|
المؤلف: أبوالقاسم عبد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى بن الحارث السعدي المعروف بابن أبي العوام (335 هـ)
المحقق: لطيف الرحمن البهرائجي القاسمي
الناشر: المكتبة الإمدادية - مكة المكرمة
الطبعة: الأولى 1431 هـ - 2010 م
عدد الأجزاء: 1
ملاحظات: [موافق للمطبوع - مقابل على المطبوع- إمكانية الانتقال للصفحة ورقم الحديث]
مصدر الكتاب: [مكتبة يا باغي الخير أقبل - ملتقى أهل الحديث]
فضائل أبي حنيفة وأخباره ومناقبه
ويشتمل على أحد مسانيد الإمام أبي حنيفة الهامة برواية المؤلف
تأليف
أبي القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى بن الحارث السعدي
المعروف بابن أبي العوام
المتوفى (335 هـ)
اعتناء
فضيلة العلامة المحدث المحقق الشيخ لطيف الرحمن البهرائجي القاسمي
المكتبة الإمدادية
مكة المكرمة
الطبعة الأولى
1431 هـ - 2010 م
(/)
#35#
بسم الله الرحمن الرحيم وبه أستعين
أخبرنا الشيخان العادلان القاضيان أبو عبد الله محمد، وأبو الفضل أحمد ابنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور بن محمد بن الفضل بن منصور بن #36# أحمد بن يونس بن عبد الرحمن بن الليث بن عبد الرحمن بن المغيث بن عبد الرحمن بن العلاء بن الحضرمي، عامل رسول الله صلى الله عليه وسلم على البحرين قراءة عليهما وأنا أسمع في صفر سنة سبع وسبعين وخمس مائة قالا: أخبرنا الشيخ الأجل أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي فيما أجاز لنا قال: أنبأ القاضي أبو عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي بمصر قال: أنبأ القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن يحيى بن الحارث السعدي المعروف بابن أبي العوام قال: حدثني #37# أبي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد قال: حدثني أبي أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد بجميع هذا الكتاب قال:
(1/35)
#38#
مولد أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله
1 - حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين البغدادي قال: ثنا إسحاق ابن أبي إسرائيل قال: قال فضل بن دكين أبو نعيم: حدثناه عن أبي حنيفة: أنه ولد سنة ثمانين ومات سنة خمسين ومائة، وكان له سبعون سنة.
(1/38)
2 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أبو بشر محمد بن أحمد ابن حماد بن سعد الأنصاري المعروف بالدولابي قال: سمعت أحمد بن محمد بن عيسى البرتي القاضي يقول: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ولد أبو حنيفة النعمان بن ثابت سنة ثمانين ومات سنة خمسين ومائة، عاش سبعين سنة.
(1/38)
#39#
3 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يقول: سمعت إبراهيم بن هاشم: يحكي عن محمد بن عمر الواقدي قال: مات أبو حنيفة وهو ابن سبعين سنة في شعبان، سنة خمسين ومائة في خلافة أبي جعفر المنصور.
(1/39)
معرفة أبي حنيفة رحمه الله
4 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يقول: أبو حنيفة النعمان بن ثابت #40# مولى لبني تيم الله بن ثعلبة بن بكر بن وائل.
(1/39)
5 - حدثني أبي، قال: حدثني أبي قال: وسمعت أبا جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة بن سلمة الأزدي يقول: سمعت أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي يقول: سألت ابن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة فقلت: لمن ولاؤكم؟ فقال: سبي ثابت أبو أبي حنيفة من كابل شاه، فاشترته امرأة من بني تيم الله بن #41# ثعلبة، فمنت عليه بالعتاق فولاؤنا لها.
(1/40)
6 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يحكي عن إبراهيم الحزامي، عن أبي عبد الرحمن المقرئ قال: قال لي أبو حنيفة: ممن أنت؟ قلت: من أهل دَوْرَق، قال: فما يمنعك أن تعتزي إلى بعض أحياء العرب؟ فهكذا كنت أنا حتى اعتزيت إلى هذا الحي من بكر بن وائل فوجدتهم حي صدقٍ.
(1/41)
7 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت علي بن صالح يقول: #42# سمعت القاسم بن معن قال: قال لي سفيان الثوري غير مرة يعاتبني في إتياني أبا حنيفة، فلقيته يوماً فوقفته فقلت له: ما تنقم على أبي حنيفة؟ فسكت لا يدري ما يقول، ثم قال لي: رجل مثلك من ولد عبد الله بن مسعود يختلف إلى رجل من الموالي.
(1/41)
#43#
8 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني الحسن بن إسماعيل بن مجالد قال: ثنا بشر بن الوليد قال: سمعت صالح بن الحسن العابد يقول: حسدت العرب أبا حنيفة لأنه لم يكن منهم، وحسدته الموالي إذ لم يكن منهم، فقيل له: يا أبا الفضل فممن كان؟ #44# قال: أسمعه رجل يوماً فقال له: من أنت من ولدك؟ فقال: أنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن منّ الله عز وجل عليّ وعلى أحد أبويّ بالإسلام أنت في حل.
(1/43)
#45#
صفة أبي حنيفة وصفة لباسه
9 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أحمد بن محمد بن عيسى البرتي القاضي يقول: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: كان أبو حنيفة حسن الوجه حسن اللحية حسن الثياب.
(1/45)
10 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت محمد بن العباس اللؤلؤي يقول: حدثنا العباس بن طالب قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: قدمت الكوفة فرأيت أبا حنيفة عليه طويلة سوداء.
(1/45)
11 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن #46# سلامة قال: ثنا علي بن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: سمعت أبي يقول: بعثني عمي حمزة بن المغيرة في حاجة نحو المسجد الأعظم بالكوفة، فرأيت شيخاً في المسجد يُفتي الناس عليه قلنسوة سوداء طويلة، فقلت: من هذا؟ فقالوا: أبو حنيفة.
(1/45)
12 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو أحمد إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: ثنا القاسم بن غسان القاضي قال: ثنا أبي قال: أخبرني جدي أبو غسان أيوب بن يونس قال: سمعت النضر بن محمد يقول: كان أبو حنيفة جميل الوجه سري الثوب عطراً، ولقد أتيته يوماً في حاجة أعجلته فيها بغلس، فصليت معه الصبح، وأهل الكوفة يغلسون بها، وعليّ كساء قومسي اشتريته من قومس، وتتوقت فيه، فأمر بإسراج بغلته، فلما قضى الصلاة قدم إليه البغل فقال لي: يا نضر أعطني كساءك هذا لأركب في حاجتك، وخذ كسائي إلى أن أرجع، ففعلت، فلما رجع قال لي: يا نضر! لقد أخجلتني بكسائك هذا اليوم، فقلت: وما أنكرت منه -رحمك الله-؟ قال: هو غليظ، قال النضر: ورصدته بعد هذا وقد ركب، فرأيت عليه كساء قومسياً قومته بثلاثين ديناراً، وكنت اشتريت كسائي بخمسة دنانير وأنا به معجب.
(1/46)
#47#
صفة أخلاق أبي حنيفة وإكرامه لمجالسيه
13 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا الحسن بن إسماعيل بن مجالد قال: سمعت أبي يقول: كنت عند أمير المؤمنين هارون الرشيد، إذ دخل عليه أبو يوسف، فقال له هارون: يا أبا يوسف! صف لنا أخلاق أبي حنيفة، فقال: يا أمير المؤمنين، قال الله عز وجل: {ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ} وهو عند لسان كل قائل، كان والله أبو حنيفة علمي فيه شديد الذبّ عن حرام الله عز وجل أن يوقع فيه، مجانباً لأهل الدنيا في دنياهم، طويل الصمت، دائم الفكر، لم يكن مهذاراً ولا ثرثاراً، إن سئل عن مسألة كان عنده منها علم أجاب فيها على ما سمع، أو ما يتبينه قياساً في نحو معناها قال به، ما علمته يا أمير المؤمنين إلا صائناً لنفسه ودينه، مشتغلاً بنفسه عن الناس، لا يذكر أحداً إلا بخير. فقال هارون الرشيد: هذه أخلاق الصالحين.
(1/47)
14 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: ثنا القاسم بن غسان قال: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل يقول: ذكر قوم يوماً أبا حنيفة بين يدي سفيان بن عيينة، فتنقصه #48# بعضهم، فقال سفيان: مَهْ، كان أبو حنيفة أكثر الناس صلاة، وأعظمهم أمانة، وأحسنهم مروءةً.
(1/47)
15 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني سليمان بن أبي شيخ قال: حدثني حجر بن عبد الجبار الحضرمي قال: ما رأى الناس أحداً أكرم مجالسةً من أبي حنيفة، ولا أشد إكراماً لأصحابه منه.
(1/48)
16 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: حدثنا يعقوب بن شيبة قال: حدثني سليم بن منصور قال: حدثني حجر بن عبد الجبار مثله.
(1/48)
17 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: حدثني إبراهيم بن نوح الموصلي، حدثنا الهيثم بن جميل قال: سمعت شريك بن عبد الله النخعي يقول: كان أبو حنيفة طويل الصمت، دائم الفكر، كبير العقل، قليل محادثة الناس.
(1/48)
18 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد #49# قال: حدثني محمد بن حماد قال: سمعت الحسن بن إسماعيل بن مجالد يقول: سمعت وكيعاً يقول: قال الحسن بن صالح بن حيي: كان أبو حنيفة شديد الخوف لله عز وجل، هائباً للحرام أن يستحل.
(1/48)
19 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: ثنا القاسم بن غسان قال: أخبرني أبي قال: أنبأ بشر بن يحيى قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: ما رأيت رجلاً عالماً ولا غير عالم أوقر في مجلسه ولا أحسن سمتاً وحلماً من أبي حنيفة، ولقد كنا عنده يوماً في المسجد الجامع، فما شعرنا إذ وقعت حية من السقف في حجره، فما زاد على أن نفض حجره فألقاها، وما منا أحد إلا هرب، قيل له: فأنت يا أبا عبد الرحمن؟ قال: كنت أشدهم هرباً، ثم أقبل يصف أبا حنيفة ويصف أخلاقه، ويعجبنا منها، انتهى. وفي غير هذه الرواية: فقلت له: يا أبا حنيفة أما خفت منها؟ قال: ما كنت أخاف شيئاً غير الله عز وجل.
(1/49)
20 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: ثنا المثنى بن رجاء قال: جعل أبو حنيفة على نفسه إن حلف بالله عز وجل #50# صادقاً في عرض حديثه: تصدق بدرهم، فحلف، فجعل على نفسه إن حلف بالله صادقاً في عرض حديثه، تصدق بربع دينار، فحلف، فجعل على نفسه إن حلف بالله في عرض حديثه: تصدق بنصف دينارٍ، فحلف، فجعل على نفسه إن حلف: تصدق بدينار، فكان إذا حلف بالله عز وجل صادقاً في عرض حديثه: تصدق بدينارٍ، قال: وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدق بمثلها، وكان إذا اكتسى ثوباً جديداً، كسى بقدر ثمنه الشيوخ من أهل العلم، وكان إذا وضع الطعام بين يديه، أخذ من عنده فوضعه على الخبز نحواً مما يأكل، فأطعمه الفقراء.
(1/49)
21 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: حدثني القاسم بن غسان قاضي الكوفة قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا الحسن -يعني ابن زياد اللؤلؤي- قال: حكي لي عن خارجة بن مصعب قال: خرجت إلى الحج، وخلفت جارية لي عند أبي حنيفة، فمكثت بمكة وبناحية اليمن وبناحية مصر أربعة أشهر، ثم رجعت إلى الكوفة، فقلت لأبي حنيفة: كيف وجدت الجارية في خدمتها؟ قال: سبحان الله! أو توهمت أني أستحل خدمتها؟ والله ما رأيتها ولا أخذتها عيني منذ خرجت إلى أن رجعت، قال خارجة: واستخبرت الجارية عنه وعن أخلاقه في منزله؟ فقالت: والله ما رأيت في الدنيا ولا سمعت بمثله، والله لقد رصدته فما اطلعت على أنه اغتسل من جنابة طول ما كنت في منزله، ولقد قالت لي حرته: إنه لا يستحل #51# أن يقرب النساء من أجلك، خشية أن تحنين إلى مثل ذلك من الرجال.
(1/50)
22 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: حدثني إبراهيم بن نوح قال: سمعت الهيثم بن جميل يقول: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: نعمان بن ثابت أبو حنيفة لقي من الناس عتباً لقلة مخالطته الناس، فكانوا يرونه من زهو فيه، وإنما كان ذلك منه غريزة فيه.
(1/51)
23 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: حدثني الحسين بن إبراهيم قال: سمعت ابن فضيل يقول: كان أبو حنيفة معروفاً بالفضل، وقلة الكلام.
(1/51)
24 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا جبارة بن المغلس قال: سمعت قيس بن الربيع يقول: كان أبو حنيفة ورعاً تقياً، وكان مفضلاً على إخوانه.
(1/51)
25 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #52# قال حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: ثنا الحسن بن إسماعيل بن مجالد قال: سمعت حجاج بن محمد يقول: سمعت ابن جريج يقول: بلغني عن كوفيكم النعمان بن ثابت، أنه خائف لله عز وجل.
(1/51)
26 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أتينا سعيد بن أبي عروبة فقال: إنه قد أتتنا هدايا من أبي حنيفة، ومن قوم كانوا يهدون إلينا من الكوفة، فلو أصبتم منها.
(1/52)
27 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا محمد بن سليمان بن حبيب قال: سمعت محمد بن جابر يقول: كان أبو حنيفة قليل الكلام إلا عما يُسأل عنه، قليل الضحك، كثير الفكر، دائم القطوب كأنه حديث عهد بمصيبة.
(1/52)
28 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع قال: سمعت يزيد بن كميت يقول: كان أبو حنيفة يتفقد أحوال إخوانه في منازلهم، فكان يقرض الرجل الخمسين الدينار أو الأكثر والأقل على قدر مئونته، وهو لا يعلم فيشتري له بها الخز الخام، ويقصره ويجعلها كالبضاعة #53# فيدبرها، ثم يشتري له الكسوة ولعياله، ثم يقول له: أي أخي هذا ربحك فاحمد الله، إني لم أعطك من مالي شيئاً، وإنما هو رزق مولاك على يدي فاحمده.
(1/52)
29 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو خازم القاضي قال: سمعت زيد بن أخزم يقول: سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول: كنا عند أبي حنيفة، فقال له رجل: إني وضعت كتاباً على خطك إلى فلان، فوهب لي أربعة آلاف درهم، فقال أبو حنيفة: إن كنتم تنتفعون بهذا فافعلوه.
(1/53)
رؤيا أبي حنيفة التي رآها
30 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: عن أبي يوسف قال: رأى أبو حنيفة في النوم: كأنه ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأخذ عظامه فجعل يجمعها ويؤلفها، قال: فهالته تلك الرؤيا، قال: فخرج صديق له إلى البصرة فقال له أبو حنيفة: إني رأيت رؤيا فأحب إذا قدمت البصرة، أن تلقى محمد بن سيرين فتسأله عنها، وتستر من صاحبها، فقدم الرجل البصرة فلقي ابن سيرين فسأله عن الرؤيا، فقال له ابن سيرين: صاحب هذه الرؤيا ببلدنا؟ فلا أدري ما ذكر، ثم قال له: هذا رجل يجمع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويحييها.
(1/53)
#54#
31 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أبو بكر شعيب بن أيوب القاضي قال: ثنا أبو يحيى الحماني قال: سمعت أبا حنيفة يقول: رأيت فيما يرى النائم، كأني نبشت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت لمن سأل ابن سيرين، فقال: هذا رجل ينبش علم النبوة.
(1/54)
32 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني محمد بن إسماعيل أبو جعفر قال: ثنا علي بن عاصم قال: سمعت أبا حنيفة يقول: رأيت فيما يرى النائم، كأني نبشت قبر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فداخلني من ذلك جزع شديد، وخفت أن تكون ردة عن الإسلام، فجهزت رجلاً إلى البصرة إلى ابن سيرين يقص عليه الرؤيا، فقال: إن صدقت رؤيا هذا الرجل فإنه يرث علم نبيّ.
(1/54)
في ورع أبي حنيفة وشهادة العلماء بذلك له
33 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: حدثني القاسم بن غسان القاضي قال: حدثني أبي قال: #55# ثنا بشر بن يحيى قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: دخلت الكوفة فسألت عن أورع أهلها فقالوا: أبو حنيفة.
(1/54)
34 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا جبارة بن المغلس قال: سمعت قيس بن الربيع يقول: كان أبو حنيفة ورعاً تقياً.
(1/55)
35 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: كان النضر ابن محمد من أغير الناس، فقال: لو أصبت رجلاً صالحاً، كنت لا أغار على جاريتي، فقلت له: من ذلك الرجل؟ قال: أبو حنيفة، قال ابن أبي رزمة: وأخبرني أبي عن النضر بن محمد قال: كان أبو حنيفة رجلاً ورعاً.
(1/55)
36 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: حدثني القاسم بن غسان قال: حدثني أبي قال: ثنا بشر بن يحيى قال: ثنا النضر بن محمد قال: ما رأيت رجلاً أورع من أبي حنيفة، وكان إذا حدث عنه يقول: حدثني الورع العفيف.
(1/55)
37 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: حدثنا محمد بن مليح قال: ثنا يزيد بن كميت #56# قال: أودع دهّان أبا حنيفة مائة ألف درهم وسبعين ألفاً، ومات عن غير وصية، ولا أعلم بها أحداً من أهله، وترك صبية صغاراً، فلما كبروا وأونس منهم الرشد: دفع إليهم المال ولم يشهد عليهم، وقال: لا أحب أن يعلم بها أحدٌ.
(1/55)
38 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: ثنا القاسم بن غسان قال: سمعت إبراهيم بن عبد الله الهروي يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: أدركت ألف رجل من الفقهاء وكتبت عن أكثرهم، ما رأيت فيهم أفقه ولا أورع ولا أحلم من خمسة: أولهم أبو حنيفة.
(1/56)
39 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني مضر بن محمد بن مضر قال: ثنا عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: وذكر أبا حنيفة فقال: كان والله عظيم الأمانة.
(1/56)
40 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني حيان بن بشر قال: ثنا جرير بن عبد الحميد قال: شهدت الجمعة مع ابن هبيرة فأخّر الصلاة إلى قرب العصر، فرأيت الناس يخرجون ورأيت أبا حنيفة خرج .. ..
(1/56)
#57#
ذكر زهد أبي حنيفة رحمه الله وعبادته
41 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا أبو عمرو حريث بن أبي ورقاء قال: سمعت علي بن إسحاق السمرقندي يقول: سمعت أبا يوسف يقول: كان أبو حنيفة رحمه الله يختم القرآن في كل ليلة في ركعة. قال لي أبو عبد الله: ثم قدمت سمرقند فسألت يوسف بن علي مستملي على بن إسحاق عن هذه الحكاية؟ فحدثني بها عن علي بن إسحاق، عن أبي يوسف، عن أبي حنيفة، وزاد: ويخفي كلمة: ويكون ذلك وتره.
(1/57)
42 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني أبو بكر بن حميد قال: ثنا حيان بن بشر قال: ثنا حكام بن سلم الرازي، عن أبي سنان قال: كنا نختلف إلى عمرو بن مرة، فكان أبو حنيفة يصلي العشاء والفجر بطهور واحد.
(1/57)
43 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن #58# سهل الترمذي قال: ثنا القاسم بن غسان القاضي قال: ثنا أبي قال: ثنا يحيى ابن عبد الحميد قال: سمعت أبي يقول وقد ذكر عنده أبو حنيفة يوماً بسوءٍ فقال: ما أدري ما يقول هؤلاء، صحبت أبا حنيفة ستة أشهر، فما رأيته صلى صلاة الغداة إلا بوضوء عشاء الآخرة، وكان يختم القرآن في كل ليلة عند السحر، قال: وحدثنا أبي قال: بلغني أنه كان ينام في كل ليلة صدر الليل، حتى مرّ يوماً بقومٍ فسمع أحدهم يقول: ترون هذا لا ينام الليل كله، فقال أبو حنيفة: يا نفس توصَفين بما ليس فيكِ؟ فما رُئي بعدها نائماً بالليل حتى فارق الدنيا.
(1/57)
44 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: أخبرني أبي قال: أخبرني المتوكل من أهل الكوفة قال: جاورت أبا حنيفة أربع سنين، فكان إذا صلى العشاء رجع يحدث أصحابه ساعة، ثم ينام فما هو إلا قدر ما اضطجع، فانتبه فإذا أنا بقراءة أبي حنيفة حتى الصباح.
(1/58)
45 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: ثنا إبراهيم بن سعيد قال: ثنا المثنى بن رجاء، عن أم حميد حاضنة ولد أبي حنيفة قالت: قالت لي أم ولد أبي حنيفة: ما توسد أبو حنيفة فراشاً بليل مذ عرفته، وإنما كان نومه بين الظهر والعصر في الصيف، وبالليل في مسجده أول الليل في الشتاء.
(1/58)
#59#
46 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة يقول: سمعت أبا عبد الرحمن العمري من ولد عمرو بن العاص يقول: سمعت أبا عبد الرحمن المقرئ يقول وذكر رجل عنده أبا حنيفة فقال: هل رأيته؟ قال: لا، قال: أما والله لو رأيته يصلي علمت أن الصلاة من همه.
(1/59)
47 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن حماد قال: ثنا محمد بن مليح بن وكيع بن الجراح قال: سمعت أبا نعيم ضرار بن صرد يقول: سمعت يزيد بن كميت يقول: كان أبو حنيفة شديد الخوف لله عز وجل، وكان جارنا، ومصلانا في مسجد واحد، قال يزيد بن كميت: فقال لي علي بن الحسن المؤذن وكان صالحاً فاضلاً-: قرأ بنا الإمام ليلة في عشاء الآخرة {إذا زلزلت الأرض زلزالها} فلما قضينا الصلاة وخرج الناس بصرت بأبي حنيفة وهو جالس فقلت: ألا تقوم؟ فقال: لا تشتغل فيّ وامض لشأنك، فقمت فخرجت وتركت القنديل يَقِد، وقمت خارج المسجد أنظر من الشرجب، فإذا هو قد قام وأخذ بلحيته وهو يقول: ((يا من يجزى بمثقال ذرة خيرٍ خيراً ويا من يجزى بمثقال ذرة شرٍ شراً، تغمد النعمان بعفوك واجعل زلَلَه في سعة رحمتك يا أرحم الراحمين «، قال: فلم يزل يرددها حتى ملَلْت فمضيت، ثم جئت المسجد في الفجر، فإذا هو قائم على تلك الحال، فلما رآني قعد وهو يبكي، فقلت: ألا تتهيأ للصلاة؟ قال: امض #60# لشأنك، فأراه لم ينم ليلته.
(1/59)
48 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا جبارة بن المغلس قال: سمعت حسين بن علي الجعفي وسأله رجل: أكان أبو حنيفة يؤمن بالبعث؟ فقال حسين: أخبرني من شهده في مسجد حيه وهو يردد هذه الآية: {فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} وهو يبكي ويقول: ((اللهم منّ علينا، وقنا عذاب الجحيم، اللهم منّ علينا، وقنا عذاب السموم يا رحيم)).
(1/60)
49 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا الحسين بن علي الجعفي قال: سمعت أبا داود الحفري يقول: لو قيل لأبي حنيفة: إنك تموت إلى خمسة أيام لم يكن عنده ما يزيد في عمله، وما سمعت سفيان الثوري ذكره إلا ترحّم عليه.
(1/60)
50 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: حدثني عبد الله بن الحسن بن المبارك قال: ثنا أبو يحيى الحماني قال: ثنا سلم بن سالم الخراساني عن #61# أبي الجويرية قال: صحبت حماد بن أبي سليمان وعلقمة بن مرثد ومحارب بن دثار وعون بن عبد الله بن عتبة، وصحبت أبا حنيفة ستة أشهر، فما رأيته ليلة واحدة وضع جنبه.
(1/60)
51 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع، عن الحسن بن زياد، عن أبي حنيفة قال: ربما قرأت في ركعتي الفجر حزبي من القرآن.
(1/61)
52 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين البغدادي قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: حدثني بكر قال: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: كان أبو حنيفة يسمى الوتد، لكثرة صلاته، قال أبو بكر بن أعين: ومما قلت لإبراهيم بن الجنيد: أروه عنك؟ فقال لي: نعم.
(1/61)
53 - حدثنا سعيد بن حماد قال: ثنا بكر العابد قال: قال أبو حنيفة: ((رب ارحمني وأنا صريع بين أهل الدنيا أعالج نفسي)).
(1/61)
في شدة خشيته من ربه عز وجل
54 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #62# قال: حدثني محمد بن حماد قال: حدثني الحسن بن إسماعيل بن مجالد قال: سمعت وكيع بن الجراح يقول: قال الحسن بن صالح بن حيي: كان أبو حنيفة شديد الخوف لله عز وجل.
(1/61)
55 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع بن الجراح قال: ثنا يزيد بن كميت قال: سمعت رجلاً يقول لأبي حنيفة: اتق الله، قال: فانتفض أبو حنيفة انتفاضة رجلٍ كأنه قد صرع واصفر لونه وطأطأ رأسه، وقال: يا أخي! نعم جزاك الله خيراً، فهكذا قل لي، ما أحوج الناس إلى من يقول لهم في كل وقت مثل هذا.
(1/62)
56 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع بن الجراح قال: ثنا يزيد بن كميت قال: فتح غلام لأبي حنيفة يوماً رزمة الخز، فإذا الأخضر والأصفر والأحمر، فقال الغلام: نسأل الله الجنة، فبكى أبو حنيفة حتى اختلج صدغاه ومنكباه وأمر بغلق الدكان، وقام مغطّى الرأس مسرعاً في مشيته، فلما كان الغد جلست إليه وقد اصفر، فأطرق طويلاً وكان قليل الكلام، ثم التفت إلي وقال: يا أخي! ما أجرأنا، يقول أحدنا: نسأل الله #63# الجنة، إنما يسأل الله الجنة من رضي نفسه، يعني لها، إنما يريد مثلنا أن يسأل الله العفو.
(1/62)
57 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: ثنا الحسين بن إبراهيم قال: سمعت محمد بن فضيل يقول: كان أبو حنيفة إذا سئل عن المسألة قال: رب سلم رب سلم.
(1/63)
58 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: ثنا إبراهيم بن سعيد قال: ثنا علي ابن الحسن بن شقيق قال: سمعت إسحاق بن الحسن أو الحسين الكوفي -الشك من أبي بشر- قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لولا الحرج ما أفتيت الناس - وأخوف ما أخاف من الفتوى.
(1/63)
59 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أسامة بن أحمد بن أسامة التجيبي قال: حدثني أبو عمير الأنسي -من ولد أنس بن مالك- قال: حدثني هلال بن يحيى قال: سمعت أبا يوسف يقول: سمعت أبا حنيفة يتمثل:
كفى حَزَناً ألا حياة هنيئة ... ولا عمل يرضي به الله صالح
(1/63)
#64#
حلمه واحتماله
60 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين وأبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: سمعت عبد الرزاق بن همام يقول: زاد ابن الإمام: ما رأيت أحداً أحلم من أبي حنيفة، ثم قالوا: كنا جلوساً مع أبي حنيفة في مسجد الخيف، فجاء رجل، فسأله عن مسألة، فأفتاه فيها، فقال له الرجل: قال فيها الحسن البصري: كذا وكذا، فقال أبو حنيفة: أخطأ الحسن، قال عبد الرزاق: فجاء رجل مغطّى الوجه فقال لأبي حنيفة: يا ابن الفاعلة لا تكنى، أنت تقول: أخطأ الحسن؟ وقام الناس ليأخذوا الرجل، فنظرت إلى أبي حنيفة وقد أطرق ملياً، ثم رفع رأسه فقال: أقول: أخطأ الحسن وأصاب عبد الله بن مسعود، قال: وجعل عبد الرزاق يصف حلمه.
(1/64)
61 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع قال: ثنا يزيد بن كميت قال: سمعت أبا حنيفة وشتمه رجل، واستطال عليه، وقال له: يا كافر، يا زنديق، فقال أبو حنيفة: غفر الله لك هو يعلم مني #65# خلاف ما تقول، ما عدلت به أحداً مذ عرفته، ولا رجوت قط إلا عفوه، ولا خشيت إلا عقابه، ثم بكى عند ذكر العقاب حتى اختلج صدغاه وتحرك منكباه، فقام إليه الرجل فقال: اجعلني في حل -رحمك الله-، قال: نعم، أنت في حل وسعة، وكل من نسبني إلى ما تقول، يا أخي ما أضر الشهرة، يا أخي ما أضر الشهرة.
(1/64)
62 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر الدولابي قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: قال عبد العزيز بن خالد: تطاول بعض موالي أبي حنيفة عليه وآذاه بلسانه، فقال له أبو حنيفة: أتمن علي بولائك.
(1/65)
63 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: حدثني القاسم بن غسان قال: سمعت إبراهيم بن عبد الله الهروي يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما رأيت أحلم من أبي حنيفة.
(1/65)
64 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني إبراهيم بن أحمد قال: حدثني القاسم بن غسان قال: حدثنا أبي قال: أنبأ بشر بن يحيى قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: ما رأيت رجلاً أحلم من أبي حنيفة ولا أحسن سمتاً، رحمة الله عليه.
(1/65)
#66#
فيما ابتلي به أبو حنيفة من الضرب والحبس على ولاية القضاء وصبره على ذلك
65 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين قال: حدثني يعقوب بن شيبة بن الصلت قال: حدثني عبد الله بن الحسن بن المبارك، عن إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: مررت مع أبي بالكناسة فبكى، فقلت له: يا أبه ما يبكيك؟ قال: يا بنيّ في هذا الموضع ضرب ابن هبيرة جدك عشرة أيام، في كل يوم عشرة أسواطٍ، على أن يلي له القضاء، فلم يفعل.
(1/66)
66 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثنيه أبو بشر قال: ثنا أحمد ابن القاسم البرتي قال: ثنا يعقوب بن شيبة مثله.
(1/66)
67 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: حدثني إبراهيم بن هاشم قال: ثنا محمد بن عمر الواقدي قال: ثنا القاسم بن معن قال: أخذ ابن هبيرة أبا حنيفة، فأراده على ولاية القضاء فأبى، فحبسه، فقيل لأبي حنيفة: إنه قد حلف أن لا يخرجك حتى تلي له، وإنه يريد بناءً، فتول له عدد اللبن، فقال: لو سألني أن أعدّ له أبواب المسجد لم أفعل.
(1/66)
#67#
68 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا علي بن معبد بن شداد قال: ثنا عبيد الله بن عمر الرقي قال: ضرب ابن هبيرة أبا حنيفة على أن يلي له القضاء، فأبى أن يفعل، فقال الناس: استتابه.
(1/67)
69 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: ثنا القاسم بن غسان قاضي الكوفة قال: ثنا ابن شجاع قال: قال عبد الله بن المبارك: الرجال سواء ما لم تقع البلوى والمحن، لقد ابتلي أبو حنيفة بالضرب على رأسه بالسياط، على ما يناحر عليه غيره، وعرض عليه القضاء. فما أجاب، واحتمل ذلك في الله عز وجل وصبر عليه رحمه الله.
(1/67)
70 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: ثنا القاسم بن غسان قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا الحسن بن أبي مالك قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول وقد ذكر أبو حنيفة بين يديه: ماذا يقال في رجل عرضت عليه الدنيا والأموال العظيمة فنبذها، وضرب بالسياط فصبر عليها، ولم يدخل فيما كان غيره يستدعيه، إي والله ويناحر عليه حتى يتناوله، رحم الله أبا حنيفة، ما كان أشده، أو قال: أصرمه في دين الله عز وجل، كان مرة يقول كذا ومرة كذا.
(1/67)
#68#
71 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: ثنا القاسم بن غسان قال: ثنا أبي قال: حدثني عبيد الله بن زياد قال: بلغني أنه لما ضرب أبو حنيفة على رأسه بالسياط دخل رجل المسجد الجامع وابن أبي ليلى وابن شبرمة جالسان في حلقتيهما، فقال لهما: أشعرتما أن أبا حنيفة ضرب على رأسه بالسياط؟ قالا: فبم ذلك؟ قال: لأن يتولى القضاء فلم يفعل، فأظهر ابن أبي ليلى الشماتة، فقال له ابن شبرمة: ما أدري ما تقول؟ هذا الرجل غداً يعني يوم القيامة أنبل مني ومنك.
(1/68)
72 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: حدثني حبان -رجل من أصحاب أبي حنيفة- قال: قال أبو حنيفة حين ضرب ليلي القضاء: ما أصابني في ضربي شيء أشد عليّ من غم والدتي، وكان بها براً.
(1/68)
73 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: حدثني عبد الواحد بن أحمد الرازي قال: سمعت أبا عبد الله وراق محمد بن مقاتل يقول: بلغني أن أبا حنيفة حبس في الشمس، وصبّ على رأسه الزيت، فمر به سفيان الثوري، فقال: قد علمت الآن أنك قد طلبت هذا الشأن لله عز وجل.
(1/68)
#69#
74 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر ابن أعين قال: ثنا يعقوب بن شيبة بن الصلت قال: حدثني عبد الله بن الحسن ابن المبارك قال: سمعت بشر بن الوليد يقول: ح.
(1/69)
75 - وحدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: ثنا عبد الله بن الحسن عن بشر بن الوليد قال: أشخص أبو جعفر المنصور أبا حنيفة إليه، فأراده على أن يوليه فأبى، فحلف عليه أبو جعفر ليفعلنّ، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فحلف أبو جعفر ليفعلنّ، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فقال الربيع لأبي حنيفة: ألا ترى أمير المؤمنين يحلف؟ فقال أبو حنيفة: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر مني على كفارة أيماني، فأبى أن يلي فأمر به إلى السجن، فمات فيه، ودفن في مقابر الخيزران.
زاد أبو بكر بن أعين: فلما أمر به إلى السجن، دفع إلى أبي العباس الطوسي وكان على الشرطة، فجعل أبو العباس يتغيظ عليه، ولم يجد عليه حجة.
(1/69)
76 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #70# قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل، عن يعقوب بن شيبة قال: حدثني عبد الله بن الحسن، عن بشر بن الوليد قال: لما أمر أبو جعفر المنصور بأبي حنيفة إلى الحبس دفع إلى أبي العباس، فأراد أبو العباس أن يتكلم أبو حنيفة بشيء يكون عليه فيه حجة، فقال له: يا شيخ إن أمير المؤمنين يأمر بدفع الرجل إليّ، وقد أمر فيه بالأمر من الضرب أو القطع أو القتل، ولا علم لي بقصته، أفيجوز لي أن أنفذ ما أمر به أمير المؤمنين وأنا لا أعلم ما حاله؟ فقال له أبو حنيفة: أمير المؤمنين يأمر بضرب رجل لا يجب عليه الضرب أم يجب ذلك عليه ويستحقه؟ ويأمر بقطع من لا يجب عليه القطع؟ ويقتل من لا يجب عليه القتل أو من يجب عليه القتل؟ فقال أبو العباس: أمير المؤمنين أبرّ وأتقى من أن يضرب أو يقطع أو يقتل من لا يجب ذلك عليه، فقال له أبو حنيفة: فإذا ضربت وقتلت وقطعت من يجب ذلك عليه ويستحقه فأنت في ذلك مأجور، فلم يجد عليه أبو العباس حجة، فلم يزل في الحبس حتى توفي فيه رحمه الله.
(1/69)
77 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: سمعت أبا الوزير محمد بن أعين قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: قرب أبو حنيفة للدنيا، وعرضت عليه خزائن الأرض فأبى، فطلب على القضاء حتى ضُرب أحد عشر أو اثني عشر سوطاً فأبى.
(1/70)
#71#
في وصيته أصحابه ونهيه إياهم عن ولاية القضاء وأنه من ظهرت منه خربة أو ارتشاء لم يجز قضاؤه
78 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد النيسابوري قال: حدثني أبو بكر بن بنت أبي هشام الرفاعي قال: ثنا محمد ابن علي بن عفان قال: ثنا الوليد بن حماد اللؤلؤي، ثنا الحسن بن زياد اللؤلؤي قال: سمعت أبا يوسف يقول: اجتمعنا عند أبي حنيفة في يوم مطير في نفر من أصحابه منهم: داود الطائي، والقاسم بن معن المسعودي، وعافية بن يزيد الأودي، وحفص بن غياث النخعي، ووكيع بن الجراح، ومالك بن مغول البجلي، وزفر بن الهذيل التميمي، قال: فأقبل علينا بوجهه فقال لنا: أنتم مسار قلبي، وجلاء حزني، وقد أسرجتُ لكم الفقه وألجمته، فإذا شئتم فاركبوا، وقد تركت الناس يطئون أعقابكم ويلتمسون ألفاظكم، ما منكم واحد إلا وهو يصلح للقضاء، ومنكم عشرة يصلحون أن يكونوا مؤدبي القضاة، فسألتكم بالله عز وجل، وبقدر ما وهب الله لكم من جلالة العلم لما صنتموه عن ذل الإستيجار، وإن يلي أحد منكم بالدخول في القضاء فعلم من نفسه خربة سترها الله عز وجل عن العباد لم يجز قضاؤه، ولم يطب له رزقه، وإن كانت سريرته مثل علانيته جاز قضاؤه وطاب له رزقه، فإن دفعته ضرورة إلى الدخول فيه فلا يجعلن بينه وبين الناس حجاباً، وليصلي الصلوات الخمس في مسجده، وينادي عند كل صلاة: من له حاجة؟ فإذا صلى صلاة عشاء الآخرة #72# نادى ثلاثة أصوات: من له حاجة؟ ثم دخل إلى منزله، فإن مرض مرضاً لا يستطيع الجلوس معه أسقط من رزقه بقدر مرضه، وأيما إمام غلّ فيئاً أو جار في حكم بطلت إمامته، ولم يجز حكمه، وإن أذنب ذنباً بينه وبين ربه عز وجل يستوجب به الحد درئ عنه الحد، لأنه ولي إقامته، وإن كان شيئاً بينه وبين الناس أقامه عليه أقرب القضاة إليه.
(1/71)
79 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن حميد البصري الكلابزي قال: ثنا أحمد بن عمرو بن مهير الخصاف قال: حدثني أبي قال: كان الحسن بن زياد يقول: قال أبو حنيفة: إذا ارتشى القاضي فهو معزول وإن لم يعزل.
(1/72)
في التشنيع عليه وأذيته رحمه الله
80 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: حدثني محمد بن سليمان #73# قال: ثنا خالد بن يزيد الزيات قال: كان أبو حنيفة لا يحلف بالله عز وجل صادقاً ولو نُشِر، فسعى به إلى بعض ولاة الكوفة بأنه يقول: إن القرآن مخلوق وإلا فاستحلفه -لعلمهم بأنه لا يحلف- فإن حلف فهو صادق، فأخذه الوالي وجمع له الناس فقال له الوالي: ما يقول هؤلاء عليك؟ قال: وما يقولون؟ قال: يقولون: إنك تقول: القرآن مخلوق؟ قال: حق أقول إن شاء الله ما سمعت من يقوله ولا من يجادل فيه، وإنه لقول تضيق له النفس، قال: فتحلف أنك ما قلت هذا؟ قال: هو يعلم تبارك وتعالى مني خلاف ما يقولون، قال: فتحلف أنك ما قلت؟ قال: هو عندي أعظم من أن أحلف به صادقاً أو كاذباً، فقال له الوالي: أعاقبك إن لم تحلف، قال: أنت وذاك، قال: فأمر به فجرد، فلما رأى الوالي نحافة جسمه وشيبه قال له: أو تتوب؟ قال: ما قلت ما ادعي عليّ قط ولا أعتقده، قال: فتُب، قال: اللهم تب علينا، قال: فقيل: استتيب أبو حنيفة استتيب أبو حنيفة.
(1/72)
81 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي يقول: سألت عبد الله بن المبارك قلت: يا أبا عبد الرحمن، هل استتيب أبو حنيفة؟ فسكت، قال: ثم عدت لمسألته بعد شهر فقال لي ابن المبارك: أستعيذ بالله من معاداة القراء أستعيذ بالله من معاداة من ينسب إلى السير.
(1/73)
82 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا محمد بن سليمان قال: حدثني محمد بن الحسن الهمداني قال: سئل عبد السلام بن حرب الملائي عن أبي حنيفة: هل #74# استتيب؟ فقال: يغفر الله لك يا أخي، أستغفر الله من هذا، شُنّع عليه.
(1/73)
83 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن حماد يقول: سمعت الحسن بن إسماعيل بن مجالد قال: سمعت وكيع بن الجراح يقول: سمعت مسعر بن كدام يقول: حسد أهل السير النعمان بن ثابت لفهمه وعلمه، فشنع عليه.
(1/74)
84 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وجدت في كتابي من حديث الحسن بن حماد سجادة، وقد حدثت به عنه قال: ثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم قال: أردت الخروج إلى الكوفة فقلت لشعبة: من تكاتب بالكوفة؟ قال: أبو حنيفة وسفيان الثوري، فقلت: أكتب لي إليهما، فكتب، وصرت إلى الكوفة، فسألت عن أسن الرجلين؟ فقيل: أبو حنيفة، فدفعت إليه الكتاب، فقال: كيف أخي أبو بسطام؟ قلت بخير، فلما قرأ الكتاب قال: ما عندنا فلك مبذول، وما عند غيرنا فاستعن بنا نعينك، ومضيت إلى الثوري فدفعت إليه كتابه، فقال لي مثل ما قال أبو حنيفة، فقلت له، شيء يروى عنك تقول: إن أبا حنيفة استتيب من الكفر مرتين، أهو الكفر الذي هو ضد الإيمان؟ فقال: ما سألني عن هذه المسألة أحد غيرك منذ كلمت بها، وطأطأ رأسه ثم قال: لا، ولكن دخل واصل الشاري إلى الكوفة فجاء إليه جماعة فقالوا له: إن هاهنا رجلاً لا يكفر أهل المعاصي يعنون أبا حنيفة، فبعث فأحضره وقال: يا شيخ بلغني أنك لا تكفر أهل المعاصي؟ قال: هو مذهبي، قال: إن هذا كفر، فإن تبت قبلناك وإن أبيت قتلناك، قال: مم أتوب؟ قال: من هذا، قال: أنا تائب من الكفر، ثم خرج، فجاءت جماعة من أصحاب المنصور فأخرجت #75# واصلاً عن الكوفة، فلما كان بعد مدة وجد من المنصور خلوة فدخلها، فجاءت تلك الجماعة فقالت: إن الرجل الذي كان تاب قد راجع قوله، فبعث فأحضره فقال: يا شيخ بلغني أنك راجعت ما كنت تقول، فقال: وما هو؟ فقال: إنك لا تكفر أهل المعاصي، فقال: هو مذهبي، قال: فإن هذا عندنا كفر، فإن تبت منه قبلناك وإن أبيت قتلناك، قال: والشراة لا يقتلون حتى يستتاب ثلاث مرات، فقال: مم أتوب؟ قال: من الكفر، قال: فإني تائب من الكفر، قال: فهذا هو الكفر الذي استتيب منه.
(1/74)
85 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: سمعت أبا وهب قال: سمعت أبا يحيى قال: قلت للنضر بن محمد: أبو حنيفة كان يرى السيف؟ قال: معاذ الله.
(1/75)
86 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني ابن أبي رزمة، عن عبدان قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: إذا سمعتهم يذكرون أبا حنيفة بسوء ساءني ذلك، وأخاف عليهم المقت من الله عز وجل.
(1/75)
#76#
87 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن سعدان قال: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت سلم بن سالم البلخي قال: كنا عند مسعر بن كدام وكانت حلقته تقرب حلقة أبي حنيفة، فكنا نسأله وهو يستمع على أبي حنيفة وأصحابه، فقال له رجل: يا أبا سلمة نحن نسألك عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تسمع على أهل البدع؟ قال: قم، لو قام أصغر من فيهم لأهل الموسم لأوسعهم علماً.
(1/76)
88 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أبو بكر محمد بن حفص بن عمر البصري قال: ثنا سليمان بن داود المنقري قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: قال بعض ولاة الكوفة لابن أبي ليلى وابن شبرمة: أنظرا في أمور الناس ولا عليكما أن تستعينا بالنعمان بن ثابت في ذلك، فقالا: ذاك بطي الخز أبصر منه بالفقه، قال سفيان: ولا يعلمان ما خبئ لهما منه.
(1/76)
في حسده وتنقصه لفهمه وعلمه
89 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد بن حاتم الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان القاسم بن معن رجلاً نبيلاً، وكان قاضي الكوفة لا يأخذ أجراً، وهو القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، فقال له شريك بن عبد الله يوماً: مثلك يجلس إلى أبي حنيفة يتعلم منه؟ فقال له القاسم: يا أبا عبد الله، هذا ميدان من جاراك فيه سبقته يعني إن لك لساناً.
(1/76)
#77#
90 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو أحمد إبراهيم بن أحمد الترمذي قال: سمعت أبا نصر محمد بن محمد بن سلام البلخي قال: سمعت نصير بن يحيى البلخي يقول: قلت لأحمد بن حنبل: ما الذي نقمتم على هذا الرجل أعني أبا حنيفة؟ قال: الرأي، قال فقلت له: فهذا مالك بن أنس ألم يتكلم بالرأي؟ قال: نعم ولكن رأي أبي حنيفة خلد الكتب، فقلت: فقد خلد رأي مالك بن أنس الكتب، قال: أبو حنيفة أكثر رأياً منه، فقلت له: فهلاً تكلمتم في هذا بحصته وهذا بحصته، قال: فسكت.
(1/77)
91 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا محمد القاسم بن جعفر بن محمد البصري المعروف بابن شدويه يحكي عن بعض أصحابه، عن أبي يوسف قال: أتيت أبا حنيفة فسألته عن مسألة فأجابني فيها بجواب، فقلت له: ما حجتك على هذا؟ قال لي: كذا وكذا، فقمت من عنده فمررت بابن أبي ليلى وابن شبرمة فسألتهما عن المسألة؟ فأجاباني فيها بغير جواب أبي حنيفة، فقلت لهما: ما حجتكما على هذا القول؟ فذكرا حجة لهما، فقلت: فإن غيركما يقول فيها كذا، ومن حجته كذا، فاستحسنا القول والحجة وقالا: بهذا نقول، قلت: فهو قول أبي حنيفة، فتركا ما استحسناه وأخذا في ذمه، فقمت من عندهما مغموماً، فرجعت إلى أبي حنيفة، فقال لي: ما وراءك؟ فأخبرته، فقال لي: أهون عليك، ثم تمثل بهذه الأبيات:
إن يحسدوني فإني غير لائمهم ... قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
فدام لي ولهم ما بي وما بهم ... ومات أكثرنا غيظاً بما يجد
#78#
أنا الذي يجدوني في حلوقهم ... لا ارتقى صعداً فيها ولا أرد
(1/77)
92 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة ابن سلمة الأزدي أبو جعفر قال: حدثني أبي محمد بن سلامة قال: ثنا عثمان ابن سعد البصري قال: كنا بباب أبي عاصم النبيل، فجرى ذكر أبي حنيفة، فمن محب مفرط ومن مبغض مفرط، فدخلت على أبي عاصم فقال لي: ما هذا اللغط؟ فقلت له: جرى ذكر أبي حنيفة فمن محب مفرط، ومن مبغض مفرط، فقال لي: ما هو والله إلا كما قال عبد الله بن قيس الرقيات:
حسداً أن رأوك فضلك الله ... بما فضلت به النجباء
(1/78)
93 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: أخبرني أبو مالك محمد بن الصقر بن مالك بن مغول قال: سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول: قال أبو حنيفة: إن ابن أبي ليلى يستحل مني ما لا أستحله من سنّوره.
(1/78)
94 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت يموت بن المزرع بن يموت العبدي يقول: سمعت عمرو بن بحر الجاحظ يقول من فلق فيه إلى خرق أذني: الناس في أبي حنيفة رجلان: حاسد أو جاهل، فأما الحاسد فإنه لا يأتي بمثل ما أتى به، وأما الجاهل فإنه لا يدري ما قال.
(1/78)
#79#
95 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني محمد بن حبيب قال: حدثني جعفر الحداد الفرائضي قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: قلت لأبي: يا أبه مالي أرى الناس قد وقعوا في صاحبك أعني أبا حنيفة؟ وقالوا فيه فأكثروا؟ قال: أي بني، لم يكن بالكوفة أحد إلا وله عشيرة تتقي غيره، فإنه كان رجلاً من الموالي، وبعد ذلك فوالله ما بقي منهم أحد إلا أتاه واقتبس من علمه خلا شريك بن عبد الله، فلم يزل التقصير يعرف فيه حتى لقي الله عز وجل.
(1/79)
96 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا بكار بن قتيبة القاضي قال: ثنا هلال بن يحيى قال: ثنا يوسف بن خالد السمتي قال: أتيت أبا حنيفة فاستأذنته في الرجوع إلى البصرة، وكان قد توفي بها من أهلي عدد كثير وتناسخت فيهم مناسخات حتى كدت أن لا أقف على مواريثهم لطول مقامي على أبي حنيفة، فقال لي: إنك تقدم على قوم لم يعنوا بالفقه عنايتك، فإن ذكرتني لهم سبوني، ولكن أذكر لهم أقوالي، فإذا ذكرتها استحسنوها ذكرتني لهم حينئذٍ.
(1/79)
97 - قال أبي: فقال لي أبي: قال لي أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة: فذكرت ذلك لأبي خازم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز فقال لي: سمعت أحمد بن عبده يقول: لما قدم يوسف بن خالد البصرة كان يأتي عثمان البتي، وهو رئيسها وفقيهها، فيناظره ويذكر له خلاف أبي حنيفة إياه فيضربونه ويسبون أبا حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قدم زفر بن الهذيل البصرة، فكان أعلم بالسياسة منه، فكان يأتي حلقة البتي فيناظرهم ويتبع أصولهم ثم يسألهم #80# عن فروعهم، فإذا وقف على خروجهم عن الأصل ناظر البتي عليه حتى يتبين خروجه عن أصله، فيستحسن أصحاب البتي ذلك منه، فيقول لهم: في هذا الباب أحسن من هذا، فيذكر لهم قول أبي حنيفة وحجته، فإذا بان لهم وشهدوا بذلك، قال لهم: هذا قول أبي حنيفة، فما مضت الأيام حتى تحولت الحلقة إلى زفر وبقي البتي وحده.
(1/79)
98 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر الدولابي قال: ثنا محمد بن شجاع قال: سمعت محمد بن عبيد الطنافسي يقول: سمعت أبا معاوية الضرير يقول: ما زال سفيان الثوري يقدم عندنا حتى وقع في أبي حنيفة رحمهما الله.
(1/80)
في شهادة الفقهاء والعلماء لأبي حنيفة بالفقه رحمه الله
99 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: حدثني إبراهيم بن نوح قال: ثنا عبد الله بن نمير قال: سمعت سليمان الأعمش وقد سئل عن مسألة من الفقه، فقال: إنما يحسن هذا ونحوه النعمان بن ثابت الخزاز، ثم قال الأعمش: أراه بورك له في علمه.
(1/80)
100 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #81# قال: سمعت إبراهيم بن سعيد الجوهري يقول: سمعت عبيد الله بن موسى يقول: سمعت مسعر بن كدام يقول: رحم الله أبا حنيفة إن كان لفقيهاً عالماً.
(1/80)
101 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا الحسين بن علي بن أيوب قال: ثنا حسين بن علي الجعفي قال: سمعت زائدة بن قدامة يقول: النعمان بن ثابت فقيه البدن، لم يعد ما أدرك عليه أهل الكوفة.
(1/81)
102 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: ثنا المثنى بن رجاء قال: سمعت مالك بن مغول يقول: كان أبو حنيفة بصيراً بالفقه، يقيس ما لم يكن بما كان.
(1/81)
103 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: حدثني الحسين بن إبراهيم قال: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: كان النعمان بن ثابت فهماً من أفقه أهل زمانه.
(1/81)
104 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن سعيد قال: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت علي بن صالح بن حيي لما مات أبو حنيفة يقول: ذهب مفتي العراق، ذهب فقيه أهل العراق.
(1/81)
105 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن #82# جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت قال: حدثني علي بن أبي الربيع قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: سمعت عبد الله بن داود الخريبي، قال يعقوب: وحدثنيه إبراهيم بن هاشم، قال بشر بن الحارث: أردت عن ابن داود قال: إذا أردت الآثار فسفيان الثوري، وإذا أردت تلك الدقائق فأبو حنيفة.
(1/81)
106 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن شجاع قال: سمعت أبا عبد الرحمن المقرئ يقول: حدثني العالم الفقيه أبو حنيفة.
(1/82)
107 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: ثنا روح بن عبادة قال: كنت عند ابن جريج سنة خمسين ومائة فقيل له: مات أبو حنيفة، فقال: رحمه الله لقد ذهب معه علم كثير.
(1/82)
108 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن سعيد قال: ثنا المثنى بن رجاء قال: سمعت سعيد #83# ابن أبي عروبة قبل أن يختلط وقد مر له باب من علم الطلاق فقيل له: كذلك قال أبو حنيفة، فقال سعيد: كان أبو حنيفة عالم العراق.
(1/82)
109 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: حدثني يعقوب بن أحمد قال: سمعت الحسن بن علي الحلواني قال: سمعت يزيد بن هارون يقول وسأله إنسان فقال: يا أبا خالد من أفقه من رأيت؟ قال: أبو حنيفة.
قال الحسن: ولقد قلت لأبي عاصم النبيل: أبو حنيفة أفقه أو سفيان؟ قال: أبو حنيفة عندي أفقه من سفيان.
(1/83)
110 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر الدولابي قال: ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال: سمعت الحسن بن علي الحلواني قال: قلت لأبي عاصم مثله.
(1/83)
111 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن القاسم قال: ثنا ابن أبي رزمة قال: سمعت أبا وهب يقول: سمعت زفر بن الهذيل وذكر عنده سفيان وأبو حنيفة، فقال: لم يكن سفيان من رجال أبي حنيفة.
(1/83)
#84#
112 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة يقول: حدثني إسحاق بن أبي إسرائيل قال: سمعت عبد الرزاق يقول: قال عبد الله بن المبارك: إن كان إلى الرأي فهو أشهدهم رأياً يعني: النعمان بن ثابت.
(1/84)
113 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني أبو حفص المروزي قال: سمعت علي بن الحسن بن شقيق يقول: قال عبد الله بن المبارك: قول أبي حنيفة عندنا أثر إذا لم يكن فيه أثر.
(1/84)
114 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: سمعت محمد بن أحمد بن حفص فقيه بخارى يحكي عن بعض أصحاب ابن المبارك: إما أبو وهب محمد بن مزاحم وإما حبان، عن ابن المبارك قال: لولا أن الله عز وجل يداركني بأبي حنيفة وسفيان الثوري لكنت بدعياً.
قال ابن المبارك: وما لزمت سفيان حتى جعلت علم أبي حنيفة هكذا، وأشار بقبض يده.
(1/84)
#85#
115 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا محمد بن العزيز بن أبي رزمة قال: حدثني نعيم بن بكار الفرغاني قال: سمعت أحمد بن حرب النيسابوري يقول: كان أبو حنيفة في العلماء كالخليفة في الأمراء.
(1/85)
116 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا الكشوري بصنعاء قال: ثنا أبو قدامة همام بن مسلمة قال: أنبأ عبد الرزاق قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: إن كان لأحدٍ من هذه الأمة أن يقول بالرأي فهو لأبي حنيفة.
(1/85)
117 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن شجاع قال: قلت لعبد الله بن داود الخريبي: ترى أن أنظر في قول أبي حنيفة؟ قال: شديد ولكن جالس أهل الورع منهم، فقلت له: إن بعض الناس أخبرني أنه كتب عن أبي حنيفة مسائل كثيرة، ثم لقيه بعد فرجع عن كثير منها، قال: لا يهولنك هذا، فإن أبا حنيفة كان مطلعاً على الفقه، وإنما يرجع عن القول من اتسع علمه.
(1/85)
118 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: قلت لعباد ابن صهيب: أخرج إلي ما عندك عن أبي حنيفة، فقال: عندي عنه قمطر، ولكني لا أحدثك برأيه، وأحدثك بما شئت من حديثه، فقلت ولم؟ قال: #86# قدمت الكوفة فسمعته يفتي فكتبت جواباته، ثم غبت عن الكوفة عشر سنين ثم قدمتها فسمعته يفتي في تلك المسائل بغير ذلك الجواب، قال محمد بن شجاع: فوقع في نفسي مثل الذي وقع في نفس عباد، فأتيت عبد الله بن داود فذكرت ذلك له، فقال: هذا يدلك على سعة العلم، لو كان علمه ضيقاً كان جوابه واحداً، ولكن أمره واسع يتناوله كيف شاء.
(1/85)
119 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: أنبأ أبو هشام الرفاعي قال: ثنا يحيى بن آدم قال: سمعت الحسن بن صالح يقول: كان النعمان بن ثابت فهماً بعلمه متثبتاً فيه، إذا صح عنده الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعده إلى غيره.
(1/86)
120 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو خازم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز قال: ثنا سعيد بن روح عن عبد الله بن داود الخريبي وسأله رجل فقال: ما عتب الناس فيه على أبي حنيفة؟ فقال: والله ما أعلمهم عتبوا عليه في شيءٍ إلا أنه قال فأصاب، وقالوا فأخطأوا، ولقد رأيته يسعى بين الصفا والمروة وأنا معه وكأن الأعين مخبطة عنه.
(1/86)
121 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #87# قال: ثنا أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: أخبرني خالد بن صبيح قال: سمعت أبا يوسف يقول: ما رأيت أحداً أعلم بتفسير الحديث من أبي حنيفة.
(1/86)
122 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أحمد بن علي بن الحسن بن شعيب المدائني يقول: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه.
(1/87)
123 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وسمعت محمد بن محمد بن الأشعث الكوفي يقول: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالاً على أبي حنيفة.
(1/87)
في فطنته في الفتوى وسرعة جوابه وصوابه، واستحسان الفقهاء ذلك منه
124 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا علي بن معبد بن شداد قال: ثنا الشافعي قال: قال الليث، ح قال وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أبو جعفر أيضاً قال: ثنا محمد بن العباس بن الربيع التل اللؤلؤي قال: #88# ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح ويحيى بن بكير أو ذكر أحدهما، والأغلب في قلبي أنه ذكرهما عن الليث بن سعد قال: كنت أسمع بذكر أبي حنيفة فأتمنى أن أراه، فإني لبمكة إذ رأيت الناس منقصفين على رجل، فسمعت رجلاً يقول: يا أبا حنيفة، فعلمت أنه الذي كنت أتمنى رؤيته، ثم قال له ذلك الرجل: إني رجل ذو مال من أهل خراسان ولي ابن أزوجه المرأة وأنفق عليه المال الكثير فيطلقها فيذهب مالي، وأشتري له الجارية بالمال الكثير فيعتقها فيذهب مالي، فهل عندك من حيلة؟ فقال له أبو حنيفة: أدخله إلى سوق الرقيق، فإذا وقعت عينه على جارية فاشترها لنفسك ثم زوجها إياه، فإن طلقها رجعت مملوكة لك، وإن أعتقها لم يجز عتقه، قال الليث: فوالله ما أعجبني صوابه كما أعجبني سرعة جوابه.
(1/87)
125 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع بن الجراح قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد بن كميت قال: قال لي شريك بن عبد الله قال: كنا مع جنازة غلام من بني هاشم، وقد تبعتها وجوه الناس وأشرافهم، وأنا إلى جنب ابن شبرمة أماشيه، إذ قامت الجنازة، فقيل: ما للجنازة لا تنبعث؟ قالوا: خرجت أمه والهة عليه بارزة وكان وجهها جميلاً، فحلف أبوه بطلاقها ثلاثاً لترجعن، وحلفت هي بصدقة ما تملك وعتق ما تملك #89# لا رجعت حتى يصلى عليه، وكان يومئذ مع الجنازة فقهاء، فاجتمعوا لذلك، وسئلوا عن المسألة، فلم يكن عندهم جواب حاضر، فهتف بالنعمان بن ثابت فجاء مغطى الرأس، والمرأة والزوج قائمين، فقال للمرأة: علام حلفت؟ قالت: حلفت بكذا، وقال للرجل: علام حلفت؟ قال: بكذا، قال: ضعوا السرير فوضع ثم قال للرجل: تقدم صل على ابنك، فلما صلى، قال: ارجعي، قد خرجت من يمينك، احملوا ميتكم، فاستحسنها الناس، فقال ابن شبرمة فيما حكى عنه شريك: عجزت الناس أن يلدن مثل النعمان.
(1/88)
126 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن شجاع الثلجي قال: سمعت علي بن عاصم يقول: سألت أبا حنيفة عن درهم لرجل ودرهمين لآخر اختلطوا، ثن ضاع درهمان من الثلاثة لا يعلم من أيها هو؟ فقال أبو حنيفة: الدرهم الباقي بينهما أثلاثاً، قال: فلقيت ابن شبرمة فسألته عنها؟ فقال سألت عنها أحداً؟ قلت: نعم سألت عنها أبا حنيفة، فقال لي: لك الدرهم الباقي بينهما أثلاثاً، قلت: نعم، قال أخطأ أبو حنيفة، ولكن درهماً من الدرهمين الضائعين يحيط العلم أنه من الدرهمين، والدرهم الباقي من الضائعين يحتمل أن يكون الباقي من الدرهمين ويحتمل أن يكون الدرهم الواحد، فهو منهما جميعاً، فالدرهم الذي بقي بينهما نصفين، قال: فاستحسنت ذلك جداً، فلقيت أبا حنيفة -ولو وزن #90# عقله بعقل نصف أهل الأرض لرجح بهم- فقلت يا أبا حنيفة خولفت في المسألة، فقال لي: لقيت ابن شبرمة فقال لك: قد أحاط العلم بأن أحد الدرهمين الضائعين، ثم ذكر جواب ابن شبرمة، فقلت: نعم، فقال: إن الثلاثة حيث اختلطت وجبت الشركة بينهما فصار لصاحب الدرهم ثلث كل درهم، ولصاحب الدرهمين ثلثا كل درهم، فأي درهم ذهب ذهب بحصتهما.
(1/89)
127 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: في كتابي من حديث أحمد ابن حفص بن عبد الله السلمي وقد سمعته عنه، عن أبي جعفر أحمد بن يعيش، عن حفص بن عبد الرحمن، عن أبي يوسف قال: بلغ بعض الخوارج أن أبا حنيفة لا يكفر أحداً من المسلمين بذنب فوفد إليه أربعون رجلاً عليهم السلاح، فقدموا الكوفة، فأتوا حلقة أبي حنيفة وهو جالس فيها، وبأيديهم سيوفهم قد انتضوها، فقالوا: يا أبا حنيفة هذا آخر أيامك من الدنيا وأول أيامك من الآخرة، قد أتيناك بمسألتين، وهما من أشد مسائلنا، فإن خرجت منهما، وإلا أتينا على نفسك، فقال لهم أبو حنيفة: أتريدون أن تسألوني؟ قالوا: نعم، قال: اغمدوا سيوفكم فقد هالني بريقها، فقالوا: كيف نغمدها ونحن نريد أن نخضبها من دمك، قال: تكلموا، قالوا: ما تقول في رجل شرب خمراً حتى سكر، ثم لم يزل يقيء حتى مات في قيئه غرقا؟ وفي امرأةٍ زنت فحملت من الزنا ثم شربت شيئاً حتى أسقطت وماتت من ذلك؟ فقال أبو حنيفة: #91# أمن اليهود كانا؟ قالوا: لا، قال: أفمن النصارى كانا؟ قالوا: لا، قال: أفمن المجوس كانا؟ قالوا: لا، قال: فمن أي الأديان كانا؟ قالوا: من المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقال أبو حنيفة: ويقران بما جاء من عند الله؟ قالوا: نعم، فقال: أخبروني عن هذا الكلام أهو من الكفر أو من الإيمان؟ قالوا: من الإيمان، قال: كم هو من الإيمان نصفه أو ثلثه أو ربعه؟ قالوا: الإيمان لا نصف له ولا ثلث ولا ربع، بل هو الإيمان كله، قال: فقد شهدتم لهما بالإيمان، قالوا: دعنا من هذا وأخبرنا أهما من أهل الجنة أو من أهل النار؟ فقال أبو حنيفة: أقول كما قال نبي الله جل وعز نوح عليه السلام في قوم كانوا أعظم جرماً منهما: {قال وما علمي بما كانوا يعملون. إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون. وما أنا بطارد المؤمنين} وأقول كما قال خليل الرحمن جل وعز في قوم كانوا أعظم جرماً منهما: {فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفورٌ رحيمٌ}، وأقول كما قال عيسى عليه السلام في قوم كانوا أعظم جرماً منهما: {إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم}، وأقول كما أنزل الله عز وجل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {ولا أقول لكم عندي خزائن الله} -إلى قوله- {إني إذاً لمن الظالمين}. فقالوا جميعاً: فرجت عنا فرج الله عنك، ونحن نستغفر الله عز وجل من جميع ما كنا عليه ورجعوا.
(1/90)
128 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا بكر بن القاسم قال: ثنا يحيى بن المغيرة قال: ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: حدثني أبي عن جدي وكانت له #92# كوة في منزله يشرف منها للملهوف، فأتته امرأة في جوف الليل ملهوفة فصاحت به: يا أبا حنيفة! فأشرف عليها فقال: مهيم؟ قالت: ارحم ضعفي وقلة حيلتي، إني زوجت ابني وأنفقت عليه أكثر مالي ولي جارية لا أملك غيرها نفيسة، وقد أعطيت بها مالاً كثيراً، ودعا ابني بعض إخوانه فسقاه فأتاني فحلفت بحريتها أن لا أبيت أو أقيده وحلف بطلاق امرأته إلا أقيده الليلة، قال أبي فنظرت إلى جدك وقد فكر طويلاً ثم قال لها: اذهبي فقومي قائمة على رجليك حتى تسمعي نداء الفجر، فإذا سمعت نداء الفجر فقيديه، ثم ضعي جنبك، قال: فأخرجهما من يمينهما.
(1/91)
آخر الجزء الأول من أجزاء شيخنا
129 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت محمد بن العباس بن الربيع وأحمد بن أبي عمران يذكران: أن إسماعيل بن محمد بن جحادة قال: شككت في طلاق امرأتي فسألت شريك بن عبد الله، فقلت له: إني شككت في طلاق امرأتي؟ فقال لي: طلقها وأشهدنا على رجعتها، قال إسماعيل: ثم سألت سفيان الثوري؟ فقال لي: قل: إن كنت طلقتها فقد راجعتها، ثم سألت زفر بن الهذيل؟ فقال لي: هي امرأتك حتى تعلم يقيناً أنك طلقتها، قال إسماعيل: فأتيت أبا حنيفة فسألته عن ذلك؟ وذكرت له الأقوال الثلاثة، فقال لي: أما سفيان فأفتاك بعين #93# الورع، وأما زفر فأفتاك بعين الفقه، وأما شريك فهو كرجل قلت له: لا أدري أصاب ثوبي بول أم لا؟ فقال لك: بُل على ثوبك ثم اغسله.
(1/92)
130 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: قال أبو جعفر: وحدثني أحمد بن أبي عمران قال: ثنا خالد بن يزيد الأهوازي قال: ثنا عمر بن الوليد الأغصف قال: رحلت إلى أبي حنيفة فلم يكن لي من القوة على العلم ما أقدر على مجالسته، فكنت أختلف إلى أبي يوسف أتعلم منه، فإني ذات يوم عنده إذ دخل أبو حنيفة وقد جمعت كساءً لي مربعاً فقعدت عليه، فقال: من هذا الرجل؟ فقال له أبو يوسف: هذا فتىً من أهل البصرة قدم يتفقه، فقال أبو حنيفة: أخلق به إن عاش أن يلي القضاء، فولى القضاء.
(1/93)
131 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: كتب إلي أبو بكر محمد بن أحمد بن العباس الرازي من مكة يخبرني، عن موسى بن نصر، عن هشام بن عبيد الله، عن محمد بن الحسن قال: حلف رجل من الروافض فقال لامرأته: أنت طالق البتة، قال فأتى أبا حنيفة فسأله، فقال له: قول علي بن أبي طالب عليه السلام أنها ثلاث، فقال له: أريد قولك أنت، فكرر عليه قول علي عليه السلام، فقال له: أريد قولك، فقال: واحدة باين، فعمل بذلك الرافضي.
(1/93)
132 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: #94# دخل الخوارج مسجد الكوفة وأبو حنيفة وأصحابه جلوس، فقال أبو حنيفة لأصحابه: لا تبرحوا، فجاءوه حتى وقفوا عليهم، فقالوا لهم: ما أنتم؟ فقال أبو حنيفة: نحن مستجيرون، فقال أمير الخوارج: دعوهم وأبلغوهم مأمنهم واقرأوا عليهم القرآن، فقرأوا عليهم القرآن وأبلغوهم مأمنهم.
(1/93)
133 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثناه أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس بن محمد مثله.
(1/94)
134 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: حدثني الليث أبو نصر البلخي قال: سمعت الحسن بن جمعة قال: سمعت شداد بن حكيم يقول: سمعت عبد الله ابن المبارك يقول:
رأيت أبا حنيفة كل يوم ... يزيد نبالة ويزيد خيراً
وينطق بالصواب ويصطفيه ... إذا ما قال أهل الجور جوراً
يقايس من يقايسه بلب ... فمن ذا تجعلون له نظيراً
كفانا فقد حماد وكانت ... مصيبتنا به أمراً كبيراً
فردّ شماتة الأعداء عنا ... وأفشى بعده علماً كثيراً
رأيت أبا حنيفة حين يؤتى ... ويطلب علمه بحراً غزيراً
إذا ما المعضلات تدافعتها ... رجال العلم كان بها بصيراً
(1/94)
#95#
135 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أبو عبد الله محمد بن مقاتل قال: ثنا حكام بن سلم الرازي قال: قال رجل لأبي حنيفة: إن العرزمي يذكر أن عائشة كانت تسافر مع غير محرم، فقال أبو حنيفة: وما يدري العرزمي ما هذا؟ إن عائشة كانت أم المؤمنين، فكانت من كل المسلمين ذات محرم.
(1/95)
136 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كان أبو حنيفة يذهب في الغرقى ومن أشبههم ممن يُجهل موته إلى توريث بعضهم من بعض، وكان يقول: في نفسي منه شيء، ولا أجد من ألجأ إليه بما في نفسي من الأئمة، لأن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم يورثون بعضهم من بعض، حتى حج، فلقي أبا الزناد فذكر ذلك له، فحدثه أبو الزناد: عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه: أنه كان لا يورث بعضهم من بعض، ويورث الأحياء منهم. فلما رجع إلى الكوفة أفتى بذلك، وترك ما كان عليه قبل ذلك، وأعلمهم أنه إنما تركته إلى ما حدثه: أبو الزناد عن خارجة عن أبيه.
(1/95)
137 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني موسى بن المبارك أبو عمران قال: حدثني عباس بن يزيد قال: سمعت محمد بن عبد الله الأنصاري يقول: حدثني زفر بن الهذيل قال: #96# كنت عند أبي حنيفة يوماً، إذ جاءه بعض جيرانه فقال: يا أبا حنيفة! امرأة ماتت وفي بطنها ولد يرتكض؟ فقال: أدركوها وشقوا بطنها، ففعلوا، فإني يوماً عند أبي حنيفة إذ جاءوه بصبي وفي أذنه تؤمة يعني شنفا فقالوا: يا أبا حنيفة، هذا مولاك، يعنون ذلك الصبي الذي شق بطن أمه وأخرج.
(1/95)
138 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا بكر بن القاسم قال: ثنا يحيى بن المغيرة قال: ثنا عبد الملك العطار قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن سعيد العُقيلي قال: كنت بالكوفة فشهدت وليمة أخوين تزوجا بأختين، فبُني بهما في الليل وأصبح الناس في الوليمة، ودعي إليها ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبو حنيفة وسفيان الثوري وزفر ومنير، وكنت في أصحاب أبي حنيفة، ووضع لكل رجل من هؤلاء مع أصحابه مائدة، فأبطئوا بالطعام، ووجم القوم وغلط بهما، فأدخلت امرأة كل واحد من الأخوين على أخيه وابتنى كل واحد منهما بالمرأة التي أدخلت عليه، فأتوا سفيان، فقال: لكل واحدة منهما مهر، وتستبرئ بثلاثة قروء، وترجع إلى زوجها إن شاء، فلم يعجبهم ذلك، وأتوا غيره فلا أدري ما قال، ثم أتوا أبا حنيفة، فقال له أبو الغلامين: يا أبا حنيفة هلكت، أنفقت مالي، وأخبره الخبر، فقال: علي بالغلامين، فجاءا فخلا بأحدهما فقال: أراغب أنت فيما هجمت عليه؟ قال: نعم، وسأل الآخر؟ فقال: نعم، فأمر كل #97# واحد منهما أن يطلق امرأته وأمر كل واحد منهما أن يعقد النكاح على التي دخل بها، فجدد النكاح، وكبر الناس، ووضع الطعام، فصار لكل واحدة من المرأتين صداقان ونصف، نصف بالطلاق قبل الدخول، وصداق بالمسيس، وصداق للتزويج.
(1/96)
139 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: أخبرني خالد بن صبيح قال: سمعت أبا يوسف يقول: كنا نختلف في المسألة فنأتي أبا حنيفة فنسأله، فكأنما يخرجها من كمه فيدفعها إلينا.
(1/97)
في أصل ما بنى عليه أبو حنيفة -رحمه الله- رأيه
140 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر، قال: حدثني أبو عثمان سعيد بن عثمان التنوخي قال: سمعت نعيم ابن حماد يقول: سمعت أبا عصمة يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اخترنا، وما كان من غير ذلك فنحن رجال وهم رجال.
(1/97)
#98#
141 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: حدثني أحمد بن العباس ومحمد بن مروان قالا: سمعنا يحيى بن معين يقول.
(1/98)
142 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أبو بشر الدولابي وأبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري قالا: ثنا عباس بن محمد الدوري قال: ثنا يحيى بن معين، ثم قالوا: قال: سمعت عبيد بن أبي قرة يقول: سمعت يحيى بن ضريس يقول: شهدت سفيان الثوري وأتاه رجل فقال: ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال: وما له؟ قال: سمعته يقول: آخذ بكتاب الله عز وجل، فما لم أجد فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسوله أخذت بقول أصحابه، آخذ بقول من شئت، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم، فأما إذا انتهى الأمر أو جاء الأمر إلى إبراهيم والشعبي والحسن وابن سيرين وعطاء وسعيد: فأجتهد كما اجتهدوا، قال: فسكت سفيان طويلاً، ثم قال كلمات: ما بقي أحد في المجلس إلا كتبها: نسمع الشديد من الحديث فنخافه، ونسمع اللين فنرجوه، لا نحاسب الأحياء، ولا نقضي على الأموات، نسلم ما سمعنا، ونكل ما لم نعلمه إلى عالمه، ونتهم رأينا لرأيهم.
(1/98)
#99#
143 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: عن أبي يوسف قال: كان أبو حنيفة إذا وردت عليه المسألة قال: ما عندكم فيها من الآثار؟ فإذا روينا الآثار وذكرنا وذكر هو ما عنده نظر، فإن كانت الآثار في أحد القولين أكثر أخذ بالأكثر، فإذا تقاربت وتكافأت نظر فاختار.
(1/99)
144 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي يذكر: عن عبد الله بن المبارك قال: سألت أبا عبد الله سفيان بن سعيد الثوري عن الدعوة للعدو أواجبة هي اليوم؟ فقال: قد علموا على ما يقاتلون، قال ابن المبارك: فقلت له: إن أبا حنيفة يقول في الدعوة ما قد بلغك، قال فصوب بصره وقال لي: كتبت عنه؟ قلت: نعم، قال فنكس رأسه ثم التفت يمنياً وشمالاً، ثم قال: كان أبو حنيفة شديد الأخذ للعلم، ذاباً عن حرام الله عز وجل عن أن يستحل، يأخذ بما صح عنده من الأحاديث التي تحملها الثقات وبالآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أدرك عليه علماء الكوفة، ثم شنّع عليه قوم نستغفر الله، نستغفر الله.
(1/99)
145 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن #100# سلامة قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي قال: ثنا سليمان بن أبي شيخ قال: ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، عن أبي كامل الحنفي قال: قال لي الأعمش: لم ترك صاحبكم -يعني أبا حنيفة- قول عبد الله بن مسعود: ((بيع الأمة طلاقها))؟ قال: قلت له: لما حدثته أنت: عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: أنها ابتاعت بريرة فأعتقتها ولها زوج، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاختارت نفسها. قال: لا يكون التخيير إلا والنكاح قائم، فقال لي الأعمش: لقد ألطف.
(1/99)
146 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: ثنا عبد الرزاق قال: سمعت أبا حنيفة وسألوه عن شيء من الجراحات، فجعل يقول: حكومة حكومة، فكأن بعضهم رد عليه ذلك حتى يسمي إرشاً، فقال أبو حنيفة: نقول حكومة، لأن الجراح بعضها أشد ألماً من بعض، وبعضها أكثر إرشاً من بعض، وإنما نقول حكومة من قد سمع العلم وعرف الاختلاف، فذلك الذي يحكم على قدر ما سمع، ولو أن رجلاً ذهب يحكم ولم يسمع العلم ولا عرف الاختلاف: لم يكن له حكومة ولا اجتهاد.
(1/100)
147 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن هاشم قال: سمعت أبي يقول: سمعت وكيع بن الجراح يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: البول في المسجد أحسن من بعض القياس.
(1/100)
#101#
148 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أبو بشر قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة في حلقة أبي حنيفة بالكوفة يقول: قال أبو حنيفة: هذا الذي نحن فيه رأي لا نجبر أحداً عليه، ولا نقول: يجب على أحد قبوله، فمن كان عنده أحسن منه فليأت به.
(1/101)
149 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا محمد بن قراد قال: ثنا يوسف السمتي، عن أبي حنيفة قال: دخلت على أبي جعفر المنصور وعنده عيسى بن موسى، فالتفت إلى عيسى فقال: هذا عالم الدنيا، ثم التفت إلي فقال: يا نعمان، عمن أخذت العلم؟ قلت: عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، قال: هناك العلم هناك العلم.
(1/101)
150 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أحمد بن إسحاق بن الجوزجاني فقيه سمرقند قال: سمعت سويد ابن نصر يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: لا تقولوا: رأي أبي حنيفة، ولكن قولوا: تفسير الحديث.
(1/101)
#102#
في مجالسة العلماء وإكرامهم إياه، وأخذهم عنه رحمه الله
151 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن العباس بن الربيع وإبراهيم بن أبي داود وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة قالوا: ثنا علي بن معبد بن شداد قال: ثنا عبيد الله بن عمرو قال: كنا عند الأعمش وعنده أبو حنيفة فسئل الأعمش عن مسألة، فقال لأبي حنيفة: أفته يا نعمان، فأفتاه أبو حنيفة، فقال له الأعمش: من أين قلت هذا؟ قال: لحديث حدثتناه أنت، ثم ذكر الحديث، فقال له الأعمش: أنتم الأطباء ونحن الصيادلة.
(1/102)
152 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: في كتابي عن أبي بكر بن أعين: عن علي بن عبد العزيز.
(1/102)
153 - ح وحدثنيه أبو بشر الدولابي عنه، عن علي، عن مسلم بن إبراهيم قال: ثنا حماد بن سلمة قال: كنت آتي حماد بن أبي سليمان فأسأله عن الأحاديث المسندة فيثقل عليه إتياني، فيأتيه أبو حنيفة فإذا رآه قال: قد جاء.
(1/102)
154 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: أخبرني #103# محمد بن الصقر بن مالك بن مغول قال: سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول: أراد الأعمش الحج فقال: من هاهنا يذهب إلى أبي حنيفة يكتب لنا مناسك الحج.
(1/102)
155 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا جبرون بن سعيد بن يزيد قال: ثنا أيوب بن عبد الرحمن أبو هشام قال: حدثني محمد بن رشيد صاحب عبد الرحمن بن القاسم، وكان أسن من سحنون، عن يوسف بن عمرو، عن عبد العزيز الدراوردي أو ابن أبي سلمة قال: رأيت أبا حنيفة ومالك بن أنس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء الآخرة وهما يتذاكران ويتدارسان، حتى إذا وقف أحدهما على القول الذي قال به أمسك الآخر عن غير تعنيف ولا تمعير ولا تخطئة، حتى يصليا الغداة في مجلسهما ذلك.
(1/103)
156 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن سعدان يقول: سمعت أبا سليمان موسى بن سليمان الجوزجاني قال: سمعت حماد بن زيد يقول: ما عرفنا كنية عمرو بن دينار إلا بأبي حنيفة، كنا في المسجد الحرام وأبو حنيفة مع عمرو بن دينار، فقلنا له: يا أبا حنيفة كلمه يحدثنا، فقال: يا محمد حدثهم، ولم يقل: يا أبا محمد.
(1/103)
157 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #104# قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني أبي قال: ثنا عبد الرزاق بن همام قال: قال لي معمر: سل أبا حنيفة، قال عبد الرزاق: وإنما قال هذا لينظر في رأيه يوافقه فيما يقول أو يخالفه، وكان معمر يقول في الشيء برأيه فيحب أن يعلم ما يقولون فيه.
(1/103)
158 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن سعدان قال: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت حماد بن زيد يقول: أردت الحج فأتيت أيوب السختياني أودعه فقال لي: بلغني أن فقيه الكوفة يريد الحج -يعني أبا حنيفة- فإن لقيته فاقرئه مني السلام.
(1/104)
159 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال: سمعت أبي يقول: قال حماد بن زيد: كان جرير بن عبد الحميد خالفني في شيخ فسألت أبا حنيفة عنه، فتابعني على قولي، وقال لي أصحابه: إنه يروي عن هذا الشيخ.
(1/104)
160 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن شجاع قال: سمعت عبد الله بن داود الخريبي ونحن عنده نسمع منه، وكان معنا رجل أقدم منا في الحديث، فجعل يسأله عن أشياء من #105# غسل الميت وعبد الله يجيبه إلى أن قال عبد الله بن داود: وهذا قول أبي حنيفة، فقال الرجل: كأنه يغمز أبا حنيفة، فأعرض عنه عبد الله واحتقره احتقاراً شديداً، ومضى عبد الله في مسائله، وجعل يقول: وهذا قول أبي حنيفة، ثم قال للرجل الذي كان يسأله: تدري من كان يجالس أبا حنيفة؟ كان يجالسه فلان وفلان وداود الطائي حتى عدّ عشرة، والله لو أن أحدهم وزن بأهل الأرض لظننت أنه يرجح بهم.
(1/104)
161 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا جعفر بن أحمد بن الوليد الأسلمي قال: ثنا يحيى بن سليمان، عن علي بن مسهر قال: كنا نأتي سفيان الثوري فنسأله عن المسائل فيجيبنا فيها بغير قول أبي حنيفة، فنخبره بقول أبي حنيفة، فإذا كان بعد ذلك سألناه عنها فيجيبنا فيها بقول أبي حنيفة، فذكرنا ذلك لأبي حنيفة فقال: تفقهوه وتعلموه.
قال علي بن مسهر: فسألت سفيان الثوري عن الرجل، أيكون محرماً لأخت امرأته في السفر بها؟ فقال: نعم، فذكرت ذلك لأبي حنيفة فقال: يلزم قائل هذا القول أن يقول: إذا كان للرجل أربع نسوةٍ كان محرماً لبنات آدم.
(1/105)
162 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: حدثني محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: سفيان الثوري أكثر متابعة لأبي حنيفة مني.
(1/105)
#106#
163 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد بن المبارك قال: ثنا محمد بن سليمان لوين قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: إنما عرف فضل أبي حنيفة من رآه وسمع كلامه.
(1/106)
164 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل وذكر أبا حنيفة فقال: رحمه الله روى عنه الناس: حدثني عارم، عن أبي عوانة، عن أبي حنيفة، وابن المبارك حدثنا عنه، وعباد بن العوام، وحماد بن زيد، وهُشيم بن بشير، ووكيع بن الجراح، وحفص بن غياث، ويحيى بن يمان، وفضل بن دكين، وهوذة بن خليفة، وعبد الله بن داود الخريبي، وحسان بن إبراهيم، وسفيان بن عيينة ويحيى بن سليم، وداود الطائي، وجرير بن عبد الحميد، ورباح بن زيد رووا عنه مناولة.
(1/106)
165 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت أحمد بن منصور الرمادي يقول: أدركنا ممن حدث عن أبي حنيفة: يزيد بن هارون، وعبد الرزاق بن همام، وأبا عاصم النبيل، وأبا نعيم، وأبا عبد الرحمن المقرئ، قال الرمادي: وروى عنه سفيان الثوري، وسفيان بن عيينة، وعباد بن العوام، وحاتم بن إسماعيل، ووكيع، ويحيى بن آدم، وعيسى بن يونس، ويزيد بن هارون، وعبد الله بن داود، وسلم بن سالم.
(1/106)
#107#
166 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر قال: حدثني محمد بن العباس اللؤلؤي قال: ثنا العباس بن طالب قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: قدمت الكوفة فرأيت أبا حنيفة يناظر حماد بن أبي سليمان، وعلى حماد طويلة سوداء، فجعل أبو حنيفة يحتج عليه حتى تقطعت أزرار حماد، وأخذ الطويلة فضرب بها إلى الأرض.
(1/107)
167 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن سعدان يقول: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت سلم بن سالم يقول: كنت قاعداً عند مسعر بن كدام ومعنا سفيان الثوري إذ أقبل أبو حنيفة، فأوسع له مسعر عن صدر مجلسه، فسلم وجلس، فقال له مسعر: ألا تسلم على أبي عبد الله؟ قال: ومن أبو عبد الله؟ قال مسعر: سفيان، فنظر إليه أبو حنيفة فقال: مسكين لقد شيّخ بعدنا.
(1/107)
168 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة يقول: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: إذا استحسنت -والله- الشيء من قول أبي حنيفة أخذت به.
(1/107)
#108#
169 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثنيه أبو بشر قال: سمعت العباس بن محمد بن حاتم يقول قال: وحدثنا أبو معمر قال: ثنا عباس ابن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لا نكذب -والله- ربما استحسنا الشيء من قول أبي حنيفة فنذهب إليه، وقال مرة أخرى: ربما سمعنا بالشيء من رأي أبي حنيفة فاستحسناه فأخذنا به.
(1/108)
170 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: ثنا يوسف بن موسى القطان قال: ثنا جرير بن عبد الحميد قال: قال لي مغيرة الضبي: يا جرير ألا تأتي أبا حنيفة؟
(1/108)
171 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أبو بكر بن أبي خيثمة قال: ثنا إبراهيم بن بشار، عن سفيان بن عيينة قال: مررت بأبي حنيفة في المسجد وإذا أصحابه حوله قد ارتفعت أصواتهم فقلت: يا أبا حنيفة، ألا تنهاهم عن رفع الصوت في المسجد، فقال: دعهم فإنهم لا يتفقهون إلا هكذا.
(1/108)
172 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن #109# سلامة قال: كتب إلي محمد بن عبد الله بن أبي ثور الرعيني: يحدثني عن سليمان بن عمران قال: قال عبد الله بن المغيرة: ثلاث تُشتهى بالكوفة: رأي أبي حنيفة، وحفظ سفيان الثوري، وورع مسعر بن كدام.
(1/108)
173 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: ثنا عبد الله بن عثمان قال: أنبأ سفيان بن عبد الملك قال: قال عبد الله: -أراه ابن المبارك- قال خارجة: قال عبيد الله بن عمر لأبي حنيفة في النبيذ، فقال له أبو حنيفة: أخذناه من قبل جدك. قال: وأي شيء هو؟ قال: ((إذا رابكم فاكسروه بالماء)).
(1/109)
في سؤالاته العلماء وجواباته وفي اعتباره قول مخالفيه
174 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أبا خازم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز يحدث: عن سويد بن سعيد الأنباري، عن علي بن مسهر قال: كنا عند أبي حنيفة فأتاه عبد الله بن المبارك بهيئة خراسان فقال له: رجل رفع قدره على النار، فجاء طائر فوقع فيها فمات؟ فقال أبو حنيفة لأصحابه: ما تأثرون فيها؟ فحدثوه عن ابن عباس أنه قال: يهراق المرق ويغسل اللحم، فقال أبو حنيفة بهذا نقول، ولكنه عندنا على شريطة: إن كان وقع فيها في حال سكونها، فكذلك وإن كان وقع فيها في حال غليانها لم يُوكل اللحم ولا المرق جميعاً، فقال له #110# ابن المبارك: ولم ذلك يا أبا حنيفة؟ فقال: لأنه إذا وقع فيها في حال غليانها تداخل اللحم الميتة، وإذا وقع في حال سكونها وسخ اللحم، فقال ابن المبارك بيده وعقد ثلاثين: هذا زرين، يعني كلاماً من ذهب.
(1/109)
175 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: حدثني أبو موسى عيسى بن أبي راشد قال: ثنا أبو عمر قال: سمعت أبا الليث الجرجاني يقول: أنبأ أبو الأصبع الكوفي قال: بلغني أن قتادة قدم الكوفة فقال: يا أهل الكوفة سلوني، فقام إليه أبو حنيفة فقال: يا أبا الخطاب، ما تقول في رجل.
(1/110)
176 - ح وحدثني إبراهيم بن أحمد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني أبو عبد الله الصائغ المروزي قال: ثنا أبو سعيد الخوارزمي -وكان ثقة- قال: بلغني أن قتادة دخل الكوفة فنزل دار أبي بردة، فاجتمع الناس إليه، فقال قتادة: والله لا يسألني أحد عن مسألة إلا أنبأته فيها من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال حماد بن أبي سليمان: قم يا نعمان فسل هذا عن شيء، فذهب أبو حنيفة فقام في آخر الناس، فقال: ما تقول في امرأة غاب عنها زوجها، فنعي إليها، فاعتدت وتزوجت رجلاً، فقدم زوجها الغائب فقال لها: يا فاعلة تزوجت وأنا حي؟ وقال زوجها الآخر: تزوجت ولك زوج؟ فقال: لا أجيبكم في هذا بشيء ولا في الفقه، سلوني عن تفسير #111# القرآن، فقال أبو حنيفة يا أبا الخطاب أخبرني عن قول الله عز وجل: {قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك}، قال: علم اسم الله الأعظم، فقال أبو حنيفة: كان مع النبي صلى الله عليه وسلم من هو أعلم باسم الله الأعظم منه؟ قال قتادة: لا أجيبكم في التفسير، سلوني عن غير ذلك، فقال أبو حنيفة: أمؤمن أنت؟ قال: أرجو، قال: لم قلت أرجو؟ قال: لقول إبراهيم: {والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}، فقال أبو حنيفة: فهلاً قلت كما قال إبراهيم، حيث قال: {أولم تؤمن قال بلى}، قال قتادة: لا أجيبكم في شيء، فقال أبو حنيفة: نعم نسألك.
(1/110)
177 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا جعفر بن أحمد قال: أنبأ بشر بن الوليد الكندي قال: سمعت أبا يوسف قال: قال ابن أبي ليلى وأنا أسمع: أقر عندي رجل أنه وطئ جارية أمه فقلت له: أوطيتها؟ قال نعم، ثم قلت: أوطيتها؟ قال: نعم، ثم قلت: أوطيتها؟ قال: نعم، ثم قلت: أوطيتها؟ قال: نعم، فأمرت به فضرب الحد وأمرت بالجلواز فأخذ بيده فأخرجه من باب الجسر نفياً له، قال أبو يوسف: فبلغ ذلك أبا حنيفة فقال: لم يقر هذا بالزنا، لو قال رجل: وطئت جارية أمي فقال ذلك أربع مرات في أربعة مواطن لم يحد، لأن الوطي قد يكون حلالاً وقد يكون حراماً، فلم يقر هذا بالزنا.
(1/111)
178 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: ثنا القاسم بن غسان قال: ثنا أبي قال: أنبأ أبو سليمان الجوزجاني قال: أنبا محمد بن الحسن قال: كان أبو حنيفة قد حمل إلى بغداد، فاجتمع #112# أصحابه جميعاً وفيهم أبو يوسف وزفر وأسد بن عمرو وعامة الفقهاء المتقدمين من أصحابه، فعملوا مسألة أيدوها بالحجاج وتنوقوا في تقويمها وقالوا: نسأل أبا حنيفة أول ما يقدم، فلما قدم أبو حنيفة كان أول مسألة سئل عنها تلك المسألة، فأجابهم بغير ما عندهم، فصاحوا به من نواحي الحلقة: يا أبا حنيفة! بلدتك الغربة، فقال لهم: رفقاً رفقاً، ماذا تقولون؟ قالوا: ليس هكذا القول، قال: بحجة أم بغير حجة؟ قالوا: بل بحجة، قال: هاتوا، فناظرهم فغلبهم بالحجاج حتى ردهم إلى قوله، وأذعنوا أن الخطأ منهم، فقال لهم: أعرفتم الآن؟ قالوا: نعم، قال: فما تقولون فيمن يزعم أن قولكم هو الصواب وأن هذا القول خطأ؟ قالوا: لا يكون ذلك، قد صح هذا القول، فناظرهم حتى ردهم عن القول، فقالوا: يا أبا حنيفة، ظلمتنا والصواب كان معنا، قال: فما تقولون فيمن يزعم أن هذا القول خطأ والأول خطأ والصواب في قول ثالث؟ فقالوا: هذا ما لا يكون، قال: فاستمعوا واخترع قولاً ثالثاً، وناظرهم عليه حتى ردهم إليه، فأذعنوا وقالوا: يا أبا حنيفة، علمنا، قال: الصواب هو القول الأول الذي أجبتكم به لعله كذا وكذا، وهذه المسألة لا تخرج من هذه الثلاثة الأنحاء، ولكل منها وجه في الفقه ومذهب، وهذا الصواب فخذوه وارفضوا ما سواه.
(1/111)
179 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يحدث: عن الوليد بن حماد الكوفي قال: قلت لعمي الحسن بن زياد: ألست قد رأيت زفر بن الهذيل وأبا يوسف عند أبي حنيفة؟ قال: بلى، قلت: فكيف رأيتهما عنده؟ قال: كعصفورين قد #113# انقض عليهما بازي.
(1/112)
180 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: سمعت محمد بن جابر اليمامي يقول: كان حماد بن أبي سليمان يقعد ويجيء النعمان بن ثابت أبو حنيفة، فيتكلم حماد فيقول له النعمان: فإن كان كذا، فإن كان كذا؟ فيغضب حماد ويقوم ويقول له: لبست علينا.
(1/113)
في دخول أبي حنيفة على الخلفاء، وصدعه إياهم بالحق، وتركه قبول جوائزهم
181 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي قال: حدثني محمد بن إسحاق البغوي قال: حدثني أبي قال: حدثني إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: حدثني أبي حماد بن أبي حنيفة قال: كتب أبو جعفر المنصور والي الكوفة في إشخاص أبي حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة، قال: فقدموا قبل شخوصهم بيوم رجلاً يأخذ لهم منزلاً ببغداد، ثم شخصوا، قال حماد: وخرجت مع أبي لأخدمه، فلما صرنا إلى بغداد بدأنا بباب أبي جعفر المنصور، فاستؤذن لهم فأذن لهم، فدخلوا وأمسكت حمار أبي، قال: فاحتبسوا عنده ثم خرجوا، فقدمت حمار أبي إليه ثم قلت: يا أبه ما وراك؟ قال: شر يا بني، فقلت: ما هو؟ قال: حتى نصير إلى المنزل، فلما صرنا إلى المنزل قال لي: يا بني دخلنا على هذا الرجل، فلما #114# أخذنا مجلسنا قال لنا: ألستم تروون عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المؤمنون عند شروطهم؟ )) قلنا: بلى، قال: فإن أهل الموصل شرطوا لي أن لا يخرجوا علي، فمتى خرجوا علي فأنا في حل من دمائهم وأموالهم، وقد خرجوا علي، وأقبل على ابن شبرمة وابن أبي ليلى فقالا له: يا أمير المؤمنين، رعيتك ويدك المبسوطة عليهم، وقولك المقبول فيهم، فإن عفوت فأهل ذلك أنت، وإن عاقبت فبما يستحقون، فأقبل علي وقال لي: يا شيخ، إياك أريد فتكلم، قال: قلت: يا أمير المؤمنين، ألسنا في بيت أمان؟ قال: بلى، قال: قلت له: شرطوا لك ما لا يملكون، وشرطت عليهم ما ليس لك، وأخذتهم بما لا يحل لك، وشرط الله أحق أن يوفى به، قال: قوموا عني، فقمنا، قال: فمكثنا على ذلك أياماً، ثم دعا بهم، فدخلوا فلم يلبثوا أن خرجوا، فقلت لأبي: يا أبه، ما الخبر؟ قال: خير يا بني، إنا لما دخلنا التفت إلي فقال لي: يا شيخ فكرت فيما قلت لي، فإذا القول ما قلت، ارجعوا إلى بلدكم، قال: فرجعنا من فورنا إلى الكوفة.
(1/113)
182 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا عمر بن شبة قال: حدثني أبو نعيم قال: سمعت زفر بن الهذيل يقول: كان أبو حنيفة يجهر في أمر إبراهيم بن عبد الله بن #115# حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه جهراً شديداً، فقلت له: والله ما أنت بمنته حتى نؤتى فتوضع في أعناقنا الحبال، قال أبو نعيم: فغدوت أريد أبا حنيفة، فلقيته راكباً يريد وداع عيسى بن موسى قد كاد وجهه يسود، فقدم بغداد وأدخل على أبي جعفر.
(1/114)
183 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن شجاع يقول: سمعت شيخاً يكنى أبا معشر يحدث بهذا الحديث، فسألت الحسن بن أبي مالك عنه، فقال: هذا مشهور من أمره ما زلنا نتذاكر هذا ونتحدث به، قال: جيء بالحسن بن عمارة إلى أبي جعفر المنصور فأمر له بجائزة، قال: فجاء الحسن بن عمارة إلى أبي حنيفة فقال له: يا أبا حنيفة قد احتجت إليك اليوم وإلى رأيك، قد أمر لي بجائزة، وذكر ألوف دراهم، فإن لم أقبلها خشيت أن أقتل، فاحتل لي في صرفها عني. فقال له أبو حنيفة: لا تردها ولا تقتضيها، فلست تبتدأ بها، ففعل الحسن ذلك فلم يأخذها ولم يبتدأ بها، قال وأمر لأبي حنيفة بعشرة آلاف درهم، وكان المتولي لإعطاء ذلك: الحسن بن قحطبة، فلما أحس أبو حنيفة بأنه يرسل بها إليه، وكذلك أمر الحسن بن قحطبة تمارض أبو حنيفة، فلما كان اليوم الذي قيل إنه يرسل بها فيه أصبح أبو حنيفة ذلك اليوم لا يكلم أحداً كأنه مغمى عليه، وأتي في ذلك اليوم بالدراهم، جاء بها رسول الحسن ابن قحطبة، فدخل عليه، فقالوا له: ما تكلم اليوم بكلمة، قال: فكيف أصنع؟ قالوا: أنظر ما #116# ترى، قال: فوضعها في مسجد في ناحية البيت وانصرف، قال: فمكثت تلك البدرة في ذلك الموضع إلى أن مات أبو حنيفة، وكان ابنه حماد غائباً، فقدم بعد موته فحمل البدرة، فأتى بها باب الحسن بن قحطبة فاستأذن، فأذن له، فدخل فقال: إني وجدت في وصية أبي إذا أنا مت ودفنت فخذ هذه البدرة التي في زاوية البيت فائت بها الحسن بن قحطبة وقل له: هذه وديعتكم التي كانت عندنا، قال: فأدخلت البدرة فنظر إليها الحسن بن قحطبة، ثم قال لحماد: رحم الله أباك لقد شح على دينه إذ سخت به أنفس القوم.
(1/115)
184 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: ثنا القاسم بن غسان قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا الحسن بن أبي مالك قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول وذكر أبو حنيفة بين يديه: ماذا يقال في رجل عرضت عليه الدنيا والأموال الجليلة فنبذها.
(1/116)
في نهيه عن الكلام في القرآن وغيره وزجره عنه
185 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: جاء رجل إلى مسجد الكوفة يوم الجمعة فدار على الحلق يسألهم عن القرآن، وأبو حنيفة غائب في مكة، فخاض الناس في ذلك #117# واختبطوا، ووالله ما أحسبه إلا كان شيطاناً تصور في صورة الإنس، فانتهى إلى حلقتنا فسألنا بعضنا بعضاً عن الجواب في ذلك، وقلنا له: شيخنا غائب وليس بحاضر ونكره أن نتقدمه بكلام، حتى يكون هو المبتدئ به، فانصرف عنا.
قال أبو يوسف: فلما قدم أبو حنيفة تلقيناه بالقادسية فسلمنا عليه، وسألنا عن الأهل والبلد، فأخبرناه ثم قلنا له بعد أن تمكنا: يا أبا حنيفة، وقعت مسألة فما تقول فيها؟ فكأنه كان في قلوبنا وأنكرنا وجهه، وظن أنها مسألة مفتنة، وإنا قد تكلمنا فيها بشيء، فقال: ما هي؟ قلنا: كذا وكذا، فأخبرناه بما سأل عنه الرجل، فأسكت ساعة ثم قال لنا: فما كان جوابكم فيها؟ قلنا لم نتكلم فيها بشيء، وخشينا أن نتكلم بشيء تنكره، فسري عنه وأسفر وجهه وقال: جزاكم الله خيراً، جزاكم الله خيراً، احفظوا وصيتي: لا تتكلموا فيها بكلمة واحدة أبداً، ولا تسألوا عنها أحداً أبداً، انتهوا إلى أنه كلام الله عز وجل بلا زيادة حرف واحد، ما أحسب هذه المسألة تنتهي حتى توقع أهل الإسلام في أمر لا يقومون له ولا يقعدون، أعاذنا الله وإياكم من الشيطان الرجيم.
(1/116)
186 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن زياد اللؤلؤي، يقول: أتيت داود الطائي أنا وحماد بن أبي حنيفة فجرى ذكر شيء، فقال داود الطائي لحماد: يا أبا إسماعيل مهما تكلم فيه المتكلم من شيء رجاء أن يسلم منه، فليحذر أن يتكلم في القرآن إلا بما قال الله عز وجل فيه، فلقد سمعت أباك -يعني أبا حنيفة- يقول: أعلمنا الله أنه كلامه، فمن أخذ بما علمه الله فقد #118# استمسك بالعروة الوثقى. فهل بعد التمسك بالعروة الوثقى إلا السقوط في الهلكة، فقال حماد لداود: جزاك الله خيراً من أخٍ، فنعم ما أشرت به.
قال أبو عبد الله محمد بن شجاع: فذكرت هذا الكلام لأبي عاصم النبيل فجعل يستحسنه، وقال: ومن يدري ما بعد هذا أنه كلام الله عز وجل إلا الله، قال محمد بن شجاع: فذكرته للحسن بن أبي مالك فقال: صدق، لقد كنا بطانة أبي يوسف وخاصته، ولقد كان يقول لنا: لو أني قدرت على أن أقاسمكم ما في قلبي من العلم وما عندي لفعلت، وكان ناصحاً -رحمه الله-، وما سمعته يرخص في شيء من هذا، ولقد كان ينهى عنه أشد النهي.
(1/117)
187 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: قال محمد بن شجاع: وسمعت الحسن بن زياد يقول: وقال له رجل في مسألة ذكرها عن زفر وأبي يوسف: أكان زفر نظر في الكلام؟ فقال: سبحان الله ما أسخفك، تقول لأصحابنا ومشيختنا نظروا في الكلام، هؤلاء بيوت العلم والفقه، إنما يقال: نظر في الكلام لمن لا عقل له، هؤلاء كانوا أعلم بالله عز وجل وبحدود الله من أن يدخلوا في الكلام الذي تعني، ما أدركت مشيختنا أبا حنيفة ومن قبله وزفر وأبا يوسف يهمهم غير الفقه والاقتداء بمن تقدمهم، قال الرجل له: فإن فلاناً -يعني بشراً المريسي- يقول: إن قوله في القرآن قول أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف، فقال له: كذب والله، ما سمعت أحداً منهم يتكلم في شيء من هذا، ولا بلغني ذلك عنه، فهلا قلت له: أنت لم تصحب أبا حنيفة ولا زفر، ولكن صاحبت أبا يوسف فلم طردك؟ فمن أبين كذباً من هذا.
(1/118)
188 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن #119# سلامة قال: سمعت علي بن الحسين أبا عبيد القاضي يقول: حدثني ابن فهم قال: حدثني ابن زنجويه قال: حدثني أحمد بن حنبل قال: كنت في مجلس أبي يوسف حتى أمر ببشر المريسي فجر برجله فأخرج، ثم رأيته بعد ذلك، فقيل له: على ما فعل بك رجعت إلى المجلس؟ فقال: لست أضيع حظي من العلم لما فعل بي بالأمس.
(1/118)
189 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر قال: ثنا يوسف بن خلف المتطبب قال: ثنا نعيم بن حماد قال: ثنا عبد الله بن المبارك قال: كتب أبو حنيفة في بعض ما يكتب إلى بعض إخوانه: مع أن إبليس لم يقدر مع حيلته وزينته وخدعه وإضلاله الناس بألوان البدع على أن يخترع كذبة مضلة، ثم يثبتها في قلوب أهل العدل والصلاح ويجمع عليها كلمتهم حتى يُصدق بها أهل كل أفق من آفاقهم، حتى لا يأتي بلداً من بلاد المسلمين: إلا وجدت المعروفين بالفقه في دينهم والصلاح في أمورهم والعلم بسنن نبيهم صلى الله عليه وسلم، وأهل الرواية لحديثه يتخذون تلك الكلمة المضلة علماً وفقهاً إسنادهم فيها واحد، واجتهادهم فيها يوافق بعضهم بعضاً، لم يقدر إبليس وأشياعه على ذلك من أمر المسلمين فيما مضى، وهو على أن لا يقدر على ذلك من هذه الأمة أبعد، إن المسلمين في حال جماعتهم وألفتهم بهديهم وقرب نبيهم صلى الله عليه وسلم لم يكونوا ليقاروا كذباً يتقول على نبيهم صلى الله عليه وسلم بما خالف كتاب الله عز وجل وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا ليجهل عدل ذلك من جوره وكذب ذلك من صدقه علماؤهم وفقهاؤهم، لأنها لم تكن تجتمع على الجهل #120# والجور الظاهر، ولا الكذب المستعلن به في دينهم وعلى نبيهم صلى الله عليه وسلم، ولا ليقاروا أهله عليه يتخذونه في كل زمان من أزمنتهم فقهاً وعلماً.
(1/119)
في اعتباره حكم القضاة، وإنكاره عليهم وعلى غيرهم
190 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: ثنا أبي قال: انصرف ابن أبي ليلى من مجلس الحكم فلقي امرأة تدعى بلقب لها، فصاح بها رجل بذلك اللقب، فقالت له: يا ابن الزانيين، فأمر بها ابن أبي ليلى فأخذت ورجع إلى مجلس الحكم فضربها حدين قائمة في المسجد في مقام واحد، فبلغ ذلك أبا حنيفة، فقال: أخطأ قاضيكم اليوم في ست خصال: رجع إلى مجلس الحكم بعد أن قام منه، وطلب الحد لمن لم يطلبه، وأقام الحد في المسجد، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تقام الحدود في المساجد، وضرب المرأة قائمة والنساء لا يضربن قياماً، وضربها حدين وإنما عليها حد واحد، ولو #121# كان عليها حدان لما كان ينبغي أن يجمعهما جميعاً في مقام واحد، وإنما كان ينبغي أن يقيم أحدهما عليها، فإذا برئت من الضرب وخف أقام عليها الآخر، قال سليمان: ونسيت السادسة. قال لنا أبو جعفر: ما نسي شيئاً، السادسة هي قوله: ولو كان عليها حدان لما كان ينبغي أن يجمعهما عليها في مقام واحد.
(1/120)
191 - قال القاضي أبو العباس: ثنا أبو القاسم الحسين بن عبد الله القرشي ثنا أبو جعفر الطحاوي وذكر الحديث مثله إسناداً ومتناً.
(1/121)
192 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع قال: سمعت حبان يقول: -وكان من أصحاب أبي حنيفة- قال: قيل لابن أبي ليلى: إنك كلما قضيت بشيء نقضه أبو حنيفة عليك، قال: وكان ابن أبي ليلى يقضي بالقضاء فيعرض على أبي حنيفة فيكون على خلاف الصواب عنده فينقضه، ويقول للخصم: أدخل عليه كذا، فيدخل عليه الخصم ذلك الحجاج فيكسر عليه قوله، فشكى ذلك ابن أبي ليلى إلى عيسى بن موسى، فأمره عيسى ألا يفتي، قال: فسئل في منزله عن مسألة، فأبى أن يفتي وقال: إني قد قلت: إني لا أفتي.
(1/121)
193 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن سعدان، عن أبي سليمان الجوزجاني، عن محمد بن الحسن.
(1/121)
194 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثنا أحمد بن محمد بن الحسن بن السكن العامري قال: ثنا محمد بن حاتم المؤدب قال: ثنا محمد بن الحسن.
(1/121)
#122#
195 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن العباس قال: ثنا علي بن معبد قال: ثنا محمد بن الحسن.
(1/122)
196 - وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثنا الوليد بن العباس ابن مسافر الخولاني قال: ثنا علي بن معبد بن شداد قال: ثنا محمد بن الحسن، قالوا كلهم: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن أبي حنيفة في رجل مات وقسم ميراثه بين غرمائه قال: لا آخذ من الغريم كفيلاً، ولا آخذ من الوارث كفيلاً، هذا شيء احتاطت به القضاة وهو ظلم.
(1/122)
197 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين البغدادي قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يقول: قال عبد الله بن الحسن: حدثني بعض أصحابنا: أن أبا جعفر المنصور ولى بيت المال رجلاً من المحدثين من أهل الشام منظور إليه، ثم إنه نظر في حسابه فوجده قد أخذ ثمانين ألفاً، فسأله عن ذلك؟ فقال: أخذتها لأن لي ولقرابتي في هذا الفيء من النصيب مثل الذي أخذت فلم أتعد، فاشتد ذلك على المنصور وأن ينتشر هذا المذهب في العامة، وكره أن يهجم عليه أو يقدم، فاستشار في أمره، فأشير عليه بأبي حنيفة، فوجه إلى أبي حنيفة فأشخصه وجمع بينه وبين الرجل، فاحتج الرجل عند أبي حنيفة بأن له ولقرابته في هذا الفيء بقدر ما أخذ، وأنه على أن يفرق ذلك في قرابته، فقال له أبو حنيفة: أرأيت مالاً بيني وبينك على #123# رجل صار إليك منه طائفة، أليس ذلك الذي صار إليك بيني وبينك على قدر ما كان لنا على الغريم أم هو لك دوني؟ قال: بل هو بيني وبينك على قدر مالنا عليه، فقال له أبو حنيفة: فأنا وجميع المسلمين شركاء لك فيما أخذت، ليس لك أن تختص بشيء دوننا، وعليك أن تخرج مما أخذت، وعليك لكل ذي حق حقه، وهذا ما لا تدركه، قال: فرد الرجل المال إلى بيت المال.
(1/122)
198 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني يقول: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول: سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول: كان رجل يجالس أبا حنيفة، فجعل أبو حنيفة يصف الفجر وطلوعه، فقال له الرجل: فإن طلع نصف الليل؟ فقال له أبو حنيفة: اسكت يا أعرج، قال المزني: يعني أعرج العقل.
(1/123)
199 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت بكار بن قتيبة يقول: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: كنا عند أبي حنيفة بمكة فكثر عليه أصحاب الحديث وأصحاب الرأي فقال: ألا رجل يذهب إلى صاحب الربع حتى يفرق هؤلاء عنا، فقلت له: أنا أذهب إليه ولكن معي مسائل أحب أن أسأل عنها، فقال: ادن فاسأل، فدنوت فسألته وسأله غيري فأجابه، ونسي ثم كثر عليه سؤالهم، فقال: قد كان هاهنا فتىً زعم أنه يذهب إلى صاحب الربع فمن هو؟ فقلت أنا هو، فقال لي: ألا تذهب إليه كما زعمت، فقلت: يا أبا حنيفة إني لم أقل أذهب الساعة، أنا قلت: إني #124# أذهب إليه بلا وقت سميته ولا أردته فذلك على وقت ما، فقال: أتحتال علي، إن مخاطبات الناس لا تقع على هذا، يريد: إنما هي على الفور.
(1/123)
في شدته على أهل البدع والأهواء
200 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن شجاع الثلجي يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: يقدم علينا من هذا الوجه صنفان كافران: الجهمية والمشبهة، يعني من خراسان.
(1/124)
201 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي، ثنا أبو حفص المروزي، ثنا بشر بن يحيى، عن النضر بن محمد قال: قال أبو حنيفة: كان جهم ومقاتل فاسقين، أفرط هذا في التشبيه، وهذا في النفي.
(1/124)
202 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام. قال: ثنا هارون بن عبد الله بن مروان الحمال قال: ثنا سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد قال: جلست إلى أبي حنيفة بمكة فقلت له: حدثنا أيوب قال: رآني سعيد بن جبير قد جلست إلى طلق بن حبيب فقال لي: ألم أرك جلست إلى طلق، لا تجالسه. قال أبو حنيفة: كان طلق يرى القدر.
(1/124)
#125#
في مذهبه في أخذ الحديث
203 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: كان أبو حنيفة لا يرى أن يروي من الحديث إلا ما حفظه عن الذي سمعه منه.
(1/125)
204 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: ثنا أبي قال: أملى علينا أبو يوسف قال: قال أبو حنيفة: لا ينبغي للرجل أن يحدث من الحدييث إلا ما يحفظه من يوم سمعه إلى يوم يحدث به.
(1/125)
205 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: ثنا سليمان بن بكار قال: ثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم قال: قال لي أبو حنيفة: اقرأ علي وقل: حدثني، وقال لي مالك بن أنس مثل ذلك.
(1/125)
206 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن حماد مولى بني هاشم، ثنا إبراهيم بن سعيد قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت إسحاق بن الحسن الكوفي يقول: كنت قاعداً عند أبي حنيفة فأورد عليه رجل كتاباً بشفاعة ليحدثه، فقال: ما هكذا يتعلم #126# العلم، ولا ينبغي للعالم أن يكون ذلك حظه منه.
(1/125)
207 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني أبي قال: حدثني الضحاك بن مخلد أبو عاصم.
(1/126)
208 - ح قال محمد: وحدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا أبو عاصم قال: سمعت أبا حنيفة يقول: القراءة جائزة -يعني عرض الكتب- قال: وسمعت ابن جريج يقول: هي جائزة، قال: وسمعت مالك بن أنس يقول: هي جائزة.
(1/126)
209 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة يقول: سمعت يعقوب بن أحمد قال: سمعت أبا عاصم النبيل يقول: سألت ابن جريج ومالك بن أنس وسفيان، وسألت أبا حنيفة عن الرجل يُقرأ عليه الحديث يقول: أخبرنا أو كلاماً هذا معناه؟ فقالوا: لا بأس.
(1/126)
210 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو دجانة أحمد بن إبراهيم بن الحكم المعافري إملاء، حدثني يحيى بن عبد الرحيم قال: ثنا أبو عاصم قال: أخبرني ابن جريج وابن أبي ذئب وأبو حنيفة ومالك بن أنس والأوزاعي والثوري كلهم يقولون: لا بأس إذا قرأت على العالم أن تقول: أخبرنا.
(1/126)
#127#
211 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الأصبهاني قال: ثنا إبراهيم بن عيسى الطرسوسي قال: ثنا نعيم بن حماد قال: قال عبد الله بن المبارك: قال أبو حنيفة: أتيت المدينة لأكتب عن نافع مولى ابن عمر فسمعته يقول: كال ابن عمر، فتركته وقلت: كيف أكتب عن رجل لا يحسن يقول قال ابن عمر.
(1/127)
212 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن نوح أبو الحسن الجنديسابوري قال: حدثني جعفر بن محمد الطنافسي قال: قلت ليحيى بن معين: يا أبا زكريا، كان أبو حنيفة يكذب؟ قال: كان أبو حنيفة أنبل من أن يكذب.
(1/127)
في كراهته للفتوى
213 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا محمد بن سليمان لوين، ثنا خالد بن يزيد الزيات قال: سمعت أبا حنيفة يقول: من أبغضني جعله الله مفتياً.
قال: وقال أبو حنيفة: الفتيا ثلاثة: فمن أصاب خلص نفسه، ومن أفتى بغير علم ولا قياس هلك وأهلك، والثالث جاهل يريد العلو لم يعلم ولا يقيس. قال خالد: قيل لأبي حنيفة عند ذلك، هل عبدت الشمس إلا بالمقائيس؟ #128# فقال: غفر الله لك الفهم ثم القياس على العلم وسل الله التوفيق للحق.
(1/127)
214 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا محمد بن أبي رزمة قال: سمعت أبا وهب قال: بلغني عن عبد الله بن المبارك: أن أبا حنيفة قال: وددنا أنا نقوم كما نقعد ومع هذا أن لو ندع يعني الفتوى.
(1/128)
215 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: أنبا إبراهيم بن سعيد قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: حدثني إسحاق بن الحسن الكوفي قال: جاء رجل إلى سوق الخزازين بالكوفة يسأل عن دكان أبي حنيفة الفقيه؟ فقال له أبو حنيفة: ليس هو بفقيه هو مفتي متكلف.
(1/128)
في بره بوالدته وطاعته لها
216 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يقول: حدثني سليم ابن منصور قال: حدثني حجر بن عبد الجبار الحضرمي قال: كان في مسجدنا قاص يقال له زرعة، فنسب مسجدنا إليه، وصار له صوت في الكوفة، فأرادت أم أبي حنيفة أن تستفتي في شيء، فأفتاها أبو حنيفة، فقالت: لا أقبل إلا ما يقول زرعة القاص، فقال لها: إن الذي أقول لك هو كما أقول، وزرعة قاص #129# ليس عنده فقه، فأبت، فجاء بها أبو حنيفة إلى زرعة فقال: هذه أمي تستفتيك، فقال له زرعة: أنت أفقه وأعلم أفتها، قال: قد أبت إلا فتواك، وقد قلت لها كذا وكذا فأفتها، فأفتاها بما قال أبو حنيفة ثم ردها.
(1/128)
217 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن زياد يقول: حلفت أم أبي حنيفة على يمين، فقالت لأبي حنيفة: سل فلاناً القاص عن يميني، قال: فذهب أبو حنيفة إليه، فلما رآه أكرمه وبجله وقال له: حاجتك يا أبا حنيفة؟ فقال له: إن أمي حلفت بيمين وأمرتني أن أسألك عنها، فأي شيء تقول فيها؟ فقال: سبحان الله! يا أبا حنيفة مثلك يهزأ بي، قال: لم أرد هذا ولكنها أمرتني وكرهت أن أخالفها، قال: فافتني فيها، فقال أبو حنيفة: الجواب فيها كذا وكذا، قال القاص فقل لها عني: إن الجواب كذا وكذا، قال: وأظن أنه قال لأمه: أنا أفتيك، فقالت: لا إلا القاص.
(1/129)
218 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي: قال: ثنا القاسم بن غسان القاضي قال: قال ابن شجاع: قال الحسن بن أبي مالك: بلغني أن أبا حنيفة قال: ما كان شيء نالني عند الضرب أشد علي من غم والدتي بي وما نزل بها.
(1/129)
#130#
في حسن مبايعته وتوفيه فيها وطيب ماله
219 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع الثلجي يقول: سمعت حبان يقول: أتت امرأة أبا حنيفة بثوب تعرضه عليه في السوق، فقال لها: بكم تبيعينه؟ قالت: بمائة درهم، قال لها: هو خير من ذاك فقولي غير هذا القول، قالت: فبمأتين، قال: هو خير من ذاك، قالت: فبثلاث مائة، قال: هو خير من ذاك، قالت: فأربع مائة، قال: هو خير من ذاك وأنا آخذه بأربع مائة.
(1/130)
220 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك مولى بني هاشم قال: حدثني محمد بن هوازن قال: ثنا خالد بن يزيد أبو خالد البلوي قال: جاء رجل إلى أبي حنيفة فقال: أرشدت إليك تبيعني ثوبين أريدهما لأمي وزوجتي وأحسن بيعي، فقال له: أي لون تريد؟ فوصف له، فقال: أنتظرني جمعتين، قال: نعم، فذهب ثم جاء بعد ذلك، فدفع إليه ثوبين وديناراً واحداً، وقال له: إني لم أخسر عليك، إني جعلت لك بضاعة فرزقت من عند الله عز وجل فاحمده، فقلت له أو قيل له: يا أبا حنيفة، هل جرت بينكما معرفة قديمة؟ قال: لا ألم تسمع إلى قوله: ((وأحسن بيعي)).
حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال: إذا قال الرجل للرجل: أحسن بيعي فقد ائتمنه فلم أكن أبقي من الإحسان شيئاً إلا أتيته لتسلم لي أمانتي.
(1/130)
#131#
221 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن زياد يقول: دخلت أنا وحماد بن أبي حنيفة على داود بن نصير الطائي، فجرى ذكر شيء، فلما أراد القيام أخرج حماد من كمه صرة فيها أربع مائة درهم، فقال له: يا أبا سليمان خذ هذه فانتفع بها، فقد بلغني ما أنت فيه من الضيق، وقد عرفت ما بيني وبينك من الصداقة، فقال له داود: ما بي إليها حاجة، فقال له حماد: إنها ليست مما كسبت، إنها من ميراثي عن أبي حنيفة، فقال له داود: هذه من ميراثك عن أبي حنيفة؟ وجعل يردد الكلام كالمتعجب من طيبها، وقال: لو قبلت شيئاً لقبلتها، وجعل ينظر إليها وإليه بالتعظيم ولم يقبل منها شيئاً رحمه الله.
(1/131)
ما روي عنه في الإرجاء وكراهته أن ينسب إليه رحمه الله
222 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني إبراهيم بن الجنيد قال: حدثني داود بن أمية المروزي قال: سمعت عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد يقول: جاء رجل إلى أبي حنيفة سكران #132# فقال لي: يا مرجئ، فقال له أبو حنيفة، لولا أني أثبت لمثلك الإيمان ما نسبتني إلى الإرجاء، ولولا أن الإرجاء بدعة ما باليت أن أنسب إليه.
(1/131)
223 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن الجنيد قال: ثنا عبيد بن يعيش قال: ثنا وكيع قال: كان سفيان الثوري إذا قيل له: أمؤمن أنت؟ قال: نعم، فإذا قيل له: عند الله؟ قال: أرجو، قال: وكان أبو حنيفة يقول: أنا مومن هاهنا وعند الله، قال وكيع: قول سفيان أحب إلينا.
(1/132)
224 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: ثنا القاسم بن غسان المروزي القاضي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن يعلى زنبور قال: ثنا أبو حنيفة قال: كنت عند عطاء بن أبي رباح فأتاه علقمة بن مرثد فقال: يا أبا محمد إن قبلنا قوماً لا يقولون نحن مؤمنون.
(1/132)
225 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني إبراهيم قال: ثنا عبد الواحد بن أحمد الرازي بمكة، ثنا موسى بن سهل الرازي قال: أنبأ بشار ابن قيراط، عن أبي حنيفة قال: دخلت أنا وعلقمة بن مرثد على عطاء بن أبي رباح فقلنا له: يا أبا محمد إن ببلادنا قوماً يكرهون أن يقولوا: إنا مؤمنون، ثم قالا: قال عطاء: ولم ذاك؟ قال: يقولون إن قلنا: نحن مؤمنون، قلنا: نحن من أهل الجنة، فقال عطاء: فليقولوا: نحن مؤمنون ولا يقولوا: نحن من أهل الجنة، فإنه ليس من ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا ولله عز وجل عليه الحجة، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، ثم قال عطاء: يا علقمة إن أصحابك كانوا يسمون أهل الجماعة، حتى كان نافع بن الأزرق فهو الذي سماهم المرجئة، #133# قال القاسم: قال أبي: وإنما سماهم المرجئة فيما بلغنا أنه كلم رجلاً من أهل السنة فقال له: أين تنزل الكفار في الآخرة؟ قال: النار، قال: فأين ينزل المؤمنون؟ قال المؤمنون على ضربين: مؤمن بر تقي فهو في الجنة، ومؤمن فاجر ردي فأمره إلى الله عز وجل، إن شاء عذبه بذنوبه، وإن شاء غفر له بإيمانه، قال: فأين تنزله؟ قال: لا أنزله، ولكني أرجي أمره إلى الله عز وجل، قال: فأنت مرجي.
(1/132)
في حسن جواره وحسن عشرته
226 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع ابن الجراح قال: سمعت أبي يذكر عن يزيد بن كميت قال: كان لأبي حنيفة جار سوء يكنى أبا حماد، وكان يلتقط البعر والشوك ويبيعه، فربما شرب وتغنى:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ...
فكان أبو حنيفة إذا سمعه يضحك منه، فأخذه الحرس ليلة سكراناً فسجنه، ففقد أبو حنيفة صوته، فقال: ما فعل أبو حماد الذي كان يقول:
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ...
قالوا: حبس، قال: ما علمت، فلما أصبح وجه إلى الوالي فتخلصه، ثم قال: يا أبا حماد لم يضيعك جيرانك ووهب له مائة درهم.
(1/133)
227 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #134# قال: حدثني محمد بن سعدان قال: حدثني الضبي معلم المعتز أمير المؤمنين قال: كان أبو أسيد يجالس أبا حنيفة، وكانت فيه غفلة شديدة، وكان شيخاً عفيفاً وكان يخطى مزدوج، وكان أبو حنيفة كثيراً ما يضحك منه ومن نوادره، وإنه كان جالساً في حلقة أبي حنيفة وإلى جانبه رجل، فقال أبو أسيد للرجل: ارفع ركبتك فإني أريد أن أبول، وإنما أراد أن يبزق، فقال الرجل لأبي حنيفة: ألا تسمع ما يقول أبو أسيد؟ يريد أن يبول في المسجد؟ فقال أبو أسيد للرجل: أليس يقال: إذا جالست العلماء فجالسهم بقلة الوقار والسكينة، فضحك أبو حنيفة والقوم منه، قال وكان أبو أسيد يوماً جالساً في الشارع إذ مروا ببكرة سمينة فقال: ليتها لي، فقالوا: ما تصنع بها يا أبا أسيد؟ قال: أختنها وأنحر أبني، قال: وتهيأ مرة يوم الأحد ولبس ثياب الجمعة وتطيب وخرج من منزله، فجلس إلى صديق له في العطارين فحادثه ساعة ثم قام وقال: ألا تقوم بنا إلى الجمعة؟ فقال له العطار: يا أبا أسيد اليوم الأحد، الناس يغلطون بيوم وأنت تغلط بالأسبوع كله؟ قال: ما ظننت إلا أنه الجمعة.
قال: ومرض فعاده أبو حنيفة فقال له: كيف حالك وكيف تجدك؟ قال: بخير، فقال له أبو حنيفة: أطعموك اليوم شيئاً؟ قال: نعم مرقة زب حبيب ورمان، فضحك أبو حنيفة وقال له: أنت في عافية.
(1/133)
آخر الجزء الثاني من أجزاء شيخنا
#135#
في البشرى من الله عز وجل له
228 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل قال: حدثني القاسم بن غسان القاضي قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: دخلت على الحسن بن صالح في آخر اليوم الذي دفن فيه أخاه علي بن صالح، فرأيته يستطعم حديثاً من رجل ويضحك، قلت له: سبحان الله! يا أبا محمد تدفن أخاك علياً غدوة وتضحك في آخر النهار؟ قال: إنه ليس على أخي من بأس، قلت: وكيف ذاك؟ قال: دخلت عليه صدر نهاره فقلت: يا أخي كيف تجدك؟ قال: مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً. فتوهمته قرأ آية من القرآن فتركته ساعة ثم قلت له: يا أخي كيف تجدك؟ قال: مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين وأعاد الآية إلى آخرها، فقلت: أي أخي أتقرأ القرآن أم ترى #136# شيئاً؟ قال: أو لا ترى ما أرى؟ قلت: لا، فماذا ترى؟ قال: بلى، ورفع يده، فقال: هذا نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم يضحك إلي ويبشرني بالجنة، وهؤلاء الملائكة معه كذلك بأيديهم حلل السندس والإستبرق وأطباق الطيب، وهؤلاء الحور العين متحليات متزينات ينتظرن متى أصير إليهن، فقال هذا وقضى رحمه الله، فلماذا أحزن عليه وقد صار إلى نعيم.
قال القاسم فحدثني أبي قال: حدثني أبو نعيم قال: فلما كان بعد أيام صرت إلى الحسن بن صالح فقال لي حين رآني: يا أبا نعيم علمت أني رأيت أخي البارحة في منامي كأنه صار إليّ وعليه ثياب خضر، فقلت له: يا أخي ألست قد مت؟ قال: بلى، قلت: فما هذه الثياب التي عليك؟ قال: السندس والإستبرق ولك يا أخي عندي مثلها، قلت: وماذا فعل بك ربك؟ قال: غفر لي وباهى بي وبأبي حنيفة الملائكة، قلت: أبو حنيفة نعمان بن ثابت؟ قال: نعم، قلت: وأين منزله؟ قال: نحن في جواره في أعلى عليين، قال القاسم: قال أبي: فكان أبو نعيم إذا ذكر أبا حنيفة أو ذكر بين يديه، يقول: بخ بخ في أعلى عليين، ثم يذكر هذا الحديث.
(1/134)
229 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا أبو علي أحمد بن محمد بن أبي رجاء قال: سمعت أبي يقول: أُريت محمد بن الحسن في المنام، فقلت: إلى ما صرت إليه؟ قال: غفر لي، قلت: بم؟ قال: قيل لي: لم نجعل هذا العلم فيك إلا ونحن نغفر لك، قال: قلت: فما فعل أبو يوسف؟ قال: فوقنا بدرجة، قال: قلت: فأبو حنيفة؟ قال: في أعلى عليين.
(1/136)
#137#
230 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: حدثني إبراهيم بن واقد قال: ثنا المطلب بن زياد قال: أخبرني جعفر بن الحسن إمامنا قال: رأيت أبا حنيفة في النوم فقلت: ما فعل الله بك يا أبا حنيفة؟ قال: غفر لي، قلت له: بالعلم؟ قال: ما أضر الفتوى على صاحبها، قلت: بم؟ قال: بقول الناس في ما لم يعلمه مني.
(1/137)
231 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: وحدثني محمد بن حماد قال: ثنا محمد بن إبراهيم الليثي قال: ثنا حسين ابن علي الجعفي قال: ثنا عباد التمار قال: رأيت أبا حنيفة في النوم فقلت: يا أبا حنيفة إلى ما صرت؟ قال: إلى سعة رحمته، قلت: بالعلم؟ قال: هيهات! للعلم شروط وآفات قل من ينجو، قلت: فبم ذلك؟ قال: لقول الناس في ما لم أكن عليه.
(1/137)
232 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: كتب إلي أبو بكر محمد بن أحمد بن العباس الرازي من مكة يخبرني: عن موسى بن نصر، عن هشام بن عبيد الله الرازي قال: ثنا محمد بن الحسن، عن أبي حنيفة قال: اسم الله الأكبر هو ((الله)) جل وعز، قال محمد بن الحسن: ألا ترى أن الرحيم اشتق من الرحمة، والرب من الربوبية، وذكر نحو هذا. والله عز وجل غير مشتق من شيء، قال هشام: فما أدري أفسر محمد هذا من قوله، أم من قول أبي حنيفة؟
(1/137)
#138#
في مدحه بالشعر وما رثي به منه
233 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: قال مساور الوراق:
إذا ما الناس يوماً قايسونا ... بآبدة من الفتوى طريفة
أتيناهم بمقياس صليب ... مصيب من طراز أبي حنيفة
إذا سمع الفقيه بها وعاها ... وأثبتها بحبر في صحيفة
قال: فدعوا يوماً إلى وليمة، وكان أبو حنيفة فيها، فدخل مساور، فلما أبصره أبو حنيفة قال: هاهنا وأوسع له.
(1/138)
234 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: قال أبو بكر بن أعين: وحدثني يعقوب بن شيبة، عن يعقوب بن أحمد بن أسد قال: سمعت الحسن ابن علي الحلواني قال: سمعت شبابة بن سوار يقول: كان شعبة بن الحجاج حسن الرأي في أبي حنيفة، وكان يستنشدني هذه الأبيات ((قول مساور الوراق)) يقول لي: كيف قال؟ فأقول له:
إذا ما الناس يوماً قايسونا ... بآبدة من الفتوى طريفة
إلى آخرها.
(1/138)
235 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: قال أبو بكر بن أعين: وسمعت يعقوب بن شيبة يقول: أملى علي بعض أصحابنا أبياتاً مدح بها عبد الله بن المبارك أبا حنيفة:
رأيت أبا حنيفة كل يوم ... يزيد نبالة ويزيد خيراً
#139#
وينطق بالصواب ويصطفيه ... إذا ما قال أهل الجور جوراً
يقايس من يقايسه بلب ... فمن ذا تجعلون له نظيراً
كفانا فقد حماد وكانت ... مصيبتنا به أمراً كبيراً
فرد شماتة الأعداء عنا ... وأبدى بعده علماً كثيراً
إذا ما المشكلات تدافعتها ... رجال العلم كان بها بصيراً
(1/138)
236 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: ثنا الخليل بن أسد التوشجاني قال: ثنا إبراهيم بن بشار الزيادي قال: ثنا سفيان بن عيينة قال: استشارني مساور الوراق في قول الشعر، فقلت له: أحب أن يكون لك صناعة غيره، قال: إني أمدح ولا أهجو، فلما دخل الشتاء قال مساور:
دخل الشتاء وليس عندي درهم ... ولقد يصاب بمثل ذاك المسلم
وتلبس الناب الجبات وغيرها ... وكأنني بفناء مكة محرم
فبلغت أبياته أبا حنيفة فبعث إليه ببخت من ثياب وأربع مائة درهم، فقال مساور:
إذا العلماء يوماً قايسونا ... بمسألة من الفتوى طريفة
رميناهم بمقياس صليب ... ورأي من طراز أبي حنيفة
إذا سمع الفقيه رواه عنا ... وأثبته بحبر في صحيفة
(1/139)
237 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أبو إسحاق إبراهيم بن نصر المغربي قال: ثنا زيد بن بشر قال: كنت عند محمد بن الحسن حتى أتاه شاعر الخليفة، فقال: يا أبا عبد الله! ذكرت #140# الشيخ اليوم -يريد أبا حنيفة- فقلت فيه شعراً، أفتأذن في ذكره؟ قال: قل، فأنشأ يقول:
وضع القياس أبو حنيفة كله ... فأتى بأحسن منظر وقياس
وبنى على الآثار أس قياسه ... فجرت غوامضه على الأساس
فالناس يتبعون فيها قوله ... لما استبان صوابه للناس
(1/139)
238 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أسامة بن أحمد بن أسامة أبو سلمة قال: حدثني الحسن بن منصور النيسابوري قال: حدثني محمد ابن منصور هلائي قال: ثنا أبو عاصم الرقي قال: حدثني الخلنجي: أن الجن بكت أبا حنيفة ليلة مات، فكانوا يسمعون الصوت ولا يرون الشخص:
ذهب الفقه فلا فقه لكم ... فاتقوا الله وكونوا خلفا
مات نعمان فمن هذا الذي ... يحيي الليل إذا ما سدفا
(1/140)
239 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: أنشدني العباس بن محمد بن الفضل بن يوسف بن أبي يوسف لعبد الله بن المبارك:
ألا يا حيفة تعلوه حيفة ... وأعيى قارئاً ما في الصحيفة
أمثلك لا هُديت ولست تُهدى ... تعيب أخا العفاف أبي حنيفة
تعيب مشمرا سهر الليالي ... وصام نهاره لله خيفة
وصان لسانه عن كل إفك ... وما زالت جوارحه عفيفة
يعف عن المحارم والملاهي ... ومرضاة الإله له وظيفة
فمن كأبي حنيفة في نداه ... لأهل الفقر في السنة الجحيفة
(1/140)
240 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: أنشدني محمد بن الحسن #141# الكرخي قال: أنشدني بعض أصحابنا هذا الشعر في أبي حنيفة رحمة الله عليه:
وما أرضى لذي حسب ودين ... بأن يهدى الأذى لأبي حنيفة
وكيف يحل أن يؤذى فقيه ... له في الدين آثار شريفة
إذا عي الرجال بوجه أمر ... وجالوا بالمسائل العنيفة
فرأي أبي حنيفة منتهاهم ... وما أملى وأثبت في الصحيفة
قُضاة الناس والفقهاء منهم ... وأهل الدين والسير العفيفة
فقولوا ما بدا لكم وخوضوا ... ففي أيدي صحابته القطيفة
(1/140)
في وفاة أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله
241 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان الحسن بن عثمان الزيادي قال: وفي سنة خمسين ومائة مات أبو حنيفة -رحمه الله- النعمان بن ثابت، في رجب وهو ابن سبعين سنة ببغداد، ودفن في مقبرة الخيزران.
(1/141)
242 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا بشر محمد بن أحمد ابن حماد يقول: سمعت جعفر بن نوح الآدمي قال: سمعت محمد بن عيسى قال: سمعت روح بن عبادة يقول: كنت عند ابن جريج سنة خمسين ومائة، فأتاه موت أبي حنيفة، فاسترجع وتوجع وقال: أي علم ذهب، وفيها مات ابن جريج.
(1/141)
243 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت جعفر بن علي الهاشمي يقول: عن أحمد بن محمد بن أيوب قال: #142# مات أبو حنيفة سنة خمسين ومائة.
(1/141)
244 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت القاضي أحمد بن محمد بن عيسى البرتي يقول: سمعت أبا نعيم يقول: مات أبو حنيفة سنة خمسين ومائة، عاش سبعين سنة.
(1/142)
245 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يقول: لم أرهم يختلفون أو قال يشكون: أن وفاة أبي حنيفة كانت ببغداد في رجب، وقالوا في شعبان سنة خمسين ومائة، في خلافة أبي جعفر المنصور. وكان الواقدي يحكي أنه مات ابن سبعين سنة.
(1/142)
246 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني ابن أعين قال: سمعت يعقوب يقول: حدثني عبد الله بن الحسن قال: سمعت بشر بن الوليد يقول: مات أبو حنيفة في السجن ودفن في مقابر الخيزران.
(1/142)
247 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني أحمد بن القاسم البرتي، عن بشر بن الوليد قال: سمعت أبا يوسف يقول: مات أبو حنيفة -رحمة الله عليه- في النصف من شوال سنة خمسين ومائة.
(1/142)
248 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عمر الواقدي قال: مات أبو حنيفة النعمان بن ثابت في رجب سنة خمسين ومائة وهو ابن #143# سبعين سنة، أخبرني بسنه ابنه حماد، قال الواقدي: وأنا يوم مات أبو حنيفة بالكوفة ومات ببغداد.
(1/142)
ذكر ما انتهى إلينا من العلماء والفقهاء والمحدثين الذين أخذوا عن أبي حنيفة الحديث والفقه،
فمن أهل الكوفة:
حماد بن أبي سليمان، وسليمان بن مهران الأعمش، والمغيرة بن مقسم الضبي، وزكريا بن أبي زائدة، وسفيان الثوري، ومسعر بن كدام، وزهير بن معاوية، وزايدة بن قدامة، ومالك بن مغول، وشريك بن عبد الله، وعلي وحسن ابنا صالح بن حيي، وأبو بكر بن عياش، ويونس بن أبي إسحاق، وإسرائيل بن يونس، وأخوه عيسى بن يونس، وعلي بن مسهر، وأخوه عبد الرحمن بن مسهر، وداود بن نصير الطائي، والقاسم بن معن، وحفص ابن غياث، ويحيى ابن زكريا بن أبي زايدة، ويحيى بن اليمان، ويحيى بن سعيد الأموي، وجرير بن عبد الحميد، وعبد الله بن إدريس، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن فضيل، ومحمد بن ربيعة، ومحمد بن خازم أبو معاوية، ووكيع بن الجراح، وعبد الحميد الحماني، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وأبو شهاب الحناط عبد ربه، وزفر بن الهذيل، وأسد بن عمرو البجلي، وعافية بن يزيد، ومنير، وأبو يوسف يعقوب، ومحمد بن الحسن الشيباني، وحبان ويونس بن بكير، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وعبد الرحيم ابن سليمان، وعبد السلام بن #144# حرب، وعبيد الله بن موسى، وعلي بن هاشم، وعلي بن يزيد الصدائي، وعايذ بن حبيب أبو أحمد، وعمرو بن محمد العنقزي، ومصعب بن المقدام، ومسهر بن عبد الملك، والمشمعل بن ملحان، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأسباط بن محمد القرشي، والقاسم بن غصن، وجعفر بن عون، ويزيد بن الكميت، وقيس بن الربيع، وأبو خالد الأحمر، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو سعيد التغلبي، وسنان بن هارون البرجمي، وحماد بن أبي حنيفة، وعبيد الله ابن زياد، وداود بن المحبر، وبكر بن خنيس، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وبشير بن زياد، والحسن بن عمارة، وقطبة.
حماد بن أبي سليمان
249 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي يقول: سمعت شعبة بن الحجاج يحدث: عن حماد بن أبي سليمان قال: كان أبو حنيفة يجالسنا بحسن الهدي والفهم، فكنت أؤمله ثم شُنع عليه بما هو أعلم به منهم، فالله أعلم والله أعلم.
(1/143)
250 - قال القاضي أبو العباس: وقد حدثنا نحن أبو الحسن محمد بن #145# عبد الله بن زكريا بن حيوية - النيسابوري قال: أنبأ أحمد بن شعيب النسائي سنة تسعين ومائتين قال: أنبأ عمار بن الحسن، ثنا عبد الله بن سعد، عن إبراهيم ابن ميمون الصائغ، عن حماد -يعني ابن أبي سليمان- قال: ثنا أبو حنيفة عن عبد العزيز بن رفيع عن مصعب بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من نفس إلا وقد كتب مدخلها ومخرجها وما هي لاقية))، فقال رجل من الأنصار: ففيم العمل يا رسول الله؟ قال: ((من كان من أهل الجنة ييسر لعمل أهل الجنة، ومن كان من أهل النار ييسر لعمل أهل النار))، فقال الأنصاري، الآن حق العمل.
(1/144)
251 - قال: وحدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله النيسابوري قال: ثنا أحمد بن شعيب النسائي، أنبأ عمار بن الحسن قال: ثنا عبد الله بن سعد، عن إبراهيم بن ميمون الصائغ، عن حماد بن أبي سليمان، عن أبي حنيفة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن جده الزبير بن العوام قال: كنا نحمل الصيد صفيفاً، وكنا نتزوده ونحن محرمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1/145)
#146#
سليمان الأعمش
252 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني جعفر بن محمد أبو بكر الفريابي قال: سمعت إبراهيم بن الحجاج الشامي يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: كنا في مجلس الأعمش، فذكرنا: حديث الأعمش، عن إبراهيم قال: ما اجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على شيء ما أجمعوا على التنوير بالصبح، قال: ويمر علينا رجل، فقال لي بعض أصحاب الأعمش: هذا الحديث رواه الأعمش عن هذا الرجل عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم.
(1/146)
المغيرة بن مقسم
253 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني غسان بن محمد المروزي قاضي الكوفة قال: سمعت بشر بن يحيى المروزي يقول: كنت عند جرير بن عبد الحميد الضبي بالري، فسمعته يقول: كنت أسمع مغيرة إذا سئل عن المسألة يقول: قال أبو حنيفة فيها كذا وكذا، فقال ابن أخي جرير لجرير: يا أبا عبد الله لا تفتن الناس بأبي حنيفة، فقال له جرير: أسكت، كنت أرى مغيرة يجيب في المسألة فيخالفوه، فيقول: كيف أصنع وهو قول أبي حنيفة.
(1/146)
#147#
زكريا بن أبي زائدة
254 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا محمد بن سليمان لوين، عن يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة قال: قال لي أبي: يا بني عليك بالنعمان بن ثابت، فخذ عنه قبل أن يفوتك، قال يحيى: وربما عرضت على أبي فتياه فيعجب به، قال يحيى: وما رأينا أحداً ترك علم أبي حنيفة تورعاً.
(1/147)
سفيان الثوري
255 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أبو يحيى محمد بن عبد الله بن يزيد المقري قال: ثنا عبد الله بن الوليد العدني قال: ثنا سفيان الثوري عن رجل عن عاصم.
(1/147)
256 - ح قال أبو بشر: وحدثني صاحب لنا يكنى أبا بكر ويعقوب بن إسحاق قالا: ثنا أبو يوسف العطار الفقيه أنبأ عبد الرزاق قال: أنبأ سفيان عن أبي حنيفة، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس في المرأة ترتد قال: #148# تحبس ولا تقتل.
(1/147)
257 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: ثنا أحمد بن حميد قال: سمعت هلال بن يحيى يقول: زعم لنا يوسف بن خالد: إن كتب أبي حنيفة كانت تعرض على سفيان الثوري فيقول: هذا قولي، فعرض عليه كتاب الرهن وفيه المسائل الدقاق، فقال: هذا قولي، ولو سئل عن تفسير مسألة منها ليشرحها ما قدر على ذلك.
(1/148)
258 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع قال: سمعت الواقدي يقول: كان سفيان الثوري يسألني أن أجيئه بكتب أبي حنيفة لينظر فيها.
(1/148)
مسعر بن كدام
259 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا بشر الدولابي يقول: سمعت إبراهيم بن سعيد الجوهري يقول: سمعت عبيد الله بن موسى يقول: سمعت مسعر بن كدام يقول: رحم الله أبا حنيفة، إن كان لفقيهاً عالماً.
(1/148)
زهير بن معاوية
260 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: قال علي بن الجعد: كان رجل يختلف إلى زهير بن معاوية ثم فقده، فأتاه بعد ذلك فقال: أين كنت؟ قال: ذهبت إلى #149# أبي حنيفة، قال: نعما فعلت، لمجلس تجلسه مع أبي حنيفة خير لك من أن تأتيني شهراً، قال علي بن الجعد: حدثنيه مظفر بن كامل عنه.
(1/148)
زائدة بن قدامة
261 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك، ثنا الحسين بن علي بن أيوب قال: ثنا حسين الجعفي قال: سمعت زائدة بن قدامة يقول: النعمان بن ثابت كثير الخطأ في الحديث، فقيه البدن.
(1/149)
مالك بن مغول
262 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: ثنا المثنى بن رجاء قال: سمعت مالك بن مغول يقول: كان أبو حنيفة بصيراً بالفقه.
(1/149)
شريك بن عبد الله النخعي
263 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: حدثني إبراهيم بن نوح قال: ثنا الهيثم بن جميل قال: سمعت شريكاً يقول: كان أبو حنيفة كبير العقل.
(1/149)
علي بن صالح بن حيي
264 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #150# قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن سعيد قال: سمعت أبا نعيم يقول: سمعت علي بن صالح لما مات أبو حنيفة يقول: ذهب مفتي العراق.
(1/149)
حسن بن صالح بن حيي
265 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: حدثني يحيى بن عمار قال: ثنا زيد بن الحباب قال: سمعت حسن بن صالح يقول: قال رجل لأبي حنيفة: خالفك أو خالفت أهل العلم في هذا، قال: انتهى امرؤ إلى ما سمع.
(1/150)
أبو بكر بن عياش
266 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا الحسين بن إبراهيم قال: سمعت أبا بكر ابن عياش يقول: كان أبو حنيفة فهماً.
(1/150)
يونس بن أبي إسحاق
267 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا الحسين بن إبراهيم قال: ثنا عيسى بن يونس قال: سمعت أبي يقول: كان النعمان بن ثابت شديد الإتباع لصحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن عسر عليه ما يستدل به من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بما صحت الرواية به عن أصحابه من علم أهل الكوفة، فإن خولف في ذلك إلى غير علم أهل بلده، لم يجاوز ما أدرك عليه أهل الكوفة عن أهل الكوفة.
(1/150)
#151#
إسرائيل بن يونس
268 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد قال: حدثني محمد بن حماد، ثنا إبراهيم بن سعيد قال: ثنا المثنى بن رجاء قال: سمعت إسرائيل يقول: نعم الرجل النعمان بن ثابت على قلة روايته للحديث، فقهه عن حماد وحسبك به.
(1/151)
عيسى بن يونس
269 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن الفضل الصنعاني بمكة قال: ثنا أبو صالح محمد بن زنبور قال: ثنا عيسى بن يونس قال: ثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم النخعي قال: إذا فاتته ركعة أيام التشريق فلا يكبر حتى يقضيها.
(1/151)
علي بن مسهر
270 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #152# قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني عبد الرحمن بن نوح عن علي بن مسهر قال: سألت ابن أبي ليلى عن كلب ولغ في دم صيد؟ قال: لا تأكله، قال علي بن مسهر: فذكرته لأبي حنيفة، فضحك وقال: أرأيت لو شرب من بوله؟ أي ليس بشيء، ولا بأس به.
(1/151)
271 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا عبد الحميد بن صالح قال: ثنا علي بن مسهر قال: سألت أبا حنيفة عن شراء الأعمى فأجازه، وسألت سفيان الثوري عنه فأبطله.
(1/152)
بشير بن زياد
272 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن يحيى الأودي بالكوفة قال: ثنا عبد الرحمن بن دبيس قال: ثنا بشير بن زياد، عن أبي حنيفة، عن إسماعيل بياع السابري، عن رافع بن خديج قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا معشر التجار -ثلاث مرات- إنكم تبعثون يوم القيامة فجاراً إلا من بر وصدق واتقى)).
(1/152)
#153#
داود بن نصير الطائي
273 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري، ثنا أحمد بن بشر المرثدي قال: ثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: حدثني الوليد بن عقبة قال: لما قام داود الطائي من حلقة أبي حنيفة أتى أسطوانة من أساطين المسجد فجلس إليها، فلما قوي على الوحدة: دخل في العبادة.
(1/153)
274 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني شعيب بن أيوب القاضي قال: ثنا مصعب بن المقدام قال: ثنا داود بن نصير الطائي، عن أبي حنيفة، عن الهيثم، عن عامر، عن شريح قال: أربع لا تجوز شهادتهم: الولد لوالده، والوالد لولده، والزوج لامرأته، والمرأة لزوجها، والشريك لشريكه، والمحدود في القذف.
(1/153)
القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود
275 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن علي البغدادي قال: ثنا عمرو بن يحيى بن الحرب الحبراني قال: ثنا المعافى بن #154# سليمان قال: ثنا القاسم بن معن، عن أبي حنيفة: أنه كان يقول: العنق كله مذبح.
(1/153)
حفص بن غياث
276 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين، عن أبي سعيد الأشج.
(1/154)
277 - ح وحدثني أبي، حدثني أبي قال: وكتب إلي إسحاق بن أحمد ابن جعفر القطان يقول: حدثني أبو سعيد الأشج قال: سمعت حفص بن غياث وسئل عن لحم البقر بلحم الغنم؟ فقال قال أبو حنيفة: لا بأس برطلين برطل، وقال ابن أبي ليلى: هو لحم كله.
(1/154)
278 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا حفص بن غياث قال: سمعت أبا حنيفة يقول: إذا قال فرجك طالق فهي طالق.
(1/154)
279 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا فهد بن سليمان قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: سمعت أبي يقول: كنت أجالس أبا حنيفة، فربما قال في المسألة القولين والثلاثة، قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة: فذكرت ذلك لأبي خازم القاضي فقال: حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب: عن حفص بن غياث بذلك.
(1/154)
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة
280 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن #155# جعفر بن الإمام الحنفي قال: ثنا هناد بن السري قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أنبأ ابن جريج، عن عطاء قال: إن صام المتمتع الثلاثة الأيام ثم أيسر بعد النحر وقبل الصدر أهدى، قال يحيى: وسألت أبا حنيفة عن ذلك؟ فقال: إذا صام المتمتع ثم أيسر أهدى، إلا أن يكون أيسر بعد ما رمى وحلق، قال يحيى بن أبي زائدة: وقول أبي حنيفة أعجب إلي.
(1/154)
يحيى بن اليمان
281 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا يحيى بن اليمان قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا كثر لبن البدنة فانضحه بالماء حتى يقلص.
(1/155)
يحيى بن سعيد الأموي
282 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا داود بن رشيد قال: ثنا يحيى بن #156# سعيد الأموي، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: أخبرني من رأى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مسنماً عليه أفلاق من حجارة بيض.
(1/155)
جرير بن عبد الحميد
283 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني موسى بن نصر أبو سهل الرازي قال: ثنا جرير بن عبد الحميد الضبي قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: جناية المدبر على سيده.
(1/156)
عبد الله بن إدريس
284 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا يحيى بن سليمان قال: ثنا عبد الله بن إدريس قال: سألت مالك بن أنس وابن أبي الزناد عن رجل قال #157# لامرأته: أنت طالق ينوي ثلاثاً؟ قالا: هي ثلاث تطليقات، قال ابن إدريس: وقال أبو حنيفة: هي واحدة، قال يحيى: ويقول أبي حنيفة نأخذ، ألا ترى أن الله تعالى قال: الطلاق مرتان، فلا يكون الطلاق إلا باللسان لا يكون بالنية.
(1/156)
285 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا أبو كريب قال: ثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبا حنيفة يحدث: عن منصور، عن إبراهيم في الوصي يتجر في مال اليتيم قال: إن شاء أخذه مضاربة وقاسمه الربح.
(1/157)
عبد الله بن نمير
286 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو العلاء محمد بن أحمد بن جعفر الذهلي قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: اللعان تطليقة بائنة.
(1/157)
محمد بن فضيل
287 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك المصيصي قال: ثنا الحسين بن إبراهيم قال: سمعت محمد بن فضيل يقول: كان أبو حنيفة إذا سئل عن مسألة فيها خبر صحيح اتبعه، أو ما يستدل على مثله بنحوه قاس عليه، ولقد سئل يوماً عن مسألة فقال: ما أحسن هذا، هذا مما لم أسمع فيه بما يأتي على مثله قياس، #158# فالله أعلم فالله أعلم.
(1/157)
محمد بن ربيعة
288 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني محمد بن ناصح قال: ثنا محمد بن ربيعة الكلابي، عن أبي حنيفة قال: سألت عطاء عن ولد الزنا أيؤم القوم؟ قال: نعم، أو ليس فيهم من هو خير منا أكثر صلاة وأكثر صياماً.
(1/158)
محمد بن خازم أبو معاوية
289 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني داود بن إبراهيم بن داود الفارسي قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا عيسى بن يونس وأبو معاوية محمد بن خازم، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: يقضي ثم يكبر، يعني في الذي يفوته بعض الصلاة في أيام التشريق.
(1/158)
بكر بن خنيس
290 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا عمران بن موسى قال: ثنا #159# عمرو بن خالد قال: ثنا محمد بن سلمة، عن بكر بن خنيس، عن أبي حنيفة، عن شيخ من أهل الكوفة يقال له: حُصين قال: قال ابن مسعود: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، أما أني لا أعني مجالس القصاص، ولكن حلق أهل العلم.
(1/158)
وكيع بن الجراح
291 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام الحنفي قال: ثنا يوسف بن موسى القطان قال: ثنا وكيع بن الجراح.
(1/159)
292 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وكتب إلي إسحاق بن أحمد ابن جعفر القطان يقول: حدثني أبو سعيد الأشج قال: سمعت وكيعاً يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: البول في المسجد أحسن من بعض القياس.
(1/159)
293 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: ثنا وكيع قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم وسألته عن المؤذنين يصلون فوق سطح المسجد بصلاة الإمام وهو أسفل؟ قال: يجزيهم.
(1/159)
عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني أبو يحيى
294 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا سفيان بن وكيع بن الجراح قال: حدثنا عبد الحميد الحماني قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لو أن سفيان الثوري مات في زمن إبراهيم لدخل #160# على الناس فقده.
(1/159)
295 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا عمران بن موسى بن حميد المليحي قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن ميمون قال: ثنا عبد الحميد الحماني، عن أبي حنيفة، عن حماد قال: بشرت إبراهيم بموت الحجاج فسجد، قال حماد: ما كنت أرى أحداً يبكي من الفرح حتى رأيت إبراهيم بكى من الفرح.
(1/160)
296 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا شعيب بن أيوب قال: ثنا أبو يحيى الحماني قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة قال: فيئه الجماع إلا أن يكون له عذر.
(1/160)
أبو أسامة حماد بن أسامة
297 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: ثنا يعقوب بن شيبة بن الصلت قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا أبو أسامة.
(1/160)
#161#
298 - قال حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد ابن حماد قال: ثنا محمد بن شجاع الثلجي قال: ثنا أبو أسامة ثم قالا: ثنا أبو حنيفة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضل الأعمال العج والثج، فأما العج: فالعجيج بالتلبية، وأما الثج: فنحر البدن)).
(1/161)
299 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو العلا محمد بن أحمد بن #162# جعفر الكوفي قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا أبو أسامة قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: قال عمر بن الخطاب: حسنوا أصواتكم بالقرآن.
(1/161)
زفر بن الهذيل
300 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثني زفر بن الهذيل، عن أبي حنيفة: أنه سئل عن رجل أوصى أن يحج عنه بسبعين درهماً؟ قال فليحج بها عنه من حيث تبلغ. قال يعقوب بن إسحاق: قال أبي: وحدثنا محمد بن عبد الله عن أشعث عن الحسن مثله.
(1/162)
أسد بن عمرو البجلي
301 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي يقول: سمعت بكار بن قتيبة القاضي يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: كنت أطوف بالبيت فرأيت هارون الرشيد يطوف مع الناس، فلم يرمل في موضع الرمل، فلما جاوزه لحقه خادم فساره بشيء فهم بالرجوع إلى الرمل، فناديته من وراء الناس: إنك إن مضيت يا أمير المؤمنين كان جائزاً، فمضى ولم يلتفت ولم يرمل، فلما فرغ من طوافه قصد الكعبة ففتحت له فدخلها معه جماعة من بني عمه وقواده فرأيتهم جميعاً وهم قيام وهو قاعد، وشيخ قاعد معه أمامه لم أدر من هو، فقلت لبعض من كان معه: من #163# هذا الشيخ؟ قال لي: هذا القاضي أسد بن عمرو، قال: فعلمت ألا مرتبة أجل بعد الخلافة من القضاء، قال: ثم خرج هارون فسار في موكبه وسار معه من كان معه إلا أسد بن عمرو، فلحقته فقلت له: لم فرق أبو حنيفة بين الخيانة في التولية والخيانة في المرابحة؟ فقال: إنها تحط في التولية ولا تحط في المرابحة، قال هلال: فوالله ما علم أن أبا حنيفة فرق بينهما، فأتيت يوسف ابن خالد فذكرت ذلك له، فكان مقيماً بمكة فقال لي: وما يدري أسد بن عمرو، فرق أبو حنيفة بينهما، لأنه جعل التولية نقل بيع، وجعل المرابحة بيعاً مستقبلاً.
(1/162)
302 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو محمد القاسم بن جعفر بن محمد البصري قال: حدثني أبو إسحاق الواسطي قال: ثنا حسن بن صالح قال: ثنا أبو هريرة قال: ثنا أسد بن عمرو، عن أبي حنيفة في رجل أدخل رجليه الخف وهما طاهرتان وفي خفه خرق: قال: إن كان من مقدم الرجل مسح ما لم تخرج ثلاث أصابع، وإن كان في المؤخر فإلى نصف القدم.
(1/163)
عافية بن يزيد
303 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا سليمان بن شعيب، عن أبيه، عن محمد بن الحسن في إملائه عليهم قال: ولو أن ذمياً استقرض من ذمي خمراً أو غصب ذمياً خمراً فاستهلكها كان عليه خمر مثلها، فإن أسلما جميعاً معا أو أسلم المقرض بطلت الخمر عن المستقرض ولم يكن عليه شيء، لأن المقرض حين أسلم بطلت خمره. قال محمد: وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا.
قال محمد: وروي زفر بن الهذيل وعافية بن يزيد عن أبي حنيفة: إذا #164# أسلم المستقرض أو الغاصب ولم يسلم المقرض ولا المغصوب منه فعلى الذي أسلم قيمة الخمر لصاحبها ولا يبطل حقه إسلام غيره.
قال محمد: فإن أسلم المستقرض أو الغاصب فإن أبا يوسف روى عن أبي حنيفة: أنها تبطل عنه، قال أبو يوسف: وهو قولي، قال محمد: رواية زفر وعافية عن أبي حنيفة أعجب إلينا.
(1/163)
أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري القاضي
304 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: ما صليت صلاة مذ عرفت أبا حنيفة إلا استغفرت له مع والدي قال: وسمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: وددت أن لي مجلساً من أبي حنيفة بكذا وكذا يقول: فأكثر.
(1/164)
305 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: كلما قلناه بعد أبي حنيفة مما ليس عندنا فيه شيء عن أبي حنيفة فكانا منه على غير شيء.
(1/164)
306 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أبو زرعة أحمد بن حميد الفضيل الجرجاني قال: حدثني أبو غسان النميري قال: سمعت أبا يوسف يقول: سألت أبا حنيفة عن الرجل يقول #165# لامرأته: أنت طالق إن كنت كوسجاً، قال: تعد أسنانه فإن كانت ثمان وعشرين فهو كوسج.
(1/164)
307 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: ثنا أبي، عن أبي يوسف في إملائه عليه قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: الأيام المعلومات: أيام العشر فيها يوم النحر، والمعدودات: أيام التشريق، وهو قول ابن عباس، وبه قال أبو حنيفة رضي الله عنه.
(1/165)
محمد بن الحسن بن مروان الشيباني
308 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن #166# سلامة قال: ثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن الحسن قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم النخعي قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ادرؤوا الحدود ما استطعتم، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة، فإذا وجدتم مخرجاً للمسلم فادرؤوا عنه.
(1/165)
#167#
309 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أحمد بن الفتح بن حفص المغربي أبو عبد الله قال: ثنا أحمد بن محمد بن قادم قال: ثنا هشام بن معدان قال: ثنا محمد بن الحسن قال: أنبأ أبو حنيفة عن بلال عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال: فشت العمرى في المدينة فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: ((أيها الناس احبسوا عليكم أموالكم، لا تهلكوها، فإنه من أعمر شيئاً حياته فهو له ولعقبه من بعده)).
(1/167)
310 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي ثور الرعيني قال: ثنا سليمان بن عمران قال: ثنا أسد بن الفرات قال: ثنا محمد بن الحسن قال: مرض أبو يوسف فعدناه مع أبي حنيفة، فلما خرج أبو حنيفة من عنده وضع يده على عتبة الباب ثم قال: إن مات هذا الفتى -يعني أبا يوسف- مات أعلم من عليها، وأومى إلى الأرض.
(1/167)
حِبّان
311 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #168# قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت حبان يقول -وكان من أصحاب أبي حنيفة-: كان أبو حنيفة لا يفزع إليه في أمر الدين والدنيا إلا وجد عنده في ذلك أثر حسن، قال: وكان في طريق مكة ومعه أصحابه شووا لحماً، ووضع بين أيديهم، وجاءوا بزكرة الخل فضاقت صدورهم، إذ لم يجدوا شيئاً يجعلوا فيه الخل، فقال لهم أبو حنيفة: قد أعياكم هذا، فحفر في الأرض حفرة، ثم أدخل بعد السفرة في الحفرة، ثم صب الخل فيها، فأكلوا وجعلوا يصطبغون.
(1/167)
يونس بن بكير
312 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو العباس حاجب بن أركين الفرغاني قال: ثنا أبو سعيد الأشج قال: ثنا يونس بن بكير، عن أبي حنيفة قال: لو أعطيت في صدقة الفطر لأجزأك يعني بالقيمة.
(1/168)
313 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني يونس بن بكير قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في قوله تعالى: {فامتحنوهن} قال: يقول: استوصفوهن، {الله أعلم بإيمانهن} قال: يقول: أعلم بما غاب في قلوبهن، {فإن علمتموهن مؤمنات} قال حماد: قلت لإبراهيم: ما علمنا؟ قال: إذا وصفن لكم الإيمان والإسلام.
(1/168)
عبد الرحمن بن محمد المحاربي
314 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: كتب إلي إسحاق بن أحمد بن جعفر يقول: حدثني أبو سعيد الأشج قال: سمعت المحاربي يقول: سمعت #169# أبا حنيفة يقول: إذا كبر على الجنازة خمساً فانصرف من أربع.
(1/168)
315 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا يحيى بن سليمان قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: يجزئ عتق اليهودي والنصراني في الظهار.
(1/169)
عبد الرحيم بن سليمان الرازي
316 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن القاسم البرتي قال: ثنا أبو همام بن أبي بدر قال: ثنا عبد الرحيم بن سليمان الرازي قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعفة أهله #170# ليلاً، وقال لهم: ((لا ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس)).
(1/169)
عبيد الله بن موسى العبسي
317 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا أحمد بن يحيى الأودي قال: ثنا عبيد الله بن موسى قال: ثنا أبو حنيفة، عن نافع، عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال مرة: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، ومتعة النساء وما كنا مسافحين.
(1/170)
علي بن هاشم بن البريد
318 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #171# قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: حدثني علي بن هاشم ابن البريد قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في الرجل يشتري الجارية فيجد بها الحبل قال: إن ادعاه الذي هي في يده فهو له، وإن نفاه فادعاه البائع فهو له، وإن نفياه جميعاً فهو عبد للذي هو في يده.
(1/170)
علي بن يزيد الصدائي
319 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #172# قال: ثنا علي بن الحسن مغماً قال: حدثني محمد بن سعيد القطان قال: ثنا علي بن يزيد الصدائي، عن النعمان بن ثابت، عن خالد بن علقمة، عن #173# عبد خير، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنه دعا بماء فتوضأ، فغسل كفيه ثلاثاً، ومضمض ثلاثاً، واستنشق ثلاثاً، وغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً ثلاثاً، ومسح برأسه ثلاثاً، وغسل قدميه ثلاثاً ثلاثاً، ثم قال: هكذا وضوء #174# رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1/171)
320 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وقال يعني محمد بن أحمد بن حماد: قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: ثنا أحمد بن محمد بن حجاج قال: سمعت أحمد بن حنبل ذكر علي بن يزيد الصدائي فقال: وقد كتبت عنه وكان يروي عن أبي حنيفة.
(1/174)
أبو أحمد عائذ بن حبيب
321 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا يعقوب بن إسحاق.
(1/174)
322 - ح حدثنا أبي: قال: ثنا أبي قال: وحدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قالا: ثنا عائذ بن حبيب أبو أحمد قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في المتمتع إذا لم يكن صام الثلاثة الأيام في الحج: فلا بد له من الهدي، فإن مضت أيام النحر قبل أن يهدي: فعليه الهدي وعليه دم آخر لتأخيره الدم.
(1/174)
#175#
عمرو بن محمد العنقزي
323 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا الحسن بن علي بن عفان قال: ثنا أبو سعيد عمرو بن محمد العنقزي قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: اجعل في حنوط الميت ما أحببت من الطيب إلا الورس والزعفران.
(1/175)
مصعب بن المقدام
324 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني علان مغماً قال: ثنا محمد بن أيوب الكوفي قال: ثنا مصعب بن #176# المقدام، عن أبي حنيفة، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي صالح، عن أم هانئ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه دعا بجفنة فيها وضر العجين، #177# فصب فيها ماء واستتر ثم صب عليه وتوشح بثوب واحد، ثم صلى ركعتين.
(1/175)
الحسن بن زياد اللؤلؤي
325 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا الحسن بن زياد قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: لا تنكح الأمة على الحرة، وتنكح الحرة على الأمة، فتكون لها ليلتان وللأمة ليلة.
(1/177)
المشمعل بن ملحان
326 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا رجاء بن زكريا الخولاني قال: ثنا نصر بن جريش الصامت #178# قال: حدثني المشمعل بن ملحان الطائي، عن أبي حنيفة، عن جواب بن عبيد الله التيمي، قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا أمير المؤمنين إني أخاف أن أكون منافقاً، فقال له: إن المنافق لا يخاف أن يكون منافقاً، وما خاف منافق النفاق ساعة قط.
(1/177)
مسهر بن عبد الملك بن سلع
327 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن عمر بن أبان الكوفي قال: حدثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لولا ما سار به علي رضي الله عنه في قتال أهل القبلة: ما علم أحد كيف المسير فيهم.
(1/178)
الفضل بن دكين أبو نعيم
328 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا فهد بن سليمان قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا أبو حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: ليس في القبلة وضوء.
(1/178)
أسباط بن محمد القرشي
329 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #179# قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا أبي قال: ثنا أسباط بن محمد القرشي قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في الرجل يتزوج المرأة قال: إذا كان الحبس من قبلها: فلا نفقة لها، وإن كان الحبس من قبله: فعليه النفقة.
(1/178)
جعفر بن عون
330 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن موسى بن عيسى قال: حدثني إبراهيم بن أبي العنبس القاضي بالكوفة قال: حدثني جعفر ابن عون قال: ثنا أبو حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة قال: قال #180# رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما طلع نجم قط وتقوم عاهة إلا كشفت)).
(1/179)
يزيد بن كميت
331 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: حدثني محمد بن مليح بن وكيع قال: سمعت ضرار بن صرد يقول: سمعت يزيد بن كميت يقول: سمعت أبا حنيفة يدعو ويقول: يا أرحم الراحمين تغمد النعمان بعفوك واجعل زلله في سعة رحمتك.
(1/180)
قيس بن الربيع
332 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: حدثنا جبارة بن المغلس قال: سمعت قيس بن الربيع يقول: كان أبو حنيفة يعد من عقلاء الرجال.
(1/180)
أبو إسحاق الفزاري
333 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن يحيى الأودي قال: ثنا إسماعيل بن أبي الحكم الثقفي، عن أبي إسحاق الفزاري قال: أصيب أخي مع إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن، فسألت الفقهاء فبين راجي وخائف، حتى سألت أبا حنيفة فقال لي: لمشهد شهده أخوك أفضل من ثلاثين غزوة.
(1/180)
#181#
أبو خالد الأحمر
334 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن النعمان قال: قيل لأبي خالد الأحمر: ما أكثر كلام الناس في أبي حنيفة؟ فقال:
قال نصيب سلمت ... وهل حي على الناس يسلم
(1/181)
الحسن بن عمارة
له عنه حكاية لما أتى إلى أبي حنيفة يسأله أن يحتال له في ترك قبول جائزة أبي جعفر المنصور، وقد ذكرت في صدر هذا الكتاب.
(1/181)
سنان بن هارون البرجمي
335 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن يحيى الأودي قال: ثنا مخول بن إبراهيم قال: أخبرني سنان بن هارون البرجمي قال: خرجت من المسجد من أبواب كندة فإذا إنسان يناديني: يا أبا الفضل، فالتفت فإذا أبو حنيفة، فوقفت حتى جاءني، فقال: ما #182# هذا الذي جاء عن صاحبك؟ قلت: ايش هو؟ قال: لا يجيز على جريح ولا يتبع مدبراً، قلت: أوليس هكذا جاء عن علي؟ قال: إن أولئك لم تكن لهم فئة، وهؤلاء لهم فئة، فهم يقتلون مقبلين ومدبرين، فقلت له: فاكتب بهذا إليه، قال: نعم، يعني إبراهيم بن عبد الله بن حسن.
(1/181)
حماد ابنه
336 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا بكر بن القاسم قال: ثنا يحيى بن المغيرة قال: حدثني إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: حدثني أبي، عن جدي: أن رجلاً تقدم إليه فشكى شيئاً بينه وبين جاره، فقال له: إذا أحب أحدكم أن يستتر فليفعل، قال له: يا أبا حنيفة إن الحائط حائطه فخذه ببنيانه، قال: سبحان الله العظيم ما أنت ولا خلق على الناس بوكيل، منه أن يهدم، ومنك أن تستتر.
(1/182)
داود بن المحبر
337 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن المبارك قال: ثنا عبيد الله بن الهيثم قال: ثنا داود بن المحبر قال: قيل لأبي حنيفة: المحرم لا يجد إزاراً يلبس السراويل؟ قال: يلبس الإزار، قيل له: ليس له إزار، قال: يبيع السراويل ويشتري إزاراً يلبسه، قيل له: إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال: يلبس المحرم السراويل إذا لم يجد الإزار، قال: لم يصح عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس #183# سراويل فأُفتي به، قيل له: تخالف الناس؟ قال: ينتهي كل امرئ إلى ما سمع، قيل له: تخالف النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لعن الله من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم، برسول الله صلى الله عليه وسلم أكرمنا الله، وبه هدانا، وبه استنقذنا.
(1/182)
حسن بن ثابت
338 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا إبراهيم بن حميد الكلابزي البصري قال: ثنا أحمد بن عمرو الخصاف قال: ثنا محمد بن يزيد قال: ثنا يحيى ابن آدم، عن حسن بن ثابت، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: يجبر كل ذي رحم محرم على النفقة.
(1/183)
عبيد الله بن زياد
339 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل الترمذي قال: ثنا القاسم بن غسان قال: ثنا أبي قال: ثنا عبيد الله بن زياد الكوفي قال: كان أبو حنيفة إذا جلس في حلقته في المسجد جاء سفيان بن سعيد الثوري فنام إلى جانب الحلقة وغطى رأسه واستمع ما يدور من المسائل، فأعلم أبو حنيفة بذلك، فقال ليلة: حدثنا أبو هذا النائم سعيد الثوري رحمه الله، فلم يعد سفيان بعد إلى ذلك.
(1/183)
قطبة
340 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا عبد الله بن أحمد الربعي قال: حدثني أحمد بن محمد بن حجاج المروروزي قال: سألت أبا عبد الله أحمد #184# ابن حنبل عن قطبة فقال: هذا جليس سفيان الثوري، ويقولون: إنه كان جالس أبا حنيفة، وهو الذي كان يخبر سفيان بكلام أبي حنيفة، وإنما عرف سفيان مذهب أبي حنيفة يقولون به، ثم قال: قطبة مستقيم الحديث.
(1/183)
ومن أهل مكة
عمرو بن دينار، وعبد الملك بن جريج، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سليم الطائفي، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وسعيد بن سالم، وأبو عبد الرحمن المقرئ.
(1/184)
عمرو بن دينار
341 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن سعدان يقول: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت حماد بن زيد يقول: ما عرفنا كنية عمرو بن دينار إلا بأبي حنيفة، كنا في المسجد الحرام وأبو حنيفة مع عمرو بن دينار، فقلنا له: يا أبا حنيفة كلمه يحدثنا، فقال: يا محمد حدثهم، ولم يقل يا أبا محمد.
(1/184)
ابن جريج
342 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: حدثني إسماعيل بن عيسى الجيشاني قال: ثنا عبد العزيز بن عباد بن جرجة الجندي، عن موسى بن طارق قال: ذكر ابن جريج فقال: أخبرني النعمان: أن أبا إسحاق أخبره عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود: أنه #185# سمع رجلاً يقول: وسورة البقرة يحلف بها، فقال: أما أن عليه بكل حرف منها يميناً.
(1/184)
سفيان بن عيينة
343 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن سعدان قال: ثنا سويد بن سعيد، عن سفيان بن عيينة قال: أول من أقعدني للحديث أبو حنيفة، قدمت الكوفة فقال أبو حنيفة: إن هذا أعلم الناس بحديث عمرو بن دينار، فاجتمعوا علي فحدثتهم.
(1/185)
344 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين البغدادي قال: سمعت يعقوب بن شيبة يقول: سمعت إبراهيم بن هاشم ذكر حديث سفيان بن عيينة حديث ابن عباس: عجل لي وأضع عنك، قال: إنما هو يقول: أخر عني وأزيدك فقال ابن عيينة: كان أبو حنيفة يكرهه.
(1/185)
345 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أبو حامد اللؤلؤي أحمد بن الحسن قال: ثنا حامد بن يحيى البلخي قال: كنت عند سفيان بن عيينة فأتاه رجل فقال: إني بعت متاعاً إلى الموسم وأنا أريد أن أخرج، فقال سفيان: قال أبو حنيفة: إذا بعت بدراهم فخذ دنانير، وإذا بعت بدنانير فخذ دراهم.
(1/185)
346 - حدثني أبي قال: حدثني أبي، ثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن #186# أعين قال: سمعت يقعوب بن شيبة يقول: قلت لعلي بن المديني: كلام رقبة بن مصقلة الذي يحدثه سفيان بن عيينة عن أبي حنيفة، قال يعقوب: فعرفه علي بن المديني وقال: لم أجده عندي.
(1/185)
عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد
347 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: ثنا عبد المجيد بن عبد العزيز قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: لا يغسل ذرق شيء من الطير إلا الدجاج.
(1/186)
يحيى بن سليم
348 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق.
(1/186)
349 - ح وحدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قالا: حدثني يحيى بن سليم قال: قال لي أبو حنيفة: بلغني أن الله تبارك وتعالى يبعث الركن والمقام يوم القيامة: لهما عينان ولسانان وشفتان يشهدان لمن وافاهما بالوفاء.
(1/186)
#187#
عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقرئ
350 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني القاسم بن جعفر بن محمد البصري قال: كتب إلي محمد بن الفرج يقول: حدثني المقرئ.
(1/187)
351 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي، أخبرني حمزة بن علي اللؤلؤي: أن محمد بن الفرج حدثه قال: ثنا المقرئ ثم قالا: قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا صليت الغداة وقد فاتك الوتر فلا توتر. قال حماد: أحب إلي أن توتر، قال المقرئ: قلت لأبي حنيفة: ما قولك في هذا؟ قال: أقول: يوتر ولو بعد عشرين سنة، قلت: لم؟ قال: لأنه بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله زادكم صلاةً.
(1/187)
ومن أهل المدينة:
عبيد الله بن عمر العمري، ونافع بن أبي نعيم القاري، وحاتم بن إسماعيل، ونعيم بن عمرو القديدي، ومحمد بن عمرو الأسلمي الواقدي.
عبيد الله بن عمر العمري
352 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #188# قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: ثنا عبد الله بن عثمان قال: أنبأ سفيان بن عبد الملك قال: قال عبد الله: قال خارجة: قال عبيد الله بن عمر لأبي حنيفة في النبيذ؟ فقال له أبو حنيفة: أخذناه من قبل جدك، قال: وأي شيء هو؟ قال: إذا رابكم شرابكم فاكسروه بالماء.
(1/187)
نافع بن أبي نعيم
353 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر يموت بن المزرع بن يموت العبدي البصري قال: سمعت إبراهيم بن يحيى بن عبد الكريم الأزدي أخو محمد بن يحيى يقول: سمعت عثمان المؤذن يقول: دخل أبو حنيفة المدينة فمر بحلقة نافع بن أبي نعيم وهو يقرئ الناس، فجلس إليه فقال له: ممن الرجل؟ قال: من أهل العراق، قال: أفاً، ثم قال: من أيها؟ قال: من الكوفة، فقال: أفاً وتفاً أصحاب أرجاف وأهل أراجيف، فقلت له: أقرأ؟ قال: اقرأ، فتعوذت ثم قرأت من آخر الأحزاب: {لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في الكوفة} فقال لي: ((في المدينة))، فقلت: أليس زعمت أن أهل الكوفة أصحاب أرجاف وأهل أراجيف فأراه بالمدينة، فسكت وقمت.
(1/188)
حاتم بن إسماعيل
354 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا يوسف بن أحمد، ثنا محمد #189# ابن خزام الباذغيسي، ثنا جعفر بن محمد الفريابي، ثنا يعقوب بن كاسب، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن أبي حنيفة، عن يعلى بن عطاء، عن عمارة بن حديد، عن صخر الغامدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
(1/188)
355 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين البغدادي قال: سمعت يعقوب بن شيبة بن الصلت يقول: سمعت إبراهيم بن هاشم يقول: سمعت الواقدي يقول: كتبت كتب أبي حنيفة عن حاتم بن إسماعيل عنه.
(1/189)
نعيم بن عمرو القديدي
356 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: حدثني نعيم بن عمرو القديدي قال: سمعت أبا حنيفة يقول: عجباً للناس يقولون إني أفتي بالرأي ما أفتي إلا بالأثر.
(1/189)
محمد بن عمر الواقدي
357 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت محمد بن عمر الواقدي يقول: #190# كان سفيان الثوري يسألني أن أجيئه بكتب أبي حنيفة ينظر فيها.
(1/189)
358 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت يعقوب بن شيبة قال: سمعت عبد الله بن الحسن يقول: سمعت الواقدي يقول: كنت بالكوفة وقد أشخص أبو جعفر المنصور أمير المؤمنين أبا حنيفة إلى بغداد، فكتبت كتبه لأسمعها منه فجاء نعيه.
(1/190)
359 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: أجاز لنا هارون بن محمد العسقلاني عن الغلابي قال: قال الواقدي: سألت الثوري عن الرجل يستحلفه القاضي؟ فقال: يستحلفه مكانه ولا يستحلفه عند المنبر في ربع دينار وأقل وأكثر، قال: وقال أبو حنيفة مثل ذلك.
(1/190)
ومن أهل اليمن:
معمر بن راشد، وأبو قرة موسى بن طارق، ورباح بن زيد، ويوسف ابن يعقوب، وهشام بن يوسف، وعبد الرزاق بن همام، وأبو الخليل الشيباني:
معمر ورباح بن زيد
360 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا ابن دادويه سعيد بن عبد الرحمن باليمن قال: قرأت على أبي، عن رباح بن زيد، عن معمر، عن أبي حنيفة في رجل باع جارية من رجل واشترط على المشتري ألا يبيعها ويتخذها لنفسه، فباعها المشتري من رجل فاتخذها لنفسه وولدت، فجاء البائع الأول يخاصم المشتري فيما كان اشترط عليه قال: هذا البيع فاسد، فإن أدرك الجارية قبل أن تحمل ردت، وإن #191# فاتت حتى تحمل جاز بيعها، وبطل شرط صاحبه.
(1/190)
361 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: ثنا عبد الرزاق قال: قال لي معمر في مسألة: سئل أبا حنيفة، وإنما أراد بهذا هل يوافقه أو يخالفه.
(1/191)
أبو قرة
362 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا محمد بن الوليد بن بحر قال: قرأت على عبد الله بن محمد قال: ثنا موسى بن طارق قال: سمعت أبا حنيفة يذكر: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك، قال: ((ما كلكم يجد ثوبين)).
(1/191)
يوسف بن يعقوب القاضي
363 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني أبي قال: حدثني هشام بن يوسف، عن يوسف بن يعقوب، عن أبي حنيفة قال: لو أن عبد الله ابن الحسن كان عليه دين أكنا نؤاجره؟ كأنه كره ذلك، قال هشام: وأشار أبو حنيفة على أبي جعفر فولاه القضاء، قضاء اليمن، قال إسحاق بن #192# أبي إسرائيل: وحدثنا ابن المبارك عن سفيان الثوري عن يوسف بن يعقوب هذا، قال: فكان سفيان يقول ليوسف: وزامله إلى مكة: كيف بك إذا قيل: ليقم أبو جعفر وأعوانه، فقمت فيمن يقوم، قال: فبكى يوسف.
(1/191)
هشام بن يوسف الصنعاني
364 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: سمعت أبي وذكر هشام بن يوسف الصنعاني فقال: قد كان يجالس أبا حنيفة بمكة ويفقه معه.
(1/192)
365 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد حماد قال: ثنا أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل.
(1/192)
366 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قالا جميعاً: حدثنا هشام بن يوسف قاضي صنعاء، عن يوسف بن يعقوب، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا قال: هو محرم إن فعل كذا، فحنث: فليحرم بأيهما شاء.
(1/192)
عبد الرزاق
367 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن #193# علي قال: ثنا محمد بن إسحاق بن الصباح الصنعاني قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: لا شفعة إلا في دار أو حرث.
(1/192)
368 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن الحسن قال: ثنا ابن الصباح قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: لو أن رجلاً لقط ولد زنا فأراد أن ينفق عليه وهو له دين عليه فليشهد، فإن كان يريد أن يحتسب فلا يشهد. قال أبو حنيفة: وأنا أقول: لا شيء له إلا أن يفرضه السلطان.
(1/193)
369 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد الرزاق، عن أبي حنيفة قال: من لم يدع القياس في مجلس القضاء لم يفقه، إنما يقضي القاضي بقدر ما يرد عليه وما يسمع.
(1/193)
أبو الخليل الشيباني
370 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا الكشوري باليمن قال: ثنا عبد الله بن الصباح بن ضمرة بن عم المثنى بن الصباح، عن مطرف بن مازن قراءة قال: حدثني أبو الخليل الشيباني، عن أبي حنيفة في امرأة أرضعت جدياً حتى رأوا أن لحمه قد نبت من ذلك، فقال أبو حنيفة: لا يؤكل حتى يتغير لحمه من أكل العشب.
(1/193)
#194#
ومن أهل البصرة:
أيوب بن أبي تميمة السختياني، وعبد الله بن عون، وشعبة بن الحجاج، وأبو عوانة، وسعيد بن أبي عروبة، وعبد الوارث بن سعيد، ويزيد بن زريع، وبشر بن المفضل، ويحيى بن سعيد القطان، والضحاك بن مخلد، وعمرو بن الهيثم، وعبد الله بن داود، وهوذة بن خليفة، وحماد بن زيد، ويوسف بن خالد السمتي، وعبد الواحد بن زياد، وعباد بن صهيب، وسعيد بن أوس الأنصاري.
(1/194)
أيوب
371 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن سعدان يقول: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت حماد بن زيد يقول: إني لأحب أبا حنيفة من أجل حبه لأيوب.
(1/194)
372 - حدثنا أبي قال: حدثنا أبي قال: ثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: ثنا محمد بن إدريس أبو حاتم قال: ثنا سليمان بن حرب قال: ثنا أبو جعفر -رجل من أهل مرو من بني دارم- حدثه رجل: عن ابن المبارك قال: سمعت أبا حنيفة يقول: قدم أيوب وأنا بالمدينة، فقلت: لأنظرن ما يصنع، فجعل ظهره مما يلي القبلة ووجهه مما يلي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى غير متباك، فقام مقام رجل فقيه.
(1/194)
شعبة بن الحجاج
373 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن #195# جعفر بن أعين قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا يحيى بن معين قال: سمعت أبا قطن عمرو بن الهيثم يقول: كتب لي شعبة إلى أبي حنيفة يقول:
(1/194)
374 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول:
(1/195)
375 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري قال: ثنا عباس قال: ثنا يحيى بن معين قال: سمعت أبا قطن يقول: كتب لي شعبة إلى أبي حنيفة، ثم قالوا: فلما أتيته بالكتاب قال لي: كيف أبو بسطام؟ قلت بخير، قال: نعم حشو المصر هو.
(1/195)
376 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا عقبة بن مكرم قال: ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: كنا عند شعبة فقيل له: مات أبو حنيفة، فقال شعبة، ذهب معه معرفة فقه أهل الكوفة تفضل الله علينا وعليه.
(1/195)
حماد بن زيد
377 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا حماد بن زيد، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: بلغني أنه يؤتى بموازين القسط يوم القيامة فيوزن عمل رجل فلا يرجح، فيؤتى بشيء فيوضع في ميزانه فيرجح، فيقول: ما هذا؟ فيقال: هذا علمك الذي علمته فعمل به من بعدك.
(1/195)
378 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن #196# أعين ومحمد بن أحمد بن حماد قالا: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا مسلم ابن إبراهيم قال: ثنا حماد بن زيد، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في قول الله عز وجل: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} قال: إنما يوزن من الأعمال خواتيمها.
(1/195)
379 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن جعفر بن أعين ومحمد بن أحمد بن حماد قالا: ثنا أحمد بن منصور قال: ثنا سليمان بن حرب، أنبأ حماد بن زيد، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في قوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}؟ قال: يؤتى بالرجل فيوزن عمله فتخف حسناته، قال: فيؤتى بشيء كهيئة الغمامة، قال: فيوضع فتثقل حسناته فيقول: يا رب ما هذا؟ فيقال: هذا علمك الذي تعلمته فعلمته الناس فعملوا به من بعدك.
(1/196)
أبو عوانة
380 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا حسن الأشيب قال: ثنا أبو عوانة، عن أبي حنيفة، عن الحكم وحماد.
(1/196)
381 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وثنا محمد بن مقاتل #197# أبو عبد الله قال: ثنا حماد بن قيراط قال: ثنا أبو عوانة قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد والحكم أنهما قالا في رجل قال لامرأته: ((أنت طالق إن شاء الله)): أنها لا تطلق.
(1/196)
سعيد بن أبي عروبة
382 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: أتينا سعيد بن أبي عروبة فقال: إنه قد أتتنا هدايا من أبي حنيفة ومن قوم يهدون إلينا بالكوفة فلو أصبت منها.
(1/197)
383 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن سعيد قال: حدثني المثنى بن رجاء قال: سمعت سعيد بن أبي عروبة يقول: كان أبو حنيفة عالم الكوفة.
(1/197)
عبد الوارث بن سعيد
384 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر يموت بن المزرع قال: ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: وجدت في كتاب جدي عبد الوارث بن سعيد: أتيت مكة.
(1/197)
385 - ح حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني العباس بن محمد الجمحي قال: ثنا أبو حنيفة القطوي قال: ثنا عبد الوارث بن سعيد قال: أتيت مكة.
(1/197)
#198#
386 - ح قال محمد بن أحمد بن حماد لنا: وكنت ببغداد في مجلس عبدوس الفقيه حتى ذكر هذا الحديث فقال: حدثناه أبو معمر، عن عبد الوارث ابن سعيد ثم قالوا: فلقيت بها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة فقلت: ثلاثة من فقهاء الكوفة جُمعوا لي لأسألنهم عن مسألة، فأتيت أبا حنيفة فقلت: ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً فيه؟ قال: البيع باطل يعني والشرط باطل، فأتيت ابن أبي ليلى فسألته عن ذلك؟ فقال: الشرط باطل والبيع جائز، فأتيت ابن شبرمة فسألته عن ذلك؟ فقال: البيع جائز والشرط جائز، فرجعت إلى أبي حنيفة فأخبرته بقولهما، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عتاب بن أسيد ونهاه عن بيع وشرط، فالبيع باطل والشرط باطل.
فأتيت ابن أبي ليلى فأخبرته فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تشتري بريرة وتشترط لهم الولاء، فالبيع جائز والشرط باطل.
فأتيت ابن شبرمة فأخبرته بقولهما، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر ابن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر بن عبد الله: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى منه بعيراً وشرط له ركوبه إلى المدينة، فالبيع جائز والشرط #199# جائز. اللفظ للعباس الجمحي.
(1/198)
387 - حدثني أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أسلم بن مطروج الأزدي إملاء سنة تسعين ومائتين قال: ثنا محمد بن جابر المروزي قال: ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال: وجدت في كتاب جدي ثم ذكر مثله.
(1/199)
يزيد بن زريع
388 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: ثنا يعقوب بن شيبة، عن علي بن المديني قال: كان يزيد ابن زريع إذا ذكر أبا حنيفة قال: هيهات! طارت بفتواه البغال الشهب.
(1/199)
بشر بن المفضل
389 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا سوار بن عبد الله العنبري قال: ثنا بشر بن المفضل قال: سمعت أبا حنيفة يقول: البول في ناحية المسجد أحسن من كثير من القياس.
(1/199)
يحيى بن سعيد القطان
390 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين.
(1/199)
#200#
391 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قالا: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: سمعت يحيى بن معين قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لا نكذب الله، كم من شيء حسن قد قاله أبو حنيفة.
(1/200)
392 - حدثنا محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ح.
(1/200)
393 - وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ثم قالا: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: لا نكذب الله، ربما استحسنا الشيء، من رأي أبي حنيفة فأخذنا به.
قال يحيى: وكان يحيى بن سعيد يذهب في الفتوى إلى مذهب الكوفيين.
(1/200)
أبو عاصم الضحاك بن مخلد
394 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا عمر بن شبة قال: ثنا أبو عاصم قال: سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت أفضل من عطاء بن أبي رباح. قال أبو عاصم: وحدثنا محمد بن خاقان بن عبد الله بن الأهتم قال: سمعت أبا حنيفة يقول: ما رأيت أفقه من عطاء.
(1/200)
أبو قطن عمرو بن الهيثم
395 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني القاسم بن جعفر #201# وأحمد بن محمد بن سلامة ومحمد بن أحمد بن حماد قالوا: ثنا يزيد بن سنان قال: ثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم قال: ثنا أبو حنيفة، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)).
(1/200)
عبد الله بن داود الخريبي
396 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا أبو مالك المغولي قال: ثنا عبد الله ابن داود.
(1/201)
397 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وثنا أحمد أيضاً قال: ثنا صالح بن شعيب بن أبان قال: ثنا نصر بن علي قال: ثنا عبد الله بن داود.
(1/201)
398 - ح وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد ابن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبو مالك محمد بن الصقر ابن مالك بن مغول قال: سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول: كنت عند سفيان الثوري فأتاه آتٍ فقال له: يا أبا عبد الله ما تقول في قارن قدم مكة فخاف أن يفوته الوقوف بعرفة إن هو بدأ بطواف عمرته فمضى إلى عرفات ليقف لحجه ثم يرجع فيطوف لعمرته؟ فقال له سفيان: وما يمنعه من ذلك إذا أصاب تجبيباً #202# فارهاً فقال له: يا أبا عبد الله فإن النعمان بن ثابت يزعم: أنه إذا توجه إلى عرفات فقد رفض العمرة، فقال له الثوري: ومن يقول غير هذا؟ قال: قلت في نفسي: أنت تقول غير هذا.
(1/201)
هوذة بن خليفة
399 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن سعدان قال: ثنا هوذة بن خليفة قال: ثنا أبو حنيفة، عن أبي عون، عن عبد الله بن شداد، عن ابن عباس قال: حرمت الخمر قليلها وكثيرها وما بلغت السكر من كل شراب.
(1/202)
يوسف بن خالد السمتي
400 - حدثني أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد #203# ابن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: سمعت يوسف بن خالد السمتي يقول: جالست أبا حنيفة سنتين ونصف، فما سمعته لحن في شيء إلا في حرف واحد، زعم أهل اللغة أن له فيه مخرجاً.
(1/202)
عبد الواحد بن زياد
401 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني محمد بن العباس قال: ثنا عباس بن طالب قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال: قدمت الكوفة فرأيت أبا حنيفة يناظر حماد بن أبي سليمان.
(1/203)
عباد بن صهيب
402 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن #204# سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: قال لي عباد بن صهيب: عندي عن أبي حنيفة قمطر.
(1/203)
سعيد بن أوس الأنصاري
403 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن هارون بن حسان البرقي قال: ثنا بكر بن القاسم القضاعي قال: ثنا يحيى بن المغيرة القرشي قال: ثنا سعيد بن أوس الأنصاري قال: سمعت أبا حنيفة وسئل عن رجل أسقط أربع سجدات من صلاة الظهر لم يذكر ذلك إلا في آخر صلاته؟ فقال أبو حنيفة: يتم صلاته فإذا يجلس سجد أربع سجدات ثم تشهد وسلم ثم سجد سجدتي السهو بعد السلام.
(1/204)
ومن أهل اليمامة:
محمد بن جابر، وياسين الزيات.
محمد بن جابر
404 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن حماد قال: ثنا لوين محمد بن سليمان قال: سمعت محمد بن جابر يقول: كان أبو حنيفة من أعلم أهل بلده في عصره بالفتوى، وكان عوام الناس مائلين إليه في المسائل.
(1/204)
ياسين الزيات
405 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو معمر محمد بن #205# أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس ح.
(1/204)
406 - وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد قالا: سمعت يحيى بن معين يقول: ياسين الزيات يمامي وكان يفتي برأي أبي حنيفة.
(1/205)
ومن أهل واسط:
هشيم بن بشير، وعباد بن العوام، وخالد بن عبد الله الطحان، ويزيد ابن هارون، وعلي بن عاصم، وإسحاق بن يوسف الأزرق.
هشيم
407 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: ثنا هشيم بن بشير قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، ح وأخبرنا يونس، عن الحسن: أنهما كانا لا يريان بين المرأة وزوجها قبضا، قال: وقال حماد: أرأيتم لو أن رجلاً تصدق على امرأته ببساط له مبسوط في بيته كيف كانت امرأته تقبضه.
(1/205)
عباد بن العوام
408 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو العلا محمد بن أحمد ابن جعفر الكوفي قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: ثنا عباد بن العوام، عن #206# أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في المحرم يبط الجرح ويعصر القرحة ويقص الظفر إذا انكسر ويجبر الكسر.
قال: وحدثنا عباد، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: يتداوى المحرم بما أحب ما لم يكن فيه طيب.
(1/205)
خالد بن عبد الله
409 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أبو بكرة بكار بن قتيبة القاضي قال: ثنا أبو عمر الضرير قال: ثنا خالد بن عبد الله الواسطي قال: أنبأ أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم: أنه كان لا يرى بأساً بالبول والعذرة والدم يصيب الثوب إذا كان أقل من درهم، فإن كان مثل الدرهم غسله من ثوبه، أو قال: كان يكره أن يصلي فيه، قال القاضي بكار: وذلك رأيي.
(1/206)
يزيد بن هارون
410 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن أعين قال: ثنا يعقوب بن شيبة قال: حدثني يعقوب بن أحمد قال: سمعت الحسن ابن علي قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: وسأله إنسان فقال: يا أبا خالد من أفقه من رأيت؟ قال: أبو حنيفة، وليصيرن أبو حنيفة أستاذاً كإبراهيم، ولوددت أن عندي عنه مائة ألف مسألة، قال: وجالسته قبل أن يموت الجمعة.
(1/206)
#207#
علي بن عاصم
411 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد المصيصي قال حدثني الحسين بن علي بن أيوب الجعفي قال: سمعت علي بن عاصم قال: سئل أبو حنيفة عن النبيذ؟ فقال لسائله: أنظر في ثمن النبيذ من أين هو.
(1/207)
إسحاق الأزرق
412 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو العلا محمد بن أحمد ابن جعفر الكوفي قال: ثنا إسماعيل بن هود الواسطي، قال ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق قال: ثنا أبو حنيفة، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدال على #208# الخير كفاعله)).
(1/207)
ومن أهل الجزيرة:
حماد بن عمرو النصيبي، وعفيف بن سالم، والمعافى بن عمران، وحماد ابن عمرو، وعبيد الله بن عمرو الرقي، ويزيد بن سنان الرهاوي، ومحمد بن حفص، والفيض بن محمد، وسابق الرقي.
عفيف بن سالم
413 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: حدثني أبي قال: ثنا عفيف بن سالم الموصلي قال: ثنا أبو حنيفة قال: رأيت على عطاء قلنسوة وهو محرم، فقيل له؟ فقال: إني أشتكي رأسي وسأهريق دماً.
(1/208)
الفيض بن محمد
414 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن القاسم قال: ثنا داود بن رشيد قال: أخبرني الفيض بن محمد الرقي قال: لقيت أبا حنيفة ببغداد وأنا أريد الكوفة فقال لي: الق #209# ابني حماداً فقل له: قد علمت أن قوتي في الشهر درهمين سويق وقد حبسته علي فعجله.
(1/208)
عبيد الله بن عمرو
415 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال: ثنا علي بن معبد، عن عبيد الله ابن عمرو، عن أبي حنيفة: أنه قال في انقطاع الحيض عن المرأة: إنه ما بين الخمسين سنة والستين.
(1/209)
ومن أهل الشام ومصر:
يحيى بن أيوب المصري، ويونس بن يزيد، والليث بن سعد، وإسماعيل بن عياش، وشعيب بن إسحاق، وسعيد بن عبد العزيز، وسويد بن عبد العزيز.
يحيى بن أيوب
416 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: في كتابي عن أبي جعفر أحمد ابن حماد زغبة أنا أشك في سماعه قال: أنبأ سعيد بن الحكم بن أبي مريم قال: أنبأ يحيى بن أيوب، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم أنه قال فيمن قال لامرأته: اعتدي: إنها واحدة إلا أن يكون أراد أكثر من ذلك.
(1/209)
#210#
الليث بن سعد
417 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد قال: ثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة قال: ثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد، عن أبي عبد الله الخراساني، عن أبي حنيفة، عن علقمة ابن مرثد وحماد: أنهما حدثاه عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نهيناكم عن ثلاث: زيارة المقابر أن تزوروها، وعن لحوم الأضاحي أن تمسكوها فوق ثلاث، وعن الدباء والحنتم والمزفت، فأما المقابر فزوروها، فقد أذن لمحمد صلى الله عليه وسلم في زيارة قبر أمه، ولا تقولوا هجراً، وإنما نهيناكم عن لحوم الأضاحي أن تمسكوها فوق ثلاث ليتسع بها مؤسركم على فقيركم، واشربوا في كل ظرف، فإن الظرف لا يحل شيئاً ولا يحرمه ولا تشربوا مسكراً)).
وله الحكاية التي حكاها عنه: أنه رآه بمكة حدث بها عنه عن أبي حنيفة أبو صالح، ويحيى بن بكير، والشافعي، كلهم عن الليث عنه، وهي في الجزء الأول فكرهت أن أعيدها هاهنا.
(1/210)
#211#
إسماعيل بن عياش
418 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يحيى بن عبد الرحمن قال: حدثني عمرو بن عثمان قال: حدثني إسماعيل بن عياش، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن سعيد بن جبير قال: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة.
(1/211)
شعيب بن إسحاق
419 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن هاشم البعلبكي قال: ثنا شعيب بن إسحاق، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: أخطأ الناس في قولهم: كل مسكر حرام، إنما هو كل سكر حرام، قال شعيب: كأني أسمعه من فلق فيه -يعني أبا حنيفة- يقول: إني أخاف أن يكون هو الذي أخطأ إني أخاف أن يكون هو الذي أخطأ.
(1/211)
420 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي: عن شعيب بن إسحاق الدمشقي فقال: ما أرى به بأساً، ولكنه كان جالس أصحاب الرأي، #212# جالس أبا حنيفة.
(1/211)
يونس بن يزيد الأيلي
421 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: ثنا الحسين بن واقد قال: ثنا أيوب بن سويد قال: قال يونس بن يزيد: قال لي أبو حنيفة: كيف كان يقول صاحبك -يعني الزهري- في رجل قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق؟ فقلت له: لو كان يقول ذلك لازم له، فقال أبو حنيفة: ما أتانا عنه أمر إلا وجدناه قوياً.
(1/212)
سويد بن عبد العزيز
422 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: ثنا أحمد بن صالح قال: ثنا يحيى بن حسان قال: ثنا سويد بن عبد العزيز، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في الجنب يصلي بالقوم قال: يعيد ويعيدون.
(1/212)
ومن أهل الري وخراسان:
أبو جعفر الرازي، وأبو سنان سعيد بن سنان رازي، وحكام بن سلم الرازي، وإسحاق بن سليمان، وعلي بن مجاهد الكابلي، وإبراهيم بن طهمان #213# نيسابوري، وأبو حمزة السكري، وعبد الله بن المبارك، وخالد بن زياد بن جزو، والنضر بن محمد، وحسان بن إبراهيم الكرماني، ومكي بن إبراهيم بلخي، وأبو مطيع البلخي، والفضل بن موسى، وخارجة بن مصعب، وعفان بن سيار جرجاني، وأبو سعد الصاغاني، وأبو عصمة نوح، وهياج بن بسطام، وإبراهيم بن ميمون الصائغ، والحسن بن رشيد، وخالد بن صبيح، وأبو حنيفة الخوارزمي.
(1/212)
أبو جعفر الرازي
423 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا محمد بن سعيد بن الأصبهاني قال: ثنا ابن المبارك عن أبي جعفر الرازي وهو عيسى بن ماهان، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في رجل لقي قوماً فقال: أحدكم زانٍ، قال: لا حد عليه.
(1/213)
حكام بن سلم، وأبو سنان
424 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني أبو بكر بن حميد قال: ثنا حيان بن بشر قال: ثنا حكام بن سلم الرازي، عن أبي سنان قال: كنا نختلف إلى عمرو ابن مرة فكان أبو حنيفة يصلي العشاء والفجر بطهور واحد.
(1/213)
إسحاق بن سليمان الرازي
425 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #214# قال: حدثني محمد بن شجاع قال: ثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم في رجل لقي ثلاثة نفر فقال: أحدكم زان، قال: ليس عليه حد.
(1/213)
أبو حمزة
426 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: سمعت محمود بن غيلان قال: ثنا علي ابن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبا حمزة السكري يقول: سمعت أبا حنيفة يقول: إذا جاء الحديث الصحيح الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم أخذنا به، وإذا جاء عن أصحابه تخيرنا، ولم نخرج من قولهم، وإذا جاء عن التابعين زاحمناهم.
(1/214)
427 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أبو يوسف قال: ثنا ابن أبي رزمة محمد بن عبد العزيز قال: حدثني خالد بن صبيح قال: سمعت السكري -يعني أبا حمزة- غير مرة يقول: هذا الذي سمعت من أبي حنيفة أحب إلي من مائة ألف.
(1/214)
عبد الله بن المبارك
428 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا يوسف بن موسى قال: ثنا الحسن بن الربيع قال: ثنا ابن المبارك، عن أبي حنيفة في المدينة: تحرق بالنار وتغرق بالماء وترمى بالمجانيق وفيها ناس مسلمون أسرى أو تجاراً يكف عنهم؟ قال: لا وإن أصابوا منهم #215# شيئاً فلا كفارة ولا دية، قال ابن المبارك: وقال سفيان: لا بأس أن يفعل جميع ذلك.
(1/214)
429 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: حدثني عمرو بن النضر بن قديد قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: أنبأ النعمان، قيل: ومن النعمان؟ قال: النعمان بن ثابت الذي يقال له أبو حنيفة، ومن مثل أبي حنيفة؟.
(1/215)
430 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أبو علي الحسن بن غليب بن سعيد الأزدي الحراني قال: ثنا يوسف بن عدي قال: ثنا عبد الله بن المبارك قال: قال أبو حنيفة: النفل أن يقول الإمام: من قتل قتيلاً فله سلبه، ومن أصاب شيئاً فهو له، قال: وكان يستحب ذلك ليحرضهم على القتال، وذكر ذلك عن إبراهيم.
(1/215)
431 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق أبو يوسف قال: ثنا ابن أبي رزمة قال: حدثني يحيى بن أكثم قال: حدثني أبو الأصبغ الرملي، عن عبد الرزاق، عن عبد الله بن المبارك قال: إن كان يصلح لأحد أن يقول برأيه فهو لأبي حنيفة، قال يعقوب، قلت لابن أبي رزمة: أفيدك هذا الحديث من قرب قلت: حدثنيه أبي أبو يعقوب عن عبد الرزاق قال: قال لي عبد الله بن المبارك: قال: هو ذا أصير إليكم.
(1/215)
#216#
432 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: سمعت أبي يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: نظر أبو حنيفة إلى ابني فقال لي: أدت أمه الأمانة.
(1/216)
433 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر الدولابي قال: ثنا أحمد بن عبد المؤمن قال: ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم قال: ذكر عبد الله بن المبارك، عن أبي حنيفة قال: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثاً ثم أرادها على نفسها، فذكر: أن لها أن تقاتله.
(1/216)
علي بن مجاهد
434 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن حميد قال: ثنا علي بن مجاهد قال: حدثني أبو حنيفة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون قال: كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لنا كل يوم جزور، يأكل المسلمون أطايبها ويأكل علايبها، ثم نشرب عليها هذا النبيذ فيحطمه في بطوننا.
(1/216)
حسان بن إبراهيم
435 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد #217# قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا حسان بن إبراهيم قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن عائشة: أنها أهدت هدياً فهلك، فاشترت هدياً آخر مكانه، ثم وجدت الأول: فنحرتهما جميعاً، وقالت: الأول يجزي.
(1/216)
أبو مطيع قاضي بلخ
436 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو مطيع قاضي بلخ قال: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم: أنه قال في رجل قذف رجلاً بالكوفة وآخر بالبصرة وآخر بواسط، فضرب الحد قال: هو لذلك كله، وكذلك إن سرق غير مرة من أناس شتى فقطع، كان القطع لذلك كله، وكذلك الزنا، وكذلك شرب الخمر.
(1/217)
أبو عصمة نوح بن أبي مريم
437 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن أحمد بن سهل بن إسحاق الترمذي قال: حدثني القاسم بن غسان قاضي الكوفي قال: سمعت أبي يقول: حدثني جدك أبو غسان قاضي مرو قال: سمعت أبا عصمة نوح بن أبي مريم يقول: كنت عند أبي حنيفة جالساً ذات يوم إذ دخل عليه رجل، فقال: يا أبا حنيفة! ما تقول في رجل توضأ بماء في إناء نظيف أيجوز لغيره أن يتوضأ بهذا الماء؟ قال: لا، قلت: لم؟ قال: لأنه ماء مستعمل، قال: فصرت إلى سفيان الثوري فسألته عن هذه المسألة؟ فقال سفيان: يجوز أن #218# يتوضأ به، فقلت له: إن أبا حنيفة قال: لا يجوز ذلك، قال لي: ولم؟ قلت: يقول: لأنه ماء مستعمل، قال: فما مضت لي جمعة حتى جلست إلى سفيان فإذا رجل قد سأله عن هذه المسألة بعينها؟ فقال سفيان: لا يجوز لأنه ماء مستعمل.
(1/217)
الفضل بن موسى السيناني
438 - حدثنا أبي قال: حدثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق قال: ثنا أبي قال: ثنا الفضل بن موسى السيناني، عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا كان الاستثناء متصلاً بالكلام فقد خرج من يمينه وإلا فلا شيء.
(1/218)
439 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد قال: ثنا أحمد بن القاسم قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم قال: ثنا الفضل بن موسى، عن أبي حنيفة، عن حماد قال: كان نقش خاتم إبراهيم: ((الله ولي إبراهيم وناصره)).
(1/218)
عفان بن سيار
440 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني جعفر بن محمد بن الحسن قال: ثنا محمد بن بندار الجرجاني السباك قال: سمعت عفان بن سيار قال: سمعت أبا حنيفة يقول: يقال: إنه #219# من كان طويل اللحية كان ضعيف العقل، وقد رأيت علقمة بن مرثد وكان طويل اللحية حسن العقل.
(1/218)
أبو سعد الصغاني
441 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن ميسر أبو سعد الصغاني قال: سمعت أبا حنيفة يقول: لا ينبغي للقاضي أن يترك على القضاء أكثر من سنة، لأنه إذا كان أكثر من سنة ذهب فقهه وتمكن.
(1/219)
النضر بن محمد المروزي
442 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا ابن أبي رزمة قال: حدثني أبو وهب قال: سمعت النضر بن محمد يقول: كان أبو حنيفة إذا أدخل عليه الحق لا ينطلق لسانه بعد ذلك، يعني أنه يقبله.
(1/219)
443 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا ابن أبي رزمة قال: حدثني أبي، عن النضر بن محمد قال: لم أر رجلاً ألزم للأثر من أبي حنيفة، قدم علينا يحيى بن سعيد -يعني الأنصاري- وأرى قال: وهشام بن عروة وأرى قال: وسعيد بن أبي عروة، فقال لنا أبو حنيفة: انظروا أتجدون عند هؤلاء شيئاً نسمعه.
(1/219)
444 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد قال: حدثني #220# أحمد بن القاسم قال: ثنا ابن أبي رزمة قال: أخبرني أبي قال: أخبرني النضر ابن محمد، عن أبي حنيفة قال: ما في القرآن سورة إلا وقد أوترت بها.
(1/219)
خالد بن صبيح المروزي
445 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: كتب إلي أبو بكر الرازي محمد ابن أحمد بن العباس من مكة يحدثني، عن موسى بن نصر، عن هشام بن عبيد الله، عن خالد بن صبيح عن أبي حنيفة في اليتيمة يزوجها القاضي ثم تبلغ: أنه لا خيار لها، كما لا خيار لها في الأب إذا زوجها وهي صغيرة.
(1/220)
أبو حنيفة الخوارزمي
446 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا أبو حنيفة الخوارزمي قال: سألت أبا حنيفة عن الإمام إذا سمع خفق النعال من خلفه وهو راكع أينتظر أصحابها؟ قال: لا يفعل، قال: وإن فعل فصلاته فاسدة وأخشى عليه.
(1/220)
إبراهيم بن ميمون الصائغ والحسن بن رشيد
447 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني أحمد بن علي الخراساني قال: ثنا عبد العزيز بن منيب قال: ثنا سعيد بن ربيعة قال: ثنا الحسن بن رشيد، عن أبي حنيفة، عن عكرمة، عن #221# ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب يوم القيامة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله)).
قال الحسن قال لي أبو حنيفة: لما حدثت إبراهيم الصائغ به جاءني من الغد، فقال: يا أبا حنيفة تقوم بهذا الحديث تأتي هذا إبراهيم أخا أبي جعفر فتأمره وتنهاه، فلما كان الغد تواريت عنه، فلم يزل يحتال حتى دخل عليّ. فقال: يا أبا حنيفة تحدثنا بالحديث ولا تأخذ به، قال: قلت: إني رجل ضعيف، فقال: إن كنت ضعيفاً فاكتبه لي، قال: فكتبته له، فلم أزل أتوقع أن #222# يجيئني نعيه، فزعم الحسن بن رشيد قال: دخل إبراهيم الصائغ على أبي مسلم ثلاث مرات، فلما كان في الثالثة قال له: يا أبا إسحاق إنا قد قبلنا منك، فهل لك أن تجلس في بيتك؟ قال: لا، فأمر بحبسه، ثم قدمه ليقتله، فاختصم فيه ثلاثة فناداهم إبراهيم: لا تختصموا كلكم شريك، فضربه فلم يجد الضرب فبقي الحلق معلقاً ثم قلبوه في بئر، قال: فكان يسمع أنينه من البئر ثلاثة أيام قال: رحمه الله.
(1/220)
448 - حدثني أبي قال: قال أبي -رحمة الله عليه- ذكر لي عن بعض من لا معرفة له: أن أبا حنيفة رحمه الله لم يكن من التابعين، فاحتجت إلى إخراج وفاة كل صحابي بلغني وفاته بعد مولد أبي حنيفة، وقد كنت ذكرت مولده في الجزء الأول من فضائله وأخباره غير أني أذكرها ههنا بعض ذلك ليكون متصلاً بما أذكره من وفاة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(1/222)
449 - فحدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري الدولابي قال: سمعت أحمد بن محمد بن عيسى البرتي القاضي قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: ولد أبو حنيفة سنة ثمانين.
(1/222)
450 - وحدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: حدثنا إسحاق ابن أبي إسرائيل، قال أبو نعيم فضل بن دكين: حدثناه عن أبي حنيفة: أنه ولد سنة ثمانين، ومات سنة خمسين ومائة، وكان له سبعون سنة.
(1/222)
#223#
وفاة واثلة بن الأسقع
451 - حدثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري، ومحمد بن أحمد بن حماد قالا: ثنا عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين قال: مات واثلة بن الأسقع سنة ثلاث وثمانين وهو ابن مائة سنة وخمس سنين.
(1/223)
452 - وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني عبد الرحمن بن عمرو أبو زرعة الدمشقي قال: ثنا يزيد بن عبد ربه عن إسماعيل بن عباس قال: مات واثلة بن الأسقع سنة ثلاث وثمانين.
(1/223)
وفاة عمر بن أبي سلمة
453 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني جعفر بن علي الهاشمي قال: ثنا أحمد بن محمد بن أيوب المعمري قال: مات عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه أم سلمة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث وثمانين.
(1/223)
وفاة عمرو بن حريث
454 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: حدثنا أبو نعيم قال: مات عمرو بن حريث سنة خمس وثمانين.
(1/223)
#224#
455 - أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: حدثنا الأثرم أحمد بن محمد بن هانئ، عن أحمد بن حنبل، عن أبي نعيم قال: مات عمرو بن حريث وعمر بن أبي سلمة سنة خمس وثمانين، ودفنا في يوم واحد.
(1/224)
456 - وحدثني أبو بشر قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عمر الواقدي قال: مات واثلة بن الأسقع سنة خمس وثمانين، أخبرني بذلك معاوية بن صالح، عن أبي الزاهرية، وهو يوم مات ابن ثمان وتسعين.
(1/224)
457 - وحدثني أبو بشر قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا يحيى بن بكير قال: توفي واثلة مثله سواء.
(1/224)
وفاة عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، وابن أبي أوفى، وأبي أمامة الباهلي
458 - حدثنا العتبي عبد الرحمن بن معاوية قال: حدثنا سعيد بن جبير قال: مات أبو أمامة الباهلي سنة ست وثمانين.
(1/224)
459 - وحدثني أبو بشر قال: سمعت أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: وحدثني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عمر الواقدي قالا: مات عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي بمصر آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة ست وثمانين، وآخر من مات بالكوفة عبد الله بن أبي أوفى سنة ست #225# وثمانين، ومات أبو أمامة الباهلي واسمه صدى بن عجلان سنة ست وثمانين وهو ابن إحدى وتسعين سنة.
(1/224)
عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب
460 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان الرمادي قال: في سنة سبع وثمانين مات عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب.
(1/225)
وفاة المقدام بن معديكرب
461 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان قال: وأخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن الواقدي قالا: مات المقدام بن معديكرب الكندي بالشام -وهو ابن إحدى وتسعين سنة- سنة سبع وثمانين، ويكنى أبا يحيى، ومنهم من قال: يكنى أبا صالح، وكانت له صحبة.
(1/225)
وفاة عتبة بن عبد السلمي
462 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عمر الواقدي قال: وأخبرني محمد بن سعدان، #226# عن أبي حسان قالا: مات عتبة بن عبد السلمي سنة سبع وثمانين، زاد أبو حسان، بحمص وله صحبة.
(1/225)
وفاة عبد الله بن بسر المازني
463 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت الرمادي أحمد بن منصور يقول: حدثنا يحيى بن بكير قال: توفي عبد الله بن بسر سنة ثمان وثمانين.
(1/226)
464 - قال: وأخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن الواقدي قال: مات بالشام في سنة ثمان وثمانين عبد الله بن بسر، ويكنى أبا بشر، وهو آخر من مات بالشام من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/226)
465 - حدثنا أبو حيوة، عن إبراهيم بن محمد الأملوكي، عن أبيه، عن عبد الله بن بسر قال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على رأسي فقال: ((يعيش هذا الغلام قرناً)) قال: فهذا لي مائة سنة، وفيها مات.
(1/226)
466 - قال أبو بشر: وأخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان الرمادي قال: مات عبد الله بن بسر، ويكنى أبا بشر، وله صحبة، سنة ثمان وثمانين.
(1/226)
#227#
وفاة عبد الله بن ثعلبة بن صعير الزهري
467 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن الواقدي قال: وحدثني محمد بن سعدان، عن أبي حسان قالا: مات عبد الله بن ثعلبة بن صعير الزهري حليف لهم من بني عذرة سنة سبع وثمانين وهو ابن ثلاث وثمانين، يكنى أبا محمد.
وحدثنا ابن رشدين قال: عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري حليف بني زهرة مات سنة تسع وثمانين، وله ثلاث وسبعون سنة.
(1/227)
وفاة سهل بن سعد الساعدي
468 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الواقدي قال: مات سهل بن سعد الساعدي بالمدينة سنة إحدى وتسعين، وهو ابن مائة سنة، ويكنى أبا العباس، وهو آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
(1/227)
469 - حدثني عبد الله بن يزيد الهذلي قال: آخر من مات بالمدينة سهل بن سعد.
(1/227)
470 - وأخبرني ابن رشدين قال: مات سهل بن سعد بالمدينة سنة إحدى وتسعين.
(1/227)
#228#
وفاة السائب بن يزيد الكندي
471 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن عمر الواقدي قال: مات السائب بن يزيد الكندي سنة إحدى وتسعين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وهو حليف لقريش وهو من كنده من أنفسهم.
(1/228)
472 - أخبرني محمد، عن الزهري سمع السائب بن يزيد يقول: خرجنا في غزة تبوك لنلقى النبي صلى الله عليه وسلم، وحجت بي أمي حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين.
(1/228)
وفاة أنس بن مالك والاختلاف في ذلك
473 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا حماد بن زيد، عن جرير بن حازم، قال: قلت لشعيب بن الحبحاب: متى مات أنس بن مالك؟ قال: سنة تسعين.
(1/228)
474 - وحدثني محمد بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثني معتمر بن سليمان، عن حميد: أن أنس بن مالك عمر مائة سنة إلا سنة، ومات سنة إحدى وتسعين.
(1/228)
#229#
475 - وحدثني محمد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن الواقدي قال: حدثني عبد الله بن زيد الهذلي: أنه حضر أنس بن مالك، مات سنة إحدى وتسعين، ويكنى أبا حمزة.
(1/229)
476 - قال لي أبو بشر: وسمعت ابن الفرجي يقول: سمعت علي بن المديني يقول: مات أنس سنة ثلاث وتسعين.
(1/229)
477 - قال أبو بشر: وأخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان الرمادي قال: مات أنس بن مالك في قصره بالطف على فرسخين من البصرة سنة إحدى وتسعين، ودفن هناك.
(1/229)
478 - وحدثني أحمد بن محمد بن حجاج بن رشدين قال: حدثنا حامد ابن يحيى قال: حدثنا معن بن عيسى قال: حدثني ابن لأنس بن مالك قال: توفي أنس سنة إحدى وتسعين، وله مائة سنة إلا سنة.
(1/229)
479 - حدثني أسامة بن أحمد قال: حدثنا محمد بن موسى شنجر، حدثنا أحمد بن حنبل قال: مات أنس بن مالك سنة إحدى أو ثنتين وتسعين.
(1/229)
وفاة أبي أمامة بن سهل بن حنيف
480 - حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن عمر الواقدي قال: وفي سنة مائة مات أبو أمامة ابن سهل بن حنيف، واسمه أسعد، سماه النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/229)
#230#
وفاة أبي الطفيل عامر بن واثلة
481 - حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن إبراهيم، عن أبيه عن الواقدي قال: أبو الطفيل آخر ممن بقي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة إحدى ومائة.
(1/230)
482 - حدثني محمد قال: سمعت جعفر بن نوح قال: حدثنا محمد بن عيسى الطباع قال: حدثنا ثابت بن الوليد بن جميع قال: حدثني أبي، عن أبي الطفيل قال: ولدت عام أحد وأدركت من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين.
(1/230)
483 - حدثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة ومحمد بن أحمد بن حماد قالا: حدثنا عباس بن محمد الدوري قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا ثابت بن عبد الله بن الوليد بن جميع، عن أبيه، عن أبي الطفيل قال: أدركت من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، وولدت عام أحد.
(1/230)
484 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي قال: حدثنا هارون بن أبي عبيد الله الأشعري قال: حدثنا #231# أبو إسماعيل المؤدب، عن الوليد بن جميع، عن أبي الطفيل قال: ولدت عام أحد، وأدركت من الهجرة ثمان سنين.
(1/230)
485 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: ثنا يحيى بن خلف الباهلي قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، عن الجريري عن أبي الطفيل قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بقي على وجه الأرض رجل رآه غيري، قال: قلت: كيف رأيته؟ قال: كان أبيض مليحاً مقصداً إذا مشى كأنه يهوى في صبوب.
(1/231)
486 - حدثنا إسحاق قال: رأيت أبا عبد الله أحمد بن حنبل وعليه خف أسود، وذكر عن ثابت بن عبد الله بن الوليد بن جميع قال: حدثني أبي قال: قال أبو الطفيل: أدركت ثماني سنين من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولدت عام أحد سنة إحدى وثمانين.
(1/231)
عبد الرحمن بن عبد القارئ
487 - حدثنا ابن رشدين قال: عبد الرحمن بن عبد القارئ حليف بني #232# زهرة مات سنة إحدى وثمانين، وله ثمان وتسعون سنة، له عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعث رسله إلى ملوك الأعاجم، الحديث الطويل.
(1/231)
488 - حدثني محمد بن مكي بن محمد الخولاني قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثني بعض أصحابنا ثقة عامة قال: مررت بعسقلان، وإذا في حاشية القرية قبر مكتوب عليه: ((هذا قبر أبي عقال هلال بن بريد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، توفي سنة عشرين ومائة)).
(1/232)
489 - حدثني أبي قال: حدثني أبي -رحمة الله عليهما- قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد قال: حدثنا علي بن حرب الطائي قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا سالم، عن منذر الثوري قال: كنت عند الربيع بن خيثم إذ دخل عليه رجل ممن شهد قتل الحسين عليه السلام، فقال الربيع: أمر الله! لقد قتلتم صبية لو أدركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لقبل أفواههم، وأجلسهم في حجره، ثم قال: ((اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون)).
(1/232)
490 - حدثنا محمد بن صالح بن أبي عصمة الدمشقي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: نا يعقوب بن إبراهيم القاضي أبو يوسف قال: حدثنا محمد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن مولود: له قبل وذكر من أين يورث؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: #233# ((من حيث يبول)).
(1/232)
491 - حدثنا محمد بن صالح قال: نا هشام بن عمار قال: حدثنا إسماعيل بن عباس قال: حدثنا موسى بن عقبة، عن الزهري، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما رجل باع سلعة فوجدها بعينها عند رجل قد أفلس ولم يكن قبض من ثمنها شيئاً فهو أسوة الغرماء)).
(1/233)
492 - حدثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي قال: حدثنا محمد بن خالد الواسطي قال: نا أبو شهاب الحناط، عن حجاج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل أحد مكة إلا بإحرام، من أهلها ولا من غير أهلها)).
(1/233)
#234#
وقد وجدت جماعة رووا عن أبي حنيفة رحمه الله، وأخذوا عنه لم يذكر لهم جدي رحمه الله رواية عنه، منهم:
إسماعيل بن أبي خالد
493 - حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا النيسابوري قال: أخبرنا أحمد بن شعيب بن علي النيسابوري قال: أخبرنا عمر بن علي قال: أخبرنا عبد الرحمن قال: أخبرنا إبراهيم بن حميد عن إسماعيل بن أبي خالد قال: مررت على أبي حنيفة -رحمه الله- بثوب أدفعه إلى القصار، علامته سليمان، فكرهه.
(1/234)
والجارود بن يزيد
494 - حدثني أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران البغدادي أملى علي بمكة قال: حدثني عبد الله بن محمد بن شعيب أبو محمد قال: حدثنا سهل بن عمار قال: حدثنا الجارود بن يزيد قال: حدثنا أبو حنيفة، عن إبراهيم السكسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن أتعلم شيئاً من القرآن، فعلمني شيئاً يجزئ عني من القرآن، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((قل: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)) قال: فقال الرجل: هذا لله، فما لي؟ قال: ((قل: اللهم ارحمني واغفر #235# لي واهدني وعافني وارزقني)).
(1/234)
ومالك بن أنس
495 - حدثني يوسف بن أحمد المكي قال: حدثنا محمد بن حازم الفقيه قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ بمكة قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي: أنه قال: أخبرني عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: كان مالك بن أنس ينظر في كتب أبي حنيفة وينتفع بها.
(1/235)
ويحيى بن نصر بن حاجب
496 - حدثني أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن مهران الحافظ قال: حدثني أحمد بن حفص بن عمرويه قال: حدثنا عبد العزيز بن حاتم قال: حدثنا #236# يحيى بن نصر بن حاجب بن عمرو القرشي قال: حدثنا أبو حنيفة، عن أبان، عن أبي نضرة، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اغتسل يوم الجمعة فقد أحسن، ومن لم يغتسل فبها ونعم)).
(1/235)
وأبو همام محمد بن الزبرقان
497 - حدثنا يوسف بن أحمد قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن حزام الباذغيسي الفقيه قال: حدثنا يحيى بن يزيد الإمام بالأهواز قال: حدثنا أبو همام محمد بن الزبرقان، قال: حدثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل ذبائح النساء.
(1/236)
#237#
وعبد الله بن بزيغ
498 - حدثنا يوسف بن خالد الشيباني قال: حدثنا محمد بن حزام قال: حدثنا إسحاق بن داود التستري قال: حدثنا يحيى بن غيلان قال: حدثنا عبد الله بن بزيغ، عن أبي حنيفة قال: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن المهاجر، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عمل يرضى الله جل وعز فيه أعجل ثواباً من صلة الرحم، وما من عمل يعصى الله جل وعز فيه أعجل عقوبة من البغي، واليمين الفاجرة تدع البلاد بلاقع)).
(1/237)
#238#
والوسيم بن جميل
499 - حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الوسيم هو ابن جميل قال: سمعت أبا حنيفة يقول: كل طعام المجوس كله إلا اللحم، يعني: أن ذبائح المجوس ميتة.
(1/238)
ومحمد بن مسروق
500 - حدثنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن حزام قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبيد الله بن سعيد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن مسروق قال: حدثنا أبو حنيفة، عن قتادة، عن أبي قلابة، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلت: يا رسول الله! إنا بأرض كفار فنأكل في آنيتهم؟ قال: ((إن لم تجدوا منها بداً فاغسلوها وكلوا فيها)).
(1/238)
وأبو الخليل سلم بن بالق الترمذي
501 - حدثني أبو مسلم عبد الرحمن بن مهران قال: خبرني محمد بن #239# محمد بن محمود قال: حدثني أبي محمد قال: حدثني أبي محمود بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو الخليل سلم بن بالق الترمذي قال: حدثنا أبو حنيفة، عن بلال، عن وهب بن كيسان، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان يعلمهم التشهد والتكبير كلما سجدوا وركعوا ورفعوا رؤوسهم، كما يعلمهم السورة من القرآن.
(1/238)
وسابق البربري يكنى أبا سعيد، قاضي الرقة
502 - حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد الرازي الشافعي قراءة مني عليه قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني بالرقة قال: حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن يزيد الرهاوي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سابق، عن أبي حنيفة، عن قيس بن مسلم، عن طارق #240# ابن شهاب، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله جل وعز لم يضع داء إلا وضع له دواء، فعليكم بألبان البقر، فإنها تخلط من كل الشجر))، وله عنه أحاديث كثيرة.
(1/239)
الصباح بن محارب
503 - في كتابي عن الحسن بن علي التميمي، يعرف بحسينك، وشككت في سماعه منه، فحدثني به عنه أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن #241# الشافعي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن نصر المركبي بالري قال: حدثنا عبد السلام بن عاصم قال: حدثنا الصباح بن محارب، عن أبي حنيفة، عن الزهري، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المتعة.
(1/240)
عبد العظيم بن حبيب الفهري أبو بكرة
504 - حدثني أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي -رحمه الله- قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الحكم بن علي البغدادي النرسي قال: حدثنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل بدمشق قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن حفص الرصافي قال: حدثنا عبد العظيم بن حبيب الفهري قال: حدثنا أبو حنيفة، عن علي بن الأقمر، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تبارك وتعالى لم يترك داء إلا أنزل له شفاء فعليكم بألبان البقر، فإنها ترم من كل الشجر)).
(1/241)
أبو الجويرية
505 - حدثنا يوسف بن أحمد قال: حدثنا محمد بن حزام قال: حدثنا إبراهيم بن مخلد قال: حدثنا محمد بن الفضل قال: حدثنا الحماني، عن سلم #242# ابن سالم، عن أبي الجويرية قال: كنت مع ابن أبي سليمان وعلقمة بن مرثد ومحارب بن دثار وعون بن عبد الله، وصحبت أبا حنيفة -رحمه الله-، فما كان في القوم أحسن ليلاً من أبي حنيفة، صحبته ستة أشهر فما منها ليلة واحدة وضع جنبه على الأرض.
(1/241)
أخبار داود الطائي
506 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا أحمد بن بشر المرثدي قال: ثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: حدثني الوليد بن عقبة قال: لما قام داود الطائي من حلقة أبي حنيفة أتى أسطوانة من أساطين المسجد فجلس إليها فجعل يتعاهدها، فلما قوي على الوحدة دخل في العبادة.
(1/242)
507 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي قال: ثنا أحمد بن سهل بن عبد العزيز قال: ثنا محمد بن حاتم، عن بشر بن الحارث قال: قيل لداود الطائي بعد ما اعتزل ولزم بيته، قد كنت تجالس أصحاب أبي حنيفة ثم اعتزلت؟ فقال: إذا كنا دهرنا في جمع الآلة فمتى يكون البناء.
(1/242)
#243#
508 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني الحسن بن عيسى قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: وهل الأمر إلا ما كان عليه داود الطائي.
(1/243)
509 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو الحسن علي بن سعيد بن بشير الرازي قال: ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا محمد بن بشر العبدي عن بكر بن محمد العابد قال: قال داود الطائي: فر من الناس كما تفر من الأسد.
(1/243)
510 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين البغدادي وأبو الحسن علي بن سعيد بن بشير الرازي ومحمد بن عبد الله بن سعيد البصري قالوا: ثنا علي بن حرب الطائي قال: حدثني إسماعيل بن زبان قال: ثنا أبو الربيع العابد الواسطي قال: قلت لداود الطائي: أوصني، زاد علي بن سعيد قال: أو مطيعي أنت؟ فقلت: نعم، ثم قالوا: قال: صم الدنيا، واجعل فطرك الموت، وفر من الناس كما تفر من الأسد.
(1/243)
511 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: ثنا خالد أبو الهيثم قال: حدثني أبو الربيع الأعرج قال: قلت لداود الطائي: أوصني، قال: فر من الناس فرارك من السبع غير تارك لجماعتهم.
(1/243)
512 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سلام #244# البغدادي قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا عبد الله بن صالح بن مسلم قال: حدثني بعض أصحابنا قال: قال رجل لداود الطائي: يا أبا سليمان! عظني وأوجز، قال: فر من الناس فرارك من الأسد من غير أن تكون مفارقاً للجماعة، قال: زدني، قال: ارض باليسير مع سلامة الدين كما رضي قوم بالكثير مع خراب دينهم.
(1/243)
513 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إسماعيل بن داود بن وردان قال: ثنا محمد بن عمرو البنا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: ثنا محمد بن معاوية قال: قال داود الطائي: إنما بغية الأكياس: ملك لا زوال عنه، وعيش لا موت فيه.
(1/244)
514 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن جعفر بن أعين إملاءً قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال: ثنا محمد بن بشر، عن بكر بن محمد العابد قال: قالوا لداود الطائي: لو انبسطت وحدثت، قال: أجلس مكتباً لمن يتبع عيوبي.
(1/244)
515 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أحمد بن محمد الأنطاكي قال: ثنا أبو عياش أحمد بن عبد الله بن أبي حماد قال: ثنا محمد بن بشير قال: ثنا عمر بن حفص قال: قيل لداود الطائي: يا أبا سليمان لم لا تجالس الناس؟ فسكت، ثم أعاد عليه، فقال: اللهم غفراً، إما صغير لا يوقرك، وإما كبير يحصي عليك عيوبك.
(1/244)
#245#
516 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا يحيى بن سليمان قال: حضرت ابن السماك وحضر جنازة حبيب بن حبيب أخي حمزة الزيات، وكان شيخاً كبيراً، وكان جاراً له، فذكر ابن السماك داود الطائي فجعل يقرظه ويحسن ذكره، ثم قال: يا داود، كنت خباً بين موتى، يا داود، كنت غريباً مع من كنت معه، يا داود، استأنست بما يستوحش منه، واستحوشت بما يؤنس به، استأنست بالوحدة والظلمة، والناس يستوحشون منهما، واستحوشت من الناس ومجالستهم والناس يستأنسون بذلك، قال: وكان داود حين تعبد لزم بيته، فكان يصلي المكتوبة ويدخل بيته.
(1/245)
517 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن علي بن زيد المكي قال: سمعت حسن الحلواني -أحسبه- قال: قال أبو أسامة أو غيره: قيل لداود الطائي: قد رق الناس واحتاجوا إلى ما عندك، فقال: اجلس مكتباً لمن يتبع عثراتي ويتطلب عيوبي.
(1/245)
518 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: أخبرت عن أبي أسامة قال: ذهبت أنا وسفيان بن عيينة إلى داود الطائي، فلما دخلنا عليه قال: ما أحب أن تأتوني، ما أحب أن تجيئوني، قال أبو أسامة: وإنما أعطي غباراً من الخوف فكيف لو أعطي الخوف كله.
(1/245)
#246#
519 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد قال: ثنا عبد الله بن أحمد قال: أخبرت عن معاوية بن عمرو قال: رأيت داود الطائي يصلي كأنه مطلع في النار.
(1/246)
520 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي: ثنا محمد بن يحيى بن عمر الواسطي قال: ثنا محمد بن بشير قال: ثنا حفص بن عمر الجعفي قال: قيل لداود الطائي: لم لا تسرح لحيتك؟ قال: الدنيا دار مأتم، قيل له: لم لا تجالس الناس؟ قال: اللهم غفراً، إما صغير لا يؤقرك، وإما كبير يحصي عليك عيوبك، قال: وجاء رجل من الأكياس يريد أن يلقاه، فجعل لا يمكنه، كأن يخرج مقنعاً بثوبه كأنه خائف، فإذا سلم الإمام قام مسرعاً كأنه رجل هارب حتى يدخل بيته.
(1/246)
521 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن موسى سقلاب عن بعض أصحابه قال: جاءت امرأة إلى أبي حنيفة وداود الطائي عنده جالس، فسألته عن مسألة فأجابها أبو حنيفة بجواب استحسنته، فقالت له: يا أبا حنيفة هذا العلم فأين العمل؟ فسمعها داود فوقعت من قلبه، فكان ذلك أول عبادته.
(1/246)
522 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت عبيد الله بن عائشة يقول: أول ما عرف من عبادة داود الطائي أنه مر بالمقبرة فسمع امرأة تقول: يا يحيى ليت شعري بأي خديك بدأ البلى.
(1/246)
#247#
523 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن يحيى الأزدي قال: حدثني أبو الحسن الأزدي قال: ثنا صدقة أبو محمد الزاهد قال: خرجنا في جنازة بالكوفة فخرج فيها داود الطائي فانتبذ وقعد ناحية وهي تدفن قال: فجئت فقعدت قريباً منه، فتكلم داود فقال: من خاف الوعيد قصر عليه البعيد، ومن طال أمله ضعف عمله، وكلما هو آت قريب، واعلم أي أخي، أن كل شيء شغلك عن ربك فهو عليك مشئوم، واعلم أن أهل الدنيا من أهل القبور إنما يندمون على ما يخلفون، ويفرحون بما يقدمون، فما عليه أهل القبور ندموا على الذي عليه أهل الدنيا يقتتلون، وفيه يتنافسون، وعليه عند القضاة يختصمون.
(1/247)
524 - حدثنا أبي قال: حدثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلام قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا عبد الله بن صالح بن مسلم قال: حدثني بعض أصحابنا قال: قال رجل لداود الطائي، يا أبا سليمان عظني وأوجز، قال: لا يراك الله حيثما نهاك، ولا يفقدك عندما أمرك به، قال: زدني، قال: اجعل الدهر يوماً واحداً صمته عن شهوات الدنيا كان آخر فطرك فيه الموت فكأن قد.
(1/247)
525 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي قال: ثنا محمد بن يحيى بن عمر قال: ثنا محمد بن بشير قال: ثنا حفص بن عمر الجعفي قال: كان داود الطائي قد ورث عن أمه أربع مائة درهم، فمكث يتقوتها ثلاثين عاماً، فلما نفدت جعل #248# ينقض سقوف الدويرة فيبيعها، حتى باع الخشب والبواري واللبن حتى بقي نصف سقف، وكان حائط داره من هذا اللبن العرزمي الذي يجعل في الكناسات، وبابه خلاف مرفوع وحائطه قصير، لو أن غلاماً وثب سقط إلى الدار، فجاءه صديق له يوماً فقال: لو أعطيتني يا أبا سليمان هذه فأبضعتها لك، لعلنا نستفصل لك فيها شيئاً تنتفع به، فما زال به حتى دفعها إليه، ثم فكر فلقيه بعد عشاء الآخرة فقال: أرددها علي، قال: ولم؟ قال: أخاف أن يدخل فيها شيء غير طيب فأخذها، وقال له الرجل الداخل عليه: يا أبا سليمان بعت كل شيء من الدار حتى بقيت تحت نصف سقف فلو سويت هذا السقف فكان يكنك من المطر والحر والبرد، قال: اللهم غفراً كانوا يكرهون فضول النظر كما يكرهون فضول الكلام، يا عبد الله أخرج عني، فقد شغلت علي قلبي، إني أبادر جفوف القلم وطئ الصحيفة.
(1/247)
526 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثني علي بن الحسن بن شقيق قال: أنبأ ابن المبارك عن داود الطائي قال: كانوا يكرهون فضول النظر.
(1/248)
527 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين وأبو بكر أحمد بن محمد بن سلام البغداديان وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قالوا: ثنا علي بن حرب الطائي قال: حدثني إسماعيل بن زبان قال: ثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال: دخلت على داود الطائي وإذا حجام قد #249# حجمه، وداود يقول له: لتأخذنه، والحجام يأبى حتى ردد قوله مراراً، فقلت للحجام: أترد على أبي سليمان قوله؟ قال: -رحمك الله- يأمرني أن آخذ منه ديناراً لا يملك غيره، قلت: خذه، فأخذه وانطلق.
(1/248)
528 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: كتب إلي أبو يعقوب إسحاق بن أحمد بن جعفر القطان يقول: ثنا أبو سعيد الأشج عبد الله بن سعيد قال: سمعت عبد الله بن إدريس يقول: قرأ علي داود الطائي فلحن في حرف فذكرته للقاسم بن معن، فنماه إليه، فلقيته بعد، فقال: ما دعاك إلى أن حكيت ذلك اللحن.
(1/249)
529 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: ثنا عمر بن حفص بن غياث قال: سمعت بكراً العابد يقول: سئل داود الطائي عن الرجل يصلي في القميص وهو محلول الأزرار، فقال: إذا كانت لحيته كبيرة فلا بأس.
(1/249)
530 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن مروان الخفاف قال: سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول: قال محمد بن الحسن: كنت آتي داود الطائي في بيته فأسأله عن المسألة، فإن وقع في قلبه أنها مما احتاج إليه لأمر ديني أجابني فيها، وإن وقع بقلبه أنها من مسائلنا هذه تبسم في وجهي وقال: إن لنا شغلاً إن لنا شغلاً.
(1/249)
#250#
531 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: كتب إلي إسحاق بن أحمد بن جعفر يقول: ثنا أبو سعيد الأشج قال: ثنا عبد الله بن عبد الكريم بن حسان، عن حماد بن أبي حنيفة قال: دخلت على داود الطائي وإذا الباب عليه مصفق فسمعته يقول: اشتهيت جزراً فأطعمتك جزراً ثم اشتهيت جزراً وتمراً آليت أن لا تأكلينه أبداً، فسلمت ودخلت فإذا هو جالس وحده يعاتب نفسه.
(1/250)
532 - وحدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثنيه محمد بن الحسن قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبو سعيد مثله.
(1/250)
533 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي الكوفي قال: ثنا أبو سعيد الأشج قال: ثنا إسماعيل بن حماد قال: جئت إلى داود فاستأذنت عليه فسمعته يقول: اشتهيت تمراً فأطعمتك ثم اشتهيت تمراً وجزراً، فآليت على نفسي أن لا تأكلينه أبداً.
(1/250)
534 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا أحمد بن بشر المرثدي قال: ثنا أحمد بن عمران قال: حدثني الوليد بن عقبة قال: كان داود الطائي يخبز له كل شهر ستون رغيفاً يعلقها بشريط يفطر كل ليلة على رغيفين بملح وماء، فأخذ ليلة فطره فجعل ينظر إليه، ومولاة له سوداء تنظر إليه، فقامت فجاءت بشيء من تمر على طبق فأفطر، ثم قام فأحيا ليلته ثم أصبح صائماً، فلما جاء وقت الإفطار أخذ الرغيفين وجعل ينظر إليهما، قال الوليد: فأخبرني جار له كان بينه وبينه خص، قال: جعلت #251# أسمعه يقول يعاتب نفسه: اشتهيت البارحة تمراً فأطعمتك، واشتهيت الليلة تمراً، لا ذاق داود تمراً ما دام في دار الدنيا، قال: فما ذاقه حتى مات.
(1/250)
535 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا أحمد بن بشر قال: ثنا أبو بكر بن عفان قال: سمعت ابن السماك يقول: ورث داود الطائي ثلاثة عشر ديناراً فأنفقها في عشرين سنة، لم يأكل الطيب ولم يلبس اللين.
(1/251)
536 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلام قال: ثنا علي بن حرب قال: ثنا إسماعيل بن زبان قال: قالت داية داود الطائي لداود: يا أبا سليمان! أما تشتهي الخبز؟ قال: يا داية، بين مضغ الخبز وشرب الفتيت قراءة خمسين آية.
(1/251)
537 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال: ثنا عبيد الجشمي، عن مصعب بن المقدام قال: أرسلني داود الطائي بدرهم فقال لي: اشتر لي به تمراً وكان يعجبه أن يشترى له التمر جيداً، فاشتريت له ثم جئت إليه من الغد فقال لي: يا مصعب من أين اشتريت ذلك التمر؟ لقد كنت أفتح التمرة من التمرة أي من جودته، فآليت أن لا آكل تمراً أبداً.
(1/251)
538 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: كتب إلى إسحاق بن أحمد بن جعفر يقول: حدثني أبو سعيد الأشج ح.
#252#
539 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: ثنا أبو سعيد الأشج قالا: ثنا عبد الله بن عبد الكريم بن حسان، عن حماد بن أبي حنيفة: قال: قالت مولاة لداود الطائي وكانت تخدمه: لو طبخت لك دسماً، إنما تأكل هذا الخبز في هذه المطهرة بالماء قال: فطبخت له شحماً ثم جاءته به، فقال لها: ما فعل أيتام بني فلان؟ قالت: على حالهم، قال: اذهبي به إليهم، قلت: فديتك، إنك أنت لم تأكل أدماً مذ كذا وكذا، قال: إن هذا إذا أكلوه هؤلاء الأيتام كان لنا عند الله عز وجل مذخوراً، وإذا أكلته كان في الحش.
(1/251)
540 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: ثنا أبو نعيم قال: رأيت داود الطائي -وكان من أفصح الناس وأعلمهم بالعربية- يلبس قلنسوة سوداء مما يلبس التجار.
(1/252)
541 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: حدثني زياد بن أيوب دلويه قال: ثنا علي بن محمد بن أخت يعلى بن عبيد -أظنه عن أخيه حسن- قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: رأيت داود الطائي وإن نملة تدور على وجهه عرضاً وطولاً ما يفطن لها من الفكر.
(1/252)
542 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا #253# عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: ثنا أبو نعيم قال: قال أبان بن تغلب لداود الطائي: هذا أعلم من بقي بالنحو، قال أبو نعيم: كان أبان غاية من الغايات.
(1/252)
543 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا أحمد بن محمد الإنطاكي قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن أبي حماد قال: ثنا محمد ابن بشير قال: ثنا عمر بن حفص قال: قيل لداود الطائي: لو صعدت في هذا الحر إلى السطح بالليل، فإن الناس ينسلخون حراً، قال: لا، إني لأستحي من ربي عز وجل أن أخطو خطوة يعلم من قلبي أني أردت بها راحة لبدني حتى يكون ربي هو الذي يخرجني من سجن الدنيا إلى روح الآخرة.
(1/253)
544 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا روح بن الفرج قال: ثنا يحيى بن سليمان قال: قال ابن السماك: أصبح داود الطائي يوماً جالساً على باب داره فأنكر ذلك جيرانه، فأتوه فقالوا له: يا أبا سليمان، ما بدا لك اليوم في الجلوس على بابك؟ قال: إن أم داود ماتت البارحة فجلست لأصلح من أمرها، فأعانوه حتى دفنها، قال: وتركت له جارية فباعها بعشرين ديناراً أو نحوها، ثم ألقاها في جانب البيت، فكان يخرج الدينار فيصرفه فيشتري منه طعامه، وكان له دن يجعل فيه خبزه وحب يجعل فيه الماء، وكان في المنزل وحده، سراجه بالليل القمر وصلاؤه في الشتاء الشمس، فلم يزل كذلك في عبادة ربه حتى مات قبل أن ينجز ثمن الجارية. قال يحيى بن #254# سليمان: إلى هاهنا سمعت من ابن السماك، وسمعت أيضاً من ابن السماك أو من بعض أصحابنا: أن الحسن بن قحطبة الطائي قدم الكوفة فأحب أن يوصل إلى داود الطائي صلة منه، فسئل من أخص أهل الكوفة به، فقيل له: إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة، فبعث إليه الحسن بن قحطبة فقال: إني أحب أن تأخذ مني هذه الألف دينار فتوصلها إلى داود الطائي، فقال: لا يقبلها، فقال له: تلطف، فلم يزل به حتى أخذها منه، وجاء إلى داود فدخل عليه فكلمه وقال له: يا أبا سليمان، قد علمت ما بينك وبين الحسن بن قحطبة من القرابة، وقد أحب أن يصلك، فغضب داود عليه غضباً شديداً وقال: لو كان غيرك فعل هذا ما كلمته من رأسي كلمة أبداً، وما دخل علي أبداً، ردها عليه وقل له: ردها على أهلها فهم أحق بها.
(1/253)
545 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: حدثني شهاب بن عباد قال: ثنا بعض أصحابنا قال: قال رجل لداود الطائي: لو سرحت لحيتك؟ قال: إني إذاً لفارغ.
(1/254)
546 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أحمد بن بشر قال: ثنا أحمد بن عمران قال: ثنا الوليد بن عقبة قال: قال رجل لداود الطائي: ألا تسرح لحيتك، قال: وكانت مفتلة قال: إني عنها لمشغول.
(1/254)
547 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: #255# ثنا محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن زياد اللؤلؤي يقول: قال لي حماد بن أبي حنيفة: بلغني عن داود الطائي فقر شديد فيكربنا عليه، فأصبحنا فغدونا عليه فقرعت الباب فخرجت عجوز ذكر لها شيئاً طويلاً، فقلنا قولي لأبي سليمان: هذا حماد بن أبي حنيفة والحسن بن زياد، فردت الباب ثم دخلت فسمعته يقول: من داخل الدار، وما أنا والناس، وما أنا حتى يأتيني الناس؟ ثم أذن لنا فدخلنا عليه، فقال له حماد: يا أبا سليمان، بلغني أنك تقول: إذا صلى وهو جنب بقوم أعاد ولم يعيدوا، قال: كذا أقول، قال: فإن أبي وأصحابنا يقول: يعيد ويعيدون، فقال داود: فإن عمر بن الخطاب رحمه الله قال: يعيد ولا يعيدون، وما أبالي إذا وافقت عمر بن الخطاب من خالفت من أهل الأرض.
قال محمد بن شجاع: فسمعت الحسن بن زياد يقول: وهذه الكلمة من كوفي شريفة كبيرة، ثم أخرج حماد من كمه صرة فيها أربع مائة درهم فقال: يا أبا سليمان، خذ هذه فانتفع بها، فقد بلغني ما أنت فيه من الضيق وقد عرفت ما بيني وبينك من الصداقة، فقال له داود: ما لي إليها حاجة ولو قبلت شيئاً لقبلتها.
(1/254)
548 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي قال: ثنا محمد بن يحيى بن عمر قال: ثنا محمد بن بشير قال: ثنا حفص بن عمر الجعفي قال: دخل رجل على داود #256# الطائي فحادثه ثم قال له: يا أبا سليمان، إني عطشان، قال: أخرج فاشرب، فجعل الرجل يدور في الدار لا يجد ماء فرجع إليه فقال: يا أبا سليمان، ليس في الدار حب ولا جرة، قال: اللهم غفراً بلى، هناك ماء، قال: فخرج يلتمس فإذا دن من هذه اللاصيص الذي ينقل فيه الطين، وقطعه خزفه من أسفل كوز، فأخذ الرجل تلك الخزفة فغرف بها، فإذا ماء حار كأنه يغلي لم يقدر يسيغه، فرجع إليه فقال: يا أبا سليمان، مثل هذا الحر والدن مدفون في الأرض، وكوز مكسور، لو كانت قلة، فقال له داود: حب حيري وجرة مدارية وقلال وجارية وفرش وأثاث وناض وفضول، لو أردت هذا الذي يشغل القلب لم أسجن نفسي هاهنا: إنما سجنت نفسي هاهنا عن هذه الشهوات حتى يخرجني مولائي من سجن الدنيا إلى روح الآخرة، فقال: يا أبا سليمان، مع هذا الحر أين تنام وليس لك سطح؟ قال: إني لأستحي من مولائي أن يراني أخطو خطوة ألتمس بها راحة نفسي في الدنيا حتى يكون مولائي هو الذي يريحني من الدنيا وأهلها، قال: فأوصني بوصية، قال: صم الدنيا وأفطر على الموت، حتى إذا كان عند المعاينة أتاك رضوان خازن الجنان بشربة من ماء الجنة فشربتها على فراشك، فتخرج من الدنيا وأنت ريان، وتمكث في القبر وأنت ريان، وينفخ إسرافيل في الصور فتخرج من القبر وأنت ريان، ويمكث الناس يترددون في ظلم القيامة أربعين يوماً، اليوم منها ألف سنة جياع عطاش وأنت ريان حتى تدخل الجنة وأنت ريان.
(1/255)
549 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أسامة بن أحمد بن أسامة قال: حدثني محمود بن يزيد بن زيد بن أسلم قال: ثنا أحمد بن عبد الله قال: ثنا #257# شقيق بن إبراهيم، عن إبراهيم بن أدهم قال: عزيت داود الطائي في أخ له توفي فقلت: ألهمك الله الصبر والاحتساب ووهب له المغفرة والرحمة والهدى وإنا لله وإنا إليه راجعون، فقال لي: الناس سبيلهم الموت، فمن أبغض الدنيا نفعته، ومن أحبها أخلفته، ومن وثق بها خذلته، فاتق الدنيا فإنها أسحر من هاروت وماروت.
(1/256)
550 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن سليمان مطين قال: ثنا أبو المهنا الطائي بنين قال: مر داود الطائي في زقاق عمرو بن حريث فرأى ذلك الرطب مصفقاً في تلك السلال فاشتهته نفسه فقال لها: تعالي فجاء إلى البائع، فقال: اعطنا بدرهم، قال: وأين الدرهم؟ قال: غداً أعطيك، قال: اذهب إلى عملك، ورأى داود رجل، فقال للبائع: ايش قال لك هذا الرجل؟ قال: قال: أعطني تمراً بدرهم، قال: فأخرج إليه كيساً فيه مائة درهم، فقال: خذ هذا إن أخذ منك بدرهم تمراً والباقي لك، فلحقه وهو يقول: تريدين الجنة ولم تسوين في الدنيا درهما يعاتب نفسه فقال له: ارجع فخذ حاجتك، فقال: اذهب عنا، فإنما جربت هذه النفس.
(1/257)
551 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: ثنا أبو نعيم #258# الأحول قال: حدثني أبو داود الحفري قال: قال لي داود الطائي: أليس كنت تأتينا إذ كنا ثم ما أحب أن تأتينا.
(1/257)
552 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني الحسن بن القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي قال: حدثني جامع بن القاسم قال: ثنا أحمد بن يزيد بن رفاعة، عن شعيب بن طلحة قال: قلت لداود الطائي: لقد هممت أن أشتري داراً أو أكتريها قربك ليكثر لقائي إياك، فقال لي: إن مودة تغيرها قلة اللقاء لمودة مدخولة.
(1/258)
553 - حدثني أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر، ثنا علي بن حرب الموصلي قال: كنت عند مصعب بن المقدام، فجاء محمد بن بشر قد هرب من أصحاب الحديث، فقال للمصعب: ألا أرى بني عم داود الطائي عندك؟ قال: نعم، جاؤوا يكتبون شيئاً من حديث داود، فقال محمد بن بشر: قدم علينا داود الطائي من السواد يضحك منه، فوالله ما مات حتى سادنا.
(1/258)
554 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون قال: ثنا علي بن حرب قال: سمعت ابن بشر -يعني محمداً- يقول: جاءنا داود الطائي في قباء أصفر يضحك منه، فوالله ما مات حتى سادنا.
(1/258)
555 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا محمد بن إدريس الرازي قال: ثنا يحيى بن محمد بن عمر قال: ثنا #259# محمد بن بشير قال: ثنا عمر بن حفص الجعفي قال: اشتكى داود أياماً، وكان سبب علته أنه مر بآية فيها ذكر النار فكررها مراراً في ليلة فأصبح مريضاً، فوجدوه قد مات ورأسه على لبنة، ففتحوا باب الدار ودخل ناس من إخوانه وجيرانه ومعهم ابن السماك فلما نظر إلى رأسه فقال: يا داود، فضحت القراء، فلما حملوه إلى قبره خرج في جنازته خلق كثير حتى خرج ذوات الخدور، فقال ابن السماك: يا داود سجنت نفسك قبل أن تسجن، وحاسبت نفسك قبل أن تحاسب، فاليوم ترى ما كنت ترجو، وله كنت تنصب وتعمل، فقال أبو بكر بن عياش وهو على شفير القبر: اللهم لا تكل داود إلى عمله، فأعجب الناس ما قال أبو بكر، قال حفص بن عمر: وكان داود الطائي ومحمد بن النضر من العمال لله عز وجل في الطاعة المكدودين في العبادة، فلما ماتا رأى رجل من عباد أهل الكوفة يقال له: محمد بن ميمون، وكان يذكر من فضله، فرأى منادياً ينادي: ألا إن داود الطائي ومحمد بن النضر الحارثي طلبا أمراً فأدركاه.
(1/258)
556 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت علي بن حرب الطائي يقول: سمعت أبي يقول: شهدت مجلس ابن السماك بالكوفة فما شهدت مجلساً أكثر باكياً ولا باكية منه، وتكلم يوم جنازة داود الطائي بكلام انتسخه من وعاه عنه يقول فيه: إن الزاهدين في الدنيا #260# تعجلوا الراحة على أبدانهم والصلاح لقلوبهم مع خفة الحساب غداً في القيامة عليهم، وإن داود الطائي -رحمه الله- أبصر بقلبه إلى ما بين يديه من أمر آخرته، فأغشى نظر قلبه نظر خبره، فكأنه لم يبصر ما إليه تنظرون، وكأنكم لم تبصروا ما إليه نظر، فأنتم منه تعجبون وهو منكم يعجب، فلما رآكم مغرورين راغبين قد ذهبت على الدنيا عقولكم، وعشيت لها أبصاركم أوحش الزاهد فيها منكم، فكنت إذا نظرت إلى داود الطائي علمت أنه من أهل الدنيا وحشا، وذلك أنه حي وسط الموتى، يا داود، ما كان أعجب شانك، ويزيد في عجبي أنك من أهل زمانك أدبت نفسك حتى ألزمتها العدل، وأهنتها وإنما تريد كرامتها، وذللتها وإنما تريد عزها، ووضعتها وإنما تريد شرفها، وأنصبتها وإنما تريد راحتها، وأجعتها وإنما تريد شبعها، وأظمأتها وإنما تريد ريها، وأخفتها وإنما تريد أمنها، وأحزنتها وإنما تريد فرحها، وأخشنت المطعم وإنما تريد لينه، ثم أمت نفسك قبل أن تموت، وإنما تريد بقاءها، وعذبتها قبل أن تعذب، وغيبتها عن الناس كيلا تذكر، ورفعتها عن الدنيا لم تر الدنيا لها قدراً ولا خطراً، رغبت عن الدنيا وأزواجها ولين لباسها، فما أظنك إلا قد ظفرت بما طلبت، وما أظنك إلا قد فزت بما فيه رغبت، كان سيماك في عملك وفعلك، ولم يكن سيماك في وجهك ظاهراً، فقهت في دينك ثم تركت الناس يتفقهون ويفتون، وسمعت الأحاديث وتركت الناس يتحدثون، لا تحسد الأخيار، ولا تعيب الأشرار، ولا تقبل من السلطان عطية ولا من الإخوان هدية، لا تذلك المطامع ولا ترغب إلى الناس في الصنائع، كنت آنس ما تكون إذا كنت خالياً، #261# وأوحش ما تكون إذا كنت بين الناس [فآنس ما تكون أوحش ما يكونون وأوحش ما [تكون] آنس ما يكونون] جاوزت حد المسافرين في أسفارهم، وجاوزت نفسك حد المسجونين إذا حبسوا، يتحرك المسافر لسفره فيحمل من كثير الطعام وأنت في سفرك وحضرك لا تؤثر على نفسك، لا تزيد على خبزة أو خبزتين تخبز لك في شهرك، ثم ترمي به في دنٍ عندك، فإذا أفطرت أخذت منه فجعلت في مطهرتك، ثم اصطبغت بملحك فهو أدمك، وهو حلواك، فمن سمع بمثلك صبر صبرك أو عزم عزمك.
داود! ما أظنك إلا وقد فضلت الآخرين، وما أحسبك إلا وقد أتعبت من يجيء من بعدك من العابدين، داود! أنت من الآخرين وقد لحقت بالأولين، أنت من أهل زمان الراغبين، ولقد أخذت بزهادة الزاهدين، أما المسجونون فيكون معهم العدد الكثير يأنسون بهم، وأنت سجنت نفسك في بيتك، وحدك فلا محدث لك ولا جليس معك، فما أدري أي الأمور كان أشد عليك، الخلوة في بيتك تمر بك الشهور، وتأتي عليك السنون، أم تركك المطاعم والمشارب فلا ترتاح إلى شيء منها، ولا تتوق نفسك إليها من عظيم خوفك وشدة حزنك، لا ستر على بابك، ولا فراش تحتك، ولا قلة تبرد فيها ماءك، ولا قصعة يكون فيها غذاؤك وعشاؤك، مطهرتك قلتك وقصعتك، تورك كل أمرك، داود! عجب، أما كنت تشتهي من الماء بارده، ومن المطعم طيبه، ومن الملبس لينه، داود! زهدت فيه لما بين يديك لما رغبت إليه، فما أعلمك خبت في جنب ما فيه #262# رغبت، أو منه هربت، ما أصغر ما بذلت وأحقر ما تركت، وما أيسر ما فعلت في جنب ما أملت وطلبت، أما أنت فقد ظفرت براحة العاجل وسعدت إن شاء الله في الآجل، داود! قطعت عنك الشهرة في حياتك لكيلا تصيبك فتنها، ولا يدخلك عجبها، فلما مت شهرك بموتك، وألبسك رداء علمك، فقل لعشيرتك تكلم بألسنتها، فقد أوضح الله فضلها إذ كنت منها، لم تنس ما عملت في سرك وعلانيتك فأظهره الله بعد موتك، فلو رأيت من تبعك عرفت أن قد أكرمك وشرفك، هنيئاً موتاً لأولياء الله عز وجل وأهل طاعته وأصفيائه.
(1/259)
557 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس قال: سمعت أبا سفيان عبد الرحيم بن مطرف الرواسي ابن عم وكيع قال: قال ابن السماك في زهد داود حين مات: أيها الناس، إن أهل الزهد في الدنيا تعجلوا الراحة على قلوبهم وأبدانهم مع يسير الحساب غداً عليهم، ثم ذكر قريباً مما حدثناه ابن أعين عن علي بن حرب عن أبيه، وقال في آخره: فلو لم تستريح إلى خيرٍ إلا حسن هذا الشرف وجميل هذا المشهد وكثرة هذا التبع فإن ربك لا يضيع مطيعاً، ولا ينسى صنيعاً، يشكر لخلقه ما صنع إليهم فيما أنعم به عليهم أكثر من شكرهم إياه، فسبحانه شاكراً مجازياً ومثيباً.
(1/262)
558 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: ثنا محمد بن حسان الأزدي قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي.
(1/262)
#263#
559 - ح وحدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن الحسن قال: ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني محمد بن حسان الأزرق مولى زائدة بن معن بن زائدة الشيباني قال: ثنا ابن مهدي -وهو عبد الرحمن- قال: بلغني أن داود الطائي لما مات ودفن أخذ الناس يقولون: وقف أبو بكر النهشلي على قبره فقال: اللهم لا تكله إلى عمله.
(1/263)
560 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا عبد الرحمن بن إسحاق بن محمد الجوهري قال: ثنا علي بن حرب الطائي قال: ثنا إسماعيل بن أبان قال: ثنا ابن إدريس قال: كان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة يجالس أبا بكر بن عمرو وعراك بن مالك فلا يفترقون، فولي أبو بكر بن عمرو المدينة، وولي عراك القضاء، وكانا يمران به فلا يسلمان عليه فأنشأ عبيد الله بن عبد الله يقول:
ألا أبلغا غني عراك بن مالك ... ولا تدعا أن تثنيا بأبي بكر
فقد جعلت تبدو شواكل منكما ... كأنكما بي موقران من الصخر
فلا تدعا أن تسئلا وتسلما ... فما حشئ الإنسان شراً من الكبر
ومسّا تراب الأرض منها خلقتما ... وفيها المعاد والمصير إلى الحشر
ولو شئت أدلى فيكما غير واحد ... علانية أو قال عندي في الستر
فإن أنا لم آمر ولم أنه عنكما ... ضحكت له حتى يلج ويستشري
قال ابن إدريس: سمعت داود الطائي ينشد هذا الشعر لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
(1/263)
561 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت محمد بن موسى بن الحارث يقول: قال داود الطائي: سيدي همك عطل علي الهموم.
(1/263)
#264#
عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن
562 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: سمعت محمد بن أحمد بن حفص البخاري فقيه بخارى يحكي عن بعض أصحاب ابن المبارك، إما أبو وهب محمد بن مزاحم أو حبان، عن عبد الله بن المبارك قال: لولا أن الله عز وجل تداركني بأبي حنيفة وسفيان الثوري لكنت بدعياً، قال ابن المبارك: ما لزمت سفيان حتى جعلت علم أبي حنيفة هكذا، وأشار بقبض يده.
(1/264)
563 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني ابن أبي رزمة قال: سمعت أبي قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: نظر أبو حنيفة إلى ابني فقال لي: أدت أمه الأمانة.
(1/264)
564 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أسامة بن أحمد بن أسامة أبو سلمة قال: ثنا عبد الخالق بن منصور قال: سمعت يحيى بن عبد الحميد الحماني يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: من قال إن هذه الآية مخلوقة فهو كافر {إني أنا الله لا إله إلا أنا}.
(1/264)
565 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن شعيب قال: أنبأ إسحاق بن راهويه قال: ثنا محمد بن أعين قال: قلت لابن المبارك: إن النضر #265# ابن محمد أو محمد بن النضر يقول: من زعم أن قوله عز وجل: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني} مخلوق، فهو كافر، فقال ابن المبارك: صدق، قال النسائي: بهذا أقول.
(1/264)
566 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: سمعت أحمد بن الليث يقول: ثنا عبد الله بن عثمان عبدان، عن عبد الله ابن المبارك قال: الإسناد عندي من الدين، ولولا الإسناد قال من شاء ما شاء، ولكن إذا قيل له عن من؟ بقى قال: وقال ابن المبارك: ليكن ما تعتمدون عليه الأثر، وعليكم من الرأي ما يفسر لكم الحديث.
(1/265)
567 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين قال: سمعت محمد بن مقاتل العباداني يقول: سمعت مؤمل بن إسماعيل قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: إني لأسمع الحديث ليس مما أعمل به ولا أفتي به، أعده للرجل يكون منه الشيء فأجد له مخرجا.
(1/265)
568 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: أجاز لي جدي -رحمه الله- أحمد بن يحيى بن الحارث، ومن كتابه نقلت: عن نعيم بن حماد قال: ثنا علي ابن الحسن بن شقيق قال: سألت عبد الله بن المبارك.
(1/265)
569 - ح قال وحدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: حدثنا أبو حمزة محمد بن إبراهيم بن يوسف #266# المروزي ببغداد قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: سألت عبد الله بن المبارك عن اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أكله صواب؟ قال: الصواب واحد، والخطأ موضوع عن القوم، قلت: فمن أخذ بقول من أقاويلهم فهو موضوع؟ قال: نعم: أرجو، إلا أن يكون رجلاً اختار قولاً ورآه الحق فنزل به أمر فينتقل عنه إلى غيره، فذلك الذي لا يسعه.
(1/265)
570 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: قال علي بن الحسن: وسألت عبد الله بن المبارك عن الرجل ما يجب عليه من تعلم العلم؟ قال: لا يقدم على شيء إلا بعلم يسأل ويتعلم كيف يصنع، فهذا الذي يجب على الناس من تعلم العلم، وفسره قال: لو أن رجلاً ليس له مال لم يجب عليه تعلم الزكاة، فإذا كان له مائتا درهم وجب عليه أن يتعلم كم يخرج ومتى يخرج وأين يضع؟ وسائر الأشياء على هذا من الطلاق والنكاح، قلت: فماذا يجب على المرء من تعلم القرآن؟ قال: سورتين فصاعداً.
(1/266)
571 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم ابن يونس البغدادي قال: ثنا محمد بن إدريس صاحب الحميدي قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: شهدت ابن المبارك عند أبي هلال فدعا بماء فمحا ألواحه، فذكرته للخطابي شيخ كان بالبصرة جليلاً فقال: إنما كره أن يغسلها بريقه.
(1/266)
572 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: ثنا أحمد بن عبد الرحمن عن محمد بن سهل التميمي، عن أبي صالح #267# الفراء، عن ابن المبارك قال: الحبر في الثوب خلوق العلماء.
(1/266)
573 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إسماعيل بن أبي هاشم قال: ثنا الحسن بن عرفة قال: أنشدنا عبد الله بن المبارك المروزي في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: ((زر غباً تزدد حباً)).
كثرت من زورة فملك ... ودمت في ذاك فاستقلك
لو كنت ممن يزور غباً ... أثر في قلبه محلك
(1/267)
574 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن الطفيل قال: ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم قال: ثنا سعيد بن نصير قال: سمعت عبد الصمد يقول: سمعت إسماعيل الطوسي يقول: قال عبد الله بن المبارك: إذا مات الفضيل بن عياض ارتفع الحزن.
(1/267)
575 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن حماد أبو بشر قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: حدثني عبدان قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: كان يعجبني مجالسة سفيان الثوري، كنت إذا شئت رأيته مصلياً، وإذا شئت رأيته في الزهد، وإذا شئت رأيته في الغامض من الفقه.
(1/267)
576 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أبو بشر قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: ثنا الحسن بن الربيع قال: سمعت ابن المبارك يقول قبل موته بيومين: ما رأيت أحداً عندي أفضل من سفيان بن سعيد، ما أدري ما عبد الله بن عون.
(1/267)
577 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا القاضي علي بن الحسين قال: #268# ثنا أحمد بن منصور المروزي زاج قال: حدثني علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: لأن أدع درهماً من شبهة أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف ومائة ألف ومائة ألف.
(1/267)
578 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثني علي بن الحسن العسقلاني عن رجل ثقة عنده قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: سمعت سفيان بن سعيد الثوري يقول: أحببت أن أكون خمسة أيام على وتيرة ابن المبارك فلم أقدر عليه، وأربعة أيام فلم أقدر عليه، وثلاثة فلم أقدر عليه، ويومين فلم أقدر عليه، قال شعيب: وكنا نأتي ابن المبارك نتحفظ عنه هل نستطيع أن نتعلق عليه بشيء؟ فلا نقدر على شيء من ذاك.
(1/268)
579 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا يوسف بن موسى القطان قال: ثنا الحسن بن الربيع قال: ثنا ابن المبارك قال: سألت سفيان الثوري قلت: إذا كانت الفتن أين تأمرني أن أسكن؟ قال: الكوفة أو البصرة.
(1/268)
580 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو حامد أحمد بن علي النيسابوري قال: سمعت علي بن الحسن الرازي يقول: ثنا أبو سليمان قال: سمعت ابن المبارك يقول: سألت أبا حنيفة عن الرجل يبعث بزكاة ماله من بلد إلى بلد آخر؟ فقال: لا بأس بأن يبعثها من بلد إلى بلد آخر لذي قرابته.
#269#
قال أبو سليمان: فحدثت بهذا محمد بن الحسن فقال: هذا حسن، وهذا قول أبي حنيفة، وليس لنا في هذا سماع عن أبي حنيفة، قال أبو سليمان: فكتبه عني محمد بن الحسن عن ابن المبارك عن أبي حنيفة.
(1/268)
581 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس قال: أنشدني موسى بن النعمان قال: قال ابن المبارك:
والرافضي لنا حرب سريرته ... والكسر يطهر منه حين يلقانا
يلقونه لصلاة الخمس محتبياً ... خلف الأئمة للماضين لعانا
لولا السلاطين ما قامت لنا ... سبل وكان أضعفنا نهباً لأقوانا
(1/269)
582 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: أنشدني محمد بن فليح الأبزازي لعبد الله بن المبارك:
إن الملوك بلاء حيث ما حلوا ... فلا يكن لك في أكنافهم ظل
ما ترتجي بأناس إن هم غضبوا ... جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
وإن نصحتهم ظنوك تخدعهم ... واستثقلوك كما يستثقل الكل
وإن أتيتهم تبغي نوالهم ... رجعت منتقصاً من دينك الكل
فاستغن بالله عما في أكفهم ... إن الوقوف على أبوابهم ذل
(1/269)
583 - حدثني أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا سليمان بن الربيع بن هشام النهدي قال: حدثني همام بن مسلم قال: ودع عبد الله بن المبارك رجل من كبار أهل مرو فقال: أودعك ببيت من شعر:
يهون ما بي أن فرقة بيننا ... فراق حياة لا فراق ممات
فأجابه عبد الله بن المبارك:
#270#
إن يعقب الله يوماً من فراقكم ... وجه النبي فما بيعي بمغبون
(1/269)
584 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني الحسن بن القاسم الدمشقي قال: ثنا أحمد بن حجاج قال: ثنا أحمد بن صالح قال: ثنا عنبسة قال: كان مع ابن المبارك غلام يسافر به، ما يعمل شيئاً إلا الفالوذج.
(1/270)
585 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني عبد الرحمن بن محمد بن الحسن اللوان قال: ثنا إبراهيم بن أبي داود قال: ثنا نعيم بن حماد قال: سمعت عبد الله بن المبارك سئل عن النبيذ الذي يسكر كثيره، فقال: إن رخص فيه رجل لم أعنفه، وإن شدد فيه لم أعنفه.
(1/270)
586 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن الإمام الحنفي قال: ثنا يوسف بن موسى قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: ثنا ابن المبارك قال: قال سفيان الثوري: يقال: من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.
(1/270)
587 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن مروان قال: ثنا محمد بن العزيز الدينوري قال: ثنا نعيم قال: قال ابن المبارك: لا يزال المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل.
(1/270)
588 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: ثنا الحسن بن الربيع قال: ازدحم الناس على ابن المبارك، فقلت له في ذلك، فقال: لو وجدت من نفسي مقيس خردلة أنه للدنيا ما حدثت.
(1/270)
#271#
589 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: سمعت الحسن بن الربيع قال: ذكرت لعبد الله بن المبارك يوسف ابن أسباط وما كان فيه من العبادة، فقال: لقد ذكرت قوماً يستسقى بذكرهم، ولكن إن فعل الناس ذلك فمن لسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لعيادة المريض وشهود الجنائز وكذا وكذا.
(1/271)
590 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثني محمد بن عيينة قال: سمعت أبا إسحاق الفزاري وقيل له: إن ابن المبارك مريض، فقال: ها مريض، لموت ثلاثين من أهل بيتي أهون علي من موت ابن المبارك.
(1/271)
591 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد قال: ثنا إبراهيم قال: حدثني علي بن الحسن قال: سئل عبد الله بن المبارك: اليهود والنصارى من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، أمة محمد من آمن به.
(1/271)
592 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا عبد الله بن عيسى بن حماد زغبة قال: ثنا أحمد بن سيار قال: ثنا حفص الجلاب قال: قال عبد الله بن المبارك، أو قيل له: ما خير ما أعطي الرجل؟ قال: غريزة عقل، قيل: فإن لم تكن؟ قال: فأدب حسن، قيل: فإن لم يكن؟ قال: فأخ صالح يستكثره، قيل: فإن لم يكن؟ قال: فصمت طويل، قيل: فإن لم يكن؟ قال: فموت عاجل.
(1/271)
593 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن جعفر بن الإمام قال: #272# ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: ثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب قال: بلغني أن عامة الركب الذين ساروا إلى عثمان رضي الله عنه جنوا، قال ابن المبارك: وكان الجنون لهم قليلاً.
(1/271)
594 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: سمعت عبد الله بن جعفر يقول: التقى أبو المليح وعبد الله بن المبارك، فلما أرادا أن يفترقا قال ابن المبارك: يا أبا المليح، جعل الله موعد ما بيننا وبينك الجنة.
(1/272)
595 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أسامة بن أحمد بن أسامة قال: ثنا عبد الخالق بن منصور النيسابوري قال: ثنا أبو إسحاق الطالقاني قال: ثنا أبو تميلة يحيى بن واضح قال: كنت في مجلس عبد الله بن المبارك وعنده حميد الأكاف، فرآني لا أسأل عبد الله بن المبارك عن شيء، فرجعت إلى بيتي فكتب إلي رقعة فيها هذه الأبيات:
إن تنبلت عن سؤالك عبد الله ... ترجع غدا تخفي حنين
وإذا لم تصح صياح الثكالى ... قمت عنه وأنت صفر اليدين
فأغنت الشيخ بالسؤال تجده ... سلسا يلتقيك بالراحتين
(1/272)
596 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبد الله الحسين ابن محمد بن بحر قال: سمعت الحسين بن الحسن المروزي سنة ثمان وثلاثين ومائتين بمكة قال: سمعت عبد الله بن المبارك وهو يقول: إن أهل الدنيا خرجوا من الدنيا قبل أن يتطعموا من أطيب ما فيها، فقيل له: يا أبا عبد الرحمن، وما أطيب ما فيها؟ قال: المعرفة بالله عز وجل.
(1/272)
#273#
597 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني الحسين بن محمد بن بحر قال: سمعت الحسين بن الحسن يقول: قال عبد الله بن المبارك: إذا سمعت حديث الرجل المحدث فقسه بأحاديث الحفاظ فإن أشبهها فهو صدوق وإلا فأعرض عنه.
(1/273)
598 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: سمعت محمد بن الفضل بن خداش البخاري ببلخ يقول: سمعت أبا سهل خاقان بن عبد الله يقول: قال عبد الله بن المبارك: قول الناس غداً لناظره خطأ، إنما هو غداً لبالغه قريب.
(1/273)
599 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا سليمان بن الحسن بن النضر قال: ثنا محمد بن علي الشقيقي قال: حدثني عبدان قال: قال عبد الله بن المبارك: إذا غلبت محاسن الرجل على مساويه لم تذكر المساوئ، وإذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن، قال سليمان بن الحسن: قال حاتم: قال عبد الله: إذا غلبت المحاسن على المساوئ عدل، فقلنا له: كأنك ذهبت إلى قوله عز وجل: {فمن ثقلت موازينه}.
(1/273)
600 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن الحسن بن علي قال: سمعت سعيد بن الحسين قال: سمعت المسيب بن واضح يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: خرجت أنا وإبراهيم بن أدهم في ستين فتى من خراسان نطلب العلم، ما بقي منهم أحد غيري.
(1/273)
601 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن الحسن حدثني سليمان #274# ابن الحسن قال: ثنا محمد بن علي قال: ثنا عبد العزيز قال: قلت لعبد الله بن المبارك: كيف يعلم الملك أنه قد هم بحسنة؟ قال: يجد ريحها.
(1/273)
602 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: ذكر لابن المبارك بالكوفة عبد السلام بن حرب فقال: ما تحملني رجلاي إليه.
(1/274)
603 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا يحيى بن عثمان قال: ثنا إسماعيل بن مسلمة بن قعنب قال: حدثني محمد بن المعتمر بن سليمان التيمي قال: قلت لأبي: من أفقه العرب؟ قال: سفيان الثوري، فلما مات سفيان قلت لأبي: من أفقه العرب؟ قال: عبد الله ابن المبارك.
(1/274)
604 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: سمعت سعيد بن الحسين قال: سمعت المسيب بن واضح يقول: سمعت أبا إسحاق الفزاري يقول: عبد الله بن المبارك إمام المسلمين.
(1/274)
605 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: وجدت في كتابي عن أبي سليمان بن سافري قال: سمعت حسن بن الربيع يقول: فاتت ابن المبارك التكبيرة الأولى يوماً فقال: إن يومي في الحديث ليس يؤاخذ.
(1/274)
#275#
606 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أحمد قال: وجدت في كتابي عن ابن سافري قال: ثنا المسيب بن واضح قال: ثنا ابن المبارك قال: كان عبد الكريم بن أبي المخارق يمشي إلى المسجد وفرسه يقاد إلى جنبه، فيقال له: ألا تركب، فيقول: إن العبد المذنب لا يأتي سيده وهو راكب.
(1/275)
607 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن علي بن الحسن المدايني قال: حدثني أحمد بن عبد المؤمن قال: سمعت علي بن الحسن يقول: سمعت ابن المبارك يقول لرجل: لا تنم مع امرأتك فإنه مجفرة، قال علي: قلت لابن المبارك: ما المجفرة؟ قال: يتقطع الجماع.
(1/275)
608 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا يحيى بن عثمان قال: ثنا نعيم قال: ثنا ابن المبارك قال: كل من وصف لي بخير وجدته كما وصف لي إلا رجلين: حيوة بن شريح بمصر، وعبد الله بن عون بالبصرة، فإني أصبتهما أكثر مما وصفا لي.
(1/275)
609 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا كهمس بن معمر قال: ثنا أبو الطاهر بن السرح قال: سمعت خالي أبا رجاء يقول: قال ابن المبارك: ما وصف لي أحد فرأيته إلا كانت رؤيته دون صفته إلا حيوة بن شريح فإنها كانت أكثر من صفته.
(1/275)
610 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن خالد بن يزيد قال: ثنا حسين بن مهدي قال: ثنا عبد الرزاق قال: أنبأ معمر قال: أنبأ ابن المبارك قال: قلت لهشيم: مالك تدلس وقد سمعت؟ قال: كان كبيراك يدلسان الأعمش والثوري، وذكر أن الأعمش لم يسمع من #276# مجاهد إلا أربعة أحاديث، وذكر أن الحجاج لم يسمع من الزهري شيئاً.
(1/275)
611 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا أبو حمزة محمد بن إبراهيم بن يوسف المروزي قال: ثنا علي بن الحسن بن شقيق قال: قال عبد الله بن المبارك: مرض سفيان الثوري فأوصى بكتبه أن تدفن، قال عبد الله: وأوصى أبو قلابة بها لأيوب، قال علي: فقلت لابن المبارك: فعل أبي قلابة أحسن؟ قال برأسه: أي نعم.
(1/276)
612 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا غير واحد من أصحاب ابن المبارك منهم: علي بن الحسن بن شقيق قال: قيل لابن المبارك: من الناس؟ قال: العلماء، قيل: فمن الملوك؟ قال: الزهاد، قيل: فمن الغوغاء؟ قال: خزيمة بن خازم وذووه، قيل: فمن السفلة؟ قال: الذي يأكل بدينه.
(1/276)
613 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن مروان قال: ثنا أحمد ابن محمد النيسابوري قال: ثنا الحسن بن عيسى قال: سئل ابن المبارك: من الناس؟ ثم ذكر مثله وزاد: قيل: من الدنيء؟ قال: الذي يذكر غلا السعر عند الضيف.
(1/276)
614 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا أبو نصر التمار، عن #277# ابن المبارك قال: سألت محمد بن النضر الحارثي عن الصوم في السفر؟ فقال: يا ابن أخي إنما هي المبادرة.
(1/276)
615 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد قال: ثنا زكريا بن أبان قال: ثنا نعيم قال: ثنا بعض أصحابنا عن ابن المبارك وقيل له: مالك لا تحمل الشيء إذا اشتريته من السوق؟ قال: ليس يليق بي.
(1/277)
616 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن شعيب قال: أنبأ عبيد الله بن سعيد، عن أبي أسامة قال: سمعت ابن المبارك يقول: ما وجدت الرخصة في المسكر عن أحد صحيحاً إلا عن إبراهيم، قال أبو أسامة: ما رأيت رجلاً أطلب للعلم من عبد الله بن المبارك الحجاز واليمن والشامات ومصر.
(1/277)
617 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين، عن يعقوب بن شيبة قال: حدثني محمد بن صالح قال: سمعت إسماعيل ابن داود يقول: كان عبد الله بن المبارك يذكر عن أبي حنيفة، فكانوا إذا اجتمعوا بالثغر لم يحدث ابن المبارك عن أبي حنيفة بشيء، ولا يذكر أبو إسحاق الفزاري أبا حنيفة بسوءٍ حتى يخرج ابن المبارك.
(1/277)
618 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا ابن حماد قال: حدثني محمد بن موسى بن مشيش قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان ابن المبارك يطوف بالبيت ويقول: فلان قوي وفلان ضعيف.
(1/277)
619 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا الحسن بن بكر المروزي قال: سمعت علي بن الحسن يقول: سمعت #278# ابن المبارك يقول: كان أبو حمزة أمة وحده، وقال لي عبد الله: حدثني عن أبي حمزة، قلت: أحدثك عن حسين بن واقد، قال: حدثني عن أبي حمزة.
(1/277)
620 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون قال: ثنا عبد الله بن حماد الآملي قال: ثنا الليث بن مقاتل قال: ثنا عبد الكريم بن أبي عبد الكريم قال: سمعت أبا معاذ القاري قال: رأيت في المنام كأني أخرج إلى جبانة فرأيت جمعاً عظيماً فقلت: ما هذا؟ قالوا: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم يفرض له، فدنوت منه فقلت: يا رسول الله اجعلني في فرضك، قال: اذهب إلى كاتبي عبد الله بن المبارك، فأتيته فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تجعلني في فرضه، قال: فكتب اسمي، فانتبهت وبي من السرور غير قليل.
(1/278)
621 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو مسعود عمرو بن حفص اللخمي قال: ثنا علي بن المغيرة قال: سمعت المسيب بن واضح يقول: سمعت ابن المبارك يقول:
تعاهد لسانك إن اللسان ... سريع إلى المرء في قتله
وإن اللسان بريد الفؤاد ... يدل الرجل على عقله
(1/278)
622 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر يموت بن المزرع بن يموت العبدي قال: حدثني أبو عثمان المازني وإبراهيم بن أبي عبادة المسمعي قالا: ولي إسماعيل بن علية الصدقات بالبصرة، فكتب إلى عبد الله بن المبارك يصف له ما وقع فيه، ويقول له: أحب أن توجه إلي من إخوانك القراء #279# ليتصرفوا في أعمالنا، فكتب إليه ابن المبارك: القراء صنفان، قوم طلبوا هذا الأمر للدنيا فأولئك أضر على الناس من الشرط، وضمن الكتاب هذه الأبيات:
يا جاعل الدين له بازياً ... يصيد أموال المساكين
(1/278)
623 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا إبراهيم بن مهدي الأبلي قال: حدثني عبيد بن أحمد الضبي قال: كنا عند ابن المبارك حتى ورد عليه كتاب: أن إسماعيل بن علية ولي صدقات البصرة فكتب إليه:
يا جاعل الدين له بازياً ... يصيد أموال المساكين
ثم قالا جميعاً:
احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين
فصرت مجنوناً بها ... بعد ما كنت دواء للمجانين
أين رواياتك فيما مضى ... عن ابن عون وابن سيرين
أين رواياتك في سردها ... لترك أبواب السلاطين
أين رواياتك والقول ... في لزوم أبواب السلاطين
تقول أكرهت وماذا ... كذا زل حمار الشوك في الطين
وقال البخاري: زل حمار العلم في الطين، قال: فلما قرأه بكى واستعفى.
(1/279)
624 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: أنشدني محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: أنشدني الخليل بن أسد النوشجاني لعبد الله بن المبارك:
أرى أناساً بأدنى الدين قد قنعوا ... ولا أراهم رضوا في العيش بالدون
#280#
فاستغن بالدين عن دنيا الملوك كما ... استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
(1/279)
625 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد ابن حماد قال: حدثني محمد بن شجاع قال: سمعت إبراهيم أبا إسحاق الطالقاني يقول: قال ابن المبارك: القرآن كلام الله عز وجل من اجتزأ بهذا نجا، ومن زاد على هذا هلك.
(1/280)
626 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا داود بن إبراهيم بن داود أبو شيبة قال: ثنا العلاء بن عمرو السني قال: ثنا أبو عبد الله الصائغ قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول: قال عبد الله بن المبارك: خصلتان من كانتا فيه نجا: الصدق، وحب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
(1/280)
627 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا زكريا بن خلاد الساجي قال: ثنا الأصمعي قال: سمعت عبد الله بن المبارك يقول: دخلت البصرة فما رأيت أشبه بمسالك الأول من حماد بن سلمة.
(1/280)
628 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كان عبد الله بن المبارك يكلم رجلاً والرجل راكب، فقال له: إنه يقال: لا تتخذوا ظهور الدواب مجالس، فقال الرجل: أو مجالساً؟ فقال: لا، إنما هي مجالس مثل مفاعل، هذا باب من النحو لم تبلغه، فكان ذلك الرجل يصاح به في الطرق، ذاك باب من النحو لم تبلغه.
(1/280)
629 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا داود بن إبراهيم بن داود قال: ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي: ثنا علي بن الحسن بن شقيق، عن ابن المبارك قال: يقال: إنك إن لم تصلح على تقدير الله عز وجل لك: لم تصلح على #281# تقديرك لنفسك، قال: وكان ابن المبارك مما يوصي الرجل أن يكون راضياً لأي ذلك كان.
(1/280)
630 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن عبد المؤمن قال: ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم، عن عبد الله بن المبارك في قوله عز وجل: {كلا بلّ ران على قلوبهم} قال: تحفه الذنوب حتى تغمره.
(1/281)
631 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن عبد المؤمن قال: ثنا أبو وهب قال: سئل عبد الله بن المبارك عن دردي الخمر، فقال: هو حرام، قال: وأكره دردي النبيذ الذي يسكر، ولا أكره دردي النبيذ الذي لا يسكر، قال عبد الله بن المبارك: وكان أبو حنيفة يكره بيع المنصف قال: وسئل عبد الله بن المبارك: عن أكل لحم العقعق فقال: كرهه أبو حنيفة، قال: وسئل عبد الله بن المبارك: عن وقت العشاء الآخرة، فذكر عن سفيان: إلى نصف الليل، وذكر عن ابن عباس: حتى يصبح، وذكر عن أبي حنيفة: حتى يصبح.
(1/281)
632 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: ثنا نعيم قال: سألت عبد الرحمن بن مهدي قلت: أين ابن المبارك من سفيان الثوري؟ قال: يا أبا عبد الله! بينهما شيء كثير، يقدم ابن المبارك على الثوري، قال نعيم: فقلت له: إن الناس يخالفونك، فقال: إن الناس لم يباشروا منهما ما باشرت.
(1/281)
#282#
633 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أسامة بن علي بن سعيد قال: ثنا هاشم بن مرثد قال: ثنا أبو صالح الفراء قال: سمعت ابن المبارك يقول: من ضن بعلم أن يفيده لم يخل من إحدى ثلاث: إما أن يجفو علمه فلا ينتفع به، وإما أن يتبع سلطاناً ظالماً، وإما أن يموت قبل أن يبلغ ما يريده.
(1/282)
634 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إسماعيل بن داود بن وردان قال: ثنا محمد بن عمرو البنا قال: حدثني محمد بن الحسين قال: حدثني أحمد ابن الحجاج الخراساني قال: كان ابن المبارك يقول:
كلال العيون ووهن العظام ... دبيب المنية لو تعلمينا
فإن كنت تبكين من قد مضى ... فبكي على الحي في الهالكينا
وبكي لنفسك جهد البكا ... إن كنت تبكين أو تعقلينا
(1/282)
635 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلام أبو بكر قال: ثنا عبد الصمد بن يزيد مردويه قال: سمعت رباح الكوفي يقول: قال ابن المبارك: هذا الكتاب محنة، من أحبه تمسك به.
(1/282)
636 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن الحسن بن هارون قال: ثنا إبراهيم بن محمد التستري قال: ثنا أبو يوسف صاحب أبي عبيدة بمصر قال: قال هارون الرشيد لحاجبه: لا تأذن اليوم لأحد علي، فقد جاءني سبي من السند أريد اعتراضه، فلما كان في آخر النهار سمع صوت بريد فقال: بريد المسلمين وأحتجب عنهم، يا غلام من بالباب؟ فإذا صاحب بريد هيت معه كتاب، فإذا فيه وفاة عبد الله بن المبارك، فقال الرشيد: رحمة الله على #283# أبي عبد الرحمن، والله ما رأيته ولا شاهدته ولكني أرعى له بيتاً قاله فينا:
لولا الخلافة ما قامت لنا ... سبل وكان أضعفنا نهباً لأقوانا
يا غلام ائذن للناس فليعزوني بابن المبارك.
(1/282)
637 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن مروان الدينوري قال: ثنا يوسف بن عبد الله قال: ثنا محمد بن بشير قال: ثنا عبد الله بن المبارك قال: سمعت محمد بن النضر الحارثي يقول: ثلاث كلمات نفعني الله عز وجل بهن سمعته يقول: إذا ذكر الصالحون كنت منهم بمعزل، وسمعته يقول: لا يستقيم طلب الآخرة إلا بالمبادرة إليها، وسمعته يقول: إنما تنتظرون ثلاثاً فما يخلفكم عن العمل: إما نعمة تزول، وإما مصيبة تنزل، وإما منية تقضى.
(1/283)
638 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن مروان قال: ثنا أبو إسماعيل الترمذي قال: سمعت نعيم بن حماد يقول: سمعت ابن المبارك يقول: عجبت لمن لم يطلب العلم كيف تدعوه نفسه إلى مكرمة.
(1/283)
639 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: سمعت إسحاق بن إبراهيم يقول: ولد عبد الله بن المبارك سنة سبع عشرة ومائة، ومات سنة إحدى وثمانين ومائة.
(1/283)
640 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثني عمرو بن عثمان قال: مات ابن المبارك سنة إحدى وثمانين ومائة.
(1/283)
#284#
641 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي يقول: خرج عبد الله بن المبارك من المصيصة في شعبان سنة إحدى وثمانين ومائة، فشيعه أبو إسحاق الفزاري ومخلد بن حسين وعلي بن بكار مشاة إلى باب الشام يبكون، ثم قدم علينا إسماعيل الجعفري الكوفي فقال لأبي إسحاق: يا أبا إسحاق، شهدت عبد الله ابن المبارك بهيت، وقد خرج عليلاً من السفينة فمات بها ليلة الثلاثاء لصبيحة الأربعاء لثلاث عشرة مضت من رمضان، فبكى أبو إسحاق بكاءً شديداً وجزع، وعزاه الناس.
(1/284)
642 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أيوب بن سافري قال: ثنا الحسن بن الربيع قال: رأيت ابن المبارك جالساً مع أصحابه وهو يذكر فضل علي بن فضيل، فقال له بعض أصحاب الحديث: حديث كذا، قال: دعنا منك، فإني سمعت محمد بن النضر الحارثي يقول: إن الرحمة تنزل عند ذكر الصالحين.
(1/284)
643 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس بن محمد قال: حدثونا عن أبي سفيان المعمري وهو محمد بن حميد، وكان يحيى بن معين يطريه ويذكر من فضله وورعه: أنه رئي في النوم فقيل له: ما صنع بك ربك؟ قال: غفر لي، قال: فقيل له: فأين سفيان الثوري وابن المبارك؟ قال: فأشار بيده إلى فوق وقال: هيهات، هم أرفع منا، أو قال: هم فوقنا.
(1/284)
644 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن جعفر بن الإمام قال: #285# ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا زكريا بن عدي قال: رأيت عبد الله بن المبارك في النوم فقلت: يا أبا عبد الرحمن، رحلتك في الحديث قال: غفرت.
(1/284)
القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
645 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري قال: ثنا عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان القاسم بن معن رجلاً نبيلاً، وكان قاضي الكوفة، وهو القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، وقال له شريك بن عبد الله يوماً: مثلك تجلس إلى أبي حنيفة تتعلم منه؟ فقال له القاسم: يا أبا عبد الله، هذا ميدان من جاراك فيه سبقته، أي لك لسان.
(1/285)
646 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان القاسم بن معن، ثم ذكر مثله سواء.
(1/285)
647 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع الثلجي يقول: سمعت علي بن صالح يقول: سمعت القاسم بن معن قال: قال لي سفيان الثوري غير مرة يعاتبني في إتياني أبا حنيفة، فلقيته يوماً فوقفته فقلت له: ما تنقم علي في إتياني أبا حنيفة؟ فسكت، لم يدر ما يقول، ثم قال: رجل مثلك من ولد عبد الله بن مسعود يختلف إلى رجل من #286# الموالي أو من النبط.
(1/285)
648 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثني أبي قال: ثنا محمد بن عمر قال: ثنا القاسم بن معن قال: أخذ ابن هبيرة أبا حنيفة فأراده على الولاية، فأبى فحبسه وحلف أن لا يخرجه حتى يلي له، فقيل لأبي حنيفة: إنه قد حلف ألا يخرجك حتى تلي له، وإنه يريد بناء فتول له عدد اللبن، فقال: لو سألني أن أعد له أبواب المسجد لم أفعل.
(1/286)
649 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن القاسم بن معن، فقال: ثقة، روى عنه ابن مهدي، وكان على قضاء الكوفة، وكان لا يأخذ على القضاء أجراً، وكان رجلاً عاقلاً، وكان صاحب شعر ونحو، وذكر خيراً.
(1/286)
650 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو صالح القاسم بن الليث بن مسرور العتابي قال: ثنا المعافى بن سليمان وسأله رجل: كيف لم يلق ابن نفيل فليح بن سليمان؟ فقال: قدم فليح مع هارون الرشيد في خلافة المهدي وكان هارون قد ولاه المهدي الصايفة، فقدم معه فليح والقاسم بن معن جميعاً في سنة خمس وستين ومائة، قال ابن نفيل: وكنت أنا بمكة تلك السنة، قال معافى: كان فليح صاحب الخاتم والقاسم بن معين القاضي.
(1/286)
651 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن علي البغدادي: ثنا عمرو بن يحيى بن الحارث الجبراني، ثنا المعافى بن سليمان الجزري: ثنا القاسم بن معن، عن أبي حنيفة قال: كان يقول: العنق كله مذبح.
(1/286)
#287#
652 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر قال: ثنا سليمان بن شعيب قال: ثنا أبي قال: أملى علينا محمد بن الحسن قال: قال أحد قضاتنا القاسم بن معن: إذا اختلف الزوجان في متاع البيت فجميع ما في البيت بينهما نصفان.
قال أبو جعفر: فسمعت أحمد بن أبي عمران يقول: حدثني يحيى بن عثمان البغدادي، قال أبو جعفر: وحدثني أبو خازم القاضي قال: ثنا بكر العمي قال: حدثني يحيى بن عثمان قال: اجتمع شريك بن عبد الله والقاسم بن معن المسعودي عند عيسى بن موسى الهاشمي وهو يومئذ أمير الكوفة، فسألهما عن رجل قتل رجلاً كيف يقتل؟ فقال له شريك: يقتل كما قتل، قال الله عز وجل: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}، فقال له القاسم بن معن: يا أبا عبد الله! أرأيت إن رماه بسهم فقتله، أتنصبه غرضاً فترميه؟ وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر ذي الروح [غرضاً]، أرأيت إن رميته بسهم فلم يمت أترميه بسهم آخر فقد قتلته بغير ما قتل، إنما أنزلت هذه الآية التي ذكرت في غير هذا المعنى في رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقف على #288# حمزة فوجده ممثولاً به فقال: والله لأمثلن بسبعين رجلاً منهم، فأنزل الله عز وجل عليه هذه الآية في ذلك، فقال له شريك: إنك تموق، فقال له القاسم: هذا ميدان إن سابقناك فيه سبقتنا سبقاً بعيداً.
قال أبو جعفر: قال لنا ابن أبي عمران: القاسم بن معن كان في الفقه إماماً، وهو من جلة أصحاب أبي حنيفة، قد روى عنه محمد بن الحسن، وكان إماماً في العربية أيضاً، قد حكى عنه الفراء غير شيء، وكان إماماً في السخاء والمروءة، فسمعت الحارث بن سريج يقول: أتيناه بالكوفة في هيئة الصوفية لنسمع منه، فظن أنا جئنا نسأله فجعل يعتذر إلينا ويذكر أنه لا شيء عنده، فقلنا له: إنما أتيناك لنسمع منك، فاستحيى.
قال ابن أبي عمران: وقيل له: أنت إمام في العربية وإمام في الفقه، فأيهما أوسع، فقال: والله لباب واحد من المكاتب لأبي حنيفة أكبر من العربية كلها.
قال أبو جعفر: وسمعت ابن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن مروان -وكان من فقهاء أصحابنا- قال: سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة -وكان إسماعيل يبجل- يقول: قلت للقاسم بن معن: لو كنت مثلك ما جمعت ديناراً ولا درهماً، لأنك تنفق كل شيء، فقال لي القاسم: لكني لو كنت مثلك ما جمعت ديناراً ولا درهماً، لأن الدنانير والدراهم إنما يرادان للنفقة، #289# فإذا كانا موضوعين فما هما إلا كالحجر، قال إسماعيل: فعلمت أن رأيه أصوب من رأيي.
قال إسماعيل: وكان لي على رجل صك بثمانية آلاف درهم فقضاني منه ستة آلاف وبقيت ألفا درهم فجحدني، والقاضي حينئذٍ شريك، فعزمت على التقدم إليه، فقلت: إن قلت لي: عليه ثمانية آلاف كذبت وإن قلت: ألفان كان شهودي قد شهدوا بأكثر مما أدعى، فقدمته إلى شريك وقلت: لي على هذا الرجل صك بثمانية آلاف أطالبه منها بألفين، فقال لي شريك: ما هذا وأنت ابن أبي حنيفة تدع لأحد درهمين، فأقامني، فأتيت القاسم بن معن فأخبرته بقضيتي، فقال لي القاسم: كلفت شريكاً مالا يفهمه، أنا أكفيك، فلقيه ثم لقيني فأمرني بالتقدم إليه، فتقدمت وادعيت كما ادعيت أولاً فقال لي: نعم، ثم دعا بالبينة فحكم لي، ثم أتيت القاسم فأخبرته، وقلت له: رأيت في مجلسه منكراً، قال: وما هو؟ قلت: أخذ مني حاجبه دراهم حتى قدمني، فقال لي القاسم: وأنت أيضاً قد كان منك منكر، لأنك أعطيته دراهم حتى أخر الناس من أجلك، فلما كان بعد ذلك عزل شريك، وولى القاسم بن معن، ثم ولى إسماعيل بن حماد بعد ذلك.
(1/287)
653 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أسامة بن أحمد أبو سلمة قال: ثنا الحسن بن منصور قال: حدثني الحسن بن علي العنزي قال: أخبرني حسين الأشقر، عن عبيدة بن حميد قال: قلت للقاسم بن معن المسعودي: هذا الشعر ينقض الوضوء ثم أنشدته:
وأما أنت يا عز ... فلو جئت تهادين
إلى راهب ذي دير ... ولباس لمسيحين
#290#
إذاً لأتخذ الراهب ... عينيك إلاهين
فقال القاسم: لا.
(1/289)
زفر بن الهذيل العنبري أبو الهذيل
654 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري قال: ثنا عباس بن محمد بن حاتم قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زفر صاحب الرأي ثقة مأمون، سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين، وذكر له زفر فقال: كان ثقة مأموناً، وجعل يعظم أمره، وهذه الدار التي فيها الجبان دارهم، قلت: فكيف وقع إلى البصرة؟ قال: في ميراث له فتشبث به البصريون وقالوا: حدثنا، فأقام فيهم.
(1/290)
655 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ثم ذكر مثله، وزاد: قال يحيى بن معين: سمعت أبا نعيم يقول: زفر ابن الهذيل من خيار الناس، وأراني أبو نعيم منزل زفر بالكوفة في جبانة كنده في وسط الجبان، وجعل أبو نعيم يثني عليه.
(1/290)
656 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع الثلجي أبا عبد الله قال: سمعت بعض البصريين يقول: #291# لما قدم زفر البصرة لقوه فساءلوه فأعجبوا به فبلغه أنهم قالوا: ما رأينا مثل زفر في الفقه، هو أعلم الناس، فقال زفر -وبلغه ذلك-: كيف لو رأيتم أبا يوسف؟
(1/290)
657 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع قال: سمعت رجلاً كان يجالس أبا نعيم الفضل ابن دكين، وكان يحكي حكاية كثيرة عن داود الطائي، قال: كان زفر يجلس إلى أسطوانة وأبو يوسف بحذاه، وكان زفر يلبس قلنسوة بيضاء فخمة، فكانا يتناظران في الفقه، وكان زفر ركيناً جيد اللسان، وكان أبو يوسف يضطرب في مناظرته فربما سمعت زفر يقول لأبي يوسف: أين تفر؟ هذه أبواب كنده مفتحة خذ في أيها شئت.
(1/291)
658 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثنيه أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: ثنا محمد بن شجاع قال: ثنا ابن سماعة الكوفي قال: رأيت زفر وأبا يوسف ثم ذكر مثله.
(1/291)
659 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: ثنا أبو نعيم قال: أخبرني زفر قال: مر سفيان بنا ونحن جلوس على باب حجاج بن أرطأة فقام إليه داود الطائي فسأله عن حديث، فأبى، فلم يدعه #292# حتى حدثه به.
(1/291)
660 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر قال: حدثني محمد بن الحسين بن مرداس قال: ثنا أبو بكرة العطار عن أبي عاصم النبيل قال: قال زفر بن الهذيل: من قعد قبل وقته ذل.
(1/292)
661 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن الحسين بن مرداس قال: ثنا زيد بن أخزم قال: ثنا أبو عاصم، عن زفر في رجل باع من رجل جارية بألف درهم على أنه إن أنقذه الثمن فيما بينه وبين ثلاثة أيام وإلا فلا بيع بينهما قال: البيع فاسد.
(1/292)
662 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت أبا عاصم الضحاك بن مخلد يقول: سمعت زفر يقول: ما خالفت أبا حنيفة في قول إلا وقد كان أبو حنيفة يقول به.
(1/292)
663 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت سوار بن عبد الله العنبري القاضي يقول: سمعت أبا عاصم يقول: قال زفر بن الهذيل: كل أقوالي هذه قد قالها أبو حنيفة قبلي، ثم وقف منها على أشياء لم أقف أنا عليها فخالفها لما وقف عليه منها وثبت أنا عليها، قال أحمد بن أبي عمران: فأنكرت ذلك فأتيت محمد بن شجاع فحدثته بذلك، فقال لي: مكانك، ثم دخل منزله وخرج وفي يده كتاب فقرأ علي منه هذه الحكاية عن أبي عاصم كما سمعتها من سوار العنبري.
(1/292)
#293#
664 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثني محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال: حدثني أبي قال: ثنا إبراهيم بن المغيرة قال: قيل لوكيع بن الجراح: تختلف إلى زفر؟ فقال: غررتمونا عن أبي حنيفة حتى فات، تريدون تغرونا عن زفر حتى نحتاج إلى أبي أسيد وأصحابه.
(1/293)
665 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن أعين البغدادي قال: حدثني يعقوب بن شيبة بن الصلت قال: حدثني سليم بن منصور قال: حدثني عمرو بن سليمان العطار قال: كنت أجالس بالكوفة أبا حنيفة، فتزوج زفر بن الهذيل، فحضره أبو حنيفة فقال له زفر: تكلم، فقال أبو حنيفة في خطبته: هذا زفر بن الهذيل إمام من أئمة المسلمين، وعلم من أعلامهم في شرفه وحسبه وعلمه، فقال بعض قومه: ما سرنا أن غير أبي حنيفة خطب، حين ذكر خصاله ومدحه، وكره ذلك بعض قومه، وقالوا: حضر بنو عمك وأشراف قومك، وتسأل أبا حنيفة يخطب لك، قال: لو حضر أبي لقدمت أبا حنيفة عليه.
(1/293)
666 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو العباس الأيلي قال: ثنا زيد بن أخزم قال: ثنا عبد الله بن داود قال: سألت زفر بن الهذيل عن قرض الخبز؟ فقال لي: لا يجوز إلا وزناً.
(1/293)
667 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة #294# قال: حدثني أبو خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي قال: سمعت بكراً العمي يقول: سمعت محمد بن سماعة يقول: عن محمد بن الحسن قال: حضرت زفر وأبا يوسف يتناظران، فكان أبو يوسف يقهره بكثرة الرواية عن أبي حنيفة والأخبار، فإذا صار إلى المقايسة قهره زفر.
(1/293)
668 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن مقاتل قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: قال لي زفر بن الهذيل: أخرج إلي حديثك حتى أغربله لك.
(1/294)
669 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني أبو حفص المروزي قال: حدثني بشر بن يحيى، عن خالد بن صبيح قال: رحلت إلى أبي حنيفة فنعي إلي في الطريق فدخلت مسجد الكوفة فإذا الناس كلهم على زفر بن الهذيل، وعند أبي يوسف رجلان أو ثلاثة.
(1/294)
670 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم الشهيدي قال: ثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن زفر، عن قيس بن حبتر قال: مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية كمثل مؤمن آل فرعون.
(1/294)
671 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن #295# سلامة وأبا بشر الدولابي يقولان: كان أبو عاصم النبيل يختلف إلى زفر، وكان ثم رجل آخر يكنى أبا عاصم رث الهيئة يختلف إلى زفر أيضاً، فجاء أبو عاصم الضحاك بن مخلد يستأذن على زفر، فخرجت جارية لزفر فقالت: من هذا؟ فقال: أنا أبو عاصم، فدخلت إلى مولاها فقالت: أبو عاصم بالباب، قال: أيهما هو؟ فقالت: النبيل منهما، فأذنت لي فدخلت، فقال لي زفر: يا أبا عاصم قد لقبتك الجارية بلقب لا أراه يفارقك أبداً، لقبتك بالنبيل، فلزمني هذا اللقب.
(1/294)
672 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثنيه محمد بن أحمد بن الأشعث قال: سمعت يزيد بن سنان يقول: سمعت أبا عاصم يقول: فذكر مثله سواء.
(1/295)
673 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن زياد يقول: كنت أختلف إلى زفر وإلى أبي يوسف في الفقه، وكان أبو يوسف أوسع صدراً بالتعليم من زفر، فكنت أبدأ بزفر، فأسأله عن المسألة التي تشكل علي فيفسرها لي فلا أفهمها فإذا أعييته قال: ويحك ما لك صناعة، ما لك ضيعة، ما أحسبك تفلح أبداً، قال: فأخرج من عنده وقد فترت واغتممت فآتي أبا يوسف فيفسرها لي، فإذا لم أفهمها قال لي: أرفق، ثم يقول لي: أنت الساعة مثلك حين بدأت؟ فأقول له: لا، قد وقفت منها على أشياء، وإن كنت لم أستتم ما أريد، فيقول لي: فليس من شيء ينقص إلا يوشك أن يبلغ غايته، اصبر فإني أرجو أن تبلغ ما تريد، قال الحسن بن زياد: فكنت أعجب من صبره.
(1/295)
#296#
674 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: قال الحسن بن زياد: سمعت زفر بن الهذيل وسأله رجل، فقال له: القرآن كلام الله، فقال له الرجل: أمخلوق هو؟ فقال له زفر: لو شغلك فكر في مسألة أنا فيها أرجو أن ينفعني الله بعلمها لشغلك ذلك عن هذا الذي تفكرت فيه، والذي تفكرت فيه بلا شك يضرك سلم الله عز وجل ما رضي به منك، ولا تكلف نفسك ما لا تكلف.
(1/296)
675 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن زياد اللؤلؤي يقول وقال له رجل من أهل بغداد: أكان زفر قياساً؟ فقال له الحسن: وما قولك قياساً؟ هذا كلام الجهال، كان عالماً، فقال الرجل: أكان زفر نظر في الكلام؟ فقال: سبحان الله! ما أسخفك، تقول لأصحابنا: إنهم نظروا في الكلام، وهم بيوت العلم والفقه، إنما يقال: نظر في الكلام من لا عقل له، وهؤلاء كانوا أعلم بحدود الله عز وجل وبالله من أن يتكلموا في الكلام الذي تعني، وما كان يهمهم غير الفقه والإقتداء بمن تقدمهم.
(1/296)
676 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن هارون بن حسان البرقي قال: ثنا بكر بن القاسم قال: ثنا يحيى بن المغيرة القرشي قال: ثنا سعيد بن أوس قال: سمعت زفر قال في رجل أسقط سجدة من ركعة فاستوى قائماً قبل أن يفتتح فاتحة الكتاب: أنه يخر ساجداً ثم يعود إلى استئناف عمله.
(1/296)
#297#
677 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت ابن أبي عمران يحدث، عن أبي عبيد القاسم بن سلام: قال: أخبرني عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الواحد بن زياد قال: قلت لزفر: يقولون: إنكم تدرأوا الحدود بالشبهات وقد جئتم إلى أعظم الشبهات فأقدمتم عليه، قال: وما هو؟ قلت: المسلم يقتل بالكافر، قال: فاشهد أنت على رجوعي عن هذا.
(1/297)
678 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو خازم القاضي قال: سمعت أحمد بن عبدة يقول: قدم يوسف ابن خالد السمتي البصرة من عند أبي حنيفة، فكان يأتي عثمان البتي وهو رئيسها وفقيهها، فيجاذب أصحابه المسائل ويذكر لهم خلاف أبي حنيفة إياهم، فيضربونه ويسبون أبا حنيفة، فلم يزالوا كذلك حتى قدم زفر بن الهذيل البصرة، فكان أعلم بالسياسة منه، فكان يأتي حلقة البتي فيستمع مسائلهم، فإذا وقف على الأصل الذي بنوا عليه تتبع فروعهم التي فرعوا على ذلك الأصل، فإذا وقف على تركهم الأصل طالب البتي حتى يلزمه قوله، ويبين له خروجه عن أصله فيعود أصحابه شهوداً عليه بذلك، فإذا وقف أصحاب البتي على ذلك استحسنوا ما كان منه قال لهم: ففي هذا الباب أحسن من هذا الأصل ويذكره لهم ويقيم الحجة عليهم فيه، ويأتيهم بالدلائل عليه ويطالب البتي بالرجوع إليه، ويشهد أصحابه عليه بذلك، قال لهم: هذا قول أبي حنيفة، فما مضت الأيام حتى تحولت الحلقة إلى زفر وبقي البتي وحده.
(1/297)
#298#
679 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا الطحاوي قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن سلمة البلخي، عن شداد قال: سمعت زفر يقول: يعقوب -يعني أبا يوسف- أفقه من قال.
(1/298)
680 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا إبراهيم بن مرزوق قال: ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن الأشعث -يعني ابن عبد الملك- الحمراني، عن عبد الواحد بن صبرة قال: كنت عند القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر وعندهما أياس بن معاوية، فسألهما رجل عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن، فلم يدر ما يجيبانه؟ فقالا: أفته يا أبا واثلة، فقال أياس: هذا رجل أراد أن يطلق امرأته فلم يفعل، قال الأنصاري: فذكرت ذلك لزفر بن الهذيل فقال: أخطأ أياس، هذا رجل طلق وأراد أن يستثني فلم يفعل.
(1/298)
681 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: حدثني بعض أصحابنا قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دكين يقول: دخلت على زفر وقد احتضر، وهو يقول: في حال لها مهر، وفي حال لها ثلثا مهر.
(1/298)
682 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: دخل زفر وأبو يوسف على حجاج ابن أرطأة فجرت مسألة، فقال الحجاج لزفر: أما اللسان فعربي، وأما الصورة فتدل على غير ذلك، فقال له زفر: أما أنا فيقبلني قومي، وكان عنبرياً من بني #299# تميم، وكان الحجاج يطعن في نسبه، فاشتد ذلك عليه وأسكته، ثم ناظره أبو يوسف فقطعه، فلما قاما قال لحاجبه: لا يدخل هذان علي بعد.
(1/298)
683 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أبا خازم القاضي يقول: قال لي بكر العمي: توفي زفر بن الهذيل في سنة ثمان وخمسين ومائة، وهو ابن ثمان وأربعين سنة.
(1/299)
684 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا زكريا بن خلاد الساجي قال: ثنا الأصمعي قال: قال داود بن يزيد بن حاتم، عن أبيه يزيد بن حاتم قال: جاء زفر بن الهذيل إلى يزيد بن حاتم وهو في حبس الحجاج فقال لابنه مخلد: استأذن لي على أبيك، فاستأذن له عليه، فدخل فقال: السلام عليك أيها الأمير، قدرك أعظم من أن يستعان عليك أو يستعان بك، وقد حملت خمسين حمالة وقد قصدتك، فقال: قد أمرت لك بها وشفعتها بمثلها، فقال زفر: والله لا أقبل منها شيئاً، فقال له يزيد: ولم ذلك؟ قال: إني بذلت لك من وجهي أكثر مما بذلت لي من مالك، فخرج ولم يقبل منه شيئاً.
(1/299)
685 - قال أبي: قال أبي: قال لي أبو بشر: زفر بن الهذيل هذا هو جد زفر بن الهذيل الفقيه صاحب أبي حنيفة.
(1/299)
686 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت بكار بن قتيبة يقول: حدثني هلال بن يحيى قال: سألت أبا #300# يوسف عن رجل له مائتا درهم حال عليها حولان، فقال: عليه في الحول الأول خمسة دراهم ولا شيء عليه في الحول الثاني، فقلت له: فإن زفر يقول: إن عليه عشرة دراهم، فما حجتك عليه؟ قال: ما حجتي على رجل يزعم أن في مائتي درهم أربع مائة درهم، قال بكار: يتكرر الأحوال عليه.
(1/299)
معرفة نسب أبي يوسف
687 - حدثني أبي قال: حدثني أبي قال: أخبرني العباس بن محمد بن الفضل بن يوسف بن أبي يوسف قال لي: نسب جدي أبي يوسف، هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبته، وحبته أم سعد هي ابنة خوات بن جبير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسعد بن حبته هو سعد بن بجير بن معاوية بن قحافة بن نفيل بن سدوس بن عبد مناف بن أبي أسامة بن سحمة بن سعد بن عبد الله بن قدار بن ثعلبة بن معاوية بن زيد ابن الغوث بن بجيلة، وبجيلة هي أم الغوث بن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث ابن بنت ابن ملك بن زيد بن كهلان بن سبا بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن غابر وهو هود النبي صلى الله عليه وسلم.
(1/300)
688 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وأخبرني بعض الأنصار من أهل العراق ممن يعرف نسبهم: أن أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد، #301# وحبيب أخو خنيس، وقال لي أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة: إن أبا يوسف هو يعقوب بن إبراهيم بن خنيس بن سعد وأراه خطأ، والصواب الأول، لأن في حكايات يحيى بن معين ما يدل على خلاف ذلك والصواب الأول.
(1/300)
689 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس بن محمد بن حاتم قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أم خنيس هي قريبة لأبي يوسف القاضي، وخنيس ابن عم لأبي يوسف، وأيوب بن النعمان الأنصاري ابن عم أبي يوسف، حدثني به عبيدة بن حميد، وسمعت يحيى يقول: أم خنيس التي يروي عنها إسماعيل بن أبي خالد عمة أبي يوسف.
(1/301)
690 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني [أبو] معمر وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قالا: ثنا عباس بن محمد بن حاتم الدوري قال: ثنا يحيى ابن معين قال: ثنا أبو يوسف القاضي يعقوب، عن يزيد بن أبي زياد، عن يحنس، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على رعل وذكوان.
(1/301)
691 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا علي بن سعيد بن بشير الرازي قال: ثنا علي بن مسلم الطوسي قال: ثنا أبو يوسف يعقوب القاضي، عن يزيد بن أبي زياد عن يحنس عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال: قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((اللهم العن رعلاً وذكوان وعصية #302# عصت الله ورسوله)).
(1/301)
692 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن خزيمة أبو معمر، قال: ثنا عباس بن محمد قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: أول ما كتبت الحديث اختلفت إلى أبي يوسف القاضي فكتبت عنه ثم اختلفت بعد إلى الناس قال: وكان أبو يوسف أميل إلينا من أبي حنيفة ومحمد.
(1/302)
693 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر قال: سمعت إبراهيم بن أبي داود يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث ولا أحفظ ولا أصح رواية من أبي يوسف، قال إبراهيم: وسمعته يقول: أبو حنيفة صدوق غير أن في حديثه ما في حديث المشايخ، قال إبراهيم: يعني من الغلط.
(1/302)
694 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن نوح الجند يسابوري قال: سمعت عباساً الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو يوسف صاحب حديث وصاحب سنة.
(1/302)
695 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن حميد البصري الكلابزي قال: ثنا أبو خازم القاضي عبد الحميد قال: حدثني بكر العمي قال: ثنا محمد بن سماعة قال: قال لي يحيى بن خالد: قدم علينا أبو يوسف، وأقل ما فيه الفقه، وقد ملأ بفقهه ما بين الخافقين.
(1/302)
696 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: #303# سمعت أبا يوسف يقول: سألني سليمان الأعمش عن مسألة فأجبته عنها فقال لي: من أين قلت هذا؟ قال: قلت له: لحديث حدثتناه أنت، ثم ذكرت له الحديث، فقال لي: يا يعقوب، إني لأحفظ هذا الحديث قبل أن يجتمع أبواك فما عرفت تأويله إلا الآن.
(1/302)
697 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا بشر محمد بن أحمد بن حماد يقول: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول: كان أبو يوسف قد اطلع الفقه أو العلم إطلاعاً يتناوله كيف شاء.
(1/303)
698 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك وعباس بن الوليد وبشر بن الوليد وأبا علي الرازي يقولون سمعنا أبا يوسف يقول: ما قلت قولاً خالفت فيه أبا حنيفة إلا وهو قول قد قاله أبو حنيفة ثم رغب عنه.
(1/303)
699 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثنيه أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك وعلي بن صالح ذكرا عن أبي يوسف مثله.
(1/303)
700 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن عبد الله ابن أحمد من سكان دلاص وكان صاحب حديث قال: حدثني عبد الله بن عبد الوهاب الخراساني بالإسكندرية قال: ثنا إسحاق بن راهويه قال: قال لي عبد الرحمن بن مهدي: قال لي أبو يوسف القاضي: علمت أن مالك بن أنس #304# عرضني لضرب العنق، قلت: وكيف ذلك؟ قال: اجتمعت معه عند هارون الرشيد بالمدينة فقلت له: رجل حلف على لوزة أن فيها لوزتين، فقال لي: هو حانث، فقلت ولم أظنه يسمع أبو عبد الله إذا أصاب لم يخطئ، وإذا أخطأ لم يصب، فسمع مالك ذلك، فالتفت إلى هارون الرشيد فقال: يا أمير المؤمنين، ما ظننت أن مجلسك يهزأ فيه، وإنما أنتم أهل العلم ومنكم بدأ، فنظر هارون إلي نظرة، ولم يعلم الخبر وقام من فوره كالمغضب وصرف عني شره.
(1/303)
701 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت بكار بن قتيبة القاضي يقول: سمعت أبا الوليد الطيالسي يقول: لما قدم أبو يوسف البصرة حاجاً مع هارون الرشيد اجتمع أصحاب الرأي وأصحاب الحديث على بابه فطلب كل فريق منهم الدخول إليه أولاً، فأشرف عليهم فلم يأذن لفريق منهم، ولم يعنف فريقاً على طلبه الدخول إليه قبل الفريق الآخر، وقال لهم جميعاً: أنا من الفريقين جميعاً، ولا أقدم فرقة على الفرقة الأخرى، ولكني أسال الفريقين عن مسألة، فأيهم أصاب الجواب دخل هو وأصحابه أولاً، ثم أخرج خاتما كان في يده فقال: رجل مضغ خاتمي هذا حتى هشمه، ما الواجب لي عليه؟ قال: فاختلف عليه أصحاب الحديث ولم يعجبه قولهم، وقال له رجل من أهل الرأي: عليه قيمته مصوغاً من الذهب يغرمها لصاحب الخاتم ويأخذ الفضة المهشومة لنفسه إلا أن يشاء رب الخاتم أن يحتبسه لنفسه ولا شيء له على هاشمه، فقال أبو يوسف: يدخل أصحاب هذا القول، فدخل أصحاب الرأي ودخلت معهم، فسأله المستملي فأملى في أول #305# مجلس حديثاً عن الحسن بن صالح ثم كأنه خطر بقلبه شيء أو كلمه رجل بشيء لم أفهمه، فقال: ما أخاف على رجل من شيء خوفي عليه من كلامه في الحسن بن صالح، فوقع في قلبي أنه أراد شعبة، فقمت على قدمي ثم قلت: لله علي ألا أجلس في مجلس يعرض فيه بابي بسطام، ثم خرجت فرجعت إلى نفسي فقلت: هذا قاضي الآفاق ووزير أمير المؤمنين وزميله في حجه وما يضره غضبي أو ينفعه رضائي، فرجعت فجلست حتى فرغ المجلس، فأقبل علي إقبال رجل ما كان له هم غيري، فقال لي: يا هشام، وإذا هو يثبتني لأني كنت عنده ببغداد، والله ما أردت بأبي بسطام سوءاً، ولهو في قلبي أكثر منه في قلبك فيما أرى، ولكني لا أعلم أني رأيت رجلاً مثل الحسن بن صالح.
قال بكار بن قتيبة: فذكرت هذا لهلال بن يحيى فقال لي: أنا والله الذي أجبت أبا يوسف في مسألة الخاتم التي سئل عنها، ولقد كان قتيبة -يعني أبي- حاضر المجلس معنا، وشاهدي: أن أبا يوسف يومئذ أملى علينا باباً من المكاتب فلما فرغ منه قمت إليه من بين الناس فقلت له: ليس هذا قولكم في الصيف، أفنغير ذلك القول ونثبت هذا، أو نغير هذا ونثبت ذلك القول، فقال أبو يوسف: دعوهما فسيأتي من يميز بينهما.
(1/304)
702 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: حدثني سليمان بن أبي شيخ قال: ثنا أبو سفيان الحميري، عن علي بن حرملة قال: كان أبو يوسف إذا صلى صلاة فريضة قال في دبرها: اللهم اغفر لي ولوالدي ولأبي حنيفة.
(1/305)
703 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: #306# سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: قال أبو يوسف: لو استطعت أن أشاطركم ما في قلبي من العلم لفعلت.
(1/305)
704 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: حدثني محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: مرضت مرضاً نسيت فيه كلما كنت أحفظ حتى القرآن ولم أنس الفقه، فقيل له: وكيف ذلك؟ فقال: علمي بما سوى الفقه علم حفظ، وعلمي بالفقه علم هداية، فأنا فيه كرجل غاب عن بلده سنين ثم دخله بعد ذلك، أفتراه يغيب عنه طريق منزله؟
(1/306)
705 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا جعفر بن أحمد بن الوليد الأسلمي قال: أنبأ بشر بن الوليد الكندي القاضي قال: سمعت أبا يوسف وقال له رجل: لي أب نصراني ضرير، فربما لقيته ماضياً إلى الكنيسة وربما لقيته منصرفاً عنها أفآخذ بيده؟ فقال له أبو يوسف: إن كان ماضياً إليها فلا تأخذ بيده، وإن كان منصرفاً عنها فخذ بيده.
(1/306)
706 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني محمد بن العباس بن الربيع قال: حدثني المصرفي قال: قال هارون الرشيد لأبي يوسف: ما أحد من الناس أحب مجالسة غيركم يا أهل الفقه، لولا خفة فيكم، فقلت له: وما الخفة التي فينا؟ قال: ربما رأيت الرجل منكم #307# يقبل على الصبي الذي سنه دون سن ولده فيعلوا صوته صوته، قال: فأخذت به في حديث آخر، ثم أريته عقداً من الحساب فقلت له: كم هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: كذا، وأصاب، فقلت: ما الدليل على ذلك؟ فقال: ومن يقول غير هذا؟ قلت: الذي يخالفك، وكلمته بكلام من هذا النحو فعلا صوته، ودرت أوداجه، فقلت له: أصاب أمير المؤمنين، قد كان من صياحه ودفعه إياي ما كان عن الصواب الذي تفهمه العامة والخاصة، فكيف ينكر على صياحي عند الصواب الذي أخالف فيه ولا تفهمه العامة ولا يفهمه إلا قليل من الخاصة، قال: فعذر عند ذلك.
(1/306)
707 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بشر قال: ثنا أحمد ابن القاسم البرتي قال: أنبأ محمد بن شجاع، عن بشر بن الوليد قال: قال أبو يوسف: لا ينبغي للمرأة أن تكشف رأسها عند عبدها ولا عند عبد ابنها ولا عند عبد أبيها، ولو أن رجلاً غسل رأس أمه وفلاه كان هذا من برها.
(1/307)
708 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري، ثنا إبراهيم بن مهدي الأبلي قال: سمعت هلال بن يحيى صاحب الرأي يقول: سمعت أبا يوسف القاضي يقول: مخاشنة الولاة ذل، ومخاشنة القضاة فقر، قال: وسمعت أبا يوسف يقول في كتاب الصك: لا أقل من عشرة من الشهود، اثنان يموتان، واثنان يغيبان، واثنان يزوران، واثنان يثبتان، واثنان لا يؤديان.
(1/307)
709 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم البرتي أبو الحسن، قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: #308# سمعت الحسن بن زياد يقول: من زعم أنه سمع هذه الكتب يعني العتق من أبي يوسف بالكوفة فقد كذب، إنما كانت روزنامجات ينظر فيها بالليل وينبطح فيها بالنهار، قال محمد بن شجاع: ولكنها قد قرئت على أبي يوسف ببغداد وسمعها أصحابنا، قال محمد بن شجاع: فسمعت إسماعيل بن الفضل وأبا علي الرازي وجماعة من أصحابنا يذكرون: أن أبا يوسف سئل أسمع محمد بن الحسن منك هذه الكتب؟ فقال أبو يوسف: سلوه، فأتينا محمداً فسألناه، فقال: ما سمعتها ولكني أصححها لكم.
(1/307)
710 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أبو الحسن البرتي قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: كان الحسن بن زياد إذا جاء إلى أبي يوسف أهمت أبا يوسف نفسه، يعني من كثرة سؤالاته.
(1/308)
711 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني محمد بن عبد الله بن أبي ثور الرعيني قال: حدثني سليمان بن عمران قال: حدثني أسد بن الفرات قال: كان أبو يوسف ينظر بين خصمين بحضرة هارون الرشيد فتوجه القضاء على أحدهما، قال: فجثى هارون الرشيد وأقبل ببصره نحو أبي يوسف حتى أنفذ القضاء، ثم قال: هكذا أفعل أنا وسائر من معي حتى ينفذ قضاء يعقوب.
(1/308)
712 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني علي بن الحسن بن علي الجوهري قال: كان المهدي قد ضم أبا يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة إلى ابنه موسى الهادي سماه له العوفي #309# القاضي، فخرج أبو يوسف مع الهادي إلى جرجان فرأى موسى الهادي بجرجان كأنه يقرأ في مصحف، فإذا مر على اسم محمد محاه، فأتاه أبو يوسف بمعبر فقص عليه الرؤيا، فقال المعبّر: السلام عليك يا أمير المؤمنين، مات محمد المهدي، فورد بعد أيام نصير الوصيف بخبر موته، والبيعة للهادي.
(1/308)
713 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: حدثني محمد بن شجاع، عن الحسن بن أبي مالك: أن أبا يوسف أتي بامرأة مرتدة من أصبهان فهاب قتلها ورجع عن قوله في المرتدة: أنها تقتل إلى قول أبي حنيفة: أنها تحبس ولا تقتل.
(1/309)
714 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن هارون بن محمد العباسي قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن زكريا قال: حدثني محمد بن يوسف بن راشد قال: ثنا سليمان بن مسلم قال: كنا عند ابن جريج، فجاءنا شاب عليه ثياب نظاف وطيلسان وآلة جميلة، فجعل يسائل ابن جريج وجعل ابن جريج يجيبه، فلما أكثر عليه قال له: يا أخا أهل العراق كأنك تريد أن تكون قاضياً، ثم انصرف، فلما كان بعد قليل قدم علينا هارون الرشيد حاجاً، وقيل لنا: معه أبو يوسف القاضي، فإني لفي الطواف إذ رأيت ذلك الفتى وقد شاب فعرفته فدنوت منه، وسلمت عليه فقلت له: أحضرت ابن جريج في وقت كذا؟ فقال لي: إي والله إني لذلك الرجل، وقد كان الذي ظن بنا، وإذا هو أبو يوسف القاضي.
(1/309)
715 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: #310# أخبرني هارون بن محمد العباسي قال: حدثني موسى بن عبد الله قال: حدثني أبي ومحمد بن عبد الله البكري قالا: ثنا سلمة بن عبد الله بن عبد الرحمن المخزومي قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن يحيى بن حفص العمري قال: دعينا ليحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن أنا وأبو البختري وهب بن وهب وعبد الله بن مصعب وأبو يوسف الفقيه، فإذا بيحيى جالس عند هارون الرشيد، فقال لنا: يا هؤلاء إني أمنت هذا الرجل وسبعين معه، فكلما أخذت رجلاً قال: هذا منهم، فقلت: أسميهم لي، قال يحيى: أنا رجل من السبعين معروف بعيني واسمي ونسبي فهل ينفعني ذلك؟ والله لو كانوا تحت قدمي ما رفعتها عنهم، فقلنا له: يا يحيى، اتق الله فليس لك أمان إلا أن تخبرهم فأبى، فأخذ أبو البختري الأمان فشققه، وقال: يا أمير المؤمنين، لا أمان له، وسأل أبا يوسف القاضي، فقال: ليس لك أن تسأله عنهم.
(1/309)
716 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني حسن بن القاسم بن عبد الرحمن الدمشقي قال: ثنا أحمد بن صالح بن مهران قال: حدثني عرزم بن فروة قال: حج أبو يوسف القاضي، فلما صار إلى الحجاز أصاب الواقدي بحال ضيقة فحمله معه إلى بغداد، فلما دخل على الرشيد سلم عليه وسلم على يحيى بن خالد، فقال له يحيى: يا أبا يوسف! أي شيء أهديت إلينا من مكة؟ قال: أهديت إليك هدية لم يهدها أحد قبلي إلى أحد قبلك، قال: وما هي؟ قال: أهديت رجلاً تسأله عما شئت فيجيبك، قال: فهنياه بتعجيل البعثة به، قال الواقدي: فبعث بي أبو يوسف إليه، فما زال يسائلني طول نهاره فلما كان الليل أمر أن يفرش لي إلى جانب فراشه، فلما كان السحر دعا بدواة وقرطاس #311# وكتب كتاباً دفعه إلى بعض خدمه وقال: إذا صلى الشيخ فصر معه إلى فلان وادفع الكتاب إليه، فلما صليت قال الخادم: امض بنا، فصار بي إلى رجل أدخلني عليه وأوصل الكتاب إليه، فقال الرجل للخادم: امض لسبيلك، وقال لي: أقعد، ثم دعا بغلمان فأمرهم بفرش أنطاع فجعلوا ينقلون البدر ويضعونها على الأنطاع، فلما تعالى النهار قلت له: يا هذا إن لي شغلاً فإن رأيت أن تروج أمري فافعل، فقال لي: أنا في حاجتك، كتب إلي الوزير أن أدفع إليك مائة ألف، فقلت: على رسلك أعطني عشرة آلاف درهم واحبس الباقي عندك، وانصرفت إلى أبي يوسف فأعلمته، فقال لي أبو يوسف: لست أرضا لك بها حتى ازداد لك.
(1/310)
717 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: القرآن كلام الله، من قال: كيف ولم، وتعاطى مراء ومجادلة استوجب الحبس والضرب بالسوط المبرح، قال محمد بن شجاع: وسمعت بشار بن موسى الخفاف يحكي بعض هذا الكلام عن أبي يوسف.
آخر الجزء الرابع من أجزاء شيخنا، قاله السلفي
(1/311)
718 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك يقول: سمعت أبا يوسف يقول: لا يفلح من استحل شيئاً من الكلام، ويقول #312# احفظوا عني هذا، ولقد كان يقول: لو قدرت أقاسمكم ما عندي وما في قلبي من العلم لفعلت، وكان ناصحاً رحمه الله، وما سمعته قط يرخص في شيء من الكلام، ولقد كان ينهانا عنه أشد النهي.
(1/311)
719 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن جعفر بن الإمام قال: سمعت الفضل بن حاتم يقول: ما صليت صلاة قط إلا دعوت الله لأبي يوسف.
(1/312)
720 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: قال محمد بن شجاع: قلت للحسن بن أبي مالك: أروي عنك أن أبا يوسف كان يرى أن من زاد على أن القرآن كلام الله: أنه يرى عليه العقوبة بالضرب؟ قال: نعم ارو ذلك عني، سمعت أبا يوسف يقول: من سأل عنه عوقب، قلت: يا أبا علي، هل توافق أبا يوسف على هذا؟ قال: لو خالفته في جميع قوله لوافقته على هذا، من سمعته يسأل عن شيء من هذا فهو رجل سوء لا يؤديه سؤاله إلى خير.
وسمعت محمد بن شجاع يقول: سمعت الحسن بن أبي مالك وبشر بن الوليد يقولان: إن رجلاً حكى أن أبا يوسف قال: القرآن مخلوق، فأتينا أبا يوسف فقلنا له: نحن بطانتك وخاصتك، تخبر غيرنا بشيء تنهانا عنه، قال: وما هو؟ فذكرنا له ما حكى، فقال لنا: يا مجانين، هؤلاء يكذبون على الله عز وجل، فكيف لا يكذبون علي، وقال: أهل البدع يحكون كلامهم ويكذبون على الناس، قال الحسن بن أبي مالك: وسمعت أبا يوسف يقول: لا يصلى خلف من قال: القرآن مخلوق.
(1/312)
#313#
721 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني يحيى بن عثمان قال: كنا عند علي بن معبد بن شداد فذكرت الجهمية، فقال أخوه أبو إبراهيم -وكان حاضراً- كان أبو يوسف يقول: لبشر المريسي: أي رجل أنت؟ لولا رأيك السوء، قال: وسمعت أبا إبراهيم يومئذ يقول: ضرب أبو يوسف رجلاً من الأبناء كان يرى رأي الجهمية خمسة وثلاثين سوطاً، وقال: لولا أنه كان من الأبناء لزاده.
(1/313)
722 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا علي بن عبد الرحمن بن المغيرة قال: ثنا سعيد بن ديسم قال: سمعت إبراهيم بن الجراح يقول: كنا عند أبي يوسف ومعنا بشر وفي المجلس معنا يوسف بن أبي يوسف فتكلموا في مسألة، فقال بشر ليوسف: ما أنت وذا أقبل علي داحك، وكانت عليه جبة وشئ لها قيمة.
(1/313)
723 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا جعفر بن أحمد قال: أخبرنا يحيى بن سليمان الجعفي، عن إبراهيم بن الجراح قال: سمعت أبا يوسف يقول: كان أبو العباس قد أشخص العلماء فكنا نسمع تلك الأيام وكان الناس يومئذٍ رجلين، رجل لا يخرج من بيته حتى يدرك عصيدته فيأكلها، فكان يفوته أكثر ما يمضي من العلم، ورجل لا عصيدة في بيته فيخرج من بيته على علم إلا شيء في بيته، فذاك الذي يدرك ما يمضي، قال أبو يوسف: وكنت منهم.
(1/313)
#314#
724 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أبو خازم القاضي قال: قال لي ابن أبي الشواليق: حدثني بشر قال: كنت يوماً عند أبي يوسف، فتكلم في مسألة فقلت له: ما هكذا حكم الله فيها، فقال: أو لله عز وجل في كل شيء حكم منصوص؟ قلت: نعم، فقال: ما حكم الله عز وجل في رجل عدا على ديك ففقأ عينه؟ فقلت: يقوم صحيحاً غير مفقوء العين، ثم يقوم مفقوء العين فيجب على فاقئ عينه فضل ما بين قيمتيه، فهذا حكم الله عز وجل فيها، قال: فجمع أبو يوسف أصابع يده اليمنى ثم قال: أعلمه الرماية كل يوم فلما اشتد ساعده رماني، وأشار إلى يده اليسرى.
(1/314)
725 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: حدثني فرج مولى أبي يوسف قال: رأيت مولائي أبا يوسف إذا دخل في قنوت الوتر رفع يديه في الدعاء قال لنا ابن أبي عمران: لم يحدثنا بهذا عن أبي يوسف غير فرج، وكان ثقة.
(1/314)
726 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد أبو عبد الله محمد بن هارون بن محمد العباسي قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو يحيى بن أبي مسرة قال: حدثني سعيد بن عثمان الزيات، عن أبيه قال: قام رجل إلى هارون الرشيد في مدينة أبي جعفر يوم جمعة وهو على المنبر فقال: والله ما قسمت بالسوية ولا عدلت في الرعية ولقد فعلت وفعلت، فأمر به فأخذ ثم أدخل عليه بعد الصلاة، وبعث إلى أبي يوسف، قال أبو يوسف، فدخلت عليه وهو جالس والرجل بين العقابين والجلادون خلفه بالسياط، فأقبل علي، فقال: يا #315# يعقوب، كلمني هذا بما لم يكلمني به أحد، فقلت: يا أمير المؤمنين، قد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم في قسم قسمه: إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله، فعفا وصفح، وقيل له: وقد قسم قسماً: إعدل، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ومن يعدل إذا لم أعدل)، فعفا وصفح، وقيل له أشد من هذا، خاصم إليه الزبير ورجل من الأنصار فقضى للزبير، فقال الآخر: يا رسول الله، أأن كان ابن عمتك، فعفا وصفح، قال: فسكن غضبه وأمر بالرجل فأطلق.
(1/314)
727 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن هارون بن محمد قال: حدثني أبي، قال: حدثني أبو يحيى بن أبي مسرة، قال: حدثني محمد بن داود العباسي قال: كنا ببغداد، وحضر شهر رمضان، فكنا نحضر دار هارون #316# الرشيد كل عشية، فإذا صلينا العصر خرج الإذن لعبيد الله بن العباس، ولداود بن عيسى، ولعبد الله بن سليمان، ثم يخرج الإذن بعدهم لأبي يوسف القاضي، ولابن عمران الطلحي ولحسن اللؤلؤي، فلا يزالوان في الفقه بين يدي هارون الرشيد، فإذا طفلت الشمس أذن لنا فدخلنا، فأقبل الرشيد عليهم يوماً، فقال: سلوا، فألقى عليه حسن اللؤلؤي مسألة من المعقدات، فأقبل عليه أبو يوسف فقال: ليس هذا مما يسأل عنه أمير المؤمنين، ولكن يا أمير المؤمنين، قال أبو حنيفة في مسألة كذا، واحتج بكذا، وقال ابن أبي ليلى فيها كذا، واحتج بكذا، فبأي القولين يأخذ أمير المؤمنين؟ قال الرشيد: بقول أبي حنيفة، لأن حجته فيها أقوى، قال: فإن ابن أبي ليلى قال في مسألة كذا، وحجته فيها كذا، وقال أبو حنيفة فيها كذا، وحجته [فيها] كذا، فبأي القولين يأخذ أمير المؤمنين؟ قال الرشيد: بقول ابن أبي ليلى لأن حجته فيها أقوى، فلما انصرفنا أقبل أبو يوسف على اللؤلؤي فقال: يا ضعيف، مثل هذه المسألة المعقدة تلقى على الخلفاء، لو ألقيت هذه على بعضنا ما قام بها، فقال له اللؤلؤي: فلم؟ قال: سلونا، قال: وكان الرشيد إذا صلى مسح بيده موضع سجوده، ثم مسح به وجهه، فقال له الحسن: إن هذا الذي يفعله أمير المؤمنين بدعة، فعمن أخذه؟ قال: رأيت آبائي يفعلونه، فأنا أقتدي بهم، فأقبل عليه أبو يوسف فقال: هذا لا علم له، ثم أقبل على اللؤلؤي فقال: ألم تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم رقى رجلاً فوضع يده على ريقه ثم على #317# الأرض ثم قال: ((ريق بعضنا بتربة أرضنا يشفي مريضنا)). فلما انصرف أمر هارون بحجب اللؤلؤي عنه.
(1/315)
728 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: ثنا عمر يعني ابن حفص بن غياث قال: ثنا أبي قال: كنا نأتي الحجاج بن أرطأة، والقائم على رأسه من الحي نخعي، فلا يرى أحداً يكتب إلا ضربه، وكان لا يعرض لي، قال عمر: ففي كتب أبي، هذا ما كتبت في مجلس الحجاج عنه، قال: وكان الذي يملي على الناس ما يسمعون بعد ما يقوم الحجاج أبو يوسف.
(1/317)
729 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: أخبرني علي بن صالح، عن أبي يوسف في المرأة تقول لزوجها: أنت علي كظهر أمي: أنه تحريم وليس بظهار، قال علي: وكنت عند هشيم يوماً فأتاه الحسن بن زياد فسأله عن حديث فلان بن الزبير أن امرأته قالت ذلك، فأمرت بعتق رقبة، قال علي: فقلت للحسن: فما تقول أنت؟ قال: هو ظهار، قال علي: فلقيت محمد بن الحسن فسألته، فقال: ليس بشيء، فأتيت أبا يوسف، فذكرت ذلك #318# له، فقال: هذان شيخا الفقه قد أخطآ، هو تحريم وعليها كفارة يمين كما يكون عليها لو قالت: أنت علي حرام، قال أبو جعفر: وقد كان ابن أبي عمران حدثنا به مختصراً عن علي بن صالح نفسه.
(1/317)
730 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا عبدة بن سليمان بن بكر، عن إبراهيم بن الجراح قال: لما أردت الخروج إلى البصرة قلت لأبي يوسف: من ألزم بها؟ فقال لي: حماد بن زيد، وعظم من قدره، فلما قدمت البصرة لزمت حماداً، فوالله ما جرى ذكر أبي يوسف عنده إلا اتبعه بالوقيعة فيه، فبينا أنا عنده إذ أتته امرأة تسأله أن يكتب لها شرطاً، فشق عليه أن يردها، وشق عليه أن يتشاغل عن أصحاب الحديث وكبر الأمر في قلبه، فقلت له: يا أبا إسماعيل، مرها فلتدفع إلي صحيفتها حتى أكتبها لها، ففعل، وأمسك عن الحديث لأفرغ من الصحيفة، فقلت: لا تحتاج إلى هذا حدث ففعل، فلما فرغت من الكتاب ناولته الصحيفة فأخذتها وقرأتها عليه فأعجبته، ثم قال: ممن تتعلمون هذا؟ قلت: من الذي لا يجري ذكره إلا وصلت ذلك بالوقيعة فيه ولقد أوصاني عند فراقي إياه ألا ألزم أحداً غيرك، فقال: من هو؟ قلت: أبو يوسف، فاستحيا ولم يكن يذكره بعد إلا بخير.
(1/318)
731 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو خازم القاضي قال: ثنا الحسن بن موسى قاضي همذان قال: ثنا بشر بن الوليد قال: كان أبو يوسف إذا ذكر محمد بن الحسن يقول: أي #319# سيف هو، غير أن فيه صدا وهو يحتاج إلى جلا، وإذا ذكر الحسن بن زياد يقول: هو عندي كالصيدلاني إذا سأله رجل أن يعطيه ما يطلق بطنه أعطاه ما يمسكه، وإذا سأله ما يمسك أعطاه ما يطلق، وإذا ذكر بشر يقول: هو كإبرة الرفا، طرفها دقيق، ومدخلها لطيف، وهي سريعة الانكسار، وإذا ذكر الحسن ابن أبي مالك قال: هو كجمل حمل حملاً في يوم مطير فتذهب يده مرة هكذا ومرة هكذا ثم يسلم.
(1/318)
732 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: ثنا فرج مولى أبي يوسف قال: كان أبو يوسف إذا استأذن عليه الرجل يكره دخوله عليه: وضع رأسه وقال: قل له قد وضع رأسه، ليظن أنه قد نام.
(1/319)
733 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا جعفر بن أحمد بن الوليد قال: أنبأ بشر بن الوليد قال: سمعت أبا يوسف يقول: كان أبو بردة بن أبي موسى، أو بلال بن أبي موسى -الشك من أبي جعفر- يرى أن من قال: عبد فلان حر من مالي، أنه عتيق عليه، وإن عليه غرم قيمته مولاه، فاختصم إليه في ذلك رجلان فقضى لرب العبد بالقيمة على معتقه، وأمره أن يلزمه حتى يخرج إليه منها، وحضرت الصلاة فلما فرغ منها قام الرجل على قدميه فقال: يا معشر أهل المسجد اشهدوا جميعاً أن رقيق آل أبي موسى أحرار، فكان ذلك سبب رجوع أبي بردة أو بلال عن قوله ذلك.
(1/319)
734 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: حدثني محمد بن العباس قال: سمعت محمد بن عمرو بن السري المصرفي #320# يقول: بعث هارون الرشيد إلى أبي يوسف فأقبل على بغلته وعليه بردة، فلما رآه هارون قال:
جاءت به معتجراً ببردة ... سفواء تردى بنسيج وحده
(1/319)
735 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن سماعة، عن أبي يوسف قال: قدم علينا ربيعة بن أبي عبد الرحمن فأتيته، فقلت: ما تقول في عبد بين رجلين أعتقه أحدهما؟ وقلت: إن جاءني بقولنا ناظرته على قولهم، وإن جاءني بقولهم ناظرته على قولنا، فقال: العتق باطل، قلت: فإن أعتق الآخر ينبغي على قولك أن يكون أيضاً باطلاً، فإذا كان عتق مولييه لا يجوز فيه فمن يجوز عتقه فيه؟
(1/320)
736 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن موسى القاضي السرخسي وسمعته يقول: حدثني أبو نصر محمد بن محمد بن سلام قال: كان أبو يوسف إذا نزل به أمر يقول:
أمور لو تدبرها حليم ... إذن لنهى وغير ما استطاعا
ولكن الأديم إذا تفرى ... بلاء وتهتكا غلب الصناعا
(1/320)
737 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو سعيد يونس بن الفضل قال: حدثني أبو نصر محمد بن محمد ابن سلام قال: ثنا محمد بن الأزهر قال: وحدثني معلى بن منصور، عن #321# أبي يوسف أنه حج مع هارون الرشيد، فصلى بهم هارون ركعتين، وقام أبو يوسف فقال: يا أهل مكة، أتموا صلاتكم، فإنا قوم سفر، فقال رجل من أهل مكة ممن صلى: نحن أفقه من أن نعلم مثل هذا، فقال له أبو يوسف لو كنت فقيهاً ما تكلمت في صلاتك، فقال هارون الرشيد: ما يسرني بها حمر النعم.
(1/320)
738 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني إبراهيم بن حميد الكلابزي قال: ثنا أبو بكر الخصاف أحمد بن عمرو بن مهين قال: حدثني أبي قال: سمعت الحسن قال: قال أبو يوسف: أعلم ما تكون بالكلام أجهل ما تكون بالله عز وجل، قال إبراهيم: وحدثني أبو بكر الخصاف قال: حدثني أبي قال: ثنا الحسن زياد قال: كنا يوماً بباب أبي يوسف ونحن ننتظره، إذ أقبل من دار الرشيد وهو يتبسم، فقال: حدثت مسألة في دار أمير المؤمنين اليوم، فقلنا: وما هي -أصلحك الله-؟ قال: رفع إلى أمير المؤمنين أن قاضياً بأرمينية اختصم إليه جاريتان في جرتين وقد استقتا ماء من بعض المواضع فوضعتا جرتيهما لتستريحا فسقطت جرة كل واحدة منهما على جرة صاحبتها فانكسرتا، فاختصمتا إلى القاضي، فقالت كل واحدة منهما: سقطت جرة هذه على جرتي فانكسرت، فجعل القاضي ينظر إليهما لا يعرف المدعي منهما من المدعى عليه، فقال للقيم: أخرهما عني، فآخرهما، ثم صاحتا فأدناهما، فلما اقتصتا قصتهما عليه نظر إليهما، ثم قال للقيم أخرهما عني، فصاحتا: فقال للقيم: اذهب فاشتر لهما جرتين وأرحني منهما، فلما كان العشي قال لرجل كان يأنس به ويختلف إليه: ماذا يقول الناس ويخوضون فيه من أمرنا؟ قال: يقولون: إن #322# القاضي لم يحسن يحكم في جرتين حتى غرمهما، فقال: سبحان الله! أو لا يرضون مني أن أحكم فيما أحسن وأغرم فيما لا أحسن، قال أبو يوسف: فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا رجل عاقل فزده في إرزاقه للغرامات، فزاده ألف درهم في كل شهر، قال الحسن بن زياد: فقلنا لأبي يوسف: كيف الجواب في هذه المسألة؟ قال: إن كانت الجاريتان وضعتا الجرتين في مستراح المسلمين فكل واحدة منهما جاعلة جرتها في حقها غير جانية على صاحبتها، وإن كانتا وضعتا الجرتين في غير مستراح المسلمين فكل واحد جانية على صاحبتها وعلى كل واحدة منهما قيمة جرة صاحبتها، وإن كانت إحداهما في مستراح، والأخرى في غير مستراح، فالتي في غير المستراح جانية على التي في المستراح.
(1/321)
739 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: حدثنا جعفر بن أحمد قال: أنبأ بشر بن الوليد قال: سمعت أبا يوسف يقول: من قعد على شراب يطلب السكر منه فالقدح الأول منه عليه حرام، والمقعد عليه حرام، والمشي إلى المقعد عليه حرام، كما أن الزنا عليه حرام، والمشي إليه حرام.
(1/322)
740 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا إبراهيم بن مهدي قال: ثنا هلال بن يحيى قال: سمعت أبا يوسف.
(1/322)
741 - ح حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وسمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: سمعت أبا يوسف يقول: من طلب غريب الحديث كذب، ومن طلب #323# المال بالكيمياء فلس، ومن طلب العلم بالكلام زندق.
(1/322)
742 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت بشر بن الوليد يقول: كتب أبو العباس الطوسي إلى أبي يوسف يسأله عن الأيام المعلومات، فأملى علي أبو يوسف جواب كتابه إليه، فقال: اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكان أحب ما قالوا إلي في ذلك قول علي بن أبي طالب وابن عمر رضي الله عنهما: أنها أيام النحر، لأن الله عز وجل يقول في كتابه: {ويذكروا اسم الله في أيامٍ معلوماتٍ على ما رزقهم من بهيمة الأنعام} فهي أيام النحر.
(1/323)
743 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن سماعة يقول: سمعت أبا يوسف يقول في رجل قال لعبده: والله لأنقبن عن كبدك، قال: هذا على شدة الضرب.
(1/323)
744 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر يقول: ثنا أحمد ابن أبي عمران قال: سمعت محمد بن سماعة يقول: كنت عند محمد بن الحسن فأتاه رجل، فقال: رجل قال لامرأته والله لأطأنك وطياً كالدن، فقال له محمد: والله ما أدري ما هذا، ولكن اذهب إلى أبي يوسف فسله، ثم ارجع فأخبرني بما قال، فذهب الرجل إلى أبي يوسف ثم رجع فقال: سألته فقال لي: هذا على المبالغة في الوطي فقال محمد بن الحسن: ومن يحسن هذا غير أبي يوسف.
(1/323)
#324#
745 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وسمعت أبا جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن سماعة يقول: سمعت أبا يوسف يقول في رجل قال لغريمه: والله لأجرنك على الشوك، قال: هذا على شدة المطل.
(1/324)
746 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: قال أبو جعفر: قال لي أحمد بن أبي عمران: دخل أبو يوسف على الحجاج بن أرطأة فسأله عن جنين الأمة، فقال له الحجاج: فيه نصف عشر قيمة أمه، فقال له أبو يوسف: من أين قلت هذا؟ قال: قياساً على جنين الحرة، فقال له أبو يوسف: أليس جنين الحرة إذا خرج من الضربة ميتاً، ففيه غرة، وإذا وقع منها حياً ثم مات ففيه الدية؟ فقال حجاج: نعم، فقال أبو يوسف: فأنت قلبت الأمر فجعلت في جنين الأمة إذا كان ميتاً أكثر مما فيه إذا كان حياً ومات، لأنه قد تكون قيمته حياً درهمين وعشر قيمة أمه مائة درهم، فقال له الحجاج: يا بني، إذا كان مثل هذا فلا تقله لي بحضرة الناس.
(1/324)
747 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة يقول: حضرت يونس بن عبد الأعلى وعنده أحمد بن أبي عمران، فحدثنا يونس عن الشافعي قال: ربما سألت عن المسألة أعلم علتها بقلبي ولا أقدر على عبارتها بلساني، فقال له أحمد بن أبي عمران: قال غير هذا، قال: لا، قال: فعندنا عن أبي يوسف أحسن من هذا، حدثنا محمد بن شجاع، عن الحسن بن أبي مالك قال: سمعت أبا يوسف يقول: ربما سألت #325# عن المسألة أعلم علتها بقلبي ولا أقدر على عبارتها بلساني فمثلي في هذا مثل رجل أراه على رجل درهماً فقال: هو ردي أو جيد، ولو سأله عن العلة لقوله لم يجد عنده أكثر من قوله: ردي أو جيد.
(1/324)
748 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن علي بن بيان البغدادي يقول: سمعت محمد بن سعدان يقول: سمعت أبا سليمان الجوزجاني يقول: سمعت أبا يوسف يقول: دخلت على هارون الرشيد وفي يده درتان يقلبهما فقال لي: يا يعقوب، هل رأيت أحسن من هاتين؟ قلت: نعم، يا أمير المؤمنين، فقال لي: وما هو؟ قلت: الوعاء اللتين هما فيه، قال: فرمى بهما إلي، وقال: شأنك بهما، فأخذتهما وقمت.
(1/325)
749 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إبراهيم بن حميد قال: حدثني محمد بن إسماعيل بن هشام بن أبي يوسف، عن أبيه عن جده، ح وحدثنا به أبو بكر الخصاف قال: لما احتضر أبو يوسف جلسنا عند رأسه فقلنا له: في نفسك من هذا الأمر شيء -نعني القضاء- قال: لا -والله- إلا شيئاً واحداً، ادعى نصراني مرة على الرشيد ضيعة فدعوت بالرشيد وبالنصراني، فجاء الرشيد ومصلى يحمل له فجلس عليه، ولم أدع للنصراني بمصلى مثله، فذاك في نفسي.
(1/325)
750 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: سمعت الحسن بن أبي مالك قال: سمعت أبا يوسف في مرضه الذي مات فيه يقول: والله ما زنيت قط، ووالله ما جرت في حكم قط، وما أخاف على نفسي إلا من شيء #326# كان مني، فقلت له: وما هو؟ قال: كان هارون الرشيد يأمرني أن آخذ قصص الناس فأقرأها ثم أوقع فيها لهم بمحضره، فكنت آخذها قبل ذلك بيوم فأتصفحها فجمعتها مرة فتصفحتها فإذا فيها قصة لنصراني يتظلم من هارون أمير المؤمنين في ضيعة في يده يزعم أنه غصبه إياها، فدعوته فقلت له: هذه الضيعة في يد من هي؟ قال: في يد أمير المؤمنين، فأردت تقريب الأمر عليه فقلت له: من يبيع ثمارها؟ قال: أمير المؤمنين، قلت: فمن يجني غلاتها؟ قال: أمير المؤمنين، وأجعلت كلما أردت منه أن يذكر خصماً غير أمير المؤمنين رد الخصومة فيها إلى أمير المؤمنين، فجعلت قصته مع قصص الناس، فلما كان يوم المجلس جعلت أدعو بالناس رجلاً رجلاً حتى وقعت قصة النصراني في يدي، فدعوته فدخل فقرأت قصته على أمير المؤمنين، فقال لي: هذه الضيعة لنا ورثناها عن المنصور، فقلت للنصراني: قد سمعت الذي قال، أفلك على ما تدعي بينة؟ قال: لا، ولكن خذ لي يمينه، قال: فقلت لهارون: أتحلف يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، فحلف فانصرف النصراني، قال أبو يوسف: فما أخاف على نفسي إلا من هذا، قال الحسن: فقلت: وأي خوف في هذا، وقد فعلت الذي فعلت، فقال: من تركي أن أقعده معه مجلس الخصم.
(1/325)
751 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: قال بشر بن الوليد: قال لنا يحيى بن خالد بن برمك: لقد فتشنا صاحبكم -يعني أبا يوسف- فوجدناه أقل ما يحسن الفقه.
(1/326)
752 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن حميد #327# البصري قال: ثنا أبو خازم القاضي قال: حدثني بكر العمي قال: حدثني محمد بن سماعة قال: قال لي يحيى بن خالد بن برمك: قدم علينا أبو يوسف وأقل ما فيه الفقه وقد ملأ بفقهه ما بين الخافقين.
(1/326)
753 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني إبراهيم بن الجنيد قال: ثنا علي بن الجعد قال: سمعت أبا يوسف يقول -وسأله رجل- فقال: يا أبا يوسف، يذكرون أنك تجيز شهادة من يقول: إن الله عز وجل لا يعلم ما يكون حتى يكون، فقال: ويحك هذا أستتيبه، فإن تاب وإلا قتلته.
(1/327)
754 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت بكار بن قتيبة يقول: قدم أبو يوسف البصرة حاجاً مع هارون الرشيد، وهو على مذهب أبي حنيفة في إطلاق بيع الأوقاف، فجعل لا يرى أرضاً نفيسة من البصرة فيسأل عنها إلا أخبر أنها وقف من رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل قلبه من ذلك شيء، ثم صار إلى المدينة فرأى ما هناك من صدقات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم بغداد وقد زال عن قلبه كلما كان فيه من بيع الأوقاف.
(1/327)
755 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وقال لنا أبو جعفر: حكى عيسى ابن أبان: أن أبا يوسف لما قدم بغداد من الكوفة كان على قول أبي حنيفة في بيع الأوقاف حتى حدثه إسماعيل بن علية، عن ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر في صدقة عمر لسهامه من خيبر، فقال: هذا مما لا يسع خلافه، ولو تناهى هذا إلى أبي حنيفة لقال به ولما خالفه.
(1/327)
#328#
756 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة: ثنا أحمد بن أبي عمران، أنبأ علي بن صالح وبشر بن الوليد جميعاً، عن أبي يوسف قال: قدمت المدينة فأخرج إلي من أثق به صاعاً فقال لي: هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم، فقدرته خمسة أرطال وثلث، قال لنا ابن أبي عمران: الذي أخرج لأبي يوسف هذا الصاع هو مالك بن أنس.
(1/328)
757 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو موسى عيسى بن يوسف المغربي قال: ثنا أحمد بن إسحاق أبو المنهال، قال: ثنا أسد بن الفرات، عن أبي يوسف قال: ذروا الخصومة في الدين والمراء فيه والجدال، فإن الدين واضح بين، قد فرض الله عز وجل فرائضه، وشرع سنته، وحد حدوده، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فقال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} فأحلوا حلال القرآن، وحرموا حرامه، واعملوا بمحكمه، وأمنوا بالمتشابه منه، واعتبروا بالأمثال فيه، فلو كانت الخصومة في الدين تقوى عند الله لسبق إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده، فهل اختصموا في الدين أو تنازعوا فيه، وقد اختصموا في الفقه وتكلموا فيه واختلفوا في الفرائض، والصلاة والحج والطلاق والحلال والحرام، ولم يختصموا في الدين، ولم يتنازعوا فيه، فاقتصروا على تقوى الله وطاعته، وألزموا ما جرت به السنة، وكفيتم فيه المؤونة، ودعوا ما أحدث المحدثون من التنازع في الدين، والجدال فيه المراء، فإن لزوم السنة عصمة بإذن الله لمن لزمها، والذي سنها كان أعلم بما في خلافها من الخطأ والزلل، وقد أنزل الله عز وجل في كتابه {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا #329# في حديثٍ غيره} ولو شاء أنزل في ذلك جدالاً وحججاً ولكنه أبى ذلك ونهاهم عنه، فقال: ولا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره. وقال: {فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن} ولم يقل: حاجهم.
(1/328)
758 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: حدثنا داود بن وهب قال: حدثني عبد الرحمن القواس، قال ابن أبي عمران: سمعت ابن الثلجي يقول: ما كان ببغداد أفضل منه، -يعني القواس- قال: قال لي معروف الكرخي: ما خبر أبي يوسف القاضي؟ قلت له: مريض، فقال لي: إن حدث به حدث فأخبرني ولا تخفه عني، قال: فمضيت من ساعتي لأتعرف خبر أبي يوسف، فلما صرت عند باب دار الرقيق إذا بجنازة أبي يوسف والناس معها، فمضيت مع الجنازة وقلت: إن رجعت إلى أبي محفوظ فاتتني الجنازة، ولم يدركها هو لبعد ما بينهما، فلما انصرفت أتيت معروفاً الكرخي فأخبرته وقلت له: لو رجعت إليك لم تدركها، فرأيته قد اغتم على تخلفه عنها، فقلت: وما يغمك من هذا؟ قال: إني رأيت في ليلتي هذه كأني أدخلت الجنة فرأيت قصراً، ووصف من حسنه، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: ليعقوب القاضي، فقلت: بأي شيء استحق هذا؟ قال: بتعليمه العلم، وبكثرة وقيعة الناس فيه.
(1/329)
759 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: حدثني الحسين بن عبدويه الوراق قال: لما أخرجت جنازة أبي يوسف كان فيمن شهدها أبو يعقوب الخريمي، قال: #330# فجعل الناس يقولون: مات الفقيه مات الفقيه، فأنشأ أبو يعقوب يقول:
يا ناعي الفقه إلى أهله ... إن مات يعقوب وما يدري
لم يمت الفقه ولكنه ... حول من صدر إلى صدر
ألقاه يعقوب إلى يوسف ... فزال من طهر إلى طهرٍ
فهو مقيم فإذا ما ثوى ... حل وحل الفقه في قبرٍ
(1/329)
760 - حدثني أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن يعقوب بن الفرجى قال: ثنا الحسن بن عثمان أبو حسان الزيادي قال: كان هارون الرشيد قاضيه أبو يوسف، وكان أبو يوسف قد استخلف ابنه يوسف على القضاء، فكان يقضي معه وهو خليفة أبيه، فلما مات أبو يوسف أقر هارون ابنه يوسف على القضاء إلى أن مات يوسف.
(1/330)
761 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت محمد بن جعفر بن الإمام يقول: سمعت الحسن بن حماد الحضرمي سجادة يقول: سمعت يوسف بن أبي يوسف يقول: وليت القضاء وولي أبي من قبلي، وكان ولايتنا ثلاثين سنة ما بلينا أن نقضي بين جد وأخ.
(1/330)
762 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني أحمد بن القاسم البرتي قال: سمعت بشر بن الوليد يقول: توفي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي -رحمه الله- يوم الخميس وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة.
(1/330)
#331#
763 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا إبراهيم بن الجنيد قال: ثنا علي بن الجعد قال: سمعت أبا يوسف وسأله رجل فقال: يا أبا يوسف، يذكرون عنك أنك تجيز شهادة من يشتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على التأويل، فقال: ويحك هذا أضربه وأحبسه حتى يتوب.
(1/331)
764 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني هارون بن محمد العباسي، عن عبد الله بن الحارث قال: قال بشر ابن الوليد القاضي: كان -والله- المأمون الخليفة حقاً، ما رأيت كان أشد عليه من الكذب، وكان يحتمل كل شيء في الإنسان غير الكذب، فقال لي يوماً: صف لي أبا يوسف القاضي فإني لم أره، فوصفته له فاستحسن صفته، وقال: وددت أن مثل هذا لحضرتنا فنتزين به.
(1/331)
765 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن عبد الله بن خالد الكندي، عن إبراهيم بن الجراح قال: مرض أبو يوسف فأتيته أعوده فوجدته مغمياً عليه، فلما أفاق قال لي: يا إبراهيم، أيما أفضل في رمي الجمار، أن يرميها الرجل راجلاً أو راكباً؟ فقلت: راكباً، فقال لي: أخطأت، ثم قال: أما ما كان منها يوقف عنده للدعاء فالأفضل فيه أن يرميه راجلاً، وأما ما كان لا يوقف عنده فالأفضل أن يرميه راكباً، ثم قمت من عنده فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه وإذا هو قد مات، -رحمة الله عليه-.
(1/331)
#332#
من أخبار عبد الله بن داود الخريبي، وأصله كوفي، أبو عبد الرحمن
766 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد أبو بشر قال: ثنا محمد بن شجاع قال: قلت لعبد الله بن داود الخريبي: ترى أن أنظر في قول أبي حنيفة؟ فقال لي شديداً: نعم، ولكن جالس أهل الورع منهم، قال ابن شجاع: يعني من لا يريد القضاء.
(1/332)
767 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر قال: حدثني أبو خازم القاضي عبد الحميد بن عبد العزيز قال: حدثني سعيد بن روح عن عبد الله بن داود، وقال له رجل: ما عتب الناس فيه على أبي حنيفة؟ فقال: والله ما أعلمهم عتبوا عليه في شيء إلا أنه قال فأصاب، وقالوا فأخطأوا، ولقد رأيته يسعى بين الصفا والمروة وأنا معه وكان الأعين: مخبطة عنه.
(1/332)
768 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي، ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا ابن أبي عمران قال: ثنا أبو مالك المغولي قال: ثنا عبد الله بن داود.
(1/332)
769 - ح وحدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد ابن حماد قال: ثنا أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن أبي إسرائيل قال: ثنا أبو مالك المغولي محمد بن الصقر بن مالك بن مغول قال: سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول: كنت عند سفيان الثوري جالساً فأتاه آت فقال: #333# يا أبا عبد الله، ما تقول في قارن قدم مكة فخاف إن هو بدأ بطواف عمرته يفوته الوقوف بعرفة، فمضى إلى عرفة ليقف لحجه، ثم يرجع فيطوف لعمرته؟ فأجابه سفيان فقال: وما يمنعه من ذلك إذا كان عنده تجيب فارهٌ، فقال له: يا أبا عبد الله، فإن النعمان بن ثابت يزعم أنه إذا توجه إلى عرفة فقد رفض العمرة، فقال له الثوري: ومن يقول غير هذا؟ قال عبد الله بن داود: فقلت في نفسي أنت قلت.
(1/332)
770 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثناه أحمد بن محمد بن سلامة أيضاً قال: ثنا صالح بن شعيب بن أبان قال: ثنا نصر بن علي قال: ثنا عبد الله ابن داود قال: كنت عند سفيان فذكر مثله.
(1/333)
771 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا أبو عون محمد بن عمرو بن عون قال: ثنا عثمان بن سليمان بن سافري قال: قال لي وكيع بن الجراح: النظر في وجه عبد الله بن داود عبادة.
(1/333)
772 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن جميل الأندلسي قال: حدثني إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: لما دخل يحيى بن أكثم البصرة مضى إلى عبد الله بن داود الخريبي، فلما دخل عليه رأى عبد الله مشيته فلما جلس وسلم قال له: معي أحاديث تحدثني بها، فقال له عبد الله: متعت بك إني لما نظرت إليك نويت أن لا أحدث.
(1/333)
773 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بشر قال: حدثني محمد ابن شجاع قال: قلت لعبد الله بن داود: إن بعض الناس أخبرني أنه كتب عن أبي حنيفة مسائل كثيرة ثم لقيه بعد فرجع عن كثير منها، فقال لي: لا يصدنك #334# هذا، إن أبا حنيفة كان مطلعاً على الفقه، وإنما يرجع الفقيه عن القول في الفقه إذا اتسع علمه.
(1/333)
774 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثنيه أبو جعفر عن أحمد بن أبي عمران عن محمد بن شجاع مثله.
(1/334)
775 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: ثنا محمد بن المثنى وإبراهيم الحلبي قالا: ثنا عبد الله بن داود قال: سمعت الأعمش يقول: السكوت جواب.
(1/334)
776 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بشر الدولابي قال: سمعت نصر بن علي الجهضمي قال: سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول: ولد علي والحسن ابنا صالح بن حي وكانا توأمين سنة مائة وخرج علي قبله.
(1/334)
777 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: لما دخل يحيى بن أكثم البصرة قاضياً عليها كان يختلف إلى عبد الله بن داود ليسمع منه، فبلغ عبد الله ابن داود أن رجلاً خاصم إليه في شيء، فجلس بين يديه متربعاً، فأمر به يحيى ابن أكثم فأوذي، ثم إن يحيى مضى إلى عبد الله بن داود ليسمع منه، فلما دخل عليه قال له عبد الله: متعت بك مسألة قال: ما هي؟ قال: رجل صلى متربعاً تطوعاً؟ قال: جائز، قال له: يا يحيى شيء يقبل الله الصلاة عليه، لا تقبل أنت الخصومة عليه، ثم ولاه ظهره، وقال: متعت بك، عزم لي أن لا أحدثك، فقام يحيى فخرج.
(1/334)
#335#
778 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا محمد بن يونس بن موسى قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: قتل زيد بن علي بن حسين سنة أربع وعشرين ومائة، وصلب وأنزل من جذعه سنة ست وعشرين ومائة، وفيها ولدت.
(1/335)
779 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني محمد بن الحسن قال: ثنا محمد بن يونس قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: كان أصحابنا بالكوفة يهابون مسعراً كهيبتهم للأعمش، قال: وسمعت عبد الله بن داود يقول: كان الحسن والحسين لا يريان بأساً بأرض الخراج.
(1/335)
780 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني عبد الله بن محمد الخزاعي قال: ثنا عمرو بن علي قال: سمعت عبد الله بن داود يقول في قوله عز وجل: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم} قال: أن تدخلوا النار، {حريصٌ عليكم} قال: أن تدخلوا الجنة.
(1/335)
781 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن شجاع قال: قلت لعبد الله بن داود الخريبي: يا أبا عبد الرحمن أتخاف على من اجتنب هذه المبتدعة الذين يتكلمون في القرآن وفي أحاديث الرؤية؟ قال: ما أخاف عليه، بل أرجو له النجاة وأن يكون على سبيلها، ثم قال: اعتزل كل من يتكلم في هذا ومن يكلمهم عليه، قلت: فأيهم عندك شر؟ قال: دعهم عنك، قلت: قد أدركت سلفاً صالحاً خياراً من علية الناس فأخبرني عن سبيلهم، فقال: ومن أين أحسن وصف سبيلهم؟ قلت: #336# في هذا الذي سألتك عنه، قال: كانوا يكفون عن جميع هذه الأشياء، وكانوا أولئك عندهم أذل وأهون من أن يتكلموا، ومن كان يجترئ أن يذكر أولئك عندهم.
(1/335)
782 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا القواريري قال: كنت أختلف إلى عبد الوارث بن سعيد فكان يقنت في صلاة الفجر فذكرت ذلك لعبد الله بن داود فقال: إن قنت بالسورتين فصل خلفه، وإن قنت بغيرهما فلا تصل خلفه.
(1/336)
783 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: ثنا الخليل بن أسد النوشجاني قال: حدثني مسعود -يعني ابن بشر- قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: لم أر من العرب أشرف من ثلاثة: سوار ابن عبد الله، وعباد بن عباد بن حبيب بن المهلب، وموسى بن علي المصري، ولم أر من الموالي أشرف من الربيع بن صبيح، ومن ليث بن سعد.
(1/336)
784 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن الحسن بن هارون أبو بكر قال: ثنا أبو عبد الله الربالي قال: ثنا محمد بن يحيى -وكان من خيار المسلمين- قال: سمعت عبد الله بن داود وقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، بلغني أنك تقدم عثمان على علي رضي الله عنهما، قال: متعت بك، أنا لم أقدمه عليه، علي قدمه على نفسه.
(1/336)
785 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن سعيد الترمذي قال: ثنا أحمد ابن إبراهيم الدورقي قال: دخلت على عبد الله بن داود وهو يحدث أصحابه #337# أحاديث الناس، فذهبت أروم قطع ما هو فيه، وأسأله عن أطراف معي، فأعرض عني حتى فعلت ذلك ثلاثاً، فقال لي في الرابعة: على رسلك، ليتقاربك مجلسك، فإني قد تبينت الخفة فيك حين أقبلت.
(1/336)
786 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: حدثني أبو قلابة الرقاشي قال: حدثني أبو بشر بن سليط قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: سمعت الأعمش يقول: لو خلا هذا الباب لأصحاب الحديث سرقوا حديده.
(1/337)
787 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو عمرو يوسف بن يعقوب ابن يوسف النيسابوري قال: ثنا زيد بن أخزم قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: لم أر مثل سفيان الثوري ومسعر، وأثلث بأبي إسحاق الفزاري، ولم أر بصرياً مثل سليمان بن المغيرة.
(1/337)
788 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني يوسف بن يعقوب بن يوسف قال: ثنا عمرو بن علي أبو حفص قال: سمعت عبد الله بن داود يقول وقلت له: أصلي خلف القدرية؟ فقال: إنا نصلي خلفهم؟ فأي شيء يقولون؟ قلت: يقولون: إن الله عز وجل يريد فلا يكون، قال: من قال: إن الله عز وجل يريد فلا يكون، فلا يصلى خلفه.
(1/337)
789 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: ثنا محمد بن يونس البصري قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: بلغني أن عيسى بن مريم كان يمشي على الماء، فقال له أصحابه: لم تمشي على الماء ونحن لا نمشي عليه؟ قال: الذهب والحجر عندكم سواء؟ قالوا: لا، قال: فهما #338# عندي سواء.
(1/337)
790 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا يوسف بن يعقوب قال: ثنا عمرو بن علي قال: سألت عبد الله بن داود عن بازي أخذ في أرض العدو، فقال: إن كان معلماً رفع إلى المغنم، وإن كان وحشياً فهو لصاحبه.
(1/338)
791 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا عبد الله بن أحمد الربعي قال: ثنا أحمد بن سعد قال: ثنا محمد بن يحيى قال: ثنا عبد الله بن داود قال: كان لامرأةٍ مملوك، فكان يصلي بالليل كله، فقالت له: ليس تدعنا ننام بالليل، فقال: لك النهار ولي الليل، إذا ذكرت النار طار نومي وإذا ذكرت الجنة طال حزني.
(1/338)
792 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا علي بن حرب الموصلي قال: سألت عبد الله بن داود الخريبي عن الإيمان، فقال: قولي فيه قول عبد الله بن مسعود، وحذيفة، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري: قول وعمل، يزيد وينقص، قلت له: ألست ترى شيخاً من الرجل يسأل: أمؤمن أنت؟ فلا يدري، فقال: أنا مؤمن عند نفسي، ولا أدري كيف أنا عند ربي، ثم قال: حدثنا محل عن إبراهيم: أنه كان إذا سئل: أمؤمن أنت؟ قال: {آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم} إلى آخر الآية.
(1/338)
793 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس أبو يعقوب قال: ثنا محمد بن يحيى، عن عبد الله بن داود قال: قال إبراهيم بن #339# أدهم: ما صدق الله عز وجل من أحب الشهرة.
(1/338)
794 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا يوسف بن يعقوب قال: ثنا عمرو بن علي قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: الله يعلم كيف كنت آخذ الحديث.
(1/339)
795 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: ثنا علي بن المديني قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: الإيمان يزيد وينقص، والإيمان والإسلام واحد.
(1/339)
796 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا يوسف بن يعقوب قال: ثنا عمرو بن علي قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: سمعت علي بن صالح -يعني ابن حيي- يقول: بلغ سويد بن غفلة عشرين ومائة سنة، لم ير متسانداً ولا محتبياً قط، وأصاب بكراً، قال أبو داود: في العام الذي توفي فيه.
(1/339)
797 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون قال: ثنا محمد بن يحيى الأزدي قال: ثنا عبد الله بن داود قال: قال لي بهيم: غاب عنا أبو إسحاق الفزاري سنة، فلما قدم قال: قد تغيرتم.
(1/339)
798 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: ثنا علي بن المديني قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: سمعت جعفر الأحمر يقول: كتاب سفيان مخربش قال: وسمعت #340# عبد الله بن داود يقول: يزيد بن يزيد بن جابر بصري فراهيدي قال: وسمعت عبد الله بن داود يقول: رأيت زائدة بن قدامة وسفيان بن سعيد عند هشام بن عروة، فلم يكن سفيان يكتب، وكان مع زائدة ألواح، فكان يكتب ثم يقرأ على هشام بعد الكتابة.
(1/339)
799 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن الحسن بن هارون قال: ثنا محمد بن يحيى قال: ثنا عبد الله بن داود قال: ثنا بهيم قال: دخل أبو إسحاق على صاحب لنا وهو في الموت يكنى أبا الوليد القرشي، فقال: لمثل هذا فليعمل العاملون.
(1/340)
800 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا محمد بن شجاع قال: سمعت عبد الله بن داود يقول في البعير إذا وقع في بئر فلم يقدر على منحره قال: يطعن بالرمح فلا يفارق الطعن فيه حتى يموت، فيكون موته كذلك له ذكاة.
(1/340)
801 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد البصري قال: ثنا إبراهيم الأصبهاني قال: حدثني نصر بن علي قال: مضيت مع عبد الله بن داود إلى قوم يعزيهم على ميتهم، فعزاهم فقال: أعظم الله أجركم وأحسن ثوابكم، ورحمه وغفر له، وقال بينه وبين نفسه يخفيه عنهم وأنا أسمع: وأنا على حقي.
(1/340)
802 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا القاضي أبو عبيد علي بن #341# الحسين قال: ثنا زيد بن أخزم قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: قول الرجل أن يكره ولده على طلب الحديث، وقال: ليس الدين بالكلام، إنما الدين بالآثار، وقال: في الحديث عز: من أراد به الدنيا دنيا، ومن أراد به الآخرة آخرة.
(1/340)
803 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي البخاري قال: ثنا إبراهيم بن عبد السلام قال: ثنا أبو حفص الفلاس قال: سمعت عبد الله بن داود يقول: من وضع الباطنية وأدار الكأس سقط عدله في المسلمين.
(1/341)
804 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان الحسن بن عثمان قال: في سنة ثلاث عشرة ومائتين مات عبد الله بن داود الكوفي المعروف بالخريبي، يوم الأحد للنصف من شوال، ويكنى أبا عبد الرحمن، رحمه الله.
(1/341)
أسد بن عمرو القاضي البجلي أبو المنذر
805 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: كتب إلى محمد بن عبد الله بن أبي ثور، يحدثني عن سليمان بن عمران قال: حدثني أسد بن الفرات قال: قال لي أسد بن عمرو: كانوا يختلفون عن أبي حنيفة في جواب المسألة فيأتي هذا الجواب وهذا الجواب ثم يرفعونها إليه #342# ويسألونه عنها، فيأتي الجواب من كثب -أي من قرب- وكانوا يقيمون في المسألة ثلاثة أيام ثم يكتبونها في الديوان.
(1/341)
806 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: كتب إلي ابن أبي ثور: يحدثني عن سليمان بن عمران قال: حدثني أسد ابن الفرات قال: كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلاً، فكان في العشرة المتقدمين: أبو يوسف، وزفر بن الهذيل، وداود الطائي، وأسد بن عمرو، ويوسف بن خالد السمتي، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو الذي كان يكتبها لهم ثلاثين سنة.
(1/342)
807 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: كتب إلي ابن أبي ثور يحدثني قال: أخبرني نوح أبو سفيان قال: قال لي المغيرة بن حمزة: كان أصحاب أبي حنيفة الذين دونوا معه الكتب أربعين رجلاً كبراء الكبراء.
(1/342)
808 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة البصري قال: ثنا عباس بن محمد الدوري.
(1/342)
809 - ح وحدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: سمعت العباس بن محمد بن حاتم الدوري ثم قالا: قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان أسد بن عمرو قد سمع من يزيد ابن أبي زياد، ومن مطرف، ومن ربيعة الراي، ولم يكن به بأس، ولما أنكر بصره ترك القضاء.
(1/342)
#343#
810 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت بكار بن قتيبة القاضي يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: كنت أطوف بالبيت فرأيت هارون الرشيد يطوف مع الناس، فلم يرمل في أشواط الرمل، فلما صار في الأشواط الآخر لحقه خادم فساره بشيء فهم بالرجوع إلى الرمل، فناديته من وراء الناس، إنك إن مضيت يا أمير المؤمنين كان جائزاً، فمضى على طوافه، ولم يلتفت، ثم قصد إلى الكعبة ففتحت له فدخلها ودخل معه جماعة من بني عمه وقواده، فرأيتهم جميعاً قياماً وهو قاعد غير شيخ، فإني رأيته قاعداً معه أمامه، ولم أدر من هو؟ فقلت لبعض من كان معي: من هذا الشيخ؟ فقال لي: هذا أسد بن عمرو قاضيه، فعلمت أنه لا مرتبة بعد الخلافة أجل من القضاء، ثم خرج هارون فسار في موكبه ومن كان معه إلا أسد بن عمرو فإنه سار وحده.
(1/343)
811 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي عن أسد بن عمرو فقال: صدوق، وأبو يوسف صدوق.
(1/343)
812 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ناولني عيسى بن روح، وقال: سمعته من سليمان بن عمران، عن أسد ابن الفرات، عن محمد بن الحسن، عن أسد بن عمرو، عن أبي حنيفة في أكل لحم العقعق قال: لا بأس به، قال أسد بن الفرات: ثم سألت أسد بن عمرو فحدثني به عن أبي حنيفة.
(1/343)
813 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن هارون #344# الجسري قال: ثنا أيوب بن إسحاق بن سافري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو يوسف القاضي وأسد بن عمرو ثقتان.
(1/343)
814 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أسد بن عمرو لا بأس به، أنكر عينه وهو على القضاء، فأعطاهم القمطر وقال: قد أنكرت عيني، لا والله، لا أقضي لكم، ثم قال يحيى: رحمه الله، وفي موضع آخر قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عافية بن يزيد القاضي ثقة، وأسد بن عمرو ثقة، وعافية هذا من أصحاب أبي حنيفة رحمة الله عليهم أجمعين.
(1/344)
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني
815 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني محمد بن حماد مولى بني هاشم قال: ثنا محمد بن سليمان قال: قال يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعمرو بن ثابت: ما رأينا أحداً ترك علم أبي حنيفة تورعاً.
(1/344)
816 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بكر محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا هناد بن السري قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أنبأ ابن جريج، عن عطاء قال: إن ذبح متمتع يوم النحر ذبيحةً ولم يجعلها لمتعته حتى علم بعد أن عليه متعة فليجعلها للمتعة.
قال يحيى بن أبي زائدة: وسألت أبا حنيفة عن هذا، فقال: لا يجزيه من #345# هدي المتعة، وبقول أبي حنيفة نأخذ.
(1/344)
817 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن علي بن داود قال: ثنا الحارث بن سريج قال: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: ما يخالفني بالكوفة أحد أشد علي من ابن أبي زائدة.
(1/345)
818 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن هارون الجسري قال: ثنا أبو جعفر الحداد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول: قولوا لأهل الكوفة: يجونا بمن شاؤوا، ويدعون بحيى بن زكريا بن أبي زائدة، قال أبو جعفر: قلت ليحيى بن معين: وما شأنه؟ قال: ما غلظ قط إلا في حديث واحد ثم رجع عنه.
(1/345)
819 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وثنا أحمد بن محمد بن هارون قال: ثنا أيوب بن إسحاق بن سافري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وعلي بن مسهر ثقتان.
(1/345)
820 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان يحيى بن زكريا بن أبي زائدة كيساً، ولا أعلمه أخطأ إلا في حديث واحد حدث به عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن قبيصة، قال: قال عبد الله: ما أحب أن يكون موذنيكم. وإنما هو: عن واصل، عن قبيصة.
(1/345)
821 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا هناد بن السري قال: ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال: أنبأ يحيى #346# ابن سعيد وابن جريج، عن نافع قال: غدوت مع ابن عمر وهو يريد أن يشتري بدنة، فرأى ناقة كوماء عظيمة السنام، فقال لي: أنظر ما سن هذه الناقة؟ فنظرت فقلت: شارف جمعاء، قال: أظنها والله جذعة، فجاء فنظر فإذا هي جذعة، فلم يبتاعها، قال يحيى بن أبي زائدة: وسألت أبا حنيفة عن الجذعة من البدن: الإبل والبقر، فقال: لا يجزئ الجذع من البدن، ولا من المعز، ولا بأس بالجذع من الضان في الأضحية والمتعة وكل هدي إذا كان عظيماً، قال يحيى بن أبي زائدة: وبقول أبي حنيفة نأخذ.
(1/345)
822 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زكريا بن أبي زائدة هو زكريا بن ميمون بن فيروز، ومات يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وهو ابن ثلاث وستين.
(1/346)
823 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا عبد الله بن أحمد الربعي قال: ثنا جعفر بن محمد الطيالسي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: مات يحيى بن زكريا بن أبي زائدة في سنة ثلاث وثمانين ومائة.
(1/346)
824 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: أخبرني محمد بن سعدان، عن أبي حسان الحسن بن عثمان قال: مات يحيى بن زكريا بن أبي زائدة الهمداني من وادعه ويكنى أبا سعيد، سنة ثلاث وثمانين ومائة وهو ابن ثلاث وستين سنة، مات بالمدائن وهو قاضيها.
(1/346)
#347#
يوسف بن خالد السمتي أبو خالد
825 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت بكار بن قتيبة القاضي يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: سمعت يوسف بن خالد السمتي يقول: كان سبب لزومي أبا حنيفة: أني كنت يوماً بالكوفة على باب الأعمش، وكانت لي مسائل أعاني بها أصحاب الحديث، فكلمني رجل منهم فسألته عن بعض تلك المسائل، فقال لي: هاهنا من هو أعلم بهذه المسائل منك، قلت: من هو؟ قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، قال: وما سمعت بذكره قبل ذلك الوقت، قلت: وأين ينزل؟ قال: في بني حرام، فأتيت بني حرام فوجدته إمامهم وهو يصلي بهم العصر، فلما صلى انحرف، فسألته عن تلك المسائل التي كانت معي، فجعل يجيبني فيها حتى نفدت، وكان والله أعلم بما في قلبي مني بها، فقلت له: أنت صاحبي وأخبرته خبري، فأقمت عليه حتى كنت أمر بنادي القوم، فمن كثرة مروري بها صاروا لي أصدقاء، ثم توفوا فصار أولادهم لي أصداقاء، ثم استأذنته في الرجوع إلى أهلي بالبصرة، فأذن لي.
(1/347)
826 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت بكار بن قتيبة يقول: قال يحيى بن أكثم: كل كتاب -يعني من الشروط- يرد علي فهو عيال غير كتاب يوسف بن خالد، فإنه إذا ورد علي كنت عيالاً عليه.
(1/347)
#348#
827 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت بكار بن قتيبة يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: سمعت يوسف بن خالد يقول: غبت غيبة، ثم قدمت فلقيت أبا حنيفة وهو يصلي وعنده زفر وأبو يوسف، فسألني أبو يوسف عن مسألة، فأجبته فيها بقول حفظته عن أبي حنيفة، فخطأني فقلت له: سمعته من أبي حنيفة، فقال لي: قال أبو حنيفة غير هذا، فاستعنت بزفر، فأجاب فيها بقول أبي يوسف فانقطعت، فلما فرغ أبو حنيفة من صلاته سألته: فأجابني بخلاف قولهما جميعاً.
(1/348)
828 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وسمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول: سمعت الشافعي يقول: كان يوسف بن خالد رجلاً من الخيار، في حديثه ضعف.
(1/348)
829 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا بكار بن قتيبة القاضي قال: ثنا هلال بن يحيى، ثنا يوسف بن خالد السمتي قال: أتيت أبا حنيفة فأقمت عنده ثم استأذنته في الرجوع إلى البصرة، فقال لي: إنك تقدم على قوم لم يعنوا بهذا الأمر عنايتك -يعني الفقه- فإن ذكرتني لهم وأردتهم على قبول قولي سبوني، ولكن أذكر أقوالي فإذا استحسنوها ذكرتني لهم حينئذ.
(1/348)
830 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت بكار بن قتيبة يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: قلت ليوسف ابن خالد السمتي: لم فرق أبو حنيفة بين التولية والمرابحة؟ فقال لي: لأنه جعل التولية نقل بيع، لأنها بالثمن الأول، فكأن البائع نقل إلى المولي ما ملكه #349# بحق البيع بما ملكه من الثمن، وجعل المرابحة بيعاً ثابتاً إذ كانت بثمن غير الثمن الأول.
(1/348)
831 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أبا خازم القاضي يقول: حدثني أصحابنا، عن يوسف بن خالد، عن أبي حنيفة: أنه كان يقول في النكول عن اليمين: لا أقضي به، ولكن أحبس الناكل حتى يحلف أو يقر، قال: ثم رجع عن ذلك فقال: أقض به.
(1/349)
832 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا الحجاج بن عمران، ثنا هلال بن يحيى قال: أنبأ يوسف بن خالد، عن أبي حنيفة في رجل قال: قد أوصيت بثلث مالي في بني فلان وله بنون وبنات: إن الثلث لهم جميعاً، وهم فيه سواء.
(1/349)
833 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول: قال محمد بن المثنى: مات يوسف بن خالد السمتي سنة تسع وثمانين ومائة.
(1/349)
أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عبيد الله بن مروان الشيباني
834 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: سمعت محمد بن مروان الخفاف يقول: #350# سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول: قال محمد بن الحسن: بلغني أن داود الطائي كان يسأل عني وعن حالي، فإذا أخبر بذلك قال: إن عاش فسيكون له شأن.
(1/349)
835 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أبي يقول: سمعت إدريس بن يوسف القراطيسي يقول: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: ما رأيت أعلم بكتاب الله عز وجل من محمد بن الحسن، كأنه عليه نزل.
(1/350)
836 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وسمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن داود بن موسى المكي يقول: سمعت حرملة بن يحيى يقول: سمعت الشافعي يقول: ما سمعت أحداً قط كان إذا تكلم رأيت أن القرآن نزل بلغته غير محمد بن الحسن، ولقد كتبت عنه حمل جمل بختي ذكر، قال: وإنما ذكرت البختي الذكر، لأنه يحمل أكثر مما يحمل غيره من الإبل.
(1/350)
837 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو معمر محمد بن أحمد بن خزيمة قال: ثنا عباس بن محمد الدوري، ح وحدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت عباس بن محمد الدوري ثم قالا: سمعت يحيى بن معين يقول: كتبت الجامع الصغير عن محمد بن الحسن.
(1/350)
838 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة #351# قال: ثنا أبو خازم القاضي قال: سمعت بكراً العمي قال: سمعت محمد بن سماعة يقول: كان محمد بن الحسن قد انفلع قلبه من فكره في الفقه، حتى كان الرجل يسلم عليه فيدعو له محمد، فيزيده الرجل في السلام، فيرد عليه ذلك الدعاء بعينه الذي ليس من جواب الزيادة في شيء، قال أبو جعفر: فحدثني أبو خازم القاضي قال: حدثني ابن بنت محمد بن الحسن قال: قلت لأمي: صفي ما كان جدي يعمل في منزله؟ قالت: كان والله يا بني يكون في هذا البيت وحوله الكتب، ما كنت أسمع له كلمة غير أني كنت أراه يشير بحاجبه وإصبعه.
(1/350)
839 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت محمد بن شاذان يقول: سمعت الأخفش النحوي يقول: ما وضع شيء لشيء قط فوافق ذلك الشيء إلا كتاب محمد بن الحسن في الأيمان، فإنه وافق كلام الناس.
(1/351)
840 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت إبراهيم بن أبي داود يقول: سمعت يحيى بن صالح الوحاظي يقول: حججت مع محمد بن الحسن، فلما كنا بمنى رأيت خالد بن عبد الله، فكنت في مجلسه فازدحم عليه أصحاب الحديث حتى آذوه، فقال: عسى لو سئل هؤلاء عن مسألة من الفقه ما عرفوا الجواب فيها، فقلت له: أصلحك الله فسلهم، عسى أن يكون فيهم من ليس كذلك، فسأل عن مسألة، فأجبته أنا فيها فاستحسن جوابي، وقال لي: ممن تعلمت هذا، فقلت: من محمد بن الحسن، وهو حاج معك، قال: فقال لي: إذا فرغنا فامض بي إلى مضربه حتى #352# أسلم عليه، فلما فرغنا مضيت معه إلى محمد بن الحسن، فلما رآه محمد قام إليه وأعظمه.
(1/351)
841 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول: سمعت محمد بن شجاع قال: سمعت المعلى بن منصور الرازي يقول: كان محمد بن الحسن إذا خبر أن قوماً يذكرون أصحاب أبي حنيفة بسوء تمثل بهذا البيت:
محسدون وشر الناس منزلة ... من عاش في الناس يوماً غير محسود
(1/352)
842 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا مالك الحسن بن محمد بن أبي مالك -إن شاء الله- يقول: سمعت إسماعيل بن يحيى المزني يقول: وقال له رجل: قال محمد، فقال له: من محمد؟ قال: ابن الحسن، فقال: مرحباً بمن يملأ الأذن سمعاً، والقلب فهماً، ثم قال: ما أنا قلته، الشافعي قاله.
(1/352)
843 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن سماعة يقول: كان محمد بن الحسن كثيراً ما يتمثل بهذا البيت:
محسدون وشر الناس منزلة ... من عاش في الناس يوماً غير محسود
(1/352)
844 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت محمد بن سنان الشيزري يقول: سمعت عيسى بن سليمان يقول: لما قدم يحيى بن أكثم مع المأمون يريد مصر، لقي يحيى بن صالح الوحاظي، فقال له: يا أبا زكريا، وأراد أن يستيقظه ويعرف مقداره، أيما كان #353# أكثر تيقظاً مالك بن أنس، أو محمد بن الحسن؟ فقال له يحيى بن صالح: كان محمد بن الحسن نائماً مستثقلاً أيقظ من مالك جالساً مجتمعاً.
(1/352)
845 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت فهد بن سليمان يقول: سمعت يحيى بن صالح الوحاظي يقول: سمعت محمد بن الحسن يقول في الاستطابة بالثلاثة الأحجار: إنما أريد بها التيقن للنظافة، وذاك أنها تكون بعد إزالة النجاسة.
(1/353)
846 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن أبي عمران قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن بكر الطبري قال: سمعت معلى بن منصور يقول: لقيني أبو يوسف بهيئة القضاء، فقال لي: يا معلى، من تلزم اليوم؟ قلت: محمد بن الحسن، فقال: ألزمه فإنه أعلم الناس، قال: ثم لقيني بعد ذلك فقال لي يا معلى، من تلزم اليوم؟ قلت: محمد، قال: ألزمه فإنه من أعلم الناس، فحطه من المرتبة الأولى إلى الثانية.
(1/353)
847 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا أحمد بن أبي عمران قال: سمعت محمد بن سماعة يقول: كنت لا أكتب نوادر محمد بن الحسن، فرأيته فيما يرى النائم كأنه ينفث الحديد، فذكرت ذلك لبعض أهل العلم بالرؤيا، فقال لي: هذا رجل يتكلم بالحكمة، فإن أمكنك أن لا يفوتك شيء من كلامه فافعل، فكتبت النوادر من ذلك الوقت.
(1/353)
848 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة #354# قال: سمعت أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي يقول: سمعت بكر ابن محمد العمي، قال: سمعت محمد بن سماعة يقول: كنا مع محمد بن الحسن في دار هارون الرشيد، فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا هارون أمير المؤمنين، فقام الناس إليه جميعاً على أقدامهم غير محمد بن الحسن، فإنه ما برح من مكانه، فجعل هارون ينظر إليه، فلما دخل أذن له دون الناس، فقلت في نفسي: أراه أراد أن يخلو بعقوبته على تركه القيام إليه، ثم خرج محمد فاتبعته إلى منزله، فسألته عن حاله، فقال: قال لي لما دخلت عليه: إني عزمت على قتل مقاتلة بني تغلب وأن أسبى ذراريهم، فقلت: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟ وقد صالحهم عمر بن الخطاب على ما صالحهم عليه، فقال لي: إن عمر إنما كان صالحهم على أن لا يصبغوا أولادهم يعني غمسهم في المعمودية، وقد صبغوا الأولاد، فخرجوا بذلك من الأمان، فقلت: إن عمر قد أقرهم بعد صبغهم الأولاد على أمانهم، فدل ذلك أنه قد كان أمضى لهم أمانهم بلا شريطة عليهم فيه، فقال لي: إن عمر إنما كان ترك قتالهم بعد ذلك لقصر المدة، فقلت له: إن المدة وإن قصرت بعد ذلك، فإنه قد كان بعده إماماً عدل طالت مدتهما فلم يهيجوهم عثمان وعلي رضي الله عنهما، فدل ذلك على أنهما قد كانا أمضيا لهم الصلح بلا شريطة عليهم فيه، فقال لي: أخرج، قال: وحضرت هارون يوماً بعث إلى محمد بن الحسن والحسن بن زياد، فدخلا عليه وأنا حاضر، وأتى برجل من آل أبي طالب يقال له: يحيى بن عبد الله بن حسن ابن حسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، فجعل على نطع، وعلى رأسه #355# رجل في يده سيف، والطالبي يناشد، وقد كان هارون أمنه، فأمر بكتاب أمانه فدفع إلى محمد بن الحسن، فقرأه محمد ثم نادى بأعلى صوته: يا أمير المؤمنين، هذا أمان صحيح، ودم الرجل حرام، فتغير وجه هارون، ثم أمر بالكتاب فدفع إلى الحسن بن زياد، فقرأه، ثم قال بكلام خفي: هذا أمان صحيح، فبينا نحن كذلك إذ دخل أبو البختري وهب بن وهب، فأخذ الكتاب من غير أن يؤمر بذلك فقرأه، ثم أخرج سكيناً من خفه فقطعه بها، ثم قال: يا أمير المؤمنين، ما هذا بأمان جائز، دم هذا الرجل حلال، أقتله ودمه في عنقي، فقتل الرجل، فالتفت هارون إلى محمد بن الحسن، فقال له: إني لأعلم أن الذي يقوي عزم هؤلاء في الخروج علينا أنت وأمثالك، ثم رماه بدواة في يده فشجه، فتسايلت الدماء على وجهه، ثم أمر هارون ألا يستفتى، وجعل للناس عبد الرحيم يفتيهم، ثم رجع هارون لمحمد، قال: وأمر هارون أن تفتش كتب محمد بن الحسن خوفاً أن يكون فيها شيء مما يحض الطالبين على الخروج، فقال لي محمد: يا أبا عبد الله، الله الله في أمري، أحب أن تسبق إلى منزلي، فتحفظ كتبي، لأن لا يلقي فيها ما ليس منها، ففعلت وفتشت كتبه، فلم يوجد فيها شيء إلا فضائل علي عليه السلام مجموعة، فأتي بها إلى هارون الرشيد، فقال: عندنا أكثر من هذا، قال أبو جعفر: فسمعت بكار بن قتيبة يحدث بهذا الحديث عن هلال بن يحيى عن محمد بن الحسن، ويزيد فيه: إن هارون التفت إلى محمد ابن الحسن فقال: هذا أمان لم أكتبه، إنما أمرت من يكتبه، فما تقول في رجل حلف ألا يكتب كتاباً فأمر غيره فكتبه؟ فقال محمد: إن كان هذا الحالف من العامة لم يحنث حتى يتولى ذلك بنفسه، وإن كان سلطاناً حنث، لأن كتاب السلطان هو ما كتب بأمره، قال: فبذلك اشتد غيظ هارون عليه، وفعل به ما فعل.
(1/353)
#356#
قال أبو جعفر: وقال أبو خازم في حديثه: قال بكر: قال ابن سماعة: فلما أمر هارون بقتل الطالبي قال له: يا هارون، يقول لك محمد بن الحسن والحسن بن زياد وهما فقيها الدنيا: هذا أمان صحيح، فلا تقبل منهما، ويقول لك هذا الكذاب المدعي: هو أمان فاسد فتقبل منه وتأمر بقتلي، قال أبو جعفر: فحدثني أحمد بن سهل بن عبد العزيز هذا الحديث: عن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن، عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، قال: أنا حاضر هذا كله من هارون، ومن محمد بن الحسن، وزاد: فلما خرج محمد جعل يبكي حتى كثر بكاؤه، فقلت له: أتبكي هذا البكاء من أجل هذه الشجة؟ فقال: لا والله ما من أجلها أبكي، ولكني أبكي لتقصيري، فقلت له: وأي تقصير كان منك، وقد قمت مقاماً ليس لأحد مثله على وجه الأرض ولا أشرف منه، فقال: قد كان ينبغي لي لما قال أبو البختري ما قال، أن أقول له: من أين قلت ذلك؟ حتى أقيم عليه الحجة بفساد ما قال.
(1/356)
849 - قال أبو جعفر وسمعت أبا خازم يحدث: عن بكر العمي، عن محمد بن سماعة قال: إنما كان سبب مخالطة محمد بن الحسن السلطان: أن أبا يوسف شوور في رجل تولى قضاء الرقة، فقال لهم: ما أعرف لكم رجلاً يصلح لها غير محمد بن الحسن، وهو بالكوفة، فإن شئتم فاشخصوه، قال: فبعثوا إليه فأشخصوه، فلما قدم جاء إلى أبي يوسف فقال: ما السبب الذي أشخصت من أجله؟ فقال له: شاوروني في قاضي الرقة، فأشرت بك، #357# وأردت بذلك معنى أن الله جل وعز قد بث علمنا هذا بالكوفة والبصرة وجميع المشرق، فأحببت أن تكون بهذه الناحية ليبث الله عز وجل علمنا بك بها وبما بعدها من الشامات، فقال له محمد: سبحان الله! أما كان لي في نفسي من المنزلة، ما أخبر بالمعنى الذي من أجله أشخص قبل ذلك، فقال له أبو يوسف: هم أشخصوك، ثم أمره أبو يوسف بالركوب فركبا جميعاً حتى دخلا على يحيى بن خالد بن برمك، فرفع يحيى أبا يوسف إلى جنبه وقعد محمد دونه، فقال أبو يوسف ليحيى: هذا محمد، فشأنكم به، فلم يزل يخوف محمداً حتى ولي قضاء الرقة، وكان ذلك سبب فساد الحال بين أبي يوسف ومحمد.
(1/356)
850 - قال أبو جعفر: فسمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت الطبري يقول: قال لي حميد ابن العباس -وكان هذا من كبراء أصحاب محمد بن الحسن وفقهائهم-: كانت الحلقة في المسجد يوم الجمعة ببغداد لبشر بن الوليد، فلم يزل كذلك ونحن نجالسه فيها حتى قدم محمد بن الحسن علينا، فأتيناه فكنا نتعلم منه مسائله هذه، ثم نأتي بشر بن الوليد فنسأله عنها، فنؤذيه بذلك، فلما كثر ذلك عليه ترك لنا الحلقة وقام عنها.
(1/357)
851 - قال أبو جعفر: فسمعت ابن أبي عمران يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن الحسن بن أبي مالك يقول: رأيت بشر بن الوليد يوماً عند أبي، وقد ذكر محمد بن الحسن فنال منه، فقال له أبي: لا تفعل يا أبا الوليد، ثم قال له: هذا محمد قد صار له في يد الناس ما صار من هذه الكتب التي فيها مسائله التي ولدها وعملها، فنحن نرضى منك: أن تتولى لنا وضع سؤال مسألة، وقد أعفاك الله عز وجل من جوابها.
(1/357)
#358#
852 - قال أبو جعفر فسمعت ابن أبي عمران يحدث عنه أو عن ابن الثلجي قال: كانوا إذا قرأوا على الحسن بن أبي مالك مسائل محمد بن الحسن هذه قال: لم يكن أبو يوسف يدقق هذا التدقيق الشديد.
(1/358)
853 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت إبراهيم بن أبي داود يقول: سمعت يحيى بن صالح الوحاظي يقول: حججت مع محمد بن الحسن، وقلت له: حدثني بكتابك في كذا لكتاب من كتبه في الفقه، فقال لي: ما أنشط له، فقلت: أنا أقرأه عليك، فقال لي: أيهما أخف عندك على: قراءتي إياه عليك، أو قراءتك علي: قلت: قراءتي عليك، فقال لي: لا، قراءتي إياه عليك أخف علي، لأني إذا قرأته عليك إنما أستعمل بصري ولساني لا غير ذلك، وإذا قرأت أنت علي استعملت بصري وذهني وسمعي فذاك أثقل علي.
(1/358)
854 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو محمد القاسم بن جعفر ابن محمد البصري.
(1/358)
855 - ح حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وثنا أبو جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة قالا: ثنا سليمان بن شعيب الكيساني قال: ثنا أبي قال: أملى علينا محمد بن الحسن قال: إذا اختلف الناس في مسألة، فحرم فقيه وأحل آخر، وكلاهما يسعه أن يجتهد رأيه، فالصواب عند الله عز وجل واحد، حلال أو حرام، ولا يكون عنده حلال وحرام، وهو شيء واحد، ولكن الصواب عنده واحد عز وجل، وقد كلف من وسعه اجتهاد الرأي إلى أن يجتهد رأيه حتى يصيب الحق الذي عنده في رأيه، فإن أصاب الحق الذي هو عند الله عز وجل #359# في رأيه واجتهاده وسعه ذلك، وكان قد أصاب ما كلف وأداه، وإن كان قد أصاب ما كلف من اجتهاده في رأيه، ولم يصب الحق عند الله عز وجل بعينه فقد أدى ما كلف وكان مأجوراً، فأما أن يقول قائل: قد أحل فقيه وحرم فقيه في فرج واحد، وكلاهما صواب عند الله عز وجل، فهذا ما لا ينبغي أن يتكلم به، ولكن الصواب عند الله عز وجل واحد، وقد أدى القوم ما كلفوا حين اجتهدوا، وقالوا باجتهادهم ووسعهم الذي فعلوا، وإن كان أحدهما قد أخطأ الذي كان ينبغي أن يقول به، إلا أنه قد اجتهد فقد أدى ما كلف، وإن كان أخطأ، لأن الصواب عند الله عز وجل في الأشياء كلها واحد، وهذا كله قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقولنا.
(1/358)
856 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا محمد بن الحسن بن مرداس الأيلي قال: سمعت محمد بن شجاع يقول: مثل محمد بن الحسن في الجامع الكبير كرجل بنى داراً، فكان كلما علاها بنى مرقاة يرقي منها إلى ما علاه من الدار، حتى استتم بناها كذلك، ثم نزل عنها وهدم مراقيها ثم قال للناس: شأنكم فاصعدوا.
(1/359)
857 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت الطبري يقول: قال إسماعيل ابن حماد بن أبي حنيفة: كان محمد بن الحسن يبكر إلى مجالس الحديث، ونبكر نحن إلى أبي يوسف، فيجيء محمد وقد مضت المسائل، ونحن نتحدث فيعيد عليه أبو يوسف ما يمضي، فجاء يوماً ونحن نتحدث فسأله أبو يوسف عن مسألة مرت من المناسك فأجاب فيها بخلاف ما مضى، فقال له أبو يوسف: ليس هذا #360# الجواب، فتنازعا فيها، فقال محمد لأبي يوسف: ليس هذا قوله إلى أن دعا بالكتاب، فإذا الجواب كما قال محمد بن الحسن، فقال أبو يوسف: هكذا يكون الحفظ، فقال الحسن بن زياد: ما له -جزاه الله- إنما هو مثل الدابة إذا غضب عليها الصبي استرضته.
(1/359)
858 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: قال: محمد بن سماعة سألت محمد بن الحسن عن تفسير قوله: في الجامع الكبير في شاهدين شهدا على شهادة شاهدين، وشاهدين على شهادة شاهدين آخرين على رجل لرجل بمال: فقضى القاضي بذلك عليه، ثم رجع واحد من هذين وواحد من هذين: أن على الراجعين ضمان ثمنين ونصف من المال، فقال: ما أدري ما تفسيره الآن، غير أني لم أقله إلا على حقيقة وبحجة، فقلت لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة: ما تفسير هذا؟ قال: والله ما أدري.
(1/360)
859 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: قال محمد بن الحسن: علمنا هذا لا يصلح إلا بثلاث خصال: أن يكون الرجل مشتهياً له، ذكياً مكفياً، وابني عبيد ذهن مكفى غير مشتهى.
(1/360)
860 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول: سمعت أبا خازم القاضي يقول: قال لي عبد الرحمن بن نابل: ما جالس عيسى بن أبان محمد بن الحسن إلا أحد عشر شهراً، وتوفي عيسى بن أبان سنة عشرين ومائتين.
(1/360)
#361#
861 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت سليمان بن شعيب يقول: سمعت علي بن معبد بن شداد يقول: لما أدخلت على المأمون قال لي: يا علي، قد بلغتنا عنك أحوال جميلة، وقد رأيت أن أوليك قضاء مصر، فقلت: يا أمير المؤمنين، إني أضعف عن ذلك، فقال لي: فاستعن بأخيك، فقد قيل لي: أن معه فضل وعلم كما استعنت أنا بأخي هذا، فالتفت فإذا المعتصم قائم، فأدارني فلم أجبه، فتبينت الغيظ في وجهه، فقلت: إن لي يا أمير المؤمنين حرمة، فقال لي: وأي حرمة لك؟ قلت: بسماعي معه العلم ومجالستي معه أهله، منهم محمد بن الحسن، فقال لي: ومن أين كنت أنت تصل إلى محمد بن الحسن؟ فقلت: بأبي معبد بن شداد، فأطرق طويلاً، ثم رفع رأسه فقال: أبوك معبد بن شداد؟ قلت: نعم، قال: إنه كان من طاعتنا على غاية، فلم لا تكون مثله، ثم خرجت من عنده.
(1/361)
862 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو عبد الله أحمد بن الفتح بن حفص المغربي قال: ثنا سليمان بن عمران وأحمد بن محمد بن قادم وأبو المنهال أحمد بن إسحاق ومحمد وعبد الله ابنا وهب قالوا جميعاً: قال أسد بن الفرات: وقف رجل من أهل النحو من أكابرهم على محمد بن الحسن، وعنده أصحابه، فقال له: يا أبا عبد الله، ما تقول: في المقرأ مما يجوز في النحو، ولا يغير الهجاء، أيقرأ به في كتاب الله عز وجل؟ فقال له محمد بن الحسن: مالم يقرأ به أحد من السلف؟ فقال الرجل: لا، فقال له محمد: لا يقرأ به.
(1/361)
863 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: سمعت محمد بن شجاع يقول على #362# انحرافه عن محمد بن الحسن: ما وضع في الإسلام كتاب في الفقه مثل جامع محمد بن الحسن الكبير.
(1/361)
864 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وسمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كان حرب أبو الحسن بن حرب يجئ بابنه الحسن فيجلسه في مجلس محمد بن الحسن، فقيل لحرب: لم تفعل هذا وأنت نصراني وهو على غير دينك؟ قال: أعلم ابني العقل، ثم أسلم، ولزم الحسن بن حرب محمد بن الحسن، وكان من جلة أصحاب محمد، وهم بالرقة آل الحسن بن حرب.
(1/362)
865 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: حدثني أحمد بن علي بن مصعب قال: سمعت الحسن بن حماد الحضرمي سجادة يقول: سمعت محمد بن الحسن يقول في رجل نبش بعد ما دفن، قال: أقول لابنه: اتق الله عز وجل ووار أباك، ولا أجبره على ذلك، قال أبو جعفر: وقد حكى هذا محمد بن سماعة عن محمد بن الحسن.
(1/362)
866 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وسمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: كان محمد بن الحسن إذا تقدم إليه الرجل يدعى وصاية من رجل قال له: هل أوصى إليك قبلها؟ فإن قال: نعم، قال: أنت خائن، وإن قال: لا، قال: أنت محبن، ثم يقول: والله لقد أوصت إلي والدتي فما قمت فيها كما يجب.
(1/362)
867 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن الفتح بن حفص قال: ثنا أحمد بن محمد بن قادم قال: ثنا هشام بن معدان قال: قال لنا محمد بن #363# الحسن: كل نكاح كان بغير شهود فليس بنكاح، وكل نكاح كان بشاهدي عدل سراً أو علانية فهو نكاح جائز، وإنما نكاح السر ما كان بغير شهود.
(1/362)
868 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: كتب إلي أبو بكر الرازي من مكة يخبرني عن موسى بن نصر: عن هشام بن عبيد الله الرازي قال: قال لي محمد ابن الحسن: رأيتك تطوف ولم تضطبع، وقد جاء: أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف الثلاثة الأشواط وهو مضطبع يرمل، قلت: وكيف الإضطباع فإذا هو قد لبس ملاته لبسة الصماء؟ قلت: هذه لبسة الصماء، قال: إنما الصماء أن يفعل هذا على غير إزار، فإذا كان عليك إزار فليست بصماء.
(1/363)
869 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت أبي محمد بن سلامة يقول: سمعت محمد بن علي بن معبد بن شداد العبدي يقول: سمعت أبي يقول: قدمت الرقة ومحمد بن الحسن قاض عليها، فأتيت بابه فاستأذنت عليه فحجبت عنه، فانصرفت وأقمت بالرقة مدة لا آتيه، فبينا أنا في يوم من الأيام في بعض طرقاتها إذ أقبل محمد بن الحسن على دابته بهيئة القضاء، فلما رآني أقبل علي واستبطأني ووكل بي من يصير بي إلى منزله، فلما جلس في منزله أدخلت عليه، فقال لي: ما الذي خلفك عني مذ قدمت؟ فقد بلغني أنك هاهنا، فقلت له: أتيت منزلك فحجبت عنك، وإنما أتيتك كما كنت آتيك وأنت غير قاض، فساءه ذلك وغمه، فقال لي: أي حجابي حجبك؟ فظننت أنه يريد عقوبته فلم أخبره به، فقال لي: فإذا لم تفعل فإني أنحيهم كلهم، فقلت له: إذن تظلم من لم يحجبني، قال: فدعاهم جميعاً وقال لهم: لا يد لكم على أبي محمد في حجبه عني ثم التفت إلي فقال: إذا #364# جئت إلينا فلا يكون بيني وبينك إلا الستر الذي يستر الناس عني فتنحنح حينئذٍ أو سلم فإن كنت على حال يتهيأ لك الدخول فيها أذنت لك بنفسي وإن كنت على غير ذلك أمسكت فانصرفت فكنت آتيه بعد ذلك والناس على بابه فأتخاطهم وأتخطا حجابه حتى أصل إلى ستره فأتنحنح وأسلم فيقول لي: أدخل يا أبا محمد فأدخل، أو يمسك فأنصرف.
(1/363)
870 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أبو غسان عبد الله بن محمد ابن يوسف المكي قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: ح وحدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت الشافعي محمد بن إدريس يقول: قال محمد بن الحسن: أقمت على مالك ثلاث سنين، وسمعت منه سبع مائة حديث ونيفاً لفظاً، قال: وكان محمد بن الحسن إذا حدثهم عن مالك بن أنس امتلأ منزله وكثر الناس عليه حتى يضيق بهم الموضع، وإذا حدث عن غير مالك لم يأته إلا اليسير، فكان يقول: ما أعلم أحداً أسوأ ثناءً على أصحابه منكم، إذا حدثتكم عن مالك ملأتم علي الموضع، وإذا حدثتكم عن أصحابكم إنما تأتون متكارهين.
(1/364)
871 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا بشر يحكي: أن مالك ابن أنس قال يوماً وعنده أصحاب الحديث: ما يأتينا من ناحية المشرق أحد فيه معنى، وكان في الجماعة محمد بن الحسن، فوقعت عينه عليه فقال: إلا هذا الفتى.
(1/364)
#365#
872 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: قال محمد بن سماعة: سمعت محمد ابن الحسن يقول: هذا الكتاب -يعني كتاب الحيل- ليس من كتبنا، إنما ألقي فيها، قال ابن أبي عمران: إنما واضعه إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة.
(1/365)
873 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا القاسم البغدادي المعروف بالبشار يقول: قالت امرأة لزوجها: عبدها حر إن لم يكن الذي منها -تعني فرجها- أحسن من الذي منك، فقال لها الزوج: أنت طالق إن لم يكن الذي منه أحسن من الذي منك، فسئل محمد بن الحسن عنها، فقال: إن كانا قائمين فقد برت يمين المرأة، وحنث الرجل، وإن كانا جالسين فقد بر الرجل وحنثت المرأة في يمينها.
(1/365)
874 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: ثنا أحمد بن الفتح بن حفص قال: ثنا محمد وعبد الله ابنا وهب، عن أسد بن الفرات، عن محمد بن الحسن وقيل له: ما تقول في أحدب تكبيره لافتتاح الصلاة كتكبيره للركوع لا فرق بينهما في استطاعته؟ صلى برجل قائم الظهر تكبيره للافتتاح فوق تكبيره #366# للركوع؟ فقال محمد: أجزت للأحدب صلاته، ولم تجز للذي ايتم به، وعليه أن يعيد الصلاة.
(1/365)
875 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة قال: سمعت يونس بن عبد الأعلى يقول: قال الشافعي: كان محمد بن الحسن إذا قعد للمناظرة في الفقه أقعد معه حكماً بينه وبين من يناظره، فيقول لهذا: زدت، ولهذا: نقصت، قال لنا أبو جعفر: فقال لنا أبو العباس الأبلي: كان ذلك الرجل أبو موسى عيسى بن مردان.
(1/366)
876 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أبو بشر الدولابي قال: ثنا عبد الواحد بن شعيب بن سليمان بحمص قال: ثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال: سألت محمد بن الحسن عن رجل صلى خلف يهودي ثم علم أنه يهودي؟ قال: لا يعيد.
(1/366)
877 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: كتب إلى أبو بكر الرازي محمد بن أحمد بن العباس يخبرني: عن موسى بن نصر، عن هشام بن عبيد الله، عن محمد بن الحسن قال: سألني هارون الرشيد أمير المؤمنين عن رجل حلف ألا يكتب إلى فلان، فأمر غيره فكتب، فقلت: إن كان هذا من سلطان لا يكاد يكتب فهو حانث.
قال: وقال محمد بن الحسن: سأل هارون أبا يوسف عن رجل حلف ألا يقرأ لفلان كتاباً، فنظر في كتابه حتى أتى على آخره ولم ينطق به، فقال أبو يوسف: لا يحنث قال هشام: قال محمد: ولا أرى أنا ذلك، ثم ندم فلم يزدني على ذلك.
(1/366)
#367#
878 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وكتب إلي أبو بكر محمد بن أحمد ابن العباس الرازي يخبرني: عن موسى بن نصر، عن هشام بن عبيد الله الرازي قال: خرجنا مع محمد بن الحسن من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما أتى ذا الحليفة تنحى عن الناس ناحية قريباً من مسجدها، فنزل ونزلنا معه، وذلك قبيل الظهر، فتنحى عنا أظنه لوضوئه وغسله، ثم لبس إزاراً ورداء، وحضرت الظهر فمشى ومشينا معه، حتى أتى مسجدها، فصلى بنا الظهر ركعتين، ولبى ولبينا معه، وقرن بين الحج والعمرة، ثم مضى إلى رحله وهو يلبي، وقد كان ساق هديه معه من المدينة وهو حلال، حتى إذا أحرم بذي الحليفة ولبى أمر الجمال فأشعر هديه وهي بدنة بسكين، ومحمد قائم ينظر إليه حتى أشعرها من الجانب الأيسر فوق الكتف في أصل مقدم السنام أسفل السنام حتى أظهر الدم وجللها.
(1/367)
879 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن الحسن الكرخي قال: حدثني محمد بن علي السكيني قال: حدثني أبو خازم القاضي: أن هارون الرشيد لما دفن محمد بن الحسن الشيباني الفقيه، وعلي بن حمزة الكسائي أنشأ يقول:
أسيت على قاضي القضاة محمد ... فأذريت دمعي والفؤاد عميد
وأقلقني موت الكسائي بعده ... وكادت بي الأرض الفضاء تميد
هما عالمانا أوديا فتخرما ... فما لهما في العالمين نديد
(1/367)
880 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد بن #368# سلامة يقول: إن هارون الرشيد لما دفن محمد بن الحسن وعلي بن حمزة الكسائي قال: اليوم دفنت العلم والعربية، قال: ويقال: إنهما ماتا في يوم واحد.
(1/367)
881 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا يونس بن عبد الأعلى قال: ثنا علي بن معبد قال: حدثني الرازي الذي مات محمد بن الحسن في بيته قال: حضرت محمد بن الحسن وهو يموت، فبكى، فقلت له: أتبكي مع العلم؟ فقال لي: أرأيت إن أوقفني الله عز وجل فقال لي: يا محمد، ما أقدمك الري؟ الجهاد في سبيلي أم ابتغاء مرضاتي، ماذا أقول؟ قال: ثم مات، فقال أحمد بن أبي عمران ليونس: وكان حاضر المجلس معنا، يا أبا موسى، هو هشام بن عبيد الله الرازي، فقال يونس: هو هشام بن عبيد الله، قال أبو جعفر: فسمعت أحمد بن أبي عمران يحكي عن بعض أصحاب محمد: أن محمد بن الحسن كان حزبه في كل يوم وليلة ثلث القرآن.
(1/368)
882 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني أحمد بن القاسم قال: ثنا أبو علي أحمد بن محمد بن أبي رجاء قال: سمعت أبي يقول: أريت محمد بن الحسن في المنام فقلت: إلى ما صرت؟ قال: غفر لي، قلت بم؟ قال: قيل لي: لم نجعل هذا العلم فيك إلا ونحن نغفر لك.
(1/368)
883 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: سمعت أبا خازم عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي يقول: قال لي بكر بن محمد العمي: ولد محمد بن الحسن سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ومات في سنة #369# ثمان وثمانين ومائة، وتوفي أبو حنيفة ومحمد بن الحسن ابن ثمانية عشر سنة.
(1/368)
آخر حكايات محمد بن الحسن
884 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني إبراهيم بن حميد البصري قال: ثنا أحمد بن عمرو بن مهين قال: ثنا سليمان بن أبي شيخ قال: ثنا محمد بن الحسن قال: كنت عند ابن شبرمة فأتاه آت، فقال: إن فلاناً كسر الطابع الذي أعطيتني، فأمر به فضرب ثلاثين.
(1/369)
885 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن أحمد بن حماد قال: ثنا محمد بن شجاع قال: سمعت أصحابنا الحسن بن أبي مالك وأبا علي الرازي وغيرهما من أصحاب أبي يوسف، وهم يتذاكرون: الرجل يأمر الرجل بالكفر، فرأيتهم يجمعون أن قول أبي حنيفة وأبي يوسف أنه من أمر رجلاً بأن يكفر فهو بأمره إياه كافر، وإن عزم على أن يأمر بالكفر كان بعزمه كافراً، لأن الأمر بالكفر كفر، والعزم على الكفر كفر، فالعازم على أن يأمر بالكفر كالعازم على أن يكفر، هذا قول أبي حنيفة، وما رأيتهم يختلفون فيه.
(1/369)
886 - قال محمد: وسمعت الحسن بن أبي مالك يقول لأصحابه في المجلس وهم مجتمعون: أن أبا يوسف قال عن أبي حنيفة: لو أن رجلاً صلى يريد بصلاته إلى غير الكعبة فوافق الكعبة على الخطأ منه: أنه بذلك كافر، وما رأيت أحداً منهم ينكر ذلك، وزعم عن أبي يوسف أنه قال: لا يكفر، وإن أصاب القبلة أجزته صلاته.
قال محمد بن شجاع: وقول أبي حنيفة عندنا الصواب، لأن الذي تعمد #370# الصلاة لغير القبلة على أنها دين، ومن تعمد شرب الخمر على أنها دين، أو ترك شرب الماء على أنه بمنزلة الخمر كفر.
قال عبد الله بن مسعود: محرم الحلال كمستحل الحرام، قال محمد بن شجاع: ولو أن رجلاً قال: الخمر حلال، أو قال: الميتة والدم ولحم الخنزير حلال، كان كافراً، لأنه مكذب لله عز وجل في حكمه وكافر بكتابه، فكذلك هذا.
(1/369)
887 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أحمد بن علي بن مصعب قال: لما مات محمد بن سماعة قال يحيى ابن معين: اليوم مات ريحانة أهل الري، ولوددت أن أصحاب الحديث يصدقون في الحديث كصدق محمد بن سماعة في الرأي.
(1/370)
888 - قال أبو جعفر: وسمعت أبا خازم القاضي يقول: سمعت بكراً العمي يقول: إنما أخذ ابن سماعة وعيسى بن أبان حسن الصلاة من محمد بن الحسن.
(1/370)
889 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت بكار بن قتيبة القاضي يقول: سمعت هلال بن يحيى يقول: ما قعد في الإسلام قاض أفقه منه، يعني عيسى بن أبان يعني في وقته.
(1/370)
890 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني أبو خازم القاضي قال: حدثني شعيب بن أيوب قال: لما أتى عيسى بن هارون إلى المأمون بتلك الأحاديث التي أخرجها على أصحابنا، وزعم أنهم خالفوها، قال المأمون لإسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ولبشر وليحيى بن أكثم ولمحمد بن سماعة: إن لم تثبتوا الحجة لأصحابكم على هذه #371# الأقوال بمثل هذه الأخبار، وإلا منعتكم من الفتوى بهذا القول وجمعت الناس على خلافه، ولم يكن عيسى بن أبان يحضر معهم كان دونهم في السن، فوضع إسماعيل بن حماد كتاباً كان سباباً كله، وتكلف يحيى فلم يعمل شيئاً، وتكلف بشر فلم يعمل شيئاً، ووضع عيسى بن أبان كتابه الصغير، فأدخل على المأمون، فلما قرأه قال:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه ... فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها ... حسداً وبغياً إنه لذميم
قال أبو خازم: فسمعت الصريفيني شعيب بن أيوب يقول: قلت لعيسى ابن أبان: هل أعانك على كتابك هذا أحدٌ؟ قال: لا، غير أني كنت أضع المسألة وأناظر فيها سفيان بن سختيان.
(1/370)
#372#
891 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أبا خازم القاضي يقول: تقدم رجلان إلى عيسى بن أبان فادعى أحدهما على صاحبه دعوى، فسأل عيسى المدعى عليه عنها، فأنكر، فقال للمدعي: ألك بينة؟ قال: نعم، فأحضر شاهدين ليشهدا على المدعى عليه فقال المشهود عليه لعيسى: والله الذي لا إله إلا هو لقد شهدا علي بزور، فقال عيسى للشاهدين: إني لم أدعكما، وإن تقوما لم أمنعكما، وإنما يقضي على هذا أنتما وإني متق بكما فاتقيا الله ربكما، فقاما ولم يشهدا.
(1/372)
892 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: أحمد بن محمد بن سلامة، حدثنا أحمد بن أبي عمران قال: ثنا عاصم بن علي قال: ثنا المسعودي، عن أبي حصين أو عن القاسم -الشك من ابن سلامة- قال: كان شريح يقول للشاهدين: إني لم أدعكما، ثم ذكر هذا الكلام.
(1/372)
893 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت بكار بن قتيبة يقول: كان لنا قاضيان لا مثل لهما إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة وعيسى بن أبان.
(1/372)
894 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن محمد ابن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: قال إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة: ما رأيت امرأة قط أفقه من امرأة تقدمت إلي وأنا قاضي الكوفة بالكوفة، تقدمت إلي امرأة ذكرت أن عمها زوجها قبل بلوغها، وقد مات أبوها قبل ذلك، وكان مذهبي: تخييرها في المقام مع زوجها، أو في فراقه إن طلبت ذلك بعد ثبوت اختيارها نفسها عندي في المجلس الذي كان فيه بلوغها، #373# فقلت لها: متى بلغت؟ فقالت لي: بلغت وأنا بين يديك.
(1/372)
895 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة قال: حدثني محمد بن الحسين بن مرداس الأبلي قال: حدثني بكر بن محمد العمي عن محمد بن سماعة، قال: تقدمت إلي امرأتان تشهدان مع رجل لرجل بحق، فاستربت بهما، فتأملتهما وظننت أني أعرفهما، فعرفت إحداهما وهي أم بشر، فقلت لها: وقد انتسبت في شهادتها النسب أم بشر؟ فقالت: بشر ابني، فأعدت عليها فأعادت علي، فقلت للقائم على رأسي: فرق بينهما، فقالت: والله لقد أمرت فينا بخلاف الذي أمر الله عز وجل، قال الله عز وجل: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} فأمر بالجمع بيننا، وأمرت أنت بالتفريق بيننا لتضل كل واحدة منا.
(1/373)
896 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: سمعت أحمد بن محمد بن سلامة يقول: سمعت أحمد بن أبي عمران يقول: كان إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة إذا سئل: ما كان أبو حنيفة يقول فيمن تزوج ذات محرم منه ودخل بها؟ قال: حدثنا أبو نعيم عن سفيان الثوري قال: لا حد عليه.
(1/373)
897 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وحدثنيه محمد بن جعفر بن الإمام قال: ثنا يوسف بن موسى قال: ثنا أبو نعيم عن سفيان مثله.
(1/373)
898 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: وثناه أحمد بن محمد بن سلامة قال: ثنا فهد بن سليمان قال: ثنا أبو نعيم عن سفيان مثله.
(1/373)
899 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني أحمد بن محمد بن سلامة #374# قال: سمعت أبا خازم القاضي يقول: حدثني أحمد بن محمود الأنصاري قال: سمعت الحسن بن حماد الحضرمي سجادة يقول: كنت عند يحيى بن أكثم فذكر أبا حنيفة وأصحابه فقال: شغلوا الناس بالفروع عن النظر في الأصول، ولو قربوا الأصول للناس وبينوها لهم أغنى ذلك عن الفروع، لأن الفقيه إذا وردت عليه المسألة ردها إلى أصلها، فاستخرج الجواب منها، قال: فقلت له: أسألك عن فرع من فروعهم لترده لنا إلى أصله فيستخرج الجواب منه، فقال لي: سل، فقلت: رجل مات وترك زوجة وابناً وترك لهما داراً كيف تكون الدار بينهما؟ فقال: للزوجة الثمن، وما بقي فللابن، فقلت: صدق القاضي، فإنهما باعا الدار من رجل صفقة واحدة بثمن مسمى فجاء رجل فاستحق نصف الدار من نصيب الابن، ما الذي يجب للمشتري على كل واحد منهما؟ قال: فقدر جواباً ثم أجابني به، فقلت: هذا خطأ فنظر ثم قال لي: صدقت، ثم قدر جواباً فأجابني به، فقلت: وهذا خطا، فنظر ثم قال لي: صدقت، ثم قدر جواباً فأجابني به، فقلت: وهذا أيضاً خطأ ثم نظر ثم قال لي: صدقت، ثم قدر جواباً رابعاً فاعترضت عليه، فقلت: إذا كان القاضي في سعة علمه وعلو مرتبته في الفقه يسأل عن مسألة من فروعهم ليردها إلى أصلها يجيب فيها بثلاث جوابات يقر على نفسه فيها أنها خطأ، ولم يأت إلى الآن بجواب يقول إنه صواب، فما تنكر على قوم كفوا الناس مثل هذا؟ فسكت.
قال لنا أبو جعفر فسمعت أبا خازم يقول: والجواب فيها: أن الابن والمرأة قد باعا الدار نصفين، فباع الابن نصف الدار من نصيبه وباعت المرأة نصف الدار ربع ذلك النصف وهو الثمن من نصيبها وثلاثة أرباعه من نصيب الابن، وجاز بيعها فيها ببيع الابن معها، فصار ذلك كإذنه لها في البيع، ثم #375# استحق نصف الدار من نصيب الابن، وكان الابن باع نصف الدار من نصيبه وهو أربعة أثمان، وكان الذي باعته المرأة ثلاثة أثمان من نصيب الابن، فلما استحق نصف الدار وهو أربعة أثمان من هذه السبعة الأثمان كان مستحقاً مما باعا جميعاً على سبعة فأربعة أسباعه مما تولاه الابن، فيرجع المشتري بثمنه على الابن، وثلاثة أسباعه مما تولت المرأة بيعه للابن فيرجع المشتري بثمنها على المرأة، وترجع المرأة بذلك على الابن، قال أبو جعفر: وهذا قول صحيح أخبرني أبي رحمه الله عن أبيه قال: أنشدني أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس لعبد الله بن المبارك في حماد بن زيد:
أيها الطالب علماً ائت حماد بن زيد ... فاقتبس ثم قيده بقيد
(1/373)
900 - حدثنا أبي قال: ثنا أبي قال: حدثني محمد بن موسى قال: ثنا عثمان بن خرزاد قال: ثنا عارم قال: جاءني عبد الله بن المبارك فسألني: أن أخرج له حديث حماد بن زيد، فأخرجته فجعل ينظر فيه ويسأل حماد بن زيد عنه، فلما فرغ قال لي ابن المبارك: أيها الطالب علما ثم ذكر البيتين.
آخر الكتاب والحمد لله وحده وصلاته على سيدنا محمد وسلم.
(1/375)