كتاب
الاغتراب في أحكام الكلاب
تأليف
جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي الحنبلي
المعروف بابن المبرد
المتوفى سنة 909 هـ
حققه وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره ووضع فهارسه وقام بالتعريف به وبمؤلفه كل من
الأستاذ الدكتور عبد الله بن محمد بن أحمد الطيار
والدكتور عبد العزيز بن محمد بن عبد الله الحجيلان
دار الوطن
الطبعة الأولى
1417 هـ(/)
بسم الله الرحمن الرحيم
وهو حسبي
الحمد لله الكريم التواب، الرحيم الوهاب، أحمده حمد الأحباب، وأشكره شكر ذوي الآداب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة الأنجاب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى جميع الآل والأصحاب وسلم تسليماً-.
وبعد،
فهذه نبذة يسيرة في أحكام الكلاب سميتها (الاغتراب في أحكام الكلاب)، والله أسأل أن ينفعني بها وجميع الإخوان والأصحاب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.(1/79)
((باب في ذكر الله الكلب باسمه))
قد ذكر الله -عز وجل- الكلب في غير موضعٍ في كتابه بصريح اسمه، فقال تعالى: {فمثله كمثل الكلب}.
وقال -تعالى-: {سيقولون ثلاثةٌ رابعهم كلبهم ويقولون خمسةٌ سادسهم كلبهم}، {ويقولون سبعةٌ وثامنهم كلبهم}.(1/80)
((باب في ضرب الله المثل بالكلب))
قد ضرب الله -عز وجل- المثل في كتابه بالكلب فقال: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان (فكان) من الغاوين. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.
وقد اختلف في صاحب هذا المثل من هو؟
فقيل: هو أمية بن أبي الصلت، وأنه كان نبياً فزاغ.
وقيل: بل الآية في بلعام، وقيل: بلعم بن باعورا، وقد كان نبياً في بني إسرائيل فزاغ، وسبب زيغه أن بني إسرائيل (وموسى) لما أرادوا قتال الملك(1/81)
الذي هو في أرضه، أراد منه الملك أن (يدعو) عليهم، وأن يخرج إليه لأجل ذلك، فاستأمر ربه في ذلك، فنهاه عن ذلك، فامتنع، فطلب الملك وجه الحيلة في ذلك، فأخبر أن له امرأة حسناء، وهو مشغوف بها، وأن ذلك لا يكون إلا من قبلها، فأهدى إليها الهدايا الفاخرة، فزينت له ذلك، وحملته عليه، فخرج إلى الملك، ثم إنه استشاره في ذلك، فدخله الشيطان وزين له الحيلة، وأن هذا موسى كليم الله، ومعهم المؤمنون، وأنهم ما داموا على الخير لا قدرة لأحد بهم، وإنما الوجه في ذلك أن تزين النساء، وتدخل عسكرهم، فمتى وقع منهم الزنا والفساد (هزموا وهلكوا)، ثم إن بلعم بعد أن رتب الحيلة حصلت له الأمور الشيطانية والزيغ.(1/82)
((باب في كلب أصحاب الكهف))
كان أصحاب الكهف فتية [شباباً] متقاربي السن، أصحاب صيد، وكانوا على الحق وعبادة الله -عز وجل-،فلما أظهر قومهم الكفر والشرك وعبادة(1/83)
الأوثان اعتزلوهم، وكانوا على عبادة الله وصيدهم. وأووا إلى كهف، وكانوا في عزلة من قومهم هم وكلبهم الذي كان معهم يصيدون به، فألقى الله -عز وجل- النوم والسبات، وصرف الله عنهم الناس والأبصار، فلم يبصرهم أحد، ولا فطن بمكانهم، فلبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، حتى انقرضت الأمة التي كانوا منها، والملك الذي كان عليهم، وبعث عيسى ورفع، وأخبر عنهم.
ثم إن الله -عز وجل- رد عليهم أرواحهم فقالوا بعضهم لبعض: كم لبثتم؟ قالوا: يوماً أو بعض يوم، وكان معهم دراهم فقالوا: ابعثوا أحدكم بها إلى المدينة يأتينا منها برزق نأكله، وليتلطف، ولا يخبر بنا أحداً منهم، فإنهم إن اطلعوا علينا رجمونا أو أكرهونا على العودة في ملتهم، ويكون سبب خسراننا، وأنا لا نفلح أبداً، وظنوا أن قومهم أحياء، وأن مدة نومهم [يوم واحد].
فانطلق أحدهم حتى دخل المدينة، فلما دخل رياض المدينة أنكرها، وأنكر كل ما كان فيها، وأنكر الناس في صغرهم وتغيرهم، ووجد معهم دراهم غير الدراهم التي معهم، فتحير وأنكر ذلك، وجعل يتردد، ويقبل ويدبر، وأبطأ على أقرانه.
فلما شك وارتاب أقبل إلى مشايخ من مشايخهم توسم منهم (الخير) فوجد معهم الإنجيل يقرءونه، فسمع ما فيه من توحيد الله وعظمته فعرف ذلك، واستمع له، ثم سألهم فأخبروه عن بعث عيسى، وأنه رفع، وقال: كم أقام فيكم؟ قالوا: (ثلاث) وثلاثون سنة، ثم سألهم عن ملكهم الذي كان في زمانهم دقيانوس، وهل بقي أحد من ملته وما كانوا عليه من الكفر؟ قالوا: لا(1/84)
وأنكر الناس خلقته وهيئته والدراهم التي معه، وأخبروه أن عيسى أخبرهم عنهم، وعرفوا أنه منهم، فأكرموه، وقاموا يطلبونهم، وأخبروه أن الكلب من علامتهم، فلما وصلوا إلى مكانهم أوقفهم، ودخل على أصحابه فأخبرهم بما رأى، فسألوا الله -عز وجل- أن يطبق كهفهم عليهم وعلى كلبهم، ففعل الله -عز وجل- ذلك، فبقي أهل المدينة واقفين متحيرين، فكان آخر العهد بهم، وتنازع الناس في أمرهم كما أخبر الله -عز وجل-، منهم من يقول: ثلاثة رابعهم كلبهم، ومنهم من يقول: خمسة سادسهم كلبهم، ومنهم من يقول: سبعة وثامنهم كلبهم.
وذهب ابن عباس وغيره أنهم سبعة والكلب ثامنهم.(1/85)
((باب طهارة الكلب ونجاسته))
قد اختلف الناس في ذلك.
ومذهب مالك طهارته، وإليه أشار البخاري بقوله: وسؤر الكلاب،(1/86)
وممرها، وفي نسخة قديمة: وأكلها.
قال البخاري: وقال الزهري: إذا ولغ الكلب في إناءٍ ليس له وضوء غيره يتوضأ به، وقال (سفيان): هذا الفقه بعينه، يقول الله -عز وجل-: {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} وهذا ماء، وفي النفس منه شيء، يتوضأ به ويتيمم.(1/87)
قال: وقال أحمد بن (شبيب): حدثنا أبي عن يونس عن ابن شهاب قال: (حدثنا) حمزة بن عبد الله عن أبيه قال: كانت الكلاب تقبل وتدبر في المسجد في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكونوا يرشون (شيئاً من) ذلك.(1/88)
وقد قال الجمهور منهم أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد(1/89)
بنجاسته؛ لأن الله -عز وجل- أمر بغسل أثره سبعاً، وهذا لا يكون إلا عن النجاسة.
وعند مالك ليس بنجاسة، إنما هو لغير ذلك، (كغسل) اليدين عند الصباح من نوم الليل، ونحو ذلك.(1/90)
((باب غسل نجاسة الكلب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثني علي بن حجر، حدثنا علي بن مسهر، أنبأنا الأعمش عن أبي رزين وأبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه، ثم يغسله سبع مرات)).(1/91)
قاله (إلى) مسلم، حدثنا زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب)).
قاله (إلى) مسلم، حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طهور إناء أحدكم إذا ولغ الكلب فيه أن يغسله سبع مرات)).(1/92)
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن اللتي، أنبأنا السجزي، أنبأنا أبو الحسن الداودي، أنبأنا أبو محمد السرخسي، أنبأنا أبو عمران السمرقندي، أنبأنا أبو محمد الداري، أنبأنا وهب بن جرير، حدثنا سعيد، عن أبي (التياح) عن مطرف، عن عبد الله بن (المغفل) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، والثامنة عفروه في التراب)).(1/93)
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً)).
وقد قال جمهور أهل العلم بنجاسة الكلب، وأن نجاسته تغسل سبع مرات إحداهن بالتراب، لكن اختلفوا هل نجاسته وغيرها من النجاسات سواء في الغسل، أم نجاسة الكلب والخنزير أغلظ من غيرهما من النجاسات؟.
فروى عن أحمد أن النجاسات كلها سواء، وهو اختيار الخرقي وغيره من أئمة أصحابه.(1/94)
وعنه (رواية) أنه ما من نجاسة الكلب والخنزير أغلظ، فيغسل سبعاً، وغيرها من النجاسات اختلفت الرواية عنه فيها.
فعنه: يغسل سبعاً من غير تراب.
وعنه: ثلاثاً.
(وعنه): يكاثر من غير عددٍ حتى تزول عينها.(1/95)
((باب الأجر في سعي الكلب))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا الحسن بن صباح، حدثنا إسحاق الأزرق، حدثنا عوف، عن الحسن وابن سيرين، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((غفر لامرأةٍ مومسةٍ مرت بكلبٍ على رأس ركيٍ يهلث، كاد يقتله العطش، فنزعت خفها، فربطته بخمارها، فنزعت له من الماء، فغفر لها بذلك)).
قاله إلى البخاري: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجلٌ بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلب يلهث، يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من(1/96)
العطش مثل الذي كان بلغ مني، فنزل البئر، فملأ خفه ماء، فسقى الكلب، فشكر الله له، فغفر له)) قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجراً؟ فقال: ((في كل (ذات) كبدٍ رطبة أجر)).
وكان شيخنا الشيخ تقي الدين ابن قندس مرة عندنا، دعوناه لطعام، وكان عندنا في البستان (جرو) كلبة، فكان يقوم فيطعمهم بنفسه، ثم يعود، ففعل ذلك مراراً فقال له والدي: في هذا أجر؟ فقال: نعم، في كل (ذات) كبدٍ رطبةٍ(1/97)
أجر كما صح في الحديث.
ولا شك أن إطعام الطعام هو كسقي الماء، وأعظم منه، والله أعلم.(1/98)
((باب سؤر الكلاب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا يحيى بن (علي)، قرأت على مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات)).
وقال البخاري: وسؤر الكلاب وممرها في المسجد، قال: وقال الزهري: إذا ولغ الكلب في الإناء ليس له وضوء غيره، يتوضأ به.
وفي هذا دلالة على أن سؤره عنده طاهر.
قال البخاري: وقال سفيان: هذا الفقه بعينه؛ يعني قول الزهري: يقول الله عز وجل: {فلم تجدوا ماءً فتيمموا} وهذا ماء، وفي النفس منه شيء، يتوضأ به ويتيمم.(1/99)
وقد اختلف في سؤره على أقوالٍ متعددة:
الأول منها: أنه نجس، وهو مذهب الإمام أحمد، وغيره من العلماء.
والثاني: أنه طاهر، وهو قول من يقول بطهارته كمالك، والزهري والبخاري.
والثالث: أنه مشكوك فيه، إن وجد غيره لا يتوضأ به، وإن لم يجد غيره توضأ به وتيمم، والله أعلم.(1/100)
((باب جواز اقتناء الكلب للزرع))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، وحدثنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا عبد الله بن مسلمة، أنبأنا سليمان، أخبرني يزيد بن خصيفة، أخبرني السائب ابن يزيد سمع سفيان بن أبي زهير الشنوئي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً ينقص من عمله كل يوم قيراط)).
فقال: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي ورب هذه القبلة.(1/101)
أخبرنا أبو الفرج بن الطحان، أنبأنا به الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا الإمام أبو داود السجستاني، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اتخذ كلباً إلا كلب ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ انتقص من أجره كل يومٍ قيراط)).(1/102)
((باب اقتناء الكلب للماشية))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أخبرتنا عائشة بنت عبد الهادي، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي سماعاً، وابن اللتي إجازة، أنبأنا أبو الوقت السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثني موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن علي، حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة حدثه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أمسك كلباً ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو كلب ماشية)).
ومنه إلى البخاري حدثنا عبد الله بن مسلمة، أنبأنا سليمان، أخبرني يزيد ابن خصيفة، أخبرني السائب بن يزيد، سمع سفيان بن أبي زهير أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله كل يومٍ قيراط)).
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا عبيد الله، حدثنا أبي، حدثنا سعيد عن أبي التياج، سمع مطرف بن عبد الله (يحدث) عن ابن المغفل قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل(1/103)
الكلاب، ثم قال: ((ما بالهم وبال الكلاب)) ثم رخص في كلب الصيد، وكلب الغنم.
وفي رواية محمد بن الوليد: في كلب الغنم، والصيد والزرع.(1/104)
((باب جواز اقتناء الكلب))
قال أهل العلم: يجوز اقتناء الكلب لمصلحة توجب ذلك من حفظ ماشية من غنمٍ، أو بقرٍ، أو إبلٍ.
وكذلك لصيدٍ مباح.
وكذلك لحفظ زرعٍ.
وكذلك لحفظ ثمرٍ من شيء يؤذيه، ولا فرق بين أن يكون المؤذي فيه آدمياً أو غيره من دوابٍ مملوكةٍ، وحوش، أو غير ذلك.
وكذلك إذا كانت تقاتل معه الأعداء.
وكذلك للحفظ من اللصوص لتنبهه بالليل إذا أتوه، أو تدفعهم عنه.
وكذلك لدفع ذئابٍ عن ماشيته، أو أولاده.
وكذلك للإعلام بمن يدخل (مكاناً).(1/105)
أو غير ذلك من المصالح الراجحة.
وقال بعض العلماء: يجوز للصيد المباح والغنم فقط.
وقال آخرون: يجوز للثلاثة التي نص النبي صلى الله عليه وسلم عليها فقط: الزرع، والماشية، والصيد.
قالوا: لأن اتخاذ الكلاب رخصة، والرخصة إذا وردت في شيء لم تتعداه، وإنما وردت في الثلاثة فقط، فلا يجوز الاتخاذ لغيرها.
وقال الآخرون: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في كلب الصيد في أحاديث متعددة، وأخبر أن متخذه للصيد لا ينقص من أجره، وأذن في حديثٍ آخر في كلب الماشية، وفي حديثٍ في كلب الغنم، وفي حديثٍ في كلب الزرع، فعلم أن العلة المقتضية لجواز الاتخاذ المصلحة، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وجدت المصلحة جاز الاتخاذ، حتى إن بعض المصالح أهم وأعظم من مصلحة الزرع، وبعض المصالح مساوية للتي نص الشارع عليها.(1/106)
ولا شك أن الثمار هي في معنى الزرع، والبقر في معنى الغنم، وكذلك الدجاج والأوز -لدفع الثعالب عنها- هي في معنى الغنم.
ولا شك أن خوف اللصوص على النفس، واتخاذه للإنذار بها والاستيقاظ لها أعظم مصلحة من ذلك.
والشارع مراعٍ للمصالح ودفع المفاسد، فحيث لم تكن فيه مصلحة ففيه مفسدة، فإنه ينجس، ويقذر، ويأكل بغير فائدة ولا مصلحة، ولهذا إذا لم يكن فيه مصلحة كانت فيه مفسدة، فنقص به الأجر، فأما إذا كانت فيه مصلحة فإنه يجوز اتخاذه لتلك المصلحة.(1/107)
((باب المنع من اقتناء الكلب))
لا شك أن الأصل في الشرع المنع من اقتناء الكلاب واتخاذها، ولم يرخص الشارع في ذلك إلا مع وجود مصلحة راجحة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتلها، ثم كف عن ذلك، وأخبر أن اقتناءها ينقص الأجر، وذلك لما منها من المفاسد، فإنها نجسة تنجس ما قاربته، وفيها مفاسد كثيرة منها أن الإنسان لا يقدر على ضبطها والتحفظ منها، فتنجس الآنية والطعام، فإن الإنسان ربما غفل عن آنيته فتنجسها، وربما غفل عن طعامه فتنجسه، وتبول على الأماكن التي تكثر ملامستها من (الفرش) ونحوها، فربما ينجس الإنسان بذلك، وربما ابتلت وانتفضت على متاع الإنسان وثيابه فنجسته.
ولا تدخل الملائكة المكان الذي هي فيه، وتنفر منها، والشياطين تحبها، وتأتي أماكنها.
وفي حقيقة الأمر فيها مفاسد كثيرة، وإن وجد في بعضها أدنى مصلحة فلا(1/108)
يقاوم ما فيها من المفاسد الكثيرة.
وثم منها ما هو ممنوع من اقتنائه مطلقاً لمصلحة وغير مصلحة، وهو الأسود والعقور.(1/109)
((باب النهي عن قتل الكلاب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم ابن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا عبيد الله، حدثنا شعبة، عن أبي التياج سمع مطرف بن عبد الله عن ابن مغفل قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم قال: ((ما بالهم وبال الكلاب)) ثم رخص في كلب الصيد.
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري ح.
وأخبرنا أبو الفرج بن الطحان، أنبأنا ابن اميله والصلاح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري ح.
وأخبرنا أبو العباس الحريري، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي والحافظ جمال الدين بن المحب وغير واحد، أنبأنا ابن أبي عمير والفخر بن البخاري، أنبأ ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا الإمام أبو داود، حدثنا مسدد، حدثنا يزيد، حدثنا يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها(1/110)
الأسود البهيم)).(1/111)
((باب الأمر بقتل الكلاب))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب.
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، عن عبيد الله، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن(1/112)
أبي التياح سمع مطرف بن عبد الله عن ابن المغفل قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم قال: ((ما بالهم وبال الكلاب)).
وقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب حتى إن كنا نتبع (الأمة) معها الكلب فنقتله.
وحاصل الأمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمر بقتل الكلاب، ثم إنه ترك قتلها، فكان آخر الأمرين منه ترك القتل، فعلم أن القتل منسوخ، والله أعلم.(1/113)
(باب ما يقتل من الكلاب))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا معمر عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خمس فواسق يقتلن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحرباء، والغراب، والكلب العقور)).(1/114)
قاله إلى البخاري حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمسٌ من الدواب قتلهن وهو محرم فلا جناح عليه: العقرب، والفأرة، والكلب العقور، والغراب، والحدأة)).
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح، حدثنا أبي عمير وغيره، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود، حدثنا مسدد، حدثنا يزيد، حدثنا يونس، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم)).
قاله إلى البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن نافع، عن(1/115)
عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خمسٌ من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح)).
وعن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ح.
قال: وحدثنا مسدد، حدثنا أبو (عوانة)، عن زيد بن جبير قال: سمعت ابن عمر يقول: حدثني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم: يقتل المحرم، ح.
قال: وحدثنا أصبغ، أخبرني عبد الله بن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سالم قال: قال عبد الله بن عمر: قالت حفصة -رضي الله عنها-: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خمسٌ من الدواب لا حرج على من قتلهن: الغراب، والحدأة، والفأرة، والعقرب، والكلب العقور)).
قاله إلى البخاري: حدثنا يحيى بن سليمان، حدثني ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله(1/116)
صلى الله عليه وسلم قال: ((خمسٌ من الدواب كلهن فاسق يقتلن في الحرم: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور)).
وحاصل الأمر أن ثم كلاب يجوز قتلها من جملة الكلاب التي نهي عن قتلها، منها:
1- الكلب الكلب.
2- ومنها الكلب العقور، وهو الذي يعقر الناس، ويعض من دانأه.
3- ومنها الأسود البهيم.
4- ومنها المعروف بالأذى من أكل ماشية، أو دجاج، ونحو ذلك، أو ببولٍ على ثيابٍ، أو إفساد طعام ونحو ذلك.(1/117)
((باب نقص الأجر باقتناء الكلب))
اعلم أن اقتناء الكلب إن كان لمصلحة أذن الشارع فيها من صيدٍ، أو زرعٍ، أو ماشيةٍ لم ينقص بذلك من الأجر شيء.
وإن كان لغير مصلحة أذن الشرع فيها نقص بذلك من الأجر.
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا معاذ بن فضالة، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أمسك كلباً فإنه ينقص من عمله كل يومٍ قيراط إلا كلب حرث أو ماشية)).
قاله إلى البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن يزيد بن خصيفة أن السائب بن يزيد حدثه أنه سمع سفيان بن أبي زهير -رجل من أزد شنوءة- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص كل يومٍ من عمله قيراط)).(1/118)
وقد اختلف في معنى ذلك: هل هو من مجموع العمل الذي عمله فيما تقدم، أو عمل ذلك اليوم؛ أي ينقص من عمل يومه الذي كان مقتنياً للكب فيه قيراط؟.
(فمنهم من قال: من عمل ذلك اليوم).
ومنهم من قال: من مجموع عمله.
وكون المراد من عمل اليوم الذي اقتنى الكلب فيه أظهر، وإن عمل يوم اقتنائه بكثرة.(1/119)
((باب قطع الصلاة بالكلب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي (شيبة) (حدثنا) إسماعيل بن علية قال: وحدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن يونس، عن حميد بن هلال، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل، فإذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل فإنه يقطع صلاته الحمار، والمرأة والكلب الأسود)).
فقلت: يا أبا ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر؟ قال: يابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: ((الكلب الأسود شيطان)).(1/120)
حدثني (إلى) مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، أنبأنا المخزومي، حدثنا عبد الواحد بن زياد، حدثنا عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب، (ويقي) ذلك مثل مؤخرة الرحل)).
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن اللتي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا أبو عمران السمرقندى، أنبأنا أبو محمد الدارمي، أنبأنا أبو الوليد وحجاج قالا: حدثنا شعبة، أخبرني حميد ابن هلال، سمعت عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر قال: يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة (الرحل) الحمار، والكلب الأسود والمرأة، قال:(1/121)
قلت: ما بال الأسود من الأحمر من الأصفر؟ قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال: ((الأسود شيطان)).
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر وعبد الأعلى، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((يقطع الصلاة المرأة، والحمار، والكلب)).
قاله إلى الإمام أحمد: حدثنا معاذ بن هشام، حدثنا أبي، حدثنا قتادة عن زرارة بن رومي، عن سعد بن هشام، عن أبي هريرة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقطع الصلاة المرأة، والكلب، والحمار)).
قاله إلى الإمام أحمد: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان، حدثنا راشد بن(1/122)
سعد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : ((لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار، والكافر، والكلب، والمرأة)) قالت عائشة: يا رسول الله لقد قرنا بدواب سوء.
قاله إلى الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن المصري، حدثنا داود، عن إبراهيم، عن عطاء قال: سمعت أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود، والمرأة الحائض.(1/123)
((باب لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا محمد بن مقاتل، أنبأنا عبد الله، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله ابن عبد الله أنه سمع ابن عباس يقول: سمعت أبا طلحة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة تماثيل)).(1/124)
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا أبو سعيد وغير واحد، أنبأنا سبط السلفي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا أبو محمد بن غياث، أنبأنا أبو عمر ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الأشبيلي، أنبأنا والدي، أنبأنا أبو محمد الباجي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن شيبة، حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عبد الله بن عباس، عن أبي طلحة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة، ولا كلب)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا زيد بن الحباب، عن حسين بن واقد، عن(1/125)
ابن بريدة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا (زيد) بن الحباب، حدثنا الليث بن سعد، أخبرني بكر بن عبد الله بن الأشج، عن بشر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)).
قاله إلى ابن أبي شيبة، حدثنا غندر، عن شعبة، عن علي بن مدرك، عن أبي زرعة، عن عبد الله بن (يحيى)، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة)).(1/126)
فإن قيل: لِمَ لَمْ تدخل بيتاً فيه كلب؟.
قيل: لكثرة أكلها النجاسات، والملائكة تفر من القاذورات، وهذا لا يصلح.
وقيل: لأن بعض الكلاب شياطين، والملائكة ضد الشياطين.
وقيل: لقبح رائحة الكلب، ولا يصح علة.
وقيل: للنهي عن اتخاذها، فعوقب متخذها، ولا تصح علة.
وقيل: لأن الكلاب نفوس قذرة تحبها الشياطين، والملائكة أرواح علوية شريفة، تنفر من كل ما أحبته الشياطين.
وليس المراد بالملائكة العموم فإن الحفظة وملك الموت والخدام لا يمتنعون من الكلاب.
وهل المراد بالكلاب العموم، أو المنهي عن اتخاذها؟.
فيه خلاف.(1/127)
((باب ما صرحت به عن النبي صلى الله عليه وسلم لأجل جرو (كلب) ))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا يحيى بن سليمان، حدثني ابن وهب، حدثني عمر (هو ابن محمد) عن سالم، عن أبيه (وعد) النبي صلى الله عليه وسلم جبريل (فراث عليه حتى اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فشكا إليه ما وجد) فقال: ((إنا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب)).
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغيره، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا أبو محمد بن غياث، أنبأنا أبو عمر بن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الأشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو محمد الباجي، أنبأنا ابن يونس،(1/128)
أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة، عن ابن أبي ذئب، عن الحارث، عن كريب، عن أسامة قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الكآبة، فقلنا: مالك يا رسول الله؟ قال: ((إن جبريل وعدني أن يأتيني، فلم يأتني منذ ثلاث))، قال: (فأجار) كلب، قال أسامة: فوضعت يدي على رأسي وصحت، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((مالك يا أسامة؟)) فقلت: ((أجار) كلب فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، فقتل.
والحديث مروي بروايات مختلفة، وهو أن جبريل وعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتيه فأبطأ عليه ثلاثة أيام، وكان جرو كلب دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ودخل تحت السرير ولا يعلمون به، فامتنع من ذلك، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن امتناعه لأجل جرو الكلب، وهذا يدل أن الملائكة لا تدخل البيت الذي فيه الكلاب مطلقاً، ولو عذر رب البيت فيها، والله أعلم.(1/129)
((باب الذي يرجع في هبته كالكلب))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا عبد الرحمن بن المبارك، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه)).
أخبرنا جدي وغيره أنبأنا الصلاح بن أبي عمر وغيره، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا أبو بكر الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود، حدثنا سليمان بن(1/130)
داود المهدي، حدثنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد، أن عمرو بن شعيب حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الذي يسترد ما وهب مثل الكلب يقيء فيأكل قيئه)).
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا الشيخ موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور محمد بن الحسين، أنبأنا أبو طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا أبو عبد الله بن ماجه، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، عن عوف، عن خلاس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن مثل الذي يعود في عطيته كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد في قيئه فأكله)).(1/131)
قاله إلى ابن ماجه: حدثنا أحمد بن عبد الله العرعري، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا العمري، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه)).(1/132)
((باب النهي عن بيع الكلب))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن أبي مسعود الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن.(1/133)
قاله إلى البخاري: حدثنا حجاج بن منهال، حدثنا شعبة، أخبرني عون بن أبي جحيفة قال: رأيت أبي استدعى حجاماً فكسر محاجيمه فسألته عن ذلك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (نهى) عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب الأمة، ولعن الواشمة والمستوشمة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور.
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزد، أنبأنا أبو الفتح الرومي، أنبأنا الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود، حدثنا إبراهيم بن موسى، حدثنا الربيع بن نافع بن يزيد وعلي بن عمر قالا: حدثنا عيسى، عن الأعمش،(1/134)
عن أبي سعيد، عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور.
قاله إلى أبي داود: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور.
قاله إلى أبي داود: حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة، حدثنا عبيد الله -يعني ابن عمرو-، عن عبد الكريم، عن قيس بن حبتر، عن عبد الله بن عباس قال:(1/135)
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب، وإن جاء يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه تراباً.
قاله إلى أبي داود: حدثنا أبو داود الطيالسي، حدثنا شعبة، أخبرني عن ابن جحيفة أن أباه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب.
قاله إلى أبي داود: حدثنا أحمد بن صباع، حدثنا ابن وهب، حدثني معروف بن سويد الخزامي أن علي بن زياد اللخمي حدثه أنه سمع أن أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل ثمن الكلب، ولا حلوان الكاهن، ولا مهر البغي)).(1/136)
((باب الرخصة في بيع كلب الصيد))
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري ح، وأخبرنا أبو العباس الحريري وغيره (أنبأنا المشايخ) الثلاثة ابن الحرستاني وابن النابلسي وعلي بن أحمد المرداوي قالوا جميعاً: أنبأنا أبو الحجاج المزي وغير واحد، أنبانا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الحسن بن البنا، أنبأنا أبو الفتح الكروخي وأبو عامر الأزدي وأبو نصر الترياقي قالوا: أنبأنا أبو بكر الغورجي، أنبأنا أبو محمد الجراحي، أنبأنا أبو العباس المحبوبي، أنبأنا أبو عيسى الترمذي، حدثنا أبو كريب، حدثنا وكيع، عن حماد بن سلمة بن أبي المهزم، عن أبي هريرة قال: نهى عن ثمن الكلب إلا كلب صيد.
قال الترمذي: لا يصح من هذا الوجه، .. .. .. ..(1/137)
وأبو المهزم متكلم فيه، وقد روي من حديث جابر نحوه، ولا يصح إسناده.(1/138)
((باب صيد الكلب))
أخبرنا أبو الفرج بن الطحان وغيره، أنبأنا ابن مثله والصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود، حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن همام، عن عدي ابن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: إني أرسل الكلاب المعلمة فتمسك علي أفآكل؟ قال: ((إذا أرسلت الكلاب المعملة وذكرت اسم الله فكل مما أمسكن عليك)) قلت: وإن (قتلن)؟ قال: ((وإن (قتلن) ما لم يشاركها كلب ليس منها)) )).(1/139)
قاله إلى أبي داود: حدثنا (هناد) بن السري، حدثنا ابن فضيل، عن بيان، عن عامر، عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: إنا نصيد بهذه الكلاب، فقال: ((إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك وإن قتل إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه)).
قاله إلى أبي داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد، عن عاصم الأحول، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا اختلط بكلابك كلب من غيرها فلا تأكل، لا تدري لعله قتله الذي ليس منها)).
والكلاب أربعة أنواع:(1/140)
السلوقية تصيد بالجري خلف الصيد.
(والزغارية) تدخل الأوكار.
وثم نوع صغير يقال لها: رومية، وفرنجية.
والكلاب الجعاصية المتخذة للحرث والماشية وغير ذلك.
ومنها كلاب الطرقات والأسواق.(1/141)
((باب تضمين صاحب الكلب العقور))
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا الشيخ موفق الدين، أنبأنا أبو الفتح بن عبد الباقي، أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد، أنبأنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا عبد الملك بن محمد، حدثنا يحيى بن كثير، حدثنا سعيد، عن هشام، عن مطرف، عن الشعبي قال: ((صاحب الكلب العقور يضمن)) قال يحيى: ثم قدم علينا نعيم فحدثنا به.(1/142)
((باب ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم لنسائه: (ليت شعري أيتكن صاحبة ماء الحوأب) ))
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصالح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن الإمام أحمد، حدثني أبي، حدثنا يحيى، عن إسماعيل، حدثنا قيس قال: لما أقبلت عائشة -يعني في مسيرها إلى وقعة الجمل- بلغت مياه بني عامر ليلاً فنبحت الكلاب، فقالت: أي ماء هذا؟ قالوا: ماء الحوأب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، فقال بعض من كان معها: بل تقدميه فيراك المسلمون، فيصلح الله ذات بينهم، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم: ((كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب)).
ورواه نعيم بن حماد، عن يزيد بن هارون، عن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم.
قاله إلى الإمام أحمد: حدثنا غندور، عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي(1/143)
خالد، عن قيس بن أبي حازم، أن عائشة أتت على الحوأب فسمعت نباح الكلاب، فقالت: ما أظنني إلا راجعة، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: ((أيتكن تنبح عليها (كلاب) الحوأب)) فقيل لها: لا ترجعين، لعل الله أن يصلح بك بين الناس.
وهذا الاستنباط على شرط الصحيحين ولم يخرجاه.
وقال البزار: حدثنا محمد بن كرامة، حدثنا عبيد الله بن موسى، عن عصام بن قدامة اليحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل (الأرتب) تسير حتى تنبحها كلاب الحوأب، تقتل عن يمينها وعن يسارها قتلى كثيرة)).(1/144)
((باب ما في الكلب من الأمثال))
قال الله -عز وجل- {كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه)).
ويقال: لكل جيفةٍ كلب.
ولكل قدر طالب.
(ولكل) نحو راغب.
ولكل وسخٍ حامل.
ولكل منكح ناكح.
ولكل سمٍ جارع.
ولكل طعام آكل.
ولكل ساقطٍ لاقط.
ولكل ثوبٍ لابس.
ويقال: آلف من كلب.(1/145)
وأبصر من كلب.
وأبخل من كلب.
وأطوع من كلب.
وأفحش من كلب.
وألأم من كلب.
وقالوا: سمن كلبك يأكلك.
وقالوا: جوع كلبك يتبعك.
وقالوا: أسد من الكلب.
ومما يقال: إنه قيل لرجل: تنقى لك من هذه الجرا جرواً، فقال: الكل كلاب أولاد كلاب.
يضرب مثلاً لمن خير بين أشياء كلها متساوية في الرداءة.
ويقال: ذنب الكلب عمره ما يتقوم.
يضرب لمن هو على حالةٍ رديئةٍ لا يتغير عنها.
ويقال: كالكلب أنجس ما يكون إذا ابتل.
ويقال: إن الكلب يسمن من أكله.
ويقال: كلبة صارفة؛ للقحبة إذا برزت للرجال.(1/146)
أخبرنا الإمام الحافظ أبو العباس إجازة، وأنبأنا جماعة عنه، أنبأنا أبو المعالي، أخبرتنا عائشة بنت علي، أنبأنا ابن صبري والأرياحي، أنبأنا ابن الفرا، أنبأنا ابن الضراب، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر الدينوري، حدثنا عبد الرحمن بن مرزوق، حدثنا محمد بن عبد العزيز، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن ابن حبيش، عن ابن مسعود قال: والله لو أن عمر أحب كلباً لأحببت ذلك الكلب.(1/147)
((باب ما قيل من الصفات في الكلب))
قال حسان:
لله در عصابة نادمتهم ... يوماً (تخلف) في الزمان الأول
أولاد جفنة (عند) قبر أبيهم ... قبر ابن مارية الكريم المفضل
يغشون حتى ما تهر كلابهم ... لا يسألون عن السواد المقبل
((وعكسه قول الأخطل)):
قوم إذا استنبح (الأقوام) كلبهم ... قالوا لأمهم بولي على النار(1/148)
فتمسك البول بخلاً أن تجود به ... ولا تبول لهم إلا بمقدار
والخبز كالعنبر الوردي عندهم ... والقمح سبعون (إردباً) بدينار
((وقال مالك بن أسماء)):
لو كنت أحمل (خبزاً) يوم زرتكم ... لم ينكر الكلب أني صاحب الدار
لكن أتيت وريح المسك (تفغمني) ... (وعنبر الهند) مشبوب على النار(1/149)
((ولأبي الهندي في امرأته)):
منجدة مثل كلب الهراش ... إذا هجع الناس لم تهجع
((ومن قول بعضهم)):
جزى الله عني عدي بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
((وقال عمرو بن كلثوم)):
وقد هرت كلاب الحي منا ... وشذبنا قتادة من يلينا(1/150)
ولما زفت ميسون بنت (بحدل) الكلبية إلى معاوية تشوقت إلى البادية فقالت:
لبيت تخفق الأرياح فيه ... أحب إلي من قصر منيف
وأصوات الرياح بكل فج ... أحب إلي من نقر الدفوف
وكلب ينبح الطراق عني ... أحب إلي من هر ألوف
ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إلي من لبس الشفوف
وخرق من بني عمي كريم ... أحب إلي من علجٍ عليف
فقال معاوية: ما رضيت حتى جعلتني علجاً عليفاً.(1/151)
((باب)) (الحكمة في جعل الله للآدمية ثديين، وكذلك الشاة والبقرة، وللكلبة ثمانية)
من حكمة الله -تعالى- أن جعل للآدمية ثديين؛ لأنها ربما ولدت ولدين، وأما الزيادة عليها فنادر، وكذلك الشاة والبقرة، وأما الكلبة فجعل لها ثمانية؛ لأن الغالب عليها أنها تلد الثمانية والسبعة والستة، فيحتاج كل واحدٍ إلى واحد.(1/152)
((باب تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم شرفات الحي بأنياب الكلاب))
وقال سفيان بن عيينة: عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثلت لي الحيرة كأنياب الكلاب، وأنكم ستفتحونها)).(1/153)
((باب قوله عليه السلام: (لا تضعوا الدر في أفواه الكلاب) ))
أخبرنا أبو العباس بن حجر إجازة، وأخبرنا أبو العباس القابوني عنه ابنه، نا أبو العباس الزينبي وسعد القمني قال الأول: أخبرتنا سامية بنت البكري، أنبأنا ابن طبرزذ ح.
وأخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن الرزاد، أنبأنا عبد الرحمن ابن أبي الفهم، أنبأنا أبو علي الفارسي ح.
قال ابن المحب: وأنبأنا والدي والمزي وغير واحد، أنبأنا ابن البخاري ح.
وأخبرنا جدي وغيره، وأنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري قال هو والفارسي: أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا القاضي أبو بكر الأنصاري، حدثنا أبو طالب القارئ، أنبأنا ابن عمر وعثمان المستملي، أنبأنا أبو القاسم البغوي، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا يحيى بن عيينة بن أبي اليزار، عن محمد بن حجارة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تطرحوا الدر في أفواه الكلاب)).
قال محمد بن بكار: أظنه يعني العظم.(1/154)
((باب ما ضرب من مثل هذه الأمة بكلبة عوى جراؤها في بطنها))
أخبرنا ابن الطحان وأبو عبد الله الحلبي وغير واحد، أنبأنا الصلاح بن أبي عمير، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا حنبل، أنبأنا ابن الحصين، أنبأنا ابن المذهب، أنبأنا أبو بكر القطيعي، أنبأنا عبد الله بن الإمام أحمد، حدثنا يحيى بن حماد بن أبي عوانة، عن عطاء بن السائب، عن ربيعة، عن عبد الله بن عمرو أنه حدثهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ضاف ضيف رجلاً من بني إسرائيل وفي داره كلبة مجح، فقالت الكلبة: والله لا أنبح ضيف أهلي، قال: فعوى جراؤها في بطنها، قال: قيل: ما هذا؟ فأوحى الله -عز وجل- إلى رجلٍ منهم: ((هذا مثل أمة تكون من بعدكم يقهر سفهاؤها أحلامها)).(1/155)
((باب لأن يري أحدكم بعد أربع وخمسين ومائة (سنة جرو كلب خير من أن يربي ولداً لصلبه) ))
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا الحرستاني والخشوعي قالا: أنبأنا أبو محمد السلمي، أنبأنا عبد العزيز الكتاني، أنبأنا أبو القاسم الرازي، حدثنا أبو الحسن أحمد بن سليمان، حدثنا محمد بن عوف الحمصي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عبد الله بن السمط، حدثنا صالح بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لأن يربي أحدكم بعد أربع وخمسين ومائة سنة جرو كلب خير له من أن يربي ولداً لصلبه)).(1/156)
((باب مافي الكلب من الصفات الحميدة))
قال الدميري: الكلب حيوان شديد الرياضة، كثير الوفاء، وهو لا سبع ولا بهيمة حتى كأنه من الخلق المركب؛ لأنه لو تم له طباع السبعية ما ألف الناس، ولو تم له طباع البهيمة ما أكل لحم الحيوان.
ومن طبعه أنه يحرس ربه، ويحمي حرمه شاهداً وغائباً ذاكراً وغافلاً، نائماً ويقظاناً، وهو أيقظ الحيوان عيناً في وقت حاجته إلى النوم، وغالب نومه بالنهار عند الاستغناء عن الحراسة، وهو في نومه أسرع من فرس، وأحذر من عقعق، وإذا نام كسر أجفان عينيه ولا يطبقهما لخفة نومه.
ومن عجيب طباعه أن يكرم الجلة من الناس وأهل الوجاهة، ولا ينبح على أحدٍ منهم، وربما حاد عن طريقهم،وينبح على الصغير، والأسود من الناس، والرث الثياب، والضعيف الحال، ومن طباعه البصبصة والترضي والتودد(1/157)
والتآلف، ويجيب إذا دعي بعد الضرب، وإذا طرد رجع، وإذا لاعبه ربه عضه العض الذي لا يؤلمه، وأضراسه لو أنشبها في الحجر لانتشبت، ويقبل التأديب والتلقين والتعليم حتى لو وضعت على رأسه مسرجة وطرح له مأكول لم يلتفت إليه ما دام على تلك الحالة، وإذا أخذت المسرجة عن رأسه وثب إلى مأكوله.(1/158)
((باب نصح الكلب أهله))
حكى محمد بن حرب قال: دخلت على العنابي، فوجدته جالساً على حصير وبين يديه شراب في إناء، وكلب رابض بحياله يشرب كأساً ويولغه أخرى، فقلت له: ما الذي أردت بهذا؟ قال: أطمع أنه يكف عني أذاه، ويكفيني أذى من سواه، ويشكر قليلي، ويحفظ بيتي ومقيلي، فهو من بين الحيوان خليلي.
قال ابن حرب: فتمنيت أن أكون -والله- ذلك الكلب، لأحوز هذا النعت منه.(1/159)
((باب ما روي في تضمين قاتل الكلب))
أخبرنا أبو العباس الحريري، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي، أنبأنا أبو العباس العامري، أنبأنا ابن رواحة، أنبأنا السلفي، أنبأنا الشريف أبو الفضل محمد بن عبد السلام، أنبأنا أبو علي بن سادان، أنبأنا أبو علي حامد بن عبد الله الهروي، حدثنا أبو عبد الرحمن محمد بن عيسى الهروي، حدثنا ابن أبي عمير، حدثنا يوسف بن خالد النصيري، عن الحسن بن عمارة، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في كلب الصيد إذا أصيب أربعين درهماً، وفي كلب الماشية شاة من الغنم، وفي كلب الدار فرقٌ من تراب حقاً على القاتل أن يؤديه، وحقاً على رب الدار أن يقبله.
حديث غريب، والعمل في خلافه عندنا.(1/160)
((باب خواص الكلب))
منها لحم الكلب يعلو شحمه.
وكذلك إذا ارتضعت شاة من كلبة ألبست منها ذلك.
ومن خواصه العجيبة أنه لا يلغ في دم مسلم.
وإن قطع لسان الكلب الأسود وأخذه إنسان في يده لم تنبح عليه الكلاب.
وإن أخذت قرادة من أذن كلب وأمسكها إنسان في يده خضعت له الكلاب.
وإن علقت أسنانه على صبي خرجت أسنانه بلا تعب.
وأنيابه إذا علقت على من له عضة الكلب سكن عنه وجعها، وإن علقت على من به اليرقان الظاهر نفعه، وإن حمل إنسان معه ناب كلب لم تنبح عليه الكلاب.
وذكره إذا أخذ وعلق على الفخذ هيج الباءة.
ومن كان يلقى من القونج شدة فليقم كلباً نائماً وليبل في مكانه فإنه يزول عنه من وقته ويموت الكلب.(1/161)
ونابه إذا علق على من يتكلم في نومه سكن.
ولبن الكلب إذا طلي به الشعر حلقه، وإذا شرب بالماء سكن السعال.
وبوله إذا طلي على الثآليل قلعه.
وشعر الكلب الأسود البهيم إذا علق على المصروع نفعه.
ولبن الكلبة إذا شرب نفع من السموم القاتلة ويخرج الأجنة والمشيمة.
ومن خصائص الكلب أن الأنثى تمسك على الذكر، فلا يقدر على التخلص منها إلا بعد جهدٍ جهيد، وهذا ليس لغير الكلب.
وأخبرني بعض أصحابنا أنه شرى مرة جارية، وأنها كانت تمسك على ذكره ولا يخرج بأدنى جذب، والله أعلم.(1/162)
((باب)) (ما تعبر به رؤيا الكلب في المنام)
رؤيا الكلب في النوم يعبر بعبدٍ، وبرجلٍ سفيهٍ، وبلصٍ، وإن نبح فهو سفيه مستنع طمع، وعضه ضربه، أو هم من عدو.
ورؤية كلب أهل الكهف في النوم يدل على الخوف والسجن والهروب والاختفاء.
وإن رأى أنه صار كلباً يلهث دل على الكفر.
وكلب الصيد عزٌ ورفعةٌ ورزقٌ.
وكلب الماشية رجلٌ صالحٌ غيورٌ على الأهل والجيران.
ومن رأى كلباً مزق ثيابه فهو سفيه يقع فيه، وينال من عرضه.
والكلبة امرأة دنيئة من قوم معاندين.
والجرو ولد فإن كان أبيض فهو ولد مؤمن، وإن كان أسود ساد قومه.
وقيل: الجرو لقيط سفيه، والكلب الكلب رجل شديد الأذى.
وكلب الراعي عبد سلطان، إن كان أبيض فهو مملوك، وإن كان أسود فهو عبد.(1/163)
ومن رأى كأنه يصيد بالكلام فإنه يعطى بغيته، وينال مناه.
وقيل: الكلاب في النوم أعوان الظلمة.
وقيل: طلبة الدنيا.
وقيل: الكلب عدوٌ ضعيفٌ سريع الانقلاب إلى الصداقة.
ومن رأى كأنه يحلب لكلبه لبناً فهو رزق ودر يحصل له من امرأة، وإن رأى كلباً يلغ في دمه فهو رجل يقتل له قريباً من ولده.
وسأل رجل ابن سيرين أنه رأى كأن كلبين يقتتلان على فرج امرأته فقال: إنها أخذت ما عليه من الشعر بالمقراض.(1/164)
((باب كلب الكلب وأحكامه))
قال في حياة الحيوان: يعرض للكلب أمراضٌ سوداويةٌ في زمانٍ مخصوصٍ، ويعرض للكلب الكلب، وهو بفتح اللام، وهو داء شبه الجنون، وعلامة ذلك أن تحمر عيناه، ويعلوهما غشاوة، وتسترخي أذناه، ويندلع لسانه، ويكثر لعابه ويسيل من فمه وأنفه، ويطأطئ رأسه، و(يتحدب) ظهره، ويتعوج صلبه إلى جانب، ولا يزال (يدخل) ذنبه بين رجليه، ويمشي خائفاً مغموماً كأنه سكران، ويجوع فلا يأكل، ويعطش فلا يشرب، وربما رأى الماء فيفزع منه، وربما يموت منه خوفاً.
وإذا لاح له شبح حمل عليه من غير نبح، والكلاب تهرب منه فإن دنا منها غفلة بصبصت له وخشعت بين يديه، فإن عقر (هذا الكلب) إنساناً عرضت له أمراض ردية: منها أن يمتنع من شرب الماء حتى يهلك عطشاً، ولا يزال يستقي حتى إذا سقي الماء لم يشربه، فإذا (استجمعت) هذه العلة به فقعد للبول خرج منه شيء على هيئة صور الكلاب الصغار.
وقال بعض الأطباء: هي حالة كالجذام تعترض الكلب والذئب وابن(1/165)
آوى وابن عرس، والثعلب، وقال غيره: هو جنون يصيب الكلاب فتموت وتقتل كل شيء عضته إلا الإنسان فإنه قد يعالج فيسلم.
وذكر القزويني في عجائب المخلوقات أن بقرية من أعمال حلب بئراً يقال له: بئر الكلب، إذا شرب منها من عضه الكلب برئ، وهو مشهور.
قال: وقد أخبرني بعض أهل القرية أن المكلوب إذا لم يتجاوز أربعين يوماً وشرب منها برئ أما إذا جاوز الأربعين فإنه يموت ولو شرب منها، وذكر أنه شاهد ثلاثة أنفس مكلوبين شربوا منها فسلم اثنان فكانا لم يبلغا الأربعين ومات الثالث وكان قد جاوز الأربعين، والبئر يشرب منها أهل الضيعة.(1/166)
((باب جواز اقتناء الكلب للحرث))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا همام، عن يحيى، حدثني أبو سلمة أن أبا هريرة حدثه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أمسك كلباً ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو كلب ماشية)).
قاله إلى البخاري: حدثنا معاذ بن فضالة بن هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أمسك كلباً فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو كلب ماشية)) قال ابن سيرين وأبو صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((إلا كلب غنمٍ أو حرثٍ أو صيدٍ أو ماشية)).
قاله إلى البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن يزيد بن حصيفة أن السائب بن يزيد، حدثه أنه سمع سفيان بن أبي زهير -رجل من أزد(1/167)
شنوءة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -(قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله كل يوم قيراط)) قلت: أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي ورب هذا المسجد.(1/168)
((باب من رخص في صيد الكلب وإن أكل))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغيره، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا أبو عمر بن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الأشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: كل وإن أكل -يعني ما صاده الكلب-.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا ابن فضيل بن عياض، عن منصور، عن أبي جعفر وسعد وسلمان أنهم لم يروا بأساً إذا أكل من صيده أن يأكل من صيده.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن نمير ووكيع، عن ابن أبي ذئب، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن حميد، عن مالك قال: سألت سعد بن أبي(1/169)
وقاص قلت: إن لنا كلاباً ضوارياً نرسلها على الصيد فتأكل وتقطع؟ فقال: كل وإن لم يبق إلا بضعة.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو داود، عن هشام، عن قتادة، عن سعيد ابن المسيب قال: سألته عن الكلب يرسل على الصيد، فقال: كل وإن أكل ثلثيه، فقلت: عمن؟ قال: عن سلمان.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا داود، عن الشعبي، عن أبي هريرة، قال: إذا أرسلت كلبك فأكل فكل وإن أكل ثلثيه.(1/170)
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن شعبة، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، عن سلمان قال: إن أكل ثلثيه فكل الثلث الباقي.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر قال: كل من صيد الكلب وإن أكل من طريدته.
حدثنا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر قال: إذا أكل الكلب فكل وإن لم يبق إلا بضعة.(1/171)
((باب الكلب يذهب إلى الصيد فيذهب معه كلب غيره))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا أبو نعيم، حدثنا زكريا، عن عامر، عن عدي بن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض فقال: ((ما أصاب بحده فكل، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ)).
وسألته عن صيد الكلب فقال: ((كل ما أمسك عليك، فإن أخذ الكلب ذكاة، فإن وجدت مع كلبك أو كلابك كلباً غيره فخشيت أن يكون أخذه معه وقد قتله فلا تأكل فإنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكر على غيره)).
قاله إلى البخاري: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السفر، عن الشعبي قال: سمعت عدي بن حاتم أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أرسل كلبي فأجد معه كلباً آخر؟ قال: ((فلا تأكل فإنك إنما سميت على كلبك ولم تسم على آخر)).(1/172)
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغيره، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا أبو عمر بن عبد البر أن أبا عمر الإشبيلي قال: أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن فضيل، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي ابن حاتم قال: قلت يا رسول الله إنا قوم نصيد فما يحل لنا مما يحرم علينا؟ قال: ((يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه)) قال: قلت: وإن قتل؟ قال: ((وإن قتل، وإن خالطها كلاب أخر فلا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أخذه)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عباد بن العوام، عن جميل بن زيد قال: سألت ابن عمر عن صيد الكلاب فقال: أليست مقلدة؟ قال: قلت: بلى، انطلقت أقودها، قال: أكلها تقود، قال: قلت: منها ما أقود ومنها ما يتبعني، قال: إذا رأيت الصيد وخعلت كلبك وذكرت اسم الله فكل ما صاد، وأما الكلب التابع فإن أخذه فلا بأس به إلا أن يأخذه حياً فتذبحه، وأما أن يفترسه كلب لم ترسله فذلك حرام.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو بكر عن أسامة بن زيد قال: سألت القاسم(1/173)
عن الرجل يرسل الكلب المعلم فيأخذ الصيد فيقتله فيجد معه كلاب غير معلمة؟. قال: فإن كان يعلم أن كلبه المعلم قتله فليأكل، وإن شك فلا يدري لعل غير الكلب شركه فلا يأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: إذا رد الكلب الذي ليس بمعلم على الكلب المعلم صيداً فقد (فسد).(1/174)
((باب التسمية عند إرسال الكلب))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا المزي، أنبأنا ابن البخاري، أنبأنا الشيخ موفق الدين بن أبي زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور محمد بن الحسين، حدثنا أبو طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا أبو عبد الله بن ماجه، حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا بيان ابن بشر، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إنا قومٌ نصيد بهذه الكلاب، قال: ((إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل ما أمسكن عليك)).(1/175)
((باب إذا أرسله ونسي أن يسمي الله -عز وجل-))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغيره، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا أبو عمر بن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث، عن (حجاج) قال: سألت عطاء عن الرجل ينسى أن يسمي على كلبه فيقتل، قال: يأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن سفيان، عن ابن حرملة، عن سعيد ابن المسيب، في الرجل يرسل كلبه وينسى أن يسمي، قال: لا بأس به.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أسباط، عن مغيرة بن مسلم، عن عمرو بن(1/176)
دينار، عن ابن عباس قال: سئل عن رجل أرسل كلبه ولم يسم، قال: المسلم فيه اسم الله -عز وجل-.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى، حدثنا معمر، عن الزهري قال: إذا أرسل كلبه فنسي أن يسمي فليأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة عن الرجل يرسل كلبه وصقره فينسى أن يسمي، فيقتله، قال: يأكل.(1/177)
((باب إذا نسي أن يسمي ثم سمى قبل أن يقتل))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن (غياث) أنبأنا أبو عمر بن عبد البر، أنبأنا أبو [عمر] الأشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيم قال: إذا رميت بالسهم ولم تسم فذكرت قبل أن يقتل الصيد، ثم سميت، ثم قتله فكل، والكلب مثل ذلك.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة، عن هشام، عن الحسن قال: إذا انفلت الكلب وصاحبه لا يشعر فقال بعدما يطلب الكلب الصيد: بسم الله، فأصاد الكلب فليأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن زهير، عن جابر،(1/178)
عن عامر قال: إذا أرسلت كلبك أو سهمك فنسيت أن تسمي -أي حين ترسله- ثم سميت قبل أن يأخذه فلا تأكل حتى تسمي حين ترسله.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن أنه قال في الرجل رمى ونسي أن يذكر اسم الله قال: كان لا يرى به بأساً.(1/179)
((باب الرجل يرسل كلبه على صيد فيأخذ صيداً غيره))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن في رجلٍ أرسل كلبه على صيدٍ فيأخذ غيره، قال: لا بأس به.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا حفص، عن حجاج، عن عطاء قال: سألته عن الرجل يرمي الصيد فيصيب غيره، قال: يأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا هشيم، عن يونس، عن الحسن في رجلٍ (رمى) صيداً وسمى عليه فأصاب غيره، قال: لا بأس.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا هشيم، عن مغيرة، عن إبراهيم مثله.
(قاله) إلى ابن أبي شيبة: حدثنا شريك، عن جابر، عن عامر في الرجل(1/180)
يرمي الصيد ولا يتعمد فيصيب أحدهما، قال: يأكل إذا ذكر اسم الله.(1/181)
((باب في صيد كلب المشرك))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر، قال: حدثني قتادة، عن سعيد بن المسيب في كلب المشرك قال: إنما هو كشفرته.
قال: وقال الزهري: إذا كنت أنت تصيد به فلا بأس.(1/182)
((باب صيد كلب اليهودي والنصراني))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغيره، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث عن ليث، عن مجاهد أنه كره صيد كلب المجوسي واليهودي والنصراني.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عباد بن العوام، عن هشام، عن الحسن أنه كان يكره أن يستعين المسلم بكلب المجوسي فيصيد به، ولا يرى بأساً أن يستعين بكلب اليهودي ولا النصراني فيصيد به.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا محمد بن فضيل، عن حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لا بأس بصيد اليهودي والنصراني وذبائحهم، ولا خير في صيد(1/183)
المجوس وذبائحهم.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبدة بن سليمان، عن سعيد، عن قتادة، عن الحسن أنه كان يكره أن يستعير الرجل كلب المجوسي أو النصراني أو اليهودي فيصيد به، ويقول: ما علمتم أنتم.(1/184)
((باب صيد كلب المجوسي))
أخبرنا أبو العباس الحريري، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي، أنبأنا ابن أبي عمرو بن البخاري، أنبأنا شيخ الإسلام موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور المقومي، أنبأنا أبو طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا أبو عبد الله بن ماجه، حدثنا (عمرو بن عبد الله)، حدثنا وكيع، عن شريك، عن حجاج بن أرطأة، عن القاسم بن أبي بزة، عن سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد الله قال: نهينا عن صيد كلبهم وطائرهم -يعني المجوس-.
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا [أبو عمر] الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي(1/185)
شيبة، حدثنا ابن ادريس، عن ليث، عن مجاهد، قال: لا يصيد بكلب المجوسي، ولا يأكل من صيده.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن رجل، عن إبراهيم أنه كره صيد كلب المجوسي.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم قال: كلبه كسكينه.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، عن حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر قال: لا خير في صيد المجوسي، ولا بازه، ولا في كلبه.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن سفيان عن ليث عن مجاهد وعطاء أنهما كرها صيد كلب المجوسي.(1/186)
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن (أبي جعفر) أنه كره صيد كلب المجوسي.
قاله إلى ابن أبي شيبة: سمعت وكيعاً يقول: سمعت سفيان يكره صيد كلب المجوسي حتى يأخذ من تعليم المسلم.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد القطان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: قلت: المجوسي يرسل إلي بازه؟ قال: نعم.
قاله إلى ابن أبي شيبة: (حدثنا عيسى) بن يونس، عن هشام، عن الحسن في طير المجوسي قال: لا يأكل.(1/187)
((باب إذا أدرك الصيد مع الكلب وبه رمق))
أخبرنا أبو عبد الله التاج، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم قال: إذا أخذت الصيد وبه رمق فمات في يدك فلا تأكله.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا ابن إدريس، عن (ابن) جريج، عن عطاء قال: إذا كنت في تخليص الصيد فسبقك بنفسه فلا بأس أن تأكله، وإن تربصت به فمات فلا تأكله.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا سهل بن يوسف، عن شعبة قال: سألت الحكم عن الرجل يدرك الصيد وبه رمق فيدع الكلب حتى يقتله؟ قال: لا يأكله.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو داود، عن أبي حرة، عن الحسن في رجلٍ(1/188)
أدرك كلبه على صيد فأدرك الصيد وبه رمق فمات في يده فقال: إذا كان الكلب مكلباً فليأكل.(1/189)
((باب في الرجل يرسل الكلب ويسمي ولم ير صيداً))
أخبرنا القاضي أبو حفص، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عبد الوهاب الثقفي، عن خالد، عن معاوية، بن قرة قال: كان أحدهم يرسل كلبه ويسمي ولا يرى صيداً، فإذا صاد أكله.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا حفص عن حجاج قال: سألت عطاء عن الكلاب تنفلت من مرابطها فتقتل؟ قال: لا بأس به.(1/190)
((باب ما (يدعو) (به) الرجل إذا أرسل كلبه))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص، عن حجاج، عن معروف قال: خرجنا بكلاب فلقينا ابن عمر فقال: إذا أرسلتموها فسموا الله عليها، وقولوا: اللهم (اهد) صدورها.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا ابن مهدي عن زهير بن محمد، عن عبد الله ابن أبي بكر أن أباه كان إذا أرسل كلابه قال: اللهم (اهد) صدورها.(1/191)
((باب الكلب يشرب من دم الصيد))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر [الإشبيلي]، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا (ابن) مخلد، أنبأنا ابن أبي شيبة، حدثنا يزيد ابن هارون، عن أشعث، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: إن شرب من دمه فلا تأكل فإنه لم يعلم ما علمته.
قاله إلى ابن أبي شيبة: (حدثنا) (حفص) بن غياث، عن ابن جريج، عن عطاء قال: إن أكل فلا تأكل، وإن شرب فكل.
حدثنا حفص، عن أشعث، عن الشعبي قال: إن أكل فلا تأكل، وإن(1/192)
شرب فلا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا حفص، عن أشعث، عن الحسن قال: إن أكل فكل، وإن شرب فكل.(1/193)
((باب في صيد الكلب الأسود البهيم))
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا الشيخ موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور المقومي، أنبأنا أبو طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا أبو عبد الله بن ماجه: حدثنا عمرو بن عبد الله، حدثنا وكيع، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد ابن هلال، عن (عبد الله بن) الصامت، عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلب الأسود البهيم، فقال: ((شيطان)).
وبالسند إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن يونس، عن الحسن أنه كره صيد الكلب الأسود البهيم.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن أبي معشر، عن إبراهيم أنه كرهه.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الوهاب، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة أنه كان يكره صيد الكلب الأسود ويقول: أمر بقتله فكيف يؤكل من صيده؟.(1/194)
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى، عن هشام، عن أبيه أنه كره صيد الكلب الأسود البهيم.(1/195)
((باب الاختلاف في نقص الأجر باقتناء الكلب هل هو قيراط أو قيراطان؟))
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن الزبيدي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا الفربري، أنبأنا البخاري، حدثنا معاذ بن فضالة، حدثنا هشام، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أمسك كلباً فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث، أو ماشية)).
قاله إلى البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، أنبأنا مالك، عن يزيد بن خصيفة، أن السائب بن يزيد حدثه، أنه سمع شعيب بن أبي زهير -رجل من أزد شنوءة وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم- قال: سعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله كل يوم قيراط)).
أخبرنا جدي، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا الشيخ موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور المقومي، أنبأنا أبو(1/196)
طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتنى كلباً فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرثٍ، أو ماشية)).
قاله إلى ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن عبد الله، عن أبي شهاب، حدثني يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا منها الأسود البهيم، وما من قومٍ اتخذوا كلباً إلا كلب ماشيةٍ، أو كلب صيدٍ، أو حرثٍ إلا نقص من أجورهم كل يوم قيراطان)).
قاله إلى ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا مالك بن أنس، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن سفيان بن أبي زهير، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني عنه زرعاً ولا ضرعاً نقص من عمله كل يوم قيراط)) فقيل له: أنت سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قال: إي ورب هذا المسجد.
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد، حدثنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا ابن غياث، أنبأنا ابن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي،(1/197)
أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة.
حدثنا ابن عيينة، عن عبد الله بن دينار قال: ذهبت مع ابن عمر إلى بني معاوية، فنحبت علينا كلاب فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتنى كلباً إلا كلب ضاريةٍ، أو ماشيةٍ نقص من أجره كل يوم قيرطان)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا ابن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يوم قيراطان)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن حنظلة، عن سالم، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية نقص من أجره كل يومٍ قيراطان))، قال: وقال سالم: وقال أبو هريرة: ((أو كلب حرث)).(1/198)
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر زاد فيه: ((أو كلب مخافة)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله قال: من اقتنى كلباً إلا كلب قنصٍ أو ماشيةٍ نقص من عمله كل يومٍ قيراط.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن عمر بن الوليد (...)، عن عكرمة قال: إلا كلب زرعٍ، أو كلب قنصٍ، أو كلب ماشية أو كلب مخافة.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى، عن زيد، عن مكحول، قال: من(1/199)
اقتنى كلباً ليس بكلب صيد ولا ماشية نقص من أجر أهل بيته كل يوم قيراط.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عفان، حدثنا (سليمان) بن حبان، قال: سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اتخذ كلباًَ ليس بكلب زرعٍ ولا صيدٍ ولا ماشيةٍ فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراط)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا خالد بن مخلد، عن مالك بن أنس، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد، عن سفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من اقتنى كلباً لا يغني عنه [زرعاً ولا ضرعاً] نقص من أجره كل يوم قيراط)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أمامة، عن عبد الله، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من اقتنى كلباً نقص من أجره كل يوم قيراط)).(1/200)
((باب إذا كان الكلب في الدار فيها الناس نقص من أجر كل واحد منهم بقيراط))
أخبرنا جدي، أنبأنا الصلاح بن أبي [عمر]، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا الشيخ موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور المقومي، أنبأنا ابن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن شيبة، حدثنا أحمد بن (عبد) الله، عن أبي شهاب، حدثني يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عبد الله من مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من قوم اتخذوا كلباً إلا كلب ماشيةٍ، أو كلب صيدٍ، أو كلب حرثٍ إلا نقص من أجورهم كل يوم قيراطان)).
وبالسند إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الأعلى، عن يزيد، عن مكحول قال: ((من اقتنى كلباً ليس بكلب صيدٍ ولا ماشيةٍ نقص من أجر أهل بيته كل يوم قيراط)).(1/201)
((باب من اقتنى عدة كلاب نقص من أجره بعددهم))
وقد ورد عن ابن عمر وغيره من الصحابة أنه مر على أهل بيت فنبحته كلاب لهم فقال: يا أهل الدار قد أسقطتم أعمالكم.
وقال (الجاحظ): روي أن جماعة من الصحابة ذهبوا بيت رجل من الأنصار يعودوه من مرض فهرت في وجوههم كلاب في دار الأنصاري (فقال بعضهم لبعض) لا تدع هؤلاء من أجر فلان شيئاً، كل كلب من هؤلاء ينقص من أجره كل يوم قيراط.
قال الدميري: فدل على أن القيراط يتكرر بتكرار الكلاب.
وقال السبكي: .. .. ..(1/202)
لا يتعدد.(1/203)
((باب إذا اقتنى أهل بيت كل واحد منهم كلباً هل ينقص من أجورهم بعدد الكلاب، أو كل واحد بكلبه، والأمر يحتمل؟))
قال الدميري في مقتني الكلب: في الحديث ينقص من أجره كل يوم ((قيراطان))، وفي رواية ((قيراط)) وكلاهما في الصحيح، قال: وحمل ذلك على نوعٍ من الكلاب (إذ) بعضها أشد أذى من بعض، أو لمعنى فيها، أو يكون ذلك مختلفاً باختلاف المواضع، فيكون القيراطان في المدن ونحوها، والقيراط في البوادي، أو باختلاف زمنين، أو كان شيئاً ثم زيد فيه للتغليظ أو نقص منه.
قال: والمراد بالقيراط مقدار معلوم عند الله -تعالى-.(1/204)
قال: واختلفوا في المراد بالنقص:
فقيل: فيما مضى من عمله.
وقيل: في مستقبل عمله.
وقيل: في عمل يومه وليله اللذين هو فيهما مقتنٍ للكلب.
وقيل: قيراط من عمل الفرض (وقيراط) من عمل النفل.(1/205)
((باب ما قيل أن أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح عليه السلام))
قال الدميري: أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح -عليه السلام-.
روى ابن سلمة بإسناده، عن علقمة، عن عبد الله أنه قال: أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح -عليه السلام- وذلك أنه قال: يا رب أمرتني أن أصنع الفلك وأنا في صناعته أصنع أياماً فيجيئون بالليل فيفسدون كل ما عملت، فمتى (يتم) لي ما أمرتي به، فقد طال علي (أمري)؟ فأوحى الله -تعالى- إليه: ((يا نوح، اتخذ كلباً يحرسك))، فاتخذ نوح -عليه السلام- كلباً، فكان يعمل بالنهار وينام بالليل، فإذا جاء قومه ليفسدوا عمله بالليل (نبحهم) الكلب فينتبه نوح -عليه السلام- فيأخذ الهراوة ويثب إليهم (فينهزمون)، (فتم) له ما أراد.(1/206)
((باب ما قيل: إن النقص يختص بالمسلم. وأما الكافر فلا يدخل فيه))
اختلف في ذلك:
فقيل: هو خطاب للمسلمين.
وقيل: بل يتناول الكفار، ويزاد عليهم من الإثم بقدر ذلك.(1/207)
((باب)) (اتخاذ كلب الصيد لمن لا يصيد به)
إذا اتخذ كلب صيد ولكن لا يصيد به فإن كان من نيته أن يصيد به جاز، ولم ينقص من أجره، وإن لم يكن ذلك من نيته نقص من أجره، قاله الدميري وغيره.(1/208)
((باب)) (حكم اقتناء كلب الماشية بعد زوالها. وحكم إيجاده لحفظ الدروب والدور)
إذا أعد كلباً للماشية، ثم زالت الماشية لم يجز له اقتناؤه، ونقص أجره بإيجاده.
قال الدميري: لكن يحرم اقتناء كلب الماشية قبل (شرائها)، وكذلك كلب الزرع والصيد لمن لا يزرع ولا يصيد، فلو خالف واقتنى نقص من أجره.
وذكر أن أصحابهم اختلفوا، هل يجوز إيجاد الكلب لحفظ (الدروب والدور)؟، على وجهين، قال: أصحهما الجواز.(1/209)
((باب لو كان يكفيه للحرث والزرع والماشية كلب واحد فاتخذ عدة فهل يباح؟))
قال بعضهم: يباح الكل، ولا ينقص أجره بما زاد على الواحد، وعليه يدل عموم الحديث.
وقال بعضهم: إنما يباح الواحد، وينقص أجره بما زاد عليه.(1/210)
((باب)) (اتخاذ الجرو الصغير للصيد والماشية)
لو كان المتخذ للصيد أو الماشية جرواً صغيراً لا يوجد ذلك فيه في الحال، ولكنه يئول إليه فالظاهر الجواز، ولا ينقص أجره، وعليه يدل عموم الحديث.(1/211)
((باب))
لا فرق بين الكلب المأذون فيه والذي ليس بمأذونٍ فيه (وينقص) به الأجر بين الرجل والمرأة، والحر والعبد.
((باب))
من قال: لا يجوز إيجاد الكلب ليدل الضيفان على مكان كما كانت العرب تفعل، وليس ذلك من الأمور المأذون من أجلها.(1/212)
((باب))
لو كان المتخذ للصيد والماشية والحرث كلبة لها جراء صغار ليس بمحتاجٍ إليهم، ولا يوجد منهم ذلك، فهل ينقص الأجر بهم؟
فيه خلاف.
((باب)) (امتناع الملائكة من دخول المسجد الذي فيه كلب)
ما قيل: إن الملائكة تمتنع من المسجد الذي فيه كلب كما تمتنع من البيت؛ لأنه داخل في مسمى البيت، ولأن العلة الموجودة في البيت موجودة فيه.(1/213)
((باب)) (نقصان الأجر باقتناء غير الكلب)
لم يرد أن الأجر ينقص بغير الكلب، فلو اقتنى ذئباً أو خنزيراً أو غير ذلك من الحيوانات الردية لم ينقص أجره.
وقد قال الإمام أحمد في باب النجاسة في الخنزير: هو شرٌ من الكلب، فيحتمل على هذا أن ينقص الأجر به، والله أعلم.(1/214)
((باب ما روي أن الملائكة لا تصحب رفقة فيها كلب))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأتنا عائشة بنت عبد الهادي، أنبأنا الحجار ح.
وأخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار ح.
وأخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا الحجار، ويحيى بن محمد بن سعد، ومحمد بن أحمد بن عبد الرحمن البحدي، وست الفقهاء ابنة إبراهيم، وزينب ابنة إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي عمر، قالوا: أنبأنا إبراهيم ابن عثمان الكاشغري ح.
وقال ابن المحب: وأنبأنا أحمد بن علي بن مسعود، أنبأنا محمد بن الكمال عبد الرحيم، أنبأنا الشيخ موفق الدين قال هو والكاشغري: أخبرتنا فاطمة بنت محمد، أنبأنا أبو عبد الله بن طلحة، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله ابن بشران، أنبأنا أبو الحسين عبد الصمد بن علي بن عاصم، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس)).(1/215)
قال أبو عمرو بن الصلاح في مناسكه في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس))، فإن وقع ذلك من جهة غيره ولم يستطع إزالته فليقل: اللهم إني أبرأ إليك مما يفعل هؤلاء، فلا تحرمني صحبة الملائكة وبركتهم ومعونتهم.
قلت: فإن كانت قافلة كثيرة كركب الحجاج ونحوهم ومع واحد كلب، فهل يكون عدم صحبته الملائكة مختصاً بأصحاب الكلب ورفقتهم أو بالجميع؟. يحتمل قولين:
أحدهما: برفقة الكلب، لهذا الحديث ( ) للتعليل.
وقيل:للجميع؛ لأنه يمكنهم إزالته.
فإن كان الكلب مباح الاقتناء ككلب صيدٍ أو ماشية فهل تمتنع الملائكة من ذلك؟ يحتمل وجهين.(1/216)
((باب جواز اقتناء الكلب لأجل اللصوص))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغير واحد، أنبأنا عبد الرحمن بن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا أبو محمد بن غياث، أنبأنا أبو عمر بن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو محمد الباجي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن مخلد، أنبأنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن هشام، عن أبيه قال: رخص في الكلب في (البيت) المعمور.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن الحسن بن أبي زيد، عن أبي الفضيل قال: كان أنس يأتينا ومعه كلب له فقال: (إنه) يحرسنا.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبده، عن عبد الملك، عن عطاء في الرجل يتخذ كلباً يحرس داره فقال: لا خير فيه إلا أن يكون كلب صيد.
وقد اختلف في هذا؛ فقال بعضهم: يجوز، لأنه أكثر حاجة، وأهم من كلب الحرب والصيد.(1/217)
((باب جواز اقتناء الكلب للصيد))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردوس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، حدثنا عبيد الله، حدثنا أبي، حدثنا شعبة، عن أبي التياح سمع مطرف ابن عبد الله، عن ابن مغفل، قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب، ثم قال: ((ما بالهم وبال الكلاب)) ثم رخص في كلب الصيد، وكلب الغنم، وقال: ((إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة في التراب)).
قال مسلم: وحدثنيه يحيى بن حبيب، حدثنا خالد، يعني ابن الحرب ح.
قال: وحدثني محمد بن حاتم، حدثنا يحيى بن سعيد ح.
قال: وحدثني محمد بن الوليد، حدثنا محمد بن جعفر (ح، وحدثنا إسحاق ابن إبراهيم، أخبرنا النضرح، وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا وهب بن جرير) كلهم عن شعبة في هذا الإسناد مثله غير أن في رواية يحيى بن سعيد في الزيادة:
ورخص في كلب الغنم والصيد والزرع. وليس ذكر الزرع في رواية غير(1/218)
يحيى.
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح ابن أبي عمر وغيره، أنبأنا الفخر بن البخاري، أخبرنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود، حدثنا الحسن بن علي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من اتخذ كلباً إلا كلب ماشيةٍ أو صيدٍ أو زرعٍ انتقص من أجره كل يوم قيراط)).
أخبرنا أبو العباس والحريري وغيره، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي وغيره، أنبأنا ابن البخاري وابن أبي عمر وغيرهما، أنبأنا شيخ الإسلام موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا أبو منصور محمد بن الحسين أنبأنا أبو طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة، حدثنا شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت مطرفاً يحدث عن عبد الله بن مغفل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب، ثم قال: ((ما لهم وللكلاب)) ثم رخص لهم في كلب الصيد)).
قاله إلى ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن عبيد الله، عن ابن شهاب، حدثني يونس بن عبيد، عن الحسن، عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها، فاقتلوا(1/219)
منها الأسود البهيم، وما من قوم اتخذوا كلباً إلا كلب ماشيةٍ، أو كلب صيدٍ، أو كلب حرثٍ إلا نقص من أجورهم كل يوم قيراطان)).(1/220)
((باب لا يبسط ذراعيه في الصلاة انبساط الكلب))
أخبرنا أبو العباس الفولابي، أنبأنا ابن بردس، أنبأنا ابن الخباز، أنبأنا الإربلي، أنبأنا الفراوي، أنبأنا الصاعدي، أنبأنا الجلودي، أنبأنا إبراهيم بن سفيان، أنبأنا مسلم بن الحجاج، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن شعبة، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب)).(1/221)
أخبرنا الجماعة، أنبأنا ابن الزعبوب، أنبأنا الحجار، أنبأنا ابن اللتي، أنبأنا السجزي، أنبأنا الداودي، أنبأنا السرخسي، أنبأنا أبو عمران السمرقندي، أنبأنا أبو محمد الدارمي، حدثنا هاشم بن القاسم وسعيد بن الربيع، قال: حدثنا شعبة، عن قتادة قال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اعتدلوا في الركوع والسجود، ولا يبسط أحدكم ذراعيه بساط الكلب)).
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن الحرستاني والخشوعي، قال: أنبأنا السلمي، أنبأنا الكتاني، أنبأنا أبو القاسم الرازي، أنبأنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله بن صلة الطرسوسي، حدثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان الثوري، عن الأعمش عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب)).(1/222)
((باب إباحة صيد الكلب المعلم وتحريم صيد غير المعلم))
أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن طبرزذ، أنبأنا أبو الفتح الدومي، أنبأنا الخطيب، أنبأنا أبو عمر الهاشمي، أنبأنا أبو علي اللؤلؤي، أنبأنا أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، حدثنا مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما علمت من كلبٍ أو بازٍ ثم أرسلته وذكرت اسم الله فكل مما أمسك عليك)) قلت: وإن قتل؟ قال: ((إذا قتله ولم يأكل منه شيئاً فإنما أمسك عليك)).
قاله إلى (أبي داود): حدثنا محمد بن كثير، حدثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي (السفر) عن الشعبي قال: قال عدي بن حاتم: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: أرسل كلبي؟ قال: ((إذا سميت فكل، وإلا فلا تأكل، وإن أكل منه فلا تأكل، فإنما أمسكه لنفسه)) فقال: أرسل كلبي (فأجد) عليه كلباً آخر؟ فقال: ((لا تأكل، لأنك إنما سميت على كلبك)).(1/223)
قاله إلى أبي داود: حدثنا (هناد) بن السري، عن ابن المبارك، عن حيوة بن شريح قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس عائذ الله قال: سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: قلت يا رسول الله إني أصيد بكلبي المعلم وبكلبي الذي ليس بمعلم؟ قال: ((ما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله (وكل) وما صدت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل)).
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن سعد وغيره، أنبأنا ابن مكي، أنبأنا ابن بشكوال، أنبأنا أبو محمد بن غياث، أنبأنا أبو عمر بن عبد البر، أنبأنا أبو عمر الإشبيلي، أنبأنا أبي، أنبأنا ابن يونس، أنبأنا تقي بن محمد، أنبأنا(1/224)
أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا محمد بن فضل، عن بيان، عن الشعبي، عن عدي ابن حاتم قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم قلت: إنا قومٌ نصيد بهذه الكلاب المعلمة؟ قال: ((إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل مما أمسكن عليك وإن قتلن إلا أن يأكلن، فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، فإن خالطها كلاب أخرى فلا تأكل)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن مكحول قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أرسلت كلبك المكلب فأكل منه ولم تدرك ذكاته فلا تأكل منه، وإن لم يأكل فوجدته قد مات فكل)).
قاله إلى ابن أبي شيبة:حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن الشعبي قال: قال ابن عباس: إذا أرسلت كلبك فأخذ الصيد فأكل منه فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه، وإذا أمسك عليك فكل وإن قتل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا علي (بن) هاشم، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: إذا أرسلت كلبك فأكل فلا تأكل فإنما أمسك من أجل نفسه.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا حفص، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر(1/225)
قال: إذا أكل من صيده فاضربه فإنه ليس بمعلم.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا ابن نمير، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن ابن عباس، قال: إذا أكل الكلب من الصيد فليس بمعلم.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم، عن ابن عباس قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن أبي المنهال الطائي، عن عمر، عن أبي هريرة قال: سألت عن صيد الكلب فقال: (أدبه) وأرسله واذكر اسم الله وكل ما أمسك عليك ما لم يأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا جرير، عن المغيرة، عن إبراهيم قال: إذا أكل الكلب من الصيد فلا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن طاوس، عن أبيه في الكلب يأكل إنما أمسك على نفسه ولم يمسك عليك، فلا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء قال: هو ميتة، يعني إذا أكل.(1/226)
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أبي سلمة، عن عكرمة قال: إذا أكل فلا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن عبيد بن عمير قال: إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله فكل وإن قتل، قال سفيان: وأشك في الباز.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن حبيب ابن أبي عميرة، عن سعيد بن جبير في الكلب يأكل من صيده قال: لا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن ابن عون، عن الشعبي قال: إذا أكل الكلب فلا تأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر بن عبد الأعلى،(1/227)
عن سويد بن غفلة قال: إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فكل، ما لم يأكل.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن يونس، عن الشعبي وأبي بردة قالا: صيد الكلب إن أكل فلا تأكل.
حدثنا يزيد بن هارون، عن (جويير)، عن الضحاك في الكلب إذا كان معلماً فأصاب صيداً فأكل منه فلا تأكل، وإن قتل فأمسك عليك فكل.(1/228)
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا داود، عن الشعبي قال: إذا أرسلت كلبك فأكل فإنما أمسك على نفسه فلا تأكل فإنه لم يتعلم ما علمته.
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن حباب، عن موسى بن عبيد، حدثني أبان بن صالح، عن القعقاع عن حكيم، عن سلمى أم رافع، عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أرسل الرجل صائده وذكر اسم الله فليأكل، ما لم يأكل)).
قاله إلى ابن أبي شيبة: حدثنا يزيد بن هارون، عن حجاج، عن مكحول، عن أبي ثعلبة الخشني، وعن الوليد بن أبي مالك، عن عايذ الله أنه سمع أبا ثعلبة الخشني قال: قلت: يا رسول الله، إنا أهل صيد، قال: ((إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فأمسك عليك فكل)) قال: قلت: وإن قتل؟ قال: ((وإن قتل)).
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا ابن ( ) والمزي ح.(1/229)
وأخبرنا أبو العباس الحريري وغيره، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي وغيره، أنبأنا ابن أبي عمرو بن البخاري ح.
وأخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، قال هو وشيخ الإسلام ابن أبي عمر: أنبأنا الشيخ موفق الدين، أنبأنا أبو زرعة المقدسي، أنبأنا ابن منصور محمد بن الحسين، أنبأنا أبو طلحة بن أبي المنذر، أنبأنا أبو الحسن القطان، أنبأنا أبو عبد الله بن ماجه: حدثنا محمد بن (المثنى)، حدثنا الضحاك بن مخلد، حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا ربيعة بن يزيد، أخبرني أبو إدريس الخولاني قال: حدثني أبو ثعلبة الخشني قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إنا بأرض (أهل) كتاب، نأكل في آنيتهم، (وبأرض) صيد، أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلم، وأصيد بكلبي الذي ليس بمعلم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما ما ذكرت أنكم في أرض أهل كتاب فلا تأكلوا في آنيتهم إلا ألا تجدوا منها بداً، فإن لم تجدوا منها بداً فاغسلوها وكلوا فيها، وأما ما ذكرت من الصيد فما (اصطدت) بقوسك فاذكر اسم الله -تعالى- وكل، وما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله -تعالى- وكل، وما صدت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل)).
قاله إلى ابن ماجه: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا(1/230)
بيان بن بشر، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب، (قال): ((إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها فكل ما أمسك عليك وإن قتلت، إلا أن يأكل الكلب، فإن أكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه، وإن خالطها كلاب أخر (غيرها) فلا تأكل)).(1/231)
((باب جملة من أخبار الكلاب))
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أنبأنا الحافظ أبو بكر بن المحب، أنبأنا القاضي سليمان، أنبأنا الحافظ ضياء الدين، أنبأنا أبو المظفر السمعاني، أنبأنا والدي، أنبأنا عبد المؤمن بن أحمد، أنبأنا أبو المحاسن الدوماني، أنبأنا إسماعيل بن عبد الرحمن، حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، حدثنا محمد بن الحسين القطان، حدثنا محمد بن يزيد، حدثنا حماد بن قيراط ونوح بن يزيد قالا: حدثنا صفوان -وأثنى عليه خيراً- قال: اكتريت إبلاً إلى الشام، فدخلت مسجداً، فصليت خلف إمامٍ، فلما انفتل من صلاته أقبل على الناس بوجهه، وذكر أبا بكر وعمر بسوءٍ، قال: فخرجت من ذلك المسجد، ورجعت من قابل، ودخلت ذلك المسجد فصليت خلف إمامٍ آخر، فلما انفتل من صلاته أقبل على الناس بوجهه وقال: اللهم ارحم أبا بكر وعمر، فقلت لرجلٍ بجنبي: ما فعل الذي كان يعلنهما؟ فقال لي: تشاء أن أريكه؟ فقلت: بلى، فأدخلني داراً، فأراني كلباً مربوطاً إلى سارية، فقال للكلب: هذا رجل ممن صلى خلفك عام أول وأنت تشتم أبا بكر وعمر، فأومأ الكلب برأسه أن نعم، فقال الرجل: قد مسخه الله كما ترى.
أخبرنا حافظ العصر أبو العباس إجازة، وأنبأنا جماعة عنه، أنبأنا أبو المعالي الأزهري، أخبرتنا عائشة بنت علي، أنبأنا أحمد بن علي، أنبأنا البوصيري والأرياحي، أنبأنا ابن الفراء، أنبأنا أبو القاسم بن الضراب، أنبأنا أبي، أنبأنا أبو بكر الدينوري، حدثنا إسماعيل بن يونس، حدثنا الرياشي، حدثنا الأصمعي(1/232)
عن مبشر بن بشير أن رجلاً من الحجاج مر بساباط فيه كلب بين (جبين) يقطر عليه ماؤهما فقال: يا ليتني كنت مثل هذا الكلب، فما برح من مكانه حتى مر بذلك الكلب في عنقه حبل، فسأل عنه فقالوا: جاء كتاب الحجاج يأمر بقتل الكلاب فأمسك.
قاله إلى الدينوري: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: قال حذيفة المرعشي: قدم شقيق البلخي مكة وإبراهيم بن أدهم بمكة، فاجتمع الناس، فقالوا: يجمع بينهما في المسجد الحرام، فجمعوا بينهما، فقال إبراهيم: حدثنا شقيق علام أصلتم أصولكم؟ فقال شقيق: إنا أصلنا أصولنا على أنا إذا رزقنا(1/233)
أكلنا، وإذا منعنا صبرنا، فقال إبراهيم: هكذا كلاب بلخ عندنا، إذا رزقت أكلت، وإذا منعت صبرت، فقال شقيق: فعلام أصلتم أصولكم يا أبا إسحاق؟ فقال: أصلنا أصولنا على أنا إذا رزقنا أثرنا، وإذا منعنا شكرنا وحمدنا، قال: فقام شقيق وجلس بين يديه.
وقال: قال حدثنا إسحاق ابن أستاذنا، أخبرنا جدي وغيره، أنبأنا الصلاح ابن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن الجوزي، أنبأنا عبد الوهاب بسنده إلى الأعمش، عن مسلم، عن مسروق قال: كان رجل بالبادية له كلب وحمار وديك، فالديك يوقظه للصلاة، والحمار ينقلون عليه الماء، ويحمل لهم خباهم، والكلب يحرسهم، فجاء الثعلب فأخذ الديك، فحزنوا لذهاب الديك، وكان الرجل صالحاً، فقال: عسى أن يكون خيراً، ثم مكثوا ما شاء الله، ثم جاء ذئب فخرق بطن الحمار، فقتله، فحزنوا لذهاب الحمار، فقال الرجل الصالح: عسى أن يكون خيراً، ثم مكثوا ما شاء الله بعد ذلك، ثم أصيب الكلب، فقال الرجل الصالح: عسى أن يكون خيراً، ثم مكثوا بعد ذلك ما شاء الله، فأصبحوا ذات يوم، فنظروا، فإذا قد سبي ما حولهم وبقوا هم، قال: وإنما أخذ أولئك لما كان عندهم من الصوت والجلبة، ولم يكن عند أولئك شيء يجلب، فذهب كلبهم وحمارهم وديكهم، فلم يحس بمكانهم.(1/234)
قاله إلى ابن الجوزي: أنبأنا عمر بن طفر قال: سمعت أحمد بن عيسى الحرار يقول: كنت يوماً أمشي في الصحراء فإذا قريب من عشرة كلاب من كلاب الرعاة قد شدوا علي، فلما قربوا مني جعلت استعمل المراقبة، فإذا كلب أبيض قد خرج من بينهم، وحمل على الكلاب فطردهم عني، ولم يفارقني حتى تباعدت عني الكلاب، ثم التفت فلم أره، وكان لي معلمٌ يختلف إلي، فعلمني الخوف، فقال لي يوماً: إني معلمك خوفاً يجمع لك كل شيء، قلت: ما هو؟ قال: مراقبة الله-عز وجل-.
قاله إلى ابن الجوزي: أنبأنا أبو حفص البغدادي، عن علي بن محمد الحلواني، قال: كان إبراهيم الخواص جالساً في مسجده بالري وعنده جماعة، فسمع علاة من الجيران، فاضطرب من ذلك من كان في المسجد،(1/235)
فقالوا: يا أبا إسحاق ما ترى، فخرج إبراهيم من المسجد نحو الدار التي منها المنكر، فلما بلغ طرف الزقاق إذا كلب رابض، فلما قرب منه إبراهيم نبح عليه، وقام في وجهه، فرجع إبراهيم إلى المسجد، وتفكر ساعة ثم قام مبادراً فخرج، فمر على الكلب فبصبص الكلب له.
فلما قرب من باب الدار خرج إليه شاب حسن الوجه، وقال: أيها الشيخ لم انزعجت؟، كنت وجهت ببعض من عندك كان يبلغ لك ما تريد، وعلى الله وميثاقه لا شربت أبداً، فكسر جميع ما كان عنده من آلة الشرب، وصحب أهل الخير، ولزم العبادة.
ورجع إبراهيم إلى مسجده، فلما جلس سئل عن خروجه في أول مرة ورجوعه، وعوده إلى الخروج مرة ثانية، وما كان من أمر الكلب فقال: نعم، إنما ينبح علي الكلب لفساد كان قد دخل علي في عقد بيني وبين الله لم أنتبه له في الوقت، فما رجعت ذكرته فاستغفرت الله -عز وجل- منه، ثم خرجت الثانية فكان ما قد رأيتموه، وهكذا كل من خرج إلى إزالة منكر أو إقامة معروف فتحركت عليه أسباب المخلوقات فذلك لفساد عقيدته بينه وبين الله -عز وجل-، وإذا وقع الأمر على الصحة لم يؤذه شيء، وكان على ما رأيتموه عياناً.
ومما وقع عندنا ونحن صغار أنه كان عندنا في الطريق كلب أحمر، وأنه جاء شخص فدفع إليه رغيفاً (فأخذه) وثم كلب أعمى كبير فجاء حتى دفعه إليه، فجاءه كلب فأخذه منه فذهب الأحمر إلى الذي أخذه فخلصه منه، ثم جاء حتى دفعه إلى الأعمى، وجلس بحذائه ينظره ويحميه من الكلاب حتى أكله.
وأخبرنا جدي أن رجلاً من (سقبا) كان يأتي ابن قاضي(1/236)
الجبل يشتغل عليه، وأنه كان يأتي معه كلب فيجلس بالباب ويقذر عليه، وأنه قال في ذلك بيتين أنشدنا جدي هما، ولكن لا يحضرني الآن إلا أحدهما وهو:
قطوف الكرم تهدى لغيري وأنا ... نصيبي منكم خرا كلب سقبا
وأخبرت أن جماعة من الحصادين مرة ذهبوا إلى الحصاد، ومعهم قدح فيه لبن، فوضعوه بمكان، واشتغلوا بحصادهم، وأن أفعى خرج إلى اللبن من جحر فشربه ثم رده في القدح، فلما جاءوا للغداء كان معهم كلب شاهد ذلك، جعل يمانعهم أكله ويعدو إلى جهة جحر الأفعى، ولا يشعرون بذلك، ولا يوعون بالهم إليه، فلما لم يعلموا بذلك وأرادوا أكله وأعيوه بادرهم فشربه، فوقع ميتاً، وسقط لحمه عن عظمه، فعرفوا أنه إنما كان يرشدهم إلى ذلك، فلما لم يعلموا وقاهم بنفسه.
ومما قيل في أمثال الدنيا:
وما هي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها
أخبرنا أبو العباس الحريري، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي وغير واحد،(1/237)
أنبأنا الفخر بن البخاري وابن أبي عمر، أنبأنا ابن الجوزي، أنبأنا ابن ناصر، حدثني محمد بن الحسين بن شداد قال: رأيت رجلاً يكرم كلباً له ويقربه ويغطيه بدراجة، فسألته عن السبب الذي استحق به هذه المنزلة، فقال: هذا خلصني من أمر عظيم كان يصحبني رجل يواكلني ويعاشرني منذ سنين، فخرجنا في قتالٍ، وعدنا، فلما قربنا من منازلنا، وكان في وسطي هميان فيه دنانير كثيرة، ومعي متاع كثير، فدية من الغنيمة، فنزلنا في مكانٍ فأكلنا، فعمد إلي صاحبي فأوثقني كتافاً، ورمى بي في وادٍ، وأخذ كل ما كان معي ومضى، فأيست من الحياة، وقعد معي هذا الكلب، ثم تركني ومضى، فما كان بأسرع من أن وافاني ومعه رغيف، فطرحه بين يدي، فأكلته، ولم أزل أحبو إلى موضع فيه ماء، فشربت منه، ولم يزل الكلب معي باقي ليلتي يعوي إلى أن أصبحت فحملتني عيني، وفقدت الكلب فما كان بأسرع من أن وافاني ومعه رغيف فأكلته، وفعلت فعلي في اليوم الأول.
فلما كان من اليوم الثالث غاب عني فقلت: مضى يجيئني بالرغيف، فلم ألبث أن جاء ومعه الرغيف، فرمى، فلم أستتم أكله إلا وابني على رأسي يبكي، وقال: ما تصنع هاهنا (وايش) قصتك، ونزل فحل كتافي وأخرجني، فقلت له: من أين علمت بمكاني، ومن دلك علي؟ فقال: كان الكلب يأتينا في كل يوم، فنطرح له الرغيف على اسمه فلا يأكله، وقد كان فعل، فأنكرنا رجوعه وليس أنت معه، وكان يحمل الرغيف بفيه ولا يذوقه ويعدو، فأنكرنا أمره، فاتبعته حتى وقفت عليك.(1/238)
فهذا ما كان من خبري وخبر الكلب، فهو أعظم عندي مقداراً من الأهل والقرابة.
قاله إلى ابن الجوزي: أنبأنا ابن ناصر، عن محمد بن خلاد قال: قدم رجلٌ على بعض السلاطين، فمر في طريقه بمقبرة، وإذا قبر عليه قبة مبنية مكتوب عليها، هذا قبر الكلب، فمن أحب أن يعلم خبره فليمض إلى قرية كذا وكذا، فإن فيها من يخبره، فسأل الرجل عن القرية، فدلوه عليها، فقصدها، وسأل أهلها فدلوه على شيخ فبعث إليه وأحضره، وإذا شيخ قد جاوز المائة سنة، فسأله، فقال: نعم، كان في هذه الناحية ملك عظيم الشأن، وكان مشتهراً بالنزهة والصيد والسفر، وكان له كلب قد رباه وسماه باسم لا يفارقه حيث كان، فإذا كان في وقت غذائه وعشائه أطعمه مما يأكل، فخرج يوماً إلى بعض متنزهاته، وقال لبعض غلمانه: قل للطباخ يصلح لنا ثردة لبن، فقد اشتهيتها، فأصلحوها، ومضى إلى منتزهه، فتوجه الطباخ فجاء بلبن وصنع له ثردة عظيمة، ونسي أن يغطيها بشيء، واشتغل بطبخ أشياء أخرى، فخرج من بعض سقوف الحيطان أفعى، فكرع في ذلك اللبن (ومج) في الثردة من سمه، والكلب رابض يرى ذلك كله، ولو كان له في الأفعى حيلة لمنعها، وكان للملك جارية خرساء زمنة قد رأت ما صنع الأفعى.
ووافى الملك من الصيد في آخر النهار فقال: يا غلمان، أول ما تقدمون إلي الثردة، فلما وضعت بين يديه أومأت الخرساء إليهم فلم يفهموا ما تقول، ونبح(1/239)
الكلب وصاح فلم يلتفت إليه، ولج في الصياح فلم يعلم مراده، ثم رمى إليه بما كان يرمى إليه في كل يوم فلم يقربه، ولج في الصياح، فقال للغلمان: نحوه عنا فإن له قصة، ثم مد يده إلى اللبن، فلما رآه الكلب يريد أن يأكل (قفز) إلى وسط المائدة وأدخل فهمه في الغضارة وكرع من اللبن فسقط ميتاً، وتناثر لحمه.
فبقي الملك متعجباً منه من فعله، فأومأت الخرساء إليهم فعرفوا مرادها بما صنع الكلب، فقال الملك لخدمائه وحاشيته: إن سباقه إلي بنفسه لحقيق بالمكافأة، وما يحمله ويدفنه غيري، فدفنه، وبنى عليه قبة وكتب عليها ما قرأت، وهذا ما كان من خبره.
قاله إلى ابن الجوزي: أنبأنا محمد بن ناصر، قال: قال أبو عبيدة: خرج رجل من أهل البصرة إلى الجبانة ينتظر ركابه، فاتبعه كلب له فضربه وطرده وكره أن يتبعه، ورماه بحجر فأدماه، فأبى الكلب إلا أن يتبعه، فلما صار إلى الموضع وثب به قوم كانت لهم عنده طائلة، وكان معه جار له وأخ فهربا عنه وتركاه وأسلماه، فجرح جراحات كثيرة، ورمي في بئر، وحثي عليه التراب حتى واراه، ولم يشكوا أنه قد مات، والكلب مع هذا يهر عليهم وهم يرجمونه، فلما انصرفوا أتى الكلب إلى رأس البئر، فلم يزل يعوي ويحت التراب (بمخالبه) حتى ظهر رأسه وفيه نفسٌ يتردد، وقد كان أشرف على التلف، ولم يبق إلا(حشاشة) نفسه ووصل الروح، فبينما هو كذلك إذ مر به ناس، فأنكروا مكان(1/240)
الكلب وراق كأنه يحفر قبراً، فجاءوا فإذا هم بالرجل على تلك الحال، فاستخرجوه حياً، وحملوه إلى أهله، قال أبو عبيدة: فذلك الموضع يدعى بئر الكلب.
وأنشد أبو عبيدة في ذلك لبعض الشعراء:
يعرج عنه جاره وشقيقه ... وينبش عنه كلبه وهو ضاربه
قاله إلى ابن الجوزي: أنبأنا محمد بن ناصر عن رجل يكنى بأبي (النفيل) وكان قد أدرك زمن الطاعون قال: كنا نطوف في القبائل و(ندفن) الموتى فلما كثروا لم نقو على الدفن، فكنا ندخل الدار قد مات أهلها فنسد بابها، قال: فدخلنا داراً ففتشناها فلم نجد فيها أحداً حياً فسددنا بابها، فلما مضى الطاعون كنا نطوف في القبائل وننزع تلك السدد التي سددناها، فانتزعنا سد ذلك الباب الذي جعلناه ففتشنا الدار فلم نجد فيها أحداً حياً، فإذا نحن بغلامٍ في وسط الدار طري دهين كأنه أخذ ساعته من حجر أمه، قال: فنحن وقوف على الغلام نتعجب منه فدخلت كلبة من شقٍ في الحائط فجعلت تلوذ في الغلام والغلام يحبو إليها حتى مص من ثديها، ثم كبر وصار رجلاً.(1/241)
وقد روينا هذه الحكاية في كتاب الطاعون، وفي كتاب الملتقط بغير هذا السياق وهو أن الدار مات أهلها، فظن أنه لم يبق فيها أحد، فسد بابها، فلما ذهب الطاعون فتح السد وإذا صبي، فلم يدر كيف عاش، فبينما هم كذلك وإذا كلبة لها جراء في الدار، فدخلت إليهم من (نافذة) في الحائط، فلما أحس بها جاء إليها حتى أخذ ثديها وارتضع مع أولادها، قال: فعلمنا أنه كان يرتضع منها مع أولادها.
أخبرنا جدي، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن الجوزي، أنبأنا محمد بن أبي منصور، أنبأنا أبو القاسم اليسري عن أبي عبد الله ابن بطة حدثني محمد بن الحسين الآجري، أخبرني محمد بن كردي، حدثنا أبو بكر المروذي قال: كنت مع أبي عبد الله في طريق العسكر، فنزلنا منزلاً فأخرجت رغيفاً ووضعت بين يديه كوز ماء، وإذا بكلب قد جاء فقام بحذاه، وجعل يحرك ذنبه، فألقى إليه لقمة، وجعل يأكل ويلقي إليه لقمة، فخفت أن يضر بقوته، فقمت وصحت به لأنحيه من بين يديه، فنظرت إلى أبي عبد الله وقد تغير من الحياء، وقال: دعه فإن ابن عباس قال: لها أنيفس سوء.
وأخبرني بعض أصحابنا أن جماعة من أهل بلدهم في البر كان عندهم كلب(1/242)
أسود، وأنه كان يذهب عنهم في بعض الأوقات، فلما كان في بعض أيام بعض أهله خلف حائط وإذا بذلك الكلب مقبل، فلقيه كلبٌ آخر، فقال له: إيش حدث لنا اليوم يا سعد؟ فقال: والله ما قدرت (أجيب) لكم شيئاً، كنت كل ليلة تذهب إلى خابية القطن تأخذ وما تسمي، فكنت أذهب فآخذ لكم منها هذه الليلة ما وضعت يدها في شيء إلا (وسمت) فما قدرت (أجيب) لكم شيئاً، فلما كان بكرة وإذا بذلك الكلب قد أقبل، فقال له الرجل: صباح الخير يا سعد، إيش حالك؟ وحدثه ببعض الحديث الذي سمعه منه، قال: فذهب فلم يعودوا يرونه، أو ما هذا معناه.
وكان عند أناس من جيراننا كلب أسود يقال له: زيتون، فكانوا مهما أمروه به بالكلام امتثل، فكان لهم بستان فكانوا في بعض الأوقات يقولون له: رح اقعد في البستان، فيذهب من ساعته إليه، ويقولون له في بعض الليالي: اذهب الليلة نم في البستان، فيذهب فينام تلك الليلة فيه، ويقولون له في بعض الأوقات: غداً لا تجيء، استمر قاعداً في البستان، فيقعد ذلك اليوم كله لا يجيء، مهما أمروه به امتثله ولم يخالفه ولم يفعل غيره.
ومما رأيته في كتاب مراسيل أبي شامة قال: حكي عن عمرو بن شمر قال: كان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم، شديد المحبة لهم، فبعث(1/243)
أحدهم إلى زوجته فراسلها، وكان للحارث كلب رباه، فخرج الحارث في بعض متنزهاته ومعه ندماؤه، وتخلف ذلك الرجل، فلما بعد الحارث عن منزله جاء نديمه إلى زوجته فأقام عندها يأكل ويشرب، فلما سكرا واضطجعا، ورأى الكلب أنه صار على بطنها وثب عليهما فقتلهما، فلما رجع الحارث ونظر إليهما عرف القصة، وأوقف ندماؤه عليهما وأنشأ يقول:
وما زال يرعى ذمتي ويحوطني ... ويحفظ عرسي والخليل يخون
فوا عجباً للخل يهتك حرمتي ... وواعجبي للكلب كيف يصون
قال: فهجر من كان يعاشره، واتخذ كلبه نديماً، فتحدث فيها العرب، فأنشأ يقول:
فللكلب خير من خليل يخونني ... وينكح عرسي بعد وقت رحيلي
سأجعل كلبي ما حييت منادمي ... وأمنحه ودي وصفو خليلي
قال: وحكي أنه كان (للحسن) بن مالك الغنوي ندماء، فأخذ بعضهم حربة له، وكان له كلب على باب داره قد رباه فجاء الرجل فدخل منزل الحسن، فقالت له امرأته: إن الحسن قد أبعد فهل لك في جلسة يسر بعضنا في بعض؟ فقال: نعم فأكلا وشربا ووقع عليها، فلما رآهما الكلب وثب عليهما فقتلهما، فلما جاء الحسن ورآهما على تلك الحال تبين ما فعلا فأنشأ يقول:(1/244)
فأضحى خليل بعد صفو مودتي ... صريعاً بدار الذل أسلمه الغدر
وطى حرمتي بعد الوفاء وخانني ... فغادره كلبي وقد ضمه القبر
قال: وحكي أنه كان لمالك بن الوليد ندماء لا يفارقهم، ولا يصبر عنهم، فأرسل أحدهم إلى زوجته فأجابته، وجاء ليلة فاستخفى في بضع دور مالك عند امرأته، ومالك لا يعلم بشيء، فلما أخذا في شأنهما وثب كلب عليهما فقتلهما ومالك لا يعقل من السكر، فلما أفاق وقف عليهما وأنشد:
كل كلب حفظته لك ارعى ... ما بقي لو بقي يوم التناد
من خليلٍ يخون في النفس والمال ... وفي العرس بعد صفو الوداد
وعائد الكلب لقب بذلك لقوله:
مالي مرضت فلم يعدني عائد ... منكم ويمرض كلبكم فأعود
وأشد من مرضي علي صدودكم ... وصدود من أهوى علي شديد
أخبرنا جماعة من شيوخنا، أخبرنا ابن المحب، أنبأنا القاضي سليمان، أنبأنا الحافظ ضياء الدين، أنبأنا ابن أبي الصقر وابن الخريف، أنبأنا القاضي أبو بكر، أنبأنا الخطيب البغدادي، حدثنا أحمد بن محمد الخوارزمي، سمعت أبال القاسم الأبندوي يقول: قرئ على أبي على الحسن بن محمد البغدادي حدثكم(1/245)
القواريري قال: قال لي يزيد بن زريع: قال الأعمش: لو كانت لي أكلب كنت أرسلها على أصحاب الحديث.
قاله إلى الخطيب: أنبأنا رضوان بن محمد الدينوري سمعت أبا بكر بن لأي بهمزين يقول: سمعت الخليل بن عبد الله يقول: سمعت علي بن صالح يقول: سمعت عبد الله بن محمد الرازي يقول: حدثنا جرير قال: كنا نأتي الأعمش، وكان له كلب يؤذي أصحاب الحديث، قال: فجئناه يوماً وقد مات، فهجمنا عليه، فلما رآنا بكى ثم قال: هلك من كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يعني الكلب.
ومما رأيت في أخبار الشيخ عبد الله اليونيني: كلب ينبح لك، خير من كلب ينبح عليك.
ومما يقال في الأمثال: من لم يكن له كلاب (عدت) عليه الذئاب.
قال الدميري: الكلب حيوان معروف، وربما وصف به فقيل للرجل: كلب، وللمرأة: كلبة، والجمع أكلب، وكلاب، والأكاليب جمع أكلب.
قال ابن سيده: وقد قالوا في جمع كلاب كلابات، وكلاب اسم رجل من أجداد النبي صلى الله عليه وسلم.(1/246)
قال: والكلب نوعان: أهلي وسلوقي، نسبة إلى ((سلوق)) مدينة باليمن تنسب إليها الكلاب السلوقية، وكلا النوعين في الطبع سواء.
- وفي طبعه الاحتلام.
- وتحيض إناثه.
- وتحمل الأنثى ستين يوماً، ومنها ما يقل عن ذلك.
- وتضع جراءها عمياً، فلا تفتح عيونها إلا بعد اثني عشر يوماً.
- والذكران تهيج قبل الإناث.
- وينزو الذكر إذا كمل له سنة، وربما يسفد قبل ذلك، وإذا سفد الكلبة كلاب مختلفة الألوان أدت إلى كل كلب شبهه.
- وفي الكلب من اقتفاء الأثر، وشم الرائحة ما ليس لغيره من الحيوان.
- والجيفة أحب إليه من اللحم الطيب.
- وتأكل العذرة.
- ويرجع في قيئه.
- وبينه وبين الضبع عداوة شديدة، وذلك أنه إذا كان في موضع مرتفع ووطئت الضبع ظله في القمر رمى بنسفه إليها مخذولاً فتأكله.
- وإذا دهن كلبٌ بشحم الضبع جن واختلط.(1/247)
- وإذا حمل الإنسان لسان الضبع لم تنبح عليه الكلاب.
- ومن طباع الكلب السلوقي أنه إذا عاين الظبا قريبة منه أو بعيدة عرف المقبل من المدبر، ومشي الذكر من مشي الأنثى.
- ويعرف الميت من الناس والمتماوت، حتى إن الروم لا تدفن موتاهم حتى تعرضهم على الكلاب، فيظهر لهم من شمها إياه علامة تستدل بها على حياته أو موته، ويقال: إن هذا لا يوجد إلا في نوعٍ منها يقال له: العلطي، وهو صغير الجرم قصير القوائم، ويسمى الصيني.
- وإناث السلوقي أسرع تعليماً من الذكر، والفهد بالعكس.
- والسود في الكلاب أقل صبراً من غيرها.
وفي كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً مقتولاً فقال: ((ما شأنه؟)) قالوا: إنه وثب على غنم بني زهرة، فأخذ منها شاة، فوثب عليه كلب الماشية فقتله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قتل نفسه، وأضاع دينه، وعصى ربه، وخان أخاه، وكان الكلب خيراً منه.
وقال ابن عباس: كلبٌ أمينٌ خيرٌ من صاحبٍ خوان.(1/248)
(وعن أبي عثمان المديني) أنه كان ببغداد رجل يلعب بالكلاب (فخرج) يوماً في حاجة له، وتبعه كلب كان يخصه، فرده، فلم يرجع، فتركه ومشى حتى انتهى إلى قوم كان بينه وبينهم عداوة، فصادفوه بغير عدة، فقبضوا عليه والكلب يراهم، فأدخلوه الدار فدخل الكلب معهم، فقتلوا الرجل، فألقوه في بئر، وطموا رأس البئر، وضربوا الكلب وأخرجوه وطردوه، فخرج يسعى إلى بيت صاحبه وعوى فلم يعبئوا به.
وافتقدت أم الرجل ابنها، فعلمت أنه قد تلف، فأقامت عليه المآتم، وطردت الكلاب عن بابها، فلزم ذلك الكلب الباب، ولم ينطرد فاجتاز يوماً بعض قتلة صاحبه بالباب، والكلب رابض، فلما رآه وثبت عليه وخمش ساقيه ونهشه وتعلق به، واجتهد المجتازون في تخليصه منه فلم يمكنهم، وارتفعت للناس ضجة عظيمة، وجاء حارس الدرب، فقال: لم يتعلق هذا الكلب بالرجل إلا وله معه قصة! ولعله هو الذي قتله!
وسمعت أم القتيل الكلام فخرجت، فحين رأت الكلب متعلقاً بالرجل تأملت الرجل، فذكرت أنه كان أحد أعداء ابنها، وممن يتطلبه، فوقع في نفسها أنه قاتل ابنها، فتعلقت به، فرفعوهما إلى أمير المؤمنين الراضي بالله، وادعت عليه القتل، فأمر بحبسه بعد أن ضربه فلم يقر، فلزم الكلب باب الحبس.(1/249)
فلما كان بعد أيام أمر الراضي بإطلاقه، فلما خرج من باب الحبس تعلق به الكلب كما فعل أولاً، فعجب الناس من ذلك، وجهدوا على خلاصه منه فلم يقدروا على ذلك إلا بعد جهد جهيد، وأخبر الراضي بذلك، فأمر بعض غلمانه أن يطلق الرجل ويرسل الكلب خلفه ويتبعه، فإذا دخل الرجل داره، بادره ودخل وأدخل الكلب معه، ومهما رأى الكلب يعمل يعلمه بذلك.
ففعل ما أمره به، فلما دخل الرجل داره بادره غلام الخليفة ودخل وأدخل الكلب معه، ففتش البيت فلم ير أثراً ولا خبراً، وأقبل الكلب ينبح ويبحث عن موضع البئر التي طرح فيها القتيل فعجب الغلام من ذلك، وأخبر الراضي بأمر الكلب، فأمر بنبش ذلك المكان، فنبش فوجد البئر والرجل قتيلاً، فأخذ صاحب الدار إلى بين يدي الراضي فأمر بضربه فأقر على نفسه وعلى جماعة بالقتل، فقتل وطلب الباقون فهربوا.
وفي عجائب المخلوقات أن شخصاً قتل شخصاً بأصبهان وألقاه في بئر، وللمقتول كلب يرى ذلك، فكان يأتي كل يوم إلى رأس البئر وينحي التراب عنها ويشير إليها، وإذا رأى القاتل ينبح عليه، فلما تكرر ذلك منه حفروا البئر، فوجدوا القتيل بها، ثم أخذوا الرجل وقرروه فأقره فقتلوه به.
وفي الشعب للبيهقي وغيرها عن الفقيه منصور التميمي الشافعي الضرير(1/250)
أنه كان ينشد لنفسه قوله:
الكلب أحسن عشرة ... ومن النهاية في الحساسة
ممن ينازع في الرياسة ... قبل أوقات الرياسة
ومما ينسب إلى الشافعي:
ليت الكلاب لنا كانت مجاورة ... وليتنا لا نرى مما نرى أحدا
إن الكلاب لتهدا في مرابضها ... والناس ليس بهادٍ شرهم أبدا
ولعلي بن عبد الواحد البغدادي صريع الدلاء:
من فاته العلم وأخطاه الغنا ... فذاك والكلب على حد سوا(1/251)
ويقال: إن الحسين بن أحمد بن الحجاج الشاعر لما حضرته الوفاة أوصى أن يدفن عند رجلي الإمام موسى بن جعفر، وأن يكتب على قبره: ((وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد)).
وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس أنه قيل لجعفر الصادق:(1/252)
كم تتأخر الرؤيا؟ قال: خمسين سنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى كأن كلباً أبقع ولغ في دمه، فأوله بأن رجلاً يقتل ابن بنته، وكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين وكان أبرص، وتأخرت الرؤيا بعد ذلك خمسين سنة.
وذكر الغزالي في الإحياء عن بعض الصوفية قال: كنا بطرسوس فاجتمعنا جماعة وخرجنا إلى باب الجهاد، فتبعنا كلب من البلد، فلما بلغنا باب الجهاد إذا نحن بدابة ميتة، فصعدنا إلى موضعٍ خالٍ، فقعدنا، فلما نظر الكلب إلى الميتة رجع إلى البلد ثم عاد ومعه نحو عشرين كلباً، فجاء إلى تلك الميتة فقعد ناحية، ووقعت الكلاب في الميتة، فما زالت تأكل إلى أن شبعت وذلك الكلب قاعد ينظر، فلما رجعت الكلاب إلى الماء قام ذلك الكلب إلى العظام فأكل ما بقي(1/253)
عليها من اللحم ثم انصرف.
وفي الميزان للذهبي في ترجمة أحمد بن زرارة المدني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كيف أنتم في زمانٍ يكون الأمير فيه كالأسد الأسود، والخادم فيه كالذئب الأمعط، والتاجر فيه كالكلب الهرار، والمؤمن بينهم كالشاة الولهاء بين الغنم ليس لها مأوى، فكيف حال شاة بين أسد وذئب وكلب؟)).
وروينا في أمالي أبو بكر القطيعي عن أبي الدرداء قال: (بينما نحن نصلي مع النبي) صلى الله عليه وسلم مر بنا كلب فما بلغت يداه رجله حتى مات، فلما انصرف(1/254)
رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته قال: ((من الداعي على الكلب آنفاً؟)) فقال رجل من القوم: أنا يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ((ما قلت؟)) قال: قلت: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض ذا الجلال والإكرام اكفنا هذا الكلب بما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى)).
وفي الطبراني أنها كانت صلاة العصر يوم الجمعة، وأن الداعي سعد بن أبي وقاص.
وقد روينا في كتاب الزهد للإمام أحمد أن جعفر بن سليمان قال: رأيت مع مالك بن دينار كلباً فقلت: ما تصنع بهذا؟ فقال: يا أبا يحيى هذا خير من(1/255)
جليس السوء.
وذكر الحكيم الترمذي وغيره أن الله لما أهبط آدم إلى الأرض جاء إبليس إلى السباع فأشلاها على آدم لتؤذيه، وكان أشدها عليه الكلب، فجاء جبريل -عليه السلام- وأمره أن يضع يده على رأسه فاطمأن إليه وألفه وصار ممن يحبه ويحرس ولده.
وذكر الدميري أن في مناقب الإمام أحمد أنه بلغه أن رجلاً من وراء النهر عنده أحاديث ثلاثة، فرحل إليه الإمام أحمد، فوجد شيخاً يطعم كلباً، فسلم عليه، فرد عليه السلام، ثم اشتغل الشيخ بإطعام الكلب، فوجد الإمام أحمد في نفسه إذ أقبل الشيخ على الكلب ولم يقبل عليه، فلما فرغ الشيخ من طعم الكلب التفت إلى الإمام أحمد وقال له: كأنك وجدت في نفسك إذ أقبلت على الكلب ولم أقبل عليك؟ قال: نعم، فقال: حدثني أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قطع رجاء من ارتجاه قطع الله منه رجاءه يوم القيامة، فلم يلج الجنة))، وإن أرضنا هذه ليست بأرض كلاب، وقد قصدني هذا الكلب فخفت أن أقطع رجاءه فيقطع الله تعالى رجائي منه يوم القيامة، فقال الإمام أحمد: هذا الحديث يكفيني.(1/256)
وهذه الحكاية تقرب من الكذب، والحديث لا يخفى أن سنده ليس بممكن الاتصال فإنه ليس يمكن لمن لقي الإمام أحمد أن يلقى أبا الزناد.
قال: ويقرب من هذا ما في رسالة العنبري أن عبد الله بن جعفر خرج إلى ضيعة، فنزل على قوم في محل لهم، وغلام أسود يعمل عليها، إذ أتى الغلام بغدائه وهو ثلاثة أقراص فرمى بقرص منها إلى كلب فأكله، ثم رمى إليه الثاني والثالث فأكلهما، وعبد الله بن جعفر ينظر، فقال: يا غلام كم قوتك كل يوم؟ قال: ما رأيت، قال: فلم آثرت الكلب؟ قال: إن هذه الأرض ليست بأرض كلاب، وإنه جاء من مسافة بعيدة جائعاً فكرهت رده، فقال له عبد الله: فما أنت صانع اليوم؟ قال: أطوي يومي هذا، فقال عبد الله بن جعفر لأصحابه: علي السخاء وهذا أسخى مني، ثم إنه اشترى الغلام فأعتقه، واشترى الحائط وما فيه ووهبه له.
وروى الحاكم عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سمعتم نباح الكلاب ونهيق الحمير بالليل فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم، فإنها ترى ما لا ترون، وأقلوا الخروج إذا جدت، فإن الله -تعالى- يبث في الليل من خلقه ما يشاء)).(1/257)
وقد ذكر الحافظ ابن حجر عن بعضهم أن صياح الديكة ونباح الكلاب أول الليل دليل وقوع الفتن والبلاء.
وفي كتاب البشر بخبر البشر عن مالك بن نفيع أنه قال: ند بعيرٌ لي، فركبت نجيبة وطلبته حتى ظفرت به، فأخذته وانكفأت راجعاً إلى أهلي، فأسريت ليلة حتى كدت أصبح، فأنخت النجيبة والبعير وعقلتهما، واضطجعت في ذرا كثيب رمل، فلما كحلني الوسن سمعت هاتفاً ينادي: يا مالك لو فحصت عن مبرك البعير المبارك لسرك ما هنالك.
قال: فثرت وأثرت البعير عن مبركه، واحتفرت فعثرت على صنم في صورة امرأة من صفاة صفراء كالورس، مجلواً كالمرآة، فأخرجته ومسحته بثوبي ونصبته قائماً، فما تمالكت أن خررت له ساجداً، ثم قمت فنحرت البعير له ورششته بدمه وسيمته (غلاباً).
ثم حملته على النجيبة وأتيت به أهلي، فحسدني عليه كثيرٌ من قومي، وسألوني نصبه لهم ليعبدوه معي فأبيت عليهم وانفردت بعبادته وجعلت على نفسي كل يوم عتيرة، وكان لي (ثلة) من الضأن فأتيت على آخرها، وأصبحت يوماً وليس لي ما أعتره، وكرهت الإخلال بنذري، فأتيته فشكوت إليه ذلك فإذا هاتف من جوفه يقول: يا مال، يا مال، (لا تأس) على مال سر إلى طوى(1/258)
الأرقم، فخذ الكلب الأشحم الوالغ في الدم، ثم صد به تغنم.
قال مالك: فخرجت من فوري إلى طوى الأرقم -وهو بئر- فإذا كلب أشحم -أي أسود- هائل المنظر قد وثب على قرهب -يعني ثوراً وحشياً- فصرعه وأنا أنظر إليه، ثم بقر بطنه وجعل يلغ في دمه، قال: فتهيبته، ثم تجاسرت فتقدمت إليه وهو مقبل على عقيرته يلتفت إلي، فشددت في عنقه حبلاً ثم جذبته، فتبعني.
فأتيت راحلتي فأثرتها، وقدتها إلى القرهب، وأنختها وجزرته وحملته عليها، ثم قدتها وسرت قاصداً إلى الحي، والكلب يلوذ بي، فعرضت لي ظبية فجعل الكلب يثب ويجاذبني الحبل، فترددت في إرساله ثم أرسلته فمر كالسهم حتى اختطفها، فأتيته فجاذبته إياها فأرسلها (في يدي).
فاستقر بي السرور، وأتيت أهلي، فعقرت الظبية لغلابٍ، ووزعت لحم القرهب وبت بخير ليلة، ثم باركت (بالصيد) فلم يفته حمار، ولا ماطله ثور، ولا اعتصم منه وعل، ولا أعجزه ظبي، فتضاعف سروري به، وبالغت في إكرامه، وسميته ((شحاماً)) فلبثت كذلك ما شاء الله.
قال: فإني لذات يوم أصيد به إذ بصرت بنعامة على (أدحيها) وهي قريبة(1/259)
مني فأرسلته عليها فانجفلت أمامه، واتبعتها على فرس جواد فلما كاد الكلب أن يثب عليها انقض عليه عقاب من الجو وكر راجعاً نحوي، فصحت به فما كذب، وأمسكت الفرس فجاء شحام حتى دخل بين قوائمها، ونزلت العقاب أمامي على صخرة، وقالت: سحام، فقال الكلب: لبيك، قالت: هلكت الأصنام، وظهر الإسلام فأسلم تنج بسلام، وإلا فلست بدار مقام، ثم طار العقاب، وتبصرت شحاماً فلم أره، وكان آخر عهدي به.
أخبرنا جدي، أنبأنا الصلاح بن أبي عمر، أنبأنا الفخر بن البخاري، أنبأنا ابن الجوزي، أنبأنا ابن ناصر، عن المبارك بن عبد الجبار، أنبأنا أبو القاسم الأزجي، أنبأنا أبو الحسن بن جهضم، حدثني الحسن بن سعيد قال: ذكر لي راهب بتكريت وأنه يأكل في كل شهر وزن مائة درهم من الطعام، فقصدته فرأيت عليه أثر العبادة، فقلت له: يا راهب، فأجابني بصوت ضعيف: الراهب من يخاف الله -عز وجل-، وإنما أنا كلب حبست نفسي حتى لا أهر عليهم، فقلت: ((عاملة ناصبة، تصلى ناراً حامية)) فتبسم الراهب، وقال: لاهية عاملة، ترجو جنة عالية.
أخبرنا أبو العباس المقريزي، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا المزي، أنبأنا ابن الصمل، أنبأنا أبو الفرج بن كليب، حدثنا أبو القاسم الكاتب، حدثنا أبو مالك،(1/260)
حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: ذكر عبد الله أنه كان من العرب رجل يقال له: أسد بن خزيمة يدور في أحياء العرب يسأل عن امرأة تخبر عن شيئين لا يفترقان، وعن أربع لا يفترقن، وعن ثمان لا يفترقن، فإن أخبرته تزوجها على حكمها، فأعياه ذلك.
فانتهى إلى رجل كبير السن قد وقع حاجباه على عينيه، فأخبره بما طلب، فقال: والله إن لي ابنة، وإنها لمن أعلم من رأيت، فأمهلني حتى أدخل أسألها، فقال: يا بنية، إن أسد بن خزيمة من أشد العرب شكيمة وأكثرهم مالاً، وإنه يريد امرأة يتزوجها على حكمها إن أخبرته بشيئين لا يفترقان، وأربع لا يفترقن، وثمان لا يفترقن، قالت: يا أبتي، وما يدري؟ قال: لا والله يا بنية، قالت: الشيئان اللذان لا يفترقان ثديا المرأة، والأربع أخلاف الناقة، والثمان أطباء الكلبة.
فخرج فأخبره بما قالت: فقال: زوجنيها، قال: نعم على مائة من الإبل برعاتها، قال: ذلك لك، قال: فأقام عنده أياماً، ثم رحل إلى أهله، وأرسل إلى الجارية بهدية حلة خضراء وجرسمن مع غلام له، وقال: أقرئها السلام، وسلها عن أبيها وأمها وأخيها، واحفظ ما تقول لك، فإذا الحي حلوف فأشرفت الجارية(1/261)
على الغلام، فقالت: من الراكب؟ قال: رسول أسد بن خزيمة، قالت: الحبيب القريب، قال: إنه بعث إليك بهدية وهو يسألك عن أبيك وأمك وأخيك.
قالت: أقرئه السلام، وأخبره أن السماء قد انشقت، وأن البحر قد تصبب، وأن أبي قد ذهب يباعد قريباً ويقرب بعيداً، وأن أمي تشق النفس بنفسين، وأن أخي قد ذهب يرعى الشمس، وبلغه أن الثمار قد أينعت، وأن الرمان قد ملأت الكف.
فأتاه الرسول فحكى له مقالتها، فقال: أخبرتك أن أباها ذهب يحالف قوماً على قومه، وأن أمها ذهبت تقبل بعض بنات عمها، وأن أخاها يرعى، فإذا غابت الشمس رجع إلى أهله بإبله، وأخبرتك أنه قد أدركت، وأنها قد نهدت، وأما قولها: السماء انشقت، انشقت الحلة، قال: نعم، لبستها فعلقت بشجرة في طريقي فانشقت، وأما ما قالت في البحر فما أكلت من السمن شيئاً؟ قال: نعم، فني زادي فعولت عليه.
ثم تجهز بمائة من الإبل برعاتها سوى ما خرج به من نصله وغلمانه ومتاعه، فأضلوا الطريق حتى كادت إبلهم تموت عطشاً، فسنح لهم قليب، فقال أسد: من ينزل هذا القليب نهاية غلمانه، فقال: (أنزلوني فيها) فلما صار في القليب قال غلام من غلمانه لبقية الغلمان: قد علمتم شدة ملك أسد بن خزيمة، وهو في هذا الموضع الذي ترون، فهل لكم أن يأخذ كل غلام منكم بعيرين وتذهبوا أين شئتم وتدعوا لي بقية الإبل؟ قالوا: نعم، فأخذ كل واحد منهم بعيرين وانصرف وتفرقوا.
وتوجه الغلام بالمائة البعير فأتى منزل الجارية، فلقي أباها ليلاً، فقال الشيخ: من الرجل؟ قال: أسد بن خزيمة، وهذا مهر ابنتك مائة من الإبل برعاتها،(1/262)
فأدخلها علي الليلة، قال: حتى أستأمرها، قال: هي طالق ثلاثاً إن لم تدخلها علي الليلة، فدخل عليها أبوها فأخبرها، قالت: إني لأنكر هذا من فعل شريف، ولكن هيئوني له، فهيئوها.
فلما دنا منها قالت: وراءك حتى أسألك لم تختلج شفتاك؟ قال: من تقبيلي إياك، قالت: ولم تختلج فخذاك؟ قال: من توريكهم إياك، قالت: فممن يختلج جنباك؟ قال: من احتضاني إياك، قالت: يا أهل الفئة قتل العبد ربه، ابطحوه، قال: فلما وقع به العصى ما قام حتى أقر بما فعل.
وساروا نحو القليب فاستخرجوه وقد كاد يموت فأقاموا عليه حتى برئ، وأدخلوا عليه أهله، فلما دخل عليها ودنا منها قالت: مم تختلج شفتاك؟ قال: من شرب المشعشعات، قالت: فممن تختلج فخذاك؟ قال: من ركوب السابقات، قالت: فمم يختلج جنباك؟ قال: من لبس السابغات، قالت: أنت والله أسد بن خزيمة، دونك أهلك.
قرأت على أبي العباس بن هلال فكتب لي عن ابن المحب، عن النابلسي، عن الواسطي، عن الشيخ موفق الدين، وبعضهم ينكره، وأخبرنا أبو عبد الله المعقلي قراءة عليه، أنبأنا ابن المحب، أنبأنا أبي والمزي ح.
وأخبرنا أبو العباس الحريري قراءة عليه، أنبأنا المشايخ الثلاثة، أنبأنا أبو محمد بن المحب وأبو الحجاج المزي، أنبأنا شيخ الإسلام ابن أبي عمر والفخر البخاري، أنبأنا شيخ الإسلام موفق الدين، قرأت على أبي المعالي السلمي، أنبأنا(1/263)
هبة الله بن الأكفاني، أنبأنا أبو الفتح عبد الجبار بن عبد الله، أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد بن عمر، حدثنا عبد الرحمن بن حاتم، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله ابن وهب، حدثنا ابن أبي الزناد، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: قدمت امرأة من دومة الجندل تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته (حداثة) ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من السحر ولم (تعلم) به.
قالت عائشة لعروة: يابن أختي فرأيتها تبكي حتى إني لأرحمها تقول: إني أخاف أن أكون قد هلكت، كان لي زوج، فغاب عني، فدخلت علي عجوزٌ، فشكوت ذلك إليها، فقالت: إن فعلت ما آمرك به تجعليه يأتيك، فلما أتانا الليل جاءت بكلبين أسودين، فركبت أحدهما وركبت الآخر.
ولم يكن مكثي حتى وقفنا ببابل، فإذا أنا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا:(1/264)
ما جاء بك؟ فقلت: أتعلم السحر، فقالا: نحن فتنة فلا تكفري وارجعي، فأبيت وقلت: لا، قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، فذهبت ففزعت فلم أفعل، فرجعت إليهما فقالا: أفعلت؟ فقلت: نعم، فقالا: فهل رأيت شيئاً؟ فقلت: لم أر شيئاً، فقالا: لم تفعلي، ارجعي إلى بلدك ولا تكفري، فأبيت، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه، ثم ائتي... فذهبت فاقشعر جلدي وخفت، ثم رجعت إليهما فقلت: قد فعلت، قالا ما رأيت؟ قلت: ما رأيت شيئاً، فقالا: كذبت لم تفعلي، ارجعي إلى بلدك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك، فذهبت فبلت فيه فرأيت فارساً متقنعاً بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء وغاب عني حتى ما أراه، وجئتهما فقلت: قد فعلت، قالا: ما رأيت؟ فقلت: رأيت فارساً متقنعاً بحديد خرج مني فذهب في السماء حتى ما أراه، فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك، اذهبي.
فقلت للمرأة: ما أعلماني شيئاً، وما قالا لي شيئاً، فقالت: بلى لا تريدي شيئاً إلا كان، خذي هذا القمح فابذري، فبذرت، فقلت: أطلعي فأطلعت فقلت: احقلي، فحقلت، ثم قلت: أفرخي، فأفرخت، فقلت: ايبسي، فيبست، فقلت: اطحني فطحنت، فقلت: اخبزي، فخبزت.
فلما رأيت أني لا أريد شيئاً إلا كان سقط في يدي، وندمت والله يا أم المؤمنين، وما فعلت شيئاً قط ولا أفعله أبداً، فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم متوافرون فما دروا ما يقولون لها، وكلهم هاب وخاف أن يفتيها بما لا يعلمه إلا(1/265)
أنه قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده: لو كان أبواك حيين أو أحدهما (لكانا يكفيانك).
قال ابن أبي الزناد: كانوا أهل ورعٍ وخشيةٍ من الله -عز وجل- وبعدٍ من التكلف والجرأة على الله -عز وجل- ثم يقول هشام: لو جاءنا مثلها اليوم لوجدتنا دوكي أهل حمق وتكلف بغير علم.
وحكى الدميري أن أبا العلاء المعري دخل يوماً على الشريف المرتضي فعثر برجل، فقال الرجل: من هذا الكلب؟ فقال أبو العلاء: الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسماً، فقربه المرتضي واختبره فوجده علامة.(1/266)
ومن قول أبي نواس: تعب كلب أهله في كده، قد سعدت جدودهم بجده، وكل خبر عندهم من عنده.
يقال:إن أبا بكر الخالدي دخل على الخليفة فامتدحه بقصيدة فأجازه، وكان بين يديه صحن يشم أزرق فلمحه فأعطاه إياه فخرج من عنده وهو مسرور فمر على أبي الفتح ابن خالويه فهنأه بذلك، فلما أصبح جاء للخدمة فقال له الخليفة: كيف حالك؟ وكيف مبيتك؟ قال: بخير، ودعا له ثم قال: بتنا ندعو الأمير المدمن، وبت أتفنن بالصحن وأتملا منه فأضفته إلى صدقات مولانا ورفده، وكل خير عندنا من عنده، فغضب عليه وأخرجه، فمر على ابن خالويه فسأله عن حاله، فأخبره، فقال له: أو قلتها؟ قال: نعم، قال: أين ذهب عقلك جعلته كلباً؟ أما سمعت قول أبي نواس: وكل خير عندهم من عنده، فكاد يموت فزعاً، وقال له: عرفني كيف المخلص؟ قال: تمارض أياماً، ثم أظهر أنك شفيت وأنك سبب مرضك أنك رأيت قصيدة أبي نواس ولم تكن رأيتها قبل ذلك، ففعل فرضي عنه.(1/267)
وقال ابن عطية المفسر: حدثني أبي أنه سمع أبا الجوهري يقول: من أحب أهل الخير نال من بركتهم، كلب أحب أهل الفضل وصحبهم ذكره الله في كتابه معهم.
وقد ذكر أن مما يكتب لنوم الصبيان وبكائهم: أعوذ بكلمات الله التامات التي ناموا بها أهل الكهف والرقيم، {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجلٍ مسمىً} اللهم ألق النوم ((والسكينة على حامل هذا الكتاب)) بألف لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ويقال: أن ما أخذ على الكلب ألا يضر أحداً حمل عليه في ليل أو نهار قراءة {وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد}، وقيل: قراءة: {يا معشر الجن والإنس} الآية.
وفي تاريخ الذهبي أن ممشاد الدينوري خرج من داره فنبحه كلب فقال: لا(1/268)
إله إلا الله، فمات الكلب مكانه والناس يقولون: لو كان رزقه في (طيز) الكلب أكله.
حكى لنا الشيخ يعقوب المرداوي قال: هذا صحيح لأني مرة مررت في طريق فوجدت عنبةً فأكلتها، ثم وجدت أخرى فأكلتها، ثم وجدت أخرى فأكلتها، ثم إذا عنبات منها متتابعة وإذا خرية كلب كلها منه، فإن معدة الكلب تقطع الحجارة ولا تقطع العنب، وإذا بجميع ما أكلته من خرا ذلك الكلب -رحمة الله عليه-.(1/269)
باب فيما يتعلق بالكلب من مسائل الفقه ويتعلق به مسائل كثيرة(1/271)
المسألة الأولى
سؤره -وهو إذا شرب من ماء- هل يكون طاهراً أم نجساً؟.
فإن كان أكثر من قلتين فهو طاهر، وإن كان أقل من قلتين فهو نجس.
وكنا قد سمعنا قديماً مسألة؛ وهي أن شرب كلب من قلتين فنجست، وكلب بال في دون القلتين فلم يتنجس.
ويقال: إنه على القول بأن القلتين على سبيل التحديد، وأن القلتين لما شرب منها نقصت بالشرب فتنجست، وأن التي بال فيها بلغت ببوله قلتين فلم تنجس.
المسألة الثانية
أن الكلب إذا وضع رجله أو ذنبه في ماءٍ فحكمه حكم سؤره إن كان قلتين فأكثر لم تنجس، وإن كان دون القلتين تنجس.(1/273)
المسألة الثالثة
نجاسة الكلب من ولوغه، أو بوله، أو دمه، أو غير ذلك يغسل سبعاً إحداهن بالتراب.
المسألة الرابعة
أن شعر الكلب عندنا نجس.
وعن أحمد رواية بطهارته.(1/274)
المسألة الخامسة
أن جلد الكلب عندنا نجس لا يطهر بالدباغ.
المسألة السادسة
أن لبن الكلب عندنا نجس، ولا يجوز التداوي به.(1/275)
المسألة السابعة
إذا كان عنده ماء فوجد كلباً (خارجاً) من مكانه وفيه بلة لا يدري هل ولغ فيه، أم لا؟ عندنا لا ينجس بذلك.
المسألة الثامنة
جبر ساقه أو غيره بعظم كلب فإن لم يجبر لزمه قلعه، وإن جبر لم يلزمه قلعه إذا خاف الضرر، وإن لم يخف لزمه قلعه.
المسألة التاسعة
إذا مر بين المصلي وسترته أو لم يكن سترة فمر بالقرب منه كلب أسود بهيم(1/276)
بطلت صلاته، وغير الأسود البهيم لا يبطلها.
وإن مر من وراء سترته لم تبطل.
المسألة العاشرة
يكره أن يبسط ذراعيه في المسجد كانبساط الكلب.(1/277)
المسألة الحادية عشرة
إذا أرسل كلبه على صيدٍ في الحرم فقتله فعليه جزاؤه.
المسألة الثانية عشرة
إذا أرسل كلبه من (الحل) على صيدٍ في الحرم فقتله فعليه جزاؤه.
المسألة الثالثة عشرة
إذا أرسل كلبه من الحرم على صيدٍ في الحل فقتله ففي (الجزاء)(1/278)
خلاف.
المسألة الرابعة عشرة
إذا أرسل كلبه من الحل على صيدٍ في الحل فقتله في الحرم ففي الجزاء خلاف.
المسألة الخامسة عشرة
أن الكلب العقور يجوز قتله في الحرم.(1/279)
المسألة السادسة عشرة
أنه لا يجوز سم الكلب عندنا مطلقاً ولو كان معلماً، ولا ثمن له.
المسألة السابعة عشرة
أن الأسود البهيم، والعقور، والكلب الكلب يجوز قتلها، وغير ذلك لا يجوز قتله إلا أن يكون قد حصل منه أذى يوجب ذلك من قتل حيوان أو إفساد شيء.
والمعلم وكلب الماشية ونحوها لا يجوز قتله، ومن قتل شيئاً من ذلك فلا غرم عليه عندنا.(1/280)
المسألة الثامنة عشرة
إذا باع كلباً وشاة أو غيرها مما يجوز بيعه فهل يبطل البيع كله أو يبطل في غيره؟
فيه خلاف عندنا.
المسألة التاسعة عشرة
لا يجوز رهن الكلب عندنا؛ لأنه إنما يجوز رهن ما يجوز بيعه.(1/281)
المسألة العشرون
لا يجوز إجارة الكلب، ولا يصح عندنا.(1/282)
المسألة الحادية والعشرون
يجوز إعارة الكلب للصيد، وللحرث، وللزرع، وللماشية.
المسألة الثانية والعشرون
يقع الغصب على الكلب المنتفع به، ويلزم رده، وإن تلف لم تلزمه قيمة.
المسألة الثالثة والعشرون
يصح إيداع الكلب، وإن تلف لم يضمنه.(1/283)
المسألة الرابعة والعشرون
لا يصح وقف الكلب.
المسألة الخامسة والعشرون
أن الهبة هل تصح في الكلب؟
فيه خلاف، والمختار عند أصحابنا لا تصح هبته.(1/284)
المسألة السادسة والعشرون
أن الوصية عندنا تصح بالكلب المباح النفع، وإن كان له مالٌ صحت بكل كلابه، وإن لم يكن له مال صحت بثلث كلابه أو كلبه، وإن لم يكن له كلب لم تصح الوصية.
المسألة السابعة والعشرون
إذا أوصي له (بكلابٍ) وله منها مباح ومحرم انصرف إلى المباح، وإن لم يكن إلا محرم لم تصح الوصية، وإن كان له مباح بعضه أعلى من بعض أعطوه واحداً منها ما شاءوا وإلا ما شاء هو.
المسألة الثامنة والعشرون
تصح الوصية بجزءٍ من كلب مشاع، وينتفع به على قدر ذلك.(1/285)
المسألة التاسعة والعشرون
من مات وخلف كلباً أو كلاباً انتقل ذلك إلى ورثته بقدر إرثهم، وليس لأحدهم الاختصاص به حتى إلى زوجة، وينتفع به كل على قدر حصته، فإن أراد بعضهم إقامته بمال وأخذ شيء عوضه لم يكن له ذلك.
ولو كان له عدة منها من المباح أخذ كل على قدر إرثه، فلو خلف ثلاثة وثلاثة أولاد أخذ كل واحد واحداً ولو كان بعضها أعلى من بعض، ولو خلف ثلاثة وولدين وزوجة فللزوجة من كل واحد ثمناً أو ربعاً وثمنا من واحد والباقي لكل ولد واحد ومن ( ) ربعاً وربع ربع.
المسألة الثلاثون
لا يصح التزويج بكلبٍ، ولا يكون صداقاً.(1/286)
المسألة الحادية والثلاثون
أن الكلب لا يكون عوضاً في الخلع عندنا.
المسألة الثانية والثلاثون
أن من العمل الموجب للقصاص إذا أنهشه كلباً، أو أرسله عليه، أو جوعه، وأدخله إليه، أو (حبسه) عند كلبٍ كلب.(1/287)
المسألة الثالثة والثلاثون
من الخطأ إذا أرسل كلبه على صيدٍ فإذا هو آدميٌ فقتله.
المسألة الرابعة والثلاثون
أن من وطئ كلبة هل حده حد الزاني، أو يعزر؟
على قولين عندنا.(1/288)
المسألة الخامسة والثلاثون
لا قطع بسرقة كلب مطلقاً.
المسألة السادسة والثلاثون
يحرم أكل الكلب مطلقاً، وفي كلب الماء خلاف.(1/289)
المسألة السابعة والثلاثون
يصح الإقرار بالكلب.
ولو أقر له بشيء وفسره بكلبٍ قبل، وإن أقر له بمالٍ وفسره بكلبٍ لم يقبل.
المسألة الثامنة والثلاثون
لا يجوز التداوي بلحم الكلب، ولا لبنه، ولا شيء من أجزائه.
المسألة التاسعة والثلاثون
ذكر الدميري -وهو ليس ببعيدٍ من مذهبنا- أن على مقتني الكلب المباح اقتناؤه أن (يطعمه) أو يرسله، أو يدفعه لمن يريد الانتفاع به، ولا يحل له حبسه حتى يموت جوعاً.(1/290)
المسألة الأربعون
إذا كان معه ماء ولكن يخاف عطش كلبه المباح الاقتناء إن (تطهر) به فله أن يسقيه إياه ويحبسه (لعطشه) ويتيمم.
المسألة الحادية والأربعون
إذا كان الكلب غير مباح الاقتناء أو مباح قتله فله أن يتوضأ ولا يسقيه، ولا يحبسه لعطشه.(1/291)
المسألة الثانية والأربعون
ذكر الدميري لو كان للإنسان كلبٌ محترمٌ مضطر ومع غيره شاة جاز له مكالبته عليها لإطعامه، ويضمنها.
المسألة الثالثة والأربعون
ولو عض كلب كلب شاة أو غيرها من حيوانٍ مباحٍ (فكلبت نحرت ولا يؤكل لحمها) وذكر بعض الشافعية أنه ينحر ولا يؤكل لحمه خشية الأذى.
قلت: إن كان يعلم منه الأذى فمذهبنا أيضاً يقتضي ذلك.
المسألة الرابعة والأربعون
يباح الصيد بالكلاب المعلمة، ويباح صيدها، وغير المعلمة لا يباح صيدها.(1/292)
المسألة الخامسة والأربعون
أن المعلمة يباح صيدها وإن قتلته، وغير المعلمة إن قتلته لا يباح، وإن أدركه حياً ذكاه وأكله.
المسألة السادسة والأربعون
إذا أدرك الصيد مع الكلب وفيه حياة مستقرة لم يحل إلا بالذكاة، وإن كانت غير مستقرة حل إن كان معلماً.(1/293)
المسألة السابعة والأربعون
إذا أدركه وفيه حياة مستقرة ولكن خشي موته وليس معه ما يذكيه به فإن تركه حتى مات فهل يحل؟
على قولين، فإن قلنا: لا يحل، فاختلف قول أحمد فيه على روايتين: أحدهما: لا بد من ذكاته، وإن مات بغير ذلك لم يحل.
والرواية الثانية: يرسل الكلب الذي صاده عليه حتى يقتله ويحل.
المسألة الثامنة والأربعون
إذا شارك كلب مسلم كلب المجوسي في قتل الصيد لم يحل؟ وإن رده كلب(1/294)
المجوسي على كلب المسلم فقتله كلب المسلم حل.
المسألة التاسعة والأربعون
إذا صاد المسلم بكلب المجوسي حل: ولنا رواية: لا يحل.
المسألة الخمسون
إذا صاد المجوسي بكلب المسلم لم يحل، وإن أرسله المسلم وزجره المجوسي حل، وإن أرسله مجوسي فزجره مسلم لم يحل.(1/295)
المسألة الحادية والخمسون
يحل صيد اليهودي والنصراني بكلبه وكلب المسلم، وصيد المسلم بكلبيهما.
المسألة الثانية والخمسون
لا يباح صيد الكلب الأسود البهيم.(1/296)
المسألة الثالثة والخمسون
أن الكلب إنما يباح صيده إذا كان معلماً، وتعليمه يكون بثلاثة أشياء:
1- أن يسترسل إذا أرسل.
2- وينزجر إذا زجر.
3- وإذا أمسك لم يأكل.(1/297)
المسألة الرابعة والخمسون
هل يعتبر تكرار ذلك منه؟
فقيل: لا يعتبر.
وقيل: يعتبر مرتين، فيباح صيده في الثالثة.
وقيل: ثلاثاً، فيباح في الرابعة.(1/298)
المسألة الخامسة والخمسون
إذا أكل بعد تعليمه لم يحرم ما تقدم من صيده، ولم يبح ما أكل منه في إحدى الروايتين.
فإن عاد فصاد ولم يأكل فهل يباح من أول مرة أو بعد التكرار كابتداء تعليمه؟
على قولين.
المسألة السادسة والخمسون
هل يجب غسل موضع فم الكلب؟(1/299)
على قولين عندنا.
المسألة السابعة والخمسون
لا بد من إرسال الكلب قاصداً للصيد، فإن استرسل الكلب بنفسه لم يبح صيده.(1/300)
المسألة الثامنة والخمسون
إذا أرسل كلبه إلى هدفٍ فقتل صيداً لم يحل.
المسألة التاسعة والخمسون
إذا أرسل يريد الصيد ولا يرى صيداً لم يحل.
وقيل: يحل.(1/301)
المسألة الستون
إذا أرسل إلى صيدٍ فقتله هو وصيداً آخر حل الأول، وفي الثاني الذي لم يرسل إليه خلاف.
المسألة الحادية والستون
لا بد من التسمية عند إرساله، فإن تركها فهل يباح؟
اختلفت الرواية عن الإمام أحمد في ذلك على ثلاث روايات:
إحداهن: لا يباح.
والثانية: يباح مطلقاً على القول بأنها سنة.
والثالثة: إن نسيها أبيح، وإن تعمد لم يبح.(1/302)
المسألة الثانية والستون
لا فرق في التسمية عند إرسال الكلب بين المسلم والكتابي.
وعنه: يختص المسلم باشتراطها.
المسألة الثالثة والستون
يجوز اقتناء الكلب للصيد المباح دون العبث وما لا فائدة فيه.(1/303)
المسألة الرابعة والستون
يجوز اقتناء الكلب للماشية من الغنم والبقر والإبل لحفظها من الذئاب والسباع، واللصوص، وغير ذلك.
المسألة الخامسة والستون
لا يجوز إيجاد الكلب قبل وجودها، وإن كانت وزالت لم يجز اقتناء كلبها إلا أن يريد شراء غيرها.
المسألة السادسة والستون
يجوز اقتناء الكلب للزرع (والحرث) وحفظه من اللصوص والوحوش وغير ذلك.(1/304)
المسألة السابعة والستون
هل يجوز إيجادها لأجل الخوف من اللصوص وحفظ الدروب والدور؟
قال الدميري: اختلف (أصحابنا) في جواز اتخاذ الكلب لحفظ الدروب والدور على وجهين، أصحهما الجواز.
المسألة الثامنة والستون
لا يجوز اقتناء الكلب لغير ذلك، ولا اقتناء الكلب الذي لا نفع فيه.(1/305)
المسألة التاسعة والستون
إذا اتخذ كلب صيدٍ ولكن لا يصيد به؛ فإن كان من نيته الصيد به أبيح، وإلا فلا.
المسألة السبعون
لا يجوز اقتناء كلب ليلاعب به صبياً، أو يلهيه به ويشاغله به.
المسألة الحادية والسبعون
من اتخذ كلباً (مباح الاقتناء لم ينكر عليه، ومن اتخذ كلباً (حرام) الاقتناء(1/306)
أنكر عليه، ومنع منه].
(المسألة الثانية والسبعون)
(من اتخذ كلباً) يضر الناس في الطريق ببوله ونجاسته طولب بإزالته عنهم.
المسألة الثالثة والسبعون
من اتخذ كلباً عقوراً في الطريق أمر بإزالته، فإن لم يفعل فأفسد شيئاً من نفسٍ أو مالٍ ضمنه.(1/307)
المسألة الرابعة والسبعون
لو اتخذ كلباً عقوراً في داره فإن أدخل هو إليه شخصاً فعقره ضمنه، وإن دخل إنسان بغير إذنه فعقره وأفسد شيئاً منه لم يضمن.
المسألة الخامسة والسبعون
لو اتخذه مربوطاً وقرب منه إنساناً أو غيره ضمنه، وإن تقرب إليه بغير علمه لم يضمن، وإن ربطه في طريق المارة ضمن.
المسألة السادسة والسبعون
لو اتخذ كلباً فدخل بيت غيره فنجس زيتاً أو سمناً أو غير ذلك، فإن لم يكن له ذلك عادة فلا ضمان، وإن كان له عادة وتقدم إليه بربطه أو إزالته ولم يفعل(1/308)
ضمن.
المسألة السابعة والسبعون
لو سرق كلباً فإنه لا يقطع به، فلو كان عليه قلادة ونحوها فهل يقطع بذلك؟
إن كان القصد الكلب فلا قطع، وإن كان القصد القلادة، فيه تردد.
المسألة الثامنة والسبعون
لو ربيت سخلةٌ على لبن كلبة فحكمها كالجلالة، يحرم (أكلها)(1/309)
حتى تحبس.
المسألة التاسعة والسبعون
هل يسوغ أن يربي كلباً على لبن شاة؟
قيل: يجوز.
المسألة الثمانون
لو كان كلب يقابل العدو جاز أن يتخذ لذلك. وكذلك إذا كان يذهب إلى أحدٍ في بلادهم برسالةٍ أو نحوها.(1/310)
المسألة الحادية والثمانون
لو كان في الغنيمة كلب صيد فحق الجميع فيه، وللإمام أن يعطيه من ينتفع به ولا تحسب عليه بغنيمة وإن (شح) في بعضهم فله نصيبه منه.
المسألة الثانية والثمانون
لو تولد حيوان بين كلب ومعز فهو نجس محرم.
المسألة الثالثة والثمانون
لو تسلط كلب على المعز يطأها قتل ولو كان مباح الاقتناء، أو ضرب وزجر(1/311)
وربط.
المسألة الرابعة والثمانون
لو تسلط كلبٌ على دجاج ونحوها قتل ولو كان مباح الاقتناء، وإن امتنع صاحبه من ذلك أمر بربطه وكفه، فإن لم يفعل ضمن ما أفسد.
المسألة الخامسة والثمانون
تصح الدعوى بكلبٍ مباح الاقتناء، وتجوز الدعوى فيه بوصفه.
المسألة السادسة والثمانون
يسوغ الحكم في الكلب برده حيث وجب، ونحو ذلك من قسمته، واختصاص به، وغير ذلك.(1/312)
المسألة السابعة والثمانون
تصح الشهادة بالكلب.
وهل لا بد للحكم فيه من شاهدين كالمال؟
الظاهر هذا.
المسألة الثامنة والثمانون
يستحلف في الكلب بحيث يجب اليمين بأن ينكر أخذه، أو يدعي تلفه، ونحو ذلك.
المسألة التاسعة والثمانون
لو كان مشتركاً فلكل أن ينتفع به على قدر حصته، والمهايأة في ذلك(1/313)
بالأيام، والأشهر، والأعوام، ونحو ذلك.
المسألة التسعون
عدم دخول الملائكة البيت الذي فيه الكلب هل يختص بالحي، أو يتناول الحي والميت؟
عموم الحديث يتناول الحي والميت، وهو الظاهر.
المسألة الحادية والتسعون
لو كان في البيت جزء من أجزائه كرأسه، أو رجله، أو سنه، ونحو ذلك(1/314)
فهل تمتنع الملائكة من الدخول؟
فيه تردد، والحديث يقتضي: لا.
المسألة الثانية والتسعون
لو ولدت معز (آية) ولداً فيه مشابهة من كلب فهل يحرم بالشبه؛ لأنه يدل على نزو الكلب عليه، أو لا؛ لأن الأصل عدمه؟
فيه تردد.
أما إذا رأى الكلب ينزو عليها فإنه يحرم قولاً واحداً.
المسألة الثالثة والتسعون
أبدان الكلاب نجسه وأبدان الجن طاهرة، فالكلب الأسود نجس، لأنا لا(1/315)
نعلم أنه من الجن حقيقة، فإن علمناه من الجن حقيقة فهل يكون طاهراً أو نجساً؟
هذا محل تردد.
المسألة الرابعة والتسعون
من القاعدة أنه يستحب المكافأة على الهدية، فلو أهدى لمسلم شيئاً فهل يكافيه بكلب، أو لو أهدى له كلباً فهل يكافيه عليها؟
هذا محل تردد.
المسألة الخامسة والتسعون
هل يجوز أن يرضع الصبي الصغير من كلبة ويربى على لبنها؟
أما إذا وجد غيرها فلا، وإلا لم يوجد غيرها فسائغ.(1/316)
المسألة السادسة والتسعون
إذا اشتبه لبن شاه بلبن كلبة حرم تناول كل واحد منهما.
المسألة السابعة والتسعون
لو اختلط صيد كلب المسلم الحلال بصيد كلب المجوسي الحرام، أو صيد الكلب المعلم بصيد غير المعلم حرم الكل.
المسألة الثامنة والتسعون
لو اختلف في كلب ولا بينة، فهل يحكم به لمن تبعه، أو ذهب إلى داره؛ لأنها قرينة تدل على أنه له؟
فيه خلاف.(1/317)
المسألة التاسعة والتسعون
يستحب لمن سمع نباح الكلاب أن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
المسألة المائة
يحرم أن يدخل المسجد الكلب، أو يوضع فيه، ويجب إخراجه منه؛ لأنه يمنع الملائكة من الدخول، والله أعلم.(1/318)
تم
والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وفرغ منه مؤلفه يوسف بن حسن بن عبد الهادي نهار الثلاثاء عاشر شهر القعدة الحرام من شهور سنة أربع وتسعين وثمانمائة.
والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى.
بقلم الفقير إلى ربه المانح محمد صادق فهمي بن السيد أمين ( ) المقيم بالمكتبة العمومية الظاهرية بدمشق غفر الله له ولوالديه ولمن تسبب بإيصال الخير إليهما وإليه وللمسلمين أجمعين.
وكان الفراغ يوم الاثنين الثامن (والعشرين) من شهر محرم سنة (تسع) وثلاثين وثلثمائة وألف سنة 1239هـ.
إذا طبع يحرر اسم الناسخ.(1/319)