سلسلة تزكية النفوس يهدى ولا يباع (11)
(
السفر والهجرة إلى بلاد الكفر
أحكام وتنبيهات
تأليف
الفقير إلى عفو ربه
أبي أنس
ماجد إسلام البنكاني
حقوق الطبع لكل من يريد طبعه وتوزيعه مجاناً
المقدمة
(((
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلَّ له، ومن يُضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد،، قد يتوهم البعض أن مسألة الهجرة والسفر إلى بلاد الكفر إنّما هي مسألة مباحة ولا غبار عليها، والبعض الآخر قام بالهجرة إلى تلكم البلاد، وذلك دون بحث أو تمحيص أو رويّة وتثبت من هذه المسألة التي زاد خطرها واستفحل في هذه الأيام .(1/1)
فتسارع البعض بالهجرة والسفر لبلاد الكفر، وهو ما نراه في هذا الزمان خصوصاًُ الشباب منهم، أما علموا أن الشارع الحكيم الذين عليهم أن ينصاعوا لأوامره، قد نهاهم عن ذلك بل أمر أن يهاجروا ويتركوا البلد الذي يحكمه الكفار وتكون الغلبة لهم، والتي تسمى ديار كفر كما كانت مكة تسمى ديار كفر عندما كان كفار قريش يتحكمون بها ويسيطرون عليها إلى أن فتحها الله سبحانه وتعالى، حيث أمر رسوله × الصحابة الكرام بالهجرة إلى ديار الحبشة، وكذلك أمروا بالهجرة إلى المدينة المنورة على صاحبها أفضل السلام وأتم التسليم، ومع أن مكة حبها واجب شرعي، فهي بلدهم ودارهم وفيها أهاليهم وقرابتهم، ومع هذا كله أمروا بالهجرة منها، والآن حصل العكس من بعض المسلمين وهذا الأمر يبعث على الحزن والأسى له كل قلب مسلم غيور على دينه، إذ هاجروا من بلاد الإسلام إلى ديار الكفر، ولهذا السبب قمت بجمع بعض النصوص من الآيات والأحاديث الصحيحة بهذا الخصوص في هذا البحث ترهيباً من هذا الأمر، وترغيباً لهم على امتثال أمر خالقهم ورازقهم والقادر عليهم، وكان هذا هو السبب في كتابة هذا البحث لعله يكون سبباً للصلاح والحث على فعل الطاعات التي تقربهم من الله تعالى وتكون سبباً لرضا الغفار والنجاة من النار بإذن الله الواحد القهار.
ولا نريد منكم سوى الدعاءِ لنا بظهر الغيب، ونسأله سبحانه وتعالى الإخلاص في القول والعمل ، وأن يتقبل منا أعمالنا . آمين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتب/ ماجد إسلام البنكاني
أبو أنس العراقي
21/ذو القعدة/ 1428هـ
2/12/2007م
قال الله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}{218}(1/2)
وهذا هو مفهوم الهجرة الحقيقي، تكون للحفاظ على الدين وتطبيق شعائر الإسلام، وإعلاءً لكلمة الله تعالى، وليست كما فهم البعض هو الهجرة للكفرة ومساكنتهم والانصياع لهم ولأوامرهم، وطمعاً في دنياهم.
قال الطبري: يعني بذلك جل ذكره: إن الذين صدّقوا بالله وبرسوله، وبما جاء به. وبقوله: وَالّذِينَ هاجَرُوا: الذين هجروا مساكنة المشركين في أمصارهم, ومجاورتهم في ديارهم, فتحوّلوا عنهم، وعن جوارهم وبلادهم إلى غيرها، هجرة... لما انتقل عنه إلى ما انتقل إليه.
وإنما سمي المهاجرون من أصحاب رسول الله× مهاجرين لما وصفنا من هجرتهم دورهم ومنازلهم, كراهة منهم النزول بين أظهر المشركين وفي سلطانهم، بحيث لا يأمنون فتنتهم على أنفسهم في ديارهم إلى الموضع الذي يأمنون ذلك.
وأما سبيل الله: فطريقه ودينه. فمعنى قوله إذاً: وَالّذِينَ هَاجَرُوا وَجاهَدُوا في سَبِيلِ اللّهِ: والذين تحوّلوا من سلطان أهل الشرك هجرة لهم, وخوف فتنتهم على أديانهم, وحاربوهم في دين الله ليدخلوهم فيه، وفيما يرضى الله، أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحَمةَ اللّهِ، أي: يطمعون أن يرحمهم الله فيدخلهم جنته بفضل رحمته إياهم, واللّهُ غَفُورٌ أي: ساتر ذنوب عباده بعفوه عنها, متفضل عليهم بالرحمة.
وقال السعدي: فحقيق بهؤلاء أن يكونوا هم الراجون رحمة الله لأنهم أتوا بالسبب الموجب للرحمة، وفي هذا دليل على أن الرجاء لا يكون إلا بعد القيام بأسباب السعادة، وأما الرجاء المقارن للكسل وعدم القيام بالأسباب فهذا عجز وتمن وغرور، وهو دال على ضعف همة صاحبه ونقص عقله بمنزلة من يرجو وجود ولد بلا نكاح ووجود الغلة بلا بذر وسقي ونحو ذلك.وقد حذر الله تعالى من ذلك أشد الحذر ورتب على مخالفة أمره سبحانه العذاب، فقد قال تعالى:{إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا) .(1/3)
قال الطبري في تفسيره: إن الذين تقبض أرواحهم الملائكة {ظالِمِي أنْفُسِهِمْ} يعني: مكسبي أنفسهم غضب الله وسخطه.
وقال القرطبي في تفسيره: المراد بها جماعة من أهل مكة قد أسلموا وأظهروا للنبي× به فلما هاجر النبي × أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار فنزلت.
وروى البخاري عن محمد بن عبد الرحمن قال :قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي ثم قال: أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله × يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل فأنزل الله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ).
وقوله تعالى: {توفاهم الملائكة} وقيل: تقبض أرواحهم وهو أظهر وقيل: المراد الملائكة ملك الموت لقوله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} و{ ظالمي أنفسهم} نصب على الحال أي في حال ظلمهم أنفسهم والمراد ظالمين أنفسهم فحذف النون استخفافا وأضاف كما قال تعالى {هديا بالغ الكعبة} وقول الملائكة:{فيم كنتم} سؤال تقريع وتوبيخ أي أكنتم في أصحاب النبي × أم كنتم مشركين وقول هؤلاء: {كنا مستضعفين في الأرض} يعني مكة اعتذار غير صحيح إذ كانوا يستطيعون الحيل ويهتدون السبيل ثم وقفتهم الملائكة على دينهم بقولهم {ألم تكن أرض الله واسعة} ويفيد هذا السؤال والجواب أنهم ماتوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرة وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا وإنما أضرب عن ذكرهم في الصحابة لشدة ما واقعوه ولعدم تعين أحدهم بالإيمان واحتمال ردته والله أعلم .(1/4)
ثم قال: والمراد بقوله: {ألم تكن أرض الله واسعة} المدينة أي ألم تكونوا متمكنين قادرين على الهجرة التباعد ممن كان يستضعفكم وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي وقال سعيد بن جبير: إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها وتلا {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها} و [روي عن النبي × أنه قال : من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام] {فأولئك مأواهم جهنم} أي مثواهم النار وكانت الهجرة واجبة على كل من أسلم {وساءت مصيرا} نصب على التفسير، وقوله {لا يستطيعون حيلة} الحيلة لفظ عام لأنواع أسباب التخلص والسبيل سبيل المدينة فيما ذكر مجاهد و السدي وغيرهما والصواب أنه عام في جميع السبل.
وقوله تعالى: {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم} هذا الذي لا حيلة له في الهجرة لا ذنب له حتى يعفى عنه ولكن المعنى أنه قد يتوهم أنه يجب تحمل غاية المشقة في الهجرة حتى أن من لم يتحمل تلك المشقة يعاقب فأزال الله ذلك الوهم إذ لا يجب تحمل غاية المشقة بل كان يجوز ترك الهجرة عند فقد الزاد والراحلة فمعنى الآية: فأولئك لا يستقصى عليهم في المحاسبة ولهذا قال: {وكان الله عفوا غفورا} والماضي والمستقبل في حقه تعالى واحد .اهـ.
وقال الشيخ السعدي: هذا الوعيد الشديد لمن ترك الهجرة مع قدرته عليها حتى مات، فإن الملائكة الذين يقبضون روحه يوبخونه بهذا التوبيخ العظيم، ويقولون لهم: {فِيمَ كُنْتُمْ} أي: على أي حال كنتم؟ وبأي شيء تميزتم عن المشركين؟ بل كثرتم سوادهم، وربما ظاهرتموهم على المؤمنين، وفاتكم الخير الكثير، والجهاد مع رسوله، والكون مع المسلمين، ومعاونتهم على أعدائهم.
{قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْض} أي: ضعفاء مقهورين مظلومين، ليس لنا قدرة على الهجرة. وهم غير صادقين في ذلك لأن الله وبخهم وتوعدهم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، واستثنى المستضعفين حقيقة.(1/5)
ولهذا قالت لهم الملائكة: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} وهذا استفهام تقرير، أي: قد تقرر عند كل أحد أن أرض الله واسعة، فحيثما كان العبد في محل لا يتمكن فيه من إظهار دينه، فإن له متسعًا وفسحة من الأرض يتمكن فيها من عبادة الله، كما قال تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} قال الله عن هؤلاء الذين لا عذر لهم:{فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} .
وفي الآية دليل على أن الهجرة من أكبر الواجبات، وتركها من المحرمات، بل من الكبائر، وفي الآية دليل على أن كل مَن توفي فقد استكمل واستوفى ما قدر له من الرزق والأجل والعمل، وذلك مأخوذ من لفظ "التوفي" فإنه يدل على ذلك، لأنه لو بقي عليه شيء من ذلك لم يكن متوفيًا.وفيه الإيمان بالملائكة ومدحهم، لأن الله ساق ذلك الخطاب لهم على وجه التقرير والاستحسان منهم، وموافقته لمحله.ثم استثنى المستضعفين على الحقيقة، الذين لا قدرة لهم على الهجرة بوجه من الوجوه {وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} .
وعن جرير×، قال رسول الله ×: "أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين لا تراءى نارهما" . رواه أبو داود والترمذي، وحسنه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: (1461).
قال ابن قيم الجوزية: ومنع رسول الله× من إقامة المسلم بين المشركين إذا قدر على الهجرة من بينهم وقال: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قيل: يا رسول الله! ولم؟ قال: لا تراءى ناراهما وقال: من جامع المشرك وسكن معه فهو مثله وقال: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها، وقال: ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم تقذرهم نفس الله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير. زاد المعاد (3/111).(1/6)
وقال: وفي السنن والمسند من حديث أنس بن مالك< أن رسول الله × قال: "لا تستضيئوا بنار المشركين، ولا تنقشوا على خواتيمكم عربيا" .
وفسر قوله لا تستضيئوا بنار المشركين يعني لا تستنصحوهم ولا تستضيئوا برأيهم. والصحيح أن معناه مباعدتهم وعدم مساكنتهم كما في الحديث الآخر أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين لا ترا ؟ آي نارهما.
وعن أبي موسى × قال قلت لعمر < إن لي كاتبا نصرانيا قال مالك؟ قاتلك الله أما سمعت الله تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم" ألا اتخذت حنيفا، قال: قلت: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه قال لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله.
وكتب إليه بعض عماله يستشيره في استعمال الكفار فقال إن المال قد كثر وليس يحصيه إلا هم، فاكتب إلينا بما ترى فكتب إليه: لا تدخلوهم في دينكم ولا تسلموهم ما منعهم الله منه، ولا تأمنوهم على أموالكم، وتعلموا الكتابة فإنما هي الرجال. أحكام أهل الذمة (1/452)
قال جرير: أتيت النبي × وهو يبايع فقلت: يا رسول الله! ابسط يدك حتى أبايعك واشترط علي فأنت أعلم، قال: أبايعك على أن تعبد الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتناصح المسلمين وتفارق المشرك. الحديث حسنه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم(636).
وقد رويت الجملة الأخيرة منه من طريق أخرى عن جرير بلفظ: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله! ولم؟ قال: لا تراءى نارهما .
وروى سمرة بن جندب عن النبي × قال: لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو مثلهم . وفي معناه حديث: لا يقبل الله من مشرك بعد ما أسلم عملا؛ أو يفارق المشركين إلى المسلمين. إرواء الغليل.
قال الشيخ الألباني:
باب / وجوب الهجرة من بلاد الشرك(1/7)
عن يزيد بن عبد الله بن الخير عن رجل من أصحاب النبي × أن النبي × :"إنّكم إنْ شهدتم أنْ لا إله إلا اللهُ، وأقمتُمُ الصَّلاةَ، وآتيتُمُ الزكاةَ، وفارقتُمْ المشركينَ، وأعطيتُمْ من الغنائم الخُمْسَ وسَهْمَ النبيّ ×، والصفيّ وربَّما قال: وصفيَّه فأنتُمْ آمِنون بأمَانِ اللهِ وأمانِ رسوله".صحيح. الصحيحة برقم(2857).
الصفيُّ: ما كان النبيّ × يصطفيه ويختاره من عرض المغنم من فرس أو غلام أو سيف، أو ما أحبّ من شيء، وذلك من رأس المغنم قَبل أنْ يُخمَّس، كان × مخصوصاً بهذه الثلاث ( يعني المذكورة في الحديث: الخمس، والسهم، والصفيّ).
عُقْبَة وعِوَضاً عن الصدقة التي حُرّمتْ عليه. قاله الخطابي.
قلت: في هذا الحديث بعض الأحكام التي تتعلق بدعوة الكفار إلى الإسلام، مِن ذلك: أنّ لهُم الأمان إذا قاموا بما فرض الله عليهم، ومنها: أنْ يفارقوا المشركين ويهاجروا إلى بلاد المسلمين. وفي هذا أحاديث كثيرة، يلتقي كُلّها على حضّ مَن أسلم على المفارقة، كقوله × :"أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين، لا تتراءى نارهما"، وفي بعضها أنّ النبي × اشترط على بعضهم في البيعة أنْ يفارق المشرك. وفي بعضها قوله ×:" لا يقبل الله عز وجل من مشرك بعد ما أسْلمَ عملاً، أو يفارق المشركين إلى المسلمين".إلى غير ذلك من الأحاديث، وقد خرجتُ بعضها في "الإرواء" ( 5/29- 33)، وفيما تقدم برقم (636) .
وإنّ مما يؤسف له أشد الأسف أنّ الذين يُسلمون في العصر الحاضر مع كثرتهم والحمد لله لا يتجاوبون مع هذا الحكم من المفارقة، وهجرتهم إلى بلاد الإسلام، إلا القليل منهم، وأنا أعزو ذلك إلى أمرين اثنين:(1/8)
الأول: تكالبهم على الدنيا، وتيسّر وسائل العيش والرفاهية في بلادهم بحكم كونهم يعيشون حياة ممتعة، لا روح فيها، كما هو معلوم فيصعب عليهم عادة أنْ ينتقلوا إلى بلد إسلامي قدْ لا تتوفر لهم فيه وسائل الحياة الكريمة من وجهة نظرهم، والآخر وهو الأهم جهلهم بهذا الحكم، وهم في ذلك معذورون، لأنهم لمْ يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين تذاع كلماتهم مترجمة ببعض اللغات الأجنبية، أو من الذين يذهبون إليهم باسم الدعوة؛ لأن أكثرهم ليسوا بفقهاء وبخاصة منهم جماعة التبليغ، بل إنّهم ليزدادون لصوقاً ببلادهم، حينما يرون كثيراً من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلادهم إلى بلاد الكفار! أين لأولئك الذين هداهم الله إلى الإسلام أن يعرفوا مثل هذا الحكم والمسلمون أنفسهم مخالفون له؟!.
ألا فليعلم هؤلاء وهؤلاء أنّ الهجرة ماضية كالجهاد، فقد قال ×:" لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتَلُ"، وفي حديث آخر:"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها"وهو مُخرَّج في "الإرواء" (1208) .(1/9)
وممّا ينبغي أن يعلم أنّ الهجرة أنواع ولأسباب عدة، ولبيانها مجال آخر، والمهم هنا الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مهما كان الحكام فيها منحرفين عن الإسلام، أو مقصرين في تطبيق أحكامه، فهي على كل حال خير بما لا يوصف من بلاد الكفر أخلاقاً وتديناً وسلوكاً، وليس الأمر ـ بداهة ـ كما زعم أحد الجهلة الحمقى الهوج من الخطباء:"والله لو خُيَّرتُ أنْ أعيش في القدس تحت احتلال اليهود وبين أن أعيش في أي عاصمة عربية لاخترتُ أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود"! وزاد على ذلك فقال ما نصه:"ما أرى إلا أنّ الهجرة واجبة من الجزائر إلى (تل أبيب)"!! كذا قال فُضّ فوه، فإنّ بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبياً! ولتقريب ما ذكرتُ من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على معرفته واتَّباعه، الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين، وصراخ الممثلين، واضطراب الموتورين من الحاسدين والحاقدين من الخطباء والكاتبين:أقول لأولئك المحبين: تذكَّروا على الأقل حديثين اثنين لرسول الله×:أحدهما:" إنّ الإيمان ليأْرِزُ (1) إلى المدينة كما تأْرِزُ (1) الحية إلى جُحرها.(2)" أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما.
والأخر:" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمْر الله وهم ظاهرون"، وهو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من الصحابة، وتقدم تخريجه عن جمع منهم برقم (270و1108و1955و1956)،و"صحيح أبي داود"(1245)؛ وفي بعضها أنهم "أهل المغرب" أي الشام، وجاء ذلك مفسراً عند البخاري وغيره عن معاذ، وعند الترمذي وغيره مرفوعاً بلفظ:
"إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم، ولا تزال طائفة من أمتي..." الحديث.
__________
(1) في الأصل: "ليأزِر" و "تأزِرُ" وهو خطأ طباعي (جامعه).
(2) في الأصل: "حجرها" وهو خطأ طباعي. (جامعه) .(1/10)
وفي هذه الأحاديث إشارة قوية إلى أن العبرة في البلاد إنما هي بالسكان وليس بالحيطان؟ وقد أفصح عن هذه الحقيقة سلمان الفارسي - رضي الله عنه - حين كتب أبو الدرداء إليه: أنْ هلُمّ إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان: إنّ الأرض المقدسة لا تُقَدَّس أحداً، وإنّما يقدَّس الإنسان عملُه. (موطأ مالك 2/23) .
ولذلك فمن الجهل المميت والحماقة المتناهية ـ إنْ لمْ أقل وقلَّة الدين ـ أن يختار خطيب أخرق الإقامة تحت الإحتلال اليهودي، ويوجب على الجزائريين المضطهدين أن يهاجروا إلى( تل أبيب)، دون بلده المسلم(عمّان) مثلاً، بل ودون مكة والمدينة، متجاهلاً ما نشره اليهود في فلسطين بعامة، و(تل أبيب) و(حيفا) و (يافا) بخاصة من الفسق والفجور والخلاعة حتى سرى ذلك بين كثير من المسلمين والمسلمات بحكم المجاورة والعدوى، مما لا يخفى على من ساكنهم ثم نجاه الله منهم، أو يتردد على أهله هناك لزيارتهم في بعض الأحيان.وليس بخافٍ على أحد أُتي شيئاً من العلم ما في ذاك الاختيار من المخالفة لصريح قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا } (97) سورة النساء
قال الحافظ ابن كثير في "تفسيره" (1/542):
نزلت هذه الآية الكريمة عامّة في كل من أقام بين ظهراني المشركين، وهو قادر على الهجرة، وليس متمكناً من إقامة الدَّين، فهو ظالم لنفسه، مرتكب حراماً بالإجماع، وبنص هذه الآية.(1/11)
وإنّ مما لا يشك فيه العالم الفقيه أنّ الآية بعمومها تدلّ على أكثر من الهجرة من بلاد الكفر، صرَّح بذلك الإمام القرطبي، فقال في "تفسيره" (5/346): وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يُعمل فيها المعاصي، وقال سعيد بن جبير: إذا عُمل بالمعاصي في أرض فأخْرُجْ منها، وتلا: { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ؟ } .
وهذا الأثر رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (2/174/ 1) بسند صحيح عن سعيد. وأشار إليه الحافظ في "الفتح" فقال (8/263).
واستنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الأرض التي يُعمل فيها بالمعصية.
وقد يظن بعض الجهلة من الخطباء والدكاترة والأساتذة، أنّ قوله×: "لا هجرة بعد الفتح" متفق عليه، وهو مخرج في "الإرواء" (1057)
ناسخ للهجرة مطلقاً، وهو جهل فاضح بالكتاب والسنة وأقوال الأئمة، وقد سمعتُ ذلك من بعض مدَّعي العلم من الأساتذة من مناقشة جرت بيني وبينه بمناسبة الفتنة التي أثارها على ذلك الخطيب المشار إليه آنفاً، فلما ذكرته بالحديث الصريح في عدم انقطاع التوبة المتقدم:"لا تنقطع الهجرة..." إلخ .. لم يحر جواباً!
وبهذه المناسبة أنقل إلى القراء الكرام ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في الحديثين المذكورين، وأنه لا تعارض بينهما، فقال في "مجموع الفتاوى" (18/281) .(1/12)
وكلامهما حق، فالأول أراد به الهجرة المعهودة في زمانه؛ وهي الهجرة إلى المدينة من مكة وغيرها من أرض العرب؛ فإنّ هذه الهجرة كانت مشروعة لما كانت مكة وغيرها دار كفر وحرب، وكان الإيمان بالمدينة، فكانت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام واجبة لمن قدر عليها، فلما فتحت مكة وصارت دار الإسلام، ودخلت العرب في الإسلام صارت هذه الأرض كلها دار الإسلام، فقال:"لا هجرة بعد الفتح" ،وكون الأرض دار كُفْر ودار إيمان، أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها: بل هي صفة عارضة بحسب سكانها، فكل أرض سكانها المؤمنون المتقون هي دار أولياء الله في ذلك الوقت، وكل أرض سكانها الكفار فهي دار كفر في ذلك الوقت، وكل أرض سكانها الفساق فهي دار فسوق في ذلك الوقت، فإن سكنها غير ما ذكرنا وتبدلت بغيرهم فهي دارهم.(1/13)
وكذلك المسجد إذا تبدل بخمارة أو صار دار فسق أو دار ظلم أو كنيسة يُشرك فيها بالله كان بحسب سكانه، وكذلك دار الخمر والفسوق ونحوها إذا جُعلت مسجداً يُعبد الله فيه ـ جل وعز ـ كان بحسب ذلك، وكذلك الرجل الصالح يصير فاسقاً والكافر يصير مؤمناً أو المؤمن يصير كافراً أو نحو ذلك، كلٌّ بحسب انتقال الأحوال من حال إلى حال وقد قال تعالى: { وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنةً } النحل: (112)، الآية نزلت في مكة لما كانت دار كفر وهي ما زالت في نفسها خير أرض الله، وأحب أرض الله إليه، وإنما أراد سكانها. فقد روى الترمذي مرفوعاً أنه قال لمكة وهو واقف بالحزورة:" والله إنَّك لخير أرض الله، وأحب أرض الله إلى الله، ولو لا أنّ قومي أخرجوني منك لما خرجت". إسناده صحيح، وهو مخرج في "المشكاة" (2725) (الشيخ)، وفي رواية:" خير أرض الله وأحب أرض الله إليّ" ،فبيّن أنها أحبّ أرض الله إلى الله ورسوله، وكان مقامه بالمدينة ومقام من معه من المؤمنين أفضل من مقامهم بمكة لأجل أنها دار هجرتهم، ولهذا كان الرباط بالثغور أفضل من مجاورة مكة والمدينة، كما ثبت في الصحيح:" رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، ومن مات مرابطاً مات مجاهداً، وجرى عليه عمله، وأجرى رزقه من الجنة، وأمن الفتان". رواه مسلم وغيره، وهو مخرج في" الإرواء" (1200) الشيخ.
وفي السنن عن عثمان عن النبي ×: أنه قال:" رباطُ يومٍ في سبيل الله خيرٌ من ألف يوم فيما سواه من المنازل" قلت: وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم والذهبي، وهو مخرج في تعليقي على" المختارة" (رقم 307) الشيخ، وقال أبو هريرة: بل هو مرفوع، كذلك رواه ابن حبان وغيره بسند صحيح، وهو مخرّج في الصحيحة1068.(1/14)
لأن أرابط ليلةً في سبيل الله أحب إلي من أن أقوم ليلة عند الحجر الأسود، ولهذا أفضل الأرض في حق كلّ إنسان أرض يكون فيها أطوع لله ورسوله، وهذا يختلف باختلاف الأحوال، ولا تتعين أرض يكون مقام الإنسان فيها أفضل، وإنما يكون الأفضل في حقّ كل إنسان بحسب التقوى والطاعة والخشوع والخضوع والحضور، وقد كتب أبو الدرداء إلى سلمان: هلم إلى الأرض المقدسة! فكتب إليه سلمان: إن الأرض لا تقدّس أحداً، وإنما يقدس العبد عمله، وكان النبي × قد آخى بين سلمان وأبي الدرداء، وكان سلمان أفقه من أبي الدرداء في أشياء من جملتها هذا، وقد قال الله تعالى لموسى عليه السلام: { سأريكم دار الفاسقين } الأعراف 145، وهي الدار التي كان بها أولئك العمالقة، ثم صارت بعد هذا دار المؤمنين، وهي الدار التي دل عليها القرآن من الأرض المقدسة، وأرض مصر التي أورثها الله بني إسرائيل، فأحوال البلاد كأحوال العباد فيكون الرجل تارة مسلماً، وتارة كافراً، وتارة مؤمناً؛ وتارة منافقاً، وتارة براً تقياً، وتارة فاسقاً، وتارة فاجراً شقياً.
وهكذا المساكن بحسب سكانها، فهجرة الإنسان من مكان الكفر والمعاصي إلى مكان الإيمان والطاعة؛ كتوبته وانتقاله من الكفر والمعصية إلى الإيمان والطاعة، وهذا أمر باق إلى يوم القيامة، والله تعالى قال: { والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم } الأنفال ( 75) .
قالت طائفة من السلف: هذا يدخل فيه من آمن وهاجر وجاهد إلى يوم القيامة، وهكذا قوله تعالى: { ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم } النحل(110)، يدخل في معناها كل من فتنة الشيطان عن دينه أو أوقعه في معصية ثم هجر السيئات وجاهد نفسه وغيرها من العدو، وجاهد المنافقين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك، وصبر على ما أصابه من قول أو فعل والله سبحانه وتعالى أعلم .(1/15)
فأقول: هذه الحقائق والدرر الفرائد من علم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يجهلها جهلاً تاماً أولئك الخطباء والكتّاب والدكاترة المنكرون لشرع الله: { وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا } الكهف(104)، فأمروا الفلسطينيين بالبقاء في أرضهم وحرَّموا عليهم الهجرة منها، وهم يعلمون أن في ذلك فتيانهم وفتياتهم، كما تواترت الأخبار بذلك عنهم بسبب تجبر اليهود، عليهم وكسبيهم لدورهم والنساء في فروشهن، إلى غير ذلك من المآسي والمخازي التي يعرفونها، ثم يتجاهلونها تجاهل النَّعامة الحمقاء للصياد! فيا أسفي عليهم إنهم يجهلون، ويجهلون أنهم يجهلون، كيف لا وهم في القرآن يقرؤون: { ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم } النساء (66). وليت شعري ماذا يقولون في الفلسطينيين الذين كانوا خرجوا من بلادهم تارة باسم لاجئين، وتارة باسم نازحين، أيقولون فيهم: إنهم كانوا من الآثمين، بزعم أنهم فرغوا أرضهم لليهود؟! بلى. وماذا يقولون في ملايين الأفغانيين الذي هاجروا من بلدهم إلى (بشاور)، مع أن أرضهم لم تكن محتلة من الروس احتلال اليهود لفلسطين؟! وأخيراً .. ماذا يقولون في البوسنيين الذين لجأوا في هذا الأيام إلى بعض البلاد الإسلامية ومنها الأردن، هل يحرمون عليهم أيضاً خروجهم، ويقولون فيهم أيضاً رأس الفتنة:" يأتون إلينا؟ شو بساووا هون؟!. إنه يجهل أيضاً قوله تعالى: { والذين تبؤوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجةً مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة } الحشر (9)، أم هم كما قال تعالى في بعضهم: { يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً } ؟!
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ويأتيك بالأنباء من لم تزود .
السلسلة الصحيحة برقم (2857).
وقد وضع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ثلاثة شروط لمن يريد السفر لبلاد الكفر وهو قول العلماء:(1/16)
1- أن يكون على علم. وهو السلاح الذي يحارب به الشبه التي تأتيه ويدحضها.
2- أن يكون محصناً. لكي يحصن نفسه من الشهوات التي تواجهه .
3- أن يكون سفره لحاجة ، كأن تكون دعوة إلى الله تعالى، أو علاج، أو تجارة، ويرجع عند انتهائه مباشرة .
ومن فقد أحد هذه الشروط لا ينبغي له السفر لهذه الدول.
أفيقوا يا من تنخدعون بهذه الدول الكافرة والفاجرة، أفيقوا قبل أن يباغتكم الموت وأنتم ساكنون مع أهل الكفر والإلحاد .
وختماً نقول: هذه النصوص وهذا كلام العلماء في موضوع الهجرة والسفر إلى البلاد الكافرة، فهل من توبة وهل من عودة وهل من أوبة، وهل وهل وهل ...
فإنّ المرجوَ منَ المسلمِ العاقلِ الذي لا بُدَّ له أن يلقيَ سمعه وأن يُحْضِرَ قلبه، وأن يجعله شاهداً حاضراً حتى تنفعه الذِّكرى، أن ينكب باكياً نادماً مقلعاً عن المعاصي تاركاً لها عبادةً وديانةً، وخوفاً من الله سبحانه وتعالى الذي يأخذُ بالذَّنب ويعاقبُ عليه، وهو أيضاً جَلَّ في عُلاه يقبلُ توبةَ التائبين ويَسمعُ أَنينَ العائدينَ المنيبينَ، فيغفرُ لهم بسعةِ رحمتهِ وعظيمِ مَنّهِ وكرمهِ.
قال عبد الله بن المبارك :
رَأيْتُ الذّنُوبَ تُمِيتُ القُلوبَ
وقَدْ يُورِثُ الذّلّ إدمَانُها
وتَركُ الذّنُوبِ حياةُ القُلُوبِ
وخُيْر لنفْسِكَ عِصْيَانُها
وبهذا تم الكتاب، ولله الحمد والمنَّة، فنسألُ الله العظيمَ أنْ ينفعَ بِه المسلمينَ، وأن يكونَ سبباً لصلاحهم، وزاداً يَتزوّدون بهِ في يومِ الدين ... اللهم آمين
وآخرُ دَعْوانا أنِ الحَمْدُ لله رَبِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمُرسلين محمدٍ وعلى آلهِ وصَحبِه أَجْمَعينَ.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .
كتبه
العبد الفقير الراجي عفو ربه
ماجد بن خنجر البنكاني
أبو أنس العراقي(1/17)