ترجمة معاني القرآن الكريم
من قبل بعض الفرق الضالة
يوسف الهمذاني بن الشافعي السيد أحمد
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
سبحان الله ما أوضح الحق، وما أجلى ما فيه من هدى وبيان وفضل ورشد، وما أبعد الفرق بينه وبين الباطل بما فيه من جهالة وعماية وصدود وعوج !! حقا إن الحق أبلج وإن الباطل لجلج.
وإننا لو تتبعنا ما جاء في القرآن والسنة مما يثيره أهل الكفر والعناد في كل أمة، ومع كل رسول، من صور الحجاج واللجاج الذي يزينون به لأنفسهم عدم قبول دعوة الحق والتمادي في الباطل، وصد الناس عن دين الله، لما وجدنا في شيء مما يقولونه نقاشا جادا موضوعيا وجدلا حقيقيا منصفا يعرض لحقائق الدعوة، ويتصل بصميم الدين، ولكنه كلام يبعدون به أشد البعد عن موضع النقاش ويخرجون به إلى أمور جانبية وتعلات خارجية وتحكمات استبدادية.(1/1)
فما أكثر ما يحتجون بمخالفته ما كان عليه آباؤهم، أو أهذا الذي أنزل الذكر عليه من بينهم بل هو كذاب أشر، أو أجئتنا بآية لتسحرنا بها، أو إنا تطيرنا بكم أو لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا، وكل هذا وغيره لتجنب النظر في حقيقة الدعوة ومناقشة مضمونها, بينما نجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما أوحى الله به إليه من كتاب وسنة يعرض عليهم موضوعها عرضا مباشرا بيناً بألف عبارة وعبارة وكل برهان ودليل، يذكّرهم بحقيقة خلقهم وحق خالقهم والإعداد لمصيرهم، وما تحمله لهم الدعوة من رشد واستقامة وإصلاح لكل أمورهم { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } (البينة :5) وكل رسول يجتهد في البسط ويطيل في العرض، فلا يلبث الجهلة المعاندون والكهنة المضلون أن يلجؤوا لأساليب التهديد والوعيد والبطش والتنكيل، وأخيرا الكيد والتآمر، ومن ذلك خطتهم التي أوصاهم بها كهنة اليهود كما حكاها لنا القرآن { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون } (آل عمران: 72).
وهكذا كان كيدهم للدعوة السماوية السابقة على الإسلام، أعملوا في أهلها كل اضطهاد وتعذيب وقتل وتشريد حتى إذا أعياهم كل ذلك في صد الناس عن دينهم لجؤوا إلى آخر سهم في جعبتهم وهو خطة كهنة اليهود السابقة، فطوّروها وطبقوها أخبث تطبيق فقد جعلوها: " آمنوا بهذا الدين إيمانا صوريا كاذبا حتى تظهروا به على أنكم أهله ودعاته، واعملوا على أن تغلبوا أهله عليه وتكفروا بكل عقيدته وتعاليمه حتى تصبح وثنيتكم هي الدين وشرككم هو التوحيد ".
وهذا هو ما صنعه بولس في دعوة المسيح ومن ورائه فلاسفة مدرسة الإسكندرية وكنيسة الإسكندرية وكل ما للرومان من سطوة وجبروت، اندسوا بقضهم وقضيضهم في دعوة المسيحية حتى غلبوا أهلها عليها، وجعلوها عبادة المسيح والتثليث وسلطة الكنيسة الإلهية الطاغية على نفوس البشر.(1/2)
إن شاول (بولس) اليهودي الروماني الجنسية ألد أعداء المسيحية والذي جمع في تكوينه كهانة اليهود وفلسفات اليونان الملحدة، ظل على ذلك حتى سنة 70م ثم انضم فجأة إلى صفوف المسيحيين مدعيا أن المسيح ظهر له وكلّمه، وتقلب في صفوف الدعاة حتى قوي جانبه واتخذ لنفسه بنفسه صفة الرسل ثم انقلب على الحواريين والتلاميذ الأصليين، وألَّف مسيحية جديدة مخالفة لدين المسيح.
وهذه مدرسة الإسكندرية الفلسفية تتسلل عن طريقها الأفلاطونية الحديثة التي تقول بالتثليث حتى غلبت على كنيسة الإسكندرية، وأصبحت مركز الدعوة لألوهية المسيح التي نادى بها بولس وأتباعه. وهذه إمبراطورية الرومان الطاغية تقف بكل سلطانها وثقلها وراء كنيسة الإسكندرية حتى تَعْقِد مجمع نيقية سنة 325م وتستصدر قرارا من الأقلية الضالعة معها بألوهية المسيح على رغم الكثرة الغالبة الموحدة في كل بلاد المسيحية والتي استمرت كذلك حتى أواخر القرن الرابع الميلادي، ومع ذلك فإن طغيان الرومان المتواصل انتهى إلى عقد مجمع القسطنطينية سنة 388م الذي أعلن التثليث(1).
وشاء الله برحمته وحكمته ظهور الإسلام، ليعيد الناس إلى دعوة التوحيد وتعاليم الدين الحقة، وواجه أجهزة الطغيان المتسلطة على البشر بما لديها من فتن وكيد وثبت في وجهها وانتصر عليها حتى انتشر في معظم أنحاء الأرض. وما زالت تتعدد الحروب وتتجدد الفتن حتى جاءت حملة الاستعمار الأخيرة على دول الإسلام. وكان الإسلام هو الهدف الأول والأخير الذي تسعى للقضاء عليه.
__________
(1) محاضرات في مقارنات الأديان–الأستاذ محمد أبو زهرة– القسم الثاني (النصرانية)ص71-76 و 123-125 و133-140, اختلافات ... وتطورات هامة في المسيحية – اللواء أحمد عبد الوهاب- ص91-112, دراسة الكتب المقدسة – موريس بوكاي ص71-73.(1/3)
لقد قام المستشرقون الذين يساندون حركة الاستعمار الصليبية وتساندهم بأكبر حملة لتضليل المسلمين وتشويه صورة الإسلام وإثارة الشبه والمطاعن في الدين، ولكنهم كسابقيهم من الكفار المعاندين تركوا المناقشة الجادة الموضوعية لعقيدة الإسلام وأصوله، وكيف يناقشونها وهم يأخذون بعقيدة يبنونها على أسرار يعلنون عجز العقل عن مناقشتها وفهمها؟ ولم يكن قصدهم في يوم من الأيام الاهتداء والوصول إلى الحق؛ ولهذا استرسلوا في حملات إرجاف يشككون فيها في صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويتهمونه بالأخذ من كتبهم ويتحدثون عن اضطراب ترتيب القرآن وغير ذلك من الموضوعات الجانبية(1). ولم يصلوا في شيء من ذلك إلى غايتهم فلجأت قوات الاستعمار الغاشمة إلى كل أساليب البطش والتنكيل وبخاصة في بلاد الهند، ولكن تحطم بغيهم وبطشهم على صخرة الإسلام.
وأخيرا لجؤوا وهم في عنفوان سطوتهم على بلاد الهند إلى الحيلة الشيطانية الخبيثة التي سبق ممارستها مع المسيحية حتى غلبت عليها (حيلة حصان طروادة) وهي التسلل إلى داخل الإسلام والعمل على تقويضه من الداخل باسم الإسلام، وقد اتفقت كلمة خبرائهم المستشرقين من المسيحيين واليهود ورجال الكنيسة على هذه الخطة وظهر ذلك في القرار الذي انتهى إليه وفد المفكرين والزعماء المسيحيين المرسل لدراسة الحالة في الهند سنة (1869/1870م) والذي أوصى بالعمل على إيجاد شخص (منتم إليهم) يدعي النبوة برعاية الحكومة وتحت إشرافها(2). أي أنهم أرادوا السير على خطة بولس ظنا منهم أنها تنجح مع الإسلام كما نجحت من قبل.
__________
(1) د. محمد إبراهيم الجيوشي الأستاذ بجامعة الأزهر – كلمة بالأهرام عدد 19/6/2001 بعنوان "متعصبون ومنصفون" بتصرف. د. مصطفى السباعي – الاستشراق والمستشرقون ص15-24 بتصرف.
(2) موقف الأمة الإسلامية من القاديانية ص101.(1/4)
وقد تم تنفيذ هذه الخطة الشيطانية بقيام الدعوة القاديانية وادعاء منشئها النبوة مع انتمائه الكامل هو وأسرته وكبار أعوانه إلى أجهزة القيادة والسلطة البريطانية واستمرار أتباعه على ذلك حتى اليوم. ومع أن الخطة لم تصل إلى غايتها النهائية التي يتطلع إليها الإنجليز والقوى المسيحية الصليبية من تغيير صورة الإسلام الحقيقية في بلاد الهند والباكستان فإنها ظلت شوكة في جنب المسلمين وداء مشوها مزمنا للدعوة الإسلامية في بلاد الغرب.
وقد فضحت الوثيقة المباركة التي أعدها علماء المسلمين في الباكستان بعنوان (موقف الأمة الإسلامية من القاديانية) حقيقة هذه الدعوة وعداءها للإسلام والمسلمين وولاءها للاستعمار الصليبي والصهيونية، وصدر على ضوئها قرار مجلس الأمة الباكستاني في 7 سبتمبر (1974م) بعدِّها أقلية خارجة عن الإسلام. والله من ورائهم محيط.
خطة البحث:
1- المقدمة: في مقارنة الأساليب المتبعة في التكذيب بالدين وتبديله .
2- الفصل الأول: معاني القرآن في ترجمات المستشرقين.
3- الفصل الثاني: معاني القرآن ممثلة في ترجمات الفرق الباطنية (القاديانية والبهرة).
4- التوصيات.
الفصل الأول
معاني القرآن في ترجمات المستشرقين
1- موقف المستشرقين من ترجمة معاني القرآن الكريم :(1/5)
إن ما تضمنه القرآن من آيات تتناول حقائق الدين وأحكام الشريعة، وتعرض ذلك بأحكم عبارة وأروع أسلوب ولغة عالية، تتصف بالقوة والجزالة والسلاسة والعذوبة؛ لتقتضي عناية بالغة في تفسيره وترجمة معانيه –إذا تعينت الترجمة- حتى لا يفوت المفسرَ أو المترجمَ شيءٌ يؤدي فواته إلى الإخلال بما فيه من بيان وضبط، ويجر ذلك إلى إساءة فهمه وتحريف كلمه عن مواضعه أو تطبيق حكم شرعي من أحكامه تطبيقا غير صحيح، وإن أي تحريف في نص حكم شرعي بالحذف أو الزيادة أو التقديم أو التأخير أو الخطأ في ترجمة كلمة أو عبارة تخرج الحكم عما قرره الشارع، ويؤدي إلى مخالفة أمر الله فيه، كما في ترجمة سافاري لآية الحرابة في سورة المائدة (الآية 32) حيث جمع العقوبات المنصوص عليها كلها بالعطف بالواو وحذف قوله تعالى : { من خلاف } فلم يرد له مقابل في الترجمة، فغيَّر ذلك صورة الحكم الشرعي تغييرا تاما حيث لم يفرق فيه بين حالة وحالة، وأصبح القطع يشمل الرجلين معاً واليدين معاً في وقت واحد. فلا بد من كمال العناية والدقة، وكمال التمكن من اللغتين، والمعرفة بالقرآن وما فيه من بيان وتشريع، وكمال التحقق في الترجمة من كل لفظ ومن كل عبارة.
وهكذا فإننا أمام جلال الموضوع وشرف التشريع وإحكام العبارة، يتعين علينا استيفاء العدة والتأهيل وإحكام المتابعة والمراجعة، فكل قصور أو تقصير يدل على الاستهانة وعدم الوفاء بعظم الأمانة فكيف إذا اجتمع إلى ذلك الغربة والوحشة، غربة البيئة ووحشة النفور والعداء للقرآن وأهله؟ وكيف إذا ساء القصد وتسلطت قوى الكهانة والتضليل التي عهد منها تحريف الكلم عن مواضعه، حتى في كتاب دينها ونصوص شريعتها، وعهد منها تبديل دين الله واستباحة الحكم بغير ما أنزل الله، والقيام بكل كيد وتدبير لإثارة الشبه والمطاعن في الدين والغزو الفكري والتهويد والتنصير ؟(1/6)
لقد ضج المطلعون على ترجمات معاني القرآن بمعرفة المستشرقين لكثرة ما حوته من تحريف وتضليل وافتراء وأباطيل وهم يتوخون ذلك في ترجماتهم لمعاني القرآن وما يكتبونه معها من مقدمات وتعليقات، تفتقد الصدق والموضوعية، ويقدم عليها كثير منهم بأحكام سابقة وفكر سقيم وقصور فاضح .
وهذه أهم المآخذ التي تؤخذ على هذه الترجمات :
1- يفرض المستشرق نفسه حَكَماً على كتاب الله ويتصدى للاعتراض على نصوصه والإنكار على لغته وأسلوبه، وتصدر عن بعضهم آراء وتحكمات مغرضة ونظريات فاسدة خاطئة، تفضح قصورهم في الفهم والحكم وانحرافهم العلمي، وينجرُّ معهم إلى هذا من يشابههم من المتعلمين على يديهم من المسلمين .
2- عدم التقيد بالأصل بدعوى حرية الترجمة حتى توافق أهواءهم .
3- الانتقاص من قَدر القرآن ودعوى كونه عقبة في سبيل التقدم .
4- دعوى وجود الاضطراب في موضع الآيات ووجود فجوات بين بعض الآيات وبعض، ووجود الدخيل والخطأ بين ألفاظه وعباراته وإنكار كون ترتيب السور والآيات فيه توقيفياً بقصد التضليل والبلبلة .
5- جعل الترجمة طريقاً لمحاربة دعوته ومبادئه ودس ما يشوه صورته أو ما يوافق عقائدهم وأحكام دينهم .
6- ترويج الترجمات المشبوهة لإعطاء صورة خاطئة عن الإسلام .
7- الإيحاء إلى القارئ أنه من صنع البشر وإحاطته بالمقدمات والتعليقات التي تلح على قارئه بوجود الاضطراب والخلط واللبس فيه .
8- الادعاء بانتحال القرآن من كتب اليهود وتكذيب كون النبي - صلى الله عليه وسلم - أمياً.
9- اتهام الخلفاء الذين قاموا بجمع القرآن بالخلط والتلاعب فيه بالزيادة والنقص والتبديل(1).
__________
(1) المستشرقون وترجمة القرآن الكريم - د. محمد صالح البنداق ص 98 - 111 بتصرف .
د.هداية مشهور – حديث مع مجلة زهرة الخليج العدد 737 بتاريخ 16/11/1413ه .(1/7)
10- قصور الفهم وعدم التذوق وحصر اللفظ في أضيق نطاق وأضعف معنى(1).
2- دراسة ترجمة سافاري الفرنسية :
تعد هذه الترجمة من أهم الترجمات التي صدرت باللغة الفرنسية وقد قدمها المستشرق الفرنسي كاردون، ونوَّه بدقتها ووضوح أسلوبها وروعته مع أمانة الضبط، والمترجم عاش في القرن الثامن عشر، وصدرت أول طبعة من ترجمته سنة 1772م، ويذكر عن نفسه أنه أتم هذه الترجمة بمصر تحت بصر العرب الذين عاش معهم كثيرا من السنين وتحادث معهم ودرس عاداتهم وعظمة لغتهم التي يمتاز فيها القرآن بجمال الأسلوب وروعة التصوير. وقد وضع في مقدمة الترجمة دراسة عن حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
وينتقد المترجم في مقدمته ترجمتين سابقتين: هما ترجمة (دي رييرDu Ryer ) وترجمة (مراتشي Maracci)، فيقول عن دي ريير: إنه لم يحترم أسلوب النص القرآني، ووصل بعض الآيات ببعض بصورة متكلفة حتى حوَّلها إلى شكل مقال أو حديث متصل فقد تأثيره، وضاعت فيه روعة الأسلوب وسمو المعاني، حتى لم يعد يمكن التعرف فيه على الأصل .
ويقول عن مراتشي: إنه أمضى أربعين سنة في ترجمته لمعاني القرآن ومع أنه راعى تسلسل الآيات وتميزها إلا أنه ترجمها كلمة كلمة، فأصبحت ترجمته ليست هي لغة القرآن ومعانيه، ولكن كلماتٍ مبعثرة في لغة لاتينية فجة، ويضيف أن مراتشي جعل هدفه الأول من هذه الترجمة أن يفند ويدحض ما جاء في القرآن فكان اهتمامه منصبا على ما يقدم له مادة أوسع لتحقيق غرضه (أي لم تكن ترجمته موضوعية أمينة) ويضيف أنه اندفع في غمرة تحامله المسرف وبدون أي مراعاة لكونه كاتباً فلوَّث قلمه بأقذع ألفاظ السباب والشتائم .
__________
(1) ترجمة القرآن الكريم بين واقعنا ومستقبلنا، د. عبد العزيز عثمان، مجلة كلية القرآن الكريم العدد الأول.(1/8)
وقد كان من المنتظر من سافاري بعد هذا القول أن يتورع ويبرأ مما وقع فيه مراتشي من التحيز والتحامل وأن يفي بما نوه به في مقدمته من أن قيمة المترجم تتوقف على نقله الأصل بصورة صادقة أمينة، وأن يحافظ على روعة الأسلوب والعرض الذي سار عليه الأصل، وأن يعرض وقائع حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - عرضا مطابقا للحقيقة والواقع . إلا أنه في الحقيقة -وإن كان قد اعتنى بالأسلوب فوق من سبقوه– فانه لم يسلم من عقدتهم ولوازمهم التي لا تفارقهم في ترجمة معاني القرآن والكلام على رسول الإسلام .
1- فابتداء من المقدمة نجد المترجم يصرح باعتبار القرآن من تأليف محمد أو ماهوميه (MAHOMET)، كما يصر على تسميته هو وكثير غيره من المستشرقين، ويلح على ذلك في تعليقاته على الترجمة، ويأتي بعبارات تتهمه صراحة بالخداع والاحتيال والانتحال . ومن ذلك قوله : " إن محمدا أعطى القرآن للعرب بوصفه الرئيس الأعلى للدين وصاحب السلطان . وإنه هو المشرع ينطق السماء كلما وجد حاجة لذلك، وإن النظرة الواعية إليه تظهر أنه مجرد إنسان اعتمد على عبقريته وحدها؛ لكي يحارب عبادة الأصنام وأن أتباعه المغالين في التعصب ينسبون إليه زوراً معجزات صبيانية، ومنهم أبوبكر الذي كان يقدس سيده تقديس عبدة الأصنام، فعدَّ كل ما جاء به وعلمه وحياً من الله .
2- وتبعا لذلك يدعي وجود خلط والتباس في القرآن وأنه أبعد ما يكون عن أن يعد وحياً إلهياً. ويرجع وجود الاضطراب فيه إلى الفرية التي يصر عليها عامة المستشرقين من عدم ترتيب السور والآيات بحسب تاريخ النزول وأن الرقاع التي كتب عليها كانت محفوظة مختلطا بعضها ببعض، فجمعه أبو بكر منها بدون رعاية نظام وتمييز للسابق من اللاحق مع أن ما فيه من أحكام صدر في أزمنة مختلفة يلغي المتأخر منها المتقدم غالباً.(1/9)
3- والترجمة نفسها تكثر فيها الأخطاء والتحريفات التي تصل إلى تعمد التشويه وإفساد النص وتحميله ما لا يحمل وبخاصة ما يسيء إلى العقيدة أو يحرف نص حكم شرعي ويؤدي إلى تبديله.
وهذا عرض لأنواع الأخطاء والتحريفات التي وقعت فيها :
أ- تحريفات تخرج النص من معناه إلى معنى آخر يخالف العقيدة أو الحكم الشرعي أو الحقائق الثابتة:
1-ص 123 { إنك أنت السميع العليم } ( البقرة 127 ) ترجمها " يا الله أيها العقل الأسمى "
O Dieu ! intelligence suprême
2- ص 123 { إن الله واسع عليم } ( البقرة 115 ) ترجمها "إنه يملأ الكون بسعته (ضخامته) وعلمه"
Il remplit l’univers de son immensité et de sa science
3- ص 116 { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } (البقرة 34) ترجمها " أمرنا الملائكة بعبادة آدم "
Nous commandons aux anges d’adorer Adam
4- ص 27 { إنا لله و إنا إليه راجعون } ( البقرة 156 ) ترجمها " صاحوا نحن أبناء الله … "
Nous sommes les enfants de Dieu …..
5- ص 179 { ومهيمنا عليه } ( المائدة 48 ) ترجمها "ويشهد عليها " واقتصر على ذلك
et qui en rend témoignage
6- ص 179 { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك } (المائدة 43) ترجمها "كيف يتخذونك حكما ؟ عندهم التوراة فيها أحكام الرب" وحذف { يتولون من بعد ذلك } والتولي هو علة الإنكار عليهم لا مجرد التحكيم .
comment te prendraient ils pour arbitre ? Ils ont le Pentateuque où sont renfermés les préceptes du Seigneur
7- ص 183 { فيما طعموا } (المائدة 93) ترجمها " في أكل الأطعمة المحرمة عليهم" pour avoir mangé les aliments defendus
8- ص 116 { إني جاعل في الأرض خليفة } (البقرة 30) ترجمها " سأرسل نائبي أو وكيلي ( أي الأسقف عندهم ) إلى الأرض "
J’ enverrai mon vicair'e sur la terre(1/10)
9- ص 142 { وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت } (البقرة 102) ترجمها " وعِلْمَ الملكين هاروت وماروت اللذين عوقبا بالبقاء ببابل " فزاد في النص أمرا مخلا بالملائكة ينافي ما ثبت لهم من العصمة.
et la science des deux anges Harut et Marut condamnés à demeurer à Babylone .
10- ص 123 { فاعفوا واصفحوا } (البقرة 109) ترجمها " ففروا منهم واصفحوا عنهم "
Fuyez-les et leur pardonnez
11- { طهرا بيتي } (البقرة 125) ترجمها " طهرا مسجدي من الأصنام المحيطة به والتي في ساحته " وأين كانت الأصنام في عهد إبراهيم وإسماعيل ؟!.
Purifiez mon temple des idoles qui l’environnent , de celles qui sont dans son enceinte
12- ص 127 { فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما } (البقرة:158) ترجمها " فمن حج إلى مكة وزار البيت المقدس يعفى من تقديم هدي التكفير بشرط أن يطوف بهذين الجبلين "
celui qui aura fait le pe’lerinage de la Mecque et aura visité la maison sainte sera exempt d’offrir une victime pourvu qu’il fasse le tour de ……
13- ص 300 { وبرا بوالدتي } (مريم 32) ترجمها "وضع في قلبي الحب البنوي" وهي عبارة تصلح لمن له أب وأم وتثير الريبة مع ضلال عقيدتهم في عيسى .
Il a mis dans mon coeur la piété filiale
14- ص 300 { ذلك عيسى بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون } (مريم 34) ترجمها " وهكذا تكلم عيسى الابن الحق لمريم الذي يشك فيه كثيرون " فالآية ليس فيها "تكلم عيسى " ولا " الابن الحق لمريم " وانما الإشارة إلى ما أخبر به من كونه عبد الله ورسوله، وما أوصاه الله به .. إلخ . وأن هذا هو القول الحق الذي يمترون فيه بادعاء ألوهيته .
Ainsi parla jésus vrai fils de Marie, sujet des doutes d’un grand nombre(1/11)
15- ص 178 { أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف } (المائدة 33) ترجمها "جزاؤهم الموت وعذاب الصلب وتقطعون أيديهم وأرجلهم" بوضع الواو مكان أو وحذف قوله من خلاف فأصبح جزاء الحرابة يجمع كل ذلك بدون تفصيل .
..sera la mort, le supplice sur la croix, vous leur couperez les pieds, les mains
16- ص 161 في آية تحريم زوجة الأب { إلا ما قد سلف } (النساء 22) ترجمها " ولكن إن يقع السوء فأبقوهن " فهذه العبارة تعني أنه إن تقع المخالفة بعد التحريم وارتكبت الجريمة فأبقوهن، كما قال مترجم آخر: " فالمولى متسامح كريم " .
mais si le mal est fait gardez-les
17- ص 175 { وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } (المائدة 6) ترجمها وجاء بها جملة مستأنفة " امسحوا الرأس والرجلين إلى الكعبين " فأصبحت تدل على أن حكم الرجلين المسح خلافا لما أظهرته الآية ولحكم الشرع .
18- ص 118 { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير } (البقرة 61) ترجمها " أتريدون أن تتمتعوا بوضع أحسن "
voulez- vous jouir d’un sort plus avantageux
19- ص 122 { فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه } (البقرة 102) ترجمها " كانا يعلمان ما هو الفرق بين الرجل والمرأة "
Ils apprenaient quelle difference il y a entre l’homme et la femme
20- ص 500 { لا يملكون منه خطابا } (النبأ 37) ترجمها " لا يتحدث أبدا مع أحد من خلقه " مع أن معناها لا يستطيع أحد أن يتكلم في حضرته من تلقاء نفسه .
Il ne conversera point avec ses créatures
21- وفي كثير من المواضع التي يذكر فيها أهل الكتاب كما في آية حل طعامهم والزواج من نسائهم يضع اسم اليهود فقط بدلا من أهل الكتاب وفي هذا قصر الحكم عليهم خلافا لما قرره الشرع .(1/12)
22- ص 182 { كانا يأكلان الطعام } (المائدة 75) ترجمها "كانا يعيشان ويأكلان معا" ولا دخل للمعية في المعيشة والأكل في الموضوع فالاستدلال على البشرية ونفي الألوهية يكفي فيه أكل الطعام كنص الآية.
Ils vivaient et mangeaient ensemble
ب- تحريفات أخرى تخرج النص عن معناه إلى مجرد معنى مغاير أو تحذف أو تزيد فيه كذلك:
1- ص 124 { رب اجعل هذا بلدا آمنا } (البقرة 126) ترجمها "رب اجعل في هذا البلد إيمانا دائما"
Seigneur, établis dans ce pays une foi durable
2- ص 147 { ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله } (آل عمران:64) ترجمها "ولا يتخذ أحد منكم ربا غيره"
qu’aucun de vous n’ait d’autre seigneur que lui
3- ص 300 { إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } (مريم 35) ترجمها " إنه يقضي فيتحرك العدم لصوته "
Il commande et le néant s’anime à sa voix
4- ص 298 { اجعل لي آية } (مريم 10) ترجمها " أعطني آية تكون ضمانا أو شاهدا على وعدك "
donne moi un signe pour garant de ta promesse
5- ص 103 { وممن هدينا واجتبينا } (مريم 58) ترجمها " الذين انتقمنا لهم واخترناهم "
ceux que nous avons vengés et élus
6- ص 103 { إذا تتلى عليهم آيات الرحمن } (مريم 58) ترجمها " روائع الخلق أو بدائعه " وهي ترى ولا تسمع .
Les merveilles du miséricordieux
7- ص 303 { إني آنست نارا } (طه 10) ترجمها " إني أبصر نارا مقدسة " فزاد عبارة ( مقدسة) ولم يكن موسى يعلم أمرها بعد .
j ’ aperçois le feu sacré
8- ص 180 { بعضهم أولياء بعض } (المائدة 51) ترجمها "واتركوهم يتحدون معا "
Laissez – les s’unir ensemble
9- ص 180 { فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده } (المائدة 52) يترجمها "سيكون سهلاً على الله أن يعطي النصر لرسوله أو أوامر تجعلهم يندمون" أو أمر من عنده معناها قضاء من أقضيته والأوامر لها معنى مخالف .(1/13)
Il sera facil à Dieu de donner la victoire au prophète et des ordres qui les feront repentir
10- ص 179 { بما استحفظوا من كتاب الله } (المائدة 44) ترجمها " يهدون بأحكامها الشعب الذي عهد به إلى رعايتهم " والذي عهد إليهم به هو التوراة "
qui guidèrent par ses lois le peuple confié à leur garde
11- ص 510 { والذي قدر فهدى } (الأعلى 3) ترجمها "وحكمته الخالدة تهيمن على أقضيته "
la sagesse éternelle préside à ses décrets
12- ص 183 { فهل أنتم منتهون } (المائدة 91) ترجمها " أتريدون أن تصيروا فاسقين "
voudriez – vous devenir prévaricateurs
13- ص 126 { فمن عفي له من أخيه شيء } (البقرة 178) ترجمها " فمن غفر لقاتل أخيه "
celui qui pardonnera au meurtrier de son frère
قلب صورة الآية والمقصود بلفظ أخيه فالمعنى الحقيقي : فالجاني الذي عفا له أخوه ولي الدم عن شيء من المستحق عليه وفيها التحبيب في العفو وعدم قطع روابط الأخوة والمودة رغم الجناية .
14- ص 120 { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني } (البقرة 78) ترجمها " ومنهم العامة لا يعرفون التوراة إلا بالتقليد "
Parmi eux le vulgaire ne connaît le pentateuque que par la tradition
15- ص 504 { إنه لقول رسول كريم } (التكوير 19) ترجمها " إن القرآن هو قول النبي الكريم"
que le Koran est la parole du prophète honorable
والآيتان بعدها يخلط بين جبريل والنبي فيطلق عليه وصف نبي الذي يطلق على النبي من البشر ويكررها مع الآيتين التاليتين بدون داع؛ لأنها زائدة على النص ويغلب على الظن أن له قصدا مريباً من ذلك يتمشى مع دعواهم أن القرآن من تأليف النبي - صلى الله عليه وسلم -.(1/14)
16- تغيير اسم سورة العلق إلى سورة اجتماع أو جمع الجنسين مع التحريف نفسه في نص الآية التي وردت بها الكلمة، وكذلك تغيير اسم سورة العصر إلى سورة بعد الغداء مع إحداث التغيير نفسه في نص الآية التي وردت بها الكلمة .
جـ- أمثلة للتحامل والافتراء في التعليقات على الترجمة وفيما تضمنته عن حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
1- ( ص 19 ) عندما يتحدث عن شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تسفيه عبادة الأصنام في وجه عابديها وتعريض حياته للخطر يعلل ذلك بأن صاحب المطامع لا يهاب الموت .
2- ( ص 20 ) يقلب الحقيقة فيدعي أن أعظم المؤرخين الذين يعد كلامهم حجة ينظرون إلى معجزة الإسراء على أنها مجرد رؤيا تخيلها محمد؛ ليعطي وزناً للطريقة الجديدة التي وضعها للصلاة .
3- ( ص 22 ) يسرف في التهجم على العلماء المسلمين وما كتبوه عن الإسراء فيصفهم بأنهم استرسلوا في هذيان وتخيلات حماسية صنعوا بها صورا في غاية المغالاة والسفه وخلطوا ركاما من التهاويل والحكايات الصبيانية السخيفة .
4- (ص 17 ) يقول عن أكل الأرضة لصحيفة المقاطعة لبني هاشم:إن محمداً علم بذلك إما لأنه كان له يد في الأمر، وإما لأنها كانت نتيجة طبيعية عرف كيف يستغلها .
5- ( حاشية 3 ص 43 ) في قصة الأعرابي الذي حاول اغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو منفرد وثبات النبي - صلى الله عليه وسلم - في مواجهته وسقوط السيف من يده يقول : إن هناك ألف احتمال لحصول ذلك، ولكن المتحمسين الذين لا يصغون لصوت العقل يتصورون في كل شيء معجزة .
6- عن موقفه - صلى الله عليه وسلم - عندما محا بيده الشريفة من كتاب صلح الحديبية كلمة رسول الله، يقول إنه نسي في هذه اللحظة ما كان يتظاهر به من الجهل بالكتابة ليعطي القرآن الصفة الإلهية، وإنه من المحتمل تماماً أن يكون في خلال زمن اعتكافه وعزلته قبل دعوته قد اكتسب المعارف اللازمة لتحقيق أهدافه .(1/15)
7- ( حاشية 2 ص 58 ) في قصة شفاء علي من الرمد يوم خيبر بعد أن تفل النبي - صلى الله عليه وسلم - في عينيه ومسحهما، يقول المترجم: من المحتمل جداً أن هذا الشفاء العجيب تم تدبيره بين والد الزوجة والصهر .
8- ( حاشية 2 ص 280 ) في التعليق على قوله تعالى: { ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي } (النحل 103) يزعم اختلاف العلماء في الشخص الذي يشكون فيه ويورد أسماء مختلفة لمسيحيين يدعي أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يكرر زيارتهم وأن هذا يدل على أن محمداً كان يتظاهر بالأمية لتكون حجة له على أن الدين موحى إليه، وكان يتصل بالنصارى واليهود والفرس يقرؤون له كتبهم .
9- ( حاشية 2 ص 516 ) يزعم أن محمداً كان عابداً للأوثان إلى سن الأربعين .
10- ( حاشية 2 ص 517 ) آية { ووضعنا عنك وزرك } (الشرح:2) يفسر الوزر بقوله " غفرنا لك جريمة عبادة الأصنام التي ارتكبتها " مع أن ترجمة كلمة الوزر في السورة ترجمة صحيحة بأنه العبء أو الحمل الثقيل .
11- ( حاشية 2 ص 528 ) يتكلم على محاربته للوثنية ويزعم أنه نظراً لعدم اهتدائه بالوحي كان يقيم أوضاعاً خاطئة جديدة، فعندما كان يدعو إلى وحدانية الله كان يحارب التثليث، والمحمديون لأخذهم الدين عن نبي زائف ينكرون أسرارنا، ويسموننا مشركين ؛ لأننا نعبد ثلاثة في الله .
12- ( حاشية 1 ص 524 ) ينكر معجزة إهلاك أصحاب الفيل ويعلل ما أصاب جيش أبرهة بأنه سحابة رمل حارق هبت بسبب الريح الجنوبية الشرقية، وأن ذلك يحدث عادة في الجزيرة العربية وإفريقية .
13- ( حاشية 1 ص 119 ) في قوله تعالى: { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة .. } ( البقرة 67 ) يزعم أن هذه القصة مستمدة من التوراة حيث أمر الله بذبح بقرة حمراء لا بقعة فيها في سن صغيرة،لم تذلل للحرث، وأن تحرق ويتطهر برمادها .(1/16)
14- ( تابع حاشية 1 ص 492 ) يتحدث عن وصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالمدثر والمزمل في سورتين متتاليتين، وينكر على مراتشي المترجم الإيطالي للقرآن تعليله ذلك بأنه كان مصابا بالصرع أو مس الجن، ويعلل هو الأمر بعادة العرب في لبس العباءة، وأن محمداً كان في اللحظة التي يتظاهر فيها أن الملك يكلمه يستر نفسه بها .
15- يذكر صورة تهريجية فاحشة عن موقف الرجل الذي يطلق امرأته ثلاثا ويسعى لإعادتها إلى عصمته، فيأتي بصديق يثق فيه ويدخل عليه امرأته المطلقة أمام الشهود وينتظر لدى الباب خروجه وهو في أشد القلق لكي يحدد موقفه.
16- ( حاشية 1 ص 99 ) يعلل إصرار النساء في البلاد الشرقية على لبس الحجاب لشدة الحرارة وغيرة الرجال الشديدة .
وهكذا نجد أنه لا يترك مناسبة دون أن ينتهزها لوصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالخداع والتظاهر الكاذب والتحايل بل يقارن بينه في الفقرة 14 من هذه الصفحة وبين الدراويش المشعوذين الذين يخلعون ثيابهم وينخدع فيهم السذج وأنه كان يدعي الأمية ويمثل صورة من يتلقى الوحي، ويأخذ الدين عن اليهود والنصارى والفرس، ويستمد قصص القرآن من التوراة، وكل معجزاته رؤى خيالية وادعاء واحتيال، وكل ذلك حتى يحيط القارئ بغيوم الشك ويلقي في نفسه كل نفور وكراهية للرسول والإسلام والقرآن، ويحول بذلك بينه وبين النظر السليم والاهتداء للحق .
3- ترجمة ريجي بلاشير الفرنسية(1/17)
ريجي بلاشير الأستاذ بجامعة السوربون أحد المستشرقين الفرنسيين البارزين، وتعد ترجمته أهم الترجمات التي صدرت باللغة الفرنسية، وقد صدرت طبعة النص الأصلي لها في القاهرة سنة 1932م والطبعة الحالية المبنية عليها في يونية سنة 1956م. وتقول عنها د. هداية مشهور الباحثة المتخصصة في دراسة ترجمات القرآن بالفرنسية: إن بلاشير يتجاوز الحدود المتعارف عليها في الترجمة ليقوم بدور الناقد والمفسر للقرآن الكريم،فهو يتدخل بشكل متحامل متحكم في محتوى النص القرآني من خلال الحديث عن ترتيب سور القرآن بحسب تاريخ النزول،ويطعن في ترابط الآيات وتسلسلها،وفق تصوره الخاص ومزاعمه،كما يطعن في صلاح كلمات وعبارات للموضع الذي جاءت فيه أو يصرح بتخطئتها،واقتراح غيرها في موضعها إلى غير ذلك من صور التدخل المغرض بقصد الإساءة وإحاطة القرآن بدعاية منفرة كاذبة، والذي يدل على قصور واضح في الوعي والمعرفة بلغة القرآن ومعاني القرآن ويؤكد وجود الدوافع والأهداف التي سبق الحديث عنها في ترجمات المستشرقين في ترجمته هذه من جهة الأخطاء والتحريفات والمغالطات والمزاعم التي أولها ادعاء عدم كون القرآن كتابا سماويا منزلا وادعاء أن القرآن تضمن إضافة عبارات وقصص من التوراة إلى آياته.(1/18)
وهكذا نجد أن أهم ما يؤخذ عليه هو أنه يفرض نفسه حَكَماً يتصدى للاعتراض على نصوصه وتصدر عنه أحكام خاطئة وآراء مغرضة ونظريات فاسدة مضللة، تعتمد على أهوائه الشخصية وموقفه العدائي المتعصب(1) . وسيتضح لنا صحة ذلك من واقع الأمثلة التي سنوردها من الترجمة من واقع هذه الطبعة. والمترجم يبدأ بمقدمة يقسم فيها سور القرآن الكريم إلى أربع مجموعات تمثل كل مجموعة فترة أو مرحلة من مراحل الدعوة ويبين خصائص كل مرحلة، ولكنه يسير في هذه الترجمة على الترتيب الثابت في المصحف، ويناقش على امتداد الترجمة وبصورة مستمرة ملحة ومنفرة موضوع ترابط الآيات وتسلسلها من جهة المعنى والموضوع ويزعم -استنادا إلى نظرة سطحية ووعي قاصر– أن بعض الآيات يخل بهذا الارتباط ويدعي أنها أضيفت في زمن متأخر من حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو يتمادى في غيه،فيزعم أنها أضيفت بعده، ويتكلف أسباباً وعللا ترجع إلى تطور الأحداث واختلاف المواقف لتأييد ما يدعيه .
بيان أنواع ما أخذ على الترجمة والتعليقات من تحريف وتحامل وافتراء :
أ- مآخذ تتعلق بتحريف عقيدة الإسلام وتعاليمه وتفضح اتجاه المترجم التبشيري الصليبي :
__________
(1) د. هداية عبد اللطيف مشهور –حديث مع مجلة زهرة الخليج – العدد 737 بتاريخ 16/11/1413 باب الدين و الحياة ص 92-94 .(1/19)
1- (ص 36، 37) ( البقرة 62) { إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ... } يورد نصين للترجمة بدعوى عدم انضباط عبارة الآية ويحرف في أحدهما ترجمة عبارة { من آمن بالله واليوم الآخر } إلى "هم الذين آمنوا ..." (croient sont ceux qui) ويزعم في الحاشية أن الآية تقرر مبدأ التساوي بين الأديان الأربعة. وهو بتحريفه وكلامه هذا يحرف معنى هذه الآية والآية المماثلة لها في سورة المائدة (69) ويزعم أنها إقرار لدين اليهودية والنصرانية بعد بعثة محمد- صلى الله عليه وسلم - مع أن الآيتين صريحتان في اشتراط الإيمان بالله واليوم الآخر وذلك لا يتحقق إلا بالإيمان بالرسول الذي بعثه الله والكتاب الذي أنزله وقد نعى الله عليهم عدم إيمانهم بذلك بقوله : { فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين } الآية والآيتان بعدها (البقرة 89 – 91) . وغير ذلك في القرآن كثير بين واضح فضلا عما في عقيدتهم من شرك وقولهم نؤمن ببعض ونكفر ببعض .
2- ( ص 44 – البقرة 115 ) { ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله } بعد أن يثير دعوى التعارض بين هذه الآية وآية تحديد جهة القبلة بالكعبة – يقول إن هناك تفسيرا أرجح وهو أن المعنى هنا كلية الوجود أي الحضور الإلهي في كل مكان في جميع الأوقات. وسيكرر ذلك فيما بعد (ص 67 – البقرة 248) فيفسر السكينة في قوله تعالى: { فيه سكينة من ربكم } بالحضور الإلهي فهو بهذا يدس على الإسلام تعابير وعقائد الباطنيين والصوفية المغالين .(1/20)
3- ( ص 69 – البقرة 259 ) { أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها .. } يقول في الحاشية : هذه القصة البناءة توافق أسطورة مشهورة في بلاد الشرق من التراث اليهودي – المسيحي وتذكر بأسطورة السبعة النيام في سورة الكهف ولكنها تشير خاصة إلى قصة ( عبد ملك في النسخة الحبشية) الذي نام 66 سنة وعندما صحا رأى القدس قد أعيد بناؤها . فكلامه واضح في إنكاره هذه المعجزة وعدّها مجرد أسطورة وتفسير الموت بالنوم، وكذلك قصة أهل الكهف يعدها أسطورة أيضا كما يسخر مما ذكر في ص 46 ( البقرة آية 125 ) عن الحجر الذي كان يقف عليه إبراهيم في البناء وتجويف قدمه فيه ويقول إنه ليس سوى تجويف لتلقي دم الضحايا .
(ص 108 – النساء 24) { والمحصنات من النساء } عبارة { فما استمتعتم به منهن } يأتي لها بترجمتين إحداهما يحرف فيها النص هكذا "والنساء اللاتي أخذتموهن بالزواج المؤقت لمدة معلومة" ويزعم أنه ورد كذلك في نسخة أبي وابن مسعود ومصحف ابن عباس ويقول عن نص الترجمة الموافق للآية: إنه أدخل فيما بعد عند تحريم المتعة في آخر زمن محمد أو في خلافة عمر، ويصر مع ذلك على أن هذا النص أيضا يدل على زواج المتعة، لأنه يقرر دفع الأجر بعد استيفاء الزواج بالفعل وليس قبله كما في الزواج التقليدي .
5- ( ص 128 – النساء 157 ) { ولكن شبه لهم } يطعن في هذا النص القرآني بأنه يعبر عن فكرة ترجع إلى أصل غنوصي ( والغنوصية مزج الفلسفة الإلحادية بالدين كما في المعجم الوسيط ص 688 ) وهو بهذا يقلب الوضع تماما فدعوى حصول الصلب هي التي بني عليها ما أدخل على الدين المسيحي من الفلسفات الإلحادية ( الأفلاطونية الحديثة التي تقول بالتثليث ) وكلمات اللاهوت والناسوت وتحمل البشر خطيئة آدم وأنه لا يتم الخلاص منها إلا بعقيدة الصلب والفداء .(1/21)
6- ( ص 130- النساء 171 ) { إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه .. } كتب المترجم و"روح" بالفرنسية بالحرف الكبير كما يتبع في الأسماء وكما يفعل المسيحيون عند الكلام على عيسى وروح القدس ثم ترجم { وروح منه } فجعل التقدير: وروح منبثقة منه ( émanant ) وهذا يعد موافقة لعقيدة النصارى الباطلة في تأليه عيسى وجعله منبثقا من الله. ويحتال المترجم في الحاشية للتغطية على التقدير الذي دسه على النص فيقول " هذه آية مهمة جدا ولذلك التزمت في ترجمتها الحرفية التامة التي تقتضيها " بينما دس هذه الكلمة الشركية على النص وأخرجه بذلك عن الحرفية والثابت شرعا التقدير بكلمة ( مخلوقة ) منه لا فرق بين عيسى وغيره في ذلك كما قال الله في حق آدم : { ونفخت فيه من روحي } (ص 72) وفي حق الإنسان عموما { ونفخ فيه من روحه } (السجدة9). فليست الروح منبثقة عن الله كما يدعي، وكما يستند المسيحيون إلى ذلك في دعوى ألوهية عيسى.
7- (ص 139 – المائدة 43) { وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله .. } يترجم الآية بفصل الجزء الأول المذكور هنا عن بقية الآية الذي يأتي به بعد ذلك جملة مستقلة زاد فيها " بعد أن عرفوا الحقيقة فيها (أي في التوراة) تولوا إنهم غير مؤمنين " بينما الكلام في الحقيقة متصل كما هو واضح من نص الآية أي: { وكيف يحكمونك … ثم يتولون من بعد ذلك … } فيكون الاعتراض والإنكار منصبا على التولي بعد التحكيم وليس على مجرد التحكيم .
8- (ص 140 – المائدة 48) { ومهيمنا عليه } يترجمها " ومعلنا توثيقه" ويقول في الحاشية إن هذا المعنى محل اعتراض ولا يورد الترجمة الصحيحة لأنها تجعل للقرآن الهيمنة وسلطة الحكم على كتبهم ودينهم.(1/22)
9- ( ص 144-المائدة 73) { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة... } يقول في الحاشية: بالمقابلة بين هذه الآية والآية 116 الآتية { أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله } يتبين لنا أن التثليث المنفي يتركب من الله وعيسى ومريم التي حل محلها روح القدس، فالإنكار الذي يقرره القرآن يقصد به نحلة أخرى أخذت على أنها نحلة المسيحيين عامة وقد ذكر سايوز أن الأمر يتعلق بطائفة وثنية تؤمن بآلهة ثلاثة يظن أنها تأثرت بأفكار جان فيلوبون من القرن السادس الميلادي . ( وهذا تَمَحلٌ ظاهر فلا فرق بين تثليث وتثليث فالكل شرك بين ) .
10- ( ص 216 – التوبة 29 ) { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر … } والآيتان بعدها، يقول: إن القرآن هنا صريح في عداوته وحربه بحيث ينسخ هذا النص كل ما صدر قبله من نصوص تسمح باتخاذ موقف ترقب وتطلع ويلغي هذا النص كل تفرقة أو امتياز في المعاملة بين المشركين وبين الأديان التي تؤمن بالتوحيد ( ويدعي اليهود والنصارى أنهم موحدون) ويقول عن هذه الفقرة كلها: إنها إضافة متأخرة .
11- ( ص 216 - التوبة 30 ) يقول عن عزير: إنه ملك من الملائكة سقط عن رتبته ويدعي أن القرآن يقر ذلك .
12 - ( ص 366 - مريم 88، 91 ) { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا } { أن دعوا للرحمن ولدا } يترجم كلمة ولدا بصيغة الجمع ( أولادا ) ويزعم في الحاشية أن الكلمة لها معنى الجمع مستدلا بآية 77 قبلها { وقال لأوتين مالا وولدا } ويضيف أنه على هذا الأساس يكون المقصود المشركين الذين يعبدون آلهه متعددة ولدت منه .(1/23)
13- ( ص 450 - الأحزاب 40 ) { وخاتم النبيين } يترجمها " وختم النبيين " وينوه بأهمية ذلك في العقيدة ثم يشير إلى آية 6 سورة الصف ص 593 { ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } وقد ترجمها هناك وغير نصها " وأعلن لكم عن نبي أمته آخر الأمم وبها يضع الله الختم على الأنبياء والحواريين " فحذف اسم ( أحمد ) وزاد عبارة مريبة لعلها من كتبهم ويدعي أنها من نسخة أبي. كما أورد ترجمة أخرى بدون الزيادة - ويضيف متبعا للبيروني أن تعبير (ختم الأنبياء) كان قد استعمل أيضا مع ماني (داعية المجوس الثنوي) .
وهكذا يلجأ إلى كل هذا الالتواء والسخرية في نص قاطع وحكم فاصل .
14- ( ص 560، 561 - النجم 14 ) بعد أن ذكر مكان سدرة المنتهى على حدود السماء السابعة قال : يرى كيثاني وهو محق غاية الحق أنها مكان قريب من مكة . كما يقر ما قاله سبرنجر عن جنة المأوى أنها مجرد فيلا محاطة بحديقة في ضواحي مكة. يقول ذلك وهو لا يستحي من هذا السفه والتهريج.
15- ( ص 561 - النجم 20 ) آية { ومناة الثالثة الأخرى } يورد بعدها مباشرة بنفس الرقم مكرراً عبارتين شركيتين ذكرتا في قصة الغرانيق المعروفة التي يقال إن الشيطان تكلم بهما عند قراءة النبي هذه الآية موهماً حزبه أنهما من قراءة النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذه قصة مكذوبة وقد أراد المترجم أن يعيد القيام بالدور المنسوب إلى الشيطان فدس العبارتين الدخيلتين بالرقم نفسه في هذا الموضع دون أي اشارة تنبه القارىء على أنهما مقحمتان ليستا من القرآن، ومع أنه لا يترك فرصة دون أن يدعي زورا وجود دخيل مقحم يقطع تسلسل الآيات وارتباطها، ليشوه بذلك صورة القرآن، فإنه هنا ترك الأمر دون تعليق مع وضوح تناقض العبارتين مع ما قبلهما وما بعدهما من الآيات القاطعة بإنكار عبادة الأصنام وتقبيح أمرها كل التقبيح .
ب - مآخذ تتعلق بتحامله وافترائه على انتظام الآيات وتسلسلها وسلامة نصوصها:(1/24)
1- ( ص 36، 37 - البقرة 62 ) يزعم أن كلمة ( الصابئين ) أقحمت على النص بعد زمن محمد - صلى الله عليه وسلم -.
2- (ص 38، 39 - البقرة 75 ) { أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ... } يزعم احتمال كون هذه الآية وما بعدها حتى رقم 82 قد أدخلت فيما بعد فقطعت الاتصال مستدلا بأنها معاصرة للقطيعة مع اليهود مع أن الآيات التالية ابتداء من رقم 83 تعود إلى محاولة كسب يهود المدينة .
3- ( ص 42 - البقرة 102 ) { ويتعلمون ما يضرهم } حرفت الترجمة نص الآية فجاءت به بالنفي "ويتعلمون ما لا يضرهم " .
4- ( ص 43 - البقرة 104 ) { لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا } يتجاهل ما ذكر عن قصد اليهود استعمال كلمة ( راعنا ) -خلافا لمعناها الظاهر كفعل دعاء - وجعلها اسم فاعل من رعن سبّاً للمخاطب.كما وردت لنفس الغرض في سورة النساء آية 46 ص 112 ويظهر المترجم غاية التحير والتعجب من وضع النص بهذه الصورة تماديا في طريقته في التحامل على ما جاء في القرآن وتلمس الشبهات والتظاهر بالعجز عن فهمه لغموضه .
5- (ص61 - البقرة 219) { ويسئلونك ماذا ينفقون قل العفو } يشكك في سلامة استعمال كلمة (العفو)في هذا الموضع ويدعي أن المعنى مبهم وغير منضبط،وما ذلك إلا لأنه فهمها بمعنى العفو عن الذنب.
6- ( ص 61 - البقرة 220 ) { ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير } الشيء نفسه مع كلمة ( إصلاح ) لأنه فهمها بمعنى إصلاح الخاطىء أو المنحرف مع أن معناها عام .
7- ( ص 62 - البقرة 222 ) { ويسئلونك عن المحيض .. } يقول: إن هذا النص أضيف فيما بعد كأنه ينتقد عدم ارتباطه بما قبله .
8- ( ص 49 - البقرة 148 ) { أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا } حرفها إلى معنى مغاير تماما فترجمها " أينما تكونوا يسِرِ الله معكم جميعا " وادعى كذلك أنها لا تناسب هذا الموضع وأنها إنما أدخلت هنا لمجرد معنى كلمة (وجهة ) - أي قبلة - المذكورة أول الآية .(1/25)
9- ( ص 52 - البقرة 171 ) { ينعق بما لا يسمع } يترجمها : يصرخ عليه أو ينبح عليه ويقترح لذلك جعل الفعل مبنيا للمجهول " يُنعَق " أي تغيير النص القرآني بدعواه الخاطئة مع أن توجيهها موضح في كتب التفسير . (تفسير النسفي، 1/109، طبعة بولاق).
10- ( ص 71 - البقرة 267 ) عبارة { ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه } يقول: إن عبارة { أن تغمضوا } غامضة وملتبسة جدا ويقول: إنه يجب إضافة عبارة إليها لتوضيحها. والعبارة التي يقترحها "بينما إذا أعطيتموها كصدقة" وهي لا توافق سياق الآية وتؤدي إلى تغيير المعنى .
11- ( ص 77 – آل عمران 18 ) { شهد الله أنه لا إله إلا هو } يزعم أن هذه الآية تعرض نصها بوضوح للتغيير والتحريف ويبدو أن ذلك نتيجة تركيب نصين كما يدل على ذلك تكرار عبارة " لا إله إلا هو " ويحكم على عبارة النص { شهد الله } بأنها غير مقبولة وغير لائقة أبداً لأنه لم يرد في القرآن قط أن الله يشهد على وحدانيته .
12- ( ص 79 – آل عمران 32 ) { فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين } يدعي أن هنا جملتين لا رابط بينهما، ويرى أن الجملة الأولى معلقة لم تتم مع أن الجملة شرط وما بعدها جواب الشرط وإن قيل إن الجواب في المعنى غير مباشر فإنه يدل على تقدير الجواب، ويتكرر منه هذا الاعتراض على الجمل الشرطية المماثلة مع أن أمرها معروف مشهور عند أهل اللغة والمفسرين .
13- ( ص 81 – آل عمران 44 ) { يلقون أقلامهم } يقول عن العبارة إنها تظل بدون بيان أو شرح لها والمفسرون لا يذكرون عنها شيئاً يستحق الذكر وهو بذلك لم يفهم معناها أو تجاهل معناها المعروف وهو إجراء القرعة بواسطة الأقلام أي السهام لمعرفة المستحق لأن يكفل مريم .(1/26)
14- ( ص 118 – النساء 89 ) { حتى يهاجروا في سبيل الله … } يعترض على كلمة { يهاجروا } لأن الآية وردت في المنافقين وهم بالمدينة فكيف يطلب هجرتهم من خارجها إليها؟ . مع أن سياق الآيات يدل على أنهم منافقون يعيشون خارج المدينة وأنهم ثلاثة أقسام كما بيّن في الآيات الآتية . كما يشكك فيما ذكرته التفاسير من توجيه لمعناها مثل يهاجروا من أعمال الشرك إلى أعمال الإيمان ويزعم أن الكلمة تعرضت للتصحيف وأنها في الأصل { يجاهدوا } و يطالب بتغيير النص القرآني تبعا لذلك.
15- (ص128– النساء 159) { وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته } يقول: ترجمت الجملة بالضبط ليظهر ما فيها من شك سواء فسر الضمير بعيسى أو بالكتابي ويزعم أن هناك فجوة في النص .
16- ( ص 216 – التوبة 29 ) { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر … } والآيتان بعدها يقول : إن كل هذه الفقرة يظهر أنها إضافة متأخرة .
17- ( ص 218 – التوبة 39، 40 ) { إلا تنفروا يعذبكم } و { إلا تنصروه فقد نصره الله } يقول إن بينهما فجوة ( سقطا ) .
18- ( ص 437 – لقمان 12 ) { ومن كفر فان الله غني حميد } يراجع هنا الرد السابق على ما نقل عنه في رقم 12 من نقص الجملة الأولى وعدم الربط بينهما .
ومن جهة أخرى يقدم المترجم الآيتين 14، 15 { ووصينا الإنسان بوالديه } وما بعدها على الآية 13 { وإذ قال لقمان لابنه } وهو تحكم منه يقوم على نظرة سطحية وعدم تفقه لمعنى الآيات، فالآيتان 14، 15 تقرير لوصية لقمان لابنه بعدم الإشراك بالله . والآية 16 { يابني إنها إن تك مثقال حبة … } مرتبطة في المعنى بقوله { فينبئكم بما كنتم تعملون } في نهاية الآية 15.
19- ( ص 340 – طه 61 ) { قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا } قدم عليها ثلاث آيات تالية بحجة ترتيب عرض القصة، كما غير { قالوا إن هذان لساحران } إلى { قال فرعون .. } تحكماً منه .(1/27)
20- ( ص 332 – مريم 34 ) { ذلك عيسى بن مريم } يزعم أن هذه الآية وما بعدها أدخلت فيما بعد في الوقت الذي بدأ فيه محمد الحملة على العقيدة المسيحية في كون عيسى ابن الله .
21- ( ص 458 – الأحزاب 50 ) { وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي } يقول: إن هذه الفقرة مع تغير الأشخاص تعد عبارة مقحمة لا يربطها رابط بالنص الأصلي .
جـ – مآخذ تتصل بتحكيم ما جاء في كتبهم فيما ذكره القرآن من موضوعات وادعاء أخذ القرآن عنها:
1- (ص30، 31 – البقرة 68) يظهر تحكمه في تغيير اسم السورة إلى اسم (العجل La génisse ) ويذكر أن التفاصيل فيها توافق ما جاء في إصحاح الأعداد رقم 19 حيث أمر موسى بذبح وإحراق بقرة حمراء لا بقعة فيها سليمة من العيوب، لم تحمل نيرا ويحتفظ بالرماد لإعداد ماء التطهر .
2- ( ص 67 – البقرة 248 ) { إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت } يترجم كلمة التابوت بما ذكر عنه في التوراة بأنه تابوْت العهد فيزيد كلمة العهد على النص القرآني.
3- ( ص 66 – البقرة 243 ) { ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف … } يذكر أن الحادثة التي تشير إليها الآية مازالت مجهولة
( ولعل ذلك لأنه لم يجد لها أصلا في كتبهم ) ويفسر كلمة
{ موتوا } بأنه أمر لهم بالموت في القتال في سبيل الله مع أنه أمر قضاء عليهم بالموت كما يدل عليه قوله تعالى بعده { ثم أحياهم } وهذا موقف مريب منه يدل على إنكاره معجزة الإحياء من الموت .
4- ( ص 63 – البقرة 230 ) { فإن طلقها فلا تحل له من بعد … } يزعم أن هذا النص يطبق على الطلاق الرجعي كما يطبق على المكمل الثلاث وهو ادعاء واضح البطلان. وقبلها آية 228 يقول عن عبارة { ثلاثة قروء } بأنها مذكورة في التلمود .(1/28)
5- ( ص 68 – البقرة 249 ) { فلما فصل طالوت بالجنود } يسمي المترجم طالوت (saül) متبعا لكتبهم وكذلك غيره من المترجمين . ثم يزعم أن القرآن ينسب له هنا التجربة التي قام بها جدعون مع جنوده كما جاء في التوراة، ويعترض على النص القرآني بأنه لا يمكن فهمه ويعرضه هكذا : "من يشرب منه والغاً بفمه في الماء كما تفعل البهائم ليس مني ومن، لا يفعل ذلك بل يستقي منه بكفيه فقط فهو مني" وهذه سخرية منه بعبارة القرآن .
6- ( ص 70 – البقرة 260 ) { وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى … } يرجعها إلى ما جاء في التوراة من فقرة غامضة "قال الله: خذ عجلة وعنزاً وكبشا وجرادة وحمامة … إلخ " .
7- ( ص 71 – البقرة 265 ) { ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله } يذكر أن التشابه بين هذه الآية وما ورد في إنجيل ماتيو ومرقص واضح جدا، لكن في الأناجيل يدور الحديث عن الكلمة الطيبة التي تقع موقعها خلافا لما جاء في الآية .
8- ( ص 78 – آل عمران 23 ) { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } يقول : إن المقصود هنا التوراة والمزامير لأن هذا النص يقصد به في الحقيقة يهود المدينة ولا يمكن أن تشمل العبارة الأناجيل .
9- (ص79–آل عمران 26) { مالك الملك } يقول : تقارب العبارة الواردة في كتاب دانيال (ملك الملوك)
10- (ص 80 – آل عمران 35) { إذ قالت امرأة عمران } يقول: إن المذكور في الإنجيل النسخة الأرمنية هو يواقيم وهو الذي نذر ذريته لله.(1/29)
11- ( ص 112 – النساء 46 ) { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع } يقصر معنى يحرفون الكلم عن مواضعه على تحريف العبارة أو الكلمات عن معناها وينفي أن يكون هناك إزاحة فقرات وإحلال أخرى محلها . ويستدل لذلك بعبارة { سمعنا وعصينا } فيقول: إنها تشير إلى عبارة وردت في سفر التثنية 5/24 "سمعنا وعملنا" ويأتي بنص كلمة عملنا بالعبرية الذي يشبه كلمة عصينا بالعربية في النطق " âsinû " ويضيف أن هذا هو اللبس الذي حدث وجعل المحيطين بمحمد يعتقدون في وجود تحريف متعمد في نص التوراة بواسطة يهود المدينة ثم إن عبارة { واسمع غير مسمع } تُوئس كلَّ من يحاول تفسيرها فلا بد أن الأمر يتعلق بعبارة عبرية لم تفهم .
وهكذا نرى إلى أي مدى وصلت به المكابرة والافتراء على كتاب الله بهذا التلفيق العجيب .
12- ( ص140 – المائدة 48 ) كلمة { ومنهاجا } يقول: عنها إنها مستعارة من لغة الربانيين اليهود .
13- (ص 437 – لقمان 12) { ولقد آتينا لقمان الحكمة ... } يرجع قصة لقمان إلى أساطير إغريقية سابقة على الإسلام ( بروميثيوس والنسر ) ويقول: إن القرآن لا يقر هذا النوع من البطولة ولذلك جعله في صورة حكيم إما في صورة ( بلعام ) وإما بشكل آكد صورة ( أهيكار ) الحكيم الذي تظهر حكمته في نصوص يهودية ومسيحية وأرمنية على شكل حكم وأمثال تشبه ما جاء في القرآن .
14- ( ص 329 – مريم 7 ) { لم نجعل له من قبل سميا } يقول في الحاشية نقلا عن إنجيل لوقا : "إنه أعطي أولا اسم زكريا مثل اسم أبيه ولكن أمه قالت " كلا إنه سيسمى جان ( يحيي ) فقالوا: ليس ثمة أحد في الأسرة بهذا الاسم " وكل هذا تكذيب لما جاء في القرآن في البشارة به وتكذيب لنص هذه الآية.
د – تحريفات ومزاعم أخرى:(1/30)
1- ( ص 40 – البقرة ) يضع عنوان ( ضد يهود المدينة ) على الآيات 87 من سورة البقرة { ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل } وما بعدها بدعوى تخصيص تقبيح عمل اليهود في الآيات بيهود المدينة مع أنه عام في جميع اليهود والمترجم يتكرر منه ذلك في مواضع كثيرة .
2- ( ص 48 – البقرة 142 ) اتفقت القبلة عند مجيء محمد إلى المدينة مع قبلة اليهود وكانت تلائم سياسة التقارب مع اليهود التي سار عليها، حتى إذا فقد الأمل من ضمهم إلى صفه تركها .
3- ( ص 135 – المائدة 15 ) { يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير } يترجم { ويعفو } " و يمحو أو يسقط جانبا كبيرا منها " والحقيقة أن معنى يعفو هنا هو مقابل يبين في الشق الأول أي يسكت عنه ولا يبينه ولا يؤاخذكم بسببه .
4- (ص 313- الإسراء 79) أسقط من نص الآية قوله تعالى { ومن الليل فتهجد به نافلة لك } .
5- ( ص 330 – مريم20 ) { ولم أك بغيا } يترجمها " وإنني لست امرأة أبداً " وهو تحريف غريب متعمد ومريب جدا.
6- ( ص 444 – الأحزاب ) في بيان موضوعات السورة ذكر أن الموضوع الثالث حل المشاكل التي تتعلق بحريم محمد.
7- ( ص 448 – الأحزاب 28 ) { قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها } يقول المترجم : تدل بعض الدلائل على أن الآية تشير إما إلى الفتنة المفرطة لزينة بعض زوجات محمد وإما إلى غيرة عائشة من بعض نسائه وعند ذلك هددهن بالطلاق .
8- (ص449- الأحزاب37) { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه... } يقول: إن الأمور التي توحي بها هذه الآية ترجع إلى الظروف فقد عرضت له زينب زوجة ابنه المتبنى زيد عفوا فشعر محمد نحوها بعاطفة حب حاول عبثاً إخمادها، وقرر زيد تطليق زينب فعارض محمد ذلك أول الأمر، ولكن تبددت بعد ذلك وساوس ضميره بهذه الآية.
الفصل الثاني
معاني القرآن عند الفرق الباطنية ممثلة في الترجمات القاديانية وترجمة البهرة الإسماعيلية الضالعة معها
مقدمة:(1/31)
ظهر لنا مما سبق طبيعة الدراسات الاستشراقية لمعاني القرآن الكريم، وأنها لم تكن في حقيقتها سوى حملة صليبية دعائية وفكرية مساندة للغزو الاستعماري كما كانت إعداداً وإمداداً للغزو الفكري والتنصيري .
وقد ظهر ذلك بأجلى صورة ووصل إلى أخطر مدى في الغزو الاستعماري لبلاد الهند الذي استهدف الوجود الإسلامي بصفة خاصة وقام بتأييد القوى المناهضة للإسلام من وثنية وملحدة وباطنية . وقد تمخض طغيانه وتآمره عن ظهور حركة القاديانية الأحمدية التي قامت بإيعاز وتدبير منه (كما صرح بذلك تقرير اللجنة البريطانية الموفدة لدراسة حالة الهند سنة 1869م)(1)
وسنعرض هنا موقفهم من معاني القرآن وتعاليم الإسلام من خلال ترجمات ثلاث هي:
1- ترجمة قاديانية باللغة الإنجليزية مع التعليقات صادرة عام 1981م من لندن نشر مالك غلام فريد وآخرين.
2- ترجمة قاديانية باللغة الفرنسية مع مقدمة من عمل ميرزا بشير الدين الخليفة الثاني للحركة صادرة عام 1985م من لندن.
3- ترجمة عبدالله يوسف علي –من البهرة الإسماعيلية- مع التعليقات نشر دار الفكر ببيروت بدون تاريخ للطبع.
المبحث الأول : عرض مفصل لعقائد وفلسفات القاديانية :
إننا أمام عقيدة وثنية مادية إلحادية لا صلة لها بالإسلام إلا بطريق الادعاء وإنما تسيطر عليها الرمزية والتأويلات الباطنية التي يحملون بها نصوص الإسلام ما لا تحمل، كما يتبين مما سنعرضه فيما بعد من الأمثلة .
أ- عقيدتهم في الله
__________
(1) كتاب " موقف الأمة الإسلامية من القاديانية " إعداد جماعة من علماء الباكستان – طبعة الأزهر سنة 1976م ص 101، 102 .(1/32)
تحت عنوان (التصور القرآني للعالم الروحي)(1) تشير المقدمة أولاً إلى كلام العلماء عن دوران المجموعات الشمسية نحو مركز ترتبط به الأنظمة الفلكية ويعلق بأنه لا ينكر أن مجموع العالم المادي يعمل حسب نظام مترابط متماسك وإلا انتهى إلى خواء، وأن هذا النظام تحكمه قوانين تحدد المراحل المختلفة للمادة وتؤدي إلى تشكيلة متفرعة من العناصر والأشياء المادية التي تملأ الكون، وينسب إلى القرآن أن العالم الروحي يعمل بنفس نظام العالم المادي في دورانه حول مركز وهذا المركز كائن له وجود مستقل ولم يخلق وأنه هو الله.
فالله في نظره عبارة عن نقطة مركزية أو مركز في العالم الروحي مقارنة للنقطة المركزية التي تدور نحوها المجموعات الشمسية في العالم المادي، وينتهي إلى أن يطلق عليه مركز العالم بصفة مطلقة، وأن هذه النقطة المركزية أو المركز تدير العالم بأجمعه ويغطي على ذلك بوصفها بالصفات التي يوصف بها الله كما جاء في سورة الإخلاص على حد قوله .
ويضيف هذه العبارة: إنهم يزعمون أن العقل الإنساني لا يتصور كيف يمكن وجود الله خارج نطاق الزمن مع أن كل مادة خاضعة لهذه القاعدة ويجيب بأن وجود الله بمعنى مختلف عن المعنى الذي يحيا به الإنسان وكل ما يحيط به، وأن التشابه بين الوجودين ظاهري وسطحي .
ويؤكد في ص 189- تبعا لتعاليم القرآن كما يدعي – أن مركز العالم كائن وحيد في نفسه، وأن هذا الكائن الذي هو مركز العالم لا يقف دونه شيء إلى آخر ما يعيده من الصفات . وهكذا نجد أنه مع تطور معلومات البشر عن النجوم والأفلاك قد امتد نظر هؤلاء، بعد أن كان لا يذهب أبعد من الشمس ويقول: إنها الله، أصبح يذهب إلى مركز العالم الذي تدور نحوه المجموعات الشمسية وترتبط به الأنظمة الفلكية ويقول: إنه الله .
__________
(1) الترجمة الفرنسية – إحدى ترجمات الدراسة ص 187 .(1/33)
غير أننا نجد أنهم يعودون فيقولون الشيء نفسه عن رسول الإسلام ففي ص 912 من الترجمة الإنجليزية القاديانية تعليق 2360 على قوله تعالى: { وسراجا منيرا } (الأحزاب 46) ذكر أنه كما أن الشمس هي النقطة المركزية في العالم المادي فالرسول هو النقطة المركزية في المملكة الروحية يدور حولها المصلحون الإلهيون ويستمدون النور منه، فكيف اختلط الأمر عليهم بين الرسول والله؟ وهم يطلقون على الله في خلال الترجمة والتعليقات أسماء أخرى منها أنه : الأصل الضروري لكل الخلق أي أن الخلق كله ينبثق أو يصدر عنه ويرجع إليه ( ص 191 ) . ومنها الكائن العاقل الواحد ( تعليق 188 ص 68 ) ومنها الكائن الأسمى ( تعليق 190 ص 68 ) ومنها : الينبوع الرئيس (Fountain-head ) وفي ترجمة عبد الله يوسف علي البهري يتحدث المترجم في تفسيره الرمزي لآية { الله نور السموات
والأرض } ( النور 35 ) فيسميه النور الأول والأعظم المطلق ويقول: إنه المنبع الرئيس والنور الحقيقي ويجعل الملائكة أو المصابيح العلوية درجات ورتبا أعلاها المصباح الأقرب منه.(1/34)
وفي الفصل الملحق بسورة النور يأخذ في عرض فلسفة باطنية عن النور لا تستند إلى شرع أو عقل، ظل يتسلسل بها حتى وصل كما في (تعليق 2997) إلى ادعاء أن النور المادي انعكاس للنور الحقيقي الذي هو الله وادعاء اتحاد نور الله مع كل شيء واستتاره في كل موجود أي إلى عقيدة وحدة الوجود والحلول . كما يقرر ذلك في تعليقين 4033 / 4034 "وهذا هو سر تنوع أشكال الخلق التي تجتمع كلها في الوحدة المطلقة للخالق" "الشمس العظيمة تطلع من نقط متعددة ولكنها تضيء كل السماء والأرض وهكذا نستطيع رؤية الأشياء من وجهات نظر متعددة ولكن مركز كل الأشياء هو الله". ويقول في تعليقه رقم 296 "إن حياة الله هي المصدر لكل ما تفرع عنها واشتق منها من أشكال الحياة"، وهذه هي العقيدة الهندوكية نفسها التي ترى أن هناك شيئاً اسمه ( أتمن ) أي الروح أو الذات الكونية انبثقت منها جميع النفوس(1)، كما يطلق على الله الإطلاقات التي تطلقها عليه الفلسفات المادية الإلحادية مثل إطلاقهم عليه أنه السبب أو العلة أو السبب الأول أو سبب الأسباب أو السبب المطلق لكل الكائنات تماماً، كما أطلق عليه هنا أنه السبب المبدئي لجميع الكائنات، وأنه ليس فقط المصدر وإنما هو المركز لكل حياة ونشاط ( تعليقات 4508، 3870، 4256 وغيرها )، كما يصفه بأنه الروح الكلية والإرادة الشاملة، وفي (تعليق 120) بعد أن يقرر بقاء المادة الأولية بوصفها أساس كل وجود يقول: إنها تستمد أصلها نفسه من الله. وفي (تعليق رقم 4056) يتحدث عن الله تعالى على أنه المعيار الوحيد للحياة والسلوك أو الحقيقة الأبدية. وبذلك يحول وجود الذات الإلهية إلى أمور معنوية من أسباب وعلل ومعايير وحقائق عامة.
__________
(1) المورد: قاموس إنجليزي-عربي ص71 .(1/35)
وهو يحاول أن يقرب ويخلط بين وضع المخلوق ووضع الخالق فالأمر لا يعدو درجات الله في أعلاها والمخلوقون يشغلون باقيها ( تعليق 3003 ) ويقول في ( تعليق 3224 ) عن جبريل عليه السلام: "إنه جوهر الإيمان والحق نفسه أو روح الإيمان والحق"، وهو ما يقوله عن الله في (تعليق 2977)، وفي (تعليق 3781) يدعي أن الله نفخ في الإنسان شيئاً من روحه الذاتية، وفي (1968) يتحدث عن استعداد الإنسان لعلم شبه إلهي وإرادة شبه إلهية. وفي (47) إلى طبيعة شبيهة بطبيعة الله . وهناك أيضا دعوى الفناء في الله والاتحاد مع الله في الترجمة الإنجليزية القاديانية (تعليق 135).
هل هناك أوضح من هذا لإلغاء الفوارق بين الخالق والمخلوق ولما تدعيه فرق الباطنية في البشر الذين يؤلهونهم من أنهم حلت فيهم روح الله .
ب – عقيدتهم المادية في الروح الإنسانية
على الرغم من هذه الآية الواضحة القاطعة في سورة الإسراء
{ ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي } ( الإسراء 85 ) يقررون في الترجمة الفرنسية القاديانية ص 183 وما بعدها أن ولادة روح أمر لا ينفصل عن ولادة جسم فسلسلة النمو التي تستلزمها ولادة الجسم تؤدي في الوقت نفسه إلى ولادة الروح أيضا، وتسهم في تقدمها ورفعتها . ويعرضون تطور خلق الجنين في رحم الأم كما هو موضح في سورة المؤمنون ( 13 – 15 ) ويقولون: إنه عندما تكتسي العظام باللحم تتم مراحل التكوين المادي ويحصل عندئذ شكل من أشكال التقطير يجعل هذا النمو يطور خصائص حيوانية وأخيراً يولد إنسان مزود بالعقل .(1/36)
وينفون – مدعين الاستناد إلى الآية – دخول الروح من الخارج إلى الجسم، ويدعون أنها إنما نتجت من المادة التي نمت في داخل الرحم وأعطت المولود خصائص حيوانية حولته بعد ذلك إلى كائن مزود بالعقل والوعي والقدرة على التطور . ويستدلون على قولهم أيضا بالقياس على العمليات الكيماوية .وهم بذلك يكذبون ما جاء في القرآن والسنة صريحاً قاطعاً عن نفخ الله الروح في الجنين وهو في بطن أمه، ويكذبون ما جاء في هذه الآية نفسها من كون هذه الروح المخلوقة أمراً استأثر الله بعلمه، وهم يفترون ويدعون أنها طور من أطوار خلق الجنين المادية .
وبهذا يجعلون خلق الإنسان جسمه وروحه خلقاً مادياً بحتاً لا مكان للجانب الروحي الحق فيه، وهذا يفضح الأساس المادي الوثني البحت لعقائدهم وتعاليمهم ويكذب دعواهم التي يتشدقون بها عن إيمانهم وتمسكهم بالنواحي الروحية .
جـ – نظرتهم إلى الحياة الآخرة والبعث
الإيمان باليوم الآخر أصل بارز من أصول العقيدة الحقة والإيمان به يعد ميزانا ضابطا لصدق الإيمان بغيره من الأصول . فمتى وجد الإيمان باليوم الآخر استلزم ذلك صدق الإيمان بالدين الحق كما قال تعالى: { والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به } ( الأنعام 92 ) أي بالقرآن وما فيه كما يقول النسفي، لأن أصل الدين خوف العاقبة فمن خافها لم يزل به الخوف حتى
يؤمن(1).
__________
(1) تفسير النسقي – طبعة بولاق – (1/ 488 ) .(1/37)
فالحائل الحقيقي الذي يقف دون قبول دعوة الحق هو عدم الإيمان الصادق باليوم الآخر، ولذلك كان أساس عناد أهل الباطل من عبدة الأصنام في الجاهلية وأمثالهم من أصحاب العقائد الضالة هو تكذيبهم بالبعث وتكذيبهم باليوم الآخر كيوم مساءلة ومؤاخذة حقيقية للإنسان عن عمله في هذه الحياة. وهاهم دعاة الباطنية القاديانية والإسماعيلية وغيرهم يقفون الموقف نفسه أي التكذيب بالبعث والحساب وهم يعملون كل جهدهم على إحاطة هذا الموضوع بكتابات فلسفية إلحادية لا أول لها ولا آخر، تكاد تكون جلَّ موضوعات دعوتهم الدينية الكاذبة. فهم يعدون خططهم ويحكمونها لإغلاق باب الكلام في الموضوع نهائياً بقصة غريبة استقوها من الفلاسفة الملاحدة الدهريين الذين.حكى القرآن قولهم في سورة الجاثية { وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر } (24). ففي ص 209 من الترجمة الفرنسية القاديانية يقولون : إن خلق الإنسان يمر بمراحل تطور متدرجة ويدعون أن القرآن يبين أن جيل آدم لم يكن أول جيل من البشر بل سبقه غيره، ولكنهم لم يكونوا على المستوى القادر على حمل التكاليف وكانوا يعيشون في المغارات وكهوف الجبال مختفين أو منعزلين، ولذلك سماهم القرآن الجن وحذر القرآن آدم وشعبه من شعب الجن ورئيسه إبليس؛ لأنهم سيعيشون معاً على الأرض وباكتمال مرحلة نمو الإنسان في جيل آدم أرسل الله الوحي إلى الرجل الأكمل فيهم وهو آدم وبهذا يقررون زعمين : أن آدم، لم يكن أول كائن إنساني ولا شعبه أول البشر . وأن البشر، السابقين عليه الذين رفضوا الخضوع له هم الجن، وهكذا الحال في كل طور وكل رسول، وبذلك ينكرون وجود خلق خاص اسمه الجن، ويستدلون على ذلك بأن القرآن لم يصرح في أي موضع برغبة الله في خلق الإنسان فَخَلَقَ آدم وإنما صرح بالرغبة في تعيين خليفة (نائب أو وكيل عنه) – أي لخلق موجودين فعلا– فكان آدم. وهم يتمادون في الحديث عن تطور خلق الإنسان (ص 211)(1/38)
ونمو قدراته من مرحلة إلى أخرى، حتى بدأ يتميز عن الخلق الحيواني المحيط به وعندما وصل تطوره العقلي حداً معينا خلق آدم.
وفي الترجمة الإنجليزية القاديانية: (تعليق 61 ص 23) يعيد ما ذكرته الترجمة الفرنسية عن آدم، وأنه لم يكن أول إنسان فالأرض مرت بها دورات مختلفة من الخلق والحضارة وآدم الجد الأعلى للسلالة الإنسانية الحالية ليس إلا الحلقة الأولى في هذه الدورة، وهناك صور أخرى كثيرة لآدم سبقته. ويورد حكاية عن محيي الدين بن عربي أنه رأى نفسه في حلم يطوف حول الكعبة فقابل رجلا ذكر له أنه من أسلافه، وأنه مات من أكثر من أربعين ألف سنة، وعندما ذكر له أن المدة تزيد على المدة التي تفصلنا عن آدم ذكر له أن هناك قبله كثيرين يُدْعون آدم .. إلخ ما ذكرته الترجمة . وكل هذه القصة المخترعة والتفاصيل العجيبة المتكلفة للوصول إلى تقرير دعوى الفلاسفة الدهريين الماديين المنكرين لكل بعث وحساب وتصرف إلهي في الخلق، كما قال ابن كثير في تفسير الآية المذكورة " يقوله الفلاسفة الإلهيون منهم وهم ينكرون البداءة والرجعة، وتقوله الفلاسفة الدهرية الدورية المنكرون للصانع المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه وزعموا أن هذا تكرر مرات لا تتناهى فكابروا المعقول وكذبوا المنقول؛ ولهذا قالوا: { وما يهلكنا إلا الدهر } ، قال الله تعالى: { وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون } أي يتوهمون أو يتخيلون"(1).
__________
(1) تفسير ابن كثير : طبعة دار الشعب 7/253 .(1/39)
وهذا هو ما تقوله الباطنية القاديانية وغيرهم وما يلفون حوله ويدورون لكي يقفوا عندما وقف عنده المشركون الأولون والفلاسفة الملحدون من إنكار كل بعث وحساب وتصرف لله في الكون رغم كتابات النفاق والتشدق التي يسرفون فيها. وعلى أساس هذه العقيدة الوثنية والفلسفة الإلحادية تبني معظم الكتابات القاديانية والإسماعيلية وغيرهم من الباطنية حول البعث والجنة والنار وتحفل ترجماتهم وتعليقاتهم بالتحريفات والتأويلات الباطلة ودعاوى الرمزية والاستعارة والمجاز للتغطية والتعمية على إنكارهم كل بعث وحساب وجنة ونار كما يتبين من الترجمات الثلاث موضوع البحث. ومن هنا كانت حساسيتهم المفرطة تجاه كل نص يشير من قريب أو بعيد إلى إحياء الموتى، ولو كان معجزة مسلّمة أظهرها الله على يد نبي من أنبيائه واشتهر أمرها عند الخاص والعام، وثبتت بالنص الصريح القاطع في القرآن والسنة.
إن هؤلاء الوثنيين الماديين ومن ورائهم فلاسفتهم الملحدون أو شياطينهم المضلون يصرون على ألا يصدقوا شيئاً من مظاهر الخلق والقدرة إلا في حدود ما يقع تحت أعينهم ليل نهار واعتادته أبصارهم، ويغلقون عقولهم عن كل استنتاج يدعوهم إليه التفكير السليم بأن الله القادر الذي يجري هذا الخلق الذي يرونه لا تعجز قدرته عن الجديد والفريد .(1/40)
وهم لهذا كما جاء في ص 168 من الترجمة الفرنسية القاديانية يقررون مبدأ قاطعا لا يقبل المناقشة: أن هناك قوانين إلهية لا تقبل التغيير تقضي بأن الميت لا يرجع أبدا إلى الحياة، ويجعلون سندهم في ذلك نصين: الأول قول الله تعالى: { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } (الأنبياء95) والثاني: { حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون – لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون } ( المؤمنون 99–100) ولا يتنافى ما في الآيتين مع إحياء الموتى من البشر في معجزات الأنبياء آية من الله يؤيد بها رسله؛ لأن هذا الإحياء لا يترتب عليه إبقاؤهم في الحياة لتدارك العمل الصالح الذي فاتهم في الدنيا وهو ما تمنعه الآيات المذكورة. كما أنه لا يتنافى مع إحياء الطير لعدم تحقق المحذور أصلا ويضيفون أن ما ورد عن الأنبياء السابقين من عبارات تدل على الإحياء ليس سوى عبارات مجازية أو استعارة ولا يمكن أن تفسر حرفيا. كما أنهم ينكرون حتى بعث الأجساد في الآخرة الذي تنص عليه صراحة الآية الأخيرة التي يستشهدون بها على إنكار البعث وهو هدفهم الحقيقي من كل دعاويهم الباطلة.
وهم يغيرون كل نص يدل على البعث على طريقة الباطنية في التأويل بلا مبالاة بحرمة نص أو دليل وأهون شيء عندهم ادعاء الرمزية التي لا تبقي ولا تذر من دلالة نص قرآني أو حديث أو أثر.
وهذا هو تصرفهم في تزييف وتحريف نصوص الآيات التي تقطع بالبعث في ضوء أمثلة من الترجمة الإنجليزية القاديانية:
1- في قوله تعالى { أمن يبدأ الخلق ثم يعيده } ( النمل 64 ص 83 ) يترجم { يعيده } "يكرره" ويفسرها في التعليق 218 بالتناسل .(1/41)
2- وكذلك في قوله تعالى: { أولم يرو كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده } (العنكبوت 19) يترجمها "يكرره " ( repeat it ) أي بالتناسل كما جاء في التعليق رقم 2244 ص 859 أو يقول إنها تشير إلى ظاهرة قيام أمة وسقوط أخرى كما في التعليق التالي له 2245 ويصر على الترجمة نفسها في جميع المواضع المماثلة في القرآن .
3- وفي قوله تعالى : { ولا تخزني يوم يبعثون } ( الشعراء 87 ) ( في التعليق 2122 ص 802 ) يفسر البعث بأن الإنسان بعد الموت سيمنح قوى جديدة أفضل وتفتح أمامه سبل جديدة للتقدم الروحي .
4- وفي قوله تعالى : { لئن أخرتن إلى يوم القيامة } ( الإسراء 62 ) ( في التعليق 1630 ص 596 ) يقول عن القيامة أي البعث إنه يعني البعث الروحي عندما يرى كل مؤمن أن إيمانه أصبح كاملا .
5- وفي قوله تعالى : { ثم يميتكم ثم يحييكم } ( البقرة 28 ) يقول في التعليق 52 ص 23 : "خلق الله الإنسان لحياة باقية أبدا أفضل وأكمل بعد أن يطرح هذا الوعاء الجسدي الذي يحط عليه بثقله " فليس هناك بعث للأجساد بعد الموت .
6- وقوله تعالى: { يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار } (إبراهيم 48).
7- وقوله تعالى : { وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون } (الحجر 23) يفسر ذلك في التعليقين (1475، 1492) بظهور عالم جديد ونظام جديد وموت النظام القديم .
8- وآية { ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون } (البقرة 56) تعليق 96 ص 33 يفسر الموت والبعث بالموت والبعث الروحي لا المادي فليس هناك بعث حقيقي أي إحياء من الموت .
9- وآية { كذلك يحيي الله الموتى } ( البقرة 73 ) تعليقات 109، A 109، 110 ص 38 يخرج فيها عن الموضوع تماما فليس هناك قتل حقيقي وإنما تفكير فيه أو تمثيل صورة المقتول أو تحويل الموضوع إلى قصة صلب عيسى .(1/42)
10- { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } (آل عمران 169) تعليق 527 ص 175 يقول: إن معنى الميت : الذي لم يثأر لقتله أو الذي لم يترك عقبا ونحو ذلك من التفسيرات المدعاة .
11- ويفسر { بل أحياء } (البقرة 154) بأنهم الذين لم تذهب حياتهم عبثا أو انتقم لموتهم .
12- قول القرآن على لسان عيسى { وأحيي الموتى } (آل عمران 49) تعليق 420 ص 140، 141: ينكر أنها تعني إعادة عيسى الميت إلى الحياة لأن هذا يتعارض قطعيا مع تعاليم القرآن ويقول: إن الأمر يعني التغيير المعنوي والروحي الذي يحدثه الرسول في حياة أتباعه .
13- وفي قوله تعالى: { فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم } (البقرة 243) تعليق 303 ص 101 يفسر الإحياء بأنه إنشاء جيل جديد بروح جديدة.
14- وفي قوله تعالى: { فأماته الله مائة عام ثم بعثه } (البقرة 259) يقول: إنها مجرد رؤيا منامية رآها حزقيل، وتأويلات أخرى، ويدعي أن القرآن يذكر أحيانا أمورا شوهدت في الرؤيا على أنها وقعت فعلا بدون تبيين.
وهذه أخيرا آية إحياء الطير لإبراهيم في قوله تعالى: { رب أرني كيف تحيي الموتى } ( البقرة 260) تعليق 327 ص 109 فحوَّل هو وعامة المترجمين القاديانيين والبهرة الآيات من إحياء للموتى إلى ترويض للطير ووضع كل واحدة على جبل ودعوتهن وإجابتهن النداء بدون أي ذبح ولا تقطيع فكيف يسمي ذلك إحياء؟ ولكنها الباطنية لا يحول نص قاطع ولا إجماع دون ما تدعيه من الرمزية وباطل التأويل . وهذه الترجمة المحرفة نجدها بهذه الصورة تماما في ترجمة عبد الله يوسف علي البهري مع نفس التأويل والتعليل ومع تصريحه باستناده في ذلك إلى شيخيه القاديانيين : محمد علي اللاهوري و هـ .ج .سرور(1).
__________
(1) انظر ترجمة ( القرآن المجيد) لعبدالله يوسف علي ص 106 تعليق 308 . وفي موضوع إنكار بعث
الأجساد بصفة عامة ينظر تعليقات: 916،4980، 4984، 5969،5970، 6281 وغيرها.(1/43)
هذا هو موقفهم الذي لا يتزحزحون عنه قيد أنملة وهو استحالة إحياء الموتى وبعث الأجساد في الآخرة فكيف يتصورون الآخرة وكل ما ذكره القرآن عنها من صور النعيم والعذاب وهم قد أبعدوا منها الأجساد أيما إبعاد.
د – تصورات الباطنية من قاديانية وبهرة لعالم الآخرة والجنة والنار :
تجمع الترجمات الثلاث موضوع الدراسة على تصوير الآخرة على أنها عالم روحي مجرد من كل مادة وحس (وهذا موضح بإيجاز في الترجمة الفرنسية القاديانية ص 219 وفي الترجمة الإنجليزية القاديانية تعليق 47 ص 20، 21 وتعليقA 2851 ص 1128، 1129 وتعليق 2939 وما بعده ص 1160 و A479 ص 162، 2964 ص 1167 وفي ترجمة عبد الله يوسف علي البهري في الملحق رقم 12 الواقع بعد سورة القمر ص 1464 – 1470 وفي التعليقات الواردة على الآيات تطبيقا لما قرره في هذا الباب)
وهم يتفقون أولا على تخطئة نظرة من ينتقد تصوير القرآن للجنة معترضا بأنها صورة جنة حسية شهوانية بناء على فهم خاطئ للنصوص أو نقول عن بعض من يغلب عليهم الفكر المادي . ويوردون آية { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } (السجدة 17) كما يوردون حديث "فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" رواه البخاري ومسلم وغيرهما مع اختلاف في اللفظ(1)، ويسوغون التعبير عن نعيم الجنة بألفاظ وعبارات مادية حسية بأن القرآن يستعمل التصوير الخيالي والرمزي لعرض الأمور الروحية لأنها لا تقبل التعبير عنها بالألفاظ إلا كذلك، والبشر لهم في حياتهم الدنيوية أشكال مادية لمشاعر السرور والسعادة والصلات الفكرية والاجتماعية وهذه الأشكال المادية هي التي تصلح لإعطاء صورة مجازية عن المسرات والعلاقات الروحية، كما أن القرآن لا يقتصر على خطاب ذوي المستوى العقلي المتقدم فاستدعى الأمر استعمال الكلمات البسيطة العادية لتقريبها إلى أفهام الناس .
__________
(1) انظر تفسير ابن كثير 3/469 .(1/44)
وهم يظهرون حقيقة موقفهم في تهوين أمر الآخرة وإلغاء أثرها تماما في إيقاظ النفوس والتمسك بالدين في كلامهم عن حقيقة الجزاء من ثواب وعقاب فهذا يوسف علي في ملحقه رقم 12 عن الآخرة الواقع بعد سورة القمر يقرر أن نظريته عن الجزاء ليست نظرية ثواب وعقاب وينتهي إلى أنه مع التقدم الروحي يصبح ثواب الفضيلة هو الفضيلة نفسها وعقاب الشر هو الشر نفسه، وأن النعيم ينمو في داخلنا ولا يحتاج لأمر خارجي وأعلى درجة هو إدراك حضور الله ( الحضور الإلهي ) وهذا هو النعيم الذي وعد الله به فالله لم يعدنا بجنة ولا نار ( تعليق 5170، 3071، وتعليقات كثيرة أخرى) وأنه ليس هناك إلا حضرة الله (1) .
والترجمة الفرنسية القاديانية كذلك في ص 166 و ص 219 عند الكلام على النجاة والخلاص والجزاء الأخروي تقرر أن الأرواح الكاملة ستدخل فورا إلى الحالة التي توصف بأنها الجنة والأرواح التي تطورت بصورة ناقصة سيتعرضون للحالة التي توصف بأنها النار وهي عبارة عن إصلاحية أعدت لعلاج الأمراض الروحية وسيدخلون الجنة بعدها وكل الأرواح ستصل إلى الجنة والنار لن يصبح هناك علة لبقائها . فكل الأرواح لها أصلها في الله وسترجع في النهاية إليه وينتهي إلى أن رؤية الله ( الحضور الإلهي كما سبق) هي أعظم جزاء لهم .
وتقول الترجمة الإنجليزية القاديانية في تعليق 74 ص 40 على قوله تعالى: { أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } (البقرة 39): الإسلام لا يعتقد بخلود النار ولكن ينظر إليها على أنها نوع من الإصلاحيات حيث يعيش المذنبون مدة محدودة للعلاج الروحي والشفاء .
__________
(1) هذه هي عقيدة الإسماعيلية النزارية والقيامة عندهم هي الوقت الذي يصل فيه الخلق إلى الحق وتظهر دقائق الحقائق وبواطن الخلائق وتتوجه وجوه النفوس والأرواح إلى الحضرة الإلهية ( دراسة عن الفرق للدكتور أحمد جلي ص 236 – إصدار مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ) .(1/45)
إننا أمام وثنية مادية ملحدة خبيثة تنكر المعاد وتفسد العباد وتلجأ إلى كل أساليب التعمية والتضليل بهذه الدعاوى والفلسفات وتتخذ الإسلام عنوانا خادعا فتنة للمسلمين وعدوانا على الإسلام. وهم يؤولون آيات القرآن التي تتحدث عن نعيم الجنة وصوره وأشكاله أو عن جحيم النار وسعيره وأغلاله بصور مفضوحة من الرموز، والتأويلات الباطنية المجازية كلها هراء في هراء وشطحات وخزعبلات وتهوين لأمر الآخرة وحسابها على الناس .(1/46)
وهذه أمثلة من ترجمة عبد الله يوسف علي البهري من التعليقات 6267، 6268، 1809، 3840، 5662، 5765 : ففي سورة الهمزة تصبح النار الحطمة هي ما تفعله الآفات الاجتماعية الثلاث من الهمز واللمز والكنز بالمجتمع من تخريب وتدمير – واطلاعها على الأفئدة صعودها إلى قلوبهم وعقولهم فتغلقها عن محبة إخوانهم – وكلمة الأغلال في سورة الرعد (5) وسورة سبأ 33 تصبح نير العبودية للشر – و { خذوه فغلوه } في سورة الحاقة (30 ) قبضة الخطيئة تحكم على الخاطئين – والطعام بعدها هو التعاطف – والحشر على الوجوه في الإسراء 97 هو التعرض للخزي والعار – وفي سورة المزمل : { إن لدينا أنكالا وجحيما * وطعاما ذا غصة وعذابا أليما } ( 12، 13 ) يذكر صور مواجهة المجرم في الدنيا بألوان متدرجة من العقاب . وهذا التفسير كالتفسير السابق في سورة الهمزة بصور دنيوية قاصرة على الحياة الدنيا، مع أنهم يقولون إنها تعبير عن أمور روحية في الآخرة وهذا يفضح حقيقة قصدهم وهو أنه مجرد إخفاء صورة الجزاء الأخروي عن الناس وطمأنتهم أنهم لن يتعرضوا لعقاب في الآخرة [ وقد رأيت عَرَضا نشرة صغيرة للبهائية صوِّر فيها مدفع بعيد المرمى له "ماسورة" طويلة جدا بجانب الآيتين من سورة الهمزة { إنها عليهم مؤصدة * في عمد ممددة } ومكتوب تحت المدفع (مسلطة من الدول القوية المتحضرة على الشعوب والدول الضعيفة المتخلفة ) فجعلوا عذاب الله في الآخرة بأسا وبطشا في الدنيا تنزله قوى الشر والطغيان بالمستضعفين في الأرض ] .(1/47)
وهكذا أيضا يقف القاديانية بكل قواهم ونشاطهم التضليلي والتآمري والتخريبي بجانب القوى الاستعمارية والصهيونية حتى لقد وصل بهم الحال إلى تفسير قوله تعالى خطابا لليهود في سورة الإسراء { فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا } ( 104 ) تعليق 1658 ص 606 (الترجمة الإنجليزية القاديانية) بأنه جمعهم معا من بلاد كثيرة (وهكذا يحرف ترجمة النص) ويقول: إنه عندما ينزل العقاب بالمسلمين في المرة الثانية (وعد الآخرة) يعاد اليهود من كل أنحاء الأرض إلى الأرض المقدسة ويزعم أن النبوءة قد تحققت تحققا واضحا مع إنشاء دولتهم تنفيذا لوعد بلفور، مع أن الآية إنما تتحدث عن حشرهم يوم القيامة جميعاً لينالوا ما يستحقونه جزاء عملهم(1) . وهكذا يطوع آية في القرآن لمباركة قيام دولة إسرائيل وتجمع اليهود في فلسطين . وقد صرح الخليفة الثاني لهم بكامل تأييده لقيام دولة إسرائيل وأقيم مركز لهم فيها من تاريخ قيامها ويقوم بمعاونة إسرائيل ضد العرب (2) .
هـ - فضح عقيدتهم النهائية في الآخرة كما يتضح من النقول الصريحة عنهم :
__________
(1) ابن كثير 3/72 . التفسير الميسر ص292 .
(2) موقف الأمة الإسلامية من القاديانية ص 117 – 125 بتصرف .(1/48)
لقد كانت النتيجة المنطقية لإقامة عقيدتهم الوثنية المادية على أساس عقيدة الفلاسفة الدهرية الدورية المنكرين للبعث، ولكل تصرف إلهي في الخلق الذين يعتقدون أن العالم يتقلب من تلقاء نفسه في دورات تنتهي كل دورة في ستة وثلاثين ألف سنة –مثلاً- ليعود كل شيء إلى ما كان عليه وتبدأ دورة جديدة، وهكذا إلى ما لا نهاية، كانت النتيجة المنطقية لذلك عندهم ألا تكون هناك آخرة حقيقية أي دار حساب وجزاء وجنة ونار وإنما مجرد انتقال من دورة إلى دورة ومن عالم قديم إلى عالم جديد، ولكنهم للتمويه والتضليل وادعاء الانتساب إلى الإسلام والقرآن حشدوا كل ما يستطيعون تلفيقه من فلسفات وعبارات روحية للتغطية والتعمية وتزييف وإبطال صورة الآخرة والنعيم والعذاب في القرآن . ولم يتحرجوا من دس عبارات وفقرات تظهر مذهبهم وعقيدتهم الباطنية الحقيقية في الآخرة، فهذا عبد الله يوسف البهري في تعليقه رقم 4265 على آية { قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة … } ( الزمر 15) يقول: إن عبادة الشر تؤدي إلى تدمير أطيب وأغلى ما في نفوسنا وتسمم العواطف التي تربطنا بأهلنا و أصدقائنا وقومنا في (ضبط الأمور الأخير أو التصحيح النهائي) الذي نسميه يوم القضاء (أي أنه لا يوجد يوم قضاء وقيامة حقيقية) وهو يؤكد ذلك في تعليقات متعددة هي 4453، 5590، 5974، 5975، 5976، 5979، 5980، 5982، 5983 يسمِّي فيها هذا اليوم ويصفه بأنه يوم إجراء التصحيح الأخير للقيم وفجر الحقيقة الدائمة وإقامة العالم الجديد الذي يزول معه كل ما نضيق به في زمننا الحاضر وعالم الحقيقة الجديد الذي يتم فيه إحياء واستعادة وضع القيم الحقيقية ويكون عالم سلام وعدل تام وهو نفس ما ذكر سابقا عن العقيدة الإسماعيلية النزارية (1) .
__________
(1) دراسة عن الفرق للدكتور أحمد جلي ص 236 .(1/49)
وكذلك في الترجمة الإنجليزية القاديانية في قوله تعالى : { وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون } ( الحجر 23 ) يفسر ذلك في التعليق 1492 بحدوث ثورة عظيمة تنتهي بظهور عالم جديد ونظام جديد وموت النظام القديم ويرث المؤمنون الصادقون الأرض . وفيها أيضا في قوله تعالى: { ثم الله ينشئ النشأة الآخرة } ( العنكبوت 20 ) يترجمها "يخلق الله الخليقة الثانية". وفيها أيضا في تعليق 2122 ص 802 يسمى البعث لأنه بعد الموت سيوهب الإنسان قوى جديدة أفضل، وتفتح أمامه سبل جديدة للتقدم الروحي.
ويقول في ص 207 من الترجمة الفرنسية القاديانية عندما يصبح الوضع الروحي للبشرية فاسداً والجو الروحي مكفهراً وجائراً يظهر الله نوراً يحدث خلخلة في الظلمات ويرجها حتى يظهر في هذه الكتلة التي لا حياة فيها خلق نظام شمسي دائم الحركة يأخذ في الإشعاع من مركزه وينتهي بأن يشمل بلاداً كثيرة والعالم بأسره.
و - موقفهم من الحقائق السمعية الأخرى:
وكيف ينتظر أن يوجد مكان للسمعيات الغيبية في عقائد مادية وثنية ملحدة، وبخاصة بعد أن رأينا ما انتهى إليه الإيمان بالله واليوم الآخر فيها . إنهم إما أن يسلطوا عليها نظرتهم المنكرة الوثنية ليطمسوا صورتها الحقيقية وإما أن يسلطوا فلسفاتهم الإلحادية لاستغلالها في معتقداتهم .
فالملائكة ليس لهم إرادة مستقلة يقول عنهم أولا (6007): إنهم قوى روحية ووسائط أو قوى خفية روحية 3973، 5535 ثم يقول : ولكنهم يؤدون وظائفهم بصورة سلبية، ولا يفهمون حقيقة الله كاملة بعكس الإنسان (تعليق 47 ترجمة يوسف علي) (وتعليق 628 الترجمة الإنجليزية القاديانية) ويضيف يوسف علي (في تعليق رقم 2679) إننا نتخيلهم مخلوقات مجيدة من النور، فجعل ذلك مجرد تخيل، ويقول عن جبريل: "إنه جوهر الإيمان والحق نفسه" (3224)، كما يقول في حق الله سبحانه: "إنه جوهر الحق نفسه" ( 2997 ) فيخلط بين الله والملك.(1/50)
وفي الترجمة الإنجليزية القاديانية تعليق 119 يقول عن روح القدس: إنه اسم آخر للملك جبريل، ويعني أيضا كلمة الله المقدسة. ويقول أيضا في (125) الملائكة حلقة هامة في السلسلة الروحية، ويقول عنهم: إنهم أمناء على نواحي العالم المختلفة (تعليق 67) وينكر حديث الله للملائكة في شأن آدم ويقول لا يؤخذ ذلك بالمعنى الحرفي (تعليق 57)، وهذا يتمشى مع عقيدة إنكار كون الملائكة ذواتا عاقلة لهم وجود حقيقي وإرادة مستقلة وهي العقيدة التي تؤدي إلى إنكار قيامهم بتبليغ الوحي، وبالتالي إلى إنكار الرسالات. ويلاحظ أيضا ما أوردته الترجمات من شناعات عن الملَكين: هاروت وماروت، مما لا يليق في حق الملائكة ويتنافى مع عصمتهم، وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون .
وتقول ترجمة يوسف علي عن القلم واللوح في تعليقه رقم 5593: إنهما رمزان للوحي وتجعل العرش مجازاً عن السلطة والقوة، والكرسي مجازاً عن جلال الملك ( 1032 ) وفي تفسير قوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } ( طه 5 ) يقول في تعليقه 2536: "يجلس على عرش الفضل والرحمة".
بخصوص القرآن والوحي : يقول في تعليقه رقم 3225 عن سير عملية الوحي: إن الرسالة الإلهية تتطبع على قلب الرسول وذاكرته ووعيه ومنه تصاغ وتعلن بكلام بشري للناس. وهذا طعن صريح في القرآن بأن نصه ليس كلام الله المعجز . وكذلك في ملحقه على سورة النور جعل النبوة قوة كشف أو انكشاف تكون للأنبياء والأولياء، وتنكشف بها حقائق وقواعد الشرع من العالم الآخر، ومعها علوم أخرى وبخاصة علم الألوهية .(1/51)
بخصوص إنكار الجن بوصفهم خلقاً خاصاً: تجمع الترجمات التي هي محور الدراسة على إنكار وجود خلق خاص اسمه الجن، وتدَّعي أنهم بشر وتختلف إطلاقاتهم بعد ذلك، فعامة يطلقون الاسم على جيل سابق من البشر كان يعيش في المغارات وكهوف الجبال قبل آدم وأحيانا يطلقونه على أهل الشر من البشر وأحيانا على الزعماء والقادة، وقد ذكر عنهم يوسف علي في تعليقه رقم 953 أنهم ليسوا سوى أرواح بشر شريرين جردت من أجسادها، ويقول عنهم في تعليقه رقم 5728 في سورة الجن استناداً إلى شيخه محمد علي اللاهوري: إنهم أناس غرباء كانوا يعيشون في جزيرة العرب، وهكذا وردت آراء عنهم متعددة في الترجمتين الأخريين، وكل هذا نشأ من عقيدة الفلاسفة الدهريين عن دورات الحياة كما سبق بيان ذلك في توضيح نظرة القاديانية إلى الآخرة والبعث .
وهم يتمادون في رمزيتهم كما يسمي يوسف علي في التعليق رقم 2252 إبليس ( الشر ) ويجعل ذلك علما عليه ويجعل الشيطان في 3878 تشخيصا لروح الشر، فكأنه مجرد معنى وليس كائنا حقيقيا .
ز – إلتزامهم بالرمز والتأويل المجازي في كل تفسيرهم وإنكارهم المعجزات:
بلغ من إسرافهم في الرمز والتأويلات الباطلة أن صدرت منهم صور مضحكة مخزية لا تلجئهم إليها ضرورة إثبات عقائدهم الضالة الملحدة كأنهم
بذلك يصرون على الاستهزاء بالقرآن واحتقار الإسلام وأهله، فمن ذلك في سورة الملك { كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير } ( 8 ) يعلل يوسف علي في تعليقه رقم 5565 تكرار السؤال مع كل فوج بأن دوريات الملائكة تتغير و { يطوف عليهم غلمان لهم } ( الطور 24 ) يقول عنهم إنهم حور من الرجال للنساء فكلمة حور تصلح جمعا لأحور ( تعليقه رقم 5058 وتعليق الترجمة الإنجليزية القاديانية رقم (2851 ). وكلمة الناس تعني الدجال في قوله تعالى: { لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس } ( غافر 57 ) ص 1016 (من الترجمة الإنجليزية القاديانية وما بعدها من التعليقات):(1/52)
قوله تعالى: { وما صلبوه } يفسرونها "وما أنزلوا به الموت على الصليب"ويثبتون له الصلب مع أن الآية تنفيه (تعليق 697) والطرف في قوله تعالى: { قبل أن يرتد إليك طرفك } (النمل 40) مبعوث سليمان إلى اليمن وقد حرف النص كذلك (تعليق 2174) و { يذبح أبناءهم } (القصص4) يسعى بقهره إلى قتل صفات الرجولة فيهم (تعليق 2196)
و { فاجعل لي صرحا } ( القصص 38 ) فابن لي مرصداً عالياً لرصد الأفلاك
( تعليق 2217 ) و { إني آنست نارا } ( النمل 7 ) النار رمز لحب الله
( تعليق 214 ) و { منطق الطير } ( النمل 16 ) الذي علمه سليمان هو استخدام الطير في حمل الرسائل (تعليق 2152) ووادي النمل واد تعيش فيه قبيلة تسمى النمل ( تعليق 2156 ) و { أيكم يأتيني بعرشها }
( النمل 38 ) المراد العرش الذي أمر سليمان بإعداده لها ( تعليق 2170 )
و { واضرب بعصاك البحر } ( الشعراء 63) العصا هي الشعب أي خذ شعبك إلى البحر ( تعليق A 2117 ) والزجاجة في آية النور هي مخ الإنسان
( 2047 ) { والطير صافات } ( النور 41 ) أشخاص من مستوى روحي رفيع ( B 2050 ) { ولسليمان الريح عاصفة } (الأنبياء 81) سفن سليمان وأسطوله في البحار (تعليق 1909) و { إذ يحكمان في الحرث } ( الأنبياء 78 ) الحرث قطر سليمان وغنم القوم القبائل المجاورة ( تعليق 1905 )
{ وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير } ( الأنبياء 79 ) الجبال كبار الرجال والطير ذوو الرتب الروحية العالية ( تعليق 1907 ).(1/53)
ويتضح في معظم هذه التأويلات السفيهة إصرارهم على إنكار معجزات داود وسليمان كما هو دأبهم في إنكار معجزات الأنبياء والدلائل، والأمثلة على ذلك كثيرة أخرى منها تعليله نجاة موسى وقومه، وغرق فرعون وآله بالجزر والمد ( تعليق 101 ص 134 ) والإسراء والمعراج بأنهما رؤيا منامية ( A1627 )، { وإذ نتقنا الجبل } ( الأعراف 171 ) أنكر رفع الطور فوقهم وقال: إنهم جلسوا في سفحه فبدا لهم كبرج فوقهم يمكن أن يقع عليهم، ( 1069 ) وناقة صالح ينكر أنها معجزة ويقول: إنها ناقة عادية يستعملها صالح في تنقلاته ( 1000 ).
وإحياء الموتى على يد عيسى ليس إعادة لهم إلى الحياة ولكنه إحياء لنفوسهم بتأثير دعوته لهم، وما يخلقه من الطين كهيئة الطير يقول عنه في (F 420): إن الإنجيل لم يذكر شيئا عن هذه المعجزة ولو حصلت لما كان هناك سبب لعدم ذكرها ويضيف عبارة يظهر فيها الإلحاد الصريح بأنها لو حصلت لكان فيها بعض السند لدعوى الألوهية التي ادعاها له أتباعه . ومجيء الرزق لمريم معجزة من السماء يكذبه ( تعليق 404 ) ويقول: إنها كانت عطايا يحضرها الزوار من العباد، وينكر أن يكون كلام عيسى في المهد معجزة ويدعي إمكان حصولها من كثيرين ( تعليق B 418 ) .(1/54)
هذا هو موقفهم من معجزات الرسل موقف المنكرين المكذبين وهذه هي حقيقتهم، فهم في كل أقوالهم يقفون في جانب عتاة الكهنة والشياطين والطغاة المستبدين ويظهر عداؤهم في كلامهم واضحا لكل أهل الحق والصدق من أنبياء وصديقين وصالحين فهم لا يختلفون عمن قال الله فيهم { ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس } ( آل عمران 21) يشهد عليهم ما تقدم كما يشهد عليهم مواقف كبيرهم مدعي النبوة من موالاة لأعداء الدين من مستعمرين وهندوس وخيانة وتآمر على المسلمين وإساءة إلى الأنبياء وإلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وإلى صحابته وإلى آل بيته ولشعائر الإسلام مما هو مبين ومفصل في مذكرة " موقف الأمة الإسلامية من القاديانية" بل إنه تجرأ على الإساءة في حق الله وتحريف القرآن الكريم (1).
وهذا موقفهم في حق مريم هو موقف من قال الله فيهم { وقولهم على مريم بهتانا عظيما } ( النساء 156 ) ( تعليق 413 ص 137 من الترجمة الإنجليزية القاديانية) ويصرون على إثبات صلب عيسى كما ذكر سابقا، وفي ذلك تكذيب للقرآن وتصديق لليهود وللمسيحيين الذين بنوا على دعواهم الكاذبة عقيدة ألوهية عيسى والتثليث وعقيدة الفداء، ولكن محمد علي اللاهوري يأتي بفرية جديدة ينكر بها معجزة ولادة عيسى بغير أب وجعله بذلك آية للناس، ويدعي أن أباه يوسف النجار وهكذا لا يقف افتراؤهم عند حد(2). وهذا موقفهم من لوط يكذبون ما ذكره القرآن عن قومه عند مجيء الملائكة إليه ويخترعون قصة يبرئونهم فيها من قصد السوء (1512) ويكذبون وينكرون جريمة قتل اليهود الأنبياء، كما جاء في القرآن ويدّعون أن كلمة قَتَلَ مستعملة في معنى يحاول أو يسعى للقتل.
__________
(1) انظر " موقف الأمة الإسلامية من القاديانية " ص 48 – 56.
(2) عيسى ومحمد ص76 لمحمد علي نقلا عن القاديانية للشيخ الخضر حسين، القاديانية نشأتها وتطورها للأستاذ حسن عيسى عبد الظاهر ص162.(1/55)
ويحكمون على الجنة التي أهبط منها آدم أنها مكان يشبه الجنة في الأرض وليس جنة النعيم بحال؛ لأنه قدر له أن يعيش على الأرض، ولأنها إذا دخلها أحد لا يمكن أن يخرج منها (تعليق 68). وهذا راجع لإنكارهم وجود جنة مادية حسية أصلاً .
... وينوه يوسف علي في مقدمة ترجمته بالمعاني الخفية والباطنة لخواص المفسرين ( في نظره ) كما يصر على الالتزام بالحكم بالرمز والتأويل المجازي في التعبير عن الأمور الروحية ( كما يسميها ) أي كل ما يتصل بالآخرة من بعث وحساب وجنة ونار، كما يعلن ارتباطه بالقاديانية أو الأحمدية ورجوعه لآراء مقررها وداعيتها الكبير محمد علي اللاهوري . وهكذا يظهر في كل تعليقاته وتعليقات الترجمة الإنجليزية القاديانية كما سبق تطبيق هذه النظرة والتزام هذا الاتجاه .
ح– التزامهم بما ورد في كتب اليهود والنصارى: التوراة والتلمود والإنجيل، لتفسير ما ورد في القرآن والحكم عليه:
يصرح يوسف علي في مقدمته أيضا بالرجوع إلى المصادر اليهودية والنصرانية فيما يختص بما يذكر في القرآن عن أساطيرهم ومعتقداتهم . وتؤكد تعليقاته وتعليقات الترجمة الأخرى الإنجليزية تمسكهم بهذا الالتزام، ففي تعليق يوسف علي رقم 70 ص 30 على ما ذكر عن اليهود قبل الآية 55 من سورة البقرة وما ذكر عنهم بعدها يقول (كنا مع وقائع وأحداث من التوراة والآن ننتقل إلى وقائع من السنن والمأثورات اليهودية (التلمود) ثم يضيف أنها مبنية على كتب اليهود المقدسة، ويؤكد عدّها مرجعا أساسيا لتفسير ما جاء في القرآن. ومن ذلك تعليق رقم 3774 عن تفسير إيذاء موسى بأنه افتراء هارون وأخته مريم عليه بسبب زواجه من امرأة حبشية أخذا من التوراة. ويتكرر منه الاستشهاد بعبارات من الإنجيل تثبت صلب عيسى وقتله كما جاء في تعليقه رقم 825 وفي تعليقه رقم 905، ويثبت عليه أنه صرخ صرخة الحشرجة والألم المذكورة في قصة الصلب في تعليقه رقم 6177 .(1/56)
ويذكر عن مرض أيوب عليه السلام أنه قروح كريهة تعافها النفس وأنه فقد تقريبا اتزانه العقلي بسببها في تعليق 4199، وينسب إلى زوجته أنها طلبت منه أن يتطاول ( والعياذ بالله ) على الله باللعن، وأنكرت عليه سكوته على حاله، وينقل ذلك من الأناجيل على أنه حقيقة مسلّمة (تعليق 4202).
وفي الترجمة الإنجليزية القاديانية نجد تعليق رقم F 420 ينكر ما ذكره القرآن عن خلق عيسى كهيئة الطير لأنه لم يذكر ذلك في الإنجيل . وفي تعليقها رقم 2217 ذكرت نقلا عنهم أن الفرس عند انتصارهم على الرومان أخذوا صليب المسيح .
والواقع أن صلتهم بكتبهم المحرفة أوثق من صلتهم بالقرآن لأنهم يعملون على تحريفه ككتبهم، وكما هو ثابت من ولائهم للمسيحية والصهيونية وعدائهم للإسلام والمسلمين .
ط – غلبة الاتجاه الماسوني والغنوصي عليهم
يتبين ذلك من جهة مما ذكر عن موقفهم من كتب اليهود والنصارى وأن صلتهم بها أوثق من صلتهم بالقرآن، وما ثبت عنهم من ولائهم للمسيحية والصهيونية وعدائهم للإسلام والمسلمين، كما أكدته مذكرة موقف الأمة الإسلامية من القاديانية(1) وما ذكر عنهم في تفسير قوله تعالى : { فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا } من جعل ذلك نبوءة بقيام دولة إسرائيل ومباركتهم وتأييدهم لها وصلتهم الخاصة بها .
فإنه يتبين من كتابات صريحة أخرى ليوسف علي في ملحقه التاريخي في الترجمة من ص 1069 إلى ص 1076 الواقع بعد سورة الروم، الذي أشاد فيه بكثير من دعوات الوثنية والإلحاد والمسيحية من كاثوليكية وبروتستانتية فيشيد بماني ويعتبر دعوته المانوية المجوسية إصلاحا دينيا ويمدح خَلْطَه النظرية المسيحية بالفلسفة والعقيدة الفارسية وهو ما يعرف بالغنوصية ويشيد بعهود الكفر والطغيان مثل عهد قسطنطين والدول الوثنية الهندوكية القديمة، ويقر الزيف الذي يدعيه النصارى من صلب عيسى الذي بنوا عليه عقيدتهم المحرفة .
__________
(1) ص 48-56 .(1/57)
ويقول في تعليقه رقم 2503 عن موسى عليه السلام: إنه كان عالما بكل حكمة المصريين القدماء وأن هذا كان سبب اختياره نبياً.
وقد أجمل اتجاهه الماسوني في عبارته ( ص 449 تعليق 1290 ) -التي يقول فيها بصيغة التعميم والتوكيد- عن الأديان المنتشرة في الأرض قديماً وحديثاً: إنها على جانب من الحق ويقصر الفرق بينها وبين الإسلام على كونه أكمل منها، وقد رأينا إعجابه فيما سبق بكل الوثنيات المصرية والهندوكية والبوذية والمانوية ( المجوسية ) وبالمسيحية بنوعيها كما أنه يشجع التقاء المختلفين في الدين على دين واحد من أجل الزواج أياً كان هذا الدين (ص 87) .
ونجد الاتجاه نفسه في الترجمتين القاديانيتين الفرنسية والإنجليزية .
ففي الأولى الفرنسية يزعم المترجم أن القرآن يؤكد سخافة الانتقادات التي توجه إلى دين آخر منافس؛ لأن عقائد المنتقد الخاصة وتعاليمه قابلة لمثل هذه الانتقادات، ويدَّعي أنه يحرم الوصم المطلق للأديان الأخرى .
وفي الترجمة الثانية الإنجليزية في تعليق 2257 على آية { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن .. } ( العنكبوت 46 ) يطالب بالتركيز في الجدل على العقائد والمبادئ المشتركة بيننا فمثلا مع أهل الكتاب نبدأ بالمبدأين الدينيين الأساسيين (وحدانية الله والوحي الإلهي) وهم بذلك يزعمون اتفاق أهل الكتاب معنا في توحيد الله والتزام الوحي السماوي. وتقول في تعليق A 2256: إن الاعتقاد في كائن أسمى هو المبدأ الرئيس لكل الأديان المنزلة. وفي ص 190 من الترجمة الفرنسية تقول: "الله ليس لشعب بخصوصه" وتذكر تحت هذا كلاما ماسونيا مموها لا تحديد ولا ضبط فيه.(1/58)
وفي الترجمة الثانية الإنجليزية عند قوله تعالى : { وهو الذي مرج البحرين } ( الفرقان 53 ) تقول في التعليق 2085 : ذكر الماءين في الآية تمثيل للدين الحق والدين الباطل، ويفيد أن الإسلام والأديان المحرفة ستظل قائمة دائما جنبا إلى جنب . وفي تعليق 136 تقول يبين الإسلام أن كل الأديان تحوي بعض الحقيقة، فالإسلام يعترف صراحة بالحقائق والفضائل التي تملكها الأديان الأخرى .
المبحث الثاني:
التحريف في الترجمات وفلسفاتهم الوثنية والإلحادية:
إنهم مع استغنائهم عن ذلك بالرمز والتأويل الباطل الذي يحدث لهم التغيير المطلوب في كتاب الله وتعاليم الدين وأحكامه دون حاجة إلى تغيير النص إلا أن ترجماتهم مع ذلك حافلة بالتحريفات التي تساير أهواءهم وعقائدهم الباطلة، وسنقتصر على أمثلة محدودة لإثبات موقفهم لعدم الحاجة إلى الإكثار من ذلك بعد ما ذكر عنهم من نقض لكل عقائد الإسلام وتعاليمه كما سنكتفي بالإشارة إلى موضع واحد من الترجمات الثلاث إلا إذا اقتضى الأمر التفصيل .
1- فمثلا : تتفق الترجمات الثلاث في قوله تعالى: { فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك } ( البقرة 260) على تحريف النص تبعا لعقيدتهم في إنكار البعث والإحياء حتى في الطير . ففي الترجمتين الفرنسية والإنجليزية: "واجعلها تتعلق بك ثم ضع كل واحدة منها على تل"، أما ترجمة عبد الله يوسف علي تبعا لمحمد علي اللاهوري وهـ.ج.سرور فتقول: "فروِّضهن على العودة إليك وضع جزءاً منهن على كل تل" مع تفسير الجزء في التعليق بأنه واحد من الطير واتفاق الجميع على عدم الذبح والتقطيع، وبالتالي تفسير الإحياء بمعنى مجازي هو الاستجابة لدعوته كما تستجيب الأرواح –على حد زعمه- عندما تدعى في يوم البعث .
2- { وما صلبوه ولكن شبه لهم } ( النساء 157 ) الترجمة الإنجليزية " وما جعلوه يموت على الصليب ولكن جعلوه يبدو كشخص مصلوب ( ميت ) "(1/59)
3- { إني متوفيك } ( آل عمران 55 ) الترجمة الإنجليزية " سأجعلك تموت موتا طبيعيا " على حد دعواهم أنه صلب ولم يمت على الصليب بل مات بعد ذلك وهذا لإنكار نزوله وادعاء ظهور مسيح غيره وهو صاحبهم .
4- { فقلنا اضربوه ببعضها } ( البقرة 73 ) الترجمة الإنجليزية " فقلنا قارنوا هذا الحادث بالحوادث الأخرى المشابهة تكتشفوا الحقيقة "، وهذا يصور مدى جرأتهم على تغيير النص في الترجمة تبعاً لعقيدتهم في إنكار الإحياء .
5- { وخاتم النبيين } ( الأحزاب 40) في الترجمات الثلاث "وختم النبيين" كما ذكر سابقا بناء على عقيدتهم القاديانية في ادعاء نبي بعده ولكن يوسف علي تبعا لمحمد علي اللاهوري مع موافقتهم في ترجمة النص وفي منكراتهم الأخرى يخالفهم وينكر مجيء نبي بعده مع إثبات حاجة البشر إلى مفكرين ومصلحين.
6- { فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما } ( الأعراف 20 ) ترجمة يوسف علي وغيرها من الترجمات الثلاث "بأن أحضر لذهنهما عارهما الذي كان خفياً عنهما" فحرف المعنى بأسلوبه الرمزي من كون هدف الوسوسة انكشاف السوءات المستورة لهما إلى كونها تعريفهما بمعنى كان غائبا عنهما وهو السوء والعار، ويسترسل يوسف علي في فلسفة باطنية فيفسر ذلك في تعليقاته في سورتي الأعراف وطه بأنه معرفة الشر وأن الشيطان جردهما من زينة البراءة والطهارة وتلوثت روحهما وظهر لها أمر الذاتية الملوث في كامل عريها ويسمي ذلك عار الوعي بالذات. ويدعو إلى اتخاذ الوسائل لاسترداد الوضع الأصلي من البراءة والطهارة التي لا يكفي فيها صدق الإخلاص بل نطلب منه إعطاءنا النور لتحقيق ذلك . وكل هذا شبيه بالكلام على خطيئة آدم وتحمل البشر لها والعقيدة المسيحية في الخلاص .(1/60)
7- { ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم } ( الأنعام 87 ) ترجمة يوسف علي حذف من الترجمة { من } التي تدل على التبعيض ولم يأت بأي بديل لها . وبذلك أثبت للجميع التفضيل على العالمين وذلك مخالف للثابت المعلوم بالضرورة من وجود بعض مؤمن وبعض كافر في الذرية، كما يدل عليه قوله تعالى { لا ينال عهدي الظالمين } ( البقرة 124 ). فهو يفتح الباب لإثبات دعوى اليهود العنصرية بأنهم شعب الله المختار .
8- { إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات } ( النور 23 ) ترجمة يوسف علي " الغافلات ( indiscreet ) الطائشات أي غير المتحفظات " مع أن معناها الغافلات عن الفواحش السليمات الصدور النقيات القلوب واستعمل هذا التحريف في اتهام السيدة عائشة رضي الله عنها أنها هي التي أوقعها طيشها وعدم تحفظها فيما وقع لها في حديث الإفك.
9- { وأنبتها نباتا حسنا } ( آل عمران 37 ) ترجمة يوسف علي زاد على النص زيادة مريبة هي في الطهر "والجمال " واستند في ذلك إلى هواه ودعواه النقل عن الأسفار المسيحية فجارى النصارى في ابتذالهم لمريم عليها السلام وتصويرها كالدمية الجميلة.
10- { لأول الحشر } ( الحشر 2 ) ترجمة يوسف علي " لأول حشد للقوات " وبهذا تعمد الإتيان بمعنى مخالف لا صلة له أصلا بالموضوع؛ ليتحاشى النص على الحشر الأول الذي يشير إلى الحشر الثاني.
11- { النار يعرضون عليها غدوا وعشيا } (غافر 46) يترجم يوسف علي وغيره ذلك بقوله: "يوضعون أمام النار– يحضرون أمامها" مع أن معنى العرض على النار إحراقهم بها وهو المعنى الذي دلت عليه كتب اللغة والتفسير(1).
12- { وأنا لمسنا السماء } ( الجن 8 ) ترجمها يوسف علي "أمعنا النظر وتفحصنا أسرار السماء" وترجمها غيره "حاولنا أو سعينا للوصول إلى السماء" وكل ذلك بسبب عدّهم الجن نوعا من البشر .
__________
(1) المعجم الوسيط – الجزء الثاني مادة (عرض)، وتفسير ابن كثير – طبعة الشعب 7/136 – وتفسير أبي السعود ج 5/10، 11.(1/61)
13- { الذي هم فيه مختلفون } ( النبأ 3 ) ترجمها يوسف علي " الذي لا يمكن أن يتفقوا عليه " لتوافق فلسفته السوفسطائية في استحالة الوصول إلى الحق والالتقاء عليه في الدنيا وهي الفلسفة التي يجعلها سندا للسكوت على دعوات الإفك والضلال والتسوية بين أهل الحق وأهل الباطل ولاتجاهه الماسوني.
14- { وأن أكثركم فاسقون } ( المائدة 59 ) ترجمها يوسف علي فأدخل عليها كلمة " ربما - يحتمل " فجعل الكلام على سبيل التشكيك لا القطع لأن الكلام عن أهل الكتاب وهو متعاطف طبعا معهم .
15- { يدنين عليهن من جلابيبهن } (الأحزاب 59) ترجمها يوسف علي "يلبسن الملابس الخارجية وهن بالخارج" أي الملابس التي توضع فوق الثياب من معطف ونحوه.
16- { ولا تقربوا الزنى } ( الإسراء 32 ) يترجمها من الترجمات الثلاث بمعنى زنى المتزوج adultery مع أن لفظ الزنى المنهي عنه في العربية والشرع عام بخلاف اللغة الإنجليزية التي تفصل بينهما، فجعل الآية نهيا عن زنى الخيانة الزوجية لا عن كل زنى. وتعليقه رقم 2215 يدل على أنه يتعمد ذلك ويقصده لتعليله النهي عنه بأنه يهدم بناء الأسرة ويضر الأولاد السابقين واللاحقين. وترجم آية { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } ( النور 2 ) كذلك مع أن عقوبة الزاني المتزوج والزانية المتزوجة الرجم بالإجماع .
17- { الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة .. } ( النور 3 ) وردت ترجمتها في الترجمات الثلاث: الزاني المتزوج لا يستطيع أن يمارس الجنس إلا مع زانية متزوجة أو مشركة والعكس، بالعكس فحرف معنى الآية تحريفا فاحشا لا يتصور أن ينطق به أحد، وكلمة "ينكح" في الآية المعنى الراجح فيها عقد النكاح لا الوطء أو ممارسة الجنس بتعبيرهم المتحلل(1) وقد فسرته ترجماتهم بذلك في آية أخرى في السورة نفسها { وأنكحوا الأيامى منكم } ( النور 32 ) ولا يفسر ذلك إلا بحرصهم على تشويه القرآن.
__________
(1) التفسير الميسر ص350 .(1/62)
18- { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا } ( الإسراء 42 ) ترجم الفقرة الأخيرة "لابتغوا سبيلا بالخضوع لرب العرش"، والخضوع لرب العرش ليس محظورا يلزم منه فساد ما ترتب عليه فهو يثبت وجود الآلهة ولا ينفيها . إنما المحظور المرتب على وجود آلهة معه هو ابتغاؤهم سبيلا إليه لمنازعته أمره ومغالبته وهو المعنى الصحيح للعبارة(1) .
19- { فما يكذبك بعد بالدين } ( التين 7 ) بعد أن يترجمها يوسف علي : "ما الذي يجعلك بعد هذا تنكر يوم القضاء الأخير" يجعل الخطاب مع ذلك فيها موجهاً إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا افتراء شنيع .
20- { فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفا } ( الإسراء 104 ) يترجم وعد الآخرة " المرة الثانية من التحذير " أي من إفساد اليهود في الأرض المذكورة في أوائل سورة الإسراء، ويضيف بصيغة التمريض أن بعض المفسرين يفهمون التحذير الثاني على أنه يوم الحساب أي وعد الآخرة، ولا يخفى ما في هذا القول من تلبيس وتدليس فالتحذير الثاني المذكور في الآية ( 7 ) لا يفهمه أحد من المفسرين على أنه يوم الحساب؛ لأن الموعود به في الآية أن يسوء الأعداء وجوههم، ولكنهم جميعا يقررون وليس بعضهم أن وعد الآخرة هنا هو اليوم الآخر .
21- { أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه } ( المجادلة 22) يترجم يوسف علي كلمة { بروح منه } بقوله: "بروح من نفسه أو من ذاته" ويسميه "الروح الإلهي" والذي يقول عنه إننا لا نوفيه حقه كما لا نوفي صفات الله أو ذاته، وبهذا يفرع من الذات الإلهية كيانا منفصلا يسميه الروح الإلهية لها نفس وضع الذات الإلهية .
22- كلمة ( العذاب ) يصرون على ترجمتها (العقاب) في جميع الآيات التي وردت فيها وفي جميع الترجمات على حسب عقيدتهم الباطنية في الآخرة.
__________
(1) المصدر السابق ص 286 .(1/63)
23- { اسجدوا لآدم } ( البقرة 34 ) في الترجمة الإنجليزية القاديانية في جميع المواضع " اخضعوا لآدم " .
24- { ويقتلون الأنبياء بغير حق } ( آل عمران 112 ) في الترجمة الإنجليزية القاديانية " ويسعون أو يحاولون قتل الأنبياء " وكل مادة قتل مع الأنبياء ونحوهم يترجمونها كذلك ويكذبون نص الآية .
25- { خالدين فيها أبدا } ( النساء 169 ) في الترجمتين القاديانيتين ترجم الخلود الأبدي في النار بالبقاء فيها مدة طويلة جدا لإنكارهم خلود النار، بل إنكار النار نفسها وعدّها فترة إصلاحية مؤقتة.
26- { كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده } ( العنكبوت 19 ) في الترجمة الإنجليزية ( ثم يكرره ) أي التكاثر بالنسل وذلك لإنكارهم إعادة البعث .
27- { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا } ( البقرة 143 ) في الترجمة الإنجليزية القاديانية "لتكونوا رقباء أو أوصياء على الشعب ويكون الرسول عليكم رقيبا أو وصيا".
وفسر هذه الترجمة في التعليق رقم 161 أن كل جيل من المسلمين يكون رقيبا مسئولا عن الجيل الذي بعده، وهكذا يكون الرسول رقيبا مسئولا عن أتباعه المباشرين، وهذا مخالف لنص الآية كما هو واضح ومخالف لمعناها كما هو موضح في كتب التفسير(1) .
28- { وما منعنا أن نرسل بالآيات .. } ( الإسراء 59 ) في الترجمة الإنجليزية القاديانية ترجمة مخالفة تماما هكذا " لم يكن شيء ليمنعنا من إرسال الآيات إلا أن الشعوب السابقة رفضتها ولكن هذا لم يمنعنا " لإنكارهم المعنى الذي جاء به القرآن .
29- { إن ربك أحاط بالناس } ( الإسراء 60 ) فيها أيضا ترجمت " إن ربك قرر دمار هذا الشعب " وهو معنى مخالف تماما .
__________
(1) التفسير الميسر ص 22 .(1/64)
وإذا استرسلنا في ذكر أمثلة التحريف في هذه الترجمات القاديانية والبهرية الوثيقة الصلة بها فلن يسعنا مئات الصفحات مع ظهور أمثلة صارخة كثيرة فيها كما قال الله في أسلافهم في الكيد والتآمر { ولا تزال تطلع على خائنة منهم } والله من ورائهم محيط.
ولهم فضلا عن كل ذلك فلسفات ضالة أخرى أهمها :
1- فلسفته الباطنية عن النور التي يزعم فيها اتحاد نور الله مع كل شيء وأن النور المادي انعكاس للنور الحقيقي وهو الله، وأن الخلق كله انعكاس للخالق وكل أشكال الحياة مشتق من حياة الله وهذه هي عقيدة وحدة الوجود الباطنية المأخوذة من الهندوكية التي تقرر أن الروح أو الذات الكونية ( أتمن ) هي التي اشتقت منها جميع النفوس، ويؤكد يوسف علي ذلك في تعليقيه رقم 4033، 4034 كما سبق وفي تعليق 3003 يجعل النور درجات ودرجات ترتفع في مناطق السمو الروحي وأعلى ذروة هي النور الأصلي وهو الله .
2- فلسفة الحلول والتناسخ التي تعد من أخص سمات الوثنية الهندوكية وغيرها، ففي تعليق رقم 3786 من ترجمة يوسف علي في الكلام على أحوال الوجود والكيانات الأخرى التي تعقب دفن الجزء الحيواني من الإنسان يقول بأنه لا يزال أمامه مراحل وأطوار وأشكال لا تحصى لحياته الباطنية وحياته الروحية تتقلب به من حياة إلى موت ثم حياة روحية مستمرة.
3- فلسفة إلحادية يسميها يوسف علي الفلسفة المزدوجة لملابس الروح وملابس الجسد ينتهي فيها إلى إلغاء الفواصل بين الخير والشر والطهر والفحش ويرجع الأمر إلى الصفات والدوافع الشخصية فلا يضر فساد ظواهرهم بدعوى سلامة بواطنهم ( تعليق 1008 ) " الملابس والزينة ( أي الجسد ومظهره ) تكون طيبة أو دنسة تبعا للدوافع التي توجد في فكر الإنسان وطباعه الشخصية فإذا كانت طيبة كانت الملابس والزينة – أي الجسد – مثال النقاء والطهر والجمال ".(1/65)
4- فلسفة تحللية يروج بها للإسراف في متع الدنيا وشهواتها ( تعليق 1014 ) يقول عن الزهد أو التقشف: إنه أمر مناف قطعا للفن والجمال، وليس له أية حرمة أو اعتبار شرعي .
5- فلسفة ملحدة مضلة تكشف عن اتجاهه الماسوني ذكرها في قصة أصحاب الكهف وجعلها المغزى الحقيقي لقصتهم وكررها في مواضع كثيرة، يتكلم فيها على استحالة الالتقاء على حكم واحد مهما بلغت التحريات وصدقت النيات وأنه لا جدوى من أي جدال ونقاش، ويرتب على ذلك وجوب السكوت وترك كل ورأيه والانصراف إلى مشاغل الحياة اليومية وأن كل أحكام البشر لا تسلم من الخطأ ولن يتضح الحق إلا في الآخرة بحكم الله وحده وأنه ليس لنا أن نحكم على الآخرين (أي الأعداء).
6- فلسفته التي يجاري بها أهل الكتاب، وتعد أساس فلسفتهم وعقيدتهم الضالة عن الخلاص والفداء وينكرون على أساسها عصمة الأنبياء والرسل وينسبون إليهم أشنع الخطايا والموبقات كما يفترون على الصديقين والصالحين .
وقد وقعت الترجمتان القاديانيتان- الإنجليزية والفرنسية -وترجمة يوسف علي في كل ذلك وجمعت تُهَماً مخلة ألصقتها بالأنبياء والرسل والصديقين والصالحين، حتى زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين لم يسلمن من بهته .
خاتمة
التوصيات والمقترحات بشأن مواجهة ما في ترجمات المستشرقين والفرق الضالة الباطنية .
أولا : فيما يتعلق بترجمات المستشرقين
1- متابعة ما يصدر من ترجمات البارزين منهم والتي لها صفة الذيوع والانتشار في اللغات الحية العالمية .
2- دراسة هذه الترجمات دراسة واعية شاملة وعرض أمثلة كافية من تحريفاتها تفضح الاتجاهات المسيطرة عليها.
3- عرض النتائج الهامة المستخلصة من هذه الدراسة وتوعية المسلمين عامة بما تضمنته الترجمات من إفك وتحريف وافتراء على الإسلام والمسلمين ونشر ذلك باللغة العربية واللغات الأجنبية الحية .(1/66)
4- توعية المسلمين بطبيعة عمل المستشرقين والقوى الاستعمارية والإلحادية التي تحركهم وآخر ما وصلت إليه المؤتمرات المضللة من ترويج لدعوات التحلل والفساد .
5- التصدي لدعواتهم بصورة جدية حازمة وخاصة في النواحي التي يركزون على إبعاد المسلمين فيها وتضليلهم عن تعاليم دينهم وجرهم إلى أوضاعهم الخاسرة .
6- مقابلة تهجمهم على عقائد الإسلام وتعاليمه بالمثل بإظهار ما في كتبهم من تحريف وما في تعاليمهم من زيف وخسر مما اشتهر حتى على لسان أهلها.
7- تضمين مناهج الدراسة ما يوضح اشتمال تعاليم الإسلام على اليسر والسماحة والصدق والسمو والفضل وإبطال ما يثار في حقها من شبه ومطاعن مع مراعاة مستوى كل مرحلة .
8- توجيه النشء والشباب وعامة المسلمين إلى الإقبال على تلاوة القرآن وتدبره والعمل به، وعدم التفريط في شيء من تعاليمه وأحكامه .
9- الإكثار من المحاضرات والدروس والمقالات وعقد الندوات والمؤتمرات لتبصير المسلمين بهذه الموضوعات وتحذيرهم من الدعوات والفرق المضلة .
10- التيقظ لما ينشر من أفكار المستشرقين ودعاويهم الباطلة بأقلام المسلمين المتأثرين بهم والممالئين لهم وفضح مصادر هذه الكتابات ودوافعها .
ثانيا : فيما يتعلق بترجمات الباطنية القاديانية وغيرها
1- هذه الترجمات التي بلغت الذروة في الإفك والإلحاد أحق وأولى بتنفيذ كافة التوصيات والمقترحات السابقة بخصوصها .
2- ونظرا لما تحاط به هذه الدعوات الباطنية من خفاء وتعتيم،وغفلة كثير من المسلمين عن مخازيها وعدم تنبههم لخطرها،فإنه ينبغي كشف حقيقتهم لعامة المسلمين وإصدار كتيبات بلغات مختلفة تعرض ضلالات عقائدهم الوثنية الملحدة، ومدى مناقضتها لدعوة الإسلام وارتباطها بقوى الاستعمار وكهانات أهل الكتاب والوثنيين .
3- مواجهتهم في ميادين الدعوة التي يتسللون إليها في بلاد الغرب وإفريقية وفضح عدم انتمائهم إلى الإسلام وإنكارهم لتعاليمه .(1/67)
4- مواجهة توسعهم في نشر دعوتهم الضالة بمختلف اللغات بنشر مماثل أو كاف لتحذير المسلمين من ضلالاتهم .
5- التوسع في نشر دراسة وافية وموجزة عن موضوع ادعاء بعض الفرق المنحرفة لرؤسائهم صفة قداسة خاصة تحت عناوين مختلفة تخول لهم أمرا في الدين وعصمة فيما ينسبونه إليه زوراً من دعاوى وأحكام، وتعطيهم سلطة كهنوتية على أتباعهم تشبه ما في الديانات الوثنية والكتابية، فيحلون ويحرمون ويغفرون ويوبقون .
6- الحذر من كل مضل يحاول الاندساس بين صفوف المسلمين من أعدائهم الحاقدين المتآمرين .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
مراجع البحث
1- الاستشراق والمستشرقون – د. مصطفى السباعي .
2- اختلافات … وتطورات هامة في المسيحية – اللواء أحمد عبد الوهاب.
3- بعض كتب التفسير مثل ابن كثير والقرطبي والنسفي وأبي السعود والتفسير الميسر .
4- بعض مراجع السنة المعتمدة .
5- ترجمة فرنسية بقلم م. سافاري باريس سنة 1782 .
6- ترجمة فرنسية بقلم ريجي بلاشير الأستاذ بالسوربون – باريس سنة 1956.
7- ترجمة فرنسية قاديانية مع النص القرآني وفي صدرها مقدمة لدراسة القرآن وحياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عمل ميرزا بشير الدين الخليفة الثاني للحركة –صادرة من مسجد لندن سنة 1985.
8- ترجمة إنجليزية قاديانية مع النص القرآني والتعليقات – نشر غلام مالك فريد – صادرة من مسجد لندن سنة 1981 .
9- ترجمة إنجليزية بهرية ضالعة مع القاديانية لعبد الله يوسف علي البهري - طبع دار الفكر ببيروت.
10- ترجمة ريجي بلاشير – د. هداية مشهور – حديث مع مجلة زهرة الخليج العدد 737 بتاريخ 16/11/1413 ص 92-94 .
11- ترجمة القرآن الكريم بين واقعنا المعاش ومستقبلنا المنشود – د. عبد العزيز عثمان – مجلة كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية – العدد الأول.
12- دراسة عن الفرق – للدكتور أحمد جلي ص 236 إصدار مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.(1/68)
13- فضائح الباطنية – للشيخ أبي حامد الغزالي .
14- محمد - صلى الله عليه وسلم - في التوراة والإنجيل والقرآن – للأستاذ إبراهيم خليل أحمد .
15- القرآن والتوراة والإنجيل والعلم – موريس بوكاي .
16- كتيب يجمع ثلاث رسائل القاديانية للأساتذة أبي الحسن الندوي وأبي الأعلى المودودي ومحمد الخضر حسين تقديم الشيخ حسنين محمد مخلوف – نشر رابطة العالم الإسلامي سنة 1972 .
17- القاديانية نشأتها وتطورها – حسن عيسى عبد الظاهر .
18- القاديانية – للشيخ محمد الخضر حسين .
19- موقف الأمة الإسلامية من القاديانية – مذكرة أعدها نخبة من علماء الباكستان – طبعة الأزهر سنة 1976 .
20- المستشرقون ودعوى بشرية القرآن – د. محمد إبراهيم الفيومي – المجلة السنوية لكلية الدراسات الإسلامية عام … ص 9-22 .
21- متعصبون ومنصفون – د. محمد إبراهيم الجيوشي الأستاذ بجامعة الأزهر – كلمة بالأهرام 19/6/2000 .
22- المستشرقون وترجمة القرآن الكريم – د. محمد صالح البنداق .
23- محاضرات في مقارنات الأديان – القسم الثاني – للأستاذ محمد أبو زهرة.
24- نظرة عابرة فيمن ينكر نزول عيسى قبل الآخرة – الأستاذ محمد زاهد الكوثري .
فهرس الموضوعات
مقدمة ... 1
خطة البحث: ... 5
الفصل الأول: معاني القرآن في ترجمات المستشرقين ... 6
1- موقف المستشرقين من ترجمة معاني القرآن الكريم : ... 6
2- دراسة ترجمة سافاري الفرنسية : ... 8
3- ترجمة ريجي بلاشير الفرنسية ... 21
الفصل الثاني: معاني القرآن عند الفرق الباطنية ممثلة في الترجمات القاديانية وترجمة البهرة الإسماعيلية الضالعة معها ... 38
المبحث الأول : عرض مفصل لعقائد وفلسفات القاديانية : ... 40
أ- عقيدتهم في الله ... 40
ب – عقيدتهم المادية في الروح الإنسانية ... 43
جـ – نظرتهم إلى الحياة الآخرة والبعث ... 44
د – تصورات الباطنية من قاديانية وبهرة لعالم الآخرة والجنة والنار ... 51(1/69)
هـ- فضح عقيدتهم النهائية في الآخرة كما يتضح من النقول الصريحة عنهم ... 56
و - موقفهم من الحقائق السمعية الأخرى: ... 57
ز – إلتزامهم بالرمز والتأويل المجازي في كل تفسيرهم وإنكارهم المعجزات: ... 60
ح– التزامهم بما ورد في كتب اليهود والنصارى: التوراة والتلمود والإنجيل، لتفسير ما ورد في القرآن والحكم عليه: ... 64
ط – غلبة الاتجاه الماسوني والغنوصي عليهم ... 65
المبحث الثاني: التحريف في الترجمات وفلسفاتهم الوثنية والإلحادية: ... 68
خاتمة ... 77
مراجع البحث ... 80
فهرس الموضوعات ... 82(1/70)