه الكثير بل شرح المنهاج والبهجة وجمع الجوامع وغيرها مما لم يتأهل له لعدم إتقانه وكثرة أوهامه وكلماته الساقطة وتراجمه الهابطة. وأخذ عدة من تصانيفي وتصانيف غيري فمسخها مع كتابة الشمني والأقصرائي وإمام الكاملية والخطيب أبي الفضل النويري بالثناء البالغ على بعضها بل وشيخنا قصداً منهم بذلك جبر خاطره وإحالة للأمر فيه على ناظره وكذا له نظم من نمط تأليفه وربما أخذ عنه بعض الطلبة، وبالجملة فكان مديماً للتحصيل مقيماً على الجمع والكتابة في التفريع والتأصيل لا أعلم عليه في دينه إلا الخير ولا أتكلم بما يتقول به الغير ولكنه ليس بالمتقن في حفظه ونقله ولا بالمتين في فهمه وعقله والغالب عليه سلامة الفطرة التي ينشأ عنها من أفعاله وأقواله ما يقدر العاقل قدره مما يقتضي حصول الاستثقال بمجالسته والاستهزاء بكثير من كلماته ومحاورته وربما مسوه ببعض المكروه وهو لا يتغير عن طبعه ولا يتصور استجلاب ما لعله يكون وسيلة لنفعه ويعتقد أن حسدهم إياه سبباً لصنيعهم فيخف عنه ما يشاهده منهم في تفريقهم وتجميعهم حتى أنني قرأت بخطه ما نصه: ووالله إنني لا أشك أن كل ما حصل لي من خيري الدنيا والآخرة إنما هو من بركة لحظ الشهاب بن رسلان وأنفاسه الزكية فمن بركته الظاهرة علي إلى وقتنا هذا أنني لم أصحب أحداً من الدنيا ولا من علماء الآخرة إلا وكان لي عنده من المحبة والقبول الغاية القصوى بحيث أني أحسد فيه من أعظم خواصه. قلت والعجب أنه استفيض أنه مقته وأن كل ما حصل له من الخمود والخمول بسبب ذلك؛ ولم يزل على حاله إلى أن مات بعد توعكه مديدة - وتكرر اجتماعه بي بعد قدومي من الحج غير مرة - في يوم الأحد حادي عشري صفر سنة ثمان وثمانين وصلى عليه من الغد ودفن بحوش سعيد السعداء وترك أولاداً رحمه الله وإيانا وعفا عنه وعوضه الجنة؛ ومن نظمه مما كتبه عنه الشهاب الحجاري شاعر الوقت:(4/17)
إرحم إله الخلق عبداً مذنباً ... بالجود يرجو العفو في كل زمن
وهب له يا رب رحمةً بها ... ترحم كل الخلق سراً وعلن
576 - محمد بن خليل المحب البصروي الدمشقي أحد أعيان شافعيتها. مات قريباً من سنة تسع وثمانين عن بضع وستين ودفن بمقابر باب التوتة عند أبيه وأقاربه. وهو ممن تقدم في النحو والفرائض والحساب والعروض مع الفقه والمشاركة في غيرها وتصدى للتدريس والإفتاء فانتفع به الفضلاء، وكان مبارك التدريس حسن التقرير مع براعة الخط وكتب قطعة على كل من الإرشاد والمنهاج بل أفرد شروحاً ثلاثة على فرائض الإرشاد وكذا له على الخزرجية مطول ومختصر وعلى المنفرجة وألفية البرماوي في الأصول مزجاً وعلى مختصر مصنف ابن الحاجب الأصلي وعلى القواعد الكبرى لابن هشام وإعراب من الطارقية إلى خاتمة القرآن بل كتب حاشية على ابن المصنف لم تكمل وعلى ألفية العراقي مزجاً ويغر ذلك مما أوصى به لتلميذ السيد العباسي البدر عبد الرحيم بن الموفق؛ وكان حصوراً لا يأتي النساء، وقد حج وجاور وأقرأ الطلبة أيضاً هناك؛ وممن قرأ عليه في البلدين العز بن فهد والثناء عليه مستفيض رحمه الله.
577 - محمد بن خورشيد جمال الدين بن شمس - وهو معنى خورشيد بالفارسي - الشرواني الأصل السكنبايتي نزيل مكة. شاب قرأ على بعض الأربعين النووية وأكمل سماعها وسمع غير ذلك.
محمد بن أبي الخير بن أحمد بن علي. يأتي في ابن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الله.
578 - محمد بن أبي الخير بن محمد بن عمر الدمنهوري الأصل المكي الحريري الآتي أبوه ويعرف بابن أبي الخير الدمنهوري. اشتغل في الميقات وتميز فيه.
579 - محمد بن أبي الخير بن كاتب البزادرة باشر الرسلية كأبيه في بولاق ثم ترقى في ذلك بباب جماعة من الأمراء بل عمل شريكاً لأخيه بردداراً عند أقبردي الأشرفي وتردد في غضونها للشهابي بن العيني فساعده في التوجه للطور ناظراً على مكوسها ثم إلى جدة في سنة ثلاث وتسعين صيرفياً بها ثم جاء في السنة التي بعدها على نظر المكوس ودخل في ترخم وكان وصوله في أواخر جمادى الثانية والشاد في السنتين شاهين الجمالي وما كان له مع الأمير كبير أمر ورجع مع الركب، ثم سافر في سنة خمس وتسعين على وظيفته في السنتين قبلها فما مكنه الشاد الجديد فعاد إلى القاهرة ووصلها في رمضانها، وهو الآن على خموله وبطلانه مع كونه مستمداً من جهات زوجته فهي ابنة الأمير شهاب الدين أحمد بن إينال ويقال إنه قادم في سنة تسع وتسعين لجدة.
580 - محمد بن داود بن سليمان القاهري. المتكلم أبوه في حسبة مكة عن سنقر الجمالي وكان قبله في خدمة زين العابدين المناوي وأبيه وهو وإن قيل أنه دخيل فهو بالأدب والخدمة كفيل، عرض بمكة على بعض محافيظه وسمع مني أشياء ثم صلى بالناس في مقام الحنابلة التراويح في سنة سبع وثمانين وشهدته في بعض الليالي ثم التفت إلى التكسب وجلس في باب السلام مع العطارين وتزوج إلى أن رجع مع أبويه وهما الآن بالقاهرة.
581 - محمد بن داود بن عثمان بن علي القرشي الهاشمس أحد مباشري جدة ويعرف أبوه بالنظام. مات بمكة في ربيع الأول سنة ثلاث وستين. أرخه ابن فهد وكان له أخ اسمه عبد الله سمع في سنة أربع عشرة على الزين المراغي ووصف أبوهما بالشيخ.
582 - محمد بن الخواجا داود بن علي بن البهاء الكيلاني الماضي أبوه. مات في اسكندرية سنة اثنتين وأربعين كأبيه وأخويه سليمان وعلي. أرخهم ابن فهد.(4/18)
583 - محمد بن داود بن فتوح بن داود بن يوسف بن موسى - وأملاه مرة بحذف داود وبإثبات يعقوب بدل موسى - الشمس بن البهاء بن الفتح السلمي الحلبي ثم القاهري الشافعي ويعرف قديماً بابن الرداد وأخيراً بقاضي الجن أو شيخ الجن. ولد سنة ثلاث وستين وسبعمائة بحلب ونشأ بها فحفظ القرآن والشاطبيتين والمنهاج الفرعي وألفية ابن معطي وتلا بالسبع على العز الحاضري وبيرو وأخذ في الفقه عن الزين عمر بن محمود الكركي والد التاج عبد الرحمن الماضي والشمس محمد الفوي وعليه اشتغل في النحو أيضاً وأذنا له في الإفتاء بل حضر دروس الشهاب الأذرعي وسمع صحيح البخاري على الجمال بن العديم، وناب في القضاء لابن أبي الرضي اعلحموي وغيره بأعمال حلب بل استقل بقضاء سيس، وحج قبل القرن من حلب ثلاث مرات وارتحل منها لدمشق والقدس وفيه سنة سبع وتسعين سمع على الشمس المفعلي الصحيح أيضاً أنا الحجار، ودخل القاهرة فقرأ في سنة إحدى وثمانمائة على ابن الملقن من أوله إلى نحو الزكاة، وحضر دروس البليقني ولازمه سنتين ونصفاً حتى شهد بصلاحيته لصلاحية بيت المقدس؛ واستقر به الظاهر برقوق فيه عوضاً عن الزين القمني فلم يزل الزين يسعى حتى أعيد قبل سفره وعوض هذا بوظائف في حلب، ورجع إليها فلما طرقت الفتنة تحول عنها وناب عن قضاة دمشق بصرخد وحمص، ثم جاء القاهرة فناب في قضائها، ثم ولاه الناصر قضاء طرابلس استقلالاً ثم انفصل عنه ورجع إلى القاهرة واستقر في قضاء المحمل بعد سنة خمس عشرة فدام نحو ثلاثين سنة. وكان مليح الكلام مضحك النادرة خفيف الروح عجيب الشكل كثير الاستحضار لنظم ونثر وأحاديث وفوائد ذا وقائع ومصادمات للرؤساء وهجو كثير لا يحاشى عنه أحداً حتى أنه هجا المؤيد وكذا هاجى ابن حجة وابن الخراط وغيرهما من الشعراء ولكنه لمزيد سلامة فطرته واستبعاد ترقيه لغالب المراتب كان يمتنع المتعرض لهجوهم عن إيذائه بل يحسنون إليه مع كون شعره سافلاً مما يعلم من قليل أوردته منه في المعجم، وكان في مبدأ أمره كثير اللهج بعلم الروحاني ويدعى استحضار الجان وصرع من أراد بحيث لقب لهذا شيخ الجن ولا حقيقة لذلك بل كثير مما ذكر في ترجمته متوقف فيه لكون الاعتماد فيه إنما هو عليه. وبالجملة فكان من النوادر. مات في ربيع الثاني سنة خمسين بالقاهرة سامحه الله وإيانا.
584 - محمد بن داود بن محمد بن داود الشمس أبو عبد الله المكيسي - بميم وكاف ومهملة مصغر من قرى حوران - الدمشقي الشافعي. ولد سنة سبع وتسعين وسبعمائة ظناً؛ وسمع من عائشة ابنة ابن عبد الهادي وغيرها وتفقه ودرس. وناب في القضاء بدمشق؛ وأخذ عنه غير واحد منهم أبو العباس المقدسي ووصفه البقاعي بالعلامة. مات في ليلة الأحد تاسع عشر صفر سنة أربعين بدمشق ودفن بمقبرة الباب الصغير رحمه الله.
585 - محمد بن داود بن محمد بن أبي القسم الحكمي اليماني الماضي أبوه. خلفه في القيام بزاويته على خير وبركة وهو الآن في الأحياء. ممن حج وزار وأخذ عنه الذي بعده بمكة وغيرها. وحكى لي عنه أحوالاً صالحة.
586 - محمد بن داود بن ناجي بن مشرف الجمال الحراري اليماني الشافعي. ولد سنة خمس وستين وثمانمائة تقريباً بخراسان ونشأ بها وقرأ جل القرآن ثم تحول بعد موت أبويه إلى مكة في سنة سبع وتسعين فأكمل بها القرآن وجوّده عند أحمد الزبيدي وغيره بل قرأ على خير الدين بن عمران الغزي الحنفي حين مجاورته بمكة شرح مقدمة ابن الجزري لولد المؤلف بعد حفظه للمقدمة المشار إليها، بل والشاطبية والستين مسئلة للزاهد وعقيدة الشيباني والوردية والنصف الأول من الإرشاد وغير ذلك. واشتغل في النحو على البدر حسن المرجاني ثم على السيد عبد الله الأيجي والمحب بن ولازم كلاً من السيد المشار إليه والشهاب الخولاني بل الجمالي أبي السعود في الفقه وكذا لازمني في سنة سبع و وغيرها وقرأ على النور السافر للعيدروس، واشتغل في مكة بتعليم بني الخطيب بن ظهيرة فايز فمن يليه وتزوج ورزق أولاداً؛ وهو إنسان خير ساكن فهم يستحضر في ويذاكر فيه.(4/19)
587 - محمد بن داود البازلي الكردي ثم الحموي الشافعي. ارتحل لتبريز فأقام بها نحو عشر سنين واشتغل بها وبرع؛ ثم قدم حلب ثم القصير وخطب بها وتزوج ونقلها لحماة فقطنها؛ وصار مدرسها وشيخها في العقليات مع فضيلة في الفقه وترقى بعد الفاقة وزوج بنته في بيت البارزي؛ وهو الآن حي في سنة خمس وتسعين ويقال إنه جاز الخمسين.
588 - محمد بن داود البدراني شيخ تلك الناحية المنزلة ومنية بدران وما يجاورهما ووالد أحمد وعلي. أحد من لقيني بمكة في موسم سنة ثمان وتسعين وقرأ على أكبرهما وأجزت لهما ويعرف كل منهم بابن داود.
589 - محمد بن الأمير دقماق ناصر الدين الماضي أبوه. ولاه الأشرف برسباي نيابة المرقب وأنعم عليه بأمرة طبلخاناه بطرابلس بعد أن استقدمه من حلب وبالغ في إكرامه لكونه منسوباً إلى أبيه كما تقدم فدام بالمرقب مدة ثم عزله وأنعم عليه بأمرة عشرة بالقاهرة، واستمر بها حتى مات في طاعون سنة ثلاث وثلاثين، وكان مليح الشكل رأساً في رمي النشاب.
محمد بك بن دلغادر. هو ابن خليل بن قراجا. مضى.
590 - محمد بن الدمدمكي. شخص قاعد في مغارة بجبل قريب من إقليم ثروان وعليه ما يستره من الثياب وفوق رأسه قلنسوة تغطي عينيه والناس يدخلون عليه أفواجاً لرؤيته فإذا قربوا منه وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حرك رأسه ويزعم من يرد علينا من هناك أن خبره لشهرته قطعي وأنه مات في حدود سنة ست وثلاثين وأنه باق إلى تاريخه سنة ثلاث وأربعين على ما وصفنا. ذكره المقريزي في عقوده هكذا بل نقل عن بعضهم أنه مات من مدة تزيد على أربعمائة سنة وهو جالس على كيفية جلوس المتشهد في الصلاة مستقبل القبلة في مغارة، إلى آخر مما قيل وأن السبب في هذا أن شيخه أعلمه بدخول الوقت ليؤبذن فقال له بل اصبر ساعة فكرر عليه أمره وهو يعيد مقاله فقال له شيخه ما أنت إلا دمدمكي أي ساعاتي فقال له فضع رجلك على قدمي اليمنى وانظر نحو السماء ففعل فرأى باباً مفتوحاً إليها ورأى ديكاً قد فرش أجنحته وهو يؤذن فقال له صاحب الترجمة فإني لا أؤذن في الأوقات الخمسة إلا بعد هذا الديك فقال له شيخه مرزاً أي لا أبلاك الله أو لا تبلى فاستجيب دعاؤه فلبذا لم يبل؛ وهذه الحكاية تؤذن بأن الدمدمكي وصفه لا وصف أبيه، ومن جملة ما قيل إن تمر دفنه في التراب فأرسل عليه مطر عظيم وبرد أهلك من عسكره خلقاً بحيث صار يتمرغ بالأرض ويقول التوبة يا شيخ محمد. والله أعلم.(4/20)
591 - محمد بن دمرداش المحب الأشرفي الفخري والده الحسيني سكنا الواعظ الحنفي سبط الشمس الأشبولي البنهاوي أحد من أخذنا عنه. ولد في سنة ست وثلاثين وثمانمائة تقريباً ونشأ فلازم العز عبد السلام البغدادي في الفقه وأصوله والعربية وغيرها بحيث انتفع به، ومما قرأه عليه الآثار لمحمد بن الحسن وأخذ العربية فقط عن الأبدي وقرأ نحو نصف المتوسط وقطعة من المسيلي على القرافي وبعض شرح قواعد ابن هشام على مؤلفه الكافياجي والعربية والصرف عن الشهاب بن عبادة وشرح التصريف لسعد الدين وقطعة من كل من القطب وشرح آداب البحث على العلاء الكيلاني ولازمه في غير ذلك وكذا أخذ عن ناصر الدين بن قرقماس وأبي السعادات بن البلقيني وطائفة؛ ولازم الزين جعفر السنهوري في ابتدائه في القراءات وسمع عليه بعض الشاطبية وغيرها وسمع أيضاً على جده لأمه وابن الخلال والعلم البلقيني والسيد النسابة وسعد الدين بن الديري وآخرين وبعض ذلك بقراءته، وبرع في فنون وأذن له العزفي الإفادة وولي عقود الأنكحة عن قضاة مذهبه بل ناب في القضاء عن شيخه ابن الديري وأذن العلم البلقيني لقاضي دمياط في استنابته فيها وكذا ناب بمنفلوط وغيرها. واقتصر بأخرة على العقود والتكسب بالشهادة وتشاغل بالوعظ وحصل من ذلك فوائد نفيسة استمد أكثرها مني؛ وجمع من المجاميع بخطه الكثير وكتب من تصانيفي جملة كالقول البديع وختم البخاري ومسلم وقص الظفر ومسئلة الخاتم والحبر السمين وقرأ كل ذلك مع غيره مما التقطه علي ولازم كتابة الإملاء مع الجماعة. وكان مع فهمه المتوسط في الحفظ بمكان بحيث يبهر سامعه كائناً من كان ولذا رغب الدوادار الكبير في جعله خطيب الجامع المجاور للقبة التي أنشأها بنواحي المطرية مع إمامته وأحسن إليه وأقام هناك مدة بل كان السلطان حين يكون هناك يقبل عليه ويصلي خلفه في الجمع وغيرها الثلاثاءوبعد موت الدوادار أعرض عن ذلك لسلس اعتراه وأنعم عليه السلطان حينئذ بستين ديناراً ولما نصل استقربه الزين ابن مزهر في الميعاد بمدرسته التي أنشأها بجامع بيته وكان يحضر هو وجماعة عنده ويقضون العجب من حفظه وطلاقته، وكذا عقد الميعاد بالأزهر وحضره الأكابر كاللقاني قاضي المالكية وبجامع الظاهر وغيرهما لا سيما في الأشهر الثلاثة. وسافر إلى الصعيد واسكندرية ومنوف والغربية والخانكاه وغيرها وعقد في كل منها مجلس الوعظ وأقر له كل من سمعه من الفضلاء والأعيان فضلاً عمن دونهم بالانفراد، هذا مع إتقانه فيما يبديه وتحريه؛ ولكنه كثير الامتهان لنفسه غير متصون ولا حلو اللسان بل كان متخيلاً بذيئاً وقد امتحن غير مرة ولم ينفك عن تجاهره وطريقته حتى عدي عليه ليلاً وهو نائم في بيته من درب طاز ليلة الثلاثاء ثالث عشر شعبان سنة ثمان وثمانين فخنق ولم يدر فاعل ذلك، وصلى عليه من الغد بمصلى باب النصر ثم دفن عند أبيه بجوار التربة السعيدية، وأرجو أن يكون كفر عنه بذلك سيما وهو كان كثير البكاء والاعتراف بالتقصير والخوف بل سمعت أنه تاب قبل وأناب؛ ورؤيت له بعد موته منامات صالحة، وأظنه قارب الستين عفا الله عنه ورحمه.
592 - محمد بن دمرداش ناصر الدين الداودي المؤيدي شيخ. ولد في سنة اثنتين وثلاثين بباب الوزير من القاهرة ونشأ فحفظ القرآن وتلا به للسبع إفراداً وجمعاً على أبيه ثم لنافع وابن كثير وأبي عمرو جمعاً على ابن كزلبغا والزين طاهر وللسبع جمعاً على عبد الرزاق والشهاب بن أسد وناصر الدين الأخميمي وحفظ الشاطبيتين والقدوري والألفية وتصريف العزي وأكثر من التلاوة وتميز في الرمي والرمح وغيرهما وخدم للشهابي بن العيني أستاداراً، وكان يشبك الفقيه يجله، وقد لقيني غير مرة.(4/21)
593 - محمد ناصر الدين بن الأمير دولات باي النجمي. له ذكر في أبيه وأنه كان في سنة إحدى وثمانين مميزاً، ومولده سنة إحدى وسبعين بدمياط ثم عرض علي بعد ذلك عدة كتب في نوبتين وهي العمدة والكنز وألفية النحو والجرومية في آخرين، ولازم الديمي فقرأ عليه البخاري والشفا والعمدة وأربعي النووي والحصن الحصين لابن الجزري بل قرأ على الصلاح الطرابلسي الكنز وشرحه للعيني بحثاً وعلى البدر بن الديري الكنز مع شرح المختار لمؤلفه، ولازم نور الدين المحلي في النحو وأخذ عنه عدة كتب وتلا للسبع إفراداً وجمعاً على الزيني جعفر وأجازوا له، وتميز وكتب الخط المنسوب مع أدب وعقل وديانة، وقد تردد لي في القاهرة وكتب بعض تصانيفي ثم لازمني بمكة في سنة سبع وتسعين حين مجاورتنا وقرأ عليه صحيح مسلم وباقي الكتب الستة وسمع على سيرة ابن هشام وغيرها وحصل شرح التقريب وبحث بعضه، وكان على خير والجماع مع فضيلة ثم جاور السنة التي تليها ونعم الفاضل كان الله له.
594 - محمد بن راشد الخلاوي العجلاني أحد القواد. مات في جمادى الآخرة سنة سبع وخمسين بالليث من بلاد اليمن. أرخه ابنفهد.
595 - محمد بن رجب بن عبد العال بن موسى بن أحمد بن محمد بن عبد الكريم ويسمى أبوه محمد أيضاً الشمس الزبيري القاهري الشافعي أخو يونس وسبط الشيخ يونس الواحي الآتيين واسم أمه فاطمة. ولد في سابع عشري شعبان سنة ست وأربعين وثمانمائة بالقرب من زاوية الخدام ظاهر باب النصر؛ ونشأ فحفظ القرآن ومختصر أبي شجاع والمنهاج والوسيلة في الفقه أيضاً نظم ناصر الدين بن رضوان ويعرف بابن الإسكاف وهي تزيد على ألف، وعرض المنهاج على المناوي والشمس الشنشي والبكري في آخرين واشتغل في الفقه على الآخرين وتكسب بالشهادة وخطب بجامع الزاهد في سويقة اللبن بل وقرأ على العامة فيه وفي غيره ولازمني في قراءة أشياء وكذا قرأ عند الفخر الديمي وغيره وتنزل في الجهات، وحج في سنة ثمان وسبعين ثم في سنة اثنتين وتسعين وجاور التي بعدها على خير واستقامة ملازماً لي في الروايات والدروس وكتب من تصانيفي المقاصد الحسنة وغيرها وسمع ذلك، وكتب الغيبة بالبرقوقية وعلى العمارة بالناصرية البرقوقية، كل هذا مع ميله إلى الكتابة والتحصيل ورغبة في الفائدة وسمعت أنه كتب على الجرومية، وقد تزوج زين العابدين ابن أخي ابنته وفارقها مرة بعد أخرى واستولدها. ومات الولد وكانوا له مكرمين.
596 - محمد بن رسلان بن نضير بن صالح ناصر الدين البلقيني أخو السراج عمر الماضي. ولد سنة خمس عشرة وسبعمائة ولم يرزق من العلم ما رزق أخوه ولا ما يقاربه بل كان مقيماً ببلده يتعانى الزراعة ويقدم على أخيه أحياناً، ولو اتفق له سماع الحديث لكان عالي الإسناد. قاله شيخنا في إنبائه وقال رأيته وهو شيخ جلد صحيح البنية يظهر للناظر أن الشيخ أسن منه لأن الشيخ قد سقطت أسنانه كلها بخلاف هذا. مات في سنة أربع وكانت لهما أخت عاشت إلى سنة ثلاث وجازت التسعين. محمد بن رسول بن أحمد بن يوسف التباني. مضى في ابن جلال.
597 - محمد بن رشيد العجلاني البهلوان القائد. مات في صفر سنة تسع وخمسين. أرخه ابن فهد.
598 - محمد بن رشيد الأمير ناصر الدين محتسب دمشق. مات في مستهل ذي الحجة سنة سبع وثلاثين. أرخه ابن اللبودي.
599 - محمد بن رمضان بن شعبان الشمس العامري - نسبة لقبيلة تسمى بني عامر بجبال القدس - القدسي نزيل غزة ثم الشام الشافعي. ولد سنة أربع وستين تقريباً بأطريا من عمل غزة وتحول منها فحفظ المنهاج والشاطبيتين وجمع الجوامع وغيرها. وعرض على الشمس بن حامد والبرهان بن أبي شريف والشهاب بن شعبان وقرأ عليه في الجزرية والجرومية وغيرهما، وحج ودخل دمشق وحضر عند التقي بن قاضي عجلون؛ ثم القاهرة وسمع مني وعلي في سنة ست وتسعين أجزاءً كالمسلسل وحديث زهير وبدء الوحي من البخاري وبعض مسلم والقول البديع، وجاور بعد ذلك بمكة وكان يحضر عند السيد الكمال بن حمزة وغيره ويلازمني في أشياء ويطالع لعبد الغفار النطوبسي.
600 - محمد بن رمضان بن عبد الله التقي المصري الحنفي. ممن سمع مني بمكة.
601 - محمد بن الزبير المقدسي العطار بها. ذكره التقي بن فهد في معجمه هكذا.(4/22)
602 - محمد بن زكريا بن محمد بن أحمد بن زكريا المحب أبو الفتوح بن الزيني السنيكي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه الآتي أخوه يحيى. ولد في يوم الخميس سادس عشري جمادى الثانية سنة إحدى وستين وثمانمائة بدرب قراجا بالقرب من الأزهر، ونشأ في كنف أبويه فحفظ القرآن والعمدة والشاطبيتين وألفيتي الحديث والنحو ومنهاجي الفقه وأصوله والتلخيص والجمل في المنطق والرامزة في العروض وعرضها علي مع الجماعة ولازم والده في الفقه والأصلين والعربية وغيرها وكتب بعض تصانيفه وفتاويه وقرأ على الزين عبد الغني الهيثمي القراءات إفراداً وجمعاً واجتمع في يوم ختمه عليه علماء وصلحاء وفضلاء وغيرهم، وتنزل في الجهات، وناب عن أبيه في مشيخة التصوف بالجيعانية وقرأ بين يديه في درس الشافعي وما سمع عنه كلام في باب أبيه أيام قضائه مع إضافة أشياء باسمه، وتعب خاطر أبيه من جهته قبل قضائه ثم بعده مما الحامل على أكثره اليبس، وبالجملة فله فهم ومشاركة حسنة مع سكون وعقل وقد أثكل عدة أولاد من امرأة هي كانت سبب تغير خاطر أبيه منه، ثم حج بها في سنة سبع وتسعين وجاور التي بعدها وكان على خير وانجماع وكان في القافلة التي توجهنا فيها للزيارة النبوية في أثناء السنة فحمدناه عقلاً وسكوناً وأدباً ورجونا فيه الترقي كما ترقى في الفضائل بحيث لا أقصر به عن التصدي للإقراء والإفتاء بل هو أشبه من كثيرين زاده الله من فضله.
603 - محمد بن زكريا بن محمد بن أبي بكر بن يحيى بن إبراهيم بن يحيى بن عبد الواحد بن عمر بن يحيى أبو عبد الله بن أبي يحيى الهنتاتي المصمودي القفصي المريني صاحب بلد العتاب. لما مات أحمد بن محمد بن أبي العباس واستقر أخوه زكريا بدله فصدهم محمد وكان مقيماً بفاس وأعانه صاحبها أبو سعيد عثمان بن أبي العباس ابن أبي سالم وملكها فلم يزل أبو فارس يعمل عليه حتى انفض عنه جمعه وقبض عليه فقتله في ذي الحجة سنة عشر. قاله شيخنا في إنبائه، وترجمته في العقود طويلة.
604 - محمد بن زمام أبو زمام الخلطي - نسبة لقبيلة يقال لها الخلوط - ثم المالكي نسبة لبني ملك المغربي، كان صالحاً. توفي في صفر سنة ست وستين. أفاده لي بعض أصحابنا المغاربة.
605 - محمد بن زيادة بن شمس الدين الأنميدي القاهري المقرئ الحريري ويعرف بابن زيادة. ممن حفظ القرآن وقرأ به في الأجواق وربما قرأ في نوبة بالقلعة وتميز في ذلك، وتكسب حريرياً في حانوت بباب القنطرة، وهو ممن سمع مني في الإملاء، وحج في سنة تسع وثمانين.
606 - محمد بن زياد الأمير بدر الدين الكاملي اليمني. تقدم عند الأشرف إسماعيل ثم عند ولده الناصر وزاد في إجلاله وإكرامه ثم أنه خرج عليه. مات في سنة اثنتين وعشرين، وهو في عقود المقريزي دون تاريخ موته.
607 - محمد بن زيان المغربي المالكي نزيل المؤيدية. قرأ عليه في العربية قليلاً يحيى البكري.
608 - محمد بن زين بن عبد الله الشمس بن الزين المرساوي الأصل التباني القاهري الجرائحي ويعرف بابن الريفي. ذكره شيخنا في إنبائه وقال إنه اشتغل في علم الجراحة وتحول إلى الديار المصرية قديماً فسكن التبانة وتقدم في صناعته بحيث استقر في الرياسة. مات في سنة اثنتين وأربعين بعد أن طعن في السن وادعى أنه جاز المائة ولكن قرائن الحال تشعر بأنها من المحال وفي شعر لحيته السواد الكثير.(4/23)
609 - محمد بن زين بن محمد بن زين بن محمد بن زين الشمس أبو عبد الله الطنتدائي الأصل النحراري الشافعي ويعرف بابن الزين. ولد قبل الستين وسبعمائة بالنحرارية من الغربية ونشأ فحفظ القرآن بأبيار، وارتحل إلى القاهرة فحفظ الشاطبيتين والتنبيه والألفية، وتلا بالسبع وتمام إحدى وعشرين رواية على الفخر البلبيسي إمام الأزهر وأذن له وعليه بحث الشاطبيتين. وتفقه بالعز القليوبي والشمس الغراقي، وحضر دروس الأبناسي كثيراً بل أخذ عن البدر الزركشي ثم الكمال الدميري وآخرين وقرأ في النحو على عمر الخولاني المغربي وسمع بجامع الأزهر الصحيح على التاج محمد السندبيسي ونظم السيرة لفتح الدين بن الشهيد على ناظمها. وحج مرتين وشرح ألفية ابن ملك نظماً وكذا الرائية وأفرد لقراءة كل من القراء السبعة منظومة؛ وله نظم كثير في العلم والمديح النبوي وأفرد جملة منه في ديوان كبير جداً ومع ذلك فنظمه فوق الحصر وهو صاحب المنظومة المتداولة في الوفاة النبوية وكذا عمل قصة السيد يوسف عليه السلام في ألف بيت وسبك أربعي النووي في قصيدة وامتدح شيخنا بما أوردته في الجواهر وكانت له قدرة على النظم وملكة قوية ويستعمل الجناس إذا أراد، وهو مطبوع في غالب شعره على صناعة المعاني والبيان في المقابلات ونحوها ولا يتحامى أحياناً الألفاظ المطروقة على ألسنة العامة بل ربما وقع في شعره اللحن، والظاهر أنه لم يكن يمعن التأمل فيه ولكلامه وقع في القلوب وفيه حكم ومعان، كل ذلك مع الصلاح والزهد وكونه خيراً منوراً مهاباً ذا أحوال وكرامات، وقد حدث بالكثير من نظمه، وأخذ عنه غير واحد من أهل تلك النواحي وغيرها القراءات وممن أخذ عنه الشهاب بن جليدة والزين جعفر السنهوري وبلغنا أنه كان أصم فإذا قرئ عليه يدرك الخطأ والصواب بحركات شفاه القارئ لوفور ذكائه مع صلاحه؛ وممن كتب عنه من نظمه ابن فهد والبقاعي ويقال إنه كان في أول أمره جزالاص وأنه تزوج امرأة عمياء يقال لها ابنة معمر فحثته على قراءة القرآن فاعتذر بأنه فقير فأعطته ما دفعه لمن أقرأه القرآن فكان ذلك فاتحاً له إلى الخير حيث ارتحل وارتقى لما تقدم وحكى هو أنه عني بمدح النبي صلى الله عليه وسلم مدة ثم ترك وتشاغل بنظم غيره فرأى في منامه النبي صلى الله عليه وسلم منقبضاً عنه فحصل له هم عظيم فأشار عليه بعض الصالحين بالرجوع لما كان عليه فامتثل وأنه ورد عليه بعد ذلك مطالعة من شخص يقال له ابن ريحان من خدام المدينة فيها أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له بلغ سلامى محمد بن زين وقل له إني راض عنه ويرجع لما كان عليه ويقل من عشرة الناس ويأكل من خبز الشعير، وكذا حكي أنه قال في بعض نظمه ما معناه: أن الله يرضى الكفر للكفار فطلبه العيني للإنكار عليه فقال له قد قال جماعة من العلماء أن المراد بالعباد في الآية خاص أي لعباده المؤمنين، ذكر ذلك النووي في الأصول والضوا بطفأ حضر التفاسير فوجد الحق معه فأكرمه وعظمه والبيت المشار إليه هو:
ويرضى لأهل الكفر كفراً وإن أبوا ... وما كان مقدوراً فلم يمحه الحذر
مات في مستهل ربيع الأول سنة خمس وأربعين بعد رجوعه من الحج رحمه الله وإيانا. ومن الظمه:
تقطعت بمدى التبريح أوصالي ... كأن ذاك النوى بالقطع أوصالي
أصبحت للعين منكوراً وعرفني ... سقم كسيت به أثواب أنحال
أنظر لحالي تراني بالضنى عجباً ... تغيرت منه بين الناس أحوالي
ومقلتي لم تزل بالليل ساهرةً ... ترعى النجوم بإدبار وإقبال
وعندي في معجمي والوفيات من نظمه غير هذا ونظمه سائر.
610 - محمد بن أبي الزين أبو الطيب القيرواني المغربي المالكي. قال شيخنا في معجمه: قدم مصر في سنة سبع وتسعين فنزل جامع مصر ولازمنا مدة وفيه يقظة ونباهة وسمع معنا، وحج فسمع من إبراهيم بن فرحون من الشفا بسماعه من الزبير بن علي الأسواني ثم حج في سنة خمس وثمانمائة وخرج متوجهاً في البحر فغرق بالقرب من مدينة حلي في صفر من التي تليها، وأظنه لم يكمل الثلاثين، أنشدني أبيات لسان الدين بن الخطيب التي قالها عند موته بل وحدثني بحديث من الشفا ونحن بالمرج ظاهر القاهرة. وتبعه المقريزي في عقوده.(4/24)
محمد بن السابق. هو خليل بن محمد بن محمد بن محمود. أخطأ من سماه محمداً.
611 - محمد بن سالم بن حسن بن أحمد الطبربي الزناتي الإمام أبو عبد الله. مات بتونس في ليلة عاشر رمضان سنة ثمان وأربعين. أرخه ابن عزم.
612 - محمد بن سالم بن خليل بن إبراهيم العبادي الأصل القاهري الأزبكي الماضي أخوه إبراهيم وأحمد وهذا أسن الثلاثة. مولده سنة خمس وخمسين تقريباً وتسمى حنفياً وليس بمحمود وهو الذي أشار إليه ابن الشحنة في بيتيه الآتيين في خديجة الرحابية والأمر فوق هذا.
613 - محمد بن سالم بن ذاكر المكي الصائغ قريب الرئيس محمد بن أبي الخير. مات بمكة في جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين. أرخه ابن فهد.
614 - محمد بن سالم بن سالم بن أحمد بن سالم الشمس المقدسي الأصل القاهري الصالحي الحنبلي الماضي أبوه ويعرف بابن سالم. ولد في رمضان سنة تسع عشرة وثمانمائة ومات أبوه وهو صغير فنشأ فحفظ القرآن وكان والده في مرضه استناب تلميذه العز الكناني في تدريس الجمالية والحسنية والحاكم وأم السلطان فلما مات استمر نائباً عن لوده إلى أن مات مع تعاطيه معلوم النيابة ولم يمكنه من مباشرتها لقصوره وعدم تأهله وإن ولاه قاضياً وبعده ساعده الشمس الأمشاطي حتى باشرها مع إمامة الصالحية وغيرها من الجهات؛ وحج في سنة ثمان وثمانين وجاور اتلي بعدها، وهو خير متقلل قانع عفيف سليم الصدر منجمع عن الناس متواضع له إلمام بالميقات وبشد المياكيب وعنده منها جملة.
615 - محمد بن سالم بن محمد الشمس الرحبي الحلبي الواعظ إمام قانصوه اليحياوي. ارتحل إلى القاهرة فلازم شيخنا في البخاري ومقدمة شرحه وغير ذلك ثم سمع معنا في سنة تسع وخمسين بحلب على ابن مقبل وحليمة ابنة الشهاب الحسيني وعبد الواحد بن صدقة في آخرين، وكنا نعرفه بعدم التحري والضبط ثم بلغنا بعد أنه تكلم على العامة وإنه اختص بقانصوه المشار إليه وكان عنده بمكان حين نيابته بحلب ثم بالشام ثم كان معه ببيت المقدس حين إقامته به بطالاً وتكلموا فيه كثيراً وفر من أميره لعظم جرمه.
616 - محمد بن سالم بن محمد البلدي شيخ المارستان بمكة. شيخ صالح حصل من فتوح البيمارستان مالاً وأرسله للشام فاشترى به أشياء وقفها عليه. ومات بمكة في ربيع الأول سنة أربعين. أرخه ابن فهد. وسبقه شيخنا فقال في إنبائه: الشمس محمد البلدي كان خيراً دأبه المشي بين الناس بالإصلاح بينهم وتآليف قلوبهم وبيده نظر البيمارستان بمكة فكان يخدم الفقراء ويبالغ في ذلك بنفسه. مات في يوم الخميس سلخ ربيع الأول فتألم الناس لفقده. محمد بن سالم الموقع بدمشق. هو المحب بن علي بن سالم يأتي.
617 - محمد بن سراج بن محمد بن سراج أبو القسم بن سراج عالم الأندلس. مات سنة اثنتين وأربعين.
618 - محمد بن سراج الدين محمد السلطاني العجمي أحد تجار مكة. مات في جمادى الأولى سنة.
619 - محمد بن سعد الله بن حسين إمام الدين أبو السعود الفارسي الأصل السلماسي الحنفي. له ذكر في أبيه.
620 - محمد بن سعد بن عبد الله القلعي أحد من عرف بخدمة المجد إسماعيل القلعي ويعرف بالزهر؛ ممن تردد لمكة كثيراً ثم قطنها وسمع مني ومن غيري أشياء. ومات بها في المحرم سنة ست وتسعين.
محمد بن سعد بن محمد بن عبد الله بن سعد. يأتي في ابن عبد الله بن سعد.
621 - محمد بن سعد بن محمد بن علي بن عثمان بن إسماعيل الشمس الطائي الشافعي والد العلاء الماضي ويعرف بخطيب الناصرية، ذكره شيخنا في معجمه وقال: إنه ولد سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة وتفقه بعد أن حفظ التنبيه على أبي الحسن علي البابي والكمال عمر بن العجمي والجمال بن الحكم التيزيني وسمع الحديث من البدر بن حبيب وغيره وولي خطابة الناصرية حتى مات واشتهر بها، وكان كثير التلاوة والعبادة سليم الصدر. مات في جمادى الأولى سنة ست رحمه الله.
622 - محمد بن سعد الشمس أبو عبد الله العجلوني الدمشقي الشافعي. مات بدمشق في رابع عشري صفر سنة أربع وسبعين ودفن بمقبرة باب الصغير وكان مسناً مدرساً عالماً مفتياً أحد نواب الحكم، ممن أخذ عنه الطلبة.
623 - محمد بن الشيخ سعد الشمس الحضرمي المدني أخو أبي الفرج المراغي لأمه، سمع على الجمال الكازروني وأبي الفتح المراغي ورافق أخاه المشار إليه في السفر إلى القاهرة فسمع معه على شيخنا أشياء. مات.(4/25)
624 - محمد بن سعد الزعيم. مات بمكة في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين. أرخه ابن فهد.
625 - محمد بن أبي سعد الحجر بن عبد الكريم بن أبي سعد بن عبد الكريم بن أبي سعد بن علي بن قتادة الحسني المكي الشهير بابن الحجر - بفتحتين. مات مقتولاً بالينبوع في رمضان سنة ثمان وأربعين.
محمد بن سعد الدين جمال الدين ملك المسلمين من الحبشة. مضى في ابن أبي البركات.
626 - محمد بن أبي السعود بن أبي الفضل أبو الفتح المرجاني المكي الآتي أبوه. ممن سمع مني بمكة في سنة ست وثمانين.
627 - محمد بن سعيد بن أحمد الجمال الذبحاني المذحجي اليماني العدني. من صلحاء اليمن هو وأبوه. كان صوفياً مباركاً، تفقه في بدايته واشتغل واجتهد ودرس قليلاً ثم تصوف وغلب عليه التصوف وطالع كتبه وعمل السماع. وكان منجمعاً قليل الخلطة لا يخرج إلا للجمعة أو لدعوة كثير الأنس بالغرباء والاستفادة منهم وللعامة فيه اعتقاد كبير، واقتنى كتباً كثيرة وكتب رسائل في التصوف غير سالمة من الخلل اللفظي ولا يقبل ممن يرشده إلى الصواب بل يتكلف لتوجيه ما يبديه. مات في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وقال لي عبد الله بن عبد الوهاب الكازروني المدني وهو ممن لقيه إنه مات في حياة أبيه.
628 - محمد بن سعيد بن أبي بكر بن صلح المدني. ممن أخذ عني بالمدينة.
629 - محمد بن سعيد بن عبد الله الشمس الصالحي نسبة للصالح صالح بن الناصر محمد بن قلاون لكون والده وهو عبد أسود مولى لبشير الجمدار مولى للصالح فنسب لمولى مولاه، ويلقب صاحب الترجمة لسواده سويدان، قرأ القرآن وكان ذا صوت شجي ونغمة حسنة فصار يقرأ في الأجواق تلاوة ويتردد إلى الطواشية بالقلعة فسمع الظاهر برقوق صوته فأعجبه فرتبه إمامه بالقصر في الخمس مع غيره وجعل له معلوماً سنياً ثم أم بولده الناصر فرج بعده وحظي في أيامه بحيث ولاه الحسبة بالقاهرة مدة غير مرة؛ واستمر على الإمامة حتى مات في صفر سنة اثنتين وثلاثين وقد زاد على السبعين. ذكره المقريزي في عقوده وشيخنا في إنبائه وهو آخر الحلية من تلامذة خليل المشبب وممن قرأ مع الززاري وابن الطباخ وكانت بيده مشيخة العلائية.(4/26)
630 - محمد بن سعيد بن علي بن محمد بن كبن - بفتح الكاف ثم موحدة مشددة وآخره نون - ابن عمر بن علي بن إسحاق بن أبي بكر بن محمد بن إبراهيم الجمال القرشي الطبري الأصل اليماني العدني الشافعي القاضي ربيب القاضي محب الدين الطبري ويعرف بابن كبن. ولد في ذي الحجة سنة ست وسبعين وسبعمائة بعدن من اليمن، ونشأ بها وقرأ كما وجده النفيس العلوي بخطه في فنون شتى على قاضي عدن الرضي أبي بكر بن محمد الحبيشي وعلي بن محمد الأقعش الزبيدي والعفيف عبد الله بن علي أبا حاتم الشحري وأبي بكر بن محمد الكتع البجلي وعلي بن محمد الجميعي وسليمان بن إبراهيم العرري الكلبرجي وأبي بكر بن محمد الفراع النحوي الشافعي وعلي بن أحمد بن موسى الجلاد والنفيس العلوي وأبي بكر بن علي اليافعي الحريري وعلي بن محمد بن محمد الشافعي بمدينة زبيد قرأ عليه بعض الحاوي والشهاب بن الرداد وإبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن أحمد بن أبي الخير الشماخي وعلي بن عبد العزيز المصري والشهاب أحمد اللاوي البصري والجمال محمد بن علي بن أحمد بن الجنيد الأموسي وأخيه النفيس سليمان ومحمد بن علي النويري القاضي وأبي بكر بن محمد البرني الزبيدي النحوي، وحج في سنة إحدى وثمانمائة واجتمع بالأبناسي في أواخر شوالها وحضر مجلسين أو ثلاثة من تدريسه وأجاز له ثم في سنة ثلاث فاجتمع بابن صديق والجمال محمد بن سعيد من ذرية البوصيري ونصر الله العثماني والبرهاني البيجوري وأجازوه أيضاً؛ ولبس خرقة التصوف من إسماعيل الجبرتي؛ وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وابن الشرائحي وآخرون، وخرج له التقي بن فهد أربعين حديثاً، ومهر في الفقه وتصدى للتدريس والافتاء؛ وعمل الدر النظيم في شرح بسم الله الرحمن الرحيم ومفتاح الحاوي المبين عن النصوص والفخاوي وهو نكت على الحاوي الصغير مفيد والرقم الجمالي في شرح اللآلي في الفرائض إلى غيرها من نظم ونثر، وولي قضاء عدن نحو أربعين سنة تخللتها ولاية القاضي عيسى اليافعي مدداً متفرقة، وكان إماماً عالماً فاضلاً فقيهاً مشاركاً في علوم كثيرة مجتهداً في خدمة العلم بحيث لا ينام من الليل إلا القليل كثير المذاكرة مع خفض الجناح ولين الجانب وحسن التأني والإصلاح بين الخصوم والمداراة وحسن الظن والعقيدة في الفقراء معتقداً في بلاد اليمن بأسره في التدريس والفتوى والحديث شديد التحرز في النقل جيد الحفظ حاد القريحة بصيراً بالأحكام. مات في سابع رمضان سنة اثنتين وأربعين بعدن وأسف الناس عليه، وممن لقيه ممن لقيناهم الجمال محمد بن عبد الوهاب اليافعي والمحب الطبري إمام المقامي وابن عطيف ولزمه حتى مات. وحكى لي عنه أنه ورد في تاسع عشري رمضان سنة تسع وعشرين إلى القاضي وجيه الدين عبد الرحمن بن جميع قاصد من جهة المنصور عبد الله بن الناصر أحمد بن إسماعيل بالقبض علي ويؤخذ مني ألف دينار قال فكتم ابن جميع ذلك إلى بعد صلاة العيد وأرسل إلي بأربعة رسمهم علي وأن أقيم ضامناً قال فأقمت ضامناً ومكنت في الترسيم وأنا في منزلي مدة ثم ضيق علي في طلب المال فاستمهلت إلى صبيحة اليوم الثاني ثم التجأت بعد صلاة الظهر إلى الله وأنا متوجه إلى القبلة ونظمت هذه الأبيات:
مالي سوى جاه النبي محمدٍ ... جاه به أحمى وأبلغُ مقصدي
فلكم به زال العنا عني وقد ... أعدمت في ظن العذول المعتدي
ولكم به نلت المنى من كل ما ... أبغيه من نيل العلى والسودد
يا عين كفي الدمعَ لا تذرينه ... من ذا الأوان واحبسي بل اجمدي
يا نفس لا تأسي أسى وتأسفاً ... فلنعم وصف الصابر المتجلد
يا قلب لا تجزع وكن خير امرئ ... أضحى يرجي غارة من أحمد
فعسى توافيك الغوائر ممسياً ... ولعل تأتيك البشائر في غد(4/27)
قال فلما فرغت من نظمها والورقة في يدي ألقى علي نوم غالب فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وقد دخلا علي فقبلت يد النبي صلى الله عليه وسلم اليمنى فرفع بيده اليمنى رأسي من تحت ذقني فرفعت رأسي وأطرقت ثم قال وهو قائم قد جئناك مغيرين والزم الصلاة علي في كل ليلة ألف مرة فانتبهت فرحاً مسروراً فما مضى النهار حتى وصل العلم بأن المنصور على خطه وأنه أمر الحكام بالنغر بإطلاق المحبوسين ظلماً والمرسم عليهم بغير وجه فأفرج عني الترسيم ولم يلبث المنصور أن مات بعد ثلاثة أيام أو نحوها وفرج الله عني ببركة النبي صلى الله عليه وسلم سمعتها من ابن عطيف وسمعها النجم بن فهد من الجمال اليافعي وكلاهما ممن سمعها من صاحب الترجمة، وقد ذكره شيخنا في إنبائه باختصار جداً وقوله ولعله قارب الثمانين سهو، وكذا ذكره العفيف الناشري في كتابه استطراداً وقال إنه أخذ عنه وأحسن ترجمته وأرخه في يوم الأحد ثامن رمضان. محمد بن سعيد بن أبي الفتح. يأتي قريباً. محمد بن سعيد بن فلاح بن عمر القباني التاجر. له ذكر في ولده يحيى. محمد بن سعيد بن كبن جمال الدين. مضى فيمن جده علي بن محمد قريباً.
631 - محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد بن موسى بن الزموري المغربي النامردي نزيل مكة وشيخ رباط الموفق بها ويعرف في بلده بابن سارة وهي أم أبيه. ولد في حدود سنة سبع وسبعين وسبعمائة ببلاد لازمور من بلاد المغرب الأقصى ونشأ بها فقرأ القرآن على عبد الله بن سعيد الدكالي الشيخ الصالح وتفقه بعالم بلاده القسم بن إبراهيم وأخيه أحمد وقدم تونس في رجب سنة إحدى وعشرين وأقام بها إلى أن انفصل عنها صحبة الركب في مستهل رجب سنة خمس وثلاثين فقدم مكة في موسمعها فقطنها وولي مشيخة رباط الموفق بها قبل الأربعين حتى مات، وكان كثير التلاوة صلباً في دينه لا يعرف الهزل فضلاً عن الكذب. مات في صفر سنة ستين بمكة وصلى عليه خارج باب أجياد من الحرم ثم ثانياً بالمعلاة ودفن بها، ووصفه ابن عزم بشيخنا وفي موضع بفقيهنا.
632 - محمد بن سعيد بن محمد بن عبد الوهاب بن علي بن يوسف فتح الدين أبو الفتح بن الجمال بن الفتح أبي الفتح الأنصاري الزرندي المدني الحنفي ابن قاضي المدينة وأخو علي قاضيها الماضيين وهو بكنيته أشهر. ولد في بالمدينة ونشأ فحفظ القرآن والشاطبية والقدوري والمنار وألفية النحو، وعرض علي الأبشيطي وأبي الفرج المراغي وغيرهما كالأميني الأقصرائي حين دخل القاهرة صحبة والده سنة إحدى وسبعين بل أخذ عنه شرح المجمع لابن فرشتا تقسيماً وكان أحد القراء فيه وكذا قرأ عليه صحيح مسلم والشمائل وغيرهما، وتكرر دخوله للقاهرة بحيث أخذ عن الصلاح الطرابلسي وقرأ على البرهان الكركي الشفا وحضر دروسه واشتغل على والده بل قرأ عليه البخاري وكذا الشفا، وحضر في العربية عند الأبشيطي وسمع الكثير على أبي الفرج المراغي بل قرأ عليه البخاري وأخذ عن الشيخ حميد الدين النعماني في أيام الموسم، وسمع مني بالمدينة، وهو متحرك بالنسبة لأخيه وباشر الحسبة والقضاء عن أبيه ثم عن أخيه وكذا عن شاهين الجمالي.
محمد بن سعيد بن مسعود بن محمد يأتي في ابن محمد بن مسعود.
محمد بن سعيد الشمس الصالحي سويدان. مضى فيمن جده عبد الله.
633 - محمد بن سعيد الشمس الوراق أبوه وأحد التجار هو. سافر لمكة وغيرها وأظنه نسب لجده. مات في جمادى الثانية سنة ثمان وثمانين وما أظنه بلغ الخمسين وكان طائشاً رحمه الله.
634 - محمد بن سعيد التونسي ويعرف بالغافقي من نظرا أبي القسم القسنطيني ترافقا في الأخذ عن يعقوب الزغبي وغيره ممن تقدم في الفقه، ودرس وأفتى وانتفع به الناس. مات بعد الستين.
635 - محمد بن سعيد جبروه الحبشي جمال الدين القائد نائب مكة عن السيد بركات. مات بها في شوال سنة سبع وثلاثين. أرخه ابن فهد وقال: كان شكلاً حسناً.
636 - محمد بن سعيد المغربي الضرير. مات بمكة أيضاً في سنة ثمان وثمانين وبلغني أنه كان مقيماً برباط خوزي مشتملاً على فضائل من فقه ونحو وصرف وغيرها وأنه أعرض عن الدنيا وتوجه إلى الله تعالى متجرداً خائفاً باكياً حتى مات وقد قارب الثمانين.(4/28)
637 - محمد بن سعيد الغزي نزيل مكة ويعرف بالمجرد. كان متعبداً وفيه سماح وكرم نفس وبلغنا ما معناه أنه دخل بلاد العجم وجال فيها نحو أربع عشرة سنة وضاق خاطره بها لكونه لا يعرف لسانهم فتعلمه ونسي كلام العرب وأنه أراد بعد ذلك استعلامهم فما عرف ما قالوا، وتردد لليمن مرات وصحب بها جماعة صالحين ونال بها براً طالاً إلى أن أدركه الأجل بتعز بعد قدومه إليها من مكة بقليل في جمادى الآخرة سنة ست وعشرين ودفن بمقبرة الأجناد وقد بلغ السبعين أو جازها. ذكره الفاسي في مكة.
638 - محمد بن سفرشاه الخواجا الشمس العجمي نزيل مكة. كان شيخاً بهياً يذكر بعبادة كثيرة من طواف وتلاوة ومطالعة سيما في كلام الصوفية وإكرام للفقراء وغيرهم وهو ممن له حسن اعتقاد في عبد المعطي المغربي. مات في ليلة سابع ذي الحجة سنة إحدى وثمانين رحمه الله.
639 - محمد بن سلامة بن محمد بن أحمد بن أبي محمد بن علي بن صدقة الشمس الأدكاوي الشافعي الماضي أبوه ويعرف بابن سلامة. ولد سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة تقريباً بادكو ونشأ بها فقرأ القرآن وبعض الرسالة لابن أبي زيد على مذهب والده ثم تحول شافعياً وحفظ المنهاج وعرضه في جمادى الآخرة ورجب سنة إحدى وستين على العلم البلقيني وقريبه أبي السعادات والجلالين المحلى وابن الملقن والمناوي والسراجين العبادي والوروري والكمال إمام الكاملية والفخر عثمان المقسي وابن الديري وابن قرقماس وآخرين؛ وتفقه ببلديه رمضان أحد أصحاب الشيخ إبراهيم الأدكاوي وأخذ عنه أيضاً في الفرائض والأصلين والعربية وبه انتفع وتهذب بهديه وطريقته في السلوك ونحوه؛ ثم ارتحل لفوة فأخذ عن البدر بن الخلال كتباً كالمنهاج والتنبيه وتصحيحه للنووي وتهذيب التنبيه ومطلب الطالب النبيه للبكري بحثاً لكلها ولازمه أربع سنين في شرح الدميري والجمل للزجاجي وغير ذلك في الفقه وأصوله والنحو وحضر تقسيم التنبيه على السراج العبادي وقرأ في المنهاج على الزين زكريا وسمع من شرحه للبهجة دروساً وكذا أخذ النحو عن والده وعن الفقيه شمس الدين بن الترس قرأ عليه الجرومية والملحة وألفية ابن ملك وعنه أيضاً أخذ الرحبية وغيرها في الفرائض بل أخذ الفرائض والحساب حتى استوفى النزهة لابن الهائم مع الحاوي الفرعي وشرحه عن إسماعيل اليمني الزبيدي وفي علم الكلام أيضاً عن غير من ذكر وفي المنطق عن بعض الطلبة والتصوف عن أبي الفتح الفوي وقرأ عليه رسالته بالقاهرة مرتين وعلى الشهاب المتيجي الشفا والترغيب للمنذري وأكثر الصحيح وعلى إمام الكاملية بعض بداية الهداية للغزالي ولبس منه الخرقة وعلى بعض الفضلاء في شرح جمع الجوامع للمحلى وعلى القول البديع وترجمة النووي وأماكن من كتب وجميع شرحه لأبي شجاع المسمى النهاية في شرح كتاب الغاية وغير ذلك؛ وحضر عندي في الإملاء وتردد لكل من عبد الرحيم الأبناسي وابن قاسم وغيرهما؛ ومهر وتميز وأذن له ابن الخلال في سنة أربع وستين في تدريس الفقه والعربية وكذا أذن له غيره وكتبت له إجازة هائلة، وانتفع به أهل بلده بل وبعض الواردين وكتب على أبي شجاع شرحاً قرضه له كل من ابن الخلال بعد قراءته له عليه والعبادي؛ وعرض عليه المناوي قضاء بلده فأبى، وحج غير مرة أولها في سنة تسع وستين ولازم بأخرة أخذ قماش معه مع عدم حظ له في ذلك لغلبة سلامة الفطرة عليه وكونه في أكثر أوقاته متوجهاً وتمادى في ذلك حتى سافر من مكة لهرموز بمتجر أكثر مما استدانه فباعه أكرم بيع وأكرمه صاحبها وعاد على أحسن وجه فخرج عليهم السراق فسلبوهم فتوصل لعدن فأكرمه ابن طاهر وتبضع من هناك وركب البحر راجعاً راجياً الاستشراف على وفاء دينه فمات على ظهر البحر في أثناء سنة اثنتين وتسعين ودفن هناك، وتأسفنا على فقده فقد كان في الصلاح والخير بمكان ممن كنت أستأنس بلحظه وأسر باغتباطي به رحمه الله وعوضه وإيانا الجنة.(4/29)
640 - محمد بن سلامة أبو عبد الله التوزري المغربي ثم الكركي نزيل القاهرة. ذكره شيخنا في معجمه فقال: اشتغل كثيراً وهر في الأصول والمعقول والتصوف وصحب الظاهر برقوق لما سجن بالكرك، وقدم عليه القاهرة بعد عوده إلى السلطنة فأنزله بيت الدوادار وبالغ في إكرامه بحيث أنه كان إذا أراد الاجتماع به أرسل إليه من مركوبه الفحل المطهم بالسرج الذهب والكنبوش الزركش مع كونه لابساً مسحاً أسود. وكان داعية إلى مقالة ابن عربي ووقعت له مع شيخنا البلقيني منازعات، اجتمعت به وسمعت كلامه. ومات في ربيع الأول سنة ست. وقال غيره إن السلطان كان يجلسه فوق القاضي الشافعي وأنه لم يكن يقبل من أحد شيئاً من المال ولا عدل عن لبس العباءة. قال المقريزي والناس فيه بين مفرط في مدحه ومفرط في الغض منه، ولما مات تولى يلبغا السالمي تجهيزه وبعث إليه السلطان بمائتي دينار للقراءة على قبره أسبوعاً ونحو ذلك.
641 - محمد بن سلامة الحنفي. سمع على ابن صديق وابن ظهيرة وكأنه ابن أبي بكر بن محمد بن عثمان بن أحمد بن عمر بن سلامة الماضي نسب لجده الأعلى.
642 - محمد بن سلطان بن أحمد الكمال الدمشقي أخو إبراهيم وأبي بكر المذكورين. ممن ينوب في قضاء الحنفية بدمشق وأجزت لولديه قطب الدين محمد ومحيي الدين عبد القادر. محمد بن سلطان القادري. هو ابن عبد الرحمن بن عيسى بن سلطان نسب لجده.
643 - محمد بن سلمان بن عبد الله الشمس الحراني ثم الحلبي الشافعي ويعرف بابن الخراط. أصله من الشرق وقدم به أبوه وهو طفل فسكن حماة فولد له ابنه هذا فتعانى أولاً صنعة الخرط ثم تركها وأقبل على العلم فأخذ عن الشرف يعقوب خطيب القلعة والجمال أبي المحاسن بن خطيب المنصورية بحماة وزوجه أخته وبدمشق عن الزين عمر بن مسلم القرشي، ودأب حتى حصل من كل فن طرفاً جيداً، وقدم حلب بعد التسعين فنزل بالمدرسة الصلاحية وناب في الحكم عن ناصر الدين محمد الحموي ابن خطيب نقيرين ثم عن الشرف أبي البركات الأنصاري ثم عزله وولاه قضاء الرها فأقام بها مدة ثم ولي قضاء باب بزاعا فكان يتردد إليها من حلب؛ فلما مات الشمس بن النابلسي استقر في نيابة القضاء بحلب عوضه ثم ولاه القاضي نصف تدريس النورية التقوية شريكاً لأولاد النابلسي وباشرها أصلاً ونيابة ثم استق بجميعه بعد، واستمر يفتي ويدرس بل خطب بالجامع الكبير نيابة عن ابن الشرف الأنصاري، وكان فقيهاً فاضلاً ديناً ذكياً شديداً في أحكامه مع حدة في خلقه جفاه بعض الناس لها، وممن أخذ عنه ابن خطيب الناصرية وترجمه، وتبعه شيخنا في إنبائه باختصار وقال إنه ولي عدة تداريس. مات في ليلة الأربعاء سابع ربيع الأول سنة ست بفالج عرض له قبل بيوم واضطراب وإسكات. وصلي عليه من الغد ثم دفن جوار قبر الشهاب الأذرعي خارج باب المقام رحمه الله.
644 - محمد بن سلمان بن محمد الشمس البغدادي الأصل الدمشقي الصالحي الشافعي الصوفي القادري نزيل القاهرة. ولد في حدود الخمسين وسبعمائة وحفظ القرآن وغيره، وعرض بعض محفوظاته في سنة خمس وستين على العماد الحسباني وأجاز له، وطلب العلم ولازم التاج السبكي وفتح الدين بن الشهيد والعماد ابن كثير وسمع منه مصنفه في علوم الحديث وفي فضل الجهاد وكتب له إجازة حسنة؛ وسمع على أبي عبد الله بن جابر وأبي جعفر الغرناطي البديعية وشرحها بل والشاطبية بقراءة ابن الجزري ورافقه على عدة مشايخ وكذا رافق الجلال بن خطيب داريا وتخصص به وكتب عنه أكثر شعره، قال شيخنا في معجمه: وكان حسن الأدراك في وزن الأدب كثير المحفوظ للشعر خصوصاً الحكم وذكر لي أنه صحب شخصاً يقال له عبد الوهاب فسلكه، ثم سكن القاهرة بعد الثمانين واستمر بها حتى مات في شوال سنة عشرين، وكان في أكثر أحواله ضيق اليد وربما تكسب من الكتب، أجاز في استدعاء ابني محمد. قلت في سنة موته ووصفه بعضهم بالصوفي شيخ زاوية ناصر الدين الحمصي بجوار الدكة من المقس كان، ورأيت بخطه قطعة من تهذيب النفوس للسعودي الحنفي ووصف نفسه بالصوفي بسعيد السعداء وشيخ رباط الحمصي بجوار الدكة من ضواحي القاهرة، وأرخ كتابته له في سنة إحدى عشرة وإن ولايته للمشيخة عقب احتراق يوسف ابن عبد القادر الحنبلي رحمه الله.(4/30)
645 - محمد بن سلمان بن محمد الشمس الشنباري القاهري الشافعي. قرأ القراءات وقرأ على الديمي في البخاري من نسخة بخطه وكذا قرأ علي فيه، وحج سنة السلطان صحبة ابنة العلم البلقيني وكان منزلاً في سبعها وربما أقرأ الأبناء.
646 - محمد بن سليمان بن أحمد بن إبراهيم بن عبد الملك الشمس بن العلم القاهري الأصل الدمياطي الشافعي ويعرف بابن الفقيه سليمان وأبوه بالسنباطي. ولد سنة سبعين وسبعمائة تقريباً بدمياط وحفظ بها القرآن وصلى به وهو ابن تسع سنين وشهر، والعمدة في أربعين يوماً والمنهاج الفرعي؛ وعرض على ناصر الدين بن الميلق وجماعة وبحث على قاضي بلده التاج عتيق؛ وتعاني نظم الشعر من غير تقدم اشتغال له في العروض والنحو مع كون كله موزوناً وعدم اللحن فيه، لقيه ابن فهد والبقاعي في سنة ثمان وثلاثين بدمياط وكتبا عنه أشياء منها:
إن التواضعَ أصل كل جميل ... والعلم يوجبُ عز كل ذليل
من كثرته النفس فهو مقلل ... فالنفس في القرناء شر خليل
والعقل أعظم نعمةٍ تأتي الفتى ... من ربه فالعقل خير دليل
ونظم المولد النبوي وأشياء، وكان خيراً بهياً منوراً ذا سكينة ووقار. مات بدمياط في سادس عشري ذي القعدة سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين رحمه الله.
647 - محمد بن سليمان بن أحمد بن عمر بن غنام الشمس بن العلم البرنكيمي الأصل القاهري الحنفي ابن أخي الشرف موسى وأحد نواب الحنفية بمجلس الواجهة من بولاق. ولد في سنة ست وأربعين وثمانمائة ومات أبوه قبل استكماله شهرين فنشأ في كفالة عمه سيما وقد تزوج أمه وهو الذي أشار بتحنفه لكون والده كان أحد طلبة درس خشقدم بالأزهر ففعل واستقر عوضه فيه واشتغل عنده في النحو وكذا في فقه الحنفية وربما أخذ في الفقه عن الزين قاسم حين سكنه ببولاق وحفظ القرآن وبعض القدوري؛ وحج وجاور واستنابه ابن الشحنة فمن بعده؛ وأذن له ابن الأخميمي في الجلوس بسوق الرقيق يومي السوق.
648 - محمد بن سليمان بن أبي بكر بن محمد بن حامد بن محمود بن حامد الشمس أبو عبد الله الحراني ثم الأذرعي الدمشقي الشافعي. ولد سنة خمسين وسبعمائة بأرعات واشتغل ولازم الشيوخ الكبار والزهاد الأخبار كأبي بكر الموصلي ومحمد الجمال والتاج السبكي وكان يذكر أنه سمع منه الكثير وسمع من أبي محمد عبد الرحيم بن غنائم بن إسماعيل التدمري في سنة ثمان وستين صحيح مسلم أنابه أبو الحسن علي بن مسعود بن نفيس وأبو الفضل بن عساكر حضوراً عليهما في الرابعة وحدث به سمع منه الفضلاء والحفاظ، وممن أخذ عنه النجم بن فهد وسكن مسجد بني الفرفور بالعناية يؤم فيه ويؤدب به الإبناء؛ وكتب بخطه الكثير، وكان خيراً مديماً للتلاوة حافظاً لكثير من التاريخ والشعر. مات في يوم الجمعة منتصف ربيع الأول سنة أربعين بدمشق ودفن بمقبرة بيت لهيا وكانت جنازته حافلة.
649 - محمد بن سليمان بن حماد الشمس السكندري الشافعي ويعرف بابن حماد. كان بارعاً في الفرائض والحساب أخذهما عن الشمس جنيبات وفي علم الميقات وكذا في الشروط أخذهما عن شعبان ولد الشمس شيخه وتكسب بها، وباشر في جامع صفوان بل يقرأ فيه البخاري، وكان خيراً خج وجاور ثم عاد فبمجرد وصوله لمنزله مات وذلك في مستهل جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين رحمه الله.(4/31)
650 - محمد بن سليمان بن داود بن محمد بن داود البدر أبو المكارم بن العلم أبي الربيع المنزلي الأصل الدمياطي الشافعي نزيل القاهرة وخطيب القجماسية المستجدة بها. ولد في منتصف رجب سنة ثمان وأربعين وثانمائة بدمياط ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج والتمهيد للأسنوي وألفية ابن ملك وفصيح ثعلب وأخذ عن أبيه؛ وحج في سنة ثلاث وستين من البحر وجاور نحو ثلاثة أشهر ولازم في القاهرة الجوجري بحيث قرأ عليه المنهاج وسمعه أيضاً مع التنبيه في التقسيم بل تفهم منه المنهاج الأصلي وألفية النحو وأذن له في الافتاء والتدريس وأرخ ذلك بشعبان سنة خمس وثمانين، واستقر بعد أبيه في تدريس الناصرية بدمياط وكذا في نظرها ونظر المسلمية وبعد موت النابلسي في مشيخة قراقوش بخان السبيل وفي خطابة القجماسية أول ما فتحت. وانعزل عن الناس مع يبس وفاقة وديانة ومزيد تحر بحيث لا يأكل عند أحد من الأمراء ونحوهم غالباً شيئاً، وقد لخص الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني، وكان يتردد إلي بسببها ويستحضر منها ومن أشباهها فوائد يذاكر بها، وآل أمره إلى أن رغب عن الخطابة للخطيب الوزيري ثم سافر في أثناء سنة خمس وتسعين لزيارة دمشق فاستعاد وظيفته.
651 - محمد بن سليمان بن داود بن بشر بن عمران بن أبي بكر الجمال أبو عبد الله اعلجزولي المغربي ثم المكي المالكي. ولد في سنة ست وثمانمائة أو التي بعدها بجزولة من أعمال المغرب ومات أبوه وهو ابن ثمان سنين أو نحوها فتجول مع أخيه عيسى بمراكش فأكمل بها حفظ القرآن وأقام بها ستة عشر عاماً يشتغل في الفقه والعربية والحساب على أبي العباس الحلفاني وأخيه عبد العزيز قاضيها وآخرين؛ ثم انتقل صحبته أيضاً إلى فاس في سنة خمس وثلاثين فأقام بها أشهراً اجتمع فيها بعبد الله العبدوسي وغيره وكذا دخل صحبته أيضاً تلمسان في أول سنة أربعين وأقام بها نحو ثمانية أشهر اجتمع فيها بمحمد بن مرزوق وأبي القسم العقباني وأبي الفضل بن الإمام وآخرين؛ ولقي بتونس حين دخلها في سنة أربعين أبا القسم البرزلي وغيره وبطرابلس يحيى القدسي وبالقاهرة في أواخر سنة أربعين البساطي وغيره، وسمع الحديث في كثير من البلاد، ودخل مكة في موسم سنة إحدى وأربعين ثم سافر منها إلى المدينة فجاور بها إلى أثناء سنة اثنتين ثم عاد لمكة وتأهل بها ورزق الأولاد وتصدى للتدريس بهما مع الإفتاء؛ وأخذ عنه الأماثل وعرض عليه ظهيرة الماضي؛ وكان بارعاً في الفقه والأصلين متقدماً في العربية مشاركاً في غيرها مع الدين والخير والكرم ذا مال يعامل فيه. مات بمكة في ضحى يوم الأحد ثامن عشري ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وصلى عليه بعد صلاة العصر عند باب الكعبة ودفن بالمعلاة رحمه الله وإيانا.
652 - محمد بن سليمان بن داود بدر الدين بن بدر الدين بن علم الدين الشوبكي الأصل القاهري ابن أخي الزين عبد الرحمن الماضي وأبوه أيضاً ويعرف كسلفه بابن الكويز. نشأ في الرياسة وحفظ القرآن وتدرب في المباشرة بأقربائه وبرع فيها وفي الكتابة، وباشر نظر الدخيرة مدة ثم معلمية الصناع وجمع بينهما ثم أضيف إليه الخاص ونظر القرافتين وانفصل عنه بزكريا وأمره في المباشرات أخف من عمه ولذا أثنى على حشمته وحسن عشرته في الجملة. مات بعد تعلله مدة وأصيب إما بآكلة أو بقرحة جمرة أو نحو ذلك لسبب أزعجه في ليلة الخميس ثاني عشري شعبان سنة خمس وثمانين عن ثلاث وستين سنة ودفن من الغد بتربتهم.
653 - محمد بن سليمان بن داود الطائفي الغمري ثم القاهري نزيل جامع الغمري بها. ممن خدم أبا العباس وعرف به وحج معه وسمع على أشياء ولا بأس به.
654 - محمد بن سليمان بن داود اللاري المؤذن. ممن سمع مني بمكة.(4/32)
655 - محمد بن سليمان بن سعيد بن مسعود المحيوي أبو عبد الله الرومي الحنفي ويعرف بالكافياجي. ولد بككجة كي من بلاد صروخان من ديار ابن عثمان الروم قبل التسعين وسبعمائة تقريباً؛ ومن قال سنة إحدى وثمانمائة فغلط، وأخذ عن الشمس الفنري والبرهان أمير حيدر الخافي أحد تلامذة التفتازاني وواجد وعبد الواحد الكوتائي وغيرهم وأكثر من قراءة الكافية لابن الحاجب وأقرأ بها حتى نسب إليها بزيادة جيم كما هي عادة الترك في النسب؛ وقدم الشام وأقرأ بها، وحج ودخل القدس ثم قدم القاهرة بعيد الثلاثين؛ وهو متقلل من الدنيا جداً فأقام بالبرقوقية سنين واجتمع بالبساطي وشيخنا وغيرهما من المحققين، وأقام عند المحب بن الأشقر قليلاً وظهرت كفاءته وكمالاته فأقبل عليه الفضلاء كابن أسد والبدر أبي السعادات البلقيني ومن شاء الله منهم الناصري بن الظاهر جقمق، واستقر به أبوه في مشيخة زاوية الأشرف شعبان بعد عزل حسن العجمي في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعين ثم في مشيخة التدريس بتربته عوضاً عن العلاء الرومي ثم الأشرف إينال سنة ثمان وخمسين في مشيخة الشيخونية حين إعراض ابن الهمام عنها؛ وتصدى للتدريس والإفتاء والتأليف وخضعت له الرجال وذلت له الأعناق وصار إلى صيت عظيم وجلالة، وشاع ذكره وانتشرت تلامذته وفتاواه وأخذ الناس عنه طبقة بعد أخرى بل والطبقة الثالثة أيضاً؛ وتقدمت طلبته في حياته وصاروا أعيان الوقت وتزاحموا عنده من سائر المذاهب والفنون، ويقال إن ممن أخذ عنه التقي الحصني أحد مشايخ الوقت. وزادت تصانيفه على المائة وغالبها صغير. ومن محاسنها شرح القواعد الكبرى لابن هشام كتبه عنه غير واحد من الفضلاء وزادت عدة كراريس بعض نسخه على الثلاثين وعتب على كاتبها لاستدعائه إعراض كثير من قاصري الهمم عنه إذا سمع أنه في هذا المقدار وهذا عكس ما وقع لابن الملقن حيث عتب من كتب شرحه على البخاري في مجلدين مع كونه في عشرين مجلداً، وشرح كلمتي الشهادة والأسماء الحسنى بل له المختصر في علم الأثر والمختصر المفيد في علم التاريخ وشرع في محاكمات بين المتكلمين على الكشاف وحاشية عليه مستقلة وعلى شرح الهداية وتلخيص الجامع الكبير والمجمع وكذا كتب على تفسير البيضاوي والمطول وشرح المواقف وشرح الجغميني في الهيئة وسارت فتاويه التي يسلك فيها البسط والإسهاب والتوسع في المعقول بحيث لا يحصل الغرض منها إلا بتكلف وربما لا يحصل وقد تصادم المنقول في الآفاق، كل ذلك مع الدين التام والصيانة والعفة بحيث امتنع من إقراء بعض المردان في خلوة، وسلامة الصدر والحلم على أعدائه والكرم وإكثاره الصدقة والإطعام واستحضار القرآن والبكاء الكثير عند سماعه وقوة الاستنباط منه والوجه البهي والشيبة المنورة ومزيد الرغبة في إلقاء العلم وتقريره وكذا في إطرائه وتعظيمه ولا يروج عنده غالباً إلا من يسلك معه ذلك والإعراض عما يسلكه غيره من التعزية والتهنئة إلا في النادر معتذراً بعدم الإخلاص في ذلك؛ وإليه النهاية في حسن العشرة والممازجة مع أصحابه ومداعبتهم وملاطفتهم لكنه لا يعترف لكبير أحد بالعلم، نعم كان شيخنا عنده في الذروة بحيث أنه أنشدني أبياتاً في مدحه وأثبتها لي بخطه، ووصفه شيخنا على نسخته من شرح النخبة من تصانيفه بالشيخ الإمام الأوحد الفاضل البارع جمال المدرسين مفيد الطالبين وأذن له في روايته عنه مع جميع مروياته وذلك في سنة اثنتين وأربعين، ولو كان طلق اللسان كان كلمة إجماع ولكن كتابته دالة على توسعه في العلوم ومزيد استحضاره لها وإن كان بعض من قصر عن حفظه أمتن في التحقيق منه، وهو ممن يميل إلى ابن عربي وربما ناضل عنه ومع ذلك فلما أبديت عنده شيئاً من كلماته انزعج وقال هذا كفر صراح لكن حتى يثبت عنه، وبالجملة فقد صار علامة الدهر وأوحد العصر ونادرة الزمان وفخر هذا الوقت والأوان الأستاذ في الأصلين والتفسير والنحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق والهيئة والهندسة والحكمة والجدل والأكر والمرايا والمناظر مع مشاركة حسنة في الفقه والطب ومحفوظ كثير من الأدب واستعمال للنثر في كتاباته بل ربما اخترع بعض العلوم، وقد عظمه الملوك خصوصاً ملك الروم ابن عثمان فإنه لازال يكاتبه بما أثبت بعضه في مكان آخر ويهدي إليه الهدايا السنية، وامتدحه غير واحد من شعراء الوقت كالشهاب المنصوري. وقال(4/33)
البدر حسن بن إبراهيم الخالدي الماضي:بدر حسن بن إبراهيم الخالدي الماضي:
لك الله محيي الدين بحر مكارم ... وبحر علوم لا يحاط عميقه
فيا مجمع البحرين قد فقت حاتماً ... وفي الفضل للنعمان أنت شقيقه
وكان كثير الإجلال حسبما بينته في موضع آخر، ولم يزل على جلالته ووجاهته إلى أن ابتدأ به المرض في أوائل المحرم سنة تسع وسبعين بالزحير وتوالي الإسهال بحيث كان يعتريه غم بسببه ولا يمكن كبير أحد من الجلوس معه غالباً، ثم مات بعد أن سمعت منه أن السلطان عينه لمشيخة مدرسته في تتمات كتبتها في الوفيات وغيرها في صبيحة يوم الجمعة رابع جمادى الثانية منها وحمل نعشه حتى صلى عليه بسبيل المؤمني باستدعاء السلطان له وشهوده الصلاة عليه ثم دفن بحوش كان أعده لنفسه وحوطه قبل موته بثلاثة أيام بجوار سبيل التربة الأشرفية كان هو يدفن به الغرباء المترددين إليه ونحوهم، وتأسف الناس على فقده ولم يخلف مثله رحمه الله وإيانا.
656 - محمد بن سليمان بن محمد بن أبي بكر الدمشقي الصالحي نزيل القاهرة. ولد بصالحية دمشق سنة بضع وأربعين وسبعمائة ولازم التاج بن السبكي والتقي بن الشهيد وابن كثير وسمع عليه وعلى العماد الحسباني وصحب الجلال بن خطيب داريا دهراً وكتب عنه، وكان حسن الإدراك كثير الفوائد مع إعجاب بنفسه، وقدم القاهرة في سنة اثنتين وثمانين ولزمته مدة وكنت له محباً ومنه مستفيداً. قاله المقريزي في عقوده وحكى عنه عن التقي عبد الله بن جملة أن شخصاً سماه لما حدث الوباء الكبير في سنة تسع وأربعين وسبعمائة أمر في الحال ببيع ثيابه وعقاره والتصدق بثمن ذلك ففي تلك الليلة التي تم فيها هذا رأى في منامه قائلاً يقول له في هذه الليلة كان انقضاء عمرك إلا أن الله قد زاد في عمرك لما فعلت ست عشرة سنة، إلى غيرها من الأشعار والحكايات. مات بالقاهرة في ذي القعدة سنة عشرين رحمه الله.
657 - محمد بن سليمان بن مسعود الشمس الشبراوي - نسبة لشبرا النخلة بالمنوفية - القاهري الشافعي والد محمد الآتي. ذكره شيخنا في إنبائه مقتصراً على اسمه ونسبته وقال: اشتغل كثيراً وكان مقتدراً على الدرس فدرس كتاب الشفا وعرضه ثم مختصر مسلم للمنذري ولم يكن بالماهر. مات في سلخ سنة أربع عشرة. قلت وكذا حفظ غير ذلك كالتنبيه والألفيتين، وقد جاور في سنة سبع وتسعين بالمدينة وسمع بها على الزين المراغي والعلم سليمان السقاء، وكان إمام السنقورية بالقاهرة واتفق أنه كان جالساً بخلوته منها فلعبت النار من القنديل في عمامته وغيرها من أثوابه فبادر وألقى نفسه في بركة المدرسة.
658 - محمد بن سليمان بن وهبان المدني عم سليمان الماضي. سمع على الزين المراغي في سنة خمس عشرة. محمد بن سليمان الحكري.
659 - محمد بن سليمان الفيومي بواب الزمامية بمكة، ذكره ابن فهد مجرداً.
660 - محمد بن سليم بن كامل الشمس الحوراني ثم الدمشقي الشافعي. قال شيخنا في إنبائه: تفقه وتمهر واعتنى بالأصول والعربية وكان من عدول دمشق وقرأ الروضة على العلاء حجي وكتب عليها حواش مفيدة وأذن له في الإفتاء ودرس وأعاد وتصدر وأفاد؛ وكان أسمر شديد السمرة أكثر أقرانه استحضاراً للفقه ممن يكتب الحكم وكتب للتاج السبكي كثيراً من مصنفاته. مات في رجب سنة ثلاث بعد أن عوقب بأيدي اللنكية وقد قارب الستين وليس في لحيته شعرة بيضاء رحمه الله. محمد بن سند. يأتي في ابن علي.
661 - محمد بن سنقر أبو السعود الجمالي نزيل مكة وشاد عمارة السلطان مع الحسبة. سمع مني هو وأبوه المسلسل وحديث زهير العشاري وكتبت لهما إجازة بل قرأ على الأربعين النووية.
662 - محمد بن سنقر الأمير ناصر الدين الاستادار، مات سنة تسع.
663 - محمد بن سنقر الشرفي - نسبة لابن شرف الدين صاحب الجامع الشهير بالحسينية لكون والده مولاه ويعرف بلغيلغ. مات في جمادى الآخرة سنة ستين ودفن خلف تربة الصوفية الصغرى. أرخه ابن المنير وقال كان أمياً له كلمات حسنة وخبرة بالصالحين وللناس فيه اعتقاد رحمه الله.
664 - محمد بن سنقر ابن أخت تغري بردى القادري. اعتنى به خاله فأسمعه مع ولدي شيئاً. ومات.(4/34)
665 - محمد بن سودون دقماق ناصر الدين. أحد المقطعين والماضي أبوه والآتية أمه عائشة ابنة الأمير ناصر الدين محمد بن العطار وأخته لأمه فاطمة ابنة طيبغا، وهو الآن حي.
666 - محمد بن سويد الشمس المصري أخو البدر حسن. مات سنة أربع وعشرين بالصعيد، ذكره شيخنا في أنبائه.
667 - محمد بن سيف بن محمد بن عمر بن بشارة. مات مقتولاً بالقاهرة وحشي جلده تبنا وحمل إلى صفد في ذي الحجة سنة تسع عشرة. ذكره شيخنا أيضاً.
668 - محمد بن سيف بن أبي نمى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الشريف الحسني المكي؛ ذكره الفاسي وقال: كان من أعيان الأشراف آل أبي نمى وأقربهم نسباً إليه فإنه لم يكن بينه وبين أبي نمى إلا والده سيف. ودخل العراق طلباً للرزق ولم ينل طائلاً؛ وعرض له بياض بأخرة. ومات في جمادى الأولى سنة ست وعشرين بمكة ودفن بالمعلاة وهو في عشر السبعين ظناً.
669 - محمد بن شاذي حجا ناصر الدين المحمدي - نسبة لتاجر أبيه - العنبري الحنفي. ولد في تاسع عشري شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة بدرب المرسينة من قناطر السباع؛ ونشأ فقرأ القرآن عند الشمس بن نعناع واشتغل في النحو وغيره عند الشمس بن خلف الحنفي، بل حضر عند ابن الديري والأقصرائي والشمني وسيف الدين وغيرهم بل عند طبقة تلي هؤلاءن وحج وتكسب في العنبر وبرع في صناعته وتولع بالأدب وخالط فضلاءه كالحجازي والمنصوري والشاب التائب وتطارح معهم، ومدح الأكابر فمن دونهم كالبارزي وابن مزهر وأثنى على إحسانهما والسلطان وسمح له بالمعتد في إقطاعه ببساط والعز الحنبلي وقال في أول قصيدته التي امتدحه بها:
عيون مهى كلمن قلبي بالغمز ... فجاوب دمعي عن فؤادي بما يجزي
ومخلصها:
أبثك يا من لامني في تغزلي ... وترك امتداحي أهل ذا الزمن المرزي
فإن اكتساب الشعر ذل وأنني ... قنعت لمدحي من ذوي العلم بالعز
ومما قاله حين الغصب من أرباب الأملاك والأوقاف معلوم خمسة أشهر بعد شهرين فيما مضى بحجة مشي ابن عثمان ملك الروم على البلاد للاستعانة ببذلك في دفعه:
لولا العدو لما داس الخبيث بنا ... في جمرةٍ لم يدسها قبل دائسها
في وزن شهرين لم نسطع فكيف بنا ... في خمسة وولي الوزن سادسها
فادعوا بقلب لعل الله يكشف ما ... بكم ويطمع بعد اليأس آيسها
وادعوا بخذلان من عادى المليك عسى ... تنجاب عن غرة الدينيا عساعسها
كتب إليه الشهاب المنصوري ملغزاً في فأر:
يا سيداً بالدر من نطقه ... حل محل البدر في أفقه
ما قولكم في فاسق مفسد ... لم ينهه الشارع عن فسقه
يأكل مال الناس غصباً ولا ... إثم ولا تحريم في رزقه
وهو على إفساده متق ... ملازم والخوف من خلقه
فأعمل الفكرة في حله ... لتوصل المعنى إلى حقه
فأجابه بقوله:
يا سيداً كاتب من رفقه ... عبيده المعهود في رقه
إن الذي تعنيه يا ذا العلي ... جواب آفاق على رزقه
يأكل بالقرض ولكنه ... لم يرض رب الحق في حقه
الفأر قاد الليل لم يرضه ... فلازم التسهيد من حذقه
إن حزته ملكاً فلا تبقه ... فقتله أنسب من عتقه
وله في كاتبه:
إذا ما قيل من تأتي الفتاوي ... لكهف علومه السامي فتاوي
وفي علم الحديث سخا قديماً ... بإسناد إليه قل السخاوي
وقوله فيه أيضاً ارتجالاً:
إذا ما دجى ليل الشكوك على الوزر ... وضل هدي الإفهام في غيهب الحدس
كشفنا بشمس الدين ظلمة ليلها ... وهل يكشف الظلماء إلا سنى الشمس
بل خمس البردة وافتتحه بقوله:
يا مازجاً بدم ينهل كالديم ... كؤوس دمع أدارتها يد الألم
بمن صبوت إليهم ملقى السلم ... أمن تذكر جيران ببذي سلم
ورأيته فيمن قرض مجموع البدري ومن نظمه فيه:
حوى التقى مجموعاً فريداً ... تسامى في النثار وفي النظام(4/35)
يود الدهر لو حاكى الحريري ... على منواله نسج الكلام
وقوله:
تجلد كل مجموع رآه ... مخافة أن يحد بألف جلده
وأقسم من تلفظ فيه غيباً ... قطعت لسانه وسلخت جلده
بل كتب عنه صاحب المجموع قوله:
يا بارقاً راح يحكي ... من الثغور مباسم
لقد حكيت ولكن ... شم برق مبسم هاشم
وكتب على شرح البهاء إلا بشيهي للمختصر:
قل للبهاء الذي ... بالفضل والعلم اشتهر
زدت البساطي بسطة ... في علم هذا المختصر
وجلوت من بكر الفكر ... حلي الجواهر والدرر
670 - محمد بن شاش شرف الدين أحد الموقعين. مات في رمضان سنة ست وأربعين ودفن بتربتهم بالقرافة. ذكره العيني.
671 - محمد بن شاه رخ بن تمرلنك ويعرف بألوغ بك صاحب سمرقند من قبل أبيه. قتله ولده عبد اللطيف في سنة أربع وخمسين واستقر عوضه فلم يلبث سوى شهر وقتله عمه هميان بن شاه رخ؛ وكان من نمط أبيه مع حذق وفهم ويحكى أنه لم يكن أحد يجدد في سمرقند بناءً يذكر إلا كتب عليه اسمه وأن محمد بن شهاب الخافي الآتي قريباً بني في سوق البراذعيين منها مدرسة فاجتاز بها صاحب الترجمة ومعه نديم له اسمه عبد المؤمن من أهل العلم حلو النادرة سريع الجواب فأعجبه فسأله عن صاحبها فسماه له قال فما اسمها فقال له مدرسة تكون في البراذعيين لا يصلح أن تسمى إلا بالحمارية فشاع هذا الكلام بحيث اشتهرت المدرسة بذلك وكان ذلك سبباً لتحامي الطلبة عن النزول بها ولو مات الواحد منهم جوعاً مع كثرة معاليمها.
672 - محمد بن شعبان بن علي بن شعبان الشمس الغزي الشافعي نزيل البرقوقية من القاهرة وشقيق أحمد وعبد القادر الماضيين وهو أسن الثلاثة. اشتغل في الفقه وأصوله والعربية وغيرها، وأخذ عن العبادي والجوجري وأبي السعادات والزيني زكريا والشرف بن الجيعان وآخرين، وسمع مني أشياء ولا نسبة له من أخيه مع فاقته؛ وحج وجاور يسيراً ودخل الشام للتكسب وقطن القاهرة وسكن البرقوقية واستقر أحد المعيدين بالصالحية.
673 - محمد بن شعبان بن محمد البوتيجي ثم القاهري الشافعي قريب شيخنا الزين البوتيجي. إنسان يخر أصيل وجيه قرأ القرآن وحفظ بعض الكتب واشتغل قليلاً وحضر دروس الولي العراقي بل سمع في أماليه كما رأيته مثبتاً بخط المعلى في مجالس. وتنزل في الجهات وباشر في بعض جهات الجوالي. مات قريباً من سنة سبعين ظناً.
674 - محمد بن شعبان بن محمد السفطي ثم القاهري الشافعي ويعرف بابن الخطيب بالتصغير. ولد قبيل الستين تقريباً ونشأ بسفط. ثم قدم القاهرة قبل بلوغه مع أبيه؛ وحفظ القرآن والمنهاج وعرضه علي في جملة الجماعة واشتغل يسيراً، وكان أحد من قرأ على أخي في تقسيمين بل وأخذ عن موسى البرمكيني، وقرأ علي وسمع مني أشسياء ثم مال إلى الترك واسترسل في الراحة، وتزوج وصار يتعرض للمسئلة مع أدب ولطف وفهم وقد أقرأ بعض خدم الخواجا ابن قاوان وقرره قارئاً عند قبر ابنته ورتب له في كل شهر ديناراً وكان زائداً الإحسان إليه ودام ذلك مدة، وبعد سفره انتمى لصهره اسحق فكان يرتفق به في الجملة، وقد حج وجاور قليلاً ثم رجع في موسم سنة اثنتين وتسعين مع الصهر وتناقص حاله. ومات في طاعون سنة سبع وتسعين رحمه الله وعفا عنه.
675 - محمد بن شعبان الشمس محتسب القاهرة. ولد تقريباً سنة ثمانين وسبعمائة وكان عرياً عن الفضائل بل عامياً محضاً ومع ذلك فولي الحسبة زيادة على عشرين مرة بالبذل بحيث كان يتبجح بذلك ويفتخر به مع أن المؤيد ضربه مرة على رجليه وألزمه بعدم السعي فيها وما انفك إلى أن افتقر وصار تعتريه المفاصل، ثم مات في حادي عشري شوال سنة أربع وأربعين قال المقريزي وكان لا فضل ولا فضيلة.
676 - محمد بن شعبان الحسيني ويعرف بالطيبقي. ممن كتب على مجموع البدري بعد السبعين وما عرفته.
677 - محمد بن شعبة بدر الدين الفارسكوري شيخ تلك الناحية ومدركها، ابتنى فيها مدرسة بقرب بيته وقرر الشهاب البيجوري مدرسها، وفيه ميل للخير ومحبة في الفقراء مع ما هو فيه.
678 - محمد بن شعرة أبو الفضل الصعيدي الأزهري الشافعي. ممن أخذ عن السنتاوي.(4/36)
679 - محمد بن شعيب الغمري والد أحمد الماضي. رجل صالح قانت متعبد ورع له أحوال وكرامات واختصاص بالشيخ محمد الغمري بل كان أجل أصحابه حتى أنه استخلفه عليهم وأقام عنده بالمحلة كثيراً؛ سمعت الثناء عليه من غير واحد من ضابطيهم. مات تقريباً سنة ثلاث وخمسين أو التي تليها. محمد بن شعيرات. في ابن حشين بن محمد.
680 - محمد بن شفليش - بمعجمتين الأولى مفتوحة بعدها فاء ساكنة ثم لام وياء ورأيت من كتبه شفتيل - الشمس العزازي الحلبي. رافق الشمس السلامي وابن فهد في السماع على البرهان الحلبي وابن ناصر الدين وأبي جعفر وآخرين، ذكره شيخنا في إنبائه وقال: كان أحد فقهاء حلب اشتغل كثيراً وفضل وسمعت من نظمه بحلب وكتب عني كثيراً. مات في جمادى الأولى سنة سبع وثلاثين.
محمد بن شفيع. في محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف.
681 - محمد بن شهاب بن محمود بن محمد بن يوسف بن الحسن الحسني - نسبة لجده المذكور - العجمي الخافي الحنفي نزيل سمرقند. ولدف ي ربيع الأول سنة سبع وسبعين وسبعمائة بمدينة سلومد - بفتح المهملة وضم اللام وكسر الميم وآخره مهملة كرسي خواف، وقرأ بها القرآن وأخذ الفقه عن مولانا محمد المدعو عبد الرحمن بن محمد البخاري خال العلاء البخاري والسراج البرهاني كلاهما ببخارى والجامع الكبير من كتبهم عن أبي الوقت عبد الأول بن محمد بن عماد الدين البرهاني بسمرقند في آخرين بأماكن متفرقة وأصول الفقه عن أولهم ومحمد بن محمد الحصاري والسيد الجرجاني وسمع منه من تصانيفه شرحه للمفتاح وللمواقف للعضد ولتذكرة الطوسي في الهيئة وحاشيته على شرح المطالع وبعض الكشاف والبيضاوي وأشياء وعنهما أخذ علم الكلام وعنهما وعن أول شيوخه أخذ العربية وكذا أخذها عن مولانا ركن الدين الطواشي الخوافي وهو أعلمهم وأزهدهم وعنه وعن السيد وغيرهما المنطق وعن أول شيوخه والسيد وابن عبد الحميد الشاشي المعاني والبيان والبديع وقرأ الطب على أول شيوخه ومولانا فضل التبريزي سمع عليه الموجز وشرحه له والهندسة على مولانا نصر الله الخاقاني الخوارزمي والسيد وعليهما قرأ الهيئة وكذا قرأها مع الهندسة وعلم الوقت على الخيوقي الخوارزمي الصوفي الزاهد المتجرد ولم يكن يعرف غيرها والحساب على أبي الوقت ثالث شيوخه ونصر الله القاآني؛ وسمع الحديث على ابن الجزري ومحمد بن محمد البخاري الحافظي الشعري ومحمد الحافظي الطاهري الأوشى في آخرين، وصنف كتاباً في العربية نحو ثلاثة كراريس متوسطة عمله في ليلة واحدة لم يراجع فيه كتاباً وآخر قدره أو أقل في المنطق عمله في يوم أو أقل، إلى غيرها مما لم يتم كحاشية لشرح المفتاح للتفتازاني وللعضد وللمنهاج الأصلي وللطوالع، وقدم حاجاً في سنة خمس وأربعين فاستدعاه الظاهر جقمق فوفد عليه ولقيه بعض الفضلاء فقال إنه كان عالماً مفنناً متقناً بحراً في العلوم يكاد يستحضر الكشاف بالحرف وكذا غيره من المعقولات، أجمع الأعاجم على أنهم لم يروا أحفظ منه مع حسن التصرف بل ممن كان يمدحه أبو الفضل المغربي فيما قاله البقاعي؛ وقال إنه كان حسن الكلام ذا عقل وافر وسياسة ظاهرة وخلق رضي يقطع مجلسه بشكر العرب وترجيح بلادهم على بلاده مع فصاحة وجودة ذهن وحسن تصرف في العلم ويقال إنه أحد شيوخ الشمس الشرواني وإن الناصري ابن الظاهر أضافه وجمع العلماء له فكان من إنصافه أنه ما تكلم مع أحد منهم إلا في الفن الذي يذكر به ولم يبد سؤالاً إنما كان يسأل فيتكلم وأنه جارى السعد بن الديري في التفسير ولم ينقله لغيره بحيث قضى منه العجب ويقال إنه كان متمولاً وأنه بنى مدرسة في سوق البراذعيين من سمرقند كما سلف في محمد بن شاه رخ قريباً وكذا أكرمه أبوه الظاهر، ثم رجع فزار بيت المقدس ودخل دمشق مريضاً ثم سافر منها إلى بلاده فقيل إنه مات في سنة اثنتين وخمسين والله أعلم بهذا كله.
682 - محمد بن شهري الأمير ناصر الدين حاجب الحجاب بحلب. قتل في وقعة آمد مع حكم سنة تسع.(4/37)
683 - محمد بن صالح بن عمر بن أحمد ناصر الدين بن صلاح الدين الحلبي ويعرف بابن السفاح؛ ولي كتابة الإنشاء بحلب ثم ترقى إلى كتابة سرها ثم لنظر جيشها وامتحن في أيام الظاهر برقوق وصودر ثم توجه إلى القاهرة بعد وقعة تنم مع الناصر فاستقر في التوقيع عند يشبك الشعباني فانتهت إليه الرياسة عنده بحيث يروم الترقي لكتابة سر مصر بل وعين لها فما تيسر. مات في تاسع عشر المحرم سنة سبع ومنهم من ورخه في التي بعدها غلطاً ومنهم من أسقط عمر من نسبه؛ قال ابن خطيب الناصرية وتبعه شيخنا: كان رئيساً عالي الهمة تام الخبرة بسياسة الملوك كثير المروءة والعصبية والصدقة محباً في العلماء والصالحين باراً بهم. زاد شيخنا: وقد رأيته عند يشبك وكان لطيف الشكل. وقال غيره: كانت له ولأسلافه حرمة وافرة بحلب بحيث كان بيتهم من جملة بيوتها المعدودة رحمه الله.
محمد بن صلح بن عمر بن رسلان البهاء أبو البقاء بن العلم البلقيني الأصل القاهري وهو بكنيته أشهر. يأتي.
684 - محمد بن صلح بن عمر بن رسلان فتح الدين أبو الفتح بن العلم البلقيني الأصل القاهري البهائي الشافعي أخو الذي قبله وهو بلقبه أشهر. ولد في يوم الأربعاء حادي عشر جمادى الثانية سنة خمس وأربعين وثمانمائة بالقاهرة وأمه ابنة ابن باشا أم الصلاح المكيني فهو أخوه لأمه، ونشأ في كنف أبويه فحفظ القرآن وصلى به في مدرستهم وعمدة الأحكام والتدريب لجده وتكملته لأبيه وألفية ابن ملك وقطعة من ابن الحاجب، وحضر عند أبيه قليلاً بل كان بأخرة يقرأ بين يديه في الخشابية وغيرها؛ وذا أخذ في النحو قليلاً عن إبراهيم الحلبي وفي الفرائض عن البوتيجي وفي الأصول عن الكافياجي وفي المنطق والعربية عن التقي الحصني، كل ذلك قليلاً بالهوينا، وعرف بالذكاء، وأضيف إليه في أيام أبيه أشياء بل ناب عنه في القضاء وبعده استقر في الخشابية والشريفية والقانبيهية والبرقوقية وغيرها شريكاً لغيره بعد أن شهد ابن الفالاتي وابن قاسم بأهليته وباشرها وقرأ ابن قاسم بين يديه الحديث قليلاً ثم انقطع، ولو توجه للاشتغال وترك مخالطة من يحمله على ما لا يليق ببيتوتة بحيث خرج عن حده وترك طريق أبيه وجده وجر ذلك لتكليفه مالاً حين أمسك على هيئة غير مرضية لرجي له الخير وقد عذلته غير مرة وأفاد التستر قليلاً مع احتفاف قرناء السوء به وآل أمره مع عدم انفكاكه عمالاً يرتضي إلى استكمال الوظائف المشار إليها مع قضاء العسكر وغيره بعد موت شريكه أبي السعادات في ربيع الأول سنة تسعين بكليفة إلا القانبيهية فإنهما كانا نزلا عنها. وقال الشهاب الطوخي فيه:
لقد فتح الله العظيم على اورى ... بأعظم فتح وهو أكرم فاتح
وولي عليهم ذا المكارم والحجى ... ولا بدع في ذا إنه سر صالح
وبالجملة فكان ساكناً مدارياً وهو في آخر عمره أحسن منه قبله سيما بعد موت المشار إليه فإنه بالغ في التودد والإحسان إلى الطلبة بالتقرير وغيره ولكنه لم يمتع، بل مات عن قرب في غروب يوم الجمعة ثامن رجب سنة اثنتين وتسعين وصلى عليه من الغد بجامع الحاكم ودفن بمدرستهم، واستقر بعده في الخشابية والشريفية وقضاء العسكر ببذل كثير ابن أخيه لأمه رحمه الله وعفا عنه وإيانا.
685 - محمد بن صالح بن يحيى الشمس الكركي. أخذ القراءات عن الفخر الضرير كما أخبر، وكتب عنه شيخنا الزين رضوان ببعض الاستدعاءات سنة أربع وثلاثين.
686 - محمد بن صالح التاج أبو الخير بن العلم القرشي الطنبدي الأصل القاهري الشافعي الفافا ويعرف كسلفه بابن عرب. اشتغل وبرع في الفرائض وكتب على المجموع تعليقاً، وحضر عند شيخنا في الإملاء وشارك في الفقه وغيره، ورافق الزين قاسم الزبيري في الشهادة وقتاً وكتب للشهود وراقه ثم استنابه العلم البلقيني فمن بعده في القضاء، وكان خيراً. مات في العشر الثاني من ربيع الأول سنة ثلاث وسبعين عن بضع وخمسين رحمه الله.(4/38)
687 - محمد بن صالح النمراوي ثم القاهري والد عبد العزيز الماضي ويعرف بابن صالح. شيخ معتقد عند الغمري فمن دونه له أحوال صالحة وكرامات مذكورة مع ظرف ولطف وخفة روح بحيث كان شيخنا يستظرفه، وقد انجذب وقتاً ثم صار إلى الصحو أقرب، وسمعت من يقول إنه كان يتستر وهو ممن سمع بقراءتي وعلى أشياء بل كان يحضر عندي في الأمالي كثيراً ويبالغ في شأني فلا يسميني إلا ابن حجر. مات في ربيع الأول سنة ست وسبعين بعد تعلله مديدة بالفالج وغيره وصلي عليه بعد صلاة العصر بجامع الأزهر في مشهد حافل ثم دفن بتربة طشتمر حمص أخضر جوار الشيخ سليم وغيره وفي الظن أنه جاز السبعين أو قاربها رحمه الله ونفعنا به.
688 - محمد بن صدقة بن خليل بن الحسن الشمس بن الزين بن البدر الحلبي ويعرف بابن الفرفور - بفاءين أولاهما مفتوحة. ولدكما قرأته بخطه في ليلة الاثنين منتصف شعبان سنة ست وستين وسبعمائة بحلب، ونشأ بها فسمع على الشهاب أحمد بن عبد العزيز بن المرحل فضل الرمي للقراب وغيره، وحدث سمع منه الفضلاء، أجاز لي في سنة إحدى وخمسين، وكان يتكسب بالشهادة ذا إلمام بالشروط مع حسن الخط والخير. مات بعد سنة إحدى وأبوه ممن قرأ القراءات وأما جده فكان كاتب الديوان بحلب.
689 - محمد بن صدقة بن صالح المطري القاهري أحد جماعة بيت البلقيني ويعرف بالشمس المطري. ولد في شعبان سنة ثمان وثمانمائة وحضر المواعيد ومجالس الحديث؛ وتكسب بزازاً في بعض الحوانيت، وتنزل في سعيد السعداء وغيرها وفيه كلام. مات في ليلة ثاني عشري ربيع الثاني سنة اثنتين وتسعين عفا الله عنه.
690 - محمد بن صدقة بن عمر الكمال الدمياطي ثم المصري القاهري الشافعي المجذوب ويعرف بلقبه. اشتغل وحفظ القرآن والتنبيه وألفية ابن ملك وتكسب بالشهادة بمصر وقتاً، وكان على طريقة حسنة كما سمعته من شيخنا ثم انجذب وحكيت عنه على الألسن الصادقة الكرامات الخارقة وكنت ممن شاهد بعضها، ومما حكى لي أن شخصاً سأله في حاجة فأشار بتوقفها على خمسين ديناراً فأرسلها إليه فبمجرد أن دفعها إليه القاصد وكان جالساً بباب الكاملية اجتازت امرأة فأمره بدفعها إليها وثقل ذلك عليه ثم علم منها أن ابنها في الحبس على هذا المبلغ عند من لا يرحمه بحيث يخشى عليه من إتلافه لو مضى هذا اليوم ولم يدفع إليه، إلى غير هذا من نمطه بحيث اشتهر صيته وهرع الأكابر لزيارته وطلب الدعاء منه وممن كان زائد الانقياد معه والطواعية له في كل ما يرومه منه الكمال إمام الكاملية لشدة اعتقاده فيه بحيث كان يضعه في الحديد ويمشي به معه في الشارع وهو كذلك ويبالغ في ضربه وربما أقام عنده بالكمالية ولذا كتب عن شيخنا بعض الأمالي وافتتح كتابته بثناء زائد على المحلى ولما أملى بحضرته حديث كان ابن الزبير يرزقنا تمرة تمرة قال هو إنما يرزقهم الله أو نحو هذا. مات وقد قارب السبعين في يوم الأحد سادس عشر شوال سنة أربع وخمسين بمصر وصلي عليه من الغد بجامع عمرو ودفن بجوار قبر الشيخ أبي العباس أحمد الحرار بالقرافة الكبرى وكان له مشهد حافل رحمه الله وإيانا ونفعنا به.
691 - محمد بن صدقة بن محمد بن حسن الشمس القاهري الناصري المالكي ابن عمة الولوي الأسيوطي ويعرف بابن صدقة. ولد سنة ثلاث وثمانمائة تقريباً بالمدرسة الناصرية من القاهرة ونشأ بها فقرأ القرآن عند الدموهي والد محب الدين والعمدة والرسالة وغالب ابن الحاجب الفرعي وجميع ألفية النحو، وعرض على الجلال البلقيني والولي العراقي والشمس بن الديري في آخرين، وسمع على ابن الكويك والجمال الحنبلي والواسطي وابن الجزري وطائفة منهم التلواني وشيخنا البدر النسابة، وحج في سنة سبع وعشرين وقرأ الفقه على البساطي ولازمه كثيراً وأخذ من قبله عن الشهاب الصنهاجي ثم عن الزين عبادة، وتكسب بالشهادة وقتاً وتنزل في بعض الجهات وقرأ الرقائق على العامة بجامع أمير حسين وغيره، وكان خيراً لين الجانب كثير التواضع محباً في الحديث والعلم راغباً في الصالحين، ولما ولي قريبه القضاء لزم بابه وارتفق بذلك ونعم الرجل. مات في حادي عشري ذي القعدة سنة سبع وسبعين وصلي عليه ثم دفن بحوش سعيد السعداء رحمه الله وإيانا.(4/39)
692 - محمد بن صدقة شمس الدين البحيري الأصل ثم القاهري الجوهري ويعرف بابن الشيخ لكون والده بل كانت أمه من ذرية الشيخ مصباح بل هو خال أمة الجبار أم الزين عبد الرحيم الابناسي، كان مقيماً بزاوية الشيخ شهاب خارج باب الشعرية ويقصد بالبر ونحوه، نشأ صاحب الترجمة كأبيه فقيراً جداً فقرأ القرآ واليسير من المنهاج بل وبعض جامع المختصرات وتفقه قليلاً وتزوج الوالد أخته قديماً وتزوج هو ابنة الحاج بليبل باني منارة جامع الغمري ثم ابنة أخت والده المشار إليها ثم ابنة عبد الله الكاشف وذلك ابتداء ترعرعه فإنه كان أخذ في التكسب بسوق الجوهر وحينئذ أقبلت عليه الدنيا واتسعت دائرته جداً واقتنى الدور وغيرها، وسافر لمكة غير مرة للتجارة ورزق حظاً مع سكون وعقل وعدم تبسط في معيشته وسائر أحواله بحيث يصل إلى التقتير. مات بمكة في يوم الثلاثاء ثالث عشري جمادى الأولى سنة خمس وثمانين وصلي عليه بعد العصر عند باب الكعبة ودفن بالمعلاة وقد زاد على الستين؛ ولم يوص بجهة بر ولذا اتفق في تركته ما حكيته في الوفيات عفا الله عنه.
693 - محمد بن صدقة الخواجا شمس الدين الدمشقي؛ مات في يوم الأحد ثامن جمادى الأولى سنة ثلاث وخمسين ودفن من الغد بتربة الزيني عبد الباسط بسفح قاسيون رحمه الله.
694 - محمد بن صدقة فتح الدين المنوفي الشافعي ويعرف بابن عطية ، وناب عن شيخنا وغيره في قضاء بلده وكان العز بن عبد السلام يصفه بالذكاء والخير والخبرة.
695 - محمد بن صديق بن علي بن عمر بن محمد بن زكريا الشمس المكي الشافعي المقرىء. تلا بالسبع علي أبي الحسن علي بن آدم الحبيبي الماضي قرأ عليه بعض الروايات النور علي بن محمد بن أحمد بن أبي بر الغنومي في سنة اثنتين وثلاثين وأجاز له.
696 - محمد بن صديق بن قديح المصري نزيل جدة ومكة. ممن سمع مني بمكة. محمد بن الصفي النجمي. في ابن عبد الله بن نجم.
697 - محمد بن صلاح بن عبد الرحمن الشمس ويلقب قديماً ناصر الدين الرشيدي الأصل - نسبة لسفط رشيد بالصعيد الأدنى - القاهري المقسمي - لسكناه المقسم - الشافعي المؤدب ويعرف بابن أنس. ولد في مستهل ربيع الأول سنة خمس وستين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وتلاه في كبره للسبع ما عدا حمزة ونافعاً على النور أبي عبد القادر الأزهري وقبله لابن كثير وأبي عمرو على الحكري ولعاصم والكسائي على يعقوب الجوشني، واشتغل في الفقه على الابناسي ثم البيجوري والبدر القويسني وفي النحو على الحناوي، وسمع على عبد الله وعبد الرحمن ابني الرشيدي الشافعيين وأبي العباس أحمد بن علي بن الظريف والنجم إسحق الدجوي المالكيين قطعة من أبي داود وعلى الفرسيسي معظم السيرة لابن سيد الناس وعلى ابن أبي المجد الصحيح بفوت يسير والختم منه على التنوخي واعراقي والهيثمي سمع على البلقيني والقويسني والشمس البرماوي والجمال الكازروني والشهاب البطائحي وقاري الهداية في آخرين؛ وتكسب بالشهادة وبتأديب الأطفال أم ببعض المساجد وخطب بجامع الزاهد الشهير، وكان خيراً مفيداً على الهمة لا ينفك عن كتابة الإملاء عن شيخنا مع شيخوخته وضعف حركته، وقد حدث باليسير سمع منه الفضلاء قرأت عليه ثلاثيات البخاري. ومات في يوم الأحد حادي عشري ربيع الآخر سنة خمس وخمسين رحمه الله وإيانا.(4/40)
698 - محمد بن صلاح بن يوسف الشمس بن الصلاح الحموي الشافعي الموقع سبط الجمال خطيب المنصورية؛ وسمى بعضهم والده محمداً. ولد في أوائل صفر سنة ثمان وثمانمائة بحماة وقرأ بها القرآن وتلا به لأبي عمرو على إبراهيم المعري - بالمهملة والتشديد - وكذا حفظ الحاوي والحاجبية وأحضره جده في الثانية على عائشة ابنة ابن عبد الهادي الصحيح؛ واشتغل بالفقه على النور محمود بن خطيب الدهشة وبالنحو على الشمس بن خليل، ثم ارتحل إلى دمشق سنة ثمان وعشرين للاشتغال فأخذ النحو عن الشمس بن العيار الحموي فتقدم ونظم ونثر واستمر مقيماً بدمشق، وكتب الإنشاء بحماة ثم بدمشق أيام كاتب سرها البدر حسين ثم لما قدم الكمال بن البارزيعلى كتابة سرها وقضائها مدحه وصحبه وباشر عنده فأعجبه خطه وحظي عنده وتردد معه إلى القاهرة ودمشق في ولاياته بهما وصار أحد أخصائه؛ وولي نظر القدس والخليل في سنة اثنتين وخمسين؛ ولم يلبث أن مات به بذات الجنب في يوم الخميس ثاني عشر رمضان سنة ثلاث ودفن بالمدرسة المعظمية وكان مشهده حافلاً، ومن نظمه:
شكت سهراً في حب سيف مقلتي ... بجفن قريح من جفاه وباكي
فقلت أتبغي النوم في حبه وقد ... تجرد يا عيني لصيد كراكي
ومن قصائده التي امتدح بها الكمال:
كم ذا تموه بالشعبين والعلم ... والأمر أشهر من نار على علم
أراك تسأل عن سلع وأنت بها ... وعن تهامة هذا فعل متهم
وكذا منها قوله وهو أولها:
لمرسلات دموعي في الغرام نبا ... وسيف عزمي إذا لاقى السلو نبا
بل ورأيت من نسب له ما قدمته في البدر محمد بن حسين بن علي ضفدع، وله لغز في المرآة يلعب فيه بضروب الأدب وختمه بقوله " يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار " أجابه البرهان الباعوني عنه بجواب بديع أبرز اللغز فيه فقال بعد إطنابه في الغز وإذا نظرت إليه كأنك تنظر في مرآة صقيلة.
699 - محمد بن طاهر بن أحمد بن محمد بن محمد غياث الدين ويدعى غياتا الخجندي المدني الحنفي حفيد العلامة الشهير جلال الدين. ولد في الثلث الأخير من ليلة الأربعاء سابع عشري رجب سنة ست وثمانمائة وسمع على الزين المراغي وغيره واشتغل على أبيه في الفنون وبرع في العربية، وعرف بجودة الذكاء وعلو الهمة، ودخل القاهرة غير مرة. ومات بها في الطاعون سنة ثلاث وأربعين. ورأيت في استدعاء بخط حسين الفتحي أجاز فيه شيخنا ذكر فيه محمد بن طاهر فأظنه هذا.
700 - محمد بن طاهر بن قاضي القضاة الشمس بن يونس الشافعي. برع في الفقه والتفسير وغيرهما وعمر تفسيراً في مجلدين، وولي قضاء الموصل كآبائه من قبله سنين وتمول وفخم وحمدت سيرته إلى أن ثار أصبهان بن قرا يوسف وعاث بتلك البلاد فلما أخذ الموصل عذبه حتى هلك في العقوبة سنة ثلاث وثلاثين وخربت بعده ونزح عنها أهلها وصارت منزلاً للعربان، ذكره المقريزي في عقوده.
701 - محمد بن طاهر تنظر حوادث رمضان سنة إحدى وستين.(4/41)
702 - محمد بن ططر الصالح بن الظاهر أبي الفتح، وأمه ابنة سودون الفقيه. استقر وهو ابن تسع سنين بعد موت أبيه بعهد منه في يوم الأحد خامس ذي الحجة سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وتولىالأتابك جانبك الصوفي تدبير الملكة فلم يلبث أن قبض على جانبك وصار التكلم لبرسباي الدقماق فدام أشهراً ثم خلع هذا وتسلطن ولقب بالأشرف وذلك في يوم الأربعاء ثامن ربيع الآخر سنة خمس وعشرين ولزم الصالح داره بالقلعة عند أمه من غير حافظ له بل كان يمشي في القلعة حيث شاء وربما يجيء للناصري محمد بن الأشرف بل كان يركب معه بالقاهرة ويكون على ميمنته كآحاد من في خدمته، وكانا متقاربين في السن، وعنده نوع بله وخفة وطيش، وقيل إنه كان لبلهه يسمى الفرس البوز الفرس الأبيض فنهاه بعض أتباعه وقال له قل فرسي البوز فاتفق أنه رأى في بعض الأيام سلطانية صيني بيضاء هائلة شفافة فسماها السلطانية البوز فليم فيه فقال لالتي علمنيه إلى غير هذا، ولما كبر زوجه الأشرف ابنة الأتابك يشبك الساقي الأعرج واستمرت تحته حتى مات بالطاعون في ليلة الخميس ثاني عشري جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين، وقد ذكره شيخنا باختصار جداً وقال إنه خلع في منتصف ربيع الأول وأقام عند الأشرف مكرماً حتى طعن. ومات في سابع عشري جمادى الآخرة. وكذا أرخ العيني وفاته وأنها في ليلة الخميس سابع عشريه قال وصلى عليه بمصلى المؤمني في مشهد في السلطان وأعيان المملكة، ودفن عند أبيه بالقرب من مشهد الليث. وسماه أحمد وهو غلط كما سها شيخنا في تاريخ خلعه مع كونه ذكره في الحوادث على الصواب.
703 - محمد بن طقزق بن ناصر الدين الصالحي الحنفي. ممن سمع مني.
704 - محمد بن طلحة بن عيسى الهتار. مات سنة تسع وعشرين.
705 - محمد بن طوغان الحسني الماضي أبوه. مات أبوه وهو طفل فنشأ متشاغلاً باللهو واللعب وصاهر التاج البلقيني على ابنته جنة فلم يثبت معها، وتزوج ابنة أخت الشمس بن المرخم فاستولدها ولداً. ومات بالطاعون في صفر سنة ثلاث وخمسين وقد قارب الأربعين.
706 - محمد بن طيبغا الشمس القاهري الحنفي. اشتغل ولازم الزين قاسماً الحنفي وقرأ على القول البديع وارتياح الأكباد وغيرها من تصانيفي وغيرها بل سمع قبل ذلك على شيخنا والبدر العيني وجماعة وكتب بخطه جملة، وتكسب بالشهادة دهره، وابتني بالقرب من قنطرة أمير حسين داراً، وكان يجلس هو ورفيقه على بابها ولم يكن بالبارع ولا بالمتقن في شهاداته. مات سنة أربع وثمانين رحمه الله وعفا عنه.
707 - محمد بن طيبغا ناصر الدين التنكزي - نسبة لتنكز نائب الشام لكون أبيه كان من مماليكه - الدمشقي الشافعي. ولد في رمضان سنة إحدى أو اثنتين وستين وسبعمائة، وحفظ الحاوي واشتغل ولازم الشهاب بن الجباب مدة وهو بزي الجند ثم بعد اللنك صار يقرأ البخاري ويتكلم حين القراءة على بعض الأحاديث وانقطع عند المصلى فتردد إليه الناس؛ وكان يستحضر كثيراً من الفقه والحديث والتفسير إلا أنه عريض الدعوى جداً مع كونه متوسطاً وكان يغلظ للترك وغيرهم وربما آذاه بعضهم. مات في رمضان سنة تسع عشرة. ذكره شيخنا في إنبائه.
708 - محمد بن الشيخ عامر بن محمد بن محمد الشمس الغمري المقدسي المادح الحائك. ممن سمع مني. محمد بن عامر. في محمد بن محمد بن عامر.(4/42)
709 - محمد بن عباس بن أحمد بن إبراهيم أبو أحمد وأبو محمد بن الشرف الأنصاري العاملي القاهري الشافعي ويعرف بالعاملي. ولد بمنية العامل في أثناء سنة ستين وسبعمائة كما قرأته بخطه وانتقل منها إلى القاهرة مع أمه فقرأ القرآن عند الجمال النشائي الدميري وحفظ العمدة والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك، وعرض على جماعة واشتغل في الفقه عند البلقيني والإبناسي وابن العماد والصدر الأبشيطي وابن الملقن ولازمه حتى قرأ عليه كما ذكر لي دلائل النبوة للبيهقي وبعض الصحيح وقرأ في الأصول على ابن خاص بك وفي العربية على الشمس الغماري وعليه قرأ البخاري بتمامه وكذا قرأ على عزيز الدين المليجي كما رأيته في الأصل من الجزء الحادي عشر من تجزئة ثلاثين إلى آخر الصحيح وكان يخبرنا أنه قرأه عليه بتمامه وليس ببعيد؛ وهو مع صحيح مسلم على كل من التقى الدجوي وابن الشرائحي والصدر الأبشيطي وحضر ختم مسلم خاصة البلقيني وقرأ الختم معه على ولده الجلال والجمال يوسف البساطي وابن ماجة بتمامه على الشهاب الجوهري وختمه على السويداوي والترمذي بكماله على الشرف بن الكويك وسمع الأخير من البخاري على الزفتاوي والحلاوي والسويداوي وابن الشيخة والابناسي والغماري والمراغي والأخير من مسلم من لفظ شيخنا على ابن الكويك والشمس البرماوي والشهاب البطائحي والجمال الكازروني وقارئ الهداية بل وقرأ على ابن الكويك المجلس الأول والأخير من مجالس شيخنا من مسلم والكثير من النسائي الكبير وغير ذلك، وأجاز له في سنة اثنتين وتسعين جماعة منهم من المغاربة ابن عرفة وابن خلدون وأبو عبد الله محمد بن محمد بن أحمد السلاوي وأبو القسم البرزلي والصدر فخر الدين أبو عمر وعثمان بن أحمد القيرواني ومن غيرهم التقي ابن حاتم والشهاب بن المنفر والتاج الصردي والتنوخي وأكثر من قراءة الصحيحين وغيرهما من كب الحديث ببيت الأمير إينال باي بن قجماس وبالأسطبل السلطاني وبغيرهما ولكنه لم يتميز في الطلب ولا رافق أحداً من أهل الفن فيه بل صار ذا إلمام بكثير من مشهور الأحاديث حسن الإيراد طري الصوت حتى أنه قرأ عند الظاهر جقمق حديث توبة كعب فأبكاه وأنعم عليه بمئة دينار، ولطراوة صوته تصدى للقراءة لعى العامة ولم يتحام عن قراءة ما نص الأئمة على كذبه ووضعه لعدم تمييزه بل وخطب في الأشرفية بخانقاه سرياقوس وغيرها وكذا بجامع الأزهر لكن نيابة وحمدت خطابته، وتكسب بالشهادة وكتب الخط المنسوب بحيث كتب بعض الناس عليه، وتنزل في صوفية البيبرسية وغيرها، وحج غير مرة وحدث بصحيح مسلم وجامع الترمذي وغيرهما أخذ عنه الفضلاء كالتقي القلقشندي بل أسمع شيخنا الزين رضوان عليه ولده وأثنى عليه ووصفه بالفاضل الواعظ، ووصفه في سنة تسع وتسعين الصلاح الأقفهسي بالشيخ وغيره بالعلامة وأدخله صاحبنا ابن فهد في معجمه وهو أحد الشيوخ الذين حضروا ختم الصحيح بالظاهرية القديمة لكنا لم نخبره بالسند مع إدراج التقي القلقشندي له معهم في ثبته؛ نعم قد قرأت عليه بعض الأحاديث وأجاز غير مرة، وقد قال فيه البقاعي إنه نشأ متكسباً من الوراقة مع تهافته فيها وفي غيرها من أمور الدين ثم ذكر أنه يأخذ من الخبز الذي يجاء به للمحابيس وكذا من الانخاخ وأنه ملازم قراءة سيرة البكري المجمع على كذبها وقال إلى غير ذلك من الأرصاف التي ربما تكون هذه أخف منها قال فاستحق بذلك أن لا تحل الرواية عنه فإن ذلك تغرير له وتجرئة على ما يرتكبه، وقد امتنع منه طلبة الحديث على علم بما سمع إلى أن كانت سنة أربع وخمسين فصدره بعض الطلبة لحظ نفس وقع له مع بعض الأقران فجرأه ذلك على التسميع واغتر به من لا علم له من المبتدئين فحصل الضرر البالغ. قلت وبالجملة فهو متساهل ولكن لا اعتداد بقل هذا فيه لما كان بينهما من المخاصمات مع مجاورتهما. مات في يوم الاثنين ثالث عشري شعبان سنة خمس وخمسين وصلي عليه من الغد تجاه مصلى باب النصر بحضرة جمع كثيرين كقاضي المالكية الولوي وقضاء القضاة البدري والأميني الأقصرائي، ودفن بالقرب من تربة ابن جماعة بباب النصر عفا الله عنه وإيانا.(4/43)
710 - محمد بن عباس بن أحمد بن عبد الرحمن بن علي الشمس المرصفي الخانكي الشافعي. ولد بمرصفا وقدم وهو بالغ الخانكاه فقطنها واشتغل ولازم الشمس الونائي بالخانقاه وغيره في غيرها وتكسب بالشهادة وكتب بخطه الكثير لنفسه ولغيره؛ وأكثر من التردد إلي بل قرأ علي في سنة إحدى وسبعين وأنا بمكة الشفا وغيره؛ وهو خير لين الجانب له مشاركة. مات ببيت المقدس وقد توجه لزيارته في سنة خمس وتسعين وقد جاز الستين رحمه الله وإيانا.
711 - محمد بن عباس بن محمد بن حسين بن محمود بن عباس الشمس الصلتي ثم المعري سبط البرهان بن وهيبة. ولد في سنة خمس وأربعين وسبعمائة أو قبلها ونشأ في حجر خاله البدر بن وهيبة فاشتغل قليلاً وأذن له الشمس بن خطيب يبرود في الإفتاء، وولي قضاء غزة في أوائل القرن مضافاص للقدس ومن قبل ذلك ولي قضاء بعلبك وحمص وحماة مراراً، ثم قدم القاهرة فسعى في قضاء المالكية بدمشق فوليه ولم يتم أمره، ثم ولي قضاء الشافعية بدمشق أيضاً بعد الوقعة مرة بعد أخرى سنة وشهراً في المرتين؛ وكان مفرطاً في سوء السيرة قليل العلم ولسوء سيرته كان يكتب له القضاء مجرداً عن الأنظار والوظائف فإنه كان أرضى بهما أهل البلد ورضي بالقضاء مجرداً، قال ابن حجي في حوادث سنة ثمان وثمانين: وفيها ولي ابن عباس قضاء بعلبك وهو رجل جاهل وكان الذي عزل به رجل من أهل الرواية يدرس بدار الحديث بها فجاء هذا لا دراية ولا رواية وإنما كان يتولى بالرشوة لبعض من لا خير فيه. مات معزولاً في أول جمادى الأولى سنة سبع؛ ذكره شيخنا في إنبائهز 712 محمد بن عباس بن محمد بن عباس الشمس البعلي العلاف أبوه. ولد تقريباً سنة ست وسبعين وسبعمائة ببعلبك وسمع بها الصحيح على أبي الفرج عبد الرحمن بن الزعبوب أنابه الحجار؛ ولقيته هناك فقرأت عليه المائة لابن تيمية منه مع ختمه، وكان إنساناً حسناً حج. ومات قريباً من سنة ستين.
713 - محمد بن عباس الشمس الجوجري الشافعي. له ذكر في سبطه محمد بن محمد بن علي بن وجيه.
714 - محمد بن العباس المغربي مفتي تلمسين - ومعناها اجتماع شيئين باللغة البربرية فغالب أقواتها كالقمح وفواكهها تكون جنسين. له تصانيف منها شرح لامية ابن ملك. ومات بالطاعون سنة إحدى وسبعين. أفاده لي بعض المغاربة من أصحابنا.
715 - محمد بن عبد الأحد بن محمد بن عبد الأحد بن عبد الرحمن بن عبد الخالق بن مكي بن يوسف بن محمد الشمس أبو الفضائل بن القاضي الزين أبي المحاسن المخزومي الخالدي نسباً العلوي الحسيني سبط الحراني الأصل الحلبي ثم المصري الحنبلي ويعرف باسم أبيه وبابن الشريفة. ولد فيما قال ليلة الجمعة سادس شوال سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بحلب ونشأ بها فقرأ القرآن وتفقه بأبيه فبحث عليه نصف المقنع ثم أكمله إلا قليلاً في القاهرة على الشمس الشامي وكذا أخذ ألفية ابن عبد المعطي بحثاً عن أبيه وكثيراً من ألفية ابن ملك عن يحيى العجيسي وبحث في أصول الدين على الشمس بن الشماع الحلبي وفضل، ونظم الشعر وكتب في توقيع الدست بحلب والقاهرة، وسافر مع امرأة نوروز الحافظي فماتت في اللجون فلما لقيه زوجها أحسن إليه وضمه إلى بعض أمراء حماة فمكث عنده وانضم إلى بيت ابن السفاح، وتنقل حتى ولي كتابة سر البيرة ثم غزة وكذا نظر جيشها، وله أحوال في العشق مشهورة وتهتكات فيه وحظوة عند النساء، وجمع كتاباً في تراجم أحرار العشاق سماه صبوة الشريف الظريف ومنتخباً من شعره ومراسلات بينه وبين بعض المعاشيق سماه الإشارة إلى باب الستارة وكذا نظم العمدة لابن قدامة في أرجوزة، وامتدح الكمال بن البارزي وغيره ولقيه البقاعي فكتب عنه ما أسلفته في ترجمة أبيه. ومات بصفد وهو كاتب سرها في شعبان سنة إحدى وأربعين. محمد بن عبد الأحد العجيمي. في ابن عبد الماجد.
716 - محمد بن عبد الباري تقي الدين المصري الشافعي الضرير، ممن أخذ عن السراج البلقيني، وكان فقيهاً صالحاً انتفع به المصريون سيما الجلال البكري بل جل تفقهه إنما كان به لكونه هو الذي كان يطالع له وقال إنه كان من الصالحين، وكذا ممن أخذ عنه الشرف الطنبدي نزيل حارة عبد الباسط. ومات قريب الأربعين ظناً.(4/44)
717 - محمد بن عبد الباسط بن خليل الدمشقي الأصل القاهري الماضي أبوه والآتي أخوه أبو بكر. مات بالطاعون في صفر سنة ثلاث وخمسين عن نحو عشرين عاماً تقريباً.
718 - محمد بن عبد الحفيظ بن محمد بن عبد الصمد المزبري الأصل الرباطي الذهوبي الأبي اليماني الشافعي، والمزبر بلد من أعمال الشوافي والرباط قرية نسبت لمرابطة الشيخ علي بن عيسى القرشي قريبة من الذهوب. ولد بعيد الخمسين وثمانمائة برباط وحفظ القرآن باب وجود بعضه هناك وباقيه في غيرها، وهاجر لمكة وكثر تردده إليها بحيث كانت إقامته بها إلى حين اجتماعه بي نحو اثنتي عشرة سنة وجلس لاقراء الأولاد بها وربما اشتغل بالنحو عند أبي الخير بن أبي السعود، وتكررت زيارته للمدينة وقد قرأ على الشفا من نسخة استكتبها ومؤلفي في ختمه من نسخة استكتبها أيضاً وسمع على أكثر صحيح مسلم وغيره كل ذلك بمكة سنة أربع وتسعين. محمد بن عبد الحق بن إبراهيم الشمس الطبيب. في عبد الحق بن إبراهيم.
719 - محمد بن عبد الحق بن أحمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد العال الشمس السنباطي ثم القاهري الشافعي والد عبد الحق الماضي ويعرف بابن عبد الحق ولد في سنة إحدى عشرة وثمانمائة تقريباً بسنباط ونشأ بها فحفظ القرآن والتبريزي وعرضه وتدرب ببلديه الولوي المالكي وبأخيه في الشروط وتعاناها بحيث صار عين أهل بلده فيها وتحول إلى القاهرة في أواخر سنة خمس وخمسين فقطنها وتزوج أخت بلديه صاحبنا الشمس السنباطي التي كانت تحت البقاعي، ولزم طريقته في التكسب بالشهادة وراج أمره بها فيها أيضاً ونسخ بخطه أشياء وتنزل في الجمالية وسعيد السعداء، وحج في البحر وجاور بعض سنة واشترى لولده الأكبر عدة وظائف بل وجارية بيضاء للتسري بها ولولده الآخر غير ذلك، وكان ممتهناً لنفسه. مات في ليلة العيد الأبر سنة سبعين ودفن من الغد بتربة الصلاحية وكان له مشهد حسن مع تشاغل الناس بالأضحية رحمه الله وإيانا.
720 - محمد بن عبد الحق بن إسماعيل بن أحمد أبو عبد الله الأنصاري السبتي المغربي المالكي؛ ذكره شيخنا في أنبائه سنة ثلاث ثم في سنة ست كلاهما وثلاثين فقال في ثاني الموضعين: ولد سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة وأخذ عن الحاج أبي القسم ابن أبي حجر ببلده ووصل إلى غرناطة فقرأ الأدب وقدم القاهرة في سنة اثنتين وثلاثين فحج؛ وحضر عندي في الإملاء وأوقفني على شرح البردة له وله آداب وفضائل وقال في أولهما: صاحبنا كتب إلي وكان حسن الطريقة له يد في النظم والنثر بل شرح البردة، وذكره في معجمه وقال: كتب الخط الحسن ونظم الشعر، وحج سمعت من نظمه. ومات في صفر سنة ست وثلاثين رحمه الله. قلت وذكره في ثلاث غلط؛ وهو في عقود المقريزي وأرخ مولده أيضاً في سوال سنة ثلاث، قال وتردد إلي مدة حتى مات وكان لي به أنس وأنشدني:
إذا نطق الوجودُ احتاج قوم ... بآذان إلى نطقِ الوجود
وذاك النطق ليس به انعجام ... ولكن دق عن فهم البليد
فكن فطناً تنادي من قريبٍ ... ولا تك من ينادي من بعيد
وقال إنه رأى بحائط مكتوباً: دواعي الأحزان الرغبة في الدنيا والاستكثار منها ومن أصبح ساخطاً على ما فاته منها فقد أصبح ساخطاً على الله ربه فلا تأس على ما فاتك منها فإنما تنال ما قدر لك وما قدر لك لا يناله أحد غيرك، ونقل عنه غير ذلك.
721 - محمد بن عبد الحكم ويقال له حلي بن أبي علي عمر بن أبي سعيد عثمان بن عبد الحق المريني. كان أبوه صاحب سجلماسة ومات بتروجة بعد أن حج في سنة سبع وستين فنشأ ولده هذا تحت كنف صاحب تلمسان ثم أن عرب المعقل نصبوه في سنة تسع وثمانين أميراً على سجلماسة وقام عاملها علي بن إبراهيم بن عبوس بأمره ثم تنافرا فلحق صاحب الترجمة بتونس فلما استقر أبو فارس في المملكة توجه إلى الحج فدخل القاهرة فحج ورجع فصار يتردد إلى أبي زيد بن خلدون وساءت حاله وافتقر حتى مات في سنة عشر، ذكره شيخنا في أنبائه.
722 - محمد بن عبد الحي القيوم بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة أبو البركات القرشي المكي، وأمه زبيدية. درج صغيراً.
723 - محمد بن عبد الخالق بن رمضان بن مرهف الدمياطي رفيق أبي الطيب بن البدراني على ابن الكويك. أثبته الزين رضوان فيمن يؤخذ عنه وكأنه مات قبل الأربعين.(4/45)
محمد بن عبد الخالق الشمس المناوي بدنة. يأتي في محمد بن محمد بن عبد الوهاب.
724 - محمد بن عبد الدائم بن عمر بن عوض المحب أبو عبد الله وأبو البركات وأبو الخير بن الزين بن العلامة أبي حفص المرصفي ثم القاهري الشافعي. ولد تقريباً سنة ست وثمانين وسبعمائة وسمع الصحيح على ابن صديق أجاز لنا. ومات بعد الخمسين ظناً.(4/46)
725 - محمد بن عبد الدائم بن موسى بن عبد الدائم بن فارس وقيل بدل فارس عبد الله بن محمد بن أحمد بن إبراهيم، وسمى شيخنا جده عيسى سهواً بل قال كان اسم أبيه فارساً فغيره - الشمس أبو عبد الله بن أبي محمد بن الشرف أبي عمران النعيمي - بالضم نسبة لنعيم المجمر - العسقلاني الأصل البرماوي ثم القاهري الشافعي. ولد في منتصف ذي القعدة سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وكان أبوه يؤدب الأطفال فنشأ ابنه طالب علم فحفظ القرآن وكتباً، واشتغل وهو شاب وسمع الحديث على إبراهيم بن إسحاق الأمدي وعبد الرحمن بن علي ابن القاري والبرهان بن جماعة وابن الفصيح والتنوخي وابن الشيخة في آخرين وأول ما تخرج بقريبه المجد إسماعيل الماضي ولازم البدر الزركشي وتمهر به وحرر بعض تصانيفه، وحضر دروس البلقيني وقرأ عليه وأخذ أيضاً عن الأبناسي وابن الملقن والعراقي وغيرهم، وأمعن في الاشتغال مع ضيق الحال وكثرة الهم بسبب ذلك وصحب الجلال بن أبي البقاء، وناب في الحكم عن أبيه البدر ثم عن ابن البلقيني ثم عن الأخنائي، ثم أعرض عن ذلك وأقبل على الاشتغال وكان للطلبة به نفع؛ وفي كل سنة يقسم كتاباً من المختصرات فيأتي على آخره ويعمل وليمة ثم استدعاه النجم بن حجي وكان رافقه في الطلب عند الزركشي فتوجه لدمشق في جمادى الأولى سنة إحدى وعشرين فأكرمه وأنزله عنده وجلس فاستنابه في الحكم وفي الخطابة، وولي إفتاء دار العدل عوضاً عن الشهاب الغزي ثم تدريس الرواحية ونظرها عوضاً عن البرهان بن خطيب عذراء وتدريس الأمينية عوضاً عن العز الحسباني ودرس بها بخصوصها يوماً واحداً وعكف عليه الطلبة وأقرأ التنبيه والحاوي والمنهاج كل ذلك في سنة وغير ذلك فاشتهرت فضيلته، وقدر أن مات ولده محمد الآتي فجزع عليه وكره لذلك الإقامة بدمشق فزوده ابن حجي وكتب له إلى معارفه بالقاهرة فوصلها في رجب سنة ست وعشرين وقد اتسع حاله، وتصدى للإفتاء والتدريس والتصنيف وانتفع به خلق بحيث صار طلبته رؤساً في حياته، وباشر وظائف الولي العراقي نيابة عن حفيده ولبس لذلك تشريفاً بل كان عين لتدريس الفقه بالمؤيدية عوضاً عن شيخنا فلم يتم وكذا كان استقر في مشيخة الفخرية ابن أبي الفرج من واقفها وفي التفسير بالمنصورية ثم استنزله عنهما ابن حجي فعن الأولى للبرهان البيجوري وعن التفسير لشيخنا لتنقطع أطماعه عن القاهرة إلى غير ذلك من الجهات، وحج في سنة ثمان وعشرين وجاور التي بعدها ونشر العلم أيضاً هناك ثم عاد في سنة ثلاثين وقد عين له بعناية ابن حجي أيضاً تدريس الصلاحية ونظرها بالقدس بعد موت الهروي في آخر المحرم منها فتوجه إليها وأقام بها قليلاً وانتفع به أهل تلك الناحية أيضاً ولم ينفصل عنها إلا بالموت، وكان إماماً علامة في الفقه وأصوله والعربية وغيرها مع حسن الخط والنظم والتودد ولطف الأخلاق وكثرة المحفوظ والتلاوة والوقار والتواضع وقلة الكلام ذا شيبة نيرة وهمة علية في شغل الطلبة وتفريغ نفسه لهم، ومن تصانيفه شرح البخاري في أربع مجلدات ومن أصوله التي استمد منها فيه مقدمة فتح الباري لشيخنا ولم يبيض إلا بعد موته وتداوله الفضلاء مع ما فيه من إعواز، وشرح العمدة لخصه من شرحها لشيخه ابن الملقن من غير إفصاح بذلك مع زيادات يسيرة وعابه شيخنا بذلك وله أيضاً منظومة في أسماء رجالها وشرحها وألفية في أصول الفقه وشرحها استمد فيه من البحر لشيخه الزركشي ومنظومة في الفرائض وشرح لامية الأفعال لابن ملك والبهجة الوردية وزوائد الشذور وعمل مختصراً في السيرة النبوية وكتب عليها حاشية ولخص المهمات للأسنوي، ولم يزل قائماً بنشر العلم تصنيفاً وإقراءً حتى مات في يوم الخميس ثاني عشري جمادى الثانية سنة إحدى وثلاثين ببيت المقدس وتفرقت كتبه وتصانيفه شذر مذر، وهو في عقود المقريزي رحمه الله، وقد ذكره التقي بن قاضي شهبة وقال إنه كان في صغره في خدمة البدر بن أبي البقاء وفضل وتميز في الفقه والحديث والنحو والأصول وكانت معرفته بهذه العلوم الثلاثة أكثر من معرفته بالفقه؛ وأقام بمصر يشغل ويفتي في حياة شيخه البلقيني وبعده وهو في غاية ما يكون من الفقر. قلت: وقد انتشرت تلامذته في الآفاق ومنهم المحلي والمناوي والعبادي وطبقة قبلهم ثم طبقة تليهم، وحدث بالقاهرة ومكة ودمشق وبيت المقدس سمع منه الأئمة كالزين رضوان بالقاهرة والتقي ابن(4/47)
فهد بمكة وابن ناصر الدين بدمشق وروى لنا عنه خلق رحمه الله وإيانا. بمكة وابن ناصر الدين بدمشق وروى لنا عنه خلق رحمه الله وإيانا.
726 - محمد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الخطيب النجم بن الزين بن البرهان الكناني الحموي الأصل المقدسي الشافعي والد شيخنا الجمال عبد الله الماضي ويعرف كسلفه بابن جماعة، ممن تفقه وسمع على الميدومي وغيره، وحدث ودرس وخطب بالأقصى، تفقه به ابنه والفقيه الشمس السعودي وكذا روى لنا عنه ولده وكتبته هنا تخميناً فإنه كان قريباً من أول القرآن.
727 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن إبراهيم بن جملة بن مسلم الكمال المحجي الأصل الدمشقي، ذكره شيخنا في إنبائه وقال: كان رئيساً محتشماً متمولاً باشر نظر ديوان السبع ثم تركه. ومات في المحرم سنة ثمان.
728 - محمد بن الشيخ عبد الرحمن بن أحمد بن أحمد بن محمود الهمامي المكي الحنفي الماضي أبوه. ممن سمع مني بمكة.
729 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل المحب بن التقي بن القطب القلقشندي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده. اعتنى به أبوه فأحضره على شيخنا وابن الفرات وغيرهما؛ وحفظ كتباً وعرض على جماعة واشتغل عند البهاء المشهدي وغيره. ومات ظناً بعد السبعين عوضه الله الجنة.
730 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن حسين بن داود بن سالم بن معالي محيي الدين أبو الفضل بن الموفق أبي ذر العباسي الحموي الحنبلي الماضي أبوه وجده ولي قضاء حماة حين انتقل أبوه إلى دمشق على نظر جيشها سنة ثمان وسبعين ومات بدمشق حين رجوعه من القاهرة إلى بلده في طاعون سنة اثنتين وثمانين رحمه الله.
731 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عباس بن أحمد بن عباس الشمس البارنباري الأصل الدمياطي ثم القاهري الشافعي السكري ويعرف بابن سولة وهو لقب جده لكونه رام أن يقول سوسة فسبق لسانه لسولة فرجت عليه. ولد في شوال سنة إحدى وعشرين وثمانمائة بدمياط ونشأ بها فحفظ القرآن وصلى به بجامع المنزلة والحاوي وجمع الجوامع وألفية ابن ملك، وانتفع بالشمس بن الفقيه حسن في ذلك وغيره وأخذ في الفقه بدمياط عن النور المناوي وعبد الرحمن الحضرمي وفي العربية عن أحمد اللجائي والشمس محمد البخاري وفي العروض والبديع عن ابن سويدان، وقدم القاهرة في سنة إحدى وأربعين فلازم أحمد الخواص في الفقه والعربية والفرائض والحساب وغيرها وأخذ في الفقه أيضاً عن السيد النسابة وفي الفرائض عن ابن المجدي وحضر أيضاً دروس الونائي وكذا القاياتي لكن قليلاً ثم لازم المناوي في الفقه وأخذ عنه الحاوي وغيره وقرأ على ابن إمام الكاملية في الأصول، وتميز وشارك في الفضائل وأقرأ الطلبة بل شرح الروض لابن المقري واختصره وشرحه وعمل مقدمة في النحو وشرحها، وربما أفتى مع عدم مزاحمته في وظائف الفقهاء بل يتكسب بمعاناة طبخ السكر وتوابعه، وعرض عليه الزين زكريا قضاء دمياط فأبى وقبل عنه مجرد القضاء ولكن لم يتصد لذلك بل ما أظنه باشر إلا القليل. وهو ممن وافقه في الطلب في بعض الدروس، وحج في سنة خمسين وسمع على أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد ثم في سنة سبعين كلاهما في البحر وجاور ولقي في الأولى أبا الفضل المغربي فحضر عنده في ا لأصول قليلاً، وكذا دخل الشام في التجارة سنة أربع وأربعين وحضر دروس التقي بن قاضي شهبة وسمع الحديث قليلاً على بعض المتأخرين بل قال لي أنه سمع على شيخنا في الحلية بقراءة البقاعي وحضر عندي بعض الدروس، وكان مديماً للتلاوة مقبلاً على شأنه والناس منه في راحة مع تعبه من قبل ولده بل بنتيه. مات بعد تعلل طويل في يوم الثلاثاء ثالث عشر المحرم سنة اثنتين وتسعين وصلى عليه من الغد ودفن بصوفية سعيد السعداء رحمه الله وإيانا.
732 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الوهاب ابن أخي الشمس محمد بن أحمد ويعرف بابن وهيب. كان مع عمه وفي كفالته بعد موت أبيه بمكة سنة أربع وتسعين فسمع علي معه أشياء.(4/48)
733 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن عرفات الشمس بن الزين القمني الأصل القاهري الصحراوي الشافعي الماضي أبوه، وأمه أمة. ولد سنة أربع وثلاثين وثمانمائة أو بعدها تقريباً بالصحراء ونشأ بها فحفظ القرآن وصلى به في الظاهرية بالصحراء وحفظ المنهاج والألفية والعمدة وغيرها. واشتغل وتردد إلى المشايخ ولازم المناوي في تقاسيمه والسيد علي الفرضي في الحساب والفرائض ونحوهما وكريم الدين الصحراوي العقبي في العربية وغيرها، وأخذ فنوناً عن التقيين الحصني والشمني والشمس الشرواني والكافياجي والأمين الأقصرائي وسيف الدين. ودب ودرج ولكنه لم يتقن فناً ولا علماً مع كثرة تردده للزين عبد الرحيم الأبناسي للتفهم منه؛ وكذا حضر عند الجمال عبد الله الكوراني والنجم بن حجي وأخذ عن عبد الحق السنباطي والبرهان الكركي الإمام، وسمع حين قرأت للولد في مسلم والنسائي الكبير وجميع مسند الشافعي والموطأ وغيرها على السيد النسابة والبارنباري والشمس التنكزي والشهاب الحجاري وابن أبي الحسن والزين الأدمي في آخرين كأم هانيء الهورينية، واستقر في مشيخة الصوفية بتربة يونس الدوادار عقب أبيه، وحج في سنة خمس وثمانين رفيقاً لشيخه الأبناسي كالمتطفل عليه وكذا ترافق معه في أخذهما عن أبي الصفا وابن أخت الشيخ مدين وخاض في تلك المقالات وزاحم حين التعرض للكلمات المنكرات وليس بمرضى عقلاً وفهماً وطريقة مع إدراجه في الفضلاء وإقرائه لبعض المبتدئين، بل الغالب عليه الحسد وكراهة الناس والطيش؛ ولذا لم أمل إليه مع توسله عندي في تردده إلي بالإبناسي، وكان في أول عمره مشى مع الزعر وسلك مسالكهم والآن فقد بالغ حتى استنابه الزين زكريا في القضاء وصارت له نوبة في بابه وعين عليه بالشيخ من غير تمييز في الصناعة بل ولا دربة في الأحكام ولا مداراة وتحاكى الناس عنه في ذلك أشياء ثم خمد ورام في جماعة غيره أخذ مشيخة سعيد السعداء بعد الكوراني ونوه به قاضيه فيها فما تهيأ.(4/49)
734 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن عوض بن عبد الخالق بن عبد المنعم بن يحيى بن موسى بن الحسن بن عيسى بن عشبان بن عيسى بن شعبان بن داود بن محمد بن نوح بن طلحة بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق الجلال أبو البقاء بن العز أبي الفضل بن الزين أبي العباس بن ناصر الدين بن البكري الدهروطي ثم المصري ثم القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده؛ ويعرف بالجلال البكري. ولد في ثاني صفر سنة سبع وثمانمائة بدهروط وأمه هي ابنة نور الدين علي بن عمر بن علي بن عرب؛ عمها الجمال والنجم محتسباً الديار المصرية، ونشأ بها فحفظ القرآن والتحرير في الفقه للواسطي وتلخيص ملخص لمع الشيخ أبي إسحاق لجد والده وألفية الحديث والنحو. وتفقه بجده وتحول بعد موته إلى مصر حين قارب البلوغ فاستوطنها وقرأ الفقه بها على التقي بن عبد الباري الضرير ثم على الشمس سبط ابن اللبان وعنه أخذ الأصول وعلوم الحديث أيضاً وكذا أخذ الفقه أيضاً عن الزكي الميدومي والزين القمني والشمس البرماوي، وحضر دروس الولي العراقي في الفقه وأصوله والحديث وغيرها والجلال البلقيني وأخيه العلم؛ وكان يكثر المباحثة معه في الخشابية وغيرها وشيخنا وكان يحبه، وأخذ الأصول أيضاً عن القاياتي قرأ عليه جمع الجوامع وغالب العضد والعربية والتفسير عن الشمس ابن عمار، وبرع في حفظ الفقه وشارك في أصوله والعربية في الجملة مع الديانة والبهاء والتواضع وسلامة الفطرة والبشاشة والكرم مع التقلل؛ وقد حج مرتين وجاور وأخذ هناك عن الأهذل؛ وكذا دخل دمشق وزار بيت المقدس وناب في القضاء عن شيخنا فمن بعده ويقال إن القاياتي اقتصر في مصر عليه، واستقل بقضاء اسكندرية في رابع عشر شوال سنة ثلاث وستين عوضاً عن الشهاب المحلى وحمدت سيرته فيها ولكنه لم يلبث أن عزل فتألم أهلها لذلك ورجع إلى القاهرة فلازم النيابة مع التصدي للإقراء والافتاء، ثم أعرض عن القضاء في سنة خمس وسبعين بسبب حادثة مسه من الدوادار الكبير من أجلها بعض المكروه وعاكسه السلطان في ذلك واقام مقتصراً على الإقراء والإفتاء ثم استقر في مشيخة البيبرسية بعد موت أبي الفتح بن القاياتي وتحول لسكناها ولم يلبث أن ماتت له زوجة فورث منها ما ينيف على ستمائة دينار استهلكها في أسرع وقت ورجع إلى تقلله، واشتهر بحفظ الفقه وصار يترفع فيه على أهل عصره لكونه لا يرى فيهم من يقاومه وكثر الآخذون عنه، وقد اجتمعت به مراراً وسمعت من أبحاثه وفوائده وأفادني ترجمة أبيه وجده وجد أبيه وأخبرني أنه شرح المنهاج ومختصر التبريزي وسماه الفتح العزيزي وبعض التدريب للبلقيني والروض لابن المقري وتنقيح اللباب وأفرد نكتاً على كل من الروضة والمنهاج بل شرع في شرح على البخاري؛ وبالجملة فهو الآن أحفظ الشافعية لفروع المذهب ولكنه ليس في الكتابة والفهم فضلاً عن التحقيق بالماهر حتى كان المناوي يبالغ في خفضه بل لم يصغ المحلي حين تكلم بحضرته في بعض المجالس لكلامه، مع حمق كبير وعدم تدبر في كثير من أفعاله وأقواله مما يلجئه إليه مزيد الصفاء وكونه لوناً واحداً بحيث أنه شافه غير واحد من الأماثل لكونهم قدموا عليه في الصلاة على الجنائز ببطلان صلاتهم بل أعاد الصلاة في أحدهم، في أشباه لذلك كثيرة ودافع العبادي عن الجلوس فوقه فترك العبادي جهته وجلس في محل آخر كما أن العبادي في مجلس الدوالدار دافع التقي الحصني عن الجلوس فوقه فجبذه التقي ودخل موضعه فتحول العبادي لجهة أخرى، هذا مع تسمحه في الأذن بالفتيا والتدريس وعلى كل حال فقد كان للشافعية به جمال في حفظ المذهب؛ وأخذ عنه الناس طبقة بعد أخرى واتفق أنه بعد موت زين العابدين بن المناوي باع الأوصياء وهم المقسي والجووجري والمنهلي حصة شائعة من قصب سكر قائم على أصوله لم يبد صلاحه لوفاء بعض الديون وعين الأسيوطي المستند على الجلال وجيء به إليه فقال هذا البيع باطل لكونه في حصة شائعة من ذرع أخضر وإن محل القول بجواز بيع الزرع بشرط قطعه إذا بيع كله وأحضر الروضة فكان فيها قبيل الصلح على الإنكار التصريح بذلك جازماً به فبادروا إلى الرجوع وغيروا المستند، إلى غير هذه من الوقائع. ولم يزل على انقطاعه للعلم حتى مات في يوم الخميس منتصف ربيع الثاني سنة إحدى وتسعين وصلى عليه من الغد برحبة(4/50)
مصلى باب النصر ثم دفن بتربة أنشأها ابن الصابوني بخط الريدانية بالقرب من جامع آل مكل وحصل الأسف على فقده رحمه الله وإيانا ونفعنا ببركته.لى باب النصر ثم دفن بتربة أنشأها ابن الصابوني بخط الريدانية بالقرب من جامع آل مكل وحصل الأسف على فقده رحمه الله وإيانا ونفعنا ببركته.
735 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عرندة الوجيزي القاهري الدلال بسوق الغزل الشرب والماضي أبوه وجده. ممن أكثر المجاورة بمكة وكان فقيراً يقرأ القرآن أحد صوفية سعيد السعداء. مات بالمدينة في ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وأظنه جاز الستين.
محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن محمد بن وفا أبو المراحم. في الكنى.
736 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأمين بن الزين الحسباني الأصل الدمشقي الحنفي الماضي أبوه. استقر في كتابة السر بدمشق في شوال سنة إحدى وتسعين بعد صرف الموفق الشريف الحموي ببذل كثير ثم صرف في جمادى الآخرة من التي تليها بابن اخي الشهاب بن الفرفور واستمر مخمولاً في عهدة الديون وعاد ضرره على زوجته التي كانت زوجاً للشيخ خطاب. مات في الطاعون سنة سبع وتسعين.
737 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الجمال يوسف بن أحمد ناصر الدين بن الزين البيري الأصل القاهري الماضي جده والآتي جد أبيه. ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة ونشأ فقرأ القرآن وتكلم في أوقاف المدرسة الجمالية بعد القاضي معين الدين بن الأشقر سبط ابن العجمي فأتلفها إلا اليسير، واستقر أحد الحجاب في أيام الظاهر خشقدم وباشرها وقتاً ثم أعرض عن مباشرة الحكم فيها وقنع باسمها، وحج ودخل حلب فما دونها وزار بيت المقدس وعرف بالفجور وعدم التصون والكلمات الساقطة والكذب وأكثر من مخالطة المحب بن الشحنة وبنيه وكذا صحب البقاعي؛ وسمع الحديث على جماعة من المتأخرين، وأرسل بعياله وبنيه لمكة بحراً مع الفارين من الطاعون فسلموا ومات أكبر أولاده المتخلف عنهم مع زوجته وقفل بغيبتهم وبموته بيته، وبالجملة فهو معلوم الحال.
738 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشي المكي، وأمه خديجة ابنة القاضي سليمان بن علي بن الجنيد. درج صغيراً.
739 - محمد أخو الذي قبله وأمه علما ابنة المحب بن ظهيرة. ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة؛ وهو أيضاً ممن مات صغيراً. بيض له ابن فهد.
740 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن عمر الفاضل الشمس الدمشقي الكفرسوسي الشافعي، ممن سمع مني.(4/51)
741 - محمد بن عبد الرحمن بن حسن بن سويد فتح الدين أبو الفتح بن الوجيه أبي هريرة بن البدر الكناني فيما يزعمون المصري الأصل والمنشأ المالكي الماضي أبوه وجده والآتي ولده محمد، ويعرف كسلفه بابن سويد ورأيت بعضهم سمي سويداص أيضاً محمداً. ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمر الظهران بالمنحني، وأمه فاطمة ابنة الفخر القاياتي جد أم هانئ ابنة الهوريني والدة السيف الحنفي لأمها، ونشأ بمصر في كنف أبيه فحفظ القرآن وأربعي النووي وتقريب الأسانيد في الأحكام وابن الحاجب الفرعي والأصلي والكافية والشافية، وعرض على البساطي وشيخنا وجماعة وأخذ الفقه والعربية وغيرهما عن الزين عبادة والأصول عن عمر بن قديد، ولازم العز عبد السلام البغدادي. والكريمي تلميذ السيد وابن الهمام وغيرهم في فنون؛ ومما قرأه على ثانيهم شرح الحاجبية، وتقدم في الفضائل، وحج رفيقاً للحسام بن حريز ثم لأخيه السراج وجاور مع الأول لمزيد اختصاصهما وقرأ بمكة على الحسين الأهدل الموطأ وعلى أبي الفتح المراغي الشفا وسمع على الزين بن عياش ومحمد الكيلاني وآخرين، وناب في القضاء بل ترشح للوظيفة وأقرأ بعض الطلبة ولكن كان انقباضه عن الناس وترفعه وإمساكه سبباً لتخلفه بل امتحن بأخرة وأهين، وكان كثير الميل إلي والإجلال لي مما لم أر فعله له مع غيري. مات في يوم الإثنين تاسع عشر ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وصلي عليه من الغد بجامع عمرو تقدم السيف الحنفي بوصية منه بذلك لقرابة بينهما، وقد قال فيه ابن تغري بردى أحد التجار ونواب المالكية كان معدوداً من فقهاء المالكية ولديه فضيلة ويتهم بمال كثير أخذ السلطان من ولده مصالحة نحو ستة آلاف دينار وكان مع تموله ساقط المروءة مبهذلاً في الدول وقصته مع كسباي الدوادار مشهورة من الضرب والحبس وحمله لبيوت الحكام كل هذا لشح فيه وبخل زائد وتقتير حتى على عياله ونفسه مع اجتهاد كبير في تحصيل الأموال وطباع تشبه طباع الأقباط، بل قيل لي أن جد أبيه سويد باشر دين النصرانية فعند ذلك تحققت ما شككت فيه، وعلى كل حال فهو ممن لا يتأسف أحد على موته. انتهى كلامه وفيه تخليط وخطأ كثير.
742 - محمد بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد أبو عبد الله الرعيني الأندلسي الأصل المولد المالكي نزيل مكة ويعرف هناك كسلفه بالحطاب؛ ويتميز عن شقيق له أكبر منه اسمه محمد أيضاً بالرعيني وذاك بالحطاب وإن اشتركا في ذلك لكن للتمييز ويعرف في مكة بالطرابلسي. ولد وقت صلاة الجمعة من العشر الأخير من صفر سنة إحدى وستين وثمانمائة بطرابلس ونشأ بها فحفظ القرآن والرائية والخرازية في الرسم والضبط ثم الرسالة وتفقه فيها يسيراً على محمد القابسي - وربما تحذف ألفه - وعلى أخيه في المختصر، ثم تحول مع أبويه وأخوته وجماعتهم إلى مكة سنة سبع وسبعين فحجوا ثم رجعوا - وقد توفي بعضهم - إلى القاهرة فأقاموا بها سنين ومات كل من أبويه في أسبوع واحد في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين بالطاعون واستمر هو وأخوه بها إلى أن عاد لمكة في موسم سنة أربع وثمانين فحجا ثم جاورا بالمدينة النبوية التي تليها وعاد الأخ بعد حجه فيها إلى بلاده وهو إلى المدينة وقرأ بها على الشمس العوفي في العربية، وكذا حضر عند السراج معمر في الفقه وغيره ثم عاد لمكة فلازم الشيخ موسى الحاجبي وقرأ فيها القرآن على موسى المراكشي، وصاهر ابن عزم في سنة إحدى وتسعين على ابنته بل أخذ عن الشهاب بن حاتم وكثر انتماؤه لعبد المعطي وتكرر اجتماعه بي في سنة أربع وتسعين وقبلها وسمع مني وجلس للإقراء في الفقه والعربية وغيرهما، وولي مشيخة رباط الموفق وباشر التكلم في عمارة وقف الطرحا، كل ذلك مع الفاقة والعفة ونعم الرجل.
743 - محمد أبو عبد الله أخو الذي قبله. ولد في سنة ست وخمسين وله فضيلة تامة مع الصلاح والخير، وهو الآن حي.(4/52)
744 - محمد بن عبد الرحمن بن الخضر بن محمد بن العماد حسام الدين المصري الأصل الغزي الدمشقي الحنفي الماضي أبوه ويعرف بابن بريطع وهو من ذرية العماد الكاتب ولذا يكتب بخطه ابن العماد. ولد في ثامن عشري ذي الحجة سنة إحدى عشرة وثمانمائة بغزة ولازم ناصر الدين الإياسي فانتفع به، ثم ارتحل ولقي الأكابر؛ وتقدم في المنقول والمعقول، قال لي ولده إنه كتب بخطه الكثير كالصحيحين والاستيعاب والكشاف وأكثر من مائة مجلد وخطه جيد وحافظته قوية، وسمعت أنه كان يحفظ المعلقات السبع ومحلقاتها والحماسة؛ وصنف كثيراً وعمل منظومة في الفقه. ومن نظمه ما كتب به على تفكيك الرموز والتكليل على مختصر الشيخ خليل تصنيف ابن عامر المالكي:
لقد غدا التكليلُ أعجوبة ... وأصبح التفكيك تحبيرا
رصعه دراً فتى عامر ... فزاده الرحمن تعميرا
وكان إماماً مفنناً عالماً حسن الذات جم الفضائل غزير الفوائد أخذ الناس عنه وله ذكر في بعض الحوادث حتى في إنباء شيخنا وكان ممن قرأ عليه في سنة ست وثلاثين في شرح ألفية العراقي وسأله بعض الأسئلة نظماً فأجابه حسبما أوردت ذلك في الجواهر، وولي قضاء صفد ثم أضيف إليه نظر جيشها عن ابن القف ثم قضاء طرابلس ثم دمشق مراراً أولها في سنة إحدى وخمسين عوضاً عن قوام الدين، ولقيته غير مرة. مات بدمشق في يوم الاثنين ثاني رمضان سنة أربع وسبعين وصلى عليه بالجامع المظفري ودفن بأعلى الروضة بسفح قاسيون رحمه الله.
745 - محمد بن عبد الرحمن بن داود صلاح الدين بن الكويز الماضي أبوه وجده، ممن حفظ القرآن والمنهاج وعرض على جماعة منهم شيخنا وسمع عليه ثم ترك.
محمد بن عبد الرحمن بن رجب. فيمن جده محمد بن رجب.
746 - محمد بن عبد الرحمن بن سالم بن سليمان بن مشعل - بكسر الميم ثم معجمة ساكنة بعدها مهملة مفتوحة ثم لام - ابن غزي التقي أبو بكر الدمشقي الشافعي ابن أخت الشيخ محمد بن عبد الله بن الفخر البعلي ويعرف بابن غزي - بمعجمتين مضمومة ثم مثقلة. ولد تقريباً نحو السبعين وسبعمائة وسمع من المحب الصامت وأبي الهول والزين عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الفخر البلعي ومحمد بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عوض وعمر بن محمد بن أحمد النابلسي في آخرين بل ذكر أنه سمع على الصلاح بن أبي عمر مسند أحمد وغيره وعلى ابن أميلة بقراءة المنصفي في جامع المزي جامع الترمذي، وسكن قريباً من جامع التوبة بدمشق، وحدث سمع منه الفضلاء كابن فهد. مات قبل الخمسين ظناً.
محمد بن عبد الرحمن بن سلطان. فيمن جده عيسى بن سلطان.
747 - محمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن أحمد بن هارون بن بدر البدر بن العماد العامري الجهني الببائي القاهري الشافعي أخو البهاء أحمد الماضي ويعرف بابن حرمي. حفظ القرآن والعمدة والمنهاجين وألفية النحو واشتغل عند البدر القويسني والصدر الإبشيطي؛ وقرأ في الفرائض والحساب عند ناصر الدين بن أنس وحسين الزمزمي وكأن قراءته عليه بمكة وأخذ عن السراج البلقيني في آخرين وتكسب بالشهادة وتمول منها ومن غيرها. مات في سنة ثلاث وأربعين.(4/53)
748 - محمد بن عبد الرحمن بن سليمان بن داود بن عياد - بتحتانية - ابن عبد الجليل بن خلفون حافظ الدين أبو الفضائل بن الزين المنهلي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه. ولد في عصر يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة سنة تسع وستين وثمانمائة، ونشأ في كنف أبويه فحفظ القرآن والمنهاج وجمع الجوامع والألفيتين وعرض علي في جملة الجماعة وأسمعه أبوه البخاري على الشاوي وبعضه على عبد الصمد الهرساني، وتعب والده في معالجته من رياح الشوكة حتى خلص وكان على غير القياس، وكذا سمع على غيرهما ولازمني في قراء الألفية وغيرها وكتب القول البديع وغيره من تآليفي وقرأ قليلاً على الشمس بن سولة والبدر حسن الأعرج وغيرهما كياسين البلبيسي والسمنودي في الفقه والعربية وعلى النور الطنتدائي في الفرائض والبدر المارداني في الوسيلة كل ذلك قليلاً وكذا حضر على الزين زكريا وغيره، واستقر في جهات أبيه بعده ومن ذلك تدريس النابلسية وناب عنه فيه ابن سولة وغيره، ثم زوجته أمه بأت زوج أخته ابن أصيل وتعبابها ففارقها واتصل بغيرها واحدة بعد أخرى، ولم ير راحة بحيث احتاج إلى التكسب في حانوت بسوق أمير الجيوش ورغب عن بعض وظائفه لذلك، وعلى كل حال فهو ضعيف الحركة مع فهم وعقل. وقد حج ومعه عياله في سنة ثمان وتسعين بحراً وجاور ثم رجع مع الموسم وبلغنا تخلفه بالينبع ثم لم أعلم ما اتفق له.
749 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الخالق بن سنان بن عطاء الله الشمس أبو عبد الله البرشنسي - بفتح الموحدة وسكون الراء ثم معجمة مفتوحة بعدها نون ثم مهملة - القاهري الشافعي. اشتغل قديماً وسمع من القلانسي ونحوه وكذا من البهاء بن خليل وتصدر للإفادة والرواية مع الخير والديانة. قال شيخنا في معجمه: سمعت عليه قليلاً من آخر مسلم؛ ورأيت له منظومة في علوم الحديث وشرحها وكتاباً في أسماء رجال مسند الشافعي وآخر في فضل الذكر ومصباح الفلاح في التصوف ونحوه قوله في أنبائه مات في جمادى الأولى سنة ثمان وقد قارب السبعين روى له عنه جماعة؛ وذكره المقريزي في عقوده وأنه حدث عن الشرف أبي العباس أحمد بن عبد الرحمن بن عسكر البغدادي المالكي بالموطأ سماعاً عن أبيه أنا العز الفاروثي.
750 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القسم بن عبد الرحمن علم الدين بن الرضي بن العز بن الشمس أبي الغيث بن الشهاب العقيلي النويري ثم المكي المالكي قريب الخطيب أبي الفضل وهو بلقبه أشهر. ولد قريباً من سنة أربع عشرة وثمانمائة بالنويرة من الأعمال البهنساوية بالوجه القبلي، وتحول حين بلوغه سن التمييز إلى مصر فأقام تحت نظر محمد والد الزين طاهر، وقرأ القرآن عند ولده الآخر النور علي وأكمله عند زين العابدين ابن عم الشهاب بن أبي السعود في مكتبه بالمشهد وحفظ عنده العمدة والرسالة في الفقه ثم قطعة من ابن الحاجب ومن ألفية ابن ملك وعرض بعضها على الشمس البرماوي والتفهني والبساطي وشيخنا، واشتغل في الفقه أولاً عند طاهر ثم الزين عبادة والبساطي في آخرين، وحضر اليسير من الأصول والعربية عند البساطي والقاياتي وطائفة وكذا قرأ على ابن الهمام والشهاب الأبشيطي في العربية وانتفع بأبي القسم النويري وتميز قليلاً وسمع الحديث على الزين الزركشي وفاطمة الحنبلية وقريبتها عائشة ابنة العلاء وشيخنا وكتب عنه من أماليه ولازمه مدة وابن عمار وطائفة، وتنزل في صوفية سعيد السعداء وقرأ بها الحديث وكذا تنزل في غيرها من الجهات؛ وحج غير مرة بعضها من القصير وكذا جاور مراراً ثم استوطنها من سنة ست وخمسين ولازم الحضور عند القاضي عبد القادر المالكي وجود القرآن على النور على الديروطي. ومات بها في يوم الجمعة ثامن عشري شعبان سنة أربع وسبعين وكان حسن العشرة متودداً قانعاً رحمه الله وإيانا.
751 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن علي الشريف الحسيني الحضرمي اليماني ويعرف بالشيخ باعلوي صهر الشريف عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن علي الماضي.(4/54)
752 - محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يوسف بن أحمد بن عبد الله ولي الدين أبو الفضل بن الزين بن العلامة سيبويه الوقت الجمال الأنصاري القاهري الشافعي التاجر والد المحب محمد الآتي ويعرف كسلفه بابن هشام. ولد سنة ست وثمانين وسبعمائة تقريباً بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن عند الشهاب الهيثمي وغيره والعمدة والمنهاج وعرضها على جماعة وحضر دروس البلقيني وكان يحكي عنه والبيجوري والشمس الغراقي فمن بعدهم واشتغل قليلاً في النحو على عمه المحب محمد الآتي والشمس البوصيري وسمع على التنوخي والحلاوي والشهاب الجوهري بل كان يخبرنا أنه سمع على البلقيني والزين العراقي وغيرهما، وتكسب بالشهادة أولاً ثم تركها؛ وحج في سنة تسع عشرة، وتعاني التجارة وسافر بسببها إلى الشام واسكندرية والصعيد وغيرها، وعرف بالديانة والثقة والأمانة والتحري في معاملاته وديانته ورغبته في شهود المواعيد وحلق العلم والجماعات وحدث سمع منه الفضلاء قرأت عليه. ومات في يوم الأربعاء مستهل جمادى الثانية سنة ست وستين رحمه الله وإيانا.
753 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن أبي بكر أبو الفتح الأدمي القاهري الشافعي والد عبد الباسط الماضي. تكسب بالشهادة وتنزل في الجهات وتمول جداً بحيث كان يعامل ويقارض وله دار هائلة مع التقتير على نفسه. مات بعيد الثمانين ظناً عفا الله عنه.
754 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد العزيز بن القسم بن عبد الرحمن بن القسم النجم بن القاضي وجيه الدين بن القاضي نور الدين الهاشمي العقيلي النويري المكي وأمه فاطمة ابنة القاضي أبي الفضل النويري. ولد سنة أربع وتسعين وسبعمائة وأجاز له التنوخي وأبو الخير بن العلائي وأبو هريرة بن الذهبي وآخرون وما علمت متى مات.
755 - محمد الكمال أبو الفضل الهاشمي العقيلي النويري المكي المالكي أخو الذي قبله وأمه فاطمة ابنة يحيى بن أبي الأصبع. ولد في رجب سنة سبع وتسعين وسبعمائة بمكة ونشأ بها وسمع على الزين المراغي وأجاز له التنوخي وابن الشيخة والبلقيني وابن الملقن والعراقي والهيثمي وآخرون، وناب في الإمامة بمقام المالكية عن عمه القاضي أبي عبد الله محمد بن علي النويري ثم نزل له عن نصفها ثم عزل ثم أعيد. ومات بعد عجزه عن الإمامة بحيث كان ينوب عنه ولده الفخر أبو بكر حتى مات في سنة سبعين فناب عنه غيره وبعد أن أجاز لي في ليلة الثلاثاء ثامن عشر ذي الحجة سنة أربع وسبعين بمكة رحمه الله.
756 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن إسحاق الشمس بن الزين التميمي الخليلي الشافعي الماضي أبوه ويعرف بابن شقير؛ ممن ذكر أنه سمع على الزين القمني ولبس الخرقة من الخافي؛ وكانت فيه فضيلة. مات ببلده في شعبان سنة تسع وثمانين عن نحو السبعين رحمه الله.
757 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن هاشم الشمس بن الزين التفهني الأصل القاهري الحنفي الماضي أبوه. ولد قبيل القرن واشتغل كثيراً ومهر؛ وكان صحيح الذهن حسن المحفوظ كثير الأدب والتواضع عارفاً بأمور دنياه مالكاً لزمام أمره، ولي في حياة أبيه قضاء العسكر وإفتاء دار العدل وتدريس الحديث بالشيخونية وبعد وفاته تدريس الفقه بها ومشيخة البهائية الرسلانية بمنشية المهراني ومشيخة الصرغتمشية وتدريس القانبيهية بالرميلة وغيرها وحصلت له محنة من جهة الدوادار تغري بردى المؤذي مع تقدم اعترافه بإحسان والده له. مات في ثامن رمضان سنة تسع وأربعين بعد تمرض طويل رحمه الله.(4/55)
758 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن عبد الرحمن بن عمر بن عبد الوهاب بن صمصام - بمهملتين وميمين - بن أبي بكر بن محمد بن أحمد التقي أبو الفضل الأنصاري الخزرجي المنصوري الأصل الدمياطي ثم القاهري الشافعي ويعرف كأبيه بابن وكيل السلطان. ولد في ثاني عشر رجب سنة اثنتي عشرة وثمانمائة بدمياط ونشأ بها فقرأ القرآن ملفقاً على أبي الحسن علي بن محمد بن فريج وموسى بن عبد الله البهوتي بل رافق ثانيهما في التلاوة به لأبي عمرو على الشمس أبي عبد الله الطرابلسي وأخذ في الفقه وغيره عن ناصر الدين البارنباري والشمس أبي عبد الله محمد الجالودي والزين عبد الرحمن الشربيني والشمس التفهني الشافعي أخي القاضي الحنفي والجمال يوسف بن قعير الفارسكوري، وارتحل إلى القاهرة فحضر دروس الونائي وقرأ عليه وعلى العلم البلقيني والمحلي والعبادي وسمع من شيخنا المسلسل وغيره وكذا سمع على غيره وكتب الخط الحسن وولي القضاء بدمياط عوداً على بدء أولهما في ربيع الأول سنة ثمان وستين، وكذا ولي المحلة في ربيع الأول من التي بعدها ثم قطن القاهرة وناب عن قضاتها وخطب ببعض الأماكن بل استخلفه العلم البلقيني في الخطابة بالسلطان؛ وكتب بخطه جملة وربما خدم بذلك قاضيه؛ وهو إنسان حسن الملتقى والتأدية للخطابة زائد الأدب كثير التلاوة قانع باليسير مقصود بالأشغال مع إلمام بالمصطلح وسماح بالإطعام والبر وغير ذلك وفيه محاسن، وقد كثر اجتماعه بي واستفدت منه بعض تراجم وربما نسخ بعض تصانيفي؛ وحج في سنة إحدى وخمسين فبدأ بالمدينة النبوية وأقام بها دون شهرين وبمكة خمسة أشهر وأيام، وزار في سنة ثلاث وأربعين بيت المقدس وأقام به شهرين ونصفاً وقرأ على ابن رسلان حاشيته على الشفا وسمع على الجمال بن جماعة ولزم من مدة منزله إلا نادراً لعجزه وضعف حركته.
759 - محمد جلال الدين أبو الخير شقيق الذي قبله وذاك الأكبر. ولد في رجب سنة ست وعشرين وثمانمائة وحفظ القرآن وتنقيح اللباب والرحبية والورقات والملحة واشتغل وخطب بجامع البدري بدمياط بل ناب في قضائها، وكتب الخط الحسن، وهو الآن حي أيضاً.
760 - محمد بن عبد الرحمن بن علي بن يوسف بن منصور الشمس القاهري والد الكمال محمد إمام الكاملية الآتي، قرأ القرآن واشتغل قليلاً وسمع على الشرف ابن الكويك في الشفا وغيره، وتنزل في بعض الجهات، وكان يحضر عند شيخنا وغيره وأم بالكاملية، وكان خيراً وصفه البرماوي في إجازة ولده بالعلم والفضل.
761 - محمد بن عبد الرحمن بن علي الشمس الغزي الأصل الخليلي ثم المقدسي سبط الشمس التدمري. ولد سنة أربع وعشرين وثمانمائة وأحضر في سنة ست وعشرين على جده لأمه وإبراهيم بن حجي بقراءة ابن ناصر الدين المسلسل وجزء ابن عرفة ومن لفظ القارئ جزءاً من عواليه، وناب في إمامة الكاملية بالأقصى، وكان صالحاً. مات في يوم الجمعة تاسع ذي القعدة سنة اثنتين وتسعين بالبيمارستان من القدس ودفن بباب الرحمة رحمه الله.
محمد بن عبد الرحمن بن العماد. فيمن جده الخضر قريباً.(4/56)
762 - محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن رسلان التاج أبو سلمة بن الجلال أبي الفضل بن السراج أبي حفص البلقيني الأصل القاهري الشافعي والد البدر أبي السعادات محمد وإخوته. ولد في نصف ذي القعدة سنة سبع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج وألفية النحو وعرض العمدة على جده والزين العراقي وغيرهما وسمع على أبيه وجده والجمال بن الشرائحي وآخرين وأجازت له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وخلق وقرأ في الفقه على أبيه وفي النحو على الشمس الشطنوفي أخذ عنه غالب شرح الألفية لابن عقيل ووصفه في البلاغ بهامشه بالشيخ الإمام العلامة وقال إنها قراءة بحث وتحقيق؛ وأملى عليه شرحاً له على الأصل انتهى فيه إلى أثناء الإضافة، وناب عن أبيه في القضاء وتزايد ركونه له لما يعرفه من معرفته وحزمه وسياسته، ورغب له في ولايته الثانية بعد وفاة جده عن قضاء العسكر واستخلفه حين توجه صحبة المؤيد بمرسوم كتب عليه بالامتثال بقية القضاة بل كان هو القائم بجل أعباء المنصب في غالب ولاياته وحمدت سيرته في ذلك كله خصوصاً في خلافته لأبيه بحيث سارت كتب من تخلف عن العسكر من الأعيان بالثناء عليه، ورغب له أيضاً عن تدريس مدرسة الجاي والآثار واشترك مع أخيه بعد موت أبيهما في تدريس التفسير بجامع طولون ونظر وقف السيفي والطقجي واستقل هو بالنظر في وقفي بيلبك الخازنداري وأتابك العزي وغير ذلك، وحج مراراً وجاور في الرجبية ودخل الشام وحلب مع والده ولم يتيسر له زيارة بيت المقدس وكان يتمناها وكذا كان يتمنى دخول دمياط، وكان ديناً صادق اللهجة حسن المعاملة ذا دربة تامة بمنصب القضاء بحيث كان شيخنا فمن دونه ممن يعتمدونه بل حكمه شيخنا والقاياتي بينهما حتى انقطع التنازع والتمس منه السفطي التوجه للمناوآت ليسجلها وثوقاً بحسن تصرفه وجودة رأيه، ولما مات أبوه عرض عليه قضاء الشافعية وشافهه الأشرف بذلك فأبى بل انقطع من ثم عن التهنئة بالشهر خوفاً من إلزامه له به، وكذا انجمع عن التردد لبني الدنيا جملة، ولم ينفك عن ملازمة بيته لنزهة ولا غيرها غالباً ولكن كان الغالب عليه الإمساك. أثنى عليه ولده فقال: كان فقيه النفس حسن التصور سريع الإدراك كاشفاً عن كثير مما يعرض لي في دروسي أيام الطلب من إشكال ونحوه بأول نظر، هذا مع كونه المعنى بقول شيخنا:
مات جلال الدين قالوا ابنه ... يخلفه أو فالأخ الكاشح
قلت تاج الدين لا لائق ... لمنصب الحكم ولا صالح
وقد سمعت عليه جزءاً بإجازته من جده إن لم يكن سماعاً، ولم يزل ملازماً لبيته على طريقته حتى مات في ليلة السبت سابع عشري رمضان سنة خمس وخمسين بعد تعلله مدة وتركه مالاً جماً ودفن من الغد بالزاوية المعروفة بزوجته بالقرب من باب القوس رحمه الله وإيانا. وقد قال فيه ابن تغري بردى إنه كان بخيلاً ذا شره زائد في جمع المال إلى الغاية بل كان بخله يتجاوز الحد فإنه كان يبخل حتى على نفسه وعياله ولعل نفقته ما كانت تصل في اليوم لربع دينار مع كثرة عياله وأولاده قال وكان مع بخله حسن المعاملة في الأخذ والعطاء لا طمع له في مال أحد بخلاف أخيه قاسم فإنه كان مسرفاً في الكرم وإذا أخذ من أحد قرضاً أو نحوه كان آخر العهد به ولا يصل من لعل له تحت نظره استحقاقه إلا بجهد.(4/57)
763 - محمد بن عبد الرحمن بن عمر بن عبد العزيز بن عمر بن عامر بن الخضر بن هلال بن علي بن محمد الشمس بن القاضي الزين بن الزين بن العز القرشي البصروي الدمشقي الشافعي ويعرف بالبصروي. ولد في المحرم سنة أربع وتسعين وسبعمائة ببصرى ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك وعرضها على أبيه. ثم تحول لدمشق سنة ثمان عشرة بعد ما تنبه فأخذ النحو عن العلاء القابوني وكذا أخذ في الفرائض وغيرها عن الشهاب بن الهائم وحضر عند البدر بن قاضي إذرعات ولازم البرهان بن خطيب عذراء فقيه دمشق لأخذ الفقه فتكلم معه في أول مجلس قال فلما قمت قال لي أنت فقيه جيد وجعل كل وقت يزيد إعجابه بي قال وقد كان وقع في نفسي قبل انتقالي لدمشق أنه لا يمضي على سنتان حتى يؤذن لي بالإفتاء فكان كذلك أذن لي البرهان به في سنة عشرين وأفتيت في حياته وأقرأت بإذنه في الجامع الأموي والجماعة متوافرون بل كان ربما يحمل إلى الفتيا وأنا بشباك التربة التي كنت نازلاً بها وهي بجانب منزله بخط دار الطعم ويقول لي انظر في هذه؛ وقرأت البخاري على الجمال بن الشرائحي في السنة التي قدمت فيها. وقال لي يا سيدي الشيخ إنك لتحفظ في البخاري حفظاً عظيماً بل كان يسألني عن أشياء في الفقه ومررت يوماً وإنه معه على شيخي البرهان فسأله البرهان عني فقال إنه نجيب أو معنى هذا، ولم أحضر عند أحد من أشياخ الشافعية في عصره لعلمي أنهم دونه في الفقه وكنت على مذهب الفقهاء يعني غالباً في حب الرياسة والتقدم على الأقران والمنافسة في المكان إلى أن ادركني الله بلطفه فأذهب ذلك عني وأنشدت جواباً لمن قال لي لم لا تنافس كأصحابك في المجالس:
قد كنت أرغب فيما فيه قد رغبوا ... واليوم أرغب عنه رهبة النار
إني رأيت أموراً خطبها خطر ... إن لم يلم بنا عفو من النار
قال ورأيت بعد قدومي دمشق بسنين نسخة بمختصر ابن الحاجب الأصلي عليها عرض عم والدي له على التقي السبكي فوقع في نفسي أن هذا الكتاب لا يحفظه إلا فحول الرجال فحفظته قال البقاعي ولازال يقرأ ويدأب ويشمر عن ساق الجد حيث يجر غيره ذيل العجب ويسحب إلى أن وصف بحفظ مسائل الرافعي والتقدم في معرفة المذهب وإنشاء النثر المتين والنظم الرصين وجمع من ذلك كراريس بعد أن كان هذا الفن بدمشق قد درست رسومه وطمست أعلامه وعلومه ولذا ربما أنكر عليه ارتكابه وتفقره وتطلابه لأن من جهل شيئاً عاداه ومن باعده أمر أنكره وجفاه. ومن نظمه:
قومي قريش هم المعروف شأنهم ... وفضلهم فذاك في أفضل الكتب
لا تستطاع مجاراة مكارمهم ... ولا لحاقهم في القول والنسب
فكيف ينكر فضلي من له نظر ... أم كيف يجهل ما أبدى من الأدب
وبالجملة فكان علامة ناظماً ناثراً تصدى للإقراء فانتفع به؛ ومن أخذ عنه الولوي ابن قاضي عجلون، وكان شيخه البرهان علق على المنهاج الفرعي شرحاً حافلاً مات عنه وهو في المسودة ولم يسمه ولا عمل له خطبة فانتدب لتبييضه مراجعاً أصوله وتعب في ذلك جداً خصوصاً وقد زاد عليه زيادات مهمة وحرر ما حصل السهو فيه بحيث جاء في ثمانية أسفار كبار وعمل له خطبة وسماه، وهو من أقران التاج محمد بن بهادر الماضي ولكنه عمر حتى مات في أواخر سنة إحدى وسبعين في منزله من العنابة بدمشق؛ وكان قد دخل القاهرة في رمضان سنة خمس وأربعين رحمه الله وإيانا.(4/58)
764 - محمد بن عبد الرحمن بن عوض بن منصور بن أبي الحسن الشمس الأندلسي الأصل الطنتدائي ثم القاهري الحنفي نزيل البيبرسية وأخو الشهاب أحمد الشافعي الماضي. ولد في سنة سبعين وسبعمائة بطندتا بفتح المهملتين بينهما نون ساكنة من الغربية - وقرأ بها القرآن والجعبرية في الفرائض وبعض الشاطبية وسمع بها على بعض الغرباء شيئاً، ثم تحول إلى القاهرة في سنة خمس وثمانين فأقام عند أخيه حتى أكمل الشاطبية وتلا بالسبع على الشمسين الزراتيتي والنشوي والنور علي بن آدم والشرف يعقوب الجوشني وأذن له الأول والثالث في الإقراء، وسمع في تلك السنة البخاري أو بعضه على النجم بن الكشك، وكان للشيخ ناصر الدين بن أنس الحنفي إمام البيبرسية به عناية فشغله حنفياً بعد أن اشتغل في مذهب الشافعي لأمر اقتضاه وحفظه المنظومة والمختار ونصف الهداية وجميع ألفية ابن ملك وأخذ عنه وعن البدر بن خاص بك والسراج قاري الهدية وغيرهم الفقه وعنه فقط الفرائض رفيقاً للجلال المحلى وعن الجلال المارداني الميقات وعن النور الأبياري اللغوي وغيره العربية، وسمع على الأبياري في سنن أبي داود وابن ماجة وغيرهما، وحج في سنة خمس عشرة ثم في سنة سبع وثلاثين حين حج جقمق العلائي وكانت له به عناية وحسن اعتقاد فلما استقر في السلطنة لم يكثر التردد إليه مع تفقده له وتقرير مرتب له في الجوالي، ولزم الإقامة في البيبرسية وكان إمام الحنفية بمجلسها وخطيب جامع الظاهر مديماً كتابة المصاحف ونحوها للاسترزاق مع الرغبة في الصدقة والإحسان للفقراء وبرهم بالإطعام وغيره وكثرة التلاوة، كل ذلك مع البراعة في الكتابة حتى كتب عليه السراج العبادي في خلق وفي الفرائض حتى كان ممن أخذها عنه أبو الجود المالكي وفي الميقات حتى كان ممن أخذه عنه النور النقاش والسراج عمر الطوخي وفي القراءات بحيث أخذها عنه النور السنهوري وقد قرأت عليه بعض الصحيح، وكان خيراً وقوراً طوالاً بهي الشبة طارحاً للتكلف. مات بعد أن رغب عن الخطابة لنور الدين بن داود في يوم الأحد ثالث عشري ذي القعدة سنة اثنتين وخمسين بخانقاه بيبرس وصلى عليه بها وقت الحضور تقدم السيد النسابة، ودفن خارج باب النصر عن اثنتين وثمانين سنة كأخيه وأبيهما وكلهم بعلة البطن رحمهم الله وإيانا.(4/59)
765 - محمد بن عبد الرحمن بن عيسى بن سلطان الشمس أو ناصر الدين أبو الفيض الغز ثم القاهري الشافعي الصوفي القادري الماضي أبوه ويعرف بابن سلطان. ولد قبل سنة ستين وسبعمائة تقريباً وقول ولده أنه في المحرم سنة ثمان وسبعين غلط - بغزة ونشأ بها في كنفه فقرأ عليه القرآن وصلى به في بيتهم وهو ابن سبع والناس خلفه من وراء ستر فكان كل ليلة يقرأ بحزبين ونصف جمعاً للسبعة ولم يجتمع به أحد من الناس قبل طلوع لحيته؛ ودرس الفقه عليه وكذا أخذ عنه النحو، ثم ارتحل إلى القاهرة في سنة ثمان وسبعين وأقام بها مدة سنين فأخذ عن ابن البلقيني وسمع على ابن الملقن والأبناسي والعراقي ثم عاد لبلده، وتكرر دخوله القاهرة ورأيت سماعه فيها لجزء ابن فيل على السراج عمر الكومي في شعبان سنة اثنتين وتسعين بمنزل ناصر الدين بن الميلق وكأن صاحب الترجمة كان نازلاً حينئذ عنده ولا أستبعد أخذه عنه وكذا سمع في الستة على العزيز المليجي الختم من البخاري واشتغل إذ ذاك على المسائل وفضل في فنون، ودخل أيضاً الشام ولقي بها جماعة وصحب مع أبيه الشمس القرمي الشافعي والشهاب الناصح ولبسا منه الخرقة وغيرها، ودخل القاهرة بعد سنة خمس وثمانمائة وقد مات أبوه وأنزله الجلال البلقيني في مدرسة أبيه وقتاً وصحبه الجد حينئذ واغتبط كل منهما بصاحبه وكان يحكي عن الجد ما يدل لزهده وتقنعه، وسكن بعد حارة بهاء الدين بحارة برجوان وقتاً ثم بالأزهر؛ وحج قبل القرن وبعده غير مرة منها فيما قيل ماشياً ومرة صحبة الزين عبد الباسط إما حين حجته التي بعد العشرين أو التي بعد الثلاثين بتجمل زائد في محفة مع عدم تناوله له أشياء ذهاباً وإياباً، وعظم شأنه عند الملوك وأرباب الدولة وقبلت شفاعاته وامتثلت أوامره وزاره السلطان فمن دونه ولهو لا يتردد لأحد من بني الدنيا وغيرهم جملة حتى وصفه غير واحد بالمنقطع ببيته عن الخلق بل لا يخرج من منزله لغير الجمعة والعيدين وربما أنكر عليه عدم شهود الجماعة مع قرب سكنه جداً من جامع الأزهر وللناس أعذار، وسمعته يقول: أنا كلب عقور انعزلت عن الناس خوفاً من تأذيهم بمخالطتي؛ وكذا كان ينكر عليه تعيينه وقت خروج الدجال وتصميمه فيه وسأله العز السنباطي كما أخبرني عن مستنده في ذلك فقال خطبة وجدتها في أمور تتعلق باقتراب الساعة منسوبة للسيد علي رضي الله عنه، وكان الكمال المجذوب يكتب بخطه ويصرح بلفظه أنه خادمه وعد ذلك من خصوصياته، وبالجملة فكان إماماً عالماً صوفياً مفوهاً فصيحاً حسن الخط فكه المجالسة والمحاضرة مشاركاً في الفضائل منور الشيبة عطر الرائحة متجملاً في مأكله ومشربه وملبسه ومسكنه وسائر أموره مديماً للتلاوة والتسبيح والذكر والأوراد وقوراً بشوشاً كثير التعظيم لزائره والإطعام لقاصديه مع عدم قبوله من أكثرهم هدية أو صلة بحيث كان بعضهم ينسبه من أجل هذا لمعرفة الكيمياء، وله نظم منه ما أجاب العلاء بن أقبرس حين كتب إليه ابياتاً متعرضاً فيها لما رمزه الفلاسفة وأشار إليه علماء الحرف والبسط والتكسير من معرفة الحجر المكرم الذي لا قدرة لمعرفة اسمه إلا بمعرفة التدبير فقال المترجم:
أيا سائلاً عن سر رمز مكتم ... بوفق لذي قاف غداً ياؤه أصلاً
وذكر الأبيات كلها وهي أخفى من السؤال، وكذا له تأليف ومحبة في تصانيف الولوي الملوي واهتمام بتحصيلها، ومحاسنه جمة. ولم يزل في ازدياد من الجلالة حتى مات مطعوناً في يوم الأحد سادس عشري صفر سنة ثلاث وخمسين عن أزيد من تسعين سنة ممتعاً بحواسه وصلى عليه جمع تقدمهم العلم البلقيني الشافعي بجامع الأزهر ثم دفن بالقرب من الصوفيين، وقد لازمه جدي ثم عمي ووالدي وعرضا عليه وكذا عرضت عليه بل قرأت عليه جزء ابن فيل وأظهر السرور بذلك وقرأه بعدي عليه القلقشندي وغيره، والناس فيه فريقان وبلغني أن العز عبد السلام القدسي كان يقول إنه من بيت لم يزل فيهم الصلاح من ثلثمائة وعشرين سنة وكذا بلغني أن الكلوتاتي كفه حين جلس للإسماع لعدم اطلاعه على سنده رحمه الله وإيانا. محمد بن عبد الرحمن بن أبي الغيث. مضى فيمن جده عبد العزيز بن محمد بن أحمد قريباً.(4/60)
766 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن خليف بن عيسى بن عساس بن بدر بن يوسف بن علي بن عثمان الرضي أبو حامد بن التقي بن الحافظ الجمال الأنصاري الخزرجي المطري المدني الشافعي والد المحب محمد الآتي وسبط الجمال محمد بن يوسف الزرندي. ولد كما رآه بخط أبيه بعد عصر يوم الأربعاء خامس ذي القعدة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة بالمدينة. كان جده الجمال صيتاً فبعث به من القاهرة ثالث ثلاثة ليؤذنوا بالمسجد النبوي لخلوها من عارف بالميقات فباشروا ذلك ثم مات الجمال سنة إحدى وأربعين وسبعمائة فولي بعده ابنه العفيف عبد الله عم صاحب الترجمة، وقد سمع من عمه العفيف والعفيف النشاوري الصحيح ومن العز بن جماعة الموطأ رواية يحيى بن يحيى وجزء البيتوتة وأشياء ومن الأمين ابن الشماع جامع الأصول لابن الأثير بفوت ومن الشمس الخشبي إتحاف الزائر لابن عساكر ومن البهاء السبكي شفاء السقام لأبيه بفوت ومن البرهان بن فرحون والبدر بن فرحون وأبي بكر المراغي، وقرأ على محمد بن صالح المدني غالب تأليفه الدرة النفيسة الفصيحة بكرامات شيخ الصدق والنصيحة الذي ترجم فيه شيخه أبا عبد الله القصري وكذا قرأ على الجمال الأميوطي والعلم سليمان السقاء. وأجاز له في سنة مولده أبو الفتوح الدلاصي والميدومي وغيرهما بعد ابن الخباز وابن القيم ومحمود المنبجي وخلق منهم من بغداد في سنة إحدى وخمسين الشمس محمد بن عبد الرحمن بن عسكر والشرف محمد بن مكناس، وحدث ودرس وأفتى. وممن سمع عليه جملة وتفقه به ولده وكذا قرأ عليه التقي بن فهد وسمع منه التقي الفاسي بمكة وغيرها وترجمه، ووصفه أبو الفتح المراغي بسيدنا وشيخنا الإمام العلامة. وأبو عبد الله بن سكر بالفقيه العالم العامل الرئيس. وولي رياسة المؤذنين بالحرم النبوي كأبيه وجده وقضاء المدينة وخطابتها وإمامتها في سنة إحدى عشرة وكان حين مجيء الولاية له بالطائف للزيارة فرجع إلى المدينة فوصلها في أوائل جمادى الأولى منها فباشرها وحمدت مباشرته، ولم يلبث أن مات في ليلة الخميس سادس عشر ذي الحجة منها بمكة وكان قدمها للحج وهو عليل ودفن بالمعلاة، وكان خيراً ديناً له إقبال على الخير وأهله والعبادة وعناية بالعلم ذا معرفة حسنة بالفقه والعربية وغيرهما مع نظم حسن وخط جيد رحمه الله، وممن ترجمه شيخنا في إنبائه والمقريزي في عقوده وأنشد له:
إن عاب قوم حبيبي قلت منتصراً ... هل نقص البدر ما فيه من الكلف
قالوا ثناياه سود قلت ويحكم ... لله في ذاك سر غامض وخفي
أشار للخلق أن الريق منه شفا ... سم الأساود فاستشفوا من التلف
767 - محمد الشمس أبو عبد الله وأبو الهدى المطري المدني أخو الذي قبله. ولد كما نقله أخوه عن أبيهما في صبيحة يوم الأحد عاشر رجب سنة اثنتين وستين وسبعمائة بالمدينة وسمع بها من العز بن جماعة جزءه الكبير تخريجه لنفسه ومن البدر بن فرحون في آخرين؛ قال التقي الفاسي في مكة وله اشتغال بالعلم ونباهة وكان يؤذن بالحرم النبوي كأبيه وجده بمنارة الرياسة ودخل ديار مصر والشام واليمين. ومات بمكة كأخيه في ثامن عشري ذي الحجة سنة ست ودفن بالمعلاة.(4/61)
768 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن التقي سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر ناصر الدين بن الزين أبي الفرج بن ناصر الدين أبي عبد الله القرشي العمري العدوي المقدسي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي أخو أبي بكر والد محمد الماضي ويعرف كسلفه بابن زريق تصغير أزرق. ذكره شيخنا في إنبائه فقال: سمع الكثير من بقية أصحاب الفخر يعني كالصلاح بن أبي عمر فمن بعدهم وتخرج بابن المحب وتمهر، وكان يقظاً عارفاً بفنون الحديث ذاكراً للأسماء والعلل ولم يكن له اعتناء بصناعة الرواية من تمييز العالي والنازل بل على طريق المتقدمين مع حظ من الفقه والعربية، رتب المعجم الأوسط للطبراني على الأبواب فكتبه بخط متقن حسن جداً وكذا رتب صحيح ابن حبان، ورافقني كثيراً وأفادني من الشيوخ والأجزاء، وكان ديناً خيراً صيناً لم أر من يستحق أن يطلق عليه اسم الحافظ بالشام غيره. ات أسفاً على ولده أحمد - الذي أسره اللنكية وهو شاب له نحو العشر في رمضان سنة ثلاث - قبل إكمال الخمسين. وقال في معجمه إنه مات في ذي القعدة وأنه سمع معه على الشيوخ بالصالحية وغيرها وسمع العالي والنازل وخرج. وهو في عقود المقريزي رحمه الله وإيانا.
769 - محمد بن أبي هريرة عبد الرحمن بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الشمس أبو عبد الله التركماني الأصل الدمشقي ثم الكفر بطناوي ويعرف كسلفه بابن الذهبي. ولد سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة؛ وأسمعه جده الكثير منه ومن زوجته فاطمة ابنة محمد بن القمر والحافظ المزي والشهاب أحمد بن علي بن حسن الجزري وزينب ابنة الكمال وأبي بكر بن محمد بن أحمد بن عنتر السلمي وفاطمة ابنة عبد الرحمن الدباهي وخلق، وأجاز له أبو حيان وغيره من مصر. قال شيخنا: وكان من شيوخ الرواية لقيته بدمشق فقرأت عليه، ومات في الكائنة العظمى في حادي عشري جمادى الأولى سنة ثلاث قيل قتلاً بالعقوبة وقيل بل ضربت عنقه صبراً، وكان ببلده كفر بطنا فأخذه العسكر التمري. ذكره في معجمه وإنبائه وتبعه المقريزي في عقوده؛ روى لنا عنه جماعة.
770 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن إسماعيل بن علي بن الحسين خير الدين أو زين الدين أبو الخير بن الزين القلقشندي المقدسي الشافعي أخو عبد الكريم الماضي وابن أخي التقي أبي بكر الآتي وهو بكنيته أشهر. ولد في سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة ببيت المقدس وأحضره أبوه ببلد الخليل وهو في الثانية على محمد بن علي بن البرهان وأحمد بن حسين بن النصيبي وعلي بن إسماعيل القصراوي المسلسل وجزء البطاقة وجزء ابن عرفة ومشيخة قاضي المرستان الصغرى والحديث الأول من كل من مجالس الخلال العشرة ومن المنتقى من الغيلانيات ومن ثمانيات النجيب للعلائي ومن نسخة إبراهيم بن سعد وكذا أحضر فيها على إبراهيم بن حجي والخطيب التدمري الخليليين أصحاب الميدومي وفي الثالثة في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين جزء البيتوتة على محمد بن يوسف بن عثمان التازي المغربي وفي الرابعة على الأمير ناصر الدين محمد بن محمد بن صلاح الدين محمد بن عمر الطوري ثلاثيات الدارمي بسماعه على جده الصلاح المذكور بسماعه على زينب ابنة شكر وكذا سمع بعد ذلك وقبله أشياء على القبابي وابن المصري وعائشة الحنبلية وطائفة، ولما كنت في بيت المقدس لازمني في سماع ما حصلته؛ وأاز له جماعة منهم عبد القادر بن إبراهيم الأرموي وعبد الرحمن بن محمد بن طولوبغا والشمس الشامي والولي العراقي والنور الفوي، واستقر في تدريس الطازية والكريمية شريكاً لابن عمه أبي الحرم ومشيخة الحديث بالأقصى وغير ذلك من التصادير ونحوها كالإعادة بالصلاحية؛ وحج غير مرة منها في سنة ثلاث وخمسين صحبة الزين عبد الباسط وسمع بالمدينة ومكة أشياء ومما سمعه على أبي البقاء بن الضياء رفيقاً لابن أبي شريف بقراءة الديمي الأربعين المختارة لابن مسدي، ودخل الشلام وكذا القاهرة غير مرة منها في سنة تسع وثمانين ورسم عليه ونزل عن بعض وظزائفه وحدث باليسير ولم يتصون مع خفة عقل وسرعة حركة.
بسم الله الرحمن الرحيم(4/62)
1 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد الملقب شمس الدين أبو الخير وأبو عبد الله بن الزين أو الجلال أبي الفضل وأبي محمد السخاوي الأصل القاهري الشافعي المصنف الماضي أبوه وجده ويعرف بالسخاوي، وربما يقال له ابن البارد شهرة لجده بين أناس مخصوصين ولذا لم يشتهر بها أبوه بين الجمهور ولا هو بل يكرهها كابن عليبة وابن الملقن في الكراهة ولا يذكره بها إلا من يحتقره. لد في ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بحارة بهاء الدين علو الدرب المجاور لمدرسة شيخ الإسلام البلقيني محل أبيه وجده، ثم تحول منه حين دخل في الرابعة مع أبويه لملك اشتراه أبوه مجاور لسكن شيخه ابن حجر، وأدخله أبوه المكتب بالقرب من الميدان عند المؤدب الشرف عيسى بن أحمد المقسي الناسخ فأقام عنده يسيراً جداً، ثم نقله لزوج أخته الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري أحد أصحاب العارف بالله يوسف الصفي فقرأ عنده القرآن وصلى به للناس التراويح في رمضا بزاوية لأبي أمه الشيخ شمس الدين العدوي المالكي، ثم توجه به أبوه لفقيهه المجاور لسكنه الشيخ المفيد النفاع القدوة الشمس محمد بن أحمد النحريري الضرير - مؤدب البرهان بن خضر والجلال بن الملقن وابن أسد وغيرهم من الأئمة وأحد من علق شيخه في تذكرته من نوادره وسمع منه الطلبة والفضلاء ويعرف بالسعودي وذلك حين انقطاعه بمنزله لضعفه - فجوده عليه وانتفع به في آداب التجويد وغيرها وعلق عنه فوائد ونوادر وقرأ عليه حديثاً التحق في قراءته عليه بشيوخه، وتلاه في غضون ذلك مراراً على مؤدبه بعد زوج عمته الفقيه الشمس محمد بن عمر الطباخ أبوه أحد قراء السبع هو، وحفظ عنده بعض عمدة الأحكام. ثم انتقل بإشارة السعودي المذكور للعلامة الشهاب بن أسد فأكمل عنده حفظها مع حفظ التنبيه كتاب عمه والمنهاج الأصلي وألفية ابن مالك والنخبة، وتلا عليه لأبي عمرو ثم لابن كثير وسمع عليه غيرهما من الروايات إفراداً وجمعاً وتدرب به في المجطالعة والقراءة وصار يشارك غالب من يتردد إليه للتفهم في الفقه والعربة والقراآت وغيرها.(4/63)
وكلما انتهى حفظه لكتاب عرضه على شيوخ عصره فكان من جملة من عرض عليه ممن لم يأخذ عنه بعد: المحب بن نصر الله البغدادي الحنبلي والشمس بن عمار المالكي والنور التلواني والجمال عبد الله الزيتوني وكذا الزين عبادة ظناً فقد اجتمع به وبالشمس البساطي مع جده، ثم حفظ بعد ألفية العراقي وشرح النخبة وغالب الشاطبية وبعض جامع المختصرات ومقدمة الساوي في العروض وغير ذلك مما لم يكمله. وقرأ بعض القرآن على النور البلبيسي إمام الأزهر والزين عبد الغني الهيثمي لابن كثير ظناً وسمع الكثير من الجمع للسبع وللعشر على الزين رضوان العقبي والبعض من ذلك على الشهاب السكندري وغيره؛ بل سمع الفاتحة وإلى المفلحون للسبع على شيخه بقراءة ابن أسد وجعفر السنهوري وغيرهما من أئمة القراء. ولزم الأستاذ الفريد البرهان بن خضر أحد أصحاب عمه ووالده حتى أملى عليه عدة كراريس من مقدمة في العربية مفيدة وقرأ عليه غالب شرح الألفية لابن عقيل وسمع الكثير من توضيحها لابن هشام وغيره من كتب الفن وغيره، وكذا قرأ على أوحد النحاة الشهاب أبي العباس الحناوي مقدمته المسماة بالدرة المضية وكتبها له بخطه إكراماً لجده، وتدرب بهما في الإعراب حيث أعرب على الأول من الأعلى إلى الناس وعلى الثاني مواضع من صحيح البخاري، وأخذ العربية أيضاً عن الشهاب الأبدي المغربي والجمال بن هشام الحنبلي حفيد سيبويه وقته الشهير وغيرهما وقرأ التنبيه تقسيماً على ابن خضر والسيد البدر النسابة وبعضه على الشمس الشنشي وحضر تقسيمه مراراً عند غير هؤلاء بل حضر عند الشمس الونائي تلك الدروس الطنانة التي أقرأها في الروضة ولم يسمع الفقه عن أفصح منه ولا أجمع. واليسير جداً عند القاياتي وكذا أخذ الكثير من الفقه عن العلم صالح البلقيني ومن جملة ذلك في الروضة والمنهاج وبعض التدريب لوالده والتكملة التي له؛ وسمع دروساً من شرح الحاوي لابن الملقن على شيخه وكذا من التفسير والعروض. وحضر تقسيم البهجة بتمامه عند الشرف المناوي وتقسيم المهذب أو غالبه عند الزين البوتيجي وتردد إليه في الفرائض وغيرها. بل أخذ طرفاً من الفرائض والحساب والميقات وغيرها عن الشهاب بن المجدي وقرأ الأصول على الكمال بن إمام الكاملية قرأ عليه غالب شرحه الصغير على البيضاوي وسمع عليه غير ذلك من فقه وغيره وقرأ على غيره في متن البيضاوي. وحضر كثيراً من دروس التقي الشمن في الأصلين والمعاني والبيان والتفسير وعليه قرأ شرحه نظم والده للنخبة مع شرح أبيه لها بل أخذ عن العز عبد السلام البغدادي في العربية والصرف والمنطق وغيرها وكذا أخذ دروساً كثيرة عن الأمين الأقصرائي وكثيراً من التفسير وغيره عن السعد بن الديري ومن شرح ألفية العراقي عن الزين السندبيسي بل قرأ الشرح بتمامه على الزين قاسم الحنفي وأخذ قطعة من القاموس في اللغة تحريراً وإتقاناً مع المحب بن الشحنة. وكتب يسيراً على شيخ الكتاب الزين عبد الرحمن بن الصائغ ثم ترك لما رأى عنده من كثرة اللغط ولزم الشمس الطنتدائي الحنفي إمام مجلس البيبرسية فيها أياماً. ولبس الخرقة مع التلقين من المحيوي حفيد الجمال يوسف العجمي وأبي محمد مدين الأشمومي وأبي الفتح الفوي وعمر النبتيتي في آخرين في هذه العلوم وغيرها كابن الهمام وأبي القسم النويري والعلاء القلقشندي والجلال المحلي والمحب الأقصرائي ومما حضره عنده التصوف، واجتمع بأبي عبد الله الغمري وغيره من الأكابر، وأذن له غير واحد منهم ومن غيرهم بالإفتاء والتدريس والإملاء بل كان الكثير منهم يرسل له بالفتاوى أو يسأله شفاهاً. وربما أخذ بعضهم عنه.(4/64)
وقبل ذلك كله سمع مع والده ليلاً الكثير من الحديث على شيخه إمام الأئمة الشهاب بن حجر فكان أول ما وقف عليه من ذلك في سنة ثمان وثلاثين وأوقع الله في قلبه محبته فلازم مجلسه وعادت عليه بركته في هذا الشأن الذي باد جماله وحاد عن السنن المعتبر عماله فأقبل عليه بكليته إقبالاً يزيد على الوصف بحيث تقلل مما عداه لقول الحافظ الخطيب أنه علم لا يعلق إلا بمن قصر نفسه عليه ولم يضم غيره من الفنون إليه، وقول إمامنا الشافعي لبعض أصحابه أتريد أن تجمع بين الفقه والحديث هيهات، وتوجيه شيخنا تقديم شيخه له فيه على ولده وغيره بعدم التوغل فيما عداه كتوجيهه لكثير ممن وصف من أئمة المحديثن وحفاظهم وغيرهم باللحن بأن ذلك بالنسبة للخليل وسيبويه ونحوهما دون خلوهم أصلاً منه حسبما بسط ذلك معنى وأدلة في عدة من تصانيفه؛ ولذا توهم الغبي الغمر ممن لم يخالطه أنه لا يحسنها وقال العارف المخالط إن من قصره على هذا العلم ظلمه.
وداوم الملازمة لشيخه حتى حمل عنه علماً جماً اختص به كثيراً بحيث كان من أكثر الآخذين عنه، وأعانه على ذلك قرب منزله منه فكان لا يفوته مما يقرأ عليه إلا النادر إما لكونه حمله أو لأن غيره أهم منه وينفرد عن سائر الجماعة بأشياء. وعلم شدة حرصه على ذلك فكان يرسل خلفه أحياناً بعض خدمه لمنزله يأمره بالمجيء للقراءة.
وقرأ عليه الاصطلاح بتمامه وسمع عليه جل كتبه كالألفية وشرحها مراراً وعلوم الحديث لابن الصلاح إلا اليسير من أوائله وأكثر تصانيفه في الرجال وغيرها كالتقريب وثلاثة أرباع أصله ومعظم تعجيل المنفعة واللسان بتمامه ومشتبه النسبة وتخريج الرافعي وتلخيص مسند الفردوس والمقدمة وبذل الماعون ومناقب كل من الشافعي والليث وأماليه الحلبية والدمشقية وغالب فتح الباري وتخريج المصابيح وابن الحاجب الأصلي وبعض إتحاف المهرة وتعليق التعليق ومقدمة الإصابة وجملة، وفي بعضه ما سمعه أكثر من مرة، وقرأ بنفسه منها النخبة وشرحها والأربعين المتباينة والخصال المكفرة والقول المسدد وبلوغ المرام والعشرة العشاريات والمائة والملحق بها لشيخه التنوخي والكلام على حديث أم رافع وملخص ما يقال في الصباح والمساء وديوان خطبه وديوان شعره وأشياء يطول إيرادها. وسمع بسؤاله له من لفظه أشياء كالعشرة العشاريات ومسلسلات الإبراهيمي خارجاً عما كتبه عنه في الإملاء مع الجماعة من سنة ست وأربعين وإلى أن مات. وأذن له في الإقراء والإفادة والتصنيف وصلى به إماماً التراويح في بعض ليالي رمضان. وتدرب به في طريق القوم ومعرفة العالي والنازل والكشف عن التراجم والمتون وسائر الاصطلاح وغير ذلك.(4/65)
وكذا تدرب في الطلبة بمستمليه مفيد القاهرة الزين رضوان العقبي وأكثر من ملازمته قراءة وسماعاً وبصاحبه النجم عمر بن فهد الهاشمي وانتفع بإرشاد كل منهم وأجزائه وإفادته، بل كتب شيخه من أجله إلى دمياط لمن عنده المعجم الصغير للطبراني بإرساله إليه حتى قرأه عليه لكون نسخته قد انمحى الكثير منها وما علم أنه في أوقاف سعيد السعداء إلا بعد؛ ولم ينفك عن ملازمته ولا عدل عنه بملازمة غيره من علماء الفنون خوفاً على فقده ولا ارتحل إلى الأماكن النائية، بل ولا حج إلا بعد وفاته، لكنه حمل عن شيوخ مصر والواردين إليها كثيراً من دواوين الحديث وأجزائه بقراءته وقراءة غيره في الأوقات التي لا تعارض أوقاته عليه غالباً سيما حين اشتغاله بالقضاء وتوابعه حتى صار أكثر أهل العصر مسموعاً وأكثرهم رواية، ومن محاسن من أخذ عنه من عنده الصلاح بن أبي عمر وابن أميلة وابن النجم وابن الهبل والشمس بن المحب والفخر بن بشارة وابن الجوخي والمنيجي والزيتاوي والبياني والسوقي والطبقة، ثم من عنده القاضي العز بن جماعة والتاج السبكي وأخوه البهاء والجمال الأسنائي والشهاب الأذرعي والكرماني والصلاح الصفدي والقيراطي والحراوي ثم الحسين التكريتي والأميوطي والباجي وأبو البقاء السبكي والنشاوري وابن الذهبي ابن العلائب والآمدي والنجم بن الكشك وأبو اليمن بن الكويك وابن الخشاب وابن حاتم والمليجي وابن رزين والبدر بن الصاحب ثم السراج الهندي والبلقيني وابن الملقن والغراقي الهيثمي والأبناسي والبرهان بن فرحون وهكذا حتى سمع من أصحاب أبي الطاهر بن الكويك والعز بن جماعة وابن خير، ثم من أصحاب الولي العراقي والوي وابن الجزري ثم من يليهم؛ وقمش وأخذ عمن دب ودرج، وكتب العالي والنازل حتى بلغت عدة من أخذ عنه بمصر والقاهرة وضواحيها كإنبابة والجيزة وعلو الأهرام والجامع العمري وسرياقوس والخانقاه وبلبيس وسفط الحناء ومنية الرديني وغيرها زيادة على أربعمائة نفس؛ كل ذلك وشيخه يمده بالأجزاء والكتب والفوائد التي لا تنحصر وربما نبهه على عوال لبعض شيوخ العصر ويحضه على قراءتها. وشكا إليه ضيق عطن بعضهم فكاتبه يستعطفه عليه ويرغبه في الجلوس معه ليقرأ ما أحبه.
وبعد وفاة شيخه سافر لدمياط فسمع بها من بعض المسندين وكتب عن نفر من المتأدبين، ثم توجه في البحر لقضاء فريضة الحج وصحب والدته معه فلقي بالطور والينبوع وجدة غير واحد أخذ عنهم، ووصل لمكة أوائل شعبان فأقام بها إلى أن حج، وقرأ بها من الكتب الكبار والأجزاء القصار ما لم يتهيأ لغيره من الغرباء حتى قرأ داخل البيت المعظم وبالحجر وعلو غار ثور وجبل حراء وبكثير من المشاهد المأثورة بمكة وظاهرها كالجعرانة ومنى ومسجد الخيف على خلق كأبي الفتح المراغي والبرهان الزمزمي والتقي بن فهد والزين الأميوطي والشهاب الشوائطي وأبي السعادات بن ظهيرة وأبي حامد بن الضياء وزيادة على ثلاثين نفساً فمنهم من يروي عن البهاء بن خليل والكرماني والأذرعي النشاوري والجمال الأميوطي وابن أبي المجد والتنوخي وابن صديق والعراقي والهيثمي والأبناسي والمجدين اللغوي وإسماعيل الحنفي ومن لا أحصره سوى من أجاز له فيها وهم أضعاف ذلك، وأعانه عليه صاحبه النجم بن فهد بكتبه وفوائده ونفسه ودلالته على الشيوخ وكذا بكتب والده ثم انفصل عنها وهو متعلق الأمل بها. وقرأ في رجوعه بالمدينة الشريفة تجاه الحجرة النبوية على البدر عبد الله بن فرحون وبغيره من أماكنها على الشهاب أحمد بن النور المحلى وأبي الفرج المراغي في آخرين ثم ينبوع أيضاً وعقبة أيلة وقبل ذلك برابغ وخليص.
ورجع للقاهرة فأقام بها ملازماً السماع والقراءة والتخريج والاستفادة من الشيوخ والأقران غير مشتغل بما يعطله عن مزيد الاستفادة إلى أن توجه لمنوف العليا فسمع بها قليلاً وأخذ بفيشا الصغرى عن بعض أهلها، ثم عاد لوطنه فارتحل إلى الثغر السكندري وأخذ عن جمع من المسندين والشعراء بها وبأم دينار ودسوق وفوة ورشيد والمحلة وسمنود ومنية عساس ومنية نابت والمنصورة وفارسكورود نجيه والطويلة ومسجد الخضر. ودخل دمياط فسمع بها.(4/66)
وحصل في هذه الرحلة أشياء جليلة من الكتب والأجزاء والفوائد عن نحو خمسين نفساً فيهم من يروي عن ابن الشيخة والتنوخي والصلاح الزفتاوي والمطرز وعبد الله بن أبي بكر الدماميني والبلقيني وابن الملقن والعراقي والهيثمي والكمال الدميري والحلاوي والسويداوي والجمال الرشيدي وابي بكر بن إبراهيم ابن العز وابن صديق وابن أقبرس وناصر الدين بن الفرات والنجم البالسي والتاج ابن موسى السكندري والزين الفيشي المرجاني وناصر الدين بن الموفق وابن الخراط والهزبر والشرف بن الكويك.
ثم ارتحل إلى حلب وسمع في توجهه إليها بسرياقوس والخانقاه وبلبيس وقطيا وغزة والمجدل والرملة وبيت المقدس والخليل ونابلس ودمشق وصالحيتها والزبداني وبعلبك وحمص وحماة وسرمين وحلب وجبرين ثم بالمعرة وطرابلس وبرزة وكفر بطنا والمزة وداريا وصالحية مصر والخطارة وغيرها شيئاً كثيراً من قريب مائة نفس؛ وفيهم من أصحاب الصلاح بن أبي عمر وابن أميلة وابن الهبل والزين عبد الرحمن بن الأستاذ وأبي عبد الله محمد بن عمر بن قاضي شهبة ويحيى بن يوسف الرحبي والحافظ أبي بكر بن المحب وناصر الدين بن داود وأبي الهول الجزري وأبي العباس أحمد بن العماد بن العز المقدسي وابن عوض والشهاب المرداوي وأبي الفرج بن ناظر الصاحبة والكمال بن النخاس ومحمد بن الرشيد عبد الرحمن بن أبي عمر والشرف أبي بكر الحراني والشهاب أبي العباس بن المرحل وفرج الشرفي فمن بعدهم؛ واستمد في بيت المقدس من أجزاء التقي أبي بكر القلقشندي وكتبه وإرشاده فقد كان ذا أنسة بالفن وفي الشام من أجزاء الضيائية وغيرها بمعاونة الإمام التقي بن قندس والبرهان القادري وآخرين، ثم في حلب بمحدثها وابن حافظها أبي ذر الحلبي فأعاره وأرشده وطاف معه على من بقي عندهم وساعده غيره بتجهيز ساع بإحضار سنن الدارقطني من دمشق حتى أخذها عن بعض من يرويها بحلب.
وأجاز له خلق باستدعائه واستدعاء غيره من جهات شتى ممن لم يتيسر له لقيهم أو لقيهم ولكن لم يسمع منهم بل كان وهو صغير قبل أن يتميز ألهم الله سبحانه بفضله بعض أهل الحديث استجازة جماعة من محاسن الشيوخ له تبعاً لأبيه فيهم من يروى عن الميدومي وابن الخباز والخلاطي وابن القيم وابن الملوك والعز محمد بن إسماعيل الحموي وأبي الحرم القلانسي وابن نباتة وناصر الدين الفارقي والكمال بن حبيب والظهير بن العجمي والتقي السبكي والصلاح العلائي وابن رافع ومغلطاي والنشائي وابن هشام وأبي عبد الله بن جابر ورفيقه أبي جعفر الرعيني المعروفين بالأعمى والبصير وشبههم، بل من يروى بالسماع عمن حدث عنه بالإجازة كالزيتاوي وابن أميلة والصلاح بن أبي عمر والعماد محمد بن موسى الشيرجي والعز محمد بن أبي بكر السوقي وأبي عبد الله البياني والشهاب بن النجم وأبي علي بن الهبل وزينب ابنة قاسم وغيرهم، وكذا دخل في استدعاء صاحبه النجم بن فهد الهاشمي بل وكثير من استدعاءات شيخه الزين رضوان وغيره إما لكونهمن أبناء صوفية الخانقاه البيبرسية أو نحو ذلك مما هو أخص من العامة بل تكاد أن تكون خاصة كما ألهم الله المحب بن نصر الله حين عرضه عليه كتابة الإجازة مع كونه إنما كتب له بالهامش وكونه لم يكتب بها لكل من أبيه وعمه مع كتابته لهما نحو ورقة؛ ولهذا كله زاد عدد من أخذ عنه من الأعلى والدون والمساوي حتى الشعراء ونحوهم على ألف ومائتين، والأماكن التي تحمل فيها من البلاد والقرى على الثمانين.(4/67)
واجتمع له من المرويات بالسماع والقراءة ما يفوق الوصف وهي تتنوع أنواعاً أحدها ما رتب على الأبواب الفقهية ونحوها وهي كثيرة جداً منها ما تقيد فيه بالصحيح كالصحيحين للبخاري ولمسلم ولابن خزيمة - ولم يوجد بتمامه - ولأبي عوانة الإسفرايني وهو وإن كان مستخرجاً على ثاني الصحيحين فقد أتى فيه بزيادات طرق بل وأحاديث كثيرة. وعنده من المستخرجات بالسماع المستخرج على صحيح مسلم لأبي نعيم؛ كما أن في مروياته لكن بالإجازة من الكتب التي تقيد فيها بالصحة كتاب المستدرك على الصحيحين أو أحدهما للحاكم وهو كثير التساهل بحيث أدرج في كتابه هذا الضعيف بل والموضوع المنافيين لموضوع كتابه، ومن الكتب الصحيحة الموطأ لمالك ووقع له بالسماع عن دون عشرة من أصحابه وإدراجه في الصحاح إنما هو بالنسبة للتصانيف قبله وإلا فلا يتمشى الأمر في جميعه على ما استقر الأمر عليه في تعريف الصحيح. ومنها ما لم يتقيد فيه بالصحة بل اشتمل على الصحيح وغيره كالسنن لأبي داود رواية أبي على اللؤلؤي وأبي بكر بن داسة عنه وقيل إنه يكفي المجتهد ولأبي عبد الرحمن النسائي رواية ابن السني وابن الأحمر وغيرهما عنه ولأبي عبد الله بن ماجة القزويني ولأبي الحسن الدارقطني ولأبي بكر البيهقي والسنن التي له أجمع كتاب سمعه في معناه ولمحمد بن الصباح وكالجامع لأبي عيسى الترمذي ولأبي محمد الدارمي ويقال له أيضاً المسند بحيث اغتر بعضهم بتسميته وأدرجه في النوع بعده وقد أطلق بعضهم عليه الصحة، وكان بعض الحفاظ ممن روى عن بعض الآخذين عنه يقول إنه لو جعل بدل ابن ماجة بحيث يكون سادساً للكتب الشهيرة أصول الإسلام لكان أولى؛ وكالمسند للإمام الشافعي وليس هو من جمعه وإنما التقطه بعض النيسابوريين من الأم له والسنن له رواية المزني ورواية ابن عبد الحكم وشرح معاني الآثار لأبي جعفر الطحاوي، ثم أن في بعض هذه ما يميز فيه مصنفه المقبول من غيره كالجامع للترمذي ونحوه السنن لأبي داود، ومما يلتحق بهذا النوع ما يقتصر فيه على فرد من أفراده أو غيره كالشمائل النبوية للترمذي ودلائل النبوة للبيهقي والشفا لعياض والمغازي لموسى بن عقبة والسيرة النبوية لابن هشام ولابن سيد الناس وبشرى اللبيب له وفضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لإسماعيل القاضي ولابن أبي عاصم ولابن فارس وللنميري وحياة الأنبياء في قبورهم وفضائل الأوقات والأدب المفرد ثلاثتها للبيهقي، وكذا للبخاري الأدب المفرد؛ وفي معناهما مكارم الأخلاق للطبراني وكذا للخرائطي مع مساويها له، وكالتوكل وذم الغيبة والشكر والصمت والفرح واليقين وغيرها من تصانيف أبي بكر بن أبي الدنيا وكبر الوالدين والقراءة خلف الإمام ورفع اليدين في الصلاة ثانيها للبخاري والبسملة لأبي عمر بن عبد البر والعلم للمرهبي ولأبي خيثمة زهير بن حرب والطهارة وفضائل القرآن والأموال ثلاثتها لأبي عبيد والإيمان لابن مندة ولأبي بكر بن أبي شيبة وذم الكلام للهروي والأشربة الصغير والبيوع والورع ثلاثتها لأحمد وكالجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب والمحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي وعلوم الحديث لابن الصلاح ومن قبله للحاكم وشرف أصحاب الحديث ورواية الآباء عن الأبناء واقتضاء العلم العمل والزهد والطفيليين خمستها للخطيب. وفي مسموعاته أيضاً الزهد لابن المبارك وكالدعوات للمحاملي وللطبراني وهو أجمع كتاب فيها وعمل اليوم والليلة لابن السني وفضل عشر ذي الحجة للطبراني ولأبي إسحاق الغازي، وكذا في مسموعاته من التصانيف في فضل رجب وشعبان ورمضان جملة واختلاف الحديث والرسالة كلاهما للشافعي وعوارف المعارف للسهروردي وبداية الهداية للغزالي وصثفة التصوف لابن طاهر. ثانيها ما رتب على المسانيد كمسند أحمد وهو أجمع مسند سمعه وأبي داود الطيالسي وأبي محمد عبد بن حميد وأبي عبد الله العدني وأبي بكر الحميدي ومسدد وأبي يعلى الموصلي. وليس في واحد منها ما هو مرتب على حروف المعجم؛ نعم مما رتب فيه على الحروف من المسانيد مع تقييده بالمحتج به المختارة للضياء المقدسي ولكن لم يكمل تصنيفاً ولا استوفى الموجود سماعاً والمعجم الكبير للطبراني وهو مع كونه يلي مسند أحمد في الكبر أكثرها فوائد والمعجم لابن قانع والأحاديث فيه قليلة ونحوه الاستيعاب لابن عبد البر إذ ليس القصد فيه إلا(4/68)
تراجم الصحابة وأخبارهم وقريب منه في كون موضوعه التراجم ولكن لم يقتصر فيه على الصحابة مع الاستكثار فيه من الحديث ونحوه حلية الأولياء لأبي نعيم وكذا مما يذكر فيه أحوال الصوفية الأعلام الرسالة القشيرية، وقد يقتصر على صحابي واحد كمسند عمر للنجاد وسعد للدورقي، كما أنه قد يقتصر على الفضائل خاصة كفضائل الصحابة لطراد ووكيع. ونحوه الذرية الطاهرية للدولابي؛ وقد يكون في مطلق التراجم لكن لأهل بلد مخصوص كأصبهان لأبي نعيم وبغداد للخطيب وعنده بالسماع منهما جملة وقد يكون في فضائل البلدان كفتوح مصر لابن عبد الحكم وفضائل الشام للربعي، ثالثها ما هو على الأوامر والنواهي وهو صحيح أبي حاتم بن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع والكشف منه عسر على من لم يتقن مراده، رابعها ما هو على الحروف في أول كلمات الأحاديث وهو مسند الشهاب للقضاعي، خامسها ما هو في الأحاديث الطوال خاصة وهو الطوالات للطبراني ولابن عساكر منها كتاب الأربعين، سادسها ما يقتصر فيه على أربعين حديثاً فقط ويتنوع أنواعاً كالأربعين الآلهية لابن المفضل وكالأربعين المسلسلات له وكالأربعين في التصوف لأبي عبد الرحمن السلمي إلى غيرها كالأحكام وقضاء الحوائج وما لا تقيد فيه كأربعي الآجري والحاكم وهي شيء كثير، وقد لا يقتصر على الأربعين كالثمانين للآجري والمائة لغيره، سابعها ما هو على الشيوخ للمصنف كالمعجم الأوسط والصغير كلاهما للطبراني ومعجم الإسماعيلي وابن جميع ونحوها كالمشيخات التي منها مشيخة ابن شاذان الكبرى والصغرى ومشيخة الفسوي وبعضها مرتب على حروف المعجم؛ ومنه ما لم يرتب ونحو هذا جمع ما عند الحافظ أبي بكر بن المقري وكذا الحارثي وغيرهما مما هو مسموع عنده مما عندهم من حديث الإمام أبي حنيفة وترتيبه على شيوخه ويسمى كل واحد منهما مسند أبي حنيفة، ثامنها ما هو على الرواة عن إمام كبير ممن يجمع حديثه كالرواة عن مالك للخطيب وممن روى عن مالك من شيوخه لابن مخلد، تاسعها ما يقتصر فيه على الأفراد والغرائب كالأفراد لابن شاهين وللدارقطني وهي في مائة جزء سمع منها الكثير ومنه الغرائب عن مالك وغيره من المكثرين. عاشرها ما لا تقيد فيه بشيء مما ذكر بل يشتمل على أحاديث نثرية من العوالي وغيرها وهو على قسمين: أولهما ما كل تخريج منه في مجلد ونحوه كالثقفيات والجعديات والحنائيات والخلعيات والسمعونيات والغيلانيات القطيعيات والمحامليات والمخلصيات وقوائد تمام وفوائد سموية وجملة؛ ونحوها المجالسة للدينوري وما هو دون ذلك كجزء أبي الجهم والأنصاري وابن عرفة وسفيان وما يزيد على ألف جزء. حادي عشرها ما لا إسناد فيه بل اقتصر فيه على المتون مع الحكم عليها وبيان جملة من أحكامها كالأذكار والتبيان والرياض وغيرها من تصانيف النووي وغيره، إلى غيرها من المسموعات التي لا تقيد فيها بالحديث كالشاطبية والرائية في علمي القراءة والرسم والألفية في علمي النحو والصرف وجمع الجوامع في الأصلين والتصوف والتنبيه والمنهاج وبهجة الحاوي في الفقه وتلخيص المفتاح في المعاني والبيان وقصيدة بانت سعاد والبردة والهمزية وليس ما ذكر بآخر التنبيه؛ كما أنه ليس المراد بما ذكر في الأنواع الحصر إذا لو سرد كل نوع منه لطال ذكره وعسر الآن حصره بل لو سرد مسموعه ومقروءه على شيخه فقط لكان شيئاً عجباً.اجم الصحابة وأخبارهم وقريب منه في كون موضوعه التراجم ولكن لم يقتصر فيه على الصحابة مع الاستكثار فيه من الحديث ونحوه حلية الأولياء لأبي نعيم وكذا مما يذكر فيه أحوال الصوفية الأعلام الرسالة القشيرية، وقد يقتصر على صحابي واحد كمسند عمر للنجاد وسعد للدورقي، كما أنه قد يقتصر على الفضائل خاصة كفضائل الصحابة لطراد ووكيع. ونحوه الذرية الطاهرية للدولابي؛ وقد يكون في مطلق التراجم لكن لأهل بلد مخصوص كأصبهان لأبي نعيم وبغداد للخطيب وعنده بالسماع منهما جملة وقد يكون في فضائل البلدان كفتوح مصر لابن عبد الحكم وفضائل الشام للربعي، ثالثها ما هو على الأوامر والنواهي وهو صحيح أبي حاتم بن حبان المسمى بالتقاسيم والأنواع والكشف منه عسر على من لم يتقن مراده، رابعها ما هو على الحروف في أول كلمات الأحاديث وهو مسند الشهاب للقضاعي، خامسها ما هو في الأحاديث الطوال خاصة وهو الطوالات للطبراني ولابن عساكر منها كتاب الأربعين، سادسها ما يقتصر فيه على أربعين حديثاً فقط ويتنوع أنواعاً كالأربعين الآلهية لابن المفضل وكالأربعين المسلسلات له وكالأربعين في التصوف لأبي عبد الرحمن السلمي إلى غيرها كالأحكام وقضاء الحوائج وما لا تقيد فيه كأربعي الآجري والحاكم وهي شيء كثير، وقد لا يقتصر على الأربعين كالثمانين للآجري والمائة لغيره، سابعها ما هو على الشيوخ للمصنف كالمعجم الأوسط والصغير كلاهما للطبراني ومعجم الإسماعيلي وابن جميع ونحوها كالمشيخات التي منها مشيخة ابن شاذان الكبرى والصغرى ومشيخة الفسوي وبعضها مرتب على حروف المعجم؛ ومنه ما لم يرتب ونحو هذا جمع ما عند الحافظ أبي بكر بن المقري وكذا الحارثي وغيرهما مما هو مسموع عنده مما عندهم من حديث الإمام أبي حنيفة وترتيبه على شيوخه ويسمى كل واحد منهما مسند أبي حنيفة، ثامنها ما هو على الرواة عن إمام كبير ممن يجمع حديثه كالرواة عن مالك للخطيب وممن روى عن مالك من شيوخه لابن مخلد، تاسعها ما يقتصر فيه على الأفراد والغرائب كالأفراد لابن شاهين وللدارقطني وهي في مائة جزء سمع منها الكثير ومنه الغرائب عن مالك وغيره من المكثرين. عاشرها ما لا تقيد فيه بشيء مما ذكر بل يشتمل على أحاديث نثرية من العوالي وغيرها وهو على قسمين: أولهما ما كل تخريج منه في مجلد ونحوه كالثقفيات والجعديات والحنائيات والخلعيات والسمعونيات والغيلانيات القطيعيات والمحامليات والمخلصيات وقوائد تمام وفوائد سموية وجملة؛ ونحوها المجالسة للدينوري وما هو دون ذلك كجزء أبي الجهم والأنصاري وابن عرفة وسفيان وما يزيد على ألف جزء. حادي عشرها ما لا إسناد فيه بل اقتصر فيه على المتون مع الحكم عليها وبيان جملة من أحكامها كالأذكار والتبيان والرياض وغيرها من تصانيف النووي وغيره، إلى غيرها من المسموعات التي لا تقيد فيها بالحديث كالشاطبية والرائية في علمي القراءة والرسم والألفية في علمي النحو والصرف وجمع الجوامع في الأصلين والتصوف والتنبيه والمنهاج وبهجة الحاوي في الفقه وتلخيص المفتاح في المعاني والبيان وقصيدة بانت سعاد والبردة والهمزية وليس ما ذكر بآخر التنبيه؛ كما أنه ليس المراد بما ذكر في الأنواع الحصر إذا لو سرد كل نوع منه لطال ذكره وعسر الآن حصره بل لو سرد مسموعه ومقروءه على شيخه فقط لكان شيئاً عجباً.(4/69)
وأعلى ما عنده من المروي ما بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بالسند المتماسك فيه عشرة أنفس وليس ما عنده من ذلك بالكثير. وأكثر منه وأصح ما بين شيوخه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فيه العدد المذكور. واتصلت له الكتب الستة وكذا حديث كل من الشافعي وأحمد والدارمي وعبد بثمانية وسائط بل وفي بعض الكتب الستة كأبي داود من طريق ابن داسة وأبواب من النسائي ما هو بسبعة - بتقديم المهملة - واتصل له حديث مالك وأبي حنيفة بتسعة - بتقديم المثناة.
ولما ولد له ولده أحمد جدد العزم لأجله حيث قرأ له على بقايا المسندين شيئاً كثيراً جداً في أسرع وقت وانتفع بذلك الخاص والعام والكبير والصغير وانتشرت الأسانيد المحررة والأسمعة الصحيحة والمرويات المعتبرة وتنبه الناس لإحياء هذه السنة بعد أن كادت تنقطع فلزموه أشد ملازمة وصار من يأنف الاستفادة منه من المهملين يتسور على خطه فيستفيد منه وما يدري أن الاعتماد على الصحف فقط في ذلك فيه خلل كبير؛ ولعمري إن المرء لا ينبل حتى يأخذ عمن فوقه ومثله ودونه على أن الأساطين من علماء المذاهب ومحققيهم من الشيوخ وأماثل الأقران البعيد غرضهم عن المقاصد الفاسدة غير متوقفين عن مسئلته فيما يعرض لهم من الحديث ومتعلقاته مرة بالكتابة التي ضبطها بخطوطهم عنده ومرة باللفظ ومرة بأرسال السائل لهم نفسه وبغير هذا مما يستهجن إيراد مثله مع كونه أفرد أسماءهم في محل آخر، وطالما كان التقي الشمني يحض أماثل جماعته كالنجمي بن حجي على ملازمته ويقول متى يسمح الزمان بقراءته بل حضه على عقد مجلس الإملاء غير مرة ولذا لما صارت مجالس الحديث آنسة عامرة منضبطة ورأى إقبالهم على هذا الشأن ولله الحمد امتثل إشارته بالإملاء فأملى بمنزله يسيراً ثم تحول لسعيد السعداء وغيرها متقيداً بالحوادث والأوقات حتى أكمل تسعة وخمسين مجلساً.
ثم توجه هو وعياله وأكبر إخوته ووالداه للحج في سنة سبعين فحجوا وجاوروا وحدث هناك بأشياء من تصانيفه وغيرها وأقرأ ألفية الحديث تقسيماً وغالب شرحها لناظمها والنخبة وشرحها وأملى مجالس. كل ذلك بالمسجد الحرام، وتوجه لزيارة ابن عباس رضي الله عنهما بالطائف رفيقاً لصاحبه النجم بن فهد فسمع منه هناك بعض الأجزاء، ولما رجع إلى القاهرة شرع في إملاء تكملة تخريج شيخه للأذكار إلى أن تم، ثم أملى تخريج أربعي النووي ثم غيرها مما يقيد فيه بحيث بلغت مجالس الإملاء ستمائة مجلس فأكثر، وممن حضر إملاءه ممن شهد إملاء شيخه: النجم بن فهد والشمس الأمشاطي والجمال بن السابق. وممن حضر إملاء شيخه والولي العراقي: البهاء العلقمي، وممن حضر إملاءهما والزين العراقي: الشهاب الحجازي والجلال القمصي والشهاب الشاوي.
وكذا حج في سنة خمس وثمانين وجاور سنة ست ثم سنة سبع وأقام منها ثلاثة أشهر بالمدينة النبوية. ثم في سنة اثنتين وتسعين وجاور سنة ثلاث ثم سنة أربع. ثم في سنة ست وتسعين؛ وجاور إلى أثناء سنة ثمان فتوجه إلى المدينة النبوية فأقام بها أشهراً وصام رمضان بها، ثم عاد في شوالها إلى مكة وهو الآن في جمادى الثانية من التي تليها بها ختم له بخير. وحمل الناس من أهلهما والقادمين عليهما عنه الكثير جداً رواية ودراية، وحصلوا من تصانيفه جملة؛ وسئل في الإملاء هناك فما وافق نعم أملى بالمدينة النبوية شيئاً لأناس مخصوصين.(4/70)
ثم لما عاد للقاهرة من المجاورة التي قبل هذا تزايد انجماعه عن الناس وامتنع من الإملاء لمزاحمة من لا يحسن فيها وعدم التمييز من جل الناس أو كلهم بين العلمين وراسل من لامه على ترك الإملاء بما نصه: إنه ترك ذلك عند العلم بإغفال الناس لهذا الشأن بحيث استوى عندهم ما يشتمل على مقدمات التصحيح وغيره من جمع الطرق التي يتبين بها انتفاء الشذوذ والعلة أو وجودهما مع ما يورد بالسند مجرداً عن ذلك وكذا ما يكون متصلاً بالسماع مع غيره وكذا العالي والنازل والتقيد بكتاب ونحوه مع ما لا تقيد فيه إلى غيرها مما ينافي القصد بالإملاء وينادي الذاكر له العامل به على الخالي منه بالجهل. كما أنه التزم ترك الإفتاء مع الإلحاح عليه فيه حين تزاحم الصغار على ذلك واستوى الماء والخشبة سيما وإنما يعمل بالأغراض، بل صار يكتب على الاستدعاآت وفي عرض الأبناء من هو في عداد من يلتمس له ذلك حين التقيد بالمراتب والأعمال بالنيات، وقد سبقه للاعتذار بنحو ذلك شيخ شيوخه الزين العراقي وكفى به قدوة، بل وأفحش من إغفالهم النظر في هذا وأشد في الجهالة إيراد بعض الأحاديث الباطلة على وجه الاستدلال وإبرازها حتى في التصانيف والأجوبة، كل ذلك مع ملازمة الناس له في منزله للقراءة دراية ورواية في تصانيفه وغيرها بحيث ختم عليه ما يفوق الوصف من ذلك، وأخذ عنه من الخلائق من لا يحصى كثرة أفردهم بالجمع بحيث أخذ عنه قاضي المالكية بطيبة الشمس السخاوي بن القصبي ومدحه بغير قصيد ثم ولده قاضي المالكية أيضاً الخيري أبي الخير أيضاً ثم ولده المحبي محمد أو أحد النجباء الفضلاء ثم بنوه فكانوا أربعة في سلسلة كما اتفق لشيخنا حسبما أوردته في الجواهر، وقد قال الواقدي في أحمد بن محمد بن الضحاك بن عثمان بن الضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خلة بن حرام إنه خامس خمسة جالستهم وجالسوا على طلب العلم يعني فيهم من شيوخه ومن طلبته.(4/71)
وشرع في التصنيف والتخريج قبل الخمسين وهلم جرا فكان مما خرجه من المشيخات لكل من الرشيدي وسماه العقد الثمين في مشيخة خطيب المسلمين؛ وصغرى. ومن الأربعينيات لكل من زوجة شيخه والكمال بن الهمام والأمين الأقصرائي والتقي القلقشندي المقدسي والبدر بن شيخه والشرف المناوي والمحبين ابن الأشقر وابن الشحنة والزين بن مزهر. وللعلم البلقيني مائة حديث عن مائة شيخ، وأحاديث مسلسلات، وللأقصرائي وابن يعقوب والمحبين القمني والفاقوسي وأخيه والعلم البلقيني والمناوي والشمس القرافي وابنة الهوريني وهاجر القدسية والفخر الأسيوطي والملتوتي والحسام بن حريز وابن إمام الكاملية والعبادي وزكريا وابن مزهر فهرستاً وكذا الحفيد سيدي يوسف العجمي ولتغري بردى القادري وللشمس الأمشاطي معجماً وكذا لابن السيد عفيف الدين بسؤال الكثير منهم في ذلك وتوسلهم بما يقتضي الموافقة ولنفسه الأحاديث المتباينة المتون والأسانيد بشروط كثيرة لم يسبق لمجموعها بلغت أحاديثها نحو الستين وهي في مجلد كبير استفتحه بمن سبقه لذلك من الأئمة والحفاظ، والأحاديث البلدانيات في مجلد ترجم فيه الأماكن مع ترتيبها على حروف المعجم مخرجاً في كل مكان حديثاً أو شعراً أو حكاية عن واحد من أهلها أو الواردين عليها مستفتحة بمن سبقه أيضاً لذل وإن لم ير من تقدمه لمجموع ما جمعه فيها أيضاً والأحاديث المسلسلات وهي مائة استفتحها أيضاً بمن سبقه لجمع المسلسلات مع انفراده بما اجتمع فيها وسماها الجواهر المكللة في الأخبار المسلسلة، وتراجم من أخذ عنه على حروف المعجم في ثلاث مجلدات سماه بغية الراوي بمن أخذ عنه السخاوي وعزمه انتقاءه واختصاره لنقص الهمم، وفهرست مروياته وهو إن بيض يكون في أزيد من ثلاثة أسفار ضخمة شرع في اختصاره وتلخيصه بحيث يكون على الثلث منه لنقص الهمم أيضاً، وعشاريات الشيوخ مع ما وقع له من العشاريات في عدة كراريس، والرحلة السكندرية وتراجمها، وكذا الرحلة الحلبية مع تراجمها أيضاً والرحلة المكية، والثبت المصري في ثلاث مجلدات، والتذكرة في مجلدات وتخريج أربعي النووي في مجلد لطيف، وتكملة تخريج شيخنا للأذكار ويسمى القول البار، وتخريج أحاديث العادلين لأبي نعيم وأربعي الصوفية للسلمي والغنية المنسوبة للشيخ عبد القادر وتسمى البغية كتب منه اليسير؛ وتخريج طرق " إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً " عمله تجربة للخاطر في يوم وإن سبق لجمعه فيما لم يقف عليه، والتحفة المنيفة فيما وقع له من حديث الإمام أبي حنيفة والأمالي المطلقة.
ومما صنفه في علوم هذا الشأن: فتح المغيث بشرح ألفية الحديث وهو مع اختصاره في مجلد ضخم وسبك المتن فيه على وجه بديع لا يعلم في هذا الفن أجمع منه ولا أكثر تحقيقاً لمن تدبره. وتوضيح لها حاذى به المتن بدون إفصاح في المسودة، والغاية في شرح منظومة ابن الجزري الهداية في مجلد لطيف؛ والإيضاح في شرح نظم العراقي للاقتراح في مجلد لطيف أيضاً، والنكت على الألفية وشرحها بيض منه نحو ربعه في مجلد؛ وشرح التقريب للنووي في مجلد متقن، بلوغ الأمل بتلخيص كتاب الدارقطني في العلل كتب منه الربع مع زوائد مفيدة، تكملة تلخيص شيخنا للمتفق والمفترق. ومنه في الشروح: تكملة شرح الترمذي للعراقي كتب منه أكثر من مجلدين في عدة أوراق من المتن، وحاشية في أماكن من شرح البخاري لشيخه وغيره من تصانيفه، وشرح الشمائل النبوية للترمذي ويسمى أقرب الوسائل كتب منه نحو مجلد، والقول المفيد في إيضاح شرح العمدة لابن دقيق العيد كتب منه اليسير من أوله، شرح ألفية السيرة للعراقي في المسودة ثم عدم، والجمع بين شرحي الألفية لابن المصنف وابن عقيل وتوضيحها كتب منه اليسير.(4/72)
ومنه في التاريخ التعريف به وتشعب مقاصده وسببه؛ بل اسمه الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التوريخ، والتبر المسبوك في الذيل على تاريخ المقريزي السلوك يشتمل على الحوادث والوفيات من سنة خمس وأربعين وإلى الآن في نحو أربعة أسفار، والضوء اللامع لأهل القرن التاسع وهو هذا الكتاب يكون ست مجلدات؛ والذيل على قضاة مصر لشيخه في مجلد ويسمى الذي المتناه، والذيل على طبقات القراء لابن الجزري في مجلد، والذيل على دول الإسلام للذهبي نافع جداً، والوفيات في القرنين الثامن والتاسع على السنين يكتب في مجلدات واسمه الشافي من الألم في وفيات الأمم، ومعجم من أخذ عنه وإن كان هو بعض أفراد هذا الكتاب، والتحصيل والبيان في قصة السيد سلمان، والمنهل العذب الروي في ترجمة قطب الأولياء النووي، والاهتمام بترجمة النحوي الجمال بن هشام، والقول المبين في ترجمة القاضي عضد الدين. والجواهر والدرر في ترجمة شيخه شيخ الإسلام ابن حجر في مجلد ضخم وربما في مجلدين، والاهتمام بترجمة الكمال بن الهمام. وترجمة نفسه إجابة لمن سأله فيها. وكذا أفرد من أثنى عليه من الشيوخ والأقران فمن دونهم وما علمه مما صدر عنه من السجع. وتاريخ المدنيين في نحو مجلدين في المسودة. والتاريخ المحيط وهو في نحو ثلثمائة رزمة على حروف المعجم لا يعلم من سبقه إليه. وتجريد حواشي شيخه على الطبقات الوسطى لابن السبكي. وتقفيص قطعة من طبقات الحنفية كان وقع الشروع فيه لسائل، وطبقات المالكية في أربعة أسفار تقريباً بيض منه المجلد الأول في ترجمة الإمام والآخذين عنه. وترتيب طبقات المالكية لابن فرحون. وتجريد ما في المدارك للقاضي عياض مما لم يذكره ابن فرحون إجابة لسائل فيه وفي الذي قبله. تقفيص ما اشتمل عليه الشفا من الرجال ونحوهم. والقول المنبي في ترجمة ابن عربي في مجلد حافل، ومحصله في كراسة اسمها الكفاية في طريق الهداية نافعة جداً؛ تجريد أسماء الآخذين عن ابن عربي، وأحسن المساعي في إيضاح حوادث البقاعي؛ والفرجة بكائنة الكاملية التي ليس فيها للمعارض حجة، ودفع التلبيس ورفع التنجيس عن الذيل الطاهر النفيس، وتلخيص تاريخ اليمن؛ وكذا طبقات القراء لابن الجزري، ومنتقى تاريخ مكة للفاسي، عمدة الأصحاب في معرفة الألقاب ترتيب شيوخ الطبراني؛ ترتيب شيوخ أبي اليمن الكندي، ترتيب شيوخ جماعة من شيوخ الشيوخ ونحوهم؛ ومنه في ختم كل من الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي والشفا وسيرة ابن هشام وسيرة ابن سيد الناس والتذكرة للقرطبي، واسم الأول عمدة القاري والسامع في ختم الصحيح الجامع؛ والثاني غنية المحتاج في ختم صحيح مسلم ابن الحجاج، والثالث بذل المجهود في ختم السنن لأبي داود؛ والرابع اللفظ النافع في ختم كتاب الترمذي الجامع، والخامس القول المعتبر في ختم النسائي رواية ابن الأحمر، بل له فيه مصنف آخر حافل سماه بغية الراغب المتمنى في ختم سنن النسائي رواية ابن السني؛ والسادس عجالة الضرورة والحاجة عند ختم السنن لابن ماجة؛ والسابع القول المرتقي في ختم دلائل النبوة للبيهقي، والثامن الانتهاض في ختم الشفا لعياض، بل له مصنف آخر حافل اسمه الرياض، والتاسع الإلمام في ختم اليسرة النبوية لابن هشام، والعاشر رفع الإلباس في ختم سيرة ابن سيد الناس، والحادي عشر الجوهرة المزهرة في ختم التذكرة.(4/73)
ومنه في أبواب ومسائل: القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم؛ الفوائد الجلية في الأسماء النبوية لم يبيض. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته. والي النبي صلى الله عليه وسلم. المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة. الابتهاج بأذكار المسافر الحاج، القول النافع في بيان المساجد والجوامع وربما سمى تحريك الغني الواجد لبناء الجوامع والمساجد، الاحتفال بجمع أولى الظلال. الإيضاح والتبيين في مسئلة التلقين، إرتياح الأكباد بأرباح فقد الأولاد. قرة العين بالثواب الحاصل للميت وللأبوين، البستان في مسئلة الاختتان، القول التام في فضل الرمي بالسهام، استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول صلى الله عليه وسلم وذوي الشرف، عمدة الناس أو الإيناس بمناقب العباس، الفخر العلوي في المولد النبوي، عمدة المحتج في حكم الشطرنج، التماس السعد في الوفاء بالوعد؛ الأصل الأصيل في تحريم النقل من التوراة والإنجيل؛ القول المألوف في الرد على منكر المعروف، الأحاديث الصالحة في المصافحة، القول الأتم في الاسم الأعظم، السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم، القول المعهود فيما على أهل الذمة من العهود؛ الكلام على حديث الخاتم، الكلام على قص الظفر، الكلام على الميزان. القناعة مما تحسن الإحاطة به من أشراط الساعة، تحرير المقال في الكلام على حديث كل أمر ذي بال، القول المتين في تحسين الظن بالمخلوقين، الكلام على قول لا تكن حلوياً فتسترط. الكلام على قول كل الصيد في جوف الفرا. الكلام على حديث إن الله يكره الحبر السمين. الكلام على حديث المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى. الكلام على حديث تنزل الرحمات على البيت المعظم. الإيضاح المرشد من الغي في الكلام على حديث حبب من دنياكم إلي. المستجاب دعاؤهم. تجديد الذكر في سجود الشكر. نظم اللآل في حديث الأبدال. انتقاد مدعي الاجتهاد. الأسئلة الدمياطية. الاتعاظ بالجواب عن مسائل بعض الوعاظ. تحرير الجواب عن مسئلة ضرب الدواب. الامتنان بالحرس من دفع الافتتان بالفرس. المقاصد المباركة في إيضاح الفرق الهالكة؛ بل استقر اسمه رفع القلق والأرق بجمع المبتدعين من الفرق. بذل الهمة في أحاديث الرحمة، السير القوي في الطب النبوي شرع فيه. رفع الشكوك في مفاخر الملوك. الإيثار بنبذة من حقوق الجار، الكنز المدخر في فتاوي شيخه ابن حجر قص منه الكثير. الرأي المصيب في المرور على الترغيب كتب منه اليسير، الحث على تعلم النحو؛ الأجوبة العلية عن المسائل النثرية تكون في مجلدين، الاحتفال بالأجوبة عن مائة سؤال، التوجه للرب بدعوات الكرب، ما في البخاري من الأذكار، الإرشاد والموعظة لزاعم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته في اليقظة. ومنه جامع الأمهات والمسانيد إجابة لسائل فيه كتب منه مجلداً ولو تم لكان في مائة مجلد فأزيد. جمع الكتب الستة بتميز أسانيدها وألفاظها كتب منه أيضاً مجلداً فأكثر. ترتيب كل من فوائد تمام والحنائيات والخلعيات وكل من مسند الحميدي والطيالسي والعدني وأبي يعلى على المسانيد. تطريف مشيخة الزين المراغي وعدة أجزاء على المسانيد أيضاً. وكذا ترتيب الغيلانيات وفوائد تمام على الأبواب كتب منه قطعة قبل العلم بسبق الهيثمي له، تجريد ما وقع في كتب الرجال سيما المختصة بالضعفاء من الأحاديث وترتيبها على المسانيد كتب منه جملة.(4/74)
وقرض أشياء من تصانيفه غير واحد من أئمة المذاهب: فمن الشافعية شيخه والعلاء القلقشندي والجلال المحلى والعلم البلقيني والبدر حفيد أخيه الجلال البلقيني والشرف المناوي والعبادي والتقي الحصني والبدر بن القطان وعمه. وأئمة الأدب منهم الشهب الحجازي وابن صالح وابن حبطة. ومن الحنفية العيني وابن الديري والشمني والأقصرائي والكافياجي والزين قاسم وأبو الوقت المرشدي المكي ومن المالكية البدر بن التنسي قاضي مصر وابن المخلطة قاضي اسكندرية والحسام بن حريز قاضي مصر أيضاً؛ ومن الحنابلة العز الكناني، وأفرد مجموع ذلك نحوه في تأليف كما سلف اجتمع فيه منهم نحو المائتين أجلهم شيخه فقرض له على غير واحد من تصانيفه وكان من دعواته له قوله: والله المسئول أن يعينه على الوصول إلى الحصول حتى يتعجب السابق من اللاحق، وأثنى خطاً ولفظاً بما أثبته في التأليف المشار غليه، وضبط عنه غير واحد من أصحابه تقديمه على سائر جماعته بحيث قال أحد الأفراد من جماعته الزين قاسم الحنفي ما نصه: وقد كان هذا المصنف - يعني المترجم - بالرتبة المنيفة في حياة حافظ العصر وأستاذ الزمان حتى شافهني بأنه أنبه طلبتي الآن، وقال أيضاً: حتى كان ينوه بذكره ويعرف بعلي فخره ويرجحه على سائر جماعته المنسوبين إلى الحديث وصناعته كما سمعته منه وأثبته بخطي قبل عنه، وقال صهره وأحد جماعته البدر بن القطان عنه إنه أشار حين سئل من أمثل الجماعة الملازمين لكم في هذه الصناعة بصريح لفظه إليه قال ما معناه إنه مع صغر سنه وقرب أخذه فاق من تقدم عليه بجده واجتهاده وتحريه انتقاده بحيث رجوت له وانشرح لذلك الصدر أن يكون هو القائم بأعباء هذا الأمر، وكذا نقل عنه توسمه فيه لذلك قديماً الزين السندبيسي.
ومنهم الحافظ محدث الحجاز التقي بن فهد الهاشمي حيث وصف بأشياء منها: زين الحفاظ وعمدة الأئمة الأيقاظ شمس الدنيا والدين ممن اعتنى بخدمة حديث سيد المرسلين اشتهر بذلك في العالمين على طريقة أهل الدين والتقوى فبلغ فيه الغاية القصوى.
وكان ولده الحافظ النجم عمر لا يقدم عليه أحداً. ومما كتبه الوصف بشيخنا الإمام العلامة الأوحد الحافظ الفهامة المتقن العلم الزاهر والبحر الزاخر عمدة الحفاظ وخاتمتهم من بقاؤه نعمة يجب الاعتراف بقدرها ومنة لا يقام بشكرها وهو حجة لا يسع الخصم لها الجحود وآية تشهد بأنه إمام الوجود وكلامه غير محتاج إلى شهود وهو والله بقية من رأيت من المشايخ وأنا وجميع طلبة الحديث بالبلاد الشامية والبلاد المصرية وسائر بلاد الإسلام عيال عليه ووالله ما أعلم في الوجود له نظير.
والحافظ الرحلة الزين قاسم الحنفي ومن بعض كتابته الوصف بالواصل إلى دقائق هذا الفن وجليله والمروي فيه من الصدى جميع غليله:
تلقف العلمَ من أفواه مشيخةٍ ... نصوا الحديثَ بلامين ولا كذب
فما دفاتره إلا خواطره ... يمليك منها بلا ريب ولا نصب
وهو الذي لم يزل قائماً من السنة بأعبائها ناصباً نفسه لنشرها وأدائها محققاً لفنونها ومضمون عيونها مع قلة المعين والناصر والمجاري له في هذا العلم والمذاكر لا يفتر عن ذلك طرفة عين ولا يشغل نفسه بغيبة ولامين.
والعلامة الموفق أبو ذر بن البرهان الحلبي الحافظ فوصف بمولانا وشيخنا العلامة الحافظ الأوحد قدم علينا حلب فأفاد وأجاد كان الله له؛ بل صرح بما هو أعلى منه.
والبرهان البقاعي وكان عجباً في التناقض حين الغضب والرضى فقال: إن ممن ضرب في الحديث بأوفر نصيب وأوفى سهم مصيب المحدث البارع الأوحد المفيد الحافظ الأمجد إلى آخر كلامه. وقال مرة: إذا وافقني فلان لا يضرني من خالفني؛ في ثناء كثير ذكر في التأليف المشار إليه، وقدم هؤلاء لاشتغالهم بالحديث أكثر.
وممن أثنى من الحفاظ المحدثين الزين رضوان المستملي وكذا التقي القلقشندي والعز الحنبلي ومنه الوصف بالإمام العلامة الحافظ الأستاذ الحجة المتقن المحقق شيخ السنة حافظ الأمة إمام العصر أوحد الدهر مفتي المسلمين محيي سنة سيد الأولين أبقاه الله للمعارف علماً ولمعالم العلم إماماً مقدماً وأحيا بحياته الشريفة مآثر شيخه شيخ الإسلام وجعله خلفاً عن السلف الأئمة الأعلام ويحرسه من حوادث الزمان وغدره ويأمنه من كيد العدو ومكره برسوله محمد صلى الله عليه وسلم.(4/75)
والمفوه البليغ البرهان الباعوني شيخ أهل الأدب فكان مما قال: الشيخ الإمام الحائز لأنواع الفضل على التمام الحافظ لحديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أمتع الله بحياته وأعاد على المسلمين من بركاته هو الآن من الأفراد في علم الحديث الذي اشتهر فيه فضله وليس بعد شيخ الإسلام ابن حجر فيه مثله وقد حصل الاجتماع بخدمته والفوز ببركته والاقتباس من فوائده والاستمتاع بفرائده.
وقاضي القضاة العلم البلقيني فمن وصفه قوله: الشيخ الفاضل العلامة الحافظ جمع فأوعى واهتم بهذا الفن ولم يزل له يرعى، وصرح غير مرة بالانفراد.
وقريبه الولوي قاضي الشام فكان مما كتبه في أثناء مدح لغيره من أقربائه خصوصاً واسطة عقدها من انعقد الإجماع على أنه أمسى كالجوهر الفرد وأصبح في وجه الدهر كالغرة حتى صارت الدرر مع جواهره كالذرة بل جواد جوده شهد له جريانه بالسبق في ميدان الفرسان وحكم له بأنه هو الفرع الذي فاق أصله البديع بالمعاني ولا حاجة للبيان أضاء هذا الشمس فاختفت منه كواكب الذراري كيف لا وقد جاءه الفيض بفتح الباري فهو نخبة القمر والدهر وعين القلادة في طبقة الجود لأنه عين السخاء وزيادة فبدايته لها النهاية ومنهاجه أوضح الطرق إلى الغاية وهو الخادم للسنة الشريفة والحاوي لمحاسن الاصطلاح النكت المنيفة فبهجته زهت بروضتها وروضته زهت ببهجتها؛ إلى آخر كلامه.
وقريبه الآخر البدري قاضي مصر كان فكان مما كتبه في أثناء كلام: وكيف لا وإمامة مؤلفه في فنون الحديث النبوي لا تنكر وتقدمه فيه ليس بشاذ ولا منكر بل هو باستفاضته أشهر من أن يقال ويذكر وحفظه للرجال وطبقاتهم ومراتبهم سما فيه على أهل عصره وتصانيفه إليها النهاية في الشهادة له بمزيد علوه وفخره واستحضاره للأسانيد والمتون من أمهات الكتب لا يدرك قرار بحره ومعرفته بمظان ما يلتمس منه في جميع فنونه وإبراز المخدرات من مخبآت عيونه يقصر عن بيان الأمر فيه المقال ولا يحصر ذلك المثال فقد حاز قصب السبق في مضماره وميز صعاب القشر من لبابه بجودة قريحته وبنات أفكاره بحيث صار هو الكعبة والحجة في زمانه وشهد له الحفاظ بالتقدم على الشيوخ فضلاً عن أقرانه.
وفقيه المذهب الشرف المناوي، ومما كتبه أنه لما أشرف علم الحديث على الإندراس من التدريس حتى لم يبق منه إلا الأثر والانفصال من التأليف حتى لم يبق منه إلا الخبر انتدب لذلك الأخ في الله تعالى الإمام العالم العلامة والحافظ الناسك الألمعي الهامة الحجة في السنن على أهل زمانه والمشمر في ذلك عن ساعد الاجتهاد في سره وإعلانه فجد بجد في حفظ السنة حتى هجر الوسن وهاجر بعزم فيها حتى طلق الوطن وأروى العطاش من عذب بحر السنة حتى ضرب الناس بعطن.
وحافظ المذهب السراج العبادي فقال هو الذي انعقد على تفرده بالحديث النبوي الإجماع وأنه في كثرة اطلاعه وتحقيقه لفنونه بلغ ما لا يستطاع ودونت تصانيفه واشتهرت وثبتت سيادته في هذا الفن النفيس وتقررت ولم يخالف أحد من العقلاء في جلالته ووفور ثقته وديانته وأمانته بل صرحوا بأجمعهم بأنه هو المرجوع إليه في التعديل والتجريح والتحسين والتصحيح بعد شيخه شيخ مشايخ الإسلام ابن حجر حامل راية العلوم والأثر تغمده الله بالرحمة والرضوان وأسكنه فسيح الجنان والله أسأل وله الفضل والمنة أن يحفظ ببقائه هذه السنة ويزيده علواً ورفعة وسمواً ويتم عليه بمزيد الأفضال والنعم ويبقيه لإرشاد المبتدعين فهداية رجل واحد خير من حمر النعم وينفع ببركته ومحبته آمين.(4/76)
والعلامة فريد الأدباء الشهاب الحجازي فكان مما قاله: الإمام العلامة حافظ عصره ومسند شامه ومصره هو بحر طاب مورداً وسيد صار لطالبي اتصال متون الحديث على الحالين سنداً بل هو لعمري عين في الأثر وما رآه أحد ممن سمع به إلا قال قد وافق الخُبر الخبرَ لقد أجاد النقل من كلاميّ الله ورسوله القديم والحديث وسارت بفضله الركبان وبالغت بالسير الحثيث فلو رآه صاحب الجامع الصحيح رفع مناره وقدمه للإمامة وقال هذا مسلم على الحقيقة وزاد في تعظيمه وإكرامه ولو أدركه الحافظ الذهبي لم يتكلم معه إلا بالميزان أو البرهان القيراطي لرجح ما قاله وعلم أن بلدته قيراط بالنسبة عند تحرير الأوزان ولو لحقه المِزي ولى هرباً بعد ما لم أطرافه أو عاينه صاحب الذيل ملأ ردته من هذه الفوائد التي ليس لها بها طوق وطلب إسعافه نعم هو المأمول في الشدة والرخا والمليء من الفوائد والسخي بها ولا بدع إذ هو من أهل سخا.
والأستاذ شيخ الفنون في وقته التقي الحصني الشافعي فقال إنه أصبح به رباع السنة المصطفوية معمورة الأكناف والعرصات ورياض الملة الحنيفية ممطورة الأكمام والزهرات قد صعد ذرى الحقائق بأقدام الأفكار ونور غياهب الشكوك بأنوار الآثار، قارع عن الدين فكشف عنه الفوارع والكروب وسارع إلى اليقين فصرف عنه العوادي والخطوب وإذا قرع سمعك ما لم تسمع به في الأولين فلا تسرع وقف وقفة المتأملين وقل للمعاند فائت بمثله إن كنت من الصادقين فالله تعالى يغمره بجزيل بره في سائر أوقاته ويعصمه بالسداد في حركاته وسكناته ويبوئه من الفردوس الأعلى أعلى درجاته بمحمد وآله وأصحابه وأزواجه وذرياته.
وأوحد أهل الأدب الشهاب بن صالح فقال في كلام له: هو الحافظ الذي تمكن من الحديث دراية ورواية فاطلع وروى وتضلع وارتوى وأعان نفسه نفسه حيث طال فطاب على غوص ذلك البحر ولنعم المعين وأمده مديده بالجوهر الثمين فحبذا ابن معين جمع ما تفرق من فنون الاصطلاح فحكى ابن الصلاح بل أربى بنخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر بل جلى كعبة فضل لو حجها أبو شيخه تهيب النطق حتى قيل ذا حجر فكأني عنيته بقولي في شيخه شيخ الحديث قديماً إذ نثرت عليه عقد مدحي نظيماً:
وقد حفظ الله الحديثَ بحفظه ... فلا ضائع إلا شذى منه طيب
ومازال يملأ الطرس من بحر صدره لآليء إذ يملي علينا ونكتب
جعل الله تعالى مصر به موطناً لهذا العلم حتى تصاهي بغداد دار السلام وأثابه في الأخرى جنة النعيم دار السلام ورفع بها درجاته عدد ما كتب وسيكتب في الصحف المكرمة من الصلاة على الحبيب الشفيع والسلام.
والإمام المحب بن القطان فمن قوله: يا له من ندى نديم يجود على السائل بالعوم التي يبخل بمثلها ابن العديم لو رآه الخطيب أو ابنه لضربا بالسيف منبر تاريخهما إعراضاً ولسكنا عن كشف حال الرجال أعراقاً وأعراضاً جاب بالبلاد وجال واقتحم المهامه ولم يخف إلا وجال وجد في الرحلة آخذاً من تقلباتها بالدين المتين ماشياً في جنباتها عندما سمع قوله: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين " مقبلاً تارة بإقباله ومتصلاً تارة بجبهة مغرى بجمالها حال اتصاله واطئاً بعزمه فروج الثرى راغباً في قول القائل " عند الصباح يحمد القوم السرى " مستولداً من جنات جنان فوائد الموائد جنيناً شارباً من ماء حبات هبات هباته كيما يحيا معيناً دخل دمشق الشام دار ابن عامر فأحيا الذاكر بعد أن أمات ذكر ابن عساكر ولما قدم من حلب أغنى باطلاعه عن مطالعة الدر المجتلب فلله دره من حافظ رقي بسعيه وطوافه بزماننا هذا أسنى المراقي وأبان بمرامز إشاراته ما طواه بعد النشر الحافظ ابن العراقي.(4/77)
وقال ابن أخيه البدر عقب دعاء شيخهما بقوله الذي سلف والله المسئول. أن يعينه على الوصول إلى الحصول حتى يتعجب السابق من اللاحق ما نصه: وقد استجاب الله دعوته وحقق رجاءه وبغيته إذ تصانيفه وتعاليقه شاهدة لذلك ومبرهنة لما هنالك فكم من مشكل غامض بينه ومقفل أوضح الأمر فيه وأعلنه ومعلول كشف القناع عن علته وحقق ما لعله خفي عن أهل صنعته وهو الآن كما سبقني إليه الأعيان حافظ الوقت ومحدث الزمان وإن رغمت أنوف بعض الحساد لذلك فضوء شمسه يقتبس منه القاطن والسالك ومن جد وجد ومن قنع واعتزل ففي ازدياد من المعارف لم يزل ومن للتواضع سلك فجدير بأن للقلوب ملك ومن ترفع بالجهل هلك والله أسأل أن يزيده من فضله وأن يديم حياته لإحياء هذا الشأن ونقله. وهؤلاء شافعيون.
والعلامة المصنف البدر العيني قال عن بعض التصانيف: إنه حوى فوائد كثيرة وزوائد غزيرة وأبرز مخدرات المعاني بموضحات البيان حتى جعل ما خفي كاعليان فدل على أن منشئه ممن يخوض في بحار العلوم ويستخرج من دررها المنثور والمنظوم، وممن له يد طولى في بدائع التراكيب وتصرفات بليغة في صنائع التراتيب زاده الله تعالى فضلاً يفوق به على أنظاره وتسمو به في سماء قريحته قوة أفكاره إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وفقيه المذهب سعد الدين بن الديري فوصف بالشيخ الإمام الفاضل المحدث الحافظ المتقن وقرض بعض التصانيف.
والتقى الشمني وآخر ما كتب الوصف بالشيخ الإمام العلامة الثقة الفهامة الحجة مفتي المسلمين إمام المحدثين حافظ العصر شيخ السنة النبوية ومحررها وحامل راية فنونها ومقررها من صار الاعتماد عليه والمرجوع في كشف المعضلات إليه أمتع الله بفوائده وأجراه على جميل عوائده.
والأميني الأقصرائي، ومما كتبه أخيراً قوله له متمثلاً:
إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام
وكيف لا ومؤلفه سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العالم العلامة الحبر الفهامة الثقة الحجة المتقن المحجة حافظ الوقت وشيخ السنة ونادرة الوقت الذي حقق الفنون وفنه الشيخي العاملي الشمسي فهو المرجوع إليه والمعتمد والمعول عليه في فنون الحديث بأسرها والقائم بالذب عنها ونشرها بعد شيخه شيخ مشايخ الإسلام خاتمة المجتهدين الأعلام الكناني العسقلاني تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته والله أرجو أن يؤيده بمعونته ويكافئه بمثوبته ويكفيه شماتة الأعداء والحاسدين ويمد في حياته لنفع المسلمين.
وابن أخته المحبي فوصف بسيدنا ومولانا وأولانا العالم العلامة والبحر الفهامة المحدث البارع الحافظ المتقن الضابط.
والمحيوي الكافياجي ومنه الوصف بالإمام الهمام زين الكرام فخر الأام الصالح الزاهد العارف العالم العلامة النسابة العمدة الرحلة وارث علوم الأنبياء والمرسلين الموصوف بالمعارف القدسية المشهور بالكمالات السنية الأنسية الفرد الفريد الوحيد المشهود له بأنه إمام جليل أحفظ زمانه في المنقول والمعقول بالاتفاق المقدم على الكل بالاستحقاق في جميع البلدان والآفاق أحسن الله تعالى إليه ونفعنا به وببركات علومه والمسلمين آمين آمين ألف آمين يا رب العالمين.
والرضى أبو حامد بن الضياء؛ ومما كتبه الوصف بالإمام العالم المفيد الأوحد الفريد قدوة المحدثين وعمدة العلماء العاملين نفع الله به وأعاد من بركته ووصل الخير بسببه. قوال قدم بيت الله المحرم وجاور لدى بيت الله المعظم وتجرد للعبادة مجتهداً وواصل ذلك بالفحص عن رواة الحديث بها مستعداً تكميلاً لمراده وتحصيلاً لمفاده فأفاد واستفاد واشتغل وأشغل ورام الإحاطة بالتحصيل فحصل. وكلهم حنفيون.
والمحيوي الأنصاري المكي فوصف بسيدنا الإمام العالم العلامة المحدث حافظ الوقت بديع الزمان وعلامة علماء هذا الشان أبقاه الله تعالى على ممر الدهور والأزمان.
والشمسي القرافي سبط ابن أبي جمرة فقال: الشيخ الإمام المحدث الكامل الحافظ المتقن الباحث في هذا الفن عن حقائقه المبلغ في طلب التصحيح غاية دقائقه أفاض الله علينا من بركاته وعلومه وأدام نعمه عليه في حركاته وسكونه.(4/78)
والبدري بن المخلطة فقال: هو الإمام المنفرد في عصره المجتهد في إقامة الصلاة في مصره فقسماً لو رفعت إلى الحاكم قصته لقبل منه القول وأوجب له الجائزة ذات الطول وحكم على من نازعه بالتسليم ومناولة الكتاب باليمين وإنه إن شافه الناس بحديثه فيوثق به ولا يمين ولو تصفحه الذهبي لنقطه بذهبه أو رآه البيهقي لرفعه مع شعبه ولو سمع به القصري لأمر بالوقوف على أبوابه بل بالتوسد بأعتابه هذا وإني وجدت القول ذا سعة غير أن عبارتي قاصرة والفكرة مني مقصورة فاترة. والثلاثة مالكيون.
بل سمع منه بعض تصانيفه من شيوخه الزين البوتيجي واستجازه لنفسه وللقاضي الحسام بن حريز وأشار لهذا بقوله: فاستجزته منه لأرويه عنه بسند صحيح وتناولت من يده بقلب منشرح وأمل فسيح، وكذا سمع منه بعضها إمام الكاملية مع مناولة جميعه مقرونة بالإجازة، والمحب بن الشحنة واشتد غرامه بها وتكرر سؤاله في بعضها بخطه وبلفظه. وكتب الشرف أبو الفتح المراغي وكان في التحري واليبس والورع بمكان بخطه ما نصه: وكاتبه يسأل سيدي الحافظ أمده الله تعالى وعمره أن يجيز لولد عبده فلان. بل سمع منه جميع القول البديع منها شيخ المذهب الشرف المناوي وأحد أئمة الحنفية البدر بن عبيد الله وصالح الأمراء وأوحدهم يشبك المؤيدي الفقيه وقرأ عليه بعضه وتناول سائره منه التقي الجراعي الدمشقي الحنبلي وحدث به عنه الشهاب بن يونس المغربي والفخر عثمان الديمي والشرف عبد الحق السنباطي وهو بخصوصه ممن سمعه منه ثم قرأه بالروضة الشريفة عند الحجرة النبوية وكذا قرأه قبله فيها النجم بن يعقوب المدني وخير الدين بن القصبي المالكيان وأبو الفتح بن إسماعيل الأزهري الشافعي حسبما أخبره به كل منهم وبالغ الجلال المحلي في الثناء عليه والتنويه به حتى قال له قد عزمت على إشهاره وإظهاره، وكذا أثنى على غيره من التصانيف وتكرر ثناؤه في الغيبة كما أخبره به الشمس الجوجري والسيد السمهودي وغيرهما؛ واختصر التقي الشمني بعضها وأكثر عالم الحنابلة العز الكناني من مطالعتها والانتقاء منها وربما صرح بذلك في بعضه وقال في بعضها: إن لم تكن التصانيف هكذا وإلا فلا فائدة. وكتب الأكابر بعضها بخطوطهم كالعز السنباطي والشمس بن قمر والبرهان القادري أحد الأولياء والشمس بن العماد والأستاذ عبد المعطي المغربي نزيل مكة والنجم بن قاضي عجلون وقابل معه بعضها والسيد السمهودي وسمع بعضها والبرهان البقاعي ونقل منها في مجاميعه تناقهلا الناس إلى كثير من البلدان والقرى ولم يعدم من يأخذ منها المصنف بكماله سلخاً ومسخاً وينسبه لنفسه من غير عزو بل ومنهم من ينتقد والأعمال بالنيات والله يعلم المفسد من المصلح.
ولقب بمشيخة الإسلام المحيوي الكافياجي مشافهة غير مرة والشمسي بن الحمصي عالم غزة مراسلة والزيني زكريا الأنصاري في غير موضع والجمالي بن ظهيرة والبدري السعدي والمحيوي المكي الحنبليان وآخرون من الأئمة الأحياء والأموات.
وامتدحه بالنظم خلق أفردهم بالجمع ومنهم ممن مدح شيخه المحبان ابن الشحنة وابن القطان والبرهان الباعوني وغاب الآن نظمه عنه دون نثره والمليجي الخطيب والشهب الحجازي والمنصوري وابن صالح والجديدي والشمسي بن الحمصي والسخاوي قاضي طيبة والقادري وابن أيوب الفوي وأبو اللطف الحصكفي المقدسي وغاب الآن نظمه عنه دون كلامه وعبد اللطيف الطويلي والجمال عبد الله المحلى والزين عبد الغني الأشليمي وعدتهم ستة عشر نفساً بقيد الحياة منهم ثلاثة الآن بل اثنان فالمحب الأول قال وقد قلت فيه قول المحب في الحبيب:
وقف المحب على الذي ... رقم الحبيب فراقه
قسماً ولم يسمع به ... من وصف إلا ساقه
بل من وصفه له الحافظ الكبير والمحدث الذي ليس له في عصره نظير وأنه ظهر له بالقياس الصحيح من هذه الأوصاف أن إجماع أهل السنة لا يتطرق إليه الخلاف وأن المترجم جدير أن يترجم بطبقات فوق ما ترجم وجدير بالعلم بتقييد المهمل وتبيين المعجم فالله يبقيه لكشف مشكلات الأحاديث الغامضة وبيان معضلات الأسانيد العارضة وإحياء دواوين السنن السنية وإماتة أقوال أهل البدع الفتن والعصبية؛ في كلام طويل. والمحب الثاني قال:
على السخاوي دون حفظ الذي سما ... بوقتي هذا رتبة ابن علي(4/79)
له من لجين الطرس نقد دوينه ... مناقشة النقاش والذهبي
بدا بسما العرفان شمس معارف ... ويوم بيان كالرضى العلوي
وقال أيضاً:
وغير عجيب من محب بديهة ... سخبا بالمعاني في مديح سخاوي
روى عطشاً بالعلم عند رواية ... فأكرم بري من روايته راوي
وقال أيضاً:
بليغ إذا ما راح يتلو رواية ... يشنف آذاناً ويشرح خاطرا
يقر له عند القراءة خصمه ... فأكرم بمولى يبهج الخصم إن قرا
والمليجي قال من قصيدة:
أولاك فضلاً في حديث نبيه ... تبدي جميل الوصف من أنبائه
تملى ارتجالاً فيه وصف رجاله ... وتذيع ما قد شاع من أسمائه
يا شمس دين الله حسبك ما تجد ... من خير خلق الله عند لقائه
فضلاً يجيزك وهو أكرم سيد ... أغنى الورى بنواله وسخائه
والفضل فضلك في الحديث وغيره ... عجز المفيد الوصف عن إحصائه
والحجازي قال من أبيات:
أعني الإمام العالم العلامة ... المسند المحدث الفهامة
الحافظ المفوه السخاوي ... بعلم كل عالم وراوي
والمنصوري أثبت في الجمع المشار إليه وابن صالح تقدم مع نثره. والجديدي قال في أبيات:
وافي جوابك فاستنار ظلام ... وغدت بدور الأفق وهي تمام
يا كاتباً كبت العدى لما كبت ... من خلفه في شوطها الأقلام
صلى وراءك في الحديث جماعة ... ممن يعانيه وأنت إمام
أهدت لنا طرساً سطور بيانه ... روض ومغناه البديع حمام
وكأنما تلك الحروف جواهر ... فيها تأنق جهده النظام
لا بل كؤوس مدامة من فوقها ... قد در من مسك المدام ختام
لا بدع إن مالت بعطفي نشوة ... فمن الكلام إذا اعتبرت مدام
وابن الحمصي قال:
يا خادماً أخبار أشرف مرسل ... وسخا فنسبته إليه سخاوي
وحوى السياسة والرياسة ناهجاً ... منهاج حبر للمكارم حاوي
وقال أيضاً:
أحببتكم من قبل رؤياكم ... لحسن وصف عنكم في الورى
وهكذا الجنة محبوبة ... لأهلها من قبل أن تنظرا
والسخاوي قال في قصيدة طويلة قيلت بحضرة كل منهما في الروضة النبوية:
وفي فضائله القول البديع فكم ... أبدى بديعاً لأرباب الحجا حسنا
فكم فوائد فيها للورى جمعت ... من دعوة وصلاة أذهبا الحزنا
فاسمعه في الروضة الزهرا تنل رشداً ... بحضرة المصطفى تظفر بكل منى
فكل أقواله كم فرجت كرباً ... وكم بها خائف من بأسه أمنا
جمع الإمام السخاوي الشافعي فلقد ... أجاد في جمعه إذ فارق الوسنا
العالم الحافظ المحمود سيرته ... أضحى بضبط على الأخبار مؤتمنا
يقرأ ويقرئ ما يقريه يوضحه ... للطالبين فما في العصر عنه غنى
يروي الأحاديث والآثار متصلا ... عن الأسانيد لا ريباً ولا وهنا
والقادري وقوله في الجمع المشار إليه، وابن أيوب وقد غاب الآن عنه نظمه، والطويلي فقال:
بهذا العيد قد جئنا نهني ... إمام العصر شيخ الناس طرا
أطال الله عمرك في ازدياد ... من الخيرات للدنيا وأخرى
والمحلى وقد غاب الآن عنه نظمه والزين الإشليمي فقال:
يا سيداً أضحى فريد زمانه ... ودليل ما قد قلته الإجماع
عندي حديث مسند ومسلسل ... يرويه ذو الاتقان لا الوضاع
ما في الزمان سواك يلفى عالماً ... صحت بذاك إجازة وسماع
الخير فيك تواترت أخباره ... وهو الصحيح وليس فيه نزاع
يا من إذا ما قد أتاه ممرض ... يشكو يزول الضر والأوجاع
في أبيات. وقد يكون فيما طوى أبدع وأبلغ مما أثبت ولكن إنما اقتصر على هؤلاء لما سبق. وقال له الشمس بن القاياتي مخاطباً له:(4/80)
يا حافظاً سنة المختار من مضر ... وباذلاً جهده في خدمة الأثر
ومن سما وعلا في كل مكرمة ... حتى استكان له من كان ذا بصر
إني أقول لمن أضحى يشانئكم ... أقصر عن الطعن واسمع قول مختبر
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من ضرر
مازال ذو الجهل يبغي النقص من حسد ... لذي الفضائل إذا فاتته في العمر
فاصفح بفضلك عنه واجتهد فلقد ... حباك ربك علماً صادق الخبر
واقتفى أثره بعض الآخذين عنهما فقال:
يا عالماً على الحديث قد جذا ... وماحياً بحفظه ضرم الجذي
وباذلاً للسعي فيه جهده ... وراكباً لأجله شط الشذى
لا ينثني عن حبكم إلا فتى ... معاند أو حاسد ومن هذي
إني أقول للعداة إنه ... لقد سما على العدا مستحوذا
وقال:
لعمرك ما بدا نسب المعلى ... إلى كرم وفي الدنيا كريم
ولكن البلاد إذا اقشعرت ... وضوح نبتها رعى الهشيم
واستقر في تدريس الحديث بدار الحديث الكاملية عقب موت الكمال ولكن تعصب مع أولاده من يحسب أنه يحسن صنعاً وكانت كوائن أشير إليها في الفرجة ثم رغب الابن عنها لعبد القادر بن النقيب؛ وكذا استقر في تدريس الحديث بالصرغتمشية عقب الأمين الأقصرائي؛ وناب قبل ذلك في تدريس الحديث بالظاهرية القديمة بتعيينه وسؤاله، ثم في تدريس الحديث بالبرقوقية عقب موت البهاء المشهدي، وقرره المقر الزيني بن مزهر في الإملاء بمدرسته التي أنشأها فاستعفى من ذلك لالتزامه تركه كما قدمه؛ وكذا قرره المناوي في تدريس الحديث بالفاضلية لظنه أنه وظيفة فيها، كما أنه سأل شيخه بعد موت شيخه البرهان بن خضر في تدريس الحديث بالمنكوتمرية فأجابه بأنه لم يكن معه إنما كان معه الفقه وقد أخذه تقي الدين القلقشندي، بل عينه الأمير يشبك الفقيه الدوادار حين غيبته بمكة لمشيخة الحديث بالمنكوتمرية عقب التقي المذكور فلا زال به صهره حتى أخذها لنفسه وكذا ذكر في غيبته التالية لها لقراءة الحديث بمجلس السلطان بعد إمامه وما كان يفعل لأن الدوادار المشار إليه سأله في المبيت عند الظاهر خشقدم ليلتين في الأسبوع ليقرأ له نخباً من التاريخ كما كان العيني يفعل فبالغ في التنصل كما تنصل منه حين التماس الدوادار يشبك من مهدي له عند نفسه، ومن مطلق التردد لتمر بغا المستقر بعد في السلطنة وفي الحضور عند برد بك والشهابي بن العيني وغيرهما، نعم طلبه الظاهر نفسه في مرض موته فقرأ عنده الشفافي ليلة بعض ذلك بحضرته وفي غيبته التي بعدها لمشيخة سعيد السعداء بعد الكوراني، وعرض عليه الأتابك شفاهاً قضاء مصر فاعتذر له فسأله في تعيين من يرضاه فقال له لا أنسب من السيوطي قاضيك، إلى غير هذا مما يرجو به الخير مع أن ماله من الجهات لا يسمن ولا يغني من جوع، ولله در القائل:
تقدمتني أناس كان شوطهم ... وراء خطوي لو أمشي على مهل
هذا جزاء امرئ أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل
فإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة بانحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك من وثقت به ... فعاشر الناس واصحبهم على دخل
فإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رجل
وقال أحمد بن يحيى ثعلب النحوي فيما رويناه عنه يقول دخلت على أحمد بن حنبل فسمعته يقول:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ... خلوت ولكن قل علي رقيب
إذا ما مضى القرن الذي أت فيهم ... وخلفت في قرن فأنت غريب
فلا تك مغروراً تعلل بالمنى ... فعلك مدعو غداً فتجيب
ألم تر أن الدهر أسرع ذاهب وأن غداً للناظرين قريب(4/81)
هذا كله وهو عارف بنفسه معترف بالتقصير في يومه وأمسه خبير بعيوبه التي لا يطلع عليها مستغفر مما لعله يبدو منها، لكنه أكثر الهذيان طمعاً في صفح الإخوان مع كونه في أكثره ناقلاً واعتقاد أنه فضل ممن كان له قائلا.
والله يسأل أن يجعله كما يظنون وأن يغفر له ما لا يعلمون، ولله در القائل:
لئن كان هذا الدمع يجري صبابة ... على غير ليلى فهو دمع مضيع
وقول غيره:
سهر العيون لغير وجهك باطل ... وبكاؤهن لغير فضلك ضائع
2 - محمد بن عبد الرحمن بن الجمال المصري محمد بن أبي بكر بن علي بن يوسف الجمال بن العلامة الوجيه الأنصاري المكي الشافعي ويعرف بابن الجمال المصري وسمع من الزين المراغي في سنة ثلاث عشرة أشياء واشتغل على أبيه وغيره وفضل وجود الخط. مات بمكة في صفر سنة ستين. أرخه ابن فهد.
3 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عيسى الشمس بن الزين بن الشمس القاهري الصحراوي الشافعي أخو عبد الصمد الماضي ويعرف بالهرساني. ولد بالصحراء ونشأ بها فقرأ القرآن عند أبيه والسنديوني والتنبيه وغيره، وعرض على جماعةح وسمع على جده والحافظين العراقي والهيثمي والتنوخي وابن أبي المجد وابن الشيخة والأبناسي والغماري في آخرين. واشتغل قليلاً وتنزل في الجهات كالطلب بدرس وكان هو الداعي في حلقة مدرسه محفوفاً بالأنس في ذلك والخفر؛ وحدث باليسير سمع منه الفضلاء سمعت عليه. ومات بعد أن كف فصبر بعد الستين رحمه الله وإيانا.
4 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الشمس الصبيبي المدني الشافعي والد أحمد وأبي الحرم محمد وابن عمه الجمال الكازروني وابن أخت أبي العطاء أحمد بن عبد الله بن محمد. ولد في ربيع الآخر سنة صمان وخمسين وسبعمائة وسمع على البدر إبراهيم بن أحمد بن عيسى بن الخشاب في سنة سبعين فما بعدها؛ ووصفه النجم السكاكيني في إجازة ولده بالعالم الفاضل الكامل ووالده بالشيخ الصالح الزاهد العابد، وحدث بالبخاري لفظاً في الروضة سنة ست وثمانمائة فسمع من جماعة، وذكره شيخنا في إنبائه وقال إنه اشتغل بالفقه ودرس في الحرم النبوي. مات بصفد سنة سبع وقد بلغ الخمسين.
5 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن حجي بن فضل الشمس بن الزين السنتاوي الأصل القاهري الشافعي سبط المحيوي يحيى الدمياطي والماضي أبوه. نشأ فحفظ القرآن وكتباً عرضها علي في جملة الجماعة واشتغل عند أبيه والجوجري وغيرهما في فنون، وفضل وبرع ولازمني مدة في قراءة الأذكار وغيره، وحج ورزق أولاداً. كل هذا مع أدب واقتفاء لطريقة أبيه وربما احتطب طلباً للحلال. مات في مستهل المحرم سنة ست وثمانين وصلى عليه عقب صلاة الجمعة بالأزهر في مشهد حافل وتأسف اللناس على فقده وأثنوا عليه وتوجعوا لأبيه من بعده عوضهما الله الجنة.
6 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن حسن الفاقوسي الماضي أبوه وجده؛ ممن سمع هو وأخوه أحمد ختم البخاري بالظاهرية.
7 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خليل بن أسد بن الشيخ خليل صاحب الضريح الشمس النشيلي ثم القاهري الأزهري الشافعي ويعرف بالنشيلي. وأخذ عن العلم البلقيني في الفقه وغيره رفيقاً للشمس الطيبي وكذا أخذ عن المناوي وابن حسان وآخرين وسمع على شيخنا وغيره وأجاز له باستدعائي جماعة وصحب الشيخ محمد الغمري وأقام بجامعه مدة بل أم به قليلاً؛ وداوم التلاوة والعبادة والنظر في كتب الرقائق والتصوف فعلق بذهنه كثيراً من الفوائد والنكت وصار يذاكر بها ويبديها لمن لعله يجتمع به ونوه خطيب مكة أبو الفضل الويري به بحيث تردد له الشرف الأنصاري بل الأمير أزبك الظاهري وجلس في خلوة بسطح جامع الأزهر وتردد الناس إليه وربما حصل التوسل به في الحوائج، وقرأ عنده إبراهيم الحموي الميعاد في بعض أيام الأسبوع وكذا البهاء المشهدي ثم لما هدمت الخلاوي تحول لبيته الأول وتقلل مما كان فيه، كل ذلك مع كونه لم يتزوج قط ومزيد عفته وإكرامه للوافدين بحسب الحال بحيث لا يبقى على شيء وملازمته للتلاوة والعبادة، وهو من قدماء أصحابنا.(4/82)
8 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن رجب بن صلح الشمس الطوخي الشافعي والد أحمد الماضي ويعرف بابن رجب. نشأ فحفظ القرآن والشاطبية وبعض التقريب للنووي أو جميعه والتبريزي والحاوي والملحة، وعرض على جماعة وأخذ في الفقه عن الشمس الشنشي وفي النحو عن ابن الزين بل تلا عليه للسبع إفراداً؛ وقدم القاهرة فأخذ عن شيخنا والعلم البلقيني والبدر النسابة وغيرهم، وحج مراراً وجاور في بعضها وقرأ بمكة على أبي الفتح المراغي في مسلم وولي عقود الأنكحة ببلده وكان عين أهلها فضلاً وديانة وصلاحاً وتعبداً، وقد حضر عندي في بعض مجالس الأملاء واغتبط بها وذلك حين قدومه القاهرة قبيل موته ليتداوى من مرض وأقام نحو شهرين، ثم رجع وقد نصل يسيراً فلم يلبث أن مات في يوم الجمعة سادس عشري جمادى الأولى سنة سبع وسبعين ودفن في عصره وهو ابن ثلاث وستين رحمه الله وإيانا.
9 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن صالح بن إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن حسن بن علي بن صلح فتح الدين أبو الفتح بن ناصر الدين أبي الفرج بن الشمس ابن الخطيب التقي أبي البقاء الكناني - بل زعم أنه هاشمي - المصري الأصل المدني الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن صلح. ولد في ليلة ثاني عشر ربيع الأول سنة تسع وتسعين وسبعمائة بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن وقال إنه تلاه للعشر من طريق النشر على ابن الجزري مصنفه والحاوي وجمع الجوامع والجمل للزجاجي وألفية العراقي الحديثية، وعرض على جماعة واشتغل في الفقه على والده والجمال الكازروني والنجم السكاكيني ويوسف الريمي اليمني والشمس الغراقي والجمال بن ظهيرة في آخرين وعن النجم أخذ الأصول مع المعاني والبيان وكذا أخذ الأصول مع العربية والمنطق عن أبي عبد الله الوانوغي وعنه وعن غيره أخذ النحو وكذا أخذ الحاجبية وغيرها عن أبي الحسن علي بن محمد الزرندي تلميذ المحب بن هشام وقرأ عليه الترمذي وكذا قرأ البخاري وغيره على أبيه وحسن الدرعي وفتح الدين النحريري وخلف المالكي وغيرهم كابن الجزري فإنه قرأ عليه في سنة ثلاث وعشرين بالمدينة الشفا وغيره وسمع عليه الحصن الحصين له وكذا سمع على أبي الحسن المحلي سبط الزبير وقبل ذلك جميع البخاري على الزين المراغي في آخرين من المدنيين والقادمين إليها كالجمال بن ظهيرة والمجد اللغوي؛ وأجاز له في سنة خمس فما بعدها ابن صديق وعائشة ابنة ابن عبد الهادي والعراقي وولده والهيثمي وابن الشرائحي والشهابان ابن حجي والحسباني وآخرون كالفرسيسي والجوهري وعبد الكريم بن محمد الحلبي وأبي الطيب السحولي وأبي اليمن الطبري وغيرهم تجمعهم مشيخته تخريج التقي بن فهد وهي في مجلد اقتصر فيها على المجيزين، وناب في القضاء والخطابة والإمامة ببلده طيبة عن أبيه ثم استقل بذلك بعد موته واستمر إلى أثناء سنة أربع وأربعين فترك القضاء لأخيه الآتي واقتصر على الخطابة والإمامة مع نظر المسجد النبوي حتى مات، وقدم القاهرة بسبب اتهامه بالمواطأة على قتل أبي الفضل المراغي أخي أبي الفتح وأبي الفرج الماضي ذكرهم؛ وزار بيت المقدس، وكان ذكياً مسدداً في قضائه كريماً من دهاة العالم ذا سمت حسن وملقي جميل مع فضيلة في الفقه ومشاركة في غيره وسهولة للنظم بحيث كان قد ابتدأ نظم القراآت العشر من طرق ابن الجزري في روي الشاطبية ونحوها مع التصريح بأسماء القراء نظماً منسجماً واختصاراً حسناً لو كان سالماً من اللحن؛ لقيته بالمدينة النبوية فأخذت عنده. ومات بها في ليلة الجمعة رابع عشري جمادى الأولى سنة ستين وصلى عليه بعد صلاة الصبح بالروضة ودفن بمقبرتهم بالقرب من السيد عثمان على قارعة الطريق، وهو في عقود المقريزي ونسب المشيخة لعمر بن فهد ووصفه بصاحينا رحمه الله وعفا عنه.
10 - محمد ولي الدين أبو عبد الله بن صثالح أخو الذي قبله. ولي القضاء استقلالاً حين استعفى أخوه منه في سنة أربع وأربعين فدام حتى استعفى هو أيضاً منه وتركه لابن أخيه صلاح الدين محمد وشارك في الخطابة والإمامة وكان جيد الخطابة ممن سمع على أبي الحسن سبط الزبير وغيره؛ ولم يلبث أن مات في إحدى الجماديين سنة أربع وسبعين.
11 - محمد شمس الدين أخو اللذين قبله. سمع على أبي الحسن سبط الزبير.(4/83)
12 - محمد بن عبد الرحمن بن القاضي أبي عبد الله محمد بن القاضي ناصر الدين عبد الرحمن ابن محمد بن صالح معين الدين الكناني المدني الشافعي الماضي أبوه. شاب رأيته قرأ في الشفا على خير الدين قاضي المالكية بالمدينة في سنة ثمان وتسعين يوم ختمه في الروضة النبوية.
13 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن أبو القسم الحميري الفاسي الأصل القسنطيني التونسي ثم المقدسي المالكي والد أحمد المعروف بالخلوف. جاور بمكة سنة ثلاثين فما بعدها ثم قدم بيت المقدس فقطنه حتى مات في سنة تسع وخمسين، وكان بارعاً في الفقه متقدماً فيه وكتب لصاحب المغرب. أفاده ولده.
14 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن سعد البدر بن الزين بن الشمس بن الديري المقدسي الأصل القاهري الحنفي ابن أخي شيخنا القاضي سعد الدين. ولد في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين وثمانمائة وحفظ القرآن والكنز والمنتخب للأخسيكتي والحاجبية. واشتغل عند عمه والأمين الأقصرائي وأذن له أولهما بل ناب عنه في القضاء ثم لازم الكافياجي ورغب له عن تدريس التربة الأشرفية برسباي فوثب عليه البدر بن الغرس ثم رجع إليه بعد موته، وقبل ذلك رغب له العضدي الصيرامي عن تدريس صرغتمش بجامع المارداني. وناب عن ابن عمه التاج عبد الوهاب في مشيخة المؤيدية تصوفاً وتدريساً وأذن له فيها بعد موته ثم طلب منه بذل عليه فأبى فبادر ابن الدهانة للبذل وتألم لذلك الأحباب، هذا مع تصديه للتدريس والإفتاء وتكرمه مع تقلله ومحاسنه وتجمله في مركبه وملبسه ومزيد ذكائه وفضائله وترشحه لقضاء الحنفية، وحج مع الرجبية في سنة إحدى وسبعين؛ وهو ممن كتب في مسئلة المياه بعدم التطهر من البرك الصغيرة ونحوها كالفساقي ووافه الصلاح الطرابلسي وغيره وكتب في ضده البدر بن الغرس.
15 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله الناشري الماضي أبوه. ولد سنة خمس وثمانمائة وكانت له مشاركة في علوم مع حسن خلق وكرم ومواظبة على التلاوة. مات شاباً في شوال سنة اثنتين وثلاثين بالفخة ودفن عند أبيه، ذكره الناشري في أبيه.
16 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عمر أبو صهى الحضرمي ثم الشبامي الكندي الأشعري الشافعي. قدم مكة من اليمن في أثناء سنة ثلاث وتسعين فأخذ عني ولبس مني الطاقية وقرأ على أربعي النووي وغيرها وكتب الابتهاج وغيره من تصانيف؛ وأخبرني أنه ابن أربع وثلاثين تقريباً، وأخذ الفقه عن عبد الله بأفضل ومحمد بن أحمد الدوعني عرف باباجرفيل والرقائق عن الشريف علي بن أبي بكر باعلوي في آخرين، وخلف والده في الفتيا والصلح ونحو ذلك، وهو خير متعبد. كتب إلى: سيدنا وبركتنا ونورنا الشيخ الإمام العلامة بقية السلف وقدوة الخلف شيخ مشايخ الإسلام وقطب كافة علماء الأنام صدر المدرسين عين المحدثين شمس الدنيا والدين نفع الله به وبعلومه، واستجازني له ولأخيه أحمد وللفقهاء عمر بن عبد الله باجمان الغرفي نزيل شبام وعبد الله بن عبد الرحمن بافضل التريمي وعبد الرحمن وعبد الله ابني الشريف علي بن أبي بكر بن علوي التريمي ومحمد بن عبد الله بن خطيب باذيب الشبامي وعلي بن عبد الرحمن بابهير البوري وعبد الله بن محمد أبا عكابة الهبتي.(4/84)
17 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله السيد معين الدين ابن السيد صفي الدين الحسني الحسيني الأيجي الشافعي الماضي أبوه وأخوه أحمد ويعرف بلقبه. ولد في جمادى الأولى يوم الجمعة ثامن عشرية - وبخطي أيضاً ثامن عشرة وهو فيما قيل أشبه - سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة بايج ولازم والده في الفقه والعربية والصرف والأصلين وغيرها، وابن عمه القطب عيسى في المعاني والبيان؛ ثم ارتحل إلى كرمان فقرأ على المولى على أحد تلامذة السيد الجرجاني حاشية شرح المطالع لشيخه. ثم إلى خراسان فأخذها أيضاً عن المولى خواجا على أحد العظماء من تلامذة السيد أيضاً بحيث قال فيه شيخه السيد: لو اجتمع في أحذ ذهنه وجدي في العلم وتقرير ولدي محمد لغلب العالم، وأخذ شرح المواقف عن المولى محمد الجاجرمي وقدمه خواجا علي للتدريس بحضرته وكذا أذن له غيره فتصدى لذلك وللإفتاء ببلده، وقطن مكة أكثر من عشر سنين متوالية أولها سنة سبع وستين على طريقة جميلة إقراءً وتصنيفاً وتقللاً من الخوض فيما لا يفيد، وانتفع به جماعة وعمل تفسيراً في مجلد ضخم وشرحاً لأربعي النووي في مجلد لطيف ورسالة في تفضيل البشر على الملك وأخرى في تفسير الكوثر وأخرى في الحيض وأخرى في قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك " إلى غيرها. وأجاز له ولحفيد عمه ابن أخته السيد عبيد الله جماعة منهم زينب ابنة اليافعي وأبو الفتح المراغي والمحب المطري والتقي بن فهد ومحمد بن علي الصالحي المكي والشمس محمد بن محمد بن عمر بن الأعسر، ولقيته غير مرة في المجاورة الثانية ثم قدم في أيام الثمان من المجاورة الثالثة عابر سبيل ورجع فأقام ببار ثم انتقل إلى جهرم متوجهاً للإقراء والإفادة؛ ونعم الرجل أصلاً ووصفاً.
18 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الحضرمي. مات بمكة في صفر سنة أربع وخمسين.
19 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الناصر بن هبة الله بن عبد الرحمن الصدر بن التقي الزبيري المحلي الأصل القاهري الشافعي سبط الجمال عبد الله بن العلاء التركماني الحنفي، أمه صالحة والماضي أبوه. ولد سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة تقريباً وحفظ القرآن وغيره واشتغل قليلاً وفضل وسمع على الفرسيسي وأمه صالحة وغيرهما، وناب في القضاء وحدث سمع منه الفضلاء، وكان لطيفاً حسن العشرة كثير الأدب. مات مطعوناً مبطوناً في يوم تاسوعاء سنة ثمان وأربعين بعد مرض طويل ودفن بتربة بني جماعة رحمه الله.
20 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد الشمس بن الشرف بن النجم بن النور بن الشهاب القاهري الشافعي القباني أخو قاسم ووالد عبد العزيز الماضيين، ويعرف كسلفه بابن الكويك. ولد في يوم الاثنين ثالث عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانين وسبعمائة - وقيل سنة ثمان وسبعين تقريباً والأول أصوب - بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج والشاطبية، وعرض على جماعة واشتغل قليلاً وسمع على التنوخي وابن الشيخة وابن أبي المجد والمطرز والعراقي والهيثمي والعماد أحمد بن عيسى الكركي والتقي الدجوي والشرف بن الكويك في آخرين وتنزل في صوفية سعيد السعداء؛ وسافر إلى الثغر السكندري وتكسب كأبيه قبانيا ومهر فيها، ثم حصل له مرض بعد سنة أربعين أقعد منه مع ابتلائه أيضاً وتسليط النمل عليه ودخوله تحت أظفاره وأكل بعض لحمه وإسكاته فلا ينطق، وهو مع ذلك صابر حامد مشتغل بنفسه وبالتلاوة حتى مات، وحدث قبل ذلك وبعده باليسير سمع منه الفضلاء قرأت عليه شيئاً. ومات في آخر يوم الاثنين سابع أو ثامن عشر ربيع الثاني سنة ست وخمسين رحمه الله وإيانا.
21 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن عبد الواحد بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الرحيم أبو أمامة بن الزين أبي هريرة بن الشمس أبي أمامة الدكالي الأصل القاهري الشافعي ويعرف كسلفه بابن النقاش، ذكره شيخنا في إنبائه فقال: اشتغل قليلاً وهو شاب ثم صار يخالط الأمراء في تلك الفتن التي كانت بعد وفاة برقوق فجرت له خطوب وقد خطب نيابة عن أبيه بجامع طولون، وحج مراراً وجاور وتمشيخ بعد وفاة أبيه فلم ينجب وأصابه فألج في أوائل سنة وفاته ثم مات في يوم الثلاثاء سادس عشري شعبان سنة خمس وأربعين وقد قارب السبعين ودفن بجانب أبيه بباب القرافة رحمه الله.(4/85)
22 - محمد الشمس أبو اليسر بن النقاش أخو الذي قبله. نشأ في كنف أبيه فحفظ القرآن وكتباً، وعرض وسمع على أبيه والفوى وشيخنا وفاطمة ابنة الصلاح خليل الحنبلي والزين القمني ولازمه في الفقه وغيره، وأذن له فيما بلغني في التدريس والإفتاء، واستقر شريكاً لأخيه بعد أبيهما في خطابة جامع طولون ثم استقل بها بعد أخيه ومنعه اغلظاهر جقمق محتجاً بلكنته وعدم فصاحته وقرر عوضه البرهان بن الميلق. وكذا استقر في تدريس الفقه بجامع أصلم وبرغبة المحب القمني له في تدريس الفقه بالظاهرية القديمة ودرس فيها وأعاد بالشريفية، وناب جامع أصلم في ليلة الأربعاء ثالث عشري جمادى الثانية سنة سبع وسبعين وصلى عليه من الغد بمصلى المؤمني ثم دفن بباب القرافة أيضاً وأظنه قارب السبعين رحمه الله.
23 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد بن القسم بن صالح بن هاشم التاج بن الزين القاهري، ويعرف كسلفه بابن العرياني. ولد قبل التسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها وسمع على ابن الشيخة في سنة ثلاث وتسعين فما بعدها جزء الدراج ومستخرج أبي نعيم على مسلم بفوت يسير، وحدث بالقليل سمع منه الفضلاء قرأ عليه. وكان خيراً يسقى الماء في بعض الحوانيت. مات في سنة تسع وستين رحمه الله.
24 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي حفيد الأمين الحمصي كاتب السر بدمشق وابن قاضي حمص الحنفي. ولد سنة خمس وعشرين وثمانمائة تقريباً وحفظ القرآن وقام به في رمضان سنة خمس وثلاثين قبل إكمال عشر سنين؛ ثم حفظ الملحة ثم مجمع البحرين ثم ألفية ابن ملك على شيخنا في ذي الحجة سنة ست وثلاثين بحمص حين اجتيازه في سنة آمد وأثنى على مزيد حفظه ونجابته وذكائه وبراعته.
25 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد القادر بن الأسعد أفضل الدين أبو الفضل بن الصدر بن عزيز الدين القرشي الأسدي الزبيري المليجي الأصل القاهري الشافعي والد محمد وعبد الرحمن. ولد في جمادى الأولى سنة ثمانين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وغيره. واشتغل، وتكسب بالشهادة بل كان مباشراً على أوقاف جامع الأزهر وشاهد الخاص رفيقاً فيه لأصيل الخضري، وولى خطابة الحسنية أظنه بعد التقي المقريزي؛ وكان قد سمع من حده المائة الشريحية وغيرها. وحدث قرأ عليه وسمع منه الفضلاء. مات في تاسع عشر شوال سنة إحدى وتسعين ودفن بتربتهم بالقرافة.
26 - محمد بن عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن أبو الخير الحسني الفاسي المكي المالكي. وأمه أم هانيء ابنة الشريف على الفاسي. حضر على العز بن جماعة وسمع من الجمال بن عبد المعطي وفاطمة ابنة الشهاب أحمد بن قاسم الحرازي والنشاوري والأميوطي والكمال بن حبيب وغيرهم. وأجاز له الصلاح بن أبي عمر وابن أميلة وابن الهبل والسوقي وابن النجم وعمر بن إبراهيم النقبي وأحمد بن عبد الكريم البعلي في آخرين. وتفقه بالشيخ موسى المراكشي وأبيه وخلفه في تصديره بالمسجد الحرام فأجاد وأفاد. وكان من الفضلاء الأخيار ذا حظ من العبادة والخير والثناء عليه جميل. مات في يوم الاثنين ثالث شوال سنة ست بطيبة ودفن بالبقيع وقد جاز الأربعين بيسير وعظمت الرزية بفقده فإنه لم يعش بعد أبيه إلا نحو سنة. ذكره الفاسي مطولاً وتبعته في تاريخ المدينة، والمقريزي في عقوده.(4/86)
27 - محمد المحب أبو عبد الله الحسني الفاسي المكي المالكي شقيق الذي قبله. ولد سنة أربع وسبعين وسبعمائة بمكة وسمع بها من العفيف النشاوري وعبد الوهاب القروي والجمال الأميوطي وابن صديق وبالقاهرة من ابن أبي المجد والتنوخي والحلاوي والسويداوي في آخرين، وأجاز له ابن أميلة والصلاح بن أبي عمر وآخرون، وكان قد حفظ مختصر ابن الحاجب الفرعي وكذا الرسالة وغيرهما وحضر دروس أبيه كثيراً بل قرأ في الفقه بالقاهرة على بعض شيوخها وتميز فيه قليلاً. وتكرر دخوله لليمن وكذا للقاهرة ودخل منها اسكندرية ودرس بمكة يسيراً وكذا حدث، ثم عرض له قولنج تعلل به سنين كثيرة إلى أن مات - وقد عرض له إسهال أيضاً - في ربيع الآخر سنة ثلاث وعشرين وصلى عليه عقب طلوع الشمس عند قبة الفراشين كأبيه ودفن عليه بالمعلاة بقبر أبي لكوط، ذكره الفاسي قال وهو ابن عمتي وابن عم أبي. وذكره شيخنا في ترجمة الذي بعده من إنبائه وقال إنه مهر في الفقه. وهو في عقود المقريزي رحمه الله.
28 - محمد الرضي أبو حامد الحسني الفاسي المكي المالكي شقيق اللذين قبله. ولد في رجب سنة خمس وثمانين وسبعمائة وقيل في سادس رجب من التي قبلها بمكة وسمع بها ظناً على العفيف النشاوري والجمال الأميوطي ويقيناً على ابن صديق والزين المراغي، وأجاز له جماعة وحفظ عدة من مختصرات الفنون وتفقه بأبيه وبالزين خلف النحريري وأبي عبد الله الوانوغي وقرأ عليه مختصر ابن الحاجب الأصلي بل وحضر دروسه في فنون من العلم بمكة وغيرها، وأخذ العربية عن الشمس الخوارزمي المعيد والشمس البوصيري حين جاور بمكة؛ وكثرت عنايته بالفقه فتميز فيه وفي غيره، وكتب بخطه الذي لا بأس به عدة كتب، وأذن له في التدريس والإفتاء وتصدر للتدرس والإفتاء وولي القضاء في رابع عشري شوال سنة سبع عشرة وثمانمائة عوضاً عن مستنيبه وابن عمه التقي الفاسي ووصل التوقيع لمكة في أوائل ذي الحجة منها فلبس خلعة الولاية وباشر فلما رحل المصريون جيء بتوقيع التقي الفاسي مؤرخ بسابع ذي القعدة منها فترك المباشرة واستمر حريصاً على العود فما تيسر له، وقد ناب عن الجمال بن ظهيرة وحكم في قضايا لا تخلو من انتقاد وكتب على مختصر الشيخ خليل وشارحيه الصدر عبد الخالق بن الفرات وبهرام شيئاً في قدر ثلاث كراريس فلم يقرض عليه علماء القاهرة شيئاً، بل قيل إنه علق على ابن الحاجب شيئاً بين فيه الراجح مما فيه من الخلاف وسماه الأداء الواجب في تصحيح ابن الحاجب؛ ذكره الفاسي وقال: ولديه في الجملة خير. مات بعد تعلله ثمانية أيام بحمى حادة دموية في وقت عصر يوم الخميس منتصف ربيع الأول سنة أربع وعشرين ودفن بكرة يوم الجمعة بالمعلاة عند قبر أبي لكوط؛ وقد ذكره شيخنا في إنبائه باختصار وقال: كان خيراً ساكناً متواضعاً ذاكراً للفقه. والمقريزي في عقوده.
29 - محمد أبو السرور الحسني الفاسي المكي أخو الثلاثة قبله ووالد عبد الرحمن وأبي الخير. سمع الثلاثة على الفوى من لفظ الكلوتاتي في الدارقطني مات وإبناه في الطاعون بالقاهرة في جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين، أرخهم ابن فهد وهو أيضاً والد عبد اللطيف. وكان مولد أبي السرور في صفر سنة ثمان وسبعين وسبعمائة بمكة وسمع بها من العفيف النشاوري والجمال الأميوطي صحيح مسلم بفوت يسير ومن الثاني فقط الترمذي وبعض السيرة لابن سيد الناس وغيرهما؛ ومن أولهما الأربعين المختارة لابن مسدي وأشياء وكذا سمع على ابن صديق البخاري ومسند عبد وبالمدينة من العلم سليمان السقا نسخة أبي مسهر، وأجاز له إبراهيم بن علي بن فرحون وابن خلدون وابن عرفة والعراقي والهيثمي وابن حاتم والمحب الصامت وخلق وتفقه بأبيه وجلس بعد موت أخيه أبي حامد للتدريس، ودخل القاهرة غير مرة فقدرت وفاته بها كما تقدم. وكان خيراً ساكناً منجمعاً عن الناس.(4/87)
30 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن محمد التاج الكناني العسقلاني الأرسوفي الأصل المصري الشافعي. ولد تقريباً سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمصر ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والملحة وغيرها وعرض على العز محمد بن جماعة وغيره وأجاز له العز والشرف ابن الكويك واشتغل في الفقه على المجد البرماوي والسراج الدموهي والزكي الميدومي وغيرهم. وحج وتكسب بالشهادة وتعاني النظم واشتهر في ناحيته بإجادته مع فضيلته. لقيته بمصر فكتبت عنه قوله:
بمبسمه مر النسيم غدية ... وعاد وفي أرجائه الند والندى
وقال أما لولاه ما كنت ذا شذى ... ولولاي ما كان الرضاب مبرداً
مات في ربيع الأول سنة ست وستين.
31 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن يحيى المحب بن الزين بن التاج السندبيسي الأصل القاهري الشافعي أحد الصوفية بالمؤيدية. مات في يوم الأحد تاسع ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين ولم يتكهل. وكان خيراً يتكسب بالتجارة ممن أخذ يسيراً عن أبيه رحمه الله.
32 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يحيى بن حسين فتح الدين أبو الفتح العراقي الأصل القمني ثم القاهري الحنفي الشاذلي الواعظ. ولد في يوم الجمعة مستهل رمضان سنة إحدى وأربعين وثمانمائة بقمن وتحول منها مع أبويه وهو مرضع إلى القاهرة فحفظ مع القرآن المجمع والأخسيكتي والملحة وألفية ابن ملك وعرض على جماعة من الشافعية كالمحلي والبلقيني والمناوي والعبادي والديمي وكاتبه ومن الحنفية العيني وابن الديري وابن الهمام وابن قديد وأبي العباس السرسي وأقام تحت نظره بزاوية الشيخ محمد الحنفي ثم بجامع كزلبغا في حفظها، ومن المالكية الزين طاهر وابن عامر؛ وجود القرآن على الشمس بن الحمصاني واشتغل عند أبي العباس المذكور والأمين الأقصرائي وسيف الدين وغيرهم في الفقه والعربية، وحج غير مرة وكذا زار بيت المقدس وقرأ بعض القرآن على ابن عمران بل سمع عليه جزء ابن الجزري وتسلسل له ما فيه وذلك في سنة إحدى وسبعين، وكذا حضر دروس الكمال من أبي شريف وقرأ البخاري هناك على السراج أبي حفص عمر بن أبي الجود عبد المؤمن الحلبي المقدسي الشافعي؛ ودخل الصعيد فزار في طنبذا صالحها الشيخ حسن وكذا اجتمع في القاهرة بعمر الكردي وقدمه للإمامة بجامع قيدان فكان في ذلك إشارة إلى استقراره إماماً بمدرسة جانم المواجهة لجامع قوصون أصالة وبالجانبكية وغيرها نيابة، ولما كنت بمكة طلع في موسم سنة ثمان وتسعين فحج وتأخر مجاوراً السنة التي تليها فاجتمع بي وعقد مجلس الوعظ وكذا عقده بغيرها وسألني في شرح " غرامي صحيح " وفي كتابة شيء من تصانيفي والقراءة وكذا بلغني أنه أخذ عن ابن الأسيوطي. وبالجملة فعنده إحساس ومزاحمة مع سلامة صدر.
33 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد التاج بن التقي بن التاج القاهري المشهدي - نسبة لمشهد الحسين منها - المقرئ ويعرف بابن المرخم. ولد في ليلة رابع المحرم سنة خمس وستين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وتلاه للسبع على والده بأخذه عن المجد الكفتي، وسمع على الجمال الباجي جزء أبي الجهم وحدث به سمعه منه الفضلاء. وكان شيخاً يقظاً خيراً ديناً مستحضراً أحد صوفية البيبرسية وقراء الشباك بها بل قارئ الصفة فيها كأبيه. ووصفه بعضهم بالشيخ الإمام الصالح المقرئ. مات في يوم الاثنين سلخ شوال سنة أربعين رحمه الله.(4/88)
34 - محمد بن عبد الرحمن بن محمد الشمس القاهري الصيرفي حفيد المقري الشمس الشراريبي ويعرف كهو بابن عبد الرحمن. كان والده حريرياً كأبيه فحسن له نور الدين السفطي الجباية وأدخله فيها بالصرغتمشية والحجازية ولازم خدمة الزين عبد الباسط فاستقر به في جباية أوقافه وأوقاف الأشرف برسباي وأخرج له مرسوماً بصرف الأشرفية بل وبرد داريتها. واستمر حتى مات ف يالأيام الإينالية بعد انقطاعه مدة بالفالج بحيث استنيب عنه فيهما ثم استمر من كان ينوب عنه ينوب بعد موته عن ولده هذا بقدر معين لإضافتهما له إلى أن استبد الولد حين براعته واختبار صلاحيته لذلك وموت النائب بالتكلم، وسافر مع علي بن رمضان حين كان صيرفياً بجدة وناظراً بها ثم استقل بالصرف حين نظر شاهين الجمالي وترقى وتجمل مع الناس فركن إليه بنو الجيعان ونحوهم ووثقوا بنصحه وتدبيره مع مزيد حظ من جميع من يخالطه وسماح ومعرفة بالمتجر ولطف عشرة مع ما انضم له من قراءة القرآن في صغره فنمى وتزايدت وجاهته وتزوج ابنة ابن قضاة الجوهري الشهير بالملاءة وسكن قاعته الهائلة التي بناها ابن كدوف بحارة برجوان بل بنى هو داراً ظريفة بزقاق الكحل بين الدروب، وتكرر إلزام السلطان له بالاستقلال بجدة وهو يستعفي بالمال لكثرة ما يقرر عليها. فلما كان في سنة سبع وثمانين أرسله أميناً على أبي الفتح المنوفي ثم استقل في التي تليها على كره واستكثار لما كلف به مما لم يجد بداً للإجابة إليه وسافر فلم يجد ما كان يتوقعه من المراكب وراسل يعلم بذلك ثم لم يلبث أن جاء الخبر في عاشر رجب بموته في سابع جمادى الثانية سنة ثمان وثمانين وأنه تمرض ثمانية أيام لم ينقطع عن المباشرة فيها سوى أربعة ودفن بالمعلاة سامحه الله وعفا عنه. محمد بن عبد الرحمن بن محمد الشمس أو حميد الدين أبو الحمد المصري الأصل المقدسي الشافعي. يأتي فيمن لم يسم جده.
35 - محمد بن عبد الرحمن المدعو خليفة بن مسعود بن محمد بن موسى الشمس أبو عبد الله المغربي الجابري - نسبة لبني جابر قبيلة من المغرب - المقدسي المالكي ويعرف بابن خليفة. ولد في حادي عشر رمضان سنة إحدى وثمانمائة ببيت المقدس ونشأ به فحفظ القرآن عند الفقيه عبد الله البسكري وتلاه على علي ابن اللفت وحسن العجلوني وحفظ غالب الرسالة وقرأ فيها على حسن الدرعي المالكي، وأخذ التصوف عن والده وسمع الحديث على محمد بن سعيد إمام الدركاة، وولي مشيخة المغاربة ببيت المقدس وكذا مشيخة الفقراء المنتسبين لأبي مدين والمدرسة السلامة والتوقيت بالمسجد الأقصى مع تصدير فيه، ولقيته هناك فقرأت عليه المسلسل ونسخة إبراهيم بن سعد بسماعه لهما على محمد بن سعيد أنا الميدومي وتبرأ بحضرتي مما ينسب لأبيه من انتحال مقالة ابن عربي مع كونه ليس في عداد من يفهم بل كان مسمتاً نير الشيبة جميل الهيئة شديد السمرة كثير التلاوة، حج غير مرة ودخل الشام. مات في ليلة الخميس منتصف جمادى الثانية سنة تسع وثمانين ودفن بمقبرة باب الله بحوش الموصلي بجوار أبيه.
36 - محمد بن عبد الرحمن بن منصور بن محمد بن مسعود بن محمد الكمال بن الزين الفكيري - بفتح الفاء ثم كاف مكسورة نسبة لقبيلة بالمغرب - التونسي ثم السكندري المالكي أخو أحمد الماضي ويعرف بالعسلوني بمهملتين. ولد باسكندرية سنة تسعين وسبعمائة وقرأ بها القرآن على أبيه وحفظ بعض الرسالة في الفقه والملحة واشتغل يسيراً، وأجاز له باستدعاء ابن يفتح الله الزين المراغي، وتحول إلى القاهرة في سنة ثلاث وثلاثين فأقام بها مدة ثم سافر منها قريباً من سنة أربع وأربعين وقطن دمياط مديماً التكسب بالتجارة إلى أن عدي على حانوته فصار حينئذ ينسج على السرير، وربما شهد في بعض مراكز الثغر، ولقيته هناك فقرأت عليه، وكان خيراً سليم الفطرة محباً في العلم وأهله. مات بعد سنة سبعين.
37 - محمد بن عبد الرحمن بن مؤمن ولي الدين القوصي الأصل القاهري الشافعي موقع الأتابك أزبك الظاهري. مات في غيبته مع أميره سنة ثمان وسبعين وكان قد باشر توقيع المفرد كأبيه وقتاً وتوقيع الدست عفا الله عنه.
38 - محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن أحمد بن سليمان بن مهيب الصدقاوي الزواوي قاضيها المالكي الماضي ابنه إبراهيم وحفيده محمد. مات في سنة ثلاث وخمسين أو التي قبلها عن ثلاث وستين.(4/89)
39 - محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن موسى بن محمد الشمس بن التقي العساسي - بمهملات - السمنودي الشافعي الماضي أبوه نزيل الأزهر ويعرف بالسمنودي. ولد في ثالث ذي الحجة سنة خمس وأربعين وثمانمائة بسمنود ونشأ بها فحفظ القرآن وغالب المناج وجميع ألفية النحو وأخذ عن خاله الجلال السمنودي المحلى والعز المناوي وأكثر عنه. ثم قدم القاهرة فلازم عبد الحق السنباطي وأخي الزين أبا بكر في الفقه وغيره وانتفع بالمطالعة للبدر حسن الضرير الدماطي بل كان يأخذه معه لدرس المناوي، وكذا لازم تقاسيم الفخر عثمان المقسي والجوجري وأخذ أيضاً عن ثانيهما العربية وعن الشرف البرمكيني وكذا عن الزين المنهلي الفقه وأصوله وعن الكمال بن أبي شريف غالب شرحه للإرشاد وفي الأصلين وعن أخيه إبراهيم في المعاني والبيان والفقه وغير ذلك وأخذ عن السنهوري في العضد وغيره وعن البدر المارداني في الفرائض قرأ عليه ترتيبه للمجموع، وجود القرآن على البرهان بن أبي شريف بل قرأ الزهراوين على أخيه الكمال وكذا أخذ عني شرحي للألفية وقرأ على صحيح البخاري وغيره وقرأ على الديمي في السيرة وحضر عند البهاء المشهدي قليلاً؛ وتميز في الفقه وشارك في الفضائل وإقراء الطلبة وتنزل في سعيد السعداء وغيرها وخطب بجامع الأزهر وانجمع مع عقل ودين وتواضع.
40 - محمد أخو الذي قبله ويدعى بركات وهو بها أشهر. ممن سمع مني والله يوفقه لأبويه.
41 - محمد بن عبد الرحمن بن يوسف بن سحلول ناصر الدين أبو عبد الله ابن الشمس الحلبي الماضي والده ويعرف بابن سحلول، كان إنساناً حسناً رئيساً كبيراً عنده حشمة ومروءة وكرم أخلاق؛ تولى مشيخة خانقاه والده الذي كان ناظر الخاص بحلب ثم مشيخة الشيوخ بحلب بعد موت السيد عماد الدين الهاشمي فباشرها مدة، وسمع على البرهان الحلبي بها وعلى أحمد بن عبد الكريم الأربعين المخرجة من مسلم وعلى ابن الحبال جزء المناديلي كلاهما في بعلبك، وسافر إلى القاهرة فحج ثم عاد فمات بعقبة إيلة في المحرم سنة اثنتي عشرة، ذكره ابن خطيب الناصرية وكذا شيخنا في إنبائه؛ وقال إنه لما ولي مشيخة خانقاه والده كان أهل حلب يترددون إليه لرياسته وحشمته وسودده ومكارم أخلاقه بحيث كان مواظباً على إطعام من يرد عليه، وعظم جاهه لما استقل الجمال الاستادار بالتكلم في المملكة فإنه كان قريبه من قبل أمه فأم جمال الدين هي ابنة عبد الله وزير حلب عم الشمس أبي هذا، بل لما قدم القاهرة بالغ الجمال في إكرامه وجهزه حين كان ابنه أحمد أمير الركب معه إلى الحجاز في أبهة زائدة فحج وعاد فمات بعقبة إيلة وسلم مما آل إليه أمر قريبه وآله.
42 - محمد بن عبد الرحمن بن يوسف الشمس أبو عبد الله بن الزين بن الجمال الجوهري - نسبة للجوهرية بالقرب من طنتدا بالغربية - ثم القاهري الشافعي الأحمدي والد محمد الآتي ويعرف بابن بطالة - بكسر الموحدة، ممن حفظ القرآن وغيره وتفقه بالبرهان الأبناسي واختص به وكان مجاوراً معه بمكة سنة إحدى وثمانين وسبعمائة وقرأ عليه الفقه وأصوله والفرائض والعربية ففي الفقه مختصر الوجيز للأمين أبي العز مظفر بن أبي الخير الواراني التبريزي والحاوي وفي الأصول منهاج البيضاوي وفي الفرائض مختصر الكلائي وفي العربية المطرزية وأجازوه ووصفه بالشيخ الإمام المربي السالك الناسك الفاضل؛ وصاهر الشيخ على المغربل على ابنته خديجة وجلس لللمريدين، وابتني زاوية بفيشا المنارة وكان مشاراً إليه بالصلاح وإكرام الوافدين. مات في ليلة حادي عشر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين بالقاهرة ودفن بزاوية ولده بقنطرة الموسكي. وقد ذكره شيخنا في انبائه فقال: محمد الشهير بابن بطالة كان أحد المشايخ الذين يعتقدهم أهل مصر وله زاوية بقنطرة الموسكي؛ وكانت كلمته مسموعة عند أهل الدولة واشتهر جداً في ولاية علاء الدين بن الطبلاوي. ومات في خامس عشري ربيع الأول وقد جاز الثمانين وكانت جنازته مشهودة حملها الصاحب بدر الدين بن نصر الله ومن تبعه انتهى. وما سبق في تعيين وفاته وفي كون الزاوية لولده هو المعتمد.(4/90)
43 - محمد بن عبد الرحمن بن يوسف الكمال أبو البركات بن أبي زيد الحسنى المسكناسي السكندري. أجاز لابن شيخنا وغيره في سنة سبع عشرة وأرخه المقريزي في عقوده في سنة اثنتين وعشرين وقال أنه ذكر أن أباه صافحه قال: صافحني أبو الحسن على الحطاب وعمر مائة وثمانين صافحني أبو عبد الله الصقلي صافحني أبو عبد الله معمر وكان عمره أربعمائة سنة صافحني النبي صلى الله عليه وسلم انتهى. وهو شيء لا يعتمده الحفاظ الإثبات.
44 - محمد بن عبد الرحمن بن يوسف الشمس الطرابلسي ثم القاهري ابن النحال ويعرف بابن مزاحم. ممن يزعم قرابة بينه وبين الزيني الاستادار وهما دخيلان. خدم علي بن أرج الاستادار بطرابلس وتزوج زوجته بعده ثم اينال الأشقر حين كان نائب طرابلس ودام يباشر عنده بها ثم بالقاهرة حتى مات ووصل في خدمة الأتابك حين رجع من بعض التجاريد فرقاه لمباشرة منية ابن سلسيل والصرمون وغير ذلك كالعباسة والصالحية والتزم فيها بمال؛ ثم ارتقى لاستيفاء البيمارستان تلقاها عن عبد الباسط بن الجيعان حين نأى أقاربه عنها وقاسى الضعفاء من مستحقيه منه غلظة وربما شكر ممن يلين معه وكنت ممن اجتمع بي وأخذ عني التوجه للرب بدعوات الكرب وبلغني أنه اتصل بالملك وصارت له حركات.
45 - محمد بن عبد الرحمن البدر أبو الفوز القاهري الحنفي ربيب الشمس الأمشاطي وهو بكنيته أشهر. مات في حياة أمه في المحرم سنة ست وسبعين وصلى عليه في مشهد حافل ثم دفن بتربتهم بالقرب من الروضة خارج باب النصر وقد زاد على الأربعين؛ وكان موصوفاً بعقل واحتمال وتواضع وفهم، ممن اشتغل قليلاً وحضر عند جماعة كزوج أمه؛ وحج معهما في الرجبية وجلس للشهادة عند زوج أخته المظفر محمود الأمشاطي بل ناب في القضاء ويقال إنه حفظ النقاية رحمه الله.
46 - محمد بن عبد الرحمن الصدر جمال الدين الحضرمي اليماني ويدعى أبا حنان قريب عبد الله بن الخواجا الجمال محمد بن أحمد الماضي. مات في رجب سنة ثلاث وستين قافلاً من مكة بجزيرة كمران - بالتحريك - ووالده هو الذي رفع الخواجا محمد بن أحمد والد قريبه المشار إليه وأدناه وصرفه في ماله وزوجه باثنتين من بناته واحدة بعد أخرى وأسند وصيته إليه فتصرف وفتح عليه بحيث زاد على قريبه. أفاده بعض الآخذين عني.
محمد بن عبد الرحمن جمال الدين الأنصاري المكي. مضى فيمن جده محمد بن أبي بكر.
47 - محمد بن عبد الرحمن جمال الدين بن وجيه الدين الحسيني العلوي اليماني. كتب مصنفي القول البديع وسمع علي منه جملة وكذا من غيره من تصانيفي ومروياتي بل سمع مني المسلسل وكتبت له وسافر قبل التسعين.
48 - محمد بن عبد الرحمن عز الدين بن بهاء الدين القاهري الشافعي ويعرف بابن بكور. مات في المحرم سنة تسع وسبعين بعد تعلله بالفالج، وكان قد ناب عن العلم البلقيني فمن بعده مع كونه مزجي البضاعة متساهلاً في الأحكام وغيرها بحيث امتنع القاياتي من ولايته وأعرض هو بعده عنها، وهو ممن قربه الظاهر جقمق ثم أبعده وضربه وشهره وأدخله حبس أولى الجرائم ثم أطلقه في يومه وزعم أنه جمع تفسيراً وكان عامة الناس يسخرون به في ذلك.
49 - محمد بن عبد الرحمن المحب الحسني القاهري الأزهري الحنفي. حفظ القرآن وغيره واشتغل وتميز في الأصلين والعربية والمنطق وغيرها وأقرأ وقتاً، وممن أخذ عنه في العربية حسن الأعرج بل أخذ عنه أحد الأفراد ابن بردبك والمحب بن هشام. وبلغني أن الكافياجي كان يجله واستقر في مشيخة الجوهرية الأزهرية، وناب في القضاء وكان ساكناً وقوراً. مات في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وهو خال المحب بن الجليس الحنبلي.
50 - محمد بن عبد الرحمن حميد الدين وبخطي في موضع آخر شمس الدين أبو الحمد المصري الأصل القدسي الشافعي. ولد في حادي عشر المحرم سنة ثلاث وثلاثين وحفظ المنهاج وألفية النحو وبخطي في موضع آخر بدل المنهاج الحاوي وعرض وتفقه بالبرهان العجلوني وأبي مساعد بل أخذ عن ماهر وغيره وبحث جمع الجوامع على العز عبد السلام البغدادي وتميز وأذن له في التدريس فدرس وكان عالماً مفتياً ناب في القضاء ببيت المقدس مدة وكان مفتيها. مات في رمضان سنة ثلاث وتسعين. وهو ممن سمع معنا ببيت المقدس واسم جده محمد ويقال إن ديانته معلولة.(4/91)
51 - محمد بن عبد الرحمن أبو عبد الله بن أبي زيد المراكشي القسنطيني المغربي المالكي الضرير. ولد في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وسبعمائة ضريراً كما قرأته بخطه، ورأيت له عند البدر بن عبد الوارث المالكي مصنفاً ابتدأه في ذي القعدة سنة إحدى وثمانمائة سماه إسماع الصم في إثبات الشرف من قبل الأم صدره باختلاف علماء تونس وبجاية فيها سنة ست وعشرين وسبعمائة فمنعه التونسيون وأثبته البجائيون قال وأنا معهم بل هو قول ابن الغماز من علماء تونس وابن دقيق العيد وأشياخنا بني باديس رحمه الله.
52 - محمد بن عبد الرحمن أبو منصور المارديني المقدسي الحنفي. سمع على الميدومي وحدث عنه بجزء البطاقة سماعاً سمعه منه التقي أبو بكر القلقشندي. ومات في خامس عشري المحرم سنة اثنتين.
53 - محمد بن عبد الرحمن الحلبي ويعرف بابن أمين الدولة. قيم مصارع معالج له إجازة من الصلاح بن أبي عمر وغيره، وأجاز لابن شيخنا وغيره بعد الثلاثين واسم جده. محمد بن عبد الرحمن الصبيبي المدني. مضى فيمن جده محمد بن أبي بكر.
54 - محمد بن عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد بن عثمان الجمال أبو البقاء أمه تركية لأبيه. ممن حفظ المنهاج وابن الحاجب الأصلي وألفية ابن ملك، وعرض علي في جملة الجماعة بل سمع مني ترجمة النووي تأليفي وكذا سمع علي الشاوي وعبد الصمد الهرساني وغيرهما واشتغل عند الزين عبد الرحمن السنتاوي في الفقه والعربية بل قرأ على الجوجري ولازم قريبه النجم بن حجي كثيراً في الحساب والعربية وغيرهما، وتميز وشارك.
55 - محمد بن عبد الرحيم بن أحمد الشمس المصري الشافعي المنهاجي وهي شهرة جده لكونه يحفظ المنهاج أما أبوه فكان أعجوبة في حسن الأذان مشهوراً بذلك يضرب به المثل في حسن الصوت، وهو سبط الشمس بن اللبان ولذا كان ابنه صاحب الترجمة يعرف أيضاً بسبط اللبان. ولد سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة تقريباً أو التي قبلها ومات أبوه وهو صغير فنشأ يتيماً؛ ذكره شيخنا في إنبائه وقال إنه اشتغل قديماً وأخذ عن مشايخ العصر كالعز محمد ابن جماعة والشمس بن القطان وقرأ عليه صحيح البخاري بحضوري بل قرأ على ترجمة البخاري من جمعي يوم الختم، وتعاني نظم الشعر فتمهر فيه وأنشأ عدة قصائد ومقاطيع وكذا مهر في الفقه وأصوله وعمل المواعيد وشغل الناس، ولزم بأخرة جامع عمر ولذلك ولقراءة الحديث وكانت قراءته فصيحة صحيحة، وكان معه إمامة التربة الظاهرية بالصحراء فتركها اختياراً، وانتفع به أهل مصر سيما مع تواضعه؛ وكان حسن الإدراك واسع المعرفة بالفنون، حج في سنة ست وثلاثين من البحر ودخل مكة في رجب فأقام حتى قضى نسكه ورمى جمرة العقبة ثم رجع فمات قبل طواف الإفاضة في ذي الحجة منها يعني بعد أن كان أشرف في مجيئه على الغرق ثم نهب ما معه من أثاث وثياب بجدة، وحصل له قبول تام بمكة وعمل فيها المواعيد الجيدة بل وأقرأ العلم إلى أن مات كما سبق فجأة وحمل من الغد ودفن بالمعلاة جوار السيدة خديجة. قلت: ورأيته شهد بمكة على ابن عياش في سلخ ذي القعدة منها بإجازة عبد الأول. قال شيخنا: سمعت من نظمه وطارحني مراراً وكتب عني كثيراً. وقال في معجمه إنه اشتغل كثيراً ونظم الشعر ففاق الأقران؛ ولازم شيخنا العز بن جماعة ومهر في الفنون سمعت من شعره وطارحني ومدحني بقصيدة. قلت وهو في عقود المقريزي باختصار، وقد سمع على الصلاح الزفتاوي الصحيح وروي عن الزين العراقي وغيره. ومن نظمه:
أحبتي والخضوع يشهد ... أني به مغرم مسهد
ألطف من خامة إذا ما ... مرت به نسمة تأود
أودعتموا سمعه حديثاً ... كالسمط من جفنه تبدد
فالدمع والسمع عن ملام ... مسفه ذا وذا مسدد
وعاذل كلما رآني ... أركض خيل الدموع فند
أروغ من ثعلب ومن لي ... أن لا أرى شكله المبرد
حمدت ذمي له ومدحي ... لسيد المرسلين أحمد(4/92)
56 - محمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن المحب أبو حاتم بن الزين أبي الفضل العراقي الأصل القاهري الشافعي أخو الولي أبي زرعة أحمد الماضي، ذكره شيخنا في إنبائه فقال: أسمعه أبوه الكثير واشتغل ودرس ثم ترك؛ وكان فاضلاً حسن الشكالة قليل الاشتغال. مات في صفر سنة اثنتين وكان توجه لمكة في رجب ثم رجع قبل الحج لمرض أصابه فاستمر به حتى مات.
57 - محمد بن عبد الرحيم بن عبد الكريم بن نصر الله بن سعد الله بن أبي حامد عبد الله بن عبيد الله العلامة عفيف الدين أبو محمد وأبو السعادات بن الشرف القرشي البكري الجرهي - بكسر الجيم والراء - الشيرازي الشافعي الماضي أبوه والآتي نعمة الله ولده. ولد في يوم الخميس خامس عشري وبخطي في مكان آخر خامس رجب سنة سبع وسبعين وسبعمائة بشيراز؛ واعتنى به أبوه فاستجاز له من جماعة من شيوخ الآفاق ثم طلب بنفسه فقرأ على أبيه جملة وعلى غيره بمكة وغيرها، فممن أخذ عنه بمكة إمام المالكية النور أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد العزيز العقيلي النويري وابن أخيه المحب أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز وابن صديق وأبو عبد الله بن سكر وأبو اليمن وأبو الخير الطبريان والجمال بن ظهيرة والمجد اللغوي وابن سلامة وشيخنا ابن حجر والتقي الفاسي وابن الجزري وبشيراز محيي الدين أبو حامد محمد بن محمد بن محمد بن محمد الغزالي ونسيم الدين محمد بن محمد بن مسعود الكازروني البلياني والنور محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الأيجي وبكازرون أحمد بن عمر بن محمد بن عمر البلياني وبعدن عبد الرحمن بن حيدر الدهقلي وشيخنا حسبما قاله صاحب الترجمة في مشيخته وأن ذلك سنة ست وثمانمائة فقرأ عليه مسند الشافعي والبردة وسمع عليه أربعي النووي ولازم مجلسه قريباً من ثلاثة أشهر ثم لقيه أيضاً بمكة في سنة خمس عشرة فقرأ عليه المناسك للعلامة تقي الدين الجراحي وراسله بأسئلة أجابه عنها كما بينت بعض ذلك في الجواهر والدرر، وأخذ الفنون عن السيد الجرجاني لقيه بالمدرسة البهائية والفقه عن الغياث محمد بن علي بن أبي بكر الجيلي قرأ عليه بعض الحاوي، وكان ذا عناية بالحديث ولقاء الشيوخ وعلى يديه أجاز جماعة من المسندين لأهل نواحيه وانتفع به في ذلك كوالده؛ ومن شيوخه ظهير الدين عبد الرحمن بن أبي الفتوح الطاووسي بل حدث هو وإياه بالشمائل للترمذي بقراءة الطاوسي ابن أخي أحدهما وأجاز له وخرج له مشيخة وقفت على منتقى النجم بن فهد منها، وهو ممن أخذ عنه أبوه التقي. مات سنة تسع وثلاثين ببلاده رحمه الله وإيانا.
58 - محمد بن عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن محمد ناصر الدين المصري الحنفي والد عبد الرحيم الماضي ويعرف كسلفه بابن الفرات. ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، وأسمع وهو صغير على أبي الفرج بن عبد الهادي وأبي الفتوح الدلاصي وأبي بكر بن الصناج في آخرين، وأجاز له من دمشق الحافظان المزي والذهبي وأبو الحسن البدنيجي وجماعة، وحدث بالشفا وغيره وتفرد بالسماع من ابن الصناج وبإجازة البندنيجي، روى لنا عنه خلق أجلهم شيخنا. وقال في معجمه إنه اشتغل وتكسب بحوانيت الشهود وولي خطابة المدرسة المعزية بمصر وكان لهجاً بالتاريخ لا يزال مكباً على كتابته بحيث كتب فيه كتاباً كبيراً جداً بيض منه المئين الثلاثة الأخيرة في نحو عشرين مجلداً وأظن لو أكمله لكان ستين، ولكنه لم يكن يحسن الإعراب ولذا يقع فيه اللحن الفاحش إلا أن كتابته كثيرة الفائدة من حيث الفن الذي هو بصدده، وآخر ما كتب إلى انتهاء سنة ثلاث وثمانمائة وقد بيع مسودة لعدم اشتغال ولده بذلك. وقال في إنبائه: وتاريخه كثير الفائدة إلا أنه بعبارة عامية جداً، وكان يتولى عقود الأنكحة ويشهد في الحوانيت ظاهر القاهرة مع الخير والدين والسلامة. مات ليلة عيد الفطر سنة سبع. وهو في عقود المقريزي؛ وقال إنه تفقه وكتب في التاريخ مسودة تبلغ مائة مجلد بيض منها نحو العشرين وقفت عليها واستفدت منها، إلى أن قال وترك ولداً ينوب في الحكم وتشكر سيرته رحمه الله.(4/93)
59 - محمد بن عبد الرحيم بن علي أبو الخير العقبي القاهري الشافعي. ولد تقريباً سنة ثمانمائة وحفظ القرآن وغيره وأسمع على الشمس الشامي ثلاثيات مسند أحمد وغيرها، وأجاز له جماعة واشتغل عند الزين البوتيجي في الفقه وغيره وكتب في الإملاء عن شيخنا ولكنه لم ينجب، وبلغني أنه حدث بأخرة وكان ساكناً. مات في سنة أربع وتسعين رحمه الله.
60 - محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن صديق المعين أبو الخير بن التاج أبي الفضل بن الشمس الطرابلسي القاهري الحنفي الماضي أبوه وجده والآتي ابنه محمد ويعرف كسلفه بابن الطرابلسي. ولد في ذي القعدة سنة اثنتي عشرة وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والمختار والمنار وغيرها، وعرض على جماعة وقرأ في الفقه على التفهني والعيني والعز عبد السلام البغدادي وعليه قرأ في الأصول أيضاً وكذا اشتغل في النحو عليه وعلى الحناوي وسمع على الشرف ابن الكويك والشمس الشامي في آخرين، وأجاز له جماعة؛ وناب في بعض البلاد عن شيخنا ثم بالقاهرة عن التفهني فمن بعده؛ وحج غير مرة آخرها مع الرجبية سنة إحدى وسبعين، واستقر في تدريس العاشورية عوضاً عن أبيه وفي تدريس الأزكوجية بسوق أمير الجيوش عوضاً عن ابن عمه ظهير الدين بل ناب عنه في تدريس جامع طولون ولم يكن في عداد المدرسين ولا كان محموداً في قضائه وغيره؛ وقد صحب الزين الاستادار وقتاً وعاونه في حل أوقافه من كتب وغيرها واختص بالاستبدالات وقتاً، وقيل إنه لما عاد من الحج أول سنة اثنتين وسبعين تنزه عن تعاطي الأحكام ولزم الصوم والبادة إلى أن مرض أسبوعاً ثم مات في الطاعون ليلة الأربعاء رابع رجب سنة ثلاث وسبعين بعد أن كتب على الاستدعاآت وربما حدث؛ ودفن بتربة سعيد السعداء عفا الله عنه.
61 - محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن أبي بكر بن سليمان بن أبي بكر بن عمر ابن صلح المحب أبو البركات بن الزين الهيثمي القاهري الشافعي الماضي أبوه ابن أخي الحافظ النور الهيثمي. ولد في صبيحة الجمعة مستهل ربيع الأول سنة اثنتين وثمانمائة بالخانقاه النجمية الدوادارية من الصحراء ظاهر القاهرة، ونشأ بها فقرأ القرآن عند جماعة منهم عمه العز عبد العزيز؛ وحفظ كتباً منها التوضيح لابن هشامن وعرض على جماعة وأجاز له حينئذ العز بن جماعة وغيره، وسمع على الفوى والولي العراقي وعنه وكذا عن الشمس البرماوي والشطنوفي أخذ الفقه وعن الأخير مع البساطي وناصر الدين البارنباي أخذ النحو وعن الأخير فقط علم العروض والقوافي وعن شيخنا الحديث وانتفع بالبساطي في فنون كالأصلين والمعاني والبيان وغيرها؛ وبرع وأذن له غير واحد في التدريس والإفتاء؛ وناب عن الولي العراقي في سنة ثلاث وعشرين ببعض البلاد وعن غيره بالقاهرة وأضاف إليه العلم البلقيني معها منوف وأعمالها؛ ودرس الفقه بجامع المارداني وأم السلطان بالحسنية والفرائض بالسابقية برغبة ابن سالم له عنها؛ وولي مشيخة الزمامية وتدريس الفقه والحديث بتربة الست كلاهما بالصحراء؛ وحج مراراً إماماً عالماً فقيهاً نحوياً أصولياً فصيحاً مفوهاً متقدماً في الأحكام والمكاتيب مشاركاً في فنون مع ذكاء وذهن مستقيم وحسن شكالة ومديد قامة ومداومة على الصيام والقيام والتلاوة والمحافظة على الجماعة وكثرة الطواف حين مجاورته بحيث يفوق الوصف ورغبة في النكاح وعدم التبسط في معيشته مع ثروته وكثرة وظائفه وأملاكه ومتحصله سيما من القضاء فإنه كان مقصوداً فيه لوجاهته وأحكامه ولذا دخل في قضايا وأحكام وأهين في بعضها، وأدخله الظاهر جقمق حبس أولى الجرائم ولو تعفف عن ذلك لكان أولى به. وبالجملة فكان بأخرة من أعيان الشافعية وممن يرشح للقضاء الأكبر، وقد كثر اجتماعي به وسمعت من فوائده وأبحاثه بين يدي شيخنا وغيره وأجاز لي مراراً، وكان يعترف بتقصير نفسه بحيث أخبرني بعض أعيان المكيين عنه أنه قال له في مجاورته التي مات عقبها: فكرت في شأني وحرصت على أن يكون وقوفي بعرفة بثياب وزاد من وجه حل فما أمكنني هذا. مات بمكة في يوم الثلاثاء من جمادى الأولى سنة ثلاث وستين ودفن بالمعلاة رحمه الله وسامحه.(4/94)
62 - محمد بن التقي أبي الفضل عبد الرحيم بن المحب محمد بن محمد بن أحمد موفق الدين بن الأوجاقي الشافعي الماضي أبوه والآتي جده. مات في ذي القعدة سنة سبع وسبعين ودفن بالقرب من مقام الشافعي وقد جاز العشرين وكان قد قرأ وفهم وتأسف كل من أبويه عليه جداً عوضهم الله الجنة.
63 - محمد بن عبد الرحيم بن محمد أبو عبد الله الموصلي الدمشقي المؤذن بالجامع الأموي. روى عن أبيه قوله مضاهياً للزيدونية:
بكى الزمان علينا من تنائينا ... وكان يضحك حيناً من تدانينا
أجاز، ويحرر من الاستدعاء ففي كلام العجلوني لبس.
64 - محمد بن عبد الرحيم الحسيني الكتبي الفراش بالتربة الظاهرية برقوق. سمع على الجمال عبد الله الحنبلي وأثبت الزين رضوان اسمه فيمن يؤخذ عنه وقال إنه في الكتبيين ولم نره فكأنه مات قبل الخمسين.
65 - محمد بن عبد الرزاق بن أحمد أبو الفضل المنوفي ثم القاهري الشافعي إمام جامع الزاهد بالمقس. نشأ فحفظ القرآن وغيره، ولازم الشمس المسيري ثم ابن سولة والبدر حسن الأعرج وأبا حامد التلواني وغيرهم في الفقه والعربية وأخذ أيضاً عن النور الكلبشي وقرأ على الديمي وكذا أكثر من القراءة علي وكتب القول البديع وغيره من مؤلفاتي، وولي إمامة جامع الزاهد وخطب به وقرأ فيه الحديث، وتكسب بالشهادة قليلاً مع خير ومشاركة في الفقه. مات في ليلة الثلاثاء رابع عشري جمادى الأولى سنة تسعين ودفن من الغد وأظنه جاز الأربعين رحمه الله وإيانا.
66 - محمد بن عبد الرزاق بن عبد القادر بن جساس - بفتح الجيم ثم مهملتين أولاهما مشددة بينهما ألف - الشمس أبو عبد الله الأريحي الدمشقي الشافعي ويعرف كسلفه ببني نفيس - بفتح النون وآخره مهملة - ويقال إنه أنصاري. ولد في ثاني عشري رجب سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بالأريحة من معاملة أذرعات ونشأ بدمشق وسمع على عائشة ابنة ابن عبد الهادي جزء أبي الجهم والصحيح بكماله بل سمعه كما قرأته بخطه على ابن صديق في سنة ثمانمائة وسمع صحيح مسلم على أبي حفص البالسي، وارتحل إلى القاهرة في سنة أربع وثمانمائة فكتب عن الزين العراقي مجالس من أماليه وأجازه هو ورفيقه الهيثمي؛ ولقيته بالجامع الأموي في دمشق غير مرة وأجاز لنا، وكان خيراً حسن السمت محباً في الحديث وأهله مع فضيلة في الجملة. مات بدمشق في أواخر ربيع الأول سنة أربع وسبعين عن نيف وتسعين سنة رحمه الله.
67 - محمد بن عبد الرزاق بن عبد الكريم بن عبد الغني بن يعقوب فتح الدين أبو الفتح بن التاج بن الكريم بن الفخر أخو عبد الكريم الماضي وهذا أكبر ويعرف كسلفه بابن فخيرة تصغير جده. وهو أحد شهود الإدارة بالبيمارستان تلقاها عن الشريف كمال الدين بن المحيريق بل باشر نيابة النظر فيه عن كاتب المماليك يوسف بن أبي الفتح وباسمه مباشرة في ديوان المماليك، ولا بأس به شارك أخاه في السماع علي وفي جميع ما ذكر هناك.
68 - محمد بن عبد الرزاق بن عبد الله العلم أبو الخير بن الشمس أخي الصاحب العلم يحيى بن أبي كم والد يحيى الآتي ويعرف بابن أبي كم، ممن باشر في الدواوين ومات تقريباً سنة ستين عفا الله عنه.
69 - محمد بن عبد الرزاق بن عبد الوهاب اعلجلال القاهري المرجوشي الشافعي المقري نزيل البيبرسية وهو بلقبه أشهر. حفظ القرآن وكتباً عند فقيهنا الشهاب ابن أسد وعرضها على جماعة واشتغل في فنون وترافق مع الشرف موسى البرمكيني في الأخذ عن الأمين الأقصرائي والتقيين الشمني والحصني وغيرهم، وتلا بالسبع على الزين رضوان والشهاب السكندري ومن قبلهما على الزين جعفر السنهوري وهو الذي دربه، وكتب المنسوب وتصدى للإقراء فانتفع به جماعة، وممن أخذ عنه الشمس المقسي الحنفي الشريف وكان، مميزاً في الفضائل عاقلاً ذا تؤدة وحسن سمت مات في يوم الجمعة من العشر الثاني من ربيع الثاني سنة اثنتين وستين وقد زاد على الثلاثين ظناً رحمه الله وإيانا.(4/95)
70 - محمد بن عبد الرزاق بن أبي الفرج ناصر الدين بن الوزير تاج الدين أخو الفخر عبد الغني صاحب الفخرية وعم الزين عبد القادر ووالد أحمد الماضين كلهم. ولد بالقاهرة سنة أربع وثمانمائة ونشأ بها فقرأ القرآن وتنقل في الخدم إلى أن عمل في أيام ابن أخيه الزين في الأيام الأشرفية ملك الأمراء بالوجه البحري سنين ثم عزل واستقر به الظاهر جقمق في نقابة الجيش في أوائل مملكته عقب موت أمير طبر فدام يسيراً ثم استقر به في الاستادارية في يوم السبت سلخ ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين بحيث أرخه بعضهم في أول سنة ثلاث عوضاً عن جانبك الزيني عبد الباسط بعد القبض عليهما بعد أن كان دواداراً نيابة بإشارة سيده فإن صاحب الترجمة كان مديماً لخدمته فباشرها إلى أن انفصل عنها في ثامن المحرم سنة أربع وأربعين بقيز طوغان العلائي وامتحن وصودر وأخذ منه جملة، ثم أخرج إلى ولاية قطيا قدام بها قليلاً وصار له بها نخل ونحو ذلك، ثم شفع فيه إما الجمال ناظر الخاص أو الزين بن الكويز في عوده فدام بها يسيراً مقتصراً على التكلم في أوقاف الفخرية مدرسة أخيه، ثم أعيد لنقابة الجيش فباشرها بشدة وعسف وتردد الناس له في حوائجهم مع كراهة أكثرهم فيه وغضهم منه سيما الزين الاستادار مع كونه معروفاً بقريب ابن أبي الفرج فإنه جاهره بالمعاداة وتعب هذا من معاكسته إلى أن جمع المنصور في أول أيامه أعيان مملكته وشكا لهم عدم وجود ما ينفق منه على المماليك فانتهز هذا الفرصة وأشار بإمساك الزين على خمسمائة ألف دينار وباستقرار جانبك شاد جدة عوضه وضمن كل منهما ففعل ذلك بحيث كان مبدأ انحطاط الزين وتولي هذا الثلاثاءثم ولي بعد ذلك الاستادارية أيضاً فلم يسعد فيها ونهب بيته وأفحش في حريمه بل رجمه العامة قبل في أيام المنصور وأفحشوا في أمره ورضي في بعض الأوقات بولاية قطيا للخوف من فتك الزين به انتقاماً فلم يلبث إلا قليلاً وأعيد لنقابة الجيش واستمر فيها حتى مات في بيته بقرب قنطرة سنقر ليلة الثلاثاء سابع عشري المحرم سنة إحدى وثمانين عن نحو الثمانين وصلى عليه من الغد بسبيل المؤمني، وكان من سيئات الدهر جرأة وإقداماً وظلماً وجبرية مع قول ابن تغري بردى عن نقابة الجيش إنها وظيفة جليلة ومتوليها أجل، وقد حج صحبة الزين عبد الباسط وغيره عفا الله عنه.
71 - محمد بن عبد الرزاق شمس الدين أخو الذي قبله والفخر بن أبي الفرج مات في حياة أخويه بعد أن باشر نظر قطيا فيما قي. محمد بن عبد الرزاق. في أبي البركات.
72 - محمد بن عبد الرزاق القاضي بدر الدين القرشي البالسي المصري الشافعي والد التاج محمد الآتي ويعرف بابن مسلم أحد النواب؛ ممن سمع على الواسطي وشيخنا؛ وسمع منه بعض الطلبة، وكان ساكناً. مات في رجب سنة تسع وثمانين.
73 - محمد بن عبد السلام بن إسحاق بن أحمد العز الأموي - بضم الهمزة - المحلى ثم القاهري المالكي ابن عم الولوي السنباطي الآتي. قرأ ابن الحاجب الفرعي بحثاً في تسعين يوماً على الجمال الأقفهسي ولازم العز بن جماعة في فنون وكذا أخذ عن البلقيتي والغماري وجمع غريب ألفاظ ابن الحاجب وانتهى منه في سنة سبع وتسعين وسبعمائة، وتفقه به قريبه المشار إليه بالقاهرة في أوائل هذا القرن.
74 - محمد بن عبد السلام ويسمى أيضاً عمر بن أبي بكر بن محمد الجمال أبو عبد الله بن العز أو التقي بن الفقيه الزبيري اليماني الناشري الشافعي أحد قضاة زبيد. أرسل إلي في سنة ست وثمانين وأنا بمكة كتاباً يستدعي مني الإجازة له ولولديه الموفق على السباعي وعبد السلام المولود في سنته فكتبت له كراسة بل كتب إلي في سنة سبع وتسعين يسأل عن أشياء وكتبت له جوابها.
75 - محمد بن عبد السلام بن حسن الشمس بن الخواجا الجرجاني الأصل البحري الشافعي نزيل مكة وأخو علي شاه الماضي. شاب سمع على أربعي النووي وكثيراً من المصابيح وغير ذلك كالكثير من البخاري والبعض من مسند الشافعي بل قرأ على المشارق للصغاني وكتبت له كراسة، ودخل مصر للتجارة في أول سنة ثمان وتسعين مع الركب ثم رجع بحراً في سنته.
76 - محمد بن عبد السلام بن راجح القرشي القندهاري - نسبة لبعض قرى الهند. نزيل مكة ونائب إمام مقام الحنفية بها. مات بمكة شهيداً تحت هدم في ربيع الثاني سنة سبع وستين. أرخه ابن فهد.(4/96)
77 - محمد بن عبد السلام بن عبد العزيز العزيزي المدني أحد شهود الحرم وممن سمع مني بها.
78 - محمد بن عبد السلام بن أبي الفتح محمد أبو الفضل الكازروني المدني ويعرف بابن تقي، ممن سمع مني بالمدينة أيضاً.
79 - محمد بن عبد السلام بن محمد بن روزبة التقي والشرف بن العز الكازروني الأصل المدني والد المحمدين فتح الدين وأبي حامد وعم الشمس محمد بن عبد العزيز. ولد في ثالث شعبان سنة خمس وسبعين وسبعمائة وحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والمنهاج الأصلي وألفية ابن ملك؛ وعرض على أحمد بن محمد السلاوي الشافعي بالمدينة وأحضر على الشمس الششتري، وسمع على البدر بن الخشاب والعراقي والهيثمي والزين المراغي بل قرأ على ابن صديق؛ وأخذ العربية عن المحب بن هشام والفقه عن جماعة، وناب في القضاء والإمامة والخطابة عن ابن عمه الجمال الكازروني قليلاً لكون الجمال كان بالقاهرة، ووصفه أبو الفتح المراغي بالفقيه العالم أقضى القضاة. وقال شيخنا في إنبائه إنه كان نبيهاً في الفقه. مات في صفر سنة خمس عشرة.
80 - محمد بن عبد السلام بن محمد بن عبد العزيز المدني سبط علي البواب. ممن سمع مني بالمدينة.
81 - محمد بن عبد السلام بن موسى بن عبد الله ولي الدين أبو زرعة البهوتي الأصل الدمياطي الشافعي أخو عبد الله وعلى الماضيين وأبوهما وعمهما عبد الرحمن. ولد بدمياط في سنة سبع وستين وثمانمائة تقريباً ونشأ بها فحفظ القرآن والبهجة ومختصر أبي شجاع وجانباً من الألفية وغير ذلك، ولازم الشهاب البيجوري في الفقه والعربية والأصول وتميز وأجاد؛ وقدم القاهرة فقرأ علي يسيراً وكذا على الديمي، وناب في القضاء عن الولوي البارنباري والأشموني مدة ولايتهما ثم اقتصر على العقود لعدم قاض بها مع عقل وتؤدة، وقد حج في سنة ثمان وتسعين واجتمع بي ثم رجع.
82 - محمد بن عبد السلام الشمس السعودي. ممن سمع مني.
محمد بن عبد السلام المنوفي. كذا في معجم النجم بن فهد مجرداً وأظنه العز محمد بن محمد بن عبد السلام نسب لجده وسيأتي.
83 - محمد بن عبد الصمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الجمال السكسكي البريهي - بضم الموحدة مصغر - الدملوي اليمني المكي الشافعي ويعرف بابن عبد الصمد. ولد سنة ثمان وثمانين وسبعمائة واشتغل في الفقه والنحو على أبيه وعمه وسمع ببلاد اليمن من النفيس العلوي وأخيه الجمال محمد والمجد اللغوي وابن الجزري؛ وحج في سنة ثمان وعشرين وجاور بمكة التي تليها فسمع بها من الشمس البرماوي والجمال المرشدي والتقي بن فهد ولازم أولهم كثيراً في الفقه وأصوله وبحث عليه شرحه للألفية في الأصول وغيره، وعاد إلى بلاده بعد حجه فيها أيضاً واشتهر بالفضيلة ببلاد اليمن، ثم حج في سنة ثلاث وخمسين وجاور التي تليها فقدرت وفاته بها فجأة في ظهر يوم الثلاثاء تاسع عشري جمادى الأولى سنة أربع وخمسين ودفن بالشبيكة رحمه الله وغفر له.
84 - محمد بن عبد الصمد المغربي المالكي ويعرف بالتازي نزيل مكة. جاور بها قريب عشرين سنة أو أزيد واشتغل بالفقه قليلاً وكان يذاكر من حفظه بمواضع من موطأ إمامه رواية يحيى بن يحيى ويفهم أنه يحفظه، وسمع بمكة من النشاوري وابن صديق وغيرهما ولم يكن بالمرضى في دينه. مات في آخر ذي الحجة سنة خمس أو أول التي بعدها برباط السدة محل سكنه ودفن بالمعلاة، ذكره الفاسي في مكة.
85 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن قاسم ناصر الدين أبو الفرج التميمي المغربي الأصل المدني المالكي الطيب النغمة ويعرف بابن قاسم. ولد سنة سبع وخمسين وثمانمائة بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن واشتغل قليلاً بالفقه والعربية عند مسعود المغربي ولازمني في مجاورتي بالمدينة في أشياء وسمعنا من أناسيده الطيبة هناك، وتكرر دخوله القاهرة.(4/97)
86 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد العز أبو المفاخر ابن الشرف أبي القسم بن المحب النويري المكي الشافعي الماضي أبوه وجده. ولد في سابع شعبان سنة تسع وستين وثمانمائة بمكة ونشأ بها فقرأ القرآن والمنهاج وقرأه علي بتمامه بل سمع مني أشياء؛ ثم قرأ علي في سنة أربع وتسعين جميع البخاري ومؤلفي في ختمه، وقد اشتغل بالفقه والعربية وغيرهما وحضر عند الخطيب الوزيري ونحوه بل لازم القاضي في سنة تسع وتسعين؛ وهو ذكي فهم يقظ كان ممن زار المدينة وقرأ علي بالروضة الشريفة أشياء.
87 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن أبي بكر أبو عبد الله بن صاحب المغرب أبي فارس ووالد المنتصر محمد الآتي. مات في حياة أبيه سنة خمس وثلاثين وثمانمائة بزاويته التي أنشأها بطرابلس المغرب وكان ولي عهده فأسف عليه جداً وكذا كثر أسف غيره عليه فإنه كان موصوفاً بالشهامة ومكارم الأخلاق لا تعرف له صبوة إلا في الصيد بل كان مغرماً بالجواري ويعلم أبوه بذلك فينهاه لأنه حدث له ورم في ركبتيه فكان يخشى عليه من كثرة الجماع بحيث يقول له إياك والنساء ويكرر ذلك في المجلس حتى يخجله ومع ذلك فلا يرتدع وقدر أن وفاته كانت فيما قيل بسببه، وقد تخلى له أبوه غير مرة عن الملك فكان يمتنع ويبالغ في الامتناع، ذكره شيخنا في إنبائه ولم يكن عند أبي فارس أخص منه وجرت على يديه بسفارته مبرات كثيرة بل بنى هو عدة زوايا؛ ورأيت من أرخه سنة اثنتين وثلاثين.
88 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد أخوه المعتمد. مات سنة خمسين.
89 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن أسد جمال الدين ابن العز بن العماد الفيومي الأصل المكي ثم القاهري الشافعي أخو عمر الماضي وأبوهما ولد بمكة ونشأ بها فحفظ القرآن ثم قدم القاهرة وزوجه أبوه ابنة الشريف الوفائي الحنفي طمعاً في أن يكون شاهداً عنده فلم يحصل اتفاق ولازم زكريا فاستنابه في القضاء وجلس بمجلس النووي السراج فلم يحتمل ذلك فحوله لمجلس الجمالية ثم لغيره بل صار من قضاة النوبة عوض المحب الأسيوطي مع مجلس بقناطر السباع وعد كل هذا من القبائح وأنكر ولايته السلطان فمن دونه. مات بالطاعون في سنة سبع وتسعين وخلفه في مجلسه أبو الفوز بن زين الدين وقيل ردونا إلى الأول.
90 - محمد بن عبد العزيز بن أحمد ناصر الدين المدني الحنفي الخواص. سمع مني بالمدينة.(4/98)
91 - محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل بن الشيخ إبراهيم بن محمد بن أحمد الشمس ابن العز البصري الأصل المكي المولد والدار الشافعي ويعرف بالزقزق وجده إسماعيل الماضي هو أخو إبراهيم المسمى باسم أبيهما الذي هو الآن في الأحياء. ولد سنة أربع وسبعين وثمانمائة بمكة ونشأ بها فحفظ القرآن والإرشاد وبحثه عند الشيخ أحمد الخولاني؛ ولزم الشيخ عبد الله البصري وبه عرف فقرأ عليه فرائض المنهاج ثم الأشنهية والحساب والفقه وغيرها وبه انتفع، وقرأ على الشمس النشيلي نزيل مكة الفصول لابن الهائم وعلى السيد أصيل الدين عبد الله عقيدة التقي وعلى أحمد بن المغربي نزيل مكة ألفية ابن ملك وعلى السراج معمر بعض الألفية ونحو ثلث المنهاج الأصلي، ولازمني في سنة ثلاث وتسعين وبعدها حتى قرأ على جميع الصحيحين وشرحي لتقريب النووي بحثاً وسمع مجالس من جامع الأصول وغير ذلك، وزار وأنا هناك المدينة ثم رجع وتزوج وكذا قرأ علي في سنة سبع وتسعين جميع ألفية العراقي بحثاً وسمع علي في المرتين أشياء أثبتها له في كراسة؛ وهو ممن يلازم درس الجمالي القاضي وكذا قرأ على السيد كمال الدين ابن صاحبنا السيد حمزة حين مجاورته فيها قطعة من الأرشاد وسمع أخرى ولازم في المطالعة على ذلك وغيره الزين عبد الغفار النطوبسي الأزهري وقرأ في أصول الدين على عبد النبي المغربي وكذا قرأ على عبد المعطي، وهو فقير خير يقظ فاضل متفنن راغب في التحصيل حسن الفهم كثير الأدب ممن ينظم الشعر، ومما كتبته له في المرة الثانية: اجتمع بي المشار إليه وقد ارتفع من سائر ما أثنيت به عليه بحيث صار بين فضلاء وقته كالشامة وصار في أقوم طرق الاستقامة من حرصه على لقاء الخير وتربصه لتأمل ما ينفعه في الإقامة والسير وعدم خوضه فيما لا يعنيه والندم على الوقت الذي في غير العلم يمضيه فسررت بوجود مثله وقررت ما علمته منه من عشيرته وأهله فالله تعالى يفتح عليه بما يعينه على القيام بما هو بصدده ويرجح ميزانه من فضله ومدده، وقد أقرأ في بيت بني الخطيب الفخري أبي بكر النويري ويصحح عليه في الإرشاد ابن أبي المكارم ويقرئ في الفرائض وغيرها.
92 - محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل الغزي الحنبلي. ممن سمع مني بمكة.(4/99)
93 - محمد بن عبد العزيز بن عبد السلام بن محمد بن روزبة بن محمود بن إبراهيم ابن أحمد الشمس وربما لقب المحب ويكنى أبا عبد الله وأبا الفتح بن العز بن العز الكازروني المدني الشافعي. ولد في جمادى الأولى سنة خمسي وتسعين وسبعمائة بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والحاوي والمنهاج الأصلي وألفية ابن ملك، وعرض على الزينين خلف المالكي والمراغي بل وسمع عليه وحضر مجلسه في الفقه وانتفع به وكذا عرض على أبي حامد المطري وسمع عليهما صحيح البخاري وعرض أيضاً على أبي عبد الله الوانوغي وبحث عليه في الألفية والجمل للزجاجي والتقريب في النحو أيضاً وفي التنقيح في الأصول للقرافي وحضر دروسه أيضاً في التفسير وأخذ أيضاً عن ابن عم أبيه الجمال محمد بن الصفي الكازروني الفقه وأصوله وقرأ عليه من كتب الحديث أشياء ووصفه بالفقيه العلامة العالم صدر المدرسين وقرأ النحو والصرف والمعاني والبيان وإعراب القرآن على النور علي بن محمد الزرندي وحضر في الفقه والحديث بمكة في سنة أربع عشرة عند الجمال بن ظهيرة وبالمدينة عند الزين عبد الرحمن القطان وبحث الحاوي والمنهاج الأصلي مع شرحه وألفية ابن ملك والتلخيص على النجم السكاكيني وأذن له في الإقراء والتدريس والإفتاء ووصفه بالعلامة، وتلا على الزين بن عياش لأبي عمرو ثم لعاصم ثم لورش وأكمل الثالثة عند وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم لابن كثير ولقالون عن نافع ثم لابن عامر والكسائي ولحمزة وأكملها عند وجه النبي صلى الله عليه وسلم فكمل له بها ست ختمات ثم جمع للسبع من أول القرآن إلى " والوالدات " وأذن له وسمع عليه قصيدته غاية المطلوب وسمع بالمدينة على النور المحلى سبط الزبير والشمس محمد بن محمد بن أحمد بن المحب سمع عليه الصحيحين حين جاور عندهم بالمدينة والشرف الشيرازي والجرهي والولي العراقي حين قدم للحج في سنة اثنتين وعشرين وابن الجزري، ودخل الشام فأخذ عن التاج عبد الوهاب بن أحمد بن صالح الزهري والشهاب أحمد بن عبد الله بن بدر الغزي والجمال بن نشوان والشمس الكفيري والبرهان خطيب عذراء والنجم بن حجي وأبو بكر اللوبياني والشمس محمد بن أحمد بن إسماعيل الحسباني الشافعيين وعرض عليهم، وبالقدس عن الشمس الهروي وقرأ عليه بعض مسلم وساق له إسناده فكان بينه وبين مسلم سبعة كلهم حسبما كتبته في ترجمة الهروي نيسابوريون والزين القباني وسمع عليه بعض صحيح مسلم، وأجاز له في سنة إحدى وثمانمائة البلقيني والعراقي والهيثمي وابن الملقن والحلاوي والسويداوي والمجد إسماعيل الحنفي والنجم البالسي وغيرهم؛ وحدث وأجاز للتقي بن فهد وابنيه وغيرهم. ومات في المحرم سنة تسع وأربعين بالمدينة وصلى عليه بالروضة ودفن بالبقيع وقد ترجمته في الوفيات والمدنيين رحمه الله.
94 - محمد بن عبد العزيز بن عبد السلام بن موسى بن أبي بكر الجمال بن العز الشيرازي الأصل المكي الزمزمي الشافعي نزيل القاهرة والماضي أبوه والآتي عمه موسى. ولد في شعبان سنة ست أو سبع وأربعين وثمانمائة بمكة ونشأ بها فاشتغل يسيراً بعد أن حفظ القرآن وصلى به هو وأخوه أبو بكر الآتي التراويح بالمسجد الحرام ليلة بليلة، وحفظ المنهاج وغيره وأخذ بها في الفلك عن نور الدين الزمزمي؛ وقدم القاهرة في سنة خمس وستين فأقام بها مدة واشتغل بالفرائض والحساب والميقات والهندسة وغيرها حتى برع وتميز في بعضها وحضر في الفقه عند المناوي وغيره وتردد للشمني وأئمة الوقت وكتب عني عدة أمالي بل سمع على غير ذلك ومدحني بما كتبه الجماعة عنه بحضرتي، وطلب الحديث يسيراً ودار على شيوخ الرواية ورغب في ذلك؛ وارتحل إلى الشام وأخذ بها عن الخيضري وغيره وولع بالنظم وانتفع بالشهاب الحجازي فيه، وكان ذكياً ظريفاً عشيراً ذا نغمة حسنة وطلاقة. مات بالقاهرة غريباً مطعوناً في ليلة الثلاثاء سلخ شعبان سنة ثلاث وسبعين ودفن من الغد في مشهد صالح رحم الله شبابه وعوضه خيراً. ومن عنوان نظمه:
كن راحماً للخلق كي تسلما ... فحق للراحم أن يرحما
إرحم عبيد الله في أرضه ... ترحم من الرحمن رب السما(4/100)
95 - محمد بن عبد العزيز بن عبد الواحد بن عياذ - بتحتانية - الإمام الأوحد كمال الدين الأنصاري المدني المالكي والد حسين الماضي، سمع على صهره النور على المحلى في سنة عشرين وكتب عنه في إجازة سنة سبع وثلاثين بل عرض عليه بعضهم في سنة خمس وأربعين. ومات بعد ذلك وكان.
96 - محمد عبد العزيز بن علي بن أحمد بن عبد العزيز الهاشمي النويري اليمني المكي وأمه قمرا الهندية فتاة أبيه. ولد سنة ست عشرة وثمانمائة بتعز أو زبيد من اليمن، وسافر مع أخويه عمر وعبد الرحمن إلى القاهرة في سنة اثنتين وثلاثين ثم إلى المغرب ثم التكرور ومات.
97 - محمد بن عبد العزيز بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق السلطان السعيد أبو محمد بن أبي فارس بن أبي الحسن المريني صاحب مدينة فاس وبلاد المغرب. طول المقريزي ترجمته وأنه أقيم وهو ابن خمس سنين بعناية الوزير أبي بكر بن غازي بعد موت أبيه في ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وسبعمائة واستبد الوزير بالتكلم فلم يلبث إلا يسيراً وتحركوا عليه فانتزع أبو حمو موسى بن يوسف تلمسان ومحا دعوة بني مرين من أعماله وأبو عبد الله بن الأحمر حبل الفتح ومحا دعوة بني مرين مما وراء البحر بل وأبو العباس أحمد بن أبي سالم إبراهيم على فاس في أول المحرم سنة ست وسبعين فكانت مدة السعيد سنة وتسعة أشهر إلا أياماً ثم بعد محاربات وفتن ودامت الحروب بعد ذلك إلى أن تقنطر به فرسه في بعضها بخندق وهو سكران فأدرك به فحز رأسه في محرم سنة ست عشرة وجئ به إلى أبي سعيد. محمد بن عبد العزيز بن محمد بن أحمد بن عثمان خير الدين أبو الخير بن البساطي. يأتي في الكنى.
98 - محمد بن عبد العزيز بن محمد بن مظفر بن نصير بن صلح البهاء أبو البقاء ابن العز البلقيني الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وولده عبد العزيز ويعرف بابن عز الدين ويلقب شفترا. ولد في رجب سنة خمس وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك، وعرض على جماعة منهم العز بن جماعة والجلال البلقيني والطبقة وأحضر على ابن أبي المجد معظم البخاري والختم منه على التنوخي والعراقي والهيثمي، واشتغل يسيراً على أبيه في الفقه وأصوله والحديث والنحو والفرائض وكان علامة فيها وزعم أنه أذن له في الإفتاء والتدريس، وأجاز له ابو هريرة بن الذهبي وأبو الخير بن العلائي وآخرون، وحج في سنة تسع عشرة ودخل دمياط والمحلة ونحوهما، وناب في القضاء عن الجلال البلقيني فمن بعده وترقب ولاية القضاء الأكبر وربما ذكر لذلك خصوصاً في الأيام المتأخرة وخوطب به وكاد أمره أن يتم في أيام الظاهر خشقدم؛ ودرس بمدرسة سودون من زادة بالتبانة عقب أبيه وكذا ولي بعده إفتاء دار العدل واشتهر بالثروة الزائدة التي جرها إليه الميراث من قبل أبيه وغيره مع التقتير الزائد والإزراء في ملبسه وإفراطه في البأو والتعاظم لا لموجب حتى أن الديمي سأله في المجيء للكاملية ليحدث بصحيح البخاري فأجاب بتكلف زائد ولما حضر خاطبه بشيخ الإسلام وقرأ بين يديه مع جماعة من الشيوخ المجلس الأول ثم أنف من إشراك غيره معه في الأسماع وانقطع عن الحضور إلا إن كان بمفرده ولو لم يمتنع كان أجمل في حقه وأجل، وقد حدث باليسير جداً قرأت عليه جزءاً وقرأ عليه غير واحد من الطلبة وليم من قرأ عليه بعد توعكه في سنة ست وسبعين لكونه كما قيل في حيز المختلطين، وكان قد امتحن في أوائل سلطنة الظاهر جقمق في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين بسبب جارية أفسدها عبده جر ذلك إلى إهانته وضربه وإشهاره على حمار وفي عنقه باشه وبذل ألف دينار وأكثر ولولا تلطف شيخنا في أمره لكان الأمر أشد. وآل أمره إلى عزله من نيابة الحكم، ولزم بيته حتى مات في يوم الخميس عاشر شعبان سنة ثمان وسبعين بعد توعك طويل يزيد على خمس سنين بحيث أقعد وصلى عليه بمصلى باب النصر ثم دفن في تربة سعيد السعداء رحمه الله وعفا عنه.(4/101)
99 - محمد بن عبد العزيز بن محمد جلال الدين بن العز بن البدر الحراني الأصل القاهري القادري أخو عبد القادر الماضي لأبيه والمحب بن بلكا القادري لأمه. ممن حفظ القرآن والعمدة وسمع على شيخنا وغيره كالبخاري بالظاهرية حيث سمع فيه؛ وأجاز له جماعة باستدعاء ابن فهد وغيره وتكررت تسمية ابن فهد لأبيه بمحمد وهو غلط. ومات قبل أن يتكهل سنة ستين تقريباً رحمه الله.
100 - محمد بن عبد العزيز بن مسلم الشمس أبو عبد الله المستناني المغربي السكندري المالكي الماضي أبوه. مات في سنة خمس وسبعين أو أوائل التي بعدها بدمياط فإنه توجه غليها صحبة المنصور لكونه كان إمامه وله فيه مزيد اعتقاد مع استفاضة ذكره بالصلاح والعلم وعقل وسكون، وقد كتب الكثير بخطه رحمه الله وإيانا.
محمد بن عبد العزيز أبي فارس صاحب المغرب. مضى فيمن جده أحمد بن محمد بن أبي بكر. محمد بن عبد العزيز الجمال المكي الشهير ببيسق الفراش. مضى في ابن أحمد بن عبد العزيز.
101 - محمد بن عبد العزيز الشمس بن العماد الأبهري. ممن أخذ عن شيخنا.
محمد بن عبد العزيز زعيم تونس. مات سنة ثمان وثلاثين. كذا كتبه ابن عزم وأظنه الماضي فيمن جده أحمد بن محمد بن أبي بكر وإن لم تكن وفاته كذلك.
102 - محمد بن عبد العزيز الشمس الجوجري ثم القاهري الشافعي ابن أخت الجمال عبد الله بن البحشور. قرأ القرآن وشيئاً من التنبيه وكتب شرحه للزنكلوني وتعاني الشهادة وجلس مع خاله في حانوت المراحليين وكذا كان شاهد العمائر في وقف البيمارستان، ولم يذكر عنه في ذلك إلا الخير مع كثرة تلاوته ورغبته في الجماعات وإقباله على شأنه وسكونه وقدم تبسطه. مات في ربيع الأول سنة سبع وثمانين وقد زاحم السبعين رحمه الله.
محمد بن عبد العزيز. أظنه محمد بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز نسب لجده وسيأتي.
103 - محمد بن عبد العظيم بن يحيى بن أحمد بن عبد العظيم الخانكي. ولد سمع علي بقراءة أبيه ثلاثيات البخاري في ربيع الثاني سنة ست وتسعين وأجزت له.
104 - محمد بن عبد الغفار بن محمد بدر الدين السمديسي الأصل الأزهري المالكي وهو أكبر من موسى الآتي والذي يليه.
105 - محمد جلالي الدين أخوه. ولد سنة ثلاث وخسين بالصحراء أيضاً وحفظ القرآن وبعض المختصر وجود على أبيه وقرأ على السنهوري مقدمة شيخنا الحناوي في النحو وسمع عليه بحث المختصر وابن الجلاب وبعض ابن الحاجب وقرأ على ابن يونس المغربي حين قدم القاهرة الجرومية بعد حفظه لها في ليلة ومعظم الرسالة؛ وعلى الزين السنتاوي غالب الفوى وعلى التقي الحصني تصريف العزي، وصاهر الشرف الأنصاري على ابنة أخته، وحج مراراً أولها في سنة ست وسبعين وغير مرة وكذا زار طيبة مراراً أقام في بعضها أشهراً، ومال إلى التجارة وسافر فيها إلى اليمن وهرموز ثم إلى كالكوت من الهند في سنة ثمان وتسعين بمكة، ولا بأس به.
106 - محمد بن عبد الغني بن عبد الرزاق ناصر الدين بن الفخر بن أبي الفرج أخو أحمد الماضي وهو توءمه. ولي نيابة دمياط فدام بها سنة؛ وتنسب له ولأخيه معصرة، وحج وجاور. ومات بالقاهرة في سنة ثلاث وخمسين تقريباً.
107 - محمد بن عبد الغني بن محمد بن أحمد بن عثمان بن نعيم بدر الدين البساطي الأصل القاهري المالكي الماضي أبوه وجده ويلقب ديبس. ولد في ربيع الأول سنة ست وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة، وأجاز له البرهان الحلبي وغيره وحفظ بعض الكتب وتكسب بالشهادة وليس بمحمود السيرة. مات في ليلة الأحد ثاني عشري ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين.
108 - محمد بن عبد الغني بن محمد بن محمد الشمس التاجر ويعرف بابن كرسون. مات في ربيع الأول سنة خمس وسبعين وقد ناهز الثمانين وخلف دنيا طائلة، وكان يسكن بحارة الديلم ويوصف بخير في الجملة وهو والد أبي الفتح محمد الآتي، وفي طبقة بخط الشهاب بن الضياء بسماع الشفا على المشايخ الثلاثة أبي العباس ابن عبد المعطي والنشاوري والفخر القاياتي مؤرخة بسنة خمس وثمانين وسبعمائة ذكر فيها من سامعي جميع الكتاب الصدر الأجل شمس الدين محمد بن ناصر الدين محمد البزاز بمكة ويعرف بكرسون وابنه عبد الرزاق فينظر إن كان هو جد المذكور أو غيره رحمه الله.(4/102)
109 - محمد بن عبد الغني ناصر الدين القاهري نقيب السقاة ووالد وفا وأمير حاج قاري النعماني ويوسف ويعرف بابن أخي شفتر. استقر نقيب السقاة عقب عمه أخي أبيه لأمه الشمس محمد بن إبراهيم بن بركة الماضي. مات في سنة اثنتين وتسعين واستقر بعده ابنه وفا.
110 - محمد بن الخواجا الزين عبد القادر بن البرهان إبراهيم بن حسن المناوي القاهري الماضي أبوه وجده ويعرف كسلفه بابن عليبة. ممن حفظ القرآن وغيره وسمع مني المسلسل وغيره وكذا سمع من الشاوي وامتحن بعد أبيه ورق أحباب أبيه له.
111 - محمد بن عبد القادر - أو إسماعيل والأول أشبه - بن إبراهيم محيي الدين بن مجد الدين المكراني الأصل المكي مديم للاشتغال عند عبد المحسن وغيره مع فهم وعقل؛ وقد لازمني كثيراً في سنة ست وثمانين وبعدها.
محمد الصدر أخوه. مضى في الأحمدين وذاك أفضل. محمد بن عبد القادر بن أبي البركات بن علي بن أحمد بن عبد العزيز. يأتي فيمن جده محمد.
112 - محمد بن عبد القادر بن أبي بكر بن علي بن أبي بكر سعد الدين بن الزين البكري البلبيسي الأصل القاهري الحنبلي الماضي أبوه ويعرف بكاتب العليق. ولد في عاشر المحرم سنة خمس وعشرين وثمانمائة بحارة بهاء الدين ونشأ في كنف أبيه فحفظ القرآن والخرقي وكتب على الزين بن الصائغ ومهر في الكتابة وتدرب بأبيه في المباشرة ثم استقر بعده في كتابة العليق ثم أضيف إليه كتابة المماليك حين استقر متوليها صهره فرج في الوزر واستناب أخاه لأمه الشمس محمد بن علي البويطي في العليق ثم استقل به وباشر سعد الدين كتابة المماليك خاصة حتى صرف عنها بالتاج المقسي؛ ثم استقر في نظر الاسطبل والأوقاف بعد العلاء بن الصابوني ثم صرف عنهما واستقر في استيفاء الخاص أيام صهره الزين بن الكويز إلى أن صرف بصرفه، ثم لما مات عبد الكريم بن جلود واستقر ابن أبي الفتح المنوفي عوضه في كتابة المماليك صار هذا ثاني قلم فيها بل صرح له السلطان غير مرة بأن المعول في الديوان عليه وألزمه بديوان المفرد؛ وتقدم في المباشرة جداً مع عقل وسكون وأدب وشكالة وصاهر عدة من الأعيان، وهو بأخرة في ديانته وتصونه أحسن منه قبل، وعلى كل حال فهو ناقص الحظ عن كثيرين ممن لم يبلغ مرتبته ولا كاد، وقد حج سنة الزين عبد الباسط رجبياً.
113 - محمد بن عبد القادر بن أبي بكر البدر أبو السعادات القابسي الأصل المحلى الشافعي من ذرية موفق الدين عمر بن عبد الوهاب القابسي، ممن عرض علي وأبوه ينوب عن قاضي المحلة بل هو نفسه. وقد تقدم عمه أبو الطيب محمد بن أبي بكر بن محمد. محمد بن عبد القادر بن حسين بن علي الغمري أخو أحمد الماضي هو وجده ويعرف بجلال.
114 - محمد بن عبد القادر بن أبي الخير واسمه عبد الحق بن عبد القادر الحكيم غياث الدين أبو الفضل بن أبي الفتوح الطاوسي الأبرقوهي الأصل الشيرازي الشافعي عم أحمد بن عبد الله الماضي. سمع الكثير من أبيه وغيره، وأجاز له ابن أميلة والصلاح بن أبي عمر والشهاب أحمد بن عبد الكريم البعلي والزيتاوي والتقي ابن رافع والعز بن جماعة واليافعي وخلق روي عنه ابن أخيه. ومات في ثاني عشري رجب سنة اثنتي عشرة بشيراز.
115 - محمد بن عبد القادر بن عبد الرحمن بن عبد الوارث بن محمد البدر أبو اليمن بن المحيوي البكري المصري المالكي والد زين العابدين محمد الآتي والماضي أبوه وجده ويعرف كسلفه بابن عبد الوارث. ولد في وحفظ القرآن ومختصر الفقيه خليل وتنقيح القرافي وألفية ابن ملك، وعرض في سنة إحدى وستين فما بعدها على العلم البلقيني والبوتيجي والعز الحنبلي وأبي الجود المالكي وأجازوا له، واشتغل قليلاً عند أبيه وسافر معه إلى الشام حين توجه على قضائها ثم قدم بعد موته فلزم النيابة عن قضاتها وأكثر من حضور دروس السنهوري، ويذكر بحشمة وعقل وربما نوه باسمه في القضاء الأكبر.(4/103)
116 - محمد بن عبد القادر بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بدر الدين السخاوي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وجده وجد أبيه وهو ابن أخي. ولد في ذي الحجة سنة أربع وستين وثمانمائة بسكننا الشهير ونشأ فحفظ القرآن وبعض المنهاج وسمع على الكثير خصوصاً حين كان معي بمكة في مجاورتين وجاور مع أبويه حين كنا جميعاً بمكة في سنة إحدى وسبعين، ثم حج بانفراده في سنة ست وثمانين فكانت حجة الإسلام وجاور التي تليها ورجع معي في موسمها فوصلنا القاهرة في أول سنة ثمان وجلس كأبيه للتكسب فتميز في البيع والشراء بسوق الغزل مع عقل وسكون وأدب وذوق وفهم ومحبة في الفضلاء ورغبة في سماع مذاكرتهم وإقبال على شأنه ثم أقبل على الاشتغل وقرأ علي في الفقه وفي كتابي المقاصد الحسنة ومسند الشافعي وكذا قرأ العربية مع بعض الفضلاء وفهمها، وممن قرأ عليه فيها السراج معمر وأتقن مع غيره شرحه للقطر والسيد عبد الله الأيجي قرأ عليهما في شرح عمه للقواعد وأكمله مع شرح الألفية وغيرهما من كتب الفن وغيره على الشهاب المنزلي وسمع عليه في الفقه كثيراً من الإرشاد لابن المقري ولو تفرغ لذلك لما سبقه غيره، وقد أثكل أمه في مجاورة تلي المشار إليها ثم والده بعد رجوعه منها وتجرع ألم فقدهما عوضه الله وإياهما خيراً.
117 - محمد كمال الدين شقيق الذي قبله. مات صغيراً سنة وستين.
118 - محمد بن عبد القادر بن عبد الرحمن أبو الغيث بن محيي الدين الشيباني المكي الحنفي أخو عمر الماضي ويعرف كسلفه بابن زبرق، ممن سمع مني بمكة وقد حفظ القرآن وبعض المختصرات ولازم زوج أخته أبا الليث بن الضياء في الفقه وحضر دروس قاضيهم.
119 - محمد بن عبد القادر بن علي إمام الدين أبو المعالي الجزيري القاهري الشافعي، ممن قرأ المنهاج عند الأمين بن النجار إمام الغمري ثم عرضه على الجماعة مبتدئاً بي في يوم السبت ثاني عشري جمادى الثانية سنة إحدى وتسعين وسمع مني المسلسل بشرطه وأجزت له وكذا حفظ غيره واشتغل في الفقه والعربية وفهم.
120 - محمد بن القادر بن عمر بن حسين بن علي المحب أبو البركات الزفتاوي الأصل المقسي الماضي أبوه وجده أسمعه أبوه الكثير على جماعة وكذا سمع علي وأثكل أباه.(4/104)
121 - محمد بن عبد القادر بن عمر النجم السنجاري الشيرازي الأصل الواسطي المولد الشافعي المقرئ نزيل الحرمين وربما كتب له المدني ويعرف بالسكاكيني وسمى شيخنا والده عبد الله بن عبد القادر. ولد فيما بين سنة سبع وخمسين إلى ستين بواسط واشتغل في بغداد على جماعة منهم فريد الدين عبد الخالق بن الصدر محمد بن محمد بن زنكي الإسفرايني الشعيبي قرأ عليه المحرر للرافعي والحاوي الصغير والغاية القصوى للبيضاوي وينابيع الأحكام في المذاهب الأربعة لوالده وكذا قرأ في بغداد البردة على قاضي قضاة العراق على الإطلاق الشهاب أحمد بن يونس بن إسماعيل بن عبد الملك المسعودي التونسي المالكي وتلا للسبع والعشر بما تضمنه الإرشاد لأبي العز القلانسي على خضر العجمي عند قدومه من القاهرة إلى العراق وعرض عليه من حفظه الشاطبية وتلا على العلاء محمد بن التقي عبد الرحمن بن عبد المحسن الواسطي بما تضمنه الكنز من القراآت إلى آخر آل عمران وروي عنه الشاطبية أيضاً وأجاز له، ثم ارتحل في الطلب وتبحر في القراآت فقرأ الشاطبية على أبي العباس أحمد التروجي مدرس البرجانية ببغداد قراءة بحث واتقان وتحقيق لوجوه القراآت، ولما غارت أصحاب تمر على العراق أخذت كتبه جميعها مع مقروءاته ومسموعاته وإجازاته ولم يبق له شيء من الكتب، وحج في سنة تسع وثمانمائة وجاور بمكة التي تليها وتلا فيها للسبع إلى آخر آل عمران على النور بن سلامة بما تضمنه التيسير والشاطبية، وعرض عليه الشاطبية حفظاً وأذن له في الإقراء والتصدير وأخذ عن المجد اللغوي بعض شرحه للبخاري وبعض القاموس وغير ذلك؛ وعاد إلى العراق وتصدى بها لإقراء القرآن. ثم دخل دمشق قاصداً زيارة بيت المقدس سنة خمس عشرة فقرأ به إلى آخر آل عمران أيضاً على الزين أبي المعالي بن اللبان بما تضمنه الكنز في القراآت العشر والكفاية نظم الكنز كلاهما للإمام النجم عبد الله بن عبد الواحد الواسطي والإرشاد لأبي العز القلانسي والتيسير وأذن له في الإقراء والتصدير، ثم قدم مكة قبل الثلاثين بمدة يسيرة وانقطع بها للإقراء وصار يتردد في بعض السنين إلى المدينة النبوية ثم انقطع بها وصار يتردد إلى مكة في أيام الموسم للحج خاصة ثم قطنها بعد الحج في سنة سبع وثلاثين إلى أن مات بها في ليلة الأحد خامس عشري ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ودفن بالمعلاة، وكان إماماً عالماً صالحاً متواضعاً حريصاً على نفع الطلبة مشهوراً بخبرة كتاب الحاوي وحسن تقريره؛ درس بالحرمين وأفتى بهما وانتفع به كثير من الطلبة فيهما وفي غيرهما، وممن أخذ عنه أبو الفرج المراغي والمحب الطبري إمام المقام بمكة والكثير من نظمه الشمس بن الشيخ علي بواب سعيد السعداء، وعرض عليه ابن أبي اليمن وغيره وقرأ عليه التقي بن فهد وجماعة. وله مؤلفات منها شرح المنهاج الأصلي وتخميس البردة وبانت سعاد وسماه تنفيس الشدة وبلوغ المراد في تخميس بانت سعاد وله قصيدة دون أربعين بيتاً فيما وقع من النهب بالمدينة النبوية وغير ذلك ونظم التتمة في القراآت العشر وجعلها في وزن الشاطبية وقافيتها وجعلها بين بيوتها أدخل كل شيء مع ما يناسبه وشرحها باختصار. وقد ذكره شيخنا في إنبائه باختصار وقال يقال إنه قرأ على العاقولي ومهر في القراآت والنظم والفقه بحيث قيل إنه أقرأ الحاوي ثلاثين مرة وله شرح على المنهاج الأصلي ونظم لبقية القراآته العشر تكملة للشاطبي على طريقته حتى يغلب على الظن أنه نظم الشاطبي وخمس البردة وبانت سعاد. مات بمكة في سادس عشري ربيع الآخر رحمه الله.
122 - محمد بن عبد القادر بن محمد بن جبريل خير الدين أبو الخير بن المحيوي العزي الشافعي الماضي أبوه ويعرف بابن جبريل، ممن اشتغل قليلاً وقرأعلي قطعة من أول شرح ألفية العراقي للناظم ولازمني في غير ذلك وهو فهم تحول عن مذهبه لغيره وولي القضاء بغزة فيه.(4/105)
123 - محمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر البدر أبو عبد الله بن الشرف بن الشمس أبي عبد الله بن الشرف بن الفخر بن الإمام الجمال أبي الفرج الجعفري المقدسي النابلسي الحنبلي والد الكمال محمد الآتي ويعرف بابن عبد القادر. من بيت كبير بينت من في عمود نسبه من الأعيان في ترجمته من معجمي. ولد في سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بنابلس ونشأ بها فحفظ الخرقي وأخذ عن بلديه التقي المفتي أبي بكر بن علي بن أبي بكر بن حكم وسمع عليه وعلى القباني والتدمري وغيرهم ممن كان يمكنه السماع من أقدم منهم بل لا أستبعد أن يكون أجيز له من جده وغيره مع أني رأيت من قال أنه سمع من جده وأبي الخير بن العلائي ولكن قائله لا أعتمده. وقدم القاهرة مراراً فأخذ في سنة إحدى وأربعين عن المحب بن نصر الله في الفقه وغيره وناب عنه ثم عن البدر البغدادي بها، ثم ولاه النظام بن مفلح في سنة ثلاث وأربعين قضاء نابلس حين كان أمرها لقضاة الشام مع كون قضاء الحنابلة بها مما تجدد في أوائل هذا القرن أو أواخر الذي قبله، واستمر على قضاء بلده دهراً وانفصل في أثنائه قليلاً ثم أضيف إليه قضاء القدس وقتاً وقضاء الرملة. وأجاز لي بعد ثم لقيه العز بن فهد فأخذ عنه، ولما كبر أعرض عن القضاء لأولاده واقبل على ما يهمه. وحج أربع مرار ولقيته بنابلس في سنة تسع وخمسين فسمع بقراءتي على بعض الرواة. ومات في يوم الخميس سادس عشر رمضان سنة إحدى وثمانين رحمه الله.
124 - محمد بن عبد القادر بن محمد بن عبد الملك البدر الدميري الأصل القاهري الحنفي الماضي أبوه. شاب لا بأس به كأبيه. اشتغل أيضاً وتميز قليلاً وجلس محمد ع الشهود.
125 - محمد بن عبد القادر بن محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز أبو البركات بن المحيوي بن الكمال أبي البركات النويري المكي الحنفي الماضي أبوه. ممن سمع مني بمكة والمدينة.
126 - محمد بن عبد القادر بن محمد بن محمد بن علي كمال الدين بن المحيوي الطوخي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وأخوه علي. ولد في المحرم سنة خمسين وثمانمائة بالقاهرة وحضر القاياتي عقيقته فكان آخر مجتمع حضر فيه، ونشأ فحفظ القرآن والعمدة والتنقيح للولي العراقي؛ وعرض علي في جملة الجماعة كالعلم البلقيني والمناوي وحضر عند العبادي والجوجري والمقسي وغيرهم، وحج مع أبيه وخطب بالأزهر وباشر في الحسنية، وناب في القضاء عن العلم بطوخ وغيرها ثم عن المناوي فمن بعده وجلس بجامع الصالح مدة ثم ترك وأقبل على معيشته؛ وسافر لمكة بحراً ومعه زوجته ابنة الجمال يوسف بن نصر الله الحنبلي فوصلها في رجب فحج وجاور حتى السنة التي بعدها سنة تسع وتسعين.
127 - محمد بن عبد القادر بن مدين الأشموني القاهري المالكي، حفظ القرآن وغيره واشتغل في الفقه على النور الوراق والعلمي وفي العربية على التقي الحصني قرأ عليه في الرضى وتردد للبقاعي وكذا قرأ علي في أشياء وتميز في الفضائل، وحج وقطن أشمون مع حسن العقيدة وصفاء الفطرة، ولو لزم الاشتغال لارتقى.
128 - محمد بن عبد القادر بن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن فهد أبو البقاء الهاشمي. مات في المهد قبل استكمال شهر في رمضان سنة خمس وستين.
129 - محمد بن عبد القادر أحد مشايخ نابلس وأظن عبد القادر جدله أعلى. عزله الظاهر جقمق عنها بابن عمه وحبسه باسكندرية فاستمر إلى سنة ثمان وخمسين فاحتال بلبس زي النساء حتى خرج من محبسه ولا زال يستعمل الحيل حتى وصل لنابلس فانضم إليه جماعة من عشيره وخواصه وطرق ابن عمه المشار إليه فاصطدما فقتل هذا هو وجماعة ممن معه وأرسل برأسه فكان وصولها القاهرة في يوم الخميس رابع عشري شوال منها فسر السلطان بذلك وأمر فطيف بها في شوارعها على رمح ثم علقت أياماً.(4/106)
130 - محمد بن عبد القوي بن محمد بن عبد القوي بن أحمد بن محمد بن علي بن معمر بن سليمان بن عبد العزيز بن أيوب بن علي الجمال أو القطب أبو الخير بن الشيخ أبي محمد البجائي المغربي الأصل المكي المالكي أخو أحمد الماضي وأبوهما ويعرف بابن عبد القوى وهو بكنيته وبقطب الدين أشهر. ولد في ليلة الأحد ثالث عشر شوال سنة إحدى وثمانين وسبعمائة ولكن سيأتي في نظمه أنه في التي بعدها بمكة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والرسالة وألفية ابن ملك، وعرض على الجمال بن ظهيرة وتفقه بأبيه والشريف عبد الرحمن بن أبي الخير الفاسي وسمع عليه صحيح ابن حبان والقاضي على النويري وكذا بالبساطي أيام مجاورته وبغلني أنه أذن له في الفتيا؛ وسمع من ابن صديق صحيح البخاري وكذا مسند عبد في سنة اثنتين وثمانمائة بقراءة أبي الفتح المراغي وسمع أيضاً من ابن سلامة والولي العراقي وابن الجزري وآخرين منهم فيما ذكر القاضي أبو الفضل النويري بل كان يقول إنه حضر مجلس ابن عرفة حين ورد عليهم حاجاً سنة تسعين وابن خلدون وغيرهما وإنه زار المدينة وقبر النبي صلى الله عليه وسلم وسمع على الزين المراغي كثيراً وكذا سمع على الشهاب بن الناصح وأنه أخذ النحو عن خليل بن هرون الجزائري والشمس الوانوغي وأبي القسم العقباني وإنه سمع من القاموس على مؤلف المجد واستفاد منه كثيراً من اللغة؛ وأجاز له جماعة منهم الشهاب أحمد بن أقبرص وأحمد بن علي بن يحيى بن تميم الحسيني وأبو بكر بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الهادي وعبد الله بن خليل الحرستاني ومحمد بن محمد بن محمد بن قوام ومحمد بن محمد بن محمد بن منيع وفاطمة ابنة ابن المنجا وفاطمة وعائشة ابنتا ابن عبد الهادي والعراقي والهيثمي والفرسيسي وسليمان السقاء وعبد القادر الحجار. وتعانى الشعر فتميز فيه وأكثر من مطالعة التاريخ بحيث صار يحفظ منه كثيراً لا سيما تواريخ الحجاز وما يتعلق بعربها ومحالها، وتميز في الأنساب الجاهلية وغيرها؛ وناب عن الكمال بن الزين وأبي عبد الله النويري في العقود، وكان ذا نظم جيد وحافظة قوية في التاريخ وذكاء يتسلط به على الخوض في كثير من الفنون بحيث يقضي له بالتقدم فيها مع قلة مطالعته إلا فيما أشير إليه بل لا يكاد يراه أحد ناظراً في كتاب باقعة في الهجاء ممن يخشى لسانه ويتقي؛ وقد كذبه البقاعي لبعض الأغراض. وذكره المقريزي في عقوده وقال إنه برع في الأدب وقال الشعر الجيد وشارك في عدة فنون وقدم علي بمكة لما حججت في سنة خمس وعشرين ولازمني مدة مجاورتي بها في سنة أربع وثلاثين فبلوت منه فضلاً وفضائل واستفدت منه أخباراً ونعم الرجل هو، وذكر غيره في محفوظه ابن الحاجب وقال إنه قرأ على شيوخ عصره وبرع في فنون من العلم وغلب عليه الأدب وقال الشعر الفائق الرائق ومدح أعيان مكة وأمراءها وكان حلو المحاضرة راوية للأخبار كثير الاطلاع يذاكر بكثير من التواريخ وأيام الناس سيما أحوال مكة وأعيانها فكان أعجوبة فيها مع معرفته بأراضي الحجاز وخططه هجاءً بذئ اللسان قل من يسلم من أهل مكة من هجوه وهو فيه أطبع وكثر بين المكيين تناشدهم له. قلت: بل كتب الناس عنه من نظمه الكثير وجمع النجم بن فهد منه مجلداً، أجاز لي وبلغني أنه كان يكاتب التقي بن قاضي شهبة بأخبار الحجاز بعد التقي الفاسي، وكان ابن قاضي شهبة يشكر حفظه ويقول إنه لما حج في سنة سبع وثلاثين جاءه بمنى بعد انقطاع الحج ليلة الرحيل ولامه في عدم إرساله إليه أول قدومه وقال له كنت أحج معك وأريك كل مكان بمكة وكل مزار ومن وقف به وما قيل فيه ومقابر كثيرة لا يعرفها الناس ومواضع يجهلونها إلى غير ذلك مما يدل على فضل كبير واطلاع كثير ومات بمكة بعد أن كف سنين وتمرض بإسهال مفرط في ليلة الأحد منتصف ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وصلى عليه بعد الصبح عند باب الكعبة ودفن عند أبيه في المعلاة سامحه الله وإيانا. ورثاه البدر بن العليف بما كتبت بعضه مع كثير من نظمه في ترجمته من معجمي. ومن نظمه:
ومايس شبهت عساله ... في روضة الحسن كغصن وريق
رشفت من ملمضه قهوة ... قد مزجت منه بمسك وريق
وقوله:
فيا نفس عن كم زفرة تتنفسي ... ومن طيبة الجرعاء كم تتجرعي(4/107)
أراك إذا ما الورق بالجزع غردت ... بتذكارها عهد المحبة تجزعي
ويشجيك إن غنى أخو الشوق منشداً ... حمامة جرعاً حومة الجندل اسمعي
وإن حن إلف أو تألق بارق ... بكيت على سكان بجد بأدمع
وقوله:
صب تناءت داره ... لما جفته نواره
كالربع يبعد أهله ... إن لم ترش أشجاره
ولقد يكون ممتعاً ... ومصونة أسراره
أيام تقمن عقله ... بالمنحنى أقماره
في أبيات. وأورد له المقريزي مما بعث به إليه من مكة افتتاح رسالة:
يا أحمد بن علي دمت في نعم ... مدى الزمان مصوناً من تقلبه
هذا الذي كنت أرجو أن أفوز به ... من فيض فضلك قد جاء البشير به
وقوله:
يا غافلاً عن نفسه ... أخذتك ألسنة الورى
السهل أهون مسلكاً ... فدع الطريق الأوعرا
واعلم بأنك ما تقل ... في الناس قالوا أكثرا
وقوله:
أجزت لهم ما قد رويت بشرطه ... وما لي من نظم بديع ومن نثر
بثانية بعد الثمانين مولدي ... بمكة من شواله ثالثه العشر
131 - محمد بن عبد الكافي بن عبد الله بن أبي العباس أحمد بن علي بن محمد محب الدين وربما لقب شمس الدين أبو الطيب بن الصدر بن الجمال الأنصاري العبادي البنمساوي - بكسر الموحدة والنون وسكون الميم ثم مهملة نسبة لقرية تعرف قديماً ببنمسوية واشتهرت ببني سويف حتى صار يقال في النسبة إليها السويفي - القاهري نزيل القطبية الشافعي الماضي أبوه ويعرف كهو بالسويفي. ولد تقريباً سنة سبعين وسبعمائة أو بعدها بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن عند المؤدب الشمس القاياتي والشهاب بن البدر الحنفي وحفظ العمدة والتنبيه والصلاح البلبيسي والشمس بن ياسين الجزولي والمطرز والآمدي وابن حاتم وآخرين، ودخل اسكندرية والصعيد وغيرهما وأضر من سنة خمس وأربعين وأعلمت به الجماعة؛ وحدث بالكثير سمع منه الأئمة وسمعت منه أشياء وارتفق لفقره بذلك، وكان عالي الهمة صبوراً على الأسماع. مات بالقاهرة في ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين رحمه الله.
132 - محمد بن عبد الكافي بن محمد بن إسماعيل بن عمر بن مدين المديني السلمي المناوي - نسبة لمنية القائد من الجيزية - القاهري الشافعي. مولده تقريباً سنة سبعين بميدان الغلة من القاهرة ونشأ.
133 - محمد بن عبد الكريم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة الجمال القرشي المكي ويعرف كسلفه بابن ظهيرة وهو بأبي سمنطح، وأمه حبشية فتاة أبيه. ولد في آخر حياة أبيه أو بعد وفاة أبيه بمكة ونشأ بها وأجاز له في سنة إحدى وسبعين وسبعمائة فما بعدها الأذرعي وابن كثير والكمال بن حبيب وخلق، وتردد إلى اليمن بعد بيع كثير مما ورثه من أبيه؛ وتزوج في زبيد وغيرها وانقطع عن الحج في غالب السنين. مات في المحرم سنة ثلاث وعشرين بمكة بعد أن تعلل، ودفن بالمعلاة وقد جاز الخمسين بسنين، ذكره الفاسي بمكة ثم ابن فهد، ورأيت من أرخه سنة سبع وعشرين وسمي جده محمد بن أحمد.
134 - محمد بن عبد الكريم بن داود المحب أبو الجود ابن شيخ القراآت بالقدس وإمام الأقصى كريم الدين البدري بن أبي الوفاء المقدسي الشافعي الماضي أبوه. سمع مني بمكة في المجاورة الثالثة المسلسل وعرض على محافيظه.
محمد بن عبد الكريم بن عبد الله الأردبيلي. يأتي فيمن جده محمد قريباً.
135 - محمد بن عبد الكريم بن محمد بن أحمد بن عطية بن ظهيرة الجمال القرشي المكي الشافعي ويعرف كسلفه بابن ظهيرة وهو بالطويل، وأمه أم كلثوم ابنة حسن بن عبد المعطي. سمع من الجمال بن عبد المعطي، وأجاز له في سنة سبعين فما بعدها الشهاب الأذرعي وآخرون، وتنزل في طلبة البنجالية الجديدة بمكة وتعاني بأخرة الشهادة، ودخل مصر مراراً للارتزاق، وحدث في مكة باليسير سمع منه النجم بن فهد وغيره. ومات بها في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين. ذكره ابن فهد ومن قبله الفاسي.(4/108)
136 - محمد بن عبد الكريم بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الكريم بن صالح بن شهاب بن محمد البدر بن كريم الدين بن الشمس الهيثمي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه والآتي جده ويعرف بالهيثمي. ولد سنة أربع عشرة وثمانمائة تقريباً وحفظ القرآن والتنقيح في الفقه للولي العراقي وعرضه واشتغل يسيراً على اللشهاب الحاوي والبدر النسابة وتزوج ابنته؛ وتميز في الوراقة وكتابة الشروط وخطب أحياناً ببعض الجوامع، واستقر في كتابة الغيبة بالبيبرسية بعد الشمس العباسي وراج فيها، وحج وسافر مراراً وكان يحمل معه بالكراء في كل سنة جماعة من المعتبرين وغيرهم فيشتط عليهم في الكراء ويكلفونه بحيث يوسع البابكة لذلك ومع هذا فلم يظفر بطائل، وآل أمره إلى أن توعك وهو راجع أياماً ثم مات بعقبة أيلة في حادي عشر المحرم سنة سبعين ودفن فيها بجوار جده عفا الله عنه.
137 - محمد تقي الدين الهيثمي أخو الذي قبله وهو الأصغر. جلس مع الشهود ولكنه غير مرضي مع فاقته وإتلافه لما ورثه من أبيه؛ وأظنه انتسب حنبلياً.
138 - محمد بن عبد الكريم بن محمد بن محمد بن محمد بن حسين بن علي بن أحمد بن عطية بن ظهيرة الجمال أبو المكارم - ورأيت ابن فهد قال جلال الدين أبو السرور والأول هو الذي استقر - ابن الشرف أبي القسم الرافعي بن الجلال أبي السعادات بن الكمال أبي البركات بن أبي السعود القرشي المكي الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن ظهيرة وهو بكنيته أشهر، وأمه ابنة أبي الفضل بن ظهيرة. ولد في ليلة الأربعاء ثالث رمضان سنة ثلاث وستين وثمانمائة بمكة ونشأ بها في كنف أبوه فحفظ القرآن وأربعي النووي والمنهاج الفرعي والمختصر الأصلي وألفيتي الحديث والنحو ومن التلخيص إلى الإنشاء ومن الشاطبية إلى فرش الحروف، وعرض على جماعة؛ وأجاز له الشمس التنكزي وأم هانئ الهورينية ولازم المنهلي وعبد الحق السنباطي في مجاورتيهما بل لما قدم القاهرة داوم الأخذ عن أولهما وكذا عرض على الزيني زكريا والبكري والجوجري ولازمني حتى قرأ على ألفية العراقي بحثاً والقول البديع وترجمة النووي وغير ذلك من تصانيفي بل قرأ على الخطيب الوزيري لقرب سكنه فيها منه وكذا قرأ على الخيضري وأظنه كتب بعض تصانيفه وأخذ بمكة في النحو عن أبي العزم الحلاوي وموسى الحاجبي الفاسي وفي الفقه عن عمه المحب بل أخذ في الأصول وغيره عن العلمي والمعاني والبيان عن الشريف القاضي المحيوي الحنبلي ورافقه في التوجه للزيارة النبوية وقرأ علي في الحرمين الكثير وكذا سمع مني وعلى جملة ومن ذلك شرحي لألفية العراقي وكتبه بخطه مع غيره من تأليفي وكذا كتب أشياء؛ وتميز وبرع وشارك مع ذكاء وأدب وكتبت له إجازة هائلة أودعت حاصلها في التاريخ الكبير ورأيته كتب للخيضري من نظمه وكذا كتب لي منه ما كتبته في موضع آخر ولما ولي قريبه الجمال أبو السعود بعد والده لازمه في الفقه والأصلين والمعاني وغيرها بل قرأ عليه الحديث على جاري عادة القضاة بل هو من طلبته قبل القضاء.
139 - محمد بن عبد الكريم بن محمد الشمس الأردبيلي ثم القاهري الشافعي ورأيت في موضع آخر اسم جده عبد الله. ممن اختص بأمير آخور جانبك الفقيه؛ وحج مراراً وجاور في سنة ست وثمانين وقرأ علي الحج تمامه من البخاري مع قطعة أخرى بعده ولازمني في غير ذلك وكذا قرأ على الديمي ولا بأس به.(4/109)
140 - محمد بن عبد اللطيف بن أحمد الشمس بن التقي الأقصري - بالضم - ثم القاهري الحنفي والد البدر أبي الفضل محمد الآتي ويعرف بالمحلى لكون جده كان يتردد إليها للتجارة في البطائن ونحوها. ولد بالأقصر من الصعيد ويحول منها وهو صغير إلى القاهرة فحفظ القرآن واشتغل شافعياً وأخذ عن الشمس البوصيري وتزوج سبطة له هي ابنة للشهاب الحسيني وسمع على الشهاب الكلوتاتي وغيره ثم أنه أقرأ المماليك في الطباق وتحول حينئذ حنفياً وحفظ القدوري وغيره واشتغل في الفرائض والحساب والميقات وغيرها على ابن المجدي وكذا أخذ الفرائض والميقات مع العربية وغيرها عن الشهاب الخواص والميقات فقط عن النور النقاش والفرائض فقط عن أبي الجود والعربية عن الشمس بن الجندي ولازمه وكذا ابن الهمام والشمني وابن عبيد الله والأمين الأقصرائي في الفقه وغيره واشتدت عنايته بملازمة الأمين جداً وحمل عنه من الفنون شيئاً كثيراً وقرأ عليه الترغيب للمنذري وانتهى في رمضان سنة خمس وأربعين، وكذا سمع على شيخنا والزين الزركشي وعائشة الحنبلية والشمس البالسي والقطب القلقشندي والجلال بن الملقن وأم هاني الهورينية في آخرين، وتلقن الذكر من الشيخ مدين وغيره؛ وحج مراراً وأخذ في سنة ثلاث وخمسين منها عن أبي البقاء بن الضياء وأكثر من التردد للمذكورين من شيوخ الدراية وغيرهم وبرع في الميقات والفرائض والحساب والعربية وشارك في غيرها واختصر سيرة ابن سيد الناس وحياة الحيوان وكتب على الكنز حاشية في جزء مات عنه مسودة وأوراقاً في الصبر وسكن الشرابشية بالقرب من جامع الأقمر وكان باسمه مشيختها وأقرأ الطلبة يسيراً، وممن أخذ عنه الميقات المظفر الأمشاطي وعبد العزيز الميقاتي وكذا أخذ عنه ناصر الدين الأخميمي وكان صديق والده وهو الذي حنفه، وكان خيراً ساكناً متواضعاً منجمعاً عن الناس مقتصداً على طريق السلف. مات عن بضع وستين في المحرم سنة اثنتين وسبعين ودفن عند ضريح الجعبري بباب النصر وكان له مشهد حافل رحمه الله وإيانا.
141 - محمد بن عبد اللطيف بن أبي بكر بن سليمان بن إسماعيل بن يوسف بن عثمان بن عماد الكمال بن المعين بن الشرف الحلبي الأصل القاهري الموضع الماضي أبوه والآتي جده ويعرف بابن العجمي ثم بابن معين الدين. ولد في ونشأ في كنف أبيه فقرأ القرآن وغيره؛ وتدرب في التوقيع وباشره دهره ولكنه مع تقدمه فيه متأخر عن من هو دونه سيما مع كثرة ديونه وتوقف أحواله ولكنه فيه بقية حشمة وأدب؛ ورام الزين بن مزهر تقديمه لنيابته فما أمكن وحصل له رمد عدمت إحدى عينيه.
142 - محمد بن عبد اللطيف بن أبي السرور واسمه محمد بن العلامة شيخ الحرم التقي عبد الرحمن بن أبي الخير محمد بن أبي عبد الله محمد بن محمد القطب أبو الخير بن السراج الحسني الفاسي الأصل المكي المالكي الماضي أبوه وجده، أمه أم الخير ابنة عبد القادر بن أبي الفتح الفاسي. ولد في ليلة من ليالي العشر الأخير من ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين وثمانمائة بمكة وسمع بها، وأجاز له في سنة مولده أبوه وقريبه السراج عبد اللطيف الفاسي وأخته أم الهدى والإهدل وزينب ابنة اليافعي والسيد صفي الدين الأيجي وأخوه عفيف الدين وأبو الفتح المراغي والمحب المطري وآخرون منهم أبو جعفر بن العجمي والضياء بن النصيبي، ودخل القاهرة مع أبيه في أول سنة ست وخمسين وتوجها منها إلى بيت المقدس ثم لدمشق ثم رجعا إلى القاهرة وسافرا منها لبلاد المغرب فدخلا تونس وبجاية والجزائر وزهران وتلمسان وفاس ومكناس؛ ثم عاد إلى مكة في موسم سنة ثمان وخمسين ثم سافر وحده إلى بلاد المغرب في موسم سنة ثلاث وستين فدخل تونس فقط وعاد إلى مكة سنة تسع وستين وتكرر دخوله للقاهرة ثم دخل المغرب أيضاً وزادت إقامته فيها على سنتين، ولازم بالقاهرة في بعض مراته السنهوري في الفقه وغيره وكذا لازمني حتى قرأ على الألفية وشرحها وقرأ على الشاوي والزكي المناوي وعبد الصمد الهرساني وآخرين، وناب في قضاء المالكية بمكة بمرسوم من السلطان وتوهم استقلاله به بعد موت القاضي فما اتفق وخاصم الرافعي لكونه ابن عمته فما أنجح، وسافر بعد ذلك إلى الغرب أيضاً ثم عاد وانجمع بمنزله وبيده الإمامة بمسجد الخيف وغير ذلك وسافر بعد ذلك أيضاً إلى الهند وهو في سنة تسع وتسعين بها.(4/110)
143 - محمد أبو عبد الله الحسني الفاسي المكي شقيق الذي قبله. ولد في غروب الشمس ثالث عشر رجب سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ونشأ فقرأ القرآن وأجاز له في سنة أربع وخمسين أبوه وإبراهيم الزمزمي والعليف وأبو البقاء بن الضياء وأبو الفتح المراغي والزين الأميوطي والمحب المطري والبدر بن فرحون وأبو جعفر بن النصيبي والضياء بن النصيبي وآخرون؛ وقدم القاهرة مراراً منها في سنة خمس وتسعين، وكتب من القول البديع نسخاً وكذا كتب الأحاديث المشتهرة وسمع مني في مكة قليلاً، وهو ثقيل السمع طبع وحده.
144 - محمد الرضي أبو حامد الحسني الفاسي المكي شقيق اللذين قبله. ممن حفظ القرآن وغيره؛ وقدم القاهرة مع أول أخويه فعرض علي وسمع مني.
145 - محمد بن عبد اللطيف بن صدقة بن عوض الشمس بن الزين العقبي الأصل القاهري الحنفي أخو عبد الكريم الماضي لأبيه وابن أخت الزين رضوان ويعرف بابن النقيب. ولد قبل سنة تسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وكتباً وتلا لأبي عمرو على خاله واشتغل في الفقه على الزين قاسم وسمع بإفادة خاله على ابن أبي المجد والتنوخي والأبناسي وابن الشيخة والمطرز والعراقي والغماري والتقي الدجوي والجمالين ابن الشرائحي ويوسف البساطي والجلال البلقيني والشرف ابن الكويك والجمال الحنبلي والولي العراقي والفوي وآخرين؛ وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي وعبد القادر الأرموي وابن طولوبغا؛ وحج مرتين وسافر إلى الرملة ودخل دمياط واسكندرية وناب في خدمة الأشرفية برسباي عن ابن خاله، وحدث باليسير قرأت عليه قليلاً. ومات في يوم الاثنين منتصف رمضان سنة اثنتين وستين ودفن بتربة الست أم أنوك من الصحراء رحمه الله وعفا عنه.
146 - محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن أحمد بن علي المحب أبو عبد الله بن الحجازي المكي الماضي أبوه، قدم مع أبيه القاهرة فسمع علي في الأذكار وغيره وكذا سمع على القمصي والديمي وآخرين وحضر عند الفخر المقسي بعض الدروس، وكان عاقلاً. مات بالطاعون في ليلة الثلاثاء ثامن عشري رمضان سنة ثلاث وسبعين وجزع أبوه عليه عوضهما الله الجنة.
147 - محمد بن عبد اللطيف بن الكمال أبي الفضل محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد بن محمود الشمس بن السراج الأنصاري الزرندي المدني الشافعي. ولد في ذي الحجة سنة خمسين وثمانمائة وسمع مني بالمدينة بل قرأ على أماكن من الستة. مات في سنة إحدى وتسعين.
148 - محمد بن عبد اللطيف بن محمد بن يوسف بن الحسن الزرندي المدني، أظنه جد الذي قبله، سمع على الجمال الكازروني سنة أربع وثلاثين وثمانمائة.
149 - محمد بن عبد اللطيف بن موسى بن عميرة بن موسى الجمال القرشي المخزومي اليبناوي المكي. ولد في ذي الحجة سنة إحدى ومات في ذي الحجة سنة بضع وثلاثين بمكة رحمه الله. أرخه ابن فهد.
محمد بن عبد اللطيف الكمال أبو البركات الششيني المحلي ثم القاهري الشافعي وهو بكنيته أشهر. يأتي هناك.
150 - محمد بن عبد اللطيف البرلسي السكندري أخو على الماضي. أحد التجار مات في شوال سنة إحدى وثمانين بالرمل ظاهر اسكندرية فحمل إلى الجزيرة خارج باب البحر فدفن عند الشيخ علي الموازيني، وكان كثير الملاءة جداً مع خير وقوة نفس وسماحة بالبذل في بلوغ مقاصده وحسن شكالة، وسافر في التجارة لمكة وغيرها وله أوقاف في جهات قرب من جملتها بيت المنصور بن الظاهر جقمق الذي صار إليه بعد خليل بن الناصر اشتراه منه حين تحول لدمياط ثم وقفه رحمه الله.
151 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن حمام الشمس الشامي ثم المكي المؤدب بها. مات بمكة في ربيع الآخر سنة اثنتين وأربعين. أرخه ابن فهد. وكان قدم مكة وقطنها وأدب بها الأطفال وتزوج بزينب ابنة أحمد الشوبكي واستولدها أولاداً منهم أحمد وأبو الفتح؛ وكان فقيراً مباكاً، ولما قدم مكة السراج عمر بن المزلق اشترى داراً بقعيقعان ووقفها عليه وعلى أولاده.(4/111)
152 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن علي بن سنان بن رميح محي الدين أبو نافع بن الجمال بن البرهان السعدي القاهري الشافعي ويعرف بالأزهري وبابن الريفي. ولد في أحد الربيعين سنة تسع وثمانين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه وألفية النحو، وعرض في سنة ثمانمائة فيما بعدها على جماعة كالأبناسي وابن الملقن والبلقيني والعراقي وأولاد كل من الثلاثة النور والجلال والولي وناصر الدين الصالحي والدميري وأجازوه والصدر المناوي وغيره ممن لم نر في خطه الإجازة، واشتغل بالعلم يسيراً وتكسب بالشهادة وكتب التوقيع وتنزل في الجهات وباشر المؤيدية والباسطية وكان خطيبها، وحج مراراً منها في سنة ستين وجاور التي تليها وقيد فوائد ومسائل بخطه وكتب عن البدر الدماميني شيئاً من شعره بل اعتني بالسماع فسمع على الفرسيسي معظم سيرة ابن سيد الناس وهو أول سماع وقفت له عليه كان في سنة ست وتسعين وعلى الشرف بن الكويك والجمالين الحنبلي والكازروني والشموس الشامي وابن البيطار والرزاتيتي وابن المصري والبوصيري وابن علي البيجوري والبرماوي والولي لاعراقي والنور الفوى والشهاب البطائحي والسراج قارئ الهداية، وكان يضبط الأسماء ويكتب الطباق بدون براعة فيهما، وأجاز له في استدعاء بخط البدر بن الدماميني في شعبان سنة إحدى وثمانمائة أبو الخير بن العلائي، وحدث سمع منه الفضلاء حملت عنه أشياء، وكان معدلاً فاضلاً ضابطاً لفوائد ونوادر طلق الكلام خطيباً جهوري الصوت. وقال البقاعي إنه كان غير عدل مجازفاً في شهاداته متساهلاً. مات في ليلة الخميس سابع جمادى الأولى سنة سبعين بمنزله من السيوفية قريب الأشرفية سامحه الله.
153 - محمد أخو الذي قبله. ولد سنة إحدى وتسعين وسبعمائة وسمع في الخامسة على الفرسيسي مع أخيه مسموعه من السيرة وما علمته.
154 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم البدر القاهري الأزهري ويعرف بالمصري. كتب عنه العز بن فهد قصيدة من نظمه يمدح بها الفخري بن غلبك أولها:
خليلي قد هام الفؤاد بأسره ... وعدة مقاطيع وكان قد
155 - محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشمس المسوفي ثم المدني المادح بحرمها والآتي ولده محمدت. ولد في سنة سبع وعشرين وثمانمائة وقدم مع أبيه المدينة وهو ابن سنتين أو ثلاث فقرأ القرآن وصار مادح الحرم مع سكون وخير. ولما كنت هناك سمع مني وكتب لي من نظم ولده قصيدة.
156 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن حسن بن الزين محمد بن الأمين محمد بن القطب أبو السعادات الأكبر القسطلاني المكي. أجاز له أو لأخيه الآتي في سنة اثنتين وثمانمائة ركن الدين محمد بن إسماعيل بن محمد الخوافي.
157 - محمد أبو السعادات الأصغر. أخو الذي قبله.
158 - محمد أبو البقاء أخوهما. سمع الزين المراغي وعلي بن مسعود بن عبد المعطي وأبا حامد المطري وابن سلامة والجمال بن ظهيرة وغيرهم، وأجاز له عائشة ابنة ابن عبد الهادي والشرف بن الكويك وآخرون. مات بالطاعون في سنة ثلاث وثلاثين بالقاهرة ودفن بتربة سعيد السعداء، وسيأتي في الكنى.
159 - محمد الجمال أبو الخير الحنبلي أخو الثلاثة قبله. سمع من ابن الجزري وابن سلامة وجماعة؛ وأجاز له الشمس الشاوي والزركشي وابن الطحان وابن ناظر الصاحبة وابن بردس وعبد الرحمن بن الأذرعي وابنة ابن الشرائحي وخلق؛ ودخل القاهرة ودمشق وحلب وحمص وحماة، وتردد إلى القاهرة مراراً حتى أدركه أجله في المحرم مطعوناً سنة ثمان وأربعين ودفن بتربة سعيد السعداء أيضاً.
160 - محمد أبو المكارم الحنبلي أخو الأربعة قبله وشقيق اللذين قبله، أمهم خديجة ابنة إبراهيم بن أحمد المرشدي. سمع ابن الجزري والشمس الشامي وجماعة وأجاز له في سنة أربع عشرة الزين المراغي، ودخل القاهرة ودمشق وأقام بهامدة وصحب الزين عبد الرحمن أبا شعر ولازمه وتفقه عليه وكذا صحب غيره من الأكابر. ومات بطرابلس من الشام سنة ثلاث وثلاثين، وسيأتي في الكنى.(4/112)
161 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن علي بن محمد بن قاسم الشمس بن الجمال بن الحافظ الشهاب القاهري القزازي أخو إبراهيم الماضي ويعرف كسلفه بالعرياني. ولد تقريباً سنة ثمان وثمانمائة، كان من بيت حديث ورواية ولكن ما علمت له سماعاً ولا إجازة نعم سمع وهو كبير معنا على بعض الشيوخ يسيراً؛ واشتغل بالتكسب في الزجاج بحانوت بالوراقين وكان صوفياً في سعيد السعداء. مات في المحرم سنة تسع وسبعين بعد تعلله بالفالج مدة. عفا الله عنه.
162 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن كمال بن علي الفاضل شمس الدين بن الجمال المكي الأصل المصري الشافعي المقري ويعرف بالحجازي. ولد في سنة ثمان وأربعين وثمانمائة تقريباً بمصر ونشأ فحفظ القرآن والشاطبيتين والتبرزي والمنهاج والملحة ألفية ابن ملك، وعرض على العلم البلقيني والمناوي والعبادي والبكري والعز الحنبلي والقطب الجوجري والفخر السيوطي وآخرين منهم الشهابان الشارمساحي وابن الدقاق المصري الشريف؛ وتلا بالسبع على كل من عمر بن قاسم الأنصاري النشار وعبد الغني الهيثمي وابن أسد وأذنوا له، وبحث في المنهاج والألفية وتصريف العزي على الأخير وكذا أخذ عن غيره في الفقه وأصوله والعربية بل بحث المنهاج بتمامه على البامي وأذن له في الإقراء والافتاء، وقرأ بعض البخاري علي وعلى الشاوي بل قرأ علينا معاً الشاطبية في ذي الحجة سنة تسع وسبعين وسمع على أبي الحسن على حفيد يوسف العجمي أشياء؛ وتميز في الفضائل ولزم حفظ المنهاج فكان يقرأ كل يوم ربعه ويكثر التلاوة والصيام ويحرص على الجماعة مع التحري في الطهارة والشهادة لتكسبه منها رفيقاً للشهاب القسطلاني ومزيد الاستقامة وربما نظم الشعر وكتب بخطه الكثير، وقد كثر تردده إلي وكنت ممن يميل إليه. مات في يوم الخميس ثامن ربيع الثاني سنة إحدى وتسعين رحمه الله وإيانا.
163 - محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن هاشم بن عبد الواحد بن أبي حامد بن عشائر البدر بن التاج بن الشهاب بن الشرف بن الزين السلمي الحلبي الشافعي قريب الحافظ ناصر الدين محمد بن علي بن محمد بن هاشم ويعرف كسلفه بابن عشائر. ولم يتميز لكنه كتب الخط الحسن، وسمع على الظهير محمد بن عبد الكريم بن العجمي سنن ابن ماجة وعلى جده والكمال بن حبيب وعمر بن إبراهيم بن العجمي والشهاب بن المرحل والشرف أبي بكر الحراني وناصر الدين بن الطباخ والأستاذ أبي جعفر الرعيني وابن صديق وآخرين، وأجاز له في سنة سبع وستين فما بعدها ابن الهبل وابن أميلة والصلاح بن أبي عمر والشهاب بن النجم وأحمد بن محمد زغلش ومحمد بن إبراهيم النقبي ومحمد بن أبي بكر السوقي ومحمود المنيحي وأحمد بن عبد الكريم البعلي وأحمد بن يوسف الخلاطي ومحمد بن المحب عبد الله بن محمد بن عبد الحميد المقدسي والشمس بن نباتة والبهاء بن خليل والموفق الحنبلي وخلق. وحدث سمع منه الفضلاء وكان من بيت رياسة وحشمة وكرم ومروءة تامة منجمعاً عن الناس لقلة علمه. مات قبل سنة خمسين.(4/113)
164 - محمد بن عبد الله بن أحمد شمس الدين أبو عبد الله بن الجمال بن الشهاب الزفتاوي القاهري الشافعي والد ناصر الدين محمد الآتي ويلقب فت فت. ولد سنة خمس وأربعين وسبعمائة تقريباً بزفتا وتحول منها وهو صغير إلى القاهرة فنشأ بمدرسة محمود الترجماني بالقرب من درس خاص ترك المعروف الآن بالطبلاوي برحبة العيد فأقام بها مدة ثم انقتل إلى الجمالية العتيقة برحبة الأيدمري فسكنها مدة طويلة، وحفظ القرآن والشاطبيتين والعمدة والتنبيه والمنهاج الأصلي وألفية ابن ملك وقرأ الفقه على الأسنوي والبلقيني وابنه الجلال وابن العماد والعز السيوطي وأخذ القراآت عن الفخر البلبيسي إمام الأزهر والشمس محمد النشوي، وسمع على ابن حاتم والصدر بن منصور الحنفي والمطرز وابن الشيخة والغماري والجمال الرشيدي في آخرين اشترك معه ابنه في بعضهم وأقرأ أولاد بعض الرؤساء، ومهر في الفرائض جداً وكان يقرأ في كل يوم الربع من التنبيه ويتلو ختمة وأما في رمضان فختمتين مع التكسب بالشهادة؛ ثم عمل التوقيع وتقدم فيه بل ناب في القضاء عن الجلال البلقيني وجلس بالقبة الصالحية النجمية وبالواجهة ببولاق وأضيف إليه أيضاً القضاء بمنفلوط وعملها بالوجه القبلي وبدمنهور والبحيرة وغير ذلك، وكان يجلس في البيبرسية لكونه من صوفيتها عن يمين شيخنا لكونه يعظمه جداً، وقد ترجمه في إنبائه باختصار وأنه كان كثير التلاوة خيراً سليم الباطن بل كان من المختصين بالجمال الملطي قاضي الحنفية وبالصدر المناوي قاضي الشافعية، وانقطع في آخر عمره بمنزله بعد أن أعرض عن القضاء مدة إلى أن مات بالقاهرة في ثالث جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين ودفن ظاهر باب النصر بتربة الأوجاقي قريباً من تربة حسين الجاكي وقد زاد على الثمانين. أفادنيه حفيده باختصار عن هذا رحمه الله.
165 - محمد بن عبد الله بن أحمد التونسي الأصل المكي ويعرف بابن المرجاني. سمع من ابن صديق وغيره واشتغل بالفقه والعربية وتنبه في ذلك مع نظم وخط جيد كتب به الكثير ودين وخير وسكون، مات في ليلة السبت ثاني ذي الحجة سنة عشر بمكة عن أربع وعشرين سنة تقريباً ودفن بالمعلاة؛ ذكره الفاسي.
166 - محمد بن عبد الله بن أحمد الحضرمي. ممن سمع مني بمكة.
167 - محمد بن عبد الله بن أحمد الخانكي البلبيسي الأصل ويعرف بابن التاجر. ممن سمع مني بالقاهرة.
168 - محمد بن عبد الله بن أيوب الشمس القاهري ثم الطولوني المرقي أخو أبي بكر والد أحمد المذكورين ويعرف بالمستحل وبالرئيس. قرأ القرآن واعتنى بالميقات وأخذه عن جماعة منهم الشهاب السطحي وعبد الرحمن المهلبي؛ وباشر الرياسة بجامع طولون وبالقلعة ولذا رعف بالرئيس وتنزل في الجهات وتكلم على أوقاف وكان يصحب الأمراء وغيرهم من القضاة كتمرباي وحج معه وقتاً والجلال البلقيني وشيخنا وكان المرقي بين يديه في القلعة وله به مزيد اختصاص للطف عشرته وظرفه وفكاهته بحيث أنه لما تنزل في الحنفية بالشيخونية وقيل له كيف هذا وأنت شافعي فقال تمحي الحاشية التي كتبتها على المنهاج أو كما قال، سيما مع وضاءته وكثرة تلاوته. مات في يوم السبت سابع ذي القعدة سنة اثنتين وستين ويقال إنه زاد على المائة أو قاربها رحمه الله وإيانا. وله ذكر في ترجمة أخيه من أنباء شيخنا قال وهو أخو شمس الدين رئيس الأذان بجامع ابن طولون الذي يقال له المستحل.
169 - محمد بن عبد الله بن بكتمر ناصر الدين بن جمال الدين ويعرف بابن الحاجب. تقدم في ولاية صهره بالدوادارية وكان من أمراء العشرات بالديار المصرية. مات في خامس عشري ربيع الآخر سنة اثنتين. أرخه العيني وقال إنه خلف موجوداً كثيراً. وأرخه شيخنا في إنبائه في ربيع الأول والأول هو الصواب.
170 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة القرشي المكي، أمه زبيدية وهي نفيسة ابنة إبراهيم بن أبي بكر بن عبد المعطي العصامي. أجاز له في سنة ست وثلاثين وثمانمائة فما بعدها جماعة أجازوا لأبي الفضل محمد بن أحمد بن أبي الفضل بن أحمد بن ظهيرة الماضي. ومات في شوال سنة ست وستين بجدة وحمل فدفن بالمعلاة.(4/114)
171 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر بن محود الشمس بن الجمال الأثميدي ثم القاهري الحنبلي ويعرف بالأثميدي. نشأ فحفظ القرآن وغيره، وتنزل في الجهات ولازم دروسها ولم يمهر، وتكسب بالشهادة بل ناب في الفسوخ والعقود عن المحب بن نصر الله فمن بعده وسمع بأخرة على ابن الطحان وابن ناظر الصاحبة وابن بردس بحضرة البدر البغدادي وقبل ذلك سمع على صهره الشمس الشامي والجمال عبد الله الكناني ذيل مشيخة القلانسي للعراقي وغير ذلك وكذا سمع على الولي العراقي وغيره. مات في جمادى الأولى سنة ست وخمسين وقد أسن رحمه الله.
172 - محمد بن عبد الله بن أبي بكر الشمس الأنصاري القليوبي ثم القاهري الخانكي الشافعي والد محي الدين محمد الآتي ويعرف جده بابن أبي موسى. ولد في يوم الأحد خامس عشري ربيع الأول سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة وأخذ الفقه عن الولي الملوي والبهاء بن عقيل والجمال الأسنائي وقريبه العماد الأسنائي والعلاء الأقفهسي والبهاء السبكي والشهاب بن النقيب والأبناسي والضياء العفيفي بحث عليه الحاوي والأصول عن التاج السبكي وبحث عليه بعض مؤلفه جمع الجوامع والفرائض عن الكلائي والفنون عن أكمل الدين الحنفي وأرشد الدين العجمي والقراآت السبع عن السيف بن الجندي والمجد الكفتي وناصر الدين الترياقي، وتقدم في العلوم وتميز في الفرائض وأذنوا له وكذا أذن له ابن الملقن في التدريس والإفتاء والجلوس على السجادة والضياء في التدريس والتاج السبكي وغيرهم، وسمع على الزين العراقي والبلقيني وابن أبي المجد بل سمع على العفيف اليافعي الصحيحين وعدة من تصانيفه وعلى أبي عبد الله بن خطيب بيروذ والتقي علي بن محمد بن علي الأيوبي والجمال بن نباتة والمحب الخلاطي؛ ومما سمع عليه السنن للدارقطني وعلى الذي قبله سيرة ابن هشام والعرضي ومظفر الدين بن العطار؛ وحدث ودرس وأفتى، وممن أخذ عنه الفقه وغيره القاياتي والونائي وآخرون وقرأ على الزين رضوان ومحمود الهندي وكذا قال الشهاب الزفتاوي أنه قرأ عليه في خانقاه المواصلة بين الزقاقين بمصر وكان شيخها. قال شيخنا في إنبائه: واشتهر بالدين والخير وكان متواضعاً ليناً متقللاً جداً إلى أن قرر في مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس فباشرها حتى مات في يوم الخميس ثاني عشري جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة، وفي ترجمته من التاريخ الكبير زيادات رحمه الله.
173 - محمد بن عبد الله بن بلال الفراش بالمسجد الحرام وأخو أحمد وإسحاق.
174 - محمد بن عبد الله بن جار الله بن زائد السنبسي المكي. مات بمكة في المحرم سنة إحدى وسبعين، ذكره ابن فهد.
175 - محمد بن عبد الله بن حجاج بدر الدين البرماوي الأصل القاهري الماضي أبوه. رجل سيئ الطباع بغيض متساهل في الديانة والأمانة، باشر الجمالية والسابقية وأوقاف درس الشافعي وغيرها وكتب مع موقعي الدرج مع عدم دربته وأكله بدون حساب؛ وتمول جداً وصاهر ابن الأمانة على ابنته فما رأوا منه سوى الرقاعة والحمق وكل وصف مناف ونسب إليه أنه اختلس من تركة الشيخ ابن الجوهري لآلئ وجواهر نفيسة أبدلها بدونها وبادر هو للمرافعة في بعض الأوصياء فحاق المكر السيئ به ورسم عليه حتى أخذ منه ما ينيف على ألفي دينار وما رثي له أحد بل هو تحت العهدة إلى الآن، وقبل ذلك أهانه الأمير يشبك الجمالي بسبب افتياته ببناء عمله بالجمالية، وهدم بناءه وكذا ضرب بسبب وقف السابقيةوهو لا يزداد إلا فحشاً وقبحاً؛ وآل أمره في سنة خمس وتسعين إلى قيام مستحقي السابقية عليه حتى أخرج منها بعد مزيد إهانته وذله وضبطت عنه كلمات منكرة لا تستكثر على جهله، واستمر على تخلفه ومقته لسوء معاملته وتصرفه، وكذا كانت له كائنة قبيحة بسبب وسع يده على تركة علي القليوبي بالوصياية وزعم بعد اعترافه بالوصة عدمها وكان ما يطول شرحه مما أشير إليه مع كائنة ابن الفقيه موسى في الحوادث ولا يظلم ربك أحداً. وهو ممن سمع في البخار بالظاهرية.(4/115)
176 - محمد بن عبد الله بن حسن بن عطية بن محمد بن المؤيد الحارثي من بني الحارث بن عبد المدان النجراني الأصل الخباني - نسبة إلى خبان بضم المعجمة وتخفيف الموحدة واد قريب تعز - الحنفي. ولد في ربيع الآخر سنة إحدى وعشرين وثمانمائة بقرية مصنعة - بفتح الميم وإسكان الصاد وفتح النون من وادي خبان - وقرأ بها القرآن وأخذ فيها الفرائض والنحو عن عبد الله الخباني وبحث المقامات وشرحها للمسعودي ومقصورة ابن دريد في دمث على محمد المعلم. وحج غير مرة أولها في سنة ثمان وثلاثين. وقدم القاهرة قبيل الخمسين صحبة الحاج فبحث المطول وكذا في المنطق على التقي الحصني وأخذ فقه الحنفية عن البرهان الهندي والأصول عن الشمس الكريمي السمرقندي. ولازم المشايخ والاشتغال في فنون العلم، وكان بالقاهرة في سنة ثلاث وخمسين. ونظم الشعر الحسن ومدح الكمال بن البارزي بقصيدة رائة منها:
هو السر في صدر الزمان فلذ به ... فما أحسن الصدر الذي يكتم السرا
ثم سافر إلى بيت المقدس والشام ودام بها. مات تقريباً نحو الستين؛ ذكره البقاعي ورماه بأنه زيدي فالله أعلم.
177 - محمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن محمد بن عبد الرحمن البدر بن الجمال الأذرعي الأصل الدمشقي القاهري الماضي أبوه وجده وعمه الإمام الشهاب أحمد. ولد في ربيع الأول سنة أربع وعشرين وثمانمائة ونشأ فقرأ القرآن، وقدم القاهرة مراراً وسمع بها رفقاً للخيضري على المحب بن نصر الله الحنبلي في النسائي وعلى البدر بن روق العلم للمرهبي وعلى شيخنا في آخرين، وقطنها وقتاً وتكسب بسوق الهرامزة؛ وحج غير مرة. وكانت وفاته بمكة في ذي القعدة سنة ثمان وثمانين بعد أن حدث بالقاهرة بعض المبتدئين.
178 - محمد بن عبد الله بن الحسن بن فرحون - وبخط ابن عزم مروان - ابن عبد الحميد بن رحمة بن زيد بن تمام بن جعفر البدر بن القطب القرشي البهنسي المهلبي الشافعي والد الولوي أحمد وعبد الله. ولد سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وسمع من الزبير الأسواني الشفا لعياض ومن والده وخليل المالكي وعمر بن محمد النويري والعز بن جماعة وأحمد بن الرضى الطبري وآخرين، وحدث سمع منه الفضلاء روى عنه التقي بن فهد، وله ذكر في ولده أحمد من معجمي. مات سنة خمس.
179 - محمد بن عبد الله بن حسن بن المواز. مات فجأة في ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين عن نحو الستين، ذكره المقريزي في عقوده وقال: كان ديناً صاحب نسك وتجرد وتقلل من الدنيا مع عصبية ومروءة ومحبة في الحديث وأهله واتباع للسنة وأنه رأى له بعد موته مناماً فيه أنه سلم من عذاب القبر.
180 - محمد بن عبد الله بن حسين الجمال أبو عبد الله بن العفيف الحسني اليماني حفيد البدر الأهدل وابن عم حسين بن صديق، سمع مني بمكة في سنة ست وثمانين أشياء. وقدم القاهرة غير مرة منها في سنة ثمان وثمانين وسافر منها إلى الصعيد فحصل رزيقاً ثم عاد، ونعم الرجل خيراً وسكوناً وتقنعاً ثم لقيني بمكة أيضاً في سنة أربع وتسعين.
181 - محمد بن عبد الله بن حسين الشمس النويري ثم القاهري الشافعي جد البدر النويري لأمه. ذكر لي سبطه أنه حفظ الشاطبية والتنبيه وغيرهما وأنه تلا بالسبع، وكان متميزاً يقرئ القراآت والفقه. ومات في سنة ستين عن نحو المائة فالله أعلم.
182 - محمد بن عبد الله بن حمود الشمس الطنبدي ثم القاهري الشافعي. ولد سنة خمس وسبعين وسبعمائة بطنبد بلد كبير من أعمال البهنسا من القاهرة وحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والبيضاوي وألفية ابن ملك اخذ الفقه والعقليات عن قريبه البدر الطنبدي ولازمه حتى مات وكذا أخذ عن الشهاب بن العماد وقنبر العجمي والدميري والجلال البلقيني وآخرين وسمع العراقي والهيثمي، وكان خيراً متقشفاً مفيداً متواضعاً لا يأنف الاستفادة ممن دونه. مات على ما تحرر قريب الستين.(4/116)
183 - محمد بن عبد الله بن خليل بن أحمد بن علي بن حسن الشمس البلاطنسي ثم الدمشقي الشافعي. ولد في سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ببلاطنس ونشأ بها فقرأ القرآن على جماعة منهم عمر بن الفخر المغربي، ونزح عنها في طلب العلم فأخذ الفقه بطرابلس عن الشمس بن زهرة وبحماة عن النور بن خطيب الدهشة وبدمشق عن التقي بن قاضي شهبة وعنه أخذ الأصول أيضاً وعن الأخيرين أخذ العربية وكذا أخذها بجيلة عن الشهاب أحمد المغربي وبطرابلس عن الشهاب أحمد المغربي وبطرابلس عن الشهاب بن يهودا وبدمشق عن العلاء القابوني، ولازم العلاء البخاري في المطول وغيره وأخذ عنه رسالته الفاضحة وغيرها بحيث كان جل انتفاعه علماً وعملاً، وأقبل على كتب الغزالي حتى كاد يحفظ غالب الأحياء، والمنهاج وقرأ على الشهاب بن البدر الصحيحين بطرابلس وعلى ابن ناصر الدين غالب الترمذي وكذا سمع اليسير جداً على شيخنا لا عن قصد كما صرح به لحرمانه وعلى الزين عمر الحلبي ولكنه لم يكثر من ذلك بل ولا من غيره من الفنون إلا أن شيخه العلاء كان يميل إليه ويقدمه على غيره من طلبته فراج أمره خصوصاً وقد اقتدى به في أكثر أفعاله وأقواله حتى في تقبيح ابن عربي ومن نحا نحوه بل وفي الحط على التقي بن تيمية وأتباعه وأكثر الحنابلة محض تقليد، مع ملازمته للعبادة وحثه على التقنع والزهادة وحرصه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحيث لا تأخذه في الله لومة لائم ولا يهاب أحداً بل يقول اعلحق ويصدع به الملوك والنواب والأمراء ويقنع الجبابرة ونحوهم، فصار بذلك إلى محل رفيع ونفذت أوامره وقبلت شفاعاته فازدحم لذلك عنده أرباب الحوائج ولم يتخلف عن إغاثة الملهوفين وإكرام كثير من الغرباء والوافدين سيما أهل الحرمين فإنه كان يجبي من زكوات ذوي اليسار ما يفرقه عليهم وكذا صنع مع البقاعي حيث ساعده في عمارة خان الفندق بالزبداني ومع ذلك فلم يسلم من أذاه وراسله بالمكروه كما هو دأبه ولو تأخر يسيراً لزاد الأمر بينهما على الوصف؛ وتصدى مع ذلك للتدريس والإفتاء فأخذ عنه جماعة كثيرون من أهل دمشق والقادمين إليها قصداً للتجوه بالانتساب إليه، وممن أخذ عنه النجم بن قاضي عجلون بل حفظ مختصره لمنهاج العابدين وهو في كراسين، وناب عن البهاء بن حجي في تدريس الشامية البرانية بعد العلاء بن الصيرفي ثم عن ولده النجم وحضر عنده فيه شيخه التقي بن قاضي شهبة وولده البدر والتقي الأذرعي ومن شاء الله ممن لا يتوقف أن فيهم من هو أفضل منه. وقال التقي إنه وإن كان ديناً عالماً فقد استنكر الناس هذا لكبر المنصب بالنسبة إليه ولكن قد آل الزمان إلى فساد عظيم وعدم التفات لمراعاة ما كان الناس عليه انتهى. وكذا ناب في تدريس الناصرية عن الكمال بن البارزي بعد ابن قاضي شهبة؛ وحج غير مرة وجاور وقرأ عليه هناك البرهان بن ظهيرة وابن أبي اليمن وآخرون، وكان قدومه لدمشق في سنة سبع وعشرين بعد أن أفتى في بلاده وخرج منها في قضية أمر فيها بالمعروف. وله من التصانيف سوى ما تقدم شرح مختصره الماضي ذكره وهو في مجلد لطيف دون عشرة كراريس والباعث على ما تجدد من الحوادث في كراسين قرضه له جماعة منهم العلم البلقيني والجلال المحلى والعلاء القلقشندي والشرف المناوي حين قدومه القاهرة وجرد حاشية الشهاب بن هشام على التوضيح في مجلد انتفع به الفضلاء وله فتاوى طنانه فيها ما يستحسن ووقائع يطول شرحها، وهو القائم على أبي الفتح الطيبي حين ولي كتابة بيت المال بدمشق وقدم سببه القاهرة خوفاً من معاكسة مخدومه أبي الخير النحاس وصعد إلى الظاهر فأكرمه وصادف ذلك ابتداء انخفاض النحاس فاقتضى ذلك ظهور ثمرة مجيئه؛ بل عرض عليه الظاهر مشيخة الصلاحية ببيت المقدس فأبى كما أنه أبى قضاء دمشق حين عرض عليه، ولم يزل أمره في ازدياد وحرمته وشهرته مستفيضة بين العباد إلى أن حج في سنة إحدى وستين ورام المجاورة بالمدينة النبوية فمنعه ما كان يعتريه من وجع في باطنه ولم يزل به ذلك الوجع حتى مات بعد رجوعه بيسير في ليلة الثلاثاء سادس عشري صفر سنة ثلاث وستين ودفن من الغد وكانت جنازته حافلة بحيث قيل أنه لم ير في هذا القرن بدمشق نظيرها وحمل نعشه على الأصابع وكان ذلك زمن الشتاء فلما حمل نعشه أمطرت فلما وضع سكن المطر، وعظم تأسف العامة وكثير من الخيار عليه رحمه الله وسامحه وإيانا؛(4/117)
وقد لقيته بمشهد الإمام علي في الجامع الأموي محل إقامته وكذا بمكة ولست أعلم فيه ما يعاب إلا منابذته للحنابلة والمحدثين وشدة تعصبه في أمور كثيرة ربما تخرجه عن الطور المتخلق به؛ ولما اجتمعت به بدمشق وسمعت منه تصريحه برجوعه عن الرواية عن ابن ناصر الدين سألته عن سببه فلم أر منه إلا مجرد عناد وتعصب؛ وكذا رأيت منه نفرة عن شيخنا سببها فيما يظهر تقريضه مصنف أولهما في الانتصار لابن تيمية وقد كتب لناظر الخاص مطالعة فيها حط زائد على الخيضري ومبالغة تامة، بل حكى لي صاحبنا السنباطي أنه سمع منه بمكة قوله: قد مات ابن حجر وما بقي إلا الترحم عليه فالمحدثون يقطعون ويحذفون أو كما قال نسأل الله السلامة والتوفيق وقد ترجمته في معجمي وغيره بأطول من هذا، وبالجملة فكان للشام به جمال. لقيته بمشهد الإمام علي في الجامع الأموي محل إقامته وكذا بمكة ولست أعلم فيه ما يعاب إلا منابذته للحنابلة والمحدثين وشدة تعصبه في أمور كثيرة ربما تخرجه عن الطور المتخلق به؛ ولما اجتمعت به بدمشق وسمعت منه تصريحه برجوعه عن الرواية عن ابن ناصر الدين سألته عن سببه فلم أر منه إلا مجرد عناد وتعصب؛ وكذا رأيت منه نفرة عن شيخنا سببها فيما يظهر تقريضه مصنف أولهما في الانتصار لابن تيمية وقد كتب لناظر الخاص مطالعة فيها حط زائد على الخيضري ومبالغة تامة، بل حكى لي صاحبنا السنباطي أنه سمع منه بمكة قوله: قد مات ابن حجر وما بقي إلا الترحم عليه فالمحدثون يقطعون ويحذفون أو كما قال نسأل الله السلامة والتوفيق وقد ترجمته في معجمي وغيره بأطول من هذا، وبالجملة فكان للشام به جمال.
184 - محمد بن عبد الله بن زكريا اليمني البعداني - بموحدة ثم مهملتين وآخره نون بلدة من مخلاف جعفر باليمن - الشافعي نزيل الحرمين. قال الفاسي: كان خيراً صالحاً مؤثراً منور الوجه كثير العبادة له إلمام بالفقه والتصوف، جاور بالحرمين نحو ثلاثين سنة على طريقة حسنة من العبادة وسماع الحديث والاشتغال بالعلم وتمشيخ على الفقراء برباط دكالة بالمدينة وعمره بمال سعى فيه عند بعض بني الدنيا. وبها توفي في العشر الأخير من ذي الحجة سنة عشر ودفن بالبقيع وهو في عشر الستين، وكان من وجوه أهل بعدان أصحاب الشوكة بها؛ وذكره المقريزي في عقوده رحمه الله وإيانا.(4/118)
185 - محمد بن عبد الله بن سعد بن أبي بكر بن مصلح بن أبي بكر بن سعد القاضي شمس الدين أبو عبد الله المقدسي الحنفي نزيل القاهرة ووالد سعد وإخوته ويعرف بابن الديري نسبة لمكان بمردا من جبل نابلس. ولد بعد الأربعين وسبعمائة وعينه في دفعات بسنة اثنتين وثلاث وأربع وخمس وثمان وكان يقول إن سببه اختلاف قول أبويه عليه فيه. قال شيخنا: وحقق لي أنه يذكر أشياء وقعت في اللطاعون العام سنة تسع وأربعين وجزم بعضهم بأنه سنة أربع. وقال ابن موسى الحافظ أنه في يوم السبت عاشر المحرم سنة ثمان ونحوه للمقريزي، وكان أبوه تاجراً فحبب إليه هو العلم وحفظ القرآن وعدة متون في فنون وأقبل على الفقه وعمل في غيره من الفنون وأخذ عن جماعة، ثم رحل إلى الشاعم وأخذ عن علمائها وكان دخوله لها وهي ممتلئة من المسندين أصحاب الفخر ابن البخاري وغيره فما تهيأ له السماع من أحد منهم، وكذا قدم القاهرة غير مرة واشتهرت فضائله سيما في مذهبه، وتقدم في بلده حتى صار مفتيها والمرجوع إليها فيها وعقد مجالس الوعظ وناظر العلماء، ومهر في الفنون وكتب الخط الحسن وكانت له أحوال مع الأمراء وغيرهم يقوم فيها عليهم ويأمرهم بكف الظلم بحيث اشتهر ذكره. فلما مات ناصر الدين بن العديم في سنة تسع عشرة استدعى به المؤيد وقرره في قضاء الحنفية بالقاهرة فباشره بشهامة وصرامة وقوة نفس وحرمة وافرة وعفة زائدة غير ملتفت لرسالة كبير فضلاً عن صغير بل كان مع الحق حيث كان. ويحكى أن امرأة رفعت له قصة فيها أن السلطان تزوجها قديماً ولها عليه حق فكتب عليها عاجلاً يحضر أو وكيله ثم أرسلها مع بعض رسله فأعلمه بذلك بغير احتشام فسر وأرسل طواشيه وخازنداره مرجان الهندي بعد أن وكله إلى القاضي يصالح المرأة بمبلغ له وقع، وأعلى من هذا أنه بلغه أن الهروي قاضي الشافعية تصرف فيما كانت تحت يده بغير طريق فبعث إلى نوابه بمنعهم من الحكم بمقتضى ثبوت فسق مستنيبهم وهددهم إن خالفوه فكفوا بأجمعهم بل لما اجتمعوا عند السلطان حكم بمنعه من الفتوى وعزله في مجلسه فلم يسعه إلا إمضاءه في أشياء من نمطهما ثم أنه انمزج مع المصريين وياسر الناس سيما كاتب السر ناصر الدين بن البارزي فكان منقاداً له فيما يرومه ولذا لما كملت عمارة المؤيدية أشار على السلطان بتقريره في مشيختها تدريساً وتصوفاً ففعل بعد أن كان عين لها البدر بن الأقصرائي وظن ابن الديري استمراره في القضاء فلما قرره في المشيخة قال له بحضرة الجماعة: الآن استرحنا واسترحت، يشير بذلك إلى كثرة الشكاوي من الأمراء ونحوهم فيه وقرر عوضه في القضاء الزين التفهني وذلك في ذي القعدة سنة اثنتين وعشرين. ولم يسهل به ذلك بل ظهر عليه الأسف وكان بعد إلقائه دروساً فيها بحضرة السلطان يجلس كل ليلة فيما بين صلاتي المغرب والعشاء بمحرابها ويعلم الناس ويذكرهم ويفقههم فلما كان في سنة سبع وعشرين خيل إليه أن السلطان يلزمه بحضور الحديث بالقلعة ويجلسه تحت الهروي فسافر في رجبها إلى بلده لزيارة أهله ثم أراد العود في شوالها فعاقه التوعك ثم أفضى به إلى الإسهال فمات به يوم عرفة منها وكان يأسف على فراقه ويقول سكنته أكثر من خمسين سنة ثم أموت في غيره فقدرت وفاته فيه وقد قارب التسعين كما قرأته بخط العيني مع نقل شيخنا أنه زاد على التسعين، قال وليس كما قال، قال في الإنباء: وكان كثير الازدراء بأهل عصره لا يظن أن أحداً منهم يعرف شيئاً مع دعوى عريضة وشدة إعجاب يكاد يقضي المجالس بالثناء على نفسه مع شدة التعصب لمذهبه والحط على مذهب غيره. وقال في رفع الأصر: ومهر في مذهبه واشتهر بقوة الجنان وطلاقة اللسان والقيام في الحق وكان حسن القامة مهاب الخلقة. وقال في معجمه أنه كان حسن التذكير كثير المحفوظ ولكنه لم يطلب الحديث بل قال لي غير مرة اشتغل في كل فن إلا في الحديث ولازم التاج أبا بكر بن أحمد بن محمد الأموي المقدسي القاضي الشافعي وسمع عليه ثلاثيات البخاري بسماعه على الملك لا وحد أنابه ابن الزبيدي. ولما قدم القاهرة حدث بالصحيح كله عنه سماعاً ثم حدث عنه بصحيح مسلم؛ وذكر لي أنه سمع من الميدومي ولم نجد ما يدل على ذلك. وقد أجاز في استدعاء ابني محمد وحضرت دروسه وسمعت من فوائده الكثير. قلت: وقد أخذ عنه الأئمة منهم ولده سعد وابن موسى الحافظ وقال إنه ذكر له أن الميدومي أجاز(4/119)
لهم وأنهم كاوا يأخذوه مع الأطفال من المكاتيب بالقدس فيسمع معهم عليه؛ وممن سمع منه الأبي وفي الأحياء من سمع منه. وقال العيني: كان عالماً فاضلاً رأساً في مبذهبه متخلقاً بأخلاق أهل التصوف أدرك علماء كثيرة في مصر والشام وبيت المقدس وعاشر صلحاء كثيرين لأن بيت المقدس كان محط العلماء والصلحاء. وقال المقريزي في عقوده: صحبته سنين وقرأت عليه قطعة من البخاري وكان مفوهاً مكثاراً جم المحفوظ شديد التعصب لمذهبه منحرفاً عن من خالفه يجلس كل ليلة فيما بين صلاتي المغرب والعشاء بالمحراب يعلم الناس ويذكرهم ويفتيهم انتهى. وكان شيخاً أبيض اللحية نيرها جهوري الصوت فصيح العبارة مليح الشكل رحمه الله وإيانا.هم وأنهم كاوا يأخذوه مع الأطفال من المكاتيب بالقدس فيسمع معهم عليه؛ وممن سمع منه الأبي وفي الأحياء من سمع منه. وقال العيني: كان عالماً فاضلاً رأساً في مبذهبه متخلقاً بأخلاق أهل التصوف أدرك علماء كثيرة في مصر والشام وبيت المقدس وعاشر صلحاء كثيرين لأن بيت المقدس كان محط العلماء والصلحاء. وقال المقريزي في عقوده: صحبته سنين وقرأت عليه قطعة من البخاري وكان مفوهاً مكثاراً جم المحفوظ شديد التعصب لمذهبه منحرفاً عن من خالفه يجلس كل ليلة فيما بين صلاتي المغرب والعشاء بالمحراب يعلم الناس ويذكرهم ويفتيهم انتهى. وكان شيخاً أبيض اللحية نيرها جهوري الصوت فصيح العبارة مليح الشكل رحمه الله وإيانا.
186 - محمد بن عبد الله بن سعيد الشمس الكلبشاوي الخطيب ممن سمع مني بالقاهرة.
187 - محمد بن عبد الله بن سلام الدمشقي أخو علاء الدين وهو الأصغر. مات في رجب سنة ثلاث بعد انفصال التمرية؛ قاله شيخنا في إنبائه.
188 - محمد بن عبد الله بن سليمان العز المحلي ثم القاهري الشافعي أحد النواب؛ ممن اشتغل ولازم العلم البلقيني وعمل التوقيع ببابه فمنعه البدر البغدادي الحنبلي وأثبت شيئاً في تركة ابن حجي، وكاد أزبك الظاهري الإيقاع به فاختفى وكان ذلك سبباً لهجر يحيى بن حجي مجلس مستنيبه وإقباله على المناوي.
189 - محمد بن عبد الله بن شاه خان الشمس أبو عبد الله بن الجمال الحلبي المنشأ الدمشقي الاستيطان الشافعي نزيل مكة ويعرف بالعذول - بفتح المهملة وضم المعجمة وآخره لام. ولد بعيد الثلاثين وثمانمائة. وانتقل منها وهو طفل مع أبيه إلى حلب ثم لدمشق وأخذ فيها السلوك عن ناصر الدين بن البيطار، ودخل القاهرة فلقي فيها شيخنا والعلم البلقيني وغيرهما وفي مصثر المحب الفيومي المصري قارئ الحديث بجامعها العمري والبهاء بن القطان والجلال البكري وأقام بها نحو أربع سنين وأخذ عن بعضهم في آخرين؛ ودخل دمياط وغيرها ثم رجع إلى دمشق وصحب السيد المحب ابن أخي التقي الحصني وغيره من السادات، وحج غير مرة ثم قطن مكة وكان يحضر دروس القاضي وأخيه بها والجمالي ويعقد مجلس الذكر وقتاً وربما أفاد بعض المريدين لأنسه بأبواب العبادات ونحوها ومراجعته في كثير مما يروم التفقه فيه ولما كنت بمكة لازمني في كثير مما أخذ عني ومني رواية ودراية وزاد اغتباطه بذلك وربما اشتغل في أصول الدين وغيره، وقد كتبت له إجازة حسنة في التاريخ الكبير بعضها ولكثيرين فيه اعتقاد بل كان كل من البرهان وحسين ابني قاوان يميل إليه مع غيرهما من ذوي اليسار، ثم تضعضع حاله ولكنه نعم الرجل متجمل كثير الطواف والعبادة والرغبة في الخير.
190 - محمد بن عبد الله بن شوعان الزبيدي الحنفي. انتهت إليه الرياسة في مذهبه ببلده، ودرس وأفاد. مات سنة اثنتين وعشرين، ذكره شيخنا في إنبائه.
191 - محمد بن عبد الله بن صالح ذو النون الغزي الصالحي، ذكره شيخنا في فوائد الرحلة الآمدية، وقال إنه لقيه بالمخيم بظاهر غزة، وذكر له أنه ولد تقريباً سنة ست وستين وسبعمائة وأنه سمع الصحيح من القاضي نور الدين على ابن خلف بن كامل الغزي قاضيها المتوفى في سنة ثمان وسبعين ومن السلاوي. قال شيخنا: وأجاز لي ولأولادي وأحفادي. قلت: ومات فجأة في سنة أربعين وكان حسن الذهن جيد القريحة مشهوراً بكثرة الأكل والإفراط فيه وله نوادر في لطف العباد وحسن العشرة مع تحمل المشاق في قضاء حوائج إخوانه ومحافظة عل الدين قولاً وفعلاً ومبالغته في النصيحة لخلق الله، وتكسب وقتاً ببيع الكتان. في بعض الحوانيت فكان عجباً في النصح رحمه الله وإيانا.(4/120)
192 - محمد بن عبد الله بن صدقة الشمس السفطي البحيري ثم القاهري الأزهري المالكي ويعرف بأبي سعدة - بضم المهملة. مات في ليلة السبت منتصف ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وثمانمائة بعد تعلله مدة بالبطن وغيره. وتنزل بالبيمارستان ثم تحول منه لبيت أخ له ببولاق فكانت به منيته فنقل إلى البردبكية برحبة الأيدمري محل سكنه فغسل بها ثم صلي عليه ودفن في حوش الشيخ عبد الله المنوفي، وكان قد حفظ القرآن والشاطبية والمختصر الفرعي وألفية النحو والحديث وغيرها، وعرض على جماعة واشتغل في الفقه والعربية على العلمي وأبي الجود في آخرين وجمع للسبع وقرأ على الديمي ثم تردد إلى قليلاً وأخذ عني طرفاً من الاصطلاح بل سمع كثيراً مما قرأته للولد على بقايا الشيوخ، وكان يضبط الأسماء بدون تمييز ولا أهلية ولا تثبت؛ وحج وجاور بمكة أشهراً وكذا زار بيت المقدس بل دخل الشام وحلب وأخذ عن جماعة بها كابن مقبل خاتمة أصحاب الصلاح ابن أبي عمر ولازم قراءة البخاري على العامة بالأزهر في الأشهر الثلاثة مع المداومةعلى سبع عرف به؛ وحصل كتباً نفيسة كان سمحاً بعاريتها وتردد لبعض المباشرين وربما أقرأ مع توقف فاهمته، وأظنه قارب الأربعين رحمه الله وإيانا.
193 - محمد بن عبد الله بن طغاي ناصر الدين الدمشقي الكمالي لملازمته خدمة الكمال بن البارزي في حياة أبيه وانقطاعه له بحيث حظي عنده وحصل بجاهه أموالاً جمة وجهات عدة؛ وحج غير مرة وبعده لزم بيته منعزلاً عن الناس إلا نادراً فلما تملك الظاهر خشقدم لزمه واختص به وتكلم معه في حوائج الناس فازدحموا على بابه وزادت وجاهته وأمواله مع سلوكه التواضع ووقوفه مع قدره إلى أن قبض عليه في سنة سبعين وصادره على مال جم وصرح بالحط عليه وتعداد مساوئ له وأنه لو سمع منه لأخرب المملكة أو نحو ذلك واقتدى به في مصادرته بعده الأشرف قايتباي بعد تقريبه له أيضاً واختفى منه ثم ظهر؛ ولزم بيته حتى مات في يوم الاثنين سابع عشري ذي القعدة سنة اثنتين وثمانين فجأة وصلي عليه من الغد ودفن وأظنه جاز السبعين وخلف صغاراً وكان عاقلاً متديناً فيه بر وإحسان لبعض الفقراء وتواضع سيما في حال انقطاعه وأدب عفا الله عنه ورحمه وإيانا.
محمد بن عبد الله بن طيمان سنة خمس عشرة وأظنه.(4/121)
194 - محمد بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن سليمان الجمال أبو حامد بن العفيف القرشي المخزومي المكي الشافعي ويعرف كأبيه بابن ظهيرة وأمه مريم ابنة السلامى. ولد ليلة عيد الفطر سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة ونشأ بها فسمع بها الموطأ على الشيخ خليل المالكي وهو أقدم من سمع عليه ومن التقي الحرازي ومحمد بن سالم الحضرمي والعز بن جماعة والموفق الحنبلي ومما سمعه عليهما جزء ابن نجيد، واليافعي ومحمد بن أحمد بن عبد المعطي وأحمد بن سالم المؤذن والكمال بن حبيب ومما سمعه منه سنن ابن ماجة ومعجم ابن قانع في آخرين من أهلها والقادمين إليها؛ ورحل فسمع بمصر من أبي الفرج ابن القاري والحراوي والبهاء بن خليل وبدمشق من ابن أميلة والصلاح بن أبي عمر والبدر بن قواليح والبرهان بن فلاح السكندري وابن النجم وببعلبك من أحمد بن عبد الكريم البعلي وخلق بها وبغيرها كحمص وحماة وحلب وبيت المقدس واسكندرية، وأجاز له الجم الغفير كالعلائي وسالم بن ياقوت يجمع الجميع معجمه تخريج الصلاح الأقفهسي وكذا جمع له فهرستاً التقي بن فهد وحصل الأجزاء والنسخ والأصول؛ ولم يقتصر على الرواية بل اجتهد في غضون ذلك في العلوم فتلا بالسبع على التقي البغدادي وغيره وتفقه ببلده على عمه الشهاب بن ظهيرة والقاضي أبي الفضل النويري والجمال الأميوطي والبرهان الأبناسي والزين العراقي وبالقاهرة على أبي البقاء السبكي والبلقيني وابن الملقن وبدمشق على العماد الحسباني وبحلب على الأذرعي في آخرين بها ولازم منهم عمه وأبا الفضل ملازمة تامة بحيث ان جل انتفاعه بهم وصحب أبا البقاء لدمشق وأخذ عنه غير الفقه من فنون العلم وأخذ العربية ببلده عن أبي العباس بن عبد المعطي وبالقاهرة عن البلقيني وبدمشق عن أبي العباس العنابي تلميذ أبي حيان وأذن له جلهم وكذا الجمال محمد بن عبد الله الريمي شيخ الشافعية باليمن في الإفتاء والتدريس والعنابي وابن عبد المعطي في العربية بل أذن له البلقيني أيضاً فيها وفي أصول الفقه والحديث والعراقي في الحديث؛ ورأيت بخطه على نسخة من شرحه للألفية أنه أخذه عنه ما بين قراءة وسماع مالكه الشيخ الإمام العلامة المحدث المفيد الأوحد جمال الدين نفع الله بفوائده قال وأذنت له أحسن الله إليه أن يقرئ ذلك ويفيده وما شاء من الكتب المصنفة في ذلك لوثوقي بحسن تصرفه وجودة فهمه نفع الله به وكثر أمثاله، ولم يؤرخ ذلك، وصار كثير الاستحضار للفقه مع التميز في الحديث متاً وإسناداً ولغة وفقهاً ومعرفة حسنة بالعربية ومشاركة جيدة في غيرها من فنون العلم ومذاكرة بأشياء مستحسنة من التاريخ والشعر بحيث انتهت إليه رياسة الشافعية ببلده ولقب عالم الحجاز، وتصدى لنشر العلم بعد السبعين ودرس وأفتى كثيراً وقد بالفتاوى. من بلاد اليمن وزهران والطائف وإليه وأقام في نشر العلم نحو أربعين سنة وازدحم الطلبة من أهل بلده والقادمين لها ورحلوا إليه وانتفعوا به وكذا حدث بالكثير من مروياته بالمسجد الحرام وغيره أخذ عنه الأئمة، وروى لنا عنه جماعة بل في الأحياء من سمع منه، وكتب بخطه الدقيق الحسن الكثير وشرح قطعاً متفرقة من الحاوي الصغير حرر منها من البيع إلى الوصايا وله أجوبة مفيدة عن مسائل وردت عليه من زهران في كراريس وأخرى عن مسائل ج - من عدن مع تعاليق وفوائد وشعر حسن وضوابط نظماً ونثراً وأسئلته للبلقيني دالة على باع متسع في العلم وخرج لنفسه جزءاً أوله المسلسل وآخر فيما يتعلق بزمزم وولي مباشرة في الحرم وتدريس درس بشير الجمدار وكذا تصديرين فيه وتدريس المجاهدية والبنجالية وفي ذي الحجة سنة ست وثمانمائة قضاء مكة وخطابتها ونظر الحرم والأوقاف والربط والحسبة والأيتام عوضاً عن العز النويري وانفصل عن ذلك غير مرة؛ كما بين ذلك كله التقي الفاسي وقال: كان ذا حظ عظيم من الخير والعبادة والعفاف والصيانة وما يدخل تحت يده من الصدقات يصرفه في غالب الناس وإن قل. وقال أنه سمع وقرأ عليه الكثير وأذن له في التدريس في علم الحديث وأنه كان يتفضل بكثير من الثناء بما اكتسبناه من صفاته الحسنى وقد سمعنا منه ببلاد الفرع ونحن متوجهون في خدمته لزيارة الحضرة النبوية وما أطيب تلك الأوقات ولله در القائل:(4/122)
وتلك الليالي الماضيات خلاعة ... فما غيرها بالله في العمر يحسب
وقال شيخنا في معجمه: وكانت له عبادة وأوراد لا يقطعها مع وقار وسكون وسلامة صدر قال وهو أول من بحثت عليه في علم الحديث وذلك في مجاورتنا بمكة سنة خمس وثمانين وأنا ابن اثنتي عشرة سنة، كنت أقرأ عليه في عمدة الأحكام ثم كان أول من سمعت بقراءته الحديث في السنة التي تليها بمصر، ثم سمعت من لفظه وأجاز في استدعاء ابني محمد وعلقت عنه فوائد وناولني معجمه وأذن لي في روايته وكان شديد الاغتباط بي؛ ونحوه في إنبائه، وذكره ابن قاضي شهبة وابن خيطب الناصرية وساق عن البرهان الحلبي عن الشرف أبي بكر خطيب مرعش عنه من نظمه قصيدة نبوية لامية بل ساق عنه البرهان بلا واسطة قوله في ضبط المسائل التي يزوج فيها الحاكم:
عدم الولي وفقده ونكاحه ... وكذاك غيبته مسافة قاصر
وكذاك إغماء وحبس مانع ... أمة لمحجور تواني القادر
إحرامه وتعزز مع عضله ... إسلام أم الفرع وهي لكافر
قال البرهان وأعجب قوله: " إسلام أم الفرع وهي لكافر " شيخنا البلقيني إعجاباً عظيماً وبالغ في استحسانه. وقال غيره: كان إماماً علامة حافظاً متقناً مفنناً فصيحاً صالحاً خيراً ورعاً ديناً متواضعاً ساكناً منجمعاً عن الناس طارحاً للتكلف كثير المروءة والبر والنصح والمحبة لأصحابه وافر العقل حسن الأخلاق جميل الصورة مسدداً في فتاويه كثير التحقيق في دروسه مواظباً على الاشتغال والأشغال حافظاً لكتاب الله كثير التلاوة مثابراً على أفعال الخير والعبادة والعفاف والصيانة والأوراد حريصاً على تفرقة ما يدخل تحت يده من الصدقات في غالب الناس ولو قل مع السمت الحسن والوقار وسلامة الصدر. مات وهو على القضاء بعد أن تعلل مدة طويلة بالإسهال في ليلة الجمعة سادس عشر رمضان سنة سبع عشرة بمكة وصلى عليه من الغد ودفن بالمعلاة على جد أبيه لأمه مقرئ الحرم المكي العفيف الدلاصي ولم يخلف بمكة في مجموعه مثله، وهو في عقود المقريزي وأنه كانت له عبادة وأوراد يواظب عليها مع الوقار والسكون وسلامة الباطن. قلت وقد أنشد مضمناً إما لنفسه أو لغيره:
أهديت لي بسراً حقيقته نوى ... عار وليس لجسمه جلباب
وأنا وان تباعدت الجسوم فودنا ... باق ونحن على النوى أحباب
195 - محمد بن عبد الله بن العباس بن محمد بن محمد بن أبي السعود الولد الكمال أبو الفضل بن العفيف أبي السيادة بن الكمال أبي الفضل بن الجمال أبي المكارم ابن الكمال أبي البركات بن ظهيرة القرشي المكي الماضي أبوه وجده. ذكي فطن. ولد في ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين بمكة؛ سمع مني في سنة ست وثمانين بمكة الكثير وكتبت له ثبتاً أوردت في التاريخ الكبير شيئاً منه، وكان ممن يحضر عند الجمال أبي السعود ثم ترك؛ وزار المدينة غير مرة وربما اشتغل عند مجلى وقد زوجه والده ولم تلبث الزوجة أن ماتت بعد أن خلفت له ولداً وميراثاً.
196 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن صلح بن إسماعيل الكمال أبو الفضل بن الجمال بن ناصر الدين الكناني المدني الشافعي. ممن أخذ عن الشهاب البيجوري في الفقه والفرائض وسمع على أبي الفتح المراغي وغيره ودخل مصر والشام وغيرهما بل العجم. وهو حي.(4/123)
197 - محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن شرف بن منصور بن محمود بن توفيق بن محمد بن عبد الله نجم الدين بن الولوي أبي محمد بن الزين بن الشمس الزرعي ثم الدمشقي الشافعي الماضي أبوه وجده وأخوه عبد الرحمن والآتي أخوهما أبو بكر ويعرف كسلفه بابن قاضي عجلون لكون جد أبيه كان نائباً في قضائها وهي من أعمال دمشق. ولد في يوم السبت ثاني عشري ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة بدمشق ونشأ بها فحفظ القرآن وزيادة على اثنين وعشرين كتاباً في علوم شتى؛ وعرض مها على العلاء البخاري وابن زهرة الطرابلسي وابن خطيب الناصرية في آخرين وسمع على العلاء بن بردس وابن ناصر الدين وغيرهما ولكنه لم يكثر؛ وتلا للعشر إفراداً ثم جمعاً على الزين خطاب وكذا جمع على الشهاب السكندري، وتفقه بأبيه والتقي بن قاضي شهبة والبلاطنشي وخطاب وحضر الونائي وغيره ولازم الشرواني حين نزوله البادرائية عندهم في الأصلين والمعاني والبيان والنحو والصرف والمنطق وغيرها من العلوم حتى كان جل انتفاعه به، وكذا أخذ قطعاً من تفسير البيضاوي وغيره على العلاء الكرماني وقرأ تلخيص ابن البناء في الحساب وشرح الخزرجية في العروض على أبي الفضل المغربي، وقدم القاهرة مع أبيه في سنة خمسين فعرض على علمائها بل وعلى سلطانها وتردد لشيخنا في الرواية والدراية ولكنه لم يكثر؛ وأخذ شرح ألفية العراقي أو غالبه وغير ذلك عن العلاء القلقشندي وشرح المنهاج مع الكثير من شرح جمع الجوامع عن مؤلفهما المحلى وبعض شرح الشواهد عن مؤلفه العيني والفرائض والحساب وغيرهما عن البوتيجي والتحرير أو غالبه عن مؤلفه ابن الهمام وحاشية المغنى وغيرها عن مؤلفها الشمني وكذا أخذ ظناً عن العز عبد السلام البغدادي وحضر دروس العلم البلقيني والمناوي بل والسفطي في الكشاف والمحب بن الشحنة في مقابلة المقروء من القاموس؛ وتكرر قدومه القاهرة غير مرة؛ وحج وزار بيت المقدس وأكثر من مخالطة العلماء والفضلاء مع ملازمة المطالعة والعمل والنظر في مطولات العلوم ومختصرها قديمها وحديثها بحيث كان في ازدياد من التفنن والفضائل، بل أقبل على الإقراء والإفتاء والتأليف وصار أحد الأعيان، وولي بالقاهرة إفتاء دار العدل وتدريس الفقه في جامع طولون والحجازية مع الخطابة بها وخزن الكتب بالباسطية كل ذلك برغبة الولوي البلقيني له عنها، وناب ببلده في تدريس الشامية الجوانية والعزيزية والأتابكية عن متوليها وفي الناصرية الجوانية والظاهرية البرانية وولي نظر الركنية تلقاه عن عمه الشهاب بن قاضي عجلون والد العلاء والتدريس بمدرسة ابن أبي عمر بالصالحية برغبة شيخه خطاب له عنه واشترك مع إخوته في تدريس الفلكية والدولعية والبادرائية ومشيخة التصوف بالخاتونية وغيرها بعد والدهم وتصدر بجامع بني أمية مع قراءة الحديث فيه أيضاً إلى غير ذلك من الوظائف والجهات وترفع عن النيابة في القضاء إلا في قضية واحدة مسئولاً ثم ترك، ومن تصانيفه تصحيح المنهاج في مطول عمل عليه توضيحاً ومتوسط ومختصر والتاج في زوائد الروضة على المنهاج والتحرير جعله معوله في المراجعة ماشياً فيه على مسائل المنهاج في نحو أربعمائة كراسة لم يبيض بل عمل على جميع محافيظه إما شرحاً أو حاشية وأفرد في ذبائح أهل الكتاب ومناكحتهم جزءاً وكذا في السنجاب جنح فيه لتأييد عدم الطهارة مع نظم ونثر وتقاييد مهمة. وكان إماماً علامة متقناً حجة ضابطاً جيد الفهم لكن حافظته أجود ديناً عفيفاً وافر العقل كثير التودد والخبرة بمخالطة الكبار فمن دونهم حسن الشكالة والمحاضرة جيد الخط راغباً في الفائدة والمذاكرة عديم الخوض فيما لا يعنيه ومحاسنه جمة ولم يكن بالشام من يماثله بل ولا الديار المصرية بالنسبة لاستحضار محفوظاته لفظاً ومعنى لكونه لم يكن يغفل عن تعاهدها مع المداومة على التلاوة وإن كان يوجد من هو في التحقيق أمتن منه، وقد كتب عني بعض الأجوبة كما كتبت عنه من نظمه ما أوردته في المعجم والوفيات وكثيراُ ما كان يقول لي أغيب عن بلدكم ثم أجئ فلا أجد علماءها وفضلاءها انتقلوا ذرة بل هم في محلهم الذي فارقتهم فيه أو دونه، ولم يكن المناوي بالمنصف له. مات في يوم الاثنين ثالث عشر شوال سنة ست وسبعين بعد أن ضعف بالقاهرة حتى نقه وركب في محفة راجعاً إلى بلده على كره من أصحابه وخاصته فما(4/124)
انتهى إلى بلبيس إلا وقد قضى فرجعوا به في المحفة إلى تربة الزين بن مزهر بالقرب من تربة الشيخ عبد الله المنوفي قبيل الغروب من يومه فغسل وكفن وصلي عليه في مشهد ليس بالطائل ثم دفن وحصل التأسف على فقده. وبلغنا أنه كان إذا أفاق من غمراته يقول ثلاثاً يا لطيف ومرة سبحان الفعال لما يريد حتى مات رحمه الله وإيانا.انتهى إلى بلبيس إلا وقد قضى فرجعوا به في المحفة إلى تربة الزين بن مزهر بالقرب من تربة الشيخ عبد الله المنوفي قبيل الغروب من يومه فغسل وكفن وصلي عليه في مشهد ليس بالطائل ثم دفن وحصل التأسف على فقده. وبلغنا أنه كان إذا أفاق من غمراته يقول ثلاثاً يا لطيف ومرة سبحان الفعال لما يريد حتى مات رحمه الله وإيانا.
198 - محمد بن عبد الله بن التقي عبد الرحمن الشمس الصالحي ويعرف بابن الملح. سمع في سنة ثمان وأربعين وسبعمائة من العماد أحمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد المقدسي النصف الأول من السفينة الأصبهانية؛ وحدث سمع منه الأبي مع رفيقه الحافظ ابن موسى في سنة خمس عشر وذكره التقي بن فهد وغيره. مات.
199 - محمد بن عبد الله بلكان بن عبد الرحمن المحب أبو المحاسن القاهري القادري الشافعي والد أبي الطاهر محمد الآتي. ولد سنة إحدة عشرة وثمانمائة بالقاهرة ومات أبوه وهو ابن سنة فتزوج بأمه العز القادري شيخ زاوية القادرية بباب الزهومة فرباه أحسن تربية وحفظ القرآن والعمدة وغالب المنهاج وعرض ثم اعتنى بسماع الحديث وسمع معنا على شيخنا وغيره بل قبلنا على الزركشي والشرابيشي والفاقوسي وصحب الشرف يونس القادري وتسلك وتهذب وحصل بعض الأجزاء والفوائد بخطه، وأجاز له باستدعاء ابن فهد المؤرخ بذي الحجة سنة سبع وثلاثين خلق؛ واستقر في مشيخة زاوية زوج أمه المشار إليها، وكان خيراً نيراً كبير الهمة كثير التواضع حسن العشرة والفتوة مات في شعبان سنة ثمان وسبعين وصلي عليه بجامع الأزهر في مشهد حافل جداً ودفن بزاويتهم وأثنوا عليه ونعم الرجل كان رحمه الله وإيانا.
200 - محمد بن عبد الله بن عبد السلام بن محمود بن عبد السلام بن محمود بن عبادة صلاح الدين بن جمال الدين العبدوي الدمشقي الشافعي ابن عم الشمس بن محمد بن محمود بن عبد السلام الماضي. ولد فيما بين الثلاثين والأربعين وثمانمائة بدمشق ونشأ بها فأخذ عن البلاطنسي وخطاب والرضى الغزي في آخرين، وكان في خدمة ابن عمه ثم استقر في وكالة السلطان بدمشق بعد لانابلسي ثم نظر جيشها ثم ولي قضاء دمشق بعد الخيضري فدام أياماً ثم صرف قبل انفصاله عن القاهرة بالشهاب بن الفرفور. وقدم القاهرة غير مرة منها في سنة إحدى وتسعين، وصودر مرة بأخذ عشرة آلاف دينار للسلطان وألف للقاصد بذلك فوزنها وهو في الترسيم ثم بعد قليل أحسن بالتوجه لمصادرته أيضاً فهرب في سنة ثلاث وتسعين مع ملاءته وكثرة ما في حوزته على ما قيل ثم ظهر.
محمد بن عبد الله بن عبد القادر السكاكيني. في ابن عبد القادر بن عمر.
201 - محمد بن عبد الله بن عبد الكريم البناء الشهير بتشن. مات بمكة في ربيع الآخر سنة ستين، أرخه ابن فهد.
202 - محمد بن عبد الله بن عبد الله الشمس أبو عبد الله ثم الدمشقي الحنبلي الفقيه المقري. ترجمه البرهان الحلبي فقال: إنسان حسن حنبلي أصلاً وفرعاً من محبي التقي بن تيمية، قدم حلب في عاشر المحرم سنة تسع وثلاثين فقرأ على سنن ابن ماجة ومشيخة الفخر، ثم عاد إلى جهة دمشق في خامس عشرية كتب الله سلامته.
203 - محمد بن عبد الله بن عبيد الله بن حسن السنباطي الأصل الصحراوي إمام تربة يلبغا العمري. ولد بها سنة اربع وأربعين وحفظ القرآن وجوده على البرهان الشامي الأزهري بل على إمامه النور البلبيسي والعمدة وجل التنبيه وحضر دروس العبادي وابن أخيه وموسى البرمكيني وكتب على يس الجلالي وشمس الدين بن سعد الدين فأجاد وأم بالتربة المذكورة في حياة أبيه وبعده واختص بالمحب بن المسدي الإمام، وقدم مكة في أوائل سنة سبع وتسعين بحراً فجاور حتى وأقرأ ابن محتسبها قليلاً ثم انفصل عنه وتردد إلي وسمع بل سمعت أنه سمع على علي حفيد يوسف العجمي وغيره بملاحظة ابن الشيخ يوسف الصفي وكان يصحبه وسافر جدة.
محمد بن عبد الله بن عبد المنعم الجرواني. في محمد بن أحمد الجرواني.(4/125)
204 - محمد بن عبد الله بن عثمان بن عفان الشمس الحسيني بلداً المقسي ثم الموسكي الشافعي أخو الفقيه عثمان الماضي وأبوهما ووالد محمد الآتي. ولد في ربيع الأول سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمنية فضالة وتحول مع أبويه وأخيه إلى القاهرة فسكنوا المقس وقرأ القرآن وجوده على الزين الهيثمي بل تلاه لأبي عمرو على عبد الغني الفارقاني وقرأ من الاهتمام تلخيص الإمام إلى الحج وكذا بعض مختصر التبريزي وجمع ألفية النحو وبحث في التبريزي على المناوي بل حضر عنده عدة تقاسيم، وكذا قرأ في النحو على الحناوي وسمع على شيخنا وغيره وجلس لإقراء الأطفال كأبيه وأخيه بزاوية بقنطرة الموسكي فنبغ من عنده جماعة وأقرأ في بيت أزبك الظاهري وقطن تلك الناحية وتكسب مع ذلك بالخياطة على طريقة جميلة من النصح والوفاء وحج وتنزل في صوفية سعيد السعداء وغيرها بل خطب بأماكن كجاع عمرو نيابة، ولمامات أخوه تكلم في تركته ثم لم يلبث أن مات ولده فورثه وتلقى عنه وظائف منها الإمامة بضريح الشافعي، وهو خير متودد سليم الفطرة منجمع على شأنه. محمد بن عبد الله بن عشائر. هو ابن عبد الله بن أحمد بن محمد بن هاشم بن عب الواحد. مضى.
205 - محمد بن عبد الله بن علي بن أحمد الشمس القرافي الشافعي الواعظ ويعرف بالحفار وهي حرفة أبيه. ولد في سنة خمس وثمانين وسبعمائة بالقرافة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه والملحة، وعرض على الأبناسي وابن الملقن والغماري وعبد اللطيف الأسنائي وأجاز له في آخرين ممن لم يجز كالصدر المناوي والتقي الزبيري، واشتغل يسيراً وتنزل في الجهات وتعاني الوعظ واشتهر شأنه فيه وصار بأخرة شيخ الجماعة مع الدين والتواضع والسكون وحسن السمت وانفراده بالإتيان في المحافل بالأشياء المناسبة سمعت إنشاده كثيراً وكنت ممن أتوسم فيه الخير؛ وأجاز في استدعاء بعض الأبناء بل حدث بالعمدة سمعها عليه الطلبة. مات بعد أن تعلل مدة في يوم الخميس ثامن شعبان سنة ست وسبعين ودفن من الغد ورأيته بعد موته في حالة حسنة رحمه الله وإيانا.
محمد بن عبد الله بن علي البعلي بن المغربي. في صدقة.
206 - محمد بن عبد الله بن علي الخواجا الشمس البزوري. مات بمكة في رجب سنة ثلاث وثلاثين؛ أرخه ابن فهد.
207 - محمد بن عبد الله بن علي ناصر الدين النطوبسي الأزهري المادح ممن سمع مني بالقاهرة.
208 - محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو عبد الله بل أبو النجباء الناشري اليماني الشافعي. ولد في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، وتفقه بأخيه إسماعيل ثم بالقاضي أبي بكر بن علي الناشري وآخرين منهم الشرف أبو القسم بن موسى الدوالي وكان يدرس كل يوم جزءاً من كتابه التنبيه؛ وولي قضاء القحمة ثم قضاء الكدراء ثم زبيد فلم تطل مدته فيها، وكان معتقداً قائماً بالمعروف ودفع المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم غير مصرف لأوقاته في غير الطاعات مواظباً على القيام والصيام له كرامات ككونه فرغ سليط سراجه فبصق فيه فأضاء كنحو ما اتفق للرافعي وكنية النبي صلى الله عليه وسلم له في منام بأبي النجباء فكان كذلك مع حسن شكالة وخلق وتمام عقل وهيبة ومروءة، وله تصانيف كالتاريخ والنصائح الإيمانية لذوي الولايات السلطانية ومختصر في الحساب وفي مساحة المثلثة وضبطه بقوله:
إذا رمت تكسير المثلث يا فتى ... فجمعك للإضلاع أصل لنا أتى
ونصف لمجموع الضلوع فابتده ... وخذ كل ضلع فاعرضه مفاوتا
على النصف ثم الضرب للبعض بهيع ... ونفذ ببعض ونصف فاعلمن متثبتا
كذا ورسالة تعقب بها إنكار عياض على الشافعي في قوله: أنه خالف في وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه الأئمة كالبدر حسين الأهدل ومحمد بن نور الدين. مات في ذي الحجة سنة إحدى وعشرين، طول الناشري ترجمته.
209 - محمد بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن عمر بن مسعود القائد العمري المكي. كان من أعيان القواد العمرة وممن جسر السيد رميثة بن محمد بن عجلان على هجم مكة في آخر جمادى الآخرة سنة ست عشرة. وتوفي في آخر سنة أربع وعشرين أو أول سنة خمس وعشرين وقد بلغ الخمسين وقاربها ظناً، ذكره الفاسي في مكة.(4/126)
210 - محمد بن عبد الله بن عمر بن يوسف الشمس المقدسي الصالحي الحنبلي ويعرف بابن المكي. قال شيخنا في إنبائه: ولد سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وتفقه قليلاً وتعانى الشهادة ولازم مجلس الشمس بن التقي وولي رياسة المؤذنين بالجامع الأموي وكان جهوري الصوت من خيار العدول حسن الشكل طلق الوجه منور الشيبة. مات في جمادى الأولى سنة ست وعشرين بعد أن أصيب بعدة أولاد له كانوا أعيان عدول البلد مع النجابة والوسامة فماتوا بالطاعون عوضهم الله الجنة.
211 - محمد بن عبد الله بن عمر الشيخ شمس الدين الشريفي.
محمد بن عبد الله بن أبي الفتح. ثلاثة مجد الدين ونجم الدين وشمس الدين. يأتون فيمن جدهم محمد بن عبد الوهاب. محمد بن المجد عبد الله بن فتح الدين أبو النجا بن البقري أحد الكتبة. يأتي في الكنى.(4/127)
212 - محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن لاجين الشمس بن الجمال بن الشمس ابن البرهان الرشيدي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه وأخوه أحمد وعمه عبد الرحمن والآتي ولده يحيى ويعرف بالرشيدي. ولد في رجب سنة سبع وستين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والتنبيه، وعرض على التقي بن حاتم والبدر بن أبي البقاء وابن الملقن والبلقيني في آخرين وأخذ الفقه عن الأبناسي وابن العماد وقرأ عليه أحكام المساجد ولمحة في شرح القول في الباقيات الصالحات كلاهما له بعد كتابتهما، واستفى البلقيني وسمع كلامه وحكى لنا عنه حكاية، والنحو عن البرهان الدجوي وجود القرآن على بعض الأئمة واعتنى به أبوه فأسمعه الكثير على ابن حاتم والعزيز المليجي وابن اليمن بن الكويك والمطرز وابن الخشاب وابن أبي المجد والتنوخي وابن الفصيح وابن الشيخة والحلاوي والسويداوي والجوهري والأبناسي والعراقي والهيثمي والشمس الرفا والشرف القدسي والمجد إسماعيل الحنفي والعلاء بن السبع والفرسيسي وفتح الدين محمد بن البهاء بن عقيل ونصر الله البغدادي ونصر الله العسقلاني والتاج أحمد بن عبد الرحمن البلبيسي في آخرين منهم أبوه وعمه، بل وقرأ بنفسه قبل القرن وكتب الطباق وأجاز له خلق كأبي الخير بن العلائي وأبي هريرة بن الذهبي وناصر الدين محمد بن محمد بن داود بن حمزة، وحج في أول القرن ودخل اسكندرية وغيرها واشتغل وفضل وكتب الخط الحسن ونسخ به لنفسه جملة كمختصر الكفاية والترغيب للمنذري وولي مشيخة التربة العلائية بالقرافة والتلقين بجامع أمير حسين بالحكر وكذا خطابته تبعاً لأسلافه. وكان غاية في جودة أداء الخطبة قادراً على إنشاء الخطب بحيث ينشئ كل جمعة خطبة مناسبة للوقائع وارتفع ذكره بذلك بحيث سمعت الثناء عليه من ابن الهمام والعلاء القلقشندي لكنه كان يرجح قراءته في المحراب على تأديته لها وكأنه اتفق حين سماعه له ما اقتضى له ذلك وإلا فهو كان نادرة فيهما. وقد قصد من الأماكن النائية لسماع خطبته والصلاة خلفه بل كتب عنه بعض الفضلاء خطباً ثم أفردها بتصنيف ولو اعتنى هو بذلك لجاء في عشرة أسفار، وكذا كانت بيده وظيفة الإسماع بجامع الأزهر والشهاب بن تمرية هو القارئ بين يديه فيه غالباً وقراءة الحديث بالجانبكية من واقفها وبالقصر الأول السلطاني من القلعة عقب الشهاب الكلوتاتي، وكان على قراءته أنس مع الإتقان والصحة ومزيد الخشوع وقد حدث بالكثير خصوصاً من بعد اجتماعي به وذلك في أواخر ذي الحجة سنة ثمان وأربعين وإلى أن مات فإني أكثرت عنه جداً، وخرجت له مشيخة في مجلد قرضها شيخنا والعيني والعلاء القلقشندي وغيرهم من الأكابر وسر بذلك وحدث بنصفها الأول وحضني على أن أريها للبدر بن التنسي قاضي المالكية فإنه كان ناظر الجامع وربما كان يناكده حتى أن الشيخ قال له: إذا كان هذا فعلك معي فكيف يكون مع ولدي إذا مت فأسأل الله أن لا يجعل قضائي في قضائك فلم يلبث أن مات القاضي وتخلف الشيخ بعده، وكان شيخاً ثقة ثبتاً صالحاً خيراً محدثاً مكثراً متحرياً في روايته وأدائه كثير التلاوة للقرآن إماماً فاضلاً بارعاً مشاركاً ظريفاً فكها حسن النادرة والعبارة محباً في النكتة بهي الهيئة نير الشيبة ذا سكينة ووقار كريماً جداً متواضعاً طارحاُ للتكلف سليم الباطن ذاكراً لكثير من مسكلات الحديث ضابطاً لمعانيها حسن الإصغاء للحديث صبوراً على التحديث كثير البكاء من خشية الله عند إسماعه بل وقراءته له وفي الخطبة طري النغمة؛ ومحاسنه غزيرة؛ وكان مجيداً للشطرنج يلعب مع الشمس بن الجندي الحنفي جاره العالم الشهير فلما مات تركه، وممن كان يلعب مع الشمس بن الجندي الحنفي جاره العالم الشهير فلما مات تركه، وممن كان يقصده للزيارة ويغرها الزين طاهر المالكي وهو من بيت علم. مات في عشاء ليلة الجمعة حادي عشر ربيع الأول سنة أربع وخمسين عن سبع وثمانين عاماً وصلي عليه من الغد بعد صلاة الجمعة بجامع أمير حسين ثم بجامع المارداني في مشهد عظيم ودفن بالعلائية محل مشيخته وهي بالقرب من باب القرافة رحمه الله وإيانا.(4/128)
213 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن بن أبي بكر التقي أبو الفضل بن العفيف بن التقي القرشي العدوي الغمري الحراري المالكي. قال الفاسي حضر على عمه فيما أحسب وسمع من ابن صديق وغيره وعني بالعلم فتنبه؛ ودخل اليمن والهند طلباً للرزق فأدركه أجله بكلبرجة ببلاد الهند في سنة عشر عن نيف وثلاثين سنة ووصل نعيه لمكة في سنة أربع عشرة.
214 - محمد الجمال بن العفيف أخو الذي قبله. ولد في صثفر سنة خمس وتسعين وسبعمائة بمكة وسمع بها من البرهان بن صديق صحيح البخاري بفوت؛ وأجاز له جماعة كابن أبي البقاء وابن الناصح والكمال الدميري والعراقي والهيثمي، ودخل في التجارة لليمن وجزيرة سواكن. ومات بها في العشر الأول من صفر سنة إحدى وأربعين، ذكره النجم عمر بن فهد في معجمه وذيله.
215 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن مجاهد بن يوسف بن محمد بن أحمد بن علي الشمس أبو عبد الله بن أبي بكر القيسي الحموي الأصل الدمشقي الشافعي ويعرف بابن ناصر الدين. ولد في العشر الأول من المحرم سنة سبع وسبعين وسبعمائة بدمشق ونشأ بها فحفظ القرآن وعدة مختصرات واشتغل قليلاً وحصل وفضل وتفقه واعتنى بهذا الشأن وتخرج فيه بابن الشرائحي ولازمه مدة وكذا انتفع في الطلب بمرافقة الصلاح الأقفهسي وحمل عن شيوخ بلده والقادمين إليها بقراءته وقراءة غيره الكثير وكتب الطباق وارتحل لبعلبك وغيرها، وسافر بأخرة صحبة تلميذه النجم بن فهد المكي إلى حلب وقرأ على حافظها البرهان بعض الأجزاء وكذا سمع من ابن خطيب الناصرية؛ وحج قبل ذلك وسمع بمكة من الجمال بن ظهيرة وغيرها بها وكذا بالمدينة النبوية وما تيسرت له الرحلة إلى الديار المصرية؛ وأتقن هذا الفن حتى صار المشار إليه فيه ببلده وما حولها وخرج وأفاد ودرس وأعاد وأفتى وانتقى وتصدى لنشر الحديث فانتفع به الناس، وحدث بالكثير في بلده وحلب وغيرها من البلاد بل حدث هو وشيخنا معاً في دمشق بقراءته بجزء أبي الجهم وامتنع شيخنا من ذلك إلا إن أخبر الجماعة بسنده فما أمكنته المخالفة ولكنه اقتصر على الأخبار ببعض شيوخه فيه دون استيفائهم أدباً وأخذ عنه الأماثل وربما تدرب به في الطلب وشارك في العلوم وأملى. ومن شيوخه أبو هريرة بن الذهبي ومحمد بن محمد بن عبد الله بن عمر بن عوض ورسلان الذهبي وأبو الفرج بن ناظر الصاحبة وعبد الرحمن بن أحمد بن المقداد القيسي ومحيي الدين الرحبي والشهاب أحمد بن علي الحسيني والبدر بن قوام وابن أبي المجد وابن صديق وعمر البالسي وأبو اليسر بن الصائغ وابن منيع ومن يطول إيراده كالبلقيني والصدر المناوي وغيرهما ممن قدم دمشق لا ابن الملقن بل كان يذكر أنه سمع وهو بالمكتب من المحب الصامت، وأجاز له التنوخي وأبو الخير بن العلائي ومريم ابنة الأذرعي ومعين المصري. ومن تصانيفه طبقات شيوخه وجعلهم ثمان طبقات وجامع الآثار في مولد المختار ثلاثة أسفار ومورد الصادي في مولد الهادي في كراسة واللفظ الرائق في مولد خير الخلائق أخصر من الذي قبله ومنهاج الأصول في معراج الرسول وإطفاء حرقة الحوبة بالباس خرقة التوبة واللفظ المحرم بفضل عاشوراء المحرم ومجلس في فضل يوم عرفة وافتتاح القاري لصحيح البخاري ومجلس في ختمه وآخر في ختم مسلم وآخر في ختم الشفا وبرد الأكباد عن فقد الأولاد وقال فيه:
يا باكياً ميته في الحي يندبه ... قد عمه وجده من فقد الأولاد
إن كنت ذا كبد حرى اصطبر برضى ... فالصبر خير وفيه برد الأكباد(4/129)
وتنوير الفكرة في حديث بهز بن حكيم في حسن العشرة ومسند تميم الداري وترجمة حجر بن عدي الكندي والإملاء الأنفس في ترجمة عسعس واتحاف السالك برواة الموطأ عن ملك وتوضيح المشتبه في أسماء الرجال وغيرها في ثلاثة أسفار كبار والأعلام بما وقع في مشتبه الذهبي من الأوهام وأرجوزة سماها عقود الدرر في علوم الأثر وشرحها في مطول ومختصر وأخرى في الحفاظ وشرحها أيضاً وبديعة البيان عن موت الأعيان نظم أيضاً في ألف بيت وشرحها وسماه التبيان لبديعة البيان وعرف العنبر في وصف المنبر وبواعث الفكرة في حوادث الهجرة نظم أيضاً ومنهاج السلامة في ميزان يوم القيامة وريع الفرع في شرح حديث أم زرع في كراريس وزوال البوسى عمن أشكل عليه حديث تحاج آدم وموسى والصلبة اللطيفة لحديث البضعة الشريفة عليها السلام والتلخيص لحديث ربو القميص ونفحات الأخيار من مسلسلات الأخبار في مجلد وأحاديث ستة في معان ستة من طريق رواة ستة عن حفاظ ستة من مشايخ الأئمة الستة بين مخرجها ورواتها ستة، والانتصار لسماع الحجار ورفع الدسيسة بوضع حديث الهريسة وكتاب الأربعين المتباينات المتون والإسناد ومعجم شيوخه وخطب في مجلد وغير ذلك كالرد الوافر على من زعم أن من أطلق على ابن تيمية أنه شيخ الإسلام كافر قرضه له الأئمة كشيخنا وهو أحسنهم والعلم البلقيني والتقهني والعيني والبساطي والمحب بن نصر الله وخلق وحدث به غير مرة، وقام عليه العلاء البخاري لكون التصنيف في الحقيقة رد به عليه فإنه لما سكن دمشق كان يسأل عن مقالات ابن تيمية التي انفرد بها فيجيب بما يظهر من الخطأ فيها وينفر عنه قلبه إلى أن استحكم أمره عنه وصرح بتبديعه ثم بتكفيره ثم صثار يصرح في مجلسه بأن من أطلق على ابن تيمية أنه شيخ الإسلام يكفر بهذا الإطلاق واشتهر ذلك فجمع صاحب الترجمة في كتابه المشار إليه كلام من أطلق عليه ذلك من الأئمة الأعلام من أهل عصره من جميع المذاهب سوى الحنابلة بحيث اجتمع له شيء كثير وحينئذ كتب العلاء إلى السلطان كتاباً بالغ فيه في الحط ولكنه لم يصل بحمد الله إلى تمام غرضه وساس القضية الشهاب ابن المحمرة قاضي الشام حينئذ مع كونه ممن أنكر عليه في فتياه تصنيفه المذكور وتبعه التقي بن قاضي شهبة حتى أن البلاطنسي رجع عن الأخذ عنه بل والرواية عنه بعد أن كان ممن تتلمذ له كل ذلك عناداً ومكابرة وكانت حادثة شنيعة في سنة خمس وثلاثين وهلم جراً، ولكن لما كان شيخنا بدمشق حدث بتقريضه للمصنف المشار إليه ولم يلتفت إلى المتعصبين. وقد ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية؛ وبالجملة فكان إماماً علامة حافظاً كثير الحياء سليم الصدر حسن الأخلاق دائم الفكر متواضعاً محبباً إلى الناس حسن البشر والود لطيف المحاضرة والمحادثة بحيث لا تمل مجالسته كثير المداراة شديد الاحتمال قل أن يواجه أحداً بمكروه ولو آذاه، جود الخط على طريقة الذهبي حتى صار يحاكي شطه غالباً بحيث بيع بعض الكتب التي بخطه ورغب المشتري فيه لظنه أنه خط الذهبي ثم بان الأمر، وكتب به الكثير راغباً في إفادة الطلبة شيوخ بلده بل ويمشي هو معهم إلى السماع عليهم مع كونه هو المرجع في هذا الشأن وربما قرأ لهم هو. وقد سئل شيخنا عنه وعن البرهان الحلبي فقال ذلك نظره قاصر على كتبه وأما هذا فيحوش وأثنى عليه في غير موضع فقرأت بخطه: كتب إلى الشيخ الإمام العالم الحافظ مفيد الشام فذكر شيئاً، وفي موضع آخر: الشيخ الإمام المحدث حافظ الشام بل كتب له بالثناء على مصنفه شرح عقود الدرر كما أثبته في الجواهر واعتذر عن الحواشي التي أفادها حسبما جردتها بطريقة زائدة في الأدب. وذكره في معجمه فقال: وسمع من شيوخنا وممن مات قبل أن أدخل من الدمشقيين وأكثر ثم لما خلت الديار من المحدثين صار هو محدث تلك البلاد أجاز لنا غير مرة، قال وشارك في العلوم ونظر في الأدب حتى نظم الشعر الوسط، ولكنه أغفل إيراده في أنبائه. وكذا أثنى عليه البرهان الحلبي بقوله: الشيخ الإمام المحدث الفاضل الحافظ خرج الأربعين المتباينة وله أعمال غير ذلك ورد على مشتبه الذهبي وكتابه فيه فوائد وقد اجتمعت به فوجدته رجلاً كيساً متواضعاً من أهل العلم وهو الآن محدث دمشق وحافظها نفع الله به المسلمين؛ وابن خطيب الناصرية فقال: رأيته إنساناً حسناً محدثاً فاضلاً وهو محدث دمشق وحافظها والمقريزي فقال: طلب(4/130)
الحديث فصار حافظ بلاد الشام بغير منازع وصنف عدة مصنفات ولم يخلف في الشام بعده مثله. والمحب بن نصر الله فقال فيما قرأته بخطه: ولم يكن بالشام في علم الحديث آخر مثله ولا قريب منه؛ وممن أخذ عنه التقي بن قندس وتلميذه العلاء المرداوي. وقال الإمام الحافظ الناقد الجهبذ المتقن المفنن حافظ عصره وراوية زمانه وعلامته له التصانيف الحسنة والنظم المتوسط. وكذا ذكره التقي بن فهد في ذيل طبقات الحفاظ له وآخرون واتفقوا على توثيقه وديانته، وشذ البقاعي جرياً على عادته فقال: وكان محدثاً مشهوراً بالحديث. ووصفه شيخنا بالحفظ وهو عند كثير من الناس مشهور بدين، واطلعت أناله على تزوير وكشط وتغيير في حق مالي كبير في غير ما مكتوب انتهى. والله حسيبه وقد أوردت في معجمي من نظمه أشياء ومنه:الحديث فصار حافظ بلاد الشام بغير منازع وصنف عدة مصنفات ولم يخلف في الشام بعده مثله. والمحب بن نصر الله فقال فيما قرأته بخطه: ولم يكن بالشام في علم الحديث آخر مثله ولا قريب منه؛ وممن أخذ عنه التقي بن قندس وتلميذه العلاء المرداوي. وقال الإمام الحافظ الناقد الجهبذ المتقن المفنن حافظ عصره وراوية زمانه وعلامته له التصانيف الحسنة والنظم المتوسط. وكذا ذكره التقي بن فهد في ذيل طبقات الحفاظ له وآخرون واتفقوا على توثيقه وديانته، وشذ البقاعي جرياً على عادته فقال: وكان محدثاً مشهوراً بالحديث. ووصفه شيخنا بالحفظ وهو عند كثير من الناس مشهور بدين، واطلعت أناله على تزوير وكشط وتغيير في حق مالي كبير في غير ما مكتوب انتهى. والله حسيبه وقد أوردت في معجمي من نظمه أشياء ومنه:
وعشرة خير صحب بالجنان أتى ... وعد النبي لهم سرداً بلا خلل
عتيق عثمان عامر طلحة عمر ال ... زبير سعد سعيد وابن عوف على
وهو في عقود المقريزي باختصار وأنه كتب الخط الجيد وصار حافظ بلاد الشام بغير منازع ولم يخلف هناك مثله. مات في ربيع الثاغني على المعتمد سنة اثنتين وأربعين بدمشق مسموماً فإنه خرج مع جماعة لقسم قرية من قرى دمشق فسمهم أهلها وحصلت له الشهادة؛ ودفن بمقابر العقيبة عند والده ولم يخلف في هذا الشأن بالشام بعده مثله بل سد الباب هناك رحمه الله وإيانا.
216 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن مظفر بن نصير بن صلح بن شهاب بن عبد الحق الصدر بن الجمال بن الشمس البلقيني المحلي الشافعي ويعرف بابن شهاب ولد كما قال في رابع عشر ذي القعدة سنة ثمانين وسبعمائة بالمحلة وأنه قرأ بها القرآن على الفقيه حسين المغربي وصلي به والعمدة والرونق لأبي حامد الأسفرايني والتبريزي كلاهما في الفقه والملحة وعرضها. وتردد إلى القاهرة كثيراً وأقام بها زماناً وأخذ الفقه والنحو عن فقيهه حسين وكذا بحث في الفقه بالمحلة على الشمس بن أحمد وبالقاهرة على الأبناسي وفي النحو بالقاهرة على الشهاب بن سيفاه المتجند والشمس بن الجندي وبالمحلة على الشمس النشائي وقرأ على المحب الصائغ والسراج الأسواني شرح بديعية الحلى بالمحلة وولى عقد الأنكحة بها وشهد في الحمايات وتكلموا في صدقه، ولقيه ابن فهد والبقاعي فكتبا عنه ومن ذلك قوله:
لعبت بالشطرنج مع شادن ... رمى بقلبي من سناه سهام
وجدت شاماتٍ على خده ... فمت من وجدي به والسلام
وزعم أنه عمل أرجوزة في النحو تنيف عن ثمانين بيتاً وشيئاً في علم الرمل وتسيير الفلك فالله أعلم. مات بالمحلة في ربيع الثاني سنة تسع وثلاثين عفا الله عنه.
217 - محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد الشمس بن الجمال بن الرومي القاهري الحسيني الحنفي الماضي أبوه وأخوه أحمد. صاهر البدر بن فيشا على ابنته واستولدها وناب عن ابن الشحنة وامتنع الأمشاطي من استنابته، وهو مبغض في خطته مستفيض أمره في طريقته وجرت له كائنة في تركة ابن السمخراطي أهانه فيها المالكي وغيره وعدة كوائن غيرها ولا ينفك عن عادته.
218 - محمد بن عبد الله بن محمد بن خضر الشمس بن الجمال الكوراني الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه. ممن اشتغل وقرأ علي وعلى غيري كابن قاسم ولم يتميز ونزل في بعض الجهات ثم أقبل على تعاطي ما لا يرتضى بحيث كثر هذيانه وتعب أبوه بسببه وتزايد فحشه جداً بعد موته.(4/131)
219 - محمد بن عبد الله بن محمد بن خلف الله بن عبد السلام القلشاني والد قاضي الجماعة وأخويه، ممن أخذ عن ابن عرفة وغيره وولي قضاء الأنكحة بتونس والتدريس بمدرسة العنق. وكان عالماً صالحاً مذكوراً بالكرامات. مات في أوائل أيام السلطان عثمان حفيد أبي فارس. استفدته من بعض المغاربة.
220 - محمد بن عبد الله بن محمد بن خليل بن بكتوت بن بيرم بن بكتوت الشمس الكردي الأصل العلمي القاهري الحسيني الحنبلي سبط الشمس الغزولي الحنبلي نزيل البيبرسية الماضي ويعرف بابن بيرم، قدم بعض سلفه مع السلطان صلاح الدين بل كان بيرم ممن عمل ملك الأمراء بالبحيرة وأما أبوه عبد الله فحفظ القرآن وشيئاً من القدوري ولكن عمل ابنه هذا حنبلياً لجده. ومولده في حادي عشر شعبان سنة اثنتين وأربعين وثمانمائة ونشأ فحفظ القرآن والمحرر فيما قال وقرأ فيه على ابن الرزاز ثم على العز الكناني وناب عنه، وكتب الخط الحسن ونسخ به أشياء كتفسير ابن كثير وسمع الحديث علي وعلى جماعة بقراءتي، وصحب ابن الشيخ يوسف الصفي بل تردد للمتبولي وغيره من الصالحين، ولازم الاجتماع بي ولا بأس به عقلاً ودربة وتعففاً بل هو خير نواب الحنابلة الآن وإن كان فيهم من هو أفضل؛ وقد حج موسمياً سنة ست وتسعين ونعم الرجل.
221 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو عبد الله الناشري اليماني. أخذ عن جده أبي عبد الله واقبل على التلاوة والعبادة والورع والقناعة مع مشاركته في النحو والفقه. مات في سنة اثنتين وثلاثين.
222 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد بن بن محمد بن عبد الله الجمال بن الجلال بن القطب بن الجلال الحسيني التبريزي الشافعي أخو أحمد الماضي. أخذ عنه ابن أخته العلاء محمد بن السيد عفيف الدين وصافحه بمصافحته للزين الخوافي بسند لا يثبت مثله.
223 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أبي عبد الله محمد بن الرضي محمد بن أبي بكر بن خليل القرشي العثماني المكي. ولد بها في شوال سنة أربع وثلاثين ولازم أبا الخير بن عبد القوي وتكسب بالشهادة بباب السلام وسافر إلى البلاد المصرية والشامية غير مرة للرزق. ومات مطعوناً بالشام سنة بضع وسبعين.
224 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن يوسف فتح الدين بن الجمال بن المحب بن الجمال بن هشام الأنصاري القاهري الحنبلي الماضي أبوه والآتي جده. نشأ فحفظ القرآن واشتغل بالفرائض وغيرها عند البدر المارداني وأذن له وكذا قرأ قليلاً على العلاء البغدادي الدمشقي حين كان بالقاهرة وحضر دروس القاضي؛ وتنزل في الجهات وخطب بالزينية وتكسب بالشهادة.
225 - محمد المحب أبو عبد الله شقيق الذي قبله وهو الأكبر. ولد في سنة أربعين وثمانمائة ونشأ فحفظ القرآن والمحرر وسمع مع أبيه ختم البخاري بالظاهرية بل سمع معه قبل ذلك سنة خمس وأربعين على ابن ناظر الصاحبة وابن الطحان وابن بردس بحضرة البدر البغدادي شيئاً وتكسب بالشهادة وكان منجمعاً ساكناً جيد الكتابة خطب بالزينية بعد أبيه فإنها مع تدريس الفخرية وغيرها من جهات أبيه قررت بينه وبين أخيه بل كان باسمه إدارة بالبيمارستان برغبة ابن القطان له عنها أهين من الأتابك أزبك بسببها وما سمح باستمرار الوظيفة مع عمه إلا بجهد. مات في ربيع الثاني سنة إحدى وتسعين رحمه الله.
226 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله الشمس أبو نصر بن العز بن الشمس اللاري الشافعي. شاب لطيف حسن التصور لقيني بمكة في سنة إحدى وسبعين وقرأ على الثلاثيات وقال لي أن مولده في رمضان سنة تسع وأربعين وثمانمائة وأنه أخذ عن الجمال المشهور بأخي فنوناً وعمر رسالة كتبها برسم الأمير نظام الدين علاء الملك بن المعين جاهنشاه وقرأ بعضها بحضرتي وكذا سمعته ينشد قوله:
تركنا كل شيء غير ليلى ... وأطلب وصلها يوماً وليلا
وهو من رؤساء ناحيته.(4/132)
227 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الناصر بن عبد العزيز بن رشيد بن محمد ناصر الدين بن الكمال الشمس المعروف بالشيخ ابن ناصر الدين بن العز بن الرشيد التوريزي الأصل ثم المنصوري القاهري السعودي الشافعي. ولد في يوم الاثنين سادس المحرم سنة ست وثمانمائة بالقاهرة بقنطرة أمير حسين وقرأ بها القرآن وصلى به والمنهاج وألفية ابن ملك وعرضهما على الجلال البلقيني وناصر الدين بن البارزي وبحث في المنهاج عند الشرف السبكي وفي النحو عند الشمس بن الجندي وكتب في ديوان الإنشاء بالقاهرة، وولي في سنة ثلاث وثلاثين حمايات الذخيرة والمفرد بالوجه البحري، ولقيه ابن فهد والبقاعي بالمنصورة في سنة ثمان وثلاثين فكتبا عنه أشياء من نظمه منها:
رجوتك عوناً في المضيق فعندما ... رجوتك جادت لي يداك بكل ما
وإني لأثني الخير في كل موطن ... عليك وأبدي ذكر جودك حيثما
وأنشأ قصة ظريفة نظماً ونثراً على لسان المنصورة في قاضيها الشمس بن كميل. مات قريب الأربعين ظناً.
228 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن علين يوسف المجد بن الجمال بن فتح الدين الأنصاري الزرندي المدني الحنفي الماضي أبوه وهو أكبر إخوته، ابن عم قاضي الحنفية بها علي بن سعيد. ولد في أول سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة بالمدينة ونشأ بها فحفظ القرآن وألفية النحو وبعض المنار، وعرض على عمه سعيد وبه تفقه وعلى الشهاب الأبشيطي وحضر عنده في العربية وكذا أخذ في الفقه أيضاً ببلده عن الفخر عثمان الطرابلسي وفي النحو أيضاً والمنطق عن أحمد بن يونس وفي القراآت عن عمر النجار وعبد الرحمن الششتري، وارتحل إلى القاهرة في سنة أربع وسبعين فأخذ في الفقه وغيره عن الأمين الأقصرائي بل قرأ عليه سنن ابن ماجة وسمع عليه غير ذلك وكذا قرأ على المحب بن الشحنة وغيره؛ وسافر منها إلى الشام في التي بعدها فقرأ على الزين خطاب والخيضري في البخاري وغيره، ودخل حلب وزار بيت المقدس مرتين؛ ولما كنت مجاوراً بالمدينة سمع مني وعلى أشياء، وقدم بعد ذلك القاهرة أيضاً في ذي الحجة سنة إحدى وتسعين فقرأ على بعض البخاري وسمع على غير ذلك وأخذ حينئذ عن النظام الحنفي في الفقه وأصوله وكذا عن الصلاح الطرابلسي وأبي الخير بن الرومي وتميز في الفقه وشارك في غيره؛ وله نظم، ودرس بالمسجد النبوي بعد الأذن له في ذلك مع عقل وسكون وانجماع، وصاهره يحيى بن شيخه الفخر الطرابلسي على ابنته ووجهه للاشتغال.
229 - محمد نجم الدين أخو الذي قبله. حفظ القدوري.
230 - محمد شمس الدين أخو الأولين. ممن سمع مني بالمدينة أيضاً.
231 - محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عثمان أبو النصر العجمي الأصل المكي. ولد سنة أربع عشرة أو التي بعدها ظناً بمكة وأمه أم الحسن نسيم ابنة الإمام أبي اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم الطبري، ممن سمع في جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين على خالتيه أم الحسن فاطمة وأم محمد علماء المسلسل وتساعيات الرضيى الطبري وعلى الأولى فقط خماسيات ابن النقور، وتكررت زيارته لطيبة ودخل بلاد العجم، وكان فقيراً طيب النفس يسكن كثيراً واسط من هدة بني جابر على طريقة سلفه. مات بمكة في ذي الحجة سنة تسع وستين ودفن بتربة أهل أمد من المعلاة.(4/133)
232 - محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عيسى الولوي بن التاج البلقيني ثم القاهري الشافعي ويقال أن والده ابن أخت للسراج البلقيني. ولد في خامس عشري جمادى الثانية سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وقيل ثلاثة وستين بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والتدريب وغيره، وعرض التدريب على مصنفه خال والده؛ وجود القرآن عند الزكي عبد العظيم البلقيني؛ وأخذ الفقه عن السراج وولده الجلال وقريبه البهاء أبي الفتح وغيرهم، والنحو عن الشمس البوصيري، والأصول عن السراج؛ وكان يذكر أنه لازمه في سماع البخاري وغيره؛ وليس ببعيد؛ وكذا سمع الزين العراقي وأثبته في أماليه والهيثمي والشرف بن الكويك في آخرين منهم الشهاب البطائحي والجمال الكازروني والشمس البرماوي وقارى الهداية بل رأيت فيمن سمع على الشهاب الجوهري في ابن ماجة سنة ثمان وتسعين ما نصه: القاضي ولي الدين محمد بن الجمال عبد الله البلقيني، وهو محتمل أن يكون هذا ولكن الظاهر أنه غيره، وحج قديماً رجبياً وجاور بقي السنة ودخل دمشق مع الجلال البلقيني وكان نائبه وحكم عنه في بلاد الشام وغيرها؛ وكذا دخل اسكندرية وغيرهما واشتغل كثيراً وكتب بخطه جملة ولازم الجلال في التقسيم وغيره وكذا ناب عن من بعده وجلس بالجوزة خارج باب الفتوح وهو من المجالس المعتبرة للشافعي حتى إن السراج البلقيني جلس فيه لما ولي صهره البهاء بن عقيل وكذا بلغني عن القاياتي أن التقي السبكي جلس فيه فالله أعلم، بل ناب بالمحلة الكبرى. وكان شيخنا مع محبته له يعتب عليه في السعي على قريبه الشهاب بن العجيمي في قضائها وحدث باليسير سمع منه الفضلاء؛ قرأت عليه المسلسل بسماعه له من لفظ ابن الكويك؛ وكان إنساناً حسن شهماً حاد الخلق كثير الاستحضار للتدريب في أول أمره جامداً بأخرة لا سيما حين لقيناه حسن المباشرة للقضاء عفيفاً كتبت في ترجمته من معجمي ما يعد ف حسناته. وقد تزوج القاضي علم الدين ابنته فأولدها فاطمة وأبا البقاء وغيرهما. ومات في شوال سنة خمس وخمسين رحمه الله وإيانا.
233 - محمد بن عبد الله بن محمد بن عيسى بن محمد الشمس بن الجمال العوفي القاهري الشافعي أخو أحمد الماضي وأبوهما والآتي ابنه أبو النجا محمد ويعرف كسلفه بابن الزيتوني. خطب بجامع الطواشي وتكسب شاهداً، وكان ساكناً. مات سنة سبعين رحمه الله.
234 - محمد بن عبد الله بن أبي عبد الله محمد بن الرضى محمد بن أبي بكر بن خليل القرشي الأموي العثماني المكي الماضي حفيده قريباً. أجاز له في سنة خمس العراقي والهيثمي وابن صديق والزين المراغي وعائشة ابنة ابن عبد الهادي. ومات بمكة في آخر ليلة مستهل المحرم سنة إحدى وثلاثين أو التي قبلها. وقال ابن فهد مرة: سنة بضع وثلاثين.
235 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن سليمان بن عطاء بن جميل بن فضل بن خير بن النعمان الفخر بن الكمال الأنصاري السكندري المالكي ابن أخي الجمال عبد الرحمن قاضي مصر والماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن خير. ولد في ذي الحجة سنة ثمان وستين وسبعمائة ومات في يوم الجمعة حادي عشري رجب سنة أربعين ذكره البقاعي مجرداً.
236 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن حماد بن خلف التميمي الونسي المغربي المالكي ويعرف بابن المحجوب. ولد سنة ثمان عشرة وثمانمائة بتونس، ذكره البقاعي مجرداً وهو ممن لقيته ظناً.
237 - محمد بن عبد الله بن محمد بن الضياء محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي المكارم أبو الخير الحموي الأصل المكي الشافعي ويعرف بابن الضياء. سمع على الزين المراغي الكثير وقرأ في التنبيه حفظاً وبحث منه جانباً على قاضي مكة المحب بن الجمال ابن ظهيرة وكان كثير الملازمة له ويكتب عنه بعض الإسجالات وتبصر به في الفقه مع حياء وخير ودين. توفي في ضحى يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين بمكة ودفن بالمعلاة عن نحو ثلاثين سنة.(4/134)
238 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عيسى الشمس بن الجمال الكناني المتبولي ثم القاهري الحنبلي ابن أخي علي بن محمد بن محمد الماضي وقريب الشيخ إبراهيم المتبولي، ويعرف بابن الرزاز. ولد تقريباً سنة تسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وتكسب بالشهادة وتنزل في صوفية سعيد السعداء وغيرها وسمع ابن أبي المجد والتنوخي والعراقي والهيثمي، وحدث سمع منه الفضلاء سمعت عليه يسيراً؛ وكان خيراً مديماً للتلاوة، وتعلل مدة وأضر ولزم بيته حتى مات في ليلة الاثنين سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وصلى عليه من الغد رحمه الله.
239 - محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن غانم ناصر الدين بن الجمال بن ناصر الدين الغانمي - نسبة لغانم المقدسي الشهير - المقدسي الشافعي ابن شيخ الحرم. ولد سنة سبع وعشرين وثمانمائة ببيت المقدس ونشأ به فحفظ القرآن والتنبيه وعرضه على العز المقدسي وغيره وقرأ في الفقه على العماد بن شرف والزين ماهر وغيرهما، وقدم القاهرة غير مرة وأخذ فيها أيضاً عن السيد النسابة وإمام الكاملية وغيرهما، وكذا ارتحل لدمشق وأخذ بها عن البلاطنسي والبدر بن قاضي شهبة والزين خطاب وآخرين وسمع معنا في بيت المقدس على الجمال بن جماعة والتقي القلقشندي وجماعة وأجاز له باستدعاء الكمال بن أبي شريف غير واحد، وحج غير مرة وباشر مشيخة الحرم بالقدس نيابة عن ابنه واستقلالاً وكذا استقر في مشيخة الصوفية بالصلاحية شريكاً لجلال الدين حفيداً بن جماعة مع غيرها من الجهات، وهو إنسان عاقل متودد.
240 - محمد بدر الدين شقيق الذي قبله، ممن سمع معنا هناك. ومات في جمادى الثانية سنة تسع وثمانين وقد قارب الأربعين.
241 - محمد بن عبد الله بن محمد بن مفلح أكمل الدين بن الشرف بن الشمس الدمشقي الصالحي الحنبلي والد إبراهمي الماضي ويعرف كسلفه بابن مفلح. مات في شوال سنة ست وخمسين ودفن بالروضة عند أسلافه وكانت جنازته حافلة رحمه الله. وهجاه البقاعي بقوله:
قالوا ابن مفلح أكمل قلنا نعم ... في نقصه في كل أمر يصلح
كذباً وبهتاناً وجهلاً قد حوى ... فهو الذي لا يرتضيه مصلح
242 - محمد بن عبد الله بن محمد بن موسى الأفنيشي ثم العبادي ثم القاهري الأزهري الشافعي ويعرف بالعبادي. ولد بافنيش في نواحي منية عباد من الغربية وتحول إلى القاهرة قبل بلوغه فقطن الأزهر وحفظ القرآن وغيره ولازم دروس بلديه السراج بل قرأ على أبي القسم النويري في النحو، وجود الكتابة وكتب الكثير يقال من ذلك ما يزيد على مائة مصحف؛ وتنزل في جهات كثيرة وأقرأ في طبقة الزمام وباشر ديوان نوروز الظاهري جقمق الدوادار الكبير للأتابك أزبك وأحد العشرات أظنه بعناية بلديه سالم، واستنابه سالم في خزن الكتب بالمحمودية ولم يحسن مباشرتها؛ وتولع بالشعر فكان ينظم منه ما لا يذكر مع توهمه الإجادة وأظنه كان يقرأ الجوق، وكان كثير الإقدام وله حركات آخرها مع ابن حجاج وانتزع منه نصف العمالة بالسابقية لكونه كان مقرراً فيها ثم رغب عنها، ولم يلبث أن مات في ذي القعدة سنة خمس وتسعين بعد تعلل مدة وقد زاحم الثمانين رحمه الله وعفا عنه.
243 - محمد بن عبد الله بن محمد بن وهاس الشريف الحسني الحرضي اليماني الشافعي. ممن لقيني بمكة في ذي الحجة سنة أربع وتسعين فسمع مني بحرمها المسلسل وهو من الخيار.
محمد بن عبد الله بن محمد بن يحيى بن يحيى بن قاسم بن خلف الأزيرق.
244 - محمد بن عبد الله بن محمد البدر بن الجمال السمنودي القاهري الشافعي الماضي أبوه. خلفه في تدريس القطبية المجاورة للصاحبية ثم انتزعها منه زين العابدين بن المناوي في أبام أبيه وكذا كان باسمه الإعادة بمدرسة أم السلطان وخزن كتبها وكتاب السبيل بها وغمامتها شركة لعبيد الهيتي في الإمامة خاصة. مات بعد الستين ظناً. محمد بن عبد الله بن محمد البدر بن العصياتي. صوابه ابن إبراهيم بن أيوب وقد مضى.(4/135)
245 - محمد بن عبد الله بن محمد الشمس بن العمري أحد أعيان موقعي الدست ووالد ناصر الدين محمد الآتي ويعرف بابن كاتب السمسرة، كان شيخاً فاضلاً ماهراً في صناعته حشماً وجيهاً عنده دعابة وخفة روح؛ ولي قديماً نيابة كتابة السر ثم عاد إلى التوقيع حتى مات في يوم الأربعاء عشري شعبان سنة تسع وعشرين عن نحو شبعين سنة، وهو ممن قرض سيرة المؤيد لابن ناهض، وهو في عقود المقريزي وأنشد عنه أن الكمال الدميري كتب إليه وهو بدمشق:
الصالحية جنة ... والصالحون بها أقاموا
فعلى الديار وأهلها ... مني التحية والسلام
وحكي عنه أنه وجد على حائط مكتوباً: من كانت به حمى الربع وهي يوم بعد يوم فليكتب على فخذه الأمين قوله تعالى: " واسألهم عن القرية " إلى " لا تأتيهم " ولتكن الكتابة في يوم السبت الذي تجيء فيه النوبة قبل مجيئها فإنها لا تجيئه. رحمه الله.
246 - محمد بن عبد الله بن محمد الشمس المنصوري القاهري الشافعي قريب الشهاب المنصوري الشاعر ونزيل قنطرة أمير حسين. كان في خدمة شيخنا الرشيدي ولذا سمع عليه الكثير بل سمع على شيخنا ابن حجر، وتولع بالأدب ونظم قليلاً وكذا تميز في لعب الشطرنج وفي التوقيع وخدم نائب صفد وغيره، وحدث قرأ عليه العز بن فهد ثلاثيات الصحيح عن الرشيدي وأظن أنني سمعت من نظمه؛ وكان حسن العشرة لطيفاً. مات في بذي الحجة سنة ست وتسعين وأظنه قارب السبعين رحمه الله.
247 - محمد بن عبد الله بن محمد الشمس الهوشاتي الأزهري، ممن سمع مني بالقاهرة.
248 - محمد بن عبد الله بن محمد العز المالكي. أخذ عن الشهاب المغراوري وغيره وفضل وكتب بخطه الكثير كالعبر للذهبي؛ وأم بكمشبغا الجمالي صاحب الربع بالقرب من الأشرفية برسباي وسكنه هو وأخوه في الله الكمال بن الهمام وقتاً وكان كل منهما حسن العقيدة في الآخر وسافر معه قديماً إلى الشام، وكان نيراً ساكناً غاية في الزهد والعبادة والورع والتحري والانجماع عن الناس والتقنع؛ زرته ودعا لي وسمع بقراءتي على الكمال. ومات بعده بخمسة وأربعين يوماً في أوائل ذي القعدة سنة إحدى وستين ودفن بحوش الأشرف إينال لكونه كان غضب لعدم دفن الكمال به وقد جاز السبعين بكثير فيما أظن؛ ونعم الرجل كان رحمه الله وإيانا.
249 - محمد بن عبد الله بن محمد مظفر الدين بن حميد الدين بن سعد الدين الكازروني نزيل مكة. برع في فنون وتصدى للإقراء بمكة فقرأ عليه القطب وحاشيته للسيد الفخر أبو بكر بن ظهيرة وكذا قرأ على قاضي الحنابلة بمكة والشهاب بن خبطة وأقرأ غير ذلك كالطب، وقدم القاهرة في سنة سبعين ونوزع في دعاويه وتكلم معه الكافياجي وغيره وعقد له مجلس وما أنصف ولم يلبث أن رجع ومات، وبالغ ابن الأسيوطي في تقبيحه ووصفه بالمبتدع الرافضي الفلسفي وأنه قد غلبت عليه العلوم الفلسفية حتى أخرجته عن سنن السنة المرضية وأدته إلى الرفض وبغض الصحابة رضوان الله عليهم ثم إلى اللعب بالقرآن والقول فيه بالرأي وتنزيله على الصحابة رضوان الله عليهم ثم إلى اللعب بالقرآن والقول فيه بالرأي وتنزيله على قواعد الفلسفة وشرح كائنته كما كتبتها في مظفر من الكبير. وقال النجم بن فهد: كانت له يد في الطب والمنطق والفلسفة عار من الشرعيات بالكلية لا يحسن من الفقه شيئاً وله نظم كالأعاجم ويمكث الأيام المتطاولة يحاول إنشاء رسالة أو نحوها ولا يأتي بشيء، كل ذلك مع كونه ضنيناً بنفسه متحسراً على عدم تعظيم الأطباء ببلاد العرب لكونهم في بلاده كما زعم يحكمون على قضاة القضاة سيما وكاتب السر غالباً لا يكون إلا منهم. ودخل الهند ودام بها حتى مات مسموماً فيما قيل.
محمد بن عبد الله بن محمد العلمي بن بيرم. مضى فيمن جده محمد بن خليل.
250 - محمد بن عبد الله بن محمد الغمري الخانكي مؤدب الأطفال بها وغاسل الأموات، ممن يجيد حفظ القرآن ويعرف بالخواص. أقام بمكة مدة وتزوج ابنة الصفدي الحاشر بها ممن سمع مني بها في سنة ست وثمانين. ومات قبيل التسعين.(4/136)
251 - محمد بن عبد الله بن موسى بن رسلان بن زين الدين موسى بن إدريس بن موسى بن موهوب البدر أبو عبد الله بن الجمال أبي محمد بن الشرف أبي البركات السلمي - بضم المهملة - الدمشقي الشافعي. ولد في ذي الحجة ليلة عرفة سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وأحضر وهو في الخامسة في عاشر رمضان سنة ثمان وخمسين على العماد بن كثير الحافظ منتقى من رابع حديث سعدان بسماعه على الحجار وسمع على محمد بن موسى بن سليمان الشيرجي جزء الأنصاري مع الفوائد وعلى الشمس محمد بن موسى بن سند الحافظ بعض المائة انتقاء العلائي من مشيخة الفخر ومن الشمس محمد بن محمد بن عبد الكريم الموصلي قصيدة من نظمه أولها:
جواني لسواكم قط ما جنحت
ومن الشمس الخفاف أيضاً قصيدة من نظمه أولها:
زارت فتاها وعقد الشعر محلول
وحدث سمع منه الفضلاء وأسمع ابن ناصر الدين طلبته عليه بعض جزء الأنصاري ووصفه بالعلم والفضل. مات في ذي الحجة سنة سبع وثلاثين. أرخه شيخنا في إنبائه ولكنه لم يزد على محمد بن عبد الله الشيخ بدر الدين السلمي.
252 - محمد بن عبد الله بن نجم الصفي أبو عبد الله الدمشقي الصالحي الحنبلي ويعرف بابن الصفي بالتخفيف. ولد سنة سبع وتسعين وسبعمائة ببيت لهيا من دمشق ونشأ بدمشق فقرأ القرآ عند جماعة منهم الزين عبد الرحمن بن بوري وقرأ الخرقي وتفقه بأبي شعر وغيره وسمع جزء الجمعة على عائشة ابنة ابن عبد الهادي وكذا سمع على الطوباسي وغيرهما؛ وحج؛ وكان عالماً ورعاً عفيفاً زاهداً قدوة لقيته بالصالحية فقرأت عليه بمدرسة أبي عمر منها جزء الجمعة. ومات في سادس عشري رمضان سنة تسع وستين ودفن من يومه بالروضة في سفح قاسيون بعد أن صلي عليه بالجامع المظفري وكانت جنازته حافلة رحمه الله وإيانا.
253 - محمد بن عبد الله بن نشابة الأشعري الحرضي - بفتح المهملتين ومعجمة - ثم العريشي - بمهملة مفتوحة ثم مكسورة وشين معجمة نسبة لقرية يقال لها عريش من عمل حرض وحرض آخر بلاد اليمن من جهة الحجاز بينها وبين حلي مفازة - الفقيه الشافعي والد عبد الرحمن الماضي، ذكره الأهدل في ذيله لتاريخ الجندي وقيد وفاته في سنة اثنتين أو التي بعدها. قاله شيخنا في إنبائه.
254 - محمد بن عبد الله بن يحيى بن عثمان بن عرفة أبو عبد الله الحساني الأربسي - بفتح الهمزة ثم راء ساكنة وموحدة مضمومة بعدها مهملة نسبة لبلد من تونس - التونسي المغربي المالكي قاضي الركب. ولد تقريباً سنة سبع وعشرين وثمانمائة بأربس ونشأ فحفظ القرآن وأشياء كبانت سعاد والبردة وتردد لتونس للاشتغال عند إبراهيم الأخضري ومحمد الرصاع وأحمد النخلي وأحمد السلاوي في آخرين في الفقه وأصوله والعربية وغيرها وتميز في الفضيلة، وحج مراراً وهو قاضي ركب المغاربة سنين، وقصدني في المحرم سنة تسعين فأخذ عني بقراءته اليسير من الصحيحين والموطأ والشمائل وغيرها مع بانت سعاد والبردة من حفظه وسمع مني غير ذلك وشاركه في جله ولده محمد الأكبر، وكتبت لهما ذلك في إجازة حافلة، وكذا استكتبني في بعض الاستدعاآت وتردد إلى غير مرة مغتبطاً؛ وسمع بالقاهرة أيضاً على أبي الحسن على حفيد يوسف العجمي وبمكة على محمد بن أبي الفرج المراغي المدني وحسين الفتحي؛ وهو إنسان نير عاقل فاضل متحر في نقله وكلامه استفدت منه جماعة من المغاربة وكتبت عنه من نظمه ما كتب به على شرح " بانت سعاد " لصاحبه عمر بن عبد الرحمن الماضي وهو قوله:
لك الفضل يا شيخ الحديث مع العلي ... لدى ناظر بالحق لا بعناد
بشرحك بانت بان ما قد ذكرته ... وإيضاحك المعنى بوجه سداد
وجمعك في الإرشاد علماً منوعاً ... لغات وإعراباً ورمز مراد
لإحيائك المنظوم في مدح أحمد ... ولا زلت مأجوراً ليوم معاد
تقبل منك الله ذاك بجوده ... وجازاك ما جازاه خير عباد
255 - محمد بن عبد الله بن يحيى الشمس الطيبي الشافعي وله عندي قصيدة أضفتها لمصنف الشهاب الششيني الحنبلي الذي قامت عليه الثائرة بسببه، وبلغني أنه ممن أخذ عن شيخنا والقاياتي.(4/137)
256 - محمد بن عبد الله بن يوسف بن حجاج بن قريش الشمس المخزومي القاهري الشافعي خادم شيخنا في كتابة الإملاء عنه وغيرها من تصانيفه كالمقدمة وبذل الماعون وقابلها مع الجماعة عليه ولم ينفك عن المجيء لمجلسه في رمضان بل ولا في كل ليلة لفرش السجادة ونحوها وإصلاح الشمعة، وكان ذا خبرة ببلاد اليمن ونحوها فكأنه دخلها وحج وطوف. وأظنه مات بعد الستين وقارب السبعين.
257 - محمد بن عبد الله بن يوسف بن عبد الحق الفاضل أبو عبد الله التونسي الأصل المغربي المالكي قدم القاهرة فنزل البرلس عند عالمه الشهاب بن الأقيطع، وحفظ القرآن والرسالة والمختصر وألفية النحو والتلخيص ولم يكمله والمصباح للبيضاوي ولازمه في الفقه والأصلين والفرائض والحساب والغبار والعربية والمعاني والبيان وغيرها وتميز، ثم قدم القاهرة فقرأ على السنهوري في الفقه وسمع في أصوله وفي العربية وكذا أخذ العربية وغيرها عن ابن قاسم وتردد للجوجري والأبناسي وغيرهما من فضلاء الوقت للاستفادة وقرأ على الكثير من ألفية العراقي بحثاً وغيرها وكذا سمع مني وعلي أشياء وأكثر من حضور الأمالي، وبلغني أنه كتب على مختصر ابن عرفة في الفرائض قطعة وإنه حج وأسر مع الحبالصة فأقام عندهم أشهراً وزار بيت المقدس، وكان عاقلاً ساكناً ديناً قانعاً عفيفاً ريضاً مشاركاً في الفضائل وربما أقرأ بعض الطلبة، أقام بأسكندرية يسيراً وتزوج من تروجة وصار يتردد بينهما مع تكسب بالخياطة قبل ذلك وبعده في خلوته أو ببيته حتى مات بالثغر في أواخر شعبان أو أوائل رمضان سنة ثمان وثمانين عن أزيد من أربعين سنة ونعم الرجل كان رحمه الله وإيانا.
258 - محمد بن عبد الله بن يوسف الججاوي الحنبلي وأخطأ من قال الحنفي، ذكره التقي بن فهد في معجمه وقال إنه ذكر أنه سمع من الصلاح بن أبي عمر والمحب الصامت، وذكره شيخنا في معجمه فقال: أجاز لأولادي سنة سبع وعشرين ولم يزد. مات سنة ثلاث وثلاثين.
259 - محمد بن عبد الله بن يوسف الصدر بن التاج بن النور الباسكندي الهرموزي الشافعي قاضيها ابن عم يوسف بن محمد بن يوسف الآتي. ممن أخذ عنهما إبراهيم بن محمد بن إبراهيم وكان بعد الخمسين.
260 - محمد بن عبد الله بن الرفاعي. شهد على ابن عياش في سنة ست وثلاثين بإجازة عبد الأول.
261 - محمد بن عبد الله أمين الدين الصفدي، ذكره شيخنا في إنبائه وقال كان من مسلمة السامرة وسكن دمشق بعد الكائنة العظمى؛ وكان عالماً بالطب مستحضراً ولكنه لم يكن ماهراً بالمعالجة بل إذا شخص له غيره المرض نقل أقوال أهل الفن فيه وكذا كان بارع الخط فرتب موقعاً، واعترته في آخر عمره غفلة بحيث صار يسأل عن الشيء في حال كونه يفعله فينكره لشدة ذهوله. مات في صفر سنة خمس عشرة.
محمد بن عبد الله البدر السلمي. فيمن جده موسى بن رسلان.
262 - محمد بن عبد الله التاج بن الجمال القليوبي الخانكي الشافعي إمام الخانقاه الناصرية بسرياقوس وسبط الشمس القليوبي. مات سنة بضع وثمانين وخلفه في الإمامة أخوه أحمد شريكاً لغيره، وكان لسنا كوالده وإخوته وأحد الشهود بها ممن يدارى.
محمد بن عبد الله الجمال الكازروني. كذا وقع في إنباء شيخنا. وصوابه محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمود وقد مضى.
263 - محمد بن عبد الله الشمس أبو عبد الله البعداني الأصل المدني ويعرف بالمسكين ويقال له العوفي أيضاً. ولد سنة إحدى وتسعين وسبعمائة بالمدينة ونشأ بها وسمع على ابن صديق في سنة سبع وتسعين الصحيح بفواتات يسيرة. أجاز لي. ومات سنة ثمان وخمسين.
264 - محمد بن عبد الله الشمس القاهري ويعرف بابن سمنة قاري الحديث. مات في المحرم سنة سبع وخمسين؛ أرخه ابن المنير. محمد بن عبد الله الشمس بن الغمري. فيمن جده محمد. محمد بن عبد الله الشمس الزفتاوي. فيمن جده أحمد.
265 - محمد بن عبد الله الشمس الصعيدي الشافعي نزيل الحرمين ومؤدب الأطفال بمكة بباب خرورة وأحد مؤذنيها نيابة ويعرف بالمدني ممن أقرأ الأبناء طبقة بعد أخرى وجود الخط وكتب به جملة ورأيت منها الشفا نسخة هائلة وربما كتب للناس؛ وكان فاضلاً صالحاً استفيض الثناء عليه. مات في صفر سنة إحدى وتسعين وأظنه قارب السبعين وهو أفضل من فقيه مكة الأخر مكي.
محمد بن عبد الله الشمس القليوبي. فيمن جده أبو بكر.(4/138)
266 - محمد بن عبد الله الصدر بن الجمال الرومي الحنفي. هكذا ذكره شيخنا في إنبائه. وصوابه ابن محمد بن أحمد بن إسماعيل.
267 - محمد بن عبد الله ناصر الدين التروجي ثم القاهري المالكي أحد نواب المالكية. مات سنة ثلاث وكان مشكوراً. قاله شيخنا في إنبائه ولم يسم المقريزي في عقوده أباه وإنه مات في صفر وإن الكمال الدميري رآه بعد موته وسأله: ما فعل الله بك فقال: إن ساتطعت أن لا تترك بعدك مالاً فافعل.
268 - محمد بن عبد الله ناصر الدين الدمشقي العقبي، قال شيخنا في إنبائه كان جندياً يباشر في الاستادارية ثم ترك ذلك ولبس بزي الصوفي وصحب أبا بكر الموصلي ثم بنى زاوية بالعقبة الصغرى وعمل شيخها وأنزل بها فقراء فكان يطعمهم فكثر أتباعه وصار يتكسب من المستأجرات وكان حسن الشكل واللحية بهي المنظر. مات في جمادى الأولى سنة خمس عشرة من ثلاث وستين.
269 - محمد بن عبد الله ناصر الدين المحلى الشافعي نزيل مكة. ذكره الفاسي وقال أظنه حفظ المنهاج الفرعي فقد كان يذاكر بمسائل منه وعانى الشهادة والوثائق؛ وناب في بعض أعمال المحلة الكبرى عن قاضيها صهره العز بن سليم، وكذا عانى التجارة وتردد لأجلها مرات إلى عدن، وجاور بمكة سنين كثيرة وبالمدينة أشهراً، وتوجه من مكة قاصداً وادي الطائف فسقط من البعير الذي كان عليه راكباً فحمل إلى مكة فمات قبل وصوله إليها وغسل بالأبطح ودفن بالمعلاة وذلك في أحد الربيعين سنة عشرين وأظنه بلغ السبعين، وفيه دين وخير.
270 - محمد بن عبد الله ولي الدين السنباطي القاهري المالكي ويلقب حصيرم. كان شيخاً مسناً متساهلاً مزري الهيئة ينوب عن قضاة مذهبه ويزعم أنه أخذ عن بهرام وغيره وليس بثقة. مات في أول ربيع الأول أو آخر الذي قبله سنة إحدى وثمانين ويقال إن أباه كان أسلمياً فتكسب بالتجارة في الشرب ثم افتقر وعمل دلالاً فالله أعلم.
271 - محمد بن عبد الله أبو الخير الأرميوني ثم القاهري المالكي المذكور بالشرف وهو بكنيته أشهر، وأرميون بالغربية؛ حفظ القرآن واشتغل في الفقه والنحو والأصلين وبرع في النحو وشارك في غيرها؛ ومن شيوخه السنهوري والشمني والحصني ولازمه والعلاء الحصني ومحمد الطنتدائي الضرير. مات سنة إحدى وسبعين ولم يبلغ الثلاثين، وكان خيراً، وبلغني عنه أنه كان يقول: لا ينشرح صدري للبس شظفة الشرف، لتوقفه في ذلك رحمه الله.
محمد بن عبد الله أبو الفيض الحلبي. صوابه محمد بن علي بن عبد الله.
محمد بن عبد الله البخاري ثم الخوارزمي ويعرف بكمال ريزة. يأتي في كمال من الألقاب وينظر إن كان من شرطا.
272 - محمد بن عبد الله البرموني الأصل الدميري المالكي نزيل زاوية الحنفي؛ ممن تخرج بأبي العباس الحنفي في العربية والأصلين والتصوف وبابن كتيلة في الفقه والتصوف، وسمع على شيخنا وعرض عليه الرسالة وأجازه، وحج وتصدر للإقراء فانتفع به جماعة، وممن قرأ عليه في الفقه والعربية إبراهيم الدميري؛ وشكره لي غير واحد وإنه صاحب كرامات مديم لتعليم الأبناء.
273 - محمد بن عبد الله التركماني القبيباتي الدمشقي ويعرف بالقواس. شيخ صالح زاهد عابد له زاوية غربي المصلى ظاهر دمشق مقيم بها وله أصحاب ومريدون وحلقة ذكر بالجامع الأموي عظيمة مقصود بالزيارة، وكان ممن صاحب أبا بكر الموصلي دهراً وغيره من الأكابر. قال التقي بن قاضي شهبة: وكان يجيد تعبير الرؤيا عن صلاح لا علم. مات بزاويته عن أزيد من مائة فيما قيل ليلة الجمعة سادس ذي القعدة سنة ست وأربعين ولم يظهر عليه الهرم رحمه الله.
274 - محمد بن عبد الله التنسي - نسبة لتنس من أعمال تلمسان - المغربي المالكي. بلغني في سنة ثلاث وتسعين بأنه حي مقيم بتلمسان جاز الستين مشار إليه بالعلم، وله تصانيف. بل قيل إنه صنف في إسلام أبي طالب جزءاً كما هو مذهب بعض الرافضة.
275 - محمد بن عبد الله الججيني الحنفي ويلقب القطعة؛ ذكره شيخنا في إنبائه وقال: كان من أكثر الحنفية معرفة باستحضار الفروع و جمود ذهنه وكونه رديء الخط إلى الغاية رث الهيئة خاملاً. مات في رمضان سنة ست عشرة.
276 - محمد بن عبد الله الحسني الهادوي الصنعاني والد إبراهيم الماضي. من فضلاء صنعاء وأدبائها الموجودين بها في سنة إحدى وسبعين. أنشدني نور الدين الصنعاني عنه من نظمه:(4/139)
بقراط مسموماً مضى لسبيله ... ومبرسماً قد مات افلاطون
ومضى أرسطاطاليس مسلولاً وجا ... لينوس مات وإنه مبطون
ما إن دواء الداء إلا عند من ... إن قال للمعدوم كن فيكون
277 - محمد بن عبد الله الحمامي؛ ممن سمع مني قريب التسعين.
278 - محمد بن عبد الله الخردقوشي أحد المعتقدين. مات في ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة. أرخه شيخنا في إنبائه.
279 - محمد بن عبد الله الخواص أحد المعتقدين أيضاً بمصر. مات بالوراريق في جمادى الآخرة سنة خمس. ذكره شيخنا أيضاً.
280 - محمد بن عبد الله الزهوري العجمي. ممن يعتقد للظاهر برقوق فمن بعده ويسمى مجذوباً. كانت غالب إقامته بقلعة الجبل في دور حرم السلطان ويقال إنه قال له يا برقوق أنا آكل فراريج وأنت تأكل دجاجاً وأنه أشار بموته ثم يموت برقوق من بعده بمقدار ما يكبر الفروج فكان كذلك، وربما نسبت هذه المقالة لمحمد بن سلامة النويري المغرب المعروف بالسكندري أحد أخصاء الظاهر أيضاً مات في أول صفر سنة إحدى. وقيل إن الظاهر لما مات داخله الوهم فلم يلبث أن مات في شوالها.
281 - محمد بن عبد الله العجمي السقاء بالمسجد الحرام كأبيه. مات بمكة في المحرم سنة اثنتين وثمانين. أرخه ابن فهد. محمد بن عبد الله العمري. قرض سيرة المؤيد لابن ناهض، واسم جده محمد مضى.
282 - محمد بن عبد الله الكاهلي. مات بمدينة إب سنة سبع وثلاثين.
283 - محمد بن عبد الله المازوني نزيل تلمسان. مات سنة ست وستين.
284 - محمد بن عبد الله المصري ثم المكي الطبيب ويعرف بالخضري - بمعجمتين الأولى مضمومة والثانية مفتوحة. ذكره شيخنا في إنبائه وقال: كان يعاني الطب والكيمياء والنار نجيات والنجوم وأقام بمكة مدة مجاوراً، ولقيته بها سنة ست ثم دخل اليمن فأقبل عليه سلطانهخا الناصر فيقال إن طبيب الناصر دس عليه من سمه فهلك في سنة ثمان وكان هواتهم بأنه دس على الرئيس الشهاب المحلى التاجر سماً فقتله في آخر سنة ست.
285 - محمد بن عبد الله المغربي نزيل بيت المقدس ويعرف بفولاد، قدم بيت المقدس في حدود التسعين وسبعمائة فانقطع فيه للعبادة خاصة وداوم الجماعات وأكثر في كل سنة الحج والزيارة حتى قيل إنه حج ما ينيف على ستين مرة غالبها ماشياً واشتهر بالصلاح بين الخاص والعام وذكرت له كرامات جمة وأموال مهمة. وقد ترجمه ابن قاضي شهبة فقال: كان رجلاً صالحاً مشهوراً له حجات كثيرة تزيد على الستين أكثرها على أقدامه وله اجتماع بالأولياء وكشف، وأما التقي الحصني فإنه لم يكن إذا قدم بيت المقدس ينزل عند أحد سواه ولا يأكل لغيره فيه طعاماً؛ ووصفه في بعض تعاليقه بالسيد الجليل وناهيك بهذا من مثله. مات بعد رجوعه من الحج في صفر سنة أربع وأربعين وقد جاز الثمانين.
286 - محمد بن عبد الله المقري أحد المفتين بتعز وكان عارفاً بالفرائض والحساب ممن تفقه فيه بالجمال محمد بن أبي القسم الضراسي. مات سنة تسع وثلاثين، ذكره العفيف.
287 - محمد بن عبد الله النفياني ثم القاهري أحد أصحاب الغمري وأخو أحمد وعلى ممن هداهم الله للإسلام وأعطاهم الظاهر جقمق رزقة، وقرأ القرآن وسمع الكثير على شيخنا وغيره حتى سمع علي وبقراءتي أشياء؛ وتنزل في سعيد السعداء وغيرها. مات في ليلة الجمعة ثاني عشر شعبان سنة تسع وثمانين وصلي عليه من الغد وأظنه جاز الستين رحمه الله. محمد بن أبي عبد الله المنتصر حفيد أبي فارس والمستقر بعده. هو محمد بن محمد بن عبد العزيز يأتي.
288 - محمد بن عبد الأحد بن علي الشمس القاهري النحوي سبط ابن هشام ويعرف بالعجيمي وسمي العيني والده عبد الأحد، ذكره شيخنا في إنبائه وقال: أخذ عن خاله المحب بن هشام ومهر في الفقه والأصول والعربية ولازم العلاء البخاري لما قدم القاهرة وكذا لازم البدر الدماميني، وكان كثير الأدب فائقاً في معرفة العربية ملازماً للعبادة وقوراً ساكناً. مات في عشري شعبان سنة اثنتين وعشرين ودفن بالصوفية وكانت جنازته حافلة رحمه الله وإيانا.(4/140)
289 - محمد بن عبد المجيد بن القاضي أبي الحسن علي بن أبي بكر الجمال الناشري اليماني. ولد سنة تسع وثلاثين وثمانمائة وحفظ الشاطبية والمنهاج الفرعي وألفية ابن مالك وتفهمهما بجد واجتهاد حتى تميز وتعين وكانت أوقاته موزعة على التركير على محفوظاته والمطالعة عليها والكتابة وأنواع الطاعات مع ذكاء وفهم ونسك وعلم. مات في ربيع الثاني سنة إحدى وسبعين. أفاده لي بعض الفضلاء الآخذين عني.
290 - محمد بن عبد المحسن بن أحمد بن حسين الأهدل الجمال بن الشيخ شهاب الدين حفيد الأهدل. ولد سنة إحدى وسبعين بمكة ومات أبوه وهو ابن سبع فكفله زوج أخته وابن عمه الجمال محمد وأقرأه القرآن والإرشاد وغير ذلك ودخل بعد بلوغه اليمن مع ابن عمه الآخر حسين فأقام بها نحو خمس سنين ثم عاد لمكة وتزوج بها ولقيني فحدثته بالمسلسل في أواخر ذي الحجة سنة.
محمد بن عبد المحسن بن عبد اللطيف. يأتي في محمد بن محمد بن عبد المحسن.
291 - محمد بن عبد المغيث بن محمد بن أحمد بن الطواب. وسط في ذي الحجة سنة تسع وسبعين وحزن عليه كثيرون من أجل من تركه من أم وولد سيما وليس له ذنب ظاهر وإن كان من فساق المباشرين فإنه ممن باشر في المفرد بالوجه الغربي عفا الله عنه وإيانا.
292 - محمد بن عبد الملك بن عبد الكريم بن يحيى ناصر الدين بن المحيوي بن التقي بن محيي الدين بن الزكي أسن إخوته، ذكره شيخنا في إنبائه وقال: ولد بعد الخمسين وسمع من العرضي وابن الجوخي وغيرهما من أصحاب الفخر، وكان يرجع لدين وعقل، خرج مع العلاء بن أبي البقاء لقسم بعض المغلات فقطع عليهم الطريق فقتل هذا وجرح الآخر وسقط فظزنوا موته فسلم وذلك في المحرم سنة ست.
محمد بن عبد الملك بن عبد اللطيف بن الجيعان. يأتي في أبي البقاء بن الجيعان فهو بكنيته أشهر.
293 - محمد بن عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن الشيخ أبي محمد المرجاني. مات بمكة سنة ثمان وعشرين. أرخه ابن فهد.
294 - محمد بن عبد المنعم بن داود بن سليمان لابدر أبو عبد الله بن الشرف أبي المكارم البغدادي الأصل القاهري الحنبلي الماضي أبوه والآتي ولده البدر محمد. خلف والده في تهدريس الحسنية وأم السلطان والصالح وغيرها وفي إفتاء دار العدل وقضاء العسكر فلم تطل مدته. ومات.(4/141)
295 - محمد بن عبد المنعم بن محمد بن محمد بن عبد المنعم بن أبي الطاهر إسماعيل الشمس بن نبيه الدين الجوجري ثم القاهري الشافعي ويعرف بين أهل بلده بابن نبيه الدين وفي غيرها بالجوجري. ولد في إحدى الجماديين والظن أنه الثانية سنة إحدى وعشرين وثمانمائة أو التي بعدها بجوجر وتحول منها إلى القاهرة صحبة جده لأبيه بعد موت والده وهو ابن سبع فأكمل بها القرآ وحفظ المنهاج الفرعي - مع أن جده كان مالكياً - وكذا الأصلي وألفية ابن ملك وعرض بعضها واشتغل بالفنون فأخذ النحو بقراءته عن الحناوي والشهاب السخاوي وأبي القسم النويري وعظمت ملازته له فيه وفي غيره من الفنون سيما في ابتداء أمره وترعرعه وبقراءة المحيوي الدماطي في شرح التسهيل عن ابن الهمام وبقراءة الزين طاهر غالب المغني عن القاياتي في آخرين كالشمني والمحلى والكافياجي بل قرأ العربية في ابتدائه على البدر بن الشر بدار كما قرأ في ابتدائه على فقيهه النور أخي حذيفة والفقه عن الشرف السبكي والونائي والقاياتي وابن المجدي والعلم البلقيني والمحلى والمناوي واشتدت عنايته بملازمته بحيث أخذ عنه التنبيه والحاوي والبهجة والمنهاج تقسيماً غير مرة كان أحد القراء فيه وغير ذلك وعن الأول الحاوي وعن الثاني ما عدا البهجة مع ما أقرأه من الروضة وعن السادس بقراءته شرحه للمنهاج ومن الاستسقاء في الروضة إلى بيع الأصول والثمار ولازمه في أخذ جل تصانيفه كشرح البردة وغيرها وأصوله عن المحلى قرأ عليه شرحه لجمع الجوامع والشمس البدرشي قرأ عليه الجار بردى والمناوي أخذ عنه البيضاوي وجمع الجوامع تقسيماً كان أحد القراء فيه في آخرين كالشرواني والشمني والنويري والكافياجي وأبي الفضل المغربي وأصول الدين عن هؤلاء الخمسة وكذا المعاني والبيان عنهم مع القاياتي والزين جعفر العجمي نزيل المؤيدية ومما قرأ عليه المختصر والمنطق عن الخمسة والعروض والقوافي عن الشهاب الأبشيطي والفرائض والحساب عن ابن المجدي والبوتيجي والتفسير عن الشمني والكافياجي وشيخنا ووقع له معه فيه ما أوردته في الجواهر، والحديث عن شيخنا أخذ عنه شرحه للنخبة إما قراءة أو سماعاً لما عدا المجلس الأخير منه ظناً واليسير من شرح ألفية العراقي بقراءته بل سمع غالبه وسمع عليه في الحلية وفي الكتب الستة وغيرها وكذا سمع على الزين الزركشي في صحيح مسلم بل قرأ الشفا والصحيح على القاضي سعد الدين بن الديري؛ وكتب الخط المنسوب وعرف بمزيد الذكاء وأذن له غير واحد بالإقراء والإفتاء وتصدى لذلك قديماً في حياة كثير من مشايخه حتى كان المحلى يرسل له الفضلاء للقراءة عليه في تصانيفه وغيرها ونوه هو والمناوي به جداً بل كان المناوي يناوله الفتوى ليكتب عليها واستنابه في القضاء في ولايته الأولى فباشر قليلاً بحيث ذكر أنه لا يعرف من قضائه مما يضبط بالحكم سوى أربعة قضايا ثم تعفف عن ذلك، هذا مع اشتغاله معظم عمره بالتكسب في بعض الحوانيت بسوق الشرب وكذا بالسكر ونحوه بل وقبل ذلك جلس عند العز بن عبد السلام شاهداً حين كان يتناوب مع غيره القضاء في جامع الصالح وحمد العقلاء صنيعه في ترك القضاء، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد أخرى وصار بأخرى شيخ القاهرة وقسموا عليه الكتب فكان ممن قرأ عليه في التقسيم سنة ثلاث وثمانين الحليبي وابن قريبة وسعد الدين الذهبي والكمال الغزي وفي التي تليها إلا الرابع فبدله المحيوي عبد القادر العنبري وفي التي تليها هو والحليبي وابن قريبة والغزي وفي التي تليها الذهبي بلد الغزي، واتسعت حلقته جداً سيما حين تهحول للمؤيدية ثم جامع الأزهر وقصد بالفتاوى، وكتب عل عمد السالك لابن النقيب شرحاً في جزء سماه تسهيل المسالك في شرح عمدة السالك، وكذا على الإرشاد مختصر الحاوي لابن المقري في أربعة فأزيد وعلى شذور الذهب مطول ومختصر سبكه وقصيدة البوصيري الهمزية التي أولها " كيف ترقى رقيك الأنبياء " في مطول ومختصر أيضاً سمى أحدهما خير القرى في شرح أم القرا والمفرجة وغير ذلك من نظم ونثر، وسارع بقوة ذكائه في الكتابة على الفتاوى فكثرت مخالفته التي أدى إليها عدم تأنيه وربما ينبه على ذلك فيها وفي تصانيفه فلا يكاد يرجع ويبرهن على ما تورط فيه وكذا كثر تسارعه إلى الأذن بالفتوى والتدريس بل والتقريض على التصانيف الصادرة من غير المتأهلين حتى إنه كتب لشخص(4/142)
كان يسمى تاج الدين الشامي ولي نظر الإسطبل مرة على مصنف زعم أنه اختصر فيه المهذب ما نصه كما نقلته من خطه: وقفت على هذا المؤلف ورأيت في أبوابه وفصوله، وتأملت ما سطره مؤلفه أدام الله نفعه وكثر جمعه وتأملت بعض تفاريعه وأصوله فوجدته قد أحسن في انتخابه كل الإحسان وأجاد فيما لخصه مقورناً بالتوضيح والبيان فلا يقدر على الخوض في مثل ذلك إلا من تضلع من العلوم وأحاط بسرها المكتوم وحرر ما دل عليه المنطوق وما أفاده المفهوم أدام الله النفع بفوائده وعلومه للمسلمين وجعله قرة عين إلى يوم الدين، وكتب فلان معترفاً بفضائله مغترفاً من فواضله، إلى غير هذا مما يجره إليه سرعة الحركة، وقد سمعت العز الحنبلي غير مرة يقول إنه يعرف كل شيء في الدنيا، هذا مع سكونه في مواطن دينية كانت سرعة حركته ومبادرته إلى الاحتجاج فيها والتأييد لجهتها كالواجب ولكنه كان حسن العشرة كثير التودد والتواضع والامتهان لنفسه غير متأنق في سائر أمروه بحيث لا يتحاشى عن المشي فيما كان الأولى الركوب فيه ولا يأنف مراجعة الباعة فيما لعله يجد من يتعاطاه عنه ولا يمتنع من الجلوس في مطبخ السكر بحضرة اليهود وغيرهم إلى غير ذلك مما تأخر به عند من لم يتدبر وأرجو قصده الجميل بذلك كله سيما وعنده نوع فتوة وإحسان لكثير من الغرباء وبذل همة في مساعدتهم، وحجد غير مرة وسمع على التقي بن فهد وغيره؛ وجاور في سنة تسع وستين وأقرأ الطلبة هناك وبالغ في ملازمة قاضيها وعالمها ووالى عليه بره وفضله ثم كان ممن قام مع نور الدين الفاكهي في الكائنة الشهيرة وكذا كان بيننا من الود ما الله به عليم بحيث إنه لم يزل يخبرني عن شيخه المحلى بالثناء البالغ بل طالع هو عقب موت ولد له كتابي ارتياح الأكباد فتزايد اغتباطه به وأبلغ في تحسينه ما شاء وأحضر إلى بعض تصانيف السيد السمهودي لأقرضها له إلى غير ذلك من الجانبين ثم كان ممن مال على مع من صرح بعد حين فجر عليه بعدم وجاهته وديانته ولذا قبيل موته بيسير تجرأ عليه بعض الطلبة انتصاراً لنفسه وعمر جزءاً سماه اللفظ الجوهري في بيان غلط اعلجوجري وما أمكنه التكلم فانتدب له بعض الطلبة بالردوكان من الفريقين ما لا خير في شرحه ويغلب على ظني أن ذلك انتقام لكونه كتب مع البقاعي في مسئلة الغزالي وإن كان له مخلص في الجملة فترك الكلام كان أليق بمقام حجة الإسلام، وكان في صوفية المؤيدية قديماً ثم بعد تقدمه رغب أن يكون في طلبة الخشابية والشريفية مما كان اللائق به الترفع عنه بل تهالك في السعي فيهما، وكذا درس الفقه بالظاهرية القديمة لكونه تلقى نصف تدريسها عن أبي اليسر بن النقاش وبالمدرسة الجانبكية بالقربيين بعد نور الدين التلواني صهر ابن المجدي وبأم السلطان بعد البدر بن القطان وبالقطبية برأس حارة زويلة بعد إبراهيم النابلسي وبالقجماسية من واقفها وبالمؤيدية عقب موت الشمس بن المرخم سوى ما كان باسمه من اطلاب وإعادات وأنظار ونحوها جل ذلك سيما القجماسية بعناية أبي الطيب الأسيوطي ولم يلتفت لسبق تقرير الواقف للزين ياسين البلبيسي مع مزيد حاجته واستغنائه كما أنه لم يمتنع من النيابة في تدريس الحديث بالكاملية عن من علم غصبه له من مستحقه، وبالجملة فمحاسنه جمة والكمال لله، ولم يزل على طريقته حتى مات شبه الفجأة في يوم الأربعاء ثاني عشر رجب سنة تسع وثمانين بالظاهرية القديمة وصلي عليه بعد صلاة العصر بالجامع الأزهر في مشهد حافظ جداً ثم دفن بزاوية الشاب التائب محل سكنه أيضاً وتأسف الناس على فقده ولم يخلف في مجموعه مثله وإن كان لعل فيهم من هو أمتن تحقيقاً وأمكن تدبراً وتدقيقاً رحمه الله وغيانا وعوضه الجنة. ومما كتبته من نظمه يمدح شرحه للإرشاد:ن يسمى تاج الدين الشامي ولي نظر الإسطبل مرة على مصنف زعم أنه اختصر فيه المهذب ما نصه كما نقلته من خطه: وقفت على هذا المؤلف ورأيت في أبوابه وفصوله، وتأملت ما سطره مؤلفه أدام الله نفعه وكثر جمعه وتأملت بعض تفاريعه وأصوله فوجدته قد أحسن في انتخابه كل الإحسان وأجاد فيما لخصه مقورناً بالتوضيح والبيان فلا يقدر على الخوض في مثل ذلك إلا من تضلع من العلوم وأحاط بسرها المكتوم وحرر ما دل عليه المنطوق وما أفاده المفهوم أدام الله النفع بفوائده وعلومه للمسلمين وجعله قرة عين إلى يوم الدين، وكتب فلان معترفاً بفضائله مغترفاً من فواضله، إلى غير هذا مما يجره إليه سرعة الحركة، وقد سمعت العز الحنبلي غير مرة يقول إنه يعرف كل شيء في الدنيا، هذا مع سكونه في مواطن دينية كانت سرعة حركته ومبادرته إلى الاحتجاج فيها والتأييد لجهتها كالواجب ولكنه كان حسن العشرة كثير التودد والتواضع والامتهان لنفسه غير متأنق في سائر أمروه بحيث لا يتحاشى عن المشي فيما كان الأولى الركوب فيه ولا يأنف مراجعة الباعة فيما لعله يجد من يتعاطاه عنه ولا يمتنع من الجلوس في مطبخ السكر بحضرة اليهود وغيرهم إلى غير ذلك مما تأخر به عند من لم يتدبر وأرجو قصده الجميل بذلك كله سيما وعنده نوع فتوة وإحسان لكثير من الغرباء وبذل همة في مساعدتهم، وحجد غير مرة وسمع على التقي بن فهد وغيره؛ وجاور في سنة تسع وستين وأقرأ الطلبة هناك وبالغ في ملازمة قاضيها وعالمها ووالى عليه بره وفضله ثم كان ممن قام مع نور الدين الفاكهي في الكائنة الشهيرة وكذا كان بيننا من الود ما الله به عليم بحيث إنه لم يزل يخبرني عن شيخه المحلى بالثناء البالغ بل طالع هو عقب موت ولد له كتابي ارتياح الأكباد فتزايد اغتباطه به وأبلغ في تحسينه ما شاء وأحضر إلى بعض تصانيف السيد السمهودي لأقرضها له إلى غير ذلك من الجانبين ثم كان ممن مال على مع من صرح بعد حين فجر عليه بعدم وجاهته وديانته ولذا قبيل موته بيسير تجرأ عليه بعض الطلبة انتصاراً لنفسه وعمر جزءاً سماه اللفظ الجوهري في بيان غلط اعلجوجري وما أمكنه التكلم فانتدب له بعض الطلبة بالردوكان من الفريقين ما لا خير في شرحه ويغلب على ظني أن ذلك انتقام لكونه كتب مع البقاعي في مسئلة الغزالي وإن كان له مخلص في الجملة فترك الكلام كان أليق بمقام حجة الإسلام، وكان في صوفية المؤيدية قديماً ثم بعد تقدمه رغب أن يكون في طلبة الخشابية والشريفية مما كان اللائق به الترفع عنه بل تهالك في السعي فيهما، وكذا درس الفقه بالظاهرية القديمة لكونه تلقى نصف تدريسها عن أبي اليسر بن النقاش وبالمدرسة الجانبكية بالقربيين بعد نور الدين التلواني صهر ابن المجدي وبأم السلطان بعد البدر بن القطان وبالقطبية برأس حارة زويلة بعد إبراهيم النابلسي وبالقجماسية من واقفها وبالمؤيدية عقب موت الشمس بن المرخم سوى ما كان باسمه من اطلاب وإعادات وأنظار ونحوها جل ذلك سيما القجماسية بعناية أبي الطيب الأسيوطي ولم يلتفت لسبق تقرير الواقف للزين ياسين البلبيسي مع مزيد حاجته واستغنائه كما أنه لم يمتنع من النيابة في تدريس الحديث بالكاملية عن من علم غصبه له من مستحقه، وبالجملة فمحاسنه جمة والكمال لله، ولم يزل على طريقته حتى مات شبه الفجأة في يوم الأربعاء ثاني عشر رجب سنة تسع وثمانين بالظاهرية القديمة وصلي عليه بعد صلاة العصر بالجامع الأزهر في مشهد حافظ جداً ثم دفن بزاوية الشاب التائب محل سكنه أيضاً وتأسف الناس على فقده ولم يخلف في مجموعه مثله وإن كان لعل فيهم من هو أمتن تحقيقاً وأمكن تدبراً وتدقيقاً رحمه الله وغيانا وعوضه الجنة. ومما كتبته من نظمه يمدح شرحه للإرشاد:(4/143)
ودونك للإرشاد شرحاً منقحاً ... خليقاً بأوصاف المحاسن والمدح
تكفل بالتحرير والبحث فارتقى ... وفي الكشف والإيضاح فاق على الصبح
بعين الرضا فانظره أن جاء محسناً ... فقابله بالحسنى وإلا فبالصفح
وكذا كتبت له مرثية لشيخه المناوي ومقطوعاً في النجم بن فهد وقوله أيضاً مما سمعته منه:
قل للذي يدعى حذقاً ومعرفة ... هون عليك فللأشياء تقدير
دع الأمور إلى تدبير مالكها ... فإن تركك للتدبير تدبير
وترجمته تحتمل أكثر مما ذكر.
296 - محمد بن عبد المهدي بن علي بن جعفر المكي. كان من مشارفي ديوان حسن بن عجلان في بعض ولايته على مكة. مات في سنة اثنتي عشرة ببعض بلاد اليمن. ذكره الفاسي. محمد بن بعد المؤمن البرنوسي.
297 - محمد بن عبد الهادي بن أبي اليمن محمد بن أحمد بن الرضى إبراهيم بن محمد بن إبراهيم أبو اليمن الطبري المكي؛ وأمه زينب ابنة أبي عبد الله محمد بن أبي العباسي بن عبد المعطي. بيض له ابن فهد.
298 - محمد أبو حامد أخو الذي قبله. سمع من ابن الجزري في سنة ثلاث وعشرين. ذكره وبيض له أيضاً.
299 - محمد بن الجلال أبي المحامد عبد الواحد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر بن عبد الوهاب الجمال المرشدي المكي الحنفي. ولد في صفر سنة ثمان واشتغل على أبيه ولم يتزوج ولا سافر، وكان مباركاً ساكناً. مات في ربيع الآخر سنة ست وأربعين بمكة. أرخه ابن فهد.
300 - محمد بن عبد الواحد بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد الشرف السنقاري نزيل هو. ولد في المحرم سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وكان أبوه موسراً فمات. بعد الثمانين ونشأ هو يتعانى التجارة والزراعة ويتردد إلى القاهرة، وتقلبت به الأمور وتفقه قليلاً وأخذ عن المشايخ، وكان فاضلاً مشاركاً متديناً بحيث كان. يقول ما عشقت قط ولا طربت قط. مات في الطاعون في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثلاثين وكان يحكى عن ناصر الدين محمد بن محمد بن عطاء الله قاضي هو أنه كانت بجانب داره نخلة جربها بضعاً وثلاثين سنة إن قل حملها توقف النيل وإن كثر زاد وإنها سقطت في سنة ست وثمانمائة فقصر النيل في تلك السنة ووقع الغلاء المفرط. ذكره شيخنا في إنبائه والمقريزي في عقوده وطوله.(4/144)
301 - محمد بن عبد الواحد بن عبد الحميد بن مسعود الكمال بن همام الدين بن حميد الدين بن سعد الدين السيواسي الأصل ثم القاهري الحنفي الماضي أبوه وولي جده كجد أبيه قاضي سيواس ويعرف بابن الهمام. ولد سنة تسعين وسبعمائة - ظناً كما قرأته بخطه وقال المقريزي في عقوده سنة ثمان أو تسع وثمانين - باسكندرية ومات أبوه وكان قاضي اشكندرية وهو ابن عشر أو نحوها فنشأ في كفالة جدته لأمه وكانت مغربية خيرة تحفظ كثيراً من القرآن وقدم صحبتها القاهرة فأكمل بها القرآن عند الشهاب الهيثمي وكان فقيهه يصفه بالذكاء المفرط والعقل التام والسكون وتلاه تجويداً على الزراتيتي وباسكندرية على الزيدن عبد الرحمن الفكيري وحفظ القدوري والمنار والمفصل للزمخشري وألفية النحو ثم عاد صحبتها أيضاً إلى اسكندرية فأخذ بها النحو عن قاضيها الجمال يوسف الحميدي الحنفي وقرأ في الهداية على الزين السكندري وعاد إلى القاهرة أيضاً وقرأ على يحيى العجيسي بلدي جدته وكان الكمال يقول إنه لم يكن عنده كبير فائدة بل أنكر أن يكون قرأ وإنما حضر عنده مع رفيق له وبما قال العجيسي له بعد أن كبر " ألم نربك فينا وليداً " وفي المنطق على العز عبد السلام البغدادي والبساطي وعنه أخذ أصول الدين وقرأ عليه شرح هداية الحكمة لملازادة وكذا أخذ عن همام الدين شيخ الجمالية والكمال الشمني والشمس البوصيري واجتمع بكل من حفيد ابن مرزوق وابن الفنري حين رجوعهما من الحج وبحث مع كل منهما بما أبهر به من حضر وربما كان يحضر عند البدر الأقصرائي في التفسير ويدقق المباحث معه بحيث لا يجد البدر له مخلصاً؛ وأخذ شرح المطالع عن الجلال الهندي وشرح المواقف عن القطب الأبرقوهي وقال إنه لم يكن في شيوخه أذكى منه وأقليدس عن ابن المجدي والدواوين السبع أشعار العرب عن العيني وكان أحد المقررين عنده في محدثي المؤيدية وغالب شرح ألفية العراقي عن ولد مؤلفه الولي ورام أولاً التدقيق في البحث بحيث يشكك في الاصطلاح فلم يوافقه الولي على الخوض في ذلك وتردد للعز بن جماعة في العلوم التي كانت تقرأ عليه وكان لوفور ذكائه إذا استشعر الشيخ بمجيئه قطع القراءة ولذا كان الكمال يرجح البساطي عليه ويقول أنه أعرف بشرح المطالع والعضد والحاشية منه، وأخذ الفقه عن السراج قارئ الهداية قرأها بتمامها عليه في سنتي ثماني عشرة والتي تليها وبه انتفع وكان يحاققه ويضايقه بحيث كان يحرج منه مع وصف الكمال له بالتحقيق في كل فن قال ولكنه أقبل بأخرة على الفقه والحديث والتفسير وترك ما عداها وكتب له السراج أنه أفاد أكثر مما استفاد بقراءة السراج لها حسبما كتبته من خط صاحب الترجمة على مشايخ عظام من جملتهم العلاء السيرامي عن السيد الإمام جلال الدين شارحها عن العلاء عبد العزيز البخاري صاحب الكشف والتحقيق عن حافظ الدين الكبير عن الكردي عنه والزين التفهني ونزله طالباً عنده بالصرغتمشية بغير سؤال، وسافر صبته إلى القدس فكان يقرأ عليه هناك في الكشاف ويسمع في الهداية بل رام استنابته في القضاء فامتنع الكمال بعد أن أجيب لما اشترطه أولاً من الحكم فيما جرت العادة بالتعيين فيه بدون تعيين والإعفاء من حضور عقود المجالس واستمر التفهني في الإلحاح عليه إلى أن قال له: لست أحب أحداً من الشيوخ وغيرهم يتقدم علي لكوني لست قاصر البنان واللسان عن أحد منهم فمن ثم لم يعاود التفهني الكلام معه في ذلك. هذا مع شدة تواضعه مع الفقراء حتى أنه جاء مرة لمجلس العلاء البخاري وهو غاص بهم فجلس في جانب الحلقة فقام إليه العلاء وقال له: تعال إلى جانبي فليس هذا بتواضع فإنك تعلم أن كلا منهم يعتقد تقدمك وإجلالك إنما التواضع أن تجلس تحت ابن عبيد الله في مجلس الأشرف، ولما قدم المحب أبو الوليد بن الشحنة القاهرة قرأ عليه قطعة من الشرح الصغير شرح منار حافظ الدين النسفي للكاكي ولازمه واستصحبه معه في سنة أربع عشرة إلى حلب فأقام عنده بها يسيراً. ومات المحب عن قرب بعد أن أوصى له بنفقة استعان بها في رجوعه وكان يثني على علم المحب والتمس منه بعض أصحابه وهو بالشام حين اجتيازه بها قاصداً القاهرة الإنشاد ببعض الختوم لطراوة نغمته ففعل وحصل له بسبب ذلك دراهم وتسلك في طريق القوم بالأدكاوي والخوافي وسافر معه إلى القدس ودعا له أن يكون من العلماء العاملين والعباد الصاحين.(4/145)
وصحب نصر الله وقتاً وأقام معه بالمنصورية وسكن الجمالية مدة ولذا كثرت مخالطته للكمال الشمني وكان يتوجه منها غالباً فيشهد الجماعة بالبرقوقية قصداً للاسترواح بالمشي ونحوه، وسمع على الجمال عبد الله الحنبلي والشمسين الشامي والبوصيري وتغرى برمش التركماني والشهاب الواسطي وشيخنا ووصفه بالعالم العلامة الفاضل حفظه الله ورفع درجته، ولم يكثر من الرواية، وأجاز له الزين المراغي والحمال بن ظهيرة بذلك، وحدث بها سمعها منه الفضلاء وتزايد تعظيمه لي وثناؤه علي كما بينته في مكان آخر، وكذا أجاز له شيخه التفهني والكلوتاتي والزين الزركشي وحسين البوصيري والجمال عبد الله بن البدر البهنسي والتاج محمد بن موسى الحنفي والقبابي التدمري والشمس بن المصري وابن ناظر الصاحبة وابن الطحان وعائشة الكنانية وعائشة ابنة ابن الشرائحي في آخرين باستدعاء الزين رضوان المستملي وغيره. ولم يبرح عن الاشتغال بالمعقول والمنقول حتى فاق في زمن يسير وأشير إليه بالفضل التام والفطرة السمتقيمة بحيث قال البرهان الأبناسي أحد رفقائه حين رام بعضهم المشي في الاستيحاش بينهما: لو طلبت حجج الدين ما كان في بلدنا من يقوم بها غيره. قال وشيخنا البساطي وإن كان أعلم فالكمال أحفظ منه وأطلق لساناً؛ هذا مع وجود الأكابر إذ ذاك، بل أعلى من هذا أن البساطي لما رام المناظرة مع العلاء البخاري بسبب ابن الفارض ونحوه قيل له من يحكم بينكما إذا تناظرتما فقال ابن الهمام لأنه يصلح أن يكون حكم العلماء بل حضر إليه البساطي بنسخة من تائية ابن الفارض ذات هوامش عريضة وتباعد بين سطورها والتمس منه الكتابة عليها بما يخلق له من غير نظر في كلام أحد. وسئل مرة عن من قرأ عليه فعد القاياتي والونائي ومن شاء الله من جماعته ثم قال وابن الهمام وهو يصلح أن يكون شيخاً لهؤلاء. وقال يحيى بن العطار: لم يزل يضرب به المثل في الجمال المفرد مع الصيانة وفي حسن النغمة مع الديانة وفي الفصاحة واستقامة البحث مع الأدب. قلت وفي التقلل في أوليته مع الشهامة وفي الرياضة والكرم مع كون جدته مغربية واستمر يترقى في درج الكمال حتى صار عالماً مفنناً علامة متقناً درس وأفتى وأفاد وعكف الناس عليه واشتهر أمره وعظم ذكره؛ وأول ما ولي من الوظائف الكبار تدريس الفقه بقبة المنصورية وقف الصالح عند رغبة الصدر بن العجمي له عنه ف يكائنته وعمل حينئذ أجلاساً بحضور شيوخه شيخنا والبساطي وقارئ الهداية والبدر الأقصرائي وخلق من غيرهم وامتنع من الجلوس صدر المجلس أدباً بعد إلحاح الحاضرين عليه في ذلك بل جلس مكان القارئ تكلم فيه على قوله تعالى " يؤتي الحكمة من يشاء " وقال الكلام على هذه الآية كما يجئ لا كما يجب أبان فيه عن يد طولى وتمكن زائد في العلوم بحيث أقر الناس بسعة علمه وأذعنوا له وبحث مع صاحب الهداية وشرع شيخنا يصف علم المدرس وتفننه على الغادة في الإشراة بذلك إلى الانتهاء فقال البساطي دعوه يتكلم ويتلذذ بمقاله فإنه يقول ما لا نظير له، وقرره الأشرف برسباي شيخاً في مدرسته بعد صرف العلاء علي بن موسى الرومي عنها واستدعائه به في يوم الثلاثاء رابع عشري ربيع الآخر سنة تسع وعشرين ولا شعور عنده بذلك وسؤاله له عن سنه لكون بعضهم قال له أنه شاب وقوله له بعد تكرير السؤال إنه دون الأربعين فألبسه الخلعة ورجع وقد تزايدت بذلك رفعته فباشرها بشهامة وصرامة إلى أن كان في ثالث عشري شعبان سنة ثلاث وثلاثين فأعرض عنها لكونه عين تلميذه الشمس الأمشاطي لتصوف فيها وعارضه جوهر الخازندار بغيره فغضب وقال بعد أن حضر التصوف وقت العصر على العادة وخلع طيلسانه ورمى به: اشهدوا على أنني عزلت نفسي من هذه المشيخة وخلعتها كما خلعت طيلساني هذا، وتحول في الحال لبيت في باب القرافة وبلغ ذلك السلطان فشق عليه وراسله يستعطف خاطره مع أمير آخور جقمق الذي صار سلطاناً وغيره من الأعيان فلم يجب، وانتقل لطرا بالعدوية فسكنها وانجمع عن الناس، وخشي جوهر غضب السلطان عليه بسببه فبادر للاجتماع به لتلافي الأمر فما أمكنه فجلس بزاوية هناك كانت عادة الشيخ الصلاة فيها حتى جاء فقام إليه حاسر الرأس ذليلاً فقبل قدمه مصرحاً بالاعتذار والاستغفار فأجابه بأنني لم أتركها بسببك بل لله تعالى، وحينئذ قرر الأميني الأقصرائي فيها بعد تصميمه على عدم القبول حتى تحقق(4/146)
رضى الكمال به ولم يحصل الانفكاك عن من عينه ثم لم يلبث أن أعرض عن تدريس المنصورية أيضاً لتلميذه السيفي واستمر تارة في طرا وتارة في مصر إيثاراً للعزلة وحباً للانفراد مع المداومة على الأمر بالمعروف وإغاثة الملهوفين والإغلاظ على الملوك فمن دونهم ولكن كاد أمره أن يقف حتى استعان بالولوي السفطي وابن البارزي في تقريره في مشيخة الشيخونية بعد موت باكير في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين فباشرها بحرمة وافرة وعمر أوقافها وزار معاليمها ولم يحاب أحداً ولو عظم ولا وقف فيما لا يحسن في الشرع لرسالة ولا غيرها كما بسطته مع بيان تصانيفه التي منها شرح الهداية ولم يكمل بل انتهى فيه إلى الوكالة، والتحرير في أصول الفقه والمسايرة في أصول الدين في جزء مفرد، ومن تصانيفه جزء في الجواب عما سئل عنه في حديث " كلمتان خفيفتان " افتتحه بقوله: دخلت على ارمأة بورقة ذكرت أن رجلاً دفعها إليها يسأل الجواب عما فيها فنظرت فإذا فيها سؤال عن إعراب قوله صلى الله عليه وسلم " كلمتان خفيفتان " هل كلمتان مبتدأ وسبحان الله الخبر أو قلبه. وهل قول من عين سبحان الله للابتداء لتعريفه صحيح أم لا وهل قول من رده للزوم سبحان الله النصب صحيح أم لا وهل الحديث مما تعدد فيه الخبر أم لا. فكتب العبد الضعيف على قلة البضاعة وطول الترك وعجلة الكتابة في الوقت ما نصه؛ وذكر الجواب، وكان إماماً علامة عارفاً بأصول الديانات والتفسير والفقه وأصوله والفرائض والحساب والتصوف والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق والجدل والأدب والموسيقى وجل علم النقل والعقل متفاوت المرتبة في ذلك مع قلة علمه في الحديث عالم أهل الأرض ومحقق أولى العصر حجة أعجوبة ذا حجج باهرة واختيارات كثيرة وترجيحات قوية بل كان يصرح بأنه لولا العوارض البدنية من طول الضعف والأسقام وتراكمهما في طول المدد لبلغ رتبة الاجتهاد فكم استخرج من مجمع البحرين دراً وكم ضم إليها مما استخرجه من الكنز شذرة إلى أخرى وكم وصل طالباً للهداية بإيضاحها وتبيينها وكم أنار لمنغمر في ظلمات الجهل بمنار الأصول وبراهينها فلا تدرك دقة نظره وليست فكر قويمة لإنسان كفكره؛ وقد تخرج به جماعة صاروا رؤساء في حياته، فمن الحنفية التقي الشمس والزين قاسم وسيف الدين، ومن الشافعية ابن خضر والمناوي والوروري. ومن المالكية عبادة وطاهر والقرافي. ومن الحنابلة الجمال بن هشام وهو أنظر من رأيناه من أهل الفنون ومن أجمعهم للعلوم وأحسنهم كلاماً في الأشياء الدقيقة وأجلدهم على ذلك مع الغاية في الاتقان والرجوع إلى الحق في المباحث ولو على لسان آحاد الطلبة؛ كل ذلك مع ملاحة الترسل وحسن اللقاء والسمت والبشر والبزة ونور الشيبة وكثرة الفكاهة والتودد والإنصاف وتعظيم العلماء والإجلال للتقي بن تيمية وعدم الخوض فيما يخالف ذلك وعلو الهمة وطيب الحديث ورقة الصوت وطراوة النغمة جداً بحيث يطرب إذا أنشد أو قرأ وله في ذلك أعمال وإجادته للمتكلم بالفارسي والتركي إلا أنه بأولهما أمهر وسلامة الصدر وسرعة الانفعال والتغير والمحبة في الصاحلين وكثرة الاعتقاد فيهم والتعهد لهم والانجماع عن التردد لبني الدنيا حتى الظاهر جقمق مع مزيد اختصاصه به ولكنه كان يراسله هو ومن دونه فيما يسأل فيه بل طلع إليه بعد إحسانه إليه عند توجهه للحج فوادعه؛ ومحاسنه كثيرة، وقد حج غير مرة وجاور بالحرمين مدة وشرب ماء زمزم كما قاله في شرحه للهداية للاستقامة والوفاة على حقيقة الإسلام معها انتهى. ونشر فيهما أيضاً علماً جماً وعاد في رمضان سنة ستين وهو متوعك فسر المسلمون بقدومه وعكف عليه من شاء الله من طلبته وغيرهم أياماً من الأسبوع إلى أن مات في يوم الجمعة سابع رمضان سنة إحدى وستين وصلي عليه عصره بسبيل المؤمني في مشهد حافل شهده السلطان فمن دونه قودم للصلاة عليه قاضي مذهبه ابن الديري وكان الشيخ يجله كما أنه كان يجل شيخنا وينقل عنه في تصانيفه كشرح الهداية ويروي عنه في حياته ويفتخر بانتسابه إليه، ودفن بالقرافة في تربة ابن عطاء الله ولم يخلف بعده في مجموعه مثله رحمه الله وإيانا. ومن كلماته إذا صدقت المحبة ارتفعت شروط التكليف وكذا من نظمه أول قصيدة كتبتها عنه:ى الكمال به ولم يحصل الانفكاك عن من عينه ثم لم يلبث أن أعرض عن تدريس المنصورية أيضاً لتلميذه السيفي واستمر تارة في طرا وتارة في مصر إيثاراً للعزلة وحباً للانفراد مع المداومة على الأمر بالمعروف وإغاثة الملهوفين والإغلاظ على الملوك فمن دونهم ولكن كاد أمره أن يقف حتى استعان بالولوي السفطي وابن البارزي في تقريره في مشيخة الشيخونية بعد موت باكير في جمادى الأولى سنة سبع وأربعين فباشرها بحرمة وافرة وعمر أوقافها وزار معاليمها ولم يحاب أحداً ولو عظم ولا وقف فيما لا يحسن في الشرع لرسالة ولا غيرها كما بسطته مع بيان تصانيفه التي منها شرح الهداية ولم يكمل بل انتهى فيه إلى الوكالة، والتحرير في أصول الفقه والمسايرة في أصول الدين في جزء مفرد، ومن تصانيفه جزء في الجواب عما سئل عنه في حديث " كلمتان خفيفتان " افتتحه بقوله: دخلت على ارمأة بورقة ذكرت أن رجلاً دفعها إليها يسأل الجواب عما فيها فنظرت فإذا فيها سؤال عن إعراب قوله صلى الله عليه وسلم " كلمتان خفيفتان " هل كلمتان مبتدأ وسبحان الله الخبر أو قلبه. وهل قول من عين سبحان الله للابتداء لتعريفه صحيح أم لا وهل قول من رده للزوم سبحان الله النصب صحيح أم لا وهل الحديث مما تعدد فيه الخبر أم لا. فكتب العبد الضعيف على قلة البضاعة وطول الترك وعجلة الكتابة في الوقت ما نصه؛ وذكر الجواب، وكان إماماً علامة عارفاً بأصول الديانات والتفسير والفقه وأصوله والفرائض والحساب والتصوف والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والمنطق والجدل والأدب والموسيقى وجل علم النقل والعقل متفاوت المرتبة في ذلك مع قلة علمه في الحديث عالم أهل الأرض ومحقق أولى العصر حجة أعجوبة ذا حجج باهرة واختيارات كثيرة وترجيحات قوية بل كان يصرح بأنه لولا العوارض البدنية من طول الضعف والأسقام وتراكمهما في طول المدد لبلغ رتبة الاجتهاد فكم استخرج من مجمع البحرين دراً وكم ضم إليها مما استخرجه من الكنز شذرة إلى أخرى وكم وصل طالباً للهداية بإيضاحها وتبيينها وكم أنار لمنغمر في ظلمات الجهل بمنار الأصول وبراهينها فلا تدرك دقة نظره وليست فكر قويمة لإنسان كفكره؛ وقد تخرج به جماعة صاروا رؤساء في حياته، فمن الحنفية التقي الشمس والزين قاسم وسيف الدين، ومن الشافعية ابن خضر والمناوي والوروري. ومن المالكية عبادة وطاهر والقرافي. ومن الحنابلة الجمال بن هشام وهو أنظر من رأيناه من أهل الفنون ومن أجمعهم للعلوم وأحسنهم كلاماً في الأشياء الدقيقة وأجلدهم على ذلك مع الغاية في الاتقان والرجوع إلى الحق في المباحث ولو على لسان آحاد الطلبة؛ كل ذلك مع ملاحة الترسل وحسن اللقاء والسمت والبشر والبزة ونور الشيبة وكثرة الفكاهة والتودد والإنصاف وتعظيم العلماء والإجلال للتقي بن تيمية وعدم الخوض فيما يخالف ذلك وعلو الهمة وطيب الحديث ورقة الصوت وطراوة النغمة جداً بحيث يطرب إذا أنشد أو قرأ وله في ذلك أعمال وإجادته للمتكلم بالفارسي والتركي إلا أنه بأولهما أمهر وسلامة الصدر وسرعة الانفعال والتغير والمحبة في الصاحلين وكثرة الاعتقاد فيهم والتعهد لهم والانجماع عن التردد لبني الدنيا حتى الظاهر جقمق مع مزيد اختصاصه به ولكنه كان يراسله هو ومن دونه فيما يسأل فيه بل طلع إليه بعد إحسانه إليه عند توجهه للحج فوادعه؛ ومحاسنه كثيرة، وقد حج غير مرة وجاور بالحرمين مدة وشرب ماء زمزم كما قاله في شرحه للهداية للاستقامة والوفاة على حقيقة الإسلام معها انتهى. ونشر فيهما أيضاً علماً جماً وعاد في رمضان سنة ستين وهو متوعك فسر المسلمون بقدومه وعكف عليه من شاء الله من طلبته وغيرهم أياماً من الأسبوع إلى أن مات في يوم الجمعة سابع رمضان سنة إحدى وستين وصلي عليه عصره بسبيل المؤمني في مشهد حافل شهده السلطان فمن دونه قودم للصلاة عليه قاضي مذهبه ابن الديري وكان الشيخ يجله كما أنه كان يجل شيخنا وينقل عنه في تصانيفه كشرح الهداية ويروي عنه في حياته ويفتخر بانتسابه إليه، ودفن بالقرافة في تربة ابن عطاء الله ولم يخلف بعده في مجموعه مثله رحمه الله وإيانا. ومن كلماته إذا صدقت المحبة ارتفعت شروط التكليف وكذا من نظمه أول قصيدة كتبتها عنه:(4/147)
إذا ما كتبت تهوي خفض عيش ... وأن ترقى مدراج للكمال
فدع ذكرَ الحميا والمحيا ... وآثار التواصل والمطال
وأن تهدى بزهر وسط روض ... وأخبار المهاة أو الغزال
وكن حبساً على مدح المفدى ... رسول الله عين ذوي المعالي
فإن لديه ما يرجى ويهوى ... جميل الذكر مع جزل النوال
وقال المقريزي في عقوده أنه برع في الفقه والأصول والعربية وشارك في فنون وتجرد وسلك ثم ولي تدريس الأشرفية مدة وتركها تنزهاً عنها، وشرح الهداية والبديع وغير ذلك انتهى.
محمد بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد المناوي. في عبد العزيز.
302 - محمد بن عبد الواحد بن العماد محمد بن العلم أحمد بن أبي بكر تقي الدين ابن زكي الدين الأخنائي القاهري المالكي نائب الحكم. كان من خيار القضاة مات في سادس ذي الحجة سنة ثلاثين بمكة وكان جاور بها عن ثلاث وستين وهو من بيت فضل وعلم ورياسة، ذكره شيخنا في أنبائه باختصار.
303 - محمد بن عبد الواحد بن الزين محمد بن أحمد بن محمد بن المحب أحمد بن عبد الله أبو حامد الطبري المكي؛ أمه عائشة المدعوة سعادة ابنة محمد بن فتح الطائفي. ولد في سنة سبع وثمانمائة وسمع على جده الزين وفتح الدين المخززومي وابن الجزري والشمس الشامي وابن سلامة وأجاز له المراغي وآخرون. مات بمكة في شعبان سنة سبع وثلاثين.
304 - محمد بن عبد الوارث بن محمد بن محمد بن محمد بن صدر الدين أبو عبد الوارث بن عبد الوارث. ممن عمل قاضي المحمل في سنة اثنتين وتسعين.
305 - محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن صلح بن أحمد الجلال أبو الفتح بن الإمام القاضي التاج أبي نصر بن الإمام القاضي الشهاب أبي العباس الزهري الدمشقي الصالحي الشافعي الماضي أبوه. ولد في سنة ثمانمائة وسمع على عائشة ابنة ابن عبد الهادي الصحيح وغيره وعلى غيرها، وحدث باليسير؛ وناب في القضاء بدمشق. مات بها في رجب سنة سبع وستين ودفن عند أسلافه بمقبرة الصوفية ظاهر دمشق رحمه الله.
306 - محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد الشمس بن التاج الهواري الأصل القاهري ثم الينبوعي الشافعي أخو قاسم الماضي ويعرف بان زبالة، ولي قضاء الينبوع بعد وفاة ابن عمه الشهاب أحمد بن محمد بن أحمد في سنة ست وستين وصاهر فتح الدين بن صلح قاضي المدينة النبوية على أخته واستولدها. وقدرت وفاته بها في سنة ثلاث وسبعين وقد جاز الستين.
محمد بن عبد الوهاب بن خليل بن غازي المقدسي أبو مساعد. يأتي في الكنى.
307 - محمد بن عبد الوهاب بن سعد بن ناصر الدين بن التاج بن الديري المقدسي الحنفي الماضي أبوه وجده. يقال أنه غير مرضي؛ كتب عنه البدر في مجموعة قوله:
ظبي من الترك فاق حسناً ... وفاق سعداً وفاق لبنا
سألته قبلةً فأخنى ... فقلت ما الجنس قال بسنا
308 - محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن إبراهيم الشمس البلبيسي الأصل الخانكي الشافعي الزيات. كان كأبيه ويعرف بابن عبد الوهاب. ولد سنة إحدى وأربعين وثمانمائة تقريباً بالخانقاه، ونشأ بها فحفظ القرآن والملحة وغالب المنهاج واشتغل على الونائي قاضي بلده في الفقه وعلى أبي الخير التاجر في العربية وخلف الحنفي؛ وفهم وشارك وربما نظم بحيث مدحني مع كثرة سكونه وتركه لصناعة أبيه بعد موته من مدة ونعم الرجل وهو أحد صوفية الخانقاه، وحج وجاور سنة أربع وتسعين ولقيني هناك وسمع مني وعلى أشياء كثيرة جداً منها المولد النبوي للعراقي في محل المولد الشريف وكتبت له إجازة أودعتها التاريخ الكبير وكنت لقيته قديماً ببلده وترجمته وسميت جده العلم شاكر وقلت الزيات هو ووالده وأن مولده سنة ست وثلاثين بالخانقاه وأنه تعانى النظم والميقات وكتبت عنه من نظمه قوله من أبيات:
بسطت إليكم أكف الرجا ... ونافى حماكم غريب غريب
فبالله ارحموني ولا تهجروا ... وجودوا فحال عجيب عجيب
محمد بن عبد الوهاب بن شاكر. في الذي قبله.(4/148)
309 - محمد بن عبد الوهاب بن صدقة الشمس القوصوني الطبيب ابن الطبيب الماضي أبوه وابن أخت الجمال بن عبد الحق. ولد سنة أربع وثلاثين وثمانمائة ومات أبوه في التي تليها فنشأ فحفظ القرآن وغيره، وتدرب في الصناعة وتميز فيها ودار على المرضى؛ وتنزل في الجهات ثم ترقى إلى الرياسة وحمد الناس سكونه وأدبه وعقله وحسن علاجه وممن نوه به المظفر الأمشاطي، وأنشأ داراً بالقرب من جامع الخطيري ثم احتاج لبيعها وكذا أنشأ بيتاً برأس حارة زويلة بالقرب من الخرنفش. محمد بن عبد الوهاب بن عبد اللطيف بن علي أبو الفضل السنباطي الكاتب. في الكنى.
310 - محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله بن أسعد بن عثمان بن سليمان بن فلاح الجمال أبو الخير بن التاج أبي محمد بن العفيف أبي محمد اليافعي اليماني المكي الشافعي الماضي أبوه ويعرف كسلفه باليافعي. ولد في جمادى الآخرة سنة سبع وتسعين وسبعمائة بمكة ونشأ بها فحفظ القرآن وأربعي النووي وعرضها في سنة تسع والمنهاج الفرعي وعرضه في سنة ثلاث عشرة، واشتغل يسيراً وسمع على الزينين المراغي ومحمد بن أحمد بن محمد بن المحب الطبري والجمال بن ظهيرة وابن الجزري وغيرهم، وأجاز له العراقي والهيثمي وابن صديق وعائشة ابنة ابن عبد الهادي وخلق؛ ودخل الديار المصرية والشامية وبيت المقدس صحبة التقي الفاسي في سنة تسع وعشرين وكذا دخل اليمن مراراً للاسترزاق وكان يذكر أنه سمع بدمشق والخليل ولكنه لم يعين المشمع ولا المسموع؛ وقد حدث باليسير. ولقيته بمكة فكتبت عنه وكان خيراً محسناً متودداً لطيف العشرة. مات في شعبان سنة ثمان وخمسين رحمه اللهز ومما كتبته عنه قوله:
رعى الله أياماً تقضت بمكة ... مع الأهل والأوطان والشمل جامع
وحيا لييلات تقضت برفقة ... وراء مقام المالكي هواجع
ترى تجمع الأيام بيني وبينهم ... وأصبح مسترضي من الله قانع
311 - محمد بن عبد الوهاب بن عبد الله الزبيري البنهاوي الشافعي. ولد كما قرأته بخطه سنة أربع وأربعين وسبعمائة، وذكره شيخنا في معجمه فقال أنه سمع من البياني وابن القاري وغيرهما؛ ومما سمعه على أولهما جزء حياة الأنبياء في قبورهم للبيهقي، واشتغل في الفقه؛ وناب في الحكم، وكان ساكناً خيراً فيه غفلة، أجاز في استدعاء ابني محمد وما علمته حدث. مات في ربيع الأول سنة عشرين؛ وتبعه المقريزي في عقوده.
312 - محمد بن التاج عبد الوهاب بن علي بن حسن النطوبسي الأصل القاهري المكي نزيل الظاهرية القديمة والماضي أبوه. نشأ فحفظ القرآن وغيره واشتغل قليلاً وتلا بالقراآت على الزين جعفر السنهوري؛ وحضر عندي حين نيابتي عنه في تدريس الحديث بمحل سكنه دروساً ثم باشرها مع تصدير القراآت بها بل وتحدث عن الناظر في أوقافها وكذا باشر الخطابة بتربة الظاهر خشقدم. وهو حاذق فطن ولو اشتغل لجاء منه ولكنه ضيع نفسه.
313 - محمد بن عبد الوهاب بن علي بن يوسف بن الحسن بن محمود فتح الدين أبو الفتح بن التاج الأنصاري الزرندي المدني الحنفي والد أحمد وسعد وسعيد وعبد الله ومحمد المذكورين في محالهم. حضر في سنة خمس وثمانين وسبعمائة على سليمان السقاء نسخة أبي مسهر وسمع على الأميوطي والبرهان بن فرحون؛ وأجاز له البلقيني وابن الملقن والعراقي والهيثمي والدميري والحلاوي والسويداوي وغيرهم. ذكره التقي بن فهد في معجمه، وولي قضاء المدينة وحسبتها بعد النجم يوسف بن محمد الزرندي بعد أن كان هو القائم بأعباء المنصب عنه. مات في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين بالمدينة النبوية ودفن بالبقيع واستقر بعده ابنه سعد.(4/149)
314 - محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن أحمد بن أبي بكر ظهير الدين أبو الطيب ابن الأمين بن الشمس القاهري الحنفي الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن الطرابلسي. ولد في جمادى الأولى سنة سبع وتسعين وسبعمائة بالقاهرة ونشأ بها تحت كنف والده فحفظ القرآن وصلى به وقرأ فيما قال على الزين العراقي أحاديث جمعت له في خطبة وكذا على السراج البلقيني وحفظ أيضاً المختار والمنار والمغني في الأصول والحاجبية، وعرض على جماعة وسمع على الشرف بن الكويك والجمال الحنبلي وأبي الحسن الفوى ثم من شيخنا وآخرين من أهل هاتين الطبقتين بل حضر قبل ذلك وهو موضع على الشهاب الجوهري بعض ابن ماج وبعد ذلك بيسير الختم من البخاري على ابن أبي المجد والتنوخي والعراقي والهيثمي وأجازوا له؛ ودخل دمياط غير مرة وأدرك بها المحيوي بن النحاس الدمشقي الشهيد وسمع منه واشتغل يسيراً عند السراج قاري الهداية والشمس بن الديري في الفقه والزين التفهني فيه وفي الأصول والشمس البوصيري وسعيد الدين الخادم في النحو؛ ولم يمهر لكنه ولي خطابة القانبيهية وكذا استقر في تدريس جامع طولون والأزكوجية وغيرهما وفي إفتاء دار العدل كلها بعد أبيه وممن كان يحضر عنده في جامع طولون شيخه السراج لكونه كان مرتب الدرس له وربما كتب على الفتوى؛ وناب عن قضاة مذهبه بل وعن شيخنا ولم يكثر من تعاطي الأحكام بل أعرض عنها أصلاً بأخرة مع أنه لم يذكر عنه فيها إلاالخير، بلى كان مسرفاً على نفسه وله أحباب يجتمعون عنده ممن هم على مذهبه وربما ينتابه غيرهم من الغرباء لما كان متصفاً به من الحشمة والكرم والهمة بحيث عد في أعيان الناس لا سيما مع بيتوتته بل رأيت شيخنا يكرمه لمزيد اختصاصه بولده، وحدث سمع منه الفضلاء سمعت عليه بل قرأ عليه الزين قاسم الحنفي مسند أبي حنيفة للحارثي، وبالجملة فكان في آخر عمره أحسن حالاً منه قبله. وقد حج مراراً أولها في سنة تسع عشرة وزار ثم حج بأخرة وجاور يسيراً ولم تتيسر له الزيارة لكونه اعترته هناك أمراض فبادر إلى المجيء في البحر ثم دامت به مدة طويلة بحيث قيل أنه اختلط وعسى أن يكون كفر عنه. ومات في يوم الجمعة سادس عشري شعبان سنة ستين ودفن من الغد بحوش سعيد السعداء عفا الله عه وإيانا.
315 - محمد الرضى أبو المعالي بن الطرابلس الحنفي أخو الذي قبله وسبط ابن البوري الدمياطي. حفظ القرآن وغيره وسمع على ابن الكويك وغيره وولي نظر جامع التركماني وكذا خطابة القانبيهية بعد أخيه مع طلب في التفسير بالمؤيدية وغيرها من الجهات؛ وكان عال الهمة أميناً تام العقل خفيف الروح حسن العشرة محباً في الصالحين كريماً ثقيل السمع جداً، يرتفق في معيشته بقصب السكر ونحوه ذا دربة بعمل الفاخر من أنواع الحلوى والأطعمة بل وغيرهما من الأشربة التي كان يزعم أن أحداً لا يجسر يفتي بتحريمها مع الاكتفاء بها عن المحرمة، متقناً في غالب ما يتولاه مقصوداً من الأكابر في مباشرة كثير من أصناف الحلوى وغيره حسن الخط فإنه جوده عند ابن الصائغ وكتب به أشياء منها ربعة كانت في دمياط؛ كل ذلك مع التعفف عن القاذورات وشرف النفس وكثرة التلاوة والحرص الزائد على تربية ولده حتى أنه أول ما ترعرع زوجه بابنة المناوي وتكلف على المهم ومقدماته وتوابعه ما يفوق الوصف ورام بذلك قطع أطماع ابن عمه عن تزويجه بابنته ويأبى الله إلا ما أراد، وقد حج مراراً وجاور وسافر لدمياط واسكندرية وغيرهما وكتب ببعض الاستدعاآت. مات في صفر سنة ثمان وستين باسكندرية ودفن بالجيزة ظاهر باب البحر رحمه الله وإيانا.
316 - محمد بن عبد الوهاب بن المحب محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الزرندي المدني سبط الجمال الكازروني. سمع على جده لأمه.(4/150)
317 - محمد بن عبد الوهاب بن محمد بن يعقوب بن يحيى بن عبد الله النجم أبو المعالي بن التاج أبي نصر بن الجمال بن الشرف المغربي الأصل المدني المالكي الماضي أبوه ويعرف كهو بابن يعقوب. ولد في ليلة الثلاثاء العشرين من ربيع الأول أو الثاني سنة إحدى وخمسين وثمانمائة بالمدينة لانبوية؛ وأمه سارة ابنة غياث بن طاهر بن الجلال الخجندي توفيت قبل استكماله سنة، ونشأ فحفظ القرآن ومختصر ابن الحاجب الفرعي والثلثين من الأصلي وغالب الرسالة وألفيتي الحديث والنحو وعرض على جماعة من أهل بلده والقادمين إليها ولازم أبا الفرج المراغي في قراءة الحديث وغيره وقرأ في الفقه على يحيى العلمي حين مجاورته عندهم وابن يونس وجماعة منهم بالقاهرة السنهوري بل قرأ على الأمين الأقصرائي في بعض العلوم وكذا قرأ على الديمي وكاتبه ومما أخذه عنه تصنيفه القول البديع قراءة ومناولة وألفية العراقي وجملة من الكتب الستة والموطأ مع المسلسل بالأولية وبالمحمدين وحديث زهير العشاري وبعض ذلك بلفظه وامتدحه بقصيدة أنشده إياها لفظاً وكتبها مع غيرها من نظمه وغيره بخطه وأذن له في الإفادة وكتب له إجازة حسنة. ومن شيوخه أيضاً في الفقه موسى الحاجبي وفي الفنون السيد السمهودي وأظنه أخذ عن الجوجري. ولم يزل يجتهد حتى ولي قضاء المدينة النبوية ثم بعناية الخواجا ابن قاوان قضاء مكة وقطنها وتزوج ابنة الجمالي بن نجم الدين بن ظهيرة ورسخت قدمه بها وحسنت حاله في دنياه وابتنى داراً حسنة، وولي مشيخة الزمامية بعد يحيى الرسولي، وتقدم في فروع المذهب وفي الفرائض والحساب وتصدر بالمسجد الحرام وأقرأ الفضلاء وأفتى، وكتابته جيدة ومجالسه مفيدة وأدبه غزير ونظمه شهير، مع ظرف ولطف عشرة وعقل وتودد واحتمال ومداراة وعدم مماراة وباطن متسع، وقد رافع فيه بعض من كان في خدمته وأكثر الكلام ولم يظفر بغير الملام. ومن نظمه:
إن كنت ترجو من الرحمن رحمته ... فارحم ضعاف الورى يا صاح محترماً
واقصد بذلك وجه الله خالقنا ... سبحانه من إله قد برى النسما
واطلب جزاذاك من مولاك رحمته ... فإنما يرحم الرحمن من رحما
318 - محمد بن عبد الوهاب بن محمد الصدر بن البهاء السبكي الأصل القاهري الشافعي المتطبب. ولد قريباً من سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وحدده مرة بخمس وسبعين وحفظ القرآن والعمدة والتنبيه وألفية النحو وغيرها، وعرض في سنة ثمان وثمانين وما قاربها على الجلال بن أحمد بن يوسف التباني والشمس الطرابلسي وابن عبد الرحمن الصائغ وأبي بكر بن عبد الله الشهير بالتاجر والجمال محمود بن محمد بن علي العجمي الحنفيين والبدر الطنبدي وعبد اللطيف ابن أخت الجمال الأسنائي والشمس القليوبي والصدر الأبشيطي الشافعيين والشمس الركراكي المالكي والجمال عبد الله بن العلاء الحنبلي في آخرين وأجازه الكثير منهم واشتغل يسيراً، وتكسب بالشهادة أولاً ثم باشر النقابة عند الجمال البساطي المالكي مدة وكذا عند البساطي يسيراً مع نقصه في الصناعة وسوء خطه، ثم تعانى الطب والكحل وخدم بالبيمارستان وباب الستارة وغيرهما مع أنه لم يكن بالبارع فيه أيضاً ومع هذا فكان إذا كان مع الفقهاء يقول قال أبقراط مشيراً لمعرفة الطب وحين يكون مع الأطباء يقول كتابي كتاب النووي مشيراً إلى الفقه. مات في جمادى الأولى سنة ست وستين وقد شاخ وضعف بصره بل أشرف على العمى سامحه الله.(4/151)
319 - محمد بن عبد الوهاب بن محمد ناصر الدين أبو عبد الله البارنباري القاهري الشافعي. ولد قبيل السبعين بيسير ببارنبار قرية بالمزاحميتين، وقدم القاهرة فاشتغل ومهر في الفقه والعربية والفرائض والحساب والعروض وغيرها ودرس وأفتى بالجمالية العتيقة محل سكنه بالقرب من رحبة الأيدمري، وكذا بالأزهر احتساباً، وكان فيما بلغني يقيم بثغر دمياط نصف السنة فيقرئ العلوم بها أيضاً في الجامع الزكي ويخطب بجامعها العتيق، وانتفع به الفضلاء في البلدين وكذا في المحلة وغيرها، وأخذ عنه غير واحد ممن لقيناه وتقي الدين بن وكيل السلطان منهم. وعمل لغزاً في دمياط أجاب عنه البدر الدماميني، وكان من خيار الناس له مدد وجلد، وناب عن حفيد الولي العراقي في مشيخة الجمالية الجديدة تصوفاً وتدريساً ثم وثب عليه الشمس البرماوي فانتزعها منه في جملة وظائف الحفيد ولبس للنيابة تشريفاً في أثناء سنة سبع وعشرين ولم يرع حق صاحب الترجمة مع ظهور استحقاقه ولم يلبث أن أصيب بفالج فأبطل نصفه واستمر به موعوكاً أكثر من أربع سنين إلى أن مات في ليلة الأحد حادي عشر ربيع الأول سنة اثنتين وثلاثين وقد أناف على الستين. ذكره شيخنا في إنبائه باختصار وتبعه المقريزي في عقوده رحمه الله وإيانا.
320 - محمد بن عبد الوهاب بن نصر الله بن حسن بن محمد الشرف أبو الطيب ابن التاج الفوي ثم القاهري الماضي أبوه وعمه حسن، ويعرف بابن نصر الله. ولد في ذي القعدة سنة سبع وتسعين وسبعمائة ونشأ في حجر السعادة وتعلم الكتابة واشتغل بالعلم وكتب الإنشاء وعظم في أيام الظاهر ططر بحيث ولاه نظر الكسوة وديوان الضرب وديوان الإشراف وغيرها، ومات في ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين بمرض السل، ذكره شيخنا في إنبائه. وقال غيره إنه كان شاباً جميلاً ممدحاً ربعة يسكن بالبندقانيبن له أصحاب وندماء وعنده فضل وأفضال ومكارم كثيرة وهمة ومروءة مع عدم ثروة بحيث أنه لما مات وجدت عليه ديون جمة. وهو في عقود المقريزي باختصار عفا الله عنه.
321 - محمد بن عبيدان البدر الدمشقي الشافعي. ولد قبل الخمسين؛ وتفقه وشهد عند الحكام وتميز، وأجازه البلقيني بالإفتاء، وولي قضاء بعلبك عن البرهان بن جماعة ثم قضاء حمص. ومات في ربيع الأول سنة اثنتين. ذكره شيخنا في إنبائه.
322 - محمد بن عبيد الله بن عوض بن محمد الأردبيلي الشرواني القاهري الحنفي الماضي أبوه وأخوه عبد الرحمن والآتي أخوهما البدر محمود ويعرف بابن عبيد الله. حفظ المجمع والبديع، وولي تدريس الأيتمشية والأبو بكرية وأم السلطان بعد أول أخويه، ومات سنة تسع عشرة.
323 - محمد بن عبيد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الصفي أبو بكر بن النور بن العلاء بن العفيف الحسيني الأيجي الشافعي شقيق العفيف عبد الرحمن وحبيب الله الماضيين وهذا أكبر الثلاثة، أمهم بديعة ابنة النور أحمد بن الصفي ولد في ثامن عشر ربيع الثاني سنة إحدى وسبعين وثمانمائة ونشأ في كنف أبويه فاشتغل عنده وعند عبد المحسن الشرواني في النحو والصرف وغيرهما، وأقام مع أبويه بمكة ولازمني في سنة ست وثمانين قراءة وسماعاً وكتبت له إجازة في التاريخ الكبير بعضها، ثم سافر مع أبيه إلى بلادهم وزوجه ابنة ابن عمه ورجع لمكة في موسم سنة أربع وتسعين.
324 - محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله قطب الدين بن محب الدين بن نور الدين الحسيني الأيجي ابن أخي الصفي والعفيف المذكورين في محليهما ووالد جلال الدين عبد الله أبي عابدة.
325 - محمد بن عبيد بن عبد الله المحب وقيل الزين بن القاضي الزين البشكالسي ثم القاهري المالكي وسماه العيني عبيداً فغلط. نشأ ذكياً فاشتهر ذكره بالفضل وكان يتعاشر مع جماعة من الفضلاء منهم عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن وفا فاتفق أنهم توجهوا لشاطيء النيل فركبوا شختوراً فانقلب بهم فغرقوا وذلك في سنة أربع عشرة. ذكره شيخنا في إنبائه. وقال أيضاً أن أباه كان من أعيان أهل مذهبه، وناب في الحكم وأفتى؛ وحدث عن القاضي عز الدين بن جماعة وغيره. قلت وكان صاحب الترجمة حياً في سنة خمس عشرة قرأ فيها الشفا على الشرف بن الكويك فيحرر مع ما تقدم؛ وسمع في سنة اثنتي عشرة على الفوى سنن الدارقطني بقراءة الكمال الشمني وشيخه ولقبه محب الدين.(4/152)
326 - محمد بن عبيد بن عمر الشمس الحسيني سكناً الخياط على باب جامع كمال من الحسينية. ممن سمع مني بالقاهرة.
327 - محمد بن عبيد بن محمد بن سليمان بن أحمد الشمس البشبيشي - بكسر الموحدتين ومعجمتين قرية بالقرب من المحلة - ثم المحلي ثم القاهري الشافعي نزيل مكة ويعرف بالبشبيشي. ولد تقريباً سنة سبع وثلاثين وثمانمائة ببشبيش ونشأ بها فقرأ بها بعض القرآن ثم أكمله بالمحلة وحفظ كتاب أبي شجاع والملحة عند ابن كتيلة والشاطبية وجود بعض القرآن عند الشهاب بن جليدة ونور الدين ابن الكريوني وغيرهما وتحول لمصر فنزل الأزهر وتلا به القرآن لأبي عمرو على إمامه وحضر دروس الشنشي والعبادي وقرأ على زكريا وموسى البرمكيني والبدر حسن الضرير وغيرهم بل أخذ عن العلم البلقيني ولازمه في دروسه ومواعيده وغيرها وعن قاسم وابن تقي الدين وأبي السعادات وغيرهم من البلاقنة وغيرهم كالمناوي وتلميذه الفخر المقسي، وسمع على الشاوي والكمال بن أبي شريف والخيضري في آخرين كعبد الرحمن الخليلي وابن حامد؛ وتلا على عبد الله بن عيسى الكردي الضرير لحمزة ولغالب السبع إفراداً وعلى الزين جعفر والجلال المرجوشي، وارتحل لمكة فجاور في سنة ثمان وخمسين، وتلا القرآن غير مرة على عمر الحموي النجار وبعضه على علي الديروطي والشريف الطباطبي وشهاب الدين القباقبي وكان حج في تلك السنة وآخرين كالشيخ عمر المرشدي؛ وحضر دروس الشوائطي وسمع على النجم عمر بن فهد ثم قطن مكة من سنة إحدى وستين، وسافر منها بعد السبعين إلى اليمن ثم بعد الثمانين إلى الحبشة وقرأ هناك الحديث وكذا سافر للحيلة والطائف ونحوهما كعدن وجملة كل ذلك بسبب الاسترزاق بالقراءة، وهو إنسان خير متودد مفيد محب في الفائدة راغب في كتابتها مع تقنع وتعفف واتقان لقراءة البخاري وكثير من أوجهه، وهو ممن لازمني بالقاهرة ثم بمكة وقرأ على غالب البخاري وغيره من تصانيفي وسمع علي ومني الكثير وعلق عني فوائد، وتكرر دخوله لليمن وهو على طريقته ونمطه في التقنع وكثرة التودد.
328 - محمد بن الفقيه عبيد الشمس المحلى - نسبة لمحلة منوف ولذا نسب منوفيا بل لم يشتهر بدونها - المالكي أحد قدماء أصحاب الشيخ مدين ممن اختلى عنده عدة خلوات وتهذب حتى أذن له في التلقين وتصدى لذلك بعده بالبلاد بل وبالقاهرة لكن قليلاً، وكان على قدم في العبادة والذكر والمراقبة إلا أنه من الدعاة لابن عربي المتظاهرين له. ومن شيوخه في العلم. مات في سنة سبع وثمانين أو التي بعدها عفا الله عنه.
329 - محمد بن عثمان بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق أبو عبد الله بن أبي سعيد المريني الماضي أبوه وصاحب فاس. استقر فيها بعد قتل أخيه في سنة ثلاث وعشرين كما تقدم.
330 - محمد بن عثمان بن أحمد الشمس الحموي ثم القاهري وكيل ابن الزمن والمتردد بمكة معه وبمفرده بل له دار بها ويكثر الطواف وبيده سبيل الملك المجاور لمدرسته.
331 - محمد بن عثمان بن إسرائيل الشمس أبو الجود - ويقولونها بلجود بفتح الموحدة كلمة واحدة - الخرباني البقاعي الشافعي مؤدب الأطفال بقرية خربة روحاء من البقاع. ولد قبل سنة سبعين وسبعمائة بالخربة وحفظ القرآن واشتغل بالفقه والقراآت وتصدى لتعليم الأبناء فانتفع به في حفظ القرآن وغيره، وذكر البقاعي أنه ممن قرأ عنده وأنه مات بالخربة في ذي الحجة سنة خمسين.(4/153)
332 - محمد بن عثمان بن أيوب بن داود الشمس أبو عبد الله بن الفخر اللؤلؤي الدمشقي الشافعي الكتبي. ولد سنة أربع وثمانين وسبعمائة بدمشق ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة في الفقه للشهاب الزهري والد تاج الدين وشذور الذهب والجرجانية وتصريف العزى واشتغل على الشمس البرماوي والحصني وناصر الدين التنكزي في آخرين وسمع على الجلال البلقيني وابن الشرائحي والشهاب بن حجي وجماعة منهم عائشة ابنة ابن عبد الهادي وهي أعلى شيوخه والفخر عثمان بن الصلف، ولازم ابن ناصر الدين فقرأ عليه كثيراً وكتب عنه الأسماء وتخرج به يسيراً ووصفه بالمحدث الفاضل؛ وارتحل معه إلى بعلبك فأخذ بها عن التاج بن بردس وأخيه العلاء، وحج في سنة أربع وعشرين ولقي هناك شيخنا وكذا أخذ عن ابن الجزري والتقي الفاسي وخليل بن هرون الجزائري بل كتب عن شيخنا ما أملاه في جامع بني أمية من دمشق، وتلقن الذكر من الخوافي، وزار بيت المقدس والخليل؛ وكان خيراً فاضلاً واعظاً حسن السمت كثير البر والإيثار والتواضع والمحبة في الطلبة والإحسان إليهم خصوصاً أهل الحديث لكثرة اختلاطه بهم حتى صارت فيه رائحة الفن خبيراً بالكتب متكسباً بالتجارة فيها بحانوت في باب البريد أحد أبواب الجامع الأموي، واعتنى بالجمع فعمل حادي القلوب الطاهرة إلى الدار الآخرة في ثلاث مجلدات كبار وتذكرة الأيقاظ في اختصار تبصرة الوعاظ والدر المنظم في مولد النبي المعظم كل منهما في مجلدين والدر النضيد في فضل الذكر وكلمة التوحيد والنجوم المزهرة في اختصار التبصرة كل منهما في مجلد كبير واللفظ الجميل بمولد النبي الجليل وزهر الربيع في معراج النبي الشفيع وتحفة الأبرار بوفاة المختار والدر المنثور في أحوال القبور ولوامع البروق في فضل البر وذم العقوق ونور الفجر في فضل الصبر وتحف الوظائف في اختصار اللطائف كل منها في مجلد وغيرها، وتكلم على العامة على طريق الوعظ ولذا جمع التآليف المشار إليها؛ لقيته بدمشق فقرأت عليه جزء أبي الجهم. ومات في جمادى الآخرة سنة سبع وستين ودفن من الغد بمقبرة باب الصغير وكانت جنازته حافلة ونعم الرجل كان رحمه الله وإيانا.
محمد بن عثمان بن أيوب أصيل الدين الإشليمي. يأتي فيمن جده عبد الله.
333 - محمد بن عثمان بن أبي بكر بن عبد الله بن ظهيرة بن أحمد بن عطية بن ظهيرة أبو الفتح القرشي المكي بن ظهيرة، وأمه شريفة زبيدية اسمها سلامة ابنة محمد. ولد سنة اثنتين وثلاثين وثمانمائة، وأجاز له في سنة ست وثلاثين من أجاز قريبه المحب محمد بن أبي حامد بن ظهيرة. ومات بمكة في رمضان سنة ثمان وسبعين.
334 - محمد بن عثمان بن حسين الشمس الجزيري - بفتح الجيم ثم زاي مكسورة - ثم القاهري الحنبلي الماضي أبوه. ولد تقريباً سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة ونشأ فحفظ القرآن والخرقي واليسير من المقنع ولازم قاضي مذهبه البدر السعدي ومن قبله حضر عند العز يسيراً وأخذ في الابتداء عن المحب بن جناق وقرأ في الأصول وغيره على الزين الأبناسي وكذا تردد إلي في كثير من الدروس وتزوج سبطة خالتي وجلس مع الشهود بل أذن له في العقود وبرع في الفقه والصناعة، وكان جيد الفهم حسن الإدراك متين العقل محباً للناس لكثرة تواضعه وتودده، وكتب جزءاً في الحيض أجاده وأرسل به إلى العلاء المرداوي بدمشق فقرضه وأذن له وكذا شرع في ترتيب فروع قواعد ابن رجب. مات في يوم السبت عاشر شعبان سنة ثمان وثمانين في الجسر وحول منه إلى بيته بالدرب الأصفر فغسل وكفن وصلي عليه في مشهد حسن ثم دفن بحوش البيبرسية عند أبيه وتأسف الناس على فقده وكان مترقباً في الفضل رحمه الله وعوضه وأمه الجنة. وخلف ولداً تزايد فحشه بحيث ضيع ما استقر فيه من جهات أبيه وصار نفطياً، وابنة يلطف الله بأمها فيها.(4/154)
335 - محمد بن عثمان بن سليمان بن رسول بن أمير يوسف بن خليل بن نوح المحب بن الشرف الكرادي الأصل - نسبة لكراد بفتح الراء الخفيفة قبيلة من التركمان ووهم العيني فنسبه تركمانياً - القرمي القاهري الحنفي والد أحمد وإبراهيم وأخو حسين الماضيين ويعرف بابن الأشقر لقب لوالده المترجم في المائة قبلها. ولد في سنة ثمانين وسبعمائة - وقيل قبلها - بالقاهرة بزاوية أرغون الأقرم بالصوة، ويقال أن أمه كانت بكرية ونشأ بها في كنف أبويه وانتفع فيما قيل بالجمال إسحاق الأشقر نزيل القدس ولزمه سنين في عدة علوم وذكر أنه كان يخدمه ويحمل ولده وانتمى ليشبك الناصري الكبير لوصيته به من أبيه فحفظ القرآن وغيره واشتغل يسيراً وسمع على الزين العراقي كما سمعته من شيخنا كثيراً كالصحيحين وكان هو يحكى فيما بلغني أن سماعه لهما كان بمجلس يشبك المذكور وأن الشيخ لم يكن يجلس إلا على طهارة فكان إذا حدث قطع القارئ القراءة حتى يتوضأ ولا يسمح بالمشي على بساط الأمير بدون حائل لكن قرأت بخطه على بعض الاستدعاآت سمعت البخاري على الزين العراقي بقراءة الشهاب الأشموني في سنة ثلاث وثمانمائة فالله أعلم، وأجاز له بأخرة ابن الجزري في استدعاء النجم بن فهد ولا أشك أن له أشياء عمن فوق هذه الطبقة لكن ما وقفت على ذلك، وكان شيخنا رام مني التخريج له فما تيسر في حياته؛ وأول ما تأهل استقر به يشبك المذكور عنده فيما قيل إماماً ورفع من جانبه بحيث لم يكن يرد له كلاماً ولذا قصد في القضاء فاشتهر ذكره ثم جهزه لمكة واليمن عقب موت الخواجا البرهان المحلي عن الناصر فرج في سنة ست وثمانمائة فضبط موجوده وأحر بولده معه فأقبلت عليه السعادة وتزوج أخته فتزايدت وجاهته، وناب في القضاء عن ابن العديم فمن بعده؛ واستقر في مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس في ربيع الأول سنة خمس عشرة برغبة شمس الدين محمد بن أوحد حين مرافعة صوفيتها فيه لمعرفته كما قال شيخنا بمحبة الناصر للمنزول له لحسن سياسته فأمضى له يلبغا الناصري نائب غيبة الناصر النزول فرسخت قدمه في سرياقوس وباشرها برياسة وحشمة وتودد وعقل، وبرز بعد استقراره بيسير من السنة للقاء المستعين بالله لكونه زوجاً لأخت زوجته المشار إليها فتلقي بالإكرام والتعظيم فتزايدت وجاهته وعلت مكانته، وأضيف إليه في الأيام الناصرية نظر جامع عمرو واستمر معه إلى أن سافر للحج فأخرج عنه حين أنهى إلى السلطان أنه أخذ مال الجامع فحج به فلما جاء بادر للاجتماع بالمستقر عوضه والتمس منه إرسال قاصد معه إلى خلوته بالشيخونية ليتسلم مال الجامع ففعل وظهرت براءته مما نسب إليه عند السلطان فمن دونه، ثم استقر في الأيام المؤيدية في نظر دار الضرب بدون خلعة فدام نحو سنة وابتهج السلطان بما ضرب في أيامه؛ وحج في أيامه أيضاً وزار بيت المقدس ودخل الشام، واتفق أن المؤيد وهو نظام قال له: ما فعل صهرك يعني الخليفة ثم كرر ذلك مرة بعد أخرى فقال له: أخت زوجته طالق ثلاثاً فعد ذلك من وفور عقله ليزيل تخيله. وصاهر شيخنا على ابنتيه واحدة بعد أخرى وحج بالأولى منهما وبرز مع والدها بعد انفصال الركب بعشرة أيام فأدركا الركب بالقرب من الحوراء. ولم يزل يترقى حتى استقر في كتابة السر بالديار المصرية في رجب سنة تسع وثلاثين بعد صرف ابن البارزي ورغب حينئذ لأكبر أولاده أحمد عن مشيخة الخانقاه السرياقوسية ثم استعفى عن كتابة السر في التي تليها وأعطاه السلطان نظر الخانقاه مع نظر جامعه هناك ولبس لهما كاملية، ثم في ربيع الثاني سنة اثنتين وأربعين استقر في نظر البيمارستان بعد وفاة النور بن مفلح وكان ينوب عن المحب فيه أخوه البدر حسين، ثم في أول أيام الظاهر جقمق استقر في نظر الجيش عوضاً عن الزيني عبد الباسط ثم انفصل عنه وهو غائب في الحج في سلخ ذي القعدة سنة ست وأربعين ثم أعيد إليه في شوال التي بعدها ثم صرف عن البيمارستان في ربيع الآخر سنة خمسين ثم عن الخانقاه نظراً ومشيخة ثم عن نظر الجيش، وأعيد لكتابة السر مرة بعد أخرى وكذا إلى الخانقاه نظراً ومشيخة وآل أمره إلى أن لزم بيته على نظر الخانقاه فقط حتى مات في يوم الثلاثاء ثاني عشر رجب سنة ثلاث وستين ودفن بتربة تجاه الناصرية فرج برقوق بعد أن أثكل ابناً له كان أعز عنده من سائر أولاده عوضهما الله الجنة ورحمه وإيانا. وكان(4/155)
رئيساً ديناً معظماً في الدول مع السكون والعقل والحشمة والوقار والاحتمال والمداراة، موصوفاً بالإمساك مع الثروة وبقلة البضاعة في العلم مع اشتغاله حتى بعد رياسته على الأئمة ممن كان يستدعي بهم عنده كالبساطي قبل دخوله في القضاء والشرواني بل أسكنه عنده بقراءته وقراءة غيره في الفقه وأصوله والعربية والعقائد وغير ذلك. أثنى عليه شيخنا في ترجمة أبيه من درره بقوله: كان حسن المعرفة بالأمور خبيراً بعشرة أهل الدولة وغيرهم قوى الرأي مسعود الحركات بل استخلفه في قضاء الديار المصرية سنة آمد فنظر في الأمور بسياسة وحسن تدبير وكذا أسند إليه المشارفة فيما أوصى بتفرقته من الثلث بعد موته؛ ووصفه بأخي في الله تعالى القاضي محب الدين ناظر الجيوش المنصورة رزقه الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، والثناء عليه مستفيض. وفي ترجمته من تصنيفي ذيل القضاة والمعجم والفوائد زوائد؛ وقد اجتمعت به غير مرة وسمعت عليه ختم البخاري وكذا سمع عليه غير واحد وأكرم في موطنين شريفين القارئ بما لم يتفق لغيره ممن حضرهما مع كونه أكرم وأسمح وحمد له هذا وذكر في سعة عقله وتأمله، وقرأ عليه البقاعي الصحيح أو غالبه بمنزله قصداً لنائله وبره وصار يروم منه المشي في خصوماته ويلح على عادته بحيث أنه تكلم معه في بعضها وهما في جنازة فما احتمل المحب هذا وقال له يال أخي وكم أماً تفتر وترجع إن هذا لعجيب.ً ديناً معظماً في الدول مع السكون والعقل والحشمة والوقار والاحتمال والمداراة، موصوفاً بالإمساك مع الثروة وبقلة البضاعة في العلم مع اشتغاله حتى بعد رياسته على الأئمة ممن كان يستدعي بهم عنده كالبساطي قبل دخوله في القضاء والشرواني بل أسكنه عنده بقراءته وقراءة غيره في الفقه وأصوله والعربية والعقائد وغير ذلك. أثنى عليه شيخنا في ترجمة أبيه من درره بقوله: كان حسن المعرفة بالأمور خبيراً بعشرة أهل الدولة وغيرهم قوى الرأي مسعود الحركات بل استخلفه في قضاء الديار المصرية سنة آمد فنظر في الأمور بسياسة وحسن تدبير وكذا أسند إليه المشارفة فيما أوصى بتفرقته من الثلث بعد موته؛ ووصفه بأخي في الله تعالى القاضي محب الدين ناظر الجيوش المنصورة رزقه الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة، والثناء عليه مستفيض. وفي ترجمته من تصنيفي ذيل القضاة والمعجم والفوائد زوائد؛ وقد اجتمعت به غير مرة وسمعت عليه ختم البخاري وكذا سمع عليه غير واحد وأكرم في موطنين شريفين القارئ بما لم يتفق لغيره ممن حضرهما مع كونه أكرم وأسمح وحمد له هذا وذكر في سعة عقله وتأمله، وقرأ عليه البقاعي الصحيح أو غالبه بمنزله قصداً لنائله وبره وصار يروم منه المشي في خصوماته ويلح على عادته بحيث أنه تكلم معه في بعضها وهما في جنازة فما احتمل المحب هذا وقال له يال أخي وكم أماً تفتر وترجع إن هذا لعجيب.(4/156)
336 - محمد بن عثمان بن صدقة بن علي بن محمد بن مخلص الدين عبد الله بن محمد الشمس المخلصي - نسبة لبلد بالعراق خرج منها جده عبد الله الشار مساحي - العطائي المولد - نسبة لقرية صغيرة بها ضريح لصالح مجاهد اسمه عطية - الدمياطي المنشأ الشافعي الماضي أبوه وجده نزيل القاهرة ويعرف بالدمياطي. ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة بقرية عطية وتحول منها وهو صغير لدمياط فحفظ بها القرآن والمنهاج وحضر كثيراً من دروس الشهاب الجديدي في المعينية وغيرها وقليلاً عند الفقيه علم الدين، ثم تحول إلى القاهرة فنزل زاوية ابن بكتمر المجاورة لزاوية الشيخ مدين من المقس. وحفظ الوردية ونصف ألفية ابن ملك ولازم ابن قاسم في أشياء منها المتوسط بقراءته والفخر عثمان المقسي في قراءة جمع الجوامع بل أخذ عنه الفقه في تقاسيمه وكذا أخذ في التقسيم عن العبادي والبدر بن القطان بل قرأ عليه في دروس الشيخونية وعن الجوجري حين تقسيمه سنة خمس بالأزهر وقرأ على البكري حاشيته على المنهاج وعلى الكمال بن أبي شريف شرح العقائد وحاشيته عليه وسمع عليه في حاشيته على شرح جمع الجوامع وفي تفسير البيضاوي بل أخذ عن الكافياجي من تفسير سورة النور إلى قوله تعالى في الفرقان " وأحسن تفسيراً " بقراءة ابن يوسف وقرأ على أبي حامد التلواني مقدمته في العربية المسماة كاشفة الكرب عن لفظ العرب غير مرة وبعض مؤلفه في التعبير، وأخذ في الأصول وغيره عن إمام الكاملية وقرأ المنهاج على البدر حسن الأعرج مع سماع أشياء في الفرائض والحساب وغيرهما وقرأ علي في شرح النخبة وفي البخاري وغير ذلك ولازمني في الإملاء وغيره وسمع بحضرتي على الجلال القمصي والشهابين الحجازي والشاوي في آخرين وكتب عدة من تصانيفي وأجاز له على حفيد الجمال يوسف العجمي؛ وتزايد اختصاصه بعبد الهادي السكندري وتدرب به وتميز قليلاً؛ وأجاز له ابن القطان والمقسي وأبو حامد في الإقراء وبعضهم في الإفتاء، وتكسب بالشهادة مع عقل وسكون وتعفف.
337 - محمد بن عثمان بن ظافر بن علي بن عبد الرحمن أبو عبد الله المغربي البجائي المالكي نزيل اسكندرية. ولد سنة سبع وعشرين وثمانمائة ببجاية وقرأ بها القرآن وتلاه لنافع على محمد بن زين الدين وعنه أخذ العربية والعروض وغيرهما وحضر في الفقه عند المشدالي والد أبي الفضل وغيره، وحج ودخل دمشق والقاهرة وطوف واستطاب اسكندرية فقطنها مدة وأقرأ المنصور حين إقامته بها في شرح الخزرجية ولقيته بها فكتبت عنه من نظمه، وكان إنساناً حسناً لديه فضل وأدب وتواضع مع تخيل وانجماع وأظهار لحب الخمول وعدم الشهرة، وبلغني أنه تزوج إمرأة فاتهم بقتلها وأودع السجن لذلك ثم أطلق بعد سعي شديد فمات من يومه وتوهم كثيرون أنه قتل نفسه وذلك بعد الستين؛ وفي معجمه من نظمه أشياء عفا الله عنه وإيانا.
338 - محمد بن عثمان بن الملك الأفضل عباس بن علي بن داود أسد الدين الأيوبي. استقر في زبيد حين خالف المماليك بها على المظفر وأقاموه ولقبوه المفضل أسد الدين ولكن لم يلبث حتى جهز إليه المظفر من قبض عليه وأدخل بعض الحصون فكان آخر العهد به؛ كل ذلك في سنة ست وأربعين.
339 - محمد بن عثمان بن عبد الله بن سكر بن محمد بن علي بن إسماعيل الشمس النبحاني - بفتح النون وسكون الموحدة بعدها مهلمة - البعلي ثم الدمشقي اعلحنبلي. ولد سنة خمس وثلاثين وسبعمائة وسمع الكثير، وحدث وأفاد، ومما سمعه المائة الفراوية ومعجم ابن جميع سمعهما على ابن الخباز وثانيهما على العرضي، وأجاز له الميدومي وغيره، وكان فاضلاً صالحاً ديناً خيراً متواضعاً لقيه شيخنا وما تيسر له الأخذ عنه وذكره في معجمه، وقال في إنبائه أنه جمع مجاميع حسنة منها كتاب في الجهاد وكا خطه حسناً ومباشرته محمودة. قال ابن حجي: جمع وألف وعبارته في تصانيفه جيدة. مات في رمضان سنة ثلاث بغزة وكان سافر إليها، وهو في عقود المقريزي رحمه الله.(4/157)
340 - محمد بن عثمان بن عبد الله - ويقال أيوب بدل عبد الله وهو أصح - أصيل الدين أبو عبد الله بن الفخر أبي عمرو بن النجم العمري - فيما قيل - الإشليمي ثم القاهري الشافعي والد الشهاب أحمد بن أصيل الماضي. ولد بعد سنة أربعين بإشليم. ولما ترعرع تعانى القرآن ثم اشتغل قليلاً في الفقه والعربية وتلا للسبع، ومن شيوخه في الفقه ابن الملقن والبلقيني، ورأيت إذن أولهما له بالتدريس والإفتاء ووصفه بالعالم العلامة ذي الفنون أقضى القضاة مفتي المسلمين جمال المدرسين، وأثنى على صحيح ذهنه وأطال الإجازة وأرخها في سنة ثمانين وشهد عليه التقي الزبيري والشمس الغماري؛ وتكسب بالشهادة ولازم الصدر بن رزين خليفة الحكم فرقاه لنيابة الحكم؛ ثم حسن له الصدر المناوي السعي في القضاء الأكبر حين كان متوليه التقي الزبيري بحيث كان ذلك وسيلة لعود الصدر بعد صرف الزبيري ولرغبتهم في دراهم صاحب الترجمة التي استدانها لذلك عوضوه بقضاء دمشق فوليه في شعبان سنة إحدى وثمانمائة في أواخر دولة الظاهر فباشره قليلاً نحو مائة يوم فلم تحمد سيرته ولم يلبث أن مات الظاهر وسعى الأخنائي حتى عاد وصرف هذا ورجع إلى القاهرة ونالته محنة بسبب الديون التي تحملها وسجن بالصالحية مدة ثم أطلق، وكان له استحضار ليسير من السيرة النبوية ومن شرح مسلم فكان يلقى درسه غالباً من ذلك لكونه لا يستحضر من الفقه إلا قليلاً، ولذا لما دخل على البلقيني بعد ولايته قال له:
ما أنت بالحكم الترضي حكومته ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل
مات في أواخر ذي الحجة سنة أربع عن ستين سنة فأكثر؛ ذكره شيخنا في إنبائه باختصار عن هذا وكذا المقريزي في عقوده.
341 - محمد بن عثمان بن عبد الله ناصر الدين أبو الحسن وأبو عبد الله بن فخر الدين المصري الشاذلي الشافعي صهر الزين العراقي ويعرف بابن النيدي. هكذا سمي والده فيما كتبه بخطه عثمان، والذي في عرضه فخر الدين فخر، وكذا اقتصر عليه شيخنا في إنبائه فقال: محمد بن الفخر فكأنه غيره حتى لا يعرف أن أصله من القبط. ولد في العشر الأخير من ذي الحجة سنة إحدى وسبعين وسبعمائة وكان أبوه تاجراً فنشأ هو محباً في العلم وحفظ القرآن والمنهاج الفرعي والأصلي وألفية ابن ملك، وعرض على الأبناسي وابن الملقن والبلقيني والشمسين ابن القطان وابن المكين البكري وأجازوا له؛ وسمع على عزيز الدين المليجي صحيح البخاري وعلى الزين بن الشيخة مسند الشافعي وعليه قرأ البداية للغزالي والأربعين لإمام الدين وعلى التنوخي مسندي عبد والدارمي بفوت في ثانيهما وعلى العراق والهيثمي أشياء منها التاسع عشر وغيره من أمالي ابن الحصين وسمع على الفخر القاياتي الجزء العشرين من الخلعيات بقراءة شيخنا وكذا سمع على الولي العراقي والفوي والطبقة بل ذكر أنه سمع على ابن رزين أيضاً صحيح البخاري وعلى البلبيسي صحيح مسلم بل كتب عن الزين العراقي من أماليه، وحج وجاور وكان موصوفاً بالعلم والتفنن والمهارة في العربية وحدث سمع منه الفضلاء، واستجازه الزين رضوان لابنه عبد الرحمن؛ وصاهر الزين العراقي على ابنته ثم ماتت فتزوج بركة ابنة أخيها الولي ومات وهي في عصمته وذلك في يوم الأحد سابع رمضان سنة سبع وثلاثين بالقاهرة وصلي عليه وعلى سميه ناصر الدين محمد بن تيمية معاً وكانا صديقين، تقدم الناس شيخنا، ودفن بالصحراء رحمهما الله. وخلف ولدين، وكان معروفاً بكثرة المال فلم يظهر له شيء؛ ذكره شيخنا في إنبائه باختصار.(4/158)
342 - محمد بن عثمان بن علي بن عثمان بن علي بن عثمان بن سعد بن أبي المعالي الشمس بن الفخر الدمشقي ثم المزي القاهري الشافعي ابن عم إبراهيم بن أحمد الماضي ويعرف بالرقي. ولد في سنة اثنتين وستين وسبعمائة بالمزة ونشأ بها فقرا في صوفية البيبرسية، وكان يذكر أنه سمع الصحيح على الحافظ ابن المحب ومحيي الدين الرحبي والشمس محمد بن السراج بدمشق وليس ببعيد سيما وقد كان خيراً نيراً حسن الشيبة مع السكون والانعزال ولذا أخبرته حين شهد ختم الصحيح بقراءتي بناءً على غلبة الظن وأجاز وكتب بخطه، وتعانى التجارة في الأشياء الظريفة كالملاليح والملاعق ونحوها لشدة دربته في ذلك وحوزه لكثير من آلات الصنائع التي لا توجد عند غيره وكذا كان يتكلم على أوقاف جامع المارداني نيابة وحمدت سيرته. مات قريب الخمسين ظناً.
343 - محمد بن عثمان بن علي الشمس الدمشقي الشافعي ويعرف بابن الحريري. أخذ القراآت عن ابن النجار والقباقبي وغيرهما وقال أنه أخذ عن العلاء البخاري وشيخنا وابن المحمرة وابن ناصر الدين والشمس الصفدي الحنفي وأبي العباس القدسي، ولقيه النوبي في سنة ست وستين بدمشق فقرأ عليه وكذا ابن القصبي اليسير بالمدينة.
344 - محمد بن الفخر عثمان بن علي الشمس المارديني ثم الحلبي الشافعي الأبار وهي رحفته والد عبد القادر الماضي. ذكر لي أن أباه حفظ الحاوي بعد التنبيه وغيرهما وتفقه وأخذ في العربية وغيرها عن البدر بن سلامة وأخيه شهاب الدين وسمع على البرهان الحلبي؛ وكتب على المنهاج شرحاً في أربعة عشر مجلداً بقي منه نحو مجلد وعلى الورقات في الأصول بل عمل على البخاري حاشية في ثلاث مجلدات، وكان صالحاً خيراً سليم الصدر. مات في رجوعه من الحج ببدر وحمل إلى الفارعة فدفن بها في سنة إحدى وسبعين وقد جاز الخمسين رحمه الله.
345 - محمد بن عثمان بن علي السيلاوي - نسبة للسيلة - بلد بنابلس الحنبلي ثم القاهري؛ ممن سمع مني بالقاهرة.
346 - محمد بن عثمان بن علي الصالحي العلاف ويعرف بابن الضرير. سمع في سنة أربع وتسعين وسبعمائة على عبد الرحمن بن محمد بن الرشيد والعماد أبي بكر بن أحمد بن عبد عبد الهادي وفي التي تليها على أحمد بن محمد بن راشد بن خطليشا وعبد الله بن خليل الحرستاني وأحمد بن إبراهيم بن يوسف وحدث سمع منه الفضلاء ابن فهد وغيره، وكان يتكسب بحانوت قريب الشركسية من الصالحية مات قبل الخمسين ظناً.
347 - محمد بن عثمان بن عيسى بن سليمان الشمس البرمي العلجوني الأصل الصالحي المولد الدمشقي الحنبلي الكتبي؛ سمع مني.
348 - محمد بن عثمان بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم البدر بن الفخر بن التاج السلمي المناوي ثم القاهري الشافعي أخو البهاء أحمد الماضي، استقر شريكاً له بعد موت أبيهما في تداريسه ورأيت بخطه أنه يروي عن ابن عم والده الصدر المناوي. والظاهر أنه من أهل هذا القرن ثم رأيت من عرض عليه سنة ثلاث وثمانمائة.
349 - محمد بن عثمان بن محمد بن عثمان صلاح الدين بن الفخر الديمي الأصل القاهري الشافعي سبط أحمد بن عبد الواحد البهوتي الماضي وأبوه. ولد تقريباً سنة خمس وسبعين وثمانمائة؛ وحفظ القرآن والعمدة والمناجين والألفيتين والشاطبيتين، وعرض علي في جملة الجماعة؛ وتولع بطريقة والده ولازمه فيها، وخالقه في سكونه وعدم تعرضه للفضلاء مع فطنة وذكاء؛ ولازمني في أشياء منها شرحي للألفية بحيث قرأ علي نحو النصف منه وكذا كان يقرأ علي أشياء مما يتوجه لجمعه كتعليق على التذكرة لابن الملقن؛ وأجل شيوخه في الفقه الشمس البامي وكذا قرأ على الكمال بن أبي شريف وأخيه قليلاً وابن قاسم وحسن الأعرج والسنتاوي وفي الفرائض والحساب على البدر المارداني، وتميز قليلاً مع نوع وسواس وخفة، وحج مع أمه في سنة خمس وتسعين.
350 - محمد بن عثمان بن محمد بن أبي فارس المسعود بالله بن صاحب تونس المتوكل على الله الماضي أبوه. ولد في سلطنة أبيه أو بعدها بيسير وكان ولي عهده من بعده وأجل أولاده، أثنى عليه بعض من لقيه وأنه من أعيان الملوك ورؤسائهم اشتمل على بر وخير ومحبة للأدباء وأهل الفضل مع ميل للهو بل قيل أنه رجع عنه.(4/159)
351 - محمد بن عثمان بن محمد السلمي السويدي ثم الدمشقي. سمع من ابن الشيرجي جزء الأنصاري ومن علي بن موسى الصفدي والتقي بن رافع وجماعة ووقع في الحكم في ولاية البلقيني لقضاء دمشق وفاق أقرانه في ذلك. قال ابن حجي: كان صحيح العدالة محرراً عارفاً بالشروط انفرد بذلك في وقته مع حسن خطه وجودة ضبطه. وقد حدث قليلاً. مات في ربيع الأول سنة خمس عشرة، ذكره شيخنا في إنبائه.
352 - محمد بن عثمان بن موسى بن محمد ناصر الدين أبو عبد الله الإسحاقي الأصل - نسبة لمحلة إسحاق بالغربية - القاهري المالكي جد الرضي محمد بن محمد صهر الحنبلي ويعرف بالإسحاقي. ممن اشتغل عند الشيخ خليل وغيره، وكتب بخطه الكثير بل جمع كتاباً في الأصول، وحج وناب في القضاء بل يقال إن الشمس المدني استخلفه في بعض غيباته. مات تقريباً سنة عشر وقد زاد على التسعين. أفاده حفيده.
353 - محمد بن عثمان بن يوسف الشمس العاصفي ثم القاهري الأزهري الشافعي شيخ رواق الريافة من الأزهر ويعرف بالعاصفي. تلقن الذكر من إبراهيم الأدكاوي وألبسه الطاقية وأذن له كما قرأته بخطه بل سمع الشفا على الكمال بن خير وكذا سمع على ناصر الدين الفاقوسي وعائشة الكنانية وغيرهما، واشتغل وكان أحد صوفية سعيد السعداء مباركاً خيراً، لقيته كثيراً وتلقنت منه. مات وقد جاز السبعين ظناً في شعبان سنة أربع وسبعين بعد تعلله مدة وإعراضه عن المشيخة رحمه الله وإيانا. محمد بن عثمان أصيل الدين الإشليمي. فيمن جده عبد الله محمد بن عثمان الشمس الدمشقي الشافعي ويعرف بالأخنائي كذا في معجم التقي بن فهد وصوابه محمد بن محمد بن عثمان وسيأتي 354 محمد بن عثمان الشمس القاهري الواعظ ويعرف بابن خلد. مات في يوم السبت ثالث المحرم سنة اثنتين وتسعين.
محمد بن عثمان الشافعي. هو ابن عثمان بن محمد بن إسحاق مضى.
355 - محمد بن عجلان بن رميثة بن أبي نمى الحسني المكي، ذكره شيخنا في إنبائه مؤرخاً له في سنة اثنتين وثمانمائة وقال ناب في إمرة مكة ثم كحل بعد موت أخيه أحمد واستمر خاملاً، وقد دخل اليمن مسترفداً صاحبها وجهز معه المحمل في سنة ثمانمائة فرافقته وسلمنا من العطش الذي أصاب أكثر الحاج تلك السنة بمرافقة صاحب الترجمة لكونه سار بنا من جهة وخالفه أمير الركب فسار من الجهة المعتادة فلم يجدوا ماءً فهلك الكثير منهم. وطول الفاسي ترجمته؛ وذكره المقريزي في عقوده وأنه مات في ثاني عشر ربيع الأول.
356 - محمد بن عجلان شيخ العرب. هو المعين للظاهر تمربغا في خروجه من دمياط ولم يتم لهما أمر بل أمسكا وأودع هذا البرج مدة ثم أفرج عنه. ومات ظناً في أول سنة ثمان وثمانين أو أواخر التي قبلها بعد معاقبة تغري بردى الاستادار له.
357 - محمد بن عرام الشمس الميموني الأصل البرلسي المالكي. أخذ الفقه واصوله عن محمد الرباحي والفقه والفرائض والعربية عن يحيى المغربي الفرضي والعربية والصرف والأدب عن الزين خلف والد أبي النجا في آخرين منهم بالقاهرة الزين عبادة، وحج وتميز في الفضيلة وأقرأ الطلبة فانتفع به جماعة كالبدر حسن الشورى وأفادني ترجمته وأنه كان ينسج على النول على طريقة جميلة من الديانة والورع. مات سنة ثلاث وخمسين بالبرلس رحمه الله.
358 - محمد بن عرفة الحلبي الأصل المدني الشافعي، ممن سمع مني بالمدينة. ومات سنة إحدى وتسعين.(4/160)
359 - محمد بن عطاء الله بن محمد واختلف فيمن بعده فقيل أحمد بن محمود بن الإمام فخر الدين محمد بن عمر وقيل محمود بن أحمد بن فضل الله بن محمد الشمس أبو عبد الله بن أبي الجود وأبي البركات الرازي الأصل الهروي. هكذا كان يزعم أنه من بني الفخر الرازي، قال شيخنا: ولم نقف على صحة ذلك ولا بلغنا من كلام أحد من المؤرخين إنه كان للإمام ولد ذكر فالله أعلم. ولد بهراة سنة سبع وستين وسبعمائة واشتغل في بلاده حنفياً ثم تحول شافعياً وأخذ عن التفتازاني وغيره واتصل بتمرلنك على هيئة المباشرين، ثم حصل له منه جفاء فتحول لبلاد الروم مملكة ابن عثمان فقام عليه ابن الفنري حتى إنفصل عنها بعد يسير، وقدم القدس سنة أربع عشرة فحج وعاد غليه في التي بعدها فاتفق قدوم نوروز صاحب مملكة الشام القدس فيها وقد اشتهر أمره بها وأشاع أتباعه أنه يحفظ الصحيحين وأنه إمام الناس في المذهب الشافعي والحنفي وفي غيره من العلوم على جاري عادة العجم في التفخيم والتهويل بحيث كان حاملاً لنوروز على الاجتماع به فراج عليه سيما لما حدثه عن ملوك الشرق فولاه تدريس الصلاحية به بعد الشهاب ابن الهائم فباشرها ولم يلبث أن دخل المؤيد القدس بعد قتله نوروز فراج أمره عليه أيضاً وعظم في عينيه فأقره على الصلاحية. ولما رجع لمصر هاداه الهروي وكاتبه وسأله في القدوم عليه فأذن له فقدم القاهرة في صفر سنة ثماني عشرة بعد أن خرج الطنبغا العثماني لتلقيه وصعد به إلى القلعة وبالغ السلطان في إكرامه وأجلسه عن يمينه ثم أنزله بدار أعدت له وأنعم عليه بفرح بسرج ذهب وقماش ورتب له في كل يوم ثلاثين رطل لحم ومائتي درهم وتبعه كثير من الأمراء والمباشرين والأعيان في إكرامه بالهدايا الوافرة فتزايد اشتهار الدعاوى العريضة منه وأنه يحفظ عن ظهر قلب صحيح مسلم بأسانيده وصحيح البخاري متناً بلا إسناد بل تارة يقول أنه يحفظ إثني عشر ألف حديث بأسانيدها فعقد له المؤيد مجلساً بين يديه بالعلماء وألزم بإملاء اثني عشر حديثاً متباينة فلم يفطن لذلك ولا عرف المراد به ولا أملى ولا حديثاً واحداً بل لم يورد حديثاً إلا وظهر خطأه فيه بحيث ظهر لمن يعتمد مجازفته وأن كل ما ادعاه لا صحة له وما أمكنه إلا التبري مما نسب إليه وكان مما وقع أنه سئل عن سنده بصحيح البخاري فقال حدثني به شيخنا الشمس علي بن يوسف عن شيخ يقال له أبو الفتح عمر مائة وعشرين سنة عن البوشنجي شيخ عاش مائة وثلاثين سنة عن أبي الوقت ثم ناقض ذلك لما ولي القضاء بالقاهرة في سنة إحدى وعشرين حيث رواه عن أبيه عن أبي البركات عطاء الله ليحاكي في ذلك رواية القاضي جلال الدين عن أبيه وإن والده أبا البركات سمعه من شيخ يقال له عبد الكريم الهروي بسماعه من أبي الفتح البوشنجي عن ابي الوقت، وناقضهما في سنة موته فإنه كتب للتقي الفاسي إنه قرأه على العلامة الزي عبد السلام بن محمد بن عبد العزيز الأبرقوهي قال حدثنا الإمام المعمر شارح السنة أبو المعالي أحمد بن عبد الوهاب بن يحيى البخاري ثنا الإمام التقي أبو بكر بن علي بن خلد البكري وكتب له أيضاً أنه حدثه به الإمام الزين أبو القسم إسماعيل بن أحمد التكريتي أنا الإمام العلاء أبو البركات علي بن يوسف بن إسحاق الكازروني أنا الشيخ جلال الدين محمود بن عبد السلام الحصني وكتب له أيضاً أنه حدثه به أبو الفتح القسم بن أحمد المرغيناني ثنا الشيخ جمال الدين عبد الرحيم بن الحسن الأنصاري أنا الشيخ بدر الدين حسن بن عبد القوي المدني الثلاثة عن أبي الوقت. وكتب بخطه أيضاً في سنة خمس عشرة للجمال بن موسى المراكشي أنه سمعه على الشمس علي بن يوسف بن محمد بن أحمد بن عبد الكريم الكازروني بسماعه له على ناصر الدين محمد بن غسماعيل بن أبي القسم الفارقي عن ابن أبي الذكر عن الزبيدي، وحدث في بيت المقدس بصحيح مسلم عن نور الدين أبي زكريا يحيى بن حسن بن أحمد النيسابوري قراءة وسماعاً عن شمس الدين أبي القسم محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الأسحاقابادي النيسابوري سماعاً ثنا أبو الفتح منصور الفراوي بسنده، وقال إنه في غاية العلو كان بيننا وبين مسلم سبعة وكلهم نيسابوريون. وبعد عقد المجلس بقليل ولي نظر القدس والخليل مع تدريس الصلاحية وتوجه لمباشرة ذلك ثم قدم في سلخ ربيع الأول سنة إحدى وعشرين واجتمع بالسلطان فأكرمه وأجرى(4/161)
عليه راتبه وأتته الهدايا من الأمراء ونحوهم؛ ولم يلبث أن غضب السلطان على الجلال البلقيني فاستقر بالهروي في يوم الثلاثاء تاسع عشري جمادى الأولى منها عوضه ونزل معه جقمق الدوادار وقطلو بغا التنمي رأس نوبة في آخرين من الأمراء وغيرهم من القضاة والأعيان حتى حكم بالصالحية على العادة وتوجه لداره فسار سيرة غير مرضية وظهرت منه في القضاء أمور كثيرة واقتضت النفرة منه من الطمع والمجازفة ثم اجتمع جمع من أهل بيت المقدس فرفعوا عليه أشياء عاملهم بها لما كان ناظراً عليهم فثبت عليه مال كثير وألزم به. قال ابن قاضي شهبة وتعصب عليه جماعة البلقيني فصرف قبل استكمال سنة في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين مع إهانته وجمع من الخاصة بحيث لزم بيته لا يجتمع بأحد إلى أن رسم له بالعود إلى القدس على تدريس الصلاحية فسافر في عاشر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين ولم ينفك عن دعواه ولكن لكسر شوكته داهن الناس وداهنوه، ثم قدم القاهرة بعد موت المؤيد ولم تطل إقامته ورجع إلى القدس ثم سعى حتى قدم القاهرة أيضاً في صفر سنة سبع وعشرين فولي في تاسع ربيع الآخر منها كتابة السر عوضاً عن الجمال يوسف الكركي ولم يلبث أن انفصل في حادي عشر جمادى الآخرة عنها وأعيد بعد أشهر في ثامن ذي القعدة لقضاء الشافعية فلم ينفك عن سيرته الأولى فصرف في ثالث رجب سنة ثمان وعشرين وفر هارباً ممن له ظلامة فما طلع خبره إلا في بيت المقدس فاستمر به على تدريس الصلاحية؛ وحج فيها ثم عاد إلى بيت المقدس وأشاع أنه تزهد ولبس ثياب الفقراء وتبرأ من زي الفقهاء ثم في أثناء السنة التي تليها ظهر بطلان ذلك فإنه ورد منه كتاب إلى السلطان يستدعي منه الإذن في الحضور إلى القاهرة ليبدي له نصيحة فلم يؤذن له في الحضور وأجيب بأن يكتب بالنصيحة فإن كان لها حقيقة أذن له في الحضور فلم يعد جوابه إلى أن ورد الخبر بموته في يوم الاثنين تاسع عشر ذي الحجة سنة تسع وعشرين وقد جاز الستين بقليل. وقد ذكره شيخنا في معجمه وقال عقب إيراد الأسانيد التي كتبها للفاسي: والذي أحلف به أنه لا وجود لأحد من هؤلاء التسعة في الخارج والسلام؛ وأقول في سند مسلم أيضاً أنه من أبطل الباطل ثم قال وقد سمعت من فوائده كثيراً لكنه كان كثير المجازفة جداً اتفق كل من عرفه أنهم لم يروا أسرع ارتجالاً منه للحكايات المختلقة وذكر لي عنه الزين القلقشندي والبدر الأقصرائي وسهل بن أبي اليسر وغيرهم من ذلك العجائب وشاهدت منه الكثير من ذلك. وذكره في إنبائه محيلاً على الحوادث ووصفه في فتح الباري بالعالم. وقال ابن قاضي شهبة: كان إماماً عالماً غواصاً على المعاني يحفظ متوناً كثيرة ويسرد جملة من تواريخ العجم مع الوضاءة والمهابة وحسن الشكالة والضخامة ولين الجانب على ما فيه من طبع الأعاجم ولقد سمعت الشهاب بن حجي يثني عليه ويتعجب من سرده لتواريخ العجم. وقال الجمال الطيماني أنه يحل الكتب المشكلة ويتخلص فيها وصنف شرح مسلم وغيره وبني بالقدس مدرسة ولم تتم. وقال العيني: كان عالماً فاضلاً متفنناً له تصانيف كشرح مشارق الأنوار وشرح صحيح مسلم يعي المسمى فضل المنعم وشرح الجامع الكبير من أوائله ولم يكمله وكان قد أدرك الكبار مثل التفتازاني والسيد وصارت له حرمة وافرة ببلاد سمرقندر وهراة وغيرهما حتى كان اللنك يعظمه ويحترمه ويميزه على غيره بحيث يدخل عنده في حريمه ويستشيره وربما كان يرسله في مهماته ولذا قيل إنه وزيره وليس كذلك، وقدم في زمن الناصر فرج وتوطن القدس، إلى أن قال: ولم يخلف سوى زوجته وهي وسطوة في وظائفه غير أنه لم يكن مشكوراً من غير علة ظاهرة فيه. وقال المقريزي أنه ولي القضاء وكتابة السر فلم ينجب وكان يقرئ في المذهبين ويعرف العربية وعلمي المعاني والبيان ويذاكر الأدب والتاريخ ويستحضر كثيراً من الأحاديث والناس فيه بين غال ومقصر وأرجو أن يكون الصواب ما ذكرته. وقال وغيره: كان شيخاً ضخماً طوالاً أبيض اللحية مليح الشكل إلا أن في لسانه مسكة إماماً بارعاً في فنون من العلوم له تصانيف تدل على غزير علمه واتساع نظره وتبحره في العلوم منصفا للحنفية إلى الغاية صادعاً بالحق تاركاً للتعصب، وكان يركب بعد ولايته البلغة بهيئة الأعاجم بفرجية وعذبة مرخية على يساره فأقام مدة ثم لبس زي قضاة مصر، وساق الأبيات التي وجدها المؤيد وأولها:عليه راتبه وأتته الهدايا من الأمراء ونحوهم؛ ولم يلبث أن غضب السلطان على الجلال البلقيني فاستقر بالهروي في يوم الثلاثاء تاسع عشري جمادى الأولى منها عوضه ونزل معه جقمق الدوادار وقطلو بغا التنمي رأس نوبة في آخرين من الأمراء وغيرهم من القضاة والأعيان حتى حكم بالصالحية على العادة وتوجه لداره فسار سيرة غير مرضية وظهرت منه في القضاء أمور كثيرة واقتضت النفرة منه من الطمع والمجازفة ثم اجتمع جمع من أهل بيت المقدس فرفعوا عليه أشياء عاملهم بها لما كان ناظراً عليهم فثبت عليه مال كثير وألزم به. قال ابن قاضي شهبة وتعصب عليه جماعة البلقيني فصرف قبل استكمال سنة في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين مع إهانته وجمع من الخاصة بحيث لزم بيته لا يجتمع بأحد إلى أن رسم له بالعود إلى القدس على تدريس الصلاحية فسافر في عاشر ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين ولم ينفك عن دعواه ولكن لكسر شوكته داهن الناس وداهنوه، ثم قدم القاهرة بعد موت المؤيد ولم تطل إقامته ورجع إلى القدس ثم سعى حتى قدم القاهرة أيضاً في صفر سنة سبع وعشرين فولي في تاسع ربيع الآخر منها كتابة السر عوضاً عن الجمال يوسف الكركي ولم يلبث أن انفصل في حادي عشر جمادى الآخرة عنها وأعيد بعد أشهر في ثامن ذي القعدة لقضاء الشافعية فلم ينفك عن سيرته الأولى فصرف في ثالث رجب سنة ثمان وعشرين وفر هارباً ممن له ظلامة فما طلع خبره إلا في بيت المقدس فاستمر به على تدريس الصلاحية؛ وحج فيها ثم عاد إلى بيت المقدس وأشاع أنه تزهد ولبس ثياب الفقراء وتبرأ من زي الفقهاء ثم في أثناء السنة التي تليها ظهر بطلان ذلك فإنه ورد منه كتاب إلى السلطان يستدعي منه الإذن في الحضور إلى القاهرة ليبدي له نصيحة فلم يؤذن له في الحضور وأجيب بأن يكتب بالنصيحة فإن كان لها حقيقة أذن له في الحضور فلم يعد جوابه إلى أن ورد الخبر بموته في يوم الاثنين تاسع عشر ذي الحجة سنة تسع وعشرين وقد جاز الستين بقليل. وقد ذكره شيخنا في معجمه وقال عقب إيراد الأسانيد التي كتبها للفاسي: والذي أحلف به أنه لا وجود لأحد من هؤلاء التسعة في الخارج والسلام؛ وأقول في سند مسلم أيضاً أنه من أبطل الباطل ثم قال وقد سمعت من فوائده كثيراً لكنه كان كثير المجازفة جداً اتفق كل من عرفه أنهم لم يروا أسرع ارتجالاً منه للحكايات المختلقة وذكر لي عنه الزين القلقشندي والبدر الأقصرائي وسهل بن أبي اليسر وغيرهم من ذلك العجائب وشاهدت منه الكثير من ذلك. وذكره في إنبائه محيلاً على الحوادث ووصفه في فتح الباري بالعالم. وقال ابن قاضي شهبة: كان إماماً عالماً غواصاً على المعاني يحفظ متوناً كثيرة ويسرد جملة من تواريخ العجم مع الوضاءة والمهابة وحسن الشكالة والضخامة ولين الجانب على ما فيه من طبع الأعاجم ولقد سمعت الشهاب بن حجي يثني عليه ويتعجب من سرده لتواريخ العجم. وقال الجمال الطيماني أنه يحل الكتب المشكلة ويتخلص فيها وصنف شرح مسلم وغيره وبني بالقدس مدرسة ولم تتم. وقال العيني: كان عالماً فاضلاً متفنناً له تصانيف كشرح مشارق الأنوار وشرح صحيح مسلم يعي المسمى فضل المنعم وشرح الجامع الكبير من أوائله ولم يكمله وكان قد أدرك الكبار مثل التفتازاني والسيد وصارت له حرمة وافرة ببلاد سمرقندر وهراة وغيرهما حتى كان اللنك يعظمه ويحترمه ويميزه على غيره بحيث يدخل عنده في حريمه ويستشيره وربما كان يرسله في مهماته ولذا قيل إنه وزيره وليس كذلك، وقدم في زمن الناصر فرج وتوطن القدس، إلى أن قال: ولم يخلف سوى زوجته وهي وسطوة في وظائفه غير أنه لم يكن مشكوراً من غير علة ظاهرة فيه. وقال المقريزي أنه ولي القضاء وكتابة السر فلم ينجب وكان يقرئ في المذهبين ويعرف العربية وعلمي المعاني والبيان ويذاكر الأدب والتاريخ ويستحضر كثيراً من الأحاديث والناس فيه بين غال ومقصر وأرجو أن يكون الصواب ما ذكرته. وقال وغيره: كان شيخاً ضخماً طوالاً أبيض اللحية مليح الشكل إلا أن في لسانه مسكة إماماً بارعاً في فنون من العلوم له تصانيف تدل على غزير علمه واتساع نظره وتبحره في العلوم منصفا للحنفية إلى الغاية صادعاً بالحق تاركاً للتعصب، وكان يركب بعد ولايته البلغة بهيئة الأعاجم بفرجية وعذبة مرخية على يساره فأقام مدة ثم لبس زي قضاة مصر، وساق الأبيات التي وجدها المؤيد وأولها:(4/162)
يا أيها الملك المؤيد دعوة ... من مخلص في حبه لك يفصح
وأن غالب الفقهاء تعصبوا عليه وبالغوا في التشنيع ورموه بعظائم، الظن براءته عن أكثرها وادعى عليه بمال بعض الأوقاف وتوجهوا به ماشياً ومنعوه من الركوب إلى غير ذلك مما بسط في الحوادث؛ وكان معدوداً من أعيان الأئمة العلماء لكنه لم يرزق السعادة في مناصبه لأنه كان ظنيناً بنفسه معجباً بها إلى الغاية فعجزه الله. قلت وقد قرئ عليه شرحه لمسلم وكذا صنف شرحاً على المصابيح وحدثنا عنه غير واحد منهم الأبي وسمع منه ابن موسى وغيره وحكى لنا الزين البوتيجي من مباسطاته؛ وهو في عقود المقريزي مبسوطاً رحمه الله وإيانا.
360 - محمد بن عطية بن أحمد بن جار الله بن زائد السنبسي المكي. مات بها في ربيع الأول سنة ثمان وستين. أرخه ابن فهد.
361 - محمد بن عطية بن محمد بن أبي الخير محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن فهد أبو الخير الهاشمي المكي. مات بها قبل استكماله سنة في المحرم سنة اثنتين وأربعين.
362 - محمد أبو سعد أخوه ويلقب فهداً أيضاً مات قبل السنة أيضاً في رجب سنة ست وثلاثين.
363 - محمد بن عطية. كان يخدم بردداراً عند جانم الأشرفي بحلب ثم بالشام وبعده استقر فيها أيضاً عند تنم المؤيدي وساءت سيرته فأمسكوه بعده وادعى عليه بما يوجب الكفر وخرج لتقام البينة فهجم العامة وسحبوه من رسله ثم ضربه بعضهم بسكين فقتله ثم أحرق وذلك في جمادى الآخرة سنة ثمان وستين غير مأسوف عليه فقد كان من مساوئ الدهر وقبائح الزمان.
364 - محمد بن عقاب - بضم المهملة وتخفيف القاف وآخره موحدة - المغربي التونسي المالكي. أخذ عن ابن عرفة وغيره، وولي قضاء الجماعة بعد عمر القلجاني الماضي. ومات في سنة إحدى وخمسين. أفاده بعض الآخذين عنه ممن أخذ عني.
365 - محمد بن عقيل بن خرص الشريف. مات بمكة في مغرب ليلة الأربعاء رابع عشر ذي الحجة سنة إحدى وستين. أرخه ابن فهد.
366 - محمد بن عقيل ظافر البجائي. ممن سمع من شيخنا.
367 - محمد بن علوان الجمال الموزعي ثم الجبائي اليماني الشافعي فيما أظن. تفقه بجماعة إلى أن تميز ثم لزم الشمس يوسف الجبائي المقري سفراً وحضراً واختص به وناب عنه في القضاء بقرية جبا من أعمال حصن صبر مدة بل كان يتعانى التدريس في الفقه وله وظائف بمدينة زبيد مع ذكاء وفهم وحرص على العلم، ولكن شغله القضاء عن الترقي بل وقف ولم يزل متردداً بين زبيد لوظائفه فيها وبين تعز إلى أن مات فيها في سنة سبع وثمانين. أفاده لي بعض الآخذين عني.
368 - محمد بن عليان الغزي الخواجا، ممن سمع مني بمكة.
369 - محمد بن علي بن إبراهيم بن أحمد ناصر الدين الصالحي البزاعي - بضم الموحدة بعدها زاي خفيفة ثم عين مهملة - الخياط قيم الناصرية من الصالحية. ولد بعد الأربعين وسبعمائة بيسير وسمع على زينب ابنة إسماعيل بن الخباز ولقيه شيخنا فقرأ عليه وذكره في معجمه وقال: مات في سادس عشر شوال سنة ثلاث. وتبعه المقريزي في عقوده.
370 - محمد بن علي بن إبراهيم بن إسماعيل بن محمد الشمس المناوي ثم القاهري الشافعي أخو أحمد وإبراهيم الماضيين وهذا الأكبر ويعرف بالشويهد - بضم المعجمة وآخره مهملة مصغر. حفظ القرآن وجلس مع الشهود وتنزل في بعض الجهات كسعيد السعداء والسابقية. ومات بعد أن شاخ وصار يرغب عما بيده شيئاً فشيئاً قبل السبعين فيما أظن.
371 - محمد بن علي بن إبراهيم بن عدنان بن جعفر بن محمد بن عدنان بن جعفر ناصر الدين ابن كاتب السر الحسيني الدمشقي الشافعي. قال شيخنا في أنبائه: كان فاضلاً ماهراً في الأنساب كثير الاشتغال إلا أنه جامد الذهن ولم يكن ممن يتعانى الملابس والمراكب بل كان كثير التقشف متهماً بالتشيع مع تبرئه منه أعجوبة في زمانه في السعي كثير الدهاء، سمع معنا كثيراً وكانت بيننا موردة؛ ودخل القاهرة مراراً بسبب السعي لأبيه في كتابة السر فكان غالباً هو الغالب، وفي غضون ذلك حصل لنفسه كثيراً من الوظائف والتداريس والأنظار. قال ابن حجي: كان ديناً صيناً لا تعرف له صبوة وقد عين لكتابة السر فلم يتفق. وقال شيخنا في معجمه: كان يتقشف ويقتصد في ملبوسه ومركوبه مع الدين المتين والبشاشة، وهو في عقود المقريزي. مات في صفر سنة أربع عشرة بالطاعون عن سبع وثلاثين سنة.(4/163)
372 - محمد بن علي بن إبراهيم بن موسى بن طاهر الشمس أبو بكر القليوبي ثم القاهري الزيات على باب سعيد السعداء وهي حرفة أبيه أيضاً؛ والد أبي الخير محمد المخبزي الآتي. مات في رمضان سنة إحدى وسبعين. وكان خيراً مديماً للجماعات مستوراً رحمه الله.
373 - محمد بن علي بن إبراهيم السلسيلي المناوي الشافعي ويعرف بابن الهليس بكسر الهاء واللام وآخره مهملة لقب لجده. ولد سنة اثنتي عشرة وثمانمائة تقريباً بمنية بنى سلسيل وحفظ بها القرآن وصلى به والعمدة وعرضها على جماعة ونظم اليسير مما يوجد فيه المقيول، كتب عنه ابن فهد والبقاعي في المنية سنة ثمان وثلاثين قوله:
أيها المذنبون مثلي أجيبوا ... داعيَ الله أسرعوا وأنيبوا
وتنحوا عن كل فعل قبيح ... وافعلوا الخير فهو فعل حسيب
وإلى الله فارجعوا من قريب ... فنهار الحساب منكم قريب
في أبيات 374 محمد بن علي بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن مهدي ولي الدين أبو الطيب بن النور الكناني الدلجي الفوي الأصل المدني الشافعي المذكور أبوه في الثامنة. ولد بطيبة ونشأ نشأة جميلة وأسمعه أبوه الكثير بالحجاز والشام على غير واحد من أصحاب ابن البخاري وابن شيبان وطبقتهم كست العرب حفيدة الفخر وزغلش ومحمود بن خليفة، وحفظ كتباً وكانت فيه نباهة مع فطنة وذكاء ولكنه لم يعتن بالعلم ودخل فيما لا يعنيه، وتردد إلى القاهرة مراراً وذكر بالمروءة والهمة والعصبية لمن يعرفه بحيث كان يقوم دائماً في السعي لجماز أمير المدينة على ابن عمه نابت فاتفق أنه قدم المدينة على عادته وأقام بها مدة ثم توجه منها يريد القاهرة فبعث إليه نابت بجماعة فاعترضوه وقتلوه في أوائل سنة خمس. ذكره المقريزي في عقوده وحكى عنه. ومضى له ذكر في محمد بن أحمد بن محمد المغيربي.
375 - محمد بن علي بن أحمد بن إسماعيل أبو الفتح القاهري الأزهري الشافعي نزيل طيبة ويعرف بأبي الفتح بن إسماعيل وهو بكنيته أشهر وربما قيل له ابن الريس لكون والده كان رئيس الوقادين بجامع الأزهر. ولد بعيد العشرين وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج وغيره واشتغل بالعلم فأخذ الفقه عن الجمال الأمشاطي ظناً والعربية عن بعض المغاربة والشهاب الأبدي ولازم ابن الهمام فانتفع به في فنون وسمع معي عليه بمكة وغيرها وكذا قرأ على شيخنا في الفقه وداوم الاشتغال حتى برع مع سكون وعقل وديانة؛ ورام شيخه استقراره في مشيخة الطيبرسية بعد موت زين الصالحين المنوفي، وكان مما كتبه معه لناظرها: وقد أرسلت رجلاً من أهل العلم والدين والفقر ليس له في هذه الدنيا وظيفة في مدرسة ولا طلب ولا تدريس ولا تصوف واجتمعت فيه إن شاء الله تعالى جهات الاستحقاق، إلى أن قال: ولولا علمي بتمام أهليته وفقره وعلمه ما تعرضت لذلك فقدر أن كان سبق وآل أمره إلى أن توجه للمدينة النبوية بعد أن حج فقطنها وتصدى لنفع الطلبة بها مع المحافظة على التلاوة والتهجد وأسباب الخير؛ وممن قرأ عليه البخاري بها أحمد بن ياسين المدني المؤذن في سنة ثمان وخمسين. ولما أرسلت بمصنفي القول البديع عقب تصنيفه إلى المدينة وقع منه موقعاً عظيماً وبالغ في تقريظه وأرسل يعلمني بأنه عزم على قراءته في رمضان ثم لم يلبث أن ورد القاهرة فاجتمعت به فأعلمني بقراءته في الروضة الشريفة، وتوجه منها لزيارة بيت المقدس ثم عاد إليها وسافر في البحر عائداً إلى طيبة فغرق مع جمع كثيرين في سنة اثنتين وستين، ونعم الرجل كان عوضه الله الجنة وإيانا.(4/164)
376 - محمد بن علي بن أحمد بن إسماعيل الشمس الرحماني - نسبة لمحلة عبد الرحمن بالبحيرة - ثم القاهري الشافعي. قدم القاهرة فحفظ القرآن واشتغل بالفقه والعربية والفرائض وغيرها؛ ومن شيوخه الونائي ولازمه في تقسيم الروضة وغيرها والقاياتي والعلم البلقيني بل وأكثر من تقاسيم أبي العدل قاسم البلقيني وكان أحد القراء فيها وكذا سمع على شيخنا وأذن له في الإفتاء والتدريس، وتكسب بالشهادة في حانوت الحنابلة عند القصر وقتاً بل ناب في القضاء بدمنهور من البحيرة وكذا بديروط وغيرهما، وكان يستحضر كثيراً من فروع الفقه مع مشاركة في أصله والعربية وجمع بين شرحي المنهاج لأبن الملقن والأسنائي مع التكملة للزركشي غير مقتصر عليها لكن بدون استيفاء ولم يكن بذاك المتقن. مات في سنة اثنتين أو التي بعدها وقد قارب الخمسين تقريباً رحمه الله.
377 - محمد بن علي بن أحمد بن الأمين التقي بن النور المصري. ذكره شيخنا في إنبائه. ولد سنة ستين وتفقه قليلاً وتكسب بالشهادة مدة طويلة وكان يحفظ شيئاً كثيراً من الآداب والنوادر واشتهر بمعرفة الملح والزوائد المصرية وثلب الأعراض خصوصاً الأكابر فكان بعض الأكابر يقربه لذلك ولم يكن متصوناً في نفسه ولا في دينه. مات في شوال سنة أربع وثلاثين والله يسامحه. قلت: وقد حكى لي البدر الدميري الكثير من ما جرياته ومنها أن شخصاً من أصحابه حضر إليه وشكا له شدة إملاقه وأن زوجته وضعت فقال له اكتب قصة للقاضي الشافعي وهو إذ ذاك ناصر الدين بن الميلق فقال قد فعلت وكتب لي بقدر حقير لا وقع له فأخذه وتوجه به لبطرك النصاري وأعلمه بذلك فأمره بالإنصراف وما وصل حتى جهز له شيئاً كثيراً من الدقيق والعسل والشمع ونحوها مع عشرة دنانير فدفعها إليه بكمالها. وفي الظن أن هذه الحكاية تقدمت فإن كان كذلك فالصواب أنها لصاحب الترجمة.
378 - محمد بن علي بن أحمد بن أبي البركات الشمس الغزي ثم الحلبي ويعرف بابن أبي البركات. ولد سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة بغزة وتعانى الاشتغال بالقراآت فمهر واشتغل بدمشق في الفقه مدة وقطن حلب وأقبل على التلاوة والإقراء فانتفع به الحلبيون وأقرأ غالب أكابرهم وأقرأ الفقراء بغير أجرة، وممن قرأ عليه ابن خطيب الناصرية وقال إنه رجل دين خير صالح من أهل القرآن مديم لإقرائه بالجامع الكبير بحلب احتساباً بحيث قرأه عليه غالب أولادها وانتفعوا به وله اشتغال مع ذلك في الفقه بدمشق وحلب ومداومة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تأخذه في القيام مع الحق لومة لائم وكذا كان مداوماً على التلاوة مع الشيخوخة وللناس فيه اعتقاد. مات في يوم الأربعاء تاسع عشر بيع الأول سنة ست وعشرين وصلي عليه في يومه تقدم الناس البرهان الحلبي، ذكره شيخنا في إنبائه باختصار وقال المعروف بالركاب بدل ابن أبي البركات، وما علمت الصواب منهما.
379 - محمد بن علي بن أحمد بن أبي بكر بن أحمد الشمس أبو الخير بن النور الأدمي الأصل القاهري الشافعي والد علي والمحمدين والماضي أبوه. ولد في عاشر ذي الحجة سنة تسع وتسعين وسبعمائة ونشأ فحفظ المنهاج وغيره، وعرض في سنة سبع عشرة على العز بن جماعة والبيجوري والولي العراقي وشيخنا والشمس البرماوي والشهاب بن المحمرة والنور التلواني وأجازوه في آخرين ممن لم يجز، وأخذ عن أبيه وغيره كالولي العراقي والشرف السبكي ولازم السماع عند شيخنا في رمضان؛ وكان خيراً فاضلاً ساكناً أقرأ الأطفال وقتاً ثم جلس شاهداً بالقرب من دار التفاح خارج باب زويلة وربما درس في داخل المقصورة من الأزهر بوقف نجم الدين التلواني الواقف له على أبيه. مات في جمادى الثانية سنة أربع وثمانين وصلي عليه بالمارداني ودفن عند أبيه بالقرب من التاج بن عطاء الله من القرافة ونعم الرجل رحمه الله.
380 - محمد الشمس أبو الفتح أخو الذي قبله وهو أكبر. حفظ المنهاج أيضاً وعرضه في سنة سبع وتسعين على بدر القويسني والزين العراقي والبلقيني وولديهما والهيثمي وأبي الفرج بن الشيخة والبرشنسي وعبد اللطيف الأسنائي وأحمد الحنفي السعودي وأجازوه في آخرين واشتغل وتميز. ومات في حياة أبيه ظناً.(4/165)
381 - محمد بن علي بن أحمد بن أبي بكر بن سيف الدين بن جمال الدين عبد الله بن الشيخ فضل الله النمراوي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف بالسعودي وابن السعودي، ورأيت في مكان آخر بخطى اسم جده أحمد بن فضل بن أبي بكر بن عبد الله. نشأ بدون تصون وخالط السفهاء بدون تدبر واختص ببني عليبة ثم بابن عواض، وتكسب في سوق أمير الجيوش وغيره وتطور وفجر مع مزيد عاميته ولم يحصل لأحد منهم راحة، ولازمني قليلاً في سماع البخاري وغيره؛ وتولع بالنظم فلم يجد وكان يتمرن فيه بمن هو قريب منه من العوام ونحوهم ورأيته فيمن قرض مجموع البدري في سنة أربع وسبعين فكان من قوله فيه:
أشبه أهل الشعر في العصر كلهم ... نجوماً بفلك الأفق في ليلها تسري
فما عن قليل لاح بدر به خفوا ... وذلك عجز عن مقابلة البدر
382 - محمد بن علي بن أحمد بن أبي بكر الشمس بن أبي الحسن المصري البندقداري الشافعي الشاذلي الماضي أبوه ويعرف بابن أبي الحسن. ولد في سابع عشري ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بالبندقدارية من نواحي الصليبة، ونشأ بها فقرأ القرآن على أبيه وحفظ العمدة والحاوي والتوضيح لابن هشام، وعرض على شيوخ وقته وتلا للسبع جمعاً بمكة على عبد الكريم اليماني وتفقه بأبيه والشمس البيجوري وعن أبيه والطشنوفي أخذ العربية وبرع فيهما وفي الأصول مع مشاركة في غيرها وكذا أخذ عن الشمس بن القطان بل سمع في سنة خمس وثمانمائة معه على شيخنا ترجمة البخاري من تأليفه ووصفه بالإمام وسمع على ابن أبي المجد الصحيح ومسند الشافعي وغيرهما؛ وحدث سمع منه الفضلاء قرأت عليه المسند وغيره؛ وكان خيراً ذا فضيلة ومحبة في العلم ورغبة في الحديث وأهله وحرص على التحديث بهمة عالية وعزم جيد، وحج وجاور بالحرمين وأم بالبندقدارية محل سكنه وولي مشيخة فيها. واستمر مثابراً على الخير حتى مات في ليلة السبت سابع عشري جمادى الأولى سنة تسع وستين ودفن من الغد بالقرب من التاج بن عطاء الله رحمه الله وإيانا.
383 - محمد بن علي بن أحمد بن خلف بن شهاب بن علي المحب أبو الطيب بن النور المحلي الشافعي الشاذلي ويعرف بابن حميد بالتصغير وبابن ودن - بفتح الواو والمهملة وآخره نون - وسمي بعضهم جد أبيه محمداً والصواب خلف. ولد كما أخبرني به في ثالث عشري رمضان سنة ثلاث عشرة وثمانمائة وقيل بعد ذلك بالمحلة ونشأ بها فحفظ القرآن وصلى به وأربعي النووي والنهاية له في الفقه والحاوي الصغير والرحبية في الفرائض والملحة وألفية ابن ملك وجمع الجوامع، وعرض على شيخنا والبساطي وغيرهما وبحث في الحاوي عند الشرف السبكي والبرهان الأبناسي والشهاب المحلي خطيب جامع ابن ميالة وآخرين وقرأ في الأصول والمعاني والبيان وغيرها من الفنون على العز عبد السلام البغدادي وكذا قرأ على البرهان الكركي وشيخنا وآخرين منهم ابن المجددي قرأ عليه في الفرائض والحساب وغيرها، وسافر إلى الشام فقرأ على ابن ناصر الدين وعائشة ابنة ابن الشرائحي ثم سمع بالقاهرة معي على الرشيدي وغيره؛ وحج وسمع بمكة على أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد وذلك في سنة خمس وخمسين وزار بيت المقدس وأذن له بعض شيوخه في الافتاء والتدريس، وتعانى الأدب فتميز وكتب عدة تصانيف منها النجمة الزاهرة والنزهة الفاخرة في نظام السلطنة وسلوك طريق الآخرة ولقبه أيضاً بالجواهر المقعودة في إشارات النحلة والدودة دخل فيه من حيث أن النحلة لا بد لها من أمير نقيمه وتجتمع على رأيه ففي ذلك إشارة إلى أنه لا بد من الملك ومن حيث أن دود القز لا يقتصر على طعام واحد ولا يتسبب وأنه يفطم نفسه بعد الأربعين عن الأكل ويقبل على العزلة ونحو ذلك ففيه إشارات إلى من سلك طريق الآخرة، وقرة عين الراوي في كرامات محمد بن صلح الدمراوي. ومحاسن النظام من جواهر الكلام في ذم الملك الغلام وكتاب في الحدود النحوية وآخر سماه البرق اللامع في ضبط ألفاظ جمع الجوامع في نحو أربعة كراريس، وكان فاضلاً لطيفاً حسن العشرة متواضعاً كتب عنه غير واحد من الفضلاء؛ كتبت عنه قوله:
تشاغل بالمولي رجال فأصبحت ... منازلهم تنمو بمجدٍ مؤثل
رجال لهم حال مع الله صادق ... فإن لم تكن منهم بهم فتوسل(4/166)
وما أودعته في محل آخر. مات بمكة في عصثر يوم الثلاثاء سادس عشر ربيع الأول أو الآخر سنة خمس وخمسين ودفن بالمعلاة رحمه الله وإيانا.
384 - محمد بن علي بن أحمد بن سالم بن سليمان البدر الجناجي - بجيمين الأولى مفتوحة بينهما نون خفيفة نسبة لجناج قرية بين النجرارية وسنهور من الغربية ثم القاهري الأزهري المالكي وربما يعرف هناك بابن وحشي. ولد في سنة ستين أو بعدها تقريباص وحفظ القرآن ونحو النصف الأول من مختصر الشيخ خليل ومن ألفية النحو واشتغل عند داود القلتاوي في الفقه والعربية بل وقرأ على السنهور النصف من توضيحها وسمع عليه غير ذلك وقرأ على الديمي البخاري وسمع على الكمال بن أبي شريف في مسلم وعلى الشاوي في البخاري بحضرة الخيضري؛ وحج غير مرة ولقيني في سنة سبع وتسعين بمكة فقرأ على الموطأ ونحو النصف الأول من الشفا مع سماع باقيه ولازمني في غير ذلك سماعاً وتفهماً واختص بالشمس الحلبي التاجر ثم بأبي الفتح بن كرسون وسافر معه إلى اليمن فحصل بعض ما ارتفق به وعاد بعد أشهر في سنة تسع وتسعين واستمر مقيماً بمكة يقريء ولد المشار إليه بعد رجوع الأب إلى القاهرة ومعه جارية يتقنع بها ولا بأس به.
385 - محمد بن علي بن أحمد بن عبد العزيز بن القسم بن عبد الرحمن الشهيد الجمال أبو الخير ويدعى الخضر بن النور أبي الحسن بن الشهاب أبي العباس بن الكمال أبي محمد المدعو بالخضر الهاشمي العقيلي النويري ثم المكي الشافعي والد أبي اليمن محمد الآتي، وأمه زينب ابنة القاضي الشهاب الطبري. ولد في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وسبعمائة بمكة ونشأ بها وسمع على جدته فاطمة ابنة أحمد بن قاسم الحرازي والعز بن جماعة والكمال بن حبيب والعفيف النشاوري وابن عبد المعطي والأميوطي وآخرين، وأجاز له اليافعي والأسنائي والصلاح بن ِأبي عمر وابن أميلة وغيرهم، وحدث سمع منه النجم ابن فهد وغيره، وكان قد حفظ التنبيه وغيره وعرض على جماعة وتفقه بالأبناسي وأذن له في الإفتاء والتدريس؛ وناب في الخطابة والقضاء بمكة فناب عنه القاضي أبو حامد المطري ولم يلبث أن صرف بناصر الدين عبد الرحمن بن محمد بن صالح، ودخل اليمن مراراً للاسترزاق؛ وانقطع بمنزلة مدة لنقل بدنه وعجزه عن الحركة حتى مات في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين بمكة ودفن عند أهله بالمعلاة. وكان شهماً مقداماً جريئاً ضخماً جداً وانصلح بأخرة. ذكره شيخنا في إنبائه باختصار وأرخ مولده في ربيع الآخر والمعتمد ما قدمته. وكذا هو في عقود المقريري.
386 - محمد ولي الدين أبو عبد الله المالكي أخو الذي قبله وأمه أم الهدى ابنة محمد بن عيسى بن محمد بن علي العلوي. ولد في رمضان سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة بمكة وأحضر في الرابعة على النشاوري وسمع من أبيه وابن صديق وبدمشق من عبد القادر الأرموي وباسكندرية من التاج بن التنسي، وأجاز له التنوخي وأبو هريرة بن الذهبي وأبو الخير بن العلائي وآخرون، وحدث روى عنه النجم بن فهد، ودخل القاهرة ودمشق مراراً والروم واليمن لطلب الرزق وولي إمامة المالكية بمكة وكذا قضاءها عوضاً عن الكمال بن الزين مرتين وناب في حسبتها. وكان عفيفاً في قضائه حشماً فخوراً جميل الهيئة ذا مروءة وأفضال؛ وممن أثنى عليه المقريزي. مات في قضاءها في شوال سنة اثنتين وأربعين بمكة ودفن عند أهله أيضاً بالمعلاة رحمه الله.
387 - محمد الكمال أبو البركات الحنفي أخو اللذين قبله وشقيق ثانيهما. ولد في سنة خمس وثمانين وسبعمائة أو التي بعدها بمكة وأحضر على الجمال الأميوطي وسمع من أبيه والشمس بن سكر وابن طولوبغا وابن عمه المحب أبي البركات أحمد بن الكمال النويري، ودخل القاهرة ودمشق مراراً وسمع بدمشق من عبد القادر الأرموي موافقات زينب ابنة الكمال وكذا دخل الروم واليمن للاسترزاق وأجاز له العفيف النشاوري والصدر الياسوفي وابو الهول الجزري وعمر بن أحمد الجرهمي وابن حاتم والصردي وأبو هريرة بن الذهبي وجماعة، وحدث باليسير روى عنه النجم ابن فهد واستجازه لي غير مرة، وناب في حسبة مكة وكذا في القضاء بجدة عن ابن أخيه القاضي أبي اليمن. وكان خيراً ساكناً منجمعاً عن الناس مديماً للتلاوة وللإقامة بمنزله. مات في المحرم سنة اثنتين وخمسين بمكة ودفن عند سلفه بالمعلاة رحمه الله.(4/167)
388 - محمد بن علي بن أحمد بن عبد الله ناصر الدين الحلبي الأصل القاهري الحنفي ويعرف بلقبه. مات وقد جاز الأربعين في ذي القعدة سنة أربع وسبعين وصلي عليه ثم دفن تجاه الروضة خارج باب النصر، وكان فاضلاً بارعاً مفنناص متقناً ميدماً للاشتغال والأشغال مع الديانة التامة والسكون وعدم التكثر بفضائله والإقبال على شأنه والازدياد من المحاسن بحيث قل أن يكون في أقرانه نظريه. ومن شيوخه الأمين الأقصرائي والشمني والحصني والكافياجي والعز عبد السلام البغدادي والشرواني والكريمي بل وسمع الحديث على الشريف النسابة والنور البارنباري وأم هانئ الهورينية وحضر عندي بعض مجالس الإملاء رحمه الله وعوضه الجنة.
389 - محمد بن علي بن أحمد بن عبد المجيب الماضي أبوه. خلفه في المقام الأحمدي بطنتدا وهو صغير جداً حتى مات في سنة اثنتين وأربعين.
390 - محمد بن علي بن أحمد بن عبد المنعم بن عبد الرحيم بن يحيى بن الحسن بن موسى بن يحيى بن يعقوب بن نجم بن عيسى بن شعبان بن عيسى بن داود بن محمد بن نوح بن علي بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر المحب بن النور ابي الحسن البكري المصري الشافعي ويعرف بابن أبي الحسن. ولد كما قال في سنة إحدى أو اثنتين وسبعين وسبعمائة بدهروط ونقله أبوه إلى مصر فقرأ بها القرآن ثم حفظ العمدة والتبريزي والحاوي والملحة، وعرض على جماعة وبحث الحاوي على الشمس بن القطان والي الحضانة محمد على البدر الطندي وبعضه على السراج البلقيني والتريزي أو بعضه على النور البكري وسمع بعض دروس النحو على ابن القطان وسمع على ابن رزين والزفتاوي أماكن من الصحيح وعلى النجم البالسي الترغيب للأصفهاني وعلى ناصر الدين بن الفرات الشفا؛ وحدث سمع منه الفضلاء، وحج سنة عشرين ثم سنة سبع وثلاثين ثم في سنة اثنتين وأربعين، وسافر إلى دمياط واسكندرية وقوص، وناب في القضاء من ذي القعدة سنة ست عن الشمس الأخنائي فمن بعده وحصلت له بحة قوية بعد سنة خمس وثلاثين لم يكد يسمع معها صوته. مات في آخر ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين بالينبوع وهو راجع من الحج وصلي عليه هناك ثم دفن فيه وقد جاز السبعين بسنتين، أرخه شيخنا في حوادث إنبائه وقال: كان عارفاً بالأحكام متثبتاً في القضايا وقوراً عاقلاً كثير الاحتمال مشاركاً في الفقه لم يشتغل في غيره درس بالبدرية الخروبية بشاطئ النيل نحواً من عشر سنين وتوجه إلى الحجاز في الرجبية فجاور ثم رجع، وذكر لي من أثق به أنه كان كثير الطواف يواظب على خمسين أسبوعاً في كل يوم؛ قال وهو من قدماء معارفنا وأهل الاختصاص بنا فالله يعظم أجرنا فيه ويبدلنا به خيراً منه، قال: وقد غبطته بما اتفق له من حسن الخاتمة بالحج والاعتمار والمجاورة وزيارة الحضرة الشريفة النبوية والموت عقب ذلك في الغربة رحمه الله وإيانا. قلت: وقول البقاعي إنه من قضاة السوء على ما نقلوا قاله لغرض على جاري عوائده وإلا فقد علمت بطلانه.(4/168)
391 - محمد بن علي بن أحمد بن عبد الواحد بن عبد المغيث الشمس الأبياري ثم القاهري الشافعي ويعرف بابن المغيربي - بميم مضمومة ثم معجمة مصغر نسبة لجده فإنه كان كأسلافه مغربياً ثم تحول منها انتقل أبوه عن مذهبهم، وسمى بعضهم جد أبيه عبد المؤمن بن عبد البر بن محمد بن القسم بن ربيعة بن عبد القدوس. ومن املائه هو كتبت ما أسلفته وقال لي أنه ولد في سنة سبع وسبعين وسبعمائة بأبيار ونشأ بها فحفظ القرآن وبعض المنهاج الفرعي؛ ثم قدم القاهرة فأكمله وألفية النحو والملحة والشذرة الذهبية والمقصورة الدريدية وبحث بأبيار ألفية ابن معطي على التاج محمد القروي وأقام بالقاهرة عند الأبناسي الكبير وبحث عليه المنهاج وكذا لازم البلقيني في بحثه والغماري والبدر الطنبدي في العربية وغيرها وآخرين بل بحث العضد والتلخيص على قنبر وصحب محمداً العطار خاتمة مريدي يوسف العجمي وناب عن الصدر المناوي بالقاهرة وفي أبيار وعملها عن الجلال البلقيني ثم أعرض عنه مع حلفه بالطلاق على عدم قبوله وكذا عرض عليه الزين عبد الباسط ضبط الشؤون السلطانية فأبى تعففاً وتورعاً مع كثرة المتحصل من هذه الجهة وكان قبل ذلك تكسب بالشهادة وقتاً بعد ثبوت عدالته على العز البلقيني والد البهاء، وباشر الشهادة بالاسطبل وصحب الظاهر جقمق قبل تملكه، فلما استقر اختص به ومال إليه فصار من ذوي الوجاهات وأثرى وكذا اختص بولده الناصري محمد مع مزيد رغبته في التقلل من التردد إليهما، وحج مراراً وجاور اجتمعت به غير مرة وكتبت عنه من نظمه ما طارح به شيخنا مما أودعته الجواهر والمعجم وغير ذلك. وكان خيراً ديناً ساكناً منعزلاً عن أكثر الناس سيما بأخرة حسن المحاضرة متقدماً في حل المترجم وله في تلعمه حكاية أوردتها في المعجم مع حكاية غريبة اتفقت له مع ابن زقاعة وكونه تطارح مع المجد بن مكانس وغيره. مات وقد أسن في ليلة الأربعاء عاشر المحرم سنة تسع وستين وصلي عليه من الغد ودفن بحوش جوشن رحمه الله وإيانا.
392 - محمد بن علي بن أحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان المحب بن النور البلبيسي الأصل القاهري الأزهري - إمامه وابن أئمته - الشافعي الماضي أبوه وجده وجد أبيه. حفظ القرآن وتلاه على أبيه للسبع إفراداً وجمعاً، ولازم مجلس شيخنا للسماع في رمضان خاصة، وأم بعد أبيه بالجامع وكان يدفع عن مباشرتها بنفسه لعدم تصونه. وآل أمره إلى أن كف وانقطع مدة، ثم مات في ثامن عشري رمضان سنة تسع وثمانين بعد توعك طويل واستقر ابنه يحيى في الإمامة وكان قد ناب عنه في حياته وأظنه جاز الستين عفا الله عنه.
393 - محمد بن عل بن أحمد بن عمر بن علي بن مجاهد بن ربيعة بن فتوح البدر الدجوي الأصل القاهري الشافعي. نشأ بالقاهرة فحفظ القرآن والمنهاج وألفية النحو وغيرها واشتغل يسيراً وقرأ على المناوي في شرح البهجة وعلى البكري في الروضة وفي المباديء على الشمسين ابن العماد والأبناسي وكذا أخذ عن الخواص في العربية والعروض وغيرهما وحضر عند العلم البلقيني وكتب قليلاً على ابن حجاج وتكسب بالشهادة وتخرج فيها وفي التوقيع بخاله غرس الدين الأمبيهي وباشر التوقيع بباب أبي الخير النحاس بل ناب في القضاء عن العلم فمن بعده مسئولاً بذلك وعمل النقابة لابن حريز وتمول من ذلك كله وحج، وكان شهماً عالي الهمة بهي الهيئة، عمل لغزاً في سعادات كتبه عنه بلديه الزين الدجوي وهو المفيد لأكثر ترجمته. مات في رابع ذي القعدة سنة سبعين بعد تعلله مدة رحمه الله.
محمد بن علي بن أحمد بن فضل الله بن أبي بكر بن عبد الله. مضى فيمن جده أحمد بن أبي بكر.(4/169)
394 - محمد بن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد القادر البدر ويلقب قديماً بالمحب بن النور أبي الحسن المنوفي الأصل القاهري البهائي الشافعي شقيق أحمد الماضي وأبوهما وجدهما وأمهما ابنة ابن حلفا الضرير. ولد تقريباً سنة سبع وأربعين وثمانمائة ونشأ في كنف أبويه وقرأ القرآن والعمدة وعرضها على جماعة كالمناوي والعلم البلقيني وكاتبه، وأجاز له ولأخيه باستدعائي شيخنا وابن الفرات وآخرون وقرأ علي قليلاً في البخاري وربما حضر دروس الزين الأبناسي وجلس مع أبيه شاهداً وتولع بالنظم وله فيه نوع فهم، وكان أحسن حالاً من أخيه. مات في ذي الحجة سنة تسع وثمانين بعد أبيه بأشهر ودفن بتربة تجاه أرغون بأسفل الكوم عفا الله عنه.
395 - محمد بن علي بن أحمد بن محمد أبو عبد الله اللواتي المغربي التونسي المالكي. ولد في ثالث عشري جمادى الثانية سنة تسع وأربعين وثمانمائة بتونس ونشأ بها فجود القرآن على محمد بن العربي وتلا به علي لنافع وأخذ في الفقه عن المحمدين الزلديوي والقلشاني قاضي الجماعة والواصلي وابن عقبة وابن قاسم الرصاع وإبراهيم الأخدري وفي العربية عن إبراهيم الباجي أحد عدول تونس ومنصور سوسو راوي الحديث بجامع الزيتونة والشريفة أمه وغيرهما وفي أصول الفقه عن أحمد حلولو وفي أصول الدين عن محمد اللباد في آخرين. وقرره السلطان في شهادة ديوان البحر وفي شهادة الشمع ومعناها تحكير بيعه وفي كتابة السر عند خليفته بتونس لتوالي مدحه له، وحج في سنة سبع وسبعين مع القلشاني شيخه ودخل مصر فيها ثم وصثل مكة من البحر في أوائل جمادى الثانية سنة أربع وتسعين ولقيته بها وقد تبرم من كل ما سلف ومقبل على التصوف والسلوك مديم للتلاوة والعبادة تارك للرعونات وسمع على أشياء ثم أنشدني لنفسه بديهة:
حبر المعاني صادق الأنباء ... نقلته آباء عن الأبناء
قد صححوه عن الثقات صححوا ... أن السخاوي أوحد العلماء
وقوله:
يا رب عبدك قد وافى المقام وفي ... والحجر والحجر المعلوم والحرما
وطاف بالبيت في حال الصفا وسعى ... ودون موقفه حال الزمان بما
فجد عليه بيمن الأمر ينج به ... من كل معضلة يا مالكي كرما
وقوله أول قصيدة نبوية:
طريق الهدى بانت أهيل مودتي ... بمولد خير الخلق كنزي وعدتي
واشترى داراً بمكة وعمرها وامتحن بها في أوائل ذي القعدة بزعم زوج ابنته المعترف بما يقتضي اختلاقه أنه سكن ببيت ابن عليبة في اسكندرية وأنه وجد في جداره أربعة آلاف دينار فرسم عليه الباش وسجنه وتكلف له ولأتباعه نحو ثلاثين ديناراً وأطلق بضمان الشهاب بن حاتم له حتى يجيء أمير الحاج ثم بدا لهم فأمسكوه وأعيد للسجن أيضاً واستمر به هو والمرافع حتى خلص؛ وفارقته هناك ثم لقيته بها وبالمدينة ومعه والدته وولده وبعض العيال وعظم اغتباطه بي ولازمني رواية ودراية وامتدحني بقصيدة طويلة كتبها بخطه وأسمع ولده علي، وهو على خير كثير تلاوة وعبادة وانجماعاً ويلاطف أحبابه ونحوهم بالطلب، ورجع في سنة تسع وتسعين لمكة بسبب ابنة له توفيت كانت تحت بعض بني العزي بن المراجلي ثم عاد إلى المدينة.
396 - محمد بن علي بن أحمد بن محمد المحب أبو البركات بن النور القاهري الحنفي الماضي أبوه، ويعرف بابن الصوفي. ولد في رمضان سنة ست وستين وثمانمائة ونشأ فحفظ كأبيه القرآن والعمدة والكنز والمنار وألفية ابن ملك وعرض علي ف الجماعة. وحج مع أبيه سنة اثنتين وثمانين وجاور التي تليها واشتغل قليلاً وجلس عند أبيه وزوجه ابنة الشمس محمد بن الأهناسي ثم فارقها.
397 - محمد بن علي بن أحمد بن محمد الدواخلي الصغير نزيل جامع الغمري. ممن سمع علي في سنة خمس وتسعين.
398 - محمد بن علي بن أحمد بن موسى فتح الدين أبو الفتح الأبشيهي المحلي والد الشهاب أحمد والبدر محمد. نشأ فحفظ القرآن وغيره وتفقه بالولي بن قطب وأخذ الفرائض عن ناصر الدين البارنباري وتميز فيها؛ وناب في قضاء المحلة وصاهر قاضيها الشهاب بن العجيمي على ابنته وحج وجاور في سنة خمس وخمسين وسمع هناك على التقي بن فهد وأبي الفتح المراغي. مات بالمحلة في شوال سنة ثمان وستين عن ثمان وستين سنة.(4/170)
399 - محمد بن علي بن أحمد بن هبة الله الأموي السكندري ابن أخي الجمال محمد بن أحمد بن هبة الله المذكور في التي قبلها، ويعرف بابن البوري. ولد في رمضان سنة أربع وعشرين وسبعمائة وسمع على ابن المصفي وأبي الفتوح بن الفرات وآخرين سداسيات الرازي وقرأ بها عليه مع غيرها شيخنا وترجمه في معجمه، وذكره المقريزي في عقوده فقال: محمد بن علي بن هبة الله وقال أنه حدث عن محمد بن أبي بكر بن عبد المنعم بن علي بن ظافر بسماعه من منصور بن سليم وكذا حدث عن غيره وقدم القاهرة قديماً ونزل بجوارنا وصحبناه مدة. ومات بالثغر سنة اثنتين.
400 - محمد بن علي بن أحمد بن هلال بن عثمان المحب الدمشقي الحنفي بن القصيف الماضي أبوه. ناب عن العلاء بن قاضي عجلون في القضاء بدمشق ثم عن الشرف بن عيد أياماً تم عزله واستقل به بعد التاج بن عربشاه في أواخر شوال سنة خمس وثمانين فدام دون سنة ثم صرف بإسماعيل الناصر في رجب من التي تليها ودام مصروفاً. وقد جاور بمكة وسمعت من يذكره بسوء كبير مع جهل، ورأيت بخطي أن أباه كان شافعياً.
401 - محمد بن علي بن أحمد البدر أبو عبد الله بن أبي الحسن بن القاضي الشهاب أبي العباس الجعفري الدمشقي الحنفي. اشتغل وتميز وسمع في سنة سبع وثمانين وسبعمائة بلدانيات السلفي على التاج أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن محبوب الشافعي وحدث بها قرأها عليه ناصر الدين بن زريق بحضرة الحافظ ابن ناصر الدين وغيره في سنة أربعين ووصفه في ثبته بالسيد الإمام العالم العلامة الأوحد القدوة، وناب في القضاء بدمشق مدة طويلة عن ابن الكشك ثم استقل به مسؤلاً، وكان عفيفاً عالماً. مات في يوم الأربعاء سابع عشري صفر سنة أربع وأربعين ودفن بسفح قاسيون بالقرب من المدرسة المعظمية وكانت جنازته حافلة. أرخه ابن اللبودي ووصفه أيضاً بالسيد العالم القاضي وكذا أرخه غيره وقال إنه ناهز الثمانين وخلف كتباً كثيرة نفيسة تزيد على ألفي مجلد.
402 - محمد بن علي بن أحمد بهاء الدين الحسني القاهري أخو الكمال عبد اللطيف الماضي ويعرف بابن أخي المحيريق. كان يجيد التعبير وأظنه كان يشهد ثم أضر، ومات في ربيع الأول سنة إحدى وتسعين. ويحرر اسمه.
محمد بن علي بن أحمد التقي بن الأمين المصري. مضى فيمن جده أحمد بن الأمين.
403 - محمد بن علي بن أحمد الشمس بن النور بن الشهاب المنوفي ثم القاهري الفاضلي الشافعي الفرضي ويعرف بابن مسعود. ولد تقريباً سنة عشرين وثمانمائة بمنوف ونشأ بها فحفظ القرآن وكتبا منها المنهاج وأخذ الفقه عن العلاء القلقشندي والعلم البلقيني والطبقة والفرائض عن البوتيجي وأبي الجود ونحوهما وسمع على شيخنا وغيره؛ وهو ممن سمع في البخاري بالظاهرية القديمة ولازم بأخرة الجلال البكري في دروسه وكذا أبا السعادات البلقيني في آخرين؛ وقصدني مرة للاستفتاء في حديث نازعه بعضهم فيه وأغلظ عليه فنصرته. وكان ساكناً خيراً ذا فضيلة في الفرائض والحساب أقرأ فيهما الطلبة. وناب في القضاء عن العلم البلقيني فمن بعده وجلس بحانوت بالقرب من وكالة قوصون ولكنه لم يتهالك على ذلك بل كان جل استرزاقه من الشهادة ومن جهات خفيفة كالتصوف بسعيد السعداء والإمامة بالفاضلية مع طلب فيها بل وقطنها. وحج وزار في صغره القدس والخليل وكان ضعيف البصر. مات في ليلة الأربعاء ثامن ربيع الأول سنة ثمان وثمانين وصلي عليه من الغد ودفن بالروضة خارج باب النصر رحمه الله.(4/171)
404 - محمد بن علي بن أحمد الشمس النور البتنوني الأصل القاهري الشافعي والد ولي الدين محمد ويعرف بالبتنوني. كان جده من جماعة الجمال يوسف العجمي فلما مات انتمى ولده أبو صاحب الترجمة مع إخوته له ولم يلبث أن مات الشيخ فنشأ على خير وستر وأقرأ المماليك في الأطباق، استقر في عدة مباشرات. وكان مولد ولده هذا تقريباً في سنة ثلاث وعشرين بالقاهرة ونشأ بها في كنف أبويه فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج، وعرض على جماعة كشيخنا ومات والده وقد قارب المراهقة فقرر في جهاته كالمباشرة بطيلان وبالحلي والظاهر وبهادر المعزي وغيرها كالحسنية فلم يحسن السير ولكنه انتمى لأبي البقاء بن العلم البلقيني ثم للصلاح المكيني ربيب العلم. واجتهد في التحصيل من أي وجه كان مع تسلطه في أيام العلم فمن بعده على ضعفاء المستحقين في الأوقاف التي تحت مباشرته بالقطع ونحوه وإيذائه لأهل الذمة لكونه يتكلم على مسجد بالقرب من كنيسة حارة زويلة وأخذه منهم بالرهبة والرغبة حتى أثرى وأنشأ بجواري ملكاً ارتكب فيه السهل والوعر؛ كل ذلك مع تعرضه للأكاب حتى أنه نافر المكيني بعد موت عمه ونسي كل أمر كان منه في حقه وصدق قول القائل: من أعان ظالماً سلط عليه. ولزم من ذلك إغراؤه البباوي في أيام تسلطه عليه فوثب عليه وثبة كاد يهلكه فيها فترامى علي مع كثرة أذيته لي حتى خلصته. واستمر على طريقته حتى مات في ثاني عشري صفر سنة سبع وسبعين وصلي عليه من الغد ثم دفن بحوش سعيد السعداء عفا الله عنه وإيانا. محمد بن علي بن أحمد الشمس بن الركاب. مضى فيمن جده أحمد بن أبي البركات.
405 - محمد بن علي بن أحمد الشمس الزيادي - بالتشديد - القاهري الشافعي أخو أحمد الماضي وهذا أسن وأخير. ولد قبيل سنة أربعين تقريباً بالصحراء وقرأ القرآن وجوده عند الفقيه النور السنهوري والعمدة والشاطبية والمنهاج. وعرض على شيخنا والقاياتي وابن الديري وحضر دروس البكري وزكريا بل والمناوي وقرأ علي في البخاري ولازمني في غيره، وحج في البحر رفيقاً لابن أبي السعود وجاور بمكة والمدينة وسمع على التقي بن فهد وغيره وكذا زار القدس والخليل وتنزل في بعض الجهات وأذن في الجمالية وغيرها وربما قرأ في الجوق ثم تركه ونعم هو.
406 - محمد بن علي بن أحمد الشمس الشغري الحلبي نزيل مكة، سمع مني بها.
407 - محمد بن علي بن أحمد المحب أبو الطيب الفارقي الشاذلي، أظنه ابن فكيك. لازم مع أبيه الولي العراقي في أماليه. محمد بن علي بن أحمد المحب الدمشقي الحنفي ويعرف بابن القصيف. مضى قريباً فيمن جده أحمد بن هلال.
408 - محمد بن علي بن أحمد الموفق المحلي الأصل الغزي المولد والدار الحنفي. أصله من المحلة فتحول والده منها غضباً من أقاربه إلى غزة فولد له هذا ونشأ طالب علم فأخذ عن ناصر الدين الإياسي رفيقاً للعلاء الغزي إمام إينال وكان قد اختص أيضاً بإينال وأقرأ أولاده. ومات بعد أن أسند وصيته لرفيقه المشار إليه، وتزوج الصلاح الطرابلسي ابنته بعد موته واستولدها، وكان خيراً رحمه الله وهو ابن عم علي بن محمد بن أحمد بن شيخون المدولب الماضي.
محمد بن علي بن أحمد ناصر الدين الحلبي الأصل الحنفي. فيمن جده أحمد بن عبد الله.
409 - محمد بن علي بن أحمد ناصر الدين الخطيري ثم القاهري نزيل الصالحية. ممن خدم البدر البغدادي وتنزل في جهات وباشر في أوقاف الحنابلة وغيرها؛ وهو خير كثير التلاوة ممن سمع الحديث على جماعة منهم أم هانئ الهورينية ومن أحضرناه معها وكان معه ابنه محمد. محمد بن علي بن أحمد قاضي المالكية بمكة أبو عبد الله النويري. فيمن جده أحمد بن عبد العزيز بن القسم.
410 - محمد بن علي بن أحمد بن البرلسي، ممن عرض عليه خير الدين بن القصبي بعيد الخمسين بأبيار. محمد بن علي بن أحمد البرديني ثم القاهري؛ ممن سمع على شيخنا وسيأتي محمد بن محمد بن عبد الله البرديني فيحرر.
محمد بن علي بن أحمد الزراتيتي. في ابن علي بن محمد بن أحمد.
411 - محمد بن علي بن أحمد الزواوي القباني شيخ جماعته وأخو شعبان الماضي. له ذكر فيه. مات قريب الستين.
412 - محمد بن الفقيه علي بن أحمد السفطي ويعرف بابن مشيمش؛ ممن سمع مني.
413 - محمد بن علي بن أحمد المحب الشرنوبي القاهري الشافعي سبط الزاهد وأحد النواب. مات في ذي القعدة سنة تسعين وكان ثقيل السمع.(4/172)
414 - محمد بن علي بن أحمد العتال، ممن سمع مني بمكة في سنة ست وثمانين.
415 - محمد بن علي بن أحمد العذري المالكي. شهد على بعض القراء في إجازة كتبها بخطه أرخها في سنة تسع وثلاثين.
416 - محمد بن علي بن أحمد النجاري أحد جماعة أبي العباس بن الغمري. قرأ القرآن وحصل بعض الدروس وسمع مني في الإملاء وغيره وجاور بالحرمين مدة.
417 - محمد بن علي بن إدريس بن أحمد بن محمد بن عمر بن علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن العلوي التعزي الزبيدي الشافعي والد أبي الطاهر محمد الآتي. انتفع به ولده في الفقه وغيره وسمع عليه كثيراً. وهو من أهل هذا القرن لكن ما رأيت ترجمته.
418 - محمد بن علي بن إسماعيل بن رضوان الشمس المحلي ثم الأزهري الخطيب. مولده قبيل الخمسين بالمحلة وحفظ بها القرآن عند الفقيه أحمد بن خليدة وقرأ لأبي عمرو على الشيخ عبد الله الضرير، ثم قدم القاهرة واشتغل عند البكري والعبادي وغيرهما كالزين الأبناسي وقرأ علي كثيراً في البخاري وغيره وكذا قرأ على الديمي وجود الخط القرآن وقرأ به في الأجواق رياسة وغيرها، وتكسب بالشهادة وقتاً وقرأ على العامة بالأزهر وغيره، واختص بتمر الحاجب وأم به بل سافر معه في توجهه مع العسكر لسوار أولاً وثانياً وكذا انتمى لجانبك حبيب وسافر معه إلى الروم حين كان الرسول لصاحبه في سنة تسعين وزار في رجوعه بيت المقدس والخليل ولشاهين الجمالي وسافر معه إلى المدينة النبوية حين ولي مشيخة الخدام بها وجهزه من هناك إلى العجم لأوقافها ولخير بك من حديد وقرره شيخ سبعة مع الذكر بالأزهر وله في ذلك كله حكايات، وصار يتجر في غضون ذلك، وعنده سرعة حركة وخفة روح.
419 - محمد بن علي بن إسماعيل بن عمر بن عبد الرحمن أبو اليمن بن العلاء المقدسي الأصل المصري المولد الشافعي. ولد في ليلة نصف ذي القعدة سنة تسع وثلاثين وثمانمائة وحفظ القرآن والشاطبية وغيرها وأخذ القراآت عن الشهابين السكندري والشارمساحي والشمس بن العطار والتاج عبد الملك الطوخي وابن عمران والشمس محمد بن محمد بن أحمد البقاعي الآتي والهيثمي والسنهوري وآخرين؛ وقرأ بعض البخاري على ابن الديري وغيره وسمع بقراءتي في الكاملية ختم مسلم على النسابة والبارنباري وغيرهما وقبل ذلك ختم البخاري بالظاهرية. وأجاز له العلم البلقيني وعبد السلام البغدلادي وآخرون.
420 - محمد بن علي بن إسماعيل فتح الدين المشائي الشافعي. شرح الحاوي واختصر الروضة وغيرهما وكان قاضي المرتاحية مقيماً بالمدرسة الغربية بإشموم طناح بالقرب من منية ابن سلسيل، وله من التصانيف سوى ما ذكر أيضاً واقرأ الطلبة فكان ممن قرأ عليه عبد الرحمن بن علي والد التقي بن وكيل السلطان؛ ورأيته كتب شيئاً أرخه في سنة أربع وتسعين فيحتمل أن يكون تأخر إلى هاذ القرن. محمد بن علي بن إسماعيل أبو الفتح بن الريس. مضى فيمن جده أحمد بن إسماعيل قريباً.(4/173)
421 - محمد بن العلاء علي بن الأتابك إينال اليوسفي أخو أحمد الماضي. رباه الظاهر جقمق لكونه كان قبل اتصاله بالظاهر برقوق مملوكاً لأبيه ولما كبر صيره من مماليكه فلم يلبث أن أعرض عن زي الجندية وتشبه بالفقراء وصار يسأل الناس ودام على ذلك زمناً فلما تسلطن الظاهر أمره بالعود لزيه الأول فامتنع لكنه صار يركب حماراً ويطلع إلى القلعة ويتردد إلى الأكابر ويتناول منهم بالرغبة والرهبة بحيث اشتهر طمعه ودناءة نفسه ثم ركب الفرس وصار أمير شكار بل أمير عشرة مضافاً لعدة أقاطيع حلقه ولم يكتف بذلك حتى أنهى للسلطان أن منظرة الخمس وجوه المقاربة لكوم الريش ظاهر القاهرة المعروفة بالتاج والسبع وجوه التي تكلف المؤيد في تجديدها فيما قيل نحو عشرين ألف دينار وتكرر نزوله لها يقع فيها فواحش من المتفرجين والمقيمين فأمره بهدمها ففعل وصار مكانها موحشاً بعد أن كان قصراً فريداً واستولى على أنقاضها وباع منها ما يفوق الوصف بل بنى من بعضها مكاناً على كوم القنطرة الجديدة صار حقيقة مأوى الفاسقين غالباً وكذا بنى داراً بصليبة الحسينية ومدرسة بجانبها وجامعاً تجاهها للجمعة والجماعات وتربة تجاه تربة كنبوش؛ وضعف مرة فأمر الظاهر أعيان العسكر بعيادته فامتثلوا رضاً أو كرهاً وبالغ في التكرم حين عافيته بل كان الإعطاء والسماح غالباً دأبه وقد شح على المستحقين. وبالجملة فهو نهاب وهاب ولما مات الظاهر أخرج الأشرف إمرته عنه ومنعه من الأمير شبكارية وانحط جانبه فتحرك ابنه المؤيد لمطالبته بالأنقاض المشار إليها فهرب ثم وجد فرسم عليه ووزن نحو ألف دينار ثم اختفى ثم ظهر بعد مدة ولزم داره مدة. وكان طويلاً كبير اللحية والشوارب أهوج يستدل ناظره بهيئته على خفة عقله يظهر تديناً واعتقاداً في الصالحين والعلماء وربما قرأ على ابن الهمام ف القدوري بل قرأ من قبله علي منها الحنفي. مات في سنة أربع وسبعين بصفد أو نواحيها عفا الله عنه.
422 - محمد بن علي بن أيوب بن إبراهيم أبو الفتح البرماوي الأصل المدني المولد المكي الدار الماضي أبوه ويعرف كهو بابن الشيخة ويقال له المدني لكونه ولد بالمدينة، ونشأ بمكة فحفظ القرآن وغيره وأسمعه أبوه على أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد وغيرهما وأجاز له جماعة وتكرر قيامه بالقرآن في كل سنة بحاشية الطواف. وليس بالمرضي وأموره زائدة الوصف.
423 - محمد بن علي بن أبي بكر بن إبراهيم بن أحمد الشمس البكري القاهري الحسيني الشافعي القادري ويعرف بالبكري. ولد قبل القرن بالمقس وحفظ القرآن عند الشمس بن الخص وحضر دروس الشهاب المحلي خطيب جامع ابن ميالة والبهاء بن الحارس المحلي الفرضي وسمع على شيخنا وغيره بل تردد إلي في الإملاء وغيره وأخذ عن معتوق القادري نزيل ميدان القمح وانعزل عن الناس مع سكون وبهاء واعتقده طائفة كأبي السعادات البلقيني. وهو في سنة تسع وتسعين في الأحياء.
424 - محمد بن علي بن أبي بكر بن أحمد بن عطاء الله الشمس الرشيدي الشافعي ويعرف بابن عطاء الله. حفظ القرآن وغيره واشتغل قليلاً وتردد إلى القاهرة وسمع على شيخنا وغيره وجاور معنا في سنة إحدى وسبعين فسمع مني كثيراً من تصانيفي وغيرها.
425 - محمد بن علي بن أبي بكر بن أحمد بن علوش الدمشقي نزيل الصالحية الزهري النساج. ولد قبل سنة سبعين وسبعمائة وسمع من لفظ المحب الصامت قطعة من مسند عثمان من أبي يعلى وحدث وأخذ عنه النجم بن فهد. مات قريب الأربعين أو قبلها.
426 - محمد بن علي بن أبي بكر بن إسماعيل المصري المكي الجوخي الفراش بالمسجد الحرام والمكبر بمقام الحنابلة وفي رمضان على زمزم. مات بمكة في ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين. أرخه ابن فهد.(4/174)
427 - محمد بن علي بن أبي بكر بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله القاضي الجمال أبو عبد الله الناشري. ولد سنة خمس وثمانين وسبعمائة وأخذ عن أبيه وعمه ابن عمه ومما قرأه على عمه الشهاب أحمد المختصرات الثلاثة والوجيز وسمع عليه الوسيط والمهذب وجود الفرائض والحساب مع العلامة على بن أحمد الجلاد وسمع المجد الفيروزابادي وابن الجزري في آخرين، وحج غير مرة وزار ماشياً وحمل هناك عن الجمال بن ظهيرة وابن سلامة والزين المراغي وانتفع به جماعة، وولي إمامة الصلاحية بزبيد وتدريس الأشرفية بها وناب عن أبيه في الأحكام. وممن قرأ عليه في الفرائض والحساب أخوه القاضي حافظ الدين عبد المجيد وولده المقري عفيف الدين وآخرون، ذكره العفيف الناشري وما رأيته أرخ وفاته.
428 - محمد بن علي بن أبي بكر بن علي المحب الكناني السيوطي الشافعي والد أبي السعود الآتي ويعرف بابن النقيب. ولد سنة ثمان وثمانمائة تقريباً، واشتغل وحصل ومن شيوخه القاياتي بل أخذ بمكة في القراآت عن ابن عياش ومحمد الكيلاني. وكان ديناً متعبداً. مات في ربيع الأول سنة ست وخمسين بأسيوط ودفن تجاه أبي بكر الشاذلي رحمه الله.
429 - محمد بن علي بن أبي بكر بن محمد الخواجا الكبير الشمس الحلبي ثم الدمشقي والد حسن وعمر الماضيين ويعرف بابن المزلق - بضم الميم وفتح الزاي المنقوطة واللام المشددة - كبير التجار الدمشقيين. مات وقد زاد على الثمانين في تاسع عشر جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وثمانمائة وصلي عليه بالجامع الأموي ودفن بتربته خارج باب الجابية وكانت جنازته حافلة حضرها النائب فمن دونه من الأعيان وهو صاحب المآثر الكثيرة بدرب الشام كعدة خانات وإصلاح كثير من طرقاته وغير ذلك وأوصى بثلث ماله ويبدأ منه بتكملة عمارة خان الأرنبية وتنظيف وعرة سعسع ثم ما فضل منه يقسم بين فقراء مكة والمدينة وبيت المقدس ودمشق بالسوية رحمه الله وإيانا.
430 - محمد بن علي بن أبي بكر بن موسى الشمس العسقلاني الأصل السندبسطي المحلي ثم القاهري الشافعي الناسخ الشاهد الواعظ، ويعرف بابن دبوس. ولد سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة بسندبسط وانتقل منها إلى المحلة فنشأ بها وحفظ القرآن ومختصر أبي شجاع والوردية النحوية وغيرها واشتغل قليلاً وولي العقود وربما عمل الميعاد وداوم النسخ ثم تحول إلى القاهرة فتكسب شاهداً بباب الصالحية وأحياناً بالمواعيد وربما مدح بعض الرؤساء وقد كتبت عنه في المحلة قوله في رثاء شيخنا: بكت سماء وأرض عليك يا عسقلاني لكننا نتسلى إذ ما سوى الله فاني.
431 - محمد بن علي بن أبي بكر بن ناصر الشمس أبو النجا الأبحاصي الأزهري الشافعي. ممن سمع مني.
محمد بن علي بن أبي بكر الجمال الشيبي. يأتي فيمن جده محمد بن أبي بكر بن محمد.
432 - محمد بن عل بن أبي بكر الشمس بن نور الدين بن مخلص الدين الفاوي ثم القاهري الأزهري الحسيني الشافعي. اشتغل ولازم البكري في الفقه وأنجب وتردد إلي حتى سمع غالب ترجمة النووي وغيرها. كل ذلك وهو يتجر في سوق الشرب حتى مات في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين عن نحو الأربعين رحمه الله.
433 - محمد بن علي بن أبي بكر الشمس أبو الفضل المصري الشافعي الأديب قدم حلب في سنة ثمان وثمانمائة وعلى يده كتاب من قاضي حماة العلاء بن القضامي إلى أبي الوليد بن الشحنة ووصفه فيه بالعالم العامل الأديب الفاضل ونزل بالمدرسة السلطانية وأثنى أبو الوليد على فضيلته في الأدب، ودخل القاهرة وكان فيها سنة تسع. ومن نظمه مما كتبه عنه ابن خطيب الناصرية:
ما صنيعي في الذي أحبه ... ذهبت أيام عمري غلطا
وخطا الشيب برأسي ليتني ... أنذر النفس بشيب وخطا
وقوله:
تعارضني الأيام على مشيبي ... وهد الحب لست له بناقض
فقلت لهم ولو قاسى الذي بي ... صغير السن شاب من العوارض
محمد بن علي ابن أبي بكر الشمس البكري مضى قريباً فيمن جده أبو بكر بن إبراهيم بن أحمد.(4/175)
434 - محمد بن علي بن أبي بكر الشمس بن النور البويطي الأصل القاهري كاتب العليق وابن كاتبه وخال البدر السعدي القاضي الحنبلي. مات عن أزيد من خمسين سنة في ربيع الأول سنة سبع وسبعين وصلي عليه ثم دفن بتربته التي أنشأها بالقرب من مشهد الست زينب خارج باب النصر وكان قد برز للقاء العسكر وزار بيت المقدس ثم رجع وهو متوعك فأقام يسيراً ثم مات وهو ممن باشر كتابة العليق نيابة في الأول عن أخيه لأمه سعد الدين محمد الماضي وغيره ثم استقلالاً واستهلك ما معه بسببها حتى افتقر وأقام مدة خاملاً قانعاً باليسير مع احتشامه وتودده وعقله عفا الله عنه.
435 - محمد كريم الدين البويطي الأصل القاهري الزيني نسبة لخال أمه عبد القادر الماضي الحنبلي وهو أخو الذي قبله وخال البدر السعدي بل وابن عمته أيضاً ويعرف بلقبه. ولد تقريباً سنة ست وعشرين وثمانمائة ونشأ فتعلم المباشرة وخدم بها في عدة أماكن ولازم خال أمه النور البلبيسي فتدرب به في مطالعة التواريخ وشبهها وصار يحفظ كثيراً من الحكايات والأشعار والنكت بل واعتنى بأنواع الفروسية من الثقاف والرمي ونحو ذلك وبرع وغزا غير مرة، وكذا حج مراراً وجاور وحفظ الخرقي بل ومنظومة العز القدسي قاضي الشام الألفية التي أفرد فيها مفردات أحمد، وحضر دروس القاضي عز الدين الكناني وسمع عليه في المسند وغيره وكذا سمع على شيخنا وجماعة، وجلس بأخرة - لما ولي ابن أخته القضاء - مع الشهود ولم يحصل على طائل مع اشتماله على فضائل وكذا لعبد الغني بن الجيعان به مزيد اعتناء. مات في ليلة الاثنين خامس ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وصلي عليه من الغد في رحبة مصلى باب النصر ثم دفن بحوش سعيد السعداء عند أمه رحمه الله وإيانا.
436 - محمد بن علي بن أبي بكر الحضرمي اليماني الشافعي الأشرم. ممن لقيني بمكة في رمضان سنة سبع وتسعين وحضر سماع السيرة وغيرها وذكر لي أنه شرح الإرشاد في اثني عشر مجلداً قال غيره لوما نهبت جبن كان الشرح من جملة ما نهب فأخذه شخص من الطلبة يقال له ابن مسمار من المنتمين لعامر بن عبد الوهاب وغسله حسداً بعد أن قرر مع عامر أن مؤلفه من جهة بني عامر بن طاهر المباينين لعامر فلم يلبث ابن مسمار سوى يومين أو أقل وغرق في بركة ببيت عامر ومات فعد ذلك كرامة والله أعلم ولما حج هذا رجع لبلاده.
محمد بن علي بن أبي بكر الشيبي. في ابن علي بن محمد بن أبي بكر.
437 - محمد بن علي بن جار الله بن زادئ السنبسي المكي ويعرف بالاستر مات بمكة في شعبان سنة ثلاث وثمانين. أرخه ابن فهد.(4/176)
438 - محمد بن علي بن جعفر بن مختار الشمس أبو عبد الله القاهري الحسيني الشافعي ويعرف بابن قمر. ولد مزاحماً لرأس القرن - واختلف قوله في تعيينه بل كتب بخطه نقلاً عن أمه أنه في أثناء سنة ثلاث وعليه اقتصر البرهان الحلبي - بالحسينية من القاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والعمدة والمنهاج وألفية الحديث والنحو ومختصر ابن الحاجب الأصلي والبعض من التنبيه ومن البيضاوي، وعرض على جماعة كالعز بن جماعة والجلال البلقيني واشتغل في الفقه على البيجوري والشهاب الطنتدائي والزين القمني وأكثر من ملازمته بل وملازمة ولده المحب من بعده وكذا أخذ عن الشمس البوصيري في العربية وغيرها وعن المجد البرماوي والبرهان بن حجاج الأبناسي والقاياتي وطائفة وقرأ ألفية الحديث على الولي بن ناظمها رواية ثم بحثاً مع الكثير من شرحها ثم أخذ الشرح عن شيخنا واشتدت عنايته بملازمته في هذا الشأن حتى حمل عنه جملة من الكتب الكبار ووالى عليه البر والإحسان مبتدئاً بذلك مرة ومسئولاً فيه أخرى وكان ضابط الأسماء عنده وارتفق بذلك خصوصاً من الغرباء بل واستملى عليه بعد الزين رضوان وقدمه فيه على غير واحد ممن كان يتمناه، وطلب بنفسه وكتب الكثير سيما من تصانيف شيخنا حتى أنه كتب فتح الباري مرتين وباعهما ودار على الشيوخ. وارتحل للبلاد الشامية وغيرها وسمع بمكة وبيت المقدس والخليل ودمشق وحلب واسكندرية وغيرها وتكرر له دخول بعضها بل دخل الشام في صغره مع أبويه. ومن محاسن شيوخه بالقاهرة الشموس الشامي وابن الجزري وابن المصري والبدر حسين البوصيري والكلوتاتي والواسطي وبحلب البرهان الحلبي وأقام عنده نحو شهر وبدمشق ابن ناصر الدين وببيت المقدس القبابي وبالخليل التدمري وباسكندرية قاضيها الجمال بن الدماميني وبمكة فيما كان يخبرنا به الزين عبد الرحمن بن طولوبغا. وعرف بالطلب واشتهر بالحديث ووصفه شيخه الحلبي بالشيخ المحدث الفاضل بل وترجمه ببعض مجاميعه. وهو أحد العشرة الذين أوصى لهم شيخنا بعد موته ووصفهم وغيرهما، وناب عن المناوي فمن بعده في القضاء بالقاهرة وأضيف إليه في بعض الأوقات قضاء بعض الجهات انتزعها له من المحب بن الشحنة وما كنت أحب له الدخول في القضاء مع أنه لم يحصل فيه على طائل. وكذا ناب في تدريس الفقه بالظاهرية القديمة وغيرها وقرأ الحديث في كثير من الماكن كجامع الحاكم والخانقاه البيبرسية وكان إمامها والقارئ بدرس الحديث فيها زمناً وأحد صوفيتها حتى مات. بل قرأ بأخرة بمجلس الأشرف قايتباي حين توعك صاحب الوظيفة مجلساً وتنزل في صوفية الخانقاه السعيدية أيضاً ورأيته يقرأ الحديث بها أحياناً بعد انتهاء الحضور، وكذا تنزل في غيرها من الأطلاب، وحدث باليسير أخذ عنه جماعة من الطلبة وحدثني من لفظه بالمسلسل بالأولية وكذا سمعت منه غير ذلك من الحديث والفوائد وربما كتب على الفتوى. واختصر الأنساب لابن الأثير في مجلد وقفت عليه وسماه معين الطلاب بمعرفة الأنساب وشرع في اختصار أطراف المزي وسماه إلطاف الأشراف بزهر الأطراف في أشياء ليست بالمتينة مع أوهام فيها وعدم حسن تصرف لكونه لم يكن في الفن ولا غيره بالبارع، وكان جامداً بطيء الحركة غير حاذق في شيء من أنواعه لكنه كان يستحضر أشياء من المتون والرجل ذا أنسة بالفن في الجملة وإحساس بطرف من الفقه والعربية ملازماً الانجماع غالباً مديماً للتلاوة والجماعات مقبلاً على التحصيل مع التقنع والاحتمال ولين الجانب ومقاساة ضنك العائلة وخفة المؤنة. وقد منحه الله القيام على عدة بنات حتى زوجهن، وأنشأ لنفسه بكل من القاهرة ومصر داراً بعد أن جدد أخرى وهو من قدماء معارف الوالد ولذلك استدعى لي في رحلته الشامية الإجازة من جماعة من الأعيان كثر دعائي له بسببهم ثم كثر اختصاصي معه ومرافقته لي في الطلب ومزيد اغتباطه بي وإظهاره من التعظيم والإجلال ما يفوق الوصف لفظاً وخطاً خصوصاً حين يقصدني في أشياء من متعلقات هذا الشأن يزول الأشكال عنه فيها حتى كان يحلف بالإنفراد وعدم المشاركة. ورأيت منه مزيد التألم بكائنة الكاملية وصار مع ذلك يخفض عني أمرها ويقول لم أزل أسمع شيخنا يقول لا أعلم الآن وظيفة في الحديث مع مستحقها ويردف ذلك بقوله العلم يبطئ ولا يخطئ ولا بد لك من كذا وكذا وأحب أ، لا تهملني. ورام غير مرة كتابة ترجمة شيخنا تصنيفي(4/177)
والمرور عليها معي فما تيسر. هذا مع كوني في عداد أولاده وممن استفاد منه في ابتداء طلبه، ولم يزل يرغب عن وظائفه شيئاً فشيئاً وكذا عن كثير من كتبه حتى مات في ليلة الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين بعد توعكه مدة طويلة؛ وصلي عليه من الغد بمصلى باب النصر ودفن بجوار قبر أمه بمقبرة باب الصحراء من باب النصر بن النشاشيبي والعصافيري وأثنى الناس عليه رحمه الله وإيانا. وقد وصفه البقاعي بالشيخ الإمام المحدث الرحال ثم رماه لتقديم شيخنا له عليه في الاستملاء ونحوه نسأل الله السلامة.ور عليها معي فما تيسر. هذا مع كوني في عداد أولاده وممن استفاد منه في ابتداء طلبه، ولم يزل يرغب عن وظائفه شيئاً فشيئاً وكذا عن كثير من كتبه حتى مات في ليلة الاثنين ثالث عشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين بعد توعكه مدة طويلة؛ وصلي عليه من الغد بمصلى باب النصر ودفن بجوار قبر أمه بمقبرة باب الصحراء من باب النصر بن النشاشيبي والعصافيري وأثنى الناس عليه رحمه الله وإيانا. وقد وصفه البقاعي بالشيخ الإمام المحدث الرحال ثم رماه لتقديم شيخنا له عليه في الاستملاء ونحوه نسأل الله السلامة.
439 - محمد بن علي بن جعفر الشمس العجلوني ثم القاهري الشافعي الصوفي ويعرف بالبلالي - بكسر الموحدة ثم لام خفيفة - . ولد قبل الخمسين وسبعمائة واشتغل بتلك البلاد قليلاً ولازم أبا بكر الموصلي فانتفع به وبغيره وتميز في التصوف ولازم النظر في الأحياء بحيث كاد يأتي عليه حفظاً وصارت له به ملكة قوية بحيث اختصره اختصاراً حسناً جداً وكان بالنسبة لأصله كالحاوي مع الرافعي وانتفع به الناس وأقبلوا على تحصيله سيما المغاربة وقريء عليه غير مرة وربما استكثر عليه وكذا صنف السول في شيء من أحاديث الرسول واختصر الروضة ولكن لم يكملا واختصر الشفا وعمل مختصراً بديعاً في الفروع وقرض السيرة النبوية لابن ناهض. وعرف بالخير والصلاح قديماً واشتهر بالتعظيم في الآفاق وحسنت عقيدة الناس فيه، واستقدمه سودون الشيخوني نائب السلطنة في خدود التسعين وولاه مشيخة سعيد السعداء فدام بها نحو ثلاثين سنة لم يزل عنها إلا مرة بخادمها خضر لقيام تمراز نائب الغيبة في الأيام الناصرية فرج ولم يمض سوى عشرة أيام ثم جيء بالقبض عليه وعد ذلك من كرامات البلالي ثم أعيد. وكان كثير التواضع إلى الغاية منطرح النفس جداً مشهوراً بذلك كثير البذل لما في يده شديد الحياء كثير العبادة والتلاوة والذكر سليم الباطن جداً بحيث كان كثير من الناس يتكلم فيه بسبب ما له من المباشرات بالخانقات وترثر عنه كرامات وخوارق. ذكره شيخنا في معجمه بما هذا حاصله قال وكان يودني كثيراً وأجاز في استدعاء ابني محمد وذكر أنه ضاع منه مسموعاته. وكذا ذكره في الأنباء باختصار وأنه استقر في مشيخة سعيد السعداء مدة متطاولة مع التواضع الكامل والخلق الحسن وإكرام الوارد. واختصر الأحياء فأجاد وطار اسمه في الآفاق ورحل إليه بسببه ثمن صنف تصانيف أخرى وكانت له مقامات وأوراد وله محبون معتقدون ومبغضون منتقدون. ونحوه قول المقريزي كان معتقداً وله شهرة طارت في الآفاق وللناس فيه اعتقاد وعليه انتقاد. مات في يوم الأربعاء رابع عشر شوال سنة عشرين ودفن بمقابر الصوفية بعد شهود شيخنا الصلاة عليه وقد جاز السبعين. وهو في عقود المقريزي وقال كان كثير الذكر متواضعاً إلى الغاية بحيث لما اجتمعت به قبل يدي مراراً وقدم إلى نعلي لما انصرفت عنه وهذه سيرته مع كل أحد وحضرت عنده وظيفة الذكر بعد العشاء بالخانقاه وكان يرى رفع الصوت به ويعلل ذلك، كثير الحياء يديم التلاوة مع سلامة الباطن وله محبون يؤثرون عنه كرامات وخوارق رحمه الله.(4/178)
440 - محمد بن علي بن حسن بن إبراهيم الشمس الحجازي القاهري المقرئ والد الشهاب أحمد الماضي. برع في القراآت وتقدم في قراء الجوق لطراوة صوته وحسن نغمته بحيث فاق في ذلك حتى إن الضياء العفيفي شيخ البيبرسية وناظرها - وكان كثير التوقف في إمضاء النزولات إلا للمتأهل - لما جاءه ليمضي له قراءة الشباك بها امتحنه بالحفظ أولاً ثم بجودة الأداء وسمع ما أطربه بادر للكتابة بل كان غيره من شيوخها إذا كانت نوبته بعطية دراهم لها وقع وربما كان بعض الصوفية يغيب عن الحس ويضرب على فخذيه؛ وكان لذلك للكمال الدميري ونحوه من المشايخ المعتبرين به اعتناء، وخطبه المجد إسماعيل الحنفي لإقراء أولاده وممن قرأ عليه عد روايات ولده. وقال لي مع ما أفاده ما أوردته أنه مات في ليلة مستهل شعبان سنة تسع رحمه الله.
441 - محمد بن علي بن حسن بن محمد الشمس أبو عبد الله بن المولى نور الدين السمرقندي البدخشاني - بموحدة ثم مهملة مفتوحتين ثم معجمتين الأولى ساكنة وآخره نون - الحنفي الشريف سمع مني بمكة.
442 - محمد بن علي بن حسن بن يوسف العلاء أبو عبد الله بن البدر أبي الحسن البنهاوي ثم القاهري الشافعي. ولد تقرياً قبيل القرن وجاور وهو صغير مع والده وكان تاجراً بمكة فسمع بها على ابن صديق البخاري وغيره. وحدث سمع عليه الفضلاء سمعت عليه وكان ساكناً ربعة أسود اللحية يتكسب بالشهادة وبالسفر أحياناً لدمياط بنزر يسير، وربما ناب في الحسبة ببولاق والقاهرة؛ وأهين مرة بما ظهر بعد براءته منه. مات في شوال سنة أربع وستين رحمه الله.
443 - محمد بن علي بن حسن أبو الخير الغمري الشبراملسي. ممن سمع على قريب التسعين.
444 - محمد بن علي بن حسن الشمس القاهري الحنفي صهر البدر العيني ويعرف بالأزهري وبابن السقاء. قرأ على البساطي في الأصول وغيره وعلى صهره شرحه للشواهد وغيره وحصل شرحه للبخاري وباشر عنده في الأحباس وغيرها، رأيته ساكناً. مات تقريباً سنة سبع وستين.
445 - محمد بن علي بن حسين بن محمد بن شرشيق الشمس بن النور بن العز بن الشمس الأكحل الحسني القادري والد الشرف موسى الآتي. مات في رابع صفر سنة أربعين بالطاعون ودفن بزاوية عدي بن مسافر بالقرب من باب القرافة رحمه الله.
446 - محمد بن علي بن حسين بن شكر بن محمد بن علي بن يحيى بن أحمد بن سليمان الحسني البصري الشهير بابن شكر. مات بمكة في ذي الحجة سنة أربعين أيضاً أرخه ابن فهد.
447 - محمد بن علي بن حسين المصري الأصل المكي أحد التجار بها ويعرف بابن جوشن. مات في سنة ست مقتولاً بوادي الهدة المعروف بهدة بني جابر وخلف عقاراً طائلاً. ذكره الفاسي في مكة.
448 - محمد بن علي بن خلد بن أحمد الشمس المحلي ثم القاهري الشافعي الشاعر. ولد في سنة ست وعشرين وثمانمائة بالمحلة ظناً وجود الخط وتعاني النظم فأحسن؛ وكان ذكياً ممن خالط الحلقية والحكوية ففاق عليهم ثم صحب الولوي بن تقي الدين البلقيني وانسلخ من ذاك الطور وصار يكتب له وارتفق ببره لشدة فقره وربما انتفع هو به في شيء من متعلقات الأدب، ولما ولي الشام كان ممن استصحبه معه فتوفي هناك غريباً بعد أربعة أشهر في محرم سنة خمس وستين عفا الله عنه وممن استعان به في أشياء كان ينسبها لنفسه سبط شيخنا.
449 - محمد بن علي بن خلد بن علي بن موسى بن علي البدر القنبشي المصري نزيل مكة والشاهد بباب السلام. مات بمكة في ذي الحجة سنة ست وخمسين بعد أن خرف.
450 - محمد بن علي بن خلد بن محمد بن أحمد الشمس القاهري الشافعي ويعرف بابن البيطار. ولد سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة وسمع الصحيح ومشيخة أبي الفرج بن القاري كلاهما عليه وشيئاً من النسائي على الشرف عبد الرحمن بن عسكر وكذا سمع على أصحاب ابن الصواف مسموعه منه بل سمع الكثير مع أولاده رفيقاً لشيخنا؛ وذكره في معجمه. وقال: أجاز في استدعاء ابني وكان حسن السمت كثير التلاوة انتهى. وقد سمع على شيخنا في تعليق التعليق له؛ وحدث بأشياء روى لنا عنه التقي الشمني وآخرون. وقال المقريزي في عقوده: وكان كثيراً التلاوة خيراً محباً في أهل الخير صحبته من القاضي البدر بن أبي البقاء نين فإنه كان من أتباعه. مات في ربيع الآخر سنة خمس وعشرين.(4/179)
451 - محمد بن علي بن خلف أبو البقاء الترسي الأصل القاهري الشافعي، وترسة - بكسر أولها ثم راء ساكنة بعدها مهملة - من الجيزية ويعرف بكنيته. ولد سنة إحدى وأربعين وثمانمائة وحفظ القرآن والبهجة والحاجبية واشتغل كثيراً ونظم قواعد ابن هشام ألفية وأيساغوجي وألفية في العروض وكان أخذه له عن نور الدين الجوجري وللعربية وغيرها عن التقي الحصني والعز عبد السلام البغدادي والفقه عن المناوي وغيره ومن شيوخه أيضاً المحلى، وحكى عن شيخه الحصني أنه التمس منه الجواب عن لغز قال إنه له في نعناع وهو:
وذي عينين ما اكتحلا بكحل ... يؤمهما شبيه الحاجبين
إذا ناديته وافى طريحاً ... لما عاناه من قطع اليدين
أباح المسلمون القطع فيه ... كسراق النضار أو اللجين
فقال:
ألا يا ذا الحجا من قد تعالى ... على الأقران فوق الفرقدين
بعلم زائد كالبحر ينمو ... بلا نقص ولم يوصف بمين
فخذ مني جواب اللغز إني ... قدحت الفكر فيه قدحتين
فأورى زند فكري لي جواباً ... أحب إلي مما في اليدين
فبع خمساه يا سؤلي وصحف ... بماضي البيع شبه الحاجبين
وقد تكرر اجتماعه بي وزعم أنه شرح الحاوي وأنشدني زجلاً قاله في جانبك الجداوي لا بأس به. وهو ممن يتكسب في سوق النساء تحت الربع بجوار إسماعيل بن المعلى، وحج ولقي ابناً للشيخ إسماعيل بن المقرئ وقال أيضاً إنه أخذ الفرائض عن البوتيجي والعمدة والأربعين وغيرهما عن الشريف النسابة وقرأ على الديمي في آخرين وأثنى على شخص أخذ عنه في التصوف يقال له علم الدين الحصني؛ ولما قدم حبيب الله اليزدي أكثر من ملازمته مغتبطاً به في الفلسفة وغيرها وكلماته أكثر من فضله.
452 - محمد بن علي بن خليل بن علي بن أحمد بن عبد الله بن محمد البدر بن النور الحكري القاهري الحنبلي الماضي أبوه. ذكره شيخنا في إنبائه فقال نشأ نشأة حسنة واشتغل كثيراً وبحث المقنع والمستوعب على القاضي اعلحنبلي وتميز وكتب بخطه كثيراً، وناب في الحكم مدة وكان جميل الصورة حسن المعاشرة متواضعاً. مات في أول ربيع الأول سنة سبع وثلاثين عن ثلاث وخمسين سنة طلعت له جمرة في قفاه فمات بها. قلت وقد سمع الحديث ورأيت بخطه بعض الأثبات للعز الكناني وغيره وكذا رأيت بخطه أصول ابن مفلح فرعها في سنة اثنتين وثلاثين وكان يجلس بمجلس الحلوانيين.
453 - محمد بن علي بن خليل الشمس القاهري المقرئ نزيل مكة والماضي ابنه علي وحفيده عمر ثم ابنه علي ويعرف بابن الشيرجي. ذكره الفاسي في مكة وقال إنه فاضل عني بالقراآت السبع وكان له بها خبرة وعلى ذهنه حكايات وأخبار حسنة مع حسن صوت بالقراءة بحيث كاني صلي التراويح بالمسجد الحرام فيكثر الجمع لسماعه، ودام على ذلك سنين ثم انقطع قبيل موته لضعفه وكان في القاهرة من ملازمي القراءة بمشهد الليث كل جمعة، وتردد لمكة كثيراً آخرها سنة أربع وثمانمائة في رسالة لصاحب مكة ثم قطنها وسكن بدار أم المؤمنين خديجة بزقاق الحجر في آخر سنة خمس وثمانمائة بعد موت عمر النجار المؤذن حتى مات، وكان يجتمع إليه بها في ليلة كل سبت جماعة يقرؤن ويذكرون ويمدحون؛ بل كان مديماً للتلاوة بحيث بلغني أنه كان يقرأ في كل يوم وليلة ختمة وفي مرض موته ثلث ختمة رحمه الله. واتصل في مكة بابنة الجمال الأميوطي ورزق منها أولاداً. مات في ليلة الخميس ثالث عشري ربيع الأول سنة سبع وعشرين بمكة ودفن في صبيحتها بالمعلاة.
454 - محمد بن علي بن خليل الشمس المقدسي الحنفي ويعرف بابن غانم قريب ناصر الدين بن غانم. قدم القاهرة فاشتغل وسمع مني المسلسل بالأولية.(4/180)
455 - محمد بن علي بن أبي راجح محمد بن إدريس الجمال بن النور العبدري الشيبي الحجبي المكي شيخ الحجبة وفاتح الكعبة وأظنه يكنى ابا راجح، وليها بعد موت قريبه الفخر أبي بكر بن محمد بن أبي بكر في سنة سبع عشرة وثمانمائة فدام حتى مات، وكان قد جود الكتابة وسكن زبيد مدة سنين مع تردده منها إلى مكة ثم استقر بمكة حين استقر في المشيخة حتى مات بها في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وصلي عليه في الساباط الذي خلف المقام ونادى المؤذن بالصلاة عليه فوق زمزم، ودفن بالمعلاة وقد بلغ الستين ظناً وكان فيه خير وسكون رحمه الله. واستقر بعده قريبه علي بن أحمد بن علي بن محمد المعروف بالعراقي كذا قاله التقي الفاسي وقال غيره إن المستقر بعده الجمال محمد بن علي بن محمد بن أبي بكر وبعده استقر العراقي المذكور.
456 - محمد بن علي بن راشد الحفصي الوصابي اليماني. سمع على شيخنا المجالسة وغيرها.
457 - محمد بن علي بن رحال الشافعي ممن عرض عليه خير الدين بن القصبي بعيد الخمسين.
458 - محمد بن علي بن زكريا الشمس السهيلي الأصل القاهري الماضي أبوه. نشأ فاشتغل وحفظ القرآن وقرأ في الجوق وجود الكتابة على علي بن محمد مشيمش والجمال الهيتي وتميز في النسخ وغيره وكتب كثيراً وكذا في التذهيب وغسل اللازورد ومما كتبه للدوادار يشبك تفسير الفخر الرازي في مجلد أتلف فيه شيئاً كثيراً. ورغب عن بعض وظائفه وباع جميع أملاكه وما تخلف له عن أبيه وهو شيء كثير فيما لا طائل تحته كما هي سنة الله غالباً في المال الموروث من زائدي الحرص مع مزيد سماح هذا به ثم قرره الاستادار في تربة الدوادار يشبك وأقام بها متقنعاً بمعلومها وكان باسمه بقلعة الجبل طبقة من طباق القاعة فكان بها من المماليك يودعون عنده ما يتحصل لهم بحيث اجتمع عنده نحو ألي دينار أنفد غالبها، وآل أمره إلى أن اختفى وأمسك ولده محمد فأودع السجن مدة طويلة وانقطع خبر أبيه.
459 - محمد بن علي بن زيادة الغمري المقرئ. قرأ القرآن وتكسب به في الأجواق وصار من قراء القصر وربما حضر عندي وله دكان خارج باب القنطرة في الحريريين، وحج في سنة تسع وثمانين.
460 - محمد بن علي بن سالم بن معالي المحب أبو الفضل بن نور الدين المارديني الأصل القاهري الشافعي نزيل دمشق والماضي أبوه ويعرف كهوبابن سالم. ولد في يوم الأربعاء سادس عشر صفر سنة خمس وثلاثين وثمانمائة بالقاهرة ونشأ فحفظ القرآن والمنهاج وجل ألفية النحو، وأجاز له مع ابيه في استدعاء النجم بن فهد المؤرخ برجب سنة ست وثلاثين خلق من جل الآفاق منهم البرهان الحلبي والقباني والتدمري والشهاب الواسطي والبدر حسين البوصيري؛ واشتغل بعد أن كبر في الفقه والعربية وغيرهما على غير واحد كالعلاء القلقشندي والتقي الحصني والنور السنهوري ولازم كلاً من الزين البوتيجي وأبي الجود في الفرائض والحساب حتى اتقنهما. وسمع مع أبيه على شيخنا ثم بعد ذلك معنا على جماعة ومما سمعه البخاري بالظاهرية بفوت في المجلس السابع وابن ماجة على باي خاتون والبكتمري والنويري؛ والنسائي على الزفتاوي وغيره، واختص بفتح الدين بن تقي الدين البلقيني وحضر معه عند أخيه الولوي وغيره وربما خطب عنه ببعض الأماكن، وتميز في الفضائل بذكائه مع طراوة نغمته وتعانيه حسن بزته وتجرعه فاقة. ثم سافر مع الولوي حين توجهه على قضاء دمشق فكان ممن سلم من أصحابه وطابت له بعده فقطنها وتولع بالتوقيع حتى مهر وصار من رءوس الموقعين هناك ذا وجاهة وثروة مع ميله للسماع وذوقه وظرفه ولطف عشرته. وقد حج في البحر سنة ست وستين فجاور نحو شهرين ثم كذلك في سنة أربع وسبعين نحو نصف سنة وزار بيت المقدس، ودخل القاهرة حين طلب ابن الفرفور قاضي الشام في سنة ست وتسعين وتردد إلى حينئذ مراراً وتلقى فوائد، ثم رجع سدده الله.
461 - محمد بن علي بن سالم الريفي المصري العطار بمكة. مات بها في شعبان سنة ثمان وستين ودفن بالشبيكة.
462 - محمد بن علي بن سالم الغزي الجلجولي القادري الصوفي. ولد بجلجوليا وأقام بها. وهو حي قريب التسعين.
463 - محمد بن علي بن سراج الغزي. ممن سمع على قريب التسعين.
464 - محمد بن علي بن سعدون التجيبي الجزائري ويعرف بالعطار. مات سنة عشر.(4/181)
465 - محمد بن علي بن سعيد بن عمر اليافعي المكي الخراز. مات بها في ربيع الآخر سنة سبع وخمسين. أرخه ابن فهد.
466 - محمد بن علي بن سعيد الشمس بن الحاج البعلي الحنبلي القطان ابن عم عمر بن محمد الماضي ويعرف بابن البقسماطي. ولد قبيل التسعين وسبعمائة ببعلبك ونشأ بها فقرأ القرآن على ابن الجوف وغيره وحفظ العمدتين وربع المحرر وغيرها وقرأ في الفقه على التاج بن بردس بل قبل ذلك سمع الصحيح على أبي الفرج بن الزعبوب أنابه الحجار، وحج وتكسب ببيع القطن في بعض حوانيت بلده وحدث سمع منه الفضلاء ولقيته ببعلبك فقرأت عليه الثلاثيات منه وكان خيراً مشتغلاً بشأنه. مات نحو الستين ظناً.
467 - محمد بن علي بن سليمان بن سراج بن حامد بن مرة بن خلف بن رمضان بن فتوح بن عباد أبو الطيب المنوفي الجزيري الأبشادي المالكي نزيل المدينة، ممن لازمني فيها سنة ثمان وتسعين حتى سمع على شرحي للتقريب بحثاً وغالب الموطأ وغير ذلك وكتب الشرح بخطه وهو ممن يقرئ بني مالكيها مع فضيلة وعقل.
468 - محمد بن علي بن سنان بن عبد الله بن عمر بن مسعود العمري القائد. مات في رجب سنة ثلاث وأربعين خارج مكة وحمل فدفن بمعلاتها. أرخه ابن فهد.
469 - محمد بن علي بن سودون أبو المعالي ابن صاحبنا العلاء الإبراهيمي الحنفي أحد صوفية الشيخونية وأخو عبد القادر. ممن كتب الخط الحسن وتميز ونظم ونثر وربما تردد لي، وكان قد سمع ختم البخاري في الظاهرية القديمة هو وأخوه على أم هانئ الهورينية والشمس بن الفوى.
470 - محمد بن علي بن شعبان بن الناصر حسن بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون ناصر الدين ابن الأسياد - بالتحتانية - ويقال لأبيه أمير علي ولهذا محمد بن السلطان حسن. ولد بعد القرن بسنين في قلعة الجبل ونشأ بها تحت كنف أبيه إلى أن رسم الأشرف برسباي في حدود سنة خمس وعشرين لبني الأسياد بالنزول منها فسكن هو وأخوه أبو بكر مع والدهما بمدرسة جدهم الحسنية وضاق حالهم لمزيد كلفتهم بالنسبة لسكنى القلعة فاحتاج صاحب الترجمة لتعاطي الغناء والطرب لكونه كان يدري طرفاً من الموسيقى مع طراوة صوته فمشى حاله بذلك قليلاً، وصحب خشقدم الرومي الزمام ولازمه بحيث حج معه مع تجرع الفاقة سيما بعد موته فلما تسلطن الظاهر جقمق كان ممن يدخل عليه ويلازمه في رمي النشاب لمشاركته فيه وغيره فحظي عنده وصار من خواصه وندمائه بحيث عد في الأعيان وتكلم في الدولة وقصد في الحوائج فانتعش وكثر حشمه وخدمه؛ وابتنى بيتاً بقرب قنطرة باب الخرق وآخر بموردة الجبس على الخليج تجاه جزيرة أروى؛ وحج في سنة إحدى وخمسين وعاد وقد نقص عما كان فيه فلم يلبث أن مرض ولزم الفراش أشهراً ثم مات في سابع جمادى الآخرة سنة اثنتين وخمسين في حياة أبويه ونزل السلطان فصلي عليه. وكان كثير الأدب بشوشاً عاقلاً محتملاً حسن الأخلاق مع إلمامه بالموسيقى والرمي. وهو في آخر عمره أحسن حالاً منه قبله مع حرصه على الدنيا ورغبته في جمعها من أي وجه ومزيد إمساكه عفا الله عنه.
471 - محمد بن علي بن شعبان البدر القاهري الزيات أبوه المجاور لجامع أصلم وأخو عبد القادر بن شعبان الماضي ووالد أبي البركات محمد. كان إسكافاً ممن قرأ القرآن ثم ترك حرفته وهو ممن جاور مع أخيه في سنة إحدى وخمسين فسمع معه على أبي الفتح المراغي. مات في سنة ثلاث وتسعين.
472 - محمد بن علي بن شعيب بن يوسف العثماني الأسنائي ثم القاهري الشافعي. رأيت له متناً في الفقه سماه الاصطفاء معرضاً فيه عن حكاية الخلاف بل مقتصراً على ما عليه الفتوى وابتدأه بشيء من أصول الدين وشرحه في مجلد سماه الاكتفاء في توجيه الاصطفاء وقال إنه فرغ منه في جمادى الثانية سنة تسع وستين وثمانمائة ينقل فيه عن الولي العراقي بقوله: قال شيخنا. وهذا الشرح بخطه عند الشمس الزبيري كاتب غيبة البرقوقية ولقلاقة خطه شرع في تبييضه.
473 - محمد بن علي بن صلح بن أحمد بن عمر بن أحمد ناصر الدين بن العلاء بن الصلاح الحلبي ابن عم عمر بن أحمد ومحمد بن محمد ابني صالح ويعرف كسلفه بابن السفاح.
474 - محمد بن علي بن صلح بن إسماعيل الكناني المدني ابن عم القاضي ناصر الدين عبد الرحمن بن محمد بن صلح وخادم ضريح حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم. أجاز للتقي بن فهد وبيض لترجمته.(4/182)
475 - محمد بن علي بن صبيح المدني أحد فراشيها وأخو أحمد الماضي ممن سمع مني بالمدينة.
476 - محمد بن علي بن صلاح الشمس السكندري الحريري. كان ساكناً خيراً ظريفاً فهماً مديماً للجماعة بجامع الغمري ولمجلس الإملاء مع تجرع فاقة وتقنع. مات بعيد الثمانين وأظنه جاز السبعين رحمه الله.
477 - محمد بن علي بن صلاح بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن الحسن إمام الزيدية. مات سنة تسع وثلاثين. وينظر فيمن ذكر بل سيأتي محمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن علي.
478 - محمد بن علي بن طنطاش الفلكي. مات سنة إحدى وثلاثين.
479 - محمد بن علي بن عادل ناصر الدين الوفائي الحنفي ويعرف بأبي الفوز ابن البريدي. قرأ علي بمجلس يشبك الفقيه في السيرة النبوية للدمياطي وكان فهماً لا بأس به فيما أرى.
480 - محمد بن علي بن عباس بن صافي بن عبد الرحمن الشمس بن النور بن الزين بن الصفي بن المجد الهيثمي الشافعي ويعرف بابن عباس. ولد سنة سبعين وسبعمائة أو قبلها بمحلة أبي الهيثم وقرأ بها القرآن على أبيه وصلى به والعمدة وأربعي النووي والتبريزي والرحبية في الفرائض والملحة وعرضها على القاضيين العماد الباريني والعز عبد العزيز بن سليم وغيرهما في سنة أربع وثمانين وسبعمائة وبحث على والده في التريزي والرحبية والملحة. وكان أبوه شاعراً بارعاً فولع هو بالنظم ومدح النبي صلى الله عليه وسلم مع ونه شيخاً منوراً يعرف من النحو ما يصلح به لسانه. وقد لقيه ابن فهد والبقاعي في سنة ثمان وثلاثين وكتبا عنه قصيدة طويلة أولها:
رق النسيم وهب في الأسحار ... وهمى الغمام بوابل الأمطار
واهتزت الأغصان تيهاً بالصبا ... وتراقصت طرباً على الأشجار
481 - محمد بن علي بن عبد الحق الصلاح الأنصاري التبريزي الأصل القاهري الحنفي الخازن بالبيمارستان ويعرف بابن الملا علي. مات في ذي القعدة سنة ست وسبعين وثمانمائة بعد توعك يومين ودفن عند نصر الله العجمي وأظنه جاز الخمسين وكان قد اشتغل وحج مراراً منها في سنة ست وخمسين ولقيته هناك وسمع معي على ابن الهمام بل سمع البخاري بتمامه في الظاهرية القديمة وقبل ذلك على شيخنا والمحب البغدادي والطبقة.
482 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن حسن بن علي الشمس بن العلاء الغزي بن المشرقي الماضي أبوه. حضر إلي في رمضان سنة خمس وتسعين فسمع مني المسلسل.
483 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الغفور بن عبد الكريم الحلبي الطويل ويعرف بابن آمين الدولة. ولد في صفر سنة ست وستين وسبعمائة وأجاز له في سنة ثمانين فما بعدها الصلاح بن أبي عمر وعبد الوهاب القروي والتقى البغدادي والمحب الصامت والباجي وأبو الهول الجزري وأبو اليمن بن الكويك والحراوي في آخرين. وحدث سمع منه الفضلاء؛ أجاز له في سنة إحدى وخمسين ومات بعد ذلك بيسير، وكان معالجاً مصارعاً جيد الرمي بالسهام من بيت معروف بحلب ذكر جده ابن خطيب الناصرية في تاريخها ولقبه بالشيخ فخر الدين وأنه حدث عن سنقر.
484 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عبد الله بن غازي البعلي الحنبلي ويعرف بابن الجوف - بجيم مفتوحة ثم واو ساكنة وآخره فاء. ولد في سنة خمس وسبعين وسبعمائة وسمع من عبد الرحمن بن الزعبوب الصحيح بل كان يذكر أنه سمعه ايضاً على الشمس بن اليونانية والعمادين ابن بردس وابن يعقوب والأمين بن المحب. وحدث أخذ عنه النجم بن فهد وغيره. ومات قبل دخولي بعلبك.
485 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن هاشم الشمس أبو عبد الله التفهني ثم القاهري الشافعي أخو قاضي الحنفية الزين عبد الرحمن الماضي. ممن أخذ عنه التقي بن وكيل السلطان وقال أنه مات سنة سبع وأربعين.
486 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن أحمد بن محمد الشمس الدمنهوري ثم الفوى الفخاري نسبة لبيع الفخار الشافعي. ولد سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة بدمنهور ونشأ بها فقرأ القرآن على الفقيه الزين أبي بكر بن خضير واشتغل في الفقه على ابن الخلال والشهاب المتيجي ووالده وجماعة وكتب عن السراج الأسواني الشاعر شيئاً من نظمه وجلس ببلده لتعليم الأطفال فانتفع به وتعانى النظم فكان منه مما كتبته عنه حين لقيته بفوة قوله:
إذا ما قضى الله فكن صابراً ... وما قدر الله لا تنأ عنه(4/183)
وكن حامداَ شاكراً ذاكراً ... فربي هو الكل والكل منه
ونعم الرجل صلاحاً وخيراً وأنساً. مات قريب الستين ظناً.
487 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن محمد بن سليمان بن حمزة بن أحمد بن عمر بن الشيخ أبي عمر العلاء بن البهاء بن العز بن التقي العمري المقدسي الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد سنة أربع وستين وسبعمائة وأحضر في الثالثة على ست العرب حفيدة الفخر جلساً من أمالي نظام الملك وغيره وعني بالعلم وحفظ المقنع وأخذ عن ابن رجب وابن المحب ومهر في الفقه والحديث ودرس بدار الحديث الأشرفية بالجبل وناب في القضاء عن صهره الشمس النابلسي ثم استقل به ثم عزل بابن عبادة ثم أعيد بعد موته فلم تطل مدته بل مات عن قرب في ذي القعدة سنة عشرين بالصالحية ودفن بالسفح. وكان ذكياً فصيحاً يذاكر بأشياء حسنة وينظم الشعر. ولما وقف على عنوان الشرف لابن المقري أعجبه فسلك على طريقته نظماً حسب فتراح صاحبه مجد الدين عليه فعمل قطعة أولها:
أشار المجد مكتمل المعاني ... بأن أحذو على حذو اليماني
بل هو صاحب المنظومة التي في مفردات أحمد عن الأئمة الثلاثة. وقد أكثر المجاورة بمكة وصار في آخر عمره عين الحنابلة وثنى عنه الموفق الأبي سمع عليه مع ابن موسى وأجاز جماعة رحمه الله وإيانا.
488 - محمد بن علي بن عبد الرحمن بن معالي بن إبراهيم الشمس بن العلاء المعري ثم الحلبي. ولد في سنة خمس وسبعين وسبعمائة وسمع من الشهاب بن المرحل. وحدثسمع منه الفضلاء وكان عاقلاً مشهور العدالة متكسباً بالشهادة متقناً لصناعتها أحد شهود قلعة حلب والجرائد فيها مباشراً بجامع منكلي بغا. مات قريب الخمسين تقريباً. وفي تاريخ حلب ممن أجاز للبرهان الحلبي عبد الرحمن بن معالي ابن أسد بن أبي القسم الأرموي المعري المؤذن وأظنه جد هذا ويحتمل أن يكون غيره.
489 - محمد بن علي بن عبد الرحمن الشمس أبو الغيث بن المقري النور بن الزين الخليلي ثم الصفدي المقرئ ويعرف بالمغربي. تلا بالسبع على ابن عمران والنجار وبعضها على جعفر في سنة إحدى وسبعين.
490 - محمد بن علي بن عبد الرحيم بن عبد الولي البدر البعلي ويعرف بابن الجنثاني - بكسر الجيم ثم نون ساكنة بعدها مثلثة مفتوةحة وبعد الألف نون. ولد في منتصف ذي القعدة سنة سبع وخمسين وسبعمائة ببعلبك وقرأ القرآن عند الشمس محمد بن عيسى وسمع على الصلاح بن أبي عمر منتقى البرزالي من مشيخة الفخر وعلى أحمد بن عبد الكريم البعلي صحيح مسلم وعلى يوسف بن عبد الله بن الحبال السيرة لابن إسحاق، وكان يذكر أنه سمع على ابن أميلة سنن أبي داود وغيرها بجامع المزة وعلى العماد بن بردس والقاضي التاج بن المجد الكبير وأثبت له ذلك فقيهه ابن عيسى ولكنه ذهب في الفتنة وليس ببعيد عن الصدق. وقد حدث سمع منه الفضلاء. ومات قريب الأربعين رحمه الله.
491 - محمد بن علي بن عبد الرزاق بن محمد بن أحمد بن يوسف الدمنهوري الأصل السكندري المالكي ويعرف بابن مرزوق. ولد سنة خمس وسبعين وسبعمائة تقريباً بالثغر. ذكره البقاعي مجرداً.(4/184)
492 - محمد بن علي بن عبد الصمد بن يوسف بن أحمد الشمس أبو المعالي بن العلاء أبي الحسن بن الزين أبي الجود التيزيني الحلبي الشافعي. ولد في رجب أو شعبان سنة سبع وثمانمائة في مدينة تيزين من أعمال حلب وانتقل به أبوه إلى حلب فحفظ القرآن والمنهاج والرحبية في الفرائض والملحة واللمع لابن جني وبحث بعض المنهاج والملحة على عبيد وجود عليه القرآن وكذا بحث بعض المنهاج على الشمس النووي وأخذ عنه صناعة الشروط وكان متقدماً فيها وبحث الرحبية وعروض الحلي وبعض اللمع واللمحة على البدر بن سلامة. ثم ارتحل إلى حماة بعد سنة ثلاثين وبحث على الزين بن الخرزي بعض المنهاج وجميع اللمع على العلاء بن بيور في الفقه والنحو ثم إلى دمشق فبحث على محمد الزرعي عرف بالنووي وبعد الرحمن اليمني في الفقه والنحو وبحث بسرمين على العلاء بن كامل الرفكاحية في الفرائض وبديعة العز الموصلي وابن حجة. وحج في سنة ثلاث وعشرين وولي قضاء تيزين وغيرها من أعمال حلب وحصلت له كائنة مع ابن الشحنة في سنة خمسين قال البقاعي أنه نكبه فيها وأدخل عليه الخمر إلى بيته من جهة ربيبه وزين لحاجب حلب حتى أوقع به وسجنه؛ ثم قدم القاهرة ليشكوهما فكسرت رجله في العريش بحيث كان دخوله لها على أسوأ حال فلما عوفي سعى في ذلك فلم ينجع واستمر مقيماً بالقاهرة خوفاً من الحاجب فما لبث أن مات في آخرها وكفاه الله أمره. وناب فيها في القضاء وتنقل بالمجالس وتناوب مع البدر الدميري في مجلس باب اللوق فقيل للبدر كأنك غفلت عن ذكر الله يوم سلط هذا على مشاركيك لقوله تعالى: " ومن يعشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين " وكان ناظماً مشاركاً في طرف من العربية حافظاً لكثير من القصائد المطولة والأشعار اللطيفة مؤدياً لذلك بفصاحة وصوت جهوري ممن يداري ويتقي وأكثر من التردد لجماعة من أعيان الوقت كالمستجدي منهم وكان من عادته أنه إذا أراد خصام أحد قال سأنطحه نطحة أهلكه بها كما نطحت فلاناً وفلاناً. وكنت ممن سمع منه الكثير. ومات في جمادى الأولى سنة ست وسبعين. وقد كتب عنه البقاعي من نظمه وقال مما يعد في مجازفاته أنه رجل حسن فصيح مفوه غير أنه مكثار ممل مشكور السيرة في تحمله الشهادة عفيف متعفف مترفع عن الدنايا ومن نظمه:
الصبر أحمد إذ لا ينفع الجزع ... يا نفس صبراً لعل الضيق يتسع
إن حل بالمرء بؤس ليس يدفعه ... شكوى ولا قلق باد ولا هلع
والدهر من شأنه تغيير حالته ... وبعض حادثه بالبعض يندفع
إني بمصر غريب لست مستنداً ... إلا إلى من به الإسلام مرتفع
قاضي القضاة شهاب الدين أحمد من ... فيه المحامد والأفضال تجتمع
في أبيات.
493 - محمد بن علي بن عبد العزيز بن علي بن عبد الكافي الجمال الدقوقي المكي أخو عبد العزيز الماضي. ولد بمكة تقريباً سنة خمس وتسعين وسبعمائة ومات أبوه وهو ابن نحو عشر سنين فنشأ في حجر أمه فقيراً فلما ترعرع أقبل على التسبب إلى عدن من اليمن وغيرها وحصل بعض دنيا ومات أخوه بالقاهرة بعد أن أسند وصيته إليه فانتقل وصحب الخواجا البدر الطاهر واختص به ودخل معه القاهرة فاشتهر وعرف بين المصريين وغيرهم وأثرى وكثر ماله وحصل عقاراً بمكة وبنى عدة دور وكان من خيار أبناء جنسه القاطنين بمكة مقرباً لأهل الخير بحيث كان الموفق الأبي من خواصه، وله سماع في المسلسل وغيره على الزين المراغي، وعمر مولد جعفر الصادق المجانب لدوره بدار أبي سعيد وأماكن من عين حنين في سنة ست وأربعين، لقيته بمكة في المجاورة الأولى. ومات بها في ليلة الجمعة سابع عشري ربيع الأول سنة ستين وصلي عليه بعد صلاة الصبح عند باب الكعبة ثم دفن بالمعلاة رحمه الله.(4/185)
494 - محمد بن علي بن عبد الغني البدر السعودي القاهري المقسي الحنفي الماضي أبوه ويعرف كهوبا بن الوقاد حرفة جده. نشأ فحفظ القرآن وغيره وكان يصحح على المحب بن الشحنة وسمع مني ثم خالط ذوي السفه وأمسك غير مرة. وماتت له زوجة فورثها، وقربه ابن المغربي الغزي قاضي الحنفية واستنابه بل عمل نقيبه. وأنشأ داراً وكان من الفساد بهما ما لا يوصف مع كراهة كل منهما في الآخر كما هي سنة الله فيمن هذا سبيله وكاد أن يهلكه ثم صار عند الذي يليه بمحل دون ذلك فما وسعه إلا الحج وجاور سنة وربما قرأ فيها في العربية وغيرها مع بعده عن هذا المهيع ثم عاد، وهو من سيئات الوقت مع جهله ولكنه إلى الوكلاء أقرب.
495 - محمد بن علي بن عبد الكافي بن علي بن عبد الواحد بن صغير الشمس أبو عبد الله بن العلاء أبي الحسن القاهري الحنبلي الطبيب والد الكمال محمد الآتي ويعرف كسلفه بابن صغير. ممن تميز في الطب وعالج وتدرب به جماعة بل له في الطب كتاب يسمى الزبد عرضه ابنه في جملة محافيظه على ابن جماعة وغيره في سنة ست عشرة وكان أحد الأطباء بالبيمارستان وبخدمة السلطان. ومات في سنة تسع وثلاثين عن أربع وثمانين فيما قاله لي ولده الآخر العلاء علي وقد وصفه العز بن جماعة في إجازة ولده بالشيخ القدوة العمدة الكامل الفاضل السالم المتقن المتفنن، وأبو الفتح الباهي بالشيخ الإمام الرئيس البالغ من الكمالات النفسانية مبلغاً لا يحد والحائز من الفضائل أنواعاً لا تعد.
496 - محمد بن علي بن عبد الكيم بن أحمد بن عطية بن ظهيرة أبو عبد الله القرشي المكي وأمه عائشة ابنة عبد الرحمن بن حسن بن هارون القرشي المخزومي أجاز له في سنة أربع وتسعين وسبعمائة فما بعدها التنوخي. وأبو بكر بن أحمد بن عبد الهادي وابن منيع ومريم ابنة أحمد الأذرعي وغيرهم. ومات كهلاً.
497 - محمد التقي شقيق الذي قبله. أجاز له في سنة خمس وثمانمائة ابن صديق والعراقي والهيثمي وعائشة ابنة ابن عبد الهادي والزين المراغي والفرسيسي وغيرهم. ومات بالقاهرة في سن الكهولة أيضاً.
498 - محمد بن علي بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد الظاهر أصيل الدين أبو السعود وأبو المكارم بن إمام الدين أبي الحسن المنزل الشافعي قاضيها وابن قضاتها الماضي أبوه ويعرف كسلفه بابن عبد الظاهر ولكن بابن إمام الدين أكثر. ولد سنة ثمان وخمسين وقرأ القرآن وبعض البهجة وحل في المنهاج على النور الكلبشي حين إقامته هناك وقبل ذلك على والده والشمس محمد بن موسى الشهير بالظريف شريك أبيه في خطابة المنزلة وقدم القاهرة فحج وقرأ علي في البخاري وسمع مني وعلى غير ذلك والثناء عليه مستفيض.
محمد بن علي بن عبد الكريم الفوى. في ابن علي بن محمد بن عبد الكريم.
499 - محمد بن علي بن عبد الكريم المصري نزيل مكة وشيخ الفراشين بها ويعرف باليمني وبالكتبي. كان من سكان القاهرة وصوفية بيبرسيتها ثم ولي فراشة بالمسجد الحرام وكان يتردد لمكة من أجلها ويقيم بها أوقاتاً ثم بأخرة كثرت إقامته بها وصار يتردد إلى القاهرة قليلاً، وتمشيخ بأخرة على الفراشين ودخل اليمن للتجارة واشترى بمكة داراً ثم وقفها على نفسه وأولاده. مات بها في تاسع عشر ذي الحجة سنة خمس وعشرين ودفن بالمعلاة وقد قارب السبعين أو بلغها. ذكره الفاسي ولم يسم جده وقال بلغني عنه أنه سمع بالقاهرة على أبي البقاء السبكي بعض الصحيح فالله أعلم. وذكره التقي بن فهد في معجمه وسمى جده وأورد عنه حديثاً وكان استقراره في المشيخة فيما قيل بعد أحمد الدوري خال محمد البيسق ولذا لما مات هذا وتلقاها عنه علي بن أمد بن فرج الطبري ثم مات تلقاها عنه ال.(4/186)
500 - محمد بن علي بن عبد الله بن إبراهيم بن سليمان الشمس الجوجري ثم الخانكي الشافعي والد علي الماضي ويعرف بالجوجري. ولد سنة ثلاث عشرة وثمانمائة تقريباً بجوجر ثم تحول مع أبيه وكان فقيراً إلى خانقاه سرياقوس فنزل وتسبب الأب بالعلاقة وغيرها وحفظ هو القرآن وجانباً من التنبيه بواسطة انتمائه لشريفين أعجميين أخوين كانا نازلين بها اسمهما علي ومحمد فكان يقرأ عليهما في الفقه وغيره وتدرب بهما في الطلب ومعرفة اللسان العجمي ولازم خدمتهما حتى انفصلا عنها إلى الحرمين ثم اختص بعلي الخراساني حين استقر به سودون من عبد الرحمن في مشيخة مدرسته بها وبصاحب الترجمة في مباشرتها وزاد بينهما الاختصاص سيما حين ترقيه بالحسبة ونظر الخانقاه ومشيختها وتكلم عنه في الخانقاه بل كان هو المستبد بها وبابن المحب بن الأشقر لذلك وامتنع من مباشرة حسبتها وكذا اختص بقانم التاجر وألزمه جانبك الجداوي بالتكلم عنه في الخانقاه، ثم بعده باشرها عند الشهابي بن العيني إلى أن استقل بالنظر بعد موت الشريف علي الكردي وقام في أمرها وتنمية وقفها وعمارته وناكد كثيراً من مستحقيها، وكذا تكلم عن قانم وغيره في الشيخونية والصرغتمشية والبيمارستان وعن قجماس في البرقوقية وامتنع من ذلك أيام الأمشاطي مع اختصاصهما ولا زال في ترق من المال والدور بالخانقاه وغيرها وكثرة الجهات مع مزيد إقدامه وكثرة كلامه وميله إلى الغلظة وتمام التجبر واتفق أن أخاً له اسمه إبراهيم ضعف فنقل إلى علية ببيت هذا مما كان اللائق خلافه فلم يلبث أن ألقى نفسه من كوة إلى أسفل فمات ورام الملك التعرض له بسببه فدوفع. وربما مال للفقراء والفضلاء بحيث خطب الشرف عبد الحق السنباطي لتزويج ابنته من ابنه أخي البلبيسي وانتفع الشرف من قبله في حياته وبعدها. ولم يخل من فضيلة سيما ويذكر أنه حضر عند القاياتي والشرواني وكذا أخذ عن المناوي والوروري وتزوج بابنته وتكدر أبوها منه وكذا تزوج بابنة ابن الشيخ علي المحتسب وبابنة أخي السراج البلبيسي وكانت بينهما كلمات أفحمه هذا فيها وأخذ عن البوشي وغيرهم وكان مما أخذه عن البوشي في الفقه وقرأ على السنهوري في العربية مع حسن الخط وامتحن في أيام الأشرف قايتباي مراراً أولها وتجلد وتهدد بالمرافعة والمكافحة وغير وبدل ومات له ولد ثم آخر من ابنة ابن العجمي زاد على عشرين سنة أحضر له البدري أبو البقاء بن الجيعان لتجهيزه عشرة دنانير مع ثوب بعلبكي فأخذ ذلك وأزلم أمه بتجهيزه مما هو عندها للميت وعد ذلك في تجبره. كل ذلك وهو منقطع متوجع حتى مات في رجب سنة سبع وتسعين عقب ولده بيسير وما تحققت ما اتفق بعده في تركته وأوقافه ووظائفه والظاهر أنها استهلكت عفا الله عنه وإيانا.
501 - محمد بن علي بن عبد الله بن محمد بن أحمد الشمس أبو العطاء البارنباري الدمياطي الشافعي إمام المعينية بدمياط ويعرف بالشارمساحي. ولد بعد العشرين وثمانمائة تقريباً ببارنبارة قرية بالقرب منها قرية تعرف ببني عطية الدنجاوي ولذا يقال له العطائي أيضاً؛ ثم انتقل منها مع أبويه إلى دمياط فقطنها وحفظ القرآن والشاطبية والمنهاج والألفية والملحة، وعرض على الشمس بن الفقيه حسن وعليه قرأ البخاري واشتغل في الفقه والعربية وكذا عرض على الفقيه حسن وعليه قرأ البخاري واشتغل في الفقه والعربية وكذا عرض على الفقيه موسى بن عبد الله البهوتي الدمياطي؛ واشتغل أيضاً عند النور المناوي والطيبي وسمع الحديث على الفرياني بل وقرأ على شيخا في سنة إحدى وخمسين بعض الصحيح وتلا لنافع وحمزة على الشمس محمد البخاري القدسي تلميذ ابن الجزري وغيره حين قدم عليهم دمياط، وارتحل لمكة فقرأ على كل من الزين بن عياش ومحمد الكيلاني لأبي عمرو وبعضها على الديروطي وعمر النجار وسمع على اللذين قبلهما الجمع، وتصدى في دمياط لتعليم الأبناء ثم ولي إمامة المدرسة المعيية أول ما فتحت وصاهر الشهاب الجديدي على ابنته، وحضر عندي في بعض قدماته القاهرة مجالس الإملاء بل كتب من تصانيفي جملة وقرأ علي منها واغتبط بها وهو إنسان حسن طوال فاضل حسن الخط مديم التلاوة حريص على الخير، له نظم كتبت عنه منه مدحاً في وغير ذلك.(4/187)
502 - محمد بن علي بن عبد الله الشمس الحرفي - بفتح المهملة وسكون الراء بعدها فاء - المعري. مات في شوال سنة ست وكان خصيصاً بالظاهر برقوق. ذكره شيخنا في إنبائه. زاد غيره أنه كان عارفاً بعلم الحرف مع مشاركة جيدة في علوم أخرى.
503 - محمد بن علي بن عبد الله أبو الفيض بن العلاء بن الجمال الحلبي الأصل الشغري المولد المصري المنشأ المالكي الوفائي الجوال. ولد في رجب سنة خمس وثمانين وسبعمائة في ضواحي دمشق وأبوه متوجه إلى القدس ثم انتقل به إلى القاهرة فنشأ بها وقرأ القرآن وتلا به لأبي عمرو على الجمال النويري والرسالة الفرعية وتفقه بالجمال الأقفهسي والزين عبادة وآخرين، وبحث في فروع ابن الحاجب وعيون المجالس لابن القصار والمذهب في قواعد المذهب لابن رشد، وحضر عند الزين العراقي والفرسيسي وقال إنه قرأ عليه السيرة لابن سيد الناس وسمع الأذكار على الشرف بن الكويك والشهاب أحمد بن حسن البطائحي بقراءة الكلوتاتي وقطعة من مسلم وكذا من النسائي الكبير ومنها الختم بقراءة شيخنا والشفا ومن لفظه المسلسل وغير ذلك والحصن الحصين على مؤلفه ابن الجزري وكذا سمع على شيخنا وآخرين. ثم رحل سنة خمس عشرة إلى دمشق ثم إلى حلب فسمع حافظها البرهان. ثم حج في سنة ست وعشرين ثم رجع إلى المدينة النبوية فجاور بها التي تليها وبها رأى النبي صلى الله عليه وسلم جالساً على كرسي بالروضة فقام من في المسجد يهرعون إليه ويقبلون يده وهو يقول لكل كلمتين إلى أن وصلت النوبة إليه فقبل يده ثم قال له يا رسوله الله وأبو الفيض قال شأنك الانتقال فقلت يا رسول الله للموت قال لا في الدنيا قال فحججت سنة ثمان وعشرين ورحلت إلى اليمن أبيات حسين ثم المهجم ثم زبيد ثم تعز ثم توجهت إلى عدن ثم إلى هرموز ثم إلى البحرين ثم إلى القطيف؛ ثم عدي إلى بر العجم إلى شيلاو ثم إلى شيراز فأقام بها سنة فتكلم فيها باللسان الفارسي وعلم بعض العجم اللسان العربي وألف فيه كتاباً ورأى بها شخصاً مجذوباً عرياناً يرجم الناس بالحجارة فمر به فقال له أمالك ابن في بغداد بكلام عربي فصيح فقلت لا فقال بلى رح إلى ولدك في بغداد فرحلت إلى أخوين ثم إلى واسط ثم إلى بغداد فأقمت بها نحو ثلاث سنين وتزوجت بها فولد لي ولد سميته عبد القادر ثم رحلت إلى هيت ثم إلى تكريت ثم إلى إربل ثم إلى الموصل ثم إلى جزيرة ابن عمر ثم إلى حصن كيفا ثم إلى آمد ثم إلى الرها ثم إلى قلعة الروم ثم إلى البيرة ثم إلى حلب ثم إلى أنطاكية ثم إلى طرابلس ثم إلى حماة ثم إلى حمص ثم إلى بعلبك ثم إلى دمشق ثم زرت القدس والخليل ثم رحلت إلى القاهر سنة أربعين ثم قدمت دمشق في التي بعدها ثم رجعت إلى الروم فأقمت ببرصة ثم رجعت إلى حلب سنة اثنتين وأربعين ثم حملني الله على حمار معقور لبلد تسمى عقير والعمادية وهما من بلاد الأكراد ثم رجعت إلى حلب فأقمت بها التي تليها ثم قدمت مصر سنة خمس وأربعين ثم توجهت إلى الصعيد واجتمعت ببعض صلحائها. ثم حج في التي تليها ثم رجع في البحر سنة ثمان إلى مصر ولقيته بالقاهرة قريباً من هذا الأوان وكذا لقيه البقاعي في سنة ثمان وأربعين بسعيد السعداء وقال إنه جمع كتاباً في التعبير وأثنى عليه. قلت وتحلى بشعار الصوفية وكان لطيف الذات حسن العشرة حدث بعدة أماكن سمع منه الفضلاء سمعت منه المسلسل وغيره بل سمع منه بعض أصحابنا ببيت المقدس في سنة سبع وخمسين. ومات بعد بيسير رحمه الله وإيانا.
محمد بن علي بن عبد الله بن القطان هكذا نسبه المقريزي ويأتي فيمن جده محمد بن عمر بن عيسى.
504 - محمد بن علي بن عبد الله البلان ثم السدار ويعرف هو وأبوه بالمجاور. ممن سمع على شيخنا وكذا سمع مني في اعلإملاء وغيره وحضر عند البقاعي وغيره وتردد إلى مشاهد الصالحين كثيراً، وحج غير مرة وجاور، وكان عامياً خيراً يحكي عن شيخنا أشياء. مات وقد أسن في صفر سنة تسعين رحمه الله وإيانا.
505 - محمد بن علي بن عبد الله الدمشقي الخياط ويعرف بابن الزيات. ولد قبل سنة سبعين وسبعمائة فإنه سمع في سنة أربع وثمانين وسبعمائة من المحب الصامت خامس المزكيات وحدث به سمع منه الفضلاء؛ وكان صالحاً معمراً كثير التردد إلى مسجد القصب أوقات الصلاة. مات قريب الأربعين ظناً.
506 - محمد بن علي بن عبد الله السفطي سفط أبي تراب. ممن سمع مني بالقاهرة.(4/188)
507 - محمد بن الشيخ علي بن عبد الله القبيباتي الشامي. ممن سمع مني بمكة.
508 - محمد بن علي بن عبد الله المصري ثم البرلسي الحنفي ويعرف بابن المصري ممن سمع مني.
محمد بن علي بن عبد الله. فيمن جده عبيد قريباً.
509 - محمد بن علي بن عبيد بن محمد الشمس أبو عبد الله وأبو الخير بن نور الدين القاهري الصوفي الشافعي بواب سعيد السعداء وابن بوابها ويعرف بابن الشيخ على المخبزي. ولد سنة تسع وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن وجوده واشتغل بالفقه والعربية وغيرهما يسيراً وتعانى الأدب ونظم الشعر وقرأ الحديث على الكلوتاتي وشيخنا في آخرين ومما قرأه على شيخنا ديوانه الخطب الأزهري والسبع السيارة وهو ممن لازم مجلسه في الأمالي بل سمع قبل ذلك على النور الفوى والولي العراقي والواسطي وابن الجزري والزين القمني والتلواني وجماعة وكتب من فتح الباري قديماً قطعة وكذا من غيره بل كتب في أحد الحرمين تخميس البردة للنجم السكاكيني وقرأه على ناظمه بالمدينة النبوية سنة إحدى وثلاثين وكذا قرأ عليه قصيدة أخرى في مدح الكعبة وغيرها من قصائده وأجاز له وعظمه وقرأ في تاريخه أيضاً على الجمال الكازروني الشفا بالروضة النبوية وسمع عليه بعض البخاري وغير ذلك وقرأ على العامة في الأشهر الثلاثة بجامع الأزهر وكذا بالخانقاه الصلاحية وكان بوابها وأحد صوفيتها والقاطنين غالباً بها، وتنزل في الجهات وخطب بجامع ابن شرف الدين. نعم الرجل كان ديناً وخيراً وسكوناً وتواضعاً وتودداً وعشرة وخفة روح سمعت من نظمه. ومات في يوم الاثنين حادي عشر ربيع الآخر سنة ست وخمسين بعد أن أصيب بإحدى عينيه من رمد ونزل عليه بعض السراق فأخذ أشياء من بيته، ودفن بحوش الصوفية رحمه الله وإيانا وعوضه الجنة.
510 - محمد بن علي بن عبيد أبو عبد الله الصنهاجي التونسي المقرئ المؤدب العربي المفنن والغالب عليه القراآت مع مشاركة. مات بها في ربيع الأول سنة ثمان وستين. ذكره ابن عزم. محمد بن علي بن عثمان بن عبد الله التركماني. يأتي بعد واحد.
511 - محمد بن علي بن عثمان بن محمد الخواجا الفومني. مات في ربيع الأول سنة تسع وخمسين بمكة. أرخه ابن فهد وهو والد الجمال محمد ممن سكن مكة واشترى بها داراً وعمرها وخلف أولاداً وتركة لها صورة.
512 - محمد بن علي بن عثمان بهاء الدين بن المصري بن التركماني خازن كتب النورية وغيرها بدمشق. أحضر على أصحاب الفخر وغيرهم ولم يكن مرضياً، مات في صفر سنة إحدى. أرخه شيخنا في إنبائه وقال في معجمه: محمد بن علي بن عثمان بن عبد الله التركماني ثم الدمشقي أجاز لي ومن مسموعه من ابي عبد الله بن الخباز خامس الحنائيات والظاهر أنه هذا.
513 - محمد بن علي بن عثمانالزبيدي المطيب الحنفي. خلف والده باليمن في جودة الفقه وانتهت إليه بعده رياسة الحنفية بزبيد ثم درس في المحالبية للشهاب أحمد بن إبراهيم المحالبي. ومات في رمضان سنة اثنتين وأربعين بزبيد.
514 - محمد بن علي بن عطاء أمين الدين الدمشقي. كان فاضلاً بارعاً عارفاً بالتصوف والعقليات درس بالأسدية وكان يسجل على القضاة وإليه النظر على وقف جده الصاحب شهاب الدين بن تقي الدين. مات في ذي الحجة سنة إحدى أرخه شيخنا في إنبائه.
515 - محمد بن علي بن علاق قاضي غرناطة. مات سنة ست.
516 - محمد بن علي بن علي بن غزوان السكندري الشافعي المؤذن الموقت ويعرف بالهزبر. ولد سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة باسكندرية وسمع من ابن المصفى وابن الفرات مشيخة الرازي وغيرها، وحدث باسكندرية وبالقاهرة روى عنه جماعة. قال شيخنا في معجمه ولم يتفق لي لقاؤه لكنه أجاز لي غير مرة. ومات في سادس شعبان سنة سبع؛ وتبعه المقريزي في عقوده.(4/189)
517 - محمد بن علي بن علي بن محمد بن نصير - كبكبير - الشمس أبو الفضل الدمشقي القوصي الأصل القاهري الشافعي الماضي أبوه ويعرف بابن الفالاتي حرفة أبيه، وكان شيخنا يقول له لو قيل الفالي كان أحسن لئلا تحذف ألفه فتصير الفالتي. ولد في العشر الأول من رجب سنة أربع وعشرين وثمانمائة بالقاهرة ونشأ بها فحفظ القرآن والمنهاج وألفية النحو والبيضاوي والتلخيص وغيرها، وعرض على جماعة ونشأ في كفالة أبويه بزي أبناء الفقهاء وأقبل على الاشتغال فكان ممن أخذ عنه في العربية أبو عبد الله الراعي والأبدي وعنه أخذ العروض وغيره وكذا أخذ في العروض عن النواجي وفي الفقه الجمال الأمشاطي والونائي والعلاء القلقشندي وعنه أخذ فصول ابن الهائم والمناوي والمحلى وأكثر من ملازمته فيه وفي الأصول وغيرهما وقرأ عليه شروحه للمنهاج وجمع الجوامع والبردة وغيرها وعظم اختصاصه به وكثر انقياده له وكذا لازم العلم البلقيني بعد وفاة شيخنا أتم ملازمة حتى حمل عنه أشياء في الفقه وغيره بقراءته وقراءة غيره وأكثر من الأخذ عن الشمني في فنون كالتفسير والأصلين والعربية والمعاني وعن شيخنا في الحديث بحيث قرأ عليه علوم الحديث لابن الصلاح وتخريج الرافعي من تأليفه وغير ذلك بل أخذ عنه في الفقه أيضاً وتردد في أول أمره للبدر بن الأمانة وفي أواخره لابن الهمام والشرواني ومن قبلهما للقاياتي وعن ابن أسد أخذ اليسير من القراآت، وصحب الشيخ مدين وقتاً واختلى عنده وأقبل الشيخ عليه وقرأ الحديث على العز بن الفرات والشهاب العقبي وعبد الكافي بن الذهبي وشعبان العسقلاني ورجب الخيري في آخرين بل هو قارئ الصحيح بالظاهرية القديمة في الجمع الذي لم يتفق في أوانه مثله شيوخاً وطلبة، وسمع معنا على جمع كثيرين وقبلنا يسيراً ورافقته في علوم الحديث على شيخنا إلا في اليسير من أوائله وكتب لي بخطه أنه استفاد فيه مني، وحج مرتين الثانية في سنة خمسين وقرأ بمكة على أبي الفتح المراغي والتقي بن فهد والزين الأميوطي وغيرهم، وأجاز له في استدعائي وغيره جماعة وأول ما تنبه تنزل في البرقوقية ثم في إمامة الظاهرية القديمة ثم في نيابة نظرها وانتقل بعد الإمامة فسكنها وكذا في قراءة الحديث بالتربة البرقوقية وفي غيرها من الجهات كالطلب في التفسير بالمؤيدية ونيابة مشيخة البيبرسية مع كونها حادثة ولم يزل مديماً للاشتغال مع وفور ذكائه ويقظته واستقامة فهمه وفطنته حتى برع وشارك في الفنون وانتفع بتربية شيخه البلقيني له كثيراً وقدمه وعرض عليه النيابة في القضاء فأبى وأذن له في الإفتاء والتدريس وكذا أذن له المحلى وغيره في الإقراء وممن أذن له في إقراء علوم الحديث وغيرها شيخنا، وتصدر لإقراء الطلبة عدة سنين ولما مات ناصر الدين بن السفاح استقر عوضه في تدريس الفقه بالحسنية تكليفه للناظر وتجاذب هو والمحيوي الطوخي فيه ثم أعرض عنه الطوخي له وعمل فيها إجلاساً بحضرة البلقيني وغيره وكذا اشترك مع الزين المنهلي في تدريس النابلسية ثم رغب بواسطتي له عما يخصه فيه ورام بعد شيخه المحلي الاستقرار في تدريس الفقه بالبرقوقية لكونه أمثل شافعيتها عملاً بشرط الواقف فما تيسر مع مساعدة شيخها له وكذا رام بعد موت التاج السكندري النيابة عن ولده في تدريس الحديث بالظاهرية محل سكنه متبرعاً فما وافق الأمين الأقصرائي وأشار لي بالنيابة ثم لما أردت التوجه لمكة أرسل يسألني فيها عني فلم أخالفه فقدرت وفاته قبل وقت الدرس وناب في الخطابة بالأزهر وراج أمره عند العامة بسببها جداً خصوصاً وقد صار يعتني بالوقائع والأوقات ونحوهما فيسبك ما يلائمها في الخطب ويستعين بي كثيراً في الأحاديث المناسبة لذلك تارة بالمشافهة وتارة بالإرسال الذي يفتتح أكثره بالمسؤول من فضل سيدي الشيخ العلامة أمتع الله بحياته إلى آخره، هذا مع إلمامه بصحبة الرؤساء ونحهم وحسن عشرة لهم وانضمام قراءته الحديث عند الحسام بن حريز قاضي المالكية لذلك فزاد رواجه وتقدم على أقرانه بل ومن لعله أمهر منه وربما قصدب الفتاوى في النوازل والحضور في عقود المجالس وصحة عقيدته حتى أنه في كائنة جرت خطب في الحط على ابن عربي وغيره من الاتحادية مصرحاً بالإنكار على منبر الأزهر ورغبته في القيام والصيام ومراعاة سلوك الاحتشام في ملبسه وهيئته وشدة إظهاره التجمل مع التقلل وعدم(4/190)